Professional Documents
Culture Documents
دوستويفسكي
Written by: Abdullah Rasho
كان الناس على مر العصور )على القأل بالنسبة لروديون رومانوفتش راسكولينكوف( منقسمين إلى نوعين ل ثالث لهما....
البشر العاديين وهم فئة المواد الذين يتشكل منهم الجمهور أو الرعاع...مهمتهم التناسل وأن يكونوا محافظون ومنضوين تحت
القوانين والخاضعين لها...تلك طبيعتهم ول ينتقص منهم شيئا ا بأنهم مطيعين خاضعين ينشدون قأائداا يسوسهم ولو إلى
الجحيم...والبشر الخارقأين...المجددين..الخلقأين الذين يكون على عاتقهم أن ينتجوا شيئا ا جديداا عظيما ا وان يحركوا فعليا ا
عجلة التطور...قأد يستلزم ذلك هدم الحاضر لبناء المستقبل على أسس متينة...ول يتورعون لجل ذلك أن يخرقأوا العراف
والقوانين وان يقوموا بما يظنه )العوام( الجرائم والفظائع إذا مهد ذلك لهدافهم العليا.....كنابليون....نيوتن والنبي محمد
وغيرهم الكثيرين ممن حرك عجلة التفاعل الحضاري نحو المام بأن خلق توجها ا خلقأا ا لم يوجد قأبله....
وعلى ذلك...ولطبيعة الفئتين....فإن ما يلزم لكي يكون المرء خارقأا ا خلقأا ا في المقام الول هو أن يجرؤ )بعد أن استقرت في
صدره منابت العبقرية( على اتخاذ الخطوة نحو هدفه...أن يجرؤ إلى أن يطأطئ ليلتقط السلطة بيده وأن ينتزعها
انتزاعا ا.....أن يكون شجاعا ا مقداما ا....فذلك ما يؤثر في الجموع وذلك ما يجعلهم في نهاية المطاف ينصاعون له...الجرأة هي
كل شيء....نعم هذا هو القانون على مر العصور...
انا عبقري....أنا صاحب فكر هادف وعقل منفتح وقألب جسور.....لكن ليس يقف في وجه مجدي الشخصي وتحقيق غايتي
السامية إل قأملة بشرية....مرابية عجوز تمص دم الفقراء دونما تورع....إنما قأتلها ليكفر به أربعين خطيئة....ليست إل قأملة
بشرية...لئن اعترضت هذه الوضيعة طريق نابليون في مجده لسحقها من غير تورع ول خجل دون أن يفكر
مرتين......يجب التخلص منها....وبعدها سأكون كنابليون المبراطور العظيم.....أخطو باتجاه المجد .....اخذ من المال ما
يكفي لحسن وضعي وابني إمبراطوريتي.....مجرد عمل تافه مقابل مئات العمال الخيرة التي تقف خلفه....
هذه الخواطر هي ما شغل بال راسكولنيكوف )المتمرد( لشهر او يزيد قأبل ان يقدم على فعلته ....جميع عناصر الخطة كانت
تقف في انتظام رهيب...كل شيء كان محسوبا ا بدقأة....لكن ما لم يكن في الحسبان هو صحة المسلمة الولى....هل ينتمي
للخارقأين فعلا.....لم يكن يقدر ان يحدد ذلك ما لم ينزل بالفأس على تلك الـ"قأملة البشرية".....
لكن لم يكن ينتهي من فعلته حتى بدأت تجتاحه موجات الرعب والضطراب النفسي والحمى والكوابيس.....لم يعرف كيف
يسرق ولم يستفد من سرقأاته...بقي أياما ا يهذي....
لم يجرؤ على ما يبدو للتقاط السلطة....ولم يجرؤ أيضا ا على أن ينتحر.....انهار في النهاية....كان أول من ناجاه واعترف له
.....صونيا...الشقراء الناعمة التي أذلتها الحياة فجعلت منها بائعة هوى لتأتي بالمال لتعيل أسرتها...تلك الخجلة الوجلة
المرتجفة...عندما أفضى إليها بذلك...التقت عقليتان مختلفتان...عقلية الفتاة البسيطة المستسلمة للرادة العلية المدبرة
للكون....وعقلية الشاب المتمرد الذي أسكره الكبرياء وأثقل عقله الهذيان والضطراب النفسي....سيعترف...ربما لم يكن هذا
الخيار مريحا ا كما نتصور...في النهاية لقد فشلت نظريته حول نفسه...هو مجرد قأملة أخرى...اذ لو كان نابليون عصره لما
شعر بأدنى اهتياج واضطراب بعد فعلته.....ولم يكن ليعترف لصونيا....خدش كبرياؤه....والن ليس عليه إل تقبل ألم
العقاب....
جريمته )وفقا ا لوجه نظره( ليست قأتل العجوز المرابية....وإنما إقأدامه على القتل وهو ل يملك الحق في ذلك....هو قأملة
كباقأي الناس....وإحجامه بعد ذلك عن استلم دور الخارق....
وعقابه هو تحمل اللم ....ليس ألم العمال الشاقأة في سيبيريا...ولكن ألم الكبرياء المجروح....وذل الوقأوف مذعنا ا بين يدي
القدر إذ ليس هناك طريق لتحمل اللم الناتج والراحة بعد فعلته غير أن يجري وفق مقتضاه....