You are on page 1of 75

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫االحـتـمـاالت‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪2‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫ملاذا نصنف األسئلة بأنها سهلة‪ ،‬صعبه أو ليس لها الجواب؟‬
‫ذلك يعتمد دائما على ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪-1‬عدد املتغيرات املطلوبة لإلجابة‪.‬‬

‫‪ 2‬النتائج والعواقب املترتبة على مثل هذه اإلجابة‪.‬‬

‫‪ 3‬توافر املعلومات الالزمة لإلجابة على السؤال‪.‬‬

‫عندما نبدأ مع مثل هذا السؤال "هل اهلل موجود؟" نحن نواجه‬
‫أعلى درجة من عدم اليقني على جميع العوامل ‪ .3‬عدد‬
‫املتغيرات ال نهاية له‪ .‬عواقب وخيمة لالجابة الخطأ‪ .‬واملعلومات‬
‫املتوفرة متناقضة وعلى مستوى األساسي‪ ،‬نادرة‪.‬‬

‫من أجل املنهج العلمي‪،‬وجب تجاهل نقطة ‪ ،٢‬‬


‫نحن نبحث عن الحقيقة‪.‬‬

‫املتغيرات لدينا ال حصر لها‪ ،‬أصل الحياة‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والحجج‬


‫الفلسفية‪ ،‬وأصل الكون نفسه والكثير الكثير‪ .‬املعلومات التي‬
‫لدينا حول األحداث غير التجريبية مثل أصل الكون والحياة‬
‫‪ ‬تقع في نطاق من النظريات )التولد التلقائي‪ ،‬االنفجار الكبير‬
‫‪ ...‬الخ( إلى املعتقدات التي ربما ال تزيد عن القصص‬
‫الخيالية‪.‬‬

‫‪ ‬ال أحد منا يستطيع أن يدعي أنه ‪ /‬أنها لديه كل متغير‪،‬‬


‫ويعرف كل اإلجابات الغير تجريبية‪ ،‬ونحن مضطرون لخيار‬
‫ضد الطبيعة البشرية‪ .‬هذا الخيار هو ضد طبيعتنا ‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪3‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫ألنه يتحدى األنماط‪ ،‬ونحن كبشر أفراد نمطيون‪ .‬وايضا ً هذا‬
‫الخيار ضد طبيعة البقاء نوعا ً ما فإنه ال يوفر ضمان البقاء‬
‫على قيد الحياة من خالل املعرفة أو السلطة‪ ،‬ونحن مخلوقات‬
‫تريد املؤكد لتضمن بقائها‪ .‬‬

‫‪ ‬هذا الخيار هو ‪ ...‬االحتماالت‪.‬‬


‫‪ ‬دائما سنجبر على التعامل مع االحتماالت‪ ،‬ال أحد لديه‬
‫الحقيقة املطلقة‪ ،‬واالحتماالت هي كل ما لدينا‪ .‬نحن نقوم‬
‫برحالت طيران مثالً ألن االحتمال األكبر هو أننا سوف نصل‬
‫إلى وجهتنا دون أن يمسنا سوء‪ .‬نركب في سيارتنا ألن‬
‫الحوادث هي االستثناء وليس القاعدة‪ .‬نحن نذهب الى‬
‫العمليات الجراحية ألنها على األغلب ستنجح في زيادة‬
‫فرصنا في البقاء على قيد الحياة‪.‬‬

‫إذا ً اإلجابة دائما ً يجب ان تكون على شكل احتمال‪ ،‬اي‬


‫اجابة على شكل حقيقة مطلقة هي بالتأكيد ليست اإلجابة‬
‫الحقيقية‪ .‬‬

‫سنكمل رحلتنا في املرة القادمة‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪4‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج" " " ""زء ال " ""ثان " ""ي‬

‫مفاضلة االحتماالت‬
‫لدينا نظريات عن كيفية بدء الكون ونظريات حول كيفية‬
‫مجيئنا إلى الوجود‪ ،‬ونظريات حول فهم محيطنا‪ .‬في كثير من‬
‫األحيان بعض املؤمنني يحاولون الزعم بأن عدم اكتمال صورة‬
‫العلم للعالم‪ ،‬هو دليل على اهلل‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬العديد من‬
‫الالدينيني يدعون أن أي فهم العالم مع الخالق الذي يهتم‬
‫بالبشر في الصورة يستحق السخرية واالستبعاد‪ .‬نريد أخذ‬
‫منحى ُمتزن لتقييم االحتماالت املطروحة‪.‬‬

‫أوالً لنستعرض كل وجهة نظر بشك ٍل عام بدون اختزالها‬


‫بمفهومات ضيقة ‪ ،‬و نرى مدى مطابقتها واقعنا‪ ،‬تذكر عند‬
‫افتراض وجهة النظر االفتراض جدلي فال يقام وزن لوجهات‬
‫النظر االخرى‪:‬‬

‫‪ ‬وجهة النظر الالدينية العامة‪:‬‬

‫عمر الكون ‪ 13.7‬مليار سنة‪ .‬بعض التقديرات األخيرة تشير‬


‫إلى وجود أكثر من ‪ 400‬بليون مجرة؛ تحتوي كل‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪5‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫منها‪ 1000-100 ‬بليون نجم‪ .‬مئات املليارات من هذه النجوم‬
‫حولها كواكب‪ ،‬العديد من هذه الكواكب تشبه كوكب االرض‬
‫ويمكن ان تدعم الحياة‪ .‬ولكن حتى بدون هذه النقطة‪ ،‬من قال‬
‫إن الكواكب يجب أن تكون تماما مثل األرض لدعم الحياة؟‬
‫ماذا لو كان هناك حياة تتنفس امليثان أو األرجون في مكان‬
‫ما؟ ماذا إذا كانت هناك حياة تعتمد وحداتها على الكبريت‬
‫بدل الكربون؟ مع أخذ ذلك في االعتبار‪ ،‬احتمال الحياة في‬
‫أجزاء أخرى من الكون وارد‪ .‬وهذا ايضا ً يعني احتمال كبير‬
‫ان بدء الحياة على األرض ليس شرطا ً ان يكون نتيجة خطة‪ .‬‬

‫يقدر عمر األرض ‪ ‬ب ‪ 4.6‬مليار سنة‪ .‬ال‪ 500‬مليون سنة‬


‫األولى كانت األرض ساخنة جدا‪ .‬عندما بدأت األرض تبرد‪،‬‬
‫حدثت تغيرات كيميائية كثيرة‪ .‬يقال ان احتمال ظهور اول‬
‫"خلية" ‪ ‬بشكل عفوي منخفض للغاية‪ ،‬ولكن علينا ان نتذكر‬
‫ان الخاليا االولى كانت ابسط كثيرا ً من خاليا اليوم وربما لم‬
‫تعدو تفاعالت كيميائية بسيطه وقوى ثيرموديناميكية شجعت‬
‫االنقسام املتوالي لوحدات بسيطة ال اكثر‪.‬‬

‫الخلية األولى لم تكون مبنية على الحمض النووي ‪.DNA‬‬


‫وليس هناك نموذج للتولد التلقائي ‪ abiogenesis‬حتى اآلن‬
‫يدعي ذلك‪ .‬معظم النماذج تشير إلى أن الخلية االولى احتوت‬
‫شكل من الحمض النووي الريبي ‪ .RNA‬الحمض النووي‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪6‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫الريبي هو أبسط‪ ،‬أكثر تكيفا وأكثر مقاومة للضرر من‬
‫الحمض النووي‪) .‬لسبب ما‪  ،‬الخاليا التي تحتوي على‬
‫الحمض النووي الريبي فقط لم تعد موجوده‪ .‬اعتبر هذا لغزا ً‬
‫وان كان تفسيره املنطقي هو انقراضها نتيجة املنافسة مع‬
‫خاليا الدي ان ايه األكثر تطورا ً الحقا ً‪  .‬الفيروسات‪ ،‬في حني‬
‫أن العديد منها تتكون من ‪ ،RNA‬ليست قادرة على تكرار‬
‫الذات وال تعتبر خاليا باملفهوم العام(‪ .‬الخلية القديمة ذات‬
‫الحمض النووي الريبي ظلت تنقسم بدون منافسة في البداية‬
‫وتحورت وبدأ االنتقاء الطبيعي‪ .‬اآلن بعد ‪ 3.5‬مليار سنة‪،‬‬
‫نحن هنا‪ .‬ليس هناك شيء باطني حول هذا املوضوع‪ .‬ليس‬
‫هناك سحر‪ .‬ونحن على نتائج األحداث العشوائية‪ ،‬لدينا‬
‫الحس األخالقي بسبب غريزة القطيع وضعت من خالل‬
‫الضغط التطوري‪ .‬ال يوجد شيء بعد املوت‪ ،‬وهذه الحياة هي‬
‫كل ما لدينا‪ .‬كثير من الناس تقاوم هذا الرأي بسبب آثاره‬
‫التي تبدو قاسية على ما اعتدنا عليه‪ .‬ولكن إذا كانت هذه‬
‫الحقيقة‪ ،‬فلتكن‪.‬‬

‫املعتقدات املتناقضة داخل العقل تؤدي إلى األرق او عدم‬


‫االرتياح‪ ،‬ما لم تدجن وتخدر عقلك للوصول الى ما يسميه‬
‫الكاتب الشهير جورج أورويل التفكير املزدوج‪ ،‬او تغير‬
‫معتقداتك لتصبح منطقية‪ .‬الالدينية تبدو هي ‪ ‬الشيء العلمي‬
‫والعقالني لالعتقاد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يكون ذلك صحيحا إال إذا‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪7‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫كان الرأي الروحي بدائي‪ ،‬غير علمي‪ ،‬متناقض مع نفسه‬
‫‪ ‬ونتيجة عملية من التلقني البحت‪ .‬إذا ً لكي يكون لدينا بديل‬
‫روحي معقول‪ ،‬يجب ان يتوافق هذا البديل مع الواقع‬
‫والحقيقة‪ .‬إذا توفر ذلك البديل فإن االحتماالت تبدأ في‬
‫التحول‪ .‬نحن نسعى وراء الحقيقة مهما كانت غير مريحة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا بدأ عقلك اطالق آليات الدفاع‪  ،‬استخدم وعيك لتجاوز‬
‫ذلك‪ ،‬والنظر في كل االحتماالت‪ .‬ال تستمع إلى الصوت الذي‬
‫يخبرك هذا خطأ ويأخذك على دروب دفاعية من األفكار‪.‬‬

‫‪ ‬في الجزء القادم سنناقش وجهات النظر الدينية وتوافقها مع‬


‫الواقع‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪8‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال‪õõ õ õ õ‬ثال ‪õõ õ‬ث‬

‫اإلله الخفي‬

‫على مر التاريخ‪ ،‬كانت جميع احتياجات اإلنسان كمجموعة‬


‫ُمسدده وموجودة‪ ،‬ما عدا واحدة‪ .‬ومن املفارقات‪ ،‬ان هذة‬
‫الحاجة هي التي تنبع منها جميع االحتياجات وتؤدي اليها‬
‫جميع االحتياجات‪ .‬هذه الحاجة هي البقاء‪ ،‬أو بمصطلح أكثر‬
‫شاعرية‪ :‬الخلود‪ .‬نحن نأكل للبقاء على قيد الحياة‪ ،‬ننجب‬
‫ذرية حتى يبقى نسبنا الوراثي‪  ،‬نطمع في املوارد للتأكيد‬
‫على بقائنا ضمن املجموعة‪  ،‬نسعى للمال لضمان فرص‬
‫أفضل للبقاء ‪ ...‬الخ‪  .‬لو فكرت بامكانك ربط كل ما نقوم به‬
‫لهذه الحاجة‪ ،‬أحيانا تستطيع أن ترى اتصال مباشر )كما‬
‫في األكل(‪ ،‬ولكن في معظم الوقت االتصال أكثر تعقيدا‪ .‬هذا‬
‫يبدو تبسيطاً‪ ،‬ولكن يمكنني أن ربط أي حاجة تقفز إلى ذهنك‬
‫إلى البقاء على قيد الحياة‪ .‬نحن بحاجة إلى أن نكون‬
‫محبوبني لألمن‪ ،‬بينما العناصر اإلجرامية تفعل ما تفعل‬
‫‪ ‬بدافع ‪ ‬املنافسة من أجل البقاء‪ .‬ليس هناك شر محض‪ ،‬بل‬
‫هي تلك الحاجة التي ينبع منها كل الشر والكثير من الخير‪.‬‬
‫كلما كان الشيء أقرب إليك كلما كنت تريد له البقاء على قيد‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪9‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫الحياة‪ .‬بمجرد وصولك إلى نفسك‪ ،‬تريد البقاء على قيد‬
‫الحياة إلى األبد‪ .‬الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة إلى‬
‫األبد إما عن طريق إيهام عقلك بعيدا عن فكرة املوت‪ ،‬أو‬
‫االفتراض بوجود الخارق للطبيعة‪ .‬هذا هو سبب سعي البشر‬
‫للله‪ .‬حتى أولئك الذين يزعمون أنهم يرحبون بالعدم بعد املوت‪.‬‬
‫ألنهم يعتقدون أن العدم شكل من النوم األبدي‪ .‬أنهم يريدون‬
‫أن يكونوا خالدين في الصفاء والسالم‪ .‬حتى بعض الذين‬
‫يقتلون أنفسهم يقتلون أنفسهم من الضغط للبقاء على قيد‬
‫الحياة أو بسبب نقص حاجة ضرورية للبقاء‪ ،‬إذا استثنينا‬
‫األعطال العقلية واملخدرات‪ .‬نضع في اعتبارنا‪  ،‬ال شيء من‬
‫هذا الكالم يعتبر دليل على اهلل‪ .‬الحاجة للخلود ممكن أن ال‬
‫تكون أكثر من مجرد ‪ impulse ‬اي حافز تطوري للبقاء‬
‫اندمجت مع الوعي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن أن يكون أيضا ما عناه‬
‫‪ CS‬لويس عندما قال‪" :‬إذا اكتشفت في نفسي رغبة ‪ ‬ال‬
‫تجربة في هذا العالم تلبيها‪ ،‬اذا ً التفسير األكثر احتماال هو‬
‫أني مصنوع لعالم آخر"‪.‬‬

‫التحيز هو دودة العلم‪ ،‬فيروس العقل‪ ،‬وسبب التراجع عن‬


‫التفكير‪ .‬ونظرا للعرض أعاله‪ ،‬فمن السهل أن نرى ملاذا يكون‬
‫الناس متحيزين إلثبات وجهة نظرهم من اهلل‪ .‬الطريقة التي‬
‫يعمل بها الدماغ تضمن حدوث التحيز ‪ ‬ألن الدماغ يقاوم‬
‫التمثيل أو االعتقاد في التناقضات‪ .‬لكن لحسن الحظ لدى‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪10‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫الدماغ أيضا آلية لتحدي وجهات النظر الخاصة به‪ ،‬تلك‬
‫اآللية هي ما أسميه الذكاء الثانوي‪ .‬هذه الوظيفة ‪ ‬موجودة‬
‫إلى درجة مختلفة في بعض الناس كل الوقت‪ ،‬وفي كل الناس‬
‫بعض الوقت‪ .‬املشكلة هي‪ ،‬ال يمكنك أن تؤكد ان اهلل موجود أم‬
‫ال بدون تحيز! ‪ ‬لذلك ما انوي عرضه هنا هو محاولة إعطاء‬
‫وجهة نظر االله الشخصي بعض املنطقية‪ ،‬وليس تقديم دليل‬
‫على وجوده‪ .‬في هذا الجزء‪ ،‬سأتناول مسألة واحدة‪ ،‬ملاذا اهلل‬
‫يخفي نفسه عن خلقه؟ تذكر‪ ،‬هذا هو القسم الذي نفترض به‬
‫جدالً وجود اهلل ثم نطبق البحث العكسي‪  ،‬قبل أن أبدأ في‬
‫اإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬أود اإلشارة إلى أن وجهة نظري‬
‫ستقتصر على فرضية االله االبراهيمي وذلك ألن االيمان به‬
‫هو األكثر شيوعا ً‪ .‬‬

‫الجدال ‪ ‬إذا كان اهلل يخفي نفسه أم ال مضيعة للوقت‪  ،‬نحن‬


‫ال نرى اهلل‪ ،‬ونحن ال نسمع اهلل‪  ،‬حواسنااالساسية ال تخبرنا‬
‫عن اهلل‪ .‬يتطلب اهلل اإليمان‪ ،‬اهلل يخفي نفسه وهذا واضح‪ .‬لقد‬
‫وجدت أفضل طريقة ملقاربة هذا هو أن نسأل ملاذا يحتاج اهلل‬
‫اإليمان؟ للرد على هذا لدينا الكثير من االحتماالت‪ ،‬بما في‬
‫ذلك أن اهلل لديه حس ملتوي من الفكاهة! ‪ ‬وعلى صعيد أكثر‬
‫جدية‪ ،‬يجب أن يكون لدى اهلل سبب وجيه حقا أن يتطلب‬
‫اإليمان‪ .‬السبب الوجيه ‪ ‬الوحيد الذي يمكن أننخرج به مرتبط‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪11‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫بسيد هذا العالم‪ ،‬الحية القديمة‪ ،‬أمير الظالم ‪ ...‬الشيطان‪.‬‬
‫يرتبط الجواب بالشيطان بطريقتني‪:‬‬

‫األول‪ ،‬مبني على أرض الواقع ونحن نعلم أن اهلل ال يعاقب‬


‫مباشرةً‪ .‬لو فعل‪ ،‬لهبطت صاعقة على كل من اخطأ‪ .‬اذا ً اهلل‬
‫بحسب الواقع يعطي مخلوقاته حقوق‪ .‬نحن ال نعرف عن أي‬
‫مخلوق أكبر من الشيطان‪ ،‬وإلى مخلوق بهذه املكانة اهلل‬
‫منحه حقوق معينة‪ .‬حقوقنا ال تجاوز الشيطان وال حقوقه‬
‫تجاوز حقوقنا‪ .‬وهذا هو السبب في وجود الشر كثيرا في‬
‫العالم‪ ،‬واهلل هو املطلق‪ ،‬وال يمكن التصرف ضد طبيعته‪ .‬لو‬
‫كان بقاء اهلل خفيا ً ‪ ‬واحد من حقوق الشيطان‪ ،‬أو حتى إذا‬
‫كانت هذه هي معركة بني اثنني وبقاء اهلل خفيا ً هو قاعدة‬
‫عامة‪ ،‬من شأنها أن تكون سببا‪ .‬إذا كانت تتطلب طبيعة اهلل‬
‫ان يكون خفياً‪ ،‬سواء أحببنا ذلك أم ال‪ ،‬علينا أن نلعب وفقا‬
‫للقواعد‪.‬‬

‫من األدلة على حقوق الشيطان في اإلنجيل والقرآن‪:‬‬


‫اإلنجيل‪:‬على لسان الشيطان "جميع ممالك ومجدهن النه الي‬
‫قد دفع"‬
‫القرآن‪" :‬أنظرني الى يوم يبعثون" مباشرة بعد عصيان اهلل‬
‫وجها ً لوجه‪ ،‬ملاذا بنظره اذا لم لكن له حقوق؟ بل ويسمح له ان‬
‫يقول في وجهة "الغوينهم اجمعني" و "الضلنهم والمنيهم"‪.‬‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪12‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫االحتمال الثاني أننا ربما لسنا اول ‪" ‬املجتمعات"التي‬
‫انشأها اهلل‪ .‬ربما منحت تلك الحقوق للشيطان لخدمة اهلل ثم‬
‫انقلب ضده‪ .‬اهلل لم يعد يريد أن منح حقوق رئيسية مثل ما‬
‫أعطى ‪ ‬الشيطان‪ ،‬باستثناء أولئك الذين يكسبونها‪ .‬إذا كان‬
‫اهلل لديه شيء كبير في انتظارنا‪ ،‬لكنه يريد أن يأخذ فقط إلى‬
‫األبد املؤمنون‪ ،‬فإن اإليمان سيكون اساس الختيار‪ .‬ألنه إذا‬
‫بقيوا مؤمنني مع عدم وجود دليل‪ ،‬فسوف يظلوا كذلك بالتأكيد‬
‫عند االلتقاء باهلل‪ .‬االعتراض األول على هذه النقطة أن الناس‬
‫ليس لديهم نفس الفرصة في معرفة اهلل‪ .‬لكن الكتاب املقدس‬
‫والقرآن كالهما بل والواقع الدامغ ‪ ‬يؤكد ان الخيار بشكل‬
‫رئيسي هو خيار اهلل وتقديره‪ .‬من يقولون بغير ذلك يميلون‬
‫لخلق اهلل يحلو لهم بدون قراءة كتبهم‪ .‬االعتراض الثاني ملاذا‬
‫وضع اهلل ‪ ‬اختبار؟ حسنا‪ ،‬ماذا لو ان اهلل ال يتدخل في بعض‬
‫املصائر إلنشاء النتيجة؟ فهو خارج الوقت‪ ،‬والنتيجة ليست‬
‫نتيجة بالنسبة له‪ ،‬فإن الصورة بأكملها هي النتيجة‪  .‬اي ان‬
‫اهلل ال يراقب طفل يموت االن مثالً‪ ،‬بل راقبه وسيراقبه وبنفس‬
‫الوقت الطفل االن عنده وكان عنده وسيكون!‪ ‬‬

‫كان هذا ملخص مكثف للفكرة‪ .‬في املرة القادمة سنتوسع في‬
‫محدوديات الواقع واألفكار‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪13‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ا لراب‪õõ õ õ õ‬ع‬

‫إمكانيات‪ ،‬قيود وآثار‬

‫في الجزء السابق كان علينا الخوض في خصائص‬


‫و‪ ‬شخصية اهلل‪ .‬كان علينا أن نفترض وجود الشيطان لجعل‬
‫رؤية العالم من وجهة نظر ايمانية متوافقة مع الواقع‪ .‬حسنا‪،‬‬
‫إال إذا كنا نعتقد في وحدة الوجود أو نظرية الساعاتي‪ ،‬هل‬
‫يمكن أن تؤدي جميع األديان ‪  ‬إلى اهلل؟ ام ال يؤدي اي منها‬
‫الى اهلل‪  ،‬ألن اهلل خلق الكون وذهب في طريقه؟ هذه هي‬
‫األسئلة التي سأناقش في هذا الجزء‪ .‬وللتذكير‪ ،‬سنبدأ مع‬
‫افتراض أن اهلل موجود و نعود باملنطق عكسيا ً‪  .‬سوف نعود‬
‫الى النظرة اإللحادية ونلقي نظرة أعمق في العالم في الفصل‬
‫التالي‪.‬‬

‫‪ ‬أوال نلقي نظرة على الرأي القائل بأن اهلل ال يهمه ما نقوم به‪.‬‬
‫نرى أنه ال يوجد سبب الفتراض اهلل موجود في كل مكان وانه‬
‫يعلم كل شيء‪ .‬إذا أردنا أن ننظر للكون كتصميم‪ ،‬ونفترض‬
‫مصمماً‪ ،‬كل ما نستطيع استنتاجه من واقع الكون هو فقط‬
‫عبقرية عقل اهلل‪ .‬التصميم فيه خلل‪ ،‬الكون مكان تتزايد فيه‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪14‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫العشوائية‪ ،‬ال نستطيع نفي احتمال ان اهلل كلي القدرة بسبب‬
‫الخلل فقد يكون الخلل مقصودا ً لغرض ما‪  .‬نعم‪  ،‬لكنه يمكن‬
‫أيضا أن يكون مجرد ‪ ...‬خلل‪ .‬عمل عبقري ليس مثالي‬
‫بالضرورة‪ .‬إذا كان اهلل موجود في كل مكان و كلي القدرة‪،‬‬
‫‪ ‬إذا ً هو اله شخصي يراقبنا‪ .‬هذه الفرضية تتطلب أن اهلل لديه‬
‫كل البيانات‪ ،‬بما في ذلك كل تفصيل صغير حولنا ‪) ‬جنبا إلى‬
‫جنب مع بقية الكون(‪ ،‬وإذا كان يفعل‪ ،‬ال يمكن معرفة كل‬
‫التفاصيل حول شخص أو شيء وليس هناك نوع من مصلحة‬
‫شخصية معه ‪ /‬معها ‪ ./‬سواء كان ذلك االهتمام هو إيجابي‬
‫أو سلبي يبقى شخصيا ً‪ .‬أي إذا عرف اهلل كل شيء عنك‬
‫ولكن لم يحرك ساكنا‪ ،‬فما زال شخصيا ً بحكم التعريف‪.‬‬
‫إذا كان اهلل ليس شخصياً‪  ،‬فهو ببساطة غير ذي صلة‪ .‬اي‬
‫وجود اله غير شخصي ال يختلف عمليا ً على إلطالق عن‬
‫اإللحاد‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإننا سوف نتجاهل هذا االحتمال هنا‬
‫ونركز على اإللحاد‪ .‬اهلل الذي ‪ ‬ال صلة له ‪ ‬هو ميت بالنسبة لنا‪،‬‬
‫بشكل او بآخر‪ ،‬غير موجود‪.‬‬

‫اآلن نلقي نظرة على وجهة نظر مختلفة‪ .‬يبدو سخيف حقا أن‬
‫هناك الكثير من الديانات‪ ،‬كل دين يدعي التفرد‪ ،‬وأسوأ من‬
‫ذلك‪ ،‬تأكيد العقاب على أولئك الذين ال يطيعون‪ .‬هذا اعتراض‬
‫العديد من املفكرين ضد اهلل ‪ /‬فكرة اهلل‪ .‬حيرني دائما أن‬
‫الكثير من الناس الدينية تعتقد أن الخيار واضح‪ .‬فإنه ربما‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪15‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫اضح لهم )ويا للسخرية هو الخيار الواضح دائما ً هو دينهم(‬
‫مع كل ما لديهم من االستعداد والضغط االجتماعي‪ ،‬ولكنه‬
‫ليس كذلك لآلخرين‪ .‬الشيء الوحيد الواضح هو أنه إذا كان‬
‫أي من تلك األديان هو الصحيح‪ ،‬والباقي على خطأ‪ ،‬فحتى‬
‫اآلن لدينا مئات من املاليني الذين يتبعون كل ديانة رئيسية‪.‬‬
‫وسيكون من املريح جدا إذا كانت جميع األديان صحيحة‪،‬‬
‫وجميع الطرق تؤدي إلى اهلل‪ .‬اآلن لو أن كل الديانات والطرق‬
‫واملذاهب تؤدي إلى اهلل‪ ،‬لكن بنفس الوقت لديه جنة ونار‪ ،‬فهو‬
‫‪  ‬يمتلك ‪ ‬الكثير من حس الدعابة‪ .‬أجد أن هذا من غير‬
‫املحتمل‪ ،‬إذا كان اهلل موجودا وغير شخصي‪ ،‬ثم نحن ترتبط‬
‫به بطريقة أو بأخرى‪ ،‬ككائنات واعية‪  .‬الناس يرتكبون األفعال‬
‫الشنيعة دون دين أو بسبب الدين‪ .‬الناس يعتقدون كل أنواع‬
‫األشياء مع األديان ودون األديان‪ .‬إذا كل الطرق تؤدي إلى‬
‫اهلل‪ ،‬ثم ال يوجد أي معيار‪ ،‬أي غرض‪ ،‬ال نقطة‪ .‬واهلل مجرد‬
‫الحكم على الناس في نهاية املطاف؟ إذا كان األمر كذلك‪،‬‬
‫ألنه ال يتم وفقا لألديان‪ ،‬هل هو وفقا ملعيار أخالقي كالخير‬
‫والشر؟ إذا كان األمر كذلك‪ ،‬ما هذا املعيار؟ وكيف يكون‬
‫عادالً ؟ قد تقولون أن جميع األديان تؤكد على املساواة بني‬
‫الناس في نظر اهلل‪ ،‬وأنا ال أعتقد أن هذا هو الحال على‬
‫األقل في االديان اإلبراهيمية‪  .‬أن تكون غني وصحيح افضل‬
‫من مريض وفقير! هذا على االرض‪ ،‬بعد املوت على فرض‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪16‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫وجود حياة‪ ،‬أجد أنه من الصعب فهم أن اهلل ‪ ‬غير مبال‬
‫لالعتقاد في حني خبأ نفسه بغرض اختبار اإليمان! فإذا كان‬
‫يبالي بأي معتقد تعتقد‪ ،‬واملعتقدات موزعة جغرافياً‪ ،‬إذا ً اهلل‬
‫ال ينظر الى الناس بطريقة متساوية‪ ،‬بل يفاضل بينهم على‬
‫عوامل جغرافية!‪ ‬‬

‫كيف نخرج اهلل من هذه الورطة؟ إذا كان هناك طريقة واحدة‬
‫تؤدي إلى اهلل‪ ،‬ولكن ليس كل الناس لديهم نفس التصرفات‪،‬‬
‫وبالتالي نفس الفرصة للعثور عليه‪ ،‬فهو إما‪ ‬‬

‫‪-١‬شرير ُمضل‪،‬‬

‫‪ -٢‬غير عادل‪ ،‬‬

‫‪-٣‬أو ‪ ......‬لديه شخصية مميزة ال يستطيع التحكم بها‪.‬‬

‫اهلل ال يمكن أن يكون الشر‪ ،‬واهلل هو املطلق‪ ،‬وأن كان اهلل شر‬
‫مطلق لن يمكنك من االستمتاع بقهوة الصباح إال إذا كان‬
‫سوف يكسر أسنانك في حادث في صباح ذلك اليوم‪ .‬ولن‬
‫يتركك على الشاط‪ ß‬دون هجوم سمك القرش‪ .‬أعرف ان كل‬
‫هذه األمور تحدث‪ ،‬ولكن مع اهلل الشرير ستحدث للجميع‪ .‬في‬
‫حالة وجود اهلل الشرير‪ ،‬الواقع يخبرنا على األقل بعض أجزاء‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪17‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫من حياتنا محمية من شره‪ .‬ال يمكنك توفير حماية ضد شيء‬
‫إال إذا كنت تعادله أو أقوى‪ .‬وبالتالي‪ ،‬اهلل الشرير ال يمكن ان‬
‫يكون اهلل الواحد‪.‬‬

‫إذا كان اهلل غير عادل‪....‬اهلل ال يوفقه !‬

‫إذا كان لدى اهلل شخصية متميزة ‪..‬سننظر في احتمال ‪ ‬ذلك‬


‫من خالل واقعنا‪ .‬وسيكون هذا موضوعنا القادم‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪18‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫ع‪õõ‬قل اهلل‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪19‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫من فلسفة جورج هيغل في رؤيته املثالية ان املنطقي‬
‫)امليتافيزيقي( هو الحقيقي )املادي(‪ .‬ثم جاء كارل ماركس‬
‫وعكس الفكر قائال أن املادي هو منطقي ومقبول بحسب‬
‫التعريف‪ .‬أجد أنه من املثير لالهتمام أن الناس مستقطبون‬
‫للغاية عندما يتعلق األمر بشأن موقفهم من ‪ ‬هذه اآلراء‪ .‬أعتقد‬
‫أن الناس مستقطبة اآلراء ‪ ‬حول هذا املوضوع بسبب واحدة‬
‫من اهم خصائص الدماغ البشري وهي العداء للالنشقاق‬
‫الفكري اي النفور من التناقض‪ .‬االنشقاق في هذا املستوى‬
‫األساسي من التفاهم مع الحقيقة مزعج للغاية‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫فإن الجهاز العصبي الودي يتولى السيطرة ويؤكد احد‬
‫الوجهني متأثرا ً بما بني عليه منذ الحداثة بحيث يجنح الى‬
‫األمان‪ .‬هذا هو السبب في أنك ترى البعض شديد التدين‬
‫غارق في تهيؤات فقط ليحافظ على إيمانه! هل تعرف ما هو‬
‫أكثر إثارة لالهتمام؟ بعض الالدينيني يفعل ذلك أيضا ً اذا‬
‫تعصب لرأيه بدون دراية كافية‪ ،‬لذلك ال‪ ،‬ليس التعصب دائما ً‬
‫ألن هؤالء الناس يعتقدون ان اهلل الى جانبهم‪ ،‬بل هو مجرد‬
‫وظيفة بيولوجية‪ .‬وكلما تعصبت عن قلة دراية‪ ،‬كلما كان من‬
‫املرجح أن تفعل ذلك‪ .‬هذا هو السبب في أنني أود أن ننظر‬
‫إلى الواقع بدون افتراضات في هذا الجزء‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪20‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫سأقدم بديلني تفسيريني لبعض الحقائق‪ .‬وسيتم تناول ما‬
‫يلي‪ :‬ملاذا ال نرى املعجزات املوثقة جيدا مثل ما تدعي الكتب‬
‫"املقدسة" في املاضي؟ ‪ ،‬هل جميع الناس الذين يدعون أنهم‬
‫شهدوا املعجزات كذابني أو مخدوعني؟ ملاذا ينبغي لنا أن‬
‫نكلف انفسنا عناء ‪ ‬نظرة ثانية على الواقع مع ان اهمال‬
‫احتمال اهلل يعطينا اجابة مباشرة على هذه األسئلة؟ وأخيرا‪،‬‬
‫ملاذا علينا أن نشكك في الواقع نفسه في بحثنا عن اهلل؟!‬

‫ملاذا نحن ال نرى املعجزات موثقة جيدا كما في الكتب؟‪ ‬‬

‫الرد الالديني ببساطه‪ :‬اهلل غير موجود‪ ،‬على األقل ليس في‬
‫شكل اله الدين‪  .‬لم يحاول االتصال بنا‪ .‬كل ذلك هو من صنع‬
‫االنسان‪ .‬الكتب املقدسة لم تكن مكتوبة في وقت حدوث‬
‫املعجزات املزعومة على أي حال‪ .‬الوظيفة البيولوجية التي‬
‫ناقشناها في وقت سابق تعطي أكثر من سبب كاف للكذب‪.‬‬
‫حتى في عصر وسائل اإلعالم ال تزال الشائعات عن‬
‫املعجزات كثيرة ‪ ‬ولكن الى اآلن لم نرى ‪ ‬يد او قدم مقطوعة‬
‫تنمو على الكاميرا‪ .‬تخيل مع عدم وجود وسائل اإلعالم أو‬
‫وسائل للتحقق في عصور الجهل‪ ،‬من السهل ادعاء‬
‫املعجزات‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪21‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اإلجابة الدينية‪ :‬هل الحظتم أي وقت مضى أن كثير من‬
‫الناس حتى يومنا هذا ما زالو يعتقدون في اهلل؟ األغنياء‬
‫والفقراء واملرضى واألصحاء‪ .‬هل يمكن أن اهلل دائما يترك‬
‫وراءه ضوء خافت جدا يؤدي إليه‪  ،‬و يجعل منه أكثر وضوحا‬
‫ملن يشاء؟ ‪ ‬لقد الحظت شيء في الناس‪ .‬إذا كنت من النوع‬
‫الروحي سوف ترى الجوانب ‪ ‬الروحية للظواهر‪ .‬إذا كنت لست‬
‫من النوع الروحي‪ ،‬ستنفي ذلك الجانب دائما ً‪ .‬اعني أولئك‬
‫الذين يلتزمون التزاما عميقا مع اهلل يرون "معجزات"‪ .‬أولئك‬
‫الذين يمارسون السحر أيضا تجربتهم روحية‪ .‬وأعني السحر‬
‫في الشوارع في الهند‪ ،‬الشامانية ‪ /‬الروحية ممارسات‬
‫اتصاالت مع األرواح في أفريقيا والشرق األوسط‪ .‬العديد من‬
‫أولئك الذين يزعمون تلك القدرات كذابون وأنا أعلم‪ ،‬ولكن‬
‫بعض ما تسمع قد يكون موجودا ً وان احتمل عدة تفسيرات‪ .‬ال‬
‫يوجد دخان من دون نار‪ .‬اآلن تفسير بسيط لذلك نقول أولئك‬
‫الذين يريدون أن يصدقوا سيخيل لهم دماغهم ذلك أو يمكن‬
‫أن يكذبوا ‪ ،‬ببساطة‪ .‬هل يمكن أن يكون هناك بديل منطقي‬
‫آخر؟ هذا يقودنا إلى السؤال التالي‪.‬‬

‫ملاذا نكلف نفسنا عناء نظرة ثانية على الواقع مع ان إهمال‬


‫احتمال اهلل يعطينا اجابة مباشرة على هذه األسئلة؟ ملاذا‬
‫علينا أن نتسائل عن الواقع نفسه في بحثنا عن اهلل؟!‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪22‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫من ناحية ال دينية‪ :‬ال إله‪ ،‬والواقع عشوائي‪.‬‬

‫من ناحية روحية‪ :‬إذا كنت واحدا من هؤالء الناس الذين لم‬
‫يشهد أي شيء روحي‪ ،‬فأنت في الغالب ستتجه الى ‪ ‬الجواب‬
‫االول‪ .‬‬
‫الجواب الثاني هو ان اهلل يتطلب اإليمان كشرط أساسي‬
‫حتى انه ترك وجهة نظر كاملة بدون وجوده‪ .‬اي ان شخصية‬
‫اهلل تجبره على االختفاء عنا وترك الشر في العالم‪ .‬هذا يبدو‬
‫كالهراء اال اذا ‪ ‬إفترضنا أن اهلل لديه شخصية‪ ،‬وأن شخصيته‬
‫تطلب كل ذلك‪ .‬كيف يكون ذلك عادالً؟ ‪ ‬ماذا اذا كان اهلل‬
‫املطلق ال يستطيع تغيير شخصيته؟ وقال انه يقبل ما يقبل‪،‬‬
‫وال يمكنه قبول ما ال يستطيع‪ .‬إذا ال تنظر الى اهلل بعد ذلك‬
‫كخصم‪ ،‬اي اذا رفضته بعد التفكير بهذه الطريقة ‪ ‬فانت‬
‫‪ ‬ترفض شخصيته‪ .‬اذا كان اهلل ليس ذي شخصية محدودة‪،‬‬
‫فإن احتمال ‪ ‬اهلل ال ينبغي أبدا أن يعتبر‪ .‬ألنه إذا كان اهلل‬
‫شخصية طيعة‪ ،‬وترك الشر والشيطان وارسل بشر ناقصني‬
‫كرسل ليتناحر اتباعهم اذا ً هو أسوأ شيء في الوجود!‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪23‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫مالحظة أخيرة‪ ،‬وأنا أعلم أنني لم اثبت اهلل‪ ،‬ولن أستطيع أن‬
‫أفعل ذلك أبدا‪ ،‬إذا كنت تقرأ الفقرة األخيرة سوف تفهم أن‬
‫الدليل هو في مفارقة مع طبيعة اهلل بحسب التعريف‪ ،‬من‬
‫املستحيل ان يترك اهلل دليل مباشر عليه اذ لو فعل لفعل‬
‫باملطلق ونحن نعلم انه لم يفعل من وجود كل هذه االديان‬
‫واملذاهب‪ .‬إذا لم يفعل ذلك‪ ،‬لن يكون هناك برهان‪ ،‬وفي كلتا‬
‫الحالتني‪ ،‬ليس لدينا أي دليل تجريبي‪ .‬لكن أليس هذا املنطق‬
‫يبدو كتبرير لعدم وجود اهلل فقط؟ ‪ ‬نعم‪ .‬لكن هل يمكن أن‬
‫يكون صحيحا؟ غريب لكن ممكن‪ .‬لذلك اكتب وابحث‪ .‬ملزيد‬
‫من املعلومات حول هذا الرأي يرجى مراجعة الفصل األول‪:‬‬
‫الجزء الثالث‪ :‬االله الخفي‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪24‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال‪õõ õ õ‬ثان‪õõ õ õ‬ي‬

‫الكتاب‪ ،‬واإلله‪ ،‬والرجل‬


‫"بعدما كلم اآلباء باالنبياء قديما بانواع وطرق كثيرة ‪ 2‬كلمنا‬
‫في هذه االيام االخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء‬
‫الذي به ايضا عمل العاملني ‪ 3‬الذي وهو بهاء مجده ورسم‬
‫جوهره وحامل كل االشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه‬
‫تطهيرا لخطايانا جلس في يمني العظمة في االعالي ‪4‬‬
‫صائرا اعظم من املالئكة بمقدار ما ورث اسما افضل منهم"‬

‫من الرسالة الى العبرانيني‪ ،‬العهد الجديد‪-‬اإلنجيل‪ ‬‬

‫) وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل (‪ ‬‬

‫من القرآن‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪25‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫التساؤل االول‪....‬ملاذا يرسل لنا اهلل بشر آخرين بدال من‬
‫التحدث إلينا بنفسه في املقام األول؟ مثير للشك للغاية أن‬
‫نسمع عنه من أشخاص آخرين دائما ً‪  .‬حتى أسوأ من ذلك‪،‬‬
‫‪ ‬كل دين ‪ ‬آتى من قبل أشخاص آخرين‪ .‬فال ميزة لدين واحد‬
‫على اآلخر او اشارة انه هو السبيل الحقيقي إلى اهلل‪ .‬الحظ‬
‫بالدين أقصد هنا مجرد العقيدة‪.‬‬

‫أستطيع عرض بعض األشياء املثيرة للضحك حقا في أي من‬


‫كتب الدين الرئيسية‪ .‬من املفترض أن تكون هذه الكتب وحي‬
‫من أعلى مرتبة في الوجود‪ .‬فكيف يبدو أنها جميعا مكتوبة‬
‫من قبل أُناس بدائيني؟ ‪ ‬الجواب ببساطة ‪ :‬النها كذلك‪.‬‬
‫سأشرح اكثر‪.‬‬

‫هناك ‪ 3‬ديانات إبراهيمية‪ ،‬اولها الدين اليهودي وهو حصري‬


‫وراثيا‪ ،‬وهذا كافي الستبعاده‪  .‬املسيحية مبنية على تلك‬
‫الخرافة أيضا ً وان ادعت ان علينا التصفيق لإلله الذي قرر ان‬
‫ال يحرق الكل بل يقبلهم شرط تصدقيهم لقصة ذبيحة بشرية‬
‫من العصر البرونزي‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪26‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اإلسالم يدعي أن القرآن هو ‪ ‬الكلمة املنطوقة من اهلل‪ ،‬حرفا ً‬
‫حرفا ً‪ .‬هذا االدعاء أوقع االسالم في مشكلة وقضى على‬
‫نفسه‪ .‬كالم اهلل كلمة كلمة مليء بالتناقضات واآليات التي لم‬
‫تعد تنفع بل ايات وقتية تعالج أحداث في حياة الرسول مثالً‪.‬‬
‫العامل البشري واضح‪.‬‬

‫ال يمكن ألي عاقل مثقف على اطالع علمي ان يقول ان‬
‫الكتاب املقدس او القرآن كاملني‪ .‬هل بقي سبيل للتبرير إذاً؟‪ ‬‬

‫الحل الوحيد هو ان هذه الكتب تحتوي رسائل وليس حقائق‪...‬‬

‫لو أخذنا القصص كرموز‪...‬والحقائق املزعومه كأفكار‪...‬ربما‪،‬‬


‫عندها‪ ،‬سيتغير مفهومنا‪.‬‬

‫ماذا لو كان ادم وحواء رمز العائلة مثالً؟ ماذا لو كان الطوفان‬
‫رمز البقاء ؟‪ ‬‬

‫سواء كانت هذه هي الحقيقة ام ال‪ ،‬السخافات الهائلة في‬


‫كتب الدين تجبر العقالني على رفض املعنى الحرفي على‬
‫األقل!‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪27‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال ‪õõ õ‬ثال ‪õõ õ‬ث‬

‫الشكوك وحصون اليقني‬


‫التهيؤات الحسية عالمة من عالمات الذهان وغالبا ما تكون‬
‫كافية لتشخيص الفصام وغيره من األمراض العقلية‬
‫الشديدة‪ .‬ويستند املعيار املستخدم لتحديد األوهام عادة على‬
‫مدى عدم توافقها مع الواقع املعرف باالتفاق‪ .‬وأود أن أوضح‬
‫أن هناك نوعني رئيسيني من التهيؤات في مجال الطب‬
‫النفسي‪ ،‬التهيؤات البصرية و التهيؤات التي ترتبط بالسمع‬
‫واالعتقاد‪ .‬اهتمامي هنا هو في النوع الثاني‪ .‬ومن املثير‬
‫لالهتمام انه رغم الفرق الشاسع بني تفكير البشر‪ ،‬ال يزال‬
‫لدينا واقع املعرفة املتبادلة التي نسمي الذين انفصلوا عنها‬
‫مجانني‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪28‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫تخيل معي‪ ،‬لو كنت كائن فضائي ليس لديه خبرة مع أي‬
‫مسألة دنيوية‪ ،‬لكن كنت ذكي لفهم لغة البشر ورؤية عواطفهم‪.‬‬
‫ولكي أكون أكثر تحديداً‪ ،‬لنفترض ان الكائن املذكور يأتي من‬
‫عالم بسيط جدا‪ .‬في هذا ذلك العالم‪ ،‬الكائنات ال تنام‪ ،‬ال‬
‫تأكل‪ ،‬ال تقيم ‪ ‬صداقات‪ ،‬تتمتع باكتفاء ذاتي‪ ،‬ال تحتاج‬
‫الحب‪ ،‬ال تعرف الكراهية‪ ،‬يمكنك أن تحذف أي شيء آخر‬
‫تريد‪ .‬نريد كائن ال يملك احكام مسبقة وال يعرف التحامل أو‬
‫التحيز‪ .‬ليس لديه احتياجات لذلك فهو ال يحتاج للتجارة أو‬
‫تبادل املواد وال املشاعر‪ .‬لو انك ذلك الكائن‪ ،‬فإنك لن ترى‬
‫األشياء كما تراها االن‪ .‬سوف ترى البيانات‪ ،‬والنتيجة‬
‫النهائية التراكميه‪ .‬ومالحظاتك ستكون كمية وهذا يعني أنك‬
‫لن ترى سوى واقع املجموع مع تفاصيل تلخيصيه‪ .‬سأقدم لك‬
‫بعض األمثلة‪ ،‬لو كنت هذا الكائن‪ ،‬إذا كنت ترى امرأة جميلة‪،‬‬
‫ستراها مثل البيانات‪ ،‬هذا يعني ال يمكنك مالحظة جمالها‪.‬‬
‫لكن يمكنك مالحظة ما انطبع في شخصيتها بسبب ذلك‬
‫الجمال‪ ،‬سواء الثقة واملشاعر اإليجابية‪ ،‬أو السلبية املتالعبة‪،‬‬
‫اعتمادا على االستعداد لها‪ ،‬كل ذلك سوف يكون واضح لك‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪29‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫االن الكائن سيقوم باتباع امرأة جميلة‪ ،‬ومراقبة التفاعالت‬
‫اليومية لها‪ .‬ثم االنتقال التباع رجل متوسط العمر من الطبقة‬
‫املتوسطة الدنيا‪ ،‬ومراقبة تفاعله‪ .‬ثم ذهب إلى اجتماع مبيعات‬
‫قطاع األعمال‪ ،‬مؤتمر علمي‪ ،‬جلسة فلسفية‪ ،‬ثم إلى كنيسة‬
‫او جامع‪ .‬وبعد أن الحظ جميع التفاعالت بطريقته التلخيصية‬
‫الكميّه ستبدو له التصرفات ال منطقية او على األقل غير‬
‫منتظمة‪ .‬سيالحظ أن الرجال يتعاملون مع املرأة الجميلة من‬
‫وجهة نظر قاعدة مختلفة مما كانت عليه عندما يتعاملون مع‬
‫الرجل املتوسط املذكور‪ .‬سيالحظ ان من باجتماع عمل وجهوا‬
‫وعيهم تماما ً مثال نحو االندماج الخالص مع العمالء املحتملني‬
‫ليفكروا مثلهم‪ ،‬مع حساب العوامل الخارجية والنتائج‪ .‬في‬
‫املؤتمر العلمي )كما لو حضر املؤتمر العظيم الذي ضم‪،‬‬
‫اينشتاين‪ ،‬شرودنغر وغيرهم ‪ (...‬سيالحظ ميل الناس نحو‬
‫املعرفة والتفسير‪ .‬في الدورة الفلسفية‪ ،‬سيكتشف ان الناس‬
‫لديها منطق آخر يميل نحو امليتافيزيقيا والنسبية منها إلى‬
‫املادية‪ .‬في الكنيسة او الجامع‪ ،‬سينصدم فما التفسير الذي‬
‫يملكونه نحو اعتقاد معتقداتهم؟‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪30‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫ال يوجد لديك أمل بوصفك فضائي أعمى جزئيا في فهم ملاذا‬
‫يتصرف الناس كما يفعلون‪ .‬اآلن‪ ،‬ما هو القاسم املشترك بني‬
‫الجمال‪ ،‬وخلق التعاطف في املبيعات‪ ،‬والعلم النظري‪،‬‬
‫وامليتافيزيقيا واألشياء الروحية؟ ليس هناك ما هو ملموس‪ ،‬إال‬
‫أن تأثير هذه األشياء غير امللموسة على البشر عميق‪.‬‬
‫وستكون هذه هي االكثر اثارة للصدمة لك‪ ،‬ملاذا البشر‬
‫يتصرفون هكذا؟‬

‫عودة إلى األوهام والتهيؤات‪ ،‬العقل البشري ‪ ‬ضعيف وطيع‪،‬‬


‫وظائفه كلها محورة الى ُمثل التعلم والبقاء على قيد الحياة‪.‬‬
‫ما هو مقبول ليس صحيحا بالضرورة‪ ،‬وما هو مرفوض ليس‬
‫بالضرورة وهم‪ .‬مع كل األشياء التي يعتقد الناس بها‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمكن إنجاز مخطط كامل للواقع‪ ،‬وذلك بحكم التعريف‪ ،‬فإن‬
‫معظم الناس واهمون‪ .‬التفرد الفكري أمر نادر الحدوث‪،‬‬
‫الضغط االجتماعي هو دائما هناك لتشكيل واقعنا‪ .‬إذا كنت‬
‫ال تفكر كالفضائي الحيادي في املثال ولو ملرة واحدة بني‬
‫الحني والحني‪ ،‬فأنك لن تغلب امليل الخاص بك والظروف التي‬
‫فرضت تفكيرك ووعيك‪ ،‬ولن تذوق أبدا طعم اإلرادة الحرة‪.‬‬

‫العديد من األدوية تعمل عن طريق تفعيل او تعطيل مستقبالت‬


‫في الجسم‪ .‬بعض األدوية تعمل عن طريق تغيير التوازن‬
‫الكيميائي‪ ،‬مثل مثبطات امتصاص السيروتونني مثالً او‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪31‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫العقاقير التي تعمل على مستقبالت الكانيبيس والـ ‪opioid‬‬
‫‪ .receptors‬هذه اآلليات وغيرها تسبب بعض اآلثار‪ .‬هذه‬
‫اآلثار يمكن أن تكون أي شيء تقريبا‪ .‬ويمكن أن تجعلك‬
‫تشعر البهجة‪ ،‬واالكتئاب‪ ،‬السعادة‪ ،‬الغثيان‪ ،‬والهدوء‪ ،‬بل‬
‫يمكن أن تسبب الهلوسة ‪ ... ‬باختصار‪ ،‬يمكن أن تغير‬
‫مشاعرك وأحيانا معتقداتك بشكل غير مباشر‪.‬‬

‫إذا أردنا أن نعود للمخلوق الفضائي في املقطع األخير‪،‬‬


‫سوف يكون أكثر حيرة‪ .‬ليس فقط البشر محدودين بجيناتهم‪،‬‬
‫الغرائز البيولوجية‪ ،‬والعوامل البيئية وغيرها و من ضمنها‬
‫اجراءات الناس تجاههم‪ ،‬ولكن أيضا يتأثرون عن طريق‬
‫التفاعالت الكيميائية! "العقل البشري أكثر ضعفا ً مما ظننت"‬
‫يقول املخلوق الفضائي‪ .‬لحسن الحظ ان املخلوق لديه اكتفاء‬
‫ذاتي لذلك ال يستفيد من هذه النتائج وإال لكان لعب بعقول‬
‫البشر‪.‬‬

‫ثم كبشر‪ ،‬أوراق اللعب مكدسة ضدنا بالفعل‪ .‬وجود الفكر‬


‫الحقيقي من جانبنا يبدو ميئوسا منه‪ .‬ما هو الحقيقي؟ ما‬
‫هي املعجزة؟ ما هو غير املبرر ‪ ‬حتى اآلن؟ ماذا لو كانت كل‬
‫الشائعات حول ‪ ‬الخوارق نوعا من خدعة العقل؟ ماذا لو كانت‬
‫وجهة النظر املادية هي عدم القدرة على رؤية األبعاد ضمن ما‬
‫هو واضح؟‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪32‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫ولكن بعد ذلك كنت جالسا في الفناء الخلفي لبيتي احد ايام‬
‫الصيف‪ ،‬وبدأت مجموعات من الطيور املهاجرة تمر فوقي‪.‬‬
‫وكان لكل مجموعة قائد‪ ،‬واتخذوا تشكيل على شكل مثلث‪.‬‬
‫هذه الطيور ليست واعية خارج احتياجاتها للبقاء‪ .‬ومع ذلك‬
‫فهي متفوقة علينا في معرفة اتجاهها‪ ،‬بعد زعيمهم‪ ،‬ومعرفة‬
‫الوقت‪ .‬كما لو كان لديهم شخص يراقب عليهم‪ .‬اآلن أنا أعرف‬
‫وجهة النظر االختزالية من البقاء على قيد الحياة وان كل هذا‬
‫ليس اكثر من وظيفة بيولوجية‪ .‬نعم‪ ،‬أنا ال يمكن ان ادحض‬
‫هذا الرأي‪ .‬ولكن ما يثير الدهشة هو مدى التشابه بيننا وبني‬
‫هذه الطيور في أعني املخلوق الفضائي‪ ،‬إال أننا أكثر عرضة‬
‫إلى الذهن الخداع منهم‪ .‬نحن مثالً لسنا بحاجةالى فكرة‬
‫واعية لجعل ضربات القلب تستمر‪ ،‬نحن لسنا بحاجة لتعلم‬
‫كيفية أن تنجذب إلنجاز التكاثر‪ ،‬نحن لسنا بحاجة لتعلم أنه‬
‫يجب علينا أن نأكل من أجل البقاء‪،‬مجرد حصول الجوع ‪...‬‬
‫الخ ‪  .‬ملاذا اذا لدينا دماغ قادر على فهم أسرار الكون؟ نفس‬
‫قدرته تلك تعرضنا الى ان نكون اضعف وأكثر ميال من‬
‫أشكال الحياة االخرى إلى االنخداع‪ ،‬هل القوة املراقبة‬
‫املفترضة استبعدت من قوة البقاء ان نعرف الحقيقة لكن لم‬
‫تنسى ان تبرمج لنا تناول الطعام والتكاثر؟‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪33‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫أينشتاين قال ذات مرة ان "اكثر شيء غير مفهوم عن الكون‬
‫هو أنه مفهوم أصالً"‪ .‬الخالق هو بالتعريف أعظم عقل في‬
‫الكون‪ .‬سواء كان هو الذي يراقب فوق رؤوسنا‪ ،‬أو غيره‪.‬‬
‫بغض النظر عن كيفية الحد من املعادلة‪ ،‬سواء عن طريق‬
‫الصدفة أو أي شيء آخر‪ ،‬يجب ان نقف الى جانب التعريف‪.‬‬
‫إال إذا صادفنا عقل أكثر قوة في الكون منا وجها لوجه!‬
‫حتى ذلك الحني تبقى تساؤالتنا مجرد تساؤالت جميلة تملي‬
‫علينا البحث!‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪34‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ا لراب‪õõ õ õ õ‬ع‬

‫الشك واليقني ام اإلرادة الحرة؟‬


‫يدور الحوار التالي بني شارلك هوملز والدكتور واتسون‪ ،‬وهو‬
‫مقطع من رواية دراسة بالقرمزي‪:‬‬
‫‪ ‬‬

‫" كان متميزا بجهله بقدر تميزه بمعرفته‪ .‬كان واضحا عدم‬
‫إملامه بألدب والفلسفة والسياسة املعاصرين‪ .‬وعند اقتباسي‬
‫لثوماس كارليل سألني بكل سذاجة من يكون هذا وماذا فعل‪.‬‬
‫لكن مفاجأتي الكبرى وصلت أوجها عندما اكتشفت بلصدفة‬
‫جهله لنظرية كوبيرنيكس وتركيبة النظام الشمسي‪ .‬وبلكاد‬
‫تقبلت حقيقة أن في القرن التاسع عشر انسان متحضر ليس‬
‫على دراية بدوران األرض حول الشمس‪.‬‬

‫"من الواضح أنك تفاجأت" قالها مبتسما من تعابير املفاجأة‬


‫التي ظهرت علي‪" .‬واآلن بما أني علمت بها عليي أن أبذل ما‬
‫بوسعي لنسيانها‪".‬‬
‫"لنسيانها!"‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪35‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫"اسمع"بدأ شرحه قائال‪" ،‬أنا أعتبر عقل االنسان بألصل‬
‫علية صغيرة فارغة‪ ،‬تخزن بها ما تختار من فرش‪ .‬واملغفل فقط‬
‫يضع فيها كل ما يمر به من أنواع الخشب‪ ،‬وبهذا فإن املعرفة‬
‫التي قد تكون مفيدة له تضيع وسط الكثير من األشياء‬
‫األخرى ومن الصعب الوصول إليها‪ .‬أما العامل املاهر فيكون‬
‫حريص جدا في حيازة أي شيء في )علية عقله(‪.‬ولن يكون‬
‫لديه من معرفة غير تلك التي تساعده على القيام بعمله‪ ،‬ويقوم‬
‫بتصنيف هذه املعرفة وترتيبها بأفضل شكل‪ .‬وإنه لتصور‬
‫خاط‪ ß‬أن جدران هذه الغرفة الصغيرة مرنة وبستطاعتها أن‬
‫تتسع إلى حد كبير‪ .‬وإذا قمت بهذا بلفعل ستنسى في كل‬
‫مرة تضيف فيها معلومة ستنسى شيئا كنت تعرفه من قبل‪.‬‬
‫ولذلك فمن املهم جدا أن ال تحتفظ بلحقائق الغير مفيدة لك‬
‫ألنها ستجعلك تفقد تلك الحقائق التي ترجع عليك بفائدة‬
‫بلفعل‪.‬‬
‫"لكن النظام الشمسي" قلت محتجا‬
‫"بحق الشيطان ماذا تعني لي هذه الفكرة؟ قاطعني بفارغ‬
‫الصبر ‪ " ،‬أنت تقول أننا ندور حول الشمس‪ .‬إذا كنا ندور‬
‫حول القمر هذا االختالف ال يساوي فلسا لي أو لعملي‪".‬‬

‫نهاية اإلقتباس‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪36‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اآلن نحن في القرن الواحد والعشرون ونعلم الكثير عن‬
‫العقل‪ .‬هل نتفق مع السيد هوملز ونحذر من مل‪ ß‬العلية‬
‫باألشياء الغير نافعة التي قد تخفي عنا األشياء النافعة؟ لكن‬
‫ما تزال املعرفة قوة‪ ،‬ومع املعرفة األكثر يوجد خيارات أكثر في‬
‫التفكير والحرية‪ ،‬هل توافق؟‬

‫‪ ‬هنا يصبح املوضوع شيق‪ .‬فكرة األرادة الحرة كانت محور‬


‫جدال ملئات السنني‪ .‬السر يكمن في تعريفها‪ .‬معظم الجداالت‬
‫اليوم لم تقدم فكرة جديدة عن اإلرادة الحرة وإنما يجترون‬
‫األفكار القديمة فقط‪ .‬هل تسائلت يوما ما أصل مقوالت مثل‬
‫قل لي ما تأكل أقول لك من أنت أو قلي من صديقك أقول لك‬
‫من أنت أو ‪ ...‬إلخ بغض النظر عن أجزاء الكمبيوتر الخارجية‬
‫فهو يعمل وفقا للبرامج التي يختارها االنسان الذي يشغله‪.‬‬
‫ليس للكمبيوترات إرادة حرة‪ ،‬حيث أنهم ال يختارون البرامج‬
‫التي يشغلونها‪ .‬ونحن كبشر نعيش ضمن ثقافة معينة لدينا‬
‫مجموعة من البرامج التي نختار منها‪ .‬وكلما ضاق املجتمع‬
‫كلما قلت خياراتنا‪ .‬ال أنظر لإلرادة الحرة على أنها الحرية‬
‫بأن أكون رجل نبيل أو امرأة لطيفة أو مريض علقي‪ .‬أحيانا‬
‫تترك لك الجينات والبيئة خيارات ضئيلة‪ .‬ثم ان اجتماع هؤالء‬
‫مع بعضهم يولد تناقضات التفكير‪ ،‬هنا يكمن العطل‪ .‬مع أن‬
‫التناقض في معظم األحيان هو أسرع طريقة لرؤية زاوية‬
‫أخرى لكن ليس في هذه الحالة‪ .‬ويجب اإلحتياط من‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪37‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫التناقضات السلبية واملنحرفة قياسيا عندما تكون هي من‬
‫تشكل الصفات البشرية‪ .‬علينا أخذ أمثلة من أناس متوازنني‬
‫لبحث فكرة الحرية في أصدق صورها‪ .‬باستثناء الرهبان‬
‫واملرضى العقليني‪ ،‬ال تعد البشرية املتوازنة ميكانيكية اختيار‬
‫خداعة‪ .‬أنظر لخياراتك من منظار أوسع‪ ،‬فبانهاء دراستك‬
‫الثانوية يتكون جزء كبير من شخصيتك‪ .‬ومع ذلك ما يزال‬
‫بامكانك أن تدرس الفلسفة وأن تنظر للحياة بطريقة أخرى‪.‬‬
‫يمكنك أن تختار دراسة العلوم ‪ ‬وبذلك يمكنك مساعدة‬
‫البشرية‪ .‬يمكنك أن تختار العيش في حياة مريرة واالنتهاء‬
‫ببؤس‪ .‬أختياراتك قد تحددها الجينات والظروف‪ .‬لكن الزلت‬
‫يمكنك االختيار‪ ،‬ليس الخيار بأن تكون غير نفسك وانما‬
‫الخيار لتغيير شخصيتك‪ .‬مستقبلك غير ثابت و ماضيك ‪ ‬يؤثر‬
‫على حياتك املستقبلية ولكن ليس هو من يشكلها‪ .‬الحاضر هو‬
‫من يؤسس مستقبلك هل تريد برهان على ذلك؟ ال أؤمن‬
‫بلبراهني ولكن أؤمن بلدالئل‪.‬الفكرة معقدة جدا ولكن سأحاول‬
‫أن أقدم مثال عما أعنيه‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬مثال‪:‬‬
‫في املاضي كنت تعيش مع والديك وكنت تشهد اثارتهما لك‬
‫وما يصاحبه من اإلساءة اللفظية والعنف الفعلي‪ .‬أنت اآلن‬
‫تعمل في بنك‪ ،‬تالحظ آثار التحريض واإلثارة اآلن على هذا‬
‫الرجل املوجود في الرواق واضعا يديه في جيبه‪ .‬ماضيك يؤثر‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪38‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫على مالحظتك لهذا الرجل‪ .‬وعندما يسحب الرجل مسدسه من‬
‫جيبه ال يوجد شي‪ ß‬في ماضيك يكتب مستقبلك على حجر‪.‬‬
‫إذا رماك بلرصاص ال شي‪ ß‬يقرر مستقبلك بعد‪ .‬عندما تخترق‬
‫الرصاصة صدرك عندها يصبح جرحك من املاضي وهكذا‬
‫يكون مصيرك‪ .‬الخيارات التي اندمجت كان من املمكن أن‬
‫تغير حاضرك ومصيرك الذي هو ماضيك‪ .‬واملستقبل في تغير‬
‫دائم حتى يستقر ماضيك‪ .‬كان من املمكن أن تكون ردة فعلك‬
‫أسرع وأن تحتمي حاملا رأيت التحريض ولكن دماغك اقترح‬
‫أن التحريض قد يكون مرتبط بنية أخرى فبقيت في مكانك‪.‬‬
‫ولو أنك قررت في الليلة السابقة أن تشاهد األخبار لعلمت أن‬
‫هذا الرجل مطلوب ألنه سارق بنوك‪ .‬ولكن اخترت ألال تفعل‬
‫وهذا كان في ماضيك وبهذا فإنه مصيرك اآلن‪ .‬ويستمر‬
‫موضوع األختيار بلعودة بك إلى الوراء ليوم املقابلة عندما‬
‫اخترت أن تكون موظف بنك على أن تكون بائع‪ .‬تابع بلعودة‬
‫للوراء حيث أن قدرك بدأ عندما حاول أحد والديك في الجامعة‬
‫أن يشرب الخمر حتى ينام! لكن هل يمكنك أن تجزم أننا اذا‬
‫أعدنا شريط حياتك بلكامل ستغدو ما أنت عليه اآلن؟‬
‫سأشرح ملاذا ال أعتقد ذلك في املقطع التالي‪ .‬ال يمكن التكهن‬
‫بأي شي‪ ß‬حتى مع التأثير الكبير لإلستعداد‪.‬‬

‫املصدر الذي حصلت على هذه الفكرة منه هو بلحقيقة جزء‬


‫من الدليل‪ ،‬عندما قرأت عن تجربة الشق املزدوج ومعادلة‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪39‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫شرودينغر للمرة األولى الحظت شيئا الفتا‪ .‬سأشرح بشكل‬
‫طفيف حول هذه الفكرة‪ ،‬أثبتت تجربة الشق املزدوج أنه‬
‫يمكننا أن نجد موقع محتمل إللكترون ما ولكن ليس املوقع‬
‫الدقيق‪  .‬نحن نجد املكان الدقيق له فقط عندما يرتطم بجامع‬
‫االلكترونات نفسه‪ .‬هل لدى االلكترون مكان محدد عندها؟‬
‫نعم فهو يصطدم بلجامع عند نقطة واحدة‪ .‬هل يمكننا تحديها‬
‫قبل اإلصطدام؟ ال‪ .‬حاملا يحدث األصطدام هذا يكون مصير‬
‫اإللكترون‪ .‬إذا غذينا اإللكترون ذاته بنفس الطاقة هل ينتهي‬
‫في نفس النقطة؟ على األرجح ال يفعل‪ .‬كيف نعرف ذلك؟‬
‫نظرية الكمية تقول ال يمكن إللكترونني أن يكونا بنفس الحالة‬
‫الكمية في نفس الوقت‪ .‬ولكن عندما يحل أحدهما مكان اآلخر‬
‫في الحالة ذاتها بهذا يكون نفس اإللكترون‪ .‬وبهذا نعم يمكن‬
‫لإللكترون أن يصل ألماكن مختلفة )مصائر مختلفة(‪ .‬هل يملك‬
‫االلكترون خيار آخر؟ ال‪ .‬هل سيصطدم بلجامع ذاته غذيناه‬
‫ليذهب باتجاه آخر؟ ال‪ .‬إذا كان لإللكترون الخيار باتجاهه‪،‬‬
‫لكان اختار أن يستطدم بلجامع أو ال‪ .‬ال يمكنه اختيار املوقع‬
‫الدقيق لكن لديه خيار ما‪ .‬اذا كانت الجزيئات الذرية نفسها‬
‫عشوائية فكيف يكون الوجود ثابتا؟‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه الذي تختاره سيقرر شكوكك أو عدمها‪ .‬لديك القدرة‬
‫على اختيار االتجاه وهذا الخيار متأثر بشكل كبير‬
‫باستعدادك‪ ،‬نعم ‪ .‬ولكن ال تصدق كذبة انه ليس لديك خيار‪.‬‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪40‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫ليس لديك خيار باألفكار التي يدخلها أحد ما في رأسك‪ ،‬لكن‬
‫هذه األفكار تتأثر بتوجهك للتعلم‪ .‬بقراءتك لهذه املقال تكون قد‬
‫زدت في خياراتك لإلتجاهات‪ ،‬ال تدع ميكانيكة الدفاع في‬
‫عقلك أن تردعك عن خياراتك‪ .‬اجعل عقلك حليفا لك وليس‬
‫عدوا‪ .‬قد ال تكون الحقيقة بسيطة بقدر ما نريدها‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪41‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬

‫الـغـيـر مـرحـوم والـذي ال يـرحـم‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪42‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫أحد االشياء التي اثارت الشكوك لدي حول نشأت فكرة االله ‪.‬‬
‫هو التقارب في وعي االنسان للشعور بالذنب ‪ .‬حيث ان‬
‫الشعور بالذنب والحكم على االخرين قد يكونان من نفس‬
‫املنشأ ‪ .‬حيث اننا نشعر بالذنب ونشعر انه لو ان اي شخص‬
‫اخر فعل نفس الفعل السيء الذي فعلناه فهو يستحق العقاب‬
‫ايضا ‪ .‬ويمكن ان تكون هذه املشاعر املتشابهه هي اساس‬
‫فكرة االله ‪ .‬فنحن نحتاج االله ليكون لذنوبنا معنى منطقي ‪.‬‬
‫ونحن نحتاج االله لنحاكم ونعاقب فاعلي الشر ‪ .‬لذلك هل‬
‫يمكن لإلله ان يكون وسيله لتحقيق الدوافع الواعيه لدينا؟‬

‫في حني ان هذا يمكن ان يكون الجواب السهل ‪ .‬اجد انه‬


‫منطق متفكك اذا افترضنا فيه التأكيد‪ .‬ففي الفقره السابقه‬
‫قمت بارتكاب مغالطه منطقيه وهي ان الشعور بالذنب هو‬
‫السبب الوحيد لنشأة فكرة االله ‪ .‬يمكن لها ان تكون االساس‬
‫لنشأة هذه الفكره ‪ .‬لكن ليس بالضروره ان تكون كذلك ‪.‬‬
‫املنهج العلمي واملنطق يحتم ان تكون الخطوه التاليه هي‬
‫معرفة من اين يأتي الشعور بالذنب ‪ .‬بدال من التوصل‬
‫الستنتاج نهائي ‪.‬‬

‫"ولكن العلماء يقولون"‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪43‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫هذا هو املثال االول حيث سترى الشكوك التي لدي حول‬
‫"العلم" السائد واملشترك‪ .‬بالنسبه لغالبية الناس مصطلح‬
‫"علماء" يعني شخصيه موثوقة املنطق او فرد ذو ذكاء خارق‬
‫او شيء من هذا القبيل ‪ .‬ربما انت ال تنظر للعلماء بهذه‬
‫الطريقه لكن فكر باألمر قليال ‪ .‬انت بطريقه او بأخرى تنظر‬
‫للعلماء من هذا املنظور ‪ .‬انا ال ادعو لتبني نظرية املؤامره في‬
‫كل جانب من جوانب حياتنا ‪ .‬لكن ادعوك ان ال تأخد اي شيْ‬
‫كأمر مسلم به بنا َء على من قاله ‪ .‬ربما اتضحت هذه الصوره‬
‫لعدد قليل من العباقره على مر العصور ‪ .‬ولكن هذا يعني‬
‫القليل بالنسبه لي عند التحقيق في مسألة يمكن ان تؤثر على‬
‫حياتي ‪ .‬كان علم النفس هو الحقل االول حيث اختلفت مع‬
‫العلم السائد لكن عندما تختلف مع شي يجب عليك اوال‬
‫فهمه ‪ .‬سأقدم لك رأيني رئيسيني حول نشأة الشعور بالذنب ‪.‬‬
‫ليس بالضروره ان اختلف معهم ‪..‬او قد افعل ‪..‬على كل حال‬
‫لدي شكوك تجاههم‬

‫النظرية االولى عن اصل الشعور بالذنب هي نظريه اكثر‬


‫بساطة وحداثه وهي النموذج التطوري للشعور بالذنب ‪.‬‬
‫وتنص على ان الشعور بالذنب هو احد الدوافع التطوريه التي‬
‫تقدم الفوائد املتعدده لصالح املجموعه ويمكن لها ان تكون‬
‫مصدر لأليثار ‪ .‬حسب املعتاد التطور يرصد االشياء وينتقي‬
‫افضلها‪ .‬لكن هذا ال يشرح االليه التي يتم بها الشعور بالذنب‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪44‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫‪ .‬بالطبع هو يعطي افضليه لبقاء املجموعه ‪ .‬لكن من اين يأتي‬
‫الشعور بالذنب؟‪.‬بواسطة االنتقاء الطبيعي وذلك اساسا َ في‬
‫بعض مجموعات الهومو سيبيان‪ ‬‬
‫طور بواسطته بعض االفراد الشعور بالذنب وبهذا اصبحت‬
‫تلك املجموعات اكثر قابليه للبقاء ‪ .‬سأترك هذه النظريه االن‬
‫جانبا ً وسأقدم النظريه االخرى قبل الشروع بالتدقيق بهما‬

‫النظريه الثانية التي سوف اقدمها هي نموذج أقدم لسيغموند‬


‫فرويد ‪ .‬لفهم هذه النظريه يجب علينا فهم نموذج فرويد للعقل‬
‫البشري ‪. .‬ويتلخص نموذجه بأن الشخصية مكونة من ثالثة‬
‫أنظمة هي اله َو ‪-‬إالنا البحتة‪ ،-‬واألنا‪ ،‬واألنا العليا ‪ ..‬وفي هذا‬
‫النموذج االنا العليا تنتج الشعور بالذنب وتدخل في صراع‬
‫مع االنا ‪.‬واالنا العليا نتاج تأثير الوالدين والضغوط‬
‫االجتماعية ‪.‬من خالل فرويد يمكن ان نرى امكانية تعزيز‬
‫نظرية اثنني في واحد ‪ .‬حيث الثانية هي آلية ظهور الشعور‬
‫بالذنب ‪ .‬بينما االولى هي تقنية االحتفاظ البيلوجية‬

‫‪ 1.‬النظرية املوحده قد تكون صحيحيه ‪ ..‬لكن لدي شكوك‬


‫حولها الخصها بثالث نقاط‬
‫ما إذا كانت هي البديل املنطقي الوحيد لدينا‪ .2 .‬اذا قدمت‬
‫النظره املادية كل ما في النظريه بحيث لم يتبقى بها شيء لم‬
‫تقدمه ‪ - 3 .‬اآلثار املترتبة عليها‪.‬‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪45‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫في هذا القسم سوف نتولى معالجة اآلثار املترتبة عليها‪ .‬إذا ً‬
‫الشعور بالذنب ليس سوى دفعة نفسية لصالح املجموعة‪ .‬ثم‬
‫وفقا ً للتطور ‪ ،‬االختالات النفسيه الرائعة في مجتمعنا الحالي‬
‫هو الخطوة التالية‪ .‬حقا َ ؟ ال اعتقد ذلك‪ .‬التطور ال يوجد لديه‬
‫قوة تمييزية ‪ ‬تملي بقاء أجمل أو أفضل االشياء‪ .‬إذ يمكن‬
‫ملختل عقلي ‪-‬مجرم مختل‪ -‬التالعب بنجاح باآلخرين مع تجنب‬
‫القانون ‪ ،‬عدم الشعور بالذنب والوعي هي آلية بقاء كبيرة!‪.‬‬
‫األفضل من ذلك هو ان املجموعه الباقية في نهاية املطاف‬
‫ستكون مجموعة من املرضى النفسيني ‪ ،‬أو حتى مجتمع من‬
‫املرضى النفسيني ‪ .‬دون أي اعتبار ألشكال أخرى من‬
‫الحياة‪ ،‬دون أي اعتبار لرفاه البشر اآلخرين ‪ ،‬وليس فيما‬
‫يتعلق بقواعد من يعاقب التي يمكن تجنبها ‪.‬أو ال شيء مع‬
‫تجنب املواجهات الخطيرة و ضمان بقاء خط الجينات ألطول‬
‫فترة ‪ .‬أي حجة ضد هذا بعد التسليم بوجهة نظر مادية هي‬
‫نتاج األوهام ‪ ،‬وكأنه يقول ان روح اإلنسان أو " البـِر " ال‬
‫تسمح بذلك‪ .‬ليس هناك شيء من هذا القبيل ‪ ،‬وتذكر ؟ ان‬
‫كونك الوحيد في الظالم ‪ ،‬مسألة وقت قبل ان تتلقى الطعنة‬
‫في ظهرك‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪46‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫‪  -‬إن املعاني التي يتضمنها املصدر املادي للشعور بالذنب‬
‫هي جد كريهة في الحقيقة‪ ,‬لذلك يعمل األشخاص جاهدين‬
‫أن يتجنبوا االعتراف بتلك املعاني الضمنية إما بالخوض في‬
‫الجدال فيما يتعلق بتلك املصادر املادية و إما عن طريق غض‬
‫النظر عنها بشكل كامل‪.‬‬

‫و بما أن الحقيقة هي أسمى غاياتنا فإنه ان كانت املادية هي‬


‫خيارنا الوحيد أو حتى كانت )املادية( االجابة األكثر منطقية‬
‫فسيكون علينا حينها أن نتبناها‪.‬‬

‫اعتمادا على النقطة األولى‪ ,‬فإن الشعور بالذنب بإمكانه أن‬


‫يكون منبع فكرة االله‪ .‬و مما يدعم هذا االستنتاج هو حقيقة‬
‫أن معتنقي كل ديانة ينظرون الى االله ككيان في غاية "الال‪-‬‬
‫رحمة" حني يتعلق األمر بأولئك الذين اعتنقوا الديانة الخاطئة‬
‫بل و األدهى من ذلك أنه سيكون في غاية الرحمة تجاه من‬
‫قاموا بأعمال ال تغتفر و ص َدف أنهم يدينون بنفس بديانة ذلك‬
‫اإلله‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪47‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫طبقا للنظرة املادية لفرويد فإن األنا العليا تنبثق عن اآلباء‬
‫الذين يرسخون العقائد ألبنائهم أو تترتب أيضا عن الضغوط‬
‫االجتماعية املختلفة‪ .‬األنا العليا ذات طبيعة غير متسامحة‬
‫للغاية فهي أشبه برب عمل عديم الرحمة‪ ,‬و من هنا يمكنني‬
‫القول أن التشابه بني األنا العليا و األديان في غاية الوضوح‬
‫غير أن هذا ال يطابق الرؤية الخاصة بي لإلله‪.‬‬
‫في الفقرة الالحقة سأوضح الفكرة البديلة مما سيتطلب مني‬
‫أن أعتمد و بقوة على املفاهيم الروحية تماما كما اعتمدت‬
‫على املفاهيم املادية لشرح وجهة النظر األولى‪.‬‬

‫‪-‬لو أمكننا أن نتحرر من النظرة الدينية لإلله الغير متسامح‬


‫)باستثناء أولئك الذين يقصدون املعابد للتبرع( سيكون حينئذ‬
‫اإلله ‪-‬كمفهوم‪  -‬بديال قابل للتطبيق‪ .‬لقد تطرقت في الجزء‬
‫الثاني من الفصل الثالث للقوة الخفية التي ترعانا نحن و‬
‫الطيور سوا ًء‪ ,‬فماذا لو كان مصدر الشعور بالذنب هو نفس‬
‫تلك القوة الخفية؟‬

‫نعم‪ ,‬يمكن للذنب أن يكون ذا آثار تدميرية‪ ,‬لكن كذلك الشأن‬


‫بالنسبة للرغبات الجنسية أو الحاجة لألكل‪ .‬علينا أن نتعلم أن‬
‫غياب الشعور بالذنب بإمكانه أن يكون ذا آثار تدميرية أيضا‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪48‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫‪-‬إال إذا كنت عبقريا و تعاني من اضطرابات نفسية ما يجعل‬
‫غياب الشعور بالذنب يصب في مصلحتك‪-‬‬

‫مفهوم التوبة و التكفير عن الخطايا مصحوبا مسامحتنا‬


‫لآلخرين و مسامحة اآلخرين لنا كفيل بصنع العجائب‬
‫لصحتنا أو شعورنا بالسالم الداخلي لكن الشعور بالذنب و‬
‫الندم ‪ ‬كغيره من األمور ينبغي أن يُستعمل في املكان‬
‫املناسب له‪ .‬لذا‪ ,‬سوا ًء كان مصدر الشعور بالذنب هو األنا‬
‫سمة ربانية مغروسة بشكل مباشر‬ ‫العليا التطورية أو هو ِ‬
‫فذلك ال عالقة له باملوضوع‪ ,‬و حتى لو كان مجرد أنا عليا‬
‫تطورية فإنه أشبه بوعي ادراكي يخدم بذلك غاية اإلله‪.‬‬

‫‪ ‬في‪ .‬الجزء القادم سنتعمق بموضوع العقل واصله‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪49‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال‪õõ õ õ‬ثان‪õõ õ õ‬ي‬

‫أصول العقل‬
‫هل تستطيع ان تستدعى أول شيء وجد فى ذاكرتك؟‬
‫كم كان عمرك؟ وكيف كان هذا؟‬
‫هل يمكنك ان تركز و تتذكر حالة الوعى لديك فى ذلك الوقت؟‬
‫ماالذى يدور بخلد طفل فى الثانية من عمره؟ اذا كنت تتذكر‬
‫لهذا الحد‪ ،‬سوف تفهم اننا ال نستطيع ان نسمى ‪ ‬ماكان‬
‫يدور بعقولنا فى ذاك الوقت "افكار" باملعنى البسيط للكلمة‪.‬‬
‫مجرد تشغيل الحواس بينما يخدم وعينا كشاهد على االفكار‬
‫الناشئة التى هى محض التصرفات‬
‫ان تتذكر هذه اللحظات يعنى ان وعينا كان دائما موجود‬
‫حتى و ان كان كشاهد فقط‬
‫هذا التوضيح حتى يكون لديك اساس لفهم ما سوف يأتى‬
‫فى العبارة القادمة‬

‫ان كل شيء فى غياب الوعي )أو العقل( هو نتاج الصدفه‬


‫املحضه‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪50‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫قد ال تقتنع بما اقول ولكن اعتقد مرة اخرى ان هذا بسبب‬
‫غياب اصل العقل أو االدراك للكون‪ .‬انه يميل الى ان يكون‬
‫اغفل )مفعول به(‪ .‬اذا لم يكن ‪ ‬هناك اله ابدا فان الكون كان‬
‫دائما مبنى على اساس الصدفة‬
‫ان الوجود االنسانى والتاريخ يتضائلون امام الكون نفسه‪.‬اما‬
‫أن الصدفة هى االله أو ان هناك فرصه ان يكون هناك اله من‬
‫نوع ما‪.‬‬
‫الخواص الفيزيائية والكيميائية للمادة قد تكون بذاتها‬
‫اعتراض على هذا النمط من التفكير‪ .‬تستطيع القول بان‬
‫الكون ليس عشوائى ‪   ‬بأكمله‪ ،‬فالنجوم تحول الهايدروجني‬
‫الى هيليوم واخيرا بعض اشكال عناصر اخرى‪ .‬خصائص‬
‫املادة تقرر الناتج‪.‬‬
‫فكرة جيدة ماعدا انها تقودنا الى معضلة اكبر‪ .‬خصائص‬
‫املادة تأتى من تشكيل عناصر الذرة‪ ،‬عناصر الذرة تعتمد‬
‫على مكونات الجسيمات الذرية‪ .‬هنا يأتى هذا االدراك الذى‬
‫توصلت اليه‪ :‬‬

‫اذا انا ‪ ‬الغيت االله كلية‪ ،‬افترض اى اصل لالختيار للكون‪،‬‬


‫فانه لن يكون ‪ ‬هناك فرصة المالء خصائص الجسيمات‬
‫الذرية الفرعية؟‬
‫هذا جعلنى غير مستريح قليال‪ ،‬انا الاتمنى ولو للحظة ان‬
‫اكون اله‪ ،‬ولكن مع غياب االله اليوجد لديك خيار آخر‪.‬‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪51‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫من املحتمل ان يكون هذا االدراك موجود فى عقلي منذ امد‬
‫بعيد ولكن الستيعابه كلية وادراكه على حقيقته انه احتمال ان‬
‫يكون السبب الذى جعلنى افكر بدون كلل فى اثبات او عدم‬
‫اثبات هذا اللغز‪.‬‬
‫واخيرا مايهمنى هو الحقيقة ولهذا انحى أفكاري املوروثة‬
‫جانبا‪ ،‬هل يوجد احتمال ان الصدفة هى االله االوحد؟‬
‫للرد على هذا السؤال البد ان اسأل سؤالني‬
‫كيف يكون لوعينا صلة بالكون‪ .‬أو هل هناك صلة بني وعينا‬
‫والكون؟ والسؤال الثانى هل وعينا على خالف مع الصدفة؟‬
‫للرد على السؤال االول اجد انى قد شرحت مقولة لى قبل‬
‫ذلك‪ :‬اذا استطعنا فهم شيء اذا فهذا الش‪ ß‬منطقى اما اذا‬
‫لم نستطع فهمه اذا هو خارج منطقنا سواء كان موجود او‬
‫غير موجود‪ .‬اذا فهمنا شي‪ ß‬وهو غير موجود فهذا منطقى‪.‬‬
‫واذا كان هناك شيء موجود ولم نستطع فهمه )استيعابه –‬
‫ادراكه( ‪  ‬فهذا غير منطقى‪.‬‬
‫هذه املقولة تعتمد على فهمى العمال بعض العلماء والفالسفة‪.‬‬
‫بالرجوع الى املقوله فان بالغة السؤال تكون ‪ :‬هل الحقيقة‬
‫حقيقة؟‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪52‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫هل الحقيقة هى تصورنا أو رؤيتنا لها ام هي موجودة سواء‬
‫ادركناها أو تصورناها ام ال؟‬

‫ما الذى يجعلك تعتقد بأن الحقيقة هى ماهى عليه اذا لم يكن‬
‫لديك استكشاف لتصورات اخرى للحقيقة؟‬

‫من خالل ذلك نستطيع ان نرى العالقة بني الكون والعقل‪ .‬يتم‬
‫فرض هذه العالقة واستمرارها سواء كنا ماديني ‪ ،‬روحانيني‬
‫أو كما تشاء من وصف‪.‬‬

‫فى ضوء هذا االدراك هل الوعى على خالف مع الصدفة؟ قد‬


‫تسأل ملاذا افكر فى هذا االحتمال وسوف املح لك بان تذهب‬
‫لتقرأ عن املخلوق الغريب فى جزء سابق‪.‬‬
‫السؤال محورى بما فيه الكفايه ليكون عنوان الجزء القادم‬
‫‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪53‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال‪õõ õ õ‬ثال‪õõ õ õ‬ث‬

‫املواجهة بني الوعي اإلرادي والصدفة‬


‫املعركة األزلية‬
‫‪ ‬في الجزء الثالث من الفصل الثاني ناقشت اإلمكان ّية في ان‬
‫لألشياء الغير ملموسة تأثيرات ملموسة على البشر‪ .‬في هذا‬
‫الفصل سأخوض في نقاش أش ّد درام ّية‪ ،‬وسيكون ‪ ‬متع ّلقا ً‬
‫بأحد املسببّات املفترضة للكون‪ ،‬وهو أن‬

‫‪ " ‬املصادفة تحكم امللموس ‪ ،‬في حني أن الوعي اإلرادي‬


‫يحكم ما هو غير ملموس‪ ،‬ويكون الوقت هنا هو العامل املحفّز‬
‫لتفاعلهما "‬

‫قد يكون فهم أصل الكون تماما ً أعقد من أن يتم عبر الدين‬
‫والعلم‪ .‬توجد هناك دالالت تشير إلى عالقة بني اإلرادة‬
‫البشر ّية وماه ّية وجود الكون‪ .‬لم يأخذ األمر منّي جهدا ً كبيرا ً‬
‫أبني ‪  ‬تأثير الالملموسات على البشر‪ ،‬ومن الواضح أيضا ً‬ ‫كي ّ‬
‫أن الصدفة تسيطر على العالم بكل قوانينه الفيزيائية‪ ،‬فمثالً ‪:‬‬
‫عند رمي قطعة نقود‪ ،‬يكون تأثير إتجاه الريح أكبر من تأثير‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪54‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫رغبتك بما يتعلق بالوجه الذي ستسقر عليه القطعة بعد رميها‪.‬‬
‫بينما تكون رغبتك أشد تأثيرا ً من جهة الريح بما يتعلق بقرار‬
‫أحد أصدقائك بأن يتصل بك‪ .‬حيثما يتواجد الوعي اإلرادي‪،‬‬
‫يتغ ّير مجرى الصدفة‪ .‬أو هل من املمكن أن تكون الصدفة‬
‫وليدة الوعي اإلرادي ا ّلذي يح ّقق املتغ ّيرات في الوجود ؟‬
‫‪ ‬هل من املمكن أ ّن الواقع يتماوج بني خيوط اإلرادة‬
‫والصدفة ؟ لكن ملاذا نفترض موضوع الوعي عندما تكون‬
‫الصدفة كافية ؟ أين الخطأ في تصاعد اإلرادة فقط من خالل‬
‫التالعب السرمدي للصدفة بقوانني الفيزياء ؟ ما هي الدالالت‬
‫التي تشير لعالقة اإلرادة البشرية مع أصل الكون ؟‬
‫يمكننا أن نرى بكل بساطة بأن املاه ّية الفيزيائية للعالم تغ ّير‬
‫مجرى اإلرادة‪ ،‬وبأن العقل يقود ذاته بشكل فيزيائي‪ .‬لكن هنا‬
‫تكمن الحلقة الضائعة… هذه الفكرة التّي أخضع لها رغم‬
‫ضياعها في مكان ما ضمن عقلي‪ ،‬وتملي عليّ دائما ً‬
‫بضرورة وجود عالقة بني اإلرادة وأصل الكون‪ .‬تساءلت عن‬
‫مصدر هذه الفكرة‪ .‬هل هي الحقيقة التي تقول بأن الوعي‬
‫اإلرادي يستطيع أن يبقي بعض أشكال " الواقع " في‬
‫مخيّلتنا ؟ أم أنها الحقيقة األخرى التي تقول بأن عقلنا قادر‬
‫على تغيير إدراكنا للواقع ؟ لكن ما ا ّلذي يجعل لهاتني‬
‫الحقيقتني شأن بما يخص عالقة اإلرادة )الوعي األرادي(‬
‫ومنشأ الكون ؟ هذا ما سيكون موضوعنا في الجزء القادم‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪55‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ا لراب‪õõ õ õ õ‬ع‬

‫املرافعة في صالح الصدفة‪،‬‬


‫املرافعة في صالح الوعي االرادي‬
‫سيكون هذا الجزء تلخيصا للموضوع ‪,‬و الذي سوف تجده‬
‫غامضا جدا و مليئا باالفتراضات السخيفة‪ ,‬اذا قمت بقراءته‬
‫لوحده‪ .‬لقد تطرقت سابقا لهذا املوضوع في العديد من‬
‫الفصول وسوف يتكون لديك فهم أكبر عن املوضوع إذا قمت‬
‫بقراءة كل الفصول السابقة‪.‬‬
‫سنناقش افتراضني ونقيس صحتهما مع الواقع‪:‬‬

‫اوالً‪:‬‬
‫الحالة بالنسبة للفرصة أو الصدفة‪:‬‬
‫في عالم محكوم ب “الفرصة الوحيدة " وبينما ال نستطيع‬
‫االعتماد على أصول الوجود امللموس حصل االنفجار الكوني‬
‫العظيم )نظرية البيغ بانغ(‪ .‬ربما حصل هذا االنفجار مرة‬
‫وربما حصل تريليون مرة‪ ،‬حتى نشأت و بدأت الجزيئات‬
‫الذرية والنترونات بالحركة في الفضاء محققة السرعة‬
‫الصحيحة والتسارع الصحيح‪ .‬بعد ان تحقق ذلك بمئات‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪56‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫ماليني السنني تجمعت النجوم لتدور في افالك معينة خاضعة‬
‫لقوانني الكتلة صانعة الهيليوم من الهدروجني‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫خصائصها الذرية‪ .‬اما باقي التفاصيل حول كيف تشكلت‬
‫العناصر األخرى فيمكننا ان نعزوه الى النتيجة لحكم‬
‫القوانني الكونية لسلوك تلك الجزيئات ‪ ,‬وجدت الحياة عن‬
‫طريق التولد التلقائي ) الذاتي( و من ثم في نهاية املطاف‬
‫جاء البشر الى الوجود‪.‬‬
‫لقد تم صقل اداؤنا الوظيفي ‪,‬عن طريق التطور و النمو‪ ,‬الذي‬
‫وجد ليتماشى مع ارتباط عقولنا بالواقع املحيط بنا‪.‬‬
‫يمكن ان نعزو تعقيدات الحياة الى الصدفة املحضة وذلك منذ‬
‫تواجد الكرة األرضية منذ خمسة باليني عام‪ .‬فنحن نعيش الى‬
‫ان نبلغ السبعني او الثمانني عاما ويمكننا ان نتخيل ماذا‬
‫يمكن للصدفة ان تحقق على مدى خمسة باليني عام‪ .‬في مثل‬
‫هذا التخمني ال يمكن ان تكون عقولنا معدة مسبقا لهذا‬
‫التخيل‪ ،‬لذلك فإن جميع الخرافات في تاريخنا الحديث )آخر‬
‫خمسة آالف سنة( يمكن ان نعزوها الى خلل ما او حتى الى‬
‫حضارة ما‪.‬‬
‫يعرف العالم األملاني هيجل تاريخ العالم‪ ،‬بأنه‪ :‬عملية االرتقاء‬
‫ّ‬
‫للوعي االرادي للحرية‪ ،‬بدقة أكثر‪ :‬إذا قرأت عن تصرفات‬
‫االنسان البدائي )االنسان األول( في الوثائق التاريخية ال‬
‫يمكنك اال ان تالحظ ان تصرفاته كانت أشنع من تصرفات‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪57‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الحيوانات‪ .‬اعلم ان هناك بعض البشر الذين مازالوا‬
‫يتصرفون كالحيوانات او حتى أسوء من الحيوانات‪ ،‬لكن‬
‫دعونا ال نبتعد كثيرا عن فكرتنا األساسية‪ .‬حيث ان املعايير‬
‫املأخوذ بها في تلك الفترة ال يمكن االخذ بها في الوقت‬
‫الحالي‪ ،‬لك اآلن ان تتخيل ان البشر الذين يمتلكون عقوال‬
‫أكثر تطورا وحساسية‪ ،‬في وقت مضى‪ ،‬قد بدأوا يفكرون‬
‫ويحلمون بعالم أفضل حيث يساعد البشر بعضهم بعضا‪.‬‬
‫في ذلك الوقت كان امللوك اآللهة ظاهرة منتشرة وكان الناس‬
‫يعبدون االمبراطور‪ ،‬الرئيس‪ ،‬أو امللك‪ .‬حسنا !! واآلن فقط لو‬
‫كان هذا القائد كامال ويريد لشعبه األفضل وحبذا لو كان‬
‫ايضا يمتلك قوة او مصادر او إمكانيات خارقة وغير محدودة‬
‫هذه كانت بوابة الدخول بالنسبة لألديان‪ ،‬حيث ان البشر‬
‫تواقون للتطور و االرتقاء و لكن في نهاية االمر لم يتغير شيء‬
‫في جوهر االنسان بعد كل التطور و االرتقاء الذي اختبره ‪,‬‬
‫فمازلنا نحن البشر نكره و نقتل بعضنا البعض و سوف نبقى‬
‫دائما نكره و نقتل بعضنا البعض‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫الحالة بالنسبة للوعي االرادي‪:‬‬
‫في البداية سأعيد كتابة تفسير مختصر عما أؤمن انه‬
‫الحاجة األساسية لإلنسان‪:‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪58‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫عبر التاريخ تم تلبية جميع احتياجات االنسان باستثناء‬
‫حاجة وحيدة وهي‪ ،‬لسخرية القدر‪ ،‬الحاجة األصل‬
‫)األساسية( لتي تتفرع عنها‪ ،‬وبنفس الوقت التي تفضي‬
‫اليها‪ ،‬باقي االحتياجات األخرى‪ .‬هذه الحاجة او الرغبة‬
‫امللحة هي البقاء او بتعبير أكثر دقة وشاعرية الخلود‪ .‬فنحن‬
‫نتناول الطعام لنبقى )لنبقى على قيد الحياة( نحن نحاول ان‬
‫ننجب ذرية حتى يبقى نسلنا وجيناتنا )التكاثر يمثل الحاجة‬
‫الى البقاء(‪ .‬نستولي على املصادر لنحافظ على بقائنا ضمن‬
‫املجموعة‪ ،‬كما نسعى أيضا لتحصيل األموال كطريقة نضمن‬
‫ألنفسنا فيها فرصة أفضل في البقاء ‪ ......‬الخ‪ .‬بالنتيجة فإن‬
‫كل شيء نفعله هو متصل بحاجتنا امللحة الى الحفاظ على‬
‫بقائنا‪ .‬أحيانا يتوجب علينا ان نرى الرابط املباشر بني افعالنا‬
‫وحاجتنا للبقاء‪ ،‬مثل تناول الطعام‪ ،‬ولكن في معظم األحيان‬
‫يكون االمر أكثر تعقيدا‪.‬‬
‫قد يبدو االمر وكأنه مبالغ في تبسيطه ‪ ...‬ولكن أستطيع‬
‫بسهولة ربط أي حاجة قد تخطر في بالك بحاجتك الى البقاء‪.‬‬
‫نحن بحاجة الن نكون محبوبني من اجل األمان وهؤالء الذين‬
‫يرتكبون جريمة ما‪ ،‬يفعلون ذلك من مبدأ املنافسة من اجل‬
‫شر مطلق‪ ،‬وانما هذه الحاجة‬ ‫البقاء‪ .‬حيث ال يوجد هناك ٌ‬
‫امللحة الى البقاء هي التي يتفرع عنها الشر‪ ،‬كل الشر‪،‬‬
‫والكثير من الخير‪ .‬كلما كان شيء ما أقرب اليك كلما ازدادت‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪59‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫رغبتك في بقاءه‪ ،‬وعندما يصل االمر الى نفسك بحد ذاتها‬
‫حينها سوف ترغب بالخلود‪ ،‬البقاء الى األبد‪ .‬حتى هؤالء الذين‬
‫يرحبون بعدمية ما بعد املوت يفكرون بهذه العدمية‪ ،‬او‬
‫الالوجود‪ ،‬على انها شكل من اشكال النوم االبدي‪ ،‬ويسعون‬
‫الى الخلود‪ ،‬ابدية البقاء‪ ،‬في السكينة والسالم‪ .‬فنحن‬
‫مولودين بهذه الحاجة املشتعلة التي تالزمنا منذ تكوننا في‬
‫الرحم وحتى لحظة املوت‪ .‬فالوضعية املفترضة لإلنسان تعتمد‬
‫على أي نوع من األشخاص يكون هو‪.‬‬
‫آخذين بعني االعتبار كل ما ذكر أعاله‪ ،‬مع استعادة الحقيقة‬
‫املذكورة في الجزء األخير‪ ،‬حقيقة ان عقولنا تستطيع ان‬
‫تستعيد وتستطيع ان تبدل الواقع )او ان تبدل نظرتنا عن‬
‫الواقع كما نراه نحن( أستطيع ان أرى انه من املمكن ان‬
‫تكون هناك عالقة بني الوعي االرادي عندنا كبشر وأصول‬
‫الكون‪ .‬فأنت تزرع شيئا وتنتظره حتى ينمو‪ ،‬تنجب ذرية‪،‬‬
‫أطفال‪ ،‬وتقوم بتربيتهم‪ ،‬تقوم بأعمال اليوم لتحصدها في‬
‫الغد‪ ،‬تضع مخططات وتسير حسب خططك‪ ،‬أي أنك تستورد‬
‫الواقع من عقلك الى الوجود‬
‫‪.‬‬
‫وهنا يتبادر الينا السؤال هل هي مجرد صدفة وجود هذه‬
‫األشياء لتكون بهذه الطريقة؟؟ ام ان هذه األشياء وجدت بهذه‬
‫الطريقة لكي تعطينا تلميحا الى شيء ما؟؟ هل من املمكن ان‬
‫اهلل قد وضع خطة للجنس البشري بكامله منذ حصول‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪60‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫االنفجار الكوني الكبير حتى وصولهم الى مرحلة السعي اليه‬
‫من اجل الحصول على الخلود والسالم ؟؟ هل هي مجرد‬
‫صدفة ان الحاجة املطلقة لإلنسان )البقاء(وهي الحاجة‬
‫الوحيدة التي لم يتم تلبيتها‪ ،‬تتوازى مع الخير‪ .‬ومن أجل‬
‫توضيح هذه النقطة األخيرة‪ ،‬إذا افترضنا بوجود الخلود‬
‫واألبدية فإن مجتمع هؤالء الخالدين لن يريد أشرار فيما‬
‫بينهم‪.‬‬

‫ولكن في نفس الوقت‪...‬‬


‫في عصرنا هذا‪ ،‬عندما تستخدم أدواتك املتطورة‪ ،‬هل سبق‬
‫لك وتساءلت‪ ،‬كم من التخطيط تتطلب منهم االمر لصنعها‪ .‬أن‬
‫تستوعب أن هذه األدوات مصنوعة من الرمل والبترول وبعض‬
‫أمر مثير للعجب‪ ،‬كيف استطاعت البشرية‬‫املعادن‪ ،‬فهو حقا ً ٌ‬
‫الوصول لهذه املرحلة او هذا املستوى من التخطيط؟! من‬
‫يستطيع وضع خطة للكون كله‪...‬معقول لم يتفوق على البشر‬
‫ووضع خطة أفضل من األديان؟‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪61‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫ن ‪õõ õ‬هاي ‪õõ õ‬ة ال‪õõ õ õ õ õ‬فصل ال‪õõ õ õ‬ثال‪õõ õ õ‬ث‬

‫املحكمة العليا للمنطق‬


‫العقل األقوى في تاريخ البشرية‪ ،‬واملعروف أيضا باسم‬
‫العقل‪ ،‬دخل املحكمة العليا للمنطق‪ .‬املحكمة العليا للمنطق‬
‫هي أعلى محكمة في الكون‪ .‬الن العقل رفع دعوى ضد‬
‫الخالق‪ ،‬واملعروف أيضا باسم اهلل‪ ،‬لحرمانه‪/‬ها الوصول إلى‬
‫الحياة األبدية على أساس قراره‪/‬ها خالل الحياة البيولوجية‬
‫عدم االيمان بوجوده‪.‬‬
‫املدعي‪ ،‬والعقل‪ ،‬يقاضي عن األضرار‪ ،‬بما في ذلك فقدان‬
‫الحياة األبدية ويطالب بالوصول إلى البوابات اللؤلؤية ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى منزل الواجهة البحرية على نهر األرواح الغزير‪.‬‬
‫كل من املدعي واملدعى عليه اختاروا انفسهم لتمثيل أنفسهم‪.‬‬
‫على الرغم من أن املدعي طلب منه إحضار الشهود‪ ،‬كيان‬
‫قديم معروف باسم لوسيفر‪ ،‬رفضت املحكمة شهادته ألنه كان‬
‫معروف بأنه الكائن األكثر خداعا في الكون‪.‬‬
‫افتتح املدعي املرافعة‪ ،‬مخاطبا القاضي االعلى‪" :‬فخامتك‪،‬‬
‫عشت حياتي على أساس املنطق‪ ،‬كنت ضليعا في جميع‬
‫جوانب العلم وفهمت جميع النظريات‪ .‬لم أجد أي أدلة صلبة‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪62‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫على وجود ش‪ ß‬مثل اهلل‪ ،‬وإذا كانت جزيئات الكون ال تفنى‪،‬‬
‫االنفجار الكبير قد حدث تريليونات املرات حتى جاء الكون‬
‫إلى الوجود‪ .‬أما عندما وجد الكون‪ ،‬أصبح الباقي مجرد‬
‫تاريخ بالنسبة لي‪ .‬هناك الكثير من التفسيرات أفضل من‬
‫فكرة اهلل‪ .‬حيث من خالل االنفجار الهائل حصل االندماج‬
‫النووي و الذي بدوره أنشأ العناصر التي في نهاية املطاف‬
‫ارتقت لتشكل الحياة من خالل فرصة و خصائص فيزيائية‬
‫مسألية‪ .‬وبالنظر إلى عمر الكون الذي قد يقارب ال ‪ 14‬مليار‬
‫سنة‪ ،‬كان أي شيء ممكن‪ .‬و في ذات الوقت لم يتم العثور‬
‫على أي دالئل علمية في ما يسمى بوجود اهلل في أي وقت‬
‫مضى "‪.‬‬
‫فخامة القاضي"‪ ،‬ويتابع العقل‪" ،‬وبعد ذلك أخذت الجانب‬
‫الفلسفي‪ ،‬فإن الطريقة الوحيدة لوجود اهلل‪ ،‬هو أن يخفي‬
‫نفسه حرفيا من عملية الخلق‪ .‬حيث لم تسجل أي معجزة على‬
‫اإلطالق لتنهي الشك‪ ،‬و أيضا ليس هناك اي صمود أمام‬
‫االختبارات التاريخية الدقيقة لتقطع الشك باليقني‪ .‬عشت في‬
‫ما يسمى نهاية األيام‪ ،‬ولم أشهد ش‪ ß‬يعطي دليل‪ ،‬عدم‬
‫االستجابة للصلوات كانت بشكل متكرر أو حتى التأخر بالرد‬
‫عليها‪ ،‬و إعطاء أعذار ان الناس يفتقرون الى اإليمان أو أن‬
‫بعض الكيانات الشريرة تعرقل مالئكته من اداء عملهم‪ .‬كانت‬
‫أخالق البشر و مواقفهم تجاه بعضهم البعض في كثير من‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪63‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الحاالت أسوأ من الحيوانات‪ .‬وجد البشر منذ آالف السنني‬
‫قبل أي وجود للدين‪ ،‬الذي بعثرهم‪ ،‬أضعفعم‪ ،‬حيث أصبحوا‬
‫ضحية االفتراس من قبل الحيوانات البرية باالضافة الى قتل‬
‫بعضهم البعض "‪.‬‬
‫تابع العقل مرافعته "لهذا عمل اهلل على إخفاء نفسه بشكل‬
‫جيد‪ ،‬ولم يترك أي برهان ما في أي وقت مضى على وجوده‪,‬‬
‫أما اآلن بمنع روحي )التي لم أكن أعرف أنني أملك واحدة‬
‫أصال( من الحصول على الحياة األبدية مبررا ذلك " بعدم‬
‫اإليمان به "هو مجرد عقاب غير عادل‪ ،‬قاسي وغير عادي‪،‬‬
‫وقد كان بامكانه ترك برهان واحد‪ ،‬أو حتى أدنى دليل! "‬
‫ثم تحولت وجوه املحكمة العليا إلى املدعى عليه‪ ،‬اهلل‪ ،‬الذي ال‬
‫يزال متخفي حتى هذه اللحظة في السحب الهادرة‪ .‬من بني‬
‫الغيوم تحدث‪" :‬لقد أعطى البشر الحواس ليستطيعوا اتخاذ‬
‫القرارات التي تبقيهم على قيد الحياة‪ ،‬ما يمكن ملسه ال‬
‫يحتاج إلى االيمان أو عدم االيمان ألنه يمكنهم الشعور به‪.‬‬
‫االيمان هو االرتقاء من حواسك الجسدية الى الحواس‬
‫الروحية‪ ،‬ملس برهان ال يتم بااليمان بل بالحواس‪ .‬نعم‪ ،‬لم أترك‬
‫أي دليل دامغ أو ملموس‪ ،‬ولكن تركت الكثير والكثير من‬
‫القرائن‪.‬‬
‫أعطيت البشر قلب ينبض من قبل أن يولدوا‪ ،‬و هم ليسوا‬
‫بحاجة ليطلبوا منه ليستمر بالنبض‪ .‬ذهبوا لتناول الطعام‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪64‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫ألنهم قد شعروا بالجوع‪ .‬منحوا حاثات لإلنجاب‪ .‬قدمت لهم‬
‫الوعي ليختيارو مساعدة بعضهم البعض‪ .‬كنت أرعاهم في‬
‫جميع هذه الجوانب وأكثر من ذلك‪ ،‬من دون حاجتهم لطلب‬
‫ذلك‪ .‬نعم كان معاناة‪ ،‬ولكن الدالئل على أني فعلت ذلك‬
‫منتشرة في جميع أنحاء الكون‪ .‬ولدت النجوم واملجرات‬
‫وتدمرت‪ .‬سالم و هدوء في بعض أجزاء الفضاء‪ ،‬حريق هائل‬
‫ودمار في أجزاء أخرى‪ .‬العشوائية املالحظة في هذه‬
‫السيمفونية يعتبر دليل‪ .‬باالضافة على أني جعل الكون‬
‫فسيح‪ ،‬حيث كان من الصعب على البشر الوصول إلى أقرب‬
‫نجم و أنه ملستحيل الوصول إلى أقاصي الكون‪.‬‬
‫لقد تركت ذلك لإلنسان ليتساءل ‪ ...‬أليس من املناسب أن‬
‫يكون التطور العشوائي جميال جدا ‪ ...‬لالستمتاع‬
‫باملوسيقى ‪ ...‬للتساؤل ‪ ...‬لقد كانت معجزات تحيط بهم‪ .‬كل‬
‫يوم كان معجزة‪.‬كل يوم كان خيار‪.‬‬

‫مالحظة جانبية‪ ،‬آخر مرة قمت فيها بصنع كائن ذكي و لم‬
‫أضع فيها آلية الختياره الوجود معي ‪ ،‬لم تسر االمور بشكل‬
‫جيد‪ ،‬اسمه لوسيفير‪ ،‬وها هو هنا ليشهد ضدي "‪..‬‬

‫ابتسم العقل ونظر الى مقعد الشاهد الفارغ ‪....‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪65‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬

‫عـن الـديـانـات واآللـهـة‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪66‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫نحن في العادة منطقيون في اتخاذ قراراتنا إذا ما كان لها‬
‫عالقة باألشياء املادية‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬نحن نقوم بالتبضع‬
‫وفق ما يناسب ميزانياتنا واحتياجاتنا فحسب‪ .‬إال أن األمور‬
‫تصبح أكثر تعقيدا ً عندما يتعلق األمر بالحب أو ‪...‬بالدين‪ .‬‬
‫تزعم معظم الديانات بأنها تلبي "االحتياجات" ذاتها‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس نقوم عادةً بتجاهل عامل "الحاجة"‪ .‬فالناس‬
‫بشكل عام ال يبذلون الكثير ألجل دياناتهم ولذلك ال يشكل‬
‫عامل امليزانية مشكلة لهم‪ .‬ما هو املعيار‪ ،‬إذاً‪ ،‬الذي‬
‫‪ ‬يختارالناس دياناتهم وفقا ً له؟ قد يدرك الجميع أن الدين‬
‫يتحدد وفقا ً لديانة اآلباء‪ ،‬أو بحسب متطلبات املجتمع‪ ،‬أو‬
‫لعوامل خارجية أخرى‪ .‬ومن ثم يجهد األبناء في محاولة‬
‫تفسير هذه الديانة بشكل منطقي إلى أن يصلوا ملرحلة معينة‬
‫من الرضا‪  .‬‬
‫هل سبق لك أن تساءلت‪ :‬ملاذا ال "يتسوق" الناس ليجلبوا‬
‫ديانتهم؟ نحن ال نتحدث عن العبارة التقليدية التي يرددها‬
‫أصحاب الديانات "لقد بحثت في كافة الديانات وبعمق‬
‫ووجدت ديانتي وحدها هي على الحق"‪ .‬ملاذا ً ال نتسوق بحق‬
‫بحثا ً عن اإلله الصحيح؟ قد يكون الجواب املخيف هو أن‬
‫معظم الناس يعيشون حياتهم دون أن يتساءلوا بجدية إذا‬
‫ماكانوا يدينون بالدين الصحيح فقط ألنهم غير قادرين على‬
‫هذا النوع من التفكير‪ .‬إذا ما وضعنا جانبا ً كافة التفسيرات‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪67‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫الدينية لوجود إله يختار أناسا ً ويترك آخرين بل قد يضلهم‪،‬‬
‫فسيكون التحيز املغروس في العقل البشري هو التفسير‬
‫املنطقي الوحيد الختيار هذا اإلله‪  .‬‬
‫إذا ما كانت القضية هكذا‪ ،‬فإن هذا يتركنا مع واحد من‬
‫أربعة تفاسير لطبيعة هذا اإلله‪:‬‬
‫‪ -1‬غير موجود‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يتدخل بشؤون البشر‪.‬‬
‫‪ -3‬يختار عباده املخلصني بنا ًء على معطيات سرية نحن غير‬
‫قادرين على استيعابها وبالتالي هناك ديانة واحدة صحيحة‪.‬‬
‫‪ -4‬قد التكون الديانة هي السبيل إلى اإلله‪ ،‬هذا إن وجد أي‬
‫سبيل‪.‬‬
‫او ان االله قوة غير عاقلة‪.‬‬

‫واآلن‪ :‬أي تفسير من االعلى تجده أنت منطقياً؟ هل سيجعلك‬


‫ما قرأت تعيد ترتيب أفكارك؟ ‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪68‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج" " " ""زء ال " ""ثان " ""ي‬

‫اآللهة واملعجزات‬
‫املعجزات التي نعتزم مناقشتها هنا ليس عندما يكون حدوث‬
‫الشيء واردا‪ ،‬بل من املستحيل وفقا ملعاييرنا‪ .‬نريد إلقاء نظرة‬
‫على ما إذا املعجزات حدثت في أي وقت مضى‪ ،‬وإذا كانت‬
‫حدثت هل تم تعليق او تغيير قوانني الطبيعة إلعطاء فرصة‬
‫لحدوثها؟‬

‫معظم املعجزات الشهيرة تصل إلينا من خالل "كلمة الفم"‪.‬‬


‫أكثر الكتب املقدسة تدعي املعجزات ‪ ‬آللهتهم وتهدد بالويل‬
‫والثبور ملن ال يصدق‪ .‬لكن هذه االدعاءات ليس لها قيمة لنا‬
‫كمشككني وأي كتاب مقدس ال يمكن استخدامه كدليل على‬
‫املعجزات‪ .‬لذلك البحث في الكتب املقدسة عن اجابات يؤدي‬
‫إلى نقاشات ال طائل منها‪ .‬ال تستطيع استخدام كتابك‬
‫املقدس كدليل على املعجزات تماما ً كما ال استطيع استخدام‬
‫قصة ليلة والذئب كدليل على وجود ذئاب ناطقة‪ .‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪69‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫هذا هو السبب في أن النقطة الرئيسية ستكون آلية ممكنة‬
‫لعمل املعجزات فكل ما نراه في الكون بحسب خبرتنا له‬
‫تفسير يستند على قوانني الكون‪ .‬‬
‫إذا كانت املعجزات تحدث‪ ،‬اآللية املقترحة ‪ ‬واحدة من اثنتني‪:‬‬

‫االولى ان االله يعزل او يوقف العمل بقوانني الكون بينما يقوم‬


‫بعمل املعجزة‪ .‬اإليمان بأن ذلك يحدث هو في الحقيقة إيمان‬
‫ال منطقي اذا لم يكن ضربا ً من الجنون‪ .‬منذ االنفجار الكبير‬
‫والكون يسير على نفس القوانني وال يوجد دليل واحد قط ان‬
‫أيا ً من قوانني الكون تم كسره‪ .‬الكون كله بصورته الحالية‬
‫موجود وفق تلك القوانني‪ .‬تريد ان تقتنع ان االله يوقف العمل‬
‫بقانون يحكم ‪ ٤٠٠‬مليار مجرة لكي يثبت لبعض الرجال في‬
‫الصحراء صحة كتاب يقول لهم أنهم قوامون على النساء؟ ‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪70‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫أما اآللية الثانية للمعجزات هي ان االله يستفيد من قوانني‬
‫الطبيعة نفسها وال يكسرها لعمل معجزه‪ ،‬ولكن ملاذا نسميها‬
‫معجزة؟‪ ‬‬
‫انها ضرب من الحظ إذا ً فمن املمكن حدوثها ضمن قوانني‬
‫الطبيعة‪ .‬‬

‫إذا ً هناك مشكلة في املعجزات من حيث املبدأ نفسه! فكيف‬


‫اذا كان حدوثها ‪ ‬دليلة الوحيد كتب من عصور كانت فيها‬
‫الخرافات تسيطر على فكر االنسان ؟ أليس التفسير األكثر‬
‫منطقية هو انها لم تحدث وما نقل الينا ال يعدو ان يكون‬
‫أساطير األولني ؟‪ ‬‬

‫اإلشاعات تتغير خالل ايام وفي حيز صغير فما بالك بأجيال‬
‫وأجيال في مجتمعات تؤمن بالخرافات؟ اسأل نفسك‪ ،‬هل‬
‫مصادرك التي تدعي املعجزات تستحق نظرة ثانيه إذاً؟‪ ‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪71‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫الج‪õõ õ õ õ õ‬زء ال‪õõ õ õ‬ثال‪õõ õ õ‬ث‬

‫ُ‬
‫دليل الال دليل‬

‫في حني ال يمكن ألحد أن يقول لنا على وجه اليقني ملاذا نحن‬
‫موجودون هنا أو إذا كان هناك حتى سبب لذلك‪ ،‬تطوعت‬
‫األديان لتقول لنا ان وجودنا عبارة عن وفاء لخطط اهلل‪ .‬‬

‫حتى اآلن ليس هناك أي أدلة تثبت أن أي دين يرتبط بخالق‬


‫ما يقدر ب ‪ 400‬بليون مجرة‪ .‬االدعاء بأن خطته هي انه كان‬
‫يتابع كل الوقت في مرحلة ما قبل االديان ثم بعث بعض‬
‫الكتب ظهرت أقل وأقل احتماال بالنسبة لي كما تعلمت أكثر‬
‫عن الواقع‪.‬‬

‫بعد دراسة متأنية‪ ،‬لقد وصلت إلى إدراك أن ال دين لديه‬


‫الجواب ألعظم سؤال في كل العصور‪ :‬ملاذا نحن هنا؟‬

‫لقد وجدت ملجأ أفضل في أفكار أخرى‪ ،‬بدءا تذكر مبدأ‬


‫شفرة أوكام "ابسط تفسير وافي هو على األغلب التفسير‬
‫األصح‪".‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪72‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫االن إليك بعض‪ ،‬وأشدد بعض االحتماالت‪:‬‬

‫‪ -١‬إله سبينوزا‪ :‬هذا االله الذي كان أينشتاين‪ ‬يتكلم عنه‬


‫عندما كان يقول ‪God‬‬
‫باختصار شديد الطاقة نفسها التي هي ايضا ً‪ ‬املادة نفسها‬
‫هي علة الوجود وغايته في‪ ‬نفس الوقت‪ .‬إله التناغم ‪God of‬‬
‫‪ harmony‬غير شخصي وال يتصل بالبشر‪.‬‬

‫شخصيا ً‪ ‬هذه احدى الخيارات املفضلة لدي‪.‬‬

‫‪ -٢‬صانع الساعات‪ :‬هذا االله الذي كان يؤمن به‪ ‬فولتير‬


‫تقريبا ً‪.‬‬
‫على فكرة ليس من عادتي ذكر‪ ‬أشخاص ألنني ال ارى اي‬
‫أهمية ملن يؤمن بماذا اال انني ذكرت أينشتاين فولتير ألنهما‬
‫بنظري‪ ‬من أقوى العقول البشرية على مر العصور‪ .‬‬

‫املهم هذا االله صنع الكون وتركه‪ ،‬اي باختصار‪ ‬بدأ االنفجار‬


‫الكبير وترك الكون‪ .‬ربما تركه ربما مات ربما اختفى‪ .‬ربما‬
‫تقصد إيجاد البشر او ال‪.‬‬
‫الخيار مفتوح لك لكي تقرر من اقرب احتمال‪ ‬لتفسير الوجود‪.‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪73‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬


‫‪ -٣‬أزلية الطاقة‪ :‬الطاقة ال تفنى وال تستحدث‪ .‬‬

‫اذا كان هناك شيء ال يحتاج الى علة فهو الطاقة التي‬
‫تتحول الى مادة حسب معادلة أينشتاين ‪ E=MC^2‬من هنا‬
‫تتفرع النظرية الى ان الطاقة أزلية‪ ‬واالنفجار العظيم دورة‬
‫تحدث وتتكرر‪-‬هذا احتمال‪ ‬ضعيف الن الكون ما زال يتمدد‬
‫بتسارع‪.‬‬
‫او ان الطاقة في الكون مجموعها صفر !!!‬

‫اي ان الطاقة التي نراها هي عبارة عن فرق‪ ‬في املجموع بني‬


‫الطاقة السوداء والطاقة املعروفة و فرق بني املادة وضد املادة‪.‬‬
‫وبدأ ذلك كله بسبب ‪ Quantum Fluctuations‬‬
‫هذه النظرية فريدة وشيقة‪.‬‬

‫تابع آخر اكتشافات‪ ‬املسارع الجزيئي ‪ CERN‬في سويسرا‬


‫فهو على طريق إيضاح مدى صحة هذه النظرية عن طريق‬
‫فهم قوانني الكون وخاصة الجاذبية و كيف تتصرف الجزيئات‬
‫الذرية‪ .‬‬

‫‪-٤‬يوجد قوة عاقلة مجهولة الهدف‪ ،‬لكن لالستدالل على هدفها‬


‫كل ما نراه هو ان القاعدة الوحيدة‪ ‬في الكون هي العشوائية‪،‬‬
‫مجرات تصتدم بمجرات ثقوب سوداء تبتلع مجرات كاملة‪ .‬نار‬
‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪74‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬
‫حارقة في‪ ‬نجوم عمالقة وبرد هائل في غالبية الكون‬
‫الفارغ‪ ‬تقريبا ً اال من نسيج غريب يتفاعل مع املادة!‬

‫حتى على مستوى الكائنات الحية اكثر من ‪ ٪٩٦‬من كل‬


‫الكائنات الحية التي وجدت انقرضت!‪ ‬‬

‫سنة الحياة الوحيدة التي ال لبس فيها هي البقاء!‬


‫ُ‬

‫أفضل وسيلة لنا للبقاء كبشر هي احترام‪ ‬االنسانية واالتجاه‬


‫ألهداف عملية تعود بالخير علينا اوال ثم مجتمعنا وبلدنا‬
‫واإلنسانية جمعاء!‬

‫ابدأ بنفسك ثم أوالدك وكل من تعرفه ‪...‬ان وجد اله‪ ‬فقصده‬


‫بقاء من يستحق البقاء‪.‬‬
‫اذا كانت القوة ال تهتم بنا على مستوى الفرد كما هو واضح‬
‫ملاذا نتعب أنفسنا بطقوس وقواعد ال وجود لها؟‬

‫‪ -٥‬عالقة غير مفسرة بني الوعي والوجود‪ .‬ناقشت‪ ‬ذلك في‬


‫فصل سابق‪.‬‬
‫لدي احتماالت اخرى لكن هذه بعض االحتماالت‪ ‬املفضلة‬
‫لدي‪.‬‬

‫حقّ الكاتب سام مار بأن ينسب له هذا العمل تم املوافقة عليه وفقا ً لبنود حقوق التأليف والتصميم وبراءات االختراع لعام ‪1998‬‬

‫ﺟﻤ‪,‬ﻊ *ﻟﺤﻘﻮ' ﻣﺤﻔﻮ"ﺔ‬ ‫‪75‬‬ ‫© سام مار ‪Sam Mar 2013‬‬

You might also like