Professional Documents
Culture Documents
مقةةدمة لفلةةسفةة
ﭼةةةيل دولةةةوز
سةةان
ترجمة أحمد ح ّ
1
كلمة ظهر الغالف
مقةدمةةةةة لفلسفة
ﭼةةةيل دولةةةةوز
يقدم هذا الكتاب مدخال ً سهل القراءة ويستحوذ على
االهتمام لعمل واحد ٍ من أهم مفكري القرن العشرين
وأشدهم استعصاءً .حاولت الكتب األخرى شرح دولوز بوجهٍ
سؤال محوري في قلب ٍ ما تود ماي فينظّم كتابه حولعام .أ ّ
فلسفة دولوز :كيف يمكن أن يحيا المرء؟ ثم يمضي
المؤلف ليوضح كيف يقدّم دولوز رؤية للكون باعتباره شيئا ً
حيّا ً يزوّدنا بطرق إلدارة حياتنا ربما لم نكن لنحلم بها .ومن
خالل هذه المقاربة تتم تغطية المدى الكامل لفلسفةة دولوز.
2
هذه ترجمة كاملة لكتاب
Gilles Deleuze, an Introduction
بقلم
Todd May
الصادر عن
Cambridge University Press, 2005
3
اإلهداء
إلى كونستانتين بونداس Constantin Boundas
امتنانا لصبره وسخائه
4
فهرتايوتحملا س المحتويات
إعترالضفلاب ف بالفضل
كي؟ءرملا ايحي نأ نكمي ف يمك؟ءرملا ايحي نأ ن أ؟ءرملا ايحي ن يحيا المرء؟ 1
سبينوزاسدقملا ثولاثلا :هشتينو ،وبرجسو؟ءرملا ايحي نسدقملا ثولاثلا :هشتينو ،ونيتشسدقملا ثولاثلا :ه :الثالوسدقملا ث المقدتايوتحملا س 2
الفكرسدقملا ثولاثلا :هشتينو ،والعلمسدقملا ثولاثلا :هشتينو ،واللغة 3
سياسة االختاللضفلاب ف 4
حيوات 5
5
إعتراف بالفضل
1
I
كيف يمكن أن يحيا المرء؟
ة
بالطبع ليس هذا ما نقوله ألنفسنا .فحكاياتنا ممتلئ ٌة
واتجاهات من
ٍ سات طرق ومما ّ
ٍ دوما بالخيارات ،بمفترقات
سرديات حيواتنا ،حين نرويها ألنفسنا أوُ صنعنا نحن.
أنواع معينةة من المستقبل واحتضان ٍ ة بةنبذ
مشبَّع ٌةلآلخرينُ ،
ل واحد ٍ منا بشكل فريد ألن ك َّ
ل أخرى ،بتشييد عالم ٍ يخص ك َّ
واحد ٍ منا قد اختاره .لكن هل هكذا نحيا؟ هل هكذا تصبح
مخيِّبة لآلمالة غالبا ،القابلة للتنبؤ غالبا ،ال ُ حيواتنا ،الممتثل ُ
غالبا ،ما هي عليه؟
II
9
، Theory of Justiceأصبح أكثر قبوال ً تقريبا ،تمشّ يا مع
فترات أسبق في الفلسفة ،أن نكتب ونفكر في األسئلة ٍ
األوسع المتعلقة بحيواتنا .ارتفع العبء ،لكن لم تتم إزاحته.
عادات
ٍ ن من العمل التحليلي يقارب القر َ
ُ فقد غرس ما
فلسفيةٍ من الصعب كسرها .وما زال من يكتبون عن
المسائل المعيارية يخاطرون بنيل السخرية ممن يمارسون
رعب اإلخفاق
ُ الفلسفةة "الصارمة"؛ وما زال يطاردهم
التحليلي .وغالباً ،بدال ً من كبح صرامة الفلسفة التحليليةة
لتالئم مهمة طرح هذه األسئلة األوسع ،األكثر تشوشا ،تجري
التضحيةة باألسئلة ذاتها أو تشويهها من أجل الحفاظ على
صرامة المنهج.
III
سياق ينبُذ
ٍ أما الفلسفة الحديثة فتكتُب ضمن
جهة لنظام ٍ كوزمولوجي .وال يعني هذا أنه ال مو ِّ
االفتراضات ال ُ
ة في تشكيل الكون. ه أو أن اإلله ليست له فاعلي ٌ يوجد إل ٌ
فآثار عمل الرب تظل بارزة ً في كل مكان .إن ما تغيَّر هو
دور الكائن اإلنساني .فلم تعد الحياة اإلنسانية تجد مغزاها
في نظام ٍ أكبر تُعد ُّ هي جزءا ً منه .بل يجري الحكم على
ل أمام الرب أو أمام القانون الحياة بمزاياها الذاتية .وتُسأ َ ُ
األخالقي ،وليس أمام أي نظام ٍ يمكن أن تكون جزءا ً ال
يتجزأ منه .يقف الرجال والنساء وحيدين أمام أفعالهم وأمام
13
القاضي الذي تُقدَّم إليه تلك األفعال .وليس ثمة مجموعٌ
أكبر (أو على األقل ال مجموع أكبر من مجتمع المرء)
يتطلّب مشاركة المرء.
14
التام ،يمكننا أن نلمح االنفتاح صوب الديموقراطية
والمساواة في المواطنة التي مازلنا نكافح باتجاهها اليوم.
15
ة آخرون عن انبثاق السؤال الحديث ويدافع فالسف ٌ
باعتباره تقدّما على السؤال العتيق .إذ أن تضييق بؤرة
توسيع لمجال
ٍ السؤال من الحيوات إلى الفعلة يتناظر مع
الحرية في اختيار الحياة التي يود ُّ المرء إبداعها .فال يجب
ة لمسار حياة المرء؛ ال يجب أن تُحدِّد شرع الفلسف ُأن ت ُ ِّ
الشكلة الذي يجب أن تأخذه ،أو حتى ما إذا كان يجب أن
تأخذ الحياة شكال ً متماسكا .وإذا كان لصعود النزعةة الفردية
وأفول التفاوت أن يكون لهما معنى بالنسبة لحيواتنا ،فهو
أن بإمكاننا اآلن أن نحدِّد (ضمن الحدود التي تضعها إجابة
مسار واتجاه
َ السؤال كيف يجب أن يفعل المرء؟)
لكل منا أن يجيب على االلتزامات المطروحة ٍ حيواتنا .البد
أمامه أو أمامها؛ وفيما وراء ذلك ،ليس من شأن الفلسفةة
شرع ما يجب أن نكونه أو نُصبح عليه .فهذا شأننا أن ت ُ ِّ
الخاص.
الحديث
ُ القارية للفلسفة ،أفسح السؤال
ّ في التقاليد
لسؤال ثالث ،ما زلنا نصارع معه حتى اليوم .نجد ٍ المجا َ
ل
جذوره متناثرة ً على طول القرن التاسع عشر ،لكنها ال تجد
غذاءً في أي مكان بقدر ما تجد في فكر نيتشه .بالنسبة
الحدث المحوري ألواخر القرن التاسع عشر ُ لنيتشه ،يتمثل
في موت الرب .ومهما كانت الطريقة التي يمكن أن يكون
قد حدث بها هذا الموت (يقدّم نيتشه تقارير مختلفة عند
مختلف نقاط عمله) ،فإن المعنى الضمني عميقٌ بالنسبة
فيلسوف
ٍة للحياة اإلنسانية .فمن طرحوا قبل نيتشه ،على
تقريبا ،سؤال كيف يجب أن يفعل المرء ،وجدوا أن اإلجابة
تعال ، transcendentعلى الرب. ٍ م
كائن ُ
ٍ مرتكزة ٌ على
رب خارج هذا العالم يضمن لنا التزاماتنا داخله .موت ٌ فثمة
16
الهوتي معين؛ بل هو
ٍ أفول وجود ٍ
ِ الرب ،إذن ،ليس مجرد
م على أساسه تالشي التعالي transcendenceالذي تقو ُ
م كوزمولوجي نُرسي اخالقنا .مع نيتشه ،لم يعد ثمة نظا ٌ
ة من
عليه معنى حيواتنا ،وفضال عن ذلك لم تعد ثمة منظوم ٌ
جه أفعالنا .أصبحنا نفتقر إلى الوسائل التي
المعايير تو ِّ
اعتمدنا عليها إلجابة سؤال كيف يجب أن نفعل.
18
قاض متسام ٍ ألفعالنا .إننا وحيدون أكثر مما كان يمكن
ٍ ثمة
ة الفردية للسؤال الحديث .إننا نواجه أن تتخيل النزع ُ
قرارات سيتخذها كل واحدٍ منا دون معيارٍ
ٌ مستقبالًة ستخلقه
يرشدنا.
لحظات ،عن
ٍ إنكار أن سارتر يتراجع ،في
ُ وال يمكن
التضميناتة المترتبة على فكره ذاته .ففي نفس الصفحات
ن االختيار اإلنساني بال
وار الحرية اإلنسانية ،كو َ
يعلن د ُ َ
أساس ،ويحاول إعادة إدخال سؤال كيف يجب أن يفعل
ة تقليدية حديثة .لكن سبق المرءُ وحتى أن يمنحه إجاب ً
ة من الكيس .لم يعد ثمة ف العذل؛ وخرجت القط ُ السي ُ
ل عن كيف يجب أن يحيا المرء ،أو كيف يجب أن يفعل. سؤا ٌ
ليس ثمة سوى سؤال كيف يمكن أن يحيا المرء.
IV
20
بشكل مختلف ،ستكون عبثا .وبعيدا عن كونه ٍ وراء العيش
مختلف
ٍ بشكل
ٍ عالمة على التحرر ،سيكون مشروع العيش
عرضا ً من أعراض االنحراف .abnormalityبالنسبة َ
لفوكوه ،تكشف لنا الدراسة التاريخية أن الكثيرة من هذه
الحدود "الداخلية" ال تنشأ من تأسيس وجودنا بل من
سياسة عالقاتنا .وليست ال طبيعية وال دون مهرب .يكتب
قول أن األشياء ما كان يمكن أنِ ل يتمثل في "ثمة تفاؤ ٌ
تكون أفضل .وتفاؤلي سيتمثل في القول بأن الكثير من
األشياء يمكن أن تتغير ،مع ما هي عليه من الهشاشة،
ة بذاتها ،كونها مسألة
ة أكثر مما هي بديهي ٌوكونها تعسفي ًة
ظروف تاريخية معقدة ،لكنها مؤقته ،أكثر مما هي قيود ٌ ٍ
4
أنثروبولوجية حتمية".
21
وجود المرء؛ وكل إيماءة ،كل عاطفة يمكن اختزالها إلى
الحقيقة الجوهريةة للمثلية الجنسية .لذا يبدو التدخل من
شكل منحرف
ٍ األهمية بمكان .فموضع الرهان ليس مجرد
شكل منحرف من الحياة.ٍ من النشاط؛ بل
22
المؤسسات وتُظهر ما هو فضاءُ الحرية الذي ما زال يمكننا
م التحوالت التي ما زال يمكن عملها 5".بعيدا ً التمتع به وك ّ
عن أن نتحدَّد بواسطة "قيودٍ أنثروبولوجية" غير قابلة
للحركة ،تتم صياغتنا بدال من ذلك بواسطة قوى تاريخية
وسياسية يمكن تعديلها ،وتغييرها ،وربما حتى اإلطاحة بها.
المشكلة ةة المشكلة الفلسفيةةة هي أننا نُخفق في
التعرفة على الطابع التاريخي لهذه القيود ،ومن ثم نخفق ّ
في التعرفة على الحرية أمامنا .إننا عاجزون عن أن نسأل
أنفسنا ،سوى في أضيق األشكال ،كيف يمكن أن يحيا
المرء.
23
لموضوعات ومفاهيم فلسفيةة معينةة على ٍ طريق منح االمتياز
حساب أخرى .يجري منح االمتياز للحضور على حساب
الغياب ،وللهوية على حساب االختالف ،وللذكورة على
ح ْرفي على حساب ما هو استعاري، حساب األنوثة ،ولما هو َ
وللمباديء على حساب الحساسية .لكن ،في كل حالة لمنح
أكثر تعقيدا عما قد تبدو .ليس َ األمور لتصبح
ُ االمتياز ،تتحول
األمر فحسب أن من الظلم تمييز أحد األطراف على
مل له (رغم أن في هذا ظلماً) .لكن المشكلة، حساب المك ِّ
الطرف الذي يجري تمييزه ،يتأسس َ بشكل أعمق ،هي أن ٍ
مل ،جزئيا .في األنساق الفلسفية التي مك ِّ
بواسطة ال ُ
تتمحور حول مفهوم الحضور ،ال يمكن إدراك ذلك الحضور
إال ّ على أساس الغياب الذي يستبعده .والغياب ال يظهر
داخلي
ٌ كآخرٍ ،خارج الحضور ،الذي يتم فهمه في مقابله .إنه
بالنسبةة للحضور .وإذا كان لنا أن نضع األمر على صورة
الحضور الخالص ال يمكن فهمه إال ّ
َ تضادٍ ،ألمكننا القول بأن
سسه جزئيا. غياب يسكُنه ويؤ ِّ
ٍ على أساس
25
إذا كان طابع اللغة أن تعمل باقتصادٍ للمصطلحات
ملة ،وإذا كانت محاولة إنكار ذلك االقتصاد بتثبيت
مك ِّ
ال ُ
معاني المصطلحات غير مجدية وظالمة ،فإن مقاربة اللغة
التي يجب اتخاذها هي أن نفكر ونتكلم ونكتب بصورة
مختلفة .هذا أوليا مشروعٌ فلسفي ،لكن مثل قدرٍ كبير من
لتغمر الثقافة األوسع.
َ الفلسفة ،ستنساب تأثيراتُه
26
ة أعمق .فكالهما يرفض
هذين المشروعين ثمة رابط ٌ
مشروعا معينا للفلسفة التقليدية يندرج تحت عنوان
األنطولوجيا . ontology
27
الكون .ويسعون إلى تقرير طبيعة ووجود تلك الموجودات
القاريون فعادة ما
ّ وعالقاتها ببعضها البعض .أما الفالسفة
يرون سؤاال ً للوجود ال يمكن تناوله من خالل الموجودات
سسة .وعلى خطى هايدجر ،يرون في محاولة اختزال المؤ ِّ
سؤال الوجود إلى سؤال الموجودات ع ََرضا ً لعصرٍ لديه
م مناستعداد ٌ مفرط لقبول المصطلحات التي يدرك العل ُ
م.
خاللها العال َ
29
امتثال ضيق .سيخفقُ في إبقاء سؤال كيف
ٍ اإلنساني على
يمكن أن يحيا المرء حياً.
V
ح
عمل يطر ُ ٍ ة في األنطولوجيا .ك ُّ
ل منغمس ٌة
أعمال دولوز ُ
ة جديدة ً من الكيانات األساسية أو يُعيد تشغيلةمجموع ً
سياق جديد .قراءة
ٍ أعمال سابقة ليُدخلها في
ٍ كيانات من
ٍ
دولوز تعني الدخول في عالم ٍ من الموجودات المتكاثرة
الموجودات وأشكال الحياة
ُ وأشكال الحياة الجديدة .هذه
تكمن في
ُ ليست جزءا ً من خبرتنا اليومية .لكنها رغم ذلك
نسيج وجودنا.
32
ل من الكيانات محدَّدة الحدود عن بعضها للسلوك ،ومجا ٌ
سع سؤال كيف
م تُقيِّد بدل أن تُو ِّ
على نحوٍ جامد :تلك عوال ُ
يمكن أن يحيا المرء.
33
االفتراض الثاني بصدد األنطولوجيا الذي يتحدّاه دولوز .وهو
مضفور مع األول.
ٌ
ف من
دون استقرارٍ مفهومي ال يمكن أن يوجد اكتشا ٌ
النوع الذي سعت إليه األنطولوجيا دوماً .وما لم نستطع
كلمات تحدد هويته فعال ،فإن
ٍ صياغة ما هو موجود ٌ في
اكتشافاتنا تنسرب من قبضتنا المفهومية .ونبقى مع
مجال يتحدّى
ٍ التشوُّشة الكامل [الكاوس] ،chaosمع
34
فهمنا ،يقاوم محاولتنا ألن نقول ما هو موجود ٌ وألن نقول
ة هنا ،ألن ما هو موجود ٌ ال يمكن
ما هو عليه .ال توجد هوي ٌ
تحديد هويته بطريقةٍ تتيح لنا االنخراط في األنطولوجيا.
35
ف يعني على الفورالنظر إلى الوجود على أنه اختال ٌ
رفض التفلسف على أساس الهويات ونبذ مشروع
األنطولوجيا بوصفها اكتشافاً .لكنه ،رغم ذلك ،ال يعني
اللجوء إلى االختالق[القص] . fictionالتخلّي عن االكتشافة
ليس إعالنا ً بأن الفلسفة قد تخلّت عن مجالها لكتابة
الرواية .لسنا بحاجة إلى طرح مفهومينة مستقرينة ةة هما
االكتشافة والخلق ةة واستنتاج أن الفلسفة بما أنها ليست
مجرد األول فإنها ليست أكثر من الثاني .فمثلما يكون كتّاب
ص مقيدين بالشخصيات التي يخلقونها ،وبالمواقف التي الق ّ
تجد تلك الشخصيات نفسها فيها ،وبتدفّق السرد ذاته ،فإن
بطرق مختلفة.
ٍ مقيَّدةٌ ،لكن
الفلسفةة ُ
36
كي تلمس عالم االختالف الذي يؤسس تلك الهويات وكذلك
يُوقِع فيها االضطراب.
38
صوت لهذا االختالف ٍ س ومنحأن تنخرط فيه ،يسعى إلى ج ّ
الذي يعطِّل كل مشروعات تحديد الهوية .الفلسفةة هي
ما هو موجود .لكن ما هو موجود ٌ ال أنطولوجيا؛ وتتحدث ع ّ
يمكن تحديد هويته .أو باألحرى ،ما يمكن تحديد هويته هو
تفعيل وحيد ،actualizationلما هو ٍة مجرد تبدٍ وحيد،
مجرد تمييز ّ ف ليس موجود .ما هو موجود هو اختالف :اختال ٌ
ضع االختالف للهوية) أو نفي بين هويتين (تميي ٌز سيُخ ِ
(نفي سيفكر في االختالف بشكل سلبي فقط) .ما ٌ إحداهما
ص يشكِّل التربة ف خال ٌف في ذاته ،اختال ٌ هو موجود ٌ هو إختال ٌ
لكل الهويات ،وكل التمييزات ،وكل صور النفي .مهمة
الفلسفةة هي خلق مفاهيم ٍ لالختالف.
39
االختالف تحته ،ووراءه ،وداخله .وحيث أن االختالف يسبق
س اختالفا ً يكمن أبعد من
الفكر ،ال يمكن للفكر سوى أن يج ّ
متناوله .ثمة دائما المزيد ُ للتفكيرة فيه .وثمة دائما المزيد
من الفلسفةة للقيام بها.
هل يعني هذا أن الفلسفة ،حين يتم القيام بها على نحوٍ
مناسب باعتبارها فكرا ً ال معرف ً
ة ،تقدم لنا اختالقات ٍ
fictions؟ هل تشغل المعرفة نفسها باالكتشاف ،بينما
يشغل الفكر (بالمعنى الدولوزي) نفسه بالخلق؟ ألم نعد
إلى التمييز الذي كنا نحاول لتوّنا محوه بين ما يمكن العثور
عليه وما يتم اختالقه؟
فلن نفعل ذلك إال ّ إذا توجب علينا اإليمان بأن االختال َ
مجبرين على اإليمان بذلك. هو اختالقٌ . fictionلكننا لسنا ُ
فاالختالف ليس خلقا ً أكثر من كونه اكتشافاً .مفاهيمة
مختَلَقة .ال
االختالف ليست مثل الشخوص القصصيةة ال ُ
تطالبنا بتعليق اإليمان .لكنها ال تطالبنا كذلك بأن نؤمن.
الموافقة أو اإلنكار ليسا االستجابات التي تبحث عنها
المفاهيم" .الفلسفة ال تتمثل في المعرفة وال تستَلهم
المشوق ،أوالبارز ،أو الهام ِّ الصدق .بل إن مقوالت مثل
هي التي تحدد النجاح أو الفشل 11".ال يكمن مصير المفاهيم
الفلسفيةة والمواقف الفلسفية في صدق أو زيف مزاعمها
بل في آفاق التفكير والعيش التي تفتحها لنا .إذا كانت
المعرفة تسعى إلى إجابة سؤال" ،ماذا يمكن أن نعرف مما
لم نكن نعرفه من قبل؟" فإن الفلسفة يُحركها تساؤل
مختلف" :كيف يمكن أن نرى ما لم نره من قبل؟"
40
"كيف" ليست مجرد ماذا ،حيث أن ما نراه وكيف نراه،
في الفلسفة ،ال ينفصالن .المفاهيم الفلسفية واآلراء
الفلسفيةة التي تنبني عليها ال تقدّم لنا مجرد شيء نراه ةة
ة لرؤيته .هذه الطريقة لممارسة االختالف ةة بل كذلك طريق ً
الفلسفةة ليست مهتمة بما إذا كان ما نراه موجودا ً حقاً :هل
ف ،حقاً؟ كذلك ال تفترض ،مثل االختالق هناك اختال ٌ
، fictionأنه ال يوجد شيء من قبيل االختالف ،حقاً ،لكن
أننا لو اختلقناه ألمكنناة خلق عوالم جديدة ومشوِّقة.
الفلسفةة ال يُلهمها الصدق ،لكن كذلك ال يُلهمها االختالق.
ة لرؤية هذا العالم الذي وبدال ً من ذلك ،تخلق الفلسفةة طريق ً
ش الحقائقَ المقدَّمة لنا ،وتفتح طرقا ً جديدةنحيا فيه تُشوِّ ُ
لرؤية وإدراك هذا العالم ،بدل أن تكون صادقة أو زائفة،
مشوِّقة ،أو بارزة ،أو هامة" .التفكير" ،كما يكتب تكون ُ
دولوز عن نيتشه" ،سيعني إذن اكتشاف ،ابتكار،
12
إمكانات جديدة للحياة".
ٍ
41
يعلّمنا فوكوه وديريدا أننا لو كنا نفكر في حيواتنا فقط
على أساس ما يظهر لنا ،ولو كنا نعتقد أن ما يظهر لنا
يستنفد إمكاناتنا ،فإننا بالفعل مغروسون في االمتثال،
بالفعل ملتزمونة به .واستجابتهما هي القول بأننا يجب أن
نتوقّف عن التفكيرة على أساس األنطولوجيا ،على األقل
بالمعنى التحليلي ،ألن األنطولوجيا تعلِّمنا أن ما يظهر لنا
وحتمي .وال يمكن أن تكون األشياء على خالف ذلك.ٌّ طبيعي
ٌّ
ويتفق دولوز مع تشخيصهما ،لكن ليس مع عالجهما .إذا كان
السؤال هو كيف يمكن أن يحيا المرء ،فطريقة مقاربته
تكون بأنطولوجيا أخرى ،تقدم إمكانات لم نحلم بها من
قبل ،وتُربتها أثرى بكثير من تلك النباتات التي أنبتتها حتى
اآلن.
VI
43
العيش livingبقدر ما تنشغل بكلمة المرء [الكائن
.]oneحتى اآلن اعتبرنا أن كلمة المرء/الكائن تعني
شخصاً .لسنا بحاجة إلى ذلك .إذا كان العيش هو مسألة
ط [تفتُّح] لالختالف الحيوي ،فإن الكائن الذي يحيا يمكن بس ٍ
أن يكون أقل أو أكثر أو خالف الشخص .يمكن أن يكون
ة أو
ة .يمكن أن يكون مجموع ً فماً ،إيماءةً ،أسلوباً ،عالق ً
ة .إرساءُ مفهوم العيش في الناس يعني ارتكاب خطأ حقب ً
النزعةِة اإلنسانية ،خطأ ِ االعتقاد بأن المنظور المناسب لفهم
العالم يتمحور حول وجهة نظر الذات اإلنسانية .يحاول
دولوز أن ينتزعنا بعيدا عن النزعة اإلنسانية بالتركيزة على
كائن ال
ٍ اختالف ال يحتاج أن يكون اختالفا إنسانيا وعلى
ٍ
يحتاج أن يكون شخصاً .يمكنني أن أكون الكائن الذي يحيا،
لكن يمكن كذلك أن تكون يدي أو عالقتي بزوجتي أو
الطريقة التي يُبحر بها جسدي خالل غرفةٍ مزدحمة.
سبب لمنح االمتياز لحياة الذات فوق غيرها من ٍ ما من
سبب لرفضها .إنها منظور واحد ٌ
ٍ الحيوات .كذلك ما من
ة واحدةٌ لإلمساك به مفهومياً .وثمةلالختالف ،طريق ٌ
منظورات وطرق أخرى ،ليست أكثر وال أقل مالءمة .أو أن ٌ
مالءمتها تعتمد على كيف تُضيف إلى العيش .كان الخطأ
ة وحيدة ،وأنهاطوال الوقت هو االعتقاد بأن ثمة طريق ً
الطريقة اإلنسانية.
44
مستويات مختلفة.
ٍ اختالف تُتيح لنا أن ندرس العيش على
ٍ
ة من أوجه الفهم وبين هذه المستويات قد نجد تنويع ً
ة من
ألنفسنا ،وهذه التنويعةة من أوجه الفهم قد تفتح تنويع ً
المستقبَالتة لنحياها .هذا التعدد والتشتتة للمفاهيم
ة أمام فلسفة دولوز .إنه المقصود. والمنظورات ليس صعوب ً
45
لسنا بحاجة إلى االمتثال .وفي الحقيقة ،إذا كان
ومتع
ٍ مشوِّقة ،قادرةً على مشاعر جديدة، لحيواتنا أن تكون ُ
جديدة ،وأفكارٍ وخبرات جديدة ،البد اال ّ نمتثل .يقدم لنا
ة جذريا ً لمقاربة العيش ،وهي طريق ٌ
ة ة مختلف ً
دولوز طريق ً
جذ ّابة ،طالما كنا على استعداد ألن نسأل من جديد عما
يعنيه أن نكون نحن وما يعنيه أن نحيا .طالما كنا على
إجابات بل طرقا ً
ٍ استعداد لقبول أن األنطولوجيا ال تقدم
لمقاربة سؤال العيش .طالما لجأنا إلى عمله ال لنحسم
ة settleقديمة أو حسابات قديمة بل لنصبح غير أسئل ً
مستقرين . unsettledباختصار ،طالما كنا على استعداد
لممارسة الفلسفة.
46
هوامش
1 Deleuze, Expressionism in Philosophy:
Spinoza, p. 226.
2 Williams, Ethics and the Limits of
Philosophy, p. 1.
3 Sartre, “Existentialism,” p. 23.
4 Foucoult, “Practicing Criticism,” p. 156.
5 Foucoult, “Truth, Power, Self: An Interview
with Michel Foucault,” p. 11.
بطرق عديدة مواصل ٌة لتدمير
ٍ التفكيك هو6
هايدجر للفلسفةDestruktion
يمكن قراءتهdifferance واإلخف(ت)فالفف،التقليدية
على أنه مقاربة الختالف هايدجر األونطي ة أونطولوجي
. onti-ontological
7 Deleuze, Difference and Repetition, p. 57.
8 Deleuze and Guattari, What Is
Philosophy?, p. 2.
9 Deleuze and Guattari, What Is
Philosophy?, p. 37
47
صفحاته عن التفكيرة في كتابه، على سبيل المثال، أنظر10
.19 ة116 الصفحات،فوكوه
11 Deleuze and Guattari, What Is
Philosophy?, p. 82.
12 Deleuze Nietzsche and Philosophy, p.
101.
13 Deleuze and Parnet, Dialogues, p. 1.
14 Rajchman, The Deleuze Connections, p.
125.
15 Deleuze and Guattari, A Thousand
Plateaus, p. 161.
نيتشه، برجسون،سبينوزا
الثالوث المقدّس
48
I
كتب عن هيوم،
ٌ يكتب دولوز عن مفكّرين آخرين .فهناك
وكانط ،وﭘروست ،و زاخر ة مازوخ ، Sacher- Masoch
وكافكا ،وفوكوه ،وليبنيتز .وهناك التجاءات إلى لوكريتيوسة
، Lucretiusوسكوتوس [دونس سكوت] ، Scotusوهايدجر،
وإشارات إلى ملةﭬيل ،وهنرى ميللر ،وميشيلة تورنييه Michel
، Tournierوﭘيير كلوسوفسكي ، Pierre Klossowski
وﭼويس ،وإحاالت علمية إلى مونوه Monodوﭘريجوﭼين
. Prigogineلكن في النهاية ،هناك ثالثة يرتفعون فوق
اآلخرين .وهم من يقدمون الحافز واإلطار لألنطولوجيات التي
يقيمها دولوز على مسار كتاباته العديدة .المحايثة ،الديمومة،
49
محدِّدات
التوكيد:ة سبينوزا ،برجسون ،نيتشه .هذه هي ُ
أنطولوجيا لالختالف.
II
المحايثة هي أول متطلبات أنطولوجيا لالختالف .فال يمكن
للفلسفة أن تسمح بالتعالي transcendenceدون أن تسقط
في مفاهيم ٍ غير دقيقة ،مفاهيم ِ الهوية ،مفاهيم تقودنا في نهاية
ة بة ...األوهام ونأخذ المطاف إلى االمتثال" .البد أن نضع قائم ً
ة
مقاسها ،مثلما وضع نيتشه ،مقتفيا أثر سبينوزا ،قائم ً
ة .وقبل كل بةة‘األخطاء األربعة الكبرى ’.لكن القائمة النهائي ٌ
شيء هناك وهم التعالي ،transcendenceالذي ،ربما،
2
يأتي قبل كل األوهام األخرى".
مد العيش ،يجعله يتجلَّط ويفقد تدفُّقه؛ يسعى التعالي يُج ِّ
ل فكرٍ وإخضاعهإلى اإلمساك باالختالف الحيوي الذي يتجاوز ك َّ
لحكم منظورٍ منفرد ،منظورٍ يقف خارج االختالف ويجمعُه في
ة مح ّ
ل ل المعرف َح ُّ
تصنيفات يمكن التعامل معها .التعالي ي ُ ِ
ٍ
الفكر.
ما يتعالى يقف خارج أو فوق .إنه أبعد .ومثاله األولي هو
رب التقاليد اليهودية ةة المسيحية .الرب يتعالى .إنه يتعالى
على العالم ،لكنه أيضا يتعالى على الخبرة اإلنسانية .إنه أبعد
من أي شيء يمكننا أن نتصوره عنه( .هذا التعالي ،فيما يبدو ،ال
الرب من إعطاء رسائل خاصةٍ لممثليه المختارين َ يستبعد
50
ة سياسة ).فية اخرى ةة مسأل ُبشأن ما يريده ،لكن هذه مسأل ٌ
خ تسوده موتيفة التعالي ،يشكل تعالي تاريخ الفلسفة ،وهو تاري ٌ
ل ميراث .لكنه ليس الوحيد. الرب أطو َ
51
لكن الذات مازالت غير قادرةٍ على بناء عالمٍ؛ فتلك اللحظة
تنتظر وصول بيركلي Berkeleyثم كانط .بالنسبة لديكارت
ة المساعدة ،مساعدة ً ال يمكن أن يقدمها تتطلّب الذات اإلنساني ُ
ست بذور الرب داخل الذاتية التي اقتصر سوى الرب .هكذا غُرِ َ
عليها ديكارت بدافع الشك ،لكن وجود الرب يتعالى أيضا ً فوق
الذات اإلنسانية أوالً:
ُ الذاتية .إﭘةيستةمولوجيا ً [معرفيا] ،تأتي
الذات في أعقاب
ُ قر المعرفة .لكن ،أنطولوجياً ،تأتي مست َ ُّ
إنها ُ
يضمن خبرة َ الذات.
ُ ح كما
الرب ،حيث أن الرب يمن ُ
52
العالم .جوهر العالم متناهٍ ،متغير ،ومحدود ذهنياة حتى في
أحسن حاالته .أما الرب فالمتناهٍ ،ال يتغير ،وكلّي المعرفة .ولو
كان األمر بخالف ذلك ،فلن يكون ثمة معنى لفكرة تعالي
الرب .ربما كان الرب في مكان آخر في الفضاء والزمن ،لكنه
لن يكون في الما وراء.
م
م ماديٌ وعال ٌ ونفس األمر مع الذاتية اإلنسانية .فهناك عال ٌ
عقلي .العالم المادي فيزيائي ،محدود ٌ فضائيا ،وخامل .أما
ة منة (رغم أنه أكثر محدودي ً العالم العقلي فأقل محدودي ً
سس للعالم المادي .وال يعني هذا أن الرب) ،ونشط ،ومؤ ِّ
من م المادي فعلياً .فالتأسيس ال يتض ّ العالم العقلي يخلق العال َ
الخلق .فاألمر ليس كأن ثمة جوهرا ً عقليا ً فقط ثم ،بمعجزةٍ ما،
تم خلق الجوهر المادي منه .ما تم خلقه ليس المادة بل
العالم .الماهو للعالم المادي ،طابعه ،يتأسس بواسطة العالم
بمرك َّ ٍالعقلي ،منسوجا من الخيوط الخاملة للعالم المادي إلى ُ
ذي معنى .وحده العقل يمكنه أن يصنع عالماً .وبدونه ثمة
صمت ببساطة.
ٌ
53
الرب كلّي القدرة ،كلّي المعرفة ،وكلُّه خير .ولن تكون ثمة
ة للشر ما لم يكن الرب أرقي من العالم الذي يخلقه هو مشكل ٌ
ويحفظه.
ح
في كل حالةٍ ةة الصور ،الرب ،الذات اإلنسانية ةة تُمن ُ
سسه .والقوة األرقى ة أعلى مما تؤ ِّ سسة قيم ً القوةُ المؤ ِّ
احتالل أجنبية ،تستعمر العالم الذي تعلو فوقه. ٍ ليست قوة َ
مرغوب فيه ،يُفسد ُ نقاءً أصلياً .على العكس ٍ ليست غازياً ،غير
م الذي يجري التعالي عنه يبلغ تماما .القوة المتعالية تجعل العال َ
حررة ً إياه من سجن عدم قدرته ،من سجن م ِّ االزدهار التامُ ،
مل .إنه يُقدِّم مغزى لجوهرٍ لن سد؛ إنه يُك ِّعجزه .التعالي ال يُف ِ
جرح في الفضاء والزمن .ولهذا السببة ٍ يكون بخالف ذلك سوى
واجب أخالقي أن نسعى إلى الصور أو أن نتبع الرب ،وهو ٌ فإنه
شكل للوجود
ٍ السبب في أن الذاتية اإلنسانية هي أسمى
(المتناهي).
منطق
ٍ ج كمسألةج عن االلتزام بالتعالي .وال ينت ُ ُ
كل هذا ينت ُ
خالص .ليس من التناقض القول بأن الجوهر المتعالي من
نفس نمط الجوهرة الذي يجري التعالي عنه ،أو أنه ليس أرقى.
ج ذلك ،باألحرى ،من مسألة دور التعالي في تاريخ بل ينت ُ
الفلسفة.
54
م ببساطة .إذا كان هناك جوهران من االلتزام األول مفهو ٌ
نفس النمط فإنهما إما سيتفاعالن ويصبحان جوهرا ً واحدا أو لن
يتفاعال وسيشكالن بدال من ذلك كونين منفصلين .لكن بالنسبة
كون واحد يجب شرحه :هو كوننا.ٍ للفلسفة لم يكن هناك سوى
فلو كان هناك إذن جوهران ،يتعالى أحدهما عن اآلخر ،فالبد أن
يكونا مختلفينة في خاصيتهما .لكنهما ،رغم اختالفهما في
الخاصية ،البد أن يتفاعال .فلو لم يتفاعال ،سيكون هناك من
جديد كونان مختلفان .وسيكون الكونان من جوهرين مختلفين
وليس نفس الجوهر .لكنهما رغم ذلك سيكونان كونين.
55
ذاتها ،ما لم تُنكر ذاتها 4".ما يتعالى يجب أن يكون أرقى مما
يوجد أمامنا ،وإال ّ فلن يكون ثمة معنى لسعيناة إليه.
يصدق هذا على الذاتية اإلنسانية كما يصدق على الرب أو
صور .وفي التقاليد اليهودية ة المسيحية ،ترتبط الذاتيةال ّ
بالروح ،التي تُقاوم إغواء الجسد .وحتى حين تأخذ الذات
كذات
ٍ البشرية نفسها بعيدا عن مراسيها في الدين ،فإنها
سسة تستولي على السلطات التي كانت ترتبط نشيطة ومؤ ِّ
بالرب من قبل.
56
يجري التفاعل بين الجوهرين؟ إذا كان هناك جوهران من
نمطين مختلفين،ة فما هي وسيلة االتصال بينهما؟
III
يحب أن يجادل .ال يحب أن ّ ال يأبه دولوز بهذه األسئلة .ال
فيلسوف ما .بل يفضل أن ٍة يعزف على نقاط الضعف في عمل
ص ما اعتراضا ً يُغيِّرة الموضوع" .في كل مرة يطرح شخ ٌ
علي ،أودّ أن أقول’ :حسنا ،حسنا ،دعنا ننتقل إلى َّ
ل وجود ِن ،ال يُقلقه احتما ُ ش أفالطو َء آخر "‘.فحين يناق ُ شي ٍ
صور .وبدال من ذلك ،يبهره صعوبةٍ في تفسير المشاركة في ال ّ
ة لتقويض شيءٌ آخر :أن أفالطون هو نفسه من يقدّم طريق ً
التعالي .اهتمام أفالطون هو التمييز بين النسخ الحقيقيةة لصورة
معطاةٍ وبين تلك المزعومة ،األشباه .simulacraيود أن ُ
يكتشف تلك النسخ الجديرة بالمشاركة ،تلك التي تملك شبها
57
فعليا بصورتها الخاصة ،ومن ثم يجب أن يميّزها عن تلك
النسخ التي تزعم فحسب أنها تشبهها لكنها مختلفةة عنها فعليا.
يجب أن يميز المشاركين الحقيقيينة عن المزعومينة الزائفين.
ومع مفهوم الشبيهة simulacrumيبدأ أفالطون هو نفسه في
اإلشارة إلى طريق الخروج من التعالي األفالطوني" .يكتشف
أفالطون ،في ومضة لحظةٍ ،أن الشبيه ليس مجرد نسخةٍ
زائفة ،بل أنه يطرح للتساؤل نفس مقوالت النسخة
والنموذج . ...ألم يكن أفالطون نفسه هو من أشار إلى اتجاه
6
قلب األفالطونية؟"
58
في عصر سبينوزا كانت مفاهيم الجوهر ، substance
والصفات ، attributesواألحوال modesهي المتاع ُ القياسي
للفلسفة .الصفات هي خصائص أو ماهيات الجوهر ،واألحوال
هي تبدّيها العيني في الواقع .فصفة الجوهر العقلي هو أنه
يفكّر؛ والحال هو فكرةٌ محددة .وصفة الجوهر الفيزيائي هي
ة
أنه ممتدٌّ .وجسدي أحد أحواله .وصفات الرب هي كلي ُ
ة القدرة ،إلخ :.وليست له أحوال .والعالقة بين
المعرفة ،وكلي ُ
الجوهرة وبين الحال ،وخصوصا الجوهرة اإللهي للرب ،هي عالقة
خلق creationأو انبعاث . emanation
ة
يشير دولوز إلى أن االنبعاث ،على خالف الخلق ،له عالق ٌ
ل منبالتعبير:ة "إنهما يُنتجان بينما يظالن في ذاتهما 9".ك ٌ
االنبعاث والتعبيرة يري أن الجوهر من نمط واحد ،ألن ما يظهر
في الخلق من نفس مادة الخالق .لكن التماثل ينتهي هنا .ففي
59
االنبعاث ،يكون ما يتم خلقه مختلفا عن الخالق .وفضال عن
ذلك ،يظل الخالق متميِّزا بالنسبة لخلقه" .على هذا النحو يقوم
طرف هو
ٍ لكون صار مراتبيا ...فكل
ٍ االنبعاث بدور المبدأ
طرف أرقي يسبقه ،ويتحدد بدرجة المسافة التي تفصله ٍ صورة ُ
10
عن العلة األولى أو المبدأ األول".
ي فلسفةٍ
م ّ
االنبعاث ،مثل الخلق ،يحافظ على التزا َ
للتعالي :وجود جوهرين وتفوُّق أحد هذين الجوهرين" :تيمتا
الخلق أو االنبعاث ال يمكنهما العمل دون حدٍ أدنى من التعالي،
يمنع ‘التعبيرية’ من التقدم إلى آخر الشوط إلى المحايثة التي
منها 11".واالختالف بين "التعبيرية" في المقطع المذكور تتض ّ
وبين التعبيرية كما يقصدها دولوز يكمن في االنعطاف صوب
المحايثة.
60
ما هي أنطولوجيا المحايثة؟ أول متطلباتها هو أحادية معنى
[تواطؤ] univocityالوجود" :المحايثة التعبيرية ال يمكن
ل ألحادية المعنى،الحفاظ عليها ما لم يصاحبها مفهوم شام ٌ
توكيد ٌ شامل للوجود األحادي المعنى 12".جوهر الوجود واحد ٌ ال
طبقات مختلفة
ٍ جواهر مختلفة،
َ ينقسم .وما من تمييزات لجعله
مستويات مختلفةة
ٍ من الجوهر ،أنماطا ً مختلفة من الجوهر ،أو
من الجوهر .مصطلح "الوجود" (أو "الوجود") يقال بمعنى
واحد ٍ ووحيد لكل شيء يقال عنه .دون إحادية المعنى ،سيعود
التعالي حتما ليطارد إقامة أية أنطولوجيا.
61
م اليهودي ة المسيحي ة معنى الوجود المفهو َ تهدّد أحادي ُ
أخبار
ٌ للرب باإلصرار على المساواة بين كل الموجودات .وهذه
متعال البد أن نتبع
ٍ رب
ٌ طيبة،بالنسبة لدولوز .،إذ لو لم يعد ثمة
إمالءاته أو نسعى ألن نتشبه بجوهره في حيواتنا الخاصة ،لو لم
متعال يمكن أن يطالبنا باإليمان أو السلوك، ٍة يعد ثمة آخر
فسوف ينفتح الباب أمام أنطولوجيا لالختالف .مهما كانت
ة على أساس عالقتنا بالرب االسبينوزي ،فلن تكون متمفصل ًة
االتباع followingأو اإلخضاع subordinatingأو
ة يجب التشبّه . resemblingفهذه المفاهيم تتضمن هوي ً
اختالف يمكن أن
ٍ أن تعود إليها أفعالنا ،وأفكارنا ،ومعتقداتنا بدل
ويجرها إلى مدى أبعد من أنفسها. ُّ يجعلها تتفاعل،
هذا اللغز يُهدِّد بأن يُبطل االنفتاح على االختالف الذي كان
المقصود من إنكار التعالي أن يقدّمه لنا .فلو كان كل الوجود
تمييزات يجب وضعها بين أنماط
ٌ أحاديَ المعنى ،لو لم تكن ثمة
الوجود .إذا أنكرنا ال مجرد تراتب الجواهر بل كذلك التمييزات
ة
الداخلية بين أنماط الجوهر ،فيبدو أننا ستتبقى لدينا هوي ٌ
ة ال تمنحنا االختالف بل تنكر إمكانيةة في ذاتها ،هوي ٌ
من ٌ
متض َّ
ُ
62
االختالف ذاتها .فهل تؤدي بنا أحادية معنى الوجود إلى هذه
النقطة؟
يكتب دولوز،
63
جوهر يعبّر عن نفسه" .ماذا تنسب [الصفات]، ٌ بدال من ذلك
ة
ة المتناهية ،أي ،خاصي ً
تنسب ماهي ًة
ُ ل صفة عن ماذا تعبّر؟ ك ُّ
المحدودة 15".والفكر هو خاصية المحدودة .واالمتداد هو خاصية
المحدودة .بالنسبةة السبينوزا ،هناك عدد المتناهٍ من الخصائص
الالمحدودة ،لكن البشر ال يمكنهم أن يعرفوا سوى هذين
االثنين .وكل خاصية المحدودة هي ماهية جوهر ،يجد التعبير
ب ،أو تعبّر عن ،ماهية.س ُ عنه من خالل كل صفة .الصفات تن ِ
والجوهر يعبّر عن نفسه من خالل صفاته.
64
الخاصية الزمنية لتلك األشياء .وإذا فكرنا في األحوال باعتبارها
تعيينات modificationsأو حتى تعديالت modulations
للصفات ،فربما كنا أقرب إلى إيقاع فكر سبينوزا .وليس
فinflection منتِجه .فهو تصري ٌ
التعديل نتاجا منفصال عن ُ
منتِج .في كل مرة يتم فيها عزف قطعةٍ موسيقية، نوعي لل ُ
ٌ
تكون تعديال لنوتة المؤلف الموسيقي.
ة
تعديالت للصفات ،فليست إذن منفصل ًٍ إذا كانت األحوال
عن الجوهرة أكثر من تلك الصفات .يظل الوجود أحادي المعنى،
رغم أنه يجد التعبير عنه في الصفات أوال ً ثم في األحوال.
والفرق بين الصفات وبين األحوال هو أن األحوال ال تقبل
اإلدراك إال ّ من خالل الصفات التي تعبّر عنها ،بينما ال تتطلب
أحوال نوعية كي يتم إدراكها" .الصفات على ٍ الصفات أية
س
تؤس ُ
ّ ة للرب ،الذي صور مألوف ٌ
ٌ هذا النحو هي
منها ماهيتَه ،ولألحوال أو المخلوقات التي تتض ّ
ماهياتيا ً . ...األحوال ال يتم فهمها إال ّ تحت هذه الصور ،بينما
تعبير
ٌ الرب ،على الجهة األخرى ،قابل للتحويل إليها 16".اإلنسان
تعبير عن تلك الصفات وعن ٌ عن الفكر واالمتداد ،وهو بذلك
الجوهر .إال ّ أن الرب ال يتطلب اإلنسان .وال تتطلّبه صفتا الفكر
بطرق أخرى،
ٍ أو االمتداد .إذ كان يمكن أن تعبّرا عن نفسيهما
وعادةً ما تفعالن.
ٌ
بسيط بعض الشيء ،لكنه قد يقترب من نظير للتعبير.
ٌ هنا
طي الورق إلى
ُّ المقصود .األوريجامي origamiالياباني هو
أشكال مختلفةٍ يمكن التعرفة عليها:ة بجع ،سالحف ،أناس،
ٍ
أشجار .في األوريجامي ،ال يوجد قطعٌ للورق .وال تدخل فيه
ل شيءٍ كتعبيرٍ عن تلك القطعةعناصر خارجية .يجري ك ُّ
65
المعينة من الورق .الورق وحده يجري طيّه وبسطه إلى
ترتيبات جديدة ،وتلك الترتيبات هي أحوال الورق ،الذي هو
جوهر األوريجامي .امتداد الورق سيكون صفته .وإذا استطعنا
طي وبسط نفسه ،نكون قد اقتربنا ّ قادر على
ٌ تخيّل أن الورق
شكل
ٍ من مفهوم التعبير .وفضال عن ذلك ،البد أن نرى كل
منت َ ٍج نهائي ،إذا أردنا أن ندرك الخاصية
كجزءٍ من سيرورة ،ال ك ُ
الزمنيةة للجوهر.
الطي .مثل
ّ الطي ،والبسط ،وإعادة
ّ
م يعتمد عليه دولوز بعدها األوريجامي الياباني .إنه مفهو ٌ
بعشرين عاما حين يكتب كتابه عن ليبنيتز .لكن بالفعل ،في
كتابه عن سبينوزا ،يوجد تواطؤ بين سبينوزا وبين ليبنيتزة بصدد
مفهوم التعبير" .إلى المدى الذي يمكن للمرء الحديث به عن
مناهضة الديكارتية لدى ليبنيتزة وسبينوزا ،تجد مناهضة
18
الديكارتية تلك أساسها في فكرة التعبير".ة
66
طي وبسط نفسه ،ضمن تلك ّ جوهر يظل ،في
ٌ لها .إنه دائما
الطيات .الوجود أحادي المعنى :ليس ثمة تمييز بين شرائح ،أو
ة فقط. تعال ،بل محايث ٌ
ٍ مستويات ،أو أنماط الوجود .ليس ثمة
67
كل األشكال التي يتبدّى فيها؛ وتلك األشكال تتطور وتتضمنه
بينما هو ،بدوره ،يعقّدها .هذه هي األخبار الطيبة التي يجلبها لنا.
IV
بطرق
ٍ جوهر واحد ٌ فقط ،ويمكنه أن يُعدِّل نفسهٌ هناك
مستنسخات أو نماذج عديدة .هذه الطرق ليست نُسخا ً أو ُ
طي للجوهر .وقدّ ألصل ما؛ إنها طيًات ،وانبساطات ،وإعادات ٍ
ة عما هي عليه .وقد تصبح تلك الطيات واالنبساطات مختلف ً
علّمنا داروين أنها يمكن أن تكون مختلفة .إننا حتى ال ندري ما
يقد ِ ُر عليه جسد ٌ ما.
68
فتقرير أية أشياءٍ هي الطيّات هو
ُ لكن ثمة أمرا ً أعمق.
حكمٍ؛ والكون ال يعلّمنا هذا .هناك فقط ملَكة ال ُ
ص َ
مسألة تخ ُّ
سمة ما إذا كان يجب أن يُق ّالسيرورة الجارية للجوهر .ومسأل ُ
ة ليس عالقات مادية هي مسأل ٌ
ٍ إلى بشرٍ أو طاقة أو ليبيدو أو
ة وحيدة لحلّها .التفكير على ة وحيدة ألنه ال توجد طريق ٌ لها إجاب ٌ
أساس أحادية المعنى ،والمحايثة ،والتعبير يعني رفض تقسيم
أفق تفكيرٍ يعانق كال ً من سيولته
ِ أنواع طبيعية وفتح
ٍ الوجود إلى
الزمنيةة ومقاومته للتصنيفة الجامد.
69
التعبير هو طريقُ
َ لكن إذا كانت الحياة ُ في كل مكان ،فذلك ألن
الكون ،ألن جوهر الكون ليس شيئا ً بقدر ما هو سيرورةٌ .فكيف
تعمل هذه السيرورة؟ كيف يجري التعبير؟ة طبقا ألية مباديءٍ
تنطوي المحايثة ،وتنبسط ،وتنطوي من جديد؟ هل يمكن
لألنطولوجيا أن تخلق مفاهيمة يمكنها أن تقدم بصيصا ً من
خاصية تعبيرة الوجود؟
V
70
ملتَئم في منظور دولوز
ج ُ
بمفهومه عن الزمنيةة هما نسي ٌ
الفلسفي.
إذا كان األمر كذلك ،فإن الزمنيةة كما يدركها برجسون البد
ة على فهمنا المألوف للزمن مثلما يكون مفهوم أن تكون غريب ً
سبينوزا عن الجوهر غريبا ً على فهمنا المألوف للرب .وهي
كذلك بالفعل.
ل ٌّ
خط ،قاب ٌ نحن معتادون على النظرة القياسية للزمن .إنه
ممتد ٌّ إلى ما النهاية.
لالنقسام إلى ما النهاية و ُ
71
السكون .وما ينطبق على الماضي ينطبق كذلك على
المستقبل .فمهما انطلقنا بعيدا في المستقبل ،يمكننا دائما
تصوّر لحظة بعد ذلك :السكون عند النهاية األخرى للزمن .أو
باألحرى ،حيث أن الزمن ليس له نهاية ،السكون عند النهاية
األخرى لما يحدث في الزمن.
72
وتساعد على ترتيب حيواتنا اليومية طبقا ً لتشكيلة المهام التي
ة في الكتابة اليوم وكل يوم في نفس تواجهنا :سأقضي ساع ً
الموعد حتى أفرغ من هذا الكتاب ،ثم سأمضي ألواجه
سق العمل بين الناس المنخرطين مسئولياتي األخرى .وهي تن ّ
ف كل واحد ٍ في نشاطات متعارضة :فعند الساعة العاشرة سيك ّ
منا عن مهمته التخصصية ونتقابل معا في قاعة المؤتمرات.
لحيوات عادة ما يُنظر إليها باعتبارها
ٍ كما تمنح الشكل السردي
كنت
ُ مشروعات مجتمعية:ة في البداية
ٍ فردية أكثر من كونها
طب ،ثم مقيما في ...
ٍ طالب
73
سب وخبراتنا ال تسقط ببساطة حين تنتهي؛ بل تلتحم بنا ،وتتر ّ
بطرق أخرى .تصبح ٍ بطرق معينةة وليس
ٍ جهنا
إلى كثافةٍ تو ّ
ة أمامنا بناءً على ماضينا؛ وال تنفتح ستقبالت بعينها مفتوح ً
ٌة م
ُ
أساليب شخصية بعينها أساليبنا؛ وليس غيرها. ٌ أخرى .تصبح
جها إياه.
مو ِّ
ملوِّنا و ُ
يجري اكتساح الماضي إلى المستقبلُ ،
المستقبلة هو حيث يتم استئناف الماضي ،حين تكون تأثيراته.
74
حن بعد لتشكّل الخط الذي هو الزمن .وبالنسبة التي لم ت ِ
الحاضر خاويا ما لم
ُ للنظرة الوجودية للزمن المعاش ،سيكون
يكن دفعُ المستقبل وثِقل الماضي اللذين يمنحانه طابعه.
الحاضر ال يحدّد طابعَ المستقبلة والماضي .بل يتحدّد بهما.
75
فما يبدأ في الماضي يُعبِّرة عن نفسه في المستقبل بواسطة
كرره
الحاضر؛ يصبح المستقبلة تعبيرا عن الماضي ،تعبيرا ال ي ُ ِّ
فحسب ،لكنه يبسطه ،أو يطويه ،أو يعيد طيّه.
76
تطبيقها ،ومن ثم تتطل ّ ُ
ب بالضرورة أن تُشارك األشياءُ مباشرة ً
23
في الديمومة ذاتها".
VI
77
استرجاعات ألشياءٍ حدثت .ال تحدث اآلن
ٌ ذكريات.
ٌ هذه
لكنها حدثت في الماضي .وها هي الطريقة التي يرى بها
الماضي الذي وقعت فيه هذه األشياء.
َ ي للزمن التصور الخط ّ ُ
ُ
ليس موجودا .لم يعد قائما .أو باألحرى ،يوجد ال في الواقع بل
فقط كذكرى في الحاضر ،لو جرى تذك ُّ ُره حقا .ليس هناك
ماض .هناك فقط سلسلة من لحظات الحاضر تتحوّل إلى ٍ
ل منها إلى حاضرٍ آخر .لكن كيف يتحوّل كل ماض ،تستسلم ك ٌّ ٍ
ماض؟ ما الصلة بين ما هو قائم وبين ما لم يعد ٍ حاضرٍ إلى
قائما؟ الحاضر هو شيءٌ موجود؛ والماضي هو الشيء .كيف
يصبح هذا الشيءُ الشيءَ؟ كيف ينقضي الحاضر؟
79
سم ٌ
ك ال يمكن الحي ،له ُ
ّ وفي الذاكرة .وهذا الحاضر ،الحاضر
حاضر رغم ذلك.
ٌ أن يدركه التصور الخطّي للزمن .لكنه
80
افتراضيا ً . virtuallyالماضي االفتراضي موجودٌ؛ ليس
الشيء .ليس ماضي التصور الخطّي للزمن .ليس لحظ ً
ة ،أو
شيئاً .لكنه موجودٌ ،بطريقةٍ مختلفة عن طريقة وجود الحاضر.
81
الممكن هو مرآةٌ للواقعي ،بينما
َ االختالف الثاني أن
ن مثلمبَني َ ٌة
الفعلي مرآويا .الممكن ُ
َّ س
االفتراضي ال يعك ُ
ُ
الواقعي ،وال ينقصه سوى خاصية الوجود الفعلي .فإمكانية
إنهائي لكتابة هذا الفصل اليوم تماثل بالضبط إنهائي له اليوم،
باستثناء أنها لن تحدث في الواقع .الممكن صورةٌ للواقعي،
مبني مثله تماما فيما عدا خاصية الواقعي في الوجود العيني. ٌّ
أو ،إذا نظرنا من االتجاه اآلخر ،فإن الواقعي هو صورة
الممكن ،مع إضافة أنه صورةٌ واقعية.
82
بالنسبةة ألفالطون ،الصور هي األصل ،واألشياء الموجودة
نسخٌ .واألشياء الموجودة تكون تحقُّقات أصدق للصور كلما
شاركت فيها أكثر ،أي ،كلما اقتربت أكثر من مشابهة تلك
الصور .وأفكار النموذج والنسخة والمشابهة تحمل في طياتها
التعالي .فالنموذج هو المتعالي األرقى ،والنسخة هي الموجود
األدنى .النسخة تكتسب قيمتها فحسب بمشابهتها للنموذج.
وهذا تلطي ٌ
خ لألشياء الموجودة ،الخاصية الثانية للتعالي .ويرفض
دولوز تلطيخ الوجود ،ويرفض معه كال من التمييزين بين
النموذج وبين النسخة من ناحية وبين الممكن وبين الواقعي
من جهة ثانية .فكل من التمييزين ،باعتماده على مفهوم
المشابهة ،يقارن ما هو موجود بشيء خارجه يتم بواسطته
الحكم على الوجود.
83
ذاكرةٍ سيكولوجية:ة ذاكرتي أنا ،تمثيلي أنا الفعلي .لكن،
بالنسبةة لدولوز ،فإن برجسون على أرضية الماضي
ماضي أنا فقط هو ما يوجد مثل
َّ األنطولوجي بالفعل .فليس
ماضي هو
َّ ط في عالقة مع حاضري؛ إنه الففماضي. مخرو ٍ
منظور خاص للماضي األنطولوجي الذي يُشارك فيه.
ٌ
84
الوقت ".هذا ما يسعى إليه برجسون في بنائه لمفهوم
الديمومة.
85
الموسيقى شبه بازغةٍ مثل أكتاف حوريات الماء ةة يظل أبسط
ألف إناء ،ك ٌ
ل منها مملوءٌ ِ مسوَّرا ً كأنما داخل
فعل أو إيماءة ُ
ٍ
لون ،ورائحة ،وحرارةٍ مختلفةٍ تماما عن بعضها ٍ بأشياءٍ ذات
ة على طول مجمل منظّم ًة ،فضال عن ذلك ،بكونها ُ البعض ،آني ٌ
مدى أعوامنا ،التي لم نكف خاللها عن التغيُّر ولو في أحالمنا و
أفكارنا ،فإنها تقع على أشد االرتفاعات المعنوية تنوعا وتمنحنا
س بأجواءٍ استثنائية التنوع.اإلحسا َ
86
ثالث ُة أشياء يجب أن تبقى في الذهن ،دوما .ليس هناك
عل الماضي .الماضي بكامله هو ما يتم حاضر ال يُف ِّ
ٌ
تفعيله في كل لحظة .الماضي الذي يجري تفعيله
شخص هو
ٍ موجود .تفعيلة actualizationالماضي من جانب
ة السيكولوجية .والماضي االفتراضي الذي يتم تفعيله هو اللحظ ُ
الوعي
ٍ فاللحظة األنطولوجية" .بهذه الطريقة يتم تعري ُ
سيكولوجي ،مختلف عن الالوعي األنطولوجي .واألخير يناظر
استحضارا خالصا ،إفتراضيا ،عديم العاطفة ،خامال ،في ذاته.
34
ويمثل األول حركة االستحضار في سياق التفعيل ذاته".
87
لسبب وجيه .فقدٍ ودولوز نفسه يقاوم إجراء المقارنة ،وذلك
فيلسوف مفاهيمه الخاصة ليحل مشكالتهة الخاصة.ٍة خلق كل
ومشكلة الرب بالنسبة لسبينوزا ليست نفس مشكلةة الزمن
ة دقّةٍ
بالنسبةة لبرجسون .وفضال عن ذلك ،فليست مسأل َ
تاريخية .بل مسألة بناء مفاهيم ،باستخدام ما منحنا إياه
سبينوزا وبرجسون من أجل خلق أنطولوجيا يمكنها معالجة
سؤال كيف يمكن أن يحيا المرء .يرى دولوز أن محايثة سبينوزا
وديمومة برجسون يمكن جلبهما سويا في بناء فلسفةٍ تتيح لنا
ة مما كنا نفعل .هذا ما يسعى رؤية العيش بصورةٍ أكثر حيوي ً
إليه دولوز.
نوع من
ٍ بنوع معينة من االختالف،
ٍ الماضي ،الديمومة ،يتميّز
االختالف ال يمكن إدراجه تحت تصنيفات الهوية . identityها
88
ح المكواة
ف يمكن إدراجه تحت تصنيفات الهوية .فلو ُ هو اختال ٌ
والحذاء مختلفان .وهما مختلفان ألن هناك شيءٌ اسمه لوح
المكواة (هوية) وحذاء (هوية أخرى) ،وهاتان الهويتان ليستا
متماثلتين إحداهما مع األخرى .إنهما مختلفتان .واالختالف هنا
يعني شيئا من قبيل "غير متماثل". not identical
89
اإليماءة الخاصة تفقد طابعها النوعي حين تُغيِّر ما يحيط بها أو
تصبح في اتصال مع أجزاء أخرى من الماضي .الماضي إذن
مركَّبا من عناصر متطابقة مع نفسها ،ومن ثم فالماضي ليس ُ
ة بعينها .وإحدى طرق صياغة هذه النقطة أن ذاته ليس له هوي ٌ
نقول أنه يختلف مع نفسه.
VII
92
وهناك دوما أكثر بصدد الحاضر مما يكشف لنا الحاضر.
هناك مجال االختالف االفتراضي المحايث له .العالم هو ،وليس
هو ،كما يبدو .لو فكّرنا فضائيا ،فالعالم هو كما يبدو ،تستغرقه
هوياته ويتميز باالختالفات في الدرجة .ولو فكّرنا زمنيا مع
ن
برجسون ،فالعالم دوما أكثر مما يبدو ،دوما مشحو ٌ
بطرق جديدة وغير
ٍ باالختالفات التي يمكنها تفعيل نفسها
معهودة.
93
الفلسفةة في المقام األول ،إلى خلق مفاهيمٍة تنظر إلى األمر
ترتيبات عديدة.
ٍ ة أنطولوجية واحدةٌ بين
الواقع على أنه ترتيب ٌ
VIII
ة
ة هو نتيج ُ
هويات تبدو ثابت ً
ٍ االختالف داخل
ِ فcoiling
التفا ُ
محايثةِ الديمومةِ للحاضر .الماضي ال يقتفي أثر الحاضر ،بل إنه
وثيق الصلة به .ونحن ال نتحرك من الحاضر إلى الماضي بل
من الماضي إلى الحاضر.
IX
94
تطارد الروح النيتشوية قدرا كبيرا ً من فلسفة القرن
القارية وحدها.
ِّ العشرين ،بوحهٍ خاص ،لكن ليس في التقاليد
ك وشيطان في آن .إنه الفيلسوفة الذي يسبق ونيتشه مال ٌ
عصره بكثير ،ويشير إلى الطريق صوب فلسفة المستقبل؛ وهو
خطر النزعة العدميةة والنسبيةة التي يجب أن يتجنّبها أي
ُ
ل الراية لقدرٍ كبير من الفلسفة فيلسوف حقيقي .هو حام ُ
الفرنسية ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ وهو الدليل على أن
مفلِسة .ما من فلسفةٍ ال تعمل في ظله ،سواء هذه الفلسفة ُ
لتتلفّع بظلمته أو لتهرب منها إلى النور.
جال .إذ
متع ِّ
إختزال فكر دولوز إلى فكر نيتشه سيكون ُ
خذ بطريقةٍ معيّنة، يمكن تفسير نيتشه بطرق متعددة .إذا أ ُ ِ
خذ بطريقةٍ يصبح كُوَّة ً يمكن إدخال فكر دولوز فيها .وإذا أ ُ ِ
أخرى ،يبدو اإلثنان أكثر تباعداً .إذا كانت لدى نيتشه الموارد
فحقيقي بنفس القدر أن ٌ التي تفتح آفاقا ً جديدة لدولوز،
استخدام دولوز للمفاهيم النيتشوية يمكن أن يجعل نيتشه يبدو
قراءةً طازجة .أما األشد تشويقا بشأن تأثير نيتشه على دولوز
فليس سؤال ما إذا كان يجب النظر إلى فكر دولوز باعتباره
متميّزا عن فكر نيتشه ،أو ما إذا كانت مفاهيم دولوز إعادات
95
ح نيتشه عملَه .نيتشه هو تدوين ،بل الطريقة التي تتخل ّ ُ
ل بها رو ُ
الروح القدس لدولوز .اإلثنان أخوان في الروح ،حتى حيث ال
يكونان فيلسوفين لهما نفس المفاهيم .إنهما رفيقا سفرٍ ،رفيقا
تفسير دولوز الخاص ةة أو تملُّكه ةة
ُ يقلب
ُ بداوةٍ ،حتى حيث
التفسيرات التي أصبحنا نربطها به.
ِة لمفهوم ٍ نيتشوي
97
كل مسار صيرورته يملك ولو للحظةٍ هذه القدرة على
‘الوجود’ ،لكانت كل صيرورة قد وصلت منذ زمن طويل إلى
46
نهايتها ". . .
98
والعود ُ هو وجود الصيرورة .ليس ثمة سوى صيرورة ،وتلك
الصيرورة هي العود األبدي .ماذا يعود ُ إذن؟ ما الذي يتكرر
أبديا ،ويعود دوما ليواجهنا ،وال يتخلّف أبداً؟ إذا كان الماضي
يُفعِّلة نفسه في الحاضر ،إذا كنا نتحرك من الماضي إلى
الحاضر وليس من الحاضر إلى الماضي ،وإذا كان الماضي
الذي يُفعِّل نفسه في الحاضر هو االختالف ،إذن فإن ما يتكرر
أبديا ً هو االختالف ذاته .ما يواجهنا دوما هو االختالف،
االختالف في النوع ،االختالف الذي ما زال عليه أن يتخثّر إلى
هويات.
م ،ولو أنه صعب .مع سبينوزا ،يقول وتعليلة دولوز هنا صار ٌ
مستقرة
ّ تعال .ما من هويةٍ
ٍ محايث ،أنه ما من
ٌ أن ك َّ
ل وجود ٍ
خارج عالمنا ةة ال رب ،وال قوانين تاريخ ،وال هدف ةة تُملي
طابَعه .وال يعني هذا أن ال شيء يوجد خارج خبرتنا .فما ليس
خارج عالمنا قد يكون رغم ذلك خارج خبرتنا( .وطالما علّمنا
العلم ذلك ).لكن ،سواء كان داخل أو خارج خبرتنا ،فما من
وجودٍ ليس من عالمنا.
99
يمر .واآلن يقال لنا أن
ّ لم يوجد ،لما أمكن للحاضر ذاته أن
المارة ما كان يمكنها أبدا ً أن تمر لو لم تكن بالفعل
ّ "اللحظة
ماضيا وقادما ةة في نفس وقت كونها حاضرا 48".الديمومة
وحدةٌ ،لكنها ليست مجرد َ وحدةِ الماضي والحاضر ،كما قد يبدو
مع برجسون .إنها وحدةٌ للماضي ،والحاضر ،والمستقبل.
اآلخرين .المستقبل،
َ ج في وبوصفها وحدةً ،فإن كل بعدٍ منسو ٌة
اآلخرين.
َ ل في والحاضر ،والماضي منخرطون ،ك ٌ
101
إننا نواجه المستقبل ،الذي هو العود األبدي ،عود االختالف.
ليس ثمة شيءٌ نوعي يجب أن يوجد في المستقبل ،بل الكثير
ف افتراضي لم يُفعِّل مما يمكن أن يوجد .المستقبلة هو اختال ٌ
نفسه بعد في حاضرٍ بعينه" .أي شيء يمكن أن يحدث "،ليس
ببساطة بالمعنى الشائع القائل أننا ال يمكننا التنبؤة بالمستقبل،
وبشكل أعمق بمعنى أن المستقبل ذاته هو كثرة ٌ ٍ بل كذلك
52
خالصة .تلك هي رمية النرد .إنها الصدفة.
102
ويشير مصطلح الضرورة إلى أن كيفية تفعيلة المستقبل
شخص بعينه أو مجموعة ٍ هي إلى حد ٍ كبير خارج سيطرة أي
ش في الواقع .البدأشخاص .ورغم ذلك ،فإنه يظهر؛ إنه منقو ٌ
أن نحياه .بالتأكيد ،يمكن للناس أن يؤثروا في المستقبل؛
متلقّين سلبيين لحيواتنا .لكننا ال نحدِّد ُ شكلها .إننا
فلسنا ُ
منخرطون في زمنيةٍ تسبقنا ،وربما تؤسس حاضرا لم نحلم به
لكن ال يمكننا الهرب منه.
103
لكن وقوعها يجعلها ضرورة ،واقعا لم تمكن السيطرة عليه
لكن ال يمكن تفاديه اآلن.
مرمي
ٌّ مرمي فعال .هذا هو العود األبدي .النرد
ٌّ النرد
فعالعلى الدوام ،في كل لحظة ،في كل نأمة .المستقبلة دوما
مل مح َّ
معنا ،هنا واآلن ،شأنه شأن الماضي .زوج النرد ،ال ُ
مرمي فعال .يرتد ّ النرد .فيُظهر
ٌّ بالكثرة التي هي الديمومة،
ة .ها هي لديك .تلك هي األرقام .هذه رميتك .يمكنك أن توليف ً
تحصل على رميةٍ أخرى ،لكنها لن تمحو التوليفة التي تواجهك.
دوما ستكون تلك التوليفة قد حدثت ،ودوما ستكون جزءا من
مجموع نقاطك .الماضي دائما جزءٌ من كل حاضر.
104
ة لنأملها أكثر مما له
الكون ليس له هدف ،أنه ليس له غاي ٌ
54
أسباب لنعرفها ةة هذا هو اليقين الضرورى لنلعب جيدا".
ٌ
مستقبل بعينه ،وال يطلبون
ٍة الالعبونة الجيدون ال يعتمدون على
أن يرموا النرد مرة أخرى .الالعبون الجيدون يؤكدون كال من
الصدفة والضرورة .ال يلعبون من أجل توليفة بعينها ،بل وهم
عارفون بأن التوليفات النهائية ،وليست في متناولهم.
105
التوكيدة يعني التجريب ،بال أية ضمانات بشأن نتائج تجريبنا.
ث بالفعلي .يعني أن ف االفتراضي ،ال التشب ّ َة
يعني استكشا َ
ل كيف يمكن أن يحيا المرء. ل بحياةِ المرءِ سؤا َ
نسأ َ
X
107
ة موجةِ
نفسها بصورةٍ أعمق مع آخرٍ وحيد) ،أن تمتطي قم َ
ة جنسية معينةة فعالة ،فإنها
قدرتها الخاصة .وإذا كانت قوة ٌ مثلي ٌ
ال تسأل نفسها عما تفعله غيرها من القوى المثلية الجنسية؛ ال
تتساءل ما هو "المناسب" للمثلية الجنسية؛ ال تشعر بالذنب وال
بالندم وال بالشك .فليس لكل ذلك من معنى.
108
األعداء" .المرضى يمثلون الخطر األعظم على األصحاء؛ ليس
األقوى بل األضعف من يُنذرون بالكارثة لألقوياء .هل نُقدِّر
59
هذا؟"
109
XI
تجريب .وتوكيد
ٌ ل إبداعيةٍ هيالعود األبدي يعلِّمنا أن ك َّ
ح أنفسنا للتجريب الذي يقدمه المستقب ُ
ل لنا إبداعيتنا يعني فت َ
بدال ً من التشبّث بالهوية الوهمية التي يضعها الحاضر أمامنا .لو
كنا قادرين على اإلبداعية ،فذلك ألننا لسنا مهدَّدين باحتمال
أرض ال تُقدّم ضمانات،
ٍ درب حتى نهاية حدوده عبر ٍ شق
باستثناء أننا ال يمكننا أن نستنفد مواردها .الكثيرون ،وربما
الغالبيةة في نظر دولوز ونيتشه ،ال يمكنهم أن يرتفعوا إلى
110
مستوى هذه المهمة .لكنهما ال يكتبان من أجلهم ،بل من أجل
األقلية التي تستطيع (األقلية من الناس ،األقلية من القوى،
حقَب).
األقلية من ال ِ
XII
حاضر أمامنا.
ٌ وال يعني هذا أنه ال وجود سوى لما هو
سط سه ،ويب ِ فهناك أكثر مما يُصادف العين .الوجود يطوي نف َ
سه ،إلى األشكال النوعيةة التي تؤسس طي نف ِ
َّ نفسه ،ويُعيد
سه لنا، عالم خبرتنا .الوجود ،أو الجوهر ،يكمن فيما يقدّم نف َ
لكنه دوما أكثر من أيّ تقديم .وكي نفهم هذا يجب أن نفكّر
زمنيا وليس فضائيا .فالتفكير الفضائي يمكن أن يعطينا فقط
فنومنولوجيا عالمنا ،بنية المظاهر .أما التفكيرة الزمني فيمكنه
اختراق هذا العالم ليُظهر لنا ما قد تكون هذه المظاهر
ة.
ةة منه ،وكيف يمكن أن تصبح مختلف ًمصنوع ً
112
مد الوجود .بل إنه يمنحه أشكاال نوعية ،إحواال نوعية ،تُعبّر يُج ِّ
الحاضر دوما يتضمن أكثر مما
ُ عن الوجود دون أن تستنفده.
ل بماضيه ،الذي هو أيضا مستقبله. مث َق ٌ
يبدو .إنه ُ
الحاضر
َ ّب
الماضي ،الديمومة ،الكثرة االفتراضية ،ال يتعق ُ
ببساطة .إنه يأتي ليقابله .الماضي يتكرر .إنه التكرار األبدي
لالختالف .والديمومة ،التي تكمن في الحاضر ،هي المستقبل
الحاضر ال يكون أبدا مجرد َ األشكال التي يُقدِّمها لنا .إنه
ُ أيضا.
دائما أكثر مما يبدو .وال يفقد ُ الكثرةَ التي تؤسسه .ونتيجة
ُ
أنماط اختالف؛ أشكال مستقرة بل
ٍ ة
الحاضر مسأل َ
ُ لذلك ،ليس
بطرق
ٍ لقد فعَّل الحاضر نفسه بطريقةٍ ويمكن أن يُفعِّل نفسه
يقدر عليه جسد ٌ ما .المستقبل،ُ أخرى .إننا حتى ال ندري ما
إذن ،ليس مجرد استمرارٍ لألشكال المستقرة للحاضر ،حيث أن
الحاضر ليس مجرد منظومة من األشكال المستقرة.
م لمقابلتنا وكذلك ف لم يجرِ تفعيله ،قاد ٌالمستقبلة هو اختال ٌ
موجود ٌ معنا فعال.
113
ل جزءا ً منه أن يسعي إلى أقصى حدوده ،أن يعبِّر عن ما نُشك ِّ ُ
م اآلن أو بما حدث من نفسه .ال نُقارن أنفسنا بما يبدو أنه قائ ٌ
ب مع ما يمكن أن يكون .ولو رفضنا ،بدال عن نجر ُ
ِّ قبل؛ بل
ذلك ،السؤال ،لو رفضنا أن نسأل كيف يمكن أن يحيا المرء،
والكائنات
ِ نبحث عن الراحة في القيم الراسخة، ُ فسوف
المتعالية ،القضاةِ من كل األنواع الذين سينتزعونة منا قوتنا
مود .لن نسعى إلى اكتشاف ما ويعيدونها إلينا على شكل هُ ُ
نقدر عليه بل سنسعى بدال من ذلك إلى فصل أنفسنا عما
يمكن أن نكون قادرين عليه.
114
وتنتظر عناقنا ،يمكننا القول أنه بطرحنا سؤال كيف يمكن أن
يحيا المرء ،ليس بكلماتنا فقط بل بحيواتنا ،تتشكلة اإلجابات.
الهوامش
116
19 Deleuze, Expressionism in Philosophy:
Spinoza, p. 175.
20 Deleuze, Difference and Repetition, p. 36.
"يبدو جوهر:ورغم أن دولوز يباعد نفسه قليال عن سبينوزا هنا
بينما األحوال معتمدة على،سبينوزا مستقال عن األحوال
الجوهر يجب أن. لكن كأنما على شيء بخالف نفسها،الجوهر
.40 " ص.يقال عن األحوال وعن األحوال فقط
21 Deleuze, Expressionism in Philosophy:
Spinoza, p. 253
لهذا السبب تصل فلسفة هايدجر المتأخرة إلى رفض22
.العناصر الوجودية ألعماله األولى
23 Deleuze, Bergsonism, p. 48
24 Deleuze, Bergsonism, p. 59.
25 Husserl, The Phenomenology of Internal Time-
Consciousness
26 Deleuze, Bergsonism, p. 56
حيث أن، هناك المزيد ليقال عن الجينات واالفتراضية27
والفصل القادم يناقش.الوضع أعقد مما توحي به هذه الفقرة
.الجينات بتفصيل أكبر
117
قارن هذا المقطع بمقطع من دولوز في كتابه عن بروست:
"ربما كانت هذه ماهية الزمن :الوجود النهائي ألجزاء ،ذات
وأشكال مختلفة ،ال يمكن مواءمتها ،ال تتطور بنفس
ٍ أحجام ٍ
اإليقاع ،وال يجرفها تيار األسلوب بنفس السرعة".
Proust and Signs, p. 101
34 Deleuze, Bergsonism, p. 71.
خ الفلسفة على الدوام 35في المحاورات ،يكتب " ،كان تاري ُ
ل [وسيط] l’agentالسلطة في الفلسفة ،وكذلك في فاع َ
الفكر .ولعب دور القامع :كيف تريد أن تفكر دون أن تكون قد
قرأت أفالطون ،وديكارت ،وكانط ،وهايدجر ،وكتاب فالن أو
ترهيب ضخمة تصنع األخصائيين فيٍة عالن عنهم؟ مدرسة
الفكر ،لكنها كذلك تجعل من يبقون خارجا يمتثلون أفضل لذلك
التخصص الذي يسخرون منه ".ص .13
36 Deleuze, “La conception de la diff´erence chez
Bergson,” p. 88 )my translation
37هذا التغلب قصة طويلة ومعقدة في فكر هيجل،
والمصالحة قصة رهيفة .وال يريد دولوز أن ينكر هذا ،بل يريد
باألحرى نقد الشروط التي تُروى فيها تلك القصة.
38 Deleuze, Bergsonism, p. 38
39 Deleuze, Bergsonism, p. 23.
40 Deleuze, Bergsonism, p. 63
41فعليا ،ليس األمر عبثيا إلى هذا الحد ،حتى من وجهة نظر
العلم .وقد حاولت أن ألتقط هذه النقطة في تناول دولوز للعلم
في مقالي "دولوز ،والعلم ،واالختالف".
42 Deleuze, “Nomad Thought,” p. 142
43 Nietzsche, Thus Spoke Zarathustra, pp. 332–3.
44 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 46.
118
45 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 24.
46 Nietzsche, The Will to Power, p. 546
47 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, pp. 23–4
48 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 48.
49 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 48
خصوصا بالنسبة، صل كونستانتين بونداس هذه الفكرة ّ يف50
في،للمستقبل
“Deleuze-Bergson: An Ontology of the Virtual.”
51 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 25–6
سيتوجب علينا أن، إذا كان للتناظر أن يصبح أكثر صرامة52
نتخيل زهري النرد دون أية أرقام معينةة منقوشة على
.سطوحهما
53 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 26–7.
Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 27 54
Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 185 55
56 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 59.
Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 5757
58 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 119.
.Deleuze, On the Genealogy of Morals, p. 100 59
60 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 85.
61 Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 190.
.Deleuze, Nietzsche and Philosophy, p. 147 62
3
119
الفكر ،والعلم ،واللغة
I
121
وحيدين مع لغتنا .والبد أن المنظور الذي يبنيه دولوز قد جعل
ذلك واضحا بالفعل .العالم يحتوي على أكثر مما يمكن أن
تكشفه كلماتنا لنا ،ال أقل .لكن إذا لم تكن لغتنا هي كل ما
هناك ،إذا لم يكن العالم منسوجا من كلماتنا ببساطة ،فليست
لغتنا بدورها بعيدة ً عنا .حتى نفهم تصوراتنا للعالم ،يجب أن
نفهم أفعال اللغة التي تُصاغ بها تلك التصورات .والتأمل في
الفكر والعلم ،حتى يكون كامال ،يتطلب أيضا تأمال في اللغة.
II
ة قَلّةٍ من
ما هي الصورة الدوجمائية للفكر؟ ليست ملكي َ
الفالسفة ،مخفيّة في مكاتبهم ،وحيدةً مع أفكارهم .كما أنها
ليست مبحثا يمكن أن يوجد في مكتبةٍ يكسوها الغبار ،برنامجا
نوع من المؤامرة الفكرية. ٍ مر عبر األجيال في
سريا ّ
ّ ملغِزا أو
ُ
صنا .إنها قالبنا لتصوُّر العالم.
الصورة الدوجمائية للفكر تخ ّ
122
ربما كان العنصرة األكثر محورية لهذا القالب هو التمثيل
. representationوهو يعمل كما يلي .العالم هناك في
وساكن .ينتظر فكرنا ،حتى يتم إدراكه .فكرنا
ٌ مستقر
ٌة الخارج،
مرآويا ً ما هناك ،في
يمثّله .هذا ما يفعله الفكر .إنه يعكس ِ
تمثيل
ٍ استقراره وسكونه ،في أفكارنا .الفكر ليس أكثر من
للعالم :إعادة – تقديم re-presentationفي ذهننا لما
قدَّم presentedلنا مرةً ،بالفعل ،هناك في الخارج. يٌ َ
123
التمثيل يتوسط كل شيء ،لكنه ال يستنفرة وال يحرك أي
شيء .ونحن ننتظر فكرا يستنفرة ويحرك .وسيحاول دولوز أن
يقدم لنا ذلك .أما اآلن فيجب أن نفهم كيف تتوسط الصورةُ
تحرك .فهي تفعل ذلك من خالل ِّ الدوجمائية للفكر دون أن
استقرار التقديم presentationوالتمثيل . representation
124
أال ّ تكون البقرة في المرج بقرةً حقا بل نموذجا لبقرة ليس فيه
حياة)؟
ل وال صدق ،ال صدق في تلك الحالة ،لن يكون هناك تمثي ٌ
بشكل أدق ،سيكون هناك تمثي ٌ
ل ٍ بوصفه تناظرا على األقل .أو،
وصدق ،لكن سيكون هناك أكثر ،أكثر بكثير ،سيُعمينا عنه
االلتزام بالتمثيل وبالصدق .وسوف يتطلب إدراك هذا "األكثر"
شيئا آخر غير الصورة الدوجمائية للفكر .سيتطلب صورة ً
125
أخرى ،فكرا ً آخر .أو ،باألحرى ،سيتطلب فكرا ال يعود ُ يتطل ّ ُ
ب
صورا :فكرا لالختالف.
127
[إضفاء الفردية على] individualizingالذات المتموقعة في
هذا المجموع من الموضوعات .هذا المثال اآلخر هو الحس
4
السليم".
128
يقدّم لنا تنسيقُ الحس المشترك والحس السليم نموذجا
تعرفا . recognitionالحكم يعني التعرف. ُّ للحكم بوصفه
لماذا؟ الحكم يعني أخذ مادةِ خبرتنا ومالءَمتها في المقوالت
التي نمتلكها بالفعل .يعني تطبيق مقولةٍ ستضمن تنسيق
سي ،والتصور ،واللغة، الخبرة بين مختلف الملكات (اإلدراك الح ّ
ف
تعر ٍ
ُّ وما إلى ذلك) .حين نُصدِر حكما ،يكون دائما من خالل
على ما هو موجود ،ومالءمةٍ لما هو موجود في المقوالت
التمثيليةة التي نمتلكها بالفعل.
129
والحس السليم يقدمان هذا االستقرار .والهوية ،والتناظر،
س
والتعارض ،والتشابه هي عمليات حكم ٍ أقام بنيته الح ُ
س السليم .وهي عناصر الصورة التمثيليةة أو المشترك والح ُ
الدوجمائية للفكر .وهي الوسائل التي بواسطتها نتصور عالمنا،
الوسائل التي بواسطتها نتعرف عليه.
130
زالت تعمل ضمن نطاق بنية الدوكسا .ال تترك أبدا حلبة
نطاق مألوف لنا بالفعل.
ٍ االعتقاد الشائع؛ إنها دائما ضمن
131
أراض غير
ٍ شيءٍ آخر .البد أن نبحر في زوارق غير مألوفةٍ إلى
مطروقة.
132
ال يوافق دولوز .فاألنطولوجيا ذاتها تخبّيء لنا مغامرات
بشكل مختلف في كيفيةٍ التفكير
َ غريبة ،لو استطعنا فقط
تصورها .لو كففنا عن البحث عن الصادق ،وكففنا عن أن
نطلب من العالم أن يتيح لنا التعرف عليه ،لو كففنا عن معرفة
ما يعرفه الجميع ،يمكننا أن نشرع في فكرٍ جديد ،فكر
أنطولوجي وكذلك أجنبي ،تجربة في األنطولوجيا ،بدل ممارسةٍ
للدوجمائية" .الفلسفة ال تتكون من المعرفة وال تستلهم
المشوق ،أو البارز ،أو الهام
ِّ الصدق .بل إن مقوالت مثل
هي التي تحدِّد نجاحها أو فشلها .وال يمكن لهذا أن يحدث قبل
9
أن تتم إقامته".
III
لكي نقتفي أثر فكر دولوز هنا يجب أن نسأل عما يسعى
سه palpateمصطلح "االختالف" ،ال عما يسعى إلى ج ِّ
إلى َ
ة
تمثيله .وحتى عندئذ فإننا في مياهٍ خطرة ،ألننا لو قدمنا إجاب ً
على هذه الةةماذا باصطالحات تمثيلية ،نكون قد عدنا إلى
س ما ال يمكنه
الصورة الدوجمائية .مصطلح "االختالف" يج ّ
إدراكه؛ يوميء إلى ما ال يمكنه اإلمساك به .إننا نخبَر التفعيالتة
الفعليةة actualitiesالتي يواجهنا بها االختالف ،لكننا يجب أن
نفكر في االختالف الذي ينتجها .قد نقول أن االختالف هو
134
ض األشياءُ ذاتها ،عدم قابليتها على الزج بها في
ة أن تفي َ خاصي ُ
مقوالت التمثيل .لكننا ،رغم ذلك ،لو قلنا هذا ،يجب أن نكون
حذرين .فليس ثمة استراتيجية للمقاومة بين األشياء .الوجود ال
آخر
ٌ يضايقه تمثيله .بل إن الوجود هو دوما أكثر من ،ومن ثم
غير ،ما يطرحه التمثيل عنه .العالم (أو ما هناك) هو في
ك لمقوالت أي فكرٍ تمثيلي؛ إنه إساءةٌ إلىخاصيته ذاتها انتها ٌ
كل من الحس السليم والحس المشترك .فهذان األخيران
يلتقطان مجرد سطح األشياء .وبعملهما ذلك ،فإنهما يخونان ما
قد نقول أنه هناك ويدعمان االمتثال القاتل للةدوكسا.
136
يمكننا ،بالطبع ،أن نقارب هاتين المشكلتين بالطريقة التي
نقارب بها المشكالتة األربع األولى .يمكننا إجابة السؤال األول
باإلشارة إلى التحوالت الةﭼينية التي شهدها طائر الدودو
ولماذا ،في ذلك الوقت ،كانت تلك التحوالت الةﭼينية متكيِّفة مع
البيئة .لكننا لسنا بحاجة إلى مقاربة األمور بهذه الطريقة .فبدال
مشكالت تبحث عن حلول معينة ،يمكننا
ٍ من رؤيتها باعتبارها
ل ممكنةرؤيتها على أنها تفتح مجاالت للنقاش ،تكون فيها حلو ٌ
ل منها شيئا ،لكن ليس كل شيء ،تضعه كثيرة ،يلتقط ك ٌ
المشكلة أمامنا.
إذا نظرنا إلى األمور بهذه الطريقة ،فإننا ال نعود ننظر إلى
المشكالت على أساس الحلول .تصبح المشكالت مجاال ً مفتوحا
137
ة من الحلول .المشكالت وليستة يمكن أن تحدث فيه تنويع ٌ
الحلول هي األولية .والتفكير في الوجود باعتباره اختالفا هو
ل على تفكيرٍ إشكالي ال تمثيلي" .الوجود (ما يسميه مثا ٌ
أفالطون الفكرة) ‘يناظر’ ماهية المشكلةة أو السؤال بوصفه
كذلك .األمر كأن ثمة ‘فتحة’‘ ،فجوة’‘ ،طيّة’ أنطولوجية تربط
الوجود والسؤال ببعضهما البعض .وفي هذه الرابطة ،يكون
14
الوجود هو االختالف ذاته".
138
ل شك ٌ
ل معين أنطولوجية ".المشكالتة ال تُستنفد ،بينما الحلو ُ
15
من االستنفاد.
139
السؤال شيئا ً واحدا؛ أو ،إذا شئت ،ليس هناك
ِ يكون السؤا ُ
ل ونقد ُ
16
انتقادات للمشكالت.ة
ٌ نقد ٌ للحلول ،هناك فقط
IV
ة
م الفردِ على أن له واقعٌ نسبي ،يحتل فقط مرحل ً
يجب فه ُ
ة تحمل من
معينة من مجمل الوجودِ موضعَ البحث ةة مرحل ً
141
ة ،حتى ثم تضمينات حالةٍ قبل ة فرديةٍ أسبق ،ال توجد منعزل ً
بعد الف َْردَنة [اكتساب الطابع الفردي] ، individuation
حيث أن الفردنة ال تستنفد ُ في الفعل المنفرد لتبدِّيها ،ك َّ
ل
18
اإلمكانات الكامنة في الحالة قبل ة الفردية.
142
حل مشكلةٍ ،أو ةة ما يُعد ُّ نفس ِ فعل
ِ ة مثل تنبثق الفردن ُ
إمكان وإقامة اتصال بين ٍ الشيء ةة مثل تفعيل
ل الذي بواسطته تحدّد ُ متنافراتة . . . .الفردنة هي الفع ُ
ة ،وفق خطوط التخالف مفعَّل ًعالقات تفاضلية لتُصبح ُ
ٍ ة
الكثاف ُ
differenciationوضمن الخصائص واالمتدادات التي
21
تخلقها.
الختالف افتراضي،
ٍ كائن بيولوجي هي تفعي ٌ
ل ٍ فردنة
ل لمشكلة .وقد رأينا أن هذا ال يلغي المشكلة؛ فالمجالح ٌ
ل ضمن نطاق األنطولوجي يبقي .الفرد البيولوجي هو ح ٌّ
المشكلة.
145
ل االفتراضي .ويكشف مفهوم االختالف باعتباره تفعي َ
أحادية معنى الوجود السبينوزا هذه السيرورة باعتبارها
تفتُّحا محايثا ،تعبيراً ،بدل كونها خلقا ً متعاليا أو انبثاقا.
V
سيموندون ليس وحده من ينظر إلى البيولوجيا على
أساس االختالف األنطولوجي .فحين يبدأ دولوز تعاونه مع
فيليكس جاتاري ،يشير إلى عمل عالم الكيمياء الحيوية
ﭼاك مونوه . Jacques Monodويتبنى كتاب الضد ف
أوديب ، Anti-Oedipusالمنشور عام ،1972بعد
28
عامين من كتاب مونوه األساسي الصدفة والضرورة،
معالجة مونوه لإلنزيمات البيولوجية على أن لها خصائص
"إدراكية" ،تتيح توليف عناصر متنافرة في أشكال حياةٍ
146
جديدة .ويمفصل مونوه تلك الفكرة بطريقة تلتقي مع
عمل سيموندون األسبق حول الفردنة البيولوجية.
147
ط عشوائي
ة من خلي ٍالوظائف ةة كل هذه األمور تبدو خارج ً
من الجزيئات الخالية فرديا من أي نشاط ،من أي قدرة
وظيفية كامنة بخالف التعرفة على الشركاء الذين ستبني
30
معهم البنية".
148
تماما أن تؤدي ،بالتعريف ،إلى أي شيء؛ يمكن حتى أن
31
تؤدي إلى الرؤية ذاتها".
VI
ظروف
ٍ يقدم ﭘريجوﭼين مثال الساعة الكيميائية .في
ط
تبتعد عن اإلتزان (مثال ،ظروف الحرارة الكثيفةة أو نم ٍ
آخر من الطاقة) ،قد تحدث سيرورةٌ يصفانها بالصورة
التالية:
"أحمر" و"أزرق".
ٌ لنفترض أن لدينا نوعان من الجزيئات،
بسبب الحركة العشوائية للجزيئات،ة يمكن أن نتوقع أن
جزيئات حمراء أكثر ،لنقل ،في ٌ يكون لدينا في لحظةٍ معينة
الجزء األيسر من اإلناء .وبعدها بقليل يمكن أن تظهر
جزيئات زرقاء أكثر ،وهكذا.ة سيبدو اإلناءُ لنا على أنه
بومضات عارضة غير منتظمة من األحمر أو ٍ "بنفسجي"،
يحدث مع الساعة الكيميائية؛ هنا ُ األزرق .لكن هذا ليس ما
يكون النسقُ أزرقَ بكامله ،ثم فجأة يُغيِّر لونه إلى األحمر،
ثم مرةً أخرى إلى األزرق .وألن كل هذه التغيرات تحدثة
على فترات زمنية منتظمة ،تكون لدينا سيرورة متماسكة.
33
نوع ما
ٍ متوقع .فليس إدخا ُ
ل آليةِ تنظيم ٍ من ٍ غير
ُ هذا
جلب شيءٍ
ُ ة الكيميائية تظهر .ال يتم
ل الساع َ هو ما يجع ُ
من الخارج .إنها قدرةٌ كامنة للكيماويات ذاتها على التنظيم
150
ة الذاتي هي ما تنشأ عنها هذه الظاهرة .يبدو األمر كما لو
ة
من ٌ
متض ّكان ثمة إمكانات افتراضية لالتصال أو التنسيق ُ
في الكيماويات ذاتها ،أو على األقل في تجمعاتها ،يتم
ط تبتعد عن االتزان.
تفعيلها تحت شرو ٍ
151
النرد الذي يتم رميه والنرد الذي يرتد .وفي مجال العلم،
فإن مونوه وﭘريجوﭼين بين الالعبينة األفضل .فهما يفهمان
أنه ما من وجودٍ ،بل صيرورةٌ فقط .أو ،كما يعبّر دولوز ،أن
الوجود َ الوحيد هو وجود ُ الصيرورة.
152
ة ومنظمة. محايث للمادة بوصفها عشوائي ً
ٌ االفتراضي
الكاوس يُنتِج النظام ،لكنه ال يخضع لففلنظام؛ االختالف ال
يخضع للهوية.
VII
153
وقد فعلنا هذا كله في اللغة .فهكذا تُصنعُ الفلسفة،
في نهاية المطاف .تُصنعُ في اللغة .كيف يمكن أن تُصنع
بخالف ذلك؟
األمر أن
ُ ةة هنا يجب مواجهتها .أال يكون
لكن ثمة مشكل ٌ
ة بطريقةٍ ال فكاك منها؟ أال يكون األمر اللغة ذاتها تمثيلي ٌة
مقدَّم
تمثيل العالم ال ُ
ِ أن كلماتنا ال يمكنها أن تفعل سوى
لنا؟ إذا كان األمر كذلك ،فإن نفس الوسيط إليديولوجيا
دولوز يخدع ُه بينما يكتب ،ويخدعُنا بينما نقرأه.
154
ط
للصورة الدوجمائية للفكر هو االلتزام باللغة كوسي ٍ
تظهر إلدراكنا الحسي،
ُ الهويات المستقرة للعالم
ُ تمثيلي.
الذي بدوره يحمل صور تلك الهويات المستقرة إلى مخّنا،
الذي بدوره أيضا يمثِّل تلك الصور في المقوالت المستقرة
ٌ
وسيط ٌ
وسيط يمثل العالم .وهي للغة .اللغة ،إذن ،هي
شفاف ةة يعكس العالم كما هو ،ودون بقيةٍ.
ة للوجود
وبرفض الصورة الدوجمائية ،قدّم دولوز رؤي ً
ل لفرضها عليه.ض عن المقوالت التي يسعى التمثي ُ تفي ُ
ل أن يلتقط؛ يظل العالم دائما أكثر مما يستطيع التمثي ُ
م ال تروِّضه الصورةُ الدوجمائية للفكر.العال ُ
تصور العالم
َ لكن ماذا عن اللغة ذاتها؟ إذا كنا سنرفض
الذي تقدمه لنا الصورةُ الدوجمائية للفكر ،فهل سنرفض
أيضا صورة َ اللغة باعتبارها تسعى إلى تمثيل ذلك العالم؟
العالم ،الوجود ،يفيض عن المقوالت التمثيلية .فهل تفيض
ة ذاتها أيضا عن تلك المقوالت؟ اللغ ُ
155
وال يكفي القول بأننا نتجنب هذه المشكلة بالحديث
س االختالف بدال ً من تمثيله .ألن المشكلة ،مرة
عن ج ّ
س االختالف بدال ً
أخرى ،تكمن في الكلمات التي تج ّ
من تمثيله .ماذا نفعل حين نقول هذه الكلمات ،أو حين
كلمات على اإلطالق؟
ٍ نقول أي
156
ة رؤيته للغة أيضا عما يريد قوله؟ تعمل اللغة ،أال تفيض لغ ُ
هل ثمة مأزقٌ هنا؟ ال ،ال يوجد .يمكن لدولوز أن يُسلّم بأن
ض عن مقوالتها التمثيلية دون أن يهدم رؤيته للغة تفي ُ
ة لكيف تعمل اللغة .هذه الرؤية نفسه .فهو يقدم لنا رؤي ً
ض عن مقوالتها التمثيلية .هناك ة على أنها تفي ُ ترى اللغ َ
أكثر مما يمكن أن يلتقطَه التمثيل .ولو كان ذلك كذلك،
ض عن محتواها التمثيلي. فإن لغة تقريره هو عن اللغة تفي ُ
ف اللغة إلى نهاية الشوط ،مرتفعا ً من اللغة ويمضي ارتجا ُ
إلى تقريره عن اللغة ،وأبعد ،إذا شئنا ،إلى تقريرٍ عن
سبب ألن يرفض دولوز هذه ٌ التقرير عن اللغة .ليس ثمة
ة رؤيته للغة حدودَها الخاصة؟ النتيجةة لفكره .هل تنسف لغ ُ
بالطبع ،ولم ال؟)
VIII
من القضايا ،بما ينتج عن قضية أو والداللة تتعلق بتض ُّ
مجموعةٍ من القضايا .وعادةً ما ال تشير إلى خارج اللغة،
بل تظل ضمن نطاق المجال داخل ة اللغوي .ويمكن أن
يحدث هذا بطرق متنوعة .ويوضح دولوز الداللة بمثال
برهنة منطقيةة ليبينة إحدى هذه الطرق .إذا كانت قضيتان
صادقتين ،فيمكن أن تنتج عنهما ثالثة .وها هو المثال
الكالسيكي )1 :كل البشر فانون؛ )2سقراط بشر؛ )3
فان .في هذا المثال ال نحتاج إلى معرفة أيٍ إذن ،سقراط
158
شيءٍ سواء عن اإلشارة أو التبدي .ال يهم من هو سقراط
ة
أو من يتكلم القضايا الثالث .ولو كان سقراط شخصي ً
مختلقة وولّد هذه العبارات الثالث برنامج كومبيوتر ،فإن
الداللة ستظل هي نفسها .صدق القضيتين األوليين ينتج
عنه صدق الثالثة.
160
ل كما هو.هنا ،لكن ال نقص في االستقرار .يظل التمثي ُ
الحركة من أحد أجزاء اللغة إلى اآلخر مستقرة ٌ قدر
استقرار الحركة من اللغة إلى العالم ومن اللغة إلى
المتحدث.
IX
161
المعنى هو ما يحدث عند النقطة التي تلتقي عندها
اللغة والعالم .إنه ما يقع ،الحدث الذي ينشأ حين تتالمس
ة بعينها مع العالم .هذا يشبه اإلشارة ،لكنه ليس قضي ٌ
ة ُ
حيل قضي ٌ اإلشارة .لنأخذ هذا في االعتبار .في اإلشارة ،ت ُ
إلى العالم الذي تناقشه .وإذالجأنا إلى نظرية التناظر ،فإن
ناظر العالم .لكن ماذا نعني بكلمتيُ القضية الصادقة ت ُ
ناظر؟ ال يمكننا اإلجابة على هذا السؤال بالعودة ُ ُ
حيل وت ُ تُ
إلى اإلشارة ،حيث أن السؤال بدأ هناك .كما لن يعيننا
ة من الذي يتحدث ،وال التبدي وال الداللة .فليست المسأل ُ
تضمينات قضيةٍ .إنها مسألة العالقة بين القضية وبين
ُ
العالم.
162
عب َّ ُر عنه للقضيةة
م َ
يقول دولوز أن المعنى هو ال ُ
ة وضع األمور 41.يمكننا أن نسال ماذا يفعل حين صف ُ
و ِ
يستخدم هذه المصطلحات؛ لكن يجب أن يظل في أذهاننا
س.ج ُّ
أن دولوز ال يمثل هنا .إنه ي ِ
163
ل "هذا سطوٌ مسلّح "،فيحدث شيءٌ
يعلن رج ٌ 42
لألشياء".
للعالم.
164
أال يقول دولوز شيئا بالغ البساطة هنا؟ أال يقول أننا
حين نستخدم كلمة "أخضر" نجعل العالم يبدو بطريقةٍ
معينة للناس الذين يستمعون إلينا؟ حين أقول "ورقة
ة لشيءٍ في أنسب ببساطة خاصي ً
ُ الشجر خضراء" ،أال
كلمات تشير إلى العالم؟
ٍ مبديا نفسي فيالعالمُ ،
سم
قد يبدو هذا مثل برجسون .ويجب أن يبدو .فقد ق َّ
برجسون بدوره الزمن إلى نمطين ،زمن تتابع اللحظات
والزمن الداخلي للة duréeأو الديمومة .الديمومة
افتراضية؛ تكمن في زمن التتابع كما تجعله ينشأ .والمصدر
يخضر to greenال تُحوِّل
ّ يفعل نفس الشيء تقريبا.
جزءا من العالم إلى أخضر .كما أنها ال تشير إلى الخضرة
ة
ة مفروض ً الموجودة فعال لجزءٍ من العالم .ليست ال لغ ً
165
ة تعكس أو تمثل الطريقة التي عليها على العالم وال لغ ً
العالم فعال .إنها بدال من ذلك نقطة التقاءٍ للغة وللعالم
(لكن من جانب اللغة ،من جانب القضية) ،النقطة التي
يخضر تشير إلى ٍ
كل من ّ عندها يحدث شيءٌ لكليهما.
ث اللغةِ بخضرة .إنهاصيرورة جزءٍ من العالم أخضر وتحد ُّ ُ
انبثاقهما المشترك .الحدث يحيا في اللغة ،لكنه
يحدث لألشياء.
166
47
الدوكسا ،أي ،الحس السليمة والحس المشترك".
وحيث تمنحنا الدوكسا كيانات مستقرة خارجا ً في العالم
ملكات متميزة لكنها متالقية ،تشير المفارقة إلىٍ تُناظر
الطابع غير المستقر لعالقة اللغة والعالم .ما يحدث بين
حدث معقدٍ
ٍ ب بلمرت َّ ٍ
اللغة والعالم ليس مجرد تالؤم ٍ ُ
باألحرى ،حدث يجري شحذه فيما بعد إلى شيءٍ ناعم
بواسطة الصورة الدوجمائية للفكر.
167
X
كل من معناها
يرى سوسير أن بنية اللغة ،في ٍ
اختالفات ال عناصر" :في اللغة هناك
ٍ وصوتياتها ،هي مسألة
أطراف إيجابية 50".وتقدم
ٍ اختالفات فقط دون
ٌ
ة .لنفترض أنني أريد أن
الصوتيات المثال األشد استقام ً
168
ميهأنطق الصوت المناظر للحرف ب .ويمكننا أن نس ّ
علي أن أصدره.
َّ ٌ
مضبوط صوت
ٌ الصوت ف ب .ليس هناك
فما يمنح الخاصية الصوتية للصوتة ة ب ليس الصوت
نفسه بل اختالفه عن األصوات المحيطة المماثلة ،مثال
أصوات ة د وأصوات ة ت .التضاد بين األصوات وليس
األصوات ذاتها هو ما يمنح الوحدات الصوتية [الفونيمات]
مكانها الصوتي الخاص في اللغة.
169
دور مختلف لتلعبه .وهكذا ،كما يقول
ٌ لكلمة شجرة
سوسير ،فإن معنى أي كلمةٍ في لغةٍ يتحدد بدورها في تلك
اللغة ،ودورها يتحدد باالختالفات بينها وبين الكلمات
األخرى.
170
دور الالمعنى أن "يَعبُرة السالس َ
ل المتنافرة ،أن يجعلها
فرعها وأن يُدخل في كل ترن وتتالقى ،لكن أيضا أن ي ُ ِّ
واحدةٍ منها انقطاعات متعددة .إنه كلمة = س وشيء =
س 52".ولرؤية ما هو هذا الدور ،غالبا ما يلجأ دولوز إلى
لويس كارول . Lewis Carrollوهنا تبادل للحديث بين
آليس وبين الفارس األحمر من من خالل المرآة
: Through the Looking Glass
XI
س ما
توكيد اللغة ،إذن ،يعني توكيد الصيرورة .يعني ج َّ
يتجاوز التمثيل في اللغة .يعني التعرف على عناصر
المفارقة التي هي خاصيتها االفتراضية ،والتي توجد دوما
في أي فعل تمثيل .مهما رأينا ،ومهما قلنا ،ثمة ما هو أكثر،
دائما أكثر.
175
XII
176
ج هزيل للتعلم .وهو أيضا أكثر النماذج شيوعا.إنه نموذ ٌ
ج يعمل على أساس بعض االفتراضات السطحية إنه نموذ ٌ
وافتراض أعمق قليال .افتراضاته السطحية هي ،أوالً ،أن
ٍ
موضوع وأنت ال
ٍ المعلم يعرف ما يجب معرفته بصدد
تعرف .ثانياً ،هناك افتراض أن طريقة تعلّمك لما يعرفه
جل في الذاكرة ما عليهالمعلم هي أن تستمع للمعلم وتس ّ
أو عليها أن يقوله .وأخيرا ،على جانب المعلم ،هناك
افتراض أن المعلم ،بالتحدث أو باستخدام وسائل أخرى
تحل محل التحدث ،يمكنه أن ينقل إلى الطالب ما يجب
معرفته.
177
وليس الهوية .وإذا لم يكن لما يجب تعلُّمه خاصية الهوية،
فليس التعلّم ذاته مشروعا لنقل الهويات من العارف إلى
من يسعى إلى المعرفة .إنه بدال من ذلك مشروعٌ
للتجريب.
178
كبير منه تحت مستوى التفكيرة ٌة قدر
ٌ اإلشكالي ،يحدث
الواعي ،أسفل الهويات التي يقدِّمها لنا التمثيل:ة " ‘التعلم’
يجري دائما في ،ومن خالل ،الالوعي ،وبذلك يُقيم تواطؤا
59
عميقا بين الطبيعةة وبين العقل".
179
هناك خطآن يمكن أن نرتكبهما في بحث إمكان تعلُّم
كيف نفكر .الخطأ األول سيكون أن نفترض أن التفكير،
واع بصورةٍ خالصة ،أن التفكيرة ٌ
نشاط بخالف السباحة ،هو
ٍ
تالعب بالفكر .هذا الخطأ هو ميراثنا من الصورة ٌ
سس طريقنا إلى التفكير تقريبا الدوجمائية للفكر .إننا نتح َّ
بنفس الطريقة التي نتحسس بها طريقنا إلى السباحة.
ة بدرجة واع على األقل ،وهو تجرب ٌ
ٍ الواع بقدر ما هو
ٍ التفكيرة
ال تقل عن ذلك .ذلك أحد األشياء التي أعنيها باقتراح أن
س موضوعه .الخطأ الثاني سيكون أن نفترض دولوز يج ُّ
أن كال ً منا البد أن يواجه هذه المهمة وحيداً .إننا في
الحقيقة يمكن أن نواجهها في مجموعات ،مزاوجين أنفسنا
مع بعضنا البعض وكذلك مع العالم .التفكيرة ليس بحاجة
إلى أن يكون نشاطا منفردا ،وال يجري بالتأكيد في عالم ٍ ال
نتشارك فيه مع اآلخرين .الخطوة التالية ،إذن ،ستكون أن
نبحث مكاننا بين اآلخرين في العالم ،أن نفكّر بشأنه ،أو
معه ،أو فيه.
180
الهوامش
181
Deleuze, Kant’s Critical Philosophy: The
Doctrine of theFaculties.
7 Deleuze, Difference and Repetition,
pp. 135–6.
8 Deleuze, Difference and Repetition, p.
130
9 Deleuze and Guattari, What Is
Philosophy?, p. 82.
10رغم أننا يجب أن نتذكر دوما أن ما يبحث عنه دولوز
ليس الصدق .العلم ،إذن ،قد يوضح فكره ،لكن العلم ال
يمكنه أن يقدم ال تأكيدا وال عدم تأكيد.
11 Deleuze, Difference and Repetition, p.
57.
12 Deleuze, Difference and Repetition, p.
36.
13 Deleuze, Difference and Repetition, p.
158.
14 Deleuze, Difference and Repetition, p.
64.
15ال يعني هذا أن الحلول ال تحمل داخلها مشكالت
معينة .االفتراضي يظل داخل الفعلي" .أي مشكلةة ال توجد،
منفصلة عن حلولها .لكنها ،بعيدا عن أن تختفي في هذا
صر وتستمر في هذه الحلول". التراكب ،فإنها ت ُ ِّ
Deleuze, Difference and Repetition, p.
163.
مي شيئا حالً ،فإننا نراه على أساس فعليته لكننا بقدر مانس ّ
وليس افتراضيته .طائر الدودو قد يكون أكثر من مجرد
182
ٌ وبكونه كذلك فإنه ح، لكنه أيضا طائر دودو،طائر دودو
ل
. فإنه طريقة لمخاطبة مشكلةة معينة، بكونه كذلك.معين
183
25 Deleuze, Difference and Repetition, p.
250.
26 Pearson, Germinal Life: The
Difference and Repetition of Deleuze, p.
90.
27 Deleuze, Difference and Repetition, p.
251.
28 Monod, Chance and Necessity: An
Essay on the Natural Philosophy of
Modern Biology.
29 Monod, Chance and Necessity, p. 63.
30 Monod, Chance and Necessity, p. 86.
31 Monod, Chance and Necessity, p. 98.
32 Prigogine and Stengers, Order Out of
Chaos: Man’s New Dialogue with Nature,
p. 9.
في هذه الرؤية للمادة ،يبدي المؤلفان بعض التعاطف مع
برجسون حين يكتبان أن "الديمومة‘ ،الزمن المعاش’
لدى برجسون ،تُحيل إلى األبعاد األساسية للصيرورة ،الال
إنعكاسية التي كان آينشتين مستعدا للتسليم بها فقط عند
المستوى الفينومنولوجي ".ص .294وفي الطبعة
ملةالفرنسية األصلية لهذا الكتاب توجد عدة إشارات مك ِّ
إلى دولوز واستعارات من عمله ال تظهر في الطبعة
اإلنجليزية .فمثال ،المقطع التالي يورد نيتشه والفلسفة
لكنه يمكن أن يُعد َّ تلخيصا لةة االختالف والتكرار:
"العلم ،الذي يصف تحوالت الطاقة تحت عالمة التكافؤ،
قر ،رغم ذلك ،بأن االختالف وحده يمكنه أن يجب أن ي ُ ّ
184
وتحوّل. ستكون بدورها اختالفات هي ذاتها،يُنتج تأثيرات
".الطاقة ليس سوى تدمير اختالف وخلق آخر
La Nouvelle Alliance: M´etamorphose de
la science, p. 127 )my
translation(.
33 Prigogine and Stengers, Order Out of
Chaos, pp. 147–8.
34 Prigogine and Stengers, Order Out of
Chaos, p. 176.
35 Prigogine and Stengers, Order Out of
Chaos, p. 286.
36 Deleuze, The Logic of Sense, p. 12.
37 Deleuze, The Logic of Sense, p. 13.
38 Deleuze, The Logic of Sense, p. 14.
39 Deleuze, The Logic of Sense, p. 19.
40 Deleuze,The Logic of Sense, p. 22.
41 Deleuze, The Logic of Sense, pp. 21–
2.
42 Deleuze, The Logic of Sense, p. 24.
43 Deleuze,The Logic of Sense, p. 21.
44 Colebrook, Gilles Deleuze, p. 60.
45 Deleuze, The Logic of Sense, p. 184.
يناقشها دولوز. مفارقات أخرى، في الحقيقة، هناك46
:في
The Logic of Sense,especially pp. 28–35
and pp. 74–81.
185
47 Deleuze, The Logic of Sense, p. 75.
48ألقيت المحاضرات المستمد منها هذا الكتاب فيما
بين عامي 1906و .1911
49في تعاونه الالحق مع جاتاري ،عادة ما يستعيرة دولوز
مفاهيم من عمل البنيوي هيلمسليف ،تلميذ سوسير.
50 Saussure, Course in General
Linguistics, p. 120.
51 Deleuze,The Logic of Sense, pp. 50–1.
52 Deleuze, The Logic of Sense, p. 66.
53 Carroll,The Annotated Alice, p. 306.
54ثمة تعقيد ٌ هنا .بالنسبة لسوسير ،فإن التمييز بين
الدال وبين المدلول هو تميي ٌز بين اللغة التي تقوم باإلحالة
وبين المفهوم الذي تحيل إليه .المدلول هو مفهو ٌ
م،
وليس العالم ذاته .وال يتبع دولوز دائما هذا االستخدام،
جع الصدى من خالل حيث أن السلسلةة المتنافرة التي تُر َّ
الالمعنى ،بالنسبة له ،يمكنها بنفس السهولة أن تكون
العالم واللغة مثلما تكون المفاهيم واللغة.
.
55 Deleuze, The Logic of Sense, p. 71.
56 Deleuze, The Logic of Sense, p. 70.
57 Deleuze, The Logic of Sense, pp. 2–3.
559 Deleuze, Difference and Repetition,
p. 16
5.8 Deleuze, Difference and Repetition,
p. 165.
186
4
سياسة االختالف
I
187
ة لرؤية العالم :العالم ليس مكونا ً من ها هي طريق ٌ
هويّات تُشكّل وتعيد تشكيلة ذاتِها ،بل من حشودٍswarms
أشكال نوعية من الهوية.
ٍ من االختالف ت ُ َفعِّلة نفسها في
وهذه الحشود ليست خارج العالم؛ ليست خالِقين متعالين.
ة بقدر الهويات المتشكّلةة منها.
إنها من العالم ،مادي ٌ
وتواصل الوجود حتى داخل الهويات التي تُشكّلها ،ليس
كهويات بل كاختالف .ومن مكانها داخل الهويات ،تؤكد هذه ٍ
الحشود من االختالف أن المستقبلة سيكون مفتوحا على
وعالقات جديدة فيما بينها.
ٍ جدَّة ،على هويات جديدة ال ِ
188
م تعسفيةٍ تامة؟ أال يمكننا أن نقول
فهل هذا العالم عال ُ
شيئا عن المستقبلة على أساس ما هو قائم أو ما كان؟
ممكن بنفس القدر عند كل ٌ هل كل شيء وأي شيء
لحظة؟
189
ط قريبةٍ
فالساعة الكيميائية ال يمكن أن تحدث في شرو ٍ
ط بعيدةٍ عنه .العالقات
من االتزان ،بل فقط في شرو ٍ
التفاضلية التي تحدّد العمليات الكيميائية تشمل كال من
الشروط الكيميائية والفيزيائية.
190
جهلنا لكن ةة وهذا ما يقصد دولوز أن يداويه ةة بذات
الطريقة التي نفكر بها في هذه اإلمكانيات.
هل يعني هذا أن التنبؤة بال جدوى؟ ال .يمكن دائما التنبؤة
ط قريبة من االتزان .ويمكننابالعمليات الكيميائية في شرو ٍ
التنبؤة بالمستقبل بدرجةٍ من الدقة ،تكون أكبر إذا جرى
التنبؤة بواسطة االحتماالت بدل القوانين العلمية.
م اختالف ،ال عالم عدم تمايز .وإذا كان علينا أن العالم عال ُ
نحيا مثل العب نيتشه السيء ،فسوف نسعى إلى اختزال
العالم إلى قابليته للتنبؤ ،إلى أخذ االحتماالت على رمية
النرد .وبفعلنا ذلك ،سنكون دائما في حالة افتقار ،لكن لن
نكون دائما مخطئين.
191
مهمة مثل هذا الفكر ال يجب تولّيها على انفراد .ليس
هدف أنطولوجيا دولوز هو الفيلسوف المنعزلة في مكتبهة
الذي يفهم العالم بوصفه اختالفا .العالم كما يتصوره دولوز
م حيوي .وهذا يصدُق حتى على مجاالت حي ،عال ٌ
ّ م
هو عال ٌ
العالم الخاملة .لكنه ليس عالما حيّا فحسب ،بل عالما
للحياة فيه .والمهمة ليست مجرد أن نفكر في العالم
بطريقة مختلفة ،بل أن نحياه بطريقة مختلفة .وكما قلنا
في البداية ،فإن دليل دولوز للعيش هو دلي ٌ
ل لتصوّر العالم
ل لطرح سؤال كيف يمكن أن يحيا حي وكذلك دلي ٌ ٌّ على أنه
المرء.
مفكّرا
والمرء ال يحيا وحيدا .المرء يحيا بين آخرينُ :
مناضال بينهم .واتخاذ
متحدثا معهم و ُتصرفا بينهمُ ،
ِّ مبينهمُ ،
فكر دولوز للخطوة التالية يعني بالنسبة له البدء في
التفكيرة ال في العالم فحسب بل في البين آخرين التي
يجري فيها الفكر .التحدي الذي يواجه فكر االختالف ليس
فقط التفكير في االختالف الحيوي الذي هو تفتُّح الوجود
بل كذلك التفكيرة في العالم السياسي الذي يجري فيه هذا
الفكر.
192
II
193
سسة
يبدأ باألفراد ،وعالقتهم أحدهم باآلخر ،ال بدولة متأ ِّ
بالفعل وبامتيازاتها الملَكية.
194
يجادلون من أجل مواقف معينة ،فيما يخص هذه األمور.
أما من يسمون أنفسهم محافظين فيرتبون افتراضاتهم
بطريقة مختلفة .الليبراليون ،مثال ،يميلون إلى إعطاء ثِقَل
أكبر الحتياجات األفراد ،ولالعتماد على استعداد الناس
للتعاون مع بعضهم البعض ،ولالستعداد أكثر للحد من
حريات فردية معينة من أجل الصالح العام .أما
ٍ
المحافظون فمن األرجح أن يتخوفوا من مخاطر تدعيم
السلطة السياسية ،ويتحمسوا أكثر للحريات الفردية،
ويقلقوا بدرجة أقل إزاء النزاعات بين الموسرين
والمعوزين .وما تتفق عليه كلتا الجماعتين هو أن هذه
ة في جه ٌ
األمور هي المناسبة للنقاش ،وأن مناقشتها مو ّ
نهاية المطاف إلى سؤال لماذا يجب أن يسمح األفراد ُ
ألنفسهم بأن يُحكَموا.
195
هذا ما أصبح يُعرف باسم العقد االجتماعي .كل فرد،
متخذا قراره بنفسه ،يوافق على التجمع معا تحت حكومة
مشتركة ،ويوافق على أن يُطيع هذه الحكومة ،طالما كانت
الحكومةة التي يوافق الفرد على طاعتها هي التي تمثل
أهم مصالحه.
196
الحاكم .لكن ال شك أيضا أن النظرية السياسية الليبرالية
هي شكل من أشكال الصورة الدوجمائية للفكر .إنها
بالضبط الصورة الدوجمائية وقد تمت ترجمتها إلى
مصطلحات سياسية.
197
معطاة بواسطة حكومة تأخذ في االعتبار لمصالح فرديةٍ ُ
وتوازن بين تلك المصالح في المجال العام.
III
198
إحدى الطرق لمقاربة سياسة دولوز وجاتاري هي أن
ة جديدة .الننظر إليها باعتبارها تُقدم أنطولوجيا سياسي ً
يمكن لدولوز أن يقبل األنطولوجيا الدوجمائية التي تقدمها
النظرية السياسية التقليدية .فأن نبدأ فكرنا السياسي
بالكائنات البشرية الفردية ،التي يأتي كل واحد منها
بمصالحه الخاصة (المختارة) ،يعني بالفعل أن نخسر
معطى بالفعل اللعبة .إذ يعني أن نُسلِّم باستقرار ما هو ُ
ويُشكل أساس الصورة الدوجمائية للفكر.
199
والتجريب السياسيين على تنويعة من المستويات ،بدل
منح االمتياز لمستوى أو آخر؟
200
ل واحد ٍل ذاتي ة التنظيم .يدعم ك ُّ
الكيان العضوي هو ك ٌ
ة تلك
من أجزائه األجزاءَ األخرى ،والكل هو هارموني ُ
األجزاء .ونحن عادة ً ما نتصورالكيانات البيولوجيةة ككيانات
عضوية بهذا المعنى ،وتأتي الدهشة التي نشعر بها تجاهها
من توازن عناصرهاة الحيّة .لكن ،لو كان البيولوجيونة أمثال
سيموندون ومونوه على صواب ،لما وجدت أشياء من
قبيل الكيانات العضوية ،على األقل بهذا المعنى .وليست
المسألة أنه ال يوجد توازن بين مختلف األجزاء العضوية.
فعادة ما يوجد .المسألة أن هناك دائما فيما يخص األجزاء
أكثر يمكنه التعبيرة عن نفسه في
ٌ أكثر من توازنها،
اتجاهات أخرى ،بتوازنات أخرى ،أو دون توازن على
اإلطالق.
201
آآلت متحركةة يمكن أن
ٍ عضوية تعول ة ذاتها بل باعتبارها
تتصل بالبيئة بتنويعةٍ من الطرق ،اعتمادا على كيفيةة تفعيلة
تلك اآلالت.
كيانات عضوية،
ٍ اآلالتmachinesُ إذا لم تكن
آالت
ٌ فليست كذلك آليات . mechanismsاآلليات هي
آالت مأخوذة عند نقطة بعينها ٌ مدة .إنها
في حالتها المتج ّ
لتوصيالت بعينها .اآلليات
ٍ في الزمن ،في الصالبة البادية
آآلت مرئية
ٌ ة من وجهة نظر اللحظة الراهنة، آآلت مرئي ٌ
ٌ هي
فضائيا بمعنى برجسون .اآلليات هي تفعيلة اآلالت .إدراكنا
الحسي قد يصادف اآلليات؛ لكن فكرنا يجب أن يخترق
تلك اآلليات كي يكتشف اآلالت داخلها.
202
التوصيالتة :القدم ة على ة البدّال ،اليد ة على ة المقود،
المؤخرة ة على ة المقعد.
متوثِّباً.
م اآللة ُ
لو فكرنا بهذه الطريقة ،ألصبح مفهو ُ
فهو ينطبق ال على الدراجات فحسب ،بل كذلك على أجزاء
الدراجات ذاتها أجزاءً
ُ الدراجات وعلى األشياء التي تكوِّن
منها .ليس ثمة وحدة تحليل متميّزة .وسوف نمضي لنطبق
هذا المفهوم على السياسة .لكن حتى اآلن ،قبل أن نفعل
ذلك ،يمكننا أن نرى إحدى فضائله .فاعتماد النظرية
السياسية الليبراليةة على مفهوم الفرد باعتباره محور
التحليلة السياسي يجبرها على مقاربة السياسة بطريقة
ميكانيكيةة النزعة mechanisticallyأو عضوية .وعالقة
األفراد بالمجتمع هي عالقة منظومة نوعية من التوصيالت
ل ذاتي ة التنظيم .أما التفكيرة آآلتيا ًmachinicallyأو ك ِّ
اعتبار عالقة األفراد بالمجتمع مستوىً واحدا فقط ُ فيعني
من التوصيالتة التي يمكن مناقشتها .إذ يمكن أن يناقش
المرء أيضا توصيالت قبل ة فردية وتوصيالت فوق ة فردية.
203
ليست آليات ،فهي تتطور ،وتتحور ،وتتصل من جديد بآآلت
مختلفة ،هي نفسها في تطور وتحور.
204
ص بهذا المعنى،
لتحقيق مصالحهم .ولو لم يكن هناك نق ٌ
لما كان هناك تحفي ٌز للموافقة على أن يُحكموا.
205
أوالً ،تحتفظ اآلالت بمفهوم دولوز لالختالف باعتباره
إيجابيا وليس سلبيا .لنتذكّر نقده للمفاهيم التقليدية
لالختالف .االختالف خاضعٌ للهوية؛ االختالف هو ما ليس
متطابق الهوية .هذا هو االختالف منظورا إليه باعتباره
نقصا :االختالف هو نقص الهوية ،هو الحرمان من التماثل.
لكن االختالف ليس بحاجةٍ إلى صبّه في دور النقص أو
السلبية .وجاذبية مفهوم االختالف بالنسبة لدولوز هي أن
المرء إذا استطاع تصوّره إيجابيا ال سلبيا ،فإنه يُظهِر أن
ثمة فيما يخص العالم أكثر مما يُطالع العين .بهذه الطريقة
ة
تعمل اآلالت .في تمايزها عن اآلليات ،فإن اآلالت منتج ٌ
متحركة للتوصيالت .ال تقبل االختزال إلى أية منظومةٍ
وحيدة للتوصيالت ،وال إلى أية هوية معينة .وحتى حين
ة بطريقة معينة فإنها قادرة ٌ على توصيالت صل ً
تكون مو ّ
أخرى ووظائف أخرى .ويمكننا أن نسمي هذا الطابعَ
النيتشوي لآلالت.
206
فليست اآلالت قادرةً على تلك الحركية ألنها تقف خارج
توصيالتها .فليس ثمة شيء من قبيل آلةٍ خارج توصيالتها.
فمن داخل توصيالتها ،وربما أحيانا من خاللها ،تكون اآلالت
توصيالت أخرى .إذ يمكن لجذر شجرةٍ أن
ٍ قادرةً على إنتاج
يتصل من خالل التربة بأساس منزل ،حيث يُنتج فَلقا ً يُتيح
لحيوانات الخُلد أن تنقب من خالله .ويسمي دولوز
وجاتاري التحليل الفصامي الذي يطوّرانه في ضد فف
أوديب طبا ً نفسيا ماديا ،في تضادٍ مع الطب النفسي
المتعالي للتحليلة النفسي .الطب النفسي المادي ال يرى
أن شخصا متعالياة (أوديب ،على سبيل المثال) ينظم
التوصيالتة التي يتم عملها .فالتوصيالت تنشأ من داخل
ة من الخارج .ويمكننا أن نسمي المادة؛ وليستة مفروض ً
هذا الطابعَ السبينوزي لآلالت.
IV
207
يعني احتضان مفهوم اآللة أن ننتقل من التركيز على
الماكرو ة سياسي [السياسي الكلّي أو ال ُ
مكبَّر] إلى
الميكرو ة سياسي [السياسي المتناهي الصغر] ،من
الموالري إلى الجزيئي .والتمييز بين هذين الزوجين من
المصطلحات هو واحد ٌ من أكثر األمور التي أُسيء فهمها
في فكر دولوز .وفقط حين نبدأ في إدراك مفهوم اآللة
يمكننا أن نبدأ في فهم الدور المقصود أن تلعبه هذه
المصطلحات.
208
.capillariesوهذه ال تتعلق كثيرا بمفهوم الميكرو ة
سياسة لدى دولوز وجاتاري.
209
معطاة لفكرنا التفكيرة آآلتيا ً يعني اإلقرار بأن الهويات ال ُ
ة وقابلية للتغيرة مما جعلونا نعتقد.
السياسي أكثر سيول ً
يعني البحث ال عن الطبيعة األبدية للكيانات السياسية
التقليدية:ة األمة ،الدولة ،الشعب ،االقتصاد .بل البحث بدال
ما
ما يفلت منها .ال يعني هذا أن يبحث المرء ع ّ من ذلك ع ّ
يقع خارجها؛ بل يعني أن يبحث المرء عما يفلت منها و
خارج .فما يفلت هو
ٍ متعال أو
ٍ داخلها .ال نعود نبحث عن
من نفس نوع ما يفلت منه .ليس ثمة سوى محايثة .وما
مجال آخر؛ إنه
ٍ يسميه دولوز خط هروب ليس قفزةً إلى
مجال ما يهرب منه.
ِ نطاق
ِ ج داخل إنتا ٌ
210
خلقا سياسيا .وال يوجد حتى مستويان منفصالن .هناك كل
من ماكرو ة سياسة وميكرو ة سياسة ،لكن الميكرو ة
سياسة تأتي أوال .إنها أولية .لنأخذ ،مثال ،مفهوم الطبقة
االجتماعية:
V
211
أمامنا العديد من المصطلحات السياسية :التوطينة
territorializationونزع التوطينة
، deterritorializationالدولة والرأسمالية ،األنواع
المختلفة من الخطوط (الموالرية ،الجزيئية ،خطوط
الهروب) ،جماعات الذات subject groupsالجماعات
الخاضعة . subjugated groupsوقبل االستدارة إليها،
يجب أن نتوقف للتزود بالزاد .يجب لمقوالت اآللة
والماكرو ة والميكرو ة سياسي أن تجد مكانها في طيات
فكر دولوز.
تحت هذا النقد يكمن نقد ٌ آخر .قد يمكن تصور عالمنا
السياسي على أساس هذه الهويات .وحتى لو لم تكن
مجال من االختالفات
ٍ ة علىأولية ،حتى برغم كونها مبني ً
المرنة ،فقد ال يكون ثمة شيءٌ غير مترابط في استخدام
هذه الهويات لفهم وتعديل عالقاتنا ببعضنا البعض .الفكر
ة مستحيلةة للتفكير فيالليبرالي التقليدي ليس طريق ً
السياسة .ليس مخطئا أو متناقضا ة ذاتيا بالكامل .فالماكرو
ة سياسة تلتقط ،ولو بصورة غير كافية ،بعض جوانب
خبرتنا السياسية .لكن لو أحللنا الميكرو ة سياسة محل
الماكرو ة سياسة ،لو بدأنا في التفكير آآلتيا ،فسوف نبدأ
في أن نرى أكثر مما تطرحه الماكرو ة سياسة أمام
أنظارنا .اآلالت تنتج توصيالت ليس فقط بالدولة واالقتصاد.
اآلآلت تنتج كل أنواع التوصيالت ،توصيالت لن نبدأ في
رؤيتها إال ّ إذا استدرنا بعيدا عن الفكر السياسي التقليدي.
213
واالستغالل ،وتدمير الموارد الطبيعية ،وفساد الحكوماتة
جميعها تأثيرات للرأسمالية الكوكبية .وبالتظاهر ،وتوزيع
العرائض ،ورفع الوعي بالموضوع ،تأمل حركة مناهضة
العولمة في تخفيف أو ربما إنهاء تلك التأثيرات ،ربما بإنهاء
الرأسمالية كما تطوّرت عبر األربعين أو الخمسين سنة
الماضية.
214
إذا نظرنا إلى حركة مناهضة العولمة بصرامة من
وجهة نظر األفراد الذين يشكلون منظمات من أجل
التدخل بالطرق السياسية القياسية ،لما أمسكنا بهذه
الطرق للتواصل .لكن التفكيرة اآلالتي يتيح لنا رؤيتها.
215
الوصول إليها .ألننا حتى في الطبقة األولى ،نتعامل مع
أفراد في عالقةٍ ببعضهمة البعض .وال نحتاج إلى أن نُقارب،
مثال ،حركة مناهضة العولمة على أنها مسألة أفراد .إذ
يمكننا النظر إليها من منظورات أخرى ستتيح لنا رؤية
أشياء مختلفة.
216
األرض .إنها ذلك ،لكنها ليست ذلك فقط .فحيث أن األفراد
هم أنفسهم جزءٌ من األنساق ة اإليكولوجية ،فإن النزعة
البيئيةة ليستة مجرد حركة عن األنساق ة اإليكولوجيةة بل
أيضا حركة داخل هذه األنساق .وإدخال األرض باعتبارها
مقولة سياسية يتيح لنا فهم هذا.
217
حتى اآلن ،كنا ننظر في القراءة األولى لسؤال كيف
يمكن أن يحيا المرء" :مم يمكن أن يتكون العيش معا؟"
وتتيح لنا مقاربة دولوز وجاتاري السياسية اآلالتية أن نفتح
هذا السؤال من زوايا مختلفة ،أن نرى التوصيالتة المختلفةة
مستويات مختلفة .وبدال من التسليم بأن
ٍ التي تُصنع عند
نقص بعينها
ٍ هناك أفراد بعينهم لهم إحتياجات أو جوانب
يسعى االنخراط في السياسة لملئها ،يمكن أن يتمثل
العيش السياسي في خلق توصيالت فيما بين وداخل
م َفعَّلَة لالختالف :األفراد ،األرض،
مختلف المستويات ال ُ
الجنوب .مقاربة السؤال على هذا النحو تفتح دروبا جديدة
المضي بصدد
ُّ لمقاربة السؤال الثاني" :كيف يمكننا
العيش؟"
218
عيش معا؟ هل
ٍ هل ستكون هذه المشاركة مسألة
لكل من السؤالين .السياسة تجربة
ٍ ة؟ نعم
ستتضمن سلط ً
في التوصيالتة اآلالتية؛ وليست توزيعا للسلع لمن تنقصهم.
والسؤال كيف يمكن أن نمضي بصدد العيش ال يعني تكرار
السؤال الكئيبة عن من يحتاج ماذا .بل يعني بدال من ذلك
أن نختبر مجال االختالف الذي نكونه حتى نخلق ترتيبات
جديدة وأفضل (فيما نأمل) للعيش ،بأوسع معاني كلمة
العيش.
VI
ن
مبَني َ ٌ
الفكر السياسي التقليدي شجري :فكره ُ
كشجرة .أوال هناك الفرد ،ثم الدولة ،ثم القوانين التي
ة على احتياجات الفرد .أما التفكيرة اآلالتي تجيب ثاني ً
فريزومي .يتيح توصيالت متعددة من تنويعةٍ من
متجذ ّرة ً في مفهوم ٍ منفرد أو في المنظورات ليست ُ
مجموعةٍ صغيرة من المفاهيم .فكرنا السياسي يجب أن
يكون مثل كودزو .بهذه الطريقة وحدها يمكنه أن يرى أبعد
من الشجرة المنفردة التي قيّدنا إليها الفكر الليبرالي
التقليدي .بهذه الطريقة وحدها يمكن للعيش معا أن يكون
تدريبا على الخلق ال أن يحتاج إلى االختزال.
220
VII
222
هذه الخطوط تتكون من خطوط هروب طبيعتها أن تفيض.
وما يجعل هذه الخطوط جامدة ً ليس ما تحتويه بل ما
س أنها تحتويه .تقدم خطوط القطاعية الجامدة يعتقد النا ُ
ة بالصورة الدوجمائيةمشبَّع ٌ
نفسها باعتبارها جامدة .وهي ُ
"إسترخ ،فلست في العمل اآلن ،أنت في إجازة"،
ِ للفكر.
أو "هل تظن أنك مازلت في إجازة؟ ركِّز؛ فأنت اآلن في
العمل".
ة
نعرف ماذا يشبه خط الهروب .يشبه فرارا ،حرك ً
هرب من السجن يأخذٍ بعيدا ً عن شيء .محكو ٌ
م عليه في
225
يفر منه .هذا هو
ُّ خط هروب .ثمة سجن؛ والمحكوم عليه
خط الهروب .أو هكذا يبدو.
226
وإال ّ لن يوجد سوى الكاوس ،الشيء سوى االختالف
الخالص .التوطين ليس العدو الذي يجب التغلب عليه .أو
ح نحن عاجزين باألحرى ،أنه يصبح العدو فقط حين نصب ُ
عن رؤية نزع التوطين.
228
VIII
230
ن ضدها" .هل هذا هو القانون الجديد ص ٌ
مح َّ
المجتمع ُ
للمجتمع الحديث؟" يسأل فوكوه عن فكرة السوِيّ التي
هي في قلب االنضباط" .لنقل باألحرى أنها ،منذ القرن
الثامن عشر ،قد التحقت بالقوى األخرى ةة القانون،
23
ة قيودا ً جديدةً عليها".
والكلمة ،والنص ةة فارض ً
مجردة .فهو
ّ ة
يمكن أن نفكر في االنضباط على أنه آل ٌ
كواقع متعين يمكن اإلشارة إليه أو عزله عنٍ ال يوجد
مختلف األشكال التي يأخذها .وبدال من ذلك ،يجمع بين
ممارسات متنوعة تحت نظام ٍ معيّن للسلطة .يمكن للمرء
ٍ
أن يقول ،مع دولوز وجاتاري ،أن االنضباط ،مثل غيره من
فرطا overcodes م ِ
فر تشفيرا ُ ش ِّ
اآلالت المجردة ،ي ُ َ
الخطوط الموالرية للمجتمع.
231
صلة.
مف ّ
مغلقة على أساس جداول زمنيةٍ نوعية ،و ُ
االنضباط يُشفّر تشفيرا مفرطا هذه الممارسات المختلفة.
232
ينتشر االنضباط خالل مختلف القطاعات االجتماعية ويُحكم
قبضته عليها .وهي تقدم التمويل للسجون الضخمة،
والتنظيم للعسكريين ،والقاعدة المعلوماتية للكثير من
المستشفيات ،والبنية ألنساق المدارس .بدون الدولة،
يصعب تخيُّل كيف يمكن آللةٍ مجردة أن تُحكم قبضتها على
تنويعة الممارسات التي تقوم بها .يصعب تخيّل كيف يمكن
لشيءٍ من قبيل آلةٍ مجردة أن يُقام في وسط عالقات
الهوية واالختالف المعقدة التي يعتقد دولوز وجاتاري أنها
الترتيبات المادية ألي مجتمع .الدولة ،رغم أنها طفيلية ،هي
لمجتمع يتوقع أن يحفظ النظام من خالل
ٍ ح ضروري ملم ٌ
فرض التجانس عبر سطحه.
233
IX
ة
بالنسبةة لكثيرة من الماركسيين ،هذه هي طبيع ُة
ة مجردة لالستغالل. الرأسمالية ودور الدولة .الرأسمالية آل ٌ
حقّة لكدحهم .والدولة مست َ َ
تسرق من العمال الثمرةَ ال ُ
تخدم هذا االستغالل .تدعم اآلليات التي هدفها النهائي هو
التشفير المفرط الذيُة سيطرة نظام ٍ اقتصادي رأسمالي.
تحققه الدولة في خدمة التشفيرِ المفرط الذي تخلقه
أنساق
ِ الرأسمالية .السوق تسود؛ وتدعمها أنساقٌ مثل
االنضباط من أجل تعظيم اإلنتاجية وتقليل المقاومة.
ة
لنفكر في أنواع االضطهاد التي ساعدت الرأسمالي ُ
مقيَّدين بالسلطات العمومية ،أو في التغلبة عليها .لم نعد ُ
سطِنا االجتماعي ،أو حتى بعائالتنا بالطريقة التي كُنَّاها. بو َ
ك ال يحكموننا باسم سلطةٍ أعلى تفرض عليناة والملو ُ
س ،أو المسجد ُ هم ة ،أو الكني ُ
الخضوع .ولم تعد الكنيس ُ
تروس في ٍ محكِّمون لحيواتنا األخالقية .لم نعد مجرد ال ُ
ط اجتماعي أضخم يتطلب طاعتنا دون تساؤل .وكما مخط ٍ
يعبر دولوز وجاتاري ،فإن "الشفرات" القديمة التي حكمتنا
قد اكتسحتها الرأسمالية .وحلت محلها "بديهية"
. axiomatic
ة
والفرق بين بديهيةٍ وبين الشفرات التي حلت البديهي ُ
محلها يصفه دولوز وجاتاري كما يلي:
235
ة تُنظم عالقاتالشفرات هي مباديءُ وقواعد عيني ٌة
بأناس محددين آخرين .أما البديهية فهى
ٍ أناس محددين
ٍ
أكثر تجريدا .فهي تُنظّم ،لكن ليس من خالل قواعد محددة
عالقات محددة.
ٍ وال بواسطة
236
أحرار .فهم أبعد ما يكونون عن
ٌ وال يعني هذا أنهم
التشفير المفرط الذي تحققه
َة ذلك .وحتى لو استثنينا اآلن
الدولة ،فإن الرأسمالية لها طرقها الخاصة لتنظيم السلوك
والتفاعل .وأبرز هذه الطرق تتعلق بسيادة القيمة التبادلية.
إن تمييز ماركس الشهير بين القيمة االستعمالية والقيمة
التبادلية هو تميي ٌز بين ما يمكن أن يُستخدم فيه شيء وما
ل به .وفي الرأسمالية تسيطر القيمة يمكن أن يُستبد َة
التبادلية ال القيمة االستعمالية .أي شيء يساوي ما يمكن
ة
أن يُستَبدَل به .وهذه األشياء ال يجب أن تكون أشياءَ مادي ً
بالضرورة :فيمكن أن تكون أفكارا ،أو عمال ،أو احتراما ة
للذات.
237
عرفان ليس
جديدة إلبداع الحيوات" :الرأسمالية وقطيعتها ت ُ َّ
فقط بالتدفقات المنزوعة التشفير،ة بل بنزع التشفير
معمم للتدفقات ،بنزع التوطينة الجديد الشامل ،باقتران ال ُ
التدفقات المنزوعة التوطين 27".بنزع توطين التوطّناتة
السابقة ،يتم تحرير خطوط الهروب لترحل إلى مواطن
هروب أخرى ،وتنخرط في ٍ جديدة ،وتتقاطع مع خطوط
تجارب جديدة.
238
ة .وسوف توضع بدال من ذلك في خدمة إبداعيتُها مكبوت ً
النظام السائد ،في هذه الحالة بديهية الرأسمالية.
الجذب
ِ ة بطريقةهذا ما يفعله أوديب .إنه يدير الرغب َ
المركزي صوب العائلة بدل السماح لها بأن تتحرك بطريقة
لتجرب توصيالت جديدة. ِّ الطرد المركزي،
239
االعتراف باآللة المجردة لالنضباط كآليةٍ قوية تربط
خطوط الهروب ،ال يحدث الشيءُ نفسه مع أوديب .اآلن َ
ة مباشرةً .ال تتطلب تكون البديهية الرأسمالية استغاللي ً
وسيطا.
241
اآلن ،السؤال السياسي ،هو كيف نحشد ُ نزع َ التوطين الذي
طرق جديدة للعيش معا.ٍ تُطلقه الرأسمالية في خدمة
X
ة لبديهية الرأسمالية
نتصور المقاوم َ
َ كيف يمكن أن
وترجيع صدى الدولة للتشفيرة المفرط؟ كيف يمكننا البدءُ
في التفكيرة في استنفار خطوط الهروب حتى نخلق
ترتيبات اجتماعية بديلة؟ في ختام الفصل الثالث ،رأينا أن
ٍ
التفكيرة بشكل مختلف ليس نشاطا انفراديا .من الصعب،
إن لم يكن من المستحيل ،أن يقوم المرءُ به على عاتقه.
أما أن يحيا المرء على عاتقه بطريقةٍ مختلفةة فما زال
أصعب .قدم لنا دولوز أنطولوجيا تستجيب لالختالف .ونقل
دولوز وجاتاري تلك األنطولوجيا إلى مجال السياسة.
فكيف يمكن أن نستخدم هذه األنطولوجيا وهذه السياسة
في مشروع العيش معا؟ كيف يمكننا أن نطلق خطوط
هروبنا ،أن نستعيدة اآلالت الملتفة داخل الكيانات العضوية
واآلليات؟
تمييزات واضحة
ٌ هذا هو فكر المجموعات الخاضعة:ة
بأهداف مفهومةٍة فعال .إنه نزوعُ رد ِ
ٍ بين الخطوط الموالرية
243
فعل نيتشوي خالص .لكن لنتذكر ما قاله دولوز عن ٍ
شخص ما ةة ولو كان واحدا فقط ةة
ٍ الفلسفة" .إنها مسألة
لديه التواضع الضروري لئال يتمكن من معرفة ما يعرفه
مجموعات الذات .ومع مجموعات الذات،
ُ الجميع ".هنا تبدأ
ال يكون واحدا ً فحسب .يخبرنا دولوز وجاتاري أن كل
جماعي .ال نكون وحيدين أبدا ،ال في خطوطنا
ٌ استثمارٍ
الموالرية وال في خطوطنا الجزيئية .إنها مسألة البعض
بيةننا ال يتمكنون من معرفة ما يعرفه بقيتُنا .مجموعات
ة .مثل سقراط ،تكمن حكمتُها في معرفة أنهم الذات جاهل ٌ
تقدر عليهم
ُ ال يعرفون .واألهم ،أنهم ال يعرفون بعد ما
أجسادُهم الجماعية.
244
مجموعات خاضعة .أعثر على آخرين مستعدين
ٍ أن تكون
ذات.
ٍ ة
أن يلمسوا االفتراضي وسيكون لديك مجموع ُ
245
مقارنة هذا في سياق آخر بما يستطيع السود في أمريكا
33
اليوم عمله باللغة اإلنجليزية").
246
اللغات األقلياتية مثل اإلنجليزية السوداء تطرح هذه
المشكلة ةة البد أن يبتكر المرءُ طرقا ليكون في داره ال في
موطن بل في هذه األرض ،التي ،بعيدا عن أن تُجذ َِّرها في ٍ
حر ُرها من تلك الحدود فتصبح مكان ،في هوية ،في ذاكرةٍ ،ت ُ ِّ ٍ
ة التوطين ،مثلة خيمةٍ ينصبُها البدو . . . .لم ة ومنزوع َ خفيف ً
تعد المشكلة هي مشكلة "الشعب" ،بل مشكلة "شعب"،
شعب غير محدد ،مازال "دون خصائص" ،مازال يجب ٍ
35
اختراعه. . .
247
يجب أن نفعل اآلن؟" لن يقدّما إجابة .أو ،إذا قدموها،
ستكون من قبيل:
ج ِّرب مع من فوق شريحةٍَ ، هكذا يجب أن يُصنع األمر :إك ُ
ُ
مكان متميزٍة فوقها ،أعثُر الفُرص التي تقدِّمها ،أُعثُر على
ٍ
هروب
ٍ توطين محتملة ،على خطوط ٍ على حركات نزع
جرب متصالت فيض هنا وهناكّ ،
ٍ ج ِّربها ،أَنتِج وصالت
ممكنةٍَ ،
صل على قطعةٍ صغيرة من كثافات قطاعا وراء قطاع ،اح ُ
ص ِّرف،األرض الجديدةة في كل األوقات . . . .إتصلَ ،
بياني" كامل ،في مقابل البرامج الذاتية التي ٌ ٌ
"خط استمر:
36
ما زالت دالة.
248
ضها من صيغٌ ،وال قواعد ،وال برامج يمكن فر ُ ليس ثمة ِ
االنتهاك
ِ بخالف ذلك يعني الدعوةَ إلى ِ والتفكير
ُ أعلى.
ة
آن واحد نبيل ٌ
ت عادةً أنها في ٍ مثل عليا تُثب ِ ُ
ٍ والذبح باسم
ة على أية حال. ة وفارغة ،لكنها فارغ ٌ وفارغة ،أو وضيع ٌ
ٌ
يعلمنا دولوز وجاتاري الكثير عما هو خطأ في عالمنا
السياسي .ويقدمان لنا طرقا لتصوُّرِ أنفسنا ووجودنا معا
تُتيح لنا أن نبدأ في تجريب البدائل .لكن ما من وصفة
تحليالت وتجارب في عالم ٍ ال ٌ داقتعالا[روشتة] عامة .هناك فقط
وأكثر مما يمكننا أن
َ يقدم لنا أية ضمانات ،ألنه دوما آخَر
نتخيل .إننا نرمي النرد ،وال نعلم بشكل مؤكدٍ ما الذي
ألعاب غير مؤكدة. . . . ٍ ل شيء يجري لعِبُه في سيرتدُّ" .ك ُّ
ل سيءٌ ألنه ،طالما يُسأَل، وسؤال مستقبلة الثورة هو سؤا ٌ
س كثيرون ال يصيرون ثوريين ،وهذا بالضبط هو فهناك أنا ٌ
السبب في طرحه ،لمنع سؤال الصيرورة ة الثورية للناس، ُ
37
عند كل مستوى ،وفي كل مكان".
ط
ألعاب غير مؤكدة .كل خ ٍ ٍ كل شيءٍ يجري لعِبُه في
له مخاط ِ ُره الخاصة .ومخاطر الخطوط الموالرية بديهية.
َ
الخطوط صلها دولوز ،وجاتاري ،وفوكوه .لكن وقد ف ّ
مخاطرهاة أيضا" .ال يكفي بلوغ ُ أو تتبُّع خ ٍ
ط ُ الجزيئية لها
موالري . . . .فالخطوط اللينة هي ذاتها التي تُنتج أو
عبورها بسرعةٍ
ُ ة يجري
مخاطرها الخاصة ،عتب ٌ
َ ف
تُصاد ُ
مفرطة ،كثافة تصبح خطيرة ً ألنها ال يمكن أن تُحتمل . . .
ثقب أسود لن يتمكن من انتزاع نفسه ٍ ٌ
خط لين يندفع إلى
منه ".يمكن للخطوط الجزيئية أن تتشكَّلة إلى ُر ٍ
كن. 38
249
هويات سياسية خاصة (المثلية،
ٍ صلة
مف َ
سعيهم إلى َ
الزنوجة) يردُّون منها على اضطهاداتهم ،انتهى بهم األمر
إلى عزل المجموعات الواحدة عن األخرى ،وإقامة جيتو
للسياسة التقدمية بدل استنفارها.
250
الهوامش
252
بين الهويات الموالرية المشفرة بإفراط وبين خطوط الهروب
.التي تؤسس وكذلك تهرب من تلك الهويات
253
36 Deleuze and Guattari, A Thousand Plateaus,
p. 161.
37 Deleuze and Parnet, Dialogues, p. 147.
38 Deleuze and Parnet, Dialogues, p. 138.
39 Deleuze and Parnet, Dialogues, p. 140.
5
254
حيوات
I
255
لم يخُض كولترين نضال العديد من موسيقيي الجاز
لالعتراف بهم .ورغم أنه وُضع في زمنه في البارات
سن بالغة الصغر من
ٍ ومالهي الموسيقى ،فقد تمكن في
العزف مع الكثير من فرق قمة الجاز لعصره ،بما فيها
فرق مايلز ديفيز وتيلونيوس مونك .وقد بدأ يطوّر صوته
الخاص خالل تعاونه مع مايلز ومونك.
257
ة المتابعة .وجلب موسيقيين حتى أشد مستمعيه وفاءً صعب َ
جرب جددا ،أناسا يعزفون على هوامش الجاز ،حتى ي ُ ِّ
بنفسه مع تلك الهوامش .ويظل أحد ألبوماته األخيرة،
"صعود" ، Ascensionبين أكثر مؤلفات الجاز تحدّيا.
مشتَّت ،كثيف دون هدنة .وبااللتزام بعنوان صوته متنافرُ ،
األلبوم ،فكأن كولترينة كان يسعى إلى إحداث صعود
روحاني من خالل القوة الخالصة لآلالت ،كأن مجهودا آخر،
مجال آخر.
ٍ واحدا فقط ،سينقلها جميعا إلى
تعال،
ٍ م
هاهي طريقة .كان كولترين يسعى إلى شيءٍ ُ
مستخدما الموسيقى لبلوغ حالة روحية أبعد من
الموسيقى ،رافعا مستمعيهة معه إلى تلك الحالة .ميزة هذه
الطريقة للفهم أنها تبدو متسقة مع بعض أوصاف كولترين
نفسه ،ذات الصبغةة الدينية ،لما كان يسعى إلى تحقيقه.
أما عيب هذه الطريقة للفهم فهو أنها تتجاهل
الموسيقى .فالموسيقى ،في هذا الوصف ،هي وسيل ٌ
ة
ة ال
لغاية .وحقيقة أنها كانت موسيقى وليست رسما أو كتاب ً
عالقة لها بالموضوع.
258
وقد سئل كولترين ذات مرة ماذا سيفعل إذا لم يعد
يستطيع عزف الموسيقى .فأجاب أن الموسيقى هي كل
ما يعرف فعله.
259
عندئذ)؛ كما لم يبد أنه يشعر بثقل عبء البنيات السائدة
لموسيقى زمنه.
260
تحررا من مصادفات الحياة فريدة تُطلِق حدَثَا خالصا ُ
م ِّ
الداخلية والخارجية ،من ذاتية وموضوعيةة ما يجري‘ :هومو
مصه تانتوم [ ’ Homo tantumإنسانا دون صفات] يتق ّ
1
الجميع ويبلغ نوعا من الضراعة".
II
261
انطلقت المظاهرات على الفور تقريبا بعد القتل،
وبدأت في مخيم جباليا لالجئين المكتظ بالسكان في غزة،
ثم انتشرت في كل أرجاء األراضي المحتلة .واجه الشبان
الفلسطينيون الذكور ،المسلحون بالحجارة فقط ،الدبابات
اإلسرائيلية ،والمدافع الرشاشة ،والغاز المسيل للدموع.
في البداية ،بدا األمر نوعا من االنفجار المألوف بين
جرا للسخط ،سرعان ما تعقبه مضطَهَدين :تف ّالسكان ال ُ
عودة اليأس الهامد.
263
بقليل من المقاومة باستثناء قلةٍ من
ٍ في هدوء،
المجموعات المسلحة غير المنتظمة .ومن عام 1948
حتى 1967حكمهم األردن في الضفة الغربية ومصر في
قطاع غزة .وبصرف النظر عن تشكيل منظمة التحرير
الفلسطينية عام 1964كان ثمة القليل من المبادرة
جهة صوب تحقيق دولةٍ فلسطينية .وخالل السياسية المو َّ
السنوات العشرين األولى لالحتالل اإلسرائيلي للضفة
الغربية وقطاع غزة ،من 1967إلى ،1987كانت
ة .كانت هناك فترات هدوءٍ ة الفلسطينية متفرق ً المقاوم ُ
مظاهرات أو خطف طائرة أو هجوم
ٌ طويلة تُرقِّشها
إرهابي .لم تكن ثمة حركة شعبية ذات قاعدة واسعة.
264
ولعدة سنوات قبل االنتفاضة ،ظل المنظّمون المحليون
يعملون في المدن والقرى لتجميع تنويعةٍ من المنظمات
السرية :مجموعات مقاومة ،ومجموعات عون ة ذاتي،
ومجموعات ثقافية تعليمية .لكن حتى
ٍ ومجموعات طبية،
ٍ
المنخرطين في تطوير هذه المجموعات أدهشتهمة السرعة
التي تفتحت بها األحداث بعد الثامن من ديسمبر .لم يكن
للطاقة واإلرادة ،والتنسيق والمقاومة العفويين ما يشبهها
كثيرا في التاريخ الفلسطيني.
265
اختالفات يمكن
ٍ تفاعل سببي بل على أنه مجا ُ
ل ٍ هويات في
ٍ
تفعيلها بتنويعةٍ من الطرق.
266
كانوا ناضجين للمقاومة؛ ومن الخطأ أن نقول أن المقاومة
كانت موجودة ً بالفعل ،تنتظر التعبير عنها .القول األول هو
مسألة اختالف ،أما األخير فمثال على الصورة الدوجمائية
للفكر.
267
كلماتي .وقبل تشكّل ساعة كيميائية ،ال توجد إمكانيات
لتركّز كيميائي تكمن في انتظار مصدر طاقةٍ يُطلقها .وقبل
نغمات ،ال في
ٌ عزف منفرد ،ال توجد
ٍ أن يبدأ كولترين في
إفتراضي يمكنه أن يعتمد عليه
ٌ رأسه وال في بوقه .يوجد
كي يخلق نغمات ،نغمات تتبع الواحدةُ األخرى في منظومة
متسقة لم توجد هي ذاتها قبل أن يبدأ العزف.
268
من السكان الفلسطينيينة أنفسهم .وربما كانت هناك
أسباب عديدة لذلك :اإلجهاد ُ من االنتفاضة األولى ،نزعُ
ٌ
الملكيات المتواصل واألبعد من جانب إسرائيل ،الفساد ُ
في النظام السياسي لياسر عرفات ،ووجود ُ التسليحة
العسكرية في األراضي المحتلة الذي يقسم السكان بين
من يملكون األسلحة ومن ال يملكونها .وعلى أية حال ،فإن
ملتَفَّا داخل
الدرس بالنسبة لنا هو أن االفتراضي يظل ُ
ة .وما من ترتيبةٍ الفعلي .االختالف يعود ،والهوية هشّ ٌ
الطي والتفتح ،جيدةٍ أو سيئة، ّ خاصة ،وال حالةٍ خاصة من
ة على االطالق .قال البعض أن الحقيقة ستنجلي. مضمون ٌ
لكن الشيء سينجلي بالضرورة :ال الحقيقة ،وال الشر ،وال
العدالة .ال ضمانات ،باستثناء أن المزيد سيأتي.
III
270
ن بكامله من حركةٍ وتغيُّر ،ورغم أنه حياةٌ ،ال مكوَّ ٌ
هذا النظام ُ
فن ،يمكننا تشبيهه بالرقص ةة ال برقصة بسيطةٍ دقيقة يرفع
معقَّدفيها كل شخص قدمه في نفس الوقت . . . .بل بباليه ُ
يدعم فيه الراقصون األفراد بعضهم بعضا ويُشكِّلون كال ً
سه أبدا من مكان يكرر نف َ
ِّ مديني جيدٍة ال
ٍ منظما .باليه طوارٍ
بارتجاالت
ٍ مكان محددة يمتليء دائما
ٍ إلى آخر ،وفي أي
5
جديدة.ة
لمذهب في
ٍ ة طبقا هاك ما يحدث إذا خطّطت مدين ً
التجديد الحضري .ال يسير في المناطق السكنية أحد ٌ سواء
خالل النهار أو المساء ،ألنه ما من مكان يمكن الذهاب
إليه .يخرج الناس من بيوتهم في الصباح ليذهبوا إلى
العمل ويعودوا إليها بعد الظهر المتأخّر .وإذا غادروا
منازلهم مرةً أخرى ،يكون ذلك بالسيارة ليذهبوا إلى جزء
آخر من البلدة .وتصبح المناطق التجارية مهجورةً بعد
الظالم ،حيث ال سبب لوجود أحدٍ هناك إال ّ للعمل أو
التسوق .واالعتماد على الطرق السريعة بدل النقل العام
يزيد من عزلة الناس .فالناس يتنقلون في فقاعات
سياراتهم من المنزل إلى العمل إلى التسلية عائدين إلى
ة للشوارع المهجورة ،ومعدالت المنزل .وهذه وصف ٌ
الجريمة المرتفعة ،وبالتالي ،للهروب من المدن إلى
الضواحي.
273
يجلب جوانب من الناس ومن الجوار لم ُ ما يتم خلقُه
يكن يمكن التنبؤ بها ،ولم تكن موجودةً مقدّما .التفاعلة
ة ذات آآلت
الدينامي الذي يميّز حياة الشارع ليس سيمفوني ً
موسيقيةٍ خاصة بل عملية كيميائية تُغيِّر فيها العناصر ذاتها
تكوينها بينما تتصل بعناصر أخرى.
274
حولي يدعمون تقدمي ةة مثال ،هل ستبتسم لي المرأةُ أكثر
قليال أو بمكرٍ أكثر قليال حين تسمع أنني قد بدأت العزف؟
الختالف
ٍ تفعيالت
ٍة ن باعتبارها
يجب أن ندرس المد َ
افتراضي ،باعتبارها توصيالت آآلتية ،ال باعتبارها تفاعل
كيانات كلية عضوية أو
ٍ هويات معينة ،وال باعتبارها
ميكانيكيةة الطابع .هذا هو درس عمل ﭼينﭼيكوبس ،لكن
س لم نتعلمه بعد .ورغم أن بكلمات غير كلماتها .وهو در ٌ
فكرة الجغرافيات الحضرية "متعددة ة االستخدامات" بدأت
تنال اإلنصات (كأن الفكرة ليست من أكثر من أربعين
275
سنة) ،فما زلنا نفكر في المدن على أساس المناطق
السكنية ،والتجارية ،ومناطق التسلية.ة وما زلنا نسمح
لمناطق وسط البلد أن تصبح موبوءة ،وألحيائنا أن تصبح
ة عن من حولنا .إننا كالجيتوهات ،ولحيواتنا أن تصبح منعزل ًة
نعزل أنفسنا بدل أن نشكل توصيالت .وال يمكننا سوى
التساؤل ،مع انتشار التكنولوجياتة التي تزيد العزلة
(التلفزيون ،اإلنترنت) ،ما إذا كانت حياة الشارع ستواصل
ن
اإلفقار الذي خلقه فقدا ُ
ُ التدهور ،أم ،بالتبادل ،ما إذا كان
االتصال هذا سيؤدي إلى رغبةٍ متجددة في عمران حضري
دولوزي بدل أن يكون استلهامه دوجمائيا .هل سيجلب لنا
المستقبلة مدنا أم مجرد معاقل ضواحي أقل نجاحا؟
IV
277
عين في خصالت ٌ بطن .تُحدِّق
ٍ ت يد ٌ على سطحتُرب ِّ ُ
شعرٍ تستقر على وسادة .يلتقي فخذ ٌ باللحم الناعم إلليةٍ.
أمور
ُ ن تنهيدة رضي أو ارتياح أو لذة .هذه ليست تسمع أذ ٌ
أي
أمور شبق .اليد التي تُربِّت البطن ال تقول َّ ُ تواصل؛ إنها
شيء للبطن ،وال للشخص الذي تنتمي إليه البطن .إنها
ة
ة ] connectingبالبطن ،مستكشف ًة ترتبط [تقيم توصيل ً
إياها .وخالل عملها ذلك تخلق أحاسيس ،إذا تحدَّثنا بدقة ،ال
ك لإلحساس، تخصني أو تخصك أو تخصنا .ليس ثمة امتال ٌ
ذات له .وإذا أردنا أن نعبّر عن ذلك على أساس ٌ وليس ثمة
األفراد ،يمكن أن نقول أن كال منا هو موضوعُobject
اإلحساس ال ذاته . subjectلكن كال منا ليس هو
الموضوعُ الوحيد .فاليد ،والبطن :هما أيضا موضوعا
اإلحساس.
شبقي ،ماذا
ٌ منا ماذا يجب أن نعتقد أنه لقد تم تعلي ُ
الصور جميعنا :األجسادَ يجب أن يستثيرنا .ونعرف
الممشوقة ،المتماوجة للنساء ،واألجساد الصلبة ذات
العضالتة للرجال .النهود الكبيرة ،والصدور الكبيرة.
السيقان الطويلة ،وعضالت السيقان الطويلة .لكن األمر ال
يجري عادة على هذا النحو .فعادة ً ما يصبح شيءٌ آخر
ة
ة ضوءٍ على ركبة .تصبح خشون ُ العين ومض ُ
َ تلفت
ُ شبقيا.
م أنوركسيةٍ [فاقدةٍ رقعةِ جلد ٍ مثيرةً إلصبع .تأسرنا عظا ُ
ة أو فأفأة. م بدانة .تستثيرنا لثغ ٌ مرضية للشهية]ة أو لح ُ
بمعلومات بل بدعوة .أو
ٍة ينادي جزءٌ من جسد ٍ جزءا آخر ،ال
وموضوعات.
ٍ شبق بينهما تخلق ذواتا ٍ باألحرى ،تطرأ عالقة
شبق ينشأ عبر وبين أسطح األجساد .قد ٍ حدث
ُ ث،
ثمة حد َ ٌ
تكون مفاجأةً لنا أن نكتشف هذه األحاسيس ،هذه
يقدر عليه
ُ االستثارات .لكن ذلك ألننا مازلنا ال ندرى ما
جسد ٌ ما.
V
280
حيوات الحركات السياسية .حيواتُ الحيوات الفردية.
وحيوات أخرى كذلك :حيوات
ٌ المدن .الحيوات الشبقية.
المواد الكيميائية ،والخاليا ،والزمن ،والبيئات ،واللغات.
وكذلك المزيد من الحيوات التي لم نتحدث عنها .لم يقم
دولوزي لحياة نسق طقس ،رغم أن ذلك ٍ بتحليل
ٍ أحد ٌ
تفعيالت لالفتراضي ،عمليات
ٌ ممكن .كل هذه الحيوات هي
لهويات نوعية من حشود ٍ من االختالف.
ٍ خلق
ٍ
281
ة عنيفة وغير مبدعة غالبا،الفلسطينية الثانية هي مسأل ٌ
حتى لو كان االحتالل الذي تُناضل ضده مثيرا ً للغثيان.
والمدن عادة ً منقسمة ،موبوءة؛ والجنسانية عادةً روتينية.
ة هو أن æ
كال منها ة التي رأيناها هنا دال ً ل األمثل َ ما يجع ُ
ف فعال ماذايتضمن تجريبا مستعدا لالعتراف بأنه ال يعر ُ ُ
جه بإصرارٍ صوب االفتراضي دون ل منها يتو ّ سيجد .ك ٌّ
مون عمل كولترين ضمانات بالنجاح .فالعديد من الناس يُس ّ
األخير ضوضاءً .ومازال المحلّفون لم يفصلوا في أهمية
االنتفاضة األولى .وتنوُّع المدن يمكن أن يؤدي إلى التناحر
كما يمكن أن يؤدي إلى الحيوية .والشبق يمكن أن يصبح
مرا ة للذات .ويورد مد ِّ
جذب مركزية ،و ٍُ حواذيا ،ذا قوةُِ
ة على أخطار االستكشاف" :كاليست وحلفه مع دولوز أمثل ً
االنتحار ،هولدرلين وجنونه ،فيتزجيرالد ودماره ،فيرجينيا
ح بالضرورة. التجريب ال يعني النجا َ
ُ 7
وولف واختفاؤها".
االنسحاب مما هو موجود .وخط الهروب َ لكنه ال يعني أيضا
ل الواقع .وال يَخلِق هروب داخ ٌَ ليس هروبا من الواقع بل
جرب مع االختالف المحايث لعالمنا .ثمة من العدم بل ي ُ ِّ
دوما شيءٌ أكثر ،أكثر مما يمكننا أن نعرف ،أكثر مما يمكننا
282
عيش ،هو ما إذا كنا
ٍ أن نتصوّر .والسؤال أمامنا ،وهو سؤال
مستعدّين الستكشافه ،أم راضين بدال من ذلك بالبقاء على
سطحه.
يمكن أن
ُ ماذا يمكن أن تكون عالقة هذا بسؤال كيف
يحيا المرء ،كيف يمكن أن يمضي المرءُ بصدد الحياة؟ لو
كنا نبحث عن وصفة [روشتة] ،فإن اإلجابة هي :الشيء.
فدولوز ال يجيب على السؤال العتيق عن كيف يجب أن
يحيا المرء .ويتخلّى عن السؤال الحديث عن كيف يجب أن
يتصرف المرء .ليس مهتما بوضع وصفة [روشتة] ال َّ
لحيواتنا وال لسلوكنا .لكنه مهتم باألسئلة المعيارية .مهت ٌ
م
بكيف نتصرف وكيف تمضي حيواتنا.
284
الفردية وفوق ة الفردية ةة السؤا َ
ل الوحيد الذي يعتبره
دولوز جديرا بحياة :كيف يمكن أن تمضي حياةٌ ،كيف يمكن
أن يحيا المرء؟
285
أكثر ،دائما أكثر.
ُ ثمة ما هو
الهوامش
*******
286
مزيد ٌ من القراءات
الفصل األول
287
بالنسبةة لسؤالي كيف يجب أن يحيا المرء؟ و كيف
يجب أن يتصرف المرء؟ فإن أفالطون وأرسطو هما
حالتان بديهيتان لألول ،بينما كانط حالة نموذجية للثاني.
ويقدم كتابا الجمهورية Republicألفالطون
واألخالق إلى نيقوماخوس Nichomachean
Ethicsألرسطو نظرات عامة عن كيف يُقارب كل
مفكر سؤال كيف يجب أن يحيا المرء .وتوجد ترجمات
باقية لهذين العملين .ويقدم كتابا كانط نقد العقل
العملي Critique of Practical Reason)tr.
Lewis White Beck, Indianapolis: Bobbs-
( Merrill,1956أو كتابه األصغر تأسيس ميتافيزيقا
األخالق Groundwork of the Metaphysic of
& Morals )tr. H. J. Paton, New York: Harper
( Row, 1956أكثر المقاربات الصارمة التي قد يجدها
المرء للسؤال الثاني .وبالنسبة لنيتشه ،فإن النصين األشد
نفوذا على فكر دولوز ربما كانا هكذا تكلم زرادشت
Thus Spoke Zarathustra )included in The
Portable Nietzsche, ed. And tr. Walter
( Kaufman, New York: Viking Press,1954وفي
جينالوجيا األخالق On the Genealogy of
. Moralsوتجد نزعة سارتر اإلنسانية بيانها الموجز في
مقاله "الوجودية" في Existentialism and
Human Emotions )New York: Philosophical
( Library, 1957وتظهر معالجته التقنيةفي الوجود
والعدم :مقال فينومنولوجي في األنطولوجيا
Being and Nothingness: A
Phenomenological Essay on Ontology )tr.
288
Hazel Barnes, New York:Philosophical Library,
(1956
أما أعمال فوكوه األولية في الجينالوجيا ،التي يظهر فيها
رفض األنطولوجيا بأوضح صورة ،فهي المراقبة
والعقاب Discipline and Punishوالجزء األول
من تاريخ الجنسانية The History of Sexuality
tr. Robert Hurley, New York: Vintage Books,
( .1980وقد تمتع ديريدا بمهنة كتابة طويلة ومثمرة؛
وتفضيلي الخاص ينصب على أعماله المبكرة ،مثال الكالم
والظواهر ومقاالت أخرى في نظرية العالمات
لدى هوسرل Speech and Phenomena and
Other Essays on Husserl’s Theory of
Signsn )tr. David Allison, Evanston: North-
( .western University Press, 1978والكتابة
واالختالف Writing and Difference )tr. Alan
Bass, Chicago: University of Chicago Press,
(.1978
الفصل الثاني
عمل سبينوزا المحوري هو األخالق ، Ethicsالذي توجد
له عدة ترجمات .وغالبا ما يلجأ دولوز إلى عمل برجسون
المادة والذاكرة Matter and Memory )tr. N.
M. Paul and W. S. Palmer, New York: Zone
( ،Books, 1988ويشكلة أساس المعالجة التي تجري
مناقشتها هنا .وأهم مناقشة وجودية/فينومنولوجيةة للزمن
289
هي كتاب هوسرل فينومنولوجيا وعي ف الزمن
الداخلي The Phenomenology of Internal
Time-Consciousness )ed. Martin Heidegger,
tr. James S. Churchil, Bloomington: Hndiana
( .University Press, 1964وقد أوردت بالفعلة كتاب
نيتشه .ومن بين أعمال دولوز فإن ،النزعة التعبيرية
في الفلسفة :سبينوزا Expressionism in
، Philosophy: Spinozaو سبينوزا :الفلسفة
العملية ، Spinoza: Practical Philosophy
والبرجسونية ، Bergsonismونيتشه والفلسفة
Nietzsche and Philosophyهي المعالجات
المحورية لسبينوزا ،وبرجسون ،ونيتشه ،بالترتيب.
الفصل الثالث
لسوء الحظ ،تُرجم القليل جدا من عمل جيلبيرة سيموندون
إلى اإلنجليزية .ورغم ذلك ،تظهر مقدمة الفرد وتولّده
السيكو ف بيولوجي l’individu et sa genèse
physico_biologiqueفي كتاب كريري وكوينتر
.Craryand Kwinter’s Incoporationsأما كتاب
مونوه الصدفة والضرورة Chance and
Necessityوكتاب بريجوجين وسترينجر النظام من
الكاوس Order Out of Chaosفهما نصان صعبان،
لكنهما هامان لفهم مقاربة دولوز للعلم .وبالنظر إلى
اللغة ،ربما كان كتاب سوسير منهج في اللغويات
العامة Course in General Linguisticsالنص
290
اللغوي المنفرد األشد تأثيرا للقرن العشرين ،على األقل
بقدر ما يخص أوروبا .ويزوّد كتابا لويس كارول ،أليس
في بالد العجائب Alice in Wonderlandومن
خالل المرآة Through the Looking Glass
دولوز بأمثلة عديدة على الالمعنى؛ وكتاب مارتين جاردنر
Martin Gardner’s The Annotated Aliceهو
دليل ممتاز خالل هذين النصين .وتظهر مقاربة دولوز للعلم
في عدة مواضع من االختالف والتكرار Difference
( and Repetitionوالكثير منها جرى ذكره في
الصفحات السالفة) وكذلك في تعاونه الالحق مع جاتاري،
مسطّح ، A Thousand Plateausخصوصا ألف ُ
المسطّح رقم .3والصورة الدوجمائية للفكر هي موضوع
الفصل الثالث من االختالف والتكرار .والنص المفتاح
لمقاربة دولوز المبكرة للغة هو منطق المعنى The
. Logic of Senseوبعدها ،في تعاونه مع جاتاري،
ة مختلفةة عن ،لكنها ال تتنافر مع ،المقاربة
يُطوِّر مقارب ً
األولى التي تتم مناقشتها في الكتاب الحالي .والمسطح
الرابع من األلف مسطح تناقش المقاربة األخيرة
بالتفصيل.
الفصل الرابع
هناك بيانات عديدة عن الليبرالية ،لكن ربما يتجاوز اثنان
منها األعمال األخرى :عمل جون ستيوارت ميل من القرن
التاسع عشر في الحرية On Liberty
( Indianapolis: Hackett, 1978وعمل جون روولز
291
نظرية للعدالة A Theory of Justice
(. Cambridge: Harvard University Press, 1971
وبين األعمال االجتماعية يعتبرة كتاب مايكل ساندل
الليبرالية وحدود العدالة Liberalism and the
Limits of Justiceمثاال ممتازا .وبالطبع ،لماركس
خ طويل ومعقّد .وفيما يتعلق بكتاباتوالماركسية تار ٌ
ماركس ،فإن العمل المبكر المخطوطات االقتصادية
والفلسفية Economic and Philosophic
( Manuscriptsالذي يمكن العثور عليه ،بين أماكن
أخري ،في الكتابات المبكرة Early Writings, tr.
Rodney Livingstone and Gregor Benton, New
)York: Random House, 1975والكتاب المتأخر
رأس المال :المجلد األول Capital: Volume
One )tr. Ben Fowkes, New York: Random
( House, 1977هما عمالن ممثالن له .وقد ذكرت من
قبل عمل فوكوه المراقبة والعقاب .وقد تم إنجاز قدر
كبير من كتابات دولوز السياسية الصريحة بالتعاون مع
فيليكس جاتاري :في األنتي أوديب داقتعالا[ضد فف أوديب]
( Anti-Oedipusخصوصا الفصل الرابع) وفي ألف
مسطّح A Thousand Plateausخصوصا المسطح
أدب أقلياتي ٍ ،)13 ،12 ،9وكذلك في كافكا :نحو
، Kafka: Toward a Minor Literatureوفيه
ة فيمناقشة في الفصل الثالث لألقلية والصيرورة ة أقلي ً
األدب .كما اعتمد نقاشي على الفصل الرابع من كتاب
دولوز محاورات Dialoguesمع كلير بارنيت.
الفصل الخامس
292
كُتب الكثير عن جون كولترين ،لكن من أجل نظرة شاملة
ضل الفيديو العالمطبقا على موسيقاه وأسلوبه ،أف ّ
لجون كولترين The World According to John
( . Coltrane )New York: BMG Video, 1991وبين
فضائله أنه فيديو غائم ألداء "أشيائي المفضلة" يلتقط
بأفضل ما رأيتموسيقى كولترين التي تستقصي .ويظل
كتاب جين جيكوبس موت وحياة المدن األمريكية
الكبرى The Death and Life of Graet
American Citiesمحك التفكير في طابع المدن.
كذلك أصبحت االنتفاضة الفلسطينية موضوع الكثير من
الدراسات .وأحد الكتب التي تقدم نظرة شاملة مبكرة
لالنتفاضة األولى هو كتاب دون بيريتز اإلنتفاضة Don
. Peretz’s Intifadaوبالنسبة للتطورات األحدث،
شاركت في تحرير كتاب مع منى حمزه هو ،عملية الدرع ُ
الواقي :شهادات على جرائم الحرب اإلسرائيلية
Operation Defensive Shield: Witnesses
to Israeli War Crimes )London: Pluto Press,
( ، 2003يركز على غزو إسرائيل عام 2002لألراضي
الفلسطينية ،لكنه يقدم أيضا معالجة أعم لألمور .وبالنسبة
للشبق ،ففي الصفحات األولى من األنتي أوديبداقتعالا[ضد فف
أوديب] Anti-Oedipusمناقشة ممتازة للتعشيقاتة
التي ليست من شخص لشخص ،بل من جزء لجزء.
*********
293
References
295
Columbia University Press, 1990 )first
published 1969(.
———.Nietzsche and Philosophy, tr. Hugh
Tomlinson. New York: Columbia
University
Press, 1983 )first published 1962(.
———.“Nomad Thought,” tr. David
Allison. From The New Nietzsche:
Contemporary
Styles of Interpretation. New York: Dell,
1977 )essay first published 1973(,
pp. 142–9.
———. “Postscript on Societies of
Control,” in Negotiations 1972–1990, tr.
Martin Joughin. New York: Columbia
University Press, 1995.
———.Proust and Signs, tr. Richard
Howard. New York: George Braziller,
1972.
Deleuze, Gilles, and Guattari, Felix. Anti-
Oedipus: Capitalism and Schizophrenia,
tr. Robert Hurley, Mark Seem, and Helen
R. Lane. New York: Viking Press,
1977 )first published 1972(.
———. Kafka: Toward a Minor Literature,
tr. Dana Polan. Minneapolis: University
296
of Minnesota Press, 1986 )first published
1975(.
———. A Thousand Plateaus, tr. Brian
Massumi. Minneapolis: University of
Minnesota Press, 1987 )first published
1980(.
———. What Is Philosophy? tr. Hugh
Tomlinson and Graham Burchell. New
York: Columbia University Press, 1994
)first published 1991(.
Deleuze, Gilles, and Parnet, Claire.
Dialogues, tr. Hugh Tomlinson and
Barbara
Habberjam. New York: Columbia
University Press, 1987 )first published
1977(.
Descartes, Ren´e. Passions of the Soul,
tr. Stephen Voss. Indianapolis: Hackett,
1990.
Foucault, Michel. Discipline and Punish,
tr. Alan Sheridan. New York: Random
House, 1977 )first published 1975(.
———. “Practicing Criticism,” an
interview with Didier Eribon, tr. Alan
Sheridan. From Michel Foucault: Politics,
Philosophy, Culture, ed. Lawrence
297
Kritzman. New York: Routledge, 1988,
pp. 152–6.
———. “Truth, Power, Self: An Interview
with Michel Foucault,” from
Technologies
of the Self: A Seminar with Michel
Foucault. Amherst: University of
Massachusetts Press, 1988, pp. 9–15.
Husserl, Edmund. The Phenomenology of
Internal Time-Consciousness, ed. Martin
Heidegger, tr. James S. Churchill.
Bloomington: Indiana University Press,
1964.
Jacobs, Jane. The Death and Life of Great
American Cities. New York: Vintage,
1961.
May, Todd. “Deleuze, Difference, and
Science.” From Continental Philosophy
and Science, ed. Gary Gutting. Oxford:
Basil Blackwell, 2004.
Monod, Jacques. Chance and Necessity:
An Essay on the Natural Philosophy of
Modern
Biology, tr. Austryn Wainhouse. New
York: Knopf, 1971 )first published
1970(.
298
Nietzsche, Friederich. On the Genealogy
of Morals, tr. Douglas Smith. Oxford:
Oxford University Press, 1996 )first
published 1887(.
———. Thus Spoke Zarathustra. )First
published 1892.( From The Portable
Nietzsche,
tr. and ed. Walter Kaufmann. New York:
Viking Press, 1954.
———. The Will to Power, ed. Walter
Kaufmann, tr. Walter Kaufmann and R. J.
Hollingdale. New York: Random House,
.1967
Pearson, Keith Ansell. Germinal Life: The
Difference and Repetition of Deleuze.
NewYork: Routledge, 1999.
Prigogine, Ilya, and Stengers, Isabelle.La
Nouvelle Alliance: M´etamorphose de la
science. Paris: Gallimard, 1979.
———. Order Out of Chaos: Man’s New
Dialogue With Nature. Boulder and
London: New Science Library, 1984.
Proust, Marcel. Remembrance of Things
Past: The Past Recaptured, tr. Andreas
Mayor. New York: Random House, 1970
)first published 1927(.
299
Rajchman, John. The Deleuze
Connections. Cambridge: MIT Press,
2000.
Sandel, Michael. Liberalism and the
Limits of Justice. Cambridge: Cambridge
University Press, 1982.
Sartre, Jean-Paul.“Existentialism,” tr.
Bernard Frechtman. From Existentialism
and Human Emotions. New York:
Philosophical Library, 1957, pp. 9–51.
Saussure, Ferdinand de. Course in
General Linguistics, ed. Charles Bally
and
Albert Sechehaye, tr. Wade Baskin. New
York: McGraw-Hill, 1959.
Simondon, Gilbert. “The Genesis of the
Individual,” tr. Mark Cohen and
Sanford Kwinter. From Zone 6:
Incorporations, ed. S. Kwinter and J.
McCrary.
New York: Zone Books, 1992, pp. 297–
319.
Spinoza, Benedictus de. The Ethics and
Selected Letters, ed. Seymour Feldman,
tr. Samuel Shirley. Indianapolis:
Hackett, 1982 )first published 1677(.
300
Williams, Bernard. Ethics and the Limits
of Philosophy. Cambridge: Harvard
UniversityPress, 1985.
Wittgenstein, Ludwig. Philosophical
Investigations, tr. G. E. M. Anscombe.
New
.York: Macmillan, 1953
*********
*******
301
302