You are on page 1of 81

‫ناقصات عقل ودين‬

‫الرسول‪1‬‬‫فصول في حديث ّ‬
‫(مقاربة تحليليّة نفسيّة)‬

‫‪1‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫دار سحر للنّشر‬
‫ّ‬
‫الطبعة األولى‪2003‬‬

‫‪2‬‬
‫د‪-‬ألـفـة يـوسـف‬

‫…‬ ‫ناقصات عقل ودين‬


‫الرسول‪1‬‬
‫فصول في حديث ّ‬
‫(مقاربة تحليليّة نفسيّة)‬

‫دار سحر للنّشر‬

‫‪3‬‬
4
‫الرضا بالغيب والشّوق إلى التّجلّي…‬
‫إلى ك ّل من احتار بين ّ‬

‫تقديم‬

‫‪5‬‬
‫أن خطاب العرفاان‬ ‫يعتبر ميشال دو سيرتو (‪ّ )Michel De Certeau‬‬
‫ي هااو م ّمااا ك يمو ا لول ا ولونّ ا أي ااا م ا م ااال مااا ك يمو ا‬ ‫ال ادّين ّ‬
‫ّ‬
‫سووت عن ‪،‬وفي هذا اإلطار يتنزل هاذا الوتااب ف او محاولاة لقاول‬ ‫‪1‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما ك ينقال منطلق ا الع ز ع صمت ‪.‬‬
‫إنّنا في هذا الوتاب نودّ اكهتمام بوج م وجوه الخطااب الادّين ّ‬
‫ي‬
‫الروحانياة‬ ‫الرسول بالبحث فاي بعا أبعادهاا ّ‬ ‫وذلك بمساءلة أحاديث ّ‬
‫النّفسية‪،‬ونح ك ننشد التّأريخ لحياة الرساول وألوالا فغيرناا أكفاأ منااّ‬
‫وألااادر علاااى القياااام بمعااا هاااذا العمااا ‪ .‬وك تااادّعي لراءتناااا لااابع‬
‫ااز وجااا ّ‬ ‫األحادياااث أو اتياااات القرتنيّاااة تحدياااد معاااان لصااادها عا ّ‬
‫ي‬‫والرسااول ص الّى علي ا وس الّق فاانح نقا ّار ب اايا المعن اى األصاال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي باأن نقاول لولناا مساقطا‬ ‫سق القدر البشر ّ‬ ‫ّ‬
‫للقول‪.‬إننا نودّ فحسب أن ن ّ‬
‫على لول تخر‪.‬‬
‫ولد اختار هذا العما لصادا أن ي ارب صافحا عا اكخت فاات‬
‫تسارب إلي اا‬ ‫الرسول وع ّما يموا أن يواون لاد ّ‬ ‫التّاريخيّة بي أحاديث ّ‬
‫ي‬ ‫م ا تحري ا أو تحوير‪.‬فقراءتنااا ل حاديااث النّبويّااة ك تقااوم علااى أ ّ‬
‫ت ريح وتعدي ب تتعام مع ا معطى تاريخيّا غُ ْف ‪.‬‬
‫وفي هذا الوتااب أربعاة مقااكت تختلا موااايع ا ولونّ اا تتّفا‬
‫سا هاذا العما‬ ‫الرى‪..‬فقاد تو ّ‬ ‫في ما يشدّها م وحدة في المن ج وفاي ّ‬
‫ي*(‪)psychanalyse‬‬ ‫في كعير م فصول ببع معاار التّحليا النّفسا ّ‬
‫عموما والتّحلي النّفسي ال كاني(‪ )lacanien‬خصوصاا ‪،‬وباي التّحليا‬
‫‪2‬‬

‫سمت تاريخيّا في صرا‬ ‫ي والقراءات اإليمانيّة وشائج كعيرة ت ّ‬ ‫النّفس ّ‬


‫ي والدّي ثا ّق فاي مصاالحة بين ماا ن مات عا توااثر‬ ‫بي التّحلي النّفس ّ‬

‫مؤرخ منفتح على األنتروبولوجيا واللسانيّات والتّحلي النّفس ّ‬


‫ي عاش بي‬ ‫‪ 1‬ميشال دو سيرتو ّ‬
‫ي في كتاب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫س‬‫نف‬ ‫منظور‬ ‫م‬ ‫ّيني‬ ‫د‬‫ال‬ ‫بالعرفان‬ ‫‪ 1925‬و‪ ،1986‬اهت ّق‬
‫‪Michel De Certeau :La fable mystique XVI-XVII‬‬
‫‪siècle,Paris,Gallimard,1982.‬‬

‫ي يُعدّ م‬
‫ي فرنس ّ‬‫نسبة إلى جاك ككان(‪،)Jacques Lacan 1981-1901‬وهو محلّ نفس ّ‬
‫‪2‬‬
‫ي‪.‬وأصبح ككان‬ ‫ّ‬
‫لراء سيغموند فرويد(‪ )Sigmund freud 1856-1939‬أب التحلي النّفس ّ‬ ‫أه ّق ّ‬
‫عند الوعيري رائد مدرسة في التّحلي النّفس ّ‬
‫ي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أن األبعااد اإليمانيّاة ك‬ ‫الوتابات ا ّلتي تعمد كلي ماا وهاي كتاباات بيّنات ّ‬
‫ي ما تحقيا ساعادة الفارد‪.3‬ون ااد‬ ‫تتناافى ماع ماا ينشااده التّحليا النّفسا ّ‬
‫ي معتماادا‬ ‫ي أو المساايح ّ‬‫كعياارا ما هااذه الوتابااات يقاارأ التّااراثي الي ااود ّ‬
‫ي‪،4‬واهااات ّق بعااا الدّارساااي العااارب بقاااراءة التّااارا‬ ‫التّحليااا النّفسااا ّ‬
‫ي‪ .5‬وفي هاذا اإلطاار العاا ّم ّ‬
‫يتنازل‬ ‫ي م منظور التّحلي النّفس ّ‬ ‫اإلس م ّ‬
‫هااذا الوتاااب ف ااو جاازء ّأول م ا بحااو تنشااد لااراءة بع ا أحاديااث‬
‫ي ومنطلقاة ما المصاادرة اإليمانيّااة‬ ‫الرساول مسااتعينة بالتّحليا النّفسا ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولاااد حاولناااا لااادر اإلمواااان تواااايح بعااا مفااااهيق التحليااا النفسااا ّ‬
‫صااا ب ا شااواغ فوريّااة‬ ‫المعقّاادة‪ 6‬فاانح ك نوتااب كتابااا أكاديميّااا مخت ّ‬
‫المختّ‪.‬وربّماا جلاب لناا‬ ‫ّ‬ ‫المخاتّ وغيار‬
‫ّ‬ ‫نرجو أن ت د صد‪ .‬لاد‪.‬‬
‫صاي وربّماا لقاي بماا فيا ما‬ ‫هذا الوتاب بما في م تبسيط نقد المخت ّ‬
‫صي ‪،‬وبي هاذا وذاك ياودّ‬ ‫بع المفاهيق الدّليقة نفورا م غير المخت ّ‬
‫ّ‬
‫هذا الوتاب مساءلة بعد ما أبعادناا البشاريّة التاي نشاترك في اا جميعاا‬
‫ي‬‫الروح ّ‬ ‫تتوز اهتماماتنا‪،‬وهو البعد ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتنو اختصاصاتنا وم ما‬ ‫م ما ّ‬
‫ي‪،‬ونودّ مسااءلة هاذا البعاد ما منظاور ك ينصاح وك يلاوم وك‬ ‫اإليمان ّ‬
‫يدّعي امت كا للحقيقة ب ي رب علاى غيار هاد‪ .‬مشاتالا إلاى إشابا‬
‫شوق ذات علّة وجوده وألاصي متعت ‪.‬‬ ‫ل يوون‪،‬ي د في ذلك ال ّ‬

‫‪ 3‬لبحث تفاصي الع لة بي الدّي والتّحلي النّفسي انظر‪:‬‬


‫‪Marie‬‬ ‫‪Romanens :Le‬‬ ‫‪divan et le prie-Dieu,psychanalyse et‬‬
‫‪religion,Descléé de Brouwer 2000.‬‬
‫‪ 4‬نذكر على سبي المعال كتابات ‪ Denis Vasse‬و ‪ Françoise Dolto‬المعتمدة في هذا‬
‫الوتاب‪.‬‬
‫ونذكر كتاب‪:‬‬
‫‪Daniel Sibony :Psychanalyse et judaisme,Questions de‬‬
‫‪transmission,Paris ,Flammarion 2001.‬‬
‫‪ 5‬نذكر على سبي المعال‪:‬‬
‫‪Fethi Benslama : La nuit brisée, Muhammad et l’énonciation islamique.‬‬
‫‪Éditions Ramsay , Paris 1988.‬‬
‫‪Fethi Benslama :La psychanalyse à l'épreuve de l'Islam,Paris,Aubier‬‬
‫‪2002.‬‬
‫خاص‬
‫ّ‬ ‫‪ 6‬ألحقنا أه ّق المفاهيق والمصطلحات الواردة في الوتاب ّ‬
‫بالرمز *‪،‬وفسّرناها في ف رس‬
‫تخر الوتاب‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫محنة الغياب‬

‫الجوهري‪:‬‬
‫ّ‬ ‫االفتقار‬
‫"دخا أبااو بواار الص ادّي بياات الماادراس علااى ي ود‪،‬فوجااد ماان ق‬
‫ناسااا كعياارا لااد اجتمعااوا إلااى رج ا ماان ق يوقااال لا فنحاااص وكااان م ا‬
‫علماائ ق وأحبااارهق ومعا حبار ما أحبااارهق يقااال لا أشاايع فقااال أبااو‬
‫أن مح ّمدا لرسول‬ ‫وأسلق فو إنّك تعلق ّ‬ ‫بور‪:‬ويحك يا فنحاص ات ّ‬
‫لااد جاااءكق بااالح ّ م ا عنااده ت دون ا موتوبااا عناادكق فااي التّااوراة‬
‫واإلن ي ‪،‬فقال فنحاص ألباي بوار‪:‬و ياا أباا بوار ماا بناا إلاى ما‬

‫‪8‬‬
‫فقاار وإ ّن ا إلينااا لفقير‪،‬ومااا نت ا ّار إلي ا كمااا يت ا ّار إلينا‪،‬وإنّااا عن ا‬
‫ي ولاو كاان غنيّاا ماا استقراانا أموالناا"‪.7‬إ ّن‬ ‫بأغنياء وما هاو عنّاا بغنا ّ‬
‫هااذا الي ااودي لااق يميّااز بااي فقاار اإلنسااان العراااي إلااى المااال وفقااره‬
‫ال ااوهري إلااى ذات مطلقااة غياار منشطرة‪.‬ومشااو هااذا الي ااودي أنّ ا‬
‫خلااط بااي الفقاار إلااى المااال وهااو فقاار ولتااي لااد يملااؤه المااال والفقاار‬
‫البشري األنطولوجي الذي ك يُم ‪.‬فما الفقر؟ الفقار لغويّاا يفياد معنياي‬
‫الع ّقب واكحتياج‪.‬وهما معنيان مترابطان‪.‬فالمعقوب في حاجة إلاى ما‬
‫يرتااااا ثقبااااا ‪.‬ولو مااااا العّقاااااوب ماااااا ك يرتااااا وجوهرهاااااا الع ّقاااااب‬
‫البشااري‪.‬وحاجة رتا العقااب المااادّي طلااب يموا أن يُ اااب شااأن ك ا ّ‬
‫الحاجااات‪.‬ولو ّ ك ا ّ حاجااات اإلنسااان إذ ت ُ اااب تفااتح م ا جديااد علااى‬
‫ّ‬
‫أخاااار‪،.‬إن الحاجااااة ك ت يااااب اإلنسااااان عاااا معنااااى ذاتاااا‬ ‫حاجااااة‬
‫ّ‬
‫ي‪،‬إن ا ك تربأ العقب‪،‬إن ا ت دّئ اغطا ليفغر ااغط تخار فااه‬ ‫ّ‬ ‫ال وهر ّ‬
‫م جديد إلى حاجة أخر‪..‬‬
‫إن حركة الحاجة الّتي ك تنت ي هاي الادّال األساساي علاى افتقاار‬ ‫ّ‬
‫أن مواااع اللغااة هااو الااذي تنبنااي‬ ‫ي فاااذا اعتبرنااا ّ‬ ‫اإلنسااان ال ااوهر ّ‬
‫بمقت اااااه الااااذّات فا ّ‬
‫اااان ّأول مااااا تفعلاااا اللغااااة هااااو أن تفصاااا بااااي‬
‫مقول*(‪ )énoncé‬متحقّ حاار وغير مقول ممو غائاب‪.8‬وكا ّ لاول‬
‫ليوون ينفي لوك تخر ل يوون‪.‬أن تسمك الذّكورة ينفي بال رورة أن‬
‫تساااامك األنوثااااة وأن تساااامك األنوثااااة ينفااااي بال اااارورة أن تساااامك‬
‫الذّكورة‪،‬م البدء تتماهى مع األب أو مع األ ّم ك مع كلي ما‪.‬منذ البادء‬
‫األول األثير وك تعود إليا أبادا فا ّماا‬ ‫تولد فتفترق بيولوجيّا ع محلّك ّ‬
‫أن توااون جنيناااا خاااارج هاااذه الحياااة أو أن تواااون بشااارا فاااي موااااع‬
‫الحياااة‪.‬م الباادء يُحا ّارم عليااك نواااّ األب واأل ّم ف ا يمواا أن يوونااا‬
‫إن فعا‬ ‫سلب في تزام مذه ب ّ‬ ‫زوجي ‪.‬ويتواص فع اإلي اب وال ّ‬
‫سلب ألاي اإلي ااب فاي جاوهره نفياا للنفاي؟‬ ‫اإلي اب هو نفس فع ال ّ‬
‫سلب إي ابا للنّفي؟‬ ‫وألي ال ّ‬

‫‪ 7‬سيرة اب هشام‪،‬بيروت‪،‬الموتبة العصريّة ّ‬


‫للطباعة والنّشر‪ 2001‬ج‪ 2‬ص‪.181/180‬‬
‫‪Vincent Descombes : L’inconscient malgré lui,Paris,Minuit 1977,pp- 8‬‬
‫‪17-71.‬‬

‫‪9‬‬
‫إن شاااارط وجااااود الااااذّات البشااااريّة أن يوااااون اااااياعا لشاااايء‬ ‫ّ‬
‫ي شارط بادء الاذّات؟ وأليسات التّسامية لات‬ ‫ممو ‪.‬ألي التّرميز اللغو ّ‬
‫شيء غيار المسا ّمى باخراجا ما موااع‬ ‫الرمز أي لت لل ّ‬ ‫للوائ لب ّ‬
‫ّ‬
‫شيء(‪)chose‬إلاى محا الموااو (‪ )objet‬الاذي يساتدعي بال ّارورة‬‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ذاتا واصفة‪.9‬‬
‫إن تعلّق تدم األسماء بد وء لبشريّت وبدء لسلطت على المواايع ك‬ ‫ّ‬
‫أن الوا م هاو فصا باي المسا ّمي والمسا ّمى الّااذي‬ ‫علاى األشاياء ذلاك ّ‬
‫اار مااا‬
‫ينقااااد طائعاااا للتمعيااا وفاااي اتن نفسااا وبسااابب انقيااااده ذاك يفا ّ‬
‫سق اربي م اكفتقار وف محاور‬ ‫الح ور‪.‬ف ح ور إكّ للّغة ت ّ‬
‫اكساااتبدال*(‪ )axe de sélection‬ووفااا محاااور التّوزياااع*( ‪axe de‬‬
‫األول ك وجااود إكّ للّغااة تتقاذفنااا كلمات ااا‬ ‫‪.)distribution‬فوف ا المحااور ّ‬
‫م كلماة إلاى أخار‪ .‬إلاى أخار‪ .‬فاي سلسالة ك تنت اي‪،‬دون أن ن ازم‬
‫ي‪.‬ووف ا المحااور العّاااني ك‬ ‫البت ّ اة إن كااان للولمااة اللغويّااة نظياار والع ّ‬
‫يوجد البتّة لول منت منغل على نفس ب كا ّ لاول منفاتح بال ّارورة‬
‫إلااى ك ا م يزيااده وصاافا وتوااايحا‪.10‬إ ّن "لبولنااا" الخ ااو للّغااة هااو‬
‫األول غيار‬ ‫الّذي أنشأنا ذواتا بشريّة لونّ ي يع منّا بال ّرورة تش ّولنا ّ‬
‫شارخ‬ ‫ي فالبدء هو رحلة لإلنشاء والفقادان وهاو محا ّ ظ اور ال ّ‬ ‫الرمز ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪.‬وإذا كاان‬ ‫ي*(‪ )Le réel‬واللغو ّ‬ ‫ي الذي ك يمو سدّه بي الوالع ّ‬ ‫ّ‬ ‫األصل ّ‬
‫ّ‬
‫اكفتقار إلاى شايء غائاب أبادا هاو جاوهر الاذات البشاريّة ّ‬
‫فاان مولا‬
‫ي من ك يعدو أن يوون ساعيا مساتحي لما ء افتقاار‬ ‫الذّوات المرا ّ‬
‫ك يُم ‪.‬‬
‫وهم الجمع‪:‬‬
‫ُ‬
‫يقاول تعالى‪":‬ويْا و لوُا ّ هُمازة لمازة‪-‬الاذي جماع مااكا وعاددهُ‪-‬‬
‫)‪.‬إن الت ديد في هاذه اتياة ك‬ ‫ب أن مال ُ أ ْخلدهُ" (ال مزة‪ّ 3-2-1/104‬‬ ‫يحْ س ُ‬

‫ي بعاد كاانط(‪ )Kant‬الّاذي يميّاز باي‬ ‫شيء والمواو إلى التّقلياد الفلساف ّ‬ ‫‪ 9‬يعود التّمييز بي ال ّ‬
‫شيء في ذات (‪ )chose en soi‬وهو لائق بصر النّظر ع ذات تدرك والمواو وهو ماا‬ ‫ال ّ‬
‫ك يوون إكّ بوجود الذّات المدركة‪.‬‬
‫ي وذلك في‬ ‫واّحنا هذي المف ومي ‪،‬ووسمنا العّاني باكتّسا التّركيب ّ‬
‫‪10‬‬
‫ّ‬
‫ألفااااااة يوساااااا ‪:‬تعدّد المعنااااااى فااااااي القرتن‪،‬تون ‪،‬كليااااااة اتداب منّوبااااااة‪-‬دار سااااااحر للنّشاااااار‬
‫‪،2003‬صّ‪.293-289‬‬

‫‪10‬‬
‫أن جماع‬ ‫يحي على ك ّ جامع للمال با علاى جاامع الماال الّاذي يار‪ّ .‬‬
‫‪.‬إن ال ماع‬ ‫ي ّ‬
‫المال هذا لد يُن ي م الموت أي م حدّ الوجاود األصال ّ‬
‫ي جمع عندما يوون هدفا في ذات لي سو‪ .‬سعي محماوم إلاى نفاي‬ ‫أ ّ‬
‫ي‪.‬ومعال دون جااوان(‪)Don Juan‬الااذي ك ينااي ي مااع‬ ‫اكفتقااار األصاال ّ‬
‫النّسوة والبخي الذي ك يو ّ ع جمع المال ‪،‬واإلنسان الذي ك يو ّ‬ ‫ّ‬
‫الزماان صانو الماال فاي المعا األمريواي‬ ‫ع جمع الولت حتّى يغادو ّ‬
‫أن دون جوان الّذي ي مع النّسوة ك يو ّ‬ ‫الش ير ‪.Time is money‬على ّ‬
‫بالراحااة‪،‬والبخي الّااذي ي مااع المااال ك يتمتّااع‬ ‫ع ا ال مااع وك يشااعر ّ‬
‫بالمااال الّااذي ي مع ‪،‬واإلنسااان الااذي يااودّ أن يمتلااك الحياااة ك يتمتااع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالحياة الّتي يحياها‪.‬فوق م فارد ت اده يُم اي حياتا كلّ اا نادماا علاى‬
‫أنّ لاق يُما حياتا فاي صاورة أف ا ‪،‬وما النّادم فاي جمياع ااروب‬
‫سم سو‪ .‬تأكيد لرف ايا الممو بتحقّ الوائ ‪.‬ولو افتراانا‬ ‫ت ّ‬
‫فاان حركاة الحاجاة فيا لا تخماد أل ّن‬ ‫ّ‬ ‫شخصا "أشابعنا" كا ّ حاجاتا‬
‫ْ‬
‫الحاجة ك يمو أن تنت ي بتلبيت ا‪.‬واإلنسان عند امت ك لمواو ّماا‬
‫ي‬‫ساااق افتقااااره إلاااى موااااو تخر‪،‬إلاااى شااايء يت ااااوز امااات ك أ ّ‬ ‫ي ّ‬
‫أن وصال معشول هو ألصى تمال ومناى‬ ‫مواو ‪ .‬فوق عاش شعر ّ‬
‫حيات فاذا ب يح ّ بعد تحقّ ذاك الوصال بوحشة النّف التي تتاو ّهق‬
‫أن توادي المااال‬ ‫تصاور ّ‬‫ّ‬ ‫اإلشابا فا تصااد إكّ فراغاا‪،‬وكق معاوز‬
‫وت ميع ي يب ن ق نفس فاذا ب ك ي د بعد جمع العّروات سو‪ .‬رزم‬
‫إن ال مع الانّ ق محاولاة يائساة لما ء ماا ك‬ ‫سعادة‪ّ .‬‬ ‫م المال ك تحقّ ال ّ‬
‫ألن وجاود‬ ‫يمو أن يم ه ال مع‪،‬إنّ محاولاة لسادّ ال ّاوة الّتاي ك تسادّ ّ‬
‫الاذّات فااي هااذه الحياااة لااائق علااى وجااود هااذه ال ّوة‪،‬فاااذا كااان اكفتقااار‬
‫شاارط الااذات البشااريّة كااان نفي ا نفيااا لل اذّات البشااريّة لااذلك ك ياازول‬
‫اكفتقاااار إكّ باااالموت أو باااالخروج مااا موااااع اللغاااة التاااي تفااار‬
‫شيء‪.‬‬ ‫اكختيار إلى مواع ال لغة حيث تتماهى الولمة وال ّ‬
‫سايطرة علاى العاالق كلاّ‬ ‫والح ارة المادّياة الحديعاة الّتاي تنشاد ال ّ‬
‫سااعي المحمااوم نحااو‬ ‫سااق أحس ا ت ساايق هااذا ال ّ‬ ‫باسااق العولمااة إنّمااا ت ّ‬
‫سااعي نحاو امات ك الموااو م مااا‬ ‫ّ‬
‫ال ماع واكسات ك متماع فاي ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يو نوع ‪.‬إنّ ا تنشئ لد‪ .‬اإلنسان وهق الحاجاة التاي كلماا غارق في اا‬
‫شااوق*(‪.)désir‬وليساات وظيفااة اإلش ا ار الفعليّااة‬ ‫ابتعااد عاا مواااع ال ّ‬

‫‪11‬‬
‫التّرغياااب فاااي اسااات ك موااااو ّماااا بقااادر ماااا هاااي إنشااااء لحاجاااة‬
‫است كيّة ما كانت لتنشأ في غياب ذلك اإلش ار‪.‬وتحقي هذه الحاجاة‬
‫لااد ي اادّئ ال ّااغط لماادّة لصاايرة ينفااتح بعاادها اإلنسااان علااى حاجااة‬
‫أن ك وجاااود لشااايء يموااا أن يطااااب شاااولنا إليااا ‪،‬فو ّ‬ ‫أخر‪..‬ذلاااك ْ‬
‫محركاا الاذّات‬ ‫ّ‬ ‫حاار يُنشئ بال ّرورة غائبا منشودا أبدا ااائعا أبادا‬
‫الرسااول صالى علي ا‬‫ّ‬ ‫البشااريّة فااي حركااة ك تنااي البتّة‪.‬لااذلك يشااير ّ‬
‫وأن الواافر يأكا فاي سابعة‬ ‫أن المسلق يأك في معاى واحاد ّ‬ ‫وسلّق إلى ّ‬
‫ساي‬ ‫أن ل ك في رأينا معنى م ازيّا يت اوز معناه الح ّ‬ ‫أمعاء‪،11‬ويبدو ّ‬
‫األول فاألكاااا سااااعي نحااااو اكماااات ء م مااااا يواااا مواااااو ذلااااك‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اكمت ء‪،‬واكماات ء لاااي ساااو‪ .‬وهاااق ينشااده اإلنساااان الاااذي يااارف‬
‫شاابع المسااتحي وك ال مااع‬ ‫منزلت ا البشااريّة أ ّمااا المااؤم ف ا ينشااد ال ّ‬
‫الرسول يعاوذ باام ما نفا ك تشابع‪،12‬وعلاى الماؤم‬ ‫ي ّ‬
‫‪.‬إن ّ‬ ‫التوديس ّ‬
‫ّ‬
‫أن يعاار ليمااة الفاارا الااذي تحمل ا ذات ا ‪،‬ذلك الفاارا الخ ا ق ذلااك‬
‫الاادّافع الّااذي يخاارج الوجاااود كلّاا ماا حيّاااز دافااع ال مااع المساااتحي‬
‫ي‬
‫ي األصاال ّ‬ ‫المره ا أباادا إلااى حيّااز اإللاارار العمي ا باكفتقااار البشاار ّ‬
‫شوق* إلى مواع اتخر المطل *(‪.)L’Autre‬ولي ما العباث أن‬ ‫وال ّ‬
‫سار‬ ‫تتّف جميع التّشريعات على تحريق إتيان المحارم*(‪ )inceste‬ولد ف ّ‬
‫ساتراوس(‪ )C-L-Strauss‬هااذا التّحاريق ب اارورة التّباادل‪،‬ويُع ّم دنااي‬
‫ساار تحااريق‬ ‫ي فيف ّ‬ ‫ي نفسا ّ‬‫فااس(‪ )Denis Vasse‬التّبااادل ما منظااور تحليلا ّ‬
‫إتيااان المحااارم* بأنّ ا ت ساايق كفتقااار ال اذّات‪،‬وهو افتقااار يُشااعر اكب ا‬
‫اا‪،‬وأن علي ا أن يتن ّحااى ع ا‬ ‫ّ‬ ‫بأنّ ا غياار كااا إلشاابا رغبااات أ ّم ا كلّ ا‬
‫تخيّل الومال في ذات ‪.13‬‬
‫أن ك تشاابع أنفساانا صااورة تخرجن اا م ا حيّااز الحاجااة إلااى حيّااز‬ ‫ْ‬
‫ّ‬
‫شوق*‪.‬فلوي يوون اإلنسان علي أن يتخلى عا وهاق اكمات ك ألنّا‬ ‫ال ّ‬
‫شيئا‪.‬إن حياتنا في جوهرها لائمة علاى‬ ‫ّ‬ ‫بو ّ بساطة ك يمو أن يمتلك‬
‫العطاااء ب ا إنّ ااا عطاااء‪،‬أك يعطااي ك ا ّ منّااا بع ااا م ا حيات ا فااي ك ا ّ‬

‫ّ‬
‫موطأ مالك‪،‬بيروت‪،‬دارالفور‪ 1998‬ص‪.615‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪ 12‬سن اب ماج ‪،‬دار إحياء التّرا العربي ‪،1975‬ج‪ 1‬ص‪.92‬‬
‫‪Denis Vasse:Le temps du désir,Paris,Seuil 1997(2éme édition),p-76. 13‬‬

‫‪12‬‬
‫لحظة يحياها‪،‬ألي األكس ي لوام حياتنا حام في تركيبت األصاليّة‬
‫ك ا ّ العناصاار المؤكساادة الّتااي تحلّ ا ال سااد شاايئا فشاايئا؟ ّ‬
‫إن لااول‬
‫"(الزمر‪ )30/39‬لاااد يفياااد إلاااى معناااى‬‫تعالى‪":‬إناااك ميّاااتو وإن ُ ااا ْق ميّتُاااون ّ‬
‫ي معنى حاارا‪.14‬إنّنا نماوت اتن وفاي كا ّ لحظاة‬ ‫صفتي المستقبل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫نحياها ألن جوهر حياتنا هو أن ن ب هذه الحياة التاي ُوهبات لناا دون‬ ‫ّ‬
‫ا‪.‬إن هبة الحياة لنا هباة م انيّاة ك ينشاد‬ ‫أن نطلب ا ودون أن نطالب ب ّ‬
‫ي مصلحة‪،‬وهذا ماا لاد ن اد عسارا فاي ف ما إذا ماا لاق‬ ‫من ا الواهب أ ّ‬
‫ّ‬
‫أن جاااوهر الحياااة هاااو العطاااء‪.‬ففي هاااذا العطاااء يتحقااا معناااى‬ ‫نف ااق ّ‬
‫فاان معناى العطااء يُطما فاي كا ّ‬ ‫ي وفاي مقابا ذلاك ّ‬ ‫الوجاود البشار ّ‬
‫سااعي محمااوم نحااو اكماات ك وإن يوا اماات ك الحياااة نفس ا‪،‬فبع اانا‬
‫يف ّ امت ك الحياة حتّى الموت على يعطي وهو يحيا‪.15‬‬
‫أن ال مااااع‬‫الرسااااول صاااالّى علياااا وساااالّق تؤ ّكااااد ّ‬ ‫إن ساااايرة ّ‬ ‫ّ‬
‫أن لريش اا‬ ‫ّ‬
‫واكماات ك ك يماالن النف ‪.‬فقااد ورد فااي ساايرة اب ا هشااام ّ‬
‫بدأت تتذ ّمر م رسول إثر شروع في نشر الدّعوة وخروج ب اا‬
‫الرساول وحاامي حمااه‬ ‫س ّر إلى ال ر فمشوا إلى أبي طالب ع ّق ّ‬ ‫م ال ّ‬
‫مستنوري وحانقي لائلي ‪":‬إنّا و ك نصبر على هذا ما شاتق تبائناا‬
‫وتسفي أح منا وعيب تل تنا حتى توفّ عنّاا أو ننازلا وإيّااك فاي ذلاك‬
‫حتى ي لك أحد الفريقي ‪.‬ثق انصرفوا عن ‪،‬فعظق على أبي طالب فراق‬
‫لوم ا وعااداوت ق ولااق يطااب نفسااا باس ا م رسااول صاالى علي ا‬
‫وساااالق ل ااااق وك خذكناااا " فبعااااث لرسااااول يعلماااا الخباااار فقااااال‬
‫الرسول‪":‬يا عق و لو واعوا الشم في يميني والقمر في يسااري‬
‫على أن أترك هذا األمر حتى يظ ره أو أهلك ما تركتا "‪،16‬وورد‬
‫أن كباار الرجاال ما لبائا لاريا لاد اجتمعاوا‬ ‫في خبر تاريخي تخر ّ‬
‫بالرسول صلى علي وسلق فعابوا علي شتم اتل ة وخروج عا‬

‫‪ 14‬يقول ّ‬
‫الرازي‪":‬ك تبال ياا مح ّماد ب اذا (مولا الوفّاار) فا ّناك وهُا ْق أي اا سايموتون" وهاذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تفسير كسق الفاع على معنى اكستقبال‪،‬ويقول أي ا‪":‬إنك وإيّاهق وإن كنتق أحياء فاناك وإيّااهق‬
‫في أعداد الموتى ألنّ ما هو تت تت" وهذا أي ا تفسير لسق الفاع على سابي اكساتقبال‪ .‬فخار‬
‫الرازي‪:‬مفاتيح الغيب‪،‬بيروت‪،‬دار الفور ‪،1985‬مج‪ 13‬ج‪ 26‬ص‪.278‬‬ ‫ّ‬ ‫الدي‬
‫‪Denis Vasse:Inceste et Jalousie,Paris,Seuil 1995,p-129 . 15‬‬
‫‪ 16‬سيرة اب هشام ج‪ 1‬ص‪.195‬‬

‫‪13‬‬
‫الدّي السائد ولالوا‪":‬إن كنت جئت ب ذا الحديث تطلب ب مااك جمعناا‬
‫لك م أموالنا حتاى تواون أكعرناا مااك وإن كنات إنّماا تطلاب الشار‬
‫فينا فنح نساودك عليناا وإن كنات ترياد با ملواا ملونااك عليناا" فقاال‬
‫شر فيوق‬ ‫ل ق رسول ‪":‬ما جئت بما جئتوق ب أطلب أموالوق وك ال ّ‬
‫ي كتابااا‬ ‫بععنااي إلاايوق رسااوك وأناازل علاا ّ‬ ‫وك الملااك علاايوق ولواا‬
‫ّ‬
‫وأمرني أن أكون لوق بشيرا وناذيرا فبلغاتوق رسااكت رباي ونصاحت‬
‫حظوق في الدنيا واتخرة وإن‬ ‫لوق فا ّما أن تقبلوا منّي ما جئتوق ب ف و ّ‬
‫تردّوه علي أصبر ألمر حتى يحوق بيني وبينوق"‪.17‬‬
‫الرسااااول فااااي هااااذي الخبااااري‬ ‫إن القرشاااايّي يعراااااون علااااى ّ‬ ‫ّ‬
‫سلطة فيرف ‪،‬ب ّ‬
‫إن‬ ‫شر أو ملويّة ال ّ‬ ‫الملويّة‪،‬ملويّة المال أو ملويّة ال ّ‬
‫الرسااول صاالّى علياا وساالّق يفتاار أنّ ااق يم ّونوناا ماا اماات ك‬ ‫ّ‬
‫المساااتحي وهاااو أن توااااع الشااام فاااي يمينااا والقمااار فاااي يسااااره‬
‫الرسااالة بو ا ّ مااا في ااا م ا‬
‫سااك فااي مقاب ا ذلااك بوظيفااة ّ‬ ‫فياارف ويتم ّ‬
‫عطاء وتوااع‪،‬إنّ يودّ أن يواون بشايرا وناذيرا‪،‬يودّ أن يواون حاام‬
‫لقااول لااق يو ا هااو منشاائ ‪،‬يااودّ أن يوااون حااام لقااول ك يمتلو ا وك‬
‫ي فخاار أو شاار ‪،‬يااودّ أن يوااون مبلّ ا‬ ‫يحص ا من ا فااي ذات ا علااى أ ّ‬
‫صورة*(‪.)image‬‬ ‫ّ‬
‫الولمة ونالل ا‪،‬ويرف أن يوون ممع ال ّ‬
‫الرساول يُعار‬ ‫ي الّذي عُار علاى ّ‬ ‫الرمز ّ‬‫ومع ُ هذا اكختيار ّ‬
‫علينا فاي حياتناا بأشاوال شاتّى‪،‬فا ّما أن ن ماع ونمتلاك ظاانّي فاي ذلاك‬
‫ي جمااع لااي سااو‪.‬‬ ‫ال مااع واكماات ك حقيقااة ذواتنااا أو أن نعلااق ّ‬
‫أن أ ّ‬
‫فينا‪.‬إن ذواتنا منقسمة بي أنا*(‪ )moi‬ينشاد المتاع‬ ‫ّ‬ ‫طام لولمة الحقيقة‬
‫ي حاجااة‬ ‫الملبّيااة للحاجااة وذات*(‪ )sujet‬منشااطرة*(‪ )clivé‬ك تشاابع ا أ ّ‬
‫ألنّ ا محوومة بما وراء مبدإ اللذّة‪.18‬األنا* تنشد النّ اّ والذّات* تنشد‬
‫أن المال والبني زينة الحيااة‬ ‫عز وج ّ ك ينفي ّ‬ ‫ّ‬ ‫سعادة‪،‬ونح ن د‬ ‫ال ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫الدّنيا ف ما يتّص ن بمبدإ اللاذة ومف اوم النّ اّ‪،‬ولونّا تعاالى يؤ ّكاد ّ‬
‫صااااالحات خياااار عنااااد ثوابااااا وخياااار أم ‪،‬والباليااااات‬ ‫الباليااااات ال ّ‬

‫‪ 17‬سيرة اب هشام ج‪ 1‬صّ‪.216/215‬‬


‫‪S-Freud :Au delà du principe du plaisir,in Essais de‬‬ ‫‪18‬‬
‫‪psychanalyse,Paris,Payot 1981‬‬
‫‪Gérard Miller(Sous la direction de) :Lacan,Paris,Bordas 1987,p-117.‬‬

‫‪14‬‬
‫الرسول صا ّلى وسالّق‬ ‫سعادة‪.19‬ونح ن د ّ‬ ‫صالحات تمع ّ مف وم ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عاز‬‫ّ‬ ‫وهو المعنى الّذي حادّده‬ ‫ك يرف الملويّة بمعنى اكستخ‬
‫ي إذ يقااول تعااالى‪…" :‬وأ ْنفقُااوا ممااا جعلوُاا ْق‬‫وجاا ّ لواا ّ اماات ك بشاار ّ‬
‫ُم ْس ات ْخلفي في ا …"(الحديااد‪،)7/57‬ولونّ ا ياارف الملويّااة التااي تغاادو‬
‫يتصور المرء بمقت اه التصاار ذاتا علاى تلاك الملويّة‪،‬فيصابح‬ ‫ّ‬ ‫وهما‬
‫ّ‬
‫معا ذاك الاذي جماع الماال فعادّده حاسابا أن مالا أخلده‪،‬ويصابح معا‬ ‫ّ‬
‫نرج األسطورة(‪،)Narcisse‬فلي خطأ نرج أنّ نظر إلى صورت‬
‫صاورة حقيقاة‬ ‫في الماء ولو ّ خطأه القات بادأ عنادما تاو ّهق فاي تلاك ال ّ‬
‫ذاتا ‪.‬ولي خطااأ اإلنسااان أن يمتلاك ماااك أو منصاابا ولوا ّ خطااأه يباادأ‬
‫أن ذات تتل ّخّ في ذاك المنصاب أو الماال أو ال اه‪.‬إنّناا‬ ‫عندما يتو ّهق ّ‬
‫أن المالاك‬ ‫ك نفع شايئا ساو‪ .‬أنّناا نقاوم بادور المالاك وعليناا أن نعاي ّ‬
‫ي هااااو ‪،‬ولواااا عناااادما يصاااادّق الممعّاااا دوره فانّاااا يغاااادو‬ ‫الحقيقاااا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫م نوناا‪.‬وم هااذا المنظاور يؤكااد ككاان أنا "إن كاان الشااخّ الااذي‬
‫فاان الملاك الّاذي يعتقاد أنّا ملاك ك يقا ّ‬ ‫يعتقد أنّ ملكو شخصا م نوناا ّ‬
‫عن جنونا"‪.20‬‬
‫صاادلة كمااا‬ ‫الزكاااة وال ّ‬‫وم ا هااذا المنظااور يمو ا أن نف ااق فلساافة ّ‬
‫صااادلة ليسااات مصااالحة‬ ‫الرساااول صااالى عليااا وسلّق‪.‬فال ّ‬ ‫يحااادّدها ّ‬
‫للمعطاااى إليااا بقااادر ماااا هاااي مصااالحة للمعطي‪.‬إنّناااا ك ننفاااي البعاااد‬
‫ي إلعطاااء الفقياار المااال وهااو بعااد ظاااهر كُتباات في ا الوتااب‬ ‫اكجتماااع ّ‬
‫للزكااة‬ ‫ت حول الخطب والمواعظ‪،‬و لو ّ ما ي ّمناا هاو بعاد تخار ّ‬ ‫وأ ُ ْلقي ْ‬
‫ي الّذي ي عل ا نعمة للمتصادّق با اارورة‬ ‫صدلة‪،‬هو بعدها النّفس ّ‬ ‫ولل ّ‬
‫صااادلة باااأن يتصااادّق‬ ‫الرساااول أف ااا ال ّ‬‫لصااا ّحت النّفسااايّة‪.‬لذلك حااادّد ّ‬
‫اإلنسان وهو صحيح حريّ يأم الغنى ويخشى الفقر ‪،‬ذلك أ ّن في‬
‫‪21‬‬

‫ي با وساما لا ‪ .‬ألاي ما الغرياب‬ ‫ك ّ عطاء تذكيرا باكفتقار األصل ّ‬

‫‪ 19‬يقول تعالى‪":‬ا ْلما ُل و ْالبنُون زينةُ ْالحياة الد ْنيا و ْالبالياتُ الصالحاتُ خ ْي ور ع ْند ربّك ثوابا ا‬
‫وخ ْي ور أم ا"(الو ‪.)46/18‬‬
‫‪Jacques Lacan :Ecrits,Paris,Seuil 1966,pp-170/171 . 20‬‬
‫‪ 21‬صحيح البخاري‪،‬دار مطابع ال ّ‬
‫شعب‪(،‬د‪-‬ت) مج ‪ 2‬ج‪ 1‬ص‪.5‬‬

‫‪15‬‬
‫توااثرا‬ ‫سرطان؟ ألاي‬
‫ي؟ وما ال ّ‬‫سرطان في عصرنا الحال ّ‬
‫شى ال ّ‬‫أن يتف ّ‬
‫ي للخ يا؟ ألي جمعا ومنعا؟‪.22‬‬‫غير عاد ّ‬

‫الخروج من األنا*‪:‬‬
‫ي ااارب ما اااروب ال مااع‬ ‫إن انغا ق الفاارد علااى ذاتا فااي أ ّ‬ ‫ّ‬
‫سر رف اإلنسان أن يتزحزّ ما‬ ‫سلطة هو ما يف ّ‬ ‫للمال أو للعلق أو لل ّ‬
‫صورت لينفتح علاى اتخار فيا وعلاى اتخار حولا ‪.‬ف شايء يخيفناا‬
‫لاادر موتنااا أ ّمااا مااوت اتخااري فقااد يؤلمنااا ولونّ ا ك يفزعنااا إكّ ألنّ ا‬
‫يااذ ّكرنا بموتنااا‪،‬وك شاايء يخيفنااا لاادر اااعفنا أو مرااانا أ ّمااا ماار‬
‫يساتدر شافقتنا ولونّا ك يخاطاب أعمالناا إكّ ألنّا ياذ ّكرنا‬ ‫ّ‬ ‫اتخري فقد‬
‫باموان مرانا‪.‬وك شيء يفرحنا لادر ن احناا أ ّماا ن ااّ اتخاري فقاد‬
‫يساتفزنا إكّ ألنّا‬
‫ّ‬ ‫يفرحنا أو لد يحملنا على أن نغبط الفرحان ولونّا ك‬
‫ياذ ّكرنا بفشالنا أو باموااان ن احنا‪.‬إنّناا م ووساون بااذواتنا حتّاى النّخااا‬
‫ي وك نسااتطيع أن نحااا ّ‬ ‫ن مااع ل ااا مااا باا نحقّاا النّ اااّ اكجتماااع ّ‬
‫باااتخر فااي ذات ا ‪.‬فوي يمو ا أن نح ا ّ باااتخر فينااا؟كي يمو ا أن‬
‫أفاارّ لفاارّ اتخاار باانف الدّرجااة الوبياارة الّتااي ب ااا أفاارّ لنفسااي أو‬
‫كيا يمو ا أن أفاارّ لنفسااي باانف الدّرجااة البساايطة الّتااي ب ااا أفاارّ‬
‫للخر؟ كي يمو أن يصبح اتخر أنا أو أن أصبح أنا اتخار؟ إنّناي‬
‫ي أبتعااد ع ا ذاتااي فتوااون ذاتااي تخاار معلااك‬ ‫إذا بحعاات ع ا اتخاار ف ا ّ‬
‫أتصاور أناا أنّاك تحبّا‬‫ّ‬ ‫ويمونني أن أحبّ لك ما تحبّ أنت لنفسك ك ما‬
‫الرساول صالّى عليا وسالّق‪":‬ك ياؤم أحادكق حتّاى‬ ‫ّ‬
‫لنفسك‪.‬إن لول ّ‬
‫شاااارط‬ ‫يحاااابّ ألخياااا مااااا يحاااابّ لنفساااا " يحاااادّد لإليمااااان هااااذا ال ّ‬
‫‪23‬‬

‫ي‪،‬وهو شاااااارط تساااااامح لنااااااا لواعااااااد اللغااااااة بااااااأن نقاااااارأه‬ ‫األساساااااا ّ‬


‫شااائعة علاى أساااس اعتبااار ال ّ اامير‬ ‫ّ‬
‫بطريقتي ‪:‬األولاى هااي الطريقااة ال ّ‬

‫‪ 22‬يشير دريفرمان إلى أنّ ال مع لي إي ابيّا في ذات ‪،‬وهذا شأن‬


‫ي‪.‬‬
‫تواثرال رمونات أو الخ يا في ال سق تواثرا غير عاد ّ‬
‫‪Eugen Drewerman :Fonctionnaires de Dieu,Paris,Albin Michel 1993,‬‬
‫‪p-576‬‬
‫‪ 23‬صحيح البخاري مج‪ 1‬ج‪ 1‬ص‪.10‬‬

‫‪16‬‬
‫المسااتتر الفاع ا فااي فع ا يحبّ (العّاااني) محااي علااى المؤم ‪،‬فيوااون‬
‫أن شاارط اإليمااان أن يحاابّ الم اؤم ألخي ا مااا يح ّب ا المااؤم‬ ‫المعنااى ّ‬
‫لنفس ا ‪،‬فان كُناات أحاابّ المااال فم ا المفاارو أن أحاابّ المااال ألخااي‬
‫أن ال ّمير المساتتر الفاعا فاي‬ ‫المؤم ‪.‬أ ّما القراءة العّانية فانّ ا تعتبر ّ‬
‫ي‬‫إن علا ّ‬ ‫الفع "يحبّ " ك يحي على الماؤم با يحيا علاى األخ أي ّ‬
‫أن أحبّ ألخي المؤم ماا يحبّا هاو لنفسا ‪،‬وما يحبّا هاو لنفسا لاي‬
‫موافقااا بال ّ اارورة لمااا أحبّ ا أنااا لنفسااي‪.‬وب ذا المعنااى ك أ ُسااقط علااى‬
‫تصوري ل شياء وك أفر علي ما أحابّ با أصاالح صاوت‬ ‫ّ‬ ‫اتخر‬
‫ي عساااني أص ا إلااى صااوت اتخاار في ا ‪.‬فيوون العطاااء ب ا‬ ‫اتخاار ف ا ّ‬
‫ي جزاء‪.‬‬ ‫هد وك انتظار أل ّ‬
‫الغائب الحاضر‪:‬‬
‫عناادما تخاارج حركااة اإلنسااان فااي الوااون م ا م ااال اكساات ك‬
‫شاوق* ينفاتح بااب جدياد لواما الغياب‪.‬ذلاك أ ّن‬ ‫والحاجة إلاى م اال ال ّ‬
‫شاوق* ك‬ ‫أن ال ّ‬
‫الحاجة ليست سو‪ .‬سعي كست ك الحاار في حي ّ‬
‫ي هااو ذلااك‬ ‫إن مواااو ال ّ‬
‫شااوق* األساسا ّ‬ ‫يوااون إكّ شااولا إلااى غائااب‪ّ .‬‬
‫يحركناا للقاول إنّا‬ ‫اتخر الّذي لق يو ‪،‬ذلك اتخر الّذي لق ي ْنق ْ ‪.‬إنّ ماا ّ‬
‫ي الّاااذي ك يموااا أن ينقال‪.‬إنّااا موااااع اإلثباااات عناااد‬ ‫دافعناااا األصااال ّ‬
‫ااالقوة فاااي كااا ّ لاااول ولونّااا ك يواااون إكّ‬ ‫المناطقة‪،‬مواااا وع موجاااود با ّ‬
‫بغياب ا ‪.‬فاذا صا ّارحت ب ا فااي لااول ّمااا نشااأ عنااد التّصااريح ب ا مواااع‬
‫بااالقوة أو لنقاا إنّاا الغياااب‬‫ّ‬ ‫إثبااات تخاار غائب‪.‬إنّاا الغياااب الموجااود‬
‫ي‬‫أن مواااع الشااوق* البشاار ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحاااار أباادا بغياباا ‪.‬وإنّنا إذ نفتاار‬
‫ي ك يوااون إكّ إلاى هااذا اتخار الغائااب أبادا نساامح ألنفسانا بااأن‬ ‫األصال ّ‬
‫نس ّمي هذا اتخر " "‪.‬‬
‫إن ح ور في غياب ينتج أمري ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪+‬ال ضامن لوجود هللا‪:‬‬
‫ّأول مااا أنّا ك يموا تحقيا وجااود تحقيقااا ت ريبيّااا‪.‬فلئ كااان‬
‫صاور ذلاك األصا‬ ‫وجود األص بمعناه العاا ّم لااب ل فتارا فا ّ‬
‫ان ت ّ‬
‫أن القااول‪:‬‬ ‫كائنااا أو وحاادة يمو ا أن توسااق بااام ك يقب ا التحقي ‪،‬ذلااك ّ‬
‫" موجااود" يسااند محمااول الوجااود إلااى مواااو ك يمواا إثبااات‬
‫وجااوده ت ريبيّااا لااذلك يع ادّ الواااعيّون والف ساافة الت ّ ريبيااون القااول‬

‫‪17‬‬
‫ّ‬
‫ألن تحقيا‬ ‫المذكور لوك خلوا م المعنى‪.‬ك يموا تحقيا وجاود‬
‫يعباات وجااوده وهااذا‬ ‫وجااوده يفتاار وجااود مواااو خااارج ع ا‬
‫ألار‬
‫مستحي ‪.‬لقد عبّر ككان ع المفارلة ذات ا في حديع ع اللغة إذ ّ‬
‫بأ ْن ك وجود لما وراء اللغة أي أ ْن ك وجاود لشايء خاارج عا اللغاة‬
‫ي م وجود اللغة‪.24‬فو ّ ما لد نعتمده م ح ج إلثباات وجاود اللغاة‬
‫لد صي وف لواعد اللغة‪.‬وك يبقى لناا إكّ أن نعتقاد وجاود اللغاة دون‬
‫ي وهاو فانّا ك وجاود‬ ‫ي امان‪.‬وكذا شأن مواع الوجود األصل ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ي أو‬ ‫ّ‬
‫لشيء ي م وجود ‪.‬إن وجود ك يقوم على استدكل منطق ّ‬
‫الريااااايي أنفسااا ق مااا لبيااا‬ ‫ي ألنّااا األص ‪،‬واألصااا عناااد ّ‬ ‫ريااااا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المصادرات(‪ )axiomes‬ك ما لبيا النظريّاات(‪.)théorèmes‬ومعلماا أنناا‬
‫ك نستد ّل على المصادرات األولاى البدي يّاة‪ -‬شاأن اعتباار الوا ّ أكبار‬
‫م ال زء‪ -‬فانّ ك يموننا اكستدكل علاى وجاود ‪.25‬إنّا ك ااام‬
‫ش ا ير سااو‪ .‬إلاارار بوطااأة‬ ‫لوجااود ولااي رهااان بسااوال(‪ )Pascal‬ال ّ‬
‫أن اإليمااان ك‬ ‫غياااب ال ّ ااام ‪ ،‬إنّ ا اإللاارار بوطااأة الغياااب فااي حااي ّ‬
‫يوتسااب معناااه إكّ م ا هااذا الغياااب‪.‬أك يؤ ّكااد عا ّاز وج ا ّ فااي تيااات‬
‫أن ما‬ ‫الرحمان بالغيب‪.26‬إنّناا نار‪ّ .‬‬ ‫أن المؤم هو م يخشى ّ‬ ‫كعيرة ّ‬
‫وجوه ال حود الفارار ما وطاأة الغيااب والبحاث عا ااام لوجاود‬
‫الرسول صلى عليا وسالّق ح اا‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬فقد طلب مشركو لريا م‬
‫تعبت وجود ‪،‬فقالوا‪":‬يا مح ّمد…لد علمت أنّا لاي ما النّااس أحاد‬
‫أاي بلدا وك أل ّ ماء وك أشادّ عيشاا منّاا فسا لناا رباك الاذي بععاك‬
‫بما بععك ب فليسيّر عنّا هذه ال بال التي لاد اايّقت عليناا وليبساط لناا‬
‫شاام أو العاراق…فقاال ل اق رساول‬ ‫ب دنا وليف ر في ا أن ارا كأن اار ال ّ‬
‫صلى علي وسلق‪":‬ما ب ذا بععت إليوق…" فقالوا‪":‬فااذا لاق تفعا‬
‫هذا لنا فخاذ لنفساك سا رباك أن يبعاث معاك ملواا يصادلك بماا تقاول‬
‫ويراجعنااا عنااك…فقااال ل ااق رسااول صاالى علي ا وس الّق مااا أنااا‬

‫‪Ecrits,p-867. 24‬‬
‫‪" 25‬اتخر المطل هو طبعا اام القانون وهو المرجع العالث للع لة مع المعي ‪.‬ولونّ وإن‬
‫الخااص"‬
‫ّ‬ ‫ي فانّ يصطدم بمحال وهاو أن يعبّار ع ّماا يؤسّا اامان‬
‫الرمز ّ‬
‫كان اامنا للميعاق ّ‬
‫‪Lacan ,p-66‬‬
‫‪ 26‬انظر على سبي المعال البقرة‪– 2/2‬المائدة‪– 94/5‬فاطر‪- 18/35‬ي ‪…11/36‬‬

‫‪18‬‬
‫بفاع وما أنا بالذي يسأل رب هذا وما بععت إليوق ب ذا…لالوا‪:‬فأساقط‬
‫أن ربّك إن شاء فعا فانّاا ك ناؤم لاك‬ ‫سماء علينا كسفا كما زعمت ّ‬ ‫ال ّ‬
‫إكّ أن تفع ‪،‬لال‪:‬فقااال رسااول ذلااك إلااى إن شاااء أن يفعل ا بوااق‬
‫فع "‪.27‬‬
‫إن المشركي يطلبون م الرسول في هذا الخبر تد ّخ إل يّا‬ ‫ّ‬
‫مباشرا في شؤون الحياة سواء أكان ذلك بتحقي رغبات ق م ج ة‬
‫يتصورون رغبات الرسول م ج ة أخر‪(.‬أي بالتّرغيب) أم‬ ‫ّ‬ ‫وما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بتدمير بع عناصر الحياة (أي بالترهيب)‪.‬وفي ك ّ األحوال فان ق‬
‫الرسول صلى‬ ‫ولو ّ ّ‬ ‫ينشدون ح ا لاطعة ملموسة على وجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫علي وسلق يرف أن ي يب ق إلى طلبات ق ألن األساس الذي يقوم‬
‫علي اإليمان بام هو غياب وغياب الح ّ ة على وجوده‪.‬‬
‫إ ّن اإليمان بام ك يحتاج إلى أدلّة باعتباره فع نفسيّا ك عم‬
‫أن حقيقة‬ ‫علي وسلّق يؤ ّكد ّ‬ ‫الرسول صلى‬ ‫منطقيّا‪،‬ولذلك ن د ّ‬
‫ّ‬
‫اإليمان هي في لول المؤم ‪":‬ك إل إك " خالصا م قلبه أو‬
‫المؤم على غير المؤم هو في اإليمان بام دون‬ ‫نفسه‪ّ 28‬‬
‫‪.‬إن ف‬
‫ي ح ّ ة عقليّة أو منطقيّة أي في اإليمان بام دون اام على‬ ‫أ ّ‬
‫المؤم على غير‬ ‫وجوده‪.‬ففي حال وجود هذه الح ّ ة ينتفي ف‬
‫كُل ُ ْق‬ ‫م ْ في األ ْر‬ ‫المؤم ‪":‬ول ْو شاء ربك تم‬
‫)‪.‬إن جوهر اإليمان هو فع ثقة واطمئنان ك‬ ‫جميعاا‪("...‬يون ‪ّ 99/10‬‬
‫فع تفلس وتفوير وكذا جوهر الوفر فع جحود ولل ك فع‬
‫تفلس وتفوير‪.‬فالوافر إذ يطلب ح ّ ة على وجود ك ينشد اإليمان‬
‫عز‬ ‫ّ‬ ‫ول يؤم ما دام في دائرة اإللنا واكلتنا ‪.‬أف يقول‬
‫وج ّ ‪":‬ول ْو نز ْلنا عليْك كتاباا في ل ْرطاس فلمسُوهُ بأيْدي ْق لقال الذي‬
‫الرازي هذه اتية‬ ‫سر ّ‬ ‫كف ُروا إ ْن هذا إك س و‬
‫حْر ُمبي و "(األنعام‪.)7/6‬ويف ّ‬
‫ّ‬
‫لائ ‪":‬والمقصود أنّ ق إذا رأوه بقوا شاكي في ولالوا إنّما سورت‬
‫ي باإلدراك‬ ‫أبصارنا فاذا لمسوه بأيدي ق فقد يقو‪ .‬اإلدراك البصر ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫والقوة ث ّق هؤكء يبقون شاكي في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي وبل الغاية في ّ‬
‫الظ ور‬ ‫اللمس ّ‬

‫‪ 27‬سيرة اب هشام ج‪ 1‬ص‪.216‬‬


‫‪ 28‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪.146‬‬

‫‪19‬‬
‫ذلك الّذي رأوه ولمسوه ه هو موجود أم ك وذلك يد ّل على أنّ ق‬
‫سفسطة"‪.29‬ونح ك نت ّ ق هؤكء بما‬ ‫بلغوا في ال الة إلى حدّ ال ّ‬
‫الرازي محووما في ذلك بمنطلقات اكعتقاديّة ولونّنا نر‪.‬‬ ‫ات ّ م ق ب ّ‬
‫في ش ّو ق الّذي ك ين ي شيء تأكيدا لما أسلفناه م استعصاء وجود‬
‫ع الخ و لمنط التّحقي سواء كان ذلك التّحقي باعتماد‬
‫الحواس والت ّ ريب‪.‬ب إنّنا نذهب إلى أبعد م ذلك ونر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العق أو‬
‫ّ‬
‫أن ك مواو في حياتنا اليوميّة البسيطة لاب للتحقي فنح نوتفي‬ ‫ْ‬
‫بالتّوااع على وجود المواايع في الوون إذ اليقي في وجودها ك‬
‫شيء الوحيد الّذي ّ‬
‫نقر‬ ‫أن ال ّ‬
‫يعني أنّ ا موجودة‪.‬وربّما أشرنا إلى ّ‬
‫بوجوده هو أحاسيسنا العميقة م ألق وفرّ وحزن ولذّة وهي‬
‫صة" الّتي ك يمو‬ ‫أحاسي فرديّة تدخ في إطار "الت ّ ربة الخا ّ‬
‫صة ب‬‫للخر تحقيق ا‪.30‬واإليمان هو م لبي هذه الت ّ ارب الخا ّ‬
‫س إكّ هو‪.‬‬ ‫لعلّ أعمق ا في مخاطبت لو ّ فرد بما ك يح ّ‬
‫في غياب ‪-‬على إنشائ شيئا م القل لد‪.‬‬ ‫إن ح ور‬ ‫ث ّق ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بع المؤمني وإلى جانب اتصال ب وهر الذات اإلل يّة‪-‬هو تعبير‬
‫سق الح ج القطعيّة والوفر ب ا‬ ‫ع رحمة بالنّاس إذ في حال ت ّ‬
‫تعالى‬ ‫مع ذلك ف راحق ألحد م عذاب ‪،‬وهذا ما أثبت لول‬
‫سماء ‪":‬لال ُ‬ ‫إنزال مائدة م ال ّ‬ ‫لعيسى إذ طلب الحواريّون م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إنّي ُمن ّزلُ ا عل ْيوُ ْق فم ْ ي ْوفُ ْر ب ْعد ُ م ْنوُ ْق فانّي أعذبُ ُ عذاباا ك أعذبُ ُ أحداا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫م ْالعالمي "(المائدة‪.)115/5‬‬
‫‪+‬وما يعلم تأويله إالّ هللا‪:‬‬
‫أن اإليمان بام‬ ‫وإذا ت اوزنا عدم إموان تحقي وجود ولبلنا ّ‬
‫فان لغياب نتي ة ثانية إذ المؤم يريد أن يطيع‬ ‫فع ثقة واطمئنان ّ‬
‫فيوون م المنعق‬ ‫وأن يلتزم بتعاليم ويودّ أن يراى عن‬
‫ي ع المؤم غير‬ ‫أن غياب‬‫علي ق غير المغ وب علي ق‪.‬غير ّ‬

‫‪ 29‬مفاتيح الغيب مج ‪ 6‬ج ‪ 12‬صّ‪.170-169‬‬


‫الف سافة فاي حادودها‪،‬والوحي‬ ‫صة م المفااهيق الفلسافيّة الّتاي يختلا‬‫‪ 30‬مف وم التّ ربة الخا ّ‬
‫يدخ في إطار هذه التّ ارب‪.‬‬
‫صة‪:‬‬‫انظر لمزيد توايح مف وم التّ ربة الخا ّ‬
‫‪P-M-S-Hacker :Wittgenstein,Paris,Seuil 2000,pp-33/38.‬‬

‫‪20‬‬
‫ك يمو أن ي يب المرء‬ ‫ّ‬
‫ألن‬ ‫عن‬ ‫متي ّق م مد‪ .‬راا‬
‫الرسول صلّى‬ ‫مباشرة ع تساىكت ‪.‬فقد طرّ المؤمنون ال دد على ّ‬
‫أن إجابت‬ ‫أن القرتن لق ي ب عن ا أو ّ‬ ‫علي وسلّق أسئلة كعيرة إ ّما ّ‬
‫الرسول أ ّكد أنّ لد‬ ‫عن ا لق تقنع المؤمني ولق تطمئن ق‪.31‬صحي وح ّ‬
‫أن ّ‬
‫ترك فينا ما إن اتّبعناه لق ن ّ أبدا‪:‬كتاب وسنّت ‪.‬ولو توفي نظرة‬
‫بي الفرق‬ ‫سريعة إلى تاريخ اإلس م لنتبيّ مد‪ .‬اكخت‬
‫والمذاهب اإلس ميّة في تفسير كتاب وسنّة رسول ‪،‬وهو اخت‬
‫سق عمليّا‬ ‫ي ليت ّ‬ ‫ت اوز في كعير م األحيان المستو‪ .‬النّظر ّ‬
‫ي الفور ّ‬
‫في عديد الحروب والفت والمح الّتي عرفت ا م تمعات اإلس م‬
‫سابقة ّ‬
‫أن‬ ‫وعاناها أفراده‪.32‬ولد حاولنا أن نعبت في أحد أبحاثنا ال ّ‬
‫القرتن‪ -‬م ما تو موااع إع ازه‪ -‬ك يعدو أن يوون لوك لغويّا يقب‬
‫أن معنى القول هو سبب القول أو الدّافع‬ ‫بالقوة‪،‬وبيّنّا ّ‬
‫ّ‬ ‫معناه التّعدّد‬
‫فان معرفت الواملة بمعاني لول أي‬ ‫إلي ‪.‬فاذا كان البا ّ كائنا بشريّا ّ‬
‫بأسباب مستحيلة لوجود مواع ال وعي*(‪ )inconscient‬الّذي ّ‬
‫يفر م‬
‫فان هو‬ ‫اإلحاطة ب ‪،‬وإذا كان با ّ القول إل يا‪-‬وهذا شأن القرتن‪ّ -‬‬
‫البا ّ المؤ ّه لإلحاطة بمعاني لول كلّ ا ولونّ ك يخبرنا ب ا إذ ك‬
‫تعدّد المعنى‪.33‬وج لنا‬ ‫إكّ عبر اللغة ا ّلتي تفر‬ ‫يُخاطبنا‬
‫سق في عدم‬ ‫سق أواح ت ّ‬ ‫بأسباب لول أي بمعاني ذلك القول يت ّ‬
‫عز وج ّ يو ّج لول إلينا‬ ‫ّ‬ ‫لدرتنا على القطع بمقاصد تعالى ألنّ‬
‫نح البشر ولد يتّص معنى ذلك القول بطبيعتنا البشريّة النّسبيّة‪.‬ف‬
‫الرق مع ل سباب الوعيرة الّتي ذكرها‬ ‫ّ‬ ‫امتنع القرتن ع تحريق‬
‫الرسول‬ ‫ّ‬ ‫ي زم‬ ‫ي اكجتماع ّ‬ ‫المحدثون‪-‬شأن استلزام النّمط اكلتصاد ّ‬
‫الر ّق كختياره إباحت إيّاه في‬ ‫لذلك النّظام‪ -...‬أم امتنع ع تحريق ّ‬
‫تعالى لت اإلنسان نفس لتموي اإلنسان م‬ ‫حرم‬
‫ّ‬ ‫ذات ؟ وه‬
‫حرم‬‫ت اوز مح ولحظات اع لد يف ّور في ا في اكنتحار أم ّ‬
‫بالخمور والحور العي‬ ‫تعالى لت النّف في ذات ؟ وه يعدنا‬

‫‪ 31‬ألفة يوس ‪:‬اإلخبار ع المرأة في القرتن والسنّة‪،‬تون ‪،‬سحر‪ 1997‬صّ‪.80-77‬‬


‫‪ 32‬يوفي أن نتذ ّكر الفتنة الوبر‪ .‬أو محنتي اب حنب واب رشد مع ‪.‬‬
‫‪ 33‬تعدّد المعنى في القرتن ص‪.405‬‬

‫‪21‬‬
‫سي مغرية للمؤمني الّذي‬ ‫أن تلك الم ذّ في بعدها الح ّ‬ ‫لمعرفت ّ‬
‫سيّة المذكورة؟ وه‬ ‫صورة الح ّ‬ ‫يخاطب ق أم ال نّةُ هي فع على ال ّ‬
‫صورة العقاب لحم النّاس على عدم إلحاق ال ّرر‬ ‫يشدّد لنا‬
‫ي" بي البشر أم العقاب هو‬ ‫بع ق ببع ولتحقي تعايا "سلم ّ‬
‫صورة المذكورة؟ وبعبارة أخر‪ .‬ه يموننا أن نبحث في‬ ‫فع على ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مقاصد تعالى؟ فان لي ك فاننا نبط ك تفسير للقرتن وك بحث‬
‫في حومة التشريع وك ّ حديث ع معاني األحوام وإنّنا بذلك ندعو‬
‫تعالى‬ ‫صمت‪،‬وإن لي نعق فانّنا نوتفي بألوال حول لول‬ ‫إلى ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهي ألوال ك تمعل وك تلزم إك أصحاب ا‪.‬فلي تفسير الطبري‬ ‫ّ‬
‫ب ُملزم لسواه وك تفسير اب عربي بملزم غيره ول على ذلك سائر‬
‫التّفاسير الّتي ك تمع ّ القرتن ب أصحاب ا‪،‬وليست بذلك سو‪ .‬معان‬
‫ي ك ينقال هو القرتن في اللوّ المحفوظ‪ّ 34‬‬
‫‪.‬إن‬ ‫ثوان ع معنى أصل ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عز وج ّ يقول‪ ":‬هُو الذي أنزل عليْك الوتاب من ُ تياتو ُمحْ وماتو‬ ‫ّ‬
‫هُ أُم ْالوتاب وأُخ ُر ُمتشاب اتو فأما الذي في لُلُوب ْق ز ْي و فيتبعُون ما‬
‫تشاب م ْن ُ ا ْبتغاء ْالفتْنة وا ْبتغاء تأ ْويل وما ي ْعل ُق تأ ْويل ُ إك ُ‬
‫والراس ُخون في ْالع ْلق يقُولُون تمنا ب ُك م ْ ع ْند ربّنا‪("...‬تل‬
‫أن يعود ال ّمير "ه" المتّص‬ ‫عمران‪،)7/3‬ويمو‬
‫بالمصدر‪":‬تأوي " على القرتن أو على المتشاب من ‪،‬فان عاد على‬
‫أن تأويل م علق وحده وإن عاد على المتشاب وحده‬ ‫القرتن ثبت ّ‬
‫سرون‬ ‫مما اختل في المف ّ‬ ‫طُرّ إشوال تمييز المحوق م المتشاب ّ‬
‫أن تأوي القرتن ‪-‬أي العودة ب إلى‬ ‫والفرق اإلس ميّة‪ 35‬وبذلك يتأ ّكد ّ‬
‫ي في اللوّ المحفوظ‪-‬أمر محال ك يمو أن‬ ‫األول األصل ّ‬
‫معناه ّ‬
‫يدّعي واحد م البشر‪.36‬‬

‫‪ 34‬السّاب صّ‪.405-404‬‬
‫الارازي‪":‬واعلق أنّااك ك تاار‪ .‬طائفاة فااي الادّنيا إ ّ‬
‫ك‬ ‫‪ 35‬مفاااتيح الغياب‪،‬مج‪ 4‬ج‪ 7‬ص‪.188‬يقااول ّ‬
‫وتس ّمي اتيات المطابقة لمذهب ق محومة واتيات المطابقة لمذهب خصم ق متشاب ة"‪.‬‬
‫‪ 36‬أشار بع المفسّري إلى إمواان اعتباار الاواو علاى العطا ك علاى اكساتئنا (مفااتيح‬
‫الراسااخون فااي العلااق لااادري علااى تأوي ا القاارتن‪،‬ولو أك‬
‫الغيااب مااج‪ 4‬ج‪ 7‬ص‪ )190‬فيوااون ّ‬
‫الرسوخ في العلق ذات ُ ا لتعدّد المعنى‪،‬وه نتّف ارورة في ّ‬
‫الراسخي في العلق؟‬ ‫تخ ع صفة ّ‬

‫‪22‬‬
‫سرون أنفس ق بعسر التّقرير بتفسير ن ائي لاطع‬ ‫ولد شعر المف ّ‬
‫الزركشي يحدّد وجوه عسر التّفسير معتبرا ّ‬
‫أن‬ ‫ي‪،‬ف ذا ّ‬ ‫للمقول القرتن ّ‬
‫سما من وك‬ ‫"أظ رها أنّ ك م متولّق لق يص النّاس إلى مراده بال ّ‬
‫فان اإلنسان يمو‬ ‫األمعال واألشعار ّ‬ ‫إموان للوصول إلي بخ‬
‫علم بمراد المتولّق بأن يسمع من أو يسمع م ّم سمع من أ ّما القرتن‬
‫الرسول علي‬ ‫ّ‬ ‫فتفسيره على وج القطع ك يعلق إكّ بأن يسمع م‬
‫‪.‬إن غياب با ّ القرتن‬ ‫س م وذلك متعذّر إكّ في تيات ل ئ "‪ّ 37‬‬ ‫ال ّ‬
‫سر المطابقة بي تفسير المتق ّب م ج ة ولصد البا م ج ة‬ ‫يع ّ‬
‫أخر‪،.‬حتّى تغدو هذه المطابقة المنشودة م ّرد وهق مستحي إدراكُ‬
‫علي وسلّق‬ ‫الرسول صلّى‬ ‫لغياب المنشئ القاصد العليق‪.‬ولد كان ّ‬
‫ّ‬
‫المؤ ّه الوحيد لتقديق المعنى "اإلل ي" تيات القرتن‪،‬ولوننا ن ده في‬
‫مع ظاهر تيات‬ ‫كعير م األحيان يسلك سلوكا يوهم بالتّعار‬
‫القرتن م ّما ندرس أبعاده في ما يأتي م هذا الوتاب‪.38‬‬
‫الرسول الصّامت‪:‬‬ ‫ّ‬
‫إذا اربنا صفحا ع إموان واع األحاديث واخت ف ا الظاهر‬
‫الرسول صلّى‬ ‫أن ّ‬ ‫ع معاني القرتن المتداولة‪،‬وإن افترانا جدك ّ‬
‫عز وج ّ ّ‬
‫‪،‬فان مشو‬ ‫ّ‬ ‫علي وسلّق لادر على أن يُترجق لنا مقاصد‬
‫الرسول نفس لد غاب بالموت‪،‬ولق ي يّع‬ ‫ّ‬
‫ألن ّ‬ ‫الغياب ل يُح ّ‬
‫المؤمنون األوائ أكعر م ساعات ليختلفوا في تعيي خليفت ‪.‬ولق‬
‫الرسول أكعر م سنوات لينش ّقوا في فتنة بع‬ ‫ي يّع صحابة ّ‬
‫الرسول واب‬ ‫أطراف ا إحد‪ .‬أ ّم ات المؤمني في مواج ة ص ر ّ‬
‫ع ّم ‪.39‬‬
‫الرسول كان ال ّام الوحيد لتواص ممو مع‬ ‫إن ح ور ّ‬ ‫ّ‬
‫الذّات اإلل ية وبغياب غاب هذا التّواص غيابا ن ائيّا‪.‬ونح نؤ ّكد ّ‬
‫أن‬
‫هذا الغياب –شأن في ذلك شأن عدم القدرة على القطع بوجود ‪-‬‬

‫ّ‬
‫الزركشي‪:‬البرهان في علوم القرتن‪.‬بيروت‪،‬دار ال ي ‪،1988‬ج‪ 1‬ص‪.16‬‬ ‫‪ 37‬بدر الدّي‬
‫‪ 38‬انظر المقال‪:‬روّ القانون أم حرفيّة القانون؟‬
‫‪ 39‬لمزيد م التّفاصي انظر‪:‬هشاام جعيط‪:‬الفتناة الوبار‪-.‬جدليّاة الادّي والسّياساة فاي اإلسا م‬
‫المب ّور‪،‬بيروت‪،‬دار ّ‬
‫الطليعة ‪.1995‬‬

‫‪23‬‬
‫ي لإليمان‪.‬فقد ورد في عدد م كتب الحديث أنّ "ل ّما‬ ‫شرط أساس ّ‬
‫ُح ر رسول صلّى علي وسلّق وفي البيت رجال فقال النب ّ‬
‫ي‬
‫علي وسلّق هل ّموا أكتبْ لوق كتابا ك ت لّون بعده‪،‬فقال‬ ‫صلّى‬
‫علي وسلّق لد غلب الوجع وعندكق‬ ‫صلّى‬ ‫إن رسول‬ ‫بع ق ّ‬
‫القرتن‪،‬حسبنا كتاب ‪،‬فاختل أه البيت واختصموا فمن ق م‬
‫لربوا يوتب لوق كتابا ك ت لّون بعده ومن ق م يقول غير‬ ‫يقول ّ‬
‫علي‬ ‫ّ‬
‫صلى‬ ‫لال رسول‬ ‫ذلك‪،‬فل ّما أكعروا اللغو واكخت‬
‫الرزيّة‬ ‫وسلّق لوموا‪.‬لال عبيد فوان يقول اب عبّاس إن ّ‬
‫الرزيّة ك ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ما حال بي رسول صلّى علي وسلّق وبي أن يوتب ل ق ذلك‬
‫الوتاب كخت ف ق ولغط ق"‪.40‬‬
‫الرسول المحت ر‬ ‫القوم هو ما منع ّ‬ ‫رأ‪ .‬اب عبّاس ّ‬
‫أن اخت‬
‫الرزيّة ك ّ‬ ‫أن في غياب ذلك الوتاب ّ‬ ‫م كتابة الوتاب األخير ورأ‪ّ .‬‬
‫الرأي الممو ك يح ب إموانا تخر وهو أن يوون‬ ‫الرزيّة‪،‬وهذا ّ‬ ‫ّ‬
‫متناسقة مع جوهر اإليمان‬ ‫غياب هذا الوتاب األخير إرادة م‬
‫ّ‬
‫أن غياب هذا القول الممو الذي‬ ‫وهو بذلك نعمة ك ّ النّعمة‪.‬ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫أن طبيعة الذات‬ ‫ي فقد بيّ ّنا ّ‬
‫ي يب ع جميع األسئلة أمر ارور ّ‬
‫تمر‬ ‫شوق* المس ّ‬ ‫البشريّة اكفتقار‪،‬وم دوا ّل اكفتقار ال وهريّة ال ّ‬
‫شوق إلى هو التّساىل المتواص‬ ‫الّذي ك يني‪.‬والدّا ّل األساس ّ‬
‫ي لل ّ‬
‫المستمر ع جواب ل يوون البتّة ن ائيّا‪،‬وكي يوون ن ائيّا‬ ‫ّ‬ ‫والبحث‬
‫واإلنسان ك يمو أن يقول ك ّ شيء؟ وكي يوون ن ائيّا وما أوتينا‬
‫م العلق إكّ للي ؟‬
‫إنّنا ل نعر البتّة في الحياة الدّنيا مد‪ .‬راا عنّا ول ن زم‬
‫"شرا"؟ ولنا في حواية‬ ‫ّ‬ ‫إن كان ما يفعل الواحد منّا "خيرا" أم‬
‫الخ ر وموسى دعوة للتّأ ّم والنّظر‪.‬‬
‫لن تستطيع معي صبرا‪:‬‬
‫لنتذ ّكر معا اتيات ‪ 82-65‬م سورة الو ‪ ":‬فوجدا ع ْبداا م ْ‬
‫عبادنا تت ْيناهُ رحْ مةا م ْ ع ْندنا وعل ْمناهُ م ْ لد ُنا ع ْل اما‪-‬لال ل ُ ُموسى ه ْ‬
‫أتبعُك على أ ْن ت ُعلّمني مما عُلّ ْمت ُر ْشداا‪-‬لال إنك ل ْ ت ْستطيع معي‬

‫صحيح البخاري مج ‪ 2‬ج‪ 3‬ص‪.12‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪24‬‬
‫ط ب ُخ ْب ارا‪-‬لال ست دُني إ ْن شاء‬ ‫صب ُر على ما ل ْق ت ُح ْ‬ ‫ص ْب ارا‪-‬وك ْي ت ْ‬
‫يء‬ ‫ُ صاب ارا وك أ ْعصي لك أ ْم ارا‪-‬لال فان اتب ْعتني ف ت ْسأ ْلني ع ْ ش ْ‬
‫حتى أ ُحْ د لك م ْن ُ ذ ْك ارا‪-‬فا ْنطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرل ا لال‬
‫أخر ْلت ا لت ُ ْغرق أ ْهل ا لقدْ جئْت ش ْيئ اا إ ْم ارا‪-‬لال أل ْق ألُ ْ إنك ل ْ ت ْستطيع‬
‫معي ص ْب ارا‪-‬لال ك ت ُؤاخذْني بما نسيتُ وك ت ُ ْره ْقني م ْ أ ْمري عُ ْس ارا‪-‬‬
‫سا زكيةا بغ ْير ن ْف لقدْ‬ ‫فا ْنطلقا حتى إذا لقيا غُ اما فقتل ُ لال ألت ْلت ن ْف ا‬
‫جئْت ش ْيئ اا نُ ْو ارا‪-‬لال أل ْق ألُ ْ إنك ل ْ ت ْستطيع معي ص ْب ارا‪-‬لال إ ْن‬
‫يء بعْدها ف ت ُصاح ْبني لدْ بل ْغت م ْ لد ُنّي عُذْ ارا‪-‬فا ْنطلقا‬ ‫سأ ْلت ُك ع ْ ش ْ‬
‫طعما أ ْهل ا فأب ْوا أ ْن يُ يّفُوهُما فوجدا في ا‬ ‫حتى إذا أتيا أ ْه ل ْرية ا ْست ْ‬
‫ارا يُريد ُ أ ْن ي ْنق فألام ُ لال ل ْو شئْت كتخذْت عل ْي أجْ ارا‪-‬لال هذا‬ ‫جد ا‬
‫اق ب ْيني وب ْينك سأ ُنبّئ ُك بتأ ْوي ما ل ْق ت ْستط ْع عل ْي ص ْب ارا‪-‬أما السفينةُ‬ ‫فر ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت لمساكي ي ْعملون في البحْ ر فأردْتُ أن أعيب ا وكان وراءهُ ْق‬ ‫ُ‬ ‫فوان ْ‬
‫صباا‪-‬وأما ْالغُ ُم فوان أبواهُ ُمؤْ من ْي فخشينا أنْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ملكو يأ ُخذ ك سفينة غ ْ‬ ‫ْ‬
‫يُ ْرهق ُ ما طُ ْغياناا وكُ ْف ارا‪-‬فأردْنا أ ْن يُ ْبدل ُ ما رب ُ ما خ ْي ارا من ُ زكاة ا‬
‫ْ‬
‫ار فوان لغُ م ْي يتيم ْي في ْالمدينة وكان‬ ‫وأ ْلرب ُرحْ اما‪-‬وأما ْال د ُ‬
‫تحْ ت ُ ك ْن وز ل ُ ما وكان أبُوهُما صال احا فأراد ربك أ ْن ي ْبلُغا أشُدهُما‬
‫وي ْست ْخرجا ك ْنزهُما رحْ مةا م ْ ربّك وما فع ْلت ُ ُ ع ْ أ ْمري ذلك تأ ْوي ُ‬
‫ما ل ْق ت ْسط ْع عل ْي ص ْب ارا"‪.‬‬
‫في تأوي الحد‬ ‫صة القرتنيّة هو اكخت‬ ‫إن جوهر هذه الق ّ‬ ‫ّ‬
‫صالح خيرا ‪.‬ومرد ّ‬
‫‪41‬‬ ‫شرا يعتبره العبد ال ّ‬ ‫الواحد فما يراه موسى ّ‬
‫سفينة وبناء‬ ‫أن موسى يقيّق لت الغ م وخرق ال ّ‬ ‫بين ما ّ‬ ‫اكخت‬
‫ّ‬
‫الحائط م ّ انا وف معرفت الظاهرة باألمور أي وف معرفت النّسبيّة‬
‫صالح ف و يقيّق األحدا نفس ا وف معرفة‬ ‫المنطقيّة‪،‬أ ّما العبد ال ّ‬
‫ّ‬
‫علما)‪.‬إن‬ ‫ّ‬
‫(تتيناه رحمة م عندنا وعلمناه م لدنّا‬ ‫أل م ا إيّاه‬
‫األول ك يعر م المقام إكّ‬ ‫أن ّ‬ ‫صالح ّ‬ ‫الفرق بي موسى والعبد ال ّ‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫أن العاني يعر أكعر م ّما علم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عناصره في حي‬ ‫بع‬
‫عناصر المقام‪.‬وهذا هو جوهر الفرق بي اإلنسان و ‪،‬ف يمو‬

‫شااخّ‬ ‫‪ 41‬يقااول بع ا المف ّ‬


‫سااري إنّ ذلااك العبااد هااو الخ اار علااى أ ّن ا يعساار القطااع بال ّ‬
‫ّ‬
‫المقصود‪:‬انظر على سابي المعاال أباو جعفار محماد با جريار الطبري‪:‬جاامع البياان فاي تأويا‬
‫القرتن‪.‬بيروت‪،‬دار الوتب العلميّة ‪،1992‬ج‪ 8‬صّ‪.252/251‬‬

‫‪25‬‬
‫لإلنسان‪-‬ولد لصرت معرفت بالمقام ع أن توون مطلقة‪-‬أن يف ق‬
‫في الوون‪.42‬وفي هذا اإلطار يتسنّى لنا أن نف ق الحديث‬ ‫حومة‬
‫صبر سو‪ .‬صبرنا على‬ ‫صة القرتنيّة‪،‬فلي أص ال ّ‬ ‫صبر في الق ّ‬ ‫ع ال ّ‬
‫م ظاهر‬ ‫ج لنا وعدم لدرتنا على ف ق سبب ما لد يبتلينا ب‬
‫المصائب‪.‬إن موسى لق يستطع صبرا على ان يار منظومت المنطقيّة‬ ‫ّ‬
‫الرزق خير؟وكعير‬ ‫المتماسوة‪،‬فوي يوون في لت النّف أو خرق ّ‬
‫في الوون فير‪ .‬في ما‬ ‫منّا مع موسى ك يصبر على حومة‬
‫يصيب النّاس م نقّ في األنف والعّمرات واألموال ظلما أو عبعا‬
‫وك يعر أنّنا م ما نتفقّ في شؤون الدّي والدّنيا لسنا بذوي معرفة‬
‫مطلقة ولسنا م ث ّق لادري على النّفاذ إلى الحومة الّتي تسيّر الوون‬
‫هو أرلى أنوا‬ ‫صبر على‬ ‫الرازي إلى ّ‬
‫أن ال ّ‬ ‫كلّ ‪.‬لقد ذهب ّ‬
‫سو‪ .‬صبر على ج لنا وع زنا ع‬ ‫صبر على‬ ‫صبر‪،‬ولي ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الراا‬‫صبر سو‪ّ .‬‬ ‫تفسير ما لد يح ّ بنا م كروب ومصائب‪،‬لي ال ّ‬
‫والقبول ب ف ق ألنّنا بو ّ بساطة ك يمو أن نف ق‪.‬‬
‫عولمة الدّين‪:‬‬
‫ّ‬
‫إن انتشار الوتب التي عنوان ا‪" :‬أنت تسأل وف ن ي يب" يد ّل‬ ‫ّ‬
‫ي‬‫على سعي إلى تحوي الفقي أو رج الدّي إلى مواو است ك ّ‬
‫ويوهق باموان الععور على‬ ‫يوهق بح ور صوت م في األر‬
‫سائلي ظاهرة دالةّ‬ ‫‪.‬إن لل ال ّ‬‫صد ويسدّ اكفتقار ّ‬ ‫ي يربأ ال ّ‬‫جواب ن ائ ّ‬
‫ّ‬
‫يتصوره هؤكء إك على منوال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫على غياب اكطمئنان الذي ك‬
‫يعو‬
‫معو ‪.‬أك ّ‬‫ي فان لق يو فعلى األل ّ ح ور ّ‬ ‫الح ور األصل ّ‬
‫المعو –لعبة كان أو‬ ‫ّ‬ ‫الطف أ ّم الغائبة بلعبة؟ ولو هي ات ّ‬
‫إن‬ ‫‪43‬‬

‫‪ 42‬ورد في جامع البيان ج‪ 8‬ص‪ 251‬الخبر التّالي الّذي يت ّق الق ّ‬


‫صة القرتنيّة‪":‬فأخبره بما لال أ ّما‬
‫السّفينة وأ ّما الغ م وأ ّما ال دار‪،‬لال‪:‬فسار ب في البحر حتّى انت ى إلى م مع البحور ولي في‬
‫الخطا ف ع يستقي من بمنقاره‪،‬فقي لموسى كق‬ ‫ّ‬ ‫األر موان أكعر ماء من ‪،‬لال‪:‬وبعث ربّك‬
‫الخطا رزأ م هذا الماء؟لال ‪:‬ما أل ّ ما رزأ‪.‬لال‪:‬يا موسى فاانّ علماي وعلماك فاي‬ ‫ّ‬ ‫تر‪ .‬هذا‬
‫الخطا م هذا الماء‪.‬وكان موسى لد حدّ نفس أنّ لي أحد أعلق‬ ‫ّ‬ ‫علق كقدر ما استقى هذا‬
‫من أو تولّق ب ‪،‬فم ث ّق أُمر أن يأتي الخ ر"‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطف ا أ ّم ا الغائبااة بلعبااة فيمااا وساام فرويااد بلعبااة الفااور‪-‬دا (‪ )ford-da‬وتفيااد‬ ‫‪ 43‬يعا ّاو‬
‫ّ‬
‫باأللمانيّة معنيي الذهاب والعودة‪.‬انظر‪:‬‬
‫‪Au delà du principe du plaisir,in Essais de psychanalyse,pp52/53.‬‬

‫‪26‬‬
‫سق هذا الغياب‬ ‫رج دي ‪ -‬ك يمو أن يسدّ الغياب ألنّ هو نفس ي ّ‬
‫الرمز‬ ‫بالرمز ول ّما كان ّ‬ ‫شوق* ّ‬ ‫إن طلب اإلنسان يخدش ال ّ‬ ‫ويؤ ّكده‪ّ .‬‬
‫فان ك ّ است ابة للحاجة م ما تو ل تسد ّ‬ ‫شوق* ّ‬ ‫عاجزا ع تمعي ال ّ‬
‫اكفتقار‪.44‬والمسلق الّذي يتو ّج إلى رج الدّي متو ّهما أنّ لادر على‬
‫سؤال إكّ على‬ ‫إجابت ع سؤال ل ي د برد اليقي إذ ك ينفتح ال ّ‬
‫شافي منشودا ك يُدرك‪.‬‬ ‫ي ال ّ‬
‫سؤال وهوذا دواليك‪.‬ويظ ّ ال واب النّ ائ ّ‬
‫إنّنا ك نر‪ .‬فرلا في ت سيق ليام الح ارة المادّية الحديعة على‬
‫سلع المادّية الّتي توهق باكمت ء‬ ‫الحاجة واكست ك بي جمع ال ّ‬
‫ي‪.‬وك نر‪.‬‬ ‫الرمزيّة الّتي توهق باكمت ء المعرف ّ‬ ‫سلع ّ‬ ‫ي وجمع ال ّ‬ ‫المادّ ّ‬
‫فرلا بي حيرة المست لك إزاء مصنعي يش ر ك ّ واحد من ما‬
‫إي ابيّات سلعة ّما وحيرت ب فزع إزاء مذهبي أو شيخي يختلفان‬
‫في مسألة فق ية ّما‪.‬ولنا في "خ " رجال الدّي حول فائ البنوك‬
‫البنوك ربا‬ ‫رجال الدّي يعتبرون فائ‬ ‫معال وااح‪،‬فبع‬
‫لربا‬ ‫ّ‬
‫فيحرمون وبع ق اتخر يعتبر ذلك الفائ حقا ك ع لة ل با ّ‬ ‫ّ‬
‫فيحلّون ‪.‬وإذا ما تغااينا ع خلفيّات المولفي المصلحيّة وسلمنا‬
‫ّ‬
‫‪،‬فان ك المولفي التّقريريّي يُح ّ الحاجة‬ ‫فوري ّ‬ ‫أن الخ‬ ‫جدك ّ‬
‫ّ‬
‫شوق* فيدّعي ك ّ فري تقديق القول الفص الذي ك لول‬ ‫مح ّ ال ّ‬
‫ي حاار لي‬ ‫أن ك ّ بحث محموم ع جواب ن ائ ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعده‪،‬في حي‬
‫شوق* إلى‬ ‫ي وع ز ع ال ّ‬ ‫سو‪ .‬سعي ك وا لنفي اكفتقار األصل ّ‬
‫في غياب ‪.‬‬
‫العالمات الخفيّة‪:‬‬
‫ي أو‬ ‫ّ‬
‫إن ك يواااون إك فاااي غيابااا ف اااو ك يقبااا التّحقيااا العقلااا ّ‬ ‫ّ‬
‫ّارة‪.‬إن ذات‬‫ّ‬ ‫ي وهو ك يقدّم لنا إجابات لاطعة ع أسائلتنا المحي‬ ‫الت ّ ريب ّ‬
‫ليست مواع معرفة ومنط ب مواع انوشا وت ّ‪.‬فقد يشعر‬
‫سااا ا إكّ‬ ‫أن يشاااير إليااا وأنّااا ي ديااا وفااا ع ماااات ك يح ّ‬ ‫بع ااانا ّ‬
‫أن هااذه اإلشااارات غياار لابلااة‬ ‫ّ‬ ‫هااو‪،‬وم يعاايا هااذه الت ّ ربااة يعاار‬
‫ااة‪.‬إن يخاطبناااا خطااااب الغيااااب‪،‬وهو‬ ‫لإلثباااات ولونّااا يراهاااا حقيقا ّ‬

‫الرمز للتّعبير عن يخدش الحاجة‪،‬ولذلك ي ّ‬


‫ُقر ككان أنّ ال ّ‬
‫شوق هو ما‬ ‫‪ 44‬إنّ ّ‬
‫الطلب الّذي يعتمد ّ‬
‫ّ‬
‫ينتج ع طرّ الحاجة م الطلب‪.‬‬
‫لمزيد التّوايح انظر‪Lacan,p-81:‬‬

‫‪27‬‬
‫ي واألنساااق المغلقااة الّتااي تاااه في ااا‬ ‫خطاااب بعيااد ع ا الت ّماسااك المنطق ا ّ‬
‫اذا‪.‬إن صااوت الح ا حاااار فينااا يوفااي أن‬ ‫اإلنسااان فااي عصاارنا ها ّ‬
‫الرسااول ص الّى علي ا‬ ‫يخاارج اإلنسااان م ا صااورت حتّااى يسمع ‪.‬ف ّ‬
‫وسااالّق إذ دخااا المديناااة تااارك النّالاااة تختاااار المواااان الّاااذي ساااينزل‬
‫الرساول‬ ‫ي ولو ّ ّ‬ ‫ي وتمحيّ عقل ّ‬ ‫ب ‪.45‬ولي اختيار النّالة بفع منطق ّ‬
‫راي الدّخول في منط تخر يخرج الذّات م مولع القادرة الوهميّاة‬
‫الرسول يساائ ع ماات الّتاي ك‬ ‫ّ‬
‫وحي‪.‬إن ّ‬ ‫الر‬
‫إلى مولع اكستس م ّ‬
‫ي اامان ماادّي يعبات‬ ‫تنقال ويراى بحوم اا دون أن يحصا علاى أ ّ‬
‫ّ‬
‫الرااا بالغياب تتشاو طاعاة‬ ‫أنّ ا فع الع مات المقصودة‪.‬وفي هاذا ّ‬
‫ويساااتطيع اإلنساااان إلاااى لقااااء سااابي بعيااادا عااا كااا ّ الفتااااو‪.‬‬
‫والطقاوس والعادات‪،‬يساتطيع اإلنساان إلاى لقااء سابي فاي أعماااق‬ ‫ّ‬
‫ذات ‪،‬فتصير كا ّ أفعالا اسات ابة لع ماات فاي الوون‪.‬لقاد ورد فاي‬
‫تقرب إلى أحبّ فااذا أحبّا كاان‬ ‫أن العبد إذا ّ‬ ‫أحد األحاديث القدسيّة ّ‬
‫سمع الّاذي يسامع با وبصاره الاذي يبصار با وياده التاي يابطا ب اا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ورجل الّتي يمشي ب ا‪.46‬‬
‫قرب إلي ك تقتصر في رأيناا علاى تطبيا‬ ‫أن طاعة والت ّ ّ‬ ‫على ّ‬
‫ي ولونّ ااا سااعي ما اإلنسااان نحااو‬ ‫للطقااوس فااار ما ك ا ّ بعااد روحا ّ‬ ‫ّ‬
‫صوت في ‪.‬فالذّهاب إلى أعماق الذّات فاي افتقارهاا وألم اا ويأسا ا‬
‫‪.‬إن تعاالى‬ ‫ّ‬ ‫سفر في أغوار الاذّات سافر فاي‬ ‫هو ذهاب إلى وال ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫لال‪":‬ون ْف وما سواها‪-‬فأل م ا فُ ُ ورها وتقواها‪-‬لادْ أفلاح ما ْ زكاهاا‪-‬‬
‫شااام ‪،)10-9-8-7/91‬وك نااار‪ .‬أف ااا‬ ‫ولااادْ خااااب مااا ْ دساها"(ال ّ‬
‫تزكية للانّف وإنمااء ل اا ما الغاوص في اا وك نار‪ .‬أكعار تدساية ل اا‬
‫وإخفاااء ما اإلعاارا عن ااا ولمااع صااوت ا تحاات وابا ما األواماار‬
‫والنّااواهي المن ّمطااة الّتااي ت ادّعي لو ا ّ شاايء جوابااا ولو ا ّ حياارة ردعااا‬
‫ولو ّ بحث حدّا‪.‬‬

‫‪ 45‬سيرة اب هشام ج‪ 2‬صّ‪.121/119‬‬


‫‪ 46‬األحاديث القدسية‪،‬بيروت‪،‬دار الوتاب العربي(د‪-‬ت) ج‪ 1‬ص‪.81‬‬

‫‪28‬‬
29
‫بين حرف ّية القانون وروح القانون‪:‬‬
‫ّ‬
‫الزنى مثاال‬

‫حديث محيّر‪:‬‬
‫الرساول‬ ‫ّ‬ ‫سيرة موال ما‬ ‫ّ‬
‫حيّرتني عند نظري في كتب السنة وال ّ‬
‫ك تعياار كبياار اهتمااام إللامااة الحاادود وتطبي ا القانون‪،‬وكااان منطل ا‬
‫حيرتي التقاب الوبير بي "تسامح" الرسول م ج اة وماا يقاوم عليا‬
‫ي ك سيّما المتأ ّخر م تركياز علاى الحادود وإعا ء ما‬ ‫الفق اإلس م ّ‬
‫شأن ا‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرسول الذي أتاه أحد الماؤمني يعلما باأن رجا‬ ‫ّ‬ ‫حيّرني مول‬
‫الرسول لل ُمخبر "لو ساترت بردائاك لواان خيارا‬ ‫متزوجا لد زنى فقال ّ‬ ‫ّ‬
‫لك" ‪.‬وكحظت تملم وللقا وااحي يعتريان ج ّ م أخبرت ق ب ذا‬ ‫‪47‬‬

‫اااوراتنا‬
‫أن وراء هااااذا القلاااا مااااا ياااارتبط فااااي تصا ّ‬‫الحااااديث‪.‬وك شااااكّ ّ‬
‫اكجتماعيااة بالع لااة ال نساايّة مطلقااا وخااارج إطااار الاازواج بصاافة‬
‫أخّ م شحنة أخ لية يبل ما ت اذّرها فاي المخياال ال مااعي أن‬ ‫ّ‬
‫كاااد معنااى الفساااد مسااندا إلااى فاارد ّمااا يقتصاار علااى إلامت ا ع لااات‬
‫جنسيّة خارج إطار الزواج‪.‬‬

‫ّ‬
‫موطأ مالك‪،‬ص‪.546‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪30‬‬
‫صاحاّ‬ ‫وذ ّكرنا هذا الفص م سنّة الرساول ‪-‬الاوارد فاي كتاب ال ّ‬
‫صااة ش ا يرة فااي األناجي ا تعاار لمول ا عيسااى‬ ‫المعتاار ب ااا‪ -‬بق ّ‬
‫متزوجااة زنااات وكااان الق اااة مقتفااي خطاهاااا‬ ‫ّ‬ ‫المتسااامح ماا اماارأة‬
‫ليرجموها‪ .48‬فاذا بالمسيح يتصدّ‪ .‬ل ق لائ لولت الشا يرة‪":‬م كاان‬
‫منوق ب خطيئة فليرم ا بح ر"‪.‬فألقى الق اة جميع ق أح ارهق‪.49‬‬
‫إن حديث الرسول صلّى عليا وسالّق ومولا المسايح كلي ماا‬ ‫ّ‬
‫يبايّ ظاهريّاا خروجاا عا القاانون المفتر ‪.‬فقاانون المسايحيّة ين ااى‬
‫ّ‬
‫الزنااى عمومااا‪،‬وم‬ ‫ازوج ولااانون اإلس ا م ين ااى ع ا‬ ‫ع ا زنااى المتا ّ‬
‫الرساول‬ ‫المفتر ليطمئ المرء المسلق إلى تطبي القانون أن يحواق ّ‬‫ّ‬
‫الزانيي وف لانون الحدود بال لاد اساتنادا إلاى ماا هاو وارد فاي‬ ‫على ّ‬
‫الرسااول‬ ‫االرجق وف ا مااا تعبت ا بع ا األحاديااث‪.50‬ولو ا ّ ّ‬ ‫القاارتن أو با ّ‬
‫يحول مواو اللوم م الزاني مقتر الذنب المفتر إلاى الشااهد‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والنال ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ي لتتحقا "جريماة‬ ‫التحاول غيااب شارط أساسا ّ‬
‫ّ‬ ‫لد يوون مردّ هذا‬
‫سار تطبيا الحادّ‬ ‫الزنى" وهو ح ور أربعاة شا داء ‪.‬وهاو شارط يع ّ‬
‫‪51‬‬ ‫ّ‬
‫الزاني إذ يندر أن يقيق شخصان ع لاة جنساية بح اور أربعاة‬ ‫على ّ‬
‫شاا داء ف اا عاا أن توااون هااذه الع لااة "جريمااة" يُعالااب علي اااا‬
‫القانون‪.‬ف ا يعنااي التّشاديد فااي شاارط تطبيا الحادّ علاى ّ‬
‫الزناااة مولفااا‬
‫الزنى أم ه هو ولاية م الوشاية؟ وه التّشدّد في هذا‬ ‫ّ‬ ‫متسامحا م‬
‫شاهد على فع ّ‬
‫الزنى؟‬ ‫للزاني أم تشديد على ال ّ‬ ‫الشرط تيسير ّ‬
‫ي ولد أسلفنا أن ك جواب لطعيّاا‪.‬ولو‬ ‫ك يمو تقديق جواب لطع ّ‬
‫ساببي المموناي ودككت ماا علاى ع لاة اإلنساان المسالق‬ ‫لننظر فاي ال ّ‬
‫باتخر وبالقانون‪.‬‬

‫الرجق غير المذكور في القرتن رغق اعتماده حوما تشريعيّا في بلدان إس ميّة‬‫‪ 48‬هذا يؤ ّكد أنّ ّ‬
‫كعيرة لي حوما إس ميّا جديدا بقدر ما هو مواصلة لممارسة تاريخيّة لديمة‪.‬‬
‫‪Evangile d'après Jean,chapitre VIII,Versets 1-11 49‬‬
‫‪ 50‬ج ل الدي السّيوطي‪:‬اإلتقان في علوم القرتن‪،‬بيروت‪ ،‬عالق الوتب (د‪-‬ت) ج‪ 2‬ص‪.25‬‬

‫‪ 51‬يقول تعالى‪ " :‬والذي يرْ ُمون ْال ُم ْحصنات ث ُق ل ْق يأْتُوا بأرْ بعة شُ داء فاجْ لد ُوهُ ْق ثماني‬
‫ج ْلدةا…"(النّور‪.)4/24‬‬

‫‪31‬‬
‫للزاني؟‪:‬‬‫التيسير ّ‬
‫إذا نظرنا فاي تقناي القارتن والسانّة للع لاات ال نساية وجادنا ّ‬
‫أن‬
‫المحرماة‪.‬فاذا‬ ‫ّ‬ ‫المواايع ال نسيّة المباحة أكعر م المواايع ال نسيّة‬
‫ااااان ساااااائر الموااااااايع ال نساااااية‬ ‫اساااااتعنينا المحاااااارم والمشاااااركي فا ّ‬
‫لازواج ما‬ ‫يتزوج أربع نساء علاى األكعار ولاي ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مباحة‪.‬فللرج أن‬
‫ّ‬
‫حيث شروط اإلجرائية عسيرا إذ يوفي وجود شاهدي عدلي وم ار‬
‫الرساول أحاد المسالمي‬ ‫زوج ّ‬‫شارعية‪.‬ولد ّ‬ ‫حتى يوتسب عقد الازواج ال ّ‬
‫الرجااا مااا القااارتن‪.52‬ويختلااا‬ ‫ي هاااو ماااا يحفظااا ذلاااك ّ‬ ‫بم ااار رماااز ّ‬
‫ساااااارون فااااااي تحااااااريق زواج المتعااااااة انط لااااااا ماااااا لااااااول‬ ‫المف ّ‬
‫ُ‬
‫تعاااااااالى‪…":‬فماااااااا اسْااااااات ْمت ْعت ُ ْق بااااااا مااااااا ْن ُ فااااااا تُوهُ أ ُجاااااااورهُ‬
‫أن عمااار باااا‬ ‫فري اااةا…"(النّسااااء‪،)24/4‬ويااار‪ .‬بعاااا الدّارساااي ّ‬
‫الطباري‬ ‫حرم زواج المتعة‪،‬وفي هذا اإلطار يادرج ّ‬ ‫الخطاب هو الّذي ّ‬ ‫ّ‬
‫أن عماار راااي عن ا ن ااى ع ا‬ ‫ي ب ا أبااي طالااب‪":‬لوك ّ‬ ‫لااول عل ا ّ‬
‫ي"‪.53‬وفي إطار الع لات اكجتماعيّة الّتي تقبا‬ ‫المتعة ما زنى إكّ شق ّ‬
‫ساري بماا شااء ما ملاك اليماي ولا سابي‬ ‫للرجا حا ّ الت ّ ّ‬ ‫الر ّق يوون ّ‬ ‫ّ‬
‫متزوجات‪.54‬ويؤ ّكد أن با مالاك أنّا ك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫وإن‬ ‫الغزوات‬ ‫في‬ ‫ساء‬ ‫النّ‬
‫وللرجا تسااريح‬ ‫الرجا جاريتا ما عباده‪ّ .55‬‬ ‫ّ‬ ‫يار‪ .‬بأساا فاي أن يناز‬
‫شاااااروط‬ ‫اااازوج ساااااواه ّ وفااااا ال ّ‬ ‫زوجاتااااا باحساااااان متاااااى شااااااء وتا ّ‬
‫المااذكورة‪.‬وللمرأة الخلااع م ا زوج ااا بشاارط إرجااا م ااره إلي ا ‪،‬ول ا‬
‫الزواج برج م المسلمي وأها الوتااب دون المشاركي ‪.56‬وك ن اد‬ ‫ّ‬

‫‪ 52‬صااحيح البخاااري مااج‪،3‬ج‪ 7‬ص‪-5‬صااحيح مساالق‪،‬دار إحياااء الوتااب العربيّااة ‪ 1955‬ج‪2‬‬


‫صّ‪.1041/1040‬‬
‫‪ 53‬جامع البيان ج‪ 4‬ص‪.15‬‬
‫‪ 54‬راجع تفساير المفسّاري للياة ‪ 24‬ما النّسااء‪.‬على سابي المعال‪:‬جاامع البياان ج‪ 4‬ص‪-10‬‬
‫مفاتيح الغيب مج‪ 5‬ج‪ 10‬ص‪.42‬‬
‫‪ 55‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 7‬ص‪.13‬‬
‫الوتااب‪.‬ويحرم‬
‫ّ‬ ‫‪ 56‬لي في القرتن تية صريحة في تحريق زواج المسالمات برجاال ما أها‬
‫الرجاااااال والنّسااااااء (…وك ت ُ ْمساااااوُوا بعصاااااق‬ ‫اااازواج بالوفّاااااار والمشاااااركي علاااااى ّ‬ ‫القااااارتن الا ّ‬
‫ْالووافر…الممتحنة‪،10/60‬وك ت ْنو ُحوا ْال ُم ْشركات حتى يُؤْ م وألمةو ُمؤْ منةو خي وْر م ْ ُم ْشركة ول ْو‬
‫أ ْع باااااتْوُ ْق وك ت ُ ْنو ُحاااااوا ْال ُم ْشاااااركي حتاااااى يُؤْ منُاااااوا ولع ْباااااد و ُماااااؤْ م و خ ْيا و‬
‫اااار مااااا ْ ُم ْشااااارك ولا ْ‬
‫ااااو‬
‫الاااااازواج بالنّسااااااااء الوتابيّاااااااات ّ‬
‫للرجاااااااال‬ ‫ّ‬ ‫أ ْع اااااابوُ ْق…(البقااااااارة‪ )221/2‬ويصا ّ‬
‫اااااارّ باباحاااااااة‬

‫‪32‬‬
‫الحارة بملاك يمين اا‪،‬وك تياة‬ ‫ّ‬ ‫في القرتن تية صريحة في تحاريق ع لاة‬
‫سرون‬ ‫صريحة في تحريق زواج المرأة بأكعر م رج إذ اختل المف ّ‬
‫ت علاااا ْيوُ ْق‬ ‫فاااي دكلاااة لفظاااة "محصااانة" فاااي لاااول تعالى‪ُ ":‬ح ّرمااا ْ‬
‫ت أ ْيم اانُوُ ْق" (النّساااء‬ ‫أُم اااتُوُ ْق…و ْال ُمحْ ص اناتُ م ا النّس ااء إك م اا ملو ا ْ‬
‫‪.)24-23/4‬ولونّناااا‪ -‬درءا لل ااادل الّاااذي لاااي هااادفنا‪ -‬نأخاااذ بالتفساااير‬
‫أن للماارأة أن تاانوح زوجااا واحاادا يمون ااا‬ ‫س اائد الّااذي ياار‪ّ .‬‬ ‫العرفااي ال ّ‬
‫خلع متى شاءت‪.‬‬
‫أن إموانات تحق الممارسات ال نسايّة كبيارة جادّا خ فاا‬ ‫ّ‬ ‫وااح ّ‬
‫لمااا هااو الشااأن فااي بع ا لااراءات الديانااة المساايحيّة حيااث ك تسا ّاري‬
‫وحيااث ك يحااا ّ لإلنسااان أن ي ُحااا ّ مااا عقاااده أي أن يفصااق عااار‪.‬‬
‫الزواج‪.‬ويمو أن نطرّ فاي هاذا المساتو‪ .‬ساؤاك عا الفارق‬ ‫ع لة ّ‬
‫ّ‬
‫المحرم علناا نتبايّ‬ ‫ّ‬ ‫بي هذه الع لات ال نسيّة الوعيرة المباحة ّ‬
‫والزنى‬
‫الزنى أو سبب ‪.‬‬‫معنى تحريق ّ‬
‫الزنى فاحشة؟‪:‬‬ ‫لماذا كان ّ‬
‫الزنااى بأنّاا "عبااارة عاا إي ا ج فاارج فااي فاارج‬ ‫يعا ّار الفق اااء ّ‬
‫محرم لطعا" ‪.‬ويمو أن نعتمد هذا التّعريا اااربي‬ ‫‪57‬‬
‫ّ‬ ‫مشت ى طبعا‬
‫صفحا ع وجاود ااروب عديادة ما الممارساات ال نسايّة ك تادخ‬
‫اااامن ‪،‬وهي ممارساااات حيّااارت الفق ااااء وولّااادت اخت فاااات عديااادة‬
‫والزناى‬ ‫والتسري م ج ة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الزواج‬ ‫أن الفرق بي‬‫بين ق‪.‬ويبدو وااحا ّ‬
‫م ا ج ااة ثانيااة لااي فااي طبيعااة الع لااة ال نس ايّة أو ساامات ا ب ا فااي‬
‫وخلااو الع لااة العالعااة‬ ‫ّ‬ ‫خ ااو الع لتااي األوليااي لشااروط تنظيميّااة‬
‫من ااا‪،‬ففي حااال التسا ّاري والا ّازواج تعلااق ال ماعااة باموااان ليااام ع لااة‬
‫أن ال ماعاة ت ا إمواان لياام ع لاة‬ ‫جنسيّة بي شخصاي فاي حاي ّ‬
‫الزانيي ‪.‬ولذلك فانّ ي وز في الحالتي األولياي أن ينساب‬ ‫ّ‬ ‫جنسيّة بي‬
‫المسلمي (…و ْال ُمحْ صناتُ م الّذي أُوتُوا ْالوتاب ما ْ لابْلوُ ْق…المائادة‪ )5/5‬ويساوت عا زواج‬
‫المؤمنات م رجال أه الوتاب‪.‬واختل المفسّرون فاي اعتباار تياة المائادة الماذكورة منساوخة‬
‫واختلفوا في اعتبار الوتابيّة مشركة فرأ‪ .‬بع ق أنّ ا مشركة تحرم على المسلق ورأ‪ .‬تخرون‬
‫نّ وبمقت ى اإلجما‬‫أنّ ا تح ّ ل (مفاتيح الغيب مج‪ 3‬ج‪ 6‬صّ‪،)63/62‬ولونّ ق اتّفقوا دون ّ‬
‫على منع زواج المسلمة بغير المسلق‪.‬وهو إجما حاول بع الدّارسي المحدثي مراجعت وف ق‬
‫خلفيّات النّفسيّة واكجتماعيّة‪.‬‬
‫‪ 57‬مفاتيح الغيب مج‪ 12‬ج‪ 23‬ص‪.132‬‬

‫‪33‬‬
‫علي ا وس الّق ّ‬
‫أن‬ ‫الطف ا إلااى أبي ا الممو ا إذ يؤ ّكااد الرسااول صاالى‬
‫"الولد للفراش وللعاهر الح ر"‪.58‬‬
‫الزنى لقيام ا على ج ال ماعة ب ا لد تنتج أطفاك ك‬ ‫إن ع لة ّ‬ ‫ّ‬
‫يمو نسبت ق إلى تبائ ق في م تمع يقوم على دعوة اكبا ألبيا ‪،‬وهي‬
‫ي با ما شااأن ا أن‬ ‫لاذلك ع لاة ما شاأن ا أن ت ادّد النّظاام اكجتمااع ّ‬
‫ي وهو لانون منع‬ ‫ي الّذي يقوم علي ال ن البشر ّ‬ ‫ت دّد القانون األصل ّ‬
‫إتيااان المحارم*‪.‬فغياااب اسااق األب* لااد يااؤدّي إلااى إموااان ليااام ع لااة‬
‫جنسيّة بي األب وابنت أو األخ وأختا دون أن يعلاق كا ّ واحاد من ماا‬
‫سار تحاريق‬ ‫بما يربط باتخر م ع لة دم‪.‬وهذا اإلموان هاو الّاذي يف ّ‬
‫التّبنّي بمعنى نسبة اكب إلى غير أبي في حال معرفة ذلك األب‪،‬ذلك‬
‫أن التّبنّي يقيق اساق األب* علاى الواذب فيتموااع األصا فاي الواذب‬ ‫ّ‬
‫ويفقاد اكساق المنشائ لدرتا علاى إثباات اإلنساان منااذ البادء فاي محا ّ‬
‫الرساول صالّى عليا وسالّق‪":‬لي ما رجا‬ ‫صدق‪.59‬ولاذلك لاال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫ادّعى لغير أبي وهو يعلمه إك كفر" ‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫روح القانون‪:‬‬
‫الزنى إذن ك ينشد تحدياد الع لاات ال نسايّة با‬ ‫إن لانون تحريق ّ‬ ‫ّ‬
‫ي الاذي يمعا شارط دخاول اإلنساان فاي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هو تفريع م القاانون األصال ّ‬
‫الرساول‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬ومول‬ ‫العّقافة وذلك م ما تو ديانت أو انتمااىه اكجتمااع ّ‬
‫م ا الا ّازانيي فااي اخت ف ا ع ا المول ا المتش ادّد المتولااع أي مول ا‬
‫ي للقااانون إلااى‬ ‫سااق فااي رأينااا ت اااوزا للتّطبيا اتلا ّ‬
‫إلامااة الحادّ إنّمااا ي ّ‬
‫محاولاااااة لاااااراءة القاااااانون أو إاااااافاء معناااااى عليااااا بالنّفااااااذ إلاااااى‬
‫‪61‬‬

‫الزنااى لااي هاادفا فااي ذات ا وح ادّ الا ّازانيي لااي ردعااا‬ ‫روح ا ‪.‬فتحريق ّ‬
‫للا ّارد ولونّ ا متّص ا بالخشااية م ا اخاات ط األنساااب وم ا ث ا ّق خشااية‬

‫صحيح البخاري مج‪ 1‬ج‪ 3‬ص‪-70‬صحيح مسلق ج‪ 2‬ص‪.1080‬‬ ‫‪58‬‬


‫‪ 59‬م ال ّ‬
‫شائع أنّ كعيرا م اكاطرابات النّفسيّة تنشأ م معرفة اكب بوذب نسب المفتر ‪.‬‬
‫‪ 60‬صحيح البخاري مج‪ 2‬ج‪ 1‬ص‪.219‬‬
‫‪Françoise Dolto:Les Evangiles et la foi au risque de la psychanalyse 61‬‬
‫‪ou La vie du désir,Paris,Gallimard 1996,p-178.‬‬

‫‪34‬‬
‫الرساااول دعااوة إلااى التّفوياار فاااي‬ ‫ّ‬ ‫إن فااي مولاا‬ ‫إتيااان المحااارم*‪ّ .62‬‬
‫ي أي‬ ‫الزناااى فاااي إطاااار القاااانون األصااال ّ‬ ‫ي أي تحاااريق ّ‬ ‫القاااانون الفرعااا ّ‬
‫أن ك ا ّ القااواني الفرعيّااة ك تحوم ااا‬ ‫تحااريق المحااارم*‪،‬وهو يؤ ّكااد لنااا ّ‬
‫سق تاريخيّا في تفوير عمر في‬ ‫اتليّة ب التّفوير وإعمال النّظر م ّما ت ّ‬
‫لانون لطع اليد وتعطيل ‪،‬وفي تحريما العمارة فاي أشا ر الحا ّج وفا‬
‫الرساول يار‪ .‬أناّ‬ ‫تفسير ممو لروّ القانون‪.63‬والنّاظر فاي أحادياث ّ‬
‫متسرعا إلى تطبي الحدود وك سبّالا إلى‬ ‫ّ‬ ‫صلّى علي وسلّق لق يو‬
‫الرسااول أعاار‬ ‫أن ّ‬‫والزجر‪،‬فقااد جاااء فااي صااحيح البخاااري ّ‬ ‫ّ‬ ‫الا ّارد‬
‫يطاو‬
‫الرساول ّ‬ ‫مرات ع رج لال إن زنى ‪،‬وفي حديث تخر ن د ّ‬
‫‪64‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي في المسا د‪"،‬فعار‬ ‫الحدّ وف الوالع الذي يتعام مع ‪،‬فقد بال أعراب ّ‬‫ّ‬
‫إلي النّاس ليقعوا ب ‪،‬فقال ل اق رساول صالّى عليا وسالق دعاوه‬
‫ّ‬
‫وأهريقااوا علااى بول ا ذنوبااا م ا ماااء أو س ا م ا ماااء فانّمااا بُععااتق‬
‫الرج ا لااق‬ ‫‪.‬إن مح ّماادا علااق ّ‬
‫أن هااذا ّ‬ ‫سااري "‪ّ 65‬‬ ‫سااري ولااق تُبععااوا مع ّ‬ ‫مي ّ‬
‫ساالوك بغاار اكعتااداء علااى مقدّسااات المساالمي‬ ‫يساالك مع ا هااذا ال ّ‬
‫ي فا داعاي لعقابا ماا أموا‬ ‫ي أو عقلا ّ‬ ‫ولعلّ كان مصاابا بمار بادن ّ‬
‫الرسااااول‬ ‫تنظياااا الموااااان‪ ،‬وفااااي حااااديث تخاااار جاااااء رجاااا إلااااى ّ‬
‫"فقال‪:‬هلوتُ ‪،‬لال‪:‬ولق؟ لال ولعت على أهلي فاي رم اان لاال فاأعت‬
‫رلبة لال لي عندي لال فصق شا ري متتاابعي لاال ك أساتطيع لاال‬
‫فأطعق ستّي مسوينا لال ك أجد فأُتي النّبي صلى علي وسلّق بعرق‬
‫سائ لال ها أنذا لال‪:‬تصدّق ب ذا لاال علاى أحاوج‬ ‫في تمر فقال أي ال ّ‬
‫منّا يا رسول فوالّذي بععك بالح ّ ماا باي كبت ْي اا أها بيات أحاوج‬
‫منّااا ف ااحك النبااي ص الّى علي ا وساالق حتّااى باادت أنياب ا لااال فااأنتق‬
‫الرج ا وهاادوء‬ ‫إذاا"‪.66‬ولنااا أن نقااارن فااي هااذا الحااديث بااي انزعاااج ّ‬

‫‪ 62‬نذ ّكر في هذا المقام برأي ككان الّذي ّ‬


‫يقر بأنّ "الحرام الوحيد هو إدخال اكاطراب في‬
‫األجيال"‪Inceste et Jalousie,p-126.‬‬
‫الرس والملوك‪،‬القاهرة‪،‬دارالمعار ‪،‬ط‪( 4-‬د‪-‬ت)‪،‬ج‪4‬‬‫الطبري‪ :‬تاريخ ّ‬‫‪ 63‬أبو جرير ّ‬
‫ص‪.225‬‬
‫‪ 64‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 7‬ص‪.59‬‬
‫‪ 65‬السّاب ج‪ 8‬ص‪.37‬‬
‫‪ 66‬السّاب ج‪ 7‬ص‪.86‬‬

‫‪35‬‬
‫الرسول الوااح‪،‬ففي تخر األمار ولاع‬ ‫الرسول ولنا أن ن حظ تسامح ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ساول‪.‬إن‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫غاذاء‬ ‫على‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫وتح‬ ‫ان‬ ‫رم‬ ‫في‬ ‫امرأت‬ ‫على‬ ‫ج‬ ‫الر‬
‫ّ‬
‫مح ّمدا كان ينظر فاي خلفيّاة القاانون وع لتا بمف اوم إلحااق ال ّارر‬
‫يتسار إلاى العقااب‬ ‫ّ‬ ‫باتخر أي إنّ كان يعطي للقانون معناه‪،‬ولق يوا‬
‫وتطبياا الحااادود باعتبارهماااا غاياااة وهاادفا‪.‬ف و إذن يعلاااي مااا شاااأن‬
‫ي" فاي غناى عا إلحااق‬ ‫ساو ّ‬ ‫القانون الدّاخلي الّاذي ي عا اإلنساان "ال ّ‬
‫ي الّاذي ك‬ ‫الردع ّ‬ ‫ال ّرر باتخري ويقلّ م أه ّمية القانون الخارجي ّ‬
‫يفع شيئا سو‪ .‬لمع الذّات التي تظ ّ حوايت ا فرديّاة ك يحايط ب اا أ ّ‬
‫ي‬
‫صور م شاأن أن يسامح لعادد كبيار ما النّااس باأن‬ ‫لانون‪.67‬وهذا الت ّ ّ‬
‫ي فااي‬ ‫يت اااوزوا اإلحساااس بال اذّنب المراااي‪،‬فلو اااربنا مع ا اللااوط ّ‬
‫سسات مع‬ ‫بلداننا العربية اإلس ميّة اليوم لوجدنا تعام األفراد والمؤ ّ‬
‫الرسول الّذي أسلفنا‪.‬ف يوفي أن تقر أساما اللاوطي‬ ‫منافيا لسلوك ّ‬
‫ّ‬
‫ي مؤكادا لا‬ ‫بمواعظ ونصاائح أو أن تادعوه إلاى تغييار سالوك ال نسا ّ‬
‫أنّ ا "شاااذّ" وه ا يوفااي أن تر ّهب ا بش اتّى أنااوا العقاااب المحتملااة فااي‬
‫إن اإلجابااة باانعق‬ ‫ي"؟ ّ‬ ‫الادّنيا واتخاارة حتّااى يتحا ّاول إلااى إنسااان "طبيعا ّ‬
‫أن اإلنسان يختار ع وعي أن يوون لوطيّا أي إنّا يختاار أن‬ ‫ت مر ّ‬
‫أن التحالي النّفسية ب ال لسات الحميماة تعبات‬ ‫يعيا منبوذا في حي ّ‬
‫ألن سالوك ق‬ ‫أن هؤكء يودّون اكنادماج فاي الم تماع وك يساتطيعون ّ‬ ‫ّ‬
‫سالوك لاي اختياارا عقليّاا‬ ‫ي شأن فاي ذلاك شاأن ساائر أنمااط ال ّ‬ ‫ال نس ّ‬
‫ي‪.‬وكق فارد منّاا ودّ لاو غيّار‬ ‫منطقيّا كما أراد أن يوهمناا الفوار الوااع ّ‬
‫ّ‬
‫ي فاذا باالطبع ك‬ ‫بع ا م طباع انط لا م اختيار وا ولرار ن ائ ّ‬
‫سق في‬ ‫ي –سواء أت ّ‬ ‫أخر‪..‬إن القانون الخارج ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتغيّر وإن اتّخذ أشواك‬
‫ّ‬
‫سسة أم في سلوك األفراد‪-‬ك يؤثر في الوالع ب يع ّما اإلحسااس‬ ‫المؤ ّ‬
‫أن اإلسا م ديا‬ ‫بالذّنب وهو إحساس ك يت ءم مع روّ اإلس م ذلك ّ‬
‫منفاتح نحااو المسااتقب وهااذا مااا يؤ ّكاده مف ااوم التّوبااة‪،‬ف ي ليساات فعا‬
‫ي للوجاود ك‬ ‫تصاور ديناام ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤ ّج ب ممارسة يوميّة تم ّو المارء ما‬
‫ّ‬
‫يقا علااى أطا ل المااااي بقاادر مااا يتطلااع إلااى المسااتقب فااي تفاااىل‬

‫‪ 67‬للتّمييز بين ما بواوّ انظر‪Le divan et le prie-Dieu ,p-192.:‬‬

‫‪36‬‬
‫ي م ا بنااي‬ ‫وحبااور منطلق مااا اكعتقاااد فااي رحمااة ‪.‬أفلااق يُغفاار لبغ ا ّ‬
‫إسرائي ألنّ ا سقت كلبا كاد يقتل العطا‪.68‬‬
‫نسبيّة القانون‪:‬‬
‫متحولاااة‪،‬فالخمر حااا ل عناااد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن القاااواني وإن توااا إل ياااة تظااا‬ ‫ّ‬
‫ساااري‬ ‫المسااايحيّي بااا هاااي مقدّساااة وهاااي حااارام عناااد جم اااور المف ّ‬
‫محرم عند‬ ‫ّ‬ ‫الزوجات مباّ في اإلس م في حي أنّ‬ ‫المسلمي ‪.69‬وتعدّد ّ‬
‫القاواني اإلل يّااة‬ ‫المسايحيّي ‪،‬ولي هاذان ساو‪ .‬معاالي علاى اخات‬
‫أن القواني نسبيّة ما عدا لانون تحريق‬ ‫بي دي ودي وهو ما لد يؤ ّكد ّ‬
‫الزماان‬ ‫إتيان المحارم* الّذي يخرج ع ك ّ نسبيّة ليوون مطلقاا عبار ّ‬
‫القااواني هااذا مااردّه تحريا‬ ‫أن اخاات‬‫والمواان‪.‬وحتّى إن افترااانا ّ‬
‫النّصااار‪ .‬والي ااود ك ا م فانّنااا ن ااد فااي القاارتن نفس ا شاااهدا علااى‬
‫عز وجا ّ يقاول‪":‬فبظُ ْلق ما الاذي هااد ُوا‬ ‫وتحول ا‪،‬فام ّ‬ ‫ّ‬ ‫نسبيّة القواني‬
‫اارا"‬ ‫كعيا ا‬ ‫ْ‬
‫ت ل ُ ااا ْق وبصااادّه ْق عااا سااابي‬ ‫ُ‬
‫حر ْمناااا علااا ْي ْق طيّباااات أحلااا ْ‬
‫ّ‬
‫أن لااد بادّل الطيّااب الحا ل خبيعااا‬ ‫(النّسااء‪.)160/4‬ويؤ ّكااد الا ّارازي ّ‬
‫محرما بغر التّشديد على الي ود وعقااب ق ع ّماا الترفاوه ما ذناوب‬ ‫ّ‬
‫سارون ‪.‬أفا ي اوز أن يواون تحاريق الخمار‬ ‫‪70‬‬ ‫اختل فاي تحديادها المف ّ‬
‫سووت عن ا نات ا ع ظلق بعا المسالمي األوائا‬ ‫في القرتن بعد ال ّ‬
‫أنفس ق عند شرب الخمر واعتاداء بع ا ق علاى بع ا ق اتخار وهاق‬
‫فالدون لحدود العق ؟‪. 71‬وحينئذ أك ي وز أن يوون ظلق اإلنسان لنفس‬
‫أن المسالق‬ ‫الرساول ّ‬ ‫منشئا لحدود القانون؟ وأك ي وز أن يوون تقريار ّ‬

‫‪ 68‬صحيح البخاري مج‪ 2‬ج‪ 1‬ص‪ .211‬ون حظ ال مع بي صفتي البغاء واكنتماء إلى بني‬
‫إسرائي بما ل ما م معان التزاميّة سلبية م ج ة والبساطة الظاهرة لفعا الخيار المتمعّا فاي‬
‫سقي الولب م ج ة ثانية‪.‬‬
‫‪ 69‬نقاول جم اور ألنّ هنااك خ فاات بااي المفسّاري والفق ااء فاي حادود مقولاة الخمر‪.‬انظاار‬
‫مع ‪:‬أبو بور ب العربي‪:‬أحوام القرتن‪،‬مطبعة البابي الحلبي ‪ 1968‬ج‪ 1‬ص‪.149‬‬
‫‪ 70‬مفاتيح الغيب مج ‪ 6‬ج‪ 11‬ص‪.106‬‬
‫أباااااااو الحسااااااا الواحااااااادي النّيسابوري‪:‬أساااااااباب النّزول‪،‬بياااااااروت‪،‬دار الوتااااااااب‬ ‫‪71‬‬
‫ّ‬
‫العربي‪،1986‬صّ‪.170-167‬تختل األخبار الواردة في الوتاب ولونّ اا تتفا فاي أنّ تحاريق‬
‫الخمر كان بعد اعتداء بع المسلمي على بع ق اتخر اعتداء لفظيّا أو مادّيا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ساليمة ا ّلتاي‬ ‫م سلق النّاس م يده ولسان ‪ 72‬تقريارا للفطارة البشاريّة ال ّ‬
‫أن " ك يحاااااابّ‬ ‫يُعاااااادّ كاااااا ّ ماااااا ت اوزهااااااا معتااااااديا فااااااي حااااااي ّ‬
‫المعتدي "‪73‬؟وألق يح األوان ليعي المسالمون الّاذي اتّفقاوا علاى مناع‬
‫ي ماا لاق يقاق‬ ‫ي تاريخ ّ‬ ‫أن القانون نسب ّ‬ ‫بنّ صريح ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرق ولق يمنع‬ ‫ّ‬
‫على اعتداء اإلنسان على اإلنسان؟‬
‫ّ‬
‫التّشديد على الشّاهد على فعل الزنى‪:‬‬
‫ما الّذي يحم مرءا فط إلى ع لة جنسيّة بي شخصي أو بي‬
‫م موعااة م ا األشااخاص إلااى إب ا المسااؤول ع ا القااانون (ويمعّل ا‬
‫سابب باالمنقول إليا (وهااو‬ ‫الرساول فاي خبرناا المنقاول)؟ لااد يتّصا ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الرسول) أو بالمواو المنقول (وهو هنا حصول فع الزنى)‪.‬‬ ‫هنا ّ‬
‫الرسول إلى تطبي الحادّ‬ ‫ّ‬
‫األول لد يدعو الشاهد ّ‬ ‫ّ‬ ‫فوف اكفترا‬
‫إ ّما تزلّفا ل أو اختبارا ل ‪.‬وفي حاالتي التزلا واكختباار يبادو النالا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كاذبا إذ لي ه ّم القانون في الحالتي با المساؤول عا تنفياذ بعا‬
‫أن القانون يسب المنفّذ الّذي لاد يختلا ما نظاام حواق‬ ‫بنوده ومعلوم ّ‬
‫ّ‬
‫إلى نظام حوق تخر‪.‬ول ّما كان القانون أص دون منفاذه أموا أن نف اق‬
‫ي‪.‬‬‫ي دون األص ال وهر ّ‬ ‫ت اه الرسول لم اعتبر الفر العرا ّ‬
‫ووفا اكفتارا العّاااني أي تغلياب المواااو المنقاول ك يموا‬
‫الازانيي شايئا ّماا‬ ‫حارك مشا د ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزناى إكّ م ّما‬‫ش ادة على ّ‬ ‫أن توون ال ّ‬
‫عميقا في نفسا لاد نعادّه غيارة علاى القاانون وساعيا إلاى تطبيا الحادّ‬
‫الرساول صالى عليا‬ ‫الزناى إلاى ّ‬ ‫نتصور نال مش د ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬ف‬‫شرع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وسلق أشدّ حرصا م هذا األخير علاى تطبيا الحادّ؟ وها يعناي هاذا‬ ‫ّ‬
‫شاهد الغيور؟‬ ‫صر دون ال ّ‬ ‫الرسول مق ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬
‫ي*‬ ‫يمو أن نت اوز هذا التّسااىل إذا اساتندنا إلاى التّحليا النّفسا ّ‬
‫أن في مول النّال تعبيرا ع حرج ّما أح ّ ب ‪ 74‬ك يخلو‬ ‫الّذي يبيّ ّ‬
‫الازانيي أو خوفاا كواعياا ما أن يزناي‬ ‫ّ‬ ‫أن يواون غيارة كواعياة ما‬
‫الزناى‬ ‫بع م يعدّ نفس مسؤوك عن ق أي خوفا م أن ي دّد خطار ّ‬

‫‪ 72‬صحيح البخاري مج‪ 1‬ج‪ 1‬ص‪.10‬‬


‫‪ 73‬المائدة‪.84/5‬‬
‫‪Les Evangiles et la foi au risque de la psychanalyse,pp170/171 . 74‬‬

‫‪38‬‬
‫اأن القااانون م ا خ ا ل هااذي‬ ‫أفااراد عائلت ا وك س ايّما اإلنااا من ق‪.‬فوا ّ‬
‫ساار دافااع الغياارة وكا ّ‬
‫اأن‬ ‫المااولفي يمنااع شاايئا مرغوبااا بااالفطرة م ّمااا يف ّ‬
‫القانون يسعى إلى حماية النّاس ما هاذا المرغاوب باالفطرة وهاذا ماا‬
‫اأن القااانون مقاب ا للفطاارة البشااريّة يل م ااا‬ ‫ساار دافااع الخااو أي كا ّ‬ ‫يف ّ‬
‫ويوبح جماح ا‪.‬‬
‫رؤى المسيحيّة تحكم المسلمين‪:‬الحرج من الجنس‪:‬‬
‫أن تصا ّاور القااانون باعتباااره كجماا للفطاارة البشااريّة يتنااافى‬ ‫يبادو ّ‬
‫ويحارم عليناا الخبائث‪،‬فقاد‬ ‫ّ‬ ‫مع إلرار تعالى بأنّا يحا ّ لناا الطيّباات‬
‫الرسول ينظر في القانون نظرة عميقة تراعي روح ‪.‬ونح‬ ‫أن ّ‬‫أسلفنا ّ‬
‫يحرماوا علاى‬ ‫نر‪ .‬في مساءلة روّ القانون تحذيرا للمسلمي م أن ّ‬
‫أنفس ا ق طيّبااات أحلّاات ل ااق ‪،‬يقااول تعالى‪":‬ي اا أي اا الّااذي تمنُ اوا ك‬
‫ُ لوُا ْق وك ت ْعتاد ُوا إن ك يُحاب ال ُم ْعتادي "‬ ‫ت ُح ّر ُموا طيّبات ما أح‬
‫(المائدة‪.)87/5‬ولد سُبقت هذه اتية بقول تعالى‪":‬لت دن أشاد النااس‬
‫عداوة ا للذي تمنُوا ْالي ُ ود والذي أ ْشركُوا ولت ادن أ ْلارب ُ ْق ماودة ا للاذي‬
‫سيسي و ُر ْهبانااا اوأ ان ُ ا ْق ك‬ ‫تمنُوا الذي لالُوا إنا نصار‪ .‬ذلك بأن م ْن ُ ْق ل ّ‬
‫أن‬‫ي ْس ات ْوب ُرون"(المائدة ‪.)82/5‬ولااد ربااط الا ّارازي بااي اتيتااي معتباارا ّ‬
‫الاربط‬‫الرهبان النّصار‪ .75.‬ونح نر ّجح هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسلمي مختلفون ع‬
‫الرسول تحذيرا للمسلمي م أن يقتفوا خطى الفور‬ ‫ّ‬ ‫ونر‪ .‬في مول‬
‫ي الّذي يقوم على اعتبار ال ن خطيئة اإلنساان األصاليّة حتّاى‬ ‫الونس ّ‬
‫ي ااارب ماا‬ ‫يغاادو مااا يعتبرون ا عفّااة (‪ )chasteté‬أي امتناعااا ع ا أ ّ‬
‫اااروب الع لااات ال نساايّة م ا شااروط اكنتماااء إلااى الونيسااة‪.‬وهو‬
‫تصور أعاد النّظر في بعا المف ّواري الغاربيّي ما صالب الونيساة‬ ‫ّ‬
‫الرسااول‬ ‫نفس ا ا ‪.‬علااى أنّنااا ناار‪ .‬فااي لااراءة بع ا المحاادثي لساايرة ّ‬ ‫‪76‬‬

‫ي‬
‫اناااادراجا ‪-‬واعيااااا كااااان أو غياااار وا ‪ -‬فااااي هااااذا الفواااار المساااايح ّ‬
‫الرسول م‬ ‫أن خبر زواج ّ‬ ‫المتشدّد‪.‬فن د بع المستشرلي يعتبرون ّ‬
‫الرسااول‬ ‫زينااب بناات جحااا عم ا ك ي ئااق مقااام النّبا ّاوة فويا يُع ااب ّ‬
‫ب مال امرأة ك سيّما أنّ ا زوجة زيد با الحارثاة ابنا باالتّبنّي؟ وتراء‬

‫‪ 75‬مفاتيح الغيب مج‪ 6‬ج‪ 12‬صّ‪. 76/74‬‬


‫‪Fonctionnaires de Dieu, pp 604/627. 76‬‬

‫‪39‬‬
‫هاؤكء "المستشارلي " حملات كتّاباا محادثي لينبااروا عا الادّفا عا‬
‫الرسول م "مفتريات المستشرلي "‪.‬وهق ك يعون أنّ اق بادفاع ق ذاك‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الرساول تقييماا سالبيّا ذلاك أن المارء ك يادافع عا‬ ‫إنّما يقيّمون سالوك ّ‬
‫إن بع ااااا ق ينفاااااي "كااااا ّ تلاااااك الخيااااااكت‬‫ي بااااا ّ‬‫السااااالوك اإلي ااااااب ّ‬
‫ّ‬
‫واأللاصيّ" التي تفيد إع اب مح ّمد بزينب في حي أننا ن اد فاي‬
‫‪77‬‬

‫سايرة ابا إسااحاق الخبار الت ّاالي‪":‬مر زيااد با حارثااة فاادخ عليا‬
‫رسااول ص الّى علي ا وس الّق يعااوده وزينااب ابنااة جحااا امرأت ا‬
‫جالسة عند رأس زيد‪،‬فقامت زيناب لابع شاأن ا فنظار إلي اا رساول‬
‫صلّى علي وسلّق ث ّق طأطأ رأس فقال‪:‬سبحان مقلّب القلاوب‬
‫واألبصااار‪،‬فقال زيااد‪:‬أطلّق ا لااك يااا رسااول فقال‪:‬ك‪،‬فااأنزل عا ّاز‬
‫وج ّ‪ ":‬وإذْ تقُو ُل للذي أ ْنعق ُ عل ْي وأ ْنع ْمت عل ْي " إلاى لولا "وكاان‬
‫الطباري خبارا مشااب ا‪":‬حدّثني‬ ‫أ ْم ُر م ْفعُاوكا""‪.78‬ون اد فاي تفساير ّ‬
‫زوج‬ ‫ي لاد ّ‬ ‫يون لال‪:‬أخبرناا ابا وهاب لاال‪ :‬لاال ابا زياد‪ :‬كاان النبا ّ‬
‫زياد با حارثاة زينااب بنات جحاا ابناة ع ّما فخارج رساول يومااا‬
‫ساتر فانوشا ‪،‬وهي‬ ‫الريح ال ّ‬‫يريده وعلى الباب ستر م شعر‪،‬فرفعت ّ‬
‫ي فل ّمااا ولااع ذلااك‬ ‫فااي ح رت ااا حاساارة‪،‬فولع إع اب ااا فااي للااب النّباا ّ‬
‫كُ ّرهااات إلاااى اتخر‪،‬ف ااااء فقال‪:‬ياااا رساااول إنّاااي أرياااد أن أفاااارق‬
‫صاااحبتي‪،‬لال‪:‬مالك أرابااك من ااا ش ايء؟ لااال‪:‬ك و مااا رابنااي من ااا‬
‫شاايء يااا رسااول وك رأياات إكّ خيرا‪،‬فقااال لاا رسااول ‪:‬أمسااك‬
‫‪،‬فذلك لول تعالى‪" :‬وإذْ تقُو ُل للاذي أ ْنعاق ُ‬ ‫عليك زوجك وات ّ‬
‫ْ‬
‫وت ُ ْخفي في نفسك ماا‬ ‫عل ْي وأ ْنع ْمت عل ْي أ ْمس ْك عل ْيك ز ْوجك وات‬
‫ُ ُم ْبدياااااا …"(األحاااااازاب‪ )37/33‬تخفااااااي فااااااي نفسااااااك إن فارل ااااااا‬
‫تزوجت ا"‪.79‬‬ ‫ّ‬
‫الطبااري المعاارو ب معا لوا ّ األخبااار لااق ياار داعيااا لتنزي ا‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫الرسااول ماا ولااو نظااره علااى زينااب وإع اباا ب ااا لمااا فااي ذلااك‬ ‫ّ‬

‫والردّ علاى‬
‫الرسول ّ‬ ‫‪ 77‬محمود م دي اإلستانبولي ومصطفى أبو النّصر ال ّ‬
‫شلبي‪ :‬نساء حول ّ‬
‫مفتريات المستشرلي ‪،‬جدّة (د‪-‬ت) ص‪.354‬‬
‫‪ 78‬السّيرة النّبويّة كب إسحاق‪،‬القاهرة‪،‬أخبار اليوم‪ 1998‬ج‪ 1‬ص‪.339‬‬
‫‪ 79‬جامع البيان ج‪ 10‬ص‪.302‬‬

‫‪40‬‬
‫الرسااول سااو‪ .‬بشاار‬ ‫ّ‬ ‫اإلع اااب ما تا ىم مااع الفطاارة البشااريّة فلااي‬
‫معلنا يوحى إلي ‪،80‬ولي في اشت ائ امرأة ما يُحرج وك ماا يعياب إكّ‬
‫ي يعتباار ال سااد موطنااا‬ ‫إذا كاان النّالااد أو المبا ّارر متااأثرا بااالفور الونسا ّ‬
‫ويتحرج م الفطرة ال نسيّة فاي ذات اا أي بصار‬ ‫ّ‬ ‫لش وات شيطانيّة‬
‫ي‪،‬لانون تحاريق المحاارم* وفرعا اخات ط‬ ‫النّظر ع القاانون األصال ّ‬
‫ي خطر على اإلس م أدّ‪ .‬إلى اإلفراط في‬ ‫صور الونس ّ‬ ‫‪.‬إن الت ّ ّ‬
‫األنساب ّ‬
‫تقني الع لات ال نسيّة وإلى إط ق األحوام "األخ ليّة" جزافا على‬
‫ك ا ّ م ا يصا ّارّ برغبات ا ال نس ايّة ب ا إنّنااا ابتعاادنا ع ا التّصا ّاورات‬
‫اإلس ميّة فصرنا ندعو إلى الوحدانيّة في الع لات ال نسيّة فاي حاي‬
‫أن سلوك جلّنا ينق هذه الدّعوة‪،‬وصرنا نعتبر المزواج إنساانا شااذاّ‬ ‫ّ‬
‫يتازوج م ّما يصاغره سانّا ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ذا سالوك فاساد‪ ،‬وصارنا نحواق علاى ما‬
‫أن جلّناا يقبا بالاماة ع لاة جنسايّة ماع‬ ‫رج كان أو امرأة‪ -‬في حاي ّ‬
‫ّ‬
‫تزوجاات مح ّماادا الااذي‬ ‫أن خدي ااة بناات خويلااد ّ‬ ‫ذلااك األصغر‪،‬وننسااى ّ‬
‫ّ‬
‫لرسول لاق يغ اب ما المارأة التاي أرادت أن‬ ‫يصغرها‪ 81‬وننسى ّ‬
‫أن ا ّ‬
‫ألن مع ا "مع ا هدبااة العّااوب" ب ا إنّ ا صاالى علي ا‬ ‫تطلّ ا زوج ااا ّ‬
‫االرجو إلااى زوج ااا بعااد البناااء‬ ‫وس الّق اكتفااى بال ّ ااحك سااامحا ل ااا با ّ‬
‫الرسول سمح كمرأة بأن تخلاع نفسا ا‬ ‫أن ّ‬ ‫بالزوج العّاني‪،82‬وإنّنا ننسى ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫م ا زوج ااا بعااد أن تااردّ ل ا حديقت ا ولااي ساابب الط ا ق م ّمااا يقا ّاره‬
‫أن المارأة الماذكورة ك تعتاب علاى زوج اا فاي ديا‬ ‫الم تمع اليوم إذ ّ‬
‫وك في خل ولونّ ا ك تطيق ‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫القانون اإلله‪:‬الجنّة حقّ مكتسب‪:‬‬


‫شااهد‬ ‫أن ال ّ‬‫ي منطلا هاذا المقال‪،‬تبيّنّاا ّ‬ ‫إذا عدنا إلاى الحاديث النّباو ّ‬
‫أن الخ و للقانون وتطبيق اام للف ايلة أي‬ ‫يتصور ّ‬
‫ّ‬ ‫على ّ‬
‫الزنى‬

‫صلت‪.6/41‬‬
‫‪-110/18‬ف ّ‬ ‫"لُ ْ إنما أنا بش ور معْلُوُ ْق يُوحى إلي أنما إل ُ وُ ْق إل و واحد و…"الو‬ ‫‪80‬‬

‫س ّ بي خدي ة ومح ّمد وإن اتّفقت فاي أنّ خدي اة توبار مح ّمادا‬ ‫‪ 81‬تختل‬
‫األخبار في فارق ال ّ‬
‫سنّا‪.‬‬
‫ّ‬
‫انظر في هذه المسألة‪:‬سلو‪ .‬بالحاج صالح‪-‬العاياب‪:‬دثريني ياا خدي ة‪،‬دراساة تحليلياة لشخصاية‬
‫الطليعة ‪،1999‬صّ‪.61/60‬‬ ‫خدي ة بنت خويلد‪،‬بيروت‪،‬دار ّ‬
‫‪ 82‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪.28‬‬
‫‪ 83‬السّاب ج‪ 7‬ص‪.60‬‬

‫‪41‬‬
‫يتصاور تطبيا القاانون وحاده كافياا لتحقيا رااا أو الادّخول‬ ‫ّ‬ ‫إ ّنا‬
‫إلاى ال نّة‪.‬فاإلنساان الّااذي يطبّا القااانون نااج وذاك الّااذي يخارج عا‬
‫القااانون غياار ناااج‪.‬وم خ ا ل هااذا التصا ّاور يغاادو القااانون هااو اإلل ا‬
‫ويتو ّهق اإلنسان أنّ بت احيات المتواصالة والتزاما المطلا لاد حقّا‬
‫صاااورة* المعاليّاااة المخلّصاااة الّتاااي ينشااادها‪.‬وهي صاااورة*‬ ‫بارادتااا ال ّ‬
‫المقاارر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحقّ ا اكطمئنااان الااوهم ّ‬
‫ي وتااوهق اإلنسااان بأن ا هااو الفاع ا‬
‫ّاة‪".‬إن رفا الاذّنب ك‬ ‫ّ‬ ‫يتحول المرء إلى عبادة صورة* نفسا المعالي‬ ‫ف ّ‬
‫يُدخ في اإليمان ب إنّ كعيرا ما يع ّما الغارور"‪ 84‬فينساى المارء أنّ‬
‫وأن تطبيقا لاي ااامنا للف ايلة‪ 85‬كماا ينساى ّ‬
‫أن‬ ‫القانون لاي مارتة ّ‬
‫الخااا ص لاااي فاااي تطبيااا القاااانون أو تألي ااا ولونّااا فاااي رحماااة‬
‫‪.‬والرساااول يؤ ّكاااد هاااذا المولااا إذ يقاااول‪":‬ل يُااادخ أحااادا عملااا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ال نّة‪،‬لالوا وك أنت ياا رساول ؟ لاال ك وك أناا إك أن يتغ ّمادني‬
‫بف اا ورحمااة"‪.86‬وك أد ّل علااى أنّناااا ناادخ ال نّااة برحمااة مااا‬
‫للرسااول "لااال كااان فااي بنااي إساارائي رج ا لت ا تسااعة‬ ‫حااديث تخاار ّ‬
‫وتسعي إنسانا ث ّق خرج يسأل فأتى راهبا فسأل فقال لا ها ما توباة‬
‫لاال ك فقتلا ف عا يساأل فقاال لا رجا ائات لرياة كاذا وكذا‪،‬فأدركا‬
‫الرحماة وم ئواة‬ ‫الموت فناء بصادره نحوهاا فاختصامت فيا م ئواة ّ‬
‫تقربي وأوحى إلى هاذه أن تباعادي‬ ‫العذاب فأوحى إلى هذه أن ّ‬
‫إن هاذا‬ ‫فوجد إلى هذه ألرب بشابر فغُفار لا " ‪ّ .‬‬
‫‪87‬‬
‫ولال ليسوا ما بين ما ُ‬
‫الرج الّذي لت مائة نف وجد في رحمة التي وساعت كا ّ شايء‬ ‫ّ‬
‫صاادفة أن ُوساامت ال نااة فااي م اااز مرسا بلي ا‬ ‫المغفاارة‪،‬ولي ما ال ّ‬

‫‪Denis Vasse:La vie et les vivants,Paris,Seuil 2001,p-84. 84‬‬


‫‪Les Evangiles et la foi au risque de la psychanalyse ou La vie du 85‬‬
‫‪désir,p-172.‬‬
‫‪ 86‬صحيح البخاري مج‪3‬ج‪ 1‬ص‪.157‬‬
‫ّ‬
‫ون ااد شاابي ا ل ااذا المول ا فااي رأي بااول(‪ )Paul‬الااذي يؤ ّكااد أن ك أحااد يبا ّارر أفعال ا أم اام‬
‫بمطابقت ا للقانون‪.‬‬
‫انظار‪Le Père.Métaphore paternelle et fonctions du père :L’Interdit,La :‬‬
‫‪Filiation,La Transmission,Paris,Denoel 1989,p-226.‬‬
‫‪ 87‬صحيح البخاري مج‪ 2‬ج‪ 4‬صّ‪.212/211‬‬

‫‪42‬‬
‫أن رااااا ع ّناااا لاااي حقّاااا نوتساااب بمحاولاااة‬ ‫ب"رحماااة " ذلاااك ّ‬
‫اإلع ء م صاورنا عبار مطابقاة القاانون المفتار ‪،‬ولو ّ رااا‬
‫عنّا هبة من ورحمة يشم ب اا ما يشااء ما عباده‪.‬با لعلّناا فاي هاذا‬
‫ساري إذ ينسابون بعا المشايئة إلاى‬ ‫المساتو‪ .‬نار‪ .‬رأي بعا المف ّ‬
‫أن يغفاار لم ا طلااب من ا المغفاارة صااادلا متوااااعا‬ ‫المؤم ‪،‬ذلااك ّ‬
‫يائسااا ما ذاتا تم ا فااي ‪.88‬وم ا األحاديااث القدس ايّة مااا يؤ ّكااد هااذا‬
‫عاز وج ّ‪":‬أناا عناد ظا ّ عبادي باي"‪،89‬ويؤ ّكاد هاذا‬ ‫ّ‬ ‫الرأي إذ يقول‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي تخاار مفاااده أن "رجلااي م ّم ا دخ ا النااار اشااتدّ‬ ‫المعنااى حااديث لدس ا ّ‬
‫ُ‬
‫الربّ عز وج ّ أخرجوهما‪،‬فل ّما أخرجا لاال ل ماا أل ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫صياح ما فقال ّ‬
‫ّ‬
‫شيء اشتدّ صياحوما؟ لاك فعلنا ذلك لترحمنا‪،‬لال‪:‬إن رحمتي لوماا أن‬
‫تنطلقااا فتلقيااا بأنفسااوما حيااث كنتمااا ما النّااار فينطلقااان‪،‬فيلقي أحاادهما‬
‫نفس ‪،‬في عل ا علي بردا وس ما‪،‬ويقوم اتخر ف يلقي نفس ‪،‬فيقول ل‬
‫عز وج ّ ما منعك أن تُلقي نفسك كماا ألقاى صااحبك؟ فيقول‪:‬ياا‬ ‫الربّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ربّ إنّااااي ألرجااااو أن ك تعياااادني في ااااا بعاااادما أخرجتني‪،‬فيقااااول لاااا‬
‫الربّ ‪:‬لك رجاىك‪،‬فيدخ ن جميعا ال نّة برحمة "‪.90‬‬
‫طمع في موضع هللا‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬‫ي بمااا يحقّق ا ما خصاااء*(‪ )castration‬رمااز ّ‬ ‫إن القااانون األصاال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينقّ م ت ّخق الذات ويؤكد لادرت ا المحادودة‪،‬فالطف ك يموا أن‬ ‫ّ‬
‫يُراي أ ّم راا كام وك يمون ‪-‬م ماا ترتفاع منزلتا عناد األ ّم‪ -‬أن‬
‫يح ّ مح ّ األب‪،‬وك بدّ ل أن يتنازل ع نشدان الو ّ لتتحقّ ذات فاي‬
‫ااوص‪.‬إن القاااانون يسا ّ‬
‫ااتفز اإلنساااان فاااي أعمااا‬ ‫ّ‬ ‫ي مخصا‬ ‫موااااع جزئااا ّ‬
‫ّ‬
‫أعمال حتّى يتن ّحى ع الطمع في الو ّ فيوتش أنّ لي سو‪ .‬واحد‬
‫م تخري ويتبايّ أنّا مختلا عا أخيا ما ج اة وأنّا غيار مؤ ّها‬
‫للحوق علي م ج ة أخر‪..‬‬
‫ي حواق‬ ‫أن أ ّ‬ ‫وإذا كان خ ص اإلنسان متّص برحمة ثبت لنا ّ‬
‫ي علااى ال اذّات أو علااى اتخر(وهمااا شاايء واحااد) فااي ع لت مااا‬ ‫لطعا ّ‬

‫‪Le temps du désir ,p-89. 88‬‬


‫‪ 89‬األحاديث القدسيّة ص‪.237‬‬
‫‪ 90‬السّاب صّ‪.239/238‬‬

‫‪43‬‬
‫عز وج ّ الّاذي ك حااكق‬ ‫ّ‬ ‫بالقانون هو طمع م اإلنسان في مواع‬
‫الرسول القدسيّة يعبات هاذا المولا إذ لاال صالى‬ ‫سواه‪.‬وأحد أحاديث ّ‬
‫علي وسلّق‪":‬كان رج ن في بني إسرائي متواخيي ‪،‬فوان أحادهما‬
‫يذنب‪،‬واتخر م ت اد فاي العباادة فواان ك يازال الم ت اد يار‪ .‬اتخار‬
‫ي رليبااا؟‬ ‫علااى الااذّنب فيقااول ل ‪:‬ألصاار‪،‬فقال‪:‬خلّني وربّي‪،‬أبُععاات علاا ّ‬
‫فقال‪:‬و ك يغفر لك أو ك يدخلك ال نّة فقب أرواح ما‪،‬فاجتمعا‬
‫عند ربّ العالمي ‪،‬فقال ل ذا الم ت د‪:‬أكنت عالما بي أو كنات علاى ماا‬
‫فااااي ياااادي لادرا؟ولااااال للمااااذنب‪:‬اذهب إلااااى ال نّااااة برحمتييييي‪،‬ولااااال‬
‫للخر‪:‬اذهبوا ب إلى النّار"‪.91‬‬
‫ي يعبات خطار خاروج القاانون ما وظيفتا‬ ‫إن هذا الحديث القدسا ّ‬ ‫ّ‬
‫ليتحول هدفا في ذات ب سا حا مخيفاا فاي ياد‬ ‫ّ‬ ‫سطيّة(‪) médiatrice‬‬ ‫التو ّ‬
‫ك ّ م يدّعي‪-‬واعيا أو غير وا ‪ -‬أنّ ظ ّ في األر ‪.‬ولذلك لاال‬
‫الرساااااول صااااالّى عليااااا وسااااالّق‪":‬م رماااااى مؤمناااااا بوفااااار ف اااااو‬ ‫ّ‬
‫ي واكمتناا عا الحواق علاى‬ ‫أن التّواااع ال اوهر ّ‬ ‫كقتْل " ‪.‬وك شكّ ّ‬
‫‪92‬‬

‫سيطرة والعااجز عا اإللارار‬ ‫ّ‬


‫اتخر يقل األنا* الطامع في القدرة وال ّ‬
‫ذر‬
‫باااوهق القااادرة ذاك‪.‬ومااا مظااااهر هاااذا القلااا ماااا جااار‪ .‬باااي أباااي ّ‬
‫الرسول صلّى علي وسلّق‪:‬ما ما عباد‬ ‫والرسول م حوار‪.‬فقد لال ّ‬ ‫ّ‬
‫ذر‪:‬وإن‬ ‫لاال ك إلا إكّ ثا ّق ماات علاى ذلااك إكّ دخا ال نّاة‪،‬لال أبااو ّ‬
‫ذر‪:‬وإن‬ ‫الرساول‪:‬وإن زناى وإن سارق‪،‬لال أباو ّ‬ ‫زناى وإن سارق؟ لاال ّ‬
‫ذر‪:‬وإن‬ ‫الرساول‪:‬وإن زناى وإن سارق‪،‬لال أباو ّ‬ ‫زناى وإن سارق؟ لاال ّ‬
‫الرسااول‪:‬وإن زنااى وإن ساارق رغااق أن ا أبااي‬ ‫زنااى وإن ساارق؟ لااال ّ‬
‫اان‪،‬األول ياار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ذر م ا الق اانون مختلفا‬ ‫الرسااول وأبااي ّ‬ ‫ذر‪ّ 93‬‬
‫‪.‬إن مااولفي ّ‬ ‫ّ‬
‫القاااانون وسااايلة نسااابيّة لتنظااايق الع لاااات اكجتماعيّاااة والعّااااني يااار‪.‬‬
‫ّة‪.‬األول يوتشا بواساطة القااانون‬ ‫ّ‬ ‫القاانون مقياسااا لتقيايق الاذّات البشاري‬
‫أنّ مختل ع اتخر والعّاني يحوق على اتخر ألنّ مختل عن ‪.94‬‬

‫‪ 91‬األحاديث القدسية صّ‪.52/51‬‬


‫‪ 92‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪.32‬‬
‫‪ 93‬السّاب ج‪ 7‬صّ‪.193/192‬‬
‫‪Le temps du désir,p-77. 94‬‬

‫‪44‬‬
45
‫ال إله إالّ هللا‪:‬‬

‫الشّرك رأس الكبائر‪:‬‬


‫اأن اإلشااراك بااام ذنااب ك يمو ا أن يُغفر‪.‬فااام عا ّاز‬ ‫يقا ّار القاارتن با ّ‬
‫يصرّ‪":‬إن ك ي ْغفا ُر أ ْن يُ ْشارك با وي ْغفا ُر ماا د ُون ذلاك لما ْ‬ ‫ّ‬ ‫وج ّ‬
‫يشا ُء…"(النّساء‪.)116-48/4‬وبغ ّ النّظر ع إساناد المشايئة إلاى‬
‫سري أو إسنادها إلى المذنب وهاو رأي بعا‬ ‫وهو رأي جم ور المف ّ‬
‫ّ‬
‫فان اتية تؤكاد فاي إساناد خباري تقرياري لااطع أن ك‬ ‫ّ‬ ‫المرجئة‪ّ 95‬‬
‫ي يقول‪":‬يا اب تدم لو جئتناي بقاراب‬ ‫يغفر للمشرك ب ‪.‬والحديث القدس ّ‬
‫األر خطايااا ث ا ّق جئتنااي ك تشاارك بااي شاايئا لغفاارت لااك" ‪.‬ويقااول‬
‫‪96‬‬
‫الرسول صلى علي وسلق‪" :‬يخرج م النّار م لاال ك إلا إك‬
‫وفي للب وزن شعيرة م خير ويخرج م النار م لال ك إل إك‬
‫وفي للب وزن برة م خيار ويخارج ما الناار ما لاال ك إلا إك‬
‫وفي للب وزن ذرة م خير"‪.97‬ويقول "م لقي ك يشرك ب شيئا‬
‫إن "ح ا ّ العباااد علااى أن ك يع اذّب م ا ك‬ ‫دخ ا ال نّ اة"‪ 98‬ويقااول ّ‬
‫يشرك ب شيئا"‪.99‬‬

‫‪ 95‬مح ّمد ّ‬
‫الطاهر اب عاشور‪ :‬تفسير التّحرير والتّنوير‪ ،‬تون ‪ ،‬الدّار التّونساية للنّشار ‪1984‬‬
‫ج‪ 5‬صّ‪.83/82‬‬
‫‪ 96‬األحاديث القدسيّة‪.‬‬
‫‪ 97‬صحيح البخاري مج ‪1‬ج‪ 1‬صّ‪.18/17‬‬
‫‪ 98‬السّاب ص‪.44‬‬
‫‪ 99‬السّاب مج‪ 2‬ج‪ 4‬ص‪.35‬‬

‫‪46‬‬
‫شارك هاذا الاذّنب الّاذي ك يُغفار؟ لقاد اختُلا فاي‬ ‫فما هي ماهية ال ّ‬
‫شرك بي لصره على عبادة األوثان وتوسيع إلى الوفار باام‬ ‫تحديد ال ّ‬
‫والزكاة‪،‬وبذلك يُعدّ ك ّ كاافر‬ ‫ص ة ّ‬ ‫شرعيّة كال ّ‬ ‫واعتباره م األسماء ال ّ‬
‫ساااري‬‫مشاااركا‪.100‬واخت ُلااا فاااي أهااا الوتااااب فااااعتبرهق بعااا المف ّ‬
‫مشركي ورتهق تخرون كفّارا‪.‬وبغ ّ النّظر عا دكلاة هاذه الولماات‬
‫شاارك يفتاار بال ّ اارورة إااافاء‬ ‫اان جااذر كلمااة ال ّ‬ ‫اكلت ااائيّة ‪101‬فا ّ‬
‫بع صفات األلوهة على غير ‪.‬ونودّ م ج تنا تبيّ بع وجوه‬
‫شاارك ك س ايّما ال واعيااة من ااا‪،‬معتبري أ ّن مااا يميّااز ع ا سااائر‬ ‫لل ّ‬
‫أن خااال‬ ‫المواااايع (بو ا المعاااني الممونااة لولمااة مواااايع) هااو ّ‬
‫وأن ماااا ساااواه مخلولات‪.‬فاااام هاااو الّاااذي ي اااب الحيااااة أي إنّااا أصااا‬ ‫ّ‬
‫تصاور‬ ‫ّ‬ ‫شرك بمعنى اتّخاذ إل سو‪ .‬يقوم علاى‬ ‫فان ال ّ‬‫الحياة‪.‬ولذلك ّ‬
‫مواو تخر سو‪ .‬لادر على أن ي اب الحيااة أو أن ينتزع اا‪.‬وك‬
‫ااورة أو إلرارهاااا‬ ‫ااور وعاااي الاااذّات المتصا ّ‬‫يشاااترط لتحقّااا هاااذا التّصا ّ‬
‫مقري ب‬ ‫الرسول لق يوونوا واعي بشرك ق وك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب ‪،‬فالمشركون زم‬
‫عز وج ّ يصف ق بالمشركي ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولو ّ‬
‫ّ‬
‫شرك في مظاهره ال واعية ت ليات شائعة نذكر من ا‪:‬‬ ‫ولل ّ‬
‫أ‪ -‬المعشوق إله‪:‬‬
‫إذا اعتبرنا الحبّ حركة شاوق نحاو اتخر‪،‬فانّ اا حركاة ك يموا‬
‫ي شو م األشوال إلى التّماهي في اتخر با هاي تؤ ّكاد‬ ‫أن تؤدّي بأ ّ‬
‫في ك ّ لحظة م لحظات ا استحالة هاذا التّمااهي معلماا يؤ ّكاد المتحقاّ‬
‫ساعي المحماوم‬ ‫غياب الممو ‪.‬والعاطفة الم طربة‪ 102‬ليست ساو‪ .‬ال ّ‬
‫ي باي العاشا‬ ‫ال اوهر ّ‬ ‫إلى تحقي المساتحي أي إلاى نفاي اكخات‬
‫والمعشوق‪،‬وم مظاهر هذه العاطفاة الم اطربة عاذاب العاشا فاي‬
‫الزمان في غياب المعشوق إلاى زماان انتظاار‬ ‫وتحول ّ‬ ‫ّ‬ ‫غياب معشول‬
‫ات‪.‬إن ألااق العاش ا فااي غياااب المعشااوق لااي سااو‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تنااوء بوطأتا الاذ‬
‫ساااعادة‬ ‫ااأن ح اااور المعشاااوق هاااو منشااائ ال ّ‬ ‫إلااارار اااامني كوا با ّ‬

‫‪ 100‬مفاتيح الغيب مج‪ 3‬ج‪ 6‬ص‪.61‬‬


‫كلّية اتداب منّوبة ‪ 2001‬صّ‪.128/120‬‬ ‫صولة‪:‬الح اج في القرتن‪،‬تون‬ ‫‪ 101‬عبد‬
‫‪Le temps du désir,p-69‬‬ ‫‪ 102‬المصطلح ل ‪ Vasse‬في‬

‫‪47‬‬
‫والطمأنينااة فيغاادو المعشااوق واهااب الحياااة وهااذا مااا تعبت ا كعياار م ا‬ ‫ّ‬
‫أن األشياء ك ليمة ل اا فاي ذات اا با‬ ‫األشعار‪.‬فم أبرز معاني الغزل ّ‬
‫إن ح اور المعشاوق هااو الّاذي يمنح اا القيمااة‪.103‬وهاي ليماة واهمااة‬ ‫ّ‬
‫ت عااا المعشاااوق أصااا األشاااياء بااا منت اهاااا فت ااافي عليااا صااافتي‬
‫واألبدية‪.‬إن إسناد هبة الحياة إلى المعشوق لي سو‪ .‬اارب‬ ‫ّ‬ ‫األزلية‬
‫الرمازي با‬ ‫ي أو بعاد القاول ّ‬ ‫م العبادة ك ينفي ا بعد الشاعر اكساتعار ّ‬
‫لررنا منذ البداية أنناّ‬ ‫سق في مواع ال وعي* ولد ّ‬
‫‪104‬‬ ‫يؤ ّكدان ا إذ تت ّ‬
‫شاارك بااوعي المشاارك باا ‪،‬وم هنااا توااون عبااادة اتخاار‬ ‫ك نحاادّد ال ّ‬
‫صغير*(‪ )L’autre‬دون اتخر المطل *(‪ )L’Autre‬بعدا ّأول م أبعاد‬ ‫ال ّ‬
‫شرك‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ب‪ -‬األب أو األ ّم إله‪:‬‬
‫أن أ ّماا وأباااه لااد وهباااه الحياة‪،‬ولااد شااا عنااد‬ ‫لااد ياار‪ .‬الماارء ّ‬
‫ّ‬
‫األطفال اليوم أن يحاسبوا أ ّم اق وأبااهق لائلي ‪":‬إنوماا مساؤوكن علاى‬
‫حيااتي وأنتماا ساببا وجودناا فاي هاذه الادّنيا"‪،‬ولو ّ تاأ ّم بسايطا كااا‬
‫لرفع هذا الوهق‪،‬فان كان األب واأل ّم مسؤول ْي ع وكدة طفا ّماا أي‬
‫أن كاا ّ ذكاار وأنعااى بااالغي‬ ‫عاا حياااة واحااد ماا البشاار‪،‬ف ذا معناااه ّ‬
‫ي مانع م موانع الحم ‪ -‬ينشئان جنينا‪،‬ونح نعلق‬ ‫يت اجعان‪ -‬دون أ ّ‬
‫الرجااال عااوالر‬ ‫ّ‬ ‫أن هااذا غياار صااحيح‪.‬فبع النّساااء وبع ا‬ ‫جميعااا ّ‬
‫وبع الع لات ال نسيّة وإن ت ّمت وف مواعيد اإلخصاب الدّليقة ك‬
‫أن الحماا ك يشااترط فحسااب وجااود ع لااة‬ ‫تنااتج حم ‪.‬وهااذا يعنااي ّ‬
‫جنسيّة ل ا صفات معيّنة ب يحتاج إلاى شايء تخار لاد يسا ّمي الابع‬
‫اتخااار‬ ‫ّ‬
‫الطبيعاااة ولاااد يسااا ّمي الااابع‬ ‫صااادفة ولاااد يسااا ّمي الااابع‬
‫ال ّ‬
‫المطل * ولد نس ّمي ‪.‬ك ت ّق التّسمية با األها ّق إلرارناا بوجاود هاذا‬
‫‪.‬إن شايئا‬ ‫العّالث الّذي ين ا إلى اكثني األب واأل ّم كاي ينشاأ الحما ّ‬

‫شعر‪،‬وم ذلك على سبي المعال لول المتنبّي(البسيط)‪ :‬يا م ْ‬ ‫‪ 103‬هذا المعنى متواتر في ال ّ‬
‫يعز عليْنا أ ْن نُفارل ُ ْق وجْ دانُنا كُ ش ْيء ب ْعدكُ ْق عد ُم‪.‬‬
‫األلوال الشّعريّة ب ذه العبادة شأن لول شولي على سبي‬ ‫تصرّ بع‬‫ّ‬ ‫‪ 104‬لد‬
‫المعال(الخبب)‪:‬‬
‫ت يد ُهُ…‬ ‫م ْوكي و ُروحي في يده لدْ ايع ا سلم ْ‬
‫وألُو ُل وأُوش ُ‬
‫ك أ ْعبُد ُه ُ‬ ‫ويقُو ُل تواد ُ ت ُ ب‬

‫‪48‬‬
‫إن‬‫ّما باساتعناء أبيناا وأ ّمناا لاد رغاب فاي وجودناا فاي هاذه الحيااة ‪،‬با ّ‬
‫اارر أن‬ ‫أبانااا وأ ّمنااا لاااد ك يرغبااان فاااي وجودنااا ولواا ّ ذلاااك العّالااث لا ّ‬
‫نحيا‪.‬فل ا وك ألحااد سااواه ناادي بالحياااة‪.105‬وهااو وك أحااد سااواه يمع ّ ا‬
‫س ذواتنا جميعاا دون‬ ‫األص المنشئ القائق فينا‪،‬هذا األص الّذي يؤ ّ‬
‫أن يوون مواوعا لمعرفتنا‪.‬‬
‫سق الخلط بي األص الخال واأل ّم أو األب في سالوك األ ّم‬ ‫ويت ّ‬
‫أو األب أو كلي مااا ساالوكا م ا شااأن أن يحا ّاول اكب ا إلااى ملااك ل مااا‬
‫ططان حيات وف إرادت ماا أو رغبت ماا‬ ‫فيرف ان اكنفصال عن ويخ ّ‬
‫الطف ا ك ياادي بحيات ا ل مااا وناساايي أنّ مااا "ليسااا أص ا‬ ‫أن ّ‬ ‫ناساايي ّ‬
‫الحياة ب صورة بدايت ا"‪.106‬و إذ يدعونا إلى اإلحسان للوالادي ك‬
‫بأن الوالدي نبع الحياة وهو ما ك ف ا ل ماا فيا‬ ‫سر ذلك اإلحسان ّ‬ ‫يف ّ‬
‫صغير م ّما ي طلع ب‬ ‫ّ‬
‫سر ذلك اإلحسان بتربية الوالدي للطف ال ّ‬ ‫ب يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوالدان‪.‬وكلماة التربياة تت ااوز هناا المعنااى الشاائع الاذي يفياد توييا‬
‫الطف وفا لواعاد سالوكيّة يختاران اا ويعياان ب اا با تشام‬ ‫ّ‬ ‫الوالدي‬
‫ي الاذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التّربية ك ّ ما يسق ب الوالدان الطف بداية م الحاو اللغاو ّ‬
‫ينشاااأ فيااا ال ناااي مااارورا بماااا "يرثااا " ال ناااي مااا مشااااعر أ ّمااا‬
‫أن‬ ‫ي* يب ايّ ّ‬ ‫اع‪.‬إن التّحلي ا النّفس ا ّ‬
‫وأحاسيسا ا أثناااء الحم ا وبعااد الواا ّ‬
‫ساار‬ ‫ّ‬
‫فالطف ا يتصا ّاور عنااد أ ّم ا إجابااة تف ّ‬ ‫ك ا ّ أ ّم تشا ّاوش طفل ااا بشااول ا‬
‫حقيقااة كيان ا ولونّ ا ك ي ااد عناادها هااذا ال ااواب ويوتفااي باكصااطدام‬
‫بشااول ا هااي‪. 107‬ولااذلك كااان اإلنسااان شااولا إلااى شااوق اتخاار‪.‬ولي‬
‫ي سو‪ .‬الخروج بالذّات م تمواع ا وف شاوق‬ ‫هد التحلي النّفس ّ‬
‫إن‬ ‫األ ّم إلى تمواع وف شوق اتخر المطل * أو لنق ماع ككاان ّ‬
‫‪108‬‬

‫شفاء لي سو‪" .‬تحقّ الذّات عبر لول يأتي ما بُعاد مغااير ويشا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪ 105‬يتأ ّكاد هاذا المعناى فاي تياات لرتنيّاة كعيارة ناذكر من اا علاى سابي المعاال‪:‬البقرة‪-28/2‬‬
‫التّوبة‪-116/9‬الح ر‪-23/15‬الحج‪-66/22‬ق‪.43/50‬‬
‫‪Inceste et jalousie,p-133. 106‬‬
‫‪Jacques Lacan: Les quatre concepts fondamentaux de la 107‬‬
‫‪psychanalyse,Le séminaire .Livre IX,Paris,Seuil 1973,p-188.‬‬
‫‪Lacan,p-28. 108‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلنسان"‪.109‬وما هاذا المنظاور لاد نف اق لاول تعالى‪":‬ماا أصاابك‬
‫ومااااااااا أصااااااااابك ماااااااا ْ ساااااااا ّيئة فماااااااا ْ‬ ‫ماااااااا ْ حساااااااانة فماااااااا‬
‫ن ْفساااك…"(النّسااااء‪،)79/4‬فلاااي العصااااب*(‪/)névrose‬السااايّئة ساااو‪.‬‬
‫صااغير* أي اإلنسااان ولااي‬ ‫تمواااع اإلنسااان وفاا شااوق اتخاار ال ّ‬
‫شفاء‪/‬الحسنة سو‪ .‬معرفة اإلنسان بابع خفاياا ذاتا ال واعياة أي‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫انفتاّ اإلنسان على صوت األص الوام في ‪،‬ذاك األصا الاذي هاو‬
‫شوق* دون أن يوون مواوعا ل ‪.‬‬ ‫سبب ال ّ‬
‫وم هنا يمو أن نف ق التّقاب في القرتن بي م كاان علاى ديا‬
‫ساك‬ ‫أن التّم ّ‬ ‫‪،110‬وفي بع األخباار ن اد ّ‬ ‫اتباء وم كان على دي‬
‫بدي اتباء اختيار مقاب لإليمان بام ينفي أحدهما اتخر‪،‬فاأبو طالاب‬
‫رفاااا الاااادّخول فااااي الاااادّي ال ديااااد ك لخصااااائّ ماااا اإلساااا م‬
‫ينالش ا‪،‬ولو ألنّا ك يساتطيع الخاروج عا ديا اتبااء‪.111‬ولاد كاان‬
‫الرسول ين اى عا القساق بغيار ‪":‬أك ما كاان حالفاا فا يحلا إكّ‬ ‫ّ‬
‫بام فوانت لريا تحل ب بائ ا فقال ك تحلفوا ب بائوق" ‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫ت)الصّورة* إله‪:‬‬
‫ي*(‪)l’imaginaire‬‬ ‫يميّاااز ككاااان باااي ث ثاااة مواااااع هاااي الخياااال ّ‬
‫ي*‬‫ي* (‪.)Le réel‬ويمع ّ ا الخيااال ّ‬ ‫والرماازي*(‪ )Le symbolique‬والااوالع ّ‬ ‫ّ‬
‫ي* الّااااذي ك يمواااا‬‫ي* مواااااعي الت ّمعياااا خ فااااا للااااوالع ّ‬‫والرمااااز ّ‬
‫ّ‬
‫شااايء بمعنااااه الفلسااافي الواااانطي أي باااذاك‬ ‫ي* شااابي بال ّ‬
‫تمعيلاا ‪.‬فالوالع ّ‬

‫‪Inceste et jalousie,p-211. 109‬‬


‫‪ 110‬البقرة‪-170/2‬المائدة‪-104/5‬يون ‪-78/10‬لقمان‪ّ -21/31‬‬
‫الزخر ‪…22/43‬‬
‫الخبر التّالي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ 111‬ورد في صحيح البخاري‬
‫" ل ّما ح رت أبا طالب الوفاة جااءه رساول صالّى عليا وسالّق فوجاد عناده أباا ج ا با‬
‫هشام وعبد ب أبي أميّة ب المغيرة‪،‬لال رسول صلّى علي وسلّق ألبي طالب يا عق ل‬
‫ك إل إكّ كلمة أش د لك ب ا عند فقال أبو ج وعبد ب أبي أميّة يا أبا طالب أترغيب‬
‫عن ملّة عبيد الم ّطليب فلاق يازل رساول صالّى عليا وسالّق يعراا ا عليا ويعاودان بتلاك‬
‫المقالة حتّى لال أبو طالب تخر ماا كلّم اق هاو عليى ملّية عبيد الم ّطليب وأبيى أن يقيول ال إليه إالّ‬
‫هللا" صحيح البخاري مج‪ 1‬ج‪ 2‬ص‪119‬‬
‫‪ 112‬صحيح البخاري مج‪ 2‬ج‪ 5‬ص‪.53‬‬

‫‪50‬‬
‫أن‬‫تقرر وجوده في حاي ّ‬ ‫بالقوة دون حاجة إلى ذات ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفتر الوائ‬
‫صااب مواااوعا‪.‬وك شااكّ أنّاا ك‬ ‫المواااو مفتقاار دومااا إلااى ذات تن ّ‬
‫ي*) باعتباااره مواااوعا إكّ‬ ‫يموا التعاما مااع الوالااع (ك مااع الااوالع ّ‬
‫م ا خ ا ل ااارب م ا اااروب التّمعي ‪،‬لااذلك ك يوجااد متخيّ ا خااال‬
‫ي*‬ ‫أن الفاارق بااي الخيااال ّ‬ ‫الرمزيّااة‪.113‬علااى ّ‬ ‫تمامااا م ا بع ا وجااوه ّ‬
‫ي ينشاااد تمعيااا الوالاااع كماااا هاااو‪،‬في حاااي أنّ‬ ‫الرماااز ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ي* ّ‬ ‫والرماااز ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي* ك يمع إك والعا متخيّ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الخيال ّ‬
‫ّ‬
‫وتمعا مرحلااة الماارتة *(‪ )Le stade du miroir‬الت ساايق األواااح‬ ‫ّ‬
‫الرايع األولى في المرتة تقدّم لا متخاي‬ ‫لمواع المتخي ‪،‬فصورة* ّ‬
‫ّ‬
‫الرايع يتعام معا إك تعاام‬ ‫ّ‬ ‫سيطرة على جسد لق يو‬ ‫ل نتظام وال ّ‬
‫صورة* وهاو‬ ‫ّ‬
‫سيطرة لي إك وهما تقدّم ال ّ‬ ‫أن هذه ال ّ‬ ‫م ّزءا‪.114‬على ّ‬
‫اتمر هااذا الااوهق فاايخلط‬ ‫م ا ّ شااأن فااي ذلااك شااأن ك ا ّ وهق‪.‬ولااد يسا ّ‬
‫اإلنسااان بااي أبعاااده المتخيلااة وأبعاااده الوالعيّة‪.‬ولااد يوااون ل ااذا الااوهق‬
‫سمان‪:‬‬ ‫ت ّ‬
‫‪ +‬وهم المعرفة‪:‬‬
‫لد يطاب المرء بي تخيّل لنفس وللعالق م ج ة وحقيقة نفسا‬
‫والعااالق م ا ج ااة أخر‪..‬فيتخيّ ا أنّ ا يعاار نفس ا واتخااري معرفااة‬
‫كاملة وااحة‪.‬وم منّا لق يسمع شخصا ّما يدّعي أنّ يعر نفسا أو‬
‫تصاور المعرفاة‬ ‫ّ‬ ‫ي مواو سواها معرفاة تا ّماة‪.‬وغالبا ماا يصااحب‬ ‫أ ّ‬
‫ّ‬
‫بأن األنساق المنطقيّاة التاي تبني اا المعرفاة العقليّاة لاادرة‬ ‫هذا اكعتقاد ُ ّ‬
‫أن ج ا ّ النّاااس(إن لااق ألاا‬ ‫ّ‬
‫علااى اإلحاطااة بال اذات وبالمواااو ‪.‬على ّ‬
‫ي بسالوك أو مولا كاان مخالفااا‬ ‫كلّ اق) لاد فوجئااوا فاي تعااامل ق الياوم ّ‬
‫لتولّعااات ق أو لنق ا إنّ ااق لااد فوجئااوا بشاايء ّم اا ك يمو ا أن تحاايط ب ا‬
‫أنسااال ق العقليّااة المغلقااة وذلااك م مااا تبلاا ماا تماسااك ومنط ‪.‬ولااد‬
‫يحاول البع إخ ا هذه "المفاجأة" إلاى نظاام ونسا تخاري لوا ّ‬
‫هاااذا اإلخ اااا ك يموااا أن يشااام البتّاااة جمياااع "المفاجااا ت" اتتياااة‬
‫ي* فااي‬ ‫اة‪.‬إن فااي ك ا ّ مفاجااأة وج ااا ما وجااوه انوشااا الااوالع ّ‬ ‫الممونا ّ‬

‫‪Alain Vanier:Lacan,Paris,Les Belles Lettres 2000,p-56. 113‬‬


‫‪ 114‬السّاب ص‪.55‬‬

‫‪51‬‬
‫يفار ما كا ّ نسا ووجاود شايء ّماا‬ ‫ي بما يؤ ّكد وجود شايء ّماا ّ‬ ‫اليوم ّ‬
‫غير خااع للتّمعي الّذي يسعى إلى اإلحاطة ب ‪.‬‬
‫ولااد يتخيّ ا اإلنسااان المطابقااة بااي صااورت ع ا نفس ا وحقيقااة‬
‫نفساااااا تخيّلاااااا المطابقااااااة بااااااي أنااااااا القااااااول*(‪ )énonciation‬وأنااااااا‬
‫المقااول*(‪ )énoncé‬عنااد تقريااره بالوااذب فااي لولاا ‪" :‬أنااا أكذب"‪.‬ف ااذا‬
‫أن األنااا القائا إن صاادق فااي تقريااره الوااذب يغاادو‬ ‫القااول محيّاار ذلااك ّ‬
‫صاادلا وهاذا ماا يقابا إساناد الوااذب إليا فاي المقاول*‪،‬وإن كاذب فااي‬
‫تقريره الوذب ف و صادق أي ا وهذا ماا يقابا إساناد الواذب إليا فاي‬
‫المقول*‪.‬‬
‫وهاذه "المفارلاة" الظااهرة حملات بعا الدّارساي علاى اعتباار‬
‫سااق غياااب‬ ‫هااذا القااول م ا لبي ا ال معنااى‪ 115‬فااي حااي أنّ ا لااول ي ّ‬
‫ي‬‫التطاب بي أنا القول* وأنا المقول*‪.‬لقد غف هؤكء ع أمار أساسا ّ‬
‫صاورة*‪،‬أ ّما أناا القاول فا‬
‫أن مرجع أناا المقاول* لاي ساو‪ .‬ال ّ‬ ‫مفاده ّ‬
‫مرجع ل ممع في الوالع‪".‬فو م اإلنسان مانع لا ما أن يخلاط ذاتا‬ ‫ّ‬
‫‪.‬إن مواااع ال اذّات* هااو‬ ‫بمااا يااتولّق عن ا أي بصااورت عا نفس ا "‪ّ 116‬‬
‫ي المنشئ لو ّ لول‪،‬ذاك الدّافع الّاذي ك يموا أن يطابقا‬ ‫الدّافع األصل ّ‬
‫ي لاول ما األلااوال ألنّا بحواق طبيعتا ال وهريّاة خاارج عن ااا وإن‬ ‫أ ّ‬
‫ّ‬
‫كان مولدها ومنشئ ا‪.‬‬
‫ساايطرة علااى المعنااى ي ّمحيااان عناادما‬ ‫إن وهااق المعرفااة ووهااق ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يح ا ّ الماارء بااذلك اتخ ار الااذي يحا ّارك لول ا دون أن يعااي ب ‪.‬ولااذلك‬
‫أن اإللرار بمعرفة كاملة متماسوة بالذّات* أو بااتخر وجا ما‬ ‫نر‪ّ .‬‬
‫شرك يحاول أن ينشئ ح ورا متخي ينفي الشاعور بالغيااب‬ ‫وجوه ال ّ‬
‫ي*‪ 117‬فينسينا أنّناا ماا أوتيناا ما العلاق إكّ‬ ‫ويوهق بأنّ الح ور الوالع ّ‬

‫‪L’inconscient malgré lui, p-136 115‬‬


‫‪Inceste et jalousie, p-134. 116‬‬
‫‪Denis Vasse:L’Autre du désir et le dieu de la foi,Lire aujourd’hui 117‬‬
‫‪Thérèse d’Avila,Paris,Seuil 1991,p-41.‬‬

‫‪52‬‬
‫إكّ بماا شااء هاو ك بماا‬ ‫للي وينسينا أنّناا ك نحايط بشايء ما علاق‬
‫شئنا نح ‪.118‬‬
‫‪ +‬وهم المقدرة‪:‬‬
‫ولد يت اوز اإلنسان تخيّلا المطابقاة باي معرفتا الوالاع وحقيقاة‬
‫الوالااع إلااى تخيّلا القاادرة علااى الفعا فااي الوالااع فعا مطلقااا أي إلااى‬
‫تخيّل القدرة على تحقي مشيئت فاي الواون دون اكساتناد إلاى مشايئة‬
‫يء إنّي فاع و ذلك غاداا‪ -‬إك‬ ‫أخر‪ .‬عليا‪.‬يقول تعالى‪":‬وك تقُول لش ْ‬
‫أ ْن يشااء ُ"(الو ا ‪،)24-23/18‬فاانح إاااافة إلااى أنّنااا ن ا ك ا ّ‬
‫ي عنّاا دوماا فانّا‬ ‫شيء ع مشيئتنا البشريّة الفعليّة أو ع شولنا الخف ّ‬
‫ك يموننا أن نوون المن زي الوحيدي الفعليّي لعم ّماا إذ نفتقار إلاى‬
‫عوام وعناصر ك نتح ّوق في ا وإن تو ّهمناا ذلك‪.‬ولولناا هاذا ك يحما‬
‫دعااوة إلااى الفش ا والوساا ولو ا ياادعو إلااى التو ّكاا علااى وإلااى‬
‫ي تقزيق ل ا‪.‬‬ ‫معرفة حدود الذّات وك نر‪ .‬في معرفة حدود الذات أ ّ‬
‫لااي م ا اليسااير الخااروج م ا عبااادة األنااا* هااذا المتخيّ ا الااذي‬
‫يوهق بالمعرفة والقدرة‪،‬هاذا األناا* الّاذي ينساى أنّا ك يعادو أن يواون‬
‫األول الّاذي لاق‬ ‫وأن علي شاء أم أبى الخ و لقاانون ّ‬ ‫ثانيا في الوون ّ‬
‫إن اإلنسااان خااااع ل ااذا القااانون فع ا ولواا ّ‬ ‫يو ا إنسااانا إكّ ب ا ‪،‬ب ّ‬
‫بع نا يوابر فيتعذّب وبع نا اتخر يستسلق فيطمئ ّ ‪.‬‬
‫مفهوم األ ّمية‪:‬‬
‫إن عبااادة األنااا* الم اا ّ تصاا ّق تذاننااا عاا صااوت الحقيقااة فااي‬ ‫ّ‬
‫ذواتناا‪ .‬وما ألطا ما عبّاار عا وهااق القاادرة هااذا فاااس إذ يقا ّار با ّ‬
‫اأن‬
‫فاان التّخلّاي‬‫اإلنسان يتو ّهق أنّا يحياا ألنّا يتانفّ ‪.119‬وفاي مقابا ذلاك ّ‬
‫سابي الوحيادة‬ ‫ع وهق المعرفاة وما ثا ّق وهاق المقادرة المطلقاة هاو ال ّ‬
‫الرسااول ت ساايق لقولنا‪.‬فقااد اختل ا‬ ‫ي*‪.‬ولنااا فااي أ ّميااة ّ‬‫كنوشااا الوالع ّ‬
‫ّ‬
‫ساارون فااي معنااى األ ّميااة فشااا عنااد جل ااق أنّ ااا ال ا بالوتابااة‬ ‫المف ّ‬
‫سااري إلااى إموااان إفادت ااا غياااب الوتاااب‬ ‫والقااراءة وأشااار بع ا المف ّ‬

‫‪ 118‬يقول تعالى‪…":‬و ك يُحيطُون بش ْيء م ْ ع ْلم إك بما شاء…" البقرة‪…"-255/2‬و‬


‫ما أُوتيت ُ ْق م ْالع ْلق إك للي ا" اإلسراء‪.85/17‬‬
‫‪Inceste et jalousie ,p-129. 119‬‬

‫‪53‬‬
‫المقدّس عند أ ّمة مح ّمد فيوون أفراد تلك األ ّمة بذلك أ ّمياي ‪،120‬وأشاار‬
‫ي المبعاو فاي غيار بناي‬ ‫أن عبارة النبي األ ّمي تعني "النّب ّ‬ ‫جعيّط إلى ّ‬
‫إسرائي " "المختار هو ذات م بي أ ّمة م غير الي ود"‪.121‬‬
‫ي يتمع ّ في الخروج م ك ّ عناصر‬ ‫ول ّمية في رأينا بعد رمز ّ‬
‫معرفة األنا* با فاي إفارا لتراكماات المعاار العقليّاة والموتسابات‬
‫بة‪.‬إن الاوحي لاق يوا إكّ‬ ‫ّ‬ ‫اكجتماعيّة بحعا ع الفطرة األصليّة المحت‬
‫الرسول صلّى علي وسالّق عا معاار القاوم با عا‬ ‫ّ‬ ‫بعد انقطا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معرفت ا نفس ا ‪.‬ف و لااي بقااارئ وكلنااا لااي بقااارئ وك يموننااا إك أن‬
‫نقرأ باسق الّذي خل ‪،‬باسق األص الّذي نتاوه عنا فننساى أن نت ّ ا‬
‫إليا ‪.‬واب عرباي يقا ّارر أنّا "ل ّمااا كانات األنبياااء صالوات علااي ق ك‬
‫تأخذ علوم ا إكّ م الوحي الخاص اإلل ي فقلوب ق ساذجة م النّظار‬
‫ي عاا إدراك‬ ‫ي لعلم ااق بقصااور العق ا ماا حيااث نظااره الفواار ّ‬ ‫العقل ا ّ‬
‫األمور على ما هي علي " ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫ذواتنا ف ي غريبة عنّا أو نحا غريباون‬ ‫إنّنا جميعنا أ ّميون ن‬
‫عن ااا‪،123‬وكلّمااا تخيّلنااا المعرفااة والقاادرة كباارت ال ّااوة بااي الحقيقااة‬
‫والمتخيّااا حتّاااى يغااادو المتخيّااا صااانما نسااام بقااادرة وهميّاااة علاااى‬
‫سااام لااااول إباااراهيق لقوماااا سااااخرا ماااا ع ااااز‬ ‫الفع ‪،‬وهاااذا مااااا يُ ّ‬
‫ُ‬
‫اااااارهُ ْق هاااااااذا فا ْساااااااألوهُ ْق إ ْن كاااااااانُوا‬
‫صااااااانق‪":‬لال بااااااا ْ فعلااااااا ُ كبيا ُ‬
‫ال ّ‬
‫ي ْنطقُون"(األنبياء‪.)63/21‬‬

‫وظيفة الدّعاء‪:‬‬

‫‪ 120‬مفاتيح الغيب مج‪ 2‬ج‪ 3‬ص‪.148‬‬


‫بااااوة‪،‬بيروت‪،‬دار ّ‬
‫الطليعااااة‬ ‫‪ 121‬هشااااام جعيّط‪:‬فااااي ال ّ‬
‫ساااايرة النّبويّااااة‪-1‬الااااوحي والقاااارتن والنّ ّ‬
‫‪،1999‬ص‪.42‬‬
‫‪ 122‬محي الدّي ب عربي ‪:‬زبدة فصوص الحوق‪،‬القاهرة‪،‬عالق الوتب (د‪-‬ت) ص‪.45‬‬
‫‪Julia Kristeva : Etrangers à nous-mêmes,Paris,Gallimard 1991. 123‬‬
‫‪Le Temps du désir,p-36.‬‬

‫‪54‬‬
‫ااااااح لناااااا طبيعاااااة دعائناااااا عا ّ‬
‫ااااز‬ ‫إن إحساسااااانا بع زناااااا يو ّ‬ ‫ّ‬
‫سااق فااي‬ ‫وج ّ‪،‬فوظيفااة الاادّعاء األساس ايّة باعتباااره م ا ّخ العبااادة ك تت ّ‬
‫إن وظيفااة الاادّعاء‬ ‫م اامون الاادّعاء باا فااي عماا الاادّعاء نفساا أي ّ‬
‫ساااق كماااا يقاااول اللغويّاااون فاااي العمااا المقصاااود‬ ‫باعتبااااره لاااوك تت ّ‬
‫ي*( ‪contenu‬‬ ‫باالقول*(‪ )acte illocutionnaire‬ك فاي الم امون الق او ّ‬
‫سق ‪،‬حال تحققّ‬ ‫‪.‬إن فع الدّعاء م ما يو م مون ي ّ‬ ‫‪ّ )propositionnel‬‬
‫ي‪.‬أ ّما‬ ‫باللغة‪ ،‬اإلنسان سائ و مسؤوك فيعبت مواع كلي ماا األصال ّ‬
‫الارازي‬ ‫م مون الدّعاء فانّ ي مر عناد الابع مفارلاة أشاار إلي اا ّ‬
‫أن "المطلوب بالدّعاء إن كان معلاوم الولاو عناد‬ ‫في مفاتيح مفادها ّ‬
‫كااان واجااب الولااو ‪،‬ف حاجااة إلااى الادّعاء وإن كااان غياار معلااوم‬
‫الولااو ف ا حاجااة أي ااا إلااى ال ادّعاء"‪.124‬وهااذا التّصا ّاور يقااوم علااى‬
‫سق في الادّعاء ما ج اة‬ ‫افترا التقاب بي مشيئة اإلنسان معلما تت ّ‬
‫أن اإلنساان‬ ‫ي إذ ّ‬‫ومشيئة م ج ة ثانية‪.‬ونر‪ .‬أن هذا التّقابا وهما ّ‬
‫الظااهرة إكّ‬ ‫ك يمون أن يعر ما يشاىه هو‪،‬وليسات مشايئة اإلنساان ّ‬
‫ي‪،‬وك‬ ‫صاادلة أي شاولنا األصال ّ‬ ‫الوهق المتخيّ الّذي يح اب مشايئتنا ال ّ‬
‫أن‬‫شاااوق* إكّ ُ‪.‬وعندئاااذ نتبااايّ ّ‬ ‫يموااا أن يوشااا لناااا حقيقاااة هاااذا ال ّ‬
‫ّ‬
‫دعاءنااا ي ااب أن يوااون دعاااء ّش كااي يوش ا لنااا حقيقااة شااولنا التااي‬
‫ن ل ا نح ويعرف ا هو‪.‬هذه الحقيقة الّتي ك يمو أن نقترب من ا إكّ‬
‫بقدر ابتعادنا ع متخيّ ذواتنا وعبادة صورنا الوهميّة‪.125‬‬
‫الجبر واالختيار‪:‬‬
‫وفي هذا اإلطار نطرّ مسألة ال بر واكختيار‪.‬فم ال اكختياار‬
‫ي يشم ما يعي ب اإلنسان ويتو ّهق لدرت على التّح ّوق في أ ّما‬ ‫ّ‬
‫الظاهر ّ‬
‫م ااال اإلجبااار فيشاام كوعااي اإلنسان‪،‬ومواااع ال وعااي* هااذا هااو‬
‫س ك ّ ألوال وأفعال ‪.‬ويمع ُ اإلل ي في هذا‬ ‫يحرك اإلنسان ويؤ ّ‬ ‫الّذي ّ‬
‫ي*‪،‬فنح إذن محوومون‬ ‫المواع ال ّواعي الّذي ك يعبّر عن ّ‬
‫الرمز ّ‬
‫بمااااااا يمواااااا أن نساااااا ّمي مااااااع ككااااااان اتخاااااار المطلاااااا * أو مااااااع‬
‫شااااااوبن اور(‪ )schopenhauer‬اإلرادة*(‪ )volonté‬أو مااااااع يوناااااا (‪)jung‬‬

‫‪ 124‬مفاتيح الغيب مج‪ 3‬ج‪ 5‬ص‪.105‬‬


‫‪L’Autre du désir et le dieu de la foi,p-22. 125‬‬

‫‪55‬‬
‫حرياة اكختياار‬ ‫ي*(‪.)inconscient collectif‬ولاي وهاق ّ‬ ‫ال وعي ال معا ّ‬
‫الّتي يطمح إلي ا األنا* سو‪ .‬وهق يمنع الذّات* م الحيااة‪ 126‬فيتخيّا‬
‫سق إكّ‬ ‫أن ألصى حريت ك تت ّ‬ ‫حر في الوون في حي ّ‬ ‫ّ‬ ‫األنا* أنّ فاع‬
‫في الخ و ألص الح ّ في ‪.‬‬
‫ساعادة‬ ‫أن اإليمان شاأن فاي ذلاك شاأن ال ّ‬ ‫شرك تؤ ّكد ّ‬ ‫إن مقاربتنا لل ّ‬ ‫ّ‬
‫والراحاااة النّفسااايّة ك يموااا أن يتحقّااا وفااا فعااا لإلنساااان عق نااا ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي يتمع في السؤال الذي يطرح‬ ‫ّ‬ ‫مخصوص‪.‬إن عائ اإليمان األساس ّ‬ ‫ّ‬
‫سااؤال‬ ‫اإلنسااان‪":‬ماذا يمو ا أن أفع ا ألص ا إلااى ؟" وهااو شاابي بال ّ‬
‫ي‪":‬ماذا ي اب أن‬ ‫الّذي يطرح المحلّ (‪)analysant‬علاى المحلّا النّفسا ّ‬
‫ي إنساان‬ ‫ساؤال الّاذي لاد يطرحا أ ّ‬ ‫أفع كي أُشفى؟"‪ 127‬وهو شابي بال ّ‬
‫علاااى نفسااا أو علاااى الغيااار وهو‪":‬مااااذا ي اااب أن أفعااا كاااي أحقّااا‬
‫صدق كاذباا"‪ 128‬إذ عاو‬ ‫سعادة؟"‪.‬وهذه األسئلة جميع ا "ت ع ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫يقاااار اإلنسااااان باااااأللق والعااااذاب والحياااارة فاناااا يحاااااول تخيّاااا‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫ّ‬
‫سااعادة هاادفا يحقق ا اإلنسااان‬ ‫شاافاء أو ال ّ‬ ‫غياب ا‪،‬فيتصا ّاور اإليمااان أو ال ّ‬
‫ي ‪.‬‬‫‪129‬‬
‫الواعي‪ ،‬في حي أنّ ا ليست هدفا ب نتي ة ل ستس م األصل ّ‬
‫ك ّل الكبائر شرك‪:‬‬
‫سارون‬ ‫شرك رأس الوبائر بمعنى أنّ ّأول كبيرة ياذكرها المف ّ‬ ‫إن ال ّ‬ ‫ّ‬
‫أن كا ّ الوباائر تحما فاي جوهرهاا وج اا‬ ‫ولونّ رأس الوباائر بمعناى ّ‬
‫سارون فاي تحدياد الوباائر واختلفات‬ ‫شرك‪.‬ولد اختلا المف ّ‬ ‫م وجوه ال ّ‬
‫شاارك بااام‬ ‫أن أدناهااا إثنتااان همااا ال ّ‬ ‫الرسااول فااي عااددها علااى ّ‬ ‫أحادياث ّ‬
‫شاارك بااام ولت ا ال انّف‬ ‫وأوسااط ا أربااع هااي ال ّ‬ ‫‪130‬‬ ‫وعقااوق الوالاادي‬
‫شاارك بااام‬ ‫وعقااوق الوالاادي وشا ادة الا ّازور ‪،‬وألصاااها ساابع هااي ال ّ‬
‫‪131‬‬

‫الرباا وأكا ماال‬ ‫حارم إكّ باالح ّ وأكا ّ‬ ‫سحر ولت الانّف الّتاي ّ‬ ‫وال ّ‬

‫‪Inceste et jalousie,p-233 126‬‬


‫‪Lacan,p-101. 127‬‬
‫‪Inceste et jalousie,p-232. 128‬‬
‫ّ‬
‫عز وج ّ ‪.‬‬ ‫هو المن ّ ي ب المن ّ ي هو‬ ‫‪ 129‬يؤ ّكد هذا ما أسلفناه م أنّ اتّبا القانون لي‬
‫‪ 130‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪.76‬‬
‫‪ 131‬السّاب مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪ ، 5‬ومج‪ 1‬ج‪ 3‬ص‪.224‬‬

‫‪56‬‬
‫الزحاااااا ولااااااذ المحصاااااانات المؤمنااااااات‬ ‫اليتاااااايق والتّااااااولّي يااااااوم ّ‬
‫الغاااف ت‪،132‬وفااي بع ا األحادي اث تعا ّاو اليمااي الغمااوس ش ا ادة‬
‫الاازور‪ 133‬وبين ماااا وشاااائج إذ ك هماااا يقااوم علاااى الواااذب المقصاااود‬ ‫ّ‬
‫فصاحب اليمي الغماوس هاو الّاذي يقتطاع ماال امارئ مسالق هاو في اا‬
‫شرك‪.‬‬ ‫أن ك ّ الوبائر تفيد وج ا م وجوه ال ّ‬ ‫كاذب‪.134‬ويبدو لنا ّ‬
‫ساحر علاى تاد ّخ اإلنساان فاي ساير حيااة إنساان‬ ‫سحر‪:‬يقوم ال ّ‬ ‫‪+‬ال ّ‬
‫متصاورا لدرتا‬
‫ّ‬ ‫سااحر ياودّ أخاذ مولاع اإللا‬ ‫تخر‪،‬ف و تغيير للقدر‪،‬وال ّ‬
‫على التّح ّوق في مصائر الناس ف و م هذا المنظور مشرك‪.‬‬
‫ّ‬
‫سااحر فاي تغييااره‬ ‫الازور‪:‬ك يختلا شااهد الا ّازور عا ال ّ‬ ‫‪+‬شا ادة ّ‬
‫ساحر لو‪ .‬خارلاة وشااهد‬ ‫سير الحياة والع لات وإن تميّزا باعتماد ال ّ‬
‫الزور الوذب المقصود‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪+‬لذ المحصنات‪:‬لي لاذ المحصانات إكّ ااربا مخصوصاا‬
‫الزور والوذب المقصود الّذي يؤثّر فاي كعيار ما‬ ‫م اروب ش ادة ّ‬
‫األحيان تأثيرا سلبيّا في حياة المقذوفة وع لات اا ك سايّما فاي م تماع‬
‫بالرجال‪.‬‬‫ّ‬ ‫ي يقوم على اعتبار ما تأتي النّساء عارا يلح‬ ‫أبو ّ‬
‫‪+‬لت النّف ‪:‬ك يحتاج المرء إلى عم ذكااء أو كعيار تفويار لي ّ‬
‫قار‬
‫سايطرة علاى الحيااة فاي‬ ‫بأن لت الانّف بغيار حا ّ يفياد ساعي القاتا لل ّ‬ ‫ّ‬
‫حي ك ي ب الحياة وك يستردّها غير وحده‪.‬‬
‫أن الوالدي ليسا أص الحياة ب صاورة‬ ‫‪+‬عقوق الوالدي ‪ :‬أسلفنا ّ‬
‫ّ‬
‫صااورة التااي لااق يخترهااا‬ ‫باادايت ا‪،‬وفي عقااوق الوالاادي رف ا ل ااذه ال ّ‬
‫اإلنسان أي رف إلرادة ‪.‬‬
‫‪+‬الفرار م ال اد‪:‬لد يوون في إدراج الفرار م ال ااد اام‬
‫الوبااائر ترهياابو للمتخلّااي عاا نشاار الاادّي وبناااء الدّولااة‪،‬ولو ّ هااذا‬
‫ساايالي المتحا ّاول غياار كااا فااي رأينااا إذ ال اااد‬ ‫التّفسااير التّاااريخ ّ‬
‫ي ال ّ‬
‫بشا ادة عاادد كبياار ما األحاديااث يت ااوز بعااده المااادّي ليوااون ج ااادا‬

‫‪ 132‬السّاب مج‪ 2‬ج‪ 4‬ص‪.12‬‬


‫‪ 133‬السّاب مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪.171‬‬
‫‪ 134‬السّاب مج‪ 3‬ج‪ 9‬ص‪.17‬‬

‫‪57‬‬
‫للاا ّنف ‪. 135‬فال اااد وفااا تأويلنااا مناااع ل نااا ماا اإلبحاااار فااي عباااادة‬
‫شرك‪.‬‬‫صورت ا ووهق لدرت ا‪.‬والفرار من يوون بذلك م وجوه ال ّ‬
‫الربااا سااو‪ .‬سااعي محمااوم إلااى جمااع المااال علااى‬ ‫ّ‬ ‫الربااا‪:‬لي‬
‫‪ّ +‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حسااااب المحتااااجي والفقراء‪،‬فواااأن المراباااي يتخاااذ مالااا إل اااا‪.‬فيوون‬
‫شرك‪.‬‬ ‫سلوك اربا م ال ّ‬
‫شاارك وتتنا ّاو فانّ ااا جميع ااا تشااترك فااي‬ ‫وم مااا تتع ادّد وجااوه ال ّ‬
‫اإلي ام بتأثير اإلنسان فيما ك يملك في تأثيرا‪،‬وفي السعي إلاى عباادة‬
‫صورة* والخيال‪،‬وفي نشدان امانات منطقيّاة حقوليّاة للحيااة‬ ‫صنق ال ّ‬
‫ّ‬
‫عو اكستس م لصوت الح األص الواحد‪.‬‬

‫‪ 135‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 8‬ص‪3‬‬

‫‪58‬‬
‫ناقصات عقل ودين‬

‫غالبا ما كانات المارأة موااوعا لصاراعات إيديولوجيّاة سياسايّة‬


‫ااارجعيي "‬‫بااااي األحاااازاب الدّينيااااة واألحاااازاب ال ئيويّااااة أو بااااي "الا ّ‬
‫أن الماااارأة "عاااار ي ااااب أن‬ ‫األول ّ‬
‫ّ‬ ‫و"التّقدّميي "‪.‬ياااادّعي الفرياااا‬
‫أن "اإلس ا م" حا ّارر الماارأة وأكرم ااا فااي حااي يؤ ّكااد‬ ‫يُصااان" ويؤ ّكااد ّ‬
‫أن "اإلس م" يحرم المرأة م حقوق كعيرة‪.‬وكعيرا ما يستشا د‬ ‫العّاني ّ‬
‫أن النّساء نالصات عق ودي ‪.136‬ونودّ‬ ‫للرسول مفاده ّ‬ ‫الفريقان بحديث ّ‬

‫‪ 136‬صحيح البخاري مج‪ 1‬ج‪ 1‬ص‪-83‬صحيح مسلق ج‪ 1‬صّ‪.87-86‬‬

‫‪59‬‬
‫الرسول م المرأة انط لا ما مسااءلة‬ ‫ّ‬ ‫في هذا المقال أن نقرأ مول‬
‫ي وك تبا ّارر وروده‬ ‫هاذا الحااديث مساااءلة ك تبحااث فاي ساايال التّاااريخ ّ‬
‫أن هاذا الحااديث ك‬ ‫متحولاة‪،‬وإنّما هااي لاراءة تعتقااد ّ‬
‫ّ‬ ‫بظارو تاريخيّااة‬
‫ّ‬
‫للرج ا ولون ا حااديث لااد يعبّاار ع ا‬ ‫ي بعااد تقييمااي للماارأة أو ّ‬‫يحم ا أ ّ‬
‫ّ‬
‫ي التي ك تختل عبر الزمان والموان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫طبيعة األنعو ّ‬

‫آخر الشّوق* وآخر القانون‪: 137‬‬


‫ي اختصااص‬ ‫يمو في مرحلة أولاى أن نتّخاذ مادخلنا إلاى األنعاو ّ‬
‫الماااارأة باألمومااااة باعتباااااره فارلااااا بيولوجيّااااا فاصاااا بااااي الماااارأة‬
‫والرج ‪.‬ونح وإن كنّا ك ندري إموان لدرة التّحويرات ال ينيّة علاى‬ ‫ّ‬
‫فاان افتارا "ن اح اا" ك يغيّاار‬ ‫الرجا القادرة علاى الاوكدة ّ‬ ‫إكسااب ّ‬
‫الرجا الااذي لااد يحما وي ااع يوتسااب ساامات‬ ‫ّ‬ ‫شاايئا ما المسااألة ّ‬
‫ألن ّ‬
‫بالقوة‪.‬فواا ّ اماارأة سااواء‬‫ي أي ساامات اشااتمال علااى األمومااة ّ‬ ‫األنعااو ّ‬
‫أن ك ّ رج أب ّ‬
‫بالقوة‪.‬‬ ‫بالقوة معلما ّ‬
‫أواعت أم لق ت ع هي أ ّم ّ‬
‫ّ‬
‫أن األ ّم واألب ك هماا يساق الطفا لبا‬ ‫ويعبت التّحليا النّفسا ّ‬
‫ي* ّ‬
‫ي الاذي يساب‬‫ّ‬ ‫وكدت ب لبا الحما وذلاك ما خا ل الحاو اللغاو ّ‬
‫الرحميّاة ما‬ ‫سريريّة ما للحياة ّ‬ ‫ال ني ويش ّول ‪.‬وتؤ ّكد ت ارب البوّ ال ّ‬
‫تأثير كبير فاي كوعاي الفارد‪.138‬فاال ني يشاعر بماد‪ .‬شاوق األباوي‬
‫إلي ا ويشااعر بمااد‪ .‬رااااهما ع ا جنس ا ‪.139‬وشااوق األب يما ّار إلااى‬
‫اان األ ّم هااي نال ا ‪.‬وك وجااود‬ ‫ال نااي عباار ع لااة األ ّم باألب‪،‬ولااذلك فا ّ‬
‫لع لااة هااي أوثاا وأعماا ماا ع لااة األ ّم بااال ني ف مااا متّصاا ن‬
‫اتّصااك لا ي اوز معلا باي البشار بعاد الوكدة‪،‬يتخاطباان دون حاجاة‬
‫إلاااى وسااايط اللغاااة‪.‬وتثار هاااذه الع لاااة الوثيقاااة تنغااارس فاااي م اااال‬
‫ال وعي*‪.‬‬

‫الرج الحازم م إحداك ّ "‪.‬‬


‫نّ الحديث هو‪":‬ما رأيت م نالصات عق ودي أذهب للبّ ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 137‬استعرنا هذا العنوان م ‪.Lacan,p-66‬‬
‫‪Françoise Dolto:Le féminin,Paris,Gallimard 1998, pp-89/91. 138‬‬
‫‪ 139‬السّاب ص‪.120‬‬

‫‪60‬‬
‫فاذا ُولد ال ني غدا رايعا ينفص ع أ ّم بقطع الحب الس ّاري‬
‫ّ‬
‫وتنظفااااا فتحقّااااا لااااا بعااااا‬ ‫لونّااااا يظااااا ّ مفتقااااارا إلي اااااا تغذّيااااا‬
‫تحركاات أ ّما‬ ‫ا‪.‬والراايع ك يف اق ّ‬ ‫ّ‬ ‫حاجات‪،‬وت دهاده فتنشائ شاول إلي‬
‫تحركااات فواااويّة ك‬ ‫المتراوحااة بااي الح ااور والغياااب‪،‬ف ي عنااده ّ‬
‫ي مح ّ‬ ‫الرمز ّ‬ ‫منط يحوم ا‪.140‬فم البداية إذن تسو األ ّم في بعدها ّ‬
‫شااوق* لااي‬ ‫شااوق*‪.141‬وال ّ‬ ‫ال وعااي* ومح ا ّ الفواااى فتمع ّا تخاار ال ّ‬
‫الراايع ك‬ ‫أن شاوق ّ‬ ‫م ال العق ب م اال اكنوشاا والت ّ لّي‪،‬علاى ّ‬
‫وأول لاانون يفصا ال ناي ما األ ّم‬ ‫ّ‬ ‫يمو أن يظ ّ با لاانون ّ‬
‫ينظما‬
‫تفرق اكب ع أ ّم "‪ 142‬واأل ّم تسا ّمي‬ ‫هو لانون اللغة‪.‬فاللغة هي الّتي ّ‬
‫أشياء العالق كبن ا حتّى يغدو لادرا على تساميت ا‪،‬إنّ ا هاي الّتاي تار‪.‬‬
‫الطفا تعبيارا عا ال او وهاي التاي تغذّيا وفاي اتن نفسا‬ ‫في بواء ّ‬
‫تس ا ّمي جوع ا وبواااءه وغااذاءه حتّااى يغاادو لااادرا علااى تساامية أشااياء‬
‫الراايع ك يموا أن يسا ّمي إكّ ولاد‬ ‫العالق وحده‪،‬فينفص عن اا‪.‬ولو ّ ّ‬
‫ي* لابع النّساويات‬ ‫سُ ّمي لبا ذلك‪.‬ولاد تاواتر فاي الخطااب العصااب ّ‬
‫التّساىل ع سبب تسمية اكبا باساق األب واعتباار هاذه التسامية ما‬
‫ّ‬
‫الرجا علاى المارأة‪.143‬ولاي اساق‬ ‫ّ‬ ‫ساخ تف اي‬ ‫الوسائ التّاي ب اا يتر ّ‬
‫األب* فااي رأينااا تف ااي ولااي األماار فااي لااول تعااالى‪":‬ا ُدْعُوهُ ْق‬
‫تبائ ْق هُو أ ْلساطُ ع ْناد …"(األحازاب‪ )5/33‬رفعاا ما شاأن األب‬
‫الطفا عا‬ ‫ّ‬ ‫ي لتفريا‬‫الرمازي األساسا ّ‬ ‫دون األ ّم ولونّ تأكياد المظ ار ّ‬
‫ي إلخااراج الطف اّ‬ ‫الطاار العّالااث ال اارور ّ‬ ‫إن اسااق األب* هااو ّ‬ ‫أ ّم ا ‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫البشار‪.‬إن‬ ‫رمزيّا م ع لة ثنائيّة خانقة مع األ ّم وإدراجا فاي م تماع‬
‫التّسمية ع مة تش ّو الذّات*‪.‬وم شروط لباول التّسامية(أو لياام اساق‬
‫األب* بوظيفتا أو دخااول اإلنسااان فااي زماارة البشاار) أن ت ُحا ّارم علااى‬
‫أن شاوق‬ ‫شائع ّ‬ ‫اكب والبنت ك ّ ع لة جنسية مع األ ّم‪.‬فلئ كان م ال ّ‬

‫‪Lacan,p-67. 140‬‬
‫‪ 141‬السّاب ‪،‬ال ّ‬
‫صفحة نفس ا‪.‬‬
‫‪Le temps du désir,p-150. 142‬‬
‫‪ 143‬انظار علاى سابي المعاال‪:‬نوال السّاعداوي‪:‬األنعى هاي األص ‪،‬بيروت‪،‬المؤسساة العربياة‬
‫للدّراسات والنّشر ‪.1974‬‬

‫‪61‬‬
‫الطفا األنعاى يت ّ ا إلاى األب‬ ‫وأن شاوق ّ‬ ‫الطف الاذّكر يت ا إلاى األ ّم ّ‬
‫فان النّظر العميا فاي‬ ‫شولي يبني ما يس ّمى بعقدة أوديب* ّ‬ ‫وأن ك ال ّ‬
‫ّ‬
‫أن كا ما اكبا واكبناة يشاتاق فاي مرحلاة‬ ‫الدّراسات النّفساية يبايّ ّ‬
‫للراايع بااب المتعاة*(‪ )jouissance‬ما‬ ‫أولى إلى األ ّم ف اي الّتاي تفاتح ّ‬
‫أن هاذه المتعاة* ك توتما إذ لاانون اللغاة‬ ‫خ ل عنايت ا با ‪،144‬علاى ّ‬
‫محرمااة ألنّ ااا‬
‫ّ‬ ‫يحاارم إتيااان األ ّم‪.‬فاااأل ّم ليساات‬‫ّ‬ ‫الّااذي يرمااز إلياا األب‬
‫شاااوق* إذ‬ ‫شاااوق* ولونّ اااا تغااادو موااااوعا لل ّ‬ ‫ي" لل ّ‬‫موااااو "طبيعااا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تُحااارم‪.145‬وعلاااى هاااذا التحاااريق الاااذي ينشااائ األب تنشاااأ الم تمعاااات‬
‫البشاااااريّة‪.‬وبذلك يمعّااااا األب "تخااااار القاااااانون" فاااااي مقابااااا "تخااااار‬
‫أن العقا فاي اللغاة هاو الح ار والنّ اي ألنّا يمناع‬ ‫شوق"‪.‬وإذا علمنا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الرجا‬
‫سبي ‪ 146‬أمو أن نف ق لواماة ّ‬ ‫صاحب م العدول ع سواء ال ّ‬
‫ي‪،‬وهي‬ ‫ي علااى األنعااو ّ‬ ‫ّ‬
‫علااى الماارأة باعتبارهااا لوامااة رمزيّااة لل اذكور ّ‬
‫لواماااة ك تنااادرج اااام الفعااا الاااواعي بااا تتموااااع فاااي م اااال‬
‫الطفااا مااا اكساااتق ل مااا الع لاااة األولاااى ماااع‬ ‫ّ‬ ‫ال وعاااي* فاااتم ّو‬
‫ي ل ان علاى جان تخار‬ ‫ي بعد تف ايل ّ‬ ‫األ ّم‪.‬والقوامة بذلك ك تحم أ ّ‬
‫إذ "أن يمحاااو اساااق األب* شاااوق األ ّم يبااايّ طبيعاااة كلي ماااا" ‪.‬وأن‬
‫‪147‬‬
‫يوون على المولود ل رزق الطف وكساوت باالمعرو لاي تف اي‬
‫األبوة في‬
‫ّ‬ ‫ألحد ال نسي على اتخر ولونّ م اروب تحقي ع لة‬
‫األباوة الّتاي لاق توا فاي‬‫ّ‬ ‫ساق رابطاة‬ ‫الوالع فانفاق األب علاى اكبا ي ّ‬
‫البداية إكّ عبر مواع األ ّم‪.‬‬
‫عقدة أوديب* بين األنثى والذّكر‪:‬‬
‫إن نظرناااا فاااي صاااورتي األب واأل ّم بااايّ لناااا ماااا لصاااورة األ ّم‬ ‫ّ‬
‫ال واعية م بون ع العق وما لصورة األب ال واعية م انادراج‬
‫باالقوة لوا ّ أنعاى‬
‫ّ‬ ‫واألبوة ف ما خصيصاتان‬ ‫ّ‬ ‫امن ‪،‬ولو لند األمومة‬

‫‪Serge André :Que veut une femme ?,Paris,Seuil 1995 p-91. 144‬‬
‫يتصاور أنّ شاوق البنات ّ‬
‫األول يواون لا ب‬ ‫ّ‬ ‫تطور رأي فرويد في هذه المسألة فبعد أن كان‬
‫ولد ّ‬
‫تبيّ أنّ يتّ نحو األ ّم‪.‬انظر السّاب ص‪.169‬‬
‫‪Le Père.Métaphore paternelle et fonctions du père ,p-270. 145‬‬
‫‪ 146‬جمي صليبا‪:‬المع ق الفلسفي‪،‬بيروت‪،‬ال ّ‬
‫شركة العالميّة للوتاب ‪ 1994‬ج‪ 2‬ص‪.84‬‬
‫‪Lacan,p-66. 147‬‬

‫‪62‬‬
‫وذكر ولد ك يتحقّقان بالفع ‪.‬ولنختبر نقصان عق المارأة فاي موااع‬
‫ي‪،‬فالمرء لاد ك يلاد ولونّا‬ ‫البنوة وهو خصيصة بالفع لو ّ كائ بشر ّ‬ ‫ّ‬
‫ي* أن عقادة أودياب*‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ب رورة المنط مولود‪.‬ويخبرنا التحليا النفسا ّ‬
‫عند الذّكر مختلفة عن ا لد‪ .‬األنعى‪.‬فالذّكر يشتاق في البدء إلى أ ّم ث ّق‬
‫إن الذّكر يمااهي األب (‪)s’identifie au père‬‬ ‫شوق* أي ّ‬ ‫ينقلب ع هذا ال ّ‬
‫ويبتعد ع األ ّم مت ّ ا نحاو موااو مشااب ل اا فاي ال ان أي نحاو‬
‫نسااء أخريات‪،‬أ ّمااا البناات ف ااي تشااتاق إلاى األ ّم ثا ّق تناأ‪ .‬عن ااا مت ّ ااة‬
‫إن على البنت أن تبتعاد عا‬ ‫نحو مواو مخال ل ا في ال ن أي ّ‬
‫اا‪.‬إن هاذا الموااع معقّاد‬ ‫ّ‬ ‫األ ّم في نفا الولات الاذي تنشاد التّمااهي في‬
‫شاوق* وهاو‬ ‫وعسير فوي توفّ البنت بي اكنفصال ع مواو ال ّ‬
‫هنااا األ ّم والمحافظااة علااى اكتّصااال ب ا لتحقي ا التّماااهي ال ا زم فااي‬
‫موااع األنوثاة؟ وكيا يموا للبنات التّخلّاي عا اكنفعااال(‪)passivité‬‬
‫لتنفصااا عااا األ ّم والمحافظاااة علاااى ذلاااك اكنفعاااال ذاتااا ل تّصاااال‬
‫بال اذّكر؟‪ 148‬مااا أبعااد هااذه العمليّااة المعقّاادة ب ا المتنال ااة ع ا العق ا‬
‫والمنط ؟أليساات األنوثااة فااي محاا ّ تشاا ّول ا ال واعااي ذاتاا نقصااانا‬
‫للعق ؟‬
‫األنثوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫كوري واإليمان‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدّين الذ‬
‫النّساء لس نالصات عق فحسب ب نالصاات ديا أي اا‪.‬والدّي‬
‫سسات الّتي تنشاره‪،‬فاذا نظرناا فاي الادّيانات‬ ‫متّص اتّصاك وثيقا بالمؤ ّ‬
‫ي‬ ‫ي متّص بأحبار الي اود والادّي المسايح ّ‬ ‫الوتابيّة وجدنا الدّي الي ود ّ‬
‫ي متّصاااا بالفق اااااء‬ ‫متّصاااا بالونيسااااة وبابوات ااااا والاااادّي اإلساااا م ّ‬
‫واألئ ّمة‪.149‬إ ّن الدّي في ع لة جوهريّة مع الدّولة وذلاك م ماا تتعادّد‬
‫سسااة الدّينياة هااو‬ ‫أشاوال هاذه الع لااة أو ااروب ا‪.‬والمول ما المؤ ّ‬
‫ي وفاي مقابا هاذا اكنتماااء ت ااطلع‬ ‫الّاذي يحادّد شاعور اكنتماااء الادّين ّ‬
‫ي لل ماعاااة المنتماااي‬‫ي والفعلااا ّ‬ ‫الرماااز ّ‬
‫سساااة بااادور الحاااامي ّ‬ ‫هاااذه المؤ ّ‬
‫ي إذ ت يب ع أسئلت ق وإذ تنشئ ق م موعة‬ ‫الرمز ّ‬
‫إلي ا‪.‬ف ي الحامي ّ‬

‫‪Que veut une femme?p-194. 148‬‬


‫‪ 149‬عبد الم يد ال ّ‬
‫شرفي‪:‬لبنات‪،‬تون ‪،‬دار ال نوب للنّشر ‪ 1994‬ص‪.69‬‬

‫‪63‬‬
‫مختلفااة ع ا الم موعااات األخاار‪ .‬ومتم ّياازة عن ااا‪،150‬وهااي الحااامي‬
‫ي فاي حاال اكعتاداء علاى الم موعاة أو علاى مقدّساات ا‪ .‬ولااذلك‬ ‫الفعلا ّ‬
‫سسااات سياسااية اجتماعيااة‬ ‫أن األديااان هاي مؤ ّ‬ ‫اعتبارت دولتااو (‪ّ )Dolto‬‬
‫ي‬‫الطاعة‪،‬طاعااة ول ا ّ‬ ‫تقااوم علااى تراتبيّااة ل اايبيّة (‪ )phallique‬أساس ا ا ّ‬
‫األمر أو طاعة الفقي أو طاعة الق ّ ‪.151‬‬
‫إن لولمة "الق يبيّة" هنا ليماة كبار‪ .‬إذ ماا الق ايب*(‪)phallus‬؟‬ ‫ّ‬
‫ي ولونّااا دا ّل‬ ‫لااي الق اايب* الااذّكر أي إنّااا لااي الع ااو البيولااوج ّ‬
‫إن الدّالّااااة الق اااايبيّة( ‪fonction‬‬
‫ير ّمااااز(‪ )symbolise‬هااااذا الع ااااو‪ّ .152‬‬
‫‪)phallique‬هاي الّتااي تميّااز ال نسااي إلاى ما يمعّلا الق اايب* وما ك‬
‫يمعّلا ‪.‬وبعبارة أخاار‪ .‬ل ّماا كاناات اللغااة هااي المحادّدة للوااائ فانّ ااا هااي‬
‫الّتااي تح ادّد انتماااء ال اذّات إلااى جاان أو تخر‪،‬ول ّمااا كاناات الم موعااة‬
‫ااور إكّ بامواااان وجاااود عنصااار‬ ‫ي ك تُتصا ّ‬‫الريااااا ّ‬
‫ي ّ‬‫بمعناهاااا المنطقااا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خارج عن ا أو عنصر شاذ‪،‬فان يمو تحديد الذكور اام م موعاة‬
‫هي م موعة م يمتلوون الق يب* لوجود عنصر خارج عنا وهاو‬
‫األنعى‪.‬وبااذلك يوااون الخصاااء* عنااد ال اذّكر ممونااا وألنّ ا ممو ا فا ّ‬
‫اان‬
‫الاذّكور يخشااون ‪،‬وفي مقابا ذلااك فانّا ك يموا تحديااد األنعااى ااام‬
‫ألن خصاء* المرأة حاص ك ممو ‪،‬وك يمو الحديث ع‬ ‫م موعة ّ‬
‫الرجااال وك‬ ‫أنعااى غياار مخصاايّة ‪،‬فخصاااء* الماارأة يحاادّد م موعااة ّ‬
‫أن "المارأة (باالمعنى‬ ‫يمون تحديد م موعة النّسااء‪،‬ولذلك أ ّكاد ككاان ّ‬
‫ال نسي ل ل والا م) غيار موجاودة"‪.153‬ولعا ّ الفارق يبادو أوااح‬
‫إن كاا ّ مااا الااذّكر واألنعااى يحااادّد لغويّااا بوجااود الق ااايب*‬ ‫إذا للنااا ّ‬
‫وبغيابا فنتح ادّ لغويّااا ع ّم ا يمتلااك الق اايب* وع ّم ا هااو خلااو م ا‬
‫الق اايب*‪.‬وفي الحااالتي يوااون الق اايب* حاااارا أو غائبااا محاادّدا‬
‫لل ن ‪.‬فان كان حاارا كان غياب ممونا وبذلك ينشئ م موعاة هاي‬
‫م موعاة الاذّكور‪،‬وإن كااان غائبااا ف ااو حاااار بغيابا –ولااذلك تحاايط‬

‫‪ 150‬اإلخبار ع المرأة في القرتن وال ّ‬


‫سنّة صّ‪.108/106‬‬
‫‪Les Evangiles et la foi au risque de la psychan alyse,p92. 151‬‬
‫‪Lacan,p-83. 152‬‬
‫‪ 153‬السّاب ص‪.86‬‬

‫‪64‬‬
‫ي‪ -‬ولو ّنا ك يواون فعا علاى نماط‬ ‫الدّالّة الق يبيّة بابع ما األنعاو ّ‬
‫الح اور ولاذلك تظا ّ الدّالاة الق ايبية عااجزة عا تمعيا بعا ما‬
‫ي‪.‬‬‫األنعو ّ‬
‫ّ‬
‫ي وهاذا شاأن الت ّمعاات‬ ‫إن مبدأ الم موعة هو في أساسا ذكاور ّ‬ ‫ّ‬
‫الحزبياااة والعساااوريّة والدينياااة‪.154‬ومبااادأ األفاااراد هاااو فاااي أساسااا‬
‫ي‪،‬ففي غياااب ساامة لم موعااة النّساااء تغيااب الم موعااة وتُعاادّد‬ ‫أنعااو ّ‬
‫النّساء واحدة واحدة إلاى ماا ك ن اياة لا ‪.‬وفي هاذا اإلطاار نف اق تو ّجا‬
‫الخطاب في القارتن إلاى الاذّكور دون اإلنا ‪،‬فالاذّكور هاق الم موعاة‬
‫الرمزيّااة المعنيّااة بتنفيااذ األحوااام والقااواني ‪،‬وفي اإلطااار نفساا نف ااق‬ ‫ّ‬
‫تو ّج الخطاب إلى بع أفراد اإلنا المخصوصي شأن مريق بنات‬
‫الرسااول‪.155‬وإذا كاناات الدّالّااة الق اايبية غياار لااادرة‬ ‫عمااران أو نساااء ّ‬
‫ّ‬
‫علااى اإلحاطااة باااألنعوي فااي كليت ا وإذا كاناات المتعااة* البشاارية فااي‬
‫صاور يفياد إمواان وجاود اارب‬ ‫فاان هاذا الت ّ ّ‬‫جوهرها ل ايبيّة لغويّاة ّ‬
‫ثان م المتعة* ك يمو أن ينقاال أي يفياد إمواان وجاود اارب ثاان‬
‫ماااا المتعااااة* ك يخ ااااع للتّعبياااار اللغوي‪.‬إنّ ااااا المتعااااة* األخاااار‪.‬‬
‫المفتراة الّتي ك نعر عن ا شيئا‪.‬‬
‫ي والتميياز باي المتعاة*‬ ‫ي واألنعاو ّ‬ ‫ويبدو لنا التميياز باي الاذّكور ّ‬
‫الق اايبيّة اللغويّااة والمتعااة* األخاار‪ .‬المفتراااة صاانوا للتّمييااز بااي‬
‫سساات‬ ‫مف ومي الدّي واإليماان(‪.)foi‬فالادّي كماا أسالفنا يقاوم علاى مؤ ّ‬
‫شاااافي الواااافي للنّااااس باعتباااارهق‬ ‫جماعيّاااة تااادّعي تقاااديق ال اااواب ال ّ‬
‫م موعة منتمية إلى ذلك الادّي ‪،‬أ ّما اإليماان فمغاامرة فرديّاة ك تادّعي‬
‫ي‪،‬إنّا بحاث ك يناي عا اطمئناان فارد ّ‬
‫ي‬ ‫تقديق جواب جمااعي أو ن ائ ّ‬
‫تختل ا سااب بلوغ ا م ا ذات إلااى أخاار‪..‬وم هااذا المنظااور يمو ا‬
‫ي‪-‬سااانّيا كاااان أو شااايعيّا‪ -‬ميراثاااا دينيّا‪،‬ويقابلااا‬
‫اعتباااار الميااارا الفق ااا ّ‬
‫ي الّاذي ناراه ميراثاا إيمانيّاا منادرجا اام ت رباة ك‬ ‫صاوف ّ‬
‫الميرا ال ّ‬

‫ي ل ذه‬ ‫‪ 154‬ك يعني هذا أنّ النساء ك ينتمي إلى هذه الم موعات في الوالع‪،‬ولو ّ البعد ّ‬
‫الرمز ّ‬
‫الم موعات يظ ّ ذكوريّا‪.‬‬
‫‪ 155‬على سبي المعال تل عمران‪ 43-42/3‬األحزاب‪…33/33‬‬

‫‪65‬‬
‫يمو للقول نقل ا نق أميناا با لعا ّ وجودهاا رهاي ع از القاول عا‬
‫وصف ا أك ت ي العبارة كلّما اتّسعت ّ‬
‫الرىيا؟‬
‫باالرمز ويؤ ّكاد خ او‬ ‫ي يحتفاي ّ‬ ‫ي ذكاور ّ‬ ‫إن سلوك الفق اء الادّين ّ‬ ‫ّ‬
‫‪،‬وإن متعة* الفق ااء ل ايبيّة تقاوم علاى لا ّق شام األ ّماة‬ ‫ّ‬ ‫البشر لسلطان‬
‫اااام رىياااة واحااادة هاااي جاااوهر الم موعاااة وعمادها‪،‬أ ّماااا سااالوك‬
‫‪،‬وإن متعااة*‬ ‫ّ‬ ‫ي* المفتاار‬ ‫ي يفااتح بابااا علااى الااوالع ّ‬ ‫المتصا ّاوفة فااأنعو ّ‬
‫تقر بوجاد ك تملاك عنا‬ ‫المتصوفة غير ل يبيّة إذ هي متعة* صامتة ّ‬ ‫ّ‬
‫تعبيرا‪.‬‬
‫وم ا ج تنااا ك ناار‪ .‬بااي كلتااا الاارىيتي وكلتااا المتعتاا ْي م اااك‬
‫للتّفااا معلمااا ك ناار‪ .‬بااي العق ا واإلحساااس وبااي الادّي واإليمااان‬
‫ي م ااك للتّفااا ‪،‬وك نار‪ .‬فاي نقصاان عقا‬ ‫ي واألنعاو ّ‬ ‫وبي الذّكور ّ‬
‫الماارأة ودين ااا ‪-‬وف ا تأويلنااا‪ -‬ذ ّما‪،‬فالنّقصااان لااي فااي ذات ا عيب اا ب ا‬
‫يتحااادّد النّقصاااان عيباااا إن كاااان المنقاااوص إي ابيّاااا ويتحااادّد النّقصاااان‬
‫خصلة إن كان المنقوص سلبيّا‪،‬ولي العق في ذات ز ْيناا واإلحسااس‬
‫شرا ّ‬
‫‪.‬إن‬ ‫في ذات ش ْينا معلما لي الدّي في ذات ح ْلية واإليمان في ذات ّ‬
‫نقصان عق المرأة ودين اا تعبيار عميا عا طبيعاة الاذّات* األنعويّاة‬
‫أن تأويلنااا هااذا مفتاااّ لف ااق بع ا‬‫فااي أعمال ااا النّفس ايّة‪.‬ونح ناازعق ّ‬
‫خصائّ ال نسي الواردة في بعا تي القارتن أو بعا األحادياث‬
‫حواء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شأن خل تدم لب‬
‫حواء؟ ‪:‬‬ ‫لماذا ُخلق آدم قبل ّ‬
‫وحواء في اتن نفس ‪،‬وك بدّ أن يسب خل‬ ‫ك يمو أن يُخل تدم ّ‬
‫الزمان يوون محايعا تخر إذ طبيعة‬ ‫أحدهما خل اتخر‪،‬ف شيء في ّ‬
‫اأن تدم ُخلا لبا حا ّاواء إذ‬ ‫الوجااود التّتااالي‪.‬وك تصا ّارّ تيااات القاارتن با ّ‬
‫يقول تعالى‪":‬هُو الذي خلقوُ ْق م ْ ن ْف واحادة وجعا م ْن اا ز ْوج اا‬
‫لي ْساوُ إل ْي ااا…"(األعاارا ‪،)189/7‬والا ّازوج فااي اللغااة العربيّااة لفااظ‬
‫أن خلا‬ ‫يُعتمد للذّكر واألنعى‪.‬ولو ّ بع األحادياث النّبويّاة تؤ ّكاد ّ‬
‫سري إلاى‬ ‫حواء ُخلقت م الع ‪.156‬ويذهب بع المف ّ‬ ‫وأن ّ‬ ‫تدم ّأوك ّ‬
‫اعتباار هااذه األساابقية فااي الوجااود مظ ارا ما مظاااهر تف ااي الاذّكر‬

‫‪ 156‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 7‬ص‪.34‬‬

‫‪66‬‬
‫علااى األنعى‪،‬ف ااذا اباا العربااي يقااول‪":‬وك يخفااى علااى لبيااب ف اا‬
‫الرجا ف او‬ ‫ّ‬ ‫أن المارأة ُخلقات ما‬ ‫الرجال على النّساء‪،‬ولو لق يوا إكّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي بااي‬‫ي تفسااير تفاااال ّ‬ ‫ّ‬
‫أصاال ا" ‪.‬ولااد بيّنااا منااذ الباادء عزوفنااا عا أ ّ‬
‫‪157‬‬
‫أن النّقصاان لاي عيباا فااي ذاتا فاان األسابقيّة ليساات‬
‫ّ‬ ‫ال نساي ‪،‬فمعلما ّ‬
‫في ذات ا‪،‬وإنّنا ك نودّ أن نقيّق ب أن نف ق سبب هذه األسبقيّة‪.‬‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أسلفنا أن اللغة هي التي تشو الوائ وبيّناا ‪-‬اساتنادا إلاى التحليا‬ ‫ّ‬
‫أن الدّالّاة الق ايبيّة اللغوياة تمعّا الاذّكور وأنّ اا ك‬ ‫ي* ال كااني‪ّ -‬‬ ‫النّفس ّ‬
‫تحيط بالمرأة أي إنّ ك وجود لدا ّل على األنوثة‪.‬وم هذا المنظاور ك‬
‫الرج ا إذ ك يمو ا أن يوجااد الوااائ لب ا‬ ‫يمو ا أن تُخل ا الماارأة لب ا ّ‬
‫اللغااة‪،‬وك يموا أن توااون األنوثااة أولااى وهااي المفتقاارة أباادا إلااى دا ّل‬
‫يسم ا كلّ اا‪.‬فخل الاذّكر ت سايق لفعا الخلا باللغاة "كا فيواون"‪158‬‬
‫الرجا كلّا با ما االع أو‬ ‫ّ‬ ‫الرجا ‪،‬ولو ك ما‬ ‫ّ‬ ‫واألنعى ُخلقت م‬
‫ّ‬
‫ف ا طينت ا ‪،‬وهي فااي الحااالتي إذن محوومااة بالدّالااة الق اايبيّة التااي‬
‫تساابق ا ولونّ ااا ليساات محوومااة ب ااا إكّ فااي جاازء من ااا فقااط‪.‬وإن كااان‬
‫حاواء انتقاصاا‬ ‫ّ‬ ‫األمر كذلك فلماذا تر‪ .‬بع النّساء في خل تدم لبا‬
‫ي أن‬ ‫ّ‬
‫م شأن ّ وتف ي للذّكر على األنعى فاي حاي أنّا ما الطبيعا ّ‬
‫الرج ا ال ادّا ّل ّأوك حتّااى يااد ّل علااى مااا ك يحاايط ب ا ال ادّالّ‪،‬وم‬ ‫يوااون ّ‬
‫ي* الاذي ك يحايط با‬ ‫ّ‬ ‫الرمز ّأوك حتّى يوون الوالع ّ‬ ‫ي أن يوون ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيع ّ‬
‫صمت‬ ‫صوت هو الّذي يلد ال ّ‬ ‫صوت‪،‬ب ال ّ‬ ‫صمت ك يسب ال ّ‬ ‫ّ‬
‫مز‪.‬إن ال ّ‬ ‫الر‬
‫ّ‬
‫صاوت وك نفطا‬ ‫صامت إك بساما ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫صمتا ‪.‬فنح ك نفطا إلاى ال ّ‬ ‫‪159‬‬
‫إلى ما وراء الدّا ّل إكّ بوجود الدّالّ‪.‬‬
‫للرجال درجة على النّساء؟‬ ‫لماذا كانت ّ‬
‫لرجاااال‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫لاااال تعاااالى‪":‬ول ُ معااا ُ الاااذي علااا ْي باااالم ْع ُرو ول ّ‬
‫أن هاااذه‬ ‫سااارون علاااى ّ‬ ‫علااا ْي درجاااةو"(البقرة‪،)228/2‬ولاااد اتّفااا المف ّ‬
‫اّ المنزلااة عنااد خ فااا لمعنااى الدّرجااة فااي تيااات‬ ‫الدّرجااة ك تخا ّ‬

‫‪ 157‬أحوام القرتن ج‪1‬ص‪.188‬‬


‫‪ 158‬البقاااااارة‪-117/2‬تل عمااااااران‪-47/3‬تل عمااااااران‪-59/3‬األنعااااااام‪-73/6‬النّحاااااا ‪-40/16‬‬
‫مريق‪-35/19‬ي ‪-82/36‬غافر‪.68/40‬‬
‫‪Les quatre concepts fondamentaux de la psychanalyse ,p -28. 159‬‬

‫‪67‬‬
‫سااري اختلفااوا فااي هااذه الدّرجااة التااي‬ ‫أخاار‪ .‬ماا القاارتن‪،‬ولو ّ المف ّ‬
‫الطاعاة أو زياادة الميارا أو‬ ‫للرجا علاى المارأة فااعتبروا أنّ اا حا ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الرجا‬ ‫ّ‬
‫ال اد أو النفقة والقيام على المرأة أو ح اللعان أو صفح ّ‬
‫‪160‬‬ ‫ّ‬
‫الرجا للماارأة أو أن اّ‬ ‫عا الماارأة وتف ّ اال علي ااا‪ 161‬أو جااواز تأديااب ّ‬
‫أن أطاار تفساير هاو ذاك الااذي‬ ‫أصا ل اا إذ ُخلقاات ما االع ‪،‬غير ّ‬
‫أن للرجال على النّساء درجة اللحياة‪.162‬وما هناا يبادو‬ ‫يقرر صاحب ّ‬ ‫ّ‬
‫و‬
‫الرج ا دون الماارأة درجااة ل ا علي ااا‪.‬فلق ك‬ ‫اتّ ب ا ّ‬ ‫ّ‬
‫أن ك ا مااا لااد يخا ّ‬ ‫ّ‬
‫الرجا للدّالّااة الق اايبيّة دون‬ ‫ّ‬ ‫توااون هااذه الدّرجااة هااي درجااة خ ااو‬
‫المرأة؟‪.‬‬
‫من مودّة االختالف إلى غيرة المطالبة‪:‬‬
‫الرساول لائلاة‪:‬يا رساول‬ ‫أن أ ّم سالمة أتات ّ‬‫تاذكر بعا المصاادر ّ‬
‫ّ‬
‫الرجااال وك نغاازو وإنمااا لنااا نص ا الميرا ‪،‬وفااي روايااة‬ ‫تغاازو ّ‬
‫أن جعا لناا الغازو فنصايب‬ ‫ّ‬
‫أخر‪ .‬سأل النساء ال اد فقل ‪:‬وددناا ّ‬
‫الرجااااال‬‫الرجااااال‪.‬وفي روايااااة ثالعااااة لااااال ّ‬‫ماااا األجاااار مااااا يصاااايب ّ‬
‫للرسول‪":‬إنّا لنرجو أن نف ا علاى النّسااء بحساناتنا فاي اتخارة كماا‬ ‫ّ‬
‫ف االنا علااي ّ فااي المياارا فيوااون أجرنااا علااى ال ّ ااع م ا أجاار‬
‫النّساء‪،‬ولالت النّساء إنّا لنرجو أن يوون الوزر عليناا نصا ماا علاى‬
‫الرجاال فااي اتخارة كمااا لنااا الميارا علااى النّصا ما نصاايب ق فااي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدّنيا ‪.‬وسؤال النّساء يقوم على شعور واااح باالحي والظلاق فاي‬ ‫‪163‬‬
‫فوق يرغااب‬ ‫الرجااال يقااوم علااى إحساااس وااااح بااالت ّ ّ‬ ‫أن سااؤال ّ‬ ‫حااي ّ‬
‫ساؤالي عا الطبيعاة‬ ‫الرجال فاي ت سايم أكعار فأكعر‪.‬ويوشا كا ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫سااام ا الدّالاااة‬ ‫ّ‬
‫والرج ‪.‬فاااالمرأة التاااي ك ت ّ‬ ‫العميقاااة لعُصاااابي* المااارأة ّ‬
‫ي* محماوم نحاو‬ ‫الق يبيّة ت سيما كام ‪،‬تظ ّ دائماا فاي ساعي عصااب ّ‬
‫اكندراج ام هذه الدّالّة وهو ما عبّر عن فرويد بشاوق األنعاى إلاى‬

‫ّ‬
‫الطبرسااي‪:‬م مع البيااان فااي تفسااير القرتن‪،‬بيااروت‪،‬دار المعرفااة‬ ‫‪ 160‬أبااو الف ا با الحس ا‬
‫‪،1986‬ج‪ 2/1‬ص‪.575‬‬
‫‪ 161‬جامع البيان ج‪ 2‬ص‪.468‬‬
‫‪ 162‬أحوام القرتن ج‪ 1‬ص‪.188‬‬
‫‪ 163‬أسباب النّزول صّ‪.125/124‬‬

‫‪68‬‬
‫سااق ااام م موعااة م ا يمتلااك‬ ‫‪،‬والرج ا ا ّلااذي ك يت ّ‬
‫ّ‬ ‫الق اايب*‪164‬‬
‫صورة للق ايب* إكّ لوجاود أنعاى خارجاة عا تلاك الم موعاة‪،‬يظ ّ‬
‫فاااي فاااز دائاااق مااا الخصااااء* فيساااعى إلاااى إثباااات وجاااود صاااورة‬
‫أن سااؤال كاا ّ ماا‬ ‫الق اايب* بتأكيااد تميّاازه عاا األنعااى‪.‬وإذ ات ّ ااح ّ‬
‫الرجال والنّساء ي مر حالاة عصاابيّة* فما المشارو التّسااىل عا‬ ‫ّ‬
‫ي* لو ال نسي ‪.‬‬ ‫كيفيّة الخروج م هذا المأزق العصاب ّ‬
‫ساائلي ؟‬ ‫ّ‬
‫والرساول صالى عليا وسالق ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫كي أجاب تعاالى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتمد تعالى في خطاب امير ال مع الذي يشم الذكور واإلنا‬
‫لرجاال نصايبو‬ ‫ُ ب ب ْع وُ ْق علاى ب ْعا ل ّ‬ ‫فقال‪":‬وك تتمن ْوا ما ف‬
‫مما ا ْكتسبُوا وللنّساء نصيبو مما اكتس ْب …"(النّساء ‪.)32/4‬وفي هذا‬
‫ْ‬
‫إن فاي القاول‬ ‫القول ن ي عا أن يتمنّاى كا ّ جان موااع اتخار أي ّ‬
‫سامات‬ ‫تصاور ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أمرا بقبول ك ّ جن لسمات المميّزة‪.‬فالخطاأ هاو فاي‬
‫وأس الخطا ال واعي هو شوق المارأة إلاى‬ ‫ّ‬ ‫التمييزيّة سمات معياريّة‬
‫الرجا ما أن يمتلاك سامات المارأة‬ ‫ّ‬ ‫الرجا وخاو‬ ‫أن تمتلك سامات ّ‬
‫الرج ا م ا ج ااة‬ ‫ّ‬ ‫س ا ال واعااي هااو الغيرة‪،‬غياارة الماارأة م ا‬ ‫أي ّ‬
‫إن أ ّ‬
‫الرج على ل يبيّت م ج ة أخر‪..‬وماا الغيارة؟ إنّ اا ليسات‬ ‫وغيرة ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫إكّ خوفااا م ا اإللاارار باانقّ ّمااا أو إنّ ااا محاولااة لس ادّ اكفتقااار الااذي‬
‫نشادان لموااع الواحاد الواما غيار المنشاطر‪،‬أك‬ ‫و‬ ‫أسلفنا تحليل ‪،‬وهي‬
‫أن الغيارة فاي معناهاا العميا غيارة ما اتخار‬ ‫ي ّ‬ ‫يؤ ّكد التّحليا النّفسا ّ‬
‫؟ ‪.‬‬
‫‪165‬‬ ‫المطل * أي إنّ ا في منظورنا غيرة م‬
‫إن ن ااي تعااالى ع ا تمنّااي ك ا ّ جاان موا اع اتخاار وتأكيااده‬ ‫ّ‬
‫اختصاص ك ّ من ما بمواع مخصاوص‪،‬إنّما هاو ن اي ينشاد إلصااء‬
‫القاااائق علاااى‬ ‫صااارا ليحااا ّ محلّااا اكخااات‬ ‫التّقابااا القاااائق علاااى ال ّ‬
‫س م‪.166‬‬ ‫ال ّ‬
‫األنثوي والموت والصّمت‪:‬‬ ‫ّ‬

‫‪Que veut une femme ? ,p-119. 164‬‬


‫‪Inceste et jalousie,p-222. 165‬‬
‫‪ 166‬السّاب ص‪.45‬‬

‫‪69‬‬
‫‪les‬‬ ‫يغازل (‬ ‫ترماز األسااطير اإلغريقيّاة إلاى الماوت بنسااء ثا‬
‫ي الع لاااااة الوثيقاااااة باااااي الماااااوت‬ ‫‪.)parques‬ويبااااا ّي التّحليااااا النّفسااااا ّ‬
‫ي‪.‬فاأل ّم األنعى هي الّتي تلد اإلنساان للحياة‪،‬وبوكدتا تلاك يبادأ‬ ‫واألنعو ّ‬
‫ي تااوه‬ ‫رحلتا فااي المااوت ونحااو الماوت‪.‬والمرأة فااي انفعال ااا ال نسا ّ‬
‫ي*( ‪pulsion de‬‬ ‫الرج وت عف فتمع ّ بع وجوه دافع الموت الغرز ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمزيّة‪.‬‬‫‪،)mort‬واإلنسان عند موت يعود إلى األر األ ّم ّ‬
‫ول ّما كانت اللغة هي الّتي تس ّمي الوائ فتنشئ بتلك التسمية كائناا‬
‫ّ‬
‫صمت‪.‬ولد أسلفنا ّ‬
‫أن‬ ‫نقر بالع لة الوثيقة بي الموت وال ّ‬ ‫فانّ يموننا أن ّ‬
‫الدّالّااة الق اايبيّة اللغويّااة ك تمع ّ ا الماارأة كلّ ا‪.‬لااذلك يبقااى بع ا م ا‬
‫ي غيااار لابااا للتّرمياااز‪،‬وم هناااا نف اااق الع لاااة باااي األنعاااو ّ‬
‫ي‬ ‫األنعاااو ّ‬
‫ي أن تواون‬ ‫ي اإلسا م ّ‬ ‫صمت‪.‬فم سمات المرأة في المخيال العربا ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ّ‬
‫ي في كعير م األح م ممع في‬ ‫صامتة‪،‬ونح ن د فرويد يقرأ األنعو ّ‬
‫صمت والموت‪.167‬‬ ‫ك ّ م ال ّ‬
‫ودون أن نااادّعي إنشااااء شاااولنة عا ّماااة يمونناااا اعتباااار موااااعي‬
‫األول يسق الحياة والفعا‬ ‫ي متقابلي رمزيّا‪،‬المواع ّ‬ ‫ي واألنعو ّ‬ ‫الذّكور ّ‬
‫صمت‪.‬والعناصاار‬ ‫واللغاة والمواااع العّاااني يسااق المااوت واكنفعااال وال ّ‬
‫الع ّ ثة مترابطة فالحياة البشريّة ك تواون خاارج اللغاة وك تساتقيق با‬
‫صاامت والفع ا‬ ‫فع ا وإن يو ا فع ا اللغااة‪.‬والموت م ااال اكنفعااال وال ّ‬
‫ال واعااي‪.‬وم صاافات الحياة‪/‬الفع ‪/‬اللغااة أن توااون باثّااة وفانيااة‪،‬وم‬
‫صااااامت أن تواااااون أكعااااار تقااااابّ وأكعااااار‬ ‫صااااافات الموت‪/‬اكنفعال‪/‬ال ّ‬
‫أن الحيواناات المنويّاة الماذ ّكرة أسار ما‬ ‫خلودا‪.‬وم لطي األماور ّ‬
‫المؤنّعة في الوصول إلى البوي ة لتلقيح ا ولونّ ا ألا ّ تح ّما لعواما‬
‫الفنااااء إذ تماااوت بسااارعة‪،‬وفي مقابااا ذلاااك ن اااد الحيواناااات المنويّاااة‬
‫المؤنّعاااة ألااا ّ سااارعة فاااي بلاااو البوي اااة وأكعااار مقاوماااة لعوامااا‬
‫الرج ا‬
‫اأن لا ّاوة ّ‬‫الفناء‪.‬ولساانا فااي حاجااة إلااى دراسااات م ريّااة لنقا ّار با ّ‬
‫لوة المرأة وفي مقاب ذلك تفيد كعير ما الدّراساات‬ ‫الع ليّة أكبر م ّ‬

‫‪ 167‬انظر مع ‪:‬‬
‫‪L e thème des trois coffrets et L’inquiétante étrangeté ,in S-Freud :‬‬
‫‪Essais de psychanalyse appliquée,Paris,Puf,NRF 1993 .‬‬

‫‪70‬‬
‫وأن معادّل‬ ‫ّ‬ ‫الرجا‬ ‫بأن لادرة المارأة علاى تح ّما األلاق أكبار ما لادرة ّ‬ ‫ّ‬
‫الرجال‪.‬‬ ‫أم الحياة لد‪ .‬النّساء أكبر م معدّل أم الحياة لد‪ّ .‬‬
‫أن الاادّي مواااع فعاا‬ ‫فاااذا نظرنااا فااي الاادّي واإليمااان وجاادنا ّ‬
‫واختيار‪،‬فاإلنسااان يمو ا أن يقتنااع بتعاااليق دي ا ّمااا فيقا ّارر اعتنال ا ‪،‬أ ّما‬
‫اإليمان ف و مواع انفعاال وتقبّا يقاوم علاى اكستسا م كختاراق‬
‫لاوة وربااط الخيا‬ ‫للذّات‪.‬والدّي في ع لت الوثيقة بالدّولة يحتاج إلى ّ‬
‫لنشاار الاادّي واإللنااا باا أ ّمااا اإليمااان ف ااو متعااة* فرديّااة ك يحتاااج‬
‫سساات الادّي‬ ‫اإلنسان إلى لول ا ب إنّ ك يستطيع لول ا‪.‬ولد توون مؤ ّ‬
‫شاة فيعتري اا ال ّاع عبار التّااريخ أ ّماا اإليماان‬ ‫لويّاة إكّ أنّ اا تظا ه ّ‬
‫ي موااو خااارجي عليا ساالطة وك يملاك لا‬ ‫ي لااي أل ّ‬ ‫فعما فارد ّ‬
‫أحااااد تباااادي ‪،‬وهااااو ت ربااااة فرديّااااة تت اااا ّم كاااا ّ معاااااني الخطاااار‬
‫ينظق تصاري الحياة ‪،‬أ ّما اإليمان فا يغادو‬ ‫ّ‬ ‫وال ك‪.‬والدّي بأحوام‬
‫الرمزيّاة‬ ‫م ال معرفاة إكّ بعاد الماوت‪.‬ألي الادّي ألارب فاي طبيعتا ّ‬
‫ي (بحقول الدّكليّة الفع ‪/‬القول‪/‬الحياة‪،)...‬واإليماان ألارب‬ ‫إلى الذّكور ّ‬
‫صاامت‪/‬الموت‪ )...‬فوي ا ك‬ ‫ي (بحقول ا الدّكليّااة اكنفعال‪/‬ال ّ‬ ‫إلااى األنعااو ّ‬
‫توون المرأة نالصة دي ؟‬
‫والواقعي*‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الواقع والحقيقة أو الواقع‬
‫ي فااااي رمزيّت ااااا ومنطلقااااات‬ ‫تتظااااافر منطلقااااات التّحلياااا النّفساااا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الم حظة المباشرة في بساطت ا ومنطلقات العلوم الطبيعيّاة فاي دلت اا‬
‫ي بي ال نسي توون المرأة بمقت اه نالصة عقا‬ ‫رمز ّ‬ ‫لتقر باخت‬‫ّ‬
‫ي تف ااي فااي الوالااع‬ ‫ّ‬
‫ودي ا ماا المنظااور ال واعااي الااذي ك يفيااد أ ّ‬
‫ّ‬
‫‪.‬إن الماارأة مفتقاارة إلااى التّرميااز الااذي يقااول ذات ااا‬ ‫ّ‬ ‫ل اان علااى جاان‬
‫ااد‪.‬والرج ببعاااده‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شاااأن ا فاااي ذلاااك شاااأن الحقيقاااة التاااي ك يعرف اااا أحا‬
‫ي يسق ذات ويسق بع ا ما المارأة فيرساي لاانون الوالع‪.‬يقاول‬ ‫القانون ّ‬
‫ُ‬
‫تعاااااااااااالى‪":‬ولوُ ْق فااااااااااااي القصاااااااااااااص حياااااااااااااة و يااااااااااااا أولااااااااااااي‬
‫األ ْلب ااب…"(البقاارة‪،)179/2‬فالقصاااص م ا اااروب تنظاايق الحياااة‬
‫اكجتماعيّة أي تنظيق الوالع‪،‬وم هذا المنظور نف ق سبب تنفيذ أحوام‬
‫القانون علاى ما يخارق القاانون رغاق وعيناا بأنّا محواوم فاي خرلا‬
‫ذاك باادوافع نفسااايّة كواعياااة‪ .‬فوعيااار ماا النّااااس يشاااعر بحيااارة باااي‬
‫ارورة تطبي القانون على م يخرلا ما ج اة وخ او الخاارج‬

‫‪71‬‬
‫عا القاانون لادوافع عميقاة هااي الّتاي حملتا علاى خارق القااانون‪.‬ول‬
‫يتسااانّى لناااا م ماااا بحعناااا فاااي ظااارو "الماااذنب" اكجتماع ّياااة أو فاااي‬
‫خصائص ا النّفس ايّة أن نتأ ّكااد م ا مااد‪ .‬مسااؤوليّت أمااام القااانون‪،‬ول‬
‫يتسنّى لنا أن نغيّر "المذنب" بم ّرد تطبي القانون علي ‪.‬فمعرفة هاذه‬
‫المسااااااؤوليّة تسااااااتدعي معرفااااااة مطلقااااااة بالمقااااااام م ّمااااااا ك يتساااااانّى‬
‫للبشر‪،‬والتّغيير يستدعي غوصا فاي أعمااق الاذّات* األخار‪ .‬وحلاوك‬
‫الرجا الّااذي جاااءه يشااوو‬ ‫ّ‬ ‫الرسااول ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّنيا‪.‬إن مولا‬ ‫يسااتحي فااي ال اد‬
‫ّ‬
‫زوجت ا يب ايّ هااذه المسااألة‪.‬فقد "جاااء رج ا إلااى رسااول ص الى‬
‫ي وهااي ك‬ ‫إن عناادي اماارأة هااي ما أحاابّ النّاااس إلا ّ‬ ‫عليا وسالّق فقااال ّ‬
‫تمنع يد كم ‪،‬لال طلّق ا‪،‬لاال ك أصابر عن ا‪،‬لاال اساتمتع ب اا"‪ّ 168‬‬
‫‪.‬إن‬
‫الرجااا يشاااوو "عيباااا" فاااي سااالوك زوجتااا ويطالاااب بتغييااار ذلاااك‬ ‫ّ‬
‫أن التغييار غيار مموا فا ّماا أن ينادرج هاذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العيب‪،‬والرسول يؤكاد لا ّ‬ ‫ّ‬
‫ي فيطل المرأة أو أن ينادرج فاي‬ ‫ّ‬ ‫ي ال ماع ّ‬ ‫ّ‬
‫الرج في مواع الذكور ّ‬ ‫ّ‬
‫ي فيقبا صاافت ا‪.‬الوج ان ممونااان ومتنال ااان‬ ‫ي الفاارد ّ‬ ‫مواااع األنعااو ّ‬
‫وك سبي لوج ثالث يصالح بين ما فيربأ انشطار* (‪ )clivage‬اإلنساان‬
‫ي يستند إلى مبدإ الوالاع أ ّماا الحقيقاة‬ ‫إن القانون مواع األبو ّ‬ ‫ي‪ّ .‬‬‫األصل ّ‬
‫ف صلة ل ا بالوالع‪،‬إنّ ا م اال ماا نختلا فيا حتّاى ينبّئناا با فاي‬
‫مقام تخر‪.‬ولعلّ ا م م ال ما لاد ينوشا فاي الادّنيا لابع األصافياء‬
‫دون أن يستطيعوا إلى لول ا سبي ‪.‬فمف وم الحقيقة يتمازج ماع مف اوم‬
‫ّ‬
‫ترمياازه‪.‬إن‬ ‫ي* الّااذي يفاجئنااا فااي أعماااق ذواتنااا ف ا نسااتطيع‬ ‫الااوالع ّ‬
‫ي‪،‬أف توااون الحقيقااة محت بااة‬ ‫ي* م ا م ااال األنعااو ّ‬ ‫الحقيقااة والااوالع ّ‬
‫دوما؟‬
‫األنثوي والحجاب‪:‬‬ ‫ّ‬
‫لعلّ ا يموننااا الحااديث اليااوم ع ا ح اااب الماارأة باعتباااره مسااألة‬
‫صاات ق وعااا ّمت ق‪،‬وكعير ماا الّناااس يتحاادّ فااي‬ ‫تشااغ المساالمي خا ّ‬
‫"الح اااب" بااا معرفاااة بنصاااوص التّرا ‪.‬ولاااد رجعناااا لااابع هاااذه‬
‫النّصوص مساائلي إيّاهاا فبادا لناا "الح ااب" ذا وج اي وجا والعا ّ‬
‫ي‬
‫ي‪.‬‬‫ي نفس ّ‬ ‫ي ووج رمز ّ‬ ‫تاريخ ّ‬

‫‪ 168‬سن النّسائي‪،‬بيروت دار ال ي ‪،1987‬مج‪ 3‬ج‪ 6‬ص‪.69‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ +‬ح اب التّاريخ والوالع‪:‬‬
‫أن الح اااب لغااة ك ع لااة ل ا باللباااس الّااذي‬ ‫م ا لطي ا األمااور ّ‬
‫ترتدي بع المسلمات اليوم م ّم يوسم بالمتح ّ بات‪.‬فالح ااب ما‬
‫الرىياة‪،‬و‬‫ّ‬ ‫جذر‪:‬ح ب‪،‬والح ب يفتر غيابا تا ّماا للمح اوب عا‬
‫أباااارز المح ااااوبي باعتباااااره الغائااااب األكباااار كمااااا رأينااااا‪.‬يقول‬
‫تعالى‪":‬ومااااااا كااااااان لبشاااااار أ ْن يُولّماااااا ُ ُ إك وحْ ياااااااا أ ْو ماااااا ْ وراء‬
‫أن الح اااب‬ ‫شااور‪.)51/42.‬وتؤ ّكااد األخبااار التّاريخيّااة ّ‬ ‫ح ااب…"(ال ّ‬
‫الروية ‪.‬ولد طلب تعالى م زوجات‬ ‫‪169‬‬
‫ّ‬ ‫يقوم على ح ب كام ع‬
‫ُ‬
‫ع اا فا ْس األوهُ م ا ْ‬ ‫ْ‬
‫الرسااول أن يحت ااب بقول ا ‪...":‬وإذا س األت ُ ُموهُ متا ا‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫وراء ح اب‪("...‬األحزاب‪،)53/33‬وذكر في أسباب نزول هذه اتياة‬
‫سم الخبر التّالي الوارد في صحيح البخاري‬ ‫األول ي ّ‬ ‫أكعر م سبب ّ‬
‫ي صالى‬‫ّ‬ ‫ع أن ب مالك لال‪":‬كان أ ّم اتي ياواظب علاى خدماة النبا ّ‬
‫ي صالى عليا وسالقّ‬ ‫علي وسلّق فخدمت عشر سني وتوفّي النب ّ‬
‫وأناااا ابااا عشاااري سااانة‪،‬فونت أعلاااق النّااااس بشاااأن الح ااااب حاااي‬
‫الرسول بزينب ابنة جحا أصابح‬ ‫أُنزل‪،‬وكان ّأول ما أُنزل في مبتنى ّ‬
‫الطعاام ثا ّق خرجاوا وبقااي‬ ‫ّ‬ ‫ي ب اا عروساا فادعا القاوم فأصااابوا ما‬ ‫النبا ّ‬
‫ي فخارج وخرجات معا‬ ‫ي‪،‬فأطالوا الموث فقام النب ّ‬ ‫رهط من ق عند النّب ّ‬
‫ي ومشايت حتّاى جااء عتباة ح ارة عائشاة‪،‬ث ّق‬ ‫لوي يخرجوا فمشى النب ّ‬
‫ظ ّ أنّ ق خرجوا فرجع ورجعت مع حتّى إذا دخا علاى زيناب فااذا‬
‫ي ورجعات معا فااذا هاق لاد خرجاوا‬ ‫هق جلوس لق يقوماوا فرجاع النبا ّ‬
‫سااتر وأناازل الح اااب" ‪.‬أ ّمااا الخباار‬
‫‪170‬‬ ‫ُ‬ ‫ي بينااي وبيناا بال ّ‬ ‫ف اارب النباا ّ‬
‫إن نسااءك يادخ‬ ‫ّ‬ ‫الخطاب لال‪":‬يا رساول‬ ‫ّ‬ ‫أن عمر ب‬ ‫العّاني فيفيد ّ‬
‫ااار والفاااااجر فلااااو أماااارت ّ أن يحت ب ‪،‬لال‪:‬فنزلاااات تيااااة‬ ‫علااااي ّ البا ّ‬
‫أن "رسااول ص الّى علي ا‬ ‫ساابب العّالااث ف ااو ّ‬ ‫الح اااب"‪.171‬أ ّمااا ال ّ‬

‫‪ 169‬لول المخبر "فسمعت تصفيق ا م وراء الح اب" يبيّ أ ّن المرأة (وهي هنا عائشة زوج‬
‫الرسول) ك يظ ر من ا شيء‪.‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 7‬ص‪.133‬‬ ‫ّ‬
‫‪ 170‬صحيح البخاري مج‪3‬ج‪ 1‬ص‪.30‬‬
‫‪ 171‬جامع البيان ج‪ 10‬ص‪.326‬‬

‫‪73‬‬
‫وس ا ّلق كااان يطعااق ومع ا بع ا أصااحاب فأصااابت يااد رج ا ماان ق يااد‬
‫فنزلت تية الح اب"‪172‬‬ ‫عائشة فوره ذلك رسول‬
‫إن هذه األخبار الع ّ ثة تتاواتر بألفااظ مختلفاة فاي كعيار ما كتاب‬ ‫ّ‬
‫أن نااازول تياااة الح ااااب متّصااا بااادرء‬ ‫الحاااديث والتّفساااير‪،‬وهي تفياااد ّ‬
‫لرساول نفسا ّ‬
‫‪.‬إن‬ ‫الرساول وما ثا ّق عا ا ّ‬ ‫ارر محتما عا زوجاات ّ‬
‫ّ‬
‫الرسول ُح ب عا الماؤمني خشاية ماا لاد يلحا ب ا ما أذ‪.‬‬ ‫نساء ّ‬
‫ااور المااارأة كائناااا ذا‬ ‫ي ك يتصا ّ‬ ‫ي أو ماااادّي فاااي م تماااع جااااهل ّ‬ ‫معناااو ّ‬
‫ليمة‪.‬أفلق يو ال اهليّون يئدون النّساء ويمنعون توريع ّ ب يرثوه ّ‬
‫مع الب اعة إذ يار اكبا األكبار زوجاة أبيا بعاد أن يتاوفّى أباوه؟‬
‫الخطااب نفسا ‪":‬كنّا فاي ال اهليّاة ك نعادّ النّسااء‬ ‫ّ‬ ‫يصرّ عمر ب‬ ‫ّ‬ ‫وألق‬
‫شيئا" ؟‬
‫‪173‬‬
‫الرسااول ليشاام سااائر نساااء‬ ‫ولااد ت اااوز األذ‪ .‬المحتم ا نساااء ّ‬
‫المؤمني فام تعالى يقول‪ ":‬يا أي ا النبي لُ ْ ألزواجاك وبناتاك ونسااء‬
‫ْ‬
‫ْال ُمؤْ مني يُدْني عل ْي م ْ ج بيب ذلك أدْناى أ ْن يُ ْعار ْف فا يُاؤْ ذ ْي‬
‫تصارّ‬ ‫ّ‬ ‫ورا رحي اما"(األحزاب‪.)59/33‬ون حظ ّ‬
‫أن اتياة‬ ‫وكان ُ غفُ ا‬
‫بسبب النّزول وهو تصريح تتظافر علي أخبار كعير في كتب التّفسير‬
‫االطبري مااع يااورد الخباار التّالي‪":‬لاادم النبااي ص الّى علي ا وس الّق‬ ‫فا ّ‬
‫ي صااالّى عليااا وسااالّق‬ ‫المديناااة علاااى غيااار منزل‪،‬فواااان نسااااء النّبااا ّ‬
‫وغياااره ّ إذا كاااان الليااا خااارج لق ااااء حاااوائ ّ ‪،‬وكاااان رجاااال‬
‫ي لا ألزواجاك‬ ‫الطريا للغزل‪،‬فاأنزل "ياا أيّ اا النبا ّ‬ ‫ي لسون على ّ‬
‫وبناتك ونساء المؤمني يدني علي ّ م ج بيب ّ "‪.174‬‬
‫صاااا‬ ‫وتااادلّ بعااا األخباااار موااااو هاااذا األمااار فتعتباااره خا ّ‬
‫الطبااري الخباار التّااالي‪ ":‬ولااد كاناات‬ ‫بااالحرائر دون اإلماااء ولااد أورد ّ‬
‫ماارت تناولوهااا باإليااذاء‪،‬فن ى الحرائاار أن يتشاابّ‬ ‫المملوكااة إذا ّ‬
‫باإلماااء" ‪.175‬فو ْف ا هااذا الخباار يباادو اإلماااء معفيّ اات م ا أماار إدناااء‬

‫‪ 172‬السّاب ص‪.325‬‬
‫‪ 173‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 1‬ص‪.196‬‬
‫‪ 174‬جامع البيان ج‪ 10‬ص ‪.332‬‬
‫‪ 175‬السّاب الصفحة نفس ا‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ج بيب ّ أل ّن ّ ك يستحقق دفعا ل ذ‪ .‬ف ّ م ّرد إماء‪،‬ويبادو إدنااء‬
‫ال بيااب ذا وظيفااة تمييزيّااة بااي اإلماااء والحرائاار فالنّساااء يُعاارف‬
‫بزيّ ّ أنّ ّ حرائر ولس باماء‪.176‬وتعبت الدّراسات اكجتماعيّاة دور‬
‫اللبااااس خصوصاااا وال يئاااة عموماااا فاااي التميياااز باااي الم موعاااات‬
‫‪.‬إن إدنااااء ال بيااب سااامة تمييزيّااة للحرائااار ت نّاااب ّ‬ ‫اكجتماعيّااة‪ّ 177‬‬
‫الرفيعاااة مااا ج اااة‬ ‫األذ‪ .‬مااا ج اااة وتعبااات مواااانت ّ اكجتماعيّاااة ّ‬
‫أن "الفتيان وأها‬ ‫الزمخشري ّ‬ ‫يقرر ّ‬ ‫ثانية‪.‬ولي م الغريب عندئذ أن ّ‬
‫يتعراااون إذا خاارج بالليا لمقااااي حااوائ ّ …لإلماااء‬ ‫شاطارة ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫تعراااوا للحا ّارة بعلااة األمااة يقولااون حساابناها أمااة فااأمرن أن‬ ‫وربّمااا ّ‬
‫ي اإلماااء" ‪.‬ولااي م ا الغريااب أن ياارد فااي‬‫‪178‬‬
‫يخااالف باازيّ ّ ع ا ز ّ‬
‫ّ‬
‫ي صالى عليا وسالق باي‬ ‫صاحيح البخااري الخبار التّالي‪":‬ألاام النّبا ّ‬
‫ي فادعوت المسالمي‬ ‫خيبر والمديناة ث ثاا يُبناى عليا بصافيّة بنات حيا ّ‬
‫إلااى وليمتاا فمااا كااان في ااا ماا خبااز وك لحااق أُماار باألنطا ‪...‬فقااال‬
‫المساالمون إحااد‪ .‬أ ّم ااات المااؤمني أو م ّمااا ملواات يميناا ‪،‬فقااالوا إن‬
‫حجبها فهيي مين أ ّمهيات المينمنين وإن ليم يحجبهيا فهيي م ّميا ملكيت‬
‫وطاااى ل ااااا خلفااا ومااادّ الح ااااب بين اااا وبااااي‬‫ّ‬ ‫يمينيييه‪،‬فل ّماااا ارتحااا‬
‫النّاااس"‪.179‬ولااي ماا الغريااب والحااال هااذه أن يوااون إدناااء األمااة‬
‫الطبقااات اكجتماعيّااة وهااو خلاا‬ ‫ال بيااب مصاادر خلاا فااي تنظاايق ّ‬
‫بقوة إذ ي ارب كا ّ أماة تتقنّاع‬ ‫الخطاب ويتصدّ‪ .‬ل ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمر ب‬ ‫يرف‬
‫ي الحرائار ‪.‬وما هاذا المنظاور يفقاد إدناااء‬
‫‪180‬‬
‫بالادرة محافظاة علاى ز ّ‬ ‫ّ‬
‫ال بيب البعد المقدّس الّذي ي في علي بع األصاوليّي ‪،‬فان كاان‬

‫‪ 176‬م مع البيان ج‪، 8/7‬ص‪.580‬‬


‫‪ 177‬اإلخبار ع المرأة في القرتن وال ّ‬
‫سنّة صّ‪.108/106‬ويت سّق هاذا التّميياز فاي مساائ‬
‫ّ‬
‫شرب فاي تنياة الاذهب‬ ‫شوارب واكمتنا ع لب الحرير وال ّ‬ ‫ي وحل ال ّ‬ ‫مختلفة شأن إعفاء اللح ّ‬
‫والف ّة‪.‬صحيح البخاري مج‪ 3‬ج‪ 7‬ص‪.99‬‬
‫شا ع حقائ التّنزي وعيون األلاوي في وجوه‬‫الزمخشري‪:‬الو ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 178‬أبو القاسق جار‬
‫التّأوي ‪،‬بيروت‪،‬دارالمعرفة (د‪-‬ت)‪،‬ج‪ 3‬ص‪.246‬‬
‫‪ 179‬صحيح البخاري مج ‪ 3‬ج‪ 1‬ص‪.8‬‬
‫القرطبي‪:‬ال امع ألحوام القرتن‪،‬بيروت‪،‬دار إحياء الوتاب العرباي ‪ 1985‬ج‬ ‫‪ 180‬أبو عبد‬
‫‪ ، 14‬ص ‪. 244‬‬

‫‪75‬‬
‫هااذا األمااار مقدّسااا شاااام جمياااع النّساااء بااا اسااتعناء بغااار اتّقااااء‬
‫ّ‬
‫الخطاااب‬ ‫الفتنااة‪،‬فوي يُسااتعنى منا اإلماااء؟ وكي ا ي اارب عماار با‬
‫الرجاال؟ ها تواون غيارة عمار‬ ‫ّ‬ ‫تتغطاى كاي ك تفات‬ ‫ّ‬ ‫امرأة أرادت أن‬
‫علاى األمااة الب اااعة أكباار ما غيرت ا علااى ك ا م وأوامااره وها‬
‫بالحرة أكبر م استيائ لوجود هذه "الفتناة‬ ‫ّ‬ ‫يوون استياىه لتشبّ األمة‬
‫ّ‬
‫بالقوة" في الطري ؟‬ ‫المطروحة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سااابقتي تعبتااان أن األماار بادناااء ال بيااب متصاا‬ ‫إن اتيتااي ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ياادعو إلااى حمايااة نساااء المااؤمني الحرائاار‬ ‫ي عراا ّ‬ ‫بظاار تاااريخ ّ‬
‫الرسااول خصوصااا م ا األذ‪ .‬فااي م تمااع لااائق علااى‬ ‫عمومااا ونساااء ّ‬
‫ّ‬
‫صاارا بااي المساالمي وغياار المساالمي ‪.‬على أن اتيااة األكعاار تااواترا‬
‫إلثبااااات وجااااوب "الح اااااب" لااااول تعااااالى‪…":‬ولُاااا ْ ل ْل ُمؤْ منااااات‬
‫ظ فـ ُ ُروج ُ وك يُ ْبدي زينات ُ إكّ ماا‬ ‫ي ْغ ُ ْ م ْ أ ْبصاره ويحْ ف ْ‬
‫ظ ااااااااااااااااار م ْن اااااااااااااااااا و ْلي ْااااااااااااااااار ْب ب ُخ ُماااااااااااااااااره علاااااااااااااااااى‬
‫الرازي اختصاص األمر فاي هاذه‬ ‫ُجيُوب …"(النّور‪.)31/24‬ويؤ ّكد ّ‬
‫اتية كذلك بالحرائر دون اإلماء إذ يقول‪":‬ات ّفقوا على تخصيّ لولا‬
‫"وك يبادي زينات ّ إكّ ماا ظ ار من اا باالحرائر دون اإلمااء والمعناى‬
‫أن األماااة ماااال فااا بااادّ مااا اكحتيااااط فاااي بيع اااا‬ ‫فيااا ظااااهر وهاااو ّ‬
‫وشاارائ ا‪،‬وذلك ك يمواا إكّ بااالنّظر إلي ااا علااى اكستقصاااء بخاا‬
‫الحرة"‪.181‬‬ ‫ّ‬
‫خااص باالحرائر‬ ‫ّ‬ ‫يناة‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫بعا‬ ‫باخفااء‬ ‫األمار‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫ساب‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫يبدو‬ ‫و‬
‫ّ‬
‫حماية ل ا ّ ما األذ‪ .‬ما ج اة ولعادم الحاجاة إلاى النظار إلاي ما‬
‫ّ‬
‫سار نشادان‬ ‫الرفيعاة تف ّ‬ ‫ثانياة‪.‬إن الحرائار لسا ب اائع ودرجات ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ج اة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منااع األذ‪ .‬عاان ومنااع إدامااة النظاار إلي ‪،‬أ ّمااا اإلماااء ف ا ب اأس إن‬ ‫ّ‬
‫أ ُلح ب ّ األذ‪ .‬أو استقصي في تقليب ّ ف ّ مال لب أن يو ّ نساء‪.‬‬
‫صاور لاد يحارج ما منظاور حقاوق اإلنساان‬ ‫أن هاذا الت ّ ّ‬ ‫وك شكّ ّ‬
‫تصاور متناسا‬ ‫ّ‬ ‫الحديعة ومف وم المساواة المفتراة بي النّاس ولونّا‬
‫مااع الفتاارة التّاريخيّااة التااي نزلاات في ااا تيااات القاارتن حيااث كااان الا ّ‬
‫ارق‬
‫ي الّذي لق يشذّ عنا‬ ‫والعا تاريخيّا ومف وما متغلغ في المخيال البشر ّ‬

‫‪ 181‬مفاتيح الغيب مج‪ 12‬ج‪ 23‬ص‪.207‬‬

‫‪76‬‬
‫ي‪.‬ول نقاا طااوي عنااد مااد‪ .‬دكلااة هااذا‬ ‫ي اإلساا م ّ‬ ‫المخيااال العرباا ّ‬
‫المولا علاى تاريخيّاة القاارتن‪،‬فنح ك ناودّ فاي هاذا المسااتو‪ .‬إكّ أن‬
‫نعر تفاسير اتية الحادية والع ّ ثي م سورة النّور‪.‬‬
‫أن هااذه اتيااة ولّاادت خ فااات كبياارة بااي‬ ‫وم ا ال فاات ل نتباااه ّ‬
‫الزينااة‬‫ّ‬ ‫الزينااة ّأوك وبمف ااوم الظاااهر ماا‬ ‫سااري تعلّقاات بمف ااوم ّ‬ ‫المف ّ‬
‫سرون في اعتبارهاا شااملة الخلقاة‬ ‫يخّ الزينة اختل المف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثانيا‪.‬ففيما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"أنور بع ق ولو اسق الزينة على الخلقاة ألنا ك يوااد يقاال فاي‬
‫الخلقة إنّ م زينت ا‪.‬وإنّما يقال ذلك فيما توتساب ما كحا وخ ااب‬
‫الظاهر‬ ‫يخّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزينة"‪.182‬وفيما‬‫أن الخلقة داخلة في ّ‬ ‫وغيره‪،‬واأللرب ّ‬
‫الحرة كشاف ما بادن ا فقاد رأ‪ .‬بعا‬ ‫ّ‬ ‫الزينة أي ما ي وز للمرأة‬ ‫ّ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن الشعر والوج والوفي م الزينة الظاهرة ونفاى بعا‬ ‫ّ‬ ‫سري ّ‬ ‫المف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ساااااري أن يواااااون الشاااااعر زيناااااة ظااااااهرة مؤكااااادي اااااارورة‬ ‫المف ّ‬
‫ّ‬
‫أن جساد المارأة كلا زيناة ولاذلك‬ ‫سرون تخارون ّ‬ ‫تغطيت ‪.‬ورأ‪ .‬مف ّ‬ ‫‪183‬‬
‫‪،‬وذلاك‬ ‫‪184‬‬ ‫ُغطى كلّ ‪،‬وتقوم هذه الموال كل ا على اإلجماا‬
‫ّ‬ ‫ي ب أن ي ّ‬
‫للرساول صالّى‬ ‫سري استند إلى بع أحادياث ّ‬ ‫أن عددا م المف ّ‬ ‫رغق ّ‬
‫أن النّباي صالّى عليا وسالقّ‬ ‫علي وسلق فقاد لاال لتاادة‪":‬وبلغني ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫لال ك يح ّ كمرأة تاؤم باام وبااليوم اتخار أن تخارج يادها إك إلاى‬
‫ه نااا‪،‬ولب نص ا ال اذّرا "‪،185‬وفااي روايااة أخاار‪ .‬عا عائشااة ّ‬
‫أن‬
‫الرسول لال‪":‬إذا عركت المرأة لق يحا ّ أن تظ ار إكّ وج اا‪،‬وإكّ ماا‬ ‫ّ‬
‫دون هذا ولب على ذراع فترك بي لب ت وبي الو ّ مع لب ة‬
‫الرسول في ال ّروايتي ك يتولّق ب يعمد إلاى‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطري‬ ‫أخر‪.186".‬و ّ‬
‫الزيناة‪.‬فما حادود نصا الاذّرا المساموّ‬ ‫ّ‬ ‫الظااهر ما‬‫اإلشارة لبيان ّ‬
‫شااعر جاازء م ا الوجا أم ك؟ولماااذا ن ااد بع ا "علماااء‬ ‫ب اا؟ وه ا ال ّ‬
‫الرساول ي اربون صافحا عا‬ ‫ساوي بحرفيّاة أحادياث ّ‬ ‫اإلس م" المتم ّ‬

‫‪ 182‬مفاتيح الغيب مج‪ 12‬ج‪ 23‬ص‪.206‬‬


‫‪ 183‬التّحرير والتّنوير ج‪ 18‬ص‪.207‬‬
‫‪ 184‬جامع البيان ج‪ 9‬ص‪.306‬‬
‫‪ 185‬السّاب ج‪ 9‬ص‪.305‬‬
‫‪ 186‬السّاب ال ّ‬
‫صفحة نفس ا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫إباحتااا للمااارأة كشااا وج اااا علاااى األلااا ّ وذراع اااا وياااذهبون إلاااى‬
‫ارورة تغطيت ا جسدها؟ ه ير‪ .‬المودودي مع نفس مؤ ّه أكعار‬
‫الرسااول لينفااي مااا اتفا فيا ما حديعا شااأن إباحتا للماارأة إبانااة‬ ‫ّ‬ ‫ما‬
‫نص ذراع ا ماع ؟ إن الماودودي يخاال كا م رساول ويصابح‬ ‫ّ‬
‫مرجعااا مقدّسااا‪.‬فلق ك يُعاادّ مولفاا هااذا عصاايانا؟ه العصاايان يوااون‬
‫ي وتحريفااا‬ ‫سااا بااالقول النّبااو ّ‬ ‫باإلنقاااص فحسااب أليساات ّ‬
‫الزيااادة ذات ااا م ّ‬
‫ل ؟‪187‬‬

‫ي وإلى اتية‬ ‫ولو لند المودودي وأتباع ولنعد إلى القول اإلل ّ‬
‫سااري‬
‫المف ّ‬ ‫الحادياة والع ّ ثااي ما سااورة النّور‪.‬فقاد عرااانا كخات‬
‫الظاهرة ولق نقا علاى األمار العّااني فاي اتياة وهاو‬ ‫الزينة ّ‬ ‫في معنى ّ‬
‫اارب الخمااار علااى ال يااب؟ فمااا الخمااار؟ ومااا ال يااب؟ الخمااار ما‬
‫غطااى وساتر وفاي معناااه‬ ‫جاذر "خمار" ويفيااد فاي معنااه العااا ّم كا ّ ماا ّ‬
‫تغطي ب المارأة رأسا ا‪.‬وال يب ما القمايّ طولا ‪،‬وم‬ ‫الخاص ما ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫صاادر ‪.‬وإذا اعتبرنااا الخمااار بمعناااه اكصااط ح ّ‬ ‫‪188‬‬
‫الباادن القلااب وال ّ‬
‫الرأس‪-‬وهو لي كاذلك بال ّارورة كماا رأيناا‪ -‬تبايّ لناا‬ ‫شائع غطاء ّ‬ ‫ال ّ‬
‫أن اتية ك تأمر بوااع الخماار با ب ارب الخماار علاى ال ياب أي‬ ‫ّ‬
‫‪.‬اتياة‬ ‫‪189‬‬ ‫إن وجود الخمار هو مقت اى(‪ )présupposé‬بعباارة اللساانيّي‬ ‫ّ‬
‫إذن تأمر بتغطية ال يوب ك بلاب الخمار إذ كاان لبسا ّ شاائعا‪،‬وم‬
‫"إن نسااااء ال اهليااة كاا ّ يشاااددن‬ ‫الاارازي‪ّ :‬‬ ‫هااذا المنظااور نف اااق لااول ّ‬
‫الزمخشااري‪":‬كانت جيااوب ّ‬ ‫خمااره ّ ماا خلف اا ّ …"‪،‬ونف ااق لااول ّ‬
‫واسااعة تباادو من ااا نحااوره ّ وصاادوره ّ ومااا حوالي ااا وك ا ّ يساادل‬

‫‪ 187‬أبو األعلى المودودي‪ :‬تفسير سورة ال ّنور‪،‬الوويت‪،‬دار اب لتيبة (د‪-‬ت) ص‪.159‬‬


‫الرساول إن كاان فاي هاذه المخالفاة‬
‫وفي كعير م األحيان ن د المفسّاري يخاالفون أحادياث ّ‬
‫مزيد م التّ يي على النّساء‪،‬وم ذلك إلى جاناب مولا الماودودي الماذكور‪ ،‬منا ُع أصاحاب‬
‫رسول صلّى علي وسلّق النّساء م الذّهاب إلى المسااجد رغاق لولا ‪":‬ك تمنعاوا إمااء‬
‫مساجد "‪.‬انظر‪:‬ال امع ألحوام القرتن‪،‬ج ‪ 14‬ص‪. 244‬‬
‫ّ‪ 3‬ص‪.72‬‬ ‫صدر‪.‬الو ّ‬
‫شا‬ ‫‪ 188‬يقول ّ‬
‫الزمخشري‪:‬وي وز أن ي ُراد بال يوب ال ّ‬
‫‪ 189‬المقت ااى هااو مااا ك يااد ّل علياا اللفااظ وك يوااون منطولااا لواا يوااون ماا ااارورة‬
‫اللفظ‪،‬فالقول‪:‬سافر أخي مع زوجت ‪،‬يقت ي أنّ للمتولّق أخا وأنّ لذلك األخ زوجة وذلك م ما يو‬
‫سياق القول ومقام ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫سااؤال‬ ‫الخماار ماا ورائ اا ّ فتبقااى موشااوفة"‪،190‬ويمواا أن نطاارّ ال ّ‬
‫الارأس‪-‬‬ ‫التّالي‪ :‬ه ذكر المقت ى أي ال ُخ ُمر‪-‬على فار أنّ اا غطااء ّ‬
‫أماار بلبس ا ّ ‪،‬وه يوااون ذكاار ال بيااب فااي األماار بادناااء ال بيااب‬
‫أماارا بلبساا ّ ‪،‬فيوون كاا ّ ماا لااب سااو‪ .‬ال لباااب عاصاايا؟ ووفاا‬
‫الرليا فاي تياات كعيارة ما القارتن أمارا‬ ‫المنط ذات ه يوون ذكر ّ‬
‫ّ‬
‫الرق فيوون ك ّ م ألغى الرق عاصيا؟‬ ‫ّ‬ ‫بوجود‬
‫لااي غرااانا اإلجابااة ع ا هااذه األساائلة فقااد ألررنااا أن ك أحااد‬
‫يلاوّ با األصاوليّون‬ ‫أن بي الح ااب الّاذي ّ‬ ‫يمتلك جوابا ولو بدا لنا ّ‬
‫الياااااوم مااااا ج اااااة و"ح ااااااب" القااااارتن والسااااانّة غياباااااا للتّطااااااب‬
‫وااحا‪،‬األصااوليّون يقا ّارون ويؤ ّكاادون والقاارتن والس انّة ي م ا ن وك‬
‫صصان‪،‬األصوليّون يعبتاون م امونا ل اويّا* والقارتن يعماد إلاى‬ ‫يخ ّ‬
‫أن األصااوليّي يوااادون ي علااون "الح اااب"‬ ‫مقت ااى ممو ‪،‬واألهاا ّق ّ‬
‫ّ‬
‫ركنااا ماا أركااان الاادّي جاااهلي بواا ّ أبعاااده التاريخيّااة أو متناسااي‬
‫إيّاها‪.‬وك يمو أن نف ق مولف ق هذا إكّ إذا خرجنا م ح ااب التّااريخ‬
‫الرمز‪.‬‬‫لنق على ح اب ّ‬
‫الرمز‪:‬‬
‫‪+‬ح اب ّ‬
‫ّ‬
‫الغائااب‪.‬وألن‬ ‫أساالفنا الحااديث ع ا شااوق الماارأة إلااى الق اايب*‬
‫المارأة لا تحصا علااى هااذا الق ايب* أباادا فانّ ااا تبااال فااي اكعتناااء‬
‫باأن النّرجسايّة طباع‬ ‫ب سدها كلّا وهاذا ماا حما فروياد علاى التّقريار ّ‬
‫ي أساسااا‪.191‬وعلااى هااذا األساااس لااد يغاادو جسااد الماارأة كلّا م ا‬ ‫أنعااو ّ‬
‫الرجاال ياودّون امات ك‬ ‫ّ‬
‫‪.‬فوأن ّ‬ ‫الرمزي في صورة الق يب*‬ ‫المنظور ّ‬
‫اأن النّساااء يااوددن أن يو ا ّ ه ا ّ الق اايب* ‪.‬واعتبااار‬
‫‪192‬‬ ‫الق اايب* وكا ّ‬
‫تصور النّساء ذوات ّ ب‬ ‫ّ‬ ‫المرأة ذات ا ل يبا* رمزيّا لي حورا على‬
‫الرجااال أنفس ا ّ يتعاااملون مااع‬ ‫أن ّ‬ ‫علااى تصا ّاور ال اذّكور ل ا ّ إذ يباادو ّ‬

‫ج‪ 3‬ص‪.72‬‬ ‫‪ 190‬الو ّ‬


‫شا‬
‫‪S-freud :La féminité ,in Nouvelles conférences d'introduction à la 191‬‬
‫‪psychanalyse,Paris,Gallimard 1984,pp-173/174.‬‬
‫‪Que veut une femme?,p-119. 192‬‬

‫‪79‬‬
‫معوا اا للق اايب*‪.193‬وبااذلك توااون جنسااانيّة‬ ‫جسااد الماارأة باعتباااره ّ‬
‫الرج في جوهرها ش ْي نيّة*(‪.194)fétichiste‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والم ا ّق فااي م النااا هااو أن اتخااذ جسااد الماارأة صااورة الق اايب*‬
‫الرجاال جساد المارأة كلّا‬ ‫سار ماا شاا ما اعتباار ّ‬ ‫رمزيّاا يموا أن يف ّ‬
‫الحارة عورة‪،‬ويؤكادّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقارر أن جمياع بادن المارأة‬ ‫ّ‬ ‫عورة‪.‬فالرازي مع‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أن بدن ا "في ذاتيه عاورة" ‪.‬فواأن هاذا اكعتباار يوشا باللغاة ماا‬
‫‪195‬‬ ‫ّ‬
‫يقبااع فااي أعماااق ال وعااي* باا ترميز‪.‬وبااذلك تصاابح تغطيااة جسااد‬
‫ي وإخفااء‬ ‫الرجاليّاة وتغطياة للخصااء* النّساائ ّ‬ ‫شاي نيّة* ّ‬ ‫المرأة تغطية لل ّ‬
‫ل ااذا الّااذي إن ظ اار يحا ّارك رواكااد ال انّف وي تااك المسااتور‪.‬وم هنااا‬
‫يموااا أن نف اااق تركياااز بعااا التيّاااارات األصاااوليّة علاااى الح ااااب‬
‫ق‪.‬إن مااا يساامون بالح اااب لااي‬ ‫ّ‬ ‫الزاويااة فااي خطاااب‬ ‫واعتباااره ح اار ّ‬
‫سااتر ما‬ ‫ي المميّز للمنتماي إلاى الم موعاة فقاط ولاي اللبااس ال ّ‬ ‫الز ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفتنة فقط‪،‬إذ لاو التصار األمار علاى التميياز والتميّاز لوجادنا التركياز‬
‫الرجااال‪،‬ولو التصاار األماار علااى درء‬ ‫ي لااد‪ّ .‬‬ ‫نفس ا علااى إعفاااء اللح ا ّ‬
‫الرجال ما فتناة النّسااء‬ ‫الفتنة لوجدنا درء الفتنة يت اوز الخو على ّ‬
‫ساري‬ ‫الرجال أفلق ياذهب بعا المف ّ‬ ‫إلى الخو على النّساء م فتنة ّ‬
‫الرج ا مااع الماارأة ففي ا نظاار إن كااان أجنبيّااا‪...‬وقيييل‬ ‫أن "عااورة ّ‬ ‫إلااى ّ‬
‫جميع بدنيه إالّ الوجيه والكفيين كهيي معيه" ‪.‬ولوا ّ صاوت هاؤكء‬
‫‪196‬‬ ‫ّ‬
‫سري بقي خافتا ب أسوت اإلجما ‪،‬وبقي ح اب المرأة ذاك الّذي‬ ‫المف ّ‬
‫يست يب لحاجات نفسيّة عميقة ُم ْخمدا بع جوانب ال وعي*‪.‬‬
‫ان مف وم ح اب المارأة يتّسا رمزيّاا ماع ماا‬ ‫وم منظور تخر ف ّ‬
‫ّ‬
‫اال‪.‬إن هااذه‬ ‫ّ‬
‫أساالفناه م ا وجااود المتعااة* األنعويّااة األخاار‪ .‬التااي ك تنقا‬
‫المتعااة* موجااودة وراء ح اااب اللغااة ك يموا التّصااريح ب ااا‪.‬وهي ك‬
‫ي المق ادّس الّااذي يتمواااع فااي الخفاااء‬ ‫الروحااان ّ‬ ‫ّ‬ ‫تخاارج فااي ذلااك ع ا‬
‫ّ‬
‫ي واإليمان واإلل ي كل ا مواايع ك تواون‬ ‫ّ‬
‫بالغياب‪.‬إن األنعو ّ‬ ‫وينتشي‬

‫‪Lacan,p-84. 193‬‬
‫‪ 194‬السّاب الصفحة نفس ا‪.‬‬
‫‪ 195‬مفاتيح الغيب مج‪ 12‬ج‪ 23‬ص‪.205‬‬
‫‪ 196‬السّاب ‪،‬ال ّ‬
‫صفحة نفس ا‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫إكّ مفترااة محت باة علااى نماط الغيااب‪ .‬إ ّن ااا موااايع خاارج العقا‬
‫سسااة ال ماع ّيااة‪.‬أفيوون بعااد هااذا كلّ ا‬ ‫والمنط ا وخااارج ال ادّي والمؤ ّ‬
‫ع يبا أن توص النّساء بأنّ ّ نالصات عقا وديا ؟ وأيواون ع يباا‬
‫بي ما يُر‪ .‬وما ك يُر‪ .‬وما ينقال وما‬ ‫أن يقوم الوون على اكخت‬
‫ك ينقال؟ وألي امتعا بعا النسااء ما "نقصاان الادّي والعقا "‬ ‫ّ‬
‫الرجاال إيّااه ذ ّمااا ما ج اة ثانيااة هاو مولا واحااد‬ ‫ما ج اة وتصا ّاور ّ‬
‫ي وانشاطار‬ ‫ي واألنعاو ّ‬ ‫ّ‬
‫ينفي اكنشطار*‪،‬انشطار اإلنساان باي الاذكور ّ‬
‫ي‬ ‫الااانّف بااااي الاااوعي وال وعااااي* وانشااااطار الفعااا بااااي ال ماااااع ّ‬
‫اوق*‪،‬والرأي الّااذي ذكرنااا‬ ‫ّ‬ ‫إن اكنشااطار* هااو منطل ا ال ّ‬
‫شا‬ ‫ي؟ ّ‬ ‫والفاارد ّ‬
‫ي فاي‬ ‫يُسوت صوت الشاوق* ويساعى إلاى هتاك تثاار الح ااب األصال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ننشد با موااع الماتولّق الفاعا‬ ‫ي بانشاء ح اب مادّي ذكور ّ‬ ‫األنعو ّ‬
‫ّ‬
‫المقرر الممتلك للحقيقة وننشد ب مواع اإلنسان الواما الاذي يمتلاك‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫أن لو ّ مول نقي ا وناسي أننا م ماا بلغناا ما‬ ‫القول الفص ناسي ّ‬
‫العلق والمعرفة يظ ّ جوهرنا افتقاارا إلاى تخار مطلا * لا ندركا إكّ‬
‫بسلطان‪.‬لال تعالى‪":‬يا م ْعشر ْال ّ واإل ْن إن ا ْستط ْعت ُ ْق أ ْن ت ْنفُذ ُوا م ْ‬
‫أ ْلطااااااااااااااار السااااااااااااااماوات واأل ْر فا ْنفُااااااااااااااذ ُوا الا ت انفُييييييييييييييذ ُونا إالا‬
‫(الرحمان‪.)33/55‬‬ ‫طان" ّ‬ ‫بسُل ا‬

‫‪81‬‬

You might also like