You are on page 1of 46

‫ضٔل اىخِاكو واىٍٍارـث فٖ اىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث‪.

‬‬
‫اىخِاكو اىؽئ٘فٖ واىخِاكو اىرأُي‬
‫ٌِ٘ؽ كف٘ق‬

‫‪1‬‬
‫ضٔل اىخِاكو واىٍٍارـث فٖ اىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث‪.‬‬

‫اىخِاكو اىؽئ٘فٖ واىخِاكو اىرأُي‪.‬‬

‫ٌلػٌث‪:‬‬
‫حول التنالض والممارسة فً الثورة الفلسطٌنٌة هو عنوان كتاب األخ منٌر شفٌك الذي كان لد‬
‫أصدره فً العام ‪ 1971‬والذي ٌعد من أبرز الكتب التً مثلت التٌار الٌساري (الماوي) فً حركة‬
‫فتح‪.‬‬
‫ورغم هذه السنوات الطوٌلة على صدور الكتاب فإن مراجعتنا النمدٌة له تمول بؤن األفكار الربٌسة‬
‫فٌه لابلة التخاذها منهجا من مناهج التفكٌر والبحث والتحلٌل‪ ،‬وإن كانت مستندة كما هو واضح على‬
‫لاعدة ٌسارٌة جدلٌة (دٌالكتٌكٌة)‪ ،‬فإن هذا ال ٌمنع من االستفادة منها مادام العمل هو المرجع فً‬
‫تمومه إن أخطا فتفرق بٌن الثابت العمدي وبٌن مطلك حرٌة‬ ‫المضاٌا النظرٌة سواء استند لثوابت دٌنٌة ّ‬
‫‪1‬‬
‫التفكٌر فً حدود ضوابط العمٌدة‪.‬‬
‫أو من خبلل إجالة النظر فً االختبلفات الفكرٌة بٌن المناهج األٌدٌولوجٌة‪ ،‬ومحاولة استمصاء‬
‫ي الفكرٌة األٌدٌولوجٌة‪.‬‬
‫األسالٌب والمناهج الدراسٌة والبحثٌة بعٌدا عن المضامٌن أو المباد ْ‬
‫بمعنى أن عدم االٌمان باألٌدٌولوجٌة الماركسٌة‪-‬اللٌنٌنٌة ال ٌعنً انعدام المدرة على االستفادة مما‬
‫تشتمل علٌه من أبعاد أو زواٌا نظرٌة أو انسانٌة ذات صلة بآلٌات عمل العمل‪ ،‬كما الحال فً‬
‫االستفادة من النظرٌات الغربٌة المختلفة‪ ،‬أو النظرٌات التً تعاملت مع العمل والفكر والمفاهٌم فً‬
‫الحضارة العربٌة االسبلمٌة‪.‬‬
‫الٌهمنا هنا المآل السٌاسً لمنٌر شفٌك الذي تبنى خ ً‬
‫طا مناوبا للمٌادة الفلسطٌنٌة منذ زمن بعٌد نتٌجة‬
‫اعتناله الفكر االسبلموي بعد الثورة اإلٌرانٌة‪ ،‬فهذا شؤنه الذي نختلف أو نتفك فٌه معه‪ ،‬وما ٌعنً أن‬
‫أراءه السٌاسٌة وخٌاراته الخاصة ال تمثل حركة فتح‪ ،‬وهو ٌرى ذلن‪ .‬وكل الموضوع هو الكتٌب‬
‫واألفكار الواردة فٌه‪.‬‬

‫‪ٌ 1‬مول هللا تعالى‪ :‬لال تعالى‪ :‬وال ٌجرمنكم شنآن لوم على أال تعدلوا (المابدة‪ ،)8:‬وٌمول علٌه السبلم‪ :‬الكلمة الحكمة ضالة‬
‫المإمن فحٌث وجدها فهو أحك بها‪ .‬وٌمول الشاعر‪ :‬ال تحمرن الرأي وهو موافك‪ /‬حكم الصواب إذا أتى من نالص‪.‬‬
‫فالدر وهو أعز شًء ٌمتنى‪/‬ما حط لٌمته هوان الغابص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إن كتاب منٌر شفٌك هذا الذي أضفنا لعنوانه الربٌس عنوان جانبً هو‪ :‬التنالض الربٌسً والتنالض‬
‫الثانوي ‪-‬وهو من أهم مضامٌن الكتاب‪ٌ -‬شتمل على مجموعة من المفاهٌم مازالت تستخدم لدى‬
‫الكثٌرٌن من لٌادات وكوادر الثورة الفلسطٌنٌة وحركة فتح فً تحلٌبلتهم المختلفة ما ٌعطً األهمٌة‬
‫لبلجزاء التً حممناها أو همشناها (أضفنا لها الهوامش) من الكتاب وما ٌإكد على أهمٌة تصلٌب‬
‫المنهج العملً العملً ألي منا‪.‬‬
‫اخترنا من كتاب منٌر شفٌك الممدمة المسماة اإلٌضاح والمدخل‪ ،‬ثم فصل التنالض الربٌس‪ ،‬وجعلنا‬
‫اسم الفصل التنالض الربٌسً‪ 2‬والتنالض الثانوي ألننا ثثرنا االكتفاء بفصل التنالض الربٌس دونًا عن‬
‫فصل التنالض الثانوي ألهمٌة الربٌسً وشمولٌته ودعوته الجامعة‪.‬‬
‫عرف‪ .3‬والى كل ما سبك أضفنا ج ّل‬
‫وباعتبار أن معرفته لد تغنً عن النمٌض‪ ،‬فالنمٌض بالنمٌض ٌُ َ‬
‫الفصل األخٌر المسمى تنالضات من طراز ثخر‪.‬‬
‫ٌطرح منٌر شفٌك‪ 4‬مفاهٌم‪ :‬التنالض الربٌسً فً ممابل التنالض الثانوي‪ ،‬وٌطرح مفاهٌم االنحراف‬
‫ً‬
‫تحلٌبل‬ ‫واالنتهازٌة ٌمٌنا وٌسارا‪ ،‬كما ٌطرح مسؤلة التحرٌر الوطنً‪ ،‬والمراحل التارٌخٌة واختبلفها‬
‫ورإٌة واستنتاجا‪ ،‬كما ٌطرح أهمٌة الجماهٌرودورها‪ ،‬وٌإكد على مركزٌة فلسطٌن ومجابهة‬
‫الصهٌونٌة واالمبرٌالٌة االمرٌكٌة معا‪ ،‬وعلى دور االمة‪ ،‬وال ٌتوانً عن التؤكٌد على مفهوم حرب‬
‫الشعب طوٌلة النفس‪ ،‬والوالع الموضوعً والوالع الذاتً‪ ،‬والثورة الدٌممراطٌة‪ ،‬والبرنامج الثوري‪.‬‬
‫نؤمل أن تتم لراءة هذا الكتٌب بعمل منفتح وعمل نالد ولدرة على التطوٌر الذاتً والتغٌٌر‪.‬‬

‫ةهؽ أةٔةهؽ‬

‫رئ٘ؿ أنادٍٗ٘ث فخص اىفهؽٗث‬

‫أنادٍٗ٘ث اىلٓ٘ػ ْرٍان أةٔغؽة٘ث‪.‬‬

‫فيفٍَ٘ فٖ ‪0202‬‬

‫‪ 2‬لغوٌا األصوب تعبٌر التنالض الربٌس بدون إضافة الٌاء‪ ،‬لكننا سنستخدم اللفظتٌن معا‪ .‬أي الربٌس والربٌسً‪.‬‬
‫ّان ِلما ا ْستُجْ ِمعا َح ُ‬
‫‪3‬‬
‫الض ُّد ٌُظ ِه ُر ُحسنَهُ‬
‫سنا َو ِ‬ ‫ٌحضرنً لول المتنبً "وبضدها تتبٌن األشٌاء" و كذلن لول دوللة المنبجً "ضد ِ‬
‫الضدُّ"‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ٌ 4‬صفه الكاتب دمحم لاروط أبورحمه من رجال السرٌة الطبلبٌة‪/‬كتٌبة الجرمك التً كان لمنٌر شفٌك دور فكري فٌها‪ :‬تمٌز‬
‫األخ منٌر شفٌك بثباته الشدٌد ولبضه بموة على هدف تدمٌر المشروع الصهٌونً‪ ،‬وان كل المراحل التً مر بها‪ ،‬إنما كانت‬
‫بحث عن أفضل الوسابل لدحر المشروع الصهٌونً‪ ،‬وتوحٌد األمة العربٌة واستعادة مكانتها فً الحضارة اإلنسانٌة‪.‬‬
‫كما تمٌز أٌضا بطرٌمة انتماله إلى العمٌدة اإلسبلمٌة‪ ،‬فهو أوال نظر إلى المحرن األهم لؤلمة التً ٌحفزها على توحٌد جهودها‬
‫نحو الهدف وهو دحر المشروع الصهٌونً‪ .‬وثانٌا‪ ،‬نظر إلى رفعة وعزة األمة لبل الخبلص الفردي‪ ،‬ثم انتمل إلى العمٌدة‬
‫اإلسبلمٌة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ضٔل اىخِاكو واىٍٍارـث فٖ اىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث‪.‬‬
‫اىرأُي‪5‬‬ ‫اىخِاكو اىؽئ٘فٖ واىخِاكو‬
‫كف٘ق‪6‬‬ ‫ٌِ٘ؽ‬

‫إٗياح‪:‬اىٓػف ٌَ ْؼا اىهخ٘ب ٗخيغم فٍ٘ا ٗيٖ‬


‫أوالً‪ :‬محاولة تحلٌل التنالضات فً الوطن العربً‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬وفً الساحة الفلسطٌنٌة خصوصا ً‬
‫بصورة تفصٌلٌة‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬إذا استطعنا أن نحدد التنالضات بدلة‪ ،‬ونحدد أسلوب معالجتها وحلها‪ ،‬استطعنا وضع‬
‫استراتٌجٌة وتكتٌن صحٌحٌن فً المجاالت السٌاسٌة والعسكرٌة والتنظٌمٌة للثورة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬لم تنهج هذه الدراسة نهجا ً أكادٌمٌا ً فً عرض الموضوع‪ ،‬ألنها تطمح فً طرح لضاٌا النظرٌة‬
‫والتطبٌك‪ ،‬بصورة مبسطة‪ ،‬لببل تتعمد لراءتها بالنسبة إلى الجماهٌر ولواعد الثورة‪.‬‬

‫‪ 5‬العنوان األصلً للكتٌب هو فمط‪ :‬حول التنالض والممارسة فً الثورة الفلسطٌنٌة‪ .‬ونحن فً لجنة التعببة الفكرٌة أضفنا‬
‫للعنوان من صلب الكتٌب عنوان‪ :‬التنالضات الربٌسٌة فً ممابل الثانوٌة‪ ،‬ولم نتدخل فً مضمون الجزء من الكتاب‪/‬الكتٌب بٌن‬
‫أٌدنا‪ ،‬بل لمنا بعمل التنسٌك الجدٌد واإلخراج‪ ،‬وبالتهمٌش فمط‪.‬‬
‫‪ 6‬حسب الموسوعة الحرة‪ :‬منٌر شفٌك عسل مفكر عربً إسبلمً وعضو االتحاد العالمً لعلماء المسلمٌن وشمٌك الشهٌد‬
‫جورج شفٌك عسل‪ .‬ولد فً المدس ألبوٌن مسٌحٌٌن عام ‪ 1934‬وكان والده "شفٌك عسل" محامٌا ً مشهورا ً فً مدٌنة المدس‬
‫ووالدته خرٌجة دار المعلمات عام ‪.1927‬‬
‫تخصص فً الفلسفة والعلوم السٌاسٌة وعلم النفس‪ .‬اعتمل فً ‪ 1957‬وسجن لمدة عشر سنوات لنشاطه السٌاسً؛ أثناء سجنه‪،‬‬
‫كان المنظر العمابدي للحزب الشٌوعً االردنً‪ .‬بعد اطبلق سراحه‪ ،‬وبعد تَغٌَُّر منهج الحزب‪ ،‬وتصاعد العمل الكفاحً لحركة‬
‫فتح‪ ،‬انضم الٌها و َمثَل مع نسٌبه ناجً علوش وماجد ابو شرار واخرون التٌار الثوري الٌساري فً حركة فتح فً السبعٌنات‬
‫وع ُِرف كؤحد رموز تٌارها الثوري الٌساري‪.‬‬
‫اهتم بالتارٌخ الثوري المعادي لبلستعمار وتؤثر بتجربة عبدالكرٌم الخطابى وعبد المادر الجزابري وغٌرهم وازدادت لناعاته‬
‫بدور إسبلمً للثورة؛ اعتنك اإلسبلم فً أواخر السبعٌنات‪ /‬بداٌة الثمانٌنات تحت تؤثٌر الثورة اإلسبلمٌة فً إٌران وزمٌل‬
‫ماركسً‪ ،‬الفٌلسوف الفرنسً روجٌه غارودي؛ اتجه نحو الفكر اإلسبلمً‪ ،‬وبرز كمحلل سٌاسً فً لناة الجزٌرة‪ ،‬ولكنه ٌنتمً‬
‫إلى مدرسة التحلٌل الرادٌكالً الثوري‪ .‬ولد كان هذا بارزا ً فً أحداث غزة األخٌرة‪.‬‬
‫شغل منصب ربٌس فرع لبنان لبلتحاد العام للكتاب والصحفٌٌن الفلسطٌنٌٌن وعمل مع منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة فً تونس‬
‫فً أوابل الثمانٌنات فً مركز التخطٌط وكان على عبللة لوٌة براشد الغنوشً وغٌره من اإلسبلمٌٌن والٌسارٌٌن والمومٌٌن‬
‫مما حدا بنظام بن علً بطلب مغادرته تونس‪ .‬كما خدم كؤمٌن عام لمإتمر الشعب السودانً لبعض الولت؛ وأصبح مفكرا ً‬
‫ومبدعا ً إسبلمٌا ً فً الشإون العربٌة‪-‬اإلسبلمٌة؛ أشترن مع الجهاد اإلسبلمً الفلسطٌنً؛ ألف عدة كتب عن لضاٌا حول الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة‪ ،‬الوحدة العربٌة والفكر اإلسبلمً؛ دعا إلعادة التفكٌر فً العمٌدة والممارسة‪ ،‬تعزٌز حرب العصابات والمتال ضد‬
‫الجٌش ولٌس ضد المدنٌٌن فً مواجهة االحتبلل؛ عاش فً لبنان وعمان؛ ٌملن عمود فً السبٌل (عضو فً منظمة المسلم‬
‫األردنً) وفلسطٌن المسلم ة؛ من بٌن منشوراته اإلسبلم والمعركة للحضاره‪ ،‬النظام العالمً الجدٌد واختٌار المواجهة (عن‬
‫الموسوعة الحرة‪-‬وٌكٌبٌدٌا‪ ،‬على الشابكة)‪ ،‬وهو حالٌا‪ :‬االمٌن العام للمإتمر الشعبً لفلسطٌنًٌ الخارج المخالف لمنظمة‬
‫التحرٌر الفلسطٌنٌة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫رابعاً‪ :‬روعً فً هذه الدراسة عدم ذكر أسماء منظمات الثورة واألحزاب والحركات الثورٌة‬
‫العربٌة عندما ٌتناولها النمد‪ ،‬وذلن لببل تثار حساسٌات (إضافٌة) تسًء إلى بناء الوحدة الوطنٌة فً‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة‪ ،‬وبناء الجبهة العربٌة العرٌضة ض ّد الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة‪ .‬وألن الهدف‬
‫األساسً من نمد بعض االتجاهات فً الثورة الفلسطٌنٌة أو الوطن العربً هو تمرٌب وجهات النظر‬
‫من خبلل توضٌح بعض المضاٌا‪ ،‬إلٌجاد أرضٌة للعمل المشترن وااللتحام‪ ،‬ال التجرٌح والهدم‪.‬‬

‫ملحوظة‪ :‬كتبت هذه الدراسة لبل أحداث أٌلول ‪ 0791‬فً األردن‪ ،‬لهذا ألحمت‬
‫بعض المالحظات فً الهوامش‪.‬‬

‫ٌػعو‬
‫عندما تندلع ثورة مسلّحة ض ّد احتبلل أجنبً‪ ،‬تواجه عدة تنالضات‪ ،‬خصوصاً‪ ،‬فً البلدان المتخلّفة التً ما‬
‫زالت ترزح تحت نٌر أنظمة رجعٌة‪ ،‬شبه إلطاعٌة‪ ،‬وشبه استعمارٌة‪.7‬‬

‫وهذه التنالضات لٌست على درجة واحدة من حٌث األهمٌة‪ ،‬أو الحدّة‪ ،‬أو العمك‪ ،‬بالنسبة إلى مرحلة‬
‫الصراع الوطنً ض ّد االحتبلل اإلمبرٌالً األجنبً لذلن‪ ،‬مسؤلة تحدٌد التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‬
‫ومسؤلة كٌفٌة معالجة كل هذه التنالضات وحلها‪ ،‬منفردة ومجتمعة‪ ،‬هما المسؤلتان اللتان تحظٌان بالدرجة‬
‫األولى من األهمٌة والخطورة فً تمرٌر مصٌر الثورة‪ ،‬نجاحها أو فشلها‪ ،‬فً حمبة تارٌخٌة محددة‪ ،‬وضمن‬
‫ظروف محلٌة وعالمٌة محددة‪.‬‬

‫ى واح ٍد من حٌث األهمٌة‪ ،‬وعالجناها بؤسالٌب غٌر‬


‫إذا خلطنا بٌن كل هذه التنالضات‪ ،‬ووضعناها على مستو ً‬
‫صحٌحة‪ ،‬أو إذا أخطؤنا فً تموٌم دور كل تنالض وأهمٌته‪ ،‬فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪ ،‬فسوف تتخبط‬
‫الثورة‪ ،‬وٌصبح من المحال لٌادتها إلى النصر‪ ،‬إال إذا ت ّم تدارن ذلن الخلط بؤسرع ما ٌمكن‪.‬‬

‫حهٍَ أٍْ٘ث اىخطػٗػ اىهط٘ص ىيخِاكو اىؽئ٘فٖ واىخِاكيات اىرأُٗث فٍ٘ا ٗيٖ‪:‬‬

‫أوالً‪ٌ :‬ساعدنا على فهم طبٌعة المرحلة التً ّ‬


‫تمر بها الثورة‪ .‬أي ٌساعدنا على فهم طبٌعة ثورتنا‪،‬‬
‫مما ٌإدي إلى وضع استراتٌجٌة سٌاسٌة وعسكرٌة صحٌحة‪ ،‬وتكتٌن سٌاسً‪ 8‬وعسكري صحٌح‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ٌ :‬ساعدنا على معرفة الموى الرئٌسٌة الضاربة‪ ،‬والموى الحلٌفة‪ ،‬والموى التً ٌمكن تحٌٌدها‪،‬‬
‫والموى المعادٌة‪ .‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬سنعرف األصدلاء واألعداء‪ ،‬وسنعرف شبه األصدلاء وشبه‬

‫‪ 7‬المصطلحات من رجعٌة والطاعٌة ارتبطت بالحمبة الشٌوعٌة والتحلٌل الماركسً للتارٌخ‪ ،‬اما العملٌة االستعمارٌة فما زالت‬
‫مهٌمنة حتى الٌوم‪ .‬ومنٌر شفٌك كتب المادة فترة اعتناله الماركسٌة الماوٌة‪ ،‬ونلرى كثٌر مما فٌها مازال صالحاللتفكر والتامل‬
‫والنمد‪-‬لجنة التعببة الفكرٌة فً حركة فتح‪.‬‬
‫‪ 8‬االستراتٌجٌة والتكتٌن مترابطان فحٌث وجدت االستراتٌجٌة بؤي من معانٌها الذي احدها أنها علم وفن وضع المخططات‬
‫العامة ٌؤتً التكتٌن لٌخدمها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫األعداء‪ ،‬سنعرف أصدلاء الٌوم الذٌن سٌكونون أعداء الغد‪ .‬وبكلمة‪ ،‬سنعرف ممن تتشكل جبهتنا‪،‬‬
‫وممن تتشكل جبهة العدو فً كل مرحلة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ٌ :‬ساعدنا على معرفة كٌفٌة معالجة التنالضات الثانوٌة التً تنشؤ فً صفوف الشعب‪ ،‬وفً‬
‫داخل الحركة الثورٌة نفسها‪ ،‬ونحن نح ّل التنالض الربٌسً مع العدو‪ .‬وهذا ٌساعدنا على تموٌم كل‬
‫االتجاهات السٌاسٌة والعسكرٌة التً تنشؤ داخل الحركة الثورٌة‪ ،‬وما ٌتبع ذلن من تحدٌد المولف‬
‫حٌال كل اتجاه‪ .‬كما ٌساعدنا على تجنب مماتلة أكثر من عدو واحد فً ولت واحد‪ ،‬أو مماتلة أعداء‬
‫المستمبل فً الولت الحاضر‪ .‬وبكلمة أخرى‪ٌ ،‬ساعدنا على أال نرتفع بالتنالضات الثانوٌة إلى مرتبة‬
‫التنالض الربٌسً‪ ،‬األمر الذي ٌإدي إلى إضعاف جبهتنا‪ ،‬ودعم جبهة العدو‪ ،‬وبالتالً‪ٌ ،‬إدي إلى‬
‫فشلنا فً ح ّل التنالض الربٌسً بٌنما نكون لد فشلنا‪ ،‬أٌضاً‪ ،‬فً ح ّل التنالضات الثانوٌة التً رفعناها‬
‫إلى مستوى التنالض الربٌسً‪ .‬وهذا ٌعنً أننا خسرنا الحاضر‪ ،‬ولم نكسب المستمبل‪.‬‬

‫ولكن‪ ،‬بعد تحدٌد التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة نؤتً إلى لضٌة هامة‪ ،‬ال تمل أهمٌة عن تحدٌد أنواع‬
‫التنالضات نفسها‪ ،‬وهً مسؤلة كٌفٌة ح ّل كل تنالض ومعالجته‪ .‬وبعبارة أخرى ٌجب علٌنا أن نعرف كٌف‬
‫ٌعالج كل تنالض‪ ،‬وما هً طرق حله؟ أي‪ ،‬هل نح ّل هذا التنالض أو ذان بالكفاح المسلّح؟ أم بممارسة‬
‫ضغوط سٌاسٌة؟ أم بالمفاوضات والمساومات؟‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫إن ٌفأىث حلؽٗؽ ن٘ف٘ث ّ‬
‫ضو نو حِاكو فٖ اىرٔرة‪ ،‬فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪ ،‬سواء التنالض‬
‫الربٌسً‪ ،‬أو التنالضات الثانوٌة هً المسؤلة المحورٌة التً ستجٌب على السإال الخالد‪ :‬ما العمل؟‪ 9‬كٌف‬
‫نحمك أهدافنا؟ ما هو التنظٌم (اإلدارة) الذي ٌستطٌع ح ّل التنالض وما هً طبٌعته وتركٌبه وبناإه الطبمً‬
‫واإلٌدٌولوجً؟‪ ..‬إلخ‪ .‬وبعبارة مبسطة‪ ،‬أن نعرف كٌف نحمك ما نرٌد بعد أن حددنا ما نرٌد‪ ،‬فً كل مرحلة‬
‫تارٌخٌة‪.‬‬

‫ومن الجدٌر أن ننوه هنا‪ ،‬أن تحدٌد التنالض الربٌسً‪ ،‬والتنالضات الثانوٌة‪ ،‬ومن ثم طرٌمة معالجة وح ّل كل‬
‫ّ‬
‫ٌمرر نظرٌا ً وعملٌا ً اىغً اىرٔري‬
‫هذه التنالضات‪ ،‬منفردة ومجتمعة‪ ،‬فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪ ،‬هو الذي ّ‬
‫اىهط٘ص أي االـخؽاح٘ش٘ث واىخهخ٘م اىهط٘طَ٘‪.‬‬

‫‪ 9‬هو سإال لٌنٌن وجوابه فً كتٌبه المعنون‪ :‬ما العمل؟ وعنوانه الكامل‪ :‬ما العمل؟ المسابل الملحة لحركتنا وهو كراس‬
‫سٌاسً كتبه الثوري الروسً فبلدٌمٌر لٌنٌن فً عام ‪ 1901‬ونشر فً عام ‪ .1902‬عنوانه مستوحى من الرواٌة بنفس االسم‬
‫بملم الثوري الروسً من المرن التاسع عشر نٌكوالي تشٌرنٌشٌفسكً‪ .‬فً ما العمل؟‪ٌ ،‬جادل لٌنٌن بؤن الطبمة العاملة لن تتسٌّس‬
‫بمجرد االشتران بصراعات التصادٌة مع أرباب العمل على األجور وساعات العمل وما شابه ذلن‪ .‬لتحوٌل الطبمة العاملة إلى‬
‫الماركسٌة‪ٌ ،‬صر لٌنٌن على أن على الماركسٌٌن أن ٌشكلوا حزبا سٌاسٌا‪ ،‬أو "طلٌعة"‪ ،‬من الثورٌٌن المتفرغٌن لنشر األفكار‬
‫السٌاسٌة الماركسٌة بٌن العمال‪ .‬ولد أدى هذا الكتٌب جزبٌا إلى انمسام حزب العمل االشتراكً الدٌممراطً الروسً بٌن‬
‫الببلشفة بمٌادة لٌنٌن والمناشفة‪ .‬وفً عام ‪ 1904‬نشر لٌون تروتسكً رده مهامنا السٌاسٌة‪ ،‬مإكدا أن نهج لٌنٌن سٌإدي حتما‬
‫إلى االستٌبلء الدموي على الحزب من لبل دٌكتاتور ألرب إلى عهد اإلرهاب فً الثورة الفرنسٌة‪( .‬عن الموسوعة الحرة)‬
‫‪6‬‬
‫كما أن أي خطؤ فً فهم طبٌعة المرحلة‪ ،‬أي طبٌعة التنالضات فً تلن المرحلة‪ ،‬ومن ثم طرٌمة حلها‬
‫‪10‬‬
‫ومعالجتها‪ ،‬هو الذي ٌإدي إلى االنحراؾ الٌمٌنً االنتهازي أو االنحراؾ “الٌساري” االنتهازي‪.‬‬

‫فمثبلً‪ ،‬إذا ر ّكز على ح ّل التنالض الربٌسً وأهملت التنالضات الثانوٌة إهماالً كلٌاً‪ ،‬ولم تمم سٌاسة صحٌحة‬
‫فً طرٌمة معالجة التنالضات الثانوٌة‪ ،‬فً أثناء ح ّل التنالض الربٌسً‪ ،‬فهذا ٌإدي إلى االنحراف الٌمٌنً‬
‫االنتهازي‪ .‬وفً الممابل‪ ،‬إذا ارتفعنا بؤحد التنالضات الثانوٌة‪ ،‬أو بها كلها‪ ،‬إلى مرتبة التنالض الربٌسً‪ ،‬فهذا‬
‫ٌإدي إلى االنحراف “الٌساري” االنتهازي‪.‬‬

‫وكذلن هو الحال بالنسبة إلى طرٌمة ح ّل كل تنالض‪ ..‬فمثبلً إذا ّ‬


‫تمرر ح ّل التنالض الربٌسً بؤسلوب العمل‬
‫السٌاسً فمط‪ ،‬أو المفاوضات‪ ،‬فً حٌن تكون طبٌعة هذا التنالض من طراز التنالض العدابً الذي ال ٌح ّل‬
‫تمرر ح ّل التنالضات الثانوٌة بالسبلح‪ ،‬فً حٌن ٌكون‬
‫إال بالسبلح‪ ،‬فهذا ٌإدي إلى االنتهازٌة الٌمٌنٌة‪ .‬وإذا ّ‬
‫السبلح فٌه موجها ً لح ّل التنالض الربٌسً‪ ،‬ولم تصل حدة التنالض فً التنالض الثانوي إلى مرحلة التنالض‬
‫العدابً‪ ،‬فهذا ٌإدي إلى االنحراف “الٌساري” االنتهازي‪.‬‬

‫على أن من المهم أن نبلحظ هنا‪ ،‬أنه لٌس من الضروري أن ٌكون ح ّل كل تنالض رئٌسً فً المجتمع‬
‫والتارٌخ اإلنسانً ال ٌت ّم إال بالسالح‪ ،‬كما أنه لٌس من الضروري أن ٌكون ح ّل كل تنالض ثانوي ال ٌت ّم إال‬
‫بعٌدا ً عن السبلح والعنف الثوري‪ ،‬فمن الممكن فً حاالت معٌنة أن ٌح ّل تنالض ربٌسً ما من غٌر اللجوء‬
‫إلى الثورة المسلّحة‪ ،‬وخصوصاً‪ ،‬بعد انتهاء مرحلة المجتمعات الطبمٌة‪.11‬‬

‫وكذلن‪ ،‬من الممكن‪ ،‬فً حاالت معٌنة‪ ،‬أن ٌُح ّل تنالض ثانوي ما عن طرٌك السبلح والعنف المسلّح‪،‬‬
‫وخصوصاً‪ ،‬عندما ٌنتمل إلى التحالف مع النمٌض العدابً فً التنالض الربٌسً‪ ،‬أو عندما ٌنهج خطؤ تخرٌبٌا ً‬
‫فً داخل الثورة المسلّحة‪ ،‬وتستنفد كل الطرق لوضع ح ّد له‪ ،‬وال ٌبمى من سبٌل غٌر تصفٌته بموة السبلح‪.‬‬
‫ٌمرر طرٌمة ح ّل كل تنالض‪ ،‬هو طبٌعة ذلن التنالض‪ ،‬فً كل مرحلة تارٌخٌة‪ .‬فطبٌعة‬ ‫وبكلمة‪ ،‬إن الذي ّ‬
‫تمرر إن كان ذلن التنالض من طراز التنالض العدابً أو من طراز‬‫التنالض‪ ،‬فً ظروف محددة‪ ،‬هً التً ّ‬
‫التنالض غٌر العدابً‪.‬‬

‫على أن من المهم أن نبلحظ أٌضاً‪ ،‬أن تحدٌد التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ ،‬وتعٌٌن طرق ح ّل كل‬
‫التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ ،‬لٌس أمرا ً جامدا ً ٌت ّم مرة وإلى أمد طوٌل‪ .‬ألن التنالضات فً حالة‬
‫حركة وتغٌّر مستمرٌن داخلٌا ً وخارجٌاً‪ ،‬وبالتالً‪ٌ ،‬صبح من الضروري مبلحظة كل ذلن ودراسته‪ .‬وإعادة‬
‫تحدٌد التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ .‬وإعادة تعٌٌن طرق ح ّل كل التنالضات الربٌسٌة والثانوٌة‪.‬‬
‫فمن الممكن مثبلً أن ٌنتمل تنالض ربٌسً إلى مرتبة التنالض الثانوي‪ ،‬وٌنشؤ تنالض ربٌسً ثخر مكانه‪ ،‬كما‬
‫حدث مثبلً عندما دخلت الموات الٌابانٌة الصٌن‪ ،‬حٌث أصبح الكومنتانغ بمٌادة (شان كاي تشٌن) تنالضا ً‬

‫‪10‬شاعت مصطلحات الٌمٌن (الرجعً) والٌسار (التمدمً) ضمن التحلٌل الماركسً‪-‬اللٌنٌنً فً الفكر الشٌوعً الذي تبناه‬
‫شفٌك ثنذان‪.‬‬
‫‪ 11‬فكرة تمسٌم التارٌخ االنسانً الى مراحل وفٌها طبمات هً فكرة ماركسٌة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ثانوٌا ً بعد أن كان طرف التنالض الربٌسً‪ ،‬وأصبح الغزاة الٌابانٌون هم طرف التنالض الربٌسً فً‬
‫الصٌن‪ ،‬بعد أن كانوا لبل االحتبلل تنالضا ً ثانوٌا ً بالنسبة إلى التنالض الربٌسً داخل الصٌن‪.12‬‬

‫كل هذه المضاٌا النظرٌة‪ ،‬ثنفة الذكر‪ ،‬أكدتها تجارب الثورات المسلّحة فً كل البلدان‪ ،‬وخصوصاً‪ ،‬تجارب‬
‫الثورة المسلّحة فً روسٌا والصٌن وفٌتنام‪ ،‬ولد عبّر عنها‪ ،‬بشكل رابع‪ ،‬كل من لٌنٌن‪ ،‬وماوتسً تونغ‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫وهوشً منه‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫"ماوتسً تونغ" من الٌمٌن لابد الثورة الصٌنٌة‪ ،‬مع ستالٌن خلٌفة لٌنٌن فً االتحاد السوفٌتً‪.‬‬
‫واآلن‪ ،‬إذا جبنا بهذه الحصٌلة النظرٌة الهامة إلى الساحة الفلسطٌنٌة‪ ،‬فسوف نرى مجموعة من التنالضات‪،‬‬
‫من بٌنها تنالض ربٌسً‪ ،‬وإلى جانبه ومعه‪ ،‬عدة تنالضات ثانوٌة‪ ،‬وهذا ما سنر ّكز علٌه فً هذه الدراسة‬
‫تركٌزا ً مفصبلً لدر اإلمكان‪.‬‬

‫‪ 12‬الحدٌث عن الثورة الصٌنٌة والحزب الشٌوعً الصٌنً بمٌادة ماوتسً تونغ وكٌف نظر لؤلمر حٌنها‪.‬‬
‫‪ 13‬وهم من زعماء الثورات والفكر الشٌوعً فً روسٌا والصٌن وفٌتنام‪.‬‬
‫‪ 14‬نحن من أضفنا الصور‪ ،‬حٌث أن الكتاب‪/‬الكتٌب األصل ال ٌوجد به صور‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫اىرأُي‪15‬‬ ‫اىخِاكو اىؽئ٘فٖ واىخِاكو‬
‫اىخِاكو اىؽئ٘فٖ فٖ اىفاضث اىفيفٍِ٘٘ث ْٔ ةَ٘ اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ وحطاىفّ اىٓئي ٌّ‬
‫اإلٌتؽٗاى٘ث اىٓاىٍ٘ث وْيٕ رأـٓا اإلٌتؽٗاى٘ث األٌ٘ؽن٘ث ٌَ سٓث واىشٍاْ٘ؽ اىفيفٍِ٘٘ث‬
‫وحطاىفٓا اىٓئي ٌّ اىشٍاْ٘ؽ اىٓؽة٘ث ٌَ سٓث أعؽى‪.‬‬

‫وهذا النوع من التنالض هو من طراز التنالض العدابً الذي ٌتمٌز بطبٌعة عدابٌة مكشوفة‪ ،‬أي من طراز‬
‫التنالض الذي ال ٌمكن أن ٌح ّل إال بالكفاح المسلّح‪ ..‬بالجماهٌر المسلّحة وبحرب الشعب طوٌلة األمد‪ ،16‬وال‬
‫ٌمكن أن ٌح ّل بالمفاوضات أو الضغوط السٌاسٌة والدولٌة‪ ،‬أو باإلضرابات والمظاهرات أو الطرق‬
‫البرلمانٌة‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫أما األسباب التً استنتج منها هذا التحدٌد النظري للتنالض الربٌسً وطبٌعته العدابٌة‪ 17،‬فهً‪:‬‬

‫أ – الكٌان الصهٌونً بكل مإسساته االلتصادٌة والعسكرٌة والسٌاسٌة والثمافٌة واالجتماعٌة‪ ،‬عبارة‬
‫عن احتالل استٌطانً من لبل لوى أجنبٌة جاءت إلى ببلدنا لتؤخذ كل شًء ولتح ّل مح ّل الشعب‬
‫العربً الفلسطٌنً‪ ،‬من خبلل طرده من أرضه وبٌوته وإلمابه خارج حدود الوطن‪ .‬أي أن االحتبلل‬
‫اإلسكانً الصهٌونً عبارة عن تصفٌة جسدٌة وثمافٌة ومادٌة كاملة للشعب الفلسطٌنً‪ ،‬والتبلع‬
‫هذا الشعب من الجذور‪ .‬وهذا جعل الكٌان الصهٌونً فً تنالض حا ٍ ّد وعمٌك مع الشعب العربً‬
‫الفلسطٌنً‪ ،‬وحدد طرفً التنالض الربٌسً فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ .‬ولكن ل ّما كان الشعب العربً‬
‫الفلسطٌنً جزءا ً من األمة العربٌة‪ ،‬وكانت األرض الفلسطٌنٌة جزءا ً من الوطن العربً‪ ،‬ول ّما كان‬
‫الكٌان الصهٌونً الذي ٌهدد وجود الشعب الفلسطٌنً ٌهدد جزءا ً من األمة العربٌة‪ ،‬وإذا أضفنا إلى‬
‫ذلن األطماع الصهٌونٌة فً احتبلل المزٌد من األرض العربٌة‪ ،‬إلى جانب التحالف الصهٌونً‬
‫اإلمبرٌالً فً المنطمة ض ّد الجماهٌر العربٌة‪ ،‬فإن ذلن كله ٌحدد التنالض الربٌسً الذي ٌشمل‬
‫الشعب العربً الفلسطٌنً والجماهٌر العربٌة من جهة‪ ،‬وٌشمل الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة‬
‫العالمٌة من الجهة األخرى‪.‬‬

‫أما من ناحٌة الطبٌعة العدابٌة لهذا التنالض الربٌسً فٌكفً أن نبلحظ أن تحمٌك االحتبلل‬
‫االستٌطانً االستعماري الصهٌونً لفلسطٌن ال ٌمكن أن ٌكون إال بموة السالح‪ ،‬بالعنف العسكري‪،‬‬
‫ألنه ٌتنالض مع وجود الشعب الفلسطٌنً من الجذور‪ ،‬وهذا ما حدث فعبلً‪ ،‬وما هو لابم فعبلً‪.‬‬
‫فالتنالض إذن تنالض عدابً ال سبٌل لحلّه إال بتصفٌة أحد طرفً التنالض بموة السبلح‪.‬‬

‫‪15‬العنوان الجانبً األساس لهذا الجزء هو التنالض الربٌسً‪ ،‬ونحن غٌرناه الى التنالض الربٌس والتنالض الثانوي‪،‬ألننا‬
‫اكتفٌنا بهذا الفصل من كتٌبه‪ ،‬ونحٌنا جانبا الفصل المعنون التنالض الثانوي ألنه بفهم االول ٌتم فهم الثانً والعبللة بٌنهما وبٌن‬
‫االولوٌات وادوات الصراع وشكلها‪ ،‬فلم نرى لزوما إلدراج الثانً من الفصول المعنون التنالض الثانوي هنا‪ ،‬ولمن ٌرغب‬
‫مراجعته على الشابكة ضمن الكتب كامبل‪( .‬لجنة التعببة الفكرٌة)‬
‫‪ 16‬فكرة حرب الشعب طوٌلة األمد تفترض االستناد الى الشعب ولٌس فمط عبر العمل العسكري‪.‬‬
‫‪17‬بالطبع بعد ‪ 50‬عاما من هذا التحلٌل جرى فً النهر من المٌاه الكثٌر‪ ،‬فاختلف المشهد واختلفت الموالف واختلف التحلٌل‬
‫كثٌرا‪ ،‬إال أن عدوانٌة االحتبلل االستعماري الصهٌونً لم تتغٌر‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ب – ٌعٌش الشعب العربً الفلسطٌنً بؤغلبٌته الغالبة خارج حدود الوطن‪ ،‬بسبب ذلن االحتبلل‬
‫الصهٌونً‪ .‬وال ٌستطٌع أن ٌعود إلى فلسطٌن بالطرق السلبٌة أو الشرعٌة‪ ،‬ألن السبلح الصهٌونً‬
‫مشرع لصدّه على طول الحدود‪ .‬حتى فً حالة عودة أجزاء منه‪ ،‬كما تمترح بعض الدول! فسٌكون‬ ‫ّ‬
‫وضع تلن األجزاء من الجماهٌر الفلسطٌنٌة مثل وضع األللٌة العربٌة الفلسطٌنٌة التً تعٌش ضمن‬
‫جردها من كل حمولها فً وطنها‪،‬‬ ‫حدود فلسطٌن المحتلة‪ ،‬أي تحت الحكم العسكري الصهٌونً الذي ّ‬
‫وأخضعها بالمهر المسلّح لموانٌن تعسفٌة‪ ،‬سواء تلن التً رزحت تحت االحتبلل الصهٌونً لبل‬
‫حزٌران ‪ 1967‬أو تلن التً ولعت تحت االحتبلل الصهٌونً بعد حزٌران ‪ .1967‬وٌكفً أن ٌموم‬
‫أبناء الشعب بعمل سٌاسً “شرعً” ض ّد الكٌان الصهٌونً لكً ٌتعرض لمختلف ألوان التصفٌة‪،‬‬
‫ابتداء من طرده خارج الحدود طردا ً نهابٌاً‪ ،‬ومرورا ً بالتعذٌب الجسدي والسجن والنفً‪ ،‬وانتهاء‬
‫بالتصفٌة الجسدٌة‪ .‬إن هذا الوضع ٌحكم ح ّل التنالض بٌن الشعب الفلسطٌنً واالحتبلل الصهٌونً‬
‫بؤسلوب وحٌد هو الثورة المسلّحة‪ ،‬وال شًء عداها سوى لبول الشعب العربً الفلسطٌنً بالفناء‪.‬‬

‫ج – إن الوضع المانونً فً الكٌان الصهٌونً ٌحرم أي نشاط سٌاسً ٌستهدؾ إزالة الكٌان‬
‫الصهٌونً‪ ،‬وبناء الدولة الفلسطٌنٌة الدٌممراطٌة مكانه‪ ،‬سواء أجاء هذا النشاط من لبل عرب‬
‫فلسطٌن‪ ،‬أم من بعض الموى الٌهودٌة إذا وجدت‪ .‬وهذا‪ ،‬بطبٌعة الحال‪ٌ ،‬س ّد الطرٌك بموة السبلح فً‬
‫وجه أي نضال سٌاسً لح ّل التنالض بالطرق “السلمٌة” أو “السٌاسٌة” أو “الدولٌة”‪ .‬وٌضع أي‬
‫مطالب بحل هذا التنالض “سلمٌا ً” تحت طابلة “الخٌانة العظمى”‪ .‬وبالتالً‪ ،‬ال ٌمكن ح ّل هذا‬
‫التنالض إال من خبلل الكفاح المسلّح والعنف الثوري‪.‬‬

‫د – ارتبط وجود الكٌان الصهٌونً تارٌخٌا ً بالوجود اإلمبرٌالً فً المنطمة العربٌة كلها‪ ،‬بل هو‪،‬‬
‫فً الوالع‪ ،‬أحد إفرازات اإلمبرٌالٌة العالمٌة لٌكون لاعدة عسكرٌة والتصادٌة وسٌاسٌة من أجل‬
‫المحافظة على المصالح اإلمبرٌالٌة فً منطمة الشرق األوسط‪ .‬وبهذا انعمد تحالف عضوي بٌن هذا‬
‫الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة‪ ،18‬مما أدخل الكٌان الصهٌونً جزءا ً أصٌبلً فً معسكر‬
‫اإلمبرٌالٌة العالمٌة على النطالٌن العالمً والعربً‪.‬‬

‫وهذا الوضع جعل الكٌان الصهٌونً طرفا ً أصٌبلً فً التنالض بٌن الشعب العربً الفلسطٌنً‬
‫والجماهٌر العربٌة من جهة واإلمبرٌالٌة العالمٌة من جهة ثانٌة‪ .‬وهذا التنالض بٌن الجماهٌر العربٌة‬
‫(ومن ضمنها الشعب العربً الفلسطٌنً) واإلمبرٌالٌة العالمٌة تنالض عدابً أٌضاً‪ ،‬ألن النفوذ‬
‫اإلمبرٌالً لائم فً المنطمة العربٌة‪ ،‬بصورة مباشرة‪ ،‬وؼٌر مباشرة‪ ،‬على لوة السالح والعنؾ‬
‫العسكري اإلمبرٌالً والرجعً‪ .‬وال سبٌل إلى تحمٌك التحرر العربً التصادٌا ً وسٌاسٌا ً وعسكرٌا ً‬
‫وثمافٌا ً من النفوذ اإلمبرٌالً االلتصادي والسٌاسً والعسكري والثمافً إال بموة السبلح ألن التجربة‬
‫التارٌخٌة أثبتت أن اإلمبرٌالٌة العالمٌة – وٌجب التشدٌد هنا على اإلمبرٌالٌة األمٌركٌة – ال ٌمكن‬

‫‪ 18‬من الممكن مراجعة محاضرة خالد الحسن عام ‪ 1981‬المعنونة‪ :‬من ٌحكم اآلخر أمٌركا أم إسرابٌل‪ ،‬من إصدرات لجنة‬
‫التعببة الفكرٌة لحركة فتح حدٌثا‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫أن تتخلى عن موالعها إال بموة السبلح‪ 19.‬حتى فً الحاالت االستثنابٌة التً اضطر فٌها االستعمار‬
‫المدٌم إلى أن ٌتخلى عن موالعه شكلٌاً‪ ،‬لجؤ إلى السبلح‪ ،‬فٌما بعد‪ ،‬لحماٌة مصالحه‪ ،‬وبخاصة‪ ،‬من‬
‫خبلل االستعمار الجدٌد الذي تمثله اإلمبرٌالٌة األمٌركٌة التً تحاصر الوطن العربً باألسطول‬
‫السادس وبالمواعد العسكرٌة التً ٌنتشر بعضها فً بلدان عربٌة‪ .‬وٌنتشر بعضها اآلخر فً تركٌا‬
‫وإٌران‪ 20‬ولبرص والمحٌط الهندي “وإسرابٌل”‪ .‬وهذا ٌجعل ح ّل التنالض مع اإلمبرٌالٌة العالمٌة‬
‫وحلفابها فً المنطمة العربٌة ال ٌمكن أن ٌت ّم إال بالعنف الثوري‪ ،‬أي بحرب الشعب‪ ،‬مما ٌضٌف‬
‫سببا ً ثخر إلى التنالض مع الكٌان الصهٌونً وهو تنالض ربٌسً من طراز التنالض العدابً الذي ال‬
‫ٌمكن أن ٌح ّل إال بالعنف الثوري المسلّح‪.‬‬

‫بٌد أنه لٌس كافٌا ً أن نمول بصورة عامة أن التنالض الربٌسً هو بٌن الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة‬
‫من جهة والجماهٌر الفلسطٌنٌة والعربٌة من جهة ثانٌة‪ .‬و ٌكفً أن نحدد الطبٌعة العدابٌة لهذا التنالض الذي‬
‫ال ٌمكن أن ٌح ّل إال بموة السبلح‪ ،‬فمن المهم أن ُٓؽف أَٗ حلّ ْلػة اىلٔة واىيٓف فٖ ٌؽف‬
‫اىِل٘و اإلٌتؽٗاىٖ واىهُٖٓ٘ٔ‪ ،‬وأَٗ حلّ ْلػة اىلٔة واىيٓف فٖ ٌؽف اىِل٘و‬
‫اىفيفٍِٖ٘ واىٓؽةٖ‪ ،‬لكً نحدد بالضبط أٌن نو ّجه الضربة الربٌسٌة التً تإدي إلى ح ّل التنالض بكل‬
‫جوانبه وأطرافه‪ .‬وبكلمات أخرى‪ ،‬أن نحدّد بالضبط أٌن تمع الموة الربٌسٌة الطلٌعٌة التً توجه تلن الضربة‬
‫الربٌسٌة وأٌن ٌمع حلفاإها‪ ،‬فً كل حالة‪ ،‬فً أثناء ح ّل التنالض مع الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة‬
‫والموالع الرجعٌة فً المنطمة‪ .‬وإن الصورة تتضح أكثر إذا ما حللنا معسكر النمٌض اإلمبرٌالً الصهٌونً‬
‫الرجعً‪ ،‬وحللنا معسكر الجماهٌر الفلسطٌنٌة والعربٌة‪.‬‬

‫وهنا نبلحظ ما ٌلً‪:‬‬

‫أ ‪ -‬اىٍٓفهؽ اإلٌتؽٗاىٖ واىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ‬

‫إن المعسكر اإلمبرٌالً‪ 21‬أشمل وأوسع من الكٌان الصهٌونً‪ ،‬فالكٌان الصهٌونً ٌحتل جزءا ً من األرض‬
‫العربٌة‪ ،‬بٌنما ٌنتشر النفوذ اإلمبرٌالً على كثٌر من األراضً العربٌة من المحٌط إلى الخلٌج‪ ،‬بما فً ذلن‬
‫فلسطٌن حٌث الكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫وهذا بدوره ٌطرح مسؤلة كٌف ٌمكن ح ّل هذا التنالض مع اإلمبرٌالٌة العالمٌة والكٌان الصهٌونً‪ ،‬وبخاصة‪،‬‬
‫بعد أن تؤخذ بعٌن االعتبار‪ ،‬أخذا ً لوٌاً‪ ،‬والع التجزبة فً الوطن العربً‪ ،‬تلن التجزبة التً أخذت طابعا ً‬
‫تارٌخٌا ً وسٌاسٌا ً وعسكرٌا ً والتصادٌا ً واجتماعٌا ً وثمافٌاً‪ ،‬مما جعل ح ّل التنالض مع اإلمبرٌالٌة مسؤلة فً‬
‫غاٌة التعمٌد‪ ،‬لؤلسباب التالٌة‪:‬‬

‫‪ 19‬وحدٌثا أٌضا بموة العلم والعمل‪،‬واالنسان‪ ،‬ولوة الصناعة ولوة االلتصاد والزراعة والتعلٌم‪ ،‬والتخلص من الثمافة األجنبٌة‬
‫المهٌمنة‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ 20‬التحلٌل هنا عام ‪ 1971-1970‬أي لبل الثورة االٌرانٌة عام ‪.1979‬‬
‫‪21‬فكرة المعسكرٌن كانت هً السابدة فً ظل المعسكرٌن الشرلً والغربً أي ما بٌن ما كان ٌسمى الكتلة الشرلٌة االشتراكٌة‬
‫بمٌادة االتحاد السوفٌتً (روسٌا‪ ،‬و‪ 14‬جمهورٌة خرجت من االتحاد السوفٌتً بعد االنهٌار عام ‪1990‬م) واوربا الشرلٌة‬
‫والدول الشٌوعٌة او االشتراكٌة االخرى‪ ،‬وبٌن أمرٌكا ودول أوربا الغربٌة وغٌرها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -1‬إن والع التجزبة جعل مسؤلة ح ّل التنالض تؤخذ شكبلً مجزأ‪ ،‬متفاوتا ً زمنٌاً‪ ،‬وصورة وموضوعاً‪،‬‬
‫طر إلى لطر‪.‬‬ ‫من لُ ُ‬

‫‪ -2‬ألام والع التجزبة عمبات كبٌرة فً وجه تحرن جماهٌري عربً شامل موحد لتصفٌة اإلمبرٌالٌة‬
‫من منطمتنا تصفٌة كاملة‪.‬‬

‫‪ -3‬لمد خلك والع التجزبة وضعا ً جعل تحرن أي جزء من الجماهٌر العربٌة ض ّد اإلمبرٌالٌة‬
‫والرجعٌة فً حالة حصار إمبرٌالً رجعً منذ البداٌة‪.‬‬

‫‪-4‬إن والع التجزبة جعل تحرر أي جزء من الوطن العربً ال ٌعنً ح ّل التنالض الربٌسً مع‬
‫ومعرضا ً فً كل‬
‫ّ‬ ‫شا ً‬
‫اإلمبرٌالٌة العالمٌة إال جزبٌاً‪ .‬حتى هذا التحرر الجزبً ال ٌمكن أن ٌكون إال ه ّ‬
‫لحظة لهجمة إمبرٌالٌة – صهٌونٌة – رجعٌة‪ 22‬تودي به‪ ،‬وخصوصاً‪ ،‬أن ظروف التجزبة التً‬
‫اتخذت طابعا ً دولٌا ً وعربٌا ً وعالمٌاً‪ ،‬جعل من الصعب لذلن الجزء المتحرر أن ٌواصل زحفه‬
‫المسلّح لتحرٌر بمٌة األجزاء العربٌة؛ ألن تلن األجزاء معترف بها دولٌا ً على نطاق عربً وعالمً‪،‬‬
‫كما على نطاق هٌبة األمم‪ .‬وهذا بدوره ال ب ّد من أن ٌإدي إلى تد ّخل دولً خطر‪ ،‬فً حالة زحف‬
‫ذلن الجزء لتحرٌر بمٌة األجزاء‪ ،‬على عكس الوضع فً الصٌن مثبلً‪ ،‬حٌث كان وجود منطمة‬
‫محررة ٌعنً بداٌة الزحف لتحرٌر الصٌن كلها‪ .‬هذا طبعا ً ال ٌعنً عدم تحدي هذا الوضع الخطر‪،‬‬
‫ولكن الممصود هنا هو تحدٌد مبلمح الوضع المابم كما هو‪.‬‬

‫وِْا‪ٗ ،‬تؽز اىفؤال‪ :‬إذن ن٘ف ٍٗهَ حهف٘ث اإلٌتؽٗاى٘ث واىهُٓ٘ٔ٘ث فٖ األرض اىٓؽة٘ث؟‬

‫لمد الحظنا من التحلٌل أعبله أن انتشار النفوذ اإلمبرٌالً من جهة‪ ،‬ووالع التجزبة فً الوطن العربً‪ ،‬من‬
‫جهة ثانٌة‪ ،‬جعبل تحرر جزء من الوطن العربً ال ٌعنً نهاٌة النفوذ اإلمبرٌالً‪ ،‬وال ٌإدي إلى زعزعة‬
‫الوجود اإلمبرٌالً من الجذور‪.‬‬

‫وذلن ألن النفوذ اإلمبرٌالً ال ٌتر ّكز أساسا ً فً جزء‪ ،‬بصورة خاصة‪ ،‬دون ثخر من أجزاء الوطن العربً‪،‬‬
‫باستثناء الوضع فً فلسطٌن‪ ،‬أي باستثناء لاعدته الكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫وهذا ٌنملنا إلى أن نبلحظ أن “إسرابٌل” تشكل البإرة الموٌة الربٌسٌة للنفوذ اإلمبرٌالً التً ر ّكز فٌها لوته‬
‫العسكرٌة والسٌاسٌة الضاربة الربٌسٌة‪ ،‬فهً فً الوالع ألوى من الناحٌة العسكرٌة حتى من األسطول‬
‫السادس نفسه‪ ،‬وألوى من أٌة لاعدة أمٌركٌة فً منطمة الشرق األوسط كله‪.‬‬

‫ولد أدت ظروف تارٌخٌة عدٌدة‪ ،‬ال مجال لتعدادها هنا‪ ،‬إلى جعل مصٌر اإلمبرٌالٌة العالمٌة فً الوطن‬
‫العربً‪ ،‬إن لم ٌكن فً الشرق األوسط بؤسره‪ ،‬مرتبطا ً كلٌا ً ببماء الكٌان الصهٌونً‪ ،‬أو على األصح بمصٌر‬
‫المعركة المسلّحة من الكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫‪ 22‬وكان ٌشار للرجعٌة هنا الى بعض األنظمة العربٌة‪ ،‬والى بعض المفكرٌن او السٌاسٌٌن غٌر االشتراكٌٌن‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫وهذه حمٌمة ال جدال فٌها ألن سٌاسة البٌت األبٌض وعسكرًٌ البنتاغون‪ ،‬أكدوا هذه الحمٌمة بكل وضوح‬
‫ودون لبس‪.‬‬

‫وْؼا ٗؤدي إىٕ اـخِخاج أن حطؽٗؽ فيفٍَ٘ ِٖٗٓ اىػعٔل فٖ ٌٓؽنث رئ٘ف٘ث فانيث ٌّ‬
‫ّ‬
‫اىِفٔذ اإلٌتؽٗاىٖ نيّ فٖ اىٍٍِلث‪ ،‬حلؽر ُخ٘شخٓا ى٘ؿ ةلاء اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ فطفب‪،‬‬
‫ً‬
‫وإٍُا أٗيا‪ ،‬وسٔد اإلٌتؽٗاى٘ث ةأـؽْا فٖ ٌٍِلخِا نيٓا‪.‬‬

‫ولكً نزٌد هذه النمطة وضوحا ً ٌمكن أن نمول إن تصفٌة النفوذ اإلمبرٌالً من الجزابر‪ ،‬أو من مصر‬
‫أوسورٌا‪ ،‬ال ٌإدي إلى معركة فاصلة تراهن فٌها اإلمبرٌالٌة على كل مصٌرها فً المنطمة‪ .‬وهذا ما حدث‬
‫فعبلً‪ ،‬عندما وجهت ضربات ربٌسٌة للنفوذ اإلمبرٌالً فً مصر والجزابر وسورٌا لم ٌإ ِ ّد هذا إلى إلماء‬
‫اإلمبرٌالٌة فً البحر‪ ،‬فً حٌن سٌكون األمر مختلفا ً فً المعركة مع اإلمبرٌالٌة على األرض الفلسطٌنٌة‪،‬‬
‫حٌث سٌإدي االنتصار فً المعركة على الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة إلى اإلجهاز الكامل على‬
‫النفوذ اإلمبرٌالً فً الوطن العربً كله‪.‬‬

‫وهذا ٌفسر لنا شدة حساسٌة الدول اإلمبرٌالٌة حٌن تطلك رصاصة واحدة على الكٌان الصهٌونً‪ .‬صحٌح‬
‫أن ثمة دورا ً للنفوذ الصهٌونً على النطاق العالمً فً تشدٌد تلن الحساسٌة‪ .‬ولكن المسؤلة بالنسبة إلى لادة‬
‫اإلمبرٌالٌة لٌست بعٌدة عن إدراكهم الواضح لما ٌعنٌه تحرٌر فلسطٌن من الصهٌونٌة واإلمبرٌالٌة بالنسبة‬
‫إلى مجموع المصالح والموالع اإلمبرٌالٌة فً المنطمة العربٌة والشرق األوسط‪ ،‬إن لم ٌكن فً العالم كله‪،‬‬
‫بسبب األهمٌة االستثنابٌة التً ٌتمتع بها الوطن العربً التصادٌا ً وجغرافٌا ً وسٌاسٌا ً وعسكرٌاً‪.‬‬

‫ْؼا وٍٗهَ أن ُيٍؿ ذىم أنرؽ‪ ،‬إذا أعؼُا ةَٓ٘ االْختار أن اإلٌتؽٗاى٘ث ىً حغيق “إـؽائ٘و”‬
‫ّ‬
‫ُخ٘شث ضب ْاٌفٖ (روٌاُخ٘هٖ)‪ ،‬وإٍُا ىخهٔن اىطلػ ٌَ اىٍفخٌَِٔ٘ األوروةَ٘٘‬
‫واألٌ٘ؽنَ٘٘ اىؼَٗ ٗلهئن اىف٘اىق اىٓفهؽٗث اىيارةث وسٓو اىٍهاىص اإلٌتؽٗاى٘ث فٖ‬
‫ً‬
‫اىٍٍِلث‪ ،‬وسٓو اىِفٔذ اإلٌتؽٗاىٖ فٖ ةالدُا اىٓؽة٘ث “أةػٗا‪”.‬‬

‫لذا من الضروري أن نرى بوضوح أٌن تمع العمدة فً الطرف الصهٌونً اإلمبرٌالً فً التنالض الربٌسً‪،‬‬
‫تلن العمدة التً ٌإدي حلها إلى ح ّل ذلن التنالض الربٌسً كله‪ .‬وهذه العمدة‪ ،‬كما رأٌنا من التحلٌل أعبله‪،‬‬
‫هً دولة “إسرابٌل‪”.‬‬

‫ومن هنا ٌصبح من األساسً انطبللا ً من الظروف الخاصة لوطننا العربً‪ ،‬وانطبللا ً من طرٌمة توزٌع النفوذ‬
‫اإلمبرٌالً فً المنطمة‪ ،‬أن نستنتج أن الطرف اإلمبرٌالً والصهٌونً فً التنالض الربٌسً ٌتجمع وٌتر ّكز‬
‫فً بإرة محورٌة هً الكٌان الصهٌونً الذي هو للب طرف النمٌض الممابل للجماهٌر الفلسطٌنٌة والعربٌة‬
‫فً التنالض الربٌسً فً منطمتنا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ب – اىشٍاْ٘ؽ اىفيفٍِ٘٘ث واىٓؽة٘ث‬

‫فً الوالع‪ ،‬إن المبلمح الربٌسٌة للتحلٌل الذي لدم لصورة الوضع بالنسبة إلى الطرف الصهٌونً واإلمبرٌالً‬
‫فً التنالض الربٌسً فً الوطن العربً‪ٌ ،‬مكن أن ٌسحب على وضع الجماهٌر الفلسطٌنٌة والعربٌة من‬
‫حٌث السمات التً تكونت فً المنطمة بسبب والع التجزبة ولٌام الكٌان الصهٌونً وانتشار النفوذ‬
‫اإلمبرٌالً‪ ،‬كما وصفناه أعبله‪ ،‬ولكن ال ب ّد من مبلحظة ما ٌلً‪:‬‬

‫‪ -1‬إن الجماهٌر العربٌة الفلسطٌنٌة جزء من الجماهٌر العربٌة‪ ،‬كما أن فلسطٌن جزء من الوطن‬
‫العربً‪ .‬وهً لهذا – أي الجماهٌر الفلسطٌنٌة – مرتبطة عضوٌا ً بالجماهٌر العربٌة فً داخل طرف‬
‫التنالض الربٌسً الذي ٌمابل طرف الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة فً ذلن التنالض‪ .‬لذلن‪،‬‬
‫فهً‪ ،‬أي الجماهٌر العربٌة الفلسطٌنٌة مثلها مثل بمٌة الجماهٌر العربٌة فً كل أجزاء الوطن العربً‬
‫جزء أصٌل فً الصراع ض ّد معسكر اإلمبرٌالٌة والكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫‪ -2‬الجماهٌر الفلسطٌنٌة هً الجزء من الجماهٌر العربٌة الذي ولع مباشرة فً ممابل الكٌان‬
‫الصهٌونً الذي لعب دور البإرة فً لطب التنالض الربٌسً المو ّجه للجماهٌر العربٌة كلها‪ .‬وهً‬
‫– أي الجماهٌر الفلسطٌنٌة – ذلن الجزء من الجماهٌر العربٌة األكثر انسحالا ً من جراء النفوذ‬
‫اإلمبرٌالً ولٌام الكٌان الصهٌونً مباشرة على أرضها فلسطٌن‪.‬‬

‫ولذا أصبحت‪ ،‬بسبب الظروف الموضوعٌة والتارٌخٌة التً جعلت من فلسطٌن مركز االحتبلل الصهٌونً‪،‬‬
‫فً وضع جعلها تشكل ذلن الجزء من الجماهٌر العربٌة األكثر تعرضا ً لئلبادة والمهر والنهب اإلمبرٌالً‬
‫والتصفٌة نتٌجة وجود النفوذ اإلمبرٌالً‪ ،‬ولٌام الكٌان الصهٌونً الذي اتخذ بالنسبة إلٌها شكل االحتبلل‬
‫ومزلها وشتّتها بعد أن اجتثّها من الجذور‪ ،‬مستهدفا ً تصفٌتها جسدٌا ً وإنسانٌاً‪،‬‬
‫االستٌطانً السكانً ألرضها‪ّ ،‬‬
‫وإنهاءها كشعب له أرض هً فلسطٌن‪ .‬وهذا بدوره وضع الجماهٌر الفلسطٌنٌة فً مركز البإرة فً الطرف‬
‫الممابل لطرف الكٌان الصهٌونً واإلمبرٌالٌة العالمٌة فً التنالض الربٌسً فً المنطمة العربٌة‪.‬‬

‫ومن هنا كان وضعها فً ذلن التنالض الربٌسً مماببلً ومواجها ً لوضع الكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫وبالتالً‪ ،‬لد شكّلت الجماهٌر العربٌة الفلسطٌنٌة‪ ،‬موضوعٌاً‪ ،‬الموة الضاربة الرئٌسٌة فً معسكر الجماهٌر‬
‫العربٌة فً ح ّل عمدة تجمع النفوذ اإلمبرٌالً‪ ،‬أي فً الصراع ض ّد الكٌان الصهٌونً فً فلسطٌن‪ ،‬وهً‬
‫العمدة التً ٌمكن حشد الجماهٌر العربٌة كلها‪ ،‬من خبلل تحركها ض ّد الكٌان الصهٌونً‪ ،‬وتحرٌكها – أي‬
‫الجماهٌر العربٌة – لح ّل التنالض الربٌسً كله عبر الكفاح الشعبً المسلّح ض ّد الكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫وهنا ال ب ّد من أن نمؾ للٌالً للفت النظر إلى نمطتٌن‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إن التحلٌل السابك لطرفً التنالض فً التنالض الربٌسً‪ ،‬ال ٌعنً التملٌل من أهمٌة‬
‫الضربات التً وجهت للنفوذ اإلمبرٌالً فً بعض أجزاء الوطن العربً‪ ،‬وضرورة توجٌه المزٌد‬
‫منها حٌثما أمكن ذلن‪ .‬ولكن المصد هو التشدٌد على أن طرٌك تحرٌر فلسطٌن من خبلل حرب‬

‫‪14‬‬
‫الشعب هو طرٌك التصفٌة الكاملة لئلمبرٌالٌة والكٌان الصهٌونً‪ ،‬وإنجاز الثورة العربٌة فً الوطن‬
‫العربً أي إنجاز التحرر والوحدة والثورة االجتماعٌة‪.‬‬

‫الثانٌة‪ :‬ال ٌعنً التحلٌل السابك عدم رإٌة الترابط والوحدة فً داخل كل طرف من طرفً التنالض‬
‫الربٌسً‪ ..‬ألن من الواضح أن ضرب اإلمبرٌالٌة فً أي جزء ٌإثر فً وضعها فً األجزاء‬
‫األخرى‪ ،‬مجتمعة ومنفردة‪ ،‬وعلى جماع النفوذ اإلمبرٌالً والصهٌونً‪ .‬كما أن من الواضح أن‬
‫تحرن أي جزء من الجماهٌر العربٌة ٌإثر إٌجابٌا ً فً تحرن بمٌة األجزاء من الجماهٌر العربٌة‪،‬‬
‫منفردة ومجتمعة‪ ،‬وعلى جماع الثورة العربٌة‪ .‬ولكن المصد هو أن نرى ضمن الترابط والوحدة أٌن‬
‫تمع البإرة الربٌسٌة أو العمدة الربٌسٌة التً ترتبط وتتؤثر بها بمٌة األجزاء أكثر من غٌرها‪،‬‬
‫وبصورة أكثر حسماً‪ ،‬وٌكون حلّها مفتاح ح ّل كل التنالض الربٌسً‪ .‬وبكلمة أخرى‪ ،‬ال ٌكفً أن‬
‫نرى الترابط والوحدة بٌن األشٌاء‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬وإنما ٌجب أٌضا ً أن نعرف طبٌعة ذلن الترابط‬
‫والوحدة‪ ،‬ودور وأهمٌة كل جزء أو ظاهرة فً ذلن الكل بالنسبة إلى بمٌة األجزاء أو الظواهر‪،‬‬
‫مجتمعة ومنفردة‪ ،‬فً داخل ذلن الترابط وتلن الوحدة‪.‬‬

‫إن التحلٌل السابك لسمات كل طرف من طرفً التنالض الربٌسً‪ ،‬وتحدٌد العمدة الحاسمة فً كل طرف‪ ،‬أي‬
‫تحدٌد الموة الضاربة الربٌسٌة‪ ،‬وكٌفٌة ح ّل هذا التنالض ٌمودنا إلى إدران الخطؤ الذي ولعت فٌه الحركة‬
‫الوطنٌة والحركة الثورٌة العربٌة‪ ،‬حٌن لم تستطٌعا رإٌة أٌن تكمن عمدة التنالضات فً أرضنا العربٌة‪،‬‬
‫ٌجر تحلٌل دلٌك لطبٌعة التنالضات التً تواجه الثورة‬
‫وبشكل خاص‪ ،‬فً المشرق العربً‪ ،‬أي حٌن لم ِ‬
‫ً‬
‫العربٌة‪ ،‬وبالتالً وضعت استراتٌجٌة وتكتٌن للثورة العربٌة حغتٍا ةَ٘ االُطؽافَ٘ اىٍِٖ٘٘‬
‫و“اى٘فاري”‪ .‬وناُج ٌِاْؽ ْؼَٗ االُطؽافَ٘ ةاىِفتث إىٕ كادة اىطؽنث اىٌِٔ٘ث واىطؽنث‬
‫اىرٔرٗث اىٓؽة٘ث نٍا ٗيٖ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أهملوا ح ّل التنالض الرئٌسً‪ ،‬وؼرلوا فً ح ّل التنالضات‪ ،‬داخل كل بلد عربً‪ ،‬على حدة‪،‬‬
‫بؤسلوب النضاالت السٌاسٌة‪ ،‬أو االنمبلبات العسكرٌة الفولٌة‪ ،‬متذرعٌن بالشعار المابل إن الطرٌك‬
‫ّ‬
‫متخطٌن الجماهٌر‬ ‫‪23‬‬
‫إلى فلسطٌن ٌؤتً بعد تحرٌر األلطار العربٌة وتوحٌدها وبناء “االشتراكٌة”‪،‬‬
‫طر أن تذوب فً‬ ‫ومكرسٌن تمزلها وفمدانها لوحدتها‪ ،‬وطالبٌن من أجزابها فً كل لُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطٌنٌة‪،‬‬
‫‪24‬‬
‫طر عربً ‪ ..‬وهكذا ولعت هذه االستراتٌجٌة ببراثن‬ ‫النضال السٌاسً للجماهٌر العربٌة فً كل لُ ْ‬
‫تر مولع الجماهٌر الفلسطٌنٌة طلٌعة ضاربة‪ ،‬فً ح ّل التنالض الربٌسً‪،‬‬ ‫االنحراف الٌمٌنً حٌن لم َ‬
‫فرت من مواجهة ذلن‬ ‫ض ّد الكٌان الصهٌونً‪ ،‬وألحمتها مفت ّتة فً الحركة الوطنٌة العربٌة التً ّ‬
‫التنالض الربٌسً الذي ٌفرض تسلٌط النار على الكٌان الصهٌونً‪ ،‬معتبرة أن الثورة العربٌة بدٌل‬
‫للثورة الفلسطٌنٌة دون أن ترى فً الثورة الفلسطٌنٌة شرارة إشعال الثورة العربٌة‪.‬‬

‫‪ 23‬اإلشارة سواء لنظامً حزب البعث (المومً) فً كل من سورٌا والعراق ثنذان‪ ،‬أو للنظم التً تبت االشتراكٌة مثل الٌمن‬
‫الجنوبً (لبل الوحدة) اوغٌرها‪.‬‬
‫طر لٌدلل على أن كل األلطار ذات صلة موحدة ببعضها البعض‪،‬‬ ‫‪ 24‬هذا المصطلح المستخدم للبلد او الدولة العربٌة مصطلح لُ ْ‬
‫حٌث أن المُطر لغوٌا الناحٌة أوالجهة‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫ولد ولعت تلن االستراتٌجٌة أٌضا ً فً االنحراؾ االنتهازي “الٌساري” حٌن اعتمدت أن باإلمكان‬
‫بناء “االشتراكٌة” فً الوطن العربً لبل ح ّل التنالض الرئٌسً‪ ،‬أي لبل ح ّل مسألة التحرر‬
‫الوطنً ض ّد االحتالل الصهٌونً لفلسطٌن‪ ،25‬فهذا المفز عن المراحل التارٌخٌة لم ٌإ ِ ّد إال إلى‬
‫سلون طرٌك المغامرة واالبتعاد عن الجماهٌر‪ ،‬وبخاصة أن شعار االشتراكٌة بمً شٌبا ً نظرٌا ً إلى‬
‫جانب تفرٌغه من المحتوى العلمً‪ ،‬أي عدم فهم االشتراكٌة العلمٌة‪ 26‬وعدم تطبٌك الموانٌن العامة‬
‫والخاصة للبناء االشتراكً (فً هذا المجال “انتهازٌة ٌمٌنٌة”)‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬لم ٌستطٌعوا أن ٌروا أن الكٌان الصهٌونً هو بؤرة تجمع كل النفوذ اإلمبرٌالً والرجعً فً‬
‫المنطمة العربٌة‪ ،‬أي لم ٌروا هذا الكٌان بوصفه الموة الضاربة الرئٌسٌة لمصلحة اإلمبرٌالٌة‬
‫العالمٌة والرجعٌة العربٌة‪ 27‬والصهٌونٌة العالمٌة وبالتالً‪ ،‬ال ٌمكن تحمٌك التحرر والوحدة والثورة‬
‫االشتراكٌة إال من خبلل توجٌه الضربة الربٌسٌة إلى هذه الماعدة الربٌسٌة‪ ،‬التً مع حلّها وفً أثناء‬
‫حلّها‪ٌ ،‬مكن ح ّل التنالضات األخرى فً العالم العربً‪ ،‬وتحمٌك الثورة العربٌة بمعناها الجذري‬
‫العمٌك عبر تحرن جماهٌري ثوري مسلّح شامل‪ٌ ،‬تصلب وٌتعمك فً الحرب الحامٌة ض ّد العدو‬
‫الصهٌونً واإلمبرٌالً على األرض الفلسطٌنٌة أوالً ثم ٌمتد إلى األرض العربٌة ثانٌا ً‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬لم ٌستطٌعوا أن ٌروا أن فتح النار على اإلمبرٌالٌة من خبلل الكفاح المسلّح لتحرٌر فلسطٌن‪..‬‬
‫هو الشعار الذي ٌمكن أن ٌحشد تحت لوابه أوسع الجماهٌر الشعبٌة وٌنظمها وٌعببها وٌسلحها‪،‬‬
‫وٌوحدها‪ ،‬أكثر من أي شعار ثخر‪.28‬‬

‫حما ً إن الكٌان الصهٌونً هو بإرة الموة المادٌة فً النفوذ اإلمبرٌالً فً المنطمة العربٌة من ناحٌة الموة‬
‫التكنٌكٌة والعسكرٌة والبشرٌة‪ ،‬إال أنه أضعف نمطة من الناحٌة السٌاسٌة بالنسبة إلى بمٌة موالع اإلمبرٌالٌة‬
‫فً المنطمة‪ .‬لذا‪ ،‬الضرب المباشر فٌه هو ألوى نمطة من الناحٌة السٌاسٌة‪ ،‬من جانب الثورة العربٌة عبر‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة التً ٌمكن أن تحشد تحت راٌتها أوسع الجماهٌر‪ ،‬لٌس بمظاهرة أو إضراب سٌاسً‪ ،‬وإنما‬
‫تحت السبلح مباشرة‪ ،‬أي ٌمكنها من خبلل حرب الشعب إحداث التغٌٌر الثوري بكل جوانبه بما فً ذلن‬
‫ضرب التجزبة‪.‬‬

‫‪ 25‬هً الفكرة ذاتها لدى بعض التنظٌمات االسبلموٌة أٌضا التً دعت للوحدة االسبلمٌة‪ ،‬أو إلامة ما تسمٌه الخبلفة كشرط‬
‫مسبك للتحرٌر‪ ،‬اي أن هذه التنظٌمات االسبلموٌة‪ ،‬وتلن الٌسارٌة (الشٌوعٌة) اتفمت فً تمدٌم غرض ثخرعلى تحرٌر فلسطٌن‪.‬‬
‫‪ 26‬الممصود ب"االشتراكٌة العلمٌة" هو الشٌوعٌة أو الماركسٌة اللٌنٌنٌة‪ ،‬فً ممابل االشتراكٌة الدٌممراطٌة او الدولٌة (والتً‬
‫كانت فً ظل سطوة االتحاد السوفٌتً تعد انحرافا)حٌث تفككت أنظمة األولى وانهارت (باستثناء الصٌن وفٌتنام وكوبا الٌوم)‪،‬‬
‫وبمٌت االشتراكٌة الدٌممراطٌة فً دول أوربا والعالم حتى الٌوم‪.‬‬
‫‪ 27‬سٌظل هذا المصطلح "الرجعٌة العربٌة" لابما لدى كل تنظٌمات وتشكٌبلت الماركسٌة اللٌنٌٌة سواء الروسٌة‪ ،‬او الصٌنٌة‬
‫(الماوٌة) وهو فكر الكاتب منٌر شفٌك حٌنها أي الماوٌة‪ ،‬والمصطلح هو ما اتفمت علٌه تنظٌمات الٌسار عامة سواء العربٌة‬
‫أوالفلسطٌنٌة أو غٌرها‪ ،‬وٌمصد بالرجعٌة العربٌة كل األنظمة المناوبة لبلتحاد السوفٌتً (روسٌا)‪ ،‬أوالمرتبطة بالمصالح‬
‫االمبرٌالٌة االمرٌكٌة‪ ،‬رغم أن "الرجعٌة العربٌة"‪-‬حسب مصطلحاتهم‪ -‬السعودٌة والكوٌت ً‬
‫مثاال كانتا من أكبر الداعمٌن سٌاسٌا‬
‫وثمافٌا ومالٌا للثورة الفلسطٌنٌة!‬
‫‪ 28‬نعتمد أن اطبلق النا ر على االمبرٌالٌة ٌتم أٌضا‪ :‬بالعلم والثمافة والفكرالحضاري والوحدة العربٌة والصناعة الثمٌلة‬
‫والزراعة‪ ،‬ومن خبلل التحشٌد األخبللً والمومً والتارٌخً والثمافً والدٌنً وااللتصادي لتحرٌر فلسطٌن‪،‬ولٌس بالضرورة‬
‫ضمن التحلٌل المذكور من الكاتب فً فترته السابمة وضمن رإٌته‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫ّ‬
‫الخط الثوري الصحٌح‪ ،‬فنحن عندما‬ ‫نعود فنمول‪ :‬إن تحدٌد التنالض الربٌسً وطرٌمة حلّه هو الذي ٌحدد‬
‫نمرر أن اىخِاكو اىؽئ٘فٖ ٗهٍَ ةَ٘ اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ ةارحتاٌّ اىٓئي ةاإلٌتؽٗاى٘ث‬ ‫ّ‬
‫اىٓاىٍ٘ث ٌَ سٓث‪ ،‬واىشٍاْ٘ؽ اىفيفٍِ٘٘ث ةارحتآٌا اىٓئي ةاىشٍاْ٘ؽ اىٓؽة٘ث ٌَ اىشٓث‬
‫نمرر أٌضا ً أن هذا التنالض من طراز التنالض العدابً الذي ال ٌمكن حلّه‪ ،‬من جانبنا‪ ،‬إال‬
‫األعؽى‪ .‬وعندما ّ‬
‫بحرب الشعب‪ ،‬ولٌس بالمفاوضات والحلول السٌاسٌة‪ ،‬بسبب أن الطرف السابد فً هذا التنالض اآلن هو‬
‫االحتبلل العسكري الصهٌونً – اإلمبرٌالً لؤلرض الفلسطٌنٌة‪ .‬وهو مغروس باالستٌطان األجنبً المسلّح‪،‬‬
‫والمتفوق مادٌا ً وتكنٌكٌا ً الذي ٌحمل طبٌعة استغبللٌة عدوانٌة توسعٌة‪ ،‬لذلن ال مجال لحلّه إال بتدمٌر لوته‬
‫العسكرٌة الضاربة وتصفٌة سابر مإسساتها التً هً ذات طبٌعة عنصرٌة عدوانٌة عسكرٌة‪ ،‬بما فً ذلن‬
‫المإسسات االلتصادٌة والنمابٌة والثمافٌة‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬نرى بوضوح االنحراف الٌمٌنً لدى الموى المعادٌة لئلمبرٌالٌة‪ ،‬سواء أكان فً الساحة الفلسطٌنٌة‬
‫أو الوطن العربً أو فً العالم‪ .‬تلن الموى التً تحاول ح ّل التنالض مع العدو الصهٌونً واإلمبرٌالً فً‬
‫ببلدنا عن طرٌك الضغوط السٌاسٌة أو المفاوضات‪ ،‬أو المساومات أو فً تطبٌك لرارات هٌبة األمم‪،‬‬
‫ومجلس األمن‪ ،‬ومشروع روجرز‪.29‬‬

‫على أننا‪ ،‬من الناحٌة األخرى‪ ،‬نجد انحرافا ً انتهازٌا ً “ٌسارٌا ً” فً داخل الساحة الفلسطٌنٌة نفسها‪ ،‬هو ولٌد‬
‫تمر بها ثورتنا‪ ،‬ألنه ٌخلط بٌن مرحلة التحرر الوطنً الدٌممراطً ومرحلة‬ ‫عدم فهم طبٌعة المرحلة التً ّ‬
‫الثورة االشتراكٌة‪.30‬‬

‫تمر‬
‫إننا ال نستطٌع أن نخطو بالثورة الفلسطٌنٌة خطوة واحدة إلى األمام‪ ،‬إال إذا فهمنا طبٌعة المرحلة التً ّ‬
‫‪31‬‬
‫ٌمرر‬
‫بها ثورتنا‪ .‬هل هً مرحلة تحرر وطنً دٌممراطً؟ أم هً مرحلة ثورة طبمٌة اشتراكٌة؟ إن الذي ّ‬
‫طبٌعة مرحلة ما لٌست رغباتنا‪ ،‬وال مبادبنا ومثلنا‪ ،‬وإنما الوالع الموضوعً نفسه‪ ،‬أي مدى تطور الموى‬

‫‪ 29‬رفضت الثورة الفلسطٌنٌة حٌنها تلن المشارٌع والتً منها مشروع روجرزلحل المضٌة الفلسطٌنٌة‪-‬الذي لبله الربٌس جمال‬
‫عبدالناصر‪-‬لكن الزالزل الداهمة التً حصلت الحما تجعل المحلل ٌعٌد النظر فً استنتاجاته المدٌمة وهذه الزالزل تمثلت‬
‫بخروج لوة مصر العسكرٌة نهابٌا م ن معادلة الموة فً مواجهة العدو الصهٌونً مع اتفالٌات السبلم عام ‪ ،9191‬والزلزال‬
‫الثانً المتمثل بتغٌر خرٌطة التحالفات وأٌضا فً ذات العام مع الثورة األٌرانٌة وظهور الحروب االٌرانٌة‪-‬العربٌة عبر‬
‫العراق اوال‪ ،‬ثم بروز ظاهرة الغول الطابفً الذي تمدد فً العالم العربً الحمًا‪ ،‬وما ترافك مع كل ذلن فً ذات الفترة حتى‬
‫اآلن تحالف االمبرٌالٌة االمرٌكٌة مع االسبلموٌٌن المتطرفٌن ومع بعض االنظمة العربٌة ما ظهر فً حرب أفغانستان التً‬
‫غزتها روسٌا (‪9198‬م‪9188-‬م)‪ ،‬ثم ما حصل الحما من جرٌمة صدام تجاه الكوٌت‪ ،‬فغزوة العراق وتدمٌره‪ ،‬وحصار الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة فً اكثر من مرحلة رغم االنتفاضة حتى االختناق‪ ،‬ثم ما حصل من إنهاض التطرف اإلسبلموي تمهٌدا لتفتٌت‬
‫المنطمة لتتناهبها الموى االللٌمٌة والعالمٌة‪.‬‬
‫‪ 30‬هذه الفروق بٌن الثورتٌن هً ضمن التراث االشتراكً الذي دخل أدبٌات فصابل الٌسار‪ ،‬وأٌضا حركة فتح‪ ،‬وخاصة لدى‬
‫ٌسار الحركة الذي كان من رموزه ماجد أبوشرار‪ ،‬وٌعد منٌر شفٌك أٌضا من رموزه فً السبعٌنٌات من المرن العشرٌن ضمن‬
‫التٌار الماوي (نسبة لماوتسً تونغ زعٌم الثورة الصٌنٌة)‬
‫‪ 31‬فكرة ثورة الطبمات "الشٌوعٌة" داخل المجتمع تفترض الثورة على الطبمة المهٌمنة ضمن صٌرورة تارٌخٌة أو حتمٌة‪،‬وهو‬
‫ما ٌمترب من فكر التطرف االسبلموي الحدٌث الذي رأي فً العدو المرٌب (المجتمع الجاهلً) أولى بالمتال من العدو البعٌد‬
‫(امرٌكا)‪ ،‬كما حصل فً حوار أسامة بن الدن (صاحب نظرٌة العدو البعٌد) وأٌمن الظواهري (صاحب اولوٌة العدو المرٌب)‬
‫بعد نهاٌة الغزو الروسً الفغانستان‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫المنتجة وعبللات اإلنتاج السابدة وطبٌعتها‪ 32،‬أو بكلمات أخرى طبٌعة التنالض الربٌسً‪ ،‬فً مرحلة‬
‫تارٌخٌة محددة‪ .‬وإذا شبنا التبسٌط أكثر‪ ،‬نمول‪ ،‬حال العدو وحالنا‪.‬‬

‫كنا نعٌش فً فلسطٌن فً مجتمع متخلف رزح تحت وطؤة االحتبلل التركً‪ 33‬ردحا ً طوٌبلً من الزمان‪ .‬ثم‬
‫ولع ذلن المجتمع تحت االحتبلل المباشر لبلستعمار البرٌطانً‪ .‬وكان ٌسوده التصاد استعماري وشبه‬
‫إلطاعً‪ ،‬ثم تخلّله الغزو الصهٌونً االستٌطانً الذي أسفر عن احتبلل أجزاء كبٌرة من فلسطٌن‪ ،‬وتشرٌد‬
‫غالبٌة شعبنا من وطنه‪ .‬واآلن هو ٌحتل – أي الغزو الصهٌونً – فلسطٌن بؤسرها‪ ،‬مضافا ً إلٌها أجزاء من‬
‫الجمهورٌة العربٌة المتحدة وسورٌا‪ ،‬بٌنما ٌعٌش شعبنا اآلن إما تحت االحتبلل المباشر‪ ،‬أو مشردا ً فً‬
‫أرض أو حتى هوٌة‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫معسكرات البلجبٌن ببل عبللات التصادٌة وببل‬

‫تمر بها ثورتنا؟ إنها ٌؽضيث اىخطؽر اىٌِٖٔ اىػٍٗلؽاٌٖ اىؼي‬


‫إذن‪ ،‬ما هً المرحلة التارٌخٌة التً ّ‬
‫ٗفخٓػف إزاىث اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ – اإلٌتؽٗاىٖ ةهو ٌؤـفاحّ االكخهادٗث واىٓفهؽٗث‬
‫ً‬
‫واىف٘اـ٘ث واىرلاف٘ث‪ ،‬وإرساع اىلٓب اىٓؽةٖ اىفيفٍِٖ٘ إىٕ أرىّ‪ ،‬وحطؽٗؽْا ني٘ا ٌَ‬
‫اىهُٓ٘ٔ٘ث واإلٌتؽٗاى٘ث‪ ،‬وحطل٘ق االـخلالل واىف٘ادة اىٌِٔ٘ث واىػٍٗلؽاٌ٘ث‪.‬‬

‫عندما نتحدث عن طبٌعة مرحلة ما فً الثورة‪ ،‬نتحدث‪ ،‬فً الوالع عن طبٌعة التنالض الربٌسً نفسه فً بلد‬
‫ما وفً فترة تارٌخٌة محددة‪ .‬ومن تحدٌد طبٌعة المرحلة ٌتحدد الهدف – برنامج الح ّد األدنى – الذي تعمل‬
‫الثورة على تحمٌمه‪.‬‬

‫أما أهداؾ برنامج الح ّد األدنى التً ٌجب تحمٌمها فً مرحلة التحرر الوطنً الدٌممراطً‪ ،‬من خالل الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة‪ ،‬على األرض الفلسطٌنٌة‪ ،‬فهً‪:‬‬

‫أوالً ‪ -‬من الناحٌة السٌاسٌة‪ :‬تصفٌة الدولة الصهٌونٌة والسٌطرة اإلمبرٌالٌة‪ ،‬وتحمٌك االستمبلل‬
‫‪34‬‬
‫والسٌادة الوطنٌة (وهذا هو محتوى التحرر الوطنً)‪.‬‬

‫‪ 32‬الموى المنتجة وعبللات االنتاج هً من مفردات التحلٌل الماركسً االلتصادي فً المجتمع‪ ،‬وبالتالً الثورة الطبمٌة‬
‫االشتراكٌة‪.‬‬
‫ً‬
‫احتبلال‪ ،‬كما الحال مع السبلجمة األتران‪ ،‬والبوٌهٌٌن الفرس‬ ‫‪ 33‬ال ٌرى المسلمون بغالبهم أن الوجود التركً(العثمانً) كان‬
‫والممالٌن من وسط ثسٌا‪ ،‬والسلطنة التركٌة العثمانٌة بغض النظر عن سنوات الصعود أو الهبوط‪ ،‬وبغض النظر عن بإس‬
‫سنواتها االخٌرة عندما تحولت الى رجل أوربا المرٌض‪ ،‬ومع االستبداد و سٌاسة التترٌن وتراكم المظالم‪ ،‬اال أنها كانت جزء‬
‫من الحضارة العربٌة اإلسبلمٌة بحسناتها وسوءها‪ .‬والكاتب أي منٌر شفٌك كان حٌنها اشتراكٌا شٌوعٌا ثم تبنى الحما الفكر‬
‫اإلسبلمً ما ٌعنً أن كثٌر من التحلٌبلت بعممها االشتراكً لم تعد عنده على نفس الموة ربما باستثناء الخطوط الربٌسة‪.‬‬
‫‪ 34‬نتٌجة الزالزل التارٌخٌة والثمافٌة والعسكرٌة التً حلت باألمة مما ذكرناه فً هامش سابك‪ ،‬إضافة لصراعات الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة الداخلٌة ومع الجوار‪ ،‬تحول الشعار الحمًا الى فكرة إلامة الدولة الفلسطٌنٌة على أي شبر ٌتم تحرٌره أو استرداده‬
‫خاصة بعد العام ‪ ،9191‬وهو ما أحدث انشمالا فً الحركة الوطنٌة الفلسطٌنٌة‪ ،‬لكن هذا التٌارالعام تواصل وصوال الى‬
‫فلسطٌن ضمن فكرة تحمٌك االستمبلل (‪9188‬م) لدولة فلسطٌن (فً الضفة وغزة ضمن حدود ‪9199‬م) المابمة بالحك الطبٌعً‬
‫والتارٌخً والمانونً) وبعاص متها المدس وعودة البلجبٌن‪ ،‬أو ما ٌعرف اصطبلحا بحل الدولتٌن‪ .‬والذي هو ضمن تنظٌر فكرة‬
‫الحل المرحلً‪-‬للنظر فً فكر خالد الحسن‪ ،-‬على أن الحل النهابً فً حركة فتح ٌعنً إلامة الدولة الدٌممراطٌة لكل الطوابف‬
‫واألدٌان فً كل فلسطٌن‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫ثانٌا ً – من الناحٌة العسكرٌة‪ :‬تصفٌة المإسسة العسكرٌة الصهٌونٌة وجٌشها ولوات االحتٌاط‪ ،‬وبناء‬
‫الجٌش الشعبً الفلسطٌنً‪ ،‬من أجل إنجاز التحرر‪ ،‬ومن ثم حماٌة مكتسبات مرحلة التحرر الوطنً‬
‫الدٌممراطً‪.‬‬

‫ثالثا ً – من الناحٌة االلتصادٌة‪ :‬تصفٌة عبللات اإلنتاج االحتكارٌة الصهٌونٌة واإلمبرٌالٌة أي‬
‫مصادرة كل الملكٌة الصهٌونٌة واإلمبرٌالٌة لؤلرض وااللتصاد وأدوات اإلنتاج والعمار‪ ،‬ومصادرة‬
‫أمبلن كل المتعاونٌن مع العدو من أبناء الشعب الفلسطٌنً وتحوٌلها إلى ملكٌة عامة لمصلحة‬
‫الشعب فً الدولة الفلسطٌنٌة‪ ،‬وإلامة التصاد الدٌممراطٌة الجدٌدة مكانها (وهذا هو محتوى‬
‫الدٌممراطٌة فً مرحلة التحرر الوطنً الدٌممراطً على األرض الفلسطٌنٌة)‬

‫رابعا ً‪ :‬تصفٌة المإسسات االجتماعٌة والثمافٌة الصهٌونٌة ومحاربة اإلٌدٌولوجٌة الصهٌونٌة‬


‫واإلمبرٌالٌة والرجعٌة‪ ،‬ألنها كلها ذات طابع عنصري رجعً استعماري‪ ،‬وإلامة مإسسات الدولة‬
‫الفلسطٌنٌة الدٌممراطٌة مكانها بثمافة ثورٌة جدٌدة (وهذا هو محتوى الثمافة الجماهٌرٌة الوطنٌة‬
‫الدٌممراطٌة العلمٌة)‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ذلكم هو محتوى مرحلة التحرر الوطنً الدٌممراطً فً فيفٍَ٘ اىخٖ ْٖ سؾء ٌَ ٌؽضيث اىخطؽر‬
‫اىٌِٖٔ اىػٍٗلؽاٌٖ فٖ اىٌَٔ اىٓؽةٖ واىٓاىً اىراىد‪ ،‬ففيفٍَ٘ سؾء ٌَ اىٌَٔ اىٓؽةٖ‪،‬‬
‫وسؾء ٌَ اىٓاىً اىراىد‪ .‬واىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث سؾء ٌَ اىرٔرة اىٓؽة٘ث وذٔرة اىٓاىً اىراىد‪،‬‬
‫وسؾء ٌَ اىرٔرة اىٓاىٍ٘ث‪.‬‬

‫وهنا‪ ،‬علٌنا أن نبلحظ أن محتوى الدٌممراطٌة فً الثورة الصٌنٌة أو الفٌتنامٌة كان تصفٌة اإللطاع‬
‫و"الكومبرادور"‪ 35‬والمصالح االلتصادٌة اإلمبرٌالٌة‪ ،‬بٌنما محتوى الدٌممراطٌة فً فلسطٌن هو تصفٌة‬
‫الملكٌة الصهٌونٌة واإلمبرٌالٌة‪ .‬لذلن سٌكون المطاع العام فً األرض والصناعة والتجارة والعمار فً الدولة‬
‫الدٌممراطٌة الفلسطٌنٌة‪ ،‬أكبر وأوسع نسبٌا ً منه فً مرحلة الدولة الدٌممراطٌة فً فٌتنام والصٌن‪ .‬وهذا راجع‬
‫إلى طبٌعة الملكٌة الصهٌونٌة واإلمبرٌالٌة فً فلسطٌن‪ ،‬هذه الملكٌة التً تشمل االلتصاد “اإلسرابٌلً” كله‪،‬‬
‫وهً أوسع نسبٌا ً من ملكٌة "الكومبرادور" واإللطاع واإلمبرٌالٌة فً الصٌن أو فٌتنام‪.‬‬

‫ومن ناحٌة أخرى ال ب ّد من مالحظة ما ٌلً فٌما ٌتعلك بالملكٌة العربٌة لألرض الفلسطٌنٌة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬كانت خطة االستعمار البرٌطانً عندما دخل فلسطٌن تستهدف عدم نشوء ملكٌة إلطاعٌة كبٌرة‬
‫على خبلف خطته فً العراق ومصر مثبلً‪ .‬وذلن ألن تفتٌت الملكٌة كان ممدرا ً له أن ٌساعد على‬
‫شراء األراضً العربٌة من لبل المؤسسات الصهٌونٌة‪ .‬ولد شفعت تلن السٌاسة بمجموعة من‬
‫اإلجراءات إلجبار الفبلح الفلسطٌنً على بٌع أرضه‪ ،‬سواء أكانت عن طرٌك زٌادة الضرابب وعدم‬
‫أثمان عالٌ ٍة لؤلرض‪ ،‬إلى جانب الرواتب‬
‫ٍ‬ ‫صرف لروض الفبلحٌن أو عن طرٌك اإلغراء بدفع‬
‫العالٌة فً سلن التوظٌف والشرطة والجٌش‪ .‬لهذا لم تعرف فلسطٌن الملكٌة اإللطاعٌة لؤلرض كما‬
‫عرفتها مصر والعراق أو الصٌن وفٌتنام بعد االحتبلل االستعماري‪.‬‬

‫ٌجب أال ٌفهم من هذا أنه لم تكن فً فلسطٌن ملكٌات كبٌرة ومتوسطة‪ ،‬ولكنها تختلف عن الملكٌة‬
‫اإللطاعٌة‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬منذ عام ‪ ،1947‬بمٌت الملكٌة الفردٌة العربٌة لؤلرض الفلسطٌنٌة‪ ،‬سواء الكبٌرة أو المتوسطة‬
‫أو الصغٌرة منها‪ ،‬فً حال جمود وتحنط‪ ،‬بمعنى أن تلن الملكٌة‪ ،‬لم تتحرن منذ اثنٌن وعشرٌن‬
‫عاماً‪ ،‬وظلت على صورتها األولى‪ .‬وإذا أضفنا إلى ذلن عشر سنوات أو عشرٌن سنة أو أكثر حتى‬
‫ٌت ّم تحرٌر فلسطٌن تحرٌرا ً كامبلً‪ ،‬فسوف ٌعنً هذا أن ملكٌة األرض الفلسطٌنٌة والعمار سوف‬
‫شر ممزق‪ ،‬حتى لو طبك علٌها لانون اإلرث اإلسبلمً‪ ،‬ألن الجٌل الثالث أو الرابع الذي‬ ‫تمزق ّ‬
‫سٌرث ملكٌة أجداده سوف ٌتمسم األرض والعمار‪ ،‬بصورة عجٌبة ٌستحٌل تطبٌمها فً أغلب‬
‫الحاالت‪ .‬ولكً نجعل هذه الحمٌمة أكثر وضوحا ً نستطٌع أن نشبه ما سٌحدث للملكٌة الفردٌة العربٌة‬
‫فً فلسطٌن – بسبب االحتبلل الصهٌونً وإجبلء الشعب العربً الفلسطٌنً من وطنه لمدى ثبلثٌن‬

‫‪ 35‬كومبرادور (باإلنجلٌزٌة‪ )Comprador :‬هو مصطلح سٌاسً ٌكثر استعماله من لبل التٌارات االشتراكٌة والٌسارٌة‬
‫وٌعنً طبمة البورجوازٌة التً سرعان ما تتحالف مع رأس المال األجنبً تحمٌما لمصالحها ولبلستٌبلء على السوق الوطنٌة‪،‬‬
‫أصل الكلمة برتغالً وتعنً باللغة البرتغالٌة المشتري‪ .‬الكلمة المضادة لكومبرادور هً الوطنٌة أو المومٌة‪ ،‬وهً األفكار‬
‫المعادٌة لبلستعمار وأنشطته المختلفة‪-‬الموسوعة الحرة‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫أو أربعٌن عاما ً – ألول‪ ،‬نستطٌع أن نشبه هذه الحالة للملكٌة بالحالة التً ٌؤول إلٌها الولؾ الذري‬
‫بعد ثالثة أو أربعة أجٌال‪ .‬والولف الذري‪ٌ ،‬ت ّم من خبلل أن ٌولف إنسان ما ملكٌة داره مثبلً على‬
‫ورثته ولفا ً ذرٌاً‪ ،‬بمعنى أنه ال ٌحك ألي ورٌث من ورثته أو ورثة ورثته أن ٌبٌع تلن الملكٌة‪ ،‬وإنما‬
‫لهم فمط أن ٌفٌدوا من رٌعها أو استخدامها وتورٌثها لذرٌتهم‪ .‬األمر الذي ٌصل بتلن الملكٌة بعد‬
‫جٌلٌن أو ثبلثة إلى أن تصبح ملكٌة لثبلثٌن أو أربعٌن ورٌثا ً‪.‬‬

‫هذا ما حدث اآلن للملكٌة الفردٌة العربٌة فً فلسطٌن‪ ،‬مما سٌجعل الدولة الدٌممراطٌة الفلسطٌنٌة‬
‫مضطرة إلى معالجة هذه الحالة الفرٌدة‪ ،‬إما من خبلل إعادة تمسٌم األرض (إصبلح زراعً)‪،‬‬
‫أوتحوٌل الملكٌة إلى ملكٌة للدولة‪ ،‬أو على شكل مزارع جماعٌة لكً تإمن تطور العملٌة اإلنتاجٌة‬
‫وسٌرها‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ثمة مناطك من األرض شاسعة‪ ،‬خضعت بسبب التصاد "الكبوتز" و"الموشاف"‬
‫الصهٌونٌٌن‪ ،‬بعد اغتصاب األرض الفلسطٌنٌة‪ ،‬ألسلوب خاص فً طرٌمة اإلنتاج والري والزراعة‬
‫(أرلى أشكال الزراعة الرأسمالٌة)‪ ،‬ولد ضاعت معالم التمسٌمات المدٌمة لتلن األراضً‪ .‬لذلن‪ ،‬ال‬
‫ٌمكن إعادة تفتٌتها ألن هذا سٌإدي إلى تدهور إنتاجها‪ ،‬وفً بعض الحاالت إلى استحالته‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫مفر من أن تدخل تلن األراضً ملكٌة المطاع العام أو المزارع التعاونٌة فً الدولة الدٌممراطٌة‬
‫ال ّ‬
‫الفلسطٌنٌة بعد مصادرتها من المإسسات االحتكارٌة الصهٌونٌة‪.‬‬

‫وبهذا‪ ،‬تكون الصورة لد اتضحت أمامنا تماما ً بالنسبة إلى المحتوى الذي ستتخذه مرحلة التحرر الوطنً‬
‫الدٌممراطً فً فلسطٌن‪.‬‬
‫ّ‬
‫وبعد‪ ،‬فإذا كانت المرحلة التارٌخٌة التً نعٌشها اآلن هً ٌؽضيث اىخطؽر اىٌِٖٔ اىػٍٗلؽاٌٖ‪ ،‬فال ةػ‬
‫ٌَ أن حِتّ ٌت٘ٓث ذٔرحِا ٌَ ٌت٘ٓث اىٍؽضيث ةاىؼات‪ ،‬أي ال ب ّد من أن تكون ثورتنا ذات طبٌعة‬
‫ثورة تحرر وطنً دٌممراطً‪ ،‬وبالتالً‪ ،‬ستكون استراتٌجٌتنا السٌاسٌة والعسكرٌة‪ ،‬وتكتٌكنا السٌاسً‬
‫والعسكري نابعٌن من طبٌعة المرحلة‪ ..‬وطبٌعة الثورة‪.‬‬

‫لذلن ال ٌكون أي برنامج تتبناه أٌة منظمة فً الساحة الفلسطٌنٌة برنامج تحرر وطنً دٌممراطً ٌتضمن‬
‫العنف الثوري المسلّح طرٌما ً لتحمٌك برنامج‪ٌ ،‬كون برنامجا ً ٌعبّر إما عن انتهازٌة ٌمٌنٌة أو “ٌسارٌة”‪ .‬من‬
‫هنا ٌظهر بوضوح أن المنظمات التً تطرح فً الساحة الفلسطٌنٌة برنامج ثورة اشتراكٌة‪ ..‬ثورة‬

‫‪" 36‬موشاف" مصطلح عبري ٌشٌر إلى لرٌة زراعٌة (مستعمرة فً أرضٌنا فً فلسطٌن) ت ُ َك ِونُ فٌه األسر وحدات التصادٌة‬
‫تدٌر لطعة األرض بشكل خاص بها‪ ،‬وتعود ملكٌة أراضً الموشاف للصندوق المومً الٌهودي‪ .‬ولد ألٌم أول موشاف عمالً‬
‫عام ‪ 9199‬فً شمال مرج ابن عامر شمال فلسطٌن‪.‬‬
‫"كٌبوتس‪ ،‬كٌبوتز"‪ ،‬أو (مستوطنة زراعة وعسكرٌة) هو تجمع سكنً تعاونً ٌضم جماعة من المزارعٌن أو العمال الٌهود‬
‫الذٌن ٌعٌشـون وٌعملون سـوٌاً‪ ،‬بعدغزوهم فلسطٌن وٌبلغ عـددهم ما بٌن ‪ 04‬و‪ 9044‬عضو‪.‬وٌُع ُّد الكٌبوتس من أهم‬
‫المإسسات التً تستند إلٌها الحركة الصهٌونٌة فً فلسطٌن (لبل ‪ )9108‬أو "إسرابٌل" (بعد تؤسٌسها) والتً أثرت على الحٌاة‬
‫السٌاسٌة واالجتماعٌة فً "إسرابٌل" حتى بداٌة الثمانٌات ولتما بدأ انحطاطه‪-‬عن الموسوعة الحرة بتصرف‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫برولٌتارٌة‪ ،37‬إنما تمع فً حمى المزاٌدة “فوق الٌسارٌة” واالنتهازٌة “الٌسارٌة”‪ .‬وهذا لٌس انتمادا ً للثورة‬
‫تمر بها الثورة‬‫االشتراكٌة‪ ..‬الثورة البرولٌتارٌة‪ ،‬وإنما هو انتماد لبرنامج ال ٌتمشى والمرحلة التارٌخٌة التً ّ‬
‫فً ظرف محدد‪ ،‬وفترة زمنٌة محددة‪.‬‬

‫وهنا‪ٌ ،‬جدر بنا أن نمف للٌبلً لمنالشة مسؤلة على غاٌة من األهمٌة‪ ،‬وهً مسؤلة اىتؽُاٌز اىرٔري‪ .‬ما هو‬
‫البرنامج الثوري؟ وما هو المعٌار لثورٌة هذا البرنامج أو ذان‪ ،‬والنتهازٌة هذا البرنامج أو ذان؟‬

‫الخطؤ الفادح الذي ٌمكن أن ٌمع فٌه المثمفون وهم ٌنالشون البرنامج إنما هو المنالشة التجرٌدٌة‪ ،‬بحٌث تإخذ‬
‫نصوص برنامج ما‪ ،‬وتمارن ببرنامج “نموذج”!‪ ،‬وهذا ما ٌفعله‪ ،‬عادة‪" ،‬التروتسكٌون"‪ .38‬إن مثل هذه‬
‫الطرٌمة فً مواجهة البرنامج هً منهجٌة مٌتافٌزٌمٌة تجرٌدٌة‪ ،‬لؤلسباب التالٌة‪:‬‬

‫‪-1‬ال ٌوجد برنامج سٌاسً صالح لكل المراحل التارٌخٌة ولكل الظروف؛ ألن البرنامج السٌاسً‬
‫الذي استطاع أن ٌمود ثورة ما إلى نجاحٍ ضمن ظروف محددة وفترة تارٌخٌة محددة‪ ،‬ال ٌمكن أن‬
‫ٌمود ثورة أخرى إلى النجاح فً مكان ثخر وتحت ظروف أخرى مختلفة محلٌا ً ودولٌا ً ومرحلٌا ً‪.‬‬
‫‪-2‬ال ب ّد من اكتشاف السمات الموضوعٌة الخاصة لكل بلد ولكل مرحلة تارٌخٌة‪ ،‬وتحدٌد أنواع‬
‫التنالضات وطبٌعتها‪ ،‬لكً ٌصبح باإلمكان وضع البرنامج السٌاسً للثورة‪.‬‬

‫إن وجود برنامج “نموذج” ٌصلح لكل الحاالت ٌعنً عدم رإٌة حركة الوالع وتغٌّر الظروف وتنوع‬
‫الحاالت‪ ،‬وهذا هو بعٌنه المنهج المٌتافٌزٌمً‪ 39‬التجرٌدي فً التحلٌل‪ .‬ولهذا ال ٌمكن أن ٌإدي‪ ،‬فً ٌوم من‬
‫األٌام‪ ،‬إلى إحداث تغٌٌر ثوري أو تفجٌر الثورة‪ .‬والذٌن جاإوا إلى الساحة الفلسطٌنٌة ببرنامج اشتراكً‬

‫‪ 37‬ثورة الپرولٌتارٌا ‪ :‬مصطلح سٌاسى اجتماعى وٌمصد به أن طبمة البرولٌتارٌا (طبمة العمال) ٌجب أن تموم بثوره ضد‬
‫الطبمة البرجوازٌة و سٌدعو إلً تلن الثورات مجموعات من الشٌوعٌٌن و االشتراكٌٌن ‪ .‬وٌعتبر هذا المصطلح فً الماركسٌة‬
‫بداٌة التفكٌن الذي سوف ٌحدث للرأسمالٌة‪ .‬أما "البرجوازٌة" فهً طبمة اجتماعٌة ظهرت فً المرنٌن الخامس عشر والسادس‬
‫عشر‪ ،‬تمتلن رإوس األموال والحرف‪ ،‬كما تمتلن كذلن المدرة على اإلنتاج والسٌطرة على المجتمع ومإسسات الدولة‬
‫للمحافظة على امتٌازاتها ومكانتها بحسب نظرٌة كارل ماركس‪.‬‬
‫‪ 38‬هو فً تنظٌره المبكر هذا موجه لخطوط مختلفة داخل الحركة الشٌوعٌة مثل الماركسٌة الروسٌة التً تنادي بدٌكتاتورٌة‬
‫البرولٌتارٌا‪ ،‬واصحاب الثورة المستمرة جماعة "تروتسكً" وهو احد لادة لثورة الروسٌة واختلف مع المٌادة فانشك عنها‪،‬‬
‫بٌنما هو ٌتبنى النموذج الصٌنً (الماوي نسبة للربٌس الصٌنً ماوتزي تونغ‪ ،‬لذلن كان ٌوصف تٌار منٌر شفٌك حٌنها بالتٌار‬
‫الماوي فً حركة فتح‪ ،‬او الماوٌٌن‪.‬‬
‫‪ 39‬المٌتافٌزٌما أو الماورابٌات أو ما وراء الطبٌعة هو فرع من الفلسفة ٌدرس جوهر األشٌاء‪ٌ .‬شمل ذلن أسبلة الوجود‬
‫والصٌرورة والكٌنونة والوالع‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫(نموذج)‪ ،‬على طرٌمة "التروتسكٌٌن"‪ ،40‬وبخاصة‪ ،‬إذا كانوا “ماركسٌٌن لٌنٌنٌٌن”‪ ،‬ولعوا فً التجرٌد‬
‫والمٌتافٌزٌمٌة‪ ،‬وابتعدوا عن المنهج الدٌالكتٌكً‪.41‬‬

‫ٌبمى السإال‪ :‬ما هو المنهج الواجب اتباعه فً وضع برنامج ثوري‪ ،‬فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪ ،‬وفً ببلد‬
‫محددة‪ ،‬وفً ظ ّل ظروف محلٌة ودولٌة محددة؟ ببساطة‪ٌ ،‬جب أن ٌنبع البرنامج من تحلٌل الوالع‬
‫الموضوعً‪ ،‬فً البلد المحدد وضمن الظروؾ المحلٌة والدولٌة المحددة‪ ..‬ثم االنتمال إلى تحدٌد دلٌك‬
‫للتنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ ،‬وكذلن تحدٌد دلٌك لطرٌمة ح ّل كل تنالض ربٌسً أو ثانوي‪ .‬ومن‬
‫هنا تظهر طبٌعة االنحراف االنتهازي “الٌساري” فً الثورة الفلسطٌنٌة عندما تمدم برامج مؤخوذة من الكتب‪،‬‬
‫أو إلرضاء بعض العناصر الٌسارٌة األوروبٌة‪ ،‬دون أن ٌجري تحلٌل عمٌك وجا ّد للظروف الموضوعٌة‬
‫العامة والخاصة وللظروف العربٌة والدولٌة‪.‬‬

‫أما السإال الحاسم حول هذا الموضوع فإنه‪ :‬ما هو المعٌار للحكم على ثورٌة برنامج ما أو عدم ثورٌته؟‬
‫وهنا ٌمع المثمفون فً خطؤ ثخر أٌضاً‪ ،‬وهو حكمهم على برنامج ما من خبلل لراءتهم لذلن البرنامج‪ ،‬ومدى‬
‫مطابمته لمناعاتهم الجاهزة أو معتمداتهم و ُمثُلهم‪ ،‬هذا أٌضا ً نهج مٌتافٌزٌمً تجرٌدي فً البحث!‬

‫أما المعٌار العلمً النابع من المنهج الدٌالكتٌكً فً البحث‪ ،‬فإنما هو ممارنة البرنامج بتحلٌل الوالع‬
‫الموضوعً ورإٌة مدى مطابمته لحاجات وإمكانات إحداث التغٌٌر الثوري فً ذلن الوالع‪.‬‬

‫وأخٌرا ً فحص النتابج التً أحدثها تطبٌك ذلن البرنامج على أرض الوالع‪ .‬وبكلمات أخرى‪ ،‬فحص مدى ما‬
‫أحدثه ذلن البرنامج من تغٌٌر ثوري على أرض الوالع‪ ،‬ألن البرنامج الثوري هو الذي ٌستطٌع أن ٌصنع‬
‫الثورة‪ ،‬وهو الذي ٌحدث التغٌٌر الثوري رغم كل تعمٌدات الظروف الداخلٌة والخارجٌة‪ .‬وٌستطٌع أن ٌحمً‬
‫الثورة من مإامرات الموى المضادّة وٌخرج بها ظافرة حتى النصر النهابً‪.‬‬

‫‪ 40‬التروتسكٌٌون نسبة الى "لٌون تروتسكً" (‪1879‬م‪1940-‬م) ‪-‬وهو الذي وضع نظرٌة الثورة الدابمة التً ٌجب أن‬
‫تتعدى حدود روسٌا إلى أنحاء العالم‪ ،‬وتدعو إلى اشعال ثورات متتالٌة فً بلدان مختلفة لتموم الثورة العالمٌة‪ .‬وبعد انتصار‬
‫الثورة الروسٌة الشٌوعٌة عام ‪1917‬م تولى مناصب لٌادٌة بالدولة وأسس الجٌش االحمر‪ ،‬وكان تروتسكً ٌسعى دوما ً إلى‬
‫تولً زمام السلطة فً الحزب والدولة‪ .‬لكن لٌنٌن الذي حظً فً مرحلة الثورة والحرب االهلٌة بشعبٌة أكبر منه حال دون‬
‫ولوع ذلن‪ .‬بدأ التصادم مع ستالٌن‪ ،‬ثم طرد وجرد من جنسٌته ولتل الحما فً المكسٌن‪.‬‬
‫‪ 41‬جدلٌة أو دٌالكتٌن فً الفلسفة الكبلسٌكٌة‪ ،‬الدٌالكتٌن هو الجدل أو المحاورة‪ :‬تبادل الحجج والجدال بٌن طرفٌن دفاعًا عن‬
‫وجهة نظر معٌنة‪ ،‬وٌكون ذلن تحت لواء المنطك‪ .‬وٌعتبر الدٌالكتٌن األساس الذي تبنى علٌه الشٌوعٌة (الماركسٌة‪-‬اللٌنٌنٌة)‬
‫بمعنى الجدل الذي ٌوصل إلى النظرٌات والمواعد التً تحكم الناس وتسٌر حٌاتهم السٌاسٌة وااللتصادٌة واالجتماعٌة‪-‬عن‬
‫الموسوعة الحرة‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫من الٌمٌن‪ :‬تروتسكً ثم لٌنٌن ثم ستالٌن‬
‫إن الذي أعطى اللٌنٌنٌة لٌمتها العلمٌة فً مجال النظرٌة‪ ،‬إنما هو نجاح برنامج لٌنٌن بصنع الثورة‪ ،‬وتؤكٌد‬
‫صحة تحلٌبلته ونظرٌاته على أرض الممارسة والتطبٌك العملً‪.42‬‬

‫كما أن الذي جعل "ماوتسً تونغ" مطورا ً مبدعا ً للماركسٌة اللٌنٌنٌة فً مجال النظرٌة والتطبٌك‪ ،43‬إنما هو‬
‫نجاح الثورة الصٌنٌة على أرض الوالع‪ ،‬والنتابج المترتبة‪ ،‬والعٌا ً وعملٌاً‪ ،‬لبرنامج ماوتسً تونغ السٌاسً‪،‬‬
‫سواء أكان فً مرحلة التحرر الوطنً الدٌممراطً أو مرحلة البناء االشتراكً والثورة الثمافٌة‪.‬‬

‫وكذلن بالنسبة إلى "هوشً منه"‪ ،‬و"كٌم إٌل سونغ"‪ ،‬و"أنور خوجا"‪.‬‬

‫إن المول الفصل بالنسبة إلى أي برنامج ثوري إنما هو التطبٌك العملً‪ ،‬إنما هو النجاح‪ ،‬ثورٌاً‪ ،‬على‬
‫أرض الوالع‪ .‬إننا ال نستطٌع أن نمتلن زمام علم الثورة إذا لم نجعل‪ ،‬من التحلٌل العلمً لكل والع‬
‫موضوعً ضمن ظروؾ محددة ومن ثم نمل نتائجنا إلى التطبٌك العملً على أرض الوالع وفحصها هنان‪،‬‬
‫معٌارا ً للحكم على صحة أٌة نظرٌة‪ ،‬أو أي برنامج‪.‬‬

‫‪ 42‬سمطت الثورة الشٌوعٌة والفكر الماركسً‪-‬اللٌنٌنً منذ العام ‪ 1991-1989‬وتفكن االتحاد السوفٌتً‪ ،‬ودول اوربا‬
‫الشرلٌة التابعة لها ثنذان‪ ،‬وانتهت حمبة المنظومة االشتراكٌة الشرلٌة تماما‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 43‬من الواضح حجم التؤثر الكبٌر لمنٌر شفٌك حٌنذان بالتجربة الصٌنٌة االشتراكٌة (الماوٌة) لذلن ٌنظر ضد التجارب‬
‫األخرى‪ ،‬وٌدعم ما حصل فً فٌتنام (بزعامة هوشً منه) وكورٌا الشمالٌة (بزعامة كٌم إٌل سونغ)‪ ،‬وفً ألبانٌا (بزعامة أنور‬
‫خوجة)‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫وٌجدر أن نلفت االنتباه‪ ،‬إلى أن المسؤلة المطروحة هنا هً البرنامج ولٌس النظرٌة‪.‬‬

‫ألن ٌَ اىيؽوري ْػم اىغيً ةَ٘ اىِِؽٗث اىخٖ ْٖ دى٘و ىيٍٓو وٌِٓز ىيخطي٘و ٗهيطان‬
‫ىهو اىطاالت‪ ،‬واىتؽُاٌز‪.‬‬

‫وبالمناسبة‪ ،‬إن كل الصراعات السٌاسٌة التً ولعت بٌن الماركسٌٌن لبل لٌنٌن‪ ،‬ثم بٌن الماركسٌٌن اللٌنٌنٌٌن‬
‫بعد ذلن‪ ،‬لم تكن حول النظرٌة بموانٌنها العامة‪ ،‬وإنما حول البرنامج والتطبٌك‪ ،‬فالصراع الذي خاضه لٌنٌن‬
‫ض ّد االنحرافٌن الٌمٌنً و“الٌساري” فً حزب االشتراكٌٌن الدٌممراطٌٌن الروس‪ ،‬إنما كان حول برنامج‬
‫الثورة‪ ..‬برنامج العمل‪.‬‬

‫وكذلن الحال بالنسبة إلى الصراعات التً خاضها "ماوتسً تونغ" طوال مسٌرة الحزب الشٌوعً الصٌنً‬
‫والثورة الصٌنٌة ض ّد االنحرافٌن الٌمٌنً و“الٌساري”‪ ،‬فمد كانت حول البرنامج‪ ،‬برنامج العمل ولٌس حول‬
‫الموانٌن العامة للمادٌة الدٌالكتٌكٌة والمادٌة التارٌخٌة‪.‬‬

‫طبعا ً إن هذا ال ٌتنالض مع كون تلن الصراعات لد اتخذت بعض األحٌان شكل صراع مبدبً وفلسفً‬
‫باإلضافة إلى صراعٍ حول البرنامج‪ ،‬وبخاصة‪ ،‬فً حاالت االرتداد‪ ،‬والتخرٌب‪ ،‬أو الخٌانة‪.‬‬

‫ولبل االنتهاء من هذه النمطة ال ب ّد من التوضٌح وهو إن كلمة ةؽُاٌز تشمل التحلٌل للوالع الموضوعً‪،‬‬
‫فً ظروؾ محددة‪ ،‬وتحدٌد التنالضات‪ ،‬كما تشمل طرٌمة ح ّل هذه التنالضات أي تشمل الممارسة أٌضا ً إلى‬
‫جانب تحدٌد أهداؾ وشعارات الثورة‪.‬‬

‫وإذا عدنا مرة أخرى لبلنحراف االنتهازي “الٌساري” فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ ،‬فنحن ال نراه ٌتر ّكز فمط فً‬
‫مجال تحدٌد المرحلة التارٌخٌة وطبٌعة الثورة فً هذه المرحلة‪ ،‬وإنما أٌضاً‪ ،‬فً المولف من الماركسٌة‬
‫اللٌنٌنٌة بالذات‪ ،‬ألن هذه التٌارات التً تسمً نفسها ماركسٌة لٌنٌنٌة تخرق الماركسٌة اللٌنٌنٌة فً لوانٌنها‬
‫العامة‪ ،‬مثبلً‪ ،‬فً لضٌة ضرورة تشكٌل وبناء حزب الطبمة العاملة؛ فهً – أي تلن التٌارات – تمؤل العالم‬
‫بتردٌد اسم الماركسٌة اللٌنٌنٌة‪ ،‬ولكنها فً الولت نفسه‪ ،‬ال تبذل أي جهد فً المٌام بعمل جا ّد من أجل تشكٌل‬
‫وبناء حزب الطبمة العاملة‪ ،‬حسب التحدٌد اللٌنٌنً‪.‬‬

‫وهنا ٌمع أصحاب هذا االتجاه فً االنتهازٌة الٌمٌنٌة و“الٌسارٌة” فً ولت واحد‪ ،‬ألنه فً الولت الذي‬
‫ٌرفعون فٌه الشعارات العامة “فوق الٌسارٌة” – (انتهازٌة ٌسارٌة) من خبلل إعبلنهم بضرورة تحوٌل‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة من ثورة تحرر وطنً دٌممراطً إلى ثورة اشتراكٌة وتفجٌر الصراعات الطبمٌة فً‬
‫التنالض الثانوي‪ ،‬لبل أن تنجز مرحلة التحرر الوطنً‪ ،‬نراهم ٌهربون من تشكٌل الحزب اللٌنٌنً حزب‬
‫الطبمة العاملة‪ ،‬وهذا انحراف وانتهازٌة ٌمٌنٌة بالممٌاس الماركسً اللٌنٌنً نفسه‪ .‬ومن هنا ٌمكن أن نستنتج‬
‫أن عناصر البرجوازٌة الصغٌرة المجتثة من الجذور‪ ،‬فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ ،‬تحاول أن تتسلك على شعارات‬
‫الطبمة العاملة اعتباطاً‪ ،‬فً حٌن تُبمً كل شًء – وخصوصا ً التنظٌم والتركٌبة التنظٌمٌة والعبللات‬
‫التنظٌمٌة – فً أحضان طبمتها التً ترٌد أن تهرب من أرض الوالع‪ ،‬وأحٌاناً‪ ،‬ترٌد أن تحرق كل المراحل‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬ضاربة بعرض الحابط بكل الوالع الموضوعً والموانٌن العامة للتطور االجتماعً وللثورة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ولعل من أبرز السمات الطرٌفة للبرجوازٌة الصغٌرة أنها دابما ً غٌر راضٌة عن وضعها الطبمً‪ ،‬فهً إما‬
‫مملدة للطبمات األعلى منها متلبسة لبوسها‪ ،‬وإما متطفلة على شعارات الطبمة العاملة سالبة منها محتواها‬
‫الثوري‪ ،‬خصوصاً‪ ،‬التنظٌم الثوري والعبللات الثورٌة داخل التنظٌم‪ ،‬ألنها تخشى ذلن كما تخشى الموت‪.‬‬
‫وبهذا تظ ّل تتنمل دابما ً من االنحراف الٌمٌنً إلى االنحراف “الٌساري”وبالعكس‪ .‬ولكن‪ ،‬أبداً‪ ،‬ال ٌمكن أن‬
‫ّ‬
‫الخط الثوري الصحٌح‪ ،‬أو تهتدي إلٌه‪ ،‬إال عندما تكون مطرلة الطبمة العاملة لوٌة‪ .‬لذلن فهً‬ ‫تثبت على‬
‫تارة ٌابسة من الثورة‪ ،‬ومن إمكانٌة تفجٌرها أو استمرارها وتطورها‪ ،‬ثم فجؤة تنتمل للثورة‪ ،‬ولكن لتتولع‬
‫منها أن تصنع العجابب والمعجزات دفعة واحدة‪ ،‬وبلحظة خاطفة من الزمان‪ .‬وهذا ٌفسر انتمالها الفوري من‬
‫ألصى الٌمٌن إلى ألصى “الٌسار”‪ ..‬ولن ٌكون عجٌبا ً أن تعود‪ ،‬بنفس السرعة‪ ،‬إلى ألصى الٌمٌن إذا ما‬
‫استمرت فً مغامراتها حٌن تصطدم مع أول عمبة حمٌمٌة(‪...)1‬؟‬

‫ثمة مثال بارز على االنحرافٌن الٌمٌنً و“الٌساري” فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ٌ .‬تمثل فً موضوع استراتٌجٌة‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة‪ ،‬وعبللتها باستراتٌجٌة الثورة العربٌة‪ .‬وإذا كنا‪ ،‬فٌما سبك‪ ،‬لد للنا إن اعتبار الثورة‬
‫العربٌة بدٌالً للثورة الفلسطٌنٌة هو انحراؾ ٌمٌنً‪ ،‬فإننا نواجه اآلن اتجاها ً ذا انحراؾ “ٌساري” برز بعد‬
‫تفجٌر الثورة الفلسطٌنٌة‪ ،‬وانتصار استراتٌجٌتها السٌاسٌة والعسكرٌة فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ ،‬لٌعتبر‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة بدٌالً للثورة العربٌة‪ ،‬والجماهٌر الفلسطٌنٌة بدٌالً للجماهٌر العربٌة‪ .‬فؤخذ ٌطالب طبلبع‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة المٌام بالثورة العربٌة‪ ،‬حتى تنظٌم الجماهٌر العربٌة‪ ،‬وإسماط األنظمة العربٌة‪ ،‬وضرب‬
‫المصالح اإلمبرٌالٌة فً كل مكان‪ .‬وامت ّد األمر لدى البعض فً هذا االتجاه إلى الطلب من الثورة الفلسطٌنٌة‬
‫أن تذهب بالعنف المسلّح إلى كل بماع العالم‪ ،‬وأخذ ٌنمل المماتلٌن الفلسطٌنٌٌن بؤسلحتهم لٌموموا بعملٌات‬
‫مسلّحة فً زٌورخ‪ ،‬وروما‪ ،‬ولندن‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫فإذا كان من االنحراؾ االنتهازي الٌمٌنً اعتبار الثورة العربٌة أو الجٌوش العربٌة بدٌالً للثورة‬
‫الفلسطٌنٌة والجماهٌر الفلسطٌنٌة فإنه لمن االنحراؾ االنتهازي “الٌساري” اعتبار الثورة الفلسطٌنٌة‬
‫بدٌالً للثورة العربٌة والجماهٌر العربٌة‪ ،‬أو جعلها‪ ،‬عملٌاً‪ ،‬تموم بالمهمات التً ٌجب أن تموم بها الثورة‬
‫العربٌة أو الثورة العالمٌة والجماهٌر فً البلدان األخرى‪.‬‬

‫والسإال اآلن هو‪ ٌَ :‬اىؼي ٗشب أن ٗهِّ اىرٔرة اىٓؽة٘ث؟ من الذي ٌستطٌع أن ٌضرب مصالح‬
‫االستعمار فً الوطن العربً أو فً العالم؟‬

‫لئلجابة عن هذه األسبلة ال ب ّد من العودة إلى التؤكٌد على أهمٌة معرفة طبٌعة كل تنالض أو معرفة أسلوب‬
‫ح ّل كل تنالض‪ ،‬وتحدٌد الموى الضاربة الربٌسٌة والموى الحلٌفة فً كل حالة‪.‬‬

‫بٌد أن من الضروري لبل المضً بالتفصٌل حول هذه النمطة أن ٌلفت النظر إلى نوع من التنالضات فرٌد‬
‫من نوعه ٌواجه الثورة الفلسطٌنٌة والثورة العربٌة‪ ،‬وهو وسٔد حِاكو رئ٘فٖ ْام ٗلٍو نو‬
‫اىٍٍِلث‪ ،‬وٗلف ْيٕ رأس أضػ كٍتّ٘ اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ وضي٘فخّ اإلٌتؽٗاى٘ث األٌ٘ؽن٘ث‪،‬‬
‫وٗلف ْيٕ رأس اىلٍب ا‪ٙ‬عؽ اىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث وضي٘فخٓا اىرٔرة اىٓؽة٘ث فٖ ةل٘ث األكٍار‬
‫اىٓؽة٘ث من جهة ثانٌة‪ .‬بٌنما نجد‪ ،‬فً الولت نفسه‪ ،‬أن هنالن تنالضا ً رئٌسٌا ً خاصا ً (بسبب التجزئة) فً كل‬

‫‪26‬‬
‫بلد عربً‪ ،‬وهنا ٌمؾ على رأس أحد لطبٌه عمالء اإلمبرٌالٌة وحلٌفتهم اإلمبرٌالٌة العالمٌة‪ ،‬بٌنما ٌمؾ‬
‫على رأس المطب اآلخر الثورة العربٌة فً ذلن المطر وحلٌفتها(‪ )0‬الثورة العربٌة فً بمٌة األلطار األخرى‬
‫بما فً ذلن الثورة الفلسطٌنٌة‪.‬‬

‫لذلن‪ ،‬ال ب ّد من أن تنتج حالة شدٌدة التعمٌد نتٌجة وجود هذا الشكل الفرٌد من أنواع التنالضات فً وطن‬
‫واحد‪ ،‬مما ٌضع مسؤلة كٌفٌة مواجهة كل تنالض من هذه التنالضات على غاٌة األهمٌة‪ ،‬بحٌث ٌتحدد بالدلة‬
‫من هً الموى الضاربة الرئٌسة‪ ،‬ومن هً الموى الحلٌفة فً كل حالة‪ .‬هذا وربما نشؤت حاالت أش ّد انفرادا ً‬
‫فمد ٌختلط فٌها شكبل التنالض وٌتداخبلن‪ ،‬وبالتالً‪ ،‬تختلط فٌها أدوار الموى الضاربة الربٌسٌة والموى‬
‫الحلٌفة – كحالة األردن مثبلً‪.‬‬

‫واآلن‪ ،‬لنبدأ بالتنالض الربٌسً األول‪ ،‬ففً هذا التنالض تلعب الجماهٌر الفلسطٌنٌة والثورة الفلسطٌنٌة دور‬
‫الطلٌعة‪ ..‬دور الموة الضاربة الربٌسٌة‪ ،‬بٌنما تلعب الثورة العربٌة والجماهٌر العربٌة دور الموى الحلٌفة أي‬
‫الموى االحتٌاطٌة‪ ،‬أو على ألل تمدٌر‪ ،‬فً المراحل األولى من الكفاح المسلّح‪ .‬فربما تتحول مستمببلً لوى‬
‫حلٌفة إلى لوى طلٌعٌة‪.‬‬

‫أما فً حالة التنالض الربٌسً الخاص فً كل بلد عربً‪ ،‬فإن جماهٌر ذلن البلد بمٌادة طلٌعتها الثورٌة هً‬
‫التً تلعب دور الطلٌعة‪ ..‬دور الموى الضاربة الربٌسٌة بٌنما تلعب الثورة العربٌة عامة والثورة الفلسطٌنٌة‬

‫‪27‬‬
‫دور الحلٌف(‪ ..)1‬دور الموى االحتٌاطٌة‪ .‬ولد ٌتغٌّر هذا الوضع مستمببلً فً حالة نشوء وضع ثوري ٌتٌح‬
‫تحطٌم التجزبة من الخارج مباشرة أٌضا ً أعنً فً حالة إمكان زحف أحد األجزاء أو عدة أجزاء متمدمة‬
‫لتحرٌر األجزاء األخرى بالموة المسلّحة‪ ،‬وخصوصا ً فً حالة الدخول فً معركة شاملة مع اإلمبرٌالٌة‬
‫والصهٌونٌة‪.‬‬

‫وفً هذا الخصوص علٌنا أن نبلحظ ما ٌلً‪:‬‬

‫‪ -1‬إن تمسٌم هذه األدوار على تلن الصورة‪ ،‬فً الولت الحاضر على األلل‪ ،‬ال ٌنبع من اختٌار‬
‫ذاتً‪ ،‬وإنما من الوالع الموضوعً نفسه‪ ،‬أي من والع أنواع التنالضات ومن والع التجزبة‪ .‬واألهم‬
‫من هذا وذان من والع التطور غٌر المتساوي للثورة العربٌة بٌن األلطار العربٌة‪ ،‬فمثبلً‪ ،‬إن الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة والجماهٌر الفلسطٌنٌة‪ ،‬رغم كونهما جزءا ً من الثورة العربٌة‪ ،‬والجماهٌر العربٌة لد تمدما‬
‫كثٌرا ً عن بمٌة األجزاء األخرى‪ ،‬من الناحٌة النضالٌة على األلل‪ ،‬فهما اآلن ٌمارسان الكفاح‬
‫الهوة لد خلك وضعا ً خاصا ً ال ب ّد من أخذه كما هو بعٌدا ً عن الرغبات‬ ‫ّ‬ ‫المسلّح‪ .‬إن وجود هذه‬
‫واألمانً‪ ،‬وإال ولعنا بٌن براثن أحد االنحرافٌن‪ ،‬وفً تلن الحالة ستتخبط الثورة الفلسطٌنٌة والثورة‬
‫العربٌة على ح ّد سواء‪.‬‬

‫‪-2‬إن حلفً٘ ْؼه األدوار ْيٕ حيم اىهٔرة ٌؽْٔن ةاىِؽوف اىطاى٘ث اىخٖ حطهً واكّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اىرٔرة اىفيفٍِ٘٘ث واىرٔرة اىٓؽة٘ث‪ ،‬وٗشب أن حخغ٘ؽ األدوار وحختػل اىهٔرة ٌّ حغ٘ؽ‬
‫اىِؽوف‪ ،‬وتطور النضال حتى نصل إلى تحمٌك الوحدة وااللتحام بٌن كل فصابل الثورة العربٌة‪،‬‬
‫وكذلن بٌن كل الجماهٌر العربٌة‪.‬‬

‫وهنا‪ ،‬تبرز لضٌة محورٌة أثارت ضجة كبٌرة حول عبللة الثورة الفلسطٌنٌة بالثورة العربٌة‪ ،‬أو بتحدٌد‬
‫ّ‬
‫أدق‪ ،‬مولف الثورة العربٌة‪ ،‬بٌن كل الجماهٌر العربٌة‪.‬‬

‫وىِتػأ ٌَ اىٔاكّ نٍا ْٔ!‬


‫لمد انفجرت الثورة الفلسطٌنٌة تحت ظروف كانت فٌها فصابل الثورة العربٌة األخرى‪ ،‬فً حالة تخبط‬
‫وانحسار‪ ،‬أي تحت ظروف كانت فٌها االستراتٌجٌة السٌاسٌة والتنظٌمات الطلٌعٌة‪ ،‬على المستوى المطري‬
‫والعربً‪ ،‬تتآكل من الداخل‪ ،‬وتنتظر ضربة لاسٌة لتكشف عن كل ما فٌها من خلل‪ .‬بٌنما ما زالت ثمة موالع‬
‫لوٌة لئلمبرٌالٌة فً الوطن العربً‪ ،‬وخصوصاً‪ ،‬فً الكٌان الصهٌونً الذي كان ٌزداد لوة ٌوما ً بعد ٌوم‪ .‬ولم‬
‫ٌكن أمام الثورة الفلسطٌنٌة‪ ،‬تحت مثل هذه الظروف‪ ،‬إال أن تر ّكز كل جهودها على ح ّل التنالض الربٌسً‪،‬‬
‫وإعادة الحٌاة والشباب للوضع الثوري فً المنطمة‪ ،‬من خبلل النجاح فً إشعال ثورة شعبٌة مسلّحة ض ّد‬
‫الكٌان الصهٌونً وحلٌفته اإلمبرٌالٌة األمٌركٌة‪ .‬ولهذا كان الشعار التكتٌكً “ْػم اىخػعو فٖ اىػول‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اىٓؽة٘ث” كٓارا ىؽورٗا وإٗشاة٘ا ىألـتاب اىخاى٘ث‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫أوالً‪ :‬إن المهمة األولى والرئٌسٌة للثورة الفلسطٌنٌة هً توجٌه سالحها وكامل نشاطٌتها الثورٌة‬
‫ى‬‫ض ّد العدو الصهٌونً‪ .‬وهً المهمة التً ستبمى مبلزمة للثورة الفلسطٌنٌة وللثورة العربٌة لمد ً‬
‫طوٌل من الزمان‪ ،‬حتى االنتهاء من المرحلة التارٌخٌة التً انبثمت فٌها الثورة الفلسطٌنٌة لتح ّل‬
‫تنالضها‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬ضرورة تجنّب الحصار العام‪ ،‬ومن كل الجهات‪ ،‬ض ّد الثورة الفلسطٌنٌة والجماهٌر الفلسطٌنٌة‬
‫وذلن من أجل حماٌة الثورة من االختناق وااللتبلع‪ ،‬ومن أجل تؤمٌن مسٌرة الثورة‪ ،‬وبناء المواعد‬
‫االرتكازٌة مما ٌحدث التغٌٌر الثوري على أرض الوالع ال على ورق النداءات والبٌانات التً لد‬
‫تحدد موالف‪ ،‬ولكنها ال تستطٌع أن تدفع بالوضع الثوري الجماهٌري خطوة واحدة إلى األمام فً أي‬
‫بلد عربً‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إن تجنب سحك الثورة الفلسطٌنٌة وتأمٌن تصعٌدها ٌؤدٌان إلى خلك مناخ ثوري جدٌد فً‬
‫كل المنطمة العربٌة‪ ،‬مما سٌم ّد الثورة العربٌة بؤسباب انبعاثها من جدٌد‪ ،‬وٌساعد على إنماذها من‬
‫استراتٌجٌتها وممارستها الخاطبتٌن‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬الفهم الموضوعً لموانٌن التغٌٌر الثوري فً أرض الوالع‪ ،‬بمعنى أن الثورة الفلسطٌنٌة‬
‫أدركت منذ البداٌة أن إسماط هذا النظام أو ذان‪ ،‬وضرب المصالح اإلمبرٌالٌة‪ ،‬وخصوصا ً‬
‫اإلمبرٌالٌة األمٌركٌة فً المنطمة ال ٌمكن أن ٌت ّم إال من خبلل تحرن طلٌعة ثورٌة كفوءة على رأس‬
‫الجماهٌر العرٌضة فً كل بلد عربً‪ ،‬ولٌس من خبلل أعما ٍل فردٌ ٍة تموم بها الثورة ض ّد هذا‬
‫األنبوب من البترول أو ذان‪ ،‬أو هذه الشركة االستعمارٌة أو تلن‪.‬‬

‫اىؼي ٗهِّ اىخارٗظ‪ ،‬وٗهِّ اىرٔرة‪ ،‬واىؼي ٗطػث اىخغ٘٘ؽ اىرٔري ْيٕ أرض اىٔاكّ‪ ،‬إٍُا ْٖ‬
‫اىشٍاْ٘ؽ ةٍي٘ٓث ذٔرٗث ُاةٓث ٌَ كيتٓا‪.‬‬

‫ولهذا دور الثورة الفلسطٌنٌة فً الثورة العربٌة عامة ال ٌمكن أن ٌكون من خبلل التوجٌهات أو التدخل‬
‫المغامر‪ ،‬أو وضع نفسها بدٌبلً لطلٌعة الجماهٌر العربٌة فً كل بلد أو وصٌا ً علٌها‪ .‬فإن ذلن‪ ،‬رغم كونه غٌر‬
‫مضر فً مستمبل تطور الحركة الثورٌة‬ ‫ّ‬ ‫عملً من الناحٌة الوالعٌة‪ ،‬ولن ٌكتب له النجاح فً التطبٌك‪،‬‬
‫العربٌة‪ ،‬ألنه لد ٌخدر الجماهٌر العربٌة عن المٌام بمسإولٌتها التارٌخٌة‪ ،‬وٌلمً بها على مماعد المتفرجٌن‬
‫الذٌن ٌنتظرون من الثورة الفلسطٌنٌة أن تموم بالدور الذي ٌجب أن ٌموموا هم به‪ ،‬وال ٌمكن أن ٌموم به أحد‬
‫غٌرهم‪ .‬فمثبلً‪ ،‬إذا كان من الضروري فً هذه المرحلة نسف السفارة األمٌركٌة فً طرابلس‪ ،‬فالذي ٌجب أن‬
‫ٌموم بهذه المهمة إنما هم الثورٌون اللٌبٌون‪ ،‬ال عناصر من الثورة الفلسطٌنٌة‪ .‬وإذا كان من الضروري نسف‬
‫شركة أمٌركٌة أو صهٌونٌة فً زٌورٌخ أو بروكسل‪ ،‬فالذٌن ٌجب أن ٌموموا بهذه المهمة‪ ،‬إنما هم الثورٌون‬
‫فً زٌورٌخ أو بروكسل‪ ،‬ال عناصر من الثورة الفلسطٌنٌة‪ .‬أما السبب فً هذا فٌرجع إلى ما ٌلً‪:‬‬

‫‪ -1‬عندما ٌمارس العنف المسلّح فً بلد ما‪ٌ ،‬جب أن ٌنبع من جماهٌر ذلن البلد‪ ،‬وإال انعزل عن‬
‫الجماهٌر‪ ،‬وتحول إلى عمل مغامر‪ ،‬ألن الفرق بٌن المغامرٌن والثوار هو أن المؽامرٌن ٌمارسون‬

‫‪29‬‬
‫العنؾ بمعزل عن الجماهٌر‪ ،‬بٌنما ٌمارس الثوار العنؾ النابع من اإلرادة الجماهٌرٌة لممارسته‪،‬‬
‫الذي ٌجًء معبرا ً عن التحرن الثوري فً البلد الذي ٌنطلك منه‪.‬‬

‫‪-2‬لمد حملت الثورة الفلسطٌنٌة على عاتمها عببا ً ثمٌبلً أكبر كثٌرا ً مما ٌظن اآلخرون‪ .‬إن تصفٌة‬
‫الكٌان الصهٌونً أي تصفٌة هذه الملعة اإلمبرٌالٌة األمٌركٌة مهمة كبٌرة تحتاج إلى أن تر ّكز علٌها‬
‫كل جهود الشعب الفلسطٌنً‪ ،‬ومن الغباء بعثرة هذه الجهود لبلنشغال بؤعمال عنف فً البلدان‬
‫العربٌة أو فً العالم‪.‬‬

‫‪ -3‬إن بعثرة جهود الثورة الفلسطٌنٌة فً التدخل المباشر‪ ،‬سواء أكان سٌاسٌا ً أو عسكرٌا ً فً كل‬
‫األنظمة العربٌة‪ ،‬وفً كل بلدان العالم‪ ،‬إلى جانب الطلب منها والتدخل المباشر فً الصراعات‬
‫العالمٌة داخل الحركات الثورٌة المعادٌة لئلمبرٌالٌة‪ ،‬سوف ٌعنً شٌبا ً واحداً‪ ،‬وهو فتح عشرات‬
‫المعارن الجانبٌة ض ّد الثورة الفلسطٌنٌة ومحاصرتها‪ ،‬وبالتالً‪ ،‬ضربها وتصفٌتها‪.‬‬

‫ولن نبالغ إذا للنا لو أن الثورة الفلسطٌنٌة انسالت وراء الشعارات “فوق الٌسارٌة” هذه حول التدخل المباشر‬
‫فً الدول العربٌة لكانت النتٌجة‪ ،‬ببساطة‪ ،‬أن الثورة الفلسطٌنٌة لد أصبحت فً خبر كان منذ زمن بعٌد‪.‬‬

‫فً الوالع إن الضؽوط التً تمارس على الثورة الفلسطٌنٌة للتدخل المباشر فً الدول العربٌة‪ ،‬وفً كل‬
‫مكان‪ ،‬تأتً من ثالثة اتجاهات‪:‬‬

‫أ – اتجاه الجماعات “فوق الٌسارٌة” فً الساحة الفلسطٌنٌة والعربٌة‪.‬‬

‫ب – اتجاه ٌرمً إلى إلحاق الثورة الفلسطٌنٌة بهذا النظام العربً أو ذان‪ ،‬ومطالبتها بالتدخل‬
‫المباشر فً الدول العربٌة األخرى لحسابه‪.‬‬

‫ج – من الٌمٌن الرجعً الذي ٌرٌد للثورة الفلسطٌنٌة أن تهاجم األنظمة العربٌة المعادلة لئلمبرٌالٌة‬
‫وتهاجم البلدان االشتراكٌة‪ ،‬وسابر االتجاهات التمدمٌة والثورٌة‪.‬‬

‫ولكن السإال اآلن‪ :‬ما هو دور الثورة الفلسطٌنٌة فً الثورة العربٌة؟ وكٌف نوفك بٌن استراتٌجٌة الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة باعتبارها جزءا ً من الثورة العربٌة وشعارها التكتٌكً فً عدم التدخل بالدول العربٌة؟‬

‫فً الوالع‪ ،‬إن الثورة الفلسطٌنٌة تنهج تكتٌكا ً ثنابً الجانب فً مولفها من لضٌة التدخل فً الدول العربٌة‪.‬‬
‫ولكً ندرن هذا علٌنا أن نؤخذ مجموعة الحمابك التالٌة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تعلن الثورة الفلسطٌنٌة أنها ال تتدخل فً الدول العربٌة‪ ،‬بمعنى أنها ال تموم بمهمة التحرٌض‬
‫السٌاسً المباشر بٌن جماهٌر الدول العربٌة ض ّد أنظمتها‪ ،‬أي أنها ال تموم بالدور الذي ٌجب أن تموم‬
‫به الطبلبع الثورٌة والجماهٌر فً كل بلد عربً‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ثانٌاً‪ :‬تعتبر الثورة الفلسطٌنٌة األرض العربٌة‪ ،‬وخصوصا ً تلن التً على خطوط المواجهة مع‬
‫العدو‪ ،‬لواعد ارتكاز‪ 44‬ومنطلمات للثورة‪ .‬وهذا ٌعنً إدخال السبلح إلٌها‪ ،‬وبناء المواعد المماتلة‬
‫على أراضٌها‪ ،‬وااللتحام بجماهٌرها وطبلبعها‪ ،‬فً عبللات ٌومٌة‪ .‬وهذا بطبٌعة الحال خطوة كبٌرة‬
‫فً تحمٌك وحدة الثورة العربٌة‪ ،‬واعتبار الثورة الفلسطٌنٌة جزءا ً من الثورة العربٌة‪ ،‬ولكن بطرٌمة‬
‫ال ٌمتنع بها الذٌن ٌفهمون التدخل‪ ،‬أو وحدة الثورة العربٌة‪ ،‬بؤنهما مجرد بٌان ٌهاجم النظام‪ ،‬أو ممال‬
‫ٌكتب فً جرٌدة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تعمل الثورة الفلسطٌنٌة على بناء الجبهات المساندة‪ ،‬فً داخل الببلد العربٌة كخطوة أولى فً‬
‫طرٌك االلتحام المصٌري فً المعركة‪ ،‬إلى جانب اللجان الشعبٌة لجمع التبرعات وربط الجماهٌر‬
‫العربٌة‪ ،‬بصورة منتظمة‪ ،‬فً الثورة‪ ،‬وهذه خطوة أساسٌة تإدي إلى لٌام رابطة مصٌرٌة‪ٌ ،‬جب أن‬
‫تتطور عرضا ً وعمماً‪ ،‬بٌن الجماهٌر العربٌة والثورة الفلسطٌنٌة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬نتٌجة للصراع المسلّح الذي تشتبن فٌه الثورة الفلسطٌنٌة مع العدو الصهٌونً واإلمبرٌالً‪،‬‬
‫وتصاعده ٌومٌاً‪ ،‬ال ب ّد من أن ٌخلك مناخا ً ثورٌا ً فً كل البلدان العربٌة‪ٌ ،‬إدي إلى تفجٌر التنالضات‬
‫بٌن الجماهٌر العربٌة وكل األنظمة الموالٌة لئلمبرٌالٌة‪ ،‬أو األنظمة التً ال ترٌد المتال‪ ،‬أو تتراجع‬
‫أمام الضغط اإلمبرٌالً األمٌركً‪ .‬هذا كله إلى جانب الدور اإلٌجابً الذي تلعبه الثورة الفلسطٌنٌة‬
‫فً وضع الجماهٌر العربٌة‪ ،‬فً حالة من التوتر الثوري وفً التصاق دابم بالعمل السٌاسً‪،‬‬
‫والتفاعل الٌومً بالوعً والصراع الثورٌٌن‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬إن طرٌك الحرب الشعبٌة التً تخوضها الثورة الفلسطٌنٌة أعطى للجماهٌر نموذج النضال‬
‫ض ّد اإلمبرٌالٌة العالمٌة‪.‬‬

‫على أنه من المفٌد أن ندرن أن مدى التحام الثورة الفلسطٌنٌة ببمٌة فصابل الثورة العربٌة مسؤلة نسبٌة تتعمك‬
‫باستمرار مع نمو وتصاعد نشؤة فصابل الثورة العربٌة األخرى‪ ،‬ألن االلتحام الحمٌمً ال ٌمكن أن ٌت ّم إال فً‬
‫ٍ‬
‫خندق واحد وبٌن ثوار من طراز واحد‪ ،‬ولٌس بٌن ثابر ٌحمل السبلح وثخر ٌحمل شعارات ثورٌة بعٌدا ً عن‬
‫أرض المعركة والممارسة الثورٌة ومعزوالً عن جماهٌر بلده‪ ،‬وخصوصاً‪ ،‬إذا كانا أبناء أمة واحدة‪.‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون أن تلتحم الثورة الفلسطٌنٌة نظرٌا ً وعملٌا ً مع فصابل الثورة العربٌة األخرى‪ ،‬علٌهم أن ٌدفعوا‬
‫بفصابل الثورة العربٌة إلى األمام لتخرج من عزلتها عن الجماهٌر‪ ،‬ولتصل أعلى مستوٌات النضال‬
‫السٌاسً أي النضال المسلّح الذي وصلته الثورة الفلسطٌنٌة‪.‬‬

‫وهنا‪ ،‬ال ب ّد من المول للذٌن ٌؤتون للثورة الفلسطٌنٌة بمابمة من الطلبات‪ ،‬علٌهم‪ ،‬أوالً‪ ،‬أن ٌموموا بتنظٌم‬
‫أنفسهم‪ ،‬بوضع برنامج صحٌح للثورة فً ألالٌمهم‪ ،‬وبالخروج من العزلة عن الجماهٌر‪ ،‬والبدء بفرض إرادة‬
‫التغٌٌر الثوري على األرض التً ٌمفون علٌها‪ .‬وعلٌهم أن ٌفعلوا ذلن معتمدٌن على أنفسهم‪ ،‬أوالً ولبل كل‬

‫‪ 44‬فكرة لاعدة االرتكاز او نظرٌة "هانوي العرب"‪ ،‬أي وجود دولة مجاورة لفلسطٌن (مما كانت تسمى دول الطوق األربعة)‬
‫ٌتم االنطبلق للعمل الكفاحً المسلح منها وبناء المواعد فٌها كما حاولت الثورة الفلسطٌنٌة فً االردن ثم لبنان‪ ،‬لٌاسا على ما‬
‫حصل فً الثورة الفٌتنامٌة حٌث كانت فٌتنام الشمالٌة التً ضمت الثوار هً المرتكز لتحرٌر فٌتنام الجنوبٌة من االحتبلل‬
‫االمرٌكً‪ ،‬وبالدعم الروسً واالمرٌكً‪( .‬تم تحرٌر فٌتنام عام ‪1975‬م)‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫شًء فإذا لم ٌستطٌعوا االعتماد على أنفسهم‪ ،‬وإثبات جدارتهم على أرض الوالع‪ ،‬فلن ٌجدي معهم كل ما‬
‫ٌرٌدون أن تفعله الثورة الفلسطٌنٌة لهم حتى لو أطعمتهم بٌدها‪...‬‬

‫لذلن‪ٌ ،‬جب أن ندرن‪ ،‬أنه ال ٌنبغً للثورة الفلسطٌنٌة أن تراهن على وجودها فً سبٌل تطور "حركة لم تزل‬
‫فً أولى مراحل نموها بعد‪ .‬وذلن ألن لدٌنا اآلن‪ ،‬فً الحاضر‪ ،‬ثورة لابمة‪ ،‬ولد لطعت شوطا ً فً تطورها‪،‬‬
‫وٌجب المحافظة علٌها‪ ،‬وعدم السماح بتصفٌتها‪ .‬وأن تطور تلن الحركة أو الحركات الجدٌدة النامٌة‪،‬‬
‫ى طوٌ ٍل من الزمن‪ ،‬ببماء هذه الثورة وتطورها‪ .‬لذا‪ ،‬الواجب اآلن لهذا كله عدم دفع الثورة إلى‬‫مرهون‪ ،‬لمد ً‬
‫الهوة بٌنها وبٌن تطور الثورة‬
‫ّ‬ ‫مؽامرات‪ ،‬وعدم الطلب منها أن تتمدم كثٌرا ً فً شعاراتها‪ ،‬خوفا ً من اتساع‬
‫العربٌة والجماهٌر العربٌة‪ ،‬األمر الذي لد ٌؤدي إلى تصفٌتها‪ .‬بل إن الواجب ٌمضً بالمحافظة على هذه‬
‫الثورة وحماٌتها وضمان بمابها واستمرارها أوالً‪ ،‬ثم التركٌز على تطوٌر الثورة العربٌة فً كل بلد‪ ،‬ودفعها‬
‫إلى األمام‪.‬‬

‫على أن من الممكن مبلحظة اتجاهٌن خاطئٌن فً هذا المجال برزا فً التطبٌك العملً‪:‬‬

‫األول‪ :‬اتجاه انتهازي “ٌساري” كان ٌطلب من الثورة الفلسطٌنٌة أن تتدخل فً كل الدول العربٌة‬
‫تدخبلً مباشرا ً مكشوفاً‪ ،‬وطالبها بؤن تراهن على وجودها فً سبٌل اتخاذ مولف شكلً معٌن‪.‬‬
‫أوحصر عبللاتها وحركتها بٌن الموى السٌاسٌة فً بلد معٌن‪ ،‬فً نطاق حركة صغٌرة فمط ومحاربة‬
‫بمٌة الموى األخرى‪.45‬‬

‫الثانً‪ :‬اتجاه انتهازي ٌمٌنً برز لدى بعض عناصر الثورة الفلسطٌنٌة ولد أدار هذا االتجاه ظهره‬
‫للفصابل النامٌة من طبلبع الثورة العربٌة‪ ،‬متخذا ً من بعض سلبٌاتها حجة لعزلها وعدم التعاون معها‬
‫من أجل حصر تعاونه مع الموى الٌمٌنٌة فمط‪.‬‬

‫إن اىرٔرة حٓ٘ق فٖ اىطاىؽ‪ ،‬وىهِٓا حٍٓو ىهِّ اىٍفخلتو واىخٍٔر فّ٘‪ ،‬ىؼىم ْي٘ٓا أن‬
‫ً‬
‫حطافَ ْيٕ وسٔدْا فٖ اىطاىؽ وحؤٌَ حٍٔرْا فّ٘‪ .‬وىهَ ْي٘ٓا أٗيا أن حيخطً ةاىلٔة‬
‫ِّ‬
‫اىِاٌ٘ث اىخٖ ـخهٔن اىٍفخلتو‪ .‬كل ذلن ٌجب أن ٌت ّم فً ولت واحد‪ ،‬وبجمع دٌالكتٌكً بٌن هذٌن‬
‫النمٌضٌن فً ولت واحد‪ .‬لذا من الخطؤ التضحٌة بالحاضر من أجل المستمبل‪ ،‬ألننا إذا ضحٌنا بالحاضر‬
‫سنفمده ونفمد المستمبل‪ .‬وفً الممابل ٌجب أال ننجرف مع الحاضر ونرفض لوى المستمبل‪ ،‬ألننا إذا فعلنا ذلن‬
‫ذبنا فً الحاضر‪ ،‬وفمدنا المستمبل‪.‬‬

‫‪ 45‬كتب د‪.‬معتز الخطٌب أستاذ فلسفة األخبلق فً كلٌة الدراسات اإلسبلمٌة بجامعة حمد بن خلٌفة‪ ،‬مماال فً الجزٌرة نت‬
‫بتارٌخ ‪ ،2020|6|10‬حول التنالض بٌن األخبللً والسٌاسً لدى حركات المماومة الفلسطٌنٌة‪ ،‬والذي أوضح مولفه بان‬
‫المولف األخبللً لحركات المماومة الفلسطٌنٌة ٌجب ان ٌكون االنحٌاز للثورة السورٌة ضد الحكومة السورٌة‪ ،‬وضرب‬
‫الشمالً رحمه هللا مثبل لذلن‪ .‬ولد رد علٌه منٌر شفٌك بممال بنفس المولع بتارٌخ ‪ ،2020|7|6‬بعنوان "دروس فً األخبلق‬
‫للمماومة الفلسطٌنٌة" ٌبٌن الممال االول استمرار طلب تدخل المماومة الفلسطٌنٌة بالشؤن الداخلً العربً‪ ،‬واستمرار مولف‬
‫منٌر شفٌك بان المماومة الفلسطٌنٌة مهمتها ضرب للب المشروع الصهٌونً‬
‫رابط ممال د‪ .‬معتز‪https://www.aljazeera.net/opinions/2020/6/10/‬‬
‫رابط ممال االخ منٌر شفٌك ‪/https://www.aljazeera.net/opinions/2020/7/6‬‬
‫‪32‬‬
‫هذا ما ٌجب أن تدركه طبلبع الثورة الفلسطٌنٌة وطبلبع الثورة العربٌة على ح ّد سواء‪.‬‬

‫لذا‪ٌ ،‬مع فً خطؤ ممٌت‪:‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون عزل الثورة العربٌة عن الثورة الفلسطٌنٌة‪.‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون للثورة الفلسطٌنٌة أن تكون بدٌبلً للثورة العربٌة‪.‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون للثورة العربٌة أن تكون بدٌبلً للثورة الفلسطٌنٌة أو ٌرٌدون احتواءها‪.‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون من الثورة الفلسطٌنٌة أن تضحً بالحاضر من أجل المستمبل‪.‬‬

‫الذٌن ٌرٌدون من الثورة الفلسطٌنٌة أن تضحً بالمستمبل من أجل الحاضر‪.‬‬

‫تبدو هذه المنطلمات‪ ،‬ألول وهلة‪ ،‬أنها متنالضة وغٌر منسجمة‪ ،‬ولكن الدٌالكتٌن (التفكٌر الجدلً) ٌعلمنا أال‬
‫نكون أحادًٌ الجانب وأن نتبنّى‪ ،‬فً كثٌر من الحاالت‪ ،‬سٌاسة ثنابٌة التركٌب‪ ،‬ونمودها بفهم عمٌك لتلن‬
‫العبللة الجدلٌة بٌن المتنالضات‪ .‬ولهذا علٌنا أن نعرف بدلة مولع الثورة الفلسطٌنٌة من الثورة العربٌة‪ ،‬فً‬
‫كل مرحلة تارٌخٌة‪ ،‬وحسب الظروف الموضوعٌة المعطاة‪.‬‬

‫أي علٌنا أن نعرف العبللة الجدلٌة بٌن الثورة الفلسطٌنٌة والثورة العربٌة‪ ،‬بمعنى أن نعرفها عبللة مترابطة‬
‫متحركة متنامٌة‪ ،‬تتخذ أشكاالً مختلفة فً كل مرحلة‪ ،‬حسب درجة تطور كل فصٌلة من فصابل الثورة‬
‫العربٌة‪ ،‬وحسب الظروف الموضوعٌة‪ ،‬محلٌا ً وعربٌا ً ودولٌاً‪ ،‬فً كل مرحلة تارٌخٌة‪ .‬نعم‪ٌ ،‬جب أن نعرف‬
‫كل ذلن لببل نحنّط تلن العبللة بمالب ثابت مٌت‪ .‬وكذلن لببل نفرض الشعارات والصٌغ النظرٌة لسرا ً على‬
‫الوالع‪ .‬وبالتالً‪ ،‬لكً نستطٌع أن نفهم كل شعار بترابطه العام والخاص بجماع الظروف الموضوعٌة‬
‫والذاتٌة المعطاة فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪.‬‬

‫ٌساعدنا ذلن‪ ،‬مثبلً‪ ،‬على أن نعتبر شعار “عدم التدخل فً البلدان العربٌة” الذي طرحته الثورة الفلسطٌنٌة‪،‬‬
‫فً ظروف محددة‪ ،‬شعارا ً ثورٌاً‪ ،‬بدلٌل أنه أعطى الثورة الفلسطٌنٌة فرصة الولوف على األلدام‪ ،‬وضرب‬
‫الجذور فً أعماق الجماهٌر الفلسطٌنٌة‪ .‬ولكن هذا ال ٌعنً أنه شعار ثوري بالنسبة إلى فصابل الثورة‬
‫العربٌة األخرى‪ ،‬بل سٌتحول‪ ،‬فً الحال إلى شعار ٌمٌنً انتهازي‪ ،‬إذا ما تبنته فصابل الثورة العربٌة‬
‫األخرى‪ .‬ولد ٌتحول‪ ،‬فً حاالت معٌنة‪ ،‬إلى شعار انتهازي ٌمٌنً بالنسبة إلى الثورة الفلسطٌنٌة أٌضاً‪ ،‬إذا ما‬
‫استمرت على تبنٌّه‪.‬‬

‫هنا‪ٌ ،‬جب علٌنا أن نعرف كٌف ٌطبك الدٌالكتٌن على أرض الوالع‪ ،‬بحٌث نستطٌع أن نتصور شعارا ً ما‪،‬‬
‫كٌف ٌمكن أن ٌكون ثورٌا ً بهذه الحالة‪ ،‬وكٌف ٌمكن أن ٌكون‪ ،‬هذا الشعار نفسه‪ ،‬رجعٌاً‪ ،‬أو ٌمٌنٌا ً أو انحرافا ً‬
‫“ٌسارٌا ً” بحالة أخرى‪ .‬إن المنهج الدٌالكتٌكً وحده هو الذي ٌح ّل مثل هذه المضاٌا‪ ،‬على عكس المنهج‬
‫المٌتافٌزٌمً والمنطك الشكلً الصوري اللذٌن ال ٌستطٌعان أن ٌفسرا كٌف تكون ألف هً ال ألف فً الولت‬
‫نفسه‪.‬‬

‫وأخٌراً‪ٌ ،‬بمى السإال التالً‪ :‬لماذا ال تعمل الطلٌعة الثورٌة الفلسطٌنٌة على خلك الطلٌعة الثورٌة العربٌة؟‬
‫‪33‬‬
‫فً الوالع‪ ،‬إن هذا السؤال خٌالً‪ ،‬رؼم كل ما ٌحمله من طموح ثوري‪ ،‬وذلن لؤلسباب التالٌة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مسؤلة تكوٌن الطلٌعة الثورٌة العربٌة وبنابها‪ ،‬فً كل لطر عربً‪ ،‬هً مسإولٌة الموى الثورٌة‬
‫العربٌة‪ ،‬فً كل لطر‪ ،‬ألنها ألدر على فهم الظروف الموضوعٌة الخاصة لمطرها‪ ،‬وبالتالً هً ألدر‬
‫على تكوٌن الطلٌعة الثورٌة ووضع البرنامج السٌاسً المناسب‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬الطلٌعة الثورٌة الفلسطٌنٌة ما زالت تعانً نمصا ً أساسٌا ً فً بناء التنظٌم الثوري المابد‪ ،‬وذلن‬
‫ٌرجع إلى أسباب موضوعٌة وذاتٌة‪ ،‬فً ثن واحد‪ .‬لهذا فهً ال تستطٌع أن تعطً لآلخرٌن ما تفتمده‬
‫هً‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إن بناء التنظٌم الثوري المابد فً الساحات العربٌة ٌجب أن ٌكون مختلفا ً عمما ً وعرضا ً عن‬
‫التنظٌم المابد فً الساحة الفلسطٌنٌة‪ ،‬ألنه ال ب ّد من أن ٌواجه مسؤلة الثورة االجتماعٌة‪ ،‬فً الولت‬
‫نفسه الذي ٌواجه فٌه لضٌة التحرر من النفوذ اإلمبرٌالً‪ ،‬والصراع المسلّح ض ّد الكٌان الصهٌونً‪.‬‬
‫بٌنما ال تواجه الثورة الفلسطٌنٌة لضٌة الثورة االجتماعٌة مباشرة كما هً الحال بالنسبة إلى بمٌة‬
‫فصابل الثورة العربٌة‪ ،‬وإنما ستواجهها بعد مرحلة طوٌلة من الصراع ض ّد العدو الصهٌونً‪ .‬ولكن‬
‫السبب األهم هو أن اإلمكانات لبناء تنظٌم ثوري طلٌعً لابد فً األلطار العربٌة هً أكبر منها‬
‫بالنسبة إلى الساحة الفلسطٌنٌة‪ .‬وهذا راجع إلى طبٌعة تشرٌد الشعب الفلسطٌنً‪ ،‬وعٌشه اآلن ممزلا ً‬
‫بعضه عن بعضه اآلخر‪ ،‬وضمن ظروف التصادٌة واجتماعٌة وسٌاسٌة مختلفة‪ ،‬وأخٌرا ً بسبب عدم‬
‫وجوده ضمن أرض واحدة وتحت عبللات إنتاجٌة واحدة‪ ،‬وهذا ما سنتناوله بالتفصٌل فٌما بعد‪.‬‬

‫عالنث‬
‫لمد رأٌنا أهمٌة تحدٌد التنالض الربٌسً وطبٌعته‪ ،‬وتعٌٌن طرق حله‪ ،‬مضافا ً إلى ذلن تموٌمه‪ ،‬بالنسبة إلى‬
‫سابر التنالضات األخرى فً الساحة العربٌة‪ ،‬مع تحدٌد دور كل لوة من الموى الضاربة الربٌسٌة والموى‬
‫الحلٌفة‪ ،‬فً كل حالة‪ ،‬وفً كل مرحلة‪ ،‬ورإٌة الوحدة والترابط بٌن األشٌاء إلى جانب رإٌة التماٌز بٌن‬
‫األشٌاء داخل تلن الوحدة فً الولت نفسه‪ .‬ومن ثم متابعة الحركة الداخلٌة‪ ،‬وتطورها داخل تلن الوحدة‪ ،‬مع‬
‫إعادة تموٌمها‪ ،‬فً كل مرحلة‪ ،‬وفً كل ظرف جدٌد‪ .‬وتطبٌك هذا المنهج على أرض الوالع سواء أكان فً‬
‫التحلٌل‪ ،‬أو التموٌم‪ ،‬أو إعادة التموٌم‪ .‬وهذا بدوره ٌساعدنا على تموٌم كل شعار ٌطرح فً هذه المرحلة‬
‫أوتلن‪ ،‬كما ٌساعدنا على إٌجاد الصٌغة المناسبة لتكوٌن الجبهة الداخلٌة فً الساحة الفلسطٌنٌة وفً كل لطر‬
‫عربً‪ ،‬فً كل ظرف وفً كل مرحلة‪.‬‬

‫وكذلن بالنسبة إلى تكوٌن صٌغة اىشتٓث اىٓؽة٘ث اىلاٌيث‪ ،‬ون٘غث اىيلاء واىخٓاون ةَ٘ ٌغخيف‬
‫فهائو اىرٔرة اىٓؽة٘ث فٖ نو ُؽف ونو ٌؽضيث‪ ،‬ثخذٌن بعٌن االعتبار الحمابك التالٌة‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫أوالً‪ :‬ثمة تنالض ربٌسً ٌشمل المنطمة العربٌة بؤسرها‪ ْٔ ،‬اىخِاكو ةَ٘ اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ‬
‫واإلٌتؽٗاى٘ث اىٓاىٍ٘ث ٌَ سٓث واىشٍاْ٘ؽ اىفيفٍِ٘٘ث واىشٍاْ٘ؽ اىٓؽة٘ث ٌَ سٓث‬
‫أعؽى‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬اىه٘ان اىهُٖٓ٘ٔ ْٔ اىٓلػة التً ٌجب تسلٌط النار علٌها وتصفٌتها لح ّل التنالض‬
‫الربٌسً كله‪ ،‬بٌنما الجماهٌر الفلسطٌنٌة هً الموة الضاربة الطلٌعٌة فً تسلٌط النار على الكٌان‬
‫الصهٌونً‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬التنالض الربٌسً ال ٌمكن أن ٌح ّل إال بالكفاح المسلّح‪ ،46‬أي ةطؽب اىلٓب تخوضها‬
‫الجماهٌر الفلسطٌنٌة ومعها الجماهٌر العربٌة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬ذٍث حِاكو رئ٘فٖ عاص فٖ نو كٍؽ ْؽةٖ‪ ،‬تمثل الجماهٌر العربٌة فً كل لطر‬
‫عربً أحد طرفً ذلن التنالض الخاص‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬إن طرٌمة ح ّل التنالض الرئٌسً الخاص فً كل بلد عربً تتولؾ على مولؾ الطرؾ‬
‫الممابل لطرف الجماهٌر العربٌة فً ذلن التنالض من ح ّل التنالض الربٌسً العام ض ّد الكٌان‬
‫الصهٌونً وحلٌفته اإلمبرٌالٌة العالمٌة‪ ،‬ألن مشاركة أو عدم مشاركة أو مماومة الطرف الممابل‬
‫سٌمرر تحدٌد ذلن التنالض الربٌسً‬
‫ّ‬ ‫للجماهٌر العربٌة فً معركة تصفٌة الكٌان الصهٌونً هو الذي‬
‫كتنالض ثانوي‪ ،‬فً مرحلة الصراع المسلّح ض ّد الكٌان الصهٌونً‪ ،‬فً حالة إمكان لٌام‬ ‫ٍ‬ ‫الخاص‬
‫جبهة متحدة معه فً تلن المعركة‪ ،‬أو اعتباره جزءا ً من التنالض الربٌسً فً حالة تصدٌّه لمشاركة‬
‫الجماهٌر العربٌة والفلسطٌنٌة فً الثورة الفلسطٌنٌة فً ذلن البلد ومنعها من ممارسة الكفاح المسلّح‬
‫ض ّد العدو الصهٌونً‪.‬‬

‫سادساً‪ٌ :‬تعٌن على طبلبع الثورة الفلسطٌنٌة وطبلبع الثورة العربٌة أن تتدارس كل الظروف‬
‫الموضوعٌة والذاتٌة المعطاة‪ ،‬فٖ نو ٌؽضيث حارٗغ٘ث ٌطػدة ٌَ أسو حطػٗػ ٌا ٗيٖ‪:‬‬

‫أ – حطػٗػ اىخِاكيات فٖ نو ٌؽضيث‪ ،‬وتحدٌد ما بٌنها من تماٌز واختبلف فً‬


‫األولوٌة والحدة والعمك من أجل تعٌٌن أي تنالض من تلن التنالضات ٌجب أن‬
‫ٌإجل حلّه‪ ،‬وأي منها ٌجب أن ٌتمدم حلّه‪.‬‬

‫ب – إٌجاد ن٘غث ىيخٓاون واىٍلارنث بٌن مختلف فصابل الثورة العربٌة‪،‬‬


‫وتطوٌر تلن الصٌغة تدرٌجا ً مع تطور الظروف الموضوعٌة والذاتٌة لفصابل‬

‫‪ 46‬سٌتضح فً مسار الثورة ومراحلها التارٌخٌة ضمن دراسة الوالع والمتغٌرات أن االداة تتغٌر واالستراتٌجٌة ثابتة‪ ،‬حٌث‬
‫ثبات فكرة او استراتٌجٌة حرب الشعب طوٌلة النفس وتغٌر أدوات النضال التً لد تكون مسلحة مباشرة او غٌر مباشرة‪ ،‬او‬
‫انتفاضة‪/‬انتفاضات‪ ،‬او مماومة شعبٌة او سلمٌة خالصة‪ ،‬تتعانك مع األبعاد العامٌة ذات الطابع المانونً والدبلوماسً وحرب‬
‫الرواٌة والثمافة‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الثورة العربٌة حتى تصل فً النهاٌة إلى صٌغة االلتحام الكامل والوحدة لٌادة‬
‫وتنظٌما ً‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬إجراء دراسة مستمرة لحركة التنالضات وتغٌّرها‪ ،‬ولتبدل الظروف الموضوعٌة محلٌا ً‬
‫وعربٌا ً ودولٌاً‪ ،‬من أجل إعادة تموٌم البرامج السٌاسٌة والصٌغ التنظٌمٌة والعبللات بٌن فصابل‬
‫الثورة العربٌة‪ ،‬بحٌث نتمكن فً كل مرحلة جدٌدة وظرف جدٌد من أن نجد البرنامج المناسب‬
‫والشعارات المناسبة‪ ،‬وأسالٌب الممارسة المناسبة وصٌغة العبللة المناسبة بٌن مختلف فصابل‬
‫الثورة العربٌة والجماهٌر العربٌة‪ .‬إن كل ما تمدم ٌرجى منه إٌضاح صورة األوضاع السابدة اآلن‪،‬‬
‫من أجل دفع الثورة الفلسطٌنٌة والثورة العربٌة إلى األمام‪ ،‬وإٌجاد صٌغة لبدء االلتحام بٌن مختلف‬
‫فصابل الثورة العربٌة بما فٌها الثورة الفلسطٌنٌة‪.‬‬

‫***‬

‫تلمٌح‪ :‬فً فصل التنالضات الثانوٌة من كتٌب منٌر شفٌك سواء مع األنظمة العربٌة او داخل الثورة‬
‫اوداخل الفصائل‪ ،‬او داخل الجماهٌر ٌطرح الكثٌر وفك منهجه التحلٌلً الطبمً‪ ،‬وهو الفصل الذي لم نرى‬
‫أن نمدمه هنا‪ ،‬ولمن ٌرؼب مراجعته فهو موجود على الشابكة‪ ،‬واكتفٌنا ببعض المماطع كالتالً‪:‬‬

‫(إذا كنا نستطٌع حصر التنالض الربٌسً بدلة وتحدٌد‪ ،‬فإن حصر كل التنالضات الثانوٌة أمر صعب للغاٌة‪.‬‬
‫والسبب فً ذلن أن اىخِاكو ْٔ ٌت٘ٓث األك٘اء‪ 47،‬وٌت٘ٓث نو ساُب ٌَ سٔاُب اىط٘اة‬
‫االسخٍاْ٘ث واإلُفاُ٘ث واىفهؽٗث‪ ،‬وبالتالً كان حصر كل التنالضات ٌتطلب حصر مجاالت النشاط‬
‫اإلنسانً الجماعً والفردي كلها‪ ،‬فً مرحلة معٌنة‪ ،‬وتحت ظروف محددة‪).‬‬

‫(التنالض فً داخل صفوف الثورة (بٌن مختلف المنظمات)‪:‬للنا فً مدخل هذه الدراسة‪ :‬إن تحدٌد التنالض‬
‫الربٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ٌ ،‬ساعدنا على أن نعرف ممن تتشكل ستٓخِا وٌٍَ حخلهو ستٓث اىٓػو‪.‬‬
‫وعندما حددنا أننا نواجه مرحلة تحرر وطنً‪ ،‬نتٌجة تحلٌلنا لطبٌعة التنالضات فً ببلدنا‪ ،‬فكان من الطبٌعً‬
‫أننا حددنا ضمنا ً ممن تتشكل جبهتنا أي من كل الموى السٌاسٌة واالجتماعٌة وااللتصادٌة (الطبمات أو الفبات‬
‫االجتماعٌة) التً لها مصلحة فً ح ّل التنالض الربٌسً‪ .‬وبكلمات أكثر تبسٌطاً‪ ،‬كل الموى التً لها مصلحة‬
‫فً إزالة الكٌان الصهٌونً وحلٌفته اإلمبرٌالٌة العالمٌة من أرضنا‪).‬‬

‫(ومن هنا‪ ،‬نشؤت حاجة مل ّحة إلى تشكٌل جبهة وطنٌة أو وحدة وطنٌة فً الساحة الفلسطٌنٌة من أجل تحمٌك‬
‫ما ٌلً‪:‬‬

‫‪ -1‬تجمٌع كل لوى الشعب وتنظٌمها وتعبئتها وتسلٌحها تحت لٌادة الثورة الفلسطٌنٌة‪ ،‬من أجل‬
‫المضاء على العدو الصهٌونً وحماٌة الثورة من مإامرات الموى المضادّة للثورة وهجماتها‪.‬‬

‫‪ 47‬لد نرى أن التنالضات لٌست طبٌعة كل األشٌاء‪ ،‬لذا من المناسب حصرها هنا فً مسؤلة الصراع مع المشروع الصهٌونً‪.‬‬
‫سلابِ ُك‬ ‫س ٌَنبَ ِغلً لَ َهلا أَن تُلد ِْرنَ ْالمَ َم َلر َو َال اللٌْل ُل َ‬
‫(ال الشل ْم ُ‬‫فمثبل لً منهج التفكٌر اإلسبلمً فإن الشمس تمابلل المملر وال تنالضله‪َ ،‬‬
‫شل ًْءٍ َخلَ ْمنَللا زَ ْو َجلٌ ِْن لَ َعل ُكل ْم‬
‫لن ُكل ِّل َ‬
‫(و ِمل ْ‬
‫َ‬ ‫لل‪،‬‬ ‫ل‬ ‫تكام‬ ‫لل‬‫ل‬ ‫التماب‬ ‫لار و َو ُكل يل ِفللً فَلَللنٍ ٌَ ْسل َبحُونَ ) (‪ٌ (40‬اسللٌن‪ ،‬التنللالض ٌعنللً صللراع‪،‬‬
‫الن َهل ِ‬
‫تَذَك ُرونَ ) الذارٌات‪ . 49 /‬وعلٌه فالتمابل ٌعنً تكامل‪ ،‬كما صراع النمابض عند المدرسة االولى‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الهوة بٌن التفوق المادي والتكنٌكً والعددي للعدو علٌنا إال بتعبئة كل لوى الشعب‬
‫‪ -2‬ال ٌمكن إزالة ّ‬
‫حتى الح ّد األلصى وتوحٌدها وإطبلق كل طالاتها ومبادراتها وفعالٌاتها‪.‬‬

‫‪ -3‬ضرب كل محاوالت العدو الصهٌونً واإلمبرٌالً لتفسٌخ صفوف الجماهٌر والموى الثورٌة‪.‬‬

‫نستطٌع المول‪ :‬إن تحمٌك الوحدة الوطنٌة الشاملة بٌن كل طبمات وفبات الشعب المعادٌة لبلحتبلل اإلمبرٌالً‬
‫األجنبً‪ ،‬هو لانون عام بالنسبة إلى كل الثورات التً واجهت تنالضا ً ربٌسٌا ً شبٌها ً بالتنالض الربٌسً الذي‬
‫نواجهه فً الساحة الفلسطٌنٌة والعربٌة‪).‬‬

‫حِاكيات ٌَ ٌؽاز آعؽ‬


‫ثمة أنواع من التنالض‪ ،‬فً الحٌاة االجتماعٌة‪ ،‬وحٌاة األفراد والحركات والتنظٌمات واألحزاب – بمختلف‬
‫نشاطاتهم الفكرٌة واالجتماعٌة والسٌاسٌة‪ ..‬إلخ‪ ،‬تتطلب أن ٗلام ف٘ٓا حٓاٗق ةَ٘ اىِل٘يَ٘‪ ،‬فٖ‬
‫‪48‬‬ ‫ً‬
‫ٌٔٗو ٌَ اىؾٌان‪ .‬على أن هذا التعاٌش ٌجب أن ٌؤخذ شكل توازن دٌالكتٌكً‬ ‫ٍ‬ ‫واضػ‪ ،‬وىٍػى‬ ‫ٍ‬ ‫وكج‬
‫ٍ‬
‫فٌما بٌن النمٌضٌن وعندما نمول توازن دٌالكتٌكً ال نعنً التوازن المتساوي أو المتكافا بٌن الطرفٌن‪ ،‬وال‬
‫نعنً توازنا ً ثابتا ً حسب نسب محددة ال تتغٌّر‪ .‬وإنما نعنً ضرورة إلامة توازن (تعاٌش) فً ول ٍ‬
‫ت واح ٍد بٌن‬
‫النمٌضٌن‪ ،‬على أن تكون طرق ذلن التعاٌش أو نسب التوازن متغٌّرة متفاعلة‪ ،‬مع تغٌّر الظروف المحٌطة‪،‬‬
‫والحاالت التً ٌمام فٌها ذلن التوازن بٌن نمٌضٌن‪.‬‬

‫نظرت فً موضوعات سمة التنالض فً الدٌالكتٌن‪ .‬ولم تفرد لها دراسة‬ ‫إن هذه الموضوعة لم ٌسبك أن ّ‬
‫خاصة وتضبط بموانٌن محددة‪ ،‬رغم أنها طبمت فً الممارسة الناجحة للمادة الثورٌٌن‪ ،‬بصورة دابمة‪ .‬كما أن‬
‫كثٌرا ً من األفراد أو الجماعات طبموها وٌطبمونها بنجاح دون وعً نظري لها‪.‬‬

‫وكل ما كتب حولها كان ٌدور حول كٌفٌة معالجة ظاهرة جزبٌة محددة من خبلل الجمع بٌن نمٌضٌن فً‬
‫ظ بتنظٌر علمً شامل‪ٌ ،‬ضمها‬‫ولت واحد وإلامة التعاٌش والتوازن الدٌالكتٌكً فٌما بٌنهما‪ ،‬ولكنها لم تح َ‬
‫كمانون ٌضاف لموانٌن سمة التنالض فً الدٌالكتٌن‪.‬‬

‫وٌمكن مبلحظة هذه الفرضٌة من إٌراد األمثلة التالٌة‪:‬‬

‫‪ -1‬الحركة الثورٌة تتبنّى فً تنظٌمها تطبٌك ٌتػأ اىٍؽنؾٗث اىػٍٗلؽاٌ٘ث‪ ،‬فالمركزٌة والدٌممراطٌة‬
‫مسؤلتان مترابطتان‪ ،‬بٌد أن فً للب كل منهما بذور تنالض مع األخرى‪ ،‬فإذا كانت الدٌممراطٌة تعطً لكل‬
‫حك إبداء ثرابه‪ ،‬ومنالشة المرارات‪ ،‬والمشاركة فً اتخاذ المرارات‪ ،‬وانتخاب المراتب‬ ‫عضو فً الحركة ّ‬
‫التنظٌمٌة األعلى ومحاسبتها‪ ،‬فإن المركزٌة تعنً وحدة التنظٌم ودفع الحركة بكل أفرادها‪ ،‬ببل استثناء‪ ،‬إلى‬
‫العمل بعم ٍل واحدٍ‪ ،‬وااللتزام بمولفٍ واحدٍ‪ ،‬أي تفرض خضوع األللٌة لمرار األكثرٌة‪ .‬وإذا كانت الدٌممراطٌة‬
‫حك إبداء اآلراء واالعتراض‪ ،‬واالنتخاب ونمد اللجان األعلى‪ ..‬إلخ‪،‬‬‫تمنح اللجان الدنٌا فً التنظٌم الثوري ّ‬
‫فإن المركزٌة تفرض خضوع المنظمات األدنى إلى المنظمات األعلى فً التنظٌم الثوري‪.‬‬

‫‪ 48‬توازن جدلً بحل العبللات بٌن التنالضات (أو بفهم ثخر‪ :‬المتماببلت) وإلامة التوازن‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫على الرغم من وجود هذا التنالض بٌن المركزٌة والدٌممراطٌة إال أن من االنحراؾ والخطأ التضحٌة‬
‫بإحداهما فً سبٌل األخرى أو التحٌز إلحداهما ض ّد األخرى؛ ألنه إذا وجدت الدٌممراطٌة فً الحركة‬
‫الثورٌة بدون المركزٌة تكرست اللٌبرالٌة وفمدت الحركة وحدتها الفكرٌة والتنظٌمٌة وشلّت إرادتها الواحدة‬
‫فً التطبٌك والممارسة‪ ،‬وإذا وجدت المركزٌة دون الدٌممراطٌة تكرست البٌرولراطٌة واالستبدادٌة‬
‫والفردٌة‪ ،‬وتحول التنظٌم الثوري إلى تنظٌم أشبه بتنظٌم عصابة اللصوص‪ .‬وتحول كل عض ٍو إلى ٍّ‬
‫سن فً‬
‫دوالب‪.‬‬

‫لذا ال ب ّد من الجمع بٌن هذٌن النمٌضٌن‪ ،‬فً ولت واحد‪ ،‬وبصورة حٌة دٌنامٌكٌة خبللة‪ ،‬وإلامة التوازن‬
‫الدٌالكتٌكً بٌنهما بصورة تناسب الظروف المحٌطة وتطور التنظٌم الثوري‪ .‬فمثبلً فً حالة وجود إرهاب‬
‫شدٌد ض ّد التنظٌم الثوري الذي ٌعمل بسرٌة كاملة (تحت األرض) تكون نسبة المركزٌة إلى الدٌممراطٌة فً‬
‫تطبٌك الدٌممراطٌة المركزٌة أكبر فً ذلن التوازن مما تكون علٌه تلن النسبة فً حالة التنظٌم الثوري الذي‬
‫ٌعمل علنٌا ً أو ٌكون لد وصل إلى الحكم‪.‬‬

‫إن أهمٌة إدران هذه الفرضٌة تكمن فً أنها تسلح الحركة الثورٌة بدلٌل للتطبٌك العملً‪ .‬ولعل السبب فً‬
‫أكثر المشاكل التً نشؤت فً التنظٌمات الثورٌة كانت نتٌجة للخطؤ فً إلامة التوازن الدٌالكتٌكً الصحٌح‬
‫بٌن الدٌممراطٌة والمركزٌة بما ٌناسب الظروف الموضوعٌة والظروف الذاتٌة للحركة الثورٌة‪ ،‬فً كل‬
‫مرحلة‪ .‬مثال (أخطاء ستالٌن‪ ،‬وانحراف ّ‬
‫خط خروتشوف التنظٌمً السابد حتى اآلن‪ 49‬فً االتحاد السوفٌاتً‬
‫وبعض دول أوروبا الشرلٌة)‪.‬‬

‫‪ٌ -2‬مكن أن نجري هذا التحلٌل السابك نفسه على ٌتػأ اىٍتادرة فٖ اىطؽنث اىرٔرٗث وحِاكيٓا ٌّ‬
‫ٌتػأ االُيتاط اىرٔري‪ ،‬حٌث ٌجب أن ٌمام توازن دٌالكتٌكً فً الجمع بٌن المبادرة (إطبلق مبادرات‬
‫ّ‬
‫بخط الحركة ولراراتها‪.‬‬ ‫أعضاء الحركة ولجانها) وانضباط أعضاء الحركة ولجانها‬
‫ّ‬
‫‪ -3‬كذلن بالنسبة إلى الجمع بٌن اىٍٓو اىفؽي‪ ،‬واىٍٓو اىٓيِٖ بالنسبة إلى كل حركة ثورٌة‪ ،‬حٌث‬
‫ٌجب أن ٌمام توازن دٌالكتٌكً فً الجمع بٌن هذٌن النمٌضٌن فً ولت واحد‪ ،‬بما ٌناسب ظروف العمل‬
‫الثوري‪.‬‬

‫طبعا ً ٌمكن إٌراد عشرات األمثلة على هذه الفرضٌة العلمٌة فٌما ٌتعلك بالجمع الدٌالكتٌكً بٌن الموانٌن‬
‫العامة والموانٌن الخاصة‪ ،‬واىِلػ واىِلػ اىؼاحٖ (ةَ٘ اىتِاء واىٓػم)‪ ،‬وةَ٘ االكخهاد ةاىِفلات‬
‫واالـخٓالك‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫كما ٌمكن تطبٌمها على الحٌاة العادٌة لؤلفراد‪ ،‬مثبلً تربٌة الطفل (الجمع الدٌالكتٌكً بٌن الحنان والشدّة)‪،‬‬
‫وعلى العبللات اإلنسانٌة الفردٌة – الصدالة (بٌن العطاء واألخذ)‪.‬‬

‫لٌس هذا هو مجال التوسع فً هذه الفرضٌة لعلمٌة وإنما مررنا بها بسرعة‪ ،‬لكً ننبه إلى ما ٌلً‪:‬‬

‫‪ 49‬فترة كتابة الكتاب كان خروتشوف ربٌس االتحاد السوفٌتً والحزب أي عام ‪9194‬م‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫ّ‬
‫أ – ذٍث حِاكيات حخٍيب وكٔفِا إىٕ ساُب أضػ اىِل٘يَ٘ ىػ ا‪ٙ‬عؽ‪ ،‬كحالة التنالض بٌن العمال‬
‫والرأسمالٌة حٌن ٌجب تحدٌد مولف إلى جانب أحد هذٌن النمٌضٌن لحلّهما‪ ،‬أو كحالة التنالض بٌن الشعوب‬
‫المضطهدة واإلمبرٌالٌة‪ ،‬حٌن ٌجب تحدٌد مولف إلى جانب أحد النمٌضٌن فً الصراع لحلّهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب – ذٍث حِاكيات غ٘ؽ اىخٖ أْاله (اىتِػ أ) ال حخٍيب وكٔفِا إىٕ ساُب أضػ اىِل٘يَ٘ ىػ‬
‫ا‪ٙ‬عؽ لح ّل التنالض‪ ،‬وإنما تتطلب اىشٍّ ةَ٘ اىِل٘يَ٘ بإلامة تعاٌش وتوازن دٌالكتٌكً فٌما بٌنهما‪ ،‬فً‬
‫ت واحدٍ‪ ،‬وبمناسبة مع الظروف المعطاة فً كل مرحلة وفً كل حالة‪ .‬مثل التنالض بٌن الدٌممراطٌة‬ ‫ول ٍ‬
‫السري والعمل العلنً‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والمركزٌة فً تطبٌك مبدأ المركزٌة الدٌممراطٌة‪ ،‬والتنالض بٌن العمل‬

‫ج – إن أنواع التنالض الذي من طراز التنالض الوارد أعاله (البند ب) هً كثٌرة جدا ً تكاد ال تحصى‬
‫وتكمن أهمٌتها المصوى فً التطبٌك العملً الٌومً فً حٌاة األفراد أو التنظٌم الثوري أو الدول الثورٌة‪..‬‬
‫إلخ‪ .‬فٌترتب على الخطؤ فً تطبٌمها (طرٌمة الجمع بٌن النمٌضٌن وإلامة التوازن فٌما بٌنهما‪ ،‬أو أخذ مولف‬
‫وحٌد الجانب من أحد النمٌضٌن)‪ ،‬نمول لد ٌترتب على الخطؤ فً تطبٌمها مجموعة من االنحرافات والسلبٌات‬
‫التً لد تلحك أضرارا ً فادحة بالنسبة إلى األفراد أو التنظٌمات أو على جماع العمل الثوري كله؛ فمن‬
‫الضروري جداً‪ ،‬لتحمٌك النجاح فً التطبٌك‪ ،‬أن نعرف‪ ،‬بدلة‪ ،‬كٌف نطبك الجمع بٌن النمٌضٌن‪ ،‬وكٌفٌة إلامة‬
‫التوازن الدٌالكتٌكً فٌما بٌنهما بما ٌناسب الظروف المعطاة فً كل مرحلة‪.‬‬

‫د – المشكلة فً تطبٌك هذه الفرضٌة تكمن فً ثالثة نماط‪:‬‬

‫‪ -1‬أخذ مولف وحٌد الجانب من أحدهما وإهمال النمٌض اآلخر كلٌا ً أو مماومته‪.‬‬

‫‪-2‬الخطؤ فً تمدٌر نسبة إلامة التوازن والجمع بٌن هذٌن النمٌضٌن‪.‬‬

‫‪ -3‬تغٌّر الظروف المعطاة ما ٌتطلب إعادة تمدٌر نسبة التوازن بٌن كل نمٌض من هذٌن النمٌضٌن‬
‫منفردٌن ومجتمعٌن فً ثن‪ ،‬بٌنما ال ٌتنبه المرء إلى ذلن التغٌّر وٌبمى توازن المرحلة السابمة كما‬
‫هو‪ ،‬فٌإدي إلى انحرافٍ وفشل‪ ،‬على الرغم من نجاحه فً الظروف السابمة – المرحلة السابمة‪-.‬‬

‫إن استٌعاب هذه الفرضٌة العلمٌة ٌساعد على التطبٌك الناجح لكثٌر من المسابل الثورٌة‪ ،‬والمبادئ الثورٌة‪،‬‬
‫فً العمل السٌاسً أو التنظٌمً أو العسكري‪ .‬كما ٌساعدنا على فهم المضاٌا التالٌة‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬اىشٍّ ةَ٘ اىٍٓو اىٍفخلو اىؼاحٖ ىيخًِِ٘ اىرٔري وٍْيّ اىشٍاْٖ ٌّ اىخٍِِ٘ات‬
‫األعؽى فً أثناء تنفٌذ ّ‬
‫خط الوحدة الوطنٌة‪.‬‬

‫ذٍث حِاكو ةَ٘ نو حًِِ٘ واىخٍِِ٘ات األعؽى‪ ،‬فهو حًِِ٘ ٗطاول أن ٍِٗٔ وٗخٍٔر‬
‫وِٗخؾع اىل٘ادة‪ ،‬أو ٗطافَ ْي٘ٓا‪ ،‬وٍٗٓلٓا‪ .‬وْؼا ٗيّٓ فٖ حِاكو ٌّ اىخٍِِ٘ات األعؽى‬
‫اىخٖ حفٕٓ نو واضػة ٌِٓا إىٕ ُفؿ ٌا ٗفٕٓ إىّ٘‪ .‬وىهَ اىخٍِِ٘ات نيٓا‪ ،‬فٖ اىٔكج‬

‫‪39‬‬
‫ً‬
‫ُففّ‪ ،‬حشػ أن ٌَ اىٍطخٔم ْي٘ٓا‪ ،‬فٖ ٌٓؽنث اىخطؽر اىٌِٖٔ‪ ،‬أن حٓلػ حطاىفا فٍ٘ا ةِ٘ٓا‬
‫ّ‬
‫ىػ اىٓػو اىؽئ٘فٖ‪ ،‬بحٌث تضمها جبهة واحدة‪ ،‬ذات ّ‬
‫خط سٌاسً وعسكري واحد‪.‬‬

‫مفر منه‪ ،‬بحٌث ٌحافظ التنظٌم الثوري الطلٌعً‪ ،‬وكذلن‬ ‫وهنا ٌصبح الجمع بٌن هذٌن النمٌضٌن أمرا ً ال ّ‬
‫التنظٌمات األخرى‪ ،‬على نموه الذاتً واتساع لاعدته‪ ،‬وزٌادة لناعة الجماهٌر بمٌادته لها‪ ،‬بحٌث ٌحافظ أٌضا ً‬
‫على عبللات أخوٌة ودٌة مع التنظٌمات األخرى ما دام لد انخرط معها فً وحدة وطنٌة‪ ،‬وعلٌه أن ٌعمل‬
‫ضمن المجموع إلنجاح جماع العمل الثوري ض ّد العدو الربٌسً‪.‬‬
‫فإذا انتهج ّ‬
‫خطا ً ذاتٌا ً ضٌماً‪ ،‬وتجاهل أو أهمل العمل الجماعً مع المنظمات األخرى فً الوحدة الوطنٌة‪ ،‬أي‬
‫انتصر ألحد طرفً ذلن التنالض واستعدى الطرف اآلخر أو تجاهله‪ ،‬فهذا ٌعنً الولوع فً االُٓؾاى٘ث‪،‬‬
‫وتدمٌر نفسه وتدمٌر الثورة‪.‬‬

‫خط الوحدة الوطنٌة‪ ،‬وتجاهل أو أهمل بناءه الداخلً ونموه وتطوره‪ ،‬فهذا ٌعنً أنه ولع‬ ‫ّ‬ ‫وإذا انتهج‬
‫ةاالُطؽاف اىٍِٖ٘٘ الذي ّ‬
‫ٌعرض الثورة للخطر نتٌجة حرمانها من الدور المٌادي للتنظٌم المابد‪.‬‬

‫إن ح ّل هذا التنالض ٌكون من خبلل الجمع الخبلق بٌن هذٌن النمٌضٌن‪ ،‬فً ولت واحد‪ ،‬وإلامة التوازن‬
‫الدٌالكتٌكً بٌنهما بما ٌناسب الظروف المعطاة فً كل مرحلة من مراحل تطور العمل الثوري‪.‬‬
‫ً‬
‫ذاُ٘ا‪ :‬اىشٍّ٘ ةَ٘ اىٍتػأ واىٍِاورة‪.‬‬

‫عندما تنطلك الثورة تنطلك من أجل تحمٌك األهداف‪ ،‬أي أهداف الشعب أو الطبمة فً مرحلة تارٌخٌة محددة‪.‬‬
‫لهذا‪ ،‬فً كل ثورة‪ ،‬وفً كل مرحلة‪ ،‬هدف محوري ٌكون المضٌة المبدبٌة التً ال ٌمكن المساس بها‪،‬‬
‫أوالتخلً عنها تحت كل الظروف ومهما تكن الصعوبات والمخاطر‪.‬‬

‫ولكن كل ثورة وهً تتحرن من أجل تحمٌك الهدف المبدبً ال ب ّد لها من أن ترفع الكثٌر من الشعارات‬
‫التكتٌكٌة وتتخذ الكثٌر من الموالف التكتٌكٌة‪ ،‬أي تموم بمناورات عدٌدة فً سبٌل االنتمال خطوة فخطوة‬
‫لتحمٌك الهدف المبدبً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ومن سمات التكتٌن فً العمل السٌاسً أو فً الثورة أنه نر٘ؽ اىخٓؽسات‪ ،‬وـؽّٗ اىخغ٘ؽ حتٓا ىخغ٘ؽ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اىِؽوف ا‪ُ٘ٙ‬ث‪ ،‬ؤْ ةطاسث إىٕ أن ٗهٔن ٌؽُا إىٕ أكهٕ اىطػود‪ ،‬ونر٘ؽا ٌا حشػ اىرٔرة‬
‫ً‬
‫ُففٓا ٌيٍؽة إىٕ ٌِاورة اىشؾئ٘ث‪ ،‬وىهَ ٗشب أن ٗهٔن واىطا ٌِؼ اىتػاٗث أن اىخهخ٘م ْٔ‬
‫ىغػٌث اىٓػف اىٍتػئٖ‪.50‬‬

‫إذن أمامنا لضٌتان‪ ،‬لضٌة المبدأ ولضٌة المناورة التكتٌكٌة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫لذلن كان ٌردد ٌاسر عرفات دوما أننا نسٌر متعرجٌن ألننا نسٌر فً حمل ألغام‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ّ‬
‫فإذا رنؾُا ْيٕ اىٍتػأ ورفيِا اىٍِاورات اىخهخ٘ه٘ث‪ ،‬فٓؼا ٗلٔد إىٕ اىشٍٔد واىػوغٍائ٘ث‪،‬‬
‫واىلياء ْيٕ اىرٔرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وإذا رنؾُا ْيٕ اىٍِاورة اىخهخ٘ه٘ث وُفِ٘ا اىٍتػأ‪ ،‬فٓؼه حؤدي إىٕ االُخٓازٗث اىف٘اـ٘ث‪،‬‬
‫وى٘اع اىرٔرة‪.‬‬

‫إن ح ّل هذا التنالض ٌكون من خبلل الجمع الخبلّق بٌن المبدأ والمناورة التكتٌكٌة‪ ،‬وإلامة التوازن الدٌالكتٌكً‬
‫بٌنهما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫لهذا‪ٌ ،‬كون اىرٔرٗٔن اىطل٘ل٘ٔن أنرؽ اىِاس ٌؽوُث فٖ اىخهخ٘م‪ ،‬وأكػًْ حٍفها ةاىٍتػأ‪ ،‬وال‬
‫ٌمكن بؤي حال من األحوال أن ٌمودوا ثورة دون مناورا ٍ‬
‫ت تكتٌكٌ ٍة بارعةٍ‪ .‬كما ال ٌسمحون‪ ،‬فً الولت نفسه‪،‬‬
‫أن ٌساوموا فً المبدأ أو ٌدوسوا علٌه تحت شعار المرونة أو التكتٌن أو المرحلٌة‪.‬‬
‫ً‬
‫ذاىرا‪ :‬ذٍث ٌشٍْٔث ٌَ اىلياٗا اىٓاٌث ةاىِفتث إىٕ ُشاح اىٍٓو اىرٔري‪ ،‬تجب معالجتها على‬
‫الطرٌمة نفسها المبٌنة أعبله‪ ،‬أي من خبلل الجمع الخبلّق بٌن نمٌضٌن وإلامة توازن دٌالكتٌكً بٌنهما ٌناسب‬
‫الظروف المعطاة فً كل مرحلة وفً كل حالة‪.‬‬

‫من هذه المضاٌا‪:‬‬

‫أ – الجمع الدٌالكتٌكً بٌن اىٍؽوُث واىطؾم فً بناء الوحدة الوطنٌة من لبل التنظٌم الثوري الطلٌعً‪.‬‬

‫المرونة فً التعامل مع التنظٌمات األخرى وإفساح مجال العمل لها وإطبلق مبادراتها‪ ،‬والحزم ض ّد كل‬
‫ّ‬
‫الخط الثوري للوحدة الوطنٌة‪.‬‬ ‫محاوالت التخرٌب والشرذمة والخروج عن‬

‫ب – الجمع الدٌالكتٌكً بٌن اىٓشٔم واىػفاع فً العمل العسكري بحٌث ٌتضمن الدفاع عملٌات هجومٌة‪،‬‬
‫وتتضمن العملٌات الهجومٌة عملٌات دفاعٌة‪ ،‬وخصوصا ً فً حرب الجبال والمدن‪.‬‬

‫ج – الجمع الدٌالكتٌكً بٌن اىلشاْث واىخطي٘و اىٍٔىْٖٔ ألن الشجاعة دون التحلٌل الموضوعً‬
‫والعلم السٌاسً والعسكري تمود إلى التهور والمغامرة‪ ،‬وألن التحلٌل الموضوعً والعلم السٌاسً‬
‫والعسكري دون شجاع ٍة وال إلدام‪ٌ ،‬مود إلى الهزٌمة‪.‬‬

‫د – الجمع الدٌالكتٌكً ةَ٘ اىرلث واىخفاؤل وإدراك نٓٔةات اىٍٓؽنث وحٓلػْا؛ ألن وجود الثمة‬
‫والتفاإل بانتصار الثورة‪ ،‬دون إدرانٍ موضوعً لصعوبات المعركة وتعمدها واحتماالت االنتكاسات‬
‫والتراجعات‪ٌ ،‬مود إلى خٌبة األمل والٌؤس فً حالة االنتكاسة‪ ،‬أو تعمد التمدم إلى األمام نتٌجة لخداع النفس‬
‫والجماهٌر‪ .‬وكذلن إدران صعوبات المعركة وتعمدها‪ ،‬ولوة العدو‪ ،‬دون ثم ٍة راسخ ٍة وتفاإل أكٌد بالنصر‪،‬‬
‫ٌمود إلى الهزٌمة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ُ ُ‬
‫هـ ‪ -‬الجمع الدٌالكتٌكً بٌن ٌرو اىرائؽ وـيت٘ات اىٔاكّ اىٍٔىْٖٔ‪ ،‬إن وجود ال ُمثُل العلٌا لدى الثابر‬
‫هً التً تضفً علٌه الصفة الثورٌة ألنها تدفعه إلى تغٌٌر نفسه وتغٌٌر العالم‪ .‬ولكن وجودها دون إدرانٍ‬
‫ً لسلبٌات الوالع‪ ،‬أي وجود االنحرافات على اختبلفها فً داخل الثورة‪ٌ ،‬مود إلى الٌؤس من اآلخرٌن‪،‬‬ ‫حمٌم ٍّ‬
‫وعدم المدرة على التؤللم فً العمل الثوري‪ ،‬وبالتالً إلى التراجع واالنهٌار‪ .‬وكذلن إن إدران سلبٌات الوالع‬
‫الموضوعً والتؤللم مع االنحرافات على اختبلفها دون وجود ُمثُل لدى الثابر ونضال فً سبٌلها‪ٌ ،‬عنً‬
‫االنحراف‪ ،‬وفمدان صفة الثورٌة‪ ،‬وبالتالً إلحاق الهزٌمة بالثورة‪.‬‬

‫و – الجمع الدٌالكتٌكً ةَ٘ ـ٘اـث ْػم اىخػعو فٖ اىػول اىٓؽة٘ث واىٍلارنث فٖ اىرٔرة‬
‫اىٓؽة٘ث‪ .‬وهذه المضٌة ال ب ّد من معالجتها عن طرٌك إلامة التوازن الدٌالكتٌكً بٌن هذٌن النمٌضٌن من لبل‬
‫الثورة الفلسطٌنٌة لفترة طوٌلة من الزمن؛ ألن تبنًّ سٌاسة عدم التدخل فً الدول العربٌة من لبل الثورة‬
‫الفلسطٌنٌة دون المشاركة فً الثورة العربٌة‪ ،‬أي التدخل‪ٌ ،‬إدي إلى اجتراء بعض الدول العربٌة على تحدٌّها‬
‫والتضٌٌك علٌها والتآمر ضدّها‪ ،‬وعزلها عن الثورة العربٌة‪ .‬كما أن مشاركتها فً الثورة العربٌة دون تبنًّ‬
‫سٌاسة عدم تدخل فً الدول العربٌة‪ ،‬فً ظروف معٌنة ٌإدي إلى محاصرتها والمضاء علٌها‪.‬‬

‫ز – الجمع الدٌالكتٌكً ةَ٘ اىهػق اىرٔري واىػْاء اىرٔري‪ .‬إن توفر صفة الصدق الثوري لدى الثورة‬
‫دون الدهاء والمكر فً مواجهة مإامرات األعداء والنضال ضدّهم‪ٌ ،‬مود إلى الغباء وكشف خطط الثورة‬
‫للعدو وبالتالً إلى االنكشاف أمامه لٌوجه الضربة الماتلة للثورة‪ .‬وكذلن‪ ،‬توفر الدهاء والمكر فً الصراع‬
‫وٌحول الثورة إلى‬
‫ّ‬ ‫ض ّد العدو دون أن تتوفر صفة الصدق الثوري‪ٌ ،‬مود إلى تضلٌل الجماهٌر وبلبلتها‬
‫عصابة تآمر‪ ،‬وبالتالً ٌفمدها ثورٌتها وٌإدي إلى هزٌمتها‪.‬‬

‫ح – الجمع الدٌالكتٌكً بٌن اىرلث ةا‪ٙ‬عؽَٗ واى٘لِث اىرٔرٗث‪.‬‬

‫إن المناضل الثوري ال ٌستطٌع العمل فً الثورة ومع اآلخرٌن إذا لم ٌثك بزمبلبه فً الثورة‪ ،‬ولكن وجود‬
‫تلن الثمة دون الٌمظة من تسلل األعداء والمخربٌن والجواسٌس أو من حدوث االنحراف والتراجع ٌمود إلى‬
‫ً العدو‪ .‬وكذلن فً الممابل أن‬ ‫العمى والعمل على أرض مزروعة باأللغام والولوع لممة سابغة بٌن ف ّك ّ‬
‫ّ‬
‫(الشن والمرالبة واالنتباه) دون‬ ‫ّ‬
‫والشن‪ ،‬ولكن وجود الٌمظة‬ ‫الٌمظة تتطلب الحذر الشدٌد من تسلل األعداء‪،‬‬
‫وجود ثمة باآلخرٌن من إخواننا أو رفالنا فً الثورة‪ٌ ،‬مود إلى تولف العمل الثوري وتحوله إلى جحٌم‪،‬‬
‫وتش ّكن فً كل شًء مما ٌإدي إلى فشل الثورة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬كان ال ب ّد من الجمع الدٌالكتٌكً الخبلّق بٌن الثمة‬
‫والٌمظة‪.‬‬

‫***‬

‫وأخٌرا ً من المضاٌا البلفتة للنظر بالنسبة إلى اىرٔرات اىِاسطث فٖ ْهؽ اإلٌتؽٗاى٘ث‪ ،‬وعلى التحدٌد‪،‬‬
‫الثورات التً استطاعت أن تحمك الثورة السٌاسٌة (التحرٌر)‪ ،‬والثورة االجتماعٌة (االشتراكٌة)‪ ،‬هنالن ثبلثة‬
‫شروط عامة كانت لد توفرت فٌها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬وجود اىخًِِ٘ الطلٌعً الثوري المتطرف‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ّ‬
‫ثانٌاً‪ :‬تبنًّ ةؽُاٌز ضػ أدُٕ ٌٓخػل ٌّ كٓارات ٌٓخػىث إلى ألصى حدّ‪ ،‬شعارات تلبً‬
‫حاجات عاجلة ومل ّحة ألوسع الجماهٌر مع ممارسة مرونة سٌاسٌة فابمة فً توحٌد أوسع الجماهٌر‬
‫والموى السٌاسٌة فً جبهة عرٌضة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬حٓ٘ئث اىشٍاْ٘ؽ وحٍِِ٘ٓا ودفٓٓا إلى تحمٌك برنامج الح ّد األدنى والشعارات المعتدلة‬
‫من خبلل النضال العنٌف والثورة المسلّحة‪( .‬نكتفً بهذا المدر من العنوان الجانبً‪ :‬تنالضات من‬
‫طراز ثخر‪ ،‬لكتٌب منٌر شفٌك المعنون‪ :‬حول التنالض والممارسة فً الثورة الفلسطٌنٌة‪).‬‬

‫الكاتب‪ :‬منٌر شفٌك‬

‫‪43‬‬
‫اىخِاكو اىؽئ٘ؿ واىرأُي ْام ‪0202‬‬

‫نأٌؽوضث أو ٌِٓز حفه٘ؽ و حطي٘و‪.‬‬

‫رغم تغٌّر فكر الكاتب منٌر شفٌك العمدي والسٌاسً من الماركسً‪-‬اللٌنٌنً الى اإلسبلموي‪ 51‬فإنه ردا على‬
‫أطروحة "المضاٌا المهمة ممابل الملحة" فً مواجهة اطروحة "التنالض الربٌسً والتنالضات الثانوٌة"ٌكتب‬
‫عام ‪ 2019‬لٌإكد على منهج التحلٌل الذي تبناه عام ‪ 1970‬فً الجزء الذي ننشره من الكتٌب بٌن ٌدٌنا ‪.‬‬

‫وحٌث أن ممالة "نحو أطروحة المضاٌا المهمة ممابل المل ّحة"‪ ،‬هً ممالة كتبها د‪.‬ساري حنفً فً «العربً‬
‫الجدٌد»‪ ،‬بتارٌخ ‪ 6‬كانون األول‪ /‬دٌسمبر ‪ .2019‬فإنه ٌرد علٌها فً صحٌفة االخبار اللبنانٌة‪ ،‬ومما لاله‬
‫وذو صلة مباشرة بفكرة التنالض الربٌس والثانوي‪ ،‬والممتطف من كتابه المدٌم بٌن أٌدٌنا‪ ،‬التالً‪:‬‬

‫‪-0‬أطروحة التنالض الرئٌسً والتنالضات الثانوٌة‪ ،‬التً تنسبها الممالة لماوتسً تونػ‪ ،‬هً عملٌا ً مطبّمة‬
‫فً الصراعات عموماً‪ ،‬من لِبل كل األطراؾ المتصارعة‪ .‬ألنّ الصراع ٌتطلّب تحدٌد العدو رلم ‪ ،0‬والتعامل‬
‫وإال ال ٌستطٌع أن ٌخوض الصراع‬ ‫مع ؼٌره من األعداء أو التنالضات على مستوى أدنى‪ ،‬وبتراتب ما‪ّ ،‬‬
‫بنجاح‪ .‬هذا ما طبّمته استراتٌجٌات الدول الكبرى فً صراعاتها وحروبها‪ ،‬سواء أكان على مستوى عالمً‬
‫صوغ لألطروحة‪ ،‬فهو لد نظر إلى ما‬ ‫أم إللٌمً أم حتى فً البلد الواحد‪ .‬أ ّما ما لام به ماوتسً تونػ من ْ‬
‫هو مطبك لدٌما ً وحدٌثا ً ومن مختلؾ األطراؾ‪ .‬إذ أن منهج التركٌز على رئٌسً وثانوي‪ ،‬ال ب ّد من‬
‫تطبٌمه‪ ،‬سواء استُخدم مصطلح رئٌسً وثانوي أم لم ٌستخدم‪ .‬فالبعض استخدم‪ ،‬مثالً‪ ،‬عدو أول وأعداء‬
‫ٌُراد تحٌٌدهم وآخرون كسبهم‪ ،‬ولٌنٌن استخدم الحلمة الرئٌسة التً تمسن السلسلة كلها‪ .‬المهم‪ ،‬ال مشاحة‬
‫فً المصطلح‪ ،‬وهو ما حاولت فعله ممالة ساري حنفً‪ ،‬مستخدمة مصطلحات أخرى‪ ،‬ولكن بفشل‪ .‬ولهذا‪،‬‬
‫ٌتعرض لهذه الموضوعة بتمدٌم «أطروحة المهمة والمل ّحة»‪ ،‬أن ٌثبت لنا مكانة األطروحة‬ ‫ّ‬ ‫كان على من‬
‫الجدٌدة فً التطبٌك من لِبَل األطراف المتصارعة‪ٌ .‬عنً االستناد إلى التارٌخ‪ ،‬وإلى الولابع والممارسة منذ‬
‫تولٌد أطروحة بهذا المدر من األهمٌة والخطورة‪.‬‬

‫‪-2‬أن منهج التنالض الرئٌسً والتنالضات الثانوٌة ال ٌتض ّمن اعتبار المضاٌا الثانوٌة ملؽاة أو مؤ ّجلة‪ ،‬إن‬
‫وإال لماذا صاحب أطروحة التنالض الرئٌسً ماوتسً تونػ هو صاحب أطروحة‬ ‫كان من الممكن حلّها‪ّ ،‬‬
‫«حل التنالضات فً صفوؾ الشعب فً أثناء ذلن»‪ .‬والح ّل هنا ال ٌجعل حموق الالجئٌن وحك العودة‬
‫والتحرٌر حمولا ً متنافٌة‪.‬‬

‫‪ٌ-3‬إكد ردا على الكاتب المذكور على ضرورة (المراءة التارٌخٌة لعبللة الدول العربٌة واألحزاب العربٌة‬
‫بالصراع العربً ــ الصهٌونً‪ .‬فالمول إن هذا الصراع أخذ «الشعوب العربٌة» رهٌنة له‪ ،‬أو «خدّرها ضد‬

‫‪ 51‬ننمل أجزاء مما كتبه منٌر شفٌك عام ‪ 9491‬تحت عنوان‪ :‬أطروحة كارثٌّة تسفَح حمولنا على مذبح العولمة فً صحٌفة‬
‫األخبار اللبنانٌة‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫تغٌٌر األنظمة»‪ٌ ،‬تجاهل تارٌخا ً طوٌبلً من التغٌٌر العربً فً أكثر األنظمة العربٌة وفً ممدمها بلدان‬
‫الطوق‪ ،‬فمد ركز على تغٌٌر األنظمة وتمدٌم تضحٌات ثمٌلة‪ ،‬وسموط شهداء مع اندالع التظاهرات‬
‫واالنتفاضات والنضاالت الٌومٌة‪ .‬فما من بلد عربً واحد أولف النضال الداخلً أو التغٌٌر أو عدم االهتمام‬
‫بالمضاٌا الداخلٌة‪ ،‬ألنه رهن نفسه للصراع العربً ــ الصهٌونً‪ .‬بل من المعروف أن جٌل النكبة فً‬
‫الخمسٌنٌات حتى عام ‪ ،1967‬كان ك ّل مشروعه هو «التغٌٌر العربً والوحدة العربٌة شرطا ً لتحرٌر‬
‫فلسطٌن»‪).‬‬

‫‪4‬ــ ٌمول منٌر شفٌك أٌضا‪( :‬ساري حنفً ال ٌجٌبنا عن سبب استعصاء التغٌٌر فً االتّجاه نحو النموذج‬
‫الممومات التً تسمح به‪ ،‬ولٌس شكله الذي ٌعبر فٌه من خبلل‬‫ّ‬ ‫الدٌمولراطً الذي ٌرٌده‪ .‬وذلن ألنه ال ٌراعً‬
‫االنتخابات والتناوب على السلطة‪ .‬ألن همه فً مكان ثخر‪ .‬ثمة شرطان أولٌان لهذه الممومات‪ :‬األول وجود‬
‫إجما ع وطنً لدى المتنافسٌن على ذلن التناوب‪ ،‬أي التوافك على االستراتٌجٌة الخارجٌة للدولة وعلى النظام‬
‫الداخلً السٌاسً ــ االلتصادي ــ االجتماعً (وأٌضا ً االنتخابً والتداولً على السلطة)‪ .‬أما الشرط الثانً‬
‫فوجود نظام أمنً وعسكري (األجهزة األمنٌة والجٌش) ال ٌسمح بخرق الشرط األول‪ .‬ولهذا لم ٌحدث طوال‬
‫خرق لهذٌن الشرطٌن‪ .‬وعندما حدث فً ألمانٌا بوصول النازٌة برباسة أدولف هتلر‬ ‫ٌ‬ ‫تارٌخ النموذج الغربً‬
‫عن طرٌك االنتخاب إلى السلطة‪ ،‬اندلعت حربٌ عالمٌة‪ .‬فالسإال‪ ،‬هل ٌمكن أن ٌموم نموذج دٌمولراطً ال‬
‫ٌضمن استمرارٌة االستراتٌجٌة الخارجٌة والنظام الداخلً؟ الجواب ال‪ ،‬ألنه من غٌر الممكن أن تنام الببلد‬
‫فً عداء مع الكٌان الصهٌونً وتصبح مع سٌاسة تطبٌع وصلح‪ ،‬وربما تحالف معه‪ ،‬أو تنام فً ظ ّل نظام‬
‫رأسمالً لٌبرالً لتصحو على نظام اشتراكً أو إسبلمً‪ ،‬أو العكس‪ .‬ولهذا‪ ،‬ما لم ٌتحمك اإلجماع الوطنً‬
‫(فً ما ب ٌن المتناوبٌن على السلطة) حول االستراتٌجٌة الخارجٌة والنظام الداخلً‪ ،‬فالذي ٌنتظر االنتخابات‬
‫النزٌهة فً ببلدنا هو الحرب األهلٌة أو ما ٌشبهها‪ .‬أما شرط اإلجماع الوطنً فؤن تكون الببلد مستملة‪ ،‬لتتفك‬
‫الموى المتنافسة على السلطة والدولة العمٌمة على النموذج الدٌمولراطً‪.‬‬

‫وأضف أن تكون أٌضا ً على ح ّد معمول من الرفاه االلتصادي‪ .‬أما إذا كانت فً حالة مدٌونٌة وفمر شدٌد‬
‫والتعرض للحصار‪ ،‬فلن‬
‫ّ‬ ‫وفروق طبمٌة حادة‪ ،‬وبطالة مستشرٌة‪ ،‬وفً حالة من االستباحة للتدخبلت الخارجٌة‬
‫تستطٌع أن تحمك النموذج الذي ٌرٌده السإال حول «الشرعٌة المانونٌة»‪ .‬هذه الموضوعات حٌن ال تدرن‬
‫جٌدا ً أو حٌن تفهم الدٌمولراطٌة بؤنها انتخابات وتداول على السلطة‪ ،‬ونمطة على السطر ٌذهب التفكٌر‬
‫شططاً‪ ،‬وٌفجع بما ٌحدث‪.‬‬

‫‪5‬ــ وٌرد شفٌك أٌضا‪ٌ(-‬مول‪ :‬ال ٌمكن االستمرار فً النظر إلى اآلخر عدوا ً أزلٌا ً وكؤننا تارٌخٌا ً لنا مولف‬
‫منه حتى زواله‪ ،‬وعندها ننتمل إلى عدو ثخر كان متمتعا ً بوضعٌة عدو ثانوي‪َ .‬م ْن هذا اآلخر؟ إنه العدو‬
‫الصهٌونً الذي التلع ثلثً شعب فلسطٌن من وطنه‪ ،‬وصادر بٌوته وأراضٌه وألام كٌانه («مجتمعه‬
‫االستٌطانً ودولته غٌر الشرعٌة الصهٌونٌة العنصرٌة»‪ )...‬مكانه‪ ،‬ث ّم احتبلله المدس والضفة الغربٌة‬
‫ولطاع غزة وسٌاساته االستٌطانٌة التهوٌدٌة‪ .‬والسإال‪ ،‬لماذا أسماه ساري حنفً «اآلخر»‪ ،‬ولم ٌس ّمه باسمه؟‬
‫ولٌسمح لنا هذا لٌس بآخر كؤي ثخر‪ .‬أ ّما لصة ّأال نعتبره «عدوا ً أزلٌا ً وكابنا ً تارٌخٌا ً لنا مولف منه حتى‬
‫زواله»‪ ،‬فالمشكلة لٌست فٌنا وفً ما نعتبره‪ ،‬كؤن المسؤلة مسؤلة رأي ٌحتمل الوجهٌن‪ ،‬فٌما المشكلة فً‬
‫احتبلله وطننا الذي اسمه فلسطٌن وطرد نصف الشعب من وطنه واحتبلل نصفه اآلخر‪ ،‬عدا ملٌونٌن فً‬

‫‪45‬‬
‫لطاع غزة تحت الحصار والتهدٌد بالحرب والتدمٌر‪ .‬هل هذه مسؤلة رأي ووجهة نظر أن تعتبره عدوا ً‬
‫«أزلٌا ً»‪ ،‬أم هذه مسؤلة موضوعٌة وٌرٌدها «اآلخر» أن تكون «أزلٌة»‪ ،‬وال ٌتولف عن ذلن حتى ٌرحل‪.‬‬
‫فإن تطبٌك «أطروحة المضاٌا المهمة والمل ّحة» على الموضوع الفلسطٌنً‪ ،‬وبالتحدٌد على هذا‬ ‫من هنا‪ّ ،‬‬
‫«اآلخر» هو ثفتها الكبرى‪ ،‬م ّما ٌتعدى خطؤها التنظٌري من حٌث أتى‪).‬‬

‫‪6‬ــ وٌمول فً مماله أٌضا‪(-‬نجد أن ما من دولة ّإال وٌشغلها عدو خارجً‪ ،‬أو منافس خارجً‪ .‬وما من دولة‬
‫(أو شعب) ّإال وتشكو من تدخبلت خارجٌة فً شؤنها الداخلً‪ ،‬حتى أمٌركا تشكو من تدخل خارجً فً‬
‫انتخاباتها‪ .‬أما ْتوق اإلنسان إلى إنسانٌة تتجاوز حدود الدولة الوطنٌة‪ ،‬فهل هً سمة الحكام فً الغرب‪ ،‬مثبلً‪،‬‬
‫والتلوث‬
‫ّ‬ ‫أم فً الشرق؟ أم هً ممصورة على فبات محدودة مه ّمشة لم ٌسمع صوتها حتى فً لضاٌا المناخ‬
‫والبٌبة‪.) .‬‬

‫اُخٕٓ‬
‫ىشِث اىخٓتئث اىفهؽٗث فٖ ضؽنث فخص‬

‫‪46‬‬

You might also like