You are on page 1of 11

‫التداولية أو التداوليات أو الراغماتية أو البرجماتية أو الوظيفية أو‬

‫السياقية‪ ..‬دوال متواترة في اللغة العربية في مقابل كلمة ‪pragmaticus‬‬


‫اليونانية‪ ،‬المشتقة من‪ pragma‬وتعني الحركة والفعل‪.‬‬
‫ما التداولية؟‬
‫يعرف "وليام شار موريس" التداولية بأنّها "ذلك الفرع من السيميوطيقا‬ ‫ّ‬
‫وأن دراسة السيميوز أو‬ ‫الذي يعالج‪ ،‬في األصل‪ ،‬استعماالت العالمات ّ‬
‫سيرورة التدليل لها ثالثة مستويات هي‪ :‬التركيب والداللة والتّداوليّة التي‬
‫وتعرفها "آن ربول" و"جاك‬ ‫ّ‬ ‫تبحث في العالقة بين العالمات ومؤوليها‪،1‬‬
‫موشالر" على أنّها "دراسة استعمال اللّغة‪ ،‬في مقابل دراسة النسق‬
‫ي الذي يدخل بصيغة صريحة في اختصاصات اللّسانيات‪ ،‬وعندما‬ ‫اللّغو ّ‬
‫فإن هذا االستعمال ليس محايدا‪ ،‬فاإلشاريات‬ ‫نتحدث عن استعمال اللّغة‪ّ ،‬‬
‫تؤول إالّ داخل سياقها التلفّظي‪ ،‬كما ّ‬
‫أن‬ ‫على سبيل الذكر ال يمكن أن ّ‬
‫معان تفوق من ننوي التعبير عنه"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكلمات تد ّل في مناسبات كثيرة على‬
‫وتعني التداولية أيضا "استعمال اللّغة في الخطاب‪ ،‬ودراسة اإلشارات‬
‫النّوعية التي تثبت وظيفتها الخطابيّة في اللّغة"‪ ،2‬وال يختلف هذا ع ّما ّ‬
‫أقر‬
‫أن "البناء النظري للعبارات على المستويين‬ ‫به "فان دايك" حين أوضح ّ‬
‫ي ينبغي أن يكمل ويتمم بالمستوى الثالث‪ ،‬أعني بمستوى‬ ‫الصوري والدالل ّ‬
‫ويعرفها "جورج يول" بأنّها دراسة المعنى كما يعبّر عنه‬ ‫ّ‬ ‫فعل الكالم"‪،3‬‬
‫ويؤوله المستمع‪ ،‬كما أنّها دراسة لمقاصد المتكلّم‪.4‬‬
‫ّ‬ ‫المتكلّم‬
‫أهمية التداولية التقيّد بالبحث عن نظرية مالئمة تتعلّق باالستعمال‬
‫‪5‬‬
‫ي للّغة‪.‬‬
‫التواصل ّ‬

‫النموذج الترميزي‪:‬‬

‫أسس نظرية العالمات‪ ،‬شارل موريس‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪La pragmatique, armengaud francoise.‬‬

‫‪3‬‬
‫النص والسياق‪ ،‬فان دايك‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫‪la pragmatics, georges yule.‬‬
‫‪5‬‬
‫المقاربة التداولية‪ ،‬فرانزواز أرمينكو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اللّسان ‪ langue‬نظام أو نسق من العالمات‪ ،‬إنّه ملكة ذهنية مخزنة لدى‬
‫ي‪ ،‬أي اإلنجاز‬ ‫أن الكالم ‪ parole‬هو التحقّق الفعل ّ‬ ‫ك ّل متكلّم‪ ،‬في حين ّ‬
‫ي‪،1‬‬ ‫ي‪ ،‬لذلك يتصف اللّسان بطابعه الجماع ّ‬
‫ي‪ ،‬أ ّما الكالم فله بعد فرد ّ‬ ‫العمل ّ‬
‫أن موضوع اللَسانيات هو دراسة اللّغة ال‬ ‫أقر دي سوسير ّ‬ ‫بهذا التمييز ّ‬
‫أن التداولية تجاوزت التهميش الذي طال الكالم عند اللّسانيين‬ ‫الكالم‪ ،‬غير ّ‬
‫البنيويين‪.‬‬
‫النموذج النسقي اإلركسترالي‪:‬‬
‫بلورت مدرسة "بالو ألطو" المعروفة بالمدرسة الخفية تصورا منهجيا‬
‫ينظر للتواصل على أنّه ظاهرة معقّدة وحيوية‪ ،‬فالتواصل ليس نقال‬
‫ي تشاركي‪ ،‬ويتّسم النسق عند هذه‬ ‫للمعلومات وإنّما هو نشاط تفاعل ّ‬
‫المدرسة بطابع الكلية والعمومية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العلوم المعرفية‪:‬‬
‫انفتحت التداولية على العلوم المعرفية خاصة علم النفس المعرفي‪ ،‬وفلسفة‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬وعلوم األعصاب‪ ،‬ففي اللّسانيات تو ّجه تشومسكي‬
‫حول‬‫لدراسة الكفاءة اللسانية بدا اإلنجاز‪ ،‬لتعبّر التداولية عن هذا الت ّ‬
‫المعرفي من خالل تركيز "جرايس "على قضايا االستدالل في مقاله‬
‫أن التواصل يقوم على ما يس ّميه بمبدأ‬ ‫"المنطق والمحادثة "‪ ،‬فرأى ّ‬
‫تتفرع عنه أربع قواعد هي‪ :‬قاعدة الكيفية‪ ،‬وقاعدة الكمية‪،‬‬ ‫التعاون الذي ّ‬
‫وقاعدة الجهة وقاعدة المالءمة‪.‬‬
‫اتجاهات التداولية‪:‬‬
‫يقترح جاك موشالر وآن روبول‪ 2‬اتّجاهات ثالثة للتداولية هي‪ :‬التداولية‬
‫الكالسيكية‪ ،‬التداولية المندمجة‪ ،‬التداولية المعرفية‪.‬‬
‫‪ – 1‬التداولية الكالسيكية‪:‬‬
‫ترتبط بنظرية أفعال الكالم التي قدّمها أوستين وراجعها سورل‪ ،‬تتجاوز‬
‫أن اللّغة تستعمل لوصف الواقع‪ ،‬فالجمل تخضع لمعيار الصدق‬ ‫فكرة ّ‬
‫أن جمال كثيرة ال تخضع لهذا المعيار األمر الذي دفع أوستين‬ ‫والكذب بيد ّ‬
‫لتقديم نظرية األفعال الكالمية وصنّفها في فعل القول وفعل التأثير وفعل‬

‫‪1‬‬
‫فرديناند دي سوسير‪ ،‬محاضرات في علم اللّسان العام‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المعجم الموسوعي للتداولية‪ ،‬جاك موشلر وآن روبول‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلنجاز‪ ،‬وأعاد سورل نمذجة أفعال الكالم اإلنجازية فصنّفها إلى‬
‫ملفوظات التزامية وإنجازية وتصريحية وتعبيرية وإخبارية‪.‬‬
‫‪ – 2‬التداولية المندمجة‪:‬‬
‫وهي تداولية مندمجة في الداللة‪ ،‬تهتم بالبنيات الحجاجية‪ ،‬أكثر م ّما تبحث‬
‫في شروط صدق الملفوظات‪ ،‬من روادها ديكرو‪.‬‬
‫‪ – 3‬التداولية المعرفية‪:‬‬
‫سس على الترابط‬ ‫تمثلها نظرية المالءمة لسبيربر وولسن‪ ،‬والمالءمة تتأ ّ‬
‫الوثيق بين مقاصد المتكلّم من جهة‪ ،‬والنتائج السياقية التي يحصدها‬
‫طب بعد سلسلة من الجهود من جهة أخرى (االنتباه‪ ،‬التخزين‪،‬‬ ‫المخا َ‬
‫التحليل)‪ ،‬فكلّما قلّت الجهود وزادت النتائج كان التواصل مالئما‪ ،‬أ ّما إذا‬
‫زادت المجهودات وقلّت النتائج كان التواصل غير مالئم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫العالقة بين األدب والتداوليّة‬
‫تثير العالقة بين األدب والتّداوليّة جملة من التساؤالت الجوهريّة‪ ،‬كون‬
‫التّداوليّة خرجت من رحم اللّسانيات هذا العلم الجديد الذي اهت ّم باللّغة في‬
‫ي للغة‬ ‫ذاتها ولذاتها‪ ،‬فقد حرصت اللّسانيات البنيويّة في مسارها الوصف ّ‬
‫على المقاربة العلمية لمختلف مستوياتها‪ ،‬م ّما جعلها تصطدم بإكراهات‬
‫ي من مثل‪:‬‬ ‫على المستوى الدّالل ّ‬
‫‪ ‬تفسير وظائف المو ّجهات المرتبطة بالمتحاورين كضمائر المتكلّم‬
‫ومكوناته‬
‫ّ‬ ‫الزمان والمكان التي تحيل على التلفّظ‬ ‫والمخاطب‪ ،‬وظروف ّ‬
‫ووضعية المتلفّظ‪.‬‬
‫‪ ‬التداوليّة تتجاوز الدّالالت الملموسة المباشرة للوحدات المعجميّة إلى‬
‫دالالت ضمنيّة تحيل على االستلزامات الحواريّة‪ ،‬التي تقتضي‬
‫مك ّونات سيّاقيّة داخليّة وخارجيّة‪ ،‬فالتّدولية تراهن على مقاربة المعنى‬
‫الرسالة التي يتض ّمنها الملفوظ دون أن يشير إليها مباشرة‪،‬‬ ‫الضمني أو ّ‬
‫سسها المتكلّم ويستقبلها المتلقي في إطار نسق تفاعل ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫والتي يؤ ّ‬
‫‪ ‬الكالم ليس لسانا خالصا بل هو توظيف لشفرات غير لسانيّة إلى جانب‬
‫للربط بين الدّاللة الملموسة والدّاللة الضمنيّة‬ ‫شفرات اللّسانيّة ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المرتبطة بسياق التلفّظ‪ ،‬ومن هذا تضع التّداوليّة في اعتبارها المنهج ّ‬
‫ي‬
‫مجموعة من المفاهيم لمقاربة الملفوظ أه ّمها‪ :‬السيّاق‪ ،‬أفعال الكالم‪،‬‬
‫ي‪ ،‬المالءمة‪ ،‬االقتضاء‪ ،‬المقصدية‪...‬‬ ‫االستلزام الحوار ّ‬
‫لقد قامت التّداوليّة على أسس وضعتها فلسفة اللّغة مع أوستين وسيرل‬
‫وجرايس فقدّم ك ّل واحد وجهته في مقاربة اللّغة في مختلف إنجازاتها‪.‬‬
‫‪ – 1‬نظرة أوستين‪:‬‬
‫ميّز أوستين بين الجمل الوصفيّة والجمل اإلنشائيّة فاألولى تخضع لحكم‬
‫صدق والكذب‪ ،‬بينما تخضع الثانية لحكم النّجاح واإلخفاق‪ ،‬ث ّم اكتشف ال‬ ‫ال ّ‬
‫جدوى هذا التقسيم معتبرا ك ّل جملة تامة مستعملة تقابل إنجاز عمل‬
‫ي‪ ،‬واألعمال اللّغويّة عند أوستين ثالثة أنواع هي‪:1‬‬ ‫لغو ّ‬
‫أ ‪ -‬العمل القولي‪ :‬وهو الذي يتحقّق ما إن نتلفّظ بشيء ما‪.‬‬
‫ب ـ العمل المتض ّمن في القول‪ :‬وهو الذي يتحقّق بقولنا شيء ما‪.‬‬

‫آن روبول وجاك موشلر‪ ،‬التداولية اليوم‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫ج ‪ -‬عمل التأثير بالقول‪ :‬وهو الذي يتحقّق نتيجة قولنا شيئا ما‪.‬‬
‫‪ – 2‬نظرة سورل‪:‬‬

‫طور سورل نظرة أوستن بالتّركيز على شروط نجاح العمل المتض ّمن في‬ ‫ّ‬
‫القول‪.‬‬
‫‪ – 3‬نظرة جرايس‪:‬‬
‫استبدا جرايس مفهومي عمل القول‪ ،‬وعمل متض ّمن في القول بمفهومي‬
‫أن الثانية تقوم على التأويل‬ ‫الدّاللة الطبيعيّة والدّاللة غير الطبيعيّة‪ ،‬معتبرا ّ‬
‫سي على االستدالل ومن خاللها " ينوي المتكلّم وهو يتلفّظ بجملته‬ ‫وتتأ ّ‬
‫إيقاع التأثير في مخاطبه‪ ،‬بفضل فهم هذا المخاطب لنيّته"‪ ،‬فمنطق‬
‫المحادثة عند جرايس يقتضي فهم المتحاورين للنية والمقصود‪ ،‬وهذا‬
‫المنطق يقوم على مبدأين أساسين هما‪:‬‬
‫‪ – 1‬مبدأ التعاون‪.‬‬
‫‪ – 2‬مبدأ االستلزام الخاطبي‪.‬‬
‫ي عند‬ ‫صة مع االتّجاه المعرف ّ‬ ‫هذا اإلرث الفلسفي غيّر النظرة إلى اللّغة خا ّ‬
‫أن العمليات التداولية من خصائص‬ ‫"سبيربر" و"ويلسن" اللّذين اعتبرا ّ‬
‫ي‪ ،‬فتأويل األقوال توافق عمليتين هما‪:‬‬ ‫النظام المركز ّ‬
‫ي‪.‬‬‫أ – الترميز اللّغو ّ‬
‫ي‪.‬‬‫ب – االستدالل التّداول ّ‬
‫التصورات ولّدت جملة من المفاهيم تع ّد ضرورية في المقاربة‬ ‫ّ‬ ‫وهذه‬
‫التّداولية هي‪:‬‬
‫‪ – 1‬السياق‪:‬‬
‫أن "السيّاق ليس أمرا معطى دفعة واحدة‪ ،‬وإنّما‬ ‫يؤ ّكد "سبيربر"و"ويلسن" ّ‬
‫ي من‬ ‫يتش ّكل قوال إثر قو ٍل"‪ ،‬فالسيّاق يتض ّمن ك ّل ما هو خارج لسان ّ‬
‫ي للتلفّظ‪ ،‬وطبيعة المتحاورين وجنسهم‪،‬‬ ‫ي والمكان ّ‬
‫عناصر اإلطار الزمان ّ‬
‫ي إلى‬ ‫ولحظة اللتلفّظ‪ ،‬وهي مكوذنات تنقل المتخاطبين من المستوى اللّغو ّ‬
‫ي‪.‬‬‫التأويل التّداول ّ‬
‫‪ – 2‬المقصدية‪:‬‬
‫تحدّد الدّاللة عير الطبيعيّة مفهوم المقصديّة المزدوجة بحسب جرايس‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫أ – المقصدية اإخباريّة‪ :‬وهي ما يقصد إليه المتكلّم من حمل مخاطبه على‬
‫معرفة معلومة معيّنة‪.‬‬
‫ب – المقصدية التواصليّة‪ :‬وتتعلّق بحمل المخاطب على معرفة مقصده‬
‫ي‪.‬‬
‫اإلخبار ّ‬

‫ي زاوية‬ ‫ي؟ ومن أ ّ‬‫النص األدب ّ‬


‫ّ‬ ‫هل يمكن للتداوليّة أن تقدّم آليات لمقارب‬
‫تنظر إلى األدب؟‬
‫ي وهذه الخاصية تجعله‬ ‫تنظر التّداولية إلى األدب على أنّه خطاب تخييل ّ‬
‫يتخلّص من معياري الحقيقة والصدق وينسلخ من السياقية المرتبطة‬
‫صة التي تضمن له التواصل مع‬ ‫سس عوالمه الخا ّ‬ ‫فالنص يؤ ّ‬
‫ّ‬ ‫بالواقع‪،1‬‬
‫أن مؤلّف التخييل يختلق‬ ‫مخاطبيه في عالقة ال تبادلية‪ ،‬ويفارض سورل ّ‬
‫دون أن تكون له قصدية تضليل المستمع أو القارئ‪ ،‬أ ّما "جودمان" فيميّز‬
‫بين التمثيل والتعبير‪ ،‬فيعتبر الدّاللة التمثيليّة هي ما يقدّمه العمل مباشرة‪،‬‬
‫والداللة التعبيريّة هي ما يوحي به العمل من معرفة‪.2‬‬
‫مباحث التداولية‪:‬‬
‫‪ – 1‬اإلشاريات‪:‬‬
‫تقترن اإلشاريات بفعل اإلشارة إلى موضوع ما‪ ،‬وتنطبق على زمرة‬
‫الوحدات التركيبية والعوامل الداللية غير المنفصلة عن سياقات إنتاج‬
‫الملفوظ‪ ،‬فهي عالمات محيلة غير منفصلة عن فعل التلفّظ‪ ،‬وهو فعل‬
‫يقتضي متلفّظا يتو ّجه إلى مخاطب‪ ،‬ضمن إطار زمتني ومكاني‪.‬‬
‫سمها الدارسون إلى ثالث طبقات هي اإلشاريات الشخصية‬ ‫وقد ق ّ‬
‫واإلشاريات الزمانية واإلشاريات المكانية‪.‬‬
‫تطرق لها النحاة في باب الضمائر‪ ،‬فقد ذكر‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬اإلشاريات الشخصية‪:‬‬
‫أن الضمير "عبارة عن االسم المتضمن اإلشارة إلى المتكلّم أو‬ ‫السكاكي ّ‬
‫إلى المخاطب أو غيرهما بعد سابق ذكره"‪ ،3‬وفي كتابه "مسائل اللّسانيات‬
‫العامة" يميّز "بنفنيست" بين ثالثة أنواع من الضمائر هب ضمير المتكلم‬
‫وضمير المخاطب وضمير الغائب‪.‬‬

‫‪Elfie paulain, approche pragmatique de la littérature.1‬‬


‫‪2‬‬
‫‪A. reboul, rhéthorique et stylistique de la fiction.‬‬
‫السكاكي‪ ،‬مفتاح العلوم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬اإلشاريات الزمانية‪ :‬يتناول بنفنيست اإلشاريات الزمانية في مسألة‬
‫عالقات الزمان في الفعل‪ ،‬فداللة الزمن ال تتحدّد بزمن الفعل أو الظرف‬
‫في ح ّد ذاته‪ ،‬وإنّما بزمن التلفّظ‪ ،‬فظرف الزمن أمس يد ّل على اليوم‬
‫سابق ليوم إنتاج الملفوظ‪ ،‬وظرف الزمن غدا يد ّل على اليوم الذي يلي‬ ‫ال ّ‬
‫زمن الحديث‪ ،‬من هنا فالزمن تتحدّد داللته في الخطاب واالستعمال‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشاريات المكانية‪ :‬اإلشاريات المكانية مثل اإلشاريات الزمانية ال‬
‫طب‬ ‫تحمل داللة في ذاتها‪ ،‬فتحديد المرجعية المكانية يفرض على المخا َ‬
‫مراعاة سياق الخطاب‪ ،‬والحديث عن اإلشاريات المكانية والزمانية‬
‫ي ّ‬
‫أن‬ ‫يجر إلى الحديث عن أسماء اإلشارة فقد ذكر أبو حيّان األندلس ّ‬
‫اسم اإلشارة "هو ما ُوضع لمس ّمى وإشارة إليه"‪.1‬‬
‫‪ – 2‬نظرية أفعال الكالم‪:‬‬
‫أ – أوستن ونظرية أفعال الكالم‪:‬‬
‫يعود الفضل في هذه النظرية ألوستين في كتابه "كيف ننجز األشياء‬
‫بالكالم"‪ ،‬فميّز بين الملفوظات التقريرية الوصفية التي تخضع لمعيار‬
‫الصدق والكذب‪ ،‬والملفوظات اإلنجازية التي تمتاز بما يلي‪:‬‬
‫الملفوظات اإلنجازية‬

‫ارتباط الفعل‬ ‫إسناد الفعل‬ ‫الفعل إنجازي‬

‫ّ‬
‫بالزمن الحاضر‬ ‫لضمير المتكلّم‬ ‫وعد‪،‬حذر‪،‬التمس‬

‫فرق أوستين بين ثالثة أفعال كالمية هي فعل القول‪ ،‬وفعل اإلنجاز‪ ،‬وفعل‬ ‫ّ‬
‫التأثير‪.‬‬
‫‪ ‬فعل القول‪ :‬ويراد به التلفّظ بقول ما استنادا إلى جملة من القواعد‬
‫الصوتية والتركيبية التي تضبط استعمال اللّغة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أبو حيان األندلسي‪ ،‬التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ‬فعل اإلنجاز‪ :‬ويراد به القصد الذي يرمي إليه المتكلّم من فعل القول‪،‬‬
‫كالوعد واألمر واالستفهام والتحذير‪ ...‬وقد اقترح أوستين نمذجة لهذه‬
‫األفعال مميّزا بين خمس طبقات هي‪:‬‬
‫‪ – 1‬طبقة األفعال ال ُحكمية‪ :‬أفعال تعكس قدرة المتكلم على إصدار األحام‬
‫حسب موقعه االجتماعي‪.‬‬
‫‪ – 2‬طبقة األفعال التنفيذية‪ :‬أفعال تفصح عن قدرة المتكلم على اتّخاذ‬
‫قرارات وإصدار أوامر‪.‬‬
‫‪ - 3‬طبقة األفعال التعهدية‪ :‬أفعال يتع ّهد فيها المتكلّم بفعل ما‪.‬‬
‫وتصرفات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سلوكيّة‪ :‬أفعال دالة على سلوك اجتماعي‬ ‫‪ - 4‬طبقة األفعال ال ّ‬
‫‪ – 5‬طبقة األفعال العرضية‪ :‬أفعال يعرض فيها المتكلّم وجهة نظر ويقدّم‬
‫ح ّجة‪.‬‬
‫‪ ‬فعل التأثير‪ :‬يراد به التأثير الذي يحدثه فعل اإلنجاز في المخاطب‪،‬‬
‫التصرف بطريقة أو أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيدفعه إلى‬
‫ب – جون سورل ونظرية أفعال الكالم‬
‫حاول جون سورل تطوير نظرية أفعال الكالم التي قال بها أستاذه أوستين‬
‫من خالل محورين هما‪:‬‬
‫ي‪.‬‬
‫‪ ‬شروط نجاح الفعل الكالم ّ‬
‫‪ ‬اقتراح نمذجة عا ّمة ألفعال الكالم‪.‬‬
‫ر ّكز سورل اهتمامه على فعل اإلنجاز مميّزا في ك ّل قول بين الفعل‬
‫وقوة‬
‫ّ‬ ‫والقوة اإلنجازيّة‪ ،‬فك ّل جملة تتض ّمن محتوى قضويا‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫القضو ّ‬
‫إنجازية مالزمة له‪ ،‬فالملوفظ "أعدك بالزيارة ع ّما قريب" يتض ّمن‬
‫وقوة إنجازيّة‪.‬‬
‫محتوى قضويا ّ‬
‫أعدك‬ ‫سأزورك عما قريب‬

‫قوة إنجازيّة‬
‫ّ‬ ‫محتوى قضوي‬

‫وقد حدّد سورل سبعة شروط متح ّكمة في الفعل اإلنجازي هي‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ - 1‬الشروط األولية‪ :‬وهي شروط تبيّن ضرورة اشتراك المتخاطبين في‬
‫معارف قبلية تمثّل خلفية للتواصل بينهما‪.‬‬
‫تؤطر حديث‬‫ّ‬ ‫‪ - 2‬الشروط التحضيرية‪ :‬وهي شروط متّصلة بسياق الكالم‬
‫المتخاطبين‪.‬‬
‫‪ – 3‬شروظ الغاية‪ :‬وهي أن يكون للمتكلّم غايات يرمي إليها‪ ،‬كاإلخبار‬
‫والتعبير وااللتزام والتقرير‪...‬‬
‫‪ - 4‬شروط المواضعة‪ :‬وتتش ّكل من التعابير اللّسانية التي يلجأ إليها‬
‫المتكلّم إلنجاز فعل ما‪.‬‬
‫‪ – 5‬شروط القصد‪ :‬وتتض ّمن مختلف النوايا التي بمقدور المتكلّم التعبير‬
‫عنها كاإلخبار واالستفهام واألمر‪...‬‬
‫‪ – 6‬شرط المحتوى القضوي‪ :‬وتتشكل من القواعد التركيبية والداللية‬
‫القوة اإلنجازية لملفوظ ما‪.‬‬
‫التي تو ّجه ّ‬
‫‪ – 7‬شروط الوفاء واإلخالص‪ :‬وتحدّد هذه الشروط الحالة النفسية‬
‫قوة شروط الوفاء من فعل إلى آخر فأطلب ليس‬ ‫للمتكلّم‪ ،‬وتختلف درجة ّ‬
‫بدرجة القوة للفعل أل ّح‪...‬‬

‫‪ - 2‬نظرية االستلزام الحواري‪:‬‬


‫غرايس واالستلزام الحواري‪:‬‬
‫تع ّد الشروح التي قدّمها غرايس انفتاحا للتداولية على العلوم المعرفيّة‪،‬‬
‫والتي م ّهدت لظهور نظرية المالءمة عند سبيربر وولسن‪ ،‬فقد اهت ّم‬
‫تصورين‬‫ّ‬ ‫غرايس بقضايا االستدالل التي أهملها التداوليون‪ ،‬فبلور‬
‫منهجيين لهما األثر الكبير على سيرورة التأويل‪:‬‬
‫أ – القدرة على اكتساب حاالت ذهنية‪.‬‬
‫ب – القدرة على بناء االستدالل لفهم المتكلّم لملفوظات داخل سياق‬
‫كالمي‪.‬‬
‫نص على المتخاطبين يقبلون ضمنا جملة من القواعد‬ ‫ّ‬ ‫ففي مقاله المشهور‬
‫والمواضعات التي تحكم عملية التواصل‪ ،‬وعلى هذا فتأويل الملفوظات‬
‫رهين بثالثة عوامل‪ :‬معنى الجملة‪ ،‬السياق اللّساني وغير اللّساني‪ ،‬مبدأ‬
‫التعاون‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أن فهم الملفوظات وتأويلها ال يقوم دائماعلى الداللة‬ ‫كما أوضح غراي ّ‬
‫الطبيعية‪ ،‬ومن هذا المنطلق ميّز غرايس بين الداللة الطبيعية والداللة‬
‫غير الطبيعية‪ ،‬فالكلمة في الداللة الطبيعية تد ّل على ما وضعت له في‬
‫المصرح بها‪ ،‬إنّها عبارة عن المحتوى القضوي‬ ‫ّ‬ ‫أصل اللّغة‪ ،‬أي الداللة‬
‫قوتها اإلنجازية الحرفية‪ ،‬أ ّما في الداللة غير الطبيعيّة فتأويل‬
‫للجملة في ّ‬
‫الملفوظات ال يتوقّف عند حدود الداللة اللّغوية التواضعية للكلمات‪ ،‬بل‬
‫يعتمد على قصد المتكلّم ونواياه من جهة‪ ،‬وعلى فهم المخاطب لهذه النوايا‬
‫من جهة أخرى ثانية‪ ،‬وعلى سياق الكالم وقرائن األحوال من جهة‬
‫فإن فهم الملفوظ ال يمكن أن يكتمل دون محاولة المخاطب‬ ‫أخيرة‪ ،‬ومن ث ّم ّ‬
‫بناء استدالل منطقي مقبول‪.‬‬
‫هناك فرق كبير بين داللة الملفوظ أي ما قيل أو ما صرح به‪ ،‬وبين‬
‫االستلزام الحواري‪ ،‬أي ما ت ّم تبليغة‪ ،‬ويضيف غرايس صنفا آخر س ّماه‬
‫االستلزام المنطقي التواضعي‪ ،‬والشكل اآلتي يبيّن هذه الصنوف‪:‬‬

‫أنواع الداللة‬

‫الداللة غير الطبيعية‬ ‫الداللة الطبيعية الوضعية‬

‫داللة حوارية‬ ‫داللة عرفية‬ ‫المحتوى القضوي‬


‫القوة اإلنجازية الحرفية‬
‫ّ‬

‫االستلزام الحواري‬ ‫االستلزام المنطقي‬


‫المعنى الحرفي‬

‫‪ – 3‬مبدأ التعاون‪ ،‬قواعده ومسلماته‪:‬‬


‫ما يبذله المتحاورون من مجهودات لنجاح التواصل هو ما يس ّميه غرايس‬
‫سس على قواعد أربع هي‪:‬‬ ‫"مبدأ التعاون" وهو يتأ ّ‬
‫‪ – 1‬قاعدة الكمية وترتبط بكمية المعلومات الالزم توفّرها‪.‬‬
‫‪ – 2‬قاعدة الكيفية وترتبط بالصدق‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ – 3‬قاعدة المالءمة أو العالقة‪.‬‬
‫‪ – 4‬قاعدة الجهة وترتبط بكيفية التعبير ع ّما ننوي التعبير عنه‪.‬‬
‫(الوضوح‪ ،‬اإليجاز‪ ،‬تجنب االلتباس‪ ،‬تجنب الغموض)‪.‬‬
‫‪ – 4‬مبدأ التأدب‪:‬‬
‫ينبني مبدأ التأدّب عند روبن الكوف على قاعدتين‪:‬‬
‫ب – كن مؤدّبا‪.‬‬ ‫أ – كن واضحا‪.‬‬
‫وتتفرفعن القاعدة الثانية قواعد ثالثة هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ – 1‬ال تفرض نفسك‪ – 2 .‬قدّم خيارات‪ – 3 .‬أظهر الودّ‪.‬‬

‫الكفاية التداولية‬
‫قواعد التأدّب‬

‫كن مهذبا‬ ‫كن واضحا‬


‫مبدأ التأدّب لالكوف‬ ‫مبدأ التعاون لغرايس‬

‫ال تفرض نفسك‬ ‫قاعدة الكمية‬

‫قدّم خيارات‬ ‫قاعدة الكيفية‬

‫أظهر الو ّد‬ ‫قاعدة المالءمة‬

‫قاعدة الجهة‬

‫‪ – 4‬نظرية المالءمة مع سبيربر وولسن‪:‬‬

‫‪11‬‬

You might also like