You are on page 1of 22

‫اجمللد‪ /06‬الع ــدد‪ ،)2023( 01 :‬ص ‪96 -75‬‬ ‫جملة املقري للدراسات اللغوية النظرية والتطبيقية‬

‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة "منزل األقنان" للسياب أمنوذجا‬
‫‪The pragmatic rhetorical discourse, the rhetorical action, and the‬‬
‫‪position referral in the poem "The House of the Serfs" by al-Sayyab as‬‬
‫‪a model.‬‬
‫‪‬‬
‫بوزاين بغلول‬
‫كلية اللغة العربية وآداهبا واللغات الشرقية‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪2‬‬
‫‪bouziane.01.loul@mail.com‬‬

‫اتريخ النشر‪2023/06/30 :‬‬ ‫اتريخ االستالم‪ 2023/03/25 :‬اتريخ القبول‪2023/06/06 :‬‬

‫ملخص‪ :‬تشرتك كل من التداولية واخلطاب والبالغة يف حبثها عن اإلحياء اللغوي أو معىن املعىن‪ ،‬وقطبها يف ذلك‬
‫العالمة بني املتكلم واملخاطب ومقام التخاطب‪ ،‬وملا نكون بصد ثالث اجتاهات لسانية‪ :‬الوظيفية‪ ،‬الداللية‪،‬‬
‫ّ‬
‫والتداولية‪ ،‬تصعب أنسقة اخلطاب قصد الوقوف على معماريته نتيجة تداخل بني املناهج (النحو الوظيفي أو‬
‫الوظائف التداولية‪ ،‬علم االجتماع اللغوي‪ ،‬وعلم نفس اللغوي‪ ،‬والبالغة) لكن عند إحلاق اخلطاب ابلتداولية نكون‬
‫قد اصطنعنا تركيبة منهجية لغوية اتصالية أكثر حتررا من النسقية فيما لوكنا إبزاء التداولية وحتليل اخلطاب‬
‫البالغي‪/‬األديب ومها مبعزل عن بعضهما‪ ،‬فإذا كانت النظرية الوظيفية يف اللسانيات إما دالية‪/‬صورية‪ ،‬وإما تداولية‪،‬‬
‫فإن التحليل التداويل للخطاب البالغي ينحو منحى أتويل املعىن أتويال دالليا ثقافيا (تداويل إجنازاي‪ ،‬وسياقي‬
‫بالغي مقامي معا)‬
‫ويدل هذا اإلجراء أن اللغة غري متماثلة إال عرب بنيتها (دال ومدلول معا) لذا عدت بنيتها ِمن الفكر؛ وإن‬
‫كان مبقدور الشعرية أن تربط بني مستويي التحليل اللغوي واألديب‪/‬الفكري فإ ّن الداللة ممكنة شعرية من ممكنات‬
‫النظام وكلية البنية‪ ،‬وهي ممكنة خطابية ابألساس (خارج نصية) ألن الوظائف اجلزئية ال تُشيّد الكل إال تشييدا‬
‫شعراي تركيبيا وإجنازا مقاميا يف آن‪ ،‬ونعمل على أتكيد النظري عرب أمنوذج تطبيقي‪ ،‬وهو قصيدة منزل األقنان لبدر‬
‫السياب‪.‬‬‫شاكر ّ‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الوظائف التداولية؛ االتصال البالغي؛ اإلحالة املقامية؛ الصورة الشعرية؛ حتليل اخلطاب‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Pragmatics, discourse, and rhetoric share in their search for linguistic‬‬
‫‪suggestion or the meaning of the meaning, and their pole in that is the sign‬‬

‫‪ .‬املؤلف املرسل‪ :‬بوزاين بغلول‪bouziane.01.loul@mail.com ،‬‬

‫‪75‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫‪between the speaker and the interlocutor and the place of discourse, and when we‬‬
‫‪are dealing with three linguistic directions: functional, semantic, and pragmatic,‬‬
‫‪the discourse systems are difficult in order to stand on its architecture as a result‬‬
‫‪of an overlap between the approaches (Functional grammar or deliberative‬‬
‫‪functions, linguistic sociology, linguistic psychology, and rhetoric).‬‬
‫‪This procedure indicates that the language is not identical except through its‬‬
‫‪structure (signifier and signified together), so its structure is from thought. And if‬‬
‫‪poetics can link the two levels of linguistic and literary/intellectual analysis, then‬‬
‫‪the signification is possible poetically from the possibilities of the system and the‬‬
‫‪totality of the structure, and it is possible mainly rhetorical, and we work to‬‬
‫‪confirm the theoretical Through an applied model, which is the poem The House‬‬
‫‪of Serfs by Badr Shaker Al-Sayyab.‬‬
‫‪Keywords: Pragmatic; Rhetorical Communication; Rank; Poetic; Discourse‬‬
‫‪Analysis.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عند احتمال إدراك املعىن إدراكا إشاراي‪ ،‬نكون حينئذ إبزاء مقاربة علم اللغة احلديث له‪ ،‬أين تلعب‬
‫مرصوفات البنية بذاهتا ـ ـ منها وإليها ـ ـ دورا يف إزالة الال داللة إزالة إشارية حمضة‪ ،‬وتتموقع الداللة يف هذه‬
‫احلالة خارج البنية الذهنية التارخيية لإلدراك نفسه‪ ،‬بينما يف حالة إدراكنا للمعىن إدراكا خطابيا تداوليا‬
‫فيوجد اللفظ بني املرسل واملتلقي يف احلالة املتغرية (الثالثة) من حاالت معاين اللفظ‪ ،‬وقد ظلت اإلشكالية‬
‫العويصة اليت تستويل على اهتمامات احمللل البنيوي هي إشكالية التنافر أو الال تطابق املتمثل يف مفارقة‬
‫وظيفة اللغة لوظيفة األدب لوظيفة للغة اليت يف اللغة‪ ،‬أي اخلطاب‪.‬‬
‫لعل اإلشكالية اليت جتمع اللغة والعمل األديب مبعزل عن لسانيات اخلطاب فتبقى استحالة الدراسة‬ ‫و ّ‬
‫الوصفية للمعىن الذي هو غاية العمل األديب إال عرب اللغة وتضاريسها املورفولوجية‪ ،‬وذلك ما اضطلعت به‬
‫اللسانيات ابجتاهاهتا الثالثة‪ .‬وملا نكون بصدد نقطة خالفية بني نظرية األدب ونظرية النقد اجلديد أال وهي‬
‫البالغة فإنه حتما نظرايت اخلطاب ستزيل االلتباس‪ ،‬كون أن دور االستعارة (أي البالغة) يف تبلور معىن ما‬
‫ال ينظر إليه املتلقي من زاوية واحدة‪ ،‬أي دور العوامل الثقافية يف إيالء الشعور ابجلمال األمهية من عدمه؛‬
‫ذلك أ ّن املصطلح واملفهوم املركزي اجلديد الذي جاءت به الشكالنية والبنيوية أال وهو الشعرية ‪poetics‬‬
‫انسجم أو اتّفق مع قواعد علم اللسانيات احلديث يف إشاريتها عن الداللة‪ ،‬لكنها مل تنسجم مع شعرية‬
‫التصورات الذهنية ذات البعد اإلحيائي لدى املرسل واملتلقي (التأثري الذوقي إن شئت) أي أن الشعرية هي‬
‫قوانني اخلطاب األديب إشاراي فقط واخلاصة ابلنص األديب‪ّ ،‬أما شعرية العمل األديب فيتقاسم تصوراهتا‬
‫الشعرية املرسل واملتلقي‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫أما اإلشكالية املنهجية اليت اعرتضت سبيلنا هي ابلذات إشكالية هذا البحث‪ ،‬أو ابألحرى التعدد‬
‫املنهجي الذي ال بد منه‪ ،‬وهو إن مل يكن هناك جماوزة مفاهيم التداولية املتعددة املرتبطة ابملتكلم وابلكالم‬
‫ومبستقبل الكالم وهي (السياق‪ ،‬الفعل الكالمي‪ ،‬القصدية‪ ،‬االقتضاء‪ ،‬االستلزام احلواري‪ ،‬نظرية املالئمة‪،‬‬
‫املوجهات‪ )..‬ألهنا ال خترج عن لغة احلقيقة املعيار األرسطي للبالغة (الصدق والكذب) عن طريق التداخل‬
‫املتواقت فيما بينها‪ ،‬فبإدخال طرف اخلطاب‪ ،‬وذلك ابحلاق خطاب التلقي السياقي املقامي للشعر العريب‬
‫ابلوظائف التداولية‪ ،‬ونود تتبع مسار تطور ما يقابل تطور الوظيفة اللسانية الداخل نصية على مستوى‬
‫(السبك‪ ،‬احلبك‪ ،‬القصد‪ ،‬القبول‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬املقامية‪ ،‬التناص) ونعين به "الوظيفة الدور" اليت تستبق أو‬
‫تستبسر اإلحياء والتفسري اخلارجي التصنيفي متجاوزة التفسري الوصفي البنيوي أو الشكلي (لدى اجتاه‬
‫دراسات وأحباث البنيوية التكوينية مثال) وهذا املوقع الوسط بني الوظيفتني يتداخل عرب مفهومني؛ تقليدي‬
‫(البالغة أو النحو العريب) وحداثي عرب مفهوم اخلطاب بعامة‪ ،‬واخلطاب الشعري خباصة‪.‬‬
‫فهل ميكن استعمال اخلطاب الشعري استعماال تداوليا؟ أي رد أصل اإلشكالية إىل مفهوم وظيفة اللغة‬
‫نفسها؟ وإذا قبلنا هبذا االفرتاض فأمكننا ذلك ـ ـ بال ريب ـ ـ االستفادة كذلك من نظرايت فلسفة اللغة‪ ،‬أم‬
‫إىل ضرورة حتديد أي اللغات وأي اخلطاابت املعنية‪ ،‬حيث لغة وخطاب األدب خيتلف؟ ونكون حينئذ‬
‫وجلنا اجلدل القائم حول مفهوم نظرية األدب‪ ،‬وولوجنا نظرايت القراءة والتلقي أيضا‪ .‬ونقوم بتحليل‬
‫اخلطاب حتليال وظائفيا على املستويني اللساين اإلشاري والشعري اإلحايل يف قصيدة بدر شاكر السياب‬
‫كونه متأثرا ابلشعر اإلجنليزي احلديث املتميز حبكائيته الشعرية‪ .‬وإىل هذا املدى نقف على صحة عالقة‬
‫النشاط اللغوي مبستعمليه‪ ،‬وطرق وكيفيات استخدام العالمات اللغوية‪ ،‬والسياقات‪ ،‬والطبقات املقامية‬
‫أيكمن دور اإلحالة املقامية التواصلية يف‬
‫املختلفة اليت ينجز ضمنها اخلطاب يف هذه القصيدة‪ ،‬بتعبري آخر ُ‬
‫املبحث التداويل‪ ،‬يف اإلجابة على السؤال كيف يتم التخابر ابلكالم اإلنشائي؟ أي ال يفك شفرة مقصدية‬
‫املعىن الضمين‪/‬اجملازي إال صاحب املقام البالغي‪ ،‬حيث اإلنشائي للمنشئ واخلربي للمخرب‪.‬‬
‫‪ .1‬اللسانيات ومصطلح الوظيفة‪:‬‬
‫يعد مصطلح الوظيفة من أهم املصطلحات يف حقل اللسانيات الدالية والتداولية معا‪" ،‬ويف هذه‬
‫األخرية تنعت ابلتداولية )‪ (Pragmatic Function‬سواء كانت داللية (اليت حتدد األدوار اليت تقوم‬
‫هبا موضوعات احملمول) أو تركيبية (اليت حتدد الوجهة)"‪" ،1‬وهو يعين الدور الطبيعي الذي يقوم به أي‬
‫شيء داخل الكل‪ ،‬ابعتباره جزء منه‪ ،‬كالنشاط أو الدور الذي يقوم به أي شخص‪ ،‬أو أي عضو‪ ،‬أو‬

‫‪77‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫عنصر داخل تنظيم‪ ،‬أو جهاز من األجهزة"‪ 2‬فالوظيفة من هذا املنطلق هي النشاط‪ ،‬أو الدور الذي يتميز‬
‫به عنصر دون آخر‪.‬‬
‫ومن مقاربة أمحد املتوكل للنظرية الوظيفية يف اللسانيات والنحو الوظيفي ويف اخلطاب‪ ،‬اُعترب من أهم‬
‫الباحثني العرب املشتغلني على تداولية اخلطاب وهو مييز بني معنيني للوظيفة‪:‬‬
‫‪ .1‬الوظيفة هي العالقة القائمة بني مكونني أو مكوانت يف املركب االمسي أو اجلملة‪ ،‬وتكون عالقات‬
‫مشتقة حني يتم حتديدها على أساس موقع املكوانت داخل بنية تركيبية معينة‪ ،‬كما قد تكون الوظيفة‬
‫‪3‬‬
‫عالقات أوىل (غري مشتقة) إذ هي حددت جمردة عن أي بنية تركيبية أو تطريزية‬
‫ومنه فالداللة األوىل للوظيفة عند أمحد املتوكل هي تلك العالقات الرابطة بني أجزاء اجلملة‪ ،‬وهي‬
‫نوعان‪ :‬عالقات مشتقة كامنة داخل البنية الرتكيبية (امللفوظ)‪ ،‬وعالقة غري مشتقة معزولة عن هذه البنية‬
‫(اخلطاب واستعماله لوظيفة كدور املقابل للملفوظ واستعماله اللساين)‬
‫‪4‬‬
‫‪ .2‬الوظيفة هي الدور أو الغرض الذي تسخر الكائنات البشرية اللغات الطبيعية من أجل حتقيقه‬
‫يقصد املتوكل ههنا ابلغرض اهلدف الذي يروم اإلنسان حتقيقه انطالقا من اللغة؛ أي اختاذ هذه األخرية‬
‫وسيلة للوصول إىل مراده‪" .‬كما أشار املتوكل إىل أن العالقة والدور مفهومان متباينان‪ ،‬كون العالقة رابط‬
‫بنيوي قائم بني مكوانت اجلملة‪ ،‬يف حني أن الدور خيص اللغة بوصفها نسقا كامال‪ ،‬لكنهما يف اآلن نفسه‬
‫مفهومان مرتابطان"‪ 5‬فالوظيفة كعالقة عنصر داخلي يربط أجزاء اجلملة‪ ،‬بيد أن الوظيفة كدور تعىن بغرض‬
‫التواصل‪.‬‬
‫‪ .2‬املفهوم املتغاير ملصطلح الوظيفة بني اخلطاب واالجتاهات اللسانية الثالثة والبالغة‪:‬‬
‫أما مفهوم الوظيفة يف الرتاث العريب فلم يتجاوز املوقع اإلعرايب للكلمة يف النحو‪ ،‬وكشف دقائق وأسرار‬
‫ومجال اللغة يف البالغة‪ ،‬حبيث حتديد اسم لكل اسم أو كل فعل أو حرف‪ ،‬إن كان مبتدأ أو فعل أمر أو‬
‫حرف جر مثال‪ ،‬هو وظيفته يف النحو‪ ،‬ابلتايل يف اجلملة اللسانية صرفا وتركيبا من جهة‪ ،‬وملا يثريه من‬
‫"تنظري داليل نتيجة تبعية البنية لوظيفة التواصل ومد اجلسور لوصل البحث اللساين الوظيفي ابلتنظري العريب‬
‫الرتاثي للداللة منظورا إليه يف جممله حنوا وبالغة وفقه لغة‪ ،6"..‬وهكذا ظل األمر إىل أن فقدت الصورة‬
‫الشعرية ألول مرة مع الشكليني الروس مفهومها القدمي الذي يعطيها هلا الشعر بوصفه تفكرياً بوساطة‬
‫الصور‪ ،‬ومن هنا فصاعدا أصبح هناك وسائل متعددة للغة الشعرية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫وجدير ابلذكر أن النظرية الوظيفية كانت نظرية قائمة بذاهتا يف أعقاب ظهور علم اللغة احلديث‪ ،‬حيث‬
‫تبنت مدرسة براغ علم اللغة الوظيفي يف دراستها للغة بقيادة رومان جاكبسون‪ ،‬وواضح من التسمية أ ههنا‬
‫جعلت من دراسة اللغة تقوم على أساس الوظائف الصوتية يف سياق حنوي تركييب‪ .‬وال ريب أن تتطور‬
‫مفاهيم اخلطاب عن املدرسة اللسانية والبنيوية يف النقد األديب املعاصر كون أن ثنائية دي سوسري‬
‫الكالم‪/‬اللسان ثنائية جدلية‪ ،‬ودي سوسري نفسه وهو حيلل بنيته الداخلية دون النظر إىل العوامل اخلارجية‬
‫مببدأ احملايثة ‪ l’immanence‬مل يستقل عن طابع اللسانيات التجريدي جدال‪ ،‬فهو كان يتكلم؛‬
‫والكالم هو األداء الفعلي للسان‪ ،‬وهو جدير ابللغة جدليا وكل حياة اللسانيات ال معىن هلا خارج الكالم‬
‫للهم إذا استثنينا سيميولوجيا اإلمياءة والرمز واإلشارة‪ ،‬والكالم من يربط االنتظام الشكلي ابلسياق الفعلي‬
‫أو العملي يف إنتاج الكالم (ضمري األان) ذلك أن السيميولوجيا جزء من اللسانيات‪ ،‬وإىل هنا ال يزال‬
‫مفهوم اخلطاب ملا ربط الثنائية الدو سوسريية ابلسياق النصي الرتكييب يف حقل الدرس اللساين أو البنيوي‪،‬‬
‫ذلك "أن اللسانيات مثل اللغة متاما جتسد ابلتزامن وظيفيت تشكيل العامل وبنائه وذلك دون أن يكون‬
‫التمييز بني اجملالني أمرا ممكنا ابلفعل وحىت دون أن يكون أمرا مأموال"‪ ،7‬ومل يتحول عنهما إىل خطاب ما‬
‫بعد البنيوية إال منتقال من قيم عالقات الوحدات النصية اجملردة إىل قيم التلقي الداليل لتلك الوحدات‬
‫ضمن مستوايت أتويلية (اقرتان حتليل اخلطاب ابلتلقي وجبماليات اخلروج عن سلطة العادة الثقافية) طارحةً‬
‫سياقا ذا بعد تدويل للغة ضمن مستويني؛ األول ضمن للسانيات االجتماعية اليت خيتلف مبوجبها امللفوظ‬
‫كبناء لغوي عن التلفظ؛ جماال ملتابعة حركية السلوك اللغوي يف الكالم‪ ،‬ابعتبار كل عملية تلفظ حمددة‬
‫اجتماعيا تقبل الدراسة بصورة مسبقة عرب شبكة املفاهيم نفسها‪.‬‬
‫واثنيا ذو بُعد بالغي خطايب خاص بثقافة املتكلم يف إنتاج الكالم وفق سياق تلفظي تركييب خمتلف يف‬
‫اجلملة‪ ،‬إذن مفهوم اخلطاب أو امللفوظ هو مفهوم لساين بنيوي‪ ،‬بيد أن حتليل اخلطاب أو التلفظية مفهوم‬
‫يتجاوز النسق إىل سياق القارئ أو املخاطَب يف تلقيه نص اخلطاب‪ ،‬ويستقي أدواته اإلجرائية‬
‫واالصطالحية من بُعد خارج حمايث يف عملية التواصل واستنادا إىل نظرية الفعل اإلجنازي للكالم نتيجة‬
‫عالقة امللفوظ ابلتلفظ‪ ،‬وتعىن الوظائفية التداولية للخطاب مبقامات التداول ليس مبعزل عن السياق‬
‫التداويل والنفسي والسوسيو ـ ثقايف (‪ )..‬للخطاب‪ ،‬ولعل التأويل الذهين للمتلقي واستهالك القيم املادية‬
‫ِ‬
‫املتخاطب‬ ‫مرتبطان جدليا بسياق العادة ومقام تداول الثقافة (التطبع) للغة‪/‬لسان اجتماعي ما‪" ،‬ومعىن‬
‫أساسا يستدعي معه سياق املعرفة اخلاصة والعامة اليت يتقامسها املخاطبون‪ ،‬وسياق املعرفة هذا يضم مكان‬

‫‪79‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫وزمان اللفظ‪ ،‬وابجلملة فإن جمال التداولية يتحدد حبالة كالمية ال تضم فقط اللفظ واملتكلم واملستمع‪ ،‬بل‬
‫‪8‬‬
‫املعرفة املشرتكة هلذه العوامل اخلاص منها والعام (أي سياق اللفظ)"‬
‫‪ .3‬الوظيفة التداولية والبعد املقامي يف خطاب "منزل األقنان" البالغي‪:‬‬
‫لعل رؤية ظواهر العصر وهي متناقضة ومشوشة‪ ،‬ليس جدير ببنية اللغة اليت مل تُلحقها مبسارها الرؤيوي‬
‫التارخيي املنسجم مع مقاربة احلقيقة اإلحالة املقامية إىل اخلارج‪ ،‬إحالة استكملت عربها جتربة السياب‬
‫خمزوهنا الشعري من مفردات اإلحياء‪ ،‬واليت صقلت معجمه وشكلت مقصديتها جبمهوره‪ ،‬ابعتبار ما "كان‬
‫موحيًا هو ذا قصد وما مل يكن موحيًا فال ميلك مقصدية"‪ ،9‬والكلمات يف الشعر أكثر منها معىن يف النثر‪،‬‬
‫حيمل األلفاظ من املعاين أكثر مما حتمله يف األذهان‪ ،‬ومفردة الشاعر تقتضي عدم االلتزام لذلك‬ ‫والشاعر ّ‬
‫فإن للشاعر حنوه اخلاص وإيقاعه اخلاص‪ ،‬وقد أضحى معجم هؤالء متداوال حىت خارج سياق اللساين‬
‫احملضن األول للسياب والبيايت وغريمها‪ ،‬وغدا خطااب شعراي انتقل به من فعل كالمي ونصوص خاص إىل‬
‫‪10‬‬
‫إرث لساين مشرتك ابلتداول‪ ،‬أي "ليس إبراز منطوق لغوي فقط‪ ،‬بل إجناز حدث اجتماعي معني"‬
‫وإذا لقي اخلطاب األ ديب أتثريا فألن له وقع مجايل على املتلقني ووظيفة شعرية‪ ،‬أما إذا كان للنص‬
‫األديب شعرية مميزة تنبع من عالقات لغوية خالفية وظيفية تقوم هبا عناصره على مستوايت ‪(:‬السبك‪،‬‬
‫احلبك‪ ،‬القصد‪ ،‬القبول‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬املقامية‪ ،‬التناص) وهي اليت تفرز معىن‪ ،‬ال تتجاوز إشاراته الداللة النظام‬
‫اللغوي برتميزاته وإيقاعات وجمازاته إال مع االجتاه الوظيفي التداويل الذي تلى مرحلة اللسانيات التوليدية‬
‫اليت خلفت إشكالية االنغالق ابللغة يف ذهن صاحبها‪" ،‬فعال‪ ،‬أن نشري إىل أن بعض الكلمات املشريات‬
‫الدالة على الزمان أو املكان أو األشخاص من قبيل (اآلن وهنا وأان) ال ميكن أتويلها إال يف سياق قوهلا‪.‬‬
‫وأقل سذاجة أن نذكر أبننا‪ ،‬عند التبادل اللغوي‪ ،‬نبلغ من املعاين أكثر مما تدل عليه الكلمات‪ ،‬وليس من‬
‫أخريا إن استعمال األشكال اللغوية ينتج عنه ابملقابل إدراج لالستعمال يف النظام نفسه‪،‬‬‫الساذج أن نقول ً‬
‫‪11‬‬
‫فمعىن القول يقوم على شرح لظروف استعمال‪ ،‬أي ألداء ذلك القول"‬
‫ومبقتضى تداخل يف املناهج فإن الوصول إىل التحليل الوظيفي لتداولية أي خطاب مير عرب توظيف‬
‫معريف للبالغة واخلطاب والتداولية‪ ،‬فالوظيفية ألن هلا دورا فيما حنن بصدده؛ على أن نركز يف اخلطاب على‬
‫سياق املخاطَب‪/‬املتكلم ويف التداولية على مفهوم الفعل اإلجنازي للكالم‪ ،‬واجلامع بينهما هو ذلك الكالم‬
‫الذي أمهله علم اللغة احلديث‪ ،‬وكان سببا فيما بعد يف توالد االجتاهات اليت تنتقد علم اللغة احلديث من‬
‫الداخل ومن اخلارج؛ وقد "كانت البالغة متثل الصفة اجلمالية للخطاب‪ ،‬معتمدة على جمموعة من أدوات‬

‫‪80‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫التحسني‪ ،‬حىت تتجنب السأم أو الالمباالة عند مستقبل اخلطاب"‪ 12‬وهي بذلك تقابل علم القواعد الذي‬
‫كان يعرض على أنه طريقة ضمان االستعمال الصحيح للغة من أجل غاية اتصالية‪ .‬أما "مصطلح‬
‫اخلطاب يرادف الكالم لدى دي سوسري‪ ،‬وابلتايل يعارض اللغة ومن مسات الكالم التعدد والتلون والتنوع‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫هلذا فإن اللسانيات مل تر فيه املوضوع الذي ميكن للعلم أن يقبل عليها ابلدرس واملالحظة"‬
‫ولئن كان جون فريث قد فهم املعىن على أنّه وظيفة يف السياق "عالقة بني العناصر اللغويّة والسياق‬
‫االجتماعي حبيث تتح ّدد معاين تلك العناصر‪ ،‬وفقا الستعماهلا يف املواقف االجتماعية املختلفة"‪ 14‬فإن‬
‫جون أوسنت ‪ John Austin‬أحل على ما يعرف بنظرية أفعال الكالم أو قصدية اخلطاب‪ ،‬على أن لِلُغة‬
‫تكون خطاابت ختضع‬ ‫التواصل فعل إجنازي سواء كانت صادقة يف مطابقة الواقع املوصوف أو كاذبة‪ ،‬هي ّ‬
‫ملعيار الفشل أو النجاح‪ ،‬وقسم الفعل الكالمي إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪.1‬فعل القول ويراد هبذا الفعل إطالق األلفاظ يف مجل مفيدة ذات بناء حنوي سليم‪ ،‬وذات داللة‪.‬‬
‫‪ .2‬الفعل املتضمن يف القول‪ :‬وهو الفعل اإلجنازي احلقيقي‪ ،‬إذ إنه عمل يُنجز بقول ما‪.‬‬
‫‪ .3‬الفعل الناتج عن القول‪ :‬وهو جمموعة األفكار املرتتبة على الفعل السابق‪.‬‬
‫وحيدد أوسنت أيضاً خصائص هذا الفعل يف ثالث نقاط‪:‬‬
‫‪ .1‬إنه فعل دال‪.‬‬
‫‪ .2‬إنه فعل إجنازي‪ :‬أي يُنجز األشياء واألفعال االجتماعية‬
‫‪ .3‬إنه فعل أتثريي أي يرتك آاثراً معينة يف الواقع‪ ،‬خصوصاً إذا كان فعالً انجحاً‪.15‬‬
‫وقد رأى "أصحاب االجتاه الوظيفي التداويل ارتباط بنية اللغة بوظيفة التواصل والتبليغ والتبيان‪ ،‬وتقوم‬
‫الوظيفة على أن ال اعتبار للوحدات اللسانية إال من خالل الدور الذي تلعبه يف التواصل"‪ 16‬بيد أن نشوء‬
‫منهج حتليل اخلطاب مل يتحقق دون دراسة استعمال اللغة وكيفية إضفاء الناس املعىن عليها حبسب‬
‫فتضمن بذلك املقاربة التداولية واللسانيات وغريمها‪ ،‬إذن حتليل اخلطاب كيفما كان هو حتليال‬ ‫السياق‪ّ ،‬‬
‫تداوليا‪ ،‬والتداولية ختصصا فرعيا لدراسات اخلطاب‪.‬‬
‫ومبا أن كل من التداولية واخلطاب فرعان من اللسانيات‪ ،‬على أن التداولية هتتم ابلوظائف التواصلية‬
‫معا"‪ 17‬ومن هذا املنظور فإن‬ ‫للغة فإن "التداولية تتطرق إىل اللغة كظاهرة خطابية وتواصلية واجتماعية ً‬
‫النحو الوظيفي (كون التحليل الوظيفي اخرتق احلدود املنهجية جلميع الدراسات اللسانية احلديثة) أو‬
‫تداولية اخلطاب ضمن اسرتاتيجية سياقية تتجاوز اختزال اخلطاب يف امللفوظات إىل التعبري عن متثيالت‬

‫‪81‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫ذهنية ثقافية للملفوظات‪ ،‬ويتجلى هذا الرتابط يف كون نسق االستعمال حيدد يف حاالت كثرية قواعد‬
‫النسق املعجمية والداللية والصرفية‪ -‬الرتكيبة والصوتية‪ -‬وهو ما يعين به فرع اللّسانيات املسمى اللغوايت‬
‫االجتماعية من أبسط العبارات واألمثلة يف هذا املضمار اختالف خصائص العبارات اللغوية ابختالف‬
‫‪18‬‬
‫الوسائط االجتماعية كجنس املخاطب وسنّه وطبقته اجملتمعية واملنطقية اجلغرافية اليت ينتمي إليها‬
‫وقد ميّز اللساين املغريب أمحد املتوكل يف كتابه "الوظائف التداولية يف اللغة العربية" مخس وظائف‬
‫تداولية‪ :‬املبتدأ ـ ـ الذيل ـ ـ املنادى ـ ـ البؤرة ـ ـ احملور‪" ،‬وتنقسم الوظائف التداولية طبقاً لتكوين اجلملة قسمني‪:‬‬
‫وظائف «داخلية» (احملور والبؤرة) تسند إىل أحد املوضوعات (املوضوع الفاعل أو املوضوع املفعول أو أي‬
‫موضوع آخر) ووظائف «خارجية» (املنادى واملبتدأ والذيل) تُسند إىل مكوانت خارجية عن احلمل (مبعىن‬
‫أهنا ليست من موضوعات احملمول)"‪.19‬‬
‫‪ 1.3‬الوظيفتان الداخليتان البؤرة واحملور‪ :‬يُسندان إىل مكونني داخل احلمل (بؤرة اجلملة)‪ ،‬حيث‬
‫احملموالت يف النحو الوظيفي مفردات حتيل إىل الوقائع‪ :‬أعمال )‪ (Action‬وأحداث )‪) Process‬‬
‫وأوضاع )‪ (Position‬وحاالت )‪ ،(States‬وتكوين احملموالت بنية تشتمل على‪ :‬حممول وعدد معني‬
‫من احلدود "وحيدد اإلطار احلملي حسب املتوكل‪ :‬ـ ـ احملمول‬
‫ـ ـ ـ مقولة احملمول الرتكيبية‪( :‬فعل)‪( ،‬اسم)‪( ،‬صفة)‪( ،‬ظرف)‬
‫ـ ـ ـ حمالت احلدود املرموز إليها ابملتغريات (س‪ ،1‬س‪....،2‬سن)‬
‫‪20‬‬
‫ـ ـ ـ الوظائف الداللية‪( :‬من ّفذ)‪( ،‬متقبّل)‪( ،‬مستقبل)‪( ،‬مستفيد) اليت حتملها حمالت احلدود"‬
‫‪ 1.1.3‬وظيفة البؤرة )‪ :(Focus‬والبؤرة مفهوم حنوي وظيفي اقرتحه سيمون ديك‪ ،‬وهو أهم عنصر يف‬
‫اجلملة‪ ،‬ابعتبار الوظيفة واجملال‪" ،‬وظيفة البؤرة تسند إىل املكون احلامل للمعلومة األكثر أمهية أو األكثر‬
‫بروزا يف اجلملة‪ ،‬وميكن أن منيّز بني نوعني من البؤرة‪ :‬بؤرة اجلديد وبؤرة املقابلة من حيث طبيعة وظيفة‬
‫البؤرة‪ ،‬كما ميكن أن منيز بني بؤرة املكون وبؤرة اجلملة من حيث جمال هذه الوظيفة"‪ ،21‬أما بؤرة الوظيفة‬
‫املكون احلامل للمعلومة اليت‬
‫عرف بؤرة اجلديد أبهنا البؤرة املسندة إىل ّ‬
‫فلدينا‪ :‬بؤرة اجلديد‪ /‬وبؤرة املقابلة‪" :‬نُ ّ‬
‫املكون احلامل للمعلومة اليت يشك وينكر‬
‫عرف بؤرة املقابلة أبهنا البؤرة اليت تسند إىل ّ‬ ‫جيهلها املخاطب‪ ،‬ونُ ّ‬
‫‪22‬‬
‫املخاطب ورودها"‬
‫بؤرة اجلديد هي عبارة عن عناصر حتمل معلومات جديدة مل يسبق للمتلقي معرفتها حبيث تتضمن‬
‫اختبار جواب عرب سؤال املتكلم‪ ،‬يف حني أن بؤرة املقابلة هي تلك العناصر احلاملة ملعارف سبق‬

‫‪82‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫للمخاطَب الشك فيها حبيث تتضمن اختبار تعقيب منه ال جواب كقوله‪ :‬ال أو بل‪" ،‬فما ميكن أن يضيفه‬
‫تعوض‬‫تصحح‪ ،‬أو ّ‬ ‫املتكلم للمخاطَب ليس معلومات جديدة فحسب‪ ،‬بل كذلك معلومات تع ّدل‪ ،‬أو ّ‬
‫معلومات يف خمزون املخاطب"‪ ،23‬وهنا تنفتح مقامات التواصل بني حال املخاطَب ومقصد املتكلم‪ ،‬أو ما‬
‫يعرف ابلقراءة التأويلية للخطاب أو ابلبالغة (مطابقة مقتضى احلال) حبيث حتمل كل من بؤرة اجلديد‬
‫واملقابلة عدة طبقات مقامية بينهما‪.‬‬
‫وبؤرة اجلديد اليت تسند للمكون احلمل‪ ،‬احلامل للمعلومة عن (خرائب)‪ ،‬وهي األكثر أمهية يف مجلة‬
‫تغد أطالال)‪ ،‬حبيث أ ّن نزع األبواب إبزاء اخلرائب محلت‬ ‫مطلع القصيدة‪ ،‬وهي (فانزع األبواب عنها ُ‬
‫تغد أطالال‪ ،‬واملقصود إجابة للراوي لنفسه ما اخلرائب؟ والبؤرة بؤرة جديد‬ ‫جديدا إىل املخاطَب وهي أهنا ُ‬
‫تغد أطالال‪ ،‬بيد أن هذه اللغة التواصلية من صنف مستوى اللغة البالغية‬ ‫ألنك عندما تنزع عنها األبواب ُ‬
‫اليت طرفاها الراوي ومتلقي خنبوي مدرك نفسيا هلذه اللغة الطبيعية املتسمة ابالنزايح وخرق املألوف‪ ،‬لكن‬
‫انزايح تواصلي كونه قابال للتأويل‪.‬‬
‫وخوال قد تصك الريح انفذة فتشرعها إىل الصبح‪ ،‬لكن ما اخلوايل؟ إهنا اليت تصك الريح انفذة فيها‬
‫فتشرعها إىل الصبح‪ ،‬إذن هي بؤرة جديد تسند على مكون "خوال"‪ ،‬نفس الشيء ابلنسبة للجملة التالية‪:‬‬
‫يطل منها بوم دائب النوح‪.‬‬
‫السطح) فهناك بؤرة مقابلة‬
‫ِ‬ ‫أما يف (سلّمها احملطم‪ ،‬مثل برج داثر‪ ،‬ماال يئن إذا أتته الريح تُصعده إىل‬
‫مكون احلمل‪ ،‬بل على بؤرة املكون‬ ‫وهي حاملة ملعلومة ليست مهمة‪ ،‬تشبيه (مثل برج داثر) ال تسند على ّ‬
‫(سلمها احملطّم) ونفس اجلمل التالية‪( :‬يصعدها الريح إىل السطح)‪ ،‬وسفني تعرك األمواج ألواحه‪ ،‬ومتأل‬ ‫ّ‬
‫رحبة الباحة‪ ...‬إىل غاية متأل عامل املوت‪ .‬كلها بؤر مقابلة ال حتمل معلومة يعرفها املخاطَب‪ ،‬فهي من عامل‬
‫الراوي وجتربته اخلاصة اليت أدركها بعد نظرته للخرائب‪ ،‬وتقتضي تفكريا وإدراكا بالغيا تواصليا مقابال من‬
‫لدن املخاطَب الذي من املفروض أنه يق ّدر التجارب الشخصية املعرب عنها هبكذا خطاب منساب من‬
‫خواجل النفس‪.‬‬
‫أما بؤرة اجلديد املسندة على مكون (هبسهسة الراثء) يف مجلة‪ :‬هبسهسة الراثء‪ ،‬فتفزع األشباح حتسب‬
‫أنه النور سيشرق‪ .‬فإن فيها محل حيمل معلومة للمخاطَب جيهلها إبالغيا لكن ال جيهلها ثقافة‪ ،‬فالقبول هبا‬
‫ثقافةً جيعل من استساغتها تعابريا بالغية وهو ما يقوي االتصال‪ ،‬ونفس الشيء يف اجلمل الالحقة‪ :‬متسك‬
‫ابلظالل وهتجر الساحة إىل الغرف الدجية ـ ـ وهي توقظ ربة البيت لقد طلع الصباح‪ .‬أما مجلة (وحني‬

‫‪83‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫يبكي طفلها الشبح‪ ،‬هتدهد وتنشد‪ :‬اي خيول املوت يف الواحة) فبؤرة مقابلة ألهنا ال تسند على محل بؤرة‬
‫اجلملة‪ :‬حني يبكي طفلها الشبح‪ ،‬لكن تسند على معلومة ينكرها املخاطَب‪ ،‬عالوة على سؤال املخاطب‬
‫الذي حيتمل عدة أتويالت منها أن األشباح تتكلم بكالم غري الطبيعي‪ ،‬أو على األقل تتضرع مبالئكة‬
‫املوت عوض خيول املوت‪.‬‬
‫ويف اجلملة االستفهامية املعربة عن حالة الوضع والعمل معا (أال اي منزل األقنان‪ ،‬كم من ساعد مفتول‬
‫رأيت؟)‪ ،‬قد نتوقع جوااب غري ما يعرفه الراوي‪ ،‬فهي بؤرة مقابلة ضمن خطاب لغة طبيعية غري مباشرة‪،‬‬
‫وهي لغة خطاب بالغي منزاحة حنو خماطبة اجلمادات‪ ،‬ما خيلق خطاب أتويلي سياقه إدراكي (الذين يرون‬
‫هم أهل املنزل)‪ ،‬ال خيلو من تدخل التجربة الذاتية على لغة وخطاب مقاربني هلذا اخلطاب من لدن قارئ‬
‫أديب خلطاب الراوي الشعري‪ ،‬وهو بصدد مساءلة منزل األقنان‪ ،‬نتيجة "أن األدب يف واقع األمر إنتاج ال‬
‫خيرج عن املقوالت واألمناط التكوينية املتواضع عليها ولو بدت لنا أول األمر قراءةً متمردةً على تلك‬
‫األمناط والقيود‪ ،‬ويتجلى ذلك بوضوح يف الشعر خاصة"‪ 24‬ويف نفس احلالة اليت يسائل فيها الراوي املنزل‬
‫اكض العدهاء يف األمس الذي سلفا؟! املفرتض أال جتيب جتربة القارئ مبا يقابل الصور‬ ‫ألست الر َ‬
‫ُ‬ ‫ملا يقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫غري الشعرية يف احلمل النووي‪ :‬ألست العداء الراكض؟ بغري (كيف؟) وما بلك إن أحلقت اجلملة النووية‬
‫حبد الزمن‪ ،‬وكان ذلك الزمن هو املاضي الذي سلف‪.‬‬
‫ُبدلت ما ألقى مبا ذاقوا) متثل بؤرة جديد ملا محلت معلومة جديدة للمخاطَب‬ ‫أما مجلة (لو خريت أ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استندت على املكون احلامل ألهم معلومة فيها‪ ،‬خالية من التجريد أو الرتشيح البالغيني‪ ،‬والشأن ذاته‬
‫ومفضية إىل داللة واحدة‪ ،‬وهي معاانة‬ ‫حتمله بؤر اجلديد املسرودة تواليا (حمموالهتا تدل على احلالة)‪ُ ،‬‬
‫الراوي مع املرض والغربة والفقر‪ ،‬إىل درجة األمل عند وفاته أبن تبكيه ذكرايت منزل األقنان احلية بعده‪.‬‬
‫وهذا إن دل على شيء دل على عدم قدرة النحو الوظيفي احملايث عزل خياالت أو الصورة الشعرية‬
‫املخاطب معا أثناء التواصل‪ ،‬وهي الوظيفة احلقيقية لألدب بني مرسل ومتلق‪،‬‬ ‫(البالغية) للمخاطَب و ِ‬
‫وا ملتبلورة عرب مفاهيم التداولية املتداخلة الطاغية‪ ،‬وهي ثالثة مفاهيم‪ :‬املقصدية والسياق‪/‬املقام‪ ،‬واالستلزام‬
‫احلواري بتناوب بؤرة اجلديد وبؤرة املقابلة طيلة أطوار السرد‪.‬‬
‫إذا ليس مبقدور املخاطَب فهم دالالت ملفوظ ضمن مجلة واحدة (ليؤول داللة اخلطاب) ما مل يتداوله‬
‫يف إطاره دايكروين السياقي أي التلفظ‪" ،‬وال يكفي التمييز بني اللغة بوصفها نظاما إشاراي‪ ،‬واللغة بوصفها‬
‫وسيلة اتصال ما مل يرهتن هذا التمييز بطبيعة هذا املصطلح وخصوصيته‪ ،‬وال يبدو مثل هذا الرأي جمداي‬

‫‪84‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫دون العناية خبصائصه الثقافية واللغوية العربية‪ ،‬ألن املصطلح السردي مرهون بعناصر التمثيل الثقايف اليت‬
‫تؤثر عميقة يف الداللية والتداولية‪ ،‬أي وظيفية اللغة وال سيما الفعلية‪ ،‬ألن املصطلح السردي شديد‬
‫التشابك مع الداللية والتداولية"‪ 25‬وحنن ههنا نقرتض املوروث البالغي العريب الذي وظفته الشعرية العراقية‬
‫احلديثة خللق بنية شكل ية جديدة يلعب فيها التعبري واملعجم دورا أساسيا‪ ،‬يف وصفنا للوظائف اخلمس‬
‫املذكورة أعاله مثل ما فعل املتوكل قائال‪" :‬إال أننا سنقرتض‪ ،‬يف وصفنا هلذه الوظائف كلما دعت احلاجة‬
‫إىل ذلك‪ ،‬حتليالت ومفاهيم من الفكر العريب القدمي‪ ،‬حنوه وبالغته"‪ 26‬ذك أن أساس التعبري ( كما أشار‬
‫إليه املتوكل) يرتكز على ‪ :‬مفردات يتعلمها املتكلم كما هي قبل استعماهلا تسمى "مفردات أصول"‬
‫ومفردات يتم تكوينها عن طريق قواعد اشتقاقية انطالقا من املفردات األصول مسيت "مفردات مشتقة"‪،‬‬
‫ومبا أن األساس يشمل "املعجم" و"قواعد تكوين احملموالت احلدود" فإن املعجم يقوم إبعطاء األطر احلملية‬
‫واحلدود األصول‪ ،‬بينما تقوم قواعد التكوين ابشتقاق األطر احلملية واحلدود غري األصول‪.‬‬
‫تغد أطالال) يشري إىل الوضع فإنه يف‬‫فإذا كان احلمل يف مطلع القصيدة (خرائب فانزع األبواب عنها ُ‬
‫وسطها يشري إىل الوضع زائد حدث (أال اي منزل األقنان‪ ،‬كم من ساعد مفتول رأيت؟) إىل أن ينتقل إىل‬
‫العمل فقط يف مجلة وما تالها (لو خريت أ ِ‬
‫ُبدلت ما ألقى مبا ذاقوا)‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫خريت أبدلت ما ألقى مبا ذاقوا‪:‬‬ ‫واإلطار احلملي النووي يف اجلملة‪ :‬لو ّ‬
‫ُبدلت (س‪))1‬منف (س‪ :2‬ألقى (س‪))2‬مستق (س‪ :3‬ذاقوا (س‪ ))3‬متق حيث الوظيفتان‬ ‫لو خريتف (س‪ :1‬أ ِ‬
‫ّ‬
‫الرتكيبيتان الفاعل واملفعول يسندان إىل املوضوعني س‪ 1‬وس‪ 2‬احلاملني للوظيفتني الدالليتني املنفذ‬
‫واملستقبل‪.‬‬
‫بؤرة املكون وبؤرة اجلملة‪" :‬تُسند كل من بؤرة اجلديد وبؤرة املقابلة إىل مكون من مكوانت‬
‫اجلملة‪ ،‬أو إىل اجلملة برمتها‪ ،‬نقصد بقولنا (بؤرة اجلملة) بؤرة احلمل ‪ ،Predication‬إذ إن املكوانت‬
‫اخلارجة عن احلمل (املبتدأ والذيل) ال يشملها جمال التبئري‪ .‬فالبؤرة يف اجلملة اآلتية ابعتبارها (بؤرة مجلة)‬
‫مسندة إىل احلمل (ساءين سلوك أخيه) وحده‪ ،‬دون املكون املنادي اي خالد واملكون املبتدأ (عمرو)‬
‫واملكون الذيل (بل ابن عمه)‪ :‬اي خالد‪ ،‬عمرو‪ ،‬ساءين سلوك أخيه‪ .‬بل ابن عمه‪ .‬لذلك يكون التمييز من‬
‫حيث جمال التبئري بني «بؤرة املكون» (البؤرة املسندة إىل أحد مكوانت احلمل) و«بؤرة احلمل» (البؤرة‬
‫‪27‬‬
‫املسندة إىل احلمل بكامله‪ ،‬دون مكوانت اجلملة اخلارجة عنه)"‬

‫‪85‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫تغد أطالال) يستند املكون وهو بؤرة محل وحامل‬ ‫ويف مجلة مطلع قصيدتنا (خرائب فانزع األبواب عنها ُ‬
‫املكون (املكوانت اخلارجية عن احلمل‪:‬‬ ‫مكون اجلملة اليت ال حتوي على بؤرة ّ‬ ‫ألهم معلومة يف ثناايها‪ ،‬إىل ّ‬
‫املبتدأ‪ ،‬الذيل‪ ،‬املنادى) وللتمييز بني البؤرة املسندة إىل اجلملة برمتها وبؤرات اجلديد واملقابلة‪ ،‬نقرتح اختبار‬
‫تغد أطالال‪.‬‬
‫السؤال ما اخلرب؟ فاخلرب هو أن هناك خرائب عندما تنزع األبواب عنها ُ‬
‫أما ومجيع ما جيد له جواب عرب سؤال ما اجلديد؟ يتبع ابعتباره إضافة خرب جديد مفيد للخرب السابق‬
‫ومكمل له فهي بؤر جديد ومقابلة ابعتبار الوظيفة‪ ،‬لكن بؤرهتا تشمل اجلملة ابعتبار اجملال الذي جيمع‬
‫حقل (اخلرائب واألبواب واألطالل) إىل غاية أول مجلة ال تستند على بؤرة املكون يف اجلدة وال يف املقابلة‪،‬‬
‫لكن تستند على بؤرة اجلملة برمتها‪ ،‬وتكون املقابلة ابدئة ابالستفهام (كم) أو الرتجي (قد) أو التشبيه‬
‫كأن (كأن زئري آالف السنني‪ ،)..،‬وهو مكون حامل ملعلومة مهمة (اي منزل األقنان) مستندا إىل بؤرة‬
‫اجلملة ابعتبار اجملال‪ ،‬وهو توايل اسرتجاع ذكرايت الراوي عن املنزل‪ ،‬وهي كلها توحي الداللة اليت ليست‬
‫من إشارة سيميائية مقابلة لكن مبا يثار من خيال أتويلي يف ذهن الراوي واملخاطَب فهي داللة غري‬
‫طبيعية؛ "تقوم على التأويل وتتأسس على االستدالل‪ ،‬ينوي املتكلم وهو يتلفظ جبملته إيقاع التأثري يف‬
‫‪28‬‬
‫خماطبه‪ ،‬بفهم هذا املخاطب لنيته"‬
‫إىل غاية اجلملة اليت ال تستند على بؤرة املكون (اي منزل األقنان) أو اجلمل املستندة عليه (اسرتجاع‬
‫ُبدلت ما ألقى مبا ذاقوا) وهو مكون حامل ملعلومة تكون أهم‬ ‫الذكرايت)‪ ،‬وهي يف قصيدتنا (ولو خريت أ ِ‬
‫ُ‬
‫مما سبق مسندا إىل بؤر ُمجلية تنتمي حلقل املرض والفقر والغربة الداليل‪ ،‬ولعل االنتقال عرب سريورة السرد‬
‫من بؤر مكون إىل بؤرة اتليها‪ ،‬وهي مسندة على بؤر ُمجلة (اي منزل األقنان) مثال يشرتط سيمون ديك‬
‫شروط مقامية إلسناد بؤرة جديد مبنية على تطابق بني املتكلم واملخاطب حول جهل أو معرفة مسبّقة‬
‫طويت‪ ،‬وكم‬
‫َ‬ ‫مبوضوعات احملموالت‪ ،‬كما يف اجلمل املسبوقة بكم االستفهامية‪( :‬وكم أغنية خضراء‪ ،‬وكم أمل‬
‫ِ‬
‫وميالد؟)‬ ‫قيت مبدمع جاري؟ وكم مهد هتزهز فيك؟ وكم موت‬ ‫ُس َ‬
‫أما ِإلسناد بؤرة مقابلة إىل مكون اجلملة (ولو ُخريت‪ )..‬مثال يشرتط حتقيق بنية الوظيفية عرب االشتقاق‬
‫واجلزئية أي عرب الوظيفة الرتكيبية كما يف اجلمل املسبوقة هبمزة استفهام‪ :‬ألست؟ وأأمكث؟ الواقعة يف‬
‫القصيدة بعد مكون اجلملة (ولو خريت‪ .)..‬لذلكم تدخل (هل وكم) على بؤرة اجلديد واهلمزة على بؤرة‬
‫املقابلة‪ ،‬أما أداة احلصر (إمنا) فملتبسة من حيث جمال البؤرة‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫وتبقى هناك حاالت ال تسند ال على بؤر مكون وال على بؤر ُمجلية‪ ،‬تفسريها وظيفيا تظافر إجناز فعل‬
‫الكالم جراء تداخل مفاهيم تداولية نفسها‪ ،‬ويف آن واحد‪ ،‬من ذلك تدخل املوجهات؛ وهي "إكراهات‬
‫متعلقة بتفسري موجهات مرتبطة ابملتحاورين‪ ،‬كضمائر املتكلم واملخاطَب (أان ـ أنت) وظروف الزمان‬
‫واملكان (اآلن‪ ،‬هنا‪ ،‬هناك)" وعمل الفعل اإلجنازي للكالم‪ /‬اخلطاب األديب ابعتباره غري تواضعية حتمل‬
‫املخاطب يف املخاطَب‪ ،‬ويقوم "يف نظر بول جرايس على مبدأ‬ ‫ِ‬ ‫داللة غري طبيعية لكن نية إيقاع التأثري من‬
‫االستلزام اخلطايب‪ ،‬من خالل التمييز بني ما قيل وما مت تبليغه‪ ،‬فالداللة هي ما قيل‪ ،‬واالستلزام اخلطايب هو‬
‫‪29‬‬
‫ما مت تبليغه"‬
‫وعجينة القول أ ّن استعمال اللغة استعماال خطابيا خاصا ال يستجيب ألي حقيقة مثالية اثبتة‪ ،‬وإمنا‬
‫يستجيب لفهم نظرية االتصال اليت تقر أبن املعىن متغري ونسيب خيضع لوجهات نظر متغرية بتغري زوااي‬
‫الرؤى وموقعها الثقايف (الزمكاين) من اخلطاب‪ ،‬فَـ ْهم تكامل العالقة بني نظرية القصدية ونظرية أفعال‬
‫الكالم املتيسر عرب اخلطاب الشعري العريب‪ ،‬وله حظوته يف طريقة اإللقاء الشفاهي‪ ،‬كونه خطاب جيمع‬
‫بني حماولة حبث عن جديد معريف وفين (فعل اإلجناز) ابلتأثري البالغي‪ ،‬شأنه شأن أي "أتثري عملي على‬
‫املتلقي كاإلقناع‪ ..‬بفعل الكالم عرب النطق السليم للحروف اليت متثل املعىن اللغوي الصحيح"‪ 30‬وخيضع يف‬
‫علم النفس السلوكي لقاعدة مثري استجابة‪" ،‬ولقد عُين سريل مبفهوم القصد عناية ابلغة عند حديثه عن‬
‫‪31‬‬
‫املعىن؛ ألنه املعىن برأيه ليس حصيلة فردية فحسب‪ ،‬وإهمنا نتيجة للممارسات االجتماعية أيضا"‬
‫‪ 2.1.3‬وظيفة احملور)‪" :(Topic‬تسند وظيفة احملور الدال على ما يشكل احملدث عنه داخل احلمل‪،‬‬
‫مثل كلمة زيد يف اجلملتني اآلتيتني‪ :‬أ‪-‬مىت رجع زيد؟ ب‪-‬رجع زيد البارحة‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫يشكل املكون زيد حمور اجلملتني لداللته على الشخص احملمول عليه"‬
‫تغد أطالال) تعد حمور يف مطلع‬‫وكلمتا "اخلرائب" و"أطالل" يف مجلة (خرائب فانزع األبواب عنها ُ‬
‫قصيدتنا لداللتها التزامنية على حمط احلديث فيها‪ ،‬واحملمول عليه ابقي اجلمل‪ ،‬وهو منزل األقنان‪ ،‬يف حني‬
‫أن الوضع التخابري يف مقام اإلخبار حيوي على ُخمرب الذي هو الراوي‪ ،‬وخماطَب متقمص لشخصية منزل‬
‫فيغد مرواي له ضمنيا‪ ،‬كما أن‬
‫األقنان املعنوية‪ ،‬عندما تناجيه ذكرايت الراوي املسرتجعة وهو يف عز عنفوانه‪ُ ،‬‬
‫"منزل األفنان" يف مجلة (أال اي منزل األقتان‪ ،‬كم من ساعد مفتول رأيت؟) يف مرحلة اختالل الربانمج‬
‫السردي تعد حمورا‪ ،‬ولو التبست مبكون املبتدأ املتصدر (أو أي مكون خارجي أو داخلي‪ )‬يبقى لكل‬
‫منهما خصائص تركيبية وتداولية خمتلفة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫بدلت الذي ألقى مبا ذاقوا) هي حمور شكلت ما حي ّدث عنه‬ ‫كما أن "لو خريت" يف مجلة (لو خريت أُ ِ‬
‫ُّ‬
‫داخل اجلمل التالية‪ ،‬وإىل غاية عودة توازن الربانمج السردي‪ ،‬حيث موضوعات البنية احلملية اليت حتمل‬
‫وظائف داللية (منفذ‪ ،‬متقبل‪ ،‬مستقبل‪ ،‬مستفيد) تنقل عرب اإلسناد إىل بنية وظيفية (فاعل‪ ،‬مفعول) وحيدد‬
‫زمن احملمول وظيفة املوضوع الداللية كمنفذ‪ ،‬وحتدث البنية الوظيفية اليت تسند احملور إىل املوضوع كمعلومة‬
‫ض ما أُعاين‪ ،‬عاثر اخلطوات‬ ‫ت الذي أَلْ َقى مبا ذاقوا‪ُ ،‬ممِ ٌّ‬ ‫جيدة للخاطَب بؤرة جديد‪ :‬لو خِري ِ‬
‫ت أُبْدلْ ُ‬
‫ُّ ُ‬
‫مرجتفا‪ ،..،‬بال مال‪ ،‬بال أمل ‪ .‬ولعل غىن أي لغة تواصلية املعجمي من غىن اخلصوصية الرتكيبية‪ :‬الصوتية‪،‬‬
‫والصرفية النحوية‪ ،‬وال تستكمل وظيفيا استعالميتها (التخابر) يف اخلطاب البالغي ضمن بنية داللية‬
‫خارجة عنها بغري طرفا موقع التخاطب‪ ،‬الذي ال يتحقق فعليا دون جمايل احملورية والبؤرية البالغية املقابلة‪،‬‬
‫كون فعل اإلجناز يف اخلطاب الشعري يقرتن ابمللكة اللغوية املنطقية‪ ،‬كما يقول أمحد املتوكل‪" :‬املقدرة‬
‫التواصلية املتوافرة لدى مستعمل اللغة الطبيعية تتكون من مخس ملكات وهي‪ :‬امللكة اللغوية‪ ،‬وامللكة‬
‫‪33‬‬
‫املنطقية‪ ،‬وامللكة املعرفية‪ ،‬وامللكة اإلدراكية‪ ،‬وامللكة االجتماعية"‬
‫ولعلّه جدير ابلعلوم احلديثة يف اللسانيات كشف ملاذا تتداول أنساق لغوية معينة كاألنساق البالغية يف‬
‫شعر احلداثة‪ ،‬وهي أنساق ال متت صلة بعصرها املفرد التمثّل بشكل الشعر اإلجنليزي؟! لوال أن هناك‬
‫عالقة علم اللسانيات يف منعطفه الراهن أبيديولوجيا األنساق الثقافية اليت ال تُتمثل إال بلسانيات اخلطاب‪،‬‬
‫وابلتداولية‪ ،‬وما جيمع التداولية ابخلطاب ابلبالغة العربية‪ ،‬اخلطاب الذي يعرب عن ثقافة كعالمة خطابية‬
‫وظاهرة شعرية مازالت سائدة برغم انتفاء بعض أشكاهلا‪ ،‬مثل القصيدة العمودية ووحدة البيت‪ ،‬لتشكل‬
‫نسقا يدافع عن تقاليده الفنية اخلطابية (ابلتايل ثقافته) من انحية‪ ،‬والتأثري يف املتلقي من انحية أخرى‪.‬‬
‫و"بناء على ذلك فاحملور هو الوحدة اللغوية األساسية يف اجلملة‪ ،‬واليت يقوم عليها الكالم‪ .‬وميكن التمييز‬
‫بني احملورية والبؤرية كمفهومني جمردين عامني من انحية‪ ،‬وبني حتققهما الفعلي يف اللغات من انحية أخرى‪،‬‬
‫على أساس هذا التمييز‪ ،‬ميكن القول إن لغة ما تنتقي فرعا معينا أو فروعا معينة من جمايل احملورية والبؤرية‪،‬‬
‫إذا كانت تفرد لتحقيق ذلك الفرع‪ ،‬أو تلك الفروع‪ ،‬أو آليات خمصوصة صرفية‪ ،‬أو تركيبية‪ ،‬أو تطريزية‪ ،‬أو‬
‫تضافرا هلذا مجيعا‪ ،‬واللغة العربية من اللغات اليت تنتقي مجيع فروع احملورية والبؤرية‪ ،‬ولعل ذلك راجع‬
‫‪34‬‬
‫ابلدرجة األوىل إىل كون هذه اللغات ذات رتبة حرة"‬
‫‪ 2.3‬الوظائف اخلارجية‪ :‬الوظائف التداولية اخلارجية هي‪ :‬املبتدأ‪ ،‬الذيل‪ ،‬واملنادى‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫‪ 1.2.3‬وظيفة املبتدأ )‪" :(Theme‬هو ما حيدد جمال اخلطاب الذي يعترب احلمل إليه واردا‪ .‬مثال‪:‬‬
‫زيد قام أبوه‪ .‬زيد‪ :‬مبتدأ‪ .‬قام أبوه‪ :‬محل‪ .‬اجلملة ترتكب إذن من ركنني أساسيني‪ :‬محل‪ :‬قام أبوه‪ .‬مبتدأ‪:‬‬
‫هو الذي حيدد اجملال الذي يعترب إسناد جمموع احلمل إليه واردا"‪ ،35‬فاملبتدأ عند النحاة القدامى خيتلف‬
‫عما هو عليه عند التداوليني‪ ،‬فاملقصود به الوحدة اليت حتدد اجملال التخاطيب‪ .‬ومبتدأ اخلرائب قد ح ّددته‬
‫من خالل إسناد احلمل (فانزع عنها األبواب تغد أطالال) فنحن إبزاء جمال آاثر بناية‪ ،‬وما يفرق بينه وبني‬
‫احملور والبؤرة عند احتالل نفس املوقع اخلارجي‪ ،‬وهو بداية اجلملة‪ ،‬وروده معرفة مع إحاليته إىل احلمل ال‬
‫طفل مات ملا جف‬ ‫إىل نفسه كما تفعله ضمائر القصة (ما) و(هو)‪ ،‬ويف حالة حدوث ذلك مثل‪ :‬مجلة ( ٌ‬
‫در ) ابلرغم وجود رابط يعرف املبتدأ فهي ال إحالية املخابرة حسب املتوكل‪ ،‬ومجلة (هي خوال قد‬ ‫ٌّ‬
‫تصك‪ )..‬حتمل حلنا يف استعمال اللغة ألهنا بدأت بضمري‪" ،‬وما يؤكد تداولية معرفية املبتدأ أن إحاليته‬
‫‪36‬‬
‫مرتبطة ابملقام‪ ،‬الوضع التخابري وعلى قدر من املعرفة اللغوية التخاطبية املشرتكة"‬
‫بيد أن هناك أفعاال يف احلمل تسمى ابألفعال اإلجنازية مثل‪ :‬قال وسأل وأمر‪ ..‬وأدوات االستفهام (أ)‬
‫قربي‬
‫روي َ‬ ‫و(هل) وهي كلها حتمل قوة إجنازية ال تشمل املبتدأ وإمنا تنصب على احلمل وحده‪ 37‬مثل‪ :‬تُ ِّ‬
‫الظمآن ـ ـ أأمكث أم أعود إىل بالدي؟ ـ ـ غريب غري انر الليل ما واساه من ِ‬
‫أحد‬ ‫ٌ‬
‫وكلمة األبواب هي واردة إحالية ابلنسبة ملنزل‪ ،‬وكل من‪ :‬خوال ـ ـ سله ُمها احملطهم ـ ـ متأل ُرحبةَ الباحة ـ ـ‬
‫ض ما أُعاين ـ‬ ‫صاص ـ ـ بؤسهم املرير ـ ـ ُممِ ٌّ‬ ‫منزل األقنان ـ ـ ودندن ال ُق ه‬ ‫ِ‬
‫هبسهسة الراثء ـ ـ أال اي َ‬ ‫متأل عامل ِ‬
‫املوت‬
‫كل على حدة ـ ـ إليها واردا‪،‬‬ ‫جاعت أمه‪ ..‬هي مكوانت حددت جمال اخلطاب معتربة إسناد حمموالهتا ـ ـ ٌ‬
‫حلَم محل‬
‫لنب وال َ‬ ‫مثل‪ :‬جاعت أمه مبتدأ‪ ،‬فالثدي ال ٌ‬
‫الصبح محل‪ .‬وقد ال يوجد أي ضمري يف احلمل يربطها ابملبتدأ‬ ‫ِ‬ ‫يح انفذةً فتُشرعها إىل‬ ‫تصك الر ُ‬ ‫خوال مبتدأ‪ ،‬قد ُّ‬
‫ويسمى حينئذ ابملبتدأ احلقيقي‪ ،‬وهذه خاصية لغوية عربية وهندو أوروبية حسب املتوكل‪ ،‬مثل مجلة (أال اي‬
‫قربي الظمآن محل)‬
‫روي َ‬ ‫ب تُ ِّ‬
‫ك احليا ُس ُح ُ‬‫منزل األقنان مبتدأ‪َ ،‬س هقْت َ‬
‫‪ 2.2.3‬وظيفة الذيل )‪:(Tail‬‬
‫اقرتح املتوكل تعريفا جديدا للذيل تدارك به عن قصور التعريف الذي قدمه سيمون ديك هلذه الوظيفة‪،‬‬
‫حيث إن ما قدمه املتوكل خبصوص هذه الوظيفة التداولية مستمد من مقرتحات النحاة العرب القدامى‪،38‬‬
‫والذيل عنده ما حيمل املعلومة اليت توضح معلومة داخل احلمل أو تع ّدهلا أو تصححها‪ ،‬والبد من التمييز‬
‫بني ثالثة أنواع من الذيول‪ :‬ذيل التوضيح وذيل التعديل‪ ،‬ومها يُنتجان اخلطاب‪ ،‬وذيل التصحيح ملطابقة‬

‫‪89‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫اخلطاب‪ ،‬ومن أمثلة الذيل نذكر‪ :‬أخوه مسافر‪ ،‬زيد‪ :‬زيد ذيل‪ .‬ـ ـ جنحا‪ ،‬الطالبان‪ :‬الطالبان ذيل‪ .‬ـ ـ قرأت‬
‫‪39‬‬
‫الكتاب‪ ،‬نصفه‪ :‬نصفه ذيل‪.‬‬
‫والذيل مكون خارجي موقعه أخري ضمن مواقع الوظائف اخلارجية‪ :‬منادى‪ ،‬مبتدأ‪( ،‬محل)‪ ،‬ذيل‪ .‬وهذه‬
‫الصيغة توافق أكثر يف قصيدتنا ذيل التصحيح‪ ،‬وهي ال تتطابق عموما مع بنية اجلملة الشعرية احلداثية‬
‫هتدهده‬
‫ُ‬ ‫الشبح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫القصرية مثلما يوافقها ذيل التوضيح‪ :‬متأل رحبة الباحة‪ ،‬ذوائب سدرة ـ ـ حني يبكي طفلها‬
‫كل َمن عطفا‪ ،‬على املرضى ـ ـ الليل ينظر‪ ،‬جنمه‪.‬‬
‫ـ ـ عاثر اخلطوات‪ ،‬مرجتفا ـ ـ ـ ترمي ه‬
‫دهدهُ) ضمري يعود على احلمل بينما خيلو الذيل (مرجتفا) و(على املرضى) من‬ ‫حيث يف الذيل (هتَ ِ‬
‫الضمري‪ ،‬وإحالة الضمري إىل احلمل يف الذيل مثل إحالته يف املبتدأ حسب املتوكل‪" ،‬مقرتحا مصطلح‬
‫التحاول الدال على العالقة القائمة بني مكونني هلما نفس اإلحالة"‪ 40‬على أن الضمري ضروري يف البنية‬
‫املذيلة بعكس البنيات املصدرة ابملبتدأ ألن وظيفة الذيل تداولية ال تركيبية (حتدد العالقات القائمة بني‬
‫مكوانت اجلملة ابلنظر إىل الوضع التخابري بني املتكلم واملخاطب يف مقام معني كقوله‪ :‬وولولة ِ‬
‫األب‬
‫املفجوع خينق صوته األملُ‪ ،‬وهو مقام ال يشرتك فيه لغواي واجتماعيا إال متلق مدرك للسياق الثقايف إدراكا‬
‫نفسيا كما يقول علماء نفس اخلطاب‪" ،‬االستعمال اللغوي حمدود ابلسياق أو ابملناسبة‪ .‬فهو استعمال‬
‫للغة هبذا املعىن الذي حيدده علماء نفس اخلطاب ملا هو خطاب (‪ )..‬خيتلف علم نفس اخلطاب عن كل‬
‫من املقارابت (ابعرتاضه على علم النفس العرفاين) (‪ )..‬ويُنظر إىل الفرد واجملتمع على أهنما كياانن‬
‫منفصالن‪ ،‬وهو ما يستلزم وجود ازدواجية بني الفرد واجملتمع"‪ 41‬أي ال يستسيغ لفظة َو َلول دومنا معايشة‬
‫ومطلّع على اخلطاابت الشعرية املماثلة لدى انزك املالئكة‬ ‫الواقع البائس الذي يسرده الراوي من جهة‪ُ ،‬‬
‫واجلواهري والبيايت مثال‪ ،‬فال تنبو عليه األلفاظ يف انزايحاهتا وال يقسو عليه املعجم‪ ،‬من جهة أخرى)‬
‫ده ُده) يعطي املعلومة املزيلة لعدم كفاية احلمل يف فهم اخلطاب‪ ،‬فيتدخل إلزالة‬ ‫فذيل التوضيح ( ُهت ِ‬
‫الغموض وعدم الفهم‪ ،‬العائد إىل ضمري (اهلاء) يف طفلها‪ ،‬فهو مبعىن من املعاين خطاب منتج للتأثري على‬
‫املتلقي‪ ،‬ويف الذيل‪ :‬ذوائب سدرة غرباء يف (متأل رحبة الباح ْة‪ ،‬ذوائب سدرة غرباء) نلتمس دور ذيل‬
‫التوضيح (ذوائب سدرة غرباء) يف إنتاج اخلطاب‪ ،‬وحامال ملعلومة حميلة تستهدف إزالة إهبام وارد يف احلمل‬
‫(متأل رحبة الباحة) لكن إذا كانت مفردات احلمل مفهومة يقوم اإلسناد بتوضيح معاين العربية املتسمة بثراء‬
‫معجمها‪ ،‬وابلتايل توضيح معىن ذوائب‪ :‬تداول الريح للسدرة مرة من هنا ومرة من هناك‪ ،‬وفضال عن أن‬
‫أخذه احلالة اإلعرابية للتوابع (يف حمل نصب نعت) تضفي جرسا موسيقيا على اخلطاب‪ ،‬وهناك املضمرات‬

‫‪90‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫اإلحماءات اللفظية اليت متيز اخلطاب الشعري سيجليها أتويل مرادفة الذيل لبعض املفردات‪،‬‬ ‫الضمنية و ّ‬
‫ويشرتط اإلجالء مقام ثقايف‪ ،‬ففك شفرة املضمرات املمحية يف اخلطاب و"هي على نوعني‪ :‬مقتضى‬
‫الشبح‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ومهمت ويتفرع املقتضى بدوره إىل مقتضى داليل ومقتضى تداويل"‪ 42‬كقوله‪ :‬حني يبكي طفلها‬
‫وإحماءات لفظية؛ كإسكاته‪ ،‬واحلنو عليه‪ ،‬وتدليله‪ ..‬وهلم‬ ‫ده ُده" قامت مقام عدة مضمرات ّ‬ ‫ده ُده‪ ،‬و" ُهت ِ‬
‫ُهت ِ‬
‫جر‪" ،‬تعددية املعىن للعالمة اللغوية يف اخلطاب الشعري تعود إىل الثراء الثقايف للعالمة وإبداعية اللغة‪/‬‬
‫مجالية اللغة حيث يتمكن املبدع من التأليف بني كلمات غري مألوفة؛ ومن مثّ ميكننا الكشف عن معان‬
‫تنوع إيقاعها؛ ومن مث تنوع معانيها؛ األمر الذي جيعلها‬ ‫جديدة‪ .‬وموسيقى الكلمات ودورها البارز يف ّ‬
‫‪43‬‬
‫صاحلة لالستخدام يف سياقات متنوعة"‬
‫أما ذيل التعديل مل يرد كثريا لداللته البالغية اليت حيملها للمخاطَب عن مكون احلمل إذن هو حمك‬
‫قمر الزمان ـ ـ دندن‪،‬‬
‫خطايب شعري يف اخلطاب يفرتض أتويال بالغيا من لدن املخاطَب‪ ،‬مثل قوله‪ :‬أتى‪ُ ،‬‬
‫ساق ـ ـ ش هح‪ ،‬املال‪ .‬وهي كلها تبني احلمل الذي أسندت‬ ‫ظهر ـ ـ احننت‪ُ ،‬‬
‫القصاص ـ ـ ترن‪ ،‬أغنية ـ ـ ُش هل‪ٌ ،‬‬
‫عليه منتجة للخطاب أيضا لكن عرب التعديل وليس إزالةً لإلهبام‪ ،‬أي أييت مبعلومة جديدة يرى أ ّن احلمل‬
‫خلى منها‪ ،‬وهي املقصودة‪ ،‬وهذا ما مينح التعديل إحياء جياوز التوضيح إىل التأويل لدى السامع‪/‬املخاطَب؛‬
‫(ش ّل‪ ،‬الظهر) عدل الذيل الظهر من معلومة مكون احلمل عن املعاانة (ممض ما أعاين)‪ ،‬مع‬ ‫ويف قوله‪ُ :‬‬
‫وجود حاالت خاصة قد تقع يف إضراب مع احلمل لظهورها يف بنيات خاصة تتوجب التصحيح‪ ،‬غالبا ما‬
‫األب املفجوع‪ ،‬خينق‬‫يفسرها املقام التل ّفظي االستعمايل اخلاص ابخلطاب الشعري دون غريه‪ ،‬كقوله‪( :‬ولولة ِ‬
‫غمًزا) وهذا ما جعل عبد الرمحن‬‫جنمه ْ‬‫الليل ينظر ُ‬
‫اخها و ُ‬ ‫مسعت صر َ‬
‫صوته األملُ) املسندة إىل مكون احلمل ( ُ‬
‫احلاج صاحل يفرق بني بالغة اخلطاب والفصاحة اللسانية‪/‬النحوية قائال‪" :‬بالغة الكالم مغايرة من حيث‬
‫املاهية حلدود النحو وال دخل هلا يف السالمة اللغوية‪ ،‬وإن كاان متالزمني‪ ،‬إذ ال بالغة إال بسالمة الصياغة‬
‫إال أهنما متغايران‪ .‬فذاك نظام لغة وهذا خطاب‪ ،‬فإن نظران إىل الكالم كصياغة وبنية هلا داللة فهذا خيص‬
‫النحوي ابلدرجة األوىل‪ ،‬بل ينفرد هبا‪ ،‬ألنه يهتم ابجلانب املصوغ الدال من اللغة (‪ )..‬أما الكالم كخطاب‬
‫‪44‬‬
‫فيهتم بدراسته أكثر من واحد"‬
‫أما ذيل التصحيح فأمثلته‪ :‬هتجر الساحة إىل الغرف الدجيهة‪ ،‬وهي توقظ ربة البيت ـ ـ على الع هكاز‬
‫ِ‬
‫املغسول‪ ،‬ابلشمس اخلريفيه ْه‬ ‫أسعى‪ ،‬حني أسعى ـ ـ ش هد ضلوع اجلائعني‪ ،‬بصدره الواهي ـ ـ طارت يف الضحى‬
‫قربي الظمآن‪ ،‬تلثمه وتنتحب‪ .‬الذيل يف هذه اجلمل هو ذيل تصحيح حبيث يعطي املتكلم املعلومة‬ ‫روي َ‬ ‫ـ ـ تُ ِّ‬

‫‪91‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫يف مكون احلمل‪ ،‬لكن ينتبه أهنا ليست ابملعلومة الصحيحة فيعمد إىل إبداهلا ابملعلومة الصحيحة اليت‬
‫حيملها الذيل يف بنية إضرابية مطابقة للخطاب‪ ،‬وليست منتجة له‪.‬‬
‫ت الذي أَلْ َقى مبا ذاقوا ـ ـ أال اي‬ ‫واجلملتني األكثر انزايحا وبالغة شعرية يف القصيدة (ولو خِري ِ‬
‫ت أُبْدلْ ُ‬
‫ُّ ُ‬
‫ب ) حتواين على ذيل تصحيح؛ ابعتبار أنه ال ميكن أن تتغري الداللة صوراي‬ ‫منزل األقنان‪َ ،‬س هقْت َ‬
‫ك احليا ُس ُح ُ‬
‫ليغد ذيال‪( :‬أبدلت الذي القى مبا ذاقوا‪ ،‬لو خريت ـ ـ سقتك احلياة سحب‪،‬‬ ‫عند قلب اجلملة بتأخري املبتدأ ُ‬
‫منزل األقنان) أما مستعملو اللغة كأداة لتحقيق أغراض متعددة كالتعبري عن الفكر واألحاسيس واملعتقدات‬
‫والتأثري يف الغري إلقناعهم‪ ،‬كمعشر الشعراء‪ ،‬فإن هذا القلب الذي ولّد ذيل التصحيح‪ ،‬ههنا‪ ،‬سيغري املعىن‬
‫كما يغريه احلذف والتأخري يف العربية‪.‬‬
‫لعل هذه احلالة يف العربية هي اليت جعلت املتوكل يتساءل‪ :‬كيف يوافق الذيل إعرابيا أحد مكوانت‬ ‫و ّ‬
‫احلمل ابلرغم أنه يقع خارجه؟ مث جميبا‪" :‬أيخذ الذيل احلالة اإلعرابية (الرفع أو النصب أو اجلر) مبقتضى‬
‫وظيفته الداللية أو الرتكيبية‪ .‬إال أن هذه الوظيفة تُسند إىل الذيل عن طريق ما ميكن تسميته مببدأ‬
‫«اإلرث»‪ ،‬ابعتباره مكوان خارجيا‪ ،‬ال عن طريق األصالة كما هو الشأن ابلنسبة للمكوانت اليت تُعترب جزءاً‬
‫«يعوضه» أو «يقوم مقامه»‬ ‫من احلمل‪ .‬ويرث الذيل عن املكون املقصود تعديله أو تصحيحه ـ ـ ابعتبار أنه ّ‬
‫وظيفته الداللية والرتكيبية"‪ 45‬وينتج عن أخذ الذيل الوظيفة اإلعرابية للنعت والتوكيد والبدل يف العربية قوة‬
‫إحاليته؛ فباإلسناد تنتج مقامية وختاطبية الشعر العريب‪ ،‬فضال عن دالالت احلذف والتأخري وإضفاء اجلرس‬
‫الباحه) اجلمالية‪.‬‬
‫ْ‬ ‫احه‪ .‬ومتأل رحبةَ‬
‫اج‪ ،‬ألو ْ‬ ‫عرك األمو ُ‬
‫سفني تَ ُ‬
‫املوسيقي ( ٌ‬
‫ويبقى ظهور الضمري يف ذيل التصحيح مثل ذيل التوضيح ضروراي يف خمالفته لوظيفة املبتدأ‪ ،‬الذي قد‬
‫أيت‪.‬‬ ‫أييت غري متصدرا للجملة يف بعض احلاالت اإلعرابية لكنه ليس قطعيا مثل (كم من ساعد ِ‬
‫مفتول ر َ‬
‫أصلها‪ :‬رأيت كم من ساعد مفتول)؛ مبعىن أييت حسب ما يفرضه الوزن والقافية الشعريتني‪ ،‬ألنه ال جيوز‬
‫القول‪ :‬أبدلت الذي القى مبا ذاقوا‪ ،‬لو ُخ ّريتُهُ‪ .‬وهذا مسوغ كاف ليجعل املخاطَب يف وضع وظيفي داليل‬
‫ومقامي متقبّل‪ ،‬وهو هنا الذات الشعرية للراوي أو القارئ الضمين‪" ،‬فالكالم أكرب من أن يكون جمرد‬
‫تطبيق خالص للسان‪ ،‬فهو توظيف الشفرات غري لسانية إىل جانب الشفرات اللسانية‪ ،‬من أجل توليد‬
‫مؤشرات تربط اجلسور بني الداللة اجملردة يف امللفوظ امللموس ابلداللة الضمنية اليت ترتبط بسياق‪/‬مقام‬
‫‪46‬‬
‫التلفظ"‬
‫‪ 3.2.3‬املنادى‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫هو وظيفة تستند إىل املكون الدال على الكائن املنادى يف مقام معني‪ ،‬مثاله‪ :‬ـ ـ اي زيد أخوك مقبل‪.‬‬
‫الوظيفة املنادى وظيفة تداولية تؤاسر املبتدأ‪ ،‬والذيل‪ ،‬والبؤرة‪ ،‬واحملور‪ ،‬فإسنادها كإسناد الوظائف األربع‬
‫مرتبط ابملقام‪ .47‬إذن املنادى وحدة لغوية كائنة يف مقام حمدد‪ ،‬وهي وظيفة خارجية أضافها املتوكل مراعاة‬
‫خلصوصية اللغة العربية ال عالقة اللسانيات احلديثة هبا‪ ،‬وردت يف قصيدتنا نزرا يف قوله‪ :‬اي خيول املوت يف‬
‫احه‪ ،‬تعايل وامحليين ـ ـ آهِ اي بلدي! أأمكث أم أعود إىل بالدي؟ ـ ـ أال اي منزل األقنان‪ ،‬كم من ساعد‬
‫الو ْ‬
‫مفتول رأيت؟ أوال جيب التمييز يف اجلملة الواحدة بني النداء كفعل لغوي حيدد جهة اجلملة‪ ،‬واملنادى‬ ‫ِ‬
‫كوظيفة أي كعالقة مسندة إىل املكوانت‪ :‬خيول املوت‪ ،‬وبلدي‪ ،‬ومنزل األقنان‪.‬‬
‫واثنيا يف مستوى البنية احملمولية (تعايل وامحليين ـ ـ أأمكث أم أعود إىل بالدي ـ ـ كم من ساعد ِ‬
‫مفتول‬
‫رأيت) يدل احملمول على واقعة احلمل ـ ـ مثال ـ يف األوىل والعودة يف الثانية والرؤية يف الثالثة‪ ،‬كما تدل‬
‫املوضوعات فيها على وظيفة الدور الداللية املنفذ مثال يف األوىل والثانية والتقبل يف الثالثة‪ ،‬وتدل كذلك‬
‫على وظيفة الرتكيب سواء وقعت فاعال مسندا إىل املكون األساسي‪ ،‬أو مفعوال مسندا على املكون‬
‫للمنادى يف النحو العريب خصائص يتميز هبا ويشبهه فيها املندوب واملستغاث‪،‬‬ ‫الثانوي‪ .‬ويف كل هذا ُ‬
‫(مبنادى‬
‫(املنادى) "اصطلح عليها املتوكل َ‬ ‫فضال عن كونه يقع خارج موقع البنية احملمولية‪ ،‬يضطلع بوظيفة َ‬
‫‪48‬‬
‫النداء) قصد تقليص الوظائف الداللية والرتكيبية والتداولية قصد الرقي ابلنحو اىل (الكفاية النمطية)"‬
‫وحنسب أن االستعمال اإلجنازي اللغوي يف اخلطاب الشعري يتميز هبذه الكفاية الوظيفية اليت استحسنها‬
‫املتوكل‪ ،‬كوهنا تتوافق مع خاصية البالغية للشعر العريب؛ من تنوع معجمي‪ ،‬وتعبري جمازي وبالغي‪ ،‬ألقى‬
‫بظالله اجلمايل عليه (تشبيه وجتسيد املوت ـ ـ الشكوى اىل البلد ـ مساءلة املنزل مسائلة جماز مرسل عالقته‬
‫احمللية أو املكانية) وقعت موقعا إحاليا مقاميا‪ ،‬كون أن قواعد النحو الوظيفي (البنيات الوظيفية الثالث‬
‫داخل احلمل) ميكن أن تتسع اىل وظيفة املنادى‪ ،‬أي "يدمج اإلطار احملمويل النووي احلدود اإلضافية عن‬
‫طريق تطبيق "قواعد توسيع األطر احملمولية"‪ 49‬فجدلية الدليل اللغوي يف سياق بنية اجلملة اللسانية‪/‬النحوية‬
‫دليل للبنيات اجملتمعية‪ ،‬وعالقة اإليديولوجيا والوعي ابللغة لدى املتلقني يف خطاب االستعمال والتواصل‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫أابنت قراءتنا الوظائف التداولية يف قصيدة السياب الشعرية عن إمكانية قراءة اخلطاب الشعري العريب‬
‫قراءة لسانية حداثية‪ ،‬أوال على أساس تطبيق املناهج احلداثية املطعمة بنكهة من املوروث النحوي واألديب‬
‫العريب‪ ،‬واثنيا إبعادة الروح إىل جسد اخلطاب البالغي ومجاليته‪ ،‬فالوصف الشامل الدقيق للبنيات‬

‫‪93‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫األساسية يف اللغة العربية يستلزم دراستها عرب الشعر العريب‪ ،‬أما احلداثي منه فأابن عن ثراء معجم السياب‬
‫الشعري‪ ،‬وبتحديد وظائفه الداللية والرتكيبية عن سر مجاله الذي ِمن احيائه‪.‬‬
‫ال ميكن أن نتعرف على هذه الوظائف إذا مل نعاين السياقات أبنواعها اليت يتم فيه الفعل اللغوي‪ ،‬وهي‬
‫سياقات جيب أن يهتم هبا علم النص لعالقتها اجلدلية ابلنص‪ ،‬من انحية‪ ،‬وعالقتها املتداخلة ببعضها‬
‫البعض كي تستدعي أتويال من لدى املتلقي‪ ،‬من انحية أخرى‪ ،‬وإقامته عالقة بني القضااي اليت تعرب عنها‬
‫سلسلة اجلمل يف النص مستئنسا مبعرفة العامل‪ ،‬ومنطلقا من اختيار معارفه املخزنة يف ذاكرته للربط بينها‬
‫وبني قضااي النص‪.‬‬
‫لعل جمموعة القواعد واألعراف اليت حتكم تعامل واستعمال اللغة داخل جمتمع معني تنسحب على أي‬ ‫ّ‬
‫جمموعة أو فضاء آخر شرط أن تتداول هذه األعراف والقواعد خطااب‪ ،‬أين يُشكل السياق أو مقام املتكلم‬
‫فيه اللبنة األساسية‪ ،‬كفضاء قراء شعر التفعيلة العريب‪ .‬كما أن فهم تقاليد القصيدة احلداثية العربية بوصفها‬
‫نظاما لسانيا تداوليا مكتواب يتعداه إىل فهم استعمال الثقافة الشفاهية واملكتوبة‪ ،‬وتطوير ممارسة تلقيها‬
‫كنسق لساين وثقايف معا‪ ،‬ويغدو متثيلها معرفيا هو اآلخر متثيال تداوليا مل ينحا منحاه املبدع إال مبتلقي‬
‫مقامي لتلكم القصيدة‪.‬‬
‫ال غرابة يف ازدهار النظرية التداولية يف الفكر العريب املعاصر على اعتبار تطبيقاهتا لقراءة اخلطاب‬
‫الشعري املعاصر‪ ،‬وصحيح أهنا قراءة ختضع لسنن الثقافة‪ ،‬بيد أنه ال مناص من أمهية السياق يف إمتام‬
‫املعاين اليت تنطوي عليها الشفرة اللغوية مبا يف ذلك شفرة الشعر املنزاح عن قوانني اللغة‪ ،‬حيث يتعلق هذا‬
‫الفهم ببنية الفكر أي ابلثقافة كما ال تتجلى دون االستخدام الفعلي للغة‪ ،‬متجليةً َع ْربهُ بالغيا يف موقف‬
‫احلال وخطابيا يف اإلحالة املقامية‪.‬‬

‫اهلوامش‪:‬‬

‫‪ .1‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1985 :‬ص‪.145‬‬
‫‪ .2‬حيىي بعيطيش‪ ،‬حنو نظرية وظيفية للنحو العريب‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2006 :‬ص‪.33‬‬
‫‪ .3‬أمحد املتوكل‪ ،‬الرتكيبات الوظيفية قضااي ومقارابت‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪ ،2005 :‬ص‪.21‬‬
‫‪ .4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ .5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ .6‬أمحد املتوكل‪ ،‬املنحى الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصول واالمتداد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪ ،2006 :‬ص‪.15‬‬

‫‪94‬‬
‫تداولية اخلطاب البالغي‪ ،‬الفعل البالغي واإلحالة املقامية يف قصيدة منزل األقنان للسياب أمنوذجا‬

‫‪ .7‬مجعان بن عبد الكرمي‪ ،‬إشكاالت النص دراسة لسانية نصية‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2009 :‬ص ‪.31‬‬
‫‪ .8‬قويدر شنان‪ ،‬التداولية يف الفكر األجنلو ساكسوين املنشأ الفلسفي واملآل اللساين‪ ،‬اللغة واألدب‪ ،‬العدد ‪ ،2006 ،17‬ص‪.22‬‬
‫‪ .9‬صالح إمساعيل‪ ،‬فلسفة العقل دراسة يف فلسفة جون سريل‪ ،‬دار قباء للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،2007 :‬ص ‪.193‬‬
‫‪ .10‬تون‪ .‬أ وفان دايك‪ ،‬علم النص مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬ترمجة سعيد حبريي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار القاهرة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪:‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.18‬‬
‫‪ .11‬جاك موشلر وآن ريبول‪ ،‬القاموس املوسوعي للتداولية‪ ،‬ترمجة عز الدين اجملدوب‪ ،‬دار سيناترا‪ ،‬تونس‪ ،2010 :‬ص‪.21‬‬
‫‪ . 12‬مسعود بودوخة‪ ،‬األسلوبية وخصائص اللغة الشعرية‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،2011 :‬ص‪.1‬‬
‫‪ .13‬أمحد يوسف‪ ،‬حتليل اخلطاب من اللسانيات إىل السيميائيات‪ ،‬مقارابت‪ ،‬اجمللد‪ ،1‬العدد ‪ ،2013 ،2‬ص ‪ 34‬ـ‪.54‬‬
‫‪ .14‬أمحد حممد خمتار عمر‪ ،‬علم الداللة‪ ،‬ط‪ ،3‬عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،1992 :‬ص‪.68‬‬
‫‪ .15‬عبد الفتاح أمحد يوسف‪ ،‬لسانيات اخلطاب وأنساق الثقافة فلسفة املعىن بني نظام اخلطاب وشروط الثقافة‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،2010 :‬ص‪.54‬‬
‫‪ .16‬حممد احلناش‪ ،‬البنيوية يف اللسانيات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الراثء احلديث‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1980 :‬ص ‪.96‬‬
‫‪ .17‬فرانسواز أرمينكو‪ ،‬املقاربة التداولية‪ ،‬مركز اإلمناء القومي‪ ،‬بريوت‪ ،1986 :‬ص‪.12‬‬
‫‪ .‬يف منظور اجلملة الوظيفي لدى مدرسة براغ املسند إليه‪/‬املوضوع يدل على شيء يعرفه السامع يف عملية التواصل‪ ،‬ألنه غالبا ما‬
‫صيغها‬‫يذكر يف اجلمل السابقة‪ ،‬أما املسند‪/‬اخلرب فيدل على حقيقة جديدة تتعلق ابملوضوع املذكور‪ ،‬فنحن عندما نصوغ عباراتنا ال نُ ِ‬
‫تبعا ملا نريد أن نبلغه للسامع فحسب‪ ،‬ولكن تبعا ملا يعرفه مسبقا وتبعا لسياق احلديث الذي بنيناه حىت تلك اللحظة‪ ،‬ومن هنا‬
‫يقرتب املنظور الوظيفي من أحد أهم املفاهيم الكربى للتداولية‪ ،‬ونعين بذلك متضمنات القول وابخلصوص االفرتاض املسبق (أحد‬
‫عناصر التداولية حيث يوجه املتكلم حديثه إىل السامع على أساس ما يفرتض سلفا أنه معلوم له)‬
‫‪ . 18‬أمحد املتوكل‪ ،‬املنحى الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصول واالمتداد‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ . 19‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪.149 ،‬‬
‫‪ .20‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ .21‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ .22‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 28‬ـ ـ ‪.29‬‬
‫‪ .23‬أ محد املتوكل‪ ،‬قضااي اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية بنية اخلطاب من اجلملة على النص‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪:‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.118‬‬
‫‪ .24‬الطاهر بومزبر‪ ،‬التواصل اللساين والشعرية مقاربة حتليلية لنظرية جاكبسون‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،2007 :‬ص‪.14‬‬
‫‪ .25‬حياة لصحف‪ ،‬مصطلحات عربية يف نقد ما بعد البنيوية‪ ،‬ط‪ ،1‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2013 :‬ص‪.9‬‬
‫‪ .26‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ .27‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ .28‬إلفي بوالن‪ ،‬املقاربة التداولية لألدب‪ ،‬ترمجة حممد تنفو وليلى امحياين‪ ،‬ط‪ ،1‬رؤية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2018 :‬ص‪.9‬‬

‫‪95‬‬
‫بوزاين بغلول‬

‫‪ .29‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫‪ .30‬أوشن دالل‪ ،‬القصدية يف املورث اللساين العريب دراسة يف األسس النظرية واإلجرائية للبالغة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2016 :‬ص‪.135‬‬
‫‪ .31‬جون سريل‪ ،‬الوعي واللغة‪ ،‬منشورات جامعة كامربيج‪ ،‬إجنلرتا‪ ،2002 :‬ص‪.155‬‬
‫‪ .32‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪" .‬ترتتب املكوانت داخل اجلملة الفعلية يف اللغة العربية وفق قاعدة موقعة احملور‪ :‬م‪ ، 4‬م‪ ، 2‬م ‪ 1‬م ه ف فا (مف) (ص) ‪ ،‬م‪.3‬‬
‫وحتتلها مواقع خارجية ثالثة‪ ،‬كمكوانت ال تنتمي إىل محل اجلملة وليست موضوعات للمحمول‪) :‬املوقع م‪ 4‬املنادى ـ ـ املوقع م‪3‬‬
‫املبتدأ ـ ـ املوقع م‪ 2‬الذيل) ومواقع داخلية حتتلها املكوانت املنتمية إىل احلمل (م ‪ :1‬أدايت االستفهام وإن وما النافية ـ م‪ :3‬املكون‬
‫املسندة إليه وظيفة بؤرة املقابلة أو املكون املسندة إليه وظيفة احملور أو اسم استفهام ـ ـ فا ومف املكوانن احلامالن للوظيفتني الرتكيبيتني‬
‫الفاعل واملفعول ـ ـ ـ ص املكون الذي ال حيمل إال وظيفة داللية)" ينظر أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ .33‬أمحد املتوكل‪ ،‬قضااي اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية البنية التحتية أو التمثيل الداليل التداويل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪:‬‬
‫‪ ،1995‬ص‪.16‬‬
‫‪ .34‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظيفة بني الكلية والنمطية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪ ،2003 :‬ص ‪.174‬‬
‫‪ .35‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ص‪115‬ـ ـ ‪.116‬‬
‫‪ .36‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ .37‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ .38‬حافظ إمساعيلي علوي‪ ،‬اللسانيات يف الثقافة العربية املعاصرة دراسة حتليلية نقدية يف قضااي التلقي وإشكاالته‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب‬
‫اجلديد املتحدة‪ ،‬بريوت‪ ،2009 :‬ص‪.361‬‬
‫‪ .39‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ص ‪ 144‬ـ ‪.147‬‬
‫‪ .40‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.149‬‬
‫‪ .41‬ماراين يورغنسن ولويز فيليبس‪ ،‬حتليل اخلطاب النظرية واملنهج‪ ،‬ترمجة شوقي بوعناين‪ ،‬ط‪ ،1‬منتدى املعارف‪ ،‬بريوت‪،2018 :‬‬
‫ص‪ 185‬ـ ‪.187‬‬
‫‪ .42‬حممد القاضي وآخرون‪ ،‬معجم السردايت‪ ،‬ط‪ ،1‬دار حممد علي احلامي‪ ،‬تونس‪ ،2010 :‬ص ‪.395‬‬
‫‪ .43‬عبد الفتاح يوسف‪ ،‬لسانيات اخلطاب وأنساق الثقافية‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ .44‬عبد الرمحان احلاج صاحل‪ ،‬اخلطاب والتخاطب يف نظرية الوضع واالستعمال العربية‪ ،‬طبعة إلكرتونية‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ .45‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ .46‬إلفي بوالن‪ ،‬املقاربة التداولية لألدب‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ .47‬أمحد املتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية يف اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ .48‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ .49‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.164‬‬

‫‪96‬‬

You might also like