You are on page 1of 3

‫وعي‪:‬‬ ‫ة ال‬ ‫كلم‬

‫«الوعي» دعوة إلقامة حياة إسالمية‬


‫عندما قمنا منذ عام بإصدار العدد األول من جملة «الوعي»‪ ،‬مل يكن يدفعنا حب الظهرو وال الرغبة يف أن ترتد‬
‫أمساؤنا بني الطلبة أو يف األوساط الفكرية‪ .‬كما مل يكن دافعنا جمرد إصدار جملة جديدة تضاف إىل قائمة العشرات ـ ال بل‬
‫املئ ات ـ من املطبوع ات اليومي ة واألس بوعية والش هرية ال يت تص در يف منطقتن ا العربي ة‪ ،‬جمل ة كغريه ا من اجملالت‪.‬‬
‫ومل يكن ت دفعنا دول ة تري د أن يك ون هلا ـ أس وة بغريه ا ـ مطبوع ة تك ون بوق ًا هلا يف س احة األب واق واملزام ري‪.‬‬
‫ومل يكن ل دينا اخلربة يف مي دان العم ل الص حايف وم ا يتطلب ه إص دار جمل ة من فن إلق اء الكلم ة املناس بة يف ال وقت‬
‫املناسب‪ ،‬ودراية بالتسويق والتوزيع والنشر ومجع األخبار وحتضري املواد إىل ما هنالك حىت نستطيع أن ننافس املطبوعات‬
‫امري‪.‬‬ ‫ذه املض‬ ‫ة يف ه‬ ‫العريق‬
‫كما مل تكن لدينا اإلمكانيات املادية اليت تسلزمها إصدار جملة وطبعها وتسويقها وتوزيعها‪ ،‬حىت إننا مل يكن لدينا‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة مادي‬ ‫ة من تكلف‬ ‫ذه اجملل‬ ‫له‬ ‫دار مث‬ ‫ه إص‬ ‫ا يتطلب‬ ‫رة عم‬ ‫أدىن فك‬
‫ورغم كل ذلك انطلقنا يف مسعانا‪ ،‬فتوكلنا على اهلل‪ ،‬وبذلنا جهدنا يف إصدار جملة لتكون إن شاء اهلل جنمة بني‬
‫قريناهتا‪ ،‬واألوىل ـ ب دون من ازع ـ بني كاف ة اجملالت املوج ودة الي وم يف األس واق‪.‬‬
‫والذي دفعنا إىل ذلك أنه كان لدينا شيء مهم جدًا تفتقر إليه معظم هيئات التحرير اليت تصدر اجملالت والصحف‬
‫ولعل ه العنص ر األهم‪ ،‬وه و الفك ر املب دئي‪ ،‬ول ذلك ك انت جملتن ا متم يزة عن غريه ا ب الفكر اإلس المي‪.‬‬
‫ولذلك أيضًا كانت كل تلك العقبات ثانوية ما دام لدينا ما نقوله‪ .‬والواقع أنه لدينا الكثري الكثري لنقوله يف صدد‬
‫الواقع السيء الذي نعيشه‪ .‬نراه سيئًا ألنه أبعد ما يكون عن االسالم‪ ،‬ويف ذلك ما ميأل صفحات أكثر من جملة وأكثر من‬
‫اب‪.‬‬ ‫كت‬
‫وبذلك انطلقنا‪ ،‬ويف جعبتنا مناج حياة متكامل نود أن نطرحه‪ ،‬وهو اإلسالم‪ .‬ولذلك فإن انطالقتنا إن شاء اهلل‬
‫طويلة األمد وحنو األفضل بإذنه تعاىل على الدوام‪ ،‬ألننا لسنا بوق ًا ألحد‪ ،‬يدوي فرتة من الزمان مث يضمحل بزوال اجلهة‬
‫ال يت ي دوي هلا‪ .‬فاالس الم إن ش اء اهلل ق ائم‪ ،‬وبش ائر عوت ه إىل مع رتك احلي اة ظ اهرة يف األف ق‪ ،‬وهن ا ي أيت دور «ال وعي»‪.‬‬
‫مل ن رد اـ «ال وعي» أن تك ون جمل ة ع ادة‪ ،‬تنق ل للن اس الغث مما جيذب أمساعهم وحيملهم على مطالعته ا‪ .‬إمنا أردن ا‬
‫فيها وجه اهلل تعاىل‪ ،‬وقول كلمة احلق املقنعة الرصينة عسى أن تنفعنا مجيع ًا‪ .‬ومل يكن لدينا القدرة على جماراة باقي اجملالت‬
‫يف االخراج الفين املنمق الذي جيذب اجلماهري‪ .‬والواقع أن قضية الصحافة اليوم هي كيفية لفت األنظار بغية زيادة نسبة‬
‫التوزيع‪ ،‬ولذلك فإن اجمللة أو الصحيفة ال تنشر أفكارًا مرسومة واضحة املعامل واضحة اهلدف‪ ،‬بل تنشر ما يقبل الناس على‬
‫قراءته وينجذبون إليه مهما كان‪ .‬ولذلك أيض ًا‪ ،‬فإن املطبوعات املتداولة ـ سياسية كانت أو فكرية ـ ليس هلا توجه واضح‬
‫وه دف مرس وم‪ .‬إمنا ه دفها زي ادة نس بة التوزي ع‪ ،‬وزي ادة دخ ل أعض اءها‪ .‬ومن املطبوع ات م ا يتخ ذ منحى بعي دًا يف لفت‬
‫أنظار الناس‪ ،‬فتحصص بأمور فارغة ليس هلا قيمة سوى أن العامة يقبلون عليها‪ ،‬كاجملالت الفنية أو اخلليعة الرخيصة اليت‬
‫ليس هلا قيم ة أو منفع ة س وى أن الن اس يقبل ون عليه ا عن دما تك ون الناحي ة الفكري ة ل ديهم منخفض ة‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية ‪ -‬شوال ‪1408‬هـ ‪ -‬حزيران ‪1988‬م‬
‫‪1‬‬
‫والغريب أن القارئ يقرأ ويسمع أن هناك «رسالة» حتملها هذه اجمللة أو تلك الصحيفة‪ ،‬وأهنا حتمل فكرًا وتلتزم‬
‫قضية وحتدد هدفًا‪ .‬وإىل جانب ذلك اإللتزام‪ ،‬جتد الصفحات «الفنية» الفارغة‪ ،‬وأبواب التسايل وإضاعة الوقت‪ ،‬والقصص‬
‫التافهة والتحقيقات اليت ال حتمل معىن وال مضمون‪ ،‬مما يدفعنا إىل التساؤل عن مدى جدية تلك القضية أو عن مدى التزام‬
‫هبا‪.‬‬ ‫اجملالت‬
‫لق د اض حت وس ائل اإلعالم يف أيامن ا مض طرة أن ت دخل مث ل تل ك التفاه ات يف ماّدهتا ألهنا يف الغ الب هي ال يت‬
‫جتذب ‪ %70‬من الق راء‪ .‬والغ ريب أن الق ارئ جيد أك ثر من ‪ %50‬من ص فحات املطبوع ة السياس ية خمصص ة ملث ل تل ك‬
‫املواد‪.‬‬
‫وأما ما يطلق عليه ـ جتاوزًا ـ يف عرف الصحافة بأنه مطبوعة فكرية‪ ،‬فهي غالب ًا ال حتمل فكرًا على اإلطالق‪ .‬ذلك‬
‫أن الفك ر ليس فن ًا وال حنت ًا‪ ،‬وال ش عرًا إباحي ًا أو دراس ة خيالي ة‪ ،‬ب ل الفك ر ه و احلكم على الوق ائع أو أس اس احلكم على‬
‫الوقائع‪ ،‬وال ميكن إال أن يكون مبنيًا أو نابعًا عن فكر أساسي شامل للحياة والذي يشكل يف جمموعة منهاج حياة وطريقة‬
‫ذه‪.‬‬ ‫اه‬ ‫ة يف أيامن‬ ‫در اجملالت الفكري‬ ‫ذلك تن‬ ‫عيش‪ .‬ول‬
‫ورمبا تص در بعض املطبوع ات ال يت تل تزم ج انب االس الم‪ ،‬فت داوم علىنش ر املواد ال يت تتن اول ج وانب معين ة من‬
‫أحكامه‪ .‬لكن اجلانب األهم الذي تفتقر إليه هذه املطبوعات هو وضع املفاهيم اليت ميكن أن تشكل أساس ًا إلقام ة حياة‬
‫إسالمية‪ .‬ورمبا كان السبب يف ذلك أن معظم الذين يتوجهون حنو اإلسالم ـ مع األسف ـ رمبا ال يرونه قريب ًا‪ ،‬بل الكثري من‬
‫الذين يفرتض فيهم أهنم عاملون لإلسالم ال يتصورون إمكان عودته إىل احلياة قبل عدة أجيال‪ .‬ورمبا كان السبب افتقار‬
‫مثل تلك املطبوعات فعًال إىل الفكر األساس الذي ميكن أن تقوم عليه حياة إسالمية‪ .‬وهذا هو السبب األهم الذي دفعنا‬
‫وعي»‪.‬‬ ‫دار «ال‬ ‫إىل إص‬
‫وال شك أن هناك حماوالت ضخمة لإللتفاف على إقبال الناس حنو االسالم‪ ،‬حبيث تتلقاهم دعوات وأفكار مضللة‬
‫تتسرت برداء اإلسالم وختدع املسلمني ليظنوها إسالمًا وما هي كذلك‪ ،‬حىت تنحرف املسرية‪ ،‬ويبتعد الناس عن كل ما من‬
‫ش أنه أن يعي دهم إىل إقام ة حي اة إس المية متكامل ة متين ة األس س واض حة املع امل‪ .‬ونس أل اهلل تع اىل أن يوفقن ا يف جملتن ا إىل‬
‫التص دي ملث ل تل ك احملاوالت‪ ،‬وميكنن ا من بي ان زي ف تل ك ال دعوات‪ ،‬وه ذا داف ع ث ان‪.‬‬
‫وبذلك أردنا «الوعي» دعوة حمددة للمسلمني إلقامة حكم اهلل يف األرض واستئناف حياة إسالمية‪ .‬وألننا ابتعدنا‬
‫كثريًا منذ قرنني وحىت اآلن عن احلياة اإلسالمية‪ .‬وض ّيعنا أسسها وأركاهنا وفقدنا مقوماهتا‪ ،‬كانت احلاجة ماسة ملن يعيد‬
‫توضيح هذه األسس العملية للحياة االسالمية‪ ،‬وأسس اجملتمع االسالمي‪ ،‬وأحكامه العامة وقضاياه املصريية‪ ،‬وغايته وهدفه‬
‫يف احلياة‪ ،‬ونريد لـ «الوعي» أن تكون السباقة يف هذا اجلانب‪ :‬وضع السس العملية إلقامة اجملتمع اإلسالمية وحتكيم شرع‬
‫اهلل‪ ،‬واإلنقالب على هذا الواقع الفاسد الذي ترتفع فيه راية الكفر يف بالد اإلسالم وتسود فيها أحكامه‪ ،‬واستبداله حبكم‬
‫ال‪.‬‬ ‫دّر ج أو انتق‬ ‫وب دون ت‬ ‫ري املش‬ ‫الم غ‬ ‫اإلس‬
‫هذا‪ ،‬ونأمل أن يوفقنا اهلل تعاىل يف مسعانا إذ مل نبغ سوى وجهه الكرمي يف عملنا هذا‪ .‬وأمل أن يوفقنا اهلل تعاىل‬
‫لنتوصل إىل موضع القبول والتلقي من أذهان املسلمني‪ ،‬حبيث تالقي دعوتنا مادتنا آذانًا صاغية وأذهانًا متقبلة متفهمة‪ .‬ولعل‬
‫أبرز ما يف مواد اجمللة أهنا تثري التفيكر العميق يف الواقع‪ ،‬وتتطلب تركيزًا وعمق ًا‪ ،‬فإذا مت ذلك نعترب أننا حققنا جزءًا من‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية ‪ -‬شوال ‪1408‬هـ ‪ -‬حزيران ‪1988‬م‬
‫‪2‬‬
‫هدفنا ولو مل يلتزم الناس أو حيملوا أفكار اجمللة‪ ،‬إذ التفكري يف مواضيعها ال خيلو من الفائدة‪ ،‬ويرفع الناحية الفكرية قبل كل‬
‫يء‪.‬‬ ‫ش‬
‫هذا‪ ،‬وحنن ندرك أن عودة اإلسالم إىل احلياة ال يكون بإصدار جملة أو بنشر مطبوعة‪ ،‬بل حبمل اإلسالم وأفكاره‬
‫للناس فكرًا حيًا‪ ،‬وهذا يتطلب تكتًال أو مجاعة تدعو إىل اإلسالم وتعمل لتطبيقه‪ ،‬وتتصدى ألفكار الكفر‪ .‬والفرق بني اجمللة‬
‫والتكتل أن األوىل جمرد مطبوعة قد تؤيت مثارها وقد ال تؤيت‪ ،‬بينما التكتل يعمل باإلتصال املباشر باملسلمني وهذا ال بد‬
‫ه‪.‬‬ ‫من‬
‫اللهم إنا نسألك نصرك الذي وعدت على أعدائك القوم الكافرين‪ ،‬اللهم وارفع راية اإلسالم خفاقة فوق بقاع‬
‫ك‪.‬‬ ‫املني بطاعت‬ ‫ا من الع‬ ‫األرض‪ ،‬واجعلن‬
‫‪ُ‬ه َو اَّل ِذ ي َأْرَس َل َرُس وَلُه ِباْلُه َد ى َو ِد يِن اْلَح ِّق ِلُيْظِه َر ُه َعَلى ال ِّديِن ُك ِّل ِه َو َل ْو َك ِر َه اْلُم ْش ِر ُك وَن ‪□ ‬‬

‫وعي‬ ‫رة ال‬ ‫أس‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية ‪ -‬شوال ‪1408‬هـ ‪ -‬حزيران ‪1988‬م‬
‫‪3‬‬

You might also like