Professional Documents
Culture Documents
الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية -شوال 1408هـ -حزيران 1988م
1
والغريب أن القارئ يقرأ ويسمع أن هناك «رسالة» حتملها هذه اجمللة أو تلك الصحيفة ،وأهنا حتمل فكرًا وتلتزم
قضية وحتدد هدفًا .وإىل جانب ذلك اإللتزام ،جتد الصفحات «الفنية» الفارغة ،وأبواب التسايل وإضاعة الوقت ،والقصص
التافهة والتحقيقات اليت ال حتمل معىن وال مضمون ،مما يدفعنا إىل التساؤل عن مدى جدية تلك القضية أو عن مدى التزام
هبا. اجملالت
لق د اض حت وس ائل اإلعالم يف أيامن ا مض طرة أن ت دخل مث ل تل ك التفاه ات يف ماّدهتا ألهنا يف الغ الب هي ال يت
جتذب %70من الق راء .والغ ريب أن الق ارئ جيد أك ثر من %50من ص فحات املطبوع ة السياس ية خمصص ة ملث ل تل ك
املواد.
وأما ما يطلق عليه ـ جتاوزًا ـ يف عرف الصحافة بأنه مطبوعة فكرية ،فهي غالب ًا ال حتمل فكرًا على اإلطالق .ذلك
أن الفك ر ليس فن ًا وال حنت ًا ،وال ش عرًا إباحي ًا أو دراس ة خيالي ة ،ب ل الفك ر ه و احلكم على الوق ائع أو أس اس احلكم على
الوقائع ،وال ميكن إال أن يكون مبنيًا أو نابعًا عن فكر أساسي شامل للحياة والذي يشكل يف جمموعة منهاج حياة وطريقة
ذه. اه ة يف أيامن در اجملالت الفكري ذلك تن عيش .ول
ورمبا تص در بعض املطبوع ات ال يت تل تزم ج انب االس الم ،فت داوم علىنش ر املواد ال يت تتن اول ج وانب معين ة من
أحكامه .لكن اجلانب األهم الذي تفتقر إليه هذه املطبوعات هو وضع املفاهيم اليت ميكن أن تشكل أساس ًا إلقام ة حياة
إسالمية .ورمبا كان السبب يف ذلك أن معظم الذين يتوجهون حنو اإلسالم ـ مع األسف ـ رمبا ال يرونه قريب ًا ،بل الكثري من
الذين يفرتض فيهم أهنم عاملون لإلسالم ال يتصورون إمكان عودته إىل احلياة قبل عدة أجيال .ورمبا كان السبب افتقار
مثل تلك املطبوعات فعًال إىل الفكر األساس الذي ميكن أن تقوم عليه حياة إسالمية .وهذا هو السبب األهم الذي دفعنا
وعي». دار «ال إىل إص
وال شك أن هناك حماوالت ضخمة لإللتفاف على إقبال الناس حنو االسالم ،حبيث تتلقاهم دعوات وأفكار مضللة
تتسرت برداء اإلسالم وختدع املسلمني ليظنوها إسالمًا وما هي كذلك ،حىت تنحرف املسرية ،ويبتعد الناس عن كل ما من
ش أنه أن يعي دهم إىل إقام ة حي اة إس المية متكامل ة متين ة األس س واض حة املع امل .ونس أل اهلل تع اىل أن يوفقن ا يف جملتن ا إىل
التص دي ملث ل تل ك احملاوالت ،وميكنن ا من بي ان زي ف تل ك ال دعوات ،وه ذا داف ع ث ان.
وبذلك أردنا «الوعي» دعوة حمددة للمسلمني إلقامة حكم اهلل يف األرض واستئناف حياة إسالمية .وألننا ابتعدنا
كثريًا منذ قرنني وحىت اآلن عن احلياة اإلسالمية .وض ّيعنا أسسها وأركاهنا وفقدنا مقوماهتا ،كانت احلاجة ماسة ملن يعيد
توضيح هذه األسس العملية للحياة االسالمية ،وأسس اجملتمع االسالمي ،وأحكامه العامة وقضاياه املصريية ،وغايته وهدفه
يف احلياة ،ونريد لـ «الوعي» أن تكون السباقة يف هذا اجلانب :وضع السس العملية إلقامة اجملتمع اإلسالمية وحتكيم شرع
اهلل ،واإلنقالب على هذا الواقع الفاسد الذي ترتفع فيه راية الكفر يف بالد اإلسالم وتسود فيها أحكامه ،واستبداله حبكم
ال. دّر ج أو انتق وب دون ت ري املش الم غ اإلس
هذا ،ونأمل أن يوفقنا اهلل تعاىل يف مسعانا إذ مل نبغ سوى وجهه الكرمي يف عملنا هذا .وأمل أن يوفقنا اهلل تعاىل
لنتوصل إىل موضع القبول والتلقي من أذهان املسلمني ،حبيث تالقي دعوتنا مادتنا آذانًا صاغية وأذهانًا متقبلة متفهمة .ولعل
أبرز ما يف مواد اجمللة أهنا تثري التفيكر العميق يف الواقع ،وتتطلب تركيزًا وعمق ًا ،فإذا مت ذلك نعترب أننا حققنا جزءًا من
الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية -شوال 1408هـ -حزيران 1988م
2
هدفنا ولو مل يلتزم الناس أو حيملوا أفكار اجمللة ،إذ التفكري يف مواضيعها ال خيلو من الفائدة ،ويرفع الناحية الفكرية قبل كل
يء. ش
هذا ،وحنن ندرك أن عودة اإلسالم إىل احلياة ال يكون بإصدار جملة أو بنشر مطبوعة ،بل حبمل اإلسالم وأفكاره
للناس فكرًا حيًا ،وهذا يتطلب تكتًال أو مجاعة تدعو إىل اإلسالم وتعمل لتطبيقه ،وتتصدى ألفكار الكفر .والفرق بني اجمللة
والتكتل أن األوىل جمرد مطبوعة قد تؤيت مثارها وقد ال تؤيت ،بينما التكتل يعمل باإلتصال املباشر باملسلمني وهذا ال بد
ه. من
اللهم إنا نسألك نصرك الذي وعدت على أعدائك القوم الكافرين ،اللهم وارفع راية اإلسالم خفاقة فوق بقاع
ك. املني بطاعت ا من الع األرض ،واجعلن
ُه َو اَّل ِذ ي َأْرَس َل َرُس وَلُه ِباْلُه َد ى َو ِد يِن اْلَح ِّق ِلُيْظِه َر ُه َعَلى ال ِّديِن ُك ِّل ِه َو َل ْو َك ِر َه اْلُم ْش ِر ُك وَن □
الـوعـي – العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية -شوال 1408هـ -حزيران 1988م
3