You are on page 1of 307

‫النظم الإسلامية‬

‫تأليف‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أحمد ذياب شويدح‬
‫عميد كلية الشريعة والقانون سابقا‬
‫د‪ .‬ماهـر أحمد السوسـي‬ ‫د‪ .‬زياد ابراهيم مقـداد‬
‫عميـــــد كليــــــة الشريعـــة‬ ‫رئيس لجنة الفتوى بالجامعة‬
‫والقانـــــون سابقا‬ ‫عميد الدراسـات العليا سابقــا‬

‫الطبعة السابعة‬
‫‪1441‬هـ‪2020 -‬م‬
‫النظم الإسلامية‬
‫الطبعة الثامنة‬
‫‪1441‬هـ‪2020 -‬م‬

‫‌ب‬
‫ُ‬
‫مقـدﱢمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬الرحمن الرحيم‪ ،‬الذي أرسل رسله هديا ً وبشيرا ً للعالمين‪ ،‬وأنزل‬
‫معه القرآن نورا ً وبرهانًا مبين‪ ،‬وضمنه صراطه المستققيم‪ ،‬وععلته منا تا لمتن آمتن بته‪،‬‬
‫وأراد أن يكون من الماقدين‪ ،‬أما بعد‪.‬‬
‫فإن هذه هي الطبعة السادسة من كقاب (التنمم اسستيمية)‪ ،‬المقترر للدراستة ىلتم عميت‬
‫طيب ال امعة اسسيمية بكل تخصصاتاا‪ ،‬نستوهاا اليتو وهتي تقنتمن دراستال حتول‬
‫األطر العامة لغالب أبواب القشري اسسيمي‪ ،‬وهد أطلنا ىلم ذلك اسم "النمم اسسيمية‬
‫تتامل‪ ،‬ال يمكتتن فصتتل‬ ‫"؛ألن هتتذه الموضتتوىال هتتي ىبتتادع ىتتن كتتل مقكامتتل‪ ،‬ونمتتا‬
‫موضوع منه ىتن اخرتر‪ ،‬حيت ا تقمل هتذا الكقتاب ىلتم فصتل تمايتدي بينتا فيته معنتم‬
‫النمم اسسيمية‪ ،‬وحاعة الناس إلياا‪ ،‬ورصائصاا ومصادرها‪.‬‬
‫ثم اتبعناه الفصل األول وهو يقحدث ىن العقيدع وحقيققاا وأركاناا‪ ،‬ثم أثرهتا ىلتم الفترد‬
‫و الم قم ‪.‬‬
‫وبعتده عتتال الفصتتل ال تتاني‪ :‬وهتتو نمتتا العبتادع‪ ،‬فقحتتدثنا ىتتن حقيققاتتا‪ ،‬وكايقاتتا والحكمتتة‬
‫مناا‪ ،‬ثم رقمنا ببيان رصائص العبادع في اسسي ومزاياها‪.‬‬
‫األرتتي‬ ‫وتتتي ذلتتك الفصتتل ال التت وهتتو نمتتا األرتتي ‪ :‬التتذي ا تتقمل ىلتتم تعريتت‬
‫ورصائصاا وىناية اسسي باألري ‪ ،‬ومن ثم أثرها في النفس البشرية‪.‬‬
‫األسترع فتتي‬ ‫وعتال بع ته الفصتل الرابت بعنتتوان نمتا األسترع‪ :‬وتحتدثنا فيتته ىتن تعريت‬
‫اسستتي ‪ ،‬ثتتم األستتس القتتي يقتتو ىلياتتا نمتتا األستترع‪ ،‬ومتتن ثتتم التتزواال والطتتي ومكانتتة‬
‫المرأع وحقوهاا في اسسي ‪.‬‬
‫وأمتتتا الفصتتتل الختتتامس فاتتتو بعنتتتوان‪ :‬االهقصتتتادي‪ :‬بينتتتا فيتتته األستتتاس العقائتتتدي للنمتتتا‬
‫االهقصتتادي فتتي اسستتي ‪ ،‬ثتتم المبتتاد العامتتة للنمتتا االهقصتتادي‪ ،‬ثتتم رصتتائص النمتتا‬
‫االهقصادي في اسسي ‪ ،‬ثم رقمنا ببيت المال‪.‬‬

‫‌ج‬
‫وأريرا عال الفصل السادس‪ ،‬وهو بعنوان نما الحكم والنمتا السياستي فتي اسستي ‪ :‬ثتم‬
‫السياسة‪ ،‬وأهم هواىد النما السياسي فتي اسستي ‪ ،‬ثتم الدولتة فتي‬ ‫تحدثنا فيه ىن تعري‬
‫اسسي ‪ ،‬ثم رئاسة الدولة اسسيمية‪ ،‬ورقمنا بالوزارع‪.‬‬
‫هذا؛ والناظر في هذا الكقاب ي د أنه يلبي حاعة ملحة ىند الشباب المسلم فتي معرفتة متا‬
‫ي ب ىليه أن يعرفه ىن رصائص النمم اسستيمية ومتا تقميتز بته ىتن التنمم الوضتعية‬
‫بتدينام‪ ،‬القصتدي لكتل متا يحتاه ضتده متن‬ ‫األررى‪ ،‬ذلك حقم يسقطي الشباب الناتو‬
‫مؤامرال ومكائد‪ ،‬تعمل ىلم تشويه وبيان ىد صتيحيقه للحيتاع المعاصترع‪ ،‬وأن كيتره‬
‫من النمم هي أصلح منه‪.‬‬
‫ومن أعل ذلك كله عالل هذه الطبعة تحمل بعض القعدييل القي أعريناهتا ىلتم بعتض‬
‫الموضوىال القي رأيناها أناا هد سيقت بطريقة ال تقناسب مت الستيا المعاصتر‪ ،‬أو أن‬
‫هناه ما هو أفنل مناا‪ ،‬حقم يمتل الكقتاب محافمتا ىلتم نستقه المعاصتر‪ ،‬وحقتم يمتل‬
‫موردا‪ ،‬لطيبنا األىزال ينالون من معينه ما يغذي ىقولام‪ ،‬وينمي مداركام‪ ،‬ويزيد فتي‬
‫ثقافقام‪ ،‬ويروي نامام للعلم والمعرفة‪.‬‬
‫التتنمم اسستتيمية فتتي‬ ‫ومتتن الموضتتوىال القتتي أعرينتتا ىلياتتا هتتذه القعتتدييل‪ :‬تعري ت‬
‫العقيدع‪ ،‬ومكانة المرأع في اسسي ‪.‬‬ ‫االصطيح‪ ،‬وتعري‬
‫وفي النااية فإننا نسأل هللا تعالم بأن يكتون هتذا العمتل رالصتا لوعاته الكتريم‪ ،‬وأن ينفت‬
‫باب المسلمين‪ ،‬وي عله ذررا لام‪ ،‬إنه هريب م يب الدىال‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‌د‬
‫مقدمة الطبعة األوىل‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصيع والسي ىلم أفنل أما وحاكم للمسلمين‪ ،‬سيدنا محمد‬
‫المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬وىلم آله وصحبه ومن تبعام بإحسان الي يو الدين‪ ..‬أما بعد‪.‬‬
‫فإنه ىندما أسندل إلينا ىمادع كلية الشريعة تدريس مسا النمم اسستيمية‪ ،‬أطلعنتا ىلتم‬
‫مفردال في دليتل الكليتة‪ ،‬فوعتدناه مشتققة فتي كقتب ىديتدع‪ ،‬يصتعب ىلتم الطالتب الققتاط‬
‫وتندثر إذا ما انقام من دراسقاا‪.‬‬ ‫بغيقه مناا‪ ،‬أو مطبوىة في مذكرال ال تلب أن تقل‬
‫لذلك ىمدنا إلم تدريس هذا الكقتاب‪ ،‬لنتوفر ىلتم طيبنتا ذلتك العنتال الكبيتر فتي تحصتيل‬
‫وحصر موضوىال هذه المادع‪ ،‬وليبق لديام ذريرع يرععون إليه كلما دىت الحاعة إلم‬
‫ذلك‪ ،‬سيما هذه المرحلة العصيبة القي تمر باا األمة اسسيمية‪ ،‬حيت تزايتدل الا متال‬
‫المستتعورع متتن أىتتدال هتتذا التتدين الحنيتت ‪ ،‬واالدىتتالال المغرضتتة‪ ،‬القتتي تاتتدى إلتتم‬
‫تصتتويره بأنتته ديتن روحتتاني محتتض‪ ،‬نتتزل لقنمتتيم العيهتتة بتتين العبتتد وربتته‪ ،‬ىلتتم تتكل‬
‫ىبادال من صيع وصيا وحج وصدهال‪ ,‬ال ىيهة لاا بأمور الدنيا ونمماا‪ ،‬وإنه وإن‬
‫صلح لقنميم حياع الناس في فقرع من الزمن‪ ،‬في يصلح في فقرع أررى‪.‬‬
‫ولعل مما يدحض تلك االفقرالال ما هاله ذلك المسقشر البريطاني‪ ،‬والفنل ما تادل‬
‫و اا‬ ‫مياح ماامستع ال بيعما‬
‫به األىدال‪" .‬ما أحوج العاال الواوإ ىلاج كاح د ي اّ ت‬

‫مييبي ف جانا من القهوة"‪.‬‬

‫ولقتتد صتتد هتتذا المسقشتتر فتتي كلمقتته هتتذه؛ فتتإن اسستتي يتتنمم العيهتتة بتتين النتتاس‪،‬‬
‫وينتتبطاا ىلتتم أستتس ثابقتتة راستتخة هواماتتا العتتدل‪ ،‬والمستتاواع‪ ،‬والحريتتة‪ ،‬الق تي تنتتمن‬
‫الحق لكل بني البشر ىلم ارقيى أعناسام ومعققداتام‪.‬‬
‫وإ ن أبنالنا الطيب األفاضل هم حملة راية هتذا التدين‪ ،‬وهتم عنتده المكلفتون بالتذود ىتن‬
‫حياضه‪ ،‬وردّ كيد المغرضتين إلتم نحتورهم‪ ،‬وبدراستقام لاتذا الكقتاب يستقطيعون الحكتم‬
‫سياسيا واهقصاديا وأريهيا في كتل القنتايا القتي تطترح وتفنيتد كتل االدىتالال واالنقبتاه‬
‫والحذر من كل ما ينشر من الشائعال‪.‬‬

‫‌ه‬
‫نقر بأنه هد ستبقنا للكقابتة‬
‫ونحن إذ نعد هذا الكقاب‪ ،‬ال ندىي السبق في هذا المنمار‪ ،‬بل ّ‬
‫فيه الك يرون من مشتايخنا وأستاتذتنا األعتيل؛ كالشتي محمتد المبتاره‪ ،‬والتدكقور محمتد‬
‫أبتتي فتتارس‪ ،‬وىبتتد الكتتريم زيتتدان‪ ،‬ومحمتتد ىقلتتة‪ ،‬وآرتترين متتن العلمتتال‪ ،‬القتتدامم متتنام‬
‫المحدثين‪.‬‬
‫ولكتتن كتتل متتنام كقتتب فتتي عانتتب أو أك تتر ‪ ،‬فكتتان هتتذا الكقتتاب التتذي يستتمل معمتتم هتتذه‬
‫ال وانب‪ ،‬أو ىلم األهل المفردال المطلوب تدريساا في هذه المادع‪.‬‬
‫هذا ال اد المقواض التم ال اتود ستابقينا‪ ،‬نأمتل أن نكتون هتد وفقنتا فتي‬ ‫ونحن إذ نني‬
‫محاولقنا األولم هتذه لخدمتة طيبنتا‪ ،‬ولتنن هصترنا فتي تيل‪ ،‬فلنتا أىتذارنا‪ ،‬والكمتال هلل‬
‫وحده‪.‬‬
‫وهلل من و اء القمّ‬

‫غزة في ‪ 17‬شوال ‪1414‬ه‬

‫‪ 29‬ما س ‪ 1994‬إ‬

‫‌و‬
‫المحتويات‬
‫ُمقـدﱢمة ‪........................ ................................ ................................‬ج ‌‬
‫مقدمة الطبعة األولى ‪ ........................................ ................................‬ه ‌‬
‫الفصل التمهيدي ‪‌ 1 ............................................. ................................‬‬
‫أهمية دراسة النظم اإلسالمية ‪‌ 1 .............................. ................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 2 ......................................... ................................‬‬
‫المبحث‌األول‌تعريف‌النظم‌اإلسالمية‌ ‪‌ 3‌..................................................‬‬
‫المبحث‌الثاني‌حاجة‌المجتمعات‌للنظم‌اإلسالمية‌ ‪‌ 6‌.......................................‬‬
‫المبحث‌الثالث‌الخصائص‌العامة‌للنظم‌اإلسالمية‌ ‪‌ 11‌....................................‬‬
‫أوال‪‌:‬الربانية‪11................................................................................................ :‬‬
‫ثانيا‪‌:‬الثبات‌والمرونة‪13................................................................................... :‬‬
‫ثالثا‪‌:‬الشمول‌والتوازن‪15.................................................................................. :‬‬
‫رابعا‪‌:‬العموم‌والعالمية‪17................................................................................. :‬‬
‫خامسا‪‌:‬التكامل‌والترابط‪19............................................................................... :‬‬
‫سادسا‪‌:‬الواقعية‪23............................................................................................ :‬‬
‫سابعا‪‌:‬المثالية‌واألخالق‪27................................................................................:‬‬
‫ثامنا‌‪‌:‬الجزاء‌األخروي‪30................................................................................. :‬‬
‫المبحث‌الرابع‌مصادر‌النظم‌اإلسالمية‌ ‪‌ 34‌...............................................‬‬
‫أوال‪‌:‬القرآن‌الكريم ‪35.........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪‌:‬السنة‌النبوية‌ ‪‌ 37‌.................................... ................................‬‬
‫ثالثا‪‌:‬االجماع ‪38................................................................................................‬‬
‫رابعا‪‌:‬القياس ‪39.................................................................................................‬‬
‫الفصل األول نظام العقيدة ‪‌ 43 ................................ ................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 44 ....................................... ................................‬‬
‫المبحث‌األول‌تعريف‌العقيدة‌وثمرة‌دراستها‌ ‪‌ 45‌.........................................‬‬
‫المبحث‌الثاني‌أركان‌العقيدة‌اإلسالمية‌ ‪‌ 46‌................................................‬‬
‫المبحث‌الثالث‌أثر‌العقيدة‌اإلسالمية‌في‌حياة‌الفرد‌والمجتمع ‪50.............................‬‬
‫الفصل الثاني نظام العبادة ‪‌ 56 ................................ ................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 57 ....................................... ................................‬‬
‫‌ز‬
‫المبحث‌األول‌تعريف‌العبادة‌ ‪‌ 58‌........................... ................................‬‬
‫المبحث‌الثاني‌غاية‌العبادة‌وحكمتها‌ ‪‌ 59‌...................................................‬‬
‫المبحث‌الثالث‌خصائص‌العبادة‌في‌اإلسالم‌ومزاياها‌ ‪‌ 60‌................................‬‬
‫الفصل الثالث نظام األخالق ‪‌ 65 ............................... ................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 66 ....................................... ................................‬‬
‫المبحث‌األول‌تعريف‌األخالق‌ ‪‌ 67‌......................... ................................‬‬
‫مراحل‌توجيه‌الخلق‌في‌النفس‌اإلنسانية‌إيجابا‌أو‌سلبا‪69..................................... :‬‬
‫المبحث‌الثاني‌خصائص‌نظام‌األخالق‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 73‌...................................‬‬
‫أوال‪‌:‬التعميم‌والتفصيل‪73.................................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪‌:‬الشمول‪79................................................................................................ :‬‬
‫ثالثا‪‌:‬األخالق‌ضابطة‌لسلوك‌االنسان‌وتصرفاته‪81............................................. :‬‬
‫رابعا‪‌:‬الثواب‌والعقاب‪82.................................................................................. :‬‬
‫خامسا‪‌:‬تالزم‌األخالق‌مع‌االيمان‌باهلل‪83........................................................... :‬‬
‫المبحث‌الثالث‌عناية‌اإلسالم‌باألخالق‌وأثرها‌على‌النفس‌البشرية‌‪‌ 84‌..................‬‬
‫أثر‌األخالق‌على‌النفس‌البشرية‪87.................................................................... :‬‬
‫أوال‪‌:‬تقييد‌استخدام‌الحق‌ومنع‌التعسف ‪87............................................................‬‬
‫ثانيا‪‌:‬المحافظة‌على‌التكافل‌االجتماعي ‪89............................................................‬‬
‫الفصل الرابع نظام األسرة في اإلسالم ‪‌ 97 ..................................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 98 ....................................... ................................‬‬
‫المبحث‌األول‌تعريف‌األسرة‌ ‪‌ 99‌.......................... ................................‬‬
‫المبحث‌الثاني‌األسس‌التي‌يقوم‌عليها‌نظام‌األسرة‌ ‪‌ 100‌.................................‬‬
‫المبحث‌الثالث‌الزواج‌ ‪‌ 102‌................................ ................................‬‬
‫أوال‌‪‌:‬تعريف‌الزواج‪102................................................................................... :‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬دليل‌مشروعية‌الزواج‪103........................................................................ :‬‬
‫ثالثا‌‪‌:‬حكمة‌مشروعية‌الزواج‪103...................................................................... :‬‬
‫رابعا‪‌:‬حكم‌الزواج‪105..................................................................................... :‬‬
‫خامسا‌‪‌:‬حقوق‌الزوجين‪107............................................................................... :‬‬
‫أقسام‌الحقوق‌الزوجية‪107................................................................................ :‬‬
‫المبحث‌الرابع‌الطالق‌ ‪‌ 114‌................................ ................................‬‬
‫المبحث‌الخامس‌مكانة‌المرأة‌وحقوقها‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 122‌.................................‬‬

‫‌ح‬
‫أوال‌‪‌:‬المرأة‌عند‌غير‌المسلمين‪122.................................................................... :‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬المرأة‌في‌اإلسالم ‪128................................................................................‬‬
‫ثالثا‌‪‌:‬المجاالت‌التي‌فرق‌فيها‌اإلسالم ‪136............................................................‬‬
‫بين‌الرجل‌والمرأة‌و‌مبرارتها ‪136......................................................................‬‬
‫رابعا‌‪‌:‬عمل‌المرأة ‪143.......................................................................................‬‬
‫خامسا‌‪‌:‬المرأة‌واالختالط ‪145..............................................................................‬‬
‫الفصل الخامس النظام االقتصادي ‪‌ 154 .....................................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 155 ..................................... ................................‬‬
‫الفصل‌الخامس‌النظام‌االقتصادي‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 156‌......................................‬‬
‫المبحث‌األول‌األساس‌العقائدي‌للنظام‌االقتصادي‌ ‪‌ 157‌.................................‬‬
‫فائدة‌نسبة‌المال‌إلى‌هللا‌وإلى‌مالكيه‌من‌البشر‪163.............................................. :‬‬
‫المبحث‌الثاني‌المبادئ‌العامة‌للنظام‌االقتصادي‌ ‪‌ 165‌....................................‬‬
‫أوال‪‌:‬حرية‌العمل ‪165.........................................................................................‬‬
‫ثانيا‌‌‪‌:‬الملكية‌الفردية‪169....................................................................................‬‬
‫أدلة‌مشروعية‌الملكية‌الفردية‌في‌اإلسالم‪170..................................................... :‬‬
‫فائدة‌إقرار‌مبدأ‌الملكية‌الفردية‪172.................................................................... :‬‬
‫حماية‌الملكية‪173............................................................................................. :‬‬
‫القيود‌الواردة‌على‌حق‌الملكية‪174.................................................................... :‬‬
‫هل‌يتدخل‌ولي‌األمر‌لتقييد‌حرية‌العمل‌والملكية‌الفردية؟ ‪176...............................‬‬
‫ثالثا‌‪‌:‬اإلرث ‪176.................................................................................................‬‬
‫المبحث‌الثالث‌خصائص‌النظام‌االقتصادي‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 181‌............................‬‬
‫أوال‌‪‌:‬الوسطية‪181............................................................................................ :‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬مراعاة‌فطرة‌اإلنسان‪183......................................................................... :‬‬
‫ثالثا‌‪‌:‬نظام‌االقتصاد‌اإلسالمي‌يراعي‌قواعد‌األخالق‪183.................................... :‬‬
‫رابعا‌‪‌:‬يعمل‌على‌سد‌حاجات‌جميع‌األفراد‪185................................................... :‬‬
‫المبحث‌الرابع‌بيت‌المال‌ ‪‌ 187‌............................. ................................‬‬
‫مقومات‌بيت‌المال ‪188.......................................................................................‬‬
‫أوال‌‪‌:‬دخل‌بيت‌المال‪188.................................................................................. :‬‬
‫األموال‌التي‌تجب‌فيها‌الزكاة ‪190.......................................................................‬‬
‫المورد‌الثاني‌من‌موارد‌بيت‌المال‪‌:‬الجزية‪197.................................................. :‬‬
‫شروط‌أخذ‌الجزية‪197...................................................................................... :‬‬
‫مقدار‌الجزية‪197.............................................................................................. :‬‬
‫‌ط‬
‫المورد‌الثالث‪‌:‬الخراج‪198................................................................................ :‬‬
‫المورد‌الرابع‪‌:‬العشور‪198................................................................................ :‬‬
‫المورد‌الخامس‪‌:‬الغنائم‪199............................................................................... :‬‬
‫المورد‌السادس‪‌:‬الفيء ‪201.................................................................................‬‬
‫المورد‌السابع‪‌:‬ما‌يدخل‌المال‌بيت‌المال‌بغير‌الطرق‌السابقة ‪201..........................‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬نفقات‌بيت‌المال‪202................................................................................. :‬‬
‫الفصل السادس نظام السياسة والحكم ‪‌ 208 ................................................‬‬
‫األهداف والمهارات ‪‌ 209 ..................................... ................................‬‬
‫تمهيد‌ ‪‌ 210‌................................................... ................................‬‬
‫المبحث‌األول‌التعريف‌بالسياسة‌ ‪‌ 212‌.....................................................‬‬
‫مقارنة‌بين‌تعريف‌السياسة‌عند‌المسلمين‌وعند‌غيرهم‪‌ 214‌........................... ‌:‬‬
‫المبحث‌الثاني‌أهم‌قواعد‌النظام‌السياسي‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 216‌...............................‬‬
‫القاعدة‌األولى‌ ‪‌ 218‌......................................... ................................‬‬
‫الحاكمية‌هلل‌ ‪‌ 218‌............................................ ................................‬‬
‫القاعدة‌الثانية‌ ‪‌ 227‌.......................................... ................................‬‬
‫العدل‌والمساواة‌ ‪‌ 227‌....................................... ................................‬‬
‫نظرة‌اإلسالم‌إلى‌الناس‪228.............................................................................. :‬‬
‫موقف‌الكفار‌من‌العدل‌والمساواة‪231................................................................ :‬‬
‫حكم‌إقامة‌العدل‌بين‌الناس‪232.......................................................................... :‬‬
‫العدل‌في‌اإلسالم‌ال‌يتأثر‌بالهوى‪234.................................................................:‬‬
‫فوائد‌العدل‌بين‌الناس‪235................................................................................. :‬‬
‫اهتمام‌اإلسالم‌بإقامة‌العدل‪237.......................................................................... :‬‬
‫من‌مظاهر‌العدل‌في‌اإلسالم‪237....................................................................... :‬‬
‫القاعدة‌الثالثة‌ ‪‌ 239‌.......................................... ................................‬‬
‫الشورى ‪‌ 239‌................................................ ................................‬‬
‫تعريف‌الشورى‪239......................................................................................... :‬‬
‫حكم‌الشورى‌في‌اإلسالم‪241.............................................................................:‬‬
‫مدى‌الزام‌الشورى‌لرئيس‌الدولة‪242................................................................. :‬‬
‫مجاالت‌الشورى‪244........................................................................................ :‬‬
‫كيفية‌الشورى‪244............................................................................................ :‬‬
‫شروط‌اهل‌الشورى‪245................................................................................... :‬‬

‫‌ي‬
‫القاعدة‌الرابعة‌الطاعة‌ ‪‌ 247‌................................ ................................‬‬
‫تعريف‌الطاعة‪247........................................................................................... :‬‬
‫حكم‌الطاعة‪249............................................................................................... :‬‬
‫حدود‌الطاعة‪250..............................................................................................:‬‬
‫سبب‌كون‌الطاعة‌مقيدة‪251.............................................................................. :‬‬
‫المبحث‌الثالث‌الدولة‌في‌اإلسالم‌ ‪‌ 253‌.....................................................‬‬
‫تعريف‌الدولة‪253............................................................................................. :‬‬
‫تعريف‌الدولة‌اإلسالمية‪254.............................................................................. :‬‬
‫أركان‌الدولة‪255.............................................................................................. :‬‬
‫نشأة‌الدولة‌اإلسالمية ‪257...................................................................................‬‬
‫بيعة‌العقبة‌األولى‌سنة‌‪‌12‬من‌بعثة‌‪260......................................................... :‬‬
‫بيعة‌العقبة‌الثانية‪260........................................................................................ :‬‬
‫المبحث‌الرابع‌الرئاسة‌في‌الدولة‌اإلسالمية(الخالفة)‌ ‪‌ 263‌..............................‬‬
‫حكم‌تنصيب‌رئيس‌الدولة‌في‌اإلسالم‪263.......................................................... :‬‬
‫هل‌يجوز‌تنصيب‌أكثر‌من‌خليفة‌على‌المسلمين‪264........................................... :‬‬
‫الشروط‌الذي‌يجب‌توفرها‌في‌رئيس‌الدولة‌اإلسالمية‪265.................................. :‬‬
‫كيفية‌اختيار‌رئيس‌الدولة‌وتنصيبه‪268.............................................................. :‬‬
‫أوال‌‪‌:‬البيعة‪269................................................................................................ :‬‬
‫صفات‌البيعة‪269.............................................................................................. :‬‬
‫هل‌يجب‌أحد‌على‌تولي‌رئاسة‌الدولة؟ ‪270..........................................................‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬االستخالف‌أو‌(‌والية‌العهد)‪272.............................................................. :‬‬
‫شروط‌صحة‌والية‌العهد‪272............................................................................ :‬‬
‫ثالثا‌‪‌:‬التغلب(اغتصاب‌السلطة)‪272.................................................................... :‬‬
‫المبحث‌الخامس‌الوزارة‌في‌الدولة‌اإلسالمية‌ ‪‌ 275‌.......................................‬‬
‫أقسام‌الوزارة‌ ‪‌ 277‌.......................................... ................................‬‬
‫أوال‌‪‌:‬وزارة‌التفويض‌ ‪‌ 278‌................................ ................................‬‬
‫الفرق‌بين‌وزير‌التفويض‌وبين‌رئيس‌الدولة‪278................................................ :‬‬
‫شروط‌وزير‌التفويض‪279................................................................................ :‬‬
‫سبب‌تسميته‌بوزير‌التفويض‪280....................................................................... :‬‬
‫ثانيا‌‪‌:‬وزارة‌التنفيذ‌ ‪‌ 280‌.................................... ................................‬‬
‫شروط‌وزير‌لتنفيذ‪280..................................................................................... :‬‬
‫الفرق‌بين‌وزير‌التفويض‌ووزير‌التنفيذ‪281....................................................... :‬‬

‫‌ك‬
‫قائمة المراجع ‪‌ 288 ........................................... ................................‬‬

‫‌ل‬
‫‌‬
‫‌‬

‫الفصل التمهيدي‬

‫أهمية دراسة النظم اإلسالمية‬

‫وف ع أ بع مباحث‬
‫‪ ‬ال بيث األول‪ :‬تعريف ال ظ اإلسسم‬

‫‪ ‬ال بيث الثاني‪ :‬حاكات ال جي عات ىلج ال ظ اإلسسم‬

‫‪ ‬ال بيث الثالث‪ :‬خمائص ال ظ اإلسسم‬

‫‪ ‬ال بيث الرابع‪ :‬مماد ال ظ اإلسسم‬


‫‌‬

‫األهداف واملهارات‬

‫يرمي هذا الفمح ىلج تيقوق األهّاف وال ها ات اليال ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‪:‬‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظم اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .2‬بيان خصائص النظم اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان مصادر النظم اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .4‬بيان أهمية دراسة النظم اإلسالمية‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات‬


‫‪ .1‬إمكانية التمييز بين النظم اإلسالمية وغيرها من النظم األخرى‪.‬‬
‫‪ .2‬دفع بعض الشبه الواردة على الشريعة اإلسالمية بشكل عام‪.‬‬
‫‪ .3‬إمكانية االستدالل على خصائص النظم اإلسالمية من مصادرها المختلفة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث الأول‬

‫تعريف النظم اإلسالمية‬


‫أوال‪ :‬في اللغ ‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬ال ظ ىحدى صيغ ثالث تُجمع عليها كلمة نظام‪ ،1‬وأصل اشتقاقها من الفعل الثالثي‬
‫ف وك ع وضا األشا اء بعااها ىلاج بعات فاي ت باوق واسايقام ‪،‬‬ ‫ظ َم) بمعنىى أتل َ‬
‫(ن َ‬
‫َ‬
‫ولى ى لم س ىىمي العق ىىد (نظاماااا ألن حبات ىىه من ىىمونة بعن ىىها إل ىىى بع ىىض ف ىىي ترتيى ى‬
‫وتنسيق‪.2‬‬
‫وعلىىى كلىىم‪ ،‬فينىىه طمكىىن إ ىىال كلمىىة (نظاااإ علىىى كىىل مىىا طجمىىع مىىن أشىىيا مادطىىة أو‬
‫الشىىعر‬ ‫وت ىراب ‪ ،‬ميعلىىق علىىى مجمىىو أبيىىا‬ ‫معنويىىة‪ ،‬إ كا تىىم الجمىىع فىىي تنسىىيق وترتي ى‬
‫المترابعة والمتناسقة‪ :‬م ظوم أو نظاما‪ ،‬كما طعلىق علىى مجموعىة القىوانين التىي ط ىت م‬
‫نظاماً‪.‬‬ ‫لها مجتمع من المجتمعا‬
‫ب‪‌ -‬واإلساسم ‪ :‬نسىبة الىى اإلسىىالم‪ ،‬وهاو الاّين الااذس أ ساح بااع ساول ا مي ااّ ‪‬‬
‫(سا َال َ ويىىيتي اسىىتعمالها فىىي الل ىىة علىىى‬
‫للعااال ون‪ ،‬واألصىىل فىىي اشىىتقاقها الفعىىل َ‬
‫عدة معان‪:3‬‬
‫‪ .1‬الخلوص واليجرد تقول‪َ :‬سل َم له الشي ‪ :‬أي خلص له‪ ،‬ولم ينازعه ميه أحد‬
‫‪4‬‬
‫ض﴾‬ ‫‪ .2‬اإلذعان والطاع ‪ :‬ومنه قوله تعالى‪﴿ :‬وَلع أَسَل م ْن َفي الب او َ‬
‫ات َو ْاألَْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫‪ .3‬ال مالي واألمن‪ :‬تقول سالم فالن فالناً‪ :‬إكا تصال ا وأمن بعنهما اآلخر‪.‬‬

‫‪ ‌1‬الصيغتان‌األخريان‌هما‌‪‌:‬أنظمة‌وأناظيم‌‪،‬انظر‌ابن‌منظور‌لسان‌العرب‌‪.4469/6‬‬
‫‪‌2‬ابننن‌منظننور‪‌:‬لسننان‌العننرب‪،‌4469/6،‬الفيننروز‌أبننادي‌‪:‬القنناموس‌المحننيط‪،182/7‬الفيومي‪:‬المصننباح‌‬
‫المنير‌ص‌‪.612‬‬
‫‪‌3‬ابن‌منظور‪‌:‬لسان‌العرب‌‪‌2079/3‬وما‌بعدها‪‌،‬الزمخشري‌‪:‬أساس‌البالغة‌ص‌‪.306‬‬
‫‪‌4‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 83‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .4‬وكل ه ه المعاني تتمثل باإلسالم كدين‪ ،‬فاإلسالم توحيد وإخالص هلل تعالى وإفراد له‬
‫بالعبىىادة‪ ،‬كمىىا أنىىه تسىىليم و اعىىة‪ ،‬وإكعىىان ألوام ىره وتش ىريعاته‪ ،‬وقنىىائه وقىىدره‪ ،‬وهىىو‬
‫أطنا مصال ة مع هللا تعىالى‪ ،‬متمثلىة فىي االلتىزام بمىا أمىر وانتنىاب مىا نهىى‪ ،‬ثمرتهىا‬
‫األمن واال مئنان والرضا والهدى‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬في االصطسح‪:‬‬


‫اصىىعلا العلمىىا البىىاحثون علىىى تسىىمية مجموعىىة الق ىوانين والمبىىاد والتقاليىىد التىىي تقىىوم‬
‫(باااااال ظ أو ال ظااااااإ العااااااإ‬ ‫عليهى ىىا ال يى ىىاة فى ىىي دولى ىىة مى ىىا أو مجتمى ىىع مى ىىن المجتمعى ىىا‬
‫لل جي ع ‪.1‬‬
‫ومىىن هنىىا عرفىىم الىىنظم فىىي االصىىعالب بينهىىا "مااا اصااطل عل ااع ال جي ااع ماان أوضااا‬
‫‪2‬‬
‫لي ظ ما مبود األفراد من عسئق في شيج شؤون ح اته اليزاما ها وخااوعا لهاا"‬
‫أو أنهىىا‪" :‬مج وع ا ماان األحماااإ اصااطل شااع مااا علااج أنهااا واكب ا االحي اراإ واكب ا‬
‫‪3‬‬
‫الي فوذ لي ظ الي اة ال ايرد في مجي ع هذا الاع "‬
‫أمااا ال ا ظ اإلسااسم فيعاارف اصااطسحا بينهىىا‪" :‬القواعااّ وال بااادع ولعااادات اليااي تقااوإ‬
‫علوهااا الي اااة فااي ااح اإلسااسإ‪ .‬عقوااّة وشااريع وخلقااا‪ .‬واليااي تيااّد ل نبااان حرد ا‬
‫نااطع في دافا ال جااالت"‪ 4‬أوهىي‪ " :‬ماا تفواّ مج وعا القواعاّ وال باادع الياي كااء‬
‫ها اإلسسإ لييّيّ ال ااط الباارس فاي الي ااة علاج مبايور األفاراد والج اعاات داخاح‬

‫‪ ‌1‬حسن‌إبراهيم‌حسن‌وعلي‌إبراهيم‌حسن‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪.4‬‬
‫‪‌2‬عمر‌الخطيب‪‌:‬لمحات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.27‬‬
‫‪ ‌3‬محمد‌عبد‌هللا‌العربي‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌‪.9/2‬‬
‫‪ ‌4‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‪.9‬‬
‫‪4‬‬
‫ىطا هااا "‪ 1‬أو هىىي‪ " :‬ال اااها اليااي س ا ها اإلسااسإ لباالوس ال باال وساالوس الج اع ا‬
‫ل بيق أمر ال جي ع "‪.2‬‬ ‫ال بل‬
‫ومىن هنىا طظهىر لنىىا أن الىنظم اإلسىالمية‪ ،‬شىىكل مىن أشىكال الىنظم بونىىه عىام‪ ،‬مىن حيى‬
‫أفى ىراد المجتمىىع الى ى ي مىىن به ىىا أو خنىىع وانق ىىاد‬ ‫إ نهىىا تن ىىب وتىىنظم س ىىلور ومعىىامال‬
‫ألحكامه ى ىىا وقوانينه ى ىىا‪ ،‬ول نه ى ىىا تختل ى ىىظ ع ى ىىن أط ى ىىة نظ ى ىىم أخ ى ىىرى ف ى ىىي مص ى ىىدرها وه ى ىىدفها‬
‫وخصائصها‪ ،‬فمصدر النظم اإلسىالمية هىو هللا رب العىالمين‪ ،‬الى ي ارتنىى لنىا اإلسىالم‬
‫دينىا‪ ،‬ونىزل علينىا تفاصىىيله وأحكامىه فىي كتابىىه العزيىز‪ ،‬وسىنة نييىىه م مىد ﷺ‪ ،‬بينمىا نجىىد‬
‫الىىنقص‬ ‫أن مصىىدر الىىنظم األخىىرى هىىو بنىىي البشىىر أنفسىىهم‪ ،‬بمىىا نيل ىوا عليىىه مىىن صىىفا‬
‫‪.‬‬ ‫والخعي وغير كلم من صفا‬
‫كما أن هدف النظم اإلسالمية يتمثل في ت قيىق مرضىاة هللا عىز ونىل‪ ،‬وكلىم مىن خىالل‬
‫تعييق شريعته وااللتزام بمنهجه‪ ،‬األمر ال ي ينعكس على حياة البشىر مينينىة واسىتق ار ار‬
‫ورخا واستقامة‪.‬‬
‫أمىىا الىىنظم األخىىرى فهىىدفها طختلىىظ بىىاختالف هىىدف واضىىعيها‪ ،‬كمىىا أنىىه طختلىىظ مىىن وقىىم‬
‫والمصالا‪.‬‬ ‫وال اطا‬ ‫اختالف السياسا‬ ‫لوقم‪ ،‬ب س‬
‫مستقل إن شا هللا تعالى‪.‬‬ ‫أما خصائص النظم اإلسالمية فهي ما سنتناوله في مب‬

‫‪ ‌1‬عبد‌الغفار‌عزيز‌وآخرون‪‌:‬أضواء‌على‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪6‬‬
‫‪ ‌2‬محمد‌عبد‌هللا‌العربي‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌‪‌9/2‬‬
‫‪5‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫حاجة المجتمعات للنظم اإلسالمية‬

‫البش ىرية بعييعتهىىا ب انىىة إلىىى نظىىم تنىىب حركىىة أفرادهىىا وتونههىىا‬ ‫المجتمعىىا‬
‫الونهىة السىديدة الرشىيدة‪ ،‬وتنىىمن لهىم االسىتقرار‪ ،‬وترسىم لهىىم العريىق الى ي تت قىق معىىه‬
‫مصال هم‪ ،‬وي دد حقوقهم ووانباتهم ‪.‬‬
‫لوائه‪.‬‬
‫وألن اإلنس ىىان بعييعت ىىه انتم ىىاعي وال طس ىىتعيع أن طع ىىيح وح ىىده ف ىىي مع ىىزل ع ىىن الن ىىا ‪،‬‬
‫ويعقىد‬ ‫ف ياته مرتبعىة بهىم‪ ،‬يتعىاون ويتبىادل معهىم المصىالا والخيى ار ‪ ،‬وينشى العالقىا‬
‫المعامال ‪ ،‬وكل كلم ب انة إلى تنظيم وضب وتونيه‪ ،‬صيانة لهى ا اإلنسىان مىن مىع‬
‫العىىامعين‪ ،‬واعتىىدا المعتىىدين‪ ،‬وحفاظىىا علىىى اسىىتقرار حياتىىه وا مئنانىىه فيهىىا‪ ،‬وقىىد أوضىىا‬
‫ابىىن خلىىدون ه ى ه ال قيقىىة فقىىال‪ ":‬إن االنتمىىا اإلنسىىاني ضىىروري‪ ،‬ويعيىىر ال كمىىا عىىن‬
‫هى ا بقىىولهم‪ :‬اإلنسىىان مىىدني بىىالعبع‪ ،‬ثىىم إن هى ا االنتمىىا إك حصىىل للبشىىر كمىىا قررنىىاه‪،‬‬
‫وتىىم عم ىران العىىالم بهىىم‪ ،‬فىىال بىىد مىىن واز يىىدفع بعنىىهم عىىن بعىىض‪ ،‬لمىىا فىىي ب ىىاعهم‬
‫ال يوانيىىة مىىن العىىدوان والظلىىم‪ ،‬ميكىىون كلىىم ال ىواز واحىىدا مىىنهم‪ ،‬طكىىون لىىه علىىيهم ال لبىىة‬
‫‪1‬‬
‫والسلعان واليد القاهرة‪ ،‬حتى ال طصل أحد إلى غيره بعدوان ‪"...‬‬
‫ول ىن أطىىة نظىىم وضىواب هىىي التىىي طمكىن أن تمنىىع الظلىىم وتمنىع االعتىىدا ‪ ،‬وتعمىىئن لهىىا‬
‫القلىىوب وتقراهىىا العيىىون أهىىي الىىنظم التىىي وضىىعها البشىىر بمىىا نيلىىوا عليىىه مىىن صىىفا‬
‫البشر والظلىم أم هىي الىنظم التىي أحا ىم اإلنسىان بكىل معىاني‬ ‫النقص والخعي ونزعا‬
‫ب رة الشر وال قد والعمع والظلم ‪...‬‬ ‫واليي ‪ ،‬وأنيتم في قلوب النا‬ ‫اليؤ‬

‫‪‌-1‬ابن‌خلدون‌‪‌:‬المقدمة‌ص‌‪‌ 43،‌41‬‬
‫‪6‬‬
‫فىىي ظله ىىا سى ىوا ؛ تىىنظم لهى ىم حي ىىاتهم‬ ‫إن اإلنس ىىان طس ىىعي إلىىى نظ ىىم عادل ىىة طكىىون الن ىىا‬
‫وتنىىب معىىامالتهم‪ ،‬يىىؤدون وانبىىاتهم ن ىىو غيىىرهم‪ ،‬وتنىىمن حقىىوقهم‪ ،‬نظىىم يثقىىون بهىىا‪،‬‬
‫وتفرض عليهم احترامها وتقدطسهم لها ‪.‬‬
‫وإن الىنظم التىىي تنىىمن ت قيىىق كىل هى ه المعىىاني اإلنسىىانية الراإليىة هىىي الىىنظم اإلسىىالمية‬
‫دون سواها ‪ ...‬ول لم كانم حانة البشرية له ه النظم‪.‬‬

‫وهذ بعت الوكو واالعيبا ات اليي تؤدّ ل ا حاك الباري لل ظ اإلسسم ‪:‬‬
‫مااان وضاااع خاااالق الباااار‪ :‬ب ىىل خ ىىالق ال ىىون كل ىىه‪ ،‬هللا رب‬ ‫أوال‪ :‬ىن الااا ظ اإلساااسم‬
‫وأس ىرارها‪ ،‬ومتعلباتهىىا ومصىىال ها ﴿ أ ََال َط ْعَلى ُىم َمى ْىن‬ ‫العىىالمين‪ ،‬ال ى ي طعلىىم بىىائع النفىىو‬
‫يف اْل َخي ُير﴾‪.1‬‬ ‫َّ‬
‫َخَل َق َو ُهَو اللع ُ‬
‫أفال طكىون مىن الخيىر لهىؤال البشىر أن يلتزمىوا بمىا وضىعه لهىم خىالقهم مىن نظىم بىل أال‬

‫طكىىون م ىىن وان ىىيهم شىىكره عل ىىى هى ى ه المنىىة‪ ،‬وكل ىىم الفن ىىل العظىىيم ﴿ َوَلَق ى ْىد َم َّ َّن ى ُ‬
‫ىاك ْم ف ىىي‬
‫يال َما َت ْش ُك ُرو َن ﴾‪.2‬‬
‫يها َم َعاط َح َقل ً‬
‫ْاأل َْرض َو َن َعْلَنا َل ُ ْم ف َ‬
‫فىين كىىان البشىىر فىىي شىىؤونهم المادطىىة ط تىىانون إلىىى صىىانع الشىىي ‪ ،‬ويسىىتجييون ألوام ىره‬
‫وتعليماتىىه‪ ،‬ف ىىانتهم إلىىى خىىالقهم وخىىالق ال ىىون أشىىد‪ ،‬وحىىانتهم إلىىى تعييىىق الىىنظم التىىي‬
‫‪3‬‬
‫وضعها هللا عزونل لهم ألا وأولى‪.‬‬
‫ثان اااا‪ :‬وألنه ىىا الىىنظم الت ىىي طمكىىن أن تن ىىال ثقىىة البش ىىر واحترامهىىا له ىىم‪ ،‬وإطمىىانهم بنزاهته ىىا‬
‫وعدالتها‪ :‬وكلم ينعكس على تعييقهم لها فىي السىر والعلىن‪ ،‬ومىن الجميىع علىى اخىتالف‬
‫منىىازلهم ودرنىىاتهم‪ ،‬عىىن رضىىا وقناعىىة‪ ،‬وه ى ا مىىا تفتقىىر إليىىه نميىىع الىىنظم الوضىىعية التىىي‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌الملك‪‌،‬اآلية‌‪.14،‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌األعراف‪‌،‬اآلية‌‪.10،‬‬
‫‪ ‌3‬انظر‪‌:‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .18‬‬
‫‪7‬‬
‫طشىىم البشىىر فىىي نزاهتهىىا وعىىدالتها‪ ،‬ويفقىىدون الثقىىة بهىىا‪ ،‬فىىال طكىىون تعيىىيقهم لهىىا إال بعصىىا‬
‫طخشى من ضبعهم أو اكتشاف أمرهم عند التجاوز والعصيان‪.‬‬ ‫السلعان‪ ،‬وحي‬
‫ثالثاااا‪ :‬وي تىىال البشىىر للىىنظم اإلسىىالمية ألنهىىا الىىنظم التىىي تملىىم إشىىاعة األمىىن وتعم ىىيم‬
‫الملتزمين بها والمعبقين ألحكامها مينينة معلقة خالية من شوائ‬ ‫العمينينة في نفو‬
‫ك ىىل مع ىىاني ال ارح ىىة والس ىىعادة ف ىىي قل ىىوب الم ىىؤمنين‬ ‫القل ىىق واالض ىىعراب‪ ،1‬مينين ىىة تيى ى‬
‫وب﴾‪.2‬‬ ‫َّ‬
‫ع َمئ ُّن اْلُقُل ُ‬
‫َّللا َت ْ‬
‫َّللا أ ََال ب ْكر َّ‬ ‫ع َمئ ُّن ُقُل ُ‬
‫وا ُه ْم ب ْكر َّ‬ ‫ين َ َمُنوا َوَت ْ‬
‫﴿ال َ‬
‫ه ه العمينينة التي تجعل اإلنسان يرضي بكىل مىا أصىابه‪ ،‬واكىل مىا قسىمه هللا‪ ،‬مينينىة‬
‫ال تستشىعر بكثىرة مىال أو سىلعان‪ ،‬أو بزيىادة ننىىد أو حىر ‪ ،‬وإنمىا تستشىعر عنىد االلتىزام‬
‫ب انة لها‪.‬‬ ‫به ه النظم وتعييقها‪ ،‬ول لم فين النا‬
‫إلى النظم اإلسىالمية ألنهىا تقىظ فىي معالجتهىا لل يىاة البشىرية علىى‬ ‫ابعا‪ :‬وي تال النا‬
‫ف سى ى ‪ :‬بىىىل تجىىىدها تتعام ىىل مىىىع ال ىىنفس‬ ‫ال قىىىوقي المج ىىرد أو علىىىى المادط ىىا‬ ‫الجانى ى‬
‫مىن الشىفامية والرقىة‪ ،‬وتىوق‬ ‫والنمير‪ ،‬فته ب النفس وتعهرهىا‪ ،‬وترتقىي بهىا إلىى درنىا‬
‫اإلنسىان‪ ،‬دافعىا لىه إلىى اإلخىالص والقناعىة‪،‬‬ ‫النمير ليظل حارسا ورقيبا علىى تصىرفا‬
‫كلم ألنها نظم نابعة من عقيدة مستقرة في القلوب‪ ،‬تؤثر في ف ر اإلنسىان وضىميره‪ ،‬فىال‬
‫تجعله طف ر إال في ال ق‪ ،‬وال طنمر إال الخير‪.3‬‬
‫وامعنىىى خىىر فيننىىا ب انىىة إلىىى ه ى ه الىىنظم ألنهىىا نظىىم تينىىي فىىي اإلنسىىان إنسىىانا قيىىل أن‬
‫تينى ىىي على ىىى األرض حنى ىىارة وعم ارنى ىىا‪ ،‬وت يى ىىي القلى ىىوب باإلطمى ىىان قيى ىىل أن تينى ىىي وتقى ىىوي‬
‫األبدان‪.‬‬

‫‪ ‌‌1‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .20‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الرعد‪‌،‬اآلية‌‪‌ 28،‬‬
‫‪ ‌-‌3‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .18‬‬
‫‪8‬‬
‫ولى ى ا‪ ،‬فينن ىىا نج ىىد نصوص ىىا كثيى ىرة م ىىن الق ىىرن والس ىىنة تؤك ىىد عل ىىى م ىىدى االهتم ىىام بسى ىريرة‬
‫اإلنسان أكثىر مىن ظىاهره‪ ،‬واقلبىه أكثىر مىن نسىده‪ ،‬طقىول تعىالى‪ُ ﴿ :‬ق ْىل إ ْن تُ ْخُفىوا َمىا فىي‬
‫َّللاُ ﴾‪.1‬‬
‫ص ُدورُك ْم أ َْو تُْي ُدوهُ َط ْعَل ْم ُه َّ‬
‫ُ‬
‫َّللاُ َط ْعَل ُم َما تُس ُّرو َن َو َما تُ ْعلُنىو َن ﴾ ‪ 2‬ويقىول عىز ونىل ‪َ ﴿:‬و َّ‬
‫َّللاُ َط ْعَل ُىم‬ ‫ويقول سب انه ‪َ ﴿ :‬و َّ‬
‫‪3‬‬
‫َع ُىين َو َمىا تُ ْخفىي‬‫يمىا ﴾ ويقىول تعىالى‪َ ﴿:‬ط ْعَل ُىم َخائَنى َة ْاأل ْ‬
‫يمىا َحل ً‬
‫َّللاُ َعل ً‬ ‫ىان َّ‬
‫َما فىي ُقُلىوا ُك ْم َوَك َ‬
‫ور﴾‪ ،4‬كمىا طقىول ‪ " : ‬إن هللا ال ينظىر إلىى صىوركم وال إلىى أمىوال م ول ىن ينظىر‬
‫الص ُىد ُ‬
‫ُّ‬
‫إلىىى قلىىواكم وأعمىىال م"‪ ،5‬كمىىا نىىا عنىىه ‪" ‬اإلثىىم ماحىىار فىىي الصىىدر‪ ،‬وكرهىىم أن طعلىىع‬
‫وأفتور"‪.6‬‬ ‫عليه النا ‪ ،‬فاستفم قلبم وإن أفتار النا‬
‫التي تدل على أن هى ه الىنظم تقىوم فىي أساسىها علىى معالجىة القلىوب‬ ‫واألحادي‬ ‫واآلطا‬
‫وتقىىويم السىرائر وتصى ي ها كثيىرة‪ ،‬وان نظمىىا هى ا شىىينها لجىديرة بالبقىىا والخلىىود‬ ‫والنفىو‬
‫إلىىى االلت ىزام بهىىا واالنن ىوا ت ىىم لوائهىىا‪ ،‬ويكون ىوا فىىي أمىىس‬ ‫ولجىىديرة بىىين طسىىار النىىا‬
‫ال انة لها‪.7‬‬
‫خامباااا‪ :‬ألنهىىا الىىنظم التىىي أثي ىىم الواقىىع وشىىهد التىىاريا بصىىالحيتها للتعيي ىىق فىىي حي ىىاة‬
‫البشر‪ ،‬وصالب أمرهم بهىا‪ ،‬وانسىجامها مىع بىائعهم وفعىرتهم‪ ،‬وكلىم علىى مىر العصىور‬
‫َوَ َمُنىوا ب َمىا‬ ‫الصىال َ ا‬
‫ين َ َمُنىوا َو َعمُلىوا َّ‬ ‫َّ‬
‫التي حكمم فيها هى ه الىنظم قىال‪ .‬تعىالى‪َ ﴿ .‬والى َ‬
‫َصَل َا َباَل ُه ْم﴾‪.8‬‬ ‫َّ‬
‫ُنزَل َعَلى ُم َ َّمد َو ُهَو اْل َ ُّق م ْن َراه ْم َكفَر َع ْن ُه ْم َسيَئاته ْم َوأ ْ‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬من‌اآلية‌‪.29،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌النحل‪‌،‬اآلية‌‪.19‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌األحزاب‪‌،‬من‌اآلية‌‪.51،‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌غافر‪‌،‬اآلية‌‪.19‌،‬‬
‫‪‌-‌5‬صحيح‌مسلم‪‌،1987‌/‌4‌،‬ح‌‪‌،2564‬وأحمد‌في‌مسنده‌‪‌285/‌2‬‬
‫‪‌-‌6‬مسلم‌‪‌،1980‌/‌4،‬ح‌‪‌2553‬‬
‫‪ ‌-‌7‬انظر‪‌:‬محمد‌أبا‌زهرة‪‌:‬التكافل‌االجتماعي‌في‌اإلسالم‪‌،‬ص‌‪‌(‌18061‬بتصرف‌)‌‪،‬محمود‌كريت‌‬
‫‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌اإلسالمية‌‪‌،‬ص‌‪19‌،‌18‬‬
‫‪‌-‌‌8‬سورة‌محمد‪‌،‬اآلية‌‪‌2،‬‬
‫‪9‬‬
‫زائفىىة‪،‬‬ ‫فلسىىفا‬ ‫وهىي الىىنظم ال فيلىىة بىىين تخىىرل البشىرية مىىن حيرتهىىا وتخبعهىىا فىىي ظلمىىا‬
‫ونظىىم خادعىىة‪ ،‬أثيىىم الواقىىع عجزهىىا وقصىىورها‪ ،‬إضىىافة إلىىى نورهىىا وفسىىادها ومناقنىىتها‬
‫للفعرة السليمة المستقيمة‪.1‬‬
‫البشر في غاطة واحدة هي إرضا هللا كما‬ ‫سادسا‪ :‬ألنها النظم التي حصر كل غاطا‬
‫فىىي هىىدف واحىىد‪ ،‬هىىو ت قيىىق العيودطىىة لىىه – سىىب انه تعىىالي‪.‬‬ ‫حصىىر كىىل أهىىداف النىىا‬
‫والت ىىرر مىىن ةبىىادة مىىا س ىواه‪ ،‬وال ي ىريا الىىنفس البش ىرية شىىي كمىىا يري هىىا وحىىدة الهىىدف‬
‫وال اطىة‪ ،‬وشىتان بىين إنسىان طخنىع لهىدف واحىد وإرادة واحىدة‪ ،‬واىين إنسىان طخنىع لعىىدة‬
‫أهداف ومجموعة إرادا ‪. !! 2‬‬

‫َّللاُ َم ى َث ًال َر ُنى ًىال ميىىه ُشى َىرَكا ُ‬


‫ضى َىر َب َّ‬ ‫طقىىول الشىىهيد سىىيد قع ى فىىي تفسىىيره لقولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬‬
‫‪3‬‬
‫َكثَ ُرُه ْم َال َط ْعَل ُمو َن ﴾‬‫ُم َت َشاك ُسو َن َوَر ُن ًال َسَل ًما لَر ُنل َه ْل َط ْس َتوَيان َمثَ ًال اْل َ ْم ُد َّّلِل َب ْل أ ْ‬
‫طقىىول‪ " :‬طن ىىرب هللا المثىىل للعي ىىد الموحىىد والعي ىىد المشىىرر‪ ،‬بعي ىىد طمل ىىه ش ىىركا طخاص ىىم‬
‫بعنهم بعنىا‪ ،‬وهىو بيىنهم مىوز ‪ ،‬ول ىل مىنهم ميىه تونيىه وت ليىف‪ ،‬وهىو بيىنهم حىائر‪ ،‬ال‬
‫طملم أن يرضىي أهىوائهم المتعارضىة التىي تمىز اتجاهاتىه وقىواه ‪ ......‬وعيىد طمل ىه سىيد‬
‫واحد‪ ،‬وهو طعلىم مىا طعلبىه منىه ويكلفىه بىه‪ ،‬فهىو مسىتريا مسىتقر‪ ،‬إنهمىا إكن ال طسىتويان‪،‬‬
‫فال ي طخنىع لسىيد واحىد يىنعم ب ارحىة االسىتقامة‪ ،‬وتجمىع العاقىة‪ ،‬ووحىدة االتجىاه‪ ،‬والى ي‬
‫طخنىىع لسىىادة متشاكسىىين مع ى ب مقلقىىل‪ ،‬ال طسىىتقر علىىى حىىال‪ ،‬وال يرضىىي واحىىدا مىىنهم‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫فنال عن أن يرضي الجميع "‬
‫ه ى ا هىىو مثىىل مىىن طخنىىع للىىنظم اإلسىىالمية ويىىؤمن بهىىا‪ ،‬ومثىىل مىىن طخنىىع لس ىواها مىىن‬
‫النظم األخرى‪.‬‬

‫‪‌-‌‌1‬انظر‪‌:‬محمد‌العربي‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌(‌10‬بتصرف‌)‌‪‌ .‬‬
‫‪ ‌-‌2‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌العربية‪‌،‬ص‌‪‌10‌،‬‬
‫‪‌-‌‌3‬سورة‌الزمر‪‌،‬اآلية‌‪‌29‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سيد‌قطب‪‌:‬في‌ظالل‌القرآن‪‌ ‌138‌‌/‌7‌،‬‬
‫‪10‬‬
‫للىنظم اإلسىالمية ألنهىا الىنظم التىي تتميىز بخصىائص تجعىل‬ ‫ساابعا‪ :‬وت تىال المجتمعىا‬
‫و األرقى‪.‬‬ ‫منها النظم األوفق واألولى‪ ،‬واألسمى واألعلى‪ ،‬واألون‬
‫التالي ‪:‬‬ ‫ونتناول ال الم عن ه ه الخصائص في المب‬

‫المبحث الثالث‬

‫الخصائص العامة للنظم الإسلامية‬

‫للىىنظم اإلسىىالمية خصىىائص تميزهىىا عىىن غيرهىىا مىىن الىىنظم‪ ،‬وتجعىىل منهىىا نمعىىا تش ىريعيا‬
‫وقانونيا فريدا ال تجاريها وال تدانيها ميه أطة نظم أخرى‪.‬‬
‫وهى ه الخصىىائص ت شىىظ لنىىا بجىىال عىىن سىىمو هى ه الىىنظم وأهميتهىىا‪ ،‬وشىىمولها وكمالهىىا‪،‬‬
‫في كل زمان ومكان‪.‬‬ ‫وصالحها للنا‬
‫وتي ثح هذ الخمائص ف ا يلي‪:‬‬
‫‪ – 3‬الشمول والتوازن‬ ‫والمرونة‬ ‫‪ – 2‬الثبا‬ ‫‪ – 1‬الراانية‬
‫‪ – 6‬الواقعية‬ ‫‪ -5‬الت افل والتراب‬ ‫‪ – 4‬العموم والعالمية‬
‫‪ – 8‬الج از األخروي‬ ‫‪ – 7‬المثالية واألخال‬

‫من هذ الخمائص‪.‬‬ ‫وهذا شرح موكز لكح خاص‬

‫أولا‪ :‬الربانية‪:‬‬
‫مصىىدرها ومىىن‬ ‫أول مىىا تمتىىاز بىىه الىىنظم اإلسىىالمية مىىن خصىىائص أنهىىا راانيىىة مىىن حيى‬
‫غايتها‪.‬‬ ‫حي‬
‫ومع ااج دونهااا بان ا ال مااّ هااو‪ :‬أن أصىىول أحكامهىىا وأسىىس تشىريعاتها مىىيخوكة مىىن‬
‫كتىىاب هللا عىىز ونىىل ال ى ي أنزلىىه علىىى رسىىوله ‪ ‬ال ى ي ال ينعىىق عىىن الهىىوى إن هىىو إال‬

‫‪11‬‬
‫وحىىي يىىوحي‪ ،‬وكلىىم بخىىالف األنظمىىة البشىرية األخىىرى التىىي هىىي مىىن وضىىع البشىىر الى ين‬
‫يتصفون بالقصور والعجز وي كمهم الهوى والمزال‪.‬‬
‫ومع ااج دونهااا بان ا الغاما هااو‪ :‬أن هىىدف هى ه الىىنظم األول واألسىىمى هىىو راى النىىا‬
‫براهم‪ .‬سب انه وتعالى‪ .‬في كل تصرف وفىي كىل فعىل طصىدر عىنهم بىل فىي كىل ف ىرة أو‬
‫خا رة تراودهم‪ ،‬وأن طكون كل كلم من أنل هللا و معا في رضاه "‪.1‬‬
‫وال ىىنظم اإلس ىىالمية بهى ى ه الخاص ىىية تعل ىىو وترتق ىىي عل ىىى ك ىىل نظ ىىم األرض الت ىىي ابت ىىدعها‬
‫البشىر‪ ،‬وال تتىىرر مجىاال حتىىى للمقارنىىة بينهىا إال مىىن بىاب بيىىان تىىيلق وسىمو نظىىم اإلسىىالم‬
‫وعدالتها‪ ،‬وعجز وان عاط النظم األرضية واعونانها‪.‬‬
‫كما أنه ينيثق عن ه ه الخاصية نملة من النتائج واآلثار المهمة ن كر منها‪:‬‬
‫بسىىي‬ ‫‪ .1‬خلااو هااذ ال ا ظ ماان معاااني ال ا قص والجهااح والهااور والظل ا ‪ :‬وكلىىم لسىىي‬
‫الصىىانع تظهىىر ميمىىا طصىىنعه‪ ،‬ولمىىا كىىان هللا عىىز ونىىل لىىه‬ ‫واضىىا‪ ،‬هىىو أن صىىفا‬
‫ال مال المعلىق فىي كاتىه وصىفاته وأفعالىه‪ ،‬فىين أثىر هى ا ال مىال طظهىر ميمىا طشىرعه‬
‫من أحكام ومناهج‪.2‬‬
‫هذ ال ظ واليبل بماي ماا كااء فوهاا وصاسحويها‪ :‬كلىم ألنهىا مىن عنىد‬ ‫‪ .2‬الثق‬
‫هللا –ع ىىز ون ىىل‪ .‬الى ى ي خل ىىق البش ىىر ويعل ىىم م ىىا طص ىىل هم وم ىىا ي ىىنفعهم ف ىىي دني ىىاهم‬
‫وأخراهم‪ ،‬األمر ال ي يدفعهم إلى االلتزام بها عن مينينة وقناعة تامة‪.‬‬
‫‪ .3‬أنها تي يع بقّ دبور من الهوب واليقّمس والي واالحيراإ في نفوس ال اؤم ون‪:‬‬
‫مقدسىىة متعاليىىة ليسىىم‬ ‫ألنهىىم يىىدركون أن الجهىىة التىىي وضىىعم هى ه الىىنظم هىىي كا‬
‫من صنظ المخلوقا ‪ ،‬لها القدرة المعلقة على مراإلبة االلتزام البشر به ه النظم في‬

‫‪‌-‌1‬انظننر‪‌:‬القرضنناوي‪‌:‬شننريعة‌اإلسننالم‪‌،‬ص‌‪‌، 18‬عبنند‌الغفننار‌عزيننز‪‌:‬أضننواء‌علننى‌النننظم‌والثقافننة‌‬
‫اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌، 83‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌.26‬‬
‫‪‌-‌‌2‬عبد‌الكريم‌زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌.45‬‬
‫‪12‬‬
‫كىىل أحىوالهم ومختلىىظ أوقىىاتهم‪ ،‬ومىىن هنىىا تجىىد انىىدفا المىىؤمنين لاللتىزام بهى ه الىىنظم‬
‫اندفاعا كاتيا‪ ،‬ال خشية من حاكم أو سلعان‪.1‬‬
‫‪ .4‬أنهااا تااّفع ال ااؤم ون ىلااج ال بااا ع فااي اليوب ا واستشىىعار النىىدم عنىىد اقت ىراف مىىا‬
‫طخالظ أحكامها‪ ،‬أو تجاوز حدودها‪ ،‬حتى لو اقترف معصيته س ار دون أن يراه أحىد‬
‫وه ا أمر ال تجده في أطة نظم أخرى‪.2‬‬
‫‪ .5‬أن الج ع في د ف هذ الا ظ ساواء‪ :‬فىال فىر بىين حىاكم وم كىوم‪ ،‬وال بىين قىوي‬
‫وضىىعيف‪ ،‬أو غنىىي وفقيىىر‪ ،‬أو أسىىود وأحمىىر‪ ،‬ميزانهىىا الثابىىم وشىىعارها الخالىىد﴿ إ َّن‬
‫ىاك ْم﴾‪ 3‬ومىا كىل كلىم إال ألنهىا نظىم وضىعها هللا سىب انه وتعىالى‪،‬‬ ‫َّللا أ َْتَق ُ‬
‫َكَرَم ُ ْم ع ْن َد َّ‬
‫أْ‬
‫ظلى ُىم‬ ‫ال ىىق العىىدل الى ي ال طظلىىم مثقىىال كرة فىىي األرض وال فىىي السىىما ﴿ إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َال َط ْ‬
‫ظل ُمو َن ﴾‪.4‬‬ ‫النا َ َش ْيًئا َوَل َّن َّ‬
‫النا َ أ َْنُف َس ُه ْم َط ْ‬ ‫َّ‬
‫‪ .6‬ك ااا أنااع م ماان القااول با ن خمااائص الا ظ اإلسااسم اليااي نياان بمااّد اليااّيث‬
‫ع ها هاي بباا ة عان نياائا ميولاّة عان خاصا الربان ا وميفرعا ع هاا‪ :‬ولى لم‬
‫فينه طمكن تسمية خاصية الراانية (أإ الخمائص)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الثبات والمرونة‪:‬‬


‫أمىىا ثباتهىىا فىىعن قواعىىدها ومبادئهىىا وغاطاتهىىا ومقاصىىدها موضىىوعة لتىىنظم شىىؤون المجتمىىع‬

‫علىىى سىىييل الىىدوام‪ ،‬دون أن طعتريهىىا ت ييىىر أو تيىىديل‪ ،‬طقىىول تعىىالى‪َ ﴿ :‬فىيَق ْم َو ْن َهى َ‬
‫ىم للىىدين‬

‫‪ ‌-‌1‬عبد‌الكريم‌زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌،47‬القرضاوي‪‌:‬شريعة‌اإلسالم‪‌،‬ص‌‪‌،19‬عفينف‌طبنارة‪‌:‬‬
‫روح‌الدين‌اإلسالمي‪‌،‬ص‌‪‌، 292‬على‌جريشة‪‌:‬أصول‌الشريعة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪.83‬‬
‫‪‌-‌2‬القرضاوي‪‌:‬مدخل‌لدراسة‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ ‌90‬‬
‫‪‌-‌‌3‬سورة‌الحجرات‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌13‌،‬‬
‫‪‌-‌‌4‬سورة‌يونس‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌44،‬‬
‫‪13‬‬
‫ين اْل َقىىي ُم َوَل ى َّىن أَ ْكثَى َىر‬
‫ىم الىىد ُ‬
‫َّللا َكلى َ‬
‫يل ل َخْلىىق َّ‬
‫النىىا َ َعَل ْي َهىىا َال َت ْيىىد َ‬ ‫َّللا َّالتىىي َف َ‬
‫عى َىر َّ‬ ‫عى َىرَة َّ‬
‫َحن ًيفىىا ف ْ‬
‫النا َال َط ْعَل ُمو َن﴾‪.1‬‬ ‫َّ‬
‫فىىي قواعىىدها وتصىىورها ال لىىي‪ ،‬طقتنىىي أن تتصىىظ بصىىفة‬ ‫وه ى ه الدطمومىىة وه ى ا الثبىىا‬
‫الجماع ىىة كله ىىا‪ ،‬مهم ىىا ىىال الزم ىىان وتعاقي ىىم‬ ‫تلي ىىي حان ىىا‬ ‫(المرون ىىة والس ىىعة) ب يى ى‬
‫والمرونىىة صىىفة أصىىيلة فىىي الىىنظم اإلسىىالمية‬ ‫األنيىىال‪ ، 2‬ومىىن هنىىا كانىىم صىىفة الثبىىا‬
‫تفتقدها النظم األخرى ‪.‬‬
‫الثبات وال رون ‪:‬‬ ‫أه‬
‫طنمن االستقامة علىى العريىق وعىدم ال يىدة عنهىا‪ ،‬وعىدم التخىب والتيىه‬ ‫‪ – 1‬إن الثبا‬
‫المفانئىىة والج ريىىة لعنظمىىة التىىي‬ ‫التىىي تعىىيح رهينىىة الت ي ى ار‬ ‫ال ى ي طىىالزم المجتمعىىا‬
‫ت كمها‪.‬‬
‫والظىىروف المت ي ىرة‬ ‫أمىىا المرونىىة فتنىىمن م ارعىىاة المصىىالا المختلفىىة للبشىىر فىىي الييئىىا‬
‫المنتشرة‪.‬‬ ‫واألعراف والعادا‬
‫االسىتقرار واال مئنىان‬ ‫حى‬ ‫البشىر مىن حيى‬ ‫يلي رغبىة كامنىة فىي نفىو‬ ‫‪ – 2‬إن الثبا‬
‫علىىى المسىىتقيل‪ ،‬وعىىدم القلىىق واالضىىعراب ن ى ار ت يىىر ال كىىام وال كومىىا ‪ ،‬فىىالمنهج فىىي‬
‫اإلسالم هو المنهج‪ ،‬والقواعد هي القواعد‪ ،‬واألهداف هي األهداف‪.3‬‬
‫‪ – 3‬إنهىىا بهى ه الخاصىىية تنسىىجم مىىع خصىىائص ال ىىون والخلىىق كلىىه بمىىا ميىىه مىىن حقىىائق‬
‫طظهىىر كلىىم فىىي كىىل‬ ‫ثابتىىة دائمىىة‪ ،‬وأخىىرى تتجلىىى فيهىىا ال ركىىة والمرونىىة والت ييىىر‪ ،‬ب يى‬
‫وال رك ىىة؛ فالش ىىمس والقم ىىر والنج ىىوم‬ ‫مش ىىهد م ىىن مش ىىاهد ال ىىون‪ ،‬الى ى ي ت ىىرى مي ىىه الثب ىىا‬

‫‪‌-‌‌1‬سورة‌الروم‪‌،‬اآلية‌‪‌30‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬عبد‌القادر‌عودة‪‌:‬التشريع‌الجنائي‌ص‌‪‌.6‬‬
‫‪ ‌-‌3‬علي‌جريشة‪‌:‬أصول‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌،84‬القرضاوي‪‌:‬شريعة‌اإلسالم‌ص‪‌.22‬‬
‫‪14‬‬
‫مظىىاهر ثابتىىة فىىي ه ى ا ال ىىون‪ ،‬ول نهىىا تت ىىرر ضىىمن إ ىىار ثابىىم ال تنىىل ريقهىىا‪ ،‬وال‬
‫تت ير مسيرتها !!‪.‬‬
‫‪ – 4‬ثىىم إن إليمىىة وأهميىىة هى ه الخاصىىية تظهىىر لنىىا فىىي أنهىىا تنىىع مي ازنىىا ثابتىىا يرنىىع إليىىه‬
‫اإلنسان في كل ما طعرض له من مشاعر وأف ار وتصو ار ‪ ،‬وكل ما طجد في حياته من‬
‫‪ ...‬فيزنها به ا الميىزان الثابىم‪ ،‬ليتعىرف علىى قراهىا أو بعىدها‬ ‫حوادث وسلور وتصرفا‬
‫عن ال ق والصواب ‪.1‬‬
‫وعلى كلم‪ ،‬فينم ترى أن النظم اإلسالمية ثابتة في مرونتها‪ ،‬مرنة في ثباتها !!‬
‫فمرونتها ليسم معلقة‪ ،‬بل مقيدة في إ ار م دود‪ ،‬وترت ز إلى م اور ثابتة ‪...‬‬
‫طسما بمساحة مىن‬ ‫وثباتها ليس نمودا وال ت ج ار أو تععيال للعقل البشري‪ ،‬بل هو ثبا‬
‫ال ركة والمرونة في الفرو والوسائل‪ ،‬ال طخشى معها تفلم أو تيه أو تخب ‪ ،‬وال قلىق أو‬
‫اضعراب‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشمول والتوازن‪:‬‬


‫ال ي ىىاة كله ىىا؛ العقي ىىدة واألخ ىىال‬ ‫ونقص ىىد بش ىىمول هى ى ه ال ىىنظم‪ :‬أنه ىىا نظ ىىم تع ىىالج نوانى ى‬
‫حياة البشر‬ ‫والسياسة وال كم ‪ ...‬وغير كلم من نوان‬ ‫والمعامال‬ ‫والعبادا‬
‫الشمول ال ي يراعي مراحل حياة الفرد كلهىا؛ فىال وصىييا‪ ،‬شىابا وشىيخا‪ ،‬والشىمول الى ي‬
‫طمتد لمعالجة شؤون الدنيا واآلخرة‪ ،‬وشؤون الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫إنهىىا الشىىمولية المعلقىىة التىىي أحا ىىم باإلنسىىان كلىىه مىىن شىىعر أرسىىه إلىىى أخمىىص قدميىىه‪،‬‬
‫ص ْىيَناهُ فىي‬
‫ولم تترر شىاردة وال واردة إال أحصىتها ونظمتهىا طقىول تعىالى‪ُ َ﴿ :‬ك َّىل َش ْىي أ ْح َ‬

‫‪ ‌-‌1‬سيد‌قطب‪‌:‬خصائص‌التصور‌اإلسالمي‌‪‌/‬ص‌‪‌ ‌.76‬‬
‫‪15‬‬
‫ىاب ت ْيَي ًانىىا ل ُ ىىل َشىىي ﴾‪ ،2‬ويقىىول عىىز‬
‫َ‬ ‫ىم اْل َتى‬
‫َ‬ ‫إ َمىىام ُميىىين﴾‪ ، 1‬ويقىىول سىىب انه‪َ ﴿ :‬وَن َّ ْزلَنىىا َعَل ْيى‬
‫ْ‬
‫شينه ‪َ ﴿ :‬ما َف َّر ْ َنا في اْل َتاب م ْن َشي ﴾‪.3‬‬
‫ْ‬
‫ف ىل هى ه الشىواهد تىىدل علىىى أن هى ا الىىدين قىد أحىىاط بكىىل نانى مىىن نوانى ال يىىاة‪ ،‬مىىا‬
‫علمناه وما لم نعلمه‪ .4‬وقد شهد ب لم بعض يهود في عصر النيي صلى هللا عليه وسىلم‬
‫‪5‬‬
‫فقالوا‪ " :‬قد علمكم نييكم كل شي حتى الخ ار ة "‬
‫إنهىىا الشىىمولية التىىي ال ت ىىون إال ممىىن لىىه علىىم بيس ىرار ه ى ا ال ىىون الواسىىع وخفاطىىاه‪ ،‬إنهىىا‬
‫الشمولية التي ال ت ون إال من هللا رب العالمين‪.‬‬
‫علىى‬ ‫ومن الواضا أن شمولية ه ه النظم شمولية متوازنة متناسقة‪ ،‬ال طع ى فيها نانى‬
‫هى ا ال ىون فىي تىوازن و اعتىدال‪ ،‬بىال زيىغ أو ميىل‪ ،‬وال‬ ‫نان ! بل هي تنظم كل نوانى‬
‫إفراط أو تفري ‪:‬‬
‫‪ -‬توازن بين حياة األفراد وحياة المجتمع‪.6.‬‬
‫الجسد‪.‬‬ ‫الروب ورغبا‬ ‫‪ -‬توازن بين متعلبا‬
‫‪ -‬توازن بين الواقعية والمثالية‪.‬‬
‫َّللاُ ال َّىد َار ْ َ‬ ‫ن‬
‫اآلخى َىرَة َوَال‬ ‫ىار َّ‬ ‫تىواز بىىين االهتمىام بشىىؤون الىدنيا وشىىؤون اآلخىرة ﴿ َو ْاب َتىىغ م َ‬
‫يمىا َ َتى َ‬
‫‪7‬‬
‫َت ْن َس َنص َيب َم م َن ُّ‬
‫الد ْنَيا﴾‬
‫ع َها ُكى َّىل‬
‫ىم َوَال َت ْب ُسى ْ‬ ‫‪ -‬تىوازن بىىين اإلسىراف والتقتيىر‪َ ﴿ ،‬وَال َت ْج َعى ْىل َيى َىد َ‬
‫ر َم ْ ُلوَلى ًة إَلىى ُعُنقى َ‬
‫‪1‬‬
‫ور﴾‬
‫وما َم ْ ُس ًا‬
‫اْلَب ْس َف َتْق ُع َد َمُل ً‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌يس‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌12‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‌‪89،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌األنعام‪‌،‬من‌اآلية‌‪38،‬‬
‫‪‌4‬على‌جريشة‪‌:‬أصول‌الشريعة‌اإلسالمية‌‪‌/‬ص‌‪‌، 84‬القرضناوي‪‌:‬الخصنائص‌العامنة‌لمسنالم‌‌‌ص‌‬
‫‪‌، 104‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪32‌،‬‬
‫‪‌-‌5‬أخرجه‌مسلم‌في‌صحيحه‌‪‌،223‌/‌1‬ح‪‌57‌،‬‬
‫‪‌-‌6‬القرضاوي‪‌:‬خصائص‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ ‌.20‬‬
‫‪‌-‌7‬سورة‌القصص‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌‌77،‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ -‬تىوازن بىىين حقىىو هللا وحقىىو الىىنفس‪ ،‬طقىىول ‪ " ‬أمىىا وهللا إنىىي ألخشىىاكم هلل وأتقىىاكم‬
‫عىىن سىىنتي‬ ‫لىىه‪ ،‬ول نىىي أصىىوم وأفعىىر‪ ،‬وأصىىلي وأرقىىد‪ ،‬وأتىىزول النسىىا ‪ ،‬فمىىن رغ ى‬
‫‪2‬‬
‫فليس مني"‬
‫ال تتنىىاقض وال تتعىىارض‪ ،‬بىىل تتىىراب‬ ‫ب يى‬ ‫‪ -‬إنىىه ت ىوازن وت ىواز فىىي كىىل المتقىىابال‬
‫وتتعاض ىىد‪ ،‬فت ق ىىق ه ىىدفا مش ىىتركا‪ ،‬وتلتق ىىي عل ىىى غاط ىىة واح ىىدة‪ ،‬وتنس ىىجم م ىىع فع ىىرة‬
‫اإلنسان التي فعر عليها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬العموم والعالمية‪:‬‬


‫مىىن أهىىم مىىا تتص ىظ بىىه الىىنظم اإلسىىالمية أنهىىا ال تخىىتص بقىىوم دون قىىوم‪ ،‬أو بجيىىل دون‬
‫صىب ة عالميىة ال ط ىدها أو طقيىدها‬ ‫نيل‪ ،‬أو ننس أو بقىة أو إقلىيم‪ ،‬بىل هىي نظىم كا‬
‫شىىي مىىن كلىىم‪ ،‬وإنمىىا هىىي نظىىم وضىعم لت ىىون للعىىالمين دسىىتو ار ومنهجىىا وأسىىلوب حيىىاة‬
‫َال‬ ‫َكثَ ى َىر َّ‬
‫الن ىىا‬ ‫ير َوَل ى َّىن أ ْ‬ ‫ار إ َّال َك َّافى ى ًة ل َّلن ىىا َبش ى ًا‬
‫ىير َوَنى ى ًا‬ ‫طق ىىول هللا‪ .‬تع ىىالى‪َ ﴿ :‬و َم ىىا أ َْرَسى ىْلَن َ‬
‫طعَلمو َن﴾‪ ،3‬ويقول‪َ ﴿:‬تبار َّ‬
‫ر ال ي َن َّزَل اْلُف ْرَق َ‬
‫‪4‬‬
‫ير ﴾‬
‫ين َن ًا‬ ‫ان َعَلى َع ْيده لَي ُ و َن لْل َعاَلم َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫نميعىىا نظىرة إخىىا ومسىىاواة‪ ،‬وتؤكىىد وحىىدة األصىىل ميمىىا‬ ‫إن هى ه الىىنظم تنظىىر إلىىى النىىا‬
‫النا ُ اتَُّقوا َرَّا ُ ُم َّال ي َخَلَق ُ ْم‬ ‫بينهم‪ ،‬وصلة القرب والتراحم لديهم‪ ،‬طقول تعالى‪َ ﴿ :‬طا أَُّي َها َّ‬
‫َّللا َّالى ى ي‬ ‫َّ‬
‫ىر َون َس ىىا ً َواتُقى ىوا َّ َ‬ ‫ىق م ْن َه ىىا َزْو َن َه ىىا َوَاى ى َّ م ْن ُه َم ىىا رَن ى ً‬
‫ىاال َكثي ى ًا‬ ‫م ى ْىن َنْف ىىس َواح ى َىدة َو َخَل ى َ‬
‫‪5‬‬
‫ان َعَل ْي ُ ْم َرق ًيبا ﴾‬ ‫ام إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َك َ‬ ‫ن‬
‫َت َسا َ ُلو َ به َو ْاأل َْرَح َ‬
‫بين النا ‪ ،‬وضرورة التعارف بينهم‪ ،‬وأنهم‬ ‫على تو يد العالقا‬ ‫فهي نظم تشجع وت‬
‫ف ىىي كنفه ىىا نميع ىىا سى ىوا ‪ ،‬ال فن ىىل لعرا ىىي عل ىىى أعجم ىىي وال ألعجم ىىي عل ىىى عرا ىىي إال‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌اإلسراء‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌29‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬صحيح‌البخاري‌‪‌ ‌2‌،‌/‌7‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌سبأ‪‌،‬اآلية‌‪‌28‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌الفرقان‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌1‌،‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‪‌ 1‌،‬‬
‫‪17‬‬
‫ىارُفوا إ َّن‬
‫واا َوَإلَبائ َىل ل َت َع َ‬
‫ىاك ْم ُش ُىع ً‬ ‫النىا ُ إَّنىا َخَلْقَن ُ‬
‫ىاك ْم م ْىن َك َكىر َوأ ُْنثَىى َو َن َعْلَن ُ‬ ‫بالتقوي﴿ َطىا أَُّي َهىا َّ‬
‫‪1‬‬
‫يم َخي ٌير ﴾‬ ‫اك ْم إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َعل ٌ‬ ‫َّللا أ َْتَق ُ‬
‫أَ ْكَرَم ُ ْم ع ْن َد َّ‬
‫كافىىة‪،‬‬ ‫وهىىا هىىو رسىىول هللا ‪ ‬طعلقهىىا ص ىري ة واض ى ة أنىىه مبعىىوث به ى ه الشىريعة للنىىا‬
‫ميقىىول ‪" ‬أعطوا خ بااا ل ا معطهاان أحااّ ماان األنب اااء قبلااي‪ :‬نماارت بالرعا مبااورة‬
‫شهر‪ ،‬وكعل لي األ ض مبجّا وطهو ا‪ ،‬وأحل لي الغ ائ ول تيح ألحّ مان قبلاي‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وأعطو الافاع ‪ ،‬ودان ال بي يبعث ىلج قومع خاص وبعث ىلج ال اس داف "‬
‫أمبعد كل ه ا الييان يبقى مىن شىم فىي عالميىة هى ه الىنظم وعمومهىا علىى امتىداد الزمىان‬
‫األنيال‬ ‫وتعاق‬ ‫والمكان‪ ،‬واختالف األننا‬
‫والعول ‪:‬‬ ‫ون العال‬
‫ككرنا ميما سيق أن العالمية تعني كون اإلسالم دين ل ل العالمين‪ ،‬ال طخىتص بقىوم دون‬
‫ق ىىوم‪ ،‬وال ن ىىنس دون ن ىىنس‪ ،‬وأن اإلس ىىالم ه ىىو دس ىىتور وم ىىنهج حي ىىاة ط ىىت م إلي ىىه الن ىىا‬
‫مىىع أحكامىىه‬ ‫وسىىلوكهم وتصىرفاتهم مىىا كىىان يتناسى‬ ‫النىىا‬ ‫نميعىىا‪ ،‬وأنىىه أقىىر مىىن عىىادا‬
‫ديىىنهم إكا رفنىوا الىىدخول‬ ‫حريىة العبىىادة حسى‬ ‫التىي أنزلهىىا هللا تعىالى‪ ،‬ول نىىه تىرر للنىىا‬
‫في اإلسالم بشروط تنب ه ه ال رية‪.‬‬
‫أما العولمة فهي على خالف كلم؛ وحتى نستوضا األمر أكثىر فىال بىد لنىا مىن تعريفهىا‪،‬‬
‫فهى ىىي‪" :‬اليالاااا اليااااي تقااااوإ علوهااااا تغوواااار األن اااااط والاااا ظ االقيمااااادم والثقاف اااا‬
‫واالكي اب اا ‪ ،‬ومج وعاا القاا والعااادات البااائّة‪ ،‬وارالاا الفااوا و الّي اا والقوم اا‬
‫والوط ‪ ،‬في ىطا تّويح ال ظاإ الرأس مالي اليّيث وفق الرؤي األمريم ال ه ا ‪،‬‬
‫واليي تزع أنها سوّة الكون وحام ال ظاإ العال ي الجّيّ"‪.3‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌الحجرات‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌13‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬صحيح‌البخاري‪‌،‬بحاشية‌السندي‪‌،70‌/‌1‌،‬ح‌‪‌ ‌.2‬‬
‫‪ ‌-‌3‬الرقب‪‌:‬العولمة‌الثقافية‌آثارها‌وأساليب‌مواجهتها‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.6‬‬
‫‪18‬‬
‫وانىىا علىىى ه ى ا التعريىىف فالعولمىىة تهىىدف إلىىى فىىرض نم ى سياسىىي واقتصىىادي وثقىىافي‬
‫أن طسىىود العىىالم كلىىه‪ ،‬أي‬ ‫وانتمىىاعي وسىىلوكي واحىىد‪ ،‬وهىىو الىىنم األمريكىىي ال ى ي طج ى‬
‫على كل دول العالم وشعواه أن تتبع النظام السياسي ال ي تريده أمريكا‬ ‫طج‬
‫وك ى ى لم ال ى ىىال فى ىىي االقتصى ىىاد والثقافى ىىة والتف يى ىىر و السى ىىلور‪ ،‬وال طجى ىىوز لى ىىم أن ت ى ىىتف‬
‫ال ماطة األمريكية‪.‬‬ ‫أن ت ون مت ن ار أو تتمتع بامتيا از‬ ‫بشخصيتم الخاصة إن أرد‬
‫من النا‬ ‫وكما بينا من قيل فين اإلسالم لم طقل به ا األمر رغم عالميته‪ ،‬فهو لم طعل‬
‫تىرر عىاداتهم وتقاليىىدهم وثقافىاتهم و ريقىىة تف يىرهم وأنظمىتهم السياسىىية واالقتصىادطة‪ ،‬ولىىم‬
‫لترر ما طخالظ عقيدة اإلسالم‪ ،‬والبقا‬ ‫منهم ترر كل كلم برمته؛ إنما ونه النا‬ ‫طعل‬
‫على كل ما يتفق معها‪ ،‬وإن لم طكن معهودا عند المسلمين‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬التكامل والترابط‪:‬‬


‫مىىن أبىىرز مىىا تتصىىظ بىىه الىىنظم اإلسىىالمية مىىن خصىىائص أنهىىا نظىىم مت املىىة مترابعىىة‪،‬‬
‫متناسىىقة متناغمىىة‪ ،‬حتىىى تيىىدو وكينهىىا عقىىد لؤلىىؤ فريىىد‪ ،‬صىىفم حباتىىه بكىىل عناطىىة ودقىىة‬
‫لىىو فقىىد كلىىم العقىىد حبىىة مىىن حباتىىه أو اسىىتيدلم ب بىىة مىىن عقىىد خىىر فقىىد‬ ‫ونمىىال‪ ،‬ب يى‬
‫إليمته وتشوه نمال صورته‪.‬‬
‫فىىالنظم اإلسىىالمية هىىي كلىىم العقىىد‪ ،‬وكىىل نظىىام مىىن أنظمتهىىا لؤلىىؤة مىىن آللئىىه! وعليىىه ف ىىل‬
‫تفىري بنظىام مىن هى ه الىنظم‪ ،‬أو تيىديل لىىه بنظىام خىر‪ ،‬ط ىدث خلىىال وفسىادا كييى ار طمتنىىع‬
‫معه أن تؤتي النظم اإلسالمية أكلها‪ ،‬وت قق ثمارها وغاطاتهىا‪ ،‬وهىي كمىا قيىل فيهىا " هىي‬
‫عىن بقيىة نوانيهىا‪،‬‬ ‫أحكام مت املة مترابعة‪ ،‬ال تقيل التجزئىة‪ ،‬وال تت قىق باسىتقالل نانى‬
‫أو نظىىام عىىن بقيىىة أنظمتهىىا ‪ ...‬فىىنظم اإلسىىالم بنىىا مت امىىل ال طظهىىر كيانىىه إال حينمىىا‬
‫تتجمع ليناته وترص في تالحم وتالصق ‪.1"...‬‬

‫‪‌-‌1‬محمود‌كريت‌وآخرون‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌50‬‬
‫‪19‬‬
‫فال طظهر مثال سمو نظام الميراث في اإلسالم وصالحيته للجنس البشىري‪ ،‬إال إكا يىق‬
‫في نظام الميراث أن الى كر يىرث مثىل‬ ‫معه نظام النفقا ‪ ،‬ونظام المهر‪ ،‬فالميدأ األسا‬
‫الى ي طجعىل المىرأة مكفولىة دائمىا‬ ‫للنفقىا‬ ‫مىع الميىدأ األسىا‬ ‫ح األنثيين‪ ،‬وهى ا يتناسى‬
‫للمهىور الى ي يىىدفع ميىىه الىىزول‪،‬‬ ‫مىىع الميىىدأ األسىىا‬ ‫بنتىا وأختىىا وزونىىة وأمىىا‪ ،‬كمىا يتناسى‬
‫وتيخ بمقتناه الزونة‪.‬‬
‫أمى ىا إكا أردن ىىا أن نعي ىىق نظ ىىام الميى ىراث فنعع ىىي المى ىرأة نص ىىظ الرن ىىل‪ ،‬ث ىىم نت ىىرر تعيي ىىق‬
‫فىىال ت ىىون الم ىرأة مكفولىىة‪ ،‬بىىل ت ىىون مسىىؤولة عىىن نفسىىها وتلييىىة حانياتهىىا‪ ،‬فىىال‬ ‫النفقىىا‬
‫‪1‬‬
‫تت قق بتعييق نظام الميراث غاطاته‪ ،‬وال تظهر لنا روعته وعدالته‬
‫ومن هنا نا التيكيىد الشىديد فىي نصىوص الشىريعة علىى ضىرورة تعييىق أنظمىة اإلسىالم‬
‫‪2‬‬
‫ين َ َمُنوا ْاد ُخُلوا في السْلم َك َّاف ًة﴾‬ ‫َّ‬
‫ككل مت امل وكوحدة واحدة‪ ،‬قال‪ .‬تعالى‪َ ﴿ .‬طا أَُّي َها ال َ‬
‫وقد فسر كلمة السلم في اآلطة (باإلسالم)‬
‫وعليىىه فت ىىون اآلطىىة أم ى ار مىىن هللا‪ .‬عىىز ونىىل‪ .‬لعبىىاده المىىؤمنين أن طيخ ى وا بجميىىع عىىرى‬
‫اإلسىىالم وش ىرائعه‪ ،‬والعمىىل بجميىىع أوام ىره‪ ،‬وتىىرر نميىىع زوان ىره مىىا اسىىتعاعوا إلىىى كلىىم‬
‫سييال ‪.3‬‬
‫ثىىم إن النصىىوص اعتيىىر عىىدم األخ ى بينظمىىة اإلسىىالم وتعليماتىىه كافىىة اتباعىىا للشىىيعان‬
‫ومنهجىىه‪ ،‬مبعىىد أن أمىىر هللا عىىز ونىىل‪ ،‬المىىؤمنين بالىىدخول فىىي اإلسىىالم كىىل قىىال‪َ ﴿:‬وَال‬
‫‪4‬‬
‫عان إَّن ُه َل ُ ْم َع ُدٌّو ُمي ٌ‬
‫ين﴾‬ ‫َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َتتَّب ُعوا ُخ ُ‬
‫عَوا‬
‫كم ىىا وص ىىفم النص ىىوص الش ىىرةية فع ىىل م ىىن طيخى ى ون ب ىىبعض أنظم ىىة اإلس ىىالم ويترك ىىون‬
‫قى ىىال هللا ع ى ىىز ون ى ىىل‪:‬‬ ‫بعن ى ىىها‪ ،‬بيوصى ىىاف كميم ى ىىة ومشى ىىينة‪ ،‬فاعتيرتى ىىه كفىى ى ار تى ىىارة حي ى ى‬

‫‪ ‌-‌‌1‬انظر‌بتصرف‌واختصار‌القرضاوي‪‌:‬مدخل‌لدراسة‌الشريعة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌140‌،‌،139‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌.208‬‬
‫﴿‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌،22‌/‌3‬ابن‌كثير‌في‌تفسيره‌‪‌247‌/‌1‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪‌168‌،‬‬
‫‪20‬‬
‫قىال تعىالى‪﴿ :‬‬ ‫﴿أََفتُ ْؤمُنو َن بَب ْعض اْل َتاب َوَت ْ ُف ُرو َن ب َىب ْعض ﴾ ‪ ،1‬وفتنىة تىارة أخىرى حيى‬
‫قىال تعىالى‪:‬‬ ‫َّللاُ إَل ْي َم﴾ ‪ 2‬وناهلية تارة ثالثة حي‬
‫ور َع ْن َب ْعض َما أ َْنَزَل َّ‬
‫َن َطْفتُن َ‬
‫اح َ ْرُه ْم أ ْ‬
‫َو ْ‬
‫بعد أن ح ر رسوله ‪ ‬في اآلطة السابقة من أن طفتنه المشركون عن بعض ما أنزل اليىه‬
‫َّللا ُح ْ ًما لَق ْوم ُيوقُنو َن﴾ ‪.3‬‬ ‫﴿ أََف ُ ْ َم اْل َجاهلَّية َي ْب ُ و َن َو َم ْن أ ْ‬
‫َح َس ُن م َن َّ‬
‫ثىىم بلىىغ مىىن تشىىديده‪ .‬تعىىالى‪ .‬علىىى ضىىرورة األخ ى باإلسىىالم كلىىه أن توعىىد ال ى ين يلتزمىىون‬
‫ين َ َمُنىوا‬ ‫َّ‬
‫بىبعض أحكىام هى ه الشىريعة ب ىىرب مىن هللا ورسىوله‪ ،‬قىال‪ .‬تعىىالى‪َ ﴿ :‬طىا أَُّي َهىا الى َ‬
‫ين (‪َ )278‬فىي ْن َل ْىم َتْف َعُلىوا َفى ْي َكُنوا ب َ ْىرب م َىن‬
‫َّللا َوَك ُروا َما َبق َي م َىن الرَاىا إ ْن ُك ْنىتُ ْم ُم ْىؤمن َ‬ ‫َّ‬
‫اتُقوا َّ َ‬
‫َّللا َوَرُسىىوله﴾‪ 4‬فعلىىى الفىىرد المسىىلم والمجتمىىع أن طعلىىم أن إطمانىىه ال يت قىىق‪ ،‬وإسىىالمه ال‬ ‫َّ‬
‫طكىىون معتيى ار إال إكا خنىىع ل افىىة نظىىم اإلسىىالم ولىىم طفىىر فىىي التعييىىق بىىين نظىىام و خىىر‬
‫منهىا ‪ 5‬وأن التنىىازل عىىن أي نظىىام منهىىا مرفىىوض نملىىة وتفصىىيال‪ ،‬وقىىد ضىىرب لنىىا رسىىول‬
‫هللا ‪ ‬وصى ابته‪ ،‬رضىىي هللا عىىنهم ‪ .‬أرو األمثلىىة علىىى ثبىىاتهم علىىى هى ا الىىدين وأخى هم‬
‫بينظمتىه وأحكامىه ككىل مت امىل ال طقيىل تجزئىة وال مسىاومة‪ ،‬فهىا هىو ‪ ‬يىرفض عىروض‬
‫ق ىريح المختلفىىة عليىىه علىىى أن يتىىرر ه ى ا الىىدين أو شىىيئا منىىه ميقىىول‪ " :‬وهللا طىىا عىىم لىىو‬
‫وضىىعوا الشىىمس فىىي طمينىىي والقمىىر فىىي طسىىاري مىىا تركىىم ه ى ا الىىدين حتىىى طظه ىره هللا أو‬
‫أهلم دونه " ‪.6‬‬
‫وهىىا هىىو أبىىو بكىىر الصىىديق رضىىي هللا عنىىه ط ىىارب مىىن فىىر بىىين الصىىالة والزكىىاة حتىىى‬
‫يدخلوا في اإلسالم كله ويلتزموا بيحكامه نميعا‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪‌85‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌49‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌المائدة‪‌،‬اآلية‌‪‌50‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌البقرة‪‌،‬اآلية‌‪‌،278‬وشطر‌اآلية‌‪279‬‬
‫‪ ‌-‌5‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌52‬‬
‫‪‌-‌6‬أخرجه‌البيهقي‌في‌دالئنل‌النبنوة‪‌،187‌2‌،‬وحسننه‌األلبناني‌فني‌السلسنلة‌الصنحيحة‌‪‌،194‌/‌1‬ح‌‬
‫‪‌.92‬‬
‫‪21‬‬
‫لقد فهم سلفنا الصالا‪ ،‬كمىا فهىم علماانىا المخلصىون أن أنظمىة اإلسىالم ةبىارة عىن بنىا‬
‫مت امىىل وضىىعم قواعىىده ورفعىىم أعمدتىىه وأإليمىىم عليىىه بنايتىىه‪ ،‬فىىال الينىىا فىىي غنىىى عىىن‬
‫القواعى ىىد واألعمى ىىدة‪ ،‬وال همى ىىا فى ىىي غنى ىىى عى ىىن الينى ىىا ‪ ،‬وكى ىىل لى ىىه دوره فى ىىي تتمى ىىيم الصى ىىرب‬
‫وصالحيته للسكن‪.‬‬
‫طقىىول د‪ .‬علىىي نريشىىة واصىىفا أنظمىىة ه ى ه الش ىريعة‪" :‬شاااء أ أن مجعااح اااء شااريعيع‬
‫طبقات ف جعح أساسها عقوّة وام انا‪ ،‬ث مجعاح الخلاق والبالوس طابقاا أول‪ ،‬ثا مجعاح‬
‫الاعائر وال بك طابقا ثان ا‪ ،‬ثا مجعاح ال عاامست بفروعهاا طابقاا ثالثاا‪ ،‬وال مقاوإ ااء‬
‫اإلسسإ ىال بإقام هذ الطوا اق وهاّإ كازء م اع هاّإ للج اع‪ ،‬أل ن هاّإ الجازء مماو‬
‫الج ع باليمّ ‪.1"...‬‬
‫اإلسالمية من شقا وكلة وفرقة وضىعظ طعىود إلىى التعييىق‬ ‫ولعل ما أصاب المجتمعا‬
‫المنق ىىوص ألنظم ىىة اإلس ىىالم‪ ،‬وإل ىىى أنه ىىم أخى ى وا ببعن ىىها وتركى ىوا ال ىىبعض اآلخ ىىر‪ ،‬وكل ىىم‬
‫مصىداقا لقولىه تعىىالى‪ ﴿ :‬أفتؤمنىون بىىبعض ال تىاب وت فىرون بىىبعض َف َمىا َنى َا‬
‫ىز ُ َم ْىن َطْف َعى ُىل‬
‫َشد اْل َع َ اب﴾‪.2‬‬
‫امة ُيَرُّدو َن إَلى أ َ‬ ‫َكل َم م ْن ُ ْم إ َّال خ ْزٌي في اْل َ َياة ُّ‬
‫الد ْنَيا َوَي ْوَم اْلقَي َ‬
‫ول ىىن حىىين تلتىىزم األمىىة المسىىلمة بىىالنظم اإلسىىالمية وتعييقهىىا فىىي حياتهىىا بال ليىىة‪ ،‬حينهىىا‬
‫فق طمكن لها أن تستعيد أمجادها وعزتها وهييتها كما كان عليه سلفها‪.‬‬
‫فىىي‬ ‫للشىهيد سىيد قعى‬ ‫وفىي ختىام ال ىالم عىن هى ه الخاصىية ط سىن بنىا أن نثيىم كلمىىا‬
‫طقىول‪ " :‬بقىوا اإلسىالم نملىة فىي نظىام ال كىم وأسىس التشىريع وفىي‬ ‫ه ا المنىمار حيى‬
‫التىىي تسىىيلون عنهىىا أو تىىزول مىىن‬ ‫قواعىىد الترايىىة‪ ،‬ثىىم انظىىروا هىىل تبقىىى هىى ه المشىىكال‬
‫نفسها‪ ،‬أما قيل كلم فما لإلسالم وما له ه القناطا التي ال طعرفها المجتمع الص يا "‪.3‬‬

‫‪ ‌-‌‌1‬علي‌جريشة‪‌:‬شريعة‌هللا‌حاكمة‌ص‌‪‌، 27‬وانظر‌أيضا‌أصول‌الشريعة‌اإلسالمية‌لننفس‌المللنف‌‬
‫ص‌‪‌ ‌.67‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌85‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سيد‌قطب‪‌:‬دراسات‌إعالمية‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.88‬‬
‫‪22‬‬
‫سادسا‪ :‬الواقعية‪:‬‬
‫إن النظم اإلسالمية تتميز بواقعتيها‪ ،‬وهي خاصىية تجعىل منهىا نظامىا بعيىدا عىن اإلفىراط‬
‫األخىال‬ ‫المثالية بما يتناقض مع واقع البشرية وفعرتها‪ ،‬أو التفري فىي نانى‬ ‫في ل‬
‫والقيم لتصبا حياة البشرية أشبه ب ياة الوحوش في غاباتها‪.1.‬‬
‫إنهىىا نظىىم تتعامىىل مىىع اإلنسىىان كانسىىان‪ ،‬بعييعتىىه وحقيقتىىه‪ ،‬بجسىىمه وروحىىه بخيىره وشىره‪،‬‬
‫بقوته وضعفه‪ ،‬بفعرته التي فعره هللا عليها‪ ،‬تنسجم معها وتليي كل متعلباتها‪.‬‬
‫إنها تظم تراعي كل ه ه المعاني في مبادئهىا وقواعىدها العامىة‪ ،‬كمىا تراعيهىا فىي نزئيىا‬
‫وتفاصيل أحكامها وقوانينها ‪ ..‬ول لم فهي واقعية‪.‬‬
‫علىى أرض واقعهىم علىى مىر األطىام واخىتالف‬ ‫إنها نظىم بقىم فىي حيىاة البشىر‪ ،‬وونىد‬
‫االرتقا والسمو‪ ،‬بما طكفي للداللة على واقعيتها‬ ‫الييئا ‪ ،‬ووصلم بهم إلى أعلى درنا‬
‫ومراعاتها للفعرة اإلنسانية‪.2‬‬
‫البشىر‬ ‫ومثل لىيس لهىا علىى أرض الواقىع ونىود‪ ،‬وال فىي نقىو‬ ‫إنها ليسم مجرد نظريا‬
‫قيىىول أو قىىدرة علىىى التزامهىىا وتنفي ى ها‪ ،‬كمىىا صىىنع أفال ىىون فىىي نمهوريتىىه والفىىارابي فىىي‬
‫مدينتىىه الفاضىىلة‪ ،‬وكمىىا تخيلىىم الشىىيوةية فىىي أكهانهىىا المجتمىىع ال ى ي تنعىىدم ميىىه الف ىوار‬
‫وتزول المل ية‪ ،‬وال ط تال إلى دولة وال قنا وال شر ة وال سجون"‪.3‬‬
‫لتصىىنع مجتمعىىا وأف ىرادا هىىم‬ ‫إنهىىا نظىىم ترنمىىم أحكامهىىا ونصوصىىها إلىىى واقىىع م سىىو‬
‫ةبارة عن نظم تمشي على األرض‪ ،‬يرسىمون فىي كىل حركىة أو سىكنة أو معاملىة ييعىة‬
‫ه ه النظم ويؤكدون واقعتيها‪.‬‬

‫‪ -‌1‬انظننر‌خاصننية‌‌‌الواقعيننة‌‪‌:‬القرضنناوي‌‪‌:‬الخصننائص‌العامننة‌لمسننالم‌ص‌‪‌،‌149‬سننيد‌قطننب‌‪‌:‬‬
‫خصننائص‌التصننور‌اإلسننالمي‌ص‌‪‌، ‌163‬محمننود‌كريننت‌وآخننرون‌‪‌:‬دراسننات‌فنني‌النننظم‌والثقافننة‌‬
‫اإلسالمية‌ص‌‪‌ ‌42‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬انظر‪‌:‬سيد‌قطب‪‌:‬خصائص‌التصور‌اإلسالمي‌ص‌‪‌(‌177،‌176‬بتصرف‌)‌ ‌‬
‫‪‌-‌3‬القرضاوي‪‌:‬مدخل‌لدراسات‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪.119‬‬
‫‪23‬‬
‫فلقد كىان مجتمىع النيىوة والخالفىة مىن بعىدها نموكنىا صىادقا تمثلىم ميىه الىنظم اإلسىالمية‬
‫المسلمين وواقعهم‪.‬‬ ‫واقعا حيا في نفو‬
‫ولقىد كىان شىىخص رسىول هللا ‪ ‬كمىا وصىىفته السىيدة عائشىة رضىىى هللا عنهىا قرنىا طمشىىي‬
‫قالم‪ " :‬فين خلق نيي هللا صلى هللا عليه وسلم كان القرن"‪.1‬‬ ‫على األرض‪ ،‬حي‬
‫علىى ونىه صىلا‬ ‫فىي حيىاة النىا‬ ‫إنهىا بقىم ونفى‬ ‫فالنظم اإلسالمية واقعية مىن حيى‬
‫به حالهم واستقر معه نفوسهم وارتقم بها مجتمعىاتهم‪ ،‬وكلىم ألنهىا انسىجمم وتناغمىم‬
‫مىىع الفع ىرة اإلنسىىانية وليىىم لهىىا متعلباتهىىا ورغباتهىىا‪ ،‬وضىىبعم لهىىا نزعاتهىىا بمىىا ط قىىق‬
‫المصل ة العامة للفرد والجماعة ‪.‬‬
‫وهذ بعت مظاهر الواقع في ال ظ اإلسسم ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ىن أحمااإ هااذ الا ظ هااي أحماااإ مقاّو ة وم بااو ة‪ ،‬بعوااّة عان الياارج وال اااق ‪،‬‬

‫َّللاُ‬
‫ىظ َّ‬ ‫ولقىىد قىىرر نصوصىىها ه ى ا المعنىىى فىىي أكثىىر مىىن وضىىع‪ ،‬قىىال‪ .‬تعىىالى‪َ ﴿ :‬ال ُط َ لى ُ‬
‫َنْف ًسىىا إ َّال ُو ْسى َىع َها َل َهىىا َمىىا َك َسىَىي ْم َو َعَل ْي َهىىا َمىىا ْ‬
‫اك َت َسىَىي ْم ﴾‪ 2‬وقىىال عىىز ونىىل‪ُ ﴿ :‬يريى ُىد َّ‬
‫َّللاُ ب ُكى ُىم‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫َّللاُ لَي ْج َع َل َعَل ْي ُ ْم م ْن َحَرل﴾‬
‫يد َّ‬
‫يد ب ُك ُم اْل ُع ْسَر﴾ ‪ ،‬كما قال سب انه‪َ ﴿ :‬ما ُير ُ‬ ‫اْلُي ْسَر َوَال ُير ُ‬
‫ضىىع ًيفا ﴾‪ ،5‬وقىال ‪ " :‬بعثىىم‬ ‫ىان َ‬
‫ىق ْاإل ْن َس ُ‬
‫ىظ َعى ْىن ُ ْم َو ُخل َ‬
‫َن ُط َخف َ‬
‫َّللاُ أ ْ‬
‫وقىال تعىالى‪ُ ﴿ :‬يريى ُىد َّ‬
‫ب نيفة سم ة" ‪.6‬‬
‫واألعاذا ‪ :‬فيباحىم الم ظىو ار‬ ‫‪ – 2‬ىنها نظ تراعي في أحمامهاا اليااالت االسايث ائ‬
‫للنىىرو ار ‪ ،‬وخففىىم األحكىىام واألوامىىر أو أسىىقعتها عىىن كوي األعى ار واألم ىراض‪ ،‬قىىال‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬صحيح‌مسلم‪‌،513‌/‌1‌،‬ح‌‪‌ ‌139‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌286‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪185‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌6‌،‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‪‌ ‌28‌،‬‬
‫‪‌-‌6‬مسند‌اإلمام‌أحمد‪‌،266/‌5‌،‬صححه‌األلباني‌في‌السلسلة‌الصحيحة‪‌،1023‌/‌1‌،‬ح‌‪2924‬‬
‫‪24‬‬
‫يم﴾ ‪ 1‬وكلم بعد أن‬
‫ور َرح ٌ‬ ‫ع َّر َغ ْيَر َباغ َوَال َعاد َف َال إ ْث َم َعَل ْيه إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َغُف ٌ‬ ‫اض ُ‬
‫تعالى‪َ ﴿:‬ف َمن ْ‬
‫ككر نملة من الم رما من ميتة ودم ول م خنزير‪.‬‬
‫ورخصم بالفعر في رمنان ل ير القادرين‪ ،‬أو لمن طشق عليهم مىن مرضىى ومسىافرين‬
‫‪2‬‬
‫ينا أ َْو َعَلى َسَفر َفع َّدةٌ م ْن أََّطام أ َ‬
‫ُخَر ﴾‪.‬‬ ‫ان م ْن ُ ْم َمر ً‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬ف َم ْن َك َ‬
‫كمى ىىا رخصى ىىم بى ىىالجمع والقصى ىىر فى ىىي الصى ىىالة فى ىىي بعى ىىض ال ى ىىاال ‪ ،‬وأدائهى ىىا بال ي يى ىىة‬
‫المستعاعة لدى المكلظ عند عدم استعاعتها أدائها على ونهها المشرو ‪.‬‬
‫بقصىد التىداوي حالىة المىرض‬ ‫كما سم م بكشىظ العىورة مىن الرنىل والمىرأة أمىام العييى‬
‫أو النرورة‪.‬‬
‫‪ -3‬وماان مظااااهر واقعويهاااا أنهااا نظااا تيقاااق فاااي مج ااح أحمامهاااا ال مااالي وتاااّفع‬
‫ال فباّة‪ ،‬وتجعىل مىن المصىىل ة هىدفا مىن أهىدافها‪ ،‬وغاطىىة تسىعى لت قيقهىا طقىول تعىىالى‪:‬‬
‫ين ﴾‪ 3‬وقال ‪ "‬ال ضرر وال ضرار"‪.4‬‬ ‫﴿وما أَرسْلَن َّ‬
‫ار إال َر ْح َم ًة لْل َعاَلم َ‬
‫ََ َْ َ‬
‫كمىا أنىىم تجىد المصىىل ة متجليىىة فىي كىىل حكىىم مىن أحكامهىىا مىىن أمىر أو نهىىي أو تونيىىه‪،‬‬
‫المختلفىة مىىن صىالة وصىيام وزكىاة وحىىج‬ ‫وعلىى سىييل المثىال فىان أمىره تعىالى بالعبىادا‬
‫تظهىىر فيهىىا المصىىل ة بجىىال فىىي حيىىاة النىىا ‪ ،‬طستشىىعرونها وي سىىون بهىىا‪ ،‬كمىىا أن نهيىىه‬
‫سىىب انه تعىىالى ع ىن أمىىور كىىالخمر والميسىىر‪ ،‬والميتىىة والىىدم والراىىا والزنىىا ‪ ...‬تظهىىر فيهىىا‬
‫مىا ينعىوي عليىه ارت ىاب هى ه األفعىال مىن فسىاد‬ ‫أطنا ونوه المصل ة بوضوب من حيى‬
‫‪5‬‬
‫ومخا ر‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪173‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪184‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌األنبياء‌اآلية‌‪‌.107‬‬
‫‪‌-‌4‬الحاكم‌‪‌:‬المستدرك‌على‌الصحيحين‌‪‌،‌66‌/‌2‌،‬ح‌‪‌،‌2345‬وقال‌الحاكم‌انه‌على‌شرط‌مسلم‌‪‌.‬‬
‫‪ ‌-‌5‬لمزيد‌من‌التفصيل‌يمكن‌مراجعة‪‌:‬زياد‌مقداد‪‌:‬التطنور‌والثبنات‌فني‌فهنم‌النصنوص‪‌،‬رسنالة‌غينر‌‬
‫منشورة‌ص‌‪‌112‬وما‌بعدها‪‌.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ – 4‬ومن مظااهر واقعويهاا مراعاتهاا لبا الياّ ج فاي اليااريع‪ :‬فهى ه األنظمىة متمثلىة‬
‫فىي أحكامهىا المختلفىة نزلىىم وفرضىم علىى م ارحىل‪ ،‬فنىىزل أوال مىا يتعلىق بالعقيىدة ومكىىارم‬
‫وتنظىىيم العالقىىا ‪ ،‬بىىل إنىىم تجىىد‬ ‫المتعلقىىة بالمعىىامال‬ ‫األخىىال ‪ ،‬ثىىم تتابعىىم التش ىريعا‬
‫المسي لة الواحدة تخنع أحيانا لسنة التدرل‪ ،‬كما هو ال ال فىي ت ىريم الخمىر الى ي تىدرل‬
‫الشار في بيان حكمه إلى أن قعع ب رمته‪ ،‬وكما تىدرل فىي بيىان عقواىة الزنىا‪ ،‬بىل تىدرل‬
‫نا فىي األثىر عىن السىيدة عائشىة رضىي هللا عنهىا‪،‬‬ ‫في بيان حكم الصالة والزكاة‪ ،‬حي‬
‫أن الصالة أول ما فرضم كانم ركعتين صباحا وركعتين مسا ‪.1‬‬
‫فىىي واقعهىىم ويتبعونهىىا‬ ‫أن طسىىتفيد منهىىا النىىا‬ ‫وهى ه المنهجيىىة فىىي التىىدرل التشىريعي طجى‬
‫في سياستهم خاصة عند إرادة تعييق الشريعة في بلداننا اليوم ‪.2‬‬
‫هذ ال ظ أنها ل تكيف بالع ح علج تطب قها بالوار الاّي ي‬ ‫‪ – 5‬ومن مظاهر واقع‬
‫وال ىىدود‪ ،‬وكلىىم لمىىا ينعىىق بىىه‬ ‫كلىىم نظىىام العقواىىا‬ ‫بجان ى‬ ‫واألخسقااي‪ ،‬ول نهىىا اعتمىىد‬
‫مىن ال طك يىه اإلرشىاد والتونيىه‪ ،‬وال يردعىه إال عقواىة مالئمىة تزنىره‬ ‫الواقع أن من النىا‬
‫العامة‪.3‬‬ ‫عن شروره ومعاصيه‪ ،‬وتدفعه إلى االلتزام بالنظام والتونيها‬
‫هذ ال ظ ىق ار ها لفريا الجهاد في سبوح أ‪ .‬تعاالج‪.‬‬ ‫‪ – 6‬ث ىن من مظاهر واقع‬
‫وايىان أحكامىىه و دابىه فىىي حيىز واسىىع مىىن ميىدان الفقىىه اإلسىالمي‪ ،‬ومىىا كلىم إال مىىن بىىاب‬
‫مختلف ىىة مىىن ع ىىدا‬ ‫ونزعىىا‬ ‫اعتىىراف هىى ه ال ىىنظم بواقىىع البشى ىرية الىى ي تتجاكبىىه عالق ىىا‬
‫وتخاصىىم واعتيىىر أن ييعىىة العىىدا وال ىىرب بىىين البشىىر سىىنة مىىن سىىنن الونىىود التىىي ال‬
‫ض﴾‪.5‬‬
‫ْاأل َْر ُ‬ ‫ن ُه ْم بَب ْعض َلَف َس َد‬ ‫َّللا َّ‬
‫النا َ َب ْع َ‬ ‫طمكن تجاهلها‪ 4،‬قال‪ .‬تعالى‪َ ﴿ .‬وَل ْوَال َد ْف ُع َّ‬

‫‪‌-‌1‬مسند‌اإلمام‌أحمد‪‌ 272‌،‌/‌6‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬القرضاوي‪‌:‬مدخل‌لدراسة‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ 119‬‬
‫‪‌-‌3‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌121‌،120‬بتصرف‪‌ ‌.‬‬
‫‪‌-‌4‬نفس‌المرجع‌السابق‪‌.‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌251‌،‬‬
‫‪26‬‬
‫سابعا‪ :‬المثالية والأخلاق‪:‬‬
‫ال طقصد بالمثالية هنا المثالية الخيالية‪ ،‬أو المثالية التي تتناقض مىع الواقعيىة ومىع فعىرة‬
‫الىنفس البشىرية ونزعاتهىىا‪ ،‬بىل مقمااّ ه ااا ىنهااا نظا تهااّف ىلااج الوصااول باإلنبااان ىلااج‬
‫‪1‬‬
‫أ فع مبيور لع وأك ح ن وذج م من أن تملع الباري أو ترتقي ال ع‬
‫باألخال والمثل العليا والقيم والفصائل‪ ،‬إضافة إلىى التىزامهم‬ ‫ويقصد بها أن يلتزم النا‬
‫وال قو ‪.‬‬ ‫بالفرائض والوانبا‬
‫عليىه بىالخلق الرميىع‬ ‫كما طقصد بها أن يتول ويزين كل فرد العمل ال ي طقوم بىه أو طجى‬
‫واألدا الراقي‪.‬‬
‫هىىل تىىرى مىىن طقىىوم بعملىىه ويىىؤدي وانبىىه وهىىو مكفهىىر الونىىه‪ ،‬عىىابس الجيىىين‪ ،‬ومىىن طقىىوم‬
‫بى لم وهىو ميتسىم الشىفاه‪ ،‬مبسىوط األسىارير‪ ،‬هىل طسىتويان مىثال كىل يىؤدي مىا عليىىه ‪...‬‬
‫ول ن فر بين المثالية في األدا ‪ ،‬واين مجرد األدا ‪.‬‬
‫إن النظم اإلسالمية ليسم نظمىا مجىردة وال نافىة‪ ،‬بىل هىي نظىم تسىكنها الىروب‪ ،‬وتتونهىا‬
‫منها الرحمة‪ ،‬ول لم كانم مثالية‪.‬‬ ‫األخال ‪ ،‬وتنبع‬
‫ومىىن هنىىا تجىىد أن ه ى ه الىىنظم اشىىتملم علىىى الف ىرائض والوانبىىا ‪ ،‬وت ىريم الم رمىىا ‪،‬‬
‫واعتيرتهى ىىا ال ى ىىد األدنى ىىى لى ىىعدا المقيى ىىول مى ىىن المسى ىىلمين‪ ،‬كمى ىىا اش ى ىتملم على ىىى النوافى ىىل‬
‫في مختلظ العاعا والعبادا ‪ ،‬وحثم على انتناب المكروها ‪ ،‬والشيها‬ ‫والمندواا‬
‫‪2‬‬
‫في السلوكيا ‪ ،‬واعتير كلم حدا أعلى لعدا أو مستوى مثاليا للتعييق‪.‬‬

‫‪ ‌-‌1‬محمنود‌كرينت‪‌:‬دراسنات‌فني‌الننظم‌والثقافنة‌اإلسنالمية‌ص‌‪‌،47‬سنيد‌قطنب‪‌:‬خصنائص‌التصننور‌‬
‫اإلسالمي‌ص‌‪.77‬‬
‫‪‌-‌2‬المصدران‌السابقان‪‌ ‌.‬‬
‫‪27‬‬
‫ويشير إلى المستوى األدنى (اإللزامي) لعدا قوله ‪ ‬لمن سيل فقال‪ :‬أ أريىم اكا صىليم‬
‫المكتواا ‪ ،‬وصىمم رمنىان‪ ،‬وأحللىم ال ىالل‪ ،‬وحرمىم ال ىرام‪ ،‬ولىم أزد علىى‬ ‫الصلوا‬
‫كلم شيئا‪ ،‬أأدخل الجنة قال ‪" :‬نعم" قال‪ :‬وهللا ال أزيد على كلم شيئا‪.1‬‬
‫أمىىا المسىىتوي المثىىالي فهىىو المشىىار إليىىه فىىي حديثىىه ‪" :‬إن ال ىىالل بىىين وان ال ىرام بىىين‬
‫اسىتي أر لدينىه وعرضىه‪،‬‬ ‫ال طعلمهن كثير من النا ‪ ،‬فمن اتقى الشيها‬ ‫واينهما مشتيها‬
‫وقع في ال رام‪ ،‬كالراعي يرعي حول ال مى‪ ،‬يوشم أن يرتع ميه‪،‬‬ ‫ومن وقع في الشيها‬
‫أال وان حمى هللا م ارمه"‪.2‬‬
‫الشىيها ‪.‬‬ ‫إضافة إلى بيانه للمستوى األمثل لاللتزام بالنظم والمتمثل في تجنى‬ ‫وال دي‬
‫مىىن غيىىر العلمىىا مىىن حلهىىا وحرمتهىىا‪ ،‬أشىىار إلىىى قنىىية‬ ‫وهىي األمىىور التىىي طجهىىل النىىا‬
‫واالنتها عن الم رمىا ‪ ،‬ال ىد األدنىى لاللتىزام‪،‬‬ ‫مهمة‪ ،‬وهي أن االكتفا بيدا الوانبا‬
‫مىن المنىدواا‬ ‫مع عدم اعتماد مساحة أخرى متمثلة في فعل ما هىو أكثىر مىن الوانبىا‬
‫‪ ...‬أن عىدم‬ ‫والشىيها‬ ‫مىن المكروهىا‬ ‫والمست با ‪ ،‬وتىرر مىا هىو أكثىر مىن الم رمىا‬
‫اعتماد ه ه المساحة قد يوقع في ال رام‪ ،‬ألن من حام حول ال مىى يوشىم أن يرتىع ميىه‪،‬‬
‫ومىىن التىىزم بالمسىىتوى األدنىىى يوشىىم أن ينزلىىق عنىىه‪ ،‬كمىىا أن حديثىىه ‪ ‬ال ى ي طقىىول ميىىه‬
‫صلى هللا عليه وسىلم عنىدما سىئل عىن اإلطمىان واإلسىالم واإلحسىان ‪" :‬اإلم اان أن تاؤمن‬
‫باااو ومسئكيااع‪ ،‬وبلقائااع و ساالع‪ ،‬وتااؤمن بالبعااث‪ ،‬واإلسااسإ أن تعبااّ أ وال تااارس بااع‬
‫شوئا‪ ،‬وتق الماسة‪ ،‬وتاؤدس الزدااة ال فروضا ‪ ،‬وتماوإ مااان‪ ،‬واإلحباان أن تعباّ‬
‫طعيىىر أطنىىا عىىن المسىىتويين‬ ‫أ د نااك تا ار ‪ ،‬فااإن لا تكاان تا ار فإنااع ياراس"‪ 3‬هى ا ال ىىدي‬

‫‪‌-‌1‬صحيح‌مسلم‌بشرح‌النووي‌‪‌ .176‌/1‬‬
‫‪‌-‌2‬صحيح‌مسلم‪‌،1220‌/‌3‌،‬ح‌‪‌.107‬‬
‫‪‌3‬صحيح‌البخاري‪‌ .18/1‌،‬‬
‫‪28‬‬
‫األدنىىى واألعل ىىى‪ ،‬فالمس ىىتوى األدن ىىى المعي ىىر عنىىه بمعن ىىى اإلطم ىىان واإلس ىىالم‪ ،‬والمس ىىتوى‬
‫األعلى المعير عنه بمعنى اإلحسان‪.‬‬
‫المتمثلىىة فىىي‬ ‫هى ا وإن المثاليىىة فىىي الىىنظم اإلسىىالمية ليسىىم قاصىرة علىىى مجىىال العبىىادا‬
‫علىى كىل حكىم وكىل معاملىة مىن المعىامال ‪ ،‬بىل‬ ‫أدا النوافل والمست با ‪ ،‬بل وتنس‬
‫إنها تظهر حتى في تنفي ال دود والعقواا ‪.‬‬
‫عليىىم والمثاليىىة ميىىه أن تؤدطىىه فىىي الوقىىم المتفىىق عليىىه دون‬ ‫‪ ‬فقنىىاار للىىدين وان ى‬
‫‪1‬‬
‫َّللا َرَّا ُه﴾‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َم َان َت ُه َوْلَيتق َّ َ‬
‫معل أو تسويف﴿ َفْلُي َؤد ال ي ْااتُم َن أ َ‬
‫‪ ‬وت صىىيلم لىىدينم حىىق ثابىىم لىىم‪ ،‬تيلىىغ بىىه درنىىة المثاليىىة إن صىىير علىىى المىىدين‬
‫ىان ُكو ُع ْسى َىرة‬
‫حىىال إعسىىاره‪ ،‬أو خففىىم عنىىه نىىز ا مىىن دينىىه رحمىىة ب الىىه ‪َ ﴿ ،‬وإ ْن َكى َ‬
‫‪2‬‬
‫َن ﴾‪.‬‬
‫َفَنظَرةٌ إَلى َم ْي َسَرة َوأ ْ‬
‫‪ ‬والمثالي ى ىىة فى ىىي بيع ى ىىم وشى ى ىرائم ومختل ى ىىظ معامالتى ىىم ت مى ىىن فى ىىي السى ىىماحة واليس ى ىىر‬
‫‪3‬‬
‫واإلخالص واإلتقان‪ ،‬قال‪" ‬رحم هللا رنال سم ا إكا با وإكا اشترى وإكا اقتنى"‬
‫‪ ‬وأدا القاتل للدطة مع أنه التزام ثابم عليه‪ ،‬فينه ييلغ به درنة المثالية عند أدائه‬
‫لها تامة دون إنقاص أو مما لة‪.‬‬
‫المثاليىة طمكىن أن يرتقىوا‬ ‫‪ ‬كما أن قيول أوليىا القتيىل الدطىة هىو درنىة مىن درنىا‬
‫بهىىا إلىىى درنىىة أخىىرى إن أتبعىوا قيىىول الدطىىة بىىالمعروف وال سىىنى ولىىم ين ثىوا فىىي‬
‫عهدهم وصل هم على الدطة‪َ ﴿ ،‬ف َم ْن ُعفي َل ُه م ْن أَخيه َشي ٌ َفاتَبا ٌ باْل َم ْع ُروف‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪4‬‬
‫َوأ ََدا ٌ إَل ْيه بي ْح َسان﴾‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‌من‌اآلية‌‪283،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‌من‌اآلية‌‪280،‬‬
‫‪3‬صحيح‌البخاري‌بحاشية‌السندي‌‪.6/2‬‬
‫‪‌4‬سورة‌البقرة‌من‌اآلية‌‪178،‬‬
‫‪29‬‬
‫ثم إن المثالية ال تعني أبىدأ هنىم الىنفس حقوقهىا أو كيىم رغباتهىا وعىدم تلييىة متعلباتهىا‬
‫وت ريم ما أحل هللا لهىا‪ ،‬بىل تعنىي ميمىا تعنىي التوسى واالعتىدال فىي تلييىة هى ه المعالى‬
‫دون إفراط أو تفري ‪ ،‬وال إسراف أو تقتير‪.‬‬
‫ول ىىن ال طمتنىىع علىىى مىىن كىىان فىىي موق ىع المسىىؤولية أن طيخ ى نفسىىه بشىىي مىىن الشىىدة‪،‬‬
‫ويعىىيح حيىىاة الشىىظظ وال فىىاف‪ ،‬بقصىىد ضىىرب‬ ‫وي رمهىىا مىىن بعىىض الل ائ ى والمباحىىا‬
‫المثىىل والقىىدوة ال سىىنة‪ ،‬وسىىدا لمنافى الشىىيعان وأ مىىا الىىنفس عنىىدما تنفىىتا علىىيهم الىىدنيا‬
‫ويمل ون مفات ها‪.1‬‬

‫ثامناً‪ :‬الجزاء الأخروي‪:‬‬


‫إن كل نظام ط ي نفسه ب زام أمني طنمن ألحكامه وتعاليمه التنفي ‪ ،‬ه ا ال زام طسمى‬
‫بالج از ‪ ،‬ثوابا للمعيع‪ ،‬وعقابا للمستن ظ والمسي ‪.‬‬
‫ولقد أدركم معظم أنظمة األرض أهميىة خاصىية الجى از ‪ ،‬وضىرورته مىن أنىل الم افظىة‬
‫التىىي تمل هىا وتتصىىظ بهىىا هى ه الىىنظم ال‬ ‫علىىى بقائهىىا وااللتىىزام بهىا‪ ،‬ول ىىن نىىو الجى از ا‬
‫دنيويىىة فق ى ‪ ،‬بينمىىا تتميىىز الىىنظم بخاصىىية الج ى از األخىىروي‪ ،‬التىىي‬ ‫تعىىدو كونهىىا ن ى از ا‬
‫تعتمىىد علىىى ف ىرة ال ىىالل وال ىرام وأن هنىىار ننىىة ونىىارا‪ ،‬وعلىىى واز اإلطمىىان والنىىمير‪،‬‬
‫اإلنسان في سره وعلنه‪ ،‬وكل أحواله‪.‬‬ ‫واالستشعار بمراإلبة هللا الدائمة ل ل تصرفا‬
‫ه ه الخاصية تفتقدها النظم الوضعية التي تعتمد فىي تعييىق قوانينهىا علىى قىوة السىلعان‬
‫البشر‪ ،‬لم تستعع أن تصىنع مىن‬ ‫دنيوية ضعيفة األثر في نفو‬ ‫ورقابة الدولة‪ ،‬ون از ا‬
‫اإلنسان رقيبا على نفسه‪ ،‬وضابعا لسلوكه فىي كىل أحوالىه‪ ،‬أو طستشىعر بىاإلثم أو ال ىرل‬

‫‪ ‌1‬انظننننننننر‌هننننننننذه‌الخاصننننننننية‌‪:‬عبنننننننند‌الغفننننننننار‌عزيننننننننز‪ ‌:‬أضننننننننواء‌علننننننننى‌النننننننننظم‌والثقافننننننننة‌‬
‫اإلسالمية‪،‬ص‪،39‬وكريت‪:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪،47‬والقرضاوي‪:‬مدخل‌لدراسنة‌‬
‫الشريعة‪،‬ص‪110،‬‬
‫‪30‬‬
‫عليه أن‬ ‫م ظو ار أو يتجاوز حدا‪ ،‬بل قد طعتير كلم فرصة الحم له طج‬ ‫عندما يرت‬
‫ط تنمها‪.‬‬
‫الج ى از األخىىروي وسىىيلة مىىن وسىىائل ال ى‬ ‫أمىىا فىىي ظىىل الىىنظم اإلسىىالمية التىىي اعتمىىد‬
‫اإلطمان بىه ويكفىر مىن كفىر بىه‪ ،‬فىي ظىل‬ ‫على االلتزام بينظمتها‪ ،‬ونزً ا من العقيدة طج‬
‫ه ه النظم نجد المسلم يندفع ب اته دون رقابىة أو متابعىة لتعييىق أنظمتهىا‪ ،‬ألنىه طعلىم أنىه‬
‫َّللا َوَرُسىوَل ُه‬
‫َّللا َو َم ْىن ُطعىع َّ َ‬
‫ود َّ‬ ‫بتعييقه لها سينال الثواب العظيم من هللا‪ .‬تعالى‪ ﴿.‬تْل َم ُح ُد ُ‬
‫ىيم (‪َ )13‬و َمى ْىن‬ ‫ىم اْلَفى ْىوُز اْل َعظى ُ‬
‫يهىىا َوَكلى َ‬
‫ين ف َ‬ ‫ُي ْدخْلى ُىه َنَّنىىا َت ْجىىري مى ْىن َت ْ ت َهىىا ْاأل َْن َهى ُ‬
‫ىار َخالىىد َ‬
‫‪1‬‬
‫ين ﴾‬ ‫اب ُمه ٌ‬ ‫يها َوَل ُه َع َ ٌ‬
‫ار َخال ًدا ف َ‬
‫ودهُ ُي ْدخْل ُه َن ًا‬ ‫َّللا َوَرُسوَل ُه َوَي َت َع َّد ُح ُد َ‬
‫َط ْعص َّ َ‬
‫المسىىلم معصىىية أو قصىىر فىىي وانى‬ ‫كمىىا أنىىه وعلىىى ضىىو هى ه الخاصىىية إكا مىىا ارت ى‬
‫فينه سرعان ما طستشعر بىال رل‪ ،‬ويسىار فىي النىدم والتواىة‪ ،‬ورد المظىالم إلىى أصى ابها‪،‬‬
‫إن وند ‪ .‬ألنه طعلم أنه إن أفلم من ال ساب في ه ه الدنيا فانه لن طفلم من ال ساب‬
‫والج از في اآلخرة‪.‬‬
‫ومىىن هنىىا فينىه فىىي ظىىل الىىنظم اإلسىىالمية وألنهىىا تتصىىظ بخاصىىية الجى از األخىىروي‪ ،‬تجىىد‬
‫إلى حد كيير مصونة‪ ،‬وأن الجريمة نادرة الوقو ‪.‬‬ ‫حقو النا‬
‫وقىىد بلىىغ األمىىر فىىي التيكيىىد علىىى الجى از األخىىروي أن مىىن قنىىى لىىه القنىىا بشىىي وهىىو‬
‫طعلىم عىىدم اسىىت قاقه لىىه فينمىىا طيخى ه ح ارمىىا‪ ،‬ويسىىت ق عليىىه العقواىىة فىىي اآلخىرة‪ ،‬طقىىول ‪‬‬
‫"إن م تختصمون إلى وإنما أنا بشىر‪ ،‬وعسىى أن طكىون بعنىكم أل ىن ب جتىه مىن بعىض‪،‬‬
‫فيقنىىي لىىه علىىى ن ىىو مىىا أسىىمع‪ ،‬فمىىن قنىىيم لىىه بشىىي مىىن حىىق أخيىىه فينمىىا أقعىىع لىىه‬
‫‪2‬‬
‫قععة من النار‪ ،‬فلييخ ها أو يتركها "‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌النساء‌اآليتان‪‌.14‌،13‌،‬‬
‫‪ ‌-‌2‬متفق‌عليه‌وورد‌بألفاظ‌مختلفة‪‌،‬انظر‌صحيح‌البخاري‌بشرح‌السندي‪‌،242‌/‌4‌،‬صحيح‌مسنلم‪‌،‬‬
‫‪‌،1337‌/‌3‬ح‌‪‌.5‌،‬‬
‫‪31‬‬
‫ثم إن النظم الوضعية التي ال تؤمن بالج از األخروي تنعر أحيانا للجو إلى االعتبار‬
‫الىىديني والىواز النفسىىي فىىي بعىىض القنىىاطا‪ ،‬طقىىول األسىىتاك الزرقىىا‪" :‬إن الىواز الىىديني فىىي‬
‫عنىه األمىىم فىي نزعتهىا المادطىىة بنظامهىا االنتمىاعي اليىىوم‪،‬‬ ‫صىيانة ال قىو مهمىىا ابتعىد‬
‫فقىىد اضىىعر إليىىه فىىي تش ىريعها القىىانوني الم ىىض‪ ،‬وانىىم عليىىه ن ىواحي مىىن قنىىائها لىىم‬
‫تس ىىتعع فيه ىىا إال االلتج ىىا إل ىىى الن ىىمانة الديني ىىة والون ىىدان الروح ىىي‪ ،‬ويتجل ىىى كل ىىم ف ىىي‬
‫ت لىىيفهم للخصىىم عنىىد عجىىز المىىدعى عليىىه وتمسىىكه بالتقىىادم التجىىاري القصىىير علىىى سىىند‬
‫مالي تجاري يدعى عليه به" ‪.1‬‬
‫واختص ىىاص ال ىىنظم اإلس ىىالمية بخاص ىىية الجى ى از األخ ىىروي ال طعنى ىي خلوه ىىا م ىىن الجى ى از‬
‫إال بىه‪ ،‬بىل هىي نظىم تجمىع بىين الجى از‬ ‫الدنيوي‪ ،‬كلم الج از ال ي ال تستقيم حياة النا‬
‫الدنيوي واألخروي‪.2‬‬
‫طقىىول العالمىىة ابىىن عاشىىور ميينىىا كيىىف تعتمىىد الش ىريعة ه ى ين الج ى از ين وتجمىىع بينهمىىا‪:‬‬
‫"فمتىى ضىعظ الىواز الىديني فىي زمىن أو قىىوم أو فىي أحىوال طظىن أن الىدافع إلىى مخالفىىة‬
‫مىىن الىواز الىىديني‪ ،‬هنالىىم طصىىار إلىىى ال ىواز‬ ‫الشىىر فىىي مثلهىىا أقىىوى علىىى أكثىىر النفىىو‬
‫السلعاني‪ ،‬فيناط التنفي بالواز السلعاني كما قال عثمىان بىن عفىان " يىز هللا بالسىلعان‬
‫ما ال يز بالقرن"‪.3‬‬
‫في ظل خصيصة الجى از األخىروي المشىفوعة بىالج از‬ ‫وعليه فينه طمكن القول بين النا‬
‫الىىدنيوي ت ىىون اسىىتجابتهم ألحكىىام الىىنظم اإلسىىالمية اسىىتجابة مختلفىىة عىىن االسىىتجابة ألي‬
‫نظم وضعية أخرى‪ ،‬ألنهىا ت ىون اسىتجابة عامىة مىن الجميىع سىوا ممىن اسىتجابوا بسىي‬
‫الج از األخروي‪ ،‬أو للسييين معا‪.‬‬ ‫الج از الدنيوي أو ممن استجابوا بسي‬

‫‪‌-‌1‬المدخل‌الفقهي‌العام‌‪‌ 65‌.63‌/‌1‬‬
‫‪ ‌-‌2‬محمود‌كريت‪‌:‬دراسات‌في‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ ‌.55‬‬
‫‪‌-‌3‬الطاهر‌بن‌عاشور‪‌:‬مقاصد‌الشريعة‌ص‌‪‌ 128‬‬

‫‪32‬‬
‫التىىالي وهىىو عىىن‬ ‫واعىىد هى ه أهىىم الخصىىائص للىىنظم اإلسىىالمية ننتقىىل بعىىدها إلىىى المب ى‬
‫مصادر النظم اإلسالمية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫مصادر النظم الإسلامية‬

‫الس ىىابق أن مىىىن خص ىىائص ال ىىنظم اإلس ىىالمية أنهىىىا راانيىىىة‬ ‫عرفن ىىا فىىىي المب ى ى‬
‫مردهىا إلىى هللا‬ ‫ومعالجىا‬ ‫المصدر أي أن نميع ما اشتملم عليه من أحكام وتشىريعا‬
‫هىو أنىه وان كانىم الىنظم اإلسىالمية‬ ‫رب العىالمين‪ ،‬ول ىن مىا نريىد بيانىه فىي هى ا المب ى‬
‫مصدرها ومردها إلى هللا‪ .‬عز ونل‪ .‬إال أن ر ثيىو أحكامهىا متعىددة‪ :‬مبعنىها ثيىم‬
‫بعريىق مباشىر عىىن هللا تعىالى واكالمىه متمىىثال فىي كتابىه العزيىىز القىرن ال ىريم‪ ،‬واعنىىها‬
‫ثيىىم بعريىىق سىىنة رسىىول هللا ‪ ،‬واعنىىها ثيىىم بعريىىق االنتهىىاد بصىىوره المختلفىىة ‪....‬‬
‫وهى ى ه الع ىىر وإن اختلف ىىم إال أنه ىىا تتف ىىق نميع ىىا ف ىىي أن مورده ىىا وأص ىىلها م ىىن عن ىىد هللا‬
‫تعالى‪.‬‬
‫فالقرن ال ريم كالم هللا عز ونل‪ ،‬والسنة وحي من هللا سب انه وتعالى‪ ،‬واالنتهىاد مسىتند‬
‫إلى كتاب هللا وسنة رسوله ‪.‬‬
‫رسىىول هللا ‪ ‬علىىى هى ه العىىر صىراحة‪ ،‬ومىىن كلىىم ال ىىدي‬ ‫وقىىد نصىىم بعىىض أحاديى‬
‫ال ي يرويه معىاك بىن نيىل‪ .‬رضىى هللا عنىه لمىا بعثىه رسىول هللا ‪ ‬إلىى الىيمن فقىال لىه‪:‬‬
‫قىىال‪ :‬أقنىىي بكتىىاب هللا ‪ ،‬قىىال‪ :‬ف ىين لىىم تجىىد فىىي‬ ‫"كيىىف تقنىىي إكا عىىرض لىىم قنىىا‬
‫كتىىاب هللا قىىال‪ :‬مبسىىنة رسىىول هللا ‪ ،‬قىىال‪ :‬فىىين لىىم تجىىد فىىي سىىنة رسىىول هللا قىىال‪:‬‬
‫أنتهد رأيي وال ألو ‪.1"...‬‬

‫عىن مصىادر التشىريع والىنظم اإلسىالمية أن يت ىدثوا‬ ‫ه ا وقىد اعتىاد العلمىا عنىد ال ىدي‬
‫عىىن كىىل ريقىىة م ىن ه ى ه العىىر بشىىكل مسىىتقل‪ ،‬وأن طعلق ىوا عليهىىا اسىىم (المصىىدر) أو‬

‫‪‌-‌1‬مسند‌اإلمام‌أحمد‌‪236‌،‌/‌5‬‬
‫‪34‬‬
‫(أصل) أو (دليل)‪ ،‬وإن كانم فىي أصىلها تعىود إلىى مصىدر واحىد هىو هللا رب العىالمين‪.‬‬
‫وه ا بيان مونز حول المصادر العامة التي تستقي النظم اإلسالمية منها أحكامها‪.‬‬

‫أولا‪ :‬القرآن الكريم‬


‫كونىىه‬ ‫طعىىد القىىرن ال ىريم المصىىدر األول واألهىىم مىىن مصىىادر الىىنظم اإلسىىالمية مىىن حيى‬
‫واألحك ىىام فىىي‬ ‫كىىالم هللا عىىز ونىىل‪ ،‬والمتنىىمن أله ىىم قواعىىد ومبىىاد الىىنظم والتشىىريعا‬
‫اإلسالم‪ ،‬إضافة إلى أنه المصدر ال ي يدلنا على المصادر األخرى‪ ،‬ويشير إليها ول لم‬
‫فينىىه طمكىىن وصىىفه بينىىه (مصىىدر المصىىادر) أو (كلىىى الشىريعة) طقىول‪ .‬تعىىالى‪َ ﴿ .‬طىىا أَُّي َهىىا‬
‫َّ‬
‫ىاز ْعتُ ْم فىي َش ْىي َفى ُىرُّدوهُ‬
‫ىول َوأُولىي ْاأل َْمىر م ْىن ُ ْم َفىىي ْن َتَن َ‬ ‫الرُسى َ‬‫يعىوا َّ‬
‫َّللا َوأَ ُ‬ ‫يعىوا َّ َ‬
‫ين َ َمُنىوا أَ ُ‬
‫الى َ‬
‫‪1‬‬
‫يال﴾‬
‫َح َس ُن تَيْو ً‬‫اآلخر َكل َم َخ ْيٌر َوأ ْ‬ ‫الرُسول إ ْن ُك ْنتُ ْم تُ ْؤمُنو َن ب َّ‬
‫اّلِل َواْلَي ْوم ْ َ‬ ‫َّللا َو َّ‬
‫إَلى َّ‬
‫ه ا ويعرف العلما القرن ال ريم بينه‪" :‬ال الم المعجىز‪ ،‬المنىزل علىى النيىي ‪ ‬المكتىوب‬
‫في المصاحظ‪ ،‬المنقول بالتواتر‪ ،‬المتعيد بتالوته"‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫واصي ة مونزة هو " اللف المنزل على النيي‪ ‬من أول الفات ة إلى خر سورة النا "‬

‫أه خواص القرآن الكري د ا مفه من اليعريف‪:4‬‬


‫‪ .1‬إن القرن ال ريم كالم هللا بلفظه ومعناه‪ ،‬وليس كالم أي خلق من خلقه‪.‬‬
‫ما كان إال ميل ا وتاليا له‬ ‫‪‬‬ ‫‪ .2‬إنه كالم هللا المنزل على رسول هللا م مد ‪ ،‬والنيي‬
‫‪5‬‬
‫اه َت َدى َفلَنْفسه﴾‬
‫باْل َ ق َف َمن ْ‬ ‫اب ل َّلنا‬
‫﴿ إَّنا أ َْنَ ْزلَنا َعَل ْي َم اْل َت َ‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‪‌‌.59‌،‬‬
‫‪ ‌-‌2‬محمد‌الزرقاني‪‌:‬مناهل‌العرفان‌في‌علوم‌القرآن‌ص‌‪‌19‬‬
‫‪‌-‌3‬المصدر‌نفسه‌ص‌‪‌18‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬انظر‌عبد‌الوهاب‌خالف‪‌:‬علم‌أصول‌الفقه‪‌،‬ص‌‪‌، 23‬عبند‌الجلينل‌القرنشناوي‌وآخنرون‪‌:‬المنوجز‌‬
‫فنني‌أصننول‌الفقننه‪‌،‬ص‌‪‌، 49‬كريننت‪‌:‬دراسننات‌فنني‌النننظم‌اإلسننالمية‪‌،‬ص‌‪‌،58‬أضننواء‌علننى‌النننظم‌‬
‫والثقافة‪‌،‬ص‌‪‌ 49‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌الزمر‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌41‌،‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ .3‬إنه نزل بالل ة العراية طقول‪ .‬تعالى‪﴿ .‬إَّنا أ َْنَزْلَناهُ ُق ْ َرًنا َعَراًّيا َل َعَّل ُ ْم َت ْعقُلو َن﴾‪.1‬‬
‫‪ .4‬إنه طختلظ عن األحادي القدسية والنيوية وإن كانم منزلىة مىن عنىد هللا‪ .‬تعىالى إال‬
‫النيوية‬ ‫أنها ليسم قرنا‪ ،‬ألنها لم طقصد بها اإلعجاز‪ ،‬ويختلظ ك لم عن األحادي‬
‫فهي وإن كانم موحى بها من عند هللا تعالى إال أنه لما كان لفظها من عند رسىول‬
‫خرنم عن كونها قرنا‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫هللا‬
‫عليهىا أحكىام القىرن‬ ‫‪ .5‬إن ترنمة القرن مهمىا بل ىم دقتهىا ال تعتيىر قرنىا‪ ،‬وال تنسى‬
‫فىىال تصىىا الصىىالة بهىىا‪ ،‬وال تشىىترط العهىىارة لق ار تهىىا إلىىى غيىىر كلىىم مىىن أحك ىام ‪...‬‬
‫وإنمىىا ال تعتيىىر الترنمىىة قرنىىا ألن لفظىىه ومعنىىاه مىىن عنىىد هللا‪ .‬تعىىالى واالترنمىىة فقىىد‬
‫كون لفظه من عند هللا‪.‬‬
‫‪ .6‬إنه طشترط ميىه التىواتر‪ ،‬أي‪ :‬أن ينقلىه نمىع عىن نمىع يىؤمن توا ىؤهم علىى ال ى ب‪،‬‬
‫فما نقل بعريق اآلحاد ال طعد قرنا‪.‬‬
‫فهمىىه‪ ،‬أو حفظىىه‪ ،‬أو اسىىتنباط األحكىىام‬ ‫‪ .7‬لىىيس معنىىى كىىون القىىرن معجى از أنىىه طصىىع‬
‫ىر َن للى ْكر َف َه ْىل م ْىن‬
‫منه‪ ،‬بل هو ميسر رغىم إعجىازه‪ ،‬طقىول‪ .‬تعىالى‪َ ﴿ .‬وَلَق ْىد َط َّس ْىرَنا اْلُق ْ َ‬
‫ُم َّدكر﴾ ‪ ،2‬ويقول ﴿ َفيَّن َما َط َّس ْرَناهُ بل َسان َم َل َعَّل ُه ْم َي َت َ َّك ُرو َن﴾‪.3‬‬
‫‪ .8‬ثىم إنىىه ال تىىاب الوحيىىد الى ي ت فىىل هللا‪ .‬تعىالى ب فظىىه مىىن كىىل تيىىديل أو ت ييىىر ﴿إَّنىىا‬

‫َن ْ ُن َن َّ ْزلَنا ال ْكَر َوإَّنا َل ُه َل َ اف ُ‬


‫ظو َن ﴾‪.4‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌يوسف‌اآلية‌‪.2‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌يوسف‪‌،‬آية‌مكررة‌رقم‪‌.40‌،32‌،22‌،17‌:‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌الدخان‌اآلية‪‌ 58‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌الحجر‌‪‌،‬اآلية‌و‌‪‌9‬‬
‫‪36‬‬
‫ثانيا‪ :‬السنة النبوية‬
‫‪1‬‬
‫من قول أو فعل أو تقرير"‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‬ ‫السنة عند األصوليين هي " ما نقل عن النيي‬
‫ممىىا يتعلىىق‬ ‫فىىي مختلىىظ المناسىىبا‬ ‫صىىلى هللا عليىىه وسىىلم‬ ‫‪ ،‬فمثىىال القىىول‪ :‬مىىا ت ىىدث بىىه الرسىىول‬
‫‪ ،2"...‬ومثىال الفعىل مىا نقلىه‬ ‫" إنما األعمىال بالنيىا‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‬ ‫بتشريع األحكام كقوله‬
‫فىىي شىىؤون العبىىادة وغيرهىىا‪ ،‬كىىيدا الصىىلوا‬ ‫صىىلى هللا عليىىه وسىىلم‬ ‫الص ى ابة مىىن أفعىىال النيىىي‬
‫مىن أفعىال‬ ‫صىلى هللا عليىه وسىلم‬ ‫ومناسم ال ج و داب الصيام ‪ ،..‬ومثال التقرير ما أقىره الرسىول‬
‫صىىدر عىىن بعىىض أصى ابه بسىىكو منىىه وعىىدم إن ىىاره‪ ،‬أو موافقتىىه وإظهىىار است سىىانه‪،‬‬
‫كتقريره لمن تيمم لفقد الما ‪ ،‬وعدم إعادة الصالة إكا ونده بعدها ‪. 3‬‬
‫َّللا‬
‫يعىوا َّ َ‬
‫والسنة النيوية الشريفة ت تل المنزلة الثانية بعىد القىرن ال ىريم‪ ،‬قىال‪ .‬تعىالى‪َ ( .‬وَأ ُ‬
‫َّللا)‪.5‬‬
‫ول َفَق ْد أَ َ ا َ ََّ‬‫س‬
‫ُ َ‬‫الر‬
‫َّ‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫(م‬ ‫‪4‬‬
‫ول) َ‬‫الرُس َ‬
‫يعوا َّ‬
‫َوأَ ُ‬

‫ب حماإ القرآن‪:‬‬ ‫عسق أحماإ الب‬


‫وهي علج ثسث أوكع‪:6‬‬
‫‪ -1‬أن ت ون موافقة للقىرن مىن كىل نهىة‪ :‬ميكىون القىرن مثيتىا لل كىم والسىنة مؤكىدة لىه‪،‬‬
‫بىىه السىىنن مؤكىىدة ألحكىىام القىىرن ال ىريم؛ كونىىوب الصىىالة‬ ‫ومثىىال كلىىم مىىا ن ىىا‬
‫والزك ىىاة وال ىىج والص ىىوم‪ ،‬وحرم ىىة الش ىىرر وش ىىهادة ال ىىزور وقت ىىل ال ىىنفس المعص ىىومة‬
‫وعقو الوالدين‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬خالف‪‌:‬علم‌أصول‌الفقه‌ص‌‪‌،"‌36‬عزيز‪‌:‬أضواء‌على‌النظم‌والثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌58‬‬
‫‪‌-‌2‬صحيح‌البخاري‪‌،3‌/‌1‌،‬ح‌‪‌ ‌.1‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬محمد‌سالم‌مذكور‪‌:‬المدخل‌للفقه‌اإلسالمي‌ص‌‪‌(‌208‬بالتصرف‌)‌‪‌.‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌92،‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪80‬‬
‫‪ ‌6‬عبد‌الغني‌عبد‌الخالق‪‌:‬حجية‌السنة‌ص‌‪‌(‌495‬بتصرف‌)‌‬
‫‪37‬‬
‫‪ -2‬أن ت ىىون الس ىىنة بيان ىىا لم ىىا أري ىىد ب ىىالقرن وتفس ىىي ار ل ىىه‪ :‬وه ىىو طش ىىمل تفص ىىيل المجم ىىل‬
‫وتخصيص العام‪ ،‬وتقييد المعلق‪ ،‬أما تفصيل المجمل مثل قوله صلى " صىلوا كمىا‬
‫ورد األمىىر بالصىىالة مجمىىال فىىي القىىرن ال ىريم‪ ،‬دون ككىىر‬ ‫رأيتمىوني أصىىلي"‪ ،1‬حيى‬
‫كيفيتهىىا أو مواقيتهىىا‪ ،‬أو عىىدد ركعاتهىىا‪ ،‬أو أركانهىىا وشىىرو ها ‪ ....‬وأمىىا تخصىىيص‬
‫خصىص الىوارث ب يىر‬ ‫" ال يرث القاتل شىيئا "‪ 2‬حيى‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‬ ‫العام فمثل قوله‬
‫َّللاُ في أ َْوَالد ُك ْم لل َّ َكر م ْث ُىل َحى ْاأل ُْن َثَي ْىين) ‪3‬أمىا‬
‫يك ُم َّ‬
‫القاتل في قوله _ تعالى _ (ُيوص ُ‬
‫تقييىىد المعلىىق فمثىىل قولىىه صىىلى هللا عليىىه وسىىلم ‪ ":‬الثل ى والثل ى كثيىىر"‪ 4‬فقىىد قيىىد معل ىىق‬
‫الوصية في قوله _ تعالى _ (م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوصي ب َها أ َْو َد ْين)‪.5‬‬
‫‪ -3‬أن ت ون السنة منشئة ل كم سكم عنه القرن‪ :‬كت ريم الجمع بين المرأة وعمتهىا أو‬
‫‪6‬‬
‫"ط رم نم الرضاعة ما ط رم من النس "‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫خالتها‪ ،‬لقوله‬

‫ثالثا‪ :‬الاجماع‬
‫عىرف األصىوليون اإلنمىا بقىولهم إنىه " اتفىىا المجتهىدين مىن المسىلمين فىي أي عصىىر‬
‫‪7‬‬
‫مىىن العصىىور بعىىد وفىىاة رسىىول هللا علىىى حك ىم شىىرعي فىىي قنىىية ل ىم يىىرد ب كمهىىا نىىص"‬
‫اء علج هذا اليعريف هي ما م تي‪:‬‬ ‫وأ دان اإلك ا‬
‫‪ -1‬وكود عّد من ال جيهّين ع ّ وقو اليادث ‪ :‬إك ال عيرة بونود غيرهم‪.‬‬

‫‪-‌1‬صحيح‌ابن‌حبان‪‌،541‌،4‌،‬ح‌‪‌،1658‬صححه‌األلباني‌في‌ارواء‌العليل‪‌،‬ح‌‪262‬‬
‫‪‌-‌2‬مصنف‌بن‌أبي‌شيبة‪‌،281‌/6‌،‬ح‪‌.31410‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪11‬‬
‫‪‌-‌4‬صحيح‌البخاري‪‌،2047‌/‌5‌،‬ح‌‪‌،5039‬صحيح‌مسلم‪‌،1250‌/‌2‌،‬ح‌‪‌1628‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌.11‬‬
‫‪‌-‌6‬صحيح‌البخاري‪‌،925‌/‌2‌،‬ح‌‪2520‬‬
‫‪‌-‌7‬سالم‌مذكور‪‌:‬المدخل‌للفقه‌اإلسالمي‌ص‌‪218‬‬
‫‪38‬‬
‫ال طخالظ فىي ال كىم أحىد‬ ‫‪ -2‬اتفاو ال جيهّين علج اليم وق حّوث الواقع ‪ :‬ب ي‬
‫منهم‪ ،‬أو يرنع عنه‪ ،‬وإال فال ينعقد االنما ‪.‬‬
‫فاي واقعا ال ناص فاي حم هاا‪:‬‬ ‫صىلى هللا عليىه وسىلم‬ ‫‪ -3‬أن ممون االتفااو بعاّ وفااة الرساول‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫بمعنى أنها واقعة لم ينزل فيها قرنا‪ ،‬ولن تمض فيها سنة رسول هللا‬

‫هذا وي قب اإلك ا ىلج نوعون‪:‬‬


‫‪ – 1‬اإلنما الصريا‪.‬‬
‫‪ _ 2‬اإلنما السكوتي‪.‬‬
‫أما اإلك ا المري فهو ما اتفق ميه نميع مجتهدي عصر من العصور على‬
‫حكىىم واقعىىة بيبىىدا كىىل واحىىد مىىنهم أرطىىه ص ىراحة بفتىىوى أو قنىىا ‪ ،‬وهىىو حجىىة قا عىىة ال‬
‫ط كم في واقعة بخالفه‪ ،‬مثل اإلنما على حد شارب الخمر ثمانين نلدة‪.‬‬
‫وأما اإلك ا البموتي فهو ما طقرره بعض المجتهدين في عصر من العصور‬
‫حىىول حادثىىة مىىا ويمتنىىع اآلخىىرون عىىن الموافقىىة أو المخالفىىة بىىدون ع ى ر‪ ،‬ومخالفىىة ه ى ا‬
‫‪1‬‬
‫اإلنما غير م رمة نظ ار لعدم ونود مانع طمنع الساكتين عنه‬

‫رابعا‪ :‬القياس‬

‫تعريفىىه فىىي اصىىعالب األصىىوليين‪" :‬هىىو إل ىىا واقعىىة لىىم يىىرد نىىص شىىرعي علىىى حكمهىىا‬
‫‪2‬‬
‫بواقعة ورد نص شرعي ب كمها الشترار الواقعتين في علة ه ا ال كم"‬
‫وأ دان الق اس علج ذلك أ بع هي‪:3‬‬

‫‪‌-‌1‬المصدر‌السابق‪‌.‬‬
‫‪‌-‌2‬عبد‌الوهاب‌خالف‪‌:‬علم‌أصول‌الفقه‪‌،‬ص‌‪‌،52‬محمد‌سالم‌مذكور‪‌:‬المدخل‌للفقه‌اإلسالمي‪‌،‬ص‌‬
‫‪232‬‬
‫‪‌-‌3‬المصدران‌السابقان‪‌.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ – 1‬األصح‪ :‬وهو ما ورد ب كمه نص‪ ،‬ويسمى أطنا المقيس عليه‪.‬‬
‫‪ – 2‬الفر ‪ :‬وهىو الشىي لىم يىرد ب كمىه نىص‪ ،‬ويىراد تسىويته باألصىل فىي حكمىه ويسىمى‬
‫أطنا بالمقيس‪.‬‬
‫‪ – 3‬حم األصاح‪ :‬وهىو ال كىم الشىرعي الى ي ورد بىه الىنص فىي األصىل ويىراد أن طكىون‬
‫مثله في الفر ‪.‬‬
‫ال ي بني عليه حكم األصل لونوده في الفر ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬العل ‪ :‬وهي الوصظ أو السي‬
‫هاااذا‪ ،‬ومىىن الج ىىدير اإلش ىىارة إ لىىى أن المص ىىادر األراع ىىة السىىابقة ه ىىي المص ىىادر‬
‫المتف ىىق عليه ىىا ب ىىين العلم ىىا ‪ ،‬وهن ىىار مص ىىادر أخ ىىري مختل ىىظ فيه ىىا‪ ،‬ب ىىين العلم ىىا مث ىىل‬
‫الصى ى ى ابي‪،‬‬ ‫االست س ى ىىان والمص ى ىىالا المرسى ى ىلة‪ ،‬والع ى ىىرف‪ ،‬وش ى ىىر م ى ىىن قيلن ى ىىا‪ ،‬ومى ى ى ه‬
‫واالستص اب‪ ،‬وال رائع‪.‬‬

‫وبعّ‪ ،‬فقد انتهينا الى هنا من عرض ألهمية دراسة النظم اإلسالمية‪ ،‬تناولنا ميه‬
‫إليه ى ىىا‪ ،‬ث ى ىىم‬ ‫تعري ى ىىف ال ى ىىنظم ف ى ىىي الل ى ىىة واالص ى ىىعالب‪ ،‬ث ى ىىم أس ى ىىباب احتي ى ىىال المجتمع ى ىىا‬
‫خصائصها‪ ،‬وأخي ار ت دثنا عن مصادر النظم اإلسالمية‪.‬‬

‫وكل كلم ما هو إال تمهيد لد ارسىة تفصىيلية الحقىة فىي هى ا ال تىاب نت ىدث فيهىا‬
‫أه ىىم ال ىىنظم اإلس ىىالمية‪ ،‬مث ىىل‪ :‬نظ ىىام العقيىىدة‪ ،‬ونظ ىىام العب ىىادة‪ ،‬ونظ ىىام األخ ىىال ‪ ،‬والنظ ىىام‬
‫االنتماعي‪ ،‬والنظام االقتصادي‪ ،‬وأخي ار النظام السياسي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫تذكر‬
‫الفمح الي هوّس‬
‫التىىي تقىىوم عليهىىا ال يىىاة فىىي ظىىل‬ ‫‪ -‬الىىنظم اإلسىىالمية هىىي‪ :‬القواعىىد والمبىىاد والعىىادا‬
‫اإلسالم والتي ت دد لإلنسان حركة نشا ه في كافة المجاال ‪.‬‬
‫المصىىدر والهىىدف‬ ‫‪ -‬تختلىىظ الىىنظم اإلسىىالمية مىىع غيرهىىا مىىن الىىنظم األخىىرى مىىن حيى‬
‫والخصائص‪.‬‬
‫البش ىرية للىىنظم اإلسىىالمية ألنهىىا مىىن وضىىع خىىالق البشىىر‪ ،‬وألنهىىا‬ ‫‪ -‬ت تىىال المجتمعىىا‬
‫الملتى ىىزمين بهى ىىا‪،‬‬ ‫الى ىىنظم التى ىىي تملى ىىم إشى ىىاعة األمى ىىن‪ ،‬وتعمى ىىيم العمينينى ىىة فى ىىي نفى ىىو‬
‫والمعبقين ألحكامها‪ ،‬وألنهىا الىنظم التىي طمكىن أن تنىال ثقىة البشىر واحتىرامهم لهىا‪ ،‬و‬
‫إلىىى الىىنظم اإلسىىالمية ألنهىىا ال تقىىظ فىىي‬ ‫إطمىىانهم بنزاهتهىىا و عىىدالتها‪ ،‬وي تىىال النىىا‬
‫ف سى ‪،‬‬ ‫ال قىوقي المجىرد‪ ،‬أو علىى المادطىا‬ ‫معالجتها لل يىاة البشىرية علىى الجانى‬
‫وألنهىىا الىىنظم التىىي أثيىىم الواقىىع وشىىهد التىىاريا بصىىالحيتها للتعييىىق فىىي حيىىاة البشىىر‪،‬‬
‫وصىىالب أمىىرهم بهىىا‪ ،‬وانسىىجامها مىىع بىىائعهم وفعىرتهم‪ ،‬وألنهىىا الىىنظم التىىي حصىىر‬
‫البشىىر فىىي غاطىىة واحىىدة هىىي إرضىىا هللا كمىىا حصىىر كىىل أهىىداف النىىا‬ ‫كىىل غاطىىا‬
‫فىىي هىىدف واحىىد‪ ،‬هىىو ت قيىىق العيودطىىة لىىه ‪ -‬سىىب انه وتعىىالى – وت تىىال المجتمعىىا‬
‫للىىنظم اإلسىىالمية ألنهىىا الىىنظم اإلسىىالمية التىىي تتميىىز بخصىىائص تجعىىل منهىىا الىىنظم‬
‫األوفق و األولى‪.‬‬
‫والمرونى ىىة‪ ،‬والشى ىىمول‬ ‫‪ -‬خصىىىائص الى ىىنظم اإلسى ىىالمية ثمانيى ىىة وه ىىي‪ :‬الراانيى ىىة‪ ،‬والثبى ىىا‬
‫والت ى ىوازن‪ ،‬والعمى ىىوم والعالميى ىىة‪ ،‬والت امى ىىل والت ى ىراب ‪ ،‬والواقعيى ىىة‪ ،‬والمثاليى ىىة واألخى ىىال ‪،‬‬
‫والج از األخروي ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬مصىىادر الىىنظم اإلسىىالمية المتفىىق عليهىىا أراعىىة وهىىي‪ :‬القىىرن ال ىريم‪ ،‬والسىىنة النيويىىة‬
‫المعهرة‪ ،‬واإلنما ‪ ،‬والقيا ‪.‬‬
‫‪ -‬القىىرن ال ىريم هىىو‪ :‬ال ىىالم المعجىىز‪ ،‬المنىىزل علىىى النيىىي – صىىلى هللا عليىىه وسىىلم –‪،‬‬
‫المكتوب في المصاحظ‪ ،‬المنقول بالتواتر‪ ،‬المتعيد بتالوته‪.‬‬
‫‪ -‬وأما السىنة فهىي‪ :‬مىا نقىل عىن النيىي – صىلى هللا عليىه وسىلم – مىن قىول أو فعىل أو‬
‫تقرير‪.‬‬
‫‪ -‬واإلنما هو‪ :‬اتفا المجتهدين من المسلمين في أي عصر من العصىور بعىد وفىاة‬
‫رسىىول هللا – صىىلى هللا غليىىه وسىىلم – علىىى حكىىم شىىرعي فىىي قنىىية لىىم يىىرد ب كمهىىا‬
‫العمىىل بىىه‪ ،‬وسىىكوتي طجىىوز العمىىل بىىه ويجىىوز‬ ‫نىىص‪ ،‬وهىىو ينقسىىم إلىىى ص ىريا وان ى‬
‫تركه‪.‬‬
‫فهىىو‪ :‬إل ىىا واقعىىة لىىم يىىرد نىىص شىىرعي علىىى حكمهىىا بواقعىىة ورد نىىص‬ ‫‪ -‬أمىىا القيىىا‬
‫شرعي ب كمها الشترار الواقعتين في علة ه ا ال كم‪.‬‬
‫‪ -‬أركان القيا ‪ :‬األصل‪ ،‬وحكم األصل‪ ،‬والفر ‪ ،‬والعلة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل األول‬

‫نظام العقيدة‬

‫وف ع ثسث مباحث‪:‬‬

‫ال بيث األول‪ :‬تعريف العقوّة اإلسسم وث رة د اسيها‪.‬‬

‫ال بيث الثاني‪ :‬أ دان العقوّة‪.‬‬

‫ال بيث الثالث‪ :‬أثر العقوّة في ح اة الفرد وال جي ع‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫األهداف واملهارات‬

‫من ال فيرض أن ميقق هذا الفمح األهّاف وال ها ات اليال ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‬

‫‪ -1‬بيان حقيقة العقيدة اإلسالمية‪.‬‬


‫‪ -2‬اظهار أثر العقيدة على الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات والخبرات‬

‫التي قد تشواها‪.‬‬ ‫‪ -1‬ال فاظ على العقيدة سليمة من الشوائ‬


‫‪ -2‬التمييز بين عقيدة المسلمين وغيرها من العقائد‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم االن راف عن العقيدة الص ي ة‪.‬‬
‫التي قد تعرض لعقيدة المسلمين‪.‬‬ ‫‪ -4‬إ مكانية دفع الشيها‬
‫‪ -5‬إمكانية التعرف على نواقض العقيدة التي تبعلها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫المبحث الأول‬

‫تعريف العقيدة وثمرة دراستها‬

‫العقوّة في اللغ ‪:‬‬


‫أصل العقيدة في الل ة من عقد‪ ،‬بمعنى الشد والعهد‪ ،‬والونوب واالبرام والصالبة والىرا‬
‫‪1‬‬
‫واالحكام والتصديق والجزم والوثو بالشي دون تردد أوشم‬

‫العقوّة في االصطسح‪:‬‬
‫ان مصىعلا العقيىىدة هىىو مصىىعلا نىادر فىىي ل ىىة علمائنىىا القىدامى‪ ،‬وقىىد اسىىتخدموا بعىىض‬
‫األخىىرى التىىي قامىىم مقىىام ه ى ا المصىىعلا مىىن مثىىل (علىىم ال ىىالم) و(علىىم‬ ‫المصىىعل ا‬
‫ت ديد تعريىف العقيىدة عنىد هىؤال ‪ ،‬ومىن خىالل‬ ‫التوحيد)‪ ،‬من أنل كلم كان من الصع‬
‫الم ىدثين تيىين أن العقيىدة هىي‪ " :‬االم اان بالاايء الاج حاّ أن مماب‬ ‫النظىر فىي كتى‬
‫ذلك الايء هاو ال يارس للعواطاف وال وكاع للبالوس" ‪ ،2‬ويتنىا مىن هى ا التعريىف أنىه‬
‫تعريىىف لعمىىوم العقيىىدة‪ ،‬ولىىيس لعقيىىدة المسىىلمين‪ ،‬مىىن أنىىل كلىىم مىىيكن االسىىتفادة منىىه فىىي‬
‫تعريىىف عقيىىدة المسىىلمين علىىى أنهىىا‪" :‬االم ااان ب ااا أناازل أ تعااالج علااج مي ااّ‪ ،‬بيوااث‬
‫ي عمس ذلك علج سلوس ال ؤمن وتمرفاتع"‪.‬‬

‫ث رة د اس هذا العل ‪:‬‬


‫السىماوية ومىا‬ ‫هللا‪ .‬تعالى‪ .‬اإللهيا ‪ .‬والرسل والمالئ ة وال تى‬ ‫إن معرفة ما يتعلق ب ا‬
‫وال ساب والج از والجنة والنار‬ ‫وت اليف‪ ،‬وك لم اإلطمان بالبع‬ ‫نا فيها من تشريعا‬

‫‪‌-‌1‬الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‌ص‌‪‌،186‬الفيومي‪‌:‬المصباح‌المنير‌ص‌‪‌ ‌.421‬‬
‫‪‌-‌2‬الميداني‪‌:‬الوجيز‌في‌العقيدة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌.29‬‬
‫‪45‬‬
‫والم يبىىا ‪ .‬معرفىىة صىى ي ة تجعىىل المسىىلم طعيىىد هللا‪ .‬تعىىالى‪ .‬علىىى علىىم بوصىىله للف ىىوز‬
‫‪1‬‬
‫بسعادة الدارين"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫أركان العقيدة الإسلامية‬

‫مسىىلم عىىن‬ ‫العقائىىد األساسىىية التىىي نىىا بهىىا اإلسىىالم هىىي التىىي ككىىر فىىي حىىدي‬
‫عمر بىن الخعىاب‪ .‬رضىي هللا عنىه‪ .‬أن النيىي ‪ ‬قىال لجيريىل لمىا دخىل عليىه فىي صىورة‬
‫انسىىان وسىىيله عىىن االطمىىان " ‪ ...‬أن تااؤمن باااو ومسئكيااع وديبااع و ساالع والوااوإ ا خاار‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫ىول ب َمىىا‬
‫ى‬
‫ُ ُ‬ ‫س‬‫الر‬
‫َّ‬ ‫ىن‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫ىالى‬
‫ى‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ىه‪.‬‬
‫ى‬ ‫ل‬‫قو‬ ‫ىير‬
‫ى‬ ‫ش‬ ‫ط‬ ‫ىس‬‫ى‬ ‫س‬ ‫األ‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ه‬ ‫ىى‬‫ى‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫وتااؤمن بالقااّ خواار وشاار "‬
‫ىاّلِل َو َم َالئ َ تىه َو ُكتُبىه َوُرُسىله﴾‪ ،4‬مىن هنىا نسىتعيع‬
‫أ ُْنزَل إَل ْيه م ْىن َراىه َواْل ُم ْؤمُنىو َن ُك ٌّىل َ َم َىن ب َّ‬
‫أن نقول‪ :‬ان أركان العقيدة اإلسالمية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬االم اااان بااااو‪ .‬عاااز وكاااح‪ .‬ه ىىو االعتق ىىاد الج ىىازم ب ىىين هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬رب ك ىىل ش ىىي‬
‫ومليكة‪ ،‬وخالقه‪ ،‬وأنه ال ي طست ق وحده أن طفرد بالعبادة من صىالة وصىوم ودعىا‬
‫ال مىال كلهىا‪ ،‬المنىزه عىن كىل‬ ‫ورنا وخوف وكل وخنىو أ وأنىه المتصىظ بصىفا‬
‫نقص‪ ،‬وال طكون العيد مؤمنا باّلِل‪ .‬تعالى‪ .‬حتىى طعتقىد أن هللا رب كىل شىي وال رب‬

‫‪ ‌-‌1‬محمد‌الشريدة‪‌:‬مدخل‌لدراسة‌العقيدة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .47‬‬
‫‪‌-‌2‬صحيح‌مسلم‌بشرح‌النووي‌‪.157‌/1‬‬
‫‪‌-‌3‬فرج‌السيد‌فرج‌وغيره‪‌:‬نظام‌اإلسالم‪‌،‬ص‌‪.35‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .285‬‬
‫‪46‬‬
‫غيره أوانىه ال امىل فىي صىفاته وأسىمائه‪ ،‬وال كامىل غيىره‪ 1‬قىال‪ .‬تعىالى‪َ ﴿.‬ل ْىي َس َكم ْثلىه‬
‫‪2‬‬
‫يع اْلَبص ُير﴾‬
‫السم ُ‬
‫َش ْي ٌ َو ُهَو َّ‬
‫‪ -2‬االم ان بال سئك ‪ :‬وهو االعتقاد الجازم بين‪ .‬هلل تعالى‪ .‬مالئ ة مونودون مخلوقون‬
‫َمى َىرُه ْم‬ ‫صىىو َن َّ َ‬
‫َّللا َمىىا أ َ‬ ‫مىىن نىىور‪ ،‬وأنهىىم ال طعصىىون هللا مىىا أمىىرهم‪ ،‬قىىال تعىىالى‪َ :‬‬
‫﴿ال َط ْع ُ‬
‫َوَيْف َعُل ىىو َن َم ىىا ُي ى ْىؤ َم ُرو َن﴾‪3‬وأنه ىىم كو وظ ىىائظ تتعل ىىق ب ىىاألنفس واألرواب‪ ،‬وزعه ىىا هللا ‪.‬‬
‫تع ىىالى‪ .‬عل ىىيهم‪ .‬ينفى ى ون به ىىا ارادت ىىه ف ىىي خلق ىىه‪ ،‬فم ىىنهم م ىىن ييل ىىغ ال ىىوحي والت ىىاليف‬
‫الىىى أنييائىىه ورسىىله ومىىنهم مىىن يؤيىىد بىىه األنييىىا ويثيىىم المىىؤمنين‪ ،‬ومىىنهم‬ ‫والرسىىاال‬
‫من طقبض األرواب‪ ،‬ومنهم مىن ط فى علىى االنسىان أعمالىه فىي دنيىاه حتىى تعىرض‬
‫عليه في أخراه الى غير كلم من الوظائظ التي خصهم هللا بها‪.4‬‬
‫هللا‪ .‬تبىىارر وتعىىالى‪ .‬علىىى كىىل مسىىلم أن‬ ‫‪ -3‬االم ااان باألنب اااء وال رساالون‪ :‬لقىىد أون ى‬
‫يؤمن بجميع األنييا والرسل من غير تفريق‪ ،‬بين يؤمن بىبعض ويكفىر بىبعض‪ ،‬أمىا‬
‫ن ُىه ْم َعَلىى َب ْعىض﴾‪5‬وان‬ ‫الرُس ُىل َف َّ‬
‫نىْلَنا َب ْع َ‬ ‫المفاضلة ف اصلة في قوله‪ .‬تعالى ﴿تْل َم ُّ‬
‫أول مىىن أيىىده هللا‪ .‬تعىىالى‪ .‬بىىالوحي هىىو دم عليىىه السىىالم‪ ،‬و خىىرهم م مىىد‪ ‬وال نيىىي‬
‫بعىده‪ ،‬وقىد ككىىر هللا‪ .‬تعىالى‪ .‬فىي كتابىىه أسىما خمسىة وعشىرين نييىا ومرسىال‪ ،‬وهنىىار‬
‫أنييىا لىم يتعىىرض القىرن لى كرهم‪ ،‬ولىىم طقىص علينىىا شىيئا مىن أخبىىارهم‪ ،‬ول ىن أخيرنىىا‬
‫االطمان بهم على ونه االنمىال بىين هللا‪ .‬تعىالى‪ .‬قىد أرسىل‬ ‫عنهم في الجملة‪ ،‬ميج‬

‫‪ ‌-‌1‬محمد‌نعيم‌ياسين‪‌:‬االيمان‌ص‌‪‌.15‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌الشورى‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .11‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌التحريم‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌.6‬‬
‫‪ ‌-‌4‬محمود‌شلتوت‪‌:‬اإلسالم‌عقيدة‌وشريعة‪‌،‬ص‌‪‌،29‌،28‬سيد‌سابق‪‌:‬العقائند‌اإلسنالمية‪‌،‬ص‌‪‌،116‬‬
‫محمد‌مبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌العقيدة‌والعبادة‪‌،‬ص‌‪‌، 129‬فلاد‌العقلي‪‌،‬دراسنات‌فني‌العقيندة‌اإلسنالمية‪‌،‬‬
‫ص‌‪.141‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌البقرة‌من‌اآلية‌‪‌ ‌.253‬‬
‫‪47‬‬
‫رسىىال وأنييىىا كثيىىرين الىىى كىىل أمىىة‪ ،‬وفىىي مختلىىظ العصىىور واألمكنىىة ‪ ،1‬قىىال هللا‪.‬‬
‫ص ُه ْم َعَل ْي َم﴾‪.2‬‬
‫صْ‬‫م ْن َقْي ُل َوُرُس ًال َل ْم َنْق ُ‬ ‫اه ْم َعَل ْي َم‬
‫صَن ُ‬
‫صْ‬‫تعالى‪َ ﴿.‬وُرُس ًال َق ْد َق َ‬
‫التصىىديق بىىين هللا‪ .‬تعىىالى‪ .‬أنىىزل علىىى بعىىض‬ ‫‪ -4‬االم ااان بميااا أ عاااز وكااح‪ :‬وهىىو‬
‫أصول عقائدهم وةبىاداتهم‪ ،‬ومىا ط ىل لهىم ومىا ط ىرم‬ ‫أنييائه ورسله كتبا بينم للنا‬
‫مىىا سىىماه هللا‪ .‬تعىىالى‪ .‬لنىىا فىىي القىىرن ال ىريم‪ ،‬ومنهىىا مىىا لىىم‬ ‫علىىيهم‪ ،‬ومىىن هى ه ال تى‬
‫طسم‪ ،‬وال ي أخيرنا به هللا‪ .‬عز ونىل ‪ .‬عىن اسىمه هىو التىوراة واالنجيىل وزاىور داود‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ىار َس ى ْىب ًعا م ى َىن‬
‫وصى ى ظ إبى ىراويم وموس ىىى والق ىىرن ال ى ىريم ق ىىال‪ .‬تع ىىالى‪َ ﴿.‬وَلَق ى ْىد َ َت ْيَن ى َ‬
‫يم ﴾‪4‬وقال تعىالى ﴿ َوأ َْن َىزَل التَّ ْىوَرَاة َو ْاإل ْنجي َىل (‪ )3‬م ْىن َقْي ُىل ُه ًىدى‬ ‫اْل َم َثاني َواْلُق ْ َر َن اْل َعظ َ‬
‫ل َّلنا َوأ َْنَزَل اْلُف ْرَق َ‬
‫‪5‬‬
‫صى ُ ظ‬ ‫ُ‬ ‫)‬ ‫‪18‬‬ ‫(‬ ‫ىى‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ُو‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ظ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫ىي‬ ‫ف‬‫ل‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫﴿‬ ‫ىالى‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ىال‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ىان﴾‬
‫ىين َعَلىى َب ْعىض‬ ‫ىض َّ‬
‫النيي َ‬ ‫وسى)‪ ،6﴾ (19‬وقال ‪ .‬تعىالى‪َ ﴿ .‬وَلَق ْىد َف َّ‬
‫نىْلَنا َب ْع َ‬ ‫يم َو ُم َ‬ ‫إ ْبَراو َ‬
‫ور﴾‪.7‬‬‫ود َزُا ًا‬ ‫َوَ َت ْيَنا َد ُاو َ‬
‫علىىى أوامىىر هللا‪ .‬تعىىالى‪ .‬ونواويىىه‪ ،‬ومىىا شىىرعه لعبىىاده‪،‬‬ ‫وأطنىىا اشىىتملم ه ى ه ال ت ى‬
‫كالمالئ ة والجن والروب ‪.8‬‬ ‫وك لم اشتملم على أخبار عوالم ال ي‬
‫‪ -5‬االم ان بالووإ ا خر‪ :‬وهو التصديق بين هللا سي يي الخلىق بعىد مىوتهم فىي حيىاتهم‬
‫الدنيا‪ ،‬ويبع من في القيور‪ ،‬في يوم ط شرهم ميه ليجزيهم بما عملوا ﴿ َف َم ْن َط ْع َم ْل‬
‫ىر َي َىرهُ)‪9﴾ (8‬ويقنىي بيىنهم بىال ق‬ ‫ىال َك َّرة َش ًّا‬
‫ىر َي َىرهُ (‪َ )7‬و َم ْىن َط ْع َم ْىل م ْثَق َ‬
‫ىال َك َّرة َخ ْي ًا‬
‫م ْثَق َ‬

‫‪‌-1‬خالد‌العك‪‌:‬عقيدة‌المسلم‌ص‌‪‌53‬وما‌بعدها‪‌.‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .164‬‬
‫‪‌-‌3‬ياسين‪‌،‬االيمان‌ص‌‪‌.97‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌الحجر‌اآلية‌‪‌ .87‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌آل‌عمران‌اآليتان‌‪‌.4‌،3‬‬
‫‪‌-‌6‬سورة‌األعلى‪‌،‬اآليتان‌‪‌ .19‌،18‬‬
‫‪-‌7‬سورة‌االسراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.55‬‬
‫‪‌-‌8‬محمد‌المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪‌.39‬‬
‫‪‌-‌9‬سورة‌الزلزلة‌اآليتان‌‪‌ ‌.8‌،7‬‬
‫‪48‬‬
‫وهم ال طظلمون‪ ،‬فيدخل بعنهم الجنة بفنله ويدخل بعنىهم النىار بعدلىه نى از مىا‬
‫قدموا‪.1‬‬
‫العلمىىا فىىي تعريىىف القنىىا والقىىدر‪،‬‬ ‫‪ -6‬االم اااان بالقاااااء والقاااّ ‪ :‬اختلفىىم ةبىىا ار‬
‫فمىىنهم مىىن نعلهمىىا شىىيئا واحىىدا‪ ،‬ومىىنهم مىىن عىىرف القنىىا بتعريىىف م ىىاير للقىىدر‬
‫فقال‪:‬‬
‫في المستقيل‪.2‬‬ ‫أ‪‌ -‬القّ ‪ :‬علم هللا‪ .‬تعالى‪ .‬بما ت ون عليه المخلوقا‬
‫ب‪‌ -‬والقااااء‪ :‬علىىم هللا الشىىامل ال ى ي بىىه ين شىىظ مىىا كىىان ومىىا سىىيكون‪ ،‬علىىى مقتنىىى‬
‫عنىىه ش ىىي ‪ ،‬وال طقىىع ف ىىي ال ىىون قهى ى ار‬ ‫ال طختلىىظ وال ط يى ى‬ ‫ارادتىىه‪ ،‬وحكمتىىه ب يى ى‬
‫عنه‪.3‬‬

‫‪ ‬وقد عرفهما السيد سابق تعريفا واحدا فقال‪ :‬القنا والقدر هما النظام الم كم ال ي‬
‫وضى ىىعه هللا له ى ى ا الونى ىىود‪ ،‬والق ى ىوانين العامى ىىة والسى ىىنن التى ىىي را ى ى هللا بهى ىىا األسى ىىباب‬
‫بمسيباتها‪ ،4‬فرا بين الج از والعمل بعد أن خلق لإلنسان عقال طميز به بين الخير‬
‫والشىىر والنفىىع والنىىرر‪ ،‬ووضىىع ميىىه حريىىة االختيىىار بىىين سىىلور أي الع ىريقين‪ ،‬وقىىد‬
‫﴿و َم ْن َطيْته‬ ‫أرسل هللا لإلنسان الرسل ييينون له ريق السعادة والشقا ويخيرونه أن َ‬
‫﴿م ْىن َكَف َىر َف َعَل ْيىه ُكْف ُىرهُ‬ ‫الصال َ ا َفيُوَلئ َم َل ُهم َّ‬
‫الدَرَنا ُ اْل ُعَلى﴾‪ ،‬وأن َ‬ ‫ُم ْؤمًنا َق ْد َعم َل َّ‬
‫ُ‬
‫‪5‬‬
‫صال ً ا َفع َْنُفسه ْم َط ْم َه ُدو َن﴾‬
‫َو َم ْن َعم َل َ‬

‫‪ ‌-1‬محمد‌المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪‌.40‬‬
‫‪-‌2‬حسن‌أيوب‪‌،‬تبسيط‌العقائد‌اإلسالمية‌ص‌‪‌.77‬‬
‫‪‌-‌3‬المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪.40‬‬

‫‌‬
‫‪49‬‬
‫ان لهى ا ال ىىون نظامىىا م كمىىا وسىىننا معىىردة ارتبعىىم فيهىىا األسىىباب بمسىىيباتها‪ ،‬وأن‬
‫ليس في خلق هللا خلل وال مصادقا ‪.1‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫أثر العقيدة الإسلامية في حياة الفرد والمجتمع‬

‫تىؤثر العقيىدة اإلسىىالمية تىيثي ار واضى ا فىي حيىىاة األفىراد‪ ،‬وتىىؤثر فىي واقىىع المجتمىع الى ي‬
‫طعتقدها وينظم حياته في ضوئها‪ ،‬ألنها ف ر للمسلم ونظام حياة للمجتمع‪.‬‬
‫ولنيدأ بييان أثر العقيدة على حياة الفرد‪ ،‬ثم بعد كلم نيين أثرها على حياة المجتمع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أثر العقوّة في ح اة األفراد‪:‬‬


‫تعمىل علىىى اخىىالص العيودطىىة‬ ‫‪ -1‬ت ىرر االنسىىان مىىن العيودطىة ل يىىر هللا‪ .‬تعىىالى‪ :‬حيى‬
‫هلل‪ .‬تع ىىالى‪ .‬واالت ىىالي فه ىىي تج ىىرد االنس ىىان م ىىن ك ىىل وال لي ىىر خالق ىىه‪ ،‬ولع ىىل فات ىىة‬
‫عديدة تيكىد هى ا المعنىى‪ ،‬قىال‪ .‬تعىالى‪.‬‬ ‫ال تاب التي تردد في صلواتنا كل يوم م ار‬
‫ين﴾‪ 2‬ألن عيودطة االنسان لراه ت رره من عيودطة العباد‪.3‬‬
‫ار َن ْس َتع ُ‬
‫ار َن ْعُي ُد َوإَّط َ‬
‫﴿ إَّط َ‬
‫‪ -2‬ت رير االنسان من الخرافا واألوهام‪ :‬ت ر العقيدة اإلسىالمية قناعىا أكيىدة عنىد‬
‫االنس ىىان بىىين هللا ه ىىو الم يىىي والممي ىىم‪ ،‬الخىىافض ال ارفىىع‪ ،‬الن ىىار النىىافع ‪ ،4‬ق ىىال‪.‬‬

‫َعَلى ُىم اْل َ ْي ى َ‬


‫ىم أ ْ‬ ‫ىر إ َّال َمىىا َشىىا َ َّ‬
‫َّللاُ َوَلى ْىو ُك ْنى ُ‬ ‫ضى ًّا‬
‫ىم لَنْفسىىي َنْف ًعىىا َوَال َ‬
‫َملى ُ‬
‫تعىىالى ﴿ ُقى ْىل َال أ ْ‬
‫‪5‬‬
‫السوُ إ ْن أََنا إ َّال َن ٌير َوَاش ٌير لَق ْوم ُي ْؤمُنو َن﴾‬ ‫َال ْس َت ْ ثَ ْر ُ م َن اْل َخ ْير َو َما َم َّسن َي ُّ‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌طه‌اآلية‌‪.75‬‬
‫‪‌-‌1‬سورة‌الروم‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌.44‬‬
‫‪‌-‌1‬المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪41‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌الفاتحة‪‌،‬اآلية‌‪‌.5‬‬
‫‪‌-‌3‬هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‪‌ ‌.55‬‬
‫‪‌-‌4‬أيوب‪‌:‬تبسيط‌العقائد‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .85‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌األعراف‪‌،‬اآلية‌‪.188‬‬
‫‪50‬‬
‫ونتيج ىىة لى ى لم ح ىىرم اإلس ىىالم ك ىىل مظ ىىاهر االس ىىتعانة ب ي ىىر هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬كاألدةي ىىة الت ىىي‬
‫طستعين بها أص ابها بالجن أو األوليا الصىال ين أو ال هنىة أو التمىائم ومىا شىابه كلىم‪،‬‬
‫وقد اعتير اإلسالم أن تصديق ال اهن كفر‪ 1‬قال ‪" ‬من أتى كاهنا فصدقه بما طقول فقد‬
‫‪2‬‬
‫كفر بما أنزل على م مد"‬
‫‪ -3‬ت ريى ىىر االنسى ىىان مى ىىن الجشى ىىع والظلى ىىم واألنانيى ىىة‪ :‬ترفى ىىع العقيى ىىدة مى ىىن قى ىىوى االنسى ىىان‬
‫المعنوي ىىة‪ ،‬وتراع ىىه بمث ىىل أعل ىىى‪ ،‬وه ىىو هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬مص ىىدر الخي ىىر والي ىىر وال م ىىال‪،‬‬
‫وا ى لم طسىىمو االنسىىان عىىن المادطىىا ‪ ،‬ويرتفىىع عىىن الشىىهوا ‪ ،‬ويسىىتعلى علىىى ل ائ ى‬
‫الىىدنيا والجشىىع والعمىىع واألنانيىىة‪ ،‬ويىىرى أن الخيىىر والسىىعادة فىىي الن ازهىىة والشىىرف‪،‬‬
‫وت قيق القيم الصال ة‪ ،‬ومن ثم يتجه المر اتجاها تلقائيا لخير نفسه‪ ،‬ولخير أمتىه‪،‬‬
‫نميعا‪.3‬‬ ‫ولخير النا‬
‫العقيىىدة االنسىىان شىىعو ار متينجىىا‬ ‫‪ -4‬تينىىي فىىي االنسىىان الع ىزة وال ارمىىة وال ريىىة‪ :‬ت س ى‬
‫ين َال‬ ‫﴿و َّّلِل اْلعى َّىزةُ َولَرُسىىوله َولْل ُم ْىؤمن َ‬
‫ين َوَل ى َّىن اْل ُمَنىىافق َ‬ ‫بىالعزة المسىىتمدة مىىن هللا‪ .‬تعىالى‪َ .‬‬
‫َط ْعَل ُمىىو َن﴾‪ 4‬وال ري ى فىىي ه ى ا كلىىه‪ ،‬فالعقيىىدة تعمىىئن االنسىىان علىىى رزقىىه وأنلىىه ممىىا‬
‫يبعىىده عىىن شىىبا الت ى لل ل ي ىره‪ ،‬أو السىىقوط أو العيودطىىة لمىىن طعتقىىد أن بيىىدهم الىىرز‬
‫ممن هىم دون هللا تعىالى‪ .‬وهى ا االعتقىاد هىو الى ي أونىد نمىاكل عظيمىة مىن عزتهىا‪،‬‬
‫دون أن تصل الى ال يريا ‪ ،‬فانظر الى شيا اإلسالم ابىن تيميىة الى ي ت ىدى بعزتىه‬
‫حكىىام زمانىىه حىىين زن ىوا بىىه فىىي السىىجن وهىىو طقىىول " مىىاكا تصىىنعون بىىي‪ ،‬ان قتلىىي‬

‫‪‌-‌1‬العقلي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.55‬‬
‫‪ ‌-‌2‬رواه‌الحاكم‌‪‌،‬انظنر‌صنحيح‌الجنامع‌الصنغيروزياداته‪‌،1031‌/‌2‬وصنححه‌األلبناني‌فني‌صنحيح‌‬
‫الترغيب‌والترهيب‪‌،‬ح‌‪‌ .3044‬‬
‫‪‌-‌3‬أيوب‪‌:‬تبسيط‌العقائد‌اإلسالمية‌ص‌‪.87‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌المنافقون‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌.8‬‬
‫‪51‬‬
‫شىىهادة‪ ،‬وان سىىجني خلىىوة‪ ،‬وان نفيىىي سىىياحة " وهىىي نفىىس الع ىزة التىىي أ لقىىم لسىىان‬
‫بن عدي‪:‬‬ ‫الشاعر خيي‬
‫كان في هللا مصرعي‬ ‫على أي نن‬ ‫ولسم أبالي حين أقتل مسلما‬
‫‪ ‬والعقيىىدة هىىي التىىي ت ىىرر االنسىىان فىىي روحىىه وعقلىىه مىىن السىىليية والجهىىل وضىىالل‪،‬‬
‫ليف ر وييد دونما حجر أو تعو ‪.1‬‬ ‫وتععي عقله المجال األرح‬
‫واالسيقام ‪ :‬تنب العقيدة اإلسالمية سىلور‬ ‫‪ -5‬تكب االنبان االناباط وال بئول‬
‫االنسان وتصرفاته وفىق أوامىر هللا‪ .‬تعىالى‪ .‬دون أن طكىون عيىدا لشىهوته‪ ،‬بىل تجهلىه‬
‫سيدا لها يونهها كيفما أراد هللا‪ .‬تعالى‪.‬‬
‫رسىالة عليىه أن‬ ‫االنسىان إحساسىا بالمسىئولية‪ ،‬ألنىه مسىتخلظ وصىاح‬ ‫‪ ‬وهي ت سى‬
‫طق ىىوم بوانيه ىىا‪ ،‬وه ىىي تون ىىد مي ىىه انفع ىىاال دائم ىىا بمراإلب ىىة هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬وخش ىىيته‪ ،‬فتتب ىىع‬
‫األخال من نفسه عن طقين‪ ،‬دون خوف أو عقاب أو مع في ثواب‪ ،‬وانما امتثىاال‬
‫ألوامىر هللا‪ .‬تعىالى‪ .‬بىىالتزام نىادة العريىق السىىوي واى لم طكىون االنسىىان مسىتقيما فىىي‬
‫سلوكه ن قائما بمسئولياته‪.2‬‬
‫والباذل والعطااء‪ :‬العقيىدة تىدفع صىاحيها الىى التنى ية‬ ‫‪ -6‬تّفع صاحبها الج الياي‬
‫في سييلها بكل ما طعتز به من مال وولد وسلعان ونفس‪ ،‬فال يبالي باألخعىار ألنىه‬
‫‪3‬‬
‫طعلم أن المو وال ياة بيد هللا‪ .‬تعالى‪ .‬كما طعلم أن الفقر وال نى بيده تعالى‬
‫‪ ‬ولعلنا ن كر كلمة خالد بن الوليد لملم الروم " نئتم بقوم ط يون المو كىم ت يىون‬
‫أنىىتم ال يىىاة " وهىىو الموقىىظ كاتىىه الى ي حنظلىىة ال سىىيل فىىي ليلىىة عرسىىه الىىى صىىفوف‬
‫المجاهدين يوم أحد‪ ،‬حين سمع المنادي ينادي للجهاد فقاتل حتى قتل وفىاز ببشىرى‬

‫‪‌-‌1‬هندي‪‌،‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌.56‬‬
‫‪‌-‌2‬نفس‌السابق‪.‬‬
‫‪‌-‌3‬المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪.45‬‬
‫‪52‬‬
‫الرسىىول ﷺ حىىين قىىال‪ " :‬أش اهّد مااا معااار ال باال ون ب ا ني أي ا ال سئك ا‬
‫ااون الب ا اء واأل ض" ومىىن يومهىىا كىىان‬ ‫تغبااح ح ظلا بماافائ ماان ذها وفاا‬
‫غسيل المالئ ة‪.‬‬
‫‪ ‬وهىىي العقي ىىدة نفس ىىها الت ىىي نعل ىىم امى ىرأة م ىىن بن ىىي عي ىىد ال ىىدار تق ىىول عن ىىدما أخي ىىر‬
‫باستشهاد زونها وأخيها وأبيها‪ ":‬ماكا صنع رسول هللا ‪ ‬قالوا‪ :‬هىو بخيىر‪ ،‬فقالىم‪:‬‬
‫كل مصيبة بعدر طا رسول هللا نلل‪ .‬أي هينة‪.1‬‬
‫‪ -7‬تيقااق العقواااّة الط نو اا واألمااان والباامو ‪ :‬ان العقيىىدة ت قىىق لإلنسىىان مينينىىة‬
‫َّ‬
‫َّللا أ ََال بى ْكر‬ ‫ع َمئ ُّن ُقُل ُ‬
‫وا ُه ْم بى ْكر َّ‬ ‫ين َ َمُنوا َوَت ْ‬
‫القل ‪ ،‬وسكينة النفس‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ال َ‬
‫ىوب﴾ ‪ 2‬واكا ا مى ىىين القل ى ى وسى ىىكنم الى ىىنفس‪ ،‬شى ىىعر االنسى ىىان بيى ىىرد‬ ‫ع َمى ىىئ ُّن اْلُقُلى ى ُ‬
‫َّللا َت ْ‬
‫َّ‬
‫ال ارحى ىىة‪ ،‬وحى ىىالوة اليقى ىىين‪ ،‬واحتمى ىىل األه ى ىوال بشى ىىجاعة‪ ،‬وثيى ىىم إ از الخعى ىىوب مهمى ىىا‬
‫اش ىىتد ‪ ،‬ورأى أن ي ىىد هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬مم ىىدودة اليىىىه‪ ،‬وأن ىىه الق ىىادر عل ىىى ف ىىتا األبى ىواب‬
‫الى قيله سييال‪.3‬‬ ‫اليه الجز ‪ ،‬وال طعرف اليي‬ ‫الم لقة‪ ،‬فال يتسي‬

‫ثان ا‪ :‬ومن أثا العقوّة اإلسسم في ح اة ال جي ع ما يلي‪:‬‬


‫ت ائ مجي عا ميرابطاا‪ :‬تقىيم العقيىدة المجتمىع علىى أسىس راانيىة‬ ‫‪ -1‬العقوّة اإلسسم‬
‫واض ة ثابتة‪ ،‬وليس على أسس مادطة‪ ،‬فهىي تىرا بىين المىؤمنين واىين هللا‪ .‬تعىالى‪.‬‬
‫برااط المودة والم بة‪ ،‬وتقيم العالقة بين المؤمنين مع بعنهم البعض علىى أسىا‬
‫الرحمة والشفقة‪.4‬‬

‫‪‌-‌1‬هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ ‌.57‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌الرعد‪‌،‬اآلية‌‪‌.28‬‬
‫‪‌-‌3‬أيوب‪‌:‬تبسيط‌العقائد‌اإلسالمية‌ص‌‪.87‬‬
‫‪‌-‌4‬أيوب‪‌:‬تبسيط‌العقائد‌اإلسالمية‌ص‌‪‌.83‬‬
‫‪53‬‬
‫‪ ‬وسر توحيىد وراى العقيىدة للمجتمىع أنهىا تقىوم علىى التوحيىد المعلىق هلل‪ .‬تعىالى‪ .‬فىي‬
‫ك ىىل ش ىىي ف ىىالرب واح ىىد‪ ،‬والرس ىىول ﷺ واح ىىد والقيل ىىة واح ىىدة‪ ،‬واأله ىىداف واح ىىدة‬
‫واآلمال واحدة‪ ،‬فال بد مع كلم كله أن ت ون األمة مترابعة ومتوحدة ‪ 1‬قال‪ .‬تعىالى‪.‬‬
‫اعُي ُدون﴾‪.2‬‬
‫ُم ًة َواح َد ًة َوأََنا َرُّا ُ ْم َف ْ‬ ‫﴿إ َّن َه ه أ َّ‬
‫ُمتُ ُ ْم أ َّ‬
‫‪ -2‬العقوااّة تب ااي مجي عااا عال ااا‪ :‬تينىىي العقيىىدة مجتمعىىا عالميىىا ألنهىىا ليسىىم مقصىىورة‬
‫على أرض معينة أو فئة مخصوصىة مىن البشىر‪ ،‬فهىي فىي رسىالتها ال ط ىدها زمىان‬
‫واأللوان مهما اختلفم دطارهم وألوانهم‪.3‬‬ ‫وال مكان‪ ،‬وهي ل ل األننا‬
‫‪ -3‬العقواااّة ت اااائ مجي عاااا نظ فاااا ميعاوناااا‪ :‬تىىنظم العقيىىدة المجتمىىع ال ى ي طقىىوم علىىى‬
‫أحكامهىىا تنظيم ىىا ش ىىامال‪ ،‬وتجع ىىل من ىىه مجتمع ىىا نظيف ىىا مس ىىتقيما‪ ،‬ال نريم ىىة مي ىىه وال‬
‫اإلنس ىىان عل ىىى اإلحس ىىان والتقىىىوى‪ ،‬وتنه ىىى ع ىىن اإلسىىىا ة‬ ‫ان ى ىراف‪ ،‬فالعقي ىىدة ت ى ى‬
‫بالقول والعمل‪.4‬‬ ‫إلى قلوب البشر فعل الخير والعاعا‬ ‫والعدوان‪ ،‬وت ي‬

‫‪‌-‌1‬هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌.58‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌األنبياء‪‌،‬اآلية‌‪‌ ‌.92‬‬
‫‪‌-‌3‬هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌‪‌ ‌.58‬‬
‫‪‌-‌4‬المرجع‌السابق‌‪‌ ‌.59‬‬
‫‪54‬‬
‫تذكر‬ ‫ت كر‬
‫الفمح األول‪ :‬نظاإ العقوّة‬
‫‪ -‬العقيدة في الل ة من (العقد) بمعنى العهد‪ ،‬أو الشد واالحكام والونوب‪.‬‬
‫‪ -‬وهىىي فىىي االصىىعالب الف ىرة ال ليىىة اليقينيىىة لإلسىىالم عىىن ال ىىون واالنسىىان وال يىىاة‪،‬‬
‫وعما قيل ال ياة الدنيا‪ ،‬وعما بعدها‪ ،‬وعن عالقتها بما قيلها وما بعدها‪.‬‬
‫أن‬ ‫‪ -‬وترنىىع ثمىرة د ارسىىة العقيىىدة الىىى التعىىرف علىىى كي يىىة ةبىىادة هللا تعىىالى كمىىا طج ى‬
‫ت ون العبادة‪ ،‬وكلم عن ريق فهىم العالقىة بىين هللا سىب انه وتعىالى واىين مخلوقاتىه‬
‫نميعا في ه ا ال ون‪.‬‬
‫‪ -‬وأركان العبادة هي‪ :‬االطمان باّلِل‪ ،‬واالطمان بالمالئ ة‪ ،‬واالطمان باألنييىا والمرسىلين‪،‬‬
‫هللا‪ .‬تعالى‪ -‬واالطمان باليوم اآلخر‪ ،‬واالطمان بالقنا والقدر‪.‬‬ ‫واالطمان بكت‬
‫‪ -‬أثر العقيدة في الفرد‪ :‬ت ىرر الفىرد مىن عيودطىة غيىر هللا تعىالى‪ ،‬وت ىرر االنسىان مىن‬
‫واألوهىىام‪ ،‬وت ىىرر االنسىىان مىىن الجشىىع واألنانيىىة والظلىىم‪ ،‬وت قىىق فىىي كيىىان‬ ‫الخ ارفىىا‬
‫االنسىان االننىباط والمسىؤولية واالسىتقامة‪،‬‬ ‫االنسان العزة وال رامة وال ريىة‪ ،‬وت سى‬
‫وتىدفع صىاحيها الىىى التنى ية واليى ل والععىا ‪ ،‬وت قىىق فىي نفىىس االنسىان العمينينىىة‬
‫والراحة والسكينة‪.‬‬
‫‪ -‬وأمىىا أثرهىىا علىىى المجتمىىع‪ :‬فهىىي تنش ى مجتمعىىا مترابعىىا‪ ،‬وتؤسىىس مجتمعىىا عالميىىا‪،‬‬
‫وتوند مجتمعا نظيفا متعاونا‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫نظام العبادة‬

‫وف ع ثسث مباحث‪:‬‬

‫ال بيث األول‪ :‬تعريف العبادة‪.‬‬

‫ال بيث الثاني‪ :‬غام العبادة وحم يها‪.‬‬

‫ال بيث الثالث‪ :‬خمائص العبادة في اإلسسإ ومزاماها‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫األهداف واملهارات‬

‫يرمي هذا الفمح ىلج تيقوق األهّاف وال ها ات اليال ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬األهّاف‬

‫‪ .1‬معرفة مفهوم العبادة الص ي ة في نظر اإلسالم‪.‬‬


‫‪ .2‬التعرف على أهداف العبادة‪.‬‬
‫األخرى‪.‬‬ ‫الدطانا‬ ‫‪ .3‬باين ما طميز العبادة في اإلسالم عن العبادة ف‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات والخبرات‬

‫كما أرادها هللا تعالى‪.‬‬ ‫‪ .1‬القيام بيدا العبادا‬


‫‪ .2‬ت قيق المقاصد التي من أنلها شرعم العبادة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المبحث الأول‬

‫تعريف العبادة‬

‫العبادة في اللغ ‪:‬‬


‫هىىىي مىىىن الفعىىىل (عبااااّ بمعن ىىى‪ :‬خنى ىىع وتى ى لل‪ ،‬وعليىىىه فالعبى ىىادة هىىىي اليااااذلح‬
‫والخاو والطاع ‪.1‬‬

‫وهي في االصطسح‪:‬‬
‫هىىي فعااح ال ملااف علاااج خااسف هاااور نفبااع تعظ ااا لرباااع‪ ،2‬أوهىىي حاا أ‪ .‬تعاااالج‪.‬‬
‫والخاو واليذلح لع‪.3‬‬
‫الظىىاهرة والبا نىىة‬ ‫علىىى كافىىة التصىرفا‬ ‫والعبىىادة فىىي ال قيقىىة معناهىىا ومفهومهىىا تنسى‬
‫التي طقىوم بهىا اإلنسىان ميتًيىًا مىن ورائهىا مرضىاة هللا تعىالى‪ ،‬ويسىتوي فىي كلىم أن تتعىدد‬
‫لتتسع فتشمل‪ :‬الصىالة والزكىاة والجهىاد و اعىة الوالىدين‬ ‫والتصرفا‬ ‫أصناف الممارسا‬
‫الىىو ن وإتقىىان‬ ‫وصىىلة األرحىىام والنفقىىة علىىى األقىىارب وني ى األنانيىىة وإيثىىار اآلخ ىرين وح ى‬
‫ال ىىالل‪ ،‬وك ى لم التعىىاون واألمىىر بىىالمعروف والنهىىي عىىن المن ىىر‬ ‫العمىىل والسىىعي لل س ى‬
‫وإكرام الجار والنيف وإما ة األكى عن العريق وتعلم السباحة والرماطة والتمر بفنون‬
‫ال ىىرب والقتىىال‪ ،‬حتىىى التبس ىىم فىىي ونىىه المسىىلم عنىىد لقائىىه كىىل كلىىم يىىدخل فىىي العبىىادة‬
‫بمفهومها الواسع الشامل‪.4‬‬

‫‪‌1‬الرازي‌‪‌:‬مختار‌الصحاح‌ص‌‪‌،‌172‬الفيومي‪‌:‬المصباح‌المنير‌ص‪‌ .389‬‬
‫‪‌2‬المبارك‪‌:‬نظام‌اإلسالم‌ص‌‪.56‬‬
‫‪‌3‬المرجع‌السابق‌نفس‌الصفحة‪.‬‬
‫‪‌4‬أمير‌عبد‌العزيز ‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌مدخل‌إلى‌الدين‌اإلسالمي‪‌،‬ص‌‪‌ .276‬‬
‫‪58‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫غاية العبادة وحكمتها‬


‫ثمة معان وحقىائق طمكىن ادراكهىا فىي ضىو المعنىي ال قيقىي للعبىادة‪ ،‬ويمكىن انمالهىا‬
‫ميما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تيقوق العبودم هلل وحّ ‪ :‬وكلم بمعنىى أن ت ىون العيودطىة مىن االنسىان هلل الخىالق‬
‫وحىىده دون س ىواه‪ ،‬وكلىىم ليجىىد االنسىىان نفسىىه مسىىوقا عىىن واةيىىة هلل رب العىىالمين‪،‬‬
‫وال ي تلين له القلوب وتخشع‪.‬‬ ‫فاّلِل هو الخالق ال ي يتعيد له النا‬
‫‪ ‬وإكا أحس االنسان ب قيقة العيودطة تمع مشىاعره وحسىه ووندانىه‪ ،‬وأحىس كى لم أنىه‬
‫عيد هللا‪ ،‬فان كلم ط قق له تمىام الت ىرر مىن كىل سىلعان غيىر سىلعان هللا‪ .‬تعىالى‪.‬‬
‫بالت ىىالي ال ىىى ك ىىائن ار متمي ىىز‪ ،‬ال‬ ‫وم ىىن ك ىىل قي ىىود األرض والش ىىر‪ ،‬ولس ىىوف ينقلى ى‬
‫والشهوا ‪.1‬‬ ‫تسوقه األهوا واالن رافا‬
‫‪ -2‬تغذمااا الك اااان الروحاااي فاااي االنباااان‪ :‬ان الجسىىد والىىروب حقيقتىىان مائلتىىان يت ىىون‬
‫منهم ىىا االنس ىىان‪ ،‬ول ىىل م ىىن هى ى ين الجى ىزأين غى ى ااه ودوااه وم ىىا طالئم ىىه م ىىن أس ىىباب‬
‫وللجسىىد مىىا طقومىىه وينميىىه ويرعىىاه مىىن أسىىباب المععىىم‬ ‫الرعاطىىة والصىىيانة والته ى ي‬
‫والمشىىرب والملىىبس‪ ،‬وغيىىر كلىىم مىىن دروب االمتىىا والتىىرويا‪ ،‬وكى لم ان للىىروب مىىا‬
‫ط ىىديها وينميه ىىا‪ ،‬كيم ىىا تتهى ى ب وتترعىىىر حت ىىى ال تخيىىىو وال ت ىىن مح‪ ،‬وال تشىىىقى أو‬
‫ت تئ ‪.‬‬
‫رئيسي وأساسي فىي ت طىة الىروب‪ ،‬وفىي تنميتهىا لتظىل حيىة‬ ‫وال شم أن العبادة سي‬
‫العظىيم فىي‬ ‫مكتملة اليقظة والوعي‪ ،‬دائمة ال ركة والفاعليىة والتىيثير‪ ..‬وهى ا الجانى‬
‫بينواعهىىا وضىىرواها‪ ،‬مىىن صىىالة‬ ‫االنسىىان‪ .‬الىىروب‪ .‬انمىىا يت ى ى عىىن ريىىق العبىىادا‬

‫‪‌-‌1‬أمير‌عبد‌العزيز‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‪‌،‬ص‌‪‌.277‬‬
‫‪59‬‬
‫ص ىىيام وإلي ىىام وتنق ىىل ودع ىىا وت ىىالوة ق ىىرن واست ن ىىار دائ ىىم لى ى كر هللا‪ .‬تع ىىالى‪ .‬ف ىىي‬
‫النفس‪ ،‬وكل كلم يؤثر أشد تيثير في ت طة ال ائن الروحي ليكون مؤث ار فعاال‪.1‬‬
‫‪ -3‬تقوي ا اإل ادة ومبااانّة االنبااان فااي معرف ا الي اااة‪ :‬ان العبىىادة بيركانهىىا وأنزائهىىا‬
‫تركز فىي االنسىان حقيقىة العيودطىة‪ ،‬ليجىد نفسىه مت ى ار مىن كافىة القىوى‪ ،‬وليجىد نفسىه‬
‫أن كلم يرسىا فىي المسىلم‬ ‫أطا كانم‪ ،‬وال ري‬ ‫عيدهللا وحده وليس غيره من ال ائنا‬
‫التىىي تمىىع‬ ‫والفىىتن‪ ،‬أو أمىىام النىواز والم ريىىا‬ ‫قىوة اإلرادة التىىي ال تلىىين أمىىا النائبىىا‬
‫شىين كييىر فىي حياتىه كلهىا‪ ،‬فاإلنسىان القىوي طظىل‬ ‫ال ياة‪ ،‬واإلرادة في االنسىان كا‬
‫متينىىا فىىي عزيمتىىه‪ ،‬متماسىىكا فىىي ونىىه الشىىدائد والمواقىىا ‪ ،‬فىىال طميىىل أو يهىىوي‪ ،‬وال‬
‫طنل ويتيرنا‪ ،‬وال يتلجلج في وهاد ال يرة والنعظ والسقوط‪.‬‬
‫‪ ‬وما من شم ان اإلرادة تتقوى بالعبادة على اختالف أنزائها وقواعدها وأفرعها‪.2‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫خصائص العبادة في الإسلام ومزاياها‬

‫ثمة خصائص ومزاطا تتميىز بهىا العبىادة فىي اإلسىالم‪ ،‬ويمكىن أن نعىرض لهىا فىي األمىور‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬العبااادة ال تكااون اال هلل وحااّ ‪ :‬وهى ه بمثابىىة الركيىزة األولىىى التىىي تميىىز العبىىادة فىىي‬
‫مفهوم اإلسالم‪ ،‬وهي ركيزة تتمثل في التوحيد األكمل هلل وحده دون شريم‪ ،‬وقد أكىد‬
‫ىان َي ْر ُنىىوا لَقىىا َ َراىىه َفْلَي ْع َمى ْىل َع َمى ًىال‬
‫القىىرن كلىىم فىىي طاتىىه‪ ،‬فقىىال‪ .‬تعىىالى‪َ ﴿ .‬ف َمى ْىن َكى َ‬
‫َح ًدا﴾‪.3‬‬
‫صال ً ا َوَال ُط ْشر ْر بعَب َادة َراه أ َ‬
‫َ‬

‫‪ ‌-‌1‬أمير‌عبد‌العزيز‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.278‬‬
‫‪‌-‌2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‌‪.279‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌الكهف‪‌،‬من‌اآلية‌‪.110.‬‬
‫‪60‬‬
‫‪ ‬ومىىن ثمىىار هى ه الميىزة أن اإلسىىالم حىىرم كىىل مىىا يىىؤدي الىىى ةبىىادة غيىىر هللا‪ .‬تعىىالى‪.‬‬
‫كت ىريم الركىىو أو السىىجود ل ي ىره‪ ،‬وت ىريم ال بي ىىة التىىي ككىىر عليهىىا اسىىم غيىىر اسىىم‬
‫هللا‪ .‬تعالى‪ .‬وك لم ت ريم ال لظ ل ير هللا‪.‬‬
‫‪ ‬وعليه فان العبادة في اإلسىالم توميقيىة‪ ،‬أي يوقىظ بهىا عنىد ال ىدود التىي حىددها هللا‬
‫علىىى كىىون العبىىادة توإلي يىىة أم ىران‬ ‫سىىب انه وتعىىالى‪ .‬وفعلهىىا النيىىي ﷺ‪ ،‬ويترتىى‬
‫هما‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬ال مجال فيها للزيادة أو النقصان أو التعديل أو الت ييىر‪ ،‬أمىا اخىتالف الفقهىا فىي‬
‫العبادة فمرده اال االختالف بينهم في ثيو النصوص‪.‬‬ ‫بعض تفصيال‬
‫ب‪ ‌-‬انهىىا ال تعل ىىل بعل ىىه‪ ،‬فىىال طعل ىىل الوض ىىو مىىثال بين ىىه م ىىن أنىىل النظاف ىىة‪ ،‬وال تعل ىىل‬
‫الصىالة بينهىا مىن أنىىل الرياضىة الجسىمية‪ ،‬وال طعلىل الصىىوم بينىه مىن أنىل الفائىىدة‬
‫الص ية ‪ ...‬فه ه كلها فوائد وليسم علال في التشريع‪ ،‬ألن العلل خ ية ال طعلمها‬
‫اال هللا‪ .‬تعالى‪.1‬‬
‫‪ -2‬العبادة ال وساط فوها ون أ‪ .‬تعالج‪ .‬وببااد ‪ :‬فهىي صىلة بىين العيىد وراىه‪ ،‬وال‬
‫األخىىرى‪ ،‬فلىىيس فىىي اإلسىىالم رنىىال ديىىن أو‬ ‫ت تىىال الىىى وسىىا ة كمىىا فىىي الىىدطانا‬
‫أرااب شعائر‪.‬‬
‫‪ ‬ومن ثمار ه ه الميزة أن االنسان يتصل بخالقه مباشرة دون واسعة أحىد مىن العبىاد‬
‫أطا كانوا‪.‬‬
‫‪ -3‬ال معباّ أ‪ .‬تعااالج‪ .‬اال ب ااا شاار ‪ :‬مىن المبىىاد التىي دعىىا اليهىا اإلسىىالم أن طعيىىد‬
‫الفىىرد راىىه فىىي ال ىىدود التىىي رسىىمها لىىه‪ ،‬فىىال طكفىىي فىىي العبىىادة أن ت ىىون هلل وحىىده‪،‬‬

‫‪‌-‌1‬أمير‌عبد‌العزيز‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.73‬‬
‫‪61‬‬
‫أن ت ىىون بالصىىورة التىىي شىىرعها هللا‪ ،‬واال ي يىىة التىىي ارتنىىاها‪ ،‬اك ال‬ ‫وانمىىا طج ى‬
‫من أهوا وظنون‪.‬‬ ‫طجوز ةبادة هللا‪ .‬تعالى‪ .‬وفق ما ابتد النا‬
‫وقىىد حى ر الرسىىول ‪ ‬مىىن كىىل بدعىىة فىىي الىىدين والعبىىادة‪ ،‬فقىىال‪" : ‬أمااا بعااّ فااان‬
‫خور اليّيث دياب أ‪ ،‬وخور الهّر هّر مي ّ‪ ،‬وشار األماو مياّثاتها‪ ،‬وداح‬
‫ّع ضسل "‪ ،1‬وقال ‪ ":‬من أحّث في أمرنا ما ل س ف ع فهو د"‪.2‬‬
‫‪ ‬وعلى المسلمين أن يلتزموا بعريق الرسول ‪ ‬ونهج ةبادته‪ ،‬تنفي ا ألمر هللا تعالى‪.‬‬
‫ىور‬
‫َّللاُ َغُف ى ٌ‬
‫ىوا ُ ْم َو َّ‬ ‫َّللا َف ىىاتَّب ُعوني ُط ْ ي ى ْىب ُ ُم َّ‬
‫َّللاُ َوَي ْ فىى ْىر َل ُ ى ْىم ُكُنىى َ‬ ‫﴿ ُق ى ْىل إ ْن ُك ْن ىىتُ ْم تُ ُّي ىىو َن َّ َ‬
‫يم ﴾‪ 3‬فالدين كامل ال طقيل الزيادة أو النقصان‪.4‬‬ ‫َرح ٌ‬
‫‪ -4‬العبااادة تقااوإ علااج ال باار و فااع الياارج‪ :‬تمتىىاز العبىىادة بيسىىرها واعىىدها عىىن حىىرل‬
‫المكلفىىين بهىىا‪ ،‬فىىالتيمم بىىديل عىىن الوضىىو عنىىد النىىرورة كانعىىدام المىىا أو ضىىرره‬
‫فىىي عنىىو مىىن أعنىىائه كيىىد أو‬ ‫باإلنسىىان‪ ،‬والمسىىا علىىى الجييىرة بىىديل لمىىن أصىىي‬
‫قدم‪ ،‬والترخيص باإلفعار‬
‫عن السىفر والمىرض وغيرهىا ‪ 5‬وفىي كلىم طقىول هللا‪ .‬تعىالى‪ُ ﴿ .‬يري ُىد َّ‬
‫َّللاُ ب ُك ُىم اْلُي ْس َىر‬
‫يد ب ُك ُم اْل ُع ْس َىر ﴾ ‪ 6‬ويقىول ﴿ َمىا ُيري ُىد َّ‬
‫َّللاُ لَي ْج َع َىل َعَل ْىي ُ ْم م ْىن َح َىرل َوَل ْىن ُيري ُىد‬ ‫َوَال ُير ُ‬
‫عه ى َىرُك ْم ﴾‪ 7‬ويق ىىول الني ىىي ‪ " ‬ان ال ىىدين طس ىىر ول ىىن طش ىىاد ال ىىدين أح ىىد اال غلب ىىه‬
‫لُي َ‬
‫فسددوا وقاراوا وأبشروا واستعينوا بال دوة والروحة وشي من الدلجة "‪.8‬‬

‫‪‌-‌1‬صحيح‌مسلم‌بشرح‌النووي‌‪.153‌/2‬‬
‫‪‌-‌2‬رواه‌البخاري‌في‌الفتح‌‪‌.355‌/‌2‬‬
‫‪-‌3‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬اآلية‌‪‌ .31‬‬
‫‪-‌4‬أمير‌عبد‌العزيز‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.73‬‬
‫‪-‌5‬المرجع‌السابق‌ص‪.74‬‬
‫‪-‌6‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.185‬‬
‫‪-‌7‬سورة‌المائدة‌اآلية‌‪‌ .6‬‬
‫‪-‌8‬صحيح‌البخاري‌‪‌،23/1،‬ح‪‌ .39‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ -5‬ال ا واإلخااسص أساااس قبااول العبااادة‪ :‬ليسىىم العي ىرة بمظىىاهر العبىىادة وأشىىكالها‪،‬‬
‫ىال‬
‫وانما النية واإلخىالص‪ ،‬ويؤكىد كلىم قىول هللا تعىالى‪ :‬فىي شىين األضى ية ﴿ َل ْىن َيَن َ‬
‫اا َها َوَل ْن َيَناُل ُه التَّْقَوى م ْن ُ ْم ﴾ ‪.1‬‬
‫وم َها َوَال د َم ُ‬
‫َّللا ُل ُ ُ‬
‫َّ َ‬
‫‪ ‬فاّلِل سب انه يثي االنسان إكا نوى فعل الخير حتى ولىو لىم طقىم بىه‪ ،‬وال ط اسىبه إكا‬
‫القيىول لععمىىال‬ ‫نىوى ف ىل الشىىر وتوقىظ عىن تنفيى ه‪ ،‬والنيىي ‪ ‬ييىين لنىىا أن مقيىا‬
‫ب يىر ت قىق النيىة ال تسىاوي شىيئا فىي‬ ‫نميعا هو ونود النية وأن األعمال والعبادا‬
‫مي ازن هللا‪ ،‬قال عليه السالم " انما األعمال بالنيا ‪ ،‬وانما ل ىل امىر مىا نىوى‪ ،‬فمىن‬
‫كانىىم هجرتىىه الىىى هللا ورسىىوله فهجرتىىه الىىى هللا ورسىىوله‪ ،‬ومىىن كانىىم هجرتىىه لىىدنيا‬
‫‪2‬‬
‫طصييها أو امرأة ين ها فهجرته الى ما هانر اليه "‬

‫وهمذا‪ ،‬فان العبادة في اإلسالم تشىمل كيىان االنسىان كلىه‪ ،‬فالمسىلم طعيىد هللا بف ىره وقلبىه‬
‫ولسىىانه‪ ،‬واسىىمعه واص ىره‪ ،‬وانفسىىه واسىىائر حواسىىه‪ ،‬وامالىىه ومفارقىىة أهلىىه وو نىىه للقي ىىام‬
‫بعبادة هللا وتنفي أوامره ابت ا مرضاته‪ ،‬كال ج والعمرة والجهاد‪.3‬‬

‫‪-‌1‬سورة‌الحج‌اآلية‌‪.37‬‬
‫‪-‌2‬صحيح‌البخاري‌‪‌،2/1‬ح‪.1‬‬
‫‪-‌3‬أمير‌عبد‌العزيز‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.75‬‬
‫‪63‬‬
‫تذكر‬
‫الفمح الثاني‪ :‬نظاإ العبادة‪:‬‬
‫‪ -‬العبىادة فىىي الل ىىة هىي مىىن الفعىىل (عيىد) بمعنىىى‪ :‬خنىىع وتى لل‪ ،‬وعليىىه فالعبىىادة‬
‫هي الت لل والخنو والعاعة‪.‬‬
‫‪ -‬وهىىي فىىي االصىىعالب‪ :‬فعىىل المكلىىظ علىىى خىىالف هىىوى نفسىىه تعظيمىىا لراىىه‪،‬‬
‫هللا‪ .‬تعالى‪ .‬والخنو والت لل له‪.‬‬ ‫أوهي ح‬
‫‪ -‬غاطة العبادة في اإلسالم تتلخص في ت قيق العيودطىة هلل وحىده‪ ،‬وت طىة ال يىان‬
‫الروحى ىىي فى ىىي االنسى ىىان‪ ،‬وتقويى ىىة اإلرادة ومسى ىىاعدة االنسى ىىان فى ىىي التعى ىىرف على ىىى‬
‫ال ياة‪.‬‬
‫‪ -‬وأم ىىا خص ىىائص العب ىىادة ومزاطاه ىىا فه ىىي أن العب ىىادة ال ت ىىون اال هلل وح ىىده‪ ،‬وال‬
‫واس ىىعة ف ىىي العب ىىادة ب ىىين هللا تع ىىالى وا ىىين ةب ىىاده‪ ،‬وأال طعي ىىد هللا اال بم ىىا ش ىىر ‪،‬‬
‫وك لم فان العبىادة تقىوم علىى اليسىر ورفىع ال ىرل‪ ،‬ومىن خصىائص العبىادة فىي‬
‫قيولها‪.‬‬ ‫اإلسالم أطنا أن النية واإلخالص أسا‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫نظام األخالق‬
‫وف ع ثسث مباحث‪:‬‬

‫ال بيث األول‪ :‬تعريف األخسو‪.‬‬

‫ال بيث الثاني‪ :‬خمائص نظاإ األخسو في اإلسسإ‪.‬‬

‫ال بيث الثالث‪ :‬ع ام اإلسسإ باألخسو وأثرها في ال فس الباري ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫األهداف واملهارات‬

‫يرمج هذا الفمح الج تيقوق األهّاف وال ها ات اليال ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‪:‬‬
‫‪ -1‬بيان مفهوم اإلسالم لعخال ‪.‬‬
‫‪ -2‬التعرف على منزلة األخال في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -3‬معرفة كي ية تفاعل األخال في النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -4‬بيان اهتمام اإلسالم باألخال ‪.‬‬
‫‪ -5‬بيان أثر األخال على السلور الفردي والجماعي‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات والخبرات‪:‬‬

‫‪ -1‬التزام األخال التي أمر هللا بها‪.‬‬


‫‪ -2‬دعوة اآلخرين الى التزام مكارم األخال ‪.‬‬
‫‪ -3‬تراية النشي على األخال ال ميدة‪.‬‬
‫ومعاملة اآلخرين‪.‬‬ ‫‪ -4‬تعلق قواعد اللباقة في معاملة ال ا‬

‫‪66‬‬
‫المبحث الأول‬

‫تعريف الأخلاق‬
‫وه ىىو ك ىىائن‬ ‫ان ال ىىائن البش ىىري ةبىىىارة ع ىىن مى ىزيج م ىىن المش ىىاعر واالحساس ىىا‬
‫بعبعة‪ ،‬ول لم فهو سرعان ما يتيثر بكل ما حوله‪ ،‬وكل مىن حولىه‪ ،‬مىع اخىتالف‬ ‫حسا‬
‫في التيثير الواقع عليىه‪ ،‬تبعىا لقىوة المىؤثر او ضىعفه‪ ،‬وتبعىا إلطجابياتىه او سىليياته‪ ،‬ثىم إن‬
‫ه ا التيثير قد طستقر في نفس الشخص اما لقوته والمبال ة ميه‪ ،‬واما لت ارره التعود عليىه‬
‫ويصىىبا نىىز ا مىىن الىىنفس‪ ،‬وصىىفه مىىن صىىفاتها‪ ،‬واتىىالي يىىنعكس هى ا التىىيثير عمليىىا علىىى‬
‫ه ا الفرد‪.‬‬ ‫سلور وتصرفا‬

‫فقىىد طسىىخى االنسىىان بمالىىه مىىن انىىل عمىىل الخيىىر‪ ،‬فنىىرى ان نتيجىىة ه ى ا السىىخا‬
‫تىىنعكس علىىى مىىن اصىىابهم ه ى ا الخيىىر‪ ،‬امىىا فرحىىا وسىىرو ار ‪ ،‬وامىىا دعىىا ً لىىه وشىىكرا‪ ،‬وامىىا‬
‫شعو ار في نفسه هو بالرضىا وال ارحىة وامىا حمىدا مىن النىا واعجابىا بهى ا السىخا وال ىرم‪،‬‬
‫فيىىؤثر كلىىم كلىىه فىىي نفىىس كلىىم السىىخي‪ ،‬ويسىىتقر فيهىىا فيتعىىوده‪ ،‬أو يترنمىىه عمليىىا علىىى‬
‫طصبا كلم السخا وال رم من ييعته وصىفه لىه‪ ،‬مىيعلم النىا‬ ‫تصرفاته وسلوكه‪ ،‬ب ي‬
‫كلم منه‪ ،‬ويصفونه به ه الصفة التي رأوها ميه راي العين‪.‬‬

‫الخلقيىة فىي‬ ‫ومن ه ه المقدمة نستعيع أن نستنتج تعريفا لعخال وكي ية تونيه اليواع‬
‫النفس اإلنسانية‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫تعريف األخسو‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬األخسو في اللغ ‪ :‬هي نمىع (خلىق) وهىو السىجية‪1‬؛ أي الخصىلة التىي يتصىظ بهىا‬
‫االنسان‪ ،‬تقول فالن سجيته الصد ‪ ،‬أي الصد صفة ميه‪.‬‬
‫ب‪ ‌-‬األخسو في االصطسح‪ :‬هي هيئة راسخة في النفس تصدر عنهىا األفعىال بسىهولة‬
‫ويسر من غير حانة الى ف ر وروية‪.2‬‬

‫شرح اليعريف‪:‬‬
‫خلىق هللا تعىالى‬ ‫ان ه ا التعريف يدل بوضىوب علىى أن األخىال أمىر فعىري‪ ،‬حيى‬
‫والن ىواب التىىي ط ت ىال اليهىىا فىىي‬ ‫االنسىىان‪ ،‬وضىىمن نفسىىه كىىل مىىا ت تانىىه مىىن اليواع ى‬
‫تونيىىىه سىىىلوكه وتصى ىرفاته أثن ىىا إليامىىىه بتنفي ى ى أوامى ىره ونواويىىىه بسىىىهولة ويسىىىر‪ ،‬كلى ىىم أن‬
‫األخال كما سنرى هي‪:‬‬
‫ضوابط موكودة داخح ال فس اإلنبان ‪ ،‬طمكنها أن تت كم في سلور االنسان وتصرفاته‬
‫الواقعة عليها‪.‬‬ ‫المؤث ار‬ ‫إطجابا أو سلبا‪ ،‬ب س‬
‫وعلىىى كلىىم فالمقصىىود بقولىىه " هوئ ا " هىىو الصىىفة التىىي ت ىىون عليهىىا نفىىس االنسىىان عنىىد‬
‫تعامله مع غيره من النا ‪ ،‬فقد طقال ان فالنا كريم في تعامله مع غيىره‪ ،‬أو أنىه صىاد ‪،‬‬
‫أو م سن‪ ،‬فال رم والصد واإلحسان‪ ،‬هي أخال قد يتصظ بها أو بيحدها فىرد معىين‪،‬‬
‫السىىليية‪،‬‬ ‫فت ىىون صىىفة لنفسىىه ‪...‬ونفىىس ه ى ا طقىىال لىىو كانىىم ه ى ه األخىىال مىىن الصىىفا‬
‫كال ب أو ال ح أو الخيانة مثال‪.‬‬
‫والمىراد بقولىىه " اسااخ " أن مسىىتقرة فىىي الىىنفس‪ ،‬وهى ا طعنىىي أن الخلىىق نىىز مىىن مكونىىا‬
‫النفس اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ ‌-‌1‬ابن‌زكريا‪‌:‬معجم‌المقاييس‌في‌اللغة‌مادة‌(خلق)‌‪.‬‬
‫‪‌-‌2‬الغزالي‪‌:‬احياء‌علوم‌الدين‌‪.53‌/3‬‬
‫‪68‬‬
‫وأمىىا الىىنفس اإلنسىىانية فالمقصىىود بهىىا كلىىم الجىىز المعنىىوي فىىي ال ىىائن البشىىري‪،‬‬
‫وال ارئىىز المودعىىة فىىي‬ ‫واالنفعىىاال‬ ‫والى ي هىىو ةبىىارة عىىن خلىىي مىىن المشىىاعر والرغبىا‬
‫فعرة ال ائن البشري‪.1‬‬
‫وإكا عرفم كلم‪ :‬فان الصفة الخلقية إكا رسخم واستقر فىي نفىس ال ىائن البشىري فينهىا‬
‫ال م الىىة‪ .‬كمىىا أسىىلفنا‪ .‬تصىىبا نىىز ا مىىن هى ه الىىنفس‪ ،‬أو هىىي نىىز ا مىىن هى ه الىىنفس‪ ،‬أو‬
‫الفىىرد تلقائيىىا‪ ،‬تمامىىا كمىىا يىىؤثر فىىي‬ ‫هىىي نىىز أصىىيل فىىي هى ه الىىنفس‪ ،‬يىىؤثر فىىي تصىرفا‬
‫يتونه الى األكل أوالي الشىرب عنىدما طشىعر بال انىة‬ ‫احساسه بالجو أو الععح‪ ،‬حي‬
‫اليها‪.‬‬

‫ومىىن خىىالل ه ى ا التعريىىف طمكننىىا أن نسىىتخلص المواقىىظ التىىي طمىىر بهىىا ال ىىائن‬
‫البشىري حتىى طعمىىل بمقتنىى مىىا أود فىي فعرتىه مىىن أخىال إطجابيىىة أو أخىال سىىليية‪،‬‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫مراحل توجيه الخلق في النفس الإنسانية إيجابا أو سلبا‪:‬‬


‫فعرية أصيلة في النفس اإلنسانية‪ ،‬ب ض النظر عن كونها‬ ‫قلنا ان األخال هي صفا‬
‫اطجابيىة أو سىىليية‪ ،2‬ول ىىن قىىد طعمىل االنسىىان بمقتنىىى أحىىد هى ين النىىوعين امىىا بىىاألخال‬
‫اإلطجابية أو األخال السليية‪ ،‬ف يف طكون كلم‬

‫‪ ‌-‌1‬محمد‌قطب‪‌:‬منهج‌التربية‌اإلسالمية‌ص‌‪.104‬‬
‫‪ -‌2‬لننيس‌مننن‌الغريننب‌أن‌نقننول‌إن‌النننفس‌اإلنسننانية‌قنند‌أودعننت‌األخننالق‌اإليجابيننة‌واألخننالق‌السننلبية‌‬
‫أصالة‪‌،‬وهذا‌ليس‌تناقضا‪‌،‬بل‌هو‌تقابل‌في‌النفس‌اإلنسانية‌من‌أجل‌حفظ‌توازنهنا‪‌،‬فنال‌أحند‌يسنتطيع‌‬
‫أن‌ينكنر‌أن‌االنسنان‌يحنب‌ويكننره‪‌،‬واننه‌يغضنب‌ويرضننى‌ويبخنل‌ويسنجى‪‌،‬ويحننب‌نفسنه‌كمنا‌يحننب‌‬
‫الجماعة‌التي‌يعيش‌فيها‪‌،‬فهنذا‌التقابنل‌بنين‌الحنواس‌والمشناعر‌والرغبنات‌منا‌كنان‌اال‌لحكمنة‌أرادهنا‌‬
‫الخالق‪‌.‬سبحانه‌وتعالى‪‌.‬وهي‌كما‌قلنا‪‌:‬حفظ‌توازن‌النفس‌البشرية‪‌،‬فال‌يحب‌االنسان‌أكثر‌مما‌ينبغي‌‬
‫وال‌يكره‌أكثر‌مما‌ينبغني‪‌،‬ويعنيش‌الواقنع‌بقندر‪‌،‬والخينال‌بقندر‌مناسنب‪‌،‬و"‌ان‌منن‌عجائنب‌التكنوين‌‬
‫البشري‌تلك‌الخطوط‌المتقابلة‌المتوازنة‪‌،‬كل‌اثنين‌منها‌متجاوزان‌فني‌الننفس‪‌،‬وهمنا‌فني‌الوقنت‌ذاتنه‌‬
‫مختلفننات‌فنني‌االتجنناه‪‌:‬الخننوف‌والرجنناء‪‌،‬الحننب‌والكننره‪‌..‬الننب‌كلهننا‌خطننوط‌متقابلننة‌ومتوازيننة‪‌.‬وهنني‌‬
‫باختالفهننا‌فنني‌ذلننك‌وتقابلهننا‪‌.‬تننلدي‌مهمتهننا‌فنني‌ربننط‌الكننائن‌الب شننري‌بالحينناة‌‪‌...‬وفننوق‌ذلننك‌يحنندث‌‬
‫التوازن‌في‌داخل‌النفس‪‌"..‬محمد‌قطب‪‌:‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌.127‌،126‬‬
‫‪69‬‬
‫الخارنيىة التىي يتعىرض لهىا االنسىان مىىن‬ ‫وللجىواب علىى هى ا السىؤال نقىول‪ :‬ان المىىؤث ار‬
‫مثل التراية أو الثقافة أو الييئة الم يعة‪ ،‬أو العوامىل النفسىية التىي يتعىرض لهىا كىل هى ه‬
‫الخلقية في النفس وكلم كما يلي‪:‬‬ ‫المؤث ار تعمل على اثارة الصفا‬

‫‪ -1‬الي ثر بالخور والار‪:‬‬


‫الى ي طشىكل ماهيتىه فىي الىنفس مىن حيى‬ ‫مرحلة مهمة فىي تونيىه الخلىق‪ ،‬ألنهىا األسىا‬
‫ال ى ر فىىي ه ى ه المرحلىىة مىىن تىىيثر الفىىرد بىىالمواقظ‬ ‫اإلطجابيىىة أو السىىليية‪ ،‬وعليىىه ميج ى‬
‫ال ىرص علىى مقاومتهىا‪ ،‬وعىدم اسىتقرارها فىي الىنفس وهى ا يتعلى‬ ‫السليية السيئة‪ ،‬ويج‬
‫م ىىن الف ىىرد أن طك ىىون دائم ىىا ق ىىوي اإلرادة‪ ،‬ال طن ىىعظ أمى ىام مواق ىىظ الش ىىر وحريص ىىا عل ىىى‬
‫قيي ة‪.‬‬ ‫مقاومة شهواته وأهوائه‪ ،‬وكل ما طمكن أن يتعرض له من تيثي ار‬
‫النصوص القرنيىة ال ثيىرة التىي تيىين لإلنسىان مواقىظ ضىعفه وكىل‬ ‫ومن أنل كلم نا‬
‫مىىا طمكىىن أن ط ريىىه ويىىؤثر عليىىه‪ ،‬فيىىؤدي إلىىى النىىعظ والتخلىىق بىىيخال سىىيئة يرتنىىيها‬
‫ىق‬
‫لنفسىىه‪ .‬فيىىين لىىه القىىرن كىىل كلىىم لين يىىه وي ىى ر منىىه‪ ،‬وكلىىم مىىن مثىىل تعىىالى ﴿ َو ُخل ى َ‬
‫‪1‬‬
‫ضع ًيفا ﴾‬‫ان َ‬ ‫ْاإل ْن َس ُ‬
‫أن‬ ‫فهى ه اآلطىىة تيىىين أن االنسىىان مخلىىو ضىىعيف‪ ،‬وهى ه قاعىىدة عامىىة‪ ،‬وعليىىه فانىىه طجى‬
‫طكون دائما منتيهىا لهى ا النىعظ‪ ،‬وي ى ر أن طسىوقه الهىالر‪ ،‬وكى لم قولىه تعىالى ﴿ ُزي َىن‬
‫ع َىرة م َىن الى َّ َه َواْلف َّ‬
‫نىة َواْل َخْيىل‬ ‫ىين َواْلَقَنىا ير اْل ُمَق ْن َ‬
‫الشى َهَوا م َىن الن َسىا َواْلَين َ‬ ‫ل َّلنا ح ُّ َّ‬
‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫َّللاُ ع ْن َدهُ ُح ْس ُن اْل َمَآب ﴾‬ ‫اْل ُم َس َّو َمة َو ْاأل َْن َعام َواْل َ ْرث َكل َم َم َتا ُ اْل َ َياة ُّ‬
‫الد ْنَيا َو َّ‬
‫فه ه اآلطة تيين أن النسا والينين واألموال بينواعها رغىم اباحتهىا اال أنهىا أمىور فىي نظىر‬
‫ابىىن دم‪ ،‬وعليىىه فىىال ينب ىىي لىىه أن ينسىىا و ار زينتهىىا‪ ،‬فيتجىىاوز ال ىىد ال ى ي مىىن أنلبىىه‪،‬‬
‫االنسىان للنسىا إكا تجىاوز ال ىد المشىرو لىه فانىه ط ولىه الىى انسىا و ار شىهواته‪،‬‬ ‫ف‬

‫‪-‌1‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌.28‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌آل‌عمران‌اآلية‌‪.14‌،‬‬
‫‪70‬‬
‫الفىرد لمالىه إكا كىان ازئىدا عىن‬ ‫وقد طكسبه كلم أخالقا رديئة قد ال يرتنىيها لنفسىه‪ ،‬وحى‬
‫المباب فانه طكسبه خلق البخل وغير كلم‪.‬‬
‫ىيرةٌ ﴾‪ 1‬وقولىىه تعىىالى ﴿َفى َىال َت ُ ى َّىرَّن ُ ُم‬
‫ىان َعَلىىى َنْفسىىه َبصى َ‬
‫وأطنىىا قولىىه تعىىالى ﴿ َبىىل ْاإل ْن َسى ُ‬
‫ور﴾‪ 2‬حي ط لو سي النصان من ص بة السىو ومىن‬ ‫الد ْنَيا َوَال َط ُ َّرَّن ُ ْم ب َّ‬
‫اّلِل اْل َ ُر ُ‬ ‫اْل َ َياةُ ُّ‬
‫االست ار في متا الدنيا ولهوها‪ ،‬ألن كلم ط ري الفرد باتبا شهوته وأهوائه‪ ،‬وه ا كروة‬
‫أخال السو ‪ ،‬وغير كلم كثير في القرن ال ريم‪.‬‬

‫‪ -2‬سوخ الخور أو الار في ال فس اإلنبان واسيق ار فوها‪:‬‬


‫أن يهتم االنسان بما يتيثر به من مواقظ الخير‪ ،‬وأن ط رص علىى‬ ‫وه ه المرحلة تتعل‬
‫ت ىرار ه ى ه المواقىىظ علىىى نفسىىه‪ ،‬أو علىىى الىىنفس مىىن طقىىوم بت ىرايتهم‪ ،‬حتىىى تتيصىىل ه ى ه‬
‫ال ىرص علىى‬ ‫المواقظ في النفو ‪ ،‬والعكس طكون في حالة التيثر بموقظ الشىر‪ ،‬ميجى‬
‫كىىبا‬ ‫الشىىر‪ ،‬وكى لم ب ى‬ ‫عىىدم ت رارهىىا فىىي الىىنفس‪ ،‬كىىي ال تتىىيثر بهىىا‪ ،‬فتتصىىظ بصىىفا‬
‫النفس وأهوائها‪ ،‬وعدم التعرف فيها‪.‬‬ ‫نماب شهوا‬
‫النصوص التشريعية معالبة بت ىرار األفعىال اإلطجابيىة ليتعادهىا النىا ‪،‬‬ ‫وعليه فقد نا‬
‫الرسىىول ‪ ‬تعويىىد األبنىىا علىىى الصىىالة فىىي سىىن‬ ‫فتسىىتقر فىىي نفوسىىهم‪ ،‬ومىىن كلىىم ل ى‬
‫الس ىىابعة وقي ىىل أن ت ىىون مفروض ىىة ف ىىي حقه ىىم‪ ،‬لترس ىىا ف ىىي نفوس ىىهم‪ ،‬وتص ىىبا ن ىىز م ىىن‬
‫قىال ‪ ":‬مىىروا أوالدكىم بالصىىالة‬ ‫سىلوكهم وتصىرفاتهم‪ ،‬فيتعودوهىا‪ ،‬ويواظيىوا عليهىا‪ ،‬حيى‬
‫‪3‬‬
‫لسبع واضراوهم عليها لعشر "‬
‫ه ا وقد وضا النيي ‪ ‬ما ككرته من أن ت رار الخلق حسنا كان ألم سيئا علىى‬
‫النفس اإلنسانية يىؤدي الىى اسىتق ارره ورسىوخه فيهىا‪ ،‬وكلىم بقولىه ‪ " ‬وان الرنىل ليصىد‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌القيامة‪‌،‬اآلية‌‪.14.‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌لقمان‪‌،‬من‌اآلية‌‪.33‬‬
‫‪-‌3‬سنن‌أبى‌داود‪‌،133‌/1‌،‬ح‪‌،494‬ح‪‌،495‬وحسنه‌األلباني‌في‌مشكاة‌المصابيح‪‌،‬ح‪572‬‬
‫‪71‬‬
‫عنىد هللا‬ ‫عند هللا صىدطقا ‪ ...‬وان الرنىل ليكى ب ويت ىرى حتىى طكتى‬ ‫ويت رى حتى طكت‬
‫كى ابا" ‪1‬وت ىرار الصىىد طجعىل المىىر صىادقا عنىد هللا‪ ،‬بىىل ان حالىه دائمىىا طكىون الصىىد ‪،‬‬
‫فلو نظر الى قوله (صدطقا) فانه صي ة مبال ة‪ ،‬والمبال ة هنا تعيد الت رار‪ ،‬وه ا طعنىي‬
‫أن الصاد ما كان ك لم اال ألنه طصد باستمرار‪ ،‬وفي كل ال اال ‪ ،‬ونفس هى ا طقىال‬
‫في استخدامه لف (ك ابًا)‪.‬‬
‫وق ىىول الرس ىىول ‪ ‬هى ى ا‪ ،‬يؤي ىىد م ىىا قل ن ىىاه م ىىن أن ت ى ى رار ال ص ىىفة الخلق ي ىىة ع ل ىىى‬
‫النفس البشرية‪ ،‬طعبع النفس به ه الصفة ويسمها بها ‪.‬‬
‫‪ -3‬انعماس هذا الخلق علج سلوس االنبان وتمرفاتع‪:‬‬
‫فالشىىخص ال طكىىون كو أخىىال حسىىنة اال إكا انعكىىس كلىىم علىىى معاملتىىه مىىع نفسىىه ومىىع‬
‫غيره‪ ،‬فال طمكن أن يتصظ االنسان (بال رم) مثال‪ ،‬من غيران نىرى كىم كرمىه علىى شىكل‬
‫بى ل وععىىا ‪ ،‬واكىرام لنىىا ‪ ،‬وكى لم ال طمكىىن أن نقىول عىىن شىىخص بينىىه (وقىىا) مىىن دون‬
‫أن تنعكس وقاحته على سلوكه‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬‬
‫‪72‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫خصائص نظام الأخلاق في الإسلام‬

‫يي وز نظاإ األخسو في اإلسسإ بالخمائص اليال ‪:‬‬

‫‪ -1‬التعميم والتفصيل‪.‬‬
‫‪ -2‬الشمول‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها ضابعا لسلور االنسان وتصرفاته‪.‬‬
‫‪ -4‬الثواب والعقاب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -5‬تالزمها مع االطمان باّلِل‪.‬‬

‫ونفصل القول في ه ه الخصائص على الن و التالي‪:‬‬

‫أولا‪ :‬التعميم والتفصيل‪:‬‬


‫لق ىىد اه ىىتم اإلس ىىالم بال ىىدعوة ال ىىى األخ ىىال ‪ ،‬وح ىىرص ك ىىل ال ىىرص عل ىىى أن طعم ىىل‬
‫الق ىىرن ال ى ىريم ف ىىي‬ ‫ط ىىا‬ ‫ن ىىا‬ ‫المكلف ىىون بمقتن ىىاها ويلتزمى ىوا باإلطج ىىابي منه ىىا‪ ،‬حيى ى‬
‫طكون لها تيثير مستمر على قىار‬ ‫مواضع كثيرة ومتعددة ممتزنة بقواعد األخال ‪ ،‬حي‬
‫القرن أو الممثل ألوامره ونواويه‪.‬‬

‫األخىىال فىي التشىريع اإلسىىالمي امىا علىىى شىىكل قواعىد عامىىة كليىىة‪.‬‬ ‫هى ا وقىىد ورد‬
‫منفصىىلة‪ ،‬أي ايىراد كىىل صىىفة خلقيىىة‬ ‫وهى ا مىىا نقصىىده بىىالتعميم‪ .‬وامىىا علىىى شىىكل نزئيىىا‬
‫وافرادها بال دي ‪ .‬وه ا ما نقصده بقولنا التفصيل‪.‬‬

‫‪ ‌-‌1‬عبد‌الكريم‌زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌ ‌.78‬‬
‫‪73‬‬
‫‪-1‬أما القواعّ العام الكل ف ثالها‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬قوله تعالى‪َ ( :‬وَت َع َاوُنوا َعَلى اْلير َوالتَّْقَوى َوَال َت َع َاوُنوا َعَلى ْاإل ْثم َواْل ُع ْدَوان) ‪ 1‬فالتعاون‬
‫على الير يىدخل ت تىه تفصىيال كثيىرة‪ ،‬حيى اليىر أسىم ل ىل عمىل إطجىابي طقىوم بىه‬
‫االنسىان تجىاه غيىره أو تجىاه نفسىه‪ ،‬مىن مثىل الصىد ‪ ،‬ومسىاعدة الم تىال‪ ،‬والععىىظ‬
‫األبن ى ىىا وال ن ى ىىو عل ى ىىيهم واالنف ى ىىا عل ى ىىى الفقى ى ى ار‬ ‫عل ى ىىى الوال ى ىىدين واألق ى ىىارب‪ ،‬وحى ى ى‬
‫والمساكين‪ ،‬وكف األكى عن النا ‪ ،‬والعمل من أنل الصالا العام‪ ...‬الا‬
‫ىاإل ْثم َواْل ُعى ْىدَوان‬
‫ىان ْوا بى ْ‬ ‫َّ‬
‫ىان ْيتُ ْم َفى َىال َت َتَنى َ‬
‫ين َ َمُن ىوا إ َكا َتَنى َ‬
‫ب‪‌-‬وك ى لم قولىىه تعىىالى‪َ ( :‬طىىا أَُّي َهىىا ال ى َ‬
‫َّللا َّالى ي إَل ْيىه تُ ْ َش ُىرو َن )‪ ،2‬ففىي هى ا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ىان ْوا بىاْلير َوالتْق َىوى َواتُقىوا َّ َ‬ ‫الرُسول َوَتَن َ‬
‫َو َم ْعصَية َّ‬
‫الىىنص الش ىريف نهىىي عىىن المنانىىاة بىىاإلثم والعىىدوان‪ ،‬واالثىىم اسىىم نىىنس ينىىدرل ت تىىه‬
‫ثام كثيرة غير مفصىلة فىي هى ا الىنص‪ ،‬ول ىن النهىي واقىع عليهىا نميعىا‪ ،‬فالتجسىس‬
‫اثىم‪ ،‬ف ىل هى ه‬ ‫اثم‪ ،‬وال ب اثم‪ ،‬وال ح اثم‪ ،‬واتالف المال العام اثم‪ ،‬وازعال النىا‬
‫اآلثام‪ ،‬وغيرها كثير شملها النهي السابق في اآلطة‪.‬‬
‫وك لم فقد ورد في النص السابق نهي عىن المنانىاة بالعىدوان‪ ،‬والعىدوان هىو اآلخىر‬
‫لف يندرل ت ته أنوا كثيرة من االعتىدا ا ‪ ،‬وهىي غيىر مفصىلة فىي اآلطىة ال ريمىة‪،‬‬
‫ول ىىن ا لنهىىي واقىىع عليهىىا نميعىىا أطنىىا‪ ،‬فالسىىرقة اعتىىدا علىىى أم ىوال النىىا ‪ ،‬ول ى لم‬
‫نهىىى عنهىىا وال يبىىة والنميمىىة اعتىىدا عىىل أشخاصىىهم وأع ارضىىهم‪ ،‬وه ى ا منهىىى عنىىه‪،‬‬
‫والظلم اعتدا على حقو النا ‪ ،‬وه ا منهى عنه أطنا‪ .‬الا‬
‫وفي القرن ال ريم والسنة النيوية المشرفة كثير من ه ه القواعد الخلقية العامة‪.‬‬

‫‌‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌.2‌،‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌المجادلة‌اآلية‌‪.9‬‬
‫‪74‬‬
‫فائدة التعميم في قواعد األخالق‪:‬‬
‫تيلخص ف ا يلي‪:‬‬ ‫ولعح الفائّة من اليع للقواعّ الخلق‬
‫‪ -1‬وضىع تصىور عىام عىىن نظىام األخىال فىي التشىريع اإلسىالمي واالتىالي طسىهل علىىى‬
‫المكلظ التعرف على أسس ه ا النظام وااللمام به دون مشقة وعنا ‪.‬‬
‫ه ه القواعد والتعىرف علىى‬ ‫في ثناطا التشريع عن تفصيال‬ ‫‪ -2‬دفع المكلظ الى الب‬
‫نزئياتها حتى يتسنى له العمل بها وامتثالها‪.‬‬
‫ه ا بالنسبة للتعميم‪.‬‬
‫‪ -3‬أما اليفموح‪ :‬فتقىول ميىه ان التشىريع اإلسىالمي نىا اى مسىتوةبا لجميىع الجزئيىا‬
‫مفصىىلة فىىي القىىرن ال ىريم والسىىنة‬ ‫نىىا‬ ‫المتعلقىىة بالقواعىىد الخلقيىىة العامىىة‪ ،‬حي ى‬
‫النيويىىة المشىىرفة‪ ،‬تفصىىيال مست ينىىا‪ ،‬فقىىد عرضىىم فيهمىىا كىىل صىىفة خلقيىىة عرضىىا‬
‫خاصا بها‪ ،‬وقد قسم التشريع األخال الى مجموعتين‪:‬‬
‫على شكل أوامر أو في معرض المدب‪.‬‬ ‫أ‪‌ -‬األخسو اإلمجا ‪ :‬وهي التي ورد‬
‫على شكل نواه أو في معرض ال م‪.‬‬ ‫ب‪‌-‬األخسو البلب ‪ :‬وهي التي ورد‬
‫البشىر وترإليىة سىلوكهم‬ ‫نفو‬ ‫أما مجموعة األخال اإلطجابية فانه طقصد بها ته ي‬
‫ميما بينهم‪.‬‬ ‫وتصرفاتهم وضب العالقا‬
‫وأمىىا مجموعىىة األخىىال السىىليية فقىىد نهىىى عنهىىا مىىن أنىىل كىىف األف ىراد عىىن القيىىام‬
‫بالسىىلور السىىليي‪ ،‬ومنىىع االضىرار بىىال ير‪ ،‬واالتىىالي منىىع الجريمىىة‪ ،‬وضىىمان اسىىتقرار‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫وللتدليل على ما نقوله طجدر بنا أن نعرض مىا أمكنىا مىن األمثلىة الىواردة فىي القىرن‬
‫ال ريم والسنة النيوية المشرفة‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫أوال مج وع المفات الخلق اإلمجا ‪ ،‬ومن أمثليها‪:‬‬
‫اصىىي ُروا‬ ‫َّ‬
‫ين َ َمُنىىوا ْ‬ ‫أ‪‌ -‬المااابر‪ :‬ونىىا ككىىره واألمىىر بىىه فىىي قولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬طىىا أَُّي َهىىا الىى َ‬
‫اصىىىي ْر َفى ىىي َّن ََّ‬
‫َّللا َال‬ ‫و‬
‫َ ْ‬ ‫﴿‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫ىه‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫وقو‬ ‫‪1‬‬
‫َّللا َل َعَّل ُ ى ى ْىم تُْفل ُ ىىىو َن﴾‬ ‫َّ‬
‫عى ىوا َواتُقى ىوا َّ َ‬
‫ص ىىاب ُروا َوَراب ُ‬
‫َو َ‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫اصي ْر إ َّن َو ْع َد َّ‬
‫َّللا َح ٌّق﴾‬ ‫ين ﴾ ‪ ،‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬ف ْ‬
‫َنَر اْل ُم ْ سن َ‬
‫يع أ ْ‬
‫ُطن ُ‬
‫وفائااّة هااذا الخلااق‪ :‬تىىدري النفىىو علىىى ت مىىل المشىىا والمصىىائ ‪ ،‬حتىىى طسىىهل‬
‫عليها‪ ،‬ألن النعظ أمام المشاكل يزيد من حدتها وال طساهم فىي‬ ‫موانهتها والت ل‬
‫القنا عليها‪.‬‬
‫ىان َم ْس ُىئوًال ﴾‪4‬وقولىه‬
‫َك َ‬ ‫ب‪‌-‬الوفاء‪ :‬ونا لبه في قوله تعالي‪َ ﴿:‬وأ َْوُفىوا باْل َع ْهىد إ َّن اْل َع ْه َىد‬
‫الخلىق الىى أنىه طعمىل‬ ‫اه ُىدوا ﴾‪ 5‬وترنىع أهميىة هى ا‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬واْل ُموُفو َن ب َع ْهىده ْم إ َكا َع َ‬
‫علىىى حىىد‬ ‫ميمىىا بىىين األف ىراد والجماعىىا‬ ‫علىىى تىىوفير العمينينىىة واسىىتقرار العالقىىا‬
‫سوا ‪.‬‬
‫ونى ىوا َم ى َىع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّللا َو ُك ُ‬
‫ين َ َمُنى ىوا اتُقى ىوا َّ َ‬
‫‪‌-‬الماااّو‪ :‬ومثال ىىه قول ىىه ن ىىل وع ىىال‪ََ ﴿: :‬ا أَُّي َه ىىا الى ى َ‬
‫‪6‬‬
‫َخر ْننىي ُم ْخ َىرَل‬ ‫ين ﴾ وقوله تبارر اسمه‪َ ﴿:‬وُق ْل َرب أ َْدخْلني ُم ْد َخ َل ص ْد َوأ ْ‬ ‫الصادق َ‬
‫َّ‬
‫ىير ﴾‪ 7‬وفىىي الصىىد حفى ال قىىو ‪ ،‬وعىىدم‬
‫ع ًانا َنصى ًا‬
‫ان َعى ْىل لىىي مى ْىن َلى ُىد ْن َم ُسىْل َ‬
‫صى ْىد َو ْ‬
‫ضياعها‪ ،‬ونشر األمن واالستقرار في المجتمع‪.‬‬

‫‪-‌1‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬اآلية‌‪200،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌هود‪‌،‬اآلية‌‪115،‬‬
‫‪-‌3‬سورة‌الروم‌من‌اآلية‪60‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌االسراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.34‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪177‬‬
‫‪‌-‌6‬سورة‌التوبة‌من‌اآلية‌‪‌.119‬‬
‫‪‌-‌7‬سورة‌االسراء‌اآلية‌‪.80‬‬
‫‪76‬‬
‫‪1‬‬
‫َن تُى َىؤُّدوا ْاأل ََم َانىىا إَلىىى أ ْ‬
‫َهل َهىىا ﴾‬ ‫ْم ُرُك ْم أ ْ‬ ‫ث‪‌-‬األمانا ‪ :‬ومىىن كلىىم قولىىه تعىىالى‪ ﴿:‬إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َطىي ُ‬
‫وقولىىه ﷺ‪ ":‬أد األمانىىة الىىى مىىن ائتمنىىم‪ 2"..‬وه ى ا الخلىىق كسىىابقه يىىؤدي الىىى حف ى‬
‫ال قو وزر الثقة في النا ‪ ،‬ونشر األمن‪.‬‬
‫ْم ُر باْل َعى ْىدل َو ْاإل ْح َسىىان َوإ َيتىىا كي اْلُق ْرَاىىى﴾‪ 3‬وقولىىه‬ ‫ل‪‌-‬العااّل‪ :‬لقولىىه تعىىالى‪ ﴿ :‬إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َطىي ُ‬
‫عىىز ونىىل‪َ ﴿:‬وَال َط ْجىىرَمَّن ُ ْم َشى َىنآَ ُن َقى ْىوم َعَلىىى أ ََّال َت ْعىىدُلوا ْ‬
‫اعىىدُلوا ُهى َىو أَ ْقى َىر ُب للتَّْقى َىوى ﴾‬
‫‪4‬‬

‫لىه"‪ ..‬فىاتقوا هللا واعىدلوا بىين أوالدكىم"‪ 5‬وخلىق العىدل يىؤدي الىى‬ ‫وقال ﷺ من حىدي‬
‫منع الظلم‪ ،‬وترفع النفس عن اآلثام والمعاصي‪.‬‬
‫ْم ُر باْل َعى ْىدل َو ْاإل ْح َسىىان ﴾‪ 6‬وقولىىه تعىىالى﴿‬ ‫ب‪‌-‬االحبااان‪ :‬وميىىه قولىىه تعىىالى‪ ﴿ ":‬إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َطىي ُ‬
‫ين ﴾‪ 7‬وعىىن شىىداد ب ىىن األو رضىىى هللا عنىىه ق ىىال‪:‬‬ ‫َحسى ُىنوا إ َّن َّ َ‬
‫َّللا ُط ى ُّ اْل ُم ْ س ىىن َ‬ ‫َوأ ْ‬
‫اثنتىىان حفظتهمىىا عىىن رسىىول هللا ﷺ قىىال‪ ":‬ان هللا كت ى االحسىىان علىىى كىىل شىىي ‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫فاكا قتلتم فيحسنوا القتلة‪ ،‬واكا كب تم فيحسنوا ال با"‪.‬‬
‫علىىى الي ى ل‬ ‫النىىا‬ ‫الىىنفس اإلنسىىانية‪ ،‬وته ى ي‬ ‫وفائىىدة االحسىىان ظىىاهرة فىىي ته ى ي‬
‫االنتماةية وتقوي الرواب بين األفراد‪.‬‬ ‫والععا والتساما‪ ،‬وا لم تتعمق العالقا‬
‫َن‬ ‫‪9‬‬
‫﴾ وقولىه تعىالى‪َ ﴿:‬وأ ْ‬ ‫ين َعىن َّ‬
‫النىا‬ ‫خ‪‌-‬العفو‪ :‬وفي العفىو نىا قولىه تعىالى‪َ﴿ :‬واْل َعىاف َ‬
‫‪10‬‬
‫َت ْعُفوا أَ ْقَر ُب للتَّْقَوى ﴾‬
‫ه ى ى ا باإلضى ىىافة الى ىىى مجموعى ىىة كيي ى ىرة مى ىىن األخى ىىال اإلطجابيى ىىة ن ى ى كر منهى ىىا‪ :‬الى ىىود‬
‫والتعىىا ظ والتعىىاون والتواضىىع والمسىىام ة والشىىجاعة وال لىىم‪ ...‬الىىا‪ ،‬كىىل كلىىم وهىىو‬

‫‪‌‌-‌1‬سورة‌النساء‌من‌اآلية‌‪.58‬‬
‫‪‌-‌2‬سنن‌أبي‌داود‪‌،290‌/3‌،‬ح‌‪‌، 3534‬صححه‌األلباني‌في‌مشكاة‌المصابيح‪‌،‬ح‪.2934‌،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌.90‬‬
‫‪‌‌-‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ ‌.8‬‬
‫‪‌‌5‬صحيح‌البخاري‪‌،206‌/3‌،‬صحيح‌مسلم‪‌،67‌/11‌،‬سنن‌أبي‌داود‌‪‌،292‌/3‬ح‌‪3542‬‬
‫‪‌6‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‪90،‬‬
‫‪‌7‬سورة‌البقرة‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.195،‬‬
‫‪‌-‌8‬صحيح‌مسلم‪‌،106‌/13‌،‬ح‌‪‌،1955‬سنن‌ابن‌ماجة‌‪‌،1048‌/2‬ح‪2170‬‬
‫‪‌-9‬سورة‌آل‌عمران‌من‌اآلية‌‪134‬‬
‫‪-‌10‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.237‬‬
‫‪77‬‬
‫م كور ضمن نصوص القرن ال ريم‪ ،‬ومفصل تفصيال بين مىا ط ققىه كىل واحىد مىن‬
‫ه ه األخال من فوائد في ال ياة االنتماةية‪.‬‬
‫ثان ا‪ :‬مج وع المفات الخلق البلب ونذدر م ها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫َي ْنَقلُيىىو َن﴾‬
‫َي ُم ْنَقَل ى‬
‫ظَل ُم ىوا أ َّ‬
‫ين َ‬ ‫َّ‬
‫أ‪‌ -‬الظل ا ‪ :‬ودليىىل النهىىي عنىىه قولىىه تعالى﴿ َو َسى َىي ْعَل ُم ال ى َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وقولىىه‪ ﴿ :‬إَّنى ُىه َال ُطْفلى ُ‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫صىىار﴾‬
‫ين مى ْىن أ َْن َ‬ ‫ىا الظىىال ُمو َن﴾ ‪ ،‬وقولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬و َمىىا للظىىالم َ‬
‫وروي عن رسىول هللا ﷺ قولىه‪" :‬المسىلم أخىو المسىلم ال طظلمىه وال طسىلمه"‪ .4‬والظلىم‬
‫ويهل ها‪ ،‬ويورث العداوة والب نا ‪ ،‬وينيع ال قو ‪.‬‬ ‫طفتم المجتمعا‬
‫َّللا َوَكى َّ َب بالص ْىد‬‫ظَل ُىم م َّم ْىن َكى َ َب َعَلىى َّ‬
‫ب‪‌-‬الكذب‪ :‬وقد نهى هللا عنه بقوله‪َ ﴿ :‬ف َم ْىن أَ ْ‬
‫َّ‬ ‫‪5‬‬
‫ىوه ُه ْم‬
‫َّللا ُو ُنى ى ُ‬ ‫امى ىىة َتىى َىرى ال ى ى َ‬
‫ين َك ى ى َ ُبوا َعَلى ىىى َّ‬ ‫إ ْك َنىىىا َ هُ ﴾ وقولى ىىه تعى ىىالى‪َ ﴿ :‬وَيى ى ْىوَم اْلقَي َ‬
‫‪6‬‬
‫ُم ْسَوَّدةٌ﴾‬
‫وعىن عيىىد هللا رضىىي هللا عىىه قىىال‪ :‬قىىال رسىىول هللا ﷺ‪ ":‬اماااك والكااذب‪ ،‬فااان الكااذب‬
‫يهّس الج الفجو ‪ ،‬وان الفجو يهّس الاج ال اا ‪ ،‬وماا يازال الركاح مماذب ويييارر‬
‫الكااذب حيااج ممي ا ع ااّ أ دااذابا" ‪ 7‬وال ى ب منىىيعة لل قىىو ‪ ،‬وتزييىىف لل قىىائق‪،‬‬
‫وغح وخيانة‪.‬‬
‫َّللا‬ ‫َّ‬
‫ون ىوا َّ َ‬
‫ين َ َمُنىوا َال َت ُخ ُ‬
‫‪‌-‬الخ ان ا ‪ :‬وقىىد نهىىى هللا عىىز ونىىل عنهىىا بقولىىه‪َ ﴿ :‬طىىا أَُّي َهىىا ال ى َ‬
‫َم َانىىات ُ ْم َوأ َْنىىتُ ْم تَ ْعَل ُمىىو َن ﴾‪ 8‬وقىىول النيىىي ﷺ " أد األمانىىة الىىى مىىن‬
‫ون ىوا أ َ‬
‫ىول َوتَ ُخ ُ‬
‫الرُسى َ‬
‫َو َّ‬
‫‪9‬‬
‫ائتمنم وال تخن من خانم"‪.‬‬

‫‪-‌1‬سورة‌الشعراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .227‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌األنعام‪‌،‬من‌اآلية‌‪.21،‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪.270،‬‬
‫‪‌-‌4‬صحيح‌البخاري‪.168‌/3‌،‬‬
‫‪-‌5‬سورة‌الزمر‪‌،‬من‌اآلية‌‪39‬‬
‫‪‌-‌6‬سورة‌الزمر‌من‌اآلية‌‪.60‬‬
‫‪‌-‌7‬صحيح‌مسلم‪‌،160‌/16‌،‬سنن‌أبى‌داود‪‌،297‌/4‬ح‌‪4989‬‬
‫‪‌-‌8‬سورة‌األنفال‌اآلية‌‪‌ .67‬‬
‫‪‌9‬سنن‌أبي‌داوود‪،290/3،‬ح‌‪‌،‌ 3543‬ح‪.353‬‬
‫‪78‬‬
‫ث‪ -‬ال هي عن البخري واالسيهزاء با خرين‪.‬‬
‫وايان عيواهم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ل ز ال اس‪ :‬واللمز هو الععن في النا‬
‫ين‬ ‫َّ‬
‫ح‪ -‬الي ا ز باأللقاب‪ :‬وكىل هى ه الصىفا نهىي عنهىا بقولىه نىل ناللىه‪َ ﴿ :‬طىا أَُّي َهىا الى َ‬
‫ىر مى ْىن ُه ْم َوَال ن َسىىا ٌ م ْىن ن َسىىا َع َسىىى‬ ‫ونىوا َخ ْي ًا‬
‫َن َط ُ ُ‬ ‫ىوم مى ْىن َقى ْىوم َع َسىى أ ْ‬ ‫َ َمُنىوا َال َط ْسى َىخ ْر َق ٌ‬
‫ىر مى ْىن ُه َّن َوَال َتْلم ُىزوا أ َْنُف َسى ُىك ْم َوَال َتَن َ‬
‫ىاب ُزوا ب ْاألَْلَقىىاب بى ْئ َس اال ْسى ُىم اْلُف ُسىو ُ َب ْعى َد‬ ‫َن َط ُ َّىن َخ ْي ًا‬
‫أْ‬
‫‪1‬‬ ‫ْاإلطمان ومن َلم يتُ َفيُوَلئم هم َّ‬
‫الظال ُمو َن ﴾‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ ََْ ْ َ ْ‬
‫خ‪ -‬ال هي عن الظن‪.‬‬
‫د‪ -‬ال هي عن اليجبس‪.‬‬
‫ذ‪ -‬ال هااي عاان الغوب ا ‪ :‬وكىىل ه ى ه الصىىفا منهىىى عنهىىا بىىدليل قولىىه تعىىالى ﴿ َطىىا أَُّي َهىىا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ىر م ى َىن الظ ىىن إ َّن َب ْع ى َ‬
‫ىض الظ ىىن إ ْث ى ٌىم َوَال َت َج َّس ُسى ىوا َوَال َط ْ َتى ى ْ‬ ‫ان َتنُيى ىوا َكثي ى ًا‬
‫ين َ َمُنى ىوا ْ‬
‫الى ى َ‬
‫َّ‬
‫َّللا إ َّن َّ َ‬
‫َّللا‬ ‫ْكى َىل َل ْ ى َىم أَخيىىه َم ْي ًتىىا َف َ رْهتُ ُمىىوهُ َواتُق ىوا َّ َ‬
‫َحى ُىد ُك ْم أَ ْن َطي ُ‬
‫نىىا أَُط ى ُّ أ َ‬‫نى ُىك ْم َب ْع ً‬
‫َب ْع ُ‬
‫‪2‬‬
‫يم﴾‬‫اب َرح ٌ‬ ‫َت َّو ٌ‬
‫فينهىىا تعمىىل علىىى‬ ‫إكا تفشىىم فىىي مجتمىىع مىىن المجتمعىىا‬ ‫ومعلىىوم أن هى ه الصىىفا‬
‫طصىىبا فريسىىة سىىهلة ألعدائىىه‬ ‫تىىدمير هى ا المجتمىىع وتف كىىه وتقعيىىع أو اسىره‪ ،‬ب يى‬
‫سليية أخرى كثيىرة مثىل االسىراف‪ ،‬والبخىل‪ ،‬والتقتيىر القىول ب يىر‬ ‫ه ا‪ ،‬وهنار صفا‬
‫علم‪ ،‬والجين‪ ،‬والريا ‪ ،‬والت ير‪ ،‬والعج ‪ ...‬الا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشمول‪:‬‬
‫نظ ى ار ألن األخىىال تشىىكل حىىان از داخىىل الىىنفس اإلنسىىانية‪ ،‬تمنىىع الفىىرد مىىن الخعىىي‪ ،‬ومىىن‬
‫يتعدى حدود حقوقه الممنوحة له‪ ،‬فان اإلسالم قد است ل كلم لمنع االنسيا في اإلسا ة‬
‫والىدول عىىن أن تسى بعنىها الىى بعىىض‪،‬‬ ‫الىى نفسىه أو غيىره‪ ،‬وكى لم ليمنىع المجتمعىا‬

‫‪-‌1‬سورة‌الحجرات‌اآلية‌‪.11‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌الحجرات‌اآلية‌‪‌.12‬‬
‫‪79‬‬
‫ومن هنا نالح أن نظىام األخىال فىي اإلسىالم نظىام شىامل لسىلور االنسىان مىع خالقىه‪،‬‬
‫ولسلوكه مع نفسه‪ ،‬ولسلوكه مع غيره‪ ،‬ولسلور الدول وتصرفاتها مع بعنها البعض‪.‬‬

‫َن ى ى َىر‬
‫ىيع أ ْ‬ ‫اص ى ىىي ْر َف ى ىىي َّن َّ َ‬
‫َّللا َال ُطن ى ى ُ‬ ‫فف ى ىىي مج ى ىىال س ى ىىلور مى ى ىع نفس ى ىىه طق ى ىىول هللا تع ى ىىالى‪َ ﴿:‬و ْ‬
‫ين﴾‪ 1‬فهى ه دعىوة الىىى الت لىي بخلىىق الصىير‪ ،‬والصىىير يراىي فىىي الىنفس اإلنسىىانية‬ ‫اْل ُم ْ سىن َ‬
‫ق ىىوة تت م ىىل به ىىا األكى والشىىىدائد‪ ،‬ث ىىم ان ىىه طمن ىىع صىىىاحبه م ىىن االعت ىىدا عل ىىى اآلخى ىرين‬
‫وإضرارهم‪.‬‬

‫اشى َىرُاوا َوَال تُ ْسىىرُفوا﴾‪ ،2‬ففىىي ه ى ا الىىنص نهىىى عىىن االس ىراف‪،‬‬
‫﴿و ُكُلوا َو ْ‬
‫وكى لم قولىىه تعىىالى‪َ :‬‬
‫واالسراف إضاعة لمال االنسان‪ ،‬واهدار له‪ ،‬واالمتنا عن االسراف ط ف على االنسان‬
‫ماله وممتل اته‪.‬‬

‫بىىين األف ىراد فىىي المجتمىىع الواحىىد‪ :‬فمثالىىه قىىول هللا‬ ‫وأمىىا عىىن شىىمول األخىىال للعالقىىا‬
‫تع ى ىىالى‪َ ﴿ :‬وَال َت َج َّس ُسى ى ىوا﴾‪ ،3‬فالتجس ى ىىس عل ى ىىى اآلخى ى ىرين ي ى ىىؤدي ال ى ىىى نش ى ىىوب الخالف ى ىىا‬
‫والنزاعا بينهم‪ ،‬واحتداد الخصوما ‪ ،‬وال طمكن منىع كلىم اال بتىرر هى ه الصىفة ال ميمىة‬
‫و هي (التجسس)‪.‬‬

‫األخىرى‪ ،‬ونسىتدل علىى‬ ‫االنسان مع غيره مىن ال ائنىا‬ ‫وك لم فاألخال تشمل تصرفا‬
‫االحسىىان علىىى كىىل شىىي ‪ ،‬فىىاكا قتلىىتم فيحسىىنوا‬ ‫كلىىم مىىن قىىول النيىىي‪ "‬ان هللا قىىد كت ى‬
‫دل ه ى ا الىىنص علىىى ضىىرورة االحسىىان الىىى‬ ‫القتلىىة‪ ،‬وإكا كب ىىتم فيحسىىنوا ال ى با"‪ ،4‬حي ى‬
‫األخرى‪.‬‬ ‫ال يوان‪ ،‬وه ا نو من أنوا ضب العالقة بين االنسان وغيره من ال ائنا‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌هود‪‌،‬اآلية‪.115‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌األعراف‪‌،‬من‌اآلية‌‪.31‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌الحجرات‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 12‌،‬‬
‫‪‌-‌4‬سبق‌تخريجه‌ص‌‪.88‬‬
‫‪80‬‬
‫المختلفىة‪ :‬نىا قولىه تعىالى‪َ ﴿:‬وأ َْوُفىوا‬ ‫وعن ضب األخال للعالقة بين الدول والجماعا‬
‫ان َم ْسُئوًال ﴾‪ ،1‬فالوفا بالعهد لو ت لم به الىدول ميمىا بينهىا‪ ،‬والتزمىم‬
‫باْل َع ْهد إ َّن اْل َع ْه َد َك َ‬
‫كل دولة بالوفا بما عاهد عليه‪ ،‬فان ه ا العهد يؤدي الى نشر السلم العالمي وتو يد‬
‫دعائم األمن في العالم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الأخلاق ضابطة لسلوك الانسان وتصرفاته‪:‬‬


‫قلنا في مقدمتنا لنظام األخىال ان االنسىان ال يوصىظ بخلىق مىا اال اكا انعكىس‬
‫ه ا الخلق على سلوكه‪ ،‬وانىه ال طكفىي كىون الخلىق م ىدودا فىي ثناطىا الىنفس‪ ،‬وانىا علىى‬
‫كلم فان األخال هي ضاب كاتي ل ركة االنسان‪ ،‬فان كانم أخالقه إطجابية فال بد أن‬
‫ت ى ىىون سى ىىلوكه وتص ى ىرفاته إطجابيى ىىة‪ ،‬وان كانى ىىم أخالقى ىىه سى ىىليية‪ ،‬فى ىىان سى ىىلوكه وتص ى ىرفاته‬
‫سىىتنعبع بهى ا العىىابع ال م الىىة ظىىن فانىىه ال يتصىىور (البخىىل) ممىىن يتصىىظ (بىىال رم) وال‬
‫تتصىىور(الشىىجاعة) ممىىن تتصىىظ (بىىالجين)‪ .‬وه ى ا أمىىر بىىدهي معىىروف وعليىىه فاإلنسىىان‬
‫اإلطجىىابي كو األخىىال ال ميىىدة ال طصىىدر عنىىه اال مىىا هىىو إطجىىابي‪ ،‬ألن تص ىرفاته كلهىىا‬
‫م كوم ىىة بيخالق ىىه اإلطجابي ىىة‪ ،‬واالت ىىالي فيهدافىىىه كله ىىا نافع ىىة ومش ىىروعة‪ ،‬ووس ىىائله التىىىي‬
‫طستخدمها في ت قيق ه ه األهداف هي األخرى إطجابية ومشروعة ن واالنسان ال ي هىو‬
‫حاله طىيبي أن طعمىل بمقتنىى ميىدأ ( ال اطىة تيىرر الوسىيلة) الى ي يتىيا للفىرد أن طسىتخدم‬
‫أطىىة وسىىيلة كانىىم لت قيىىق هدفىىه‪ ،‬س ىوا كانىىم ه ى ه الوسىىيلة مشىىروعة أو غيىىر مشىىروعة‪،‬‬
‫وكلىم ألن اسىتخدام الوسىائل غيىىر المشىروعة ميىه اضىرار بمصىىالا ال يىر‪ ،‬وهى ا مىا منعىىه‬
‫المصىالا للنىا ) وكى لم‬ ‫التشريع اإلسالمي‪ ،‬ألنىه يتنىافى مقاصىده العامىة‪ ،‬وهىي ( نلى‬
‫ينافي القواعد العامة للتشريع ومنها قاعدة (ال ضرر وال ضرار)‪.2‬‬

‫ومن ه ا كله نستعيع أن نعلم ما له ه الخاصية من خصائص األخال من أهمية‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌االسراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.34،‬‬
‫‪-‌2‬مسند‌االمام‌أحمد‪‌،212‌/1،‬صححه‌األلباني‌في‌ارواء‌العليل‪‌،‬ح‌‪‌ .896‌،‬‬
‫‪81‬‬
‫رابعا‪ :‬الثواب والعقاب‪:‬‬
‫سىيق أن بينىىا أن التشىريع قىىد خا ينىىا بىىاألخال علىىى شىىكل أوامىىر ونىواه‪ ،‬ومعلىىوم أنىىه مىىن‬
‫علىىى مخالفتىىه‪ ،‬وأن مىىن أ ىىا لىىه الثىواب علىىى‬ ‫خىىالظ أوامىىر هللا تبىىارر وتعىىالى سىىيعاق‬
‫َّللا َوَرُسىوَل ُه ُي ْدخْل ُىه َنَّنىا َت ْجىري م ْىن‬ ‫َو َم ْىن ُطعىع َّ َ‬ ‫اعته والجى از ال سىن‪ ،‬لقولىه تعىالى‪﴿ :‬‬

‫ودهُ‬‫َّللا َوَرُسىىوَل ُه َوَي َت َعى َّىد ُحى ُىد َ‬


‫ىيم‪َ ،‬و َمى ْىن َط ْعىىص َّ َ‬
‫اْل َعظى ُ‬
‫ىم اْلَفى ْىوُز‬
‫يهىىا َوَكلى َ‬
‫ين ف َ‬‫ىار َخالىىد َ‬
‫َت ْ ت َهىىا ْاأل َْن َهى ُ‬
‫ين ﴾‪1‬‬ ‫اب ُمه ٌ‬ ‫يها َوَل ُه َع َ ٌ‬
‫ار َخال ًدا ف َ‬ ‫ُي ْدخْل ُه َن ًا‬

‫ومىىن األمثلىىة الدالىىة علىىى ث ىواب مىىن التىىزم قواعىىد األخىىال قولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬و َسىىارُعوا إَلىىى‬
‫َّ‬
‫ين ُي ْنفُقو َن في َّ‬
‫السى َّار‬ ‫ض أُع َّد ْ لْل ُمتَّق َ‬
‫ين‪ ،‬ال َ‬ ‫الس َمَوا ُ َو ْاأل َْر ُ‬ ‫َم ْ فَرة م ْن َرا ُ ْم َو َنَّنة َع ْر ُ‬
‫ض َها َّ‬
‫‪2‬‬
‫ين ﴾‬
‫َّللاُ ُط ُّ اْل ُم ْ سن َ‬
‫َو َّ‬ ‫ين َعن َّ‬
‫النا‬ ‫ين اْل ًَ ْي َ َواْل َعاف َ‬ ‫َو َّ‬
‫الن َّار َواْل َ اظم َ‬

‫م كورة بين ثوابين‪:‬‬ ‫فالتقوي واالنفا ‪ ،‬وكظم الًي ‪ ،‬والعفو عن النا ‪ ،‬كل ه ه الصفا‬

‫عرضها الب اوات واأل ض‪.‬‬ ‫األول‪ :‬ك‬


‫الثاني‪ :‬ح من أ عز وكح لل يخلقون هذ األخسو‪.‬‬
‫وأي ثواب أعظم وأفنل من ه ا الثواب‪.‬‬

‫ومىن أمثلىة ثىواب أصى اب األخىال ال سىنة قولىه تعىالى‪ ﴿:‬إَّن َمىا ُي َىوَّفى َّ‬
‫الصىاب ُرو َن أ ْ‬
‫َنى َىرُه ْم‬
‫ب َ ْيىر ح َسىاب﴾‪ ،3‬قىال الفخىر الىرازي فىىي تفسىيره‪" :‬ب يىر حسىاب‪ ،‬معنىاه‪ :‬ب يىر نهاطىىة‪ ،‬ألن‬
‫‪4‬‬
‫كىل شىي داخىل ت ىىم ال سىاب فهىو متنىىاه‪ ،‬فمىا ال نهاطىة لىه كىىان خارنىا عىن ال سىىاب"‬
‫ومن أمثلة العقاب على العمل بمقتنى األخىال السىليية‪ ،‬وتىرر األخىال ال سىنة‪ ،‬قولىه‬

‫‪-‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬اآليتان‌‪.13،14‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬اآليتان‪134‌،‌133‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌الزمر‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .10‌،‬‬
‫‪-‌4‬الفخر‌الرازي‪‌:‬التفسير‌الكبير‌‪.254/26‬‬
‫‪82‬‬
‫ظَل ُمىوا ﴾‪ ،1‬وهى ا عقىىاب مىىن هللا للظىىالمين بىىان أهل هىىم‬
‫ىم ُبُيىىوتُ ُه ْم َخاوَيى ًة ب َمىىا َ‬
‫تعىىالى‪َ ﴿:‬فتْلى َ‬
‫وأبقى بيوتهم خاوية‪ ،‬شاهدة على مهل هم‪.2‬‬

‫وك لم فقد قال هللا تعالى‪َ ﴿:‬وْي ٌل ل ُ ل ُه َمَزة ُل َمَزة ﴾‪ ،3‬ففي ه ا النص وعيىد بعى اب شىديد‬
‫ل ىىل مىىن يتصىىظ ( بىىالهمز أو اللمىىز) أي ب يبىىة النىىا والسىىخرية مىىنهم‪ ،‬وككىىر عيىىواهم‬
‫(فالويل) هو واد س يق في نهنم يلقي ميه كل من يتخلق به ه األخال ال ميمة‪.4‬‬

‫وفي ه ا المعنى أطنىا قىول النيىي ‪ ‬حينمىا قيىل لىه ان فالنىة تصىوم النهىار وتقىوم الليىل‬
‫وهي سيئة الخلق تودي نيرانها بلسانها‪ ،‬قال‪ " :‬ال خير فيها فهي من أهل النار"‪.5‬‬

‫ه ا وترنع أهمية التالزم بين الج از وقواعد األخال ‪ ،‬الى أن كلم طنمن أن طمتثىل لهىا‬
‫المكلفون‪ ،‬ويعملوا بمقتناها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تلازم الأخلاق مع الايمان باهلل‪:‬‬


‫هى ى ا النظ ىىام‪ ،‬أي مىىىن‬ ‫وهى ى ه الخاص ىىية لنظى ىىام األخ ىىال كس ىىابقتها‪ ،‬تعتيىىىر م ىىن مؤي ىىدا‬
‫االلتزام به وتعييقه‪.‬‬ ‫ضمانا‬

‫الخلقيىىة‬ ‫ونعنىىي بىىالتالزم بىىين قواعىىد األخىىال واالطمىىان بىىاّلِل تعىىالى أن كثيى ار مىىن الصىىفا‬
‫في القرن والسنة‪ ،‬نا بعدها الدعوة الى االطمان باّلِل تعالى أو نفي االطمىان‬ ‫التي ورد‬
‫األحوال‪.‬‬ ‫عمن تخلق بالخلق الم موم‪ ،‬وكان كلم في غال‬

‫‪-‌1‬سورة‌النمل‪‌،‬من‌اآلية‌‪52،‬‬
‫‪-‌2‬تفسير‌النسفي‪‌ .216‌/3‌:‬‬
‫‪-‌3‬سورة‌الهمزة‪‌،‬اآلية‌األولى‪.‬‬
‫‪-‌4‬الخطيب‌الشربيني‪‌:‬تفسير‌السراج‌المنير‪.585‌/4‬‬
‫‪-‌5‬الحننناكم‌‪‌:‬المسنننتدرك‪‌،‌183‌/4‌،‬ح‌‪‌، ‌7304‬وصننننححه‌األلبننناني‌فنننني‌السلسنننلة‌الصننننحيحة‌‪‌/1‌،‬‬
‫‪،369‬ح‪‌ 190‬‬
‫‪83‬‬
‫ومىىن األمثلىىة علىىى كلىىم‪ :‬قولىىه تعىىالى‪َ ﴿:‬ف ىيَت ُّموا إَلى ْىيه ْم َع ْهى َىد ُه ْم إَلىىى ُمى َّىدته ْم إ َّن َّ َ‬
‫َّللا ُط ى ُّ‬
‫ىين﴾‪ ،1‬فه ى ا الىىنص أمىىر بالوفىىا بالعهىىد‪ ،‬ووصىىظ المىىوفين بىىه بىىينهم مىىن المتقىىين‪،‬‬ ‫اْل ُمتَّقى َ‬
‫اطمان المر ‪ ،‬وعالمة على ه ا االطمان‪.‬‬ ‫ومعروف أن التقوى هي صفة من صفا‬

‫ين فىىي الى َّىد ْرر ْاأل َْسىَىفل مى َىن َّ‬


‫النىىار َوَلى ْىن َتجى َىد َل ُهى ْىم‬ ‫ومىن كلىىم أطنىىا قولىىه تعىىالى‪﴿ :‬إ َّن اْل ُمَنىىافق َ‬
‫ىم َمى َىع‬ ‫َّ َّ‬
‫ص ىوا ديى َىن ُه ْم َّّلِل َفيُوَلئى َ‬
‫َخَل ُ‬
‫ىاّلِل َوأ ْ‬
‫صى ُىموا بى َّ‬
‫اع َت َ‬
‫ص ىَل ُ وا َو ْ‬ ‫ىابوا َوأَ ْ‬
‫ين َتى ُ‬
‫ىير (‪ )145‬إال ال ى َ‬
‫َنصى ًا‬
‫يمىىا ﴾‪ ،2‬فلقىىد ككىىر هى ا الىىنص خلقىىين مىىن‬
‫ىر َعظ ً‬
‫َنى ًا‬
‫ين أ ْ‬
‫َّللاُ اْل ُمى ْىؤمن َ‬
‫ف ُيى ْىؤ َّ‬
‫ين َو َسى ْىو َ‬
‫اْل ُمى ْىؤمن َ‬
‫األخال التي طج على المؤمن أن يتصظ بها وهمىا‪ :‬اإلصىالب‪ ،‬واإلخىالص‪ ،‬ثىم ككىر‬
‫كلم‪.‬‬ ‫أن أص اب ه ه األخال هم مع المؤمنين بسي‬

‫وك ى لم نىىا قىىول النيىىي ‪ " ‬وهللا ال يىىؤمن‪ ،‬وهللا ال يىىؤمن‪ ،‬وهللا ال يىىؤمن‪ ،‬قيىىل‪ :‬مىىن طىىا‬
‫رسول هللا قال‪ :‬من لم طيمن ناره بوائقه"‪ 3‬فظاهر ه ا الىنص نفىي االطمىان عىن صىاح‬
‫األخال السيئة المؤكي لجيرانه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫عناية الإسلام بالأخلاق وأثرها على النفس البشرية‬

‫عىىن األخىىال‬ ‫كىىان ال ىىدي‬ ‫أولىىى اإلسىىالم عناطىىة فائقىىة لقواعىىد األخىىال ‪ ،‬حي ى‬
‫أقىىر اإلسىىالم مىىا كىىان‬ ‫األولىىى فىىي القىىرن ال ىريم فىىي السىىورة المكيىىة‪ ،‬حيى‬ ‫ضىىمن اآلطىىا‬
‫مونىىودا عن ىىد العىىرب م ىىن خل ىىق حسىىن‪ ،‬وأبع ىىل مىىا دون كل ىىم‪ ،‬ث ىىم انىىه خ ىىا يهم أوال بم ىىا‬

‫‪-‌1‬سورة‌التوبة‪‌،‬من‌اآلية‌‪4،‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآليتان‌‪146‌،145‬‬
‫‪-‌3‬صحيح‌البخاري‌‪.12/8‬‬
‫‪84‬‬
‫طعرفونىه مىن االخىال ‪ ،‬مىىن مثىل الشىجاعة وال ىرم‪ ،‬واعىىد أن قىوي اإلسىالم عنىدهم‪ ،‬أمىىرهم‬
‫بالت لي بيخال حميدة نديدة‪ ،‬لم ت ن ميلوفة لدطه ‪1‬مثل‪ :‬ترر العصيية وغيرها‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ومن مظاهر عناية الإسلام بالأخلاق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن آمات القرآن الكري دثو ار ما كاءت م يزك بقواعّ األخاسو‪ :‬وكلىم مثىل قولىه‬
‫ين﴾‪.2‬‬ ‫تعالى‪﴿:‬وَقاتُلوا في سييل َّ َّ‬
‫ون ُ ْم َوَال َت ْع َت ُدوا إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َال ُط ُّ اْل ُم ْع َتد َ‬ ‫ين ُطَقاتُل َ‬
‫َّللا ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان ه ى ى ا الى ىىنص تنى ىىمن حكمى ىىا شى ىىرةيا‪ ،‬وهى ىىو األمى ىىر بالجهى ىىاد‪ ،‬وحى ىىرب كى ىىل مى ىىن طقاتى ىىل‬
‫المسىلمين‪ ،‬باإلضىىافة الىىى هى ا ال كىىم فقىىد اشىتمل الىىنص علىىى قاعىىدة خلقيىىة عامىىة وهىىي‪:‬‬
‫(النهي عن االعتدا ) على من امتنع من قتال المسىلمين‪3‬؛ ألن فىي كلىم ظلىم لهىم بىدون‬
‫ميرر‪.‬‬
‫صىرب لهىم‬ ‫ومن هنا نرى أن األمر به ا الخلق طعتير بمثابة ضىاب لعمليىة القتىال‪ ،‬حيى‬
‫بقتا من قاتلهم‪ ،‬وانرورة التوقظ عن القتال إكا تعدى هؤال الى غيرهم ممن لم طقاتلوا‪.‬‬
‫القىرن بقواعىد األخىىال أطنىا قولىه تعىىالى ‪َ ﴿ :‬وأ َْنفُقىوا فىي َسىىييل‬ ‫ومىن أمثلىة امتىزال طىىا‬
‫ين ﴾‪ ،4‬ففىىي ه ى ا الىىنص‬ ‫َّللا ُط ى ُّ اْل ُم ْ سىىن َ‬ ‫طك ْم إَلىىى التَّ ْهُل َ ىىة َوأ ْ‬
‫َحسى ُىنوا إ َّن َّ َ‬ ‫َّللا َوَال ُتْلُق ىوا بي َْيىىد ُ‬
‫َّ‬
‫أمىىر باإلنفىىا فىىي سىىييل هللا تعىىالى وه ى ا حكىىم شىىرعي‪ ،‬وااإلضىىافة اليىىه أمىىر باإلحسىىان‪،‬‬
‫وه ه قاعدة خلقية‪ ،‬فائدتها ضب ه ا االنفا ‪ ،‬فال هو اسراف وال هو تقتير‪. 5‬‬
‫‪ -2‬أمر القرآن الكري بالخلق اليبن أم ار مباش ار في دثور مان آماتاع‪ :‬وكلىم مثىل قولىه‬
‫نا‬ ‫الص َالة﴾ ‪ ،6‬وك لم فعلم السنة النيوية المشرفة‪ ،‬حي‬
‫الص ْير َو َّ‬
‫اس َتع ُينوا ب َّ‬
‫تعالى‪َ ﴿:‬و ْ‬
‫‪7‬‬
‫قول الرسول ‪ ":‬أد األمانة لمن ائتمنم‪ ،‬وال تخن من خانم"‬

‫‪‌-‌1‬الشاطبي‪‌:‬الموافقات‪‌ ‌.51‌،50‌/‌‌2‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬اآلية‪.190‌،‬‬
‫‪-‌3‬النسفي‌‪‌:‬تفسير‌النسفي‌‪.98‌/1‬‬
‫‪‌4‬سورة‌البقرة‪‌،‬اآلية‌‪.195،‬‬
‫‪-‌5‬الجمل‪‌:‬حاشية‌الفتوحات‌اإللهية‪.155/1‌،‬‬
‫‪‌-‌6‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪‌ .45‌،‬‬
‫‪-‌7‬سبق‌تخرجه‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ -3‬ان أ تعااالج كعااح سااال مي ااّ ‪ ‬وهااي خات اا الرساااالت الباا اوي ‪ ،‬مي ااا‬
‫ل ما إ األخسو‪ :‬قال الرسول ‪" ‬انما بعثم ألتمىم مكىارم األخىال "‪ 1‬أثنىى القىرن ال ىريم‬

‫علىىى أص ى اب الخلىىق ال سىىن‪ :‬لقولىىه تعىىالى طمتىىدب نييىىه ال ىريم ‪َ ﴿ ‬وإَّنى َ‬


‫ىم َل َعلىىى ُخُلىىق‬
‫َعظيم﴾‪.2‬‬
‫‪ -4‬كعل األخسو الفاضل سببا لّخول الج ا ‪ :‬وفىي هى ا طقىول عىزو نىل‪َ ﴿:‬و َسىارُعوا‬

‫ض أُعى َّىد ْ لْل ُمتَّقى َ‬


‫ىين ﴾‪ 3‬ومىىا كىىان ه ى ا‬ ‫السى َىمَوا ُ َو ْاأل َْر ُ‬ ‫إَلىىى َم ْ فى َىرة مى ْىن َرا ُ ى ْىم َو َنَّنىىة َع ْر ُ‬
‫ضى َىها َّ‬
‫الج از ال سن اال اظها ار ألهمية األخال ‪ ،‬وخصا النا على العمل بمقتناها‪.‬‬
‫نىا عىن النيىي ‪ " ‬اليىر حسىن الخلىق"‪ 4‬وترغيبىا‬ ‫ان فاح مما إ األخسو‪ :‬حيى‬ ‫‪-5‬‬
‫في كلم نعل األبىرار كوي الخلىق ال سىن فىي نعىيم الجنىا ‪ ،‬لقولىه تعىالى‪ ﴿ :‬إ َّن ْاأل َْب َىرَار‬
‫‪5‬‬
‫َلفي َنعيم ﴾‬
‫‪ -6‬ااون الياااريع اإلسااسمي أن االم ااان ال ممااون دااامس اال بيباان الخلااق‪ :‬ونىىا فىىي‬
‫كلم قول النيي ‪":‬أكمل المؤمنين اطمانا أحسنهم خلقا"‪. 6‬‬
‫‪ -7‬ك اا و ا الااريع أن األخاسو مان أثقااح ماا يوضاع فاي موازان حبا ات االنبااان‬
‫طقول الرسول ‪ ":‬أثقل ما يوضع في الميزان يىوم القيامىة‪ ،‬تقىوى هللا‬ ‫يوإ اليباب‪ :‬حي‬
‫‪7‬‬
‫وحسن الخلق"‬
‫‪ -8‬ث الخلق اليبن مقرب صاحبع من سول أ ‪ ‬في الج ا ‪ :‬ويجعلىه مىن أحبائىه‪،‬‬
‫قىىال ‪ ":‬ان مىىن أحىىبكم الىىي وأق ىراكم منىىي مجلسىىا يىىوم القيامىىة أحسىىن م خلقىىا"‪ 8‬كىىل ه ى ه‬

‫‪-‌1‬مالك‪‌:‬الموطأ‪‌،‬ص‌‪‌،405‬ح‪‌،4361‬صححه‌األلباني‪‌،‬السلسلة‌الصحيحة‌له‌‪113‌/6‬ح‌‪.45‌،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌القلم‪‌،‬اآلية‌‪4،‬‬
‫‪-‌3‬سورة‌آل‌عمران‌اآليتان‌‪.134‌،133‬‬
‫‪-‌4‬صحيح‌مسلم‪‌،111/16‌،‬ح‌‪‌ .2553‬‬
‫‪-5‬سورة‌المطففين‪‌،‬اآلية‌‪.22‬‬
‫‪-‌6‬مسند‌االمام‌أحمد‌‪‌ 250/3‬‬
‫‪-‌7‬سنن‌أبي‌داود‌‪‌،253‌/‌4،‬ح‪‌،4799‬صححه‌األلباني‪‌،‬الجامع‌الصغير‌له‪‌،‬ح‪‌ 1578‌،‬‬
‫‪-‌8‬مسند‌االمام‌أحمد‪‌،‬ح‌‪‌،6447‬صححه‌األلباني‪‌،‬السلسلة‌الصحيحة‌له‪‌ 419‌،‌2‌،‬‬
‫‪86‬‬
‫وغيرها كثير مظاهر تدل على عناطة اإلسالم باألخال واهتمامه بتراية أبنائه على القيم‬
‫والمثل العليا‪ ،‬التي ال تستقيم ال ياة اال بها‪.‬‬

‫أثر الأخلاق على النفس البشرية‪:‬‬


‫ثار هامة على النفس البشرية‪ ،‬يتمثل أهمها في أمرين‪:‬‬ ‫لعخال‬
‫أوله ا‪ :‬تقييد استخدام ال ق‪ ،‬ومنع التعسظ ميه‪ ،‬واالعتدا على حقو ال ير‪.‬‬
‫ثانوه ا‪ :‬الم افظة على ميدأ الت افىل االنتمىاعي وتيصىيله فىي الىنفس‪ .‬وايىان كلىم علىى‬
‫الن و التالي‪:‬‬

‫أولا‪ :‬تقييد استخدام الحق‪ 1‬ومنع التعسف ميىه واالعتىدا علىى حقىو ال يىر‬
‫ط ىىرص التشىريع اإلسىىالمي علىىى حفى حقىىو النىىا ‪ ،‬سىوا فىىي دمىىائهم‪ ،‬أو أمىوالهم‪ ،‬أو‬
‫أع ارضىىهم‪ ،‬أو ديىىنهم‪ ،‬أو عقىىولهم‪ ،‬ومىىن أنىىل كلىىم قىىرر األصىىوليين مىىا أسىىموه (بالقاعىىدة‬
‫‪2‬‬
‫ال هيية) وهي (أن حق ال ير م اف عليه شرعا)‬
‫ومعنىىي ه ى ا أن الشىىار قىىد شىىر مجموعىىة مىىن األوامىىر والن ىواهي‪ ،‬مىىن أنىىل حف ى حقىىو‬
‫العامىة‪ ،‬مثىل اإلقامىة والسىفر‬ ‫وال ريىا‬ ‫اآلخرين وما رخص لهم باستعماله مىن اإلباحىا‬
‫والعمىىل واالنتفىىا بىىالمرافق العامىىة ‪...‬الىىا مىىع العلىىم أن األصىىل هىىو عىىدم ال ىىا النىىرر‬
‫‪3‬‬
‫" ال ضرر وال ضرار"‪.‬‬ ‫واألكى باآلخرين وعدم اطالمهم‪ ،‬وكلم لقول النيي‬

‫‪ ‌-‌1‬الحننق‌فنني‌اللغننة‌خننالف‌الباطننل‪‌،‬وهننو‌مصنندر‌(حننق‌الشننيء)‌إذا‌وجننب‌وثبننت‌مننن‌قولهم‪(:‬حقننت‌‬
‫القيامة)‌أي‪‌:‬أحاطت‌بالخالئق‪‌،‬فهي‌حاقة‪‌،‬وقيل‌‪‌(:‬حقت‌الحاجة)‌إذا‌نزلت‌واشنتدت‪‌...‬ونخلنص‌منن‌‬
‫هذا‪‌:‬أن‌الحق‌في‌اللغة‌يطلق‌علنى‌كنل‌شنيء‌موجنود‌وثابنت‪‌.‬راجنع‌فني‌ذلنك‪‌:‬المصنباح‌المنينر‌منادة‌‬
‫(حق)‪‌،‬والحق‌عند‌الفقهاء‌له‌تعريفات‌كثيرة‪‌،‬نختار‌منها‌‪(:‬أن‌الحق‌اختصاص‌يقر‌به‌الشرع‌سنلطة‌‬
‫على‌شيء‌أو‌اقتضاء‌أداء‌من‌آخر‪‌،‬تحقيقا‌لمصلحة‌معينة)‌راجنع‌كتناب‌الحنق‌ومندى‌سنلطان‌الدولنة‌‬
‫في‌تقييده‌لدكتور‌فتحي‌الدريني‌ص‌‪‌، 191‬وهذا‌التعريف‌يفيد‌أن‌لو‌أقر‌لنك‌باالختصناص‌بشنيء‌منا‌‬
‫بأنه‌لك‌دون‌غينرك‪‌،‬فنان‌هنذا‌الشنيء‌هنو‌حنق‌لنك‌ولنيس‌لغينرك‌فينه‌شنيء‪‌،‬ويتضنح‌هنذا‌فني‌ملكنك‌‬
‫للشيء‪‌،‬فما‌كان‌هذا‌الشيء‌ملكا‌لك‌اال‌بإقرار‌المشرع‌عز‌وجنل‌لنذا‌ال‌يحنق‌ألحند‌التصنرف‌فني‌اال‌‬
‫بإذنك‪‌ .‬‬
‫‪-‌2‬الشاطبي‪‌:‬الموافقات‌‪‌ .242/2‬‬
‫‪‌-‌3‬مسند‌االمام‌أحمد‪‌ .212‌/1‌،‬‬
‫‪87‬‬
‫ولمىىا كانىىم القواعىىد الخلقيىىة تىىؤدي نفىىس هىىدف أوامىىر الشىىار ونواويىىه‪ ،‬وهىىو حفى حقىىو‬
‫الن ىىا ‪ ،‬ألن ك ىىل أم ىىر أو نه ىىي خلق ىىي طقي ىىد س ىىلور ف ىىرد م ىىن األفى ىراد‪ ،‬فق ىىد اه ىىتم التشى ىريع‬
‫له ىىا حتىىى تسىىمو نفوس ىىهم‪،‬‬ ‫اإلسىىالمي بقواعىىد األخىىال ‪ ،‬وح ىىرص علىىى أن طمتثىىل النىىا‬
‫الع ىىال‪ ،‬ميس ىىتقيم س ىىلوكهم‪ ،‬وت س ىىن تصى ىرفاتهم‪ ،‬وتس ىىتيق‬ ‫وترتق ىىي كواته ىىم‪ ،‬ال ىىى ال ىىدرنا‬
‫الداخليىىة فىىي ه ى ه النفىىو ‪ ،‬فتمنىىع أص ى ابها مىىن االعتىىدا علىىى حقىىو ال يىىر‬ ‫اليواع ى‬
‫واالض ىرار بهىىا‪ ،‬ومىىن هنىىا نىىرى أن القواعىىد الخلقيىىة مىىا قصىىد بهىىا تقييىىد ال ىىق الف ىردي اال‬
‫‪1‬‬
‫لصيانة حقو ال ير‪.‬‬

‫أمثلة على تقييد القواعد الخلقية للحق الفردي‪:‬‬


‫أ‪‌ -‬لقىىد أبىىاب هللا _ عىىز ونىىل _ (الىىدين) تيسىىي ار علىىى النىىا ‪ ،‬وتسىىهيال للمعاملىىة ميمىىا‬
‫أععىىاه حىىق (حىىبس‬ ‫المىىال) حي ى‬ ‫بيىىنهم‪ ،‬وكفىىل فىىي المقابىىل حىىق الىىدائن (صىىاح‬
‫الىدائن فىي‬ ‫المدين) اكا لم طف بدينه في موعده وهىو موسىر‪ ،‬ول ىن الشىار قىد رغى‬
‫عىدم اسىتخدام هى ا ال ىق (حىق حىبس المىدين) اكا كىان معسىرا‪ ،‬وال طجىد سىداد دينىه‪،‬‬
‫ألنه ليس خلقا أن ط ىبس شىخص عجىز عىن سىداد دينىه رغمىا عنىه‪ ،‬واىدون تقصىير‬
‫ىان ُكو ُع ْس ى َىرة َفَنظ ى َىرةٌ إَل ىىى َم ْي َس ى َىرة‬
‫من ىىه‪ ،‬حيى ى ن ىىا كل ىىم ف ىىي قول ىىه تع ىىالى ﴿ َوإ ْن َك ى َ‬
‫﴾‪،2‬حي طكون استخدام حق ال بس هنا خارنا عن نعا األخال ومعاملة النا‬
‫بال سنى ‪.3‬‬
‫ب‪‌ -‬لقىىد شىىر هللا تعىىالى حىىق العىىال ل ىىل عقىىد الن ىىاب عنىىدما تصىىبا ال يىىاة الزونيىىة‬
‫أن تسىىتمر حياتهمىىا معىىا‪ ،‬ونع ىىل‬ ‫عسىىيرة‪ ،‬وعنىىدما يىىرى الزونىىان أنىىه مىىن الصىىع‬
‫العال حقا للزول‪ ،‬يتصرف ميىه فىي الوقىم المناسى ‪ ،‬واالشىكل الى ي ال طكىون ميىه‬
‫خرول على ال كمة التي من أنلها كان العال حالال‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬الدريني‌‪‌:‬الحق‌ومدى‌سلطان‌الدولة‌في‌تقييده‌ص‌‪‌ .89088‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪.‌280‬‬
‫‪-‌3‬الدريني‌‪‌:‬نظرية‌التعسف‌في‌استعمال‌الحق‌ص‌‪.97‬‬
‫‪88‬‬
‫ول ن الىزول أحيانىا قىد طسىتخدم هى ا ال ىق مىن أنىل االضىرار بزونتىه‪ ،‬وكل كىين يهجرهىا‬
‫هللا تعىالى‬ ‫ويمسكها في عصمته‪ ،‬كي ال تتزول غيره‪ ،‬أو غير كلىم‪ ،‬ومىن أنىل هى ا حى‬
‫األزوال علىى عىىدم اسىىتخدام هى ا ال ىق فىىي غيىر مصىىل ة الىىزونين‪ ،‬وقيىىد اسىىتخدامهم لىىه‬
‫ار ل َت ْع َت ُىدوا ﴾‪ 1‬فىان امسىار الزونىة إلطقىا النىرر‬
‫وه َّن ض َىرًا‬
‫بقوله نىل ناللىه ﴿ َوَال تُ ْمس ُىك ُ‬
‫‪2‬‬
‫بها يتنافى وأبس قواعد األخال واآلداب‬

‫وعلى كلم فالقاعدة العامة في اإلسالم أنه "ال ضرر وال ضرار"‪ ،3‬وه ه القاعدة تفيىد أنىه‬
‫ال طجوز في اإلسالم أن يوقع أحد النرر ب يره‪ ،‬حتى ولو كان ه ا ال ير قد أضىره مىن‬
‫قيل‪ ،‬ف ل استعماله لل ق يل ق ضر ار بال ير سوا كان ال ينفع صاحبه‪ .‬أو كان ينفعىه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فانه ممنو إلياسا على ه ه القاعدة‬

‫ويتفىىر علىىى ه ى ه القاعىىدة أنىىه لىىو اسىىتعمل رنىىل م طاعىىه فىىي بيتىىه بصىىو مرتفىىع ب ي ى‬
‫يل ىىق النىىرر بجي ارنىىه‪ ،‬فانىىه طعتيىىر منىىا ار ويمنىىع مىىن كلىىم‪ ،‬ألن أبس ى القواعىىد الخلقيىىة‬
‫تنهى عن كلم‪ ،‬وك لم لو راى انسىانا كلبىا ببىاب بيتىه وكىان طخيىف صى ار ني ارنىه‪ ،‬فانىه‬
‫منار وينب ي أن طمنع من كلم‪.‬‬

‫المحافظة على التكافل الاجتماعي‬ ‫ثانيا‪:‬‬


‫وترنع أهمية األخال أطنا في أنها ت اف على ميدأ الت افل االنتمىاعي‪ ،‬وتعمىل علىى‬
‫تيصيله‪:‬‬

‫الياريع اإلسسمي لع غام مزدوك وهي‪ :‬المصىل ة الفردطىة‪ ،‬والمصىل ة العامىة‪،‬‬


‫ف ان ييعيا أن طشر حق الفرد وحق الجماعة بصفتهما وسيلتين لت قيق ه ه ال اطة‪.‬‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.231‬‬
‫‪‌-‌2‬الدريني‌‪‌:‬نظرية‌التعسف‌في‌استعمال‌الحق‌ص‌‪102‬‬
‫‪-‌3‬مسند‌االمام‌أحمد‪‌،212‌/1‌،‬صححه‌األلباني‌في‌ارواء‌العليل‪‌،‬ح‪.896‬‬
‫‪ ‌-‌4‬مصطفى‌الزرقا‪‌:‬صياغة‌قانونية‌لنظرية‌التعسف‌باستعمال‌الحق‌في‌قانون‌إسالمي‪‌،‬ص‌‪.39‬‬
‫‪89‬‬
‫وه ا طعني أن التشريع اإلسىالمي تشىريع نمىاعي‪ ،‬لىم يلتفىم الىى مصىل ة لفىرد فقى ‪ ،‬بىل‬
‫‪1‬‬
‫تعادها الى مصل ة الجماعة أطنا‬

‫ودليل كلم أن التشريع اإلسالمي قد اهتم بمصىل ة الجماعىة فقىدمها علىى مصىل ة الفىرد‬
‫عنىىد تعىىارض المصىىل تين‪ ،‬مىىع تعىىويض الفىىرد عمىىا ل قىىه مىىن ضىىرر إكا أمكىىن كلىىم مىىن‬
‫‪2‬‬
‫باب (النرر األشد يزال بالنرر األخظ)‪.‬‬

‫ول ي تبقي الجماعىة قويىة متماسىكة تىؤدي هىدفها المنشىود الى ي حىدده المشىر لهىا‪ ،‬وهىو‬
‫(اإلصالب العالمي) أرسى اإلسالم ميدأ (الت افل االنتماعي)‪.‬‬

‫واليكافااح االكي اااعي مع ااي‪ :‬أن طكىىون الفىىرد مرتبعىىا بالجماعىىة التىىي هىىو نىىز منهىىا‪،‬‬
‫وت ى ىىون تص ى ىرفاته وسى ىىلوكه مرتبعى ىىة بمصى ىىل ة ه ى ى ه الجماعى ىىة‪ ،‬أو هى ىىو‪ :‬شى ىىعور الجميى ىىع‬
‫أخيىىه‪ ،‬وم مىىول علىىى‬ ‫بمسىىئولية بعنىىهم عىىن بعىىض‪ ،‬وأن كىىل واحىىد مىىنهم حامىىل لتبعىىا‬
‫‪3‬‬
‫أخيه‪ ،‬طسيل عن نفسه‪ ،‬ويسيل عن أخيه‬

‫ومن هنا نرى أن الت افىل االنتمىاعي هىو تىآزر وتعاضىد وت ىاثظ كىل أفىراد المجتمىع فىي‬
‫أن مصل تهم نميعا هي مصل ة واحدة‪ ،‬وه ا يؤيىده‬ ‫ال ياة‪ ،‬وعلى أسا‬ ‫شتى مجاال‬
‫‪4‬‬
‫ىاوُنوا َعَل ىىى اْلي ىىر‬
‫َ َ‬ ‫ى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫ىه‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫وقو‬ ‫يع ىىا َوَال َتَف َّرُقى ىوا ﴾‬
‫َّللا َنم ً‬
‫اع َتص ى ُىموا ب َ ْي ىىل َّ‬
‫قول ىىه تعى ىالى‪َ ﴿:‬و ْ‬
‫‪5‬‬
‫َوالتَّْقَوى ﴾‬

‫‪-1‬الدريني‪‌:‬الحق‌ومدى‌سلطان‌الدولة‌في‌تقييده‌ص‌‪‌.148‬‬
‫‪-‌2‬الشاطبي‪‌:‬الموافقات‌‪.243‌/2‬‬
‫‪-‌3‬شلتوت‪‌:‬اإلسالم‌عقيدة‌وشريعة‌ص‌‪‌ 145‬‬
‫‪-‌4‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬من‌اآلية‌‪103‬‬
‫‪‌-‌5‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.2‬‬
‫‪90‬‬
‫وغيىر كلىىم كثيىىر فىىي القىىرن ال ىريم‪ ،‬ومىىن سىىنة النيىىي ‪ " ‬المىىؤمن للمىىؤمن كالينيىىان طشىىد‬
‫‪1‬‬
‫بعنه بعنا"‬

‫ه ى ا وقىىد حىىرص التش ىريع اإلسىىالمي علىىى الم افظىىة عىىل الىىرواب فىىي المجتمىىع‪ ،‬وكىىان‬
‫اسىىتخدمم بالقىىدر ال ى ي‬ ‫فىىي كلىىم‪ ،‬ب ي ى‬ ‫لقواعىىد األخىىال والقىىيم والمثىىل العليىىا نصىىي‬
‫معامل ىىة ال ي ىىر‬ ‫ت ىىدرل المش ىىر ف ىىي لى ى‬ ‫م ىىع مق ىىدرة المكلف ىىين و اق ىىاتهم‪ ،‬حيى ى‬ ‫يتناسى ى‬
‫بمقتنىىى قواعىىد األخىىال ‪ ،‬مىىن األدنىىى الىىى األعلىىى‪ ،‬مىىع ضىىمان حىىد أدنىىى مىىن النىواب‬
‫الخلقية أثنا القيام بالسلور االنتماعي‪ ،‬وكان كلم عل الن و التالي‪:‬‬

‫‪-1‬أباح الياريع للفرد حري ال عامل بال ثح في مجاالت اليقوو الفردما وال عاامست‪:‬‬
‫اع َت َدى َعَل ْي ُ ْم ﴾‪ 2‬كما قىال‪.‬‬
‫اع َت ُدوا َعَل ْيه بم ْثل َما ْ‬
‫اع َت َدى َعَل ْي ُ ْم َف ْ‬
‫حي قال تعالى‪َ ﴿:‬ف َمن ْ‬
‫‪3‬‬
‫سب انه‪َ ﴿.‬وإ ْن َعا َق ْيتُ ْم َف َعاقُيوا بم ْثل َما ُعوق ْيتُ ْم به ﴾‬
‫ه ى ان النصىىان ظىىاهران فىىي أن للفىىرد اسىىتيفا مثىىل حقىىه دون زيىىادة عليىىه‪ ..‬وه ى ا مىىا‬
‫تفتنىىيه مكىىارم األخىىال ‪ ،‬ألنىىه لىىيس مىىن الخلىىق أن طسىىتوفي االنسىىان أكثىىر مىىن حقىىه بىىل‬
‫االنتماةية واضعافها‪.‬‬ ‫طكون في كلم ظلم‪ ،‬والظلم يؤدي الى تفتيم العالقا‬

‫‪-2‬نهي عن الياريع اإلسسمي عن اليزيّ في حق ال فس‪ :‬بمعنى أن طسىتوفي االنسىان‬


‫َط ْس َىت ْوُفو َن‬ ‫اك َتىاُلوا َعَلىى َّ‬
‫النىا‬ ‫ين إ َكا ْ‬ ‫َّ‬
‫ين (‪ )1‬الى َ‬
‫عفف َ‬
‫أكثر من حقه‪ ،‬طقول تعالى‪َ ﴿:‬وْي ٌل لْل ُم َ‬
‫‪4‬‬
‫وه ْم ُط ْخس ُرو َن﴾‬
‫وه ْم أ َْو َوَزُن ُ‬
‫(‪َ )2‬وإ َكا َكاُل ُ‬

‫‪‌-‌1‬صننحيح‌البخنناري‪‌،129‌/1‌:‬سنننن‌الترمننذي‪‌،287‌/‌4‌،‬سنننن‌النسننائي‪‌،79‌/5‌،‬ح‪‌،256‬مسننند‌‬
‫االمام‌أحمد‪.404/4‌،‬‬
‫‪‌-‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.194‬‬
‫‪‌-‌3‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‌‪.126‬‬
‫‪‌-‌4‬سورة‌المطففين‪‌،‬اآليات‌‪.3‌،2‌،1‬‬
‫‪91‬‬
‫‪1‬‬
‫ويقىول أطنىىا‪َ ﴿:‬ف َمى ْىن ُعفىىي َلى ُىه مى ْىن أَخيىىه َشىىي ٌ َفاتَبىىا ٌ بىىاْل َم ْع ُروف َوأ ََدا ٌ إَل ْيىىه بي ْح َسىىان ﴾‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وه ا نهى عن استباحة ال قو ‪ ،‬وأن ال طيخ االنسان أكثر مما لىه‪ ،‬ألن كلىم يىؤدي الىى‬
‫االختالف في ت ديد ال قو ‪ ،‬وه ا طعني انهيار الرواب االنتماةية‪.‬‬

‫‪ -3‬غ الياريع اإلسسمي ف الزيادة في حق الغور‪ :‬بمعنىى أن تععىي اآلخىرين أكثىر‬


‫ممىىا لهىىم عنىىدر‪ ،‬وهى ا أصىىله خلىىق التسىىاما وايثىىار ال يىىر علىىى الىىنفس‪ ،‬طقىىول هللا تعىىالى‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫اص ٌة﴾‬
‫ص َ‬ ‫﴿ َوُي ْؤث ُرو َن َعَلى أ َْنُفسه ْم َوَل ْو َك َ‬
‫ان به ْم َخ َ‬
‫وهى ا مىىن أعظىىم القواعىىد الخلقيىىة تىىيثي ار فىىي ميىىدأ (الت افىىل االنتمىىاعي) ألنىىه ط ىىاف علىىى‬
‫االنتماةية‪.‬‬ ‫تماسم المجتمع وتقوية األواصر بين أفراده‪ ،‬وتمتين العالقا‬

‫وخيىىر مثىىال علىىى كلىىم مىىا روي أن رسىىول هللا ‪ ‬أتىىاه رنىىل يتقاضىىاه بعيىرا‪ ،‬فقىىال الرسىىول‬
‫‪":‬أعع ىىوه‪ :‬فق ىىالوا‪ :‬م ىىا نج ىىد اال س ىىنا أفن ىىل م ىىن س ىىنه‪ ،‬فق ىىال ‪ ":‬أعع ىىوه ف ىىان خي ىىاركم‬
‫‪3‬‬
‫أحسن م قنا "‬

‫ففي ه ا المثال زاد النيي ‪ ‬في حق من أقرضه‪ ،‬ليكون هىو قىدوة المسىلمين فىي الت لىي‬
‫أخ ى طىىيمر أص ى ابه بىىالت لي بىىه أطنىىا‪ ،‬ومثىىال كلىىم مىىا رواه‬ ‫به ى ا الخلىىق عظىىيم‪ ،‬حي ى‬
‫بىىن مالىم عىن أبيىىه أنىه سىيل ابىىن‬ ‫االمىام مسىلم فىي صى ي ه قىال‪ :‬قىال عيىىد هللا بىن كعى‬
‫أبىىي حىىدرد دينىىا كىىان لىىه عليىىه فىىي عهىىد رسىىول هللا ‪ ‬فىىي المسىىجد‪ ،‬فارتفعىىم أص ىواتهما‬
‫حتى سمعهما رسول هللا ‪ ‬في بيته‪ ،‬فخرل اليهما حتى كشظ سجظ‪.4‬‬

‫‪-‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.178‬‬
‫‪-‌2‬سورة‌الحشر‪‌،‬من‌اآلية‌‪.9‬‬
‫‪‌-‌3‬صحيح‌البخاري‌‪‌ 153‌،130‌/2،‬‬
‫‪ ‌-‌4‬السجف‪‌:‬الستر‪‌،‬أي‌ما‌يستر‌البيت‌من‌عيون‌المنارة‪‌،‬ابنن‌األثينر‪‌،‬النهاينة‌فني‌غرينب‌الحنديث‌‪‌/2‬‬
‫‪343‬‬
‫‪92‬‬
‫" فقىال‪ :‬لييىم طىا رسىول هللا‪ " ،‬فيشىار اليىه‬ ‫بن مالم‪ "،‬فقىال طىا كعى‬ ‫حجرته‪ ،‬ونادى كع‬
‫بيده أن ضع الشعر ‪1‬من دينم" قال كع ‪ :‬قد فعلم طا رسىول هللا‪ ،‬قىال رسىول هللا ‪" :‬‬
‫‪2‬‬
‫قمم فيقنه"‬

‫الىىدين علىىى أن‬ ‫صىىاح‬ ‫الشىريف أن هى ا الرسىىول ‪ ‬قىىد حى‬ ‫وشىىاهدنا فىىي هى ا ال ىىدي‬
‫الىىدين قىىد زاد علىىى‬ ‫يتصىىد لمىىن عليىىه الىىدين بنصىىظ مىىا لىىه عليىىه‪ ،‬واهى ا طكىىون صىىاح‬
‫حىىق المىىدين‪ ،‬وأنقىىص مىىن حىىق نفسىىه ‪ ...‬ومىىا ه ى ا اال مىىن أنىىل نشىىر خلىىق الت ىراحم بىىين‬
‫النا ‪ ،‬وافشائه فيهم‪ ،‬فتسود األلفة والم بة في المجتمع‪ ،‬وتتقوى الرواب ميه‪.‬‬

‫‪-4‬يرغ اإلسسإ في مقا ل اإلساءة باإلحبان‪ :‬وهى ا طعمىل علىى القنىا علىى أخىال‬
‫ف ىىي اس ىىتيدالها ب ىىيخال الخي ىىر‪ ،‬والمواق ىىظ‬ ‫الس ىىو ‪ ،‬أو المواق ىىظ الس ىىيئة‪ ،‬ألن مي ىىه ترغيى ى‬
‫مقابلة اإلسا ة باإلحسان امتنا عن اإلسا ة أو ت رارها‪.‬‬ ‫اإلطجابية‪ ،‬حي‬

‫نىىل‬ ‫ومىن األمثلىة التىىي قىدمها لنىىا القىرن ال ىريم فىي كلىم قولىىه تعىالى‪َ ﴿:‬وَال َطيَْتىىل أُوُلىو اْلَف ْ‬
‫َّللا َوْلَي ْعُف ى ىوا‬
‫ين فى ىىي َسى ىىييل َّ‬
‫ين َواْل ُم َهى ىىانر َ‬
‫َن ُي ْؤتُ ى ىوا أُولى ىىي اْلُق ْرَاى ىىى َواْل َم َسى ىىاك َ‬
‫السى ى َىعة أ ْ‬
‫مى ى ْىن ُ ْم َو َّ‬
‫‪3‬‬
‫يم﴾‬ ‫ور َرح ٌ‬‫َّللاُ َغُف ٌ‬‫َّللاُ َل ُ ْم َو َّ‬ ‫صَف ُ وا أ ََال تُ ُّيو َن أ ْ‬
‫َن َط ْ فَر َّ‬ ‫َوْلَي ْ‬
‫نزول ه ه اآلطة هو حلظ أبي بكىر الصىديق‪ .‬رضىي هللا عنىه‪.‬‬ ‫نا في التفسير أن سي‬
‫لىه‪ ،‬وهىو (مسىعا بىن أثاثىة) ألن مسىع ا هى ا‬ ‫أن طقعىع مىا كىان يتصىد بىه علىى قريى‬
‫االفم‪ ،‬فيسا الى ابنته عائشىة‪ .‬رضىي هللا عنهىا‪ .‬فىينزل هللا هى ه اآلطىة‪،‬‬ ‫شارر في حدي‬
‫ميينىىا أنىىه مىىن األفنىىل أال تقابىىل اإلسىىا ة باإلسىىا ة‪ ،‬بىىل ال بىىد مىىن مقابلتهىىا باإلحسىىان‪،‬‬
‫في كلم فجعل نز ا من طقابل اإلسا ة باإلحسان الم فرة والعفو يوم القيامة‪.‬‬ ‫ورغ‬

‫‪-‌1‬الشطر‪‌:‬النصف‪‌،‬وشطر‌الشيء‌نصفه‪‌،‬ابن‌األثير‌المرجع‌السابق‪.473‌/2‬‬
‫‪-‌2‬صحيح‌مسلم‪‌،22‌/‌10‌،‬ح‪1558‬‬
‫‪-‌3‬سورة‌النور‪‌،‬اآلية‌‪.22‬‬
‫‪93‬‬
‫ونا أطنا أن أبو بكر لما سمع به ه اآلطة أسر الى االمتثال لهىا‪ ،‬فعىاود االنفىا علىى‬
‫‪1‬‬
‫هى ا وان دل علىى شىي فينمىا يىدل‬ ‫قريبىه الى ي أسىا اليىه وقىال‪ " :‬ال أنزعهىا منىه أبىدا"‬
‫على مدى حرص هى ا التشىريع علىى بنىا المجتمىع بنىا متماسىكا مترابعىا خاليىا مىن كىل‬
‫عوامل التفرقة واالنشقا ‪..‬‬

‫كما أنه يدل على ما لقواعد األخال من أثر عظيم في مثل ه ا الينا وفي العمىل علىى‬
‫ال قد وال راوية‪ ،‬نقيىا مىن مظىاهر الهىدم‬ ‫تآزر المجتمع وت افله‪ ،‬وابقائه نظيفا من شوائ‬
‫‪2‬‬
‫والتف م‬

‫‪‌-‌1‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ 207‌/12‬‬
‫‪ -‌2‬اقتبسنننا‌مراحننل‌تنندرج‌األخننالق‌مننن‌كتنناب‌الحننق‌ومنندى‌سننلطان‌الدولننة‌فنني‌تقييننده‌للنندكتور‌فتحنني‌‬
‫الدريني‌‌‪:‬ص‌‪‌،‌92‬بشيء‌من‌التصرف‌‪‌ .‬‬
‫‪94‬‬
‫تذكر‬ ‫كر‬

‫الفمح الثالث‪ :‬نظاإ األخسو‪:‬‬


‫ىجية أي الخصىلة التىي يتصىظ بهىىا‬
‫(خُلق)وهىىو الس َّ‬
‫‪ ‬األخىال فىي الل ىة هىي نمىع ُ‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ‬األخىىال فىىي االصىىعالب هىىي‪ :‬هيئىىة ارسىىخة فىىي الىىنفس تصىىدر عنهىىا األفعىىال‬
‫بسهولة ويسر ومن غير حانة إلى ف ر وروية‪.‬‬
‫‪ ‬م ارحىىل تونيىىه الخلىىق فىىي الىىنفس اإلنسىىانية‪ :‬ويكىىون كلىىم ي ثالثىىة م ارحىىل هىىي‪:‬‬
‫مرحلى ىىة التى ىىيثر بى ىىالخير أو الشى ىىر‪ ،‬ومرحلى ىىة رسى ىىوخ الخيى ىىر أو الشى ىىر فى ىىي الى ىىنفس‬
‫الخلق على سلور اإلنسان وتصرفاته‪.‬‬ ‫اإلنسانية واستق ارره فيها‪ ،‬ومرحلة انعكا‬
‫خص ىىائص نظ ىىام األخ ىىال ف ىىي اإلس ىىالم‪ :‬وه ىىي كم ىىا يل ىىي‪ :‬التعم ىىيم والتفص ىىيل‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والشمول‪ ،‬وأنها ضابعة لسىلور اإلنسىان وتصىرفاته‪ ،‬والثىواب والعقىاب‪ ،‬وتالزمهىا‬
‫مع اإلطمان باّلِل‪.‬‬

‫عناطة اإلسالم باألخال ‪ :‬اعتنىى اإلسىالم بىاألخال بقىدر كييىر‪ ،‬وأدلىة كلىم مىا‬ ‫‪‬‬
‫القىىرن ال ىريم بقواعىىد األخىىال ‪ ،‬واألمىىر المباشىىر‬ ‫يلىىي ‪ :‬امت ىزال ل ثيىىر مىىن ط ىا‬
‫القىىرن ال ىريم‪ ،‬وقىىد نعىىل هللا تعىىالى رسىىالة‬ ‫بىىالخلق ال سىىن فىىي ال ثيىىر مىىن طىىا‬
‫النيىي م مىد ‪ ‬متممىىة لقواعىد األخىال ‪ ،‬كمىىا أثنىى القىرن ال ىريم علىى أصى اب‬
‫الخلىق ال سىىن‪ ،‬وقىىد نعلىم األخىىال الفاضىىلة سىىيبا لىدخول الجنىىة‪ ،‬وكى لم إبىراز‬
‫وايان فنل مكارم األخال ‪ ،‬وك لم بين التشريع أن اإلطمان ال طكىون كىامال إال‬
‫ب سىىن الخلىىق‪ ،‬كمىىا بىىين أن األخىىال مىىن أثقىىل مىىا يوضىىع فىىي ميىزان العيىىد يىىوم‬
‫القيامة‪ ،‬والخلق ال سن طقرب صاحبه من الرسول ‪ ‬في الجنة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ ‬أثر األخال على النفس اإلنسانية‪ :‬ويكىون كالتىالي‪ :‬تقييىد اسىتخدام ال ىق وعىدم‬
‫التعسىىظ ميىىه‪ ،‬ومنىىع االعتىىدا علىىى حقىىو ال يىىر‪ ،‬الم افظىىة علىىى ميىىدأ الت افىىل‬
‫االنتماعي وتيصيله في النفس البشرية‪.‬‬
‫‪ ‬وقد تدرل اإلسالم في استخدام األخال للم افظة على ميدأ الت افل االنتماعي‬
‫بىدأ بيباحىة المعاملىة بالمثىل‪ ،‬ثىم بعىدم التزيىد فىي حىق الىنفس‪ ،‬ثىم نىدب إلىى‬ ‫حي‬
‫الزيادة في حق ال ير‪ ،‬ثم حق ال ير‪ ،‬ثم حض على مقابلة اإلسا ة باإلحسان‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫نظام األسرة يف اإلسالم‬

‫وف ع خ ب مباحث‬

‫ال بيث األول‪ :‬تعريف األسرة في اإلسسإ‬

‫ال بيث الثاني‪ :‬األسس اليي مقوإ علوها نظاإ األسرة‬

‫ال بيث الثالث‪ :‬الزواج‬

‫ال بيث الرابع‪ :‬الطسو‬

‫ال بيث الخامس‪ :‬ممان ال رأة وحقوقها في اإلسسإ‬

‫‪97‬‬
‫األهداف واملهارات‬
‫السابقة‪:‬‬ ‫يرمي ه ا الفصل إلى ت قيق األهداف والمها ار‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‪:‬‬
‫‪ -6‬بيان مفهوم اإلسالم لعسرة‪.‬‬
‫‪ -7‬معرفة األسس التي تقوم عليها األسرة‪.‬‬
‫‪ -8‬رسم تصور عام عن الزوال في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -9‬بيان ال قو المشروعة ل ل من الزونين‪.‬‬
‫‪ -10‬رسم تصور عام عن العال في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -11‬بيان مكانة المرأة في اإلسالم‪.‬‬

‫ثان اُ‪ :‬ال ها ات والخبرات‬


‫‪ -12‬ت وين األسرة على أسس سليمة‪.‬‬
‫‪ -13‬بنا حياة أسرية ت قق ال كمة التي شرعم من أنلها األسرة‪.‬‬
‫كل من الزونين‪.‬‬ ‫‪ -14‬معرفة حقو ووانبا‬
‫‪ -15‬معالجة المشاكل الزونية‪.‬‬
‫‪ -16‬إمكانية دفع خعر العال عن األسرة‪.‬‬
‫‪ -17‬إمكانية دحض الشبة المتعلقة بنظرة اإلسالم للمرأة‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المبحث الأول‬

‫تعريف الأسرة‬
‫نظاإ األسرة هو‪ :‬تلم األحكام والمباد والقواعد التىي تتنىاول األسىرة بىالتنظيم بىد ا ًَمىن‬
‫علىىى كلىىم مىىن أثىىار‪،‬‬ ‫ت وينىىه أو مىىرو اًر بقيامهىىا واسىىتقرارها‪ ،‬وانتهىىا ً بتفرقهىىا‪ ،‬وم ىا يترت ى‬
‫الخيىرة المرنىىوة‬ ‫قصىىدا إلىىى إرسىىائها علىىى أسىىس متينىىة ت فىىل دطمومتهىىا وإععائهىىا الثمى ار‬
‫‪1‬‬
‫منها‬
‫األساارة فااي اللغ ا ‪ :‬أهىىل الرنىىل وعشىىيرته ألنىىه يتقىىوى بهىىم‪ ،2‬وتُعلىىق علىىى الجماعىىة التىىي‬
‫يراعها أمر مشترر‪.3‬‬
‫أمااا مفهااوإ األساارة فااي اإلسااسإ‪ :‬رغىىم أن مىىدلول كلمىىة األسىرة معىىروف لىىدى ال ثيىىر مىىن‬
‫النا ‪ ،‬ومتداولة لدى الجميع‪ ،‬إال أن ونود تعريىف واضىا وصىريا وم ىدد لىيس بىاألمر‬
‫السهل واليسير‪ ،‬ول ن هى ا ال طمنىع مىن م اولىة لتعريىف األسىرة‪ ،‬وت ديىد لمقصىود منهىا‪،‬‬
‫وكلم من خالل نظرة الشريعة اإلسالمية إلى مفهوم األسرة‪.‬‬
‫فاألسرة فىي االصىعالب الشىرعي هىي‪ :‬الخل ا االكي اب ا الياي ت اا عان ا تبااط كاح‬
‫بامرأة بعقّ شرعي هو عقّ ال كاح‪.‬‬
‫نعاقها والمدى ال ي تشمله إلى أسىرة بسىيعة‪ ،‬وهىي التىي تت ىون‬ ‫وتتنو األسرة من حي‬
‫من األب واألم الل ين تجمع بينهما عالقىة شىرةية هىي الىزوال‪ ،‬وأسىرة ممتىدة‪ :‬وهىي التىي‬
‫تشمل اآلبا واإلخوة واألعمام وسائر األقارب‪.4‬‬ ‫يتسع إ ارها ب ي‬

‫‪‌1‬عقلة‪‌:‬نظام‌األسرة‌‪‌ .9/1‬‬
‫‪‌2‬النننرازي‪‌:‬مختنننار‌الصنننحاح‌ص‪‌،7‬الفينننومي‌‪‌:‬المصنننباح‌المنينننر‌ص‪،14‬أننننيس‌وغينننره‪‌:‬المعجنننم‌‬
‫الوسيط‪.17/1،‬‬
‫‪‌3‬المصادر‌السابقة‪.‬‬
‫‪‌4‬المرجع‌السابق‌‪67/1‬‬
‫‪99‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الأسس التي يقوم عليها نظام الأسرة‬

‫طعتمد نظام األسرة ففي اإلسالم على األسس التالية‪:‬‬

‫النىىا ُ اتَُّقىوا َرَّا ُ ى ُىم َّالى ي َخَلَق ُ ى ْىم‬


‫‪ .1‬وحاّة األصااح وال اا ‪ :‬قىىال ‪ -‬تعىالى‪َ ﴿-‬طىىا أَُّي َهىا َّ‬

‫َك ْم م ْىن َنْفىس َواح َىدة ﴾‪ 2‬فالنىا نميعىا‬ ‫م ْن َنْفس َواح َدة ﴾ ‪ ،‬وقال ﴿ َو ُه َىو َّالى ي أ َْن َشىي ُ‬
‫‪1‬‬

‫طجمعهىم نسى واحىىد‪ ،‬ويرنعىىون إلىىى أصىىل واحىىد‪ ،‬وهو( دم)عليىىه السىىالم‪ ،‬وهىىم إخىىوة‬
‫ف ىىي اإلنس ىىانية‪ ،‬فعل ىىى الق ىىوي أن طعع ىىظ عل ىىى الن ىىعيف‪ ،‬وعل ىىى ال ن ىىي أن طس ىىاعد‬
‫الفقير‪ ،‬حتى يتم بنيان المجتمع اإلنساني‪.3‬‬

‫انىىا‬
‫ىق َل ُ ى ْىم مى ْىن أ َْنُفسى ُىك ْم أ َْزَو ً‬ ‫‪ .2‬ال ااودة والرح ا ‪ :‬قىىال –تعىىالى ‪َ ﴿ -‬ومى ْىن َ َطاتىىه أ ْ‬
‫َن َخَلى َ‬
‫ل َت ْسى ُىكُنوا إَل ْي َهىىا َو َن َعى َىل َب ْيى َىن ُ ْم َمى َىوَّد ًة َوَر ْح َمى ًة ﴾‪ 4‬فمىىن تمىىام رحمتىىه تعىىالى بينىىي دم أن‬
‫نعىل أزوانهىم مىن ننسىهم‪ ،‬ونعىل بيىنهم وايىنهن مىودة‪ ،‬وهىي الم بىة‪ ،‬ورحمىة وهىىي‬
‫ال أرفىىة‪ ،‬فىىين الرنىىل طمسىىم المىرأة إمىىا لم يتىىه لىىه أو لرحمتىىه بهىىا‪ ،‬بىىين طكىىون لىىه منهىىا‬
‫ولد‪ ،‬أو م تانة إليه في اإلنفا ‪ ،‬أو لعلفة بينهما‪ ،‬وغير كلم ‪.5‬‬

‫‪ .3‬العااّل وال باااواة‪ :‬قىال ‪ -‬تعىىالى‪َ ﴿-‬وَل ُه َّىن م ْثى ُىل َّالى ي َعَلى ْىيه َّن بىىاْل َم ْع ُروف ﴾‪،6‬أي‪:‬‬

‫ولهن على الرنىال مىن ال ىق مىا للرنىال علىيهن‪ ،‬فليىؤد كىل واحىد منهمىا إلىى اآلخىر‬
‫‪7‬‬
‫صىىال ً ا مى ْىن َك َكىىر أ َْو أ ُْن َثىىى‬
‫عليىىه بىىالمعروف ‪ ،‬قىىال ‪ -‬تعىىالى‪َ ﴿-‬مى ْىن َعمى َىل َ‬ ‫مىىا طج ى‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪1،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌األنعام‪‌،‬من‌اآلية‌‪98،‬‬
‫‪‌3‬انظر‌القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،1572/3‬الصابوني‪‌:‬روائع‌البيان‌‪419/1‬‬
‫‪‌4‬سورة‌الروم‪‌،‬من‌اآلية‌‪21،‬‬
‫‪‌5‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‪429/3‬‬
‫‪‌6‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪228،‬‬
‫‪‌7‬القاسمي‪‌:‬محاسن‌التأويل‌‪583/3‬‬
‫‪100‬‬
‫َح َسن َما َك ُانوا َط ْع َمُلو َن ﴾‪ ،1‬وهى ا‬ ‫اة َ يَب ًة َوَلَن ْجزَيَّن ُه ْم أ ْ‬
‫َنَرُه ْم بي ْ‬ ‫َو ُهَو ُم ْؤم ٌن َفَلُن ْ يَيَّن ُه َحَي ً‬
‫وعد من هللا – تعالى – لمن عمل صال ا وهو العمل الم كىوم بكتىاب هللا – تعىالى‬
‫– وسىىنة نييىىه ‪ ،‬مىىن ككىىر أو أنثىىى مىىن بنىىي دم‪ ،‬وقلبىىه مىىؤمن بىىاّلِل ورسىىوله‪ ،‬بىىين‬
‫ط ييىىه هللا حيىىاة يبىىة فىىي الىىدنيا‪ ،‬وأن طجزيىىه بيحسىىن مىىا عمىىل فىىي الىىدار اآلخىىرة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وال ياة العيبة تشتمل ونوه الراحة من أي نهة كانم‬

‫ىاب الى ُّ ل م َىن َّ‬


‫الر ْح َمىة َوُق ْىل‬ ‫ىض َل ُه َمىا َنَن َ‬ ‫‪ .4‬اليكافح االكي اعي‪ :‬قىال ‪-‬تعىالى‪َ ﴿-‬و ْ‬
‫اخف ْ‬
‫ون ى ىوا‬
‫َعَلى ى ُىم ب َمى ىىا فى ىىي ُنُفوسى ى ُىك ْم إ ْن َت ُ ُ‬
‫ير (‪َ )24‬رُّا ُ ى ى ْىم أ ْ‬
‫ص ى ى ًا‬‫َرب ْارَح ْم ُه َمى ىىا َك َمى ىىا َرَّاَيى ىىاني َ‬
‫ىور (‪َ )25‬وَ َكا اْلُق ْرَاىىى َحَّقى ُىه‪ ،3﴾ ......‬لمىىا ككىىر‬ ‫ىين َغُفى ًا‬ ‫ين َفيَّنى ُىه َكى َ‬
‫ىان ل ْع ََّوابى َ‬ ‫صىىال َ‬ ‫َ‬
‫هللا – تعالى – بر الوالدين ععظ ب كر اإلحسان إلى القرابة وصلة األرحىام وحسىن‬
‫المعاشرة‪ ،‬والير واإلنفا ‪.4‬‬
‫فاألسرة هي نواة المجتمع وكيانه‪ ،‬ومن مجمو األسر يت ون المجتمع‪ ،‬فهي بالنسبة‬
‫علىى كلىم أن األسىرة إكا صىل م صىلا المجتمىع‪،‬‬ ‫له كالخلية ليدن اإلنسان ويترت‬
‫فس ىىد المجتم ىىع‪ ،‬ولهى ى ا اه ىىتم اإلس ىىالم باألسى ىرة اهتمامى ىاً كييى ى اًر وواضى ى اً‪،‬‬ ‫وإكا فس ىىد‬
‫من القرن ال ىريم يتعيىد المسىلمون بتالوتهىا فىي الصىالة‬ ‫ويظهر كلم في ورود طا‬
‫النيوية الواردة في موضو األسرة‪.‬‬ ‫وخارنها‪ ،‬فنال عن األحادي‬
‫وس ىىر هى ى ا االهتم ىىام م ىىن اإلس ىىالم باألسى ىرة ه ىىو حرص ىىه عل ىىى االس ىىتم اررية ودوام ال ي ىىاة‬
‫الزونية واألسرية‪ ،‬وإبعادها عن النعظ والتشرد‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‌‪97،‬‬
‫‪‌2‬انظر‌القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،3790/6‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪585/2‬‬
‫‪‌3‬سورة‌اإلسراء‌اآليات‌من‌‪.26,25,24‬‬
‫‪‌4‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪‌،63/3‬القاسمي‪‌:‬محاسن‌التأويل‌‪3921/10‬‬
‫‪101‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الزواج‬
‫أولاً‪ :‬تعريف الزواج‪:‬‬
‫زول مثىىل كلىىم كالم ىاً‪ ،‬وسىىلم سىىالماً‪ُ ،‬طقىىال‪ :‬زول األشىىيا‬ ‫الااازواج لغااا ‪ :‬بىىالفتا اسىىم مىىن َّ‬
‫اه ْم ب ُ ىور عىين ﴾‪ ،1‬أي‬ ‫تزويجاً وزواناً‪َ :‬قَرَن بعنها ببعض‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ك َ ل َم َوَزَّو ْنَن ُ‬
‫ىانوا‬ ‫َّ‬
‫ان ُه ى ْىم َو َم ىىا َك ى ُ‬
‫ظَل ُمى ىوا َوأ َْزَو َ‬
‫ين َ‬‫اح ُش ى ُىروا الى ى َ‬
‫قرن ىىاهم به ىىن‪ ،‬ومن ىىه – قول ىىه – تع ىىالى ‪ْ ﴿ -‬‬
‫‪3‬‬
‫َط ْعُي ُدو َن ﴾‪ 2‬أي أحشروهم وقرنا هم من أهل السو ‪ ،‬ويعلق لف التزويج على الن اب‬
‫أما في االصطسح الارعي‪ :‬اختلظ الفقها في تعريف الىزوال‪ ،‬ون تفىي بتعريىف واحىد‬
‫الش ىىافعية‪ ،‬وه ىىو "عقاااّ يياااا ن ىباحااا وطء لفاااز ىنكااااح أو تااازويا أو‬ ‫م ىىن تعريف ىىا‬
‫ترك يااع"‪ ،4‬والم ىراد بالعقىىد مجمىىو اإلطجىىاب والقيىىول‪ ،‬واإلطجىىاب هىىو مىىا طصىىدر عىىن أحىىد‬
‫ال‪ ،‬والقي ىىول ه ىىو م ىىا طص ىىدر ع ىىن العاق ىىد اآلخ ىىر ثانيى ىًا‪ ،‬وال طش ىىترط أن طكىىىون‬
‫العاق ىىدين أو ً‬
‫اإلطجاب من رف الزول‪ ،‬بل طجوز أن طكون مىن ىرف علىى لسىانه أو لسىان وكيلىه أو‬
‫وليه‪ ،‬ويجوز أن طكون من ىرف الزونىة علىى لسىانها أو لسىان وكيلهىا أو وليهىا والقيىول‬
‫ك لم‪.5‬‬
‫‌‬

‫‪‌1‬سورة‌الدخان‪‌،‬اآلية‌‪54‌،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الصافات‪‌،‬اآلية‌‪22‌،‬‬
‫‪‌3‬ابن‌منظنور‪‌:‬لسنان‌العنرب‌‪‌،1885/3‬الفينومي‪‌:‬المصنباح‌المنينر‌ص‌‪‌،259‬أننيس‌وغينره‪‌:‬المعجنم‌‬
‫الوسيط‌‪.405/1،‬‬
‫‪‌4‬الشربيني‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪123/3‬‬
‫‪‌5‬أحمد‌إبراهيم‪‌:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‌ص‌‪.16‬‬
‫‪102‬‬
‫ثانياً‪ :‬دليل مشروعية الزواج‪:‬‬
‫واإلك ا ‪:‬‬ ‫الزواج مارو بالكياب والب‬

‫ىاب َل ُ ى ْىم مى َىن الن َسىىا َم ْثَنىىى َوثُى َىال َث َوُرَاىىا َ‬


‫امىىا ال تىىاب فقولىىه – تعىىالى ‪َ ﴿-‬فى ْىان ُ وا َمىىا َ ى َ‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫ين مى ْىن ةَبىىاد ُك ْم َوإ َمىىائ ُ ْم ﴾‬‫الصىىال َ‬ ‫ىامى مى ْىن ُ ْم َو َّ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َط‬
‫َ‬ ‫األ‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫َن‬
‫ْ‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪-‬‬ ‫ىالى‬
‫ى‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫–‬ ‫ىه‬
‫ى‬ ‫ل‬‫وقو‬ ‫‪﴾...‬‬
‫أي‪ :‬زونىىوا مىىن ال زول لىىه مىىن م‪ ،‬فينىىه ري ىىق التعفىىظ‪ ،‬والخعىىاب هنىىا لعوليىىا ‪ ،‬وقيىىل‬
‫لعزوال‪. 3‬‬
‫أمىا مىىن السىىنة فقىىول النيىىي ‪" :‬مااا معااار الاااباب ماان اساايطا ما ك الباااءة فلوياازوج؛‬
‫فإنع أغت البمر وأحمن للفرج‪ ،‬ومن ل مبيطع فعل ع بالموإ فإنع لاع وكااء"‪ 4‬أي‬
‫مىىن م الجمىىا لقدرتىىه علىىى مؤنىىه_ وهىىي مىىؤن الن ىىاب ووانباتىىه_ فليتىىزول‪،‬‬ ‫مىىن اسىىتعا‬
‫ومن لم طستعع الجما لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم لدفع شهوته ‪.5‬‬
‫سوى كلم كثيىر‪ ،‬باإلضىافة إلىى إنمىا المسىلمين علىى أن الىزوال‬ ‫وأحادي‬ ‫وهنار طا‬
‫مشرو ‪.6‬‬

‫ثالثاً‪ :‬حكمة مشروعية الزواج‪:‬‬


‫تظهر ال كمة الراانية في مشروةية الزوال من خالل األمور التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬االساااايجاب ل ااااّاء الفطاااارة وتليي ىىة ال ان ىىة ال ريزي ىىة‪ ،‬والس ىىمو به ىىا ن ىىو ال م ىىال‪،‬‬
‫واعريقة مشروعة‪ ،‬إك ال طخلىو نسىم إنسىان بىالع سىوى خىال مىن األمىراض مىن هى ه‬
‫الفعرة‪ ،‬حتى خيرة البشر وهىم األنييىا والرسىل علىيهم السىالم‪ ،7‬ويقىول النيىي ‪ ‬فىي‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 3،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النور‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 32،‬‬
‫‪‌3‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪4631‌/7‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‌‪‌،‌556/2‌،‬ح‌‪.5066‬‬
‫‪‌5‬ابن‌حجر‌العسقالني‪‌:‬فتح‌الباري‌‪.10/9‬‬
‫‪‌6‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪.3/7‬‬
‫‪‌7‬عقلة‪‌:‬نظام‌األسرة‌‪.81/1‬‬
‫‪103‬‬
‫ما يرويه أنس بن مالم ‪" :‬أنه نا ثالثة ره إلى بيو أزوال النيي ‪ ‬طسيلون‬
‫عن ةبادته‪ ،‬فلما أخيروا كينهم تقالوها‪ ،‬فالوا‪ :‬وأين ن ن مىن النيىي ‪ ‬قىد غفىر هللا‬
‫له ما تقدم من كنبه وما تيخر‪ ،‬فقىال أحىدهم‪ :‬أمىا أنىا أصىلي الليىل أبىدًا‪ ،‬وقىال خىر‪:‬‬
‫وأنىا أصىوم الىىدهر وال أفعىر‪ ،‬وقىىال الثالى ‪ :‬وأنىا أعتىىزل النسىا وال أتىىزول أبىداً‪ ،‬فجىىا‬
‫رسول هللا ‪ ‬فقال‪ :‬أنتم ال ين قلتم ك ا وك ا ! أما وهللا إني ألخشىاكم هلل وأتقىاكم لىه‬
‫عىىن سىىنتي فلىىيس‬ ‫ل نىىي أصىىوم وأفعىىر‪ ،‬وأصىىلي وأرقىىد‪ ،‬وأتىىزول النسىىا ‪ ،‬فمىىن رغ ى‬
‫مني"‪. 1‬‬
‫والش ىىعور‬ ‫‪ .2‬ىمجاااااد الراحاااا ال فباااا ‪ :‬وكل ىىم م ىىن خ ىىالل تب ىىادل ال ق ىىو والوانب ىىا‬
‫المتبادل بين أفراد األسرة؛ من م بة ومودة‪ ،‬و أرفىة واىر ووفىا ‪ ،2‬قىال تعىالى‪َ﴿ :‬وم ْىن‬
‫‪3‬‬
‫انا ل َت ْس ُكُنوا إَل ْي َها َو َن َع َل َب ْيَن ُ ْم َمَوَّد ًة َوَر ْح َم ًة﴾‬
‫َن َخَل َق َل ُ ْم م ْن أ َْنُفس ُك ْم أ َْزَو ً‬
‫َ َطاته أ ْ‬
‫‪ .3‬حفز أنو اإلنباني من الزوال واالنقراض‪ :‬وكلم باإلنجاب والتوالد واقا النسىل‬
‫انىا َو َن َع َىل َل ُ ْىم م ْىن‬ ‫وحفى النسى ‪ ،4‬قىال تعىالى _‪َ ﴿:‬و َّ‬
‫َّللاُ َن َع َىل َل ُ ْىم م ْىن أ َْنُفس ُىك ْم أ َْزَو ً‬
‫العيَبا ﴾‪.5‬‬ ‫أ َْزوان ُكم بنين وحَفدة ورَزَق ُ م من َّ‬
‫َ ْ َ َ َ َ ًَ ََ ْ َ‬
‫ولقىىد ح ى ُّ النيىىي ‪ ‬علىىى النسىىل‪ ،‬فعىىن معقىىل بىىن طسىىار ال‪ :‬نىىا رنىىل إلىىى رسىىول هللا‬
‫وم ىىال إال أنه ىىا ال تل ىىد‪،‬‬ ‫ومنصى ى‬ ‫حسى ى‬ ‫‪‬فق ىىال‪ :‬ط ىىا رس ىىول هللا إنى ىي أص ىىيم امى ىرأة كا‬
‫فىىيتزول بهىىا فنهىىاه رسىىول هللا ‪ ‬ثىىم أتىىاه فىىي الثانيىىة‪ ،‬وقىىال لىىه مثىىل كلىىم فنهىىاه‪ ،‬ثىىم أتىىاه‬
‫زونوا الولود الودود‪ ،‬فيني مكاثر بكم "‪.6‬‬ ‫الثالثة فقال له مثل كلم‪ ،‬فقال رسول هللا ‪‬‬

‫‪‌1‬صحيح‌البخاري‪‌،‌556/2،‬ح‌‪.5063‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪.1572/3‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الروم‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .21،‬‬
‫‪‌4‬الشربيني‌‪:‬مغني‌المحتاج‌‪‌،125/3‬احمد‌إبراهيم‌‪‌:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‌ص‌‪.5‬‬
‫‪‌5‬سورة‌النحل‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪72،‬‬
‫‪‌6‬البيهقي‪‌:‬السنن‌الكبرى‌‪‌،‌81/7‬صححه‌األلباني‌في‌صحيح‌الجامع‌‪‌،566/1‌،‬ح‪.2940‬‬
‫‪104‬‬
‫الا فس واعفااف ال ارء نفبااع وروكاع ماان الوقاو فااي الياراإ‪ :‬ويكىىون‬ ‫‪ .4‬تهاذي‬
‫كلم بكسر الشهوة وغض البصر‪ ،‬وت صين الفرل‪ ،‬قال ‪ " ‬طىا معشىر الشىباب مىن‬
‫ىض للبصىىر وأحصى ُىن للفىىرل‪ ،‬ومىىن لىىم طسىىتعع‬
‫اسىتعا مىىن م البىىا ة فليتىىزول‪ ،‬فينىىه أغى ُ‬
‫فعليه بالصوم فينه له ونا " أي وقاطة‪.1‬‬
‫وتقوية روابى األسىر علىى‬ ‫‪ .5‬اليعاون ون الزوكون وتي ح أبباء الي اة الزوك‬
‫تراية األوالد تراية سليمة‪ ،‬واه يتم االستعانة على المصالا‪.2‬‬
‫وتقوييهاا‪ :‬فىالزوال وسىيلة مىن وسىائل تىراب‬ ‫‪ .6‬ال يافظ علج الروابط االكي اب‬
‫المجتمىىع وتقويتىىه‪ ،‬وكلىىم يزيىىد إمكانيىىة تعىىاون ه ى ا المجتمىىع وحصىىنته ضىىد التفرقىىة‬

‫والنىىعظ‪ ،‬وه ى ا ط قىىق مقصىىود هللا _تعىىالى _ مىىن قولىىه‪ ﴿:‬إَّنىىا َخَلْقَنى ُ‬
‫ىاك ْم مى ْىن َك َكىىر‬
‫ىارُفوا ‪ ،3﴾...‬والن ىاب كمىا أسىلفنا مىن أقىوى وسىائل‬ ‫واا َوَإلَبائ َل ل َت َع َ‬
‫اك ْم ُش ُع ً‬
‫َوأ ُْن َثى َو َن َعْلَن ُ‬
‫التعارف بين النا ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬حكم الزواج‪:‬‬


‫طختلىىظ حكمىىه تبع ىاً ل ىىال الشىىخص ال ى ي‬ ‫تعتىىري الىىزوال األحكىىام الت لي يىىة التاليىىة حي ى‬
‫يريد الزوال‪:‬‬
‫‪ .1‬ممون فرضا‪ :‬إكا تيقن الشخص من الوقو في الزنا إن لىم يتىزول‪ ،‬بشىرط أن طكىون‬

‫عليىىه مىىن‬ ‫قىىاد ًار علىىى أةبىىا الىىزوال مىىن مهىىر ونفقىىة‪ ،‬مىىع إمكانيىىة القيىىام بمىىا يترت ى‬
‫عليىىه‬ ‫حقىىو ووانبىىا ‪ ،‬وال طخشىىى ظلىىم الزونىىة‪ ،‬ألن االمتنىىا عىىن الىىزوال سىىيترت‬

‫‪‌1‬النووي‪‌:‬شرح‌صحيح‌مسلم‌‪.173/3‬‬
‫‪‌2‬الشربيني‌‪:‬مغني‌المحتاج‌‪125/3‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الحجرات‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.13،‬‬
‫‪105‬‬
‫كىل مىؤمن أن طفعىل مىا ط ىول بينىه واىين الم ظىور‪،‬‬ ‫الوقو فىي الم رمىا ‪ ،‬ووانى‬
‫ف ان الزوال فرضا له ا االعتبار‪.1‬‬
‫‪ .2‬ويمون حراما‪ :‬إكا تيقن الشخص من أنه سيظلم زونته بعدم العدل‪ ،‬أو عدم القيام‬
‫بسىائر ال ىىو الناشىىئة عىن عقىىد الىىزوال؛ كاإلنفىا عليهىىا وعلىىة كلىم‪ :‬أن ظلىىم ال يىىر‬
‫حرام‪ ،‬والزوال سيؤدي إلى الظلم‪ ،‬وما يؤدي إلى ال رام فهو حرام‪.2‬‬
‫‪ .3‬ويمااون ممروهاااا‪ :‬اكا انتفىىى اليقىىين مىىن ال الىىة السىىابقة‪ ،‬بىىين كىىان الشىىخص غيىىر‬
‫متيقن من وقوعه في الظلم‪ ،‬ول نه طخشى الوقو ميىه إن تىزول‪ ،‬ألن مىا طفنىي إلىى‬
‫المكروه فهو مكروه‪.3‬‬
‫طقوى على ضب نفسه‪ ،‬وال‬ ‫‪ .4‬واما في حال دون الاخص معيّل الاهوة‪ :‬ب ي‬
‫طخىىاف ارت ىىاب المعصىىية‪ ،‬وال طخش ىىى ظل ىىم الزون ىىة‪ ،‬ويقىىدر عل ىىى أةبىىا ال ىىزوال _‬
‫_ ففىىي مثىىل ه ى ه ال الىىة كه ى‬ ‫وحالىىة اال عتىىدال هىىه هىىي ال البىىة عنىىد اكثىىر النىىا‬
‫نمهور الفقها إلى أن الزوال ميه سنة مؤكدة‪ ،4‬وقد استدلوا لم هيهم باآلتي‪:‬‬
‫فعرتي فليستن بسنتي‪ ،‬وإن من سنتي الن اب"‪.‬‬ ‫أ‪‌ -‬قوله ‪ " :‬من أح‬
‫ب‪‌ -‬وقوله ‪ " :‬ثالثة حق على هللا تعالى عونهم‪ :‬المجاهد في سىييل هللا‪ ،‬والمكاتى‬
‫ال ي يريد األدا ‪ ،‬والناكا ال ي يريد العفاف‪.5" ،‬‬
‫وتؤكىىد علىىى فعلىىه ‪ ‬وهىىو لىىيس فرضىًا فيبقىىى علىىى سىىييل‬ ‫وغيرهىىا ترغى‬ ‫فهى ه األحاديى‬
‫السنة واالست باب‪ ،‬ولو كان فرضاً ليينه ‪. ‬‬

‫‪‌1‬الكاساني‌‪‌:‬بدائع‌الصنائع‌‪‌،228/2‬ابنن‌قدامنة‌‪‌:‬المغنني‌‪‌،‌4/7‬ويوسنف‌قاسنم‌‪‌:‬حقنوق‌األسنرة‌ص‌‬
‫‪.4،‬‬
‫‪‌2‬أحمد‌إبراهيم‌‪‌:‬األحوال‌الشخصية‌ص‌‪.7‬‬
‫‪‌3‬يوس‌قاسم‌‪‌:‬حقوق‌األسرة‌ص‌‪.41‬‬
‫‪‌4‬الكاسنناني‌‪‌:‬بنندائع‌الصنننائع‌‪‌، ‌228/2‬ابننن‌جننزي‌‪‌:‬القننوانين‌الفقهيننة‌ص‌‪‌،‌130‬األنصنناري‌‪‌:‬فننتح‌‬
‫الوهاب‌‪‌،‌31/2‬أبو‌البركات‌‪‌:‬المحرر‌في‌الفقه‌‪.13/2‬‬
‫‪‌5‬البيهقي‌‪‌:‬السنن‌الكبرى‌‪‌،‌78‌/7‬ضعفه‌األلباني‌في‌ضعيف‌الجامع‌‪‌،‌70‌،‬ح‌‪.534‌2‬‬
‫‪106‬‬
‫ويؤيىىده اطن ىاً أن الرسىىول‪ ‬تىىزول وداوم عليىىه‪ ،‬وكلىىم أص ى ابه _ رض ىوان هللا علىىيهم _‬
‫تزونوا وداوموا عليىه‪ ،‬وتىابعهم المسىلمون بىالزوال‪ ،‬فالمداومىة والمتابعىة دليىل كونىه سىنة‪،‬‬
‫وه ا هو الرأي الرانا وهللا تعالى أعلم ‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬حقوق الزوجين‪:‬‬


‫الشىىار بمقتنىىاه حقوقىىاً‬ ‫إكا تىىم عقىىد الىىزوال صىى ي ا مسىىتوميا ألركانىىه وشىىرو ه‪ ،‬رتىى‬
‫ووانبىىا متبادلىىة بىىين الىىزونين‪ ،‬وكلىىم انعالق ىًا مىىن قولىىه _ تعىىالى‪َ ﴿:‬وَل ُهى َّىن م ْثى ُىل َّال ى ي‬
‫َعَل ْيه َّن باْل َم ْع ُروف ﴾‪ ،1‬أي‪ :‬للنسا من ال قو على الرنال مثل ما للرنال علىى النسىا‬
‫‪.‬‬ ‫من وانبا‬

‫أقسام الحقوق الزوجية‪:‬‬


‫وتنقسم ال قو الزونية إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسمممم األول‪ :‬حقممموق المممزوج علمممى الزوجمممة‪ :‬حقىىو الىىزول علىىى زونتىىه كثي ىرة طمكىىن‬
‫تلخيص أهمها كما يلي‪:‬‬
‫على الزونة أن ت ن معيعة لزونها‪ ،‬وتنف كل ما طيمر به‪.‬‬ ‫‪ .1‬الطاع ‪ :‬طج‬
‫كل ما ينهى عنه وما ال يرضاه‪ ،‬إال أن طكون‬ ‫إال أن طكون معصية هلل‪ ،‬وأن تتجن‬
‫اعىة هلل‪ ،‬ألن العاعىة مجلبىىة للهنىا والرضىىا ‪ ،‬والمخافىة تولىىد الشى نا والب نىىا ‪،‬‬
‫النفور وتفسد الم بة‪.‬‬ ‫وتون‬
‫و اعىىة المىرأة لزونهىىا وانبىىة عليهىىا شىىرعًا‪ ،‬فىىين لىىه حىىق القوامىىة عليهىىا‪ ،‬طقىىول هللا _‬
‫نى ُىه ْم َعَلىىى َب ْعىىض َوا َمىىا‬
‫َّللاُ َب ْع َ‬ ‫امىىو َن َعَلىىى الن َسىىا ب َمىىا َف َّ‬
‫نى َىل َّ‬ ‫ىال َق َّو ُ‬
‫تعىىالى _ ﴿ الرَنى ُ‬
‫َمى َىواله ْم ﴾‪ ،2‬وه ى ه القوامىىة ال تعنىىي االسىىتيداد والتسىىل والقهىىر‪ ،‬بىىل هىىي‬ ‫أ َْنَفُق ىوا مى ْىن أ ْ‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 228،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 34‌،‬‬
‫‪107‬‬
‫والطىة النصىا والتونيىىه والرعاطىة وال ماطىىة‪ ،‬طقىول ابىىن ةبىا ‪ :‬رضىىي هللا عنهمىا‪ ،‬فىىي‬
‫تفسير اآلطة ﴿ َوللرَنال َعَل ْيه َّن َدَرَن ٌة ﴾‪،1‬الدرنة إشارة إلى حض الرنال على حسىن‬
‫العشرة‪ ،‬والتوسع للنسا في المال والخلق‪ ،‬أي‪ :‬ينب ي أن يت امل على نفسه‪.2‬‬
‫‪ .2‬األمان ا ‪ :‬علىىى الزونىىة ان ت ف ى غيبىىة زونهىىا فىىي نفسىىها وايتىىه ومالىىه وولىىده‪ ،‬قىىال‬
‫َّللاُ ﴾‪ ،3‬أي‪ :‬معيع ىىا‬
‫ظ ىىا ٌ لْل َ ْيى ى ب َم ىىا َحفى ى َ َّ‬
‫الص ىىال َ ا ُ َقان َت ىىا ٌ َحاف َ‬
‫تع ىىالى‪َ ﴿ :‬ف َّ‬
‫ألزوانهن ط فظن أنفسهن‪ ،‬وأمىوال أزوانهىن وأوالدهىم فىي غييىتهم ‪ ،4‬وقىال‪ "‬كل ىم‬
‫ار وكل م مسئول عن رعيته‪ ،‬واألمير ار َ‪ ،‬والرنىل ار َ علىى اهىل بيتىه‪ ،‬والمىرأة‬
‫‪5‬‬
‫فعلى الزونة‬ ‫راةية على بيم زونها وولده‪ ،‬ف ل م ار وكل م مسئول عن رعيته "‬
‫أن ت سن تراية أوالدها وفق الىدين والفنىيلة‪ ،‬وأن تصىون نفسىها عمىا يىدنس شىرفها‬
‫وشرف زونها‪ ،‬وأن ت اف على ماله ‪.6‬‬
‫على الزونة معاشرة زونها بالمعروف من كىف األكى وغيىره‪،‬‬ ‫‪ .3‬حبن العارة‪ :‬طج‬
‫فال تؤكطه‪ ،‬وال تشق عليه‪ ،‬كما عليه معاشرتها بالمعروف أطنىًا‪ ،‬قىال ‪ "‬أطمىا امىرأة‬
‫ماتىىم وزونهىىا راض عنهىىا دخلىىم الجنىىة"‪7‬وقىىد تعيىىع الزونىىة زونهىىا اعىىة عميىىا ‪،‬‬
‫ول نهىىا ال ت سىىن عش ىرته‪ ،‬فتعيعىىه ميمىىا طىىيمر بىىه‪ ،‬ول ىىن ال طمنعهىىا كلىىم أن ت ىىون‬
‫سىليعة اللسىىان‪ ،‬عابسىىة الونىه‪ ،‬قاسىىية النظىرة‪ ،‬خشىنة لمعاملىىة‪ ،‬ممىىا يىؤدي إلىىى كثىرة‬
‫والخصوما ‪ ،‬ونشل ال ياة الزونية‪.8‬‬ ‫المشكال‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ 228‌،‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌‪‌، ‌ 1738/933،2/2‬وأحمد‌إبراهيم‌‪‌:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‌ص‌‪‌ .224‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪34‌،‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌‪.1740/‌2‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌البخاري‌‪‌،‌586/2‌،‬ح‌‪.5200‬‬
‫‪‌6‬أحمد‌إبراهيم‌‪‌:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‌ص‌‪.224‬‬
‫‪‌7‬سنن‌الترمذي‌‪،361،‬ح‪‌، 163‬وقال‌عنه‌حديث‌حسن‌غريب‌‪‌،‬المصدر‌نفسه‪.‬‬
‫‪ ‌8‬الروابط‌والعالقات‌االجتماعية‌من‌كتناب‌أصنول‌النظنام‌االجتمناعي‌منن‌بحنث‌لصنفوت‌مبنرك‌ص‌‬
‫‪.177‬‬
‫‪108‬‬
‫زونتىىىه عن ىىد نش ىىوزها أو عص ىىيانها أمى ىره‬ ‫‪ .4‬حااااق الي دياااا ‪ :‬للىىىزول ال ىىق ف ىىي تيديى ى‬

‫بى ىىالمعروف ال ف ى ىىي المعصى ىىية‪ ،‬ق ى ىىال _ تع ى ىىالى _ ﴿ َوالَّل َّل خَّلَتاَ َََُّل َّلَّلُوزَ َه َّز ز َّل َّلَّلََ ز خ‬
‫ان َّل اَّنزَز خ وَ َّلام ره َلَ َ رع َّلَّلغَ زو ر وََّل ََّلَت ََّلرَّل ز َّلَا‬ ‫وَعاظزَّلَّلَ خ وا ُ َّلَّلَّو خ ام الرِِ َّل ا‬
‫َّلُْ اِ َو ر‬ ‫َ َ‬ ‫ز َر زز ز‬
‫َاَّل ا ﴾‪ ،1‬فىىالمرأة مكلفىىة بعاعىىة زونهىىا ‪ .‬كمىىا‬ ‫ا‬ ‫َعلََّل رَّله ان خ َبَّلا نهَت ا خه خ‬
‫اكَ َََّلَّلُ َه َعلهًَّّلَّلُ َ ن‬
‫أشرنا من قيىل ‪ .‬فىيكا خالفىم وعصىم فىين الىزول طملىم حىق تيدييهىا‪ ،‬وكلىم بىالعر‬
‫المشىىروعة‪ ،‬وهىىي الم ى كورة فىىي اآلطىىة السىىابقة‪ ،‬وهىىي علىىى الترتي ى ‪ ،‬فييىىدأ بالوسىىيلة‬
‫األولى الوع واإلرشاد‪ ،‬فيكا أصر لجي إلى الثانية الهجر في المنجع والعراض‪،‬‬
‫فيكا لم تفلا لجي إلى الثالثة النرب ‪.2‬‬
‫والمراد بالنرب في اآلطة النرب غير المرب‪ ،‬وغير الشائن‪ ،‬ففال ط ل أن طنراها‬
‫بعصىىا‪ ،‬وال ط ىىل لىىه أن يلعمهىىا علىىى ونههىىا‪ ،‬والرنىىل ال امىىل ال يرضىىى لنفسىىه أن‬
‫فىي تعييقىه ال يتعلىق بكىل‬ ‫طنرب زونته‪ ،‬والنيي ‪ ‬لم طنرب امىرأة قى ‪ ،‬فالتيديى‬
‫عىىن النىىرب غيىىر‬ ‫زونىىة‪ ،‬وإنمىىا الزونىىة المشاكسىىة الناشىزة‪ ،3‬وقىىد سىىئل ابىىن ةبىىا‬
‫الميرب‪ ،‬قال بالسوار ون وه‪.4‬‬
‫الىىزول اقتنىىى الوفىىا لىىه أن تظهىىر الزونىىة ال ىىزن‬ ‫‪ .5‬اليااّاد علااج الاازوج‪ :‬إكا مىىا‬
‫واألسىىى علىىى ف ارقىىه أراعىىة أشىىهر وعش ى اًر‪ ،‬اعت ارف ىاً بالفنىىل والجميىىل‪ ،‬وكلىىم بتجن ى‬
‫والزينة‪ ،‬وإن لم تلزم بيىم الزونيىة فىال تبارحىه إال للنىرورة‪ ،‬وتمتنىع خعيتهىا‬ ‫العي‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.34‌،‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌‪ ‌1740/3‬وما‌بعدها‌‪‌،‬محاضنرات‌فني‌عقند‌النزواج‌وآثناره‌‪‌:‬محمند‌أبنو‌زهنرة‌‪‌،‬‬
‫ص‌‪.206‬‬
‫‪ ‌3‬انظننر‌‪‌:‬القرطبنني‌‪‌:‬الجننامع‌ألحكننام‌القننرآن‌‪ ‌1740/3‌،‬ومننا‌بعنندها‌‪‌،‬محاضننرات‌فنني‌عقنند‌الننزواج‌‬
‫وآثاره‌‪‌:‬محمد‌أبو‌زهرة‌ص‌‪.206‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌‪.1743/3‬‬
‫‪109‬‬
‫صراحة في ه ه المدة‪ 1‬قال تعالى‪ ﴿ :‬و َّال َ َّ‬
‫ص َىن‬ ‫ين ُي َتَوف ْو َن م ْن ُ ْم َوَيى َ ُرو َن أ َْزَو ً‬
‫انىا َي َتَرَّا ْ‬ ‫َ‬
‫َنَل ُهى َّىن َفى َىال ُنَنىىا َب َعَلى ْىي ُ ْم م َ‬
‫يمىىا َف َعْلى َىن فىىي‬ ‫ىر َفىىي َكا َبَل ْ ى َىن أ َ‬ ‫بي َْنُفسىىه َّن أ َْرَا َع ى َة أ ْ‬
‫َشى ُىهر َو َع ْشى ًا‬
‫َّللاُ ب َما َت ْع َمُلو َن َخي ٌير ﴾‪.،2‬‬ ‫أ َْنُفسه َّن باْل َم ْع ُروف َو َّ‬

‫القسممم الثمماني‪ :‬حقمموق الزوجممة علممى زوجهمما‪ :‬حقىىو الزونىىة علىىى زونهىىا كثيىرة أطنىىا‬
‫طمكن تلخيص أهمها في ال قو التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬حبن ال عاشرة‪ :‬إكا كانم الزونة معالبة بين ت سىن عشىرة زونهىا‪ ،‬فىالزول بالمثىل‬
‫وه َّن باْل َم ْع ُروف ﴾‪ ،3‬وحسىن العشىرة‬
‫معال ب ا المعاملة‪ ،‬قال _ تعالى _﴿َو َعاش ُر ُ‬
‫طكون باللين والرفق في المعاملة‪ ،‬وأن يوفيها حقها من المهر والنفقة‪ ،‬وأن ييتسم في‬
‫ونههىىا وال طعىىبس بىىدون كنى ى ‪ ،‬وأن يتجمىىل لهىىا كمىىا تتجم ىىل لىىه‪ ،‬وأن طصىىير عل ىىى‬

‫‪ .‬قىىال ‪ " ‬وال طفىىرر مىىؤمن مؤمنىىة‪ ،‬إن ك ىره منهىىا خلق ىاً‬ ‫أكاهىىا‪ .4‬وه ى ا امىىر مسىىت‬
‫رضي غيره"‪.5‬‬
‫طقول ابن كثير في تفسيره لآلطة السابقة‪ " :‬أي‪ :‬ييىوا أقىوال م لهىن‪ ،‬وحسىنوا أفعىال م‬
‫كل ىىم منه ىىا فافع ىىل أن ىىم به ىىا مثل ىىه‪ ،‬كم ىىا ق ىىال‬ ‫ق ىىدرت م‪ ،‬كم ىىا ت ى ى‬ ‫وهيئ ىىات م ب سى ى‬
‫تعالي‪َ ﴿:‬وَل ُه َّن م ْث ُل َّال ي َعَل ْيه َّن باْل َم ْع ُروف﴾‪.6‬‬
‫أن تعامله به‪ ،‬ب يى‬ ‫‪ .2‬العّل‪ :‬ويكون العدل من المتزول بواحدة أن طعاملها بما ط‬
‫لىىو فعلىىم بىىه المثىىل الى ي طفعىىل بهىىا لقيلىىه منهىىا‪ ،‬وليتى كر قولىىه _ تعىىالى _ ﴿ َوَل ُهى َّىن‬

‫‪‌1‬ابن‌كثير‪ ‌184/‌1‬ن‌احمد‌إبراهيم‪‌:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‪‌،‬ص‌‪.32‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.234‌،‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.19‌،‬‬
‫‪‌4‬انظر‌القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪.1667/3‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌مسلم‪‌،566‌،‬ح‌‪‌ .1469‬‬
‫‪‌6‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪.466/1‬‬
‫‪110‬‬
‫م ْث ُل َّال ي َعَل ْيه َّن باْل َم ْع ُروف ﴾‪ ،1‬ميععمها مما طعىع ويكسىوها ممىا يلىبس‪ ،‬ويسىكنها‬
‫السكن الالئق بها‪ ،‬وأن ال طسي إليها بالقول أو الفعل‪.‬‬
‫نواحي ىىه‪ ،‬ميص ىىبا معالب ىىا‬ ‫أمىىا إكا ك ىىان متزون ىىا أكثىىر م ىىن واح ىىدة‪ ،‬فالع ىىدل تتشىىع‬
‫بالعىىدل بيىىنهن نميعىىا‪ ،‬فىىال طظلمهىىن‪ ،‬وال طفىىر فىىي المعاملىىة بىىين واحىىدة وأخىىرى بىىل‬
‫عليه المساواة في المعاملة الظاهرة بينهن‪ ،‬في المععم والملبس والمسكن‪ ،‬والمعاملة‬
‫بالقول والفعل‪ ،‬وك لم المييم بين يييم عند كل واحدة بقدر ما يييم عند األخرى‪،‬‬
‫فقد قال _ تعالى _ ﴿ َفي ْن خْفتُ ْم أ ََّال َت ْعدُلوا َفَواح َد ًة ﴾‪،2‬والمعلوب هو العدل الظاهر‬
‫فىىي األمىىور المادطىىة المقىىدورة‪ ،‬ولىىيس المعلىىوب العىىدل والمسىاواة فىىي الم بىىة القلييىىة‪،‬‬
‫ص ىىتُ ْم َفى َىال َتميُل ىوا ُك ى َّىل‬
‫َن َت ْعىىدُلوا َب ى ْىي َن الن َسىىا َوَلى ْىو َحَر ْ‬
‫يعوا أ ْ‬
‫قىىال تعىىالى‪َ ﴿ :‬وَل ى ْىن َت ْسى َىتع ُ‬
‫اْل َمْيىل﴾‪،3‬وقىد كىىان النيىي ‪ ‬طعىدل بىىين زوناتىه فىي األمىىور المادطىة‪ ،‬ويقىول‪ " :‬اللهىىم‬
‫والمودة‪.5‬‬ ‫ه ا قسمي ميما أملم فال تلمني في ما تملم وال أملم "‪ 4‬أي‪ :‬في ال‬
‫أن يؤدي لها مىا اتفىق عليىه مىن‬ ‫للزونة على زونها‪ ،‬طج‬ ‫‪ .3‬ال هر‪ :‬وهو حق وان‬
‫مهىىر‪ ،‬وال ط ىىق ألحىىد أن طسىىتولى علىىى شىىي مىىن المهىىر إال برضىىاها التىىام‪ ،‬الخىىالي‬
‫ص ُدَقاته َّن ن ْ َل ًة َفي ْن ْي َن َل ُ ْم‬ ‫من اإلكراه والمجاملة‪ ،‬قال _ تعالى _ ﴿ َوَتُوا الن َسا َ َ‬
‫َعى ْىن َشىىي م ْنى ُىه َنْف ًسىىا َف ُ ُلىىوهُ َهن ًيئىىا َمر ًيئىىا﴾‪،6‬وانمىىع العلمىىا علىىى أنىىه ال حى َّىد ل ثي ىره‪،‬‬
‫ْ‬
‫ىان َزْول َوَ َت ْي ىىتُ ْم‬
‫ال َزْول َم َ ى َ‬
‫اسىىت ْي َد َ‬
‫واختلفىىوا فىىي قليل ىىه‪ ،‬قىىال _ تعىىالى _ ﴿ َوإ ْن أََرْدتُى ُىم ْ‬
‫ون ُه ُب ْه َت ًانا َوإ ْث ًما ُمي ًينا﴾‪.7‬‬
‫ْخ ُ َ‬
‫ْخ ُ وا م ْن ُه َش ْيًئا أ ََتي ُ‬
‫ار َف َال َتي ُ‬ ‫اه َّن ق ْن َ‬
‫ع ًا‬ ‫إ ْح َد ُ‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.228‌،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.3‌،‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.29‌،‬‬
‫‪‌4‬سنن‌أبي‌داود‌‪‌،324‌/‬ح‌‪‌،213‬ضعفه‌األلباني‪‌‌،‬المصدر‌نفسه‪.‬‬
‫‪‌5‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،1590‌/3‬الشنوكاني‪‌:‬نينل‌األوطنار‌‪‌،372‌/‌6‬أبنو‌زهنرة‪‌:‬محاضنرات‌فني‌عقند‌‬
‫الزواج‌وآثاره‌ص‌‪.212‬‬
‫‪‌6‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.4‌،‬‬
‫‪‌7‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.20‌،‬‬
‫‪111‬‬
‫واليم ا ماان وكااوب ال هاار‪ :‬هىىي إظهىىار خعىىر العقىىد ومكانتىىه‪ ،‬وإعىزاز المىرأة وإكرامهىىا‪،‬‬
‫وتقىىدطم الىىدليل علىىى م بىىة الىىزول لهىىا‪ ،‬ورغيتىىه فيهىىا‪ ،‬واحت ارمىىه لشخصىىها‪ ،‬ودوام الىىزوال‪،‬‬
‫ونفقة‪.1‬‬ ‫وميه تمكين للمرأة من التهيؤ للزوال بما يلزم من لبا‬

‫امىىو َن َعَلىىى‬
‫ىال َق َّو ُ‬
‫‪ .4‬ال فقااا ‪ :‬وهىىي حىىق للزونىىة علىىى زونهىىا‪ ،‬قىىال _ تعىىالى _﴿ الرَنى ُ‬
‫َم َىواله ْم ﴾‪ ،2‬والنفقىة تشىمل‬ ‫ن ُه ْم َعَلى َب ْعض َوا َما أ َْنَفُقوا م ْىن أ ْ‬
‫َّللاُ َب ْع َ‬ ‫الن َسا ب َما َف َّ‬
‫ن َل َّ‬
‫الععام والشراب وال سىوة والسىكنى الالئقىة بهىا‪ ،‬ويكىون الععىام وال سىوة علىى حسى‬
‫ىق ُكو َس َىعة م ْىن َس َىعته َو َم ْىن‬
‫قدرة الزول من طسار أو إعسار‪ ،‬قىال _ تعىالى _ ﴿ لُي ْنف ْ‬
‫َّللاُ ﴾‪،3‬وقال ‪ ":‬إكا أنفق المسلم نفقة على أهلىه _‬
‫ُقدَر َعَل ْيه رْزُق ُه َفْلُي ْنف ْق م َّما َتَاهُ َّ‬
‫وهو ط تسيها_ كانم له صدقة"‪ 4‬والمراد باألهل‪ :‬الزونة‪ ،‬وقيل الزونة واألقارب‪.5‬‬

‫القسم الثالث الحقوق المشتركة بين الزوجين‪:‬‬


‫ال يثيم عقد الزوال للرنىل حقوقىاً ينفىرد بهىا ف سى ‪ ،‬وال للزونىة حقوقىاً تخىتص بهىا دون‬
‫الرنىىل‪ ،‬بىىل‪ ،‬إنىىه يثيىىم مجموعىىة مىىن ال قىىو المشىىتركة للىىزونين يتسىىاوى أمامهىىا الىىزول‬
‫ل ل منهما على اآلخر أهمها‪:‬‬ ‫والزونة‪ ،‬وتج‬
‫‪ .1‬ىباحااا ال عاشااارة الزوك ااا ‪ :‬ق ىىرر اإلس ىىالم أن المعاشى ىرة الزوني ىىة ح ىىق ل ىىل م ىىن‬
‫الزونين‪ ،‬مي ل اسىتمتا كىل منهمىا بىاآلخر علىى الن ىو المقىرر شىرعاً‪ ،‬مىا لىم طمنىع‬
‫ظو َن (‪ )5‬إ َّال َعَلىى أ َْزَوانهى ْىم‬
‫ين ُه ْىم لُفى ُىرونه ْم َحىاف ُ‬ ‫َّ‬
‫منىه مىانع‪ ،‬قىال _ تعىىالى _ ﴿ َوالى َ‬

‫‪‌1‬ابن‌قدامة‌‪‌:‬المغني‌‪‌،160/‌7‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌‪‌ .1593/3‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.34‌،‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الطالق‪‌،‬اآلية‌‪.7‌،‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‪‌،3/3‌،‬ح‌‪.5351‬‬
‫‪‌5‬ابن‌حجر‌العسقالني‪‌:‬فتح‌الباري‪.410‌،‬‬
‫‪112‬‬
‫ىان ُه ْم َفىىيَّن ُه ْم َغ ْيى ُىر َمُلىىوم َ‬
‫ين ﴾‪ ،1‬والعالقىىة الجنسىىية أمىىر عظىىيم األثىىر‬ ‫أ ْو َمىىا َمَل َ ى ْىم أ َْط َمى ُ‬
‫على العالقة الزونية‪ ،‬وراما كان إهمال الزونين لها‪ ،‬وعدم إطالئها االهتمىام ل ىافي‬
‫منها سيبا في ت در ال ياة‪ ،‬وافتقارها إلى عنصر السعادة والم بة والسكن ‪. 2‬‬
‫‪ .2‬حرم ال ماهرة‪ :‬بمجىر عقىد الىزوال ت ىرم علىى الىزول أصىول الزونىة‪ ،‬كمىا ت ىرم‬
‫فروعه ىىا بال ىىدخول‪ ،‬وكى ى لم ط ىىرم عليه ىىا أص ىىول وف ىىرو ال ىىزول‪ ،‬ق ىىال تع ىىالى‪َ ﴿ :‬وَال‬
‫َّ‬
‫ظ إَّنى ُىه َكى َ‬
‫ىان َفاح َش ى ًة َو َمْقتًىىا َو َسىىا َ‬ ‫ىاا ُك ْم مى َىن الن َسىىا إال َمىىا َقى ْىد َس ىَل َ‬
‫تَ ْن ُ ىوا َمىىا َن َ ى َىا َ َبى ُ‬
‫ىاعة‬ ‫َّ‬ ‫‪3‬‬
‫ضى َ‬ ‫الر َ‬
‫َخى َىواتُ ُ ْم مى َىن َّ‬
‫ضى ْىعَن ُ ْم َوأ َ‬
‫ُم َهىىاتُ ُ ُم الالتىىي أ َْر َ‬
‫يال﴾ ‪ ،‬وقولىىه تعىىالى‪َ ...﴿ :‬وأ َّ‬‫َسىىي ً‬
‫الالتي في حجورُكم م ْن نسىائ ُ م َّ‬
‫الالتىي َد َخْلىتُ ْم به َّىن َفىي ْن َل ْىم‬ ‫ُمها ُ نسائ ُ م وراائب ُ م َّ‬
‫َ ُ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َ ْ َ ََ ُ ُ‬ ‫َوأ َّ َ‬
‫َص َالب ُك ْم ﴾‪.4‬‬ ‫َّ‬
‫ين م ْن أ ْ‬ ‫ونوا َد َخْلتُ ْم به َّن َف َال ُنَن َ‬
‫اب َعَل ْي ُ ْم َو َح َالئ ُل أ َْبَنائ ُ ُم ال َ‬ ‫تَ ُ ُ‬
‫وال كمىىة مىىن حرمىىة المصىىاهرة أن العشىىرة لمىىا حلىىم بىىين الىىزونين راعىىم بينهمىىا‪،‬‬
‫أو اقى ىىوى‪ ،‬ثى ىىم راعى ىىم بى ىىين أس ى ىرتيهما براى ىىاط‬ ‫ونعلى ىىم بينهمى ىىا ُل مى ىىة تشى ىىبه النس ى ى‬
‫المصاهرة‪ ،‬فصارتا كينهما أسرة واحدة‪ ،‬فال نرم كانم أم زونة اإلنسان كيمه وانتها‬
‫كينته‪ ،‬وزونة أبيه بمنزلة أمه‪ ،‬وزونة ابنه بمنزلة ابنه في ال رامة‪.5‬‬
‫‪ .3‬حااق الي اوا ث‪ :‬الىىزوال الص ى يا يثيىىم الت ىوارث بىىين الىىزونين بمجىىرد العقىىد فييهمىىا‬
‫قي ىىل اآلخ ىىر والعق ىىد ق ىىائم ثي ىىم للمون ىىود ف ىىي اإلرث م ىىن ترك ىىة اآلخ ىىر نص ىىيبًا‬ ‫م ىىا‬

‫ان ُ ْم إ ْن َل ْم َط ُ ْن َل ُه َّن َوَلٌد َفي ْن َك َ‬


‫ىان‬ ‫ر أ َْزَو ُ‬
‫ظ َما َتَر َ‬
‫صُ‬‫مفروضاً‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَل ُ ْم ن ْ‬
‫ىين ب َهىا أ َْو َد ْيىن َوَل ُه َّىن ُّ‬
‫الرُا ُىع م َّمىا‬ ‫َل ُه َّن َوَلٌد َفَل ُ ُم ُّ‬
‫الرُا ُع م َّما َتَرْك َن م ْىن َب ْعىد َوص َّىية ُيوص َ‬

‫‪‌1‬سورة‌الملمنون‪‌،‬اآليتان‌‪.6‌،5‬‬
‫‪‌2‬أبو‌زهرة‌‪‌:‬محاضرات‌في‌عقد‌الزواج‌وآثاره‌ص‌‪‌،205‬محمد‌عقلة‌‪‌:‬نظام‌األسرة‌في‌اإلسنالم‌‪‌2‬‬
‫‪.10،/‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.22،‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.23،‬‬
‫‪‌5‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌،89/7‬أبو‌زهرة‪‌:‬محاضرات‌في‌عقد‌الزواج‌وآثاره‌ص‌‪‌،204‬وأحمند‌إبنراهيم‌‬
‫‪:‬أحكام‌األحوال‌الشخصية‌ص‌‪.50‬‬
‫‪113‬‬
‫ىان َل ُ ْىم َوَل ٌىد َفَل ُه َّىن الىثُّ ُم ُن م َّمىا َت َىرْكتُ ْم م ْىن َب ْعىد َوص َّىية‬
‫َتَرْكتُ ْم إ ْن َل ْم َط ُ ْن َل ُ ْم َوَل ٌىد َفىي ْن َك َ‬
‫وصو َن ب َها أ َْو َد ْين ﴾‪،1‬فيرث الزول نصظ تركة زونته إن لم طكىن لهىا ولىد(ابن أو‬ ‫تُ ُ‬
‫بنم) فين كان لها ولد له راع التركة‪ ،‬كما تىرث الزونىة زونهىا ولهىا راىع التركىة إن‬
‫لم طكن له ولد ( ابن أو بنم) فين كان له ولد فلها ثمن التركة‪.2‬‬
‫‪ .4‬انيباب األ والد لوها وحقه ا فاي عااييه ‪ :‬التناسىل مىن أغىراض الىزوال الرئيسىية‪،‬‬
‫حىىق ل ىىل مىىن الىىزونين‪ ،‬كمىىا أنىىه حىىق‬ ‫حفظىاً للبقىىا ‪ ،‬واسىىتم ار اًر للنىىو ‪ ،‬وثيىىو النس ى‬
‫لعوالد‪ ،‬وقد حرم اإلسالم علىى الىزونين أن ين ىر أحىدهما النسى ‪ ،‬أو ييىدل ميىه‪ ،‬قىال‬
‫‪ "‬أطما امرأة أُدخلم على قوم مىن لىيس مىنهم فليسىم مىن هللا فىي شىي ‪ ،‬ولىن طخلهىا‬
‫هللا منىىه وفنى ه بىىه علىىى‬ ‫الىىه ننتىىه‪ ،‬وأطمىىا رنىىل ن ىىد ولىىده وهىىو ينظىىر إليىىه احتجى‬
‫الخالئ ىىق ب ىىين األول ىىين واآلخى ىرين " ‪ 3‬فم ىىن ح ىىق األوالد أن طعيشى ىوا بي ىىنهم ف ىىي‬ ‫راو‬
‫حنانتهم ورعيتهم‪ ،‬ت فهم الم بة وال نان ‪.4‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫الطلاق‬

‫تبقى ال ياة الزونيىة قائمىة بىين‬ ‫األصل في عقد الزوال في اإلسالم أنه عقد دائم‪ ،‬ب ي‬
‫الزونين مدى عمرهما‪ ،‬ول نه طمكن أن ين ل أو ينتهي بيحد ريقين‪:‬‬

‫األول‪ :‬حتمي ال سييل إلى تفادطه وهو وفاة أحد الزونين‪.‬‬

‫ول نه أحد حقائق ال ياة‪ ،‬أباحه اإلسالم واعتيره أب ض ال الل‬ ‫الثاني‪ :‬طكره وال طست‬

‫إلى ىىى هللا‪ ،‬وكلى ىىم لنى ىىرورة قى ىىاهرة‪ ،‬وفى ىىي ظى ىىروف اسى ىىتثنائية مل ى ىىة‪ ،‬تجعلى ىىه دوا ٌ وعالن ى ىاً‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪،12،‬‬
‫‪‌2‬مغني‌المحتاج‪‌:‬الشربيني‌‪‌ .9،/3‬‬
‫‪‌3‬سنن‌أبي‌داوود‌‪،344‌،‬ح‪،2263‬ضعفه‌األلباني‌‪‌،‬المصدر‌نفسه‪‌ .‬‬
‫‪ ‌4‬مدكور‪‌:‬الوجيز‌في‌أحكام‌األسرة‌ص‌‪‌،‌140‬محمد‌إمام‌‪‌:‬الزواج‌والطالق‌‪.162‬‬
‫‪114‬‬
‫للتخلص من شقا م تم‪ ،‬قد ال طقتصر على الىزونين‪ ،‬بىل طمتىد إلىى األسىرة كلهىا ميقلى‬
‫حياتها إلى ن يم ال طعا ‪.1‬‬
‫واإلسالم يرى أن العال هدم لعسرة‪ ،‬وتصدطع لينيانها‪ ،‬وتمزيىق لشىمل أفرادهىا‪ ،‬وضىرره‬
‫يتع ىىدى إل ىىى األوالد‪ ،‬ف ىىين األوالد حينم ىىا طكون ىىون ف ىىي حن ىىن أمه ىىاتهم طكون ىىون موض ىىعا‬
‫للرعاطة‪ ،‬وحسن التراية‪ ،‬واكا حرموا ععظ األم وحنانها‪ ،‬تعرضوا للنيا والتشتم‪ ،‬ومع‬
‫هى ا فقىىد أنىىازه اإلسىىالم؛ لىىدفع ضىىرر أكيىىر‪ ،‬وت صىىيل مصىىل ة أكثىىر‪ ،‬وهىىي التفريىىق بىىين‬
‫متباغنين من الخيىر أن يتفرقىا‪ ،‬ألن الشىقا والنى از قىد اسىت كم بينهمىا وال يىاة الزونيىة‬
‫والوفى ىىا ‪ ،‬والهى ىىدو واالسى ىىتقرار‪ ،‬ال التنى ىىاحر والخصى ىىام‬ ‫ينب ى ىىي أن طكى ىىون أساسى ىىها ال ى ى‬
‫والب نا ‪.2‬‬
‫كانم اليهودطىة تيىيا العىال ‪ ،‬وينتهىي العقىد بعلقىة واحىدة‪ ،‬وينفصىل الزونىان بعىدها إلىى‬
‫األبىىد‪ ،‬وال ط ىىل لهمىىا اسىىتئناف ال يىىاة الزونيىىة‪ ،‬فىىالعال مىىانع مىىن تالقىىي الىىزونين م ىرة‬
‫أخرى إلى األبد ‪.3‬‬
‫نا في كتاب (األحكام العيرية)‪ ":‬متى نوى الزول العال حرمم عليه معاشىرة زونتىه‪،‬‬
‫اإلس ار إلى القها"‪.4‬‬ ‫مبمجرد عزمه على مفارقتها ون‬
‫وقنم المسىي ية إال فىي قليىل مىن العوائىظ أن العىال ممنىو ‪ ،‬وأن االنفصىال ال ط ىل‬
‫ألحىىد الىىزونين غىىال فىىي أحىىوال ضىىيقة ونىىادرة‪ ،‬إكا أعلنىىه الزونىىان فهمىىا فىىي أسىىره إلىىى‬
‫األبد‪ ،5‬ففي إنجيل (متى) اإلص اب الخامس "‪ ...‬وأما أنا فيقول ل م إن من لق امرأته‬
‫إال لعلة الزنا طجعلها تزني‪ ،‬ومن تزول معلقة فينه يزني "‪.6‬‬

‫‪ ‌1‬مصطفي‌السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌.132،‬‬
‫‪‌2‬محمد‌الصابوني‪‌:‬روائع‌البيان‌‪‌ 343/1‬‬
‫‪‌3‬محمد‌إمام‪‌:‬الزواج‌والطالق‌ص‌‪.173،‬‬
‫‪ ‌4‬أحمد‌عبد‌الوهاب‪‌:‬تعدد‌نساء‌األنبياء‌ومكانة‌المرأة‌في‌اليهودية‌والمسيحية‌واإلسالم‌ص‌‪.195،‬‬
‫‪‌5‬محمد‌إمام‪‌:‬الزواج‌والطالق‌ص‌‪.173‬‬
‫‪ ‌6‬الكتاب‌المقدس‌العهد‌الجديد‌إصدار‌دار‌الكتاب‌المقدس‪‌.‬القدس‌ص‌‪.9‬‬
‫‪115‬‬
‫عا﴾‪ ،1‬فىىالعال‬
‫ُمى ًة َو َس ى ً‬
‫ىاك ْم أ َّ‬
‫ونىىا اإلسىىالم بعريىىق وس ى لقولىىه‪ :‬تعىىالى‪َ ﴿ :‬وَك ى َ ل َم َن َعْلَنى ُ‬
‫أصله م ظور‪ ،‬فيكا أصىبا ال ىل الوحيىد للخىرول مىن شىقا ال ط تمىل‪ ،‬فهىو مبىاب ك ىل‬
‫نهىىائي‪ ،‬وكل ىىم بعىىد أن ون ىىه الىىزول وأرش ىىده قيىىل إطق ىىا العىىال أن طس ىىلم مجموعىىة م ىىن‬
‫لمعالجة الخالف العائلي بالعر التالية‪:‬‬ ‫اإلن ار ا‬

‫لليّ من وقو الطسو ومعالج الخسف العائلي‪:‬‬ ‫الخطوات الوقائ‬


‫‪ .1‬طعل ى اإلطىىالم _ ابتىىدا ً _ كىىالً مىىن الرنىىل والمىىرأة أن ط سىىن اختيىىار صىىاحبه عىىن‬
‫اإلقىىدام علىىى الىىزوال‪ ،‬ويع ىىرف كىىل مىىا ينب ىىي أن طع ىىرف عنىىه مىىن أخىىال وس ىىلور‬
‫و بىىا وعىىادا ‪ ،‬وعيىىوب‪ ،‬ف ى لم أنىىدر بىىدوام العش ىرة بىىين الىىونين واسىىتقرار ال يىىاة‬
‫الزونية‪.2‬‬
‫‪ .2‬دعىىا اإلس ىىالم الىىزونين أن طشىىعر كىىل واحىىد منهمىىا بمسىىؤوليته اتجىىاه اآلخىىر ون ىىو‬
‫أوالدهما أمام هللا _ تعالى _ فهىو المعلىع علىى حسىن سىلوكهما‪ ،‬أو ان رافهمىا‪ ،‬وقىد‬
‫نعل كال منهمىا راةيىا ومسىؤوالً‪ ،‬قىال ‪ " :‬كل ىم ار وكىل مسىؤول عىن رعيتىه‪ .‬إلىى‬
‫أن طقول والرنل ار في أهله وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راةية فىي بيىم زونهىا‬
‫ومسؤولة عن رعيتها"‪.3‬‬
‫‪ .3‬عنىىد ظهىىور أول بىىادرة خىىالف بىىين الىىزونين ينب ىىي أن يىىتفهم كى ٌىل أخىىال اآلخىىر‪،‬‬
‫ويصير على ما طكرهه منه‪ ،‬وي اول كل منهما استرضا صاحبه وإصالحه‪ ،‬فلىيس‬
‫اإلنسىان ويتفىق مىع هىواه‪ ،‬فال يىاة لىم تسىو بىين النىا‬ ‫كل ما فىي ال يىاة ممىا طعجى‬
‫في عقولهم‪ ،‬وأخالقهم و باعهم‪ ،‬والبد لإلنسان إال إغماض العين عما طكره‪ ،‬وكثيى ار‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.143‬‬
‫‪‌2‬ص فوت‌مبارك‪‌:‬بحث‌في‌الروابط‌والعالقات‌االجتماعينة‌منن‌كتناب‌أصنول‌النظنام‌االجتمناعي‌ص‌‬
‫‪.208‬‬
‫‪‌3‬المرجع‌السابق‌ص‌‪.209‬‬
‫‪116‬‬
‫مى ىىا طكى ىىون الخيى ىىر ميمى ىىا طك ى ىره اإلنسى ىىان ويتى ىىيكى بى ىىه‪ ،1‬وفى ىىي كلى ىىم طقى ىىول هللا تعى ىىالى‪:‬‬
‫ىر‬
‫َّللاُ ميىه َخ ْي ًا‬ ‫وه َّن َف َع َسى أ ْ‬
‫َن َت ْ َرُهوا َش ْىيًئا َوَي ْج َع َىل َّ‬ ‫وه َّن باْل َم ْع ُروف َفي ْن َكرْهتُ ُم ُ‬
‫﴿ َو َعاش ُر ُ‬
‫ير﴾‪ ،2‬فعسى أن يؤول األمر إلى أن يرزقه هللا منها أوالدا غير صال ين أو غير‬ ‫َكث ًا‬
‫كلم‪.3‬‬
‫‪ .4‬واكا اسىىتمر الخىىالف وكانىىم الزونىىة هىىي المشاكسىىة‪ ،‬فللىىزول ال ىىق فىىي تيدييهىىا عنىىد‬
‫نشو از عىن ريىق الىوع واإلرشىاد‪ ،‬بىين يىت لم معهىا بكىالم رقيىق لىين‪ ،‬لقولىه تعىالى‪:‬‬
‫هللا علىىيهن مىىن‬ ‫ىوه َّن﴾‪ ،4‬أي‪ :‬ككىىروهن بمىىا أون ى‬ ‫﴿و َّ‬
‫الالتىىي َت َخىىا ُفو َن ُن ُشى َ‬
‫ىوزُه َّن َفع ُ‬
‫ظى ُ‬ ‫َ‬
‫حسىىن الصى بة‪ ،‬ونميىىل العشىرة للىىزول‪ ،5‬فىىيكا خالفىىم وعصىىم لىىه ال ىىق فىىي هجرهىىا‬
‫نانع﴾‪،6‬فين الزول إكا أعرض عن‬
‫وه َّن في اْل َم َ‬
‫اه ُج ُر ُ‬
‫في المنجع لقوله تعالى‪َ﴿ :‬و ْ‬
‫ف ارشىها فىىين كانىىم م بىىة لىىه فى ل طشىىق عليهىىا‪ ،‬فترنىىع للصىىالب‪ ،‬وان كانىىم مب نىىة‬
‫ميظهر النشوز منها‪ ،‬فيتيين أن النشوز من قيلها‪ ،‬فين أصر على النشىوز ضىراها‬
‫وه َّن﴾‪ ،7‬أي‪ :‬ضراا غيىر مىؤثر بىين‬
‫اضرُا ُ‬
‫عندئ ضراًا غير ميرب‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫فىي أثنىا النىرب‪ :‬الونىه ت رمىة لىه‪،‬‬ ‫ال طكسر عنواً‪ ،‬وال يؤثر فيها شىيئاً‪ ،‬ويجتنى‬
‫مواضىىع الزينىىة منهىىا لىىئال‬ ‫وكى لم الىىبعن والمواضىىع المخوفىىة خىىوف القتىىل‪ ،‬ويجتن ى‬
‫طشوها‪ ،8‬فين ت ققم العاعة ونى ال ىظ عىن التيديى لقولىه تعىالى‪َ ﴿ :‬فىي ْن أَ َ ْع َىن ُ ْم‬
‫ىر﴾‪ ،9‬أي‪ :‬إكا اعىم المىرأة زونهىا فىي‬ ‫ان َعلًّيا َكيي ًا‬ ‫يال إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َك َ‬ ‫َف َال َت ْب ُ وا َعَل ْيه َّن َسي ً‬

‫‪‌1‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.123‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.19،‬‬
‫‪‌3‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌ .1668،/3‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.34،‬‬
‫‪‌5‬القرطبي‌الجامع‪‌،1741/3‬سيد‌قطب‪‌:‬في‌ظالل‌القرآن‌‪.359‌/‌2‬‬
‫‪‌6‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.34،‬‬
‫‪‌7‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪.1741،/3‬‬
‫‪‌8‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.34،‬‬
‫‪‌9‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪‌،492/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪.242‌/7‬‬
‫‪117‬‬
‫نميع ما يريده منها مما أباحه هللا لىه منهىا فىال سىييل لىه عليهىا بعىد كلىم‪ ،‬ولىيس لىه‬
‫ىوه َّن َف َع َسىى‬
‫وه َّن بىاْل َم ْع ُروف َفىي ْن َكرْهتُ ُم ُ‬
‫ضراها وال هجرانها‪ ،‬وقوله تعىالى‪َ ﴿ :‬و َعاش ُىر ُ‬
‫ىر ﴾‪،1‬مي ىىه تهدي ىىد للرن ىىال إكا ب ى ىوا عل ىىى‬
‫ىر َكثي ى ًا‬
‫َّللاُ مي ىىه َخ ْي ى ًا‬
‫َن َت ْ َرُهى ىوا َشى ى ْيًئا َوَي ْج َع ى َىل َّ‬
‫أْ‬
‫النسا من غير سي ‪ ،‬فين هللا العلي ال يير وليهن‪ ،‬وهو منىتقم ممىن ظلمهىن وا ىى‬
‫‪2‬‬
‫عليهن‪.‬‬
‫‪ .5‬اكا استشىرى الخىالف ولىم طعىىد احىدهما ط تمىل اآلخىر‪ ،‬ويصىىير علىى الخىالف معىىه‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلسىالم إرسىال حكمىين‬ ‫وادعى كل من الزونين ظلم صاحبه وال بينة لهما‪ ،‬أون‬
‫اليهمىىا‪ ،‬حكمىىا مىىن أهلىىه‪ ،‬وحكمىىا مىىن أهلهىىا‪ ،‬ينظ ىران فىىي أسىىباب الخىىالف وعواملىىه‪،‬‬
‫في أن ال من الىزول والزونىة إكا كىان راغبىًا فىي إنهىا‬ ‫وي اوالن اإلصالب‪ ،‬وال ري‬
‫وكثير ما ينجا‬
‫ا‬ ‫الخالف‪ ،‬عودة الوئام بينهما‪ ،‬فين ال كمين سينج ان في مهمتهما‪،‬‬
‫ه ى ا الت كىىيم‪ ،‬ألن كىىال مىىن ال كمىىين حىىريص علىىى حس ىىم الخىىالف‪ ،4‬قىىال تعىىالى‪:‬‬
‫ص َىال ًحا‬
‫َهل َهىا إ ْن ُيري َىدا إ ْ‬
‫َهلىه َو َح َ ًمىا م ْىن أ ْ‬
‫﴿ َوإ ْن خْفتُ ْم شَقا َ َب ْينه َما َف ْاب َعثُوا َح َ ًما م ْىن أ ْ‬
‫ير ﴾‪.5‬‬ ‫يما َخي ًا‬‫ان َعل ً‬ ‫َّللاُ َب ْيَن ُه َما إ َّن َّ َ‬
‫َّللا َك َ‬ ‫ُيَوفق َّ‬
‫‪ .6‬إكا فشل ال كمان في اإلصالب بين الزونين‪ ،‬وأصر كل من العرفين علىى موقفىه‪،‬‬
‫وأراد الىىزول إطقىىا العىىال ‪ ،‬فعليىىه أن طسىىلم ميىىه مسىىل ًا بًيىىة شىىر العجلىىة والتسىىر‬
‫اإلسالم على الزول أن يوقع العال بال ي ية التالية‪:‬‬ ‫وال ن ‪ ،‬فيون‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.34،‬‬
‫‪‌2‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‪‌،492/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪.342/7‬‬
‫‪‌33‬يشنترط‌فني‌الحكمنين‪ ‌:‬تكلينف‌وإسنالم‌وعدالننة‌واهتنداء‌للمقصنود‌المبعنوث‌منن‌أجلنه‪‌،‬ألن‌التحكننيم‌‬
‫يفتقر‌إلى‌الرأي‌والنظر‪‌،‬ويجنوز‌أن‌يكوننا‌منن‌غينر‌أهلهمنا‪‌،‬شنمس‌الندين‌الرملني‪‌:‬نهاينة‌المحتناج‌‪‌6‬‬
‫‪‌ .392/‬‬
‫‪‌4‬الرملي‪‌:‬نهاية‌المحتاج‌‪ 392‌/‌6‬و‌السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.124‬‬
‫‪‌5‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪‌ .35‌،‬‬
‫‪118‬‬
‫خطوات ىمقا الطسو ال ب ون‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬أن مطل اق الركااح امرأتااع ف طهاار ل ا مجامعهااا ف ااع‪ :‬وهى ا هىىو ىىال السىىنة‪ ،‬أو‬
‫ىوه َّن لعى َّىدته َّن ﴾‪،2‬‬
‫علُقى ُ‬
‫‪1‬‬
‫أحسىىن لعىىال ‪ ،‬كمىىا طسىىميه ال ن يىىة ‪ ،‬قىىال تعىىالى‪َ ... ﴿ :‬ف َ‬
‫‪3‬‬
‫وال كمىة فىي كلىم أن الىزول إكا لقهىا فىي هى ه‬ ‫أي‪ :‬فىي هىر مىن غيىر نمىا‬
‫ال الة فين كلم طعني أن نفسه راغبة عنها‪.‬‬
‫ب‪‌ -‬ومىىع ه ى ا فىىين اإلسىىالم احتىىاط لعمىىر احتيا ىىا خىىر‪ ،‬فقىىد طكىىون الىىزول لىىم طقىىدر‬
‫المسىىيلة تقىىدي ًار سىىليمًا‪ ،‬وتسىىر فىىي تصىىميمه علىىى العىىال ‪ ،‬ولهىىا أنىىاز اإلسىىالم‬
‫للزول أن طعلقها لقىة واحىدة رنعيىة‪ ،‬تعتىد فيهىا الزونىة فىي بيىم الزونيىة‪ ،‬مىدة‬
‫تقارب ثالثة أشهر تقريباً‪ ،‬ويستعيع الزول خىالل هى ه المىدة أن يرنعهىا إليىه مىن‬
‫غيىىر مهىىر وال عقىىد وال شىىهود‪ ،‬ولىىو لىىم تىىرض‪ ،‬وال كمىىة مىىن نعىىل العىىدة بهىى ا‬
‫الشىكل _ أن تعتىىد فىىي بيىىم الزونيىىة_ هىو تىىرر الفرصىىة ال اميىىة إلعىىادة الصىىفا‬
‫بين لزونين بعد أن تهدأ نفس كل منهما‪ ،‬ويريان نتيجىة االنفصىال و ثىاره السىيئة‬
‫عل ىىى حياتهم ىىا وحي ىىاة أوالدهم ىىا‪ ،‬فلعلهم ىىا طع ىىودان ع ىىن الخص ىىام والنى ى از ‪ ،‬ويع ىىود‬
‫‪4‬‬
‫ىوه َّن م ى ْىن ُبُي ىىوته َّن‬
‫إل ىىى ن ىىو األسى ىرة ‪ ،‬ق ىىال_ تع ىىالى_ ﴿ َال تُ ْخر ُن ى ُ‬ ‫اله ىىدو وال ى ى‬
‫لها حق السكنى‪.6‬‬ ‫﴾‪،5‬أي‪ :‬في مدة العدة حي‬

‫‪‌1‬الكاساني‌‪‌:‬بدائع‌الصنائع‌‪.88/3‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الطالق‪‌،‬من‌اآلية‌‪1،‬‬
‫‪‌3‬ابن‌كثير‌‪‌:‬تفسير‌‪.378‌/‌4‬‬
‫‪‌4‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪ ‌278/7‬وما‌بعدها‌‪‌،‬السباعي‌‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.124‬‬
‫‪‌5‬سورة‌الطالق‪‌،‬من‌اآلية‌‪1،‬‬
‫‪‌6‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‪.6633/1‌،‬‬
‫‪119‬‬
‫‪‌ -‬إكا انتهم مدة العدة ولىم ي ارنىع الىزول زونتىه أصىب م العلقىة بائنىة‪ ،‬بمعنىى أن‬
‫الىىزول ال طس ىىتعيع أن طعىىود إليه ىىا إال برض ىىاها بىىالرنو ‪ ،‬وإن ل ىىم يىىتم كل ىىم بعق ىىد‬
‫ومهر نديدين‪.1‬‬
‫ث‪‌ -‬إكا عىىادا إلىىى ال يىىاة الزونيىىة‪-‬س ىوا خىىالل العىىدة أو بعىىدها_ ثىىم ت ىىرر الخىىالف‬
‫السابقة من إطصائها ب سن معاملة أحدهما لآلخىر‪ ،‬وت مىل‬ ‫الخعوا‬ ‫نعيد كا‬
‫أحىدهما لمىىا طكرهىىه مىن الثىىاني‪ ،‬فىىيكا اشىتد الخىىالف مىرة ثانيىة لجينىىا إلىىى الت كىىيم‬
‫العىائلي‪ ،‬فىىيكا لىم يىىنجا فىي اإلصىىالب بينهمىا كىىان للىزول أن طعلقهىىا لقىة ثانيىىة‪،‬‬
‫األحكام التي تيخ ها العلقة األولى‪.2‬‬ ‫ولها كا‬
‫ل‪‌ -‬فىىيكا عىىاد الىىزول إلىىى زونتىىه بعىىد العلقىىة الثانيىىة وعىىاد الخىىالف بينهمىىا عىىدنا إلىىى‬
‫السابقة قيل إطقا العال ‪ ،‬فىيكا لىم ينفىع كىل كلىم فىي اإلصىالب‬ ‫اتخاك الخعوا‬
‫بينهمىا‪ ،‬نىىاز للىىزول أن طعلىىق زونتىىه العلقىة الثالثىىة واألخيىرة‪ ،‬وتصىىبا بائنىًا منىىه‬
‫بينونة كيرى‪ ،‬بمعنىى أنىه ال طسىتعيع أن طعيىد المعلقىة إلىى الزونيىة إلىى بعىد أن‬
‫تتزول بزول خر زواناً ص ي اً‪ ،‬ويدخل بها دخوالً حقيقياً ثم طفارقهىا‪ ،‬أو طمىو‬

‫عنها وتنقني عدتها منه ‪ ،‬قال تعىالى‪﴿ :‬وََّلام ره َلخَ َنَّلُ وَ ََّلَت َال هَّلَ لََّلنز ابَّل ر نَّلَ رعَّل ز‬
‫‪3‬‬

‫اْ َعُ﴾‪.4‬‬ ‫َّ‬ ‫َّل‬


‫َ‬‫ت‬ ‫َّل‬‫ي‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫َل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ُح‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َت‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬‫خ‬‫ل‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫ح خَّت ََّلرغ اوح َ روُْ َغرهَّلَّهز وَا‬
‫م‬
‫َ ََ َ‬ ‫ز َ‬ ‫َ‬ ‫َ ن َ‬ ‫َ‬
‫م ىىا ه ىىي إال لمن ىىع وقىىو الع ىىال ‪ ،‬أو لمن ىىع إس ىىا ة اس ىىتعماله دون روي ىىة‬ ‫هىى ه اإلنى ى ار ا‬
‫العويلىة لمنىع إ ازلىة أسىباب العىال ‪ ،‬فىين وقوعىه‬ ‫وتيمل‪ ،‬فيكا لم تنفع كل هى ه اإلنى ار ا‬
‫ارتيىىاب واسىىتقرار‪،‬‬ ‫تعىىد مبعى‬
‫هىىو ال ىىل الوحيىىد لفىىض النى از وإنهىىا هى ه الرابعىىة التىىي لىىم ُ‬

‫‪‌1‬الكاساني‌‪‌:‬بدائع‌الصنائع‌‪‌، ‌187/3‬السباعي‌‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.125‬‬
‫‪ ‌2‬انظر‌المرجعين‌السابقين‪‌،‬وعبد‌الكريم‌زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪.114‬‬
‫‪‌3‬الكاساني‪‌:‬البدائع‌‪.187/3‬‬
‫‪‌4‬سورة‌البقرة‪‌،‬اآلية‪.23‌،‬‬
‫‪120‬‬
‫شر وخصام‪ ،‬ولإلفساب المجال ل ل من الزونين ليجرب حظه في‬ ‫وإنما أصب م مبع‬
‫زوال خر‪.‬‬

‫ه ا‪ ،‬وي ق للمرأة أن تجعل العصمة بيدها في عقد الزوال؛ كمىا ط ىق للزونىة أن تعلى‬
‫است الة دوام العشرة مع زونها‪.‬‬ ‫العال من القاضي بعد إثبا‬

‫‪121‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام‬

‫أولاً‪ :‬المرأة عند غير المسلمين‪:‬‬


‫عن مكانىة المىرأة فىي اإلسىالم‪ ،‬فالبىد مىن اسىتعراض تىاريا أوضىاعها‬ ‫قيل اليد بال دي‬
‫القدطمى ىىة حتى ىىى ظه ى ىىور اإلسى ىىالم‪ ،‬وكى ى ى لم ف ى ىىي‬ ‫االنتماةي ى ىىة والقانوني ى ىىة ف ى ىىي المجتمع ى ىىا‬
‫األورواية ال ديثة‪ ،‬وكلم على الن و التالي‪:‬‬ ‫المجتمعا‬

‫المرأة عند اليونان‪:‬‬


‫كانم المرأة فىي المجتمىع اليونىاني أول عهىده بال نىارة حييسىة الييىم ال ت ىادره‪ ،‬و تقىوم‬
‫ميىه بكىل مىىا ط تانىه مىن رعاطىىة‪ ،‬وكانىم م رومىة مىىن الثقافىة ال تسىهم فىىي ال يىاة العامىىة‬
‫بقليل وال كثير‪ ،‬وكانم م تقرة حتى سموه( رنسًا من عمل الشيعان)‪.‬‬

‫ومن الناحية القانونية فقد كانم المرأة عندهم كمسق المتا تبىا وتشىتري فىي األسىوا ‪،‬‬
‫وهي مسلواة ال رية والمكانة في كل ما يرنع إلى حقوقها المدينة‪ ،‬ولم طكن لها حق فىي‬
‫الميراث ‪ ،‬وأبقوها يلة حياتها خاضعة لسلعة رنل وكلوا إليه أمر زونها‪ ،‬فهو طستعيع‬
‫أن طفرض عليها من طشي زونًا‪ ،‬وعهدوا باإلشراف عليها في إدارة أموالها‪ ،‬ونعلوا للرنىل‬
‫استثنائية‪ ،‬بل‬ ‫العال إال في حاال‬ ‫ال ق في العال ‪ ،‬بينما لم طمن وا المرأة حق ل‬
‫وضعوا العراقيل في سييل الوصول له ا ال ق‪.‬‬

‫األخىرى‪،‬‬ ‫وفي أول حنارة اليونان تي لم المرأة واختلعم بالرنال في األندطة والتجمعا‬
‫دور لب اطىىا م اركىىز‬ ‫فشىىاعم الفاحشىىة‪ ،‬حتىىى أصىىبا الزنىىا أم ى اًر غيىىر من ىىر‪ ،‬وحتىىى غىىد‬

‫‪122‬‬
‫التماثي ىىل العاري ىىة باس ىىم األدب والف ىىن‪ ،‬ث ىىم اعترفى ىم دط ىىانتهم‬ ‫للسياسىىة واألدب‪ ،‬ث ىىم اتخى ى‬
‫بالعالقة اآلثمة بين الرنل والمرأة‪.1‬‬

‫المرأة عند الرومان‪:‬‬


‫لقد كان األمر عند الرومان فىي العصىر القىدطم أن يوضىع العفىل عنىد والدتىه عنىد قىدمي‬
‫األب‪ ،‬فىيكا رفعىه وأخى ه بىين يدطىىه‪ ،‬كىان كلىىم دلىيالً علىى أنىىه قيىل ضى َّىمه إلىى أسىرته‪ ،‬وإال‬
‫وياكىىل العبىىادة‪،‬‬ ‫العامىىة‪ ،‬أو باحىىا‬ ‫فينىىه طعنىىي رفنىىه لى لم‪ ،‬فيؤخى الوليىىد إلىىى السىىاحا‬
‫ىيثر‬
‫ميعرب هنار فمن شىا أخى ه إكا كىان ككى اًر‪ ،‬وإال فىين الوليىد طمىو نوعىاً وععشىا‪ ،‬وت اً‬
‫ب اررة الشمس أو برودة الشىتا ‪ ،‬وكانىم سىلعة رب األسىرة علىى أبنائىه واناتىه تمتىد حتىى‬
‫وفاته مهما بلغ سن األبنا والينىا ‪ ،‬كمىا كانىم لىه سىلعة علىى زونتىه‪ ،‬وأبنائىه وزونىا‬
‫والقتىىل‪ ،‬ف انىىم‬ ‫أبنائىىه وأبنىىا أبنائىىه‪ ،‬وكانىىم ه ى ه السىىلعة تشىىمل الييىىع والنفىىي والتع ى ي‬
‫سلعته سلعة َمْلك ال ح ام ‪ ،‬ولم ُيل ًىغ كلىم إال غىي قىانون (نوسىتنيان)‪ 2‬فىين سىلعة الى‬
‫ميه لم تعد تتجاوز التيدي ‪.‬‬

‫األهليىة‬ ‫دون إرادتهىم‪ ،‬ومىن حيى‬ ‫وكان رب األسرة هو ال ي طقوم بتزويج األبنا والينىا‬
‫المادطىىة فلىىم طكىىن للينىىم حىىق التملىىم‪ ،‬إكا كسىىيم مىىاالً أضىىيف إلىىى أمىوال رب األس ىرة وال‬
‫يؤثر في كلم بلوغها وال زوانها‪ ،‬وفي العصور المتىيخرة فىي عصىر قسىعنعين تقىرر أن‬
‫األم ىوال التىىي ت وزهىىا الينىىم عىىن ريىىق مي ىراث أمهىىا تتميىىز عىىن أم ىوال أبيهىىا‪ ،‬ول ىىن لىىه‬
‫ال ق في استعمالها واست اللها‪.3‬‬

‫‪‌1‬انظر‌السبا‌‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌ .14،13‬‬
‫‪‌2‬المتوفى‌سنة‌‪‌565‬م ‌‬
‫‪‌3‬السباعي‌‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‪‌،‬ص‌‪‌ .15،16‬‬
‫‪123‬‬
‫المرأة عند الهنود‪:‬‬
‫أن ط ىر‬ ‫لم طكن للمرأة في شريعة (سانتي) ال ق في ال يىاة بعىد وفىاة زونهىا‪ ،‬بىل طجى‬

‫اكالالً‬ ‫نسدها على مقراة من نسد زونهىا الم ىرو ‪ ،‬ومىن لىم تفعىل كلىم‪ ،‬أكلهىا الشىع‬
‫طجعل المو أهون وأكثر راحة لها من ال يىاة‪ ،‬واسىتمر هى ه العىادة حتىى القىرن السىابع‬
‫أبعلم على كره من رنال الدين الهنود‪.1‬‬ ‫عر‪ ،‬حي‬

‫الهندطىة‬ ‫وكانم تقدم قرااناً لآللهة لترضى‪ ،‬وال تزال حتى عصرنا ه ا في بعىض الوالطىا‬
‫تعتيىىر وقف ىًا لآللهىىة ن تم ىىتهن ت ىىم اختيىىار اآللهىىة ف ىىي المعيىىد‪ ،‬وإن شىىئم قلىىم‪ :‬ت ىىم‬
‫اختيار أمنا المعابد وفي خدمتهم‪.2‬‬

‫المرأة عند اليهود‪:‬‬


‫طعتير اليهود أن المرأة هي المسؤولة عن الخعيئة البشرية األولى‪ ،‬وأنها لعنة ألنها‬
‫دم ‪ .‬عليىىه السىىالم‪ .‬بالخعيئىىة‪ ،‬ففىىي سىىفر الت ىىوين" فقااال آدإ ‪ :‬ال ارأة اليااي‬ ‫أغىىو‬
‫كعليها معي هي اليي أعطي ي من الاجر ف كل ُ "‪.3‬‬
‫‪ ‬وكانم بعض وائظ اليهود تعتير الينم في مرتبىة الخىادم‪ ،‬وكىان ألبيهىا ال ىق فىي‬
‫أمااا ال تخااارج د اااا مخااارج‬
‫كاااح ا ياااع َ‬ ‫أن يييعهىىا‪ ،‬ففىىي سىىفر الخىىرول‪ ":‬واذا باااا‬
‫العبوّ"‪.4‬‬
‫نجسىىة‪ :‬ونجاسىىة والدة األنثىىى ضىىعظ نجاسىىة‬ ‫‪ ‬وعنىىدهم الم ىرأة فىىي الم ىىيض والنفىىا‬
‫والدة ال كر‪ ،‬ففي سفر الالويين‪ ":‬ىذا حبل امارأة وولاّت ذدا ار تكاون نجبا سابع‬

‫‪ ‌1‬عبد‌المتعال‌الجبري‪‌:‬المرأة‌في‌التصور‌اإلسالمي‌ص‌‪‌ .158‬‬
‫‪‌2‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌،157‬السباعي‌‪‌:‬المرأة‌في‌التصور‌اإلسالمي‌ص‌‪‌ .18‬‬
‫‪‌3‬الكتاب‌المقدس‌‪‌،‬العهد‌القديم‪‌،‬األصباح‌الثالث‌ص‌‪‌ .6‬‬
‫‪‌4‬المرجع‌السابق‪‌،‬اإلصحاح‌الحادي‌والعشرون‌ص‌‪‌ .120‬‬
‫‪124‬‬
‫أماإ‪ ،‬ث تق ثسث وثسثون يوماا فاي دإ تطهورهاا‪ ،‬وان ولاّت أنثاج تكاون نجبا‬
‫‪1‬‬
‫أسبوعون د ا في ط ثها‪ ،‬ث تق سي وسيون يوما في دإ تطهورها"‪.‬‬
‫‪ ‬وكانىىم المىرأة م رومىىة مىىن الميىراث إال إكا لىىم طكىىن ألبيهىىا كريىىة مىىن الى كور ‪ ،‬ففىىي‬
‫ي ىسرائوح قائس‪ :‬أم ا كح مات ول س لاع ا ان ت قلاون ملكاع‬ ‫سفر العدد‪ ":‬وتكل‬
‫ىلج ا يع‪ ،‬وان ل ممن لع أخوة تعطاوا ملكاع إلخاوة أ اع‪ ،‬وان لا ممان أل اع ىخاوة‬
‫تعط اوا ملكااع ل بااوبع األقاارب ىل ااع ماان عاااورتع فورثااع ‪ ،‬فمااا ت لب ااي ىساارائوح‬
‫فريا قااء د ا أمر الرب موسج"‪ ،2‬وهك ا ينتقل الميراث إلى الينم إكا لىم يونىد‬
‫للميم ابن يرثه‪.‬‬

‫المرأة في الديانة المسيحية‪:3‬‬


‫حىىد هللا تعىىالى‪.‬‬ ‫دم بالخعيئىىة‪ ،‬وتعىىد‬ ‫تقىىول المسىىي ية أطن ىًا إن المىرأة هىىي التىىي أغىىو‬
‫فوقعم في الخعيئة‪ ،‬وصار متعدطة‪ ،‬ففي رسالة (بولص) األولىى إلىى (تيموثىاو ) فىي‬

‫‪‌1‬المرجع‌السابق‪‌،‬اإلصحاح‌الثاني‌عشر‪‌،‬ص‌‪.174‬‬
‫‪‌2‬الكتاب‌المقدس‪‌،‬اإلصحاح‌السابع‌والعشرون‪‌،‬ص‌‪‌ .259‬‬
‫‪ ‌3‬بعند‌سنننوات‌مننن‌رحينل‌المسننيح‪‌.‬عليننه‌السنالم‪‌.‬ظهننر‌(بننولص)‌أو‌(شنالول)‌اليهننودي‌بننين‌التالميننذ‌‬
‫وحاول‌أن‌يلتصق‌بهم‌فأخذه‌(برنابا)‌إلى‌الرسل‪‌،‬ثم‌استطاع‌أن‌يجعل‌نفسه‌رسول‌المسيحية‌األكبر‪‌،‬‬
‫ومشروعها‪‌،‬فأفتى‌بآرائه‌الشخصية‌في‌الكثير‌منن‌القضنايا‌التني‌ال‌تنزال‌تثينر‌جندال‌حتنى‌اآلن‪‌،‬وقند‌‬
‫اعترف‌بذلك‌بصراحة‌في‌رسائله‪‌،‬ففي‌أعمال‌الرسل‌اإلصحاح‌التاسع" ‌‬
‫ولما جاء اؤول إلى أورشليم حماول أن يلتصمق بالتالميمذك وكمان الجممي يخافونمم ديمر مصمدقين أنمم‬
‫تلميذك فأخذه برنابا وأحضره إل الرسلك وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريقك وأنمم كلممم ‌الكتناب‌‬
‫المقدس‌العهد‌الجديد‌ص‌‪‌ .206‬‬
‫‪ ‬ويقول‌مايكل‌هارت‌في‌كتابه‌(الخالدون‌مائة)‌"‌إن‌المسيحية‌لنم‌يلسسنها‌شنخص‌واحند‪‌،‬وإنمنا‌‬
‫أقامها‌اثنان‪‌:‬المسنيح‌والقنديس‌بنولص‪‌،‬ولنذلك‌يجنب‌أن‌يتقاسنم‌شنرف‌إنشنائها‌هنذان‌النرجالن"‌‬
‫فالمسيح‌صاحب‌الرسالة‌الروحية‪‌،‬والقديس‌بولص‌أضاف‌إليها‌عبادة‌المسنيح‪‌،‬كمنا‌أن‌القنديس‌‬
‫بولص‌هو‌الذي‌ألف‌جانبا‌مهما‌من‌العهد‌الجديد‪‌،‬وكان‌المبشر‌األول‌للمسيحية‌في‌لقرن‌األول‌‬
‫الميالدي‪.‬‬
‫‪ ‬ولهذه‌األسباب‌فإن‌عددا‌من‌الباحثين‌ينرون‌أن‌ملسنس‌الدياننة‌المسنيحية‌هنو‌القنديس‌(بنولص)‌‬
‫وليس‌السيد‌المسيح‪‌.‬عليه‌السالم‪‌.‬وليس‌منن‌المنطنق‌فني‌شنيء‌أن‌يكنون‌السنيد‌المسنيح‪‌..‬علينه‌‬
‫السالم‪‌.‬نفسنه‌مسنلوال‌عنن‌النذي‌أضنافته‌الكنيسنة‌أو‌رجالهنا‌إلنى‌الدياننة‌المسنيحية‪‌،‬فكثينر‌ممنا‌‬
‫أضافوه‌يتنافى‌مع‌تعاليم‌المسيح‌التي‌تلقهنا‌منن‌ربنه‌‪‌...‬انظنر‪‌:‬أحمند‌عبند‌الوهناب‪‌:‬تعندد‌نسناء‌‬
‫األنبياء‌ص‌‪‌ .196‬‬
‫‪125‬‬
‫اإلص اب األول‪" :‬ولكن لب آذن لل رأة أن تعل وال تيبلط علج الركاح اح تكاون فاي‬
‫سااموت‪ ،‬ألن آدإ ُكبااح أوال ث ا ح اواء ‪ ،‬وآدإ ل ا مغا تاو‪ ،‬لكاان ال ارأة غوي ا فيماال فااي‬
‫اليعّس"‪.1‬‬

‫‪ ‬كان (بولص) يوصي النسا الالتي خدمنىه ويىدعو الجميىع رنىاال ونسىا أن طسىلموا‬
‫مقدس ىة ‪ ،‬ففىىي رسىىالته إلىىى أهىىل روميىىة اإلص ى اب السىىاد‬ ‫علىىى بعنىىهم بقىىبال‬
‫عشىر‪ :‬أوصي ىل م ب خي ا ( فوبي اليي هي خادما الك با الياي فاي د خريااكي‬
‫تقبلوها‪ ،‬سل وا بعام علج بعت بقبل مقّس "‪.2‬‬
‫ال ونسا ً ‪ .‬إلى عدم الزوال‪ ،‬وال يلجىي إليىه إال عنىد الخىوف‬‫‪ ‬دعا( ولص الجميع‪ .‬رنا ً‬
‫مىن الوقىىو فىي الزنىىا‪ ،‬ففىىي رسىالته إلىىى أهىىل روميىة اإلصى اب السىابع‪" :‬ولكاان أقااول‬
‫لغور ال يزوكون ولل اماح ىناع حبان لها ىذا لبثاوا د اا أناا‪ ،‬ولكان ىن لا ماابطوا‬
‫أنفبه فلويزوكوا ألن اليزوج أصل من الييرو"‪.3‬‬
‫فىي المسىيلة التاليىة‪ :‬هىل المىرأة‬ ‫‪ ‬وفي القرن الخامس انتمع مجمىع (مىا كىون) للب ى‬
‫مجرد نسم ال روب ميه أم لها روب !‬

‫وأخي ى اًر قىىرروا أنهىىا خلىىو مىىن الىىروب النانيىىة مىىن ع ى اب نه ىنم مىىا عىىدا أم المسىىيا ‪.‬عليىىه‬
‫السالم‪.4‬‬

‫‪ ‬ومن العريف أن ن كر أنه في عىام ‪1931‬م بىا إنجليىزي زونتىه بخمسىمائة ننيىه‪،‬‬
‫وقىىال م اميىىه فىىي الىىدفا عنىىه‪ " :‬إن القىىانون اإلنجليىىزي قيىىل مائىىة عىىام كىىان ييىىيا‬

‫‪‌1‬الكتاب‌المقدس‪‌:‬العهد‌الجديد‌ص‌‪‌ .229‬‬
‫‪‌2‬المرجع‌السابق‪‌،‬العهد‌الجديد‪‌،‬ص‌‪‌ .266،267‬‬
‫‪‌3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‌‪‌ .274‬‬
‫‪‌4‬السباعي‪‌:‬المرأة‌ين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌، 20‬عبد‌المتعال‌الجبري‪‌:‬المرأة‌في‌التصور‌اإلسالمي‌ص‌‬
‫‪.161‬‬
‫‪126‬‬
‫للىىزول أن يييىىع زونتىىه‪ ،‬وكىىان القىىانون اإلنجليىىزي عىىام ‪18.1‬م ط ىىدد ثمىىن الزونىىة‬
‫بسىىتة بنسىىا ‪ ،‬بشىىرط ظىىان يىىتم الييىىع بموافقىىة الزونىىة" فينابىىم الم كمىىة‪ :‬بىىين ه ى ا‬
‫أو تنىىازل عىىنهن‪ ،‬واعىىد‬ ‫القىىانون قىىد أل ىىي عىىام ‪1805‬م بقىىانون طمنىىع بيىىع الزونىىا‬
‫المداولة حكمم الم كمة على بائع زونته بالسجن عشرة أشهر‪.1‬‬
‫‪ ‬ولمىىا قامىىم الثىىورة الفرنسىىية نهاطىىة القىىرن الثىىامن عشىىر أعلنىىم ت ريىىر اإلنسىىان مىىن‬
‫العيودطة والمهانة‪ ،‬لم تشمل بععفها المرأة‪ ،‬فنص القانون المدني الفرنسي على أنهىا‬
‫ليسىىم أه ىالً للتعاقىىد دو رضىىى وليهىىا إن كانىىم غيىىر متزونىىة‪ ،‬وقىىد نىىا الىىنص ميىىه‬
‫عل ىىى أن القاص ى ىرين هى ىىم‪ " :‬الص ىىيي والمجنى ىىون والم ى ىرأة!" واسىىىتمر كلى ىىم حتى ىىى عى ىىام‬
‫ُعىىدلم ه ى ه النصىىوص لمصىىل ة الم ىرأة‪ ،‬وال ت ىزال ميىىه بعىىض القيىىود‬ ‫‪1938‬م حي ى‬
‫على تصرفاتها‪.2‬‬

‫المرأة عند العرب قبل اإلسالم‪:‬‬


‫إكا عىىدنا إلىىى الييئىىة العرايىىة قيىىل اإلسىىالم‪ ،‬ونىىدنا المىرأة العرايىىة مهنىىومة فىىي كثيىىر مىىن‬
‫الجاهليىىة‪ ،‬وقىىد سىىاعد فىىي كلىىم عىىدة عوامىىل حتىىى كىىان‬ ‫حقوقهىىا‪ ،‬فىىي بعىىض المجتمعىىا‬
‫طكرهون والدة الينا ‪ ،‬وكانم بعض القبائل تئدها خشية العار‪ ،‬ويصور كلىم قولىه‬ ‫النا‬
‫‪3‬‬
‫ودةُ ُسىىئَل ْم﴾ ‪،‬واعنىىهم كىىان يئىىد أبنائىىه نميع ىاً ككىىو اًر كىىانوا أم إناث ىاً‬
‫تعىىالى ‪َ ﴿:‬وإ َكا اْل َمى ْىوُ َ‬
‫أعاب هللا ‪.‬تعالى ‪ .‬عليهم كلم بقوله‪َ ﴿ :‬وََل ََّل رَتزَّللزَا َل رَوََل َد زَ ر َخ ر َّلهََ‬ ‫خشية الفقر حي‬

‫‪‌1‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.21‬‬
‫‪‌2‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌ .21‬‬
‫‪‌3‬سورة‌التكوير‌اآلية‌‪.8‬‬
‫‪127‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا َن‬
‫ا﴾‪،1‬نىىولم ت ىىن هى ه العىىادة‬
‫ربَّل ََّلَت َرَّْل ز َََّّل رَّلَّززَّل زن ر َو خَّي زََّل ر خه ََّلرتَّللَ زن ر َََّلَّلُ َه خئرانَّلَّلُ ََ َّل ن‬
‫فاشية في العرب نميعهم ‪ ،‬وإنما كانم في بعض إلبائلهم‪ ،‬ولم ت ن قريح منها‪.2‬‬

‫‪ ‬وكانىم المىرأة الجاهليىة فىي بعىض القبائىل لىيس لهىا حىق اإلرث ب جىة أنهىا ال تقاتىىل‬
‫وال تدافع عن حمى العشيرة ‪ ،‬وكان العراي طقول ‪ :‬كيف نععي المال من ال يركى‬
‫فرس ىًا وال ط مىىل سىىيفًا‪ ،‬وال طقات ىىل عىىدوًا ! ف ىىانوا طمنعوه ىىا مىىن اإلرث كمىىا طمنع ىىون‬
‫الوليد الص ير‪.3‬‬
‫‪ ‬كما كانم المرأة م رومة من أبس حقوقهىا‪ ،‬فلىيس لهىا علىى زونهىا أي حىق ولىيس‬
‫حىىد معىىين‪ ،‬ولىىم طكىىن عنىىدهم نظىىام طمنىىع‬ ‫للعىىال عىىدد م ىىدود‪ ،‬وال لتعىىدد الزونىىا‬
‫تمكيىىم الىىزول مىىن الن اطىىة بهىىا‪ ،‬كمىىا طستشىىيرون بنىىاتهم فىىي أمىىر الىىزوال كمىىا طسىىتنتج‬
‫من بعض الوقائع التاريخية‪.4‬‬
‫الرنل وله زونة وأبنا من غيرها كان األبن األكير أحق بزونة أبيه مىن‬ ‫‪ ‬وإكا ما‬
‫غيه‪ ،‬ويعتيرها إرثًا كبقية أموال أبيه‪ ،‬فين أراد أن طعلىن عىن رغيتىه فىي الىزوال منهىا‬
‫رب عليها ثوااً وإال كان لها أن تتزول بمن تشا ‪.5‬‬

‫ثانياً‪ :‬المرأة في الإسلام‬


‫وس ى ه ى ا الظىىالم المخىىيم علىىى أوضىىا المىرأة انعلىىق مىىن نزي ىرة العىىرب صىىو السىىما‬
‫علىىى لس ىىان م مىىد ‪ ‬بي ىىع الميىىزان ال ىىق ل ارم ىىة المىىرأة‪ ،‬ويععيه ىىا حقوقهىىا كامل ىىة غي ىىر‬
‫التي ل قم بها عيىر التىاريا‪ ،‬طعلىن انسىانيتها‬ ‫منقوصة‪ ،‬ويرفع عن كاهلها وزر اإلهانا‬
‫الش ىىهوا ‪ ،‬ويجعلهىىا عنصى ى اًر فع ىىاالً ف ىىي‬ ‫ال املىىة ‪ ،‬وأهليته ىىا التام ىىة‪ ،‬ويصىىونها م ىىن عيى ى‬

‫‪‌1‬سورة‌االسراء‌اآلية‌‪‌ .31‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،2533/4‬أنور‌الرفاعي‌‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .227‬‬
‫‪ ‌3‬محمد‌علي‌الصابوني‪‌:‬المواريث‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .18،17‬‬
‫‪‌4‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪.22‬‬
‫‪‌5‬المرجع‌السابق‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫وتماسىكها وسىالمتها‪ ،‬وأصى م صىورة الجمىال مقابىل القىبا‪ ،‬وصىورة‬ ‫نهوض المجتمعىا‬
‫وااللتق ىىا ف ىىي مقابلى ىة الب ن ىىا والت ىىدابر‪،1‬‬ ‫الع ىىدل ف ىىي موانه ىىة الظل ىىم ‪ ،‬وص ىىورة ال ى ى‬
‫وتتلخص ه ه المباد التي أعلنها اإلسالم ميما يتعلق بالمرأة في ما يلي ‪:‬‬

‫اتَُّقىوا َرَّا ُ ُىم‬ ‫النىا ُ‬ ‫﴿طىا أَُّي َهىا َّ‬ ‫‪ .1‬مباواة ال رأة مع الركح في اإلنبان ‪ :‬قىال‪ .‬تعىالى‪َ .‬‬
‫ي َعَل ى ى ْىيه َّن‬ ‫﴿وَل ُه ى ى َّىن م ْث ى ى ُىل َّالى ى ى‬ ‫‪2‬‬ ‫َّ‬
‫الى ى ى ي َخَلَق ُ ى ى ْىم م ى ى ْىن َنْف ى ىىس َواح ى ى َىدة﴾ وق ى ىىال ‪ .‬تع ى ىىالى‪َ .‬‬
‫باْل َم ْع ُروف﴾‪.3‬‬
‫اليي ألماقها هاا كااالت الاّمانات الباابق حاون اته وهاا‬ ‫‪ .2‬دفع ع ها اللع‬
‫ب نهااا هااي اليااي اغااوت آدإ‪ .‬عليىىه السىىالم‪ .‬فاإلسىىالم َّ‬
‫حمىىل دم وحىوا المسىىؤولية‬
‫‪4‬‬
‫ان َع ْن َها َفيَ ْخَرَن ُه َما م َّما َك َانىا ميىه﴾‬
‫عُ‬ ‫على قدم المساواة‪ ،‬قال‪ .‬تعالى‪َ﴿ .‬فيََزَّلهما َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َُ‬
‫‪5‬‬
‫ان لُي ْيىد َي َل ُه َمىا َمىا ُوور َي َع ْن ُه َمىا م ْىن َس ْىوَته َما﴾‬
‫عُ‬ ‫ويقول أطنىًا ﴿َفوسىو َلهمىا َّ‬
‫الش ْىي َ‬ ‫َ ْ َ َ َُ‬
‫ىون َّن مى َىن‬
‫ظَل ْمَنىىا أ َْنُف َسى َىنا َوإ ْن َلى ْىم َت ْ فى ْىر َلَنىىا َوَت ْرَح ْمَنىىا َلَن ُ ى َ‬
‫ىاال َرَّاَنىىا َ‬
‫ويقىىول عىىن تواتهمىىا ﴿َقى َ‬
‫ين﴾‪.6‬‬‫اْل َخاسر َ‬

‫صىى‬
‫بل إن القرن في بعض طاته يلزم دم‪ .‬عليه السالم‪ .‬خعيئة نفسه ميقىول‪َ ﴿ :‬و َع َ‬
‫َ َد ُم َرَّا ُه َف َ َوى﴾‪ 7‬ثم قىرر اإلسىالم ميىدأ أن المسىؤولية فردطىة‪ ،‬و مىا يتفىق وعىدل هللا‪.8‬‬
‫﴿ك ُّل َنْفس ب َما َك َسَي ْم َره َين ٌة﴾‪.9‬‬
‫تعالى‪ .‬إك طقول ‪ُ :‬‬

‫‪ ‌1‬عبد‌المتعال‌الجبري‪‌:‬المرأة‌في‌التصور‌اإلسالمي‌ص‌‪.163‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪.1‬‬
‫‪‌3‬سورة‌البقرة‌اآلية‌‪‌ .228‬‬
‫‪‌4‬سورة‌البقرة‌اآلية‌‪.36‬‬
‫‪‌5‬سورة‌األعراف‌اآلية‌‪‌ .20‬‬
‫‪‌6‬سورة‌األعراف‌اآلية‌‪.23‬‬
‫‪‌7‬سورة‌طه‌اآلية‌‪.121‬‬
‫‪‌8‬أحمد‌عبد‌الوهاب‪‌:‬تعدد‌نساء‌األنبياء‌ص‌‪‌ .262‬‬
‫‪‌9‬سورة‌المدثر‌اآلية‌‪‌ .38‬‬
‫‪129‬‬
‫الكاملا فهىي مخا بىة بالت ىاليف واألحكىام‬ ‫‪ .3‬وال رأة فاي اإلساسإ أهاح ال باؤول‬
‫الشرةية ‪ ،‬وأهل للتدين والعبادة‪ ،‬وأن منزلتها في المثواة والعقواة معقىودة بمىا طكىون‬
‫منها من اعة أو مخالفة‪ ، ،‬اعة الرنل ال تنفعها وهي ظالمة من رفة‪ ،‬ومعصيته‬
‫‪1‬‬
‫مى ْىن‬ ‫الصىىال َ ا‬
‫﴿و َمى ْىن َط ْع َمى ْىل مى َىن َّ‬
‫ال تنىىرها وهىىي صىىال ة مسىىتقيمة قىىال تعىىالى ‪َ :‬‬
‫ىر ﴾‪ ،2‬وقىال تعىالى ‪:‬‬ ‫ظَل ُمو َن َنقي ًا‬ ‫َك َكر أ َْو أ ُْنثَى َو ُهَو ُم ْؤم ٌن َفيُوَلئ َم َي ْد ُخُلو َن اْل َجَّن َة َوَال ُط ْ‬
‫نى ُىك ْم‬
‫ىيع َع َمى َىل َعامىىل مى ْىن ُ ْم مى ْىن َك َكىىر أ َْو أ ُْنثَىىى َب ْع ُ‬
‫اب َل ُهى ْىم َرُّا ُهى ْىم أَنىىي َال أُضى ُ‬
‫اسىىتَ َج َ‬
‫﴿ َف ْ‬
‫م ْن َب ْعض ﴾‪ ،3‬أي ‪ :‬بعنكم من بعض في الثواب واألحكام والنصرة وشبه كلم‪.4‬‬

‫وقال الن ار‪ :‬رنال م شكل نسااكم في العاعة‪ ،‬ونسااكم شكل رنال م في العاعة‪.5‬‬

‫ولىىيس أدل علىىى مسىىاواة الم ىرأة فىىي المسىىئولية بالرنىىل س ىوا بس ىوا ‪ ،‬مىىن أن للنسىىا حىىق‬
‫‪6‬‬
‫العهىود والمواثيىق‪ ،‬والتىي‬ ‫كالرنال‪ ،‬وه ا طعني أهليتهن ال املة للوفىا بمقتنىيا‬ ‫الب ع‬

‫َّلُّ ا َاا ََّْلََُ َا الر زِ رِابغََّلُ ز يَّلزَُيا رعغََّل َ‬


‫‪7‬‬
‫تعتير من أخعر األمور فىي اإلسىالم قىال تعىالى‪ََّ ﴿ :‬ي َلَيَّله َنَّلُ الغخا ه‬
‫َّلَل َلَيرَّل اي ان خ‬ ‫َن‬ ‫ا‬
‫َّلَل نازَّل رنتََّلُه يََّلرَاييغََّلنز نََّل رَ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َعلََّل َلَ ره ََل يز ر َّل اَّرَ َ اَّلل خك َيَّلرهَّلانُ َوََل يَ رَِّل اَّر َ َوََل يََّل رَّلََّ َ‬
‫َل َوََل يََّل رََّلتزَّللر َ َل رَوََل َد ز َّل خ َوََل َأر َ‬
‫َر َراحه ٌ ﴾‪.8‬‬ ‫ابتََّل ر ار رَّ ََلز خ خ‬
‫اكَ ا خه خ‬
‫اكَ َغ زر ٌ‬
‫َن‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َوَل رَر زْل ان خ َوََل يََّل رعصهغَ َ ام َب رعزَّوف وََّلَُيا رع زن خ َو ر‬

‫‪ .4‬اليرحو ا باااألنثج م ااذ والدتهااا واعتبارهىىا وبىىة مىىن هللا تماثىىل وبىىة ال ى كر تمام ىًا‪ ،‬بىىل‬
‫قىىدمها هللا تعىىالى فىىي ال ى كر عنىىدما بىىين فنىىله علىىى ةبىىاده فىىي وبىىة األوالد‪ 9‬فقىىال‬

‫‪1‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌، 1561/3‬وأحمد‌عبد‌الوهاب‪‌:‬تعدد‌نساء‌األنبياء‌ص‌‪‌ ‌.273‬‬


‫‪‌2‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪.124‬‬
‫‪‌3‬سورة‌آل‌عمران‌اآلية‪.195‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪.1561/3‬‬
‫‪‌5‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌ .1561/3‬‬
‫‪‌6‬البيعة‌أحد‌طرق‌تولية‌الدولة‌في‌اإلسال م‪‌،‬راجنع‌رئاسنة‌الدولنة‌منن‌فصنل‌النظنام‌السياسني‌فني‌هنذا‌‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫‪‌7‬أحمد‌عبد‌الوهاب‪‌:‬تعدد‌نساء‌األنبياء‌ص‌‪‌ .274‬‬
‫‪‌8‬سورة‌الممتحنة‌اآلية‌‪.12‬‬
‫‪‌9‬أنظر‪‌:‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪.121/4‬‬
‫‪130‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تع ىىالى‪﴿ :‬اخا‬
‫ك زبلرَّل َّل ز ال خِ َّل ََّلِ َُوا ا َو راَي رَر ا‬
‫ق َمرلز َّل زَّلء َب َّلَّلُ يَ َ َّلَّلَُز يََّل َنَّل َّل ز ل ََِّل َّل ر يَ َ َّلَّلَُز َ ن َويََّل َنَّل َّل ز ل ََِّل َّل ر يَ َ َّلَّلَُز‬
‫ال هذ زَ ََر﴾‪.1‬‬

‫ولقد سفه القىرن ال ىريم أعىدا األنثىى وحىارب التشىاام بهىا‪ ،‬وال ىزن لوالدتهىا فىي كىل‬
‫أون ُىه حىين‬ ‫زمان ومكان‪ .‬واليزال شين كثير من النا حتى يومنىا هى ا‪ .‬والىغ السىفه ُ‬
‫فيدسىىها فىىي الت ىراب حيىىة حتىىة تمىىو ‪ ،‬وفىىي ه ى ا طقىىول تعىىالى‪:‬‬ ‫كىىان األب يئىىد ابنتىىه‪ُّ ،‬‬
‫﴿وا َاا ن ا َّ َلَح اَّللرَيزَّرَّلث ظََ وْنن بًَِّدا و َ ََ اظه (‪ )58‬يَّلتَّلَارى اب الرََام اب ب ا‬
‫ََ َبُ نز ا ََّلَّ نا اَّلن‬ ‫ََ َ َ َ ر ر ز‬ ‫َ ز َ َ ز ز ر َ خ َ ر زز ز رَ َزَ ٌ‬
‫اب َلَََل َبََُ َبُ َرَي زو زَِ َه﴾‪.2‬‬ ‫َن‬
‫َه َل رَم ي ز هبنز ام التَّلهَّ ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َلَُيزرِ زونز َعلَ ز‬

‫قتلم ميخزيهم هللا ويعاقيهم لقتل بناتهم‬ ‫ثم يوم القيامة تسيل المو ودة عن أي كن‬
‫ودلز زب َّل َّل َّلَّلاالَ ر (‪ )8‬اِب ا‬
‫َي َاَّر َّل َّل َّل َن‬ ‫‪3‬‬
‫الصى ى ى ى ي ار دون كنى ى ى ى َننينى ى ى ى ُة ق ى ى ىىال تع ى ى ىىالى ﴿ َوا َاا الر َِ َّل َّل َّل رَّلََز َ‬
‫زتالَ ر ﴾‪.4‬وقال تعالى‪ َ ﴿ :‬ر خ اَِّ الخ اذي ََّلتََّللزَا َلَوََل َد ب َرنُ نا َ را اع رل َن وحخَّبَا بُ رَ ََّلن خ ا‬
‫اكز اور ََّلياَن‬ ‫َ َ ز َ َ زز‬ ‫ر زر َ ن‬ ‫َ َ َ‬
‫‪5‬‬
‫نلهَا َوَبُ َََُّزَا زب رنتَ اي َ ﴾‬ ‫علَ خا‬
‫اك َ ر َ‬ ‫َ‬

‫‪ .5‬أمر اإلسسإ بإكراإ ال رأة يا وروك وأما‪:‬‬

‫كثيىرة منهىم قولىه ‪" :‬مىن ابتلىي‬ ‫أما إكرامها وهي بنىم ‪ :‬فقىد نىا فىي كلىم أحاديى‬
‫‪6‬‬
‫م ىىن الين ىىا بش ىىي فيحس ىىن إل ىىيهن ك ى َّىن ل ىىه س ىىت اًر م ىىن الن ىىار" ‪ ،‬وقول ىىه ‪" :‬م ىىن ع ى َ‬
‫ىال‬
‫نىىاريتين حتىىى تيل ىىا نىىا يىىوم القيامىىة أنىىا وهىىو ض ىىم أصىىابعه"‪ 7‬ومعنىىى عالهمىىا ق ىىام‬
‫عليهما بالمؤنة والتراية ون وهما‪.8‬‬

‫‪ 1‬سورة‌الشورى‌اآلية‌‪.49‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النحل‌اآلية‌‪.59،58‬‬
‫‪‌3‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪‌ .477/4‬‬
‫‪‌‌4‬سورة‌التكوير‌اآليتان‌‌‪‌ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌.9،8‬‬
‫‪‌‌5‬سورة‌األنعام‌اآلية‌‪‌ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌.140‬‬
‫‪‌6‬صحيح‌مسلم‌‪‌،1014‌،‬ح‌‪.2629‬‬
‫‪‌7‬صحيح‌مسلم‌‪‌،1015،‬ح‌‪.2631‬‬
‫‪‌8‬النووي‌‪‌:‬شرح‌صحيح‌مسلم‪‌ .180/6‌،‬‬
‫‪131‬‬
‫ال ثي ىىر‪ ،‬منه ىىا‪ :‬قول ىىه‪.‬‬ ‫واألحاديى ى‬ ‫وأم ىىا إكرامهم ىىا وه ىىي زون ىىة فف ىىي كل ىىم م ىىن اآلط ىىا‬
‫‪1‬‬
‫اَّْلَّلُ لاتَ رِ َّل زوغزَا الَرهَّل َنَّلَّلُ َو َْ َعَّل ََّلَ نََّلره َّلَّلغَ زو ر َبَّل ََّلَخدلن َوَر رْحََّل نَ﴾‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا اا‬
‫تعىىالى‪َ ﴿ :‬وبَّل ر َيَ ََّي َّلَّلن َلَ ره َخلََّل ََّلء لَ زو َّل ر بَّل ر َلََّرَّل زرِ َّل زو ر َلَر َو ن‬
‫وقوله ‪" ‬الدنيا متا ‪ ،‬وخير متا الدنيا المرأة الصال ة"‪.2‬‬

‫وأما إكرامها وهي أم فقد دلم عليه نصوص القرن ال ريم والسنة النيوية ال ثيرة والتي‬
‫ا‬
‫اَِّر ََِّلَّلُ َه ناََال َ يرَّل اَّلن ا رح ََِّلَّلُ ن َْحَلَترَّلَّلنز َلزهبَّلَّلنز زَ رَّن َّلَّلُ َوَو َ‬
‫نَّل ََّلعترنز زَ رَّن َّلَّلُ﴾‪.3‬وقولىىه‬ ‫منهىىا‪ :‬قولىىه‪ .‬تعىىالى‪َ ﴿ .‬وَو خ‬
‫ص َّلرهَّلغَُ را‬
‫َل﴾‪.4‬‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫أطنًا‪َ ﴿:‬وَو خ‬
‫صُلزنز ام َع َُب ر ا‬ ‫اَِّر َُِ َه ناََال َ يرن َْحَلَرتنز َلزهبنز َور غنُ َعلَ َور َن َوو َ‬ ‫صرهَّلغَُ را‬

‫ب سىن صى يتي قىال ‪" :‬أمىم"‬ ‫ونا رنل إلى رسول هللا ‪ ‬فقال‪ :‬من أحىق النىا‬
‫قال‪ :‬ثم من قال‪" :‬أمم" قال‪ :‬ثم من قال‪" :‬أمم" قال‪ :‬ثم من قال‪" :‬أبور"‪.5‬‬

‫"أحي والدار " قال‪ :‬نعىم‪ ،‬قىال‪" :‬ففيهمىا‬


‫ُّ‬ ‫ونا خر غليه ‪ ‬طستيكنه في الجهاد فقال‪:‬‬
‫فجاهد"‪.6‬‬

‫وقال ‪ " :‬غا أناف ثا غا أناف ثا غا أناف‪ ،‬قواح مان ماا ساول أل قاال‪ :‬مان‬
‫علىىى بىىر‬ ‫أد س أ ويااع ع ااّ الكباار أحااّه ا أو دلوه ااا فلا يااّخح الج ا "‪ 7‬وميىىه ال ى‬
‫الوالدين وعظم ثوابه‪ ،‬وأن برهما عند كيرهما أو ضىعفهما بالخدمىة أو النفقىة‪ ،‬أو غيىر‬
‫قصر في كلىم فاتىه دخىول الجنىة‪ ،‬وأرغىم هللا أنفىه‪ ،‬ولىه‬
‫كلم سي ٌ لدخول الجنة‪ ،‬فمن َّ‬
‫ال ل والخزي‪.8‬‬

‫‪‌1‬سورة‌الروم‌‪:‬اآلية‌‪‌ ‌.21‬‬
‫‪2‬صحيح‌مسلم‌‪‌،555،‬ح‌‪‌ .1467‬‬
‫‪‌3‬سورة‌األحقاف‌‪‌،‬اآلية‌‪‌ .15‬‬
‫‪‌4‬سورة‌لقمان‌‪‌،‬اآلية‌‪..14‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌مسلم‌‪‌،989‌،‬ح‌‪.2548‬‬
‫‪‌6‬صحيح‌مسلم‌‪‌،989‬ح‌‪.2549‬‬
‫‪‌7‬صحيح‌مسلم‌‪‌،991‌،‬ح‌‪.2551‬‬
‫‪‌8‬النووي‌‪‌:‬شرح‌صحيح‌مسلم‌‪.109/6‌،‬‬
‫‪132‬‬
‫‪ .6‬غ اإلسسإ في تعلا ال ارأة دالركاح‪ :‬فقىد نعىل الرسىول ‪ ‬تعليمهىا وتيدييهىا عتقىاً‬
‫ألبيها من النار‪ ،‬قال ‪ " :‬ثالثة لهم أنران‪ :‬رنل من أهل ال تاب من بنييه و من‬
‫بم مد ‪ ‬والعيىد المملىور أدى حىق هللا وحىق مواليىه‪ ،‬ورنىل كانىم عنىده أمىة فيدبهىا‬
‫‪1‬‬
‫فيحسن تيدييها‪ ،‬وعلمها فيحسن تعليمها‪ ،‬ثم أعتقها فتزونها‪ ،‬فله أنران"‬

‫مىن‬ ‫العلم فرينىة علىى كىل مسىلم‪ 2"...‬وكمىا هىو معلىوم أن مىا طعلى‬ ‫وقال ‪ "‬ل‬
‫من المرأة ك لم‪.3‬‬ ‫الرنل تعلمه طعل‬

‫‪ .7‬أعطاهااا حقهااا فااي اإل ث‪ :‬أم ىًا كانىىم أو زونتىىه أو بنت ىًا كيي ىرة كانىىم أو ص ى يرة أو‬
‫حمالً في بعن أمها‪:‬‬
‫أما ميراثها وهىي أم أو زونىة‪ :‬فهىي مىن الورثىة أصى اب الفىروض‪ ،‬ومىن المعلىوم أن‬
‫أص اب الفروض في الميراث طقدمون على غيرهم عند توزيع تركة الميم‪.4‬‬
‫طكون نصىييها مىن‬ ‫ه ا ولميراث األم أو الزونة أو الينم ال ييرة عدة حاال ‪ ،‬ب ي‬
‫عديىدة‬ ‫فىي طىا‬ ‫الىوارثين معهىا‪ ،‬وقىد بىين القىرن ال ىريم هى ه ال ىاال‬ ‫التركىة ب سى‬
‫من سورة النسا ‪.5‬‬
‫ال فىي بعىىن أمهىا‪ .‬وهى ا احتمىال؛ ألن ال مىىل قىد طكىىون ككى ًار أطنىًا‬
‫أمىا إكا كانىم حمى ً‬
‫فال طمكننا أن نقعع بيمره‪ ،‬فين توزيع التركة بشكل نهائي طصبا أم ًار متع ًار‪ ،‬ول ن‬
‫علينا قسمة التركة (قسمة‬ ‫قد تصادفنا أمور اضع اررية لمصل ة بعض الورثة تون‬
‫أوليىىة) مىىع نعىىل ال مىىل ضىىمن ال ىوارثين واعتبىىاره كك ى اًر لالحتيىىاط‪ ،‬ثىىم نتىىرر التقسىىيم‬
‫النهائي إلى ما بعد الوالدة‪ ،‬فين كىان المولىود ككى ًار‪ ،‬كانىم القسىمة صى ي ة واسىت ق‬
‫كل من الوارثين نصيبه ال ي قسم له‪ ،‬أما كان المولود أنثىى فىين كانىم تىرث نصىظ‬

‫‪‌1‬صحيح‌البخاري‪‌،35/1‌،‬ح‌‪.97‬‬
‫‪‌2‬ابن‌ماجة‪‌:‬سنن‌‪،38‬ح‪‌،244‬صححه‌األلباني‌في‌صحيح‌الجامع‪‌،272/2‌،‬ح‌‪.3914‬‬
‫‪‌3‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‪‌ .29‬‬
‫‪‌4‬الورثة‌في‌اإلسالم‪‌:‬أسامة‌قناعة‌ص‪14.11‬‬
‫‪‌5‬انظر‌سورة‌النساء‌اآليات‌‪‌ .176‌،13‌،12‌،11‬‬
‫‪133‬‬
‫نصىظ ال صىة التىي كانىم تقىرر لل مىل‪ ،‬ووز النصىظ البىاقي علىى‬ ‫ال كر أخى‬
‫الورثة بقدر حصصهم‪.1‬‬

‫‪ -8‬نظااا اإلساااسإ حقوقهاااا باعيبا هاااا روكااا ‪ :‬فجع ىىل له ىىا حقوقى ىًا ك ق ىىو الرن ىىل‪ ،‬م ىىع‬
‫االحتفىىاظ للرنىىل بالرئاسىىة وقوامتىىه لشىىئون الييىىم‪ ،‬وهىىي درنىىة ت ليىىف تزيىىد فىىي مسىىؤوليته‬
‫وف َولا الَّ َْ َّلَّلُ ا َعلَ َّل رَّله ان خ‬
‫م ىىن غي ىىر اس ىىتيداد وال ظل ىىم‪ ،‬ق ىىال تع ىىالى‪﴿:‬وََلَّل َّل خ ابثر َّلَّلَ الخَّل اَّلذي علَ َّلَّله ان خ اَّلللرِع َّلَّلَّ ا‬
‫َرز‬ ‫َ ر‬ ‫ز‬ ‫َز‬
‫ا‬ ‫الََّّْلُ ز ََّل خَابَّلَ َه علََّل الغاِ ا‬
‫َّلَُ اََّلََّلُ وَ خ‬
‫‪2‬‬
‫ِ زَّلن ر َعلََّل نََّل رعَّل َن َواََّلَُ َلََّرَّل َر زََّلَا بَّل ر‬
‫اكز نََّل رع َ‬
‫ِ ََّلَ خ‬ ‫َ‬ ‫ز َ‬ ‫َدَر ََّْلٌَ﴾ ‪ ،‬وقىال تعىالى‪ ﴿ :‬ا َ‬
‫َل رَب ََاَلاا ر ﴾‪ ،3‬وه ه المسؤولية أساسها ت ميىل الرنىل الى ب عىنهن‪ ،‬واإلنفىا ميمىا ط تىال إليىه‬
‫الييم‪.4‬‬

‫الطسو وفق وضوابط ت ع تعبف الركح واسيبّاد ‪ :‬فجعل لىه حىدًا ال‬ ‫‪ .9‬ونظ قا‬
‫يتجىىاوز ثىىالث لقىىا ‪ ،‬ونعىىل إلطقىىا العىىال وقت ىًا‪ ،‬ونعىىل علىىى إث ىره عىىدة للم ىرأة‪ ،‬تتىىيا‬
‫فجعلىىه أراعىاً وتسىىتينر‪...‬‬ ‫للىىزونين العىىودة إلىىى الصىىفا والوئىىام‪ ،‬كمىىا حىىدد عىىد الزونىىا‬
‫الا‪.5‬‬

‫طقىول مصىعفى السىباعي فىي كتابىه (المىرأة بىين الفقىه والقىانون)‪" :6‬مىن هى ه المبىاد نىرى‬
‫رئيسية‪:‬‬ ‫أن اإلسالم أحل المرأة المكانة الالئقة بها في ثالث مجاال‬

‫‪ -1‬ال جال اإلنباني‪ :‬فاعترف بينسانيتها كاملة كالرنال‪.‬‬


‫‪ -2‬ال جال االكي اعي‪ :‬فتا أمامهىا مجىال التعلىيم‪ ،‬وأسىبغ عليهىا مكانىاً انتماةيىاً كريمىا‬
‫فولتها حتى نهاطة حياتها‪ ،‬بل إن ه ه ال رامة تعظىم‬ ‫في مختلظ مراحل حياته من‬
‫كلما تقدمم في العمر من فلة إلى زونة إلى أم‪.‬‬

‫‪‌1‬الشربيني‪‌:‬مغنى‌المحتاج‌‪‌، 28/3‬الصابوني‪‌:‬المواريث‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .190‬‬


‫‪‌2‬سورة‌البقرة‌اآلية‌‪‌ .288‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪‌ .34‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ .1738/3‬‬
‫‪‌5‬الشربيني‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌307‌،196/3‬وما‌بعدها‪‌ .‬‬
‫‪‌6‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‪.29‬‬
‫‪134‬‬
‫بمجىىرد أن‬ ‫‪ -3‬ال جااال اليقااوقي‪ :‬أععاهىا األهليىىة الماليىة ال املىىة فىىي نميىع التصىىرفا‬
‫تيلغ سن الرشد‪ ،‬ولم طجعل ألحد عليها والطة من أب أو زول أو رب أسرة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المجالات التي فرق فيها الإسلام‬

‫بين الرجل والمرأة و مبرراتها‬

‫لنىىرو ار وأسىىباب اقتنىىم هى ا‪،‬‬ ‫فىىر اإلسىىالم بىىين الرنىىل والمىرأة فىىي بعىىض المجىىاال‬
‫التي يرددها ال اقىدون علىى اإلسىالم‪ ،‬ويتخى وا منهىا مجىاالً‬ ‫وقد أثار كلم بعض الشيها‬
‫هي‪:‬‬ ‫للععن ميه‪ ،‬وه ه المجاال‬

‫‪.1‬الشهادة‪:‬‬
‫على شهادة الشهود‪ ،‬وعلى ما تتم به اليينة‬ ‫يتوقظ ال كم في مختلظ القناطا بين النا‬
‫من أدلة قوية ال يتسرب إليها االحتمىال‪ ،‬وكى لم علىى مجموعىة مىن القىرائن التىي تتفاعىل‬
‫نميعها في ف ر القاضي‪ ،‬ميصدر حكمة وهو وفق قواعد الشر ونظامه العام‪.‬‬
‫وهنار أنوا من القناطا ال يتوقظ ال كىم فيهىا علىى مجىرد اتفىا عىدد مىن الشىهود حىول‬
‫واقعىة مىىا‪ ،‬بىىل ت ىىون المصىىداإلية متوقفىىة علىىى خيىرة الشىىهود‪ ،‬ونىىوعيتهم‪ ،‬ال علىىى عىىددهم‪،‬‬
‫ومكاف ة التزوير‪ ..‬الا‪.1‬‬ ‫الشرعي‪ ،‬وخي ار البصما‬ ‫مثال كلم‪ :‬تقارير الع‬
‫وانىىا علىىى مىىا سىىيق‪ ،‬فىىر اإلسىىالم فىىي مجىىال الشىىهادة بىىين الرنىىل والم ىرأة علىىى الن ىىو‬
‫التالي‪:‬‬
‫الماليىة‬ ‫المعىامال‬ ‫أ‪‌ .‬كعح شاهادة امارأتون ممافئا لااهادة كاح‪ :‬وكلىم فىي مجىاال‬
‫والتجارية؛ كالييع والقرض والوقظ واإلنارة والهبة والشىركة والوصىية ومىا إلىى كلىم‪،‬‬
‫اا‬ ‫ابتَ ر َّل ان ز وا َيَّل انه َ ير ا ابَّل ر ار ََّْلُلا زو وََّلام ره َكر يَ زوَّلََ ر زْلَ ر ا‬ ‫ا‬
‫َّلَل وََّلََّ زْ ٌَّلَ َو راب ََّلََّلَ َ ه َّلخ ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫لقولىه تعىالى‪ ﴿ :‬اَّلللر َعَّل ر َو ر‬
‫‪2‬‬
‫زخََّى﴾‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ََّلَّنَ َه اب ال ا‬
‫هن َ اَ َلَ ره َِ خَ ا رح َ زاُهَُ وََّلتز َذَََّ ا رح َ زاُهَُ راَي ر‬ ‫ر َر َ َ‬
‫ومىن الواضىا أن هى ا التفىىاو هنىا ال عالقىة لىىه بىالجنس‪ ،‬وال بال ارمىة‪ ،‬وال باألهليىىة‬
‫وإنما هو مسيلة تثيم في األحكىام‪ ،‬واحتيىاط فىي القنىا بهىا‪ ،‬وكى لم لىيس لنىعظ‬

‫‪ ‌1‬أحمد‌عبد‌الوهاب‪‌:‬تعدد‌نساء‌األنبياء‌ومكافحة‌المرأة‌ص‌‪‌ .302‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‌اآلية‌‪‌ .282‬‬
‫‪136‬‬
‫المالية والتجارية‪ ،‬ألن ه ه المجىاال‬ ‫عدم اشت الها بالمعامال‬ ‫عقلها‪ ،‬وإنما بسي‬
‫التي تقع ضمن دائرة اهتمام النسا ‪ ،‬وقيل كلم فىين األصىل فىي‬ ‫ليس من المجاال‬
‫اإلسىىالم هىىو أن ق ا ار ال ارأة ويهااا‪ ،‬الى ي تمىىار ميىىه أهىىم وظائفهىىا التىىي كلفىىم بهىىا‬
‫بمقتنى ييعة خلقها وت وينهىا‪ ،‬وهىي ترايىة أبنائهىا‪ ،‬ورعاطىة بيتهىا‪ ،‬وفىي كلىم طقىول‬
‫الماليىة‬ ‫هللا تعالى‪َ ﴿ :‬وََّل رَّ َه ام نَّلزهزَّلَا زو خ ﴾‪ ،1‬وألن اهتمامها في ه ه المجاال ‪ .‬المجىاال‬
‫التجاريىىة‪ ،‬قليىىل فمىىن اليىىديهي أن ت ىىون خيرتهىىا فيهىىا قليلىىة‪ ،‬وال ت ىىون‬ ‫والمعىىامال‬
‫التىي تتعلىىق ب يىىاة المىرأة‬ ‫كى لم فىىي األمىىور المنزليىىة التىي هىىي شى لها‪ ،‬أو المجىىاال‬
‫نفسها‪ ،‬فينها فيهىا أقىوى كاكىرة مىن الرنىل‪ ،‬ومىن بىع البشىر عامىة أن طقىوى تى كرهم‬
‫علىى مىا كىان‬ ‫لعمور التي تهمهم‪ ،‬ويمارسونها‪ ،‬ويكثىر اشىت الهم بهىا‪ ،‬واآلطىة نىا‬
‫ميلوفى ىًا ف ىىي ش ىىين المى ىرأة‪ ،‬واليى ىزال أكث ىىر النس ىىا كى ى لم‪ ،‬ف ىىينهن ال طشىىىهدن مج ىىالس‬
‫مىىنهن‪ ،‬وإن‬ ‫ومىىا مائله ىا إال القلىىيال‬ ‫أو المباطعىىا‬ ‫وال طشىىت لن بالتجىىا ار‬ ‫المىىدانا‬
‫كىىان اشىىت ال بعنىىهن ب ى لم ال ينىىافي ه ى ا األصىىل ال ى ي طقتنىىي بىىه ييعىىتهن فىىي‬
‫ال ياة‪ ،‬ل لم كله فعند مجىي المىرأة تشىهد أمىام القاضىي احتمىل نسىيانها أو خعؤهىا‬
‫امرأة أخرى طمثل ما تشهد به مازال احتمال الخعي والنسيان‪.2‬‬ ‫ووهمها‪ ،‬فيكا شهد‬
‫كتى ىىاب (فىىىي ظى ىىل القىىىرن)"‪ ...‬ول ىىىن ام أرتى ىىان إن الىىىنص ال يى ىىدعنا‬ ‫طقىىىول صىىىاح‬
‫ن ىىد ! ففىىي مجىىال التش ىريع طكىىون كىىل نىىص م ىىددا واض ى اً معل ىالً‪ َ ﴿ :‬ا‬
‫َِّل خَّلَ ا رح َّل َ زاُهَُ‬
‫زخََّى﴾‪ ..‬والنالل هنا ينشي من أسباب كثيرة‪ :‬فقد ينشي مىن قلىة خيىرة‬ ‫ا‬
‫وََّلتز َذَََّ ا رح َ زاُهَُ راَي ر‬
‫المرأة بموضو التعاقىد‪ ،‬ممىا طجعلهىا ال تسىتوع كىل دقائقىه ومالبسىاته‪ ،‬ومىن ثىم ال‬
‫تؤدي عنه شهادة دإليقة عنىد االقتنىا ‪ ،‬فتى كر‬ ‫طكون من الوضوب في عقدها ب ي‬
‫الموضو كله‪ ،‬قد ينشي من ييعة المرأة‬ ‫األخرى بالتعاون معاً على ت كر مالبسا‬
‫االنفعالية‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌االحزاب‌اآلية‌‪.33‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،1205/2‬ابنن‌قدامنة‪‌:‬المغنني‌‪‌،156/10‬أحمند‌عبند‌الوهناب‪‌:‬تعندد‌نسناء‌األنبيناء‌‬
‫ومكانة‌المرأة‌ص‌‪‌ .304‬‬
‫‪137‬‬
‫فىىين وظيفىىة األمومىىة العنىىوية الييولونيىىة تسىىتدعي مقىىابالً نفسىىياً ف ىي الم ىرأة حتم ىاً‪،‬‬
‫فلهىا‬ ‫تستدعي أن ت ون المرأة شديدة االسىتجابة الوندانيىة االنفعاليىة لتلييىة معالى‬
‫بسىىرعة وحيويىىة‪ ،‬ال ترنىىع فيهمىىا إلىىى التف يىىر البعىىي ‪ ..‬وكلىىم مىىن فنىىل هللا علىىى‬
‫المرأة وعلى العفولة‪ ..‬وه ه العييعة ال تتجزأ‪ ،‬فالمرأة شخصية موحىدة هى ا ابعهىا‪.‬‬
‫فىىي‬ ‫حىىين ت ىىون الم ىرأة سىىوية‪ .‬بينمىىا الشىىهادة علىىى التعاقىىد فىىي مثىىل ه ى ه المعىىامال‬
‫حانىىة إلىىى تجىىرد كييىىر مىىن االنفعىىاال ‪ ،‬ووقىىوف عنىىد الوقىىائع بىىال تىىيثير وال إط ىىا ‪،‬‬
‫وونود امرأتين ميه ضىمانة أن تى كر إحىداهما األخىرى‪ ،‬إكا ان رفىم مىع أي انفعىال‪،‬‬
‫فتت كر وتفي إلى الوقائع المونودة"‪.1‬‬
‫كثيىر مىن الفقهىا إلىى أن شىهادة النسىا ال تقيىل فىي الجناطىا‬ ‫وله ا المعنىى نفسىه كهى‬
‫لعسباب التي ككرناها سابقًا من أنها غالبىًا مىا ت ىون قائمىة علىى شىئون بيتهىا‪ ،‬وال يتيسىر‬
‫التىىي تنتهىىي فىىي بعىىض األحيىىان بج ىرائم القتىىل ومىىا‬ ‫لهىىا أن ت نىىر مجىىالس الخصىىوما‬
‫شابهها‪ ،‬واكا حنىرتها فقىل أن تسىتعيع البقىا إلىى أن تشىهد نريمىة القتىل بعينهىا‪ ،‬وتظىل‬
‫رابعىىة الجىىيش‪ ،‬وقىىد ط مىىى ف يىىف طمكىىن بعىىد كلىىم أن تىىتمكن مىىن أدا الشىىهادة فتصىىظ‬
‫‪2‬‬
‫الجريمة والمجرمين وكيف وقو ال دث‬

‫ب‪‌ .‬وه اااس مجاااالت تكااون فوهااا شااهادة ال ارأة داااهادة الركااح ت امااا‪ :‬كلىىم كمىىا فىىي‬
‫شىىهادا اللع ىىان‪ 3‬حينمىىا طقىى ف الىىزول الم صىىنة ولىىيس لىىه علىىى مىىا طقىىول شىىهود‪ ،‬قىىال‬
‫َن ا‬ ‫تعالى‪﴿ :‬والخ اذي يَّلَّبَ َه َلَر واْن وَك ي زو ََلَّل زيَّلن َ اَ اخَل َلََّرَّل زرَِّلن وَ َّلنُدلز َل ا ا‬
‫َحَّل ر َل رَرنَ زَّلِ َي ََّلن َُدا اَّلل خك اَّخَّلنز‬
‫ززر ََ َ َ‬ ‫َ َ َر ز َ َ ز ر َ ر َ ر ز ر َ ز‬

‫‪‌1‬سيد‌قطب‪‌:‬في‌ظالل‌القرآن‌‪‌ .493/1‬‬
‫‪‌2‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‪‌ .32‬‬
‫‪ ‌3‬اللعان‌هو‪‌:‬كلمات‌معلومة‌جعلت‌حجة‌للمضطر‌إلى‌قنذف‌منن‌لطنب‌فراشنه‪‌،‬وألحنق‌العنار‌بنه‌‪‌،‬أو‌‬
‫إلى‌نفي‌ولد‪‌،‬وسميت‌هذه‌الكلمات‌لعانا‌لقول‌الرجل‪‌":‬عليه‌لعن ة‌هللا‌إن‌كان‌من‌الكاذبين)‌‌الشربيني‪‌:‬‬
‫مغني‌المحتاج‌‪‌ .367/3‬‬
‫‪138‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َّلُد اَل (‪ )6‬وا رْلَ اُبِ َّلَز َلَ خه لَعغَ َّلَ خا ا‬
‫لَ اِ َّل ال خ ا‬
‫اب َلَ ره َ ر َّل ََّلن َ‬ ‫اك َعلَرهَّلَّلن ا ره َََّلَّلُ َه ب َّل َ الر َوَّلَّلُانا َ‬
‫َل (‪َ )7‬ويََّل ر َرَلز َعرغَّل َنَّلَّلُ الر َع َّل َذ َ‬ ‫ر‬ ‫َ َ‬ ‫صَّل َ‬ ‫َ‬
‫اك علَهَّلنُ ا ره ََُ َه اب ال خ ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َن ا ا‬
‫َل (‪َ )8‬وا رْلَ اُب ََِ َلَ خه َغ َ‬
‫‪1‬‬
‫َل﴾‬
‫صُد َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ خ َ رَ‬ ‫َل رَرنَ َِ َي َن َُدا اَّلل خك اَّخنز لَِ َ الر َوُانا َ‬

‫فيكا ق ف‪ 2‬زول زونته وتعسر عليه إقامة اليينة‪ ،‬فله أن طالعنها كما أمر هللا عز ونىل‪،‬‬
‫وهىىو ان ط نىىرها إلىىى القاضىىي فيىىدعي عليهىىا بمىىا الماهىىا بىىه مىىن الزنىىا مي لفىىه القاضىىي‬
‫أراعىىة أطمىىان بىىاّلِل (سىىماها هللا تعىىالي‪ .‬شااهادات ألن كىىل طمىىين مقابىىل شىىاهد مىىن الشىىهود)‬
‫وكلم في مقابلة أراعة شىهدا إنىه لمىن الصىادقين أي ميمىا رماهىا بىه مىن الزنىا والخامسىة‬
‫أن لعنة هللا هللا عليه إن كان من ال ىاكبين‪ ،‬ويقابىل كلىم أن تالعىن فتشىهد أراىع شىهادا‬
‫هللا عليهىىا إن كىىان مىىن‬ ‫بىىاّلِل أنىىه لمىىن ال ىىاكبين أي ميمىىا رماهىىا بىىه والخامسىىة أن غن ى‬
‫الصادقين‪.3‬‬

‫لىم تجىر العىادة‬ ‫ل‪ .‬وه اس مواقف تقبح فوهاا شاهادة ال ارأة وحاّها‪ :‬وهىي القنىاطا التى‬
‫ال ىوالة‪ ،‬وفىىي الثيواىىة والبكىىارة‪ ،‬وفىىي‬ ‫بىىا ال الرنىىال علىىى موضىىوعاتها‪ ،‬كمىىا فىىي إثبىىا‬
‫العيوب الجنسية لدى المرأة وغير كلم‪ ،‬وه ا حين كىان ال يتىولى توليىد النسىا وتعييىيهن‬
‫واال ال على عيواهن الجنسية إال النسا في العصور الماضية‪.4‬‬

‫فليسىىم المسىىيلة إكا مسىىيلة إك ىرام أو إهانىىة‪ ،‬وأهليىىة وعىىدمها‪ ،‬وإنمىىا هىىي مسىىيلة تثيىىم مىىن‬
‫األحكام‪ ،‬واحتياط في القنا بها‪ ،‬وه ا ما ط رص عليه كل تشريع عادل‪.5‬‬

‫‪ .2‬الميراث‪:‬‬
‫أثيم اإلسالم تقديره للمرأة‪ ،‬واحت ارمىه لهىا‪ ،‬ورعايتىه ل قوقهىا برفىع الظلىم عنهىا‪ ،‬ومعاملتهىا‬
‫بالرحمة والعىدل‪ ،‬بيععائهىا نصىييها وحقهىا فىي الميىراث‪ ،‬فىرد إليهىا اعتبارهىا وقنىى علىى‬
‫الظلم وال يف بشينها‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النور‌اآليات‌من‌‪.6-9‬‬
‫‪ ‌2‬يكون‌القذف‌بأن‌يتهم‌الزوج‌زوجته‌بالزنا‪‌ .‬‬
‫‪‌3‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌‪‌،265/3‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌ .48/8‬‬
‫‪‌4‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌ .161/10‬‬
‫‪‌5‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌ .32‬‬
‫‪139‬‬
‫وهذا ال مو مخيلف في أحماإ اإل ث باعيبا ات مخيلف ‪:‬‬
‫الى كر كمىىا األخ المنفىىرد واألخىىم ألم المنفىىردة‬ ‫أ‪‌ .‬مباعتبىىار كىىون مصىىييها مثىىل نصىىي‬
‫في ارثهما مىن أخيهمىا‪ ،‬إكا لىم طكىن لىه أصىل مىن الى كور وال فىر وارث مىن الى كور‬
‫عند انفراده‪.‬‬ ‫واإلناث فين الواحد منهما طيخ السد‬
‫بالس ىىوية ق ىىال‬ ‫واكا ك ىىانوا كك ىىو اًر وإناثى ىاً اثن ىىين ف ىىيكثر إخ ىىوة وأخى ىوا ألم ميس ىىت قون الثلى ى‬
‫إ وََّلام ره َََّلَُّزَا َلَ رَثََّل ََّلَّ‬ ‫ا َن ا‬ ‫ا‬ ‫تعالى﴿ َوا ره ََُ َه َر زْ ٌَ يز ََر ز‬
‫زخَّل ٌ وَل زو اَّلَ َواحَّل برغَّل زن ََِّلُ ال هَِّل ز ز‬ ‫ث ََ ََتلَ نَ َلَ او رابَََّلَلٌ َولَنز َل ٌ‬
‫َخ َل رَو َل ر‬
‫اب َّل ر َالاَّل َ وََّل زن َّل ر زيَّل ََّلََََُّز ام الثَّلهلز َّل ا ﴾‪ 1‬والم ىراد بىىاإلخوة هنىىا(اإلخوة واألخ ىوا ألم) والشىىركة هنىىا‬
‫نقتني المساواة‪ ،‬فال كر طيخ مثل األنثى‪ ،‬ال ضعفها بمقتنى القرن ال ريم‪.2‬‬
‫وك ى لم طكىىون نصىىييها مثىىل الرنىىل كمىىا فىىي األم واألب إكا كىىان للميىىم أوالد فىىين تىىرر‬
‫مىىن التركىىة قىىال‬ ‫معهمىىا ككىىو ًار فق ى أو ككىىو ًار وإناث ىًا‪ ،‬كىىان ل ىىل مىىن األب واألم السىىد‬
‫إ ا خَّلُ ََّل ََّلََّا ا ره َََّلُ َه لََّلنز َولََّل ٌ وََّلام ره َكر يَ زوَّل ر لََّلنز َولََّل ٌ ﴾‪ 3‬وإن تىرر‬ ‫ا َن ا‬ ‫ا اا‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬وَيَنََّل ََيرن ل زو اَ َواح برغَّل زن َُِ ال هَِّل ز ز‬
‫معهمىىا إناث ىاً فق ى ‪ ،‬كىىان ل ىىل مىىن األب واألم السىىد ‪ ،‬طيخ ى األب بعىىد كلىىم مىىا زاد مىىن‬
‫التركة مع السد ‪.4‬‬

‫الرنىل‪ ،‬وهى ا هىو العىم األعىم األغلى ‪ ،‬بىل‬ ‫ب‪‌.‬وااعتبار خر تيخ المرأة نصظ نصي‬
‫هو القاعدة العامة عىدا مىا ككرنىاه سىابقاً‘ فهىل هى ا لىنقص فىي إنسىانيتها أو لىنقص‬
‫فىىىي مكانتهى ىىا وكرامتهىىىا ولإلنابى ىىة علىىىى ه ى ى ا السى ىؤال طقى ىىول الص ىىابوني فى ىىي كتابى ىىه‬
‫في الشريعة‪.5‬‬ ‫المواري‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪.12‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‪‌:‬الجامعي‌‪‌،1648/3‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌ .173‌/6‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪.11‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌‪‌،1648/3‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌ .33‬‬
‫‪‌5‬الصابوني‪‌:‬المواريث‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .16‬‬
‫‪140‬‬
‫و ه ا في اإل ث‪ ،‬ليم دثورة م ها‪:‬‬ ‫ىن الاريع اإلسسم ‪ ،‬قّ فرق‬
‫أوال‪ :‬المىرأة مك يىىه المؤنىىة وال انىىة‪ :‬فنفقتهىىا وانبىىة علىىى أبيهىىا‪ ،‬أو أخيهىىا‪ ،‬أو زونهىىا‪ ،‬أو‬
‫أبنها‪ ،‬أو غيرهم من األقارب‪.‬‬
‫ثان ا‪ :‬المرأة ال ت لظ باإلنفا على أحد‪ :‬بخالف الرنل فينه مكلظ باإلنفا على األهىل‬
‫عليه نفقتهم‪.‬‬ ‫واألقراا وغيرهم ممن تج‬
‫أضخ ‪ :‬فياكيع ىلج ال ال أكبر من حاك ال رأة‪.‬‬ ‫اليزماتع ال ال‬
‫ثالثا‪ :‬الركح أكثر‪ ،‬و ا‬
‫ابعااا‪ :‬الركااح يااّفع مه ا ار للزوك ا ‪ ،‬ويملااف فق ا الباام ي وبااال طع وال لاابس للزوك ا‬
‫واأل والد‪.‬‬
‫خامباا‪ :‬أكااو اليعلا لاال والد وتكااال ف العااسج والااّواء للزوكا واأل والد يااّفعها الركااح‬
‫دون ال رأة‪.‬‬
‫إلىىى خىىر مىىا هنالىىم مىىن النفقىىا والمصىىاريف التىىي هىىي علىىى كاهىىل الرنىىل‪ ،‬التىىي‬
‫طكلظ بها بيمر ال كيم العليم‪ ،‬قال تعالى ﴿ لاهزَّلغر ار رء ازو َب َع َنَ ابَّل ر َب ََّلعتاان َوَبَّل ر زَّل ا َر َعلَره اَّلن ارر زَّلنز وََّللرهزَّلغر ار رَّلء‬
‫ا َّلخَّلُ َيَ َ هز خ‬
‫‪1‬‬
‫ىيئا مىىن مالهىىا علىىى‬ ‫اكز ﴾ والش ىريعة اإلسىىالمية ال تون ى علىىى الم ىرأة أن تنفىىق شى ً‬
‫نفسىىها أو أوالدهىىا مهمىىا كانىىم غنيىىة موس ىرة فىىي حىىال ونىىود زونهىىا‪ ،‬ألنىىه هىىو المكلىىظ‬
‫السكني والمععم والملىبس‪ ،‬كمىا قىال تعىالى‪َ ﴿ :‬و َعلََّل‬ ‫بالنفقة عليها وعلى أوالده‪ ،‬من حي‬
‫َد لَن ارر زَّلن خ وَاَِزَّلن خ اَّلللرِعَّ ا‬
‫وف﴾‪.2‬‬ ‫ا‬
‫الر َِ رَلز ز ز َ ر َ ز َ ر ز‬
‫ال يوضا لنا الف رة‪ ،‬ويظهر حكمة التشريع فىي التفريىق بىين‬
‫وينرب الصابوني مث ً‬
‫ميراث ال كر وميىراث األنثىى قىائالً‪ ":‬تىوفي إنسىان وتىرر ولىدين فقى ككى اًر أو أنثىى‪ ،‬وتىرر‬
‫مي ارث ىاً لهمىىا ثالثىىة الف ري ىال‪ ،‬فعلىىى ضىىو الش ىريعة اإلسىىالمية تيخ ى األنثىىى ألىىظ ريىىال‬
‫وييخ ال كر ألفين‪ ،‬وإكا كان ال كر على أبواب الزوال ‪ ،‬وأراد أن يتزول فينه يدفع المهر‬
‫لزونته‪ ،‬ولنفرض أن المهر ألفين فق ‪ ،‬فقد دفىع كىل مىا ورثىه عىن أبيىه مهى ًار لزونتىه ولىم‬

‫‪‌1‬سورة‌الطالق‌اآلية‌‪‌ .7‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‌اآلية‌‪.233‬‬
‫‪141‬‬
‫السكنى والععام والشىراب‪.‬‬ ‫ييق معه شي ‪ ،‬ثم طكلظ الزول بعد كلم بكل النفقا ؛ نفقا‬
‫أن تتىىزول تيخ ى المهىىر مىىن زونهىىا‪ ،‬ولنفىىرض أنىىه ألفىىين فق ى‬ ‫أمىىا الينىىم فينهىىا إكا أراد‬
‫ألفىىين مهى ًار مىىن زونهىىا‪ ،‬أصىىبا مجمىىو مىىا لىىديها‬ ‫وعىىي قىىد ورثىىم ألفىًا مىىن أبيهىىا‪ ،‬وأخى‬
‫ثىىالث الف‪ ،‬ثىىم هىىي ال ت لىىظ بينفىىا شىىي مىىن مالهىىا مهمىىا كانىىم غنيىىة‪ ،‬ألن نفقتهىىا‬
‫أصىىب م علىىى زونهىىا‪ ،‬فهىىو المكلىىظ بتىىيمين لسىىكنى لهىىا‪ ،‬وااإلنفىىا عليهىىا مىىا دامىىم فىىي‬
‫عصمته‪ ،‬فمالها زاد‪ ،‬وماله نقص‪ ،‬وما ورثته من أبيها بقي لهىا ونمىا‪ ،‬ومىا ورثىه مىن أبيىه‬
‫وتالشى‪.‬‬ ‫كه‬
‫فمن ال ي طكين أسعد حاالً وأكثر ماالً الفتي أم الفتاة زمن ال ي تنعم وترفه أكثر الى كر‬
‫والينين"‪.1‬‬ ‫أم األنثى" ه ا هو منعق العقل والدين في ميراث الينا‬

‫‪ .3‬رئاسة الدولة‪:‬‬
‫ط ىتم اإلسىىالم أن ت ىون رئاسىىة الدولىة العليىىا للرنىل‪ ،‬ولىىيس للمىرأة‪ ،‬ولهى ا الرسىول‪ ‬طقىىول‬
‫كسىىرى بعىىد موتىىه " لاان مفلا‬ ‫حىين ورده أن الفىىر اسىىتخلفوا للرئاسىىة علىىيهم إحىىدى بنىىا‬
‫قااوإ ول اوا أمااره ام ارأة"‪ .2‬والوالطىىة بي القهىىا ليسىىم ممنوعىىة عىىن المىرأة باألنمىىا ‪ ،‬بىىدليل‬
‫اتفىىا الفقهىىا علىىى نىواز أن ت ىىون المىرأة وصىىية علىىى الصى ار و ناقصىىي األهليىىة‪ ،‬وأن‬
‫ت ون وكيلة عن غيرها في تصريف أموالهم‪ ،‬وأن ت ون شاهدة‪ ،‬والشهادة والطة كما نىص‬
‫الفقها على كلم‪ ،‬ويجوز أن ت ون قاضية في األموال عند بعض الفقها ‪.3‬‬
‫إن رئيس الدولة فىي االسىالم لىيس صىورة رمزيىة للزينىة والتوإليىع‪ ،‬وانمىا هىو قائىد المجتمىع‬
‫واس ىىعة خعيى ىرة اآلث ىىار‬ ‫و أرس ىىه المف ىىر‪ ،‬وون ىىه الب ىىارز‪ ،‬ولس ىىانه الن ىىا ق‪ ،‬ول ىىه ص ىىالحيا‬
‫والنتائج‪.‬‬

‫‪‌1‬الصابوني‪‌:‬المواريث‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .17‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌البخاري‪‌،353/3‌/‬ح‌‪.7099‬‬
‫‪‌3‬ابن‌حجر‌العسنقالني‪‌:‬فنتح‌البناري‌‪‌،60/13‬ابنن‌قدامنة‪‌:‬المغنني‌‪‌،92/10‬الزحيلني‪‌:‬الفقنه‌االسنالمي‌‬
‫‪‌ .5937/8‬‬
‫‪142‬‬
‫فهو ال ي طعلن ال ىرب علىى األعىدا ‪ ،‬ويقىود الجىيح‪ ،‬ويقىرر السىلم والمهادنىة‪ ،‬إن كانىم‬
‫المص ىىل ة فيه ىىا‪ ،‬أو ال ىىرب واالس ىىتمرار فيه ىىا إن كان ىىم المص ىىل ة تفتن ىىيها‪ ،‬وكل بع ىىد‬
‫استش ىىارة أه ىىل ال ىىل والعق ىىد ف ىىي األم ىىة‪ ،‬وه ىىو الى ى ي ت ىىولى خعاب ىىة الجمع ىىة ف ىىي المس ىىجد‬
‫في الصلوا ‪.‬‬ ‫الجامع‪ ،‬وإمامة النا‬
‫وممىىا ال ين ىىر أن ه ى ه الوظىىائظ الخعي ىرة ال تتفىىق مىىع ت ىىوين الم ىرأة النفسىىي والعىىا في‪،‬‬
‫واخاصىىة مىىا يتعلىىق بىىال روب وإليىىادة الجيىىوش‪ ،‬فىىين كلىىم طقتنىىي مىىن قىىوة األعص ىىاب‬
‫العقىىىل عل ىىى العا فىىىة‪ ،‬وإكا ونىىىدنا ف ىىي الت ىىاريا نس ىىا ق ىىدن الجيىىىوش‪ ،‬وخنىىىن‬ ‫وت ليى ى‬
‫المعارر فينهن ندرة وقلة‪.1‬‬

‫رابعاً‪ :‬عمل المرأة‬


‫إن عمل المرأة األول واألعظم ال ي ال ينازعها ميىه منىاز ‪ ،‬وال ينافسىها ميىه متنىافس‪ ،‬هىو‬
‫أال طش ى لها عىىن ه ى ه الرسىىالة‬ ‫ترايىىة األنيىىال‪ ،‬ال ى ي وييهىىا هللا لىىه بىىدنياً‪ ،‬ونفسىىياً‪ ،‬ويج ى‬
‫الجليىىة شىىاغل مىىادي أو أدبىىي مهمىىا كىىان‪ ،‬فىىين أحىىداً ال طسىىتعيع أن طقىىوم مقىىام المىرأة فىىي‬
‫ه ى ا العمىىل ال ييىىر‪ ،‬ال ى ي عليىىه يتوقىىظ مسىىتقيل األمىىة‪ ،‬واىىه تت ىىون أعظىىم ثرواتىىه‪ ،‬وهااي‬
‫الثروة الباري ‪ ،‬ومثل كلم عملها في رعاطة بيتها‪ ،‬وإسعاد زونهىا‪ ،‬وت ىوين أسىرة سىعيدة‪،‬‬
‫قائمىىة علىىى السىىكون والمىىودة والرحمىىة‪ ،‬فهىىي مك يىىة المؤنىىة وال انىىة‪ ،‬فنفقتهىىا وكس ىىوتها‬
‫ونميع ما ت تال إليه بالمعروف على الرنل‪.2‬‬
‫وه ا ال طعني أن عمىل المىرأة خىارل بيتهىا م ىرم شىرعًا‪ ،‬فلىيس ألحىد أن ط ىرم ب يىر نىص‬
‫شرعي ص يا الثيو ‪ ،‬صريا الداللة‪ ،‬فعمل المرأة كاته نىائز‪ ،‬وقىد طكىون معلواىًا لى‬
‫ونوب إكا احتانم إليه‪ :‬كين ت ون أرملة أو معلقة وال مورد لها وال‬ ‫است باب‪ ،‬أو ل‬
‫طكفيها كل السؤال أو المنة‪.‬‬ ‫عائل‪ ،‬وهي قادرة على نو من ال س‬

‫‪‌1‬السباعي‪‌:‬المرأة‌بين‌الفقه‌والقانون‌ص‌‪‌ .41-40‬‬
‫‪‌2‬يوسف‌القرضاوي‪‌:‬فتاوي‌معاصرة‌‪‌، 304/1‬الصابوني‪‌:‬المواريث‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌ص‪.15‬‬
‫‪143‬‬
‫وقد ت ون األسرة هي التي ت تال إلى عملهىا؛ كىين تعىاون زونهىا‪ ،‬أو تراىي أوالدهىا ‪ ،‬أو‬
‫إخوتها الص ار‪ ،‬أو تساعد أباها في شيخوخته‪ ،‬كما فىي قصىة ابنتىي الشىيا ال ييىر التىي‬
‫ككرها القىرن ال ىريم‪ ،‬وكانتىا تقومىا علىى غىنم أبيهمىا‪ ،‬قىال تعىالى‪َ ﴿ :‬ولَ خَِّلُ َوَرَد َبَّلََُ َبَّل ر يَ َ َو ََّْل َ‬
‫صَّل ا َر‬ ‫ا‬ ‫َّلُإ يََِّل زََ َه وو ََّْل َ ابَّل ر زدومااَّل رابَّلَّلََّلََّل ر ا‬
‫َل ََّل زذ َ ا‬
‫وداه ََّلُ َ َبَّلَّلُ َخئرز زو ََِّلَّلُ َُلَتََّلُ ََل ََّ رَِّلَّلَ َحَّل خَّلَّت يز ر‬ ‫ز َ‬
‫ا ا‬
‫َعلَرهَّلن َلزخبَّلَن بَّل َ الغخ ا ر َ َ‬
‫‪1‬‬
‫الَّ َعَُز َوَلَنزََ َيره ٌخ ََا ٌ﴾‬
‫ا‬
‫النعىىاقين كانىىم تسىىاعد زونهىىا‬ ‫وكمىىا ورد أن أسىىما بنىىم أبىىي بكىىر رضىىي هللا عنىىه كا‬
‫الزاير بن العوام في سياسىة فرسىه‪ ،‬وتىد النىوي لناضى ه‪ ،‬حتىى أنهىا لت ملىه علىى أرسىها‬
‫من بستان له على مسافة من المدينة‪.‬‬
‫النسىا وتمرينىهن‪،‬‬ ‫وقد طكون المجتمع نفسه في حانة إلى عمل المرأة كمىا فىي تعييى‬
‫ون و من كل ما طخىص بىالمرأة‪ ،‬فىاألول أن تتعامىل المىرأة مىع امىرأة مثلهىا‪،‬‬ ‫وتعليم الينا‬
‫ال مع رنل‪.2‬‬

‫أن طكون مقيداً بعدة قيود‪:‬‬ ‫وإكا أنزنا عمل المرأة فالوان‬
‫‪ -1‬أن ممااون الع ااح فاااي ذاتااع مااااروعا‪ :‬بمعنىىى أن ال طكىىون عملهىىا ح ارم ىاً فىىي نفسىىه‪ ،‬أو‬
‫مفنىىيًا إلىىى ارت ىىاب حىرام‪ ،‬كىىالتي تعمىىل خادمىًا لرنىىل أعىىزب‪ ،‬أو سىىكرتيرة خاصىىة لمىىدير‬
‫وال ارئىىز‪ ،‬او عاملىىة‬ ‫تقتنىىي وظيفتهىىا أن طخلىىو بهىىا وتخلىىو بىىه‪ ،‬أو راقصىىة تثيىىر الشىىهوا‬
‫عليهىا عملهىىا تقىدطم المسىك ار والسىىفر‬ ‫فىي بىار تقىدم لخمىىر‪ ،‬أو منىيفة فىي ىىائرة يونى‬
‫البعيىىد م ىىرم يلزمىىه مىىن المييىىم وحىىدها فىىي بىىالد ال راىىة أو غيىىر كلىىم مىىن األعمىىال التىىي‬
‫حرمها اإلسالم على النسا خاصة أو على الرنال والنسا نميعًا‪.‬‬
‫قىرر الشىريعة‬ ‫اليااي قر تهاا الاااريع اإلساسم ‪ :‬حيى‬ ‫‪ -2‬أن تليازإ آداب ال ارأة ال بال‬
‫اإلسالمية مجموعة من اآلداب ينب ي على المسلمة أن تلتزمها إكا خرنم من بيتها فىي‬
‫ِر ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ِ َّل َ ب َّل ر‬ ‫الىىزي والمشىىي وال ىىالم وال ركىىة‪ ،‬وفىىي كلىىم طقىىول هللا تعىىالى‪َ ﴿ :‬وزَّل رَّلَ للر زِ رِابغََّلَّلُ يََّل ر ز‬

‫‪‌1‬سورة‌القصص‌اآلية‌‪‌ .23‬‬
‫‪‌2‬القرضاوي‪‌:‬فتاوي‌معاصرة‌‪‌ .305‌،‌304/1‬‬
‫‪144‬‬
‫َِّل اَّنر َ اِب رَر زْلا انَّل خ‬ ‫ا‬
‫وْ زن خ َوََل يَّلزرَّل اي َ ايغَ َّلتََّل زن خ اخَل َبَّلُ ظَ َن ََّلَّ ابرغَّل َنَّلُ﴾ ويقىول‪﴿ :‬الغا ََِّلَُ َوََل يَ ر‬
‫‪1‬‬ ‫َلَن ا‬
‫صُ ار خ َوَرَي َرظر َ وزَّلزَّ َ‬ ‫رَ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َّلَل اب َّل ر ايغََّلَّلتا ان خ ﴾ ويقىىول‪﴿ :‬وََّل ََّلَت َُر َ‬
‫‪2‬‬
‫َِّل رَّلع َ اَّلللرََّل رَّلَا وََّلهَئر ََِّل ََّلِ الخَّلَّلذي ام ََّللراَّلَّلن َبَّل ََّلَّ ٌ‬
‫ق َوزَّللر َّل َ َ َّل رَّلَنَل‬ ‫ل َّلهزَّل رعلَ َ َبَّلَّلُ زمررَّل َ‬
‫َب رعزَّوونُ﴾‪.3‬‬
‫ن ىىو‬ ‫‪ -3‬أال ممااون ع لهااا علااج حباااب واكبااات أخاارر ال مجااور لهااا ىه الهااا‪ :‬كوانبىىا‬
‫زونها وأوالدها وهو وانيها األول وعملها األساسي‪.4‬‬

‫‪5‬‬
‫خامساً‪ :‬المرأة والاختلاط‬
‫يي ثح موقف اإلسسإ من االخيسط في اليقائق اليال ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اللقا بين الرنال والنسا في كاتىه لىيس م رمىاً‪ ،‬بىل هىو نىائز أو معلىوب إكا كىان‬
‫القصىىد منىىه المشىىاركة فىىي هىىدف نييىىل‪ ،‬مىىن علىىم أو عمىىل صىىالا‪ ،‬أو مشىىرو خيىىر‪ ،‬أو‬
‫تعاون ىًا‬ ‫نهىىودًا متنىىافرة مىىن الجنسىىين‪ ،‬ويتعل ى‬ ‫نهىىاد الزم‪ ،‬أو غيىىر كلىىم ممىىا يتعل ى‬
‫مشتركاً في التخعي والتونيه والتنفي ‪.‬‬

‫وال طعني كلم أن ت وب ال ىدود بينهمىا‪ ،‬وتنسىى القيىود الشىرةية النىابعة ل ىل لقىا ييىين‬
‫العرفين‪ ،‬إك يزعم قوم أنهم مالئ ة معهرون‪ ،‬ال طخشى منهم وال عليهم يريدون أن ينقلوا‬
‫فىي كلىىم هىو االشىترار فىىي الخيىر‪ ،‬والتعىىاون علىى اليىىر‬ ‫مجتمىع ال ىرب إلينىىا‪ ،‬بىل الوانى‬
‫والتقوى‪ ،‬إ ار ال دول التي رسمها اإلسالم‪ ،‬ومنها‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النور‌اآلية‌‪.31‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النور‌اآلية‌‪.31‬‬
‫‪‌3‬سورة‌األحزاب‌اآلية‌‪.32‬‬
‫‪‌4‬القرضاوي‪‌:‬فتاوي‌معاصرة‌‪‌ .306‌.305/1‬‬
‫‪ ‌5‬كلمة‌االختالط‌في‌اللغة‌تعني‌انضمام‌الش يء‌إلى‌غيره‌وتداخله‌فيه‪‌.‬النرازي‪‌:‬مختنار‌الصنحاح‌ص‌‬
‫‪‌، 77‬أما‌كلمة‌االختالط‌في‌مجال‌العالقة‌بين‌الرجل‌والمرأة‪‌،‬كلمة‌دخيلة‌على‌(المجنم‌االسنالمي)‌لنم‌‬
‫يعرفها‌تراثنا‌الطويل‌العريض‌طول‌القرون‌الماضنية‪‌،‬ولنم‌تعنرف‌إال‌فني‌هنذا‌الصنر‌ولعلهنا‌ترجمنة‌‬
‫لكلمة‌أجنبية‌‌في‌هذا‌المعنى‪‌،‬و مدلولها‌له‌إيحاء‌غينر‌منريح‌بنالنظر‌والحنس‌االنسنان‌المسنلم‪‌،‬وربمنا‌‬
‫كان‌أولى‌منها‌كلمة‌(لقاء)‌أو‌(مقابلة)‌أو‌(مشاركة)‌الرجال‌والنساء‌ونحو‌ذلنك‪‌،‬القرضناوي‪‌:‬فتناوي‌‬
‫معاصرة‌ص‌‪‌ .279‬‬
‫‪145‬‬
‫‪ -1‬االلي ازاإ بغاات البماار ماان الج بااون‪ :‬فىىال ينظىىر إلىىى عىىورة‪ ،‬وال ينظىىر بشىىهوة وال‬
‫َِا اب َلَن ا‬ ‫ا اا‬
‫وْ زن ر‬‫صُ ار ر َوَرَي َرظزَا وزَّلزَّ َ‬
‫َل يََّل ز ه ر ر َ‬ ‫طعيل النظر في غير حانة قال تعالى‪ ﴿ :‬ز رَ للر زِ رِبغ َ‬
‫َِّل َّل اب َّل َلَن اا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫اَلا َّل َ َلَرََ َّل ََلزَّل ر ا خه خ‬
‫ص َّلغََّل زعَ َه (‪َ )30‬وزَّل رَّلَ للر زِ رِابغَ َّلَّلُ يََّل ر ز‬ ‫ا‬
‫ص َّلَّلُر خ َوَرَي َرظر َّل َ‬
‫ِرَ ر رَ‬ ‫اكَ َخا َّل ٌ َََّلَّلُ يَ ر‬
‫‪1‬‬
‫وْ زن خ ﴾‬
‫وزَّلزَّ َ‬
‫الم تشىىم ال ى ي ط عىىي اليىىدن ماعىىدا‬ ‫‪ -2‬الي ازاإ ال اارأة باللباااس الااارعي‪ :‬وهىىو اللبىىا‬
‫الونىىه وال فىىين‪ ،‬وال طشىىظ وال طصىىظ‪ ،‬قىىال تعىىالى‪َ ﴿ :‬وََل يَّلزر َّل اي َ ايغََّل َّلتََّل زن خ اخَل َبَّلَّلُ ظَ َنَّل ََّلَّ ابرغَّل َنَّلَّلُ‬
‫ِ َّل اَّنر َ ا ز زِ َّل اَّا خ َعلَ َّل زْهزَّلَّلَاا خ ﴾‪ 2‬وقىىد صىىا عىىن عىىدد مىىن الص ى ابة أن مىىا ظهىىر مىىن‬ ‫َولرهَ ر‬
‫الزينىىة هىىو الونىىه وال فىىان‪ ،‬وقىىال تعىىالى فىىي تعليىىل األمىىر باالحتشىىام‪َ ﴿ :‬الاَّل َ َل رَد َ َلَ ره‬
‫يَّلز رع َّل ََّلَّور َ وََّل ََّلَت يز َّل رَّلِاَير َ ﴾‪ 3‬أي أن هى ى ا ال ىىزي طمي ىىز المى ىرأة ال ى ىرة الع يف ىىة الج ىىادة م ىىن المى ىرأة‬
‫اللعوب المستهترة‪ ،‬فال يتعرض أحد للع يفة بيكى‪ ،‬ألن زيها وأدبها طفرض على كىل‬
‫من يراها احترامها‪.‬‬
‫في دح شيء وخموصا في اليعامح مع الركال‪:‬‬ ‫‪ -3‬االليزاإ ب دب ال بل‬

‫أ)‌ في الكسإ‪ :‬ب ي طكون بعيداً عن االغ ار واالثارة فقىد قىال تعىالى‪﴿ :‬وَ ََّلَت َُر َ‬
‫ِ رَّلع َ‬
‫ق َوزَّللر َ ََّل رَنَل َب رعزَّوونُ﴾‪.4‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اَّلللرَ رَا وََّلهَئر َِ َِ الخذي ام ََّللران َبََّ ٌ‬
‫‪5‬‬
‫َّلَل ابَّل ر ايغََّلَّلتا ان خ ﴾‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ب) ‌فاي ال اااي‪ :‬كمىا قىىال تعىالى‪ََََ ﴿ :‬ل يَ ر‬
‫َِّل اَّنر َ اِب رَر زْل انَّل خ لَّلهزَّل رعلَ َ َبَّلُ زمررَّل َ‬
‫ابتا رحهَ َنَُ ﴾‪.6‬‬ ‫ا‬
‫وأن ت ون كالتي وصفها هللا بقوله‪ ﴿ :‬وَ َََُُ رنز ا رح َ زاُهَُ َتَر َعلَ ر‬
‫) ‌فااي اليرد ا ‪ :‬فىىال تت سىىر وال تتمايىىل وال طصىىدر عنهىىا مىىا طجعلهىىا مىىن صىىنظ‬
‫تيرل الجاهلية األولى أو األخيرة‪.‬‬ ‫المتيرنا‬

‫‪‌1‬سورة‌النور‌اآليتان‌‪.31-30‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النور‌اآلية‌‪.30‬‬
‫‪‌3‬سورة‌األحزاب‌اآلية‌‪.59‬‬
‫‪‌4‬سورة‌األحزاب‌اآلية‌‪.32‬‬
‫‪‌5‬سورة‌النور‌اآلية‌‪.31‬‬
‫‪‌6‬سورة‌القصص‌اآلية‌‪.25‬‬
‫‪146‬‬
‫‪ -4‬أن تيج ا دااح مااا ش ا نع أن يثواار ويغاارس مىىن الىىروائا الععريىىة وألىوان الزينىىة التىىي‬
‫ينب ي أن ت ون للييم ال للعريق وال للقا مع الرنال‪.‬‬
‫‪ -5‬الياااذ مااان أن مخيلاااي الركاااح باااامرأة ولااا س معه اااا ميااارإ‪ :‬فقىىد نهىىم األحادي ى‬
‫الص ي ة عن كلم فقالىم‪" :‬ىن ثالثه اا الاا طان" إك ال طجىوز أن طخلىى بىين النىار‬
‫وال عى ‪ ،‬وخصوصىاً إكا كانىىم الخلىىوة مىىع أحىىد أقىىارب الىىزول ‪ ،‬وميىىه نىىا ال ىىدي‬
‫"وامااك والااّخول علااج ال بااء" قىىالوا‪ :‬طىا رسىىول هللا‪ ،‬أ أريىم ال مىو ! قىىال‪" :‬الي ااو‬
‫الهالر‪ ،‬ألنه طجلس ويعيل الجلو ‪ ،‬وفي ه ا خعر شديد‪.‬‬ ‫ال وت" أي‪ :‬هو سي‬
‫‪ -6‬أن ممااون اللقاااء فااي حااّود مااا تفرضااع الياك ا ومىىا يونبىىه العمىىل المشىىترر دون‬
‫إس ىراف أو توسىىع طخىىرل المىىرأة عىىن فعرتهىىا األنثويىىة‪ ،‬أو طعرضىىها للقيىىل والقىىال أو‬
‫في رعاطة الييم وتراية األنيال‪.1‬‬ ‫طععلها عن وانيها المقد‬

‫ثان ا‪ :‬مجوز اإلسسإ لل رأة أن تجي ع مع الركال في مواطن م ها‪:‬‬

‫‪ -1‬العبااادة‪ :‬ميجىوز لهىىا أن تشىىهد الجماعىىة والجمعىة والعيىىدين علىىى أن يتخى ن مكىىانهن‬
‫في الصىفوف األخيىرة خلىظ صىفوف الرنىال‪ ،‬وكمىا كىان الصىظ أقىرب إلىى المىؤخرة‬
‫كىىان أفنىىل لقولىىه‪ .." :‬خوااار صااافوف ال بااااء آخرهاااا ‪ ،‬وشااار صااافوف ال بااااء‬
‫أولهاااا"‪ 2‬وحيى ى ا لىىو ك ىىان مكانه ىىا منفصى ىالً عىىن الرن ىىال‪ ،‬روى اب ىىن عم ىىر رض ىىي هللا‬
‫عنهمىىا" كانىىم امىرأة لعمىىر تشىىهد صىىالة الصىىبا والعشىىا فىىي الجماعىىة فىىي المسىىجد‪،‬‬
‫فقيل لها‪ :‬لم تخىرنين وقىد تعلمىين أن عمىر طكىره كلىم وي ىار قالىم‪ :‬ومىا طمنعىه ان‬
‫ينهاني قال‪ :‬طمنعه قول رسول هللا ‪ :‬ال ت عوا ىماء أ مباكّ أ"‪.3‬‬

‫‪‌1‬صحيح‌مسلم‌‪‌،‌170،‬ح‪.440‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌البخاري‪‌،199/1‌،‬ح‌‪.900‬‬
‫‪‌3‬صحيح‌البخاري‪‌ .106‌–‌36/1‌،‬‬
‫‪147‬‬
‫العلم مع الرنال عند النيي‪ ‬ويسيلن عىن أمىر‬ ‫‪ -2‬العل ‪ :‬وكان النسا ط نرن درو‬
‫اليىىوم‪ -‬و لىىين مىىن رسىىول هللا ‪ ‬أن طجعىىل‬ ‫ديىىنهن‪ -‬ممىىا قىىد طسىىت ي منىىه ال ثيى ار‬
‫لهىىن يوم ىًا طكىىون لهىىن خاصىىة‪ ،‬ال ط ىىاليهن الرنىىال‪ ،‬وال يزاحمىىونهن‪ ،‬وقلىىن فىىي كلىىم‬
‫ال ي رواه أبو سعيد الخدري رضي هللا عنه" قالم النسا للنيي‬ ‫صراحة في ال دي‬
‫‪ ‬غلين ىىا علي ىىم الرن ىىال‪ ،‬فانع ىىل لن ىىا يومى ىاً م ىىن نفس ىىم‪ ،‬فوع ىىدهن يومى ىاً لق ىىيهن مي ىىه‬
‫فوعظهن وأمرهن‪ ،‬ف ان ميمىا قىال لهىن‪" :‬ماا ما كن امارأة تقاّإ ثسثا مان ولاّها ىال‬
‫كان لها حجابا من ال ا ‪ ،‬فقال امرأة‪ :‬واث ونل فقال‪ :‬واث ون"‪.1‬‬
‫‪ -3‬مواّان الجهااد‪ :‬وقىد شىىارر النسىا فىي خدمىة الجىىيح والمجاهىدين‪ ،‬بمىا طقىدرن عليىىه‬
‫وي سىىن القيىىام بىىه‪ ،‬مىىن التم ىريض واالسىىعاف ورعاطىىة الجرحىىى والمصىىابين‪ ،‬بج ىوار‬
‫األخىىرى مىىن الهىىى والسىىقي‪ ،‬وإعىىداد مىىا ط تىىال إليىىه المجاهىىدون‪ ،‬روى عىىن‬ ‫الخىدما‬
‫الراي ىىع بن ىىم مع ىىوك قال ىىم " كن ىىا ن ىىزو م ىىع الني ىىي‪ ‬فنس ىىقي الق ىىوم ونخى ىدمهم‪ ،‬ون ىىرد‬
‫الجرحى والقتلى إلى المدينة" بل صىا أن نسىا بعىض الصى ابة شىاركن فىي بعىض‬
‫والمعىارر اإلسىالمية ب مىىل السىالب‪ ،‬عنىدما أتي ىم لهىىن الفرصىة وقىد عقىىد‬ ‫ال ىزوا‬
‫اإلمام البخاري بابًا في ص ي ه بعنوان (غزو النسا وقتالهن مع الرنال‪.)2‬‬
‫‪ -4‬األمااااكن العامااا ‪ :‬أب ىىاب اإلس ىىالم للمى ىرأة االلتق ىىا بالرنىىال ف ىىي االم ىىاكن العام ىىة عن ىىد‬
‫تجيى ىىز‬ ‫والمعى ىىامال‬ ‫ممارسى ىىة الييى ىىو والعقى ىىود ألن أهليتهى ىىا ال املى ىىة فى ىىي التص ى ىرفا‬
‫‪3‬‬
‫انتماعها مع الرنال‪.‬‬

‫‪‌1‬صحيح‌البخاري‪‌،35/2‌،‬ح‌‪‌ .2883‬‬
‫‪‌2‬ابن‌حجر‌العسنقالني‪‌:‬فنتح‌البناري‌‪‌،91‌/6‬القرضناوي‌‪‌:‬فتناوي‌معاصنرة‌ص‌‪‌،282‌،281‬صنالح‌‬
‫هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.110‬‬
‫‪ ‌3‬صالح‌هندي‪‌:‬دراسات‌في‌الثقافة‌اإلسالمية‌ص‌‪.110‬‬
‫‪148‬‬
‫تذكر‬ ‫أ‬ ‫ت كر‬

‫الفمح الرابع‪ :‬نظاإ األسرة‪:‬‬


‫‪ ‬األسرة في الل ة هي أهل الرنل وعشيرته‪.‬‬
‫‪ ‬وفىىي االصىىعالب هىىي الخليىىة االنتماةيىىة التىىي تنشىىي عىىن ارتب ىاط رنىىل بىىامرأة بعقىىد‬
‫شرعي هو عقد الن اب‪.‬‬
‫‪ ‬وتقوم األسرة في اإلسالم على األسس التالية‪ :‬ودة األصل والمنشىي والمىودة والرحمىة‬
‫والعدل والمساواة والت افل االنتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬والىىزوال هىىو الل ىىة االقت ىران‪ ،‬وفىىي االصىىعالب هىىو عقىىد يتنىىمن إباحىىة وط بلف ى‬
‫الن اب أو تزويج أو ترنمته‪.‬‬
‫‪ ‬والىىزوال مشىىرو فىىي اإلسىىالم بال تىىاب والسىىنة وإنمىىا المسىىلمين واألدلىىة علىىى كلىىم‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫‪ ‬وتىىتلخص حكمىىة مشىىروةية الىىزوال فىىي اإلسىىالم ميمىىا يلىىي ‪ :‬االسىىتجابة لنىىدا الفعىرة‬
‫وتليي ىىة ال ان ىىة ال ريزي ىىة لل ىىنفس‪، ،‬إطج ىىاد ال ارح ىىة النفس ىىية‪ ،‬وحفى ى الن ىىو اإلنس ىىاني ‪،‬‬
‫النفس وعفاف اإلنسان لنفسه وزونه‪ ،‬والتعاون بين الىزونين وت مىل أةبىا‬ ‫وته ي‬
‫ال ياة الزونية‪ ،‬والم افظة على الرواب االنتماةية وتقويتها‪.‬‬
‫خىال الشىخص‪ ،‬فقىد طكىون وانبىاً‪ ،‬وقىد طكىون ح ارمىاً وقىد‬ ‫‪ ‬طختلظ حكم الىزوال ب سى‬
‫النا ‪.‬‬ ‫طكون مكروهًا‪ ،‬وقد طكون مباحًا‪ ،‬وه ا األخير حال غال‬

‫مىن ال قىو ‪ :‬حقىو للىزول علىى زونتىه‪،‬‬ ‫على عقد الزوال ثالث مجموعا‬ ‫‪ ‬ويترت‬
‫وحقو للزونة على زونها‪ ،‬وحقو مشتركة ل ليهما‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ ‬حقىىو الىىزول علىىى زونتىىه هىىي‪ :‬العاعىىة‪ ،‬األمانىىة‪ ،‬وحسىىن العش ىرة‪ ،‬وحىىق التيدي ى ‪،‬‬
‫وال داد‬
‫‪ ‬وحقو الزونة على زونها هي‪ :‬حسن العشرة‪ ،‬والعدل والمهر والنفقة‪.‬‬
‫‪ ‬وال قىىو المشىىتركة هىىي‪ :‬حىىق المعاش ىرة الجنسىىية‪ ،‬حرمىىة المصىىاهرة‪ ،‬حىىق الت ىوارث‪،‬‬
‫وحق انتساب األوالد إليهما‪.‬‬
‫‪ ‬وينتهي الزوال إما بالمو وإما بالعال ‪.‬‬
‫الوقائية من أنىل ال ىد مىن العىال ومعالجىة‬ ‫‪ ‬وضع اإلسالم مجموعة من الخعوا‬
‫اإلسىىالم علىىى حسىىن اختيىىار الىىزونين‪،‬‬ ‫العائليىىة علىىى الن ىىو التىىالي‪ :‬ح ى‬ ‫الخالفىىا‬
‫ودعا كل واحد من الزونين بين طشعر بالمسؤولية تجاه اآلخر‪ ،‬وأن يتفهم كل واحىد‬
‫من الزونين أخال اآلخىر عنىد حىدوث بىادرة نى از بينهمىا‪ ،‬اسىتخدام الىزول حقىه فىي‬
‫الزونىة إكا أصىر علىىى عنادهىا‪ ،‬ثىم االحت ىام إكا عجىىز الىزونين عىن حسىىم‬ ‫تيديى‬
‫الخالف بينهما‪.‬‬
‫التالي ىىة حت ىىى طك ىىون‬ ‫‪ ‬وإكا ك ىىان الب ىىد م ىىن إطق ىىا الع ىىال فالب ىىد م ىىن ت ىىوفر الخعى ىوا‬
‫مسنونًا‪ :‬أن طعلق الزول زونته في هر لم طجامعهىا ميىه ‪ ،‬أن طعلقهىا لقىة واحىدة‬
‫رنعيىىة‪ ،‬وأن تعتىىد الم ىرأة فىىي بيىىم زونهىىا ‪ ،‬ولىىه أن يرنعهىىا أثنىىا العىىدة بمجىىرد أن‬
‫ينوي كلم وال طشترط رضاها ب لم‪ ،‬وإكا انقنم عدتها فينه يرانعها برضاها واعقىد‬
‫بينهمىا‪ ،‬وإكا لقهىا‬ ‫الخالفىا‬ ‫ومهر نديدين ‪ ،‬ويفعل معها كلىم إكا رانعهىا وعىاد‬
‫العلقة الثالثة فال ت ل له إال بعد أن يتزونها غيره ثم طعلقها بم ض إرادته‪.‬‬
‫‪ ‬قد اختلفم نظر األمم والشعوب للمرأة ‪ ،‬وكان اإلسالم له موقظ خاص أنصظ ميه‬
‫والقوانين األخرى‪.‬‬ ‫المرأة وأععاها من ال قو مالم طععها إطاه غيره من الدطانا‬

‫‪150‬‬
‫‪ ‬ف انم المرأة عند اليونان كسق المتا ‪ ،‬يرون أن مكانها الييم‪ ،‬ولىيس لهىا الماركىة‬
‫في ال ياة االنتماةية أو السياسية‪ ،‬وكانم تبا وتشترى فىي األسىوا ‪ ،‬وقىالوا عنهىا‬
‫أنهىا رنىىس مىن عمىىل الشىىيعان‪ ،‬ثىم اختلعىىم بعىد كلىىم بالرنىىال‪ ،‬وشىا الزنىىا‪ ،‬وكىىان‬
‫مباحاً‪ ،‬واعتير المرأة مجرد متا ال أكثروال أقل‪.‬‬
‫‪ ‬كانم المرأة في ال نارة اليونانية منيوكة من والدتهىا‪ ،‬ف ثيى ًار مىا كىان بىااهن يلقىون‬
‫المىرأة ت ىىم سىىيعرة رب‬ ‫بهىىن إلىىى األمىىاكن العامىىة‪ ،‬وال طعترفىىون بنسىىيهن‪ ،‬وكىىان‬
‫األسرة‪ ،‬له ال ق فىي أن يييعهىا‪ ،‬أو ينفيهىا‪ ،‬أو يزونهىا أو طعلقهىا كيىف طشىا ودون‬
‫اكنها‪ ،‬ولم ت ن ال كمة مالية مستقلة‪.‬‬
‫‪ ‬أمىا عنىىد الهنىود ف انىىم المىرأة ال تسىىت ق ال يىاة بعىىد مىو زونهىىا‪ ،‬بىل كانىىم ت ىىر‬
‫حيىة بعىدما يىىتم حرقىه‪ ،‬كمىىا كىان ال ىىال فىي شىريعة سىىانتي‪ ،‬كمىا كانىىم تقىدم كقىرابين‬
‫لآللهة في المعابد‪.‬‬
‫دم باألكىل‬ ‫انهىا أغىو‬ ‫‪ ‬وعند اليهود فين المىرأة هىي صىاحبة الخعيئىة األولىى‪ ،‬حيى‬
‫مىن الشىجرة الم رمىىة‪ ،‬ف انىم سىىيبا فىي الخىرول مىىن الجنىة‪ ،‬وكانىىم بعىض العوائىىظ‬
‫اليهودطىة تىىرى أن المىرأة بمنزلىىة الخىىادم‪ ،‬وأنىىه ط ىىق ألبيهىىا بيعهىىا فىىي األسىوا ‪ ،‬ويىىرى‬
‫نجسىىه ‪ ،‬وأن نجاسىىتها عنىىد والدة الينىىم ت ىىون‬ ‫اليهىىود الم ىرأة فىىي ال ىىيض والنفىىا‬
‫إال عنىىد فقىىد الىوارث‬ ‫ضىىعظ نجاسىىتها عنىىد والدة الى كر‪ ،‬كمىىا كىىانوا ال يرثىىون الينىىا‬
‫ال كر‪.‬‬
‫الخىىرول مىن الجنىىة‪ ،‬وأنهىىا‬ ‫‪ ‬وكىان النصىىارى طشىىاركون اليهىود فىىي أن المىرأة هىي سىىي‬
‫صىاحبة الخعيئىة ال يىرى‪ ،‬وكىىانوا يىرون أن الىزوال بالنسىىا رنسىاً‪ ،‬وأن المىرأة ليسىىم‬
‫لهىىا روب‪ ،‬ولىىن تنجىىي مىىن النىىار إال مىريم أم المسىىيا عليىىه السىىالم‪ ،‬وإلىىى عهىىد قريى‬

‫‪151‬‬
‫كان ى ىىم القى ى ىوانين األورواي ى ىىة تع ى ىىد المى ى ىرأة م ى ىىن ض ى ىىمن ع ى ىىدطمي األهلي ى ىىة‪ ،‬كالص ى ىىييان‬
‫والم اسيين‪.‬‬
‫‪ ‬وعند بعض إلبائل العرب في الجاهلية كانم المرأة م رومىة مىن كثيىر مىن ال قىو ‪،‬‬
‫في القهر‪ .‬ف انوا يئدون الينا ‪ ،‬وكان‬ ‫العار‪ ،‬وأنها سي‬ ‫فقد رأى بعنهم أن تجل‬
‫واألوالد‪ ،‬خشية الفقر‪ ،‬وكانم المرأة عند كثير من إلبائل العرب‬ ‫بعنهم طقتل الينا‬
‫حىىد‪ ،‬وال كىىان للعىىال حىىد‬ ‫ال تستشىىار فىىي أمىىر زوانهىىا‪ ،‬ولىىم طكىىن لعىىدد الزونىىا‬
‫أطناً‪.‬‬
‫‪ ‬أمىىا اإلسىىالم فينىىه سىىاوى مىىا بىىين الم ىرأة والرنىىل‪ ،‬ودفىىع عنهىىا التهمىىة بينهىىا صىىاحبة‬
‫اإلسىالم‬ ‫الخعيئة ال ري ‪ ،‬ونعلها أهالً لت مىل المسىؤولية تمامىًا كالرنىل‪ ،‬وقىد رحى‬
‫بىاألنثى عنىىد والدتهىا ‪،‬واعتيرهىىا فىىيل خيىر علىىى عكىس الجاهليىىة‪ ،‬وقىىد كرمهىا فىىي كىىل‬
‫علىىى تعليمهىىا‪ ،‬وورثهىىا فىىي كىىل أحوالهىىا‪ ،‬ونعلهىىا‬ ‫حاالتهىىا أم ىًا وانت ىًا زونىىة ‪ ،‬وح ى‬
‫مك يىىة النفقىىة دائم ىًا‪ ،‬وكان ىىم مىىن أصىى اب الفىىروض ف ىىي المي ىراث‪ ،‬ونظىىم اإلس ىىالم‬
‫حقو المرأة باعتبارها زونة‪ ،‬ونظم العال ونعله مصىو اًر بعىدد ال يتجىاوزه الرنىل‪،‬‬
‫ثىم حىاف علىى نفسىىها ومالهىا قيىل بلوغهىىا‪ ،‬فجعلهىا ت ىم وصىىاطة أوليائهىا حتىى تيلىىغ‬
‫الرشد‪.‬‬
‫‪ ‬فىىر اإلسىىالم بىىين الم ىرأة والرنىىل فىىي رئاسىىة الدولىىة‪ ،‬والشىىهادة‪ ،‬والمي ىراث‪ ،‬فىىالمرأة ال‬
‫تلي رئاسة الدولة‪ ،‬وال تشهد في كل ما طشهد ميىه الرنىل‪ ،‬وال تىرث فىي كىل ال ىاال‬
‫الوظيفىىة‬ ‫الجىىنس‪ ،‬وإنمىىا كانىىم بسىىي‬ ‫بالتسىىاوي مىىع الرنىىل‪ ،‬والتفرقىىة لىىم ت ىىن بسىىي‬
‫فق وكان من نتائج ه ه التفرقة صيانة كرامة المرأة واحترام شخصيتها‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ ‬أباب اإلسالم للمرأة أن تعمل خارل بيتهىا إن كانىم ال تجىد مىن طعيلهىا‪ ،‬أو مىن أنىل‬
‫إعالىىة أبنائهىىا أو اخوتهىىا أو أهلهىىا‪ ،‬إن لىىم طكىىن لهىىم عائىىل‪ ،‬أو كىىانوا م تىىانين إلىىى‬
‫المساعد‪.‬‬

‫‪ ‬وقد حىدد اإلسىالم كلىم بمراعاتهىا عىدة شىرو ها منهىا‪ :‬أال طكىون العمىل م رمىاً‪ ،‬وأن‬
‫تلتزم داب اإلسالم عند خرونها للعمل‪ ،‬وأن ال طكون العمل علىى حسىاب وانباتهىا‬
‫كزونة وأم‪.‬‬
‫‪ ‬واإلسالم لم ط رم االختالط بين الجنسين معلقاً؛ فاللقا بين الرنال والنسا فىي كاتىه‬
‫ليس م رمًا‪ ،‬بل هو نائز أو معلوب إكا كان القصد منه المشاركة في هىدف نييىل‬
‫‪ ،‬مىىن علىىم نىىافع أو عمىىل صىىالا‪ ،‬أو مشىىرو خيىىر ‪ ،‬أو نهىىاد الزم ‪ ،‬أو غيىىر كلىىم‬
‫تعاونى ىاً مش ىىتركاً بينهم ىىا ف ىىي‬ ‫نه ىىوداً متن ىىافرة م ىىن الجنس ىىين‪ ،‬ويتعلى ى‬ ‫مم ىىا يتعلى ى‬
‫التخعي والتونيه والتنفي ‪.‬‬
‫‪ ‬وقد وضع اإلسالم له ا االختالط المباب مجموعة من النىواب تىتلخص فىي غىض‬
‫الشىىرعي ‪ ،‬والت ىزام الم ىرأة داب اإلسىىالم‬ ‫البصىىر مىىن الجنسىىين‪ ،‬والت ىزام الم ىرأة اللبىىا‬
‫عنىىد التعامىىل مىىع الرنىىال فىىي كىىل شىىي وخصوص ىًا فىىي المشىىي وال ىىالم وال ركىىة ‪،‬‬
‫كل ما ميه إثىارة ال ارئىز مىن مثىل الزينىة غيىر المباحىة وغيرهىا‪ ،‬ومنىع الخلىوة‬ ‫وتجن‬
‫بين الجنسين‪ ،‬وأن طكون اللقا في حدود ال انة فق ‪.‬‬
‫‪ ‬وااإلضافة إلى ه ا فين اإلسالم قد أباب انتما الجنسين في دور العبىادة‪ ،‬وأمىاكن‬
‫العلم‪ ،‬وميدان الجهاد‪ ،‬والمرافق العامة‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫الفصل اخلامس‬

‫النظام االقتصادي‬

‫وف ع أ بع مباحث‪:‬‬

‫ال بيث األول‪ :‬األساس العقائّس لل ظاإ االقيمادس في اإلسسإ‪.‬‬


‫ال بيث الثاني‪ :‬ال بادع العام لل ظاإ االقيمادس‪.‬‬
‫ال بيث الثالث‪ :‬خمائص ال ظاإ االقيمادس‪.‬‬
‫ال بيث الرابع‪ :‬و ال ال‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫األهداف واملهارات‬

‫م من لّ اس هذا الفمح أن تيقق األهّاف اليال ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‪:‬‬

‫‪ .1‬بيان األسس التي طقوم عليها النظام االقتصادي في اإلسالم‪.‬‬


‫‪ .2‬معرفة المباد العامة التي بني عليها نظام االقتصاد االسالمي‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان خصائص النظام االقتصادي في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .4‬التعرف على الموارد المالية للدولة اإلسالمية‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات والخبرات‬

‫‪ .1‬المقدرة عل التمييز بين نظام االقتصاد في اإلسالم وغيره من النظم األخرى‪.‬‬


‫‪ .2‬معرفة أسباب تفو ه ا النظام على غيره من النظم األخرى‪.‬‬
‫العصر‪.‬‬ ‫‪ .3‬إمكانية تعوير ه ا النظام بما يتال م مع مستجدا‬

‫‪155‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫النظام الاقتصادي في الإسلام‬


‫ىم اْلجى ى َّىن َو ْاإل ْنى ى َىس إ َّال‬
‫ان ال ى ىائن البشى ىىري مخلى ىىو لعبى ىىادة هللا عى ىىز ونى ىىل ‪َ ﴿:‬و َمى ىىا َخَلْقى ى ُ‬
‫لَي ْعُي ُدون﴾‪،1‬ول ي طقوم االنسان بيدا ه ه المهمة البد له أن ط يىي ‪ ،‬وحياتىه ب انىة الىى‬
‫هى ىىي ‪ :‬عى ىىام‬ ‫التى ىىي تعمىىىل على ىىى اس ىىتمرارها‪ ،‬وه ى ى ه المقوم ىىا‬ ‫مجموعىىىة مى ىىن المقوم ىىا‬
‫التىىي يىىتمكن بواسىىعتها مىىن‬ ‫االنسىىان‪ ،‬وش ىرابه ومسىىكنه وملبسىىه ‪ ،‬وكىىل الوسىىائل واألدوا‬
‫لتىي طسىتخدمها االنسىان فىىي‬ ‫ت نىير هى ه األشىيا أو صىنعها‪ ،‬ثىم كىىل الوسىائل واألدوا‬
‫حياتىىه اليوميىىة ‪ ،‬سىوا كانىىم ضىىرورية أو كماليىىة‪ ،‬كىىل هى ه األشىىيا خلقهىىا هللا عىىز ونىىل‬
‫يعىا﴾‪،2‬‬ ‫َّ‬
‫لإلنسان واودعها في ه ا ال ون الفسيا‪ُ :‬‬
‫﴿هَو ال ي َخَل َق َل ُ ْم َمىا فىي ْاأل َْرض َنم ً‬
‫خلقها من أنل أن تقوم عليها حياة البشر‪.‬‬

‫وعلىىى كلىىم فاإلنسىىان دائىىم السىىعي لت صىىيل قوتىىه وملبسىىه ‪ ،‬وكىىل مىىا يلىىزم حياتىىه فهىىو ال‬
‫طسىىتعيع أن يىىوفر كىىل كلىىم بنفسىىه ‪ ،‬بىىل البىىد مىىن اإلفىىادة مىىن نهىىد غيىره مىىن بنىىي البشىىر‬
‫ال ين طستفيدون هم من نهده أطا‪ ،‬وه ا النشىاط الى ي طمارسىه بنىي البشىر لل صىول علىى‬
‫حيىىاتهم بكىىل مىىا ط تويىىه مىىن أنىوا كثيىرة مىىن أنىوا المعىىامال ‪ ،‬طعىىرف النظىىام‬ ‫مسىىتلزما‬
‫هى ى ا النظ ىىام‪ ،‬ووض ىىع ل ىىه‬ ‫االقتص ىىادي ‪ ،‬واإلس ىىالم كل ىىم التشى ىريع الش ىىامل‪ ،‬ق ىىد اس ىىتوع‬
‫تشىريعاته الخاصىىة بىىه‪ ،‬انعالقىىا مىىن عقيدتىىه الواحىىدة‪ ،‬التىىي بنيىىم عليهىىا نميىىع تشىريعاته‪،‬‬
‫نىىا نظىىام االقتصىىاد اإلسىىالمي متناسىىقا مىىع غي ىره مىىن الىىنظم األخىىرى‪ ،‬ومتممىىا لهىىا‪ ،‬وال‬
‫له النجاب في التعييق إكا يق منفصالً عنها‪ ،‬ألن النظم اإلسىالمية كمىا بينىا فىي‬ ‫طكت‬
‫مقدمة ال تاب ‪ ،‬نظم شاملة ومت املة‪ ،‬ال طمكن فصل أي واحد منها عن سائرها‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌الذاريات‪‌،‬اآلية‌‪‌ 56،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬اآلية‌‪29،‬‬
‫‪156‬‬
‫المبحث الأول‬

‫الأساس العقائدي للنظام الاقتصادي‬

‫قلنىا فىىي مقدمىة هى ا الفصىل أن االنسىىان مخلىو لعبىىادة هللا‪ .‬عىز ونىىل ‪ .‬وإن العبىادة فىىي‬
‫غاطىىة الخلىىق ‪ ،‬وكىىل مىىا عىىدا كلىىم فهىىو وسىىيلة لت قيىىق ه ى ه ال اطىىة‪ ،‬والعقيىىدة فىىي التش ىريع‬
‫ال ومىؤث ًار فىي كلىم ‪ ،‬بمىا ت ىدده مىن تصىور االنسىان عىن نفسىىه‬
‫اإلسىالمي تىؤدي دو ًار فعىا ً‬
‫أن ت ىىون بينىىه واىىين راىىه وا ىىين‬ ‫وخالقىىه وال ىىون ال ى ي طعىىيح ميىىه‪ ،‬والعالقىىة التىىي طجىى‬
‫ال ون‪ ،‬فمىن المعلىوم مىن بالنىرورة فىي اإلسىالم أن كىل شىي هلل‪ :‬االنسىان وال ىون وكىل‬
‫مىا ميىه مىىن أشىيا نعرفهىىا أو ال نعرفهىا‪ ،‬وكلىم ينب ىىي أن طكىون كىىل شىي خاضىىعًا إلرادة‬
‫هللا المالم‪ .‬عزو نل‪ .‬متونهاً اليه ال يتعلع إلى رب سواه‪.‬‬
‫ومىىن ه ى ا التصىىور ينعلىىق النظىىام االقتصىىادي‪ ،‬واعتمىىادا علىىى ه ى ه العقيىىدة التىىي انعبىىع‬
‫نميىىع احكامىه وتشىريعاته ال تخىرل عىن ت قيىق أهىىداف‬ ‫بعابعهىا‪ ،‬وسىار فىي فل هىا‪ ،‬حيى‬
‫العقيىىدة اإلسىىالمية‪ ،‬وتصىىورها لإلنسىىان وعالقتىىه مىىع راىىه ومجتمعىىه‪ ،‬وال ىىون الى ي طعىىيح‬
‫ميه على كلم فالنظام االقتصادي في اإلسالم قائم على أسس عقائدطة وهي‪:‬‬
‫ىم‬
‫﴿و َّّلِل ُمْلى ُ‬
‫‪ .1‬ال لااك هلل وحااّ ‪:‬وهى ا منصىىوص عليىىه فىىي القىىرن ال ىريم لقولىىه تعىىالى‪َ :‬‬
‫السى َىم َاوا َو ْاأل َْرض َو َمىىا فىىيه َّن﴾‪،2‬‬
‫ىم َّ‬ ‫﴿ّلِل ُمْلى ُ‬‫السى َىم َاوا َو ْاأل َْرض َو َمىىا َب ْيَن ُه َمىىا﴾‪ ،1‬و َّ‬
‫َّ‬
‫الس َم َاوا َو َما في ْاأل َْرض َو َما َب ْيَن ُه َما َو َما َت ْ َم الثََّرى﴾‪.3‬‬‫و﴿َل ُه َما في َّ‬
‫ف ىىل النصىىوص السىىابقة وغيرهىىا تيىىين أن هللا تعىىالى مالىىم ه ى ا ال ىىون بمىىا ميىىه ومىىن‬
‫ميه‪ ،‬وإكا كان األمر ك لم‪ ،‬فينه طعني أن هللا تعالى هو وحىده المتصىرف فىي ملىم‪،‬‬
‫ألنه ال معنى ل قيقة الملىم إال تصىرف المالىم ميمىا ملىم‪ ،‬وعلىى كلىم ال أحىد ط ىق‬

‫‪‌1‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .17‌،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .120‌،‬‬
‫‪‌3‬سورة‌طه‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .6،‬‬
‫‪157‬‬
‫لىىه أن يتصىىرف فىىي ملىىم هللا بىىيي ونىىه مىىن الونىىوه‪ ،‬وال بكي يىىة مىىن ال ي يىىا ‪ ،‬إال‬
‫بال ي ية التي طيمر بها هو‪ .‬عز ونل‪ .‬فهىو وحىده المىار المتصىرف كمىا قلنىا‪ ،‬حيى‬
‫ىم م َّم ْىن‬ ‫َّ‬
‫ىم َم ْىن َت َشىا ُ َوَت ْنىز ُ اْل ُمْل َ‬
‫ىم اْل ُمْلىم تُ ْىؤتي اْل ُمْل َ‬
‫طقول عن نفسىه‪ُ ﴿ :‬قىل الل ُه َّىم َمال َ‬
‫ر اْل َخ ْي ُر إَّن َم َعَلى ُكل َشي َقد ٌير﴾‪.1‬‬
‫ْ‬ ‫َت َشا ُ َوتُع ُّز َم ْن َت َشا ُ َوتُ ُّل َم ْن َت َشا ُ بَيد َ‬
‫ويلىزم متلفىه بنىمانه‪ ،2‬وعلىى كلىم ف ىل‬ ‫‪ .2‬ال ال ملاك هلل‪ :‬والمىال هىو كىل مىا لىه إليمىة ُ‬
‫أو الفنىة أو أو ار النقىد كىم‬ ‫ش ي طقدر بقيمة فهىو مىال ‪ ،‬ولىيس المىال هىو الى ه‬
‫والىىدور مىىال‪ ،‬والىىزرو‬ ‫يتبىىادر إلىىى أكهىىن العامىىة‪ ،‬فىىاألرض المملوكىىة نىىال‪ ،‬واليناطىىا‬
‫مىىال ‪ ،‬وكىىل عقىىار طمل ىىه االنسىىان مىىال ‪ ،‬ومالبسىىه مىىال ‪ ،‬وكىىل شىىي طقىىدر بىىثمن ‪،‬‬
‫وي رم من اتلفه ثمنه فهو مال ‪.‬‬

‫وإكا عرفنا في الفقرة السابقة أن كل شي ملم هلل‪ ،‬ميكون المال إكاً مل ا هلل أطنا‪ ،‬وانا‬
‫عل ىىى م ىىا ككرن ىىاه ف ىىي الفقى ىرة الس ىىابقة أطن ىىا‪ ،‬ف ىىين هللا وح ىىده ه ىىو الى ى ي ل ىىه س ىىلعة ت دي ىىد‬
‫التصرف في ه ا المىال‪ ،‬وال ط ىق ألحىد بونهىه أي ونهىة كانىم إال الونهىة التىي يريىدها‬
‫هللا‪ .‬تعىىالى وال طجىىوز ألحىىد أن طن ىعه فىىي غيىىر الموضىىع الىىي حىىدده لىىه خالقىىه ومال ىىه‪.‬‬
‫سب انه وتعالى‪.‬‬

‫ال يىىاة ‪ ،‬وألنىىه هىىو العمىىود الفقىىري ألي نشىىاط اقتصىىادي فىىي أي‬ ‫وألن المىىال هىىو عص ى‬
‫مجتمع ‪ ،‬اهتم المشر به كثي اًر وأمر باستثماره‪ ،‬والم افظة عليه ‪ ،‬وعدم اضاعته ميما ال‬
‫طفيد أو يثمر‪ ،‬وحجر‪ 3‬على كل شخص ال ط سن التصرف ميه ‪ ،‬من أدلة كلم‪:‬‬

‫‪‌1‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .26،‬‬
‫‪‌2‬وهبة‌الزحيلي‌‪‌:‬الفقه‌اإلسالمي‌وأدلته‌‪.42،/4‬‬
‫‪ ‌3‬الحجر‌في‌اللغة‌هو‪‌:‬المنع‪‌،‬وفي‌الشرع‌المنع‌من‌التصرفات‌المالية‪...‬والذين‌يحجر‌عليهم‌ويمنعون‌‬
‫من‌التصرفات‌المالية‌هم‌‪‌:‬كل‌من‌كان‌به‌نقص‌في‌تصرفاته‌يمنعه‌من‌صحة‌التصرف‌في‌ماله‌‪‌...‬‬
‫راجع‌الراي‌مختار‌الصحاح‌مادة‌(ح‌ج‌ر‌)‌والشربيني‌الخطيب‌‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪.165/2‬‬
‫‪158‬‬
‫ه َل ُكا ْ َقَ اماا﴾‪ ،1‬ففىي اآلطىة‬ ‫َ‬
‫َم َواَل ُك ُ اليي َك َع َاح ُ‬
‫اء أ ْ‬
‫الب َف َه َ‬
‫﴿وَال ُت ْؤُتوا ُّ‬
‫أ‪‌ -‬قوله ‪.‬تعىالى ‪َ :‬‬
‫داللىىة علىىى ال جىىر علىىى السىىفها ومىىنعهم مىىن التصىىرف فىىي أمىوالهم‪ ،‬والسىىفها هىىم‬
‫الص ىييان الص ى ار‪ ،‬أو المجىىانين أو اليتىىامى‪ ،‬وكىىل ه ىؤال كمىىا ت ىرى ينقصىىهم حسىىن‬
‫التصرف في أموالهم ‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫ىور﴾‬
‫ان لَراىه َكُف ًا‬
‫عُ‬ ‫ىان َّ‬
‫الش ْىي َ‬ ‫ان َّ‬
‫الش َىيا ين َوَك َ‬ ‫ىانوا إ ْخ َىو َ‬ ‫ب‪‌ -‬وقوله ‪ .‬تعالى‪﴿ :‬إ َّن اْل ُمَيى ر َ‬
‫ين َك ُ‬
‫وه ا نص واضا وصريا في النهىي عىن تيى ير المىال‪ ،‬كلىم ألن هللا تعىالى قىد شىبه‬
‫المنيع لماله بدون فائدة بالشيعان ‪ ،‬ووصظ الشيعان بال فر‪.‬‬
‫يم﴾‪ ،4‬فاألموال‬ ‫َنٌر َعظ ٌ‬ ‫َّللاُ ع ْن َدهُ أ ْ‬ ‫ل‪‌ -‬وك لم قوله‪ .‬تعالى‪﴿ :‬إَّن َما أ ْ‬
‫َمَواُل ُ ْم َوأ َْوَال ُد ُك ْم ف ْتَن ٌة َو َّ‬
‫واألوالد ابىىتال لإلنسىىان وامت ىىان لىىه! مىىن أنىىل كلىىم ت ى ر ه ى ه اآلطىىة مىىن أن طفىىتن‬
‫بها‪5‬وينفقها في الفجور والفسق وما ال ائل منه‪.‬‬
‫ْم ُرو َن َّ‬ ‫َّ‬
‫َّللاُ مى ْىن‬ ‫النىىا َ باْلُب ْخىىل َوَي ْ تُ ُمىىو َن َمىىا َ َتى ُ‬
‫ىاه ُم َّ‬ ‫ين َي ْب َخُلىىو َن َوَي ىي ُ‬
‫ب‪‌ -‬قولىىه تعىىالى‪﴿ :‬ال ى َ‬
‫ين َع ى َ ًابا ُمه ًينىىا﴾‪ ،6‬وه ى ا نىىص خىىر ينهىىي عىىن البخىىل‪ ،‬ومنىىع‬ ‫َع َتى ْىدَنا لْل َ ىىافر َ‬
‫نىىله َوأ ْ‬
‫َف ْ‬
‫المال عن الم تانين‪ ،‬مما يؤدي إلى نموده وكثرة الفق ار والمعىوزين فىي المجتمىع‪،‬‬
‫وهى ه خسىىارة كييىرة لعمىىة‪ ،‬ومىن أنىىل كلىىم قىىرر هللا عىزو نىىل أن عقواىىة البخىىل هىىي‬
‫مىىع حجىىم الجريمىىة‪ ،‬وفىىي هى ا المعنىىى أطنىًا نىىا‬ ‫العى اب المهىىين‪ ،‬فىىالج از يتناسى‬
‫َّللا‬
‫ون َهىىا فىىي َسىىييل َّ‬ ‫ين َط ْ نى ُىزو َن الى َّ َه َ َواْلف َّ‬ ‫قولىىه تعىىالى نىىل وعىىال‪َّ :‬‬
‫نى َة َوَال ُي ْنفُق َ‬ ‫﴿والى َ‬
‫َ‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .5،‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‌‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪30،،28/5‬‬
‫‪‌3‬سورة‌االسراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .27‌،‬‬
‫‪‌4‬سورة‌التغابن‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .15،‬‬
‫‪‌5‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪.142،/18‬‬
‫‪‌6‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .37،‬‬
‫‪159‬‬
‫ىوا ُه ْم‬ ‫َمَبشى ْىرُه ْم ب َعى َ اب أَلىىيم‪َ ،‬يى ْىوَم ُط ْ َمىىى َعَل ْي َهىىا فىىي َنىىار َن َهى َّىن َم َفتُ ْ ى َىوى ب َهىىا نَبى ُ‬
‫ىاه ُه ْم َو ُنُنى ُ‬
‫ورُه ْم َه َ ا َما َكَن ْزتُ ْم أل َْنُفس ُك ْم َف ُ وُقوا َما ُك ْنتُ ْم َت ْ ن ُزو َن﴾‪.1‬‬ ‫ظ ُه ُ‬ ‫َو ُ‬

‫ه ا‪ ،‬واالنظر في األمثلة السابقة يتنا لنا أنهىا نميعىا تنهىى عىن إهىدار اإلنسىان لمىوال‬
‫نفسىىه‪ ،‬وإنفاقهىىا بىىالعر غيىىر المفيىىدة‪ ،‬ومىىن كلىىم نقىىول إن اإلسىىالم يرمىىي إلىىى الم افظىىة‬
‫علىىى المىىال‪ ،‬وال ىىرص عليىىه مىىن الهىىالر‪ ،‬بىىل ويونهنىىا علىىى عىىدم التصىىرف ميىىه بعىىر‬
‫ال ىىح والخىىدا ‪ ،‬واالعتىىدا علىىى أم ىوال ال يىىر‪ ،‬أو بىىيي ريىىق خىىر غيىىر مشىىرو ‪ ،‬فنهىىى‬
‫‪2‬‬
‫ْكُلوا‬ ‫َّللاُ اْلَي ْي َىع َو َح َّىرَم الرَاىىا ﴾ ‪،‬وعىن كىل أمىوال النىا بالبا ىل ﴿ َوَال َتىي ُ‬ ‫َّ‬ ‫َحى َّىل‬
‫عىن الراىا ﴿ َوأ َ‬
‫ىاإل ْثم َوأ َْنىىتُ ْم‬ ‫َم َىوال َّ‬
‫النىىا ب ْ‬ ‫ىىل َوتُ ْىدُلوا ب َهىىا إَلىى اْل ُ َّ ىىام ل َتىي ُ‬
‫ْكُلوا َفر ًيقىا مى ْىن أ ْ‬ ‫َم َىواَل ُ ْم َب ْي َىن ُ ْم باْلَبا‬
‫أْ‬
‫ع ُعوا أ َْي ىىدَي ُه َما ﴾‪ ،4‬هى ى ا‬
‫الس ىىارَق ُة َف ىىا ْق َ‬
‫‪3‬‬
‫َت ْعَل ُم ىىو َن ﴾ وكى ى لم نه ىىى ع ىىن الس ىىرقة ﴿ َو َّ‬
‫الس ىىار ُ َو َّ‬
‫باإلضىافة الىى نىواه كثيىرة فىي القىرن والسىىنة تمنىع كىل اعتىدا علىىى المىال‪ ،‬باإلضىافة إلىىى‬
‫المكلفىىين علىى زيىىادة المىال‪ ،‬واسىىتثماره وتنميتىه‪ ،‬حتىىى‬ ‫أخىىرى‪ ،‬ال اطىة منهىىا حى‬ ‫تونيهىا‬
‫من االنتفا به وكلم من مثل‪:‬‬ ‫يتمكن من أكير قدر من النا‬

‫أ‪‌ -‬إعمال األموال وعدم إهماله ‪:‬وكلم كما في قوله ‪" :‬من أحيا أرضىاً مواتىاً فهىي‬
‫هي ما طعىرف بي ارضىي الدولىة األميريىة‪ ،‬فقىد أبىاب اإلسىالم‬ ‫له"‪ 5‬واألرض الموا‬
‫ل ىىل فىىرد طمكنىىه أن طسىىت ل أ ارضىىي الدولىىة اليىىور عىىن ريىىق إعمارهىىا‪ ،‬أبىىاب لىىه‬
‫تمل ها إكا لم طكن في كلم اعتدا على الصالا العام واضرار به‪.6‬‬

‫‪‌1‬سورة‌التوبة‪‌،‬اآليتان‌‪‌ .35،34،‬‬
‫‪‌2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .275،‬‬
‫‪‌3‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .188،‬‬
‫‪‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .38،‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌البخاري‌‪‌ .328/2‬‬
‫‪‌6‬المودودي‪‌:‬االختيار‪‌،66/3‬حاشية‌الدسوقي‪،66/4‌،‬حاشية‌قليوبي‌وعميرة‪‌،87/3:‬البهنوتي‪‌:‬كشناف‌‬
‫القناع‌‪.185/4‌،‬‬
‫‪160‬‬
‫وفي كلم إشارة الى استثمار األموال وتش يلها‪ ،‬وعىدم اهمالهىا‪ ،‬فتىزداد الثىروة االقتصىادطة‬
‫طخدمون بها أنفسهم ومجتمعهم‪.‬‬ ‫مجاال‬ ‫في البالد‪ ،‬وتقل البعالة‪ ،‬ويجد أحاب العاقا‬

‫والفىىي وال نيمىة فىىي أيىدي بقىىة معينىة مىىن‬ ‫ب‪‌ -‬عىدم تركيىىز األمىوال العامىىة كالصىدقا‬
‫النىا ‪ ،‬وتوزيعهىا علىى كافىة الم تىانين فىي المجتمىع ‪،‬ويىدل علىى هى ا قولىه تعىالى‪:‬‬
‫ىامى‬
‫ل َول َّلرُس ىىول َولى ى ي اْلُق ْرَا ىىى َواْلَي َت ى َ‬ ‫َه ىىل اْلُق ى َىرى َ َّ‬
‫َّللاُ َعَل ىىى َرُس ىىوله م ى ْىن أ ْ‬
‫﴿م ىىا أََف ىىا َ َّ‬
‫َ‬
‫‪1‬‬
‫َغنَيا م ْن ُ ْم﴾ ‪ ،‬فقوله تعالى‪" :‬كىي‬ ‫السييل َك ْي َال َط ُ و َن ُدوَل ًة َب ْي َن ْاأل ْ‬‫َواْل َم َساكين َو ْابن َّ‬
‫ال طكىىون دولىىة بىىين األغنيىىا مىىن م" معنىىاه أن األم ىوال ال ينب ىىي أن تتىىداولها أيىىدي‬
‫األغنيىىا فقى ‪ ،‬وي ىىرم منهىىا المعىىوزون مىىن الفقى ار ‪ ،‬بىىل ال بىىد أن طكىىون لهىىم نصىىي‬
‫فيها فيتمكن كل منهم من استخدام نصيبه في عمل انتاني في المجتمع‪ ،‬طقول ابن‬
‫كثير في تفسيره تعقيباً على قوله تعالى‪﴿ :‬كي ال طكىون دولىة بىين األغنيىا مىن م﴾‪،‬‬
‫عليه ىىا‬ ‫طق ىىول‪" :‬أي نعلن ىىا هى ى ه المص ىىارف لم ىىال الف ىىي ك ىىي ال يبق ىىى ميكل ىىة يت لى ى‬
‫واآل ار ‪ ،‬وال طصىىرفون منه ىا شىىيئا إلىىى‬ ‫األغنيىىا ‪ ،‬ويتص ىرفون فيهىىا بم ىىض الشىىهوا‬
‫الفق ار "‪.2‬‬

‫ه ا وكل ما سلظ ككره من نواه عىن إضىاعة المىال أو إهىداره‪ ،‬أو أوامىر للم افظىة عليىه‬
‫وتثميىره واسىىت الله‪ ،‬كىىل كلىم طمثىىل ونهىىة نظىر اإلسىىالم فىىي المىال‪ ،‬وفىىي كي يىىة التصىىرف‬
‫به‪ ،‬فاّلِل تعالى‪ .‬مالم ه ا المال‪ ،‬وهو ال ي أقر كلم‪ ،‬ووننا إليه‪.‬‬

‫ول ىىن قىىد طظىىن الىىبعض أن التشىريع اإلسىىالمي ينىىاقض نفسىىه حينمىىا طقىىول بىىين المىىال هىىو‬
‫في ن‬ ‫ملم هلل‪ ،‬ثم طقر بعد كلم بمل ية األفراد له‪ ،‬ف يف طكون المال مملوكًا هلل وللنا‬
‫واحد‬

‫‪‌1‬سورة‌الحشر‪‌/‬من‌اآلية‌‪.7‬‬
‫‪‌2‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌القرآن‌العظيم‌‪.336/4‬‬
‫‪161‬‬
‫للرد على ه ا التساال‪ ،‬وإلزالة كلم اللبس نقول‪ :‬إن المالىم األصىيل ل ىل شىي هىو هللا‪.‬‬
‫تعىىالى‪ .‬ومل ىىه ه ى ا ملىىم خلىىق وإطج ىاد وويمنىىة وتسىىخير‪ ،‬وه ى ه المل يىىة ال تتىىيثر بال يىىازة‬
‫الملىىم لمىىن طشىىا‬ ‫والتصىىرف‪ ،‬فهىىو الخىىالق ل ىىل شىىي ‪ ،‬والمهىىيمن علىىى كىىل شىىي ‪ ،‬يهى‬
‫ىم م َّمى ْىن‬ ‫َّ‬
‫ىم َمى ْىن َت َشىىا ُ َوَت ْنىىز ُ اْل ُمْلى َ‬
‫ىم اْل ُمْلىىم تُى ْىؤتي اْل ُمْلى َ‬
‫وينزعىىه ممىىن طشىىا ‪ُ ﴿...‬قىىل الل ُهى َّىم َمالى َ‬
‫َت َشا ُ ﴾‪.1‬‬

‫أمىىا مل يىىة األفىراد فهىىي مل يىىة واقىىع‪ ،‬وهى ه المل يىىة ال تتىىيثر بال يىىازة والتصىىرف‪ ،2‬أي أن‬
‫ملم األفىراد للشىي غيىر مسىتقر وغيىر ثابىم‪ ،‬فقىد يييىع االنسىان مىا طملىم ‪ ،‬فينتقىل مل ىه‬

‫إلى المشتري ‪ ،‬وقد يهدي ما عنده ل يره ‪ ،‬ميصبا ُ‬


‫المهدى إليىه هىو المالىم ‪ ،‬وقىد طمىو‬
‫المالم ‪ ،‬فينتقل مل ه لورثته‪ ،‬وهك ا فين ملم األفراد يتيثر باختالف تصرفاتهم‪.‬‬

‫عقيدة المسلم أن الدنيا ليسم هىي هدفىه‬ ‫‪ .3‬الّن ا وسول ال غام ‪ :‬ه ا ومن مقتنيا‬
‫ال اطىة‬ ‫وغايته‪ ،‬بل هي وسيلة يىتمكن مىن خاللهىا الوصىول إلىى هدفىه وغايتىه‪ ،‬حيى‬
‫كمىىا قلنىىا هىىي ةبىىادة هللا‪ .‬سىىب انه وتعىىالى‪ .‬وال ىىوز علىىى رضىىاه ‪ ،‬فىىيكا علىىم اإلنسىىان‬
‫كلىىم وأطقنىىه ‪،‬و أكعىىن لىىه فىىال بىىد أن يىىؤثر علىىى كىىل نشىىاط لىىه فىىي حياتىىه ومىىن كلىىم‬
‫النشىىاط االقتصىىادي ‪ ،‬فىىال طجعىىل االنسىىان المىىال غايتىىه‪ ،‬ألنىىه طعىىرف أن ال اطىىة هىىي‬
‫العبىىادة‪ ،‬والمىىال وسىىيلة لهىىا ‪ ،‬وال طجعىىل التقىىدم المىىادي والصىىناعي كىىل همىىه‪ ،‬وهدفىىه‬
‫ف ىىي ال ي ىىاة ‪ ،‬ميععي ىىه ك ىىل وقت ىىه ونه ىىده عل ىىى حس ىىاب ةبادت ىىه‪ ،‬وينس ىىى أن العبى ىادة‬
‫أن طكون وسيلة لها وغيىر‬ ‫وحدها هي الهدف ‪،‬و أن التقدم العلمي والصناعي طج‬

‫‪‌1‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬من‌اآلية‌‪.26‬‬
‫‪‌2‬سالم‌مدكور‪‌:‬نظرية‌اإلباحة‌ص‌‪‌ .361‬‬
‫‪162‬‬
‫متعارض معها‪ ،‬فالمفروض أن طكون نشاط المسلم االقتصىادي متناسىقاً مىع عقيدتىه‬
‫وشريعته ‪ ،‬ال طخالفها في شي ‪ ،‬كلم ألن كل ما نقض الشريعة فهو با ل‪.1‬‬

‫فائدة نسبة المال إلى هللا وإلى مالكيه من البشر‪:‬‬


‫قلنىىا مىىن قيىىل إنىىه ال تنىىاقض بىىين نسىىبة مل يىىة المىىال هلل سىىب انه وتعىىالى ونسىىيته للبشىىر‪،‬‬
‫ونقىىول هنىىا إن االزدوال فىىي نسىىبة مل ىىي المىىال هلل تعىىالى وللبشىىر مع ىًا لىىه مجموعىىة مىىن‬
‫الفوائد هي‪:‬‬

‫الفائاّة األولااج‪ :‬فىىي نسىبة المىىال هلل عىز ونىىل ضىمان السىىتخدامه فىي نفىىع خلقىه‪ ،‬وكى لم‬
‫تونيهاته كما بينا سابقًا‪.‬‬ ‫ضمان الستخدامه بال ي ية التي أرادها هو‪ ،‬وحس‬

‫وفي إضافته الى البشر ضمان وشارة الى ضرورة انتفا كل واحد منه بما مل ه هللا إطىاه‬
‫من أموال ن فاإلنسان ال طمكنه االنتفا بمىا طمل ىه غيىره‪ ،‬بىل ال ينتفىع اال بمىا يىدخل فىي‬
‫مل ه هو‪.‬‬

‫الفائااّة الثان ا ‪ :‬لقىىد أقىىر هللا تعىىالى مل يىىة األفىراد لعمىوال رغىىم أنىىه مال هىىا‪ ،‬كىىي ال تظىىل‬
‫ه ى ه األم ىوال مشىىاعاً تنهيهىىا األيىىدي بىىدون مسىىؤولية‪ ،‬فىىيععى كىىل فىىرد حصىىته مىىن ه ى ا‬
‫﴿وَال َتى ىىزُر َوازَرةٌ وْزَر‬
‫المى ىىال‪ ،‬وق ى ىىرر أن االنسى ىىان مسى ىىئوال ع ى ىىن حصى ىىته لقولى ىىه ‪.‬تعى ىىالى‪َ :‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫ُخى َىرى﴾ ‪ ،‬وقولىىه‪َ ﴿ :‬و ُكى َّىل إ ْن َسىىان أَْلَزْمَنىىاهُ َ ىىائَرهُ فىىي ُعُنقىىه ﴾ ‪ ،‬وقولىىه‪ُ :‬‬
‫﴿كى ُّىل َنْفىىس ب َمىىا‬ ‫أْ‬
‫َك َسَي ْم َره َين ٌة﴾‪ ،4‬وأن ه ه المسىؤولية ضىمان ل فى هى ه األمىوال‪ ،‬وعىدم تيديىدها‪ ،‬وكى لم‬
‫ضمان الستخدامها في الونهة المشروعة لها‪.‬‬

‫‪‌1‬الشاطبي‪‌:‬الموافقات‌‪.231/2‬‬
‫‪‌2‬سورة‌فاطر‪‌،‬من‌اآلية‌‪.18‬‬
‫‪‌3‬سورة‌اإلسراء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.13‬‬
‫‪‌4‬سورة‌المدثر‪‌،‬من‌اآلية‌‪.38‬‬
‫‪163‬‬
‫الفائّة الثالث ‪ :‬وهي نسبة المىال للبشىر مسىايرة لفعرتىه‪ ،‬ألن االنسىان مفعىور علىى حى‬
‫ىال ُحًّبىىا َن ًّمىىا﴾‪ ،1‬واىى لم ال طشىىعر االنسىىان بال رمىىان أو ال ي ىىم‪،‬‬
‫المىىال‪َ ﴿ :‬وتُ ُّيىىو َن اْل َمى َ‬
‫وك لم فينه يتمكن من استخدام مواوبه وخيراته في استثماره واالنتفا به‪ ،‬هىو وغيىره مىن‬
‫‪2‬‬
‫أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌الفجر‪‌،‬من‌اآلية‌‪.20‬‬
‫‪‌2‬محمد‌عبد‌هللا‌العربي‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪104‬‬
‫‪164‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫المبادئ العامة للنظام الاقتصادي‬


‫السىابق يتيىين لنىا أن نظىىام‬ ‫انعالقىا مىن األسىس العقائدطىة التىي ت ىدثنا عنهىىا فىي المب ى‬
‫االقتصىىاد اإلسىىالمي نظىىام يتميىىز عىىن غي ىره مىىن األنظمىىة االقتصىىادطة‪ ،‬مباإلضىىافة الىىى‬
‫القىادم‪،‬‬ ‫خصائصه التي تميزه عن غيره من األنظمة ن والتي سنت دث عنها في المب‬
‫هنىىار مبىىاد عامىىة راعاهىىا هى ا النظىىام نظى ار لمراعاتىىه لفعىرة البشىىر وتونهىىاتهم‪ ،‬وحرصىىا‬
‫منه على تليية حاناتهم‪ ،‬ورفع ال رل عنهم‪ ،‬وه ه المباد هي‪:‬‬
‫‪ .1‬إقرار اإلسالم لميدأ حرية العمل‪.‬‬
‫‪ .2‬إقرار حق المل ية الفردطة‪.‬‬
‫‪ .3‬تشريع نظام المواري ‪.‬‬

‫أولا‪ :‬حرية العمل‬


‫(الفرد في نظر الشريعة كائن حىي مسىؤول)‪ 1‬فىاّلِل عىز ونىل طقسىم علىى ان االنسىان حىر‬
‫ين﴾‪ ،2‬وفىي هى ا‬ ‫َّ‬
‫ين أ ُْرس َل إَل ْيه ْم َوَلَن ْسيََل َّن اْل ُم ْرَسل َ‬
‫مسؤول ‪ ،‬ويؤكد كلم بقوله ﴿ َفَلَن ْسيََل َّن ال َ‬
‫طقىول النسىفي فىي تفسىىيره‪" :‬ومعنىى السىؤال والتىوايا والتقريىىع والتقريىر‪ ،‬إك فىاهوا بيلسىىنتهم‪،‬‬
‫َّ‬
‫"فلنسيلن"‪.‬‬ ‫(الالم) في قوله تعالى‪:‬‬ ‫وشهد عليهم انيابهم"‪،3‬حي‬

‫تفيد القسم‪ ،‬ونىي بهىا لتوكيىد مسىؤولية االنسىان عىن عملىه‪ 4‬وكىون اإلنسىان مسىؤوال عىن‬
‫عىىن‬ ‫عملىىه فىىين هى ا طعنىىي أنىىه حىىر‪ 5‬ألنىىه لىىيس مىىن العىىدل أن ُطسىىيل االنسىىان أو ط اسى‬

‫‪ ‌1‬الدريني‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‌‪.500‬‬
‫‪‌2‬سورة‌األعراف‪‌،‬اآلية‌‪‌ .6‬‬
‫‪‌3‬تفسير‌النسفي‌‪‌ .45/2‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ .164/7‬‬
‫‪ ‌5‬الدريني‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‪.500‬‬
‫‪165‬‬
‫ىم‬
‫فعىىل لىىم طكىىن لىىه إرادة فىىي القيىىام بىىه‪ ،‬وهللا عىىز ونىىل من ىزه عىىن ظلىىم العبىىاد ﴿ َو َمىىا َرُّاى َ‬
‫ظ َّالم لْل َعييد﴾‪ ،1‬وكان لزامًا أن طكون االنسان ح ًار حتى ُطسيل عن عمله ‪ ...‬ول ن حرية‬ ‫بَ‬
‫الفرد في اإلسالم ليسم هي تلم ال رية المعلقة المتعىارف عليهىا غراىًا‪ ،‬بىل حريىة مقيىدة‬
‫بما ُكلظ به االنسان من أوامر ونواه شرةية‪ ،‬تمنعه من االضرار بنفسه وا يره‪.2‬‬

‫اكًا فاإلنسان حر‪ ،‬وانا على ه ا فله ال رية في اختيار العمل ال ي يناسىبه ويىتال م مىع‬
‫مقدرته اليدنية والعقلية والمالية‪ ،‬والتشريع اإلسالمي قد قرر كلم وأباحه له‪.‬‬

‫األدلة على حرية العمل في اإلسالم‪:‬‬

‫يعىىا﴾‪ ،3‬والتسىىخير‬‫السى َىم َاوا َو َمىىا فىي ْاأل َْرض َنم ً‬ ‫‪ .1‬قولىىه تعىىالى ﴿ َو َسى َّ‬
‫ىخَر َل ُ ى ْىم َمىىا فىىي َّ‬
‫هىىو التى ليل والتسىىهيل‪ ،4‬وفىىي هى ا الىىنص امتنىىان مىىن هللا عىىز ونىىل علىىى ةبىىاده بمىىا‬
‫أو في األرض‪،5‬ونعل ه ه المنىافع التىي ال‬ ‫سخر لهم من منافع‪ ،‬سوا في السما‬
‫سهلة ميسورة‪ ،‬طستعيع البشر استخدامها لنفعهم دون عنا‪ ...‬وعلىى كلىم فىيكا كانىم‬
‫ه ه الن عم ال ثيرة قد أبي م للبشر‪ ،‬وان كل واحد منهم ال طسىتعيع أن طسىتعمل هى ه‬
‫النعم نميعا على انفراده ‪ ،‬فىين هى ا يىدل علىى أن كىل فىرد مخيىر فىي انتقىا مىا يىراه‬
‫مناسبًا من ه ه النعم‪ ،‬طمار من خالله نشا ه االقتصادي ال ي يراه مناسبًا له ‪.‬‬
‫َّللاُ َع َمَل ُ ى ْىم َوَرُسىىوُل ُه َواْل ُم ْؤمُنىىو َن َو َسىىتَُرُّدو َن إَلىىى‬
‫اع َمُل ىوا َف َسى َىي َرى َّ‬
‫‪ .2‬قولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬وُقىىل ْ‬
‫الشى ى َىه َادة َفُيَنيى ى ُىئ ُ ْم ب َمى ىىا ُك ْنى ىىتُ ْم َت ْع َمُلى ىىو َن ﴾‪ ،6‬فى ىىي ه ى ى ا الى ىىنص خعى ىىاب‬‫َعى ىىالم اْل َ ْي ى ى و َّ‬
‫َ‬

‫‪‌1‬سورة‌فصلت‪‌،‬من‌اآلية‌‪.46‬‬
‫‪‌2‬الدريني‪‌:‬نفس‌السابق‪.‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الجاثية‪‌،‬من‌اآلية‌‪.13‬‬
‫‪‌4‬الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‌مادة‌(س‌خ‌ر)‪.‬‬
‫‪‌5‬ابن‌كثير‌تفسير‌القرآن‌العظيم‌‪.148/4‬‬
‫‪‌6‬سورة‌التوبة‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.105‬‬
‫‪166‬‬
‫للجميىىع‪1‬بالعمىىل‪ ،‬والىىنص لىىم ط ىىدد عم ىالً معينىاً‪ ،‬فىىاللف طعىىم كىىل عمىىل ‪ ،‬وعلىىى كىىل‬
‫انسان أن طختار مايراه مناسبًا لىه مىن األعمىال ‪ ،‬ولىيعلم أن هللا معلىع عليىه ومراإلبىه‬
‫‪ ،‬وسيجازيه على ه ا العمل ال ي اختاره لنفسه‪.‬‬
‫َّللا﴾‪،2‬‬
‫نىىل َّ‬
‫الصى َىالةُ َف ْان َتشى ُىروا فىىي ْاأل َْرض َو ْاب َت ُ ىوا مى ْىن َف ْ‬
‫‪ .3‬قولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬فىىي َكا ُقنىَىيم َّ‬
‫وه ا دليل على إباحة اختيار اإلنسان ألي عمل مباب إكا أدى ما عليه من ةبادة‪.‬‬
‫ام ُشىوا فىي َمَناكي َهىا َو ُكُلىوا م ْىن رْزقىه‬ ‫َّ‬
‫ض َكُلىوًال َف ْ‬
‫‪ .4‬قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬هَو ال ي َن َع َل َل ُ ُم ْاأل َْر َ‬
‫ىور﴾‪ ،3‬فاآلطىىة تيىىيا ل ىىل انسىىان ان طفىىتح فىىي ننبىىا ه ى ه األرض التىىي‬ ‫َوإَل ْيىىه ُّ‬
‫الن ُشى ُ‬
‫عما يناسبه من عمل ورز ‪.‬‬
‫كللها هللا تعالى له َّ‬

‫لماذا قرر اإلسالم حرية العمل ؟‬


‫لقّ قر اإلسسإ حري الع ح لييقوق الفوائّ اليال ‪:‬‬

‫‪ .1‬ال فىىاظ علىىى ك ارمىىة االنسىىان وعىىدم أسىىر حريتىىه عىىن ريىىق تقييىىده بالقيىىام بيعمىىال‬
‫م ىىددة‪ :4‬قلنىىا ميمىىا سىىيق إن اإلنسىىان كىىان حىىر مسىىؤول‪ ،‬وإنىىه مفعىىور علىىى كلىىم‪،‬‬
‫فاإلنسان دائم التعلع الى ال رية فىي كىل تصىرفاته‪ ،‬ويكىره أن طكىون مقيىداً بىيي نىو‬
‫مىىن أن ىوا القيىىود‪ ،‬وعليىىه‪ ،‬فعىىدم تقريىىر ه ى ا الميىىدأ يىىؤدي إلىىى إهىىدار ك ارمىىة االنسىىان‬
‫وأسر حريته‪ ،‬وتشييهه باليهيمة العجمىا التىي تلىزم بعمىل م ىدد لهىا‪ ،‬واإلسىالم طىيبى‬
‫على االنسان أن طكون ك لم‪.5‬‬
‫االنسان واست اللها‪ :‬كل فرد مني بني االنسان له اقته الخاصىة‬ ‫‪ .2‬تنمية مواه‬
‫ولىىه امكانيتىىه العقليىىة المتمي ىزة‪ ،‬ثىىم إن ل ىىل إنسىىان نىىزو إلىىى القيىىام بعمىىل مىىا‪،‬‬

‫‪‌1‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌،252/8‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌القرآن‌العظيم‌‪.386/2‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الجمعة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.10‬‬
‫‪‌3‬سورة‌االملك‪‌،‬من‌اآلية‪.15‬‬
‫‪ ‌4‬عبد‌الكريم‌زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪.238‬‬
‫‪‌5‬الدريني‪‌:‬خائص‌لتشريع‌اإلسالمي‌‪‌،‬ص‌‪‌،‌500‬زيدان‌‪‌:‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌ .238‬‬
‫‪167‬‬
‫أن طكىون ييبىاً او مهندسىاً أو‬ ‫وعزوف عن القيام ب يره‪ ،‬فلىيس كىل واحىد ط ى‬
‫مزارعًا أو صانعًا‪.‬‬

‫وانا على كلم فقد ت لظ انسان بالقيام بعمىل مىا‪ ،‬فىال طكىون هى ا العمىل مناسىبًا لمقدرتىه‬
‫العنلية‪ ،‬فال يتقنىه ‪ ،‬أو قىد ت لفىه بعمىل ال يناسىبه إنمىا يىتقن العمىل الى ي يهىواه ويناسى‬
‫ف ره‪ ،‬ميجد نفسه اد ًار على أن ييد في ه ا العمل‪ ،‬وينتج أكثر وأكثر ألنه ط به‪.1‬‬

‫وانا على ما سيق ‪ ،‬فين اختيار االنسان لعله هو وسيلة متميزة لتنمية مواوبه ودافعًا له‬
‫للنشاط واإلنتال االقتصادي ‪ ،‬ميستفيد هو‪ ،‬ويستفيد منه المجتمع‪.2‬‬

‫حرية العمل في اإلسالم مقيدة بعدم االضرار بالغير‪:‬‬


‫من القواعد المقررة في اإلسالم أن (حق ال ير م اف عليىه شىرعًا)‪ 3‬وأنىه‪( :‬ال ضىرر وال‬
‫ضىىرار)‪ 4‬ومىىن هنىىا طقىىول أن اإلس ىىالم عنىىدما سىىما ب ريىىة العم ىىل سىىما بهىىا فىىي ح ىىدود‬
‫معينىىة‪ ،‬فلإلنسىىان ان طختىىار عملىىه المناس ى ‪ ،‬ولىىه أن طمارسىىه بالعريقىىة التىىي ت لىىو لىىه‪،‬‬
‫ول ن ه ا االختيار وه ه ال رية تتوقظ عندما ييدأ االسىان بيضىرار نفسىه أو غيىره‪ ،‬وعىن‬
‫ريىق اختيىاره لعملىىه‪ ،‬أو ممارسىته لىىه‪ ،‬كلىم ألن المصىىالا العامىة مقدمىىة علىى المصىىالا‬
‫الخاصة‪.5‬‬

‫من أنل كلىم‪ ،‬ول ىي ال طنىر االنسىان ب يىر عنىد القيىام بعملىه‪ ،‬نىرى التشىريع اإلسىالمي‬
‫َّللاُ اْلَي ْيى َىع‬
‫َحى َّىل َّ‬
‫طمنىىع مىىن القيىىام بكىىل عمىىل يىىؤدي إلىىى كلىىم النىىرر مثىىل ت ىريم الراىىا ﴿ َوأ َ‬

‫‪‌1‬زيدان‌المرجع‌السابق‪‌ .‬‬
‫‪ ‌2‬الدريني‌‪‌:‬خصاص‌التشريع‌اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‌‪‌ .200‬‬
‫‪‌33‬الشاطبي‪‌:‬الموافقات‪.242/2‬‬
‫‪‌44‬الحاكم‪‌:‬المستدرك‌على‌الصحيحين‌‪،66/2‌،‬ح‌‪‌،2345‬وقال‌الحاكم‌إنه‌على‌شرط‌مسلم‪.‬‬
‫‪‌5‬زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌،238‬الدريني‌‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌ص‌‪‌،500‬العربي‪‌:‬الننظم‌‬
‫اإلسالمية‌ص‌‪‌، 163‬محمد‌فاروق‌النبهان‪‌:‬االتجاه‌الجماعي‌في‌االقتصاد‌اإلسالمي‌ص‌‪.127‬‬
‫‪168‬‬
‫َو َح َّىرَم الرَاىا﴾‪ ،1‬ومثىل األمىىر بانتنىاب الخمىر والقمىار بيعىاً وشىرااً ﴿إَّن َمىا اْل َخ ْم ُىر َواْل َم ْيسى ُىر‬
‫ىان َتنُيوهُ﴾‪ ،2‬ومىن مثىل ت ىريم ال ىح‪" :‬مىىن‬ ‫عان َف ْ‬ ‫ىس م ْىن َعمىل َّ‬
‫الش ْىي َ‬ ‫َزال ُم ر ْن ٌ‬
‫ىاب َو ْاأل ْ َ‬
‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫َو ْاأل َْن َ‬
‫غشنا فليس منا"‪...3‬الا كلم مما حرمه التشريع اإلسالمي‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬الملكية الفردية‬


‫عنىىد حىىديثنا علىىى األسىىس العقائدطىىة لنظىىام االقتصىىاد فىىي اإلسىىالم‪ ،‬قلنىىا إن هللا تعىىالى هىىو‬
‫المالىىم ال قيقىىي لل ىىون بمىىا ميىىه ومىىن ميىىه‪ ،‬وقلنىىا إن ه ى ا األمىىر ال يتنىىاقض مىىع مل يىىة‬
‫األفىراد لمىا طمل ىون‪ ،‬كلىم ألن ملىم هللا عىز ونىىل ملىم خلىق وإطجىاد‪ ،‬أو هىو ملىم حقيقىىي‬
‫لعش ىىيا ‪ ،‬ول ىىن مل ىىم البش ىىر أم ىىر واق ىىع‪ ،‬أو ه ىىو مل ىىم مج ىىازي‪ ...‬وعل ىىى كل ىىم فق ىىد أب ىىاب‬
‫اإلسىىالم المل يىىة الفردطىىة لمىىا فيهىىا مىىن تلييىىة لميىىول االنسىىان ورغباتىىه‪ ،‬وحرص ىاً منىىه علىىى‬
‫االنتفا بموارد ال ون ‪ ،‬وتنميتها ‪ ،‬وعدم إهمالها وتيديدها‪ ،‬ومن ثَ َّىم تىداولها بىين األيىدي‪،‬‬
‫فينتفع بها أكير قدر من الخلق‪.‬‬

‫تعريف الملكية‪:‬‬
‫الفقها واألصوليين من علما المسلمين القدامى والم ثىين للمل يىة‪،‬‬ ‫تعريفا‬ ‫لقد كثر‬
‫معىىول بعن ىوان (المل يىىة فىىي‬ ‫استعرضىىها نميع ىًا الىىدكتور عيىىد السىىالم العبىىادي فىىي ب ى‬
‫الش ىريعة اإلسىىالمية) وخلىىص مىىن ه ى ه الد ارسىىة علىىى تعريىىف المل يىىة بينهىىا‪( :‬اختصىىاص‬
‫إنسان بشي طخوله شرعاً االنتفا والتصرف ميه وحده ابتدأ إال لمانع)‪.4‬‬

‫ومعنىىى ه ى ا التعريىىف هىىو أن تخ ىتص بشىىي مىىا ال طشىىاركم ميىىه أحىىد‪ ،‬وأن اختصاصىىم‬
‫التىي أباحهىا الشىار عىز‬ ‫به ا الشي طععيىم حىق التصىرف بىه كمىا تشىا فىي المجىاال‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‪.275‬‬
‫‪‌2‬سورة‌المائدة‌‪‌،‬من‌اآلية‪.90‬‬
‫‪‌3‬صحيح‌مسلم‌‪‌،99/1‬ح‌‪.101‬‬
‫‪ ‌4‬عبد‌السالم‌العبادي‪‌:‬الملكي‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌‪‌ .150/1‬‬
‫‪169‬‬
‫ونل إال أن يوند مانع شرعي طمنعم من االنتفا بهى ا الشىي الخىاص بىم‪ ،‬كىين ت ىون‬
‫مرهونىا عنىىد غيىىرر‪ ،‬أو أن طكىىون قىىد تعلىىق بىىه حىىق ليىىرر بييىىع أو إنىىارة‪ ،‬أو أن ت ىىون قىىد‬
‫استعملته بعريقة أضر ب يرر ‪ ...‬إلا‪.‬‬

‫أدلة مشروعية الملكية الفردية في الإسلام‪:‬‬


‫ونستدل لها من القرن والسنة بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ق ىىال تع ىىالى‪ ﴿ :‬أََوَل ى ْىم َي ى َىرْوا أََّن ىىا َخَلْقَن ىىا َل ُهىى ْىم م َّم ىىا َعمَل ى ْىم أ َْيىىىد َينا أ َْن َع ً‬
‫ام ىىا َف ُه ى ْىم َل َه ىىا‬
‫َمال ُ و َن﴾‪،1‬فه ا نص صريا على أن هللا عز ونل قد خلق األنعام للبشر لت ون‬
‫مل ًا لهم ‪ ،‬فد قرر مل يتها رغم أنه هو الخالق لها‪.‬‬

‫َح َس ُن َحتَّى َيْيُل َىغ أ ُ‬


‫َش َّىدهُ﴾‪ ،2‬ففىي‬ ‫َّ َّ‬
‫ال اْلَيتيم إال بالتي ه َي أ ْ‬
‫‪ .2‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَال َتْقَرُاوا َم َ‬
‫ه ا النص أضاف هللا تعالى المال إلى اليتيم ‪ ،‬واإلضافة تفيد الملم‪.‬‬
‫‪ .3‬واىىنفس ه ى ا المعنىىى نىىا قولىىه تعىىالى ‪َ ﴿ :‬و َسى ُىي َجَّنُي َها ْاأل َْتَقىىى (‪َّ )17‬ال ى ي ُيى ْىؤتي‬
‫َغَنىىى َع ْنى ُىه َماُلى ُىه َو َمىىا َك َس ى َ ﴾‪ ،4‬ففىىي هىى ه‬ ‫َماَلى ُىه َي َتَزَّكىىى﴾ ‪،‬وقىىال أطن ىاً‪َ ﴿ :‬مىىا أ ْ‬
‫‪3‬‬

‫أضىيف المىال فىي ر‬ ‫النصوص أطناً ما طفيد مل ية األموال ألصى ابها ‪ ،‬حيى‬
‫نص منها إلى مالم معهود‪.‬‬
‫مىىن نفسىىه"‪ ،5‬وونىىه الداللىىة مىىن‬ ‫‪ .4‬قىىال ‪ ":‬ال ط ىىل مىىال امىىر مسىىلم إال بعي ى‬
‫السابقة‪ ،‬ثم طقرر أن‬ ‫ه ا أنه ‪ ‬أضاف المال إلى مل ه كما في اآلطا‬ ‫ال دي‬
‫هى ا المىىال المملىىور ال ط ىىل ألحىىد إال برضىىا مال ىىه‪ ،‬وهى ا دليىىل بىىين علىىى إقىرار‬

‫‪‌1‬سورة‌يس‪‌،‬من‌اآلية‌‪.71‬‬
‫‪‌2‬سورة‌االسراء‪‌،‬اآلية‌‪.34‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الليل‪‌،‬من‌اآليتين‌‪.18،17‬‬
‫‪‌4‬سورة‌المسد‪‌،‬من‌اآلية‌‪.2‬‬
‫‪‌5‬البيهقي‪‌:‬السنن‌الكبرى‪‌،182/8،‬وصححه‌األلباني‌في‌إرواء‌العليل‌ح‌‪.1459‬س ‌‬
‫‪170‬‬
‫حق المل ية‪ ،‬ألن ص ة التصرف فىي المملىور مىا هىي إال أثىر مىن أثارهىا‪ ،‬فىيكا‬
‫لم طكن الشخص مال ًا للشي ‪ ،‬فينه ال ط ق له أن طمن ه ألحد غيره‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫فائدة إقرار مبدأ الملكية الفردية‪:‬‬
‫الفردم فوائّ م ها‪:‬‬ ‫ولل لك‬
‫‪ .1‬مسىايرة فعىرة االنسىىان‪ :‬ان اإلسىىالم ديىىن الفعىرة‪ ،‬لى لم فىىين أحكامىىه وتشىريعاته كلهىىا‬
‫و ييعىة ت ىوين الىنفس البشىرية‪ ،‬بمىا احتوتىه هى ه الىنفس مىن ميىول وشىهوا‬ ‫تتناس‬
‫بعىىر‬ ‫وتلىىم الشىىهوا‬ ‫ومشىىاعر‪ ،‬فعمىىد اإلسىىالم إلىىى إشىىبا ه ى ه الرغبىىا‬ ‫ورغبىىا‬
‫منظم ىىة ومنن ىىبعة‪ ،‬ال تفى ىري فيه ىىا‪ ،‬ميق ىىع الن ىىرر عل ىىى ال ي ىىر ن وال إفى ىراط ميق ىىع‬
‫النرر على النفس‪.‬‬
‫ان طمتلىم مىا ينىتج عىن‬ ‫أن يتميز عىن غيىره مىن البشىر ‪ ،‬وي ى‬ ‫ولما كان االنسان ط‬
‫عمله ونهده‪ ،‬فقد اباب له اإلسالم كلم ‪ ،‬أي أباب لىه تملىم كىل مىا طكسىبه بيى ل مجهىوده‬
‫وعرقه‪.1‬‬
‫السيعرة على ما حوله من مظاهر ال ون‪ :‬مثل األرض وال يوان‬ ‫ولما كان االسان ط‬
‫والجماد ‪ ...‬أباب له اإلسالم كلم بالشروط المعروفة‪.‬‬
‫ولما كان االنسان طصيو دائمىا علىى الخلىد و ىول البقىا ‪ ،‬وإلىى الرغبىة وحريتىه و دميتىه‪،‬‬
‫ولىىن طسىىتعيع أحىىد أن يتسىىل عليىىه أو طسىىتعيده‪ ،‬نظ ى اًر ل انتىىه وكفافىىه‪ ،‬واالتىىالي تنىىمن‬
‫خنو البشر لخالقهم فق ‪.2‬‬
‫من أنل ه ا الهدف كانم الدولة في اإلسالم مسؤولة عن توفير ال د األدنى من مل يىة‬
‫الم تىانين والمعىوزين‪ ،‬ومعالبىة بسىد حانىة الفقى ار‬ ‫األفراد‪ ،‬فهي مؤولة عن توفير أقوا‬
‫أو م ىوارد الدولىىة الماليىىة األخىىرى‪ ،‬حتىىى ولىىو‬ ‫والمسىىاكين‪ ،‬مىىن أم ىوال الزكىىاة أو الصىىدقا‬

‫‪ ‌1‬يوسف‌كمال‪‌،‬اإلسالم‌والمذاهب‌االقتصادية‌المعاصرة‌ص‌‪‌ .151‌،150‬‬
‫‪‌2‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌ 151‬‬
‫‪172‬‬
‫عل ىىى فن ىىول أمى ىوال األغني ىىا إن ل ىىزم األم ىىر‪ ،‬وشى ى م مى ىوارد الدول ىىة‬ ‫بف ىىرض النى ىرائ‬
‫المالية‪ ،1‬وكلم حتى ت فى موا نيها سؤال األغنيا ‪ ،‬والت لل لهم‪.‬‬

‫حماية الملكية‪:‬‬
‫إن اإلسالم ال ي أقر المل ية الفردطة باألدلة التي ككرناها سىابقاً‪ ،‬لىم طقىظ عنىد هى ا ال ىد‬
‫وض ىىع مجموعى ىىة مى ىىن‬ ‫م ىىن إباحتهى ىىا فقى ى ‪ ،‬بى ىىل فقى ى ‪ ،‬بى ىىل ت فىىىل ب مايتهى ىىا أطنى ىًا‪ ،‬حي ى ى‬
‫بىيي‬ ‫النىا‬ ‫ت ريم االعتدا على مل يا‬ ‫من أنل كلم‪ ،‬ومن ه ه التشريعا‬ ‫التشريعا‬
‫م ىىن مثىىىل الس ىىرقة ﴿ َوال خِ َّلَّلُ ار ز َوال خِ َّلَّلُ ارََز وَ َّلَّلُ رئَ زعَا َلَيرَّل َّل ايََّل زن َُِ﴾‪ ،2‬أو‬ ‫وس ىىيلة م ىىن وس ىىائل االعت ىىدا‬
‫ا‬
‫ََيبغزَّلَا ََل َُر زَلزَّلَا َل رَبَّل ََّلَالَ زو ر نََّلره َّلَّلغَ زو ر اَّلللرَُ ا َّل اَّلَ اخَل َلَ ره َ زوَّلَّلَ َه اَََّل ََّلُرنل َع َّل ر ََّل ََّلَّ َن‬
‫اق‬ ‫االحتيىىال وال ىىح ﴿ ََّيَلَيَّله َنَّلَّلُ الخَّلَّلذي َ‬
‫ابَّلرغ زو ر ﴾‪ ،3‬أو حتى لعبًا ومزاحًا لقول النيي‪" ‬ال طيخ أحدكم متا أخيىه نىادًا وال الةبىًا‪،‬‬
‫واكا أخ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه"‪.4‬‬
‫بشىىكل عىىام‪ ،‬وكىىان كلىىم واض ى ًا فىىي خعبىىة‬ ‫واالجملىىة فقىىد حىىرم المشىىر كىىل االعتىىدا ا‬
‫نىىا عىىن النيىىي‪ ‬فيهىىا "إن دمىىا كم وأم ىوال م ح ىرام علىىيكم ك رمىىة يىىومكم‬ ‫الىىودا ‪ ،‬حي ى‬
‫نفس منه"‪.6‬‬ ‫ه ا‪ ،5"..‬ومن كلم أطنا قوله ‪ "‬ال ط ل مال أمر مسلم إال عن ي‬
‫عليهم‪ ،‬وت ظ يىد كىل مىن ت ريىه‬ ‫التي ت ف أموال النا‬ ‫وااإلضافة إلى ه ه التشريعا‬
‫الملىىم نفسىىه أن يىىدفع عىىن مل ىىه إكا‬ ‫نفسىىه باالعتىىدا عليهىىا‪ ،‬فقىىد أبىىاب المشىىر لصىىاح‬
‫دون مالىىه‬ ‫دون كلىىم‪ ،‬فقىىد نىىا رسىىول ‪ " ‬مىىن مىىا‬ ‫تعىىرض ألي أكى حتىىى ولىىو مىىا‬
‫فهو شهيد"‪.7‬‬

‫‪‌1‬الجويني‪‌:‬غياث‌األمم‌من‌التياث‌الظلم‌ص‌‪‌،268‬ابن‌حزم‪‌:‬المحلى‌باألثار‪.283/4‌:‬‬
‫‪‌2‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .38‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .29‬‬
‫‪‌4‬البيهقي‪‌:‬السنن‌الكبرى‪‌،99/6‌،‬ح‌‪‌،11279‬وحسنه‌األلباني‌في‌إرواء‌العليل‌ح‪‌ .1518‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌مسلم‌‪‌،889/2‬ح‪‌ .1218‬‬
‫‪‌6‬البيهقي‪‌:‬السنن‌الكبرى‪‌،182/8‌،‬صححه‌األلباني‌في‌إرواء‌العليل‪‌،‬ح‌‪‌ .1459‬‬
‫‪‌7‬صحيح‌البخاري‌‪‌،877/2‬صحيحه‌األلباني‌في‌إرواء‌العليل‪‌،‬ح‌‪.1459‬‬
‫‪173‬‬
‫القيود الواردة على حق الملكية‪:‬‬
‫إن المل يىىة الفردطىىة فىىي اإلسىىالم ليسىىم معلقىىة‪ ،‬بىىل تىىرد عليهىىا مجموعىىة مىىن القيىىود وهى ه‬
‫القيود هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قوود تركع ىلج أصح ال لك وسببع‪:‬‬


‫ال بىىد للمل يىىة التىىي أباحهىىا اإلسىىالم أن ت ىىون نظيفىىة‪ ،‬ونعنىىي بنظافىىة المل يىىة‪ :‬أن ممااون‬
‫ال الاك قااّ حاار علااج ماا ملااك الطاارو الياي أباحهااا أ تعاالج حوااث نهاج ال ااار عاان‬
‫كثواار ماان طريااق الي لااك غواار ال اااروع ‪ ،‬مىىن مثىىل التملىىم عىىن ريىىق القمىىار وال ىىح‬
‫كىالخمر والمخىد ار ‪ ،‬ومىا‬ ‫بييىع الم رمىا‬ ‫واالحت ىار والسىرقة والراىا‪ ،1‬وال سى‬ ‫وال ن‬
‫أدلىىة النهىىي عىىن كىىل هى ه األشىىيا فىىي‬ ‫األخىىرى‪ ،‬وقىىد ورد‬ ‫ماثلهىىا مىىن أنىوا المعىىامال‬
‫السابقة فال داعي إلعادتها هنا‪.2‬‬ ‫المباح‬
‫أضظ إلى كلم أن هللا سب انه وتعالى قد أمر برد كل مال امتلم بعريىق غيىر مشىروعة‬
‫إلى صاحبة األصلي‪.‬‬
‫وإكا كىىان المشىىرو قىىد أنهىىى عىىن األسىىباب غيىىر المشىىروعة للملىىم_ كمىىا بينىىا_ فمىىا هىىي‬
‫األسباب المشروعة إكن‬

‫أسباب الي لك ال اروع ‪ :‬للي لك في اإلسسإ أسباب عّيّة هي‪:‬‬


‫‪ -1‬االسي سء علج ال ال ال باح‪ :‬كاالستيال علىى ال ىع‪ ،‬ولمعىادن فىي بىا ن األرض‪،‬‬
‫وإحيا األرض الموا ‪ ،‬والصيد بينوا ‪ ،‬كل ه ا بالشروط التي وضعها الشر ‪.‬‬
‫‪ -2‬العقود واليمرفات من مثح‪ :‬الييع والوصية والهبة واإلنارة والشركة والقرض‪.‬‬
‫‪ -3‬ال وراث‪ :‬كما نظمته أحكام التشريع اإلسالمي‪.3‬‬

‫‪‌1‬يوسف‌كم ال‪‌:‬اإلسالم‌والمذاهب‌االقتصادية‌المعاصرة‌ص‌‪.155‬‬
‫‪‌2‬راجع‌ص‌‪‌203‌،201‬من‌هذا‌الكتاب‪‌ .‬‬
‫‪‌3‬المبادي‪‌:‬الملكية‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌‪‌،27/2‬زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪.242‬‬
‫‪174‬‬
‫ببب اسي ار ها ون ائها‪:‬‬ ‫ثان ا‪ :‬القوود الواقع علج ال لك‬
‫استنادا على ميدأ الت افىل االنتمىاعي‪ ،‬فقىد قىرر اإلسىالم أن األغنيىا والقىادرين لهىم دور‬
‫في كفالة الفق ار والم تانين‪ ،‬ففرض المشر على األغنيىا مقابىل مىا أنعىم علىيهم بنعمىة‬
‫الملىىم‪ ،‬ومىىا مىىن هم مىىن وسىىائل تعىىويره وزيادتىىه‪ ،‬فىىرض علىىيهم مجموعىىة مىىن الت ىىاليف‬
‫طخرنونهىىىا مى ىىن ام ى ىوالهم أو ممتل ى ىىاتهم‪ ،‬ويؤدونهى ىىا إلى ىىى مسى ىىت قيها مى ىىن فق ى ى ار ومسى ىىاكين‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وه ه الت اليف تتمثل في الزكاة بينواعها سوا كانم فرضاً أو تعوعاً‪.‬‬

‫كراء اسيهسس مالكها لها‪:‬‬ ‫ثالثا‪ :‬القوود الواقع علج ال لك‬


‫وممتل ىاتهم وإبقىا عليهىا مىن الفنىا والهىالر‪ ،‬وصىيانة لهىا مىن‬ ‫حفاظاً على أمىوال النىا‬
‫والتي ير‪ ،‬حتى من قيل أص ابها‪ ،‬فين التشريع اإلسىالمي طقيىد كىل المىال ين بعىدم‬ ‫العي‬
‫تي ى ير أم ىوالهم وإس ىرافها ميمىىا ال نفىىع ميىىه وال نىىدوى‪ ،‬وك ى لم منىىع مىىن اإلنفىىا فىىي اللهىىو‬
‫الماننىة وغيىر كلىم‪ ...‬قىال تعىالى‪:‬‬ ‫الم ور؛ كال نا والرقص وشرب الخمور وال فىال‬
‫اا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫َل َوانر َ ال خِ اهَ َوََل زَّلََّلذ رر ََّلرَّلذ نيَّا‪ ،‬خه الر زََِّلذري َ‬ ‫﴿وَي َاا الر زَ رَََّب َح خَنز َوالرِ رِو َ‬
‫َّلَرا ﴾‪ .1‬وقىىال‪َ ﴿ :‬وزَلزَّلَا َوا ريَّل ََّلَّنزَا‬ ‫ر‬
‫ز‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َل وَََّلَّلُ َه ال خ َّلهئَُ زه لاَّناَّل ا‬
‫َّلن‬ ‫َََّلَُّزَا ا رخَّلَّلَا َه ال خ َّلهَُ ا ا‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫َل ﴾‬ ‫َوََل ز رِ اَّوزَا اَّخنز ََل زَي ه الر زِ رِ اَّو َ‬
‫‪2‬‬

‫‪‌1‬سورة‌االسراء‌‪‌،‬اآليتان‌‪‌ .26،27‬‬
‫‪‌2‬سورة‌األعراف‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .31‬‬
‫‪175‬‬
‫هل يتدخل ولي الأمر لتقييد حرية العمل والملكية الفردية؟‬
‫إكا كان المشرو قد أباب حريىة العمىل وحىق المل يىة الفردطىة‪ ،‬فينىه قىد أععىى ولىي األمىر‬
‫حق التدخل إكا رأى أن المكلظ قد است ل حقىه فىي حريىة العمىل أو مل يتىه الخاصىة فىي‬
‫المفروضىىة عليىىه‬ ‫إضىرار ال يىىر وإل ىىا األكى بهىم‪ ،‬وإكا لىىم طقىىم بىىيدا ال قىو والوانبىىا‬
‫ط ىىق ل ىىاكم المسىىلمين أن طىىيمر مىىن امتنىىع عىىن دفىىع الزكىىاة‬ ‫والتىىي بيناهىىا سىىابقاً‪ ،‬حي ى‬
‫بدفعها‪ ،‬بل أن طيخ ها منه رغمًا عنه‪.1‬‬
‫التشريع أبعد من ه ا أباب لولي األمر أن طمنع شخصًا ما من مزولة عمل ما‬ ‫وقد كه‬
‫إكا كان في كلم ض اًر له أو ل يره‪ ،‬وك لم له أن ينز مل ية شخص ما إكا كان مجمو‬
‫األمة ب انة إلى ه ه المل ية‪ ،‬وإكا فقدها طنر المجتمع‪.2‬‬

‫ومىىن أمثلىىة كلىىم مىىا قىىام بىىه الخليفىىة عمىىر بىىن الخعىىاب رضىىي هللا عنىىه مىىن نىىز مل يىىة‬
‫الييو المجاورة لل رم المكي ليدخلها ميه من أنل توسيعه‪.3‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الإرث‬
‫الىنفس اإلنسىانية‪ ،‬وتمشىياً مىع تعلىىع الفىرد إلىى مسىتقيل مىن طعىول‪ ،‬وتجاواىاً‬ ‫تلييىة لرغبىا‬
‫مىىع حرصىىه عل ىىى أن تظىىل أمالك ىىه فىىي أيىىدي كريت ىىه‪ ،‬الىى ين طعتي ىىرون اسىىتم ار ًار ل يات ىىه‪،‬‬
‫وحفاظى ىًا على ىىى اسى ىىتمرار تى ىىداول األم ى ىوال فى ىىي المجتمىىىع ممى ىىا يى ىىؤدي إلى ىىى تعى ىىور النشى ىىاط‬
‫االقتصادي ونموه‪ ،‬من أنل كلم كلىه‪ ،‬أقىر التشىريع اإلسىالمي اإلرث‪ ،‬ونعلىه ميىداً عامىاً‬
‫ينعلق من خالله النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ ‌1‬فقد‌قاتل‌أبو‌بكر‌الصديق‌مانعي‌الزكاة‌بعد‌وفاة‌الرسول ‪‌ .‬‬
‫‪ ‌2‬النبهننان‪‌:‬االتجننناه‌الجمننناعي‌فنني‌التشنننريع‌االقتصنننادي‌ص‪‌،188‌،120‬العربنني‪‌:‬الننننظم‌اإلسنننالمية‌‬
‫ص‪‌،121‬العبادي‪‌:‬الملكية‌في‌الشريعة‌اإلسالمية‌‪.233/2‬‬
‫‪‌3‬النبهان‪‌:‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌ .219‬‬
‫‪176‬‬
‫تعريف اإلرث‪:‬‬
‫اإلرث هو انتقال ما كان طمل ىه الميىم إلىى ورثتىه األحيىا ‪ ،‬سىوا كىان المتىرور مىاالً‪ ،‬أم‬
‫عقا ًار‪ ،‬أم حقًا من ال قو الشرةية‪.1‬‬

‫أدلة مشروةية اإلرث‪ :‬واإلرث مشرو بال تاب والسنة وإنما الص ابة رضي هللا عىنهم‬
‫أنمعين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من القرآن الكري ‪:‬‬

‫َّلَل وََّلام ره زََّل خ‬ ‫اك ام َل رَوََل اد زََّل لالَّل خذ ََ اَّ ابثرَّلَ َح اَّلْ راَيزَّرَّلثََّلهََّل ر ا‬ ‫ا‬
‫ز‬ ‫ر‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪﴿ :‬يزَصَّله زو ز خز‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َّاَِّلَّلَُ وََّلَّلَ َ ا رَّلغََّلتََّل ر ا‬
‫ص َّل ز‬ ‫َّلَل وََّللَ زن َّل خ َّلزلزثََّلَّلُ َبَّلَّلُ ََّل ََّلََّا َوا ره َََََُّّل ر َواح َّل َ نل وََّللَ َنَّلَّلُ الغ ر‬ ‫َ ن ر‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫احَّل َن ابغَّلنَِّلُ الَِّل ا‬ ‫واَيَنَّلَي ان لا زو اَّلَ و ا‬
‫إ خَّلُ ََّل ََّلََّا ره َََّلُ َه لََّلنز َولََّل ٌ وََّلم ره َكر يَ زوَّل ر‬ ‫رزَ ه ز ز‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ر‬
‫لََّلَّلن ولََّل ٌ ووار َّلََّلن َلَن َّلَّلَاه وَا ازبَّل اَّلن الثهَّللزَّل ز وََّلام ره َََّلَّلُ َه لََّلَّلن اخَّلَّلَلٌ وَا ازبَّل اَّلن ال هَِّل ز ا‬
‫إ ب َّل ر‬ ‫ز‬ ‫ز رَ‬ ‫ز َ ََ ز َ َ ز‬
‫ا ا َن ا ا‬
‫ب لَ زوَّل ر‬ ‫نَّلَ رع َوصهخَ يزَص َُ َل رَو َدير َن َيَ ََّلل زؤزَ ر َوَلَنرَّلغَُ زؤزَ ر ََل َ ر زرو َه َلَيَّله زن ر َلَرَّل ََّلَّ ز‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫اكا ا خه خ‬ ‫َِن اب َ خ‬
‫وهُِ﴾‪.2‬‬
‫هُِ َح ن‬ ‫اكَ ََُ َه َعل ن‬ ‫ََّّلَر نعُ وَ اَّي َ‬
‫اْ زو َّل ر ا ره َكر يَ زو َّل ر ََل َّلز خ َولََّل ٌ وََّلام ره‬ ‫ا‬
‫ص َّل ز َبَّلَّلُ ََّل ََّلََّا َلَر َو ز‬
‫‪ -2‬قولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬ولَ زو َّل ر َّ ر‬
‫َّلَل ا َّلََّلُ َل رَو َديرَّل َن‬ ‫ا ا َن ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َََّلَّلُ َه ََلَّلز خ َولََّل ٌ وََّللَ زوَّل ز الهَّنَّلز زَّلِ َّلخَّلُ ََّل ََّلَّرَ َ بَّل ر نَّلَ رعَّل َوصَّلهخَ يزَصَّل َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َوََلز خ الهَّنز زِ خُ ََّلََّرَتز ر ره َكر يَ زو ر لَ زو ر َولَ ٌ وََّلم ره َََّلُ َه لَ زوَّل ر َولََّل ٌ وََّللَ زنَّل خ الَّلث زهِ ز‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا َن‬ ‫ا‬
‫ث ََ ََتلََّلَن‬ ‫َّلَر ز‬ ‫َصَّلَ َه ََّلُ َل رَو َديرَّل َن َو ره َََّلُ َه َر زْ ٌَّلَ يز َ‬ ‫خُ ََّلََّرَتز ر ب ر نَّلَ رع َوصهخَ ز ز‬
‫إ وََّلام ره َََّلَُّزَا َلَ رَثََّل ََّلَّ‬ ‫ز‬ ‫َّل‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ال‬ ‫َّلُ‬
‫َّل‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َّل‬‫غ‬
‫ر‬ ‫احَّل َن ا‬
‫ب‬ ‫َلَ او ابَّلَّلََّلَلٌ ولََّلَّلن َلَخ َلَو َلزخَّل وَلا زوَّل اَّلَ و ا‬
‫ز‬ ‫َ‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫رَ َ ز ٌ ر ر ٌ‬

‫‪‌1‬د‪‌.‬حمدي‌شلبي‪‌:‬الرائد‌في‌علم‌الفرائض‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪‌ .11‬‬
‫‪177‬‬
‫َصَّل ا َّلََّلُ َل رَو َديرَّل َن َغره َّل ََّلَّ‬ ‫ا ا َن‬ ‫ا ا‬ ‫ا ا‬
‫بَّل ر َالَّل َ وََّل زنَّل ر زيَّل ََّلََََُّز ام الثهَّللزَّل بَّل ر نَّلَ رعَّل َوصَّلهخَ يز َ‬
‫حلاه ﴾‪.1‬‬ ‫اكا و خ ا‬ ‫ب َن ا ا‬
‫اكز َعله ٌ َ ٌ‬ ‫ُِر َوصهخَن ب َ خ َ‬ ‫ز َ‬
‫اك يَّلرتاه زو ام الر َو ََتلَ اَّلَ ا ا‬
‫َ‬ ‫َّله‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫َّل‬
‫َ‬‫ل‬ ‫َ‬ ‫ؤ‬
‫ٌ‬‫َّلَّ‬
‫ز‬ ‫اب‬
‫ر‬ ‫ه‬ ‫‪ -3‬قوله تعالى‪ ﴿ :‬يَ رِتََّلرتزَََّ َ ز اَ خز ز ر‬
‫ص ز َبُ ََّلَََّا َوز ََ يَاََّّلز َنَّلُ ا ره َكر يَ زوَّل ر ََلََّلُ َولََّل ٌ وََّلام ره‬ ‫ا‬
‫زخ ٌ وََّللَ َنُ َّ ر‬ ‫لَنز َولَ ٌ َولَنز َل ر‬
‫ُه ا خُ ََّلَََّا َوا ره َََُّزَا ا رخ ََلن ار َْ نَُل َوَّا ََِّلَُن وَلالَّل خذ ََ اَّ‬ ‫َل وََّللَنُِ الثهَّللزثَ ا‬ ‫ا‬
‫ََََُّّلَتَُ ا رَّلغََّلتََّل ر ز َ‬
‫علاه ﴾‪.2‬‬ ‫اك نا زو اَ ي َن‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ل‬ ‫اك لَ زو َلَ ره َ ا‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫َل‬ ‫ابثرَ َح اْ راَيزَّرَّلثََّلهََّل ر ا‬
‫َل يَّلزََّلا‬
‫ر ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ز‬ ‫ز ر‬ ‫ز‬ ‫ز‬
‫اكا﴾‪.3‬‬ ‫ُب خ‬ ‫ِن َلَوََل نا َّل رع َن ام َاتَ ا‬ ‫ا‬
‫‪ -4‬قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وَلزولزَ راَي رَر َحُم نَّلَ رع ز ز ر ر َ‬
‫وكع الّالل في ا مات‪:‬‬
‫السابقة كيف أن هللا عزو نل نص بوضوب وصراحة على كي ية توزيىع‬ ‫ترى في اآلطا‬
‫كل واالث من هؤال الورثة‪ ،‬كما نص‬ ‫تركة الميم على ورثته‪ ،‬وكان كلم بييان نصي‬
‫من أسباب التوارث بين النا ‪.‬‬ ‫في اآلطة األخيرة على أن قرابة الرحم سي‬

‫وأما من الب ال بوي ال ارف فقول ال بي ‪:‬‬


‫‪" -1‬من ترر ماالً فلورثته"‪.4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ " -2‬أل قوا الفرائض بيهلها فما بقي فهو ألول رنل ككر"‪.‬‬
‫‪" -3‬ال يرث المسلم ال افر‪ ،‬وال يرث ال افر المسلم"‪.6‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪‌ .12‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.176‬‬
‫‪‌3‬سورة‌‌األحزاب‪‌،‬اآلية‪‌ .6‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‌‪‌،187/7‬صحيح‌مسلم‌‪‌60/11‬ح‌‪‌ .1619‬‬
‫‪‌‌5‬صحيح‌البخاري‌‪‌،187/7‬صحيح‌مسلم‌‪‌52/11‬ح‌‪.1615‬‬
‫‪‌6‬صحيح‌مسلم‌‪52/11‬ح‌‪‌ .1614‬‬
‫‪178‬‬
‫وكع الّالل من االحاديث البابق ‪:‬‬

‫هىىو أن النيىىي‪ ‬طقىىرر ص ىراحة بىىين مىىال الميىىم المتىىرور بعىىده طقسىىم علىىى ورثتىىه وك ى لم‬
‫طىىيمر‪ .‬عليىىه الصىىالة والسىىالم‪ .‬بىىين طععىىي كىىل وارث‬ ‫الثىىاني‪ ،‬حي ى‬ ‫ال ىىال فىىي ال ىىدي‬
‫نصىىيبه مىىن تركىىة مورثىىه‪ ،‬وإن مىىا زاد بعىىد توزيىىع ال صىىص فهىىو ألقىىرب ككىىر مىىن الميىىم‬
‫ينفي رسول هللا ‪ ‬التوارث بين اهل الملة الواحدة نائز التوارث بينهم‪.‬‬ ‫الثال‬ ‫ال دي‬

‫وأما من اإلك ا ‪:‬‬


‫فقد أنمىع الصى ابة والتىابعون علىى أن فىرض الجىدة الواحىدة أو األكثىر هىو‪ ،1‬وهىو دليىل‬
‫عملي على مشروةية اإلرث في اإلسالم‪.‬‬

‫ىق ار مبّأ اليوا ث‪:‬‬


‫نظىىام اإلرث اسىىتجابة لرغبىىة اإلنسىىان فىىي أن تخلىىد ككىراه عىىن ريىىق كريتىىه ونسىىله فشىىر‬
‫اإلسالم اإلرث‪ ،‬حتى طعمئن كل فرد على كريتىه مىن بعىده أنهىا باإليىة ولىن تتعىرض للى ل‬
‫القلة والفاقة‪.2‬‬ ‫الهوان بسي‬

‫فىىي إقىىرار هىى ا الميىىدأ خىىر وهىىو ميىىدأ (العىىدل) فىىالمورث كىىان ينفىىق علىىى أوالده وأبويىىة‬
‫فىي ونىود هىؤال‬ ‫الم تانين قيل موته‪ ،‬وقد طجير علىى كلىم أن امتنىع‪ ،‬وهىو كىان السىي‬
‫فىي ونىوده هىو‪ ،‬فمىن العىدل أن توزيىع أموالىه علىى‬ ‫األبنا في الدنيا‪ ،‬و بىااه كىانوا السىي‬
‫ونىىودهم‪ ،‬وكى لم مىىن العىىدل أن يرثىىه‬ ‫وهىىو سىىي‬ ‫أبنائىىه كىىي ال يتىىركهم عالىىة علىىى النىىا‬
‫ونوده‪ ،‬وقد أنفقا عليه من أموالهما في أثنا ص ره وحانته‪.3‬‬ ‫أبواه‪ ،‬وكانا سي‬

‫‪‌1‬الرائد‌في‌علم‌الفرائض‌ص‌‪‌ .16‬‬
‫‪ ‌2‬يوسف‌كمال‪‌:‬اإلسالم‌والمذاهب‌االقتصادية‌ص‌‪‌،189‬زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‪‌ .244‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجعين‌السابقين‪‌ .‬‬
‫‪179‬‬
‫مىىن خىىالل مىىا سىىيق يتنىىا لنىىا أن نظىىام الت ىوارث ةبىىارة عىىن ضىىمان انتمىىاعي داخىىل‬
‫األس ىرة الواحىىدة‪ ،‬لمىىا ميىىه مىىن نقىىل المىىال المىىوروث إلىىى أيىىدي أف ىراد ه ى ه األس ىرة‪ ،‬حي ى‬
‫الم تانون والمعوزون ال ين طجدون في ه ا سدًا لخلتهم‪.‬‬

‫‪ -4‬وفىىي نظ ىىام اإلرث إككىىا للنشىىاط االقتصىىادي بشىىكل عىىام‪ ،‬وكلىىم عىىن ري ىىق عىىدم‬
‫تركيز الثروة في يد فرد معين‪ ،‬بل بيرث تنتقل ه ه الثروة إلى عىدد مىن األفىراد‪ ،‬وهى ا‬
‫بىىدوره طخلىىق فرصىىًا نديىىدة للعمىىل‪ ،‬ويزي ىد مىىن النشىىاط االقتصىىادي‪ ،‬أن كىىل ش ىىخص‬
‫سي اول تنمية نصيبه من اإلرث بونه من ونوه تنمية المىال‪ ،‬وهى ا هىو غاطىة النشىاط‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام‬

‫النظم االقتصادطة كثيرة ومتعددة‪ ،‬كل واحد من هى ه الىنظم لىه مىا طميىزه عىن غيىره‬
‫والممي ى از ‪ ،‬ونظىىام اإلسىىالم االقتصىىادي بوصىىفه أحىىد ه ى ه الىىنظم‪ ،‬يتصىىظ‬ ‫مىىن الصىىفا‬
‫بمجموعة مىن الخصىائص التىي نعلىم منىه نظامىًا فريىدًا ومميى ًاز عىن غيىره مىن األنظمىة‪،‬‬
‫أن نقىىول أنىىه يتصىىظ‬ ‫ولمىىا كىىان هى ا النظىىام مسىىتمدًا مىىن التشىريع اإلسىىالمي‪ ،‬فىىال عجى‬
‫بجميع خصائص التشريع والتي ت دثنا عنها في الفصل التمهيىدي مىن هى ا ال تىاب‪ ،‬مىن‬
‫مثىىل خاصىىية الراانيىىة والشىىمول والت امىىل والواقعيىىة والمثاليىىة وغيىىر كلىىم مىىن الخصىىائص‬
‫عنهىىا نميعىًا مىرة أخىىرى‪،‬‬ ‫لىىن نعىود لل ىىدي‬ ‫المى كورة هنىىار‪ ،‬لى لم فيننىىا فىىي هى ا المعلى‬
‫التمهيدي‪.‬‬ ‫ول ن سنعرض في المب‬

‫وعلى كلم فخصائص النظام االقتصادي في االسالم هي‪:‬‬

‫أولاً‪ :‬الوسطية‪:‬‬
‫فنظام االقتصاد في اإلسالم مثله مثل التشريع ال ي استمد منه نظام وسى طقىول تعىالى‪:‬‬

‫بَّل َّلئنُ﴾‪ ،1‬حيى ى‬ ‫ا‬


‫ارعىىىي هى ى ا النظ ىىام عن ىىد تقريى ىره للنشىىىاط‬ ‫وَ‬
‫﴿ َوَََّل َّل َذل َ َْ َع رلغَ َّلَّلُ زَ ر َلزخبَّل َّلَن َ‬
‫االقتصادي للمجتمع كالً من مصل ة الفرد‪ ،‬ومصل ة المجتمع في ن واحىد‪ ،‬فلىم طجعىل‬
‫الفىىرد هىىو سىىيد الميىىدان‪ ،‬يونىىه النشىىاط االقتصىىادي الونهىىة التىىي ي ارهىىا هىىو‪ ،‬والتىىي تنقىىاد‬
‫كىىل مىىا أوتىىي مىىن سىىائل س ىوا‬ ‫طسىىتخدم إلشىىبا هى ه الشىىهوا‬ ‫لمعالعىىة وشىىهواته‪ ،‬ب يى‬
‫كانم مشىروعة أو غيىر مشىروعة‪ ،‬سىوا أضىر بىه‪ ،‬أو أل قىم النىرر ألكى ب يىره مىن‬
‫النىىا ‪ ،‬فيتعامىىل بالراىىا‪ ،‬وال يتىىور عىىن االحتيىىال‪ ،‬وي ت ىىر السىىع‪ ،‬إن كىىان فىىي كلىىم غنىىاه‬
‫وترفىىه‪ ،‬وي ىىاول أن يبعىىد كىىل منافسىىيه مىىن النشىىاط االقتصىىادي‪ ،‬حتىىى الفىىرد هىىو بىىالراا‪،‬‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‌من‌اآلية‌‪‌ .143‬‬
‫‪181‬‬
‫ويست ل حانة من طعلمون عنده من أنل زيىادة دخلىه‪ ..‬كىل هى ا وغيىره كثيىر ط ىدث مىن‬
‫قيل األفراد‪ ،‬كما ط دث من قيل الدول التي تيخ به ا النظام‪.‬‬

‫ك لم فين اإلسالم لم طع الجماعة كل اهتمامه ورعايته على حساب الفىرد‪ ،‬لىم طقىل بىين‬
‫أن طكىىون مل ىًا لهىىا‪ ،‬وأن الفىىرد هىىو تىىر فىىي لىىة المجتمىىع‬ ‫كىىل شىىي فىىي الدولىىة طج ى‬
‫النخمة‪ ،‬طعمل من أنل صال ها ورخائها‪ ،‬على حساب نفسه و موحاته‪ ،‬ما يؤدي إلى‬
‫خمىىول اإلنسىىان وقتىىل مواوبىىه‪ ،‬نتيجىىة عىىدم ال ىوافز والمنافسىىة‪ ،‬فينىىتج عىىن كلىىم اقتصىىاد‬
‫مع التقدم العلمي المستمر‪.‬‬ ‫األفراد‪ ،‬وال يتناس‬ ‫هزيل ومختلظ‪ 1‬ال يليي احتيانا‬

‫لقىىد تخعىىى اإلس ىىالم هىى ه االن ارفىىا ‪ ،‬ولىىم يلتفىىم إليهىىا‪ ،‬فهىىو ديىىن الفعىىرة‪ ،‬وأقىىر الف ىىرد‬
‫مش ىرو ‪،‬‬ ‫بمل يتىىه الخاصىىة‪ ،‬وا ريىىة العمىىل‪ ،‬وا قىىه فىىي اإلرث‪ ،‬واىىين لىىه ىىر ال س ى‬
‫وحدد له حدودًا ونى ره مىن تخعيهىا‪ ،‬حتىى ال طكىون كسىبة غيىر مشىرو ‪ ،‬فىي لق حىرة فىي‬
‫كل مباب‪ ،‬وكفها وقيدها عن كل ما سوى كلم‪ ،‬ول نه لم طفصل الفرد عن مجتمعىه الى ي‬
‫طعيح ميه‪ ،‬ولم طجعىل كيانىه مسىتقالً عىن كيىان الجماعىة‪ ،‬أو كيىان الجماعىة مسىتقالً عىن‬
‫كيانهى بل نعله عنص اًر فعاالً في الجماعة رغم ما أباحه له من حرية العمل التملم وحق‬
‫اإلرث‪ ،‬فجعل للجماعة مل يتها الخاصة ‪2‬ونشا ها االقتصادي العام‪ ،‬يت ون من مجمو‬
‫فى ىىي كافى ىىة‬ ‫االقتصى ىىادطة ل ى ىىل االف ى ىراد ال ى ى ين يلى ىىزمهم أن يوانه ى ىوا النشى ىىا ا‬ ‫النشى ىىا ا‬
‫األمىىىة فىىىي أي مج ىىال مىىىن‬ ‫التىىىي ت ت ىىال إليهىىىا األمىىىة‪ ،3‬ألن القي ىىام ب ان ىىا‬ ‫المج ىىاال‬
‫هو رفض كفاطة على أي فرد من أفراد ه ه األمة‪.4‬‬ ‫المجاال‬

‫‪‌1‬الدريني‪‌:‬نظرية‌الحق‌ص‌‪‌،50‌،42‬يوسف‌كمال‪‌:‬االسالم‌والمذاهب‌االقتصادية‌ص‪‌ .35‬‬
‫‪‌2‬الدريني‌‪‌:‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌، 148‬النبهان‪‌:‬االتجناه‌الجمناعي‌فني‌التشنريع‌االقتصنادي‌االسنالمي‌‬
‫ص‌‪.220‬‬
‫‪‌3‬العربي‪‌:‬النظم‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .141‬‬
‫‪‌4‬الغزالي‪‌:‬إحياء‌علوم‌الدين‌‪‌ 16/1‬‬
‫‪182‬‬
‫كمىىا حىىرص اإلسىىالم ال طصىىعدم النشىىاط االقتصىىادي لعفىراد بالنشىىاط االقتصىىادي العىىام‬
‫للجماع ىىة‪ ،‬فق ىىد تق ىىرر أن ىىه عن ىىدما تتع ىىارض مص ىىل ة الف ىىرد م ىىع مص ىىل ة الجماع ىىة تق ىىدم‬
‫مصل ة الجماعة‪.1‬‬

‫ثانياً‪ :‬مراعاة فطرة الإنسان‪:‬‬


‫وت دثنا عن ه ه الخاصية بيسهاب عند حديثنا على المباد العامة الثالثة السابقة التي‬
‫بينا كيف أقر اإلسالم ه ه المباد‬ ‫أقرها اإلسالم عند تصوره لنظامه االقتصادي‪ ،‬حي‬
‫الثالثة‪ ،‬انسجاماً مع فعرة اإلنسان ‪ ،‬وتليية ل اناته وتعلعاته‪.‬‬

‫لىه البقىا والىدوام‪،‬‬ ‫وما فعل اإلسالم كلم إال رغبة في وضع نظام اقتصادي مىرن‪ ،‬طكتى‬
‫فعىرة البشىر‪ ،‬الصىعدم مىع إرادتهىم و موحىاتهم‪ ،‬وتصىورهم‬ ‫ألنىه لىو تعىارض ومقتنىيا‬
‫لنشا هم االقتصادي‪ ،‬ولم تم كلم فىين هى ا النظىام سىينهار وال طجىد مىن طيخى بتعاليمىه‪،‬‬
‫ويننوي ت م لوائه‪.2‬‬

‫ثالثاً‪ :‬نظام الاقتصاد الإسلامي يراعي قواعد الأخلاق‪:‬‬


‫عنىىدما تعرضىىنا لنظىىام األخىىال فىىي اإلسىىالم قلنىىا إن الخلىىق هىىو واز داخلىىي‪ ،‬أو رقي ى‬
‫النفس اإلنسانية من داخلها‪ ،‬كما قلنا إن اإلسالم أمر بمجموعة كييرة من‬ ‫داخلي‪ ،‬يراق‬
‫األخال الفاضلة التي إن ت لى بها اإلنسان انعكسم على سلوكه وتصرفاته‪.‬‬

‫وانىىا ً علىىى هى ا‪ ،‬فىىين اإلنسىىان كا األخىىال الفاضىىلة ت ىىون كىىل سىىلوكه وتصىرفاته سىىلوكًا‬
‫وتصىرفا إطجابيىىة‪ ،‬وإكا أراد أن طقىوم بىىيي عمىل أو أن ط قىىق أي هىدف‪ ،‬فىىين عملىه هى ا‬
‫أو هدفىىه ال طكىىون إال إطجابي ىاً‪ ،‬كمىىا أن الوسىىائل التىىي طسىىتخدمها عنىىد إليامىىه بعملىىه‪ ،‬أو‬
‫ت قيقىىه لهدفىىه ‪ ،‬البىىد وأن ت ىىون وسىىائل إطجابي ىة مشىىروعة‪ ،‬ومىىن هنىىا ننىىمن أن طكىىون‬
‫ملتزمًا بيحكام دينه‪ ،‬ومن ضمنها ما يتعلق بالنظام االقتصادي‪.‬‬

‫‪‌1‬استنادا‌إلى‌القاعدة‌الفقهية‌(الضرر‌األشد‌بالضرر‌األخف)‌راجع‌الشاطبي‪‌:‬الموافقات‌‪‌ .243/2‬‬
‫‪‌2‬زيدان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌ .232‬‬
‫‪183‬‬
‫أضااف ىلااج ذلااك أن ل سااسإ مج وع ا ماان اليوكوهااات الخلق ا ‪ ،‬اليااي ادهااا أن تكااون‬
‫ب ثاب ت ظ لبلوس اإلنبان االقيمادس‪ ،‬وذلك مثح‪:‬‬

‫‪ .1‬النهي عن التيى ير‪ :‬وهىو صىفة سىليية سىيئة فيهىا منىيعة للمىال‪ ،‬وفىي هى ا طقىول هللا‬

‫َل َوانرَّل َ ال خَِّلا اهَ َوََل زَّلَ اَّلذ رر ََّلر اَّلذ نيَّا‪،‬‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫عز ونل‪َ ﴿:‬وَيَ َاا الر زَ رَََّب َح خَنز َوالرِ رِو َ‬
‫ا اا‬ ‫اا‬ ‫ا‬ ‫اا‬ ‫ا‬
‫َ زرَرا﴾‪.1‬‬
‫خه الر زَِذري َ َََُّزَا رخ ََا َه ال خهَُ َل َوََُ َه ال رخهئَُ زه لََّنن َ ن‬
‫‪ .2‬األمر بالتعاون على الير والتقوى‪ :‬واليىر قاعىدة خلقيىة عامىة ينىدرل ت تهىا كثيىر مىن‬
‫األخ ىىال ‪ ،‬والي ىىر ل ىىه أث ىىر كي ىىي ف ىىي النش ىىاط االقتص ىىادي‪ ،‬ألن ميىىىه م ىىد ي ىىد العى ىىون‬
‫االقتص ىىادطة‬ ‫الماليىىة‪ ،‬التىىي ق ىىد طسىىتثمرونها فىىي المجىىاال‬ ‫للم تىىانين بالمس ىىاعدا‬
‫المختلفىىة‪ ،‬كمىىا أن (اليىىر) قنىىا علىىى البعالىىة والفاقىىة وال انىىة‪ ،‬وهى ه كمىىا نىىرى فىىي‬
‫عصرنا ال اضر من أسباب تيخر النظم االقتصادطة‪ ،‬وتعثرها‪ ،‬طقىول هللا عىز ونىل‪:‬‬
‫والرع ر و ا‬ ‫ا‬ ‫اا‬
‫اه﴾‪.2‬‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫﴿ َوََّل َع َُوَّزَا َعلَ الرب َوالتخَّل رَ ََى َوََل ََّل َع َُوَّزَا َعلَ راِ راْث َ‬
‫العقائى ىىدي لنظى ىىام‬ ‫األول األسى ىىا‬ ‫‪ .3‬ومى ىىن ه ى ى ه التونيهى ىىا ‪ ،‬مى ىىا ت ى ىىدثنا فى ىىي المب ى ى‬
‫ككرنىا هنىار النهىي عىن البخىل‪ ،‬وإعمىال األمىوال وعىدم‬ ‫االقتصاد في اإلسالم‪ ،‬حيى‬
‫إهمالهىىا‪ ،‬وعىىدم تركيىىز األم ىوال فىىي أيىىدي فئىىة قليلىىة مىىن األمىىة‪ ،‬ثىىم النهىىي عىىن عىىدم‬
‫اتبا اإلنسان للهو والترف ال ي يوفره كثرة المال‪ ،‬وأن ال ط تر بما عنده من مال‪.‬‬
‫هىىي ةبىىارة عىىن أخىىال تيخ ى بيىىد النسىىان إلىىى االتجىىاه القىىويم عنىىد‬ ‫كىىل ه ى ه التونيهىىا‬
‫ممارسىىته لنشىىا ه االقتصىىادي‪ ،‬فليرنىىع إليهىىا هنىىار للتعىىرف علىىى تفصىىيلها واألدلىىة عليهىىا‬
‫وفوائدها‪.3‬‬

‫‪‌1‬سورة‌االسراء‪‌،‬اآليتان‌‪‌ 26،27‬‬
‫‪‌2‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .2‬‬
‫‪‌3‬راجع‌ص‌‪‌187‬من‌النظام‌االقتصادي‌في‌هذا‌الكتاب‪‌ .‬‬
‫‪184‬‬
‫رابعاً‪ :‬يعمل على سد حاجات جميع الأفراد‪:‬‬
‫وه ه ميزة هامة في ه ا النظام التي عمل كفاطة نميع أفراد المجتمع‪ ،‬وعدم تركهم للفقىر‬
‫أحى ىوالهم‪،‬‬ ‫المجتم ىىع ب سى ى‬ ‫ت ارع ىىي نمي ىىع بق ىىا‬ ‫والفاق ىىة‪ ،‬ب ىىل وض ىىعم أحكام ىىه ب يى ى‬
‫واخىىتالفهم فىىي الفقىىر وال نىىى‪ ،‬فتىىرر الموس ىرين طعلمىىون ويكسىىيون بينفسىىهم‪ ،‬وحىىثهم علىىى‬

‫﴾‪ 1‬وقىىال‬ ‫ص ََّلَتلز وََُّرَّلتَ ا َّل زَّلَّوا ام راَي رَر ا‬


‫ق‬ ‫َِّلَّلهَ ا ال خ‬
‫‪ ،‬قىىال تعىال‪ ﴿ :‬وََّلاماَا ز ا‬ ‫العمىل وال سى‬

‫رسول هللا ‪" ‬ىن أفاح الكب دب الركح وّ "‪.2‬‬

‫وك لم فعلى الدولة أن تقىوم بىيقراض الم تىانين والفقى ار مىن القىادرين علىى العمىل حتىى‬
‫طكتسىيوا أرزاقهىم بينفسىهم‪ ،‬وهى ا يىؤدي إلىىى زيىادة النشىاط االقتصىادي‪ ،‬باإلضىافة إلىى سىىد‬
‫حانة الم تانين‪.‬‬

‫نفقىىة‬ ‫أمىىا إكا كىىان اإلنسىىان عىىان ًاز لشىىيخوخة أو مىىرض فىىين التشىريع اإلسىىالمي قىىد أونى‬
‫على أقاراه‪ ،‬وإن أبوا كلم أنيرهم ولي األمر عليه بالقوة‪.3‬‬

‫أمىىا إن كىىان ه ىؤال العج ىزة لىىيس لهىىم أقىىارب ينفقىىون علىىيهم‪ ،‬فنفقىىتهم وانبىىة علىىى أغنيىىا‬
‫المسلمين‪ ،‬وكلم بمقتنى فرينة الزكاة هي التي هي الركن المادي من أركىان اإلسىالم‬
‫كثيرة ﴿واتوا الزداة﴾ وقال رسىول هللا ‪ ‬لمعىاك بىن نيىل حينمىا بعثىه‬ ‫قال تعالى في طا‬
‫إلى اليمن‪ " :‬فا عل ه أن أ افيارض علاوه صاّق فاي أماواله ‪ ،‬تؤخاذ مان أغ اائه‬
‫وترد علج فقرائه "‪.4‬‬

‫‪‌1‬سورة‌الجمعة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.10‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌البخاري‌‪‌،75/3‬سنن‌ابن‌ماجة‌‪‌ .733/2‬‬
‫‪ ‌3‬راجع‌نفقة‌األقارب‌فني‌كتنب‌الفقنه‌اإلسنالمي‌ومنهنا‌‪‌:‬ابنن‌نجنيم‪‌:‬البحنر‌الرائنق‌شنرح‌كننز‌الندقائق‌‬
‫‪‌ .219/4‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‪.130/2‬‬
‫‪185‬‬
‫الفق ى ار والمسىىاكين والم تىىانين‪ ،‬وال‬ ‫ب انىىا‬ ‫ول ىىن إن لىىم تىىظ الزكىىاة وأم ىوال الصىىدقا‬
‫يوند في بيم مال المسلمين موارد أخرى لإلنفا علىى هىؤال فينىه ط ىق لىولي األمىر أن‬
‫علىىى الموس ىرين مىىن المسىىلمين بقىىدر حانىىة بىىين المىىال‪ ،‬حتىىى طسىىتعيع‬ ‫طفىىرض ض ىرائ‬
‫اإلنفا على المعوزين‪.1‬‬

‫وا ا يتنا أن اإلسالم بتشريعه له ا النظام طكفل العيح الشريف ل ل فرد من أفراده‪.2‬‬

‫‪‌1‬الجويني‪‌:‬الغياثي‌ص‌‪‌ .268‬‬
‫‪‌2‬زيد‌ان‪‌:‬أصول‌الدعوة‌ص‌‪‌ .234‬‬
‫‪186‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫بيت المال‬
‫كثي ىرة لسىىد حاناتهىىا المختلفىىة‪ ،‬وه ى ه النفقىىا‬ ‫مىىن اليىىدهي أن الدولىىة ت تىىال إلىىى نفقىىا‬
‫ت عيهىىا مىىن مواردهىىا المتعىىددة‪ ،‬وقىىد كانىىم الدولىىة اإلسىىالمية فىىي عهىىد الرسىىول ‪ ‬قليلىىة‬
‫دائمىة منظمىة‪ ،‬وإنمىا كىان طععىي مىن طقىوم‬ ‫الت اليف‪ ،‬فم طكن هنار موظفىون لهىم رواتى‬
‫بىىبعض األعمىىال أنى اًر علىىى عملىىه‪ ،‬مثىىل نبىىاة الزكىىاة‪ ،‬فىىيكا انتهىىم الجباطىىة انتهىىى األنىىر‪،‬‬

‫وفىىي القتىىال كىىان طسىىتفز المسىىلمين ويىىيتون بيسىىل تهم ودوابهىىم ويقىىاتلون‪ ،‬فىىين غنمىوا شىىيئاً‬
‫قسمتها الرسول ‪‬على المست قين‪.‬‬ ‫قسمه عليهم‪ ...‬وحصيلة الزكاة إكا ورد‬

‫"وعلى ه ا لم ت ن ال انىة قائمىة لتنظىيم وارد الدولىة ومصىارفها علىى الن ىو الى ي حىدث‬
‫ميما بعد"‪.‬‬

‫وال‬ ‫" ون ىىا أب ىىو بكى ىر رض ىىي هللا عن ىىه‪ ،‬وس ىىار عل ىىى ال ىىنهج األول فل ىىم طن ىىب الى ىواردا‬
‫المصروفا ‪ ،‬لعدم ظهور ال انة إلى كلم‪ ،‬وألن أمد خالفته كان قصي اًر"‬

‫" فلما نا عمر بن الخعاب رضي هللا عنه‪ ،‬واتسعم رقعم البالد اإلسىالمية بمىا فت ىه‬
‫الدولة من ال نائم والفي والجزية‪ ،‬ف ر‬ ‫هللا على المسلمين من بالد الروم والفر وزاد‬
‫عمىر بىىن الخعىىاب فىىي ريقىىة تنىىب هى ه األمىوال ال ثيىرة‪ ،‬وتنىىب صىىرفها‪ ،‬وأنشىىي(بيم‬
‫المىىال) ل ف ى أم ىوال المسىىلمين‪ ،‬وإحصىىا دخىىل الدولىىة اإلسىىالمية مىىن موارهىىا المتعىىددة‪،‬‬
‫الجنىىد والعمىال والىوالة‪ ،‬ون ىىوه‬ ‫وإحصىا مصىىاريفها ومقىدار هى ه المصىىاريف‪ ،‬مثىل رواتى‬
‫الدولىة‪ ،‬ومىا كىان يبقىى مىن أمىوال بعىد الصىرف‬ ‫الصرف على المصىالا العامىة وحانىا‬
‫ط ف في بيم المال‪ ،‬وينفق في حينه"‪.1‬‬

‫‪ ‌1‬ابن‌منظور‪‌:‬لسان‌العرب‪‌،‬باب‌الواو‌والياء‪‌،‬فصل‌الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‌مادة‌(زكا) ‌‬
‫‪187‬‬
‫إكن فييى ىىم المى ىىال مصى ىىعلا إسى ىىالمي ‪ ،‬طقابى ىىل مى ىىا بعى ىىرف اليوم(بى ىىو ازرة الماليى ىىة‪ ،‬أو و ازرة‬
‫االقتصاد‪ ،‬أو و ازرة الخزانة) وقد أنشي ليكون مشرفًا علىى نشىاط الدولىة االقتصىادي وعلىى‬
‫وصاد ار ‪.‬‬ ‫ماليتها العامة من واردا‬

‫عىن مقوماتىه وهىي مىا يىرد‬ ‫واعد ه ا العرض المونز عن بيم المال‪ ،‬ننتقل إلىى ال ىدي‬
‫إليه من أموال‪ ،‬وما طصرف منه‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬دخل بيم المال ومصارفه‪.‬‬

‫مقومات بيت المال‬


‫(الّخح وال فقات‬

‫أولاً‪ :‬دخل بيت المال‪:‬‬


‫ويت ون دخل بيىم مىال المسىلمين مىن‪ :‬الزكىاة والجزيىة وال ىرال والعشىور وال نىائم والفىي‬
‫وماعدا كلم من الموارد األخرى‪.‬‬

‫كالتالي‪:‬‬ ‫و ييعة ه ا الب‬ ‫وسنت دث عن كل واحد منها بما يتناس‬

‫ال و د األول‪ :‬الزداة‪:‬‬


‫اا‬ ‫ا‬
‫والزداة في اللغ ‪ :‬هي النمو واليركة والزيادة والتعيىر لقولىه تعىالى‪ ﴿ :‬زخَّل رذ بَّل ر َل رَب ََّلَاَل ر‬
‫و ٌ ََلز ﴾‪.1‬‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫َت‬
‫َ‬ ‫ص‬ ‫خ‬
‫ه‬ ‫ص اَ َعلَره ان ا‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ص َ ََن زئَ انَّ وزَّلََاه ان ا‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫زز ر َ ر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فىي مىال مخصىوص‪ 2‬ويصىرف بقىدر مخصىوص ألشىخاص‬ ‫وفي الار هي‪ :‬حق طجى‬
‫مخصوصين‪.3‬‬

‫‪‌1‬سورة‌التوبة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .103‬‬
‫‪‌2‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪.433/2‬‬
‫‪‌3‬الخطيب‪‌:‬معنى‌المحتاج‌‪‌،368/1‬حاشية‌الدسوقي‌‪‌ .430/1‬‬
‫‪188‬‬
‫دلوح وكوبها‪:‬‬

‫وأدلة ونوب الزكاة في القرن والسنة كثيرة‪ ،‬ن كر منها‪:‬‬

‫الخََ‬
‫َُ َل﴾‪.1‬‬ ‫ص ََت َل َوَيَزَا‬
‫هَِا ال خ‬‫‪ -1‬قولع تعالج في دثور من ا مات ﴿ وَلَا‬
‫َ ز‬
‫ص َ ََن زئَ انَّز وزَّلََاه ان ا َُ ﴾‪.2‬‬ ‫اا‬ ‫ا‬
‫ز رَ ر‬ ‫‪ -2‬وقولع تعالج﴿ زخ رذ ب ر َل رَب ََاَل ر َ‬
‫وم ﴾‪ ،3‬وال ق المعلوم وهىو‬ ‫‪ -3‬وقولع تعالي﴿ وام َلَبَاَلاا ح ٌّء لال خُِئا اَ والرِحَّ ا‬
‫َ َ رز‬ ‫َ رَ ر َ‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫‪ -4‬قول النيي ‪ " ‬ي اإلساسإ علاج خ اس‪ :‬شاهادة ان ال ىلاع ىال أ وأن مي اّا‬
‫سااول أ‪ ،‬واقام ا المااسة‪ ،‬وايياااء الزداااة‪ ،‬وصااوإ ماااان‪ ،‬وحااا البو ا ماان‬
‫اسيطا ىل ع سب س"‪.4‬‬
‫‪ -5‬وقولىىه ‪ ‬لمعىىاك بىىن نيىىل حىىين بعثىىه إلىىى اليمىىين" أعل ه ا أن أ فاارض علااوه‬
‫صّق تؤخذ من أغ ائه وترد علج فقرائه "‪.5‬‬

‫الزداة‪:‬‬ ‫من ماروب‬ ‫اليم‬


‫شر هللا تعالى الزكاة لما فيها من ‪:‬‬
‫أ‪‌ .‬إعانة للنعيف وقنا ل انة الم تال والملهوف وسد خلته‪.‬‬
‫ال نوب وتعلمه هلىق‬ ‫ب‪‌.‬تراي الم كي على ال رم والجود‪ ،‬وتعهير نفسه من أنجا‬
‫ال رم والجود‪ ،‬وترر البخل والشا‪ ،‬إك النفس مفعورة على البخل والشا‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآليات‌‪‌،.11‌،83‌،43‬سورة‌النساء‌اآلية‌‪‌،77‬سورة‌الحج‌اآلية‪‌...87‬الب‬
‫‪‌2‬سورة‌التوبة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .103‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الذريات‪‌،‬اآلية‌‪‌ .19‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‌‪‌،9/1‬صحيح‌مسلم‌‪‌176/1‬ح‌‪‌،16‬مسند‌االمام‌أحمد‌‪‌ .26/22‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌البخاري‌‪،130/2‬صحيح‌المسلم‌‪‌196/1‬ح‌‪‌ .19‬‬
‫‪189‬‬
‫‪‌.‬إكا ما أدى اإلنسان ما عليه من حق الزكاة فين كلم بعلمه األمانىة ورد ال قىو‬
‫المودعة عنده إلى أص ابها‪.1‬‬
‫ث‪‌.‬ممىىا سىىيق نىىرى أن الزكىىاة تسىىاهم فىىي ميىىدأ الت افىىل االنتمىىاعي وتو ىىد أركانىىه‪،‬‬
‫ألنه ىىا ت ف ىىي الفقى ى ار مس ىىيلة ‪ ،‬واس ىىتجدائهم لم ىىا فرض ىىم له ىىم م ىىن حص ىىص ف ىىي‬
‫أموالهم‪.2‬‬

‫الأموال التي تجب فيها الزكاة‬


‫والفنة وعروض التجارة والزرو والثمار وال يوان(األبل والبقىر‬ ‫الزكاة في ال ه‬ ‫وتج‬
‫وال نم) والركاز والمعادن‪.‬‬

‫‪ .1‬رداة الذه والفا ‪:‬‬


‫والفنىىة أن ييلىىغ مىىا عنىىد المزكىىي منهمىىا نصىىاباً‪ ،3‬وهىىو مائىىة‬ ‫ويشىىترط لزكىىاة ال ى ه‬
‫درهىم بالنسىبة للفنىىة‪ ،4‬وهىو طسىاوي بىىالوزن ال ىالي (‪ 595‬غىم) خمىس مائىة وخمسىة‬
‫إخرانه على ه ا النصاب (‪ )%2.5‬اثنان ونصىظ‬ ‫وتسعين غراماً‪ ،‬والمقدار الوان‬
‫في كل مائة‪ ،5‬علة ه ا النصاب مب سابه‪.‬‬
‫ال)‪ ،6‬وهىىي تسىىاوي بىىالوزن ال ىىالي (‪ 58‬غ ارم ىًا)‬
‫فهىىو (عشىىرون مثقىىا ً‬ ‫وامىىا نصىىاب ال ى ه‬
‫إخ ارنىه علىى هى ا النصىاب هىو (‪ )%25‬اثنىان‬ ‫خمسة وثمانين غ ارمىاً‪ ،7‬والمقىدار الوانى‬
‫ونصظ على كل مائة‪.1‬‬

‫‪‌1‬لكاساني‪‌:‬بدائع‌الصنائع‌‪.3/2‬‬
‫‪‌2‬النبهان‪‌:‬االتجاه‌الجماعي‌ص‌‪‌ .291‬‬
‫‪ ‌3‬النصاب‌هو‪‌‌:‬األصل‌والمرجع‌‪‌،‬وهنو‌المقندار‌النذي‌يجنب‌أن‌يبلغنه‌المنال‌حتنى‌تجنب‌فينه‌الزكناة‪‌،‬‬
‫انظر‌المعجم‌الوسيط‌مادة‌(نصب)‪‌ .‬‬
‫‪‌4‬الكاساني‪‌:‬البدائع‌‪‌،16/3‬ابن‌جزي‪‌:‬القوانين‌الفقهية‌ص‌‪‌،94‬تقي‌الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪.113/1‬‬
‫‪‌5‬‬
‫‪‌6‬الكاساني‪‌:‬البدائع‌‪‌،16/2‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪.113/1‬‬
‫‪‌7‬وزن‌مثقال‌الذهب‌يساوي‌‪‌4.25‬غراما‌‪‌،‬انظر‌الزحيلي‌السابق‌‪‌ .76/1‬‬
‫‪190‬‬
‫‪ .2‬رداة أو او ال قّ(الب ك وت ‪:‬‬
‫حرمىىم‬ ‫والفنىىة‪ ،‬حي ى‬ ‫أو ار النقىىد والنقىىود المعدنيىىة المتداولىىة اليىىوم حلىىم م ىىل ال ى ه‬
‫التعامىىل بهمىىا؛ ونعلىم بىىدلهما النقىىود التىي نتعامىىل بهىىا‪ ،‬فىىيكا‬ ‫الدولىة فىىي العصىىر ال ىدي‬
‫فىىي‬ ‫ال‪ ،‬فينىه طكىىون لىم مقابلهىا مىا طسىاويها مىن الى ه‬
‫كىان لىدطم عشىرة دنىانير أردنيىة مىث ً‬
‫فيهىىا الزكىىاة‪ ،‬إكا‬ ‫الينىىم المركىىزي‪ ،‬ومىىن هنىىا نقىىول‪ :‬إن أو ار النقىىد والنقىىود المعدنيىىة طج ى‬
‫أو الفنىة‪ ،‬فىيكا بلىغ مىا مىع شىخص مىن‬ ‫بل م نصاباً‪ ،‬ونصابها هو نفس نصاب ال ه‬
‫عليىىه الزكىىاة فيهىىا‪،‬‬ ‫أو أكثىىر‪ ،‬فتج ى‬ ‫النقىىود مىىا طسىىاوي خمسىىة وثمىىانين غ ارم ىًا مىىن ال ى ه‬
‫مراعاة سىعر الصىرف فىي كىل بلىد ‪،‬‬ ‫والمقدار الخارل هو اثنان ونصظ ل ل مائة‪ ،‬ويج‬
‫أو الفنة طختلظ من مكان آلخر‪ ،‬فالسعر في غىزة مىثالً فىي هى ا‬ ‫كلم ألن سعر ال ه‬
‫اليىىوم التاسىىع عشىىر مىىن شىىهر يونيىىو سىىنة ‪201‬م هىىو(‪ )23‬ثىىالث وعشىىرون دينىىا اًر أردنيىاً‪،‬‬
‫الخ ىىالص‬ ‫ض ىىرب هى ى ا الى ىرقم ف ىىي خمس ىىة وثم ىىانين غ ارمى ىًا وه ىىو اول نص ىىاب الى ى ه‬
‫ف ىىيكا ُ‬
‫ةيىىار(‪ )24‬ينىىتج لىىدينا أول نصىىاب المىىال فىىي هى ا التىىاريا وهىىو (‪ )1955‬ألىىظ وتسىىعمائة‬
‫إخ ارنىه علىى هى ا النصىاب هىو‬ ‫وخمس وخمسون دينا اًر أردنياً‪ ،‬وإكا كان المقىدار الوانى‬
‫اثنىىان ونصىىظ عىىن كىىل مائىىة‪ ،‬ميكىىون الخىىارل علىىى أول نصىىاب المىىال هىىو (‪)48:875‬‬
‫ثمانية وأراعون دينا ًار أردنيىًا‪ ،‬وثمانيىة وخمىس وسىبعون قرشىًا‪ ،‬ومىا زاد عليىه مب سىابه كمىا‬
‫ككرنا‪.2‬‬

‫‪ -3‬عروض اليجا ة‪:‬‬


‫عىىروض التج ىىارة هىىي ك ىىل الس ىىلع التىىي يتج ىىر بهىىا عل ىىى اخ ىىتالف أنواعهىىا‪ ،‬سى ىوا كان ىىم‬
‫أو منقولىىة‪ ،‬ويشىىترط فىىي زكاتهىىا النصىىاب وال ىىول‪ ،‬ونصىىابها هىىو نفىىس نصىىاب‬ ‫عقىىا ار‬
‫ال ه ‪ ،‬وعليه فعنىد إخىرال زكاتهىا تقىوم السىلع ورا هىا‪ ،‬فىيكا بل ىم (عاارين مثقااال) فىي‬
‫أول السىىنة‪ ،‬ثىىم انتهىىم السىىنة وهىىي كى لم‪ ،‬فعليهىىا اثنىىان ونصىىظ علىىى كىىل مائىىة‪ ،‬ومىىا زاد‬

‫‪‌1‬الكاساني‪‌:‬البدائع‌‪‌،16/2‬ابن‌جزي‪‌:‬القوانين‌الفقهية‌ص‌‪.94‬‬
‫‪‌2‬الزحيلي‪‌:‬الفقه‌اإلسالمي‌وأدلته‌‪.772/2‬‬
‫‪191‬‬
‫علىى كلىىم مب سىابه‪ ،‬وال طشىىترط أن تيلىغ عىىروض التجىارة نصىىاباً ىول السىىنة‪ ،‬بىل طكتفىىي‬
‫أن تيل ه أول السنة و خرها‪ ،‬وال يلتفم إلى النقصان خالل كلم‪.1‬‬

‫‪ -4‬رداة الز و والث ا ‪:‬‬


‫مىىن الثمىىار‪ ،‬وال نعىىة والشىىعير واألرز‬ ‫والعن ى‬ ‫بىىه مىىن مثىىل الر ى‬ ‫وت ىىون ميمىىا طقتىىا‬
‫اختيا ًار‪.‬‬ ‫من ال يوب‪ ،‬وكل ما طقتا‬ ‫والعد‬

‫فيهىا الزكىاة هو(خمسىة أوسىق)‪،‬‬ ‫أن تيل ىه حتىى تجى‬ ‫ونصاب الىزر والثمىار الى ي طجى‬
‫إخ ارنىىه علىىى ه ى ا النصاب(عشىىر) الثمىىار أو ال يىىوب إن كىىان السىىقي‬ ‫والمقىىد ار الوان ى‬
‫السقي المعروفة‪.2‬‬ ‫بما السما ‪ ،‬و(نصظ العشر) إن كان السقي بآال‬

‫‪ -5‬رداة اليووان (اإل ح والبقر والغ ‪:‬‬


‫فيه ىىا الزك ىىاة إال بش ىىروط مخصوص ىىة‬ ‫وهى ى ه األمى ىوال وغيره ىىا م ىىن أمى ىوال الزك ىىاة ال تجى ى‬
‫الفقه اإلسالمي فليرنىع إليهىا هنىار‪ ،‬ول ىن يهمنىا أن نى كر‬ ‫ومفصلة في م الها من كت‬
‫فىي هى ه‬ ‫من ه ه الشروط أحدها لتعلقه بب ثنا وهو شىرط (ال مااب ألن الزكىاة ال تجى‬
‫األموال إال إكا بلغ كل منها نصىاباً مقىد اًر شىرعاً‪ ،‬وإليىم نىدوالً ييىين أنصىبة زكىاة ال يىوان‬
‫إخرانها منها مقابل كل نصاب‪:‬‬ ‫ومقدار الزكاة الوان‬

‫أوال‪ :‬رداة اإل ح‪:‬‬


‫كّول ب نمب األ ح وال قّا الواك ىخراكع ع ّ دح نماب‬
‫القّ الواك ىخراكع‬ ‫ال ماب‬

‫ال زكاة فيها‬ ‫‪ 4-1‬من اإلبل‬

‫‪‌1‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪‌،116/1‬الموصلي‪‌:‬االختيار‌‪‌ .112/1‬‬
‫‪‌2‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌،462/1‬ابن‌جزي‪‌:‬القوانين‌الفقهية‌ص‌‪‌ .96‬‬
‫‪192‬‬
‫ن عة من النين‪ 1‬أو ثنية من المعز‪.2‬‬ ‫‪9-5‬‬

‫شاتان بيوصاف السابقة‬ ‫‪14-10‬‬

‫ثالثة شياه‪.‬‬ ‫‪19-15‬‬

‫أراعة شياه‪.‬‬ ‫‪24-20‬‬

‫ابنة مخاض من اإلبل‪ ،3‬فين عدمم فابن ليون‪ 4‬ككر‪.‬‬ ‫‪35-25‬‬

‫ابنة ليون‪.5‬‬ ‫‪45-36‬‬

‫حقة‪.6‬‬ ‫‪60-46‬‬

‫إخرانه عند كل نصاب‬ ‫تابع ندول بينصبة األبل والمقدار الوان‬

‫ال قّا الوك ىخراكع‬ ‫ال ماب‬

‫ن عة من اإلبل‪.7‬‬ ‫‪75-61‬‬

‫بنتا ليون‪.‬‬ ‫‪90-76‬‬

‫حقتان‪.‬‬ ‫‪120-91‬‬

‫‪‌1‬الخمسننة‌أوسننق‌تسنناوي‌‪ ‌653‬كغننم‌عننند‌جمهننور‌العلمنناء‌عنندا‌الحنيفننة‪‌.‬انظننر‌وهبننة‌الزحيلنني‪‌:‬الفقننه‌‬
‫اإلسننالمي‌وأدلتننه‌‪‌، 76/1‬وانظننر‌فنني‌مقنندار‌النصنناب‌الخطيننب‪‌:‬مغننني‌المحتنناج‌‪‌،382/1‬ابننن‌قدامننة‪‌:‬‬
‫المغني‌‪‌،547/2‬ابن‌جزي‪‌:‬القوانين‌الفقهية‌ص‌‪‌ .94‬‬
‫‪‌2‬الكاساني‪‌:‬البدائع‌‪‌،6/2‬ابن‌جزي‪‌:‬القوانين‌الفقهية‌ص‌‪‌،94‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌ .547/2‬‬
‫‪ ‌3‬بنت‌المخاض‌من‌اإلبل‌ما‌كان‌عمرها‌سنة‌ودخلت‌في‌الثانية‪‌،‬الخطيب‪‌:‬اإلقناع‌‪199/1‬‬
‫‪ ‌4‬ابن‌اللبون‌من‌اإلبل‌هو‌الذي‌له‌سنتان‌وطعن‌في‌الثالثة‪‌،‬المرجع‌السابق ‌‬
‫‪‌5‬بنت‌اللبون‌هي‌نفس‌ابن‌اللبون‪‌ .‬‬
‫‪ ‌6‬الحقة‌من‌اإلبل‌هي‌التي‌لها‌ثالث‌سنين‌وطعنت‌في‌الرابعة‪‌،‬المرجع‌السابق‪.‬‬
‫‪ ‌7‬الجذعة‌من‌اإلبل‌هي‌التي‌لها‌أربع‌سنين‌وطعنت‌في‌الخامسة‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌ .‬‬
‫‪193‬‬
‫ليون‪.‬‬ ‫ثالث بنا‬ ‫‪139-121‬‬

‫حقتان وانم ليون‪.‬‬ ‫‪149-140‬‬

‫ثالث حقا ‪.‬‬ ‫‪159-150‬‬

‫ليون‪.‬‬ ‫أراع بنا‬ ‫‪169-160‬‬

‫ليون‪.‬‬ ‫حقة وثالث بنا‬ ‫‪179-170‬‬

‫حقتان ونيتا ليون‪.‬‬ ‫‪189-180‬‬

‫ثالث حقائق وانم ليون‪.‬‬ ‫‪199-190‬‬

‫ليون‪.‬‬ ‫أراع حقا أو خمس بنا‬ ‫‪ 200‬من اإلبل‬

‫أما ما زاد على المائتين ففي كل أراعين ابنة ليون وفي كل خمسين حقة‪.1‬‬

‫ثان ا‪ :‬رداة البقر‪:‬‬


‫ال قّا الوك ىخراكع‬ ‫ال ماب‬

‫ال زكاة فيها‪.‬‬ ‫‪ 290-1‬من البقر‬

‫تييع‪ 2‬وتقيل منه تييعه أنثى‪.‬‬ ‫‪39-30‬‬

‫مسنة أنثىى‪ 3‬فىين عىدمم فىي بقىرة األنثىى قيىل مىن مسىن‬ ‫‪59-40‬‬
‫ككر‬

‫‪‌1‬الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌،369/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪‌ .436/2‬‬
‫‪ ‌2‬التبيع‌من‌البقر‌هو‌ما‌كان‌عمنره‌سننة‪‌،‬سنمي‌بنذلك‌ألننه‌يت بنع‌أمنه‌فني‌المرعنى‪‌،‬الخطينب‪‌:‬اإلقنناع‌‬
‫‪‌ .200/1‬‬
‫‪ ‌3‬المسن‌أو‌المسنة‪‌:‬هو‌ما‌كان‌عمره‌سنتان‌وطعن‌في‌الثالثة‪‌،‬نفس‌المرجع‌السابق‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫تييعان‪.‬‬ ‫‪69-60‬‬

‫مسنة وتييع‬ ‫‪69-70‬‬

‫مسنتان‪.‬‬ ‫‪89-80‬‬

‫ثالثة أتبعة‪.‬‬ ‫‪99-90‬‬

‫مسنة ونييعان‪.‬‬ ‫‪109-100‬‬

‫مسنتان وتييع‪.‬‬ ‫‪119-110‬‬

‫أو أراعة أتبعة‪.‬‬ ‫ثالث مسنا‬ ‫‪120‬‬

‫‪1‬‬
‫وما زاد على ه ا العدد ففي كل ثالثين تييعاً‪ ،‬وفي كل أراعين مسنة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬رداة الغ ‪:‬‬


‫ال قّا الوك ىخراكع‬ ‫ال ماب‬

‫ال زكاة فيها‪.‬‬ ‫‪ 39-1‬من ال نم‬

‫ن عة أو ثنية من ال نم‪.2‬‬ ‫‪120-40‬‬

‫شاتان‪.‬‬ ‫‪200-121‬‬

‫ثالث شياه‪.‬‬ ‫‪399-201‬‬

‫أراع شياه‪.‬‬ ‫‪400‬‬

‫‪‌1‬الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌،374/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬المغني‌‪.455/5‬‬
‫‪ ‌2‬إن‌كان‌الغنم‌أصغر‌من‌سنة‌أو‌من‌ستة‌فيلخذ‌منه‌شاة‌بمثل‌سنة‪‌ .‬‬
‫‪195‬‬
‫وما زاد على األراع مائة ففي كل مائة شاة‪.1‬‬

‫رداة ال عادن‪:‬‬
‫والفن ىىة والجى ىواهر‬ ‫وه ىىي ك ىىل م ىىا طس ىىتخرل م ىىن األرض م ىىن المع ىىادن والص ىىلبة كالى ى ه‬
‫واألحجار ال ريمة والف م ال جري‪ ،‬أو السائلة كالنف والقار‪ ...‬الا‪.‬‬

‫ويش ىىترط لزك ىىاة هى ى ه المع ىىادن أن تيل ىىغ النص ىىاب‪ ،‬ونص ىىابها ه ىىو نف ىىس الى ى ه ‪ ،‬أي بع ىىد‬
‫فيه ىىا را ىىع‬ ‫اس ىىتخرانها وتنقيته ىىا م ىىن الشى ىوائ ‪ ،‬إن بل ىىم إليمته ىىا عاااارين مثقااااال ونى ى‬
‫العشر‪ ،‬أي (‪)%2.5‬‬

‫أمىا الخىارل مىن الب ىر كىاللؤلؤ والمرنىان والعنيىر فىال زكىاة لىه‪ ،‬وقيىل أن ميىه زكىاة واألول‬
‫أولى‪.2‬‬

‫‪ -7‬الردار‪:‬‬
‫وهو كل ما وند مدفونًا في األرض‪ ،‬وعلم أنه ليس لمالم مسلم‪ ،‬كين ت ون عليه عالمىة‬
‫تدل على كلم‪ ،‬ف يه(الخ س)‪ ،‬أما إكا علىم أن هى ا الركىاز طعىود لمسىلم فىال شىي عليىه‪،‬‬
‫وال حق ميه لوانده‪ ،‬ويعتير لقعة‪ ،‬وتسري عليه أحكام اللقعة‪.‬‬

‫هىى ا كلىىه إكا ونىىد فىىي أرض غيىىر مملوكىىة‪ ،‬أمىىا إكا ونىىد فىىي أرض مملوكىىة فىىال شىىي‬
‫لوانده بل هو لمالم األرض وعليه إخرال خمسة إن كان ليس لمسلم‪.3‬‬

‫أخىرى‬ ‫ه ا‪ ،‬وحديثنا السابق كله كان عن الزكىاة المفروضىة ‪ ،‬مىع العلىم أن هنىار زكىوا‬
‫غيىىر مفروضىىة‪ ،‬هىىي رداااة اليطااو ‪ ،‬وه ى ه تعتيىىر عىىامالً هام ىاً مىىن عوامىىل إزكىىا النشىىاط‬

‫‪‌1‬الكاساني‪‌:‬بدائع‌الصنائع‌‪‌،28/2‬الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌ .374/1‬‬
‫‪‌2‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪‌،17/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬الكافي‌‪‌ .312/1‬‬
‫‪‌3‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪‌،18/1‬ابن‌قدامة‪‌:‬الكافي‌‪.313/1‬‬
‫‪196‬‬
‫االقتصىىادي‪ ،‬ول ىىن ال نعتيره ىىا م ىىورداً م ىىن مىىوارد بي ىىم الم ىىال‪ ،‬لع ىىدم ونواه ىىا‪ ،‬وألن أم ىىر‬
‫إخرانها‪ ،‬وإليمة المخرل منها مترور للمزكي نفسه‪.‬‬

‫المورد الثاني من موارد بيت المال‪ :‬الجزية‪:‬‬


‫الجزيىىة هىىي المىىال المىىيخوك مىىن أهىىل ال تىىاب(اليهود والنصىىارى) وممىىن لهىىم شىىبه كتىىاب‬
‫(المجىىو ) بالت ارضىىي مقابىىل امتنىىا المسىىلمين عىىن قتىىالهم‪ ،‬وحقىىنهم لىىدمائهم وأم ىوالهم‪،1‬‬
‫وسميم نزية ألنها تؤخ مىنهم نى از علىى عىدم إسىالمهم‪ ،‬أو نى از للمسىلمين علىى عىدم‬
‫قتالهم وال ب عنهم‪.2‬‬

‫ودليل مشروعيتها هو قوله تعالى‪ َُ ﴿ :‬الزَا الخ اذي َ ََل يَّلز رِابغزَ َه اَّلل خكا َوََل اَّلللرهََّل رَام راْلَ اخَّل اَّ‬
‫ا‬ ‫اك وربَلزن وََل ي ا يغَ َه ادي ر ا ا‬
‫ُب‬ ‫اْلَ اء ب َ الخذي َ َلزوزَا الروتَ َ‬ ‫َ‬ ‫َوََل زَيَ اَّزبَ َه َبُ َحخََّم خز َ َ ز ز َ َ ز‬
‫ه﴾‪.3‬‬ ‫اْلاَيَ ع ي َن و ص ا‬
‫ُغزَّو َ‬ ‫َح خَّت يَّلز رعئزَا ر ر َ َ ر َ َ ز ر َ‬
‫شروط أخذ الجزية‪:‬‬
‫وال تؤخ الجزية إال ممن تىوفر فىيهم خمسىة شىروط الى كورة واليلىوغ والعقىل وال ريىة وأن‬
‫طكون من أهىل ال تىاب أو ممىن لهىم شىيهة كتىاب‪ ،‬وعليىه فىال يؤخى مىن النسىا والصىييان‬
‫والعييد والمجانين‪.4‬‬

‫مقدار الجزية‪:‬‬
‫اخت لىىظ فقهىىا المسىىلمين فىىي ت ديىىد مقىىدار الجزيىىة‪ :‬فعنىىد ال ن يىىة أنهىىا تؤخ ى مىىن ال نىىي‬
‫ثمانيىىة وأراعىىين درهمى ىًا‪ ،‬ومىىن المتوس ى أراع ىىة وعشىىرين درهمىىًا‪ ،‬وم ىىن الفقيىىر اثنىىا عش ىىر‬
‫درهمًا‪.‬‬

‫‪‌1‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‪.133/2‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .181‬‬
‫‪‌3‬سورة‌التوبة‌‪‌:‬اآلية‌‪‌ .29‬‬
‫‪‌4‬الماوردي‪‌:‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌،183‬الحصني‪‌:‬المرجع‌السابق‌‪‌ .133/2‬‬
‫‪197‬‬
‫وعنىىد اإلمىىام م الىىم أن حىىاكم المسىىلمين طجتهىىد فىىي تقىىدير أقلهىىا وأكثرهىىا‪ ،‬وأمىىا الشىىافعية‬
‫حال الميخوك منهم‪ ،1‬وتج‬ ‫فقرروا أن أقلها دينار‪ ،‬ولل اكم أن طجتهد في أكثرها ب س‬
‫بشرو ها ه ه على من ككرنا في كل عام مرة‪.2‬‬

‫المورد الثالث‪ :‬الخراج‪:‬‬


‫وهو ضريبة مفروضىة علىى أ ارضىي غيىر المسىلمين مقابىل انتفىاعهم بهىا وكىف المسىلمين‬
‫األكى عنهم‪.3‬‬

‫وأول مىىن فىىرض ه ى ه الن ىريبة هىىو اميىىر المىىؤمنين عمىىر بىىن الخعىىاب ‪ ،‬حينمىىا أبقىىى‬
‫أرض العى ى ار فى ىىي أي ىىدي أهلهى ىىا بعىىىد أن فت هى ىىا المس ىىلمون مقابى ىىل ضى ىريبة سى ىىنوية تى ىىدفع‬
‫للمسلمين‪.4‬‬

‫نىو األرض‪ ،‬ونىو‬ ‫ولت ديد مقدار الخرال ينظر إلى كل أرض على حدة‪ ،‬مي دد ب سى‬
‫الفقه‪.5‬‬ ‫ما يزر فيها‪ ،‬وتراعي فيها شروط أخرى نصم عليها كت‬

‫المورد الرابع‪ :‬العشور‪:‬‬


‫العشور نمىع (عاار) وهىو مىا تؤخى مىن ضىريبة علىى أمىوال أهىل ال مىة المعىدة للتجىارة‪،‬‬
‫ومىن أمىوال ال ىرايين إكا دخلىوا بتجىارتهم بىالد المسىلمين بىىيكن مىنهم‪ ،‬ويىدفع الى مي علىىى‬
‫تجارتىىه ضىريبة نمااف عااار إليمتهىىا‪ ،‬أمىىا ال راىىي فيىىدفع عشىىر إليمىىة تجارتىىه أو مىىاي راه‬
‫حاكم المسلمين مناسباً‪.6‬‬

‫‪‌1‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .184‬‬
‫‪‌2‬المرجع‌السابق‪‌ .‬‬
‫‪‌3‬المرجع‌السابق‌ص‌‪‌ .186‬‬
‫‪‌4‬ابن‌الهمام‪‌:‬فتح‌القدير‌‪‌،470/5‬الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌،134/4‬كشاف‌القناع‌‪‌ .94/3‬‬
‫‪‌5‬أبو‌عبيد‪‌:‬األموال‌ص‌‪‌ .474‬‬
‫‪‌6‬الشيرازي‪‌:‬المهذب‌‪‌ .244/2‬‬
‫‪198‬‬
‫المورد الخامس‪ :‬الغنائم‪:‬‬
‫ال نىىائم فىىي الشىىر هىىي‪ :‬مااا أخااذ ماان الكفااا بإمجاااف الخوااح والرداااب‪ ،1‬ومعنىىي إطجىىاف‬
‫الخيل‪ ،‬أي سىيرة إلىى ال ىرب‪ ،2‬ومىن هنىا طسىتفاد أن ال نيمىة هىي مىا حىازه المسىلمون مىن‬
‫ال رب‪.‬‬ ‫أموال ال فار بسي‬

‫ودلوح ماروعويها‪:‬‬
‫أقىر هللا عىز ونىل المسىلمين‬ ‫‪ ،3‬حيى‬ ‫َو راعلَ زَِا َلَخَّنََّلُ َغغا رَِّلتز ر ابَّل ر َيَّل ر َنَ‬ ‫قوله تعالى‪:‬‬

‫على ما غنموه من أعدائهم ‪ ،‬واىين لهىم كي يىة قسىمته‪ ،‬وكى لم نىا عىن النيىي‪ ‬قولىه ‪":‬‬
‫‪ ..‬فل ا تيااح الغ ااائ ألحااّ ماان قبل ااا‪ ،‬ذلااك ب ا ن أ تبااا س وتعااالج أر ضااعف ا وعجزنااا‬
‫فطوبها ل ا"‪.4‬‬

‫وينقسم ه ا المورد المالي(الغ ائ ) إلى أراعة أقسىام هىي ‪ :‬األسىرى‪ ،‬والسىيي‪ ،‬واأل ارضىي‪،‬‬
‫واألموال المنقولة‪.5‬‬

‫أ‪‌ .‬أماااا األسااارر‪ :‬فهىىم الرنىىال البىىال ون العىىاقلون المقىىاتلون م ىن ال فىىار‪ ،‬وه ىؤال أمىىرهم‬
‫موكىىول إلى ىى ح ىىاكم المس ىىلمين أو نائبىىه‪ ،‬طفعى ىل به ىىم أح ىىد أمىىور أراع ىىة إكا بقى ىوا عل ىىى‬
‫كفرهم‪ :‬فيما أن طقتلهم‪ ،‬وإما أن طسترقهم‪ ،‬وإما أن طفىادوا بالمىال أو بيسىرى المسىلمين‬
‫المونودين بييدي ال فار‪ ،‬أو طمن عليهم بي ال سراحهم‪.‬‬

‫‪‌1‬الركبي‪‌:‬النظم‌المستعذب‌‪‌ .244/2‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌مسلم‌‪‌،53/12‬ح‌‪.1747‬‬
‫‪‌3‬سورة‌األنفال‌من‌اآلية‌‪.41‬‬
‫‪‌4‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ 167‬‬
‫‪‌5‬أبو‌يعلي‌الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .141‬‬
‫‪199‬‬
‫ب‪‌.‬وأماا البابي‪ :‬فهىىم النسىا والصىييان الى ين ط نمىون فىي ال ىىرب وهىؤال ال طقتلىون بىىل‬
‫يوزعىىون علىىى الم ىىاراين كسىىائر أمىىوال ال نيم ىىة‪ ،‬فىىال تو ىىي ح ىىاملهم حتىىى تل ىىد‪ ،‬وال‬
‫حائلهم حتى ت يض‪.‬‬
‫فىىيكا أراد ال ىىاكم أن طفىىادي السىىيي بالمىىال‪ ،‬فينىىه طجىىوز لىىه كلىىم‪ ،‬ويىىوز فىىدااهم علىىى‬
‫ال انمين‪ ،‬أما إكا أراد اإلمىام اسىتيدال السىيي بيسىرى المسىلمين المونىودين فىي أيىدي‬
‫ال فار فينه طجوز له كلم بشرط أن طعوض ال انمين بدلهم‪ ،‬وإن أراد أن طمىن علىيهم‬
‫بي ال سراحهم فليس له كلم‪ ،‬إال أن يرضى ال انمون‪.1‬‬
‫‪‌.‬أما األ اضي‪ :‬فلها ثالث حاال ‪:‬‬
‫األولااج‪ :‬األ ارضىىي التىىي اسىىتولى عليهىىا نىىيح المسىىلمين بالقتىىال‪ :‬فه ى ه اختلىىظ فيهىىا‬
‫بىىين قائىىل بجعلهىىا وقفىىاً علىىى كىىل المسىىلمين‪ ،‬وقائىىل بقسىىمتها علىىى‬ ‫فقهىىا الم ى اه‬
‫الجيح ال ي غنمها‪ ،‬وقائل بجعلها في أيدي أهلها األصليين على أن يدفعوا خرانها‬
‫للمسلمين‪.2‬‬
‫ونقول في ه ا‪ :‬إن األمام مخير في ه ه األمور كلها طختار أصل ها للرةية‪.‬‬
‫اليالااا الثان اااا ‪ :‬األ ارض ىىي الت ىىي رح ىىل عنه ىىا أصى ى ابها وتركوه ىىا خوفى ىاً م ىىن ن ىىيح‬
‫المسىلمين‪ :‬فهى ه توقىىظ‪ ،‬ويوظىظ فيهىىا مسىىلمون أو أصى ابها‪ ،‬علىىى أن يىىدفعوا لييىىم‬
‫المال خرانها أو عشور ثمارها إن زرعوا‪.‬‬
‫اليال الثالث ‪ :‬األراضي التي استولى عليهىا المسىلمون صىل اً مىع أهلهىا علىى شىرط‬
‫أن تبقىىى فىىي أيىىديهم‪ :‬فه ى ه إمىىا إن ت ىىون مل يتهىىا للمسىىلمين ميمنىىع علىىيهم بيعهىىا أو‬
‫التصرف فيها بيي تصرف يؤثر في مل يتها‪ ،‬وعليهم دفع خرانها لييم المال‪.‬‬
‫وإمىىا أن ت ىىون مل يتهىىا لهىىم (أي ألص ى ابها) فيتمكنىىون مىىن بيعهىىا أو التصىىرف فيهىىا‬
‫كما يرون‪ ،‬على أن يؤدوا خرانها أطناً‪.‬‬

‫‪‌1‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .171‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .171‬‬
‫‪200‬‬
‫ث‪ .‬وأما ألموال ال قول ‪ :‬فقسم على ال انمين‪ 1‬كما سنيين كلم عند ال دي ‪.‬‬

‫المورد السادس‪ :‬الفيء‬


‫والفي هو ما أخ من ال فار بىدون قتىال‪ ،‬كىين طكونىوا قىد تركىوه خوفىاً مىن المسىلمين‪،‬‬
‫أو دفعوه للمسلمين مقابل كف القتال عنهم‪.‬‬

‫ودلوح ماروعويع الفيء‪:‬‬


‫اكز َعلََّل َر زبَّلَّلَلاان ابَّلرغَّل زن ر وَ ََِّلَّلُ َل رَو َْرَّلَّلتز ر َعلَرهَّل اَّلن ابَّل ر َخرهَّل َنَّلَ‬ ‫قولىه تعىىالى ‪َ ‬وَبَّلَّلُ َلَوََّلَّلََُ خ‬
‫اكز َعلَ َّل زََّل اَّلَ َي َّل ر َنَ‬ ‫ر زر زب َّللَنز َعلَ َّل َب َّل ر يَ َ َّلَّلَُز َو خ‬ ‫اكَ يز ََِّلَّللا ز‬
‫َّلُب َولَ او َّل خ خ‬
‫وََل ارَََّل َن‬
‫َ‬
‫َ ا يَّ ‪.2‬‬
‫ٌ‬
‫بيىىم‬ ‫علىىى نفقىىا‬ ‫ه ى ا‪ ،‬ويصىىرف الفىىي فىىي المصىىارف التىىي سىىنيينها عنىىد ال ىىدي‬
‫المال‪.‬‬

‫المورد السابع‪ :‬ما يدخل المال بيت المال بغير الطرق السابقة‬
‫السىابقة‪ ،‬كىاألموال التىىي‬ ‫هىو مىا يىدخل بيىم مىال المسىلمين عىن ريىق غيىر العىر‬
‫تلتق وال طعرف أص ابها‪ ،‬كيموال من طمىو مىن المسىلمين ولىيس لىه ورثىة‪ ،‬وكى لم‬
‫األم ىوال الم صىىواة والودائىىع التىىي ال طعىىرف مال هىىا‪ ،‬وك ى لم مىىا تسىىتثمره الدولىىة مىىن‬
‫التي طفرضها ولي‬ ‫أخرى بين تؤنره للمنتفعين‪ ،‬أو النرائ‬ ‫الدولة أراض أو عقا ار‬
‫األمر عند النرورة‪ ،‬وغير كلم‪.‬‬
‫واىىالنظر ميمىىا سىىيق نجىىد أن الزكىىاة بينواعهىىا مىىن أهىىم م ىوارد بيىىم المىىال‪ ،‬وأنهىىا ب ىىد‬
‫كاتهىا مصىىدر دخىل قىىومي للدولىة ال طسىىتهان بىىه ‪ ،‬وأن روافىد بيىىم المىال‪ ،‬كلىىم ألنهىىا‬
‫قصد بها تعيد هللا تعالى‪ ،‬مما طنمن التزام المكلفين بدفعها‪ ،‬وعدم تفلتهم منها‪ ،‬كي‬

‫‪‌1‬الشيرازي‪‌:‬المهذب‌‪.247/2‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الحشر‌األية‌‪‌ .6‬‬
‫‪201‬‬
‫طفىىوزوا برضىىى هللا خوفىاً مىىن عقابىىه‪ ،‬وكى لم فهىىي مفروضىىة بشىىروط ال ظلىىم فيهىىا وال‬
‫المكلفىىين الماليىىة‪ ،‬ممىىا طنىىمن أن يؤديهىىا أكيىىر‬ ‫مىىع امكانىىا‬ ‫إن ىىاف‪ ،‬وامىىا يتناسى‬
‫من موارد بيم المال‪.‬‬ ‫عدد ممكن من النا ‪ ،‬فهي على ه ا مورد ال ينن‬
‫وك لم نقول في العشور‪ ،‬فهو مورد دائم أطنًا‪ ،‬كلم ألنه ضريبة تجيى عىن بنىائع‬
‫غير المسلمين التي تمر في بالدهم ‪ ،‬وه ا أمر غير منقعع‪.‬‬
‫أما عىن ال نىائم والفىي والجزيىة‪ ،‬فهى ه مىوارد رغىم أهميتهىا‪ ،‬وغ ازرتهىا‪ ،‬إال أنهىا مىوارد‬
‫غيىىر دائمىىة‪ ،‬أو غيىىر منتظمىىة ومسىىتقرة‪ ،‬كلىىم ألن نيىىوش المسىىلمين قىىد تفتىىر‪ ،‬أو قىىد‬
‫تتباعد الفت ار بين ال روب ل لم فين ه ه الموارد تقع في المرتبة الثانية بعد الزكاة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نفقات بيت المال‪:‬‬


‫وينفق من بيم مال المسلمين في الونوه اآلتية‪:‬‬

‫صَّل َ َُ ز‬ ‫‪ -1‬مما ف الزدااة‪ :‬ومصىارف الزكىاة منصىوص عليهىا قولىه تعىالى‪﴿ :‬اخَّنََّلُ ال خ‬
‫َل َعلَرهَّل َنَّل َّل َّلَّلُ َوالر زِ َِلخَر َّل َّل َّل اَ زَّللزَّل َّل َّلَّلَنَّلز زن ر َوام ا‬
‫الَََّّل َّل َّل ا‬
‫َّلُب‬ ‫اا‬ ‫لارل زرََّل َّل َّلَّلَّ ااَ والرَِِّل َّل َّلَّلَُا ا‬
‫َل َوالر َعَّل َّل َّلَّلُبل َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫اك علاَّله ح ا‬ ‫اكا‬ ‫اكا واانَّل ا ال خَِّلا اهَ وَ اَّيَِّلَن ا‬ ‫ا‬
‫وَّله ﴾‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫َّل‬‫ب‬ ‫َل َوام َبَّلا اهَ خ َ ر‬ ‫َوالر َُ ارب َ‬
‫‪1‬‬
‫َ َ َ ز ٌ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫فهؤال أصناف ثمانية تصرف إليهم الزكاة‪.‬‬
‫الم ف األول‪ :‬الفقراء‪ :‬والفقير هو ال ي ال مال له وال كس ‪.‬‬
‫الما ف الثاااني‪ :‬ال بااكون‪ :‬والمسىىكين هىىو مىىن كىىان عنىىده أقىىل ممىىا طك يىىه‪ ،‬كىىين ت ىىون‬
‫كفايته خمسة دنانير مثالً فال طكون عنده إال أراعة‪.‬‬
‫الم ف الثالث‪ :‬العاملون علوها‪ :‬وهم نبىاه الزكىاة الى ين تعيىنهم الدولىة لجمىع مىا ونى‬
‫من الزكاة‪ ،‬فلهم أنرهم على ه ه الوظيفة من االموال التىي طجمعونهىا بقىدر‬ ‫على النا‬
‫ال فاطة أو حسبما يري ولي األمر‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌التوبة‪‌،‬اآلية‌‪.60‬‬
‫‪202‬‬
‫الما ف الراباع‪ :‬ال ؤلفا قلاوبه ‪ :‬وهىم مسىلمون ضىعيف إسىالمهم‪ ،‬ميععىون مىن الزكىاة‬
‫استمالة لهم إلى اإلسالم وترغيبًا لهم ميه‪.‬‬
‫هىىو الى ي عقىىدًا مىىع‬ ‫الما ف الخااامس‪ :‬الرقاااب‪ :‬وهىىم العييىد المكىىاتيون‪ ،‬والعيىىد المكاتى‬
‫ويشتري نفسه منه‪ ،‬ويععى هؤال مىن أمىوال الزكىاة إعانىة‬ ‫سيده على ان طعمل ويكتس‬
‫لهىىم علىىى ش ى ار أنفسىىهم‪ ،‬وحصىوالً علىىى حىريتهم‪ ،‬وه ى ا مظهىىر مىىن مظىىاهر الدالىىة علىىى‬
‫حرص اإلسالم على م اراة الر وت رير العييد‪.‬‬
‫الم ف البادس‪ :‬الغا مون‪ :‬وهم أص اب الديون‪ ،‬وهم أنوا ‪:‬‬
‫ال اااو األول‪ :‬أش ىىخاص اس ىىتدانوا ل ىىانتهم لإلنف ىىا عل ىىى أنفس ىىهم أو ل ىىع م ىىن طعيل ىىون‪،‬‬
‫ميععى هؤال من الزكاة ما يوفون به ديونهم إن لم طكن هندهم مىا يوفىون بىه‪ ،‬وإن كىان‬
‫عندهم مال ال طكفي للوفار بالدين أكمل لهم من الزكاة ما يوفي دينهم‪.‬‬
‫ال ااو الثاااني‪ :‬أشىىخاص اسىىتدانوا مىىن أنىىل اإلصىىالب بىىين النىىا ‪ ،‬كىىدفع دطىىة قتيىىل أو‬
‫غير كلم‪ ،‬فهؤال طععون سوا معهم ما يوفون به الدين أم ال‪.‬‬
‫ال ااو الثالااث‪ :‬أن طكىىون الىىدين مىىن أنىىل ضىىمان شىىخص معىىين‪ ،‬كىىين طنىىمن شىىخص‬
‫شخصىًا خىىر علىىى أن يىىدفع مىىا اقترضىىه مىىن شىىخص ثالى ‪ ،‬فىىال طسىىتعيع المقتىىرض ان‬
‫يدفع ما افترضه‪ ،‬ويكون النامن معس ًار ميستدين من انل الوفا بشرط النمان‪ ،‬فهى ا‬
‫طععي من الزكاة أطنا للوفا بما استدان‪.‬‬
‫لهىىم فىىي الفىىي ميععىىى‬ ‫الم ا ف البااابع‪ :‬فىىي سىىييل هللا‪ :‬وهىىم الجنىىود ال ى ين ال نصىىي‬
‫هؤال من المال والسالب ما طساعدهم على الجهاد في سييل هللا‪.‬‬
‫الم ف الثامن‪ :‬ابن السييل‪ :‬وهو المسافر ميععى من الزكاة بشرط إال طكىون سىفره فىي‬
‫معصية‪.1‬‬

‫‪‌1‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪‌ .121/1‬‬
‫‪203‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ -2‬مما يف الغ‬
‫ال نيمة تقسم خمسة أخما ‪ ،‬أراعة منها لل انمين‪ ،‬والخمس األخير لعصناف الم كورين‬

‫بقولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬و راعلَ زِ َّلَا َلَخَّنَّلََّلُ َغغا رَِّلَّلتز ر اب َّل ر َي َّل ر َنَ وََّلوَ خه اخكا زلز ََِّلَّلنز َولالخَّ زبَّلَّلَا َولاَّل اَّلذي‬
‫‪1‬‬
‫هَ﴾‬‫َل َوانر ا ال خِا ا‬ ‫الر زََََّب والرهََّلتَ َُب والرَُِِا ا‬
‫َ ََ‬ ‫ر َ‬
‫عىن مصىارف الزكىاة ‪ ،‬وأمىا‬ ‫أما اليتامى والمساكين وابن السىييل فقىد بينىاهم عنىد ال ىدي‬
‫الرسىىول فقىىد كىىا ينفىىق منىىه علىىى نفسىىه وعلىىى زوناتىىه وعلىىى مصىىال ه فىىي حياتىىه‪،‬‬ ‫نصىىي‬
‫واعد وفاته فين ه ه ال صة تنفىق فىي مصىالا المسىلمين العامىة‪ ،‬كتسىليا الجىيح‪ ،‬وانىا‬
‫المرافق العامة في الدولة‪.‬‬

‫وانىي عيىد‬ ‫وأما حم ذوس القربج‪ :‬فهي حصة أقارب النيي من بني هاشم واني العلى‬
‫مناف‪ ،‬فتوز ه ه ال صة نميعًا‪.2‬‬

‫‪ -3‬مما يف الفيء‪:‬‬
‫للجىىيح ومصىىالا المسىىلمين والخمىىس‬ ‫والفىىي أطن ىاً طخمىىس فتصىىرف أراعىىة أخمىىا‬
‫األخير طصرف على من صرف عليهم خمس ال نيمة الم كور سابقًا‪.3‬‬
‫وهك ا فين كل مال يوند في بيم المال وال طعرف مال ه فينه طقسم قسمة الفي ‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌االنفال‌من‌اآلية‌‪.41‬‬
‫‪‌2‬الشيراوي‪‌:‬المهذب‌‪‌ .247/2‬‬
‫‪‌3‬الحصني‪‌:‬كفاية‌األخيار‌‪‌ .132/2‬‬
‫‪204‬‬
‫تذكر‬
‫الفمح الخامس ‪ :‬ال ظاإ االقيمادس ‪:‬‬
‫التىىي تىىنظم ال يىىاة االقتصىىادطة علىىى‬ ‫‪ ‬النظ ىىام االقتصىىادي هىىو مجموعىىة التشىىريعا‬
‫مستوى الفرد والدولة‪.‬‬
‫عقائىدي ويىدل علىى كلىم مىا يلىي ‪:‬‬ ‫‪ ‬النظام االقتصادي في اإلسالم قائم على أسىا‬
‫أن الملم هلل وحده وأن المال ملم هلل تعىالى ‪ ،‬وأن الىدنيا وسىيلة الىى اآلخىرة وليسىم‬
‫هي غاطة‪.‬‬
‫‪ ‬ويقوم النظىام االقتصىادي فىي اإلسىالم علىى ثالثىة مبىاد رئيسىية هىي ‪ :‬إقىرار حريىة‬
‫العمل ‪ ،‬وإقرار المل ية الفردطة ‪ ،‬وتشريع نظام المواري ‪.‬‬
‫‪ ‬ولقىىد قىىرر اإلسىىالم حريىىة العمىىل للفوائىىد التاليىىة‪ :‬ال فىىاظ علىىى ك ارمىىة االنسىىان وعىىدم‬
‫االنسىان‬ ‫تقييد حريته عن ريق انباره على ممارسىة أعمىال م ىددة‪ ،‬وتنميىة مواهى‬
‫واست اللها‪ ،‬مع العلم بين حرية العمل في اإلسالم مقيدة بعدم اإلضرار بال ير‪.‬‬
‫‪ ‬والمل ية في االسالم هي اختصىاص انسىان بشىي طخولىه شىرعًا االنتفىا والتصىرف‬
‫ميه وحد ابتدا إال لمانع‪.‬‬
‫‪ ‬وللمل يىىة الفردطىىة فىىي اإلسىىالم فوائىىد هىىي‪ :‬مسىىايرة فعىرة اإلنسىىان ‪ ،‬وت ريىىر اإلنسىىان‬
‫من األكى والعيودطة‪.‬‬
‫التىي تمنىع االعتىدا عليهىا‪،‬‬ ‫‪ ‬وقد حمى اإلسالم المل ية الفردطة بكثير من التشريعا‬
‫وفي المقابل قيدها بمجموعة من القيود‪:‬‬

‫‪205‬‬
‫حدد أسباب الملىم باالسىتيال علىى‬ ‫‪ ‬فمنها قيود ترنع الى أصل الملم وسيبه‪ :‬حي‬
‫والعقود المشروعة ‪ ،‬واالميراث ‪.‬‬ ‫‪ ،‬والتصرفا‬ ‫المباحا‬
‫استمرارها ونمائها‪.‬‬ ‫‪ ‬ومنها القيود الواقعة على المل ية بسي‬
‫الىىى ورثتىىه االحيىىا ‪ ،‬س ىوا كىىان المتىىرور‬ ‫‪ ‬واالرث هىىو انتقىىال مىىا كىىان طمل ىىه المي ى‬
‫ال‪ ،‬أ عقا ًار‪ ،‬أم حقًا من ال قو الشرةية‪ ،‬وهو مشرو بال تاب والسنة واالنما ‪.‬‬
‫ما ً‬
‫‪ ‬وفائىىدة تشىريع اإلرث تت قىىق مىىن خىىالل ‪ :‬انىىه يليىىي رغبىىة االنسىىان فىىي تخليىىد ككىراه‪،‬‬
‫انىىه يرسىىى ميىىدأ العىىدل‪ ،‬هىىو ضىىمان انتمىىاعي داخىىل االسىرة الواحىىدة ن وميىىه تنشىىي‬
‫لالقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬ويمتاز النظام االقتصادي في اإلسالم بالخصائص التالية‪ :‬الوسعية‪ ،‬ومراعاة فعىرة‬
‫نميع األفراد‪.‬‬ ‫االنسان‪ ،‬وسد حانا‬
‫‪ ‬بي ىىم الم ىىال مص ىىعلا إس ىىالمي ‪ ،‬طقاب ىىل م ىىا طع ىىرف الي ىىوم( ب ىىو ازرة المالي ىىة ‪ ،‬أو و ازرة‬
‫االقتصاد‪ ،‬أو و ازرة الخزانة)‪ ،‬وقد نشي ليكون مشرفًا على نشاط الدولة االقتصىادي ‪،‬‬
‫وصاد ار ‪.‬‬ ‫وعلى ماليتها العامة من واردا‬
‫‪ ‬وتن صر موارد بيم المال في التالي‪ :‬الزكاة‪ ،‬الجزية ن والخرال‪ ،‬والعشور‪ ،‬وال نائم‬
‫‪ ،‬والفي ‪ ،‬وغير كلم مما يدخل بيم مال المسلمين‪.‬‬
‫‪ ‬والزكىىاة فىىي الل ىىة‪ :‬هىىي النمىىو واليركىىة والزيىىادة والتعهيىىر‪ ،‬وفىىي الشىىر هىىي حىىق مىىا‬
‫في مال مخصوص ويصرف بقدر مخصوص ألشخاص مخصوصين‪.‬‬ ‫طج‬
‫والفنىة وعىروض التجىارة والىزرو والثمىار وال يوان(اإلبىل‬ ‫الزكاة فىي الى ه‬ ‫‪ ‬وتج‬
‫والبقر وال نم) والركاز والمعادن‪.‬‬
‫‪ ‬الجزيىىة هىىي المىىال المىىيخوك مىىن اهىىل ال تىىاب ( اليهىىود والنصىىارى) وممىىن لهىىم شىىبه‬
‫كتاب ( المجو ) بالت ارضىي‪ ،‬مقابىل امتنىا المسىلمين عىن قتىالهم‪ ،‬وحقىنهم لىدمائهم‬

‫‪206‬‬
‫وأمى ىوالهم ‪ ،‬وس ىىميم نزي ىىة ألنه ىىا تؤخى ى م ىىنهم نى ى از عل ىىى ع ىىدم إس ىىالمهم أو نى ى از‬
‫للمسلمين على عدم قتالهم وال ب عنهم‪.‬‬
‫‪ ‬وال تؤخى الجزيىىة إال ممىن تىىوفر فىىيهم خمسىة شىىروط ‪ :‬الى كور‪ ،‬واليلىىوغ ‪ ،‬والعقىىل ‪،‬‬
‫وال رية‪ ،‬وأن طكون من أهل ال تاب ‪ ،‬أو من لهم شيهة كتاب‪ ،‬وعليه فىال يؤخى مىن‬
‫النسا والصييان والعييد والمجانين‪.‬‬
‫‪ ‬والخىرال ض ىريبة مفروضىىة علىىى أ ارضىىي غيىىر المسىىلمين مقابىىل انتفىىاعهم بهىىا وكىىف‬
‫المسلمين األكى عنهم‪.‬‬
‫(عشر) وهو ما يؤخ من ضريبة على أموال أهل ال مة المعدة للتجارة‬
‫‪ ‬والعشور نمع ُ‬
‫ومن أموال ال رايين إكا دخلوا بتجارتهم بالد المسلمين بيكن هللا منهم‪.‬‬
‫‪ ‬ال نائم في الشر هي ‪ :‬ما أخ ال فار بيطجاف الخيل والركاب ‪.‬‬
‫‪ ‬والف ىىي ه ىىو م ىىا أخى ى م ىىن ال ف ىىار ب ىىدون قت ىىال ‪ ،‬ك ىىين طكونى ىوا ق ىىد ترك ىىوه خوفى ىًا م ىىن‬
‫المسلمين‪ ،‬أو دفعوه للمسلمين مقابل كف القتال عنهم‪.‬‬
‫بيى ىىم المى ىىال فى ىىي‪ :‬مصى ىىارف الزكى ىىاة الثمانيى ىىة‪ ،‬وصى ىىارف ال نى ىىائم‪،‬‬ ‫‪ ‬وتن صى ىىر نفقى ىىا‬
‫ومصارف الفي ‪.‬‬
‫‪ ‬وتصىىرف ال نيمىىة للفق ى ار والمسىىاكين‪ ،‬والعىىاملين عليهىىا‪ ،‬والمؤلفىىة قلىىواهم‪ ،‬والرقىىاب‪،‬‬
‫وال ارمون‪ ،‬وفي سييل هللا‪ ،‬وابن السييل‪.‬‬
‫؛‪،‬أراعىىة منهىا لل ىىانمين‪ ،‬والخمىس البىىاقي ينفىق للفقى ار‬ ‫‪ ‬وتقسىم ال نىائم خمسىىة اخمىا‬
‫والمساكين وابن السييل ول وي قرابة النيي ﷺ ولمصالا المسلمين‪.‬‬
‫‪ ‬وك لم طفعل بالفي فيوز أراع أخماسه على الجيح ومصىالا المسىلمين‪ ،‬والخمىس‬
‫الباقي طصرف ميما طصرف ميه خمس ال نيمة‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫الفصل السادس‬

‫نظام السياسة والحكم‬

‫وف ع خ ب مباحث‪:‬‬

‫ال بيث األول‪ :‬اليعريف بالب اس ‪.‬‬


‫ال بيث الثاني‪ :‬أه قواعّ ال ظاإ الب اسي في اإلسسإ‪.‬‬
‫ال بيث الثالث‪ :‬الّول في اإلسسإ‪.‬‬
‫ال بيث الرابع‪ :‬الرئاس في الّول اإلسسم ‪.‬‬
‫ال بيث الخامس‪ :‬الو ار ة‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫األهداف واملهارات‬

‫م من لّ اس هذا الفمح أن تيقق األهّاف اليال ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األهّاف‪:‬‬

‫‪ .5‬بيان مفهوم السياسة في اإلسالم والنظم السياسية‪.‬‬


‫‪ .6‬معرفة خصائص السياسة في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .7‬معرفة األسس التي طقوم عليها الدولة في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .8‬التعرف على رئاسة الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .9‬بيان ماوية الو ازرة في الدولة اإلسالمية‪.‬‬

‫ثان ا‪ :‬ال ها ات والخبرات‬


‫‪ .4‬ال كم على ما إكا كان نظام ال كم في الدولة إسالمياً أم ال‪.‬‬
‫التي ترد حول نظام ال كم في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ .5‬د أر الشيها‬

‫‪209‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫ال‬
‫عىىن الىىنظم اإلسىىالمية أن نعقىىد فصىى ً‬ ‫أنىىه لمىىن األهميىىة بمكىىان ون ىىن نتنىىاول ال ىىدي‬
‫مستقالً عن النظام السياسي أو نظام ال كم في اإلسىالم‪ ،‬خاصىة بعىد غيىاب هى ا النظىام‬
‫حتىىى مىىن‬ ‫عىىن أرض الواقىىع من ى فت ىرة ويلىىة‪ ،‬نىىتج عنىىه أن شىىا بىىين كثيىىر مىىن النىىا‬
‫المثقفىىين اعتقىىاد بينىىه لىىيس هنىىار نظىىام سياسىىي فىىي اإلسىىالم‪ ،‬وإن كىىان فينىىه ال‬ ‫بقىىا‬
‫طصلا للتعييق في ه ا الزمان!!‬

‫هو تلم ال ملة الجاهلية الشعوا التي‬ ‫ولعل من أهم عوامل ترسيا ه ا المفهوم الخا‬
‫هي ىىم علين ىىا م ىىن ال ىىرب‪ ،‬وغ ىىز عق ىىول المس ىىلمين‪ ،‬وش ىىوهم عن ىىدهم مف ىىاويم صى ى ي ة‪،‬‬
‫وقليىىم م ىوازين ثابتىىة‪ ،‬وكلىىم فىىي فت ىرة ضىىعظ عىىام مىىر بالمسىىلمين؛ ضىىعظ عسىىكري‪،‬‬

‫واقتصىىادي‪ ،‬وضىىعظ علمىىي وإطمىىاني‪ ،‬لتجىىد ه ى ه ال ملىىة كان ىاً صىىاغية‪ ،‬ومرعىىى خصىىيباً‬
‫بىىين نفىىر مىىن بنىىي نلىىدتنا‪ ،‬فيخى وا يرونىىون لهى ه األف ىىار وينشىىرونها‪ ،‬نظيىىر ممىىن بخىىس‪،‬‬
‫فىىاقترفوا نريمىىة حىىق أمىىتهم وفىىي حىىق أنفسىىهم‪ ،‬وتسىىييوا فىىي أن ظىىل العىىالم اإلسىىالمي فىىي‬
‫تقهقر وتيخر‪ ،‬حتى ل إلى ما ل إلي ه اآلن مما نعيشه من واقع أليم مرير‪.‬‬

‫ول ىىن الش ىىمس ال ت عىىى ب را ىىال‪ ،‬وغىىن م ىىر سى ى ابة حجيىىم ش ىىعا الشىىمس فتى ىرة م ىىن‬
‫الىىزمن‪ ،‬فىىال بىىد لهى ه السى ابة أن تتالشىىي وتنقشىىع‪ ،‬والبىىد للشىىمس أن تشىىر وتشىىع بنورهىىا‬
‫ودفئهىىا علىىى البش ىرية بىىدأ الظهىىور‪ ،‬وهىىاهم أبنىىا اإلسىىالم بىىدو ا فىىي فهىىم حقيقىىة إسىىالمهم‬
‫العظ ىىيم وأخى ى ين ش ىىظ له ىىم الزي ىىف لي ملى ىوا مش ىىعل الن ىىور والهداط ىىة‪ ،‬ليي ىىدد ك ىىل األوه ىىام‬
‫والنالال ‪ ،‬ولينير لهم العريق في الظلما ‪.‬‬

‫التي تتناول ال الم عن النظىام السياسىي فىي اإلسىالم إال خعىوة علىى‬ ‫وما ه ه الصف ا‬
‫ريق توضيا المفاويم ال قيقية لإلسالم‪ ،‬فالنظام السياسي في اإلسالم له قواعده الثابتة‬

‫‪210‬‬
‫وخصائصىىه المتميىزة‪ ،‬ومصىىادره الم ىىددة‪ ،‬و ييعتىىه المرنىىة التىىي تجعلىىه صىىال اً للتعييىىق‬
‫وتعاقيىىم‬ ‫األننىىا‬ ‫فىىي كىىل زمىىان ومكىىان مهمىىا اختلفىىم الظىىروف واألح ىوال‪ ،‬أو تعىىدد‬
‫األنيال‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫المبحث الأول‬

‫التعريف بالسياسة‬

‫الب اس في اللغ ‪:‬‬


‫األمىىر إكا قىىام بىىه‪ ،‬وهىىي القيىىام علىىى الشىىي بمىىا طصىىل ه‪ ،‬نىىا فىىي ال ىىدي‬ ‫مىىن سىىا‬
‫الشريف‪" :‬كان و ىسرائوح يوسوسه أنبائه "‪ 1‬أي تتولى أمورهم ‪2‬وتتدبر شؤونهم‪.‬‬

‫والسياسىىة أطنىًا بمعنىىى األماار وال هااي ‪ :‬ومنىىه قىىولهم ‪( :‬سسىىم الرةيىىة سياسىىة‪ ،‬إكا أرتهىىا‬
‫والتجراىة واكتسىاب الخيىرة‪ ،‬مىن مثىل‪( :‬فىالن مجىرب قىد‬ ‫ونهيتها)‪ ،‬وت ىون بمعنىى التيديى‬
‫وسيس عليه‪ ،‬أي‪ :‬أدب وتيدب)‪.3‬‬ ‫سا‬

‫الب اس في االصطسح‪:‬‬
‫مىىن التعريىىف بمعنىىى كلمىىة السياسىىة فىىي الل ىىة نىىرى أنهىىا تىىدل فىىي بعىىض معانيهىىا علىىى‬
‫الرياسة وإدارة ال كم‪ ،‬وه ا المعنىى هىو أصىل المعنىى االصىعالحي المتعىارف عليىه بىين‬
‫عمىرو‬ ‫العلما ‪،‬ولقد استخدم ص ابة رسول هللا ‪ ‬كلمة السياسة به ا المعنى‪ ،‬فقىد كتى‬
‫ب ىىن الع ىىاص ألب ىىي موس ىىى األش ىىعري رض ىىي هللا عنهم ىىا فق ىىال‪" :‬تق ىىول ان ىىي وندت ىىه‪ 4‬ول ىىي‬
‫بدمه‪ ،‬ال سن السياسة‪ ،‬ال سن التدبير"‪ 6‬وكان معاويىة وقتهىا‬ ‫الخليفة المظلوم‪ ،5‬والعال‬
‫واليًا على بالد الشام‪.‬‬

‫‪‌1‬سنن‌ابن‌ماجة‪958/2‬ح‌‪.2871‬‬
‫‪ ‌2‬ابن‌منظور‪‌:‬لسان‌العرب‌باب‌السين‪‌،‬فصل‌السين‌‪‌،‬مادة(‌سوس)‪.‬‬
‫‪ ‌3‬الفيروز‌آبادي‌‪‌:‬القاموس‌المحيط‌باب‌اسين‌فصل‌السين‌مادة‌(‌سوس)‬
‫‪ ‌4‬يعني‌معاوية‌بن‌أبي‌سفيان‌رضي‌هللا‌عنه‪.‬‬
‫‪ ‌5‬يعني‌عثمان‌بن‌عفان‌رضي‌هللا‌عنه‪.‬‬
‫‪‌6‬تاريب‌الطبري‌‪.68/5‬‬
‫‪212‬‬
‫ه ى ا وللعلمىىا فىىي مفهىىوم السياسىىة تعىىاريف مختلفىىة تبعىىا الخىىتالف مدارسىىهم واتجاهىىاتهم‬
‫عل ىىى اختالفه ىىا طمك ىىن تقس ىىيمها إل ىىى منهج ىىين‬ ‫وتف ىىاو عص ىىورهم ول ىىن هى ى ه التعريف ىىا‬
‫رئيسيين‪:‬‬

‫األول‪ :‬ما ها عل اااء ال باال ون‪ :‬ويتميىىز باتفىىاقهم علىىى أن السياسىىة فىىي اإلسىىالم هىىي‬
‫تلم السياسىة التىي تتفىق ومبىاد الشىريعة اإلسىالمية ونظامهىا العىام‪ ،‬وهىي السياسىة التىي‬
‫تدير نميع شؤون البالد وال كم لت قيق مصل ة األمة في دينهىا ودنياهىا‪ ،‬وعانىل أمرهىا‬
‫و نلىىه‪ ،‬سىىال ة فىىي سىىييل بلىىوغ تلىىم ال اطىىة كىىل وسىىيلة‪ ،‬ش ىريعة أن ال ت يىىد عىىن أنظمىىة‬
‫اإلسالم وتعاليمه‪.1‬‬

‫وهذ بعت تعريفات عل اء ال بل ون للب اس ‪:‬‬


‫‪ .1‬السياسىىة هىىي‪" :‬مااا دااان فعااس ممااون معااع ال اااس أقاارب ىلااج المااسح وأبعااّ عاان‬
‫الفباد‪ ،‬وان ل ماعع الرسول ‪ ،‬وال نزل بع الوحي"‪.2‬‬
‫‪ .2‬أو هي‪" :‬اسيمسح الخلق بإ شاده ىلج الطريق ال جج في العاكح أو ا كح"‪.3‬‬
‫‪ .3‬أو هىىي‪" :‬ح اااح الكافااا علاااج مقيااااج ال ظااار الاااارعي فاااي ممااااليه األخرويااا‬
‫والّنووي الراكع ىلوها"‪.4‬‬

‫أن السياسة في نظر الشر وعلمائه هي تىدبير‬ ‫وال ي طالح على مجمل ه ه التعريفا‬
‫وإدارة شىىؤون الىىبالد والعبىىاد بمىىا ط قىىق مصىىال هم فىىي الىىدنيا واآلخ ىرة علىىى ضىىو تعىىاليم‬
‫اإلسالم واما ال طخالظ قواعده‪.‬‬

‫‪ ‌1‬سعدي‌أبو‌جيب‌‪‌:‬دراسة‌في‌منهاج‌اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪. 443‬سعدي‌أبو‌جيب‌‪‌:‬دراسة‌في‌منهاج‌‬
‫اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪.443‬‬
‫‪‌2‬ابن‌قيم‌الجوزية‌‪‌:‬الطرق‌الحكمية‌ص‌‪.15‬‬
‫‪‌3‬التهانوي‌‪:‬كشاف‌اصطالحات‌الفنون‌مادة‌(سوس)‪.‬‬
‫‪‌4‬مقدمة‌ابن‌خلدون‌ص‌‪‌ .191‬‬
‫‪213‬‬
‫ال ا ها الثاااني‪ :‬م ا ها غواار ال باال ون‪ :‬وهىىو مىىنهج ط صىىر معنىىى السياسىىة فىىي‬

‫تنظيم الشؤون الدنيوية للعباد وفىق القىوانين والدسىاتير التىي طنىعها المختصىون‪ ،‬أو اهىل‬
‫ال ل والعقد‪ ،‬أو من بيدهم مقاليد ال كم في البالد‪ ،‬كما يتميز منهجهم بينه ال يلتزم بىيي‬
‫قيد أو ضباط‪ ،‬كلم مفهوم السياسة عندهم هو سلور نميع السيل الموصىلة إلىى الهىدف‬
‫ال غيىىر أخالإليىىة وغيىىر مشىىروعة‪ ،‬وكلىىم‬
‫ال ى ي طسىىعى إليىىه الساسىىة حتىىى وإن كانىىم سىىب ً‬
‫بخالف المنهج اإلسالمي ال ي طنب السياسة ويقيدها بقواعد اإلسالم ومبادئه‪.‬‬

‫تعاريف بعض علما غير المسلمين للسياسة بينها‪:‬‬ ‫ول لم نا‬


‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪ .1‬فن حكم المجتمعا‬
‫‪ .2‬أو فن ال كم‪.‬‬
‫‪ .3‬او علم الدولة‪.1‬‬

‫مقارنة بين تعريف السياسة عند المسلمين وعند غيرهم‪:‬‬


‫أ‪‌ -‬من حوث مفهوإ الب اس ‪ :‬نجد ان علما المسلمين وغيرهم يرون أن السياسة هي‬
‫تدبير شؤون البالد والعباد على اتالف بينهم في كي ية كلم‪.‬‬
‫ب‪‌ -‬مان حواث القااانون الاذس ميما كاال الب اسا ‪ :‬ففىي اإلسىىالم ال ىاكم هىو شىىر هللا‬
‫تعىىالى‪ ،‬أمىىا عنىىد غيىىر المسىىلمين فال ىىاكم هىىو القىىانون ال ى ي طنىىعه رنىىال السياسىىة‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫ل‪‌ -‬ماان حوااث الهااّف‪ :‬فعنىىد المسىىلمين هىىو ت قيىىق مصىىالا األمىىة فىىي العانىىل واآلنىىل‬
‫تعىىاليم اإلسىىالم ونظمىىه‪ ،‬وعنىىد غيىىر المسىىلمين فالهىىدف لىىيس واحىىدًا عنىىد كىىل‬ ‫حسى‬
‫ما يراه رنىال‬ ‫ما تراه كل نماعة على حدة‪ ،‬أو ب س‬ ‫الجماعا ‪ ،‬وإنما هو ب س‬
‫السياسة فيها‪.‬‬

‫‪‌1‬للي‌بحري‪‌:‬دراسات‌في‌علم‌السياسة‌ص‌‪‌ .36‌،35‬‬
‫‪214‬‬
‫ال يىىاة‬ ‫وعلىىى كل ىم فىىين السياسىىة العامىىة للدولىىة تلق ىي بظاللهىىا و ثارهىىا علىىى ك ىل نوان ى‬
‫وميادينه ىىا‪ ،‬ول ىىن الى ى ي يهمن ىىا ف ىىي د ارس ىىتنا للنظ ىىام السياس ىىي ف ىىي اإلس ىىالم أو أي نظ ىىام‬
‫سياسىىي خىىر هىىو التعىىرف علىىى مبىىاد وقواعىىد كلىىم النظىىام والتىىي تمي ىزه عىىن غي ىره مىىن‬
‫األنظمة‪ ،‬كما يهمنا أطناً معرفة كي ية نشية دولته وكي ية تولي الرئاسىة أو مقاليىد ال كىم‬
‫من مباح ‪.‬‬ ‫ميه‪ ،‬وما يتعلق به ه الموضوعا‬

‫‪215‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫أهم قواعد النظام السياسي في الإسلام‬

‫ويقصىىد بقواعىىد النظىىام السياسىىي فىىي اإلسىىالم تلىىم المبىىاد والثوابىىم األساسىىية التىىي بنىىي‬
‫ُ‬
‫عليها اإلسالم دولته ‪ ،‬ويستلهم منها النظام السياسي لل كم‪.‬‬

‫أ ار العلمىىا فىىي ت ديىىد وضىىب قواعىىد النظىىام السياسىىي فىىي اإلسىىالم‪،‬‬ ‫ه ى ا‪ ،‬وقىىد تعىىدد‬
‫ف صىىرها الشىىيا أبىىو زه ىرة فىىي ثىىالث قواعىىد‪ ،‬هىىي العدالىىة‪ ،‬والش ىورى ‪ ،‬والعاعىىة ألوليىىا‬
‫األم ىىر‪ ،1‬وحص ىىرها ال ىىبعض ف ىىي أرا ىىع مثىىىل‪ ،2‬وزاد غيى ىره عليه ىىا ليوص ىىلها إل ىىى س ىىم أو‬
‫أكث ىىر‪3‬وتركه ىىا خ ىىرون دون ض ىىب أو ت دي ىىد ‪ ،‬ب ىىل كك ىىر بعن ىىها عل ىىى س ىىييل المث ىىال ال‬
‫ال صر‪.4‬‬

‫هى ان وقىد بلىغ اخىتالف فىي كلىم إلىىى درنىة أن بعىض العلمىا خىالفوا أنفسىهم وكلىم مثىىل‬
‫الشيا عيد الوهاب خالف ‪ ،‬فتارة هي عنىده العىدل ‪ ،‬والشىورى والمسىاواة ومسىؤولية أولىى‬
‫األم ىىر واس ىىتمداد الرياس ىىة العلي ىىا م ىىن الييع ىىة العام ىىة‪،5‬ث ىىم إن األس ىىتاك م م ىىد المب ىىارر ق ىىد‬
‫أوصلها أحد عشر ميدأ أو قاعدة‪.6‬‬

‫ول ن ه ا االختالف في ضب قواعد النظىام السياسىة ال طفهىم منىه أن هنىار خالفىاً حىول‬
‫النظىر بىين‬ ‫ه ه المباد ‪ ،‬أو حول مشىروعيتها‪ ،‬بىل إن هى ا الخىالف سىيبه تبىاين ونهىا‬

‫‪ ‌1‬سعدي‌أبو‌جيب‪‌:‬دراسة‌في‌منهاج‌اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪‌447‬الحاشية‪.‬‬
‫‪‌2‬محمد‌أبو‌فارس‌النظام‌لسياسي‌في‌اإلسالم‌ص‌‪.15‬‬
‫‪ ‌3‬سعدي‌أبو‌جيب‪‌:‬دراسة‌في‌منهاج‌اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪.447‬‬
‫‪ ‌4‬عفيف‌طبارة‪‌:‬روح‌الدين‌اإلسالمي‌ص‌‪‌ .294‬‬
‫‪‌5‬أبو‌جيب‪‌:‬دراسة‌في‌منهاج‌اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪.447‬‬
‫‪‌6‬محمد‌المبارك‪‌:‬الحكم‌والدولة‌ص‌‪‌29‬وما‌بعدها‪‌ .‬‬
‫‪216‬‬
‫العلمىىا حىىول مىىا طعتيىىر مىىن ه ى ه القواعىىد متص ىالً بالنظىىام السياسىىي والشىىؤون الدسىىتورية‬
‫ال به‪.‬‬
‫للدولة‪ ،‬وماال طعتير متص ً‬

‫هى ى ا‪ ،‬وسنقتص ىىر ه ىىن عل ىىى ال ىىالم ع ىىن أرا ىىع قواع ىىد رأين ىىا أنه ىىا األه ىىم واألكث ىىر اتص ىىاال‬
‫بموضىىو النظىىام السياسىىي وشىىؤون ال كىىم‪ ،‬ثىىم إن أكثىىر العلمىىا قىىد اتفق ىوا علىىى اتصىىالها‬
‫به ا النظام‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫القاعدة الأولى‬

‫الحاكمية هلل‬
‫ال اكميىىة اسىىم مصىىدر مىىن الفعىىل الماضىىي (حم ا قنىىى (قاااج ومنىىه (حكىىم بىىاألمر‬
‫حكمًا) أي قنى به‪.‬‬

‫ويقال‪ :‬حكم له‪ ،‬وحكم عليه‪ ،‬وحكم ميه‪.1‬‬


‫ُ‬

‫وعلىىى هىى ا فمعنىىى كىىون (الياك ااا هلل أي أنىىه بيىىده القنىىا فىىي شىىؤون ةبىىاده‪ ،‬وأن ىىه‬
‫ال كم فيهم‪ ،‬وله حق التشريع لهم‪ ،‬وهو مصدره‪ ،‬وال ط ق لهم وال ألحد منهم أن‬ ‫صاح‬
‫طشىىر غيىىر شىىرعه تعىىالى‪ ،‬أو طىىيمر أحىىداً باتبىىا شىىر غيىىر شىىر هللا تعىىالى‪ ،‬ويىىيتمر هىىو‬
‫بشر غير هللا نل وعال‪.‬‬

‫هلل‪:‬‬ ‫الّل علج أن الياك‬


‫ا‬ ‫ا‬ ‫اخ ا ا‬ ‫خ‬ ‫قولىىه تعىىالى‪﴿ :‬ا اه ر اخ ا ا‬
‫اْلز رو َّل ز َل خك َل ََبَّل ََّلَّ َلََل ََّل رعزَّل ز وا َل خَّيهز َال َّل َ ال َّل ي ز الرََّلَّله ز‬ ‫‪.1‬‬

‫ه﴾‪ ،2‬والشىىاهد فىىي اآلطىىة أنىىه نعىىل ال كىم مصىىو ًار‬ ‫َولَ اوَّل خ َلَ رَثََّل ََّلَّ الغخَّل ا‬
‫َّلُإ ََل يَّلَ رعلَ زَِّلَّلَ َ‬
‫علىىى هللا سىىب انه وتعىىالى‪ ،‬وأنىىه ال ل ي ىره‪ ،‬وعلىىى كلىىم فلىىيس ألحىىد حىىق فىىي التش ىريع‬
‫سواه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪﴿ :‬يزاَّي ز و َه َلَ ره يَّلَتَ َحُ ََ زَِا ا ََل الئخُ زغَ ا َوَ ر َل ازب زَّلَّوا َلَ ره يَ رو زر زَّلَّوا نا اَّلن‬ ‫‪.2‬‬

‫ن ََّلَتنَل نَعاهَّل ن ا ﴾‪ ،3‬نىا فىي سىي نىزول هى ه اآلطىة‬ ‫ِلخ زن ر َ‬ ‫وي اَّي ز ال خهئَُ زه َلَ ره ي ا‬
‫ز‬ ‫ر‬ ‫َز‬
‫‪‌11‬الفيومي‌‪‌:‬المصباح‌المنير‌باب‌الحاء‌والكاف‌‪ ‌،‬الفيروزآبادي‌‪‌:‬القاموس‌المحنيط‌بناب‌المنيم‌فصنل‌‬
‫الحاء‌‪‌،‬الرازي‌‪‌:‬مختار‌الصحاح‌‪‌،‬مادة‌(‌ح‌ك‌م)‪.‬‬
‫‪‌2‬سورة‌يوسف‪‌،‬من‌اآلية‌‪.40‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.60‬‬
‫‪218‬‬
‫انىىه اختصىىم مشىىرر مىىع يهىىودي‪ ،‬فقىىال اليهىىودي نختصىىم عنىىد م مىىد ألنىىه ال طقيىىل‬
‫بن األشىرف‪ ،‬وهىو مىن كيى ار اليهىود‪ ،‬كلىم‬ ‫الرشوة‪ ،‬وقال المشرر نختصم عند كع‬
‫لعل ىىم هى ى ا المن ىىافق أن كعبى ى ًا طقي ىىل الرش ىىوة فيرش ىىوه‪ ،‬فنزل ىىم هى ى ه اآلط ىىة تش ىىنيع عل ىىى‬
‫المنىىافقين ال ى ين طعليىىون ال كىىم عنىىد غيىىر هللا تعىىالى‪ ،‬ويلجىىيون إلىىى البشىىر مىىثلهم‬
‫طشرعون لهم ‪.1‬‬

‫َّلََُّ نَّلَره َّلغََّل زن ر ْثزخ ََل‬‫ي‬ ‫َّلُ‬‫هِ‬‫َا وا‬


‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬وَ ََت ورنا َ ََل يَّل رِابغزَ َه ح خَّت زَي ا‬
‫و‬ ‫‪.3‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ز‬ ‫ز‬ ‫ََ‬
‫َِّل رَّله َ ويزَِّلَّللاَِا ََِّلَّللاهُِ﴾‪ 2‬وفىىي ه ى ا الىىنص‬ ‫ا‬ ‫اا‬ ‫ا‬
‫ََيَّل ز وا ام َلََّرَّل زرِ َّلن ر َحََّ نَّْلَّلُ َّلخَّلُ َ َ َ َ ز ر ن‬
‫راى ى هللا تع ىىالى اإلطم ىىان بالرض ىىى ب كم ىىه دون غيى ىره‪ ،‬وهى ى ا طعن ىىي أن ك ىىل م ىىن ل ىىم‬
‫يرضى ب كم هللا تعالى ال طكون مؤمناً‪.‬‬
‫‪ .4‬وكى لم فىىين العقىىل السىىليم طقىىر أن‪" :‬أ وحااّ الااذس ميااق لااع أن مباان الياااريعات‬
‫والق اوانون اليااي مخاااع لهااا العباااد فااي ح اااته الخاص ا والعام ا ‪ ،‬أو اليااي تيم ا‬
‫َ‬
‫حاس ال بال وتماو "‪ 3‬وهى ا قىد‬ ‫ال جي ع اإلنبااني‪ ،‬وهاذا الياق أمار َ َاّهي فاي‬
‫نشي عن عدة حقائق‪:‬‬

‫اليق ق األولج‪ :‬ىن أ عاز وكاح هاو ( الخاالق ‪ :‬خلىق ال ىون بمىا ميىه ومىن ميىه‪ ،‬ومىن‬

‫ق ام اب َّل َّلت اخَ‬ ‫ا‬ ‫كل ى ىىم قول ى ىىه تع ى ىىالى‪﴿ :‬ا خه رنخ زو َّل َّل خ ا‬
‫اكز الخَّل َّلَّلذي َخلََّل َّل ََّلء ال خَِّل َّل ََّلِ َُوا َو راَي رَر َ‬ ‫َ ز‬
‫ا‬ ‫َن ‪4‬‬
‫َّلِ والرَِ َّلَّلَّ﴾‬
‫َلَخَّيم﴾ ‪ ،‬وقول ىىه أطنى ىًا‪َ ﴿ :‬وز َّل ََّلَ الخَّلَّلذي َخلَ َّل ََّلء اللخره َّل ََّلَ َوالغخَّل َن َّل َ‬
‫َّلُر َوال خ َّل ر َ َ َ َ‬
‫‪1‬‬

‫ي َنَ وََّلَ خرهز ََّل رَ ا يَّا﴾‪.2‬‬


‫ن‬ ‫َ‬ ‫وقوله‪َ ﴿ :‬خلَ َء زَ خَ َ ر‬

‫‪‌1‬القرطبي‌ك‌الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ .263/5‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪.65‬‬
‫‪ ‌3‬عمر‌األشقر‪‌:‬الشريعة‌اإللهية‌ال‌القوانين‌الجاهلية‌ص‌‪.165‬‬
‫‪‌4‬سورة‌يونس‪‌،‬من‌اآلية‌‪.3‬‬
‫‪219‬‬
‫اليق قا الثان ا ‪ :‬أن أ تعااالج هااو ( ال ارارو ‪ :‬وهى ا منصىىوص عليىه بقولىىه نىىل وعىىال‪:‬‬

‫اكز الخَّل اَّلذي َخلََ زوَّل َّل ر ْثزخ َرَ َ زوَّل َّل ر ْثزخ‬
‫َّلَل﴾‪ ،3‬و﴿ خ‬ ‫ا ا‬ ‫﴿ا خه خ‬
‫اكَ ز َّل ََّلَ الَّل َّلخَّخا ز ازو الر زََّل َّل خَل الر َِت َّل ز‬
‫اكا ارر زَّل َنُ﴾‪.5‬‬ ‫ق اخَل َعلَ خ‬ ‫زُياهتز زو ر ْثزخ زرَيهاه زو ر ﴾‪ ،4‬و﴿ َوَبُ اب ر َدانخَنَ ام راَي رَر ا‬

‫واعىىد أن طق ىىرر القىىرن ال ى ىريم ه ىىاتين ال قيقتىىين يين ىىي عليهمىىا ‪ .‬حق قااا ثالثااا وه ىىي أن‬
‫الخىىالق وال ىراز هو(المالىىم) لمىىا خلىىق‪ :‬كلىىم ألنىىه بىىالخلق طكىىون قىىد أونىىد ابتىىدا ال يىىاة‪،‬‬
‫بقائهىىا‪ ،‬وييىىين لنىىا هللا تعىىالى كلىىم‬ ‫واىىالرز طكىىون قىىد مىىنا ه ى ه ال يىىاة أسىىباب مقوم ىا‬
‫ميقىىول‪َ ﴿ :‬واخكا زب رل َّل ز ال خَِّل ََّلِ َُوا ا َو راَي رَر ا‬
‫ق َوَبَّلَّلُ نَّلَرهَّلغََّل زن ََِّلَّلُ مرلزَّل زَّلء َبَّلَّلُ يَ َ َّلَّلَُز﴾ و ﴿َلََكر‬
‫‪6‬‬

‫ق﴾‪.7‬‬ ‫اكَ لَنز زبلر ز ال خِ َِ َُوا ا َو راَي رَر ا‬ ‫ََّل رعلَ ر َلَ خه خ‬
‫وإكا كانىىم ييعىىة الملىىم تقتنىىي أن يتصىىرف المالىىم فىىي مل ىىه كيىىف طشىىا ‪ ،‬فىىين كلىىم‬
‫مىا طكىون‬ ‫طعني أن هللا سب انه متصرف في خلقه كيف طشا ‪ ،‬ميشر لهم من التشىريعا‬
‫مناسبًا لهم‪ ،‬طيمرهم بااللتزام به ‪ ،‬وعدم االحت ام إلى غيره‪.‬‬

‫وكل كلم ألنه المالم المتصرف في مل ه‪ ،‬كل مشرو غيره تشريعه با ل؛ ألنه ليس له‬
‫اكا‬ ‫حق الملم‪ ،‬وال التصرف في ه ا الملم‪ ،‬طقول هللا تعالى‪ ﴿ :‬زَ َلَََّلع ز و َه اب د ا‬
‫وه خ‬ ‫ر ز‬ ‫ر رز‬
‫هِ الر َعلاه ﴾‪.8‬‬ ‫اك َ ال خِ ا‬
‫ِ‬ ‫ز‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ر‬‫َ‬‫َّل‬‫َّ‬ ‫َل‬
‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫َّ‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ز‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ز‬
‫بُ ََل ُيَرلا‬
‫ز ز‬ ‫َ ن َ ز َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬

‫‪‌1‬سورة‌األنبياء‌‪،‬من‌اآلية‌‪.33‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الفرقان‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.2‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الذاريات‪‌،‬اآلية‌‪.58‬‬
‫‪‌4‬سورة‌الروم‪‌،‬اآلية‌‪.40‬‬
‫‪‌5‬سورة‌هود‪‌،‬اآلية‌‪6‬‬
‫‪‌6‬سورة‌المائدة‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.17‬‬
‫‪‌7‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.107‬‬
‫‪‌8‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.76‬‬
‫‪220‬‬
‫كلمىة (إلىه) تعلىق علىى كىل معيىود علىى‬ ‫هلل‪ :‬حي‬ ‫‪ .5‬ال الع اال أ تقر أن الياك‬
‫اال ال ‪ ،‬سوا كان (هللا) أو غيره من ال جر أو البشر أو الهوى!!‬

‫َص َّلَّلغَ نُبُ َيَ اَلَّلََّلَن اا َل ََر َاا‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا‬


‫فالمااا ىلاااع‪َ ﴿ :‬وا را ََّلَّلُ َ انر َّل ََّلَّا ه ز َيَناه َّلَّلن َيََ َر َلَََّلتخأَّل َّل زذ َل ر‬ ‫‪‬‬

‫َل﴾‪.1‬‬ ‫ن ََت َن زبا َن‬ ‫َوََّل رََب َ ام َ‬


‫‪ ‬وهى ىىوى االنسى ىىان إلى ىىه إكا مى ىىا سى ىىيعر على ىىى صى ىىاحبه ‪ ،‬وت ى ىىم فى ىىي نفسى ىىه وسى ىىلوكه ‪:‬‬
‫خ ا‬
‫َ َاهز﴾‪.2‬‬
‫﴿َلَوََّلَََّلَير َ َب ا اَُ َذ ََلَنز َ‬
‫قىال‬ ‫‪ ‬والبشر قد طقال له إله إكا عال وتجيىر فىي األرض واسىتعيد النىا ‪ :‬وكلىم حيى‬

‫فرعون ألهل مصر‪َ ﴿ :‬بُ َعلا رِ ز لَ زو ر اب ر الََنن‬


‫غ راي﴾‪.3‬‬
‫َ‬
‫ا ا‬
‫ُعلَ ر َلََّخَّلنز ََل لََّلنَ خَل خز‬
‫اك ‪ ،4﴾..‬ول ىن كلمىة‬ ‫ث ىن أ عز وكح هو ىلع أماا‪﴿ :‬وَ ر‬ ‫‪‬‬

‫(هللا) ال تعلق إال على الخالق الراز وحده سب انه وتعالى‪.‬‬

‫وعليىىه فعنىىدما نقىىول‪( :‬ال الىىه) ن ىىون قىىد نفينىىا األلوويىىة عىىن كىىل معيىىود علىىى اإل ىىال‬
‫وعندما نقول‪( :‬إال هللا) ن ون قد أثيتنا أن األلووية (هلل) وحىده عىز ونىل‪ ،‬وحصىرناها ميىه‬
‫دون غيره‪.‬‬

‫وتيسيسىىا علىىى هى ا ف ىىل مىىن أقىىر بكلمىىة التوحيىىد – وقىىد أفىىر بهىىا كىىل مىىن مىىن بالىىدطانا‬
‫السماوية نميعا_ كل من أقر بها فهو مقر ب اكمية هللا عز ونل‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌األنعام‪‌،‬من‌اآلية‌‪.74‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الجاثية‪‌،‬من‌اآلية‌‌‪.‌23‬‬
‫‪‌3‬سورة‌القصص‪‌،‬من‌اآلية‌‪.38‬‬
‫‪‌4‬سورة‌محمد‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.19‬‬
‫‪221‬‬
‫أعداء األديان وموقفهم من الحاكمية‪:‬‬
‫إن الصى ار الىىدائر بىىين الرسىىل علىىيهم السىىالم واىىين أعىىدائهم علىىى مىىر التىىاريا كىىان دائمىًا‬
‫حول قاعدة ال اكمية !! فلمن ال كم ومن هو مصدر ال كام هللا أم العواغيم وكفىار‬
‫البشر ‪.‬‬

‫ول ىي نستوضىا هى ا الموقىظ بجىال ‪ ،‬ال بىد لنىا مىن النظىر إلىى شىري ة مىن شىرائا هىؤال‬
‫ال فار‪ ،‬ولت ن ه ه الشري ة مشركي مكة وكفارها‪.‬‬

‫فالعرب في الجاهلية كانوا طعترفون بين هللا سب انه هىو الخىالق‪ 1‬كمىا كىانوا طعترفىون بينىه‬

‫الىراز ‪ ،‬وأنىىه المتصىىرف فىىي هى ا ال ىىون حيى طقىىول القىىرن ال ىريم فىىي كلىىم‪ ﴿ :‬زَّل رَّلَ َبَّل ر‬
‫ق َلَخب ُيَرلا ز ال خِِِ و راَيَنصُر وب زمرَّاج ر ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اْلَ خ بَّل َ‬ ‫ر َ َ ر َ َ ََ ر ز‬ ‫يَّلَرَّزز زو ر ب َ ال خِ ََُِ َو راَي رَر ا ر‬
‫اج الر َِها َّل َ اب َّل َ ر‬
‫اْلََّل ا َوَب َّل ر يزَّل َ نازَّ راَي رَبَّل ََّلَّ وَ َِ َّلهََّل زََلزَ َه خ‬
‫اكز وََّل زََّل رَّلَ َلَوََّل ََّلَت‬ ‫ا ا‬
‫الر َِه َّل َوزمر َّلَّ ز‬
‫ه﴾‪.2‬‬‫ََّلتخَّل زََ َ‬
‫ليوا العىون والنصىر‬ ‫وك لم فقد كانوا طعتقدون أن هللا تعالى هو الناصر والمعين‪ ،‬حي‬
‫منىىه قيىىل تىىونههم إلىىى معركىىة بىىدر قيىىل م اراىىة الرسىىول ‪ ،‬وكلىىم عنىىدما تعلقىوا بيسىىتار‬
‫ال عبة وقالوا‪" :‬الله انمر اعلج الج ّين و أكرإ القبوليون"‪.3‬‬

‫وك ى لم كىىانوا علىىى طقىىين بىىين هللا تعىىالى معلىىع علىىى سىىرهم وخفاط ىاهم‪ ،‬وأنىىه طعلىىم مىىا فىىي‬
‫نفوسهم‪ ،‬نا كلم صري ًا في عرهم‪ ،‬طقول زهير بن أبي ُسلمى‪:‬‬

‫ل خفج‪ ،‬ومه ا َ‬
‫ممي أ معل‬ ‫تكي ن أ ما في نفوسم‬
‫فس ُ‬

‫‪‌1‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌الكريم‌‪‌،226/1‬العقيدة‌الطحاوية‌ص‌‪.76‬‬
‫‪‌2‬سورة‌يونس‌‪‌،‬اآلية‌‪.31‬‬
‫‪‌3‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌القرآن‌العظيم‌‪..296/2‬‬
‫‪222‬‬
‫ثىم هىم معترفىون بىين هللا تعىىالى مقىدر األقىدار‪ ،‬وهىو الى ي يىىدبر األمىر فىي السىما ‪ ،‬طقىىول‬
‫عنترة بن شداد‪:‬‬

‫ىن دان بي في الب اء قااها‬ ‫مهرب‬


‫ُ‬ ‫عبح أين من ال‬
‫ما ُ‬

‫وهىىم قيىىل كلىىم كىىانوا طعتقىىدون ونى َ‬


‫ىود هللا سىىب انه وتعىىالى‪ ،‬وأنىىه م اسىىيهم ومجىىازيهم‪ ،‬ل ى ا‬
‫عيىىدوا األصىىنام كىىي تق ىراهم إلىىى هللا عىىز ونىىل وتشىىفع لهىىم‪ ،‬ل ى ا قىىالوا كمىىا أخيىىر عىىنهم‬
‫ا‬
‫اكا زلر َرَّل َّل ﴾ ‪ ،‬و ﴿ َ َّل زَّلََِلَ زيَّل َّل َر َع زُؤ َ اعرغَّل َّل َ‬
‫الق ىىرن‪َ ﴿ :‬ب َّلَّلُ ََّّلَ رعزَّل َّل ز ز ر اخَل لاهزَّلَ اَّنزَّلَّلَ َ ا ََل خ‬
‫‪1‬‬

‫اكا﴾‪.2‬‬
‫خ‬
‫إكا ‪ ،‬فالعرب قيىل اإلسىالم كىانوا طعترفىون بونىود هللا واقدرتىه علىى الخلىق والىرز وتىدبير‬
‫والعلىن‪ ،‬ول ىن مىا هىي حقيقىة الخىالف بيىنهم واىين م مىد ‪ ‬مىىع‬ ‫األمىور‪ ،‬ومعرفىة ال يى‬
‫أنه دعاهم إلى مثل ال ي طعتقدونه‬

‫بىه!‬ ‫اتباعهىا‪ ،‬والىدين الى ي ينب ىي أن يىدين النىا‬ ‫إن الخالف يدور حول العقيدة الوان‬
‫كىىان النيىىي ‪ ‬ي ىدعوهم التبىىا مىىا أنىىزل هللا تعىىالى‪ ،‬وتىىرر مىىا توارثىىوه عىىن بىىائهم‬ ‫حي ى‬
‫الزعامىة‬ ‫وأندادهم‪ ،‬ول ن لما كان ه ا األمر يتنافى مع أ ماعهم ومصال هم‪ ،‬ومع ح‬
‫والرياسىىة عنىىدهم‪ ،‬رفنىىوه ولىىم يرضىوا ب كىىم ش ىريعة هللا تعىىالى فىىيهم‪ ،‬كمىىا لىىم يرضىوا بىىين‬
‫طكىىون – سىىب انه وتعىىالى – هىىو مصىىدر ال ك ىىم ‪ ،‬وهكىى ا ط ىىدثنا عىىنهم القىىرن ال ىىريم ‪:‬‬

‫اكز َُلزَا نَ رَ ََّّلَتخا زِ َبُ َلَلر َررهَّلغَُ َعلَره ان َيَ ََّللََ َ َلََولَ رَّلَ َََّلُ َه‬
‫هَ ََلزز اخا زعَا َبُ َلََّرَّلَََ خ‬ ‫﴿وا َاا ا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾‪.3‬‬ ‫َيَ ََّلل زؤز ر ََل يَّلَ رع اَلزَ َه َيرهَّلانُ َوََل يَّلَ رنتَ ز و َ‬

‫‪‌1‬سورة‌الزمر‪‌،‬من‌اآلية‌‪.3‬‬
‫‪‌2‬سورة‌يونس‪‌،‬من‌اآلية‌‪.18‬‬
‫‪‌3‬سورة‌البقرة‌‪‌،‬اآلية‌‪.170‬‬
‫‪223‬‬
‫ه ا هو موضو الخالف بين نميع األنييا ومعارضيهم على مر الزمان ‪ ،‬لمن ال كىم‬

‫ول ىىن هللا ع ىىز ون ىىل طق ىىرر أن ال ك ىىم ل ىىه وح ىىده ‪ ،‬وال ط ىىق ألح ىىد غيى ىره ‪ ،‬ميق ىىول‪﴿ :‬ا اه‬
‫اْلز رو ز اخَل اخكا َل ََبََّ َلخََل ََّل رعز ز وا اخَل ا خَّيهز اَلَّلا َ الَّل ا ي ز الرََّلها ز َولَ اوَّل خ َلَ رَثََّل ََّلَّ الغخ ا‬
‫َّلُإ ََل‬ ‫ر‬
‫ه﴾‪ ،1‬هى ى ا ه ىىو موق ىىظ أع ىىدا األدط ىىان !! فم ىىا ه ىىو موق ىىظ الم ىىؤمنين م ىىن قن ىىية‬ ‫يَّلَ رعلَ زَِّلَّلَ َ‬
‫ال اكمية هلل‬

‫موقف المؤمنين من الحاكمية هلل‪:‬‬


‫عنىىدما أمىىر أتباعىىه بقولىىه‪﴿ :‬اخا زعَّلَا َبَّلَّلُ َلزَّرَّل اََ الََّل رَّله زو ر ابَّل ر َرنا زوَّل ر َوََل ََّلتخا زعَّلَا ابَّل ر زدوََّّلا اَّلن‬
‫ه﴾‪ ،2‬لم طقولوا كمىا قىال ال فىار‪ :‬بىل نتبىع مىا ألفينىا عليىه با نىا‪،‬‬ ‫َل رَولاهَََُ َلا نهَت َبُ َ َذ خَزَّو َ‬
‫إلىى اإلنابىة والرضىىا ب كىم هللا تعىىالى‪:‬‬ ‫ول ىنهم وكمىا قىىال عىنهم القىرن كىىانوا أسىر النىىا‬

‫اكا َوَر زبَّلَّلَلاان لَّلاَّلهَ رح زو َ نَّلَرهَّل َّلغََّل زن ر َلَ ره يَّلَ زََلزَّلَا‬


‫َل ا َاا زد زع َّلَا ا ََل خ‬‫اا‬
‫﴿اخَّنََّلُ َََّلَّلُ َه ََّل رَّلَ َ الر زَِّل رَّلِبغ َ‬
‫ه﴾‪.3‬‬ ‫َاَس رعغَُ َوَلَ َ رعغَُ َوَلزولَاا َ ز ز الر زِرلا زحَ َ‬
‫يرض بحكم هللا تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫حكم من لم‬
‫الر َوَّلُواَّو َ‬
‫ه﴾‪ ،4‬ويقىول‪:‬‬
‫ز‬
‫طقول هللا عز ونل‪﴿ :‬وب َك ََي زو اََُ َلََّرَّلََ خ ا‬
‫اكز وَوزولَاَّل َ ز َّل ز‬ ‫ََ ر ر ر ر َ‬
‫اكز وَوزولَااَّل َ ز َّل ز الظخَّلَّلُلا زَِ َه﴾‪ ،5‬ويقىىول‪َ ﴿ :‬وَبَّل ر َكر َرَي زو رَّل‬
‫﴿ َوَبَّل ر َكر َرَي زوَّل ر اََّلََّلُ َلََّرَّل ََّلََ خ‬

‫‪‌1‬سورة‌يوسف‪‌،‬من‌اآلية‌‪.40‬‬
‫‪‌2‬سورة‌األعراف‪‌،‬اآلية‌‪.3‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النور‪‌،‬اآلية‌‪.51‬‬
‫‪‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.44‬‬
‫‪‌5‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.45‬‬
‫‪224‬‬
‫ه﴾‪ ،1‬فالى ي يىرفض أن ط كىىم بمىىا أنىىزل هللا كىىافر‬ ‫الر َر ا‬
‫ُبَّل زََ َ‬ ‫اََّلََّلُ َلََّرَّلَّلََ خ ا‬
‫اكز وَوزولَاَّل َ ز َّل ز‬ ‫َ‬
‫ظالم فاسق‪.‬‬

‫وأمىىا الى ي يىىدعي ال اكميىىة ‪ ،‬أي‪ :‬الى ي يىىدعي أنىىه لىىه حىىق التشىريع‪ ،‬وسىىن الق ىوانين‪ ،‬أو‬
‫ال ي طستيدل بشريعة هللا شريعة غيرهىا مىن صىنع شىيا ين البشىر‪ ،‬فهىو كىافر أطنىاً ألنىه‬
‫‪.‬‬ ‫يناز هللا تعالى في أخص األلووية وهي (الياك‬

‫رحمه هللا‪" :‬إن ال كم ال طكون إال هلل ‪ ،‬فهو مقصور عليه سب انه ب كىم‬ ‫طقول سيد قع‬
‫ألوهيتىه‪ ،‬إك أن ال اكميىة مىىن خصىائص األلوويىىة‪ ،‬سىوا ادعىىى هى ا ال ىىق فىرد‪ ،‬أو بقىىة‬
‫نميعىىا فىىي صىىورة منظم ىىة عالميىىة‪ ،‬ومىىن ن ىىاز هللا‬ ‫أو حىىزب أو هيئىىة أو أمىىة أو الن ىىا‬
‫سىب انه أهىىم خصىىائص األلوويىىة‪ ،‬وادعاهىا فقىىد كفىىر َّبواحىًا‪ ،‬ويصىبا بىىه كفىره مىىن المعلىىوم‬
‫من الدين بالنرورة حتى ب كم ه ا النص وحده‪"!!2‬‬

‫"وادعا ه ا ال ق ال طكون بصورة واحدة هي التي تخرل المدعي من دائىرة الىدين القىيم‪،‬‬
‫وتجعلى ىىه منازع ى ىًا هلل فى ىىي خاصى ىىية مى ىىن أولى ىىى خصى ىىائص ألوهيتى ىىه س ى ىب انه ‪ ،‬فلى ىىيس مى ىىن‬

‫الن ىىروري أن طقى ىىول‪َ ﴿ :‬ب َّلَّلُ َعلا رَِّل َّل ز لَ زوَّل َّل ر ابَّل َّل ر الَ َّل َنَّلن َغَّل َّل راي﴾‪ ،3‬أو طقى ىىول‪﴿ :‬وََّل رلهََّلرغظزَّل َّل اَّ‬
‫ُب اَّلن﴾‪ 4‬كمىا قىال فرعىون نهى ًار‪ ،‬ول نىه يىدعي هى ا ال ىق فينىاز هللا ميىه‬ ‫اَِّرُِ زه ا ََل َع ا‬
‫ا‬
‫َ‬ ‫ر َ‬
‫بمجىىرد أن ين ىىي شىريعة هللا عىىن ال كىم‪ ،‬ويسىىتمد القىوانين مىىن مصىىدر خىىر‪ ،‬وامجىىر أن‬

‫‪‌1‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.47‬‬
‫‪‌2‬يقصد‌قوله‌تعالى‌﴿إن‌الحكم‌إال‌هلل‌أمنر‌أال‌تعبندوا‌إال‌إيناه‌‪‌﴾...‬اآلينة‌‪‌40‬منن‌سنورة‌يوسنف‪‌،‬راجنع‌‬
‫سيد‌قطب‪‌:‬في‌ظالل‌القرآن‌‪‌ .1990/4‬‬
‫‪‌3‬سورة‌القصص‪‌،‬من‌اآلية‌‪38،‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النازعات‪‌،‬من‌اآلية‌‪.24،‬‬
‫‪225‬‬
‫طقرر أن الجهة التي تملم ال اكمية‪ ،‬أي‪ :‬التي ت ون هي مصدر السلعا ‪ ،‬نهة أخىرى‬
‫غير هللا عز ونل ولو كان طقصد الدطمق ار ية"‪.1‬‬

‫ويكفر ال ي يدعي ال اكمية أطنىًا ألن ال كىم فىي اإلسىالم مىن صىميم عقيىدة المسىلمين‪،‬‬
‫ولىيس هىو مىىن فىرو الفقهيىىة‪ ،‬وكىل مىىن ين ىر أمى اًر مىىن أمىور العقيىىدة فهىو خىىارل عىن ملىىة‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫طقول حسن الينا رحمه هللا‪ ... " :‬وال كم معىدود فىي كتينىا الفقهيىة مىن العقائىد واألصىول‪،‬‬
‫والفرو ‪ ،‬فاإلسىالم حكىم وتنفيى ‪ ،‬كمىا هىو تشىريع وتعلىيم‪ ،‬كمىا هىو قىانون‬ ‫ال من الفقهيا‬
‫وقنا ‪ ،‬ال ينفم واحد منهما عن اآلخر"‪.2‬‬

‫العقائد طجد أن نميعها أفرد لل كم أبوابًا خاصة به‪.‬‬ ‫كما أن المتتبع ل ت‬

‫نتائج الحكم بغير ما أنزل هللا‪:‬‬


‫إن ال ك ىىم ب يىىىر م ىىا أنىىىزل هللا وادع ىىا ال اكمي ىىة يىىىؤدي إل ىىى ض ىىيا مصىىىل ة الشىىىعوب‬
‫انقسىم العىالم‬ ‫وهالكها وتشتيتها‪ ،‬ويؤيد ه ا مىا نعيشىه مىن واقىع فىي هى ا العصىر ن حيى‬
‫هى ا االنقسىام التبىاين فىي المبىاد‬ ‫إلى قسىمين بيىرين (الشىيوةية وال أرسىمالية) وكىان سىي‬
‫ال ى ي أدى بىىدوره إلىىى اخىىتالف األهىىداف والمصىىالا‪ ،‬فسىىعى كىىل فريىىق إلىىى‬ ‫والتش ىريعا‬
‫اإلقليميىة‬ ‫ال ىروب والن ازعىا‬ ‫ت قيق مصال ه‪ ،‬فتعارضم أهىداف كىل فريىق‪ ،‬واى ا نشىي‬
‫والعالمية التي كانم في كل مرة تيكل األخنر واليابس‪ ،‬واأللوف من البشر‪.‬‬

‫سىتلتقي‪ ،‬ويسىعى‬ ‫ولو كان العالم ط كم بتشريع واحد ثابم‪ ،‬فين األهداف تتوحد وال اطىا‬
‫يدًا واحدة لت قيقها بال خوف وال ن از ‪ ،‬فتسىعد البشىرية وترتقىي‪ ،‬ويىزول شىبا‬ ‫نميع النا‬
‫ال روب من العالم‪ ،‬وه ا ال طكون إال إكا كان التشريع هو تشريع هللا عز ونل‪.‬‬

‫‪‌1‬سيد‌قطب‌‪‌:‬في‌ظالل‌القرآن‌‪‌ .1990/‌4‬‬
‫‪ ‌2‬مجموعة‌رسائل‌الشهيد‌حسن‌البنا‌ص‌‪‌ .170‬‬
‫‪226‬‬
‫عقوبة التحاكم إلى دير شرع هللا‪:‬‬
‫إن الت ىىاكم إل ىىى غي ىىر شى ىريعة هللا ع ىىن رض ىىى و واةي ىىة كف ىىر‪ ،‬ألن هللا تع ىىالى ق ىىد راى ى‬

‫اإلطمان بالرضى ب كمه ‪ ،‬حي قال عىز ونىل‪﴿ :‬وَ ََّلَت َوَرناَّل َ ََل يَّلز رِابغزَّلَ َه َح خَّلَّت زَيَ او زِ َ‬
‫َّلَا‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫هُِ﴾‪.1‬‬ ‫ِره َ َويز َِل زَِا َ رِل ن‬ ‫هُِ َي َََُّ نََّلرهَّلغََّل زن ر ْثزخ ََل َاَي ز وا ام َلََّرَّل زرِ ان ر َحََّ نُْ خُ َ َ‬
‫وَ‬
‫ىرض ب كىىم هللا فىىي الىىدنيا هىىي القتىىل ‪ ،‬ككىىر ابىىن كثيىىر فىىي تفسىىيره‬
‫ثىىم إن عقواىىة مىىن لىىم يى َ‬
‫نىىزول قولىىه تعىىالى ‪ ﴿ :‬فىىال وراىىم ال يؤمنىىون‪ ﴾...‬اآلطىىة أن رنلىىين اختصىىما الىىى‬ ‫سىىي‬
‫ىي عليى ىىه ال أرضى ىىى‪ ،‬فقى ىىال‬
‫رسى ىىول هللا ‪ ‬فقنى ىىى للم ى ىىق على ىىى المبعى ىىل‪ ،‬فقى ىىال المقتنى ى ُّ‬
‫إلىىى أبىىي بكىىر الصىىديق‪ ،‬ف ى وبا إليىىه فقىىال الى ي ُقنىىي‬ ‫صىىاحبه‪ :‬مىىاكا تريىىد قىىال‪ :‬ن ى ه‬
‫إليىىه‪ :‬قىىد اختصىىمنا إلىىى النيىىي ‪ ‬فقنىىى لىىي‪ ،‬فقىىال أبىىو بك ىر‪ :‬أنتمىىا علىىى مىىا قنىىى بىىه‬
‫رسىىول هللا ‪ ،‬فىىيبى صىىاحبه أن يرضىىى‪ ،‬فقىىال نىىيتي عمىىر بىىن الخعىىاب‪ :‬فقىىال المقنىىي‬
‫له‪ :‬قد اختصمنا إلى النيي ‪ ‬فقنى لي‪ ،‬فيبى أن يرضىى‪ ،‬فسىيله عمىر بىن الخعىاب‪،‬‬
‫ال ى ي‬ ‫فقىىال كى لم‪ ،‬فىىدخل عمىىر بىىن الخعىىاب بيتىىه وخىىرل والسىىيف فىىي يىىده‪ ،‬فنىىرب أر‬
‫أبى أن يرضى فقتله‪.2‬‬

‫القاعدة الثانية‬

‫العدل والمساواة‬
‫العىىدل!! ول ى ا كانىىم ميىىدأ عام ىًا طعيىىق علىىى الرةيىىة داخىىل الدولىىة‪،‬‬ ‫"المسىىاواة هىىي أسىىا‬
‫واين الشعوب علىى الصىعيد الىدولي‪ ،‬كىركن أساسىي مىن سياسىة اإلسىالم الخارنيىة‪ ،‬دون‬
‫حيف أو م اباة أو تميز بلون أو عنصر‪ ،‬أو ل ة أو اختالف دين"‪.3‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.65،‬‬
‫‪‌2‬ابن‌كثير‪‌:‬تفسير‌القرآن‌العظيم‌‪‌ .525/1‬‬
‫‪ ‌3‬الدريني‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‌‪‌ .407‬‬
‫‪227‬‬
‫نظرة الإسلام إلى الناس‪:‬‬
‫في اإلسالم كلهىم سواسىية‪ ،‬والعىدل والمسىاواة فىي اإلسىالم حىق مىن حقىو األفىراد‪،‬‬ ‫النا‬
‫نصىوص القىرن‬ ‫نا‬ ‫على الدولة حماطة ه ا ال ق‪ ،‬حي‬ ‫ال ينازعهم ميه أحد‪ ،‬ووان‬
‫ال ريم والسنة النيوية وعمل الص ابة وعامة المسلمين للتوكيد ميدأ العدل التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬القرآن الكري ‪ :‬وم ع‪:‬‬


‫َّلُإ ا خ َخلَ رَغَ َّلَّلُ زَ ر ابَّل َّل ر اَ ََ َّل َنَّلَّ َوَلزَّرَّلثََّل َّل َو َْ َعلرغَ َّلَّلُ زَ ر زي َّل زَّلعَنَّلل‬
‫قول ىىه تع ىىالى ‪ََّ ﴿:‬ي َلَيَّله َن َّلَّلُ الغخ َّل ز‬ ‫‪.1‬‬

‫خا َّل ٌ﴾‪ 1‬فه ى ا الىىنص‬ ‫اكا َلَرَّلََّلَّلُ زَ ا خه خ ا‬ ‫َوََّلَُئَّلا ََّلَ لاتََّل َعَّل ََّلُروزَا ا خه َلَ رََّل ََّلََّب زو ر اعرغ َّل َ خ‬
‫اكَ َعلَّلَّله ٌ َ‬ ‫ر‬
‫نميعا واحد‪ ،‬هو دم عليه السالم‪ ،‬فىيكا كىان األمىر كى لم فىال‬ ‫ييين أن أصل النا‬
‫اللون أو الجنس او الل ة‪ ،‬ألن األصل هو واحد‪.‬‬ ‫داعي الدعا األفنلية بسي‬
‫ثىىم إن ه ى ا الىىنص قىىد نعىىل معيىىار التفاضىىل هىىو (اليقااور ‪﴿ ،‬ىن أكاارمم ع ااّ أ‬
‫أتقاك ﴾ ألنىه بمقىدار مىا طكىون اإلنسىان تقيىاً‪ ،‬طكىون أقىدر علىى امتثىال شىر هللا عىز‬
‫ونل!!‬
‫وقولىىه نىىل وعىىال ‪َّ﴿ :‬ي َلَيَّلهنَّلَّلُ الغخَّلَّلُإ اخَّل زَ َّلَا رنخ زوَّل الخَّل اَّلذي خلََ زوَّل اب َّل ََّّلَرَّل َن و ا‬
‫اح َّل َ لَن‬ ‫‪.2‬‬
‫َ‬ ‫َ ر ر‬ ‫َ ز‬ ‫ز‬ ‫َ َ‬
‫َثا نا َوَّاَُِن ‪ ،2﴾....‬ويقىال فىي هى ا الىنص‬ ‫َو َخلَ َء ابرغَّل َنُ َ رو َْ َنُ َونَ خ ابرغَّل زن َُِ ار َْ نَُل َ‬
‫َ‬
‫ما قيل في سابقه‪.‬‬
‫‪ .1‬والندا ب (طا أيها النا ) في النصين يدل على اهتمام اإلسالم بيقامة العدل ل ىل‬
‫وليس ألتباعه المسلمين فق ‪.‬‬ ‫النا‬

‫‪‌1‬سورة‌الحجرات‪‌،‬اآلية‌‪.13‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌األولى‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫قولىىه عىىز ونىىل ‪َ ﴿ :‬وَبَّلَّلُ َل رَبَّل ََّلَالز زو ر َوََل َل رَوََل زد زََّل ر َّلللخَّل اَّلر زَّلََّل اَّلَّنز زو ر عرغَّل َ َ زلر َرَّل خَل َب َّل ر‬ ‫‪.3‬‬

‫َّلُْلنُ﴾‪ ،1‬وف ىىي هى ى ا ال ىىنص الم ىىال واألوالد ل ىىيس س ىىيبا م ىىن أس ىىباب‬ ‫َيَبَّل َّل وع اِ َّلَّلَ ص َّل ا‬
‫َ َ ََ َ َ‬
‫التفاضل‪ ،‬وال هي تقرب المر إلى راه ‪ ،‬وإنما االطمان والتقوى والعمل الصالا‪.‬‬

‫والمتتبىىع له ى ه النصىىوص يىىرى ان معيىىار التفاضىىل ال ى ي ككرنىىاه وهىىو (التقىىوى) ي ىراه أم ى اًر‬
‫مقىىدو ًار عليىىه‪ ،‬طسىىتعيعه الجميىىع األبىىيض واألسىىود‪ ،‬النىىعيف والقىىوي‪ ،‬وال نىىي والفقيىىر‪،‬‬
‫والسىيد والعيىىد‪ ،‬وال ىىاكم والم كىىوم‪ ،‬والعىىالم واألمىىي ‪ ...‬ال ىىل بمقىىدوره أن طكىىون تقيىًا وهى ا‬
‫فض من هللا ورحمة ‪.-‬‬

‫ال‪ ،‬أو (القااوة فىىين كلىىم طعنىىي عىىدم‬


‫ول ىىن لىىو كىىان معيىىار التفاضىىل هىىو (الغ ااي مىىث ً‬
‫ت قيى ىىق العى ىىدل والمسى ىىاواة بى ىىين نميى ىىع النى ىىا ‪ ،‬ألن الفقيى ىىر‪ ،‬أو النى ىىعيف ال طمكنى ىىه‬
‫ت صيل المركز والمكانة التي لل ني أو القوي‪.‬‬

‫ب‪ -‬الب ال بوي ‪:‬‬


‫إن راكم واحد وإن أبىاكم واحىد‬ ‫‪ .1‬قال رسول هللا ‪ ‬في حجة الودا ‪" :‬طا أيها النا‬
‫‪ ،‬وكل ىىم آلدم و دم مىىن تىىراب ‪ ،‬وإن أكىىرمكم عنىىد هللا اتقىىاكم‪ ،‬لىىيس لعراىىي علىىى‬
‫أعجمىىي ‪ ،‬وال ألعجمىىي علىىى عراىىي‪ ،‬وال ألحمىىر علىىى أبىىيض‪ ،‬وال ألبىىيض علىىى‬
‫أحمر فنل إال بالتقوى ‪.2"...‬‬
‫‪ .2‬قىىال رسىىول هللا ‪" :‬أنىىتم بن ىوا دم‪ ،‬و دم مىىن ت ىراب‪ ،‬ليى َّ‬
‫ىدعن رنىىال فخىىرهم بىىيقوام‬
‫الجعىالن‪ 3‬التىي تىدفع‬
‫ليكونن أهون على هللا من ُ‬
‫َّ‬ ‫إنما هم ف م من ف م نهنم‪ ،‬أو‬
‫بينفها النتن"‪.1‬‬

‫‪‌1‬سورة‌سبأ‪‌،‬من‌اآلية‌‪.37‬‬
‫‪ ‌2‬الشيب‌محمد‌الخضري‪‌:‬نور‌اليقين‌في‌سيرة‌المرسلين‌ص‌‪‌ .249‬‬
‫‪‌3‬ال ُجعالن‌جمع‌ ُجعل‪‌،‬وهو‌دابة‌صغيرة‌تنشأ‌في‌القاذورات‪‌.‬سنن‌أبي‌داوود‌‪.331/4‬‬
‫‪229‬‬
‫كلهىم سىوا ‪ ،‬ال يتميىز أحىد علىى‬ ‫_ وفي ه ين ال ديثين بين النيىي ‪ ‬أن النىا‬
‫أو النس ‪.‬‬ ‫اللون أو الجنس أو ال س‬ ‫أحد‪ ،‬بسي‬
‫_ ثم ط ر من التفىاخر باآلبىا واألنىداد‪ ،‬ألن كلىم ال ط يىر شىيئًا‪ ،‬وال يرفىع مىن‬
‫مقام انسان شيئاً‪ ،‬ول ن ال ي طفيد هو التقوى فق ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ع ح المياب _ ضي أ ع ه أك عون_‪:‬‬


‫‪ ....‬لقىىد‬ ‫‪ .1‬قىىال أبىىو بكىىر الصىىديق ‪ ‬حينمىىا تىىولى خالفىىة المسىىلمين‪" :‬أيهىىا النىىا‬
‫فقوم ىىوني‪،‬‬ ‫ولي ىىم عل ىىيكم ولس ىىم بخي ىىركم‪ ،‬ف ىىين أص ىىيم ف ىىيعينوني‪ ،‬وإن أخع ىىي‬
‫القوي مىيكم ضىعيف عنىدي حتىى خى ال ىق منىه‪ ،‬والنىعيف مىيكم قىوي عنىدي‬
‫حتى خ ال ق له"‪ 2‬بين أبو بكر في ه ا النص أنه ال فر بين حىاكم وم كىوم‬
‫"لقّ ولو عل م ولب بخورد " كما بين أن ال فر بين ضعيف وقوي "القاوس‬
‫ف م ضع ف ع ّس ‪ ...‬والاع ف م ك قوس ع ّس"‪.‬‬
‫‪ ‬ييىين لخليفىة المسىلمين عمىر بىن الخعىاب ‪ ‬أنىه‬ ‫‪ .2‬وه ا علىي بىن ابىي الى‬
‫طستوي اما القنا مع أي واحد مىن رعيتىه‪ ،‬وأن ال ىاكم والم كىوم أمىام القنىا‬
‫علىىى السىوا‪ ،‬وكلىىم لمىىا نىىا عمىىر طسىىيل مىىن حنىىر مجلسىىه‪" ..‬مىىا قولىىم لىىو أن‬
‫أمير المؤمنين شاهد امرأة على معصية ميقول له علي‪ :‬طيتي بيراعة شىهدا أو‬
‫طجلد حد الق ف‪ ،‬شينه في كلم شين سائر المسلمين"‪.3‬‬

‫هى ا وقىد انعكسىم نظىرة اإلسىالم هى ه علىىى نميىع الت ىاليف واألحكىىام التىي ُفرضىم علىىى‬
‫ال ل مشتركون في الت اليف على السوا ‪.‬‬ ‫كل مسلم‪ ،‬حي‬

‫‪‌1‬سنن‌أبي‌داوود‌‪‌ .331/4‬‬
‫‪‌2‬ابن‌كثير‪‌:‬البداية‌والنهاية‌‪.350/3‬‬
‫‪ ‌3‬د‪‌.‬محمد‌أبو‌فارس‌‪‌:‬النظام‌السياسي‌في‌اإلسالم‌ص‌‪.43‬‬
‫‪230‬‬
‫فالصىىالة مفروضىىة علىىى كىىل المسىىلمين ال فىىر بىىين أحىىد وأحىىد‪ ،‬وخيىىر شىىاهد علىىى كلىىم‬
‫طقظ فيها وننبًا إلى نن ‪ ،‬الفقيىر وال نىي وال ىاكم والم كىوم‬ ‫صفوفها في المسجد‪ ،‬حي‬
‫طستثن منهم أحد‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ ...‬الا‪ ،‬والزكاة ك لم مفروضة على القادرين عليها ولم‬

‫العالم‪ ..‬تراهم نميعاً مت دين‬ ‫واأللوان ينعقون بكل ل ا‬ ‫وفي ال ج ترى نميع األننا‬
‫في الزي ن مت ىدين فىي التلييىة وشىعائر العبىادة ‪ ....‬هى ه هىي نظىرة اإلسىالم إلىى النىا‬
‫نميعًا‪ ...‬ول ن ما هي نظرة ال فرة والعواغيم‬

‫موقف الكفار من العدل والمساواة‪:‬‬


‫ان المقى ىىاييس المادطى ىىة التى ىىي ط كهى ىىا ال فى ىىار والمشى ىىركون فى ىىي حيى ىىاتهم‪ ،‬تقتنى ىىي أن يى ىىرى‬

‫األغنيا منهم واألقويا أنهم هم السادة‪ ،‬وأن ما دونهم عييد‪ ،‬وعلىى كلىم فىين لهىم حقوقىاً‬
‫أكث ىىر مم ىىا ل ي ىىرهم ‪،‬وأنه ىىم ه ىىم أصى ى اب األم ىىر والنه ىىي ‪ ،‬وأصى ى اب الص ىىدارة والم ارك ىىز‬
‫المرموقة‪ ،‬أما الفق ار والنعفا فعليهم السمع والعاعة ‪ ،‬وليس لهم من األمر شيئًا‪.‬‬

‫ه ه نظرة ال فار إلى العدل على الدوام‪ ،‬وكي يتيكد لنا كلم ننظر غلة قىريح كيىف كىان‬
‫موقفه ىىا م ىىن مس ىىاواة الني ىىي ‪ ‬ب ىىين أصى ى ابه م ىىن اغني ىىا وفقى ى ار ‪ ،‬وس ىىادة وعيي ىىد‪ ،‬وأقوي ىىا‬
‫كىان مجلسىه ‪ ‬طجمىع بىين أبىي بكىر الصىديق وعيىد الىرحمن بىن عىوف‪،‬‬ ‫وضعفا ‪ ،‬حي‬
‫وهما اغنيا من أسىلم مىع الرسىول ‪ ‬واىين غيىرهم مىن فقى ار المسىلمين‪ ،‬كمىا كىان طجمىع‬
‫واىىالل وهمىىل مىىن المىوالي‪ ،‬واىىين غيىىرهم مىىن السىىادة‪ ،‬فىىيبى مشىىركو مكىىة أن‬ ‫بىىين صىىهي‬
‫طجمعهم وهؤال النعفا والعييد مجلس واحد ‪ ،‬وهىم سىادة العىرب فىي كلىم الوقىم‪ ،‬وهى ا‬
‫أن تجع ىىل لنىىا من ىىم مجلسى ىًا تع ىىرف لن ىىا الع ىىرب‬ ‫مىىا يؤك ىىده ق ىىولهم لرس ىىول هللا ‪ " :‬ن ى ى‬
‫فنىىلنا‪ ،‬فىىين وفىىود العىىرب تيتيىىم ‪ ،‬فنسىىت ي أن ت ارنىىا قعىىوداً مىىع هىؤال األعيىىد‪ ،‬فىىيكا ن ىىن‬

‫‪231‬‬
‫فىىيقمهم عنىىا‪ ،‬فىىيكا ن ىىن فرغنىىا فاقعىىد معهىىم إن شىىئم "‪1‬فننىىزل قزلىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬وََل َئرَّل زَّلَّاد‬
‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ْ َنَّلنز﴾‪ ،2‬فنىزل كلىم ردًا حاسىمًا مىن‬ ‫الخذي َ يَ ر زعَ َه َرنَّلخ زن ر اَّلللر َ َ ال َوالر َع ا يزاَّيَّل ز و َه َو ر‬
‫بى ىىين‬ ‫هللا تعى ىىالى على ىىى اقت ى ىراب المشى ىىركين‪ ،‬كلى ىىم االقت ى ىراب ال ى ى ي كى ىىان سيفسى ىىد العالقى ىىا‬
‫المسىىلمين‪ ،‬ويشىىعل نىىار ال قىىد وال سىىد ف ىىي نفوسىىهم ‪ ،‬ويقسىىمهم إلىىى فىىريقين ‪ ،‬واالت ىىالي‬
‫طنعظ صفهم ‪ ،‬وتشتم كلمتهم ‪.‬‬

‫حكم إقامة العدل بين الناس‪:‬‬


‫علىىى كىىل مىىن لىىه والطىىة علىىى أي أمىىر مىىن أمىىور المسىىلمين‪،‬‬ ‫إن إقامىىة العىىدل أمىىر وان ى‬
‫وه ا ما تقرره النصوص التالية‪:‬‬

‫اك أربَّ اَّلللرعَّل ر ا و را ا ا ا ا‬ ‫ا‬


‫الر زََّلَََّب﴾‪ ،3‬فىالنص‬
‫اِ رح ََِّلُه َو يتََّلَُ اي ر‬ ‫‪ .1‬قولع تعالج‪ ﴿ :‬خه خَ َ ز ز َ َ‬
‫اسىىتخدام لف ى‬ ‫إقامىىة العىىدل (إن هللا طىىيمر بىىالمعروف) حي ى‬ ‫أمىىر ص ىريا فىىي ل ى‬
‫ط ىثهم ميىه علىى إقامىة العىدل ‪ ،‬واألمىر _كمىا قلنىا‬ ‫(طيمر) في خعاب مباشىر للنىا‬
‫سابقاً طفيد الونوب مالم طمنعه من كلم مانع ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫اكَ َأر زب زَّلَّزَ ر َلَ ره زَّل ََّلِهدوا راَي ََبَّلُ َ ا ََل َلَ ر ل َنَّلُ َوااَا َح َو رَِّلتز ر نََّل ر َ‬
‫َّلَل‬ ‫قولع تعاالج‪﴿ :‬ا خه خ‬ ‫‪.2‬‬

‫و زِ َّلَا اَّلللر َع َّل ر ا ﴾ ‪ ،‬فىىالنص طىىيمر بيقامىىة العىىدل فىىي الىىنفس أو ً‬ ‫الغخَّل ا‬
‫ُإ َلَ ره َرل ز‬
‫‪4‬‬
‫ال‪( ،‬ىن‬

‫أ م مرد أن تاؤدوا األماناات ىلاج أهلهاا) فىيدا األمانىة نىو مىن أنىوا العىدل ‪،‬‬
‫يىىدرب الىىنفس عل ىى عىىدم ظلىىم اآلخ ىرين وإن ىىار حقىىوقهم‪ ،‬واعىىد إقامىىة العىىدل فىىي‬
‫قد أصب وا قادرين على اقامته بين بعنهم بعنًا‪.5‬‬ ‫النفو ‪ ،‬طكون النا‬

‫‪‌1‬سنن‌ابن‌ماجة‌‪‌1382/2‬ح‌‪‌،4127‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪.432/‌6‬‬
‫‪‌2‬سورة‌األنعام‪‌،‬من‌اآلية‌‪.52‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النحل‪‌،‬من‌اآلية‌‪.90‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.58‬‬
‫‪‌5‬الفخر‌الرازي‪‌:‬تفسير‌الرازي‌‪‌ .139/10‬‬
‫‪232‬‬
‫َل اَّلللر اَ رِ ار زي َن َ اََ اخكا َولَ رَّلَ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫‪ .3‬قولع تعالج‪ََّ ﴿ :‬ي َلَيَّله َنُ الخذي َ َيَ َبغزَا زَََّزَا ََّل خَاب َ‬
‫َل ا ره يَ زوَّل ر َغغاهًَّّلَّلُ َل رَو وَ اََّل نا وََّل خ‬
‫َّلُكز َل رَوََل‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َعلََّل َلََّرَّل زرَِّل زو ر َلَ او الر ََالَّل َ ير ا َو راَيَ رَّل ََّلَّنا َ‬
‫اكَ َََّلُ َه اَََّلُ‬‫نَا وَام خه خ‬ ‫ا‬ ‫اا‬
‫َُِ وَ ََت ََّلتخا زعَا ا رَلَََى َلَ ره ََّل رع لزَا َوا ره ََّللر زَوا َل رَو زَّل رع اَّ ز‬
‫خاَّل ا ﴾‪ ،1‬وهى ا الىىنص ميىىه إل ىىاب وتيكيىىد علىىى ونىىوب إقامىىة العىىدل‬
‫ََّل رع َِلزَّلَّلَ َه َ ن‬
‫علىىى الىىدوام وأنىىه ال طكفىىي أن طع ىدل المىىر م ىرة م ىرة واحىىدة فق ى ‪ ،‬كلىىم ألن لفظىىة‬
‫(ق ىوامين) المسىىتعملة فىىي اآلطىىة ال ريمىىة هىىي صىىي ة مبال ىىة ‪ ،‬فهىىي نمىىع قى َّىوام‪،‬‬
‫بمعنى قائم وفائدة كلم هي األمر بت رار القيام بالعدل على الدوام ‪.‬‬

‫ابتَ اَ ر ََ َُِ َل ازب رَّ َ َوََل ََّلتخا رِ َلَ ر َّل ََاََ ز ر َوز رَّلَ‬ ‫ع َو ر‬
‫اا‬
‫‪ .4‬قولع تعالج ‪ ﴿ :‬وَل َذل َ وَ رُد ز‬
‫و ﴾‪ ،2‬ف ىىيكا ك ىىان‬ ‫َيَبرغ َّل اَ َّلَّلُ َلََّر َّلَّلََ خ ا ا َن ا ا ا‬
‫اكز ب َّل ر َتََّلَّلُب َوَلزبَّل رَّلَّ ز َي رَع َّل َ نَّلَره َّلَّلغَ ز ز‬ ‫َ ز َ َ‬
‫عليىىه ‪ ،‬مىىع‬ ‫رسىىول هللا ﷺ بمقتنىىى ه ى ا الىىنص مىىيمو ًار بالعىىدل وهىىو وان ى‬
‫العلم بعصمته ﷺ وانتفا الظلم من صفاته ‪ ،‬فيكا كىان األمىر كى لم فونىوب‬
‫العدل على غيره ﷺ أكثر وكوبا ح هو أولج اكّ‪.‬‬

‫وتا ْار ُس العااّل ل ا ‪ ،‬وقااّ توعااّ أ تعااالج الظااال ون العااذاب الاااّيّ حوااث قااال ‪:‬‬
‫هااذا َ‬
‫اكَ َغَّلَّلُوا نَت َع خَِّلَّلُ يَّلَ رع ََِّل زَّلَ‬
‫َّلَّ خ‬
‫اْ زن َّل ر ﴾‪ ، 3‬و ﴿ َوََل َرل ََِّل َ خ‬ ‫ا‬
‫اح ز َّل زَّلَّوا الخَّلذي َ ظَلَ زِ َّلَا َوَلَر َو َ‬ ‫﴿ ر‬
‫الظخَّل َّلَّلُلا زَِ َه﴾‪ ،4‬و﴿وَتارل َّل َّل َ نَّلزهزَّل َّلَّلَزَّل زن ر َخُ اويََّل َّلَن اََّلَ َّلَّلُ ظَلَ زِ َّل َّلَا ا خه ام َالاَّل َّل َ َْلَيََّل َّلَن لاََّل َّل رَّلََنم‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪.135‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الشورى‪‌،‬من‌اآلية‌‪.15‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الصافات‪‌،‬من‌اآلية‌‪.22‬‬
‫‪‌4‬سورة‌إبراهيم‪‌،‬من‌اآلية‌‪.42‬‬
‫‪233‬‬
‫ظلمهم أهل هىم هللا ألصىب م بيىوتهم فارغىة مىنهم‪ ،‬ونىا النيىي‬ ‫ه﴾‪ 1‬أي ‪ :‬بسي‬
‫يَّلَ رعلََِ َ‬ ‫ز‬
‫‪ ‬ما يوك العّل ويزكار عان الظلا ‪ ،‬حواث قاال ‪" :‬ماا مان عباّ اسايرعا أ ب ا‬
‫فل ميطها م ي ىال ل مجّ ائي الج "‪.2‬‬

‫العدل في الإسلام لا يتأثر بالهوى‪:‬‬


‫الق ارب ىىة أو‬ ‫الع ىىدل ف ىىي اإلس ىىالم معل ىىق‪ ،‬ال يت ىىيثر ب ىىالهوى أو الش ىىهوة‪ ،‬وال يت ىىيثر بص ىىال‬
‫‪ ،‬ل ى لم فينىىه‬ ‫كلىىم أن ه ى ا التش ىريع عىىام لجميىىع النىىا‬ ‫الصىىداقة أو الىىدين‪ ،‬وكىىان سىىي‬
‫العدل للجميع‪ ،‬وإال فتنتفي عنه صفة العالمية ‪ ...‬ودليلنا على كلم ‪:‬‬ ‫يون‬

‫‪ .1‬القرآن الكري ‪:‬‬


‫مقااول أ عااز وكااح‪َ ﴿ :‬وََل َرَيَّل اََّبغخ زو ر َيَّلَّلغَ َ زه ََّل رَّلََنم َعلََّل َلخََل ََّل رعَّل ا لزَا راعَّل ا لزَا ز َّل ََّلَ‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب لالتخَّل رََى﴾‪ ،3‬ومعنى النص أنه ال طجل م ظلم أحد من النىا ل ىم أن ت يىدوا‬
‫َلَرَّلََّ ز َ‬
‫عل ىىيكم ه ىىو الع ىىدل ‪ ،‬ألن ىىه أق ىىرب للتق ىىوى‬ ‫ع ىىن ال ىىق فتظلمى ىوا م ىىثلهم ‪ ،‬ب ىىل الوانى ى‬
‫ولل ق‪.‬‬

‫َل اَّلللر اَ رَِّل اَّلر زيَّل ََّلن َ اََ اخكا َولََّل رَّلَ َعلََّل َلََّرَّل زر اِ َّل زو ر َلَ او‬ ‫ا‬
‫ويقااول أماااا‪ ﴿ :‬زَََّزَّلَا َ َّل خَاب َ‬ ‫ب‪-‬‬

‫ا‬
‫َل﴾‪ ،4‬ففىىي ه ى ه اآلطىىة ت ىريض للمسىىلمين علىىى العىىدل حتىىى لىىو‬ ‫الر ََالَّل َ ير ا َو راَيَ رَّل ََّلَّنا َ‬
‫شهد اإلنسان على نفسه أو والدطه أو أقاراه!!‬

‫‪‌1‬سورة‌النمل‪‌،‬اآلية‌‪.52‬‬
‫‪‌2‬الللل ل‌والمرجان‌فيما‌اتفق‌عليه‌الشيخان‌ص‌‪‌،479‬ح‌‪.1200‬‬
‫‪‌3‬سورة‌المائدة‌من‌اآلية‌‪.8‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪.135‬‬
‫‪234‬‬
‫‪ .2‬تمرفات المياب وأفعاله ‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬أرس ىىل الني ىىي ‪ ‬عي ىىد هللا ب ىىن رواح ىىة ليخ ىىرص (طق ىىدر ثم ىىار خيي ىىر‪ ،‬وييخى ى نص ىىفها‬
‫اتفاقهم مع الرسىول ‪ ‬فىيراد يهىود خييىر أن يرشىوا عيىد هللا بىن رواحىة حيى‬ ‫ب س‬
‫ىي‬
‫قدموا له صىرة مىن كهى ‪ ،‬فقىال‪ :‬طىا أعىدا هللا‪ ،‬أترشىونني‪ ...‬وهللا إن ىم أب ىض إل َّ‬
‫ىي مىن نفسىي التىي بىين ننيىي‪ ،‬ول ىن ب نىي‬
‫إل َّ‬ ‫من القردة والخنىازير‪ ،‬ولم مىد أحى‬

‫ل م وحيي لم مد ‪ ‬ال طمنعنىي مىن أن أعىدل بيىن م‪ ،‬لقولىه تعىالى‪َ ﴿ :‬وََل َرَيَّل اََّبغخ زو ر‬
‫علَ َلخََل ََّل رع ا لزَا﴾‪ 1‬إن ه ا النص ال ي بين أيدينا دليل علىى أن عيىد‬ ‫َن‬
‫َيغَ َ زه ََّل رَم َ‬
‫هللا بىن رواحىة واعىىد تصىري ه بعداوتىه لليهىىود‪ ،‬وكرهىه لهىم‪ ،‬عىىدل بيىنهم ولىم طظلمهىىم‬
‫حينما أراد أن ط كم بينهم واين النيي ‪ ‬وأن ه ه العداوة لم تدفعه لظلمهم‪.‬‬
‫أميىىر‬ ‫ب‪‌ -‬وهىىا هىىو القاضىىي شىريا بىىن هىىان ‪ ،‬طقنىىي بىىين يهىىودي وعلىىي بىىن أبىىي الى‬
‫القن ىىا ‪ ،‬دون‬ ‫ف ىىي مجلسىىه‪ ،‬متبعى ىًا خعى ىوا‬ ‫المىىؤمنين‪ ،‬ميجلس ىىهما ننبى ىًا إلىىى ننى ى‬
‫تمييز بينهما‪ ،‬ودون أن يتقيد باعتقاده بين أمير المؤمنين صاد في دعواه‪.2‬‬

‫فوائد العدل بين الناس‪:‬‬


‫واعتدا عليها‪ ،‬وهو يؤدي إلى الخوف‬ ‫ل قو النا‬ ‫العدل ضد الظلم‪ ،‬والظلم ميه سل‬
‫وعدم األمن ‪ ،‬فالخائظ ال طف ر إال في حماطىة نفسىه ومىا طملىم‪ ،‬وغيىر اآلمىن علىى نفسىه‬
‫وماله ال طستعيع أن طستثمر ه ا المال‪ ،‬بل طكون كل همه إخفااه للمال وعىدم اسىتثماره‪،‬‬
‫وه ى ا طشىىل حركىىة المجتمىىع‪ ،‬ألن أي مجتمىىع ال طسىىتعيع أن ينمىىو ويرتقىىي بىىدون األم ىوال‬
‫ال ياة‪.‬‬ ‫التي هي عص‬

‫‪‌1‬سورة‌المائدة‌من‌اآلية‌‪.8‬‬
‫‪‌2‬أبو‌يعلي‌الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .66‬‬
‫‪235‬‬
‫من أنل كلم كان العدل أمناً واستق ار اًر واركة للنا ‪ ،‬تماما كىاألمن النفسىي واليركىة التىي‬
‫ت ققها العبادة‪.‬‬

‫وفي هى ا المعنىى طقىول النيىي ‪" :‬يىوم مىن إمىام عىادل خيىر مىن ةبىادة سىتين سىنة" وألن‬
‫طسىىتظلون بىىيمن العىىدل وواحتىىه فقىىد ُنعىىل اإلمىىام العىىادل ممىىن طسىىتظلون بع ىىرش‬ ‫النىىا‬
‫الرحمن يوم ال ظل إال ظله‪.‬‬

‫روي عىن رسىول هللا ‪" :‬سىبعة طظلهىم هللا بظلىه يىىوم ال ظىل إال ظلىه ‪ ..‬وعىد أولهىم أمىىام‬
‫‪1‬‬
‫عادل"‬

‫فىىي ظلىىه طسىىعون ناهىىدين للعمىىل وال ىىد مىىن أنىىل مصىىال هم‪،‬‬ ‫والعىىدل نىىور! ألن النىىا‬
‫والصالا العام‪ ،‬لما يىوفره لهىم مىن هىدو و ارحىة نفىس‪ ،‬ومىن أنىل كلىم كىان العىادلون فىي‬
‫مقاعد من نور عن طمين الرحمن‪.‬‬

‫قال رسول هللا ‪" :‬إن المقسىعين عنىد هللا علىى منىابر مىن نىور‪ ،‬عىن طمىين الىرحمن عىز‬
‫ونل‪ ،‬وكلتا يدطه طمين‪ ،‬ال ين طعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"‪.2‬‬

‫م ل ثقتهم‪ ،‬حتى بين األعدا ‪ ...‬فها هم اليهود أعدا رسىول هللا ‪ ‬ط ت مىون إليىه لمىا‬
‫عرفىوا مىىن عدلىىه‪ ،‬ومىىا كىىان كلىىم إال القتنىىاعهم أنىىه ال طمكىىن ألحىىد أن طعىىدل كعىىدل النيىىي‬
‫‪.‬‬

‫‪‌1‬صحيح‌مسلم‌بشرح‌النووي‪.120،/7‌:‬‬
‫‪‌2‬المنذري‪‌:‬مختصر‌صحيح‌مسلم‌ص‌‪.329‬‬
‫‪236‬‬
‫اهتمام الإسلام بإقامة العدل‪:‬‬
‫عليىه ونعلىه وانبىاً‬ ‫لما كان للعىدل أهميىة عظيمىة فىي نظىر اإلسىالم‪ ،‬فقىد اهىتم بىه‪ ،‬وحى‬
‫المفروضىىة علىىى والة األمىىور‪ ،‬ودللنىىا علىىى كلىىم مىىن القىىرن ال ىريم وسىىنة‬ ‫مىىن الوانبىىا‬
‫النيي ‪ ‬ثم من عمل ص ابة رسول هللا _ رضي هللا عنهم أنمعين‪.‬‬

‫تىوافره فىىي كىىل مىىن كىىان لىىه‬ ‫ومىىن مظىىاهر اهتمىىام اإلسىىالم بالعىىدل أنىىه نعلىىه شىىر اً طجى‬
‫والطىىة عامىىة (وظيفىىة عامىىة) أو كىىل مىىن قىىام علىىى أمىىر مىىن أمىىور المسىىلمين‪ ،‬كمىىا نىىرى‬
‫أن تتىوفر فىي كىل مىن يلىي وظيفىة للمسىلمين‬ ‫الفقها قد طختلفون فىي الشىروط التىي طجى‬
‫إال شرط العدالة فينه ال طخالظ ميه أحد‪.‬‬

‫من مظاهر العدل في الإسلام‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫القا َاود ماان نفبااع‪ :‬كىىان الرسىىول ‪ ‬طسىىوي‬
‫أ‪‌ -‬الرسااول عل اع المااسة والبااسإ معطااي َ‬
‫صىىفوف ننىىده فىىي معركىىة بىىدر‪ ،‬وكىىان بيىىده سىىهم فنىىرب بىىه علىىى بعىىن (س ىواد بىىن‬
‫عزاىىه) فقىىال سىواد‪ :‬قىىد أونعتنىىي طىىا رسىىول هللا‪ ،‬وقىىد بعثىىم هللا بىىال ق والعىىدل فيقىىدني‬
‫(انعلن ىىي أق ىىتص من ىىم)‪ ،‬ف ش ىىظ رس ىىول هللا ‪ ‬ع ىىن بعن ىىه الشى ىريفة وقى ىال‪ :‬اس ىىتقد‪.‬‬
‫فاعتنقه سواد وقيل بعنه‪.2‬‬
‫عمىىرو بىىن العىىاص ألنىىه ظلمىىه‪ :‬نىىا أن عمىىرو بىىن العىىاص قىىال ألحىىد‬ ‫ب‪‌ -‬رنىىل طعاق ى‬
‫المصريين _ وكان واليًا عليه_ طا منافق‪ ،‬فقال الرنل‪ :‬نفقتني وهللا من أسىلمم مىا‬
‫واشت اه إلى عمر بن الخعىاب‪ ،‬فيرسىل إليىه عمىر إكا أقىام هى ا‬ ‫نافقم ق ‪ .‬ثم كه‬
‫الرنل شاهدين طشهدان أنم نفقته‪ ،‬فيمكنه نفسم ويجلدر أراعين نلدة‪.‬‬

‫‪‌1‬القَ َود‌هو‌ال ِقصاص‪‌،‬أبو‌جيب‪‌:‬القاموس‌الفقهي‌ص‌‪.309‬‬


‫‪ ‌2‬ابن‌الجوزي‪‌:‬مناقب‌أمير‌الملمنين‌عمر‌ابن‌الخطاب‌ص‌‪.95‬‬
‫‪237‬‬
‫فعاد الرنىل إلىى بلىده‪ ،‬وقىال فىي المسىجد‪ :‬انشىد هللا رنىالً سىمع عمى اًر نفقنىي إال قىام‪ ،‬فقىام‬
‫نميع من في المسجد طشهدون على عمرو بن العاص‪.‬‬

‫ولما مكنه عمرو من نفسه لينراه‪ ،‬قال الرنىل‪" :‬طمنعنىي سىلعانم مىن أن أقىتص منىم‬
‫فقال عمرو‪ :‬ال‪ .‬فقال الرنل‪ :‬تركتم هلل"‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫القاعدة الثالثة‬

‫الشورى‬

‫تعريف الشورى‪:‬‬
‫هي في اللغ من الفعل ( َش َار) بمعنىى (ننىى) ُطقىال ‪ :‬شىار العس َىل‪ ،‬بمعنىى ننىاه‪ ،‬ومنىه‬
‫(المشورة والشورى والشورة) وهي ل رأي ال ير في أمر من األمور‪.1‬‬

‫والااااو ر فاااي االصاااطسح هاااي‪ :‬اس ىىتع ارض ار أه ىىل االختص ىىاص ف ىىي واقع ىىة معين ىىة‪،‬‬
‫لشر هللا تعالى‪ ،‬وسنة نييه ‪.‬‬ ‫واختيار أصل ها ب س‬

‫فائّة الاو ر وأه ويها‪:‬‬


‫ال كىىم فىىي اإلسىىالم‪ ،‬وهىىي مىىن أبىىرز خصائصىىه‪ ،2‬وعليىىه فهىىي‬ ‫‪ .1‬الشىىورى هىىي أسىىا‬
‫إحىىدى القواعىىد األساسىىية التىىي تنىىفي علىىى نظىىام حكىىم مشىىروعيته مىىن ونهىىة نظىىر‬
‫التشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ .2‬كمىىا أنهىىا مظهىىر عظىىيم مىىن مظىىاهر حريىىة التعييىىر عىىن الىرأي‪ 3‬فىىي كىىل أمىىر يتعلىىق‬
‫بالجماعة‪.‬‬
‫‪ .3‬والشورى ريق من ر ت قيق األلفة والم بة بين أفراد الجماعة‪ ،‬نظ ًار لمىا طشىعره‬
‫منه المشاركة في كل ما يتعلق به ه الجماعة‪.4‬‬ ‫كل فرد من أهمية عندما طعل‬

‫‪‌1‬الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‪‌،‬مادة‌(ش‌و‌ر) ‌‬
‫‪ ‌2‬الدريني‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‌‪.419‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجع‌السابق‌ص‌‪.418‬‬
‫‪‌4‬القرطبي‪‌:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ .37/16‬‬
‫‪239‬‬
‫‪ .4‬ثىىم إن الشىىورى تىىدرب العقىىول علىىى سىىير األمىىور‪ ،‬وتف صىىها وتم يصىىها ‪ ،‬ومعرفىىة‬
‫للنظىىر‬ ‫غثهىىا مىىن سىىمينها‪ ،‬عىىن ريىىق النظىىر فىىي األمىىور المعروحىىة علىىى النىىا‬
‫فيها‪.1‬‬
‫‪ .5‬كما أنها تعلم األفراد على الععىا ‪ ،‬وعلىى االنتمىا لجمىاعتهم وو ىنهم‪ ،‬كمىا تعلمهىم‬
‫ت مىىل المسىىؤولية تجىىاه ه ى ه الجماعىىة‪ ،‬وكلىىم ألن فيهىىا أسىىهمًا ومشىىاركة فىىي ت مىىل‬
‫أةبا المجتمع‪ ،‬والعمل على ت قيق الصالا العام‪.‬‬
‫ت ىريم اإلنسىىان‪ ،‬ف مىىا أن هللا تعىىالى أعلىىم المالئ ىىة بجعلىىه‬ ‫‪ .6‬والشىىورى مىىن مقتنىىيا‬

‫خلاه َر َّلَن﴾‪ ،2‬وان‬


‫َ‬ ‫ق‬ ‫قىىال تعىىالى‪﴿ :‬اا ْ ا‬
‫ُعَّل ٌَّلَ ام راَي رَر ا‬ ‫َ‬ ‫علىىى األرض خليفىىة حي ى‬

‫كان ىىم هى ى ه اآلط ىىة ق ىىد س ىىيقم عل ىىى س ىىييل اإلخب ىىار إال أن فيه ىىا إش ىىارة إل ىىى ض ىىرورة‬
‫الشىىورى‪ ،‬وعلىىى كلىىم فينىىم حينمىىا تستشىىير إنسىىاناً ت ىىون قىىد اكرمتىىه واينىىم لىىه مىىدى‬
‫تقديرر له بدليل أنم تستشيره في أمرر‪.‬‬
‫‪ .7‬والشىىورى ريقىىة مىىن ىىر الوحىىدة اإلسىىالمية عىىن ريىىق عىىرض المشىىاكل العامىىة‬
‫للمجتمع ومشاركة الجميع في حلها‪.3‬‬

‫لذا فقّ اهي اإلسسإ بالاو ر‪ ،‬ومن مظاهر هذا االهي اإ‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه سمي سورة من سوره باسمها‪.‬‬
‫‪ .2‬ثم إنه قرن الشورى بركنين أساسين من أركىان اإلسىالم وهمىا‪ :‬الصىالة والزكىاة‪ ،‬ممىا‬
‫خا‬
‫يى ىىدل على ىىى أنهى ىىا ركى ىىن أساسىىىي مثلهمى ىىا‪ ،‬وكىىىان كلى ىىم فى ىىي قولى ىىه تعىىىالى‪َ ﴿ :‬وال َّلَّلذي َ‬

‫‪‌1‬المرجع‌السابق‪‌ .‬‬
‫‪2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .30‬‬
‫‪ ‌3‬د‪‌.‬عبد‌الحميد‌األنصاري‪‌:‬الشورى‌وأثرها‌في‌الديمقراطية‌ص‌‪‌ .5‬‬
‫‪240‬‬
‫ا‬ ‫ا اا‬
‫صَّل َّل ََّلَت َل َوَل رَبَّل َّل زَّلَّز ر زيَّل َّلَّلََرى نَّلَرهَّل َّل َّلغََّل زن ر َو خَّل َّلَّلُ َرَ رَّلغََّل َّلَّلُ ز ر‬
‫َّلُبَا ال خ‬
‫ابَّل َّلَّلتَ َُُنزَا لَّل َّل ََّلَّ ر َوَلَََّل َّل ز‬
‫ر‬
‫ه﴾‪.1‬‬ ‫يَّلزرغ ار زََ َ‬
‫فقىىد ككىىر صىىورتين مىىن صىىور‬ ‫‪ .3‬كمىىا أن القىىرن وايانىاً ألهميىىة الشىىورى وتعليمىاً للنىىا‬
‫ممارسة الشورى بصفة نماكل طقتدي بها على الن و التالي‪:‬‬
‫ا‬
‫‌المشاورة في المشاكل االنتماةية‪ :‬وكلم في قوله تعالى‪﴿ :‬وَام ره َل ََر َادا و َ‬
‫ص نَّلَُل َعَّل ر‬ ‫أ‪-‬‬

‫علَره انُِ﴾‪.2‬‬ ‫َن‬ ‫ََّلَّ َن ا‬


‫ُح َ َ‬ ‫اق برغَّل زن َُِ َوَ َ زُور وَ ََت زْغَ َ‬ ‫َ‬
‫ب‪‌ -‬التشاور في شؤون الدولة بشىكل عىام ‪ :‬وكىان كلىم عنىدما شىاور بلقىيس مل ىة سىبي‬
‫سجل القرن‬ ‫قومها في الرسالة التي نا تها من نيي هللا سليمان عليه السالم‪ ،‬حي‬
‫ال ريم كلم في سورة النمل اآلطىة ‪ 32‬قولىه تعىالى‪َُ ﴿ :‬لََّل ر ََّي َلَيَّله َنَّلُ الر ََِّل َ ز َلَورَّلتزَّلَا‬
‫َب اَّي﴾‪ ،‬ولئن كانم القائمة بالشورى امرأة كافرة فعن طقىوم بهىا المسىلمون أولىى‬ ‫ام َل ر‬
‫لهم‪.‬‬

‫حكم الشورى في الإسلام‪:‬‬


‫الاو ر واكب في اإلسسإ ل ا يلي‪:‬‬

‫ْ الرَلر َّل ا‬ ‫اكا لارغ َّل َ ََل َّلز ر َولََّل رَّلَ زَ رغ َّل َ وَظًَّّلَّلُ َغلاَّلَّله َ‬
‫َن ا‬ ‫ا‬
‫قولىىه تعىىالى‪﴿ :‬وَ ََِّلَّلُ َر رْحََّلَّلَ ب َّل َ‬
‫خ‬ ‫‪.1‬‬

‫ابَّلتََّل ر ار رَّ ََلَّلز ر َو َيَّلُ اوررز ر ام راَي رَبَّل اَّ وََّلاماَا‬ ‫ا‬
‫َّلُع ز‬‫َِّلَا ابَّل ر َح رَلَّل َ وََّل ر‬
‫َعَّلرغَّل زن ر َو ر‬ ‫ََلَّرَّل َر ه‬
‫َل﴾‪ .3‬وونىىه االسىىتدالل بهىى ه‬‫اا‬ ‫اكا ا خه خ ا‬ ‫َعََرب َّل َ وََّلتََّل ََخََّل رَّلَ َعلَ َّل خ‬
‫اكَ زَي َّل ه الر زِتَ َّل ََّلََل َ‬

‫‪1‬سورة‌الشورى‪‌،‬اآلية‌‪‌ .38‬‬
‫‪2‬سورة‌البقرة‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .233‬‬
‫‪3‬سورة‌آل‌عمران‪‌،‬اآلية‌‪‌ .159‬‬
‫‪241‬‬
‫اآلطىة‪ :‬أن قولىىه تعىىالى (وشىىاورهم) أمىىر‪ ،‬واألمىىر للونىىوب مىىاال يونىىد مىىا طصىرفه عىىن‬
‫كلم ‪ ،‬وهنا ال صارف فهو للونوب‪.1‬‬
‫‪ .2‬اكا كىىان الرسىىول ‪ ‬مىىيمو ًار بمقتنىىى هىى ه اآلطىىة بالشىىورى‪ ،‬وهىىو معصىىوم ب ىىالوحي‬
‫فت ون الشورى أكثر ونوااً بالنسبة ل يره‪.2‬‬

‫َرى نَّلَرهَّلغََّل زن ر‬ ‫ابتَ َُُنزَا لاََّاا ر َوَلََ زُبَا ال خ‬


‫ص ََت َل َوَل رَبزَّز ر زي َ‬
‫ا‬
‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬والخذي َ ر‬ ‫‪.3‬‬

‫َوا خُ َرَ رَّلغَُ ز ر يَّلزرغ ار زََ َ‬


‫ه﴾‪.3‬‬

‫لقد ُقرَنم الشورى بي أمرين وانيين على كل المسلمين‪ ،‬وهما الصالة والزكاة ‪ ،‬وما كان‬
‫ال على أنها وانبة مثلهما‪ ،‬وإال لما كان ل كرها بينهما فائدة‪.4‬‬
‫اقترانها بينهما إال دلي ً‬

‫مدى الزام الشورى لرئيس الدولة‪:‬‬


‫قد اختلظ فقها السياسة الشرةية المسلمون حول إلزام الشورى لرئيس الدولة‪ ،‬هل طجى‬
‫عليىىه العمىىل ب ىرأي أه ىىل الشىىورى أم طعمىىل ب أرطىىه الخ ىىاص وقىىد دار حىىول هىى ا الخ ىىالف‬
‫معولىىة لهىم ‪ ،‬وكىىان ل ىل فريىىق ونهىة نظىره الخاصىة بىىه‪ ،‬وقىام كىىل منهمىا بىىدفع‬ ‫مناقشىا‬
‫أدلىىة الفريىىق اآلخىىر ودحىىض حججىىه‪،5‬ون تفىىى هنىىا بى كر مىىا نىراه ران ىاً فىىي هى ه المسىىيلة‬
‫منعاً للتعويل‪ ،‬وت قيقاً للفائدة فنقول‪:‬‬

‫‪‌1‬الدريني‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌ص‌‪‌ .420‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‌السابق‪.‬‬
‫‪‌3‬سورة‌الشورى‌اآلية‌‪.38‬‬
‫‪‌4‬الدريني‌السابق‌ص‌‪‌ .419‬‬
‫‪ ‌5‬راجنع‌مننذاهب‌الفقهنناء‌فنني‌منندي‌إلننزام‌الشننورى‌لننرئيس‌الدولننة‌فنني‌‪‌:‬النندريني‌‪‌:‬خصننائص‌التشننريع‌‬
‫اإلسالمي‌في‌السياسة‌والحكم‌ص‌‪‌، 462‬األنصاري‌‪‌:‬الشورى‌وأثرها‌في‌الديمقراطية‌ص‌‪.111‬‬
‫‪242‬‬
‫إن رئيس الدولة إن كان مجتهداً فهو مخير إن رأي أن طيخ برأي أهل الشورى لىه كلىم‪،‬‬
‫وإن اعتقىىد أن أرطىىه هىىو األقىىرب إلىىى حكىىم الشىىر فلىىه أن طيخ ى بىىه مهمىىا كىىان عىىدد أهىىل‬
‫الشورى‪.‬‬

‫أمىا إن لىم طكىن الىرئيس مجتهىداً فلىيس لىىه اال االلتىزام بمىا يىراه أهىىل الشىورى‪ ،‬كلىم ألنىىه ال‬
‫طجوز ألي شخص أن ينظىر فىي أمىور المسىلمين التىي ت تىال إلىى دليىل شىرعي‪ ،‬وإال إكا‬
‫كان مجتهدًا‪ ،‬حتى لو كان ه ا الشخص هو رئيس الدولة اإلسالمية نفسه‪.‬‬

‫ه ا وقد أنزنا لرئيس الدولة المجتهد أن طيخ بىرأي نفسىه دون رأي أهىل الشىورى إن رأى‬
‫المصل ة في كلم لما يلي‪:‬‬

‫عنىد فقهىا المسىلمين غيىر ملىزم بالعمىل بىرأي مجتهىد‬ ‫‪ .1‬إن المجتهد في الىرأي ال الى‬
‫مثله‪ ،‬وإكا علمنا أن أهل الشورى البد أن تتوفر في‪ 1‬كل واحد منهم صفة االنتهاد‪،‬‬
‫وإكا ك ىىان رئ ىىيس الدول ىىة ب ىىدوره مجته ىىدًا فل ىىيس ل ىىه بن ىىا عل ىىى رأي الفقه ىىا أن يلت ىىزم‬
‫برأيهم‪ ،‬وخصوصًا أن ال ل منهم طعمل بمقتنى دليل شرعي أوصله إليه مجتهد‪.‬‬
‫أهىل الشىورى‪ ،‬مباإلضىافة إلىى صىفة‬ ‫ازئىدة علىى صىفا‬ ‫‪ .2‬إن رئيس الدولة ميه صفا‬
‫االنتهاد المتوفرة في أهىل الشىورى‪ ،‬فىين رئىيس الدولىة يزيىد عىنهم بمىا تىوفر ميىه مىن‬
‫التي أهلته لرئاسة الدولة‪.‬‬ ‫الصفا‬

‫‪‌1‬الدريني‌‪‌:‬خصائص‌التشريع‌اإلسالمي‌ص‌‪‌ .458‬‬
‫‪243‬‬
‫مجالات الشورى‪:‬‬
‫الاو ر قب ان‪ :‬عام وخاص ‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬الاااو ر العاماا ‪ :‬وت ىىون فىىي األمىىور خعي ىرة الشىىين‪ ،‬والتىىي تتعلىىق بالصىىالا العىىام‬
‫للدولىىة‪ ،‬وكلىىم مثىىل االستشىىارة فىىي ال ىىرب أو عقىىد معاهىىدة مىىع دولىىة مىىا أو اختيىىار‬
‫نظام ال كم في الدولة‪ ،‬وتعيين رئيس الدولة‪ ،‬أو عزله‪ ،‬وك لم م اسيته ‪ ...‬الا‪.‬‬
‫مختصىين‬ ‫ب‪‌ -‬الاو ر الخاص ‪ :‬وهىي مىا كىان مىن أمىور التشىريع الدإليقىة‪ ،‬التىي تتعلى‬
‫الواقعىة المعروضىة‪ ،‬وكلىم مثىل‪ :‬المسىائل الفقهيىة‬ ‫في كل مجىال علىى حىدة‪ ،‬ب سى‬
‫‪ ...‬الا ف ل هى ه األمىور ال طمكىن أن‬ ‫أو أمور الص ة‪ ،‬او التعليم‪ ،‬أو المواصال‬
‫مختصون‪.‬‬ ‫طقول رأطه فيها إال أنا‬

‫كيفية الشورى‪:‬‬
‫ال معينىا لنظىام ال كىم‪ ،‬لىئال طفىرض علىى النىا‬
‫ككرنا ميما سيق أن اإلسالم لم ط دد شىك ً‬
‫نظاماً طصلا لزمن معين دون زمن ‪ ...‬ومن أنل كلم لم ط دد التشريع اإلسالمي شكالً‬
‫شاور رسول هللا ‪ ‬أص ابه بعر مختلفة‪:‬‬ ‫معينا للشورى أطناُ‪ ،‬حي‬

‫‪ .1‬فقد طشير عليه الرنل الواحد فيرى رأطه صوابًا وييخ به ‪.‬‬
‫‪ .2‬وكان أحياناً طستشير أناساً معينين كيبي بكر وعمر _ رضي هللا عنهما _‬
‫‪ .3‬وأحياناً طستشير كل من حنر عنده كما في غزوة بدر‪.‬‬
‫عىن ريىق ممثلىيهم‪ ،‬كمىا فعىل فىي (هىوزان) حينمىا‬ ‫‪ .4‬وأحيانًا أخرى كان طشاور النىا‬
‫نا قومهم طفتدونهم فقال للنا ‪ :‬ارنعوا حتى يرفع إلينا عرفااكم (نوابكم) أمركم‪.1‬‬

‫‪‌1‬أبو‌فارس‪‌:‬النظام‌السياسي‌في‌اإلسالم‌ص‌‪‌ .109‬‬
‫‪244‬‬
‫وانىىا علىىى كلىىم فين ىىه طصىىا إنىى ار الشىىورى بك ىىل ريقىىة مناسىىبة ال تتعىىارض م ىىع روب‬
‫التشريع اإلسالمي ومقاصده العامة‪ ،‬وه ا ال الم ينعيىق علىى نميىع وسىائل الشىورى فىي‬
‫العصر ال اضر إن توفر فيها ه ا الشرط‪.‬‬

‫شروط اهل الشورى‪:‬‬


‫أن تتىىوفر فىىي أي شىىخص طفتىىرض ميىىه أن‬ ‫لقىىد وضىىع الفقهىىا المسىىلمون شىىرو اً طج ى‬
‫وضىواب ‪ ،‬تجعىىل هى ا الشىىخص‬ ‫طكىىون مىىن اهىىل الشىىورى‪ ،‬وهى ه الشىىروط بمثابىىة ضىىمانا‬
‫أهالً ألن طستشار‪ ،‬وتنمن أن يؤدي ه ه المهمة علىى والونىه المعلىوب‪ ،‬وهى ه الشىروط‬
‫هي‪:‬‬

‫‪ .1‬اليكل ف‪ :‬وهو أن طكون الشخص مسلمًا بال ًا عاق ً‬


‫ال‪:‬‬
‫أ‪‌ -‬أماا اإلسااسإ‪ :‬فعنىىه ال طصىىا أن طستشىىار فىىي أمىىور المسىىلمين مىىن هىىو لىىيس بمسىىلم‬
‫اا‬ ‫ألن في كلم والطة‪ ،‬وهللا تعالى طقول‪﴿:‬ولَ ََيعَّلَ خ ا ا‬
‫اكز للر َوَّلُو اَّي َ َعلََّل الر زِ رَّلِبغ َ‬
‫َل‬ ‫َ ر رَ َ‬
‫هَت﴾‪ ،1‬وك لم ألنه ال طمكن أن يؤتمن ال افر عل أمور المسلمين‪.‬‬ ‫َبا ن‬
‫طستشىار‬ ‫ب‪‌ -‬وأما البلوغ‪ :‬فعن غير البالغ لم طصل إلى درنة من الخيرة والد ارطىة ب يى‬
‫في شؤون المسلمين‪ ،‬كما أنه ال طملىم التصىرف فىي أمىر نفسىه ف يىف يتصىرف فىي‬
‫أمور مجمو األمة‬
‫‪ .2‬العل ‪ :‬فالبد لمن طكون من اهل الشورى أن طكون لدطه علم في األمور التي طختص‬
‫فيها حتى ت ون مشورته على حق وصواب‪.‬‬
‫‪ .3‬العّال الجامع لاروطها‪ :‬فالعدالة حانز نفسي طمنع لمستشار من الخعىي والزلىل‪،‬‬
‫وك لم طمنعه من ال ح والخيانة‪.‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .141‬‬
‫‪245‬‬
‫‪ .4‬ال واط ا ‪ :‬أي أن طكىىون المستشىىار ط مىىل ننسىىية اليلىىد الى ي طستشىىار ميىىه ويسىىكنه‪،‬‬
‫عىىدم اد اركىىه بىىالظروف الم يعىىة‬ ‫وال طصىىلا لالستشىىارة مىىن طسىىكن خىىارل بلىىده بسىىي‬
‫به ا اليلد‪ ،‬فيؤثر كلم على رأطه‪.‬‬
‫‪ .5‬اال يزدي ال رش نفبع‪ ،‬وأال مطلا أن مماون مبيااا ا‪ :‬ألن كلىم دليىل علىى حبىه‬
‫للسمعة والمنص ‪ ،‬وشم في إخالصه‪.‬‬

‫الىى ي رواه أب ىىو موسىىى األش ىىعري ‪ ‬عىىن رس ىىول هللا ‪‬‬ ‫وه ى ا م ىىيخوك مىىن ال ىىدي‬
‫حينم ىىا دخ ىىل علي ىىه ه ىىو ورن ىىالن م ىىن قوم ىىه و لب ىىا م ىىن الرس ىىول أن طيمرهم ىىا عل ىىى‬
‫قومهما‪ ،‬فقال النيي ‪" :‬إنا ال نولي ه ا األمر من سيله وال من حرص عليه"‪.1‬‬

‫‪‌1‬البخناري‌‪‌، 79/‌9‬راجنع‌فني‌هننذه‌الشنروط‌كلهنا‌كتناب‌الحكننام‌السنلطانية‌للمناوردي‌ص‌‪‌،6‬وكتنناب‌‬
‫النظام‌السياسي‌في‌اإلسالم‌د‌‪‌.‬محمد‌أبو‌فارس‌ص‌‪.117‬‬
‫‪246‬‬
‫القاعدة الرابعة‬

‫الطاعة‬

‫تعريف الطاعة‪:‬‬
‫العاعة في الل ىة‪ :‬االنقيىاد والموافقىة‪ ،‬وهىي اسىم مىن (العىو ) مصىدر( ا لىه) أي‪ :‬ألن‬
‫وانقاد‪.1‬‬

‫والعاعىىة فىىي االصىىعالب‪ :‬هىىي موافقىىة ولىىي األمىىر واالنقيىىاد لىىه بقىىدر انصىىياعه لشىىر هللا‬
‫تعالى‪.2‬‬

‫أدل ماروب الطاع ‪:‬‬


‫إن اعىىة ال ىىاكم وانبىىة فىىي الش ىريعة اإلسىىالمية‪ ،‬فهىىي مىىن صىىميم عقيىىدة المسىىلم ال ى ي‬
‫طعيع ال ام ال ل اته‪ ،‬بل طعيعىه ألنىه طقىيم شىر هللا عىز ونىل ابت ىا األنىر والثىواب منىه‬
‫تعالى‪ 3‬واألدلة على كلم كالتالي‪:‬‬

‫مىىىن القىىىرن ال ى ىريم قولىىىه تع ىىالى‪ََّ ﴿ :‬ي َلَيَّله َن َّلَّلُ الخَّل اَّلذي َ َيَ َبغزَّل َّلَا َلَ ا زهعَّل َّلَا خ‬
‫اكَ َوَلَ ا زهعَّل َّلَا‬ ‫‪.1‬‬

‫ا‬
‫زوِل راَي رَب اَّ برغ ز ر‬
‫و ﴾‪.4‬‬ ‫الخَّ زبَ َ َوَل ا‬

‫وكع الّالل من ا م الكري ‪ :‬ه ا نص صىريا فىي ونىوب العاعىة ألولىى األمىر‪،‬‬

‫ويكىىاد المفسىىرون أن طجمعىوا علىىى هى ا المعنىىى‪ ،‬إك طقىىول القر يىىي فىىي تفسىىير هى ه اآلطىىة‬

‫‪ ‌1‬الفيروز‌آبادي‪‌:‬القاموس‌المحيط‌باب‌العين‪‌،‬فصل‌الطاء‪‌،‬مادة‌ (طناع)‪‌،‬الفينومي‪‌:‬المصنباح‌المنينر‪‌:‬‬
‫كتاب‌الطاء‪‌،‬الطاء‌مع‌الواو‪‌،‬مادة‌(طوع)‪‌،‬الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‪‌،‬مادة‌(ط‌وع)‪.‬‬
‫‪ ‌2‬ماهر‌السوسي‪‌:‬حقوق‌الحاكم‌بين‌الشريعة‌اإلسالمية‌والقوانين‌الدستورية‌(بحث‌غير‌مطبوع)‌ص‌‬
‫‪‌ .192‬‬
‫‪ ‌3‬عارف‌أبو‌عيد‪‌:‬وظيفة‌الحاكم‪‌،‬ص‌‪.210‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .59‬‬
‫‪247‬‬
‫ال ريم ىىة" لم ىىا تق ىىدم إل ىىى الى ىوالة ف ىىي اآلط ىىة ال ريم ىىة المتقدم ىىة‪1‬وا ىىدأ به ىىم ف ىىيمرهم ان ي ىىؤدوا‬
‫بالعدل ‪ ،‬تقدم في ه ا اآلطة للرةية فيمر بعاعتىه عىز‬ ‫‪ ،‬وأن ط كموا بين النا‬ ‫األمانا‬
‫ونل أوالً‪ ،‬وهي امتثال أوامره وانتناب نواويه‪ ،‬ثم بعاعة رسىوله ثانيىًا ميمىا أمىر بىه ونهىى‬
‫عنه‪ ،‬ثم بعاعة األم ار ثالثا"‪.2‬‬

‫فىىي ه ى ا البىىاب مجموعىىة كيي ىرة مىىن‬ ‫‪ -2‬مىىن السىىنة النيويىىة فقىىد روى أص ى اب ال ىىدي‬
‫عن رسول هللا ‪ ‬قال‪" :‬من أ اعني فقد أ ا هللا‪ ،‬ومىن عصىاني فقىد عصىى‬ ‫األحادي‬
‫هللا‪ ،‬ومن طعع األمير فقد أ اعني‪ ،‬ومن بعص األمير فقد عصاني"‪.3‬‬

‫ونىىه الداللىىة مىىن هى ا الىىنص‪ :‬فىىي هى ا الىىنص قىىرن‪ ‬يىىين اعتىىه و اعىىة هللا عىىز ونىىل‪،‬‬
‫ونعىل اعتىىه مىن اعىىة هللا ‪ ،‬وكلىم ألنىىه القىائم بالشىىر الميلىغ عىىن راىه‪ ،‬مصىىداقًا لقولىىه‬

‫اك﴾‪ ،4‬ه ى ا وقىىد قىىرن هللا عىىز ونىىل اعتىىه‬ ‫ا‬


‫خ‬ ‫َّلُع َ‬
‫تعىىالى‪َ ﴿ :‬ب َّل ر يزئ َّل اِ الخَّ زبَّلَّلَ َ وََّلَ َّل ر َلَ ََّل َ‬
‫بعاعة الرسول‪ ‬في ن و عشرين موضع من القرن ال ريم‪ ،5‬مما يدلل على ما لعاعتىه‬
‫عليه السالم مىن اهميىة عظمىى فىي نظىر الشىار ال كىيم‪ ،‬ومىا لهى ه العاعىة مىن أثىر فىي‬
‫عقيدة المسلم‪ ،‬ال يتم إطمانه إال إكا من باّلِل ثم برسله‪.‬‬

‫وإكا كىىان لعاعتىىه ‪ ‬ه ى ا الفنىىل وتلىىم األهمي ىة‪ ،‬فىىين اعىىة مىىن يتول ىوا أم ى ًار مىىن أمىىور‬
‫المسىلمين بىىالنظر والتىدبير‪ ،‬وال ارسىىية لمىىا بل ىه عىىن راىه‪ ،‬والقيىىام عليىىه‪ ،‬لهىي أنىىدر بىىين‬
‫تقرن بعاعته ‪ ‬ويكون من أ اعهم معيع له ‪ ‬واالتالي معيع هلل عز ونل‪.‬‬

‫‪‌1‬وهي‌قوله‌تعالى‪ ﴿‌:‬إن‌هللا‌يأمركم‌أن‌تلدوا‌األمانات‌إلنى‌أهلهنا‪‌،‬وإذا‌حكمنتم‌بنين‌النناس‌أن‌تحكمنوا‌‬
‫بالعدل﴾‌اآلية‌‪‌58‬من‌سورة‌النساء‪.‬‬
‫‪‌2‬القرطبي‌‪:‬الجامع‌ألحكام‌القرآن‌‪‌ .259/5،‬‬
‫‪‌3‬صحيح‌البخاري‌‪‌،77/9‌،60/4‬صحيح‌مسلم‪‌،1466/3‌،‬ح‪‌ .32،‬‬
‫‪‌4‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .80‬‬
‫‪‌5‬ومننن‌هننذه‌المواضننع‪‌:‬مننا‌جنناء‌فنني‌سننورة‌آل‌عمننران‌اآليتننين‌‪‌،132‌،32‬وسننورة‌النسنناء‌اآليننات‪‌:‬‬
‫‪‌،13،59،69،80‬وسورة‌المائدة‌اآلية‪‌،92:‬وسورة‌األنفال‪‌:‬اآليتين‪.46،1:‬‬
‫‪248‬‬
‫‪‌ -‬وعىن ابىن عمىر ‪ ‬قىال‪ :‬قىال رسىول هللا ‪" :‬علاج ال ارء ال بال البا ع والطاعا‬
‫ف ا أح در ىال أن يؤمر ب عم ‪ ،‬فس س ع وال طاع "‪.1‬‬

‫نىىص واضىىا وصىريا ونىىوب‬ ‫وكااع الّاللا ماان هااذا اليااّيث الاااريف‪ :‬هى ا ال ىىدي‬
‫السمع والعاعة لوالة األمور‪ ،‬حتى ولو كىان المىيمور بىه ممىا طسىتثقله المىيمور‪ ،‬أو طكىون‬
‫له كارهاً الما أنه ال طكون في معصية‪.‬‬

‫قول ىىه‪" :‬م ىىن خ ىىرل م ىىن العاع ىىة وف ىىار‬ ‫‪‬‬ ‫ث‪‌ -‬وروى أب ىىو هريى ىرة ‪ ‬ع ىىن رس ىىول هللا‬
‫الجماعة‪ ،‬فميتته ميتة ناهلية"‪.2‬‬

‫وكع الّاللا مان هاذا الياّيث‪ :‬إن ميىه تشىنيعًا وكمىًا ل ىل مىن تسىول لىه نفسىه الخىرول‬
‫مىىن اعىىة ال ىىاكم‪ ،‬ألن فىىي ه ى ا الخىىرول مخالفىىة لجماعىىة المسىىلمين‪ ،‬وتفريق ىًا ل لمتهىىا‪،‬‬
‫وإضعافاً لقوتها‪ ،‬وت ويل حركتها عن الينا والتعمير‪ ،‬ونشر الدعوة‪ ،‬إلى العمىل علىى رد‬
‫من خرل عنها ورأب الصد فيها‪.‬‬

‫حكم الطاعة‪:‬‬
‫شىرعي ‪،‬‬ ‫رئيس للدولة اإلسالمية هىو وانى‬ ‫ينظر فقها السياسة الرةية إلى أن تنصي‬
‫وال إليام للدولة إال به‪ ،‬ومما يؤيد كلم أن وظيفة رئىيس الدولىة هىي ح ارسىة الىدين وسياسىة‬
‫الىىدنيا بىىه‪،3‬وه ى ه الوظيفىىة تنقسىىم إلىىى قسىىمين‪ :‬دينيىىة ودنيويىىة‪ ،‬فمىىن األولىىى مىىثالً م اراىىة‬
‫الجماةيىىىة كى ىىالجمع وال ىىىج واألةيى ىىاد‬ ‫البا لىىىة‪ ،‬والنظى ىىر فىىىي العبى ىىادا‬ ‫اليىىىد والى ىىدعوا‬
‫ومراقيتها‪ ..‬ومىن الثانيىة‪ :‬بنىا م ارفىق الدولىة وال فىاظ علىى األمىن فيهىا‪ ،‬وتعيىين األنهىزة‬

‫‪‌1‬صحيح‌البخاري‪‌،60/4‌،‬مسلم‪‌،1469/3‌،‬ح‪.38،‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌مسلم‪‌،1466‌،1476/3،‬ح‌‪‌،53‬سنن‌النسائي‪.123/7‌،‬‬
‫‪‌3‬الماوري‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌،5‬الهيثمي‪‌:‬تحفة‌المحتاج‪‌،75/9‬الرملني‪‌:‬نهاينة‌المحتناج‌‪‌،409/7‬‬
‫ابن‌األزرق‪‌:‬بدائع‌السلك‌ص‪‌،110‌،93/‬ابن‌خلدون‪‌:‬المقدمة‌ص‪‌ .191‬‬
‫‪249‬‬
‫اإلدارية والخدماتية ‪ ،‬وال فاظ علىى ألمىن الىداخلي بالقنىا علىى الجىرائم‪ ،‬والقيىام بىيمور‬
‫والزراعا ‪ ،‬والتراية والتعليم والص ة وغير كلم‪..‬‬ ‫الصناعا‬

‫وكىىل ه ى ه الوظىىائظ ت تىىال أن طكىىون ال ىىاكم كا أمىىر معىىا فىىي شىىعبه وأعوانىىه‪ ،‬ألنىىه ال‬
‫طمكن له القيام بوانباته ه ه إال ب لم‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬وانا على ما سيق من أدلىة مشىروةية‬
‫علىى رعيتىه‪ ،‬وأن أمىره نافى فىيهم‪ ،‬طكىاد هى ا‬ ‫العاعة‪ ،‬يتنىا لنىا أن اعىة ال ىاكم وانى‬
‫الونوب طكون بمنزلة ونوب الصالة والزكاة‪ ،‬وفي ه ا طقول شيا اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬

‫علىى األنسىان وإن‬ ‫"وما أمر هللا به ورسوله مىن اعىة والة األمىور‪ ،‬ومناصى تهم‪ ،‬وانى‬
‫الخمىس‬ ‫عليه الصىلوا‬ ‫لم طعاهدهم عليه‪ ،‬وإن لم ط لظ لهم األطمان المؤكدة‪ ،‬كما طج‬
‫‪1‬‬
‫والزكاة والصيام وحج الييم"‪.‬‬

‫غيىر األدلىىة التىي ككرناهىىا سىابقاً تيىىين‬ ‫هى ا وهنىار نصىىوص كثيىرة لمعظىىم فقهىا المى اه‬
‫ونوب اعة ال اكم‪ 2‬ول ن ماهي حدود ه ه العاعة وإلى أي مدى تج‬

‫حدود الطاعة‪:‬‬
‫في الشريعة اإلسالمية ال اعة معلقة إال هلل تبارر وتعالى ظن كلم ألنه هىو صىاح‬
‫األمىىر والنهىىي‪ ،‬وعليىىه فشىىرعه معىىا أطنىًا اعىىة معلقىىة‪ ،‬وال‬ ‫التشىريع وال كىىم وصىىاح‬
‫غيىر‬ ‫ط ق ألحد من البشر أن طيتي بشر غيره أو طعيع شرعاً غيره‪ ،‬وأن كل التشىريعا‬
‫وابا ي ىىل‪،‬‬ ‫با ل ىىة م ىىا أنى ىزال هللا به ىىا م ىىن س ىىلعان‪ ،‬إن ه ىىي إال افتى ى ار ا‬ ‫ش ىىرعه تشى ىريعا‬
‫ال فىىر بهىىا ورفنىىها وقعىىع دابرهىىا‪ ،‬طقىىول هللا عىىز‬ ‫وضىىعها واغيىىم اإلنىىس والجىىن‪ ،‬طجى‬

‫ناان﴾‪.3‬‬ ‫ونل‪﴿:‬يزاَّي ز و َه َلَ ره يَّلَتَ َحُ ََ زَِا ا ََل الئخُ زغَ ا َوَ ر َل ازبزَّوا َلَ ره يَ رو زرزَّوا‬

‫‪‌1‬ابن‌تيمية‪‌:‬الفتاوي‪.9/35‬‬
‫‪ ‌2‬ماهر‌السوسي‪‌:‬حقوق‌الحاكم‌بين‌الشريعة‌اإلسالمية‌والقوانين‌الوضعية‌ص‪‌ .159-152‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النساء‪‌،‬اآلية‌‪‌ .60‬‬
‫‪250‬‬
‫وعليه فين العاعة لل اكم ليسم اعىة معلقىة‪ ،‬ال غاطىة لهىا وال حىدود‪ ،‬ألن ال ىاكم إنمىا‬
‫طعىىا ألنىىه القىىائم علىىى شىىر هللا عىىز ونىىل‪ ،‬وال طعىىا لشخصىىه هىىو‪ ،‬وإن اعتىىه تابعىىة‬
‫لعاعىة المشىرو عىز ونىل‪ ،‬ومرهونىة بمىدى اعتىه هىو هللا عىز ونىل‪ ،‬وفىي هى ا المعنىى‬
‫مىىا نىىا عىىن ابىىن إلىىيم الجوزيىىة‪" :‬والت قيىىق أن األم ى ار إنمىىا طعىىاعون إكا أمىىروا بمقتنىىى‬
‫اع ىىة العلمى ىا تبعى ىًا لعاع ىىة الرس ىىول‪،‬‬ ‫العل ىىم‪ ،‬و ىىاعتهم تبعى ىًا لعاع ىىة العلم ىىا ‪ ،‬كم ىىا أن‬
‫فعاعىىة األمى ار تبعىًا لعاعىىة العلمىىا ‪ ،‬ولمىىا كىىان إليىىام اإلسىىالم بعىىائفتي العلمىىا واألمى ار ‪،‬‬
‫كله ىىم له ىىم تبعى ىاً‪ ،‬ك ىىان ص ىىالب الع ىىالم بص ىىالب ه ىىاتين الع ىىائفتين‪ ،‬وفس ىىاده‬ ‫وك ىىان الن ىىا‬
‫بفسادهما‪.1‬‬

‫وك ى ى لم طقى ىىول أبى ىىو السى ىىعود فى ىىي تفسى ىىيره‪ :‬بعى ىىد أمى ىىر ال ى ىوالة‪ -‬بعريى ىىق العمى ىىوم أو بعريى ىىق‬
‫بع ىىاعتهم‪ ،‬ال‬ ‫والع ىىدل ف ىىي ال كوم ىىا ‪ ،‬أم ىىر س ىىائر الن ىىا‬ ‫الخص ىىوص‪ -‬ب ىىيدا األمان ىىا‬
‫معلقًا‪ ،‬بل ضمن اعة هللا تعالى‪ ،2‬والناظر في ه ين النصين يرى‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن اعة ال اكم ليسم معلقة‪ ،‬وه ا مجمع عليه عند العلما المسلمين كما سنيين‬
‫بعد حين‪.‬‬
‫ال ىاكم_ كمىا بينىا _ وإنمىا هىي منو ىة بمىدى الت ازمىه‬ ‫ثان ا‪ :‬ثم هى ه العاعىة ليسىم لى ا‬
‫بشر هللا تعالى‪ ،‬عند إليامه بمهام منصبة‪ ،‬فىاكا لىم يلتىزم بشىرعه فىال سىمع لىه وال اعىة‪،‬‬
‫وكلم ألنه فقد ما يونيها له‪.‬‬

‫سبب كون الطاعة مقيدة‪:‬‬


‫ولى لم نىىرى أن ه ى ه الصىىفة_ أي صىىفة الم دودطىىة_ مىىا كانىىم إال مىىن أنىىل كىىبا نمىىاب‬
‫ال كىىام‪ ،‬وعىىدم خىىرونهم علىىى شىىر هللا‪ ،‬وال كىىم بمقتنىىى إرادتىىه ونهجىىه‪ ،‬فىىال يتجيىىرون‬

‫‪‌1‬ابن‌قيم‌الجوزية‪‌:‬إعالم‌الموقعين‪‌ .10/1‬‬
‫‪‌2‬تفسير‌أبي‌السعود‌‪.193/2‬‬
‫‪251‬‬
‫على شعواهم‪ ،‬في لونهم ويستعيدونهم‪ ،‬وال يتعاولون علىى شىر هللا فيهل ىون أنفسىهم ومىن‬
‫ولوا عليهم‪.‬‬

‫وعلىىى كلىىم فىىين العاعىىة المقيىىدة تعنىىي احت ىرام حىىق األف ىراد فىىي منىىع ال كىىام مىىن الظلىىم‬
‫فىىي مصىىائرهم وأقىىدارهم‪ ،‬وك ى لم فهىىي تعنىىي‬ ‫واالعتىىدا والتف ىري فىىي حقىىوقهم‪ ،‬والتالع ى‬
‫العاعة المعلقة من قيل الرةيىة لل كىام قىد‬ ‫أطنًا ال فاظ على إنسانيتهم وكرامتهم‪ ،‬حي‬
‫ت ىريهم باسىىتعباد النىىا ‪ ،‬واالسىىتخفاف بهىىم‪ ،‬وامىىتالر زمىىام أمىىورهم‪ ،‬وه ى ا مىىا حىىدثنا عنىىه‬
‫ييين لنا كيف استخظ فرعون قومه لمىا أ ىاعوه اعىة معلقىة‪ ،‬فهلىم‬ ‫القرن ال ريم حي‬

‫وهل ىوا معىىه بعىىد أن ادعىىى األلوويىىة‪ ،‬حيى قىىال كمىىا أخيرنىىا عنىىه القىىرن ال ىريم‪َ ﴿ :‬وََّلَّلُ َ‬
‫غَّل راي﴾‪ 1‬ومىا كىان كلىم إال التسىىا‬ ‫وارَّ َع رَّلَ زه ََّي َلَيَّله َنَّلُ الر ََِّل َ ز َبَّلُ َعلا رَِّل ز لَ زوَّل ر ابَّل ر الَ َنَّلن َ‬
‫َّلُر َرََّل اَّي ابَّل ر َرلَّل اَّلر‬ ‫اا‬ ‫ا‬
‫مل ىىه وغنىىاه‪ ،‬حيى طقىىول‪َ﴿ :‬لَلََّل رَّله َ اِل زب رلَّل ز ب ر‬
‫صَّلََّ َوَ َّلَّلذه راَيََّرَّل َنَّل ز‬
‫اا‬ ‫ا‬
‫َل (‪ )54‬وََّللَ خَِّلَّلُ‬ ‫َّلُعَهز اََّّلخ زنَّل ر َََّلَُّزَا ََّل رَنبَّلَّلُ وَُبَّلَّلَ َ‬
‫َلَوََّل ََّلَت زَّلرصَّل زَّلَّو َه﴾ به ى ه ال جىىة ﴿وَوَ ََّل ز‬
‫‪2‬‬

‫َل﴾‬ ‫َْجعا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫‪3‬‬


‫َيَ َب زرَ َ َ ر َ ز ر َ َ ز ر َ َ‬
‫َل‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫َّل‬
‫ر‬ ‫َّ‬‫غ‬‫ر‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ن‬‫َّل‬‫غ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّل‬‫ت‬ ‫َّل‬‫َّ‬ ‫ا‬
‫‪4‬‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫‪‌1‬سورة‌القصص‪‌،‬من‌اآلية‌‪.38‬‬
‫‪‌2‬سورة‌الزخرف‌اآلية‌‪‌ .51‬‬
‫‪ ‌3‬آسفونا‪‌:‬أغضبونا‌وأسخطونا‪‌،‬الفيومي‪‌:‬المصباح‌المنير‌مادة(أسف)‪‌ .‬‬
‫‪‌4‬سورة‌الزخرف‌اآليتين‌‪‌ .55‌،54‬‬
‫‪252‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الدولة في الإسلام‬
‫طجىىدر بنىىا فىىي ه ى ا المقىىام تعريىىف الدولىىة عنىىد الفقهىىا القىىانون الدسىىتوري‪ ،‬وعنىىد‬
‫المسىىلمين‪ ،‬ثىىم بيىىان أهىىم األركىىان التىىي ينب ىىي أن تتىىوفر عنىىد إليىىام أي دولىىة‪ ،‬ثىىم بعىىد كلىىم‬
‫عىن إليىام الدولىة اإلسىالمية‪ ،‬ومىدى تىوفر أركىان فيهىا ومىا يتعلىق بى لم‬ ‫ننتقل إلى ال دي‬
‫من موضوعا ‪.‬‬

‫تعريف الدولة‪:‬‬
‫المدرسىة القانونيىة التىي‬ ‫كثيرة للدولىة‪ ،‬كىل ب سى‬ ‫وضع فقها القانون الدستوري تعريفا‬
‫تواف ارهىا‬ ‫يتبعها‪ ،‬ول ن تعريفىاتهم نميعىًا كانىم فىي النهاطىة تتفىق علىى األركىان التىي طجى‬
‫واإلقليم والسلعة ومن التعريفا ‪.‬‬ ‫لقيام أي دولة من الناحية الواإلية‪ ،‬وهي الشع‬

‫أ‪‌ .‬أن الّولا هااي‪ :‬مجموعىة متجانسىىة مىن األفىراد تمىىار نشىا ها علىىى إقلىيم ن ارفىىي‬
‫م دد‪ ،‬تخنع لتنظيم معين‪.1‬‬
‫ب‪‌.‬الدولىة هي‪" :‬مج وع من األفراد مبيقرة علج ىقل معون‪ ،‬ولهاا مان الا ظ مجعاح‬
‫للج اع في مواكه األفراد سلط عل ا آمرة وقاهرة"‪.2‬‬
‫ل‪‌ .‬أو هي‪" :‬مج وع من األفاراد مقط اون ىقل اا معو اا ويخااعون لبالطان األغلب ا‬
‫أو لبلطان طائف م ه "‪.3‬‬
‫د‪ .‬أو هي‪" :‬شع مخاع للقانون علج ىقل معون"‪.1‬‬

‫‪‌‌1‬د‪‌.‬ثننروت‌بنندوي‪‌:‬النننظم‌السياسننية‌ص‪‌،28‬د‪‌.‬كمننال‌ الغننالي‪‌:‬مبننادئ‌القننانون‌الدسننتوري‌والنننظم‌‬
‫السياسية‌ص‪‌، 20‬د‪‌.‬محمود‌حلمني‪‌:‬المبنادئ‌الدسنتورية‌العامنة‌ص‌‪‌،115‬د‪‌.‬بطنرس‌غنالي‪‌:‬المندخل‌‬
‫في‌علم‌السياسة‌ص‌‪.173‬‬
‫‪ ‌2‬عبد‌الحميد‌متولي‪‌:‬القانون‌الدستوري‌والنظم‌السياسية‌ص‌‪‌ .93‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجع‌السابق‪‌ .‬‬
‫‪253‬‬
‫تعريف الدولة الإسلامية‪:‬‬
‫التي وضعها علما القانون الدستوري السابقة ال طمكن س يها على الدولىة‬ ‫إن التعريفا‬
‫ييعة خاصة تميزهىا عىن غيرهىا مىن الىدول األخىرى‪ ،‬وعلىى‬ ‫االسالمية‪ ،‬كلم ألنها كا‬
‫كلم فين للدولة اإلسالمية تعريفًا خاصًا بها هو أنها‪ :‬مج وعا مان األفاراد الاذين ضاوا‬
‫اإلسسإ ويقط ون ىقل ا ُميم ياريعع‪.‬‬

‫هو‪:‬‬ ‫والّول القانون‬ ‫وعلج ذلك فإن الفرو ون الّول اإلسسم‬


‫‪ -1‬إن السكان فىي الدولىة اإلسىالمية طخنىعون للتشىريع اإلسىالمي‪ ،‬وهىم متفقىون علىى‬
‫كلىىم‪ ،‬وال طمكىىن أن طكىىون األمىىر علىىى خالفىىه ألنهىىم متعيىىدون هلل بىىه‪ ،‬أو معاهىىدون‬
‫على احترامه‪ .‬بخالف ال ال في سكان الىدول القانونيىة‪ ،‬فىين التشىريع قىد طكىون مىن‬
‫وضعهم‪ ،‬أو وضع من أنابوه عنهم‪ ،‬وإن ه ا التشىريع قىد يت يىر بت ييىر األشىخاص‪،‬‬
‫كلم‪.‬‬ ‫أو إكا أراد الشع‬
‫إال أن القىىائمين‬ ‫‪ -2‬السىىلعة فىىي الدولىىة اإلسىىالمية مىىع كونهىىا مختىىارة مىىن قيىىل الشىىع‬
‫عليهىىا منفى ون ل كىىم هللا تعىىالى وال ط ىىق لهىىم أن ط يىىدوا عىىن حكمىىة‪ ،‬أمىىا فىىي الىىدول‬
‫ال ى ي طخولهىىا بتنفي ى القىىانون‪،‬‬ ‫القانونيىىة فقىىد تختىىار السىىلعة ال اكىىة مىىن قيىىل الشىىع‬
‫كلىىم فىىي‬ ‫ول ىىن قىىد تقىىوم هى ه السىىلعة بت يىىر هى ا القىىانون أو الخىىرول عنىىه متىىى أر‬
‫صال ها‪.‬‬
‫‪ -3‬إن العامل ال ي يرا بين األمة في الدولة وهو عامىل (العقواّة أقىوى مىن العوامىل‬
‫الرابعة بين األفراد في أي دولىة خىري‪ ،‬كلىم ألن العقيىدة عنىد المسىلم أمىر ثابىم ال‬
‫يت ير وال طمكن تيديله‪ ،‬ويرنع أثر كلم على بقىا الدولىة واسىتمرارها‪ ،‬وعىدم احتمىال‬
‫القواسىم المشىتركة بىين‬ ‫تف كها أو ان ال لها‪ ،‬بعكس ال ال في الدولة القانونيىة‪ ،‬حيى‬

‫‪ ‌1‬نفس‌المرجع‌السابق‪‌،‬د‪‌.‬محمود‌حلمي‪‌:‬نظام‌الحكم‌اإلسالمي‌مقارنا‌بالنظم‌المعاصرة‪‌ .‬‬
‫‪254‬‬
‫األفىراد فيهىىا ضىىعيفة ومت يىرة‪ ،‬فىىين احتمىىال تف ىىم هى ه الدولىىة وزوالهىىا أمىىر ييعىىي‪،‬‬
‫وه ى ا بالفعىىل مىىا حىىدث عنىىدما تف كىىم دول االت ىىاد السىىوفييتي سىىابقًا وت ونىىم منهىىا‬
‫دول كثيرة‪ ،‬وك لم ما حدث مع دولة يوغسالميا‪.1‬‬

‫أركان الدولة‪:‬‬
‫ككرنىا ان فقهىا القىانون السياسىي علىى اخىتالفهم فىي تعريىف الدولىة إال أنهىم يلتقىون معىًا‬
‫واإلقليم والسلعة‪:‬‬ ‫على أنه البد من أركان ثالثة تقوم عليها الدولة‪ ،‬وهي‪ :‬الشع‬

‫أوال‪ :‬الاااع ‪ :‬أو السىىكان وهىىو الشىىرط األساسىىي لونىىود الدولىىة الى ي ال يتصىىور ونودهىىا‬
‫هو مجموعة األفراد من ال كور واإلناث ال ين طقيمون بصفة دائمة علىى‬ ‫بدونه‪ ،‬والشع‬
‫أرض الدولة‪ ،2‬تجمعهم الرغبة في العيح معاً نظ اًر لونود عامل مشترر بينهم أو أكثىر‪،‬‬
‫والتقاليىىد أو وحىىدة الىىدين أو الل ىىة والتىىاريا‪ 3‬واىىالعبع‬ ‫مثىىل وحىىدة العىىر أو وحىىدة العىىادا‬
‫من طسكن في دولة ما بصفة مؤقتة‪.‬‬ ‫فينه ال طعتير من الشع‬

‫ثان ااا‪ :‬اإلقلاا ‪ :‬وهىىو األرض التىىي طسىىتقر عليهىىا الشىىع ‪ ،4‬وال ى ي طمىىار عليهىىا حقوقىىه‬
‫خىر‪ ،‬أو هىو المجىال أو النعىا الى ي تباشىر ميىه‬ ‫العامة‪ ،‬دون أن ينازعه ميىه أي شىع‬
‫الدولة سلعتها‪.5‬‬

‫ومن خالل ما سيق فين إقليم الدولة اإلسالمية هىو‪ :‬ك ع البسد اليي تظهر فوها احماإ‬
‫اإلسسإ‪ 1‬أو مبيط ع سمانها ال بال ون أن مظهاروا فوهاا أحمااإ اإلساسإ‪ ،2‬وعليىه ف ىل‬
‫أرض طكون للمسلمين عليها سلعة هي إقليم إسالمي‪.‬‬

‫‪ ‌1‬ماهر‌السوسي‪‌:‬العالقة‌بين‌السلطات‌الثالث‌في‌الدولة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .12‬‬
‫‪‌2‬د‪‌.‬محمود‌حلمي‪‌:‬نظام‌الحكم‌اإلسالمي‌ص‪‌، 10‬محمد‌أبو‌فارس‪‌:‬النظام‌السياسي‌فني‌اإلسنالم‌ص‌‬
‫‪‌، 131‬عبد‌الحميد‌متولي‪‌:‬القانون‌الدستوري‌والنظم‌السياسية‌ص‪‌ .90‬‬
‫‪ ‌3‬بطرس‌غالي‪‌:‬المدخل‌في‌علم‌السياسية‌‪.173‬‬
‫‪ 4‬بطرس‌غالي‪‌:‬المدخل‌في‌علم‌السياسية‌‪‌ .173‬‬
‫‪‌ ‌5‬‬
‫‪255‬‬
‫ثالثا‪ :‬البلط ‪ :‬الهيئىة ال اكمىة المنظمىة التىي تتىولى اإلشىراف علىى اإلقلىيم ومىن طقيمىون‬
‫طكون لها أن تصدر األوامر الملزمة لجميع أفراد الجماعة‪.3‬‬ ‫عليه‪ ،‬ب ي‬

‫‪ ‌1‬محمود‌حلمي‌المبادئ‌الدستورية‌العامة‌‪121‬‬
‫‪‌2‬ثروت‌بدوي‪‌:‬النظم‌السياسية‌ص‪.30‬‬
‫‪ ‌3‬عبد‌القادر‌عودة‪‌:‬التشريع‌الجنائي‌اإلسالمي‌‪‌ 275/1‬‬
‫‪256‬‬
‫نشأة الدولة الإسلامية‬
‫الظروف واألحوال‪ ،‬فقىد تنشىي الدولىة‬ ‫تختلظ كي ية نشية الدول بعنها عن بعض ب س‬
‫من األفىراد إلىى إقلىيم غيىر مىيهول‪ ،‬أو تسىكنه إلبائىل بدائيىة ثىم‬ ‫عن ريق هجرة نماعا‬
‫تثييم ونودها كوحدة سياسية قائمة ب اتها‪.‬‬

‫وق ىىد تنشىىىي عى ىن ريىىىق تف ىىم أو ضىىىعظ بعىىىض ال ىىدول القائمىىىة إث ىىر حىىىرب أو حرك ىىا‬
‫انفص ىىالية‪ ،‬وق ىىد تنشىىىي م ىىن انن ىىمام دول صى ى يرة بعنى ىها إل ىىى بعى ىىض عل ىىى شىىىكل دول‬
‫ات ادطة‪.‬‬

‫ه ى ا بالنسىىبة ل ي يىىة نشىىية الىىدول القانونيىىة‪ ،‬أمىىا عىىن الدولىىة اإلسىىالمية فقىىد كىىان لنشىىيتها‬
‫ظروف خاصة بها وهي كالتالي‪:‬‬

‫هى ا الظهىىور‪ ،‬عنىدما اختيىىار‬ ‫أوال‪ :‬لقىد كانىم بداطىة ظهىور الدولىىة اإلسىالمية‪ ،‬أو مقىىدما‬
‫حمل خر رساالته السماوية إلىى أبنىا‬ ‫هللا تعالي من العرب رسوله‪ ،‬وألقى عليه ع‬
‫اكا‬
‫َح َن اب ر ار َُْلا زو ر َولَ اوَّل ر َر زبَّلَ َ خ‬ ‫البشر نميعًا‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬بُ ََُ َه زُمَ خِ ٌ َلَََّلل َل َ‬
‫َّلُإ نَ ا َّل نا َوَََّّل اَّلذ نيَّا َولَ او َّل خ‬
‫ُا اخَل ََُوخ َّلَن لالغخَّل ا‬ ‫َّلَل﴾‪ ،1‬وقىىال‪َ ﴿ :‬وَبَّلَّلُ َل رَر َب َّللرغَ َ‬ ‫َو َخَّلَّلُ ََ الغخاهاَّل َ‬
‫طععه ًىن أح ٌىد مىن األنييىا ‪...‬‬ ‫ىم خمسىًا لىم ُ‬ ‫ه﴾ وقىال ‪" :‬أععي ُ‬
‫‪2‬‬
‫َلَ رَثََّلََّ الغخ ا‬
‫َّلُإ ََل يَّلَ رعلَ زَِّلَ َ‬
‫عامىة"‪ ،3‬ومىن أنىىل‬ ‫إلىى قومىىه خاصىة واعثىم إلىى النىا‬ ‫وقىال أخرهىا‪ :‬كىان النيىي يبعى‬
‫كلىىم اختىىار هللا تعىىالى م مىىداً‪ ‬ميل ىاً عنىىه‪ ،‬وانىىزل عليىىه التش ىريع‪ ،‬وأم ىره بتيلي ىىه للنىىا‬

‫َبَّلَّلُ َلزَّرَّل اََ الَرهَّل َ ابَّل ر َرناَّل َ ﴾‪ ،4‬وقولىىه تعىىالى‪َ ﴿ :‬وَلََّرَّل اَّلذ رر‬ ‫بقولىىه‪ََّ ﴿ :‬ي َلَيَّله َنَّلَّلُ الخَّ زبَّلَّلَ ز نَّلَلاَّل ر‬

‫‪‌1‬سورة‌األحزاب‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .40‬‬
‫‪‌2‬سورة‌سبأ‪‌،‬اآلية‪.28‬‬
‫‪‌3‬صحيح‌البخاري‪‌،1/119‌،1/91‬صيحي‌مسلم‌‪‌،3/5‬ح‌‪.521‬‬
‫‪‌4‬سورة‌المائدة‪‌،‬من‌اآلية‌‪.67‬‬
‫‪257‬‬
‫راَيَ رَّلَّلَّنا َ‬
‫َل﴾‪ ،1‬واى ا طكىىون قىىد تىىوفر الىىركن األول مىىن أركىىان الدولىىة اإلسىىالمية‬
‫َ‬ ‫َع ا َّل ََ َ‬
‫وهو التشريع والسلعة المتمثل في القرن ال ريم وفي النيي ‪.‬‬

‫امتثىىل له ى ا وشىىمر عىىن‬ ‫ثان ااا‪ :‬وفىىور أن أُمىىر النيىىي بتيليىىغ رسىىالة هللا تعىىالى إلىىى النىىا‬
‫إلى دينه الجديد س ًار‪ ،‬حتىى أمىر ‪ ‬أن طجهىر بهىا بعىد ثىالث‬ ‫ساعدطه‪ ،‬وادأ بدعوة النا‬
‫فىىي اإلسىىالم‬ ‫مىىن س ىريتها‪ ،‬طقىىول ابىىن هشىىام‪ ":‬قىىال ابىىن إس ى ا ‪ :‬ثىىم دخىىل النىىا‬ ‫سىىنوا‬
‫ال‪ 2‬من الرنال والنسا ‪ ،‬حتى فشا ككر اإلسالم بمكىة‪ ،‬أو ت ىدث بىه‪ ،‬ثىم إن هللا عىز‬
‫أرسا ً‬
‫‪3‬‬
‫بمىىا نىىا من ىىه‪ ،‬وان يىىدعو إليىىه وك ىىان بىىين مىىا أخف ىىى‬ ‫ونىىل أمىىر رسىىوله ‪ ‬أن طص ىىد‬
‫رسىىول ‪ ‬هللا أم ىره واسىىتتر بىىه‪ ،‬إلىىى أن أمىره هللا تعىىالى بيظهىىار دينىىه ثىىالث سىىنين ميمىىا‬
‫بل ني من مبعثه"‪.4‬‬

‫ومن هنا طكون الىركن الثىاني مىن أركىان الدولىة اإلسىالمية وهىو األمىة قىد ونىد مىن خىالل‬
‫مجمو من من بم مد ‪ ‬وامتثل لتشريع هللا تعالى‪.‬‬

‫ثالثاااا‪ :‬واسىىتمر رسىىول هللا ‪ ‬فىىي دعوتىىه أهىىل مكىىة إلىىى االسىىالم لعلهىىم يىىدخلوه نميع ىًا‪،‬‬
‫اصىعدمم‬ ‫فتصبا مكة أول نز من بالد اإلسىالم‪ ،‬ول ىن األمىر لىم طسىتقم لىه ‪ ،‬حيى‬
‫الع ىىرب القدطم ىىة‪ ،‬وتقالي ىىدهم الموروث ىىة ع ىىن ب ىىائهم وأن ىىدادهم‪ ،‬و م ىىوب‬ ‫دعوت ىىه بمعتق ىىدا‬
‫سىىاداتهم وكبىىارئهم الجىىامع فىىي السىىيادة والث ى ار ‪ ،‬فت ىىرر مشىىركو مكىىة للىىدفا عىىن دطانىىة‬
‫بائهم وأندادهم‪ ،‬وعن نفىوكهم وأ مىاعهم‪ ،‬وتفننىوا فىي حىرب اإلسىالم والمستنىعفين مىن‬
‫أصى اب رسىىول هللا ‪ ،‬حتىىى هىىو لىم طسىىلم مىىن كيىىدهم وأكاهىم‪ ،‬لى لم واعىىد عىىام ال ىىزن‪،5‬‬

‫‪‌1‬سورة‌الشعراء‪‌،‬اآلية‌‪‌ .214‬‬
‫‪ ‌2‬يعني‌جماعات‌‪‌،‬وهي‌جمع‌(رسل)‪‌.‬المعجم‌الوسيط‌مادة‌(رسل)‪‌ ‌‌.‬‬
‫‪ ‌3‬يعني‌يجهر‪‌.‬الرازي‪‌:‬مختار‌الصحاح‌مادة‌(ص‌د‌ع)‪.‬‬
‫‪‌4‬ابن‌هشام‪‌:‬السيرة‌النبوية‌‪‌ .262/1‬‬
‫‪ ‌5‬وكان‌قبل‌الهجرة‌بثالث‌سنوات‪‌.‬ابن‌كثير‪‌:‬البداية‌والنهاية‌‪.120/3‬‬
‫‪258‬‬
‫وزونته السيدة خدطجىة بنىم‬ ‫كلم العام ال ي فقد ميه الرسول ‪ ‬نصيريه‪ :‬عمه أبا ال‬
‫خويلد _ رضي هللا عنها_ وند رسول هللا ‪ ‬نفسه م اص ًار من قيل مشركي مكىة‪ ،‬وعلىم‬
‫‪ ‬أنىىه ال بىىد مىىن أرض طعىىيح عليهىىا المسىىلمون‪ ،‬ط مىىون ديىىنهم‪ ،‬وينعلقىىون منهىىا لنشىىر‬
‫دعوة هللا تعالى التي هي فرض عليهم ‪ ،‬وأن مكة ال تصلا أرضاً لهىم اآلن‪ ،‬لى لم نجىده‬
‫التالية‪:‬‬ ‫للدولة اإلسالمية يتخ الخعوا‬ ‫ولتوفير الركن الثال‬

‫‪1‬‬
‫‪ -1‬أرسل رسول هللا ‪ ‬وفي العام الخامس من البعثة وفودًا من المسلمين إلى ال بشة‬
‫والتي كان من أهدافها معرفة مدى صالحية ال بشة لت ون و ناً أولياً للمسلمين‪.‬‬

‫وكان ىىم النتيجى ىىة أن تيى ىىين لرسى ىىول هللا‪ ‬وللمسى ىىلمين أن ال بشى ىىة ال تصى ىىلا مو ن ى ىًا لهى ىىم‪،‬‬
‫وألسباب مختلفة منهىا‪ :‬ضىعظ ملىم ال بشىة وإن كىان مسىلمًا‪ ،‬ل ىن ضىعفه لىم طمكنىه مىن‬
‫نفىوك البعارقىة‬ ‫إظهار إسالمه ‪ ،‬واعالنه أمام رعيته ال ين ظلوا علىى نصىرانيتهم‪ ،‬واسىي‬
‫الواسع في تلم البالد‪ ،‬وال ي كان له تيثير قوي في سياسة الدولة‪.‬‬

‫ف ل ه ه األسباب وغيرها نعلم من ال بشة مكانًا غير صالا البتدا نواة دولة اإلسالم‬
‫ميه‪.‬‬

‫الرسىىول ‪ ‬بعىىد كلىىم إلىىى العىىائظ سىىنة عشىرة مىىن البعثىىة‪ ،‬عسىىى أن طجىىد‬ ‫‪ - 2‬كه ى‬
‫النصير والمكان ال ي يؤويه‪ ،‬فما وند إال كل صد وعناد ورفض و رد‪.‬‬
‫كىىان يتصىىل بوفىىود القبائىىل القادمىىة‬ ‫‪ -3‬ل ى لم اسىىت ل الرسىىول ‪ ‬مواسىىم ال ىىج حي ى‬
‫لزيارة الييىم‪ ،‬فاتصىل بوفىود الىيمن وحنىرمو وكلمهىم عىس أن طجىد االسىتعداد‬
‫عندهم في احتنان دولة االسالم ودعوته وأص ابه‪ ،‬فيرفنون‪.‬‬

‫‪‌1‬مختصر‌سيرة‌ابن‌هشام‌ص‌‪.81‬‬
‫‪259‬‬
‫‪ -4‬ويظح سول أ ‪ ‬مما ّ وبجاهّ ويعاني في سبوح دعوة اإلساسإ‪ ،‬وفىي سىييل‬
‫إطجاد المكان ال ي طستقر عليه هو وأص ابه‪ ،‬إلى أن طسر هللا لىه ‪ ‬فىي السىنة‬
‫ال ادطة عشرة من البعثة نف ًار من أهىل يثىرب (المدينىة المنىورة)‪ ،‬فىدعاهم لإلسىالم‬
‫فاس ىىتجابوا لى ىىه‪ ،‬ووعى ىىدوه بى ىىين طعىىىودوا فى ىىي موسى ىىم ال ى ىىج المقيىىىل وقى ىىد دع ى ىوا مى ىىن‬
‫طستعيعون من قومهم لإلسالم‪.‬‬

‫بيعة العقبة الأولى سنة ‪ 12‬من بعثة ‪:‬‬


‫وفي العام التالي وفي هؤال النفر بما وعدوا به النيي ‪ ،‬فعادوا إليه وكان عىددهم أثنىى‬
‫عشىىر نف ى ًار‪ ،‬واىىاطعوه ‪ ‬علىىى االنخىىال مىىن كىىل وال للجاهليىىة‪ ،‬واالنقيىىاد التىىام لإلسىىالم‪،‬‬
‫بىن‬ ‫وسميم ه ه الواقعة بييعة العقبة األولىى‪ ،1‬وعىاد هىؤال طصى يهم الصى ابي مصىع‬

‫عميرة ‪ ‬ليعلمهم أمور دينهم‪ ،‬ويتعرف علىى بالدهىم ومىدى صىالحيتها ألن ت ىون و نىاً‬
‫للمسلمين‪.2‬‬

‫بيعة العقبة الثانية‪:‬‬


‫فىىي موسىىم ال ىىج الثىىاني خىىرل يثىىرب ثالثىىة وسىىبعون رن ىالً وام أرتىىان مىىن األوي والخىىزرل‬
‫يريدون مباطعة النيي ‪ ‬وفي نفي المكان األول باطعهم النيي‪" ‬علىى أن ال طشىركوا بىاّلِل‬
‫شيئاً وعلى السمع والعاعة‪ ،‬وان ينصروه ويمنعوه ‪ ،‬ولهم ب لم الجنة"‪.3‬‬

‫أكن‬ ‫وكانم ه ه الييعة مع سابقتها حجر الزاوية في بنا الدولة اإلسالمية األولى‪ ،‬حيى‬
‫رسىىول هللا ‪ ‬ألص ى ابه بع ىد كلىىم بىىالهجرة إلىىى يثىىرب‪ ،‬التىىي ون ىد ميىىه المكىىان المناس ى‬
‫لدولىة اإلسىىالم‪ ،‬ولنشىىر دعوتىىه‪ ،‬ثىىم ل ىىق بهىىم الرسىىول ‪ ‬لييىىزغ فجىىر نديىىد‪ ،‬ولتوليىىد دولىىة‬

‫‪ ‌1‬وهي‌اسم‌المكنان‌النذي‌بنايع‌فينه‌النبني‌‪ ‌‬أهنل‌يثنرب‪‌،‬ويقنع‌يمننى‌قنرب‌المكرمنة‪‌،‬وسنميت‌العقبنة‌‬
‫األولى‌ألن‌أهل‌يثرب‌بايعوا‌النبي‌‪ ‌‬مرة‌ثانية‌في‌نفس‌المكان‌حيث‌كانت‌العقبة‌الثانية‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬سيرة‌ابن‌هشان‌‪‌ .431/1‬‬
‫‪‌3‬سيرة‌ابن‌هشان‌‪‌ .438/1‬‬
‫‪260‬‬
‫اإلسالم بعد ان توفر لها األركان الثالثة المعلواىة لقيىام أي دولىة‪ ،‬وهىي األمىة واإلقلىيم‬
‫والسلعة‪.‬‬

‫السىىيادة القانونيىىة‪ ،‬القويىىة‬ ‫وتيخ ى دولىىة اإلسىىالم وهىىي مهىىدها ىىابع الدولىىة المنظمىىة كا‬
‫قىىدما النيىىي ‪ ‬المدينىىة حتىى بىىدأ بىىنظم شؤونها ى ويرسىىم سياسىىتها‬ ‫ال كميىة‪ ،‬فمىىا أن و ىىي‬
‫الداخلية والخارنية‪.‬‬

‫ففاي الااّاخح كىان فىىي المدينىة إلبائىىل متنىاحرة وهىم مسىىلمون فىي غىىاليهم‪ ،‬ثىم هنىىار‬
‫إلبائل اليهىود مىن بنىي الننىير وانىي قينقىا وانىي قريظىة‪ ،‬واعىض المشىركين الى ين ظلىوا‬
‫على شركهم‪ ،‬ولما يدخل اإلسالم في قلواهم‪.‬‬

‫‪ ،‬وضع رسىول هللا ‪ ‬دسىتور هى ه لدولىة الى ي نظىم فىي أسىا‬ ‫وأمام كل ه ه المععيا‬
‫هى ه العالقىا‬ ‫المونودة بالمدينة في كلم الوقم‪ ،‬ونعل أسىا‬ ‫بين كل الفئا‬ ‫العالقا‬
‫حىىين الجىوار والتعىىاون ضىىد العىىدوان‪ ،‬ونصىىر المظلىىوم‪ ،‬والنصىىي ة واحت ىرام حريىىة العقيىىدة‬
‫وحرية العبادة مهما تباينم األدطان‪ ،‬وكان كلم ميثاقًا وقعم عليه ه ه الفئا ‪.1‬‬

‫كما قعع رسول هللا ‪ ‬السىييل علىى قىريح أن تسىتفيد مىن و ىن اإلسىالم أو أحىد أفىراده‪،‬‬
‫فىىال طمىىرون منهىىا وال يىىؤويهم أحىىد مىىنهم‪ ،‬كمىىا أنىىه ‪ ‬كىىان ميمىىا أثيتىىه فىىي الميثىىا قنىىية‬
‫الىىدفا المشىىترر عىىن حىىدود الدولىىة مىىن أي خعىىر خىىارني‪ ،‬ولى لم بىىدأ رسىىول هللا ‪ ‬فىىي‬
‫ت وين الجيح اإلسالمي ال ي ط ر ه ه الدولة الفتية‪.‬‬

‫‪‌1‬سيرة‌ابن‌هشام‌‪‌ .501/1‬‬
‫‪261‬‬
‫أمىىا علىىى الصىىعيد الخىىارني فقىىد أخ ى رسىىول هللا ‪ ‬يرسىىل الرسىىل والسىىف ار إلىىى مختلىىظ‬
‫الملىىور واألم ى ار والراسىىا لىىدعوتهم إلىىى اإلسىىالم‪ ،‬واتخ ى ل ى لم خاتم ىًا طخىىتم بىىه رسىىائله‪،‬‬
‫منقوش عل ع مي ّ سول أ‪.1‬‬

‫كل أمور الدولة الداخليىة والخارنيىة‪ ،‬فينىى‬ ‫وقد قام رسول هللا ‪ ‬بتيسيس وتنظيم وترتي‬
‫المسىىجد ال ى ي كىىان ةبىىارة عىىن دار للعبىىادة ‪ ،‬ومدرسىىة‪ ،‬ومركىىز شىىورى وإعىىالم‪ ،‬ونقعىىة‬
‫انعىىال للجيىىوش‪ ..‬وانىىي سىىوقًا تجاريىىة‪ ،‬وضىىع لهىىا أسس ىًا للمعاملىىة مينيىىة علىىى األمانىىة‬
‫وعىىدم ال ىىح والعمىىع واالحت ىىار‪ ،‬ف انىىم سىىوقاً رائجىىة‪ ،‬نليىىم األر از والمصىىالا للنىىا ‪،‬‬
‫وأظهىىر فىىي نفىىس الوقىىم خصىىائص ديىىن اإلسىىالم ممىىا نعىىل أناسىًا كثيىرين يىىدخلون بعىىد‬
‫كلم في ه ا الدين‪.‬‬

‫كما كون رسول هللا ‪ ‬الجهاز اإلداري‪ ،‬فعين الوالة والقناة والجباة‪ ،‬وحدد رواتيهم‪.‬‬

‫لهىىا أسىىباب النجىىاب والتمكىىين‪ ،‬وقىىد ظىىل‬ ‫وا ى لم ترسىىخم قواعىىد دولىىة اإلسىىالم ‪ ،‬وتهيىىي‬
‫يثيىىم دعىىائم ه ى ه الدولىىة‪ ،‬ويشىىرف علىىى مؤسسىىاتها‬ ‫رسىىول هللا ‪ ‬و يلىىة عشىىر سىىنوا‬
‫وأنهزتها‪ ،‬ويتابع أمر رعيتها‪ ،‬ومصال هم ويرسم لهم العريق‪ ،‬ويوضا لهم المعىالم التىي‬
‫ت فىىل لهىىم الع ىزة والمنعىىة واالسىىتمرار‪ ،‬إلىىى أن الت ىىق ‪ ‬بج ىوار را ىه‪ ،‬وقىىد تيسسىىم دولىىة‬
‫اإلسالم‪ ،‬وظهر معالم نظامه‪ ،‬وسياسته‪ ،‬وعقيدته الثابتة‪.‬‬

‫‪‌1‬ابن‌تيمية‪‌:،‬زاد‌المعاد‌‪‌،‌31/30‬السيرة‌النبوية‪‌:‬ابن‌هشام‌‪‌ .606/2‬‬
‫‪262‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫الرئاسة في الدولة الإسلامية(الخلافة)‬


‫حكم تنصيب رئيس الدولة في الإسلام‪:‬‬
‫في دين اإلسالم ال طجوز التهىاون ميىه او‬ ‫رئيس الدولة اإلسالمية أمر وان‬ ‫إن تنصي‬
‫‪ ،‬وهى ا ال كىم هىىو مىا أشىىار لىىه‬ ‫تركىه‪ ،‬وت ىىون األمىة كلهىىا ثمىة إكا لىىم تقىم بهى ا الوانى‬

‫نصىىوص ال تىىاب والسىىنة‪ ،‬قىىال تعىىالى‪ََّ ﴿ :‬ي َلَيَّله َنَّلَّلُ الخَّل اَّلذي َ َيَ َبغز َّلَا َلَ ا زهع َّلَا خ‬
‫اكَ َوَلَ ا زهع َّلَا‬
‫ا‬
‫و ﴾‪ 1‬في إشارة واض ة لنىرورة ونىود رئاسىة وإمىارة أو والطىة‬
‫زوِل راَي رَب اَّ برغ ز ر‬
‫الخَّ زبَ َ َوَل ا‬
‫على المسلمين‪ ،‬وقال‪ " : ‬ىن دان ثسث في سافر فل ا مروا أحاّه "‪ ،2‬وقىال أطنىاً‪" :‬ال‬
‫ط ىىل لثالثىىة طكونىىون بفىىالة مىىن األرض إال أمىىروا علىىيهم أحىىدهم"‪ ،3‬وقىىال ‪" :‬ماان مااات‬
‫أن طعىىرف أن‬ ‫ولا س فاي ع قاع مااات مويا كاهل ا "‪ ،4‬قىىال ابىن تميمىة رحمىه هللا‪" :‬طجى‬
‫مىىن أعظىىم الوانبىىا ‪ ،‬بىىل ال إليىىام للىىدين إال بهىىا‪ ،‬فىىين بنىىي دم ال تىىتم‬ ‫والطىىة أمىىر النىىا‬
‫مصل تهم إال باالنتما ل انة بعنهم إلى بعض‪ ،‬وال لهم حين االنتما من أر "‪.5‬‬

‫األميىر العىام لعمىة‪ ،‬قىال ابىن حىزم‪ ":‬اتفىق‬ ‫ه ا‪ ،‬وقد أنمعم األمىة علىى ونىوب تنصىي‬
‫نميع أهل السنة ونميع المرنئة ونميع الشيعة ونميع الخىوارل علىى ونىوب األمىة‪ ،‬وأن‬
‫عليهىا االنقيىاد إلمىام عىادل طقىيم فيهىا أحكىام هللا‪ ،‬ويسوسىهم بيحكىام الشىريعة‬ ‫األمة وان‬
‫التي أتى بها رسول هللا ‪.6"‬‬

‫‪‌1‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .59‬‬
‫‪‌2‬سنن‌أبي‌دواد‌‪.31/2‬‬
‫‪‌3‬مسند‌اإلمام‌أحمد‌‪‌ .177/2‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌مسلم‌يشرح‌النووي‌‪.240/12‬‬
‫‪‌5‬ابن‌تيمية‌‪‌:‬السياسة‌الشرعية‌ص‌‪‌ .138‬‬
‫‪‌6‬ابن‌حزم‪‌:‬الفصل‌في‌الملل‌واألهواء‌والنحل‌‪‌،87/4‬وانظر‌أيضا‌مقدمة‌ابن‌خلدون‌ص‌‪‌ .210‬‬
‫‪263‬‬
‫خليفىىة علىىى المسىىلمين‪ ،‬ألن هللا عىىز‬ ‫كمىىا أن العقىىل والمنعىىق طقنىىيان بونىىوب تنصىىي‬
‫الجهىاد والقتىىال‬ ‫وأونى‬ ‫وحىىدد حىدودًا وسىىن عقواىا‬ ‫وانبىا‬ ‫ونىل فىىرض فروضىًا وأونى‬
‫الجمىىع‬
‫نص ىرة المظلىىوم‪ ،‬ورد المظىىالم‪ ،‬وإقامىىة ُ‬ ‫لععىىدا والىىدفا عىىن الث ىىور‪ ،‬كمىىا أون ى‬
‫إمىىام أو خليفىىة‪ ،‬وإقامىىة تلىىم األمىىور‬ ‫واألةيىىاد‪ ،‬وكىىل كلىىم ال يىىتم إال بتنصىىي‬ ‫والجماعىا‬
‫خليفىىة أو إمىىام فىىي‬ ‫إال بىىه فهىىم وان ى ‪ ،‬ميكىىون تنصىىي‬ ‫أمىىر وان ى ‪ ،‬ومىىا ال يىىتم الوان ى‬
‫دولة اإلسالم وانبًا‪.1‬‬

‫هل يجوز تنصيب أكثر من خليفة على المسلمين‪:‬‬


‫إمىىامين علىىى‬ ‫األغلييىة العظمىىى مىىن فقهىىا المسىلمين أنمعىوا علىىى أنىىه ال طجىوز تنصىىي‬
‫المسلمين في وقم واحد‪.2‬‬

‫اإلمامىة ألمىاميين فىي بلىدين لىم تنعقىد إمامتهمىا ألنىه ال طجىوز‬ ‫قال الماوردي" وا كا عقىد‬
‫أن طكون لعمة إمامان في وقم واحد‪ ،‬وإن ش قوم فجوزوه"‪.3‬‬

‫وفي مثل ه ه ال الة ت ون اإلمامة ألسبقهما بيعة‪ ،‬أو بىاالقت ار فىي قىول بعىض العلمىا ‪،‬‬
‫إمىىامين فىىي‬ ‫فىىي عىىدم نىواز تنصىىي‬ ‫المهىىم أن ال يبقىىى إمامىىان فىىي وقىىم واحىىد‪ ،‬والسىىي‬

‫واالخى ىىتالف‪ ،‬وهللا طقى ىىول‪َ ﴿:‬وََل ََّلغََّل َّلَّلُ َ زعَا‬ ‫وقى ىىم واحى ىىد هى ىىو أن كلى ىىم مظنى ىىة وقى ىىو الن ى ى از‬

‫أكثىىر مىىن‬ ‫﴾‪ ،4‬وقىد ثيىىم عىىن رسىىول هللا ‪ ‬رفنىه تنصىىي‬
‫وََّلتََّلر َ َّللزَا َوََّل رذ َ َ ارَيز زوَّل ر‬
‫قال‪" :‬إكا بويع لخليفتين فاقتلوا األخير منهما"‪.5‬‬ ‫إمام‪ ،‬حي‬

‫‪ ‌1‬محمد‌أبو‌فارس‪‌:‬النظام‌لسايسي‌في‌اإلسالم‌ص‌‪‌ .163‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌،‌9‬ابن‌حزم‪‌:‬الفصل‌في‌الملل‌واألهواء‌والنحل‪‌ .88/4‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية ‌‬
‫‪‌4‬سورة‌االنفال‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .46‬‬
‫‪‌5‬صحيح‌مسلم‌‪‌ .242/21‬‬
‫‪264‬‬
‫أكثىر مىن إمامىا فىي وقىم واحىد‪ ،‬واسىتدلوا بىبعض‬ ‫فريق إلىى تجىويز نصى‬ ‫ه ا وقد كه‬
‫األدلة التي ال تنهض لالستدالل‪ ،‬وقد رد عليها نمهور الفقها ودحنوها"‪.1‬‬

‫وعليىىه فينىىه طمكىىن القىىول بىىين قىىد اسىىتقر رأي علمىىا المسىىلمين علىىى عىىدم ن ىواز تنصىىي‬
‫أكثر من خليفة في وقىم واحىد مهمىا اتسىعم رقعىم الىبالد اإلسىالمية‪ ،‬للنصىوص الثابتىة‬
‫في كلم‪ ،‬حفاظًا على وحدة األمة‪ ،‬وانتماعها وقوتها‪.‬‬

‫الدولة اإلسالمية من ونود أكثر من إمام‪ ،‬أو ما نراه مىن‬ ‫وأما ما حدث في بعض فت ار‬
‫اليىىوم‪ ،‬ل ىىا دولىىة رئيس ىاً‪ ،‬او مل ىاً أو أمي ى ًار‪ ،‬فهىىو علىىى غيىىر مىىا شىىر هللا وأمىىر‬ ‫دويىىال‬
‫رسوله‪ ، ‬ومخالظ لنظام ال كم في اإلسالم وأصوله‪.‬‬

‫الشروط الذي يجب توفرها في رئيس الدولة الإسلامية‪:‬‬


‫رئاسىىة الدولىىة فقىىد أحا تىىه الش ىريعة بجملىىة مىىن الشىىروط‪،‬‬ ‫نظ ى ًار لجىىالل وخعىىر منص ى‬
‫إكا تىوفر صىلا الشىخص أن طكىون رئيسىاً للدولىة‪ ،‬أو مرشى اً للرئاسىة‪ ،‬وهى ه هىي‬ ‫ب ي‬
‫أهم الشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلسااسإ‪ :‬فىىال طعقىىل أن يتىىولى خالفىىة المسىىلمين وإدارة شىىؤونهم شىىخص مىىن غيىىرهم‪،‬‬

‫َبا ن‬ ‫اا‬ ‫قال تعال‪ ﴿:‬ولَ ََيعَ خ ا ا‬


‫هَت﴾‪.2‬‬ ‫اكز للر َوُو اَّي َ َعلَ الر زِ رِبغ َ‬
‫َل‬ ‫َ ر رَ َ‬
‫‪ -2‬البلوغ‪ :‬فليس ل ير العاقلين تولى ه ا المنص ‪.‬‬
‫‪ -3‬العقح‪ :‬وهو شرط بدهي وواضا‪.‬‬

‫‪ ‌1‬محمد‌أبو‌فارس‪‌:‬النظام‌السياسي‌في‌االسالم‌ص‌‪‌ .170‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .141‬‬
‫‪265‬‬
‫‪ -4‬الااذدو ة‪ :‬فىىال طجىىوز للمىرأة تىىولى رئاسىىة الدولىىة لقولىىه ‪ ": ‬لىىن طفلىىا قىىوم ولىوا أمىىرهم‬
‫الغاَِّل ا‬
‫َّلَُ﴾‪ ،2‬كمىىا أن ييعىىة الم ىرأة‬ ‫ام ىرأة"‪ ، 1‬قىىال تعىىالى‪ ﴿ :‬ا‬
‫الَّ ََّْلَّلُ ز ََّل خَ زابَّلَّلَ َه َعلََّل‬
‫َ‬
‫وقدرتها ال تمكنها من القيام به ه المهمة الصعبة على الونه األكمل واألنس ‪.‬‬
‫‪ -5‬العّال ‪ :‬ويقصد بالعدالة هنا االستقامة على منهج هللا تعالى‪ ،‬والبعد عن الم رما‬
‫وال بائر‪ ،‬وعدم اإلصرار على الص ائر‪ ،‬واألمانة والصد في الدين والدنيا‪.‬‬

‫طكىىون قىىاد اًر علىىى إدارة شىىؤون الرةيىىة‪ ،‬شىىجاعاً حازم ىاً م كن ىاً وةب ىاً‬ ‫‪ -6‬الكفاااءة‪ :‬ب ي ى‬
‫فن ال كم وأس ارره‪.‬‬ ‫من ضرو ار‬ ‫متيقظاً‪ ،‬خيي اًر واسع اال ال ‪ ،‬ألن ه ه الصفا‬
‫‪ -7‬العلا ‪ :‬وهىو شىىرط مختلىظ ميىىه‪ ،‬ويقصىد بهى ا الشىىرط العلىم الشىرعي الى ي طمكىن مىىن‬
‫االنتهاد في أمور الدين‪ ،‬فمن العلما من اشترط كلم‪ ،‬ومنهم من لم طشترط‪ ،‬ول ن‬
‫على كىل حىال فينىه كمىا سىيق ككىره ال بىد أن طكىون واسىع اال ىال ‪ ،‬وعلىى األخىص‬
‫في أمور الدين‪ ،‬وإن لم ييلغ درنة االنتهاد‪ ،‬وفي هى ه ال الىة عليىه أن يتخى بعانىة‬
‫من المجتهدين طستشيرهم في أمر األمة‪.‬‬

‫‪ -8‬أن ال مطلاا اإلمااا ة ل فبااع‪ :‬ألنهىىا تزكيىىة للىىنفس‪ ،‬وهللا تعىىالى طقىىول‪﴿ :‬وََّل ََّلَت زَّلَهَ َّلَا‬
‫َعلََّل اَ َّلَ ا ا خَّلََّل ﴾‪ ،3‬وألن رسىىول هللا ‪ ‬طقىىول‪" :‬وانااا ال نااولي هااذا‬
‫َلََّرَّل زر ََِّل زو ر ز َّل ََّلَ َل ر ز‬
‫األماار أحااّا س ا لع أو حاارص عل ااع"‪ ،4‬وقىىال ‪ ‬لعيىىد الىىرحمن بىىن سىىمرة‪" :‬مااا عبااّ‬
‫الرح ن ال تب ل اإلما ة‪ ،‬فإنك ىن أعطويها عن مب ل ودلا ىلوهاا‪ ،‬وان أعطويهاا‬
‫علوها"‪ 5‬وعن أبي كر قال‪ :‬قلم طا رسول هللا أال تسىتعملني‬ ‫من غور مب ل أع‬

‫‪‌1‬صحيح‌البخاري‌‪‌،70/9‬سنن‌الترمذي‌‪‌ ‌.119/9‬‬
‫‪‌2‬سورة‌النساء‌‪‌،‬من‌اآلية‌‪‌ .34‬‬
‫‪‌3‬سورة‌النجم‪‌،‬من‌اآلية‪.32‬‬
‫‪‌4‬صحيح‌البخاري‪‌،79/9‬صحيح‌مسلم‌‪‌،207/12‬ح‪‌ .1824.‬‬
‫‪‌‌5‬صحيح‌البخاري‪‌،79/9‬صحيح‌مسلم‌‪‌،206/12‬ح‪‌ ‌.1823.‬‬
‫‪266‬‬
‫فنىىرب يىىده علىىى من يىىي وقىىال‪" :‬طىىا أبىىا كر إنىىم ضىىعيف وإنهىىا أمانىىة‪ ،‬وإنهىىا يىىوم‬
‫القيامة خزي وندامة إال من أخ ها ط قها‪ ،‬وأدى ال ي عليه فيها"‪.1‬‬
‫‪ -9‬ال واط ااا ‪ :‬بمعنىىي أن طكىىون الخليفىىة مىىن سىىكان الدولىىة اإلسىىالمية المسىىتقرين فيهىىا‬
‫شىخص مسىلم طسىكن‬ ‫ال ين طعاطشون اهلها‪ ،‬وي سون بمشاكلهم‪ ،‬فال طصلا تنصىي‬
‫فىي غيىىر دار اإلسىىالم مهمىىا تمتىىع بىىيخال وسىيرة حسىىنة‪ ،‬ومهمىىا تىىوفر ميىىه شىىروط‬
‫اإلمامة‪.‬‬
‫‪ -10‬سسم اليواس واألعااء ال ي يؤثر فقاّانها علاج الق ااإ هاذ ال ه ا وكلىم‬
‫كفقىىدان البصىىر والسىىمع والنعىىق واليىىدين والىىرنلين‪ ،‬قىىال ابىىن خلىىدون‪" :‬أمىىا سىىالمة‬
‫واألعنىىا مىىن الىىنقص والععلىىة كىىالجنون والعمىىى والخىىر ‪ ،‬ومىىا يىىؤثر فىىي‬ ‫ال ىوا‬
‫العمل‪ ،‬كفقده اليدين والرنلين واألنثيين‪ ،‬فتشترط السالمة منها لتىيثير كلىم فىي تمىام‬
‫عمله وإليامه بما نعل إليه"‪.2‬‬
‫الرسىول‪:‬‬ ‫‪ -11‬ال ب القرشي‪ :‬وهو شرط مختلظ ميه‪ ،‬فقد اشىترط الىبعض ل ىدي‬
‫الرسىول‪" :‬اس عوا وأط عاوا‬ ‫من قريش"‪ ،3‬ولم طشترط خرون كلم‪ ،‬ل دي‬ ‫"األئ‬
‫وان اسيع ح عل م عبّ حباي د ن أساع ربوبا "‪ ،4‬ولقىول عمىر بىن الخعىاب ‪:‬‬
‫"لودان سال مولج أ ي حذمف ح ا لولويع"‪.5‬‬
‫القرشىي إكا تىوفر بقيىة الشىروط‬ ‫ه ا‪ ،‬ويجمع بين الرأيين بالقول بينىه طعتيىر النسى‬
‫ميه‪ ،‬وإنه طمكن أن طكون صفة مرن ة عند ونود أكثر من مرشا للرئاسة‪.‬‬

‫‪‌1‬صحيح‌مسلم‪،209/12‌،‬ح‌‪.1825‬‬
‫‪‌2‬صحيح‌البخاري‌ص‪‌ .312‬‬
‫‪‌3‬مسند‌اإلمام‌أحمد‌‪‌،20/1‬ح‪‌ .129‬‬
‫‪ ‌4‬انظنر‌هننذه‌الشنروط‌فنني‪‌:‬المنناوردي‌‪‌:‬األحكنام‌السننلطانية‪‌،‬ص‪‌،31‬مقدمنة‌ابننن‌خلنندون‌‪‌/‬ص‌‪‌،212‬‬
‫سعيد‌حوى‪‌:‬فصول‌في‌اإلمرة‌واألمير‌ص‌‪‌،‌16‬محمد‌أبي‌فارس‪‌:‬النظام‌السياسي‌في‌اإلسالم‪‌،‬ص‌‬
‫‪‌،178‬سعدي‌أبي‌جيب‪‌:‬منهاج‌اإلسالم‌السياسي‪‌،‬ص‪‌ .73‬‬
‫‪‌5‬مقدمة‌ابن‌خلدون‌ص‌‪‌ .212‬‬
‫‪267‬‬
‫كيفية اختيار رئيس الدولة وتنصيبه‪:‬‬
‫فى ىي هى ى ا‬ ‫ت ىىوفى رس ىىول هللا ‪ ‬دون أن ط ىىدد خليف ىىة للمس ىىلمين‪ ،‬وم ىىا ورد م ىىن األحاديى ى‬
‫الش ىين ب ىىق علىىي أو أبىىي بكىىر‪ .‬رضىىي هللا عنهمىىا‪ .‬أو غيرهمىىا فلىىيس بىىه داللىىة ص ىري ة‬
‫على األحقية في الخالفة له ا أو كار‪.‬‬

‫وعلىىى كلىىم‪ ،‬نسىىتعيع القىىول بينىىه ‪ ‬تىىوفى دون أن يىىنص علىىى مىىن طخلفىىه‪ ،‬تارك ىًا األمىىر‬
‫المونىودة لىديها‪،‬‬ ‫المععيىا‬ ‫لعمة من بعده‪ ،‬تختار رئيسىها بال ي يىة التىي ت ارهىا‪ ،‬وا سى‬
‫والقواعد الثابتة في تشريعها‪.‬‬

‫وه ا بىالعبع طجعىل مىن كي يىة اختيىار الخليفىة أمى ًار ميىه مرونىة وحيويىة‪ ،‬ولىيس ميىه نمىود‬
‫وضىىيق‪ ،‬وكلىىم حتىىى يىىتال م مىىع اخىىتالف الزمىىان والمكىىان والظىىروف واألح ىوال وتعاق ى‬
‫األنيال‪.‬‬

‫ول ىىن الى ى ي علي ىىه الى ىرأي عن ىىد المس ىىلمين أن األص ىىل ف ىىي كي ي ىىة االختي ىىار طعتم ىىد عل ىىى‬
‫التشاور‪ ،‬وهو ما فعله المسلمون عند اختيارهم وتنصييهم ألول خليفة في االسالم‪ ،‬حي‬
‫انتمعوا فىي ثقيفىة بنىي سىاعدة‪ ،‬واىد وا يتشىاورون مىيمن طخلىظ رسىول هللا ‪ ،‬ويرشى ون‬
‫أبىىي بكىىر ‪ ‬خليفىىة للمسىىلمين‪،‬‬ ‫ويقترحىىون‪ ...‬إلىىى أن اسىىتقر ال ىرأي بيىىنهم علىىى تنصىىي‬
‫مباطعه المجتمعون‪ ،‬وااطعه من بعدهم نميع المسلمين‪.1‬‬

‫وهك ى ا صىىار المسىىلمون فىىي تنصىىييهم للخلفىىا معتمىىدين علىىى الشىىورى ومصىىل ة األمىىة‪،‬‬
‫فعندما شعر أبو بكر ‪ ‬بدنو أنله‪ ،‬دعا عيد الرحمن بن عوف ‪ ‬فقىال‪" :‬أخيرنىي عىن‬
‫عمر بن الخعاب فقال‪ :‬خي ًار" ‪ ،‬ثم دعا عثمان بن عفان ‪ ‬وقال‪" :‬اللهم علمىي بىه أن‬
‫سىريرته خيىىر مىىن عالنيتىىه‪ ،‬وأنىىه لىىيس فينىىا مثلىىه" ثىىم استشىىار كثيى اًر غيرهمىىا مىىن الصى ابة‬

‫‪‌1‬ابن‌قتيبة‪‌:‬اإلمامة‌والسياسة‌‪‌ .14/1‬‬
‫‪268‬‬
‫مهانرين وأنصا ًار‪ ،‬فيثنوا عليه ومدحوه‪ ،‬وارتنوه‪ ،‬فعهد إليىه أبىو بكىر ‪ ‬فلمىا تىوفى أبىو‬
‫الييعة العامة‪.‬‬ ‫بكر قام عمر ‪ ‬في المسجد خعيبًا‪ ،‬وااطعه النا‬

‫عثمىىان وعلىىي‪ .‬رضىىي هللا عنهمىىا‪ .‬بالشىىورى واالختيىىار‪ ،‬وإن اختلفىىم‬ ‫وك ى لم تىىم تنصىىي‬
‫ال ي ية والعريقة‪.‬‬

‫ه ا وقد بين الفقها العر التي تثيم بها رئاسة الدولة‪ ،‬وقالوا بينها ال تعدو ثالثة ر‬
‫وهي‪ :‬الييعة واالستخالف (أو والطة العهد) وال لبة‪.‬‬

‫أولاً‪ :‬البيعة‪:‬‬
‫هااي فااي اللغا مىىن الفعىىل (بىىا ) وهىىي مىىا طكىىون بىىين البىىائع واىىين المشىىتري االتفىىا علىىى‬
‫إتمام الييع‪ ،‬وتجمع على بيعا ‪.1‬‬

‫وأما الب ع في االصطسح‪ :‬فهي عقد بين المسلمين واين من تتوفر ميه شروط الخالفىة‪،‬‬
‫يتم به توليه له ا المنص ‪ ،‬ويصظ ابن خلدون كلىم بقولىه‪" :‬واعلىم أن الييعىة هىي العهىد‬
‫علىىى العاعىىة كىىين طعاهىىد المبىىاطع أمي ىره علىىى أن طسىىلم لىىه النظىىر فىىي أمىىر نفسىىه وأمىىور‬
‫المسىلمين ال ينازعىىه فىىي شىىي مىىن كلىىم‪ ،‬ويعيعىىه ميمىا طكلىىظ بىىه مىىن األمىىر فىىي المنشى‬
‫والمكره"‪.2‬‬

‫صفات البيعة‪:‬‬
‫‪ -1‬ينب ي أن ت ون بعد استشارة نمو المسىلمين واختيىار أهىل ال ىل والعقىد‪ ،‬وهى ه هىي‬
‫العريقىىة المثلىىى فىىي اختيىىار رئىىيس الدولىىة‪ ،‬واهىىا اختىىار الص ى ابة خلفىىا هم نميع ىًا‪،‬‬
‫وهي العريقة المناسبة في وقتنا ال اضر أطناً الختيار الرئيس‪.‬‬

‫‪ ‌1‬الفيومي‪‌:‬المصباح‌المنير‌مادة‌(بيع)‌المعجم‌الوسيط‌مادة‌(بيع)‪‌،‬لسان‌العرب‌‪.374/9‬‬
‫‪‌2‬مقدمة‌ابن‌خلدون‌‪‌ 209‬‬
‫‪269‬‬
‫‪ -2‬ال طشىىترط إنمىىا اهىىل ال ىىل والعقىىد‪ ،‬او إنمىىا الجمىىاهير علىىى كلىىم‪ ،‬وتنعقىىد بيعىىة‬
‫األغليية منهم‪.‬‬
‫الىبعض إلىى أنهىا تنعقىد بمباطعىة أهىل الصىالب والتقىوى والىور واالنتهىاد وإن‬ ‫‪ -‬وكه‬
‫لم طمثلوا االغليية‪.1‬‬
‫‪ -3‬وال طشىترط كى لم موافقىىة وحنىور الييعىىة نميىىع أهىل ال ىىل والعقىىد مىن سىىائر اليلىىدان‬
‫بعنىهم إلىى ونىوب كلىم‪،‬‬ ‫عند اختيار رئيس الدولة عنىد فريىق مىن العلمىا ‪ ،‬وكهى‬
‫قىال المىاوردي‪" :‬ال تنعقىد اإلمامىىة إال بجمهىور أهىل ال ىل والعقىىد مىن كىل بلىد ليكىىون‬
‫الرضا به عامًا‪ ،‬والتسليم إلمامته إنماعًا"‪.2‬‬
‫‪ -‬وهى ا رأي مقيىول تعمىئن لىه الىنفس‪ ،‬ول ىن إكا لىم تتىوفر إمكانيىة حنىور نميىع أهىىل‬
‫ال ل والعقد من كل اليلىدان‪ ،‬فيننىا نيخى بىالرأي األول كىي ال تتععىل مصىالا األمىة‬
‫رئيسها‪.‬‬ ‫بتيخير تنصي‬
‫الىرئيس طشىترط‬ ‫‪ -‬ويشترط في أهل ال ل والعقد ال ين هم األصل في اختيار وتنصي‬
‫فىىيهم العلىىم والعدالىىة وال ىراي وأن طكىىون أهىىالً للشىىهادة‪ ،‬إضىىافة إلىىى كىىونهم مسىىلمين‬
‫مكلفين‪.‬‬

‫هل يجب أحد على تولي رئاسة الدولة؟‬


‫األصل أنه ال طجير أحد على كلم إال في حالة واحدة وهي أن ال طصىلا لرئاسىة الدولىة‬
‫إال هو فق ميجير عليها بال خالف‪.3‬‬

‫‪‌1‬أبو‌جيب‪‌:‬منهاج‌اإلسالم‌السياسي‌ص‌‪‌ .229‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌ .6‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪.8‬‬
‫‪270‬‬
‫ئ س الّول ‪:‬‬ ‫اسيقال‬
‫إكا كانىم االسىىتقالة بىدون عى ر فقىىد اختلىظ فقهىىا المسىلمين فيهىىا فمىىنهم مىن قىىال إنىىه ال‬
‫طجوز له‪ 1‬أن طستقيل ومنهم من قال بجواز كلم‪.2‬‬

‫وأما إن كانم االستقالة بع ر فين ال ال ال طخلو من أحد أمرين‪:‬‬

‫المعتيرة ميه ليكون أه ً‬


‫ال لمنصبه؛‬ ‫الع ر هو نقص الصفا‬ ‫األمر األول‪ :‬أن طكون سي‬
‫كىىين طعجىىز عىىن إدارة شىىئون الدولىىة أو أن طصىىاب بىىالهرم أو غيىىر كلىىم ففىىي ه ى ا‬
‫ال ال تقيل استقالته بل ت ون وانبة‪.‬‬

‫الع ى ر زهىىده فىىي منصىىبه ورغيتىىه فىىي االنش ى ال بالعبىىادة‪،‬‬ ‫األماار الثاااني‪ :‬أن طكىىون سىىي‬
‫ال كىىم‪ ،‬ففىىي ه ى ه ال الىىة للفقهىىا ق ىوالن‪ :‬األول‪ :‬ال تقيىىل‬ ‫والتخفىىظ مىىن مسىىئوليا‬
‫استقالته‪ ،‬والثاني‪ :‬تقيل استقالته‪ ،‬وه ا هو الرانا‪.3‬‬

‫ول ىىن ف ىىي ال ال ىىة األخيى ىرة ال طج ىىوز لى ىرئيس الدول ىىة ان طس ىىتقيل إال إكا ت ىىوافر الش ىىروط‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪‌ .‬أن يوند من هو كف له ا المنص ‪.‬‬
‫ن ازعى ىًا أو خالفى ىًا‬ ‫ب‪‌.‬أن طك ىىون ون ىىوده ف ىىي الس ىىلعة طن ىىر بمص ىىل ة األم ىىة‪ ،‬أو طس ىىي‬
‫بينهمىىا‪ ،‬ميكىىون ضىىرر كلىىم أكثىىر مىىن ضىىرر اسىىتقالته وهى ا مىىن بىىاب النىىرر األشىىد‬
‫يزال بالنرر األخظ‪.‬‬

‫‪‌1‬الكاسنناني‪‌:‬البننديع‌‪‌، 16/7‬الفننراء‌‪‌:‬المعتمنند‌فنني‌أصننول‌النندين‌ص‌‪‌،240‬القلقشننندي‪‌:‬مننأثر‌اإلنافننة‌‬
‫‪‌،65/1‬الجويني‪‌:‬الغياثي‌ص‌‪‌ .130‬‬
‫‪‌2‬العينني‪‌:‬عمندة‌القننارئ‪‌،‌284/13‬القرطبني‪‌:‬الجننامع‌ألحكنام‌القننرآن‌‪‌،272/1‬الجنوبني‪‌:‬الغينناثي‌ص‌‬
‫‪‌ .130‬‬
‫‪‌3‬القلقشندي‪‌:‬مآثر‌اإلنافة‌‪‌،65/1‬الجويني‪‌:‬الغياثي‌ص‌‪.131‬‬
‫‪271‬‬
‫ل‪‌ .‬أن طكىون الوقىم مناسىباً لالسىتقالة‪ ،‬وهى ا طكىون باسىتقرار األوضىا فىي الدولىة وعىىدم‬
‫اضعرابها بيي شكل من األشكال‪.1‬‬

‫ثانياً‪ :‬الاستخلاف أو ( ولاية العهد)‪:‬‬


‫وهي العريقة الثانية من ىر تىولي الخالفىة فىي الدولىة اإلسىالمية‪ ،‬ووالطىة العهىد هىي ‪:‬‬
‫أن معون الخل ف شخما في ح اتع ل مون خل ف بعّ ‪ ،2‬وه ا نائز باإلنما ‪.3‬‬

‫واه ه العريقة تم استخالف أبو بكر الصديق لعمر بن الخعاب من بعده‪.4‬‬

‫شروط صحة ولاية العهد‪:‬‬


‫‪ -1‬أن طك ىىون ولى ىىي الهى ىىد أه ى ىالً لرئاسى ىىة الدولى ىىة‪ ،‬متمتع ى ىاً بش ى ىرائعها‪ ،‬وقى ىىاد اًر على ىىى تنفي ى ى‬
‫األحكام‪.‬‬
‫‪ -2‬أن طعل ى ىىن قيولى ى ىىه لوالطى ى ىىة العهى ى ىىد ف ى ىىي حي ى ىىاة مىى ىىن اس ى ىىتخلفه ويكفىى ىىي لى ى ى لم عى ى ىىدم رد‬
‫االستخالف‪.5‬‬

‫ثالثاً‪ :‬التغلب (اغتصاب السلطة)‪:‬‬


‫طكون بيحدى ريقتين‪:‬‬ ‫إن االستيال على السلعة بالقهر وال ل‬

‫الطريق األولاج‪ :‬أن طمىو اإلمىام ميقىوم خىر تتىوافر ميىه شىروط اإلمامىة وت ىون لىه‬
‫الخالفة‪ ،‬بال بيعة أهلها‪ ،‬وال استخالف ممن كان‬ ‫شوكة وقوة ميستولي بهما على منص‬
‫على األمة التسليم له والرضىا ب كمىه‪ ،‬كلىم خوفىاً مىن وقىو‬ ‫قيله‪ ،6‬وفي ه ه ال ال طج‬

‫‪ ‌1‬ماهر‌السوي‪‌:‬العالقة‌بين‌السلطات‌الثالثة‌في‌الدولة‌اإلسالمية(غير‌مطبوع)‌ص‌‪‌ .176‬‬
‫‪‌2‬الشربيني‌الخطيب‪‌:‬مغنى‌المحتاج‌‪.131/4‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌ 11‬‬
‫‪‌4‬ابن‌تيمة‪‌:‬منهاج‌السنة‌‪‌ .142/1‬‬
‫‪‌5‬الماوردي‌‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،‌11‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪.9‬‬
‫‪‌6‬الشربيني‌الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌،132/4‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .23‬‬
‫‪272‬‬
‫الفتنىىة وتشىىتم أمىىر األمىىة‪ ،‬وعىىدم انتظىىام شىىملها‪ ،1‬وكلىىم مىىن بىىاب النىىرر األشىىد ي ىزال‬
‫بالنرر األخظ‪.2‬‬

‫اعته‪ ،‬وال تنعقد إمامتهن‬ ‫أما إن لم طكن لإلمام المستولى شوكة ومنعة‪ ،‬فال تج‬
‫على األمة تن يته عن ال كم‪.3‬‬ ‫ويج‬

‫الطريق ا الثان ا ‪ :‬أن طكىىون اإلمىىام حي ىًا ال ميت ىًا‪ .‬كمىىا فىىي العريقىىة األولىىى‪ .‬فيت ل ى‬
‫عليه غيره ممن تتوفر فيهم شىروط اإلمامىة‪ ،‬فىيكا كىان األول قىد تىولى منصىبه بىالييع‪ ،‬أو‬
‫بوالطىة العهىد فهىو األحىىق باإلمامىة‪ ،‬وال تنعقىد إمامىة الثىىاني‪ ،‬أمىا إن كىان األمىام األول قىىد‬
‫عليه‪ ،4‬وكان كلىم حرصىًا‬ ‫تولى اإلمامة بالشوكة والقوة‪ ،‬فتععل إمامته وتنعقد لمن ت ل‬
‫على عدم إراقة دما المسلمين‪ ،‬وحقنًا لها من أن ت ار في غير ما هو في سييل هللا‪.‬‬

‫مسحظا ‪ :‬بىىالنظر فىىي ريقىىة تىولي الخليفىىة فىىي الدولىىة اإلسىىالمية لمنصىىبه نجىىد أن البعىىة‬
‫ووالطىىة العهىىد تىىتم بعريقىىة ال تتعىىارض مىىع حقىىو الرةيىىة أو تعلعاتهىىا ألنىىه تشىىارر فىىي‬
‫اختيىار رئيسىها إمىا مباشىرة وأمىا غيىر مباشىرة‪ ،‬ول ىن علىى كىىال األمىرين طكىون لعمىىة دور‬
‫في اختيار ه ا الرئيس وكون على علم مسيق به ويتم األمر وفقاً لرغيتها وإرادتها‪.‬‬

‫وأمىا عىىن االسىتيال علىىى ال كىم بىىالقهر وال لبىىة‪ ،‬فىين هى ه العريقىة مىىا أقرهىا اإلسىىالم فىىي‬
‫بعىىض حالتهىىا ل ى اتها وإنمىىا أقرهىىا‪ ،‬رغىىم أنهىىا تيىىدو علىىى غيىىر وفىىا مىىع ميىىدأ الشىىوري‪،‬‬
‫و ريقىىة الييعىىة‪ .‬أقرهىىا مىىن بىىاب دفىىع النىىرر األشىىد بالنىىرر األخىىظ‪ ،‬ألن إ ازرة ضىىرر‬
‫ال ىاكم الى ي اسىىتولى علىىى ال كىىم بىىالقوة ال ت ىون إال بىىالقوة ال ازئىىدة علىىى قوتىىه‪ ،‬والقىىوة إكا‬
‫قوال ىىم بىىالقوة فىىين مىىا يىىتمخض عنه ىىا واضىىا ومعلىىوم وهىىو إزهىىا األنفىىس ‪ ،‬واس ىىتنزاف‬

‫‪‌1‬المرجعين‌السابقين‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬ابن‌نجيم‪‌:‬األشباه‌والنظائر‌ص‌‪‌،68‬السيوطي‪‌:‬االشباه‌والنظائر‌ص‌‪‌ .178‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌،‬األحكام‌السلطاني‌ص‌‪‌ .24‬‬
‫‪‌4‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،23‬الشربيني‌الخطيب‪‌:‬مغني‌المحتاج‌‪‌ .132/4‬‬
‫‪273‬‬
‫اقاتهىىا‪ ،‬وه ى ا ضىىرر أشىىد وأعتىىى مىىن ضىىرر االسىىتيال علىىى‬ ‫الىىبالد‪ ،‬واسىىتيال‬ ‫خي ى ار‬
‫ال كم بالقوة‪.‬‬

‫وعليىىه فيننىىا نىىرى أن االسىىتيال علىىى ال كىىم بىىالقوة وال لبىىة ال ينب ىىي أن طعىىد ريق ىًا‬
‫ييعياً من ر تولي الرئاسة إنما هو حال استثنائية فرضتها النرورة فق ‪.1‬‬

‫‪ ‌1‬ماهر‌السوسي‪‌:‬العالقة‌بين‌السلطات‌الثالثة‌في‌الدولة‌اإلسالمية‌ص‌‪‌ .154‬‬
‫‪274‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫الوزارة في الدولة الإسلامية‬


‫رئىىيس الدولىىة فىىي اإلسىىالم مسىىؤول مباشىرة عىىن مهىىام منصىىبه ‪ ،‬وأنىىه ينب ىىي أن يىىدير هى ا‬
‫والقىىد ار ‪ ،‬ويسىىت يل‬ ‫بنفسىىه‪ ،‬ول ىىن ألنىىه مثىىل أي بشىىر‪ ،‬فهىىو م ىىدود العاقىىا‬ ‫المنص ى‬
‫علي ىىه أن يتصىىىرف ف ىىي ش ىىؤون الدول ىىة علىىىى اخ ىىتالف مجاالتهىىىا ف ىىي ن واحىىىد‪ ،‬وكى ى لم‬
‫طسىت يل عليىىه أن ينظىىر فيهىا علىىى الت ارخىىي‪ ،‬ألن هنىار كثيى ًار مىىن األمىور مىىا ط تىىال إلىىى‬
‫سرعة النظر‪ ،‬وفورية في اتخاك القرار‪.‬‬

‫لى ا كىىان البىىد لىرئيس أي دولىىة مىىن الىىدول أن يتخى مىىن طسىىتعين بهىم فىىي تصىريف شىىؤون‬
‫دولتىىه‪ ،‬ويعتمىىد علىىيهم فىىي تىىدبير أمورهىىا‪ ،‬ومىىن هنىىا ‪ ،‬كانىىم السىىلعة التنفي طىىة فىىي الدولىىة‬
‫اإلسىالمية رغىىم تى كيرها فىىي يىىد رئىىيس الدولىىة‪ ،‬موزعىىة علىىة مجموعىىة مىىن كبىىار المىىوظفين‬
‫فيها‪ ،‬وهم الوز ار ومن عداهم من موظفي لدولة‪.‬‬

‫أدل ماروع الو ار ة‬


‫الو ازرة في اإلسالم مشروعة بال تاب والسنة القولية والفعلية والمعقول‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أدل ماروب الو ار ة من القرآن الكري ‪:‬‬


‫اْ َعَّل َّل رَّلَ اِل َوايَّل َّل نَّلَّا‬
‫قولى ىىه تعى ىىالى‪ :‬حكاطى ىىة على ىىى لسى ىىان نييى ىىه موسى ىىى عليى ىىه السى ىىالم ‪َ ﴿ :‬و ر‬
‫اب ر َلَ ر لا ‪ َ ،‬زُرو َه َل اَخ ‪ ،‬ا ر‬
‫ي ز رد نا ان َلَر اري ﴾‬
‫‪1‬‬

‫وكع الّالل من هذ ا م ‪ :‬في ه ا النص الموافقة لموسى عليه السىالم علىل لبىه بىين‬
‫لىم ين ىر هللا تعىالى عليىه كلىم‪ .‬فىيكا كانىم الىو ازرة‬ ‫طجعل هللا له وزي ًار‪ ،‬أخاه هارون‪ ،‬حيى‬

‫‪‌-‌1‬سورة‌طه‌اآليات‌‪‌ 30،31‌،29‬‬
‫‪275‬‬
‫رئاسىة‬ ‫في أمور النيوة نائزة علىى خعوتهىا‪ ،‬فمىن بىاب أولىى أن ت ىون نىائزة فىي منصى‬
‫النيوة‪.1‬‬ ‫الدولة هو أقل خع اًر من منص‬

‫ثان ا‪ :‬من الب القول ‪:‬‬


‫مىىا نىىا عىىن ‪.‬رضىىي هللا عنهىىا ‪ .‬قالىىم ‪ :‬قىىال رسىىول هللا ‪" :‬ىذا أ اد أ باااألمور خواا ار‬
‫كعح لع ورير صّو‪ ،‬ىن نبي ذدر وان ذدر أعانع‪ ،‬واذا أ اد أ بع غور ذلك كعح لاع‬
‫ورير سوء‪ ،‬ىن ي بج ل يذدر ‪ ،‬وان ذدر ل مع ع"‪.2‬‬

‫طقىىرر النيىىي ‪ ‬أنىىه مىىن‬ ‫‪ :‬فىىي ه ى ا ال ىىدي‬ ‫الداللىىة مىىن ه ى ا ال ىىدي ‪ :‬فىىي ه ى ا ال ىىدي‬
‫رضي هللا على األمير‪ ،‬فهي أن طجعل له وزير طعينه فىي أمىور الرةيىة‪ ،‬ويى كره‬ ‫عالما‬
‫سىىخعه عليىه‪ ،‬فهىىي أن طجعىل لىىه وزيىر سىىو ‪ ،‬ال يى كره إن نسىىي‪،‬‬ ‫إن نسىي‪ ،‬أمىىا عالمىا‬
‫وال طعينه على خير‪.‬‬

‫رضىي هللا تعىالى عليىه أميىر مىا‬ ‫فاكا كان الوزير الصاد المخلص عالمة من عالما‬
‫فين كلم دليل بين على نواز اتخاك الىوز ار واألعىوان‪ ،‬بىل هىو شىي مرغىوب ميىه بىنص‬
‫ال دي ‪.‬‬

‫سول أ ‪ ‬الع ل ‪:‬‬ ‫ثالثا‪ :‬س‬


‫ومن ه ا اتخاك النيي ‪ ‬ال ثير من الوز ار واالعوان‪ ،‬طستعين بهم علىى األمىور التىي ال‬
‫وابن‬ ‫ت ون ت م ائلة يده‪ ،‬ودليل كلم أنه ‪ ‬استعمل ابن اللتييية على نمع الصدقا‬
‫مكتىىوم فىىي إمامىىة الصىىالة‪ ،‬حينمىىا كىىان ‪ ‬يتونىىه إلىىى ال ىىزوا ‪ ،‬واسىىتعماله علىىى مكىىة‬

‫‪‌1‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،25‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪.29‬‬
‫‪‌2‬سنن‌أبي‌داود‪،13/3‌،‬ح‪‌،293‬سنن‌النسائي‪‌،159/7،‬ح‪‌،4204‬صححه‌األلباني‪‌،‬صحيح‌الترعينب‌‬
‫والترهيب‪،‬ح‪‌ .2296‬‬
‫‪276‬‬
‫عتاب بن أسيد‪ ،‬وعثمان بن أبي العاص‪ ،‬مع العلم بينه كان يلي بنفسه ما قرب منه من‬
‫أمور الرةية‪.1‬‬

‫ابعا‪ :‬ال عقول‪:‬‬


‫‪ -1‬ال طعقىىل أن طكىىون ال ىىاكم قىىاد ًار علىىى تص ىريف شىىؤون رعيتىىه بمفىىرده‪ ،‬كمىىا أن كث ىرة‬
‫مهامه ومشاغله من الممكن أن توقعه في الخعي والزلل‪.2‬‬
‫التي تقوم بهىا الدولىة لجميىع‬ ‫شمول الخدما‬ ‫‪ -2‬ويتيكد هنا في عصرنا ال اضر‪ ،‬حي‬
‫مناحي ال ياة‪ ،‬وازدطاد مسؤولياتها تجاه األفراد ‪ ،‬كمسؤوليتها عن الص ة ‪ ،‬والتعليم‪،‬‬
‫والع ىىر ‪ ،‬وش ىىئون العب ىىادة‪،‬‬ ‫والص ىىناعة‪ ،‬والتج ىىارة ‪ ،‬والز ارع ىىة‪ ،‬واألم ىىن والمواص ىىال‬
‫الدولي ىىة م ىىع غيره ىىا م ىىن ال ىىدول الت ىىي تتمي ىىز ه ىىي األخ ىىرى‬ ‫باإلض ىىافة إل ىىى العالق ىىا‬
‫عديدة ومتنوعة‪ ...‬ف ل ه ه األمور ال يتصور أن‬ ‫بال ساسية ‪ ،‬واستيعابها لمجاال‬
‫طقىىوم رئىىيس الدولىىة بتنفي ى ها‪ ،‬وأدائهىىا بشىىكل ص ى يا‪ ،‬مهمىىا أوتىىي مىىن فعنىىة وككىىا‬
‫بالنيابة عنه‪.3‬‬ ‫وحسن إدارة‪ ،‬ل لم كله كان البد له ممن يت مل معه ه ه المهما‬

‫أقسام الوزارة‬
‫لقىىد قسىىم فقهىىا السياسىىة الشىىرةية المسىىلمين الىىو ازرة إلىىى قسىىمين‪ ،‬ووضىىعوا ل ىىل مىىن‬
‫يتولى أي قسم من ه ين القسمان هما‪:‬‬

‫‪-2‬و ار ة الي فوذ‬ ‫‪ -1‬و ار ة اليفويت‬

‫على كل و ازرة على حدة على الن و التالي‪:‬‬ ‫ونفنل ال دي‬

‫‪‌1‬ابن‌القيم‌الجوزية‪‌:‬الطرق‌الحكمية‌ص‪‌ .289‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‌األحكام‌السلطانية‌ص‪‌،‌25‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌ .29‬‬
‫‪ ‌3‬ماهر‌السوسي‪‌:‬العالقة‌بين‌السلطات‌الثالثة‌في‌الدولة‌اإلسالمية(غير‌مطبوع)ص‪‌ .181.‬‬
‫‪277‬‬
‫أولا ‪ :‬وزارة التفويض‬
‫وهى ىىي التى ىىي طكى ىىون الى ىىوزير فيهى ىىا مفوض ى ىاً بتى ىىدبير األمى ىىور ب أرطى ىىه‪ ،‬وإمنى ىىائها حس ى ى‬
‫انتهاده‪ ،1‬أي أن الوزير هنا طكون معلىق التصىرف ميمىا أسىد إليىه‪ ،‬ومىن هى ا القييىل‬
‫كان بعىض الىوز ار الى ين اسىتعملهم رسىول هللا ‪ ،‬وفىي كلىم ككىر ابىن القىيم أنىه ‪‬‬
‫قرب منه من أمىور المسىلمين‪ ،‬وكىان يىولي أمى ار علىى مىا َب ُعىد عنىه مىن‬ ‫كان يلي ما ُ‬
‫مثىىل توليتىىه ال ىوالة علىىى مكىىة والعىىائظ والىىيمن ونج ىران وغيرهىىا‪ ...‬ومىىن مثىىل توليىىة‬
‫السىىعادة علىىى األمىوال الزكويىىة‪،‬‬ ‫األ مى ار علىىى الجىىيح‪ ،‬ثىىم طقىىول بعىىد كلىىم‪ "..‬ويبع ى‬
‫مييخ ى ونها ممىىن هىىي عليىىه‪ ،‬ويىىدفعونها إلىىى مسىىت قيها‪ ،‬فيرنىىع السىىاعي إلىىى المدينىىة‬
‫ولىىيس معىىه اال سىىو ه‪ ،‬وال طىىيتي بشىىي مىىن األم ىوال إكا ونىىد لهىىا موضىىعاً طنىىعها‬
‫ميه"‪ ،2‬فه ا النص ييىين أن هىؤال السىعاة وغيىرهم مىن الىوالة واالمى ار ‪ ،‬كىانوا مخىولين‬
‫من قيل الرسول ‪ ،‬ميما ولوا عليه‪ ،‬وتصريف األمور فىي مصىاريفها‪ ،‬وليسىوا مجىرد‬
‫وسعا بينه واين من ولوا عليهم‪.‬‬

‫رئىىيس الدولىىة فىىي‬ ‫والنىىاظر فىىي هى ا طجىىد أن وزيىىر التفىىويض يتمتىىع بىىنفس صىىالحيا‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولننا نقول إن هنار فرقاً بينهما‪.‬‬

‫الفرق بين وزير التفويض وبين رئيس الدولة‪:‬‬


‫والفر بينهما طقع في ثالثة ونوه‪:3‬‬

‫أحّاه ا‪ :‬أن وزير التفويض مكلظ با ال الخليفىة علىى كىل مىا طقىوم بىه مىن تىدبير‬
‫األمور وتصريفها‪ ،‬وإعالمه بكل ما أمناه وأنف ه‪ ،‬كلم ل ي ال طكون منفرداً‬
‫بىىالرأي‪ ،‬مسىىتيداً بالسىىلعة‪ ،‬بعيىىداً عىىن الخليفىىة ورقابتىىه‪ ،‬ألن الخليفىىة ال ى ي ال‬

‫‪‌1‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌،25‬الجنويني‪‌:‬الغيناثي‌ص‪‌،148‬الفنراء‌‪‌:‬األحكنام‌السنلطانية‌ص‌‬
‫‪‌ .29‬‬
‫‪‌2‬ابن‌القيم‌‪‌:‬الطرق‌الحكمية‌ص‌‪‌ .289‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،28‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪.30‬‬
‫‪278‬‬
‫طفعىىل كلىىم طكىىون تارك ىاً لمنصىىبه‪ ،‬ويصىىبا بمنزلىىة مىىن تنىىازل عىىن التصىىدي‬
‫لمهان منصبه ل يره‪ ،‬وه ا غير سائغ شرعاً‪.1‬‬

‫ثانوها‪ :‬أنه ينب ي على الخليفة معالبة ه ا الوزير با العىه علىى كىل أمىر ييرمىه أو‬
‫عمل طقوم به‪ ،‬ليظل على علم بمىا طجىري فىي مىا أنىاب ميىه‪ ،‬وليتيكىد مىن أن‬
‫ش ىىؤون الدول ىىة ت ىىدبر كم ىىا يري ىىد وكم ىىا ينب ىىي‪ ،‬وليس ىىهل علي ىىه مراإلب ىىة وز ارئ ىىه‬
‫وم اسيتهم‪.‬‬

‫ثالثها‪ :‬أن للخليفىة أن طعهىد بىال كم مىن بعىده لمىن يىراه مناسىبًا لى لم‪ ،‬ولىه أن طعلى‬
‫مىىن االمىىة إعفائىىه مىىن منصىىبه‪ ،‬وك ى لم فلىىه عىىزل كىىل موظىىظ عينىىه وزيىىر‬
‫التفويض‪.‬‬

‫أما وريار اليفاويت‪ :‬فلىيس لىه كلىم‪ ،‬أي لىيس لىه أن طعهىد بىالو ازرة مىن شىا ‪ ،‬ولىيس لىه‬
‫عزله من قيىل األمىة‪ ،‬بىل ال طكىون كلىم إال مىن الخليفىة الى ي واله‪ ،‬كمىا لىيس‬ ‫أن طعل‬
‫لىىه أن طعىىزل أي موظىىظ عينىىه الخليفىىة‪ ،‬وميمىىا عىىدا كلىىم فلىىه أن طقىىوم بجىىل مهامىىه مىىن‬
‫تعيين األعوان والنواب‪ ،‬ووالطة المظالم‪ ،‬ووالطة أمر الجهاد بنفسه وغير كلم‪.2‬‬

‫شروط وزير التفويض‪:‬‬


‫ويشترط في وزير التفويض حتى طصبا تصرفه في ما ولي عليه ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬العدالة‪.‬‬
‫‪ -2‬العلم المؤدي إلى االنتهاد‪.‬‬
‫من السمع والبصر والنعق‪ :‬لنهي وسائله في التعيير عما يريد‪.‬‬ ‫‪ -3‬سالمة ال وا‬
‫‪ -4‬سالمة األعنا من نقص طمنع من استيفا ال ركة وسرعة النهوض‪.‬‬

‫‪‌1‬الجويني‌‪‌:‬الفياثي‌ص‌‪‌149‬بتصرف‌يسير‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،‌28‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‪‌ .3‬‬
‫‪279‬‬
‫‪ -5‬الري المؤدي إلى سياسة الرةية وتدبير المصالا‪.‬‬
‫‪ -6‬الشجاعة والنجدة المؤدطان الى حماطة األمة ونهاد العدو‪.‬‬
‫‪ -7‬ال فاطة ميما وكل إليه من األعمال والمهام‪.1‬‬

‫ه ى ه هىىي الشىىروط التىىي ينب ىىي أن تت ىوافر فىىي وزيىىر التفىىويض‪ ،‬وهىىي شىىروط كفيلىىة بىىين‬
‫على ممارسة ما فوض ميه بيتقان ومهارة‪ ،‬وكى لم هىي‬ ‫تجعل من توفر في أقدر النا‬
‫كفيلة بين ت ول بينه واين الظلم واالستيداد وتخب الرأي‪.‬‬

‫سبب تسميته بوزير التفويض‪:‬‬


‫هى ه التسىىمية‪ ،‬وهىو أن الخليفىىة طسىىلم‬ ‫مىن خىىالل مىا سىىيق تسىىتعيع أن نتعىرف علىىى سىي‬
‫ه ى ا الىىوزير مجموعىىة مىىن المهىىام يتصىىرف فيهىىا ب أرطىىه‪ ،‬وتجراتىىه ودرايتىىه هىىو‪ ،‬مىىع مراإلبىىة‬
‫الخليفىة لىىه‪ ،‬ودليلنىىا علىىى كلىىم هىىو إضىىافة هى ا الىىوزير إلىىى التفىىويض‪ ،‬والتفىىويض مصىىدر‬
‫للفعىىل(بمعنى) سىىلم األمىىر إلىىى ‪ ...‬تقىىول‪ :‬فوضىىم األمىىر إلىىى فىىالن‪ ،‬أي‪ :‬سىىلمم األمىىر‬
‫إليه‪.2‬‬

‫ثانياً‪ :‬وزارة التنفيذ‬


‫ووزيىىر التنفيى هىىو الى ي طكىىون معنيىًا للخل يىىة علىىى تنفيى األمىىور‪ ،‬ولىىيس مخععىًا لهىىا وال‬
‫مقر اًر والياً عليها‪ ،3‬وامعنى خر‪ :‬هو منف إلرادة الخليفة فق ‪.‬‬

‫شروط وزير لتنفيذ‪:‬‬


‫‪ -1‬األمان ‪ :‬فهو وسي بين رئيس الدولة واألمة‪ ،‬ينقل عنه إليهم وعنهم إليه‪.‬‬
‫‪ -2‬المّو‪ :‬حتى يوثق في خيره ونقله‪.‬‬
‫‪ -3‬الق اع وقل الط ع‪ :‬حتى ال يرتشي‪ ،‬فيزور ال قائق‪ ،‬وي يد عن ال ق‪.‬‬

‫‪‌1‬الماوردي‌‪‌:‬االحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،256‬الجويني‪‌:‬الفياثي‌ص‌‪.150‬‬
‫‪‌2‬الفيومي‪‌:‬المصباح‌المنير‌مادة‌(فوض)‪‌ .‬‬
‫‪‌3‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،29‬الفراء‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .31‬‬
‫‪280‬‬
‫‪ -4‬أال مماون و ااع وباون ال اااس عاّاوة‪ :‬حتىىى ال طظلىم أحىداً وكىىي ال تمنعىه العىىداوة‬
‫من اإلنصاف‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ممون ذدو ا ال ييمف بالغفل وال ب ان‪ :‬مست ك ًار ل ىل مىا ينقىل إلىى الخليفىة‬
‫وينقله عنه‪ ،‬فهو الشاهد له وعليه‪.‬‬
‫‪ -6‬أن ممون ذد ا فط ا‪ :‬حتى ال تلتبس عليه األمور‪ ،‬وتختل في نظره ال قائق‪.‬‬
‫‪ -7‬أال ممون من أهح األهاوال والباّ ‪ :‬ميكىون سىهل االن يىاز إلىى الزيىغ والنىالل‪،‬‬
‫وال طميز بين المخع واين المصي ‪.1‬‬

‫وواضا من ه ه التسمية أنها ما كانم إال ألن ه ا الوزير ين صر عملىه فىي تنفيى إرادة‬
‫الخليفة فق ‪.‬‬

‫الفرق بين وزير التفويض ووزير التنفيذ‪:‬‬


‫والفر بينهما يتمثل ميما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬وزيىر التفىويض مكلىظ بىالنظر فىي األمىور بنفسىه‪ ،‬وتىدبيرها بانتهىاده‪ ،‬ووزيىر التنفيى‬
‫مجرد وسي أو سفير بين الخليفة واألمة‪ ،‬ييل هم عنه وييل ه عنهم‪.‬‬
‫‪ -2‬لىىوزير التفىىويض أن طعىىين نائب ىًا عنىىه ميمىىا أسىىند إليىىه مىىن مهىىام‪ ،‬ولىىيس كلىىم لىىوزير‬
‫التنفي ‪.‬‬
‫‪ -3‬طجىىوز لىىوزير التفىىويض أن ينفىىرد بىىيعالن ال ىىرب وتسىىيير الجيىىوش‪ ،‬ولىىيس ه ى ا مىىن‬
‫حق وزير التنفي ‪.‬‬
‫‪ -4‬من حق وزير التفويض التصرف فىي مىال الدولىة بىالقبض والصىرف‪ ،‬وال ط ىق كلىم‬
‫لوزير التنفي ‪.2‬‬

‫‪‌1‬الماوردي‌السابق‌ص‌‪‌ .29‬‬
‫‪‌2‬الماوردي‪‌:‬األحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌،29‬الفراء‪‌،‬االحكام‌السلطانية‌ص‌‪‌ .31‬‬
‫‪281‬‬
‫تخولىىه حىىق اتخىىاك الق ى ار ار‬ ‫‪ -5‬ومجمىىل ه ى ه الفىىرو أن وزيىىر التفىىويض كو صىىالحيا‬
‫وتنفيى ها فىىي كىىل مىىا أوكىىل إليىىه مىىن شىىؤون الدولىىة‪ ،‬أمىىا وزيىىر التنفي ى فلىىيس لىىه ه ى ه‬
‫منه تنفي ه فق ‪.‬‬ ‫الصالحيا ‪ ،‬إال تنفي ما ُ ل‬

‫ه ى ا هىىو الفىىر بىىين وزيىىر التفىىويض واىىين وزيىىر التنفي ى ‪ ،‬ويالح ى أنهىىا فىىرو اقتنىىتها‬
‫كىىل واحىىد منهمىىا‪ ،‬وهنىىار فىىر خىىر بينهمىىا اقتنىىته عالقىىة كىىل واحىىد منهىىا‬ ‫صىىالحيا‬
‫بالرةيىة‪ ،‬وهى ا الفىر هىو أن كىىل الشىروط التىي ينب ىي أن تتىىوفر فىي وزيىر التفىويض هىىي‬
‫ن ىىو م ىىن ن ىىو الش ىىروط الت ىىي تجع ىىل من ىىه إنس ىىانًا ق ىىاد ًار عل ىىى ت ىىدبر األم ىىور والنظ ىىر فيه ىىا‬
‫وإمنائها على خير ونه‪.‬‬

‫أمىا الشىىروط التىىي ينب ىىي أن تتىوفر فىىي وزيىىر التنفيى ‪ ،‬فهىىي مىن نىىو الشىىروط التىىي تجعىىل‬
‫عمله هو الوسا ة بين الخليفة ورعيته‪.‬‬ ‫صاحيها كا عالقة متميزة مع الرةية‪ ،‬حي‬

‫مسحظ ‪ :‬إن مىا ككرنىاه هنىا هىو أقسىام الىو ازرة فىي الدولىة اإلسىالمية ولىيس أنواعهىا ‪ ،‬مىع‬
‫كو ازرة المالية‪ ،‬أو و ازرة ال رب‪ ...‬ب سى‬ ‫أنواعًا من الو از ار‬ ‫العلم بين الدولة قد شهد‬
‫ال انىىة‪ ،‬أمىىا التسىىمية بىىو ازرة التفىىويض أو و ازرة التنفي ى فليسىىم شىىر اً‪ ،‬وليسىىم مىىن قييىىل‬
‫القواعد الثابتة‪ ،‬ولولي االمر في الدولة أن طسمي و از ارتىه بمىا شىا ‪ ،‬مىادام نظىام حكمىه ال‬
‫طخىىرل عىىن مقتنىىى كىىون ال اكميىىة هلل وعىىن العاعىىة والشىىورى والعىىدل والمسىىاواة‪ ،‬وقواعىىد‬
‫بها مشروةية أي نظام أو عدمها‪.‬‬ ‫الثابتة في نظام ال كم في اإلسالم‪ ،‬وهي التي تقا‬

‫‪282‬‬
‫تذكر‬
‫الفمح البادس‪ :‬نظاإ الب اس واليم‬
‫‪ ‬السياسة في الل ة هي القيام على الشي بما طصىل ه‪ ،‬أو هىي األمىر ولنهىي‪ ،‬أو‬
‫الخيرة والتجراة‪.‬‬
‫أقىرب إلىى‬ ‫‪ ‬وهي في اصعالب علمىا المسىلمين‪ :‬مىا كىان فعىالً طكىون معىه النىا‬
‫الصالب وأبعد عن الفسىاد‪ ،‬وإن لىم طنىعه الرسىول ‪ ،‬وال نىزل بىه وحىي‪ ،‬أوهىي‪:‬‬
‫استصالب الخلق بيرشادهم إلى العريىق المنجىى فىي العانىل أو اآلنىل‪ ،‬أو هىي‪:‬‬
‫حمىىل ال افىىة علىىى مقتنىىى النظىىر الشىىرعي فىىي مصىىال هم األخرويىىة والدنيويىىة‬
‫الرانعة إليها‪.‬‬
‫البشىرية‪ ،‬او فىن‬ ‫‪ ‬والسياسة عند فقها القانون الوضعي هي‪ :‬فن حكىم المجتمعىا‬
‫ال كم‪ ،‬أو علم الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬هى ى ا ويتف ىىق فقه ىىا المس ىىلمين م ىىع فقه ىىا الق ىىانون الوض ىىعي ف ىىي مفه ىىوم السياس ىىة‬
‫ويختلفون معهم في مصدرها وهدفها‪.‬‬
‫‪ ‬ويقىىوم النظىىام السياسىىي فىىي اإلسىىالم علىىى مجموعىىة مىىن القواعىىد واألسىىس اهمهىىا‪:‬‬
‫ال اكمية هلل‪ ،‬والعدل والمساواة‪ ،‬والشورى‪ ،‬والعاعة‪.‬‬
‫‪ ‬وال اكمية تعني أن طكون ال كم هلل تعالى‪ ،‬وال حكم ألحج سواه‪.‬‬
‫‪ ‬واكفىر كىل مىن احىىت م إلىى غيىر شىر هللا تعىىالى بم ىض رضىاه‪ ،‬واختيىاره ويكىىون‬
‫عقواته القتل حدًا‪.‬‬
‫بال تىاب والسىنة وانمىا المسىلمين‪ ،‬كمىا أن العىدل فىي‬ ‫‪ ‬والعدل بين الرةيىة وانى‬
‫اإلسالم معلق ال يتيثر بالهوى أو أي مؤثر خر‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫‪ ‬والعى ىىدل يى ىىوفر للمجتمى ىىع والفى ىىرد األمى ىىن واالسى ىىتقرار والعمينينى ىىة واليركى ىىة واليركى ىىة‬
‫والرخا ‪.‬‬
‫رأي ال يىر فىي أمىر مىىن‬ ‫‪ ‬والشىورى فىي الل ىة بمعنىى شىار‪ ،‬أي‪ :‬ننىى‪ ،‬وهىي لى‬
‫األمور‪.‬‬
‫‪ ‬وهي في الشر استعراض ار أهل االختصىاص فىي واقعىة مىا واختيىار أصىل ها‬
‫شر هللا تعالي‪.‬‬ ‫حس‬
‫ال كىىم فىىي اإلسىىالم وهىىي مظهىىر مىىن مظىىاهر‬ ‫‪ ‬وللشىىورى فوائىىد منهىىا‪ :‬أنهىىا أسىىا‬
‫ت قيىق األلفىة والم بىىة بىين أفىراد المجتمىىع‪،‬‬ ‫حريىة التعييىر عىىن الىرأي‪ ،‬وهىي سىىي‬
‫وتى ىىدرب العقى ىىول على ىىى سى ىىير األمى ىىور وتم يصى ىىها‪ ،‬وتعى ىىود األف ى ىراد على ىىى الععى ىىا‬
‫واالنتمىىا لمجىىتمعهم‪ ،‬وهىىي مظهىىر مىىن مظىىاهر ت ىريم هللا تعىىالى لإلنسىىان وهىىي‬
‫من أسباب الوحدة االنتماةية‪.‬‬ ‫سي‬
‫‪ ‬والشورى وانبة بال تاب والسنة واإلنما ‪ ،‬وهي عامة وخاصة‪.‬‬
‫‪ ‬ويشترط في لمستشار الت ليف والعلم والعدالة والموا نة وأال يزكي نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬العاعة في الل ة هي االنقياد والموافقة‪ ،‬وفي االصعالب هي‪ :‬موافقة ولي األمر‬
‫واالنقياد له بقدر الصياغة لشر هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ ‬والعاعة وانبة بال تاب والسنة وإنما المسلمين‪.‬‬
‫لل اكم بقدر اعة هللا تعالي‪.‬‬ ‫‪ ‬والعاعة مقيدة وليسم معلقة‪ ،‬وهي تج‬
‫ه ىىي‪ :‬أن الدول ىىة مجموع ىىة متجانسىىىة م ىىن األفى ىراد تم ىىار‬ ‫‪ ‬للدول ىىة ع ىىدة تعريف ىىا‬
‫نشا ها على إقليم ن ارفىي م ىدد‪ ،‬تخنىع لتنظىيم معىين‪ ،‬أو هىي‪ :‬مجموعىة مىن‬
‫األفراد مستقرة على إقلىيم معىين‪ ،‬ولهىا مىن الىنظم مىا طجعىل للجماعىة فىي موانهىة‬
‫األفراد سلعة عليا مرة وقاهرة‪ ،‬أو هي‪ :‬مجموعة ن األفىراد طقعنىون إقليمىًا معينىًا‬

‫‪284‬‬
‫طخنىىع‬ ‫ويخنىىعون لسىىلعان األغلييىىة أو لسىىلعان ائفىىة مىىنهم‪ ،‬أو هىىي‪ :‬شىىع‬
‫للقانون على إقليم معين‪.‬‬
‫‪ ‬أمىىا الدول ىىة اإلسىىالمية فه ىىي‪ :‬مجموع ىىة مىىن األفى ىراد الى ى ين رضىىوا ب ك ىىم اإلس ىىالم‬
‫ويقعنون إقليماً ُط كم بتشريعه‪.‬‬
‫واإلقليم والسلعة ال اكم‪.‬‬ ‫‪ ‬وتت ون الدولة من أركان ثالثة هي‪ :‬الشع‬
‫على األمة انتخاب حاكم لها يدير شؤونها‪ ،‬وونىوب كلىم ثابىم‬ ‫‪ ‬ومعلوم أنه طج‬
‫بال تاب والسنة واإلنما ‪.‬‬
‫إم ىىامين عل ىىى الدول ىىة ف ىىي وق ىىم واح ىىد هى ى ا رأي معظ ىىم فقه ىىا‬ ‫‪ ‬وال طج ىىوز نصى ى‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ ‬وتتخلص شىروط رئىيس الدولىة فىي اإلسىالم ميمىا يلىي‪ :‬اإلسىالم‪ ،‬اليلىوغ‪ ،‬وال ريىة‪،‬‬
‫الخالف ىىة‬ ‫والعق ىىل‪ ،‬والى ى كورة‪ ،‬والعدال ىىة‪ ،‬وال ف ىىا ة‪ ،‬والعل ىىم‪ ،‬والموا ن ىىة‪ ،‬وأال طعلى ى‬
‫واألعن ىىا الت ىىي ي ىىوثر فق ىىدانها عل ىىى كفاط ىىة لمنص ىىبه‪،‬‬ ‫لنفس ىىه‪ ،‬وس ىىالمة ال ى ىوا‬
‫القرشي‪.‬‬ ‫والنس‬
‫‪ ‬ويختار رئيس الدولة في اإلسالم بالييعة‪ ،‬أو والطة العهد‪ ،‬أو القوة وال لبة‪.‬‬
‫‪ ‬وأما الييعة في االصعالب‪ :‬فهي عقد بين المسىلمين واىين مىن تتىوفر ميىه شىروط‬
‫الخالفة‪ ،‬يتم به توليه له ا المنص ‪.‬‬
‫‪ ‬وال طجير أحد على تولى الرئاسة في الدولة إال إكا كان متعينًا لها‪.‬‬
‫‪ ‬واختلظ الفقها في استقالة رئيس الدولة بدون ع ر؛ فمنهم من أبىاب كلىم ومىنهم‬
‫مىىن منعىىه‪ ،‬أمىىا بع ى ر فىىين كىىان هىى ا الع ى ر هىىو نق ىىص شىىرط مىىن شىىروط تىىولي‬
‫الرئاسىىة‪ ،‬أو الزهىىد والرغبىىة فىىي التفىىرغ للعبىىادة فينىىه طجىىوز أن طسىىتقيل بشىىرط‪ ،‬أن‬

‫‪285‬‬
‫طكون من هو ان يوند منهو كف له ا المنص ‪ ،‬وأن طكون ونوده فىي السىلعة‬
‫ضا ًار بمصل ة األمة‪ ،‬وان طكون الوقم مناسبًا لالستقالة‪.‬‬

‫‪ ‬ووالطىىة العهىىد هىىي أن طعىىين الخليفىىة فىىي حياتىىه شخصىىًا طخلفىىه فىىي الرئاسىىة بعىىد‬
‫وفاته‪.‬‬
‫‪ ‬وتصا والطة لعهد بشروط‪ :‬أن طكون المستخلظ صال اً للخالفة‪ ،‬وأن طعلن قيوله‬
‫العهد في حياة من استخلفه‪.‬‬
‫‪ ‬أما تولى السلعة بال لبة والقىوة فهىي‪ :‬أن يتىولى رنىل كا شىوكة تتىوفر ميىه شىروط‬
‫اإلمامىىة علىىى السىىلعة بعىىد مىىو الخل يىىة‪ ،‬أو أن طكىىون اإلمىىام حيىاً ال ميتىاً ول ىىن‬
‫السلعة منه‪.‬‬ ‫عليه غيره ميسل‬ ‫يت ل‬
‫‪ ‬الو ازرة في اإلسالم مشروعة بال تاب والسنة واإلنما ‪ ،‬والمعقول‪.‬‬
‫‪ ‬والو ازرة قسمان‪ :‬و ازرة التفويض‪ ،‬وو ازرة التنفي ‪.‬‬
‫‪ ‬و ازرة التف ىىويض ه ىىي الت ىىي طك ىىون ال ىىوزير فيه ىىا مفوضى ىًا ف ىىي ت ىىدبير ش ىىؤون و ازرت ىىه‬
‫بنفسه‪.‬‬
‫رئىىيس الدولىىة فىىي‬ ‫وزيىىر التفىىويض قىىد ترتقىىي إلىىى درنىىة صىىالحيا‬ ‫‪ ‬وصىىالحيا‬
‫اإلسالم‪ ،‬إال أنه هنار فىر بىين االثنىين‪ :‬فىوزير التفىويض معىالي بىا ال رئىيس‬
‫مىن الخليفىة مراإلبىة عمىل وزيىر‬ ‫األمور في و ازرتىه‪ ،‬ومعالى‬ ‫الدولة على مجريا‬
‫التفىىويض‪ ،‬ثىىم إن الخليفىىة قىىد طعهىىد برئاسىىة الدولىىة مىىن بعىىده إلىىى غيىره‪ ،‬أمىىا وزيىىر‬
‫التفويض فليس من صالحياته كلم‪.‬‬
‫‪ ‬شىىروط وزيىىر التفىىويض‪ :‬الدالىىة‪ ،‬والعلىىم المىىؤدي إلىىى االنتهىىاد‪ ،‬وسىىالمة ال ىوا ‪،‬‬
‫وسالمة األعنا ‪ ،‬والشجاعة والنجدة‪ ،‬وال فا ة ميما وكل ميه‪.‬‬
‫التي طصدرها الخليفة نفسه‪.‬‬ ‫ار‬
‫‪ ‬ووزير التنفي هو طساعد الخليفة في تنفي القر ا‬

‫‪286‬‬
‫‪ ‬شروط وزير التنفي ‪ :‬األمانة والصد ‪ ،‬وقلة العمع والقناعة‪ ،‬وأال طكون بينه واين‬
‫عداوة‪ ،‬وان طكون وقو اًر قليل ال فلة‪ ،‬وأن طكون ككياً وفعناً‪ ،‬وأال طكون مىن‬ ‫النا‬
‫أهل األهوا واليد ‪.‬‬
‫‪ ‬وهنار فر بين وزير التنفي ‪ :‬فوزير التفويض يدبر أمىور و از ارتىه ب أرطىه‪ ،‬أمىا وزيىر‬

‫لتنفيى فينىىه يتصىىرف بىرأي الخليفىىة نفسىىه‪ ،‬طسىىتعيع وزيىىر التفىىويض أن طعىىين نائبىاً‬
‫له‪ ،‬ووزير التنفي ال طمكنه كلم‪ .‬ويمكن لوزير التفىويض أن طعلىن ال ىرب‪ ،‬ولىيس‬
‫لىىوزير التنفي ى كلىىم‪ ،‬يتصىىرف وزيىىر التفىىويض فىىي مىىال الدولىىة بالصىىرف والقىىبض‬
‫وليس لوزير التنفي كلم‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫أوال‪ :‬القرآن الكري ‪:‬‬
‫ثان ا‪ :‬اليفبور وعلوإ القرآن‪:‬‬
‫‪ -1‬أحكا القرآن‪ :‬ألبي بكر محمد بن ىبدهللا بن العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير السراال‪ :‬للخطيب الشربيني‪.‬‬
‫‪ -3‬تفسير القرآن العميم‪ :‬ألبي الفتدال إستماىيل بتن ىمتر القر تي ابتن ك يتر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫االندلس‪ ،‬بيرول‪ ،‬وطبعة دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -4‬القفسير الكبير‪ :‬لإلما الفخر الرازي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكقب العلمية‪ ،‬طاران‪.‬‬
‫‪ -5‬تفستتير النستتفي‪ :‬ىبتتدهللا بتتن أحمتتد بتتن محمتتد النفستتي‪ ،‬مطبعتتة ىيستتم البتتاب الحلبتتي‬
‫و ركاه‪.‬‬
‫‪ -6‬ال ام ألحكا القرآن‪ :‬ألبي ىبدهللا محمد األنصاري القرطبي‪ ،‬ط‪ ،2‬والطبعتة القتي‬
‫حققاا محمد طفيش‪.‬‬
‫‪ -7‬الفقوحال اسلاية‪ :‬سليمان بن ىمر الع يلي الشافعي الشاير بال مل‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -8‬روائ البيان تفسير آيال األحكا ‪ :‬محمد ىلي الصابوني‪ ،‬مكقبة الغزالي‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -9‬روح المعاني فتي تفستير القترآن العمتيم والستب الم تاني‪ :‬األلوستي البغتدادي‪ ،‬إدارع‬
‫الطباىة المنيرية‪ ،‬دار إحيال القراث العربي بيرول‪.‬‬
‫‪ -11‬مناهل العرفان في ىلو القرآن‪ :‬محمد ىبد العميم الزرهاني‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحديث وعلومه‪:‬‬
‫‪ -11‬ح ية السنة‪ :‬ىبد الغني ىبد الخالق‪ ،‬دار السعداوي للطباىة والنشر‪.‬‬
‫‪ -12‬سنن أبي داوود‪ :‬أبو داود سليمان بن األ ع الس سقاني األزدي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -13‬سنن ابن ماعة‪ :‬أبو ىبدهللا محمد بن يزيد القزويني ابن ماعة‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -14‬سبل السي ‪ :‬محمد بن إسماىيل الصنعاني‪ ،‬دار إحيال القراث العربي بيرول‪.‬‬
‫‪ -15‬السنن الكبرى‪ :‬أبو بكر البياقي‪،‬ط‪ ،1‬الاند‪.‬‬
‫‪ -16‬صحيح البختاري‪ :‬أبتو ىبتدهللا محمتد بتن استماىيل البختاري‪ ،‬دار إحيتال القتراث‬
‫العربي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -17‬صتتحيح القرمتتذي بشتترع ابتتن العربتتي‪ :‬أبتتو ىيستتم محمتتد بتتن ىيستتم بتتن ستتورع‬
‫القرمذي‪ ،‬دار الكقاب العربي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -18‬صتتحيح مستتلم‪ :‬أبتتو الحستتن مستتلم بتتن الح تتاال القشتتيري النيستتابوري‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫الفكر بيرول‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪ -19‬صتتحيح مستتلم بشتترح النتتووي‪ :‬محيتتي التتدين النتتووي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الريتتان للقتتراث‪،‬‬
‫القاهرع‪.‬‬
‫‪ -21‬فقح الباري رح صحيح البخاري‪ :‬أحمد بن ح ر العستقيني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الريتان‬
‫للقراث‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -21‬مسند اسما أحمد‪ :‬أحمد بن حنبل‪،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -22‬نيل األوطار من أحادي ستيد األريتار‪ :‬محمتد بتن ىلتي الشتوكاني‪ ،‬دار ال يتل ‪،‬‬
‫بيرول‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬السيرة النبوية والتاريخ‪:‬‬
‫‪ -23‬اسمامة والسياسة(تاري الخلفال)‪ :‬أبو محمد ىبدهللا بن بسا بن هقيبة التدينوري‪،‬‬
‫مؤسسة الحلبي و ركاه‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -24‬تاري الرسل والملوه‪ :‬أبو ععفر محمتد بتن عريتر الطبتري‪ ،‬تحقيتق‪ :‬محمتد أبتو‬
‫الفنل إبراهيم‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المعارى‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -25‬تاذيب سيرع ابن هشا ‪ :‬ىبد السي هارون‪.‬‬
‫‪ -26‬السيرع النبويتة‪ :‬ابتن هشتا ‪ ،‬تحقيتق‪ :‬مصتطفم الستقا وإبتراهيم اسبيتاري‪ ،‬مطبعتة‬
‫مصطفم البابي الحلبي‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -27‬نور اليقين في سيرع سيد المرسلين‪ :‬محمد الخنري‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬العقائد‪:‬‬
‫‪ -28‬اسيمان‪ :‬محمد نعيم ياسين‪ ،‬مكقبة الرسالة الحدي ة‪.‬‬
‫‪ -29‬تبسيط العقائد اسسيمية‪ :‬حسن أيوب‪ ،‬دار البحوث العلمية‪.‬‬
‫‪ -31‬دراسال في العقيدع‪ :‬فؤاد اىقيلي‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ -31‬العقائد اسسيمية‪ :‬السيد سابق‪ ،‬دار الكقاب العربي‪.‬‬
‫‪ -32‬العقائد اسسيمية‪ :‬السيد سابق‪ :‬دار الكقاب العربي‪.‬‬
‫‪ -33‬ىقيدع المسلم في ضول القرآن والسنة النبوية‪ :‬رالد العك‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اسيمان‪.‬‬
‫‪ -34‬ىقيدع المؤمن‪ :‬أبو ببكر ال زائري‪ ،‬مكقبة الكليال األزهرية‪.‬‬
‫‪ -35‬الفصل في الملل واألهوال والنحل‪ :‬أبو محمد بن أحمد بن ستعيد بتن عتز ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫دار المعرفة‪.‬‬
‫‪ -36‬مدرل لدراسة العقيدع اسسيمية‪ :‬محمد حافظ الشريدع‪ ،‬مطبعة القادسية‪.‬‬
‫‪ -37‬المعقمتتد فتتي أصتتول التتدين‪ :‬أبتتو يعلتتم محمتتد بتتن الحستتين الفتترال‪ ،‬تحقيتتق‪ :‬ودي ت‬
‫زيدان حداد‪ ،‬دار المشر ‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -38‬منااال السنة النبوية في نقض الشيعة والقدرية‪ :‬ط‪ ،1‬المطبعة الكبترى اسميريتة‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫سادسا‪ :‬الفقه المذهبي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفقه الحنفي‪:‬‬
‫‪ -39‬االرقيتتار لقعليتتل المخقتتار‪ :‬ىبتتدهللا بتتن محمتتود بتتن متتودود الموصتتلي‪ ،‬ط‪ ،3‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -41‬األ باه والنمائر‪ :‬زين الدين بن سبراهيم بن ن يم الحنفي‪ ،‬تحقيتق‪ :‬محمتد مطيت‬
‫الحافظ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -41‬بدائ الصنائ ىيل الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني‪ ،‬ط‪ ،2‬دار القب العلميتة‪،‬‬
‫بيرول‪.‬‬
‫‪ -42‬رح فقح القدير‪ :‬كمال الدين ابن الاما ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفقه المالكي‪:‬‬
‫‪ -43‬حا ية الدسوهي ىلم الشرح الكبير‪ :‬محمد ىرفة الدسوهي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -44‬القوانين الفقاية‪ :‬محمد بن أحمد بن عزي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫ج‪ -‬الفقه الشافعي‪:‬‬
‫‪ -45‬اسهنتتتاع فتتتي حتتتل ألفتتتاظ أبتتتي تتت اع‪ :‬محمتتتد الخطيتتتب الشتتتربيني‪ ،‬ط األريتتترع‪،‬‬
‫مصطفم البابي الحلبي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -46‬األ تتباه والنمتتائر‪ :‬عتتيل التتدين ىبتتد التترحمن بتتن أبتتي بكتتر الستتيوطي‪ ،‬تحقيتتق‪:‬‬
‫محمد المعقصم باهلل البغدادي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكقاب العربي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -47‬تحفة المحقاال‪ :‬أحمد بن محمد الاي مي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -48‬حا يقا هليوبي وىميرع‪ :‬دار إحيال الكقب العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -49‬فتتقح الوهتتاب تترح متتناج الطتتيب‪ :‬أبتتو يحيتتم زكريتتا األنصتتاري‪ ،‬ط األريتترع‬
‫مصطفم البابي الحلبي‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -51‬كفاية األريار‪ :‬تقي الدين محمد الحسيني‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -51‬مغنم المحقاال‪ :‬محمد الخطيب الشربيني‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -52‬الماتتذب فتتي فقتته اسمتتا الشتتافعي‪ :‬إبتتراهيم بتتن ىلتتي بتتن يوست الشتتيرازي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -53‬نااية المحقتاال إلتم ترح المناتاال‪ :‬محمتد بتن أبتي العبتاس الرملتي‪ ،‬ط األريترع‪،‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫د‪-‬الفقه الحنبلي‪:‬‬
‫‪ -54‬الكافي فتي فقته اسمتا أحمتد بتن حنبتل‪ :‬موفتق التدين محمتد بتن هدامتة المقدستي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬زهير الشاويش‪ ،‬ط‪ ،3‬المكقب اسسيمي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -55‬كشاى القناع‪ :‬منصور بن يوس بن إدريس الباوتي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -56‬المحرر في الفقه‪ :‬م د الدين أبو البركال‪ ،‬دار الكقاب العربي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -57‬المغنتتم م ت الشتترح الكبيتتر‪ :‬موفتتق التتدين بتتن هدامتتة المقدستتي‪ ،‬وزارع األوهتتاى‬
‫الكويقية‪.‬‬
‫هـ‪-‬الفقه الظاهري‪:‬‬
‫‪ -58‬المحلم باخثار‪ :‬محمد بن أحمد بن سعيد بن حز ‪ ،‬تحقيق‪ :‬ىبد الغفار البنتداري‪،‬‬
‫دار الكقب العلمية‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الفقه العام والنظم اإلسالمية‪:‬‬
‫‪ -59‬االت تتتاه ال متتتاىي فتتتي القشتتتري االهقصتتتادي اسستتتيمي‪ :‬محمتتتد النباتتتان‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -61‬أحكا األحوال الشخصية‪ :‬أحمد إبراهيم‪ ،‬مطبعة الفقوح مصر‪.‬‬
‫‪ -61‬أحكا األسرع في اسسي ‪ :‬محمد سي مدكور‪ ،‬دار النانة العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -62‬األحكا السلطانية‪ :‬أبو الحسن الماوردي‪ ،‬دار النانة العلمية‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -63‬األحكتتا الستتلطانية‪ :‬أبتتو يعلتتم محمتتد بتتن الحستتن الفتترال الحنبلتتي‪ ،‬دار الكقتتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -64‬اسسي ىقيدع و ريعة‪ :‬محمد لقول‪ ،‬دار الشرو ‪ ،‬ط‪ ،11‬ط‪.16‬‬
‫‪ -65‬اسستتتي والمتتتذاهب االهقصتتتادية المعاصتتترع‪ :‬يوستتت كمتتتال‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفتتتال‪،‬‬
‫المنصورع‪.‬‬
‫‪ -66‬أصول الدىوع‪ :‬ىبد الكريم زيدان‪ ،‬ط‪.3‬‬
‫‪ -67‬أصول الشريعة اسسيمية‪ :‬ىلي عريشة‪ ،‬ط‪ ،1‬مكقبة وهبة‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -68‬أضوال ىلم النمم وال قافة اسسيمية‪ :‬ىبد الغفار ىزيز وكيره‪.‬‬
‫‪ -69‬إىي الموهعين‪ :‬ابن هيم ال وزية‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين ىبد الحميد‪.‬‬
‫‪ -71‬األمتوال‪ :‬أبتو ىبيتتد القاستم بتتن ستين‪ ،‬تحقيتتق‪ :‬محمتد رليتتل هتراس‪ ،‬ط‪ ،3‬مكقبتتة‬
‫الكليال األزهرية‪.‬‬
‫‪ -71‬بتتدائ الستتلك فتتي طبتتائ الملتتك‪ :‬أبتتو ىبتتدهللا محمتتد بتتن األزر األندلستتي‪ ،‬التتدار‬
‫العربية للكقاب‪ ،‬تونس وليبيا‪.‬‬
‫‪ -72‬تاري النمم والحنارع اسسيمية ‪ :‬فقحية البراوي‪.‬‬
‫‪ -73‬القشري ال نائي اسسيمي‪ :‬ىبد القادر ىودع‪ ،‬دار الكقب العربية‪ ،‬بيرول‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫‪ -74‬تعدد نسال األنبيال ومكانة المترأع فتي الياوديتة والمستيحية واسستي ‪ :‬أحمتد ىبتد‬
‫الوهاب‪ ،‬ط‪ ، 1989 ،1‬مكقبة وهبة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -75‬القطور وال بال في فام نصوص الشريعة‪ :‬زياد إبراهيم مقتداد‪ ،‬رستالة دكقتوراه‬
‫كير منشورع‪.‬‬
‫‪ -76‬الحستتبة فتتي اسستتي ‪ :‬ابتتن تيميتتة‪ ،‬تقتتديم‪ :‬محمتتد المبتتاره‪ ،‬دار الكقتتب العربيتتة‪:‬‬
‫بيرول‪.‬‬
‫‪ -77‬حق الزوال ىلتم الزوعتة وحتق الزوعتة ىلتم التزوال‪ :‬طته ىبتد هللا ىفيفتي‪ ،‬دار‬
‫االىقصا ‪.‬‬
‫‪ -78‬الحق ومدى سلطان الدولتة فتي تقييتده‪ :‬فقحتي التدريني‪ ،‬ط‪ ،3‬مؤسستة الرستالة ‪،‬‬
‫بيرول‪.‬‬
‫‪ -79‬حقو األسرع في الفقه اسسيمي‪ :‬يوس هاسم‪ ،‬دار النانة العربية ‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -81‬حقو الحاكم في الشريعة اسسيمية والقوانين الدسقورية‪ :‬ماهر أحمد السوسي‪،‬‬
‫بح كير منشور‪ ،‬ال امعة االردنية‪.‬‬
‫‪ -81‬الحكم والدولة "نما اسسي " محمد المباره‪ ،‬ط‪ ،1‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -82‬الخالتتدون مائتتة أىمماتتم محمتتد رستتول هللا‪ :‬مايكتتل هتتارل‪ ،‬المكقتتب المصتتري‬
‫الحدي ‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -83‬الخراال‪ :‬أبو يوس يعقوب بن إبراهيم‪ :‬ط‪ ،4‬المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -84‬رصائص القشري اسسيمي في السياسة والحكم‪ :‬فقحي التدريني‪ ،‬ط‪ ،2‬مؤسستة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -85‬رصائص القصور اسسيمي ومقوماته‪ :‬سيد هطب‪ ،‬ط‪1412 ،7‬ه ‪. 1982‬‬
‫‪ -86‬الخصائص العامة لإلسي ‪ :‬يوس القرضاوي‪ ،‬ط‪ ،1‬مكقبة وهبة‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -87‬دراسال في ال قافة اسسيمية‪ :‬صالح الاندي‪ ،‬ط‪ :4‬دار الشرو ‪.‬‬
‫‪ -88‬دراسال في ال قافة االسيمية(متدرل إلتم التدين االستيمي)‪ :‬أميتر ىبتد العزيتز‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬مطبعة الخليل‪.‬‬
‫‪ -89‬دراسال في النمم وال قافة اسسيمية‪ :‬محمود كريت وكيره‪.‬‬
‫‪ -91‬دراسال في النمم والقشريعال اسسيمية‪ :‬محمد أحمد رل هللا‪.‬‬
‫‪ -91‬دراسة في مناج اسسي السياسي‪ :‬سعدي أبو عيب‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ -92‬الرائد في ىلم الفرائض‪ :‬حمدي ىبد المنعم‪ ،‬مكقبة ابن سينا‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -93‬التتروابط والعيهتتال االعقماىيتتة متتن كقتتاب أصتتول النمتتا االعقمتتاىي‪ :‬صتتفول‬
‫مباره‪ ،‬عامعة األمارال العربية‪.‬‬
‫‪ -94‬روح الدين اسسيمي‪ :‬ىفي طبارع‪ ،‬ط‪ ،18‬دار العلم للمييين‪ ،‬بيرول‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ -95‬زاد المعتاد فتي هتدى ريتر العبتاد‪ :‬ابتن القتيم محمتد بتن أبتي بكتر‪ ،‬تحقيتق‪ :‬محمتد‬
‫حامد الفقي‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -96‬التتزواال والطتتي فتتي الفتتق اسستتيمي‪ :‬محمتتد كمتتال التتدين إمتتا ‪ ،‬ط‪، 1996 ،1‬‬
‫المؤسسة ال امعية‪.‬‬
‫‪ -97‬ىلم أصول الفقه‪ :‬ىبد الوهاب ريى‪ ،‬ط‪ ،12‬دار القلم للطباىة‪.‬‬
‫‪ -98‬السياسة الشرىية في إصيح الراىي والرىية‪ :‬أحمتد بتن ىبتد الحلتيم بتن تيميتة‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬دار ال يل ودار اخفا ال ديدع‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -99‬السياسة الشرىية‪ :‬ىبد الوهاب ريى‪ ،‬المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -111‬ريعة اسسي ‪ :‬يوس القرضاوي‪ ،‬ط‪ ،2‬المكقب اسسيمي‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -111‬ريعة هللا حاكمة‪ :‬ىلي عريشة‪ ،‬مكقبة وهبة‪ ،‬القاهرع‪. 1977 ،‬‬
‫‪ -112‬الشتتوري وأثرهتتا فتتي الديمقراطيتتة‪ :‬ىبدالحميتتد األنصتتاري‪ ،‬دار الفكتتر العربتتي‪،‬‬
‫القاهرع‪.‬‬
‫‪ -113‬صتتياكة هانونيتتة لقعس ت باستتقعمال الحتتق فتتي هتتانون إستتيمي‪ :‬مصتتطفم أحمتتد‬
‫الزرهال‪ ،‬ط‪ ،2‬دار البشير‪ ،‬ىمان‪.‬‬
‫‪ -114‬العقد الفريد للملك السعيد‪ :‬أبو سالم محمد بن طلحة‪ ،‬مطبعة الوطن‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -115‬العيهة بين السلطال ال يث في الدولتة اسستيمية‪ :‬متاهر أحمتد السوستي‪ ،‬بحت‬
‫كير منشور‪ ،‬عامعة القرآن الكريم والعلو اسسيمية‪ ،‬أ درمان السودان‪.‬‬
‫‪ -116‬كياث األمم في القياث الملم‪ :‬إما الحرمين ىبد الملك بن ىبدهللا ال ويني‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫مكقبة إما الحرمين‪.‬‬
‫‪ -117‬فقاوي معاصرع‪ :‬يوس القرضاوي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفال‪ ،‬المنصورع‪.‬‬
‫‪ -118‬الفق اسسيمي وأدلقه‪ :‬وهبة الزحيلي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -119‬لمحال في ال قافة اسسيمية‪ :‬ىمر الخطيب‪ ،‬دار الكقاب اللبناني‪.‬‬
‫‪ -111‬مآثر اسنافة في معالم الخيفة‪ :‬أحمد بن ىبدهللا القلقشندي‪ ،‬دار الكقب‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -111‬المال والحكم في اسستي ‪ :‬ىبتد القتادر ىتودع‪ ،‬ط‪ ،5‬المخقتار اسستيمية للطباىتة‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -112‬مباد نما الحكم في اسسي ‪ :‬ىبد الحميد مقولي‪.‬‬
‫‪ -113‬محاضرال في ىقد الزواال وآثاره‪ :‬محمد أبو زهرع‪ ،‬معاد الدراسال العربية‪.‬‬
‫‪ -114‬متتدرل لدراستتة الشتتريعة اسستتيمية‪ :‬يوس ت القرضتتاوي‪ ،‬مكقبتتة وهبتتة القتتاهرع‪،‬‬
‫‪. 1991‬‬
‫‪ -115‬المدرل للفقه االسيمي‪ :‬محمد سي مدكور‪ ،‬ط‪1383 ، 2‬ه ‪. 1963‬‬
‫‪ -116‬المرأع بين الفقه والقانون‪ :‬مصطفم السباىي‪ :‬ط‪ ،5‬المكقب اسسيمية‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫‪ -117‬مقدمة ابن رلدون‪ :‬ىبد الرحمن محمد بن رلدون‪ ،‬ط‪ ،5‬دار القلم‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -118‬الملكيتتة فتتي الشتتريعة اسستتيمية‪ :‬ىبتتد الستتي العبتتادي‪ ،‬ط‪ ،1‬مكقبتتة األهصتتم‪،‬‬
‫ىمان‪.‬‬
‫‪ -119‬منااال الصالحين‪ :‬ىز الدين بليق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفقح‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫‪ -121‬مناج القربية اسسيمية‪ :‬محمد هطب‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الشرو ‪ ،‬القاهرع وبيرول‪.‬‬
‫‪ -121‬الموافقال في أصتول األحكتا ‪ :‬أبتو إستماىيل إبتراهيم بتن موستم الشتاطبي‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ -122‬الموعز في أصول الفقه‪ :‬ىبد ال ليل القرنشاوي وآررون‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪.‬‬
‫‪ -123‬الميراث في الشريعة اسسيمية‪ :‬محمد ىلي الصابوني‪ ،‬مكقبة الغزالي‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -124‬النمم اسسيمية‪ :‬انور الرفاىي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -125‬النمم اسسيمية‪ :‬محمد ىبدهللا العربي‪ ،‬مؤسسة س ل العرب‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -126‬نما األسرع في اسسي ‪ :‬محمد ىقلة‪ :‬مكقبة الرسالة‪ ،‬ىمان‪.‬‬
‫‪ -127‬نما اسسي العقيدع والعبادع‪ :‬محمد المباره‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -128‬نما اسسي ‪ :‬فرال السيد فرال وكيره‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة السعادع‪.‬‬
‫‪ -129‬نما الحكم اسسيمية مقارنا ً بالنمم المعاصرع‪ :‬محمود حلمي‪ ،‬ط‪.6‬‬
‫‪ -131‬نمتتا الحيتتاع فتتي اسستتي ‪ :‬أبتتو األىلتتم المتتودودي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكتتر اسستتيمي‪،‬‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪ -131‬النما السياسي في اسسي ‪ :‬محمد أبو فارس‪.‬‬
‫‪ -132‬نمرية القعس في الفقه اسسيمي‪ :‬فقحي الدريني‪ ،‬ط‪ ،4‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ -133‬النمم اسسيمية‪ :‬محمد ىبدهللا العربي‪ ،‬معاد الدراسال اسسيمية‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -134‬نمرية اسباحة ىند األصوليين والفقاال‪ :‬محمد سي متدكور‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النانتة‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ -135‬الوعيز ألحكا األسرع‪ :‬محمد سي مدكور‪ ،‬دار النانة العربية‪ ،‬القاهرع‬
‫‪ -136‬الورثة في اسسي ‪ :‬أسامة هناىة‪ ،‬دار الكقاب العربي‪ ،‬دمشق ‪.1988‬‬
‫‪ -137‬وظيفة الحاكم‪ :‬ىارى أبو ىيد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األرهم‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬المعاجم والتراجم وكتب اللغة‪:‬‬
‫‪ -138‬اسصتتابة فتتي تمييتتز الصتتحابة‪ :‬ابتتن ح تتر العستتقيني‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعتتة الستتتعادع‪،‬‬
‫القاهرع‪.‬‬
‫‪ -139‬القاموس الفقاي لغة واصطيحا ً‪ :‬سعدي أبو عيب‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -141‬كشاى اصطيحال الفنتون‪ ،‬محمتد أىلتم بتن ىلتي القاتانوي‪ ،‬منشتورال تركة‬
‫رياط‪ ،‬بيرول‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ -141‬لسان العرب‪ :‬ابن منمور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫صحاح‪ :‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ ،‬مكقبة لبنان‪.‬‬ ‫‪ -142‬مخقار ال ّ‬
‫‪ -143‬المصباح المنير‪ :‬أحمد بن ىلي المغربي الفيومي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -144‬مع م لغة الفقاال‪ :‬محمد هلعة عي وكيره‪ ،‬دار النفائس‪.‬‬
‫‪ -145‬المع م الوسيط‪ :‬إبراهيم أنيس وكيره‪ ،‬ط‪ ،2‬م م اللغة العربية القاهرع‪.‬‬
‫‪ -146‬التتنمم المستتقعذب‪ :‬محمتتد ابتتن أحمتتد الركبتتي‪ ،‬مطبتتوع باتتامش كقتتاب الماتتذب‬
‫السابق‪.‬‬
‫‪ -147‬النااية في كريب الحدي واألثر‪ :‬ابن األثير‪ ،‬دار الكقب العلمية‪ ،‬بيرول‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬القانون وعلم السياسة‪:‬‬
‫‪ -148‬دراسال في ىلم السياسة‪ :‬لؤي بحري‪ ،‬مطبعة فيق‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫‪ -149‬القتتانون الدستتتقوري والتتتنمم السياستتية‪ :‬ىبتتتد الحميتتتد مقتتولي وآرتتترون‪ ،‬منشتتتاع‬
‫المعارى‪ ،‬اسسكندرية‪.‬‬
‫‪ -151‬مباد القتانون الدستقوري والتنمم السياستية‪ :‬كمتال الغتالي‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعتة عامعتة‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪ -151‬المتتدرل إلتتم ىلتتم السياستتة‪ :‬بطتترس كتتالي وحمتتود ريتتري ىيستتم‪ ،‬ط‪ ،7‬مكقبتتة‬
‫اسن لو المصرية‪ ،‬القاهرع‪.‬‬
‫‪ -152‬النمم السياسة‪ :‬ثرول بدوي‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬كتب أخرى‪:‬‬
‫‪ -153‬الكقاب المقتدس (العاتد القتديم وال ديتد) دار الكقتاب المقتدس فتي العتالم العربتي‪،‬‬
‫القدس‪.‬‬

‫‪295‬‬

You might also like