You are on page 1of 160

‫ُْ‬

‫تل َبسون قوة‬

‫استقبل حضور الروح القدس يف حياتك‬

‫بقلم‬

‫ديريك برنس‬
‫تلبسون قوة‬
‫‪Originally published in English under the title‬‬

‫‪You Shall Receive Power‬‬

‫‪ISBN 9781782634423‬‬

‫‪Copyright © Derek Prince Ministries – International‬‬

‫‪All right reserved‬‬

‫المــــــــــؤلــــــــــــف ‪ :‬ديريك برنس‬


‫النـــــاشــــــــــــــــــر ‪ :‬المؤسسة الدولية للخدمات األعالمية ت‪+20100 8559890 :‬‬
‫ت‪+202 23374128 :‬‬ ‫المـطــبعـــــــــــــــــة ‪ :‬مطبعة سان مارك‬
‫ت‪+202 27797124 :‬‬ ‫التجــــهـيز الفنــــــى ‪ :‬جى سى سنتر‬
‫المـوقــع األلكــترونى ‪www.dpmarabic.com :‬‬
‫البــريـد األلكتــــرونى ‪info@dpm.name :‬‬
‫رقــــــــم اإليــــــــداع ‪2008/25138 :‬‬
‫التـــــرقيـــم الــدولي ‪977-6194-23-0 :‬‬

‫جميع حقوق الطبع في النسخة العربية محفوظة © للمؤسسة الدولية للخدمات اإلعالمية‬

‫وال يجوز إستخدام أو إقتباس أي جزء أو رسومات توضيحية من الواردة في هذا الكتاب‬

‫بأي شكل من األشكال إال بإذن مسبق من الناشر‬

‫‪Derek Prince Ministries – International‬‬

‫‪P.O. Box 19501‬‬

‫‪Charlotte, North Carolina 28219‬‬

‫‪USA‬‬

‫‪Translation is published by permission‬‬

‫‪Copyright © Derek Prince Ministries – International‬‬

‫‪www.derekprince.com‬‬
‫‪201910‬‬
‫حمتويات الكتاب‬

‫اجلــزء األول‪ :‬معمودية الروح القدس ‪5 .........................................‬‬


‫ً‬
‫مجيعا بروح واحد اعتمدنا ‪7 ...............................................‬‬ ‫‪1‬ـ‬
‫‪ 2‬ـ طبيعة االختبار ‪17 ..............................................................‬‬
‫‪ 3‬ـ حتذيرات عند االقرتاب من املعمودية ‪27 .............................‬‬
‫‪ 4‬ـ الغرض من االختبار ‪35 ......................................................‬‬
‫‪ 5‬ـ انلموذج الكتايب لقبول الروح القدس ‪55 ............................‬‬

‫اجلــزء الثاين‪ :‬احلياة ىف ملء الروح ‪85 .........................................‬‬


‫‪ 6‬ـ االنقياد بالروح القدس ‪87 .............................................‬‬
‫‪ 7‬ـ اخلضوع للروح القدس ‪107 ..............................................‬‬
‫‪ 8‬ـ تعلم سماع صوت اهلل ‪131 ...............................................‬‬

‫نبذة عن حياة الاكتب ‪155 ...................................................................‬‬


4
‫اجلزء األول‬

‫معمودية الروح القدس‬

‫‪5‬‬
6
‫الفصل األول‬
‫مجيعـًا بروح واحد اعتمدنا‬

‫يتحــدث اجلميــع عــن معموديــة الــروح القــدس‪ ،‬فقــد ســافرت‬


‫ـرا يف ثــاث قــارات خمتلفــة‪ ،‬ويف لك مــان أذهــب إيلــه‬ ‫ووعظــت كثـ ً‬
‫ََ ّ‬ ‫ّ‬
‫أجــد أن معموديــة الــروح القــدس مــل اهتمــامِ ومناقشــة‪ ،‬بــل وربمــا‬
‫تكــون موضـ ً‬
‫ـوع للجــدل فيمــا بــن املؤمنــن حــول العالــم‪.‬‬

‫يشــعر املؤمنــون يف بعــض األحيــان أن األمــور الروحيــة يه إىل‬


‫ًّ‬
‫َحــد كبــر مســألة مشــاعر‪ ،‬وباتلــايل يعتقــدون أنهــم لــن يكونــوا يف‬
‫حاجــة إىل العقــل‪ .‬وهــذا خطــأ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َْ‬
‫اهتمامــا بالغــا للكمــة اهلل‪ ،‬فاملعلومــات الــي‬ ‫إذ إننــا جيــب أن نــويل‬
‫ـرا إن لــم تقبلهــا بعقلــك و مشــاعرك‬ ‫ســتقرأها هنــا لــن تفيــدك كثـ ً‬
‫َ‬
‫ايضــا‪.‬‬

‫وحدة اجلسد‬
‫َ‬
‫أ ّول آيــة أريــد أن نلــي نظرة عليهــا يه يف رســالة كورنثوس األوىل‪:‬‬
‫اع َت َم ْدنَــا إ َل َج َســد َ‬
‫ْ‬ ‫َْ ً‬ ‫وح َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ِيع َنــا ب ُ‬
‫ِــد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ِــد‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ــر‬‫ِ‬ ‫«ألننــا ج‬
‫‪7‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً َْ َ ْ َ ً َ َُ ُ‬ ‫َ ُ ً ُ َّ َ ْ ُ َ ِّ َ َ‬
‫ارا‪َ ،‬وجِيعنــا ســ ِقينا ُروحــا‬‫ــن‪ ،‬عبِيــدا أم أحــر‬‫يهــودا كنــا أم يونان ِي‬
‫ً‬
‫َواحِــدا‪1( ».‬كورنثــوس ‪)13 :12‬‬

‫حتتــاج تلــك اآليــة إىل يشء مــن اإليضــاح‪ ،‬فقــد شــعر كثــرون‬
‫بمشــلة جتــاه تلــك اآليــة بســبب أهــواء املرتمجــن وميوهلــم‪ ،‬وتتمــز‬
‫هــذه اآليــة بتكرارهــا للكمــة «واحــد» ثــاث مــرات‪ .‬ويه أقــر لكمــة‬
‫ولكنهــا يف ذات الوقــت أهــم لكمــة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬
‫جيــدا تلــك اآليــة إن لــم نــدرك أن تركــز‬ ‫ال يمكننــا أن نقــدر‬
‫ْ‬
‫الرســول بولــس لــم يكــن ُمن َص َّبًــا باألســاس ىلع عقيــد ٍة مــا بــل ىلع‬
‫اســا كثرييــن بيننــا ممــن َح َصلــوا ىلع‬ ‫وحــدة جســد املســيح‪ ،‬فــإن أنُ ً‬

‫بركــة معموديــة الــروح القــدس اقتــرت فائدتهــم ىلع املســتوى الفردي‬


‫أن نتذكــر ً‬‫ْ‬
‫دائما أن هــدف اهلل‬ ‫فقــط مــن ذلــك االختبــار‪ ،‬ولكــن البــد‬
‫األســى مــن وراء منحنــا معموديــة الــروح القــدس هــو وحــدة جســد‬
‫ُ ّ‬
‫املســيح‪ .‬يف كثــر مــن األحيــان ال نركــز ىلع التسلســل اذلي يقصــده‬
‫َ‬
‫نيــد عــن املبــدأ األســايس املتعلــق‬
‫اهلل يف اتلعليــم واإلعــان ألننــا ِ‬
‫باملعموديــة بالــروح القــدس‪.‬‬
‫كنــت ُم ً‬
‫علمــا لليونانيــة يف جامعــة كمربيــدج‪ ،‬ودرســت ايلونانيــة‬
‫منــذ كنــت يف العــارشة مــن عمــري‪ ،‬من هــذا املنظــور فإنين أجتــارس أن‬
‫ُ‬
‫أقــول إين أعــرف مــا أحتــدث عنــه‪ ،‬وال أشــك أن بعــض القــراء يعرفون‬
‫اللغــة ايلونانيــة ويمكنهــم الرجــوع ألي ترمجــة حرفيــة أو تفســر‬
‫‪8‬‬
‫مجيعًا بروح واحد اعتمدنا‬

‫يلتحققــوا مــن حقيقــة تعديــل الرتمجــة الــي أنــا مزمــع أن أضعهــا‪ ،‬وال‬
‫أطلــب منــك قبــول اتلعديــل البســيط بســبب خلفيــي اتلعليميــة‪ ،‬بــل‬
‫باحلــري أطلــب منــك أن تتحقــق مــن األمــر نلفســك‪.‬‬

‫يمكنني القـول أن (‪1‬كورنثـوس ‪ )13 :12‬اكن يمكـن أن تكـون‬


‫ُ‬
‫أكثر دقة لـو أنها ترمجت ىلع انلحـو اتلايل‪« :‬ألننـا يف روح واحد اعتمدنا‬
‫نلكـون يف جسـد واحـد‪ ...‬وأعطينا أن نشرب مجيعنا مـن روح واحد»‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬أن حــرف اجلــر املســتخدم يف اللغــة ايلونانيــة يعــي «يف»‬
‫وليــس «بـــ»‪ ،‬حيــث جنــد أن العديــد مــن اتلفســرات هلــذه اآليــة قائمة‬
‫ً‬
‫ىلع حــرف «بـــ» وهــو أمــر مؤســف قليــا‪.‬‬
‫ُ‬
‫«ي َعــ ِّ‬
‫ـمد»‬ ‫وفيمــا يتعلــق بالفعــل ايلونــاين «‪ ،»Baptizo‬واذلي يعــي‬
‫ال يوجــد ســوى حــريف جــر فقــط يمكــن أن يتبعــاه يف العهــد اجلديــد‬
‫ايلونــاين‪ ،‬أحدهمــا هــو «‪ ،»en‬واذلي يعــي «يف»‪ ،‬واآلخــر هــو «‪»eis‬‬
‫أي مــن حــروف‬‫واذلي يعــي «إىل‪ /‬لـــ‪ /‬حنــو» ‪ ،‬ولــم يتبــع هــذا الفعــل ُّ‬
‫اجلــر األخـ َ‬
‫ـرى يف العهــد اجلديــد‪.‬‬

‫تقــول اآليــة‪« :‬يف روح واحــد اعتمدنــا»‪ ،‬والفعــل «اعتمــد» يف زمــن‬


‫َ‬
‫املــايض ـ وليــس يف زمــن املضــارع اتلــام ـ يــدل يلع حــدث واحــد َوقــع‬
‫يف حلظــة معينــة يف خربتنــا املاضيــة وانتــى و ليــس مسـ ً‬
‫ـتمرا يف احلدوث‪،‬‬
‫فاآليــة ال تقــول‪ « :‬اعتمدنــا و مازنلــا نعتمــد» بــل تقــول‪« :‬اعتمدنــا» ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫معىن «اعتمدنا ألجل »‬


‫تقديــرا ً‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫تامــا‪ ،‬جيــب أن‬ ‫حــي يمكننــا أن نقــدر معــى اآليــات‬
‫نفكــر يف بعــض املقاطــع الكتابيــة املوازيــة هلــا يف العهــد اجلديــد‬
‫وبصفــة خاصــة فيمــا يتعلــق باســتخدام اللكمــات‪« :‬معموديــة لـــ» الــي‬
‫يه غريبــة إيل حــد مــا‪ ،‬فلعلــك قابلــت أوئلــك اذليــن يقولــون إنــه‬
‫ً‬
‫طبقــا ملــا تقــوهل تلــك اآليــات فأنــك إن لــم تعتمــد بالــروح القــدس‪،‬‬
‫ـوا يف جســد املســيح وذلــك إلظهــار قــوة هــذه اآليــة‪.‬‬‫فأنــت لســت عضـ ً‬
‫وأعتقــد أن هــذا شــئ ُ‬
‫يصعــب قــوهل‪ ،‬فأنــا أحــرم أمانــة هــؤالء اذليــن‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫وجوهريــا‪.‬‬ ‫فادحــا‬ ‫يقولــون تلــك اللكمــات ولكــي أعتقــد أن بهــا خطــأ‬
‫ُّ‬
‫وذللــك قبـــل أن أســـتفيض أكـــر‪ ،‬أود أن أوضــــح معــــى‬
‫(‪1‬كورنثــوس ‪ )13 :12‬وذلــك بالرجــوع إىل أربعــة أجــزاء أخــرى يف العهــد‬
‫اجلديــد حيــث يُســتخدم تعبــر «اعتمدنــا لـــ»‪ ،‬وبعــد ان تلــي نظــرة ىلع‬
‫تلــك املقاطــع أعتقــد أنــك ســتتفق مــي بشــأن أن لك حالــة اســتخدم‬
‫ّ‬
‫فيهــا الكتــاب املقــدس تعبــر «اعتمدنا لـــ» ‪،‬فــإن الشــخص اذلي اعتمد‬
‫بالفعــل هــو «يف» أي يعيــش تلــك احلالــة الــي «اعتمــد هلــا» ‪.‬‬

‫اعتمدنا للتوبة‬
‫ََ‬
‫أول مــان يُســتخدم فيــه هــذا اتلعبــر هــو (مــى ‪« )11 :3‬أنــا‬
‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ َ ِّ ُ ُ ْ َ‬
‫ــم بِمــا ٍء ل ِلت ْوبــةِ»‪ ،‬ويه حرفيًــا «للتوبــة»‪ .‬هــل هــذا يعــي أن‬ ‫أعمدك‬

‫‪10‬‬
‫مجيعًا بروح واحد اعتمدنا‬

‫انلــاس اذليــن عمدهــم يوحنــا لــم يتوبــوا مــن قبــل أو لــم يكونــوا يف‬
‫ّ‬
‫حالــة مــن اتلوبــة؟ باتلأكيــد ال‪ .‬وســيتضح لــك هــذا‪ ،‬إذا قــرأت اآليتــن‬
‫الســابقتني تللــك اآليــة حيــث يقــول‪:‬‬
‫ِّ َ َ َّ ُّ ِّ َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ِــن الْ َف ِّ‬ ‫«فلَ َّمــا َر َأى َكثري َ‬
‫يــن م َ‬ ‫َ‬
‫ــن يأتــون إِل‬ ‫يســيني والصدوقِي‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــم َأ ْن َت ْه ُر ُبــوا م َ‬
‫ِــن‬ ‫اك ْ‬‫َ َ َُ ْ َ َْ ََ ََ ِ َ ْ ََ ُ‬
‫معمودِيتِــ ِه‪ ،‬قــال لهم‪:‬يــاأوالد األفــاع‪ ،‬مــن أر‬
‫َ ْ ُ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ ً َ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫َْ َ‬
‫ــارا تلِيــق بِاتلَّ ْوبــةِ‪( ».‬مــى ‪.)8 – 7 :3‬‬ ‫اآلت؟ فاصنعــوا أثم‬‫الغضــب ِ‬
‫َْ‬
‫بمعىن آخـر يقول يوحنا املعمـدان‪« :‬أظ ِهروا مـن خالل حياتكم‬
‫ُْ‬
‫أنكم قـد تبتُم وعندها سـآخذ أمر تعميدكم بعين االعتبار»‬
‫َ‬ ‫مــن الواضــح ً‬
‫تمامــا أن يوحنــا املعمــدان ع َّمــد انلــاس اذليــن‬
‫ً‬
‫اعتقــد أنهــم تابــوا بالفعــل‪ ،‬وقــد اكنــت معموديتــه هلــم ديلــا خارجيًــا‬
‫َ‬
‫ىلع اعرتافــه بتوبتهــم‪ ،‬ولــو أنــه اعتقــد أنهــم لــم يتوبــوا‪ ،‬ملــا ع َّمدهــم‪.‬‬

‫معمودية لغفران اخلطايا‬

‫ثم جنـــد إجابة الرســــول بطـرس عــىل ســــؤال اجلمــوع اذليــن‬


‫ّ‬
‫بكتهــم الــروح القــدس بعــد انســابه عليهــم يف يــوم اخلمســن‪:‬‬
‫َ‬
‫ـرس َول ِســــائ َِر‬
‫ُْ ُ َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫ـم‪َ ،‬وقالــــوا ِلطـــ‬
‫ُُ‬ ‫«فلَ َّما َســ ِم ُعوا ُن ُ‬
‫ِســــوا ِف قلوب ِ ِهـــ‬
‫َ‬
‫ْ َ ُ ََ َ َُ ْ ُْ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ِّ َ ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫ُّ ُ‬
‫ـرس‪ :‬توبــوا‬ ‫اإلخــوة؟» فقــال لهــم بطـ‬ ‫ِ‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬‫ج‬‫الر‬ ‫ـا‬‫ـ‬‫ه‬ ‫ـل‪«:‬ماذا نصنــع أي‬ ‫ِ‬ ‫الرسـ‬
‫َْ َ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ ُ ْ ََ ْ َُ َ َْ‬ ‫ْ ْ َ ْ ُ ُّ‬
‫ان الطايــا‪،‬‬ ‫ـم يســوع الم ِســيحِ ل ِغفــر ِ‬‫ـد مِنكــم ع اسـ ِ‬ ‫َو َلعت ِمــد ك َوا ِ‬
‫حـ ٍ‬

‫‪11‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫َ َّ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫َََُْ‬
‫وح القــد ِس‪( ».‬أعمــال ‪.)38 – 37 :2‬‬ ‫فتقبلــوا ع ِطيــة الــر‬

‫وعبــارة «يلعتمــد‪ ...‬لغفــران اخلطايــا» يف ايلونانيــة تعــي حرفيــا‬


‫ُ‬
‫«يلعتمــد‪ ....‬لغفــران اخلطايــا»‪ ،‬فهــل هــذا يعــي أن خطاياهــم لــم تغفــر‬
‫قبــل أن يعتمــدوا؟ ال‪ ،‬إذ أن هــذا يتناقــض مــع لك تعليــم العهــد اجلديد‪.‬‬
‫ُ‬
‫فقــد غفــرت خطاياهــم عندمــا تابــوا وآمنــوا بيســوع املســيح‪ ،‬ثــم‬
‫اعتمــدوا كشــهادة خارجيــة ىلع أن الرســل اعرتفــوا بأنهــم قــد أوفــوا لك‬
‫الــروط‪ .‬ومــرة أخــرى اكنــوا بالفعــل «يف» أي يعيشــون احلالــة الــي‬
‫اعتمــدوا هلــا‪.‬‬

‫معمودية للمسيح‬

‫ثاثلًا‪ :‬انظر إىل ما ييل من الرسالة إىل غالطية‬


‫ِكي نَتَ َ َّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً َ ْ َ َ َّ ُ ُ‬
‫ـان‪.‬‬
‫َ‬
‫اإليم ِ‬ ‫برر ب ِ ِ‬ ‫ـوس ُم َؤ ِّد َب َنـا إِل ال َم ِسـيحِ ‪ ،‬ل َ ْ‬ ‫«إِذا قـد كن انلام‬
‫ُ ْ َ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫ـم جِيعـا‬ ‫اإليمـان‪ ،‬لسـنا بعـد تـت مؤد ٍب‪.‬ألنك‬ ‫ـد َمـا َج َ‬
‫ـاء‬ ‫كـن بع‬ ‫َول ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ َّ ُ َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ ُ ْ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫أ ْب َن ُ‬
‫ان بِالم ِسـيحِ يسـوع‪ .‬ألن كك ُم الِين اعتمدتم بِالم ِسـيحِ‬ ‫اإليم ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫اء‬
‫َ‬ ‫َ ْ ُُ َْ‬
‫( يف األصـل ايلوناين للمسـيح) لبِسـتم الم ِسـيح‪( »:‬غالطيـة ‪.)27 – 24 :3‬‬

‫الحـظ مـرة أخـرى أن الرتتيـب واضح وحاسـم‪ ،‬فيف آيـة ‪ 26‬نرى‬


‫ً‬
‫أن هنـاك حالـة واحـدة فقط يمكـن أن جتعل الشـخص ابنـا هلل ويه‬
‫ُ ْ‬
‫اإليمـان المخلِـص بيسـوع املسـيح‪ ،‬وأي تعليـم عكس هذا هـو تعليم‬

‫‪12‬‬
‫مجيعًا بروح واحد اعتمدنا‬

‫َ ْ َ َّ ْ َ َّ َ ُ ُ َ ُ‬
‫الـق أقول لك ْم‪:‬‬ ‫زائـف وخاىطء‪ .‬يف (يوحنا ‪ )47 :6‬قال يسـوع‪« :‬الق‬
‫َ ْ ُ ْ ُ َ َ ُ َ َ ٌ َ َ َّ ٌ‬
‫ِـن ِب فلـه حيـاة أبدِيـة‪ ،».‬ويمكـن ترمجة هذا املقطع بشكل‬ ‫مـن يؤم‬
‫يف فلـه حيـاة أبديـة» وهذا هـو اتلعليـم اذلي‬ ‫أكثر دقـة‪« :‬مـن يؤمـن َّ‬
‫ً‬
‫مطلوبا من‬ ‫نـادى بـه مارتن لوثـر وهو اتلربيـر باإليمان فقـط‪ ،‬فليـس‬
‫فعال بيسـوع املسـيح ليك يصبـح ابنًا هلل‪.‬‬ ‫املـرء يشء سـوى اإليمـان الَ ّ‬

‫َ َّ ُ َّ ُ ُ َّ َ ْ َ َ ْ ُ ْ ْ َ‬ ‫ً‬
‫يواصـل بولس كالمه قائلا‪« :‬ألن ككم الِيـن اعتمدتم بِال ِ ـيحِ‬
‫س‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َْ‬
‫قـد لبِسـت ُم الم ِسـيح» (غالطيـة ‪ )27 :3‬الحـظ أنهـم اكنـوا فــي املسـيح‬
‫بالفعـل‪ ،‬ثـم اعتمدوا للمسـيح اكعتراف أنهم اكنوا فــي املسـيح‪.‬‬

‫املعمودية ملوت املسيح‬


‫وأخريا‪ ،‬نقرأ ما ييل يف اإلصحاح السادس من رسالة رومية‪:‬‬ ‫ً‬

‫ْ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َّ َ ُ ْ َ َ‬
‫ـن ال ِطيةِ‪ ،‬كيـف ن ِعيش بعـد فِيها؟‬ ‫«حاشـا! نـن الِين متنـا ِ‬
‫ع‬
‫ْ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ‬
‫سـيحِ اعتمدنـا ل ِموت ِ ِه‪ ،‬فدف ِنا‬ ‫أم تهلـون أننا ك م ِن اعتمد ل ِيسـوع الم ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـيح م َِن األم َ‬ ‫َ َّ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ات‪ ،‬بِمج ِد‬ ‫ِ‬ ‫ـو‬ ‫س‬
‫ت‪ ،‬حت كما أقِيم ال ِ‬
‫م‬ ‫معـه بِالمعمودِيـ ِة ل ِلمو ِ‬
‫َّ ْ َ َ‬ ‫َ َ َْ ُ ُ َْ ُ َْ ً‬
‫جدة ِ اليـاة ِ؟» (رومية ‪)4 – 2 :6‬‬ ‫اآلب‪ ،‬هكـذا نسـلك نن أيضـا ِف ِ‬ ‫ِ‬

‫يف هــذا اجلــزء‪ ،‬جنــد عبــارة «اعتمــد لـــ» مســتخدمة لتشــر إىل‬
‫ّ‬ ‫االعتمــاد ملــوت يســوع املســيح‪ ،‬ومــن هــذا ُ‬
‫المنطلــق حتــدث بولــس‬
‫َ ُ َّ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ت»‪.‬‬
‫ـن عندمــا قــال «فدف ِنــا معــه بِالمعمودِيـ ِة ل ِلمــو ِ‬
‫عــن املعموديــة كدف ٍ‬
‫ـ‬
‫ً‬ ‫َ ْ‬ ‫واضحــا ً‬
‫ً‬
‫شــخصا لــي‬ ‫ندفــن‬ ‫تمامــا أننــا ال‬ ‫جيــب أن يكــون‬
‫‪13‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ّ‬
‫جنعلــه ميتًــا‪ ،‬فهــذه فكــرة مزعجــة للغايــة! يف الواقــع إن دفننــا لشــخص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يمثــل اعرتافــا بــأن الشــخص ميــت بالفعــل‪ ،‬وهكــذا فــإن املعموديــة‬
‫المعت ِمــد ميتًــا عــن اخلطيــة‪ ،‬ولكنهــا‬
‫ملــوت املســيح ال جتعــل الشــخص ُ‬
‫اعــراف علــي بــأن حالــة املــوت هــذه قــد ُوجــدت بالفعــل يف هــذا‬
‫الشــخص مــن خــال اإليمــان بمــوت املســيح وقيامتــه‪.‬‬
‫َّ‬
‫بهــذا نكــون قــد رأينــا نفــس ادلرس أربــع مــرات‪ ،‬ويف لك حالــة‬
‫مــن هــذه احلــاالت وجدنــا أن معــى اعتمــاد الشــخص ألي حالــة هــو‬
‫اعــراف علــي بــأن هــذا الشــخص هــو بالفعــل «يف» أي يعيــش هــذه‬
‫احلالــة‪ ،‬وهــذا األمــر واضــح ً‬
‫تمامــا يف احلــاالت األربــع الــي ذكرناهــا‪.‬‬

‫املعموديــة تعــي االعتــراف باالنضمــام إىل جســد‬


‫املســيح وتعــزز الوحــدة يف اجلســد‬
‫مرة أخرى نقرأ من رسالـة بولس األوىل إىل كنيسة كورنثوس‬
‫اع َت َم ْدنَــا إ َل َج َســد َ‬
‫ْ‬ ‫َْ ً‬ ‫وح َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ِيع َنــا ب ُ‬
‫ِــد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ِــد‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ــر‬‫ِ‬ ‫«ألننــا ج‬
‫َ ُ ً‬ ‫ً ْ ْ َ ً ََ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ً ُ َّ َ ْ ُ ِّ َ َ‬
‫َ‬
‫يهــودا كنــا أم يونان ِيــن‪ ،‬عبِيــدا أم أحــرارا‪ ،‬وجِيعنــا ســ ِقينا روحــا‬
‫ً‬
‫َواحِــدا» (‪1‬كورنثــوس ‪.)13 :12‬‬

‫يمكننــا أن نــرى اآلن معــى هــذا اجلــزء يف ضوئــه احلقيــي‪ ،‬فنحــن‬


‫بالفعــل يف جســد املســيح ‪ ،‬وتعــرف املعموديــة يف الــروح القــدس بهــذا‬
‫ـرا علنيًــا أكــر‪ ،‬وخدمتنــا أكــر‬
‫بــل وجتعــل عضويتنــا يف اجلســد أمـ ً‬

‫‪14‬‬
‫مجيعًا بروح واحد اعتمدنا‬

‫ً‬
‫مجيعــا أن «نعتمد لـــ» وحدة‬ ‫تأثـ ً‬
‫ـرا‪ ..‬فبمعموديــة الــروح القــدس يمكننــا‬
‫اجلســد‪ ،‬وهــذا هــو اهلــدف مــن املعموديــة يف الــروح‪ ،‬فنحــن يف جســد‬
‫املســيح ً‬
‫تمامــا مثلمــا اكن هــؤالء اذليــن عمدهــم يوحنــا بالفعــل يف حالة‬
‫َ‬
‫اتلوبــة‪ ،‬وكمــا اكن أيضــا هــؤالء اذليــن يف يــوم اخلمســن قــد غفــرت‬
‫خطاياهــم‪ ،‬ومثلمــا اكن انلــاس اذليــن تشــر هلــم رســالة غالطيــة «يف‬
‫ً‬
‫املســيح»‪ ،‬وكمــا اكن هــؤالء املذكــورون يف رســالة روميــة بالفعــل أمواتــا‬
‫عــن اخلطيــة قبــل أن يدفنــوا باملعموديــة ملــوت املســيح‪.‬‬

‫هكــذا‪ ،‬فنحــن بالفعــل يف جســد املســيح‪ ،‬ولكــن املعموديــة‬


‫يف الــروح القــدس يه ختــم خــارق للطبيعــة يُ َ‬
‫عطــى لــل مؤمــن يلع‬
‫انفــراد ويعــرف بــه يســوع املســيح كعضــو وجــزء يف جســده‪.‬‬

‫فاملســيح وحــده هــو اذلي يمكــن أن يمنــح هــذا اخلتــم اخلــارق‬


‫َ َ‬ ‫للطبيعــة‪ .‬اعتمــد كثـ ٌ‬
‫ـر مــن انلــاس يف املــاء ولكــن يوحنــا قــال‪« :‬فهذا‬
‫ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ ِّ ُ‬
‫وح القــد ِس» (يوحنــا ‪ ،)33 :1‬ال يوجــد أي شــخص‬ ‫ـو الِي يعمــد بِالــر‬
‫هـ‬
‫ُ‬
‫آخــر يف لك الكتــاب املقــدس أعطــي هــذا االمتيــاز ســوى يســوع‬
‫املســيح وحــده‪ ،‬واذلي بــه يعــرف بعضويــة الشــخص يف جســــده‪،‬‬
‫ويضــع اخلتــم الرســويل ىلع املؤمنــن اذليــن ينالونــه‪.‬‬
‫تذكــر ً‬
‫دائمــا أن اهلــدف األســايس مــن معموديــة الــروح القــدس هو‬
‫“وحــدة جســد املســيح”‪ .‬وهــذا يتحقــق مــن خــال أن جنعــل أعضــاء‬
‫اجلســد وكالء فعالــن يعملــون ىلع وحــدة ( وليــس إنقســام ) اجلســد‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪16‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫طبيعة اإلختبار‬

‫دعونــا اآلن نفكــر يف طبيعــة اختبــار املعموديــة كمــا يصفــه‬


‫الكتــاب املقــدس وليــس كمــا يتحــدث عنــه ابلعــض يف شــهاداتهم‪.‬‬

‫عندمــا كنــت أعــظ يف كوبنهاجــن‪ ،‬أىت ّ‬


‫إيل شــاب وقــال يل‪« :‬لقــد‬
‫تكلمــت بألســنة‪ ،‬وقــد حــدث هــذا عندمــا كنــت بمفــردي‪ ،‬فهــل‬
‫تعتقــد أنــي قــد اعتمــدت يف الــروح القــدس؟»‪.‬‬

‫قلــت‪« :‬نعــم‪ ،‬أعتقــد هــذا‪ ،‬وال أرى أن هنــاك حاجــة ألى ديلــل‬
‫آخــر‪ ،‬إن كنــت قــد تكلمــت بألســنة كمــا أعطــاك الــروح أن تنطــق»‪.‬‬

‫فقــال‪« :‬حســنًا‪ ،‬ولكــي أينمــا أســمع اآلخريــن يتحدثــون عــن‬


‫هــذا االختبــار‪ ،‬أجدهــم ً‬
‫دائمــا يتلكمــون عــن تلــك املشــاعر الرائعــة‬
‫الــي شــعروا بهــا مــن فــرح وســام‪ ،‬ولكــي لــم أشــعر بــأي مشــاعر‬
‫ممــزة»‪.‬‬
‫َ َّ‬
‫أجبتــه‪« :‬ال تســمح نلفســك أن ت ِضــل بســبب شــهادات انلــاس‪.‬‬
‫فعندمــا يتلكــم الكتــاب املقــدس عــن معموديــة الــروح القــدس‪ ،‬ال‬
‫جتــده يشــر يف أي مــرة ألي نــوع مــن أنــواع املشــاعر ىلع اإلطــاق»‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫بالطبــع إنهــا غريــزة طبيعيــة يف البــر أن يصيغــوا الطريقــة الــي‬


‫أثــر بهــا هــذا االختبــار عليهــم‪ ،‬ولــو حــدث أن مشــاعرنا اكنــت‬
‫متحفــزة للغايــة فــإن هــذا هــو مــا ســركز عليــه‪ ،‬ولكــن ليــس هــذا‬
‫مــا يركــز عليــه الكتــاب املقــدس‪ .‬يمكنــك أن تتحقــق مــن ذلــك‬
‫ُّ‬
‫ختــص املشــاعر يف األجــزاء‬ ‫بنفســك لــرى أنــه ال توجــد أي إشــارة‬
‫الــي تتحــدث عــن معموديــة الــروح القــدس»‪.‬‬

‫ولكــن هذا ال يعـــي أن تقفـــز بنفســك تلصل إىل نتيجــة خاطئة‪،‬‬


‫فأنــا ال أجــادل ضــد املشــاعر‪ .‬ألن املشــاعر جــزء مــن اتلكويــن‬
‫اإلنســاين‪ ،‬ولــو لــم تتغــر مشــاعر الشــخص فمعــى ذلــك أنــه لــم‬
‫يعـــرف الرب بالاكمـــل‪ .‬باتلأكيـــد أؤمن أنه جيـــب أن تتغري مشـــاعرنا‬
‫و تصبــح جـ ً‬
‫ـزءا مــن اختبـــارنا املســـييح بالاكمــل‪ ،‬ولكــن املشــاعر‬
‫ليســت يه األســاس عنــد اإلشــارة إىل معموديــة الــروح القــدس‪.‬‬

‫بمــاذا خيربنــا الكتــاب املقــدس عــن قبــول الــروح القــدس؟ أعتقد‬


‫ً‬
‫أن الكتــاب املقــدس يســتخدم شــلني أو صورتــن مــن اللكمــات‪ ،‬أول‬
‫نقــرأ عــن “املعموديــة”‪ .‬يف العهــد اجلديــد اســتُخدمت هــذه اللكمــة‬
‫مقرونــة بالــروح القــدس ســبع مــرات‪ ،‬وهــو رقــم كبــر اىل حــد مــا‪.‬‬
‫المســتخدمة يه «رشب أو ســى» فــإذا وضعنــا هاتــن‬ ‫واللكمــة األخــرى ُ‬
‫الصورتــن ً‬
‫معــا‪ ،‬ستتشــل دلينــا صــورة اكملــة مــن الكتــاب املقــدس‬
‫عــن اختبــار املعموديــة بالــروح القــدس‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫طبيعة اإلختبار‬

‫معمـوديــة‬

‫املعمودية يه غمر‪ ،‬وهذا الغمر يأيت من فوق‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ـرا للجــدل‪ ،‬ولكــي قضيــت ً‬ ‫ال أود أن أكــون مثـ ً‬
‫يوما اكمــا متنقل‬
‫ً‬
‫بــن مكتبــات جامعــة كمربيــدج باحثــا يف تاريــخ لكمــة «يعمــد»‪،‬‬
‫وتتبعتهــا مــن القــرن اخلامــس قبــل ميــاد املســيح حــى القــرن اثلــاين‬
‫بعــد مــيء املســيح‪ ،‬ووجــدت أن تعريــف لكمــة “معموديــة” لــم يتغــر‬
‫أبـ ً‬
‫ـدا‪ ،‬فــي ً‬
‫دائمــا تعــي «يغمــر»‪.‬‬

‫حنــن ال نتحــدث هنــا عــن معموديــة املــاء‪ ،‬بــل عــن معموديــة‬


‫الــروح القــدس‪ ،‬أي حلــول روح اهلل مــن فــوق ىلع املؤمــن لــي يغمــره‬
‫بأجــواء الســماء‪ .‬هــذا جانــب واحــد مــن االختبــار‪ ،‬فنقــرأ يف ســفر‬
‫األعمــال‪:‬‬
‫ُ‬
‫ال ِميـــع (اتلالميـــذ ومـن يتبعـون‬ ‫ـن َك َن ْ َ‬
‫ال ْمســ َ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ‬
‫«ولما حض يوم‬
‫َ َ َ َ ََْ ً َ ّ َ َ َ ْ ٌ‬ ‫ًَ َْ‬
‫ـس َواحِــــد ٍة‪ ،‬وصــار بغتــة ِمــن الســــماءِ صــــوت‬ ‫يســــوع) معــا بِنفـــ ٍ‬
‫َْ ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ ْ‬ ‫ْ ُُ‬ ‫َ َ‬
‫ـت حيــــث كنـــوا‬
‫اليـ ِ‬ ‫ـح ع ِصفـ ٍة ومــأ ك‬ ‫ـوب ِريـــ ٍ‬ ‫كمــــا مــِــن هبـــ ِ‬
‫ـن» (أعمــال ‪.)2 ،1 :2‬‬ ‫َجال ِســـ َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫اكن اجلــو لكــه حــول املؤمنــن ممتلئًــا بالــروح القــدس‪ ،‬وقــد غمروا‬
‫مــن فــوق بقــوة خارقــة للطبيعــة وحبضــور اهلل اخلــارق للطبيعة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫دعونا ننتقل حلدث آخر‪....‬‬


‫َ َْ َ َ ْ َ ََ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُّ ُ ُ َّ َ ُ ُ َ َ َ َّ َّ‬
‫ِيم أن الســام َِرة قد قبِلــت كِمة‬ ‫«ولمــا سـ ِمع الرســل الِيــن ِف أورشـل‬
‫ـزالَ َصلَّ َيــا ألَ ْجلِهــمْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الليــن لمــا نـ َ‬‫َّ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ ْ ُ ْ ُ َ َ ُ َ َّ‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـا‪،‬‬
‫ـ‬ ‫ن‬ ‫اهللِ‪ ،‬أرســلوا إِل ِهــم بطــرس ويوح‬
‫ُّ َ ْ ُ ُ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َّ َ ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ ََُْ‬
‫لِـ ْ‬
‫ـي يقبلــوا الــروح القــدس‪ ،‬ألنــه لــم يكــن قــد حــل بعــد ع أحـ ٍ‬
‫ـد‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِّ َ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـم‪ ،‬غـ ْ َ ُ ْ‬‫م ِْن ُهـ ْ‬
‫ـذ َوضعــا‬ ‫ـم الــرب يســوع‪ .‬حِينئِـ ٍ‬ ‫ـر أنهــم كنــوا معت ِمدِيــن بِاسـ ِ‬
‫ُّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َْ ْ ََ ُ‬
‫ـروح القــدس‪( ».‬أعمــال ‪.)17 – 14 :8‬‬ ‫ـم فقبِلــوا الـ‬‫األيــادِي علي ِهـ‬
‫َ َّ ُ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َّ َ ْ ُ َ َ َ َ‬
‫ـد‬‫الحــظ هــذه العبــارة‪« :‬ألنــه لــم يكــن قــد حــل بعــد ع أحـ ٍ‬
‫م ِْن ُهـ ْ‬
‫ـم» تزامــن قبــول أهــل الســامرة للــروح القــدس مــع حلــول الــروح‬
‫القــدس عليهــم مــن فــوق‪.‬‬

‫ثــم جنــد يف اإلصحــاح العــارش مــن ســفر أعمــال الرســل‪ ،‬بطــرس‬


‫يبــر كرنيليــوس باإلجنيــل‪ ،‬وهــو قائــد مائــة رومــاين خيــاف اهلل‪ ،‬مــع‬
‫بعــض أقربائــه وأصدقائــه املقربــن فنقــرأ‪:‬‬
‫ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُُ‬ ‫ــر ُس َي َت َك َّ ُ‬ ‫َ‬
‫«ف َبيْ َن َمــا ُب ْط ُ‬
‫الــروح القــدس ع‬ ‫ــور حــل‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ــم بِهــ ِذه ِ األ‬
‫َّ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ ُ َ َّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـن ِمــن‬ ‫جِيــعِ الِيــن كنــوا يســمعون الكِمــة‪ .‬فاندهــش المؤمِنــون الِيـ‬
‫ُ ُّ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َّ َ ْ َ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ـان‪ ،‬ك مــن جــاء مــع بطــرس‪ ،‬ألن موهِبــة الــروح القــد ِس‬ ‫ـل ال ِتـ ِ‬ ‫أهـ ِ‬
‫َ َّ ُ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫َْ َ َ ْ ََ َُ َْ ً‬ ‫َ‬
‫ــم أيضــا‪ .‬ألنهــم كنــوا يســمعونهم يتكمــون‬ ‫قــ ِد انســكبت ع األم ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ ِّ ُ َ‬
‫بِأل ِســن ٍة َويعظمــون اهللَ‪( ».‬أعمــال ‪.)46 – 44 :10‬‬

‫الحــظ أن الــروح القــــدس «ــحــل» و«انســكب» عليهــم‪ .‬تصــف‬


‫‪20‬‬
‫طبيعة اإلختبار‬

‫تلــك العبــارات ســكيبًا يــأيت مــن فــوق‪ ،‬والكتــاب املقــدس يســتخدم‬


‫نفــس املصطلحــات الوصفيــة بطريقــة ثابتــة و مســتمرة ‪.‬‬

‫حتــدث بطــرس عــن هــذا الغمــر لزمالئــه يف أورشــليم اذليــن‬


‫ً‬
‫تفســرا لســلوكه غــر املألــوف بذهابــه إىل األمــم‬ ‫دعــوه لــي يُقــدم‬
‫وتبشــرهم‪ ،‬فأخربهــم فيمــا معنــاه‪« :‬حســنًا‪ ،‬مــاذا كنــت ألفعــل؟ ففيمــا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنــا أتكلــم حــل الــروح القــدس عليهــم كمــا حــل علينــا يف ابلــدء‪،‬‬
‫ـن أنــا حــى يمكنــي أن أقــاوم اهلل؟ إذ أعطاهــم نفــس املوهبــة الــي‬‫َف َمـ ْ‬

‫انســكبت علينــا»‪.‬‬
‫وهكــذا‪ ،‬فــإن لك تلــك املصطلحــات مرتبطــة ً‬
‫معــا “املعموديــة‪،‬‬
‫حلــول الــروح‪ ،‬قبــول الــروح‪ ،‬موهبــة الــروح” فهــم ببســاطة أســايلب‬
‫خمتلفــة لوصــف هــذا االختبــار ‪.‬‬

‫وجنــد موقــف مشــابه هلــذا يف ســفر األعمــال اإلصحــاح ‪ 19‬حيــث‬


‫رشح بولــس اإلجنيــل للتالميــذ يف أفســس‪:‬‬
‫َ َ ُ ُ ُ‬ ‫َّ ِّ َ ُ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫ـرب يســوع‪َ .‬ولمــا َوضــع بولــس‬ ‫ـم الـ‬
‫«فلمــا س ـ ِمعوا اعتمــدوا بِاسـ ِ‬
‫َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َّ ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َ َ ْ ْ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ ُ َ‬
‫ـات‬
‫يدي ـ ِه ُعلي ِهــم حــل الــروح القــدس علي ِهــم‪ ،‬فط ِفقــوا يتكمــون بِلغـ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫َويتنبــأون‪( ».‬أعمــال ‪.)6 – 5 :19‬‬

‫الحــظ عبــارة «حــل الــروح القــدس عليهــم»‪ .‬يمكنــك أن جتــد‬


‫هــذه الصــورة موصوفــة يف أماكــن أخــرى حيــث انــي لــم ّ‬
‫أتطرق‬
‫‪21‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫إىل لك املراجــع‪ ،‬ولكــي ســعيت إىل توضيــح هــذه الصــورة ىلع أنهــا‬
‫اجلانــب األســايس مــن االختبــار‪ ،‬فمعموديــة الــروح القــدس يه‬
‫عبــارة عــن حلــول خــارق للطبيعــة للــروح القــدس ىلع املؤمــن‬
‫يلغمــره ال يف املــاء بــل يف «‪« »Shekinah‬شــكينة» جمــد حضــور اهلل‪.‬‬
‫ْ‬
‫عنــد هــذه املرحلــة‪ ،‬أختيــل أن هنــاك بعــض انلــاس يقولــون‪« :‬إن‬
‫ســفر أعمــال الرســل هــو جمــرد ســفر تاريــي‪ ،‬فــا يمكننــا أن نســتيق‬
‫منــه تعايلــم عــن معمودي ـ ٍة الــروح القــدس» ولكــن الرســول بولــس‬
‫يعلمنــا‪:‬‬
‫َ ٌ َّ ْ‬ ‫ُ َ ُ ً‬ ‫ُ ُّ ْ َ‬
‫ـم َواتلَّ ْوبِيــخِ ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ـاب هــو مــوح ب ِـ ِه ِمــن اهللِ‪َ ،‬ونافِــع ل ِلتعلِيـ ِ‬
‫«ك الكِت ْـ ِ‬
‫ــر»‪2( .‬تيموثــاوس ‪.)16 :3‬‬ ‫يــم َواتلَّأدِيــب َّالِي ف ال ْ ِّ‬ ‫َّ ْ‬
‫ل ِلتق ِو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫«لك الكتــاب‪ ....‬نافــع للتعليــم»‪ ،‬وبمــا أن ســفر أعمــال الرســل‬
‫جــزء مــن الكتــاب املقــدس‪ ،‬إذن فهــو نافــع للتعليــم‪ ..‬يقــدم‬
‫الكتــاب املقــدس اتلعليــم بطريقتــن ‪ :‬الطريقــة األوىل وصايــا أو‬
‫حقائــق والطريقــة اثلانيــة رسد الختبــارات أو أحــداث‪ .‬وعندمــا‬
‫جنمــع مــا بــن االثنــن جنــد أن األحــداث والروايــات تتــاىق‪،‬‬
‫وبذلــك يكــون دلينــا فكــرة واضحــة عمــا يتحــدث عنــه الكتــاب‬
‫ّ‬
‫املقــدس ألن دلينــا لك املعلومــات‪.‬‬
‫ُّ ْ‬
‫هــذا املبــدأ يماثــل فكــرة «لعبــة اللغــز املتشــابكة املعقــدة» الــي‬

‫‪22‬‬
‫طبيعة اإلختبار‬

‫عليــك أن جتمعهــا ً‬
‫معــا مــع وجــود جــزء واحــد مفقــود‪ ،‬وعندمــا جتــد‬
‫تمامــا ماكنــه وعندهــا يمكــن أن تضغــط‬‫هــذا اجلــزء فأنــه يناســب ً‬
‫عليــه وتضعــه يف ماكنــه‪ .‬هكــذا األمــر ً‬
‫أيضــا مــع معموديــة الــروح‬
‫القــدس‪ ،‬فاتلعليــم واالختبــارات واألحــداث الــي يصفهــا ســفر‬
‫األعمــال مجيعهــا تتــاىق ً‬
‫معــا وعندمــا جتدهــا متوافقــة مــن لك الزوايــا‪،‬‬
‫تعلــم أنــك حققــت اهلــدف‪.‬‬

‫شرب ـ سقى‬
‫● أخذمت‬
‫إن املعموديــة ليســت جمــرد يشء حيــل علينــا ولكنهــا ً‬
‫أيضــا يشء‬
‫ََ َُ‬
‫«وجِيعنــا‬ ‫نقبلــه يف داخلنــا‪ .‬قــال بولــس يف (‪ 1‬كورنثــوس ‪ )13 :12‬أنــه‬
‫ً‬
‫ِــدا‪ ،».‬وهــذا يتوافــق ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تمامــا مــع لكمــات يســوع يف‬ ‫ســ ِقينا ُروحــا َواح‬
‫إجنيــل يوحنــا‪:‬‬
‫َ‬
‫َ َ َُ ُ َ َ‬
‫ِـن ال ِعيـ ِد َوقـف يسـوع َونـادى‬
‫َ ْ‬
‫يـم م‬ ‫ظ‬
‫َْ‬
‫ع‬ ‫ال‬ ‫ِير‬ ‫ال ْ‬
‫ـو ِم‬ ‫«وف ْ َ‬‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫األ ِ‬
‫خ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ً ْ َ َ َ َ ٌ َ ْ ُ ْ ْ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫آم َ‬
‫ـن ِب‪ ،‬كمـا قـال‬ ‫ق ِائ ِلا‪«:‬إِن ع ِطـش أحـد فليقبِـل إِل ويشرب‪ .‬مـن‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍّ َ َ‬
‫ح»‪«،‬قال هـذا ع ِن الـر ِ‬ ‫ََْ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ َ ُ َْ‬
‫وح الِي‬ ‫ار مـا ٍء‬ ‫ـري مِـن بطنِـ ِه أنه‬ ‫الكِتـاب‪ ،‬ت ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َّ ُّ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ُْ ْ ُ َ‬
‫كن المؤمِنـون بِـ ِه مز ِم ِعين أن يقبلوه‪ ،‬ألن الروح القـدس لم يكن قد‬
‫ُ ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ِّ َ َ ْ ُ‬
‫ـم يكن قد مـد بعد‪( ».‬يوحنـا ‪.)39- 37 :7‬‬ ‫أع ِطـي بعـد ‪ ،‬ألن يسـوع ل‬

‫يشــر يســوع إىل عطيــة الــروح القــدس ملــن يؤمــن‪ ،‬ويقــارن‬


‫‪23‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ْ َ َ َ َ ٌ‬
‫قبــول هــذه العطيــة بمــن يــرب‪ ،‬حيــث قــال‪« :‬إِن ع ِطــش أحــد‪»...‬‬
‫َُْْ ْ‬
‫ـل إ ِ َ َّ‬
‫ل‬ ‫والــي تعــي‪« :‬إن اكن هنــاك مــن يتــوق يف قلبــه»‪ ،‬ثــم قــال‪« :‬فليقبِـ‬
‫ََ ْ َ ْ‬
‫ـرب» وكأنــه يقــول‪« :‬يلقبــل الــروح القــدس فيــه»‪.‬‬ ‫ويـ‬

‫● جتــري‬
‫عنــد هــذه املرحلــة حتــدث معجــزة عظيمــة ألن الشــخص‬
‫العطشــان أصبــح ً‬
‫نبعــا للمــاء الــي‪ ،‬فبعدمــا اكن ال جيــد مــا يكفيــه‬
‫ً‬
‫مصــدرا أو قنــاة إلمــداد الكثرييــن‪ ،‬عالقتــك باآلخريــن يه‬ ‫أصبــح‬
‫أحــد أهــداف املعموديــة بالــروح القــدس‪ ،‬ربمــا دليــك الكثــر اذلي‬
‫جيعلــك تذهــب إىل الســماء‪ ،‬لكــن ليــس دليــك مــا يكــي للعالــم‬
‫املحتــاج‪ ،‬فأنــت حباجــة إىل أنهــار تتدفــق يف حياتــك‪.‬‬
‫عندمــا خدمــت كمرســل يف رشق أفريقيــا‪ ،‬قابلــت أنـ ً‬
‫ـواع خمتلفــة‬
‫مــن انلــاس‪ :‬أفارقــة لــم يتلقــوا أي تعليــم ولــم تكــن هلــم أي ماكنــة‬
‫اجتماعيــة‪ ،‬أفارقــة متعلمني‪ ،‬هندوس آســــيويني‪ ،‬آســــيويني مســلمني‪،‬‬
‫وابليــض اذليــن اكنــوا يــرون أنفســهم يف كثــر مــن األحيــان أفضــل‬
‫مــن اآلخريــن‪ .‬وعندمــا تعاملــت مــع لك هــؤالء انلــاس‪ ،‬قلــت كمــا‬
‫ُُ‬ ‫ـو ُك ْفـ ٌ‬
‫ـن ُهـ َ‬
‫َ َ ْ‬
‫ـور؟»‬
‫ِ‬ ‫ـ‬‫م‬ ‫األ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ذ‬‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ـوء‬ ‫قــال بولــس يف (‪2‬كورنثــوس ‪« )16 :2‬ومـ‬
‫مــن اذلي يمكنــه أن يتعامــل مــع رجــل مــن رجــال القبائــل شــبه اعري‬
‫ً‬
‫و مــع آخــر أورويب يف مــزهل الفخــم؟ كيــف يمكــن أن نلتــي حقــا‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫آمـ َ‬
‫ـن ِب‪ ،‬كمــا قــال‬ ‫مــع انلــاس؟ يذكــرين اهلل بـــ (يوحنــا ‪« )38 :7‬مــن‬
‫‪24‬‬
‫طبيعة اإلختبار‬

‫ََْ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ َ ُ َْ‬


‫ـري ِمــن بطنِـ ِه [ليــس جمــرد نهــر مــاء يح بــل] أنهـ‬
‫ـار مــا ٍء‬ ‫الكِتــاب‪ ،‬ت ِ‬
‫ـ‬
‫َ ٍّ‬
‫ح» تلــك األنهــار اكفيــة للجميــع‪.‬‬

‫إن اتلدفــق اذلي يصحــب معموديــة الــروح القــدس أمــر منطــي‬


‫للغايــة‪ .‬كتبــت رســالة الزمالــة خاصــي عــن املنطــق‪ ،‬ومنــذ أن عرفت‬
‫دائمــا مــا أفــرح بالكتــاب املقــدس وأراه‬ ‫الــرب يســـوع وقبلتــه وأنــا ً‬
‫ً‬
‫أكــر الكتــب منطقيــة يف العالــم‪ ،‬فمنطقيتــه ال تنتــي‪ ،‬وال يوجــد‬
‫ضلَـ ِة الْ َقلْــب َي َت َكَّـ ُ‬
‫ـم‬
‫َ َّ ُ ْ َ ْ‬
‫فيــه أى خطــأ‪ .‬خيربنــا (مــى ‪« )34 :12‬فإِنــه ِمــن ف‬
‫ـادرا ىلع‬ ‫ـم‪ ».‬فعندمــا يمتلــئ القلــب للغايــة دلرجــة أنــه لــم يعــد قـ ً‬ ‫الْ َفـ ُ‬

‫األحتفــاظ بمحتوياتــه‪ ،‬أيــن يتدفــق؟ مــن خــال الفــم‪.‬‬

‫إن املعموديــة بالــروح القــدس يه امتــاء خــارق للطبيعــة ويه‬


‫َ‬
‫ايضــا تدفــق خــارق للطبيعــة‪ .‬كيــف تعــرف أن الــواعء امتــأ؟ عندمــا‬
‫يبــدأ يف اتلدفــق‪ .‬ال يمكنــي أن أرى مــا بداخــل قلبــك أو روحــك و‬
‫أنــت ً‬
‫أيضــا ال يمكنــك أن تــرى مــا بداخــي‪ .‬ولكــن عندمــا نــرى‬
‫ونســمع صــوت اتلدفــق‪ ،‬نعــرف أنــه اكن هنــاك امتــاء‪.‬‬

‫يوجــد ايلــوم بالفعــل اآلالف مــن انلــاس اذليــن يعتمــدون بالروح‬


‫القــدس كمــا أوضحــت مــن الكتــاب املقــدس‪ .‬فاختبــار املعموديــة‬
‫ًّ‬
‫عمليــا فهــو ليــس‬ ‫ي‪ .‬فــإن لــم يكــن‬ ‫ـي وكتـ ّ‬
‫ـايب وعم ـ ّ‬ ‫واضــح ومنطـ ّ‬
‫ًّ‬
‫كتابيــا! مــرة أخــرى فإنــه عندمــا يتفــق اتلعليــم مــع األحــداث الكتابية‬
‫واالختبــارات الشــخصية‪ ،‬نكتشــف الطبيعــة احلقيقيــة للمعموديــة‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حتذيرات عند االقتراب من املعمودية‬

‫يف ضــوء لك مــا ناقشــناه‪ ،‬أود يف هــذه املرحلــة أن ألــي عليــك‬


‫بعــض امليــاه ابلــاردة ‪ ،‬فأنــا ال أويص أن تســى ملعموديــة الــروح‬
‫القــدس أو غريهــا مــن االختبــارات الروحيــة إال إذا كنــت بالفعــل‬
‫ً‬
‫جــادا للغايــة فيمــا هلل‪ ،‬وإال فيجــب أن تبتعــد عــن هــذا األمــر ألن‬
‫دينونتــك ســتكون عظيمــة ومشــالكك ســتكون أعظــم‪ .‬فمعموديــة‬
‫الــروح القــدس ليســت نزهــة مثــرة ينظمهــا قســم مــدارس األحــد‪،‬‬
‫خلطــر كبــر إن لــم نقــرب للمعموديــة‬ ‫فنحــن ُن َع ّ‬
‫ــرض أنفســنا‬
‫ٍ‬
‫بالطريقــة الســليمة و إن لــم نربطهــا بطريقــة صحيحــة باجلوانــب‬
‫األخــرى مــن حياتنــا الروحيــة‪.‬‬

‫بــكل اتضــاع‪ ،‬أريــدك أن تعــرف ّ‬


‫أين قــد اختــرت املعموديــة‬
‫وعشــت فيهــا بشــل جيــد ألكــر مــن أربعــن ً‬
‫اعمــا‪ .‬يف ذلــك الوقــت‪،‬‬
‫رأيــت احلطــام انلاتــج عــن الفشــل يف ربــط معموديــة الــروح القــدس‬
‫بســائر احليــاة املســيحية واالختبــارات والشــهادة‪ ،‬دعــي أقــدم لــك‬
‫باختصــار القليــل مــن اللكمــات اتلحذيريــة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫املعمودية ليست باإلكراه‬


‫ّ‬ ‫ً‬
‫أول وقبــل لك يشء‪ ،‬فــإن الــروح القــدس ليــس بديكتاتــور‪،‬‬
‫ً‬
‫أمــورا معينــة‪،‬‬ ‫ولكنــه معزينــا ومعلمنــا‪ ،‬فهــو ال يفــرض عليــك‬
‫فالشــخص اذلي يشــوش اجتمـ ً‬
‫ـاع ثــم يقــول‪« :‬لــم أســتطع أن أحتكــم‬
‫يف األمــر‪ ،‬فالــروح القــدس هــو اذلي جعلــي أفعــل هــذا»‪ ،‬هــو شــخص‬
‫دليــه صــورة خاطئــة عــن الــروح القــدس ألن الــروح القــدس ليــس‬
‫أن ً‬‫ّ‬
‫روحــا أىت ىلع حياتــك وأجــرك ىلع فعــل أشــياء‬ ‫بديكتاتــور‪ ،‬فلــو‬
‫بعينهــا‪ ،‬فالبــد أنــه ُ‬
‫روح خطــأ‪.‬‬

‫ولــن حتصــل ىلع املزيــد مــن الــروح القـــدس إن لــم تكن دليـــك‬
‫الرغبـــة يف االستســام هل‪ .‬بعــض انلــاس ّ‬
‫ممــن يقبلــون املعموديــة يف‬
‫الــروح القــدس‪ ،‬ال حيصلــون إال ىلع القليــل جـ ً‬
‫ـدا مــن املمــزات الــي‬
‫يمكــن اتلمتــع بهــا نتيجــة تللــك املعموديــة ألنهـــم ليســوا مســتعدين‬
‫ُ‬
‫ألن يقودهــم الــروح القــدس‪ ،‬ويرشـــدهم ويوجههــم‪ .‬فهــو ال يــر أي‬
‫شــخص ىلع القيــام بمــا هــو عكــس إرادتــه‪ ،‬فاملعموديــة تتطلــب حيــاة‬
‫مــن اخلضــوع واالنتظـــار املســتمر هلل‪ .‬قــال أحدهــم‪« :‬إن االمتــاء‬
‫بالــروح القــدس أســهل مــن أن تظــل ممتلئًــا بالــروح القــدس»‪ ،‬وهــذا‬
‫َ‬
‫القــول حيمــل كثــرا مــن احلــق‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫حتذيرات عند االقرتاب من املعمودية‬

‫ً‬
‫بديل‬ ‫املعمودية ليست‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثانيـا‪ :‬إن معموديـة الـروح القـدس ليسـت بديل عن أي شـئ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واحـدا يلفعل لك يشء‪.‬‬ ‫اختبارا‬ ‫آخـر يعطينـا إياه اهلل‪ ،‬فاهلل لـم يعطنا‬

‫ىلع ســبيل املثــال نقــرأ عــن ســاح املؤمــن يف اإلصحــاح الســادس‬


‫مــن الرســالة إىل أفســس‪ .‬فلــو أنــك محلــت لك قطــع الســاح الســت‪،‬‬
‫ـى مــن أىلع رأســك إىل أمخــص قدميــك‪ ،‬ولكــن لــو‬ ‫فأنــت بهــذا ُمغطـ ً‬
‫نزعــت عنــك إحــدى هــذه القطــع الســت فأنــت بهــذا لــم تعــد حمميًــا‬
‫بالاكمــل‪ .‬افــرض أنــك نســيت اخلــوذة‪ ،‬ولكــن دليــك ادلرع واحلــذاء‬
‫والســيف واملنطقــة والــرس‪ ،‬بهــذا يكــون معظــم جســدك مغطــى‬
‫ولكــن رأســك مكشــوف هلجمــات العــدو‪ ،‬وهــذا هــو الســبب يف‬
‫أن احليــاة الفكريــة اخلاصــة بكثــر مــن املؤمنــن ليســت حتــت‬
‫احلمايــة‪ ،‬فهــم يعانــون مــن جــروح بالــرأس وهــذا يفقدهــم القــدرة ىلع‬
‫اســتخدام الســيف والــرس‪ ،‬فليــس دليهــم ســوى مخــس قطــع فقــط‬
‫مــن الســاح بينمــا ينبــي أن يمتلكــوا القطــع الســت‪.‬‬

‫وفيمــا يــي مثــال آخــر‪ ،‬يقــول بعــض انلــاس‪« :‬حســنًا يــا أيخ‬
‫دلي حمبــة‪ ،‬وهلــذا فلســت حباجــة إىل تلــك املواهــب»‪ .‬وقــد تعلمــت‬
‫مــن اخلــرة أن أســأل عــن كــم املحبــة الــي يملكهــا هــؤالء اذليــن‬
‫يتحدثــون بهــذه الطريقــة‪ .‬فأقــول إن املحبــة تظهــر فعليًــا يف األعمــال‬
‫ال مــن خــال تأكيــد الشــخص ىلع امتالكهــا‪ ،‬ومــع هــذا فــإن هــذا‬
‫‪29‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫املنطــق ليــس كتابيًــا ألن الكتــاب املقــدس يقــول إنــه جيــب أن‬
‫ً‬
‫يكــون دلينــا كالهمــا أي املحبــة واملواهــب‪ ،‬فاملحبــة ليســت بديــا‬
‫ً‬
‫عــن مواهــب الــروح ومواهــب الــروح ليســت بديــا عــن املحبــة‪.‬‬

‫ِب‬ ‫ـن ُّ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫تُعلّمنــا رســالة (كورنثــوس األوىل ‪َ )31 :12‬‬


‫جــدوا ل ِلمواه ِ‬ ‫كـ ِ‬ ‫«ول ِ‬
‫ُ ْ َ ً َْ َ َ‬ ‫ْ ْ َ َْ ً ُ‬
‫ـم ط ِريقــا أفضـــل»‪ .‬وهــذا الطريــق األفضــل هــو‬ ‫الســى‪َ .‬وأيضــا أ ِريكـ‬ ‫ُ‬
‫رشطــا‬‫طريــق املحبــة‪ ،‬بمعــى أن اشــتهاء امتــاك املواهــب احلســى ً‬
‫ً‬
‫طريقــا ممتـ ً‬
‫ـازا‪ ،‬ألن هنــاك ترمجــة أدق هلــذه اآليــة تقــول‪:‬‬ ‫لــي يرينــا اهلل‬
‫ً‬ ‫«اشــتهوا جبــد املواهــب احلســى وســأريكم ً‬
‫أيضــا طريقــا أفضــل»‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ َ َّ َ‬
‫جــدوا‬ ‫كــن ِ‬ ‫ختربنــا رســالة (كورنثــوس األوىل ‪« )1 :14‬ا ِتبعــوا المحبــة‪َ ،‬ول ِ‬
‫الروحِيــةِ‪ »،‬ويه ال تقــول‪« :‬أو جــدوا للمواهــب الروحيــة»‪،‬‬
‫ُّ َّ‬
‫ِـــب‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫و‬‫ل ِلْ َم َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫جتــد يف طلــب‬ ‫فأنــت لســت مدعــوا لــي ختتــار‪ ،‬بــل هنــاك وصيــة لــي ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ً‬
‫تــد يف طلــب لكيهمــا‬ ‫لك مــن املحبــة واملواهــب الروحيــة‪ ،‬وإن لــم ِ‬
‫فأنــت ال تطيــع لكمــة اهلل‪.‬‬

‫تدخلنا املعمودية إىل عامل غري مألوف بالنسبة لنا‬


‫ً‬
‫ثاثلــا‪ :‬معموديــة الــروح القــدس يه اختبــار‪ .‬وهــو اختبــار خــارق‬
‫ُ‬
‫للطبيعــة‪ ،‬يف كثــر مــن احلــاالت تعــد معموديــة الــروح القــدس أول‬
‫ّ‬
‫اختبــار خــارق للطبيعــة بالنســبة لكثــر مــن املؤمنــن‪ ،‬وهكــذا فــإن‬
‫ً‬ ‫هــذا االختبــار يُدخلُهــم إىل اعلــم جديــد ً‬
‫تمامــا واعدة ال يشــعرون‬ ‫ِ‬
‫بالراحــة يف هــذا العالــم‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫حتذيرات عند االقرتاب من املعمودية‬

‫فهنــاك اعلــم الــراع الــرويح اذلي لــم يعرفــه أغلبهــم قبــل‬


‫ً‬
‫ـال صغـ ً‬
‫ـرا مــن خدمــة‬ ‫معموديــة الــروح القــدس‪ ،‬دعــي أعطيــك مثـ‬
‫يســوع‪ .‬ألــق نظــرة ىلع مــا يــي‪:‬‬
‫ََْ َ ْ‬ ‫ـاصة ِ ْ َ‬
‫ـن نَـ ِ َ‬‫َ ْ َ َ َّ ِ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫ـل َواعتمــد ِمــن‬ ‫ـ‬
‫َ ِ‬‫ِي‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫«و ِف ت ِلــك األيــام جــاء يســوع ِمـ‬
‫َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ـن ال َمــاءِ َ‬
‫ـد مـ َ‬‫ٌ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ ْ ُ ِّ َ ْ َ ْ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫ات قـ ِد‬ ‫ِ‬ ‫او‬ ‫ـم‬‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ى‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫ـو‬‫ـ‬‫ه‬ ‫و‬ ‫ـت‬
‫يوحنــا ِف األردن‪ .‬ول ِلو ِ‬
‫ـ‬ ‫ق‬
‫ات‪:‬‬ ‫امـة نَـ ً َ َ ْ َ َ َ َ ْ ٌ َ َّ َ َ‬ ‫ْ َ َّ ْ َ ُّ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ـازل عليـ ِه‪ .‬وكن صــوت مِن الســماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫انشــقت‪ ،‬والــروح مِثــل ح‬
‫ُ ْ ُ‬ ‫ْ َ ُ َّ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫سرت»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِي‬ ‫ال‬ ‫ـب‬
‫ـ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ال‬ ‫ـي‬‫«أنــت اب ِ‬
‫ـ‬
‫بيَّـة َأ ْر َبعـ َ‬‫َْ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ُّ ُ َ ْ َ ِّ َّ‬
‫ـن‬ ‫بيـةِ‪َ ،‬وكن هنــاك ِف ال ِّ ِ ِ‬ ‫ـت أخرجــه الــروح إِل ال‬ ‫ول ِلوقـ ِ‬
‫َ َ َ َْ َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ً ُ َ َّ ُ‬
‫ت المالئ ِكــة‬ ‫ــوش‪ .‬وصــار ِ‬ ‫ان‪َ .‬وكن مــع ال ُوح ِ‬ ‫يومــا يــرب مِــن الشــيط ِ‬
‫َْ ُ ُ‬
‫تدِمــه‪( ».‬مرقــس ‪.)13 – 9 :1‬‬

‫هــذه يه احلادثــة الــي ُمســح فيهــا يســوع خلدمتــه‪ ،‬فقــد حــل‬


‫الــروح القــدس عليــه ثــم اســتقر عليــه‪.‬‬

‫الحــظ مــا حــدث بعــد ذلــك كنتيجــة مبــارشة هلــذا االختبــار‬


‫بيَّــة َأ ْر َبع َ‬‫َْ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ُّ ُ َ ْ َ ِّ َّ‬ ‫َ َْْ‬
‫ــن‬ ‫بيــةِ‪َ ،‬وكن هنــاك ِف ال ِّ ِ ِ‬ ‫ــت أخرجــه الــروح إِل ال‬ ‫«ول ِلوق ِ‬
‫َ َّ ْ َ‬ ‫َ ْ ً ُ َ َّ ُ‬
‫ان‪ ».‬ليــس هــذا مــا يتوقعــه انلــاس ولكــن‬ ‫يومــا يــرب ِمــن الشــيط ِ‬
‫هــذا هــو الواقــع الــرويح‪ .‬ويمكــن أن حيــدث نفــس األمــر يف حياتــك‬
‫عندمــا تعتمــد بالــروح القــدس‪ ،‬فتدخــل إىل اعلــم رويح جديــد حيــث‬
‫يصبــح الشــيطان واألرواح الرشيــرة أكــر حقيقــة‪ .‬فتُفتَــح مواقــع‬

‫‪31‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ُ‬
‫جديــدة يف ذهنــك ويف روحــك لــم تفتــح مــن قبــل‪ ،‬فمعموديــة الــروح‬
‫القــدس ليســت نزهــة; إنهــا حقيقــة‪.‬‬

‫املعمودية بدون كلمة اهلل خطر‬


‫ً‬
‫رابعــا‪ :‬معموديــة الــروح القــدس جيــب أن تكــون متحــدة‬
‫ـرا شـ ً‬
‫بكلمــة اهلل‪ ،‬وإال ســتواجه خطـ ً‬
‫ـديدا للغايــة‪ .‬أريــدك أن تالحــظ‬
‫هــذه احلقيقــة‪ ،‬تغلــب يســوع ىلع الشــيطان‪ ،‬وقــد هزمــه بســاح واحد‬
‫هــو لكمــة اهلل املكتوبــة‪.‬‬
‫َُ ْ َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ ْ ْ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ‬
‫ـل أ ْن تَ ِص َ‬
‫ير‬ ‫ـن اهللِ فق‬‫ـت ْاب َ‬ ‫«فتقـدم إِلـ ِه المجـرب وقـال ل إِن كن‬
‫ُْ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ ُ ُ ًْ ََ َ َ ََ َ َ ْ ُ ٌ َْ َ‬
‫بز وحـده ييا‬ ‫ـاب وقـال مكتـوب‪ :‬ليـس بِال ِ‬ ‫هـ ِذه ِ ال ِجـارة خبزا‪ .‬فأج‬
‫ُ َّ َ َ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُ ِّ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫َْ ُ َ ْ‬
‫ـم اهللِ‪ .‬ثـم أخـذه إِبلِيـس إِل‬ ‫اإلنسـان‪ ،‬بـل بِـكل كِمـ ٍة تـرج مِـن ف ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ َ َ ُ َ َ َ َ ِ ْ َ ْ َ َ َ َ َُ ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ‬
‫ك‪ ،‬وقـال ل إِن كنت ابن اهللِ‬ ‫ع جناح الهي ِ‬ ‫المدِينـ ِة المقدسـةِ‪ ،‬وأوقفـه‬
‫ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ َ َ َ َ ْ َُ‬
‫ـوص مالئ ِكتـه بِك‪،‬‬ ‫ـرح نفسـك إِل أسـفل‪ ،‬ألنـه مكتـوب‪ :‬أنـه ي‬ ‫فاط‬
‫ْ َ َ َ َ َُ َ ُ ُ‬ ‫ْ َْ ُ َ َ َْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ـر ِرجلـك‪ .‬قـال ل يسـوع‬ ‫ِيهـم ي ِمل ُونـك ل ِكي ال تصـدِم ِبج ٍ‬ ‫فعلى أياد َ ِ‬
‫َّ َّ َ َ ُ َّ َ َ َ ُ َ ْ ً ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـوب أيْضـا‪ :‬ال تَ ِّ‬
‫ً‬ ‫َ ْ ُ ٌ‬
‫ـرب الـرب إِلهك‪ .‬ثـم أخذه أيضـا إِبلِيـس إِل جبل‬ ‫مكت‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـم َوم َدهـا‪َ ،‬وقـال ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬
‫ل‪ :‬أع ِطيـك هـ ِذه ِ‬ ‫ِـك العال ِ‬ ‫جـدا‪َ ،‬وأراه جِيـع ممال ِ‬ ‫عل ِ‬
‫َ َ َ َُ َ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ََ ْ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ل يسـوع اذهب يا شـيطان!‬ ‫جِيعهـا إِن خ َر ْرت َوسـجدت ِل‪ .‬حِينئِ ٍذ قال‬
‫ْ َ َُْ ُ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ َّ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ٌ َّ ِّ‬
‫لهك تسـجد َوإِيـاهُ َوحدهُ تعبـد»‪( .‬مىت ‪.)10 – 3 :4‬‬ ‫ألنـه مكتـوب‪ :‬ل ِلر ِ ِ‬
‫إ‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫شـخص‬ ‫أجـاب يسـوع ثلاث مـرات قائلا‪« :‬مكتـوب»‪ ،‬ال يوجد‬
‫جيـب أن يعـرف لكمـة اهلل املكتوبـة أكثر مـن هـذا اذلي اعتمـد ِ ّلـوه‬
‫‪32‬‬
‫حتذيرات عند االقرتاب من املعمودية‬

‫يف الـروح القـدس‪ ،‬فأنـت حباجـة ماسـة إىل دراسـة كتابــك املقـدس‬
‫ّ‬
‫ومعرفتـه‪ .‬وتذكر أن الشـيطان يمكن أن يقتبس مـن الكتاب املقدس‪،‬‬
‫وهلـذا جيـب أن تتغــلب عليـه وذلك ليس فقـط باآليات التي حتفظها‬
‫مـن الكتـاب املقـدس ولكن ً‬
‫أيضا بـأن تكون قـادرا ىلع اختيار اآلية‬
‫املناسـبة ىف املوقـف املناسـب ألنك تعـرف لكمـة اهلل وتفهمها‪.‬‬
‫وح َّالِي ُهـ َ‬
‫ـو‬ ‫ـي َف الـ ُّ‬
‫ـر ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫«وخذوا‪......‬وسـ‬ ‫توصينــا رســالة أفســس ‪17 :6‬‬
‫َ َ ُ‬
‫كِمــة اهللِ‪ ».‬الحــظ أن ســيف الــروح القدس هــو لكمة اهلل‪ ،‬ومســئويلتك‬
‫أنــت أن تأخــذه‪ .‬فلــو أنــك أخذتــه فــإن الــروح سيســتخدمه مــن‬
‫خاللــك‪ ،‬ولكــن إن لــم تأخــذه فــإن الــروح لــن يكــون دليــه مــا‬
‫يســتخدمه‪ ،‬آه ويــا هلــا مــن مشــكالت تلــك الــي يمكــن أن تظهــر‬
‫عندمــا تكــون يف مثــل هــذا املوقــف حيــث ال يمكنــك ادلفــاع!‬
‫ـرا أخـ ً‬
‫ـرا هل عالقــة بكلمــة اهلل‪ :‬جيــب أال‬ ‫دعــي أقــدم لــك حتذيـ ً‬
‫نعــرف اللكمــة وحســب بــل جيــب أن نتأكــد مــن أننــا نطيــع اللكمــة‪،‬‬
‫فاملعموديــة يف الــروح القــدس ليســت ترصحيًــا لــي نتــرف بالطريقــة‬
‫ً‬
‫عــذرا لــي نعــي اتلعليمــات الواضحــة‬ ‫الــي نريدهــا ويه ليســت‬
‫الــي يذكرهــا الكتــاب املقــدس‪ .‬فيجــب أن تكــون اختباراتنــا‬
‫وترصفاتنــا دائمــة متوافقــة مــع لكمــة اهلل‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫الغرض من االختبار‬

‫تكلمــت يف اجلــزء الســابق عــن األمــور الســلبية حــى أتمكــن‬


‫اآلن مــن الــكالم عــن األمــور اإلجيابيــة‪ ،‬هــذا لــو اكن بإمــاين أن‬
‫أتنــاول األمــر بهــذه الطريقــة‪ ،‬فهنــاك عــدة أهــداف هامــة وراء‬
‫معموديــة الــروح القــدس ينــوي اهلل حتقيقهــا وإتمامهــا يف حيــاة املؤمن‪،‬‬
‫ولكــن القــدر اذلى ســيتحقق مــن هــذه األهــداف يعتمــد ىلع املؤمــن‬
‫نفســه‪.‬‬

‫مدخـــل إىل األمـــور اخلارقـة للطبيعــة‬


‫وعدا ً‬ ‫اجلزء اتلايل ً‬
‫رائعا إن قرأته بإمعان‪:‬‬
‫ــماويَّ َة َو َص ُ‬‫ْ َ ْ َ َ َّ َ‬ ‫َ َّ َّ َ ْ ُ ُ َ َّ ً َ َ ُ‬
‫ــاروا‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ــة‬‫ِب‬‫ه‬‫و‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ــوا‬ ‫«ألن الِيــن اســتنِريوا مــرة‪ ،‬وذاق‬
‫َّ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ ُ‬ ‫ََ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬
‫اآلت‪»...‬‬
‫ـر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ادل‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫الص‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ـوا‬
‫ـ‬‫اق‬ ‫ذ‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ـد‬
‫شكء الــروح القـ‬
‫(عربانيــن ‪)5 – 4 :6‬‬

‫إن «رشاكء الــروح القــدس» قــد «ذاقــوا‪ .....‬قــوات ادلهــر اآليت»‪،‬‬


‫يــا هل مــن وصــف رائــع‪ ،‬فقــد تالمســوا مــع قــوة تنتــي لدلهــر اآليت‬

‫‪35‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ولكنهــا متاحــة هلــم يف هــذا ادلهــر‪ .‬وبهــذا جنــد أن اهلــدف مــن‬


‫ُْ‬ ‫ً‬
‫معموديــة الــروح القــدس هــو أن تكــون مدخــا وبابًــا يفــي إىل‬
‫األمــور اخلارقــة للطبيعــة‪ ،‬فــي ليســت بهــدف يف حــد ذاتهــا ولكنهــا‬
‫جمــرد مدخــل وبــاب‪ ،‬فــاهلل يريــد للمؤمــن بعــد أن يعتمــد يف الــروح‬
‫القــدس أن يســلك يف األمــور اخلارقــة للطبيعــة‪ ،‬أو بمعــى آخــر‪ ،‬جيــب‬
‫أن تصبــح األمــور اخلارقــة للطبيعــة وكأنهــا طبيعيــة بالنســبة هل‬

‫دعونــا نلــي نظــرة ىلع ســفر أعمــال الرســل كصــورة للكنيســة‪،‬‬


‫وألجــل األمانــة الفكريــة فــإين أقــدم هــذا اتلحــدي‪ :‬هــل يمكنــك أن‬
‫ً‬ ‫أصحاحــا واحـ ً‬
‫ً‬
‫إصحاحــا يف ســفر‬ ‫ـدا مــن بــن اثلمانيــة وعرشيــن‬ ‫جتــد‬
‫األعمــال خيلــو مــن احلديــث عــن األمــور اخلارقــة للطبيعــة؟ ال يوجــد‬
‫أصحــاح ولــو واحــد ال يتلكــم عــن أمــور خارقــة للطبيعــة‪ ،‬وباتلــايل‬
‫ـزل عــن األمــور‬
‫فــا يمكننــا اإلشــارة إىل مســيحية العهــد اجلديــد بمعـ ٍ‬
‫اخلارقــة للطبيعــة‪.‬‬
‫ََ َ‬
‫«وكن اهللُ‬ ‫أحــب اإلشــارة الــواردة يف ســفر األعمــال والــي تقــول‪:‬‬
‫َ َْ ُْ َْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َّ‬
‫ـر المعتــادة ِ» (أعمــال ‪ ،)11 :19‬أحــب‬ ‫ات غـ‬‫يصنــع ع يــدي بولــس قــو ٍ‬
‫بصفــة خاصــة لكمــة «غــر معتــادة»‪ .‬يف األصــل ايلونــاين هــذه اللكمــة‬
‫نــوع مــن املعجــزات ال حيــدث لك يــوم‪ .‬بمعــى آخــر اكنــت‬ ‫ً‬ ‫تعــي‬
‫املعجــزات حدثًــا يوميًــا يف الكنيســة األوىل‪ ،‬ولكــن اكنــت هنــاك أمورٌ‬

‫غــر معتــادة‪ ،‬فحــى الكنيســة األوىل لفتــت انتباههــا هــذه املعجــزات‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫مــرة أخــرى دعــي أقــول إنــه يمكننــا أن نضــع لك مــا نريــد قــوهل‬
‫عــن كنيســة العهــد اجلديــد يف شــل نظريــات ولكــن ال يمكننــا أن‬
‫خنتــره بــدون األمــور اخلارقــة للطبيعــة‪.‬‬

‫للشـــهادة‬
‫ك ْ‬ ‫ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫َّ ُ ْ َ َ َ ُ َ ُ َّ ً َ َ َ َّ‬
‫ــم‪،‬‬ ‫ــوة مــى حــل الــروح القــدس علي‬ ‫«لكِنكــم ســتنالون ق‬
‫ُ ُ ً‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫َوتكونــون ِل شــهودا» (أعمــال ‪.)8 :1‬‬

‫تهــدف معموديــة الــروح القــدس إىل أن تلبســنا قــوة مــن األاعيل‬


‫خارقــة للطبيعــة حــى يمكننــا أن نكــون شــهودا‪ .‬الحــظ أن الشــهادة‬
‫يه ليســوع املســيح‪ ،‬فــي ليســت تلعليــم معــن وليســت باألســاس‬
‫الختبــار معــن ولكنهــا شــهادة ليســوع نفســه‪ .‬لقــد احنــرف كثــرون‬
‫ً‬
‫منــا يف احلركــة اخلمســينية وأصبحــوا شــهودا لطائفــة أو لكنيســة أو‬
‫الختبــار‪ ،‬ولكــن اهلــدف احلقيــي هــو أن نشــهد ليســوع املســيح‪.‬‬
‫وســتجد أن انلــاس اذليــن يشــهدون ليســوع “مســتخدمني قــوة الــروح‬
‫القــدس” ناجحــون بطريقــة مذهلــة‪.‬‬

‫للصــــالة‬
‫ينتــج عــن هــذا االختبــار ً‬
‫أيضــا ثــورة يف حيــاة الصــاة اخلاصــة‬
‫باملؤمــن‪ ،‬دعونــا نلــي نظــرة رسيعــة ىلع (روميــة ‪:)8‬‬

‫‪37‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫َ َّ َ َ ْ َ‬
‫ــنا َن ْعلَ ُ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫ُّ ُ َ ْ ً ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ــم‬ ‫ــن ضعفات ِنــا‪ ،‬ألننــا لس‬ ‫الــروح أيضــا ي ِع‬ ‫«وكذل ِــك‬
‫َّ ُّ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫َ ُ َ ِّ َ ْ‬
‫الــروح نفســه يشــفع فِينــا‬ ‫كــن‬ ‫ــي‪َ .‬ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ــا‬‫م‬ ‫ك‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِــ‬ ‫ل‬‫ج‬ ‫مــا نصــي أل‬
‫ُ‬
‫ـم َمــا هـ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ـوب يعلـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ـق بهــا‪َ .‬ولكـ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ـو‬ ‫ـن الِي يفحــص القلـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ـات‬
‫بِأن ٍ‬
‫ـ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ــيئة اهللِ يَشــف ُع ف الق ِّديس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ــام ُّ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫ــن»‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــب م ِش‬ ‫وح‪ ،‬ألنــه ِبس ِ‬ ‫الــر ِ‬ ‫اهتِم‬
‫(روميــة ‪.)27 -26 :8‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«مرضــا»‬ ‫مجيعــا دلينــا ضعفــات‪ ،‬واللكمــة ال تعــي‬ ‫الحــظ أننــا‬
‫ُ ّ‬
‫ولكنــه ضعــف طبيــي يف اجلســد‪ .‬فنحــن ال نعلــم كيــف نصــي كمــا‬
‫ّ‬
‫ينبــي‪ .‬فــا يوجــد إنســان يعــرف كيــف يُصــي كمــا ينبــي‪.‬‬

‫يمكنــي أن أقــول (وأثــق أنــك لــن تســئ فهــي) إين ســمعت‬


‫أخــوة أعـ ّ‬
‫ـزاء يف اجتمــااعت صــاة الطلبــة‪ ،‬مــن الشــباب املتعلمــن‬
‫املخلصــن اذليــن يدرســون اللكمــة ســمعتهم وهــم خيــرون اهلل القديــر‬
‫بمــا جيــب أن يفعلــه‪.‬‬
‫ً‬
‫هــذه ليســت حقــا صــاة‪ ،‬فــاهلل ليــس حباجــة ألن خنربه بمــا جيب‬
‫أن يفعــل‪ ،‬فإجتمــاع جمموعــة مــن األشــخاص العقــاء يلجــدوا الشــئ‬
‫املناســب يلخــروا اهلل بــه يلفعلــه ليــس هــو الصــاة حســب العهــد‬
‫ً‬
‫اجلديــد‪ .‬ولكــن يف صــاة العهــد اجلديــد‪ ،‬يصبــح املؤمــن هيــكل‬
‫يــأيت فيــه شــخص يلقــود اجتمــاع الصــاة‪ ،‬هــذا الشــخص هــو الــروح‬
‫القــدس‪ ،‬ببســاطة نصبــح جمــرد أداوات‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫أتــت ســيدة ودلت وتربــت يف كنيســة الــروم الاكثويلــك يف إيرالندا‬


‫إىل إجنلــرا‪ ،‬حيــث نالــت اخلــاص ومعموديــة الــروح القــدس‪ .‬يف ذلــك‬
‫الوقــت اكنــت تعمــل كخادمــة ىف أحــد فنــادق نلــدن واكنــت تتشــارك‬
‫احلجــرة مــع فتــاة ايرالنديــة اكثويلكيــة‪.‬‬
‫َ َّ‬
‫أســألك عــن‬
‫ِ‬ ‫ويف أحــد األيــام قالــت هلــا تلــك الفتــاة‪« :‬أود أن‬
‫فإنــك لك يللــة بعدمــا تأويــن إىل الفــراش‬
‫ِ‬ ‫يشء وأرجــو أال تمانــي‪،‬‬
‫ويبــدو أنــك نعســت‪ ،‬أســمعك تتحدثــن بلغـ ِة غريبــة‪ ،‬فمــا يه تلــك‬
‫اللغــة؟» واكنــت هــذه ىه املــرة األوىل الــي تعــرف فيهــا تلــك الفتــاة‬
‫ّ‬
‫أنــه يف لك يللــة بعدمــا ينــام جســدها فــإن الــروح القــدس يصــي مــن‬
‫خالهلــا‪.‬‬
‫ََ َ َ ٌ‬
‫اقــرأ مــا يقــوهل الكتــاب املقــدس عــن عــروس املســيح‪« :‬أنــا نائ ِمــة‬
‫ُ ْ َْ ٌ‬ ‫ََْ‬
‫ــي مســتي ِقظ‪( ».‬نشــيد األنشــاد ‪ ،)2 :5‬هــذا هــو الواقــع الــرويح‪،‬‬ ‫وقل ِ‬
‫ويقــول عــن انلــران املوجــودة ىلع مذبــح خيمــة االجتمــاع يف العهــد‬
‫َ َْ َ ُ‬ ‫َ ٌ َ َ ٌ َ َّ ُ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ــار دائ ِمــة تت ِقــد ع المذبــحِ ‪ .‬ال تطفــأ‪( ».‬الويــن ‪،)13 :6‬‬ ‫القديــم‪« :‬ن‬
‫هــذه يه صــورة الــروح القــدس يف مذبــح قلــب املؤمــن‪ ،‬نــار ال تنطفــئ‬
‫ً‬
‫ـا ونهـ ً‬
‫ـارا‪.‬‬ ‫يلـ‬
‫ُ‬
‫دعــي أقـــدم لك آيتـــن أخـريتـــن ونلبـــدأ بـــ (أفســس ‪)18 :6‬‬
‫ُ ِّ َ َ َ ْ َ ُ َّ‬
‫ك َو ْقــت ف الـ ُّ‬ ‫«م َصلِّـ َ‬
‫ُ‬
‫ـر ِ‬
‫وح» الحــظ أنهــا تقــول‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ـن بِــكل صــا ٍة وطِلبـ ٍة‬
‫ُمصلــن لك وقــت يف الــروح‪ .‬ال يمكنــك أن تُصــي ً‬
‫دائمــا بذهنــك‪ ،‬وال‬
‫‪39‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يمكنــك أن تُصــي ً‬
‫دائمــا جبســدك ولكــن عندمــا يكــون الــروح‬
‫ً‬
‫القــدس موجــودا فهــو ال ينســحب ‪.‬‬

‫جنــد نفــس الفكــرة يف ‪1‬تســالونييك واإلصحــاح اخلامــس‬


‫ُّ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫الــروح‪».‬‬ ‫حيــث يقــول‪« :‬صلــوا بِــا ان ِق َط ٍ‬
‫ــاع» (آيــة ‪« ، )17‬ال تط ِفئــوا‬
‫معــا‪ ،‬فيمكنــك أن تطفــئ‬ ‫(آيــة ‪ ،)19‬إن هاتــن اآليتــن مرتبطتــن ً‬

‫الــروح‪ ،‬ويمكنــك أن تطفــئ انلــران‪ ،‬ولكــن هــذه ليســت إرادة اهلل‪.‬‬


‫ً‬
‫فاملعموديــة بالــروح القــدس تشــعل نريانــا‪ ،‬وتذكــر أن بولــس قــال‬
‫تليموثــاوس‪« :‬أرضم وال تهمــل املوهبــة الــي فيــك»‪.‬‬

‫انظر (‪ 1‬تيموثاوس ‪2 ،14 :4‬تيموثاوس ‪.)6 :1‬‬

‫وبنفــس هــذه اللكمــات‪ ،‬أحتــدى أي شــخص ليــس دليــه هــذا‬


‫ً‬
‫االختبــار اخلــارق للطبيعــة أن حييــا وفقــا ملقيــاس العهــد اجلديــد يف‬
‫الصــاة‪ ،‬فهــذا مســتحيل بالنســبة هل‪ .‬وهــذا مــا قصدتــه عندمــا قلــت‬
‫إن مســيحية العهــد اجلديــد خارقــة للطبيعــة‪ ،‬وال يمكــن أن تكــون‬
‫غــر ذلــك‪.‬‬

‫للتعليم‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫الــق‪،‬‬ ‫«وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح الــق‪ ،‬فهــو ير ِشــدكم إِل ـعِ‬
‫ـ‬ ‫ِي‬
‫ج‬
‫كـ ْ‬ ‫َ ُْ ُ ُ‬ ‫ـم ُع َي َت َكَّـ ُ‬
‫َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬
‫ـم‬ ‫ـم ب ِـ ِه‪ ،‬و ي ِب‬ ‫ـم ِمــن نف ِس ـ ِه‪ ،‬بــل ك مــا يسـ‬
‫ألنــه ال يتكـ‬
‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ـور آتِيـ ٍة‪( ».‬يوحنــا ‪.)13 :16‬‬
‫بِأ ٍ‬
‫ـ‬ ‫م‬
‫‪40‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫َ ُْ ُُ ُ ْ‬
‫اســي‪َ ،‬ف ُهـ َ‬ ‫ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َّ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َ ِّ‬
‫ـو‬ ‫«وأمــا المعــزي‪ ،‬الــروح القــدس‪ ،‬الِي سي ِســله اآلب ب ِ ِ‬
‫ُ ِّ َ ُ ْ ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ ِّ ُ ُ ْ ُ َّ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ‬
‫ـم بِــكل مــا قلتــه لك ْم‪( ».‬يوحنــا ‪.)26 :14‬‬
‫كـ ْ‬ ‫يعلمكــم ك ش ٍء‪ ،‬ويذكر‬

‫الــروح القــدس هــو املعلــم األعظــم للكتــاب املقــدس‪ ،‬وقــد وعــد‬


‫ّ‬
‫يســوع املســيح بأنــه عندمــا يــأيت روح احلــق فهــو سريشــدنا إىل لك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلــق ويعلمنــا ويذكرنــا بــكل مــا قــاهل يســوع‪.‬‬

‫والــروح القــدس هــو أعظــم مــن يعلــن عــن يســوع املســيح‪ .‬قــال‬
‫َ ُْ ُ ُ‬
‫كـ ْ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َّ‬ ‫َ َ ُ َ ِّ ُ‬
‫ـم‪( ».‬يوحنــا ‪)14 : 16‬‬ ‫يســوع‪« :‬ذاك يمجــد ِن‪ ،‬ألنــه يأخــذ مِمــا ِل و ي ِب‬
‫تتمــاىش هاتــان الوظيفتــان ً‬
‫معــا ألن يســوع هــو اللكمــة احليــة والكتــاب‬
‫َْ‬
‫املقــدس هــو اللكمــة املكتوبــة‪ ،‬والــروح القــدس هــو مــن أمـ َ‬
‫ى اللكمــة‬
‫املكتوبــة‪ ،‬وهــو اذلي يــأيت يلفرسهــا‪.‬‬

‫يف اعم ‪ 1941‬عندمــا خدمــت كجنــدي يف اجليــش الربيطــاين‪،‬‬


‫داعين جنــدي آخــر حلضــور خدمــة مخســينية‪ ،‬ولــم يكــن دلي فكــرة‬
‫وقتهــا أنهــا خدمــة مخســينية‪ ،‬ولــم أكــن أعــرف حــى بوجــود هــؤالء‬
‫اخلمســينني‪ ،‬ولــم أســمع عنهــم مــن قبــل‪ ،‬ولــو كنــت أعــرف عنهــم أو‬
‫ّ‬
‫ســمعت عنهــم مــن قبــل لــرددت يف اذلهــاب إىل هنــاك‪.‬‬

‫يف ذلــك الوقــت كنــت قــد قضيــت ســبع ســنوات يف اكمربيــدج‬


‫دلراســة الفلســفة‪ ،‬وحصلــت ىلع درجــة الزمالــة مــن جامعــة‬
‫اكمربيــدج‪ .‬إذا كنــت تعــرف أي شــخص ذهــب إىل خدمــة دينيــة‬

‫‪41‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫بموقــف نقــدي‪ ،‬فقــد كنــت أنــا هــذا الشــخص ‪ ،‬فقــد قلــت نلفــي‬
‫ً‬
‫ســأرى إن اكن هــذا الواعــظ يعــرف حقــا مــا يتحــدث عنــه‪ .‬وبعدمــا‬
‫اســتمعت هل لربهــة‪ ،‬توصلــت إىل نتيجتــن حمددتــن وواضحتــن‪ ،‬األوىل‬
‫ىه أن هــذا الواعــظ يعــرف مــا يتحــدث عنــه واثلانيــة أين ال أعــرف‬
‫مــا يتحــدث عنــه‪.‬‬

‫لقــد تأثــرت بشــئ واحــد‪ ،‬هــو أنــه ىف أثنــاء حديثــه عــن داود‬
‫وشــاول وصموئيــل وغريهــم مــن الشــخصيات الكتابيــة األخــرى‪،‬‬
‫حيــث بــدت عالقتــه بهــم كمــا لــو اكن قــد تقابــل معهــم هــذا الصباح‪،‬‬
‫وفكــرت‪ :‬كيــف عــرف هــؤالء انلــاس بهــذه الطريقــة؟‬

‫عندمــا كنــت شــابًا‪ ،‬اكنــت دراســة الكتــاب املقــدس إجباريــة يف‬


‫املدرســة الــي كنــت أذهــب إيلهــا‪ ،‬وبمــا أين أتمتــع بذاكــرة دقيقــة إىل‬
‫ً‬
‫ـذا جيـ ً‬
‫ـدا يف هــذه املــادة إذ كنــت أحصــل ىلع‬ ‫حــد مــا‪ ،‬فقــد كنــت تلميـ‬
‫أكــر مــن تســعني باملائــة يف االمتحانــات ىلع الرغــم مــن أن ادلراســة‬
‫اكنــت مملــة‪ .‬ولكــن بعــد مــرور أربعــة عــر ً‬
‫اعمــا ىلع هــذه احلادثــة‬
‫وبعدمــا اعتمــدت بالــروح القــدس (وهــو مــا حــدث يف أحــد غــرف‬
‫ثكنــات اجليــش بعــد فــرة قصــرة مــن ســمايع هلــذا الواعــظ‬
‫اخلمســيين)‪ ،‬أصبحــت لك قصــة مــن قصــص الكتــاب املقــدس الــي‬
‫درســتها يف طفولــي حيــة وواضحــة يل كمــا لــو كنــت قــد قرأتهــا‬
‫باألمــس‪ .‬مــن اذلي فعــل هــذا؟ إنــه الــروح القــدس‪ ،‬فهــو املعلــم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫حنــن حباجــة إىل معلمــن مــن البــر ً‬


‫أيضــا‪ ،‬هلــذا ال تكــن‬
‫متعصبًــا‪ .‬فيمكــن للــروح القــدس أن يعلمــك مــن خــال مؤمــن‬
‫آخــر‪ .‬وقــد أضفــت هــذه العبــارة ألنــي تقابلــت مــع أنــاس يعتقــدون‬
‫ّ‬
‫أنهــم ليســوا حباجــة إىل تعليــم بمــا أن دليهــم الــروح القــدس‪ ،‬ولكــن‬
‫الــروح القــدس هــو املعلــم وهــو يعلــن عــن يســوع املســيح‪ ،‬فهــو‬
‫يريــك يســوع بطريقــة أوضــح مــن أي يشء آخــر‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫هــل تعلــم أيــن املســيح؟ إنــه جالــس عــن يمــن اهلل القديــر «دفِــع‬
‫ََ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َّ ُ ُّ ُ ْ َ‬
‫ان ِف الســماءِ َوع األ ْر ِض» (مــى ‪ .)18 :28‬عندمــا حــل‬ ‫إِل ك ســلط ٍ‬
‫ّ‬
‫ـخيص‬ ‫الــروح القــدس يف يــوم اخلمســن‪ ،‬اكن األمــر مثــل خطــاب شـ‬
‫ً‬ ‫مــن الــرب هلــؤالء اتلالميــذ ُ‬
‫المجتمعــن يف العليــة قائــا‪« :‬لقــد أتيــت‪،‬‬
‫أنــا هنــا‪ .‬لقــد رأيتمــوين أذهــب‪ ،‬وهــا أنتــم تعرفــون اآلن أيــن أنــا»‪.‬‬

‫بعـد ذلك بفرتة وجزية وقف بطرس وأخرب غري املؤمنني‬

‫“ايلهود اذلين يرفضون املسيح”‪:‬‬


‫َ َ َ َ َ ْ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬
‫ـد ِس مـ َ‬ ‫َ ََْ َ َ‬
‫اآلب‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ـن اهللِ‪ ،‬وأخــذ مو ِعــد الــروح القـ‬
‫«وإ ِ ِذ ارتفــع بِي َ ِمـ ِ‬
‫ُْ ُ َ ُْ ُ َ ُ َْ َ ُ َُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫صونــه َوتســمعونه»‪( .‬أعمــال ‪.)33 :2‬‬ ‫ســكب هــذا الِي أنتــم اآلن تب ِ‬

‫عــرف بطــرس أيــن هــو يســوع بشــل جديــد‪ ،‬مــن اذلي أوضــح هل‬
‫هــذا األمــر؟ أنــه الــروح القــدس‬

‫‪43‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫لتمجيد املسيح‬

‫اكنــت زوجــي األوىل يلديــا لوثريــة أصيلــة يف إحــدى الكنائــس‬


‫ادلانماركيــة‪ ،‬وحــدث وىه شــابة انهــا اعتمــدت بالــروح القــدس يف‬
‫إحــدى الليــايل يف غرفتهــا‪ ،‬ولــم يضغــط أو يؤثــر عليهــا أو يعلمهــا‬
‫أحــد عــن هــذا األمــر‪ ،‬اكنــت عطيــة مبــارشة مــن الســماء‪ .‬ولقــد اكن‬
‫اتلغيــر اذلي حــدث يف حياتهــا مؤثـ ً‬
‫ـرا للغايــة‪ ،‬دلرجــة أنهــا لــم تكــن‬
‫تعــرف مــاذا تفعــل‪ ،‬هلــذا ذهبــت إىل أحــد الشــيوخ‪ ،‬وهــو ٍ‬
‫راع حمــرم‬
‫يف الكنيســة اللوثريــة يف كوبنهاجــن‪ ،‬حيــث قــد ســمعت أنــه شــخص‬
‫أكــر روحانيــة مــن الــراعة اآلخريــن‪.‬‬
‫َّ‬
‫«دلي مشلكة‪ ،‬فهل بإماكنك مساعديت؟»‪.‬‬ ‫قالت يلديا‪:‬‬
‫فاهتــم الــرايع جـ ً‬
‫ـدا بتلــك الشــابة الــي أتــت بمشــلتها وســأهلا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫«مــا يه مشــلتك؟»‬

‫فقالت‪« :‬حسنًا‪ ،‬حدث يشء يل ولكين لست متأكدة منه»‪.‬‬

‫فسأهلا‪« :‬هل يمكنك أن تصفيه يل؟»‬


‫ّ‬
‫أجابت‪« :‬اآلن عندما أصل‪ ،‬أشعر أين أرى يسوع»‪.‬‬
‫فأجــاب هــذا الــرايع اللوثــري منــذ أكــر مــن ثالثــن ً‬
‫اعمــا‬
‫ً‬
‫قائــا‪« :‬أخــي‪ ،‬البــد أنــك قــد اعتمــدت بالــروح القــدس»‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫هلذا فإن معمودية الروح القدس ّ‬


‫يه تلمجيد يسوع‪.‬‬

‫لإلرشـــــاد‬

‫هنـــاك جانــب آخــر خلــــدمة الــروح القـــدس أال وــهــو اإلرشـــاد‬


‫واتلحذيــر‪.‬‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫الــق فهــو ير ِشــدكم إِل جِيــعِ‬ ‫«وأمــا مــى جــاء ذاك روح‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ــم ُع يتك ُ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ســ ِه‪ ،‬بــل ك مــا يس‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ َ ِّ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ‬
‫ــم بِــ ِه‪،‬‬ ‫الــق‪ ،‬ألنــه ال يتكــم مِــن نف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ ْ ُُ‬
‫ــة»‪( .‬يوحنــا ‪) 13 : 16‬‬
‫ــور آتِي ٍ‬‫و ي ِبكــم بِأم ٍ‬

‫حنــن حباجــة إىل هــذا‪ ،‬فنحــن حباجــة إىل حتذيــر خــارق للطبيعــة‬
‫وتوجيــه وإرشــاد لــي ننجــو يف هــذا العالــم اذلي نعيــش فيــه ايلــوم‪،‬‬
‫فلــو أننــا ال حنيــا إال حســب القانــون الطبيــي فســنختار اختيــارات‬
‫خاطئــة طــوال الوقــت‪.‬‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫ُ ّ‬
‫«وكمــا كـــان‬ ‫دعــي أذكــرك بمــا قــاهل يســوع يف (لوقــا ‪)26 :17‬‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ ُ ُ َْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ـان» نفكــر يف‬
‫اإلنسـ ِ‬ ‫ـن ِ‬‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫اب‬ ‫ِ‬
‫ـام‬ ‫ـ‬ ‫ي‬‫أ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ـون‬‫ـ‬‫ك‬ ‫ي‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ـوح‬‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫ِف أيـ ِ‬
‫ـام ن‬
‫اخلطيــة واآلثــام الــي انتــرت يف أيــام نــوح ونقــول أنهــا مثــل اخلطيــة‬
‫املنتــرة ايلــوم‪ ،‬ولكــن تذكــر أن هنــاك شــيئًا آخــر حــدث يف أيــام‬
‫َ ْ ُ َ َْ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ُُ‬ ‫ُ ٌ َ َّ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـر بعــد خــاف‪،‬‬ ‫ـور لــم تـ‬
‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ل‬ ‫وح إ ِ‬ ‫ـان نــوح لمــا أ ِ‬ ‫اإليمـ ِ‬ ‫نــوح‪« :‬ب ِ ِ‬
‫ً‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُْ ً َ‬
‫فبــى فلــا ِلــا ِص بيتِـ ِه»‪( .‬عربانيــن ‪ ،)7 :11‬أعطــى اهلل نلــوح إعالنا‬
‫عمــا ســيأيت ىلع األرض‪ ،‬وعــرف اخلطــوات الــي جيــب‬ ‫خارقًــا للطبيعــة ّ‬

‫‪45‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫عليــه اختاذهــا وعــرف الطريــق لألمــان‪ .‬وبنفــس الطريقــة فإننــا حنــن‬


‫اذليــن نعيــش يف عــر اذلرة حباجــة إىل أن نكــون ىلع اتصــال دائــم‬
‫بالســماء بطريقــة شــخصية وحقيقيــة للغايــة‪.‬‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ـو ي ْر ِشــدك ْم إِل‬ ‫قــال يســوع‪« :‬وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح الــق‪ ،‬فهـ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ‬
‫ـم ُع َي َتكـ ُ‬ ‫ْ َ ِّ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـم ب ِـ ِه‪،‬‬ ‫ـم ِمــن نف ِسـ ِه‪ ،‬بــل ك مــا يسـ‬
‫جِيــعِ الــق‪ ،‬ألنــه ال يتكـ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ ْ ُُ‬
‫ـور آتِي ـ ٍة‪( ».‬يوحنــا ‪ ،)13 :16‬إن اهلل يُدخلنــا إىل جمالــس‬ ‫و ي ِبكــم بِأ ٍ‬
‫ـ‬‫م‬
‫الســماء عندمــا نعتمــد يف الــروح القــدس ونســتمع لصــوت الــروح‬
‫اهلــادئ الرقيــق‪ .‬يمكنــي أن أشــهد شــخصيًا عــن هــذا األمــر فقــد‬
‫ســافرت مئــات األميــال وذهبــت إىل أماكــن خطــرة وموحشــة‪ ،‬وأود أن‬
‫اعــرف بــأن اتلوجيــه واإلعــان اخلــارق للطبيعــة اذلى أعطــاين إيــاه‬
‫الــروح القــدس قــد كشــف يل يف كثــر مــن األحيــان مــا ســيحدث‬
‫فيمــا بعــد‪ .‬فإرشــاده مكنــي مــن اختــاذ اخلطــوة املناســبة وبــا شــك‬
‫حنــن حباجــة ذللــك ايلــوم‪.‬‬

‫للصحــــة‬
‫ـي ُت ْظ َهـــ َ‬ ‫َ َ َ َّ ِّ َ ُ َ‬
‫ـوع‪ ،‬لِـ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ َّ‬ ‫«حاملـ َ‬ ‫َ‬
‫ـر‬ ‫ـن إِماتــة الــرب يســـ‬
‫ٍ‬ ‫حـ‬ ‫السـ ِد ك ِ‬ ‫ـن ِف‬ ‫ِِ‬
‫َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ُ َ َّ َ ً‬ ‫َ َْ ً‬ ‫ََ ُ َُ‬
‫ــاء نســل ُم دائ ِمــا‬ ‫حيــاة يســوع أيضــا ِف جســــدِنا‪ .‬ألننــا نــن األحي‬
‫َ َْ ً‬ ‫َْ َْ َ َ ََ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ل ِلْ َم ْ‬
‫ــر حيــاة يســــوع أيضــا ِف‬ ‫ــــل يســــوع‪ ،‬ل ِــي تظه‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ِــن‬‫م‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ــو‬
‫َ َْ‬ ‫َ َ‬
‫ِــــت» (‪2‬كورنثــوس ‪.)11 – 10 :4‬‬ ‫ِ‬ ‫جســــدِنا المائ‬

‫‪46‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫َ َ َ‬ ‫َْ َ ْ َ َ َ َ ُ َُ َ َْ ً‬
‫الحــظ أنــه مكتــوب «لِــي تظهـ‬
‫ـر حيــاة يســوع أيضــا ِف جس ـدِنا‬
‫َْ‬
‫ِــت»‪ ،‬اهلل ال يريــد أن تكــون نلــا هــذه احليــاة يف صــورة غــر‬
‫المائ ِ‬
‫مرئيــة وخمفيــة بــل أن تكــون معلنــة و ظاهــرة يف أجســادنا‪ .‬فمــا يه‬
‫حيــاة يســوع؟ إنهــا حيــاة القيامــة واالنتصــار والقــوة‪ ،‬فإنهــا إرادة اهلل‬
‫أن تظهــر يف أجســادنا املائتــة‪.‬‬

‫إذن مــا هــو املجــال املــروك يف أجســادنا لعمــل الشــيطان حســب‬


‫ُ‬
‫مــا تقــوهل هــذه اآليــة؟ الحــظ أن لكمــة «تظهــر» اســتخدمت مرتــن‬
‫يف هاتــن اآليتــن‪ .‬يف الواقــع هــذا هــو الشــفاء اإللــي ال بــل أكــر‪.‬‬
‫إنهــا صحــة إهليــة وحيــاة قيامــة أبديــة تلــك الــي تتغلغــل يف أجســادنا‬
‫ُ‬
‫وتعمــل فيهــا وتظهــر نفســها يف أجســادنا املائتــة‪.‬‬

‫مــن هــو املتحكــم فـــي هــذه احليــاة؟ اإلجابــة جندهــا فـــي‬


‫ُ ْ َ ْ َ َ ُ َ ِّ ٌ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َْ‬
‫‪« )10 :8‬وإِن كن الم ِســيح فِيكــم‪ ،‬فالســد ميــت بِس ِ‬
‫ب‬ ‫ــب‬
‫َ‬
‫(روميــة‬
‫ــر»‪ .‬أليــس هــذا ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ــبب ال ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ُّ ُ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫رائعــا؟‬ ‫ِ‬ ‫ال ِطيــةِ‪ ،‬وأمــا الــروح فحيــاة بِس ِ‬

‫يف الليلــة الــي حصلــت فيهــا ىلع اخلــاص لــم أكــن أعــرف أي‬
‫يشء عــن اخلــاص ‪ ،‬فأنــا تعلمــت يف لكيــي إيتــون وكينــج‪ ،‬جبامعــة‬
‫ً‬
‫مازحــا‬ ‫كمــردج‪ ،‬فمــاذا ســأعرف عــن اخلــاص؟ إين أقــول هــذا‬
‫ولكنــه أمــر حمــزن‪ .‬يف احلقيقــة أنــه حــى ســن اخلامســة والعرشيــن‬
‫ً‬
‫مــن عمــرى لــم أكــن قــد ســمعت وعظــا عــن اإلجنيــل‪ ،‬ولــم أكــن قــد‬
‫قابلــت أي شــخص يشــهد باختبــاره الشــخيص عــن الــوالدة اثلانيــة‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يتحــدث انلــاس عــن أفريقيــا املظلمــة ولكــي لــم أقابــل أفريقيًــا‬


‫يعــاين مــن ظلمــة روحيــة أعظــم مــن تلــك الــي اعنيــت منهــا بعدمــا‬
‫أمضيــت ســبع ســنوات يف اكمــردج‪ .‬فــي ذلــك الوقــت كنــت دائــم‬
‫أيضــا مدمنًــا للكحويلــات بشــدة‪ ،‬ولــم أعــرف مــا‬
‫اتلجديــف وكنــت ً‬

‫هــو اخلــاص‪ .‬ولكــن أتــت حلظــة تقابلــت فيهــا مــع أنــاس دليهــم‬
‫ّ‬
‫يشء لــم اكــن أملكــه‪ ،‬وظللــت أردد يف فكــرى أن اهلل ال يمكــن‬
‫ْ‬
‫أن يكــون غــر اعدل‪ ،‬باتلــايل فإنــه كمــا أعطــى هــذا الــيء هلــؤالء‬
‫فالبــد وأنــه ســيعطيين إيــاه‪.‬‬

‫طلبــت منــه هــذا الــيء وحصلــت عليــه يف وقــت متأخــر بعــد‬


‫ُ ً‬
‫منتصــف الليــل يف حجــريت باجليــش‪ .‬ويف ايلــوم اتلــايل لــم أعــد مدفــا‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيضــا عندمــا ذهبــت إىل احلانــة ألبتــاع رشابًــا بــدا كمــا لــو اكنــت‬
‫رجــي ال تريــد ادلخــول‪ ،‬فقــد كنــت حتــت إدارة جديــدة ً‬
‫تمامــا‪ ،‬ولــم‬
‫أكــن حــى أرغــب يف الــراب وكأن االعتيــاد ىلع ارتيــاد هــذا املــان‬
‫هــو فقــط اذلي أىت يب إيلــه‪.‬‬

‫فمــا اذلي كــر قــوة اتلجديــف والرغبــة يف الــراب بهــذه‬


‫الطريقــة؟ املســيح حــل يف‪ ،‬ومــات اجلســد القديــم واجلســد امليــت‬
‫ال يشــتيه الــراب واجلســد امليــت ال جيــدف‪ .‬فاحليــاة اجلديــدة قــد‬
‫ِّ‬ ‫ُّ ُ َ َ َ ٌ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ـر‪( ».‬روميــة ‪،)10 :8‬‬ ‫أتــت‪ ،‬أيــة حيــاة؟ «وأمــا الــروح فحيــاة بِســب ِ‬
‫ب الـ ِ‬
‫وبمــا أننــا تربرنــا باإليمــان بيســوع املســيح‪ ،‬فقــد حصلنــا ىلع احليــاة‬

‫‪48‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫اجلديــدة إذ يــأيت الــروح ويعطينــا «حيــاة بســبب الــر»‪.‬‬

‫وعندما نكمل القراءة يف رومية ‪ 8‬فسنجد‪:‬‬


‫ُ‬
‫ِيك ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ ُ‬
‫ــم‪،‬‬ ‫ات ســاك ِنا ف‬
‫«وإِن كن روح الِي أقــام يســوع مِــن األمــو ِ‬
‫َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ َْ َ َ َْ ً‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َ‬
‫ات ســيح ِي أجســادك ُم المائ ِتــة أيضــا‬ ‫فــالِي أقــام الم ِســيح ِمــن األمــو ِ‬
‫ُ‬
‫ِيكـ ْ‬ ‫َّ‬
‫ـم‪( ».‬روميــة ‪)11 :8‬‬ ‫ك ِن ف‬ ‫ب ِ ُرو ِ‬
‫ح ـ ِه الســا ِ‬

‫هــذا هــو الــروح القــدس وهــو املســئول عــن حيــاة القيامــة الــي‬
‫ليســوع‪ ،‬يلنقلهــا إىل أجســادنا املائتــة‪.‬‬

‫ليــس مصادفــة أنــه تقريبًــا يف لك مــان اعتمــد فيه انلــاس بالروح‬


‫القــدس نراهــم يصلــون ألجــل املــرىض‪ ،‬فــا يمكنــي أن أفكــر يف أي‬
‫اســتثناء هلــذه القاعــدة‪ .‬أعــرف أن هنــاك بعــض اذليــن لــم يعتمــدوا‬
‫بالــروح القــدس‪ ،‬ومــع ذلــك فإنهــم رأوا الشــفاء يف اآليــات الكتابيــة‬
‫وقــد مارســوا الصــاة ألجلــه بأمانــة‪ ،‬واهلل يُكــرم صلواتهــم‪ .‬وقــد‬
‫فعــل اهلل هــذا مــع اتلالميــذ ً‬
‫أيضــا قبــل يــوم اخلمســن‪ ،‬فنقــرأ أن‬
‫اتلالميــذ خرجــوا أثنــاء خدمــة يســوع ىلع األرض ومســحوا مــرىض‬
‫كثرييــن بالزيــت‪ ،‬وأخرجــوا الشــياطني‪ ،‬وهلــذا فــإن اهلل ُســيكرم اذليــن‬
‫يصلــون ألجــل املــرىض حــى وإن لــم يكونــوا ّ‬
‫ممــن نالــوا معموديــة‬
‫الــروح القــدس‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ىلع أيــة حــال إنهــا حقيقــة أنــه حيثمــا حــل الــروح القــدس‬
‫يلكــون قائـ ً‬
‫ـدا للحيــاة اإلهليــة الــي يه مــن يســوع املســيح‪ ،‬فإنــه يُنــر‬
‫فـ ً‬
‫ـورا عيـ ّ‬
‫ـي شــعب اهلل لــروا أن هــذه احليــاة ليســت لإلنســان ادلاخــي‬
‫وحســب ولكنهــا لإلنســان اخلــاريج ً‬
‫أيضــا‪ ،‬فحتمــا ســتجد أن هــذا‬
‫حيــدث‪.‬‬

‫للوحـــدة‬
‫َ ّ‬ ‫ً‬
‫وأخريا أرجع إىل نص األصيل‪:‬‬
‫اع َت َم ْدنَــا إ َل َج َس َ‬
‫ْ‬ ‫َْ ً‬ ‫وح َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬
‫ِيع َنــا ب ُ‬
‫ِــد‪،‬‬
‫ــد واح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ِــد‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ــر‬‫ِ‬ ‫«ألننــا ج‬
‫َ ُ ً‬ ‫ً َْ َ ْ َ ً ََ َُ ُ‬ ‫َ ُ ً ُ َّ َ ْ ُ َ ِّ َ َ‬
‫يهــودا كنــا أم يونان ِيــن‪ ،‬عبِيــدا أم أحــرارا‪ ،‬وجِيعنــا ســ ِقينا روحــا‬
‫ً‬
‫َواحِــدا» (‪1‬كورنثــوس ‪.)13 :12‬‬

‫تذكــر أن هــذا هــو‪ :‬اهلــدف األســايس هلل مــن وراء معموديــة‬


‫املؤمنــن بالــروح القــدس هــو أن ّ‬
‫يوحدهــم ال أن يفصلهــم‪.‬‬

‫اشــتىك أحدهــم مــن كنيســة معينــة يف الواليــات املتحــدة‬


‫األمريكيــة حيــث أن اخلــادم اعتمــد يف الــروح القــدس‪ ،‬وتبعــه بعــض‬
‫أعضــاء كنيســته يف حــن أن ابلاقيــن لــم يتبعــوه‪ .‬وقــال هــذا الشــخص‬
‫ُّ‬
‫«إن املشــلة وراء هــذا االختبــار يه أنــه يقســم الكنيســة»‪ ،‬وقــد أجاب‬
‫خــادم آخــر أعرفــه شــخصيًا إجابــة ممتــازة ىلع تلــك املقولــة ُ‬
‫المريبــة‬
‫ً‬
‫قائــا‪« :‬هــذا أمــر جديــر باملالحظــة ألنــه يف الكنيســة األوىل اكن‬
‫‪50‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫ـي ً‬
‫تمامــا‪ .‬فعندمــا ســمع ايلهــود‬ ‫ملعموديــة الــروح القــدس تأثُــر عكـ ُّ‬
‫أن األمــم يتلكمــون بألســنة أخــرى‪ ،‬اكن هــذا هــو الــيء الوحيــد اذلي‬
‫مجــع بــن ايلهــود واألمــم يف كنيســة واحــدة وجســد واحــد‪ ،‬لــم يكــن‬
‫أي يشء آخــر يفعــل ذلــك»‪.‬‬
‫هكــذا ً‬
‫أيضــا فــإن الــيء الوحيــد اذلي ســيجمع مــا بــن‪-‬‬
‫املعمدانيــن واإلخــوة ابلالميــس والرســويلني واإلجنيلــن واللوثريــن‬
‫معــا وبأعــداد كبــرة ‪ُ -‬معانقــن‬
‫واملشــيخيني وغريهــم مــن الطوائــف ً‬
‫ً‬
‫بعضهــم ابلعــض‪ ،‬ورافعــن أذرعهــم إىل فــوق‪ ،‬يقضــون أوقاتــا ال يفعلون‬
‫فيهــا شــيئًا ســوى تســبيح اهلل‪ -‬هــو املعموديــة يف الــروح القــدس‪.‬‬

‫دعــي أخــرك حبادثــة اكن هلــا تأثــر عميــق ّ‬


‫يلع; كنــت أحتــدث‬
‫يف جتمــع مــن رجــال األعمــال املنتمــن جلماعــة اإلجنيــل الاكمــل يف‬
‫ســبواكن واشــنطن‪ ،‬واكن هــذا االجتمــاع يُعقــد يف فنــدق كبــر حيــث‬
‫ُ ِّ‬
‫حــره مئــات مــن انلــاس‪ ،‬وكنــت أعلــم يف مدرســة مســائية دلراســة‬
‫ـذرا احلارضيــن مــن أخطــار االســتخفاف بيــوم‬‫الكتــاب املقــدس ُمـ ً‬
‫اخلمســن‪.‬‬

‫ووصلــت إىل نهايــة رســاليت ولــم أكــن أعــرف مــاذا أفعــل بعــد‬
‫ذلــك إذ لــم يكــن دليهــم برنامــج حمــدد‪ ،‬وهلــذا وقفــت يف مــاين‬
‫ً‬
‫ورسيعــا مــا بــدأت إحــدى الســيدات يف الرتنيــم‬ ‫وظللــت صامتًــا‪.‬‬
‫بلغــة غــر معروفــة‪ ،‬ويمكنــي أن أصــف األمــر كمــا لــو اكن ترنيمــة‬
‫‪51‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫مــن العــر اجلرجيــوري‪ .‬وحــدث أن األخ اذلي اكن يقــف جبانــي ىلع‬
‫املنــر‪ ،‬واذلي اكن قائـ ً‬
‫ـدا لفريــق الرتانيــم وخبـ ً‬
‫ـرا يف املوســيىق‪ ،‬عندمــا‬
‫انتهــت مــن ترنيمهــا أنــه قــال «لقــد اكنــت هــذه مقطوعــة موســيقية‬
‫معقــدة للغايــة»‪ .‬وانتظرنــا لربهــة فبــدأ شــاب يرنــم باإلجنلزييــة‬
‫ـرا تللــك الرتنيمــة ُمرنمــا َ بنفــس اللحــن ً‬
‫تمامــا‪ ،‬واكنــت‬ ‫وأعطــى تفسـ ً‬
‫اللكمــات الــي يرتنــم بهــا تناســب اللحــن‪ ،‬فقــال الرجــل اذلي جبانــي‬
‫تمامــا»‪ ،‬وحــدث هــذا مرتــن يف خــال‬ ‫«إنــه حيافــظ ىلع اللحــن ً‬

‫انلهــار‪.‬‬

‫أمــا اجلانــب الرائــع يف هــذه القصــة هــو ّ‬


‫إين فعلــت يشء ال نفعلــه‬
‫اعدة يف تلــك اتلجمعــات‪ .‬فنـ ً‬
‫ـادرا مــا نســأل اآلخريــن عــن الطوائــف‬
‫الــي أتــوا منهــا‪ ،‬حيــث أننــا ال نهتــم بطوائــف وألقــاب معينــة‪،‬‬
‫ولكــن بمــا أنــه بــدا يل وجــود روابــط وعالقــات رائعــة يف ظــل وجــود‬
‫مثــل تلــك األمــور‪ ،‬فقــد طرحــت بعــض األســئلة عــن الطوائــف الــي‬
‫ينتــي إيلهــا هــذان الشــخصان‪ ،‬واكتشــفت أن الســيدة اكنــت لوثريــة‬
‫مجيعــا ُ‬
‫واحــد يف‬ ‫ً‬ ‫وأن الشــاب ينتــي للكنيســة األســقفية‪ ،‬ولكننــا‬
‫يســوع املســيح ويف وحــدة الــروح القــدس‪.‬‬

‫وايلــوم فــإن كنيســة يســوع املســيح تواجــه اختياريــن‪ ،‬فمــن‬


‫ناحيــة دلينــا احتــاد ومــن ناحيــة أخــرى دلينــا وحــدة‪ .‬لــن أذهــب‬
‫ً‬
‫بعيــدا للقــول أن هذيــن االختياريــن حرصيــن بعضهمــا بلعــض‬

‫‪52‬‬
‫الغرض من االختبار‬

‫بالرغــم مــن أن اإلنســان يمكنــه أن يصنــع االحتــاد‪ ،‬فــإن الــروح‬


‫القــدس وحــده هــو مــن يصنــع الوحــدة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪54‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫النموذج الكتاىب لقبول الروح القدس‬

‫إن أردنــا أن حنيــا يف مــلء معموديــة الــروح القــدس فالبــد وأن‬


‫نفهــم مــن هــو الــروح القــدس وكيــف نقبلــه‪.‬‬
‫ً‬
‫صورا كثيرة من احلياة‬ ‫مـن خلال الكتاب املقدس‪ ،‬يعطينـا اهلل‬
‫ايلوميـة ومعظـم هـذه الصـور غري شـخصية‪ ،‬فالـروح القـدس يُ ْر َمز‬
‫هل بالريـح وانلـار واملطـر وانلـدى والزيـت وهـذه جمرد مخسـة رموز‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خاصا ىلع لكمة «هو»‬ ‫تأكيدا‬ ‫جنـد يف العهد اجلديد بصفة خاصـة‬
‫لإلشـارة إىل الروح القـدس‪ ،‬ليك يؤكد ىلع حقيقـة أن الروح القدس‬
‫ً‬
‫شـخص‪ ،‬هلذا فنحـن يف حاجة ألن نفهم الكتـاب املقدس اكمل ألن‬
‫هذا يسـاعدنا أن نتعلم ونقبل طبيعة الـروح القدس وعمله بالاكمل‪.‬‬

‫خدمــة يســوع األساســية كانــت أن يـُعمـّــد بالــروح‬


‫القــدس‬

‫املسيا أي املسيح‬ ‫ّ‬ ‫نلقرأ اللكمات اليت قدم بها يوحنا املعمدان‬
‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ــن ِ ُل ْظ َه َ‬
‫ــر إل ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َََ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ُ‬
‫جئــت‬
‫ِ‬ ‫ِــك‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ِيــل‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫‪.‬‬ ‫ــه‬‫«وأنــا لــم أكــن أع ِرف‬

‫‪55‬‬
‫تلبسون قوة‬
‫ُّ َ َ ً ْ َ‬ ‫َ ِّ َ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ َّ َ‬
‫ِ‬
‫ُ َ ِّ ُ ْ َ‬
‫ـازل مِثــل‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫وح‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬‫ق‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫«‬‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ائ‬‫ق‬ ‫ـا‬‫ـ‬‫ن‬ ‫وح‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ـه‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫و‬ ‫ء‬ ‫ـا‬‫ـ‬‫م‬ ‫أعمــد بِال‬
‫َّ َّ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫كــن الِي‬ ‫حامـ ٍة ِمــن الســماءِ فاســتقر عليـ ِه‪ .‬وأنــا لــم أكــن أع ِرفــه‪ ،‬ل ِ‬
‫ُّ َ َ ً ُ ْ َ‬ ‫ـال ل‪َّ :‬الِي تَـ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ ِّ َ ْ َ‬
‫ـازل َومســت ِق ًّرا‬ ‫َ ِ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫وح‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ـر‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬‫ق‬ ‫اك‬ ‫ذ‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫أرســل ِن ألعمــد بِال‬
‫ْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ـد بالـ ُّ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ َ َ ُ َ‬
‫ـهدت‬ ‫وح القــد ِس‪ .‬وأنــا قــد رأيــت وشـ ِ‬ ‫ـر ِ‬ ‫َعليـ ِه‪ ،‬فهــذا هــو الِي يعمـ ِ‬
‫ـو ْابـ ُ‬ ‫ـذا ُهـ َ‬ ‫َّ َ‬
‫ـن اهللِ»‪( .‬يوحنــا ‪)34 – 31 :1‬‬ ‫أن هـ‬

‫اكن الغــرض مــن خدمــة يوحنــا املعمــدان هــو إعــداد الطريــق‬


‫ً‬
‫ـددا أال وهــو أن ّ‬ ‫ليســوع واكن عليــه أن يعمــل شــيئًا واحـ ً‬
‫يعمــد‬ ‫ـدا حمـ‬
‫ّ‬
‫انلــاس باملــاء‪ .‬أعتقــد أنــه لــم تكــن لكماتــه يه فقــط انلبويــة بــل‬
‫أفعــاهل ً‬
‫أيضــا ‪ ،‬فكأنــه يقــول‪« :‬مــا أفعلــه باملــاء‪ ،‬ســيفعله مــن يــأيت‬
‫بعــدي بالــروح القــدس»‪.‬‬
‫ُ‬
‫وبهــذا قــدم يســوع ىلع أنــه مــن يعمــد بالــروح القــدس‪،‬‬
‫وجنــد تلــك املقدمــة يف األناجيــل األربعــة لكهــا (مــى ومرقــس‬
‫ولوقــا ويوحنــا)‪ .‬أراد اهلل يف األســاس أن يُقــدم يســوع إلرسائيــل ال‬
‫كمخلــص أو كحمــل اهلل بــل ىلع كمــن ســيُ َع ِمد بالــروح القــدس‪.‬‬
‫اكن هــذا هــو اجلانــب الرئيــي مــن خدمــة يســوع واذلي أكــد‬
‫ّ‬
‫أن الكنيســة لــم تـ ّ‬
‫ـو ِل هــذا‬ ‫عليــه يوحنــا‪ ،‬ومــع ذلــك فالغريــب‬
‫ً‬
‫اجلانــب انتباهــا اكفيًــا ىلع مــر القــرون الســابقة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫تعليم يسوع فيما خيص الروح القدس‬

‫دعونــا نلــي نظــرة ىلع اتلعليــم الفعــي ليســوع يف عالقتــه بالروح‬


‫القــدس‪ ،‬ونلبــدأ بهــذا اجلــزء اذلي تعرضنــا هل يف بدايــة هــذا الكتاب‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ َ َُ ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫ـن ال ِعيـ ِد َوقــف يســوع َونــادى ق ِائِــا‬ ‫ـم ِمـ‬‫ـر الع ِظيـ ِ‬‫الــو ِم األ ِ‬
‫ـ‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫«وف َ‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ٌ ُ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫إِن ع ِطــش أحــد فليقبِــل إِل ويــرب‪ .‬مــن آمــن ِب‪ ،‬كمــا قــال الكِتــاب‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫هــذا َعــن ُّ‬
‫الــر ِ‬
‫َ‬ ‫َ ٍّ َ َ‬ ‫ََْ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ‬
‫وح الِي كن‬ ‫ِ‬ ‫ــال‬ ‫ق‬ ‫»‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ــا‬‫م‬ ‫ــار‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ــ‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫ِــن‬‫م‬ ‫ي‬ ‫ــر‬
‫ت ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َّ ُّ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ْ‬
‫المؤمِنــون ب ِـ ِه م ْز ِم ِعــن أن يقبلــوه‪ ،‬ألن الــروح القــدس لــم يكــن قــد‬
‫ُ ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ِّ َ َ ْ ُ‬
‫ـم يكــن قــد مــد بعــد‪( ».‬يوحنــا ‪)39 – 37 :7‬‬ ‫أع ِطــي بعــد‪ ،‬ألن يســوع لـ‬

‫اكن يســوع يتحــدث عــن يشء ســيحدث يف املســتقبل‪ ،‬وليــس‬


‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫مــن الصائــب أن ن ّطبــق هــذا اجلــزء ىلع تغــر اخلطــاة وإنمــا يشــر‬
‫َ َّ‬
‫هنــا ىلع قبــول املؤمنــن للــروح القــدس‪ .‬خيربنــا (يوحنــا ‪« )39 :7‬ألن‬
‫ُ‬ ‫ُّ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫ـي بعــد»‪ .‬اللكمــة «أع ِطــي» موضوعــة‬‫الــروح القــدس لــم يكــن قــد أع ِطـ‬
‫خبــط مائــل يف كثــر مــن ترمجــات الكتــاب املقــدس ألنهــا لكمــة أضافها‬
‫املرتمجــون‪ .‬فاألصــل ايلونــاين يقــول‪« :‬الــروح القــدس ليــس بعــد» ومــن‬
‫ً‬
‫الواضــح أن هــذا ال يعــي أن الــروح القــدس لــم يكــن موجــودا بعــد‪،‬‬
‫ذللــك اكن ىلع املرتمجــن أن يقــرروا كيــف يصيغــون تلــك العبــارة‪.‬‬
‫ً‬
‫«متاحــا»‪ ،‬فالــروح القــدس لــم‬ ‫واعتقــد أنــه يمكننــا أن نســتخدم لكمــة‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫متاحــا بعــد‪ .‬فمــا اكن يتحــدث عنــه يســوع لــم يكــن لكــون‬ ‫يكــن‬
‫مجــد وجيلــس مــرة أخــرى عــن يمــن‬ ‫متاحــا َ حــى يرجــع إىل الســماء ُ‬
‫وي ّ‬

‫‪57‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ُ ْ‬
‫اآلب‪ ،‬هلــذا فإنــه وىلع الرغــم مــن الوعــد قــد أعطــى فـــي (يوحنــا ‪ )7‬إال‬
‫أن حتقيقــه لــم يتــم إال يف (أعمــال ‪ ،)2‬بعدمــا تمجــد يســوع‪.‬‬

‫مبادلة األشخاص‬

‫عــد‬‫ُ‬
‫عندمــا اقــرب يســوع مــن نهايــة خدمتــه األرضيــة‪ ،‬بــدأ ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تالميــذه تدرجييًــا ليســتوعبوا حقيقــة أنــه ســيرتكهم وأن شــخصا آخــر‬
‫ســيأيت يلأخــذ ماكنــه‪ .‬وعنــد هــذه املرحلــة مــن تعليــم يســوع ظهــر‬
‫تأكيــد قــوي جـ ً‬
‫ـدا ىلع أن الــروح القــدس شــخص‪ ،‬فجوهــر مــا يقــوهل‬
‫يســوع هــو أنــه ســيكون هناك تبــادل بــن شــخصني خبصــوص اتلواجد‬
‫ىلع األرض‪« ،‬فأنــا ابــن اهلل كشــخص ســأرحل‪ ،‬وســيحل حمــي شــخص‬
‫آخــر أال هــو الــروح القــدس»‪.‬‬

‫املعــــــزي‬

‫اآلب‬ ‫ــب م َ‬
‫ِــن‬ ‫ــاي‪َ ،‬و َأنَــا َأ ْطلُ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫اح َف ُظــوا َو َصايَ َ‬‫ــي ف‬
‫ْ ُ ْ ُ ْ ُ ُّ َ‬
‫«إن كنتــم تِبون‬
‫ِ‬ ‫َ ُ ْ ِ ُ ْ ُ َ ِّ ً َ َ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ ََ‬
‫ِ‬
‫فيع ِطيكــم معزيــا آخــر ِ َلمكــث معكــم إِل األبـدِ‪( ».‬يوحنــا ‪)16 – 15 :14‬‬

‫يقــول يســوع‪« :‬ســأطلب مــن اآلب أن يســدد احتياجكــم‪ ،‬عندمــا‬


‫ً‬
‫معزيــا آخــر» إىل مــاذا تشــر لكمــة «آخــر»؟‬ ‫أمــي ســيعطيكم اآلب‬
‫ُ‬
‫هنــاك لكمتــان يونانيتــان للكمــة «آخــر»‪ ،‬أحدهمــا تعــي متلــف يف‬
‫ُ‬
‫العــدد واألخــرى تعــي متلــف يف انلــوع‪ ،‬واللكمــة املســتخدمة هنــا‬
‫ُ‬
‫تعــي متلــف يف العــدد‪ ،‬فالشــخص اإللــي يســوع ســيميض‪ ،‬ولكنــه‬
‫‪58‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ســيطلب مــن اآلب أن يرســل شـ ً‬


‫ـخصا إهليًــا آخــر يلحــل حملــه وهــذا‬
‫الشــخص هــو الــروح القــدس املعــزي‪.‬‬

‫وحيــث أن الــروح القــدس هــو املعــزي‪ ،‬فــإن التشــجيع هــو‬


‫صفــة أساســية مــن شــخصيته ٍ‪ ،‬فهــو ال ُيبــط أوالد اهلل أبـ ً‬
‫ـدا‪ .‬فيجــب‬
‫دائمــا أن أي تأثــر يُصيبــك باإلحبــاط ليــس مــن الــروح‬ ‫أن تتذكــر ً‬

‫القــدس‪ ،‬فلــو أنــك وقعــت يف خطيــة مــا فســيوخبك ىلع وجــه اتلحديــد‬
‫وســيخربك بمــا عليــك فعلــه‪ ،‬ولكنــه لــن حيبطــك أبـ ً‬
‫ـدا‪ .‬هنــاك كثريون‬
‫حبطــة يف حياتهــم ويعتقــدون أن هــذا مــن‬ ‫ُ‬
‫يعانــون مــن اتلأثــرات الم ِ‬
‫الــروح القــدس ولكنــه ليــس كذلــك‪ .‬فالــروح القــدس مشــجع وليس‬
‫ُ ً‬
‫بطــا‪.‬‬
‫م ِ‬

‫روح احلــــق‬

‫يف اآلية اتلايلة‪ ،‬داع يسوع الروح القدس روح احلق‪:‬‬


‫َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ ُ ْ َ ِّ َّ‬
‫ــــق الِي ال يســــت ِطيع العالم أن يقبـــله‪ ،‬ألنه ال يراه وال‬ ‫«روح ال‬
‫ُْ‬ ‫ٌ ََ ُ ْ ََ ُ ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ َ ُ َ َّ ُ َ‬
‫يع ِرفــــه‪ ،‬وأمــا أنتم فتع ِرفونـــه ألنه ماك ِـــث معكم ويكـــون فِيكم‪».‬‬
‫(يوحنــا ‪)17 :14‬‬

‫الحــظ مــرة أخــرى أننــا ال نتحــدث عــن يشء يســتقبله اخلطــاة‪،‬‬


‫َ َْ َ ُ َْ َ ُ َ ْ َََْ ُ‬
‫ـم أن يقبلــه» فهــذا يشء يمكــن‬ ‫فكمــا قــال يســوع‪« :‬ال يســت ِطيع العالـ‬
‫ّ‬
‫ألوالد اهلل املولوديــن ثانيــة فقــط أن يقبلــوه‪ ،‬أمــا اخلطــاة فال يســتطيعون‬
‫‪59‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫أن يقبلــوه ألنهــم ليســوا ىلع اتصــال بــه‪ ،‬فهــم ال يرونــه‪ ،‬وال يعرفونــه‬
‫وال يفهمونــه وهــو ليــس حقيقيًــا بالنســبة هلــم‪.‬‬

‫املُعني احلاضر دائمـًا‬


‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِيكـ ْ‬ ‫ٌ ََ ُ ْ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ َ ُ َ َّ ُ َ‬
‫ـم‪ .‬ال‬ ‫ـم َويكــون ف‬
‫ـم فتع ِرفونــه ألنــه ماكِــث معكـ‬ ‫«وأمــا أنتـ‬
‫ُ‬
‫ْكـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َُْ ُ ُ ْ ََ‬
‫ـم‪( ».‬يوحنــا ‪)18 – 17 :14‬‬ ‫آت إِل‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫ـام‬ ‫ـ‬‫ت‬ ‫أترككــم ي‬

‫بــدون الــروح القــدس ســنكون حنــن املؤمنــن مثــل ايلتــاىم‪ .‬اكن‬


‫ــن يهتــم بكــم‬‫يســوع يقــول‪ :‬لــن أترككــم مثــل ايلتــاىم بــدون َم ْ‬
‫َّ‬
‫وي ّعزيكــم‪ ،‬أو يُعينكــم (يُمدكــم بمــا حتتاجــون) ‪،‬‬ ‫ويعلّمكــم ُ‬ ‫ُ‬

‫وعندمــا أمــي ســيأيت شــخص آخــر‪ .‬ومــن خــال الــروح القــدس لــن‬
‫نكــون يتــاىم إذا قبلنــا معونــة يســوع نلــا‪.‬‬
‫َ‬
‫آخـ َ‬
‫ـر‬
‫ُ ْ ُ َ ً‬
‫ـم مع ِّزيــا‬
‫َُْ‬
‫اآلب فيع ِطيكـ‬ ‫ـن‬ ‫«و َأنَــا َأ ْطلُـ ُ‬
‫ـب مـ َ‬ ‫قــال يســوع‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ ََ‬
‫ــم إِل األبــدِ» (آيــة ‪ )16‬لكمــة لألبــد هنــا هامــة‬ ‫ِلمكــث معك‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ــى يســوع كشــخص مــدة ثــاث ســنوات ونصــف‬ ‫للغايــة‪ .‬أم‬
‫مــع تالميــذه‪ ،‬واآلن هــا هــو يرتكهــم يف الفــرة الــي اكنــوا فيهــا ىلع‬
‫أن ُ‬
‫المعـ ّ‬ ‫ّ‬
‫ـزي اآلخــر اذلي‬ ‫وشــك ان يعرفــوه حــق املعرفــة‪ .‬ولكنــه قــال‬
‫ســيأيت لــن يرتكهــم أبـ ً‬
‫ـدا‪ ،‬فإنــه ســيأيت يلبــى معهــم لألبــد‪ .‬وهــذا‬
‫املعــزي هــو الــروح القــدس‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫مـُ َّ‬
‫عـلــــم‬

‫ثم يف (يوحنا ‪ )26 – 25 :14‬قال يسوع‪:‬‬


‫ُّ ُ ْ ُ ُ ُ‬
‫ـروح القــدس‪،‬‬ ‫ـزي‪ ،‬الـ‬ ‫ـم‪َ .‬و َأ َّمــا ال ْ ُم َعـ ِّ‬ ‫َْ ُ‬
‫كـ ْ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫ـم َوأنــا عِند‬ ‫«بِهــذا كمتكـ‬
‫ك ْ‬ ‫ِّ‬
‫ْ َُ ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫اآلب باســي‪ ،‬ف ُه َ ُ َ ُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ ُُ‬ ‫َّ‬
‫ــم‬ ‫ــو يعلمكــم ك ش ٍء‪ ،‬ويذكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِســله‬ ‫الِي س‬
‫ك ْ‬ ‫ُ ِّ َ ُ ْ ُ ُ َ ُ‬
‫ــم‪».‬‬ ‫بِــكل مــا قلتــه ل‬

‫حتدثنــا يف الفصــل الســابق عــن دور الــروح القــدس كمعلّــم‪ّ ،‬‬


‫وإين‬
‫َ ُ‬
‫ل ُمتأثــر بثقــة الــرب يســوع يف الــروح القــدس‪ ،‬وأعتقــد أنــه جيــب أن‬
‫يكــون دلينــا نفــس اثلقــة‪ .‬يف بعــض األحيــان نعتقــد أنــه جيــب أن‬
‫نقــوم بــكل يشء وإن لــم نفعــل ذلــك فلــن يتــم أي يشء‪ ،‬يف حــن أن‬
‫يســوع قــال‪« :‬لقــد فعلــت مــا يمكنــي أن أفعلــه‪ ،‬وعندمــا يــأيت الــروح‬
‫ً‬
‫القــدس فســيتمم العمــل»‪ ،‬أعتقــد حقــا أن هــذه إحــدى عالمــات‬
‫االتضــاع مــن جانــب الــرب يســوع‪.‬‬

‫فأنــا أتعلّــم مــا يتوقــع اهلل مــي أن أفعلــه ومــا جيــب ّ‬


‫يلع أن أتركــه‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ـدت أنــه ّ‬
‫يلع أن أقــوم بــكل يشء‪ ،‬فعــادة‬ ‫للــروح القــدس‪ .‬فــإذا اعتقـ‬
‫مــا يكــون هــذا هــو الفشــل بعينــه‪ .‬ولكــن يســوع قــال‪« :‬لقــد‬
‫أخذتكــم إىل أقــى مــا يمكنكــم أن تأتــوا إيلــه اآلن وال يمكنــي‬
‫أن أعطيكــم املزيــد ألنكــم لــن تقــدروا ىلع اســتيعابه‪ ،‬فســيكون‬
‫هــذا مضيعــة للــكالم»‪ ،‬فعندمــا نســكب املــاء يف زجاجــة ُمغطــاة‬

‫‪61‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫فهــذا معنــاه إهــدار للمــاء‪ ،‬هلــذا قــال‪« :‬ســأترككم‪ ،‬ولكــن لك يشء‬


‫ســيكون ىلع مــا يــرام ألنــه عندمــا يــأيت الــروح القــدس وأنــا أثــق بــه‬
‫ً‬
‫تمامــا‪ ،‬فهــو ســيتمم العمــل»‪.‬‬
‫ً‬
‫حقـا أنك لـو كنت ً‬
‫قائدا ألحـد برامج اتللمـذة فيجب أن‬ ‫أعتقـد‬
‫تتذكـر هـذا األمـر طـوال الوقت‪ ،‬أنـه يمكنـك أن تفعـل الكثري فقط‬
‫ولكـن الـروح القدس سـيكون عليـه أن يفعل ابلايق‪ .‬فمـن حياولون‬
‫أن يفعلـوا لك يشء يعرقلـون اهلل‪ .‬لـم يعرقل يسـوع اآلب ً‬
‫أبـدا ‪ ،‬فقد‬
‫عـرف مىت جيـب أن يرتك املوقف‪ .‬اكنـت زوجيت السـابقة يلديا تقول‪:‬‬
‫«اتـرك ً‬
‫دائمـا عندمـا تكـون يف اذلروة وال تنتظر حىت يفشـل األمر»‪.‬‬

‫وهــذه نصيحــة جيــدة للغايــة‪ ،‬فبعض انلــاس ال يرتكــون إال عندما‬


‫يتمــزق األمــر لكــه وال يكــون أمامهــم بديــل فيقولــون‪« :‬حســنًا‪ ،‬اهلل‬
‫يدعــوين إىل مــان آخــر»‪ .‬األمــر حيتـــاج إىل فــن حقيــي لــي تعــرف‬
‫مــى تــرك‪ ،‬فهــذه يه احلساســية للــروح القــدس‪ ،‬وذللــك قــال يســوع‪:‬‬
‫آت‬ ‫ْ‬
‫«لقــد فعلــت مــا اســتطعت أن أفعلــه‪ ،‬ولكــن هنــاك معلــم آخــر ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وســيقوم بعمــل أمريــن‪ .‬ســيعلمكم مــا لــم أعلمكــم إيــاه‪ ،‬وســيذكركم‬
‫ّ‬
‫بــكل مــا علمتــه لكــم»‪.‬‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬
‫والمذكــر همــا مــن خدمــات الــروح القــدس العظيمــة‪.‬‬ ‫املعلــم‬
‫فتســجيل الكتــاب املقــدس ال يعتمــد فقــط ىلع ذاكــرة البــر الــي‬
‫ال يمكــن االعتمــاد عليهــا‪ ،‬بــل قــد أىت الــروح القــدس يلتأكــد مــن‬
‫‪62‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬
‫ّ‬ ‫أن ُك ّتــاب الــويح يســجلون األمــور ىلع حنــو دقيــق ً‬
‫تمامــا‪ ،‬فقــد ذكرهــم‬
‫ّ‬
‫بــكل يشء‪ .‬ويمكننــا أن نعتمــد ىلع الكتــاب املقــدس حيــث أنــه‬
‫تســجيل ُمــوىح بــه مــن الــروح القــدس‪.‬‬
‫أيضــا ُك ّتــاب العهــد اجلديــد ً‬
‫فهمــا‬ ‫أعطــى الــروح القــدس ً‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫وإال َ‬ ‫ً‬
‫ســجلوها ألنهــم لــم‬ ‫لمــا اكنــوا‬ ‫لكثــر مــن األحــداث‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫جديــدا‬
‫يــروا أهميتهــا عنــد حدوثهــا‪ .‬فعــى ســبيل املثــال افــرض أنــك حتــاول‬
‫ـر عليــك منــذ اعم‪ ،‬أو افــرض أنــه عليــك أن جتعــل‬‫وصــف حــدث مـ َّ‬
‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ســتة أفــراد شــاهدوا حدثــا مــا جيلســون ويدونــون لك بمفــرده نفــس‬
‫احلــدث‪ ،‬فســتجد صعوبــة يف اكتشــاف أنهــم يصفــون نفــس احلــدث‪،‬‬
‫ً‬
‫فاألمــر ليــس ســهل‪ ،‬ولكــن اتلالميــذ لــم يكــن عليهــم االعتمــاد‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ىلع القــدرة البرشيــة‪ ،‬فدليهــم وعــد بــأن الــروح القــدس ســيذكرهم‬
‫ّ‬
‫بــكل يشء‪.‬‬

‫تبــادل مناســب‬

‫قــال يســوع أثنــاء اســتكماهل لعمليــة توجيــه اتلالميــذ وإعدادهــم‬


‫لرتكــه إياهــم‪:‬‬
‫كـ ْ‬‫َ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ٌ ْ ُ‬ ‫َ َََ َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ـم‬ ‫ـاض إِل الِي أرســــل ِن‪ ،‬وليــس أحــد مِن‬
‫«وأمــا اآلن فأنــا مـ ٍ‬
‫ْ َ ِّ ُ ْ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ ُ‬ ‫َْ َُ َْ َ َ ْ‬
‫ـزن‬ ‫كــن ألن قلــت لكــم هــذا قــد مــأ الـ‬ ‫ـي؟ ل ِ‬ ‫يســأل ِن‪ :‬أيــن تمـ ِ‬
‫ك ْ‬ ‫ُُ َ ُ‬
‫ــم»‪( .‬يوحنــا ‪)6 – 5 :16‬‬ ‫قلوب‬

‫‪63‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫لــم يتمكنــوا مــن فهــم أي يشء ســوى تلــك احلقيقــة املخيفــة‬


‫اخلاصــة برحيــل يســوع‪ ،‬ولكنــه قــال شــيئًا ً‬
‫هامــا للغايــة جيــب علينــا‬
‫أن نفهمــه‪:‬‬
‫ِّ َ ُ ُ َ ُ ُ ْ َ َّ َّ ُ َ ْ ٌ َ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ ْ‬
‫ـم أن أنطلِــق‪ ،‬ألنــه إِن‬ ‫كــي أقــول لكــم الــق‪ :‬إِنــه خــر لكـ‬ ‫«ل ِ‬
‫َ‬
‫ُ ْ ُ‬
‫كــم»ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ُ ُ َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ََْ ْ َ‬
‫َ‬
‫كــن إِن ذهبــت أر ِســله إِل‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫لــم أنطلِــق ال يأتِيكــم المعــزي‪ ،‬ول ِ‬
‫(يوحنــا ‪.)7 :16‬‬
‫ْ َ َْ َ ُ َ‬ ‫َُ َ َ ُ ْ‬ ‫َّ ُ ُ ً َ َ ً َ ْ ً‬
‫كــن ال تســت ِطيعون‬ ‫ـرة أيضــا ألقــول لكــم‪َ ،‬ول ِ‬ ‫«إِن ِل أمــورا كثِـ‬
‫َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ ََْ ُ‬
‫أن تت ِملــوا اآلن‪ .‬وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح الــق‪ ،‬فهــو ير ِشــدكم إِل‬
‫ـم ُع َي َت َكَّـ ُ‬
‫َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ِّ َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـم ب ِـ ِه‪،‬‬ ‫ـم ِمــن نف ِسـ ِه‪ ،‬بــل ك مــا يسـ‬ ‫جِيــعِ الــق‪ ،‬ألنــه ال يتكـ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ ْ ُُ‬
‫ـور آتِي ـ ٍة‪( ».‬يوحنــا ‪)13 -12 :16‬‬‫و ي ِبكــم بِأ ٍ‬
‫ـ‬‫م‬

‫وجنــد هنــا مــرة أخــرى توضيــح ملبــدأ مبادلــة األشــخاص‪ .‬قــال‬


‫ْ‬ ‫يســوع‪« :‬طاملــا أين هنــا فــإن ّ‬
‫املعــزي لــن يــأيت‪ ،‬ولكــن إن رحلــت‬
‫ً‬
‫معزيــا يلأخــذ مــاين‪ ،‬وهــذا مناســب‬ ‫فســأكون حـ ً‬
‫ـرا ألرســل لكــم‬
‫بالنســبة لكــم‪ ،‬فهــذه املبادلــة يه لصاحلكــم»‪ .‬وأعتقــد أنــه اكن‬
‫يقــول‪« :‬ســتكونون يف أفضــل حــال عندمــا أكــون يف الســماء والــروح‬
‫القــدس ىلع األرض ممــا أنتــم عليــه اآلن بوجــودي معكــم ىلع األرض‬
‫و الــروح القــدس يف الســماء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫مــن الواضــح ً‬
‫صحتــه ألنــه و يف اللحظــة‬ ‫تمامــا أن هــذا ثبُتــت‬

‫‪64‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫الــي أىت فيهــا الــروح القــدس‪ ،‬حصــل اتلالميــذ ىلع فهــم خمتلــف‬
‫ً‬
‫تمامــا عــن حيــاة يســوع وخدمتــه وتعليمــه‪ .‬فحــى ذلــك الوقــت‪ ،‬اكنــوا‬
‫ً‬
‫جــدا يف تقديــر تلــك احلقائــق األساســية الــي اكن يقوهلــا‬ ‫بطيئــن‬
‫ّ‬
‫يســوع ولكــن يف اللحظــة الــي حــل فيهــا الــروح القــدس حصلــوا‬
‫ىلع فهــم خمتلــف ً‬
‫تمامــا‪.‬‬

‫ـر رائــع لــو أننــا‬ ‫ً‬


‫كثــرا مــا نســمع مؤمنــن يقولــون‪« :‬يــا هل مــن أمـ ٍ‬
‫كنــا مثــل الرســل يف أيــام خدمــة يســوع ىلع األرض‪ ،‬لــو أننا كنــا قريبني‬
‫ْ‬
‫مــن يســوع مثلهــم ونِلنــا هــذا القــدر مــن اتلعليــم اذلي حصــل عليــه‬
‫ّ‬
‫اتلالميــذ مــن يســوع شــخصيًا!» ولكــن هــذا ليــس مــا يعلمنــا إيــاه‬
‫الكتــاب املقــدس‪ ،‬فيخربنــا (يوحنــا ‪ )7 :16‬أننــا اآلن يف حــال أفضــل‬
‫مــن حــال اتلالميــذ أثنــاء فــرة وجــود يســوع هنــا ىلع األرض حيــث‬
‫ّ‬
‫لــم يكــن الــروح القــدس قــد حــل عليهــم بعــد‪ .‬فالــروح القــدس لــم‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫يكـ ْ‬
‫ـن يلــأيت طاملــا اكن يســوع موجــودا بشــخصه ىلع األرض‪.‬‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫«وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح الــق‪ ،‬فهــو ير ِشــدكم إِل جِيــعِ الــق‪،‬‬
‫كـ ْ‬ ‫َ ُْ ُ ُ‬ ‫ـم ُع َي َت َكَّـ ُ‬
‫َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬
‫ـم‬ ‫ـم ب ِـ ِه‪ ،‬و ي ِب‬ ‫ـم ِمــن نف ِس ـ ِه‪ ،‬بــل ك مــا يسـ‬
‫ألنــه ال يتكـ‬
‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ـور آتِيـ ٍة» (يوحنــا ‪.)13 :16‬‬
‫بِأ ٍ‬
‫ـ‬ ‫م‬

‫عندمــا يكــون دلينــا الــروح القــدس‪ ،‬فعندهــا يمكننــا القــول‬


‫َّ ً‬
‫ـال ً‬
‫خاصــا مــع الســماء‪ ،‬وانــه يمكننــا‬ ‫بــكل وقــار أن دلينــا خــط اتصـ‬
‫أن نعلــم بمــا جيــري يف جملــس اهلل‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يف اآليــة الســابقة هنــاك واحــد مــن املــؤرشات الواضحــة ىلع‬


‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ّ‬
‫الــق‪،‬‬ ‫أن الــروح القــدس شــخص‪« :‬وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح‬
‫ــو‪ »....‬الحــظ اإلشــارة هل باســتخدام الضمــر «هــو» وليــس‬ ‫َف ُه َ‬
‫ادلال ىلع غــر العاقــل‪ ،‬اللكمة اليت تعــي روح «‪»pneuma‬‬ ‫بالضمــر ّ‬
‫حمايــدة يف اللغــة ايلونانيــة‪ ،‬ألن ايلونانيــة حتتــوي ىلع ثالثــة أنــواع‬
‫مــن اللكمــات‪ :‬املذكــر واملؤنــث واملحايــد‪ .‬وهلــذا فــإن الضمــر‬
‫اذلي جيــب أن نســتخدمه هنــا لــي تكــون العبــارة صحيحــة‬
‫حنويــا هــو الضمــر اذلي ي ُ ْســتخدم لغــر العاقــل‪ ،‬ولكــن يســوع‬ ‫ًَ‬
‫َ ْ‬
‫ــد‬
‫أو يوحنــا اكتــب اإلجنيــل كــر القواعــد انلحويــة عــن عم ٍ‬
‫لــي يســتخدم ضمــر املذكــر «هــو» وليــس ضمــر املحايــد اذلي‬
‫ُ‬
‫يســتخدم لغــر العاقــل‪ .‬وهــذه طريقــة ت ْســتَخدم للتأكيــد بقــدر‬
‫اإلمــان ىلع أن الــروح القــدس «هــو» شــخص وليــس شــيئ‪.‬‬

‫الروح القدس ميجد يسوع‬


‫َ ُْ ُ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ُ ُ َّ‬ ‫َ َ ُ َ ِّ ُ‬
‫بك ْم‪( ».‬يوحنا ‪)14 :16‬‬ ‫«ذاك يمجد ِن‪ ،‬ألنه يأخذ مِما ِل و ي ِ‬
‫الــروح القــدس ال يمجــد ذاتــه أبـ ً‬
‫ـدا‪ ،‬فهــو ً‬
‫دائمــا يمجــد يســوع‪،‬‬
‫ّ‬
‫وهــو ال يركــز ىلع نفســه بــل يركــز ىلع يســوع‪ .‬فــل مــا يفعلــه الــروح‬
‫القــدس موجــه بالاكمــل تلمجيــد يســوع هلــذا فــأي يشء ال يمجــد‬
‫يســوع باألســاس هــو ليــس مــن عمــل الــروح القــدس‪ .‬وهــذه طريقــة‬
‫جيــدة لــي خنتــر مــا هــو مــن الــروح‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫الروح القدس يقدم لنا مرياثنا األبدي‬

‫مــن مســئويلات الــروح القــدس أن يقــدم نلــا مرياثنــا وهــذه يه‬


‫احلقيقــة اتلايلــة الــي أعلنهــا يســوع‪:‬‬
‫َ ُْ ُ ُ‬
‫كـ ْ‬ ‫َ ُ ْ ُ َّ ُ َ ْ ُ ُ َّ‬ ‫ُ ُّ‬
‫«ك َمــا لِــآب ُهـ َ‬
‫ـم»‬ ‫ـو ِل‪ِ .‬لــذا قلــت إِنــه يأخــذ مِمــا ِل و ي ِب‬ ‫ِ‬
‫(يوحنــا ‪.)15 :16‬‬

‫لك مــا هــو لــآب هــو لالبــن‪ ،‬ولك مــا هــو لالبــن هــو لــآب‪،‬‬
‫والــروح القــدس ــهــو اذلي يعلن ويعطينــا هذه لكهــــا‪ .‬ختربنا الرســــالة‬
‫َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ٌ َ ْ ً‬
‫ارثــون مــع‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ــة‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ــا‪،‬‬ ‫ض‬ ‫إىل (روميــة ‪« )17 :8‬فإِننــا ورثــة أي‬
‫َْ‬
‫الم ِســيحِ » ويمكننــا مــن انلاحيــة القانونيــة أن نشــارك يســوع املســيح‬
‫يف لك مرياثــه‪ ،‬ولكــن الــيء اهلــام و اذلي جيــب أن نتذكــره هــو‬
‫أن الــروح القــدس هــو مــن يقــدم نلــا مرياثنــا‪ ،‬يقــول يســوع‪« :‬لقــد‬
‫جعلــت الــروح القــدس الــويص واملنفــذ فلــو أنــك تريــد املــراث‬
‫يص»‪.‬‬ ‫َ‬
‫والــو ّ‬ ‫اذهــب إىل املنفــذ‬
‫هــذه انلقطــة واضحــة ً‬
‫تمامــا يف ســفر (اتلكويــن ‪ )24‬يف قصــة‬
‫حبــث إبراهيــم عــن زوجــة البنــه اســحق‪ .‬إبراهيــم يمثــل اهلل اآلب‬
‫واســحق يمثــل يســوع املســيح االبــن ورفقــة تمثــل الكنيســة‪ .‬هنــاك‬
‫َ‬
‫شــخصا آخــر يف القصــة وهــو اخلــادم واذلي يمثــل الــروح القــدس‪.‬‬
‫ُ‬
‫فلــو أنــك قــرأت القصــة بنفســك‪ ،‬ســتجد أنهــا تــرك بوضــوح أن لك‬

‫‪67‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫مــا اكن يملكــه إبراهيــم واســحق اكن حتــت ســيطرة اخلــادم‪ ،‬فاخلــادم‬
‫هــو املســئول عــن املــراث لكــه‪ .‬وهكــذا ً‬
‫أيضــا الــروح القــدس هــو‬
‫املســئول عــن مــراث اهلل الاكمــل‪.‬‬

‫إن الســبب يف أن بعــض املســيحيني دليهــم الكثــر مــن انلاحيــة‬


‫انلظريــة ولكــن القليــل مــن اخلــرة هــو أنهــم قــرأوا الوصيــة ولكنهــم‬
‫المنفــذ والــويص القانــوين‪ ،‬فالــروح القــدس يأخــذ لك‬ ‫لــم يتعرفــوا ىلع ُ‬
‫ّ‬
‫ختطيْـ َ‬
‫ـت‬ ‫يشء ينتــي لــآب واالبــن ويعلنــه وينقلــه نلــا‪ ،‬فلــو أنــك‬
‫والمنفــذ فلــن تســتفيد مــن ّ‬
‫ـوص ُ‬ ‫َ ّ‬
‫الوصيــة بــيء‪.‬‬ ‫الـ‬
‫ْ‬
‫ال يمكننــا َحــر املســيحية يف انهــا نــوع مــن أنــواع الالهــوت‬
‫ألن الالهــوت هــو الوصيــة‪ .‬فيمكنــك أن تمســك بالوصيــة يف يــدك‬
‫ّ‬
‫لألبــد وال حتصــل ىلع يشء مــن مرياثــك‪ ،‬فلكمــا اقرتبــت مــن الــروح‬
‫القــدس اســتمتعت بمرياثــك أكــر‪ ،‬ولكــن لــو لــم تكــن ىلع عالقــة‬
‫ســليمة بالــروح القــدس فســتحيا مثــل ايلتيــم يف حــن أنــه ينبــي أن‬
‫حتيــا اكبــن للملــك‪ .‬فاملــراث موجــود ولكنــك لــن تســتطيع اتلمتَــع بــه‪.‬‬

‫قبول الروح الذي نفخه يسوع‬

‫واآلن أود أن أناقــش معــى قبــول اتلالميــذ للــروح اذلي نفخــه‬


‫يســوع‪ .‬يف يــوم قيامــة يســوع ظهــر للتالميــذ ً‬
‫معــا‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ ُ ُ ْ ُ‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ َ َّ ُ‬
‫وع‪َ ،‬وكن ِ‬
‫ــت‬ ‫ــب ِ‬‫«ولمــا كنــت ع ِشــية ذل ِــك الــو ِم‪ ،‬وهــو أول األس‬
‫‪68‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ــوف م َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ َ َّ َ ً َ ْ ُ َ َ َّ َ ُ ُ ْ َ‬
‫ِــن‬ ‫ب ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــب‬‫ِس‬ ‫ل‬ ‫ــن‬‫ع‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫األبــواب مغلقــة حيــث كن اتلالمِيــذ م‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ــم «ســام لك ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــف ف ال ْ َو ْســط‪َ ،‬وقــال له ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َْ ُ‬
‫ــم!»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــاء يســوع ووق‬ ‫الهــودِ‪ ،‬ج‬
‫َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ْ َّ َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫الــرب»‪.‬‬ ‫ــرح اتلالمِيــذ إِذ رأوا‬ ‫ولمــا قــال هــذا أراهــم يديــ ِه وجنبــه‪ ،‬فف ِ‬
‫(يوحنــا ‪)20 – 19 :20‬‬

‫ىلع الرغــم مــن أن جســده قــد تغــر بطريقــة رائعــة إال أنــه مــا زال‬
‫ـل دامــغ ىلع حقيقيــة أنــه هــو‬ ‫ّ‬
‫حيمــل العالمــات ادلالــة ىلع صلبــه كديلـ ِ‬
‫ـب ويمــوت ىلع الصليــب فنقــرأ‪:‬‬ ‫نفــس الشــخص اذلي رأوه يُ ْصلَـ ُ‬

‫َ َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ْ َّ َّ‬
‫الرب‪( ».‬يوحنا ‪)20 :20‬‬ ‫«فف ِرح اتلالمِيذ إِذ رأوا‬
‫َ‬ ‫وأنــي ملوقــن أن ً‬
‫فرحــا ً‬
‫رائعــا يفــوق الوصــف قــد غ َمــر قلوبهــم‬
‫عندمــا أدركــوا حقيقــة أن يســوع يح‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َْ ً َ ٌَ َ ُ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َُ ْ َُ‬
‫مــــا أ ْرســل ِن اآلب‬‫ـم يســــوع أيضا «ســالم لكم‪ .‬ك‬ ‫«فقــــال لهـــ‬
‫ُ َُْ‬ ‫َ َ َ ََ َ ََ َ َُ‬ ‫ُ ْ ُ ُ ْ َ َ َ َ َّ‬
‫أر ِســـلكم أنــــا»‪ .‬ولمـــا قـــال ــهـذا نفــــخ وقــال لهـــــم‪« :‬اقبلــوا‬
‫ُّ َ ْ ُ ُ َ‬
‫قـــــدس»‪( .‬يوحنا ‪)22 – 21 :20‬‬ ‫الـــــروح ال‬

‫إن اللكمــة ايلونانيــة الــي تســتخدم بمعــى «نفــخ» هنــا تســتخدم‬


‫يف العلمانيــة ايلونانيــة لعــازف الفلــوت اذلي ينفــخ بفمــه يف الفلــوت‬
‫يلصــدر منــه املوســيىق‪ .‬الشــخص اذلي يعــزف الفلــوت أو أي آلــة‬
‫شــبيهة ال يقــف ىلع مســافة بعيــدة وينفــخ يف آتلــه‪ ،‬ولكنــه يرفــع اآللــة‬
‫ّ‬
‫ويثبتهــا إىل فمــه وينفــخ فيهــا‪ .‬ال يمكنــي أن أثبــت ذلــك األن‪ ،‬كمــا أن‬
‫‪69‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ال أحــاول أن أثبتــه‪ ،‬ولكــن املعــى الضمــي اذلي اســتقيته مــن هــذا‬
‫هــو أن يســوع لــم يقــف يلنفــخ يف اتلالميــذ مجاعــة ولكنــه أىت لــل‬
‫شــخص منهــم شــخصيًا ونفــخ فيــه‪.‬‬

‫أصــدق أن األمــر حــدث بهــذه الطريقــة ألن هــذه يه اخلليقــة‬


‫ً‬
‫نــوع مــن أنــواع اإلاعدة خلليقــة اإلنســان يف‬ ‫اجلديــدة وقــد اكنــت‬
‫اجلنــة‪ .‬فقــد احنــى اهلل ووضــع شــفتيه مقابــل شــفيت الطــن ونفــخ يف‬
‫آدم نســمة احليــاة‪ .‬وهكــذا ً‬
‫أيضــا يف الفصــل األول مــن اخلليقــة اجلديدة‬
‫لــم ينفــخ املســيح القائــم يف تالميــذه نفخــة احليــاة وحســب بــل نفخــة‬
‫حيــاة القيامــة‪.‬‬
‫أؤمــن أن هنــاك فرقًــا كبـ ً‬
‫ـرا بــن نفخــة احليــاة الــي قبلهــا آدم‬
‫وبــن انلفخــة الــي قبلهــا اتلالميــذ‪ ،‬فاألخــرة اكنــت نفخــة حيــاة‬
‫ُ‬
‫تغلبــت ىلع املــوت‪ .‬يه نفخــة حيــاة أبديــة لــن ت َد َّمــر أو تفــى‪،‬‬
‫حيــاة ال يمكــن للخطيــة أو املــوت أو الشــيطان أو أي يشء آخــر‬
‫أن يتغلــب أو ينتــر عليهــا‪ .‬فقــد نفــخ فيهــم نفخــة حيــاة منتــرة‬
‫ً‬
‫تمامــا‪ ،‬نفــخ فيهــم نفخــة حياتــه وقــال‪« :‬اقبلــوا الــروح القــدس»‪.‬‬
‫ّ‬
‫تذكـ ْ‬
‫ـر أن اللكمــة الــي‬ ‫ويف اللغــة ايلونانيــة ال جنــد أداة اتلعريــف‪،‬‬
‫ترتجــم إىل روح ويه لكمــة «‪ »pneuma‬تعــي ً‬
‫أيضــا نفخــة أو ريــح‪ ،‬هلذا‬
‫ربمــا نرتجــم هــذه اللكمــة ىلع أنهــا‪« :‬اقبلــوا انلفخــة املقدســة»‪ ،‬وأؤمــن‬
‫أن أفعــال يســوع اكنــت تتمــاىش مــع لكماتــه‪ ،‬فقــد نفــخ فيهــم نفخــة‬

‫‪70‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ُ‬
‫مقدســة‪ ،‬نفخــة حيــاة القيامــة اإلهليــة وخلقــوا مــن جديــد‪ .‬اكنــت‬
‫هــذه يه اللحظــة الــي بــدأت فيهــا اخلليقــة اجلديــدة ألول مــرة‪.‬‬

‫أعتقـد أنـه يف ذلـك الوقت حصـل اتلالميـذ ىلع مـا يمكننا أن‬
‫نطلـق عليـه خالص العهـد اجلديد‪ .‬ختربنا رسـالة (روميـة ‪ )9 :10‬أنه‬
‫لكي نقبـل خالص العهـد اجلديـد فالبد مـن القيام بشـيئني‪ :‬عليك‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ربـا وعليـك أن تؤمـن بقلبـك أن اهلل أقامـه من‬ ‫االعتراف بيسـوع‬
‫األمـوات‪ ،‬وبـدون هاتين اخلطوتين يمكنـك أن حتصـل ىلع نوعيـة‬
‫اخللاص اذلي حصلـوا عليـه يف العهـد القديـم ‪ -‬اذلي هـو توقع ملا‬
‫اكن سيشتريه املسـيح ‪ -‬ولكـن ال يمكنـك أن حتصـل ىلع خالص‬
‫فِ ْع ّ‬
‫لي‪ .‬فعندما نفخ يسـوع يف تالميـذه اكنت هذه ‪ -‬حسـب اعتقادي ‪-‬‬
‫يه املـرة األوىل التي آمنـوا فيها بقلوبهـم أن اهلل أقامه مـن األموات‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ـخص بــل كنفخة‬ ‫ق ِبــل اتلالميــذ الــروح القــدس يف ابلدايــة ال كشـ ٍ‬
‫كحيــاة اهلل الــي تعطــي قيامــة أبديــة‪ .‬وقبلــوا املســيح ُ‬
‫المقــام والــروح‬
‫اذلي نفخــه فيهــم‪ ،‬ولكــن لــم تكــن‪ ،‬تلــك الوعــود الــي أعطاهــا‬
‫يســوع يف لك إجنيــل يوحنــا والــي تتبعناهــا ً‬
‫معــا‪ ،‬قــد حتققــت بعــد‪.‬‬

‫انسكاب الروح‬

‫ـون الوعــد بالــروح القــدس لــم يكــن قــد حتقــق بعــد‪ ،‬هــو‬ ‫َكـ ْ‬
‫حقيقــة هامــة للغايــة علينــا فهمهــا‪ ،‬ألنــه بعــد ُمــي أربعــن ً‬
‫يومــا‪،‬‬ ‫ِ‬

‫‪71‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫اكن مــا يــزال يســوع يُشــر إىل تلــك املواعيــد ىلع أنهــا ســتحدث يف‬
‫املســتقبل‪ .‬دعونــا نرجــع إىل ســفر األعمــال إىل الوقــت اذلي ســبق‬
‫َ‬
‫صعــود الــرب يســوع مبــارشة للســماء عندمــا أخــر تالميــذه قائــا‪:‬‬
‫َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫ون ب ُّ‬
‫الــر ِ‬ ‫َ َّ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ‬
‫وح‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫م‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ــت‬‫س‬ ‫ف‬ ‫ــم‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ــا‬ ‫م‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ــا‬ ‫م‬ ‫ال‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ــد‬‫م‬‫ع‬ ‫ــا‬ ‫ن‬ ‫«ألن يوح‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َْ َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫ــر» (أعمــال ‪)5 :1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ــام‬ ‫ي‬ ‫األ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫هــ‬ ‫ــد‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ــس‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ــد‬‫الق‬
‫َّ ُ ْ َ َ َ ُ َ ُ َّ ً َ َ َ َّ ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َ َ ْ ُ‬
‫الروح القدس عليك ْم»‪( .‬أعمال ‪)8 :1‬‬ ‫«لكِنكم ستنالون قوة مت حل‬
‫يســجل نلــا لوقــا ً‬
‫أيضــا يف إجنيلــه تلــك اتلعليمــات الــي وجههــا‬
‫يســوع تلالميــذه قبــل أن يصعــد مبــارشة‪:‬‬
‫ِين ـ ِة ُأ ُ‬
‫ور َش ـل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ ُ‬ ‫َ َ ََ ُ ْ ُ َْ ُ ْ َ‬
‫ِيم‬ ‫ـم م ْو ِعــد أ ِب‪ .‬فأقِيمــوا ِف مد‬‫«وهــا أنــا أر ِســل إِلكـ‬
‫ُ َّ ً َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َُْ ُ‬
‫ـن األع ِل» (لوقــا ‪.)49 :24‬‬ ‫إِل أن تلبســوا قــوة ِمـ‬
‫ً‬
‫اكنــت املعموديــة بالــروح القــدس يف ذلــك الوقــت ال تــزال حدثــا‬
‫فـــي زمــن املســتقبل‪ ،‬فالكتــاب املقــدس يكشـــف أن إتمـــام هــذا‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َْ َ َْ َ‬
‫ــر» واذلي حتــدث عنــه يســوع فـــي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ــام‬ ‫«ليــس بعــد هــ ِذه ِ األي‬
‫(أعمــال ‪ .)1:5‬فبعــد عــرة أيــام ‪ -‬يف يــوم اخلمســن‪ -‬اختــر اتلالميــذ‬
‫َ‬
‫مــا قــد وعدهــم بــه يســوع ‪ ،‬معظــم مفــري العهــد اجلديــد تقريبــا‪،‬‬
‫ســواء اكنــوا اكثويلــك أو بروتســتانت أو معمدانيــن أو مخســينيني‬
‫اتفقــوا ىلع أن يــوم اخلمســن هــو يــوم إتمــام الوعــود الــي أعطاهــا‬
‫يســوع يف إجنيــل يوحنــا وحتقيقهــا‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫دعونــا نلــي نظــرة ىلع هــذا االختبــار كمــا يصفــه نلــا ســفر‬
‫(أعمــال الرســل ‪.)2‬‬
‫َ‬
‫ــس َواحِــد ٍة‪،‬‬
‫ُ ًَ َْ‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ــا‬ ‫ع‬‫م‬ ‫يــع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ــن َك َن ْ َ‬
‫ال‬ ‫ال ْمس َ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ‬
‫«ولمــا حــر يــوم‬
‫ٍ‬
‫ِ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ ُُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ْ َ ً َ َّ َ َ ْ ٌ َ‬
‫ـح ع ِصفـ ٍة ومــأ‬ ‫ـوب رِيـ ٍ‬‫ِ‬ ‫ـوت كمــا ِمــن هبـ‬ ‫وصــار بغتــة ِمــن الســماءِ صـ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ٌ ُ ْ َ َ ٌ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـر ْت ل ُهـ ْ‬ ‫ـن‪َ ،‬و َظ َهـ َ‬‫ـث َكنُــوا َجال ِسـ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ـم أل ِســنة منق ِســمة كأنهــا‬ ‫ِ‬ ‫ـت حيـ‬
‫اليـ ِ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ـر ِ‬
‫وح‬ ‫الميــع ِمــن الـ ُّ‬
‫ـد مِنهــم‪َ .‬وامتــأ َ ِ‬ ‫حـ ٍ‬‫ِمــن نــار َواســتق َّرت ع ك َوا ِ‬
‫ْ ُ ُ ٍ َ ْ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ ُ ُّ ُ َْ‬
‫القــد ِس‪ ،‬وابتــدأوا يتكمــون بِأل ِســن ٍة أخــرى كمــا أعطاهــم الــروح أن‬
‫َْ ُ‬
‫ين ِطقــوا‪( ».‬أعمــال ‪)4 – 1 :2‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫أوضــح بطــرس بعــد فــرة قصــرة للجمــوع املحتشــدة‪« :‬بــل هــذا‬
‫َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ َّ ِّ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِــرة ِ أن‬ ‫ــي‪ .‬يقــول اهللُ‪َ :‬ويكــون ِف األي ِ‬
‫ــام األخ‬ ‫ِ‬ ‫مــا قِيــل بِيوئ ِيــل انل‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ ِّ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ـن ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ـك ُ‬
‫ـر» (أعمــال ‪ .)17 – 16 :2‬تظهــر نلــا هــذه‬‫ٍ‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫وح‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ـ‬‫م‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫أسـ‬
‫اللكمــات مــا نتنــاوهل هنــا‪ ،‬فهــذا اكن الوعــد‪ .‬وقــد رشح بطــرس أن‬
‫الــروح القــدس قــد أُعطــي ألن يســوع قــد ّ‬
‫تمجــد‪:‬‬
‫َ َ ََْ َ‬ ‫َ َْ ُ َ ً ُ ُ ٌ‬ ‫ََ ُ ُ َ ََ َ ُ‬
‫ارتفــع‬ ‫ـن جِيعــا شــهود ِللِــك‪ .‬وإ ِ ِذ‬‫«فيســوع هــذا أقامــه اهللُ‪ ،‬ونـ‬
‫َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫اآلب‪ ،‬ســك َب هــذا الِي‬ ‫ِ‬
‫ـد ِس مـ َ‬
‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ـن اهللِ‪ ،‬وأخــذ مو ِعــد الــروح القـ‬
‫َبِي ِمـ ِ‬
‫ُْ ُ َ ُْ ُ َ ُ َْ َ ُ َُ‬
‫صونــه َوتســمعونه‪( ».‬أعمــال ‪)33 – 32 :2‬‬ ‫أنتــم اآلن تب ِ‬
‫اكن هــذا هــو ذروة لك تلــك الوعــود‪ .‬عندمــا ّ‬
‫تمجــد يســوع يف‬
‫َ‬
‫الســماء‪ ،‬ق ِبــل مــن اآلب الوعــد بالــروح القــدس وبعدهــا ســكب‬

‫‪73‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫الــروح القــدس ىلع اتلالميــذ املنتظريــن‪ .‬عندمــا نتحــدث عــن قبــول‬


‫معموديــة الــروح القــدس فهــذا هــو نفــس االختبــار اذلي اختــره‬
‫اتلالميــذ يف يــوم اخلمســن‪.‬‬

‫َّ‬
‫والتدفق‬ ‫الغـَمـْر وامللء‬
‫ً‬
‫مــاذا نــرى يف اختبــار اتلالميــذ اذلي وصفنــاه ســابقا؟ بالقــراءة‬
‫اتلحليليــة جنــد ثالثــة أشــياء‪:‬‬
‫َ‬
‫(‪ )1‬غ ْمر أو معمودية‬
‫(‪ )2‬امتالء‬
‫(‪ )3‬تدفق‬

‫وأنــا أؤمــن أن هــذه يه املجموعــة الاكملــة الــي نناهلــا مــن‬


‫املعموديــة يف الــروح القــدس‪ ،‬فيمكنــك أن تأخــذ ابلعــض منهــا وتــرك‬
‫ابلعــض اآلخــر ولكنــك عندهــا لــن حتصــل ىلع مــا اختــره اتلالميــذ‪.‬‬

‫أؤمــن أن معموديـــة الــروح القـــدس يه غمــر‪ .‬وهنـــاك نوعــــان‬


‫ــق أنــا ىلع أحداهمــا غمــر محــام الســباحة واثلــاين‬ ‫مــن الغمــر‪ ،‬أُطل ُ‬
‫ِ‬
‫غمــر شــاالت نياجــرا‪ .‬فمعموديــة املــاء ىه اهلبــوط إىل والصعــود مــن‪،‬‬
‫وهــذا هــو غمــر حــوض الســباحة‪ ،‬ومعموديــة الــروح القــدس يه غمــر‬
‫ً‬
‫شــاالت نياجــرا‪ .‬أتذكــر يف إحــدى املــرات أين كنــت واقفــا أنظــر إىل‬
‫شــاالت نياجــرا حيــث تســقط تلــك الكميــات العظيمــة مــن امليــاه‬
‫‪74‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫المنحــدر‪ .‬وفكــرت يف نفــي“ ال يمكنــك أن تظــل حتــت هــذه‬ ‫ىلع ُ‬


‫ُ‬
‫امليــاه ملــدة نصــف ثانيــة دون أن تغمــر بالاكمــل” فــي تتدفــق مــن‬
‫ُ‬
‫أىلع إىل أســفل تلحيــط بــك وتغمــرك‪ .‬يف مجيــع األجــزاء اخلمســة عــر‬
‫األوىل مــن ســفر أعمــال الرســل والــي يتلكــم فيهــا عــن حلــول الــروح‬
‫َ‬
‫القــدس ىلع انلــاس ســتجد أن اللغــة املســتخدمة دائمــا تعــي أنــه‬
‫حيــل عليهــم مــن اىلع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫غمــرا‪ ،‬فقــد حــل‬ ‫هلــذا فــإن مــا حــدث يف يــوم اخلمســن اكن‬
‫روح اهلل مــن الســماء ىلع أتبــاع يســوع ومــأ ابليــت لكــه‪ .‬وحيــث أن‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ابليــت اكن قــد امتــأ‪ ،‬فقــد غ ِمــر لك منهــم شــخصيًا يف حضــور الــروح‬
‫القــدس‪ ،‬واكن هــذا أمـ ً‬
‫ـرا ال مفــر منــه‪.‬‬
‫َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫ً‬
‫وح القــد ِس» (أعمــال ‪،)4 :2‬‬ ‫ثانيــا‪ :‬يقــول‪« :‬وامتــأ ال ِميــع ِمــن الــر‬
‫ُ‬
‫يــط بهــم وحســب ولكنــه حــل فيهــم وامتــأوا بــه مــن ادلاخل‪.‬‬ ‫فهــو لــم ِ‬
‫َْ َُ‬ ‫ً‬
‫ثاثلــا‪ :‬بعــد االمتـــاء خيربنـــا الكتاب املقـــدس أنهـــم‪َ« :‬ابتــــدأوا‬
‫َ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ‬
‫ــنة ُأ ْخ َ‬
‫ــرى» (آيــة ‪ ،)4‬هــذا هــو اتلدفــق‪.‬‬ ‫يتكمــون بِأل ِس ٍ‬
‫ـن َف ْضلَ ـ ِة الْ َقلْــب َي َت َكَّـ ُ‬
‫ـم‬
‫َ َّ ُ ْ‬
‫فتذكــر أن (مــى ‪ )34 :12‬يقــول‪« :‬فإِنــه ِمـ‬
‫ّ‬
‫ـم‪ ».‬عندمــا يمتلــئ القلــب ويفيــض‪ ،‬فــإن هــذا الفيــض يظهــر مــن‬ ‫الْ َفـ ُ‬

‫خــال الفــم يف الــكالم‪ ،‬مــى أدركــوا أنهــم قــد امتــأوا؟ عندمــا فاضــوا‪.‬‬
‫وحــى تلــك اللحظــة لــم يكــن دليهــم طريقــة لــي يقيســوا إىل أي‬

‫‪75‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫«ارتفــاع» وصــل املــلء‪ .‬ولكــن عندمــا فــاض‪ ،‬عرفــوا أنهــم امتــأوا‪.‬‬

‫النموذج الكتايب‬

‫أؤمــن أن هــذا هــو انلمــوذج الكتــايب اخلــاص بقبــول معموديــة‬


‫الــروح القــدس‪ .‬فخــريت توضــح أننــا لــو ّع ْ‬
‫لمنــا انلــاس هــذا انلمــوذج‪،‬‬
‫فهــذا مــا ســيحصلون عليــه وإن علمناهــم أقــل مــن ذلــك‪ ،‬فســيميل‬
‫انلــاس إىل احلصــول ىلع األقــل‪ .‬وال أجــد أي ســبب جيعلنــا نقلــل ممــا‬
‫قدمــه نلــا اهلل‪ :‬أي الغمــر واملــلء والفيــض‪.‬‬

‫ربمــا لــم تعتمــد بعــد بالــروح القــدس‪ ،‬ولكــن لــو اقتنعــت يف‬
‫قلبــك بــأن هــذا هــو االختبــار اذلي ســتقبله‪ ،‬فســتقبله‪ .‬يف اللحظــة‬
‫الــي تؤمــن فيهــا أن هــذا ســيحدث‪ ،‬ســيحدث‪.‬‬
‫يُسـ ّ‬
‫ـجل الكتــاب املقــدس أن كثرييــن ممــن شــهدوا نتائــج فوريــة‬
‫ملعموديــة الــروح القــدس لــم يدركــوا مــا اذلي اكن حيــدث‪ ،‬فابلعــض‬
‫منــا قــد حــدث معــه نفــس الشــئ‪ .‬وكمــا ذكــرت مــن قبــل فإنــه يف اعم‬
‫‪ 1941‬عندمــا كنــت جنديًــا يف اجليــش الربيطــاين زارين الــرب بطريقــة‬
‫معجزيــه يف منتصــف الليــل يف غرفــي‪ ،‬وأعلــن يســوع نفســه يل وبعــد‬
‫حــوايل عــرة أيــام مــن هــذه الزيــارة اعتمــدت يف الــروح القــدس‬
‫وبــدأت أتكلــم بلســان غــر معــروف ألول مــرة يف تلــك اثلكنــة‪.‬‬

‫واكن يشــاركين الغرفــة جنــدي آخــر‪ ،‬ويف الليلــة الــي عرفــت‬


‫‪76‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ـى ىلع ظهــري يف منتصــف الغرفــة‬ ‫فيهــا الــرب اســتيقظ يلجــدين ُملـ ً‬
‫َ‬
‫ىلع األرض‪ ،‬ودار حــويل مــن ىلع بعــد وهــو يهــز رأســه قائــا‪« :‬ال‬
‫أعــرف مــاذا أفعــل معــك‪ ،‬أعتقــد أنــه لــن يُفيــدك أن أســكب املــاء‬
‫ىلع رأســك»‪.‬‬
‫يف الليلــة الــي ّ‬
‫عمــدين فيهــا اهلل يف الــروح القــدس اكن هــذا‬
‫اجلنــدي يف اخلــارج يرقــص‪ ،‬وبعدمــا تكلمــت بألســنة ملــا يقــرب مــن‬
‫عــر دقائــق وكنــت مازلــت غــر متأكــد مــن طبيعــة هــذا األمــر‪،‬‬
‫ســمعت وقــع خطواتــه يف الطرقــة وعلمــت أنــه قــادم ذللــك فكــرت‬
‫يف نفــي“ إنــه يعتقــد بالفعــل أين شــخص غريــب‪ ،‬فلــو دخــل األن‬
‫ووجــدين أتكلــم بتلــك اللغــة الغريبــة دون أي تفســر‪ ،‬فســيتأكد أين‬
‫َ‬
‫شــخص غريــب فعــا” هلــذا قــررت أن أوضــح هل مــا حــدث‪.‬‬
‫ً‬
‫وفعــا لــم أكــن أعــرف كيــف ســأرشح شــيئًا أنــا نفــي ال‬
‫أفهمــه‪ .‬ولكــن عندمــا بــدأت أتكلــم معــه‪ ،‬لــم أســتطع أن أتكلــم‬
‫باإلجنلزييــة بــل رشحــت هل األمــر بــذات اللغــة الغــر مفهومــة وأعتقد‬
‫ـن أين شــخص غريــب للغايــة! ولكــن حلســن احلــظ اكنــت هل‬ ‫أنــه ظـ ّ‬
‫جــذور إغريقيــة‪ ،‬واكن يؤمــن أنــه حيــق لــل شــخص أن يمــارس أمــوره‬
‫حبُ ّريــة‪ ،‬فلــو أن هــذا شــأين فــا بــأس‪ ،‬وهــو اجتــاه متســامح للغايــة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫قبول الروح القــدس‬

‫أود أن أوضــح لــك اآلن كيــف يمكنــك عمليًــا أن تعتمــد بالــروح‬


‫القــدس كمؤمــن‪ .‬أبســط طريقــة أعرفهــا لوصــف تلــك العمليــة هــو‬
‫الرجــوع إىل اإلصحــاح الســابع مــن إجنيــل يوحنــا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ََ َُ ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫يـم م َِن ال ِعي ِد َوقف يسـوع َونـادى ق ِائ ِل‪:‬‬ ‫ِير الع ِظ ِ‬‫الـو ِم األ ِ‬
‫خ‬ ‫«وف َ‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ٌ َ ُ ْ ْ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ْ‬
‫إِن ع ِطـش أحـد فليقبِـل إِل ويشرب‪ .‬من آمـن ِب‪ ،‬كما قـال الكِتاب‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫هـذا َعـن ُّ‬
‫الـر ِ‬
‫َ‬ ‫َ ٍّ َ َ‬ ‫ََْ ُ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ‬
‫وح الِي كن‬ ‫ِ‬ ‫ـال‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ـا‬ ‫م‬ ‫ـري مِـن بطنِـ ِه أنهـار‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َّ ُّ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُ َ‬‫ْ‬
‫المؤمِنـون بِـ ِه م ْز ِم ِعين أن يقبلـوه‪ ،‬ألن الـروح القـدس لـم يكن قد‬
‫ُ ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ ِّ َ َ ْ ُ‬
‫ـم يكن قد مد بعـد‪( ».‬يوحنا ‪)39 – 37 :7‬‬ ‫أع ِطـي بعد‪ ،‬ألن يسـوع ل‬

‫يف تلــك اآليــات مــن يوحنــا وضــح يســوع كيــف نقبــل املعموديــة‬
‫َ َّ‬
‫وفيْ َ‬
‫ــت باإليمــان تلــك املتطلبــات البســيطة‬ ‫فيمكنــك أن تقبلهــا إن‬
‫الــي يريدهــا الــرب‪.‬‬

‫كــن عـَطـِشـــًا‬
‫ْ َ َ َ َ ٌ‬
‫قــال يســوع‪« :‬إِن ع ِطــش أحــد» (يوحنــا ‪ ،)37 :7‬إذا فاملطلــب األول‬
‫هــو أن تعطــش‪ ،‬بمعــى آخــر أن تشــعر بأنــك حباجــة إىل املزيــد مــن‬
‫اهلل أكــر ممــا دليــك اآلن‪ .‬فليــس عليــك أن تكــون ً‬
‫دارســا للكتــاب‬
‫املقــدس وليــس عليــك أن تــرك كنيســة وتنضــم لكنيســة أو أن‬
‫تقتبــس مــن اآليــات الكتابيــة أو أن تدفــع العشــور‪ ،‬فمعموديــة الــروح‬
‫‪78‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ً‬
‫عطشــا‬
‫القــدس يه هلــؤالء اذليــن يشــعرون بالعطــش‪ .‬فلــو أنــك لســت ِ‬
‫فأنهــا مضيعــة لوقتــك أن تطلــب معموديــة الــروح القــدس‪ .‬ولكــن‬
‫ليــس عليــك أن تكــون الهوتيًــا أو خبـ ً‬
‫ـرا يف الكتــاب املقــدس أو أن‬
‫ً‬
‫تكــون إنســانا روحيًــا للغايــة‪ ،‬فــل مــا عليــك هــو أن تعــرف أنــك‬
‫حباجــة إىل املزيــد مــن اهلل أكــر ممــا تملكــه اآلن‪.‬‬

‫اكن العطــش مــن األشــياء الــي اعتــدت عليهــا عندمــا كنــت‬


‫َ‬
‫جنديًــا يف الصحــراء ألنــه اعدة مــا اكنــت تنفــذ منــا امليــاه واكن اجلــو‬
‫ـارا ومليئًــا باألتربــة‪ .‬واكتشــفت أنــه عندمــا تشــعر بالعطــش فأنــت‬
‫حـ ً‬
‫ال تريــد إال شــيئًا واحـ ً‬
‫ـدا هــو أن تــرب‪ ،‬فلــن ترغــب يف الطعــام ولــن‬
‫ترغــب يف املتعــة‪ ،‬ولــن ترغــب يف انلــوم ولكنــك تريــد أن تــرب‪،‬‬
‫ً‬
‫وهــذا هــو معــى أن تكــون عطشــا‪.‬‬

‫تعال ليســوع‬
‫َُْْ ْ‬
‫ـل إ ِ َ َّ‬ ‫ً‬
‫ل» (يوحنــا ‪ ،)37 :7‬وهــذا أمــر بســيط‬ ‫ثانيــا قــال يســوع «فليقبِـ‬
‫عمــد يف الــروح القــدس وهــو‬ ‫للغايــة‪ ،‬فهنــاك شــخص واحــد فقــط يُ ّ‬
‫َ َ ُ َ َّ ُ َ ِّ ُ‬
‫ـو الِي يعمــد‬ ‫الــرب يســوع املســيح‪ .‬هــذه يه خدمتــه املمــزة‪« :‬فهــذا هـ‬
‫ُّ ِ ْ ُ ُ‬
‫وح القــد ِس» (يوحنــا ‪ ،)33 :1‬إن أردت هــذه املعموديــة فعليــك أن‬ ‫بِالــر‬
‫َ َ ْ‬ ‫عمــد بهــا‪ ،‬ولكــن يســوع قــال ً‬ ‫تــأيت إىل الشــخص اذلي يُ ّ‬
‫أيضــا‪« :‬ومــن‬
‫ُ ْ ْ َ َّ َ ُ ْ ْ ُ َ ً‬
‫ارجــا» (يوحنــا ‪ ،)37 :6‬هلــذا فإنــك لــو أتيــت هل‬ ‫يقبِــل إِل ال أخ ِرجــه خ ِ‬
‫فســيقبلك‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫اشــــــرب‬
‫ََ ْ َ ْ‬
‫ـرب» (يوحنــا ‪ .)37 :7‬وهنــا جيــد انلــاس‬ ‫ثاثلًــا‪ ،‬قــال يســوع‪« :‬ويـ‬
‫مشــلة‪ ،‬فيــرب تعــي أن تفعــل األمــر طواعيــة بإراداتــك‪ ،‬فتقبــل‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫الــروح يف داخلــك‪ .‬وهنــاك َمثــل شــائع يقــول «يمكنــك أن تقــود حصانا‬
‫إىل امليــاه ولكــن ال يمكنــك أن جتعلــه يــرب»‪ .‬فالــرب حيــدث‬
‫فقــط بــإرادة الشــخص فــا يمكــن لشــخص آخــر أن يــرب لــك‪،‬‬
‫َ َ‬
‫وال يمكنــك أن تــرب وفمــك مغلــق‪ .‬وال يوجــد مــن ق ِبــل معموديــة‬
‫الــروح القــدس وفمــه مغلــق‪ ،‬فعليــك أن تفتــح فمــك وتــرب ولــن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تــرب مياهــا مرئيــة ولكــن روح اهلل‪ .‬قــد تقــول «يبــدو هذا ســخيفا»‬
‫حســنًا‪ ،‬مــن يهتــم بمــا قــد يبــدو عليــه األمــر؟ إن كنــت تهتــم بذلــك‪،‬‬
‫مهتمــا‪ .‬لــم أر شـ ً‬
‫ـخصا بعــد يفعــل هــذا‬ ‫ً‬ ‫فتعــال ثانيــة عندمــا ال تكــون‬
‫وال يقبــل الــروح القــدس‪.‬‬
‫ُْ‬
‫هنــاك ثــاث خطــوات أال ويه أن تعطــش‪ ،‬أن تقبَــل ليســوع ثــم‬
‫تــرب‪ .‬وعندمــا تقــوم بــدورك ســيقوم اهلل بــدوره قــال يســوع مــا معناه‬
‫«عندمــا تــرب مــن املــاء الــي يف داخلــك فســيتحول إىل أنهــار»‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جديــرا باملالحظــة؟ فالشــخص اذلي اكن جمــرد‬ ‫أليــس هــذا حتــول‬
‫ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ً‬
‫َإنســان يشــعر بالعطــش أصبــح نبعــا ألنهــار امليــاه «ت ِ‬
‫ـري ِمــن بطنِـ ِه‬‫ـ‬
‫أ ْن َه ُ‬
‫ــار َمــا ٍء َ ٍّ‬
‫ح» (يوحنــا ‪.)38 :7‬‬

‫عندمــا اعتمــدت يف الــروح القــدس‪ ،‬لــم أشــعر ســوى حبقيقــة‬


‫‪80‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬

‫ّ‬
‫أن األمــر قــد بــدأ مــن بطــي‪ ،‬فيمكنــي أن أضــع يــدي ىلع املــان‬
‫ً‬
‫اذلي بــدأ منــه األمــر فعــا‪ .‬وكنــت أعتقــد حينهــا أن بطــي يشء‬
‫دنيــوي وليســت بمــان يمكــن أن يبــدأ منــه أي يشء رويح‪ ،‬ولكــن‬
‫ح» (يوحنــا ‪ ،)37 :7‬مــن‬ ‫ـن َب ْطن ـه َأ ْن َهـ ُ‬
‫ـار َمــا ٍء َ ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ ِ‬ ‫يســوع قــال‪« :‬ت ِ‬
‫ـري ِمـ‬‫ـ‬
‫ذلــك اجلــزء ادلاخــي يف جســدك يف مــان مــا يف داخلــك ســتأيت أنهــار‬
‫خاصــا يف جســدك خلقــه اهلل هلــذا‬ ‫املــاء الــي‪ .‬أؤمــن أن هنــاك ماكنًــا ً‬
‫ً‬ ‫الغــرض حتديـ ً‬
‫ـدا يلكــون هيــكل للــروح القــدس ومــن هــذه املنطقــة‬
‫ســتتدفق أنهــار املــاء الــي‪.‬‬
‫ضلَ ـ ِة الْ َقلْــب َي َت َكَّـ ُ‬
‫ـم‬
‫َ َّ ُ ْ َ ْ‬
‫هــذا هــو الفيــض‪ ،‬مــرة أخــرى «فإِنــه ِمــن ف‬
‫مجيعــا بالــروح القــدس وبــدأوا‬ ‫ً‬ ‫الْ َفـ ُ‬
‫ـم‪( ».‬مــى ‪ )34 :12‬امتــأ اتلالميــذ‬
‫وتدف ًقــا خارقًــا ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أيضــا‬ ‫امتــاء خارقــا للطبيعــة‬ ‫يتلكمــون‪ ،‬واكن هــذا‬
‫للطبيعــة إذ تكلمــوا بلغــات لــم يعرفوهــا‪.‬‬

‫عندمــا تصــل إىل تلــك املرحلــة‪ ،‬أعــرف مــن خــريت أنك ســتواجه‬
‫مشــلتني‪ ،‬األوىل أنــه ربمــا تميــل إىل أن تقــول‪« :‬حســنًا أريــد أن يقــوم‬
‫اهلل باألمــر برمتــه» ولكــن هــذا ال يتمــاىش مــع انلمــوذج اذلي يقدمــه‬
‫ّ‬
‫الكتــاب املقــدس‪ .‬فاتلالميــذ تكلمــوا والــروح القــدس أعطاهــم‬
‫اللغــة الــي تكلمــوا بهــا ولكــن الــروح القــدس لــن يقــوم بعمليــة‬
‫الــكالم نيابــة عنــك ولــو انتظــرت منــه ذلــك‪ ،‬فســتنتظر لألبــد‪.‬‬
‫قابلــت شـ ً‬
‫ـخصا يف كنيســة مخســينية انتظــر ً‬
‫مخســا وعرشيــن ســنة‬
‫‪81‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫للحصــول ىلع املعموديــة وقلــت هل «إن بــدأت تتلكــم‪ ،‬فالــروح القــدس‬


‫ســيعطيك اللكمــات» ولكنــه أجــاب‪« :‬آوه‪ ،‬ال‪ .‬فأنــا أريــد أن يقــوم اهلل‬
‫باألمــر لكــه» فقلــت هل‪« :‬حســنًا‪ ،‬أنــت تريــد شــيئًا ال يريــده اهلل‪ ،‬فــاهلل‬
‫يريــدك أن تقــوم بــدورك وهــو ســيقوم بــدوره ولكــن اهلل لــن يقــوم‬
‫بــدورك نيابــة عنــك»‪.‬‬

‫ربمــا تميــل لالعتقــاد بــأن هــذا قــوي للغايــة وخــارق للطبيعــة‬


‫دلرجــة أنــك لــن تفعــل شــيئًا حــى الوقــت اذلي ينفجــر فيــه وال‬
‫ً‬
‫صحيحــا‪ ،‬فعندمــا تتلكــم فــإن الــروح‬ ‫يمكنــك أن حتتملــه‪ .‬وهــذا ليــس‬
‫القــدس ‪-‬الرقيــق واذلي ال يرغمــك ىلع القيــام بــيء‪ -‬ســيعطيك‬
‫اللكمــات‪.‬‬

‫تــأيت املشــلة اثلانيــة بعدمــا تتلكــم بألســنة‪ ،‬وهــذا ال حيــدث‬


‫للجميــع ولكنــه حيــدث ألكــر مــن نصــف انلــاس تقريبًــا‪ ،‬حيــث‬
‫ً‬
‫جتــد أن هنــاك صوتــا غــر مســموع يف مــان مــا يقــول «هــذا ليــس‬
‫حقيقيًــا‪ ،‬فأنــت مــن يفعــل هــذا بنفســك»‪ .‬عندمــا حيــدث هــذا جيــب‬
‫أن يكــون رد فعلــك «أنــت ُمــق ً‬
‫تمامــا أيهــا الشــيطان وأنــا أعلــم أنــه‬
‫َ‬
‫أنــت اذلي تتحــدث‪ .‬فعليــا أنــا مــن يتلكــم ولكــن الــروح القــدس‬
‫هــو اذلي يعطيــي اللكمــات»‪.‬‬
‫َ‬
‫ثــم جتــد أن هنــاك شــيئا اخــر يمكــن ألبليــس قــوهل « إن تلــك‬
‫اللكمــات تبــدو ســخيفة للغايــة‪ ،‬كيــف تعــرف أنــك تنطــق بالــيء‬
‫‪82‬‬
‫النموذج الكتابي لقبول الروح القدس‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تــب عليــه قائــا «ألين أشــعر بشــعور أكــر مــن رائــع»‬
‫الصحيــح؟» ال ِ‬
‫ألنــك يف الصبــاح اتلــايل ربمــا تشــعر بأنــك أقــل مــن رائــع وعندهــا‬
‫ً‬
‫ربمــا تتســاءل هــل قبلــت الــيء الصحيــح فعــا‪ .‬ولكــن اإلجابــة‬
‫عمــا إذا اكن دليــك الــيء الصحيــح يه أن يســوع وعــد أنــك لــو‬ ‫ّ‬
‫طلبــت مــن اآلب أن ُ‬
‫يعطيــك الــروح القــدس‪ ،‬فلــن يعطيــك أي يشء‬
‫آخــر‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ـزا‪ُ ،‬ي ْع ِطي ـ ِه َح َجـ ً‬
‫ـه ُخـ ْ ً‬‫ْ ُ ْ َ َ ََُ ْ ُ ُ‬ ‫َ ْ َ ُّ ْ َ‬
‫ـرا؟ َوإِن‬ ‫ـان مِنكــم إِذا ســأل ابنـ‬ ‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫«أم أي إِن‬
‫َ َّ ً َ ْ ُ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ٌ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ُْ‬ ‫َ ََُ َ َ َ ً ُ ْ‬
‫ســأل ســمكة‪ ،‬يع ِطيـ ِه حيــة؟ فـإِن كنتــم وأنتــم أشار تع ِرفــون أن تعطوا‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ِّ َ ً َ َ ْ ْ َ ِّ َ ُ ُ ُ َّ‬
‫ات‪،‬‬‫ــري أبوكــم الِي ِف الســماو ِ‬ ‫أوالدكــم عطايــا جيــدة‪ َ ،‬فكــم بِال ِ‬
‫َّ َ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫ََ ُ َ َْ‬
‫ـن يســألونه»‪( .‬مــى ‪)11 – 9 :7‬‬ ‫ات ل ِلِيـ‬ ‫يهــب خــر ٍ‬
‫َْ ََ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ ُ ْ ََ ْ ُ ْ َ ْ َ ٌ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫ــم عطايــا‬ ‫ار تع ِرفــون أن تعطــوا أوالدك‬ ‫«فــإِن كنتــم وأنتــم أش‬
‫ُّ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ َّ َ ُ ْ‬
‫ـر ِّي اآلب الِي ِمــن الســماءِ‪ ،‬يع ِطــي الــروح القــدس‬
‫ُ َّ‬
‫ـ‬ ‫ـم ب ْ َ‬
‫ال‬ ‫َ ِّ َ ً َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫جيــدة‪ ،‬فك َـ ِ‬
‫َّ َ َ ْ ُ َ ُ‬
‫ـن يســألونه؟»‪( .‬لوقــا ‪)13 :11‬‬ ‫ل ِلِيـ‬

‫لــو أتيــت إىل اهلل اآلب بيســوع املســيح االبــن وطلبــت منــه‬
‫ً‬
‫الــروح القــدس‪ ،‬فلــن تقبــل شــيئًا خطــأ‪ .‬هلــذا فضمانــك ليــس يف‬
‫مشــاعرك ولكنــه فيمــا قــد قــاهل اهلل‪ .‬فاألمــر ال يعتمــد ىلع املشــاعر‬
‫ولكنــه مســألة إيمــان بكلمــة اهلل‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪84‬‬
‫اجلزء الثاني‬

‫احلياة فـي ملء الروح‬

‫‪85‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪86‬‬
‫الفصل السادس‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫يف الفصــل الســابق ذكــرت مخســة أدوار للــروح القــدس أنــه‪:‬‬


‫ُّ‬ ‫والمرشــد ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ذكــر ُ‬ ‫ِّ‬
‫والمع ِلــن واملســئول‪ .‬ويف هــذا الفصــل أود‬ ‫املعلــم والم‬
‫الرتكــز ىلع دور الــروح القــدس كمرشــد‪.‬‬
‫َ َ َّ‬
‫«وأمــا‬ ‫دعونــا نبــدأ بإلقــاء نظــرة ىلع (يوحنــا ‪ )13 :16‬مــرة أخــرى‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫الــق»‪ ،‬وهــذا‬ ‫الــق‪ ،‬فهــو ير ِشــدكم إِل جِيــعِ‬ ‫مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح‬
‫إعــان واضــح مــن الكتــاب املقــدس أن الــروح القــدس يــأيت يلكــون‬
‫َُ َ‬ ‫ّ‬
‫مرشــدنا‪ .‬فبعــد أن اعتمدنــا بالــروح القــدس‪ ،‬علينــا أن نتعلــم أن نقــاد‬
‫بالــروح وأن حنمــل ثمــار الــروح بــأن حنيــا يف انلعمــة الــي أعطانــا‬
‫املســيح إياهــا‪.‬‬

‫النضــوج املســيحي يعــي ان نســمح للــروح القــدس أن‬


‫يقودنــا بصفــة مســتمرة ومنتظمــة‬

‫يف (روميــة ‪- )14 :8‬ويه آيــة هامــة للغايــة ‪ -‬حتــدث بولــس عــن‬
‫َ َّ ُ َّ‬
‫كيفيــة إكتمــال عمــل اهلل داخلنــا نلصبــح مؤمنــن ناضجــن «ألن ك‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ـم أ ْب َنـ ُ‬
‫ـاء اهللِ»‪ .‬زمــن الفعــل‬ ‫ون بـ ُ‬
‫ـر ِ‬
‫وح اهللِ‪ ،‬فأوئل ِــــك هـ‬ ‫الِيــن ينقــــاد ِ‬
‫‪87‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫هنــا هــو املضــارع املســتمر و كأن اآليــة تقــول‪ “:‬لك اذليــن ينقــادون‬
‫بــروح اهلل بصفــة مســتمرة‪ ،‬فأوئلــك هــم أبنــاء اهلل”‪ .‬ولكمــة «أبنــاء»‬
‫ُ‬
‫تشــر إىل انلضــوج‪ ،‬فــي ليســت اللكمــة الــي تشــر لألطفــال الصغــار‬
‫ولكــن لالبــن انلاضــج‪ .‬وبالطبــع لــي نكــون أوالد اهلل جيــب أن‬
‫نــودل ثانيــة مــن روح اهلل وقــد تكلــم يســوع عــن هــذا بوضــوح يف‬
‫(يوحنــا ‪ .)3‬ولكــن بمجــرد أن نــودل ثانيــة جيــب أن نكــون باســتمرار‬
‫ُمنقاديــن بــروح اهلل لــي ننمــو ونصبــح ناضجــن واكملــن‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أن كثـ ً‬ ‫واحلقيقــة ُ‬
‫ـرا مــن املؤمنــن اذليــن ُو ِلوا ثانيــة‬ ‫المحزنــة يه‬
‫َ‬
‫واعتمــدوا يف الــروح القــدس‪ ،‬لــم خيوضــوا فعليــا رحلــة االنقيــاد‬
‫بالــروح وباتلــايل لــم يصلــوا إىل انلضــوج ولــم يصــروا ذلــك املؤمــن‬
‫الاكمــل اذلي يريــده اهلل‪ .‬يف الواقــع بعــض انلــاس اذليــن يتحدثــون ً‬
‫كثريا‬
‫عــن الــروح القــدس يعرفــون القليــل عــن اخلضــوع لقيادتــه‪ .‬لقــد‬
‫كنــت ‪ -‬ومازلــت ‪ -‬مخســينيًا ألكــر مــن مخســن ً‬
‫اعمــا وأين أشــكر اهلل‬
‫ىلع اخلمســينيني وأديــن خبــايص هلــم‪ .‬ولكـ ّ‬
‫ـن انلــاس اذليــن يقولــون‬
‫ّ‬
‫«لقــد اعتمــدت يف الــروح القــدس يف اعم ‪ 1986‬وتكلمــت بألســنة‬
‫وهــذا هــو لك يشء» هــم ً‬
‫اغبلــا بعيــدون عــن ملســة الــروح القــدس‬
‫ايلــوم‪ .‬فمعموديــة الــروح القــدس ليســت اختبـ ً‬
‫ـارا حيــدث مــرة واحــدة‬
‫فقــط ولكنــه عالقــة مســتمرة بــاآلب مــن خــال االبــن بالــروح‬
‫القــدس‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫قدرتنــا علــى االنقيــاد بالــروح تعتمــد علــى ادراكنا‬


‫للنامــوس مقابــل النعمة‬

‫مــن بــن أســباب عــدم وصــول املؤمنــن إىل مرحلــة انلضــوج هــو‬
‫أنهــم لــم يفهمــوا أبـ ً‬
‫ـدا معــى قبــول بــر املســيح‪ ،‬فقــد وجــدوا أنــه مــن‬
‫الصعــب أن يســمحوا للــروح القــدس أن يقودهــم ألنهــم ّ‬
‫يتلكــون ىلع‬
‫طريقــة آخــرى ملعرفــة الطريــق اذلي يســلكونه‪.‬‬

‫يكشــف نلــا الكتــاب املقــدس عــن بديلــن أخريــن نلصــل‬


‫ٌ‬
‫للــر يف عالقتنــا مــع اهلل‪ .‬واتلميــز بينهمــا هــام للغايــة وهــو موضــوع‬
‫ً‬ ‫ٌّ‬
‫أســايس يف العهــد اجلديــد‪ .‬ومــع ذلــك فإنــه وفقــا ملالحظــي فــإن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اهتمامــا اكفيًــا هلــذه املســألة اهلامــة‪.‬‬ ‫ً‬
‫كثــرا مــن املؤمنــن ال يولــون‬
‫وهــذان األســلوبان همــا انلامــوس وانلعمــة‪ .‬يــرح الكتــاب املقــدس‬
‫بوضــوح أنهمــا أســلوبان ال يمكــن اجلمــع بينهمــا‪ ،‬فــإن كنــت تطلــب‬
‫الوصــول للــر مــن خــال انلامــوس فلــن تصــل إيلــه بانلعمــة‪ ،‬ومــن‬
‫ّ‬ ‫ناحيــة أخــرى لــو أردت أن تنعــم بالــر ُ‬
‫المعطــى بانلعمــة فلــن تتمكــن‬
‫مــن فعــل هــذا حبفــظ انلامــوس‪.‬‬

‫وهــذا احلــق هــام للغايــة ألنــه وىلع الرغــم مــن أنــي أحتــدث‬
‫عــن جمــال حمــدود ومعــروف يل يف الكنيســة املســيحية‪ ،‬فإنــي أرى‬
‫ّ‬
‫أن معظــم املؤمنــن حياولــون أن يعيشــوا جــزء مــن حياتهــم بانلامــوس‬
‫واجلــزء األخــر بانلعمــة‪ .‬وحقيقــة األمــر أنهــم ال يفهمــون أيًــا منهمــا‪،‬‬
‫‪89‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫بالرغــم أن َف ْهـ َ‬
‫ـم لكيهمــا أمــر حيــوي لــي نعلــم كيــف ننقــاد بالــروح‬
‫القــدس‪.‬‬

‫طبيعة النامــوس‬

‫انلامــوس عبــارة عــن جمموعــة مــن القواعــد عليــك أن حتفظهــا‪.‬‬


‫فــإن حفظــت لك القواعــد طــوال الوقــت فقــد أصبحــت ً‬
‫بــارا‪ .‬مــن‬
‫انلاحيــة األخــرى‪ ،‬فــإن انلعمــة يشء ال يمكنــك أن حتصــل عليــه أو‬
‫حتققــه مــن خــال العمــل عليــه‪ ،‬فلــو أنــك تعمــل ألجــل احلصــول‬
‫ىلع يشء مــا أو تســى تلحقيقــه فهــذا ليــس نعمــة‪ ،‬فانلعمــة نقبلهــا‬
‫َْ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫كـ ْ‬
‫ـم بِانلِّعمـ ِة‬ ‫مــن اهلل بطريقــة واحــدة فقــط‪ .‬ختربنــا (أفســس‪« )8 :2‬ألن‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ‬
‫ـو ع ِطيــة اهللِ» فانلعمــة‬ ‫ـان‪َ ،‬وذلِــك ليــس مِنكــم‪ .‬هـ‬
‫اإليمـ ِ‬
‫ملصــون‪ ،‬ب ِ ِ‬
‫تــأيت مــن خــال اإليمــان والــر هــو انلتيجــة‪.‬‬

‫وباتلــايل إن أردت أن تصــل إىل الــر وإن أردت أن تصــل إىل‬


‫انلضــوج اذلي مــن اهلل فعليــك أن تقــرر مــا إن كنــت ســتفعل هــذا‬
‫بانلامــوس أم بانلعمــة‪ .‬إذا اتّبعــت ّ‬
‫وصيــة الكتــاب املقــدس‪ ،‬فســوف لــن‬
‫حتــاول أن تفعــل ذلــك بانلامــوس ألن الكتــاب املقــدس خيربنــا أنــه ال‬
‫يوجــد أي شــخص يمكنــه أن حيقــق الــر مــع اهلل حبفــظ انلامــوس‪.‬‬
‫ولــي نفهــم ملــاذا علينــا أن ننظــر إىل بعــض متطلبــات انلامــوس‪.‬‬
‫واملبــدأ األســايس اذلي جيــب أن تفهمــه جيـ ً‬
‫ـدا هــو هــذا‪ :‬لــي تكــون‬
‫بـ ً‬
‫ـارا حبفــظ انلامــوس عليــك أن حتفــظ لك انلامــوس‪ ،‬طــوال الوقــت‪،‬‬
‫‪90‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫فــا يكــي أن حتفــظ لك انلامــوس بلعــض الوقــت أو بعــض انلامــوس‬


‫ً‬
‫لــل الوقــت‪ ،‬فلــو أنــك ال حتفــظ انلامــوس اكمــا و باســتمرار فــا‬
‫يمكــن للنامــوس أن جيعلــك بـ ً‬
‫ـارا‪.‬‬
‫َ َّ َ َ‬
‫أوضــح بولــس هــذا املفهــوم يف الرســالة إىل غالطيــة‪« ،‬ألن جِيــع‬
‫َ َّ ُ َ ْ ُ ٌ‬ ‫ُ ْ َْ َ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬
‫ــم تــت لعنــ ٍة‪ ،‬ألنــه مكتــوب‬ ‫ــال انلَّام ِ‬
‫ــوس ه‬ ‫الِيــن هــم مِــن أعم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ْ ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ٌ ُ ُّ َ ْ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ـوس‬‫ـاب انلَّامـ ِ‬‫ملعــون ك مــن ال يثبــت ِف جِيــعِ مــا هــو مكتــوب ِف ك ِتـ ِ‬
‫ً‬ ‫َْ َ‬
‫ِ َلعمــل بِــ ِه» (غالطيــة ‪ ،)10 :3‬وباملثــل أيضــا كتــب يعقــوب‪:‬‬
‫َ ََ ْ‬ ‫ــوس‪َ ،‬وإ َّن َمــا َع َ َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ ُ َّ َّ ُ‬
‫ــر ِف َواحِــد ٍة‪ ،‬فقــد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ام‬ ‫«ألن مــن ح ِفــظ ك انل‬
‫َ‬ ‫ْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــل‪ .‬ألَ َّن الِي قــال‪« :‬ال تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ ِّ‬ ‫َ َ ُْ ً‬
‫ــز ِن»‪ ،‬قــال أيضــا «ال‬ ‫ــار م ِرمــا ِف ال‬ ‫ص‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ ُ َ َ ِّ ً َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫صت متعديــا انلامــوس»‬ ‫كــن قتلــت‪ ،‬فقــد ِ‬ ‫تقتــل»‪ .‬ف ـإِن لــم تــز ِن ول ِ‬
‫(يعقوب ‪)11 – 10 :2‬‬

‫هلــذا إن أردت أن تقبــل الربكــة وتتجنــب اللعنــة فعليــك أن‬


‫تســتمر يف فعــل لك األشــياء املذكــورة يف انلامــوس طــوال الوقــت‪ .‬ليــس‬
‫بإماكنــك ان حتفــظ الوصايــا الــي تعتقــد أنهــا مهمــة فقــط وتقــول‬
‫«ســأحافظ ىلع هــذه املجموعــة مــن الوصايــا ولــن أحافــظ ىلع الوصايــا‬
‫األخــرى»‪ ،‬ولكــن عليــك أن حتفــظ لك وصيــة ىلع حــدة وإال لــن‬
‫ً‬
‫مفيــدا بالنســبة لــك كوســيلة تلحقيــق الــر‪.‬‬ ‫يكــون انلامــوس‬

‫خيربنــا الكتــاب املقــدس أنــه ال يوجــد مــن جنــح يف حفــظ‬

‫‪91‬‬
‫تلبسون قوة‬
‫ً‬
‫ـا‪ .‬وهــذه احلقيقــة واضحــة ً‬
‫تمامــا يف الكثــر مــن املقاطع‬ ‫انلامــوس اكمـ‬
‫واألجــزاء الكتابيــة‪ ،‬دعونــا نلــي نظــرة ىلع اثنــن منهــا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ َ‬
‫ــد ال‬
‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫ِي‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ــوس‬
‫ِ‬ ‫ام‬ ‫انل‬ ‫(روميــة ‪« )20 :3‬ألنــه بِأع ِ‬
‫ــال‬‫م‬ ‫ختربنــا‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ َّ َّ ُ‬
‫َ‬
‫ـوس مع ِرفــة ال ِطيـةِ‪ ».‬اكن بولــس يقــول إنــه ال‬ ‫يتــرر أمامــه‪ .‬ألن بِانلامـ ِ‬
‫يوجــد أي إنســان ســيحقق الــر يف نظــر اهلل حبفــظ انلامــوس‪.‬‬

‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬


‫أعطــى اهلل انلامــوس ملــوىس؟»‬ ‫ربمــا تــادل قائــا «إذن ملــاذا‬
‫يف احلقيقــة إن اهلل لــم يُعــط انلامــوس لــي جيعــل أي شــخص ً‬
‫بــارا‪.‬‬
‫فأحــد األغــراض الــي أعطــى ألجلهــا اهلل انلامــوس هــو أن يُظهــر نلــا‬
‫حاجتنــا إىل اخلــاص‪ ،‬واهلــدف اثلــاين هــو أن يُظهــر نلــا أنــه ال يمكننــا‬
‫ُ ّ‬
‫أن نلــص أنفســنا‪.‬‬
‫َْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ ُ َّ‬
‫السـ ِد (ملــا اكنــت طبيعتنــا اجلســدية تتحكــم‬ ‫«ألنــه لمــا كنــا ِف‬
‫ََْ ُ َ ْ َ‬
‫ضائ َِنــا‪ ،‬لِـ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َّ‬
‫ـي‬ ‫ـي بِانلَّامـ ِ‬
‫ـوس تعمــل ِف أع‬ ‫فينــا) كنــت أهــواء الطايــا ال ِ‬
‫ـ‬
‫ُْ َ َْ ْ‬
‫ت» (روميــة ‪.)5 :7‬‬ ‫نث ِمــر ل ِلمــو ِ‬
‫ّ‬
‫هــذا قــول مذهــل ألنــه يقــول أن انلامــوس يُثــر أهــواء اخلطايــا‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ ُ َّ ُ ْ َ‬
‫ال ِط َّي ـ ِة هِــ َ‬
‫ـي انلَّامــوس»‬ ‫وهــو مــا يشــر لـــه بولــس قـائـــا «وقــوة‬
‫(‪1‬كورنثــوس ‪ .)56 :15‬فانلامــوس لــم يمنعنــا عــن فعــل اخلطيــة بــل‬
‫أثــار فينــا اخلطيــة‪ .‬عندمــا انضممــت إىل الكنيســة اإلجنلياكنيــة يف‬
‫ســن اخلامســة عــر‪ ،‬أدركــت ألول مــرة أين حباجــة إىل أن أكــون‬

‫‪92‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫ـت لك األســئلة وحفظــت‬ ‫ـت عليــه‪ ،‬وهلــذا ّ‬


‫تعلمـ ُ‬ ‫أفضــل بكثــر ممــا كنـ ُ‬

‫لك اإلجابــات وقلــت «هكــذا فإنــه قــد تــم اتلصديــق يلع‪ ،‬وســأكون‬
‫ً‬
‫أفضــل» وكنــت صادقــا للغايــة يف األمــر‪ .‬املشــلة يه أنــه لكمــا‬
‫حاولــت جبَــد أن أكــون أفضــل‪ ،‬أرسعــت يف أن أكــون أســوأ‪ .‬لــم أكــن‬
‫بهــذا الســوء إىل أن حاولــت أن أكــون جيـ ً‬
‫ـدا‪ ،‬ألن هنــاك شــيئًا مــا قــد‬
‫ُ‬
‫أثــر يف داخــي‪ .‬لــم أعــرف وقتهــا مــا هــو هــذا الــيء‪ ،‬ولكنــه اكن مــا‬
‫ً‬
‫يدعــوه بولــس اإلنســان العتيــق‪ ،‬املتمــرد‪ ،‬اجلســد‪ .‬فعندمــا حتــاول فعــا‬
‫أن تفعــل الصــواب بقوتــك تــدرك أنــه ال يمكنــك أن تفعــل هــذا فلكمــا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ـد أكــر لكمــا حققــت جناحــا أقــل‪.‬‬
‫حاولــت جبـ ِ‬

‫أمــا الغــرض اثلالــث مــن انلامــوس فهــو أن يُظهــر ويتنبــأ‬


‫باملخلّــص اذلي ســيكون قـ ً‬
‫ـادرا أن خيلصنــا‪.‬‬
‫ً َ ْ َ َ‬
‫أوضــح بولــس الغــرض مــن انلامــوس عندمــا كتــب‪« :‬إِذا قــد كن‬
‫ـان‪( ».‬غالطيــة ‪،)24 :3‬‬
‫َ‬ ‫ـوس ُم َؤ ِّد َب َنــا إ َل ال ْ َمســيحِ ‪ ،‬لِـ َ ْ َ َ َ َّ َ‬
‫َّ ُ ُ‬
‫ـي نتــرر ب ِ ِ‬
‫اإليمـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انلامـ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فاللكمــة ايلونانيــة الــي ترمجــت إىل «مــؤدب» يه لكمــة «‪»paidagogos‬‬
‫ويه اللكمــة الــي اشــتقت منهــا لكمــة «‪ ،»pedagogue‬واللكمــة يف‬
‫عبــد كبــر الســن يف مــزل رجــل غــي‪ ،‬يكــون‬ ‫ٍ‬ ‫األصــل تشــر إىل‬
‫ً‬
‫مســئول عــن األطفــال يف ســنواتهم األوىل‪ ،‬فيقــوم بعملــن أوهلمــا‬
‫ّ‬
‫هــو أن يُعلــم األطفــال املبــادئ األساســية يف اتلعليــم (مثــل احلــروف‬
‫ّ‬
‫يتخطــى األطفــال‬ ‫األجبديــة والطاعــة والصــواب واخلطــأ)‪ ،‬ثــم عندمــا‬

‫‪93‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫هــذه املرحلــة فوظيفتــه يه أن يقودهــم يف الطريــق ويوصلهــم إىل املعلــم‬


‫احلقيــي يف املدرســة احلقيقيــة‪.‬‬
‫َ‬
‫وهكــذا فــإن انلامــوس عل َمنــا العنــارص ابلدائيــة للــر‪ ،‬ولكنــه‬
‫ً‬
‫أيضــا قادنــا إىل املدرســة حيــث يمكننــا أن نتعلــم ادلرس احلقيــي اذلي‬
‫هــو املســيح‪ ،‬وهــذا تشــبيه توضيــي مفعــم باحليويــة‪.‬‬
‫ْ َ ْ َ ُ َ َّ ْ َ َ‬
‫ـان الَ يَتَـ َ َّ‬
‫ـر ُر‬ ‫اإلنسـ‬‫َ قــال بولــس فـــي (غالطيــة ‪« )16 :2‬إِذ نعلــم أن ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ــوس‪ »،‬والســؤال هــو هــل تعــرف يــا صديــي العزيــز‬ ‫ــال انلَّام ِ‬
‫بِأعم ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حقــا أن‪...‬‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ‬
‫ــان يســوع‬ ‫ِ‬ ‫يم‬‫إ‬
‫ِِ‬ ‫ب‬ ‫ــل‬ ‫ب‬ ‫‪،‬‬ ‫ــوس‬
‫ِ‬ ‫ام‬ ‫انل‬ ‫ــال‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫«اإلنســان ال يتــرر بِأع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َّ َ ْ ُ َ ْ ً‬ ‫َْ‬
‫ــان يســوع‬ ‫الم َِســيحِ ‪ ،‬آمنــا نــن أي َضــا بِي َســوع الم ِســيحِ ‪ِ ،‬لتــرر بِإِيم ِ‬
‫َ َ َ َ َّ َ َ ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ــر ُر جســد مــا»‬ ‫ــال انلَّام ِ‬
‫ــوس ال يت‬ ‫ــوس‪ .‬ألنــه بِأعم ِ‬ ‫ــال انلَّام ِ‬
‫ال بِأعم ِ‬
‫(غالطية ‪.)16 :2‬‬

‫ـرارا باملســيح باإليمــان‪ ،‬ال‬ ‫لقــد آمنــا باملســيح ذللــك أصبحنــا أبـ ً‬
‫ـوع إىل اإلصحــاح اثلالــث مــن غالطيــة‬ ‫حبفــظ أعمــال انلامــوس‪ .‬رجـ ً‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ َْ َ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ـوس عِنــد‬
‫ُ‬ ‫ـد يَتَـ َ َّ‬
‫ـر ُر بِانلَّامـ ِ‬ ‫كــن أن ليــس أحـ‬ ‫«ول ِ‬‫حيــث يقــول بولــس‪َ :‬‬
‫ََ ٌ َ‬
‫ـان ييــا»‪( .‬غالطيــة ‪ ،)11 :3‬وابلديــل عن‬
‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ـر‪ ،‬أل َّن ْ َ‬
‫«الـ َّ‬
‫اإليمـ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ـار‬ ‫اهللِ فظا ِهـ‬
‫أن حنيــا بانلامــوس هــو أن حنيــا باإليمــان‪ .‬وهــذان طريقــان خمتلفــان‬
‫تمامــا عــن بعضيهمــا‪ .‬عندمــا حنيــا باإليمــان حينئــذ فقــط يمكننــا أن‬ ‫ً‬

‫‪94‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫نثــق بــأن الــروح القــدس هــو مرشــدنا ونســمح هل أن يقودنــا‪.‬‬


‫ً‬
‫كمـا أرشت سـابقا‪ ،‬فإن معظـم املؤمنني ال حييـون باإليمان‪ .‬فهم‬
‫حييـون حيـاة «متأرجحة» يف منتصـف الطريق ما بين انلاموس من‬
‫ناحيـة وانلعمة مـن ناحية أخرى‪ ،‬واعدة ما حيصلون ىلع األسـوأ من‬
‫ً‬
‫كال الطرفين‪ .‬فاحلقيقـة اذا يه أننـا قد هربنا من سـيطرة انلاموس‬
‫بمـوت يسـوع وحنن اآلن أحـرار ليك يقودنا الـروح القدس‪.‬‬
‫كتب بولس‪:‬‬
‫ْ‬
‫ـوس ِبَ َسـ ِد ال َم ِســيحِ ‪ ،‬ل َِكْ‬ ‫ً َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ً َ ْ ُ ُّ ْ َّ ُ‬
‫«إِذا يــا إِخــو ِت أنتــم أيضــا قــد متــم ل ِلنامـ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ات ِلُث ِمــر ِهللِ» (روميــة ‪.)4 :7‬‬ ‫َ َ َّ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫تَ ِصـ ُ‬
‫ـروا آلخــر‪ ،‬لِــذِي قــد أقِيــم ِمــن األمــو ِ‬

‫اكن بولــس يقــول أن حياتــك حتــت انلامــوس تشــبه عقــد زواج‬


‫يربطــك بطبيعتــك اجلســدية‪ ،‬فــا يهــم كــم حتــاول أن حتفــظ‬
‫انلامــوس‪ ،‬فلــن تنجــح ألن اتلمــرد اذلي يف داخلــك لــن يســمح لــك أن‬
‫تفعــل الصــواب‪ .‬ولكــن اخلــر الســار هــو أن يســوع عندمــا مــات ىلع‬
‫الصليــب فقــد وضــع طبيعتنــا اجلســدية معــه تلمــوت‪ ،‬حيــث كتــب‬
‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َّ‬
‫ـب معــه ِ ُلبطــل جســد ال ِطي ـةِ‪،‬‬ ‫بولــس‪« :‬أن إِنســاننا العتِيــق قــد صلِـ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ ُ َ ُْ ََْ ُ َْ ً‬
‫ــرأ م َ‬
‫ِــن‬ ‫ضــا ل ِلْ َخ ِط َّيــةِ‪ .‬ألن الِي َمــات قــد ت َ َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ك ال نعــود نســتعبد أي‬
‫ْ َ َّ‬
‫ال ِطيــةِ‪( ».‬روميــة ‪.)7 – 6 :6‬‬
‫ـات َّالِي ُك َّنا ُم ْم َسـك َ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ـد َتَ َّر ْرنَــا مـ َ‬
‫َ ََ ْ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ِني‬ ‫ـوس‪ ،‬إِذ مـ‬ ‫ـن انلَّامـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫«وأمــا اآلن فقـ‬

‫‪95‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫وح الَ ب ِع ْتــق ْ َ‬


‫ال ْر ِف‪( ».‬روميــة ‪.)6 :7‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ َ ْ ُ َ‬
‫بــدة ِ الــر ِ ِ ِ‬ ‫فِيـ ِه‪ ،‬حــى نعبــد ِ ِ‬

‫انلامــوس ســيثبت إىل األبــد ألنــه جــزء مــن لكمــة اهلل ولكمــة اهلل‬
‫لــن تســقط أبـ ً‬
‫ـدا‪ .‬ولكــن اذا نظرنــا للنامــوس كأداة للــر‪ ،‬فاملســيح قــد‬
‫ُ ْ ِّ ُ ِّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ــر ل ِــل‬
‫ه‪ :‬الم ِســيح ل ِل ِ‬ ‫وضــع نهايــة للنامــوس‪« :‬ألن غيــة انلَّام ِ‬
‫ــوس ِ‬
‫ـن يُ ْؤمـ ُ‬
‫ـن‪( ».‬روميــة ‪)4 :10‬‬
‫َ ْ‬
‫مـ‬
‫ِ‬

‫واآلن بمــا أن اجلســد قــد ُوضــع للمــوت‪ ،‬أو صــدر ضــده حكم‬
‫املــوت قــال بولــس إننــا اآلن أــحــرار لــي ندــخــل يف نــــوع خمتلــف‬
‫مــن أنــوع االحتــاد‪ ،‬أال وــهــو االحتــاد مــع املســيح املقــام مــن خــال‬
‫َ ْ ُ‬
‫ـم مــنَ‬
‫َ‬ ‫ـر‪ ،‬ل ِلّ َ‬
‫ـــذِي قــد أقِيـــ ِ‬
‫َ‬
‫آلخـــ َ‬ ‫صيـــ ُ‬
‫ـروا‬
‫َْ َ‬
‫ـي ت ِ‬ ‫الــروح القــدس «لِـ‬
‫ـوات ِلُ ْثمـِـ َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ـر ِهللِ‪( ».‬رومية ‪)4 :7‬‬ ‫األمــــ ِ‬
‫ً‬
‫عندمــا كنــا مزتوجــن جســد اخلطيــة‪ ،‬جلبنــا نســا جبســد‬
‫اخلطيــة‪ .‬ولكــن عندمــا نتحــد باملســيح ُ‬
‫المقــام بالــروح القــدس‪ ،‬فإننا‬
‫ََّ‬
‫حنمــل ثمــار بــره‪ ،‬أي ثمــار الــروح القــدس‪ .‬بمعــى أن األمــر لــم يعــد‬
‫ً‬
‫مرتبطــا بمــا حنــاول أن نفعلــه بــل بمــا حنــن متحديــن معــه وهــو مــا‬
‫حيــدد األســلوب اذلي حنيــا بــه‪ .‬وهــذا هــو جوهــر الرســالة املســيحية‪،‬‬
‫َ‬
‫فمــا دمــت حتــاول أن تكــون صاحلًــا وتفعــل الصــواب؛ فأنــت لــم تـ ِ‬
‫ـع‬
‫هــذه الرســالة ولكــن عندمــا تتحــد باملســيح وحتيــا يف هــذه الوحــدة‬
‫عندهــا ســتنقاد بالــروح القــدس‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫طبيعة النعمة‬
‫َ‬
‫ىف اللحظــة الــى نــدرك فيهــا أننــا مصابــون باملــرض اذلى ال يُــرج‬
‫ً‬
‫شــفاؤه وهــو مــرض اخلطيــة‪ ،‬فإننــا ســرغب فعــا يف العــاج‪ .‬فعليــك‬
‫ً‬
‫أول أن تصــل إىل تلــك املرحلــة إذا كنــت بالفعــل راغبًــا ىف قبــول‬
‫طريــق اهلل للــر اذلى هــو انلعمــة وليــس انلامــوس‪.‬‬
‫انلعمــة يه صــاح اهلل اذلي ال نســتحقه‪َ .‬يـ ُ‬
‫ـد املتدينــون صعوبــة‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ىف قبــول نعمــة اهلل ألنهــم يعتقــدون أن ّ‬
‫«يلع أن أفعــل شــيئا لــي أحصل‬
‫ـخصا متدينًــا‪ ،‬هلــذا‬
‫ـت توقفــت عــن أن أكــون شـ ً‬ ‫عليهــا» عندمــا َخلُصـ ُ‬

‫اقتحمــت األمــر وحصلــت ىلع لك شــئ‪ .‬فقــد حصلــت ىلع اخلــاص‬


‫واعتمــدت بالــروح القــدس وقبلــت مواهــب الــروح يف خــال أســبوع‪،‬‬
‫ومــع ذلــك اكن هنــاك جنــدي آخــر ذهــب مــي إىل نفــس االجتمــاع‬
‫ولكنــه اكن مــن انلــوع املتديــن للغايــة‪ ،‬هلــذا اســتغرق منــه األمــر‬
‫ُ‬
‫حصلــت عليــه يف غضــون أيــام قليلــة‬ ‫أســابيع لــي حيصــل ىلع مــا‬
‫َ ّ‬
‫ألنــه ظــل حيــاول أن حيصــل ىلع األمــر بمجهــوده‪ ،‬واعتقــد أن عليــه أن‬
‫يكــون صاحلًــا بادلرجــة الاكفيــة حــى يقبلــه‪.‬‬

‫حتدثــت مــع أعــداد غفــرة مــن انلــاس اذليــن لــم يقبلــوا معمودية‬
‫ّ‬
‫الــروح القــدس ألنهــم يعتقــدون أن عليهــم أن يكونــوا صاحلــن‬
‫بادلرجــة الاكفيــة لــي يقبلــوا هــذه املعموديــة‪ .‬لــن تكــون صاحلًــا‬
‫أبـ ً‬
‫ـدا بادلرجــة الــي تؤهلــك للحصــول ىلع املعموديــة‪ ،‬فــا يوجــد شــئ‬
‫‪97‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يمكنــك أن تفعلــه تلصبــح صاحلًــا بادلرجــة الاكفيــة ألقنــوم الــروح‬


‫القــدس حــى يــأيت ويســكن يف جســدك املــادي هــذا‪ .‬جيــب أن‬
‫ً‬
‫تفهــم حقــا أن انلعمــة ليســت شــيئًا حتصــل عليــه بمجهــودك‪ ،‬فنحــن‬
‫نتحــدث عــن ذلــك الــيء اذلي لــو أن اهلل لــم يكــن قــد اختــار‬
‫ـدا‪ .‬لــن نتمكــن أبـ ً‬
‫أن يفعلــه‪ ،‬ملــا حــدث أبـ ً‬
‫ـدا مــن فهــم نعمــة اهلل‬
‫ولكــن يمكننــا أن نقبلهــا‪.‬‬

‫حنيا بالناموس أم بالنعمة‬

‫أن انلقطــة احلاســمة يف مناقشــتنا يه أنــه عليــك أن ختتــار إمــا‬


‫أن حتيــا بانلامــوس أو بانلعمــة‪ ،‬فــا يمكنــك أن حتيــا بكليهمــا‪ .‬اكن‬
‫َ َّ ْ َ َّ َ‬
‫بولــس يتلكــم إىل أنــاس قبلــوا نعمــة اهلل عندمــا قــال‪« :‬ف ـإِن ال ِطيــة‬
‫َ ْ َْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ــوس بــل تــت انلِّعمــةِ‪».‬‬‫لــن تســودكم‪ ،‬ألنكــم لســتم تــت انلَّام ِ‬
‫(روميــة ‪ ،)14 :6‬هنــاك الكثــر مــن اإلرتبــاط بــن روميــــة وغالطيــة‬
‫ـن إ َذا ْان َق ْد ُتـ ْ‬
‫ْ‬ ‫يف هــذا الشــأن‪ ،‬فتخربنــا رســالة (غالطيــة ‪َ )18 :5‬‬
‫ـم‬ ‫كـ ِ‬ ‫«ول ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ ِ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ـوس‪ ».‬الحــظ أن انلامــوس وانلعمــة نقيضان‬ ‫وح فلســتم تــت انلَّامـ ِ‬ ‫بِالــر‬
‫حيــل أحدهمــا حمــل اآلخــر‪ ،‬فــإن كنــت حتــت انلامــوس فلســت حتــت‬
‫انلعمــة‪ ،‬إن كنــت حتــت انلعمــة فأنــت لســت حتــت انلامــوس‪.‬‬

‫قــال بولــس أن اخلطيــة لــن تســودك ألنــك لســت حتــت انلامــوس‪،‬‬


‫فمــا هــو املعــى الضمــي وراء هــذه اللكمــات؟ لــو أنــك حتــت انلامــوس‪،‬‬
‫فســوف يكــون للخطيــة ســلطان عليــك‪ .‬هــل تفهــم هــذا األمــر؟‬
‫‪98‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫هــذه آيــة هامــة للغايــة‪ ،‬ويه تعلمنــا أمريــن األول‪ :‬هــو أننــا إن حاونلــا‬
‫حتقيــق الــر بانلامــوس فســيكون للخطيــة ســيادة علينــا واثلــاىن‪ :‬هــو‬
‫إن كنــا نريــد الوصــول إىل الــر مــن خــال انلعمــة‪ ،‬فــا يمكننــا أن‬
‫حنقــق ذلــك بانلامــوس‪.‬‬

‫دعونــا نلــي نظــرة أخــرى ىلع (روميــة ‪ )14 :8‬والــي ناقشــناها يف‬
‫ـك ُهـ ْ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َّ ُ َّ َّ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ون بـ ُ‬
‫ـم‬ ‫ـر ِ‬
‫وح اهللِ‪ ،‬فأوئلِـ‬ ‫َبدايــة هــذا الفصــل‪« :‬ألن ك الِيــن ينقــاد ِ‬
‫أ ْب َنـ ُ‬
‫ـاء اهللِ»‪ ،‬كيــف يمكننــا أن حنيــا كأبنــاء هلل؟ هــل بتطبيــق جمموعــة‬
‫ُ‬
‫مــن القواعــد؟ ال بــل بــأن نقــاد بالــروح القــدس‪ .‬فهــذا هــو الطريــق‬
‫الوحيــد اذلي يمكننــا أن حنيــا بــه كأوالد بالغــن ناضجــن هلل ‪.‬‬

‫بالنســبة ملعظــم املؤمنــن فــإن انلامــوس أو جمموعــة القواعد ــهـــي‬


‫عبــارة عــن داعمــة‪ ،‬فهــم يســرون ىلع عــاز ويدعمــون أنفســهم بهــا‪،‬‬
‫واهلل يقــول‪« :‬ألقــوا هــذه ادلاعمــة بعيـ ً‬
‫ـدا وثقــوا بـــي»‪ ،‬وهــم يســألون‬
‫أنفســهم «ولكــن مــاذا ســأفعل بعــازي؟» فقــد اكتشــفت أن انلــاس‬
‫خيافــون مــن اثلقــة بنعمــة اهلل ومــن تكريــس أنفســهم هلــذه انلعمــة‪.‬‬

‫يف الرســالة اثلانيــة إىل كنيســة كورنثــوس كتب بولــس إىل املؤمنني‬
‫َ ْ ُ َ ً َّ َ ْ ُ َ ً َ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ــم ِرســالة الم ِســيحِ ‪ ،‬مدومــة مِنــا‪ ،‬مكتوبــة ال‬ ‫هنــاك‪« :‬ظاه ِِريــن أنك‬
‫ْ َ ِّ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫ــل ب ُ‬
‫ــب‬
‫اح قل ٍ‬‫اح حج ِريــ ٍة بــل ِف ألــو ِ‬ ‫ــر ِ‬
‫وح اهللِ الــي‪ ،‬ال ِف ألــو ٍ‬ ‫ِــر ب ِ‬‫ِ َب ٍ‬
‫ْ َّ‬
‫ل ِمي ـ ٍة‪2( ».‬كورنثــوس ‪)3 :3‬‬

‫‪99‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ُ ِّ َ َ ُّ‬
‫ـظ احفــظ قلبــك‪ ،‬ألن‬‫خيربنــا ســفر (األمثــال ‪« )23 :4‬فــوق ك تفـ ٍ‬
‫ْ ُ َ َ َ َْ َ‬
‫اليــاة ِ»‪ ،‬عندمــا يكــون نامــوس اهلل يف قلبــك فســتحيا‬ ‫ـارج‬
‫مِنــه مـ ِ‬
‫بطريقــة اهلل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫جــدا‬ ‫تعــد قضيــة انلعمــة مقابــل انلامــوس قضيــة واقعيــة‬
‫ً‬
‫كثــرا‪ .‬فقــد عملــت جبــد لــي‬ ‫ُ‬
‫اعنيــت منهــا‬ ‫بالنســبة يل حيــث أين‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أكــون شـ ً‬
‫ـخصا أكــر تدينــا ولكــي شــعرت باإلحبــاط الشــديد ألين لــم‬
‫أكــن أعــرف مــاذا أفعــل‪ .‬ولكــي تعلمــت أن هــذا جــزء مــن رحلــة‬
‫ُ‬
‫تشــكيل املؤمــن وأنهــا تعلمنــا أن نتــل ىلع الــروح القــدس‪ ..‬وعليــه‬
‫أود أن أســوق لــك مثالــن لــي أجعــل مــن مســألة اإلنقيــاد بالــروح‬
‫ً‬
‫ووضوحــا بالنســبة لــك‪.‬‬ ‫القــدس مســألة أكــر حيويــة‬

‫مثاالن عن الناموس والنعمة‬


‫● رفقة وخادم إبراهيم‬
‫يف فصــل ســابق حتدثنــا باختصــار عــن أبراهيــم وكيف أرســل‬
‫ً‬
‫عروســا البنــه اســحق مــن بــن أقربائــه يف أرام‬ ‫خادمــه لــي جيــد‬
‫ً‬
‫انلهريــن (‪ .)Mesopotamia‬اكن هــذا حدثــا تارخييًــا ولكنــه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضــا يُعــد مثــال نلــا‪ .‬مــرة أخــرى‪ ،‬إبراهيــم يف هــذا املثــال رمــز‬
‫هلل اآلب واســحق يمثــل يســوع املســيح ‪ -‬االبــن الوحيــد ‪ -‬ورفقــة‬
‫العــروس املختــارة تمثــل الكنيســة والشــخصية اهلامــة األخــرى‬

‫‪100‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫يه شــخصية خــادم إبراهيــم أو وكيــل أعمــاهل اذلي يمثــل الــروح‬


‫القــدس‪.‬‬
‫ُ‬
‫خــرج هــذا الوكيــل آخــذا عــرة ِجــال مملــة بــكل أنــواع‬
‫األمتعــة واهلدايــا ألنــه ذاهـ ٌ‬
‫ـب الختيــار العــروس‪ .‬ويف الــرق األوســط‬
‫ُ‬
‫ـدم ىلع مثــل هــذا االختيــار وتدخــل يف‬ ‫عندمــا يكــون عليــك أن تقـ ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫قبلــت مثــل‬ ‫عالقــة بهــذا الشــل‪ ،‬فعليــك دائمــا أن تقــدم اهلدايــا‪ .‬فلــو ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫تلــك اهلديــة‪ ،‬فقــد ق ِبلــت الشــخص اذلي قدمهــا‪ .‬وإن ر ِف َضتهــا فقــد‬
‫رفضــت مــن قدمهــا‪ ،‬فتقديــم اهلدايــا ىه حلظــة حاســمة وهامــة للغايــة‪.‬‬

‫اجلمــال‬
‫عشــت فــرة يف الــرق األوســط ودعــي أقــول لــك أن ِ‬
‫قــادرة ىلع محــل الكثــر‪ ،‬فــي قــادرة أن حتمــل كميــة كبــرة وضخمــة‬
‫مــن األمتعــة وقــد اكن ذللــك اخلــادم عــرة ِجــال‪ .‬وعندمــا وصــل إىل‬
‫ً َ‬
‫املنطقــة الــي ُو ِل فيهــا إبراهيــم‪ ،‬وقــف عنــد ابلرئ وصــى هلل قائــا‪« :‬ها‬
‫ـتق َ‬ ‫َْ َ َ َ ٌ َ ْ َ‬ ‫َََ ُ َ ْ‬ ‫ََ َ ٌ ََ َ ْ َْ‬
‫ني‬ ‫ارجــات ل ِيسـ ِ‬ ‫خ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ِين‬
‫د‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ـل‬‫ـ‬‫ه‬ ‫أ‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬‫ن‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫أنــا واقِــف ع عــن ال‬
‫َْ َ َ ََُ َ‬
‫ِ‬
‫َ َّ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َ َّ ْ ِ َ َ َ َّ َ ُ ُ َ َ ِ َ‬
‫ـك ألشب‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫ـي جرتـ ِ‬ ‫َ ً‬
‫ـي أقــول لهــا‪ :‬أمِيـ ِ‬ ‫مــاء‪ .‬فل َيك َــن أن الفتــاة الَـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ َ ْ ً‬ ‫ْ َ ْ َ َ ْ‬
‫ـي عينتهــا ل ِعبـدِك إِســحاق‪َ .‬وبِها‬ ‫ـي ِجالــك أيضــا‪ِ ،‬ه الـ ِ‬ ‫َاشب َوأنــا أسـ ِ‬
‫ْ َ ُ َّ َ َ َ ْ َ ُ ْ ً َ َ ِّ‬
‫ـم أنــك صنعــت لطفــا إِل ســيدِي»‪( .‬تكويــن ‪)14 – 13 :24‬‬ ‫أعلـ‬

‫جيــب أن نضــع يف االعتبــار أن اجلَمــل يمكنــه أن يــرب أربعــن‬


‫ً‬
‫جالونــا مــن امليــاه‪ ،‬وبهــذا فــإن الكميــة الــي حيتاجهــا عــرة مجــال يه‬
‫أربعمائــة جالــون مــن امليــاه‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ثــم أقبلــت رفقــة وقــال هلــا العبــد‪« :‬مــن فضلــك أعطــي مــاء‬
‫ألرشب» فقالــت هل «باتلأكيــد‪ ،‬وسأســتيق جلمالــك ً‬
‫أيضــا» دعــي‬
‫ـذ قــال العبــد نلفســه‬
‫أخــرك أن هــذا مثــال لإليمــان العامــل‪ .‬حينئـ ٍ‬
‫هــذه يه الفتــاة املطلوبــة‪ .‬ثــم أخــرج املجوهــرات اجلميلــة وأعطاهــا‬
‫إياهــا‪ ،‬ويف اللحظــة الــي ارتــدت فيهــا تلــك املجوهــرات أصبحــت‬
‫الم ّ‬
‫عينــة مــن قِبــل الــرب‪ .‬مــاذا‬ ‫هــذه يه العالمــة ىلع أنهــا العــروس ُ‬
‫اكن ســيحدث لــو أنهــا رفضــت تلــك اهلدايــا اذلهبيــة؟ لــم تكــن أبـ ً‬
‫ـدا‬
‫تلصبــح ىه العــروس (انظراآليــات مــن ‪.)22 – 15‬‬
‫عندمــا اكن خــادم إبراهيــم ُمسـ ً‬
‫ـتعدا لــي يعــود ملوطنــه‪ ،‬ســألت‬
‫العائلــة رفقــة‪:‬‬
‫ََ َ ْ َْ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫َ ْ َْ َ َ َ َ‬
‫ـل؟ فقالــت‪ :‬أذهب‪....‬فقامــت ِرفقــة‬
‫«هــل تذهبِــن مــع ْ هــذا الرجـ ِ‬
‫َ َ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََََ َُ َ َ َْ ََ‬
‫الرجــل‪( ».‬تكويــن ‪.)61 ،58 :24‬‬ ‫ـال وتبِعــن‬
‫المـ ِ‬‫وفتياتهــا وركِــن ع ِ‬
‫ُّ‬
‫أود أن أوضــح لــك أن رفقــة لــم يكــن دليهــا خريطــة فــى لــم‬
‫تذهــب مــن قبــل إيل ذلــك املــان املتجهــة إيلــه‪ ،‬ولــم تــرى ابـ ً‬
‫ـدا ذلــك‬
‫الرجــل اذلي اكنــت ســرتبط بــه او تــرى أبــاه‪ .‬فمصــدر معلوماتهــا‬
‫الوحيــد اكن هــو ذلــك الوكيــل‪ ،‬اكن هــو ُمرشــدها وقــد وثقــت بأنــه‬
‫ســيحرضها إىل عريســها‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬

‫● االختيار ما بني اخلريطة والقيادة‬


‫املثــال اثلــاين هــو عــن شــاب حيتــاج أن يعــرف طريقــه إىل بــد‬
‫بعيــد اكن عليــه أن يســافر إيلــه‪ ،‬واكن دليــه خيــاران‪ّ :‬‬
‫إمــا ان يكــون‬
‫دليــه خريطــة ّ‬
‫وإمــا أن يكــون دليــه ُمرشــد شــخيص‪ .‬اخلريطــة يه‬
‫انلامــوس‪ ،‬وهــو رائــع‪ .‬فــل تفصيلــة فيــه ســليمة ً‬
‫تمامــا ولك عالمــة‬
‫مــن العالمــات اجلغرافيــة موضوعــة يف ماكنهــا الصحيح‪.‬أمــا املرشــد‬
‫الشــخيص فهــو الــروح القــدس‪.‬‬

‫اكن هــذا الشــاب قــد ختــرج تلــوه مــن اجلامعــة‪ ،‬وهــو قــوي وماهــر‬
‫ومعتمــد يلع ذاتــه ‪ .‬ويســأهل اهلل‪« :‬مــاذا تريــد؟ هــل تريــد اخلريطــة أم‬
‫املرشــد؟» فيقــول‪« :‬أنــا ماهــر يف قــراءة اخلرائــط هلــذا سأســتخدم‬
‫اخلريطــة»‪ ،‬ثــم يتجــه إىل الطريــق ً‬
‫اعلمــا باالجتــاه الســليم اذلي ســيتجه‬
‫ُ‬
‫هل‪ .‬الشــمس ُمرشقــة والطيــور تغــرد وهــو يشــعر بالســعادة‪ ،‬فيقــول‪:‬‬
‫«األمــر ســهل للغايــة»‪.‬‬

‫وبعــد ُمــي ثالثــة أيــام ويف قلــب األداغل‪ ،‬وقــد أنتصــف الليــل‬
‫واملطــر يهطــل بغــزارة وهــو ىلع حافــة جــرف‪ ،‬ال يعــرف مــا إذا اكن هــو‬
‫يف اجتــاه الشــمال‪ ،‬أو اجلنــوب‪ ،‬أو الــرق‪ ،‬أو الغــرب‪ ،‬ثــم يقــول هل صــوت‬
‫لطيــف‪« :‬هــل يمكنــي أن أســاعدك؟ فيقــول‪« :‬أيهــا الــروح القــدس أنــا‬
‫احتاجــك» فيجيــب الــروح القــدس‪« :‬أعطــي يــدك وســأنقذك مــن ذلك»‬

‫‪103‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫بعــد ذلــك بقليــل هــا همــا ىلع الطريــق ثانيــة ؤيســران جنبًــا إىل جنــب‪.‬‬

‫قليــل يقــول الشــاب” لقــد كنــت أمحــق للغايــة ألين‬


‫ٍ‬ ‫ثــم بعــد‬
‫ً‬ ‫كنــت مذعـ ً‬
‫ـورا جــدا فيمــا يتعلــق بهــذه األداغل‪ ،‬فقــد اكن بإمــاين أن‬
‫أســر بمفــردي” ثــم يلتفــت إىل نفســه ويقــول‪« :‬يمكنــي أن أفعــل هــذا‬
‫بنفــي»‪ ،‬فــا يــرى املرشــد مــرة أخــرى‪ ،‬ويبــدأ رحلتــه مــن جديــد‪.‬‬
‫وبعــد مــي يومــن‪ ،‬جيــد نفســه وســط مســتنقع ومــع لك خطــوة‬
‫خيطوهــا يغــوص أكــر فأكــر وهــو ال يعــرف مــاذا يفعــل‪ ،‬ولكنــه يفكــر‬
‫ً‬
‫يف نفســه قائــا‪« :‬ال يمكنــي أن أطلــب املســاعدة مــرة أخــرى فــي‬
‫املــرة األخــرة الــي حصلــت فيهــا ىلع املســاعدة لــم أفعــل الصــواب»‬
‫عندهــا يقــول هل الــروح القــدس‪« :‬دعــي أســاعدك»‪ ،‬ثــم يعــودان إىل‬
‫الطريــق الصحيــح مــرة أخــرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقدمــا وعندهــا يفكــر الشــاب يف نفســه قائــا‪:‬‬ ‫إنهمــا حيــرزان‬
‫«مــا زالــت اخلريطــة مــي»‪ ،‬فيُخــرج اخلريطــة ويقــول للــروح القــدس‬
‫«ربمــا تــود أن تســتخدم اخلريطــة‪ ،‬فيجيــب الــروح القــدس‪« :‬شـ ً‬
‫ـكرا‬
‫ولكــي أعــرف الطريــق ولســت حباجــة للخريطــة‪ .‬ويف حقيقــة األمــر‬
‫أنــا مــن صنعــت هــذه اخلريطــة»‪.‬‬
‫وســؤايل اذلي أوجهــه يل ولــك ً‬
‫أيضــا‪ :‬كــم مــن املــرات ســنعود‬
‫فيهــا نلثــق يف حكمتنــا أو مهارتنــا ونصــد الــروح القــدس؟ مــى‬
‫ســنحيا بانلعمــة ال بانلامــوس ونســمح للــروح القــدس أن يرشــدنا؟‬
‫‪104‬‬
‫االنقياد بالروح القدس‬
‫ّ ً‬
‫إن كل مــن رفقــة والشــاب يف هذيــن املثالــن يرمــزان نلــا‪ .‬يمكننا‬
‫أن نصــل إىل وجهتنــا إن وثقنــا بالــروح القــدس كمرشــد نلــا‪ .‬فالــروح‬
‫القــدس هــو مصــدر معلوماتنــا‪ ،‬وهــو مــن يقــدم نلــا مرياثنــا األبــدي‬
‫وهــو مــن ســيُخربنا بمــا جيــب أن نتوقعــه‪ ،‬كمــا أنــه ســيعطينا لك مــا‬
‫حنتــاج‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪106‬‬
‫الفصل السابع‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫إىل جانــب اســتيعاب الفــرق بــن احليــاة بانلامــوس واحليــاة‬


‫بانلعمــة‪ ،‬جيــب أن نــي ً‬
‫تمامــا الطبيعــة اجلديــدة الــي قــد حصلنــا‬
‫عليهــا يف املســيح‪ ،‬بهــذه الطريقــة يمكننــا أن حنيــا ونســلك بالــروح‬
‫كمــا يريــد اهلل‪.‬‬

‫كثــرون ممــن اعتمــدوا يف الــروح القــدس واذليــن يقولــون أن‬


‫حقــا بالــروح‪ .‬أعــرف أُ ً‬
‫ناســا‬
‫ً‬
‫الــروح القــدس يســكن فيهــم‪ ،‬ال حييــون‬
‫اعتمــدوا يف الــروح ولكــن مــن الواضــح جـ ً‬
‫ـدا أنهــم يعيشــون حبســب‬
‫اجلســد معظــم الوقــت‪ ،‬فهــم غــر مرسوريــن وجســدانيني ويفتقــرون‬
‫لإليمــان واملحبــة وغريهــا مــن صفــات الــروح‪ .‬اذا كنــا أمنــاء جتــاه‬
‫هــذا األمــر‪ ،‬ســنجد أننــا نصــارع بدرجــات خمتلفــة مــع قضيــة اجلســد‬
‫مقابــل الــروح‪ ،‬ومــع ذلــك فــإن اهلل قــد قــدم نلــا احلــل‪.‬‬

‫طبيعتنا املتمردة قد حـُكم عليها باملوت‬

‫تعلمنــا يف الفصــل الســابق أن انلامــوس يوقــظ طبيعتنــا اجلســدية‬


‫وأننــا حنتــاج إىل احليــاة بانلعمــة‪ ،‬ومــع ذلــك فمــا زال بعضنــا ُم ً‬
‫قتنعــا‬
‫‪107‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ً‬
‫تمامــا بأننــا الزنلــا «مزتوجــن» بطبيعتنــا اجلســدية وباتلــايل جنــد أنــه‬
‫مــن الصعــب أن حنيــا يف مــلء الــروح‪.‬‬
‫ً‬
‫نعــرف أن كل منــا مولــود بطبيعــة متمــردة أو «اإلنســان العتيــق»‬
‫(روميــة ‪ ،)6 :6‬وأن هــذه الطبيعــة يه أصــل مشــكالتنا‪ .‬ىلع الصليــب‪،‬‬
‫جعــل يســوع بــإرادة اآلب‪ ،‬نفســه واحـ ً‬
‫ـدا مــع تلــك الطبيعــة املتمــردة‬
‫وقــد ُحكــم ىلع اإلنســان العتيــق باملــوت فيــه‪ .‬اهلل ال حيــاول إصــاح‬
‫اإلنســان العتيــق وال حيــاول جعلــه متدينًــا مــن خــال برامــج كنسـ ّ‬
‫ـية‬
‫ُ ّ‬
‫أو مــن خــال مــدارس األحــد‪ .‬يمكننــا أن نلخــص برنامــج اهلل يف لكمة‬
‫واحــدة‪ :‬احلكــم باملــوت‪ .‬وال يمكــن أن يفعــل شــيئًا مــع اإلنســان‬
‫العتيــق إال أن يُميتــه يقتلــه‪ ،‬فطبيعتنــا املتمــردة قــد ُحكــم عليهــا‬
‫باملــوت عندمــا مــات املســيح ىلع الصليــب هلــذا جيــب أال يكــون هلــا‬
‫أي قــوة للســيطرة علينــا أواتلحكــم فينــا‪.‬‬

‫هــذه حقيقــة تارخييــة ولكنهــا لــن تكــون نافعــة إال إذا عرفناهــا‬
‫ْ ُّ‬
‫ـاءا عليهــا‪ .‬فالــرط األول هــو أن نعرفهــا‪ ،‬وقــد َو َجــدت‬‫وترصفنــا بنـ ً‬
‫ً‬ ‫أن اتلعليــم خبصــوص هــذا األمــر ليــس أمـ ً‬
‫ـرا معتــادا و أن املؤمنــن‬
‫ّ‬
‫ال يمكــن أن يطبقــوا مــا ال يعرفــوه‪ .‬هلــذا فــإن الــرط األول هــو‬
‫املعرفــة احلقيقــة ملــا حــدث للطبيعــة القديمــة عندمــا مــات املســيح‬
‫ىلع الصليــب‪ :‬وهــو أنهــا قــد ماتــت ىلع حنــو قاطــع‪.‬‬

‫يغفــر اهلل خطايانــا الســابقة عندمــا نــأيت هل يف املســيح‪ ،‬ولكــن‬


‫‪108‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫هــذه جمــرد ابلدايــة‪ .‬فهــو يتعامــل مــع الطبيعــة ّ‬


‫املتمــردة ويــأيت بطبيعــة‬
‫ً‬
‫جديــدة حملهــا و الــي يُطلــق عليهــا اإلنســان اجلديــد‪ .‬هــذه يه حقــا‬
‫ُ‬
‫طبيعــة يســوع املســيح الــي تنبــت و تثمــر فينــا باإليمــان مــن بــذرة‬
‫لكمــة اهلل‪ .‬فالــروح القــدس هــو الوكيــل اذلي يعطــي الــوالدة اجلديــدة‬
‫والــروح القــدس هــو اذلي خيــدم طبيعــة املســيح فينــا‪.‬‬

‫يقول بولس يف رومية‬


‫اشــا! َنْــنُ‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ ِّ ْ َ ُ َ َ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ََ َ َُ ُ ََْ َ‬
‫«فمــاذا نقــول؟ أنبــى ِف ال ِطيـ ِة لِــي تكــر انلعمــة؟ ح‬
‫ْ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ َ َ‬
‫ـن ال ِطيـةِ‪ ،‬كيــف ن ِعيــش بعــد فِيهــا؟» (روميــة ‪.)2 – 1 :6‬‬
‫الِيــن متنــا ِ‬
‫ـ‬‫ع‬

‫افــرض بولــس أن أي شــخص حييــا بنعمــة اهلل ميــت عــن اخلطيــة‬


‫وهلــذا يقــول‪« :‬لــو أنــك مســتمر يف حيــاة اخلطيــة‪ ،‬فأنــت تناقــض‬
‫نفســك‪.‬اذا كنــت ميتًــا عــن اخلطيــة‪ ،‬فيجــب أال تتحــدث عــن احليــاة‬
‫يف اخلطيــة»‪.‬‬

‫بعدمــا مــات املســيح ىلع الصليــب لــم يُ ِقــم نفســه مــن األمــوات‪،‬‬
‫ولكنــه وثــق بــاآلب لــي يقيمــه يف الســاعة املحــددة مــن خــال‬
‫َّ‬
‫لظــل ًّ‬
‫ميتــا‪ .‬وهكــذا علينــا أن‬ ‫الــروح القــدس‪ .‬لــو لــم يُ ِقمــه اآلب‬
‫نثــق بــاهلل أنــه ســيُقيمنا مــن مــوت خطايانــا‪ .‬ال يمكننــا أن نفعــل‬
‫هــذا بأنفســنا‪ ،‬فنحــن ُمعتمــدون ً‬
‫تمامــا ىلع الــروح القــدس يف هــذا‬ ‫ِ‬
‫األمــر كمــا اعتمــد عليــه يســوع يف قيامــة جســده‪ .‬يف احلقيقــة‪ ،‬هــذه‬
‫يه الشــهادة العلنيــة الــي نعطيهــا عندمــا نعتمــد باملــاء‪« :‬فأنــا دفنــت‪،‬‬
‫‪109‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫واهلل هــو اذلي يقيمــي‪ ،‬وعندمــا أخــرج مــن تلــك املقــرة املائيــة‬
‫سأســر وأقــول‪« :‬أنــا اعتمــد ىلع الــروح القــدس كمــا اعتمــد يســوع‬
‫ىلع الــروح القــدس يلقيمــه يف جــدة احليــاة»‪.‬‬
‫ـيح مـ َ‬‫ُ‬ ‫َ َّ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ ُ َّ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َّ ْ َ ْ‬
‫ـن‬ ‫ـم الم ِسـ ِ‬ ‫ت‪ ،‬حــى كمــا أقِيـ‬ ‫«فدف ِنــا معــه بِالمعمودِي ـ ِة ل ِلمــو ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َّ ْ َ َ‬ ‫َ َ َْ ُ ُ َْ ُ َْ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ‬
‫جــدة ِ اليــاة ِ‪ .‬ألنــه‬‫اآلب‪ ،‬هكــذا نســلك نــن أيضــا ِف َِ‬ ‫ات‪ ،‬بِمجـ ِد ِ‬ ‫األمــو ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ْ ُ َّ َ ْ ْ َ ُ َّ‬
‫ـر أيضــا ب ِ ِقيامتِـ ِه‪».‬‬ ‫ـن معــه ب ِ ِشــب ِه م ْوت ِـ ِه‪ ،‬ن ِصـ‬ ‫حدِيـ‬
‫صنــا مت ِ‬ ‫إِن كنــا قــد ِ‬
‫(روميــة ‪)5 – 4 :6‬‬
‫ّ‬
‫فالــروح القــدس فقــط هــو اذلي يُمكننــا مــن أن يكــون نلــا‬
‫رد فعــل مناســب جتــاه اإلجنيــل وبــدون الــروح القــدس ال يُمكننــا‬
‫أن نفعــل هــذا‪ ،‬ولكــن عندمــا نقبــل الــروح القــدس وحنيــا فيــه‪،‬‬
‫ُ‬
‫عندهــا تصبــح معايــر الكتــاب املقــدس والــي تبــدو أن الوصــول‬
‫ً‬
‫ملموســا‪.‬‬ ‫إيلهــا وحتقيقهــا أمــر صعــب‪ ،‬تصبــح تلقائيًــا ً‬
‫واقعــا‬
‫ُّ ِ ْ َ َ‬ ‫َْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫وح‪ ،‬إِن كن‬ ‫السـ ِد بــل ِف الــر‬ ‫ـم فلســت ْم ِف‬ ‫كتــب بولــس‪« :‬وأمــا أنتـ‬
‫ُ‬
‫ِيكـ ْ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬
‫ـم» (روميــة‪ .)9 :8‬ســـأخربك بمــا أعتقــد أن هــذه‬ ‫ُروح اهللِ ســاك ِنا ف‬
‫اآليــة تريــد قــوهل ‪ ،‬اللكمــة ايلونانيــة املرتمجــة «إن كـــان» تضـــع ً‬
‫رشطا‪،‬‬
‫ْ ُ َّ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ‬
‫ـم معــه‬‫ويه نفـــس اللكمــة املســتخدمة يف (روميــة ‪ « )17 :8‬إِن كنــا نتألـ‬
‫ّ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ ً َ َ ُ‬
‫ـي نتمجــد أيضــا معــه»‪ .‬ســـأقدم لــك ترمجــي الشخصـــية لآليــة ‪9‬‬ ‫لِـ‬
‫فهكــذا فهمتهــا‪« :‬ولكنكــم لســتم يف اجلســد‪ ،‬بــل يف الــروح وهــذا إن‬
‫اكن روح اهلل يســكن فيكــم»‪ .‬كثــر مــن انلــاس يســكن روح اهلل يف‬
‫‪110‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫بعــض مناطــق حياتهــم ولكنــه ال يســكن يف مناطــق أخــرى‪ ،‬وباتلــايل‪:‬‬


‫« فــإن اكن الــروح القــدس يســكن فيــك‪ ،‬فلســت يف اجلســد بــل يف‬
‫الــروح»‪.‬‬

‫مــرة أخــرى أقــول‪ :‬إن كثرييــن ممــن اعتمــدوا يف الــروح القــدس‬


‫لــم يصبحــوا حتــت ســيطرة الــروح القــدس بالاكمــل‪ .‬فهنــاك بعــض‬
‫الظــروف وبعــض األوقــات (اعدة يف الكنيســة) حيــث يكونــون حتــت‬
‫ســيطرة الــروح القــدس‪ ،‬وهنــاك ظــروف أخــرى وأوقــات أخــرى‬
‫حيــث ال يكونــون فيهــا حتــت ســيطرته وتنطبــق تلــك احلقيقــة ىلع‬
‫الكثرييــن منــا‪ .‬أنــا ال أؤمــن بالهــوت غــر واقــي واذلي يبــدو جيـ ً‬
‫ـدا‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ولكنــه غــر ّ‬
‫فعــال‪ ،‬فقــد اكتشــفت أن العهــد اجلديــد يصبــح فعــال‬
‫عندمــا نفهمــه ونطبقــه‪ .‬ذلا إذا كنــت قــد قبلــت الــروح القــدس‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خاضعــا للــروح القــدس وســاحما هل بــأن يســكن يف لك‬ ‫وطاملــا كنــت‬
‫جمــاالت حياتــك‪ ،‬فأنــت لســت يف اجلســد بــل يف الــروح‪.‬‬
‫بالرجوع مرة أخرى إىل رومية ‪ ،6‬يقول بولس‪:‬‬
‫َ َ َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ـب معــه ِ ُلبطــل جســد‬
‫«عل ِ ِمــن هــذا‪ :‬أن إِنســاننا العتِيــق قــد صلِـ‬
‫ْ َ َّ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ً ْ َ َّ‬
‫ك ال نعــود نســتعبد أيضــا ل ِلخ ِطيـةِ‪( ».‬روميــة ‪)6 :6‬‬ ‫ال ِطيـةِ‪،‬‬
‫َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ‬
‫ِــب معــه»‪ .‬هنــا اســتخدام بولــس‬ ‫«أن إِنســاننا العتِيــق قــد صل‬
‫زمــن املــايض البســيط وليــس املضــارع اتلــام‪ .‬وهــذا يعــي أنــه‬
‫حــدث تاريــي قــد حــدث يف حلظــة معينــة يف املــايض‪ .‬عندمــا مــات‬
‫‪111‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫املســيح يلع الصليــب‪ ،‬مــات إنســاننا العتيــق معــه‪ .‬وقــد حــدث ذلك‬
‫ً‬
‫منــذ عرشيــن قرنــا‪ .‬فلمــاذا حــدث ذلــك؟ «يلُبطــل جســد اخلطيــة»‪.‬‬
‫ويمكــن تللــك الصياغــة ان تكــون افضــل «يصــر غــر فعــال»‬
‫َْ َ َُ َ‬ ‫أو «لــم يعــد قـ ً‬
‫«ك ال نعــود‬ ‫ـادرا أن يســيطر علينــا ويســودنا» وذلــك‬
‫ْ َ َّ‬ ‫ُْ ََْ ُ َْ ً‬
‫نســتعبد أيضــا ل ِلخ ِطيــةِ» (رو ‪)6 : 6‬‬

‫ربمـا ‪ 95‬باملائـة مـن املؤمنني ال يعرفـون أن طبيعتهـم القديمة قد‬


‫ُ‬
‫صلبـت‪ .‬ولكن عندما تعـرف هذا فيمكنك أن حتصـل يلع ما يقدمه‬
‫اهلل لـك‪ ،‬ألن خطيتنـا قـد تـم اتلعامـل معهـا يف املسـيح ىلع الصليب‪،‬‬
‫َ َْ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ ْ‬
‫ك ُ‬
‫ِني ليس‬ ‫ـن السـالِك‬ ‫ـم انلَّام ِ‬
‫ـوس فِينـا‪ ،‬ن‬ ‫ويمكننـا اآلن أن «يتِـم ح‬
‫ح َسـب الـر ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ ْ َ‬
‫وح»‪( .‬روميـة ‪ )4 :8‬ويشـجعنا بولـس‬ ‫حسـب السـ ِد بـل‬
‫ْ َ َّ‬ ‫ْ ُ َُْ َ ُ ْ َْ َ ً َ‬ ‫َ َُْ ْ َْ ً‬ ‫َ‬
‫ـن ال ِطيـةِ‪،‬‬ ‫سـبوا أنفسـكم أمواتـا ع ِ‬ ‫ىلع‪« :‬كذل ِـك أنتـم أيضـا اح ِ‬
‫َ ُ َ ِّ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫سـيحِ يسـوع َربنا‪( ».‬روميـة ‪.)11 :6‬‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫ـاء‬ ‫ي‬ ‫كـن أح‬ ‫َول ِ‬

‫وهــو يقــول‪« :‬مثلمــا مــات املســيح ىلع الصليــب ودفــن وقــام ثانيــة‬
‫مــن األمــوات وأنــه لــن يمــوت ثانيــة ولكنــه حييــا إىل األبــد يف اهلل‪،‬‬
‫فكــر يف نفســك أنــك مــت بالفعــل عــن اخلطيــة وأنــه عليــك أن تــأيت‬
‫حيًــا هلل»‪ .‬مــن املســتحيل أن تعيــش يف مــلء احليــاة بالــروح القــدس‬
‫واذلى وصفــه بولــس يف اإلصحــاح اثلامــن مــن رســالة روميــة‪ ،‬حــى‬
‫تعــرف احلــق املذكــور يف اإلصحــاح الســادس مــن روميــة‪ .‬فــا يمكن‬
‫ً‬
‫لطبيعــة آدم القديمــة املتمــردة أن حتيــا وفقــا للــروح القــدس‪ .‬يف بدايــة‬

‫‪112‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫اإلصحــاح اثلامــن مــن روميــة يؤكــد بولــس بوضــوح ىلع مــا يــي‪:‬‬
‫َ َّ َّ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ُّ َ‬
‫ـون‪َ ،‬ولكـ َّ‬
‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫«فـإِن الِيــن هــم حســب السـ ِد فبِمــا ل ِلجسـ ِد يهتمـ‬
‫ُّ ِ َ َّ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫ُّ ِ َ َ‬ ‫َّالِيـ َ‬
‫ـن َح َسـ َ‬
‫الس ـ ِد ( أن يكــون‬ ‫وح فبِمــا ل ِلــروح‪ .‬ألن اهتِمــام‬ ‫ـب الــر‬
‫لــك عقليــة اجلســد‪ :‬ردود فعلــه‪ ،‬مســبباته‪ ،‬تفكــره‪ ،‬واشــتياقه)‬
‫ــام ُّ‬‫َّ ْ َ َ‬ ‫ُ َ َ ْ ٌ‬
‫وح ( أن تفكــر كمــا يفكــر الــروح)‬ ‫الــر ِ‬ ‫كــن اهتِم‬‫هــو مــوت‪َ ،‬ول ِ‬
‫ــس ُه َ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ُ َ َ َ ٌَ‬ ‫ُ َ َ َ ٌ َ َ َ ٌ َ َّ ْ َ َ ْ َ َ‬
‫ــو‬ ‫اوة ِهللِ‪ ،‬إِذ لي‬ ‫الســ ِد هــو عــد‬ ‫هــو حيــاة وســام‪ .‬ألن اهتِمــام‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫ـوس اهللِ‪ ،‬ألنــه أيضــا ال يســت ِطيع‪ .‬فالِيــن هــم ِف الس ـ ِد‬ ‫اضعــا ِلَامـ ِ‬
‫خ ِ‬
‫َ َْ َ ُ َ َ ْ ُْ ُ‬
‫ال يســت ِطيعون أن يرضــوا اهللَ‪( ».‬روميــة ‪)8 – 5 :8‬‬
‫ُ‬
‫إنــه مــن املســتحيل للطبيعــة القديمــة أن تــريض اهلل‪ ،‬وباتلــايل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫فيجــب أول أن يتــم اتلعامــل معهــا قبــل أن نتمكــن مــن أن حنيــا‬
‫ُ‬
‫ونــريض اهلل‪ .‬واحلــل اذلي قدمــه اهلل لطبيعــة آدم القديمــة هــو الصليــب‬
‫ومــوت يســوع‪ ،‬جيــب أن نفهــم هــذا جيـ ً‬
‫ـدا‪.‬‬

‫ارفض قبول سيطرة اخلطية عليك‬

‫بالرجــوع إىل (روميــة ‪ )6‬نــأيت إىل انلتائــج الــى ســنجنيها إن‬


‫ً‬
‫حســبنا أنفســنا أمواتــا عــن اخلطيــة‪.‬‬
‫َْ ُ ُ َ‬ ‫ُ ُ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ً َ َ ْ َ َّ ْ َ َّ ُ‬
‫ِكي ت ِطيعوهـا ِف‬ ‫ِـت ل‬
‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫د‬ ‫ــ‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫ف‬‫«إِذا ال تملِكـن ال ِطي ِ‬
‫ـة‬
‫َ ُ‬
‫ِكمْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ َّ َ ِّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ ِّ ُ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ت إِث ٍم ل ِلخ ِطيةِ‪ ،‬بل قدمــوا ذوات‬ ‫شـهوات ِ ِه‪ ،‬وال تقدمـوا أعضاءكـم آال ِ‬
‫ك ْم آالَت ب ّ‬ ‫َ َ ْ َ ََ ْ َ َ ُ‬ ‫ََ َْ‬
‫ـر ِهللِ‪(».‬رومية ‪)13 – 12 :6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫ـو‬ ‫م‬‫األ‬ ‫ِـن‬
‫م‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ـا‬‫ي‬ ‫هللِ كأح‬
‫‪113‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ارفـض اخلضـوع لسـيطرة اخلطيـة عليـك وىلع أعضـاء جسـدك‬


‫ّ‬
‫فيمـا بعد‪ ،‬ولكن سـلم نفسـك ‪ -‬سـلم إراداتـك وأعضـاءك ‪ -‬هلل الروح‬
‫القـدس فهـذا سـيقود ايل ‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ْ َ َّ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫«ف ـإِن ال ِطيــة لــن تســودكم‪ ،‬ألنكــم لســتم تــت انلَّامـ ِ‬
‫ـوس بــل‬
‫َْ َ ْ َ‬
‫تــت انلِّعم ـةِ‪( ».‬روميــة ‪.)14 :6‬‬

‫هــل تصــدق هــذا؟ إن كنــت ال تصدقــه‪ ،‬فإنــك لــن ختتــره‪ .‬وإن‬


‫كنــت تعتقــد أنــك ستســتمر يف اخلطيــة فستســتمر فيهــا باتلأكيــد‪،‬‬
‫ْ َ َّ َ َ ْ َ ُ َ ُ‬
‫فذلــك حيــدث باإليمــان «ال ِطيــة لــن تســودك ْم»‪ .‬جيــب أن تصــدق‬
‫هــذا‪ ،‬وإن كنــت ال تصدقــه‪ ،‬فلــن حيــدث‪ .‬الحــظ كيــف أن انلصــف‬
‫اثلــاين مــن اآليــة يتمــاىش ً‬
‫تمامــا مــع انلصــف األول‪:‬‬
‫ْ َ‬ ‫َْ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫وس بل تت انلِّعمةِ‪( ».‬آية ‪.)14‬‬‫«‪....‬ألنكم لستم تت انلَّام ِ‬

‫إن كنت ستسـلك بالروح القدس‪ ،‬فال يمكنك أن تسـلك باجلسـد‪.‬‬


‫وإن كنـت تسـلك باجلسـد فلـن يمكنـك أن تنقـاد بالـروح القـدس‪،‬‬
‫فهنـاك تعـارض تام بينهما‪ .‬لك شـخص جيـب أن يصـل إىل مرحلة يتخذ‬
‫ً‬
‫صارمـا‪ :‬ملن أنتمي؟ أللجسـد أم للروح؟‪.‬‬ ‫قرارا شـخصيًا‬
‫فيهـا ً‬

‫اخلضـوع للـروح ولقيادتـه هـو الطريق للهـروب من االسـتمرار يف‬


‫عبوديـة اخلطيـة‪ .‬دعني أوضـح لـك األمـر بهـذه الطريقـة‪« :‬مـا جدوى‬
‫َُْ‬
‫أن تغفـر لـك خطايـاك السـابقة أن كنـت ال تـزال حتـت سـيطرة تلك‬
‫‪114‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫الطبيعـة املتمـردة؟ فكل مـا تفعله هـو أن ختـرج وتمارس تلـك األعمال‬
‫اخلاطئـة نفسـها مـرة أخـرى‪ .‬ولكننـا لـم نعـد حنيـا يف تلـك الطبيعـة‬
‫اجلسـدانية القديمـة ‪ ،‬فدلينا طبيعة جديـدة أعطانا الـروح القدس إياها‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ـش َح َسـ َ‬ ‫ْ َ ُ َْ ُ َ ْ ُ ُ َ َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ً َ ُّ َ‬
‫ـب‬ ‫ـن مديونــون ليــس ل ِلجسـ ِد ِل ِعيـ‬‫اإلخــوة نـ‬
‫ِ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫«فـإِذا أي‬
‫َْ َ‬
‫الس ـ ِد (حنــن لســنا مديونــن بــيء للجســد‪ ،‬فنحــن لــم حنصــل ىلع‬
‫ً‬
‫أي يشء صالــح منــه‪ ،‬فدعونــا نتوقــف عــن االهتمــام بــه ‪ ،‬وبــدل مــن‬
‫َ َّ ُ ْ ْ ُ‬
‫ذلــك نهتــم بطبيعتنــا اجلديــدة) ‪ .‬ألنــه إِن عِشــت ْم (مؤمنــون معتمــدون‬
‫َ َ َُ ُ َ‬ ‫َ َ َ َْ َ‬
‫الس ـ ِد فســتموتون‪( ».‬روميــة ‪.)13 -12 :8‬‬ ‫يف الــروح القــدس) حســب‬

‫مشــلتنا يه أننــا نقــرأ الرســائل كمــا لــو أنهــا مكتوبــة لغــر‬


‫َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ َ َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫املؤمنــن‪ ،‬وعندمــا قــال بولــس‪« :‬ال ت ِضلــوا! اهللُ ال يشــمخ علي ـ ِه‪ .‬ف ـإِن‬
‫َّ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ُ َّ َ ْ ُ ُ َ ْ ً‬
‫اإلنســان إِيــاهُ يصــد أيضــا» (غالطيــة ‪ ،)7 :6‬لــم يكــن‬ ‫الِي يزرعــه ِ‬
‫يتحــدث لغــر املؤمنــن بــل للمؤمنــن‪ ،‬ويف (غالطيــة ‪ )8 :6‬كتــب‬
‫َْ ُ ُ َ َ ً‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫الســ ِد يصــد فســادا»‪.‬‬ ‫لســ ِده ِ ف ِمــن‬ ‫بولــس «ألن مــن يــزرع ِ‬
‫َ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ويف (روميــة ‪ )13 :8‬قــال‪« :‬ألنــه إِن عِشــتم حســب الســ ِد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َ َُ ُ َ‬
‫وعمــدا رجعــت إىل الطبيعــة املتمــردة‬ ‫طــوع‬ ‫فســتموتون»‪ ،‬فلــو أنــك‬
‫القديمــة فســتموت‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ ْ ُُْ ْ‬
‫ـم بالــ ُّ‬
‫ـر ِ‬
‫وح ( بمساعدة الروح القدس ) ت ِميتــــون‬ ‫كِـــن إِن كنتــ ِ‬ ‫« َول‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ْ‬
‫ســـتحي ْون‪( ».‬رومية ‪.)13 :8‬‬ ‫أعمــال السـ ِد ف‬

‫‪115‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫الــروح القــدس سيســاعدك لــو أخضعــت إرادتــك هل‪ ،‬ولكــن إن‬


‫لــم ختضــع إرادتــك هل فلــن يفعــل ذلــك ً‬
‫عوضــا عنــك‪.‬‬

‫إن اللكمــة الــي تعــي «شــخصية» ىف اللغــة ايلونانيــة يه صيغــة‬


‫ـم للغاية‪ .‬فشــخصيتك‬ ‫اجلمــع اخلاصــة بكلمــة “اعدة” وهــذا أمــر ملهـ ٌ‬
‫يه جممــوع اعداتــك‪ ،‬واعداتــك يه انلاتــج اإلمجــاىل لقراراتك‪ .‬فـــي لك‬
‫ُ‬ ‫ـرارا سـ ً‬‫مــرة تتخــذ فيهــا قـ ً‬
‫ـليما‪ ،‬فأنــت تقــوي اعدة جيــدة‪ ،‬وفـــي لك‬
‫ُ‬
‫مــرة تقــوي اعدة جيــدة‪ ،‬فأنــت تبــي شــخصية صحيحــة‪ .‬وفـــي لك‬
‫ـرارا خاطئًــا‪ ،‬فأنــت تبــي اعدة خاطئــة ومــن تلــك العــادة‬
‫مــرة تتخــذ قـ ً‬
‫اخلاطئــة تبــي شــخصية ســيئة‪.‬‬

‫هلــذا عليــك أن تبــي العــادات بالقــرارات‪ .‬فــي لك مــرة تتخــذ‬


‫ـرارا بــأن تفعــل شــيئًا خاطئًــا‪ ،‬تصبــح أكــر فأكــر عبـ ً‬
‫قـ ً‬
‫ـدا للخطيــة‪.‬‬
‫ً ُ‬
‫صحيحــا‪ ،‬تصبــح أكــر‬ ‫قــرارا بــأن تفعــل شــيئًا‬
‫ً‬ ‫ويف لك مــرة تتخــذ‬
‫فأكــر عبـ ً‬
‫ـدا للــر‪.‬‬
‫َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ َّ َّ ُ َ ِّ ُ َ َ َ ُ ْ َ ُ َ ً َّ َ‬
‫«ألســتم تعلمــون أن الِي تقدمــون ذوات ِكــم ل عبِيــدا ل ِلطاعــةِ‪،‬‬
‫َ ْ ُ ْ َ ٌ َّ ُ ُ َ ُ َّ ْ َ َّ ْ َ ْ َ ْ َّ َ‬
‫اع ـ ِة ل ِلْـ ِّ‬
‫ـر؟»‬ ‫ِ‬ ‫ت أو ل ِلط‬
‫أنتــم عبِيــد لِــذِي ت ِطيعونــه‪ :‬إِمــا ل ِلخ ِطي ـ ِة ل ِلمــو ِ‬
‫(روميــة ‪.)16 :6‬‬
‫ً‬
‫عندمــا ترتكــب عمــا خاطئًــا‪ ،‬فأنــت بهــذا تستســلم للخطيــة‪،‬‬
‫ً‬
‫عبــدا هلــا ولــن تتمكــن مــن‬ ‫وإن استســلمت للخطيــة‪ ،‬ســتصبح‬

‫‪116‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫مقاومتهــا‪ .‬ولكــن إن خضعــت للــر فســتصبح عبـ ً‬


‫ـدا للــر‪ ،‬وتفعــل‬
‫ُ‬
‫مــا هــو بــر‪ .‬فأنــت جيــب أن تكــون منتميًــا لفئــة أو ألخــرى‪.‬‬

‫خيربنــا (يشــوع ‪ )15 :24‬باألمــر بوضــوح شــديد حيــث يقــول‪:‬‬


‫ُ ُ َْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ ُ‬
‫ـوم مــن تعبــدون»‪ .‬فاختيــارك هــو ليــس إن‬ ‫ـاروا ألنف ِســكم الـ‬
‫«فاختـ‬
‫حتمــا ســتخدم شـ ً‬
‫ـخصا‬ ‫كنــت ســتعبد أم ال وإنمــا مــن ســتعبد‪ ،‬ألنــك ً‬

‫مــا ودليــك اختيــاران‪ :‬إمــا أن ختــدم اهلل أو الشــيطان‪ ،‬الــر أو اخلطيــة‪.‬‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ َّ َّ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫وح اهللِ‪َ ،‬فأوئل َِك ُه ْم أ ْب َن ُ‬
‫اء اهللِ‪( ».‬رومية ‪.)14 :8‬‬ ‫ون ب ِ ُر ِ‬‫«ألن ك الِين ينقاد‬

‫لــي تصبــح ابنًــا هلل جيــب أن تــودل ثانيــة و لــي حتصــل ىلع قــوة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شــاهدا فعــال‪ ،‬جيــب أن تعتمــد يف الــروح القــدس‪.‬‬ ‫لــي تكــون‬
‫ولكــن لــي حتيــا اكبــن هلل‪ ،‬جيــب أن تنقــاد يوميًــا بالــروح القــدس‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ ،‬و ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ‬
‫يومــا‬ ‫ي َعلــم ابلعــض أنــه جيــب أن تكــون متفوقــا روحيًــا‬
‫ُ‬
‫مــا ســتظهر اكبــن هلل‪ .‬ولكــن هــذه الفكــرة تناقــض بشــل مبــارش‬
‫َّ‬
‫(روميــة ‪ )14 :8‬والــي تقــول أن لك مــن ينقــادون بــروح اهلل هــم أوالد‬
‫اهلل‪ ،‬وكمــا كتبــت يف فصــل ســابق‪ ،‬فــأن اللكمــة هنــا ليســت يه لكمــة‬
‫«أوالد» أي لكمــة «‪ »children‬باللغــة اإلجنلزييــة بــل لكمــة «أبنــاء» أي‬
‫لكمــة «‪ .»sons‬وهــذا يتضمــن انلضــج‪ .‬يتبــى الكثــرون هــذا االجتــاه‪:‬‬
‫ً‬
‫«عندمــا أكــون اكمــا ســيأيت الــروح القــدس»‪ ،‬واكن هــذا يف األســاس‬
‫تعليمــا مخســينيًا‪ .‬يُشــبه هــذا لــو أن هنــاك جمموعــة مــن الشــباب‬
‫ً‬

‫‪117‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يذهبــون إىل اجلامعــة ويــأيت األســاتذة ويقولــون هلــم‪« :‬عندمــا تتخرجون‬


‫ســنبدأ يف تدريســكم» حســنًا‪ ،‬عندمــا تتخــرج فأنــت لســت حباجــة‬
‫إىل أســاتذة‪ ،‬فأنــت حباجــة إىل األســاتذة حــى تتخــرج‪ .‬وبامل ِثــل‪ ،‬مــى‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ناضجــا‪ .‬فالــروح القــدس ال‬ ‫حتتــاج الــروح القــدس؟ اآلن‪ ،‬لــي تصبــح‬
‫يــأيت لــك ألنــك اكمــل ولكنــه يــأيت لــك ألنــك حتتــاج ايلــه‪.‬‬
‫ُ َ َّ ُ َ َ‬ ‫ــف َج َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ًّ‬ ‫َ َ َ َّ ُ ْ َ‬
‫ســــدِك ْم‪ .‬ألنــه كمــا‬ ‫ــل ضع ِ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ِــن‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ِي‬ ‫ن‬ ‫ـــا‬ ‫س‬ ‫«أتكلـــم إِن‬
‫َ َ ِّ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ ً َّ َ َِ َ ْ‬
‫ـم‪ ،‬هكــذا اآلن قدموا‬ ‫ـم ل ِِإلثـ ِ‬
‫اإلثـ ِ‬
‫َقــــدمتم أعضاءكــم عبِيــدا ل ِلنجاسـ ِة و ِ‬
‫َ َّ ُ ْ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َّ‬ ‫ْ َ َ ُ ْ َ ً ْ ِّ ْ َ َ َ‬
‫ـر ل ِلقداسـةِ‪ .‬ألنكــم لمــا كنتــم عبِيــد ال ِطيـةِ‪،‬‬ ‫أعضاء َكــم عبِيــدا ل ِلـ ِ‬
‫َ َُّ‬
‫ـر ( لــم يكــن للــر أي ســلطة عليكــم )‪ .‬فــأي‬ ‫ـن الْـ ِّ‬ ‫ارا مـ َ‬
‫ـر ً ِ‬
‫ُك ْن ُتـ ْ‬
‫ـم أ ْحـ َ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ََ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫ـي تســتحون بِهــا اآلن؟ ألن ن ِهايــة‬ ‫ـ‬
‫ِ ِ‬‫ال‬ ‫ـور‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ـذ‬
‫ٍ‬ ‫ـ‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ـر كن لكــم حِين‬ ‫ثمـ ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َْ ْ ُ‬ ‫ْ َ ُُ‬
‫ــور ِه المــوت ( كــن واضحــا جــدا مــع نفســك حيــال‬ ‫ت ِلــك األم ِ‬
‫َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ ْ َ َّ َ ْ ُ ْ َ ً‬ ‫َ َ َّ‬
‫هــذا األمــر ! )‪ .‬وأمــا اآلن إِذ أعتِقتــم ِمــن ال ِطيـةِ‪ ،‬و ِصتــم عبِيــدا ِهللِ‪،‬‬
‫َ َ ُ َ َ ٌ َ َ َّ ٌ‬ ‫ََ ُ ْ ََُ ُ ْ َْ َ َ‬
‫ـم ل ِلقداسـةِ‪َ ،‬وانلِّهايــة حيــاة أبدِيــة»‪( .‬روميــة ‪)22 – 19 :6‬‬ ‫فلكــم ثمركـ‬
‫تعلمنــا (روميــة ‪ )6‬أن الطريــق لــي تصبــح عبـ ً‬
‫ـدا للــر هــو‬
‫ممارســة مــا يــي‪:‬‬
‫ •اعلــم أن طبيعتــك القديمــة قــد ُصلبــت يف املســيح‪ .‬انظــر‬
‫(روميــة ‪ )6 :6‬فلــو أنــك ال تعــرف هــذا‪ ،‬فــا يمكنــك أن‬
‫تتمتــع حبيــاة الــروح‪ .‬العــدو األعظــم هــو اجلهــل‪ ،‬إن لــم تكــن‬
‫تعــرف تعايلــم الكتــاب املقــدس‪ ،‬أو لــم تعــرف مــا فعلــه املســيح‬

‫‪118‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫ألجلــك‪ ،‬وال تعــرف األمــور الــي وفرهــا اهلل لــك‪ ،‬فــا يمكنــك‬
‫أن تدخــل إىل ملئهــا‪.‬‬
‫ •احســب نفســك ميتًــا عــن اخلطيــة انظــر (روميــة ‪،)11 :6‬‬
‫جيــب أن تصــدق هــذا والبــد وأن تقــول‪« :‬هــذا مــا يقــوهل اهلل‪،‬‬
‫وســأعتربه حقيقيًــا يل»‪ .‬أن حتســب نفســك ميــت عــن اخلطيــة‬
‫باإليمــان‪ ،‬يعــي أن اهلل يقــول هــذا وأنــت تؤمــن بــه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ •اعــرف بإيمانــك أو صح بــه عالنيــة انظــر (روميــة ‪،)4 – 3 :6‬‬
‫فــا يمكنــك أن تكــون مؤمنًا ً‬
‫رسيــا بيســوع‪ ،‬فاملعموديــة باملاء‬
‫يه العالمــة اخلارجيــة والعمــل املحــدد لالعــراف بماكنتــك يف‬
‫ُ‬
‫املســيح‪ .‬مــى دفنــت؟ عندمــا تكــون ميــت‪ ...‬ومــى ال تعــود‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مدفونــا؟ عندمــا تقــوم مــن األمــوات و تصبــح حيًــا ثانيــة‪.‬‬
‫ •ال تستســلم للخطيــة انظــر (روميــة ‪ .)13 – 12 :6‬مــن بــن‬
‫األمــور األساســية للحيــاة املمتلئــة بالــروح القــدس هــو أن‬
‫تتعلــم كيــف تقــول ال وأن تعــي مــا تقــوهل‪ .‬فالشــيطان يعــرف‬
‫َ ْ‬
‫مــى تعنيهــا ْومــى ال تعنيهــا‪ .‬خيربنــا ســفر األمثــال‪« :‬يــا ابـ ِ‬
‫ـي‪،‬‬
‫ْ َ َ َّ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ْ َ‬
‫ـرض‪( ».‬أمثــال ‪ )10 :1‬ببســاطة‪ ،‬فلتقــل‬ ‫إِن تملقــك الطــاة فــا تـ‬
‫قــادرا ىلع أن تقــول «ال» لكثــر مــن‬ ‫ً‬ ‫«ال»‪ ،‬وجيــب أن تكــون‬
‫األشــخاص واألختيــارات‪.‬‬
‫ •اخضــع هلل انظــر (روميــة ‪ .)13 :6‬عليــك أن ختضــع للــروح‬

‫‪119‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫القــدس يوميًــا وبصفــة منتظمــة وختضــع لقيادتــه‪.‬‬


‫َ َّ‬
‫بتحــد‬
‫ٍ‬ ‫قــد َم نلــا يســوع أمجــل دعــوة ىلع اإلطــاق مصحوبــة‬
‫هائــل‪ ،‬فيمــا يتعلــق باخلضــوع للــر‪:‬‬
‫كـ ْ‬ ‫َََ ُ ُ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َّ‬
‫ـم‪.‬‬ ‫ـال‪ ،‬وأنــا أ ِر حي‬
‫ِ‬ ‫ـ‬‫ح‬ ‫األ‬ ‫ـي‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫اثل‬‫«تعالــوا إِل يــا جِيــع المتعبِــن و‬
‫ُ َْ ْ‬ ‫ِّ َ ِّ َ ٌ َ ُ ََ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ـب‪،‬‬
‫اضــع القلـ ِ‬ ‫ـري عليكــم َوتعلمــوا ِمــي‪ ،‬ألن ودِيــع ومتو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِحِلــوا نِـ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ ٌ َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َّ‬ ‫ُ َ َ ً ُُ‬ ‫ََ‬
‫ــي خ ِفيــف»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫ــن‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِــر‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ــك‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ــة‬‫اح‬ ‫ر‬ ‫وا‬ ‫ــد‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫(مىت ‪.)30 – 28 :11‬‬

‫يوضــح نلــا هــذا اجلــزء رحلــة نمــر بهــا لنستســلم للــرب ونتعلــم‬
‫ً‬
‫طرقــه‪ .‬أول نطــرح أمحانلــا اثلقيلــة ونســريح‪ ،‬يعتقــد بعــض انلــاس‬
‫أن هــذا هــو لك شــئ‪ ،‬ولكــن هنــاك املزيــد‪ .‬فالبــد أن نصبــح‬
‫ّ‬
‫تالميــذ بــأن حنمــل نــر املســيح ونتعلــم منــه‪ .‬ثــم نتبــع مثــال يســوع‬
‫ّ‬
‫بــأن نكــون لطفــاء ومتضعــن فـــي قلوبنــا‪ ،‬ألن اهلل يُعلــم اللطفــاء‬
‫واملتضعــن ولكنــه يقــاوم املتكــر‪ .‬ثــم عندئــذ وعندئــذ فقــط‪ ،‬ســنجد‬
‫الراحــة احلقيقيــة‪ ،‬عندمــا نأخــذ نــر يســوع ونصبــح لطفــاء ومتضعــن‬
‫ّ‬
‫وقابلــن للتعلــم‪« :‬ألن نــري هــن ومحــي خفيــف»‪.‬‬

‫اخلــاص ال يعــي اتلخلــص مــن لك نــر‪ ،‬ولكنــه اســتبدال لألنيار‪.‬‬


‫فعليــك أن تطــرح نــر الشــيطان وحتمــل نــر الــرب‪ .‬ال حتــاول أن حتيــا‬
‫بــا نــر‪ ،‬ألنــك ال تســتطيع أن تفعــل ذلــك‪ .‬فــا يمكننــا أن نقــول‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫«ال أريــد أن أخــدم الشــيطان ولكــي ال أنــوي أن أخــدم اهلل» حيــث‬


‫ْ‬
‫ســينتيه بنــا األمــر وقــد رصنــا خنــدم الشــيطان ِضعــف مــا كنــا خندمه‬
‫مــن قبــل‪.‬‬

‫ليس صراعـًا بل وحدة‬

‫اعتقــد أن هــذا هــو انلمــوذج الكتــايب البســيط للعبــور مــن املــوت‬


‫إىل احليــاة وللعبــور مــن ســلطان الطبيعــة القديمــة وانلامــوس إىل جــدة‬
‫احليــاة يف املســيح ويف الــروح‪ .‬جيــب أن خنضــع للــروح القــدس والــر‪.‬‬
‫ً‬
‫رصاع ولكنه خضــوع‪ ،‬فيجب‬ ‫إن طريــق اهلل للــر والقداســة ليــس‬
‫أن تصــل إىل نهايــة جهــدك وتقــول «أيهــا الــروح القــدس‪ ،‬اســتلم‬
‫أنــت القيــادة‪ ،‬فــا يمكنــي اتلعامــل مــع هــذا املوقــف‪ ،‬ولكــن‬
‫أنــت تســتطيع»‪ .‬وهــذا ال يعــي أنــك حتتــاج إىل قــوة اإلرادة‪ ،‬لكــن‬
‫ينبــى عليــك أن تســتخدم قــوة إرادتــك بطريقــة خمتلفــة‪ ،‬فيجــب أن‬
‫تســتخدمها ال أن حتــاول أن تفعــل األمــر بنفســك‪.‬‬

‫أنــا شــخصية مســتقلة للغايــة و كثــر اتلفكــر يف لك يشء‪.‬‬


‫فميــويل الطبيعيــة تدفعــي للتفكــر يف حــل أي مشــلة أواجههــا‪ ،‬وقــد‬
‫اســتغرق مــي األمــر ســنوات لــي أصــل إىل املرحلــة الــي لــم أعــد‬
‫أفعــل فيهــا هــذا‪ .‬فــاآلن أقــول «يــا رب مــا هــو حلــك هلــذه املشــلة؟»‬
‫ً‬
‫خمتلفــا ً‬
‫تمامــا عــن أي يشء قــد أفكــر فيــه‪ .‬فاحليــاة‬ ‫واعدة مــا يكــون‬

‫‪121‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫املســيحية ليســت حيــاة رصاع ولكنهــا حيــاة االستســام واخلضــوع‬


‫للــروح القــدس اذلي يف داخلنــا‪ ،‬عندهــا ال يعتمــد األمــر ىلع املجهــود‬
‫بــل ىلع االحتــاد‪.‬‬

‫حتدثنــا عــن املفهــوم اخلــاص باالحتــاد والوحــدة يف الفصل الســابق‪.‬‬


‫والســؤال اآلن هــو‪ :‬بمــاذا أنــت مــزوج؟ فلــو أنــك مــزوج مــن‬
‫ُ‬
‫الطبيعــة اجلســدية فســتثمر أعمــال اجلســد‪ .‬ويمكنــك أن ختتلــف مــي‬
‫بقــدر مــا تريــد حــول ذلــك‪ ،‬ولكــن هــذا هــو القانــون ابليولوچــي‪ .‬ال‬
‫يهــم كــم حتــارب الطبيعــة القديمــة‪ ،‬فــي مــا زالــت تثمــر خطيــة‪.‬‬
‫ولكــن إن كنــت ُمتحـ ً‬
‫ـدا ‪ -‬مــن خــال الــروح القــدس‪ -‬مــع املســيح‬
‫ُ‬
‫املقــام‪ ،‬فمــن خــال هــذا االحتــاد ســتحمل ثمــر الــروح‪ .‬فاحتــاد الــروح‬
‫املتجــددة مــع املســيح ُ‬
‫المقــام بالــروح القــدس يــأيت بثمــر الــر‪ ،‬وال‬
‫حتتــاج تلــك الطبيعــة املتجــددة أن تُصــارع لــي تُثمــر بـ ً‬
‫ـرا‪ ،‬فــل مــا‬
‫عليهــا أن تفعلــه هــو أن تتحــد باملســيح‪ .‬ذللــك فــي حيــاة خضــوع ال‬
‫رصاع‪ ،‬احتــاد ال جمهــود‪.‬‬

‫يســاعدنا مثــال الكرمــة واألغصــان يف (يوحنــا ‪ )15‬ىلع أن نفهــم‬


‫َّ ُ َ َ‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ ْ‬
‫َ‬
‫أكــر تلــك احليــاة‪ ،‬قــال يســوع تلالميــذه‪« :‬أنــا الكرمــة ال ِقي ِقيــة وأ ِب‬
‫ْ َ َّ ُ‬
‫ـرام»‪( .‬يوحنــا ‪.)1 :15‬‬‫الكـ‬
‫ً‬
‫ثمـارا وحيتـاج إىل تهذيـب بعنايـة‪ ،‬فلو‬ ‫الكرمـة يه نبـات حيمـل‬
‫أنـك أخفقـت يف تهذيـب الكرمـة بالطريقـة املناسـبة ويف الوقـت‬
‫‪122‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫املناسـب مـن العـام‪ ،‬فسـتتوقف عن إثمـار العنـب‪ ،‬يقول يسـوع‪« :‬أنا‬


‫الكرمـة وأيب الكـرام اذلي يقـوم بعمليـة اتلهذيـب»‪ ،‬وهـو يسـتكمل‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ ْ ُ ُ َّ َ َ‬
‫ت‬‫ِيكم‪َ .‬ك َمـا أ َّن الْ ُغ ْص َن الَ َي ْقـد ُِر أ ْن يَأ ِ َ‬
‫ُ‬
‫ف َوأنـا ف‬ ‫كالمـه قائلا‪« :‬اثبتوا ِ‬
‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫ـر مِـن ذات ِ ِه إِن ل ْم يثبـت ِف الك ْرمةِ‪ ،‬كذل ِـك أنت ْم أيضـا إِن ل ْم تثبتوا‬ ‫بِث ٍ‬
‫م‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ُ َّ َ ْ ُ ُ َّ َ َ َ‬
‫ِف‪ .‬أنـا الكرمـة وأنتـم األغصـان‪ .‬الِي يثبت ِف وأنا فِي ِه هـذا يأ ِت بِثم ٍر‬
‫َ َ ْ َْ َ ُ َ ًْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ال تقد ُِرون أن تفعلوا شـيئا‪( ».‬يوحنا ‪.)5 – 4 :15‬‬ ‫ير‪ ،‬ألنكم ب ِ ِ‬
‫ـد‬ ‫كثِ ٍ‬

‫ال يقــوم الغصــن جبهــد كبــر لــي حيمــل عنبًــا‪ ،‬فهــو ال يتخــذ‬
‫ً‬
‫قــرارات قــال‪« :‬ســآيت بثمــر» ولكنــه يتحــد بســاق الكرمــة‪ .‬تتدفــق‬
‫العصــارة مــن الســاق إىل األغصــان حاملــة نفــس نوعيــة احليــاة‪،‬‬
‫واحليــاة الــي يف األغصــان تــأيت بانلــوع املناســب مــن اثلمــر‪ .‬قــال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ ََ ْ ُ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ـان »‪ ،‬فــإن ظللـ َ‬
‫مرتبطــا وملتصقــا‬ ‫ـت‬ ‫يســوع «أنــا الكرمــة وأنتــم األغصـ‬
‫يب‪ ،‬فســتحمل الكثــر مــن اثلمــار‪.‬‬
‫حذرنــا يســوع ً‬ ‫ّ‬
‫أيضــا مــن شــئ هــام للغايــة‪ ،‬فقــد قــال أنــه‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُّ‬
‫لأ ِ َ‬
‫ت‬ ‫ك َمــا يَــأ ِت ب َث َمــر ُي َن ِّقيـ ِه (اآلب) ِ َ‬ ‫علينــا أن نتوقــع اتلهذيــب «و‬
‫ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫ــر‪( ».‬يوحنــا ‪ .)2 :15‬يواجــه بعــض املؤمنــن مشــكالت‬ ‫ب َث َمــر أ ْك َ َ‬
‫ِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ألنهــم ال حيملــون ثمــرا كثــرا‪ ،‬فهــم يصارعــون مــع املواقــف الــي‬‫ً‬
‫تنتــج عــن قراراتهــم أو أفعاهلــم الســيئة‪ .‬ولكــن هنــاك بعــض‬
‫املؤمنــن األخريــن اذليــن يواجهــون مشــكالت ألنهــم حيملــون‬
‫ثمـ ً‬
‫ـارا‪ ،‬وهــذه املشــكالت يه مشــكالت تتعلــق باتلنقيــة واتلهذيب‬

‫‪123‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫الــرويح‪ .‬فلــو أنــك رأيــت مــن قبْــل كيــف تنَــى الكرمــة‪ ،‬فســتعلم‬
‫ُ‬
‫أنهــا عمليــة قاســية؛إذ تقطــع األغصــان مــن أصلهــا وقــد تظــن أن‬
‫ـارا بعــد ذلــك أبـ ً‬
‫تلــك الكرمــة لــن حتمــل ثمـ ً‬
‫ـدا‪ ،‬ولكــن يف العــام‬
‫اتلــايل جتــد أنهــا قــد أثمــرت أكــر مــن ذي قبــل‪.‬‬

‫الحــظ تلــك الصــورة اجلميلــة عــن اثلالثــة أقانيــم والــي‬


‫ّ‬
‫تظهــر يف هــذا املقطــع الكتــاب اخلــاص بالكرمــة واألغصــان‪-‬‬
‫ـرام‪ ،‬ويســوع هــو الكرمــة والــروح القــدس هــو‬ ‫فــاآلب هــو الكـ ّ‬
‫العصــارة الــي جتــري يف انلبــات تلحمــل الغــذاء اذلي يتدفــق إىل‬
‫الكرمــة واألغصــان‪ .‬هــذه احليــاة الــي مصدرهــا الــروح يه الــي‬
‫ـارا للتديُّن‬
‫ـارا ألفضــل جهودنــا وال ثمـ ً‬
‫تــأيت باثلمــار‪ ،‬ويه ليســت ثمـ ً‬
‫ولكنهــا ثمــار الــروح‪.‬‬
‫عندمــا ينقينــا اآلب‪ ،‬جيــب أال ُ‬
‫نضعــف و نضجــر أثنــاء تلــك‬
‫العمليــة‪ ،‬وجيــب أال نقــول‪« :‬ملــاذا حيــدث يل هــذا ؟»‪ ،‬فقــد حاولــت‬
‫بــكل إخــاص أن أخــدم الــرب‪ ،‬بالفعــل أبــذل قصــارى جهــدي‪،‬‬
‫وقــد فعلــت كــذا‪ ،‬وكــذا‪ .»،...‬لقــد محلنــا ثمـ ً‬
‫ـارا وحنــن اآلن ســنتطهر‪.‬‬
‫وأثنــاء مثــل تلــك األوقــات جيــب أن نتنفــس الصعــداء ونمجــد اهلل‪،‬‬
‫فهــذه عالمــة جيــدة‪.‬‬
‫َ ُّ‬
‫انلقطــة األساســية الــي أ َود اتلأكيــد عليهــا يه أن محــل ثمــار‬
‫َّ َْ‬ ‫ّ‬
‫الــروح ال يتــأت باملجهــود‪ .‬لك جهودنــا لــن حتمل اثلمــر‪ ،‬كما أن بَــذل أي‬
‫‪124‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫جمهــود لــن يــأيت ّ‬


‫حببــة عنــب واحــدة حــى لــو حاونلــا ألالف الســنني‪،‬‬
‫ً‬
‫ثمــارا‪ .‬يريــد‬ ‫فاالحتــاد بالكرمــة فقــط هــو اذلي ســيجعلنا حنمــل‬
‫كثــرون احلصــول ىلع حيــا ٍة منتــرة بالــروح‪ ،‬ولكنهــم ال يدركــون‬
‫َّ‬
‫أنــه ال توجــد أى خطــوات فوريــة ذللــك ولكنهــا عمليــة متواصلــة‪.‬‬
‫فلــن حنقــق احليــاة املنتــرة اململــوءة بالــروح القــدس إال باخلطــوات‬
‫الــي وضعهــا اهلل‪.‬‬

‫خنضع واهلل يـُكمل العمل‬

‫نصــل اآلن إىل حقيقــة أنــه عندمــا نكــون يف تناغــم مــع إرادة اهلل‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫وحنيــا وفقــا ألهدافــه‪ ،‬فــل مــا خنتــره ســيعمل للخــر‪ ،‬وهــو ســيُكمل‬
‫غرضــه وهدفــه فينــا‪ .‬هنــاك ترنيمــة مجيلــة تقــول «أيب خطــط لك يشء»‬
‫وهــذه يه احلقيقــة بالنســبة هلــؤالء اذليــن يســرون يف تناغــم مــع روح‬
‫ُ‬
‫اهلل‪ .‬لك موقــف ولك اختبــار يقــق أهــداف اهلل األبديــة الصاحلــة فينــا‬
‫َ َ ْ ُ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ً ْ َ ْ َّ َ ُ ُّ َ‬
‫ِيــن يِبــون اهللَ‪،‬‬ ‫«ونــن نعلــم أن ك األشــياءِ تعمــل معــا ل ِلخ ِ‬
‫ــر ل ِل‬
‫َّ َ ُ ْ َ ْ ُ ُّ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ـب قص ـ ِده ِ‪( ».‬روميــة ‪ .)28 :8‬الحــظ أن لك‬ ‫الِيــن هــم مدعــوون حسـ‬
‫ّ‬
‫املؤهــات تتلخــص ىف رضورة أن نكــون يف تناغــم مــع قصــده‪.‬‬
‫َ‬
‫وصــف بولــس مؤمــي روميــة بأنهــم‪« :‬أح َِّب َ‬
‫ــاء اهللِ‪َ ،‬م ْد ُع ِّو َ‬
‫يــن‬
‫«مقــدس»‬ ‫ــن» (روميــة ‪ ،)7 :1‬ولكمــة قديــس ببســاطة تعــي ُ‬ ‫ق ِِّديس َ‬
‫ِ‬
‫ـوع مــن املؤهــات اإلضافيــة الــي ال يملكهــا إال‬ ‫والقداســة ليســت نـ ً‬

‫قليــل مــن املؤمنــن‪ ،‬ولكنهــا أمــر متوقــع مــن لك املؤمنــن‪ .‬فبولــس‬


‫‪125‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫لــم يكــن ُم ً‬
‫قتنعــا بوجــود طبقــة خاصــة مــن املؤمنــن اذليــن يصلــون‬
‫ً‬
‫متاحــا لألخريــن‪ ،‬فقــد أفــرض بولــس أن لك‬ ‫اىل مســتوى أىلع ليــس‬
‫املؤمنــن يكونــون قديســن‪.‬‬

‫عندمـا تقبـل دعـوة اإلجنيـل لإليمـان بيسـوع املسـيح‪ ،‬يدعـوك‬


‫قديسـا‪ .‬فأنـت شـخص خمصص مسـتعد للخضوع للـروح القدس‬ ‫ً‬ ‫اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والبر‪ .‬ربمـا تنظـر إىل نفسـك وتقول‪« :‬حسـنا‪ ..‬ال أبـدو قديسـا فعل»‪،‬‬
‫َْ ُ َْ َ َ َ َْ َْْ ُ َ‬ ‫ولكـن تذكر أن بولس قـال ً‬
‫ي الموجودة ِ‬ ‫أيضا أن اهلل «َيدعو األشـياء غ‬
‫َ َ َّ َ َ ُ َ ٌ‬
‫كأنهـا م ْوجـودة» (روميـة ‪ .)17 :4‬داع اهلل إبراهيـم أبًـا ألمـم كثرية قبل‬
‫ابـن واحـد انظـر( تكويـن ‪ .)5 – 4 :17‬عندما‬ ‫أن يكـون دليـه حتى ٌ‬
‫ً‬
‫يُطلـق اهلل عليـك وصفـا ‪ ،‬فهـذا ألنـه سـيجعل هـذا الوصـف ينطبـق‬
‫ً‬
‫قديسـا‪.‬‬ ‫قديسـا‪ ،‬فأنـت قديـس ألنه داعك‬ ‫ً‬ ‫عليـك؛ عندمـا يدعـوك اهلل‬
‫وربمـا يسـتغرق األمـر بعـض الوقت لكي يظهر هـذا األمـر يف حياتك‬
‫ولكـن هذا هـو قراره بشـأنك‪.‬‬

‫قبلنــا يســوع املســيح‪ ،‬ســكب حياتــه بالاكمــل فينــا بالروح‬ ‫عندمــا ِ‬


‫القــدس وهــو يعطينــا مــا حنتاجــه لــي حنيــا حيــاة بالــروح القــدس‬ ‫ُ‬
‫َ َّ َ َ َّ َ‬
‫ونلُصبــح قديســن‪ .‬ىلع ســبيل املثــال ختربنــا روميــة (‪« ) 5 :5‬ألن مبــة‬
‫َ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫ُّ ِ ْ ُ ُ‬ ‫ُُ َ‬ ‫َ َْ ََ ْ‬
‫وح القــد ِس المعطــى لَــا»‪ .‬وتســتخدم‬ ‫اهللِ قـ ِد انســكبت ِف قلوبِنــا بِالــر‬
‫تامــا هنــا‪ ،‬وهــو يشــر إىل عمــل تــام جيــب أال يتكــرر‪.‬‬ ‫ايلونانيــة زمنًــا ً‬
‫ـر ِ‬ ‫ت ف قُلُوب َنــا بالـ ُّ‬‫َْ ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫وح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ـك‬‫ـ‬‫س‬ ‫ان‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ومــن املهــم أن نفهــم‪« :‬أن مبــة اهللِ‬

‫‪126‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬
‫َ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫القــد ِس المعطــى لَــا»‪ .‬يف الواقــع‪ ،‬أنــه بمجــرد أن تعتمــد يف الــروح‬
‫القــدس‪ ،‬ينبــي أال تصــي أبـ ً‬
‫ـدا ألجــل املحبــة مــرة أخــرى‪ ،‬ولكــن‬
‫عليــك أن تأخــذ مــن انلبــع اذلي ال ينضــب اذلي يف داخلــك؟ وهــذا‬
‫هــو الــرد الكتــايب الســليم‪ ،‬فمحبــة اهلل‪ -‬ليــس جـ ً‬
‫ـزءا مــن حمبــة اهلل بــل‬
‫حمبــة اهلل بالاكمــل‪ -‬قــد انســكبت يف قلوبنــا مــن خــال عطيــة الــروح‬
‫القــدس‪ .‬فــل املحبــة اإلهليــة متاحــة نلــا‪ ،‬ولكــن إن لــم نأخــذ منهــا‬
‫فلــن خنتربهــا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ربمــا يمكــن أن ن ّطبــق هــذا األمــر ىلع ماكنــة الــروح القــدس يف‬
‫حيــاة الصــاة اخلاصــة بنــا‪ .‬فقبــل أن يتحــدث بولــس عــن لك األشــياء‬
‫الــي تعمــل خلرينــا‪ ،‬قــال‪:‬‬
‫َ َّ َ َ ْ َ‬
‫ــنا َن ْعلَ ُ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫ُّ ُ َ ْ ً ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ــم‬ ‫ــن ضعفات ِنــا‪ ،‬ألننــا لس‬ ‫الــروح أيضــا ي ِع‬ ‫«وكذل ِــك‬
‫َّ ُّ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫َ ُ َ ِّ َ ْ‬
‫الــروح نفســه يشــفع فِينــا‬ ‫كــن‬ ‫ــي‪َ .‬ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ــا‬‫م‬ ‫ك‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِــ‬ ‫ل‬‫ج‬ ‫مــا نصــي أل‬
‫ــم َمــا ُهــوَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ــوب َيعل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ ُ َ‬ ‫َ َّ‬
‫كــن الِي يفحــص القل‬ ‫ــات ال ينطــق بِهــا‪ .‬ول ِ‬ ‫بِأن ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ِ َ َّ ُ َ َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫يســن‪».‬‬ ‫ــب م ِشــيئ ِة اهللِ يشــفع ِف ال ِقد ِ‬ ‫اهتِمــام الــروح‪ ،‬ألنــه ِبس ِ‬
‫(رومية ‪.)27 – 26 :8‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫مجيعــا‬ ‫ذكــرت ســابقا أن هــذا اجلــزء يتعامــل مــع حقيقــة أننــا‬
‫دلينــا ضعــف‪ ،‬وهــو أمــر شــائع بالنســبة للجنــس البــري بأكملــه‪.‬‬
‫وهــو ال يقصــد بــه املــرض العضــوي‪ ،‬ولكــن الضعــف هــو أننــا ال‬
‫ً‬
‫ـدا شـ ً‬
‫ـخصا يعــارض‬ ‫نعــرف كيــف نصــي كمــا ينبــي‪ .‬ولــم أجــد أبـ‬
‫‪127‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ً‬
‫مجيعــا أنهــم ال‬ ‫هــذه املقولــة‪ ،‬فعندمــا أحتــدث مــع انلــاس يعرتفــون‬
‫يعرفــون ً‬
‫دائمــا مــا يصلــون ألجلــه‪ ،‬وحــى عندمــا يعرفــون مــا يصلــون‬
‫ألجلــه‪ ،‬فأنهــم ال يعرفــون كيــف يصلــون‪.‬‬

‫مــا ــهـــي إجابــة اهلل ىلع ضعفنا؟ الــروح القــدس‪ ،‬فهو يأتـــي يلُعني‬
‫ضعفاتنــا بــأن يتــوىل القيــادة نيابــة عنــا‪ .‬عندما خنضــع هل فـــي الصالة‪،‬‬
‫يُصــي مــن ـخــانلا وعندمــا يُصــي فهــذه يه الصــاة الســليمة‪ ،‬فــي‬
‫الصــاة الــي فـــي قصــد اهلل‪ ،‬وستأتـــي بانلتائــج اليت يريدـهــا اهلل فـــي‬
‫حيــاة هــؤالء اذليــن نصــي ألجلهــم‪.‬‬

‫نــرى هــذا بوضــوح يف اختبارنــا ملعموديــة الــروح القــدس‪ ،‬فعندمــا‬


‫ُ‬
‫نتلكــم بألســنة نعلــم أن هــذه ليســت أذهاننــا الــي تصــي ألننــا ال نفهم‬
‫مــا يُقــال‪ .‬ونعــرف أن الــروح القــدس هــو اذلي يمدنــا بالصــاة‪ ،‬ولك‬
‫ُ ّ‬
‫مــا نقدمــه حنــن هــو اآليلــة وأعضاءنــا الصوتيــة الــي ت َمكــن الــروح‬
‫القــدس مــن الصــاة‪.‬‬

‫اكن لزوجــي األوىل حيــاة صــاة فريــدة‪ ،‬فلــم أقابــل أي شــخص‬


‫آخــر اكن يُصــي مثلهــا‪ ،‬يف بعــض األحيــان اكن يســأهلا انلــاس «مــا هــو‬
‫رس الصــاة؟» فاكنــت تقــول «أنــا أفتــح فــي عــن آخــره وأدع الــروح‬
‫القــدس يمــأه‪ .‬يمكنــك أن تفعــل نفــس الــيء‪ ،‬فقــط إبــدأ باإليمان‬
‫ثــم اســمح للــروح القــدس أن يتــوىل األمــر‪ ،‬فهكــذا نصــي صلــوات‬
‫فعالــة متناغمــة مــع فكــر اهلل‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫اخلضوع للروح القدس‬

‫يف الطبيــي ال يمكــن أن حتصــل ىلع حيــاة صالة مســيحية ‪ ،‬فعىل‬


‫َْ‬ ‫ُ ِّ َ َ‬
‫ســبيل املثــال ختربنــا (أفســس ‪« )18 :6‬مصلــن بِــكل صــا ٍة َوطِلب ـ ٍة‬
‫ـاع»‪.‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫وح»‪ ،‬وختربنــا (‪1‬تســالونييك ‪« )17 :5‬صلــوا بِــا ان ِق َطـ ٍ‬ ‫ك َو ْقــت ف الـ ُّ‬
‫ـر ِ‬
‫ُ َّ‬
‫ٍ ِ‬
‫فــا يمكنــك أن تفعــل هــذا بقوتــك و بإماكناتــك‪ ،‬ولكــن بالــروح‬
‫القــدس يمكنــك ذلــك! بولــس أعطانــا رؤيــة عــن كيــف يمكننــا أن‬
‫ُّ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫ـروح» (‪1‬تســالونييك ‪)19 :5‬‬ ‫نفعــل هــذا عنـدمـــا كتــب‪« :‬ال تط ِفئــوا الـ‬
‫فهــذه يه اإلجابــة‪ .‬اذا لــم تكــن تطــىء الــروح بــل يلع العكــس‬
‫حتيــا بالــروح‪ ،‬فأنــت دليــك اجتمــاع صــاة مســتمر يف داخلــك ً‬
‫أربعــا‬
‫وعرشيــن ســاعة يف ايلــوم‪.‬‬

‫إن مـا أصفـه هـو حيـاة الصلاة التي ليسـت يف احليـاة الطبيعية‬
‫ً‬
‫مجيعـا‪ .‬عندما نقبـل معونة الروح القـدس‪ ،‬فإنه‬ ‫ولكنهـا إرادة اهلل نلـا‬
‫جيعلهـا حيـاة يمكن أن تعاش‪ .‬هلذا ّ‬
‫دلي بعـض اتلحفظات ىلع إعطاء‬
‫انلـاس جمموعـة مـن القواعـد للصلاة‪ ،‬ففي بعـض األحيـان نكون‬
‫ً‬
‫خارجا‪.‬‬ ‫مشـغولني للغايـة بالقواعـد دلرجة أننـا نرتك الـروح القـدس‬
‫ً‬
‫تمامـا يف اعتمادنا ىلع الـروح القدس‪.‬‬ ‫فعلينـا أن نكـون ثابتين‬

‫اســتخدمت يف إحــدى املــرات منهــج دراســة للكتــاب املقــدس‬


‫واكن يتضمــن دراســة عــن الصــاة ‪ .‬واكن حيتــوي ىلع ثالثــة وعرشيــن‬
‫ً‬
‫ـؤال ولكــن دون أي إشــارة للــروح القــدس‪ ،‬وهــذا يشــبه ً‬
‫تمامــا أن‬ ‫سـ‬
‫تكــون يف جامعــة دون أســتاذ! فاألســلوب املســييح املعتــاد للصــاة‬

‫‪129‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫هــو أن حتــاول أن تفعــل األمــر بنفســك‪ ،‬ولكننــا ال نســتطيع! فعلينــا‬


‫ُ ّ‬
‫أن نســلم الزمــام للــروح القــدس وخنضــع هل‪ ،‬ألنــه مــن خــاهل فقــط‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫يمكننــا أن نصــي وفقــا إلرادة اهلل‪.‬‬

‫دع الروح القدس يعيش خاللك‬

‫يف لك جانــب مــن جوانــب احليــاة املســيحية‪ ،‬ال نســتطيع بقدرتنــا‬


‫الطبيعيــة أن نفعــل مــا يطلبــه اهلل منــا‪ .‬فميونلــا الطبيعيــة يه أن‬
‫حنيــا باجلســد وأن حنــاول القيــام باألمــور ىلع طريقتنــا‪ ،‬ولكــن هــذا‬
‫األســلوب يقودنــا إىل الضعــف واملــوت‪ .‬واحلــل اذلي يُقدمــه نلــا اهلل هــو‬
‫الــروح القــدس‪ .‬وهــو حيثنــا ىلع أن نفعــل املســتحيل ثــم يقــول «اآلن‪،‬‬
‫دع الــروح القــدس يقــوم بذلــك» وبينمــا خنضــع للــروح‪ ،‬ســيفعل‬
‫املســتحيل مــن خالنلــا‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫كمــا رأينــا يف املثــال اخلــاص بالشــاب يف الفصــل الســابق‪ ،‬فــإن‬


‫لــم نســمح للــروح القــدس أن يقودنــا‪ ،‬فلــن يمكننــا ســماع لكمــات‬
‫اتلعزيــة واتلوجيــه واحلكمــة الــي يرغــب يف أن يعطيهــا نلــا‪ .‬وإين ملقتنع‬
‫أن أهــم احتيــاج يف حياتنــا هــو أن نقــي وقتًــا مــع اهلل‪ .‬ويؤســفين أن‬
‫أقــول أن معظــم املؤمنــن ال يعطــون اهلل الكثــر مــن الوقــت ويه حالــة‬
‫جيــب أن يتــوب عنهــا الكثــرون‪.‬‬

‫تعلمــت أنــا وزوجــي «روث»‪ -‬وهــذا ىلع نطــاق صغــر‪ -‬أن نأخــذ‬
‫ً‬
‫يومــا لك أســبوع نلنتظــر هلل وليــس دلينــا فكــرة عمــا ســيحدث‪،‬‬
‫وليــس دلينــا أجنــدة أو قائمــة للصــاة‪ .‬يف بعــض األحيــان نبــدأ بقــراءة‬
‫الكتــاب املقــدس ويف بعــض األحيــان ال‪ ،‬ولكــن يف نهايــة ايلــوم جنــد‬
‫أنفســنا نقــول‪« :‬كيــف وصلنــا إىل هنــا؟»‪ .‬لــم يكــن دلينــا خطــة أو‬
‫فكــرة عــن االشــراك فيمــا وصلنــا هل يف نهايــة ايلــوم‪ ،‬فالــروح القــدس‬
‫هــو اذلي قادنــا إىل ذلــك املــان‪.‬‬

‫عندمــا نتعلــم أن ننتظــر اهلل‪ ،‬يُظهــر نلــا العوائــق الــي تقــف يف‬
‫طريــق عالقاتنــا معــه حــى يمكننــا أن نتحــرر منهــا فنحبــه وخندمــه‬
‫‪131‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫بطريقــة أفضــل‪ .‬كثــرون منكــم ليســوا اآلن يف املــان اذلي اكن جيــب‬
‫أن يكونــوا فيــه مــع اهلل ‪ ،‬وهنــا ال أريــد أن أتهــم أو أديــن بــل أن‬
‫أســاعد‪.‬‬

‫االعتراف بسيادة يسوع‬

‫يف معظــم جســد املســيح هنــاك شــئ مــا ليــس يف ماكنــه وجيــب‬
‫تصحيــح وضعــه و ذللــك ســنقيض وقتًــا يف انتظــار اهلل والســماع منــه‪.‬‬
‫مــا هــو هــذا الــيء اذلي ليــس يف ماكنــه؟ اننــا ال نعــرف بســيادة‬
‫املســيح يف حياتنــا‪.‬‬

‫كتب بولس يف أفسس‪:‬‬


‫َ َ ْ َ َ ُ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ ً َ ْ َ‬
‫ـوق‬ ‫«وأخضــع ك شـــي ٍء تــت قدميــ ـ ِه‪ ،‬وإِيــاه جعـــــل رأســا فـــ‬
‫َ َ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ ْ ُ َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ ِّ َ ْ ْ َ‬
‫ه جســدهُ‪ ،‬مِل ُء الِي يمــأل الكـل ِف‬ ‫يســةِ‪ ،‬ال ِـي ِ‬‫ـي ٍء ل ِلكنِ‬
‫كــل شـــ‬
‫ْ ُ ِّ‬
‫الــل‪( ».‬أفســس ‪.)23 ،22 :1‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ُّ‬
‫ورائعــا‪ ،‬فــإن اهلل‬ ‫إن اختيــار بولــس للغــة هنــا ي َعــد موفقــا‬
‫قــد أخضــع لك شــئ حتــت قــديم يســوع‪ .‬فقــد اكنــت لك األشــياء‬
‫أيضــا للكنيســة‪َ .‬كـ ْ‬
‫ـون يســوع هــو‬ ‫خاضعــة هل‪ ،‬ولكنــه أعطــى يســوع ً‬

‫الرأس‪،‬هــو أروع وأثمــن بركــة جلســد املســيح‪ .‬ويســوع هــو الــرأس‬


‫ىلع لك األشــياء وليــس فقــط ىلع بعــض األشــياء أو معظــم األشــياء‬
‫ولكــن ىلع لك األشــياء‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫هــل يمكنــك أن تعلــن بــكل أمانــة يف حمــر اهلل أن يســوع‬


‫هــو الــرأس ىلع لك شــئ يف حياتــك؟ وأنــه ال يوجــد مــا هــو خــارج‬
‫عــن ســيطرته؟ أنــه ال يوجــد شــئ خــارج نطــاق إرادتــه الســائدة‬
‫عليــك؟‬

‫بعد ذلك‪،‬كتب بولس يف أفسس‬


‫اك َّالِي ُه َ‬ ‫ُ ِّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ــل َصادق َ‬ ‫َ ْ‬
‫ــو‬ ‫ِــن ِف المحبــةِ‪ ،‬ننمــو ِف ك ش ٍء إِل ذ‬ ‫ِ‬ ‫«ب‬
‫ُ َ َّ ً َ ً َ ُ ْ َ ً ُ َ َ‬
‫ازرة َِ‬ ‫ْ ُ ُ ُّ ْ َ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ ْ ُ ْ َ‬
‫الــرأس‪ :‬الم ِســيح‪ ،‬الِي مِنــه ك الس ـ ِد مركبــا معــا‪ ،‬ومق ِ‬
‫تنــا بِمــؤ‬
‫ُ ِّ ُ ْ ُ َ ِّ ُ ُ ُ َّ ْ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ُ ِّ َ ْ‬
‫ـاس ك جــز ٍء‪ ،‬يصــل نمــو الس ـ ِد‬ ‫ك مف ِصــل‪ ،‬حســب عمــل‪ ،‬ع قِيـ ِ‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫َْ‬
‫ِلُنيان ِــ ِه ِف المحبــةِ‪( ».‬أفســس ‪.)16 ،15 :4‬‬

‫الحــظ أن لك اجلســد يعتمــد ىلع الــرأس‪ ،‬وأنــه مــن خــال عالقــة‬


‫اجلســد بالــرأس فإنــه يأخــذ ىف ابلنيــان ويســتطيع أن ينمــو ويعمــل‬
‫بفعايلــة‪ .‬إذا ضعفــت عالقــة اجلســد بالــرأس‪ ،‬فســتضعف حيــاة‬
‫اجلســد لكهــا بطريقــة تلقائيــة‪.‬‬
‫َ ُ َ ِّ ْ ُ ْ َ َ ٌ ْ َ َ َ‬
‫العالــة (كولــويس ‪« .)18 :2‬ال‬
‫قــال بولــس‪« :‬ال يسكــم أحــد ِ‬
‫جيعلكــم أحــد غــر مؤهلــن» هــو اتلعبــر األفضــل ملــا يقــوهل بولــس‬
‫هنــا‪ .‬ال تســمح ألي شــخص أن خيدعــك وجيعلــك ختــر املــراث‬
‫الــريع اذلي يريــد اهلل أن يعطيــك ايــاه‪ .‬هــذا انلــوع مــن االشــخاص‬
‫ــم َي ْن ُظ ْ‬ ‫ً‬
‫ِــا ف َمــا ل َ ْ‬ ‫ََُ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َ ً‬
‫ــرهُ‪،‬‬ ‫«راغِبــا ِف اتلواضــعِ وعِبــادة ِ المالئ ِكــةِ‪ ،‬متداخ ِ‬

‫‪133‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ِي» (آيــة ‪ .)18‬شــخص كهــذا‬ ‫ال َس ـد ِّ‬‫ـن ق َِبــل ذ ِْهنِ ـ ِه ْ َ‬‫ْ‬


‫ـ‬‫م‬‫ِ‬
‫َُْ ً َ ً‬
‫ـا‬ ‫منت ِفخــا با ِطـ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫يــديع أنــه متفــوق روحيــا ولكنــه يف الواقــع جســدي للغايــة؛ فهــو‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ْ ُ‬
‫الــرأ ِس الِي مِنــه‬ ‫«و َغ ْ َ‬
‫ــر ُم َت َم ِّســك ب َّ‬ ‫منتفــخ بســبب ذهنــه هلــذا فهــو َ‬
‫ٍ ِ‬
‫ـوا مـ َ‬ ‫َُ َ ً َ َُْ ً َُْ ُُ‬ ‫َ َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُّ ْ َ َ‬
‫ـن اهللِ»‪.‬‬ ‫تنــا ينمــو نمـ ًّ ِ‬ ‫ـط‪ ،‬متــوازِرا ومق ِ‬ ‫اصــل وربـ ٍ‬ ‫الس ـ ِد بِمف ِ‬ ‫ك‬
‫(آيــة ‪ ،)19‬والرتمجــة احلديثــة تقــول «فقــد اإلتصــال بالــرأس»‪.‬‬

‫وبمجــرد أن نفقــد االتصــال بالــرأس‪ ،‬نواجــه خطــر الوقــوع يف‬


‫اخلطــأ وبعــض أشــال اخلــداع أو اإلنســياق وراء بعــض أنــواع اتلعليــم‬
‫اخلـــادع اذلى ال يتمــاىش مــع حــق اهلل‪ .‬إذا فصمــام األمــان الوحيــد‬
‫ـن ىلع حــدة‪ -‬هــو أن يكــون ىلع عـــاقة‬
‫للجســد لكــه ‪ -‬ولــل مؤمـ ٍ‬
‫ســليمة بالــرأس‪ .‬لك مؤمــن حقيــي دليــه إســتعداد الــي و اتصــال‬
‫مبــارش مــع يســوع املســيح‪ ،‬وعليــه أال يســمح ألي شــخص آخــر‬
‫باتلدخــل‪.‬‬

‫القــادة أنــاس رائعــون ولكنهــم ال يســتطيعون أن يأخــذوا ماكنــة‬


‫يســوع‪ .‬فليســت وظيفــة القائــد أن يكــون رأســك‪ ،‬بــل أن يســاعدك‬
‫ـي عالقتــك بالشــخص اذلي هــو رأســك‪ ،‬وليســت وظيفتــه‬ ‫ىلع أن تُنـ ّ‬
‫ً‬
‫أن يعطيــك إجابــات وحلــول ملشــكالتك‪ ،‬ولكــن أن يُظهــر لــك‬
‫كيــف جتــد احللــول بنفســك مــن يســوع‪.‬‬

‫بعــض انلــاس كســاىل يريــدون أن حيــل هلــم األخــرون لك‬


‫مشــكالتهم‪ ،‬ولكــن األمــر لــن ينجــح بهــذه الطريقــة‪ .‬باإلضافــة إىل‬
‫‪134‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫ذلــك‪ ،‬فــأن هنــاك بعــض القــادة املســتبدين اذليــن يبتغــون الســيطرة‬


‫ىلع انلــاس‪ .‬وقــد مــررت بــكل ذلــك‪ ،‬وأشــكر اهلل أين اســتطعت أن‬
‫أخــرج منــه وليــس دلي أيــة رغبــة يف ادلخــول يف هــذه األمــور مــرة‬
‫أخــرى‪ .‬فيجــب أن يكــون لــك عالقتــك الشــخصية بيســوع‪ ،‬وجيــب‬
‫ً‬
‫قــادرا ىلع االســتماع هل وهــو يتحــدث إيلــك‪ .‬جيــب أن‬ ‫أن تكــون‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تكــون قــادرا ىلع أن يوجهــك‪ ،‬وجيــب أن يكــون هنــاك يشء مــا يف‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫مــرورا ومــى ال يكــون‪ .‬جيــب أن‬ ‫داخلــك يــرك مــى يكــون‬
‫ً‬
‫حساســا للــرأس‪.‬‬ ‫تكــون‬

‫أربعة وظائف للرأس‬


‫ُ‬
‫أود اآلن أن أناقــش أربعــة وظائــف لرؤســنا اجلســدية وكيفيــة‬
‫ً‬
‫ضليعــا يف إعطــاء‬ ‫ارتباطهــا بســيادة يســوع وكونــه ً‬
‫رأســا‪ .‬أنــا لسـ ُ‬
‫ـت‬
‫دروس يف الترشيــح‪ ،‬وذلا فهــذه جمــرد وجهــات نظــر عمليــة بســيطة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وفيمــا نســتعرض تلــك الوظائــف األربــع‪ ،‬أود أن تفكــر يف عالقتــك‬
‫بيســوع وكذلــك عالقــة الكنيســة ايلــوم برأســها‪.‬‬
‫يبدو يل أن رؤوسنا هلا أربع وظائف أساسية ويه‪:‬‬

‫•اســتقبال املعلومــات‪ .‬فــل جــزء مــن اجلســد هل احلــق‬ ‫ ‬


‫يف اتلواصــل مــع الــرأس اذلى يســتقبل إشــارات اتصــال‬
‫مســتمرة مــن لك أجــزاء اجلســد‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫•اختاذ القرارات‪ .‬فيقرر الرأس ما سيفعله اجلسد‪.‬‬ ‫ ‬


‫•املبــادرة باألفعــال‪ .‬فاللكمــة األساســية يه املبــادرة ألن مــن‬ ‫ ‬
‫يأخــذ املبــادرة هــو الــرأس‬
‫•تنســيق نشــاط األعضــاء‪ ،‬اذليــن ينفــذون قــرارات الــرأس‪.‬‬ ‫ ‬

‫الــروح القــدس هــو الوســيلة الــي يتواصــل مــن خالهلــا يســوع ‪-‬‬
‫ّ‬
‫ويوجــه بهــا اجلســد ويتحكــم فيــه وحيافــظ‬ ‫كــرأس ‪ -‬مــع اجلســد‪،‬‬
‫عليــه‪ .‬وهلــذا فلســنا نتحــدث هنــا عــن جمــرد العالقــة مــع يســوع‬
‫ولكــن ً‬
‫أيضــا عــن العالقــة مــع الــروح القــدس‪ .‬دعونــا نســتعرض‬
‫بعــض اآليــات الكتابيــة الــي تتمــاىش مــع هــذا الســياق‪.‬‬
‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ِّ َ ُ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫الــق»‬ ‫الــق‪ ،‬فهــو ير ِشــدكم إِل جِيــعِ‬ ‫«وأمــا مــى جــاء ذاك‪ ،‬روح‬
‫(يوحنــا ‪ ،)13 :16‬تذكــر أن يســوع قــال هــذا تلالميــذه عندمــا اكن ىلع‬
‫وشــك أن يرتكهــم وكأنــه يقــول هلــم« ال أســتطيع أن أخربكــم بــكل مــا‬
‫حتتاجــون أن تعرفــوه اآلن‪ ،‬ولكــن ال بــأس ألن روح احلــق أي الــروح‬
‫القــدس ســيأيت وهــو سريشــدكم إىل لك احلــق»‪ .‬اكن يســوع يقــول أنــه‬
‫مــن ذلــك الوقــت فصاعـ ً‬
‫ـدا عالقتــه معنــا ســتكون فعالــة مــن خــال‬
‫الــروح القــدس‪.‬‬
‫َ ْ ُ ُّ َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫ً‬
‫ثــم مــى يف حديثــه قائــا‪« :‬ألنــه ال يتكــم ِمــن نف ِسـ ِه‪ ،‬بــل ك ما‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ ْ ُُ‬ ‫ـم ُع َي َت َكَّـ ُ‬
‫َْ َ‬
‫ـور آتِيـ ٍة‪( ».‬يوحنــا ‪ ،)13 :16‬أؤمــن أن‬
‫ٍ‬ ‫ـ‬‫م‬ ‫أ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ـ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ـم‬ ‫يسـ‬

‫‪136‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫الكنيســة جيــب أن يكــون دليهــا توجــه خــارق للطبيعــة مــن الــروح‬


‫القــدس‪ ،‬خبصــوص أمــور معينــة تتعلــق باملســتقبل جيــب أن نعرفهــا‪.‬‬

‫حت ُ‬‫بانلظــر إىل وضــع العالــم‪ ،‬فــإن َّ‬


‫ــرك الكنيســة حنــو املســتقبل‬
‫دون قيــادة الــروح القــدس معنــاه أنهــا تتجــه حنــو اكرثــة‪ .‬ليــس دلينــا‬
‫ســوى ملحــات مــن املشــكالت والضغــوط الــي ســتأيت ىلع العالــم لكــه‪،‬‬
‫وليــس ىلع الواليــات املتحــدة فقــط‪ .‬ســنكون حباجــة للــروح القــدس‬
‫يلحذرنــا ممــا هــو ُمزمــع أن حيــدث حــى ال نكــون يف املــان اخلطــأ‬‫ّ‬
‫َُ‬
‫يف الوقــت اخلطــأ‪ .‬ومــن الصلــوات الــي أصليهــا بانتظــام هــو أن أكــون‬
‫ً‬
‫دائمــا يف املــان الصحيــح يف الوقــت الصحيــح‪ ،‬والــروح القــدس فقــط‬
‫هــو اذلي بإماكنــه أن جيعــل هــذا ممكنًــا‪.‬‬
‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ثــم قــال يســوع‪« :‬ذاك ( الــروح القــدس) يمجــد ِن» (يوحنــا ‪،)14 :16‬‬
‫األمــر يســتحق أن نالحظــه مــرة أخــرى يف عالقتــه بالقــدرة ىلع ســماع‬
‫مــا يقــوهل اهلل نلــا‪ ،‬فتمجيــد يســوع هــو عالمــة ممــزة للــروح القــدس‪.‬‬
‫فكثــر مــن األشــياء الــي يُقــال أنهــا عمــل الــروح القــدس يف احلركــة‬
‫ُ ّ‬
‫الاكرزماتيــة تفتقــر إىل عالمــة تمجيــد يســوع؛ فــل شــئ ي َعــي مــن‬
‫شــأن الشــخصية البرشيــة ليــس مــن الــروح القــدس‪ ،‬ربمــا يكــون‬
‫روحيًــا ولكنــه ليــس مــن الــروح القــدس‪ .‬فمهمــا اكن مــا يفعلــه‬
‫ّ‬ ‫الــروح‪ ،‬فــإن هدفــه األســى هــو تمجيــد يســوع ً‬
‫دائمــا‪ ،‬ولــو أن يســوع‬
‫ليــس هــو حمــور القصــة‪ ،‬فــأن الســيناريو ليــس مــن الــروح القــدس‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫اخلضوع الختيار اهلل‬

‫ىلع الرغــم مــن أن لك الوظائــف اخلاصــة بالــرأس هامــة‪ ،‬إال أين‬


‫ّ‬ ‫َ ُّ‬
‫أ َود أن أركــز باختصــار ىلع الوظيفــة الرابعــة ويه تنســيق نشــاط لك‬
‫األعضــاء أثنــاء تنفيذهــا لقــرارات الــرأس ومشــابهة ذلــك لعالقتنــا‬
‫باملســيح‪ ،‬وهــذا يتعامــل مــع مســألة املبــادرة‪.‬‬
‫َْ َ َُْ ُ ْ َُُْ‬
‫َقــال يســوع تلالميــذه يف (يوحنــا ‪« )16 :15‬ليــس أنتــم اختت ِ‬
‫ـون‬ ‫ـ‬‫م‬
‫كـ ْ‬‫َ ْ َ ْ َُْ ُ‬
‫ـم»‪ ،‬وهــذا اإلعــان واضــح للغايــة وال يوجــد شــك‬ ‫بــل أنــا اختت‬
‫ّ‬
‫بشــأنه‪ ،‬فــا أعتقــد أن يســوع اكن يشــر إىل اختيــار اخلــاص يف هــذه‬
‫اآليــة ولكــن إىل اختيــار الرســويلة‪ ،‬فقــد قــال‪« :‬لقــد اخرتتكــم أنتــم‬
‫االثــى عــر»‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َ َُْ‬ ‫ََ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ‬
‫ــر‪،‬‬
‫ِ ٍ‬‫م‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ــوا‬‫ت‬‫أ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ــوا‬‫ب‬ ‫ويكمــل يســوع كالمــه‪« :‬وأقمتكــم ِلذه‬
‫ََ ُ َ ََُ ُ‬
‫كـ ْ‬
‫ـم» (آيــة ‪ ،)16‬أفهــم مــن هــذا أنــه ال يــدوم مــن اثلمــر‬ ‫ويــدوم ثمر‬
‫إال اذلى نتــج مــن اختيــار اهلل‪ .‬فيمكــن أن يكــون دليــك لك أنــواع‬
‫الربامــج ادلينيــة واألنشــطة واالنتخابــات يف الكنيســة ولكــن إن لــم‬
‫يبــادر اهلل بهــا‪ ،‬فلــن يكــون هنــاك دوام ألى نــوع مــن اثلمــر‪.‬‬
‫ُ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ْ ْ‬ ‫أيضــا‪« :‬لِـ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ‬
‫قــال يســوع ً‬
‫ـي يع ِطيكــم اآلب ك مــا طلبتــم بِاسـ ِ‬
‫ـي»‬
‫(يوحنــا ‪ ،)16 :15‬هــل تــدرك أن القــدرة ىلع الصــاة بفعايلــة لــآب‬
‫ُ‬
‫تنبــع مــن إرادة اهلل؟ يمكننــا أن نصــي لك أنــواع الصلــوات ولكــن إن‬

‫‪138‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫لــم تنبــع مــن إرادة اهلل فليــس نلــا تأكيــد أنــه ســيُجيبها‪ .‬وانطبــايع هــو‬
‫أن اهلل يتعامــل مــع الكنيســة يف الواليــات املتحــدة لــي يُرجعنــا مــرة‬
‫أخــرى لــي نــدرك اعتمادنــا الاكمــل عليــه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هلــذا يُعـ ّ‬
‫ـر عــن املبــادرة مــن خــال االختيــار وكمــا فهمــت فــإن‬
‫اختارهــا‬
‫اجلوانــب الــى يتعامــل معهــا اهلل يف حياتنــا يه فقــط الــى ِ‬
‫هــو‪ .‬فــي لك مــرة نتخــذ مبــادرات خــارج يــدي اهلل‪ ،‬فأننــا بهــذا‬
‫نوقــف ســيادة يســوع‪ ،‬ونكــون فعليًــا يف اغيــة الوقاحــة‪ ،‬فليغفــر نلــا‬
‫اهلل‪ .‬يف األســاس أعتقــد أن الكنيســة جيــب أن تســقط ىلع وجههــا أمــام‬
‫اهلل وتقــول‪« :‬يــا رب كنــا يف اغيــة الغطرســة‪ ،‬وهــا حنــن نتــوب ونطلــب‬
‫منــك أن تغفــر نلــا»‪.‬‬
‫ً‬
‫ـال جيـ ً‬
‫ـدا عــن االتــكال ىلع اختيــار اهلل يف ســفر‬ ‫وجنــد هنــا مثـ‬
‫األعمــال حيــث يقــول‪:‬‬
‫ُ َ َ َ ْ َ ُ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََ َ َْ َ َ َ‬
‫ــاء َومعلمــون‪ :‬ب ْرنابــا‪،‬‬ ‫«وكن ِف أنطاك ِيــة ِف الكنِيســ ِة هنــاك أنبِي‬
‫َ َ َ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ُّ َ َ َ ُ َّ َ َ َّ‬ ‫ْ َ ُ َّ ُ ْ َ‬
‫ـرب‬ ‫َو ِســمعان الِي يــدع نِيجــر‪ ،‬ولوك ِيــوس القــرو ِان‪ ،‬ومنايِــن الِي تـ‬
‫َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َّ َّ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ــع ه ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫الــرب‬ ‫الربــعِ ‪ ،‬وشــاول‪ .‬وبينمــا هــم يدِمــون‬ ‫ِيــس‬
‫ِــرودس رئ ِ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ََْ َ َ َ َُ َْ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ ُّ ُ ْ ُ ُ ُ َ ْ ُ‬
‫ـل الِي‬ ‫ـرزوا ِل برنابــا وشــاول ل ِلعمـ ِ‬‫ويصومــون‪ ،‬قــال الــروح القدس‪«:‬أفـ ِ‬
‫َ َ َُُ َ‬
‫دع ْوتهمــا إ ِ ْلــ ِه»‪( .‬أعمــال ‪.)2 – 1 :13‬‬

‫تقــول الرتمجــة ادلويلــة احلديثــة‪« :‬فيمــا هــم يعبــدون الــرب‬

‫‪139‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ُ‬
‫ويصومــون»‪ ،‬وعندمــا قــرأت األصــل ايلونــاين وجدتهــا كمــا يــي «فيمــا‬
‫هــم يســلمون خدمتهــم الكهنوتيــة للــرب»‪ ،‬ربمــا اكنــوا يعبــدون أو‬
‫ربمــا اكنــوا يفعلــون شــيئًا آخــر‪ .‬ولكــن فيمــا هــم ينتظــرون الــرب‪،‬‬
‫وبــدون أي خطــة خاصــة بهــم‪ ،‬قــال الــروح القــدس بــكل فعايلــة‪:‬‬
‫«هــذه يه خطــي»‪.‬‬
‫كــم مــرة تــأيت الكنيســة خبطتهــا هلل وال تســأهل ً‬
‫أبــدا‪« :‬مــا يه‬
‫إرادتــك؟»‪ ،‬ال يمكنــك أن تتخــذ قراراتــك وتكتبهــا يف حمــر اجتماع‬
‫ْ‬
‫الكنيســة ثــم تطلــق اســم اهلل عليهــا ُتلكســبها الرشعيــة الالزمــة‪ ،‬ألن‬
‫اهلل ليــس جمــرد وســيلة إلضفــاء الرشعيــة ىلع قراراتــك‪ ،‬ولكنــه اهلل‬
‫القديــر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ويســتمر هــذا اجلــزء مــن الكتــاب املقــدس يلقــول‪« :‬فصامــوا حِينئِ ٍذ‬
‫َ َ َ ُ َّ َ ْ َ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َْ َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ـم أطلقوهمــا‪( ».‬أعمــال ‪ .)3 :13‬مــن‬ ‫َوصلــوا َو َوضعــوا علي ِهمــا األيــادِي‪ ،‬ثـ‬
‫أيــن أىت القــرار بإرســال بولــس وبرنابــا؟ أىت مــن اهلل بالــروح القــدس‪.‬‬
‫ُ َ َ‬
‫رســل هــذان الرجــان بالــروح القــدس‪ ،‬اكنــا نبيــن‬ ‫قبــل أن ي‬
‫ْ‬
‫ومعلمــن‪ .‬مــاذا أصبحــا بعدمــا تــم إرســاهلم؟ رســولني‪ .‬الحــظ أن‬
‫الكتــاب املقــدس يدعوهمــا رســولني مرتــن‪:‬‬
‫ََْ ُ‬
‫ض ُه ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َْ ُ‬ ‫َ ْ َ َّ ُ ْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫ــم‬ ‫الهــودِ‪ ،‬وبع‬ ‫ــور المدِينــةِ‪ ،‬فــان بعضهــم مــع‬‫«فانشــق جه‬
‫َ َ َّ ُ َ ْ‬
‫ي‪( ».‬أعمــال ‪)4 :14‬‬
‫مــع الرســول ِ‬

‫‪140‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫َ َ َّ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ُ ُ ُ‬
‫الرسوال ِن‪ ،‬ب ْرنابا َوبولس‪( »...‬أعمال ‪.)14 :14‬‬ ‫«فلما س ِمع‬
‫الرســول هــو مــن يُ ْر َســل‪ ،‬هلــذا فــإن أي شــخص لــم يُ َ‬
‫رســل ال‬
‫ً‬
‫ـول‪ .‬ومــن ُ‬
‫المثــر أنــه ىلع الرغــم مــن أن‬ ‫يمكــن أن يكــون رسـ‬
‫تلــك املبــادرة اختذهــا اهلل اآلب بيســوع املســيح االبــن مــن خــال‬
‫ُ‬
‫الــروح القــدس‪ ،‬أال أنهمــا لــم يُدعيــا رســولني قبــل أن ترســلهما‬
‫الكنيســة‪ ،‬فــاهلل ال يتخطــى الكنيســة يف تعيــن اخلدمــات‪.‬‬
‫ُّ‬
‫وعندمــا أنــى بولــس وبرنابــا اخلدمــة الــى قــد كفــا بهــا‪ ،‬يقول‬
‫َ ََْ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ ْ َُ َ َ ََ‬
‫ـر إِل أنطاك ِيــة‪ ،‬حيــث‬‫الكتــاب ُاملقــدس‪« :‬و ِمــن هنــاك ســافرا ِف َالحـ ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ‬
‫ـل الِي أكمــاهُ‪( ».‬أعمــال ‪،)26 :14‬‬ ‫كنــا قــد أسـلِما إِل ن ِعمـ ِة اهللِ ل ِلعمـ ِ‬
‫ـخصا منــا يف الكنيســة ايلــوم يمكــن أن يقــول أننــا أتممنــا‬ ‫كــم شـ ً‬
‫ُ‬
‫العمــل امللكفــن بــه؟ وليــس فقــط جــزءا منــه بــل العمــل بأكملــه؟‬
‫وتفســري إلتمامهمــا املهمــة هــو أن املبــادرة جــاءت مــن اهلل‪ .‬فقــد‬
‫ســمع قــادة الكنيســة يف أنطاكيــة اختيــار اهلل وتبعــوه‪ ،‬لــو اكن هنــاك‬
‫أي يشء آخــر قــد حــدث ملــا أحــدث نفــس انلتائــج‪.‬‬

‫ليكن لنا فكر املسيح‬

‫هامــا مــن تعلــم كيفيــة ســماع صــوت اهلل هــو إدراك أن‬ ‫ـزءا ً‬ ‫جـ ً‬
‫ـر ال ْ َم ِســيحِ ‪1( ».‬كورنثــوس ‪ .)16 :2‬كتــب بولــس ُم ً‬
‫قتبســا‬ ‫للكنيســة‪« :‬ف ِْكـ ُ‬
‫َ َّ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ ِّ َ ُ َ ِّ َ ُ‬
‫الــرب فيعلمــه؟»‬ ‫مــن (إشــعياء ‪« )14–13:40‬ألنــه مــن عــرف ف ِكــر‬

‫‪141‬‬
‫تلبسون قوة‬
‫ّ‬
‫(‪1‬كورنثــوس ‪َ ،)16 :2‬مــن منــا بلــغ مــن ســمو املاكنــة مــا يؤهلــه يلُ َعلــم‬
‫الــرب؟ أو يقــدم هل نصيحــة؟ أو خيــره كيــف يتــرف؟ هــذا ســؤال‬
‫«و َأ َّمــا َنْ ُ‬
‫ــن‬
‫ً‬
‫ـا‪َ :‬‬ ‫ويكمــل بولــس قائـ‬ ‫بــايغ‪ .‬واإلجابــة أنــه ال أحــد‪ُ .‬‬
‫َََ ْ ُ َْ‬
‫ـر الم ِســيحِ » (آيــة ‪ ،)16‬الحــظ أن الكتــاب املقــدس يقــول حنــن‬ ‫فلنــا ف ِكـ‬
‫ُ‬
‫وليــس «أنــا» نلــا فكــر املســيح‪ ،‬ففكــر املســيح لــم يعــط لشــخص‬
‫ُ‬
‫ــي للجســد مــن خــال الــرأس‪ .‬وحــى‬ ‫واحــد بمفــرده ولكنــه أ ْع ِط َ‬
‫اللحظــة الــي يتعلــم فيهــا أعضــاء اجلســد أن يدركــوا فكــر املســيح‬
‫ُ َْ‬ ‫ً‬
‫ـن بشــل كبــر‪.‬‬ ‫معــا‪ ،‬فــإن هــذا الفكرســيظل غــر معل ٍ‬
‫ـ‬

‫هــل يمكنــك أن تقــول عــن كنيســتك أو عــن مجاعتــك‪« :‬دلينــا‬


‫فكــر املســيح؟‪ ،‬هــل يمكنــك حــي أن تتأمــل يف هــذا الســؤال؟ هــل‬
‫خطــر ببالــك أنــه جيــب أن نكــون قادريــن ىلع أن نقــول هــذا؟‬

‫انتظار الرب يغرينا‬


‫حقــا أُ ً‬
‫ناســا دليهــم فكــر املســيح؟‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫كيــف يمكننــا أن نصبــح‬
‫أعتقــد أن هنــاك إجابــة بســيطة للغايــة ومــن لكمــة واحــدة‪ ،‬ولكنهــا‬
‫لكمــة غــر مشــهورة وغــر معروفــة بــن املؤمنــن األمريكيــن ويه‬
‫اللكمــة الــي ال حنــب أن نســمعها ‪ :‬انتظــر‪ ،‬ال تعمــل بــل انتظــر‪.‬‬

‫يف (‪1‬تســالونييك) يكتــب بولــس للمؤمنــن األوائــل‪ .‬يف الواقــع‪ ،‬قد‬


‫تكــون الرســالة إىل أهــل تســالونييك مــن أوائــل الرســائل الــي كتبهــا‬

‫‪142‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫ً‬
‫بولــس للكنائــس‪ ،‬وقــد قــال ُمعلقــا ىلع تأثــر اإلجنيــل يف تســالونييك‪:‬‬
‫َ َ ََ َْ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ُ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َّ َ ُ ُ‬
‫ــم‪َ ،‬وكيــف‬ ‫ــرون عنــا‪ ،‬أ ُّي دخــول كن لــا إِلك‬ ‫«ألنهــم هــم ي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُْ ْ َ‬
‫ـي‪َ ،‬وتنت ِظ ُ‬
‫ــروا‬ ‫ال ِقيـ ِ َّ‬ ‫ـدوا اهللَ ال َ َّ‬
‫ــي َ‬ ‫ــان‪ِ ،‬لعبـ‬ ‫َ ْ‬
‫رجعتــم إِل اهللِ ِمــن األوث ِ‬
‫َ َّ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ِــن الســماءِ» (‪1‬تســالونييك ‪.)10 – 9 :1‬‬ ‫ابنــه م‬

‫الحظ أنهم «رجعوا إىل اهلل» ليك يفعلوا أمرين‪:‬‬


‫(‪ )1‬يعبدوا (خيدموا)‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينتظروا‪.‬‬
‫ُ‬
‫هــذا هــو ممــل احليــاة املســيحية‪ ،‬فالعبــادة ليســت لك شــئ فيهــا‪.‬‬
‫ُ َّ‬
‫يف الواقــع‪ ..‬فــإن العبــادة ت َعــد غــر اكملــة إن لــم يصاحبهــا االنتظــار‪،‬‬
‫فنحــن خنــدم وننتظــر‪ .‬يف أكــر مــن مخســن آيــة يتحــدث الكتــاب‬
‫املقدس عن أهميـــة انتظـــار اهلل أو االنتظــار أمــــام اهلل‪ ،‬و يف النسخة‬
‫ادلويلــة اجلديــدة تعــد (إشــعياء ‪ )4 :64‬آيــة حيــة وواضحــة للغايــة‪:‬‬
‫َ ُْ ُ ََ َ ْ َْ َ ُ ََ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ٌْ ً َ َْ َ َ ْ َ ُ‬
‫ـرك يصنــع‬ ‫«ومنــذ األز ِل لــم يســمعوا ولــم يصغــوا‪ .‬لــم تــر عــن إِلهــا غـ‬
‫ـن يَنْ َت ِظـ ُ‬
‫ـرهُ‪».‬‬
‫َ ْ‬
‫ل ِمـ‬

‫يف هــذه الصــورة هلل الواحــد احلقيــي‪ ،‬مــا يه الصفــة املمــزة؟ أنــه‬
‫يعمــل بأســم هــؤالء اذليــن ينتظرونــه‪ .‬فــإذا كنــت تريــده أن يعمــل‬
‫نيابــة عنــك فعليــك أن تنتظــر‪ .‬وإين مقتنــع ً‬
‫تمامــا بــأن الكنيســة لــن‬
‫تتقــدم لألمــام إال عندمــا تتعلــم أن تنتظــر اهلل‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫ُ‬
‫َعقــدت سلســلة مــن االجتمــااعت يف مدينــة صغــرة يف اجنلــرا‬
‫ُ‬
‫تــدىع «هــول»‪ .‬ويف نهايــة تلــك االجتمــااعت‪ ،‬دعــوت القــادة لــي‬
‫يصعــدوا إىل املنــر وصليــت هلــم‪ ،‬وبــدا مــن الواضــح أن اهلل يُطلــق‬
‫شــيئًا مــا مــن خــال تلــك الصــاة ألنــه ‪ -‬ملــدة أربــع ســنوات مــن‬
‫تلــك احلادثــة ‪ -‬اكنــت هــذه املجموعــة مــن انلــاس تُمثــل مــا يقـ ُ‬
‫ـرب‬
‫مــن ‪ 15‬كنيســة تتقابــل ً‬
‫معــا وتنتظــر الــرب‪ .‬ثــم دعــوين مــرة أخــرى‪،‬‬
‫واكنــت هــذه السلســلة اثلانيــة مــن االجتمــااعت خمتلفــة عــن أي‬
‫اجتمــااعت أخــرى خدمــت فيهــا‪ .‬وليــس األمــر أين قــد تغــرت‪،‬‬
‫ـن شــيئًا مــا قــد اختلــف يف اجلــو العــام هنــاك‪.‬‬
‫ولكـ ّ‬

‫موضحــا أن اخلطايــا‬‫ً‬ ‫ـت عــدة رســائل مبــارشة و بســيطة‬ ‫ألقيـ ُ‬


‫ُ‬
‫الــي نعــرف بهــا فقــط يه الــي تغفــر‪ ،‬فــإن لــم نعــرف خبطايانــا‬
‫تمامــا و ينتظــر أن يغفــر‪ ،‬ولكنــه‬ ‫فإنهــا لــن تُغفــر‪ .‬واهلل مســتعد ً‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ٌ َ َ ٌ َ َّ‬
‫ـى َي ْغ ِفـ َ‬ ‫وضــع ً‬
‫ـر‬ ‫رشطــا‪« :‬إ ِ ِن اعتفنــا ِبطايانــا فهــو أ ِمــن وعدِل‪ ،‬حـ‬
‫ْ ُ ِّ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ِّ َ َ‬
‫ـم‪1( ».‬يوحنــا ‪.)9 :1‬‬
‫لــا خطايانــا ويطهرنــا ِمــن ك إِثـ ٍ‬
‫ً‬
‫وبعيــدا‬ ‫جتــاوب عــرة أزواج مــع الرســالة باتلقــدم لألمــام‪،‬‬
‫عــن العواطــف قلــت للمجموعــة لكهــا‪« :‬واآلن إن كنتــم حباجــة‬
‫إىل االعــراف خبطاياكــم فيمكنكــم االعــراف بهــا هلل‪ ،‬ولكــن‬
‫َ َّ‬ ‫َْ ُ ُ ْ ْ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫ت‪،‬‬
‫ــض ِبٱلــزل ِ‬‫تفــوا بعضكــم ِ َلع ٍ‬ ‫الكتــاب املقــدس َ يقــول‪« :‬ا ِع ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ ُْ َ‬ ‫َ َ ُّ َ ْ ُ ُ ْ ْ َ ْ‬
‫ـض‪ ،‬لِــي تشــفوا‪( ».‬يعقــوب ‪ ،)16 :5‬وأنتــم‬ ‫ـل بعـ ٍ‬
‫وصلــوا بعضكــم ِلجـ ِ‬

‫‪144‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫أحـ ً‬
‫ـرارا أن تتقدمــوا لألمــام وتفعلــوا هــذا»‪ ،‬فتقدمــوا لألمــام ملــدة‬
‫ٌ ْ‬
‫ســاعتني واحــد تِلــو اآلخــر لالعــراف خبطاياهــم‪ .‬واكن بعــض منهــم‬
‫قــادة معروفــن للغايــة يف تلــك املنطقــة‪.‬‬

‫رأيــت هــذه االســتجابة كثمــر ألنــاس ينتظــرون اهلل‪ .‬لقد ســمعت‬


‫الكثــر مــن انلبــوات عــن انلهضــة وقــد أكــون أنــا نفــي أعطيــت‬
‫ً‬
‫بعضــا منهــم‪ ،‬ولكننــا لــن حنصــل ىلع نهضــة حــى نســتويف الــروط‪.‬‬
‫فيمكنــك أن تتنبــأ بقــدر مــا تشــاء‪ ،‬ولكــن العائــق احلقيــي للنهضــة‬
‫هــو اخلطيــة الــي لــم يُعــرف بهــا‪ .‬وحــى يتــم اتلعامــل مــع هــذا األمر‪،‬‬
‫ُ‬
‫يمكنــك أن تعلــن عــن االجتمــااعت وتعــظ وترنــم ولكــن انلتائــج‬
‫ســتكون حمبطــة‪.‬‬

‫ربمــا تقــول‪« :‬ال أعتقــد أنــه دلي أيــة خطايــا لالعــراف بهــا»‬
‫ً‬
‫حســنا‪ ،‬هــذا رائــع! ولكــن مــا مــدى قربــك مــن اهلل؟ربمــا بعــد‬
‫ـرا يف االنتظــار يف حمــر اهلل‪ ،‬ســيكون دليــك‬‫أن تقــي وقتًــا قصـ ً‬
‫وجهــة نظــر أخــرى‪ ،‬فأنــا أشــاركك باختبــاري الشــخيص‪ .‬فلــم أكــن‬
‫ً‬ ‫ـدا شـ ً‬ ‫أبـ ً‬
‫ـخصا يمكــن أن يكــون اعيص أو منحرفــا ‪ ،‬فقــد خدمــت‬
‫ً‬
‫الــرب ألكــر مــن مخســن ســنة‪ ،‬وبنعمــة اهلل ســاعدت أعــدادا ال‬
‫حــر هلــا مــن انلــاس‪ .‬ولكــن عندمــا كنــت أنــا و «روث» نقــي‬
‫وقتًــا بمفردنــا مــع اهلل‪ ،‬وبــدون أي خطــة مســبقة أو أجنــدة معــدة ‪،‬‬
‫ّ‬
‫اســتغرق األمــر مــن اهلل ســتة شــهور حــى ينــي حطــام حيــايت‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫وقــد أظهــر يل اهلل أمـ ً‬


‫ـورا فعلتهــا منــذ ثالثــن ســنة‪ ،‬وقــال‪« :‬لــم‬
‫ً‬
‫تعــرف أبــدا بهــا»‪ ،‬وقــد اعرتفــت أنــا و «روث» بلعضنــا ابلعــض‬
‫حــى نســاعد أنفســنا أن نتضــع‪ .‬ولــن يكــون عليــك أن تفعــل‬
‫هــذا ً‬
‫دائمــا ولكــن الكتــاب املقــدس يقــول أن نعــرف بعضنــا‬
‫بلعــض بالــزالت واخلطايــا‪.‬‬

‫قــرأت يف نــرات جــون وســي أنــه يف مــان مــا يف يوركشــر‬


‫باجنلــرا‪ ،‬اكنــت هنــاك ّ‬
‫جتمعــات قويــة مــن أتبــاع حركــة اإلصــاح‬
‫قــد نمــت يف تلــك املنطقــة بســبب الــزام هــؤالء انلــاس باالجتمــاع‬
‫معــا أســبوعيًا لالعــراف بأخطائهــم بلعضهــم ابلعــض‪ .‬هذه ليســت‬ ‫ً‬

‫خطــة حديثــة للبــدء يف كنيســة‪ ،‬أليــس كذلــك؟ ولكــن‪ -‬ىلع لك‬


‫حــال ‪ -‬أثــرت حركــة اإلصــاح ىلع لك بريطانيــا ومعظــم الواليــات‬
‫املتحــدة ملــدة مــا يقــرب مــن قــرن‪ ،‬هلــذا ربمــا يكــون هنــاك شــئ‬
‫يمكــن أن يقــال يف هــذا االجتــاه‪.‬‬
‫ُ‬
‫دعــي أرش إىل أن كثرييــن يريــدون احلصــول ىلع الشــفاء اجلســدي‬
‫ومــع ذلــك فــإن ذلــك ليــس األولويــة األوىل دلي اهلل‪ .‬بعــض انلــاس‬
‫فـــي تلــك االجتمــااعت يف يوركشــر حصلــوا ىلع الشـــفاء فـــي احلــال‬
‫عندمــا نســوا لك شــئ عــن الشــفاء وصممــوا أن يصلحــوا عالقتهــم‬
‫يلع» انظر‬ ‫ً‬
‫عبئـا ّ‬ ‫مع اهلل‪ .‬يقـــول داود‪« :‬خطايــــاي تراكمـت وأصبحـــت‬
‫(مزمــور ‪ .)4 – 1 :51 ،6 – 1 :32‬يرغــب كثــرون منكــم يف احلصــول ىلع‬

‫‪146‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫ُْ َ‬
‫ـى أبـ ً‬
‫ـدا إال إذا تعاملــت مــع مشــلة اخلطيــة‬ ‫الشــفاء‪ ،‬ولكــن لــن تشـ‬
‫يف حياتــك‪.‬‬
‫َّ ِّ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ــر عــن أن‬ ‫خيربنــا (إشــعياء ‪« )1 : 59‬هــا إِن يــد الــرب لــم تق‬
‫ُ َ ِّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫تلــص‪ ،‬ولــم تثقــل أذنــه عــن أن تســمع‪ ».‬اعتدنــا ىلع اإلشــارة بتلــك‬
‫ً‬
‫اللكمــات لليهــود دلرجــة أننــا قــد نســينا أنهــا أحيانــا تنطبــق ىلع األمــم‬
‫ً‬
‫أيضــا‪ .‬فمــا زال اهلل يمتلــك حاســة ســمع جيــدة‪ ،‬وذراعــه قويــة للغايــة‪،‬‬
‫ـم َو َبـ ْ َ‬
‫كـ ْ‬‫َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ ً ََْ ُ‬
‫ـن‬ ‫ومــع ذلــك ختربنــا آيــة ‪« :2‬بــل آثامكــم صــارت ف ِ‬
‫اصلــة بين‬
‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ُ ْ َ َّ‬
‫ـم حــى ال يســمع»‪.‬‬ ‫لهكــم‪ ،‬وخطاياكــم ســرت وجهــه عنكـ‬ ‫إِ ِ‬

‫ال يظهــر اهلل بشــل جــزيئ‪ .‬ومــن الرائــع أن تعــرف أنــه نلــا لك‬
‫احلــق يف ادلخــول إىل اهلل بــدم يســوع ألن دمــه يطهرنــا‪ ،‬ولكــن ادلم‬
‫ََ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ال يُطهــر أوئلــك اذليــن ال يعرتفــون‪َ :‬‬
‫ـور كمــا‬
‫كــن إِن ســلكنا ِف انلـ ِ‬‫«ول ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َُ َُ‬ ‫َََ َ َ ٌ َ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫ــض‪َ ،‬ودم يســوع الم ِســيحِ‬
‫شكــة بع ِضنــا مــع بع ٍ‬
‫ــور‪ ،‬فلنــا ِ‬
‫هــو ِف انل ِ‬
‫ْ ُ ِّ َ َّ‬ ‫ْ ُ َ ِّ َ‬
‫ابنِـ ِه يطه ُرنــا ِمــن ك خ ِطيـ ٍة‪1( ».‬يوحنــا ‪ .)7 :1‬هنــاك ثــاث لكمــات يف‬
‫زمــن املضــارع املســتمر يف تلــك اآليــة؛ فإننــا إن داومنــا ىلع الســلوك‬
‫يف انلــور‪ ،‬فســيكون نلــا رشكــة مســتمرة مــع بعضنــا ابلعــض ودمــه‬
‫ســيطهرنا باســتمرار‪ .‬ولكــن هــذا هل رشوط‪ ،‬فاللكمــة األوىل يف هــذه‬
‫اآليــة يه «إن» «إن ســلكنا يف انلــور»‪.‬‬

‫فلــو لــم نكــن يف رشكــة‪ ،‬فإننــا لســنا يف انلــور‪ ،‬ولــو كنــا خــارج‬
‫الرشكــة فــإن ادلم لــن يُطهرنــا‪ .‬فــادلم ال يُ ّ‬
‫طهــر يف الظلمــة‪ ،‬ولكنــه‬
‫‪147‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫يُ ّ‬
‫طهــر يف انلــور فقــط‪ .‬فــإذا كنــا يف الظلمــة ونريــد أن نتطهــر‪ ،‬فالبــد‬
‫وأن نــأيت للنــور‪ .‬ورأيي الشــخيص هــو أن اهلل لــن يُظهــر ذاتــه بقــوة ىف‬
‫الكنيســة يف أمريــكا‪ ،‬حــى يقــى القــادة يف الكنيســة وقتًــا يف انتظــار‬
‫اهلل‪ ،‬و أنــا أقــول (القــادة )حتديـ ً‬
‫ـدا‪.‬‬

‫أود أن أنــي هــذا الفصــل بقصــة ســمعتها مــن أحــد أصدقــايئ‪،‬‬


‫وهــو خــادم معــروف يــدىع جونــز فاكيــوس مــن اجلمعيــة ادلويلــة‬
‫للمتشــفعني‪ ،‬فقــد كتــب يف نــرة عــن شــئ مــا حــدث يف أســرايلا‪.‬‬
‫األســرايلون شــعب قــاس للغايــة‪ ،‬وأعتقــد أنكــم تتفقــون مــي يف‬
‫ً‬
‫هــذا‪،‬ذلا فحــدوث نهضــة وقفــزة روحيــة يف أســرايلا‪ ،‬ســيكون حدثــا‬
‫ً‬
‫ملحوظــا للغايــة‪ .‬وأنــا أؤمــن أنهــا يف الطريــق‪ ،‬وآمــل أن تشــجعكم‬
‫تلــك القصــة‪:‬‬
‫«منــذ يومــن كنــت اعئـ ً‬
‫ـدا مــن أقــى األرض مــن أســرايلا ومــن‬
‫جتمــع فريــد جـ ً‬
‫ـدا للقــادة الروحيــن‪ ،‬فبعــد هــذا االختبــار لــن أكــون‬
‫كمــا كنــت مــن قبــل أبـ ً‬
‫ـدا (وهــو رجــل ذو خدمــة وخــرة ناضجــة)»‬

‫شــعر‪ -‬نويــل بيــل «مــن جمموعــة املتشــفعني ألســرايلا» وتــوم‬


‫هولــز‪ ،‬قائــــد «شــباب هل رســالة» يف أســــرايلا (أعــرف لكيهمــا)‪-‬‬
‫باحلـاـجــة إىل دعــوة الــراعة والشــيوخ وقــادة اخلدمــات مــن لك أحنــاء‬
‫ُ‬ ‫أســرايلا يلجتمعــوا ً‬
‫معــا يلطلبــوا وجــه الــرب‪ ،‬وقــد أطلــق ىلع هــذا‬
‫املؤتمــر‪« :‬القــادة انلاظريــن إىل يســوع»‪ ،‬واكن اإلطــار الزمــي للمؤتمــر‬
‫‪148‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫ثالثــة أســابيع‪ .‬واكنــت هــذه يف حــد ذاتهــا خطــوة جريئــة‪ ،‬فكيــف‬


‫يمكــن ألي شــخص أن يتخيــل أنــه مــن املمكــن بالنســبة للقــادة‬
‫ّ‬
‫يكرســوا ثالثــة أســابيع اكملــة؟‬ ‫الروحيــن املشــغولني للغايــة أن‬
‫وعندمــا أدركــت أن هنــاك أكــر مــن مائــة شــخص اســتجابوا هلــذه‬
‫ادلعــوة ورأيــت أن معظمهــم الــزم باملــدة اكملــة‪ ،‬اقتنعــت أنهــا البــد‬
‫أن شـ ً‬ ‫ّ‬
‫ـخصا قــد‬ ‫أن تكــون واحــدة مــن عجائــب ادلنيــا الســبع‪ .‬فلــو‬
‫يلع أن أفعــل شــيئًا مثــل هــذا يف أوروبــا أو الواليــات املتحــدة‬
‫اقــرح ّ‬
‫لكنــت ضحكــت ىلع هــذه الفكــرة‪ .‬فــإذا اســتطعنا أن جنمــع القــادة‬
‫ً‬
‫معــا هنــا يلــوم واحــد فالبــد وأن نكــون شــاكرين للغايــة‪ .‬ومــن‬
‫الواضــح إن اهلل البــد وأن يكــون دليــه شــئ خــاص يف ذهنــه فيمــا‬
‫يتعلــق بأســرايلا‪ ،‬ولــن أندهــش إذا خرجــت نهضــة روحيــة قويــة مــن‬
‫وملس ْ‬
‫أســرايلا َ‬
‫ــت جســد املســيح ىلع مســتوى العالــم‪.‬‬

‫مــن املمكــن أن يكــون االنعــزال اذلي يشــعر بــه أصدقاؤنــا‬


‫األســرايلون يف أقــى األرض إىل جانــب إدراك قســاوة وعنــاد قلــب‬
‫األســرايلني‪ ،‬همــا العامــان األساســيان الــذان جعــا أصدقائنــا‬
‫يلقــون بأنفســهم أمــام الــرب‪ .‬ىلع أيــة حــال‪ ،‬ال يهــم إىل أي مــدى‬
‫أرجــع بذاكــريت احليــة فلــم أكــن جـ ً‬
‫ـزءا مــن أي يشء مثــل هــذا مــن‬
‫قبــل خــال ســنوات خدمــي‪ ،‬هلــذا دعــي أشــر لــك ببعــض األشــياء‬
‫غــر العاديــة الــي حدثــت‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫اجللوس عند أقدامه‬


‫ّ‬
‫بهــذه الطريقــة اتضــح اهلــدف مــن اتلجمــع أال وهــو‪ :‬أن جنلــس‬
‫عنــد قدميــه مثــل مريــم ال مثــل مرثــا نلحــاول أن نرضيــه وخندمــه‬
‫مــن خــال مبادرتنــا اخلاصــة‪ ،‬نلدخــل إىل راحتــه‪ -‬الــي يه راحــة مــن‬
‫لك أعمانلــا‪ -‬كمــا اســراح اهلل مــن لك عملــه يف ايلــوم الســابع بعدمــا‬
‫ـت أن هــذا صعــب للغايــة‬ ‫خلــق الســماء واألرض يف ســتة أيــام‪ .‬وقــد ثبـ ُ‬
‫ً‬
‫مجيعــا‪ ،‬فلكمــا حاونلــا أن جنلــس صامتــن يف حمــره‪،‬‬ ‫بالنســبة نلــا‬
‫يبــدو أنــه بعــد مــي مخــس دقائــق ال يســتطيع املــرء أن ينتظــر أكــر‬
‫مــن هــذا ولكــن عليــه أن يكــر حاجــز الصمــت بنبــوة أو ترنيمــة‬
‫ثبــت كــم مــن الصعــب‬ ‫ُ‬
‫أو قــراءة مــن الكتــاب املقــدس‪ .‬لك هــذا ي ِ‬
‫ً‬
‫مجيعــا أن ننتظــر اهلل ونســمح للــروح القــدس أن يأخــذ املبــادرة‬ ‫علينــا‬
‫ـكرا هلل اكن أمامنــا الكثــر مــن الوقــت‪ .‬وببــطء ولكــن‬ ‫ولكــن شـ ً‬
‫بثقــة تعلمنــا أن ننتظــر حــى يبــدأ الــروح يف اهلبــوب برياحــه اللطيفــة‬
‫بيننــا‪ ،‬كــم اكن مــن الصعــب بالنســبة نلــا أن نســتمتع فقــط حبضــور‬
‫اهلل دون أن نمــارس أي نــوع مــن أنــواع األنشــطة‪.‬‬

‫نــرى جمـــده‬
‫ً‬
‫جــدا بالنســبة نلــا‪:‬‬ ‫أصبحــت (كورنثــوس اثلانيــة ‪ )18 :3‬حيــة‬
‫الــر ِّب ب َو ْجــه َم ْك ُشــوف‪ ،‬ك َمــا يف م ْ‬
‫َ‬ ‫ــد َّ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َْ ُ َ ً َ‬
‫ِــرآ ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــن جِيعــا ناظ ِِريــن م‬‫«ون‬
‫َ َّ ِّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ َ َ ْ َ‬
‫ـد‪ ،‬كمــا ِمــن الــرب‬ ‫ـد إِل مـ ٍ‬
‫نتغــر إِل ت ِلــك الصــورة ِ عينِهــا‪ِ ،‬مــن مـ ٍ‬
‫‪150‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫ُّ‬
‫الــر ِ‬
‫وح»‪ ،.‬فعندمــا نــأيت حتــت ســلطان وقيــادة الــروح القــدس فــإن‬
‫تمامــا أن نــأيت لــرى يســوع ً‬
‫وجهــا لوجــه (هــذا بالضبــط‬ ‫هــذا يشــبه ً‬

‫مــا أردت أن أنقلــه لــك يف هــذا الفصــل) فــي ضــوء جمــده وكمــاهل‬
‫يمكننــا أن نقيــس أنفســنا ونقائصنــا ونصــر مكشــوفني أمــام قــوة‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫المغــرة الــي تغرينــا إىل صــورة االبــن احلبيــب‪ .‬كــم‬ ‫روحــه القــدوس‬
‫خيتلــف هــذا األســلوب عــن حماوالتنــا أن ننظــر إىل أنفســنا ونيــأس‬
‫بســبب األمــور الكثــرة الــي تنقــص شــخصيتنا نلكــون مثــل املســيح‪،‬‬
‫ُ‬
‫معــا ليــس كمــا توقعنــا‪ ،‬لــي يَ ّملنــا بمزيد مــن املعرفة‬
‫فقــد داعنــا اهلل ً‬

‫واملعلومــات‪ ،‬ولكــن يلغرينــا نلكــون شــبه ابنــه احلبيــب‪.‬‬

‫الطريقة الرأسية‬
‫ً‬
‫كواحــدا‬ ‫بالنســبة يل فقــد حــدث تغيــر جــذرى يف تفكــري‪.‬‬
‫مــن األشــخاص انلاشــطني يف حركــة الصــاة ألكــر مــن عرشيــن‬
‫ً‬
‫اعمــا‪ ،‬فقــد ّ‬
‫نميــت يف داخــي طريقــة تلميــز املشــكالت واألماكــن‬
‫بمســاعدة املعلومــات املتاحــة وباســتخدام ذهــي يف عمليــة اتلحليــل‪.‬‬
‫وبانلظــر إىل يســوع واالنتظــار حــى أُصبــح ً‬
‫وجهــا لوجــه معــه‪،‬‬
‫اكتشــفت أن أي تميــز حقيــي ألي موقــف ال يــأيت إال عندمــا ننظــر‬
‫ايلــه مــن خــال وجهــه‪ .‬فــإذا كنــا نريــد صـ ً‬
‫ـورا حقيقيــة عــن أنفســنا‪،‬‬
‫فيجــب أن نــرى أنفســنا بنفــس الطريقــة الــي يرانــا بهــا‪ .‬وإن أردنــا أن‬
‫نعــرف أيــن تقــف الكنيســة ومــا هــو القائــم الوضــع يف أمتنــا‪ ،‬فيمكننــا‬

‫‪151‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫أن ننظــر إىل املســتوى األفــي ونقيســه مــن خــال املظاهــر اخلارجيــة‬
‫ولكــن ســينتيه بنــا األمــر بالوصــول إىل صــورة خاطئــة وغــر حقيقية‪.‬‬
‫لكــن فقــط عندمــا نــرى وجــه الــرب ونصــل إلدراك حلمــه لكنيســته‬
‫واعملــه‪ ،‬ســيمكننا أن نســتخدم صلواتنــا أو خدماتنــا بطريقــة فعالــة‪.‬‬

‫الوقوع ىف حب يسوع‬

‫عندمــا يعطــي انلــاس أنفســهم لطلــب الــرب ىلع مــدار ثالثــة‬


‫أســابيع‪ ،‬فســيتوقع املــرء أن ســينتيه بهــم األمــر وقــد اجنذبــوا إىل‬
‫ً‬
‫عالقــة محيمــة معــه‪ .‬وهــذا مــا حــدث فعــا‪ ،‬فاالكتشــاف العــام يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هــذا الوقــت اكن إدراك عميقــا ملــدى ابتعادنــا عــن حمبتنــا األوىل وعــن‬
‫ابتعادنــا عــن وضــع املســيح كمركــز حلياتنــا وهــو األمــر اذلي اعتدنا أن‬
‫حنيــاه حــى وحنــن خــدام هل‪ .‬وباتلــايل فــإن ادلعــوة اكنــت أن ندخــل إىل‬
‫غرفــة العريــس وأن نقــع يف حــب عريســنا الســماوي‪ ،‬حــى نرجــع إىل‬
‫ـزا وحمـ ً‬
‫ـورا لــل مــا نفعــل‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫حمبتنــا األوىل وجنعــل يســوع مركـ ً‬
‫حــدث‪ .‬فبينمــا واصــل يســوع الكشــف عــن حمبتــه العظيمــة والقويــة‬
‫ً‬
‫حنونــا‪ ،‬خضعنــا أكــر فأكــر هل وإزداد الشــعور بالفــرح والســعادة قــوة‬
‫ً‬
‫ووضوحــا‪ .‬ويف انلهايــة قضينــا لك اجللســات نتمتــع بمحبتــه‪ ،‬وفقدنــا أي‬
‫طمــوح ىف أن نكــون ّ‬
‫فعالــن ولــم نرغــب إال ىف أن نكــون معــه أكــر‬
‫وأكــر‪ .‬وأصبــح ســفر نشــيد األنشــاد‪ -‬بــكل صــوره الغنيــة الكثــرة‬
‫عــن نمــو عالقــة املحبــة بــن العريــس والعــروس‪ -‬بمثابــة ُ‬
‫المرشــد نلــا‬

‫‪152‬‬
‫تعلم مساع صوت اهلل‬

‫طــوال الطريــق‪ .‬وأعلــم أين اســتخدم لكمــات كبــرة عندمــا أقــول أنــه‬
‫ال شــئ يف حيــايت حــى اآلن يمكــن أن يُقــارن بهــذه األســابيع‪ .‬ولكــي‬
‫مقتنــع أنــه ال يهــم مــدى ضخامــة هــذه املقولــة‪ ،‬ولكنهــا احلقيقــة‪.‬‬
‫وفيمــا أكتــب هــذه النــرة دلي رغبــة قويــة يف قلــي لــي يُسـ َ‬
‫ـمح يل‬
‫ـرا إىل يســوع‪ .‬وهــذا ً‬
‫باالســتمرار يف هــذا االجتــاه‪ ،‬ناظـ ً‬
‫أيضــا مــا أرغبــه‬
‫لــل شــعب اهلل‪ ،‬أن ينعمــوا بالفــرح العظيــم كونهــم جـ ً‬
‫ـزءا مــن هــذا‬
‫اتلجمــع العظيــم يف القريــب العاجــل‪.‬‬

‫لقــد أدرجــت تلــك القصــة ألين أريــد أن انتقــل مــن اعلــم‬


‫انلظريــات إىل اعلــم االختبــارات العمليــة‪ ،‬وهــذا مثــال عمــا حيــدث‬
‫عندمــا يقــي انلــاس وقتًــا النتظــار اهلل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حاجــزا بينــك وبــن اهلل‪ ،‬وأن هنــاك‬ ‫إذا كنــت تشــعر أن هنــاك‬
‫أمـ ً‬
‫ـورا تقــف بــن الــرب وبينــك يف حياتــك وأنــك ال تســمع مــن اهلل‬
‫بالطريقــة الــي تريدهــا‪ ،‬فقــد حــان الوقــت لــي تــأيت هل وتنتظــره‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫ويمكنــك أن تعــرف بتلــك األشــياء وتتحــرر منهــا وتنــي عالقتــك‬
‫معــه‪.‬‬

‫ســأختم حديــي بــإاعدة اتلأكيــد ىلع هــذه احلقيقــة‪ :‬إن الطريقــة‬


‫الــي حتيــا بهــا اكبــن حقيــي هلل يه أن تنقــاد باســتمرار بالــروح‬
‫ََ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫ـم ُع َصــ ْ‬
‫ـو ِت‪َ ،‬وأنــا‬ ‫القــدس‪ .‬وهــذا بالضبــط مــا قــاهل يســوع‪ِ « :‬‬
‫خــر ِاف تســ‬
‫َ ْ َُ َََُْ‬
‫ـي» (يوحنــا ‪ ،)27 :10‬حيــاة الــروح تعــي أن تســمع وأن‬ ‫أع ِرفهــا فتتب ِ‬
‫ـ‬ ‫ـ‬‫ع‬
‫‪153‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫تتبــع الــرب بانتظــام‪ .‬فــي ليســت حيــاة فيهــا ارتفــاع واخنفــاض‬


‫وتذبــذب ولكنهــا عالقــة مســتمرة ومنتظمــة مــع أبينــا الســماوي مــن‬
‫خــال ابنــه يســوع املســيح بالــروح القــدس‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫نبذة عن حياة الكاتب‬

‫ُودل ديريــك برنــس يف اهلنــد ألبويــن بريطانيَّــن‪ .‬لقــد درس‬


‫ايلونانيــة والالتينيــة يف إثنــن مــن أشــهر املعاهــد اتلعليميــة‪ ،‬جامعــة‬
‫إيتــون وجامعــة كمربيــدج‪ .‬مــن ‪ 1940‬إىل ‪ 1949‬حصــل ىلع الزمالــة يف‬
‫جامعــة امللــك بكمربيــدج وختصــص يف الفلســفة القديمــة واحلديثــة‪.‬‬
‫لقــد درس العربيــة واآلراميــة أيضــا يف لك مــن جامعــة كمربيــدج‬
‫واجلامعــة العربيــة يف القــدس‪ .‬وباإلضافــة إىل ذلــك يتحــدث ديريــك‬
‫ً‬
‫عــددا مــن اللغــات املعــارصة‪.‬‬

‫يف أوائــل ســنني احلــرب العامليــة اثلانيــة‪ ،‬بينمــا اكن خيــدم مــع‬
‫اجليــش الربيطــاين كمــرف مستشــى‪ ،‬إختــر ديريــك برنــس لقــاء‬
‫مغــر للحيــاة مــع يســوع املســيح‪.‬‬

‫عن هذا اللقاء كتب ديريك برنس‪:‬‬

‫مــن هــذا اللقــاء خرجــت بنتيجتــن لــم أقابــل مــا جيعلــي أتغــر‬
‫مــن جهتهمــا‪.‬‬

‫األوىل ىه أن يسوع املسيح َّ‬


‫يح‪.‬‬

‫واثلانية ىه أن الكتاب املقدس صادق‪ ،‬عميل وعرصي‪.‬‬


‫‪155‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫هاتان انلتيجتان غريتا مسار حيايت جذريا وبال رجعة‪.‬‬

‫يف نهايــة احلــرب العامليــة اثلانيــة‪ ،‬ظــل ديريــك برنــس ‪ -‬حيــث‬


‫أرســله اجليــش الربيطــاين ‪ -‬يف القــدس‪ .‬يف زواجــه مــن زوجتــه األوىل‬
‫يلديــا‪ ،‬أصبــح أبًــا باتلبــي ثلمــاين فتيــات كــن يف بيــت يلديــا‬
‫لألطفــال‪ .‬شــهدت العائلــة ً‬
‫معــا إاعدة قيــام دولــة إرسائيــل يف ‪.1948‬‬
‫وبينمــا اكن ديريــك ويلديــا يف كينيــا يعمــان كمعلمــن‪ ،‬تبنيــا إبنتهمــا‬
‫اتلاســعة – طفلــة أفريقيــة‪ .‬توفيــت يلديــا يف اعم ‪ ،1975‬ويف اعم ‪1978‬‬
‫تــزوج ديريــك روث بيكــر‪ .‬ملــدة ‪ 20‬ســنة ســافرا ً‬
‫معــا يف لك أحنــاء العالم‬
‫يعلمــان احلــق الكتــايب املعلــن ويشــاراكن الرؤيــة انلبويــة يف أحــداث‬
‫العالــم يف ضــوء الكتــاب املقــدس‪ .‬توفيــت روث يف ديســمرب ‪.1998‬‬

‫إجتــاه ديريــك املتجــرد مــن الطائفيــة واتلحــز فتــح أبوابًــا لســماع‬


‫تعايلمــه عنــد أنــاس مــن خلفيــات عرقيــة ودينيــة خمتلفــة‪ ،‬وهــو‬
‫معــروف دويلًــا كأحــد قــادة تفســر الكتــاب املعارصيــن‪ .‬يصــل‬
‫برناجمــه اإلذايع ايلــويم‪ ،‬مفاتيــح احليــاة انلاجحــة إىل نصــف العالــم يف‬
‫‪ 13‬لغــة تتضمــن الصينيــة والروســية والعربيــة واألســبانية‪.‬‬
‫ُ‬
‫بعــض الكتــب اخلمســن الــي كتبهــا ديريــك برنــس قــد ترمجــت‬
‫إىل ‪ 60‬لغــة خمتلفــة‪ .‬منــذ ‪ 1989‬يوجــد تركــز ىلع رشق أوربــا ودول‬
‫ً‬
‫اإلحتــاد املســتقلة (الكومنولــث واملعروفــة باإلحتــاد الســوفييت ســابقا)‬
‫ويوجــد أكــر مــن مليــون نســخة متداولــة بلغــات هــذه ادلول‪ .‬مدرســة‬
‫‪156‬‬
‫نبذة عن حياة الكاتب‬

‫ً‬
‫أساســا‬ ‫الكتــاب املقــدس املســجلة ىلع الفيديــو دليريــك برنــس تشــل‬
‫لعــرات مــن مــدارس الكتــاب اجلديــدة يف هــذا اجلــزء مــن العالــم‬
‫ً‬
‫خمدومــا مــن قبــل‪.‬‬ ‫اذلي لــم يكــن‬

‫مــن خــال الربنامــج الكــرازي العالــي‪ ،‬وزعــت خدمــة ديريــك‬


‫برنــس مئــات األلــوف مــن الكتــب وأرشطــة الاكســيت للــراعة والقــادة‬
‫يف أكــر مــن ‪ 120‬دولــة ‪ ­-‬لذليــن لــم يكــن دليهــم وســيلة للحصــول ىلع‬
‫مــادة تعليميــة للكتــاب أو لــم يكــن دليهــم املقــدرة املاديــة لرشائهــا‪.‬‬

‫يوجــد املركــز الرئيــي ادلويل خلدمــة ديريــك برنــس يف شــارلوت‬


‫بواليــة شــمال اكرويلنــا‪ ،‬ويوجــد فــروع للخدمــة يف أســرايلا وكنــدا‬
‫وفرنســا وأملانيــا وهونلــدا ونيوزيالنــدا وســنغافورة وجنــوب أفريقيــا‬
‫واململكــة املتحــدة ويوجــد موزعــون يف دول كثــرة أخــرى‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫تلبسون قوة‬

‫‪158‬‬
‫اﺻﺪارات أﺧﺮى ﻟﺪﯾﺮﯾﻚ ﺑﺮﻧﺲ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‬

‫ﻛﺘيبﺎت‪:‬‬ ‫ﻛﺘﺐ‪:‬‬
‫‪ ‬اﻟﻤبﺎدﻟﺔ اﻹﻟﻬ�ﺔ اﻟﻌﻈ�‪.‬‬ ‫‪ ‬اﺳﺲ اﻹ�ﻤﺎن‪.‬‬
‫ين‬
‫اﻟﺸ�ﺎﻃن‪.‬‬ ‫‪� ‬ﺨﺮﺟﻮن‬
‫‪ ‬اﻷﺑﻮة‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟ�ﻔﺎرة‪.‬‬
‫اﻹﻟ�‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬اﻟﺪواء‬
‫‪ ‬اﻹ�ﻤﺎن اﻟﺬي بﻪ ﻧﺤ�ﺎ‪.‬‬
‫‪�� ‬كﺎء ﻣﺪى اﻟﺤ�ﺎة‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻟﺤﺮب ن ي� اﻟﺴﻤﺎو�ﺎت‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ اﻟﺮوﺣ�ﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺗﻠبﺴﻮن ﻗﻮة‪.‬‬
‫‪ ‬أزواج وآبﺎء‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻓﻴﻨﺎ‪.‬‬ ‫ن‬
‫ﻣﺤ� �‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻟﺪﺧﻮل ا�‬
‫‪ ‬اﻟﺮﻓﺾ‪.‬‬ ‫‪� ‬ﺸﻜ�ﻞ اﻟﺘﺎر� ــﺦ‪.‬‬
‫‪� ‬‬
‫وﻣى ﺻﻤﺘﻢ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﻋﻬﺪ اﻟﺰواج‪.‬‬
‫اﻷﺧ�ة‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷ�ﺎم‬
‫‪ ‬ﻓﻜﺮ � ﻣﻦ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺎل‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﺸﻜﺮ اﻟتﺴبﻴﺢ اﻟﻌبﺎدة‪.‬‬
‫‪ ‬ﻫﻞ �ﺤﺘﺎج ﻟﺴﺎﻧﻚ ا� ﺷﻔﺎء؟‬ ‫‪ ‬اﻟﻌﺒﻮر ﻣﻦ اﻟﻠﻌﻨﺔ ا� �اﻟ�ﻛﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﺨﻼص اﻟ�ﺎﻣﻞ‪.‬‬ ‫‪ ‬أ�ار اﻟﻤﺤﺎرب ن ي� اﻟﺼﻼة‪.‬‬
‫‪ ‬دراﺳﺎت ﺷﺨﺼ�ﺔ ن ي� اﻟ�ﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪس‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﻤﺤبﺔ اﻟﻤ�ﻓﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻐ�ة ﻟﻠﺤ�ﺎة‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﻘﻮة اﻟﺮوﺣ�ﺔ ي‬
‫‪ ‬اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﻣﺎ ﺟﻤﻌﻪ �‪.‬‬
‫‪ ‬ﻣﺸيﺌﺔ � ﻟﺤ�ﺎﺗﻚ‪.‬‬ ‫اﻟ�ﻛﺔ أو اﻟﻠﻌﻨﺔ ‪ :‬أﻧﺖ ﺗﺨﺘﺎر!‬
‫‪� ‬‬

‫‪159‬‬
‫‪www.dpmarabic.com‬‬
‫موقع خدمة ديريك برنس‬
‫باللغة العربية‬

‫إذا ملسك الرب من خالل هذا الكتاب شاركنا باختبارك على‪:‬‬


‫‪info@dpm.name‬‬

‫‪+447477151750‬‬

‫‪160‬‬

You might also like