You are on page 1of 66

‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫السداسي ‪ :‬األول‬

‫وحدة التعليم ‪ :‬األساسية‬

‫املادة ‪ :‬اتريخ الوقائع االقتصادية‬

‫الرصيد ‪4:‬‬

‫املعامل ‪2 :‬‬

‫حماضرات يف‬

‫اتريخ الوقائع االقتصادية‬


‫من إعداد الدكتورة ‪ :‬لونيسي لطيفة‬

‫موجهة اىل ‪:‬‬

‫طلبة كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيري‬

‫‪0‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫املقدمة‬

‫بدأ تشكل احلياة االقتصادية لإلنسان مع وجوده على هذه األرض ‪ ،‬و قد بدأت هذه احلياة مع وجود الشعور الفطري و هو‬

‫احلاجة للبقاء على قيد احلياة ‪ ،‬والسعي إلشباع هذه احلاجة عن طريق البحث عن قوت يومه ‪ ،‬لذلك فان اول األنشطة اليت‬

‫مارسها االنسان هي الصيد ‪ ،‬و بقي متنقال من مكان اىل اخر حبثا عن الطعام من اجل البقاء على قيد احلياة ‪ ،‬ومع مرور الزمن‬

‫تولدت حاجات جديدة لدى االنسان وهي االستقرار يف مكان معني للعيش و ذلك ما يدفعه للقيام بنشاط جديد وهو الزراعة ترييه‬

‫املواشي مما دفعه اىل استغالل أخيه االنسان من اجل زراعة األرض و تربية املواشي ضمن نظام يسمى الرق او العبيد ‪ ،‬و مبا ان‬

‫حاجاته تتطور و تزداد فانه يسعى للحصول على مستلزمات جديدة تزيد من راحته و رفاهيته فتطورت لديه نشاطات اخرى كادخار‬

‫جزء من منتوجه الزراعي و احليواين الستهالكه يف أوقات أخرى او مقايضته مبنتوجات او سلع أخرى حيتاجها يف عمله او لزايدة‬

‫رفاهيته ‪ ،‬و مع تطور الزمن اصبح االنسان يعيش ضمن جتمعات سكانية اكرب و اكرب لتظهر بذلك أنشطة أخرى كالتجارة و احلرف‬

‫متشكلة ضمن بيئة تسمى املدن اين يزداد فيها الطلب على املنتوجات الزراعية و احلرفية مما نشط من عمل التجار اكثر فاكثر‬

‫ليشكلوا بذلك طبقة مستقلة متاما عن طبقة املالك و الفالحني و العبيد مشكلني رؤوس األموال ‪ ،‬ومع مرور الزمن اصبح النشاط‬

‫االقتصادي يتحول اىل نظام له قواعده القانونية اليت حتدد ملكية عوامل اإلنتاج و القوى املنتجة ضمن مساحة جغرافية معينة ‪ ،‬وما‬

‫ان يتم ظهور هذه األنظمة و تطورها حىت تسقط يف أزمات حادة تؤثر يف مجيع اقتصادايت الدول و هذه االزمات متواصلة اىل غاية‬

‫اليوم ‪.‬‬

‫من خالل هذه احملاضرات املوجهة لطلبة العلوم االقتصادية و العلوم التجارية نوضح اتريخ كل واقعة من الوقائع االقتصادية اليت مر‬

‫هبا االنسان و نوضح نقاط التحول بني مرحلة و أخرى ‪.‬‬

‫اعتمدان على الربانمج الوزاري لتوضيح ذلك حيث نقوم بعرض احملاضرات ضمن ثالثة عشرة حماضرة كما يلي ‪:‬‬

‫احملاضرة التمهيدية‪ :‬نعرض فيه مفهوم الوقائع االقتصادية و أمهية دراسة اتريخ الوقائع االقتصادية‬

‫احملاضرة األوىل ‪ :‬نعرض فرتة ما قبل التاريخ و اليت تسمى بفرتة املشاعة البدائية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثانية ‪ :‬نعرض فرتة التاريخ القدمي موضحني اهم ثالث حضارات بشرية يف اتلك الفرتة ( حضارة ما بني النهرين ‪ ،‬احلضارة‬

‫اليواننية واحلضارة الرومانية )‬

‫احملاضرة الثالثة ‪ :‬الوقائع االقتصادية يف فرتة احلضارة اإلسالمية من ظهور اإلسالم مرورا ابلعهد الراشدي اىل العهد االموي مث‬

‫العباسي و أخريا اهنيار احلضارة اإلسالمية ‪.‬‬

‫احملاضرة الرابعة ‪ :‬النظام اإلقطاعي و التحوالت األخرى اليت طرأت يف قلب هذا النظام ‪.‬‬

‫احملاضرة اخلامسة ‪ :‬النظام الرأمسايل ‪.‬‬

‫احملاضرة السادسة ‪ :‬الثورة الصناعية‬

‫احملاضرة السابعة ‪ :‬املشكلة األملانية و معاهدات السالم‬

‫احملاضرة الثامنة ‪ :‬االزمة االقتصادية العاملية ( ازمة الكساد العظيم ‪)1929‬‬

‫احملاضرة التاسعة ‪ :‬النظام االقتصادي االشرتاكي‬

‫احملاضرة العاشرة ‪ :‬نظام برينت وودز‬

‫احملاضرة احلادي عشر ‪ :‬بروز االقتصادايت األسيوية‬

‫احملاضرة الثانية عشر ‪ :‬العوملة االقتصادية‬

‫احملاضرة الثالثة عشر ‪ :‬االزمة املالية العاملية ‪2008‬‬

‫‪2‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة التمهيدية ‪ :‬مفهوم الوقائع االقتصادية و أمهيتها‬

‫قبل اخلوض يف مفهوم الوقائع االقتصادية و أمهيتها جيب التطرق اىل جمموعة من املصطلحات األساسية و ادراك حمتواها العلمي ‪،‬‬

‫و توضيح أمهية دراسة اتريخ الوقائع االقتصادية ‪ ،‬وماهي العالقة بني اتريخ الوقائع االقتصادية و اتريخ الفكر االقتصادي‪.‬‬

‫املصطلحات األساسية‬

‫• التاريخ ‪ :‬هو عرض و سرد ألحداث املاضي ‪ ،‬و الوقائع املرتبطة بتطور اإلنسانية (جمتمعات بشرية نشاط انساين )‬
‫‪.‬‬
‫• الوقائع ‪ :‬هي األحوال و األحداث‬
‫‪.‬‬
‫• إقتصد ‪ :‬هو تفادي مجيع املصاريف الغري انفعة‬
‫‪.‬‬
‫• إقتصاد‪ :‬علم له هدف معرفه الظواهر املتعلقة إبنتاج ‪ ،‬توزيع و استهالك املوارد و السلع املادية للمجتمع اإلنساين‬

‫• النظام االقتصادي‪ :‬هي القواعد اليت حتدد و تنظم البيئة االقتصادية ‪ ،‬هتتم هذه القواعد ابلتأثريات املوجودة على طبيعة ملكية‬

‫عوامل اإلنتاج و ‪ ،‬سلوك املستهلكني ‪ ،‬ومع تطور الزمن حتولت هذه القواعد اىل قواعد قانونية ذات خلفيات سياسية ‪،‬‬

‫ونالحظ ذلك من خالل تطور مفهوم الدولة عرب العصور حمددة حسب النظام االقتصادي اليت تتبناه دولة معينة عالقات اإلنتاج‬

‫و قوى اإلنتاج حسب ما هو متاح من موارد بشرية و مادية و مالية و طبيعية ‪.‬‬

‫• الفكر االقتصادي ‪ :‬هو الفكر اإلنساين يف جمال احلياة االقتصادية ‪ ،‬وهو الفكر الذي يتوىل القوانني اليت حتكم املظاهر‬

‫االقتصادية و يستنبط النظرايت و يكشف القوانني االقتصادية اليت تفسر و حتكم هذه الظاهرة ‪ ،‬و كذلك يضع السياسات من‬

‫أجل تطبيقها يف دراسة التطور الذي يصيب الفكر اإلنساين يف جمال احلياة االقتصادية ‪ ،‬وتغطي دراسة الفكر االقتصادي ثالث‬

‫جوانب أساسية وهي النظرايت االقتصادية ‪ ،‬السياسات االقتصادية ‪ ،‬املذاهب او النظم االقتصادية‪. .‬‬

‫التاريخ االقتصادي ‪ :‬إن الواقع االقتصادي الذي نعيش فيه و ما يرتبط به من ظروف اإلنتاج ( من موارد متاحة و درجة معينه من‬

‫املعرفة الفنية ) و من عالقات اإلنتاج و التوزيع و ما يتصل هبما من روابط قانونية و نظم و مؤسسات ‪ ،‬ال يظل اثبتا ‪ ،‬بل انه يف تغيري‬

‫مستمر ‪ ،‬و قد يواكب التغري هنا نوع من التطور ‪ ،‬و ابلتايل فان حركة التغيري يف هذه احلالة تصبح نوعا من التقدم الذي يستفيد منه‬

‫اجملتمع و ذلك حبسب مدى التغيري و التطور املتالزمني يف احلدوث ‪ ،‬و بذلك فان دراسة هذا التاريخ يساعد على فهم احلقائق و‬

‫الوقائع القتصادية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫ما جيب ادراكه ان التاريخ االقتصادي خيتلف من دولة اىل أخرى ‪ ،‬ومع ذلك فان التمييز و التفرد يف التاريخ االقتصادي لكل دولة ال‬

‫حيول دون سيطرة اجتاهات عامه للتطور االقتصادي بصفه عامة ‪ ،‬ابلنظر اىل ان االتصال بني الدول و الشعوب مل ينقطع يف أي وقت‬

‫من األوقات لذلك فان سيطرة او سيادة ظروف اقتصادية معينه يف فرتة حمددة ‪ ،‬ال بد ان تؤثر يف األوضاع احمليطة سواءا عن طريق‬

‫احلروب او بواسطه التجارة اخلارجية ‪ ،‬او حىت جمرد اتصاالت خارجية ‪.‬‬

‫ميكن ان ندرس اجتاهات التاريخ االقتصادي العام لتطور الواقع االقتصادي يف العامل عرب النظم االقتصادية اليت عرفها االنسان ‪،‬و اليت‬

‫تطورت تطورا كبريا خالل مراحل التاريخ املختلفة للمجتمعات ‪ ،‬و حسب تقسيم املدرسة املاركسية الذي يستند اىل حالة قوى‬

‫اإلنتاج و عالقات اإلنتاج يف التمييز بني مخسة أنظم اقتصاديه اجتماعية متتابعة وهي‪ :‬نظام اجلماعة البدائية ‪ ،‬نظام الرق ‪ ،‬النظام‬
‫‪.‬‬
‫االقطاعي ‪ ،‬النظام الرأمسايل و النظام االشرتاكي‬

‫و هو بذلك يرصد حركة التغيري اليت متر هبا اجملتمعات املختلفة من خالل مسريهتا يف التقدم اإلقتصادي ‪ ،‬اذ انه كلما ظهرت عالقات‬
‫انتاج جديده و مت نضجها يف اطار نظام قدمي حيث يبلغ النمو االقتصادي حده النهائي يف ظرف زمين معني أوجب عليه مزامحة‬
‫النظام القدمي و يرجع ذلك للظروف السياسية و االجتماعية القائمة ‪ ،‬توجه الطبقة احلاكمة إضافة اىل تقسيم املدرسة املاركسية جند‬
‫تقسيمات أخرى للنظم االقتصادية منها‪:‬‬

‫تقسيم فرنسوا بريو ‪ :‬على أساس نظام مغلق ‪ ،‬نظام طوائف ‪ ،‬نظام رأمسايل و نظام مجاعي ‪.‬‬

‫تقسيم كولني كالرك ‪ :‬على أساس التطور االقتصادي اىل عهود ثالثة وهي ‪ :‬عهد اإلنتاج البدائي ( الصيد القنص رعي املواشي و‬
‫الزراعة ) ‪ ،‬عهد اإلنتاج احلريف و الصناعي ‪ ،‬عهد اخلدمات ( التجارة و مجيع أنواع اخلدمات ) ‪.‬‬

‫تقسيم هبلد يراند ‪ :‬قسم التاريخ االقتصادي من حيث التداول اىل‪ :‬عصر املقايضة‪ ،‬عصر التداول النقدي و عصر التداول االئتماين‬

‫تقسيم بوشر ‪ :‬قسم التاريخ االقتصادي اىل‪ :‬االقتصاد العائلي املغلق‪ ،‬االقتصاد احلريف و املهين ( على نطاق املدينة ) و االقتصاد‬
‫القومي ‪.‬‬

‫اتريخ الوقائع االقتصادية‬

‫• مفهوم اتريخ الوقائع االقتصادية ‪ :‬يتناول دراسة الوقائع االقتصادية اليت حدثت يف اتريخ اجملتمعات البشرية منذ نشوء االنسان‬

‫‪ ،‬فهو عرض و حتليل احلوادث التارخيية هبدف استخالص املضامني االقتصادية اليت تنطوي عليها و االنعكاسات الناجتة عنها‬

‫ابإلضافة اىل حتديد أسباهبا و ااثرها ‪ ،‬و الوقائع االقتصادية قد تكون إجيابية ختدم اجملتمع كالثورة الصناعية و االكتشافات‬

‫‪4‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫اجلغرافية ‪..‬اخل ‪ ،‬وقد تكون سلبية تثري له العديد من املشكالت كاحلروب و االزمات االقتصادية ‪ .‬و بذلك فان التاريخ‬

‫االقتصادي حيدد االطار العام للمشكالت االقتصادية ‪.‬‬

‫• أمهية دراسة اتريخ الوقائع االقتصادية‬

‫_ ضرورة التعرف على الوقائع املتعلقة بوفرة املوارد و حتديد احلاجات و اختيار ما ينتج إلشباعها من سلع و خدمات متمثلة يف ‪:‬‬

‫الكمية املنتجة ‪ ،‬الطريقة الفنية املستعملة إلنتاجها ‪ ،‬املكان الذي ميكن ان يتم انتاجها فيه ‪ ،‬ما هي املوارد اليت ميكن ان تستخدم‪ ،‬و‬

‫يف ظل أي منط للعالقات بني القوى املنتجة‪.‬‬

‫_ تتبع حركة املتغريات اليت متر هبا اجملتمعات اإلنسانية‪ ،‬من عالقات اإلنتاج اليت سادت فيها و مستوى تقسيم العمل و دور املنظم يف‬

‫تسيري املشاريع االنتاجية‪.‬‬

‫_ تنمية القدرة على البحث و البحث العلمي و التحليل من خالل معرفة األساليب و الطرق العلمية اليت يسلكها الباحثون‬

‫االقتصاديون عند دراسة املشاكل املطروحة ‪.‬‬

‫_ معرفة التاريخ متكننا من معرفة األفكار و الطرق اليت تستعمل يف تفادي املشاكل و حلها يف حالة حدوثها ‪ ،‬و تطوير األدوات و‬

‫األساليب املستخدمة يف ذلك ‪ _.‬استيعاب النظرايت املعاصرة الن النظرية االقتصادية كسائر النظرايت العلمية االخرى تساهم يف‬

‫تفسري حقائق معينة وتقدم احللول للمشاكل القائمة ‪.‬‬

‫• عالقة التاريخ االقتصادي ابلفكر االقتصادي ‪ :‬هناك عالقة وثيقة بني الفكر االقتصادي و التاريخ االقتصادي من حيث‬

‫التأثري املتبادل حيث االعتماد الكبري على الفكر االقتصادي يف تفسري الوقائع االقتصادية و اكتشاف القوانني ‪ ،‬يتوىل الفكر‬

‫االقتصادي تفسري الوقائع و أتصيل أسباهبا واستنباط احللول املالئمة للمشكالت االقتصادية ‪ ،‬يساهم يف استنباط النظرايت‬

‫واكتشاف القوانني ووضع السياسات اليت ختدم اجملتمع يف إجياد احللول ملشكالته و حتقيق االستفادة القصوى من املوارد‬

‫االقتصادية و الطبيعية و املالية و البشرية ‪.‬‬

‫لذلك فان مظاهر االرتباط بني التاريخ االقتصادي حيدد االطار العام للمشكالت االقتصادية بينما يتوىل الفكر االقتصادي إجياد‬

‫احللول هلا و السياسات املالئمة للتطبيق ‪ ،‬هلذا فان الفكر االقتصادي و التاريخ االقتصادي يكمل كل منهما االخر‬
‫‪5‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة األوىل ‪ :‬الوقائع االقتصادية يف فرتة ما قبل التاريخ‬

‫فرتة ما قبل التاريخ هي الفرتة اليت سبقت اكتشاف الكتابة السومرية و قد امتدت ما يقارب ‪ 19‬الف سنة ‪ ،‬ومتثل فرتة ما قبل التاريخ‬

‫فرتة مهمة جيب التطرق اليها يف دراسة اتريخ الوقائع االقتصادية و ميكن التعبري عنها ابهنا فرتة متهيدية للحياة االقتصادية لإلنسان ‪،‬‬

‫وقد كان يشيع يف هذه الفرتة التعاون و املساواة و العمل املشرتك يف حتصيل الغذاء‪ ،‬و قد اطلق عليها ابملشاعة البدائية او النظام‬

‫البدائي وقد استمرت هذه الفرتة اىل غاية ظهور احلضارات اإلنسانية اليت اعتمدت بشكل أساسي على العبيد ‪.‬‬

‫احلياة االقتصادية يف فرتة ما قبل التاريخ (ما يعرف ابلنظام البدائي)‪:‬‬

‫و يطلق عليه أيضا عصر املشاعية البدائية او عصر ما قبل التاريخ ‪ ،‬متيزت هذه الفرتة مبا يلي ‪:‬‬

‫_ سيطرة الطبيعة ‪ :‬بدأ االنسان البدائي صراعه مع القوى الطبيعية ( براكني ‪ ،‬زالزل‪ ،‬فيضاانت‪ ،‬جفاف ‪...‬اخل) كما كان له صراع مع‬

‫احليواانت املتوحشة ‪.‬‬

‫_ االكتفاء الذايت ‪ :‬سعى االنسان البدائي يف نشاطه االقتصادي اىل حتقيق االكتفاء الذايت من احتياجاته اليومية اي ما يلزمه فقط‬

‫من مأكل و مشرب و ملبس ‪ ،‬فلم يتعدى تفكريه او نشاطه اىل (االدخار ) ‪.‬‬

‫_ عالقات اإلنتاج ‪ :‬اتسمت عالقات اإلنتاج هلذه املرحلة ابمللكية الفردية للوسائل املستخدمة يف املرحلة الوحشية ( كالرمح ‪ ،‬القوس‬

‫و السهام )‪ ،‬لتتطور بعد ذلك اىل امللكية اجلماعية يف املرحلة الرببرية تشمل اراضي الزراعة و الرعي و بعض أدوات اإلنتاج نتيجة‬

‫لضعف االنسان يف مواجهته للطبيعة مع استخدامه ألدوات بدائية مع ضعف انتاجيه األرض ‪ ،‬مع العلم ان االنتاج خالل هذه الفرتة‬
‫‪.‬‬
‫كان يوجه لالستهالك لسد احلاجات اليومية لإلنسان‬

‫_ قوى االنتاج ‪ :‬هي الوسائل يستخدمها االنسان البدائي يف انشطته للبقاء على قيد احلياة و لتحقيق اكتفائه الذايت و تشمل مجيع‬

‫األدوات املستخدمة يف املرحلة الوحشية إضافة اىل األراضي الرعوية و الزراعية و احليواانت و األدوات املستخدمة يف عملية احلرث و‬

‫الزراعة و جين احملصول ‪.‬‬

‫_ بساطة األنشطة ‪ :‬سعى االنسان البدائي للبقاء فاعتمد على مجع و التقاط الثمار و النبااتت الطبيعية الغابية مستخدما العصي و‬

‫احلجارة اما الطور الثاين متيز ابحرتاف صيد السمك و استخدام النار‪ ،‬و الطور الثالث متيز ابلتوسع يف الصيد و تطوير وسائله ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫وبذلك كانت كل من العصي و احلجارة و النار هي أدوات اإلنتاج املستخدمة ويطلق على هذه املرحلة من النشاط االنسان يف‬

‫صراعه من اجل البقاء ابملرحلة الوحشية ‪ ،‬مسيت ابلوحشية نسبة للسلوك البشري املسيطر يف تلك املرحلة الذي يتميز ابلشراسة و‬

‫االاننية ‪ ،‬و هي مرحلة كان فيها االنسان متنقال من مكان اىل اخر حبثا عن االكل و هرواب من خماطر الطبيعة و احليواانت املتوحشة ‪.‬‬

‫كما جلأ االنسان يف مرحلة موالية اىل تربية املواشي و زراعه النبااتت مث تطور بعد ذلك لرتبية احليواانت املنزلية و ري الزراعة و‬

‫استخدام أدوات البناء و اتسمت هذه املرحلة ابلتوسع الزراعي و تسمى هذه املرحلة ابملرحلة الرببرية و هي مشتقة من (الرب) مبعىن‬

‫اليابسة او األرض وهي دليل على توطن االنسان و استقراره يف مكان معني ‪ ،‬و أدى نشاط الزراعة اىل ظهور عدة ااثر نلخصها‬

‫كما يلي ‪:‬‬

‫_ ظهور تقسيم العمل ‪ :‬نقصد بتقسيم العمل التخصص يف العمل او يف نشاط معني ‪ ،‬فنجد يف العصر البدائي قبائل يقوم نشاطها‬

‫على الرعي ‪ ،‬و أخرى على الزراعة ‪ ،‬و أخرى على الصيد ‪ ،‬ولكن هذا التقسيم ال يصل اىل الدرجة اليت تفرض قيام التبادل التجاري‬

‫للمنتوجات ‪.‬‬

‫_ ظهور املبادالت التجارية البسيطة ‪ :‬حيث أيخذ كل واحد من انتاج االخر مقابل إعطائه ما يفيض من انتاجه ‪.‬‬

‫_ التخصص يف انتاج األسلحة ‪ :‬سوآءا للحرب كالسيوف و لإلنتاج كالفؤوس من املعادن اليت اكتشفها االنسان فكان هذا بداية‬

‫ظهور عهد جديد و متهيدا للصناعة و زايدة املبادالت التجارية ‪.‬‬

‫ما جيدر اإلشارة اليه و قد وصف البدو ( اجملتمع البدائي ) ابهنم (شيوعيون أرستقراطيون) ‪ ،‬و يعترب هذا الوصف موفق من الناحية‬

‫االقتصادية و يستحق اسم الشيوعية ‪ ،‬ففيه تسود فكرة امللكية اجلماعة ‪ ،‬كما ان الروح اجلماعية فيها اإلحساس‬

‫ابلكربايء و الشرف و التقاليد و جتعل منهم جديرين بوصف األرستقراطيني‪.‬‬

‫هناية النظام البدائي‬

‫هناية النظام البدائي بدأت عندما اصبح االنسان ميارس العمل الزراعي كعمل مستقر بدال من اعتماده على الصيد متنقال من مكان‬

‫اىل اخر ‪ ،‬و قد اكتشف االنسان البدائي ان العناية ابألرض تعطي له مردودا اوفر ‪ ،‬فسعى اىل التوطن و بذلك انتقلت امللكية هنا‬

‫من امللكية القبلية اىل ملكية االسرة ‪ ،‬مث انتقلت ملكية العائلة اىل االفراد عن طرق التوريث ‪ ،‬و مع اخرتاع األموال اليت سهلت مجع‬

‫‪7‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫الثروة و نقلها وحتويلها ‪ ،‬سعى االفراد اىل التوسع يف اإلنتاج متخليني هنائيا عن فكرة االكتفاء الذايت ‪ ،‬وقد أصبحت مع مرور الزمن‬

‫امللكية الفردية نظاما اقتصاداي قائما حبد ذاته ‪ ،‬وميكن تلخيص أسباب هناية النظام البدائي املشاعي كما يلي ‪:‬‬

‫_ هناية التوزيع املتساوي للمنتوجات بني افراد اجلماعة‬

‫_ وجود الفائض يف االنتاج و هذا األخري حفز ظهور امللكية الفردية بدال من امللكية اجلماعية ‪.‬‬

‫_ الفائض يف اإلنتاج تطلب املزيد من االيدي العاملة املنتجه و ابلتايل وجب استغالل االنسان لإلنسان للزايدة اكثر فاكثر إلنتاجه ‪،‬‬

‫وهذا أدى لظهور نظام اقتصادي جديد هو نظام الرق او نظام العبودية هي اول تشكيله اجتماعية تقوم على االستغالل و االنقسام‬

‫الطبقي ‪ ،‬وهو ظاهرة اجتماعية تقوم على استغالل انسان قوي إلنسان ضعيف بدال من قتله‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثانية ‪ :‬الوقائع االقتصادية يف فرتة التاريخ القدمي ( نظام الرق)‬

‫بدأت فرتة التاريخ القدمي مع اكتشاف الكتابة السومرية و هي الفرتة املمتدة من ‪ 4000‬سنة قبل امليالد أي احلقبة اليت تلي فرتة‬

‫ما قبل التاريخ اىل غاية القرن اخلامس ميالدي ‪ .‬سبق فرتة التاريخ القدمي فرتة ما قبل التاريخ و اليت عرفت ابلفرتة املشاعية ‪ ،‬ومبا ان‬

‫التاريخ اإلنساين يف تطور دائم فقد ظهرت فرتة جديدة تعرف بنظام الرق او العبودية ‪ ،‬وهي تقوم على استغالل االنسان إلنسان اخر‬

‫بدال من قتله ‪ ،‬ومع مرور الزمن اصبح نظام الرق نظاما قانونيا و هو حتوهلم من اشخاص اعتباريني تكون ملكيتها لنفسها اىل نوع من‬

‫األموال املنقولة تكون ملكيتها و حيازهتا لشخص اخر ‪ ،‬كما انه نظام اقتصادي قائم على تنمية راس املال و اطلق على فرتة التاريخ‬

‫القدمي أيضا فرتة اجملتمع العبودي الن تركيبة اجملتمع تتشكل بنسبة كبرية منها من العبيد ابلرغم من اهنا الفرتة اليت عرفت تعاقب‬

‫الكثري من احلضارات اإلنسانية اليت اضافت الكثري للبشرية ‪ ،‬وما جيب اإلشارة اليه ان العبودية يف التاريخ القدمي مل تكن مقتصرة على‬

‫لون معني للبشرة ‪.‬‬

‫تطور نظام الرق‬

‫• أسباب نشوء الرق‬

‫_ تطور العمل الزراعي و الرعوي ‪ :‬ملا أخذ االنسان يف أتهيل بعض احليواانت وصنع الشباك ‪ ،‬توفر له الغذاء فاصبح استغالل‬

‫املأسورين يف اعمال الرعي و الزراعة و الصيد و صنع األدوات اخلاصة بذلك ‪ ،‬ومن هنا نشأ الرق كظاهرة اجتماعية تقوم على‬

‫استغالل انسان قوي إلنسان ضعيف بدال من قتله ‪.‬‬

‫_ استقرار االنسان يف زراعة األرض ‪ :‬ان استقرار االنسان يف مكان للعيش و الزراعة مسح له إبنشاء املدن ‪ ،‬و هنا بدأت امللكية‬

‫الفردية متمثلة مبلكية االسر و اصبح العمل ضروراي لتنمية امللكية ‪ ،‬فأصبحت االسر تنتج لغريها ‪ ،‬فوجدت دولة املدينة االسرى الذين‬

‫كانوا يقعون يف قبضتها اداة طاعة للعمل ‪ ،‬تستغل يف بناء و تشييد القصور و شق الطرق و حفر االابر و العمل يف املناجم و املقالع‬

‫‪ ،‬و منهم من تبيعهم فيشرتيهم ارابب االسر الستفادة من قوته البدنية او من مزاايهم الفكرية ‪ ،‬و هكذا اصبح نظام الرق يف املدينة ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫اخلصائص االقتصادية لنظام الرق‬

‫✓ قو ى و عالقات اإلنتاج يف نظام الرق‬

‫متثل القوى املنتجة كل من وسائل اإلنتاج و قوة العمل ‪ ،‬ويتم العمل عن طريق االكراه و هذا بواسطة االستعانة بعدد كبري من املراقبني‬

‫لضبط عمل العبيد ‪ ،‬لقد كانت هذه الطريقة مساعدة على تطوير قوى اإلنتاج يف جمال االنتاج احلريف و الصناعي و استخراج املعادن‬

‫و الغزل و النسيج ‪ ،‬اما عالقات اإلنتاج فنوضحها كما يلي ‪:‬‬

‫• امللكية ‪ :‬متيزت عالقات اإلنتاج يف اجملتمع العبودي ابمتالك السادة لوسائل اإلنتاج إضافة اىل العبيد ‪.‬‬

‫• العمل ‪ :‬متيز العمل بكونه مجاعيا بني العبيد مع اختاذه لصفه االكراه و االستغالل‪ ،‬لصاحل السادة الذين ميلكون أدوات العمل مبا‬

‫فيها العبيد ‪.‬‬

‫• توزيع املنتجات ‪ :‬يوجه املنتوج يف النظام العبودي لسد احتياجات االسياد ‪ ،‬وكان توزيع املنتجات من حق السادة ‪ ،‬و ينقسم اىل‬

‫قسمني مها ‪:‬‬

‫أ_ املنتوج الضروري ‪ :‬و هي كمية املنتوج اليت توجه لسد احلاجات األساسية للعبيد من اجل القيام بعملية جتديد قوة العمل و‬

‫االستمرار يف اإلنتاج ‪.‬‬

‫ب_ املنتوج الفائض ‪ :‬ميثل القسم األعظم من املنتوج و يستخدم من قبل السادة إلشباع احلاجات االستهالكية و بناء القصور و‬

‫املسارح ‪.‬‬

‫✓ العالقات النقدية و التبادل البضائعي يف نظام الرق‬

‫• التبادل ‪ :‬ظهر التبادل و تطور يف النظام املشاعي ‪ ،‬و كان التبادل يتم بني املنتجني يف شكل سلعة مقابل سلعة و مع ظهور‬

‫النظام العبودي تطورت عمليات التبادل بظهور النقود‪ ،‬و اليت تطورت هي األخرى و اخذت اشكاال خمتلفة تتم يف شكل (‬

‫سلعة _سلعة نقدية _ سلعة ) ‪ ،‬ولقد لعب دور السلعة النقدية كل من املاشية ‪ ،‬امللح ‪ ،‬السمك اجملفف و اجللود ‪...‬اخل ‪ ،‬مث‬

‫تطورت النقود واخذت اشكاال معدنية وكان هلا اثر كبري يف تطور وتنمية التجارة ‪.‬‬

‫• ظهور راس املال التجاري ‪ :‬مع تعاظم دور النقود كوسيط للمبادلة و يف ظل بعد املنتجني عن بعظهم البعض و تبعثرهم أدى‬

‫هذا اىل ضرورة وجود فئة تقوم بدور الوسيط بني البائعني و املشرتين بعد ان كان التبادل يتم بني املنتجني مباشرة ‪ ،‬و مع ظهور‬

‫‪10‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫النشاط التجاري ختصصت فئة من التجار بشراء و بيع السلع و كان الفرق بني سعر البيع و الشراء مصدر الربح التجاري ‪،‬‬

‫وبذلك مل يعد دور النقود قياس للقيمة فقط بل و أصبحت النقود كوسيلة جلمع الثروة و ظهر ألول مرة رأس املال التجاري ‪.‬‬

‫• ظهور راس املال الربوي ‪ :‬راس املال الربوي هو راس املال الذي حيقق الراب و الذي مل يكن ليظهر لوال انتشار التبادل البضائعي‬

‫انتشارا واسعا و تظهر النقود و القروض النقدية ‪.‬‬

‫راس املال الربوي الذي ظهر يف هذه املرحلة اختذ من النقد كوسيلة لإلقراض و التسليف حيث يقوم املرابون بتقدمي القروض النقدية‬

‫اىل السادة و املنتجني و احلرفني و األفراد مقابل معدل فائدة ‪ ،‬و املرابون هم كبار التجار يتصرفون بثروات نقدية كبرية واحياان من‬

‫مالكي العبيد األثرايء و اىل جانب هؤالء وجد عدد كبري من املرابني و املتوسطني الصغار ‪.‬‬

‫حملة عن احلضارات القدمية‬

‫احلضارة نظام اجتماعي يعني االنسان على الزايدة يف انتاجه الثقايف ‪ ،‬وهي تتألف من أربعة عناصر ‪ :‬املوارد االقتصادية ‪ ،‬و النظم‬

‫السياسية ‪ ،‬و التقاليد اخللقية ‪ ،‬و متابعة العلوم و الفنون ‪ ،‬و هي تبدأ حيث ينته االضطراب و القلق ‪ ،‬ألنه اذا ما امن االنسان من‬

‫اخلوف حتررت يف نفسه دوافع التطلع و عوامل االبداع و االنشاء ‪ ،‬و بعدئذ ال تنفك احلوافز الطبيعية تستنهضه للمضي يف طريقه‬

‫اىل فهم احلياة و ازدهارها ‪ ،‬و ما جيب اإلشارة اليه ان نظام الرق هو احد العوامل االقتصادية اليت قامت عليها حضارة ما بني‬

‫النهرين و اإلمرباطوريتني اليواننية و الرومانية ‪،‬و حىت احلضارات األخرى على وجه األرض عرب التاريخ القدمي ‪ ،‬و فيما يلي نقدم حملة‬

‫عن بعض احلضارات القدمية ‪.‬‬

‫• حضارة بالد ما بني النهرين ‪ :‬إذا نظران نظرة شاملة اىل التاريخ القدمي ألرض الرافدين لوجدانه ان قوى سياسية كبرية‬

‫استطاعت القيام يف تلك االرجاء واختذها مركز للتوسع‪ ،‬لكن الدول اليت تشكلت على هذا النحو كانت معقدة الرتكيب‪ ،‬ففي‬

‫االلف الثالثة قبل امليالد جند السومريون و يف االلف الثانية قبل امليالد جند الساميون و يف حوايل ‪ 500‬قبل امليالد انتهت‬
‫‪.‬‬
‫حضارة ما بني النهرين لتتحول من مركز حضارة اىل منطقة نزاع اىل غاية اليوم‬

‫احلياة االقتصادية يف ارض الرافدين ‪ :‬كانت تعتمد بشكل أساسي على الزراعة و كانت نوعية األراضي اخلصبة املوصولة بقنوات‬

‫توزيع املياه تؤثر إجيابيا على احملصول من النخيل ‪ ،‬الشعري ‪ ،‬القمح ‪ ،‬اخلمر ‪ ،‬السمسم ‪ ،‬الرمان ‪ ،‬التوت ‪ ،‬اخلشب و تربية املواشي ‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫ومتيزت عالقات اإلنتاج يف احلياة االقتصادية يف ملكية مالكي العبيد التامة جلميع و سائل اإلنتاج و تشغيله اإلنتاج لصاحل أنفسهم‬

‫‪ ،‬و متثل وسائل اإلنتاج أي قوى اإلنتاج هنا األراضي الزراعية و العبيد ‪ ،‬و األدوات املعدنية ‪.‬‬

‫كما مت االهتمام ابلتجارة بتهيئة و تعبيد الطرق الربية لتنقل قوافل التجارة و املسافرين ‪ ،‬كما استخدمت قوارب اجللد الستعماهلا يف‬

‫التنقل عرب النهر ‪ ،‬كما اشتهرت جتارة اخلشب و احلجارة ‪ ،‬توسع العمليات التجارية دليل على تطور و توسع احلرف ابإلضافة اىل‬

‫وفرة اإلنتاج الزراعي ‪ ،‬فانتشرت أيضا احلياكة بشكل واسع ‪ ،‬حيث كان املواطنون االحرار هم الذين يزاولون احلرفة بينما العبيد‬

‫استخدموا يف اعمال البناء و االشغال الشاقة األخرى ‪.‬‬

‫كما ظهرت املصارف املالية و النقود خاصة يف فرتة احلضارة البابلية فقد شرعت املصارف يف حتديد الفائدة على احملصوالت الزراعية‬

‫‪ ،‬و الفائدة على النقود ‪ ،‬كما اعتربت اببل من اهم األسواق الرئيسية مللتقى القوافل احململة ابلسلع و الذهب و األحجار الكرمية ‪.‬‬

‫• احلضارة اليواننية ‪ :‬امتدت احلضارة اليواننية على مسافة زمنية من (عام ‪ 1100‬ق م _ ‪146‬ق م ) ‪ ،‬يتكون جانب‬

‫كبري من تركيبته االجتماعية من الرق ‪.‬‬

‫النشاط االقتصادي كان قائما على ‪:‬‬

‫✓ الزراعة ‪ :‬مشلت الزراعة مساحة قدرها ‪ 20‬ابملئة من إقليم الدولة و ظهرت الوحدات اإلنتاجية مثل ‪:‬‬

‫‪ -‬وحدات كبار املالك ‪ :‬تشغل هذه الوحدات نسبه ضئيلة من امجايل املساحات املزروعة اال اهنا احسن األراضي خصوبة ‪ ،‬كما‬

‫تعمل على تربية املواشي ‪ ،‬و ابلطبع العبيد و العمال االجراء هم الذين يقومون ابلعمل اإلنتاجي‪.‬‬

‫‪ -‬وحدات املالكني الصغار ‪ :‬تشمل معظم األراضي الزراعية ذات جودة منخفضة ميلكها أكثر من نصف السكان يقوم ابلعمل‬

‫اإلنتاجي االسرة و ما متلكه من عبيد مستعملني أبسط أدوات اإلنتاج ‪.‬‬

‫‪ -‬الوحدات اليت يستخدم فيها عبيد الدولة لقاء احلصول على جزء معني من اإلنتاج ‪.‬‬

‫✓ الصناعة ‪ :‬اهتم اجملتمع اليوانين بصناعة األسلحة و االواين املنزلية ‪ ،‬وقامت الوحدات احلرفية اليت جتمع افراد عائالهتم وعبيدهم و‬

‫بعض العمال االجراء ‪ ،‬وكان حمرك اإلنتاج الطلبات املسبقة من التجار وغريهم ‪ ،‬كما منحت املعادن ملن يستطيع العمل هبا ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫✓ التجارة اخلارجية ‪ :‬عرفت التجارة رواجا نسبيا و خاصة بعد صنع السفن التجارية ‪ ،‬وتقوم التجارة على سد العجز يف إلنتاج‬

‫الزراعي ‪ ،‬كما انتشرت النقود و نشطت املبادالت النقدية و عمليات البيع و الشراء ‪.‬‬

‫• احلضارة الرومانية ‪ :‬امتدت احلضارة الرومانية على مسافة زمنية من ( ‪ 509‬ق م _ ‪ 476‬م ) و هناية اإلمرباطورية الرومانية‬

‫عام ‪ 476‬م ما هو اال سقوط اإلمرباطورية الغربية و لكن بقيت اإلمرباطورية الشرقية او روما الشرقية ممتدة حتت اسم الفرتة‬

‫البيزنطية ‪.‬‬

‫النشاط االقتصادي للحضارة الرومانية يقوم االقتصاد الروماين على النشاط الزراعي وملكية األراضي و العبيد و التجارة و الرأس‬

‫املال النقدي و الربوي ‪:‬‬

‫• الرزراعة ‪ :‬بدأت كمزارع عائلية صغرية ما لبثت ان اخذت تتوسع ابلتدريج و يتوسع بتوسعها ملكية فئات قليلة من األراضي‬

‫الزراعية‬

‫• عالقات اإلنتاج ‪ :‬كانت قائمة على أساس امللكية الفردية لوسائل اإلنتاج و استغالل عمل العبيد جماان ‪ ،‬و يوجه املنتوج الزراعي‬

‫للبيع ( املبادالت) و هذا دليل على ازدهار التجارة بفضل طبقه التجار و أصحاب رؤوس األموال ‪.‬‬

‫• التجارة ‪ :‬احنصرت يف ابدئ االمر يف تبادل منتجات القرية الغذائية مبنتجات املدينة احلرفية ‪ ،‬مث تكونت طبقه التجار و أصحاب‬

‫رؤوس األموال اجلديدة ‪ ،‬مث حتول بعد ذلك النشاط االقتصادي من زراعي اىل جتاري ‪ ،‬واخذت ختتفي معه الطبقة املتوسطة من‬

‫املزراعني ‪ ،‬و مع ازدهار التجارة أدى اىل تطور الراس املال النقدي و الربوي ‪ ،‬و شيئا فشيئا سادت التجارة اخلارجية بني روما‬

‫اليت تصدر املنتجات الصناعية و املناطق التابعة هلا اليت تستورد منها املنتجات الزراعية ‪.‬‬

‫• تطور الراس املال النقدي الربوي ‪ :‬أدى منو التجارة و التداول النقدي اىل تطور رأس املال النقدي الربوي ‪ ،‬و أخذت تنشأ شركة‬

‫امللتزمني الذين كانوا يقومون ابلعمليات التسليفة و يلتزمون جبباية الضرائب ‪ ،‬وانتشرت بصورة واسعة مكاتب الصرافة ‪ ،‬حيث‬

‫كانت عملية حفظ النقود و حتويلها تتم هناك ‪ ،‬اما األشخاص الذين كانوا ميارسون مهنة التجارة و الراب و تقدمي القروض بفائدة‬

‫بدأوا ينفصلون تدجييا وشكلوا طبقة اجتماعية مميزة مسيت طبقة الفرسان ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثالثة ‪:‬الوقائع االقتصادية يف العامل اإلسالمي‬

‫تعترب احلضارة اإلسالمية من ارقى احلضارات اليت ظهرت على وجه األرض و اضافت الكثري للبشرية ‪ ،‬وقد كانت مرتكزة يف‬

‫بداية عهدها على تعاليم الشريعة اإلسالمية اليت تعرب عن جمموعة من القوانني يف مجيع نواحي احلياة االقتصادية و االجتماعية و حىت‬

‫السياسية ‪ ،‬و كانت نواة هذه احلضارة هو نزول الوحي الذي امتد فرتة من الزمن ‪ ،‬و ما جيب اإلشارة اليه ان احلضارة اإلسالمية‬

‫اعتمدت أيضا على املوروث اليوانين و الروماين و حىت الفارسي يف العلوم و الفنون و إدارة الدولة و االقتصاد غريها ‪ ،‬و من خالل‬

‫هذا الفصل نستعرض الوقائع االقتصادية يف احلضارة اإلسالمية العربية اىل غاية احنالهلا ‪.‬‬

‫الوقائع االقتصادية يف العهد اإلسالمي‬

‫ان ظهور اإلسالم كداينة و شريعة للحياة من نواحيها الروحية و االجتماعية و االقتصادية و السياسية شكل يف بدايته ثوره على‬

‫املوروث العقائدي و يف أسس احلياة االجتماعية و االقتصادية للمجتمع اجلاهلي ‪ ،‬و قد بدى ذلك واضحا يف فرضه للمساواة يف‬

‫اجلزاء و العقاب بني مجيع افراد اجملتمع مبختلف طبقاهتم و انساهبم ‪ ،‬وكان حترير العبيد و مساواهتم أبسيادهم ظاهرة مفاجئة ‪ ،‬كما‬

‫وضع قوانني اقتصادية تنظم النشاط الزراعي و احلريف و التجاري و ما ميز النشاط األخري هو حترمي املعامالت الربوية فيه ‪.‬‬

‫• الرق يف اإلسالم‬

‫جيدر ذكره أن الرق يف العامل اإلسالمي مل يرتق اىل ان يكون نظاما سائدا و السبب يف ذلك ان الكثري من اجملتمعات العربية اإلسالمية‬

‫تعيش على التجارة و تربية املواشي و الزراعة حمدودة اإلنتاج ‪ ،‬ولكن ما وسع يف الرق يف الدولة اإلسالمية هم االقطاعيني السياسيني‬

‫وقد ظلت ظاهرة الرق و االقطاع سائدة عند االقطاع السياسيني اىل ازمنة واسعة ‪ ،‬و قد مت التعامل مع الرق او العبيد يف بداية العهد‬

‫اإلسالمي كما يلي ‪:‬‬

‫_ يف بداية اإلسالم عمل على حترير العبيد سواءا قبل اهلجرة او بعدها ‪ ،‬و يعترب حترير العبيد من اهم العبادات اليت جاء هبا اإلسالم‬

‫ويكون ذلك بسبب التكفري عن الذنوب او تقراب وطاعة اىل هللا ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫_ اما اسرى احلرب فكانوا يعاملون معامالت خمتلفة حسب مستوى عدائهم و اتمرهم ضد املسلمني فمنهم من يتم حتريره بدون مقابل‬

‫ومنهم من حيرر ابلفدية ‪ ،‬ومنهم من حيرر نتيجة لشفاعة كبار املدينة ‪ ،‬و منهم من حيرر بعد أدائه خدمات للمسلمني كتعليمهم ‪ ،‬و‬

‫منهم من يتحول اىل خدم ‪.‬و منهم من يتم عتقهم اذا دخلوا يف اإلسالم ‪.‬‬

‫_ اما أسرى احلروب من الفرس و الروم فاهنم يبقون يعملون عند سادهتم يف انتظار ان يتم عتقهم ابإلسالم ‪.‬‬

‫• الوقائع االقتصادية يف العهد الراشدي‬

‫بقيت األنشطة االقتصادية من زراعة و صناعة و جتارة سائدة يف العهد الراشدي ‪ ،‬وقد ظهر االقطاع يف العهد الراشدي كشكل من‬

‫أشكال العطاءات ‪ ،‬وهي مبثابة حتفيز لألشخاص من اجل االلتحاق ابجليش اإلسالمي ‪ ،‬ويعترب اخلليفة عثمان بن عفان رضي هللا عنه‬

‫من اكثر اخللفاء الراشديني الذين قدموا اقطاعات األراضي حىت ولو كانت هذه االقطاعات قليلة‪ ،‬وقد رافق االقطاع مسرية الدولة‬

‫اإلسالمية منذ نشوئها و كان هلا ضوابط و شروط حمددة بفرتات زمنية و مساحات معينة و تشرتط عملية االقطاع ان تقدم نفعا‬

‫عاما و مردودا لبيت مال املسلمني وقد كان يتصف بصفة العطاء‪.‬‬

‫متيز العهد الراشدي ابلتنظيم اإلداري للموارد املالية للدولة اإلسالمية ‪ ،‬نوضح ذلك كما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬يف عهد أاب بكر الصديق ‪ :‬نظم بند النفقات و اإليرادات ‪ ،‬كما جسد وثبت مبدأ طهارة األموال العامة و اخلاصة‬

‫من جانب اجلباية و الصرف وفق جملرايهتا الشرعية اهتم ابلنفقات االجتماعية الغري إنتاجية ( تعليم متهيد الطرق حفر االابر حتديد‬

‫األسواق ‪...‬اخل) ‪ ،‬اما املتاعب اليت واجهها هي حروب الردة و امتناع بعض القبائل عن دفع الزكاة ‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬يف عهد عمر بن اخلطاب ‪ :‬نتيجة للفتوحات اإلسالمية و كثرة األموال و تنظيم اجليش اىل جيش نظامي و تثبيت‬

‫الرواتب للوالة و العاملني ابجليش و تنظيم العطاء على املسلمني دفع اخلليفة عمر بن اخلطاب اىل تنظيم أمور الدولة فقد ساهم يف‬

‫إرساء بعض من األفكار خاصه مبا هو متعلق ابجملال املايل و اإلدارة املالية ‪ ،‬و قد عمل على انشاء الدواوين ‪ ،‬انشاء بيت مال‬

‫املسلمني ‪ ،‬النقود يف اإلسالم و دور عمر بن اخلطاب فيها ‪ ،‬انشاء نظام احلسبة‪ ،‬تدخل الدولة يف ضبط األسعار‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬يف عهد عثمان بن عفان ‪ :‬وضع إطار جديد للموازنة يتحكم يف السياسة املالية ال تقل عن السياسة املالية املعاصرة‬

‫و أهم بنودها تتمثل يف وضع موازنة جلميع مصادر األموال للدولة اإلسالمية من ( زكاة و الضوائع و الصدقات ‪ ،‬اجلزية و مخس‬

‫‪15‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫الغنائم ‪ ،‬عشور التجارة ‪ ،‬و اهلبات و اخلوارج ) ‪ ،‬كما مت جتميع هذه املوازانت يف موازنة واحدة عامه تشمل قائمه امليزانية السنوية‬

‫للدولة اإلسالمية ملعرفه املركز املايل لبيت املال ( اخلزينة العامة ) ‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬يف عهد علي بن ايب طالب ‪ :‬الوقائع و األفكار االقتصادية لعهد علي بن ايب طالب أتثرت ابلتقلبات السياسية ‪ ،‬اال‬

‫ان علي بن ايب طالب كان متأثرا بسياسه عمر بن اخلطاب يف إدارة األموال حيث ‪:‬‬

‫‪ -‬ركز على مورد اخلراج يف األقاليم االسيوية ‪.‬‬

‫‪ -‬فصل إدارة األموال على مستوى الدولة و مستوى األقاليم عن إدارة األمور العامة للمسلمني‬

‫‪ -‬ثبت نظام العطاء الذي أقامه عمر بن اخلطاب ‪.‬‬

‫‪ -‬دعم مبدا التكافل االجتماعي ‪ ،‬عن طريق اخذ فضول األغنياء و توزيعه على الفقراء ‪ ،‬اضافه اىل ركن الزكاة ‪.‬‬

‫‪ -‬امر مبنع فرض الضرائب املرهقة على عناصر اإلنتاج يف القطاع الزراعي ابعتباره النشاط الرئيسي يف الدولة اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ -‬منع ازدواج الضريبة على عناصر اإلنتاج و اخلدمات حيث منع فرض الضرائب على نفس العنصر من اإلنتاج ألكثر من مرة‬

‫واحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬امر بتطوير و تنويع موارد الدولة ابلبحث عن مصادر جديده للتمويل ‪.‬‬

‫• الوقائع االقتصادية يف العهد االموي و العباسي‬

‫متيزت كل من الفرتة االموية و العباسية ابلنشاط االقتصادي على مجيع األصعدة من صناعة و زراعة و جتارة و ذلك نظرا لالمتداد‬

‫اجلغرايف الشاسع للدولة اإلسالمية ‪ ،‬كما توسعت املدن و ازدادت احلرف املهنية و انتظمت قوانينها و تراكمت األموال مما كون فئة‬

‫رأمساليه انشطه ‪ ،‬و تدخلت الدولة يف األسعار ابلنسبة للمواد الغذائية ‪ ،‬كما زاد نشاط الصيارفة ‪ ،‬و متيزت هذه الفرتة ابلتوسع يف‬

‫االقطاع حىت اصبح صفة ابرزة لالقتصاد الزراعي ‪ .‬وقد قسمت األراضي اىل ثالث أصناف هي‪:‬‬

‫_ أراضي الصوايف ‪ :‬و تعود ملكيتها اىل بيت املال ‪.‬‬

‫_ أراضي اخلراج ‪ :‬و هي ملكية فردية مقابل دفع اخلراج و هو أجرة األرض للدولة ‪.‬‬

‫‪ -‬أراض املوات ‪ :‬و هي ملك ملن يستصلحها ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫و األصل يف االقطاع هو استصالح األراضي و زراعتها و بناء االابر فيها‪ ،‬و يكون االقطاع يف االراضي اليت هي ليست ملك‬

‫الحد و تكون يف أراضي املوات و هي األراضي اليت حتتاج اىل اصالح و ليس عليها بناء و ليست مناطق رعوية خمصصة لقبائل‬

‫معينة حيث يلزم املقتطع ابستصالحها و عمارهتا ‪ ،‬وقد حدث هذا يف عهد الرسول (صلعم ) ‪ ،‬كما يكون االقطاع يف اراضي‬

‫الصوايف و هي األراضي اليت تعترب ملك للدولة اإلسالمية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬يف العهد االموي ‪ :‬حصل توسع كبري يف االقطاعات و بدأ ذلك يف أايم معاوية ابن ايب سفيان ‪ ،‬فما ان جاءت هناية‬

‫الدولة االموية حىت أصبحت أراضي الصواف كلها اتبعة ألشراف قريش و اشراف القبائل كما مسح بشراء األراضي اخلراجية‬

‫وكان اقطاع أراضي املوات سببا يف زايدة امللكية اخلاصة يف العراق‪ ،‬و أصبحت كل من الكوفة و البصرة مناطق اقطاعية واسعة ‪ ،‬و‬

‫استخدم املالكون لألراضي العبيد لزراعة األرض و حفر االابر‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬يف العهد العباسي ‪ :‬ان التغري و التباين الذي حصل يف مفهوم االقطاع جاء خالل العصر العباسي من خالل ملكية‬

‫األرض من فرتة حمدودة اىل ملكية دائمة او مدى احلياة ‪ ،‬و كذلك منح األراضي بدال من العطاء ‪ ،‬ومل يقتصر االقطاع على ارض‬

‫املوات و الصوايف بل مشل حىت أرض الوقف‪ ،‬وقد استمر االقطاع يف التوسع يف العهد العباسي و قد قاموا ابلسيطرة على مجيع أراضي‬

‫امراء بين أمية وحولوها اىل أراضي صوايف اتبعة هلم ‪ ،‬و اصبح يطلق عليها ابألراضي السلطانية ‪ ،‬و واصلو إصالحها و امدادها‬

‫ابملياه ‪ ،‬و قد انتشر أيضا ما يسمى (ابإلجالء ) و هو ان يقوم أصحاب األراضي بطلب وضع اسم االمراء العباسيني على أراضيهم‬

‫ابعتبارها حتت محاية االمراء شخصيا مقابل عشر احملصول يوجه اىل خزائنهم و ذلك حلماية أراضيهم من اهلجمات و السرقات‪،‬‬

‫وقد سخر العبيد للعمل يف األراضي االقطاعية بشكل كبري ‪ ،‬كما كان يعمل فيها االحرار من الفالحني ‪.‬‬

‫عوامل اإلنتاج يف االقتصاد اإلسالمي‬

‫• مفهوم اإلنتاج يف االقتصاد اإلسالمي ‪ :‬جيب يف مفهوم االنتاج من املنظور اإلسالمي ان تكون السلعة املنتجة و أساليب‬

‫انتاجها و توزيعها مقبولة شرعا ‪ ،‬أي ان يكون االطار الذي تتم فيه العملية اإلنتاجية من توظيف و متويل و انتاج ضمن دائرة‬

‫احلالل ‪ ،‬كما ان اإلسالم حيد من انتاج سلع الرفاه و الرتف حفاظا على موارد اجملتمع و توجيهها وجهة صحيحة ‪.‬‬

‫عناصر اإلنتاج ‪ :‬تشمل عناصر اإلنتاج يف االقتصاد اإلسالمي على العمل‪ ،‬رأس املال‪ ،‬و املوارد الطبيعية‪ ،‬ونوضحها كما يلي‪:‬‬ ‫•‬

‫‪17‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫الفرع األول ‪ :‬العمل هو كل جمهود بدين او ذهين مقصود و منظم يبذله االنسان إلجياد او زايدة منفعة مقبولة شرعا ‪ ،‬كما يعرف‬
‫ابنه اجلهد املبذول إلنتاج السلع و اخلدمات املقبولة شرعا كالعمل يف الصناعة و التجارة و الزراعة و التعليم و غريها من املهن و‬
‫اخلدمات األخرى ‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬راس املال ‪ :‬دعا اإلسالم اىل توجيه الفائض من املال اىل االستثمار بدال من اكتنازه ‪ ،‬و قد حرم اإلسالم االكتناز‬
‫حترميا مطلقا و عرف ابنه املال احملجوب عن التداول ‪ ،‬كما يفسر الفقهاء الكنز ابنه املال الذي ال خترج زكاته وال يبذل منه يف وجوه‬
‫اخلري ‪ .‬أما االدخار فهو اقتطاع جزء من الدخل من اجل استثماره او من أجل توجيهه للورثة او ملواجهة الطوارئ‪ ،‬كما توجه للدولة‬
‫مسؤولية تكوين راس املال وذلك من خالل ما تقوم به من جتهيز للبنية األساسية لالقتصاد و االستثمار يف راس املال االجتماعي ‪..‬اخل‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬األرض تشمل األرض على كل ما حيتويه ابطنها إضافة اىل ما عليها و ما حوهلا من موارد طبيعية ‪ ،‬كاملعادن ‪ ،‬الرتبة‬
‫‪ ،‬املزروعات ‪ ،‬األهنار‪ ،‬الرايح ‪ ،‬و غريها ‪ ،‬ما يكون االستثمار يف األرض من اجل اإلنتاج الزراعي و الرعوي و الصناعي هلدف حتقيق‬
‫العدالة االجتماعية و الرفاه االقتصادي‪.‬‬

‫احلياة االقتصادية يف مرحلة االهنيار للمجتمع العريب اإلسالمي‬

‫يف القرن العاشر ميالدي بدأت حالة الضعف يف الدولة العربية اإلسالمية ‪ ،‬ورافقها ذلك ثورات عبيد األرض ‪ ،‬كما اعتمد العباسيون‬
‫على املرتزقة االتراك و ادخاهلم للجيش ‪ ،‬وزاد هذا اىل اضعاف الدولة ‪ ،‬و يف خالل عشر سنوات فقط بعد ذلك استوىل البوهيون‬
‫على العراق و اختذوا االقطاع العسكري اجتاها هلم ‪ ،‬وبعدهم سيطر السالجقة و اختذوا أيضا من االقطاع العسكري مسارا هلم ما‬
‫لبث ان اصبح اقطاعا وراثيا ‪ ،‬وكان اهلدف منه التخلص من نفقات الدولة اجتاه اجليش ‪ ،‬ومل يكن اهلدف من االقطاع العسكري‬
‫الزراعة او اإلنتاج و امنا الربح السريع و بذلك مت امهال متطلبات الزراعة مما أدى اىل تدهور أحوال الفالحني و زايدة يف الضرائب مما‬
‫جعل أهلها يرتكوهنا للقادة العسكريني ‪ ،‬وبقيت األوضاع يف الدولة العباسية تتدهور اىل ان بدأت تشن عليها احلروب الصليبية مث‬
‫غزاها املغول و اهنوا احلكم العباسي ‪ ،‬و بدأـت بعدها إدارة الدولة اإلسالمية تستقر عند العثمانيني (االتراك) لينشؤوا حضارة امتدت‬
‫من القرن الرابع عشر اىل غاية بداايت القرن العشرين ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الرابعة ‪ :‬النظام االقطاعي يف العامل الغريب‬

‫نشأ االقطاع يف أورواب الغربية يف فرتة ما يسمى ابلعصور الوسطى (من سقوط اإلمرباطورية الرومانية اىل غاية هناية القرن ‪ ) 15‬و‬

‫العصور الوسطى هي جمرد فرتة وسيطيه تقع بني عراقة املاضي الروماين و عظمة احلاضر األورويب املتجلي يف ثورته الفكرية و‬

‫االخرتاعات اليت بدورها حتولت اىل ثورة صناعية فيما بعد ‪ ،‬وهي استمرار للحضارة الزراعية القدمية اليت مل تعرف تطورا عرب االف‬

‫السنني و اليت حتقق ألصحاهبا نوعا من الرفاهية احملدودة ‪ ،‬كما ان االقطاع مل يشمل مجيع أورواب كإسكندينافيا و ايرلندا و إيطاليا ‪،‬‬

‫و قد ظهر مصطلح االقطاع يف القرنني ‪ 17‬و ‪ 18‬من طرف رجال قانون اجنليز ‪.‬‬

‫نظام االقطاع‬

‫✓ تعريف لإلقطاع ‪ :‬هو نظام حريب و سياسي و اجتماعي و قضائي و اقتصادي كما أنه أيضا نظام للحقوق و الواجبات‬

‫حيكم اجملتمع ‪ ،‬و هو يوضح و حيدد موقف الفرد و عالقته مبن هو أعلى منه و مبن هو أدىن منه ‪ ،‬والنظام االقتصادي فيه يعتمد‬

‫أساسا على الزراعة و تلك األرض كان يهبها االمرباطور للملوك و مينحها امللوك بدورهم لألشراف و النبالء ‪ ،‬وأوليائك ملن دوهنم‬

‫‪ ،‬وهكذا اىل ان تصل اىل رقيق األرض يف ادىن السلم االجتماعي ‪ ،‬و يتوارث استعمال تلك األرض من االب اىل ابنه ‪ ،‬بعد‬

‫ان يلتزم أبداء واجباته اىل السيد االقطاعي‪.‬‬

‫✓ مميزات النظام االقطاعي‬

‫• مستوى منخفض من التقنية ‪ ،‬تتسم فيه أدوات اإلنتاج ابلبساطة و برخص قيمتها عامة ‪ ،‬ويتميز اإلنتاج بدرجة عالية من الفردية‬

‫و يكون تقسيم العمل عند مستوى بدائي من التطور‪.‬‬

‫• اإلنتاج من أجل سد احلاجات املباشرة للعائلة أو اجملتمع أو القرية و ليس من أجل سوق أوسع ‪ ،‬وبذلك فان االقطاع هو نظام‬

‫اقتصادي يوجه اىل حتقيق املنفعة و ليس اىل حتقيق الربح ‪.‬‬

‫• زراعة ارض السيد أو ما يطلق عليها ب ( الضيعية ) على نطاق واسع عن طريق خدمات العمل اإللزامية ‪.‬‬

‫• الالمركزية السياسية ( كانت موزعة ابلتفويض من امللك اىل اللوردات الذين بدورهم يوزعون السلطات على األصناف )‪.‬‬

‫• حيازة السادة لألراضي مشروطة بنوع من حيازة اخلدمة ‪.‬‬

‫• ممارسة السيد االقطاعي لسلطات قضائية أو شبه قضائية على السكان التابعني هلا ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫✓ أسباب ظهور االقطاع ‪ :‬ان من اهم األسباب لقيام النظام االقطاعي هو سقوط اإلمرباطورية الرومانية و تراجع النشاط التجاري‬

‫بشكل كبري خاصة بعدما حتولت أورواب الغربية اىل حالة من عدم االستقرار األمين و غلق املنافذ التجارية هلا ‪ ،‬ونقوم بشرح هذه‬

‫األسباب كما يلي‪:‬‬

‫• ضعف احلركة التجارية و الصناعية يف أورواب الغربية سواءا البحرية او الربية و ذلك بسبب ارتفاع تكاليف النقل و استيالء‬

‫املسلمني على املنافذ التجارية البحرية و الربية و زايدة هجمات الفايغينغ ‪.‬‬

‫• نشوء املمالك األملانية أدى اىل انقطاع سبل التجارة يف العامل الروماين الغريب و ابقي الطرق التجارية كانت غري امنة‪.‬‬

‫• قلة االمن يف مدن أورواب الغربية بسبب هجمات الفايغينغ دفعت ابألرستقراطيني و النبالء اىل األرايف و أحاطوا انفسهم برجال‬

‫مزارعني كانوا يعملون عندهم ‪ ،‬و استعملوهم ألغراض احلراسة ‪.‬‬

‫• يف حاالت احلروب او اهلجمات كان الناس يفضلون االلتحاق ابلتشكيالت األمنية اليت شكلها السادة و رجال الدين و يبنون‬

‫بيوهتم اىل جانبهم طلبا للحماية‪ ،‬فقد كان األشخاص الذين ال يستطعون محاية انفسهم يعرضون ممتلكاهتم اىل جانب اخلدمات‬

‫على احد النبالء مقابل احلماية و الوالء ‪ ،‬وبذلك كان النبالء مينحون أوالئك الرجال قطعة صغرية من األرض جبواره مع العلم ان‬

‫امللكية ميكن الغائها يف أي وقت‪.‬‬

‫و بذلك نستطيع القول ابنه نظام بدأ أوال عندما ختلى امللوك عن واجباهتم لوكالئهم و تنازلوا عن سلطتهم و عن واجباهتم الدفاعية ‪ ،‬و‬

‫بذلك ظهر صنف من احلكام احملليني و املتمردين حيث كانت العالقة بينهم قائمة على الوالء ‪ ،‬كما انه بدأ كنوع من املقايضة عن‬

‫طريق تبادل اخلدمات مقابل احلماية‪.‬‬

‫✓ أشكال الريع االقطاعي‬

‫ريع السخرة ‪ :‬ينتج الفالح املنتوج الضروري لضمان وجوده و عائلته خالل عدد من أايم األسبوع ابستعمال أدواته اخلاصة ‪ ،‬بينما‬

‫ينتج املنتوج الفائض الذي ينتزعه االقطاعي بدون مقابل ‪.‬‬

‫الريع العيين‪ :‬هو املقابل املادي الذي يقدمه اإلقطاعي للفالحني على شكل ( جزء من املنتوج احلاصل من األرض املخصصة‬

‫للفالحني ) ‪ ،‬حيث أدرك اإلقطاعي ان الفالح يبذل جهد اكثر و يقدم منتوج افضل يف األرض املخصصة له ابملقارنة بعمله يف ارض‬

‫االقطاعي ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫الريع النقدي ‪ :‬ه و الشكل املتحول للريع العيين و يتميز عنه أبن الفالحني ال يقدمون لإلقطاعيني املنتوج الفائض ‪ ،‬وامنا مثن املنتوج ‪،‬‬

‫فالفالح اصبح مضطرا لبيع هذا املنتوج و حتويله اىل نقود‪.‬‬

‫وقد ترتب التحول اىل الريع النقدي ما يلي ‪:‬‬

‫• يف ظل الريع النقدي تتدعم و تتوسع ملكية الفالحني ألدوات اإلنتاج‪.‬‬

‫• أصبح الفالح إبمكانه شراء التزاماته و حترير نفسه من االقطاعي و التحول كليا اىل فالح حر مالك لألرض ‪.‬‬

‫• ظهور سعر األرض‪ ،‬أي حتول األرض اىل بضاعة و مل تعد إمكانية شراء األرض مقتصرة على الفالحني فقط ‪ ،‬بل اصبح إبمكان‬

‫سكان املدينة شراء قطع أرضية هبدف أتجريها للفالحني ‪.‬‬

‫القوى اإلنتاجية و عالقات اإلنتاج للنظام االقطاعي‬ ‫✓‬

‫القوى اإلنتاجية ‪ :‬اعتمد النظام االقطاعي حتسينات بطيئة و بسيطة على نظام اإلنتاج الزراعي و السبب يعود اىل اهلدف من‬

‫اإلنتاج الزراعي الذي كان يوجه اىل تلبية املنفعة او سد احلاجات ( حتقيق اكتفاء ذايت فقط ) و مشلت التحسينات استخدام احملراث‬

‫املعدين و األدوات الفالحية األخرى املصنوعة من املعادن و يف أواخر النظام االقطاعي منت حرفة احلديد مما ساهم يف اتقان صنع‬

‫أدوات اإلنتاج‪ ،‬كما اسهم اخرتاع البوصلة يف تقدم املالحة كما ترتبت نتائج هامه على اخرتاع الطباعة و انتشارها‪.‬‬

‫عالقات اإلنتاج ‪ :‬قامت عالقات االنتاج يف النظام االقطاعي على املصلحة ( مبدأ احلق و الواجب ) بني االسياد و الفالحني‬

‫‪ ،‬وكانت امللكية التامة تعود لألسياد ‪ ،‬و تشمل امللكية أيضا األراضي املخصصة للفالحني من اجل االستغالل الذايت هلا ‪ ،‬و قد‬

‫عجزت هذه العالقة عن التقدم طيلة الفرتة اليت ساد فيها هذا النظام يف أورواب الغربية و يعود ذلك لسبب ‪:‬‬

‫• االلتزامات الثقيلة اليت يعرضها السيد االقطاعي على رقيق األرض ‪.‬‬

‫• تناقص إنتاجية األرض و العمل بسبب القيود املفروضة سواءا يف الزراعة و احلرف وقد أدى هذا العجز اىل ركود اجملتمع و‬

‫أصبحت العالقات اإلنتاجية عاجزة عن ااتحه الفرصة امام القوى اإلنتاجية للمجتمع ملواصلة منوها و تطورها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫✓ مظاهر النظام االقطاعي من القرن احلادي عشر اىل منتصف القرن ‪15‬‬

‫يف القرن احلادي عشر و القرون املوالية له اخذت األمور تتغري تدرجييا بداية ابهلدف من اإلنتاج الذي حتول اىل اإلنتاج من اجل‬

‫السوق حيث بدأ ظهور النشاط التجاري ‪ ،‬يف القرن الثالث عشر تطور النظام احلريف يف حضن النظام االقطاعي متأثرا به و مؤثرا‬

‫فيه ‪ ،‬و يالحظ خالل الفرتة ما بني القرن الثاين عشر ميالدي و القرن اخلامس عشر ميالدي منو التجارة بشكل اسرع بكثري من منو‬

‫احلرف مما شكل راس املال التجاري ‪ ،‬معتمدة بذلك التجارة على املبادالت و متخذة من املدن مراكز هلا ‪ ،‬و نعرض مظاهر‬

‫النظام االقطاعي يف القرن احلادي عشر و ما بعده و مظاهر النظام احلريف يف املطالب التالية ‪:‬‬

‫التوسع يف الزراعة ‪ :‬زايدة على حجم اإلنتاج بفضل ادخال تقنيات جديدة يف العمل الزراعي و تطور علم األمسدة و تطور نوعية‬

‫اإلنتاج احليواين فقد مت االستفادة من تدفق املياه يف إدارة الطواحني اهلوائية و إقامة السدود و خزاانت املياه و القنوات املائية و تطوير‬

‫العملية الزراعية ابستخدام نظام احلقلني او ثالثة حقول ‪.‬‬

‫ظهور املدن ‪ :‬بدأ بناء املدن يف أورواب يف القرن احلادي عشر وقد تطورت املدن من حيث اخلدمات اليت تقدمها من (‬

‫مستشفيات ‪ ،‬محامات ‪ ،‬فنادق و دار للمسنني ) ‪ ،‬و تقسيمها اىل احياء حيث كل حي يكون خمصص للقيام حبرفة معينة ‪ ،‬و‬

‫تشجيع امتالك األراضي احمليطة بسور املدينة من طرف التجار و أتجريها و هذا شكل مصدرا لرتاكم راس املال بني القرنني الثالث‬

‫عشر و الرابع عشر‪ ،‬كما شهت املدن هجرة كبرية اليها من الفالحني هاربني من سلطة االقطاعي ‪ ،‬و يف القرن الرابع عشر مت بناء‬

‫الكثري من املدن يف أورواب الغربية ‪ ،‬و يعد التزايد يف السكان من اهم األسباب اليت أدت اىل التوسع يف املدن ‪.‬‬

‫انتعاش النشاط التجاري ‪ :‬يعد هذا النشاط من اهم األسباب اليت حولت اإلنتاج الزراعي اىل انتاج من اجل السوق ‪ ،‬حيث بدأ‬

‫التعامل ابلنقود ‪ ،‬و التجار هم طبقة من األشخاص تكونت خارج االقطاعيات يتشكلون من( الرجال الذين مل ميتلكوا أراضي ‪،‬‬

‫العبيد اهلاربني من االقطاعيات ‪ ،‬عمال احلصاد املومسيني ‪ ،‬األشخاص اخلارجني عن القانون ‪ ،‬و املتسولني و الرهبان ) و قامت‬

‫التجارة على أساس لعب دور الوسيط بني املواد اخلام و احلريف ‪ ،‬و بني احلريف و املستهلك مع العلم ان املواد املنتجة من طرف احلريف‬

‫ضئيلة احلجم مقابل الطلب عليها و هذا شكل مصدر األرابح التجارية ‪ ،‬و قد وضح كارل ماركس ان األرابح التجارية يف الفرتة‬

‫االقطا عية مل تتحقق عن طريق تصدير املنتجات الصناعية احمللية ‪ ،‬و امنا حتققت عن طريق ترقية مبادلة املنتجات التجارية‬

‫للمجتمعات األخرى اليت متر مبرحلة تطور اقتصادي ‪ ،‬و عن طريق استغالل جمال اإلنتاج ‪ ،‬و مل يفلح احلرفيون يف كسب أرابح‬

‫‪22‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫جتارية نتيجة لعجزهم عن مبادلة منتجاهتم على نطاق أوسع من املدينة ‪ ،‬كما شهدت التجارة عدة تطورات تنظيمية من حيث‬

‫الضرائب و الزام التجار الغرابء على القيام ابملبادالت التجارية يف املدن و مع التجار و ليس مع االقطاعني يف األرايف ‪ ،‬و قد زادت‬

‫التجارة انتعاشا مع بداية الكشوفات اجلغرافية يف منتصف القرن ‪ 15‬م ‪.‬‬

‫ظهور النظام احلريف ‪ :‬ظهر النظام احلريف يف القرن الثاين عشر ‪ ،‬خالل الفرتة االقطاعية ‪ ،‬ويعترب نظاما مكمال و عامال من عوامل‬

‫التغيري يف اهليكل االقتصادي االقطاعي ‪ ،‬يقوم على العمل اليدوي ‪ ،‬و يتميز النظام احلريف مبا يلي ‪:‬‬

‫• تطور النظام احلريف داخل املدن بسبب وجود حركة جتارية ‪ ،‬فأسلوب اإلنتاج احلريف كان من اجل بيعه يف السوق لصاحله اخلاص‬

‫• كانت الفوارق يف الدخل قليلة بني أصحاب احلرفة و االجراء ‪ ،‬اضافه اىل عدم وجود فوارق طبقية بني التاجر وصاحب احلرفة و‬

‫االجري عنده ‪.‬‬

‫• تكوين النقاابت احلرفية و هي تضمن انتقال االجري اىل صاحب حرفة مستقلة مبجرد امتالكه للمهارة و انضمامه لنقابة احلرفني‬

‫و ضمان احلق له يف العمل يف جتارة التجزئة ‪ ،‬لكن بقيت وسائل اإلنتاج و عدد احلرفني حمدد من طرف النقابة ‪.‬‬

‫• التساوي يف االسواق ‪ :‬حيث كانت النقاابت توزع حاجة السوق يف العمل ابلتساوي بني احلرفني يف أعضاء النقاابت ‪ ،‬فال‬

‫تكون هناك أي تفرقة بني احلريف اجليد و احلريف السيئ‪.‬‬

‫• ظهور الطبقة الربجوازية املالكة لوسائل اإلنتاج و األجراء لدى الطبقة املنتجة يف احلرف ‪.‬‬

‫عالقات اإلنتاج و عوامل اإلنتاج يف النظام احلريف‬

‫• عالقات اإلنتاج ‪ :‬متثل امللكية اخلاصة لوسائل اإلنتاج من طرف احلريف امليزة األساسية يف هذا النظام ‪ ،‬و يضمن له حق هذه‬

‫امللكية نقابة احلرفيني املنتمي اليها ‪.‬‬

‫• عوامل اإلنتاج ‪ :‬حتدد عوامل اإلنتاج أوال يف مكان العمل الذي ميثل حمل ملزاولة احلرفة يف احياء خمصصة يف املدن إضافة اىل‬

‫احلريف و االجري الذي يعمل معه و أدوات اإلنتاج و املواد األولية اليت يتحصلون عليها من طرف وسيط و هو التاجر ‪.‬‬

‫✓ هناية النظام االقطاعي‬

‫أسباب هناية االقطاع ‪ :‬بعد سيطرة هذا النظام على أورواب الغربية لقرابة ‪ 1000‬سنة اهنار لعدة أسباب نذكر منها‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• أتثري التجارة ‪ :‬اليت تعترب قوة خارجية تطورت خارج اطار النظام االقطاعي اليت حولت مع مرور الزمن اإلنتاج االقطاعي من‬

‫انتاج من اجل املنفعة اىل انتاج من اجل السوق‪ ،‬ومع التجارة ظهرت قيمة املبادلة كحقيقة اقتصادية و التوجه اىل اقتناء‬

‫السلع ليس من اجل االستهالك وامنا من اجل حيازة النقود‪.‬‬

‫• األساليب الفنية الزراعية كانت بدائية ‪ ،‬تقسيم العمل كان متخلفا ‪،‬افتقار االقطاع للتنظيم اإلداري‪ ،‬ومل يكن هناك فصل‬

‫بني اإلنتاج واالستهالك ‪،‬و من الصعب تقدير تكلفة اإلنتاج‬

‫• عدم كفاية النظام االقطاعي كنظام انتاجي امام حاجة الطبقة احلاكمة للمزيد من الدخل بسبب ( مواجهة احلروب و اعمال‬

‫السلب التسابق إلظهار مظاهر البذخ) ‪.‬‬

‫• منو املدن كمراكز جتارية داخل االقطاعات و ظهور الدولة اإلقليمية و انتعاشها مما أدى ابنتقال كبار االقطاعيني للمدن و‬

‫ممارستهم للنشاط التجاري ‪.‬‬

‫• زايدة الضغط على االقنان مما زاد يف اجهادهم و هروهبم من األرض اىل املدينة ‪.‬‬

‫• بروز و تطور للنشاط احلريف يف املدن ‪.‬‬

‫يف هناية النظام االقطاعي ظهرت الطبقة الربجوازية و اليت تستفيد من فائض القيمة يف اإلنتاج و بذلك تشكل راس املال الصناعي ‪،‬‬
‫إضافة اىل تراكم املع ارف الفنية يف النشاط احلريف و ظهور االكتشافات االخرتاعات ‪ ،‬و هنا بدأ نظام اقتصادي جديد يسيطر على‬
‫أورواب الغربية يسمى النظام االقتصادي الرأمسايل ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة اخلامسة ‪ :‬النظام الرأمسايل‬


‫بدأت أورواب الغربية يف القرن اخلامس عشر تدخل مرحلة جديدة من مراحل التاريخ و هي العصر احلديث ‪ ،‬منادية حبرية أكثر‬

‫داخل اجملتمع و االستقالل عن النمط االقطاعي ‪ ،‬فنمى فيها كل من النظام احلريف و التجارة يف بدايته و ما لبثت ان طغت التجارة‬

‫اىل مظاهر النشاط االقتصادي يف أورواب الغربية نتيجة للكثري من العوامل ‪ ،‬ليتطور الوضع بعد ذلك اىل والدة نظام اقتصادي جديد‬

‫يطلق عليه النظام الرأمسايل يرتكز على احلرية و سيادة األسواق ‪ ،‬و قد كان هلذا اثر كبري يف تطور العامل ‪.‬‬

‫ماهية النظام الرأمسايل‬

‫✓ تعريف النظام الرأمسايل ‪ :‬نظام اقتصادي يتميز بنمط من اإلنتاج يرتكز على تقسيم اجملتمع إىل طبقتني أساسيتني‪ :‬طبقة مالكي‬

‫وسائل اإلنتاج (األرض‪ ،‬املواد األولية‪ ،‬آالت و أدوات العمل) سواء كانت مكونة من أفراد أو شركات أو مؤسسات الذين‬

‫يشرتون قوة العمل لتشغيل مشروعاهتم‪ ،‬و طبقــة الربوليتاراي ( العمال) اجملربة على بيع قوة عملها‪ ،‬ألن ليس ألفرادها وسائل‬
‫‪.‬‬
‫اإلنتاج و ال رأس املال الذي يتيح هلم العمل حلساهبم اخلاص‬

‫✓ خصائص النظام الرأمسايل ‪ :‬ترتكز خصائص و مسات الرأمسالية حول نوعني من اجلوانب ‪ ،‬فهناك جوانب تنظيمية و اجتماعية‬

‫‪ ،‬و هناك جوانب فنية و اقتصادية و نوضحها كما يلي ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اخلصائص التنظيمية ‪ :‬يقوم النظام الرأمسايل على احلرية يف كافة اجملاالت السياسية و االجتماعية و االقتصادية على‬

‫النحو الذي ينص عليه القانون و يرتكز على مبدأ امللكية اخلاصة و حرية التعاقد ‪ ،‬ويقتصر دور الدولة على محاية حقوق االفراد و‬

‫حراسة مكاسبهم ‪ ،‬واحرتام حق امللكية و حرية التعاقد ‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬اخلصائص الفنية و االقتصادية ‪ :‬يقوم النظام الرأمسايل على فن انتاجي يرتكز على االخرتاع و على بنيان اقتصادي‬

‫يستند على حرية التعاقد ‪ ،‬و نوضحها كما يلي ‪:‬‬

‫• الفن اإلنتاجي ‪ :‬ارتكز على التقدم التكنولوجي الذي أدى اىل الثورة الصناعية ‪ ،‬وطبقت الفنون اإلنتاجية املتقدمة نتيجة لبدأ‬

‫املنافسة اليت تسعى بشكل دائم اىل حتسني وسائل اإلنتاج للتخفيض من نفقات اإلنتاج و حتقيق اكرب ربح ‪ ،‬ففي بدايته اعتمد‬

‫النظام الرأمسايل على أسلوب اإلنتاج الذي يستخدم العمل بنسبة اكرب من استخدام راس املال ‪ ،‬مث اصبح يعتمد على طرق‬

‫إنتاجية تعتمد على راس املال اكثر من العمل ‪ ،‬و ان االعتماد على الفن اإلنتاجي أدى اىل ارتفاع يف النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• حرية القرار االقتصادي ‪ :‬يتم استغالل عوامل اإلنتاج نتيجة لتفاعل القرارات اليت تتخذها االفراد دون االشراف من جانب‬

‫الدولة ‪ ،‬فاحلياة االقتصادية يف ظل النظام الرأمسايل ال تقوم على برانمج تضعه الدولة ‪ ،‬وامنا تتم املبادالت طبقا إلرادة االفراد‬

‫فاألفراد يف سعيهم اىل حتقيق مصاحلهم اخلاصة يسعون يف نفس الوقت اىل حتقيق مصلحة اجلماعة ‪ ،‬و تعرتف الرأمسالية لألفراد‬

‫حبرية االستهالك ‪ ،‬فهم احرار يف توزيع دخوهلم بني االستهالك و االدخار ‪ ،‬كما اهنم احرار يف حتديد هيكل استهالكهم ‪ ،‬و يف‬

‫استثمار ما ادخروه من أموال يف اجملال الذي يرونه مناسبا هلم ‪ ،‬كما تعرتف الرأمسالية حبرية االفراد املشروعات يف العمل ابختيار‬

‫العمل الذي يناسبهم و انتاج السلع اليت يرودوهنا ‪ ،‬كما يضمن حرية انتقال السلع و رؤوس األموال و العمال من بلد اىل اخر ‪،‬‬

‫واتساع حجم املبادالت التجارية و حرية التجارة ‪.‬‬

‫✓ مراحل تطور الرأمسالية‬

‫➢ الرأمسالية التجارية ( الربجوازية ) ( ‪ : )1750 _1450‬منذ منتصف القرن اخلامس عشر نالحظ تفوق التجارة على‬

‫النشاط احلرف من حيث املردود املايل املتحصل عليه ابلرغم من ان كل من النظام احلريف و التجاري ظهرا تقريبا يف نفس الفرتة‬

‫الزمنية منذ انشاء املدن يف أورواب الغربية ‪ ،‬فقد كان التجار ميارسون عملهم داخل حدود املدينة و خارجها ‪ ،‬و ميثل دخلها قسما‬

‫من إنتاج الفالحني او احلرفني و من استهالك الطبقة األرستقراطية ‪ ،‬حيث كان للتجارة دور فعال يف رفع مستوى اإلنتاج بفتح‬

‫أسواق جديدة و توفري السلع ‪.‬‬

‫أسباب ظهور الرأمسالية التجارية توجد جمموعة من العوامل سامهت بشكل واضح يف ظهور الرأمسالية التجارية يف أورواب الغربية و‬

‫نوضحها كما يلي‪:‬‬

‫_ االكتشافات اجلغرافية‬

‫_ الثورة النقدية‬

‫_ ظهور الدول القومية ‪:‬‬

‫اإلصالح الديين و حركة النهضة ‪:‬‬

‫تراكم األموال يف يد التجار الكبار الصيارفة‪.‬‬

‫انتشار األفكار االقتصادية‬

‫‪26‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫➢ الرأمسالية الصناعية (‪_1750‬اواخر القرن ‪ : )19‬ميكن تعريف الرأمسالية الصناعية ابهنا النظام الذي تبلور فيه التقدم االيل و‬

‫الناتج عن سيطرة راس املال على اجلهاز الصناعي و اإلنتاجي سواءا كان ذلك يف صورة املصانع او الورش احلديثة ‪ ،‬واليت‬

‫تستخدم اآلالت كأساس للعملية اإلنتاجية‪ ،‬وما ميز هذه الفرتة عن سابقتها هو توجيه رؤوس االموال لتوظيفها يف اجلهاز‬

‫اإلنتاجي ‪.‬‬

‫➢ الرأمسالية املالية (أواخر القرن ‪)19‬‬

‫متيزت مرحلة الرأمسالية املالية بتطور وظيفة البنوك حنو امليدان االستثماري و ظهور اشكال جديدة من الشركات ‪ ،‬إضافة اىل تزايد أتثري‬

‫البورصات يف االقتصاد و ظهور الرتكيز املايل مما جعل البنوك تتحكم يف النظام الرأمسايل ‪ ،‬و على غرار ذلك ظهرت بنوك جديدة مل‬

‫تقتصر وظيفتها على منح القروض للتجار وارابب الصناعة فقط ‪ ،‬بل أصبحت توظف جزءا من رأمساهلا يف النشاط الصناعي فتحولت‬

‫اىل مؤسسة بنكية رأمسالية صناعية ‪ ،‬وبذلك أصبحت الصناعة خاضعة هليمنة البنوك‪.‬‬

‫تقييم النظام الرأمسايل‬

‫يقتضي تقدير النظام الرأمسايل توضيح مزاايه و عرض عيوبه كما يلي‪:‬‬

‫✓ مزااي النظام الرأمسايل ان حرية التملك و حرية املنافسة و حرية التصرف انعكست إجيابيا على النظام الرأمسايل يف اجلوانب‬

‫التالية‪:‬‬

‫• تطوير العملية اإلنتاجية و حدوث فطرة يف اإلنتاج ‪ :‬ان وجود فن انتاجي حقق طفرة إنتاجية ‪.‬‬

‫• ارتفاع مستوى املعيشة ‪ :‬ان التنوع الكبري يف السلع و اخلدمات املنتجة أدى اىل ارتفاع مستوى املعيشة لألفراد و ذلك على الرغم‬

‫من التفاوت امللحوظ و الفروق الشاسعة بني االفراد و الطبقات وتعرض االقتصادايت الرأمسالية هلزات او أزمات عنيفة و دورية‬

‫• االستغالل االكفأ للموارد االقتصادية ‪ :‬ان االستغالل االكفأ و الكامل للموارد االقتصادية املتاحة لدى اجملتمع على مستوى‬

‫املستهلك و مستوى املشروع و مستوى الصناعة ‪ ،‬و هذا امر طبيعي ينظم قواعده جهاز السوق و جو املنافسة ‪.‬‬

‫✓ عيوب النظام الرأمسايل وجهت للنظام الرأمسايل انتقادات التالية ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• تؤدي احلرية االقتصادية الكاملة اىل التوزيع السيئ للملكية اخلاصة بني افراد اجملتمع حيث تظهر اقلية حتوز على جانب كبري من‬

‫ثروة اجملتمع ‪.‬‬

‫• احلرايت اليت يكلفها النظام الرأمسايل هي حرايت شكلية و ليست حقيقية نتيجة لسوء توزيع الدخول و ما يؤدي اليه من تفاوت‬

‫الفرص ‪ ،‬فحرية العمل غري مكفولة للجميع ‪ ،‬كما ان حرية االستهالك ومهية حيث ال يستطيع اجلميع احلصول عليها‬

‫• تزيد تركز امللكيات لفرد او جمموعة من االفراد اىل قيام االحتكار اذا كان من املمكن للمالك ان حيقق لنفسه رحبا اكثر عن طريق‬

‫سحب بعض ممتلكاته من االستغالل ‪.‬‬

‫• ان السيطرة على إدارة بعض الشركات تفرض على احلكومة تغيري سياستها جتاه الواردات اليت تنافس ممتلكاهتم فتجربها مثال‬

‫على فرض رسوم مجركية عالية على السلع األجنبية املشاهبة رغم ما يف ذلك من تعارض مع مصلحة املستهلكني ‪.‬‬

‫• ال يؤدي نظام االئتمان اىل حتقيق االقتصاد الكامل يف توزيع املوارد خاصة اذا عرفنا ان املنتجني ال يكفون عن التدخل يف‬

‫تفضيالت املستهلكني عن طريق الدعاايت ‪ ،‬كما ان الكثري من االمثان حتدد على أساس االحتكار و ليس املنافسة املثلى ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة السادسة ‪ :‬الثورة الصناعية‬


‫ان املشاكل االقتصادية اليت وقع فيها اقتصاد أورواب الغربية مع هناية فرتة الرأمسالية التجارية من تضخم و بطالة جعلت رؤوس األموال‬

‫تتوجه من االستثمار يف التجارة اىل االستثمار يف القطاع الصناعي ‪ ،‬وتسمى الفرتة املمتدة من ‪ 1760‬اىل ‪ 1830‬بفرتة الثورة‬

‫الصناعية األوىل ‪ ،‬وكانت انطالقتها من إجنلرتا اليت تبنت يف الفرتة السابقة منهج الرأمسالية التجارية مع بناء صناعة ‪ ،‬لكن من خالل‬

‫قراءتنا لألحداث يطرح السؤال نفسه ملاذا مل تنطلق الثورة الصناعية من فرنسا اليت تبنت الرأمسالية الصناعية قبل بريطانيا ؟و بعد ذلك‬

‫ظهرت الثورة الصناعية الثانية يف كل من املانيا و الوالايت املتحدة االمريكية بني الفرتتني ‪ 1850‬اىل بداية احلرب العاملية األوىل‬

‫‪.1914‬‬

‫الثورة الصناعية تعريفها و حمركاهتا و أسباهبا يف بريطانيا‬

‫تعريف الثورة الصناعية ‪:‬‬

‫عملية تراكمية للنمو السكاين املفاجئ و اإلنتاج و الدخل ‪ ،‬و هذا النمو املفاجئ تزامن مع وجود الفكرة القائلة أبن هناك عامال‬

‫حامسا يف هناية املطاف جيب أن يكون ‪ ،‬فاالقتصاد اإلجنليزي قد وصل اىل مرحلة من النمو متقدمة بفضل استخدام ( املكننة )‬

‫اآلالت يف قطاع النسيج مما زاد يف الطلب ‪ ،‬و قد شكلت الثورة الصناعية حتول كبري يف اتريخ اإلنسانية ‪ ،‬و تعترب االنطالقة للنمو‬

‫االقتصادي احلديث و قد ظهرت يف بريطانيا يف الفرتة من ‪ 1760‬اىل ‪ 1830‬و هي الفرتة اليت مسيت ابلثورة الصناعية األوىل ‪.‬‬

‫احملركات األساسية للثورة الصناعية يف بريطانيا‬

‫ان قيام الثورة الصناعية (الثورة الصناعية األوىل) يف بريطانيا بدال من فرنسا اليت اعتمدت على التجارة الصناعية أساسا لتشكيل‬

‫راس املال فيها ‪ ،‬كان نتيجة لوجود ثالث تقنيات أساسية مل تتوفر اال يف بريطانيا مما جعل معدل النمو االقتصادي يرتفع مبعدالت‬

‫كبرية نتيجة لزايدة حجم اإلنتاج والطلب وتتمثل هذه التقنيات الثالثة األساسية يف‪ :‬تقنية التواصل اجلديدة ‪ ،‬مصادر جديدة للطاقة‬

‫ترفع كفاءة تزويد النشاطات االقتصادية ابلطاقة و وسائل نقل جديدة ترتقي مبستوى احلركة يف األنشطة االقتصادية ‪.‬‬

‫و عندما تلتقي هذه التقنيات مع بعضها البعض فإهنا حتدث تغيريا يف أنشطتها االقتصادية تتضمن كافة سالسل القيم على اصعدة‬

‫اإلدارة و الطاقة و احلركة يف بريطانيا يف القرن ‪ 19‬يف فرتة الثورة الصناعية األوىل فقد طورت ما يلي ‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• طورت االتصاالت ابستخدام التلغراف يف كافة احناء بريطانيا ‪ ،‬و هذا اعترب ثورة يف تلك الفرتة مما سهل بشكل كبري عملية‬

‫االتصال و التواصل ‪.‬‬

‫استخدام الفحم احلجري الرخيص كمصدر جديد للطاقة ‪ ،‬كما استخدموا احملرك البخاري الستغالل هذه الطاقة‪.‬‬ ‫•‬

‫استخدام القاطرات ‪ ،‬وهي عرابت تستخدم لنقل الفحم تسري فوق سكة جديدة و توضع احملركات البخارية فوق هذه العرابت‬ ‫•‬

‫لتسهيل حركتها ‪ ،‬وهكذا اخرتعوا نظام نقل جديد فتح األسواق العاملية خالل الثورة الصناعية األوىل ‪.‬‬

‫أسباب الثورة الصناعية يف بريطانيا‬

‫_ انتصار بريطانيا يف حروهبا و حققت السيطرة على البحار فظفرت مبستعمرات وفرت هلا اخلامات واحتاجت إىل السلع املصنوعة؛‬

‫وألن جيوشها‪ ،‬وأساطيلها‪ ،‬وسكاهنا املتزايدين‪ ،‬هيئوا هلا سوقاً متسعة للمنتجات الصناعية خاصة يف صناعات النسيج واملعادن ‪.‬‬

‫_ بسطت بريطانيا لنفوذها على العديد من املستعمرات مما أاتح للصناعة الربيطانية سوقاً أجنبية ال ينافسها فيها منافس يف القرن‬

‫الثامن عشر‪.‬‬

‫_ حتقيق املكاسب التجارية و تكديس راس املال بفضل الرأمسالية التجارية حيث بدأ البحث عن وجوه جديدة لالستثمار؛‬

‫فسمحت إجنلرتا لنبالئها‪-‬ولثرواهتم‪-‬ابالشتغال ابلتجارة والصناعة؛‬

‫_ نزوح الفالحني من األرايف اىل املدن بسبب حتويل األراضي الزراعية اىل أراضي رعوية فارتفع عدد العمال يف املدن فتوجهوا‬

‫لألنشطة الصناعية ‪.‬‬

‫_ الثورة العلمية اليت اجتاحت بريطانيا يف منتصف القرن ‪ 18‬بفضل النزعة العلمية و التجارية للحكومة الدستورية اليت كان هلا الرغبة‬

‫يف ان تكون بريطانيا سباقة للثورة الصناعية وكانت مجعية لندن امللكية تتألف أكثرها من رجال عمليني حيبذون الدراسات اليت‬

‫يرجى تطبيقها على الصناعة‪.‬‬

‫_ توفر املنظومة املصرفية مما أودع آالف الربيطانيني مدخراهتم يف املصارف اليت كانت تقرض النقود بفوائد منخفضة‪ ،‬وانتشر مقرضو‬

‫املال يف كل مكان‪.‬‬

‫_ االهتمام حبرية املشروعات وحرية التجارة‪-‬وترك األجور واألسعار حرة يف الصعود أو اهلبوط طبقاً لقوانني العرض والطلب‬

‫‪30‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫مظاهر الثورة الصناعية‬

‫موجة االخرتاعات‬

‫ظهور نظام املصانع االلية و كرب حجم املشروعات‬

‫‪:‬‬
‫ظهور النزاعات االحتكارية يف الصناعة‬

‫نتائج الثورة الصناعية‬

‫• كثرة املخرتعات واآلالت ‪.‬‬

‫انتقال االقتصاد من النقاابت احلرفية املنظمة والصناعات األسرية إىل نظام االستثمار الرأمسايل واملشروعات احلرة‪.‬‬ ‫•‬

‫• تصنيع الزراعة‪-‬أي االستعاضة عن املزارع الصغرية مبساحات كبرية من األرض تدار رأمسالياً‪ ،‬وتستخدم اآلالت والكيمياء والقوة‬

‫امليكانيكية على نطاق واسع إلنتاج الطعام واأللياف لسوق قومية أو دولية ‪ ،‬واملزرعة اليت كانت تفلحها األسرة تنضم إىل‬

‫النقاابت احلرفية يف ركب ضحااي الثورة الصناعية ‪.‬‬

‫• تشجيع العلم وتطبيقه وبثه وقد انصب التشجيع أوالً على البحوث العلمية ولكن الدراسات يف العلم البحت أفضت إىل نتائج‬

‫عملية هائلة‪ ،‬ومن مث فقد مولت البحوث النظرية أيضاً‪ ،‬وأصبح العلم هو الطابع املميز للحياة احلديثة كما كان الدين للحياة يف‬

‫الفرتة االقطاعية ‪.‬‬

‫أعادت الثورة الصناعية رسم خريطة العامل بضمنها سيادة بريطانيا على البحار وعلى أكثر املستعمرات جلباً لألرابح على مدى‬ ‫•‬

‫‪ 150‬عاماً ‪ ،‬وقد عززت اإلمربايلية ألهنا محلت إجنلرتا‪ -‬على فتح أصقاع أجنبية تستطيع أن توفر اخلامات أو األسواق أو‬

‫التسهيالت للتجارة أو احلرب‪ ،‬وأكرهت الشعوب الزراعية على التصنيع وتقوية نفسها عسكرايً لتحصل على حريتها أو تصوهنا‪،‬‬

‫وخلقت روابط اقتصادية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬و حربية جعلت االستقالل ومهياً والتكافل واقعياً ‪.‬‬

‫غريت إجنلرتا طابعاً وحضارة بتكثري سكاهنا‪ ،‬وتصنيع نصفها‪ ،‬وحتريكها مشاالً وغرابً إىل مدن جماورة ملناجم الفحم أو احلديد‪ ،‬أو‬ ‫•‬

‫للطرق املائية أو البحر؛ وقد حولت الثورة الصناعية مناطق شاسعة من إجنلرتا‪ ،‬ومن غريها من الدول املصنعة‪ ،‬إىل بقع ملطخة‬

‫من األرض تنفث دخان املصانع وختتنق ابلغازات والغبار‪.‬‬

‫مكنت احلرب ووسعتها وجردهتا من الطابع الشخصي ورفعت قدرة اإلنسان على التدمري أو القتل بدرجة هائلة ‪.‬‬ ‫•‬

‫‪31‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫فرضت حتسيناً وسرعة يف املواصالت والنقل وهبذا يسرت تكتالت صناعية أكرب وسهلت يف مناطق أوسع من رأس مال واحد ‪.‬‬ ‫•‬

‫ولدت الدميوقراطية برفعها طبقة رجال األعمال إىل مكانة الثراء املهيمن‪ ،‬وإىل التفوق السياسي نتيجة تدرجيية لذلك‪ .‬وألحداث‬ ‫•‬

‫هذا االنتقال اخلطري للسلطة ورغبة يف محايته‪ ،‬جندت الطبقة اجلديدة أتييد قطاع متزايد من اجلماهري‪ ،‬واثقة من أن يف اإلمكان‬

‫االحتفاظ بوالئها ابهليمنة على وسائل اإلعالم وتلقني املبادئ‪ .‬ولكن رغم هذه اهليمنة أصبح شعب الدول الصناعية أفضل‬

‫اجلماهري إعالماً يف التاريخ احلديث ‪.‬‬

‫• وإذا كانت الثورة الصناعية املتطورة تتطلب مزيداً من التعليم للعمال واملديرين‪ ،‬فإن الطبقة اجلديدة مولت املدارس واملكتبات‬

‫واجلامعات على نطاق مل حيلم به أحد من قبل‪ .‬وكان اهلدف تدريب الذكاء التقين‪ ،‬وكانت احلصيلة اجلانبية توسعاً مل يسبق له‬

‫نظري يف الذكاء العلماين ‪.‬‬

‫نشر االقتصاد اجلديد السلع وأسباب الرفاهية بني نسبة من السكان تفوق كثريا أي نظام سابق مل يكن من سبيل أمامه لصيانة‬ ‫•‬

‫إنتاجيته املطردة االرتفاع إال بقوة شرائية مطردة االتساع يف الشعب ‪.‬‬

‫أرهفت العقل احلضري‪ ،‬ولكنها بلدت احلس اجلمايل؛ وأصبحت مدن كثرية قبيحة املنظر قبحاً يغم النفوس ويف النهاية أقلع الفن‬ ‫•‬

‫نفسه عن نشدان اجلمال‪ .‬وكان من آاثر إسقاط األرستقراطية عن عرشها‪-‬زوال حفظة املعايري واألذواق وحكمتها‪ ،‬وهبط مستوى‬

‫األدب والفن‬

‫• رفعت الثورة الصناعية أمهية االقتصاد ووضعه‪ ،‬وأفضت إىل التفسري االقتصادي للتاريخ‪ ،‬وعودت الناس على التفكري بلغة العلة‬

‫واملعلول املاديني‪ ،‬وأفضت إىل نظرايت ميكانيكية النزعة يف علم األحياء فحواها حماولة تفسري مجيع عمليات احلياة على أهنا أفعال‬

‫ميكانيكية ‪.‬‬

‫• تضافرت هذه التطورات يف العلم‪ ،‬والنزعات الشبيهة يف الفلسفة‪ ،‬مع األحوال احلضرية والثراء املتسع‪ ،‬على إضعاف العقيدة‬

‫الدينية ‪.‬‬

‫النزعة الصناعية جعلت الفرد والشركة مها وحديت اإلنتاج‪ ،‬اذ أصبح تشغيل األطفال و النساء شرطا لزايدة حجم اإلنتاج ‪.‬‬ ‫•‬

‫‪32‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة السابعة ‪ :‬املشكلة األملانية و معاهدات السالم‬

‫انطلقت يف كل من أملانيا و الو م أ الثورة الصناعية الثانية خالل الفرتة من ‪ 1914_1850‬نتيجة للكثري من االخرتاعات و‬

‫حتولت بذلك أملانيا اىل قوة اقتصادية فاقت قوهتا قوة إجنلرتا اىل جانب قوهتا العسكرية ‪ ،‬و أكرب مصدر يف العامل للمنتجات‬

‫الصناعية‪ ،‬وقد بدأ يهيمن على تفكري األملان االطماع االستعمارية من أجل فتح أسواق جديدة‪ ،‬و ذلك ابلتوسع يف القارة أوالً‪،‬‬

‫لضم أملان اخلارج‪ :‬سكان النمسا‪ ،‬والبلطيق‪ ،‬وأملان هنغاراي ‪ ،‬و اهلولنديني ‪ ،‬و فلندا ‪ .‬أما التوسع خارج القارة األوروبية فقد كان هلا‬

‫مستعمرات يف افريقيا و الصني و احمليط اهلادئ و قد أرغمت على التنازل عنها بعد هزميتها يف احلرب العاملية األوىل ‪.‬‬

‫املانيا و احلرب العاملية األوىل‬

‫• النتائج االقتصادية للحرب العاملية األوىل‬

‫بدأت شرارة احلرب بقتل ويل عهد النمسا من قبل شبان قوميني صرب‪ ،‬فوجهت النمسا إنذاراً إىل صربيا‪ ،‬وأخذت تستعد لسحق‬

‫حركتها التحررية‪ ،‬هنا تدخلت روسيا واختذت بعض التدابري العسكرية‪ ،‬فقامت أملانيا إبنذار روسيا لعدم التدخل‪ ،‬ردت روسيا إبعالن‬

‫النفري العام‪ ،‬فأعلنت أمل انيا النفري العام‪ ،‬وتبعتها فرنسا‪ .‬وأعقبت أملانيا ذلك إبعالن احلرب على روسيا مث على فرنسا لدعمها روسيا‪،‬‬

‫وسارعت بريطانيا لتدخل احلرب إىل جانب فرنسا‪.‬‬

‫خلفت احلرب خسائر اقتصادية جسيمة بعد تدمري البناايت االقتصادية واالجتماعية (كاملعامل واملساكن واألراضي الفالحية‬

‫والطرق)‪ ،‬مما أدى إىل تراجع اإلنتاج الفالحي والصناعي‪ ،‬وانتشار الفقر والبطالة‪ ،‬وقد عاشت الدول املتحاربة أزمة مالية خانقة بسبب‬

‫نفقات احلرب الباهظة‪ ،‬فازدادت مديونية الدول األوربية بعد جلوئها لالقرتاض من اخلارج‪ ،‬كما ركزت بعض الدول على مستعمراهتا‬

‫لتنشيط اقتصادها‪ ،‬ومقابل الرتاجع األورويب استفادت دول أخرى من احلرب كالوالايت املتحدة األمريكية والياابن‪.‬‬

‫• معاهدات السالم‬

‫معاهدة فريساي مع املانيا ‪ :‬بتاريخ ‪ 28‬جوان ‪ 1919‬نصت املعاهدة على حتميل أملانيا مسؤولية اندالع احلرب وابلتايل إلزامها‬

‫بدفع تعويضات مادية للدول املنتصرة‪ .‬كما نصت االتفاقية على منح منطقة األالزس و اللورين لفرنسا‪ ،‬ودفع أملانيا إىل عدم بناء‬

‫حتصينات عسكرية قرب احلدود بينها وبني فرنسا (منطقة هنر الرين ) ‪ ،‬كما انتزعت املستعمارت من أملانيا لصاحل كل من فرنسا‬

‫وبريطانيا أُجربت أملانيا على الرغم من االحتجاجات الشديدة عندها إىل أن تعرتف ابلذنب لبدئها احلرب و تقدمي تعويضات مالية‬

‫لدول احللفاء و املواطنني ‪ ،‬يف عام ‪ 1921‬قدر جمموع التعويضُ ‪ 132‬مليار مارك ذهيب ‪ ،‬و يف ‪ 1931‬علق تدفع التعويضات من‬

‫‪33‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫طرف اجملتمع الدويل ‪ ،‬بسبب ان املانيا قد دفعت ‪ 20.598‬مليون مارك ذهيب أملاين كتعويض‪ ،‬ومع صعود شعبية أدولف هتلر أُلغيت‬

‫مجيع السندات والقروض املفروضة على أملانيا‪.‬‬

‫معاهدة سان جرمان مع النمسا ‪ :‬بتاريخ ‪10‬جويلية ‪ 1919‬و اليت سلخت منها مجيع القوميات املكونة هلا ومل يبق منها سوى‬

‫مجهورية صغرية مكونة من ‪ 6‬مالين نسمة ‪ ،‬و وصلت مساحتها اىل ‪ 83000‬كلم ‪ ، 2‬كما منعت من االحتاد مع املانيا اال مبوافقة‬

‫عصبة األمم و امتلكت ما يقارب ‪ 30000‬جندي فقط ‪.‬‬

‫إضافة اىل معاهدة فرساي اخلاصة أبملانيا توجد معاهدات أخرى مع الدول املنهزمة يف احلرب العاملية األوىل و هي‪:‬‬

‫معاهدة نويلي مع بلغاراي ‪ :‬بتاريخ ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1919‬وقد أعيدت اىل حدودها اليت كانت عليها يف ‪ 1914‬على اعتبار اهنا‬

‫خسرت الكثري من األراضي يف حرب البلقان الثانية يف ‪ ، 1913‬وقد خسرت يف احلرب العاملية األوىل بتنازهلا عن تراقيا الغربية لليوانن‬

‫‪.‬‬

‫معاهدة تراينون مع اجملر ‪ 4 :‬جوان ‪ 1920‬أضعفت هذه املعاهدة اجملر كثريا خاصة عندما اقتصرت مساحتها على ما تبقى من‬

‫اإلمرباطورية بعد خروج تشيكوسلوفاكيا و استقالل القوميات السالفية فأصبحت مساحتها ‪ 92000‬كلم ‪ ، 2‬و ‪ 8‬ماليني نسمة و‬

‫‪ 35000‬جندي فقط ‪.‬‬

‫معاهدة سيفر مع الدولة العثمانية ‪ :‬في اوت ‪ 1920‬واقتصرت على العنصر الرتكي يف االانضول و التنازل عن مجيع مستعمراهتا يف‬

‫اسيا الوسطى و البالد العربية و التنازل لليوانن عن قربص و ختليها عن أرمينيا ‪.‬‬

‫املانيا و احلرب العاملية الثانية‬

‫النقلة النوعية لالقتصاد األملاين بعد احلرب العاملية الثانية‬

‫عندما كانت ﺩﻭلة ﺃلمانيا ﺍلغربية في بدﺍية تأسيسها‪ ،‬كاﻥ هناﻙ نقاشاﺕ كبيرﺓ حوﻝ ﺍإلتجاه ﺍلذﻱ ستتخذه ﺍلدﻭلة ﺍلجديدﺓ‬

‫فيما يتعلق بسياستها ﺍلنقدية‪ .‬حيث ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍلعديد من ﺍألطرﺍﻑ بما فيها قاعدﺓ ﺍلقوﻯ ﺍلعاملة ﻭﺃعضاﺀ من ﺍلحزﺏ ﺍلديمقرﺍطي‬

‫ﺍإلجتماعي ﺃﻥ يكوﻥ نظاﻡ ﺍلدﻭلة ﺍلغربية نظاماً ﺍقتصاﺩياً تُسيطر عليه ﺍلحكومة ‪.‬‬

‫لعب وزير املالية (ارهارد ) ﺩﻭﺭﺍً كبيرﺍً في تشكيل عملة جديدﺓ تمّت طباعتها من قبل ﺍلحلفاﺀ‪ ،‬لتحل محل ﺍلرﺍيخ ماﺭﻙ ﺍلذﻱ‬

‫ﺃصبح بال قيمة‪ .‬ﺃﺩﻯ طرﺡ ﺍلعملة ﺍلجديدﺓ ﺇلى تخفيض كمية ﺍلعملة ﺍلمتوفرﺓ لدﻯ ﺍلعامة بنسبة ‪ ،39%‬مما ﺃﺩﻯ ﺇلى تقليص‬

‫حجم ﺍلثرﻭﺓ ﺍلتي يملكها كل من ﺍألفرﺍﺩ ﻭﺍلشركاﺕ ﺍأللمانية‪ ،‬ﺇضافة ﺇلى منح تخفيضاﺕ ضريبية كبيرﺓ في محاﻭلة لتحفيز‬

‫‪34‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫ﺍإلنفاﻕ ﻭﺍإلستثماﺭ‪ .‬تم ﺍإلتفاﻕ على ﺇﺩخاﻝ ﺍلعملة في ‪ 12‬جوان ‪ 1948‬ﻭفي خطوﺓ مثيرﺓ للجدﻝ قرﺭ ﺇﺭهاﺭﺩ ﺃﻥ يلغي ضبط‬

‫ﺍألسعاﺭ في نفس ﺍليوﻡ )ضبط ﺍألسعاﺭ‪ ،‬ﺇحدﻯ ﺍلسياساﺕ ﺍلمالية ﺍلتي تتبعها ﺍلحكوماﺕ لكبح جماﺡ ﺍلغالﺀ‪ ،‬ﻭﺍﺭتفاﻉ ﺍألسعاﺭ‪،‬‬

‫ﻭطمع ﺍلتجاﺭ‪ ،‬كما يتم ﺍستعمالها ﺃحيانا لمحاﺭبة ﺍلتضخم ‪. .‬‬

‫و كنتيجة لذلك عاﺩﺕ ﺃلمانيا ﺍلغربية ﺇلى ﺍلحياﺓ بين ليلة ﻭضحاها‪ ،‬فأصبحت ﺍلمحالﺕ تعج بالبضائع ﻭﺫلك عندما ﺃﺩﺭﻙ ﺍلناﺱ‬

‫بأﻥّ للعملة ﺍلجديدﺓ قيمة‪ ،‬كما توقفت ﺍلمقايضة بسرعة ﻭﺍنتهت ﺍلسوﻕ ﺍلسوﺩﺍﺀ‪ ،‬ﻭعاﺩﺕ ﺍألسوﺍﻕ ﺍلتجاﺭية ﺇلى ﺍلعمل مجدﺩﺍ‪،‬‬

‫ﻭعاﺩ حافز ﺍلعمل للناﺱ في عاﻡ ‪ ،1948‬كاﻥ ﺍأللماﻥ يستهلكوﻥ حوﺍلي تسعة ساعاﺕ ﻭنصف ﺃسبوعياً للحصوﻝ عىل ﺍلطعاﻡ ﻭ‬

‫ﺍلحاجاﺕ ﺍألخرﻯ‪ .‬ﻭلكن في أكتوبر ﻭبعد ﺃسابيع من ﺇطالﻕ ﺍلعملة ﺍلجديدﺓ ﻭتخفيض ضبط ﺍألسعاﺭ‪ ،‬ﺍنخفض هذﺍ ﺍلرقم ﺇلى ما‬

‫يقاﺭﺏ ﺍألﺭبع ساعاﺕ ﺃسبوعيا ‪ ،‬ﻭفي جوان ‪ ،‬كاﻥ ﺇنتاﺝ ﺃلمانيا ﺍلصناعي حوﺍلي نصف ﺇنتاﺝ عاﻡ ‪ ،1936‬ﻭعند نهاية ﺍلسنة‪،‬‬

‫كاﻥ ﺍلرقم قريباً من ‪ .89%‬كما ساهم برنامج ﺍإلنتعاﺵ ﺍألﻭﺭﻭبي ﻭﺍلمعرﻭﻑ ﺃكثر بخطة ماﺭشاﻝ نسبة ﺇلى ﻭﺯير ﺍلخاﺭجية‬

‫ﺍألميركي جوﺭﺝ ماﺭشاﻝ في ﺇعاﺩﺓ ﻭالﺩﺓ ﺃلمانيا‪ .‬قامت ﺍلوالياﺕ ﺍلمتحدﺓ بموجب هذﺍ ﺍلبرنامج بتقديم ‪ 14‬ملياﺭ ﺩﻭالﺭ ﺃﻱ‬

‫مايقاﺭﺏ ﺍﻝ ‪115‬ملياﺭ ﺩﻭالﺭ في عاﻡ ‪ 2008‬للدﻭﻝ ﺍألﻭﺭﻭبية ﺍلتي تضرﺭﺕ من ﺍلحرﺏ ﺍلعالمية ﺍلثانية‪ ،‬حيث ﺫهبت حصة‬

‫كبيرﺓ من هذه ﺍلنقوﺩ ﺇلى ﺃلمانيا كونها ﺃكبر ﺍلمتضرﺭين من ﺍلحرﺏ لكن ﺍلمفاجئ في ﺍألمر هو ماتوصل ﺇليه ﺍلمؤﺭخوﻥ‬

‫ﺍالقتصاﺩيوﻥ‪ ،‬حيث قدّﺭ بعضهم مساهمة خطة ماﺭشاﻝ في ﺇعاﺩﺓ ﻭالﺩﺓ ﺃلمانيا بأقل من ‪ 5%‬فيما يتعلق بدخل ﺃلمانيا ﺍلقومي‬

‫خالﻝ تلك ﺍلفترﺓ!! ﺍستمرّﺕ ﺃلمانيا ﺍلغربية بالنمو‪ ،‬ﻭفي عاﻡ ‪ 1958‬ﺃصبح ﺇنتاﺝ ﺃلمانيا ﺍلصناعي ﺃعلى بأﺭبع مرّﺍﺕ مما كاﻥ عليه‬

‫قبل عقد من ﺍلزمن‪.‬‬

‫انعكاسات الوحدة بني املانيا الشرقية و املانيا الغربية على الصعيد االقتصادي‬

‫لقد عرف االقتصاد األملاين تطورا كبريا يف فرتة السبعينات و الثمانينات و لكن بعد الوحدة تعرضت القاعدة االقتصادية األملانية‬

‫ألخطر ازمة اقتصادية و اجتماعية نتج عنها تراجع يف اإلنتاج الوطين اخلام ‪ ،‬و تقلص يف حجم االستثمار بسبب سعي احلكومة لدعم‬

‫الوالايت الشرقية و إخراجها من االزمات اليت اثرت على السياسة العامة للبالد و نوضح ما حدث كما يلي‪:‬‬

‫• اهم ازمة كانت حتديد قيمة املارك الشرقي خاصة ان املانيا الشرقية مل تكن تتمتع بنظام بنكي موجه و ال سوق مالية و نقدية‬

‫متطورة ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• تقرر يف االحتاد االقتصادي و النقدي األملاين ربط اختيار معدل الصرف ابحرتام احملددات الرئيسية ألملانيا الشرقية و حدد املارك‬

‫األملاين ب ‪ 1.8‬مارك شرقي ‪ ،‬لكن ما حدث اثناء عملية الصرف هو ظهور نوع من حالة عدم التوافق بني ضمان القدرة‬

‫الشرائية و البحث عن املنافسة ابلنسبة لعملية اإلنتاج ‪.‬‬

‫• أدى التعديل املفاجئ للتوازن بني العرض و الطلب بعد الوحدة اىل ارتفاع أسعار االستهالك يف الوالايت اجلديدة بنسبة ‪ 4‬ابملئة‬

‫يف ‪ 1992‬و وصلت نسبة التضخم اىل ‪ 11.2‬ابملئة ‪ ،‬كما تدهور فائض احلساب اجلاري األملاين يف ‪ 1989‬اىل حوايل ‪79‬‬

‫مليار يف ‪ 1990‬مع عجز ‪ 30‬مليار مارك سنة ‪ 1991‬اىل ‪.1995‬‬

‫• عرفت اجلهة الغربية ألملانيا نفس الرتاجع يف االستثمار و االستهالك الذي تقلص بنسبة ‪ 0.3‬ابملئة يف ‪ 1993‬بعد ان قدر ب‬

‫‪ 1.17‬ابملئة سنة ‪ ، 1992‬كما تعرض االقتصاد األملاين اىل الكثري من اهلزات بدون استثناء و بعد ان سجلت سنة ‪1990‬‬

‫زايدة يف اإلنتاج حبوايل ‪ 5.7‬ابملئة ‪ ،‬و ‪ 5‬ابملئة سنة ‪ ، 1991‬مث ‪ 2.2‬ابملئة سنة ‪ 1992‬عادت النسبة لتنخفض اىل ( _ ‪1.2‬‬

‫ابملئة ) يف سنة ‪ 1993‬و هي نسبة سالبة ‪.‬‬

‫• ارتفاع الناتج الوطين سنة ‪ 1994‬اىل ‪ 2.97‬ابملئة و زادت النسبة ب ‪ 1.9‬ابملئة سنة ‪ 1995‬مقسمة بني( ‪ 1.5‬ابملئة يف‬

‫اجلهة الغربية مقابل ‪ 2.4‬ابملئة سنة ‪ 1994‬و ‪ 6.3‬ابملئة يف اجلهة الشرقية مقابل ‪ 8.5‬ابملئة سنة ‪ ، )1994‬و هبذا نالحظ‬

‫ان النمو أكرب يف اجلانب الشرقي لكن ذلك ال يعين ان الفارق االقتصادي بني االملانيتني يبقى كبريا الن الناتج الوطين للفرد‬

‫الواحد يف الوالايت الغربية هو تقريبا الضعف ابلنسبة للوالايت الشرقية وقد سجل العجز يف كمية اإلنتاج صاحبه عجز على‬

‫مستوى األموال العامة قدر حبوايل ‪ 123.6‬مليار مارك سنة ‪.1995‬‬

‫• تراجع الناتج الوطين اخلام يف املانيا يرجعه بعض احملللني اىل قوة االقتصاد يف املانيا الغربية سابقا و زايدة اإلنتاج فيها من جهة و‬

‫من جهة أخرى ظهور املنافسة مع فقدان اإلنتاج لفعاليته يف الوالايت الشرقية مما أدى اىل فقدان املانيا ألسواقها اخلارجية و‬

‫اخنفاض صادراهتا للدول األوروبية و زايدة وارداهتا حىت اهنا حتولت اىل مستورد لرؤوس األموال لغرض متويل مشاريع البناء الداخلي‬

‫خاصة ان قيمة األموال اليت يتم حتويلها اىل الوالايت الشرقية تتزايد من سنة اىل أخرى إضافة اىل تراكم الديون ‪.‬‬

‫• و على العموم فقد كان اهنيار االقتصاد يف املانيا الشرقية امرا مؤكدا مع ظهور الفرق الشاسع بني األجور و إنتاجية العمل ‪.‬‬

‫ما ميكن استخالصه من نتائج الوحدة على االقتصاد األملاين هو العجز الذي بدأ مبشكل حتديد معدل الصرف اظهر مدى أمهية‬

‫توافق األنظمة االقتصادية يف اندماجها و اكد ان الوحدة ابلسرعة اليت متت هبا فضلت البعد االجتماعي و السياسي على حساب‬

‫‪36‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫االعتبارات االقتصادية‪ ،‬اما من الناحية ا لتطبيقية فان الوحدة املفاجئة أدت اىل مشاكل خاصة انه مل حيدث تقارب متسلسل و متدرج‬

‫هذا التقارب كان من شأنه وضع مرحلة انتقالية حتدد فيها كل مقاييس التحول من نظام اخر ‪ ،‬و لكن االحداث سبقت القرارات و‬

‫الدراسات السياسية و االقتصادية خاصة ‪ ،‬ومل ترتك اجملال للباحثني و السياسيني للتخطيط املسبق ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثامنة ‪ :‬االزمة االقتصادية العاملية ( ازمة الكساد العظيم ‪)1929‬‬

‫يتعرض االقتصاد الرأمسايل اىل التقلبات الدورية حبكم طبيعة النظام الرأمسايل الذي يستند على مبدأ احلرية االقتصادية و الية السوق و‬

‫امللكية اخلاصة و عدم تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪ ،‬و تنعكس االزمات الرأمسالية بشكل مباشر او غري مباشر على‬

‫اقتصادايت الدول بفعل عالقات التبعية و اهليمنة و تقسم العمل الدويل و ابلتايل ختصص تلك الدول يف انتاج املواد اخلام الزراعية و‬

‫املعدنية اليت توجه للتصدير‪ ،‬و تعد أزمة ‪ 1929‬اعنف و أطول ازمة تعرضت هلا الدول الرأمسالية يف الوالايت املتحدة االمريكية و‬

‫غريها من الدول اليت عانت هزات احلرب بشدة مل أتلفها اقتصادايت هذه الدول من قبل ‪ ،‬وكما يلي سنعرض جوانب متعدد من أزمة‬

‫‪. 1929‬‬

‫الدورات االقتصادية يف النظام الرأمسايل‬

‫مفهوم الدورات االقتصادية‬

‫يقصد ابلدورة االقتصادية التقلبات اليت حتصل يف النشاط االقتصادي ( الناتج الداخلي اخلام ‪ ،‬الدخل ‪ ،‬العمالة ‪ ،‬التجارة اخلارجية‬

‫و األسعار ) و اليت تستمر لفرتة ترتاوح بني عامني اىل عشر أعوام ‪ ،‬و اليت تتميز بتوسع معظم قطاعات االقتصاد الوطين او‬

‫انكماشها‪.‬‬

‫مراحل الدورة االقتصادية ‪ :‬تتكون الدورة االقتصادية من أربعة مراحل و هي‪:‬‬

‫• الكساد ‪ :‬و فيه يكون النشاط االقتصادي قد اخنفض اىل ادىن مستوى له ‪ ،‬و ينخفض اإلنتاج و الدخل و األسعار و التجارة‬

‫اخلارجية و تزداد البطالة ‪.‬‬

‫• االنتعاش ‪ :‬يزداد فيها اإلنتاج و الدخل و تنخفض البطالة ‪.‬‬

‫• الرواج ‪ :‬يصل فيها النشاط االقتصادي اىل ذروته فيزداد اإلنتاج و الدخول و تتالشى البطالة متاما و تتوسع التجارة اخلارجية اىل‬

‫أقصاها مع احتمال ارتفاع األسعار و تعرض االقتصاد اىل التضخم ‪.‬‬

‫• االنكماش ‪ :‬يتقلص فيها النشاط االقتصادي فينخفض اإلنتاج و الدخول و تزداد البطالة و تنتهي هذه املرحلة حبالة الكساد‬

‫لتبدأ دورة جديدة ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫ﻭليﺱ ھناﻙ فتﺭﺓ محﺩﺩﺓ للﺩﻭﺭﺓ ﺍالقتصاﺩية ألنها تعتمﺩ على ﺃسباﺏ حﺩﻭثها ﻭﻁﺭﻕ معالجتها‪ ،‬ﻭﺍلﻭﺍقع ﺇﻥ ﺍلﺩﻭﺭﺍﺕ ﺍالقتصاﺩية‬

‫كانﺕ تحﺩﺙ ﺇلى حﺩ ما بالتعاقﺏ خالﻝ ﺍلقﺭنيﻥ ﺍلثامﻥ عشﺭ ﻭﺍلتاسع عشﺭ ﻭﺫلﻙ نتيجة لعﺩﻡ تﺩخﻝ ﺍلﺩﻭلة في ﺍلنشاﻁ ﺍالقتصاﺩﻱ‬

‫ﻭسياﺩﺓ ﺍلفكﺭ ﺍلكالسيكي ﺍلﺫﻱ يﺩعﻭ ﺇلى ﺍلحﺭية ﺍالقتصاﺩية ﻭﺍلملكية ﺍلخاصة ﻭ ﺍلمنافسة ﺍلحﺭﺓ استنادا اىل مقولة ادم مسيث ( دعه‬

‫يعمل دعه مير )‪.‬‬

‫نشأة االزمة العاملية‬

‫• يوم اخلميس ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1929‬طرحت ‪ 13‬مليون سهم‪ ،‬فهبطت أسعارها اىل مستوايت منخفضة جدا ‪ ،‬فتهافت أصحاب‬

‫األسهم اىل بيع اسهمهم ‪ ،‬فأغرقت سوق ابألوراق املالية بنيويورك مبا يقارب ‪ 70‬مليون سهم دفعة واحدة ‪.‬‬

‫• أدت فرتة الكساد اىل انتشار موجه الذعر و عدم الثقة بقيام االفراد املواطنني و األجانب بسحب ودائعهم من البنوك و يطالبون‬

‫بصرف أوراق البنكوك ابلذهب ‪ ،‬مما عرض مؤسسات االئتمان اىل حالة عجز حقيقي عن الدفع ‪.‬‬

‫• غلق البنوك أبواهبا سنة ‪ 1930‬حيث وصل عدد البنوك املغلقة اىل ‪ 1320‬بنك ‪ ،‬مث ارتفع اىل ‪ 2293‬بنك مغلق سنة ‪1931‬‬

‫‪ ،‬و يف ‪ 26‬مارس ‪ 1933‬مت إيقاف الصرف ابلذهب ‪.‬‬

‫• اخنفاض أسعار السلع الزراعية بشكل حاد و اصبح مثنها اقل من سعر التكلفة و ذلك لوفرة اإلنتاج من جهة و زايدة تصدير‬

‫القمح الروسي يف األسواق العاملية أبسعار منخفضة ‪ ،‬وقد أدى اخنفاض أسعار السلع الزراعية اىل نقص يف دخول املزارعني و‬

‫الذي انعكس بدوره على النقص يف الطلب على السلع املصنعة ‪ ،‬كصناعة املركبات ‪ ،‬اآلالت الزراعية ‪ ،‬احلديد و الصلب و‬

‫املنسوجات ‪.‬‬

‫نتائج أزمة الكساد‬

‫• اخنفاض حجم اإلنتاج للصناعات الرئيسية كصناعة املركبات بنسبة (‪ 74‬ابملئة) و صناعة احلديد و الصلب (‪ 76‬ابملئة ) و‬

‫صناعة املنسوجات (‪ 28‬ابملئة) و كذلك للصناعات األخرى ‪.‬‬

‫• اغالق املصانع و تسريح العمال نتيجة الخنفاض حجم اإلنتاج ‪ ،‬وقد بلغ عدد العاطلني عن العمل يف الوالايت املتحدة االمريكية‬

‫‪ 4.6‬مليون عاطل سنة ‪ 1929‬و وصل اىل ‪ 13‬مليون عاطل سنة ‪ ، 1933‬اما يف بريطانيا فقد بلغ العدد ‪ 3‬مليون ‪ ،‬و يف‬

‫املانيا ‪ 6‬مليون ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• اخنفاض االستثمارات االمريكية اخلارجية من ‪ 15‬مليار دوالر خالل الفرتة (‪ )1929_1925‬اىل ‪ 10‬مليار دوالر خالل ازمة‬

‫الكساد ‪ ،‬كما اخنفض حجم االستثمارات الداخلية يف جمال املباين السكنية و معدات املنتجني و املباين التجارية ‪.‬‬

‫• اخنفاض حجم التجارة اخلارجية بسبب قيام معظم الدول بفرض رسوم مجركية عالية على االسترياد ‪.‬‬

‫اقرتاحات كينز ملعاجلة أزمة الكساد‬

‫برهنت ازمة الكساد على وجود خلل يف النظرايت الكالسيكية اليت تدعو اىل حرية التجارية و عدم تدخل الدولة يف النشاط‬

‫االقتصادي و التوازن التلقائي ‪ ،‬و ظهرت النظرية الكينزية و اليت دعت اىل نبذ سياسة حرية التجارة و ضرورة تدخل الدولة يف‬

‫األنشطة االقتصادية و االنفاق كما متارس االدخار و االستهالك و تكون هلا سياسة نقدية مدروسة ‪ .‬و ذلك خللق الطلب الفعال‬

‫كما نقد كينز قانون املنافذ ل ( ساي ) ‪ ،‬و أكد انه ليس صحيحا ان العرض خيلق الطلب املقابل و املساوي له بل ان الصحيح‬

‫لدى كينز هو العكس مبعىن ان ( الطلب هو الذي خيلق العرض ) ‪ ،‬فكينز يرى ان املنتجني ينتجون تلك الكمية اليت يعلمون ان‬

‫هناك اسواقا هلا و من مثة فان وجود الطلب يف السوق هو الذي يؤدي اىل انتاج السلع و اخلدمات الالزمة إلشباع هذا الطلب يف‬

‫االقتصاد الرأمسايل ‪ ،‬فنقطة البداية هي الطلب الكلي و ليس العرض الكلي ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة التاسعة ‪ :‬النظام االقتصادي االشرتاكي‬


‫يقوم النظام االشرتاكي على فكرة إحالل اجلماعة حمل الفرد ‪ ،‬وذلك ابن تكون ملكية وسائل اإلنتاج للدولة بدال من االفراد ‪ ،‬و هو‬

‫نظام له جانبه الفلسفي و الفكري ضمن مدار اقتصادية‪ ،‬و قد ظهر يف القرن الثامن عشر ‪.‬‬

‫اإلطار النظري لالشرتاكية‬

‫مفهوم االشرتاكية‬

‫هو النظام الذي متتلك فيه الدولة مجيع عناصر اإلنتاج كاألرض و املصانع و اآلالت ‪ ،‬و اختاذ القرارات القتصادية من خالل جهاز‬

‫التخطيط بدال من جهاز االمثان يف النظام الرأمسايل ‪ ،‬و مت تطبيق االشرتاكية يف القرن العشرين عندما قامت الثورة البلشفية يف روسيا‬

‫عم ‪ ( 1917‬تطبيق اشرتاكية كارل ماركس ) ‪.‬‬

‫املهام االقتصادية و االجتماعية لالشرتاكية‬

‫املهمة االقتصادية للدولة يف املرحلة االشرتاكية تتمثل ابلدرجة األوىل يف إعادة بناء القاعدة املادية‪ ،‬تبدأ بتحويل ملكية وسائل‬

‫اإلنتاج يف اجملتمع اىل مجاعية بعد أتميم املمتلكات اخلاصة املستغلة وضمان تسيريها الدميقراطي من طرف املنتجني املباشرين وفق خطة‬

‫واعية تعمل على حتسني اإلنتاج و توسيعه و توجيهه حنو اشباع حاجات اجملتمع‪.‬‬

‫املهمة االجتماعية يف املرحلة االشرتاكية تعمل على سد احتياجات اجملتمع من اخلدمات و السلع عن طريق التوزيع العادل ‪ ،‬و‬

‫منع أي شكل من اشكال استغالل العمل املأجور ‪ ،‬الذي يشكل اترخييا جوهر استغالل االنسان لإلنسان ‪ ،‬كما تقوم الدولة يف‬

‫املرحلة االشرتاكية بتغيري الفكر السائد و إحالل حمله فكر اشرتاكي يعرب عن الواقع اجلديد‪.‬‬

‫االشرتاكية املاركسية‬

‫مفهوم االشرتاكية املاركسية ‪ :‬املاركسية هي جمموعة األفكار اليت تنسب اىل كارل ماركس ‪ ،‬و دعي ماركس اىل االشرتاكية‬

‫العلمية و كانت نتيجة ألحباث علمية دقيقة نتيجة لقراءته املتعمقة للتاريخ و لتطور الرأمسالية ‪ ،‬و يرى ان تطور اجملتمعات مرتبط‬

‫ابلتطور التكنولوجي ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫و يرى ماركس ان تطور اجملتمع اإلنتاجي ال يتوقف عند الرأمسالية‪ ،‬بل ابلعكس فان ذلك يتعدى اىل ضرورة وجود مراحلة جديدة و‬

‫هي االشرتاكية‪ ،‬و ذلك بسبب ان التقدم الفين يؤدي إىل مزيد من تقسيم العمل و التخصص‪ ،‬و هذا من شأنه زايدة تركز‬

‫راس ملال حىت ميكن االستفادة من مزااي اإلنتاج الكبري ‪ ،‬و بذلك التطور يف قوى اإلنتاج حنو املزيد من اجلماعية و الرتكز يف أساليب‬

‫اإلنتاج ‪ ،‬حيث يزداد حجم املشروعات و ترتكز هنا يؤدي اىل تكدس العمال فيها ‪ ،‬و كذلك يؤدي تقسيم العمل زايدة الرتابط بني‬

‫النشاط االقتصادي و هذا ما يزيد اىل إضفاء الصفة االجتماعية على أساس اساليب اإلنتاج ‪ ،‬و ال يتماشى هذا التطور مع العالقات‬

‫اإلنتاجية الفردية القائمة على امللكية اخلاصة ‪ ،‬و لذلك تقوم احلاجة اىل ضرورة تغيري هذه العالقات و قيام نوع جديد من امللكية يتفق‬
‫‪.‬‬
‫و التطور الذي طرأ على قوى و أساليب اإلنتاج‬

‫عناصر النظرية املاركسية‬

‫• العمل وفائض القيمة ‪ :‬تتحدد قيمة أي سلعة مبقدار ما يبذل فيها من ساعات العمل ‪ ،‬يعتقد ماركس ان ما يدفع للعامل من‬

‫أجر يف النظام الرأمسايل ( الذي حتدده قوى العرض و لطلب ) ‪ ،‬يقل كثريا عن قيمة السلعة اليت ينتجها ‪ ،‬و الفرق بني القيمتني (‬

‫الفرق بني قيمة السلعة اليت ينتجها العامل و مقدار االجر الذي حيصل عليه ) او ما يطلق عليه فائض القيمة يذهب اىل الرأمسايل‬

‫‪ ،‬و هذا هو االستغالل حسب ماركس ‪ ،‬و حسب رايه املفروض يوجه هذا الفرق اىل العامل ‪.‬‬

‫• الغاء امللكية الفردية‪ :‬اندت النظرية املاركسية إبلغاء امللكية الفردية و احلرية االقتصادية املطلقة ملا سببه ذلك من سوء يف توزيع‬

‫للثروة و الدخل و ظلم و استغالل للطبقة الكادحة ‪.‬‬

‫• فناء الرأمسالية ‪ :‬فناء الرأمسالية حسب ماركس هو نتيجة للتناقضات داخل النظام بني طبقة الرأمساليني و العمال الذي ينته‬

‫ابألزمات االقتصادية و الصراع الطبقي ‪ ،‬و ال خيمد هذا الصراع اال بزوال النظام الرأمسايل و قيام االشرتاكية‬

‫• االشرتاكية اخر مراحل التطور التارخيي ‪ :‬قسم ماركس تطور اجملتمعات اىل مخس مراحل متتالية و هي العصر البدائي ‪،‬مرحلة‬

‫الرق ‪ ،‬مرحلة االقطاع ‪ ،‬مرحلة االقطاع ‪ ،‬املرحلة الرأمسالية ‪ ،‬و أخريا املرحلة االشرتاكية و الشيوعية ‪ ،‬و لكي يصبح اجملتمع‬

‫اشرتاكيا فال بد ان يكون قد مر مبرحلة الرأمسالية الصناعية ‪ ،‬و نتيجة للتناقضات النظام الرأمسايل تربز االشرتاكية كنظام بديل ‪.‬‬

‫• تشكيل احلكومة من الطبقة العاملة (املنتجة)‪ :‬دعا ماركس اىل قيام نظام طبقي من نوع اخر بعد تغيري وضع الطبقات و حتديد‬

‫الطبقة املسيطرة و هي الطبقة العاملة املنتجة ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫عيوب النظام االقتصادي االشرتاكي‬

‫• انعدام احلرية الفردية‪ :‬فقد الفرد حريته يف اختيار النشاط االقتصادي ويف التملك‪ ،‬ويف اختيار السلع واخلدمات اليت يستهلكها‬

‫وأصبحت كل هذه األشياء تقرر من قبل اجلهاز املركزي للتخطيط‪.‬‬

‫• اخنفاض إنتاجية العامل‪ :‬نتيجة إمهال احلوافز املادية إذ من غري املتوقع أن يبذل الفرد بصفته اجريا عند الدولة قصارى جهده من‬

‫أجل زايدة اإلنتاج وختفيض التكاليف‪.‬‬

‫خلق البريوقراطية‪ :‬إن مبدأ املركزية يضفي على العملية التخطيطية درجة عالية من عدم املرونة والبريوقراطية‪ ،‬وهذا يؤدي بدوره‬ ‫•‬

‫لتدين مستوايت اإلنتاجية‪.‬‬

‫عدم كفاءة أسلوب التخطيط املركزي إلدارة االقتصاد القومي‪ :‬تؤدي مركزية التخطيط لعدم قدرة االقتصاد على مواجهة التغريات‬ ‫•‬

‫الطارئة يف احلياة االقتصادية وخاصة اليت يصعب التنبؤ هبا مواجهة سريعة وفاعلة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة العاشرة ‪ :‬نظام برينت وودز‬


‫يف اعقاب احلرب العاملية الثانية مت وضع نظام اقتصادي يتكون من منظمات اقتصادية دولية و الشركات املتعددة اجلنسيات و‬

‫التجمعات و التكتالت االقتصادية اإلقليمية ‪ ،‬و تبقى املنظمات االقتصادية هي العمود الفقري للنظام االقتصاد الدويل الذي يتشكل‬

‫من( النظام النقدي الدويل ‪ ،‬النظام املايل الدويل و النظام التجاري الدويل )‪ ،‬و يسمى هذا النظام ب برينت وودز ‪ ،‬و من خالل هذا‬

‫الفصل نتعرض للمؤسسات اليت تشكل هذا النظام وهي ‪:‬صندوق النقد الدويل و البنك الدويل لإلعمار و االنشاء‬

‫نشأة نظام برينت وودز‬

‫اجتمعت وفود ‪ 44‬دولة يف برينت وودز حلضور املؤمتر النقدي و املايل و اهلدف هو تصميم نظام نقدي دويل جديد لغرض تصحيح‬

‫االختالالت االقتصادية اليت حدثت بني احلربني العامليتني األوىل و الثانية كالتضخم و الكساد و االنكماش و تداعي قاعدة الذهب‬

‫‪ ،‬وقد مت التوقيع على اتفاقية أصبحت فيما بعد أساس للنظام النقدي احلديث ‪ ،‬و اصبح الدوالر األمريكي العملة الدولية الرئيسية ‪.‬‬

‫وكان التحدي الذي واجه خرباء النقد واملالية هو استحداث نظام يتيح للبلدان تصحيح اختالالهتا اخلارجية دون اللجوء إىل‬

‫التخفيضات التنافسية يف سعر الصرف املثبطة لذاهتا والسياسات التجارية التقييدية اليت كانت تستخدم خالل الفرتة ما بني احلربني‬

‫العامليتني‪.‬‬

‫هتدف اتفاقية بريتون وودز إىل حتقيق االستقرار يف االقتصاد العاملي‪ ،‬ومت فيها تثبيت أوقية من الذهب‪ ،‬و مت تثبيت سعر صرف‬

‫الدوالر األمريكي مبا يساوي ‪ 35‬اوقية ذهب مث تثبيت عمالت الدول أمام الدوالر االمريكي عدم السماح لسعر صرف العملة‬

‫ابلتقلب أكثر من ‪ 2‬ابملئة ا هبوطا وً صعودا القيمة الثابتة أمام الدوالر ‪.‬‬

‫مبادئ نظام برينت وودز ‪:‬‬

‫• أن سعر الصرف يعترب من املسائل ذات األمهية الدولية‪ ،‬وينبغي العمل على ضمان ثبات أسعار الصرف‪ ،‬على األقل يف املدة‬

‫القصرية‪ ،‬مع إمكانية تعديلها يف بعض الظروف إذا ظهر ما يستوجب ذلك‪.‬‬

‫من املصلحة زايدة االحتياطي من الذهب والعمالت احلرة يف كل دول‪ ،‬حىت ال تضطر الدولة إىل اختاذ إجراءات وسياسات قد‬ ‫•‬

‫تضر ابلتوازن الداخلي ملواجهة العجز يف ميزان مدفوعاهتا‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• أن حتقيق املصلحة السياسية واالقتصادية للعامل يتطلب إجياد نظام للتجارة متعددة األطراف وحتقيق القابلية لتحويل العمالت‪.‬‬

‫أن أفضل الطرق لتحقيق هذا التعاون النقدي هو إنشاء منظمة دولية ذات وظائف حمددة‪.‬‬ ‫•‬

‫يف كثري من األحوال‪ ،‬تكون االختالالت النقدية راجعة إىل أسباب غري نقدية‪ ،‬ومن هنا جيب على املنظمات النقدية أن تتعاون‬ ‫•‬

‫مع املنظمات األخرى لعالج هذه االختالالت‪.‬‬

‫أن زايدة االستثمارات الدولية هي أمر حيوي لالقتصاد الدول‬ ‫•‬

‫مؤسسات برينت وودز‬

‫• صندوق النقد الدويل ‪ :‬هو املنظمة العاملية النقدية اليت تقوم على إدارة النظام النقدي الدويل و تطبيق السياسات النقدية الكفيلة‬

‫بتحقيق االستقرار النقدي و عالج العجز املؤقت يف موازين مدفوعات الدول األعضاء فيه ‪.‬و قد أنشئ صندوق النقد الدويل‬

‫يف ‪ 25‬ديسمرب ‪ 1945‬مبقتضى االتفاقية برينت وودز املوقعة يف ‪ 22‬جويلية ‪1944‬‬

‫• البنك الدويل لإلعمار و االنشاء ‪ :‬هو مؤسسة اقتصادية عاملية مسؤولة عن إدارة النظام املايل الدويل و االهتمام بتطبيق‬

‫السياسات االقتصادية الكفيلة بتحقيق التنمية االقتصادية للدول األعضاء ‪ ،‬لذلك فان مسؤوليته تنصب أساسا على سياسات‬

‫التنمية و االستثمارات ‪ ،‬و سياسات اإلصالح اهليكلي و سياسات ختصيص املوارد يف القطاعني العام و اخلاص و كذلك يهتم‬

‫البنك الدويل بصفة رئيسية ابجلدارة االئتمانية ألنه يعتمد يف متويله على االقرتاض من أسواق املال ‪ 1948‬و يتمتع البنك‬

‫ابلشخصية القانونية و الدولية و مبيزانية مستقلة ‪.‬‬

‫• االتفاقية العامة للتعريفة اجلمركية ( اجلات )‪ :‬هي معاهدة دولية متعددة األطراف تتضمن حقوق و التزامات متبادلة عقدت‬

‫بني حكومات الدول املوقعة عليها هبدف حترير العالقات الدولية السلعية ‪.‬‬

‫وقد كان حترير التجارة من العقبات اجلمركية و هو اهلدف من وراء انشاء االتفاقية العامة للتعريفة اجلمركية اليت أصبحت فيما بعد‬

‫منظمة التجارة العاملية ‪ ،‬اليت متثل الضلع الثالث ملثلث السيطرة الرأمسالية بعد البنك الدويل للتعمري و االنشاء و صندوق النقد الدويل‪.‬‬

‫اهنيار نظام برينت وودز‬

‫‪45‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫بداية سقوط نظام بريتون وودز‬

‫أدى توفر الدوالر لدى دول الفائض مع الوالايت املتحدة إىل فقدان الثقة يف احتياطاهتا الدوالرية ومن مث عمدت إىل حتويل هذا‬

‫الفائض إىل ذهب مما أدى إىل هبوط خمزون الرصيد الذهيب املوجود يف حوزة الوالايت املتحدة حيث اخنفض من ‪ 18‬مليار ‪ $‬إىل ‪11‬‬

‫مليار ‪ )1970 - 1960( $‬وأصبحت مستحقات الدول اجتاه أمريكا تفوق ما لديها من رصيد ذهيب الشيء الذي طرح الكثري من‬

‫التساؤالت فيما خيص قدرهتا على حتويل الدوالر إىل ذهب ‪،‬كما ان اخنفاض أسعار الفائدة يف الوالايت املتحدة مع بقائها مرتفعة يف‬

‫عمق األزمة ‪ ،‬وسعيا ملواجهة هذه التداعيات يف النظام‬


‫أورواب وهذا أدى إىل هروب رؤوس األموال من أمريكا إىل أورواب األمر الذي ّ‬
‫النقدي الدويل ‪ ،‬فقد اختذ العديد من اإلجراءات الفردية واجلماعية كان أبرزها االتفاق على إنشاء (حوض الذهب ‪)Gold Pool‬‬

‫عام ‪ ، 1961‬وقد اشتمل على البنوك املركزية للوالايت املتحدة وبريطانيا وبلجيكا وأملانيا وهولندا وسويسرا وايطاليا ‪ ،‬وقد كان القصد‬

‫األساسي منه تثبيت أسعار الذهب أما ابلنسبة ملركز الذهب يف النظام النقدي الدويل اجلديد فقد اعرتف الصندوق بوجود سوقني‬

‫للذهب (السوق املزدوج للذهب ‪ )Tow – Tior Gold Market‬مها ‪:‬‬

‫أ‪ -‬السوق الرمسية‪ :‬ويستعمل فيها الذهب لألغراض النقدية وبسعر ‪ $ 35‬لالونصة الواحدة ‪ ،‬ويقتصر ذلك على السلطات النقدية‬

‫للدول األعضاء ابلصندوق كالبنك املركزي لكل دولة مثال ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬السوق احلرة‪ :‬ويستعمل فيها الذهب لألغراض غري النقدية وابلتايل فهو ال خيضع ألحكام اتفاقية الصندوق ويعد سوق لندن‬

‫السوق الذي يباع فيه الذهب لألغراض املذكورة مبا يتماشى مع التقلبات يف سعره ألغراض نقدية وهو خيص الدول اليت مل ترتبط‬

‫ابلذهب بشكل مباشر وإمنا عن طريق الدوالر‪ ،‬فان البنوك املركزية هلذه البلدان قد احتفظت أبرصدة دوالرية بدال من الذهب وان‬

‫السبب الرئيسي لذلك هو إن األرصدة الدوالرية حتصل على فوائد بعكس األرصدة الذهبية ‪.‬‬

‫ويف ظل هذا قامت أمريكا ابلتدخل إلصالح األوضاع وذلك إبقرار جمموعة من قرارات على لسان رئيسها ريتشارد نيكسون يف‬

‫‪ 1971/8/15‬يف خطابه لألمة حتت عنوان السياسات االقتصادية اجلديدة واليت تضمنت اآليت ‪:‬‬

‫• وقف حتويل الدوالر إىل ذهب أي وقف التزاماهتا الدولية ‪.‬‬

‫خفض اإلنفاق العمومي واملساعدات االقتصادية اخلارجية بنسبة ‪. %10‬‬ ‫•‬

‫‪46‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫فرض ضريبة على السلع اليت تدخل إىل أمريكا سعيا إىل رفع تنافسية السلع األمريكية‪.‬‬ ‫•‬

‫ومعىن ذلك هو اهنيار قاعدة الدوالر اليت قام عليها النظام النقدي الدويل بعد احلرب العاملية الثانية مما اضطرت بعض الدول‬

‫إىل تعومي عمالهتا‪.‬‬

‫أسباب فشل نظام بريتون وودز‬

‫لقد فشل نظام بريتون وودز بسبب ما احتواه من تناقضات وملا ورد على سريه وتنفيذه من قيود وحواجز أمهها ‪:‬‬

‫• مل يسمح يف ظل هذا النظام للدول ابلقيام إبجراءات تصحيحية للعجز يف ميزانيتها ‪.‬‬

‫• أن هذا النظام عاىن من مشكل رئيسي هو ارتكازه على عملة واحدة وهي الدوالر وهذا يعين أن استقرار النظام ككل متوقف‬

‫على استقرار الدوالر فحدوث أي هزة فيه سوف تنعكس على النظام ككل‪.‬‬

‫• مل أيخذ النظام النقدي اجلديد يف احلسبان تزايد أمهية العمالت األخرى كالني الياابين والعمالت األوروبية‪.‬‬

‫تتوقف الثقة ابلدوالر على احلالة اليت يتحقق فيها التوازن يف ميزان املدفوعات األمريكي ‪ ،‬ألنه يؤدي اىل تثبيت حجم السيولة‬ ‫•‬

‫الدولية ‪ ،‬ولكن عند حصول عجز يف هذا امليزان فسوف يؤدي إىل توفري سيولة دولية كافية ‪ ،‬ولكنه يؤدي إىل إهدار الثقة يف‬

‫العملة الوسيطة وحتويلها إىل ذهب‪.‬‬

‫إن نظام بريتون وودز كان صاحلا يف ظل ظروف معينة (الفرتة اليت أعقبت احلرب العاملية الثانية فقط) والسبب الرئيسي يف‬

‫تقويض دعائم هذا النظام يرجع إىل التضخم السريع الذي أثر يف حركات التبادل التجاري الدويل ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة احلادي عشر ‪ :‬بروز االقتصادايت األسيوية‬


‫من منتصف ستينات القرن العشرين برز ما يسمى ابملعجزة االقتصادية االسيوية ابتداءا من ‪ ، 1965‬و قد اطلق عليها ما يسمى‬

‫ابلنمور االسيوية او الدول االقتصادية احلديثة ‪ ،‬و تعترب جتربة رائدة يف التصنيع ‪ ،‬و تشمل هذه املعجزة دول شرق و جنوب شرق‬

‫اسيا و هي ‪ :‬هنونغ كونغ ‪ ،‬اتيوان ‪ ،‬كوراي ‪ ،‬الياابن ‪ ،‬اندونيسيا ‪ ،‬سنغافورا ‪ ،‬ماليزاي ‪ ،‬اتيلند ‪ ،‬ومن خالل هذا الفصل نوضح عوامل‬

‫هنوض هذه الدول اقتصاداي و املؤشرات االقتصادية هلا ‪.‬‬

‫عوامل هنوض دول شرق و جنوب شرق اسيا‬

‫هناك جمموعة من العوامل الداخلية و اخلارجية اليت سامهت يف هنوض دول شرق و جنوب سرق اسيا جعلت منها معجزة اقتصادية‬

‫نوضحها كما يلي‪:‬‬

‫العوامل الداخلية و تتمثل هذه العوامل يف ‪:‬‬

‫• دور الدولة ‪ :‬تتمثل يف املركزية السياسية اليت كانت قائمة يف هذه البلدان حىت منتصف الثمانينات و املرتبطة بواقع اإلجناز‬

‫االقتصادي بقيام الدولة بوظيفتها السياسية و اإلدارية و االستقرار السياسي و اليت ساعدت هذه الدول على التحكم مبصادر‬

‫التمويل املصريف و ختطيط األولوايت االستثمارية ‪.‬‬

‫التنويع االقتصادي ‪ :‬أي تنويع مصادر الدخل من خالل توسيع قاعدة اإلنتاج من السلع و اخلدمات و تنويع االستثمارات‬ ‫•‬

‫و العالقات االقتصادية مع أكرب عدد من الدول و كذلك تنويع االطار املؤسسي للنشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫القيم االسيوية ‪ :‬يتميز األسيويون ابلتزامهم بتقاليد الطاعة الشديدة للسلطة السياسية و احرتام القانون العام ‪.‬‬ ‫•‬

‫التوجه اىل التصدير ‪ :‬تبنت هذه الدول خالل الستينات اسرتاتيجية إحالل الواردات ‪ ،‬و خالل السبعينات تبنت اسرتاتيجية‬ ‫•‬

‫التصنيع من اجل التصدير ابعتبارها مفتاح النمو االقتصادي و ساعدت سياسة احلوافز االقتصادية املعتمدة من قبل هذه الدول‬

‫يف جناح هذه االسرتاتيجية كاإلعفاءات اجلمركية لالستثمارات الصناعية التصديرية و تقدمي اإلعاانت و االعتماد على التخصص‬

‫النوعي و األداء املتقن للوصول اىل مستوى عال من اجلودة و الكفاءة ‪ ،‬و بلغ معدل النمو االقتصادي يف هذه الدول حنو‬

‫(‪ 12.1‬ابملئة )خالل الفرتة (‪ ) 1993_1983‬و شكلت الصادرات الصناعية حوايل‬

‫( ‪ 54.6‬ابملئة ) من الناتج احمللي اإلمجايل خالل املدة (‪. ) 1993_1983‬‬

‫‪48‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫تعزيز القدرة التنافسية و اكتساب التقنية ‪ :‬جلأت دول شرق و جنوب شرق اسيا اىل تعدد مصادر اكتساب التكنولوجيا و‬ ‫•‬

‫أمهها استرياد السلع الرأمسالية و اإلنتاجية خاصة عند بداية التسعينات من القرن العشرين ‪ ،‬اذ ازدادت نسبة هذه السلع اىل الناتج‬

‫احمللي اإلمجايل ‪ ،‬و كذلك اعتمدت هذه مبدأ التعاون التكنولوجي حمليا فيما بينها حلل املشكلة التكنولوجية و الدخول اىل‬

‫اجزائها الدقيقة ‪ ،‬إضافة اىل ذلك فان هذه الدول اكتسبت التكنولوجيا عن طريق التعاون و الرتاخيص ‪.‬‬

‫العوامل اخلارجية ‪ :‬اما العوامل اخلارجية فتمثلت يف ‪:‬‬

‫• االعتماد على تدفق راس املال األجنيب و بدرجة كبرية ‪ :‬فقد ارتفعت قيمة االستثمار األجنيب املباشر من( ‪ 1.4‬ابملئة )‬

‫اىل( ‪ 6.7‬ابملئة ) خالل الفرتة (‪ ، )1996_1986‬و يف اتيلندا على سبيل املثال وصل االستثمار األجنيب املباشر اىل‬

‫‪ (10.3‬ابملئة ) من الناتج حمللي اإلمجايل خالل الفرتة ( ‪.)1996_1990‬‬

‫• النظام االقتصادي العاملي اجلديد ‪ :‬االقتصاد االسيوي عرف انطالقة قوية ملا فتحت الوالايت االمريكية املتحدة أسواقها‬

‫امام املنتجات االمريكية ‪ ،‬وكانت هذه األخرية قد شجعت كوراي على تصنيع معدات و بضائع عسكرية تستفيد منها يف‬

‫احلرب الفيتنامية و قد ساعدت العوملة و االندماج يف االقتصاد العاملي اجلديد على ختطي الكثري من القيود أمام‬

‫االستثمارات األجنبية ‪.‬‬

‫• الشركات املتعددة اجلنسيات ‪ :‬لعبت الشركات املتعددة اجلنسيات دورا كبريا يف احداث التقدم االقتصادي لدول شرق و‬

‫جنوب شرق اسيا إضافة اىل دور االستثمارات قصرية االجل ‪ ،‬يف حني سامهت الثورة املعلوماتية و االتصاالت اىل اجياد‬

‫سوق عاملية لالسهم و السندات و جتارة العملة ‪.‬‬

‫املؤشرات االقتصادية لدول شرق و جنوب شرق اسيا‬

‫من خالل مالحظة التجربة الرائدة هلذه الدول ميكن مشاهدة بعض املؤشرات االقتصادية كما يلي ‪:‬‬

‫• الناتج احمللي اإلمجايل ‪ :‬حققت هذه الدول خالل املدة (‪ )1996_1990‬معدالت منو عالية يف الناتج احمللي اإلمجايل ‪ ،‬اذ‬

‫تراوحت الزايدة السنوية يف اندونيسيا بني احلدين األدىن و األعلى بني( ‪ 7.5‬ابملئة ) عام ‪ 1990‬و( ‪ 9.1‬ابملئة ) عام‬

‫‪ ،1992‬و يف كوراي بلغت( ‪ 5.1‬ابملئة) و( ‪ 9.5‬ابملئة ) ‪ ،‬و يف ماليزاي بلغت ( ‪ 7.8‬ابملئة ) و( ‪ 9.6‬ابملئة ) للمدة نفسها‬

‫على التوايل اذ يالحظ ان هذه الدول حققت معدالت منو إجيابية ابلرغم من اهنا تعترب اقتصادايت انشئة ‪،‬وهذا دليل على حسن‬

‫التخطيط و دقة التصور للرؤية االقتصادية ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• متوسط دخل الفرد ‪ :‬ان زايدة الناتج احمللي االمجايل أدت اىل زايدة متوسط الدخل الفردي ‪ ،‬حيث ازداد املعدل السنوي أبسعار‬

‫سنة األساس لعام ‪ ، 1990‬وخالل الفرتة (‪ )1996_1990‬كما يلي ‪ :‬ماليزاي ( ‪ 4.3‬ابملئة )‪ ،‬اندونيسيا‬

‫( ‪ 5.2‬ابملئة) ‪ ،‬الفلبني( ‪ 0.4‬ابملئة )‪ ،‬اتيلندا( ‪ 5‬ابملئة )‪ ،‬و كوراي اجلنوبية( ‪ 6.4‬ابملئة )‪.‬‬

‫• احتواء التضخم‪ :‬ابلرغم من الزايدة يف الناتج احمللي اإلمجايل و ارتفاع يف األجور اال ان معدالت التضخم بقيت يف مستوايت‬

‫مقبولة ‪ ،‬خالل الفرتة( ‪ ،) 1998_1990‬و ترتاوح معدالت التضخم بني احلد األدىن و األعلى كما يلي خالل نفس الفرتة ‪،‬‬

‫ففي كوراي ‪ (5.5‬ابملئة )‪ ،‬ماليزاي( ‪ 5.3‬ابملئة )‪ ،‬اتيلندا( ‪ 4.3‬ابملئة)‪.‬‬

‫• اإلنتاجية‪ :‬بلغت اإلنتاجية يف هذه البلدان خالل الفرتة( ‪) 1988_1979‬حنو( ‪ 6.2‬ابملئة )سنواي ‪ ،‬و امتازت ابالرتفاع يف‬

‫حني اخنفضت خالل فرتة منتصف التسعينات اىل( ‪ 4‬ابملئة )سنواي ‪ ،‬مث ارتفعت خالل ‪ 1996‬اىل( ‪ 5.3‬ابملئة )سنواي و يعود‬

‫االرتفاع يف اإلنتاجية اىل زايدة معدالت تراكم راس املال و زايدة املهارة لدى العمال و احرتام الزمن ‪.‬‬

‫• االستخدام ‪ :‬نتيجة ملعدالت النمو املرتفعة فقد حققت هذه البلدان نسبة استخدام مرتفعة ‪ ،‬فكانت نسبة البطالة يف اندونيسيا‬

‫( ‪ 4‬ابملئة )‬ ‫كحد ادين (‪ 2.7‬ابملئة ) سنة ‪ 1992‬و ( ‪ 3.8‬ابملئة )كحد اعلى سنة ‪ ، 1994‬و يف ماليزاي‬

‫عام ‪ 1990‬فاخنفضت اىل( ‪ 2.6‬ابملئة )سنة ‪ ، 1996‬و البلد الوحيد هو الفلبني الذي كانت فيه نسبة البطالة مرتفعة ‪ ،‬و قد‬

‫حققت هذه البلدان استخدام كامل ابستثناء الفلبني ‪.‬‬

‫• املوازنة العامة ‪ :‬حققت الدول االسيوية فائضا يف موازانهتا العامة خالل املدة (‪ ) 1996_ 1990‬ابستثناء الفلبني ‪ ،‬وحسب‬

‫معيار الفائض او العجز اىل امجايل االنفاق و هو من املعايري االقتصادية املهمة فان النسبة املتحققة مقبولة ‪ ،‬فقد شهدت كوراي‬

‫معدل منو سالب سنواي بلغ( ‪ 0.18‬ابملئة ) خالل املدة (‪ ، ) 1996_ 1990‬و الفلبني( ‪ ) 2.3‬ابملئة سنواي ‪ ،‬اما بقية الدول‬

‫( ‪ 11.7‬ابملئة )سنواي يف‬ ‫فكان املؤشر إجيابيا بلغ( ‪ 7.5‬ابملئة )يف اندونيسيا ‪ 8.9 (،‬ابملئة )سنواي يف ماليزاي ‪ ،‬و‬

‫اتيلندا ‪.‬‬

‫• عرض النقد‪ :‬كانت النسبة يف عرض النقود يف هذه الدول أعلى من نسبة الزايدة يف الناتج احمللي اإلمجايل ‪ ،‬فقد كان العرض‬

‫( ‪19.1‬‬ ‫السنوي لعرض النقود يف اندونيسيا (‪ 19.4‬ابملئة )‪ ،‬كوراي (‪ 19.1‬ابملئة ) ‪ ،‬ماليزاي( ‪ 31.6‬ابملئة ) ‪ ،‬اتيلندا‬

‫ابملئة ) الفلبني ( ‪ 55.1‬ابملئة ) ‪ ،‬و ترجع هذه الزايدة يف عرض النقود اىل سياسة االئتمان و خاصة االئتمان احمللي املقدم‬

‫‪50‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫للقطاع اخلاص ‪ ،‬اذ وصل األخري اىل نسبة يف اندونيسيا (‪ 33.5‬ابملئة ) ‪ ،‬كوراي (‪ 25‬ابملئة ) ‪ ،‬ماليزاي ( ‪ 19.9‬ابملئة ) و‬

‫(‪ 80.1‬ابملئة ) يف الفلبني و (‪ 33.7‬ابملئة ) يف اتيلندا ‪.‬‬

‫• احلساابت اجلارية ‪ :‬شهدت احلساابت اجلارية هلذه الدول عجزا خالل الفرتة ( ‪ ، ) 1996_1988‬و قد قدرت قيمته‬

‫(‪ 183.4‬مليار دوالر ) ‪ ،‬وقد بلغت نسبة العجز اىل الناتج احمللي اإلمجايل خالل الفرتة ( ‪ )1996_1994‬حنو (‪ 7.5‬ابملئة‬

‫) يف ماليزاي ‪ 3.1 ( ،‬ابملئة ) يف اندونيسيا ‪ 6(،‬ابملئة) يف الفلبني ‪ 7.1( ،‬ابملئة) يف اتيلندا ‪،‬و (‪ 2.3‬ابملئة ) يف كوراي ‪.‬‬

‫ان توفر اإلرادة السياسية و الرؤية الصائبة يف تعزيز و تطوير االقتصاد مع استقطاب رؤوس األموال األجنبية و التوجه حنو االنفتاح‬

‫على األسواق اخلارجية تدفع بال شك اقتصادايت الدول حنو االمام ‪ ،‬و هذا ما حدث مع اقتصادايت دول شرق و جنوب شرق‬

‫اسيا خاصة اهنا كانت دول جد فقرية مع انتهاء احلرب العاملية الثانية ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثانية عشر ‪ :‬العوملة االقتصادية‬


‫حتول االقتصاد العاملي اىل قرية صغرية متنافسة بفعل الثورة التكنولوجية و املعلوماتية واصبح هناك سوقا واحدا يوسع دائرة و جمال‬

‫املنافسة لكل املتعاملني الدوليني ‪ ،‬و اصبح الالعبون الفاعلون يف السوق العاملية ليس فقط الدول و احلكومات بل منظمات عاملية و‬

‫شركات متعددة اجلنسيات و التكتالت االقتصادية العمالقة و الكل حياول توحيد سلوك اللعبة و التعامل و يسعى بكل قوة اىل‬

‫اقتناص الفرص و مواجهة التهديدات يف اطار إزالة القيود بكل اشكاهلا و حترير املعامالت يف ظل التحول حنو اليات السوق‪.‬‬

‫ماهية العوملة االقتصادية‬

‫_ مفهوم العوملة االقتصادية‬

‫العوملة تنطوي على مفهوم ديناميكي يتحرك و يتشكل مع التغيريات العاملية اليت حتدث ‪ ،‬و تتشكل و تتجسد أساسا يف جانبها‬

‫االقتصادي بدرجة اكثر ‪ ،‬فهي تنتشر بسرعة كبرية على كافة املستوايت اإلنتاجية و املالية و التكنولوجية و التسويقية و اإلدارية ‪ ،‬و‬

‫هي أيضا عملية مستمرة ميكن مالحظتها ابستخدام مؤشرات كمية و كيفية يف جماالت التطبيق املختلفة ‪ ،‬و من خالل العمليات‬

‫األساسية اليت تدور يف فلكها العوملة و هي املنافسة و االبتكارات التكنولوجية و حترير التجارة الدولية و التحديث و انتشار عوملة‬

‫اإلنتاج و العوملة املالية و مها املكوانن الرئيسيان للعوملة االقتصادية اليت تبىن أساسا على مبدأ االعتماد املتبادل بني الفاعلني يف‬

‫االقتصاد العاملي حبيث تزداد نسبة املشاركة يف التبادل الدويل و العالقات االقتصادية الدولية هلؤالء من حيث املستوى و احلجم‬

‫الوزن يف جماالت متعددة و أمهها السلع و اخلدمات و عناصر اإلنتاج حبيث تنمو عملية التبادل التجاري الدويل لتشكل نسبة هامة‬

‫من النشاط االقتصادي الكلي و تكون اشكاال جديدة للعالقات االقتصادية الدولية يف االقتصاد العاملي يتعاضد دورها ابملقارنة مع‬

‫النشاط االقتصادي على الصعيد احمللي ‪.‬‬

‫_ خصائص العوملة االقتصادية تتمثل اهم خصائص العوملة فيما يلي ‪:‬‬

‫_ سيادة الية السوق و السعي الكتساب القدرات التنافسية‬

‫_ ديناميكية مفهوم العوملة‬

‫_ تزايد االجتاه حنو االعتماد االقتصادي املتبادل‬

‫_ وجود أمناط جديدة من تقسيم العمل الدويل‬

‫‪52‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫_ تعاظم دور الشركات متعددة اجلنسيات‬

‫_ تزايد دور املنظمات االقتصادية العاملية يف إدارة العوملة‬

‫_ تقليص درجة سيادة الدولة القومية و اضعاف السيادة الوطنية يف جمال السياسة النقدية و املالية‬

‫أنواع العوملة االقتصادية ‪ :‬توجد شكالن من العوملة االقتصادية وهي عوملة اإلنتاج و العوملة املالية و نوضحهما كما يلي‪:‬‬

‫_ عوملة اإلنتاج ‪ :‬يالحظ ان عوملة اإلنتاج بدأت تقرر امناطا جديدة من تقسيم العمل الدويل ‪ ،‬و هي تتحقق من خالل شركات‬

‫متعددة اجلنسيات و قد أصبحت قرارات اإلنتاج و االستثمار تتخذ من منظور عاملي ووفقا العتبارات الرشادة االقتصادية فيما يتعلق‬

‫ابلتك لفة و العائد ‪ ،‬و هذا اعطى فرصة كبرية لدول العامل الثالث لدخول األسواق العاملية يف الكثري من املنتجات يف ظل ما يسمى‬

‫بعوملة اإلنتاج اليت هي جزء أساسي من العوملة االقتصادية ‪ ،‬خاصة برتكيزها على األجزاء من السلع ذات ميزة تنافسية ‪.‬‬

‫_ العوملة املالية ‪ :‬تعترب العوملة املالية من الناتج األساسي لعمليات التحرير املايل و التحول ملا يسمى ابالنفتاح املايل مما أدى اىل‬

‫تكامل و ارتباط األسواق املالية احمللية ابلعامل اخلارجي من خالل الغاء القيود على حركة رؤوس األموال و من مثة اخذت تتدفق عرب‬

‫احلدود و لتصب يف أسواق املال العاملية حبيث أصبحت أسواق راس املال اكثر ارتباطا و تكامال ‪ ،‬و ميكن االستدالل ابألسواق املالية‬

‫من خالل تطور حجم املبادالت عرب احلدود يف األسهم و السندات يف الدول الصناعية املتقدمة ‪ ،‬و تطور تداول النقد األجنيب على‬

‫الصعيد العاملي ‪.‬‬

‫انعكاسات العوملة على البلدان النامية‬

‫أدى تطبيق العوملة إىل انعكاسات عديدة خاصة على الدول النامية منها اإلجيايب ومنها السليب‪ ،‬واليت ميكن إمجاهلا فيما يلي‪:‬‬

‫✓ سلبيات العوملة على البلدان النامية‬

‫_ زايدة يف معدالت املديونية اخلارجية‬

‫_ إهنيار األسواق املالية‪ :‬لقد ساعد االرتباط بني األسواق املالية العاملية‪ ،‬على انتقال عدوى االهنيار من بورصة ألخرى ومن دولة‬

‫ألخرى يف أوقات قياسية لدرجة أن تذبذب أسعار أسهم تلك البورصات كان متالزما تقريبا‪ ،‬فتلك البورصات مرتبطة بشبكات اتصال‬

‫‪53‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫متطورة تسمح هلا ابحلصول على املعلومات عن بعضها البعض يف الوقت الفعلي‪ ،‬كما تتداول العديد من األصول املالية املصدرة يف‬

‫دول أخرى تلك األسواق مما يزيد من ارتباطها وعوملتها‪.‬‬

‫➢ إجيابيات العوملة على البلدان النامية‬

‫_ تدفق رؤوس األموال األجنبية ‪ :‬أدى الربط بني األسواق الناشئة وأسواق الدول املتقدمة إىل زايدة التدفقات املالية حنو الدول‬

‫النامية ‪.‬‬

‫_ عوملة األسواق املالية الناشئة ‪ :‬لقد مت ربط العديد من األسواق املالية التابعة للدول النامية ابلنظام املايل العاملي‪ ،‬السيما‬

‫األسواق اآلسيوية ابتداء من أوائل التسعينيات من القرن املاضي‪ ،‬أدى انفتاح تلك األسواق على رأس املال األجنيب إىل تسهيل‬

‫توجيه ادخار عاملي معترب إىل تلك املنطقة من العامل‪ ،‬كما ساعد توفر أسواق تلك الدول على مستوى عال من التكنولوجيا ووسائل‬

‫االتصال احلديثة على اإلسراع يف عوملتها ‪ ،‬إضافة اىل املعرفية و الثقافية و ما يرتب عنها من تقدم تكنولوجي و تسهيل حركة‬

‫انتقال األموال و السلع و تسهيل االتصاالت على مجيع االصعدة احلكومية و الغري حكومية ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫احملاضرة الثالثة عشر ‪ :‬االزمة املالية العاملية ‪ ( 2008‬ازمة الرهن العقاري )‬


‫تعترب ازمة ‪ 2008‬نتيجة لإلخفاق الكبري الذي عرفه اسرتاد الديون العقارية املمولة من طرف البنوك يف الوالايت املتحدة االمريكية‬

‫و املعروفة ابلقروض العقارية من الدرجة الثانية ‪ ، sub prime‬وابلرغم من ان هذه االزمة ظهرت يف الوالايت املتحدة االمريكية‬

‫اال ان ااثرها انتقلت اىل خارجها و أتثرت هبا على حد سواء كل من االقتصادايت املتقدمة و الناشئة ‪ ،‬من خالل هذا الفصل نتعرض‬

‫اىل زوااي خمتلفة من االزمة من حيث املفهوم ‪ ،‬و التفسري و إجراءات احلد من ااثرها و معاجلتها ‪.‬‬

‫ماهية االزمة املالية العاملية ‪. 2008‬‬

‫تعريف األزمة املالية‬

‫هي تلك التذبذابت اليت أتثر كليا أو جزئيا على جممل املتغريات املالية‪ ،‬حجم اإلصدار‪ ،‬أسعار األسهم و السندات‪ ،‬و كذلك‬

‫اعتمادات الودائع املصرفية و معدل الصرف و عادة ما حتدث األزمات املالية بصورة مفاجئة نتيجة ألزمة ثقة يف النظام املايل‪ ،‬مسببها‬

‫الرئيسي تدفق رؤوس أموال ضخمة للداخل يرافقها توسع مفرط و سريع يف االقرتاض من دون التأكد من املالئمة االئتمانية‬

‫للمقرتضني‪ ،‬و عندها حيدث اخنفاض يف قيمة العملة ‪.‬‬

‫أزمة الرهوانت العقارية يف الوالايت املتحدة االمريكية‬

‫بدأت االزمة يف الوالايت املتحدة االمريكية اثر تفاقم ازمة الرهوانت العقارية ‪ ، ،‬فبعد طفرة األنرتنت اليت عصفت ابألسواق املالية يف‬

‫مطلع االلفية اجلديدة عمت فوائض مالية يف املؤسسات املالية و األسواق املالية نتيجة سياسات مصرف االحتياط او البنك املركزي‬

‫يف الوالايت املتحدة ‪ ،‬و للتخلص من هذه الفوائض جلأت هذه املؤسسات و واكبتها األسواق على توسيع شبكة اإلقراض املايل‬

‫خاصة يف القطاع العقاري ‪ ،‬خاصة انه يوجد مبدأ يف الوالايت املتحدة االمريكية يقوم على احلق لكل مواطن يف امتالك مسكن خاص‬

‫به ‪ ،‬و قد سعت البنوك لتسهيل احلصول على العقارات‪ ،‬مستخدمة ما يسمى ابلرهوانت الضعيفة (‪ )subprime‬مع كل من االفراد‬

‫و املؤسسات متجاوزة بذلك شروط التسليف و اصوله ‪ ،‬و معتمدة على قيمة العقار املؤمن عليه كضمان للقرض خاصة بعد االرتفاع‬

‫الذي عرفته القيم العقارية ‪ .‬و يقصد ابلرهوانت الضعيفة تلك الفوائد املتغرية حسب الظروف ‪.‬‬

‫و مبا ان املخاطرة ازدادت بسبب الزابئن الغري قادرين على التسديد أقدمت املصارف على رفع الفوائد على القروض اليت منحتها لشراء‬

‫العقارات من قبل الذين ال يستطعون اتمني التدفقات املالية لتسديد القروض ‪ ،‬فكانت املفارقة كما يلي ‪ :‬إعطاء القروض ملن ال‬

‫‪55‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫يستطيع تسديدها ‪ ،‬و ابملقابل فرض فوائد عالية بسبب عدم القدرة على التسديد بشكل منتظم كإجراء وقائي للمخاطر ‪ ،‬و هذا‬

‫يعترب حبد ذاته سوء إدارة و سوء تقدير ‪.‬‬

‫كما ان املصارف مل تكتف بذلك بل جلأت اىل عملية تسنيد او توريق القروض ‪ ،‬أي جعلها أوراق مالية مشتقة من القروض و يتم‬

‫تداوهلا يف األسواق املالية ‪ ،‬لتحقيق ذلك جلأت املصارف اىل بيع حمفظة القروض اىل املصارف االستثمارية ‪ ،‬اليت نظمت عملية‬

‫التسنيد عرب اتمني قسم من احملفظة لدى شركات التامني بضمان القروض على أساس ان أسعار العقارات ترتفع بشكل معقول فتغطي‬

‫قيمة القروض و اكثر‪ ،‬و بعد ذلك أصدرت املصارف االستثمارية أوراقا مالية مستندة اىل أصول مؤمنة فحصلت بسبب ذلك التامني‬

‫على تقييم إجيايب ممتاز من قبل شركات تقييم االئتمان الكبرية ‪ ،‬بعد ذلك قامت تلك املصارف االستثمارية ببيع األوراق اىل خمتلف‬

‫املؤسسات املالية اليت اعتربت ان تلك األوراق مضمونة و ذات مردود عال‪.‬‬

‫بيعت هذه األوراق يف خمتلف األسواق املالية يف العامل و عندما بدأ عدم تسديد قروض األساسية متت استعادة العقارات املرهونة لدى‬

‫املصارف فاهنار سوق العقارات يف الو م أ بسبب تضخم عدد العقارات املستملكة من املصارف لتحصيل ما ميكن حتصيله من قيمة‬

‫القروض ‪ ،‬أصبحت األوراق املالية املستندة اىل القروض اهلالكة غري ذي قيمة ‪ ،‬و مبا ان هذه األوراق شكلت نسبة كبرية من حمفظات‬

‫املؤسسات املالية و املصارف ‪ ،‬وقعت تلك املصارف يف عجز بني أصوهلا غري الكافية و مطلوابهتا ‪ ،‬فاهنارت بدورها املصارف احمللية و‬

‫الضخمة مسببة اكرب كارثة مالية عرفتها الو م أ ‪.‬‬

‫حماوالت تفسري االزمة املالية للعاملية هناك أربعة اراء يف موضوع تفسري ازمة ‪ 2008‬و هي‪:‬‬

‫_ االزمة املالية ‪ 2008‬جمرد انعكاس لالزمة اليت يعيشها االقتصاد األمريكي‬

‫الواضح من قراءات التحوالت االقتصادية اليت حصلت يف الو م أ منذ أواخر الستينات من القرن املاضي هو ان النخب احلاكمة و‬

‫أصحاب القرار االقتصادي اعادوا النظر يف توجهات االقتصاد عندما بدأت الشركات العمالقة االمريكية إعادة توطني الصناعات‬

‫التحويلية يف الدول الناشئة حيث كلفة اليد العاملة ارخص إضافة اىل ضعف النقاابت و أنظمة الرقابة املالية و البيئية فتسهل حتقيق‬

‫أرابح اسرع ‪ ،‬فتحولت الو م أ اىل اقتصاد خدمايت و مايل جيين الريع املايل عرب املضاربة املالية و العقارية اليت تنتج الثروة بدون جمهود ‪.‬‬

‫_ سوء فهم كيفية عمل االقتصاد املعومل‬

‫‪56‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫السياسات االقتصادية يف العامل مل تتعد حدود االقتصاد الوطين ‪ ،‬بينما حولت حركة السلع و الراس املال اىل افاق أوسع ‪ ،‬رافقها‬

‫انتشار املستهلكني على نطاق عاملي ‪ ،‬و تكمن املشكلة يف حجم الديون املرتاكمة يف خمتلف االقتصادايت العاملية و اخنفاض األصول‬

‫املمتلكة مبقدار ‪ 13‬ترليون دوالر ‪ ،‬مما حفز الناس اىل العودة اىل االدخار بدال من االنفاق ‪.‬‬

‫و هناك من يعتقد ان نظام األسواق احلرة الذي ينظم توزيع املوارد وفقا ملبدأ الرتشيد و الكفاءة القصوى غري قادر على توفري عامل‬

‫االستقرار ‪ ،‬فهذا التيار الفكري يقر ابن السوق احلر يؤدي يف معظم احلاالت اىل احنرافات قد أتيت بكوارث و اهنيارات ‪ ،‬يف حالة‬

‫االزمة املالية تتحمل األسواق املالية اليت أخفقت يف ترشيد توزيع رأس املال ‪ ،‬كما أخفقت يف تقدير املخاطر ‪ ،‬مما أدى اىل انقاذ‬

‫املؤسسات املالية بشكل دائم على حد قوله ‪ ،‬و ابلتايل يؤكد نظرية اخفاق األسواق يف ضبط األمور و معاقبة أولئك الذين خيفقون يف‬

‫احرتام األساسيات‪.‬‬

‫_ االزمة هي انتج لتهميش االقتصاد الفعلي‬

‫يف أواخر التسعينيات من القرن العشرين برزت مصطلحات جديدة ك(االقتصاد اجلديد ) و ( جمتمع املعرفة ) ‪ ،‬حيث تكاملت الثروة‬

‫التكنولوجية يف التواصل و االحتساب مع حركة السلع و الراس املال و انتشار أسواق املستهلكني على نطاق عاملي ‪ ،‬و بسبب الثورة‬

‫التكنولوجية منى ما يسمى ابالقتصاد الرقمي ‪ ،‬مع تراجع يف القيود املنظمة و الضابطة حلركة رؤوس األموال ‪.‬مما سهل قيام منوذج عمل‬

‫جديد الكتساب الثروة عري املضاربة املالية و العقارية ‪ ،‬و بدون أي ارتباط مع منو االقتصاد العيين ‪.‬‬

‫اليوم نعيش حقبة ما يسمى ابلرأمسالية املالية اليت جتين الثروة من االقتصاد االفرتاضي عرب املتاجرة السريعة اليت مكنتها الثروة التكنولوجية‬

‫‪ ،‬فالبورصات أنشئت لسد الثغرة بني عارضي رؤوس األموال و الطالبني هلا لتمويل مشاريع حقيقية ‪ ،‬لكن سرعان ما حتولت املتاجرة‬

‫املالية اىل هدف قائم حبد ذاته بعد ان كانت وسيلة تسهيل و متويل ‪ ،‬و هنا حتول االقتصاد االفرتاضي إيل نشأ بسبب الثورة‬

‫التكنولوجية و الثورة الرقمية اىل املصدر الرئيسي إلنتاج الثروة بعيدا عن االقتصاد احلقيقي و بذلك فان الرأمسالية املالية هي رأمسالية‬

‫ريعية ابمتياز ‪ ،‬و هشاشة االقتصاد الريعي احد أسباب االزمة ‪.‬‬

‫_ غياب البعد األخالقي‬

‫حيث يتم استعمال الطرق الغري سليمة يف إدارة االستثمارات و القيود احملاسبية للخسائر املرتاكمة ‪ ،‬وذلك بتواطئ‬

‫‪57‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫مع البنية السياسية و القانونية و املصرفية و الرقابية و احملفز يف ذلك األرابح الكبرية قصرية االجل ابلرغم من وجود خماطر كبرية ‪،‬‬

‫فاخللل النظامي و البنيوي يعود اىل تراجع منظومة القيم األخالقية يف التعاطي املايل و االقتصادي ‪.‬‬

‫اإلجراءات و االقرتاحات للحد من ااثر االزمة و حلها‬

‫_ خطط اإلنقاذ‬

‫تدخلت اغلب الدول الصناعية الكربى لوضع حد للمضاربة ابلقروض و السندات و العمل دعم البنوك املتعثرة على أساس محايتها‬

‫من االهنيار و متثلت هذه اإلجراءات يف ‪:‬‬

‫• شراء أسهم بعض البنوك املتعثرة للرفع من قدرهتا املالية‪.‬‬

‫• تقدمي ضماانت مبئات املليارات من الدوالرات ملساعدة البنوك على االقرتاض و استعماهلا يف متويل املؤسسات االقتصادية و‬

‫اخلواص‪.‬‬

‫• خفض معدالت الفائدة من طرف البنوك املركزية بدرجة مل يسبق هلا مثيل منذ عشرين سنة على األقل ‪.‬‬

‫متثلت خطط اإلنقاذ للدول األوروبية يف ‪:‬‬

‫• اململكة املتحدة خطط إلصدار ديون عمومية بقيمة ‪ 63.1‬مليار أورو و استعماهلا يف شراء اسهم البنوك املتعثرة ‪.‬‬

‫• املانيا خططت إلصدار سندات عمومية بقيمة ‪ 107.3‬مليار أورو لشراء حصص رأمسالية يف راس مال البنوك املتعثرة ‪ ،‬إضافة‬

‫اىل ضمان ديون بقيمة ‪ 400‬مليار أورو ‪.‬‬

‫• احلكومة الفرنسية قررت دعم البنوك مببلغ ‪ 40‬مليار أورو وضمان الديون املتعثرة مبا قيمته ‪ 320‬مليار أورو‪.‬‬

‫• احلكومة االسبانية قررت ضمان الديون املتعلقة ابلبنوك مببلغ ‪ 100‬مليار أورو‪.‬‬

‫_ اقرتاحات حل االزمة‬

‫فيما يلي بعض االقرتاحات للخروج من االزمة املالية احلالية اليت تطورت اىل ازمة اقتصادية عاملية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اقرتاح جوزيف ستيقليتز ‪:‬كانت إقرتاحاته حلل االزمة تتكون من اربعة نقاط‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• إعادة الرمسلة للبنوك ‪ :‬و ذلك إبصدار أوراق مالية و جيب حتويل الديون اىل أوراق مالية ‪ ،‬و من شأن هذه اخلطوة تقليص‬

‫حجم املساعدة احلكومية للمصارف ‪.‬‬

‫• وقف مصادرة امللكيات املرهونة ‪ :‬جيب مساعدة أولئك الذين تضرروا من االزمة و ذلك ابلبقاء يف منازهلم اليت امتلكوها عن‬

‫طريق القروض العقارية و حماولة التخفيف من األعباء املفرطة الناجتة عن هذه القروض و كذلك اصالح قوانني اإلفالس‬

‫خصوصا عندما تكون قيمة املنزل اقل من قيمة الرهن ‪.‬‬

‫• إقرار حوافز فعالة ‪ :‬و ذلك بتشجيع االستثمار بتأهيل البنية التحتية و تطوير خمتلف القطاعات لبعث النشاط االقتصادي من‬

‫جديد ‪.‬‬

‫• وضع نظام مايل جديد ‪ :‬هذا النظام جيب ان يواكب سري العوملة ‪ ،‬و يالئم مرحلة ما بعد احلرب الباردة ‪ ،‬و ما بعد االزمة املالية‬

‫الكربى ‪ ،‬فال فائدة من انتهاج سياسة مالية جديدة أحادية يف عامل االقتصاد املرتابط‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬وجهة نظر هنري عزام‬

‫حسب وجهة نظر هذا االقتصادي فان الدروس األولية اليت ميكن استنتاجها من نتائج هذه االزمة و احليلولة دون حدوثها مرة أخرى‬

‫تتمثل يف النقاط اخلمسة التالية‪:‬‬

‫• جيب زايدة الضماانت املتوفرة على الودائع يف املصارف احمللية التجارية مثيالهتا يف املصارف االجنبية و حض املصارف و‬

‫املؤسسات العاملة يف قطاع التمويل على االندماج لتشكل كياانت مالية قوية ‪ ،‬و ذلك للحد من خروج رؤوس األموال و توفري‬

‫بيئة سليمة من املخاطر ‪.‬‬

‫• وضع ضوابط اكثر وضوحا على القروض االستهالكية ‪ ،‬وكذلك البد من احلد من املضاربة يف أسواق دول املنظمة العقارية لكي‬

‫يكون الطلب الفعلي و ليس املضخم هو املؤشر الذي تعتمده شركات التطوير العقاري لتحقيق التوازن يف السوق ‪.‬‬

‫• حض البنوك و املؤسسات املالية احمللية على انشاء دوائر متخصصة يف دراسة االخطار و ادارهتا و رفع مستوايت أدائها ‪ ،‬و‬

‫التشديد على ضرورة تطبيق مبادئ احلوكمة اإلدارية السليمة ‪ ،‬إضافة اىل زايدة الشفافية و خاصة فيما يتعلق أبنشطة التمويل‬

‫اليت تبقيها املؤسسات خارج املوازنة ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫• تعزيز اجلهات الرقابية املنظمة للقطاع املايل و جلب افضل الكفاءات البشرية للمساعدة يف تطوير األطر و التشريعات الرقابية يف‬

‫شكل يوازي سرعة تطوير األدوات املصرفية و االستثمارية اجلديدة و ابتكارها ‪.‬‬

‫• الرتكيز على الصريفة اإلسالمية و اليت ال تسمح للشركات و االفراد ابملضاربة ابملال او االفراط ‪ ،‬و يكون املمول هو املشارك يف‬

‫االخطار و يف الربح ‪.‬‬

‫ان حدوث االزمة املالية ‪ 2008‬أعاد تدخل الدولة يف االقتصاد بعدما كانت خارجة عن السوق ‪ ،‬و دورها كان مصححا‬

‫للوضع عن طريق اصدار ديون عمومية و سندات عمومية و ضمان الديون و ضخ سيولة نقدية يف البنوك ‪ ،‬كما ان هذه‬

‫االزمة فتحت اجملال للتوجه يف دراسة و جتربة النظام املصريف اإلسالمي الذي يتوقع ان يكون سائدا يف البنوك يف االقتصادايت‬

‫الرأمسالية ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫اخلامتة‬

‫ان دراسة اتريخ الوقائع االقتصادية يعترب جزءا ال يتجزأ من تطور التاريخ اإلنساين عرب العصور من جانبه االجتماعي و السياسي و‬

‫الثقايف ‪ ،‬لذلك فان ظهور أي فرتة يف التاريخ يتبعها تطور و تغري على مجيع األصعدة اليت تشكل التاريخ اإلنساين ‪ ،‬و تكون اما مؤثرا‬

‫أو اتبعا يف التاريخ ‪.‬‬

‫كانت احلياة األوىل لإلنسان حياة وحشية بربرية قائمة على التنقل من مكان ألخر حبثا عن الطعام و عن األمان من احليواانت‬

‫املتوحشة و من الكوارث الطبيعية و كانت احلاجة للبقاء دافعا للتنقل من مكان ألخر ‪ ،‬معتمدا على نشاط الصيد و التقاط الثمار ‪،‬‬

‫لكن مع مرور الزمن الحظ االنسان انه إبمكانه ان يستقر يف مكان واحد يصاحبه يف ذلك نشاط الصيد و الزراعة ‪ ،‬و تربية احليواانت‬

‫‪ ،‬و بذلك اصبح االنسان يعيش ضمن جمموعات اكرب اتساعا ‪ ،‬و خالل هذه الفرتة بدأ االنسان يف استغالل أخيه االنسان ضمن‬

‫ابشع صور االستغالل اإلنساين و ضمن نظام قائم ألالف السنني و هو نظام العبودية ‪ ،‬الذي ضهر مع استقرار االنسان يف األرض‬

‫‪ ،‬و اصبح عنصرا مهما يف انشاء احلضارات االنسانية ‪ ،‬فهو اهم عوامل اإلنتاج فيها ‪،‬و اهم عنصر يف بناء احلضارات من جانبها‬

‫العمراين ‪ ،‬ومل يكن للعبيد أي حق من احلقوق اإلنسانية ‪.‬‬

‫ان سقوط اخر حضارة غربية و هي احلضارة الرومانية تالها ظهور حضارة جديدة منطلقة من شبه اجلزيرة العربية هي احلضارة‬

‫اإلسالمية عملت على النهي عن العبودية و تعزيز مجيع طرق الكسب املشروع حسب الشريعة اإلسالمية و حترمي الراب و اخلداع يف‬

‫املعامالت ‪ ،‬و قد تعززت كل من الصناعة و التجارة و الفالحة يف احلضارة اإلسالمية نتيجة لتنوع املناخ و كرب حجم املساحة‬

‫اجلغرافية للدولة ‪ ،‬و قد ظهر من جديد نظام العبيد مع ازدهار الدولة االموية و انشار ما يسمى االقطاع و قد توسع بشكل كبري‬

‫خاصة يف حكم الدولة العباسية و بشكل اكرب يف أواخرها وقد سبب ذلك يف زايدة تشقق و سقوطها‪.‬‬

‫مع سقوط اإلمرباطورية الرومانية أصبحت أورواب معزولة جتاراي نتيجة لسيطرة املسلمني على مجيع املنافذ التجارية هلا و أيضا هجمات‬

‫الفايغينغ ‪ ،‬وقد أدى ذلك اىل انتشار االقطاع كنظام سياسي ‪ ،‬اجتماعي ‪ ،‬و اقتصادي و اهم ما مميز هذه الفرتة هو تثبيت العبيد‬

‫يف األرض إبنشاء ما يسمى ابلقن ‪ ،‬و هو اعطاء جزء من األرض للعبيد و السماح هلم ابلزواج و اجناب األبناء و يبقى ابناؤهم عبيدا‬

‫يف األرض ‪ ،‬ابملقابل يقوم العبيد ابلعمل يف أراضي السادة جماان ‪ ،‬و خالل القرن العاشر ميالدي بدأ أتسس املدن يف أورواب و قد رافق‬

‫ذلك بروز نظام جديد وهو النظام احلريف و رافق ذلك بروز النشاط التجاري ‪ ،‬وقد ساعد ذلك حالة االمن اليت ظهرت يف أورواب بعد‬

‫‪61‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫تشكل الدول القومية ‪ ،‬و بقي الوضع على ما هو عليه اىل غاية هناية القرن اخلامس عشر اىل ان ظهر نظام اقتصادي جديد يف‬

‫أورواب‪.‬‬

‫ظهرت الرأمسالية يف أورواب مع هناية القرن اخلامس عشر و كانت يف شكلها األول رأمسالية جتارية و قد برز هذا النظام بدال من النظام‬

‫ا حلريف بسبب ان النظام احلريف كان يتعرض لضغوط و قيود من خالل النقاابت احلرفية و يف نفس الوقت كان التجار يتمتعون حبرية‬

‫اكرب من حيث املتاجرة و التنقل وتطورت الرأمسالية التجارية لتتخذ اشكال خمتلفة يف دول أوروبية خمتلفة ‪ ،‬و حتولت اىل نظام اقتصادي‬

‫يسمى النظام الرأمسايل ‪.‬‬

‫عرفت أورواب يف القرن الثامن عشر ما يسمى ابلثورة الصناعية يف بريطانيا وكان ذلك نتيجة للسماح لألسر االقطاعية الغنية ابستثمار‬

‫أمواهلا و اكذلك التوجه حنو الستثمار يف البحوث العلمية و تطوير اآلالت خاصة يف قطاع النسيج و نشأ عنها تشجيع انشاء‬

‫املصانع و التوسع يف اإلنتاج و عرض السلع مما أدى اىل ظهور االزمة العاملية سنة ‪ 1929‬او ما يسمى ابألزمة الكساد العظيم ‪ ،‬اليت‬

‫مل تتعاىف اال بعد تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪.‬‬

‫ظهر مع بداية القرن العشرين نظام اقتصادي جديد يف أورواب و هو النظام االشرتاكي ‪ ،‬يقوم على التخطيط املركزي و امللكية اجلماعية‬

‫لوسائل اإلنتاج ‪ ،‬و لكن عجز هذا النظام على التقدم بسبب كبحه للحرايت الفردية يف اإلنتاج ‪ ،‬ألنه يكبح روح املبادرة و البحث‬

‫و مع سقوط حائط برلني سقطت االشرتاكية كنظام اقتصادي ليبق النظام الرأمسايل نظاما اقتصاداي مسيطرا ‪.‬‬

‫مع ان تشار الثورة التكنولوجية ظهرت العوملة كمرحلة متقدمة من الرأمسالية اخذت فيها وسائل االتصال أداة أساسية مصاحبة هلا تطور‬

‫كبري يف النظام املصريف ‪ ،‬و جعل العامل متالصقا فيما بينه ليشكل االقتصاد العاملي أجزاء مرتابطة فيما بينها حيث ان أي مشكل‬

‫اقتصادي مؤثر يظهر يف اقتصاد لدولة متقدمة تصيب االزمة مجيع بلدان العامل و هذا جعل العلماء يطلقون على النظام الرأمسايل‬

‫بنظام االزمات‪ ،‬حيث الحظ اخلرباء االقتصاديني ان االزمات املالية تضرب هبذا النظام مبتوسط ازمة كل عشر سنوات ‪ ،‬وكمثال على‬

‫ذلك أزمات ‪ 1989_1986‬و االزمة املالية لسنة ‪ 2008‬اليت تسمى أبزمة الرهن العقاري ‪.‬‬

‫و تبقى االحداث االقتصادية متواصلة متأثرة مبا حيدث من تغريات سياسية ‪ ،‬و مؤثرة يف الكثري من اجلوانب االجتماعية و السياسية ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫قائمة املراجع‬
‫أوال ‪ :‬املعاجم‬

‫معجم املعاين اجلامع ‪ -‬معجم عريب _ عريب ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬الكتب‬

‫‪ _1‬حوحو سعاد ‪ :‬مطبوعة اتريخ الوقائع االقتصادية ‪ ،‬السنة اجلامعية (‪ ،)2015_2014‬كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيري ‪ ،‬جامعة حممد خيدر ‪ ،‬بسكرة ‪.‬‬

‫‪ _2‬رؤوف عباس حامد ‪ :‬دراسات يف تطور الرأمسالية ‪ ، )1975( ،‬دار الكتاب اجلامعي ‪ ،‬مصر ‪.‬‬

‫‪ _3‬سعيد سعد مرطان ‪ :‬مدخل للفكر االقتصادي يف اإلسالم (‪ ،)2004‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بريوت لبنان ‪.‬‬

‫‪ _4‬عادل الرباز‪ :‬إدارة األزمات املالية بني نقطيت الغليان والتحول ‪، )1995(،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ _5‬عارف دليلة ‪ :‬االقتصاد السياسي ‪ ، )1979( ،‬مديرية الكتب و املطبوعات اجلامعية ‪.‬‬

‫‪ _6‬عبد القادر بلطاس ‪ :‬تداعيات االزمات املالية العاملية( ازمة ‪ ، )2009( ، )sub prime‬دار النشر ‪ ، legend‬اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ _ 7‬عبد املطلب عبد احلميد ‪ :‬العوملة االقتصادية ‪،‬منظماهتا _ شركاهتا _ تداعياهتا ‪( ،‬سنة النشر غري متوفرة) ‪ ،‬دار النشر الدار اجلامعية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪ _8‬خمتار عبد احلكيم طلبة ‪ :‬مقدمة يف املشكلة االقتصادية (‪ ، )2007‬النشر كلية احلقوق جامعة القاهرة ‪.‬‬
‫‪ _9‬موريس بيشوب ‪ :‬اتريخ أورواب يف العصور الوسطى ترمجة علي السيد علي (‪ ، )2005‬اجمللس األعلى للثقافة القاهرة‪.‬‬

‫‪ _10‬ول وايريل ديوارتت ‪ :‬قصة احلضارة (اجلزء ‪ ) 1‬نشأة احلضارة ‪ ،‬ترمجة الدكتور زكي جنيب حممود ‪ ،‬دار اجليل بريوت لبنان ‪. 1992 ،‬‬
‫‪ _11‬يوجني فأرجا ‪،‬أزمة النظام الرأمسايل ‪ ، )1975( ،‬ترمجة أمحد فؤاد بليغ ‪ ،‬بريوت ‪.‬‬

‫‪ _12‬أتليف سبتينو موسوكايت( ‪ ، )1957‬ترمجة د‪ .‬السيد يعقوب بكر ‪:‬احلضارات السامية القدمية ‪،‬سنة النشر ابلرتمجة (غري متوفر) ‪ ،‬دار الكتاب العريب للطباعة و‬
‫النشر ‪.‬‬
‫‪_13‬بن طاهر حسني ‪:‬مدخل اىل الوقائع االقتصادية ‪ ، )2010( ،‬دار هباء الدين للنشر و التوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪.‬‬

‫‪_14‬بوقرة رابح ‪ ،‬خبابه عبد هللا ‪ :‬الوقائع االقتصادية ( العوملة االقتصادية _ التنمية املستدامة ) (‪ ، )2009‬مؤسسة شباب اجلامعه ‪.‬‬

‫‪_15‬بوقرة رابح ‪ ،‬خبابه عبد هللا ‪ :‬الوقائع االقتصادية من التاريخ القدمي اىل بداية القرن الواحد و العشرون (‪ ، )2014‬دار اجلامعه اجلديدة ‪.‬‬
‫‪_16‬زايد حافظ ‪ :‬االزمة املالية العاملية ‪ ، ) 2012( ، 2008‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪_17‬سبتينو موسوكايت ‪ ،‬ترمجة د‪ .‬السيد يعقوب بكر ‪ :‬احلضارات السامية القدمية ‪ ، )1957 ( :‬سنة النشر ابلرتمجة (غري متوفر) ‪ ،‬دار الكتاب العريب للطباعة و‬
‫النشر ‪.‬‬
‫‪_18‬عادل امحد حشيش ‪ :‬اتريخ الفكر االقتصادي(‪ ، )1974‬دار النهضة العربية بريوت ‪.‬‬
‫‪_19‬عبد السالم الرتمانيين ‪ :‬الرق ماضيه و حاضره (‪ ، )1979‬سلسلة عامل املعرفة ‪.‬‬

‫‪_20‬عبد اجمليد مزاين‪ :‬النظرايت االقتصادية عند ابن خلدون‪ ،)2001( ،‬منشورات املؤسسة الوطنية لالتصال‪ ،‬النشر واالشهار‪ ،‬اجلزائر عبد ‪_21‬العزيز الدوري ‪ :‬نشأة‬
‫االقطاع يف اجملتمعات اإلسالمية ( سنة النشر غري متوفرة ) ‪ ،‬دار املنظومة ‪..‬‬
‫‪_22‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬موسوعة السياسة ( الرأمسالية) ‪ ،)1990( ،‬املؤسسة العربية للدراسات و النشر‪ ،‬ط‪ ،3‬ج ‪ ،2‬بريوت‪.‬‬
‫‪_23‬قطب إبراهيم ‪ :‬السياسة املالية لعهد عثمان بن عفان (‪ ، )1986‬اهليئة العامة للكتاب املصري ‪.‬‬
‫‪_24‬حممد حسن سهيل الدليمي ‪ :‬االقطاع يف الدولة العباسية (‪ ، )2011‬ديوان الوقف السين ‪ ،‬مركز البحوث و الدراسات اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪_25‬حممد سهيل قطوش ‪ :‬اتريخ العرب قبل اإلسالم (‪ ،)2009‬دار النفائس ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬

‫‪_26‬مدحت القريشي ‪ :‬تطور الفكر االقتصادي( ‪ ، )2008‬دار وائل عمان األردن ‪.‬‬
‫‪_27‬يسرى حممد أبو العال ‪ :‬علم االقتصاد (‪ ، )2008‬دار الفكر العريب اإلسكندرية مصر ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك _‬

‫اثلثا ‪ :‬املقاالت العلمية‬

‫‪ _1‬خوليد السعيد ‪ :‬أجهزة (اليات) النظام االقتصادي الدويل ‪ ،‬جملة دفاتر السياسة و القانون ‪ ،‬العدد التاسع ‪ ،‬جوان ‪ ،2013‬جملة تصدر عن جامعة قاصدي مرابح‬
‫بورقلة‪ ،‬اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ _2‬مهدي سهر اجلبوري و مناضل عباس اجلواري ‪ :‬جتربة جنوب شرق اسيا و حماولة االستفادة منها يف االقتصاد العراقي ‪ ،‬جملة جامعة كربالء العلمية ‪ ،‬اجمللد الرابع ‪،‬‬
‫العدد الرابع ‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫‪ _3‬وسام علي اثبت ‪ ،‬رائد راشد حممد ‪ :‬اثر احلركات القومية يف تفكك اإلمرباطورية الثنائية ‪ )2013( ، 1920_1917‬جملة جامعة تكريت ‪ ،‬اجمللدً ‪ ، 20‬العدد‬
‫‪. 02‬‬

‫‪_4‬الويس عبوش هدااي ‪ :‬اثر ازمة الكساد العاملي ‪ 1932_1929‬على جتارة العراق اخلارجية ‪ )2007( ،‬جملة تكريت للعلوم اإلدارية و االقتصادية ‪ ،‬اجمللد ‪ ، 3‬العدد‬
‫‪.5‬‬
‫‪_5‬ظاهر ذابح الشمري ‪ :‬حملة عن األحوال االقتصادية عند العرب قبل اإلسالم ‪ ،‬جملة مركز اببل للدراسات ( السنة غري متوفرة ) اجمللد ‪ ، 4‬العدد ‪. 2‬‬
‫رابعا ‪ :‬رسائل املاجستري‬

‫‪ _ 1‬كبايب صليحة ‪ :‬أملانيا املوحدة يف االحتاد األورويب ‪ ،‬دورها و مكانتها ‪ ،‬رسالة ماجستار يف العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪،‬السنة اجلامعية ‪. 2002_2001‬‬

‫‪ _2‬نسيمة صالح ‪ :‬مفهوم االشرتاكية عند ماركس بني العلمية و الطوابوية ‪ ،‬مذكرة ماجستار يف ختصص الفلسفة ‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪.2004 _2003‬‬

‫‪ _3‬نيفني ظافر حسيب الكردي‪ :‬األوضاع الدينية و السياسية و االقتصادية و االجتماعية يف الغرب األورويب يف القرن التاسع حىت القرن الرابع عشر ‪ ،‬مذكرة ماجستار‬
‫يف التاريخ اإلسالمي ( مذكرة منشورة عرب األنرتانت ) ‪ ،)2011(،‬اجلامعة اإلسالمية غزة فلسطني ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬اطروحات الدكتوراه‬

‫‪ _1‬أمحد بن مرسلي ‪ :‬مفهوم االشرتاكية يف التجربة التنموية للجزائر ‪ ،‬دراسة ‪1965‬حتليلية خلطاب الرئيس بومدين _‪ ،1978‬أطروحة دكتوراه ‪ ،‬معهد علوم االتصال ‪،‬‬
‫جامعة اجلزائر ‪. 1994 ،‬‬

‫‪ _2‬زيدي عبد العزيز ‪ :‬األزم ـ ـ ــة املالي ـ ـ ــة العاملي ـ ــة وانعكاساهتـ ـ ــا على أداء النظام السياسي اجلزائري ‪ ، 2014 _2008‬أطروحة دكتوراه ختصص تنظيم سياسي و اداري‬
‫‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ، 3‬السنة اجلامعية ‪.2015_ 2014‬‬

‫سادسا ‪ :‬املواقع االلكرتونية‬

‫‪ _1‬يوسف قطالن ‪ :‬ملخص حماضرات اتريخ الوقائع االقتصادية ‪ ،‬منشورة على االنرتانت على الرابط‬

‫‪file:///C:/Users/ZEDPC/Downloads/%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D9%88‬‬
‫‪%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%‬‬
‫‪.، A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9%20(1).pdf‬‬

‫‪ _2‬منذر احلايك ‪ :‬املعجزة األملانية بني احلربني على الرابط ‪ http://www.diwanalarab.com/spip.php?article22880‬اتريخ الدخول‬
‫‪. 2017/12/06‬‬

‫‪ _3‬أمنار أسعد خليل ‪ :‬حبث مقدم اىل اإلكادميية العربية املفتوحة يف الدمنارككلية االدارة واالقتصاد الدراسات العليا‬

‫‪ http://www.ao-academy.org/ar/2011/2/2363.html‬اتريخ الدخول اىل املوقع ‪.2017_11_17‬‬

‫‪ _4‬جريمي ريفكني ‪ :‬حماضرة حول الثورة الصناعية الثالثة ‪ ،‬رابط احملاضرة ‪ ، https://www.youtube.com/watch?v=yNIaVGghiNI‬اتريخ‬
‫الولوج للمحاضرة ‪.2017/11/20‬‬

‫‪ _5‬ماهر دمحان ‪ :‬املعجزة االقتصادية األملانية ‪،‬مقال منشور يف االنرتانت على الرابط التايل ‪www.syr-res.com?R7551 | September 1, 2015‬‬
‫‪ ،‬اتريخ الولوج للرابط ‪ . 2017/12/06‬ص ص ‪.2 _1‬‬

‫‪64‬‬
_ ‫جامعة باجي مختار عنابة _ كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير _ قسم الجذع المشترك‬

، pdf ‫ متوفر على الرابط على األنرتانت بنسخة‬، 2 ‫ ص‬، 2011 ‫الطبعة العربية‬، ‫ املادة االوىل‬: ‫_اتفاقية أتسيس صندوق النقد الدويل‬6
https://www.imf.org/external/pubs/ft/aa/ara/index.pd

‫ املراجع األجنبية‬: ‫سابعا‬

LE PETIT ROBERT, 2011 ,P 1239.1_


Bernard Blancheton : maxi fiches de histoire des fait économiques de révolution industrielle a nos 2_
.jours , 2 Eme Edition , DUNID , 2013

Devoluy Michel : l’Europe monétaire ; du SME a la monnaie unique , pari éditions HACHETTE livre 3_
il bien une seule _t_a_ huit ans après la réunification , y _Dungelmann : Allemagne 4_, 1991
.Allemagne : problèmes économique n 2580 , septembre 1998

65

You might also like