Professional Documents
Culture Documents
مر االقتصاد الجزائري بالعديد من المراحل والمحطات والتحوالت في طريقة تسييره وعالقاته اإلنتاجية
واالجتماعية ،وكل مرحلة من هذه المراحل إال ولها أسبابها ومبرراتها الداخلية والخارجية .
وأول مرحلة مر بها هي مرحلة ما قبل االستعمار ،حيث كان يتميز بأنه اقتصاد بدائي هدفه األساسي هو
إشباع الحاجات الشخصية الضرورية ال غير.
والمرحلة الثانية هي مرحلة االستعمار الفرنسي التي كانت أطول وأصعب فترة والتي غيرت وشوهت مساره
الطبيعي وامتدت آثاره المدمرة اقتصاديا واجتماعيا حتى بعد االستقالل،
أما المرحلة الثالثة فهي المرحلة التي تلت مرحلة االستعمار وحصول الجزائر على حريتها واستقاللها ،وهنا
ظهرت اآلثار السلبية التي ورثها االقتصاد الجزائري من االقتصاد الفرنسي نتيجة التبعية واالندماج إبان
الحقبة االستعمارية. ،
وبعد االستقالل اتجهت الجزائر نحو بناء نظام اقتصادي قائم على النهج االشتراكي قوامه التخطيط و التوجيه
المركزي لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية لتعويض التأخر والتخلف واستدراك ما ضاع نتيجة االحتالل،
وكانت األهداف المحددة في هذه المرحلة تتمثل في تكييف األهداف االجتماعية مع األهداف االقتصادية،
فاألهداف االجتماعية تتمثل في تلبية حاجيات السكان من تعليم وصحة وسكن وانارة كهربائية وتشغيل...إلخ،
أما األهداف االقتصادية فتتمثل في فصل االقتصاد الجزائري عن تبعيته لالقتصاد الفرنسي بعد 231سنة من
االندماج والسيطرة ،واعتماد إستراتيجية تنموية تعتمد على بناء قاعدة صناعية قوية في إطار تكاملي مع
باقي القطاعات األخرى ،الستيعاب كل المشاكل المطروحة واستدراك ما ضاع نتيجة االحتالل.
كما تدخلت الدولة في كل النشاطات لتوجيه دواليب االقتصاد ،و ضمان نجاح السياسة المطبقة من خالل
التأميمات التي قامت بها وانشاء مؤسسات عمومية واسعة في كل القطاعات ،وأنشأت أجهزة إدارية خاصة
بالتخطيط و المراقبة والتوجيه والتسيير والتنظيم تضمن تدخل الدولة بصفة مباشرة كلما تطلب األمر ذلك.
اعتمدت الجزائر أسلوب المخططات التنموية لتطوير اقتصادها ،فأنجزت أربعة مخططات في الفترة (-2691
،)2691بداية بالمخطط الثالثي ( ،)2696-2691ثم المخطط الرباعي األول ( ،)2613-2611فالمخطط
الرباعي الثاني ( ،)2611-2611وأخي ار مخطط المرحلة التكميلية لمدة سنة (.)2616-2619
وفي الوقت الذي شرعت في تنفيذ المخطط الخماسي الثاني ( )2696-2691كانت األزمة النفطية لعام
2699بدأت تشل كيان االقتصاد الجزائري ،بظهور االختالالت المالية و واالقتصادية واالجتماعية وبالتالي
هذا المخطط لم يحظ بنفس األهمية التي حظيت بها المخططات السابقة ،بسبب األزمة االقتصادية التي
انعكست آثارها على نقص التمويل لتنفيذ البرنامج المسطر ،ألن هذا التمويل مصدره مداخيل صادرات
المحروقات التي انخفضت أسعارها خالل 2699إلى أدنى مستوياتها ،وهذا ما دفع بالسلطات الجزائرية
للبحث عن مخرج لهذه األزمة فلم يكن أمامها سوى سبيل اإلصالحات ،ولذلك شرعت منذ 2699في سلسلة
من اإلصالحات االقتصادية من منظورها الخاص ،وعندما أخفقت في ذلك بسبب نقص التمويل وغياب
ابتداءا من 2696مع الصندوق
ً البرامج ،توجهت إلى تنفيذ سلسلة أخرى من اإلصالحات أكثر عمقًا وشمولية
والبنك الدوليين لحل أزمة االقتصاد الجزائري ،في ظل شروط اقتصادية واجتماعية قاسية مفروضة عليها في
إطار اقتصاد السوق ،وبقي االقتصاد الجزائري حتى نهاية األلفية الثانية في وضع اقتصادي غير مريح
تتجاذبه اإلصالحات الداخلية أحيانا واإلصالحات الخارجية أحيانا أخرى ،في ظل غياب التوازنات المالية
الداخلية والخارجية التي انعكست آثارها السلبية على الجوانب االجتماعية ،لكن انتعاش أسعار المحروقات مع
مطلع األلفية الثالثة أدت إلى وجود بحبوحة مالية لم تشهدها الجزائر من قبل ،ساهمت بشكل واضح في
استعادة االقتصاد الجزائري لعافيته وتحقيق استق ارره واعادة توازناته المالية الداخلية والخارجية والتخلص من
عبء المديونية ،هذا الوضع المريح سمح للسلطات الجزائرية برسم وتنفيذ ثالثة برامج تنموية توسعية شملت
كل القطاعات والمجاالت ،األول هو برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي ( 1111ـ )1111ثم البرنامج التكميلي
لدعم النمو (1111ـ ،)1116وأخيرا برنامج توطيد النمو ( 0202ـ ، .)0202حيث رصدت الدولة لهذه
البرامج اعتمادات مالية ضخمة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية عديدة.
وعلى ضوء هذه المقدمة تم تقسيم هذا العمل إلى ستة محاور كما يلي :
Page 1
المحور األول :الوضعية االقتصادية إبان االحتالل
ورثت الجزائر بعد االستقالل وضعا اقتصاديا مزريا ،يتميز بسيادة القطاع الزراعي والصناعة
اإلستراتيجية إضافة إلى تبعيته المطلقة لالقتصاد الفرنسي ،وهذا الوضع االقتصادي المزري انعكس عنه
وضع اجتماعي هو اآلخر سيء يتمثل في الفقر والجهل والمرض ،ولمواجهة هذا اإلرث سلكت الجزائر نهج
االشتراكية كخيار أساسي لتحقيق التنمية والخروج من التبعية والتخلف.
كان يتميز االقتصاد الجزائري إبان االحتالل بعدة خصائص و هي:
.2سيطرة النشاط الفالحي وخلق قطاع زراعي يملكه المعمرون بمساحة كلية 1.1مليون هكتار موزعة على
11111معمر و 12111مزرعة ،مقابل 1.9مليون هكتار يملكها 911111من الج ازئريين.
.1المبادالت التجارية كانت تتميز بخاصيتين ،من ناحية أولى كان هناك عجز في نسبة تغطية الصادرات
للواردات في حدود ،% 39ومن ناحية ثانية عدم التوازن في التوزيع الجغرافي للمبادالت فنجد %99من
الصادرات كانت توجه للسوق الفرنسية وحوالي %11من الواردات مصدرها السوق الفرنسية كذلك.
.3القوى االجتماعية المتحكمة في االقتصاد :هناك أربع مجموعات أجنبية كانت تسيطر على االقتصاد
الجزائري و هي:
أ -الرأسماليون الصناعيون :كانوا يسيطرون على القطاع الصناعي بتشكيل اتحادات صناعية مثل اتحاد
المناجم الذي كان يملك %91من رأس مال شركة فوسفات قسنطينة ،و بنك االتحاد الباريسي-ميرابو
المتحكم في مناجم حديد الونزة بـ .%19
ب ال-رأسماليون العقاريون :كانوا يسيطرون على المساحات الزراعية الخصبة و المباني.
ج -الرأسماليون الماليون :كانوا يحتكرون الجهاز المالي و المصرفي.
د -الرأسماليون الزراعيون :وهم عبارة عن الكولون المالكون وكان عددهم 11111معمر يشكلون قوة
اقتصادية وسياسية مؤثرة في ميادين الفالحة والصناعة والنقل.
ونتجت عن هذه الوضعية ازدواجية في االقتصاد ،قطاع أجنبي حديث وعصري موجه نحو التصدير
يستفيد من يد عاملة ماهرة ومؤهلة وآالت حديثة وتمويل مصرفي ميسر ومندمج تماما في االقتصاد الفرنسي،
وبالمقابل هناك اقتصاد جزائري تقليدي متخلف لم يكن يتمتع بدرجة استعداد كافية لتفاعله مع االقتصاد األول
( ،)1وعليه أصبح االقتصاد الجزائري تطبعه المظاهر اآلتية:
-إختالل العالقة بين الموارد المادية والموارد البشرية بسبب قلة الوسائل المادية وضعف االستثمار وارتفاع
نسبة الزيادة السكانية.
-اختالل الهيكل اإلنتاجي بسبب ضعف الصناعة في تكوين الناتج الداخلي الخام.
-اختالل هيكل التشغيل بسبب تراكم نسبة تركز استخدام اليد العاملة في القطاع الزراعي.
( )1جمال الدين عويسات ،التنمية الصناعية ،ترجمة سعيدي الصديق ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2699ص .2
Page 2
-أحادية هيكل التجارة الخارجية بتصدير عدد محدود من المواد بفعل واقع السيطرة و االندماج.
Page 3
المحور الثاني :مرحلة تخطيط التنمية االقتصادية ( 2691ــ ) 2696
بعد خروج المعمرين من الجزائر سنة 2691تركوا وراءهم اقتصادا مشوها بعد 231سنة من التدمير
واالستغالل ،منها سبع سنوات حرب بتطبيق سياسة األرض المحروقة من طرف المستوطنين بمساعدة
المنظمة السرية المسلحة ،لقد كان المستعمر هو المسير األساسي لالقتصاد الجزائري ،وبعد خروجه وجدت
الجزائر المستقلة نفسها أمام وضع اقتصادي منهك ومدمر يفتقد إلى اإلمكانيات المادية والمالية ويتميز ب:
-تحويل كل االدخارات واألموال إلى الخارج ،واخالء خزينة الدولة والبنك المركزي من األرصدة الذهبية
والعمالت الصعبة ،فقد سجل في شهر جوان 2691تحويل عن طريق القطاع البنكي 111مليون فرنك
فرنسي ،أما التحويالت خارج القطاع البنكي فلم يتم حصرها.
-خروج اإلطارات واليد العاملة المؤهلة من مختلف القطاعات عموما ومن اإلدارة خصوصا و تفريغها من
الوثائق الضرورية لشل الجهاز اإلداري ،وفي هذا اإلطار فقد تم تسجيل خروج 11111إطار رفيع المستوى،
و 31111إطار متوسط المستوى ،و 211111عامل مهني (.)1
-ترك 611111هكتار من األراضي الفالحية الخصبة التي كانت مملوكة من طرف المعمرين مع
الصناعات التحويلية الحرفية في حالة شغور حتى يوضع اإلنتاج الوطني أمام عجز تام.
-يتكون االقتصاد في عمومه من النشاط الفالحي ومن النشاط الصناعي اإلستخراجي الحرفي بنسبة .%91
-ربط المبادالت التجارية الخارجية مع فرنسا ،فمن جهة نسبة % 91من الصادرات الجزائرية توجه لفرنسا
و % 91من صادرات فرنسا توجه للجزائر كواردات من جانب ثان.
-بنية قاعدية ضعيفة ال تشجع على تحسين النشاط اإلنتاجي مثل الطرقات المنجزة والمطارات والخطوط
الكهربائية والسكك الحديدية ....الخ .
-قطاع مالي و مصرفي يمثل امتدادا لفروع بنوك أجنبية و بالخصوص الفرنسية.
-حالة اجتماعية صعبة مثل ارتفاع البطالة و إعادة إسكان المتضررين من الحرب وتسوية األوضاع المادية
لألرامل ،ومشكلة التكفل بالجيل الصاعد من أبناء جيل الثورة و اإلسراع إلعادة تسيير القطاعات اإلنتاجية و
األجهزة اإلدارية ،وأمام هذا الوضع تطلب األمر من السلطات أخذ بعض التدابير في المجال المالي لضمان
التمويل والتموين ،وفي المجال التقني لضمان تأطير سير التنمية .وعلى العموم تتمثل هذه التدابير فيما يلي:
-2التسيير الذاتي للوحدات االقتصادية :إن الهجرة الجماعية للمستعمرين أعطت صفة التضامن للجزائريين
في المصانع القليلة الشاغرة و في المزارع المهجورة الستغاللها بتكوين لجان تتولى هذه المهمة بغرض:
-جرد لكل ما تركه المعمرون من أدوات و معدات وأمالك.
-تحويل كل ما تركه المعمرون و وضعه تحت تصرف الدولة ورقابتها و هي الوحيدة المالكة له.
-منع الخواص من إنشاء الوحدات اإلنتاجية أو التوسع فيها في حالة وجودها.
Page 4
-1اعتماد نهج االشتراكية كخيار سياسي لضمان العدالة االجتماعية ،و هذا الخيار تم التأكيد عليه في
مؤتمر الصومام سنة ،2619و في ميثاق الحكومة المؤقتة في طرابلس في جوان من عام ،2691وفي
ميثاق الجزائر عام 2691الذي يتبنى االشتراكية و يرفض تطبيق النظام الرأسمالي( ،)1ثم ميثاق 2619الذي
()2
ينص على تحقيق األهداف اآلتية:
-استكمال االستقالل الوطني وتدعيمه أكثر..
-محاربة استغالل اإلنسان لإلنسان إلقامة مجتمع متحرر وتسود فيه العدالة.
-تنمية وترقية شخصية اإلنسان الجزائري.
-3التخطيط المركزي الذي يمثل أداة الدولة االشتراكية لتحقيق أهدافها ،و لذلك اعتمدت أسلوب التخطيط
سنة 2691بتطبيق أول مخطط يمتد على فترة 3سنوات ،ثم تلته سلسلة من المخططات إلى غاية 2696
()3
وقد اشترط في التخطيط المركزي تحقيق ما يلي:
ـ فنيا حصر موارد وحاجيات البلد ومراقبة سير الخطط،
ـ اقتصاديا مركزية استعمال الفائض االقتصادي بصورة عقالنية .
ـ سياسيا تأكيد االستقالل الفعلي للبلد.
-1التأميمات و االحتكارات التي قامت بها الجزائر و نذكر منها (:)4
ذاتيا.
-تأميم جميع أراضي المعمرين عام 2693وأصبحت تسير ً
-تأميم المناجم في ماي 2699من دون المحروقات.
ـ تأميم جميع البنوك األجنبية و النظام البنكي عامي 2699و.2691
-كما عرفت هذه الفترة بداية بسط الدولة الجزائرية سيادتها على السلطة النقدية من خالل إنشاء البنك
المركزي في 2691/21/23ليعوض بنك الجزائر الذي أنشأته فرنسا بالجزائر عام 2912ليكون تابعا للبنك
المركزي الفرنسي ،وتأسيس الخزينة العمومية بتاريخ 19أوت 2691بعد فصلها عن الخزينة الفرنسية،
وأسندت لها المهام التقليدية للخزينة ،وقد أعطيت لها صالحيات واسعة في تقديم قروض االستثمار للقطاع
االقتصادي وق روض التجهيز الممنوحة للقطاع الفالحي المسير ذاتيا ،بسبب قلة الموارد المالية لدى الجهاز
المصرفي ،وتعويض المصارف األجنبية التي رفضت تمويل النشاط االقتصادي في الجزائر ،ولذلك نجدها
تولت مهمة تمويل البرامج التنموية التي حددتها الدولة.
)1( Hamid Tammar, Stratégie de développement indépendant, le cas de L’Algérie, un Bilan, OPU Alger,
1983, p 23.
( )2الميثاق الوطني لعام ،2619مركب الصناعة بالرغاية ،الجزائر ،2616ص .11
(3(Hocine Ben issad, Economie de développement de L’Algérie, opu, Algérie, 1991, p 26.
( )4محمد بلقاسم حسن بهلول ،سياسة تخطيط التنمية و إعادة تنظيم مسارها في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزء األول
الجزائر ،2666ص ص .31-31
Page 5
ـ تأسيس الصناديق الوطنية :تميزت هذه المرحلة بإنشاء صندوقين وطنيين عوضا البنوك األجنبية الخاصة
التي توقفت عن النشاط غداة االستقالل ،ويتعلق األمر كل من الصندوق الجزائري للتنمية ( )CADبموجب
القانون رقم 291-93المؤرخ في 1ماي ،2693والصندوق الوطني للتوفير واالحتياط ) (CNEPالذي تم
تأسيسه بتاريخ 21أوت 2691
-احتكار التجارة الخارجية بهدف حماية المنتجات الوطنية من خالل تشجيع الصادرات والتقليل من الواردات
لتحقيق فائض في الميزان التجاري .
1ـ اعتماد نموذج الصناعات المصنعة لتحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع و متسارع في اإلنتاج ألفالحي
والصناعي والتوسع في أسواق منتجات هذين القطاعين ،والعتماد هذا النموذج كان من الضروري البدء في
هيكلة االقتصاد مع األخذ في االعتبار توفر أربعة شروط أساسية وهي :
ا ـ ضرورة توفر مصادر تمويل أولي لالستثمارات الصناعية والفالحية ،ويتصور هذا النموذج بان حل أمر
تمويل هذه االستثمارات يكمن في قطاع المحروقات ،وهذا ما أدى بالدولة الجزائرية إلى السيطرة على قطاع
المحروقات عن طريق التاميمات واسترجاعه من قبضة الشركات الفرنسية.
ب ـ ضرورة توفر جهاز تخطيط قوي وقادر على القيام بتحديد االستراتيجيات وتنفيذ البرامج ومراقبتها
ومتابعتها ،أي وجود مركز قرار سياسي له القدرة على التخطيط واإلعداد والتحكم ومراقبة تنفيذ الق اررات في
مختلف القطاعات.
ج ـ ضرورة انتهاج سياسة غير تصادمية بين مستوى األسعار والدخول للحفاظ على القدرة الشرائية لألسر.
د ـ ضرورة تطبيق إصالح زراعي بإيجاد أشكال وطرق جديدة الستغالل األراضي ،من خالل إقامة مزارع
متوسطة الحجم التي تساهم في التكثيف الزراعي ،وتستخدم المعدات الميكانيكية والمواد الكيميائية وهذا ما
استدعى ضرورة تغيير هيكل الملكية لألراضي بما يتوافق والمزارع متوسطة الحجم .
-9نفذت الدولة في هذه المرحلة بعض االستثمارات في قطاعين أساسيين هما قطاع الفالحة وقطاع
الصناعة كبداية النطالق عملية التنمية و هذا ما يوضحه الجدول اآلتي:
الوحدة :مليون دينار حجم االستثمارات خالل الفترة (.)99-93
2699 2691 2691 2691 السنوات
القطاعات
911.91 69.11 211.61 91.91 الفالحة
921.31 219.91 232.91 212.11 الصناعة
9111.91 2191.11 2916.11 2216.11 مجموع القطاعات
6Hocine Benissad, la réforme économique en Algérie ; opu, 2éme édition, Algérie,1991 ,p1 المصدر
Page 6
ابتداء من عام 2691اختارت الجزائر أسلوب المخططات التنموية متوسطة المدى ،إلحداث تنمية فعلية
بمضمونها االقتصادي و االجتماعي والقضاء على التبعية ،الن هذا األسلوب يوضح الطبيعة العامة لنموذج
التنمية بالجزائر واستراتيجية المخططات التنموية تجد مبرراتها في عاملين:
ـ العامل األول يقتضي االقتصاد االشتراكي تدخل السلطة السياسية من خالل التخطيط والتوجيه المركزي
لتسيير النشاطات االجتماعية و االقتصادية.
ـ والعامل الثاني يتمثل في توفير قدر معين من الشروط الموضوعية بعد المرحلة االنتقالية في قدرة الدولة
على التحكم في القوى االقتصادية وملكيتها لوسائل اإلنتاج ،وازالة بعض معوقات التنمية خاصة بعد تأميم
الثروات الوطنية واحتكار التجارة الخارجية.
ولقد طبقت الجزائر خالل هذه المرحلة ثالثة مخططات تنموية وهي ،المخطط الثالثي (-2691
،)2696المخطط الرباعي األول ( ،)2613-2611المخطط الرباعي الثاني ( ،)2611-2611فمخطط
المرحلة التكميلية لمدة سنة (.)2616-2619
)1( Tahar Ben Houria, L’économie de L’Algérie, Fronçois Maspero, Paris, 1980,P 256.
Page 7
مخصصات المخطط هو 60.9مليار دينار كاستثمارات ،وهو مبلغ ضعيف خاصة إذا علمنا أن التكلفة
الحقيقية للمشاريع تقدر بـ 86091مليار دينار ،أي أن االعتماد المالي المرخص به يقدر بـ % 69من مجموع
تكاليف البرامج االستثمارية المخططة ،مع ان البرامج الباقية بدون انجاز تقدر بـ 8.091مليار دينار.
و قد كانت االستثمارات الفعلية المحققة 6089مليار دينار عند نهاية المخطط أي أن نسبة االنجاز كانت في
حدود % 6901و الجدول اآلتي يبين ذلك:
استثمارات المخطط الثالثي ( ، )8696-8691الوحدة :مليار دينار
االستثمارات الفعلية االعتماد المالي القطاعات
80.6 8091 مجموع الزراعة و الري
6068 906. مجموع الصناعة
.0.9 .069 مجموع القطاع شبه المنتج
10.8 8091 االستثمارات األساسية
6089 60.9 مجموع االستثمارات
المصدر :محمد بلقاسم حسن بهلول ،مرجع سابق ،ص 86.بتصرف الطالب .
إن النتائج التي كان من المفروض تحقيقها لم تكن في مستوى األهداف المرجوة بسبب:
-طبيعة المرحلة التي تميزت بعدم توفر اإلمكانيات المالية و التقنية و البشرية مثل نقص اإلطارات في
مختلف التخصصات.
-عدم وجود تنسيق بين األجهزة المختلفة المكلفة بالعمل على إعداد المخططات.
-مركزية القرار االقتصادي في إقامة المشروعات دون مشاركة األطراف المعنية مثل إدارة الشركات
الوطنية و الهيئات التنفيذية.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات فإن هناك انجازات قد أعلن على تحقيقها منها:
-ارتفاع الناتج الداخلي الخام إلى 16.1مليار دج.
-ارتفاع عدد العمال و الموظفين عند نهاية المخطط إلى 2.963مليون شخص منها 111111في الفالحة
و 11111في اإلدارة و 113111في الصناعة و البناء.
-ارتفاع حجم االستثمارات اإلجمالية إلى 23.21مليار دج.
-تأميم النظام المصرفي سنة 2699حتى يتماشى والسياسة االستثمارية.
-تنظيم التجارة الخارجية من خالل إصدار قانون جديد للتعريفة الجمركية.
-تأميم المناجم والموارد الباطنية في عام 2699ما عدا المحروقات.
Page 8
شكل المخطط الثالثي تجربة مفيدة في سياسة التنمية ،لذلك واصلت الجزائر سياسة التخطيط باعتماد
مخطط ثاني متوسط المدى لفترة أربع سنوات يهدف إلى:
-بناء االشتراكية لتقوية االقتصاد و تعزيز االستقالل الوطني.
-إعطاء األولوية للصناعات الثقيلة باعتبارها محرك التنمية تسهل فيما بعد تأسيس صناعات خفيفة.
-تنمية المناطق الريفية و تحقيق نوع من التوازن بين المدينة و الريف و تقليص التفاوت في مستويات
التنمية بين الجهات.
-االعتماد على التمويل الذاتي لالستثمارات.
-العمل على تحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي في المتوسط قيمته . ℅ 6
وقد تميز هذا المخطط بإحداث تغيرات هيكلية جديدة مثل:
-ظهور الثورة الزراعية.
-في مجال الصناعة تم االعتماد على أسلوب التسيير االشتراكي للمؤسسات الذي منح صالحيات معتبرة
للعامل في بلورة إستراتيجية المؤسسة اإلنتاجية.
-تأميم المحروقات عام 2612واعطاء الرقابة التامة لسوناطراك.
-تأسيس المجلس الوطني للتخطيط كأداة لتدعيم جهاز التخطيط بصفة عامة.
يقدر المبلغ المخصص للمخطط الرباعي األول إلى 11.11مليار دج كاعتماد مالي ،في حين كانت
التكاليف الحقيقية للمشاريع 99.19مليار دج ،و بقيت الصناعة في مقدمة أولويات السلطة بمنحها أكبر
حصة تجسيدا لفكرة الصناعة أساس النمو.
أما بخصوص االنجازات والنتائج المحصل عليها في نهاية المخطط فقد كانت معتبرة و نذكر منها:
Page 9
-ارتفاع حجم االستثمارات الفعلية من 6.1مليار دج في المخطط الثالثي إلى 39.3مليار دج خالل هذا
المخطط.
-ارتفاع التشغيل في حدود 1.291مليون شخص منها 131111عامل في الصناعة و البناء.
-تحقيق قيمة مضافة بحوالي 63مليار دج.
-ارتفاع الناتج الداخلي الخام إلى 219..مليار دج بزيادة 19.1مليار دج عن المخطط الثالثي.
في إطار الثورة الزراعية تم خلق 9111تعاونية زراعية لإلنتاج وتعاونيات متعددة الخدمات ،بغرض مد
الفالحين بمواد اإلنتاج والخدمات الالزمة.
ـ تم توزيع مليون هكتار من األراضي على 211ألف أسرة.
Page
10
-3االستثمارات الزراعية بقيمة 29.11مليار دج كترخيص مالي لمواجهة تكاليف استثمارية إجمالية قدرها
32.9مليار دج ،و الهدف من وراء االهتمام بالزراعة يكمن في تطوير أسلوب اإلنتاج الزراعي الذي يشكل
جزءا من القطاع المنتج مباشرة الذي يعتبر القاعدة المادية لتطوير المجتمع.
-1االستثمارات شبه اإلنتاجية (سياحة ،نقل ،مواصالت..الخ) بقيمة 21.11مليار دج ،وهذه االستثمارات
تمثل عملية اسنادية لقطاع اإلنتاج مباشرة.
-1استثمارات وحدات انجاز البناء و األشغال العمومية بـ 1.13 :مليار دج.
الوحدة:مليار دج استثمارات المخطط الرباعي الثاني ( ، ) 2611 -2611
االستثمارات الفعلية االعتماد المالي القطاعات
11.21 19.11 الصناعة
9.62 29.11 الزراعة و الري
3.11 1.13 البناء و األشغال العمومية
21.11 21.11 القطاع شبه المنتج
11.11 31.11 الهياكل األساسية
المصدر :و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية ،الحصيلة العشرية ،2619-2691ص ،11بتصرف الطالب.
أما من حيث تقيي م حصيلة استثمارات المخطط فال شك أنها قد أثرت على اإلنتاج والتشغيل والدخل الوطني
و االستهالك و غيرها ،ويمكن ذكر البعض من نتائج تنفيذ استثمارات المخطط كما يلي:
-إنشاء 199ألف منصب شغل جديد ،موزعة على 113ألف في القطاع المنتج مباشرة ،و 11ألف في
القطاع شبه المنتج و 211ألف منصب في القطاع غير المنتج أغلبها في اإلدارة في حدود 219ألف
منصب جديد.
-بلغ حجم الناتج الداخلي اإلجمالي 11.9مليار دج عند نهاية المخطط.
-ساهم فيها القطاع المنتج مباشرة بـ 19.1مليار دج،
-انعكس ارتفاع المداخيل النقدية للعائالت على ارتفاع متوسط دخل الفرد من 2163دج عام 2611إلى
1111دج عام 2611أي بزيادة أكثر من .%13
-زيادة متوسط االستهالك للفرد لنفس الفترة من 2191دج إلى 1192دج وهذه الزيادة بدورها انعكاسا
لزيادة دخل الفرد.
ـ ارتفاع الواردات من 6131مليون دينار سنة 2613إلى حدود 16131مليون دينار سنة ،2611مع
استحواذ فرنسا على ℅ 11من وارداتنا.
ـ ارتفاع الصادرات من 1111مليون دينار سنة 2613إلى 11161مليون دينار سنة ،2611وكان نصيب
فرنسا ℅ 12 ,6من صادراتنا.
-سرعة انجاز المشاريع في القطاع الصناعي و في قطاع البناء و األشغال العمومية.
Page
11
المرحلة التكميلية ()2696-2691
على الرغم من االستثمارات المنجزة فإن الباقي الذي لم ينجز يقدر بـ 261.21مليار دج من مجموع
()1
باقية االستثمارات المسجلة في المخطط الرباعي الثاني و البالغة 322.31مليار دج ،أي بنسبة %92
بدون انجاز ،وهذا ما تطلب تخصيص مرحلة تكميلية للمخطط الرباعي الثاني مدتها سنة من 2619إلى
2616النجاز ما تبقى.
وتتميز هذه المرحلة بعدة خصائص وهي(:)2
-حجم البرامج الضخمة الباقية بدون انجاز من مرحلة المخطط الرباعي الثاني.
-الكثير من البرامج أعيد مراجعتها نتيجة التغيرات التي مست األسعار والناجمة عن األزمة العالمية .
-إدراج برامج استثمارية ألول مرة لتلبية متطلبات التنمية الجديدة.
شكلت برامج االستثمارات المسجلة أو التي أعيد مراجعتها ما قيمته 61.93مليار دج ،و كانت االستثمارات
الفعلية في نهاية 2619هي 11.91مليار دج و 11.19مليار دج في نهاية .2616
( )1محمد بلقاسم حسن بهلول ،سياسة تخطيط التنمية ...،مرجع سابق ،ص .331
)2 ( ABDELHAMID BRAHIMI, L’économie Algérienne - Défis et enjeux, Imprimerie DAHLEB, 2éme
edd, Alger 1991, p 322.
Page
12
المحور الرابع :مرحلة اإلصالحات االقتصادية () 2661 -2619
كانت أهداف التنمية في فترة السبعينات تتطلع إلى تعزيز االستقالل االقتصادي ،بإنشاء صناعات قوية
ممولة من إيرادات المحروقات ،إال أن نسق التنمية كان أعلى من حجم و قدرة استيعاب االقتصاد الوطني
فطرق االنجاز و ضخم المشروعات و التقنية المستعملة لم تكن تتماشى مع إمكانيات التسيير واالستغالل
ولهذا سجلت حاالت تأخر في آجال إنجاز المشاريع ،وهذا كان له انعكاس سلبي على تلبية حاجات السكان
و االقتص اد و ارتفاع في تكاليف المنتجات ،و هذه العوامل أدت بالجزائر للوقوع في تبعية للخارج من ثالث
نواحي :
ـ من الناحية االقتصادية بانفتاح أكبر.
ـ و من الناحية التقنية باللجوء إلى المساعدة األجنبية.
ـ ومن الناحية المالية باستدانة مفرطة ،وبقي االقتصاد الجزائري يعتمد على وسيلة تراكم واحدة و هي ما يدره
قطاع المحروقات ال أكثر.
الفرع األول :مميزات هذه المرحلة .تميزت مرحلة ( )2663-2691بعدة مظاهر وهي :
()1
.2لقد تركز االهتمام خالل هذه الفترة على إعادة تنظيم االقتصاد و الذي يتمحور حول:
-العمل على إعادة التوازنات العامة لالقتصاد.
-التقليل من حجم المديونية الخارجية و تدعيم التكامل االقتصادي.
-متابعة التنمية االقتصادية للوفاء بمتطلبات الحاجات األساسية.
-القضاء على عدم التوازن الجهوي بوضع سياسة مناسبة للتهيئة العمرانية.
-مراجعة تنظيم االقتصاد بإدخال الفعالية على سير المؤسسات العمومية بدعوى التحكم في التسيير
والتكنولوجيا.
-األخذ بمبدأ الحيطة لفترة ما بعد البترول.
.1كما تركز االهتمام خالل هذه المرحلة أيضا على إغراق السوق بالسلع االستهالكية في إطار برنامج
مكافحة الندرة . Programme Anti-Pénurie
.3بداية تطبيق عهد جديد بانفتاح السلطة السياسية على العالم الخارجي.
.1تذبذب أسعار البترول بين االرتفاع في سنة 2691و االنخفاض في سنة 2699مما ولد أزمة اقتصادية
حقيقية حولت مساره بشكل جذري.
.1تضافر انخفاض أسعار البترول مع انخفاض سعر الدوالر األمريكي في تخفيض صادرات الجزائر وقلة
المداخيل بالعملة الصعبة و بداية ارتفاع حجم المديونية.
( )1عبد المجيد قدي ،فعالية التمويل بالضريبة في ظل التغيرات الدولية ،دراسة حالة النظام الضريبي الجزائري ( )2661-2699أطروحة
دكتوراه ،الجزائر ،2661ص .211
Page
13
.9أزمة 2699النفطية و أحداث 1أكتوبر 2699السياسية جعلت الجزائر تدخل في سلسلة من
اإلصالحات االقتصادية و السياسية معلنة عن انتقالها من نظام اشتراكي إلى نظام رأسمالي.
تتميز هذه المخططات بمدة زمنية أطول 1-سنوات -مع تخصيص حجم استثمارات أكبر والتركيز على
إعادة تنظيم االقتصاد بما يتماشى و المدة الزمنية واألهداف المسطرة ،واتباع سياسة الالمركزية في انجاز
المشاريع لتسهيل عملية المراقبة وتفادي التأخر في االنجاز ،ولذلك عرفت هذه المرحلة بمرحلة التنمية
الالمركزية بوضع مخططين خماسيين هما المخطط الخماسي األول 2691-2691والمخطط الخماسي
الثاني للفترة .2696-2691
أوال :المخطط الخماسي األول ()2611-2611
ارتكزت سياسة التنمية في المخطط الخماسي األول على تحقيق أهداف أساسية و هي(:)1
-اإلنتاج الوطني هو مصدر تغطية الحاجيات األساسية للمواطنين خالل العشر سنوات الجارية.
-تعبئة الطاقات و الكفاءات الوطنية.
-دعم االستقالل االقتصادي و التحكم في التوازنات العامة لالقتصاد.
ـ تطوير النشاطات االقتصادية المتكاملة و تعميم التنمية االقتصادية و االجتماعية في كل ربوع الوطن.
-مواصلة بناء االقتصاد الوطني.
ـ السعي أكثر لتحقيق العدالة االجتماعية بتوسيع قاعدة التوزيع.
فالسياسة الجديدة للتنمية تهدف إلى تقليص التبعية إلى السوق الدولية ،بتوزيع االستثمارات التي بدأ االتجاه
فيها نحو االهتمام بقطاع الزراعة و الموارد المائية و البنية التحتية االجتماعية و االقتصادية.
استثمارات المخطط :بقدر ما اتسعت مدة تطبيق المخطط الخماسي األول بقدر ما ارتفعت قيمة االستثمارات
المخصصة له ،فالتكاليف اإلجمالية قدرت بـ 191.9مليار دج ،منها 269.6مليار دج برامج قديمة و
()2
393.9مليار دج برامج جديدة
( )1محمد بلقاسم حسن بهلول ،سياسة تخطيط التنمية و إعادة تنظيم مسارها في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزء الثاني
الجزائر ،2666ص .211
( )2و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية ،التقرير العام للمخطط الخماسي األول ، 91-91ص .11
Page
14
63 11.1 16.3 19.1 منها :ـ المحروقات
11.1 16.1 12.9 21.9 الزراعة
11 13.6 21.6 9.1 منها ـ الفالحة
13.1 31 26.2 21.6 ـ الري
1.6 2.1 2.3 1.1 ـ الصيد البحري
3.1 1 3.3 1.1 ـ الغابات
23.1 21.9 23.1 1.1 النقل
11.1 11.1 12.9 3.1 مؤسسات االنجاز
31.6 19.2 39.1 26.6 الهياكل القاعدية االقتصادية
91 61.1 19.1 31.1 السكن
29.3 12.1 21.3 9.1 الهياكل القاعدية االجتماعية
1.1 6.9 9.1 3.9 الصحة
11.1 91.1 31.1 31.3 التربية والتكوين
6.9 23.3 21.6 1.1 تجهيزات اجتماعية
111.9 191.1 393.9 269.6 المجموع
المصدر :و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية ،التقرير العام للمخطط الخماسي األول ، 91-91ص .11
أ -االستثمارات اإلنتاجية مباشرة قيمتها 161.92مليار دج وتشمل قطاعي الصناعة والزراعة ومقاوالت
االنجاز وتمثل % 13من مجموع تكاليف المخطط.
الصناعة :نالت 231..مليار دج أي بنسبة %39من مجموع تكاليف البرامج االستثمارية اإلنتاجية وغير
اإلنتاجية للمخطط كما تمثل نسبة % 12من االستثمارات اإلنتاجية ،أما المحاور االقتصادية واالجتماعية
التي توجه إليها استثمارات القطاع الصناعي فتتمثل في االستثمار في صناعة الهياكل القاعدية ،وترشيد
استعمال أداة اإلنتاج ،وتدعيم دور الجماعات المحلية( ، )1أما أهداف المخطط في قطاع التصنيع فتتمثل في ـ
تنمية القطاع الزراعي وقطاع البنية االقتصادية واالجتماعية.
ـ إشباع الحاجات االستهالكية لألسر.
ـ تدعيم التهيئة اإلقليمية.
الزراعة :استفادت من حصة 16.1مليار دج أي بنسبة %11من مجموع تكاليف برامج القطاع المنتج
وحسب الخطوط العامة للمخطط فإن التنمية الزراعية بحاجة ماسة إلى هذا المبلغ ،بغرض تكوين إطارات
متمكنة في هذا المجال من تقنيين والمهندسين الزراعيين وغيرهم ،إضافة إلى تشجيع البحث العلمي الفالحي
وتنظيم هياكل اإلنتاج والدعم والتسويق ،ألنه اتضح أن حاجات المجتمع إلى المواد الزراعية يتزايد بشكل
Page
15
سريع بسبب النمو السكاني المتزايد ،وارتفاع الدخل النقدي للعائالت ،وتطور االستهالك إضافة إلى أهمية
االنسجام بين تنمية القطاع الزراعي و القطاع الصناعي في نفس الوقت.
مؤسسات االنجاز :استفادت من 11مليار دج أي بنسبة ،%6منها 3.1مليار دينار استثمارات برامج
قديمة بنسبة ℅ 1 ,7و 12.9مليار دج برامج جديدة وتمثل نسبة ℅ 9من قيمة المبلغ
ب -االستثمارات شبه اإلنتاجية خصص لها مبلغ 19.1مليار دج وهو ما يعادل %9من مجموع تكاليف
المخطط منها 21.9مليار دج تكاليف برامج باقية لم تنجز من قبل ،وتمثل %9.3من مجموع االستثمارات
المعتمدة للمخطط.
ج -االستثمارات غير المنتجة والمتمثلة في البنية التحتية االقتصادية واالجتماعية استفادت بمبلغ 129.96
مليار دج أي ما يمثل نسبة %39.1من مجموع تكاليف المخطط 31.3 ،مليار دج وجهت لقطاع البنية
وسكك حديدية وغيرها ،واستفاد قطاع البنية التحتية ومطارات التحتية االقتصادية من طرق وموانئ
االجتماعية كالسكن مثال من قيمة إجمالية قدرها 299.36مليار دج منها 229.1مليار دج استثمارات جديدة
و 91.96مليار دج استثمارات قديمة.
إن األهمية التي أعطيت لقطاع البنية التحتية االجتماعية سببها مشكلة التخلف في هياكل هذا القطاع
ومشكلة عدم التوازن الجهوي التي بقيت تعاني منه الجزائر منذ الفترة االستعمارية.
-1نتائج انجاز المخطط الخماسي األول:
()1
أسفر تنفيذ هذا المخطط على نتائج اقتصادية و اجتماعية يمكن تقديمها كما يلي:
-المبلغ المستثمر 311مليار دج من االعتماد المالي الكلي 111.9مليار دج أي بنسبة انجاز .% 99
-خلق 121111منصب شغل جديد مقابل الهدف التقديري 2.211مليون منصب أي تحقيق % 91من
الهدف التقديري.
-تحقيق فائض في ميزان المبادالت الخارجية قدر بـ 23.9مليار دج في نهاية .2691
-ارتفاع اإلنتاج الداخلي اإلجمالي إلى 111.1مليار دج ،ساهمت الصناعة بـ %21بعد ما كانت %21
عام 2616بسبب تحسن طاقة استغالل الوحدات اإلنتاجية من %11في المخطط الرباعي الثاني إلى %91
()2
في حين ساهم قطاع خالل نهاية عام ،2691و ساهم قطاع البناء و األشغال العمومية ب ـ %26.9
الزراعة بنسبة .%1.1
-بخصوص إعادة هيكلة مؤسسات القطاع العمومي ارتفع عدد المؤسسات الوطنية من 211مؤسسة عام
2691إلى 191مؤسسة عام ،2691وزادت المؤسسات المحلية إلى 111مؤسسة والئية و2116
( )1و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية ،حصيلة المخطط الخماسي األول.2691-2691 ،
(2)ABDELHAMID BRAHIMI, L’économie Algérienne - Défis et enjeux, op cit, p 352.
Page
16
مؤسسة بلدية و تشكيل 3116مزرعة اشتراكية بمساحة كلية في حدود 1931111هكتار ،و تم توزيع
()1
111111هكتار توزيعا فرديا.
-بناء 11مستشفى و توفير 1111سرير و 231عيادة متعددة الخدمات.
-في هذا المخطط تم تهميش القطاع المنتج بصفة مباشرة و الذي يتكون من الفالحة بما فيها الري والصيد
البحري والغابات ،ويظهر هذا التهميش من خالل انخفاض المعدل النسبي المتوسط في مجموع االستثمارات،
فهذا المعدل انخفض من %19خالل المرحلة ( )2619-2691إلى %11.6قبل سنة ،2699و نفس
الشيء بالنسبة للقطاع الصناعي انخفضت فيه حصة االستثمارات من %91.3في الفترة 2619-2691إلى
%31خالل المرحلة .2691-2616
( )1و ازرة التخطيط و التهيئة العمرانية ،المخطط الخماسي الثاني ( )2696-2691جانفي ،2691ص .211-213
( )2و ازرة التخطيط ،تقرير المخطط الخماسي الثاني( ،)2696-2691ص . 1
( ) 3محمد بلقاسم حسن بهلول ،سياسة تخطيط التنمية...،الجزء الثاني ،...مرجع سابق ،ص ص.211 -211 ،
Page
17
-مواصلة تنظيم االقتصاد الوطني التي شرع فيها منذ 2691بإتباع سياسة إعادة الهيكلة.
-تطوير قطاع الفالحة و الري إلشباع حاجات المجتمع بتكثيف العمل و تطوير طرق اإلنتاج و تحديث
أدوات اإلنتاج.
كما
-تقليل االعتماد على الخارج بشرط تحقيق اإلنتاج إلى المستوى الذي يعوض فيه اإلنتاج األجنبي ّ
ونوعا .و كذلك تنويع اإلنتاج إلشباع حاجيات السكان و االقتصاد معا.
-1هيكل استثمارات المخطط:
خصصت الدولة 919.39مليار دج كتكاليف استثمارية واعتماد مالي بقيمة 111مليار دج من مجموع
التكاليف ،مما يدل على عدم كفاية وضعف االنجاز في الفترة السابقة ،و قد وزعت مخصصات المخطط
على القطاعات كما يلي:
-استفاد القطاع المنتج بقيمة 391.11مليار دينار ،أخذت الصناعة 112.91مليار دج منها 11.6مليار
دج إلتمام البرامج الصناعية القديمة ،و 269.1مليار دج تكاليف برامج استثمارية جديدة و تشكل نسبة %12
و % 16على الترتيب ،نالت الصناعات التحويلية 16.9مليار دج من المبلغ 269.1مليار دج لكن قطاع
المحروقات انخفض فيه االستثمار من %11خالل المخططات السابقة إلى %13.9في هذا المخطط ،أما
الفالحة و الري فقد استفادت بحصة 221.11مليار دج وهو ما يعادل %21من تكاليف المخطط ،وأعطيت
األهمية لقطاع الري بسبب العجز الكبير الذي تعرضت له مختلف مناطق الوطن بخصوص مياه الشرب أو
المياه الموجهة للزراعة والصناعة ،وقد قدر هذا العجز بين %11و .%91
-قطاع الهياكل األساسية االقتصادية و االجتماعية استفاد من مبلغ 391.23مليار دج كتكاليف ،منها
91.69مليار دج للهياكل االقتصادية و 166.21مليار دج لتنمية الهياكل االجتماعية ،مع اإلشارة أن
تكاليف الهياكل األساسية االجتماعية أخذت الحصة الكبرى من تكاليف المخطط مقارنة بالقطاع الصناعي
حيث تمثل األولى %39و الثانية ،%31وهذا يدل على تهميش القطاع المنتج.
-قطاع وسائل االنجاز خصص له مبلغ 33.1مليار دج ،بما فيها السكن 9.1مليار دج ،قطاع األشغال
العمومية 1.1مليار دج ،الصناعة و الطاقة 1.1مليار دج.
-القطاع شبه المنتج 99.13مليار دج موزعة على السياحة 1.1مليار دج ،التخزين و التوزيع
11,12ملياردج ،وسائل النقل 12.11مليار دج ،البريد و المواصالت 21مليار دج.
نتائج المخطط الخماسي الثاني:
هذا المخطط لم يستكمل الفترة المحددة له وهي 1سنوات حتى يتم قييمه بموضوعية ،الن في هذه الفترة
عرف االقتصاد الجزائري صعوبات كبيرة بسبب تضافر األزمة االقتصادية الممثلة في أزمة البترول عام
2699مع األزمة السياسية في عام ،2699وهذه الصعوبات أثرت على كل القطاعات بظهور الركود في كل
المجاالت ،مع تسجيل انخفاض المداخيل التي تغذي االستثمارات ،فلم يتحقق النمو و لم تتوقف البطالة عن
االرتفاع ،وارتفعت المديونية وخدماتها وعجزت المؤسسات االقتصادية عن تحقيق اإلنتاج وغيرها من المظاهر
Page
18
وهذا ما أجبر الجزائر على البحث عن مخرج لهذه الوضعية بتنفيذ إصالحات ذاتية وأخرى بمساعدة الهيئات
النقدية و المالية الدولية.
29.1 29.1 29.1 21.6 11.1 31 أسعار البترول :دوالر للبرميل
6.16 1.312 9.132 1.99 21.69 / الصادرات من المحروقات مليار دوالر
المصدر :كريم النشاشبي وآخرون ،الجزائر تحقيق اإلستقرار اإلقتصادي والتحول إلى إقتصاد السوق ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن،
،2669ص ص 11،ـ .291
إذن حسب الجدول تعتبر السنتان 2699و 2699مميزتان في تحصيل النقد األجنبي المتأتي من إيرادات
صادرات قطاع المحروقات ،والعالقة القائمة بين األسعار واإليرادات طردية فبانخفاض أسعار البترول
انخفضت تبعا لذلك حصيلة صادرات قطاع المحروقات.
الفرع الثاني :انعكاس األزمة النفطية لعام 2619على التوازنات االقتصادية والمالية
آثار سلبية
تشير التقارير الصادرة عن الدوائر الرسمية الوطنية أو الدولية ،بأن أزمة 2699البترولية تركت ا
على مختلف الموازين الكلية االقتصادية والمالية ،والحصيلة النهائية هي تضرر االقتصاد الجزائري وخروجه
عن وضعية التوازن واالستقرار وهي الحالة الطبيعية للنمو واالزدهار .وبقيت االختالالت الكلية مالزمة
لالقتصاد الجزائري لفترة معتبرة من الزمن وهذا ما نالحظه من خالل العديد من المؤشرات لعل أهمها هو:
-2ظهور الركود االقتصادي العام :وتجلى هذا الركود من خالل التأثير على وتيرة النمو االقتصادي
بانخفاضه من ( )% 1.1+سنة 2691إلى (– )%1.1سنة ،2699واستمر هذا الركود حتى في السنتين
Page
19
المواليتين بنسبة ( )%1.1-في سنة 2691و( )%2.6-في سنة ،2699وهذه النتائج تجد تفسيرها في
األزمة البترولية التي ساهمت بكل تأكيد في بطء النشاط االقتصادي.
-1ظهور الركود التضخمي :إن ارتباط تمويل االقتصاد الوطني بإيرادات قطاع المحروقات دون غيرها من
العوائد األخرى ،انعكس سلبا على نقص السيولة لمواجهة أعباء النشاطات االقتصادية وهذا فرض على
الجزائر اللجوء إلى التمويل النقدي ،مما جعل المعروض النقدي يرتفع عن المستوى المطلوب وبالتالي ظهر
جنبا إلى جنب وبمعدالت مرتفعة،
في االقتصاد ما يسمى بالركود التضخمي ،أي تعايش التضخم والبطالة ً
فالتضخم ارتفع من %9.2سنة 2691إلى %21.1سنة 2691ثم %21.1سنة ،2699أما البطالة
فبدورها لم تتوقف عن االرتفاع حيث بلغت %21سنة 2691و %21سنة 2691و %17,4سنة 2699
ثم %26.9سنة 2691و %11.29سنة 2699،وأسباب تزايد معدل البطالة عديدة منها ،زيادة عدد
السكان ،تقليص التوظيف في اإلدارات والمؤسسات التابعة للوظيف العمومي ،كثرة الوافدين الجدد على سوق
العمل من خريجي الجامعات والمعاهد ومراكز التكوين.
-3ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة :تتشكل الموازنة العامة للدولة من اإليرادات والنفقات التي تتحدد
كل سنة بموجب القانون( ،)1والفرق بين اإليرادات والنفقات يمثل الرصيد ،والرصيد يكون موجب في حالة
اإليرادات أكبر من النفقات ويكون سالب إذا كانت النفقات تفوق اإليرادات ،والعجز في الموازنة العامة للدولة
يعبر عن الصعوبة التي يتميز بها اقتصاد تلك الدولة في ظل تناقص اإليرادات والموارد مقابل تزايد النفقات
والحاجيات ،وهذا ما حدث للموازنة العامة للجزائر على إثر األزمة البترولية لعام ،2699انطالقا من أن
الجباية البترولية تمول ميزانية الدولة في كل المراحل بنسبة تفوق %11من إجمالي إيرادات الميزانية،
()2
تشير بأن اإليرادات البترولية خالل سنتي 2691و 2691كانت تقدر بـ 13.91و 19.9ملياردج فالبيانات
من مجموع إيرادات الميزانية المقدرة بـ 66.2مليار دج و 219.9مليار دج ،مقابل نفقات قيمتها 61مليار دج
و 66.19مليار دج ،ولذلك تحققت فوائض خالل السنتين المذكورتين بقيمة 1.2مليار دج و 6.9مليار دج
على التوالي .لكن هذا الفائض لم يستمر بل تحول الى عجز خالل سنة 2699الن اإليرادات البترولية
تقلصت إلى 12.136مليار دج بسبب انخفاض أسعار البترول التي تأثرت بها إيرادات الميزانية العامة
وكانت تساوي 92,3مليار دج في الوقت الذي ارتفعت فيه النفقات الى 107,81مليار دج وبالتالي بلغ
العجز في سنة 2699قيمة 21.1مليار دج ،وقد استمر هذا العجز حتى في سنة 2699بقيمة 11.9مليار
دج وهو ما يعادل نسبة %23.1من الناتج المحلي اإلجمالي( .)3إذن هذا االختالل الواضح بين اإليرادات
Page
20
التي تشكل فيها الجباية البترولية أكثر من النصف وبين النفقات جعل الموازنة العامة للدولة تقع في العجز،
ولتغطية هذا العجز لجأت الدولة إلى اإلصدار النقدي أو تمويله بالقروض الخارجية التي بدأت تتراكم.
-1ارتفاع حجم المديونية الخارجية وخدماتها :إلى غاية 2691لم تكن المديونية الخارجية تشكل صعوبات
للجزائر ألنها كانت تسدد في أوقاتها المحددة رغم أنها كانت تقدر بـ 26.9مليار دوالر إلى غاية هذه السنة،
ابتداءا من سنة 2699تغير الوضع بعد إنخفاض أسعار البترول في السوق الدولية إذ أصبحت الجزائر ً لكن
تعاني من مشكلة نقص األموال بالعملة الصعبة وبالتالي عدم قدرتها على التسديد في األوقات المحددة ،وهنا
بدأت المديونية الخارجية في االرتفاع ،فانتقلت من 29.9مليار دوالر عام 2691إلى 12.2مليار دوالر عام
2699و 11.9مليار دوالر عام ،2691ولم تتوقف عن االرتفاع إلى غاية منتصف التسعينات عندما لجأت
الجزائر إلى إعادة جدولة ديونها ،مؤدية بذلك إلى ارتفاع خدماتها حيث انتقلت من 1.219مليار دوالر سنة
2691إلى 1.111مليار دوالر سنة 2699و 9.111مليار دوالر سنة ،2691واستمرت في االرتفاع حتى
بلغت في سنة 2662قيمة 6.119مليار دوالر ،وبذلك استحوذت المديونية وخدماتها على مداخيل
الصادرات التي تشكل فيها صادرات المحروقات أكثر من ،%61وعندما نقارن نسبة خدمات المديونية إلى
الصادرات نجدها فاقت النسبة %11دليل على أن الوضعية ال تعبر عن االرتياح .مع العلم أن هذه النسبة
بلغت %12سنة 2699و %11.1سنة 2691و %91.3سنة 2699وبقيت في التصاعد المستمر إلى
غاية النصف األول من التسعينات ،حيث بلغت في إحدى الفترات ،%61.3أما األسباب التي أدت إلى
()1
ارتفاع خدمات المديونية فتتمثل فيما يلي:
-انخفاض إيرادات صادرات المحروقات بسبب انخفاض أسعار البترول وانعكس ذلك على نقص النقد
األجنبي ومنه ضعف القدرة على التسديد وبالتالي تراكمت المديونية وخدماتها.
-ارتفاع فاتورة المواد الغذائية المستوردة بسبب ظهور الركود االقتصادي العام على مستوى المؤسسات
االقتصادية العمومية.
-انخفاض سعر الدوالر األمريكي.
-ارتفاع أسعار الفائدة في البلدان المتقدمة وانخفاضها في البلدان النامية مما أدى إلى ارتفاع مخزون
المديونية وخدماتها.
-1عجز الميزان التجاري :يتكون الميزان التجاري من الصادرات والواردات ،والفرق بينهما يمثل الرصيد الذي
سالبا في حالة العكس ،ويعكس الميزان التجاري
موجبا في حالة الصادرات أكبر من الواردات ويكون ً
ً يكون
سلعا موجهة للتصدير نحو
مستوى األداء االقتصادي في وحدات اإلنتاج السلعي ،وخاصة الوحدات التي تنتج ً
الخارج ،وبما أن الميزان التجاري الجزائري يعتمد على قطاع المحروقات ،فإن كل تحرك ألسعار المحروقات
تبعا لذلك الميزان التجاري في نفس ا التجاه ،وهذا ما حدث له خالل سنة
باالرتفاع أو باالنخفاض يتأثر ً
Page
21
2699الذي حقق رصيدا سالبا بقيمة 1.1مليار دوالر بسبب انخفاض أسعار المحروقات وتحسن هذا
الرصيد في سنة 2691باإليجاب بقيمة 2.1مليار دوالر نتيجة تحسن أسعار البترول .ونتج عن عجز
آثار سلبية على ميزان المدفوعات الجزائري.
الميزان التجاري ا
-9عجز ميزان المدفوعات :كذلك انعكست أزمة انخفاض أسعار البترول سنة 2699على رصيد ميزان
عجز في تحصيل النقد األجنبي ،وأصبح يدل بأن الجزائر في حاجة ماسة للعملةًا المدفوعات ،الذي أبدى
األجنبية لمواجهة المدفوعات الفورية المستحقة ،وقد تحول الرصيد االيجابي المحقق في سنة 2691والمقدر
بقيمة 2.13مليار دوالر إلى عجز في سنة 2699بقيمة 2.1مليار دوالر وعجز قيمته 1.3مليار دوالر سنة
، 2691وانعكست اآلثار السلبية لهذا العجز على انخفاض االستثمار والتشغيل وقيمة العملة الوطنية وارتفاع
حجم المديونية الخارجية وخدماتها وتآكل االحتياطات الدولية.
-1انخفاض مستوى االحتياطات الدولية :من المؤشرات الدالة على عمق األزمة التي لحقت باالقتصاد
الجزائري هي انخفاض مستوى االحتياطات الدولية ،التي تؤمن للجزائر احتياطاتها من الواردات ،فإذا اعتمدنا
دوليا والمتمثل في نسبة االحتياطات إلى الواردات في حدود 3إلى 1أشهر
المقياس الشائع االستعمال ً
شهر من الواردات خالل سنة 2699وهي نسبة أقل من
لتغطية الواردات ،نجد أن هذه النسبة بلغت ً 1.9ا
شهر
شهر من الواردات في سنة 2691وً 3.1ا
دوليا ،مع العلم أن هذه النسبة بلغت ً 3.9ا
المستوى المطلوب ً
من الواردات في سنة .2691
( )1التقرير االستراتيجي العربي ،مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية ،القاهرة ،2663 ،ص .191
( )2والي عبد الهادي محمد ،االنفتاح االقتصادي بين النظرية والتطبيق ،دار المعرفة ،اإلسكندرية ،مصر ،2696 ،ص .113
Page
22
اعتمدت الجزائر سلسلة من اإلصالحات االقتصادية الذاتية للخروج من مختلف األزمات التي باتت لصيقة
بالهيكل االقتصادي العام ،ولذلك وضعت بعض المبادئ األساسية إلنجاح أنشطتها وعملياتها وتحقيق أهدافها
وهذه المبادئ هي :
2ـ االعتماد على النفس :ترى السلطات الجزائرية بان التنمية الناجحة هي التي تنبع وتعتمد على الجهود
الذاتية بدال من االعتماد على الجهود الخارجية .
1ـ اإلنسان محور العملية التنموية :إن ما يميز أي مجتمع عن اآلخر ليس فقط موارده الطبيعية أو ما
توفر لديه من رأس مال ،أو ما وضع من سياسات رشيدة ،وانما الفرق يكمن في االستفادة فيما توافر من
قدرات وطاقات بشرية وما يملكه أفرادها من مهارات وابداع لدفع المجتمع نحو األحسن ،ولذلك تم التأكيد بان
التنمية االقتصادية في الجزائر التي تم التخطيط لها عبر اإلصالحات محورها وعمودها األساسي هو
اإلنسان.
تدابير ومجاالت اإلصالح :
لقد أصبحت مظاهر الركود والضعف جلية في النظام القائم على التخطيط المركزي ،عندما تسببت الصدمة
النفطية لعام 2699في انخفاض مدا خيل صادرات المحروقات للجزائر بحوالي ،% 11وعوض أن تبادر
الدولة إلى تعديل سعر صرف العملة المحلية توجهت نحو تنفيذ سلسلة من اإلصالحات ابتداء من سنة
2699مست القطاعات والمجاالت اآلتية:
-2استقاللية المؤسسات العمومية االقتصادية
شرعت الجزائر منذ 2699في تنفيذ برنامج إصالحي شاسع شمل العديد من القطاعات االقتصادية وفي
مقدمتها المؤسسات االقتصادية ،التي أسندت إليها مهمة تنمية االقتصاد الوطني ،وال تعتبر االستقاللية المرة
األولى التي أدخلت فيها اإلصالحات على المؤسسة االقتصادية ،بل سبقتها عدة إصالحات وتنظيمات في
السبعينات والثمانينات.
-في سنة 2612طبق نظام التسيير االشتراكي للمؤسسات بغرض التقليل من االعتماد على الخارج وجعلها
في مأمن عن تأثيرات السوق الخارجية.
-في سنة 2692أخضعت المؤسسات إلعادة الهيكلة بهدف التحكم الجيد في توجيهها وتسييرها وتلبية
الطلب االقتصادي واالجتماعي وفي مقدمته خلق مناصب شغل جديدة ،لكن هذه التغييرات أظهرت
محدوديتها مما استدعى إدخال إصالح أوسع وضروري في نفس الوقت ،سواء من حيث طريقة التسيير أو
من حيث األهداف التي يحملها ،وهذا ما حدث في سنة 2699عندما عجزت هذه المؤسسات على مواجهة
الوضع بعد أزمة 2699النفطية ،حيث منحها القانون( )1استقاللية قرار حقيقي في تدبير شؤونها مثل تحديد
Page
23
أسعار منتوجاتها على أساس سعر التكلفة( ،)1وهنا ظهر مفهوم الفائدة والمردودية ،كما تم التأكيد في هذا
()2
بناءا على نظام
القانون على حرية التعاقد وفقا لقواعد القانون التجاري ،من حيث تحديد أجور العمال ً
االتفاقيات الجماعية ،ووضع الهيكل التنظيمي الخاص بكل مؤسسة وفقا لقدرتها االستثمارية وطاقتها البشرية
وامكانياتها المالية والمادية الموجودة ،والدخول إلى السوق لممارسة النشاطات التجارية ،أي أصبحت تتمتع
()3
من حيث االلتزام والتعاقد بكل حرية واستقاللية طبقا للقوانين التجارية المعمول باألهلية القانونية الكاملة
بها ،إن اإلصالحات االقتصادية كانت ترمي إلى إبعاد المؤسسة االقتصادية عن تدخالت اإلدارة الوصية في
فصاعدا إلى قواعد المعامالت التجارية ولتحقيق هدف
ً توجيهها وتسييرها ،وجعلها تخضع من اآلن
اإلصالحات أنشئت ثمانية صناديق مساهمة تتولى مهمة تسيير األسهم الصادرة عن المؤسسات االقتصادية
()4
وهذه الصناديق هي:
مساهمة المناجم والمحروقات والري ،مساهمة الصناعات الكيميائية والبتر وكيمياء والصيدلة ،مساهمة مواد
التجهيز ،مساهمة البناء ،مساهمة الصناعات االلكترونية واالتصاالت واإلعالم اآللي ،مساهمة الصناعات
الغذائية ،مساهمة الصناعات المختلفة ،مساهمة الخدمات.
إن النتائج المتولدة عن منح االستقاللية للمؤسسات االقتصادية العمومية جاءت عكسية لألهداف المسطرة ولم
تكن في مستوى اآلمال بحيث لم تحقق األرباح والمردودية التي كانت تنشدها بل تضاعفت وتراكمت الخسائر
عليها ،واألسباب في ذلك كثيرة منها التركة الثقيلة التي ورثتها من نظام التسيير قبل االستقاللية مثل عدد
العمال الهائل في كل مؤسسة الذي يرفع من التكاليف ويقلل من األرباح ،نقص األموال الكافية لمواجهة
رهانات المرحلة رغم الجهود المبذولة من طرف الخزينة العمومية لتوفير هذه األموال لكافة المؤسسات
االقتصادية التي شملها قانون االستقاللية وعلى كثرتها ،إضافة إلى بقاء اإلدارة الوصية تتدخل في توجيهها
وتسييرها .وعندما وصلت هذه المؤسسات إلى مرحلة عدم قدرتها على تسديد أجور عمالها مع تراكم الخسائر
والديون عليها وأصبحت في وضع ميئوس منه بقي لها الحجل األخير والمتمثل في حلها وتصفيتها وبيعها أو
التنازل عنها وتسريح عمالها وهذا ما وقع فعال للكثير منها.
-1إصالح القطاع الفالحي
صدر في هذا الشأن قانونان ،القانون رقم 26 – 91والقانون رقم . 11 -61
فالقانون رقم 26– 91يبين طريقة االستفادة من االستغالليات الفالحية التي تقدر مساحتها بحوالي 39مليون
هكتار ،بتقسيمها إلى وحدات صغيرة الحجم وهذا ما جعل الدولة في سنة 2691تقسم 3111مزرعة حكومية
Page
24
كبيرة إلى مستثمرات صغيرة( ،)1بحيث أسفرت العملية عن إنشاء 19616مستثمرة فالحية جماعية و
29139مستثمرة فالحية فردية و 299مزرعة نموذجية تتخصص في إنتاج النباتات والحيوانات ،ويكمن
الهدف من وراء تطبيق هذا القانون إلى :
-تحرير الفالحين من عراقيل البيروقراطية.
-منح الفالحين حق االستفادة باالستغاللية الفالحية الجماعية والفردية .
-القضاء على فكرة أخذ األجر في العمل الفالحي وجعل دخل الفالح مرتبط بمدى مردودية األرض
الفالحية.
-أما القانون 11-61فيبين كيفية تسوية مشكلة األرض المؤممة تطبيقا للقانون رقم 23-12المتعلق بالثورة
الزراعية والتي تبلغ مساحتها 2.3مليون هكتار( ،)2إن المبدأ العام لهذا القانون هو إعادة األرض المؤممة إلى
أصحابها األصليين ،كما يهدف القانون إلى تقسيم استغالليات الثورة الزراعية البالغ عددها 3121استغاللية
بمساحة إجمالية تقدر بـ 1911131هكتار( ،)3وانطالقا من مضمون القانون الجديد فإن العالقة التي تتأسس
بين السوق وبين المزرعة هي عالقة تجارية ،ولذلك تأسس صندوق الضمان الزراعي بغرض تدعيم بنك
الفالحة التنمية الريفية ( )BADRلمساعدة الفالحين للحصول على التمويل عندما تعترضهم صعوبات في
هذا اإلطار.
-1إصالح النظام المصرفي
لقد شرعت الدولة في إدخال إصالحات معتبرة على النظام المصرفي ابتداءا من سنة 2699من خالل
القانون 21-99المتعلق بنظام البنوك والقرض ،ثم إصالح آخر في سنة 2699من خالل القانون -99
12المتعلق باستقاللية المؤسسات االقتصادية العمومية ،ثم اإلصالح األساسي في سنة 2661تحت رقم
21-61أو ما يسمى بقانون النقد والقرض ،حيث أصبح أكثر عمقا وشمولية سواء من حيث طريقة التسيير
أو من حيث األهداف المتضمنة فيه ،كإدراجه لقواعد اقتصاد السوق أو تشجيع االستثمار األجنبي حيث
أصبح يشير صراحة إلى إمكانية تحويل األموال من طرف المقيمين في الجزائر الستثمارها في الخارج ،كما
يمكن لغير المقيمين بتحويل أموالهم الستثمارها بالجزائر(.)4
-1إعادة النظر في عالقة الدولة باالقتصاد:
إن إعادة النظر في هذه العالقة هو تكييف دور الدولة في ظل اإلصالحات االقتصادية الجديدة ،لتنسحب
()5
من النشاطات التنافسية لصالح الخواص كمالك أو كمسير لتبقى هي محافظة على الوظائف اآلتية:
Page
25
-وظيفة المنظم :فالدولة هنا تتدخل بغرض تحقيق التوازنات الداخلية والخارجية.
-وظيفة الحامي :بتوفير مختلف السلع والخدمات للمواطن وحمايته من استغالل وجشع الخواص.
-وظيفة المنشط :بتطبيق سياسات نقدية ومالية موافقة ،لتقليل التكاليف االقتصادية واالجتماعية التي يمكن
أن تحدث جراء الركود الذي ينشأ خالل مرحلة االنتقال من إقتصاد اشتراكي إلى اقتصاد تحكمه آليات
السوق.
-وظيفة المنتج :وهي وظيفة تتكيف مع قواعد االقتصاد الحر ،كأن توافق بين ملكيتها للنشاطات
اإلستراتيجية وبين تدخلها كمراقب وكمحافظ لضمان توفير الحاجيات األساسية للمواطن وبين االنسحاب
الكلي من العملية اإلنتاجية وترك هذا الميدان للخواص المقيمين أو األجانب.
-1إصالح سعر صرف الدينار:
أي تطبيق سعرين عند صرف العملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية السعر األول ثابت تكون قيمته عالية
مقارنة بقيمته في السوق لدعم أسعار السلع واسعة االستهالك ولإلنتاج.
والسعر الثاني غير ثابت (متغير) يحدد حسب آليات العرض والطلب لتمويل الواردات من السلع والخدمات
التي ال تنتمي للفئة األولى.
-9إصالح نظام األسعار:
وهو شكل آخر من أشكال اإلصالحات ،فقد بدأت الدولة في إدخال تعديالت على نظام األسعار إبتـداءا مـن
سنة 2691كآلية ضبط ولكن هذه التعـديالت لـم تـنجح الصـطدامها بسياسـة الـدعم ،ولـذلك عمـدت الدولـة إلـى
إصدار القانون 21–96الذي يفرق بين نوعين من األسعار(.)1
-أسعار قانونية إدارية تحددها الدولة في إطار دعمها المباشر أو غير المباشر للسلع االستهالكية واسعة
االنتشار أو لإلنتاج.
-أسعار حرة تحدد طبقا آللية العرض والطلب.
وكان هذا اإلصالح ضروري من أجل(:)2
-استعادة التوازنات المالية في المؤسسات
-المساهمة في تخفيض االنحرافات الميزانية والنقدية.
-القضاء على ريوع المضاربة.
-التخلص من الممارسات االحتيالية والمساهمة في إعادة تنظيم السوق.
-تحديد الفئات االجتماعية المحتاجة إلى دعم الدولة.
-9إصالح نظام التخطيط :
Page
26
من بين اإلصالحات التـي شـرعت الدولـة فـي تنفيـذها نظـام التخطـيط ،وقـد صـدر بخصوصـه عـامي 2691و
2699قانون ــان ،األول ه ــو الق ــانون رق ــم 26 /91ال ــذي يب ــين كيفي ــة اس ــتغالل األرض الفالحي ــة الحكومي ــة،
والثاني القانون رقم 12 /99والمتعلـق بتنظـيم المؤسسـة العموميـة االقتصـادية ،وتتبلـور أسـس نظـام التخطـيط
الجديــد فــي القــانون رقــم 11-99الصــادر فــي 2699/12/21المتعلــق بــالتخطيط والــذي حــرص علــى تحريــر
المتعــاملين مــن مركزيــة الجهــاز المخطــط ،ويخضــعهم أكثــر إلــى اقتصــاد الســوق ويحــثهم علــى تطبيــق تخطيطــا
المركزيـا عنــد وضــع قـ ار ارت المخططــات الدوريــة( ،)1بمعنـى آخــر هــذا القـانون يوافــق بــين نظـام التخطــيط وبــين
اقتصاد السوق فهو لم يهمش نظام التخطيط كما لم يهمش دور الدولة في تسيير المؤسسات،
-1تحرير التجارة الخارجية:
إبتـداءا مـن عـام 2699بـدأت الدولـة فـي مراجعـة القـوانين التـي تسـير التجـارة الخارجيـة ،وتحريرهـا مـن احتكــار
الدول ــة له ــا وتب ــديلها بقـ ـوانين أخ ــرى تك ــون أكث ــر مرون ــة ،فالق ــانون 16-99الص ــادر بت ــاريخ 2699/11/26
المتعلـق بالميزانيــة بالعملــة الصــعبة ،فــتح المجــال أمــام المؤسســات للــتحكم فــي مواردهــا الماليــة ،كمــا أقــر قــانون
المالية التكميلي لسنة 2661السماح للوسطاء القيام بالمعامالت التجارية مع الخارج ورفع كل القيود التـي لهـا
صــلة بتحصــيل العملــة الصــعبة ،وهكــذا صــارت عمليــات التجــارة الخارجيــة مــن اختصــاص البنــك والمتعــاملين
التجاريين ،وأوكلت مهمة دراسة طلبات االستيراد إلى الغرفة الوطنية للتجارة بالتنسيق مـع البنـوك ،أمـا التعليمـة
()2
فتشير أن كل شخص له صفة التاجر يستطيع القيام بعملية االسـتيراد بشـرط أن يكـون المسـتورد رقم 3-62
(خاص أو عام) مسجال في السجل التجاري.
6ـ إعادة هيكلة المؤسسات العمومية:
لقد أدى التطور االقتصادي الذي عرفته الجزائر بعد االستقالل إلى ظهور هيكل اقتصادي جديد يتميز بما
يلي :
ـ وجود قطاع اقتصادي عمومي كبير خاصة في الصناعة.
ـ إنشاء مؤسسات اقتصادية وطنية كبيرة الحجم ومتعددة النشاطات.
ـ تمركز عضوي وجغرافي لوسائل اإلنتاج.
ظهرت فكرة إعادة الهيكلة للمؤسسات العمومية مع بداية 2692تطبيقا للمرسوم رقم 111 / 91المؤرخ في
21أكتوبر 2691والمتضمنة في المخطط الخماسي األول ،ضمن اإلطار العام المتعلق بمراجعة تنظيم
االقتصاد واعادة تنظيم المؤسسات العمومية.
Page
27
لكن بعد تحليل الهيكل االقتصادي تبين بان الطاقات اإلنتاجية للمؤسسات العمومية االقتصادية لم تستغل إال
في حدود ،℅ 11ولذلك تقرر إعادة تنظيم وهيكلة المؤسسات االقتصادية العمومية نتيجة ضعف استغاللها
ومردوديتها.
أما الهدف المنتظر من هذه الهيكلة فكان يتمثل في :
ـ تحسين فعالية الجهاز اإلنتاجي ودفع المؤسسات نحو التخصص أكثر.
ـ االستجابة األفضل للطلب االجتماعي.
ـ الالمركزية في التسيير جهويا ومحليا ،من خالل توزيع األنشطة بكيفية متوازنة على كامل التراب الوطني.
وقد عرفت المؤسسات االقتصادية العمومية نوعين من إعادة الهيكلة وهما :
ا ـ إعادة هيكلة عضوية :والمقصود بها تقسيم المؤسسات العمومية كبيرة الحجم إلى مؤسسات عمومية
صغيرة ومتوسطة الحجم ،لقد أدت هذه السياسة إلى تقسيم 211مؤسسة وطنية إلى 191مؤسسة سنة
، 2691كما ارتفع عدد المؤسسات المحلية إلى 111مؤسسة والئية و 2116مؤسسة بلدية ،وعرفت
الزراعة إعادة هيكلة جميع المزارع التابعة للتسيير الذاتي أو تعاونيات الثورة الزراعية بتشكيل 3116مزرعة
اشتراكية بمساحة إجمالية قدرها 193111هكتار وتوزيع 111111هكتار توزيعا فرديا ،وهكذا أدت إعادة
الهيكلة إلى تجزئة المؤسسة االقتصادية وبالتالي تجريدها من مزايا الوفورات الداخلية التي تتمتع بها
المؤسسات ذات الحجم الكبير ،مثل البحث العلمي والتكنولوجي لتطوير إنتاجها وترقيته نوعيته وتنمية قدرة
االبتكار لديها....الخ.
في سنة 2699أجريت دراسات ميدانية من طرف مكلفين بالشؤون االقتصادية واالجتماعية لمعرفة انعكاسات
إعادة الهيكلة للمؤسسات العمومية ،فتبين بان وضعية وحداتها تسير في اتجاه سيئ منذ 2693بسبب
الوضعية المالية السيئة الناتجة عن تقلص نشاطها ،فمعظم المؤسسات العمومية االقتصادية تعاني عج از
ماليا ،وتعيش غلى السحب من حساباتها المصرفية بالمكشوف وهو اختالل توازني مالي.
هذه الوضعية المالية السيئة ناجمة عن مجموعة من العوامل لعل أهمها يتمثل في :
ـ تدخل اإلدارة في التسيير.
ـ فرض أسعار غير اقتصادية على اإلنتاج والخدمات بدعوى تغليب االعتبارات االجتماعية ومتطلبات التنمية
السريعة على االعتبارات االقتصادية.
ـ تطبيق إعادة الهيكلة العضوية على المؤسسات قبل التطهير المالي لها.
ـ تقديم قروض للمؤسسات التي تعاني عج از واختالالت مالية بدال من البحث عن أسباب عدم التوازن المالي
لها ،فكان من الضروري إعادة هيكلة مالية للمؤسسات العمومية.
ب ـ إعادة هيكلة مالية :وتعني تجسيد االستقاللية المالية للمؤسسة وتجنب اللجوء وطلب اإلعانة من الدولة
لتصحيح أخطاء األوضاع المالية الناجمة عن إعادة الهيكلة العضوية.
Page
28
لقد ظهرت فكرة إعادة الهيكلة المالية للمؤسسات بعد االنتقادات الموجهة ألشكال التنظيم المطبقة على
المؤسسات الوطنية والتي تأكد عدم نجاعتها بسبب :قوة تمركز الهياكل ،ومركزية التسيير ،وضخامة برامج
االستثمار ،فكان من الضروري إعادة هيكلة مالية للمؤسسات من اجل مواجهة عدم التوازن المالي الذي
انجر عن إعادة الهيكلة العضوية لها.
لكن النتيجة التي أسفرت عنها العملية هي أن معدل االنجاز كان ضعيفا على العموم نظ ار للصعوبات وما
تتطلبه من تدابير مالية رغم ما تقتضيه من حاالت االستعجال والسرعة اإلنمائية ،فخرجت المؤسسات بتركة
ثقيلة تمثلت في عجز مالي مزمن وفي عدم قدرتها على تغطية المصاريف والديون المسجلة وهذا لضعف
مرد وديتها وأرباحها.
21ـ إصالح النظام الجبائي :أصبح ينظر للنظام الجبائي في إطار اإلصالحات االقتصادية المعتمدة في
الجزائر على أنها أداة غير حيادية ،بمعنى لها دور في توجيه وتحفيز وتطوير المؤسسة االقتصادية ،ولذلك
تمحورت التعديالت التي أدخلت على النظام الجبائي القائم آنذاك حول:
ـ تفعيل دور الجباية العادية لتمويل التنمية وتخصيص الجباية البترولية لتمول االستثمارات المنتجة
ـ تبسيط قانون الضرائب والعمل على تطوير اآلليات الجبائية والتنظيمية.
ـ تشجيع األنشطة االقتصادية.
Page
29
إلى جانب هذا القرض تحصلت الجزائر على تسهيل من الصندوق قيمته 315,2مليون وحدة حقوق سحب
خاصة( )DTSوهو مكمل لالتفاق بهدف التخفيف من مشكلة المديونية وخدماتها وسحبته الجزائر في نفس
السنة على أن يكون تاريخ استحقاقه من 3إلى 1سنوات(.)1
وكنتيجة لهذه التسهيالت بدأت خالل نهاية سنة 2696بعض الخطوات الدالة على مضي الجزائر نحو
اقتصاد السوق مثل تحرير التجارة الخارجية ،والغاء التخصص المركزي للنقد األجنبي ،تحديد أسعار الفائدة
باالعتماد على ميكانيزم العرض والطلب وتحرير أسعار السلع واستقاللية المؤسسات االقتصادية والبنوك .
إن التسهيالت التي تحصلت عليها الجزائر بموجب هذا االتفاق نتج عنها ما يلي:
-ارتفاع الكتلة النقدية M2بمعدل % 11,32في سنة 2661مقارنة بسنة 2696وهذا إنعكس على ارتفاع
التضخم إلى % 17,9بعدما كان يساوي . % 9,3
-منح االستقاللية لخمسة بنوك تجارية.
-ارتفاع في حصة الصادرات بنسبة %26في نهاية سنة 2696
-ارتفاع الناتج الداخلي الخام في حدود % 2,9في نهاية 2696بعدما كان سالبا في نهاية 2699بنسبة
. % 3,8
-تحرير أسعار المنتجات التي تدخل ضمن أسعار مؤشرات االستهالك في سنة 2661بنسبة .%11
وبصفة عامة فإن النتائج لم تحقق األهداف التي كانت ترغب السلطات في الوصول إليها بسبب طبيعة
االتفاق كقصر مدة تطبيقه أو اإلجراءات والشروط المتضمنة فيه.
الفرع الثاني :اتفاق التثبيت الثاني جوان 2662
لجأت الجزائر للمرة الثانية إلى صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قروض ومساعدات إلجراء
إصالحات اقتصادية عميقة ،وقد أرسلت الحكومة خطاب نوايا إلى الصندوق بتاريخ 11أفريل 2662تبين
فيه إرادتها في االستمرار والمضي في اإلصالحات ،وبعد المشاورات السرية توصل الطرفان في جوان
2662إلى عقد اتفاق يمتد على فترة قصيرة األجل في حدود 21أشهر بحيث ينتهي في 32مارس .2661
أوال :أهداف االتفاق :إن األهداف التي يرمي إليها هذا االتفاق هي(:)2
-التقليل من تدخل الدولة في توجيه النشاطات االقتصادية مع ترقية النمو االقتصادي بتشجيع القطاعين
العام والخاص.
-ترشيد االدخار واالستهالك بواسطة ضبط أسعار السلع والخدمات إداريا.
-تحرير التجارة الخارجية وتحويل الدينار الجزائري إلى عمالت أخرى.
-إصالح النظام الجبائي والجمركي.
( -)1الهادي خالدي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ،دار هومة ،الجزائر ،2669 ،ص. 69
)2(- Hocine BENISSAD, Algérie Restructuration et reformes économiques, (1979-1993), opu, Alger,
1994, p 141
Page
30
-وضع حدود قصوى على القروض الممنوحة للمؤسسات االقتصادية.
-سن قانون الشبكة االجتماعية المتصاص الغضب االجتماعي الناتج عن تطبيق هذا االتفاق.
ثانيا :إجراءات االتفاق :لتحقيق األهداف السابقة ولكسب تأييد الصندوق والحصول على التمويل ركزت
الحكومة على اإلجراءات العملية اآلتية:
-تحرير األسعار بنسبة .% 11
-التطهير المالي للمؤسسات .
-تخفيض التعريفات الجمركية وتوسيع قائمة اإلعفاءات.
-تخفيض قيمة الدينار.
-رفع الدعم عن أسعار الطاقة التي تشمل الكهرباء والمحروقات مع جعل األسعار المحلية في مستوى
األسعار العالمية.
وبموجب هذه اإلجراءات قدم الصندوق قرضا قيمته 311مليون DTSأي 111مليون دوالر وكانت ترغب
الجزائر في الحصول على هذا القرض دفعة واحدة ،لكن الصندوق قسم القرض على أربعة أقساط متساوية،
كل قسط يساوي 11مليون 211( DTSمليون دوالر) والتمويل يكون بالشكل اآلتي ):(1
القسط األول في جوان ،2662القسط الثاني في سبتمبر ،2662القسط الثالث في ديسمبر ،2662القسط
الرابع في مارس ،2661وقد قامت الجزائر بسحب األقساط الثالثة األولى ولم تتمكن من سحب القسط
الرابع ،بسبب األزمة السياسة المتمثلة في توقيف المسار االنتخابي واستقالة رئيس الجمهورية.مما جعل
الصندوق يتحفظ بخصوص عدم جدية الحكومة في تطبيق إصالحات عميقة جعلته ال يتسرع في تقديم
المساعدات للجزائر لتصحيح التشوهات في االقتصاد الجزائري ،وكادت االتصاالت تنقطع بين الطرفين في
سبتمبر ،2662إال أن تم تدارك الموقف في أكتوبر 2662بإرسال خطاب نوايا ثاني حيث تتعهد بموجبه
الجزائر تطبيق أسعار جديدة على كل السلع والخدمات بما فيها ذات االستهالك الواسع لتقليص العجز في
الخزينة العمومية ،لكن الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الجزائر نتيجة األزمة السياسية جعلت الحكومة
تأخذ إجراءات معاكسة لبنود االتفاق ،فرفعت الحد األدنى لألجور ( )SMIGإلى 1111دج وأصدرت قانون
الشبكة االجتماعية لفائدة العائالت لتهدئة األوضاع االجتماعية ،مما يعني زيادة أعباء خزينة الدولة ،وهذه
اإلجراءات اعتبرها الصندوق حجة كافية عن تراجع الحكومة عن تنفيذ برنامج اإلصالحات وأخلت بالتالي
بأحد بنود االتفاق ،ولذلك رفض الصندوق تقديم القسط الرابع المقدر ب 11مليون 211( DTSمليون
دوالر)(.)2
ثالثا :نتائج االتفاق :إن النتائج المحصل عليها بعد تنفيذ إجراءات االتفاق نوجزها فيما يلي:
)1( - Ahmed BEN BITOUR, Exposé du Programme économique et Financier, Op-cit , P84
( - )2الهادي خالدي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ،مرجع سابق ،ص 1112 -111
Page
31
-ارتفاع سعر صرف الدوالر بالنسبة للدينار في نهاية سنة 2662بحيث أصبح كل 2دوالر يساوي 29.1
دينار جزائري.
-ارتفاع معدل إعادة الخصم من % 10,5في سنة 2661إلى % 11,5مع نهاية 2662و.2661
-بلغ معدل التضخم في سنة 2661نسبة .% 31,7
-انخفاض نسبة الضرائب خارج الجباية العادية على الناتج الداخلي اإلجمالي من دون قطاع المحروقات
من %11خالل سنة 2699إلى %29خالل سنتي 2662و ،2661وهذا سببه عودة ظهور العجز في
ميزانية الدولة في سنة ،2661نتيجة ارتفاع نسبة نفقات التسيير مقارنة باإليرادات اإلجمالية بالشكل اآلتي
%92و %19و %63خالل سنوات 2662و 2661و 2663على الترتيب:
-صدور بعض القوانين والتشريعات التي تصب في مسار اإلصالحات اإلقتصادية مثل المرسوم التشريعي
21-63الذي أعطى نظرة جديدة لحرية اإلستثمار( ،)2والمرسوم رقم 19-63الذي أدخل أدوات جديدة
لممارسة التجارة(.)1
( -)1أنظر المرسوم التشريعي رقم 19-63الصادر بتاريخ 11أفريل 2663الخاص بالقانون التجاري
Page
32
المحور الخامس :مرحلة تطبيق سياسات التعديل الهيكلي ( 2661ــ ) 2661
االقتصاد الجزائري كان إحدى االقتصاديات التي مرت بوضع صعب ،خاصة بعد أزمة 2699النفطية حيث
ظهر الركود والجمود في كل القطاعات وتعمق العجز في مختلف الموازين ،وهذا ما دفع بالجزائر إلى تبني
سلسلة من اإلصالحات الذاتية لمواجهة الوضع .لكن هذه اإلصالحات فشلت في معالجة الوضع الن األزمة
كانت عميقة وهيكلية وليست ظرفية ومؤقتة ،زيادة عن نقص التمويل الكافي لتنفيذ هذه اإلصالحات ،وعندها
لجأت الجزائر إلى عقد سلسلة من االتفاقيات مع الصندوق والبنك الدوليين خالل الفترة ( )69-96لحل أزمة
اختالل االقتصاد الجزائري.
اإلصالحات االقتصادية التي ترتكز على برامج التكييف االقتصادي
الفرع األول :برنامج التثبيت االقتصادي مع صندوق النقد الدولي :هو مجموعة من اإلجراءات والشروط
التي يمليها صندوق النقد الدولي على الدولة النامية التي تضطرها ظروفها إلعادة جدولة ديونها الخارجية
وهي شروط تهدف إلى انكماش في اإلنفاق االستهالكي واالستثمارات بهدف تمكين الدولة من تحقيق وفرة في
الموارد المالية واالستمرار في دفع أعباء ديونها الخارجية(.)1
هذا البرنامج قصير المدى يصاغ على ضوء رؤية نيوكالسيكية لميزان المدفوعات حيث ترى بأن االختالل
الخارجي (عجز ميزان المدفوعات) سببه وجود فائض طلب يفوق حجم الموارد الذاتية الموجودة األمر الذي
ينتج عنه استدانة البلد وزيادة أعباء ديونه الخارجية ،ولتالفي مشكلة االختالل الخارجي ومتاعب الديون
الخارجية يرى الصندوق ضرورة تناسق نمطي االستهالك واالستثمار المحليين مع طاقة البلد حتى يستطيع
خدمة ديونه الخارجية ،ولذلك فهدف سياسة خفض الطلب المحلي الذي يمثل جوهر برنامج التثبيت هو
تخفيض الطلب الكلي ،حتى ينعكس ذلك على خفض العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ،بهدف
زيادة قدرة البلد على خدمة ديونه الخارجية( ،)2ويرى الصندوق بأن يدار البرنامج عن طريق قبول آليات
السوق وعدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي ،وبما أن االقتصاد المدين يعاني صعوبات في ميزان
المدفوعات نتيجة وجود طلب زائد عن حجم الموارد المتاحة ،فهذا بدوره ينعكس على المستوى العام لألسعار
فيدفعها إلى االرتفاع ،ولهذا يرى الصندوق أن الهدف من التركيز على إدارة الطلب هو القضاء على التضخم
ثم التوجه بالسياسات المقترحة إلى مصادر هذا التضخم وهو العجز في الموازنة العامة ،وفي نفس الوقت
العمل على تنمية موارد الدولة من العملة األجنبية بواسطة تخفيض القيمة الخارجية للعملة المحلية لزيادة
( )1مجلة التمويل والتنمية ،دور صندوق النقد الدولي في التكيف ،واشنطن ،سبتمبر ،2661ص ص.12-11 :
( )2رمزي زكي ،في وداع القرن العشرين ،تأمالت اقتصادية في هموم مصرية وعالمية ،دار المستقبل العربي ،الطبعة األولى ،القاهرة
،2666ص .111
Page
33
الصادرات والحد من الواردات ،وهنا يكمن معيار النجاح المتمثل في جلب أكبر كمية من االحتياطات
الدولية(.)1
ولذلك فالسياسات التي يتمحور بشأنها برنامج التثبيت االقتصادي لخفض الطلب تتمثل في ميزان المدفوعات
والموازنة العامة للدولة والسياسة النقدية.
الفرع الثاني :برنامج التكييف الهيكلي مع البنك الدولي :هو عبارة عن مجموعة من التدابير االقتصادية
التي تهدف في النهاية إلى إحداث تغيير جذري في الهيكل االقتصادي واالجتماعي ،من خالل تحرير
األسعار ،تحرير الواردات والتحول نحو التصدير والقضاء على الملكية العامة (القطاع العام)(.)2
إذا كان برنامج التثبيت يستهدف إعادة التوازن إلى االقتصاد ككل ،فإن برنامج التكييف الهيكلي يذهب إلى
أبعد من ذلك إذ يستهدف تحويل االقتصاد من توازن إلى آخر أكثر تشجيعا على االنطالق وعلى االستخدام
األكفأ للموارد.
يعتمد البنك الدولي في تصميم برامج التكييف الهيكلي على ثالثة مبادئ أساسية وهي:
-تعيين األهداف المراد تحقيقها خالل فترة تتراوح ما بين 3إلى 1سنوات.
-تحديد السياسات واإلجراءات المطبقة خالل فترة 1سنوات لتحقيق األهداف السابقة.
-ضرورة تنفيذ مجموعة من السياسات واإلجراءات قبل قبول البنك بتقديم القروض ،أو على األكثر خالل
السنة األولى من سحب قروض البرنامج.
ويتوقف التحديد النهائي لهذه المبادئ على ظروف كل بلد ،ولكن يبقى مضمون هذه المبادئ يدور حول دعم
التكييف الهيكلي تماشيا مع ما هو حاصل من تغيرات في االقتصاد العالمي ،أما اإلجراءات التي يشملها
البرنامج فهي تعطى للسياسات االقتصادية الكلية والقطاعية وسياسات اإلصالح المؤسسي ،كما أن المسائل
التي يحتويها البرنامج فتبدأ بالقضايا الصغرى مثل القضايا التكنولوجية واإلدارية والمالية الخاصة
بالمشروعات ،ثم القضايا الكبرى مثل االدخار واالستثمار والموازنة العامة إلى غير ذلك .ويستهدف التكييف
الهيكلي دعم ميزان المدفوعات وزيادة قدرة البلد المدين على سداد ديونه الخارجية ،إضافة إلى جلب
االستثمارات األجنبية ونشير بأن اتفاق التثبيت مع الصندوق يعتبر شرطا مسبقا للدخول في برنامج تصحيح
هيكلي مع البنك الدولي.
-أما المحاور األساسية التي يتمحور بشأنها برنامج التكييف الهيكلي فتتمثل في تحرير األسعار ،تحجيم دور
القطاع العام وتعزيز دور القطاع العام ،تحرير التجارة الخارجية والتحول نحو زيادة الصادرات.
( )1سيد البواب ،برامج التثبيت والتكيف الهيكلي لصندوق النقد والبنك الدوليين ،محاورها ،تحليلها ،تأثيرها ،جمعية اإلقتصاد السياسي
والتشريع ،القاهرة ،1111 ،ص .11
( )2رمزي زكي ،في وداع القرن العشرين....،مرجع سابق ،ص .119
Page
34
إن األهداف المرغوب تحقيقها واإلجراءات المعتمدة خصوصا في اتفاق التثبيت الثاني ،لم تحل أزمة
االقتصاد الجزائري بسبب نقص التمويل وقصر مدة االتفاق ،مما جعل الجزائر تعقد اتفاق التعديل الهيكلي مع
صندوق النقد والبنك الدوليين ،يتضمن برنامج أعمق وأشمل لإلصالحات االقتصادية ،يرتكز على ثالثة
محاور رئيسية وهي:
-تثبيت أوضاع االقتصاد :بتخفيض العجز في الموازنة والحساب الجاري لميزان المدفوعات ،الحد من
ارتفاع معدل التضخم من خالل سياسة نقدية ومالية لتحقيق التوازن االقتصادي على المستوى الكلي ،في
إطار اتفاقية ستاندباي الموقعة مع صندوق النقد الدولي للفترة .61-61
-سياسة اإلصالح الهيكلي :إلعادة التوازن الداخلي على المستوى الجزئي ،والتي بدأت مع البنك الدولي
للفترة ( )69-61بغرض نقل االقتصاد نحو االعتماد على القطاع الخاص وتحرير الصادرات والغاء الدعم
عن السلع.
-عالج اآلثار السلبية لهذه اإلصالحات بتخفيف وطأة اإلجراءات على الفئات المتضررة من هذه السياسة.
Page
35
خطير كادت الجزائر على إثره أن تمتنع عن التسديد ،أما خدمات المديونية فبلغت % 61.3من الصادرات
في سنة 2663ووصلت إلى % 211في األشهر الستة األولى من عام .2661
ج -بلغ العجز في الخزينة العمومية %6.1من الناتج المحلي اإلجمالي في سنة 2663مؤديا إلى تراجع
معدل النمو بنسبة( ،)% 1.1-أي هناك ركود اقتصادي.
د -بلغت احتياطات الصرف 2.1مليار دوالر في نهاية 2663ثم 2مليار دوالر في بداية 2661وهذا
يضعف من قدرة البنك المركزي في مواجهة أعباء االلتزامات الخارجية.
ه -انخفاض الواردات إلى 9مليار دوالر في سنة 2663وهذا انعكس بالسلب على تموين الجهاز اإلنتاجي
وبالتالي انخفض اإلنتاج في هذه السنة بنسبة .%1.1
و -وصل العجز في الموازنة العامة للدولة % 9من الناتج المحلي اإلجمالي في سنة ،2663وكان يمول
باإلصدار النقدي دون مقابل ،مما أدى إلى زيادة معدل التضخم إلى حدود %11.1في نهاية .2663
ز -وصل معدل البطالة إلى حدود %11مع تزايد معدل النمو السكاني بـ %2,4سنويا مما ولد ضعفا في
الصحة والسكن والتعليم وغيرها.
ح -انخفاض مردودية القطاع الفالحي إلى %1عام 2663بسبب الجفاف الذي تعرضت له مختلف جهات
الوطن.
ط -سيادة القطاع العام ذو الوزن األكبر مع كفاءة اقتصادية منخفضة مقارنة بالقطاع الخاص الذي ال يتميز
بهذه الصفات.
إذن هذه المشاكل فرضت على الجزائر ضرورة االتفاق مع صندوق النقد والبنك الدوليين وقبول شروطهما
للحصول على التمويالت ومساعدتها للخروج من أزمتها الخانقة.
-1أهداف اتفاق :2661-2661
يهدف اإلتفاق إلى تحقيق ما يلي(:)1
أ -رفع معدل النمو اإلقتصادي إلى % 3سنة 2661و % 9سنة 2669بغرض إستيعاب نمو القوة
العاملة وخ فض معدل البطالة ،بحيث تم تسجيل نمو اليد العاملة النشيطة إلى حدود 111111طلب
سنويا.
ب -العمل على تحقيق تقارب بين معدل التضخم السائد في الجزائر وبين معدل التضخم السائد عند أهم
شركاء الجزائر التجاريين.
Page
36
ج -خفض عبء التكاليف اإلنتقالية للتصحيح الهيكلي للفئات السكانية المتضررة ،والمحافظة على القدرة
الشرائية للعائالت التي ال تتقاضى رواتب بواسطة تطوير قانون الشبكة اإلجتماعية.
د -العمل على إرجاع قوة ميزان المدفوعات ،وتحقيق مستويات كافية من احتياطي العمالت األجنبية.
-1إجراءات اإلتفاق:
لتحقيق هذه األهداف والتخفيف من الضغوطات المالية واإلقتصادية واالجتماعية ،أرسلت السلطات الجزائرية
خطاب النوايا إلى صندوق النقد الدولي في أفريل 2661تعلن فيه اإللتزام بالمشروطية بإعتماد اإلجراءات
اآلتية:
أ -تحرير األسعار :بتعديلها ومراجعتها ورفع الدعم عنها وترك المجال آللية السوق ،وهذا ال يعني تحريرها
بالكامل فقد أعفيت منها المواد اإلستهالكية الضرورية (الدقيق والسميد والحليب) ،إضافة إلى السكر
والحبوب وزيت الطعام واألدوية والكتب واألدوات المدرسية ،وتم تحرير أسعار ولوازم اإلنتاج الزراعي
وحصر أسعار دعم هذا القطاع في بذور البطاطا والقمح فقط ،كما تم تحرير العديد من المنتجات ذات
هامش ربح مراقب ،والغرض من هذا كله تقريب األسعار المحلية باألسعار العالمية.
ب -نظام الصرف :تخفيض قيمة الدينار الجزائري بين شهري أفريل وسبتمبر 2661بنسبة % 11مقابل
الدوالر األمريكي ومتابعة هذا التعديل على مراحل ،في انتظار مبادرة بنك الجزائر إلحداث مكاتب
للصرف لتحديد سعر الصرف بينه وبين البنوك التجارية في جلسات التحديد مؤقتا في إنتظار تجديده في
جلسات تثبيت بين البنوك التجارية والبنك المركزي ،ثم في النهاية يحدد سعر الصرف ما بين البنوك
بإشراك الوسطاء المعتمدين اآلخرين.
ج -تحرير التجارة الخارجية :برفع قيود اإلحتكار عنها وتنمية الصادرات خارج قطاع المحروقات ،كما
اعتمدت الحكومة بعض اإلجراءات تخص:
إنشاء شركة تأمين الصادرات وضمانها ،منح القروض البنكية بغرض التصدير ،إلغاء جميع القيود على
الصادرات بإستثناء الصادرات ذات األهمية الوطنية تاريخيا وأثريا وفنيا ،إلغاء رخص اإلستيراد لسلع معينة
مثل األدوية ،الحليب ،السميد ،الدقيق ،القمح ،تفضيل تدابير الدعم التمهيدية إلنتاج مواد توجه للتصدير.
د -ميزان المدفوعات :في هذا اإلطار يمكن التركيز على:
إعادة تكوين احتياطي من الصرف ،وتنويع الصادرات خارج قطاع المحروقات وتحرير واردات السلع
والخدمات ،والبحث عن مصادر أخرى لتمويل الدين الخارجي على المديين المتوسط والطويل.
ه -السياسة الميزانية :تخفيض عجز الميزانية من (– )% 5,9من الناتج المحلي اإلجمالي في سنة
2663إلى (– )% 0,3في سنة 2661مع تخفيض عجز الخزينة العمومية من ( )% 9,2-في سنة
2663إلى ( )% 3,3-سنة ،2661كما حرص البرنامج على مضاعفة موارد الميزانية وتحسين أداء
األجهزة الضريبية.
Page
37
و -السياسة النقدية :بوضع حد الرتفاع التضخم بتعديل نمو الكتلة النقدية في حدود %21خالل الفترة
،2661-2661مع تطبيق معدل الفائدة على إعادة التمويل بالنسبة لمعدل إعادة الخصم %21والمعدل
المحوري لبنك الجزائر في السوق النقدي ،%11ثم كشف البنوك التجارية على بنك الجزائر ،%11
الخزينة تأخذ فائدة قدرها % 16,5على سندات التجهيز الجديدة ،أما الصندوق الوطني للتوفير
واإلحتياط CNEPفيطبق معدالت الفائدة بنسبة %21على حساب اإلدخار والسكن وبنسبة %21على
باقي دفاتر التوفير.
ز -إعادة الجدولة :في هذا اإلطار تضمنت اإلجراءات ما يلي:
-التخفيف من ارتفاع عبء الدين الخارجي بواسطة إعادة جدولة 21مليار دوالر بحلول عام 2669للتقليل
من آثار أزمة المديونية الخارجية.
-العمل على تحقيق إحتياطي من العمالت األجنبية بما يفوق 1,5شه ار من الواردات
-اإلجراءات والشروط المعتمدة إلعادة الجدولة ال ينبغي أن تؤدي على المدى الطويل إلى ظهور الحاجة
لتمويالت إستثنائية.
ح -القضايا اإلجتماعية :تضمنت اإلجراءات ما يلي:
-إنشاء صندوق التأمين ضد البطالة والغاء تعويضات التسريح الناجمة عن غلق المؤسسات اإلقتصادية
العمومية.
-إلغاء الدخل المدفوع للعائالت بدون دخل وتعويضه بمنحة النشاطات ذات المنفعة العامة AIGالتي تقدر
بـ 2111دج شهريا.
-تتحمل الدولة مسؤولية نفقات المنح العائلية .
ط -إصالح القطاع العام وتطوير القطاع الخاص:
-التصريح ببيع وحدات القطاع العام ومشاركة الخواص في أسهم رأس مال هذه المؤسسات حتى نسبة
.%16
-تصفية 911مؤسسة من بين 2311مؤسسة عامة محلية خالل الفترة .2661-2661
-إعطاء االستقاللية لـ 11مؤسسة عامة التي تكبدت أكبر الخسائر ،مع وضع برنامج خاص لمتابعتها
واعادة هيكلتها خالل الفترة ،2669-2661وبصفة عامة يمثل هذا اإلتفاق نقطة تحول كبيرة في مسار
اإلقتصاد الجزائري لإلعتماد أكثر على آليات إقتصاد السوق ،طبقا لإلجراءات المتضمنة في البرنامج والتي
تعهدت الجزائر بتطبيقها ،وقبول صندوق النقد الدولي منح الجزائر قرضا قيمته 111.11مليون DTSأي
1,5مليار دوالر بعد المفاوضات الشاقة بين الطرفين خالل سنة 2663واألشهر الثالثة األولى من عام
.)1(2661
Page
38
ثانيا :اتفاق التعديل الهيكلي 61 -61
بعد تنفيذ الخطوة األولى مع صندوق النقد الدولي ،شرعت الجزائر في تنفيذ الخطوة الثانية بإجراء سلسلة من
المفاوضات مع البنك الدولي حول برنامج التعديل الهيكلي أو اتفاق تسهيل التمويل الموسع للفترة -61
69لمواصلة اإلصالحات وتصحيح أوضاع االقتصاد ،وتحويله من حالة التوازن إلى حالة االستقرار
واالنطالق نحو االستخدام األمثل للموارد ومتابعة مسيرة التنمية في ظروف االستقرار.
:2أهداف برنامج التعديل الهيكلي:
إن األهداف التي حددتها الجزائر في مفاوضاتها مع البنك الدولي تتمثل فيما يلي(:)1
أ -تحقيق نمو إقتصادي بمعدل %1سنويا خالل المرحلة 2669-2661قابل لإلستمرار ويخلق مناصب
عمل ويمول اإلستثمارات.
ب -اإلستمرار في بذل جهود اإلستقرار والتثبيت المالي بتخفيض معدل التضخم إلى % 10,3وهو نفس
معدل التضخم السائد عند أهم عمالء الجزائر التجاريين.
ج -تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وتحقيق احتياطي من الصرف يعادل ثالثة أشهر من الواردات
وتخفيض العجز في الميزان التجاري ،وتخفيض أعباء خدمات المديونية لتصبح تتراوح بين %11إلى
%11والبحث عن مصادر تمويالت خارجية أخرى.
د -ضمان حماية الفئات اإلجتماعية المتضررة من عملية التعديل المطبقة(.)2
-1إجراءات البرنامج:
أرسلت الحكومة خطابا مفصال للبنك الدولي خالل شهر ماي ،2661يحتوي على برنامج شامل إلجراءات
محددة ألزمت الحكومة نفسها بها ،لمواصلة اإلصالحات التي بدأت فيها مع صندوق النقد الدولي سنة
،2661ويمكن عرض هذه اإلجراءات كما يلي(:)3
أ -تحرير الصرف والمبادالت :تضمنت الرسالة إنشاء سوق مابين البنوك بالعملة األجنبية ،ومكاتب للصرف
تبدأ في العمل ابتداءا من ،2669/12/12مع تحرير سعر صرف الدينار مقابل العمالت األجنبية للقيام
بالعمليات الخارجية مثل السياحة واإلشهار ومهام العمل وتحويالت األجور ،أما بخصوص تحرير
المبادالت التجارية ،فقد تضمن اإلجراء تخفيض التعريفة الجمركية القصوى من %91إلى %11خالل
سنة 2669ومن %11إلى %11خالل سنة ،2661حتى تصبح في مستوى الدول المجاورة ،وكذلك
Page
39
تهيئة الظروف لإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة ( )OMCومفاوضات الشراكة مع اإلتحاد
األوروبي:
ب -تحرير األسعار :برفع الدعم عن الكثير من المواد التي كانت ذات هامش ربح محدود ،باستثناء األدوية
األمر الذي ينتج عنه تخفيض نفقات الميزانية بنسبة %2من PIBبحلول سنة ،2669كما أخذ
البرنامج في عين اإلعتبار تحرير أسعار السكر والحبوب ماعدا القمح وزيت الطعام واللوازم المدرسية،
وتغيير قانون األسعار الذي كان معمول به بقانون المنافسة رقم ،19-61واصالح النظام العقاري بزيادة
قيمة اإليجار في السكنات بنسبة .%31
ج -السياسة النقدية :تقرر في البرنامج إلغاء التمويل النقدي وتعويضه بمنح قروض لإلقتصاد بأسعار فائدة
موجبة ،باستثناء قطاع السكن لتشجيع اإلستثمار دون إهمال الحوافز المقدمة لإلدخار من خالل إعادة
هيكلة الصندوق الوطني للتوفير واإلحتياط ،وانشاء سوق مالية لتخطي صعاب الخوصصة وتخفيض
معدل التضخم إلى مستوى يسمح بإستقرار األسعار ،واعطاء البنوك التجارية الجزائرية الحرية لمنح
القروض وزيادة رأسمالها من قبل القطاع الخاص.
د -المالية العامة :بالقضاء على عجز الميزانية وتحقيق فائض إبتداءا من سنة ،2669ورفع قيمة اإليرادات
الضريبة بـ 1,6نقطة بالنسبة لـ PIBبتقليص قائمة اإلعفاءات الضريبية ،وترشيد النفقات بتقليصها بـ1,5
نقطة بالنسبة لـ ، PIBوتقليص أجور الوظيف العمومي بالحد من الزيادة في اليد العاملة ،وتعميم تطبيق
الرسم على القيمة المضافة ( ،)TVAواصالح هيكل الرسوم الجمركية.
ه -إصالح القطاع العام :أكدت الحكومة مواصلتها في إصالح القطاع العام بتصفية 99مؤسسة عمومية
محلية من أصل ،2329ومتابعة تطهير 13مؤسسة وخوصصة بعض المؤسسات العمومية ،على أن
تتبعها عمليات مماثلة في قطاعات النقل والتجارة والسياحة والصناعات الغذائية واستبدال صناديق
المساهمة الثمانية بالشركات القابضة أو ما يسمى بمجمعات الهولدينغ والبالغ عددها إحدى عشر مجمع.
و -النظام المالي والمصرفي :واصلت الحكومة مجهودات اإلصالح باتخاذ اإلجراءات اآلتية:
-تحسين إستخدام أدوات السياسية النقدية مثل تخفيض معدل إعادة الخصم وادخال نظام اإلحتياطات
اإلجبارية واستعمال األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية بدل األدوات المباشرة.
-تحسين خدمات القطاع المصرفي باعتماد عدة بنوك تجارية خاصة كآلية لتشجيع المنافسة بين البنوك.
-إعادة هيكلة الصندوق الوطني للتوفير واإلحتياط وادماجه في النظام البنكي.
-السماح للبنوك التجارية بتوسيع مجال نشاطها مثل تمويل بناء السكنات اإلجتماعية.
ز -سياسة اإلسكان :اإلجراءات المعتمدة هي :تخفيض تكلفة السكن اإلجتماعي ورفع أسعار اإليجار إلى
%31لضمان تكاليف الصيانة ،وتطهير دواوين الترقية والتسيير العقاري ماليا ،واعادة هيكلة مؤسسات
البناء التابعة للدولة ألنها أصبحت غير قادرة على تلبية الطلب اإلجتماعي المتزايد.
Page
40
ح -السياسة اإلجتماعية وسوق الشغل :حرص البرنامج على إتخاذ إجراءات من شأنها التخفيف من معاناة
العمال المسرحين بعد حل المؤسسات وغلقها ،وكذلك إنشاء صندوق وطني لتشغيل الشباب بمساعدة
صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ،وانشاء صندوق التأمين ضد البطالة بسبب معدالتها المتزايدة إضافة
إلى وضع قوانين تؤطر التقاعد المسبق وتأمين الشغل.
وبموجب هذه اإلجراءات تحصلت الجزائر على قرض لإلصالح الهيكلي من البنك الدولي قيمته 1.169,28
مليون DTSوهو ما يمثل % 127,9من حصة الجزائر في الصندوق يستهلك خالل الفترة 12ماي 2661
– 12ماي 2669وقد سحبت الجزائر القسط األول مباشرة بعد الموافقة على منح القرض بقيمة 325,28
مليون DTSوسحب باقي األقساط و المقدرة بـ 844,08مليون DTSقبل إنتهاء فترة اإلتفاق(.)1
ثالثا :اتفاق نادي باريس واعادة جدولة الديون العمومية
في إطار الخطوات التي تعهدت بها الجزائر في خطاب النوايا مع صندوق النقد الدولي في عام 2661
اجتمعت الدول الدائنة للجزائر في باريس ،لمناقشة طلب الجزائر المدعم من الصندوق والبنك الدوليين
لتخفيف عبء مديونيتها ،وقد وافقت الدول الدائنة في 32ماي 2661على إعادة جدولة الديون الجزائرية
التي تنتهي قبل 31سبتمبر 2661تمتد على مدة 21سنة منها خمس سنوات إعفاء ،ويبدأ التسديد ابتداءا
من 32ماي 2669بنسبة % 2.36من أصل الدين ،على أساس 11قسط كل قسط يسدد كل 9أشهر
وفي 32ماي 2666تسدد نسبة % 1.21وتمثل السنة السادسة ،ثم في السنة السابعة تسدد %3.19وفي
السنة الثامنة ،%1.19إلى أن تصل إلى السنة العاشرة أين تكون قد سددت %21.12من أصل الدين
المجدول( ،)2بناءا على اتفاقية 2جوان 2661بين الجزائر ونادي باريس وقد شملت إعادة الجدولة ما يلي:
-أصل الدين والفوائد المستحقة والتي لم تسدد في 32ماي .2661
-أصل الدين المستحق بين 2جوان 2661و 32مارس .2661
-الفوائد المستحقة بين 2جوان ،2661و 32أكتوبر .2661
إذن من سبتمبر 2661إلى مارس 2661وقعت الجزائر على 21اتفاقية ثنائية بمبلغ إجمالي يقدر
بـ1.3مليار دوالر(.)3
وقد استبعدت إعادة جدولة الديون التي تقل عن 2مليون DTSعلى الرغم من ضرورة دفعها في آجال
استحقاقها.
كما وقعت الجزائر خالل الفترة سبتمبر 2661إلى جويلية 2669على 21إتفاقية ثنائية إلعادة جدولة
1مليار دوالر على أساس 11قسط ،كل قسط يسدد كل 9أشهر خاصة بالفترة 31نوفمبر 2666إلى غاية
عام 1122بناءا على اتفاقية 12جويلية 2661بين الجزائر ونادي باريس وقد شملت إعادة الجدولة ما يلي:
( - )1الهادي خالدي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ،مرجع سابق ،ص ص121 -129 ،
( )2كريم النشاشي وآخرون ،مرجع سابق ،ص .211
(3 ) MEDIA BANK, N°= 16, Février-Mars 1996, p 30.
Page
41
-كل أصل الدين المستحق بين 2جوان 2661و 32ماي .2669
-كل الفوائد المستحقة بين 2جوان 2661و 32ماي 2669بدون أن يتطرق هذا االتفاق إلى اتفاق جوان
.2661
وعلى أساس هذه االتفاقيات تحصلت الجزائر على مبلغ قيمته 21.3مليار دوالر من نادي باريس للتخفيف
من مشكلة السيولة النقدية خالل الفترة التي يشملها اتفاق التعديل الهيكلي 2669-2661األمر الذي أدى
إلى تخفيف تكلفة خدمة الدين من % 61.3من الصادرات سنة 63إلى %39.9عام 2661و %32عام
.2669
رابعا :اتفاق لندن واعادة جدولة الديون الخاصة
عقدت الجزائر اتفاقًا مع اللجنة التوجيهية العامة للبنوك التجارية ،المعروفة باسم نادي لندن()1والتي تضم 111
هيئة مصرفية ،وقد شمل هذا االتفاق مستحقات الديون التجارية واجبة التسديد خالل الفترة الممتدة من 2
مارس 2661إلى 32جانفي ،2661وقدرت هذه المستحقات بـ 3.13مليار دوالر ،وبموجب هذا االتفاق تم
جدولة جميع الديون على مدة 21سنة و 9أشهر مع فترة إعفاء مدتها 9سنوات ونصف( ،)2مع العلم أن
إعادة جدولة الديون الخاصة كانت ضمن اتفاق 2669/19/11بمبلغ 1.1مليار دوالر واتفاق جويلية 2669
بمبلغ 2مليار دوالر.
إذن يمكن القول بأن مفاوضات إعادة الجدولة بقدر ما كانت شاقة وصعبة بسبب الشروط القاسية التي
فرضت على الجزائر ،بقدر ما عززت مكانة الجزائر لدى متعامليها ،وسمحت بتحقيق نتائج اقتصادية ونقدية
عموما ،رغم النتائج السلبية المسجلة في الجانب االجتماعي.
ً ومالية مرضية
Page
42
من %32للفترة ،61/69حتى بلغت %26.9سنة ،1111ماعدا سنة 2669التي ارتفعت فيها هذه النسبة
إلى %11.1بسبب انخفاض أسعار البترول وتصاعد أقساط الدين الواجبة التسديد ،وقد ساهمت إعادة
الجدولة في هذا التحسن بتمديد آجال سداد فوائد الدين من 13سنوات قبل إعادة الجدولة إلى 11سنوات
بعد إعادة الجدولة.
- 1ميزان المدفوعات :حقق فائضا كليا بأكثر من 2.1مليار دوالر خالل سنتي 2669و 2661رغم تراجع
هذا الفائض إلى 1.9مليار دوالر سنة ،2669وقد ساهمت موارد إعادة الجدولة في هذا الفائض.
- 3احتياطات الصرف :تكون رصيد ايجابي من هذه االحتياطات ،خالل الفترة ( )1111-2661فبلغت الحد
شهر من االستيراد ،وقد ساهم في هذه الوفرة
األقصى سنة 2661بقيمة 9مليار دوالر أي ما يعادل ً 6..ا
ارتفاع أسعار المحروقات وتقليص قيمة الواردات والموارد المتأتية من إعادة الجدولة .
- 1معدل التضخم :بلغ هذا المعدل %16.9سنة 2661مقابل %16سنة ،2661وهذا بسبب تأجيل الزيادة
المقررة في األجور في الثالثي األخير من سنة 2661والمقدرة بـ ،%21كما بلغ هذا المعدل %29.1سنة
مقصودا حتى يكون في
ً 69و %1.91سنة 66و %1.31سنة 1111والحد من التضخم يعتبر هدفًا
مستوى معدل تضخم عمالء الجزائر ،ويرجع السبب في انخفاض معدل التضخم إلى اعتماد سياسة ميزانية
تقشفية مدعومة بإجراءات نقدية صارمة.
- 1سعر الصرف :لم يحقق سعر الصرف أي استقرار منذ سنة 2661حيث كان يساوي 6دج لكل دوالر
وبقي في االنخفاض حتى بلغ 11.3دج لكل دوالر في سنة ،1111وقد أثر هذا االنخفاض سلبا على
حصيلة الصادرات وكذا على ارتفاع أسعار واردات السلع ووسائل اإلنتاج وارتفاع في وتيرة معدل التضخم
وهذه مزايا يستفيد منها األجانب وتفرض المزيد من قوى االنكماش على االقتصاد الجزائري.
- 9الميزانية العامة :سجلت فائضا في سنوات 61و 69و 61بنسبة % 3و %1.1و %1.6من الناتج
المحلي اإلجمالي ،ويرجع هذا الفائض إلى عاملين ،األول ارتفاع اإليرادات من خالل التحصيل الضريبي فقد
ارتفعت اإليرادات من %11.9إلى %33ثم %31من الناتج اإلجمالي ،أما العامل الثاني فيتمثل في
انخفاض النفقات العمومية نتيجة السياسة االنكماشية والتقشفية التي أوصى بها كل من صندوق النقد والبنك
()1
الدوليين ،فقد سجل هذا االنخفاض نسبة %33.9سنة 61و %16سنة 69و %32سنة .2661
- 1النمو في القطاع الصناعي :فقد سجل ركودا خالل الفترة ( )2661-2661ماعدا سنة 2669حيث
تحسن أداءه بنسبة ،%21.1مع العلم أن هذا القطاع مساهمته ضعيفة في تكوين الناتج المحلي اإلجمالي
بسبب المشاكل التي اعترضته خالل مرحلة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي.
( )1أنظر :روابح عبد الباقي ،غياط الشريف ،اآلثار االقتصادية واالجتماعية لبرنامج التصحيح الهيكلي في الجزائر ،الملتقى الوطني حول
االقتصاد الجزائري في األلفية الثالثة 11-12ماي ،1111جامعة البليدة ،ص .21
Page
43
- 9النمو في القطاع الفالحي :يعتبر هذا القطاع ضعيف على الرغم من بعض النتائج االيجابية المسجلة
من فترة ألخرى بسبب العوامل التي مازالت تتحكم في نموه مثل عدم كفاية التمويل ،والظروف الطبيعية غير
المشجعة وفي مقدمتها الجفاف الذي أصبح يميز كل جهات الوطن ،ولذلك صرحت السلطات الجزائرية بأنه
هذا القطاع أضعف معدل له في تكوين القيمة المضافة على مدار 11سنة في سنة 2661سجل
()1
بمعدل ( ،)%21-ويفسر هذا المعدل ظهور الضغوطات التضخمية في األسواق على المواد الماضية
الغذائية ذا االستهالك الواسع ،وظهور المضاربة من حين آلخر على بعض المواد ،ليتحسن هذا النمو في
سنة 2669بنسبة .%12.6
- 6النمو االقتصادي :تحقق معدل نمو اقتصادي موجب نسبيا خالل تطبيق برنامج التعديل الهيكلي ،ولكن
يبقى غير كاف بالنظر لألهداف المسطرة والتدابير المعتمدة في البرنامج وقد ساهمت موارد إعادة الجدولة
في تحقيق هذا النمو.
ابتداءا من سنة 2661شرعت الدولة في إصالح مؤسسات القطاع
ً - 21وضعية مؤسسات القطاع العام:
العام من ناحيتين ،األولى انتهاج سياسة مالية متشددة ،والثانية انتهاج سياسة الحل والخوصصة أو فتح
رأسمالها للمشاركة بنسبة %16من األسهم( ،)2ومن نتائج تطبيق سياسة اإلصالح االقتصادي هو تقليص
دور الدولة في توجيه النشاط االقتصادي بحثا عن النجاعة االقتصادية ولذلك تراجع دور مؤسسات القطاع
العام في االقتصاد الوطني نتيجة اإلصالحات الهيكلية ،بحيث تم حل وخوصصة الكثير من المؤسسات
العمومية ،فخالل الفترة ( )2666-2661تم حل 629مؤسسة ما بين وطنية ومحلية وخوصصة 111
مؤسسة أخرى وبيع 131مؤسسة ،وفي مقدمة المؤسسات المتضررة من هذه العملية هي مؤسسات البناء
واألشغال العمومية.
مما سبق نستنتج أن الج ازئر حققت مجموعة من النتائج االيجابية االقتصادية والمالية والنقدية التي أشاد بها
خبراء صندوق النقد والبنك الدوليين ،ولكن هذه النتائج االيجابية تحققت على حساب التكلفة االجتماعية
الباهضة.
الفرع الثاني :النتائج االجتماعية
أهم النتائج السلبية المسجلة في هذا اإلطار هي:
- 2مشكلة البطالة :من الحقائق المسلم بها أن برنامج التعديل الهيكلي ال يعالج مشكل البطالة بل يعقد
من وضعيتها ،من حيث إيقاف التشغيل وكبح نمو التوظيف وزيادة أعداد العاطلين وزيادة معدل البطالة
وتشير كل البيانات والتقارير بأن البطالة ارتفعت خالل تطبيق برنامج التعديل الهيكلي بشكل مذهل لألسباب
اآلتية:
( )1تقرير الوزير المنتدب المكلف بالتخطيط ،أرقام عن أهم نتائج االقتصاد خالل الثالثي األخير من سنة 2661وخالل سنة .2669
(2 ) Ministère des finances, le programme économique, les résultats en 1994 et les perspectives 1995, p19.
Page
44
-النمو السكاني المتزايد من سنة ألخرى ،وهذا من شأنه يرفع من حجم القوة العاملة ،وقد بلغ هذا الحجم في
الجزائر 1.9مليون نسمة في سنة 2669وتجاوز 9مليون نسمة خالل الفترة ()1111-2661
-التسريح الطوعي أو اإلجباري أو التقاعد المسبق للعمال ،بسبب تصفية وحل وخوصصة مؤسسات القطاع
العام ،فقد بلغ عدد البطالين بسبب هذا التسريح 2111111شخص في سنة 2661ثم 2,2مليون شخص
في 2666ووصل إلى 1.1مليون شخص في سنة .1111
-يضاف إلى العدد السابق الوافدين الجدد إلى سوق العمل وألول مرة والذي يقدر ما بين 111ألف و311
سنويا لمدة ثالث سنوات متتالية
ألف سنويا ،والذي يتطلب توفير ما بين 111111و 111111منصب عمل ً
الحتواء ظاهرة البطالة ،ولكن هذا لم يتحقق.
ورغم اإلجراءات المعتمدة من طرف الدولة للتقليل من هذه المشكلة مثل إنشاء الشبكة االجتماعية وخلق
مناصب عمل ذات منفعة عامة أو اعتماد أسلوب التأمين ضد البطالة فإن المشكل بقي قائما الن هذه
اإلجراءات ذات عقود عمل مؤقتة سرعان ما يتحول أصحابها إلى بطالين ،ولذلك معدل البطالة لم يتوقف
عن االرتفاع منذ عام 2661بداية تطبيق برنامج التعديل الهيكلي حيث بلغ في هذه السنة %11.9ووصل
إلى %16.1سنة 2669و %33سنة .2666
-1تدني دخل الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي
هو مقياس آخر لآلثار السلبية الناجمة عن تطبيق برنامج التعديل الهيكلي ،فقد بلغ هذا الدخل 2111.6
دوالر في سنة 2661و 2166دوالر في سنة 2661و 2911.9دوالر في سنة 2669و 2169دوالر في
سنة 2661و 2111في سنة 2666ثم 2119.1دوالر في سنة ،1111ورغم هذا التزايد الطفيف من سنة
ألخرى في قيمة الدخل الفردي فإنه يبقى ضعيف مقارنة بتكاليف المعيشة الباهضة.
أما أسباب تدني هذا الدخل فتكمن في ضعف أداء القطاع اإلنتاجي المباشر (الصناعة والفالحة) في تكوين
الناتج المحلي اإلجمالي ،وكذلك تحرير األسعار والغاء الدعم الموجه للسلع والخدمات ،ولقد تسبب تدني
متوسط دخل الفرد في انخفاض مستوى االستهالك للعائالت محدودة الدخل وعدم قدرتها في تغطية نفقات
العالج وتكاليف التمدرس ،ولذلك حاولت السلطات الجزائرية التقليل من هذه اآلثار بإدخال إصالح على
شبكة األمان االجتماعي ونظام الدعم حيث أصدرت:
-برنامج لألشغال العامة يعوض نظام الدعم العام الذي يتم إلغاؤه على مراحل لتحويل اإلعانات للذين ليس
لهم دخل أو لم يتحصلوا على مساعدة من قبل.
-نظام التأمين ضد البطالة لتيسير إعادة هيكلة القطاع الصناعي ،كما أدرجت الدولة الدعم بكل صراحة في
الميزانية بعد ما كان يدرج ضمنيا في قطاع السكن من قبل.
-3تحرير األسعار :ابتداءا من سنة 2661بدأت الدولة في رفع الدعم عن السلع والخدمات ،ولذلك ارتفعت
أسعار النقل والهاتف من % 11إلى ،% 31مع رفع أسعار الطاقة والكهرباء كل 3أشهر بنسبة قدرها
%91خالل الفترة ( ،)2661-2661أما بخصوص المواد الغذائية األساسية المدعمة فكانت في سنة 2661
Page
45
خمسة مواد( ،)1وهي الحبوب ،السميد ،الدقيق ،الحليب ،دقيق األطفال لكن في سنة 2661رفع الدعم عن
دقيق األطفال ،أما في سنة 2669فقد حررت أسعار جميع المواد الغذائية ما عدا الحليب المبستر ،كما
أصبحت أسعار الكهرباء والغاز هي محررة كذلك.
إن ارتفاع معدل البطالة وضعف نصيب الفرد من الدخل اإلجمالي المحلي ورفع الدعم عن السلع هي
مؤشرات حقيقة تدل عن تدهور مستوى المعيشة وتنامي مشكلة الفقر في الجزائر ،على الرغم من أن هذه
الظاهرة كانت موجودة في عهد االستعمار وحتى في الستينات والسبعينات ،ولكن تحسنت نوعا ما في فترة
الثمانينات وبداية التسعينات ،لكن بعد تطبيق سياسة اإلصالحات االقتصادية الهيكلية عاودت ظاهرة الفقر
للظهور من جديد بزيادة عدد العائالت المحتاجة والفقيرة ،وتتجلى صور هذا الفقر في عدم قدرة هذه العائالت
على دفع تكاليف التمدرس والعالج والمأكل والملبس وفواتير الماء والكهرباء والغاز وغيرها.
Page
46
المحور السادس :مرحلة برامج النمو االقتصادي منذ . 2666
إلى غاية 1111كان الوضع يتميز باالستقرار وتحسن التوازنات المالية الخارجية التي تقوم على تسجيل
فائض في الحساب الجاري ،وانخفاض نسبة المديونية الخارجية وخدماتها ،وقد استفادت الجزائر من هذا
االستقرار لمواصلة اإلصالحات على مستويات عدة ،في إطار التحول النهائي نحو اقتصاد السوق .
المطلب األول :مواصلة اإلصالحات االقتصادية
منذ أن شرعت الجزائر في تطبيق سلسلة اإلصالحات منذ تسعينات القرن الماضي ،استمرت في نفس النهج
حتى بعد االنتهاء من تطبيق برنامج التعديل الهيكلي ،تكريسا لمبدأ االنتقال النهائي نحو اقتصاد السوق،
وهذه اإلصالحات تندرج ضمن تعزيز النمو االقتصادي ومسايرة التطورات الجارية على المستوى العالمي.
الفرع األول :برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي)1111-1112( .
يندرج هذا البرنامج في إطار التطور الحاصل في السوق البترولية ،التي استفادت الجزائر من هذا الظرف
المالي المريح الذي مكنها من اعتماد مثل هذه اإلصالحات ،للتخفيف من الوضع االقتصادي واالجتماعي
الذي لم يتحسن كثيرا ،يهدف هذا البرنامج إلى:
-إعادة تنشيط الطلب.
-دعم النشاطات التي تنتج قيمة مضافة.
-مكافحة الفقر وتوفير مناصب العمل.
-تحقيق توازن جهوي.
-إعادة تأهيل المنشآت القاعدية التي تساعد على انطالق النشاطات االقتصادية ،بغرض تغطية الحاجات
الضرورية للسكان ،يغطي هذا البرنامج الفترة ( )1111-1112بغالف مالي يقدر بـ 111ملياردج أي حوالي
1مليار دوالر ،وقد ساهم هذا البرنامج في إنشاء 911111منصب عمل ،ساهمت فيه 11111مؤسسة
وطنية ،منها %96تابعة للقطاع الخاص.
2ــ أسباب تبني مخطط اإلنعاش االقتصادي :تم تبني هذا المخطط بسبب :
أ ــ تدني معدالت النمو االقتصادي :عرف معدل النمو االقتصادي نموا ضعيفا قبل فترة تطبيق هذا المخطط،
بسبب ضعف أداء القطاعات المنتجة للقيمة المضافة نظ ار لقلة تمويل هذه القطاعات من الخزينة العمومية
للدولة ،نتيجة للصدمة البترولية التي تعرضت لها الجزائر عام ،6891وظهور الركود الذي اثر على وتيرة
النمو االقتصادي بانخفاضه من ( )% 2.5+سنة 6892إلى (– )%2.5سنة ،6891ثم ( )%2.0-في
سنة 6890و( )%6.8-في سنة ،6899وبلغ خالل الفترة 6882ـ 5222في المتوسط حوالي 3,2
℅ ،ويعتبر هذا المعدل ضعيفا و غير كاف مقارنة باالحتياجات األساسية والضرورية للسكان ،ولذلك كان
من الضروري اعتماد هذا المخطط بهدف رفع معدل النمو االقتصادي إلى المستوى الذي يتالءم والمتطلبات
األساسية للسكان .
Page
47
ب ــ ارتفاع معدل البطالة :حيث عرفت معدالتها ارتفاعا متزايدا من سنة ألخرى ،فقد انتقل هذا المعدل من
℅ 9,7سنة 2691إلى ℅ 24,4سنة 2661و ℅ 19للفترة (61ـ )61ثم %16.1سنة 2669و%33
سنة 2666و ℅ 29,8سنة ،1111وقد دفع هذا الواقع غير المريح إلى تطبيق مثل هذا المخطط الذي
كان من بين أولوياته وأهدافه توفير مناصب الشغل والتخفيف من حدة البطالة المرتفعة.
ج ــ ارتفاع معدل الفقر وانخفاض المستوى المعيشي للسكان :عرفت ظاهرة الفقر في الجزائر نموا مضطردا
منذ تطبيق سياسة تحرير األسعار ورفع الدعم عن السلع األساسية وحل وخوصصة المؤسسات االقتصادية
ابتداء من سنة ،2661إذ ارتفع الفقر من ℅ 8,1عام 2699إلى %0020عام 0811ثم ℅ 14,1عام
2661ليتراجع إلى ℅ 12,1عام ،1111وقد أورد البنك الدولي في احد تقاريره سنة 2661بان عدد الفقراء
( )3
في الجزائر بلغ حوالي 9391111فقير ℅99 ،منهم من سكان األرياف
كما أحصت الجزائر مع بداية األلفية الثالثة وجود 211بلدية تفشت فيها مظاهر الفقر ،اعتمادا على نتائج
خريطة الفقر التي أعدتها الدولة في هذا اإلطار ،باعتماد أربعة مؤشرات وهي :الصحة ،التعليم ،السكن،
حصة البلدية من الدخل الوطني
1ــ مضمون المخطط :تضمن المخطط عدد هائل من المشاريع ( حوالي 21611مشروع ) في مختلف
القطاعات مستهدفا تحقيق األهداف السالفة الذكر بالتركيز على الجوانب اآلتية (: )1
ـ دعم القطاعات المنتجة للقيمة المضافة وفي مقدمتها القطاع الفالحي.
ـ تهيئة وانجاز الهياكل القاعدية بما يسمح بإعادة تنشيط حالة الركود في النشاطات االقتصادية.
ـ توفير متطلبات تحقيق التنمية المحلية من خالل تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ـ تحسين الظروف المعيشية للسكان وتنمية وتطوير ا لموارد البشرية.
ـ تحسين الخدمات العامة .
1ــ االعتمادات المالية للمخطط :الغالف المالي المخصص للمخطط والممول من خزينة الدولة قدر مبدئيا
بـقيمة 111مليار دينار أي حوالي 1مليار دوالر ،لكن بعد إضافة مشاريع جديدة واعادة تقييم مشاريع سابقة
ارتفع الغالف المالي إلى 2129مليار دينار أي حوالي 29مليار دوالر ،أما توزيع االعتمادات على
القطاعات التي تغطي فترة المخطط يمكن توضيحها في الجدول اآلتي:
االعتمادات المالية المخصصة لمخطط اإلنعاش االقتصادي ( 1112ـ ،)1111الوحدة :مليار دج
1111 1113 1111المجموع النسبة ℅ 1112 القطاعات
40.2 210.5 األشغال الكبرى والهياكل القاعدية 2 37.6 70.2 100.7
Page
48
8.6 11 ـ 15ـ 30 دعم اإلصالحات
100 525 20.5 113.9 185.9 213.1 المجموع
المصدر :المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي ،تقرير الظرف االقتصادي واالجتماعي في الجزائر ،السداسي الثاني،
،1112ص.91
يتبين من الجدول بان المخطط ركز أكثر على قطاع األشغال الكبرى والهياكل القاعدية ،بنسبة ℅ 40.2من
مجموع المبلغ لما يشكله هذا القطاع من أهمية بالغة لتهيئة محيط يالئم إعادة تنشيط حالة الركود االقتصادي
،كما أولى أهمية إلى التنمية المحلية والبشرية بنسبة ℅ 38.8ممثلة في التربية والتعليم والتكوين والصحة
والثقافة والرياضة وبرامج الحماية االجتماعية ،لمكانة هذه المشاريع في تحسين الظروف المعيشية للسكان
وتدعيم تحقيق التنمية االقتصادية ،كما لم يغفل المخطط عن القطاعات اإلنتاجية مثل قطاع الفالحة والصيد
البحري بنسبة ،℅12.4ومنه نستنتج بان هذا المخطط ذو طابع تنموي اقتصادي واجتماعي.
ولتحقيق أهداف المخطط تم تدعيمه بجملة من السياسات اإلصالحية المصاحبة بتخصيص اعتمادات مالية
إضافية الستكمال عملية اإلصالح ،تم التركيز فيها على عصرنة إدارة الضرائب ،ترقية المنافسة الصناعية و
تطوير عملية االستشراف على المدى المتوسط والطويل.
مخصصات السياسات المصاحبة لمخطط اإلنعاش ( 1112ـ ، )1111الوحدة :مليار دج
1111 1111 1111المجموع 1112 القطــــــــــــاعات
20 9,8 7,5 2,5 0,2 عصرنة إدارة الضرائب
22,5 5 5 7 5,5 صندوق المساهمة والشراكة
2 0,4 0,5 0,8 0,3 تهيئة المناطق الصناعية
2 / 0,7 1 0,3 صندوق ترقية المنافسة الصناعية
0,08 / / 0,05 0 ,03 التنبؤ على المدى المتوسط والطويل
46,48 15,2 13,7 11,35 6,33 المجمــــــــــــوع
المصدر :زرنوخ ياسمينة،إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر ،دراسة تقييمية ،رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر ،1119ص
291
1ــ انعكاس مخطط اإلنعاش االقتصادي على سياسة الشغل والبطالة:
بما أن مخطط اإلنعاش االقتصادي كان من بين أهم أهدافه خلق مناصب الشغل والتقليل من آفة البطالة،
فقد أجمعت الكثير من التقارير على أن هذا المخطط ساهم ايجابيا في التخفيف من حدة البطالة ،حيث
تراجعت نسبة البطالة من ℅ 27,30سنة 1112إلى ℅ 25,70سنة 1111ثم ℅ 23,70سنة
1113تم نسبة ℅ 17,70سنة ،1111وقد تنوعت مناصب الشغل المستحدثة خالل هذه الفترة بين الدائمة
والمؤقتة ،بحيث تم توفير 111111منصب عمل خالل الفترة ( 1112ـ ،)1111منها 111111منصب
عمل دائم بنسبة ℅ 61,40و 311111منصب عمل مؤقت بنسبة ،℅ 60,38ساهم القطاع الخاص في
Page
49
() 1
،والجدول الموالي يوضح توفير ℅ 63,2من الوظائف اإلجمالية ،مقابل ℅ 36,8في القطاع العام
ذلك .
ثانيا :البرنامج التكميلي لدعم النمو (2000ـ:)2002
يعتبر هذا البرنامج استم اررية لمخطط اإلنعاش االقتصادي ،إضافة إلى تكريس جهود الحكومة على مواصلة
هذه السياسة التنموية اإلستراتيجية والحفاظ على النتائج االيجابية المحققة أثناء تطبيق المخطط السابق ،ولقد
تم تخصيص اكبر قدر ممكن من االستثمارات كأداة فعالة لتسريع ورفع وتيرة النمو والتخفيف من البطالة
وتقليص فجوة الفقر و تحسين معيشة السكان .
()
:ـ تحسين الظروف 1ــ أهداف البرنامج :لقد تضمن البرنامج العديد من المشاريع لتحقيق األهداف التالية
المعيشية للسكان وتحسين الخدمة العمومية وتحديثها وتوسيعها.
ـ مواصلة تطوير الهياكل التحتية األساسية التي تم تجسيدها في مخطط اإلنعاش.
ـ رفع معدالت النمو االقتصادي.
ـ استكمال اإلطار التحفيزي لالستثمار .
ـ دعم التنمية االقتصادية من خالل االهتمام بتنمية القطاعات اإلنتاجية والخدماتية الحيوية.
2ــ المخصصات المالية للبرنامج:
خصص لهذا البرنامج مبلغا ماليا قيمته 4202,7مليار دج أي ما يعادل 55مليار دوالر كميزانية أولية،
لكن بعد إقرار برنامجين احدهما خاص بتنمية المناطق الجنوبية بقيمة .3.مليار دج ،واآلخر خاص
بمناطق الهضاب العليا بقيمة 666مليار دج ،و المبالغ المتبقية من مخطط اإلنعاش االقتصادي بقيمة
1701مليار دج ،والتحويالت الخاصة بالخزينة العمومية بقيمة 11.7مليار دج ،وعمليات التقييم للمشاريع
الجارية والبرنامج التكميلي الموجه المتصاص السكن الهش ومختلف التمويالت اإلضافية األخرى بقيمة
1191,3مليار دج أصبح المبلغ اإلجمالي النهائي 6075مليار دج أي ما يعادل 155مليار دوالر،
والجدول الموالي يوضح ذلك :
المخصصات اإلضافية للبرنامج التكميلي لدعم النمو ( 2000ـــ ( :) 2002مليار دج )
قروض المجموع تحويالت برنامج برنامج البرنامج مخطط البيان
ميزانية الدفع حسابات الهضاب الجنوب التكميلي اإلنعاش
الخزينة العليا لدعم النمو
1701 1701 .77.
66. 1577 ..0 1.03 .775
1101 .10. 37. .00 .57 33.1 .776
..36 1700 ... 311 16. .67 .770
..11 .65 .75 .67 .776
13.0 ..7 167 .67 .771
Page
50
6075 6075 11.7 666 .3. 531. المجموع
المصدر :هاجر سالطني ،سياسة اإلنفاق الحكومي وأثرها على تحقيق التنمية المستدامة ،رسالة ماجستير ،جامعة فرحات
عباس بسطيف ،الجزائر ،.71.ص ص 17.ـ 175
من الجدول نستنتج بان الغالف المالي المخصص للبرنامج أخذت فيه وتيـرة النفقـات العموميـة منحـى مت ازيـدا،
بحيث عرفت أعلى زيادة عام .776بنسبة ℅ 79,7مقارنة بسنة .775وتضاعفت أكثر مـن ثـالث مـرات
ما بين عامي .775و .771بسبب كثافة المشاريع االستثمارية المبرمجة
وقد وزع الغالف المالي المخصص للبرنامج إلى خمسة أبواب رئيسية ،وكل باب منها يتضمن مجموعة من
المحاور وهذا ما يبينه الجدول الموالي :
توزيع المخصصات المالية على المحاور الرئيسية للبرنامج
المبلغ(ملياردج النسبة المحـــــــــــاور الرئيسية
℅ .5 1908,5 برنامج تحسين ظروف معيشة السكان
℅ 40,5 1703,1 برنامج تطوير المنشات األساسية
℅6 337,2 برنامج دعم التنمية االقتصادية
℅ 4,8 203,9 برنامج تطوير الخدمة العمومية
℅ 1,1 لإلعالم 50,00 الجديدة التكنولوجيا تطوير برنامج
واالتصال
℅ 177 4202,7 المجمــــــــــــــــوع
المصدر :انظر :ـ البرنامج التكميلي لدعم النمو للفترة( .775ـ ،).771مجلس األمة ،افريل ، .775ص ص 6ـ. 0
ـ البرنامج التكميلي لدعم النمو ،بوابة الوزير األول ،ص .
يتضح من الجدول بان البرنامج ذو طابع اقتصادي اجتماعي ،فالنسبة األكبر من مخصصاته والمقدرة بقيمة
1908,5مليار دج ( ℅ .5من قيمة مخصصات البرنامج) وجهت لتحسين ظروف معيشة السكان مثل:
قطاع السكن إلتمام برنامج المليون سكن وقطاع التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي و تزويد
السكان بالماء الصالح للشرب ،ثم يليه قطاع المنشات األساسية بمبلغ 1703,1مليار دج وهو ما يعادل .1
مليار دوالر وبنسبة ℅ 40,5من قيمة المخطط ،وجهت إلى قطاع النقل و قطاع األشغال العمومية النجاز
الطريق السيار شرق غرب و قطاع الري و الموارد المائية ( السدود والتحوالت) ،أما برنامج دعم التنمية
االقتصادية فقد جاء في المرتبة الثالثة بقيمة 337,2مليار دج خصصت لقطاع الفالحة والتنمية الريفية
والصناعة والصيد البحري وترقية االستثمار والسياحة .
ثالثا :برنامج توطيد النمو ( 2010ـ :)2012
يعتبر هذا البرنامج استكماال لمسار التنمية الذي شرعت الجزائر في تطبيقه منذ ، .771كما يمثل
استم اررية للبرنامجين السابقين على المستوى االجتماعي واالقتصادي ،كما يندرج أيضا ضمن حركية إعادة
Page
51
تنشيط االقتصاد الوطني المعتمدة منذ سنة .771بسبب الوفرة المالية المتأتية من ارتفاع العوائد البترولية،
وكانت تأمل الجزائر من خالل هذا البرنامج تحقيق وثبة نوعية في كل المجاالت بالنظر إلى أهدافه
ومضمونه ومخصصاته المالية .
1ــ أهداف البرنامج :يهدف البرنامج إلى تحقيق ما يلي :
ـ تحسين التنمية البشرية ومواصلة تطوير الهياكل القاعدية األساسية وتحسين الخدمة العمومية.
ـ تنويع النسيج الصناعي بهدف دعم تنمية االقتصاد الوطني.
ـ العمل أكثر للتخفيف من مشكلة البطالة و تطوير اقتصاد المعرفة.
2ــ محاور البرنامج :لقد تضمن البرنامج ثالثة محاور أساسية وهي :ا ـ دعم التنمية البشرية وجعلها في
خدمة التنمية االقتصادية الشاملة وتم رصد لهذا المحور مبلغ 171..مليار دج أي بنسبة % 47,7من
مخصصات البرنامج .
ب ـ تطوير الهياكل القاعدية وتهيئة اإلقليم :استحوذ على نسبة ℅ .7من اعتمادات البرنامج
ج ـ تعزيز تنافسية االقتصاد الوطني وخصص له نسبة % 12,3من اعتمادات البرنامج
3ــ االعتمادات المالية المخصصة للبرنامج :
خصصت الدولة لهذا البرنامج غالفا ماليا قيمته .1.1.مليار دج أي حوالي .66مليار دوالر وتضمن:
1ـ استكمال المشاريع الكبرى الجاري انجازها بقيمة 1667مليار دج ( 137مليار دوالر) وهو المبلغ
المرحل من االعتمادات المخصصة للبرنامج التكميلي لدعم النمو (.775ـ.).771
.ـ اعتماد مشاريع جديدة بقيمة 1153.مليار دج أي ما يعادل 156مليار دوالر .
المخصصات المالية لبرنامج توطيد النمو (2010ـ ،)2012مليار دوالر
النسبة المبالــــــغ (مليار دوالر) القطـــــــــاعــــــــات
Page
52
℅ 100 .66 المجمـــــــــــــــــــوع
المصدر :سفيان دلفوف و عبد السالم حططاش ،اثر السلوك االستثماري العمومي على البطالة في الجزائر للفترة ( .771ـ
،) .71.أبحاث المؤتمر الدولي حول:تقييم آثار برامج االستثمار والنمو االقتصادي خالل الفترة .771ـ ،.77.يومي 11و
1.مارس ،.713جامعة سطيف ،1الجزء الثالث .713 ،ص .6.
Page
53