Professional Documents
Culture Documents
يمكن إرجاع أسباب وجود الفساد االقتصادي عموما و نموه و انتشاره ،إلى أسباب اقتصادية و أخرى
سياسية و اجتماعية و ثقافية نلخصها على النحو التالي:
.1.3األسباب االقتصادية
-التحكم في األسعار:
في هذه الحالة نجد أن انخفاض أسعار السلع عن سعر السوق ألغراض اجتماعية أو سياسية يكون مصدرا
مهما للبحث عن الريع ،حيث تخلق هذه األسعار اإلدارية حوافز لألفراد و المجتمعات لرشوة المسؤولين
من أجل الحفاظ على تدفق مثل هذه السلع أو الحصول على نصيب غير عادل منها ،و ينطبق القول نفسه
على أسعار الصرف المتعددة و أيضا حصص الصرف األجنبي ،فإذا وجد أكثر من سعر صرف للعملة
األجنبية في الداخل وفقا لنوع الواردات مثال ،أو لكيفية استخدام الصرف األجنبي ،سيؤدي هذا إلى خلق
الحوافز للحصول على العملة األجنبة بالسعر األدنى ،و في حاالت أخرى تزداد حدة ندرة الصرف
األجنبي ،مما يجعل السلطات االقتصادية تخصص استخدامه ،وفي كلتا الحالتين سيحاول األفراد و
الجماعات رشوة المسؤولين للحصول إما على السعر األدنى أو على حصة أكبر من الحصة المقررة لمثل
هذا االستخدام .و هكذا يتضح لنا أن وجود بعض القيود أو التنظيمات في أيدي المسؤولين الحكوميين
يعطيهم قوة احتكارية في منح الرخص و التصاريح و حقوق اإلنتاج أو التسويق .و هذا ما يمكن أولئك
المسؤولين من الحصول على الرشى.
.1.2.3الحكومات الضعيفة
يؤدي ضعف الحكومة إلى تنمية الفساد و يمكن الحكم على مدى ضعف أو قوة الحكومة من خالل معرفة
مدى الغموض أو الشفافية في معامالتها االقتصاية ،مدى اتباع اإلجراءات و النظم الموضوعية في
التعيينات و الوظائف ومدى قصور أو فعالية الرقابة على أنشطة الدولة .إنطالقا من هذه العوامل توضح
دراسة في عام Evans Rauchand 1997أنه كلما كانت التعيينات و الوظائف تعتمد بصورة أقل على
الجدارة و الكفاءة ،انخفضت شفافية تشغيل األفراد و ترقياتهم ،ودخلت بدال منها المحاباة و زادت معدالت
الفساد ،وانخفضت من ناحية أخرى الرقابة المؤسسية ،و ينخفض بسببها احتمال الوقوع في قبضة العدالة
في ظل وجود حكومات ضعيفة .إن وجود رقابة فعالة يعكس في الحقيقة أهمية محاربة الفساد في نظر
القيادة السياسية ،تلك الرقابة تعد الخط األول للدفاع ضد الفساد ،ويتطلب ذلك توفر العناصر التالية :
المشرفون األكفاء و األمناء ،مكاتب مراجعة جيدة ،قواعد واضحة للسلوك األخالقي و إجراءات جيدة
وواضحة لممارسة الرقابة .و ألن الحكومات الضعيفة ال يتوفر فيها مثل هذه العناصر ،فإن اكتشاف
الفساد يتم بها غالبا بواسطة المصادفة أو من خالل التقارير من خارج المؤسسة و منها وسائل اإلعالم .و
في تلك الحكومات الضعيفة نجد أن التقارير الرقابية ترسل عادة بصورة سريعة إلى الرؤساء المباشرين
بدال من ارسال بصورة علنية إلى الهيئة التشريعية أو القضائية .وفي حاالت أخرى ليس لهذه الهيئات
القوة لفرض العقوبات ،كما ال تتم المتابعة المستمرة لمثل هذه التقارير.
.
.2.2.3عدم اهتمام القيادة السياسية بمحاربة الفساد:
ألن القيادة السياسية هي القدوة و المثل لباقي مسؤولي الدولة ،فالبد أن تكون هي السباقة في مكافحة
الفساد.
إ ن محاربته ليست باألمر الهين ،و ينبغي أن تشمل على العديد من الجبهات و ليس على جبهة واحدة ،و
قبل كل شيئ تبدأ التدابير العالجية بضرورة اإلعتراف بوجود المشكلة والوعي بآثارها السلبية التي تمس
مختلف نواحي الحياة االقتصادية و السياسية و اإلجتماعية للمجتمع.
.1.5اإلعتراف بوجود المشكلة و إصالح الدولة
استراتيجيا و لمعالجة الفساد البد من اإلعتراف أوال بأنه يشكل مشكلة حقيقية ،تؤثر سلبا على االقتصاد
القومي و النمو االقتصادي ،و أن ممارستها ناتجة من طلب بعض األفراد ،عن طريق إغراء الموظفين
العموميين الذين يعرضون هذه الخدمة بمقابل ،و هكذا يوجد طلب و عرض للفساد .و لذا فإن مدى شفافية
المعامالت النظامية تحدد مدى إمكانية محاربة الفساد ،و إن محاربته ليست مستقلة عن اصالح حكم الدولة
و تغيير دورها.
-يرى البعض أنه قد يترتب على انخفاض معدالت األجور في بعض الدول تشغيل أعداد كبيرة من
الموظفين دونما حاجة حقيقية لهم ،و يعني هنا أن الحكومة استبدلت األجور العالية للموظفين بأعدادهم
على قوائم المرتبات ،في هذه الحال ال ينصح بزيادة معدالت األجور لتخفيض الفساد ،و إنما يكون
األفضل هو تخفيض عدد الموظفين و رفع األجور الحقيقية لهم .
-كما يقترح البعض ضرورة زيادة العقوبات على جرائم الفساد التي يتم اكتشافها لتقليل معدالتها .و هذا من
األهمية بمكان حيث تؤدي آليات الرقابة و العقاب في كثير من األحيان إلى تقليص الفساد ،و يمكن أن يتم
ذلك من خالل زيادة شفافية القوانين و القواعد و زيادة كفاءة النظام القضائي .
-و من المعروف أن قيام الدولة بتوفير السلع و الخدمات بأسعار أقل من أسعارها السوقية ،يوجد الفرصة
لظهور الفساد في القطاعات االئتمان و الصرف األجنبي ،و المرافق العامة ،و التعليم و الرعاية الصحية،
و السلع التمويلية و غيرها ،ذلك ألن السعر المنخفض أو التوفير المجاني للسلع و الخدمات يخلق طلبا
زائدا عليها ،و يتطلب بدوره وسائل أخرى لترشيد استهالكها (غير السعر) ،و هذه الوسائل يظهر معها
الفساد ،و هكذا فإن رفع تلك األسعار إلى مستوياتها التوازنية سيلغي أو يقلل الفساد ،و لكن هذا الرفع بعينه
سيغير من دور الدولة االجتماعي للمواطنين .و من خالل هذه األمثلة الثالثة السابقة يتبين لنا أن محاربة
الفساد تستوجب تصحيح دور الدولة .و إضافة إلى ما تقدم ينبغي اتخاذ الخطوات التالية لمكافحة الفساد.
.3.2.5.ممارسة الديموقراطية
عل أهم الوسائل مكافحة الفساد اإللتزام بممارسة الديموقراطية و الحفاظ عليها في المجتمع ،و ذلك أنه
كلما انخفض مستوى ممارسة الديموقراطية تزايدت فرص الفساد ،و ذلك نتيجة لضعف أو انعدام
الضوابط و إجراءات الرقابة التي يمارسها المجتمع عن طريق مختلف مؤسساته كالصحافة و اإلعالم و
غيرها ،فالدراسات توضح أن المجتمعات التي تسودها الديكتاتورية و تسيطر فيها الدولة على جميع
القرارات االقتصادية تكون معدالت الفساد فيها أكثر ارتفاعا .البد من إيجاد األطر القانونية و المؤسسية
التي يمكن من خاللها تطويق هذه الظاهرة ،و بدء معالجتها.
.2.3.5المؤسسات التعليمية
و ذلك بإنتاج وسائل تعليمية حول المال العام ،و الشفافية ،و المساءلة ،مكملة لمضمون برامج التربية
المدنية .
مع ضرورة تبني القيادات السياسية العليا في المجتمع و نوابه البرلمانيين مكافحة الفساد ضمن مبادئ
المسؤولية و الشفافية و النزاهة ،و أن تقتنع هذه القيادات بأن وسائل المكافحة يمكن أن تؤتي ثمارها .و
لعل هذا العنصر " خلق الوعي لدى الجمهور" من األهمية بمكان في مكافحة الفساد ألنه من دون مساندة
الجمهور لجهود المكافحة لن يتححقق اإلصالح المنشود .ينبغي أن يدرك الجمهور أن الفساد العام هو من
أشد معوقات النمو االقتصاد ي ،لتأثيره السلبي في االستثمار و في استراتيجيا التنمية االقتصادية ،و أنه
حتى بالنسبة للدول التي حققت نموا اقتصاديا مع وجود الفساد فإنها ستدفع ثمنا باهضا مستقال ألن الفساد
يغذي نفسه ،و من ثم سيولد سلسلة أطول من المكافآت و العوائد غير القانونية ما سيقوض التنمية و التقدم
ال محالة.
المراجع:
-عبد الحفيظ مسكين ،دروس في مقيـاس الفسـاد وأخالقيـات العمل2016.2017 ،
-إمنصوران سهيلة ،الفساد اإلقتصادي و إشكالية الحكم الراشد و عالقتهما بالنمو اإلقتصادي دراسة
إقتصادية تحليلية حالة الجزائر2005.2006 ،
-نور طاهر األقرع ،إستراتيجيات مواجهة الفساد المالي واإلداري.
https://www.aman-palestine.org/media-center/2124.html