You are on page 1of 7

‫‪12/12/2023‬‬ ‫التنمية المستدامة ومحاربة الفساد‬

‫امتحان السنة الثانية جذع مشترك علوم سياسية‬

‫بن طاجين لبنى‬


‫فوج الثاني‬
‫اإلطار المفاهيمي‪:‬‬
‫تعريف الفساد حسب ما جاء به البنك العالمي‪:‬‬
‫حسب بعض المختصين فإن البنك العالمي هو أول من اجتهد في إيجاد تعريف فقهي للفساد وهو من استخدمه‬
‫وجسده في أعماله ألول مرة‪ ،‬ثم اعتمد بعد ذلك‪ ،‬في معظم الكتابات هذا التعريف الذي بمقتضاه وضع األنشطة‬
‫التي تندرج تحت مفهوم الفساد مبين على النحو التالي‪ :‬الفساد هو إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب‬
‫الخاص أو استخدام الوظيفة العامة لتحقيق منافع خاصة أو االستغالل السيئ للوظيفة العامة أي الرسمية من‬
‫أجل تحقيق المصلحة الخاصة‪ .‬فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة‬
‫لتسهيل عقد أو إجراء طرح المناقصة عامة‪ ،‬كما يتم عندما يقوم وكالء أو وسطاء الشركات أو أعمال‬
‫خاصة بتقديم رشاوي لالستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين‪ ،‬وتحقيق أرباح خارج‬
‫إطار القوانين المرعية‪ .‬كما يمكن الفساد أن يحدث عن طريق استغالل الوظيفة العامة دون اللجوء إلى‬
‫الرشوة وذلك بتعيين األقارب وسرقة أموال الدولة مباشر‪1.‬‬

‫تعريف فساد السياسي من المنظور البرلماني‪:‬‬


‫يرى بعض المختصين أنه بجانب تعريف الفساد من الناحية التقنية تطرح الثقافة السياسية مفهومها الواقعي عن‬
‫الفساد وهو كل إساءة في استخدام المنصب العام أو السلطات الرسمية أو موارد المجتمع لتحقيق منافع‬
‫خاصة للذات أو للغير‪ ،‬إذن فإن عيون الناس تنصب على المسئولين العموميين‪ ،‬وإلى سياسات وتصرفات‬
‫المؤسسات الرسمية‪ ،‬فإذا كانت هذه التصرفات منحازة إلى مصالح خاصة اعتبرها الناس مطهرا للفساد‪ ،‬حتى‬
‫ولو كانت إجراءاتها اإلدارية والشكلية مطابقة للقانون‪ ،‬حيث يتم تطويع هذا القانون‪ .‬وال شك أن هذا الوضع‬
‫يترك أثره السلبي على نظرة الناس إلى هؤالء النواب الدين تورطوا في االنحراف بالتشريع‪ ،‬أو ال يقومون بما‬
‫ينتظره الناس ‪ -‬وهو كثير ومستمر ‪ -‬المكافحة استغالل القانون‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬فالرأي العام العربي عموما‬
‫والجزائري خصوصا‪ ،‬ألنه دائم الشكوى‪ ،‬وال يرضى بسهولة) ربما يكون قاسيا مع النواب في هذه المسألة‪،‬‬
‫فيحملهم مسئولية استمرار الفساد حتى لو حاولوا وفشلوا‪ ،‬األسباب أقوى منهم ‪ ...‬ولكن هذه هي السياسة وتلك‬
‫بعض من تبعات العمل العام‪ .‬ويرتبط مستوى مكافحة الفساد بمدى قوة الحريات المدنية‪ ،‬خاصة حرية‬
‫الصحافة وقدرة المجتمع المدني ودرجة تنظيمه ومستوى المنافسة السياسية والحربية الداخلية‪ ،‬حيث يؤثر كل‬
‫‪2‬‬
‫هذا على قدرة المواطن على معرفة أنشطة الحكومة وتحليلها والتصرف تجاهها‬

‫تعريف اللجنة العالمية للبيئة للتنمية المستدامة‪:‬‬


‫هذه اللجنة شكلتها األمم المتحدة وعرفت هذا المصطلح الجديد من خالل تقريرها لسنة ‪ 1987‬كما يلي‪:‬‬
‫التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة األجيال المقبلة على تلبية‬
‫حاجاتهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫موسى بودهان‪ ,‬النظام القانوني لمكافحة الفساد في الجزائر‪ ,‬منشورات ا‪.‬ن‪.‬ا‪.‬ب‪,2009 ,‬ص‪17‬‬
‫‪2‬‬
‫موسى بودهان‪ ,‬نفس المرجع‪ ,‬ص‪22‬‬
‫وقد تضمن التقرير الصادر عن معهد الموارد العالمية حصر عشرين تعريفا واسع التداول للتنمية المستدامة‪،‬‬
‫وقد قسم التقرير هذه التعريفات وفق أربعة أبعاد اقتصادية اجتماعية (بشرية)‪ ،‬بيئية وتكنولوجية‪:‬‬

‫تعريف منظمة األغذية والزراعة للتنمية المستدامة‪:‬‬


‫يمكن اعتبار تعريف التنمية المستدامة الذي وافقت عليه منظمة األغدية والزراعة بمثابة إطار عام للغاية‬
‫للتنمية المستدامة في قطاع مصايد األسماك ويحدد هذا التعريف خمسة عناصر رئيسة هي‪ :‬الموارد المتعددة‬
‫في بيئتها‪ .‬احتياجات اإلنسان االجتماعية واالقتصادية‪ .‬التكنولوجيا والمؤسسات‪ ،‬وفى حين يتعين صيانة‬
‫‪.‬العنصرين األولين يتعين استيفاء العناصر األخرى ومراقبتها وتحديدها من خالل عملية اإلدارة العامة‪.‬‬

‫التنمية المستدامة وفقا للبعد االقتصادي‪:‬‬


‫هي إجراء خفض في استهالك الطاقة والموارد‪ ،‬أما بالنسبة للدول النامية فهي تعني توظيف الموارد من‬
‫أجل رفع مستوى المعيشة والحد من الفقر‪.‬‬

‫التنمية المستدامة وفقا للبعد االجتماعي البشري‪:‬‬


‫إنها تعني السعي من أجل استقرار النمو السكاني ورفع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية خاصة في‬
‫الريف‪.‬‬

‫التنمية المستدامة وفقا للبعد البيئي‪:‬‬


‫فهي تعني حماية الموارد الطبيعية‪ ،‬واالستخدام األمثل لألرضي الزراعية والموارد المائية‪.‬‬

‫التنمية المستدامة من منظور البعد التكنولوجي‪:‬‬


‫هي نقل المجتمع إلى عصر الصناعات النظيفة التي تستخدم تكنولوجيا منظفة للبيئة‪ ،‬وتنتج الحد األدنى من‬
‫الغازات الملوثة والحابسة للحرارة والضارة بطبقة األوزون‪3.‬‬

‫التنمية المستدامة والفساد‪:‬‬


‫أثر الفساد على التنمية المستدامة‪:‬‬
‫ال شك أن للفساد آثارا ً خطيرة على كافة المجتمعات سواء المتقدمة منها والنامية إال أنه في هذه األخيرة يكون‬
‫أشد خطرا ً حيث يؤدى إلى اتساع حجم طبقة الفقراء ويزدادون فقرأ على فقرهم بينما يزداد األغنياء غنى فوق‬

‫‪3‬‬ ‫منور اوسرير‪ ،‬محمد حمو‪ ،‬االقتصاد البيئي‪ ،‬القبة‪ :‬الجزائر‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪,2011 ،‬ص‪157‬‬
‫غناهم وبذلك تزيد الفجوة بين األغنياء والفقراء وقد أشارت إحدى الدراسات أن انتشار الفساد ادى إلى تزايد‬
‫هروب رؤوس األموال من الدول اإلفريقية وقدمت الدراسة بيانات عن ثروات بعض القادة األفارقة والتي تم‬
‫تهريبها إلى الدول المتقدمة في الوقت التي تعاني فيه تلك الدول من تزايد معدالت الفقر وانخفاض نصيب‬
‫‪4‬‬
‫الفرد من الناتج المحلى اإلجمال‪.‬‬

‫أثر الفساد على إعادة توزيع الدخل‪:‬‬


‫يتسبب الفساد االداري والمالي بإعادة توزيع الدخل لصالح األغنياء والطبقة الفاسدة القليلة التي اعتمدت في‬
‫ثرائها على مكسب غير مشروع‪ ،‬واستغلت ثغرات القانون لصالحها‪ ،‬األمر الذي يؤدي الى خلق فجوة بين‬
‫فئات المجتمع الواحد وانقسامه الى مجتمعين مجتمع األغنياء ومجتمع الفقراء‪.‬‬
‫يساهم الفساد في زيادة معدالت التضخم في الدول‪:‬‬
‫نتيجة ارتفاع تكاليف أداء األعمال لتعويض ما يدفع من رشاوي للفاسدين نتيجة ارتفاع معدالت إنفاقهم على‬
‫السلع االستهالكية والعقارات والسلع المعمرة وغيرها األمر الذي يؤدى إلى إحداث ضغط كبير على ميزانية‬
‫ذوي الدخول المحددة ويزيد من حدة الفقر‪ ،‬كما يساهم تهريب السلع والخدمات إلى دول مجاورة في ندرة تلك‬
‫السلع في األسواق المحلية مما يرفع من أسعارها‪.‬‬
‫أثر الفساد على مصالح الضرائب‪:‬‬
‫ان التهرب الضريبي يتسبب بتعطيل ايرادات الدولة وتلكؤ بناء وتشغيل المشروعات العامة مع عدم استطاعة‬
‫الحكومة القيام بالتزاماتها المالية ويزيد بالتالي من مشكلة العجز في الموازنة العامة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫عبد الرؤوف احمد حنفي‪ ،‬ظاهرة الفساد من أبرز التحديات التي تواجه التنمية المستدامة‪ ،‬مجلة البحوث والقانونية‬
‫االقتصادية‪ ،‬العدد ‪,81‬سبتمبر‪,2022‬ص‪23‬‬
‫أثر الفساد على االستثمار الخارجي‪:‬‬
‫طالما تؤثر نوعية أدارة الحكم العامة على االستثمار األجنبي المباشر‪ ،‬ويمثل الفساد البيروقراطي ضريبة تدعو‬
‫الى عدم تشجيع االستثمار األجنبي‪ ،‬اذال يمكن للبلد الذي يسوده فساد ان يستفيد تماما من مزايا االستثمار األجنبي‬
‫المباشر‪ ،‬الذي يجلب إلى البلد المضيف تكنولوجيا جديدة ومهارات أداريه حديثة واستنتج البنك أيضا انه كلما‬
‫نقص مؤشر الفساد بنسبة ازداد جذب االستثمارات الخارجية بنسبة‪.‬‬
‫أثر الفساد على االنفاق الحكومي‪:‬‬
‫يعمل الفساد على تشويه عناصر النفقات الحكومية‪ ،‬اذ من المتوقع أن يبدد المسؤولون الحكوميون والسياسيون‬
‫المرتشون موارد عامة أكثر على بنود االنفاق التي يسهل ابتزاز رشاوي كبيرة منها‪ ،‬كاالتجاه الى االنفاق على‬
‫شراء المعدات والتجهيزات العسكرية وخاصة الطائرات المدنية‪ ،‬وكذلك صوب االنفاق نحو األوجه التي ال‬
‫تحظى بأولوية اإلنفاق العام من وجهة نظر المجتمع كاألنشطة الرياضية واألندية‪ ،‬وتجاهل كثير من األنشطة‬
‫‪.‬الهامة كاإلنفاق على القطاع الزراعي والصناعي وتحسين مستوى المناطق النائية‬
‫أي أن تركيز االنفاق سيكون باتجاه العناصر التي تكثر فيها الرشوة والعمالت والصفقات المشبوهة مما يؤثر‬
‫على تركيبة االنفاق الحكومي ويزيد من تكاليف المشاريع القائمة والتي ستقام مجددا وبالتالي سيضعف حوافز‬
‫االستثمار فيها‪.‬‬
‫جهود الجزائر لمواكبة المسعى الدولي لمكافحة الفساد‪:‬‬
‫تطور وترنو إلى التناغم مع المقاييس الدولية لمناهضة الفساد‪:‬‬
‫منظومة مكافحة وطنية في ّ‬
‫آفة الفساد باتت اليوم ظاهرة كونية تتقوى بطفرة التكنولوجيا وثورة المعلومات‪ ،‬تتهاوى قبالتها سيادات الدول‬
‫وتتساقط‪ .‬وتعجز الجهود الوطنية أمام تناميها‪ ،‬لتنبري على إثرها حركة دولية لمكافحتها والجزائر من أوائل‬
‫الدول التي احترقت بنار اإلرهاب‪ ،‬لم تكد تنتهي من هذا الداء حتى وجدت نفسها ‪ -‬كرها ‪ -‬في مواجهة ظاهرة‬
‫الفساد‪ .‬شديدة الوقع تنخر جسم المنظومة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فسارعت إلى االنخراط في المسعى الدولي‬
‫لمكافحة الفساد والوقاية منه لتعكف بعد ذلك على تطوير منظومتها الوطنية لمحاربة هذه اآلفة ومطابقتها مع‬
‫المرجعية الدولية مكرسة بذلك اهم المقدرات االستراتيجية الوطنية لمناهضة الفساد‬
‫انخراط الجزائر في المسعى الدولي للوقاية من الفساد ومكافحته‪:‬‬
‫استفحال ظاهرة الفساد وارتباطها بالجريمة المنظمة العابرة للحدود‪ .‬نبه أعضاء المجتمع الدولي إلى قصور‬
‫مجهودات الدول في محاربتها فرديا‪ .‬وأنه ال مناص من رسم سياسات وإستراتيجيات دولية وإقليمية يشارك فيها‬
‫الجميع لمكافحتها‪ ،‬وهو ما تحقق فعالً في شهر أكتوبر من العام ‪ 2003‬بعد التوقيع على الصك الدولي للوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪ ،‬والمعروف باتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي اعتبرت وبحق صك دولي عالمي‬
‫وشامل لمكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬بالنظر لشمولية نطاق تطبيقها وترسيخها للقيم االجتماعية والسياسية والثقافية‬
‫المعززة للشفافية والنزاهة والمساءلة واهتمامها بمحور الوقاية‪ .‬وما يسجله التاريخ هو أن الجزائر لم تبق بمعزل‬
‫عن هذه الدينامية الدولية‪ ،‬فكانت من أوائل الدول العربية المنظمة طوعيا إلى سالف المعاهدة‪ ،‬ووقعت عليها في‬
‫‪ 19‬أبريل ‪ ،2004‬وصادقت عليها بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 04/28‬كما أن الكل شهد بحضورها الالفت على‬
‫الصعيد اإلفريقي في بلورة إستراتيجية قارية لمواجهة الفساد‪ .‬وكانت من مهندسي اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي‬
‫لمكافحة الفساد الموقع عليها في ‪ 11‬جويلية ‪ ،2003‬وصادقت عليها بموجب المرسوم الرئاسي ‪ .137 /06‬كما‬
‫كانت من األعضاء الفاعلين لبلورة االتفاقية العربية لمكافحة الفساد الموقع عليها في ‪ 21‬ديسمبر ‪ 2010‬والتي‬
‫بادرت إلى المصادقة عليها بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 14/249‬على أن هذا االنخراط في هذا المسار الدولي لم‬
‫يكن ليفيد في شيء‪ ،‬واإلطار الوطني لمكافحة الفساد متخلف عن ركب التكيف معه‪ ،‬وهو ما دفع بالسلطات‬
‫‪5‬‬
‫العمومية إلى تطويع الترسانة القانونية والمؤسساتية مع األبعاد الدولية لمالحقة هذه الجريمة والوقاية منها‪.‬‬
‫ميزة المطابقة مع المقاييس الدولية واإلقليمية لمحاربة الفساد‪:‬‬
‫لعل من أهم مكاسب المنظومة الوطنية المستحدثة لمناهضة الفساد هو اتساق أغلب محاورها وآلياتها ومؤسسات‬
‫المكافحة مع أبعاد وأهداف اإلستراتيجية الدولية للوقاية من الفساد ومحاربته في منهج تشريعي ال يكاد يفترق في‬
‫شيء عن النموذج الدولي لبلورة قوانين محاربة الفساد لدرجة أن البعض يرى في القانون ‪ 06/01‬إفراغ وبأمانة‬
‫للمعاهدات التي صادقت عليها الجزائر دون إضافة أو تعديل‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫شهيدة قادة‪ ،‬التجربة الجزائرية لمكافحة الفساد ومفارقاتها‪ :‬اإلطار القانوني والمؤسساتي طموح‬
‫يفتقد ألليات انفاذه‪ ،‬مجلة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد‪ ,2019,‬ص‪2‬‬
‫هيئات لمكافحة الفساد بمهام معطلة‪:‬‬
‫على الرغم من النص على إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بموجب القانون ‪ 06/01‬على النحو‬
‫السالف ذكره فإن مهامها ظلت معطلة إلى غاية يوليو ‪ ،2011‬وبعدها باشرت عملها على بعض وقائع الفساد‪،‬‬
‫وبإمرة من السلطة التنفيذية‪ .‬كما أن استقاللية الهيئة نصيا ً لم يفدها في شيء‪ ،‬فهي فعليا توجد في وضعية تبعية‬
‫للسلطة التنفيذية تخضع ألوامرها وتعليماتها ‪ -‬ومحاسبتها تتبع القواعد المحاسبة العمومية وميزانيتها تسجل ضمن‬
‫مشموالت الميزانية العامة‪.‬‬
‫هذا ويغلب على دورها الطابع االستشاري والتحسيسي‪ ،‬وبمفهوم المخالفة فإن دورها الرقابي والردعي محدود‬
‫جدًا‪ ،‬فال تتمتع بصالحيات الضبط القضائي‪ .‬كما أن سلطاته في تحريك الدعوي العمومية مقيدة‪ .‬والتي يملك فيها‬
‫وزير العدل السلطة التقديرية في المضي فيما تثبته من وقائع أو االلتفات عنها غالبا‪ .‬وال تملك أي مكنة حيال‬
‫التصريح بالممتلكات‪ .‬وهذا على عكس ما كان معموال بها سابقا بموجب األمر ‪ 97/04‬المتعلق بالتصريح‬
‫بالممتلكات‪ ،‬وهو ما يعتبره الكثير من الدارسين ردة عن المنجز في هذا الصدد‪ 43 .‬فنافلة القول أن الهيئة لم‬
‫تتمكن من إحالة قضايا الفساد إلى العدالة‪ ،‬إال بالمرور على وزير العدل‪ .‬وهو مؤشر قوي على عدم استقاللية‬
‫‪ .‬الهيئة من الناحية الوظيفية والموضوعية‪ ،‬وهو األمر الذي سيرها إلى مؤسسة شكلية غير فاعلة‪.‬‬
‫قضية الخليفة‪:‬‬
‫ويحلو لفقه الفساد في الجزائر وسمها بـ احتيال القرن مثلت هزة مالية كبرى لالقتصاد الوطني عام ‪،2003‬‬
‫بطلها صيدلي شاب‪ .‬يدعى عبد المؤمن خليفة وبدعم من متنفذين وسياسيين تمكن في ثالث سنوات من تكوين‬
‫إمبراطورية السراب ض ّمت بنك الخليفة طيران الخليفة وتلفزيون الخليفة‪ ،‬وجمع ثروات طائلة ليتكشف بعد ذلك‬
‫صورية معامالته المالية‪ ،‬وجرمية أفعاله‪ ،‬وتكبيده للخزينة العمومية بما مقداره ‪ 1.3‬مليار دوالر هذا وقد‬
‫استجمعت هذه القضية شروط الجريمة المنظمة بحكم عدد األشخاص المتورطين فيها ‪ 104‬فرد وضلع فيها كثير‬
‫من الوزراء وإطارات البنك المركزي‪ ،‬وسياسيين‪ ،‬ولكنهم مثلوا أمام العدالة بوصفهم شهودا‪ ،‬ولم‬
‫يطالهم الحساب والعقاب‪.‬‬
‫تصحيح الوضع المسار اإلصالحي‪:‬‬
‫بالرغم من توفر دوافع القوى الداخلية فواعل المجتمع والخارجية الهيئات الدولية إلحداث التغيير في السياسة‬
‫الوطنية لمكافحة الفساد‪ .‬فإن محصلة ما ت ّم إنجازه في محاربته في الجزائر لم تكن مرضية‪ ،‬ولم تسعف التعديالت‬
‫التحول المأمول في‬
‫ّ‬ ‫الدستورية المتتالية في حلحلة الوضع‪ ،‬وال ورشات إصالح الدولة والعدالة بدت كافية لصنع‬
‫إستراتيجية مقاومة هذه اآلفة‪ ،‬بل على النقيض من ذلك ‪ ،‬زادت وتيرتها واستأصلت في دواليب السلطة ومفاصلها‬
‫بصورة لم يعد معها مقبول االستمرار في سياسة إيهام الشعب بسداد المسعى المنتهج‪ ،‬وأنه بات مطلوبا السير إلى‬
‫مسار إصالح قاطرته انبعاث إرادة سياسية جادة وصادقة لبناء دولة فعالة تتسم بالمساءلة والشفافية‪ ،‬ومتأتية من‬
‫قناعة راسخة في تفعيل هذا اإلصالح حقيقية في ظل تعظيم دور المؤسسات السياسية واإلدارية واإليمان بحتمية‬
‫استقالل القضاء وهيئات مكافحة الفساد المطلب مع نشر النوعية المجتمعية بإشراك قوى المجتمع المدني لتحجيم‬
‫هذا الداء الفناك‪.‬‬

You might also like