Professional Documents
Culture Documents
1
موسى بودهان ,النظام القانوني لمكافحة الفساد في الجزائر ,منشورات ا.ن.ا.ب,2009 ,ص17
2
موسى بودهان ,نفس المرجع ,ص22
وقد تضمن التقرير الصادر عن معهد الموارد العالمية حصر عشرين تعريفا واسع التداول للتنمية المستدامة،
وقد قسم التقرير هذه التعريفات وفق أربعة أبعاد اقتصادية اجتماعية (بشرية) ،بيئية وتكنولوجية:
3 منور اوسرير ،محمد حمو ،االقتصاد البيئي ،القبة :الجزائر ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع,2011 ،ص157
غناهم وبذلك تزيد الفجوة بين األغنياء والفقراء وقد أشارت إحدى الدراسات أن انتشار الفساد ادى إلى تزايد
هروب رؤوس األموال من الدول اإلفريقية وقدمت الدراسة بيانات عن ثروات بعض القادة األفارقة والتي تم
تهريبها إلى الدول المتقدمة في الوقت التي تعاني فيه تلك الدول من تزايد معدالت الفقر وانخفاض نصيب
4
الفرد من الناتج المحلى اإلجمال.
4
عبد الرؤوف احمد حنفي ،ظاهرة الفساد من أبرز التحديات التي تواجه التنمية المستدامة ،مجلة البحوث والقانونية
االقتصادية ،العدد ,81سبتمبر,2022ص23
أثر الفساد على االستثمار الخارجي:
طالما تؤثر نوعية أدارة الحكم العامة على االستثمار األجنبي المباشر ،ويمثل الفساد البيروقراطي ضريبة تدعو
الى عدم تشجيع االستثمار األجنبي ،اذال يمكن للبلد الذي يسوده فساد ان يستفيد تماما من مزايا االستثمار األجنبي
المباشر ،الذي يجلب إلى البلد المضيف تكنولوجيا جديدة ومهارات أداريه حديثة واستنتج البنك أيضا انه كلما
نقص مؤشر الفساد بنسبة ازداد جذب االستثمارات الخارجية بنسبة.
أثر الفساد على االنفاق الحكومي:
يعمل الفساد على تشويه عناصر النفقات الحكومية ،اذ من المتوقع أن يبدد المسؤولون الحكوميون والسياسيون
المرتشون موارد عامة أكثر على بنود االنفاق التي يسهل ابتزاز رشاوي كبيرة منها ،كاالتجاه الى االنفاق على
شراء المعدات والتجهيزات العسكرية وخاصة الطائرات المدنية ،وكذلك صوب االنفاق نحو األوجه التي ال
تحظى بأولوية اإلنفاق العام من وجهة نظر المجتمع كاألنشطة الرياضية واألندية ،وتجاهل كثير من األنشطة
.الهامة كاإلنفاق على القطاع الزراعي والصناعي وتحسين مستوى المناطق النائية
أي أن تركيز االنفاق سيكون باتجاه العناصر التي تكثر فيها الرشوة والعمالت والصفقات المشبوهة مما يؤثر
على تركيبة االنفاق الحكومي ويزيد من تكاليف المشاريع القائمة والتي ستقام مجددا وبالتالي سيضعف حوافز
االستثمار فيها.
جهود الجزائر لمواكبة المسعى الدولي لمكافحة الفساد:
تطور وترنو إلى التناغم مع المقاييس الدولية لمناهضة الفساد:
منظومة مكافحة وطنية في ّ
آفة الفساد باتت اليوم ظاهرة كونية تتقوى بطفرة التكنولوجيا وثورة المعلومات ،تتهاوى قبالتها سيادات الدول
وتتساقط .وتعجز الجهود الوطنية أمام تناميها ،لتنبري على إثرها حركة دولية لمكافحتها والجزائر من أوائل
الدول التي احترقت بنار اإلرهاب ،لم تكد تنتهي من هذا الداء حتى وجدت نفسها -كرها -في مواجهة ظاهرة
الفساد .شديدة الوقع تنخر جسم المنظومة االقتصادية واالجتماعية ،فسارعت إلى االنخراط في المسعى الدولي
لمكافحة الفساد والوقاية منه لتعكف بعد ذلك على تطوير منظومتها الوطنية لمحاربة هذه اآلفة ومطابقتها مع
المرجعية الدولية مكرسة بذلك اهم المقدرات االستراتيجية الوطنية لمناهضة الفساد
انخراط الجزائر في المسعى الدولي للوقاية من الفساد ومكافحته:
استفحال ظاهرة الفساد وارتباطها بالجريمة المنظمة العابرة للحدود .نبه أعضاء المجتمع الدولي إلى قصور
مجهودات الدول في محاربتها فرديا .وأنه ال مناص من رسم سياسات وإستراتيجيات دولية وإقليمية يشارك فيها
الجميع لمكافحتها ،وهو ما تحقق فعالً في شهر أكتوبر من العام 2003بعد التوقيع على الصك الدولي للوقاية من
الفساد ومكافحته ،والمعروف باتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي اعتبرت وبحق صك دولي عالمي
وشامل لمكافحة ظاهرة الفساد ،بالنظر لشمولية نطاق تطبيقها وترسيخها للقيم االجتماعية والسياسية والثقافية
المعززة للشفافية والنزاهة والمساءلة واهتمامها بمحور الوقاية .وما يسجله التاريخ هو أن الجزائر لم تبق بمعزل
عن هذه الدينامية الدولية ،فكانت من أوائل الدول العربية المنظمة طوعيا إلى سالف المعاهدة ،ووقعت عليها في
19أبريل ،2004وصادقت عليها بموجب المرسوم الرئاسي 04/28كما أن الكل شهد بحضورها الالفت على
الصعيد اإلفريقي في بلورة إستراتيجية قارية لمواجهة الفساد .وكانت من مهندسي اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي
لمكافحة الفساد الموقع عليها في 11جويلية ،2003وصادقت عليها بموجب المرسوم الرئاسي .137 /06كما
كانت من األعضاء الفاعلين لبلورة االتفاقية العربية لمكافحة الفساد الموقع عليها في 21ديسمبر 2010والتي
بادرت إلى المصادقة عليها بموجب المرسوم الرئاسي 14/249على أن هذا االنخراط في هذا المسار الدولي لم
يكن ليفيد في شيء ،واإلطار الوطني لمكافحة الفساد متخلف عن ركب التكيف معه ،وهو ما دفع بالسلطات
5
العمومية إلى تطويع الترسانة القانونية والمؤسساتية مع األبعاد الدولية لمالحقة هذه الجريمة والوقاية منها.
ميزة المطابقة مع المقاييس الدولية واإلقليمية لمحاربة الفساد:
لعل من أهم مكاسب المنظومة الوطنية المستحدثة لمناهضة الفساد هو اتساق أغلب محاورها وآلياتها ومؤسسات
المكافحة مع أبعاد وأهداف اإلستراتيجية الدولية للوقاية من الفساد ومحاربته في منهج تشريعي ال يكاد يفترق في
شيء عن النموذج الدولي لبلورة قوانين محاربة الفساد لدرجة أن البعض يرى في القانون 06/01إفراغ وبأمانة
للمعاهدات التي صادقت عليها الجزائر دون إضافة أو تعديل.
5
شهيدة قادة ،التجربة الجزائرية لمكافحة الفساد ومفارقاتها :اإلطار القانوني والمؤسساتي طموح
يفتقد ألليات انفاذه ،مجلة مركز حكم القانون ومكافحة الفساد ,2019,ص2
هيئات لمكافحة الفساد بمهام معطلة:
على الرغم من النص على إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بموجب القانون 06/01على النحو
السالف ذكره فإن مهامها ظلت معطلة إلى غاية يوليو ،2011وبعدها باشرت عملها على بعض وقائع الفساد،
وبإمرة من السلطة التنفيذية .كما أن استقاللية الهيئة نصيا ً لم يفدها في شيء ،فهي فعليا توجد في وضعية تبعية
للسلطة التنفيذية تخضع ألوامرها وتعليماتها -ومحاسبتها تتبع القواعد المحاسبة العمومية وميزانيتها تسجل ضمن
مشموالت الميزانية العامة.
هذا ويغلب على دورها الطابع االستشاري والتحسيسي ،وبمفهوم المخالفة فإن دورها الرقابي والردعي محدود
جدًا ،فال تتمتع بصالحيات الضبط القضائي .كما أن سلطاته في تحريك الدعوي العمومية مقيدة .والتي يملك فيها
وزير العدل السلطة التقديرية في المضي فيما تثبته من وقائع أو االلتفات عنها غالبا .وال تملك أي مكنة حيال
التصريح بالممتلكات .وهذا على عكس ما كان معموال بها سابقا بموجب األمر 97/04المتعلق بالتصريح
بالممتلكات ،وهو ما يعتبره الكثير من الدارسين ردة عن المنجز في هذا الصدد 43 .فنافلة القول أن الهيئة لم
تتمكن من إحالة قضايا الفساد إلى العدالة ،إال بالمرور على وزير العدل .وهو مؤشر قوي على عدم استقاللية
.الهيئة من الناحية الوظيفية والموضوعية ،وهو األمر الذي سيرها إلى مؤسسة شكلية غير فاعلة.
قضية الخليفة:
ويحلو لفقه الفساد في الجزائر وسمها بـ احتيال القرن مثلت هزة مالية كبرى لالقتصاد الوطني عام ،2003
بطلها صيدلي شاب .يدعى عبد المؤمن خليفة وبدعم من متنفذين وسياسيين تمكن في ثالث سنوات من تكوين
إمبراطورية السراب ض ّمت بنك الخليفة طيران الخليفة وتلفزيون الخليفة ،وجمع ثروات طائلة ليتكشف بعد ذلك
صورية معامالته المالية ،وجرمية أفعاله ،وتكبيده للخزينة العمومية بما مقداره 1.3مليار دوالر هذا وقد
استجمعت هذه القضية شروط الجريمة المنظمة بحكم عدد األشخاص المتورطين فيها 104فرد وضلع فيها كثير
من الوزراء وإطارات البنك المركزي ،وسياسيين ،ولكنهم مثلوا أمام العدالة بوصفهم شهودا ،ولم
يطالهم الحساب والعقاب.
تصحيح الوضع المسار اإلصالحي:
بالرغم من توفر دوافع القوى الداخلية فواعل المجتمع والخارجية الهيئات الدولية إلحداث التغيير في السياسة
الوطنية لمكافحة الفساد .فإن محصلة ما ت ّم إنجازه في محاربته في الجزائر لم تكن مرضية ،ولم تسعف التعديالت
التحول المأمول في
ّ الدستورية المتتالية في حلحلة الوضع ،وال ورشات إصالح الدولة والعدالة بدت كافية لصنع
إستراتيجية مقاومة هذه اآلفة ،بل على النقيض من ذلك ،زادت وتيرتها واستأصلت في دواليب السلطة ومفاصلها
بصورة لم يعد معها مقبول االستمرار في سياسة إيهام الشعب بسداد المسعى المنتهج ،وأنه بات مطلوبا السير إلى
مسار إصالح قاطرته انبعاث إرادة سياسية جادة وصادقة لبناء دولة فعالة تتسم بالمساءلة والشفافية ،ومتأتية من
قناعة راسخة في تفعيل هذا اإلصالح حقيقية في ظل تعظيم دور المؤسسات السياسية واإلدارية واإليمان بحتمية
استقالل القضاء وهيئات مكافحة الفساد المطلب مع نشر النوعية المجتمعية بإشراك قوى المجتمع المدني لتحجيم
هذا الداء الفناك.