You are on page 1of 11

‫الفساد اإلداري وحقوق اإلنسان‬

‫يُعرف الفساد اإلداري على أنه ظاهرة اجتماعية ذات آثار سلبية منتشرة بكثرة في جميع المجتمعات؛ وهي من األساليب‬
‫الخاطئة التي يتبعها بعض األفراد في المجتمع من أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب اآلخرين وعلى هذا‬
‫يعتبر األمر خروج عن النظام والعرف السائد في المجتمع الذي يعيش فيه بعض األفراد الفاسدين» واستغالل للمناصب‬
‫الرفيعة ذات السلطة والسيادة في الحصول على ممتلكات وحقوق الغير سواء كان هذا االستغالل لصالح فرد أو لصالح‬
‫جماعة»ء لذا يجب أن نقف على أهم أسبابه‪ .‬مظاهره في المجتمع واآلثار المترتبة على وجوده وانتشاره وطرق عالجه؛‬
‫وما هي اإلجراءات التي قامت بها التشريعات الدولية من أجل مكافحة الفساد وحماية حقوق اإلنسان ‪ .‬أسباب انتشار‬
‫الفساد اإلداري‪:‬‬

‫‪ 1‬أسباب بيئية داخلية( قانونية )‪ :‬يرجع االنحراف اإلداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة‬
‫الغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض األحيان؛ األمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو‬
‫الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين ‪.‬‬

‫‪ 2‬مستوى الجهل والتخلّف والبطالة وقلة الوعي الحضاري وضعف األجور والرواتب واختالف الدخل بين القطاعين‬
‫العام والخاص كلها تتناسب طرديا ً مع ظاهرة الفساد‪.‬‬

‫‪ 3‬أسباب اجتماعية‪ :‬وتتمثل في التركيبة السكانية والوالء العائلي» مما يؤثر على انتشار "الواسطة" وهي تنتشر بكثرة في‬
‫مجتمعات البالد العربية وذلك الن الحياة االجتماعية تتقبلها وال تعتبرها فسادا بل يتم تقديم العون على استمرارية مثل هذا‬
‫النوع من اآلفات وإيجاد المبررات الشرعية لها‪.‬‬

‫‪ _4‬ضعف الدور الرقابي على األعمال‪ :‬يظهر الفساد في حالة ضعف الدور الرقابي وعدم القدرة على ممارسته؛ وعدم‬
‫تطبيق القانون باإلضافة إلى عدم تفعيل صالحيات األجهزة الرقابية على أعمال الجهاز التنفيذي ومحاسبة المخالفين‬
‫وضعف المسؤولية اإلدارية عن األعمال الموكلة لها أو المحاسبة عليهاء والتقصير الكبير في استخدام األساليب‬
‫التكنولوجية الحديثة في نظم الرقابة‪ 5 .‬ضعف دور وسائل اإلعالم ومحدوديتها وعدم قدرتها على فضح الفساد وعدم‬
‫وجود الشفافية في بيئة العمل وعدم الحرص على المعلومة الصحيحة وكشفها‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫أما آثاره على المجتمع يمكن أن تتلخص فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ 1‬انهيار‏ النسيج االجتماعي وإشاعة روح الكراهية بين طبقات وفئات المجتمع نتيجة عدم العدالة والمساواة وتكافؤ‬
‫الفرص ‪.‬‬

‫‪ 2‬التأثير المباشر وغير المباشر لتداعيات الفساد االقتصادية والسياسية على استقرار األوضاع األمنية والسلم اإلجتماعي‬
‫باعتبار أن للفساد اإلداري أشاراً جمة متعلقة بالجانبين السياسي واالقتصادي ‪.‬‬

‫هناك طرق عديدة لمكافحة الفساد اإلداري ومنها‪:‬‬

‫‪ 1‬تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات‪ .‬كقانون اإلفصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا‬
‫وقانون الكسب غير المشروع؛ وتشديد األحكام المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغالل الوظيفة العامة في قانون‬
‫العقوبات ‪.‬‬
‫‪ 2‬رفع مستويات األجور ووضع حد أدنى لها حتى تتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلبات الحياة» حتى تغنيهم عن‬
‫اللجوء إلى األساليب المنحرفة» وترفع معنوياتهم» وتساعد على االستقرار وتجعلهم في موقع اجتماعي مقبول‪.‬‬

‫‪ _3‬تنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد من خالل برامج التوعية بهذه اآلفة ومخاطرها وتكلفتها الباهظة على‬
‫الوطن والمواطن ‪.‬‬

‫‪ _4‬قيام أجهزة الرقابة المركزية وأجهزة الرقابة الداخلية في الوزارات والمصالح الحكومية بالدور المطلوب منها وذلك‬
‫بالكشف عن مرتكبي أنماط الفساد اإلداري وتطبيق األنظمة واللوائح بحقهم بدقة وعدالة وعدم التساهل معهم وتقديمهم‬
‫للجهات المعنية بالتحقيق في هذه القضايا تمهيداً لمحاكمتهم ومن ثم معاقبتهم إذا ثبت الجرم بحقهم‪.‬‬

‫‪ 5‬إعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول إلى المعلومات للقيام بدورهم في نشر المعلومات وعمل التحقيقات التي‬
‫تكشف عن قضايا الفساد ومرتكبيها وفق المسموح به دون تجاوز سقف الحرية المعمول به ‪.‬‬

‫التشريعات الدولية وسعيها في مكافحة الفساد لحماية حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫أن للفساد تأثير كبير على حقوق اإلنسان» فهو يقوضها وينتهكها ألنه يشكل عقبة تحول دون‬

‫التمتع بحقوق اإلنسان المدنية والسياسية واألجتماعية والثقافية وحقوقه في التنمية» ومن المؤكد أن‬

‫مسيرة اإلنسانية نحو تجسيد حقوق اإلنسان في الواقع العالمي الراهن لن تعطي أكلها تماما إال‬

‫بضمان تقريرها في التشريعات الوطنية» وصياغتها في قواعد قانونية داخلية» وخاصة في القواعد‬

‫‪2‬‬

‫القانونية الدستورية فذلك أكبر ضمانة وأقصر طريق لحماية حقوق اإلنسان إذ أن الوعي بقضية حقوق اإلنسان خلق نوعا ً‬
‫من األمل في القضاء على انتهاكاتها بل غيّر اعدة مفاهيم كانت مقياسا ً لتحديد موقع الدول وتصنيفها وأصبحت مصداقية‬
‫الدول تقاس بمدى احترامها لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬وااللتزامات الدولية في مجال حماية هذا الحق تتمثل باالتي‪:‬‬
‫‪ 1‬االمتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها حرمان األفراد من التمتع بالحموق أو عدم قدرتها على تلبية تلك الحهوقء‬
‫وهذا النوع من االلتزام غالبا ً ما يرتبط مع الحقوق المدنية والسياسية مثل االمتناع عن ارتكاب التعذيب‪.‬‬
‫‪ 2‬اتخاذ تدابير لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان من خالل‪:‬‬
‫أ منع انتهاكات حقوق األفراد من قبل الجهات الفاعلة في الدولة‪.‬‬
‫ب_ توفير سبل االنتصاف القانونية عند حدوث االنتهاكات من أجل منع المزيد من الحرمان‪.‬‬
‫‪ _3‬اتخاذ تدابير تكفل ألي شخص تتخذ بشأنه إجراءات فيما يتعلق بأي جريمة معاملة منصفة في كل مراحل اإلجراءات‬
‫بما في ذلك التمتع بجميع الحقوق والضمانات التي ينص عليها القانون الداخلي مع مراعاة مبدأ حسن النية عند مصادرة‬
‫عائدات الجريمة أو إعادتها إلى بلدها األصلي» وأيضا تعويض من أصابهم ضرر نتيجة جرائم الفساد‪.‬‬

‫بالنسبة لتطور الحماية الدولية للحق في حماية المجتمع من الفساد فعد اعتمدت الجمعية العامة في دورتها (‪)٢٠‬‏ االتفاقية‬
‫الدولية للقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله» أما بالنسبة لالتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام ‪٢٠١٠‬م الم فقد‬
‫نصت على هذا الحق بأن أكثر المشاكل التي يواجهها المجتمع الدولي في الوقت الحاضر هي مشاكل الفساد وحماية‬
‫التنمية» وقد أعطت اهتماما ً وأولوية في إطار األمم المتحدة والهيئات الدولية األخرى وكان الربط بين موضوع مكافحة‬
‫الفساد وحماية التنمية على الصعيد الدولي يبدو للوهلة األولى غير واضح ‪.‬‬

‫توسعت حماية حقوق اإلنسان وأصبحت أجندة رئيسية ضمن جهود الهيئات اإلقليمية والدولية وكذلك السياسات الوطنية‬
‫وعبر كافة المستويات» إذ كانت آليات حماية حقوق اإلنسان من أبرز محددات األنظمة الديمقراطية وأن التقدم في هذا‬
‫الملف أو التخلف يعد معيار لقياس شرعية األنظمة السياسية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‬

‫تعريفه‪ :‬هو منظومة من القواعد الدولية المصممة لحماية وتعزيز حقوق اإلنسان للجميع‪ :‬وهذه الحقوق الطبيعية هي لبني‬
‫البشر كافة بصرف النظر عن جنسيتهم أو مكان إقامتهم؛ أو نوع جنسهم‪ .‬أو أصلهم القومي أو العرقي؛ أو لونهم أو‬
‫ديانتهم؛ أو لغتهم» حقوق مترابطة ومتداخلة وغير قابلة للتجزئة» وغالبا ً ما ينص عليها ويكفلها القانون الذي يكون في‬
‫شكل معاهدات» والقانون الدولي العرفي؛ والمبادئ العامة والقانون غير الملزم» تنطوي حقوق اإلنسان على حقوق‬
‫والتزامات‪ ,‬ويحدد القانون الدولي لحقوق اإلنسان التزامات الدول بالتصرف بطرق معينة أو باإلحجام عن اتخاذ إجراءات‬
‫معينة؛ وذلك من أجل تعزيز وحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية لألفراد والجماعات‪.‬‬
‫مصادر القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫ينعكس القانون الدولي لحقوق اإلنسان في جملة صكوك منها اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان» وكذلك في عدد من‬
‫المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان وفي القانون الدولي العرفي» وبوجه فإن المعاهدات العالمية األساسية المتعلقة‬
‫بحقوق اإلنسان هي‪:‬‬
‫‪ 1‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية» والبروتوكول االختياري الملحق به‪.‬‬ ‫‏‬
‫‪ 2‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية» و البروتوكوالن االختياريان الملحقان به‪.‬‬
‫‪ 3‬االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري‪.‬‬
‫‪ 4‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول االختياري الملحق بها‪.‬‬
‫‪ 5‬اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية» والبروتوكول االختياري‬
‫الملحق بها‪.‬‬
‫‪ 6‬اتفاقية حقوق الطفل و البروتوكوالن االختياريان الملحقان بها‪ .‬وهناك مجموعة متزايدة من المعاهدات والبروتوكوالت‬
‫ذات المواضيع المحددة؛ فضالً عن المعاهدات اإلقليمية المختلفة المتعلقة بحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية‬
‫باإلضافة إلى القرارات التي اعتمدها الجمعية العامة» ومجلس األمن ومجلس حقوق اإلنسان؛ وسائر الصكوك القانونية‬
‫غير الملزمة تسهم في توضيح قواعد ومعايير حقوق اإلنسان وتحديد شكلها وتقديم التوجيه المبدئي بشأنها حتى وإن كانت‬
‫ال تتضمن تعهدات ملزمة قانونا ً في حد ذاتها باستثناء تلك القواعد والمعايير التي تشكل قواعد القانون العرفي الدولي ‪.‬‬
‫وال يقتصر القانون الدولي لحقوق اإلنسان على الحقوق المشار إليها في المعاهدات؛ ولكنه يشمل أيضا ً الحقوق والحريات‬
‫التي أصبحت تشكل جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزمة لجميع الدول؛ بما‬

‫‪1‬‬

‫فيها الدول التي ليست أطرافا ً في معاهدة بعينها والعديد من الحقوق الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ينظر إليه‬
‫على هذا النحو على نطاق واسع‪.‬‬
‫وفي سياق تنفيذ االلتزامات في مجال حقوق اإلنسان تبدي هيئات معاهدات حقوق اإلنسان المنشأة بانتظام تعليقات عامة‬
‫تفسر وتوضح فحوى ونطاق قواعد ومبادئ والتزامات بعينها واردة في اتفاقيات حقوق اإلنسان ذات الصلة لرصد تنفيذ‬
‫معاهدات حقوق اإلنسان األساسية؛ مثل اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان أو لجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫كيف يحمي القانون الدولي حقوق اإلنسان؟‬

‫يتولى القانون الدولي لحقوق اإلنسان وضع التزامات تحتم على الدول أن تحافظ عليهاء وعندما تصبح الدول أطرافا ً في‬
‫معاهدات دولية» يراعى أنها تضطلع بالتزامات والواجبات في إطار القانون الدولي وتتصل باحترام وحماية وتطبيق‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫(وااللتزام باالحترام) يعني أنه يتعين على الدول أن تمتنع عن التدخل في حقوق اإلنسان أو تقليص التمتع بها‪( .‬أما‬
‫االلتزام بالحماية) فإنه يشترط على الدول أن تقي األفراد والجماعات من انتهاكات حقوق اإلنسان‪ .‬و(االلتزام بالتطبيق)‬
‫يتضمن مطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق اإلنسان األساسية‪.‬‬

‫ومن خالل التصديق على معاهدات حقوق اإلنسان الدولية؛ تتعهد الحكومات بوضع تدابير وتشريعات محلية تتسم باالتفاق‬
‫مع التزاماتها وواجباتها التعاقدية؛ ومن ثم فإن النظام القانوني المحلي يوفر الحماية القانونية األساسية لحقوق اإلنسان‬
‫المكفولة في إطار القانون الدولي» وفي حالة إخفاق اإلجراءات القضائية في التصدي النتهاكات حقوق اإلنسان»؛ يالحظ‬
‫أن اآلليات واإلجراءات المتعلقة بالتظلمات الفردية متاحة على المستويين اإلقليمي والدولي من أجل المساعدة في القيام‬
‫على نحو حقيقي باحترام وتنفيذ وتطبيق معايير حقوق اإلنسان الدولية على الصعيد المحلي‪ .‬أوجه التشابه واالختالف بين‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني‪( :‬مهم جداً)‬

‫قد يخلط البعض بين القانون الدولي اإلنساني وغيره من فروع القانون المشابهة وخاصة القانون الدولي لحقوق اإلنسان؛‬
‫ويستخدمها كمترادفات وقد يعتقد البعض أن القانون الدولي اإلنساني يتعلق بحقوق اإلنسان بصورة عامة بينما هو يتعلق‬
‫بحقوق اإلنسان وقت الحرب»ء لذا يجب بيان أوجه التشابه واالختالف للتميز بينهما‪:‬‬

‫‏‪ 1‬أوجه التشابه بين القانونين‪:‬‬


‫أ يعد كل من القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان فرع من فروع القانون الدولي العام؛ ووحدة التبعية‬
‫تلك تؤدي إلى وحدة المصادر فيما بينهما ويجعل آليات التطبيق بينهما واحدة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي كما أن‬
‫القانون الدولي العام يعتبر الشريعة العامة لكال القانونين» بمعنى‬

‫‪2‬‬

‫إذا لم يوجد نص فيهما ينطبق على الحالة المعروضة‪ .‬فإنه يتم اللجوء إلى القانون الدولي العام لسد ما قد يوجد من قصور‬
‫أو نقص‏ ب_ أن كال القانونين يكون محور اهتمامها حماية اإلنسان في ذاته باعتباره إنسانا لذا يجب شموله بعين الرعاية‬
‫بصورة مجردة وبغض النظر عن جنسه أو دينه أو لغته أو عرقه ‪ .‬وأدى هذا التشابه والترابط بين القانونين إلى تبني‬
‫اتجاه يذهب إلى توحيد مسماها في قانون واحد هو القانون اإلنساني الذي يضم هذين الفرعين» ومن الممكن أن يندرج‬
‫تحت مظلة هذا القانون كافة األحكام القانونية الدولية» بل وحتى الوطنية التي تكفل احترام الفرد وتعزز ازدهاره وهذا‬
‫يؤكد مدى التداخل بين القانونين وأن كان يوجد بينهما بعض التمايز واالختالف ‪ .‬ويذهب الدكتور محمد طلعت الغنيمي‬
‫في الفقه العربي إلى تأييد رأي األستاذ جان بكتيه حيث أطلق‬

‫من جانبه مصطلح (القانون اإلنسانوي) لكي يعبر عن قانون حقوق اإلنسان والقانون اإلنساني» حيث يشير األول إلى‬
‫حقوق اإلنسان وقت السلم بينما يشير الثاني» إلى حقوق اإلنسان في وقت الحرب‪.‬‬
‫‪ _2‬أوجه االختالف بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫أ_ يختلف القانونان من حيث نطاق التطبيق و زمانه‪ :‬من أهم ما يميز هذين القانونين أن نطاق وزمان تطبيقهما مختلفان‬
‫تماما ً حيث ينطبق األول( القانون الدولي اإلنساني ) في وقت الحرب أي أثناء نشوب نزاع مسلح دولي أو غير ذي طابع‬
‫دولي (داخلي)‪ :.‬بينما ينطبق القانون الدولي لحقوق اإلنسان في زمن السلم كذلك يهدف األول إلى حماية فنات محددة‬
‫وهي المقاتلون العاجزون عن القتال» بينما يغطي القانون الدولي لحقوق اإلنسان كل طوائف بني اإلنسان‪.‬‬

‫ب _ يختلف مضمون حقوق اإلنسان في كال القانونين عن اآلخر‪ :‬لكل قانون من القانونين المذكورين مضمون ومعنى‬
‫خاص في الحقوق األساسية لإلنسان» فمثالً يهدف القانون الدولي اإلنساني إلى حماية غير المقاتلين ممن ال يشتركون في‬
‫العمليات العسكرية وحماية المقاتلين العاجزين عن القتال أو ألقوا السالح كالجرحى والمرضى وأسرى الحرب بينما‬
‫يحمي القانون الدولي لحقوق اإلنسان الحقوق األساسية لإلنسان لكي يعيش بكرامة وحرية في مجتمعه بصرف النظر عن‬
‫حالة الحرب كحقه في الحياة والحرية والتعليم والصحة واألمن والفكر والرأي والعقيدة ‪...‬الخ ‪.‬‬

‫ج _ لكل قانون من القانون اآلليات التنفيذية الخاصة به‪ .‬والقانون الدولي اإلنساني له آليات ذات طابع جنائي يرخص‬
‫القانون الدولي اإلنساني سواء على الصعيد الوطني أو الصعيد الدولي اتخاذ إجراءات جنائية لتنفيذ أحكامه و للمحاكمة‬
‫عن المخالفات التي تمت في حقه بينما آليات القانون الدولي لحقوق اإلنسان تقتصر على اإلشراف ومراقبة احترام حقوق‬
‫اإلنسان وال سيما حقوق األهليات»؛ وإذا وجدت مخالفات عليها أن تقوم بعمل تقارير ورفعها إلى الجهات المختصة داخليا‬
‫أو دولياً‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫د_ مخالفات القانون الدولي اإلنساني تعد جرائم دولية» أما مخالفات حقوق اإلنسان فتشكل انتهاكا ً لاللتزامات دولية فقط‬
‫‪.‬‬

‫ه_ لكل قانون من القانونين المصادر الخاصة به حيث يوجد أعراف واتفاقيات خاصة بكل قانون منهاء فالقانون الدولي‬
‫اإلنساني تحكمه قوانين وأعراف الحرب المستمرة عبر القرون وما تم تقنينه وابتداعه في االتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات‬
‫الهاي لعام ‪.1899‬؛ واتفاقيات جنيف لعامي ‪ .1929 , 1949‬بينما استطاع القانون الدولي لحقوق اإلنسان العثور على‬
‫مصادر خاصة به حيث تم إصدار العهود والمواثيق واالتفاقيات التي تحمي الحقوق األساسية لإلنسان مثل اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان؛ والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية» والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية لعام‬
‫‪1966.‬‬

‫‪4‬‬

‫حقوق اإلنسان في المواثيق الدولية‬


‫‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ 10‬كانون األول ‪( 1948:‬مهم جدأ)‬

‫تعزز االعتراف الدولي المعاصر بحقوق اإلنسان عندما تجسدت عمليا المادة(‪ )68‬من ميثاق األمم المتحدة بشكل فعلي‬
‫حيث أقرت الجمعية العامة لألمم المتحدة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في العاشر من كانون األول عام ‪ 1948‬والذي‬
‫مثل الخطوة األولى على طريق االهتمام الدولي الواضح واألكيد بحقوق اإلنسان» والذي جاء في مقدمته(أن اإلقرار‬
‫بالكرامة المتأصلة لكافة أعضاء األسرة اإلنسانية بحقوقهم المتساوية التي ال يمكن التصرف بها إنما يشكل األساس الذي‬
‫تقوم عليه الحرية والعدالة والسالم) ‪.‬‬
‫وقد تضمن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ثالثين مادة قانونية خاصة بحقوق اإلنسان وسنذكر منها عشرون مادة مما‬
‫تضمنه هذا اإلعالن وهي ‪:‬‬
‫‪ 1‬يولد جميع الناس احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم‬
‫بعضا ً بروح اإلخاء ‪.‬‬
‫‪ _2‬لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا االعالن دونما تمييز بسبب العنصر أو اللون أو‬
‫الجنس أو اللغة أو الدين أو غير ذلك من المميزات‪.‬‬
‫‪ 3‬لكل شخص الحق في الحياة والحرية واألمان على شخصه ‪.‬‬
‫‪ 4‬ال يجوز استرقاق أحد أو استعباده» ويحظر الرق واالتجار بالرقيق بجميع صوره ‪.‬‬
‫‪ 5‬ال يجوز اخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية او الحاطة بالكرامة ‪.‬‬
‫‪ 6‬لكل إنسان في كل مكان الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية ‪.‬‬
‫‪ 7‬الناس جميعا ً سواسية أمام القانون وفي حمايته دونما تمييز ‪.‬‬
‫‪ 8‬لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة ألنصافه الفعلي عندما تنتهك حقوقه االساسية ‪.‬‬
‫‪ _9‬ال يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا ‪ _10 .‬لكل إنسان حق المساواة التامة مع األخرين وفي أن تنظر‬
‫قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنياً‪ _11 .‬كل شخص متهم بريئا إلى ان يثبت ارتكابه لها قانونا في‬
‫محكمة علنية مستقلة مع الضمانات الالزمة للدفاع عن نفسه ‪.‬‬
‫‪ 12‬لكل شخص الحق في التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة ‪.‬‬
‫‪ 13‬لكل فرد حق اللجوء في بلدان أخرى خالصا ً من االضطهاد شرط أن ال تكون جريمته غير سياسية او تناقض‬
‫مقاصد األمم المتحدة ومبادئها ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ 14‬لكل فرد حق التمتع بجنسية ما وال يجوز تعسفا حرمانه من جنسيته أو من حقه في تغيير جنسيته ‪.‬‬

‫‪ 15‬للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ» حق التزوج وتأسيس أسرة من دون أي قيد بسبب العرق او الجنسية او الدين‬
‫وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخالل قيام الزواج ولدى انحالله ‪.‬‬

‫‪ _ 16‬لكل فرد حق التملك بمفرده او باالشتراك مع غيره وال يجوز تجريده من ملكه تعسفا ‪.‬‬

‫‪ _ 17‬لكل شخص الحق في حرية االشتراك في االجتماعات والجمعيات السلمية وال يجوز إرغامه على االنتماء إلى‬
‫جمعية ما ‪.‬‬

‫‪ _ 18‬لكل شخص بالتساوي مع األخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده ‪.‬‬

‫‪ _ 19‬لآلباء على سبيل األولوية» حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى ألوالدهم ‪.‬‬

‫‪ _ 20‬لألمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين ولجميع األطفال حق التمتع بذات الحماية االجتماعية سواء‬
‫ولدوا في أطار الزواج الشرعي أو خارج هذا اإلطار ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الحرية‬

‫تعد فكرة الحرية من أكثر المفاهيم غموضا ً وابهاما ً في الفقه القانوني والسياسي لذلك ظهرت لها عدة مسميات وعدة‬
‫مفاهيم للداللة عليها و اإلحاطة بمفهوم الحرية وجب التعرض تعريفها وأهميتها ولكي نتعرف على مدلول الحريات العامة‬
‫فالبد من التوقف عند مدلولها اللغوي؛ واالصطالحي الفلسفي» والقانوني؛ ومدلولها في اإلسالم؛ فضالً عن تمييزها عن‬
‫مصطلح الحق‪.‬‬

‫تعريف الحرية‪:‬‬

‫لغة‪:‬‬
‫‪ 1‬تعني كلمة الحرية في أصولها الداللية في اللغة العربية الطبيعة (هي األصل الذي ال يقبل زيفأء ويجب صونه في نقائه‬
‫وخالصه؛ األصل األصيل الجيد الثمين؛ وبالتالي يقال " الذهب الحر » وغيرها)» كما يقال االنسان الحر أما إشارة إلى‬
‫اخالقه الفاضلة ومنزلته الرفيعة أو إلى االنسان غير المستعبد» ومن هنا فالحرية هي مقدرة الفرد على القيام بأداء ما يريد‬
‫وما يشاء دون موانع تحد من إرادته خالفا ً للعبد)‪.‬‬
‫‪ 2‬ورد في معجم لسان العرب أن كلمة الحر من كل شيء تعني أعتقه وأحسنه؛ والحريّة من األفعال» وهي الفعل‬
‫الحسناء ويُقال إنها الشيء الحر وهو كل شيء فاخر والحرية في اللغة تعني الخالص من العبوديّة فهو غير مُسترق وال‬
‫مملوك؛ وتأتي في مرتبة الشرف والطيب والجودة» ويُمكن تعريف اإلنسان الحرّ لغة على أ ّنه اإلنسان غير المقيد بأيّ قيد‬
‫ماديّ وغير المملوك وهو الخالص في إنسانيته التي ال يشوبها شيء أبداً‪.‬‬

‫اصطالحاً‪ُ :‬تعرّ ف الحرية اصطالحا ً بعدّة تعاريف وفيما يلي أبرزها‪:‬‬


‫‪_١‬انعدام‏ القيود‪.‬‬
‫‪ _ 2‬قدرة الشخص على فعل ما يُريده دون قيود‪.‬‬
‫‪ _3‬تعني الحرية اصطالحا ً أنْ ال ُتسبب حرية الفرد ضرراً بحرية اآلخرين‪.‬‬
‫‪ 4‬أنْ ال تؤدي الحرية تهديداً لسالمة النظام العام ومصلحته؛ سواء أكان على مستوى الجماعة أو الفرد‪.‬‬
‫‪ 5‬إطالق العنان لألشخاص من أجل تحقيق خيرهم بالطريقة التي يرونها مُناسبة لهم طالما أنهم كانوا ال يحاولون أن‬
‫يحرموا غيرهم من مصالحهم وأشغالهم‪.‬‬

‫تعريف الحرية في الفلسفة‪ :‬تعددت تعريفات الحريّة في المجمع الفلسفَئ واجتمع العلماء باعتماد تعريف وهو بأنّ الحرية‬
‫هي خاصية يتمتع بها الشخص العاقل الحرية الخالية من القيود والقوانين والعمل بمحض اإلرادة دون ضغوطات خارجيّة‬
‫وهي قيمة معياريّة» إذ توضّح معالم العقل النظري وفيما يلي مفهوم الحريّة عند العديد من العلماء‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫الحرية عند سقراط‪:‬‬


‫رأى سقراط أنه على األشخاص تعلم كيفيّة اكتساب المعرفة والحكمة؛ إضافة إلى تعليمهم ما هو واقع حياتهم الشخصيّة‬
‫وعقولهم الخاصّة وماذا يجب أنّ يقوموا به تجاه أنفسهم بدال من االتكال على األخرين» فكانت له جملة شهيرة وهي‬
‫"اعرف نفسك بنفسك"‪.‬‬
‫الحرية عند أرسطو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كان أرسطو مختلف في تعريفه للحرية فاعتبرها آلة عقليّة فكريّة وسمّاها ب األورغانون إذ تعلم هذه االلة اإلنسان الذي‬
‫يتبعها بطريق الصح والخطأ وتساعده في تحرير نفسه وعقله من القيود للوصول إلى الحقيقة الصحيحة التي ال يُوجد فيها‬
‫أدنى شك‪.‬‬
‫الحرية عند أفالطون‪:‬‬
‫اتبع أفالطون سقراط في تعريفه لمفهوم الحرية» فقد كانت الحرية عنده فضيلة واعتبر أنّ من يفعل الخير هو حر بذاته‬
‫وال أحد يحكمه؛ ورأى بأنّ الحرية ضرورية في حياة اإلنسان وذلك ألنها تصله إلى عالم المُثل واالنطالق نحو الكمال‬
‫دون أن يواجه أي مصاعب في طريقه‪.‬‬
‫تعريف الحرية في اإلسالم‪:‬‬
‫ُتعرف الحرية بأنها ضد العبوديّة وهي اإلباحة التي ُتم ّكن اإلنسان من األفعال التي قد ُتعبّر عن إرادته وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أنّ اإلسالم نظر إلى الحريّة بنظرة خاصة ومُميّزة فهي ضرورة من ضرورات الحياة اإلنسانيّة وفريضة إلهيّة وتكليف‬
‫شرعي واجب إضافة إلى أنها مقام الحياة ونقطة البدء والمنتهي‪ .‬تعرف الحرية من منظور قانوني‪ :‬يعرفها مونتسكيو على‬
‫أنها تتمثل في قدر ٍة المرء على أن يعمل ما تمليه عليه إرادته وفقا لما تنص عليه القوانين العادلة» ألن القوانين هي التي‬
‫تنظم العالقات داخل المجتمع وتضمن الحريات؛ كما يعرفها الالند على أنها القدرة على القيام بكل ما ال يمنعه القانون»‬
‫ويرفض ما يحرمه هذا القانون» وغيرها من التعريفات الكثيرة ضمن هذا المنظور ‪.‬‬
‫وفي النهاية يمكن تعريف الحريات العامة على "انها الحقوق األساسية التي يخولها دستور دولة ما لمواطنيها و‬
‫يصونها ضد التجاوزات و مختلف أنواع التعسف التي قد تتعرض لها سواء من قبل األفراد أو من قبل السلطة"‪.‬‬

‫أوجه االختالف والتشابه بين الحق والحرية‪( :‬مهمة جدا)‬

‫من أهم المصطلحات التي تتشابه وتتداخل مع الحرية مصطلح الحق األمر الذي يطرح تساؤالت كثيرة» هل هناك فرق‬
‫بينهما ؟ و إذا كان هناك فرق ما هو ؟ و إذا لم يكن فلماذا يتم غالبا الجمع بينهما ؟ الجواب‪ :‬أن الفقه انقسم إلى رأيين‬
‫أحدهما يفرق بينهما واآلخر يجمع بينهما ففي الرأي األول أن نقاط االختالف بين حقوق اإلنسان والحريات العامة تكمن‬
‫في النقاط االتية ‪:‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ _ 1‬أن حقوق األنسان طبيعية و لصيقة باإلنسان سواء اعترف بها او لم يعترف بها بينما الحرية هي ممارسة هذا الحق‬
‫بعد االعتراف به ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬الحرية هي تمهيد للحق؛ أي هي أسبق ولن تصبح الحرية حق إال بممارستها ممارسة يطلبها القانون‪.‬‬
‫‪ _ 3‬تضع الحرية جميع األفراد على قدم المساواة على خالف الحق الذي يجعلهما في مراكز متفاوتة فحرية التعاقد‬
‫مكفولة للجميع؛ لكن ال يتمتع كل الناس بنفس الحقوق عند ممارسة حرية التعاقد» حيث ينشئ حقوقا ً والتزامات بالنسبة‬
‫للطرفين تتفاوت بحسب كل عقد وبحسب مركز كل تعاقد‪.‬‬
‫‪ 4‬الحرية أوسع نطاق من الحق ألنها تثبت للجميع على قدم المساواة بوجهها اإليجابي والسلبي؛ بينما الحق له الوجه‬
‫اإليجابي فقط فضالً عن أن الناس ال يتمتعون بنفس الحقوق؛ كما ان الحريات تخضع في ممارستها لشروط اقل من‬
‫الشروط التي يقررها القانون لثبوت كل حق على حدة‪.‬‬
‫‪ 5‬ال نستطيع فهم فكرة الحق بدون فكرة الواجب التي ال تنفصل عنها فعندما نقول حقوق نعني بذلك الواجبات ايضاء فاذا‬
‫كانت الحريات العامة واجبات (التزامات) على عاتق الدولة فهي بالمقابل حقوق لألفراد‪.‬‬

‫الرأي األخر الذي يجمع بين الحق والحرية‪:‬‬

‫يرى جانب كبير من الفقه أن الحق والحرية شيئان متالزمان وأن الحق هو اسمى تعبير عن حرية االنسان وكرامته؛‬
‫فالحريات العامة ليست سوى حقوق ذاتية تتصل مباشرة بكيان الشخص كفرد في المجتمع» ومن ثم فأن االعتراف بها‬
‫يعطي المجال للشخص الستعمالها كما يريد ولذلك ذهب بعضهم إلى تعريف حقوق االنسان بانها حرية من الحريات‬
‫العامة وأنها الحقوق المعترف بها والتي تعتبر أساس عند مستوى حضاري معين مما يجعل من الضروري حمايتها حماية‬
‫قانونية تضمن عدم التعرض لها‪.‬‬

‫أهمية الحرية‪( :‬مهمة جدا)‬


‫تعد الحرية من أولى المطالب اإلنسانيّة» حيث بدأت منذ وجود اإلنسان» فهي من السّمات والخصائص المهمّة التي ال‬
‫يستغني عنها اإلنسان» حيث تساعده على تحقيق متطلباته دون إجبار أو قيد‪ .‬وألهميّتها تحدّث عنها الشعراء واألدباء‬
‫وضحى الكثيرون لنيلها فما هي أهمية الحرية في حياة األفراد والمجتمعات؛ االجابة تكون فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ 1‬الحرية‏ تروي عروق المجتمع فتعمل على تعزيز أساساته وأركانه‪.‬‬
‫‪ _2‬تعمل الحرية على إعالء قيمة التنمية المستدامة» فالمُجتمعات الحرة أكثر فائدةٌ إنتاجا من غيرها‪.‬‬
‫‪ُ _ 3‬تبعد الحرية الشعور بالنقمة لدى أي شعب و ُتخلّصه من اإلهمال والالمباالة وممارسة العنف‪.‬‬
‫‪ُ 4‬تعلم الحرية اإلنسان على العطاء لنفسه ولمجتمعه أو اإلنسانيّة بشكل عام‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ _5‬تعمل الحرية على تشخيص حالة المجتمع» وترشده لتقديم حلول لل ّتحديات والمشكالت التي تواجهه أخالقيا وفكريا ً‬
‫واجتماعيا ً وثقافياً‪.‬‬

‫‪ُ _6‬ت ّ‬
‫عزز الحريّة من شخصية الفرد ومكانته» وتسه ٌم في نموّ المجتمع‪.‬‬

‫‪ _7‬الحرية تمكين األفراد والجماعات من العمل بفاعلية لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم‪.‬‬

‫‪ _8‬تعمل الحرية في بناء اإلنسان وتمنحُه عيشأ كريما ً وايضا ً فرصا ً لإلنتاجيّة واالبتكار‪.‬‬

‫‪ 9‬تعمل الحرية من تعزيز مكانة الحكام لدى شعوبهم؛ وتعمل على ازدهار األوطان وزيادة سعادة الشعوب‪.‬‬

‫‪ _10‬تعمل الحريّة على ترسيخ األمن والسّالم في المجتمعات؛ حيث توفر األجواء التي تتمتع بالحرية مكانا فعاالً‬
‫للنقاشات المنطقية والهادئة» مما يزيد من التعبير السلمي لألراء والمعتقدات‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫معوقات الحرية العامة‬

‫لقد واجهت الحريات العامة معوقات جوهرية اعاقت مصداقيتها وتطبيقاتهاء ويمكن ارجاع ذلك إلى‪:‬‬
‫‪ _1‬اسباب اجتماعية‪ :‬نقصد بها البنية االجتماعية السائدة خصوصا ً في المجتمعات الرأسمالية التي تتصف بالتفاوت‬
‫الطبقي بين الطبقة البرجوازية متمثلة بالقلة النسبية التي تمتلك وتحتكر رأس مال الشركات للطبقات الكبرى» والطبقات‬
‫األدنى وهي الفقيرة قياسا ً إلى األولى حيث تشعر هذه األخيرة بتبعيتها للطبقة المالكة للثروة على نقيض ذلك ما نراه في‬
‫تبني األحزاب االشتراكية والتي تبنت افكاراً مثل تجاوز الطبقية والفئوية وصراع الطبقات إلى أخرة وبالتالي نجد أن‬
‫الفرد وجد نفسه مقيدأ بالفكر السائد في المجتمع السيما في ظل عدم قبول الرأي المعارض او األفكار المخالفة التي عدت‬
‫في بعض االحيان ترقى إلى الجريمة التي يحاسب عليها الفرد وذات األمر بالتأكيد نالحظه في المجتمعات او الدول التي‬
‫كانت تتبنى نهجأ عنصريا ً يميز بين األفراد سواء على اساس اللون او العرق مما عطل لدى كثير من األفراد تمتعهم‬
‫بحرياتهم بالشكل المطلوب ‪.‬‬
‫‪ _2‬اسباب اقتصادية‪ :‬بدءاً من الفقر يشكل تحديا لحريات األفراد تشكل على سبيل المثال عائقا ً امام تمتعه بحرية التعليم او‬
‫حتى العيش بكرامة وتجعل اولويات الفرد هو البحث عن مقومات العيش بالمرتبة األولى باعدأ ولو بشكل نسبي التطلع‬
‫إلى احالمه في المساواة السياسية مثألء فضالً عن ذلك فأن بيوت المال الكبرى والرأسمالية والشركات الكبرى المهيمنة‬
‫على الجزء األكبر من االقتصاد العالمي كانت وال زالت وإلى حد كبير تتحكم بالرأي العام من خالل إدارتها للمال‬
‫والصحف والمجالت والمحطات الفضائية إلى الخ ‪. ....‬‬
‫‪_3‬اسباب تقنية‪ :‬في ظل التخلف السيما في وسائل االتصال والنشر وندرتها أصبح حيز التعبير عن الرأي واألفكار‬
‫محدود الهامش فضالً عن كونه كان حكرأ على من يستطيع امتالكها وهم حتمأ النخبة ولم يكن اتجاه ذلك سهالً للجميع‬
‫األمر الذي حد إلى مدى بعيد من حرية التعبير مثالً وباتت ممارسات الحكومات القمعية ضد مواطنيها أمرأ من النادر‬
‫كشفه على األقل حال وقوعه او بعد مدة وجيزة نسبيأ بل احتكرت السلطات وهيمنت في كثير من الدول على وسائل‬
‫األعالم وباتت مغذية وعاكسة ألفكارها حتى تتشابه بآلية لغسل ادمغة شعوبها ونشر افكارها دون عبئها لمن يعارضهاء‬
‫بيد أن التطور الذي حصل في العقدين األخيرين في مجال تقنية االتصال والتواصل وتبادل المعلومات وانتشار مئات‬
‫المحطات الفضائية مع امكانية إبداء الرأي في ظل هذه األجواء أو التعبير عن فكر او موقف معين اتجاه حدث ما حتى‬
‫وان كان معارضا ً لتوجهات الدولة أمرأ متاح على الرغم من الشعور بإمكانية مراقبة ورصد كل ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ومن هنا لم يعد هذا العامل عائقا ً كما كان في السابق بل على العكس أصبح يمثل عامالً داعما ً للحريات العامة وفي‬
‫مقدمتها حرية التعبير والرأي والمعارضة؛ فضالً عن توثيق الممارسات القمعية التي تمارسها بعض الدول ضد مواطنيها‬
‫وتكوين رأي عام في الحد من تلك الممارسات ‪.‬‬

‫القيود المفروضة على الحريات العامة في الحاالت غير االعتيادية (حالة الطوارئ)‪ :‬نقصد بالظروف غير االعتيادية هنا‬
‫حالة عدم االستقرار التي تمر بها الدولة ألسباب معينة تقتضي من السلطة وعلى وفق ما محدد من صالحية في الدستور‬
‫او القوانين اتخاذ اجراءات محددة لتحقيق ضبط النظام والسلم االجتماعي والتي تقضي بفرض تلك السلطة لقيود محددة‬
‫بموجب القانون وبشكل مؤقت على الحريات العامة لجزء من مجتمع معين او كله هذه الحالة تسمى ب(حالة الطوارئ)‬
‫والتي يمكن أن تفرض نتيجة ألحد االسباب األتية‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ _1‬نتيجة ألعمال الشغب او وقوع أعمال ارهابية او التهديد بها داخليا وكل ما من شأنه ان يهدد أو يربك االستقرار‬
‫األمني داخل الدولة ‪.‬‬
‫‪ _2‬في حالة حصول عدوان خارجي أو دخول الدولة كطرف في حرب مع دولة أو دول أخرى‪.‬‬
‫‪ _3‬الكوارث الطبيعية مثل الزالزل والبراكين والفيضانات الشديدة التي تؤدي إلى وقوع ضحايا بين البشر» وكذلك الحال‬
‫بالنسبة للكوارث الصحية التي تحصل نتيجة تفشي وباء بشكل سريع يصعب السيطرة عليه‪.‬‬
‫‪ _4‬أي حالة طارئة تعتقد السلطات العامة انها ستؤثر على األمن والسلم االجتماعي والسياسي في الدولة ومن شأنها‬
‫تعرقل سير وتطبيق النظام العام وأن هذا االعتقاد بات في حكم المؤكد نتيجة لمعلومات دقيقة توفرت للسلطة ‪.‬‬
‫وربما تضطر السلطات العامة في الدولة إلى فرض حالة الطوارئ بشكل جزئيء اي في المناطق التي يتهدد فيه النظام‬
‫العام ودون بقية اجزاء الدولة مثل حاالت الكوارث الطبيعية والصحية؛ بل ربما حتى في األجزاء التي تحصل فيها‬
‫اضطرابات أمنية داخلية دون غيرها سيما الدول ذات المساحات الكبيرة او الشاسعة والتي تتميز بقدر كبير من االستقرار‬
‫األمني والسياسي واالجتماعي ‪.‬‬

‫الشروط القانونية إلعالن حالة الطوارئ‪ :‬البد من أن يكون إعالن حالة الطوارئ مستندأ إلى احكام تشريع قانوني تتحدد‬
‫فيه العناصر األتية‪:‬‬
‫‪ _1‬الجهة المخولة بموجب الدستور او القانون(رئيس الدولة» رئيس الوزراءء مجلس الوزراء» ‪ ...‬الخ) ‪.‬‬
‫‪ _2‬المدة التي تفرض فيها حالة الطوارئ على وفق ما وردت بشكل محدد في القانون ‪.‬‬
‫‪ _3‬امكانية تمديد مدة حالة الطوارئ لكل حالة والمدة المحددة لذلك ‪.‬‬
‫‪ _4‬إلية تجديد فرض حالة الطوارئ ‪.‬‬
‫‪ _5‬خضوع اجراءات حالة الطوارئ إلى سلطة رقابية محددة مثل السلطة التشريعية او السلطة القضائية ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫س‪ /‬ما هي االشكال التي تتخذها الحكومة في حالة إعالن الطوارئ؟‬

‫عادة تتوسع سلطات الحكومة عند إعالن حالة الطوارئ لتتخذ أشكال غير معتادة لها في الحاالت الطبيعية منها‪:‬‬

‫أ تحويل السلطات او انتقالهاء إذا تحتل السلطة العسكرية مكان السلطة المدنية في ممارسة السلطات العامة للضبطء‬
‫فتزداد السلطة العسكرية على حساب السلطة المدنية ‪.‬‬

‫ب_ توسيع سلطات الضبط االعتيادي» فتباشر السلطة القيام بإجراءات حادة من الحريات العامة كالقيام بالتفتيش نهارأ‬
‫وليل لبيوت المواطنين والتثبيت من صحة األوراق الثبوتية لحملها وتبعد االشخاص عن مكان سكناهم وتمنع القيام‬
‫بالتجمهر ‪.‬‬

‫ت_ شمول اختصاص المحكمة العسكرية لألفراد المدنيين» فتنظر المحكمة العسكرية في قضايا تخص نشاطات‬
‫المدنيين» لذا فأن االجراءات تمتد لتشمل المدنيين في المالحقة والمتابعة للتصرفات واألعمال االعتيادية لها من خالل‬
‫المراقبة‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like