You are on page 1of 41

‫بحث بعنون‬

‫نحو استراتيجية وطنية للشمول المالي‬

‫في ضوء رؤية مصر ‪0202‬‬


‫إعداد الدكتور‬

‫أحمد عبدالستار أحمد تمام‬

‫محاضر (منتدب)‬

‫كلية الحقوق – جامعة اإلسكندرية‬

‫زميل الجمعية العلمية للتشريع الضريبي‬

‫زميل الجمعية العلمية للمالية العامة والضرائب‬

‫عضو الجمعية المصرية لالقتصاد السياسي واإلحصاء والتشريع‬

‫‪1‬‬
‫ملخص ادلراسة‬
‫تتحدد مشكلة الدراسة في اإلجابة على ما يثار من تساؤالت حول تأثير فكرة الشمول المالي على رؤية‬
‫مصر للتنمية المستدامة ‪ ، 0202‬ومدى إمكانية وضع مصر الستراتيجية وطنية للشمول المالي تحدد أدوار‬
‫كافة المؤسسات في ذلك اإلطار؛ لذلك يتمثل الهدف الرئيس للدراسة في الوقوف على واقع الشمول المالي‬
‫والتنمية المستدامة في مصر‪ ،‬وتأثير فكرة الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪ ،0202‬وايضاح‬
‫مدى إمكانية زيادة فعالية الشمول المالي من خالل مواجهة األسباب التي أدت إلى تنامي االستبعاد المالي‪،‬‬
‫وبحث إمكانية وضع مصر الستراتيجية وطنية للشمول المالي‪.‬‬

‫وقد جاءت هذه الدراسة لإلجابة على تلك التساؤالت‪ ،‬وفي ضوء ذلك توصلت لمجموعة من النتائج‪ ،‬تمثل‬
‫أهمها في أن الحكومة المصرية لم تتبع استراتيجية واضحة للشمول المالي‪ ،‬واكتفت ببعض المبادرات التي‬
‫أطلقها البنك المركزي‪ ،‬في حين أنه ترتب على حالة االستبعاد المالي في مصر حرمان المؤسسات المالية من‬
‫االستفادة من مدخرات القطاع العائلي‪ ،‬وكذلك رواج ظاهرة االقتصاد غير الرسمي؛ وهو ما أعاق تحقيق أهداف‬
‫رؤية مصر للتنمية المستدامة‪.‬‬

‫ويمكن إيجاذ معوقات الشمول المالي في مصر في الفقر وتدني مستوى الدخول‪ ،‬وارتفاع تكلفة الخدمات‬
‫المالية‪ ،‬وارتفاع نسب األمية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور‪ ،‬وعدم فاعلية السياسات االقتصادية على‬
‫المستوى الكلي‪ ،‬وانتهاج الحكومات المتعاقبة لسياسات خاطئة‪ ،‬باإلضافة إلى الفساد المالي واإلداري والمركزية‪،‬‬
‫وانخفاض مستوى ثقة المستهلك وعدم توافر الحماية الالزمة له‪ ،‬واالعتماد على نظام مالي ربوي‪.‬‬

‫لذلك أوصت الدراسة بضرورة وضع استراتيجية قومية للشمول المالي‪ ،‬تشارك في وضعها وتنفيذها كافة‬
‫المؤسسات المعنية‪ ،‬على أن تتضمن إعداد دراسات ميدانية عن واقع الفئات المهمشة‪ ،‬والخدمات والمنتجات‬
‫المالية التي تشغل أهتماماتها وتتفق مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والعمل على إتاحة تلك الخدمات‬
‫والمنتجات‪ ،‬والعمل على الوصول إلى الفئات المهمشة‪ ،‬ووضع تشريع للشمول المالي على أن يتضمن حماية‬
‫المستهلك المالي‪ ،‬وتحديد كافة حقوقه وواجباته‪ ،‬وكذلك تشريع لدمج االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تخفيض تكلفة الخدمات والمنتجات المالية التي ُيستهدف إتاحتها للفئات المهمشة‪.‬‬

‫عالوةً على ما سبق‪ ،‬يتحتم على الحكومة إتخاذ إجراءات جدية في سبيل القضاء على الفقر وزيادة‬
‫الدخول؛ وذلك من خالل وضع وتنفيذ خطة اقتصادية طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ‬
‫المالئم‪ ،‬والجاذب لالستثمارات األجنبية والمحلية‪ ،‬ومن خالل تعبئة اإلمكانيات‪ ،‬والقدرات‪ ،‬والموارد المالية‪،‬‬
‫‪ :‬الشمول المالي‪ ،‬التنمية المستدامة‪ ،‬رؤية‬ ‫والمادية‪ ،‬والبشرية الكامنة باالقتصاد المصري‪ .‬اللكامت املفتاحية‬
‫مصر ‪ ،0202‬القضاء على الفقر‪ ،‬التثقيف المالي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬

‫اقترن مفهوم التنمية منذ ظهوره بالجانب االقتصادي‪ ،‬فبعد حصول دول العالم الثالث على استقاللها السياسي‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬روجت الدول الرأسمالية للفكر التنموي التقليدي الذي ربط واقعه من الفقر‪ ،‬وتدني‬
‫المستوى المعيشي‪ ،‬والجهل‪ ،‬واألمراض واألوبئة ‪ ...‬بظاهرة التخلف‪ ،‬دون التركيز على مخلفات اإلستعمار وما‬
‫ورثته الدول من نزاعات وصراعات عرقلت مسار تحقيق التنمية لدى الشعوب المستقلة حديثًا‪.‬‬

‫وهو ما أدى إلى تطوير مفهوم التنمية بإسهامات اإلتجاهات النظرية الحديثة في ميدان التنمية ومحاولة‬
‫الوصول للرفاه اإلجتماعي في السبعينيات‪ ،‬إلى أن أدرك المجتمع الدولي أن نموذج التنمية الحالي المعتمد‬
‫مستداما‪ ،‬وبدأ التفكير في السياق الذي تجرى فيه العمليات التنموية بالتركيز‬
‫ً‬ ‫أساسا على مدخل التحديث لم يعد‬
‫ً‬
‫على تحقيق األهداف التنموية والحفاظ على البيئة‪ ،‬وبالتالي إلمام العلوم االقتصادية واالجتماعية بالعلوم‬
‫الطبيعية من أجل صياغة السياسات العامة‪ .‬ليظهر مصطلح التنمية المستدامة في أواخر الثمانينيات كمقاربة‬
‫نظرية لفهم عملية التنمية السياسية للبحث عن نموذج جديد تتوافق فيه عاملي شروط التنمية وحماية البيئة(‪.)1‬‬

‫وتطور االهتمام بعد ذلك بالتنمية المستدامة إلى أن أصبحت اآلن الطريق النموذجي الذي يحكم تقدم‬
‫خصوصا بعد اكتساب الفكرة للتأييد الدولي‪ ،‬بعد مؤتمر قمة األرض في ريو عام ‪ 2990‬وظهور ما‬
‫ً‬ ‫البشرية‪.‬‬
‫يسمى بأجندة القرن الواحد والعشرون‪ ،‬ثم توقيع مائة دولة في جوهانسبرج عام ‪ 0220‬على معاهدة لضبط‬
‫مساعي المحافظة على الموارد والتنوع البيولوجي‪ ،‬وبات اإلدراك بأن نمط التنمية االقتصادية وليس النمو في‬
‫قابال لالستمرار يترتب عليه خلق‬‫معتدال للنمو ً‬
‫ً‬ ‫معدال‬
‫ً‬ ‫حد ذاته هو األمر الحاسم في عملية التنمية‪ ،‬إذ أن‬
‫للوظائف واقالل الفقر خير من معدل نمو مرتفع يرتكز على زيادة عدم المساواة‪ ،‬وتَ ِحفَه مخاطر التذبذب‬
‫واألزمات (‪.)2‬‬

‫أساسيا لتحقق هذه التنمية‪ ،‬وقد ُمنِح قدر كبير‬


‫ً‬ ‫طا‬
‫على أن وجود أنظمة مالية تعمل بصورة جيدة يعد شر ً‬
‫من االهتمام لعمق وكفاءة األنظمة المالية؛ لذلك فإن سياسات القطاع المالي التي تشجع المنافسة وتقدم الحوافز‬
‫المجزية لألفراد‪ ،‬وتساعد في التغلب على الحواجز أمام إمكانية الحصول على التمويل‪ ،‬تعتبر ذات أهمية‬

‫(‪ )1‬سمية رمدوم‪ :‬التنمية المستدامة مقاربة مفاهيمية‪ ،‬مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح‪ ،‬الجزائر‪،7102 ،‬‬
‫ص‪.0‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬إسالم محمد البنا‪ :‬التنمية المستدامة والبيئة المؤسسية في مصر‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬المجلة العلمية للبحوث التجارية‪ ،‬كلية‬
‫التجارة‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،‬القاهرة‪ ،7102 ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪3‬‬
‫أيضا للنمو وتخفيض أعداد الفقراء والتوزيع األكثر مساواة وعدالة‬
‫مركزية ليس فقط لتحقيق االستقرار وانما ً‬
‫للموارد والقدرات(‪.)1‬‬

‫وفي ذلك‪ ،‬صدر تقرير حديث للبنك الدولي بعنوان "الشمول المالي العامل الرئيس للحد من الفقر‬
‫وتعزيز الرخاء "‪ ،‬وهو ما يظهر معه أهمية مواجهة اإلستبعاد المالي‪ ،‬المتمثل في إستبعاد شريحة كبيرة من‬
‫هاما في تحقيق رفاهية الشعوب‪،‬‬
‫عامال ً‬
‫ً‬ ‫المجتمع من المشاركة في األنشطة االقتصادية‪ ،‬فالشمول المالي يعد‬
‫من خالل دمجه لهذه الشريحة‪ ،‬وتوسيع المقدرة التمويلية للمجتمع‪ ،‬وهو ما يجعله يتقابل مع أهداف التنمية‬
‫معزز لتحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫ًا‬ ‫عامال‬
‫ً‬ ‫المستدامة‪ ،‬أو بمعنى آخر يجعله‬

‫واألمر ال يتوقف فقط عند حد تدعيم تحقيق األهداف التنموية‪ ،‬بل أن الشمول المالي يخدم عملية‬
‫التخطيط للتنمية المستدامة نفسها؛ من خالل مواجهته لالقتصاد غير الرسمي‪ ،‬وضبطه للنتائج االقتصادية‪،‬‬
‫وتحويل أرقامها ونسبها إلى أرقام ونسب واقعية‪ ،‬تساعد صانع الق ارر وواضع الخطط التنموية‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬تسعى الحكومة المصرية إلى الترويج لمفهوم الشمول المالي‪ ،‬في محاولة لدمج‬
‫مختلف طبقات المجتمع أفر ًادا ومؤسسات في المنظومة المصرفية الرسمية للدولة‪ ،‬وذلك بتهيئة بنية تشريعية‬
‫ومالية مناسبة لتلبية متطلبات الشمول المال ي‪ ،‬باإلضافة إلى تطوير بعض الخدمات والمنتجات المالية لتلبي‬
‫احتياجات جميع فئات المجتمع‪ ،‬إلى جانب االهتمام بالتثقيف المالي‪.‬‬

‫وقد أسفر ذلك السعي عن التحسن في بعض النتائج التي أشارت إليها قاعدة بيانات المؤشر العالمى‬
‫للشمول المالى فيندكس »‪ «Global Findex‬الصادرة من البنك الدولى عام ‪ ،0222‬والتي كشفت عن زيادة‬
‫نسبة البالغين الذين لديهم حساب مصرفى فى مصر لتصل إلى نحو ‪ %00‬فى عام ‪ 0222‬مقارنةً بنحو‬
‫‪ %21‬فى عام ‪ 0221‬و ‪ %22‬فى عام ‪.)2(0222‬‬

‫إال أن هذه النسبة ال تزال ضئيلة‪ ،‬مقارنة ب‪ %12‬في لبنان‪ ،‬ونحو ‪ %22‬متوسط النسبة في دول الخليج‪،‬‬
‫عالميا(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫و‪ %12‬متوسط النسبة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مجدي األمين نورين‪ :‬الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول‪ ،‬العدد ‪ ،22‬مجلة بنك السودان المركزي‪ ،‬الخرطوم‪ ،7102 ،‬ص‪.0‬‬
‫(‪ )2‬البنك المركزي المصري‪ :‬تقرير االستقرار المالي ‪ ،7102‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )3‬أحمد عايش عطية‪ :‬تفعيل متطلبات الشمول المالي من خالل استخدتم الحوسبة السحابية وتأثير ذلك محاسبيًا‪ ،‬بحث مقدم‬
‫لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة‬
‫‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪ ،7102‬ص ‪.262‬‬

‫‪4‬‬
‫مشكلــة الدراســة وأهدافهــا‪:‬‬
‫تتحدد المشكلة الرئيسة للدراسة‪ ،‬فيما يثيره العرض السابق من تساؤل حول تأثير فكرة الشمول المالي على‬
‫رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪ ،0202‬ومدى إمكانية وضع الحكومة المصرية الستراتيجية وطنية للشمول‬
‫المالي‪ ،‬خاصةً مع اعتمادها في الفترة الماضية على مجموعة من المبادرات ال تخرج عن كونها مجرد أدوات‬
‫لرؤية غير محددة واستراتيجية غير موضوعة‪.‬‬

‫وقد تمثلت أهداف الدراسة فيما يلي‪:‬‬

‫الوقوف على واقع التنمية المستدامة والشمول المالي في مصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫بحث العالقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة‪ ،‬وانعكاس األولى على الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التعرف على التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وضع الخطوط العريضة الستراتيجية وطنية للشمول المالي‪ ،‬وبحث إمكانية إيجاد حلول واقعية لمواجهة‬ ‫‪-‬‬
‫االستبعاد المالي‪.‬‬
‫أهميــة الدراســة‪:‬‬
‫ِ‬
‫موضوعين ‪ -‬التنمية المستدامة والشمول المالي‪ -‬يمثالن توجهًا‬ ‫تبرز أهمية الدراسة في أنها تتناول‬
‫اء على مستوى المنظمات‬ ‫بالغا‪ ،‬سو ً‬
‫دوليا ً‬
‫اهتماما ً‬
‫ً‬ ‫اتيجيا للدولة المصرية في الوقت الراهن‪ ،‬واكتسبا‬
‫استر ً‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬أو على مستوى الدول المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى ما قد يترتب من آثار إيجابية على تحقيق‬
‫الشمول المالي‪.‬‬

‫منهــج الدراســة‪:‬‬
‫اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي‪ ،‬من خالل جمع البيانات والمعلومات حول الشمول المالي والتنمية‬
‫المستدامة في مصر‪ ،‬ومحاولة االجابة على االسئلة المتعلقة بواقع الشمول المالي‪ ،‬وتأثيره على رؤية مصر‬
‫وسبل الوصول إلى استراتيجية حقيقية لتعزيز الشمول المالي في مصر‪.‬‬
‫للتنمية المستدامة ‪ُ ،0202‬‬

‫فــروض الدراســة‪:‬‬
‫تهدف الدراسة إلى طرح الفروض التالية للمناقشة‪:‬‬

‫وجود عالقة طردية تبادلية بين تعزيز الشمول المالي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وجود عالقة عكسية بين الشمول المالي واالقتصاد غير الرسمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعد الشمول المالي أحد أدوات تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ترتب على عدم وضع استراتيجية وطنية للشمول المالي واالكتفاء بمجموعة المبادرات التي تبناها‬ ‫‪-‬‬
‫البنك المركزي المصري؛ تعزيز االستبعاد المالي في مصر‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مجــال الدراســة‪:‬‬

‫وتحديدا في واقع الشمول المالي‪ ،‬وانعكاسه على رؤية مصر‬


‫ً‬ ‫يرتكز مجال الدراسة في االقتصاد المصري‪،‬‬
‫‪.0202‬‬

‫الدراســات الســـابقة‪:‬‬
‫تشير أدبيات الموضوع على المستوى المصري إلى ندرة الدراسات العلمية حول العالقة بين الشمول‬
‫بعضا من أهم الدراسات السابقة‪:‬‬
‫المالي والتنمية المستدامة‪ ،‬ونستعرض فيما يلي ً‬
‫‪ -1‬الشمول المالي والتقدم االقتصادي‪ ،‬أحمد عاطف عبدالرحمن‪ ،‬العدد ‪ ،191‬مجلة المال‬
‫والتجارة‪ ،‬القاهرة‪.0212 ،‬‬
‫استهدفت هذه الدراسة إبراز اآلثار االيجابية للشمول المالي وخاصةً من الناحية االقتصادية‪ ،‬وركزت‬
‫على دوره في دمج االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬وتوصلت إلى مجموعة من النتائج‪ ،‬أهمها أن دمج القطاع‬
‫غير الرسمي يترتب عليه مضاعفة معدالت النمو االقتصادي وتوفير فرص العمل‪ ،‬وأن الشمول المالي‬
‫ينص ب في مصلحة المجتمع ككل‪ ،‬وفي سبيل تعزيز الشمول المالي أوصت الدراسة بضرورة تفعيل الدفع‬
‫االلكتروني‪ ،‬وتسويق الخدمات المالية عبر الذهاب للعميل‪ ،‬وتقديم باقة متنوعة من الخدمات‪ ،‬مع خصم‬
‫‪ %02‬من المصاريف البنكية السنوية‪ ،‬وخلق أوعية ادخارية تبدأ من ‪ 2222‬جنيه ومضاعفاتها‪.‬‬

‫‪ -0‬ياسمين مجدي رجب عثمان‪ ،‬محمد أحمد محمد صالح‪ :‬تأثير تطبيق الشمول المالي على‬
‫االستقرار المالي للقطاع المصرفي‪ :‬دراسة تطبيقية‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية‬
‫والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "0202‬كلية التجارة – جامعة االسكندرية‬
‫في الفترة ‪ 01 – 02‬ديسمبر ‪.0212‬‬
‫سعت هذه الدراسة إلى اختبار تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للبنوك العاملة في‬
‫مصر‪ ،‬حيث قام الباحثان من خالل عينة بلغت خمسة بنوك تجارية متداولة في البورصة – في الفترة من‬
‫الربع األول من عام ‪ 0222‬وحتى الربع األول من عام ‪ – 0222‬بإجراء ذلك االختبار‪ ،‬وقد توصل‬
‫الباحثان إلى وجود عالقة وتأثير لتطبيق سياسات الشمول المالي على االستقرار المالي للبنوك التجارية‬
‫المتداولة في البورصة المصرية‪.‬‬

‫‪ -0‬أ‪.‬د‪ /‬صبري نوفل‪ ،‬العالقة المتداحلة بين االستقرار المالي والشمول المالي‪ ،‬العدد ‪،662‬‬
‫مجلة االقتصاد والمحاسبة‪.0212 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العالقة بين الشمول المالي واالستقرار االقتصادي‪ ،‬والبحث‬
‫في أسباب إنتفاء االستقرار المالي‪ ،‬ومدى أهميته‪ ،‬وتوصلت إلى أن هناك عالقة وثيقة بين‬
‫كل منهما اآلخر‪ ،‬كما أكدت على صعوبة تحقق‬ ‫الشمول المالي واالستقرار المالي؛ حيث يدعم ٍ‬
‫الشمول المالي دون وجود استقرار مالي‪ ،‬وأوصت الدراسة بضرورة توفير الحماية الالزمة‬
‫للمستهلك المالي‪ ،‬وضرورة تعزيز اإلفصاح الكامل عن المعلومات التي تهم المستهلكين‪ ،‬مع‬
‫ماليا‪.‬‬
‫ضرورة االهتمام بشكاوى المستهلكين‪ ،‬وتقديم المشورة االئتمانية له‪ ،‬والعمل على تثقيفه ً‬

‫الدراسة الحالية‪:‬‬

‫رغم أهمية وعمق الدراسات السابقة‪ ،‬واضافتها إلى أدبيات الموضوع‪ ،‬فإن الدراسة الحالية تتميز‬
‫بما يلي‪:‬‬

‫تركز الدراسة على تحليل العالقة بين الشمول المالي وتحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تبحث الدراسة بشكل مباشر وتفصيلي في تأثير الشمول المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية‬ ‫‪-‬‬
‫المستدامة ‪ 0202‬بأبعادها المختلفة‪.‬‬
‫تعمل الدراسة على استعراض كافة االجراءات والمبادرات التي اتخذتها الحكومة المصرية في‬ ‫‪-‬‬
‫سبيل تعزيز الشمول المالي‪ ،‬كما تحاول الدراسة وضع تقييم لها‪.‬‬
‫تسعى الدراسة إلى التركيز على اتباع السياسات واإلجراءات التي تكفل مواجهة االستبعاد‬ ‫‪-‬‬
‫المالي‪ ،‬والتي تعد خطوط عريضة الستراتيجية وطنية للشمول المالي‪.‬‬

‫مشتمالت الدراسة‪:‬‬

‫لتحقيق األهداف سالفة البيان؛ قُسمت الدراسة على النحو التالي‪:‬‬

‫مطلب تمهيدي ‪ -‬العالقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ -‬واقع الشمول المالي في مصر وانعكاسه على أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬

‫وسبل مواجهتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ -‬التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر ُ‬

‫‪7‬‬
‫مطلب تمهيدي‬

‫العالقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة‬

‫إن الوقوف على إنعكاس الشمول المالي على التنمية المستدامة‪ ،‬وموقف التنمية المستدامة من فكرة الشمول‬
‫المالي؛ يتطلب في البداية الوقوقف على مفهوم كل منهما‪ ،‬وطبيعتهما‪ ،‬وأهميتهما‪ ،‬على النحو الذي ُيمهد‬
‫للوقوف على واقعهما في البيئة االقتصادية المصرية‪ ،‬وهو ما تستعرضه الدراسة على النحو التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ -‬ماهية التنمية المستدامة وأبعادها‪:‬‬

‫يعتبر مؤتمر ستوكهولم المنعقد سنة ‪ 2920‬حول البيئة اإلنسانية‪ ،‬الذي نظمته األمم المتحدة والذي ناقش‬
‫ألول مرة القضايا البيئية وعالقاتها بالفقر وغياب التنمية في العالم امتداداً لظهور مصطلح التنمية المستدامة‬
‫في أواخر الثمانينات من القرن الماضي‪ ،‬حيث ورد استخدام هذا المصطلح ألول مرة في تقرير لجنة األمم‬
‫المتحدة للبيئة والتنمية (‪)United Nations Commission for Environnement and Development‬‬
‫الصادر سنة ‪2922‬م المعنون بـ‪ :‬مستقبلنا المشترك ‪ Our Common Future‬والمعروف بتقرير برونتالند‬
‫‪ The Brundtland Report‬والذي عرف التنمية المستدامة على أنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر‬
‫دون التضحية أو اإلضرار بقدرة األجيال القادمة على تلبية احتياجاتها في المستقبل(‪.)1‬‬

‫ومنذ هذا التاريخ بدأت مناقشة ذلك المفهوم من خالل ثالثة محاور‪ ،‬أولها المحور االقتصادي والذي‬
‫يتركز في ضرورة وجود نظام اقتصادي مستدام قادر على إنتاج المزيد من السلع والخدمات بشكل مستمر‬
‫ومتوازن ومتنوع المصادر‪ .‬وثانيهما المحور البيئي والذي ُيلزم الدول بالحفاظ على حق األجيال القادمة من‬
‫متمثال في عدم اإلفراط في طريقة استخدامه‬
‫ً‬ ‫قيدا على المحور االقتصادي‬
‫ميراث الموارد الطبيعية‪ ،‬وهو ما يضع ً‬
‫لميراث األجيال القادمة من الموارد الطبيعية خاصة القابلة للنضوب‪ .‬وثالثها المحور االجتماعي والذي يضع‬
‫قيدا آخر على المحور االقتصادي وهو ضرورة تحقيق عدالة في توزيع الدخل والثروة‪ ،‬وبصفة خاصة توفير‬ ‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫الخدمات االجتماعية مثل الصحة والتعليم والمشاركة السياسية ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سميه رمدوم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬


‫(‪ )2‬د‪ /‬إسالم محمد البنا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪8‬‬
‫وبذلك فإن التنمية المستدامة تعد عملية مجتمعية يجب أن تسهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات‬
‫بشكل متناسق‪ ،‬وال يجوز اعتمادها على فئة قليلة‪ ،‬ومورد واحد‪ .‬فبدون المشاركة والحريات األساسية ال يمكن‬
‫تصور قبول المجتمع باإللتزام الوافي بأهداف التنمية وبأعبائها والتضحيات المطلوبة في سبيلها‪ ،‬أو تصور‬
‫تمتعه بمكاسب التنمية ومنجزاتها إلى المدى المقبول‪ ،‬كما ال يمكن تصور قيام حالة من تكافؤ الفرص الحقيقي‬
‫وتوفر إمكانية الحراك االجتماعي والتوزيع العادل للثروة والدخل(‪.)1‬‬

‫وفي سبيل تعزيز التنمية المستدامة صدر إعالن األمم المتحدة لأللفية في سبتمبر عام ‪ ،0222‬والذي‬
‫يهدف إلى تحقيق الحد األدنى من التنمية بحلول عام ‪ ،0220‬من خالل تبني ثمانية أهداف رئيسة‪ ،‬العامل‬
‫المشترك بينها أنها تؤدي إلى تحقيق حياة أفضل للشعوب‪ ،‬وتمثلت هذه األهداف في‪ :‬القضاء على حدة الفقر‬
‫عالميا‪ ،‬وتعزيز المساواة بين الجنسين‪ ،‬وتخفيض معدل وفيات‬
‫ً‬ ‫والجوع‪ ،‬وضمان تعميم التعليم األساسي الشامل‬
‫األطفال‪ ،‬وتحسين الصحة اإلنجابية‪ ،‬ومكافحة فيروس نقص المناعة "اإليدز" وغيره من األمراض المزمنة‪،‬‬
‫وضمان االستدامة البيئية‪ ،‬واقامة شراكة عالمية من أجل التنمية(‪.)2‬‬

‫عالوةً على ما سبق‪ ،‬وبعد تحقيق تقدم صوب إنجاز األهداف اإلنمائية لأللفية‪ ،‬وضعت األمم المتحدة‬
‫خطة للتنمية المستدامة في عام ‪ ،0220‬والتي تهدف من خاللها إلى القضاء على الفقر بحلول عام ‪0202‬‬
‫واحداث تحول بحياة اإلنسان‪ ،‬وحددت سبعة عشر هدفًا تبغي تحقيقهم من وراء هذه الخطة‪ ،‬منها‪ :‬القضاء‬
‫على الفقر والجوع‪ ،‬وتمتع الجميع بالتعليم والصحة الجيدة‪ ،‬وضمان توافر المياه‪ ،‬وتحقيق المساواه بين الجنسين‪،‬‬
‫والنمو االقتصادي‪ ،‬وتوفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة‪ ،‬وتنمية الصناعة‪ ،‬والحد من أوجه عدم المساواة‪ ،‬والحد‬
‫من التباين بين البلدان فيما بينها‪ ،‬واقامة مدن ومجتمعات محلية مستدامة‪ ،‬وترشيد االستهالك وتعزيز اإلنتاج‬
‫ومواجهة تغير المناخ‪ ،‬وتعزيز النمو االقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام‪.)3(.....،‬‬

‫(‪ )1‬د‪ /‬مأمون أحمد محمد النور‪ :‬التنمية المستدامة‪ ،‬المجلد الواحد والثالثون‪ ،‬العدد ‪ ،060‬مجلة األمن والحياة‪ ،‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،7107 ،‬ص ‪.22‬‬
‫)‪)2‬‬
‫‪David Griggs: “Sustainable development goals for people and planet”, Macmillan‬‬
‫‪Publishers, London,2013, p. 306.‬‬
‫للوقوف على موقف مصر من األهداف اإلنمائية لأللفية‪ ،‬راجع‪ :‬د‪ /‬هدى النمر‪ ،‬د‪ /‬أحمد عاشور‪ :‬التقدم الذي أحرزته مصر‬
‫نحو تحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية‪ ،‬دراسة مرجعية انتجت في إطار اإلعداد للتقرير الوطني للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج األمم‬
‫المتحدة اإلنمائي‪ ،‬و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري‪ ،‬القاهرة‪.0220 ،‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلك‪ :‬األمم المتحدة‪ :‬أهداف التنمية المستدامة‪0211 ،‬‬
‫‪.‬‬

‫‪Available online at :http://www. un. org/sustainabledevelopment/ar‬‬

‫‪9‬‬
‫ثانيا‪ -‬ماهية الشمول المالي وأهميته للتنمية المستدامة‪:‬‬
‫ً‬

‫ظهر مصطلح الشمول (عكس االقصاء) المالي ألول مرة في عام ‪ 2990‬في دراسة "ليشون وثرفت" عن‬
‫الخدمات المالية في جنوب شرق انجلترا‪ ،‬تناول فيها أثر إغالق فرع أحد البنوك على وصول سكان المنطقة‬
‫فعليا للخدمات المصرفية‪ ،‬وخالل تسعينيات القرن الماضي ظهرت العديد من الدراسات المتعلقة بالصعوبات‬
‫ً‬
‫التي تواجهها بعض فئات المجتمع في الوصول إلى الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية‪ ،‬وفي عام‬
‫‪ 2999‬استخدم م صطلح الشمول المالي ألول مرة بشكل أوسع لوصف محددات وصول األفراد إلى الخدمات‬
‫المالية المتوفرة‪ ،‬وازداد االهتمام الدولي بالشمول المالي في أعقاب األزمة المالية العالمية عام ‪.)1(0222‬‬

‫وُيعرف الشمول أو اإلدراج المالي بأنه تقديم الخدمات المصرفية بتكلفة معقولة إلى قطاعات واسعة من‬
‫الفئات ذات الدخول المنخفضة والمحرومة‪ .‬كما أن الخدمات المصرفية هي في طبيعتها خدمة عامة‪ ،‬لذلك‬
‫فمن الضروري أن يكون الهدف الرئيسي للسياسة العامة هو توفير الخدمات المالية األساسية ووسائل الدفع‬
‫لجميع السكان دون تمييز(‪.)2‬‬

‫)‪(3‬‬
‫إلى أن الشمول المالي يصبوا إلي تقديم الخدمات المالية بتكلفة يمكن تحملها إلي‬ ‫وقد ذهب البعض‬
‫أجزاء واسعة من غير المحظوظين وذوي الدخل المتدني‪ .‬وتشمل هذه الخدمات المالية المتنوعة االئتمان‪،‬‬
‫والتوفير‪ ،‬والتأمين وتسهيالت الدفع والتمويالت‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى تطور تعريف الشمول المالي وانتقاله من تصنيف األفراد والمؤسسات بشكل بسيط‬
‫كمشمولين أو غير مشمولين‪ ،‬إلى تعريفات ومقاييس متعددة األبعاد‪ ،‬فتعريف مجموعة العشرين ‪ ،G20‬والتحالف‬
‫العالمي للشمول المالي ‪ AF1‬ينص على أنه "اإلجراءات التي تتخذها الهيئات الرقابية لتعزيز وصول‬
‫واستخدام كافة فئات المجتمع‪ ،‬وبما يشمل الفئات المهمشة والميسورة‪ ،‬للخدمات والمنتجات المالية التي‬
‫تتناسب مع احتياجاتهم وأن تُقدم لهم بشكل عادل وشفاف وبتكاليف معقولة"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬أ‪.‬د‪ /‬صبري نوفل‪ :‬الشمول المالي في مصر وبعض الدول العربية‪ ،‬العدد ‪ ،662‬مجلة االقتصاد والمحاسبة‪ ،‬نادي التجارة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،7102 ،‬ص‪.02‬‬
‫(‪ )2‬د‪ /‬مجدي األمين نورين‪ :‬الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول‪ ،‬العدد ‪ ،22‬مجلة بنك السودان المركزي‪ ،‬الخرطوم‪ ،7102 ،‬ص‪.0‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪Nageswara Rao :"Financial Inclusion - Banker's Perspective" ،The Journal of Indian Institute of‬‬
‫‪Banking @ Finance ،(October - December 2010) p.p. 20-26‬‬
‫(‪ )4‬أ‪.‬د‪ /‬صبري نوفل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪10‬‬
‫ومن خالل التعريفات المختلفة يمكن مالحظة عدة محاور رئيسة يرتكز عليها الشمول المالي‪ ،‬وهي(‪:)1‬‬

‫‪ -‬الحصول على "الوصول إلى" المنتجات والخدمات المالية‪ :‬توفر خدمات مالية رسمية ومنظمة‪ ،‬وقرب‬
‫المسافة‪ ،‬والقدرة على تحمل التكاليف‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة المالية‪ :‬إدارة األموال بشكل فعال‪ ،‬والتخطيط للمستقبل‪ ،‬والتعامل مع الضائقة المالية‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام المنتجات والخدمات المالية‪ :‬االنتظام‪ ،‬والتكرار‪ ،‬ومدة االستخدام‪.‬‬
‫‪ -‬جودة الخدمات والمنتجات المالية‪ :‬الخدمات مصممة الحتياجات العمالء‪ ،‬وتجزئة الخدمات من أجل‬
‫توصيلها لجميع فئات المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم والرقابة الفعالتين بغرض ضمان تقديم المنتجات والخدمات المالية في بيئة يسودها االستقرار‬
‫المالي‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى أثبتت الدراسات وجود عالقة وثيقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة يعمل على دعم النمو االقتصادي‪ ،‬كذلك يؤثر الشمول‬
‫المالي على الجانب االجتماعي من حيث االهتمام األكبر بالفقراء ومحدودي الدخل والمرأة‪ ،‬وكذلك يساهم في‬
‫خلق فرص عمل مما يساهم في تحقيق النمو االقتصادي وبالتالي خفض معدالت الفقر‪ ،‬ورفع مستوى‬
‫المعيشة(‪.)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫إلى أن هناك منافع إنمائية عديدة يمكن تحقيقها‬ ‫وفي ذلك‪ ،‬أشار تقرير حديث صادر عن البنك الدولي‬
‫من الشمول المالي ‪ -‬خاصةً من استخدام الخدمات المالية الرقمية بما فيها الخدمات المالية عبر الهواتف‬
‫المحمولة‪ ،‬وبطاقات الدفع‪ ،‬وغيرها من تطبيقات التكنولوجيا المالية – فعلى سبيل المثال‪ ،‬أظهرت دراسات أن‬
‫الخدمات المالي ة عبر الهاتف المحمول‪ ،‬والتي تسمح للمستخدمين بحفظ األموال وتحويلها من خالل الهاتف‬
‫المحمول‪ ،‬يمكن أن تساعد في تحسين إمكانات كسب الدخل‪ ،‬وبالتالي تحد من الفقر‪.‬‬

‫وتوصلت دراسة في كينيا إلى أن إتاحة الحصول على هذه الخدمات حققت منافع كبيرة‪ ،‬السيما للنساء‪،‬‬
‫فقد م كن ذلك األسر التي تعولها نساء من زيادة مدخراتها بأكثر من الخمس‪ ،‬وسمح لنحو ‪ 220‬ألف امرأة‬
‫بترك العمل بالزراعة وانشاء مشاريع أو أنشطة لتجارة التجزئة‪ ،‬وساعد في تقليص نسبة الفقر المدقع بين هذه‬
‫األسر المعيشية بواقع ‪.%00‬‬

‫(‪ )1‬أ‪.‬د‪ /‬صبري نوفل‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الموضع‪.‬‬


‫(‪ )2‬د‪ /‬أحمد ذكر هللا‪ :‬تطورات المشهد االقتصادي‪ ،‬المعهد المصري للدراسات‪ ،‬إسطنبول‪ ،7102 ،‬ص ‪.6‬‬
‫(‪ )3‬البنك الدولي‪ :‬قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي‪ ،7102 ،‬ص ‪.7 - 0‬‬

‫‪11‬‬
‫أيضا على إدارة المخاطر المالية من خالل تسهيل‬
‫كما يمكن للخدمات المالية الرقمية أن تساعد الناس ً‬
‫جمع األموال من األصدقاء واألقارب البعيدين في األوقات الصعبة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك يمكن أن تقلل الخدمات‬
‫المالية الرقمية من تكلفة استالم المدفوعات‪ .‬ففي برنامج لإلغاثة مدته خمسة أشهر في النيجر‪ ،‬أدى التحول‬
‫نقدا إلى‬
‫بدال من دفعها ً‬
‫إلى إرسال الدفعة الشهرية من اإلعانات االجتماعية الحكومية عبر الهواتف المحمولة‪ً ،‬‬
‫توفير ‪ 02‬ساعة في المتوسط على المستفيدين‪ ،‬وهي إجمالي مدة اإلنتقال واالنتظار الستالم المدفوعات‪.‬‬

‫ويمكن أن تساعد الخدمات المالية الناس على تراكم المدخرات وزيادة اإلنفاق على الضروريات‪ .‬فبعد‬
‫تزويد البائعين باألسواق في كينيا‪ ،‬السيما النساء‪ ،‬بحسابات ادخار‪ ،‬ارتفعت مدخراتهم وزاد استثمارهم في‬
‫مشاريع بواقع ‪ . %02‬وزاد إنفاق األسر التي تعولها نساء في نيبال على األغذية المغذية (اللحوم واألسماك)‬
‫بنسبة ‪ ،%20‬وعلى التعليم بنسبة ‪ ،%02‬وذلك بعد حصولهم على حسابات ادخار مجانية‪ .‬وارتفع إنفاق‬
‫المزارعين في مالوي‪ ،‬الذين كانوا يودعون مكاسبهم في حسابات لالدخار‪ ،‬على المعدات الزراعية بنسبة ‪%20‬‬
‫كما زادت قيمة محاصيلهم بواقع ‪.%20‬‬

‫وبالنسبة للحكومات فالتحول من المدفوعات النقدية إلى الرقمية يمكن أن يحد من الفساد ويحسن مستوى‬
‫الكفاءة‪ .‬وفي الهند انخفضت نسبة تسرب األموال المخصصة للمعاشات التقاعدية بواقع ‪ %12‬عندما تم سداد‬
‫نقدا‪ .‬وفي النيجر‪ ،‬أدى توزيع‬
‫بدال من تسليمها ً‬
‫هذه المدفوعات من خالل بطاقات ذكية بالبصمة اإللكترونية ً‬
‫نقدا‪ ،‬إلى تقليص التكلفة المتغيرة إلدارة هذه اإلعانات‬
‫التحويالت االجتماعية عبر الهواتف المحمولة‪ ،‬وليس ً‬
‫بنسبة ‪.%02‬‬

‫وخالصة القول أن التنمية المستدامة والشمول المالي يلتقيان في أكثر من نقطة مشتركة‪ ،‬لعل أهم هذه‬
‫النقاط هي ان الهدف الرئيس للتنمية المستدامة هو القضاء على الفقر وتوفير حياة أفضل للشعوب‪ ،‬وهو‬
‫اء من حيث تمويل استثمارات الطبقات الفقيرة‪ ،‬أو حتى استفادة‬
‫عين ما يهدف إليه الشمول المالي‪ ،‬سو ً‬
‫الدولة من تضمين مدخراتهم باالستثمار القومي‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫واقع الشمول المالي في مصر‬

‫‪12‬‬
‫وانعكاسه على أهداف التنمية المستدامة‬
‫اهتمت الحكومة المصرية – كغيرها من حكومات العالم – بقضية التنمية المستدامة‪ ،‬ووضعت إستراتيجيتها‬
‫للتنمية المستدامة "رؤية مصر ‪ ،"0202‬والتي تهدف من خاللها إلى أن تصبح من أكبر ‪ 02‬دولة في العالم‬
‫من ناحية سعادة المواطن‪ ،‬ومستوى التنافسية‪ ،‬والقوة االقتصادية‪ ،‬وذلك من خالل تحقيق أهداف معينة‪ ،‬مع‬
‫بلوغ عام ‪.0202‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬اثبتت التجربة أن فكرة االستبعاد أو االقصاء المالي ترتب عليها تعزيز التمييز وعدم‬
‫المساواة في الفرص‪ ،‬باإلضافة إلى عدم استغالل بعض الموارد الكامنة باالقتصاد‪ ،‬فإتاحة الخدمات المالية‬
‫يساعد على تمكين الفقراء من امتالك أسباب القوة‪ ،‬وتساعدهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة‪ ،‬بما يرفع انتاجيتهم‬
‫ودخولهم؛ وهو ما يترتب عليه زيادة اإلستهالك‪ ،‬ومن ثم زيادة اإلنتاج‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬اهتمت الحكومة المصرية بمواجهة فكرة االستبعاد المالي وتعزيز الشمول المالي‪ ،‬كعامل أساسي‬
‫في تحقيق أهداف رؤيتها للتنمية المستدامة ‪ ،0202‬وللوقوف على على واقع التنمية المستدامة والشمول المالي‬
‫في مصر‪ ،‬وانعكاس األخير على رؤية مصر للتنمية المستدامة نتبع التقسيم التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ -‬واقع الشمول المالي في مصر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ -‬تأثير الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪.0202‬‬

‫المطلب األول‬

‫واقع الشمول المالي في مصر‬

‫‪13‬‬
‫أشار تقرير البنك المركزي(‪ )1‬عن الشمول المالي في مصر – والذي شمل عرض نتائج دراسة محدودة‬
‫أجريت على عينة ُم َمثًلة من الشعب المصري على جانب الطلب حول مدى استخدام الراشدين للخدمات المالية‬
‫عبر القنوات الرسمية – إلى أن نصف المواطنين يستخدمون بصورة أو بأخرى أحد الخدمات المالية‪ ،‬واحتفاظ‬
‫‪ %00‬من البالغين بحسابات إما بالبنوك أو البريد المصري‪.‬‬

‫كما كشفت قاعدة بيانات المؤشر العالمى للشمول المالى فيندكس »‪ «Global Findex‬الصادرة من البنك‬
‫الدولى عام ‪ ،0222‬عن زيادة نسبة البالغين الذين لديهم حساب مصرفى فى مصر لتصل إلى نحو ‪%00‬‬
‫فى عام ‪ 0222‬بعد أن كانت حوالي ‪ %21‬فى عام ‪ 0221‬و ‪ %22‬فى عام ‪ .)2(0222‬إال أن هذه النسبة‬
‫عالميا(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ال تزال ضئيلة‪ ،‬مقارنة ب‪ %12‬في لبنان‪ ،‬ونحو ‪ %22‬متوسط النسبة في دول الخليج‪ ،‬و‪%12‬‬

‫وتسعى الحكومة المصرية إلى الترويج لمفهوم جديد على االقتصاد المصري وهو الشمول المالي‪ ،‬في‬
‫محاولة لدمج مختلف طبقات المجتمع أفر ًادا ومؤسسات في المنظومة المصرفية الرسمية للدولة‪ ،‬وذلك بتهيئة‬
‫بنية تشريعية ومالية مناسبة لتلبية متطلبات الشمول المالي‪ ،‬باإلضافة إلى تطوير بعض الخدمات والمنتجات‬
‫المالية لتلبي احتياجات جميع فئات المجتمع‪ ،‬إلى جانب االهتمام بالتثقيف المالي‪.‬‬

‫اتيجيا لدعم االستقرار المالي واالجتماعي‪،‬‬


‫توجها استر ً‬
‫ً‬ ‫حيث اتخذت الحكومة المصرية من الشمول المالي‬
‫ومحور من محاور النمو االقتصادي‪ ،‬عن طريق إتاحة الخدمات المالية والمصرفية لجميع فئات المجتمع‬
‫ًا‬
‫واستقطاب وتشجيع الفئات المستبعدة على استخدام خدمات مثل‪ :‬خدمات الدفع والتحويل‪ ،‬خدمات التأمين‪،‬‬
‫وخدمات التمويل واالئتمان‪ ،‬من خالل القنوات الرسمية؛ لتفادي لجوء البعض للقنوات غير الرسمية التي ال‬
‫تخضع للرقابة‪.‬‬

‫وترتكز استراتيجية البنك المركزي المصري لتعزيز الشمول المالي على عدة محاور‪ ،‬تتلخص في العمل‬
‫على تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية مناسبة‪ ،‬وانشاء قاعدة بيانات شاملة لقياس مستويات الشمول المالي‬
‫على جانبي العرض والطلب لألفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحديد الفجوات‪ ،‬وتحقيق الحماية المالية‬
‫للمستهلك لزيادة الثقة في القطاع المصرفي والنظام المالي‪ ،‬باإلضافة إلى تطوير خدمات ومنتجات مالية تلبي‬
‫احتياجات كافة فئات المجتمع‪ ،‬إلى جانب االهتمام بالتثقيف والتوعية المالية‪ ،‬ونشر الخدمات المالية والرقمية‪،‬‬

‫(‪ )1‬أعد ذلك التقرير بمعرفة البنك المركزي المصري بالتعاون مع األطراف المعنية بالشمول المالي (هيئة تنمية المشروعات‬
‫الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬الهيئة القومية للبريد‪ ،‬وزارة المالية‪ ،‬هيئة الرقابة المالية‪ ،‬والشركة المصرية لالستعالم االئتماني)‪ ،‬وتم‬
‫طرحه خالل المؤتمر السنوي للتحالف الدولي للشمول المالي بمدينة شرم الشيخ في سبتمبر ‪.7102‬‬
‫(‪ )2‬البنك المركزي المصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫(‪ )3‬أحمد عايش عطية‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬

‫‪14‬‬
‫وقد قام البنك الم ركزي المصري بالعديد من الجهود سواء على المستوى الدولي أو اإلقليمي أو المحلي لمواجهة‬
‫االستبعاد المالي وترسيخ الشمول المالي‪ ،‬والتي تمثل أهمها فيما يلي(‪:)1‬‬

‫ئيسيا في التحالف الدولي للشمول المالي‬


‫عضوا ر ً‬
‫ً‬ ‫‪ -‬على المستوى الدولي‪ ،‬أصبح البنك المركزي المصري‬
‫منذ يوليو ‪ ، 0220‬وقد منحت عضوية البنك المركزي المصري في التحالف الدولي الفرصة لالطالع على‬
‫أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال وتبادل الخبرات العملية مع البنوك المركزية للدول األعضاء الذين‬
‫يزيد عددهم عن ‪ 92‬دولة‪.‬‬

‫‪ -‬أما على المستوى اإلقليمي‪ ،‬فإن البنك المركزي المصري عضو بفريق العمل اإلقليمي لتعزيز الشمول‬
‫المالي بالمنطقة العربية والمنبثق عن لجنة الرقابة على المصارف العربية‪ ،‬ويعد االحتفال باليوم العربي للشمول‬
‫المالي أحد أهم الفاعليات المنبثقة عن مجموعة العمل‪ ،‬حيث شارك البنك المركزي المصري في االحتفالية‬
‫السنوية في أبريل ‪ 0222‬والتي تم خاللها فتح ‪ 020‬ألف حساب لعمالء جدد بدون مصاريف وبدون حد أدنى‬
‫لفتح الحساب‪ ،‬باإلضافة إلى فتح ‪ 22‬ألف محفظة إلكترونية‪ ،‬ونشر ورعاية أنشطة التثقيف المالي لعدد ‪2,0‬‬
‫مليون مستفيد‪.‬‬

‫‪ -‬وعلى المستوى المحلي‪ ،‬أطلق البنك المركزي المصري عدد من المبادرات التي تستهدف تهيئة الظروف‬
‫المالئمة التي تمكن المواطنين من استخدام الخدمات المالية المختلفة السيما الفئات المهمشة‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫فضال عن توفير التمويل الالزم للشركات متناهية الصغر والصغيرة‬
‫ً‬ ‫إتاحة تلك الخدمات بأسعار مناسبة‪،‬‬
‫والمتوسطة‪ ،‬ومن ثم تمكين تلك الشركات من االستثمار والنمو وخلق المزيد من فرص العمل‪.‬‬

‫‪ -‬أما على المستوى المؤسسي فقد وافق مجلس إدارة البنك المركزي المصري في نوفمبر ‪ 0220‬على إنشاء‬
‫اإلدارة المركزية للشمول المالي‪ ،‬والتي تتولى تنسيق جهود الشمول المالي بالتشاور مع األطراف المعنية في‬
‫أيضا إنشاء لجنة داخلية للبيانات بالبنك المركزي المصري والتي تختص بتحديد المؤشرات التي‬
‫الدولة‪ ،‬كما تم ً‬
‫يمكن من خاللها قياس مستوى الشمول المالي على مستوى الدولة وتجميع البيانات والمعلومات في ذات الشأن‬
‫وتطوير تلك المؤشرات‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬أصدر البنك المركزي المصري العديد من االجراءات والمبادرات والتعليمات الرقابية‪،‬‬
‫وكذلك العديد من االتفاقيات والبرتوكوالت التي استهدفت تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية تقدر على‬
‫االستبعاد المالي‪ ،‬من أهمها ما يلي(‪:)2‬‬

‫(‪ )1‬البنك المركزي المصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬


‫(‪ )2‬البنك المركزي المصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72 – 72‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬إصدار تعليمات فتح فروع البنوك الصغيرة السيما بالمناطق النائية والريف؛ بهدف إتاحة الخدمات المصرفية‬
‫فضال عن العمل على تطوير البنية المالية التحتية‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء شركة لالستعالم‬
‫ً‬ ‫للمواطنين‪،‬‬
‫االئتماني ”‪.“I-Score‬‬

‫‪ -‬دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق شركة ضمان مخاطر االئتمان ‪“Credit Guarantee‬‬
‫”‪ Company: CGC‬من خالل إصدار ضمانة بقيمة ‪ 0‬مليار جنيه مصري للشركة مقابل قيامها بإصدار‬
‫ضمانات للبنوك لتغطية جزء من المخاطر المصاحبة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫‪ -‬إصدار مبادرة التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل والتي بلغت ‪ 21,0‬مليار جنيه في يونيو ‪.0222‬‬

‫‪ -‬إطالق العديد من المبادرات والتعليمات الرقابية التي استهدفت توفير التمويل الالزم للشركات متناهية الصغر‬
‫والصغيرة والمتوسطة‪ ،‬ومن أهمها إلزام البنوك بزيادة حجم اإلئتمان الموجه لتلك الشركات ليصل إلى ‪%02‬‬
‫من إجمالي محفظة التسهيالت االئتمانية للبنك بحلول عام ‪ ،0202‬هذا باإلضافة إلى إصدار تعريف موحد‬
‫لتلك الشركات والمؤسسات واصدار تعريف للشركات المملوكة أو المدارة من قبل المرأة‪ ،‬وتخفيض الحد األدنى‬
‫لحجم األعمال السنوية (المبيعات‪ /‬اإليرادات السنوية) للشركات والمنشآت الصغيرة العاملة في المجال الزراعي‬
‫والتصنيع الزراعي واأللبان واألعالف والثروة السمكية والداجنة والحيوانية تحت مظلة المبادرة سالفة الذكر‪ ،‬وقد‬
‫أسفرت هذه المبادرة عن زيادة في محفظة القروض الممنوحة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة‬
‫خالل الفترة من نهاية ديسمبر ‪ 0220‬وحتى نهاية يونيو ‪ 0222‬بنحو ‪ 222,2‬مليار جنيه مصري‪.‬‬

‫‪ -‬تم توقيع برتوكول تعاون بين البنك المركزي المصري وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والمعهد‬
‫المصرفي المصري وبعض البنوك‪ ،‬وذلك لالستفادة من خبرات الهيئة في مجال المشروعات التكنولوجية‪.‬‬

‫‪ -‬وافق مجلس إدارة البنك المركزي المصري على تخصيص ‪ 222‬مليون جنيه لرعاية مبادرة "رواد النيل"‬
‫بالشراكة االستراتيجية مع جامعة النيل لمدة ‪ 0‬سنوات لدعم القطاع المصرفي لدفع وتطوير منظومة تنمية‬
‫وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬ودعم األطراف ذات الصلة بريادة األعمال بما فيها القطاع المصرفي‬
‫وقطاع التعليم والصناعة والبحث العلمي بهدف زي ادة الناتج القومي وتشجيع التحول التكنولوجي للتمكن من‬
‫إبتكار الصناعات واحالل الواردات‪.‬‬

‫‪ -‬توقيع اتفاقية تفاهم بينك البنك والهيئة العامة للرقابة المالية في يونيو ‪ ،0222‬وقد جاء ذلك في إطار‬
‫االهتمام بتوفير معلومات دقيقة بشأن الفئات المهمشة من المجتمع وغير المستفيدة من الخدمات المالية بشكل‬
‫كامل‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬اتخذ البنك المركزي المصري العديد من الخطوات في إطار نشر الثقافة المالية‪ ،‬منها حمالت توعية مكثفة‬
‫بوسائل اإلعالم حول مفهوم الشمول المالي‪ ،‬وارسال قوافل توعية من البنوك إلى المناطق الريفية والنائية لنشر‬
‫الوعي بالخدمات المالية المتنوعة وفوائدها‪.‬‬

‫‪ -‬قاد المعهد المصرفي المصري مبادرة "عشان بكره" للتثقيف المالي منذ عام ‪ ،0220‬حيث تم االنتهاء من‬
‫مسودة استراتيجية التثقيف المالي بالتعاون مع الجهات المختصة‪.‬‬

‫‪ -‬قام النبك المركزي بتوجيه أولوية قصوى لملف الخدمات المصرفية االلكترونية‪ ،‬وذلك في إطار صدور قرار‬
‫رئيس الجمهورية رقم ‪ 29‬لسنة ‪ 0222‬بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات‪ ،‬والذي ألزم بدوره الجهات الحكومية‬
‫بعدم سداد أي مستحقات للموردين تزيد عن ‪ 02‬ألف جنيه بصورة نقدية أو عن طريق شيكات مصرفية‪،‬‬
‫وتكليف الجهات التي تتعامل مع الجمهور أن تتيح للمتعاملين وسائل الدفع غير النقدي‪.......... ،‬‬

‫وفي ذات اإلتجاه‪ ،‬قامت العديد من الجهات على مستوى الدولة بتبني تحقيق الشمول المالي‪ ،‬وشهدت‬
‫حقيقيا‪ ،‬ومنها صدور قانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر في نوفمبر ‪ ،0221‬وبموجب هذا‬ ‫ً‬ ‫تطور‬
‫ًا‬
‫القانون تم إخضاع القطاع لرقابة واشراف الهيئة العامة للرقابة المالية‪ ،‬وقد قامت الهيئة بتصميم خريطة‬
‫إلكترونية تتضمن توزيع منافذ التمويل متناهي الصغر المرخص لها بمختلف محافظات الجمهورية‪ ،‬وانعكس‬
‫اطنا بقيمة‬
‫ايجابيا على نشاط التمويل متناهي الصغر‪ ،‬حيث بلغ عدد المستفيدين أكثر من ‪ 0,0‬مليون مو ً‬
‫ً‬ ‫ذلك‬
‫أرصدة تمويل تجاوزت ‪ 2,2‬مليار جنيه في نهاية عام ‪ ،0222‬كما بلغ إجمالي عدد منافذ التمويل ‪2002‬‬
‫تغطي كافة محافظات مصر‪.‬‬

‫كما أطلق البنك المركزي مبادرات أخرى تهدف إلى إتاحة التمويل للفئات المستبعدة‪ ،‬كان أهمها مبادرة‬
‫التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل بأسعار عائد منخفضة‪ ،‬حيث أن مبادرة التمويل العقاري لصالح‬
‫محدودي ومتوسطي الدخل خصص لها ‪ 22‬مليار جنيه‪ ،‬بلغ إجمالي المستخدم منها حتى اآلن ‪ 2,0‬مليار‬
‫جنيه‪ ،‬وحصلت الفئات المحدودة واألكثر محدودية على ‪ %90‬منها‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم رفع الحد األقصى‬
‫للدخل الشهري لشريحة متوسطي الدخل بالقرار رقم ‪ 0221‬الصادر في ‪ 00‬يونيو ‪ ،0222‬والذي جاء فيه(‪:)1‬‬

‫‪ -‬رفع الحد األقصى للدخل الشهري لشريحة متوسطي الدخل لتصبح ‪ 22222‬جنيه مصري‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة الحد األقصى لسعر الوحدة لشريحة متوسطي الدخل لتصبح ‪ 222222‬جنيه مصري‪.‬‬

‫(‪ )1‬ياسمين مجدي رجب عثمان‪ ،‬محمد أحمد محمد صالح‪ :‬تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للقطاع المصرفي‪:‬‬
‫دراسة تطبيقية‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة –‬
‫جامعة االسكندرية في الفترة ‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪ ،7102‬ص ‪.021‬‬

‫‪17‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬فان االهتمام الكبير الذي يوليه البنك المركزي بالتحول إلى االقتصاد غير النقدي‬
‫أساسيا في نجاح الشمول المالي‪ ،‬السيما إصدار القواعد المنظمة لتقديم الخدمات المصرفية عبر‬
‫ً‬ ‫محور‬
‫ًا‬ ‫يمثل‬
‫اإلنترنت التي وفرت إطار عمل للبنوك للتحكم في تقديم الخدمات المصرفية عبر اإلنترنت وسبل الحد منها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الضوابط الرقابية الخاصة بتقديم هذه الخدمات وأمن المعلومات‪ ،‬وقد أسهمت هذه الخطوة في‬
‫الوصول إلى عدد أكبر من العمالء من مستخدمي الوسائل التكنولوجية الحديثة‪.‬‬

‫عالوةً على التعليمات الخاصة بتقديم خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول التي تضمنت توسيع‬
‫نطاق مقدمي الخدمة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين‪ ،‬وامكانية تقديم خدمات مالية جديدة عن‬
‫أيضا المدفوعات الحكومية‪ ،‬والخدمات‬
‫طريق الهاتف المحمول‪ ،‬مثل صرف الرواتب‪ ،‬وتحصيل الفواتير‪ ،‬و ً‬
‫المالية الرقمية هي إحدى ركائز الوصول إلى الشمول المالي‪ ،‬حيث تعتمد على استغالل نسبة انتشار الهواتف‬
‫المحمولة على مستوى الدولة التي تفوق ‪ %222‬من المجتمع‪ ،‬الستقطاب الفئة غير المستخدمة للخدمات‬
‫المالية‪ ،‬وجدير بالذكر أن معدل النمو السنوي لعدد حسابات الهاتف المحمول بالخدمة قد بلغ نحو ‪%00‬‬
‫بنهاية يوليو ‪ ،0222‬مقارنة بيوليو ‪ 0222‬حيث وصل عدد الحسابات إلى نحو ‪ 22‬مليون حساب‪ ،‬وحجم‬
‫المعامالت إلى نحو ‪ 0‬مليون عملية شهرًيا بقيمة إجمالية بلغت نحو ‪ 900‬مليون جنيه(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫تأثير الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪0202‬‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن التنمية المستدامة والشمول المالي يتفقان في ذات الغاية – القضاء على الفقر – بل‬
‫يمكن التقرير بأن الشمول المالي يعد أحد أدوات وآليات تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬ولتحديد انعكاس الشمول‬

‫(‪ )1‬أحمد عايش عطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬

‫‪18‬‬
‫المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪ 0202‬تستعرض الدراسة فيما يلي لتلك األهداف‪ ،‬ثم لتأثير‬
‫الشمول المالي عليها‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ -‬أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪:0202‬‬

‫قادت و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري إعداد إستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر ‪"0202‬‬
‫منذ يناير ‪ ،0221‬والتي تهدف إلى أن تصبح مصر من أكبر ‪ 02‬دولة في العالم من ناحية سعادة المواطن‪،‬‬
‫ومستوى التنافسية‪ ،‬والقوة االقتصادية‪ ،‬وذلك من خالل تحقيق أهداف معينة‪ ،‬مع بلوغ عام ‪ ،0202‬ومن خالل‬
‫عدة محاور انبثقت عن الثالثة ركائز الرئيسة ‪ -‬السابقة االشارة إليها (البعد االجتماعي‪ ،‬والبعد البيئي‪ ،‬والبعد‬
‫االقتصادي)‪ -‬وهي على النحو التالي(‪:)1‬‬

‫البعد االجتماعي‪ -‬وورد في أربعة محاور تمثلت فيما يلي‪:‬‬

‫محور العدالة اإلجتماعية‪ :‬وتهدف اإلستراتيجية من خالله إلى بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة في‬
‫الحقوق والفرص االقتصادية واإلجتماعية والسياسية وبأعلى درجة من االندماج المجتمعي‪.‬‬

‫محور الصحة‪ :‬ويصبوا إلى تمتع كافة المصريين بحياة صحية سليمة وآمنة‪ ،‬من خالل تطبيق نظام صحي‬
‫متكامل يتميز باإلتاحة والجودة وعدم التمييز‪.‬‬

‫محور التعليم والتدريب‪ :‬وتسعى اإلستراتيجية من خالله إلى إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون‬
‫تمييز‪ ،‬وفي إطار نظام مؤسسي كفء‪ ،‬وعادل‪ ،‬ومستدام‪ ،‬ومرن‪.‬‬

‫محور الثقافة‪ :‬ويهدف إلى تكوين منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري‪ ،‬تحترم التنوع واالختالف‬
‫وتمكين المواطن المصري من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة‪ ،‬وفتح اآلفاق أمامه للتفاعل مع معطيات‬
‫عالمه المعاصر‪.‬‬

‫البعد البيئي‪ -‬ويتمثل في المحورين التاليين‪:‬‬

‫أساسيا في كافة القطاعات التنموية واالقتصادية بشكل‬


‫ً‬ ‫محور‬
‫ًا‬ ‫محور البيئة‪ :‬ويهدف إلى أن يصبح البعد البيئي‬
‫يحقق أمن الموارد الطبيعية ويدعم عدالة استخدامها‪ ،‬واالستغالل األمثل لها واالستثمار فيها بما يضمن حقوق‬
‫األجيال القادمة‪ ،‬ويعمل على تنويع مصادر اإلنتاج واألنشطة االقتصادية‪.‬‬

‫(‪ )1‬وزارة التخطيط والمتابعة واالصالح االداري‪ :‬رؤية مصر ‪ ،0202‬القاهرة‪.7102 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫محور التنمية العمرانية‪ :‬ويسعى إلى أن تكون مصر قادرة على استيعاب سكانها ومواردها في ظل إدارة تنمية‬
‫مكانية أكثر اتزًانا تلبي طموحات المصريين وترتقي بجودة حياتهم‪.‬‬

‫البعد االقتصادي‪ -‬ويتمثل في المحاور األربعة التالية‪:‬‬

‫محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية‪ :‬ويضطلع إلى الوصول لجهاز إداري كفء وفعال‪ ،‬يحسن إدارة‬
‫موارد الدولة‪ ،‬ويتسم بالشفافية والنزاهة والمرونة‪ ،‬ويخضع للمساءلة‪ ،‬ويعلي من رضا المواطن ويتفاعل معه‬
‫ويستجيب له‪.‬‬

‫مبتكر‬
‫مبدعا‪ ،‬و ًا‬
‫ً‬ ‫مجتمعا‬
‫ً‬ ‫محور المعرفة واالبتكار والبحث العلمي‪ :‬ويسعى إلى تحويل المجتمع المصري إلى‬
‫ومنتجا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف‪ ،‬ويتميز بوجود نظام متكامل يضمن القيمة التنموية لالبتكار والمعرفة‬
‫ً‬
‫ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات االبتكار باألهداف والتحديات الوطنية‪.‬‬

‫قادر على تلبية كافة متطلبات التنمية الوطنية المستدامة‬


‫محور الطاقة‪ :‬ويصبو إلى أن يكون قطاع الطاقة ًا‬
‫من موارد الطاقة وتعظيم اإلستفادة الكفء من مصادرها المتنوعة (تقليدية ومتجددة) بما يؤدي إلى المساهمة‬
‫الفعالة في دفع االقتصاد والتنافسية الوطنية والعدالة اإلجتماعية والحفاظ على البيئة مع تحقيق ريادة في‬
‫مجاالت الطاقة المتجددة واإلدارة الرشيدة والمستدامة للموارد‪.‬‬

‫محور التنمية االقتصادية‪ -‬وتمثلت األهداف اإلستراتيجية لهذا المحور فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -2‬استقرار أوضاع االقتصاد الكلي‪ :‬ويتضمن ذلك الهدف خفض نسبة الدين العام‪ ،‬والعجز الكلي إلى‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬والحفاظ على استقرار مستوى األسعار‪.‬‬
‫‪ -0‬تحقيق نمو احتوائي ومستدام‪ :‬ويشمل ذلك الهدف رفع معدل النمو االقتصادي وتحقيق نمو متوازن‬
‫إقليميا‪ ،‬وزيادة مشاركة المرأة واألشخاص ذوي اإلعاقة في سوق العمل وتحقيق التمكين االقتصادي‬
‫ً‬
‫للعمل على تخفيض معدالت الفقر‪.‬‬
‫‪ -0‬زيادة التنافسية والتنوع واالعتماد على المعرفة‪ :‬ويتضمن ذلك الهدف زيادة درجة تنافسية االقتصاد‬
‫دوليا ورفع مساهمة الخدمات في الناتج المحلي اإلجمالي وخاصة الخدمات اإلنتاجية والتي‬
‫المصري ً‬
‫تشمل على سبيل المثال‪ :‬خدمات الصيانة لألجهزة والمعدات‪ ،‬والتصميم واالتصاالت‪ ،‬والشحن والنقل‬
‫وذلك اتساقًا مع توجهات الو ازرة‪ ،‬والممارسات العالمية في هذا الشأن التي تعتبر كال من الصناعة‬
‫مزدوجا للنمو وزيادة مساهمة الصادرات في معدل النمو االقتصادي‪.‬‬
‫ً‬ ‫والخدمات محرًكا‬
‫‪ -1‬تعظيم القيمة المضافة‪ :‬ويشمل ذلك الهدف زيادة المكون المحلي في المحتوي الصناعي وخفض‬
‫عجز الميزان التجاري‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫قادر على التكيف مع المتغيرات العالمية‪:‬‬
‫‪ -0‬تحويل االقتصاد المصري إلى العب في االقتصاد العالمي ًا‬
‫ويتضمن ذلك الهدف زيادة مساهمة االقتصاد المصري في االقتصاد العالمي لتصبح مصر من أكبر‬
‫‪ 02‬دولة في مجال األسواق العالمية‪ ،‬ومن ضمن أفضل ‪ 22‬دولة في مجال اإلصالحات االقتصادية‪،‬‬
‫وضمن دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية خالل عشرة أعوام وضمن الدول حديثة التصنيع‬
‫خالل ‪ 0‬سنوات‪.‬‬
‫‪ -0‬توفير فرص عمل الئق ومنتج‪ :‬ويشمل ذلك الهدف خفض معدل البطالة ومضاعفة معدالت‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ -2‬الوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط‬
‫والمرتفع‪ :‬ويتضمن ذلك الهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين‪.‬‬
‫‪ -2‬دمج القطاع غير الرسمي في االقتصاد‪ :‬ويشمل ذلك الهدف العمل على دمج القطاع غير الرسمي‬
‫في االقتصاد وخفض حجم المعامالت غير الرسمية‪ ،‬من خالل تطوير آليات دمج هذا القطاع وتوفير‬
‫الحوافز والقضاء على المعوقات‪.‬‬
‫وفي ذات االتجاه‪ ،‬تمثلت التحديات التي تواجه تحقيق األهداف اإلستراتيجية لمحور التنمية االقتصادية‬
‫في ارتفاع حجم الدين العام المحلي‪ ،‬وجمود هيكل النفقات العامة‪ ،‬وانخفاض اإليرادات العامة‪ ،‬وارتفاع عجز‬
‫الموازنة العامة للدولة‪ ،‬وارتفاع معدل التضخم‪ ،‬وضعف موقف االحتياطي النقدي‪ ،‬وارتفاع البطالة بين الشباب‬
‫واإلناث‪ ،‬وضعف الكفاءة في سوق العمل‪ ،‬وضعف معدالت االدخار المحلي‪ ،‬وتواضع االستثمار األجنبي‬
‫المباشر‪ ،‬وعدم مالئمة بيئة األعمال لجذب االستثمار المحلي واألجنبي‪ ،‬وتعدد القوانين وتشابكها‪ ،‬وزيادة درجة‬
‫البيروقراطية‪ ،‬وضعف منظومة الحوكمة والشفافية والمساءلة‪ ،‬وارتفاع درجة المركزية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬انعكاس الشمول المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة‪:‬‬
‫ً‬

‫اثبتت التجربة أن فكرة الشمول المالي يترتب عليها تعزيز المساواة في الفرص‪ ،‬باإلضافة إلى استغالل بعض‬
‫الموارد الكامنة باالقتصاد المصري‪ ،‬فإتاحة الخدمات المالية يساعد على تمكين الفقراء من امتالك أسباب القوة‪،‬‬
‫وتساعدهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة‪ ،‬بما يرفع انتاجيتهم ودخولهم؛ وهو ما يترتب عليه زيادة اإلستهالك‪،‬‬
‫ومن ثم زيادة اإلنتاج‪.‬‬

‫لذلك فإن الشمول المالي يترتب عليه تدعيم فرص النمو‪ ،‬وتعزيز االستقرار االقتصادي‪ ،‬وترسيخ العدالة‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬وانخفاض معدالت الفقر‪ ،‬وهو ما ينعكس باإليجاب على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة‬
‫‪.0202‬‬

‫‪21‬‬
‫اء فيما يتعلق بما يترتب عليه من تمكين للطبقات‬
‫كما يمثل الشمول المالي ترسيخ للعدالة االجتماعية‪ ،‬سو ً‬
‫الفقيرة والمهمشة من االستفادة بالخدمات المالية‪ ،‬أو فيما يترتب عليه من مواجهة ظاهرة االقتصاد غير الرسمي‬
‫وما يترتب عليها من آثار سلبية على محور العدالة االجتماعية بالبعد االجتماعي برؤية مصر ‪.0202‬‬

‫فبينما يهدف محور العدالة االجتماعية – كما سبق البيان – إلى بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة‬
‫في الحقوق والفرص وبأعلى درجة من االندماج المجتمعي‪ ،‬فإن فكرة الشمول المالي بما تعنيه من تمكين‬
‫الفئات المهمشة من االستفادة من الخدمات المالية؛ ترسخ للمساواة بين كافة فئات المجتمع‪.‬‬

‫نظر لما يترتب عليه‬


‫ليس ذلك فحسب بل أن الشمول المالي يتفق مع تحقيق االندماج المجتمعي‪ ،‬وذلك ًا‬
‫من تقليص الفجوة ال كبيرة بين الفئة التي استطاعت أن تحصل على تمويل لحاجاتها ومشروعاتها االستثمارية‪،‬‬
‫ماليا‪ ،‬وهو ما يترتب عليه عالج الشرخ المجتمعي‪ ،‬وازالة الفوارق بين الطبقات‪.‬‬
‫المقصاه ً‬
‫وبين الفئة المهمشة ُ‬

‫كما أن الشمول المالي يحد من اعتماد الفقراء المنتمين للقطاع العائلي على الخدمات المالية غير الرسمية‪،‬‬
‫سببا في عدم االستقرار المالي واالجتماعي‪.‬‬
‫والتي قد تكون في حد ذاتها ً‬

‫وفي ذات اإلتجاه‪ ،‬فإن الشمول المالي يعمل على مواجهة االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬حيث أظهرت دراسة أعدتها‬
‫لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات المصرية)‪ ،(1‬أن حجم تعامالت السوق السنوية تزيد على ‪122‬‬
‫مليار دوالر‪ ،‬أي أكثر من ‪ 2‬تريليونات جنيهًا‪ ،‬نصيب السوق الموازية منها يزيد على ‪ %02‬بنحو ‪ 1‬تريليونات‪،‬‬
‫بحسب بعض التقديرات واإلحصائيات‪ ،‬وهو ما يتضح معه كيف نمى ذلك القطاع في فترة وجيزة في مصر‬
‫متغلبا على االقتصاد الرسمي‪.‬‬
‫ً‬

‫وهو ما يعزز من مواجهة ما ينتج عن العمل بذلك القطاع من آثار سلبية على الظروف الصحية للعاملين‬
‫فضال عن إفالت منتجاته من الرقابة الحكومية‬
‫ً‬ ‫به؛ نتيجة عدم االلتزامات باشتراطات األمان المهنية والصحية‪،‬‬
‫وما يترتب عليها من آثار صحية خطيرة‪ ،‬وهو ما يعيق تحقيق أهداف محور الصحة الواردة بالبعد االجتماعي‬
‫بإستراتيجية مصر للتنمية المستدامة‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه ان الشمول المالي ينعكس بااليجاب على تحقيق األهداف االقتصادية برؤية مصر‬
‫‪ ،0202‬وذلك لما يترتب عليه من تمكين الفئات المهمشة من التمتع بالخدمات المالية؛ ومن ثم على ادخار‬
‫أو استثمار أموالهم؛ وهو ما ينعكس باإليجاب على اإلدخار واالستثمار القوميين‪ ،‬ومن ثم على اإلنتاج‬

‫(‪ )1‬متاح على‪http://www.fei.org.eg/index.php/ar/downloads-ar :‬‬

‫‪22‬‬
‫القومي‪ ،‬ويمكن إبراز أهم أوجه التأثير اإليجابي للشمول المالي على أهداف البعد االقتصادي باستراتيجية‬
‫مصر للتنمية المستدامة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬الشمول المالي بما يتضمنه من االعتماد على المعامالت المالية غير النقدية يعزز من مواجهة الفساد‪،‬‬
‫وهو ما يتفق مع ما يهدف إليه محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية بالبعد االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬الشمول المالي بما يؤدي إليه من االعتماد على التكنولوجيا الحديثة في المعامالت المالية ينعكس‬
‫بااليجاب على محور المعرفة واالبتكار والبحث العلمي‪ ،‬والذي يسعى إلى أن يصبح المجتمع المصري‬
‫مبدعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مجتمعا‬
‫ً‬
‫‪ -‬الشمول المالي ينعكس باإليجاب على أهداف محور التنمية االقتصادية بالبعد االقتصادي‪ ،‬فبينما‬
‫تهدف االستراتيجية إلى استقرار أوضاع االقتصاد الكلي من خالل خفض نسبة الدين العام إلى الناتج‬
‫المحلي وكذلك العجز الكلي إلى الناتج المحلي‪ ،‬وثبات مستوى األسعار‪ ،‬فإن الشمول المالي بما يؤديه‬
‫من مواجهة االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬ينعكس بااليجاب على الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬ومن ثم على‬
‫نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي‪ ،‬فيجعل هذه النسبة تظهر في مظهرها الواقعي‪ ،‬وهو مايترتب‬
‫عليه إقراض مصر بأسعار فائدة عادلة؛ ومن ثم انخفاض المديونية‪ ،‬وتقليص عجز الموازنة العامة‪،‬‬
‫وتعزيز االستقرار المالي‪ .‬وفيما يتعلق بهدف ثبات مستوى األسعار فإن مواجهة االقتصاد غير الرسمي‬
‫يترتب عليه معالجة التشوهات باألسعار السائدة المترتبة عليه‪ ،‬وهو ما يساعد في تحقيق ذلك الهدف‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬يترتب على الشمول المالي بما يتضمنه من تضمين للفئة المهمشة داخل العملية التنموية؛ المساهمة‬
‫في تحقيق الهدف الثاني من أهداف محور التنمية االقتصادية والمتعلق بتحقيق نمو احتوائي مستدام‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬فيما يتعلق بالجزء الثاني من ذات الهدف والمتعلق بتخفيض معدالت الفقر‪ ،‬فإن الشمول المالي‬
‫و ً‬
‫وما يترتب عليه من مواجهة القطاع غير الرسمي‪ ،‬واستفادة الوحدات االقتصادية من آليات التمويل المتاحة‪،‬‬
‫واستفادة محدودي الدخل من الخدمات المالية والمصرفية الحديثة؛ يؤدي إلىالمساهمة في تحقيق ذلك الهدف‬
‫وانخفاض معدالت الفقر‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن ما يتضمنه الشمول المالي من االعتماد على المعامالت غير النقدية ومواكبة‬
‫التطورات التكنولوجية العالمية التي أبرزت االعتماد على المعامالت المالية االلكترونية (غير النقدية)‪ ،‬يساعد‬
‫على تحقيق الهدف الثالث من أهداف المحور االقتصادي‪ ،‬والمتمثل في زيادة التنافسية والتنوع واالعتماد على‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫كذلك فإن دمج الشمول المالي لالقتصاد غير الرسمي يترتب عليه إعاقة التعزيز من تحقيق الهدف الرابع‬
‫نظر إلدخال ذلك القطاع الكبير‬
‫من أهداف المحور االقتصادي والمتمثل في تعظيم القيمة المضافة؛ وذلك ًا‬
‫بكافة إمكانياته وقدراته اإلنتاجية في العملية االقتصادية الرسمية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وأخ ًيرا‪ ،‬فإن ما يترتب على الشمول المالي من تمكين االقتصاد القومي من إستثمار نسبة كبيرة من‬
‫مدخرات القطاع العائلي يؤدي إلى تعزيز تحقيق األهداف الخامس والسادس والسابع من أهداف المحور‬
‫االقتصادي‪ ،‬والمتضمنين تحويل االقتصاد المصري إلى العب في االقتصاد العالمي‪ ،‬وتوفير فرص عمل‬
‫الئقة‪ ،‬وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وبالطبع – وكما سبق البيان – فقد ترتب على الشمول‬
‫المالي المساهمة في تحقيق الهدف الثامن والمتضمن دمج االقتصاد غير الرسمي إلى االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫على أن الشمول المالي يساعد على تحسين الظروف المالية‬ ‫يز لما سبق‪ ،‬تؤكد بعض الدراسات‬‫وتعز ًا‬
‫ورفع مستوى معيشة الفقراء‪ ،‬كما يؤدي إلى قطاع عائلي وقطاع أعمال صغيرة أكثر قوة من خالل التنمية‬
‫المالية التي تدعم االستقرار االجتماعي والسياسي‪ ،‬مما يؤدي بدوره إلى زيادة االستقرار المالي‪ .‬كما يمكن‬
‫فضال عن زيادة نصيب القطاع‬
‫ً‬ ‫للشمول المالي أن يحسن من كفاءة عملية الوساطة بين الودائع واالستثمارات‪،‬‬
‫المالي الرسمي على حساب القطاع غير الرسمي بما يزيد فاعلية السياسة النقدية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‬

‫وسبل مواجهتها‬
‫ُ‬
‫مما ال شك فيه أن مسئولية مواجهة االستبعاد المالي ‪ -‬في األساس ‪ -‬تقع على الحكومة‪ ،‬ثم يأتي بعد‬
‫ذلك دور المؤسسات المالية التي ينظمها القانون‪ ،‬وهو ما يعني أن االعتماد فقط على مبادرات البنك المركزي‬
‫كاف وغير ٍ‬
‫مجد؛ ذلك أن الشمول المالي ال يعني فقط المدفوعات االلكترونية‪ ،‬بل أن‬ ‫للشمول المالي أمر غير ٍ‬
‫المدفوعات االلكترونية – كما سبق البيان – هي إحدى أدوات الشمول المالي‪ ،‬فالشمول المالي يحمل بين‬
‫طياته معنى أعمق من ذلك‪ ،‬فهو يعني التنمية االحتوائية‪ ،‬ورفع الطبقات الفقيرة والمهمشة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بمبادرات البنك المركزي فهي مجرد آليات‪ ،‬دون توافر رؤية واضحة؛ ومن ثم أصبح من‬
‫الضروري وضع استراتيجية وطنية للشمول المالي‪ ،‬ومن هنا تهتم الدراسة بوضع النقاط العريضة لتلك‬

‫(‪ )1‬طارق محمد إبراهيم الشين‪ :‬تطور أنشطة بنك ناصر االجتماعي بما يعكس الشمول المالي‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية‬
‫للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة ‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪ ،7102‬ص ‪.012‬‬

‫‪24‬‬
‫االستراتيجية‪ ،‬وذلك من خالل الوقوف على أهم التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‪ ،‬ثم مواجهتها‬
‫عن طريق االستراتيجية الوطنية للشمول المالي المقترحة‪ ،‬وذلك من خالل المطلبين التاليين‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ -‬التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬مدخل الستراتيجة وطنية للشمول المالي في مصر‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‬

‫في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم اليوم‪ ،‬تتعدد أسباب اإلبعاد المالي‪ ،‬ويمكن تلخيص ما‬
‫ورد في عدد من المراجع في هذا النحو فيما يلي(‪:)1‬‬

‫النظام االقتصادي الحالي‪ :‬الذي يعمل على أن تنتهي القوة اإلقتصادية في أيدي أقلية تعيش حياة فوق‬
‫الرفاهية‪ ،‬بينما يعاني بقية البشر من أجل البقاء على قيد الحياة‪.‬‬

‫الحروب والصراعات‪ :‬يعاني العالم اليوم من الصراعات العديدة وفي أغلب مناطق العالم‪ ،‬وفي ظل الحروب‬
‫والصراعات ال يمكن التفكير في الشمول المالي بل يكون كل التركيز على توفير االسلحة للقوات أو المجموعات‬
‫حيا‪.‬‬
‫المتحاربة ومحاولة البقاء ً‬

‫تعامل معظم األسر الفقيرة باالقتصاد النقدي‪ :‬أي أنهم يستخدمون النقد واألصول المادية كالمجوهرات أو‬
‫األسهم أو تقديم القروض النقدية بشكل غير رسمي أو اخذ القروض النقدية بشكل غير رسمي من مقرضي‬
‫األموال‪.‬‬

‫(‪ )1‬بهناز علي القره داغي‪ :‬الشمول المالي‪ :‬دولة قطر أنموذجا‪ ،‬مجلة اإلدارة والقيادة اإلسالمية‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العدد األول‪،‬‬
‫الهيئة العالمية للتسويق اإلسالمي‪ ،‬قطر‪ ،7102 ،‬ص ‪.21 – 01‬‬

‫‪25‬‬
‫األزمة المالية العالمية‪ :‬ساهمت بشكل كبير في تراجع المعونات والمساعدات المقدمة إلى البلدان الفقيرة‬
‫ومن بينها المساعدة في الوصول إلى التمويل وأدت إلى حذر المؤسسات المالية والمستثمرين في ما يخص‬
‫قدرة العمالء على رد القروض مما زاد من صعوبة حصول الفقراء على السيولة عن طريق البنوك‪.‬‬

‫غياب مفهوم العائد اإلجتماعي لدى أغلب المستثمرين والمؤسسات المالية‪ :‬جعلتها تغيب عن ساحة مساعدة‬
‫الفقراء‪ ،‬وأغلب حججهم في هذا الموضوع هو ضعف العائد المادي في المشروعات الصغيرة أو المشروعات‬
‫الريادية‪ ،‬و هذا يجناب الحقيقة ألن هناك مشاريع صغيرة ومتوسطة ومشاريع ريادية ذات عائد مادي كبير‪.‬‬

‫أسباب من جانب الطلب‪ :‬هناك العديد من الحواجز التي وضعت في الطريق والتي تمنع الفقراء من‬
‫الوصول إلى التمويل ومن أهم هذه الحواجز في جانب الطلب هي‪ ،‬تدني مستوى الدخل والقدرة على تحمل‬
‫التكاليف‪ ،‬وتدني مستوى الوعي االستهالكي‪ ،‬وانخفاض مستويات محو األمية المالية‪ ،‬وانخفاض مستوى ثقة‬
‫المستهلك‪ ،‬والنتيجة لهذه العوامل أن المستهلكين " تستبعد الذات" اي االبعاد المالي اختياريا من الشمول‬
‫المالي‪.‬‬

‫أسباب من جانب العرض‪ :‬الجانب األخر من المعادلة يتم استبعاد الناس من الشمول المالى ألسباب مثل‬
‫عدم كفاءة التوزيع والمنافسة غير العادلة‪ ،‬وزيادة المعروض في السوق ووفورات الحجم السالبة‪ ،‬و المنتجات‬
‫المعقدة‪ ،‬والتنظيم غير الفعال‪.‬‬

‫عدم توفر محددات الشمول المالي من القراءة والكتابة والعمل‪ :‬فاألمية تؤدي إلى الجهل عن الحقوق‬
‫والتسهيالت المتاحة للمواطن‪ ،‬وبالتالي تؤدي إلى إستبعاد مالي‪ ،‬والبطالة هي عدم قدرة الحكومة على فرص‬
‫للعمل بالنسبة للقادرين على العمل‪ ،‬وعدم توفر عمل يعني عدم توفر دخل وبالتالي عدم توف ارمكانية للوصول‬
‫إلى التمويل‪.‬‬

‫القوانين والتشريعات المعقدة‪ :‬تعاني بعض الدول من توافر مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعمل‬
‫على تعقيد الحياة بدالًمن تسهيلها ودون وجود أية مبررات مثل البد من حمل جنسية دولية للبدء بمشروع في‬
‫نيجيريا مثالً‪.‬‬

‫تفشي الفساد والمحسوبية حتى في مؤسسات القطاع الخيري‪ :‬حيث وصل الفساد والمحسوبية إلى‬
‫مؤسسات القطاع الخيري في بعض الدول الفقيرة وبالتالي ال تستفيد أشد الفقراء بأسا من الخدمات التي تقدمها‬
‫هذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أسباب دينية‪ :‬حيث يبتعد بعض األشخاص عن الشمول المالي بسبب عدم توفر المنتجات التي تكون مناسبة‬
‫له من الناحية الدينيية‪ ،‬كالمسلمين والبنوك التقليدية‪.‬‬

‫ومن خالل أسباب االستبعاد المالي يمكن لنا معرفة تحديات الشمول المالي التي تشمل‪ :‬الفقر‪ ،‬واألنظمة‬
‫التشريعية غير المناسبة‪ ،‬وتفشي الفساد والمحسوبية‪ ،‬ومحو األمية ومحاربة البطالة‪ ،‬صعوبات في استخدام‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬عدم جدوى أو تعقيد المنتجات البنكية‪ ،‬الحروب والصراعات‪ ،‬الربا في النظام االقتصادي الحالي‪،‬‬
‫المجاعة و ‪ ،....‬وهو ما تستعرض الدراسة واقعه في مصر على النحو التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ -‬الفقر وتدني مستوى الدخول‪:‬‬

‫تجدر االشارة إلى أن نسبة ‪ %02,2‬من سكان مصر ضمن فئة الفقراء وذلك وفقًا للمؤشر العددي للفقر‬
‫عند خط الفقر الوطني(‪ )1‬الصادر من البنك الدولي عن العام المالي ‪ ،0220‬أي مايقترب من ‪ 00‬مليون‬
‫مصري تحت خط الفقر‪ ،‬وهو ما يجعل حصول هؤالء على خدمات مالية أو على األقل دخولهم في المنظومة‬
‫المالية أمر في غاية الصعوبة‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫إلى ارتباط عدم التعامل مع المؤسسات المالية بالتفاوت في مستويات الدخول‪،‬‬ ‫وفي ذلك‪ ،‬يشير البعض‬
‫فإحنمال أن يكون ألغنى ‪ %02‬من البالغين في البلدان النامية حسابات بنكية رسمية يزيد بأكثر من الضعفين‬
‫عن أفقر ‪ .%02‬ومع أن الفقراء ال تتاح لهم إمكانية الحصول على الخدمات المالية بالقدر نفسه الذي يتاح‬
‫لألشخاص األكثر ثراء فغن حاجتهم إلى الخدمات المالية قد تكون أكبر‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬ارتفاع تكلفة الخدمات المالية‪:‬‬


‫ً‬

‫يعد قيام المؤسسات المالية والبنوك برفع أسعار الخدمات المالية والمصرفية أحد أهم أسباب االستبعاد‬
‫المالي‪ ،‬وفي اآلونة األخيرة ولرغبة تلك المؤسسات في زيادة الربحية عملت على زيادة رسوم خدماتها‪ ،‬وذلك‬
‫لكون الربح المحفز األساسي ألعمالها‪ ،‬دون النظر إلى البعد اإلجتماعي للخدمة المالية‪.‬‬

‫عددا من جميعات حماية المستهلك انتقدت بشدة العديد من البنوك العامة‬


‫وتجدر اإلشارة إلي أن ً‬
‫واالستثمارية بسبب ارتفاع رسوم الخدمات المصرفية التي يتحملها العمالء ومنها أسعار استخ ارج بطاقات‬

‫(‪ )1‬المعدل الوطني للفقر‪ :‬هو النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون دون الحد الوطني للفقر‪ .‬وتستند التقديرات الوطنية إلى تقديرات‬
‫المجموعات الفرعية المرجحة سكانيا والمستمدة من المسوح االستقصائية لألسر المعيشية‪.‬‬
‫للمزيد من المعلومات‪ ،‬راجع موقع البنك الدولي من خالل الرابط‪:‬‬
‫‪ttps://data.albankaldawli.org/country/egypt-arab-rep‬‬
‫(‪ )2‬مركز هردو لدعم التعبير الرقمي‪ :‬الشمول المالي في مصر‪....‬هل لمحدودي الدخل نصيب في إتاحة األدوات المالية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،7102‬ص ‪.2‬‬

‫‪27‬‬
‫االئتمان‪ ،‬وارتفاع الفائدة عليها وأكدت الجمعيات أن عدم توافر المعلومات الالزمة عن الخدمات المقدمة من‬
‫البنوك أو نقصها يدفع العديد من العمالء لعدم استخدام الخدمات أو اصطدامهم بارتفاع تكاليف الخدمات بعد‬
‫استخدامها‪.‬‬

‫كبير من المتعاملين مع البنوك‬


‫ًا‬ ‫عددا‬
‫وفي دراسة أجرتها جمعية حماية المستهلك باإلسكندرية أظهرت أن ً‬
‫غير راضين عن رسوم الخدمات والمصروفات اإلدارية‪ ،‬وأوضحت الدراسة التي شملت ‪ 202‬عينة عشوائية‬
‫من عمالء البنوك اختيرت من القاهرة واسكندرية وأسوان أن ‪ %09‬من العمالء ال يعرفون طريقة حساب أسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬و‪ %22‬منهم ال يستوعبون ارتفاع أسعار الخدمات المصرفية خاصة أسعار كروت االئتمان‪ ،‬وأفاد‬
‫أكثر من ‪ %02‬من المشاركين في الدراسة أنهم ال يعرفون المعلومات الكافية عن الخدمات إال بعد استخدام‬
‫المنتج وأنهم يفتقدون المعلومات بشكل صحيح وكامل‪ ،‬حيث إن العديد من البنوك التي تقدم الخدمات تقوم‬
‫باإلعالن عن خدماتها باظهار البيانات التي تميز المنتج فقط وال تطرق إلي ما تراه قد ال يجذب العميل‬
‫إليها(‪.)1‬‬

‫ثالثًا‪ -‬إرتفاع نسبة األمية المالية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫اتحاد المصارف العربية الثقافة المالية بأنها اإللمام بالمفاهيم والمبادئ المالية‬ ‫تُعرف أحدى دراسات‬
‫الرئيسية؛ وبالتالي القدرة على إستخدام المهارات والمعرفة والمواقف والسلوك بهدف إدارة الموارد المالية بفعالية‬
‫واتخاذ الق اررات المالية السليمة‪ُ ،‬بغية تحقيق األمن المالي والرفاهية المالية‪ .‬كما تُشير إلى تطوير مستمر‬
‫للمعرفة والكفاءة المالية التي تُمكن األفراد من اإلستجابة لكافة المتغيرات الشخصية واإلقتصادية‪ .‬والثقافة أو‬
‫المعرفة المالية هي عنصر هام وأساسي من عناصر التطور واإلستقرار اإلقتصادي والمالي‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬تظهر األمية المالية من خالل مؤشرات عدم اإلستقرار المالي‪ ،‬مثل الديون المتراكمة‪،‬‬
‫والمدخرات غير الكافية‪ ،‬وعدم التخطيط مالياً للمستقبل‪ ،‬واإلستثمارات غير المدروسة‪.‬‬

‫وعرفت منظمة التعاون اإلقتصادي والتنمية التعليم المالي بأنه العملية التي يقوم من خاللها المستهلكون‬
‫َّ‬
‫والمستثمرون الماليون بتحسين إدراكهم للمنتجات المالية والمفاهيم والمخاطر المالية وذلك من خالل المعلومات‬
‫وعيا بالمخاطر والفرص المالية واتخاذ ق ار ارت مدروسة‬
‫واإلرشادات‪ ،‬وتطوير المهارات والثقة ليصبحوا أكثر ً‬
‫ومعرفة إلى أين يذهبون للحصول على مساعدة وذلك إلتخاذ ق اررات فعالة لتحسين أوضاعهم المالية‪ .‬وعليه‪،‬‬

‫(‪ )1‬عالء مدبولي‪ :‬تسعير الخدمة المصرفية يعتمد علي الحصص السوقية المستهدفة‪ ،‬مقال منشور بجريدة المال‪ ،‬عدد‬
‫الخميس ‪ 02‬مارس ‪ ،7101‬متاح على الرابط‪/ https://www.almalnews.com/Story/30792/12 :‬‬
‫(‪ )2‬اتحاد المصارف العربية‪ :‬الثقافة المالية في العالم العربي‪ :‬شرط أساسي لتحقيق الشمول المالي‪7102 ،‬‬
‫متاح على الرابط‪http://www.uabonline.org/ar/research/financiaL :‬‬

‫‪28‬‬
‫فإن التثقيف المالي هو مزيج من الوعي والمعرفة والمهارات والمواقف والقيم والسلوك الضروري إلتخاذ ق اررات‬
‫مالية سليمة وذلك لتحقيق الرفاهية المالية لألفراد‪.‬‬

‫وتعد األمية المالية من أكبر األسباب الداعمة لالستبعاد المالي في مصر؛ ذلك أن األمية المالية تجعل‬
‫مستحيال‪ ،‬ومن ثم تُعزز من اإلستبعاد المالي‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫ً‬ ‫أمر‬
‫التواصل بين األفراد والمؤسسات المالية ًا‬
‫المبادرات العديدة التى قام بها المعهد المصرفي والبنك المركزي المصري في ذلك الشأن – والسابق اإلشارة‬
‫إليها ‪ -‬إال أن نسب األمية المالية في مصر ال ذالت مرتفعة‪ ،‬وهو ما أنعكس بالسلب على االستبعاد المالي‪.‬‬

‫ابعا‪ -‬عدم فاعلية السياسات االقتصادية على المستوى الكلي‪:‬‬


‫رً‬

‫دائما ما تتعامل مع القطاع الرسمي‪ ،‬وهو ما يجعل من تنامي‬


‫السياسات االقتصادية على المستوى الكلي ً‬
‫ظاهرة االقتصاد غير الرسمي ‪ -‬والذي بلغ في تقدير البعض)‪ (1‬حوالي أربعة تريليونات جنيهًا في عام ‪،0222‬‬
‫بينما بلغ متوسط ما يمثله من الناتج المحلي اإلجمالي المصري خالل الفترة من ‪ 2992‬وحتى ‪ 0220‬حوالي‬
‫كبير لنجاح تلك السياسات‪ ،‬حيث أن الحكومة تتعامل مع ما يقدر بنحو ‪ %00‬فقط من‬
‫‪ – (2)%01,01‬معوقًا ًا‬
‫بعيدا عن السياسات االقتصادية‪ ،‬وهو ما يعني إختالف الواقع‬
‫االقتصاد القومي‪ ،‬في حين أن هناك ‪ً %01‬‬
‫عما هو مخطط‪ ،‬وهو ما يترتب عليه فشل السياسات االقتصادية وعدم فاعليتها‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬السياسات الخاطئة لإلدارة المالية والمصرفية‪:‬‬


‫ً‬

‫رغم تبني البنك المركزي المصري لمبادرة الشمول المالي‪ ،‬ورغم اإلجراءات العديد المتخذة في ذلك‬
‫الشأن – والسابق اإلشارة إليها – إال أن هناك بعض السياسات المالية والمصرفية التي أثرت بالسلب على‬
‫حالة االستبعاد المالي في مصر‪ ،‬وذلك نتيجة لعدم وجود استراتيجية حقيقية وشاملة للشمول المالي‪ ،‬واإلكتفاء‬
‫بمجرد مجموعة مبادرات ال تمثل في ذاتها سوى مجرد آليات تنقصها رؤية سليمة توجهها‪.‬‬

‫وتعد اإلجراءات المتشددة والمرهقة من المؤسسات المالية والبنوك‪ ،‬من أهم السياسات الخاطئة لإلدراة‬
‫ئيسا‬
‫سببا ر ً‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬والتي تعمل على تعجيز الطبقات المهمشة عن الوصول إلى الخدمات المالية‪ً ،‬‬
‫في حالة االستبعاد المالي التي يعاني منها هؤالء‪ ،‬حيث تتشدد تلك المؤسسات والبنوك فى معرفة مصادر‬

‫(‪ )1‬إتحاد الصناعات المصرية‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪Leandro Medina, Friedrich Schneider: “ op. cit,P.P 63, 71.‬‬

‫‪29‬‬
‫غالبا ما ال يكون في مقدورها‬
‫األموال‪ ،‬وفى إجراءات فتح الحسابات البنكية‪ ،‬دون مراعاة لحال تلك الفئات‪ ،‬التي ً‬
‫توفير المطلوب من مستندات‪ ،‬واتخاذ الالزم من إجراءات‪.‬‬

‫ليس ذلك فحسب‪ ،‬بل أن معايير البنك المركزي في تنفيذ مبادرته لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪،‬‬
‫ال تحقق اإلتاحة المالية لتلك الفئات‪ ،‬كما أنها ال تتالئم مع الواقع؛ حيث يعتبر البنك المركزي أن المشروع‬
‫الذي يحقق حجم أعمال أقل من مليون جنيه مشروع متناهي الصغير‪ ،‬والذي يحقق حجم أعمال يقدر بمليون‬
‫إلى أقل من خمسون مليون جنيه مشروع صغير‪ ،‬والذي يحقق حجم أعمال يقدر بخمسون مليون وحتى مائتين‬
‫مليون جنيه مشروع متوسط(‪.)1‬‬

‫واذا كانت مبادرات التمويل تخاطب هؤالء‪ ،‬واذا كان مفهوم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر عند‬
‫البنك المركزي على هذا النحو‪ ،‬فإن السؤال الذي يثور هو كيف تتحقق االتاحة المالية ألصحاب المشروعات‬
‫التي تقل عن تلك القيم في ضوء تلك المبادرات!!!‬

‫ويمكن إرجاع عدم صحة السياسات المتبعة لمواجهة االستبعاد المالي الذي تعاني منه الطبقات المهمشة‬
‫إلى عدم توافر بيانات رسمية دقيقة عن تلك الطبقات في مصر‪ ،‬واألماكن الحقيقية لتواجدها‪ ،‬وطبيعة الخدمات‬
‫المالية التي تحتاج إليها والتي تتناسب مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬الفساد اإلداري والمركزية والمالية‪:‬‬


‫ً‬

‫مما ال شك فيه أن االعتماد على المعامالت النقدية يساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة الفساد وتغلغلها‬
‫معزز لالستبعاد المالي‪ ،‬والمقصود‬
‫ًا‬ ‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫أيضا يعد‬
‫في الجهاز اإلداري المصري‪ ،‬ومن هذا المنطلق فالفساد ً‬
‫بالفساد هنا‪ ،‬الفساد اإلداري‪ ،‬والذي يعزز منه المركزية الشديدة التي تصنعها القوانين واللوائح الحالية‪ ،‬وهو ما‬
‫يحول بين الطبقات المهمشة والشمول المالي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى وجود مستوى ٍ‬


‫عال من الفساد داخل محركات األنشطة االقتصادية الرسمية‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ :‬هناك الكثير من الحاالت التي ُيطلب من رجال األعمال شراء ترخيص من المسئول الفاسد‪ ،‬من أجل‬
‫فتح مشروع تجاري في االقتصاد الرسمي‪ ،‬فكلما زاد مستوى الفساد والبيروقراطية يمكن ذلك أن يدفع الشركات‬
‫إلى المعامالت المالية النقدية؛ مما يؤدي إلى تنامي االستبعاد المالي(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬البنك المركزي المصري‪ :‬مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬


‫(‪ )2‬إبراهيم الغيطاني‪ ،‬أسماء الخولي‪ :‬مداخل الدمج اآلمن لالقتصاد غير الرسمي في مصر‪ ،‬مركز األهرام للدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية – بدائل‪ ،‬سلسلة "دراسات سياسات" فصلية محكمة‪ ،‬العدد ‪ ،00‬القاهرة‪ ،‬أكتوبر ‪ ،7102‬ص ‪.02‬‬

‫‪30‬‬
‫سابعا‪ -‬عدم توافر الحماية الالزمة للمستهلك المالي‪:‬‬
‫ً‬

‫يمكن تعريف حماية المستهلك المالي بأنها مجموعة من الضمانات يتم من خاللها الحفاظ على حقوق‬
‫المتعامل مع المؤسسات المالية والبنوك‪ ،‬والتي يحددها إطار تشريعي واضح ينظم العالقة بين الطرفين؛ وذلك‬
‫لضمان حصول المستهلك على كافة حقوقه في إطار من الشفافية والعدالة‪.‬‬

‫والمدقق بحال الخدمات المالية في مصر يتضح له من الوهلة األولى غياب ذلك التشريع الذي يضمن‬
‫حقوق المتعامل مع المؤسسات المالية‪ ،‬وكذلك عدم وجود أية إدارة معنية بذلك سواء تابعة للبنك المركزي –‬
‫كجهة رقابية – أو تابعة لجهاز حماية المستهلك‪.‬‬

‫وهو ما يجعل المستهلكين الماليين أكثر عرضة لممارسات البيع والتحصيل التعسفية وكذلك الحصول‬
‫على خدمات ومنتجات مالية غير مالئمة لهم والتي قد تضر بمصالحهم‪ ،‬وهو ما ترتب عليه عزوف المستهلكين‬
‫عن التعامل مع المؤسسات المالية الرسمية‪ ،‬والتوجه إلى االقتصاد النقدي غير الرسمي‪.‬‬

‫ثام ًنا‪ -‬رواج االقتصاد النقدي غير الرسمي‪:‬‬

‫لم يقف تأثير االقتصاد غير الرسمي عند مجرد التضليل البياناتي بشأن حالة االقتصاد المصري كما‬
‫سبقت اإلشارة‪ ،‬بل أن رواج ذلك القطاع الذي يعد حاضنة للتعامالت النقدية‪ ،‬ترتب عليه إجتذاب نسبة كبيرة‬
‫اء في صورة معامالت اقتصادية‪ ،‬أو تحويل للمدخرات النقدية لبعض االشخاص‬ ‫من أموال المصريين سو ً‬
‫والكيانات غير الرسمية الستثمارها‪ ،‬على أن الطبيعة الخفية لذلك القطاع تُ َحتِم على المتعامل معه اللجوء‬
‫بعيدا عن رقابة الحكومة للبنوك والمصارف‪ ،‬وهو ما ترتب عليه نمو فكر االستبعاد المالي‪.‬‬
‫للمعامالت النقدية‪ً ،‬‬

‫تاسعا‪ -‬االعتماد على نظام مالي ربوي‪:‬‬


‫ً‬

‫إن وضع مصر كمهد للرساالت السماوية‪ ،‬وكمنارة للعلوم الشرعية ولنشر الدعوى في كافة ربوع المعمورة‪،‬‬
‫وكحاضنة لألزهر الشريف؛ ال يتماشى مع ما تتبناه المؤسسات المالية الحالية من نظام مالي ربوي‪ ،‬تقاس قوة‬
‫نظامه وفقًا لقدرته على إيجاد األموال من العدم؛ وذلك ما ترتب عليه عزوف العديد من المصريين عن التعامل‬
‫مع تلك المؤسسات‪ ،‬واالعتماد بشكل أكبر على االقتصاد النقدي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫)‪(1‬‬
‫إلى أن العوامل االختيارية واالجبارية لها بعد كبير في االستعباد‬ ‫وفي ذلك ذهبت إحدى الدراسات‬
‫المالي بين المشاركين‪ .‬ولكن األكثر خطورة هو االستعباد االختياري ألنه انعكاس لقلة االستخدام‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد يأتي االعتبارات الدينية وكذلك الخوف من االقتراض انعكا ًسا للتأثير اإلسالمي‪ ،‬أحد األسباب الرئيسة‬
‫لالستبعاد االختياري‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫مدخل الستراتيجة وطنية للشمول المالي في مصر‬

‫مما ال شك فيه أن دمج الفئات المهمشة للشمول المالي؛ يساعد في أمور عديدة للطبقات الفقيرة نفسها‪،‬‬
‫من حيث إمكانية االقتراض واالدخار والتأمين‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن زيادة الودائع في البنوك بواسطة هذه الفئة‬
‫يعد مطلب رئيس لعملية االستقرار المالي التي تسعى اليها جميع المؤسسات المالية‪.‬‬

‫وتشير أبحاث البنك الدولي إلى أنه عندما تضع البلدان استراتيجية وطنية للشمول المالي‪ ،‬فإنها تزيد من‬
‫سرعة اإلصالحات وتأثيرها‪ ،‬وهو ما يؤيد ما ذهبت إليه الدراسة من أن القضاء على االستبعاد المالي وتضمين‬
‫الطبقات المهمشة يتطلب وضع رؤية استراتيجية وطنية شاملة‪ ،‬تعمل على تحقيقها كافة مؤسسات الدولة كلٍ‬
‫ٍٍ فيما يخصه‪ ،‬وتعتمد على مجموعة من اآلليات واألدوات في صورة مبادرات‪ ،‬مثلها مثل مبادرات البنك‬
‫المركزي الحالية‪.‬‬

‫على أن تبدأ تلك االستراتيجية بتوصيف الواقع وذلك من خالل العمل على إعداد بيانات استقصائية‬
‫واقعية حول واقع االستبعاد المالي‪ ،‬وعلى نوع الخدمات المالية التي تحتاجها الطبقات المهمشة‪ ،‬مع ابتكار‬
‫مجموعة من الخدمات والمنتجات المالية الحديثة المناسبة للفئات المهمشة‪ ،‬والتي تتفق مع رغباتهم‬
‫واحتياجاتهم وتفضيالتهم‪ ،‬والتوسع فيها‪ ،‬وذلك مثل القروض التي تم تقديمها من قبل (قرض مستورة – قرض‬
‫زوي االحتياجات الخاصة – قرض حضانتي – قرض تمويل المصروفات الدراسية)‪.‬‬

‫مع ضرورة العمل على التثقيف المالي‪ ،‬فالتثقيف المالي بحسب منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫(‪ )OECD‬والشبكة الدولية للتثقيف المالي (‪ )INFE‬هو العملية التي يتم من خاللها تحسين إدراك المستهلكين‬
‫والمستثمرين بطبيعة الخدمات والمنتجات المالية المتاحة والمخاطر المصاحبة الستخداماتها وذلك عن طريق‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Adeyemi Adewale Abideen, Pramanik Ataul Huq, Meera Ahmaed Kameel Mydin: ”The‬‬
‫‪measurement Model of the Determinants of financial Exclusion among Musilm Micr-‬‬
‫‪enterpreneurs in Ilorin”, Nigeria, Journal of Islamic finance, Vol.1 No. 1 (2012), IIUM instititue of‬‬
‫‪Islamic Banking and Finance, ISSN 2289-2117 (O)/2289-2109(P).‬‬

‫‪32‬‬
‫تقديم المعلومات واإلرشاد أو النصيحة الموضوعية المتعلقة بها وتطوير مهاراتهم وثقافتهم بالخدمات المالية‬
‫من خالل زيادة وعيهم بالفرص والمخاطر المالية ليصبحو قادرين على اتخاذ ق اررات مبنية على معلومات‬
‫صحيحة وتعريفهم بالجهات التي يمكن التوجه إليها في حال ما احتاجوا للمساعدة‪ ،‬واتخاذ خطوات فعالة أخرى‬
‫من شأنها تحسين الرفاه المالي الخاص بهم(‪ .)1‬وهو ما يعني أن التثقيف المالي أصبح من المسلمات المعترف‬
‫دوليا‪ ،‬كأحد ركائز مواجهة االستبعاد المالي‪.‬‬
‫بها ً‬

‫باإلضافة إلى‪ ،‬إتخاذ إجراءات حكومية جدية للقضاء على الفقر وزيادة دخول األفراد‪ ،‬ذلك لكون الفقر –‬
‫كما سبقت اإلشارة – من أهم معوقات تحقق الشمول المالي‪ ،‬وتتمثل هذه اإلجراءات في تبني خطة اقتصادية‬
‫طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ المالئم‪ ،‬والجاذب لالستثمارات األجنبية والمحلية‪.‬‬

‫أيضا على تعبئة اإلمكانيات‪ ،‬والقدرات‪ ،‬والموارد المالية‪ ،‬والمادية‪ ،‬والبشرية الكامنة باالقتصاد‬
‫وتقوم ً‬
‫المصري‪ ،‬والسيما اإلمكانيات والقدرات المترتبة على ترشيد اإلنفاق الحكومي‪ ،‬واصالح نظام األجور والمرتبات‪،‬‬
‫واصالح نظام الدعم بكافة صوره وأشكاله‪ ،‬وادخال القطاع غير الرسمي في مالية الحكومة والمنظومة الرسمية‪،‬‬
‫واعادة هيكلة الجهاز اإلداري للدولة‪ ،‬واالستغناء عن الكثير من االستشاريين‪ ،‬والتسعير العادل لمنتجات المناجم‬
‫والمحاجر‪ ،‬واعمال معايير االقتصاد والكفاءة والفاعلية‪ ،‬في إدارة وتشغيل أجهزة الدولة المختلفة‪ ،‬ووحدة الموازنة‬
‫العامة للدولة بما تتضمنه من ضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة‪ ،‬واعادة تسعير الغاز واألراضي المخصصة‬
‫بأسعار رمزية‪ ،‬واتخاذ إجراءات جدية ضد المستثمرين المتهربين من سداد القروض‪ ،‬واسترداد األموال المهربة‬
‫بالخارج‪.‬‬

‫باإلضافة إلى‪ ،‬إتخاذ إجراءات جدية لمواجهة الفساد؛ وذلك بضبط التشريعات المتعلقة بذلك‪ ،‬وتمكين‬
‫األجهزة الرقابية المختلفة من ممارسة دورها الرقابي‪ ،‬مع ضرورة االعتماد على الالمركزية االدارية‪ ،‬وذلك‬
‫باالعتماد على الجهات المركزية في وضع السياسات العامة‪ ،‬والجهات الالمركزية في تنفيذ تلك السياسات‪.‬‬

‫عالوة على ما سبق‪ ،‬ينبغي على الحكومة سرعة المعالجة التشريعية لعملية الشمول المالي‪ ،‬وذلك‬
‫بإصدار قانون يعزز منه‪ ،‬ويطرح كافة الجوانب الالزمة لتحققه في صورة تشريعية‪ ،‬باإلضافة إصدار قانون‬
‫دمج االقتصاد غير الرسمي ‪ ،‬وذلك ليتضمن إستراتيجية جادة لدمج ذلك القطاع‪ ،‬مع التشديد على ضرورة‬
‫إخراج تلك التشريعات من ثوب التشريعات الهادفة إلى مراقبة العمليات المالية‪ ،‬والتي تسعى إلى الجباية فقط‪،‬‬
‫أي أال يقتصر هدف التشريع على مجرد إخضاع المعامالت للضرائب والرسوم‪ ،‬ويضع في الحسبان األبعاد‬
‫االقتصادية واالجتماعية والبيئية للشمول المالي‪.‬‬

‫(‪ )1‬أ‪.‬د‪ /‬صبري نوفل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪33‬‬
‫مع ضرورة منح مزيد من الحوافز في حالة التقدم طواعيةً للدخول في المنظومة الرسمية – مثل إعطاء‬
‫المشاريع متناهية الصغر إعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات بشرط التسجيل ‪ -‬وتغليظ العقوبات المالية في حالة‬
‫ضبط األنشطة غير الرسمية‪.‬‬

‫إال أن األمر ال يتوقف فقط عند إصدار تشريع للشمول المالي ولدمج االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬بل يتطلب‬
‫مراجعة تشريعية لكافة التشريعات المتعلقة باألنشطة االقتصادية وتسجيل التصرفات‪ ،‬واشهار المعامالت‪،‬‬
‫مثل ا لقوانين التي تنظم إجراءات اإلشتراك في المرافق‪ ،‬وقانون البناء الموحد‪ ،‬وقوانين الشركات‪ ،‬والشهر العقاري‬
‫والتوثيق‪ ،‬وغيرها من القوانين‪ ،‬التي تقنن البيروقراطية‪ ،‬والتعقيدات اإلدارية‪ ،‬وذلك على النحو الذي ييسر‬
‫ويختصر من إجراء التصرفات‪ ،‬وتسجيل العمليات التجارية‪.‬‬

‫وفي ذات اإلتجاه‪ ،‬يجب التنسيق بين مختلف األطراف المعنية على المستوى القومى لتهيئة الظروف‬
‫التى تُ ِّ‬
‫مكن المصريين ‪ -‬وال سيما أولئك الذين ال يحصلون على الخدمات المالية بشكل مناسب ‪ -‬من االدخار‬
‫بأمان وتحقيق تطلعاتهم المالية‪ ،‬باإلضافة إلى تمكين المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من‬
‫الحصول على التمويل واالستثمار والنمو وخلق المزيد من فرص العمل‪ .‬كذلك يتحتم التعجيل بتطبيق نظام‬
‫المدفوعات وتعميمة بكافة مؤسسات الدولة‪ ،‬ودخوله في كافة األنشطة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أصبح من الضروري تغيير ثقافة البنك المركزي تجاه البنوك‪ ،‬وعدم التعامل معها على‬
‫أنها بنوك إيداع غير فقط‪ ،‬وأن يسمح للبنوك بان تشارك في عمليات استثمارية‪ .‬باإلضافة إلى ضرورة‬
‫العمل على زيادة نسبة المالئة المالية للبنوك‪ ،‬وذلك بحس البنوك على زيادة رأس المالي‪ ،‬وذلك بإضافة‬
‫أرباحها إلى رأس المال أو طرح أسهم جديدة في البورصة‪ ،‬وبذلك يكون لدينا بنوك عمالقة قادرة على االقتراض‬
‫نيابةً عن الدولة‪ ،‬حيث أن قيام الحكومة بنفسها باالقتراض يعرضها لمخاطر مرتفعة‪ ،‬ذلك باإلضافة إلى المهارة‬
‫التفاوضية للبنوك والتي يمكن أن تزيد بزيادة رأس المال‪.‬‬

‫وفي ذات اإلتجاه‪ ،‬يجب العمل على بث الثقة بين كافة أفراد المجتمع وبين المؤسسات المالية‪ ،‬وتأتي‬
‫هذه الثقة من خالل التعامل بشفافية وعدالة‪ ،‬مع إمكانية تقديم خدمات استشارية للعميل في حالة طلبه‪ ،‬ومنحه‬
‫كافة المعلومات الالزمة عن كافة مراحل تعامله مع مقدمي الخدمات المالية‪ ،‬واألهتمام بالشكاوى المقدمة من‬
‫العميل والتعامل معها بحيادية تامة‪ .‬مع ضرورة تخفيض تكلفة المعامالت البنكية‪ ،‬والنظر إلى البعد اإلجتماعي‬
‫وعدم التركيز على جانب تحقيق أرباح فقط‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وختاما‪ ،‬يتحتم دراسة إعطاء فرصة أكبر لدور التمويل االسالمي في الشمول المالي‪ ،‬وتعظيم دور المصارف‬ ‫ً‬
‫االسالمية‪ ،‬وتنويع خدماتها ومنتجاه المالية‪ ،‬على النحو الذي يتفق مع التطلعات‪ ،‬والقناعات الدينية للفئات‬
‫المهمشة‪.‬‬

‫الخــــــــاتمة والتوصيات‬

‫تناولت الدراسة موضوع نحو استراتيجية وطنية للشمةل المالي في مصر في ضوء رؤية مصر‬
‫‪ ،0202‬وترجع أهمية ذلك الموضوع‪ ،‬إلى ما يترتب على الشمول المالي من آثار ايجابية على كافة‬
‫المتغيرات االقتصادية الكلية‪ ،‬وفي ظل ذلك أصبح من الضروري الوقوف على واقع الشمول المالي في‬

‫‪35‬‬
‫مصر‪ ،‬والتحديات التي تواجهه‪ ،‬وانعكاساته على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪ ،0202‬وذلك‬
‫في سبيل الوصول إلى بعض الحلول المقترحة التي يمكن أن تعزز من الشمول المالي‪ .‬وقد جاءت‬
‫هذه الدراسة لإلجابة على تلك التساؤالت‪ ،‬وفي ضوء ذلك تشير إلى النتائج المستخلصة على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ -‬لم تتبع الحكومة المصرية استراتيجية واضحة للشمول المالي‪ ،‬واكتفت ببعض المبادرات التي‬
‫تبناها البنك المركزي؛ وهو ما ترتب عليه تعزيز االستبعاد المالي‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬طردية العالقة بين تعزيز الشمول المالي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬كما يعد الشمول‬
‫ً‬
‫المالي أحد أدوات تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬

‫ثالثًا‪ -‬ترتب على حالة االستبعاد المالي في مصر حرمان المؤسسات المالية من االستفادة من مدخرات‬
‫القطاع العائلي‪ ،‬وكذلك رواج ظاهرة االقتصاد غير الرسمي؛ وهو ما أعاق تحقيق أهداف رؤية مصر‬
‫للتنمية المستدامة‪.‬‬

‫ابعا‪ -‬يمكن إيجاذ معوقات الشمول المالي في مصر في (الفقر وتدني مستوى الدخول‪ ،‬وارتفاع تكلفة‬
‫رً‬
‫الخدمات المالية‪ ،‬وارتفاع نسبة األمية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور‪ ،‬وعدم فاعلية السياسات‬
‫االقتصادية على المستوى الكلي‪ ،‬وانتهاج الحكومات المتعاقبة لسياسات خاطئة‪ ،‬والفساد اإلداري‬
‫والمركزية والمالية‪ ،‬وانخفاض مستوى ثقة المستهلك وعدم توافر الحماية الالزمة له‪ ،‬واالعتماد على‬
‫نظام مالي ربوي)‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى العديد من المعوقات‪ ،‬والنتائج المترتبة على الشمول المالي في مصر‪ ،‬والتي‬
‫أوضحتها الدراسة بصورة مفصلة‪.‬‬

‫لذلك توصي الدراسة ببعض التوصيات التي قد تساعد في القضاء على االستبعاد وتعزيز الشمول‬
‫المالي‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أوًال‪ -‬ضرورة وضع استراتيجية قومية للشمول المالي‪ ،‬تشارك في وضعها وتنفيذها كافة المؤسسات‬
‫المعنية بالدولة‪ ،‬على أن تتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬إعداد دراسات ميدانية عن واقع الفئات المهمشة‪ ،‬والخدمات والمنتجات المالية التي تشغل‬
‫أهتماماتها وتتفق مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والعمل على إتاحة تلك الخدمات‬
‫والمنتجات‪.‬‬
‫ماليا باللغة التي يفهمونها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على الوصول إلى الفئات المهمشة‪ ،‬وتثقيفهم ً‬
‫‪ -‬وضع تشريع للشمول المالي على أن يتضمن حماية المستهلك المالي‪ ،‬وتحديد كافة حقوقه‬
‫وواجباته‪ ،‬وكذلك تشريع لدمج االقتصاد غير الرسمي‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيض تكلفة الخدمات والمنتجات المالية التي ُيستهدف إتاحتها للفئات المهمشة‪.‬‬
‫‪ -‬وضع تعريف للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتفق مع واقع تلك المشروعات المنتشرة ببيئة‬
‫األعمال المصرية‪ ،‬واتاحة التمويل الالزم لها بشروط ميسرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬ضرورة إتخاذ الحكومة إلجراءات جدية في سبيل القضاء على الفقر وزيادة الدخول؛ من خالل‬‫ً‬
‫وضع وتنفيذ خطة اقتصادية طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ المالئم‪ ،‬والجاذب‬
‫لالستثمارات األجنبية والمحلية‪ ،‬ومن خالل تعبئة اإلمكانيات‪ ،‬والقدرات‪ ،‬والموارد المالية‪ ،‬والمادية‪،‬‬
‫والبشرية الكامنة باالقتصاد المصري‪ ،‬والسيما اإلمكانيات والقدرات المترتبة على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ترشيد اإلنفاق الحكومي‪ ،‬واصالح نظام األجور والمرتبات‪ ،‬واصالح نظام الدعم بكافة صوره‬
‫وأشكاله‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة هيكلة الجهاز اإلداري للدولة‪ ،‬واالستغناء عن الكثير من االستشاريين‪.‬‬
‫‪ -‬التسعير العادل لمنتجات المناجم والمحاجر‪.‬‬
‫‪ -‬إعمال معايير االقتصاد والكفاءة والفاعلية‪ ،‬في إدارة وتشغيل أجهزة الدولة المختلفة‪ ،‬ووحدة‬
‫الموازنة العامة للدولة بما تتضمنه من ضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة تسعير الغاز واألراضي المخصصة بأسعار رمزية‪ ،‬واتخاذ إجراءات جدية ضد‬
‫المستثمرين المتهربين من سداد القروض‪ ،‬واسترداد األموال المهربة بالخارج‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬إتخاذ إجراءات جدية لمواجهة الفساد المالي واإلداري‪ ،‬وتمكين األجهزة الرقابية من ممارسة دورها‬
‫الرقابي‪ ،‬والعمل على تطبيق الالمركزية االدارية‪.‬‬

‫اء‬
‫ابعا‪ -‬السماح للبنوك بالمشاركة في البيئة االستثمارية‪ ،‬والعمل على زيادة نسبة مالئتها المالية‪ ،‬سو ً‬
‫رً‬
‫عن طريق إضافة األرباح إلى رأس المالي‪ ،‬أو طرح أسهم جديدة بالبورصة‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬دراسة االعتماد على نظام تمويل إسالمي كمعزز للشمول المالي‪.‬‬
‫ً‬
‫‪37‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫ً‬
‫أول‪ -‬المراجع العربية‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم الغيطاني‪ ،‬أسماء الخولي‪ :‬مداخل الدمج اآلمن لالقتصاد غير الرسمي في مصر‪ ،‬مركز األهرام للدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية – بدائل‪ ،‬سلسلة "دراسات سياسات" فصلية محكمة‪ ،‬العدد ‪ ،00‬القاهرة‪ ،‬أكتوبر ‪.7102‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬أحمد ذكر هللا‪ :‬تطورات المشهد االقتصادي‪ ،‬المعهد المصري للدراسات‪ ،‬إسطنبول‪.7102 ،‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الجزء الخامس عشر‪.7116 ،‬‬

‫‪ -‬أحمد عايش عطية‪ :‬تفعيل متطلبات الشمول المالي من خالل استخدتم الحوسبة السحابية وتأثير ذلك محاسبيًا‪ ،‬بحث مقدم‬
‫لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة – جامعة االسكندرية في‬
‫الفترة ‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪.7102‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬إسالم محمد البنا‪ :‬التنمية المستدامة والبيئة المؤسسية في مصر‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬المجلة العلمية للبحوث التجارية‪ ،‬كلية‬
‫التجارة‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،‬القاهرة‪.7102 ،‬‬
‫‪ -‬بهناز علي القره داغي‪ :‬الشمول المالي‪ :‬دولة قطر أنموذجا‪ ،‬مجلة اإلدارة والقيادة اإلسالمية‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العدد األول‪،‬‬
‫الهيئة العالمية للتسويق اإلسالمي‪ ،‬قطر‪.7102 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬إسالم محمد محمد شاهين‪ :‬التنمية المستدامة ومؤشراتها في مصر‪ -‬دراسة تحليلية‪ ،‬المجلة العلمية للبحوث والدراسات‬
‫التجارية‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬القاهرة‪.7100 ،‬‬
‫‪ -‬سمية رمدوم‪ :‬التنمية المستدامة مقاربة مفاهيمية‪ ،‬مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح‪ ،‬الجزائر‪.7102 ،‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬د‪ /‬صبري نوفل‪ :‬الشمول المالي في مصر وبعض الدول العربية‪ ،‬العدد ‪ ،662‬مجلة االقتصاد والمحاسبة‪ ،‬نادي التجارة‪،‬‬
‫القاهرة‪.7102 ،‬‬
‫‪ -‬طارق محمد إبراهيم‪ :‬دراسة تحليلية لنموذج الشمول المالي في بنك ناصر االجتماعي‪ ،‬ورقة عمل مقدمة لمؤتمر "األبعاد‬
‫المحاسبية والمهنية للشمول المالي – في إطار رؤية مصر ‪ "7101‬والذي نظمته كلية التجارة‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬خالل الفترة‬
‫من ‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪.7102‬‬
‫‪ -‬طارق محمد إبراهيم الشين‪ :‬تطور أنشطة بنك ناصر االجتماعي بما يعكس الشمول المالي‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد‬
‫المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة ‪70 – 71‬‬
‫ديسمبر ‪.7102‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬مأمون أحمد محمد النور‪ :‬التنمية المستدامة‪ ،‬المجلد الواحد والثالثون‪ ،‬العدد ‪ ،060‬مجلة األمن والحياة‪ ،‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪.7107 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مجدي األمين نورين‪ :‬الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول‪ ،‬العدد ‪ ،22‬مجلة بنك السودان المركزي‪ ،‬الخرطوم‪،‬‬
‫‪.7102‬‬
‫‪ -‬مركز هردو لدعم التعبير الرقمي‪ :‬الشمول المالي في مصر‪....‬هل لمحدودي الدخل نصيب في إتاحة األدوات المالية‪،‬‬
‫القاهرة‪.7102 ،‬‬

‫‪ -‬د‪ /‬هدى النمر‪ ،‬د‪ /‬أحمد عاشور‪ :‬التقدم الذي أحرزته مصر نحو تحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية‪ ،‬دراسة مرجعية انتجت في‬
‫إطار اإلعداد للتقرير الوطني للتنمية البشرية‪ ،‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪ ،‬و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.0220‬‬
‫‪ -‬ياسمين مجدي رجب عثمان‪ ،‬محمد أحمد محمد صالح‪ :‬تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للقطاع المصرفي‪:‬‬
‫دراسة تطبيقية‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر ‪ – "7101‬كلية التجارة –‬
‫جامعة االسكندرية في الفترة ‪ 70 – 71‬ديسمبر ‪.7102‬‬

‫األمم المتحدة‪ :‬أهداف التنمية المستدامة‪.0217 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫البنك الدولي‪ :‬قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي‪.7102 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫البنك المركزي المصري‪ :‬تقرير االستقرار المالي ‪.0217‬‬ ‫‪-‬‬
‫وزارة التخطيط والمتابعة واالصالح االداري‪ :‬رؤية مصر ‪ ،0202‬القاهرة‪.7102 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيًا‪ -‬مراجع باللغة اإلنجليزية‪:‬‬

‫‪- Adeyemi Adewale Abideen, Pramanik Ataul Huq, Meera Ahmaed Kameel Mydin: ”The‬‬
‫‪measurement Model of the Determinants of financial Exclusion among Musilm Micr-‬‬
‫‪enterpreneurs in Ilorin”, Nigeria, Journal of Islamic finance, Vol.1 No. 1 (2012), IIUM‬‬
‫‪instititue of Islamic Banking and Finance, ISSN 2289-2117 (O)/2289-2109(P(.‬‬

‫‪39‬‬
- David Griggs: “Sustainable development goals for people and planet”, Macmillan
Publishers, London,2013.
- Leandro Medina, Friedrich Schneider: “Shadow Economies Around the World: What
Did We Learn Over the Last 20 Years?”, IMF Working Paper, WP/18/17 ,
Washington, 2018.

‫فهرس الموضوعات‬

40
‫الصفحة‬
‫الموضوع‬
‫‪0‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪7‬‬ ‫مطلب تمهيدي – العالقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول ‪ -‬واقع الشمول المالي في مصر وانعكاسه على أهداف التنمية‬
‫المستدامة‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ -‬واقع الشمول المالي في مصر‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني‪ -‬تأثير الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة ‪.0202‬‬
‫‪02‬‬ ‫سبل مواجهتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ -‬التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر و ُ‬
‫‪01‬‬
‫المطلب األول‪ -‬التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر‪.‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ -‬مدخل الستراتيجة وطنية للشمول المالي في مصر‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫الخاتمة والتوصيات‬
‫‪02‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪41‬‬

You might also like