Professional Documents
Culture Documents
محاضر (منتدب)
1
ملخص ادلراسة
تتحدد مشكلة الدراسة في اإلجابة على ما يثار من تساؤالت حول تأثير فكرة الشمول المالي على رؤية
مصر للتنمية المستدامة ، 0202ومدى إمكانية وضع مصر الستراتيجية وطنية للشمول المالي تحدد أدوار
كافة المؤسسات في ذلك اإلطار؛ لذلك يتمثل الهدف الرئيس للدراسة في الوقوف على واقع الشمول المالي
والتنمية المستدامة في مصر ،وتأثير فكرة الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة ،0202وايضاح
مدى إمكانية زيادة فعالية الشمول المالي من خالل مواجهة األسباب التي أدت إلى تنامي االستبعاد المالي،
وبحث إمكانية وضع مصر الستراتيجية وطنية للشمول المالي.
وقد جاءت هذه الدراسة لإلجابة على تلك التساؤالت ،وفي ضوء ذلك توصلت لمجموعة من النتائج ،تمثل
أهمها في أن الحكومة المصرية لم تتبع استراتيجية واضحة للشمول المالي ،واكتفت ببعض المبادرات التي
أطلقها البنك المركزي ،في حين أنه ترتب على حالة االستبعاد المالي في مصر حرمان المؤسسات المالية من
االستفادة من مدخرات القطاع العائلي ،وكذلك رواج ظاهرة االقتصاد غير الرسمي؛ وهو ما أعاق تحقيق أهداف
رؤية مصر للتنمية المستدامة.
ويمكن إيجاذ معوقات الشمول المالي في مصر في الفقر وتدني مستوى الدخول ،وارتفاع تكلفة الخدمات
المالية ،وارتفاع نسب األمية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور ،وعدم فاعلية السياسات االقتصادية على
المستوى الكلي ،وانتهاج الحكومات المتعاقبة لسياسات خاطئة ،باإلضافة إلى الفساد المالي واإلداري والمركزية،
وانخفاض مستوى ثقة المستهلك وعدم توافر الحماية الالزمة له ،واالعتماد على نظام مالي ربوي.
لذلك أوصت الدراسة بضرورة وضع استراتيجية قومية للشمول المالي ،تشارك في وضعها وتنفيذها كافة
المؤسسات المعنية ،على أن تتضمن إعداد دراسات ميدانية عن واقع الفئات المهمشة ،والخدمات والمنتجات
المالية التي تشغل أهتماماتها وتتفق مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية ،والعمل على إتاحة تلك الخدمات
والمنتجات ،والعمل على الوصول إلى الفئات المهمشة ،ووضع تشريع للشمول المالي على أن يتضمن حماية
المستهلك المالي ،وتحديد كافة حقوقه وواجباته ،وكذلك تشريع لدمج االقتصاد غير الرسمي ،باإلضافة إلى
تخفيض تكلفة الخدمات والمنتجات المالية التي ُيستهدف إتاحتها للفئات المهمشة.
عالوةً على ما سبق ،يتحتم على الحكومة إتخاذ إجراءات جدية في سبيل القضاء على الفقر وزيادة
الدخول؛ وذلك من خالل وضع وتنفيذ خطة اقتصادية طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ
المالئم ،والجاذب لالستثمارات األجنبية والمحلية ،ومن خالل تعبئة اإلمكانيات ،والقدرات ،والموارد المالية،
:الشمول المالي ،التنمية المستدامة ،رؤية والمادية ،والبشرية الكامنة باالقتصاد المصري .اللكامت املفتاحية
مصر ،0202القضاء على الفقر ،التثقيف المالي.
2
المقدمة
اقترن مفهوم التنمية منذ ظهوره بالجانب االقتصادي ،فبعد حصول دول العالم الثالث على استقاللها السياسي
بعد الحرب العالمية الثانية ،روجت الدول الرأسمالية للفكر التنموي التقليدي الذي ربط واقعه من الفقر ،وتدني
المستوى المعيشي ،والجهل ،واألمراض واألوبئة ...بظاهرة التخلف ،دون التركيز على مخلفات اإلستعمار وما
ورثته الدول من نزاعات وصراعات عرقلت مسار تحقيق التنمية لدى الشعوب المستقلة حديثًا.
وهو ما أدى إلى تطوير مفهوم التنمية بإسهامات اإلتجاهات النظرية الحديثة في ميدان التنمية ومحاولة
الوصول للرفاه اإلجتماعي في السبعينيات ،إلى أن أدرك المجتمع الدولي أن نموذج التنمية الحالي المعتمد
مستداما ،وبدأ التفكير في السياق الذي تجرى فيه العمليات التنموية بالتركيز
ً أساسا على مدخل التحديث لم يعد
ً
على تحقيق األهداف التنموية والحفاظ على البيئة ،وبالتالي إلمام العلوم االقتصادية واالجتماعية بالعلوم
الطبيعية من أجل صياغة السياسات العامة .ليظهر مصطلح التنمية المستدامة في أواخر الثمانينيات كمقاربة
نظرية لفهم عملية التنمية السياسية للبحث عن نموذج جديد تتوافق فيه عاملي شروط التنمية وحماية البيئة(.)1
وتطور االهتمام بعد ذلك بالتنمية المستدامة إلى أن أصبحت اآلن الطريق النموذجي الذي يحكم تقدم
خصوصا بعد اكتساب الفكرة للتأييد الدولي ،بعد مؤتمر قمة األرض في ريو عام 2990وظهور ما
ً البشرية.
يسمى بأجندة القرن الواحد والعشرون ،ثم توقيع مائة دولة في جوهانسبرج عام 0220على معاهدة لضبط
مساعي المحافظة على الموارد والتنوع البيولوجي ،وبات اإلدراك بأن نمط التنمية االقتصادية وليس النمو في
قابال لالستمرار يترتب عليه خلقمعتدال للنمو ً
ً معدال
ً حد ذاته هو األمر الحاسم في عملية التنمية ،إذ أن
للوظائف واقالل الفقر خير من معدل نمو مرتفع يرتكز على زيادة عدم المساواة ،وتَ ِحفَه مخاطر التذبذب
واألزمات (.)2
( )1سمية رمدوم :التنمية المستدامة مقاربة مفاهيمية ،مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح ،الجزائر،7102 ،
ص.0
( )2د .إسالم محمد البنا :التنمية المستدامة والبيئة المؤسسية في مصر ،العدد الرابع ،المجلة العلمية للبحوث التجارية ،كلية
التجارة ،جامعة المنوفية ،القاهرة ،7102 ،ص .01
3
أيضا للنمو وتخفيض أعداد الفقراء والتوزيع األكثر مساواة وعدالة
مركزية ليس فقط لتحقيق االستقرار وانما ً
للموارد والقدرات(.)1
وفي ذلك ،صدر تقرير حديث للبنك الدولي بعنوان "الشمول المالي العامل الرئيس للحد من الفقر
وتعزيز الرخاء " ،وهو ما يظهر معه أهمية مواجهة اإلستبعاد المالي ،المتمثل في إستبعاد شريحة كبيرة من
هاما في تحقيق رفاهية الشعوب،
عامال ً
ً المجتمع من المشاركة في األنشطة االقتصادية ،فالشمول المالي يعد
من خالل دمجه لهذه الشريحة ،وتوسيع المقدرة التمويلية للمجتمع ،وهو ما يجعله يتقابل مع أهداف التنمية
معزز لتحقيق تلك األهداف.
ًا عامال
ً المستدامة ،أو بمعنى آخر يجعله
واألمر ال يتوقف فقط عند حد تدعيم تحقيق األهداف التنموية ،بل أن الشمول المالي يخدم عملية
التخطيط للتنمية المستدامة نفسها؛ من خالل مواجهته لالقتصاد غير الرسمي ،وضبطه للنتائج االقتصادية،
وتحويل أرقامها ونسبها إلى أرقام ونسب واقعية ،تساعد صانع الق ارر وواضع الخطط التنموية.
ومن هذا المنطلق ،تسعى الحكومة المصرية إلى الترويج لمفهوم الشمول المالي ،في محاولة لدمج
مختلف طبقات المجتمع أفر ًادا ومؤسسات في المنظومة المصرفية الرسمية للدولة ،وذلك بتهيئة بنية تشريعية
ومالية مناسبة لتلبية متطلبات الشمول المال ي ،باإلضافة إلى تطوير بعض الخدمات والمنتجات المالية لتلبي
احتياجات جميع فئات المجتمع ،إلى جانب االهتمام بالتثقيف المالي.
وقد أسفر ذلك السعي عن التحسن في بعض النتائج التي أشارت إليها قاعدة بيانات المؤشر العالمى
للشمول المالى فيندكس » «Global Findexالصادرة من البنك الدولى عام ،0222والتي كشفت عن زيادة
نسبة البالغين الذين لديهم حساب مصرفى فى مصر لتصل إلى نحو %00فى عام 0222مقارنةً بنحو
%21فى عام 0221و %22فى عام .)2(0222
إال أن هذه النسبة ال تزال ضئيلة ،مقارنة ب %12في لبنان ،ونحو %22متوسط النسبة في دول الخليج،
عالميا(.)3
ً و %12متوسط النسبة
( )1د .مجدي األمين نورين :الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول ،العدد ،22مجلة بنك السودان المركزي ،الخرطوم ،7102 ،ص.0
( )2البنك المركزي المصري :تقرير االستقرار المالي ،7102ص .72
( )3أحمد عايش عطية :تفعيل متطلبات الشمول المالي من خالل استخدتم الحوسبة السحابية وتأثير ذلك محاسبيًا ،بحث مقدم
لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة
70 – 71ديسمبر ،7102ص .262
4
مشكلــة الدراســة وأهدافهــا:
تتحدد المشكلة الرئيسة للدراسة ،فيما يثيره العرض السابق من تساؤل حول تأثير فكرة الشمول المالي على
رؤية مصر للتنمية المستدامة ،0202ومدى إمكانية وضع الحكومة المصرية الستراتيجية وطنية للشمول
المالي ،خاصةً مع اعتمادها في الفترة الماضية على مجموعة من المبادرات ال تخرج عن كونها مجرد أدوات
لرؤية غير محددة واستراتيجية غير موضوعة.
منهــج الدراســة:
اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي ،من خالل جمع البيانات والمعلومات حول الشمول المالي والتنمية
المستدامة في مصر ،ومحاولة االجابة على االسئلة المتعلقة بواقع الشمول المالي ،وتأثيره على رؤية مصر
وسبل الوصول إلى استراتيجية حقيقية لتعزيز الشمول المالي في مصر.
للتنمية المستدامة ُ ،0202
فــروض الدراســة:
تهدف الدراسة إلى طرح الفروض التالية للمناقشة:
وجود عالقة طردية تبادلية بين تعزيز الشمول المالي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. -
وجود عالقة عكسية بين الشمول المالي واالقتصاد غير الرسمي. -
يعد الشمول المالي أحد أدوات تحقيق التنمية المستدامة. -
ترتب على عدم وضع استراتيجية وطنية للشمول المالي واالكتفاء بمجموعة المبادرات التي تبناها -
البنك المركزي المصري؛ تعزيز االستبعاد المالي في مصر.
5
مجــال الدراســة:
الدراســات الســـابقة:
تشير أدبيات الموضوع على المستوى المصري إلى ندرة الدراسات العلمية حول العالقة بين الشمول
بعضا من أهم الدراسات السابقة:
المالي والتنمية المستدامة ،ونستعرض فيما يلي ً
-1الشمول المالي والتقدم االقتصادي ،أحمد عاطف عبدالرحمن ،العدد ،191مجلة المال
والتجارة ،القاهرة.0212 ،
استهدفت هذه الدراسة إبراز اآلثار االيجابية للشمول المالي وخاصةً من الناحية االقتصادية ،وركزت
على دوره في دمج االقتصاد غير الرسمي ،وتوصلت إلى مجموعة من النتائج ،أهمها أن دمج القطاع
غير الرسمي يترتب عليه مضاعفة معدالت النمو االقتصادي وتوفير فرص العمل ،وأن الشمول المالي
ينص ب في مصلحة المجتمع ككل ،وفي سبيل تعزيز الشمول المالي أوصت الدراسة بضرورة تفعيل الدفع
االلكتروني ،وتسويق الخدمات المالية عبر الذهاب للعميل ،وتقديم باقة متنوعة من الخدمات ،مع خصم
%02من المصاريف البنكية السنوية ،وخلق أوعية ادخارية تبدأ من 2222جنيه ومضاعفاتها.
-0ياسمين مجدي رجب عثمان ،محمد أحمد محمد صالح :تأثير تطبيق الشمول المالي على
االستقرار المالي للقطاع المصرفي :دراسة تطبيقية ،بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية
والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "0202كلية التجارة – جامعة االسكندرية
في الفترة 01 – 02ديسمبر .0212
سعت هذه الدراسة إلى اختبار تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للبنوك العاملة في
مصر ،حيث قام الباحثان من خالل عينة بلغت خمسة بنوك تجارية متداولة في البورصة – في الفترة من
الربع األول من عام 0222وحتى الربع األول من عام – 0222بإجراء ذلك االختبار ،وقد توصل
الباحثان إلى وجود عالقة وتأثير لتطبيق سياسات الشمول المالي على االستقرار المالي للبنوك التجارية
المتداولة في البورصة المصرية.
-0أ.د /صبري نوفل ،العالقة المتداحلة بين االستقرار المالي والشمول المالي ،العدد ،662
مجلة االقتصاد والمحاسبة.0212 ،
6
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العالقة بين الشمول المالي واالستقرار االقتصادي ،والبحث
في أسباب إنتفاء االستقرار المالي ،ومدى أهميته ،وتوصلت إلى أن هناك عالقة وثيقة بين
كل منهما اآلخر ،كما أكدت على صعوبة تحقق الشمول المالي واالستقرار المالي؛ حيث يدعم ٍ
الشمول المالي دون وجود استقرار مالي ،وأوصت الدراسة بضرورة توفير الحماية الالزمة
للمستهلك المالي ،وضرورة تعزيز اإلفصاح الكامل عن المعلومات التي تهم المستهلكين ،مع
ماليا.
ضرورة االهتمام بشكاوى المستهلكين ،وتقديم المشورة االئتمانية له ،والعمل على تثقيفه ً
الدراسة الحالية:
رغم أهمية وعمق الدراسات السابقة ،واضافتها إلى أدبيات الموضوع ،فإن الدراسة الحالية تتميز
بما يلي:
تركز الدراسة على تحليل العالقة بين الشمول المالي وتحقيق التنمية المستدامة. -
تبحث الدراسة بشكل مباشر وتفصيلي في تأثير الشمول المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية -
المستدامة 0202بأبعادها المختلفة.
تعمل الدراسة على استعراض كافة االجراءات والمبادرات التي اتخذتها الحكومة المصرية في -
سبيل تعزيز الشمول المالي ،كما تحاول الدراسة وضع تقييم لها.
تسعى الدراسة إلى التركيز على اتباع السياسات واإلجراءات التي تكفل مواجهة االستبعاد -
المالي ،والتي تعد خطوط عريضة الستراتيجية وطنية للشمول المالي.
مشتمالت الدراسة:
المبحث األول -واقع الشمول المالي في مصر وانعكاسه على أهداف التنمية المستدامة.
وسبل مواجهتها.
المبحث الثاني -التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر ُ
7
مطلب تمهيدي
إن الوقوف على إنعكاس الشمول المالي على التنمية المستدامة ،وموقف التنمية المستدامة من فكرة الشمول
المالي؛ يتطلب في البداية الوقوقف على مفهوم كل منهما ،وطبيعتهما ،وأهميتهما ،على النحو الذي ُيمهد
للوقوف على واقعهما في البيئة االقتصادية المصرية ،وهو ما تستعرضه الدراسة على النحو التالي:
يعتبر مؤتمر ستوكهولم المنعقد سنة 2920حول البيئة اإلنسانية ،الذي نظمته األمم المتحدة والذي ناقش
ألول مرة القضايا البيئية وعالقاتها بالفقر وغياب التنمية في العالم امتداداً لظهور مصطلح التنمية المستدامة
في أواخر الثمانينات من القرن الماضي ،حيث ورد استخدام هذا المصطلح ألول مرة في تقرير لجنة األمم
المتحدة للبيئة والتنمية ()United Nations Commission for Environnement and Development
الصادر سنة 2922م المعنون بـ :مستقبلنا المشترك Our Common Futureوالمعروف بتقرير برونتالند
The Brundtland Reportوالذي عرف التنمية المستدامة على أنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر
دون التضحية أو اإلضرار بقدرة األجيال القادمة على تلبية احتياجاتها في المستقبل(.)1
ومنذ هذا التاريخ بدأت مناقشة ذلك المفهوم من خالل ثالثة محاور ،أولها المحور االقتصادي والذي
يتركز في ضرورة وجود نظام اقتصادي مستدام قادر على إنتاج المزيد من السلع والخدمات بشكل مستمر
ومتوازن ومتنوع المصادر .وثانيهما المحور البيئي والذي ُيلزم الدول بالحفاظ على حق األجيال القادمة من
متمثال في عدم اإلفراط في طريقة استخدامه
ً قيدا على المحور االقتصادي
ميراث الموارد الطبيعية ،وهو ما يضع ً
لميراث األجيال القادمة من الموارد الطبيعية خاصة القابلة للنضوب .وثالثها المحور االجتماعي والذي يضع
قيدا آخر على المحور االقتصادي وهو ضرورة تحقيق عدالة في توزيع الدخل والثروة ،وبصفة خاصة توفير ً
()2
الخدمات االجتماعية مثل الصحة والتعليم والمشاركة السياسية .
8
وبذلك فإن التنمية المستدامة تعد عملية مجتمعية يجب أن تسهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات
بشكل متناسق ،وال يجوز اعتمادها على فئة قليلة ،ومورد واحد .فبدون المشاركة والحريات األساسية ال يمكن
تصور قبول المجتمع باإللتزام الوافي بأهداف التنمية وبأعبائها والتضحيات المطلوبة في سبيلها ،أو تصور
تمتعه بمكاسب التنمية ومنجزاتها إلى المدى المقبول ،كما ال يمكن تصور قيام حالة من تكافؤ الفرص الحقيقي
وتوفر إمكانية الحراك االجتماعي والتوزيع العادل للثروة والدخل(.)1
وفي سبيل تعزيز التنمية المستدامة صدر إعالن األمم المتحدة لأللفية في سبتمبر عام ،0222والذي
يهدف إلى تحقيق الحد األدنى من التنمية بحلول عام ،0220من خالل تبني ثمانية أهداف رئيسة ،العامل
المشترك بينها أنها تؤدي إلى تحقيق حياة أفضل للشعوب ،وتمثلت هذه األهداف في :القضاء على حدة الفقر
عالميا ،وتعزيز المساواة بين الجنسين ،وتخفيض معدل وفيات
ً والجوع ،وضمان تعميم التعليم األساسي الشامل
األطفال ،وتحسين الصحة اإلنجابية ،ومكافحة فيروس نقص المناعة "اإليدز" وغيره من األمراض المزمنة،
وضمان االستدامة البيئية ،واقامة شراكة عالمية من أجل التنمية(.)2
عالوةً على ما سبق ،وبعد تحقيق تقدم صوب إنجاز األهداف اإلنمائية لأللفية ،وضعت األمم المتحدة
خطة للتنمية المستدامة في عام ،0220والتي تهدف من خاللها إلى القضاء على الفقر بحلول عام 0202
واحداث تحول بحياة اإلنسان ،وحددت سبعة عشر هدفًا تبغي تحقيقهم من وراء هذه الخطة ،منها :القضاء
على الفقر والجوع ،وتمتع الجميع بالتعليم والصحة الجيدة ،وضمان توافر المياه ،وتحقيق المساواه بين الجنسين،
والنمو االقتصادي ،وتوفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة ،وتنمية الصناعة ،والحد من أوجه عدم المساواة ،والحد
من التباين بين البلدان فيما بينها ،واقامة مدن ومجتمعات محلية مستدامة ،وترشيد االستهالك وتعزيز اإلنتاج
ومواجهة تغير المناخ ،وتعزيز النمو االقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام.)3(.....،
( )1د /مأمون أحمد محمد النور :التنمية المستدامة ،المجلد الواحد والثالثون ،العدد ،060مجلة األمن والحياة ،جامعة نايف
العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،7107 ،ص .22
))2
David Griggs: “Sustainable development goals for people and planet”, Macmillan
Publishers, London,2013, p. 306.
للوقوف على موقف مصر من األهداف اإلنمائية لأللفية ،راجع :د /هدى النمر ،د /أحمد عاشور :التقدم الذي أحرزته مصر
نحو تحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية ،دراسة مرجعية انتجت في إطار اإلعداد للتقرير الوطني للتنمية البشرية ،برنامج األمم
المتحدة اإلنمائي ،و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري ،القاهرة.0220 ،
( )3راجع في ذلك :األمم المتحدة :أهداف التنمية المستدامة0211 ،
.
9
ثانيا -ماهية الشمول المالي وأهميته للتنمية المستدامة:
ً
ظهر مصطلح الشمول (عكس االقصاء) المالي ألول مرة في عام 2990في دراسة "ليشون وثرفت" عن
الخدمات المالية في جنوب شرق انجلترا ،تناول فيها أثر إغالق فرع أحد البنوك على وصول سكان المنطقة
فعليا للخدمات المصرفية ،وخالل تسعينيات القرن الماضي ظهرت العديد من الدراسات المتعلقة بالصعوبات
ً
التي تواجهها بعض فئات المجتمع في الوصول إلى الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية ،وفي عام
2999استخدم م صطلح الشمول المالي ألول مرة بشكل أوسع لوصف محددات وصول األفراد إلى الخدمات
المالية المتوفرة ،وازداد االهتمام الدولي بالشمول المالي في أعقاب األزمة المالية العالمية عام .)1(0222
وُيعرف الشمول أو اإلدراج المالي بأنه تقديم الخدمات المصرفية بتكلفة معقولة إلى قطاعات واسعة من
الفئات ذات الدخول المنخفضة والمحرومة .كما أن الخدمات المصرفية هي في طبيعتها خدمة عامة ،لذلك
فمن الضروري أن يكون الهدف الرئيسي للسياسة العامة هو توفير الخدمات المالية األساسية ووسائل الدفع
لجميع السكان دون تمييز(.)2
)(3
إلى أن الشمول المالي يصبوا إلي تقديم الخدمات المالية بتكلفة يمكن تحملها إلي وقد ذهب البعض
أجزاء واسعة من غير المحظوظين وذوي الدخل المتدني .وتشمل هذه الخدمات المالية المتنوعة االئتمان،
والتوفير ،والتأمين وتسهيالت الدفع والتمويالت.
وتجدر اإلشارة إلى تطور تعريف الشمول المالي وانتقاله من تصنيف األفراد والمؤسسات بشكل بسيط
كمشمولين أو غير مشمولين ،إلى تعريفات ومقاييس متعددة األبعاد ،فتعريف مجموعة العشرين ،G20والتحالف
العالمي للشمول المالي AF1ينص على أنه "اإلجراءات التي تتخذها الهيئات الرقابية لتعزيز وصول
واستخدام كافة فئات المجتمع ،وبما يشمل الفئات المهمشة والميسورة ،للخدمات والمنتجات المالية التي
تتناسب مع احتياجاتهم وأن تُقدم لهم بشكل عادل وشفاف وبتكاليف معقولة"(.)4
( )1أ.د /صبري نوفل :الشمول المالي في مصر وبعض الدول العربية ،العدد ،662مجلة االقتصاد والمحاسبة ،نادي التجارة،
القاهرة ،7102 ،ص.02
( )2د /مجدي األمين نورين :الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول ،العدد ،22مجلة بنك السودان المركزي ،الخرطوم ،7102 ،ص.0
()3
Nageswara Rao :"Financial Inclusion - Banker's Perspective" ،The Journal of Indian Institute of
Banking @ Finance ،(October - December 2010) p.p. 20-26
( )4أ.د /صبري نوفل :مرجع سابق ،ص .02
10
ومن خالل التعريفات المختلفة يمكن مالحظة عدة محاور رئيسة يرتكز عليها الشمول المالي ،وهي(:)1
-الحصول على "الوصول إلى" المنتجات والخدمات المالية :توفر خدمات مالية رسمية ومنظمة ،وقرب
المسافة ،والقدرة على تحمل التكاليف.
-القدرة المالية :إدارة األموال بشكل فعال ،والتخطيط للمستقبل ،والتعامل مع الضائقة المالية.
-استخدام المنتجات والخدمات المالية :االنتظام ،والتكرار ،ومدة االستخدام.
-جودة الخدمات والمنتجات المالية :الخدمات مصممة الحتياجات العمالء ،وتجزئة الخدمات من أجل
توصيلها لجميع فئات المجتمع.
-التنظيم والرقابة الفعالتين بغرض ضمان تقديم المنتجات والخدمات المالية في بيئة يسودها االستقرار
المالي.
ومن جهة أخرى أثبتت الدراسات وجود عالقة وثيقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة ،فعلى سبيل
المثال إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة يعمل على دعم النمو االقتصادي ،كذلك يؤثر الشمول
المالي على الجانب االجتماعي من حيث االهتمام األكبر بالفقراء ومحدودي الدخل والمرأة ،وكذلك يساهم في
خلق فرص عمل مما يساهم في تحقيق النمو االقتصادي وبالتالي خفض معدالت الفقر ،ورفع مستوى
المعيشة(.)2
()3
إلى أن هناك منافع إنمائية عديدة يمكن تحقيقها وفي ذلك ،أشار تقرير حديث صادر عن البنك الدولي
من الشمول المالي -خاصةً من استخدام الخدمات المالية الرقمية بما فيها الخدمات المالية عبر الهواتف
المحمولة ،وبطاقات الدفع ،وغيرها من تطبيقات التكنولوجيا المالية – فعلى سبيل المثال ،أظهرت دراسات أن
الخدمات المالي ة عبر الهاتف المحمول ،والتي تسمح للمستخدمين بحفظ األموال وتحويلها من خالل الهاتف
المحمول ،يمكن أن تساعد في تحسين إمكانات كسب الدخل ،وبالتالي تحد من الفقر.
وتوصلت دراسة في كينيا إلى أن إتاحة الحصول على هذه الخدمات حققت منافع كبيرة ،السيما للنساء،
فقد م كن ذلك األسر التي تعولها نساء من زيادة مدخراتها بأكثر من الخمس ،وسمح لنحو 220ألف امرأة
بترك العمل بالزراعة وانشاء مشاريع أو أنشطة لتجارة التجزئة ،وساعد في تقليص نسبة الفقر المدقع بين هذه
األسر المعيشية بواقع .%00
11
أيضا على إدارة المخاطر المالية من خالل تسهيل
كما يمكن للخدمات المالية الرقمية أن تساعد الناس ً
جمع األموال من األصدقاء واألقارب البعيدين في األوقات الصعبة .وباإلضافة إلى ذلك يمكن أن تقلل الخدمات
المالية الرقمية من تكلفة استالم المدفوعات .ففي برنامج لإلغاثة مدته خمسة أشهر في النيجر ،أدى التحول
نقدا إلى
بدال من دفعها ً
إلى إرسال الدفعة الشهرية من اإلعانات االجتماعية الحكومية عبر الهواتف المحمولةً ،
توفير 02ساعة في المتوسط على المستفيدين ،وهي إجمالي مدة اإلنتقال واالنتظار الستالم المدفوعات.
ويمكن أن تساعد الخدمات المالية الناس على تراكم المدخرات وزيادة اإلنفاق على الضروريات .فبعد
تزويد البائعين باألسواق في كينيا ،السيما النساء ،بحسابات ادخار ،ارتفعت مدخراتهم وزاد استثمارهم في
مشاريع بواقع . %02وزاد إنفاق األسر التي تعولها نساء في نيبال على األغذية المغذية (اللحوم واألسماك)
بنسبة ،%20وعلى التعليم بنسبة ،%02وذلك بعد حصولهم على حسابات ادخار مجانية .وارتفع إنفاق
المزارعين في مالوي ،الذين كانوا يودعون مكاسبهم في حسابات لالدخار ،على المعدات الزراعية بنسبة %20
كما زادت قيمة محاصيلهم بواقع .%20
وبالنسبة للحكومات فالتحول من المدفوعات النقدية إلى الرقمية يمكن أن يحد من الفساد ويحسن مستوى
الكفاءة .وفي الهند انخفضت نسبة تسرب األموال المخصصة للمعاشات التقاعدية بواقع %12عندما تم سداد
نقدا .وفي النيجر ،أدى توزيع
بدال من تسليمها ً
هذه المدفوعات من خالل بطاقات ذكية بالبصمة اإللكترونية ً
نقدا ،إلى تقليص التكلفة المتغيرة إلدارة هذه اإلعانات
التحويالت االجتماعية عبر الهواتف المحمولة ،وليس ً
بنسبة .%02
وخالصة القول أن التنمية المستدامة والشمول المالي يلتقيان في أكثر من نقطة مشتركة ،لعل أهم هذه
النقاط هي ان الهدف الرئيس للتنمية المستدامة هو القضاء على الفقر وتوفير حياة أفضل للشعوب ،وهو
اء من حيث تمويل استثمارات الطبقات الفقيرة ،أو حتى استفادة
عين ما يهدف إليه الشمول المالي ،سو ً
الدولة من تضمين مدخراتهم باالستثمار القومي.
المبحث األول
12
وانعكاسه على أهداف التنمية المستدامة
اهتمت الحكومة المصرية – كغيرها من حكومات العالم – بقضية التنمية المستدامة ،ووضعت إستراتيجيتها
للتنمية المستدامة "رؤية مصر ،"0202والتي تهدف من خاللها إلى أن تصبح من أكبر 02دولة في العالم
من ناحية سعادة المواطن ،ومستوى التنافسية ،والقوة االقتصادية ،وذلك من خالل تحقيق أهداف معينة ،مع
بلوغ عام .0202
ومن جهة أخرى ،اثبتت التجربة أن فكرة االستبعاد أو االقصاء المالي ترتب عليها تعزيز التمييز وعدم
المساواة في الفرص ،باإلضافة إلى عدم استغالل بعض الموارد الكامنة باالقتصاد ،فإتاحة الخدمات المالية
يساعد على تمكين الفقراء من امتالك أسباب القوة ،وتساعدهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة ،بما يرفع انتاجيتهم
ودخولهم؛ وهو ما يترتب عليه زيادة اإلستهالك ،ومن ثم زيادة اإلنتاج.
ومن هنا ،اهتمت الحكومة المصرية بمواجهة فكرة االستبعاد المالي وتعزيز الشمول المالي ،كعامل أساسي
في تحقيق أهداف رؤيتها للتنمية المستدامة ،0202وللوقوف على على واقع التنمية المستدامة والشمول المالي
في مصر ،وانعكاس األخير على رؤية مصر للتنمية المستدامة نتبع التقسيم التالي:
المطلب الثاني -تأثير الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة .0202
المطلب األول
13
أشار تقرير البنك المركزي( )1عن الشمول المالي في مصر – والذي شمل عرض نتائج دراسة محدودة
أجريت على عينة ُم َمثًلة من الشعب المصري على جانب الطلب حول مدى استخدام الراشدين للخدمات المالية
عبر القنوات الرسمية – إلى أن نصف المواطنين يستخدمون بصورة أو بأخرى أحد الخدمات المالية ،واحتفاظ
%00من البالغين بحسابات إما بالبنوك أو البريد المصري.
كما كشفت قاعدة بيانات المؤشر العالمى للشمول المالى فيندكس » «Global Findexالصادرة من البنك
الدولى عام ،0222عن زيادة نسبة البالغين الذين لديهم حساب مصرفى فى مصر لتصل إلى نحو %00
فى عام 0222بعد أن كانت حوالي %21فى عام 0221و %22فى عام .)2(0222إال أن هذه النسبة
عالميا(.)3
ً ال تزال ضئيلة ،مقارنة ب %12في لبنان ،ونحو %22متوسط النسبة في دول الخليج ،و%12
وتسعى الحكومة المصرية إلى الترويج لمفهوم جديد على االقتصاد المصري وهو الشمول المالي ،في
محاولة لدمج مختلف طبقات المجتمع أفر ًادا ومؤسسات في المنظومة المصرفية الرسمية للدولة ،وذلك بتهيئة
بنية تشريعية ومالية مناسبة لتلبية متطلبات الشمول المالي ،باإلضافة إلى تطوير بعض الخدمات والمنتجات
المالية لتلبي احتياجات جميع فئات المجتمع ،إلى جانب االهتمام بالتثقيف المالي.
وترتكز استراتيجية البنك المركزي المصري لتعزيز الشمول المالي على عدة محاور ،تتلخص في العمل
على تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية مناسبة ،وانشاء قاعدة بيانات شاملة لقياس مستويات الشمول المالي
على جانبي العرض والطلب لألفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحديد الفجوات ،وتحقيق الحماية المالية
للمستهلك لزيادة الثقة في القطاع المصرفي والنظام المالي ،باإلضافة إلى تطوير خدمات ومنتجات مالية تلبي
احتياجات كافة فئات المجتمع ،إلى جانب االهتمام بالتثقيف والتوعية المالية ،ونشر الخدمات المالية والرقمية،
( )1أعد ذلك التقرير بمعرفة البنك المركزي المصري بالتعاون مع األطراف المعنية بالشمول المالي (هيئة تنمية المشروعات
الصغيرة والمتوسطة ،الهيئة القومية للبريد ،وزارة المالية ،هيئة الرقابة المالية ،والشركة المصرية لالستعالم االئتماني) ،وتم
طرحه خالل المؤتمر السنوي للتحالف الدولي للشمول المالي بمدينة شرم الشيخ في سبتمبر .7102
( )2البنك المركزي المصري :مرجع سابق ،ص .72
( )3أحمد عايش عطية :مرجع سابق ،ص .262
14
وقد قام البنك الم ركزي المصري بالعديد من الجهود سواء على المستوى الدولي أو اإلقليمي أو المحلي لمواجهة
االستبعاد المالي وترسيخ الشمول المالي ،والتي تمثل أهمها فيما يلي(:)1
-أما على المستوى اإلقليمي ،فإن البنك المركزي المصري عضو بفريق العمل اإلقليمي لتعزيز الشمول
المالي بالمنطقة العربية والمنبثق عن لجنة الرقابة على المصارف العربية ،ويعد االحتفال باليوم العربي للشمول
المالي أحد أهم الفاعليات المنبثقة عن مجموعة العمل ،حيث شارك البنك المركزي المصري في االحتفالية
السنوية في أبريل 0222والتي تم خاللها فتح 020ألف حساب لعمالء جدد بدون مصاريف وبدون حد أدنى
لفتح الحساب ،باإلضافة إلى فتح 22ألف محفظة إلكترونية ،ونشر ورعاية أنشطة التثقيف المالي لعدد 2,0
مليون مستفيد.
-وعلى المستوى المحلي ،أطلق البنك المركزي المصري عدد من المبادرات التي تستهدف تهيئة الظروف
المالئمة التي تمكن المواطنين من استخدام الخدمات المالية المختلفة السيما الفئات المهمشة ،وذلك عن طريق
فضال عن توفير التمويل الالزم للشركات متناهية الصغر والصغيرة
ً إتاحة تلك الخدمات بأسعار مناسبة،
والمتوسطة ،ومن ثم تمكين تلك الشركات من االستثمار والنمو وخلق المزيد من فرص العمل.
-أما على المستوى المؤسسي فقد وافق مجلس إدارة البنك المركزي المصري في نوفمبر 0220على إنشاء
اإلدارة المركزية للشمول المالي ،والتي تتولى تنسيق جهود الشمول المالي بالتشاور مع األطراف المعنية في
أيضا إنشاء لجنة داخلية للبيانات بالبنك المركزي المصري والتي تختص بتحديد المؤشرات التي
الدولة ،كما تم ً
يمكن من خاللها قياس مستوى الشمول المالي على مستوى الدولة وتجميع البيانات والمعلومات في ذات الشأن
وتطوير تلك المؤشرات.
باإلضافة إلى ما سبق ،أصدر البنك المركزي المصري العديد من االجراءات والمبادرات والتعليمات الرقابية،
وكذلك العديد من االتفاقيات والبرتوكوالت التي استهدفت تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية تقدر على
االستبعاد المالي ،من أهمها ما يلي(:)2
15
-إصدار تعليمات فتح فروع البنوك الصغيرة السيما بالمناطق النائية والريف؛ بهدف إتاحة الخدمات المصرفية
فضال عن العمل على تطوير البنية المالية التحتية ،وذلك من خالل إنشاء شركة لالستعالم
ً للمواطنين،
االئتماني ”.“I-Score
-دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق شركة ضمان مخاطر االئتمان “Credit Guarantee
” Company: CGCمن خالل إصدار ضمانة بقيمة 0مليار جنيه مصري للشركة مقابل قيامها بإصدار
ضمانات للبنوك لتغطية جزء من المخاطر المصاحبة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
-إصدار مبادرة التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل والتي بلغت 21,0مليار جنيه في يونيو .0222
-إطالق العديد من المبادرات والتعليمات الرقابية التي استهدفت توفير التمويل الالزم للشركات متناهية الصغر
والصغيرة والمتوسطة ،ومن أهمها إلزام البنوك بزيادة حجم اإلئتمان الموجه لتلك الشركات ليصل إلى %02
من إجمالي محفظة التسهيالت االئتمانية للبنك بحلول عام ،0202هذا باإلضافة إلى إصدار تعريف موحد
لتلك الشركات والمؤسسات واصدار تعريف للشركات المملوكة أو المدارة من قبل المرأة ،وتخفيض الحد األدنى
لحجم األعمال السنوية (المبيعات /اإليرادات السنوية) للشركات والمنشآت الصغيرة العاملة في المجال الزراعي
والتصنيع الزراعي واأللبان واألعالف والثروة السمكية والداجنة والحيوانية تحت مظلة المبادرة سالفة الذكر ،وقد
أسفرت هذه المبادرة عن زيادة في محفظة القروض الممنوحة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة
خالل الفترة من نهاية ديسمبر 0220وحتى نهاية يونيو 0222بنحو 222,2مليار جنيه مصري.
-تم توقيع برتوكول تعاون بين البنك المركزي المصري وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والمعهد
المصرفي المصري وبعض البنوك ،وذلك لالستفادة من خبرات الهيئة في مجال المشروعات التكنولوجية.
-وافق مجلس إدارة البنك المركزي المصري على تخصيص 222مليون جنيه لرعاية مبادرة "رواد النيل"
بالشراكة االستراتيجية مع جامعة النيل لمدة 0سنوات لدعم القطاع المصرفي لدفع وتطوير منظومة تنمية
وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ،ودعم األطراف ذات الصلة بريادة األعمال بما فيها القطاع المصرفي
وقطاع التعليم والصناعة والبحث العلمي بهدف زي ادة الناتج القومي وتشجيع التحول التكنولوجي للتمكن من
إبتكار الصناعات واحالل الواردات.
-توقيع اتفاقية تفاهم بينك البنك والهيئة العامة للرقابة المالية في يونيو ،0222وقد جاء ذلك في إطار
االهتمام بتوفير معلومات دقيقة بشأن الفئات المهمشة من المجتمع وغير المستفيدة من الخدمات المالية بشكل
كامل.
16
-اتخذ البنك المركزي المصري العديد من الخطوات في إطار نشر الثقافة المالية ،منها حمالت توعية مكثفة
بوسائل اإلعالم حول مفهوم الشمول المالي ،وارسال قوافل توعية من البنوك إلى المناطق الريفية والنائية لنشر
الوعي بالخدمات المالية المتنوعة وفوائدها.
-قاد المعهد المصرفي المصري مبادرة "عشان بكره" للتثقيف المالي منذ عام ،0220حيث تم االنتهاء من
مسودة استراتيجية التثقيف المالي بالتعاون مع الجهات المختصة.
-قام النبك المركزي بتوجيه أولوية قصوى لملف الخدمات المصرفية االلكترونية ،وذلك في إطار صدور قرار
رئيس الجمهورية رقم 29لسنة 0222بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات ،والذي ألزم بدوره الجهات الحكومية
بعدم سداد أي مستحقات للموردين تزيد عن 02ألف جنيه بصورة نقدية أو عن طريق شيكات مصرفية،
وتكليف الجهات التي تتعامل مع الجمهور أن تتيح للمتعاملين وسائل الدفع غير النقدي.......... ،
وفي ذات اإلتجاه ،قامت العديد من الجهات على مستوى الدولة بتبني تحقيق الشمول المالي ،وشهدت
حقيقيا ،ومنها صدور قانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر في نوفمبر ،0221وبموجب هذا ً تطور
ًا
القانون تم إخضاع القطاع لرقابة واشراف الهيئة العامة للرقابة المالية ،وقد قامت الهيئة بتصميم خريطة
إلكترونية تتضمن توزيع منافذ التمويل متناهي الصغر المرخص لها بمختلف محافظات الجمهورية ،وانعكس
اطنا بقيمة
ايجابيا على نشاط التمويل متناهي الصغر ،حيث بلغ عدد المستفيدين أكثر من 0,0مليون مو ً
ً ذلك
أرصدة تمويل تجاوزت 2,2مليار جنيه في نهاية عام ،0222كما بلغ إجمالي عدد منافذ التمويل 2002
تغطي كافة محافظات مصر.
كما أطلق البنك المركزي مبادرات أخرى تهدف إلى إتاحة التمويل للفئات المستبعدة ،كان أهمها مبادرة
التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل بأسعار عائد منخفضة ،حيث أن مبادرة التمويل العقاري لصالح
محدودي ومتوسطي الدخل خصص لها 22مليار جنيه ،بلغ إجمالي المستخدم منها حتى اآلن 2,0مليار
جنيه ،وحصلت الفئات المحدودة واألكثر محدودية على %90منها ،باإلضافة إلى ذلك ،تم رفع الحد األقصى
للدخل الشهري لشريحة متوسطي الدخل بالقرار رقم 0221الصادر في 00يونيو ،0222والذي جاء فيه(:)1
-رفع الحد األقصى للدخل الشهري لشريحة متوسطي الدخل لتصبح 22222جنيه مصري.
-زيادة الحد األقصى لسعر الوحدة لشريحة متوسطي الدخل لتصبح 222222جنيه مصري.
( )1ياسمين مجدي رجب عثمان ،محمد أحمد محمد صالح :تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للقطاع المصرفي:
دراسة تطبيقية ،بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة –
جامعة االسكندرية في الفترة 70 – 71ديسمبر ،7102ص .021
17
باإلضافة إلى ما سبق ،فان االهتمام الكبير الذي يوليه البنك المركزي بالتحول إلى االقتصاد غير النقدي
أساسيا في نجاح الشمول المالي ،السيما إصدار القواعد المنظمة لتقديم الخدمات المصرفية عبر
ً محور
ًا يمثل
اإلنترنت التي وفرت إطار عمل للبنوك للتحكم في تقديم الخدمات المصرفية عبر اإلنترنت وسبل الحد منها،
باإلضافة إلى الضوابط الرقابية الخاصة بتقديم هذه الخدمات وأمن المعلومات ،وقد أسهمت هذه الخطوة في
الوصول إلى عدد أكبر من العمالء من مستخدمي الوسائل التكنولوجية الحديثة.
عالوةً على التعليمات الخاصة بتقديم خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول التي تضمنت توسيع
نطاق مقدمي الخدمة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين ،وامكانية تقديم خدمات مالية جديدة عن
أيضا المدفوعات الحكومية ،والخدمات
طريق الهاتف المحمول ،مثل صرف الرواتب ،وتحصيل الفواتير ،و ً
المالية الرقمية هي إحدى ركائز الوصول إلى الشمول المالي ،حيث تعتمد على استغالل نسبة انتشار الهواتف
المحمولة على مستوى الدولة التي تفوق %222من المجتمع ،الستقطاب الفئة غير المستخدمة للخدمات
المالية ،وجدير بالذكر أن معدل النمو السنوي لعدد حسابات الهاتف المحمول بالخدمة قد بلغ نحو %00
بنهاية يوليو ،0222مقارنة بيوليو 0222حيث وصل عدد الحسابات إلى نحو 22مليون حساب ،وحجم
المعامالت إلى نحو 0مليون عملية شهرًيا بقيمة إجمالية بلغت نحو 900مليون جنيه(.)1
المطلب الثاني
سبقت اإلشارة إلى أن التنمية المستدامة والشمول المالي يتفقان في ذات الغاية – القضاء على الفقر – بل
يمكن التقرير بأن الشمول المالي يعد أحد أدوات وآليات تحقيق التنمية المستدامة ،ولتحديد انعكاس الشمول
18
المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة 0202تستعرض الدراسة فيما يلي لتلك األهداف ،ثم لتأثير
الشمول المالي عليها ،وذلك على النحو التالي:
قادت و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري إعداد إستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر "0202
منذ يناير ،0221والتي تهدف إلى أن تصبح مصر من أكبر 02دولة في العالم من ناحية سعادة المواطن،
ومستوى التنافسية ،والقوة االقتصادية ،وذلك من خالل تحقيق أهداف معينة ،مع بلوغ عام ،0202ومن خالل
عدة محاور انبثقت عن الثالثة ركائز الرئيسة -السابقة االشارة إليها (البعد االجتماعي ،والبعد البيئي ،والبعد
االقتصادي) -وهي على النحو التالي(:)1
محور العدالة اإلجتماعية :وتهدف اإلستراتيجية من خالله إلى بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة في
الحقوق والفرص االقتصادية واإلجتماعية والسياسية وبأعلى درجة من االندماج المجتمعي.
محور الصحة :ويصبوا إلى تمتع كافة المصريين بحياة صحية سليمة وآمنة ،من خالل تطبيق نظام صحي
متكامل يتميز باإلتاحة والجودة وعدم التمييز.
محور التعليم والتدريب :وتسعى اإلستراتيجية من خالله إلى إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون
تمييز ،وفي إطار نظام مؤسسي كفء ،وعادل ،ومستدام ،ومرن.
محور الثقافة :ويهدف إلى تكوين منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري ،تحترم التنوع واالختالف
وتمكين المواطن المصري من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة ،وفتح اآلفاق أمامه للتفاعل مع معطيات
عالمه المعاصر.
( )1وزارة التخطيط والمتابعة واالصالح االداري :رؤية مصر ،0202القاهرة.7102 ،
19
محور التنمية العمرانية :ويسعى إلى أن تكون مصر قادرة على استيعاب سكانها ومواردها في ظل إدارة تنمية
مكانية أكثر اتزًانا تلبي طموحات المصريين وترتقي بجودة حياتهم.
محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية :ويضطلع إلى الوصول لجهاز إداري كفء وفعال ،يحسن إدارة
موارد الدولة ،ويتسم بالشفافية والنزاهة والمرونة ،ويخضع للمساءلة ،ويعلي من رضا المواطن ويتفاعل معه
ويستجيب له.
مبتكر
مبدعا ،و ًا
ً مجتمعا
ً محور المعرفة واالبتكار والبحث العلمي :ويسعى إلى تحويل المجتمع المصري إلى
ومنتجا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف ،ويتميز بوجود نظام متكامل يضمن القيمة التنموية لالبتكار والمعرفة
ً
ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات االبتكار باألهداف والتحديات الوطنية.
محور التنمية االقتصادية -وتمثلت األهداف اإلستراتيجية لهذا المحور فيما يلي:
-2استقرار أوضاع االقتصاد الكلي :ويتضمن ذلك الهدف خفض نسبة الدين العام ،والعجز الكلي إلى
الناتج المحلي اإلجمالي ،والحفاظ على استقرار مستوى األسعار.
-0تحقيق نمو احتوائي ومستدام :ويشمل ذلك الهدف رفع معدل النمو االقتصادي وتحقيق نمو متوازن
إقليميا ،وزيادة مشاركة المرأة واألشخاص ذوي اإلعاقة في سوق العمل وتحقيق التمكين االقتصادي
ً
للعمل على تخفيض معدالت الفقر.
-0زيادة التنافسية والتنوع واالعتماد على المعرفة :ويتضمن ذلك الهدف زيادة درجة تنافسية االقتصاد
دوليا ورفع مساهمة الخدمات في الناتج المحلي اإلجمالي وخاصة الخدمات اإلنتاجية والتي
المصري ً
تشمل على سبيل المثال :خدمات الصيانة لألجهزة والمعدات ،والتصميم واالتصاالت ،والشحن والنقل
وذلك اتساقًا مع توجهات الو ازرة ،والممارسات العالمية في هذا الشأن التي تعتبر كال من الصناعة
مزدوجا للنمو وزيادة مساهمة الصادرات في معدل النمو االقتصادي.
ً والخدمات محرًكا
-1تعظيم القيمة المضافة :ويشمل ذلك الهدف زيادة المكون المحلي في المحتوي الصناعي وخفض
عجز الميزان التجاري.
20
قادر على التكيف مع المتغيرات العالمية:
-0تحويل االقتصاد المصري إلى العب في االقتصاد العالمي ًا
ويتضمن ذلك الهدف زيادة مساهمة االقتصاد المصري في االقتصاد العالمي لتصبح مصر من أكبر
02دولة في مجال األسواق العالمية ،ومن ضمن أفضل 22دولة في مجال اإلصالحات االقتصادية،
وضمن دول منظمة التعاون االقتصادي والتنمية خالل عشرة أعوام وضمن الدول حديثة التصنيع
خالل 0سنوات.
-0توفير فرص عمل الئق ومنتج :ويشمل ذلك الهدف خفض معدل البطالة ومضاعفة معدالت
اإلنتاجية.
-2الوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط
والمرتفع :ويتضمن ذلك الهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين.
-2دمج القطاع غير الرسمي في االقتصاد :ويشمل ذلك الهدف العمل على دمج القطاع غير الرسمي
في االقتصاد وخفض حجم المعامالت غير الرسمية ،من خالل تطوير آليات دمج هذا القطاع وتوفير
الحوافز والقضاء على المعوقات.
وفي ذات االتجاه ،تمثلت التحديات التي تواجه تحقيق األهداف اإلستراتيجية لمحور التنمية االقتصادية
في ارتفاع حجم الدين العام المحلي ،وجمود هيكل النفقات العامة ،وانخفاض اإليرادات العامة ،وارتفاع عجز
الموازنة العامة للدولة ،وارتفاع معدل التضخم ،وضعف موقف االحتياطي النقدي ،وارتفاع البطالة بين الشباب
واإلناث ،وضعف الكفاءة في سوق العمل ،وضعف معدالت االدخار المحلي ،وتواضع االستثمار األجنبي
المباشر ،وعدم مالئمة بيئة األعمال لجذب االستثمار المحلي واألجنبي ،وتعدد القوانين وتشابكها ،وزيادة درجة
البيروقراطية ،وضعف منظومة الحوكمة والشفافية والمساءلة ،وارتفاع درجة المركزية.
ثانيا -انعكاس الشمول المالي على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة:
ً
اثبتت التجربة أن فكرة الشمول المالي يترتب عليها تعزيز المساواة في الفرص ،باإلضافة إلى استغالل بعض
الموارد الكامنة باالقتصاد المصري ،فإتاحة الخدمات المالية يساعد على تمكين الفقراء من امتالك أسباب القوة،
وتساعدهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة ،بما يرفع انتاجيتهم ودخولهم؛ وهو ما يترتب عليه زيادة اإلستهالك،
ومن ثم زيادة اإلنتاج.
لذلك فإن الشمول المالي يترتب عليه تدعيم فرص النمو ،وتعزيز االستقرار االقتصادي ،وترسيخ العدالة
اإلجتماعية ،وانخفاض معدالت الفقر ،وهو ما ينعكس باإليجاب على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة
.0202
21
اء فيما يتعلق بما يترتب عليه من تمكين للطبقات
كما يمثل الشمول المالي ترسيخ للعدالة االجتماعية ،سو ً
الفقيرة والمهمشة من االستفادة بالخدمات المالية ،أو فيما يترتب عليه من مواجهة ظاهرة االقتصاد غير الرسمي
وما يترتب عليها من آثار سلبية على محور العدالة االجتماعية بالبعد االجتماعي برؤية مصر .0202
فبينما يهدف محور العدالة االجتماعية – كما سبق البيان – إلى بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة
في الحقوق والفرص وبأعلى درجة من االندماج المجتمعي ،فإن فكرة الشمول المالي بما تعنيه من تمكين
الفئات المهمشة من االستفادة من الخدمات المالية؛ ترسخ للمساواة بين كافة فئات المجتمع.
كما أن الشمول المالي يحد من اعتماد الفقراء المنتمين للقطاع العائلي على الخدمات المالية غير الرسمية،
سببا في عدم االستقرار المالي واالجتماعي.
والتي قد تكون في حد ذاتها ً
وفي ذات اإلتجاه ،فإن الشمول المالي يعمل على مواجهة االقتصاد غير الرسمي ،حيث أظهرت دراسة أعدتها
لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات المصرية) ،(1أن حجم تعامالت السوق السنوية تزيد على 122
مليار دوالر ،أي أكثر من 2تريليونات جنيهًا ،نصيب السوق الموازية منها يزيد على %02بنحو 1تريليونات،
بحسب بعض التقديرات واإلحصائيات ،وهو ما يتضح معه كيف نمى ذلك القطاع في فترة وجيزة في مصر
متغلبا على االقتصاد الرسمي.
ً
وهو ما يعزز من مواجهة ما ينتج عن العمل بذلك القطاع من آثار سلبية على الظروف الصحية للعاملين
فضال عن إفالت منتجاته من الرقابة الحكومية
ً به؛ نتيجة عدم االلتزامات باشتراطات األمان المهنية والصحية،
وما يترتب عليها من آثار صحية خطيرة ،وهو ما يعيق تحقيق أهداف محور الصحة الواردة بالبعد االجتماعي
بإستراتيجية مصر للتنمية المستدامة.
ومما ال شك فيه ان الشمول المالي ينعكس بااليجاب على تحقيق األهداف االقتصادية برؤية مصر
،0202وذلك لما يترتب عليه من تمكين الفئات المهمشة من التمتع بالخدمات المالية؛ ومن ثم على ادخار
أو استثمار أموالهم؛ وهو ما ينعكس باإليجاب على اإلدخار واالستثمار القوميين ،ومن ثم على اإلنتاج
22
القومي ،ويمكن إبراز أهم أوجه التأثير اإليجابي للشمول المالي على أهداف البعد االقتصادي باستراتيجية
مصر للتنمية المستدامة على النحو التالي:
-الشمول المالي بما يتضمنه من االعتماد على المعامالت المالية غير النقدية يعزز من مواجهة الفساد،
وهو ما يتفق مع ما يهدف إليه محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية بالبعد االقتصادي.
-الشمول المالي بما يؤدي إليه من االعتماد على التكنولوجيا الحديثة في المعامالت المالية ينعكس
بااليجاب على محور المعرفة واالبتكار والبحث العلمي ،والذي يسعى إلى أن يصبح المجتمع المصري
مبدعا.
ً مجتمعا
ً
-الشمول المالي ينعكس باإليجاب على أهداف محور التنمية االقتصادية بالبعد االقتصادي ،فبينما
تهدف االستراتيجية إلى استقرار أوضاع االقتصاد الكلي من خالل خفض نسبة الدين العام إلى الناتج
المحلي وكذلك العجز الكلي إلى الناتج المحلي ،وثبات مستوى األسعار ،فإن الشمول المالي بما يؤديه
من مواجهة االقتصاد غير الرسمي ،ينعكس بااليجاب على الناتج المحلي اإلجمالي ،ومن ثم على
نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي ،فيجعل هذه النسبة تظهر في مظهرها الواقعي ،وهو مايترتب
عليه إقراض مصر بأسعار فائدة عادلة؛ ومن ثم انخفاض المديونية ،وتقليص عجز الموازنة العامة،
وتعزيز االستقرار المالي .وفيما يتعلق بهدف ثبات مستوى األسعار فإن مواجهة االقتصاد غير الرسمي
يترتب عليه معالجة التشوهات باألسعار السائدة المترتبة عليه ،وهو ما يساعد في تحقيق ذلك الهدف.
كذلك ،يترتب على الشمول المالي بما يتضمنه من تضمين للفئة المهمشة داخل العملية التنموية؛ المساهمة
في تحقيق الهدف الثاني من أهداف محور التنمية االقتصادية والمتعلق بتحقيق نمو احتوائي مستدام.
أيضا ،فيما يتعلق بالجزء الثاني من ذات الهدف والمتعلق بتخفيض معدالت الفقر ،فإن الشمول المالي
و ً
وما يترتب عليه من مواجهة القطاع غير الرسمي ،واستفادة الوحدات االقتصادية من آليات التمويل المتاحة،
واستفادة محدودي الدخل من الخدمات المالية والمصرفية الحديثة؛ يؤدي إلىالمساهمة في تحقيق ذلك الهدف
وانخفاض معدالت الفقر.
ومن جهة أخرى ،فإن ما يتضمنه الشمول المالي من االعتماد على المعامالت غير النقدية ومواكبة
التطورات التكنولوجية العالمية التي أبرزت االعتماد على المعامالت المالية االلكترونية (غير النقدية) ،يساعد
على تحقيق الهدف الثالث من أهداف المحور االقتصادي ،والمتمثل في زيادة التنافسية والتنوع واالعتماد على
المعرفة.
كذلك فإن دمج الشمول المالي لالقتصاد غير الرسمي يترتب عليه إعاقة التعزيز من تحقيق الهدف الرابع
نظر إلدخال ذلك القطاع الكبير
من أهداف المحور االقتصادي والمتمثل في تعظيم القيمة المضافة؛ وذلك ًا
بكافة إمكانياته وقدراته اإلنتاجية في العملية االقتصادية الرسمية.
23
وأخ ًيرا ،فإن ما يترتب على الشمول المالي من تمكين االقتصاد القومي من إستثمار نسبة كبيرة من
مدخرات القطاع العائلي يؤدي إلى تعزيز تحقيق األهداف الخامس والسادس والسابع من أهداف المحور
االقتصادي ،والمتضمنين تحويل االقتصاد المصري إلى العب في االقتصاد العالمي ،وتوفير فرص عمل
الئقة ،وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ،وبالطبع – وكما سبق البيان – فقد ترتب على الشمول
المالي المساهمة في تحقيق الهدف الثامن والمتضمن دمج االقتصاد غير الرسمي إلى االقتصاد الوطني.
()1
على أن الشمول المالي يساعد على تحسين الظروف المالية يز لما سبق ،تؤكد بعض الدراساتوتعز ًا
ورفع مستوى معيشة الفقراء ،كما يؤدي إلى قطاع عائلي وقطاع أعمال صغيرة أكثر قوة من خالل التنمية
المالية التي تدعم االستقرار االجتماعي والسياسي ،مما يؤدي بدوره إلى زيادة االستقرار المالي .كما يمكن
فضال عن زيادة نصيب القطاع
ً للشمول المالي أن يحسن من كفاءة عملية الوساطة بين الودائع واالستثمارات،
المالي الرسمي على حساب القطاع غير الرسمي بما يزيد فاعلية السياسة النقدية.
المبحث الثاني
وسبل مواجهتها
ُ
مما ال شك فيه أن مسئولية مواجهة االستبعاد المالي -في األساس -تقع على الحكومة ،ثم يأتي بعد
ذلك دور المؤسسات المالية التي ينظمها القانون ،وهو ما يعني أن االعتماد فقط على مبادرات البنك المركزي
كاف وغير ٍ
مجد؛ ذلك أن الشمول المالي ال يعني فقط المدفوعات االلكترونية ،بل أن للشمول المالي أمر غير ٍ
المدفوعات االلكترونية – كما سبق البيان – هي إحدى أدوات الشمول المالي ،فالشمول المالي يحمل بين
طياته معنى أعمق من ذلك ،فهو يعني التنمية االحتوائية ،ورفع الطبقات الفقيرة والمهمشة.
وفيما يتعلق بمبادرات البنك المركزي فهي مجرد آليات ،دون توافر رؤية واضحة؛ ومن ثم أصبح من
الضروري وضع استراتيجية وطنية للشمول المالي ،ومن هنا تهتم الدراسة بوضع النقاط العريضة لتلك
( )1طارق محمد إبراهيم الشين :تطور أنشطة بنك ناصر االجتماعي بما يعكس الشمول المالي ،بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية
للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة 70 – 71ديسمبر ،7102ص .012
24
االستراتيجية ،وذلك من خالل الوقوف على أهم التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر ،ثم مواجهتها
عن طريق االستراتيجية الوطنية للشمول المالي المقترحة ،وذلك من خالل المطلبين التاليين:
المطلب األول
في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم اليوم ،تتعدد أسباب اإلبعاد المالي ،ويمكن تلخيص ما
ورد في عدد من المراجع في هذا النحو فيما يلي(:)1
النظام االقتصادي الحالي :الذي يعمل على أن تنتهي القوة اإلقتصادية في أيدي أقلية تعيش حياة فوق
الرفاهية ،بينما يعاني بقية البشر من أجل البقاء على قيد الحياة.
الحروب والصراعات :يعاني العالم اليوم من الصراعات العديدة وفي أغلب مناطق العالم ،وفي ظل الحروب
والصراعات ال يمكن التفكير في الشمول المالي بل يكون كل التركيز على توفير االسلحة للقوات أو المجموعات
حيا.
المتحاربة ومحاولة البقاء ً
تعامل معظم األسر الفقيرة باالقتصاد النقدي :أي أنهم يستخدمون النقد واألصول المادية كالمجوهرات أو
األسهم أو تقديم القروض النقدية بشكل غير رسمي أو اخذ القروض النقدية بشكل غير رسمي من مقرضي
األموال.
( )1بهناز علي القره داغي :الشمول المالي :دولة قطر أنموذجا ،مجلة اإلدارة والقيادة اإلسالمية ،المجلد الثاني ،العدد األول،
الهيئة العالمية للتسويق اإلسالمي ،قطر ،7102 ،ص .21 – 01
25
األزمة المالية العالمية :ساهمت بشكل كبير في تراجع المعونات والمساعدات المقدمة إلى البلدان الفقيرة
ومن بينها المساعدة في الوصول إلى التمويل وأدت إلى حذر المؤسسات المالية والمستثمرين في ما يخص
قدرة العمالء على رد القروض مما زاد من صعوبة حصول الفقراء على السيولة عن طريق البنوك.
غياب مفهوم العائد اإلجتماعي لدى أغلب المستثمرين والمؤسسات المالية :جعلتها تغيب عن ساحة مساعدة
الفقراء ،وأغلب حججهم في هذا الموضوع هو ضعف العائد المادي في المشروعات الصغيرة أو المشروعات
الريادية ،و هذا يجناب الحقيقة ألن هناك مشاريع صغيرة ومتوسطة ومشاريع ريادية ذات عائد مادي كبير.
أسباب من جانب الطلب :هناك العديد من الحواجز التي وضعت في الطريق والتي تمنع الفقراء من
الوصول إلى التمويل ومن أهم هذه الحواجز في جانب الطلب هي ،تدني مستوى الدخل والقدرة على تحمل
التكاليف ،وتدني مستوى الوعي االستهالكي ،وانخفاض مستويات محو األمية المالية ،وانخفاض مستوى ثقة
المستهلك ،والنتيجة لهذه العوامل أن المستهلكين " تستبعد الذات" اي االبعاد المالي اختياريا من الشمول
المالي.
أسباب من جانب العرض :الجانب األخر من المعادلة يتم استبعاد الناس من الشمول المالى ألسباب مثل
عدم كفاءة التوزيع والمنافسة غير العادلة ،وزيادة المعروض في السوق ووفورات الحجم السالبة ،و المنتجات
المعقدة ،والتنظيم غير الفعال.
عدم توفر محددات الشمول المالي من القراءة والكتابة والعمل :فاألمية تؤدي إلى الجهل عن الحقوق
والتسهيالت المتاحة للمواطن ،وبالتالي تؤدي إلى إستبعاد مالي ،والبطالة هي عدم قدرة الحكومة على فرص
للعمل بالنسبة للقادرين على العمل ،وعدم توفر عمل يعني عدم توفر دخل وبالتالي عدم توف ارمكانية للوصول
إلى التمويل.
القوانين والتشريعات المعقدة :تعاني بعض الدول من توافر مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعمل
على تعقيد الحياة بدالًمن تسهيلها ودون وجود أية مبررات مثل البد من حمل جنسية دولية للبدء بمشروع في
نيجيريا مثالً.
تفشي الفساد والمحسوبية حتى في مؤسسات القطاع الخيري :حيث وصل الفساد والمحسوبية إلى
مؤسسات القطاع الخيري في بعض الدول الفقيرة وبالتالي ال تستفيد أشد الفقراء بأسا من الخدمات التي تقدمها
هذه المؤسسات.
26
أسباب دينية :حيث يبتعد بعض األشخاص عن الشمول المالي بسبب عدم توفر المنتجات التي تكون مناسبة
له من الناحية الدينيية ،كالمسلمين والبنوك التقليدية.
ومن خالل أسباب االستبعاد المالي يمكن لنا معرفة تحديات الشمول المالي التي تشمل :الفقر ،واألنظمة
التشريعية غير المناسبة ،وتفشي الفساد والمحسوبية ،ومحو األمية ومحاربة البطالة ،صعوبات في استخدام
التكنولوجيا ،عدم جدوى أو تعقيد المنتجات البنكية ،الحروب والصراعات ،الربا في النظام االقتصادي الحالي،
المجاعة و ،....وهو ما تستعرض الدراسة واقعه في مصر على النحو التالي:
تجدر االشارة إلى أن نسبة %02,2من سكان مصر ضمن فئة الفقراء وذلك وفقًا للمؤشر العددي للفقر
عند خط الفقر الوطني( )1الصادر من البنك الدولي عن العام المالي ،0220أي مايقترب من 00مليون
مصري تحت خط الفقر ،وهو ما يجعل حصول هؤالء على خدمات مالية أو على األقل دخولهم في المنظومة
المالية أمر في غاية الصعوبة.
()2
إلى ارتباط عدم التعامل مع المؤسسات المالية بالتفاوت في مستويات الدخول، وفي ذلك ،يشير البعض
فإحنمال أن يكون ألغنى %02من البالغين في البلدان النامية حسابات بنكية رسمية يزيد بأكثر من الضعفين
عن أفقر .%02ومع أن الفقراء ال تتاح لهم إمكانية الحصول على الخدمات المالية بالقدر نفسه الذي يتاح
لألشخاص األكثر ثراء فغن حاجتهم إلى الخدمات المالية قد تكون أكبر.
يعد قيام المؤسسات المالية والبنوك برفع أسعار الخدمات المالية والمصرفية أحد أهم أسباب االستبعاد
المالي ،وفي اآلونة األخيرة ولرغبة تلك المؤسسات في زيادة الربحية عملت على زيادة رسوم خدماتها ،وذلك
لكون الربح المحفز األساسي ألعمالها ،دون النظر إلى البعد اإلجتماعي للخدمة المالية.
( )1المعدل الوطني للفقر :هو النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون دون الحد الوطني للفقر .وتستند التقديرات الوطنية إلى تقديرات
المجموعات الفرعية المرجحة سكانيا والمستمدة من المسوح االستقصائية لألسر المعيشية.
للمزيد من المعلومات ،راجع موقع البنك الدولي من خالل الرابط:
ttps://data.albankaldawli.org/country/egypt-arab-rep
( )2مركز هردو لدعم التعبير الرقمي :الشمول المالي في مصر....هل لمحدودي الدخل نصيب في إتاحة األدوات المالية ،القاهرة،
،7102ص .2
27
االئتمان ،وارتفاع الفائدة عليها وأكدت الجمعيات أن عدم توافر المعلومات الالزمة عن الخدمات المقدمة من
البنوك أو نقصها يدفع العديد من العمالء لعدم استخدام الخدمات أو اصطدامهم بارتفاع تكاليف الخدمات بعد
استخدامها.
ثالثًا -إرتفاع نسبة األمية المالية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور:
()2
اتحاد المصارف العربية الثقافة المالية بأنها اإللمام بالمفاهيم والمبادئ المالية تُعرف أحدى دراسات
الرئيسية؛ وبالتالي القدرة على إستخدام المهارات والمعرفة والمواقف والسلوك بهدف إدارة الموارد المالية بفعالية
واتخاذ الق اررات المالية السليمةُ ،بغية تحقيق األمن المالي والرفاهية المالية .كما تُشير إلى تطوير مستمر
للمعرفة والكفاءة المالية التي تُمكن األفراد من اإلستجابة لكافة المتغيرات الشخصية واإلقتصادية .والثقافة أو
المعرفة المالية هي عنصر هام وأساسي من عناصر التطور واإلستقرار اإلقتصادي والمالي.
وفي المقابل ،تظهر األمية المالية من خالل مؤشرات عدم اإلستقرار المالي ،مثل الديون المتراكمة،
والمدخرات غير الكافية ،وعدم التخطيط مالياً للمستقبل ،واإلستثمارات غير المدروسة.
وعرفت منظمة التعاون اإلقتصادي والتنمية التعليم المالي بأنه العملية التي يقوم من خاللها المستهلكون
َّ
والمستثمرون الماليون بتحسين إدراكهم للمنتجات المالية والمفاهيم والمخاطر المالية وذلك من خالل المعلومات
وعيا بالمخاطر والفرص المالية واتخاذ ق ار ارت مدروسة
واإلرشادات ،وتطوير المهارات والثقة ليصبحوا أكثر ً
ومعرفة إلى أين يذهبون للحصول على مساعدة وذلك إلتخاذ ق اررات فعالة لتحسين أوضاعهم المالية .وعليه،
( )1عالء مدبولي :تسعير الخدمة المصرفية يعتمد علي الحصص السوقية المستهدفة ،مقال منشور بجريدة المال ،عدد
الخميس 02مارس ،7101متاح على الرابط/ https://www.almalnews.com/Story/30792/12 :
( )2اتحاد المصارف العربية :الثقافة المالية في العالم العربي :شرط أساسي لتحقيق الشمول المالي7102 ،
متاح على الرابطhttp://www.uabonline.org/ar/research/financiaL :
28
فإن التثقيف المالي هو مزيج من الوعي والمعرفة والمهارات والمواقف والقيم والسلوك الضروري إلتخاذ ق اررات
مالية سليمة وذلك لتحقيق الرفاهية المالية لألفراد.
وتعد األمية المالية من أكبر األسباب الداعمة لالستبعاد المالي في مصر؛ ذلك أن األمية المالية تجعل
مستحيال ،ومن ثم تُعزز من اإلستبعاد المالي ،وعلى الرغم من
ً أمر
التواصل بين األفراد والمؤسسات المالية ًا
المبادرات العديدة التى قام بها المعهد المصرفي والبنك المركزي المصري في ذلك الشأن – والسابق اإلشارة
إليها -إال أن نسب األمية المالية في مصر ال ذالت مرتفعة ،وهو ما أنعكس بالسلب على االستبعاد المالي.
رغم تبني البنك المركزي المصري لمبادرة الشمول المالي ،ورغم اإلجراءات العديد المتخذة في ذلك
الشأن – والسابق اإلشارة إليها – إال أن هناك بعض السياسات المالية والمصرفية التي أثرت بالسلب على
حالة االستبعاد المالي في مصر ،وذلك نتيجة لعدم وجود استراتيجية حقيقية وشاملة للشمول المالي ،واإلكتفاء
بمجرد مجموعة مبادرات ال تمثل في ذاتها سوى مجرد آليات تنقصها رؤية سليمة توجهها.
وتعد اإلجراءات المتشددة والمرهقة من المؤسسات المالية والبنوك ،من أهم السياسات الخاطئة لإلدراة
ئيسا
سببا ر ً
المالية والمصرفية ،والتي تعمل على تعجيز الطبقات المهمشة عن الوصول إلى الخدمات الماليةً ،
في حالة االستبعاد المالي التي يعاني منها هؤالء ،حيث تتشدد تلك المؤسسات والبنوك فى معرفة مصادر
()2
Leandro Medina, Friedrich Schneider: “ op. cit,P.P 63, 71.
29
غالبا ما ال يكون في مقدورها
األموال ،وفى إجراءات فتح الحسابات البنكية ،دون مراعاة لحال تلك الفئات ،التي ً
توفير المطلوب من مستندات ،واتخاذ الالزم من إجراءات.
ليس ذلك فحسب ،بل أن معايير البنك المركزي في تنفيذ مبادرته لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة،
ال تحقق اإلتاحة المالية لتلك الفئات ،كما أنها ال تتالئم مع الواقع؛ حيث يعتبر البنك المركزي أن المشروع
الذي يحقق حجم أعمال أقل من مليون جنيه مشروع متناهي الصغير ،والذي يحقق حجم أعمال يقدر بمليون
إلى أقل من خمسون مليون جنيه مشروع صغير ،والذي يحقق حجم أعمال يقدر بخمسون مليون وحتى مائتين
مليون جنيه مشروع متوسط(.)1
واذا كانت مبادرات التمويل تخاطب هؤالء ،واذا كان مفهوم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر عند
البنك المركزي على هذا النحو ،فإن السؤال الذي يثور هو كيف تتحقق االتاحة المالية ألصحاب المشروعات
التي تقل عن تلك القيم في ضوء تلك المبادرات!!!
ويمكن إرجاع عدم صحة السياسات المتبعة لمواجهة االستبعاد المالي الذي تعاني منه الطبقات المهمشة
إلى عدم توافر بيانات رسمية دقيقة عن تلك الطبقات في مصر ،واألماكن الحقيقية لتواجدها ،وطبيعة الخدمات
المالية التي تحتاج إليها والتي تتناسب مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية.
مما ال شك فيه أن االعتماد على المعامالت النقدية يساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة الفساد وتغلغلها
معزز لالستبعاد المالي ،والمقصود
ًا عنصر
ًا أيضا يعد
في الجهاز اإلداري المصري ،ومن هذا المنطلق فالفساد ً
بالفساد هنا ،الفساد اإلداري ،والذي يعزز منه المركزية الشديدة التي تصنعها القوانين واللوائح الحالية ،وهو ما
يحول بين الطبقات المهمشة والشمول المالي.
30
سابعا -عدم توافر الحماية الالزمة للمستهلك المالي:
ً
يمكن تعريف حماية المستهلك المالي بأنها مجموعة من الضمانات يتم من خاللها الحفاظ على حقوق
المتعامل مع المؤسسات المالية والبنوك ،والتي يحددها إطار تشريعي واضح ينظم العالقة بين الطرفين؛ وذلك
لضمان حصول المستهلك على كافة حقوقه في إطار من الشفافية والعدالة.
والمدقق بحال الخدمات المالية في مصر يتضح له من الوهلة األولى غياب ذلك التشريع الذي يضمن
حقوق المتعامل مع المؤسسات المالية ،وكذلك عدم وجود أية إدارة معنية بذلك سواء تابعة للبنك المركزي –
كجهة رقابية – أو تابعة لجهاز حماية المستهلك.
وهو ما يجعل المستهلكين الماليين أكثر عرضة لممارسات البيع والتحصيل التعسفية وكذلك الحصول
على خدمات ومنتجات مالية غير مالئمة لهم والتي قد تضر بمصالحهم ،وهو ما ترتب عليه عزوف المستهلكين
عن التعامل مع المؤسسات المالية الرسمية ،والتوجه إلى االقتصاد النقدي غير الرسمي.
لم يقف تأثير االقتصاد غير الرسمي عند مجرد التضليل البياناتي بشأن حالة االقتصاد المصري كما
سبقت اإلشارة ،بل أن رواج ذلك القطاع الذي يعد حاضنة للتعامالت النقدية ،ترتب عليه إجتذاب نسبة كبيرة
اء في صورة معامالت اقتصادية ،أو تحويل للمدخرات النقدية لبعض االشخاص من أموال المصريين سو ً
والكيانات غير الرسمية الستثمارها ،على أن الطبيعة الخفية لذلك القطاع تُ َحتِم على المتعامل معه اللجوء
بعيدا عن رقابة الحكومة للبنوك والمصارف ،وهو ما ترتب عليه نمو فكر االستبعاد المالي.
للمعامالت النقديةً ،
إن وضع مصر كمهد للرساالت السماوية ،وكمنارة للعلوم الشرعية ولنشر الدعوى في كافة ربوع المعمورة،
وكحاضنة لألزهر الشريف؛ ال يتماشى مع ما تتبناه المؤسسات المالية الحالية من نظام مالي ربوي ،تقاس قوة
نظامه وفقًا لقدرته على إيجاد األموال من العدم؛ وذلك ما ترتب عليه عزوف العديد من المصريين عن التعامل
مع تلك المؤسسات ،واالعتماد بشكل أكبر على االقتصاد النقدي.
31
)(1
إلى أن العوامل االختيارية واالجبارية لها بعد كبير في االستعباد وفي ذلك ذهبت إحدى الدراسات
المالي بين المشاركين .ولكن األكثر خطورة هو االستعباد االختياري ألنه انعكاس لقلة االستخدام ،وفي هذا
الصدد يأتي االعتبارات الدينية وكذلك الخوف من االقتراض انعكا ًسا للتأثير اإلسالمي ،أحد األسباب الرئيسة
لالستبعاد االختياري.
المطلب الثاني
مما ال شك فيه أن دمج الفئات المهمشة للشمول المالي؛ يساعد في أمور عديدة للطبقات الفقيرة نفسها،
من حيث إمكانية االقتراض واالدخار والتأمين ،ومن جهة أخرى فإن زيادة الودائع في البنوك بواسطة هذه الفئة
يعد مطلب رئيس لعملية االستقرار المالي التي تسعى اليها جميع المؤسسات المالية.
وتشير أبحاث البنك الدولي إلى أنه عندما تضع البلدان استراتيجية وطنية للشمول المالي ،فإنها تزيد من
سرعة اإلصالحات وتأثيرها ،وهو ما يؤيد ما ذهبت إليه الدراسة من أن القضاء على االستبعاد المالي وتضمين
الطبقات المهمشة يتطلب وضع رؤية استراتيجية وطنية شاملة ،تعمل على تحقيقها كافة مؤسسات الدولة كلٍ
ٍٍ فيما يخصه ،وتعتمد على مجموعة من اآلليات واألدوات في صورة مبادرات ،مثلها مثل مبادرات البنك
المركزي الحالية.
على أن تبدأ تلك االستراتيجية بتوصيف الواقع وذلك من خالل العمل على إعداد بيانات استقصائية
واقعية حول واقع االستبعاد المالي ،وعلى نوع الخدمات المالية التي تحتاجها الطبقات المهمشة ،مع ابتكار
مجموعة من الخدمات والمنتجات المالية الحديثة المناسبة للفئات المهمشة ،والتي تتفق مع رغباتهم
واحتياجاتهم وتفضيالتهم ،والتوسع فيها ،وذلك مثل القروض التي تم تقديمها من قبل (قرض مستورة – قرض
زوي االحتياجات الخاصة – قرض حضانتي – قرض تمويل المصروفات الدراسية).
مع ضرورة العمل على التثقيف المالي ،فالتثقيف المالي بحسب منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
( )OECDوالشبكة الدولية للتثقيف المالي ( )INFEهو العملية التي يتم من خاللها تحسين إدراك المستهلكين
والمستثمرين بطبيعة الخدمات والمنتجات المالية المتاحة والمخاطر المصاحبة الستخداماتها وذلك عن طريق
)(1
Adeyemi Adewale Abideen, Pramanik Ataul Huq, Meera Ahmaed Kameel Mydin: ”The
measurement Model of the Determinants of financial Exclusion among Musilm Micr-
enterpreneurs in Ilorin”, Nigeria, Journal of Islamic finance, Vol.1 No. 1 (2012), IIUM instititue of
Islamic Banking and Finance, ISSN 2289-2117 (O)/2289-2109(P).
32
تقديم المعلومات واإلرشاد أو النصيحة الموضوعية المتعلقة بها وتطوير مهاراتهم وثقافتهم بالخدمات المالية
من خالل زيادة وعيهم بالفرص والمخاطر المالية ليصبحو قادرين على اتخاذ ق اررات مبنية على معلومات
صحيحة وتعريفهم بالجهات التي يمكن التوجه إليها في حال ما احتاجوا للمساعدة ،واتخاذ خطوات فعالة أخرى
من شأنها تحسين الرفاه المالي الخاص بهم( .)1وهو ما يعني أن التثقيف المالي أصبح من المسلمات المعترف
دوليا ،كأحد ركائز مواجهة االستبعاد المالي.
بها ً
باإلضافة إلى ،إتخاذ إجراءات حكومية جدية للقضاء على الفقر وزيادة دخول األفراد ،ذلك لكون الفقر –
كما سبقت اإلشارة – من أهم معوقات تحقق الشمول المالي ،وتتمثل هذه اإلجراءات في تبني خطة اقتصادية
طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ المالئم ،والجاذب لالستثمارات األجنبية والمحلية.
أيضا على تعبئة اإلمكانيات ،والقدرات ،والموارد المالية ،والمادية ،والبشرية الكامنة باالقتصاد
وتقوم ً
المصري ،والسيما اإلمكانيات والقدرات المترتبة على ترشيد اإلنفاق الحكومي ،واصالح نظام األجور والمرتبات،
واصالح نظام الدعم بكافة صوره وأشكاله ،وادخال القطاع غير الرسمي في مالية الحكومة والمنظومة الرسمية،
واعادة هيكلة الجهاز اإلداري للدولة ،واالستغناء عن الكثير من االستشاريين ،والتسعير العادل لمنتجات المناجم
والمحاجر ،واعمال معايير االقتصاد والكفاءة والفاعلية ،في إدارة وتشغيل أجهزة الدولة المختلفة ،ووحدة الموازنة
العامة للدولة بما تتضمنه من ضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة ،واعادة تسعير الغاز واألراضي المخصصة
بأسعار رمزية ،واتخاذ إجراءات جدية ضد المستثمرين المتهربين من سداد القروض ،واسترداد األموال المهربة
بالخارج.
باإلضافة إلى ،إتخاذ إجراءات جدية لمواجهة الفساد؛ وذلك بضبط التشريعات المتعلقة بذلك ،وتمكين
األجهزة الرقابية المختلفة من ممارسة دورها الرقابي ،مع ضرورة االعتماد على الالمركزية االدارية ،وذلك
باالعتماد على الجهات المركزية في وضع السياسات العامة ،والجهات الالمركزية في تنفيذ تلك السياسات.
عالوة على ما سبق ،ينبغي على الحكومة سرعة المعالجة التشريعية لعملية الشمول المالي ،وذلك
بإصدار قانون يعزز منه ،ويطرح كافة الجوانب الالزمة لتحققه في صورة تشريعية ،باإلضافة إصدار قانون
دمج االقتصاد غير الرسمي ،وذلك ليتضمن إستراتيجية جادة لدمج ذلك القطاع ،مع التشديد على ضرورة
إخراج تلك التشريعات من ثوب التشريعات الهادفة إلى مراقبة العمليات المالية ،والتي تسعى إلى الجباية فقط،
أي أال يقتصر هدف التشريع على مجرد إخضاع المعامالت للضرائب والرسوم ،ويضع في الحسبان األبعاد
االقتصادية واالجتماعية والبيئية للشمول المالي.
33
مع ضرورة منح مزيد من الحوافز في حالة التقدم طواعيةً للدخول في المنظومة الرسمية – مثل إعطاء
المشاريع متناهية الصغر إعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات بشرط التسجيل -وتغليظ العقوبات المالية في حالة
ضبط األنشطة غير الرسمية.
إال أن األمر ال يتوقف فقط عند إصدار تشريع للشمول المالي ولدمج االقتصاد غير الرسمي ،بل يتطلب
مراجعة تشريعية لكافة التشريعات المتعلقة باألنشطة االقتصادية وتسجيل التصرفات ،واشهار المعامالت،
مثل ا لقوانين التي تنظم إجراءات اإلشتراك في المرافق ،وقانون البناء الموحد ،وقوانين الشركات ،والشهر العقاري
والتوثيق ،وغيرها من القوانين ،التي تقنن البيروقراطية ،والتعقيدات اإلدارية ،وذلك على النحو الذي ييسر
ويختصر من إجراء التصرفات ،وتسجيل العمليات التجارية.
وفي ذات اإلتجاه ،يجب التنسيق بين مختلف األطراف المعنية على المستوى القومى لتهيئة الظروف
التى تُ ِّ
مكن المصريين -وال سيما أولئك الذين ال يحصلون على الخدمات المالية بشكل مناسب -من االدخار
بأمان وتحقيق تطلعاتهم المالية ،باإلضافة إلى تمكين المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من
الحصول على التمويل واالستثمار والنمو وخلق المزيد من فرص العمل .كذلك يتحتم التعجيل بتطبيق نظام
المدفوعات وتعميمة بكافة مؤسسات الدولة ،ودخوله في كافة األنشطة.
ومن جهة أخرى ،أصبح من الضروري تغيير ثقافة البنك المركزي تجاه البنوك ،وعدم التعامل معها على
أنها بنوك إيداع غير فقط ،وأن يسمح للبنوك بان تشارك في عمليات استثمارية .باإلضافة إلى ضرورة
العمل على زيادة نسبة المالئة المالية للبنوك ،وذلك بحس البنوك على زيادة رأس المالي ،وذلك بإضافة
أرباحها إلى رأس المال أو طرح أسهم جديدة في البورصة ،وبذلك يكون لدينا بنوك عمالقة قادرة على االقتراض
نيابةً عن الدولة ،حيث أن قيام الحكومة بنفسها باالقتراض يعرضها لمخاطر مرتفعة ،ذلك باإلضافة إلى المهارة
التفاوضية للبنوك والتي يمكن أن تزيد بزيادة رأس المال.
وفي ذات اإلتجاه ،يجب العمل على بث الثقة بين كافة أفراد المجتمع وبين المؤسسات المالية ،وتأتي
هذه الثقة من خالل التعامل بشفافية وعدالة ،مع إمكانية تقديم خدمات استشارية للعميل في حالة طلبه ،ومنحه
كافة المعلومات الالزمة عن كافة مراحل تعامله مع مقدمي الخدمات المالية ،واألهتمام بالشكاوى المقدمة من
العميل والتعامل معها بحيادية تامة .مع ضرورة تخفيض تكلفة المعامالت البنكية ،والنظر إلى البعد اإلجتماعي
وعدم التركيز على جانب تحقيق أرباح فقط.
34
وختاما ،يتحتم دراسة إعطاء فرصة أكبر لدور التمويل االسالمي في الشمول المالي ،وتعظيم دور المصارف ً
االسالمية ،وتنويع خدماتها ومنتجاه المالية ،على النحو الذي يتفق مع التطلعات ،والقناعات الدينية للفئات
المهمشة.
الخــــــــاتمة والتوصيات
تناولت الدراسة موضوع نحو استراتيجية وطنية للشمةل المالي في مصر في ضوء رؤية مصر
،0202وترجع أهمية ذلك الموضوع ،إلى ما يترتب على الشمول المالي من آثار ايجابية على كافة
المتغيرات االقتصادية الكلية ،وفي ظل ذلك أصبح من الضروري الوقوف على واقع الشمول المالي في
35
مصر ،والتحديات التي تواجهه ،وانعكاساته على أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة ،0202وذلك
في سبيل الوصول إلى بعض الحلول المقترحة التي يمكن أن تعزز من الشمول المالي .وقد جاءت
هذه الدراسة لإلجابة على تلك التساؤالت ،وفي ضوء ذلك تشير إلى النتائج المستخلصة على النحو
التالي:
أوًال -لم تتبع الحكومة المصرية استراتيجية واضحة للشمول المالي ،واكتفت ببعض المبادرات التي
تبناها البنك المركزي؛ وهو ما ترتب عليه تعزيز االستبعاد المالي.
ثانيا -طردية العالقة بين تعزيز الشمول المالي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ،كما يعد الشمول
ً
المالي أحد أدوات تحقيق التنمية المستدامة.
ثالثًا -ترتب على حالة االستبعاد المالي في مصر حرمان المؤسسات المالية من االستفادة من مدخرات
القطاع العائلي ،وكذلك رواج ظاهرة االقتصاد غير الرسمي؛ وهو ما أعاق تحقيق أهداف رؤية مصر
للتنمية المستدامة.
ابعا -يمكن إيجاذ معوقات الشمول المالي في مصر في (الفقر وتدني مستوى الدخول ،وارتفاع تكلفة
رً
الخدمات المالية ،وارتفاع نسبة األمية وغياب الوعي الثقافي لدى الجمهور ،وعدم فاعلية السياسات
االقتصادية على المستوى الكلي ،وانتهاج الحكومات المتعاقبة لسياسات خاطئة ،والفساد اإلداري
والمركزية والمالية ،وانخفاض مستوى ثقة المستهلك وعدم توافر الحماية الالزمة له ،واالعتماد على
نظام مالي ربوي).
هذا باإلضافة إلى العديد من المعوقات ،والنتائج المترتبة على الشمول المالي في مصر ،والتي
أوضحتها الدراسة بصورة مفصلة.
لذلك توصي الدراسة ببعض التوصيات التي قد تساعد في القضاء على االستبعاد وتعزيز الشمول
المالي ،وذلك على النحو التالي:
أوًال -ضرورة وضع استراتيجية قومية للشمول المالي ،تشارك في وضعها وتنفيذها كافة المؤسسات
المعنية بالدولة ،على أن تتضمن ما يلي:
36
-إعداد دراسات ميدانية عن واقع الفئات المهمشة ،والخدمات والمنتجات المالية التي تشغل
أهتماماتها وتتفق مع ظروفها االقتصادية واالجتماعية ،والعمل على إتاحة تلك الخدمات
والمنتجات.
ماليا باللغة التي يفهمونها.
-العمل على الوصول إلى الفئات المهمشة ،وتثقيفهم ً
-وضع تشريع للشمول المالي على أن يتضمن حماية المستهلك المالي ،وتحديد كافة حقوقه
وواجباته ،وكذلك تشريع لدمج االقتصاد غير الرسمي.
-تخفيض تكلفة الخدمات والمنتجات المالية التي ُيستهدف إتاحتها للفئات المهمشة.
-وضع تعريف للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتفق مع واقع تلك المشروعات المنتشرة ببيئة
األعمال المصرية ،واتاحة التمويل الالزم لها بشروط ميسرة.
ثانيا -ضرورة إتخاذ الحكومة إلجراءات جدية في سبيل القضاء على الفقر وزيادة الدخول؛ من خاللً
وضع وتنفيذ خطة اقتصادية طموحة تقوم على زيادة اإلنتاج من خالل تهيئة المناخ المالئم ،والجاذب
لالستثمارات األجنبية والمحلية ،ومن خالل تعبئة اإلمكانيات ،والقدرات ،والموارد المالية ،والمادية،
والبشرية الكامنة باالقتصاد المصري ،والسيما اإلمكانيات والقدرات المترتبة على ما يلي:
-ترشيد اإلنفاق الحكومي ،واصالح نظام األجور والمرتبات ،واصالح نظام الدعم بكافة صوره
وأشكاله.
-إعادة هيكلة الجهاز اإلداري للدولة ،واالستغناء عن الكثير من االستشاريين.
-التسعير العادل لمنتجات المناجم والمحاجر.
-إعمال معايير االقتصاد والكفاءة والفاعلية ،في إدارة وتشغيل أجهزة الدولة المختلفة ،ووحدة
الموازنة العامة للدولة بما تتضمنه من ضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة.
-إعادة تسعير الغاز واألراضي المخصصة بأسعار رمزية ،واتخاذ إجراءات جدية ضد
المستثمرين المتهربين من سداد القروض ،واسترداد األموال المهربة بالخارج.
ثالثًا -إتخاذ إجراءات جدية لمواجهة الفساد المالي واإلداري ،وتمكين األجهزة الرقابية من ممارسة دورها
الرقابي ،والعمل على تطبيق الالمركزية االدارية.
اء
ابعا -السماح للبنوك بالمشاركة في البيئة االستثمارية ،والعمل على زيادة نسبة مالئتها المالية ،سو ً
رً
عن طريق إضافة األرباح إلى رأس المالي ،أو طرح أسهم جديدة بالبورصة.
خامسا -دراسة االعتماد على نظام تمويل إسالمي كمعزز للشمول المالي.
ً
37
قائمة المراجع
ً
أول -المراجع العربية:
-إبراهيم الغيطاني ،أسماء الخولي :مداخل الدمج اآلمن لالقتصاد غير الرسمي في مصر ،مركز األهرام للدراسات السياسية
واالستراتيجية – بدائل ،سلسلة "دراسات سياسات" فصلية محكمة ،العدد ،00القاهرة ،أكتوبر .7102
-د /أحمد ذكر هللا :تطورات المشهد االقتصادي ،المعهد المصري للدراسات ،إسطنبول.7102 ،
-ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،الجزء الخامس عشر.7116 ،
-أحمد عايش عطية :تفعيل متطلبات الشمول المالي من خالل استخدتم الحوسبة السحابية وتأثير ذلك محاسبيًا ،بحث مقدم
لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة – جامعة االسكندرية في
الفترة 70 – 71ديسمبر .7102
38
-د .إسالم محمد البنا :التنمية المستدامة والبيئة المؤسسية في مصر ،العدد الرابع ،المجلة العلمية للبحوث التجارية ،كلية
التجارة ،جامعة المنوفية ،القاهرة.7102 ،
-بهناز علي القره داغي :الشمول المالي :دولة قطر أنموذجا ،مجلة اإلدارة والقيادة اإلسالمية ،المجلد الثاني ،العدد األول،
الهيئة العالمية للتسويق اإلسالمي ،قطر.7102 ،
-د .إسالم محمد محمد شاهين :التنمية المستدامة ومؤشراتها في مصر -دراسة تحليلية ،المجلة العلمية للبحوث والدراسات
التجارية ،كلية التجارة ،جامعة حلوان ،القاهرة.7100 ،
-سمية رمدوم :التنمية المستدامة مقاربة مفاهيمية ،مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح ،الجزائر.7102 ،
-أ .د /صبري نوفل :الشمول المالي في مصر وبعض الدول العربية ،العدد ،662مجلة االقتصاد والمحاسبة ،نادي التجارة،
القاهرة.7102 ،
-طارق محمد إبراهيم :دراسة تحليلية لنموذج الشمول المالي في بنك ناصر االجتماعي ،ورقة عمل مقدمة لمؤتمر "األبعاد
المحاسبية والمهنية للشمول المالي – في إطار رؤية مصر "7101والذي نظمته كلية التجارة ،جامعة االسكندرية ،خالل الفترة
من 70 – 71ديسمبر .7102
-طارق محمد إبراهيم الشين :تطور أنشطة بنك ناصر االجتماعي بما يعكس الشمول المالي ،بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد
المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة – جامعة االسكندرية في الفترة 70 – 71
ديسمبر .7102
-د /مأمون أحمد محمد النور :التنمية المستدامة ،المجلد الواحد والثالثون ،العدد ،060مجلة األمن والحياة ،جامعة نايف
العربية للعلوم األمنية ،الرياض.7107 ،
-د .مجدي األمين نورين :الخدمات المالية بين االستبعاد والشمول ،العدد ،22مجلة بنك السودان المركزي ،الخرطوم،
.7102
-مركز هردو لدعم التعبير الرقمي :الشمول المالي في مصر....هل لمحدودي الدخل نصيب في إتاحة األدوات المالية،
القاهرة.7102 ،
-د /هدى النمر ،د /أحمد عاشور :التقدم الذي أحرزته مصر نحو تحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية ،دراسة مرجعية انتجت في
إطار اإلعداد للتقرير الوطني للتنمية البشرية ،برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،و ازرة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلداري ،القاهرة،
.0220
-ياسمين مجدي رجب عثمان ،محمد أحمد محمد صالح :تأثير تطبيق الشمول المالي على االستقرار المالي للقطاع المصرفي:
دراسة تطبيقية ،بحث مقدم لمؤتمر "األبعاد المحاسبية والمهنية للشمول المالي في إطار رؤية مصر – "7101كلية التجارة –
جامعة االسكندرية في الفترة 70 – 71ديسمبر .7102
البنك الدولي :قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي.7102 ، -
البنك المركزي المصري :تقرير االستقرار المالي .0217 -
وزارة التخطيط والمتابعة واالصالح االداري :رؤية مصر ،0202القاهرة.7102 ، -
- Adeyemi Adewale Abideen, Pramanik Ataul Huq, Meera Ahmaed Kameel Mydin: ”The
measurement Model of the Determinants of financial Exclusion among Musilm Micr-
enterpreneurs in Ilorin”, Nigeria, Journal of Islamic finance, Vol.1 No. 1 (2012), IIUM
instititue of Islamic Banking and Finance, ISSN 2289-2117 (O)/2289-2109(P(.
39
- David Griggs: “Sustainable development goals for people and planet”, Macmillan
Publishers, London,2013.
- Leandro Medina, Friedrich Schneider: “Shadow Economies Around the World: What
Did We Learn Over the Last 20 Years?”, IMF Working Paper, WP/18/17 ,
Washington, 2018.
فهرس الموضوعات
40
الصفحة
الموضوع
0 المقدمة
7 مطلب تمهيدي – العالقة بين الشمول المالي والتنمية المستدامة.
10 المبحث األول -واقع الشمول المالي في مصر وانعكاسه على أهداف التنمية
المستدامة.
10 المطلب األول -واقع الشمول المالي في مصر.
12 المطلب الثاني -تأثير الشمول المالي على رؤية مصر للتنمية المستدامة .0202
02 سبل مواجهتها.
المبحث الثاني -التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر و ُ
01
المطلب األول -التحديات التي تواجه الشمول المالي في مصر.
00 المطلب الثاني -مدخل الستراتيجة وطنية للشمول المالي في مصر.
01 الخاتمة والتوصيات
02 قائمة المراجع
41