You are on page 1of 12

‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬

‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫الجامعة المستنصرية‬
‫كلية االدارة واالقتصاد‬
‫قسم االقتصاد‬

‫سياسات مالية‬

‫المرحلة الثالثة‬
‫الدراسات الصباحية والمسائية‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫اوالً‪:‬مفهوم السياسة المالية‬

‫‪-1‬تعريف السياسة المالية‬

‫يعكس مفهوم السياسة المالية تطلعات واهداف المجتمع الذي تعمل فيه ‪ ،‬فقد استهدف‬
‫المجتمع قديما اشباع الحاجات العامة وتمويلها من موارد الموازنة العامة ومن ثم ركز‬
‫االقتصاديون جل اهتمامهم على مبادئ الموازنة العامة وضمان توازنها ‪ ،‬ولما كان‬
‫اختيار الحاجات العامة المطلوب اشباعها يتطلب من المسؤولين اتخاذ ق اررات‪ ،‬وان هذه‬
‫الق ار ار قد تحدث اثار متعارضة احيانا فتثير مشكلة كيفية التوفيق بين هذه االهداف‬
‫المتعارضة وتحقيق فعاليتها على نحو مرغوب‪ ،‬وفي ضوء تلك التوفيقات والتوازنات‬
‫يتكون اساس ومفهوم السياسة المالية‪.‬‬
‫يفيض الفكر المالي بتعريفات مختلفة لمفهوم السياسة المالية نسوق بعضها على سبيل‬
‫المثال وليس على سبيل الحصر االتي‪:‬‬
‫‪. 1‬انها مجموعة السياسات المتعلقة بااليرادات العامة والنفقات العامة بقصد تحقيق‬
‫اهداف محددة‪.‬‬
‫‪ . 2‬انها سياسة استخدام ادوات المالية العامة من برامج االنفاق وااليرادات العامة وادارة‬
‫الدين‪ ،‬لتحريك متغيرات االقتصاد الكلي مثل الناتج الوطني‪ ،‬التشغيل‪ ،‬االدخار‪،‬‬
‫االستثمار‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬وذلك من اجل تحقيق االثار المرغوبة وتجنب االثار‬
‫غير المرغوبة فيها على كل من الدخل والناتج ومستوى التشغيل وغيرها من المتغيرات‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .3‬مجموعة من االساليب والقواعد واالجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة الدارة‬
‫النشاط المالي لها بأكبر كفاءة ممكنة‪ ،‬لتحقيق مجموعة من االهداف االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية خالل فترة زمنية محددة‪.‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫وقد تطور هذا المفهوم حسب الدور الذي كانت تمارسه الدولة في النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫فقد كانت السياسة المالية سياسة محايدة في المرتكزات الفكرية الكالسيكية‪ ،‬ولكن بعد‬
‫ظهور النظرية العامة الكينزية بعد أزمة الكساد العظيم ‪ ،1929‬اذ ُع ّد كينز ان السياسة‬
‫المالية فعالة ويمكن من خاللها تحقيق االستقرار المالي والحد من الكساد ‪ ,‬بالتنسيق مع‬
‫السياسة النقدية‪ ،‬وان هذا التطور في دور الدولة المالي انعكس على مفهوم السياسة‬
‫المالية واصبحت السياسة المالية سياسة متدخلة‪ .‬اذ تم التركيز على األدوات المالية التي‬
‫يمكن من خاللها زيادة حجم اإلنفاق العام‪ ،‬والتأثير على حجم الطلب الكلي‪ ،‬فكلما ازداد‬
‫حجم الطلب الكلي دفع المنتجين لزيادة حجم التوظيف من العمالة ورأس المال والمواد‬
‫األولية‪ ،‬األمر الذي يؤدي لزيادة اإلنتاج وزيادة حجم الدخل الوطني‪.‬‬
‫‪-2‬مفهوم السياسة المالية من وجهة نظر المدرسة الكالسيكية‪.‬‬
‫ان الفكر الكالسيكي يرتبط بأفكار بعض االقتصاديين أمثال ادم سمث وجون استيوارت‬
‫ميل وريكاردو‪ ،‬ويرى أولئك االقتصاديين ان اليد الخفية ‪ Invisible Hand‬وألية السوق‬
‫قادرة بمفردها على توجيه الموارد االقتصادية نحو استخداماتها المثلى وتحقيق التوازن‬
‫التلقائي بين الطلب الكلي والعرض الكلي وتحقيق الدخل التوازني على مستوى االقتصاد‬
‫القومي دون حاجة الى تدخل الحكومة‪.‬‬
‫ويخلص الكالسيك الى ضرورة استبعاد الدولة من التدخل في النشاط االقتصادي اال في‬
‫اضيق الحدود مثل القيام باالنفاق على بعض السلع والخدمات العامة مثل االمن والدفاع‬
‫والعدالة وبعض مشروعات البنية االساسية التي اليقدم عليها االفراد لعدم ربحيتها هذا‬
‫باالضافة الى ضرورة مراعاة الحياد المالي لنشاط الدولة وذلك فيما يتعلق باالنفاق‬
‫الحكومي والضرائب بحيث يتم دائماً تحقيق التوازن الحسابي بجانب الموازنة العامة‬
‫للدولة (تساوي النفقات وااليرادات)‪.‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫وعلى اساس ذلك يعرف الكالسيكيون السياسة المالية بأنها‪" :‬عملية تغيير حجم اإلنفاق‬
‫الحكومي‪ ،‬أو اإليراد العام؛ لخلق توازن حسابي بينهما‪ ،‬وذلك في حالة عدم التوازن بين‬
‫جانبي الميزانية العامة للدولة‪ ،‬أو باألحرى عند وجود تباين بين حجم النفقات العامة‬
‫وحصيلة إيرادات الدولة‪ ،‬تقوم الدولة بتغيير أحد جانبي الميزانية لغرض خلق التوازن‬
‫بينهما يالحظ من خالل التعريف السابق تركيز الكالسيكيين على تحقيق التوازن المالي‬
‫من خالل السياسة المالية‪ ،‬حيث نادوا بتخفيض اإلنفاق العام بشكل مستمر‪ ،‬كي ال تقع‬
‫الدولة في حالة العجز‪ ،‬كما أروا أن لجوء الحكومة لالقتراض العام من الجمهور يجب‬
‫أن يكون ناد اًر ومحصو اًر بعدد من الحاالت االستثنائية كتمويل اإلنفاق العسكري‪ ،‬وتنفيذ‬
‫المشروعات التي ال يقدم عليها األفراد مثل مشاريع الخدمات‪ ،‬وتمويل النفقات االستثنائية‬
‫غير المتوقعة مثل المواسم الرديئة والكوارث‪.‬‬
‫‪-3‬مفهوم السياسة المالية من وجهة نظر المدرسة الكينزية‪.‬‬
‫بعد أن سادت النظرية الكالسيكية لفترة طويلة من الزمن و ما أملته على السياسة المالية‬
‫من دور محدود و قاصر‪ ،‬فإن التطورات الكبيرة السياسية و االقتصادية التي أحاطت‬
‫بالعالم في الثالثينات و األربعينات من القرن الماضي‪ ،‬متمثلة في الكساد العالمي‬
‫والحرب العالمية الثانية أدت إلى تغيير بعض المفاهيم في الدول الرأسمالية‪ ،‬حيث بدأت‬
‫الدعوة إلى المزيد من التدخل الحكومي في الحياة االقتصادية في محاولة للحد من‬
‫اآلثار المترتبة عن هذه الظروف‪ .‬أوضح كينز أن االقتصاد القومي ال يتصف‬
‫بالتصحيح الذاتي دائماً‪ ،‬فالقوة التصحيحية التلقائية تتسم بالضعف‪ ،‬كما أن االقتصاد‬
‫القومي أساساً غير مستقر‪ ،‬ومن ث َّم فالتدخل الحكومي ضرورة ال مفر منها للتأثير على‬
‫المستوى العام للنشاط االقتصادي و تصحيح الخلل في آليات السوق‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫تعديل الحكومة لوضعها المالي أي االنتقال بدور الدولة من مرحلة الدولة الحارسة إلى‬
‫مرحلة الدولة المتدخلة‪.‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫ومنه كانت النظرية الكينزية نقطة تحول في الفكر االقتصادي والسياسة المالية‪ ،‬وقد بدأ‬
‫التحليل الكينزي بنقد التحليل التقليدي و رفض قانون ساي لألسواق الذي يتضمن أن‬
‫العرض يخلق الطلب المساوي له و تلقائية التشغيل الكامل‪ ،‬وخلص التحليل الكينزي إلى‬
‫أن مستوى التشغيل و اإلنتاج إنما يتوقف على الطلب الكلي الفعال‪ ،‬وأن الطلب ال‬
‫يتحدد تلقائياً عند المستوى الذي يحقق التشغيل الكامل لموارد المجتمع اإلنتاجية‪.‬‬
‫ووفقاً للتحليل الكينزي‪ ،‬فإن توازن التشغيل الكامل ال يتحقق تلقائياً كما تذهب إليه‬
‫النظرية التقليدية‪ ،‬وإنما قد يتحقق التوازن عند مستوى أقل من التشغيل الكامل‪ ،‬وبالتالي‬
‫يخلص التحليل الكينزي إلى أن االنحراف عن التشغيل الكامل هو الوضع المعتاد في‬
‫النظام االقتصادي‪ ،‬بمعنى أن هناك قدر من البطالة اإلجبارية تظهر في سوق العمل‪ .‬و‬
‫نتيجة لكل هذا تخلت السياسة المالية عن قواعدها التقليدية (سالفة الذكر) واتخذت‬
‫مفهوماً وظيفياً و أصبحت ذات معنى أوسع من المعنى السابق‪ ،‬فهي تعني وفقاً للمفهوم‬
‫الكينزي‪ ،‬مجهودات الحكومة لتحقيق االستقرار وتشجيع النشاط االقتصادي‪ ،‬فتعدت‬
‫أهدافها النطاق المالي لتساهم في تغيير البنيان االقتصادي واالجتماعي للدولة‪ ،‬ولذلك‬
‫أُطلق عليها اسم السياسة المالية المتدخلة لتمييزها عن السياسة المالية المحايدة‪،‬‬
‫وأصبحت الدولة هي المسؤولة في نهاية األمر عن سالمة و قوة االقتصاد الوطني ككل‪،‬‬
‫كما أصبحت السياسة المالية أداة رئيسية ومسؤولة عن تحقيق التوازن االقتصادي عند‬
‫مستوى التوظيف الكامل للموارد اإلنتاجية عن طريق التأثير على الطلب الفعال في‬
‫االقتصاد وتتمتع السياسة المالية في هذا الشأن بالقدرة على التأثير المباشر على مستوى‬
‫النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وقد اهتم كينز بالطلب الكلي والمحددات التي تؤثر فيه وهي االنفاق االستهالكي‬
‫واالستثمار الحكومي وصافي التجارة الخارجية ورأى ان السياسة المالية بشقيها وهي‬
‫االنفاق الحكومي والضرائب يمكن لها ان تؤثر على الطلب الكلي وبالتالي اعادة التوازن‬
‫مرة اخرى لالقتصاد القومي‪ ،‬ففي حالى الكساد يمكن اتباع سياسة مالية توسعية (زيادة‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫االنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب) أما في حالة التضخم يمكن اتباع سياسة مالية‬
‫انكماشية (تخفيض االنفاق الحكومي وزيادة الضرائب)‬
‫وقد عرف الكينزيين السياسة المالية بأنها‪" :‬األدوات التي تتدخل الدولة من خاللها‬
‫لتوجيه االقتصاد الوطني وإحداث تغيرات واضحة‪ ،‬بحيث تؤدي الى زيادة حجم اإلنتاج‬
‫والتشغيل ومعدالت النمو االقتصادي"‬
‫يالحظ أن السياسة المالية الكينزية هي سياسة توسعية ال تقف عند حدود التوازن‬
‫المالي‪ ،‬فالسياسة المالية من وجهة النظر هذه هي وسيلة لتحقيق هدف اقتصادي عام‪،‬‬
‫وليست غاية بحد ذاتها‪ ،‬حيث رأى الكينزيون أنه يمكن استخدام اإلنفاق العام والقروض‬
‫العامة والضرائب وغيرها من األدوات المالية لتحقيق األهداف االقتصادية المرجوة كزيادة‬
‫الطلب الكلي‪ ،‬وتحفيز المنتجين‪ ،‬وزيادة التشغيل للخروج باالقتصاد من حاالت يعاني‬
‫منها إلى حاالت أفضل‪ ،‬كما يرى الكينزيون أنه يمكن االعتماد على اإلصدار النقدي‬
‫في حاالت نقص القروض العامة أو عدم اإلقبال عليها من قبل المواطنين‪ ،‬حتى لو‬
‫أدى ذلك اإلصدار إلى التضخم والسيما في الدول ذات النظام اإلنتاجي المرن‪.‬‬
‫ولقد بدا منطقياً نجاح هذه األسس للسياسة المالية عند تطبيقها في اقتصاديات الدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬حيث أمكن باستخدامها المساهمة في إخراج اقتصاديات هذه الدول من أزمة‬
‫الكساد الكبير ومعالجة الضغوط التضخمية التي ظهرت خالل الحرب العالمية‪.‬‬
‫ولقد دفع هذا النجاح ألسس السياسة المالية ببعض االقتصاديين إلى المطالبة بتطبيق‬
‫نفس األسس التي أتبعت في الدول المتقدمة على اقتصاديات الدول النامية للنهوض‬
‫بمستويات النشاط االقتصادي والقضاء على البطالة اإلجبارية والمقنعة ورفع حجم‬
‫اإلنتاج و الدخل الوطني‪ ،‬ومنه تحقيق أهداف التنمية االقتصادية‪ ،‬وعلى هذا ظهر إلى‬
‫جوار السياسة االقتصادية سياسة مالية تتفق معها وتستخدمها الدولة للتأثير عليها‬
‫وتوجيهها الوجهة التي تراها و ي في هذا التأثير تزداد قوة كلما اتسع مدى نشاط الدولة‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫‪-4‬مفهوم السياسة المالية من وجهة نظر النقوديون‪:‬‬


‫في حين دعا كينز الى ضرورة تنظيم الحكومة لالقتصاد عن طريق ادوات السياسة‬
‫المالية الدارة الطلب الكلي‪ ،‬فان منظري مدرسة شيكاغو وعلى راسهم ميلتون فريدمان‬
‫(‪ ،)Milton Friedman‬يرون في التدخل الحكومي باالقتصاد عامالً معرقالً للتطور‬
‫والنمو االقتصاديين‪ ،‬النه يؤدي الى عرقلة السوق واالسعار وبالتالي التاثير سلبا في‬
‫النشاط االقتصادى‪ ،‬اذ يعتقد النقوديون (‪ )Monetarists‬ان النشاط االقتصادى الخاص‬
‫معرضاً لعدم االستقرار الن معظم التقلبات‬
‫ّ‬ ‫اذا ما ترك الساليبه الخاصة فانه لن يكون‬
‫في الناتج االجمالي تنجم من عمل الحكومة وان كانت هناك تاثيرات للسياسة المالية‬
‫فانها ليست سوى تاثيرات ضئيلة على المخرجات واالسعار يمكن اهمالها‪ ،‬ويذهبون في‬
‫ذلك ومن خالل تبنيهم لفكرة التزاحم االستثماري (‪ )Crowing out‬بان تطبيق السياسة‬
‫المالية التوسعية من قبل الحكومة تؤدي الى مزاحمة القطاع الخاص في اسواق المال‬
‫مما يؤثر سلباً في االنفاق االستثماري الخاص‪ ،‬ويحصل ذلك عند لجوء الحكومة بتمويل‬
‫عجزالموازنة من خالل االقتراض باصدار السندات الحكومية او اذونات الخزينة والتي‬
‫تتنافس فيها مع القطاع الخاص فيؤدي ذلك الى ارتفاع اسعار الفائدة مما يؤدي الى‬
‫انخفاض االنفاق االستثماري الخاص‪.‬‬
‫اما النتيجة التي توصل اليها النقوديون حول الطريقة الكينزية وباثبات (فريدمان) فانها‬
‫كانت السبب وراء الزيادة المضطردة من المعروض النقدي والذي ادى الى اتساع نمو‬
‫االجور واالسعار خالل فزة الستينيات ومصاحبة ذلك لمعدالت البطالة المرتفعة اثناء‬
‫السبعينات لحصول ما يعرف بالركود التضخمي (‪،)Stagflation‬‬
‫فضالً عن المقاومة السياسية في ذلك الحين لزيادة الضرائب التي قادت الى عدم الكفاءة‬
‫في مقاومة التضخم‪ ،‬وامام ذلك كله‪ ،‬فان النقوديين ومن خالل الدراسات التطبيقية يرون‬
‫انه ينبغي على السياسات المالية المصححة النعاش الدخل االجمالي ان تصطحب معها‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫زيادة في معدل نمو عرض نقد مستقر سنويا‪ ،‬ذلك ان السياسة المالية ان لم تكن‬
‫مصحوبة بتغيرات نقدية ستؤدي الى رفع اسعار الفائدة وتقييد االنفاق الخاص‪.‬‬
‫ثاني ًا‪:‬أدوات السياسة المالية‪:‬‬
‫إن مفهوم السياسة المالية يتعلق أساسا باإلجراءات والق اررات التي تستخدمها السلطات‬
‫المالية لتجديد النشاط المالي للدولة وأيضا األدوات التي تمكنها من التدخل في النشاط‬
‫االقتصادي وتحديد إمكانية تأثيرها على جميع المتغيرات االقتصادية‪.‬‬
‫لقد اتضح مما تقدم أن السياسة المالية تعني استخدام الحكومة للضرائب واإلنفاق العام‬
‫والموازنة العامة من أجل تحقيق االستقرار االقتصادي وتحقيق العدالة االجتماعية‪ ،‬كل‬
‫كذلك في إطار تحقيق أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫هناك ثالث أدوات أساسية للسياسة المالية هي‪ :‬اإليرادات العامة‪ ،‬النفقات العام‪،‬‬
‫والموازنة العامة للدولة‪ ،‬وهذه األدوات يتم استخدامها على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬زيادة أو تخفيض الضرائب‪.‬‬
‫ب‪ -‬زيادة أو تخفيض اإلنفاق العام‪.‬‬
‫ج‪ -‬استحداث فائض أو عجز في الموازنة العامة للدولة‪.‬‬
‫وان السياسة المالية تمر عبر قنوات ثالثة هي‪:‬‬
‫االيرادات العامة‪ ،‬من عوائد االمالك العامة وضرائب ورسوم‪ ،‬وتراخيص وثمن عام‪،‬‬
‫وغرامات مالية‪ ،‬وقروض واصدار نقدي جديد واعانات‪.‬‬
‫االنفاق العام‪ ،‬ويشمل ذلك جميع النفقات العامة للحكومة واجهزتها وهيئاتها‪ ،‬سواء أكانت‬
‫نفقات عادية ام انمائية‪.‬‬
‫ادارة العجز‪ ،‬او الفائض في الموازنة‪ ،‬وكيفية تمويله ومصادر ذلك التمويل‪ ،‬واستراتيجية‬
‫ادارة الدين العام‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يمكن ادراج أدوات الساسة المالية ووسائلها على النحو االتي‪:‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫‪.1‬السياسة الضريبية‪:‬‬
‫الضرائب واحدة من ادوات السياسة المالية الهامة التي تستطيع الدولة من خاللها ان‬
‫توفر االيرادات واستخدامها لتوجيه االقتصاد بالشكل الذي تبتغيه الدولة وتمويل نفقاتها‬
‫العامة فضالً عن تحقيق االستقرار االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫وتعد االيرادات الضريبية بشكلها المباشر وغير المباشر عنص اًر هاماً في ايرادات الدول‬
‫المتقدمة والدول النامية على حد سواء‪ ،‬كما تسهم االيرادات الضريبية في مختلف دول‬
‫العالم في تمويل خطط التنمية المطروحة من قبل الحكومات عن طريق الخدمات‬
‫المختلفة التي تقدمها الدول لشتى القطاعات االقتصادية ‪.‬‬
‫ومن خالل استخدام السياسة الضريبية تمكن الدولة من تحقيق اهداف هامة هي ‪:‬‬
‫االهداف المالية‪ :‬تعد االيرادات المالية عصب الحياة‪ ،‬والغرض االساس من الضريبة‬
‫في معظم الدول هو الحصول على مورد مالي لتمويل النفقات العامة‪ ،‬مما يجعل الدول‬
‫تهتم بتلك االيرادات الضريبية‪ ،‬ومحاولة توظيفها لخدمة السياسة االقتصادية‪.‬‬
‫االهداف االقتصادية‪ :‬ان الحكومات والسلطات توجه السياسة الضريبية لخدمة اهدافها‬
‫االقتصادية‪ ،‬واهمها رفع كفاءة استخدام الموارد االقتصادية وتوجيه النشاط االقتصادي‬
‫وخدمة الصناعة الوطنية والتشغيل‪ ،‬وتتمثل االهداف االقتصادية بالتالي‪:‬‬
‫أ‪-‬تشجيع الصناعات المحلية وحمايتها من المنافسة الخارجية‪ :‬وتلجأ الدول لحماية‬
‫بعض الصناعات المحلية التي قد التكون قادرة على منافسة الصناعات المستوردة‪ ،‬عن‬
‫طريق فرض الضرائب على السلع المستوردة وهذا بدوره يعمل على رفع اسعار السلع‬
‫المستوردة ويؤدي الى خلق ظروف منافسة افضل للسلع المصنعة محلياً‪.‬‬
‫ب‪-‬معالجة الركود االقتصادي‪ :‬ان الدورات االقتصادية (الرخاء والركود)‪ ،‬هي سمة من‬
‫سمات النظام االقتصادي المعاصر‪ ،‬ومثل هذه الدورات لها تأثير سيء على االقتصاد‬
‫الوطني ولذلك يمكن اللجوء الى الضريبة او على االقل بعض انواع الضرائب لمعالجة‬
‫مدد (الركود واالنكماش)‪ ،‬اذ يقل الشراء واالستهالك وتتكدس المنتجات فتقوم تقوم‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫الحكومات بزيادة القوة الشرائية لدى االفراد من ذوي الدخول المتدنية‪ ،‬وذلك بتخفيض‬
‫المعدالت الضريبية الدخل وزيادة االعفاءات الضريبية‪.‬‬
‫ج‪-‬تستخدم السياسة الضريبية كأداة لتوجيه االستثمار‪ :‬فحينما ترغب الدولة في تشجيع‬
‫االست ثمار في القطاع الزراعي مثال‪ ،‬او الصناعي او قطاع البناء‪ ،‬فأنها تقوم بتخفيض‬
‫سعر الضريبة على االرباح الناتجة من االستثمار في تلك القطاعات او اعفائها من‬
‫الضريبة كلياً‪ ،‬وذلك لكي يتم توجيه االستثمارات والموارد نحوها‪.‬‬
‫االهداف االجتماعية‪ :‬ان هناك عدد من االهداف االجتماعية التي يمكن تحقيقها من‬
‫خالل فرض الضريبة‪ ،‬ويمكن تلخيص تلك االهداف بالتالي‪:‬‬
‫أ‪.‬اعادة توزيع الدخل بين افراد المجتمع‪ :‬اي عدم تركز الثروات في ايدي عدد قليل من‬
‫افراد المجتمع‪ ،‬فيتم فرض ضرائب اعلى على ذوي الدخول المرتفعة وضرائب اقل‬
‫واعفاءات على اصحاب الدخول المنخفضة‬
‫ب‪.‬تحقيق العدالة والمساواة في فرض الضريبة‪ :‬وذلك من خالل مساهمة كل فرد في‬
‫االعباء والتكاليف العامة بحسب مقدرته المالية‪ ،‬ومن خالل فرض الضريبة على‬
‫الطبقات الغنية وتخصيص مواردها لزيادة دخول الطبقات الفقيرة وهذا ما يعرف بأعادة‬
‫توزيع الدخل القومي‪.‬‬
‫ج‪.‬الحد من بعض العادات السيئة او غير المرغوب بها في المجتمع ‪ :‬فهناك بعض‬
‫العادات او التصرفات التي تكون غير محببة او مرغوب بها‪ ،‬وتعمل الدولة على‬
‫محاربتها والحد منها‪ ،‬مثل التدخين والمسكرات وبعض السلع الترفيهية‪ .‬وقد تلجأ الدولة‬
‫في هذه الحالة الى فرض ضرائب عالية على مثل هذا النوع من السلع للحد من‬
‫استهالكها من قبل االفراد لما لهذه السلع من تأثيرات سلبية على المجتمع‪.‬‬
‫كما ان تشجيع عادات او تصرفات مرغوبة من قبل المجتمع يمكن ان يتم ايضا من‬
‫خالل استخدام سياسات ضريبية متساهلة‪.‬‬
‫االهداف السياسية‪ :‬تعد السياسة الضريبية من اهم االدوات المالية التي تستخدمها‬
‫الحكومات لتنفيذ سياستها العامة التي ينتج عنها اثار سياسية‪ ،‬وقد كان للضريبة اثر هام‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫في التاريخ السياسي للمجتمعات والشعوب‪ ،‬اذ كانت احياناً سبباً في نشوب الثورات او‬
‫قيام االنتفاضات او تغيير انظمة الحكم القائمة ‪.‬‬
‫االهداف الثقافية‪ :‬ت ستعمل السياسة الضريبية كأداة للمحافظة على التراث الثقافي‬
‫للمجتمعات سواء بتمويلها للبرامج الموضوعة لهذا الغرض او بتقديم مزايا ضريبية من‬
‫خالل اعفاء الدخول الناجمة عن اتعاب االعمال الفنية كعوائد التأليف والعروض الفنية‬
‫والمسرحية من ضريبة الدخل‪.‬‬
‫اآلثار االقتصادية للسياسة الضريبية‬

‫اتضح لنا فيما سبق كيف تطور دور الدولة في العالم المعاصر‪ ،‬فأصبح يشمل إلى‬
‫جانب وظائفها التقليدية كافة النشاطات االقتصادية األمر الذي يستلزم توفر الموارد‬
‫االقتصادية الالزمة لذلك‪.‬‬

‫ولما كانت الضريبة تمثل المصدر الرئيسي لإليرادات العامة للدولة وأفضل أداة‬
‫تستخدمها الدولة للتدخل في النشاط االقتصادي والتأثير على الحياة االجتماعية‪،‬وفي‬
‫إطار هذا الدور كل الضرائب يتعين علينا أن نتعرف على اآلثار االقتصادية للضريبة‬
‫دون غيرها من اإليرادات األخرى‪ .‬اذ ان هناك العديد من اآلثار االقتصادية للضرائب‬
‫من أهمها‪.‬‬

‫‪ -1‬األثر على االستهالك واإلنتاج‬

‫إن فرض الضريبة على المداخيل المنخفضة ينجم عنها انخفاض في االستهالك واإلنتاج‬
‫مما يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني ومن ثم نقص إيرادات الدولة‪ ،‬ونجد نفس األثر‬
‫في حالة فرض ضرائب غير مباشرة على السلع الكمالية يؤدي انخفاض االستهالك‪،‬‬
‫غير أن األثر ال ينعكس على مقدرة األفراد على اإلنتاج (عدم تأثر اإلنتاج)‪.‬‬
‫السياسات المالية‪ /‬قسم االقتصاد‪ /‬المرحلة الثالثة‪ /2021-2020 /‬الكورس الثاني‬
‫أ‪.‬د ميثم العيبي اسماعيل‪ ،‬أ‪.‬م‪.‬د عصام عبد الخضر سعود ‪ ،‬م‪.‬د اسراء سعيد صالح‬

‫إن فرض الضرائب؛ مباشرة كانت أو غير مباشرة‪ ،‬تبعا لقواعد معينة‪ ،‬يسمح للدولة‬
‫بتوجيه كل من االستهالك واإلنتاج تبعا الحتياجات وظروف االقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك‬
‫من ناحية التأثير الكلي على حجم االستهالك وحجم اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -2‬األثر على االدخار واالستثمار‪.‬‬

‫إن فرض الضرائب المباشرة ذات الصنف التصاعدي تقلل من القدرة على االدخار‪،‬‬
‫وبالتالي تقليل استعداد األفراد على االستثمار‪.‬‬
‫إن فرض ضرائب غير مباشرة على السلع الكمالية يزيد من االدخار‪ ،‬أما في حالة فرض‬
‫هذه الضرائب على السلع الضرورية ينقص من االدخار االختياري‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫فإن فرض ضريبة على أرباح األسهم في شركات األموال بمعدل أقل من الضريبة‬
‫المفروضة على األرباح غير الموزعة‪ ،‬فإن هذا يؤدي حتما إلى تقليل األموال االحتياطية‬
‫بمعنى نقص االستثمار الذاتي وفي نفس الوقت يؤدي إلى ارتفاع دخول األفراد نتيجة‬
‫زيادة التوزيعات‪ ،‬وقد يؤدي هذا إلى زيادة االدخار‪.‬‬
‫كما أن فرض ضرائب على األموال المودعة بالبنوك ينتج عنه واحد من االثنين‪ :‬اما‬
‫زيادة االستثمار المباشر أو االكتناز‪.‬‬

You might also like