You are on page 1of 17

‫أثــــر السياسة النقدية على النمو االقتصـادي في الجزائر‬

‫'' خالل الفترة '' ‪2006 -1990‬‬


‫من إعداد‪ :‬أ‪ .‬لحـول عبد القـادر‬
‫كلية العلوم االقتصادية التجارية والتسيير‪ -‬جامعة سعيدة‬
‫‪aeklahouel@yahoo.fr‬‬

‫‪ :‬المقدمــــة‬
‫إن التطورات المستمرة التي شهدها العالم في النصف األخير من القرن الماضي‪ ،‬وخصوصا عندما يتعلق األمر‬
‫بظهور األزمات المالية واالقتصادية العالمية وتفاقم بعض المشكالت االقتصادية على غرار التضخم والبطالة‬
‫وتزايد حجم المديونية الخارجية وخدمة الدين العام والعجز الموازني واختالل وضعية ميزان المدفوعات لمختلف‬
‫الدول وحدوث الكساد لالقتصاد العالمي‪...‬إلخ‪ .‬كل تلك االختالالت أثّـرت على المتغيرات والمؤشرات االقتصادية‬
‫الكلية وأدّت إلى اختالف األفكار و تباين السياسات النقدية‪ ،‬هذا ما نتج عنه بزوغ مظهر جديد للسياسة النقدية‪،‬‬
‫وقد كان لهذا المظهر أثر كبير على إبراز تزايد أهمية السياسة النقدية وكذلك قدرة السلطات النقدية للتأثير على‬
‫معدل النمو المطلوب‪ ،‬وال سيما أن الدولة لها من قوة نقدية وسلطة قانونية تمكنها من إصدار العديد من‬
‫التشريعات والقرارات التي من شأنها تحديد المظاهر النقدية لالقتصاد الوطني‪ ،‬سواء تعلق األمر بكمية وسائل‬
‫‪.‬النقد المتاحة أو حجم االئتمان الممنوح للوحدات االقتصادية أو سعر الفائدة السائد على مستوى السوق النقدية‬
‫ونود أن نشير إلى أن هذه القوانين وتلك التشريعات إنما توضع من أجل تمكين السلطات النقدية من توجيه مسار‬
‫االقتصاد ا لكلي الوجهة الكفيلة بتحقيق أهداف الخطة االقتصادية المتبعة من قبل السلطات العامة للدولة (ضمان‬
‫‪).‬التوازنات النقدية الداخلية والخارجية‬
‫أمام هذا التوجه الجديد أضحى الشغل الشاغل أمام السلطات النقدية للدولة يكمن في السهر على تطبيق سياسة‬
‫نقدية أكثر فاعلية وتأثيرا على المتغيرات االقتصادية‪ ،‬فلـم تعد السياسة النقدية مجرد ضمان لتحقيق مزايا‬
‫التشريعات النقدية‪ ،‬على العكس أصبحت مسئولة مسؤولية مباشرة عن تحقيق التوازن واالستقرار النقدي‪ ،‬مما‬
‫جعلها تمارس كل اإلجراءات التي تمكنها من تحقيق أهدافها‪ ،‬بحيث أصبحت تمثل إحدى مظاهر السلطة‬
‫‪.‬االقتصادية العامة‬
‫من هذا المنطلق سعت السلطات العامة في الجزائر منذ حصولها على السيادة الوطنية بعد االستقالل مباشرة إلى‬
‫بناء اقتصاد مستقل قائم بذاته منفصل تماما عن تبعيته للنظام االقتصادي الفرنسي‪ ،‬إذ سارعت إلى إعادة تأميم‬
‫واسترجاع المؤسسات الجزائرية ذات الملكية العامة‪ ،‬فأعلنت عن إنشاء البنك المركزي الجزائري في ديسمبر‬
‫‪ 1962‬و إنشاء عملة وطنية سنة ‪ 1964‬تحت اسم ''الدينار الجزائري''‪ ،‬ثم حاولت الجزائر تطبيق العديد من‬
‫‪.‬القوانين والمخططات االقتصادية بهدف تحقيق التنمية االقتصادية وزيادة معدالت النمو االقتصادي‬
‫وعلى الرغم من انتهاج تلك البرامج والمخططات االقتصادية إال أن الجزائر تخبطت خالل فترة السبعينات‬
‫والثمانينات في عدة مشاكل وأزمات مسّت مختلف المجاالت‪ ،‬جراء تراكم وتعقد عدة مشاكل عندما كانت تعتمد‬
‫نهج االقتصاد المركزي حتى نهاية الثمانينات‪ ،‬منها المديونية الخارجية وسوء استعمال طاقات الجهاز اإلنتاجي‬
‫الوطني بالشكل العادي واستمرار العجز الموازني في ميزانية الدولة‪ ،‬باإلضافة للطابع اإلداري التعسفي المعتمد‬
‫في التمويل‪ .‬هذا ما دفع السلطات العامة إلى االتجاه نحو تبني نظام اقتصاد السوق مجبرة على معالجة هذه‬
‫المشاكل عن طريق إجراء إصالحات اقتصادية جذرية أهمها‪ :‬استقاللية المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها‬
‫الصناعية من خالل تبني نظام الخوصصة والمشاركة األجنبية كنمط جديد للتسيير‪ ،‬تراجع دور الدولة في الحياة‬
‫االقتصادية‪ ،‬باإلضافة إلى اعتماد برنامج التعديل الهيكلي المفروض من قبل المؤسسات المالية الدولية وذلك‬
‫لالنتقال من االقتصاد الموجه إلى نظام اقتصاد السوق‪ ،‬ناهيك عن تطبيق اإلصالحات التي شملت النظام‬
‫المصرفي والنظام النقدي على وجه الخصوص‪ ،‬والهدف من ذلك هو تحقيق التوازنات النقدية ورفع معدالت‬
‫النمو االقتصادي باعتباره أحد أهم التحديات التي تقف أمام السلطات العامة في الجزائر تحت غطاء البرنامج‬
‫كونه السبيل الوحيد لتحقيق التنمية ''الحديث القديم للحكومة '' ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات‬
‫‪.‬االقتصادية الشاملة في ظل إشكالية تذبذب السعر العالمي للبترول بين الحين واآلخر‬
‫‪:‬ومن أجل تسليط الضوء أكثر على مختلف جوانب هذا الموضوع سوف نعمد إلى طرح السؤال العـام التالـي‬
‫مـا مـدى تـأثير السياسـة النقدية على النمو االقتصــادي في الجزائـر ؟‬
‫‪ :‬مـــاهيـة السياسة النقدية ‪I.‬‬
‫تعريفـهـــا ‪ :‬إن مصطلح السياسة النقدية هو مصطلح حديث نسبيـا‪ ،‬ظهر في أدبيات االقتصاد خالل القرن ‪1.‬‬
‫التاسع عشر فقط‪ ،‬غير أن الذين كتبوا في السياسة النقدية كانوا كثيرين‪ ،‬وكانت كتاباتهم تبرز من الحين واآلخر‬
‫إبّان األزمات وفترات عدم االستقرار االقتصادي‪ .‬كمـا شهد هذا القرن بدء الدراسة المنتظمة لمسائل السياسة‬
‫ظرين االقتصاديين‪ ،‬وكذلك من قبل المهتمين باالقتصاد التطبيقي أو العملي‪ .‬وقد‬ ‫النقدية على اختالفها من قبل المن ّ‬
‫نشأ ذلك عن المشاكل التي نجمت عن الدورات االقتصادية المتكررة‪ ،‬وفي القرن العشرين أصبحت السياسة‬
‫)النقدية ودراستها من نواحيها المختلفة جزءا ال يتجزأ من السياسة االقتصادية العامة للدولة‪1(.‬‬
‫لــذا تمثل السياسة النقدية أحد أهـم عناصر منظومة السياسات االقتصادية التي يمكن استخدامها لتحقيق األهداف‬
‫االقتصادية للمجتمع‪ .‬وتستهدف السياسة النقدية بالدرجة األولى التأثير على العرض النقدي وأسعار الفائدة والتي‬
‫تؤثر بدورها على مستوى األداء االقتصادي بشكل عـام‪ )2(.‬من هنـا أخذ مجال السياسة النقدية اهتمام واسع من‬
‫قبل المفكرين االقتصاديين‪ ،‬ففتح المجال للنقاش على مصرعيه لتحديد مفهوم دقيق لهذه السياسة‪ ،‬فتعددت وجهات‬
‫النظر‪ ،‬اتّفقت واختلفت‪ ،‬والسبب ربما راجع إلى اختالف المعتقدات الفكرية االقتصادية لكل مف ّكر‪ ،‬أو راجع إلى‬
‫‪.‬اختالف البيئة السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية وحتى الجغرافية‬
‫بأن السياسة النقدية هي مجموعة الوسائل التي تتبعها اإلدارة النقدية لمراقبة عرض النقد )‪ (kent‬فيرى كينت‬
‫بأن السياسة )‪ (Prather‬قصد بلوغ هدف اقتصادي معين كهدف االستخدام الكامل‪ .‬وبنفس االتجاه يرى براثـر‬
‫العملة واالئتمان المصرفي) عن طريق تدابير مالئمة تتخذها السلطات النقدية (النقدية تشمل تنظيم عرض النقد‬
‫)ممثلة بالبنك المركزي أو الخزينة‪3(.‬‬
‫وحسب األستاذ الدكتور عبد المطلب عبد الحميد فإن السياسة النقدية هي مجموعة من القواعد والوسائل‬
‫واألساليب واإلجراءات والتدابير التي تقوم بها السلطة النقدية للتأثير (التحكم) في عرض النقود بما يتالءم مع‬
‫النشاط االقتصادي لتحقيق أهداف اقتصادية معينة‪ ،‬خالل فترة زمنية معينة‪ )4(.‬وهنـا تتمثل السلطة النقدية في‬
‫البنوك المركزية في أي دولة‪ ،‬وتبنى وتتحدد السياسة النقدية للتأثير في عرض النقود أو المعروض النقدي‬
‫‪.‬بأدوات معينة تعرف بأدوات السياسة النقدية‬
‫يعرف الدكتور عبد المجيد قدي السياسة النقدية بأنها تعبّر عن اإلجراءات الالزمة التي تمكن‬ ‫وفي نفس السياق ّ‬
‫السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقدي ليتماشى وحاجة المتعاملين االقتصاديين‪ .‬وهي هدف‬
‫)البنك المركزي في ممارسته للرقابة على النقود‪ ،‬على معدالت الفائدة وعلى شروط القروض‪1(.‬‬
‫من هنا نجد أن السياسة النقدية هي تلك اإلجراءات والتدابير التي تتخذها السلطات النقدية الممثلة في البنك‬
‫المركزي‪ ،‬والتي تضمن التسيير األمثل للمعروض النقدي المتداول في االقتصاد من خالل استخدام عدة وسائل‬
‫وأدوات تضمن نقل أثر السياسة النقدية عبر قنوات إبالغ أو مسارات إلى كافة القطاعات االقتصادية‪ ،‬سواء تعلق‬
‫األمر بمعالجة االختالالت الظرفية أو حتى تحسين الظروف واألوضاع والمؤشرات التي تدل على مستوى‬
‫‪.‬رفاهية االقتصاد ومحاولة الحفاظ على هذه المستويات عند حدودها الطبيعية بما يعرف باالستقرار االقتصادي‬
‫تسعى السياسة النقدية دوما إلى بلوغ األهداف العامة أو النهائية التي تسعى لها دوما السياسة ‪:‬أهدافــهـــا ‪2.‬‬
‫االقتصادية العامة‪ ،‬وذلك نظرا العتبار تلك األولى تمثل أداة أو وسيلة من الوسائل الظرفية للسياسة االقتصادية‬
‫في أي اقتصاد كان‪ .‬وبلوغ تلك األهداف النهائية لن يتأتّى إال من خالل المرور بأهداف وسيطية تعتبر حلقة‬
‫الوصل لتحقيق األهداف النهائية‪ ،‬التي قد تختلف من دولة إلى أخرى لعدة اعتبارات‪ .‬وتستهدف السياسة النقدية‬
‫تنظيم وتسيير العرض النقدي) ومعدالت الفائدة‪( ،‬بالدرجة األولى التأثير على كمية النقود المتداولة في االقتصاد‬
‫قصد التأثير على مستوى األداء االقتصادي بشكل عام‪ .‬وتسعى السياسة النقدية إلى ضمان التوازن االقتصادي‬
‫‪.‬العام‪ ،‬بشطريه التوازن االقتصادي الداخلي والتوازن الخارجي‬
‫فاألول يتحقق نتيجة ضمان استقرار المستويات العامة لألسعار (محاربة التضخم)‪ ،‬تحقيق العمالة أو التشغيل‬
‫الكامل (محاربة البطالة) وتحقيق النمو االقتصادي‪ .‬أما الشطر الثاني فيتمثل في توازن ميزان المدفوعات من‬
‫خالل ضمان استقرار قيمة العملة الوطنية بالمقارنة مع نظيراتها األجنبية ومحاولة تحقيق التوازن في الميزان‬
‫التجاري‪ ،‬المالي والرأسمالي‪ .‬هذه األهداف النهائية األربعة تعرف بأهداف المربع السحري والتي عرفها‬
‫‪''.‬االقتصادي االنجليزي '' نيكوال كالدور‬
‫''‪ '' Le Carré Magique de N. Kaldor‬الشكل رقم‪ :01‬مسار األهداف النهائية للسياسة النقدية‬

‫‪Source : Marie Delaplace - « Monnaie et Financement de l’économie » - édition‬‬


‫‪DUNOD – Paris - p118.‬‬
‫بعد تسليط الضوء على أهداف المربع السحري والتي تمثل األهداف النهائية للسياسة النقدية‪ ،‬نعمد إلى طرح‬
‫إشكالية التعارض بين أهدافها‪ ،‬فالعالقة بين استقرار األسعار والتوظيف الكامل هي إحدى الحاالت التي توضح‬
‫ذلك‪ ،‬فمن الصعب تحقيق كال الهدفين السابقين في نفس الوقت‪ .‬فزيادة التشغيل تؤدي إلى رفع األسعار‪ ،‬كذلك‬
‫هناك صعوبة بالنسبة لتحقيق التشغيل التام وتوازن ميزان المدفوعات‪ ،‬فزيادة حجم الصادرات تقتضي خفض‬
‫مستوى األسعار وتحسين الجودة وزيادة القدرة التنافسية بالمقارنة مع الدول األخرى‪ ،‬وبزيادة الصادرات تحدث‬
‫زيادة في كل من الدخل والعمالة‪ ،‬إال أن ذلك سيؤدي إلى زيادة الميل لالستيراد واحتمال ارتفاع مستويات األسعار‬
‫المحلية‪ ،‬وهكذا يمكن أن يؤدي التوظيف الكامل إلى رفع مستويات األسعار وزيادة حجم الواردات ونقص حجم‬
‫‪.‬الصادرات‪ ،‬وبالتالي التأثير سلبا على وضعية ميزان المدفوعات‬
‫أما العالقة بين النمو االقتصادي واستقرار األسعار فهي واحدة من أكثر العالقات جدال‪ ،‬فهناك من يؤكد أن النمو‬
‫في المدى الطويل لن يتحقق ما لم يكن هناك استقرار في مستويات األسعار‪ ،‬في حين يرى البعض أن التضخم‬
‫ضروري لزيادة سرعة عجلة التنمية‪ ،‬أما من منظور البعض اآلخر (موقف وسط)‪ ،‬فإن التضخم ال يساعد على‬
‫‪.‬تحقيق معدل أسرع للنمو إال أنه يكون مالزما لــه‬
‫وعلى العموم نجد أن السلطات النقدية في أي دولة تعتمد على وضع ورسم إستراتيجية نقدية خاصة‪ ،‬قد تبدي‬
‫عليها بعض التعديالت من فترة ألخرى نظرا لبعض االختالالت المسجلة لبعض المؤشرات االقتصادية‪ .‬إذن‬
‫يتعيّن على البنك المركزي تسطير جملة من األهداف الواجب بلوغها يتقدمها التركيز على هدف معين كونه أهم‬
‫هدف ينبغي استهدافه أوال‪ ،‬وعلى العموم نجد أن استقرار المستويات العامة لألسعار يمثل الهدف المشترك في‬
‫أغلب الدول‪ .‬وفيما يلي نعرض مخطط توضيحي لإلستراتيجية النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي لتحقيق‬
‫‪:‬األهداف النهائية‬
‫‪.‬الشكل رقم‪ :02‬إستراتيجية السلطات النقدية في تحقيق أهداف السياسة النقدية‬

‫‪.‬المصدر‪ :‬من إعداد الباحث‬


‫من تحليلنا لكل ما سبق نستخلص أن رسم السياسة النقدية لتحقيق األهداف االقتصادية (النهائية) ليس أمرا سهال‪،‬‬
‫وإنما يحتاج منذ البداية إلى دراية واسعة باألدوات وكفاءة عالية في استخدامها لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬مع التأكيد‬
‫يضر ضررا بالغا بغيره من األهداف‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬على أن تحقيق أي هدف من األهداف ال‬
‫تظهر القوة األساسية للسلطة النقدية الممثلة بالبنـك المركزي في قدرتها على زيادة ‪ :‬أدوات السياسـة النقديــة ‪3.‬‬
‫أو إنقاص حجم النقود لدى الجهاز المصرفي‪ ،‬وكذلك في المجتمع‪ ،‬وذلك عن طريق اإلعتماد على مختلف‬
‫األدوات والوسائل واألساليب الفنية للسياسة النقدية‪ .‬وتتمثل هذه األدوات في الرقابة الغير مباشرة‪ ،‬الرقابة‬
‫المباشرة الكمية والرقابة المباشرة الكيفية والوسائل األخرى التي يمكن أن تلجــأ لها السلطات النقدية‪ ،‬والتي تشكل‬
‫)في مجموعـها موضــــوع السياسة النقدية‪1(.‬‬
‫وتتمثل في األدوات والوسائل التي تمكن السلطات النقدية من مراقبة تطور الوضعية ‪:‬أ‪ .‬الرقـــابة الغير مباشرة‬
‫النقدية واالقتصادية عامة وذلك بصفة غير مباشرة‪ ،‬وتهدف في مجملها إلى التأثير على كمية أو حجم االئتمان‬
‫بصرف النظر عن وجوه اإلستعمال التي يراد توجيهه إليها‪ .‬ويتخذ هذا النوع من الرقابة سبيله إلى ذلك عن‬
‫طريق التأثير على جملة اإلحتياطات النقدية المتوافرة لدى النظام المصرفي مع ما يترتب على ذلك من التأثير‬
‫)بطريق غير مباشر على الحجم الكلي لقروض البنوك واستثماراتها‪2(.‬‬
‫وتعتمد هذه الطريقة على األدوات التقليدية للسياسة النقدية وهي تشمل سعر الخصم (سعر البنك)‪ ،‬نسبة‬
‫‪.‬اإللزامي) وعمليات السوق المفتوحة(االحتياطي النقدي القانوني‬
‫ب‪ .‬الرقــابة المباشـرة (الكمية والنوعية) ‪ :‬لقـد برز هذا النوع من الرقابة على االئتمان خالل الحرب العالمية‬
‫الثانية وما بعدها‪ ،‬حيث رمت إلى التدخل المباشر للسلطات النقدية في تحديد حجم االئتمان وتوجيهه حسب‬
‫وأدوات الرقابة المباشرة تتميز عن سابقتها كونها )االستعماالت المختلفة عن طريق تصعيب الحصول عليه‪3(.‬‬
‫موجهة نحو استخدامات معينة لالئتمان وليس نحو الحجم الكلي لالئتمان‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬إن هذه األساليب المعتمدة‬
‫في الرقابة المباشرة على االئتمان إنّما وضعت بقصد التّـأثير على قطاعات معينة من االقتصـاد الوطني دون‬
‫)التّـأثير على بقية القطاعـات‪4(.‬‬
‫ّ‬
‫وتتضمن وسائل الرقابة المباشرة مجموعة من اإلجراءات التي تتخذها السلطات النقدية لغرض تشجيع أنواع‬
‫معينة من اإلنفاق أو االستثمارات المنتجة وتوجيه تدفق االئتمان إليها وإحداث التوسع المرغوب فيها‪ ،‬أو وقف‬
‫التوسع المغالي فيه وغير المرغوب في أنواع أخرى من االستخدامات عن طريق التّأثير المباشر على االئتمان‬
‫المصرفي نفسه‪ .‬أي على سياسة اإلقراض التي تنتهجها البنوك وغيرها من المؤسسات المالية الوسيطية‪)5(.‬‬
‫وهكذا نجد أن األدوات المباشرة للسياسة النقدية لها تأثيرها المباشر على المقرض والمقترض في آن واحد‪ ،‬فهي‬
‫تمارس تـأثيرا نوعيـا وكميـا على مستوى طلب القروض وكذلك على مستوى قدرة المؤسسات المالية على‬
‫‪.‬اإلقراض‬
‫ومن أهم األساليب المباشرة التي تستخدمها السلطات النقدية لتوجيه االئتمان توجيها ينسجم وأهداف السياسة‬
‫تأطيـر القروض‪ ،‬التأثيـر أو اإلقنـاع األدبي‪ ،‬النسبة الدنيــا للسيولة‪ ،‬تنظيم ‪:‬االقتصادية العامة للدولة نذكر ما يلـي‬
‫‪.‬االئتمان االستهالكي‪ ،‬التعليمات والتوجيهــات‪ ،‬اإلعـــالم‬
‫الفـرق بين األدوات المباشرة وغير المباشرة‪ :‬إن التحول من التحكم المباشر إلى التحكم غير المباشر في ‪.‬ج‬
‫السياسة النقدية يأتي مسايرا لالتجاه العام نحو اإلعتمـاد المتزايد على قوى السـوق ( قانون العرض والطلب) في‬
‫تسيير عجلة االقتصــاد‪ ،‬ونحو تخفيف‪ -‬أو إزالة ‪ -‬القيود والتحرير لكافة األدوات والسياسات االقتصادية والمالية‬
‫ومن أجل تحديد الفرق بين النوعين ‪.‬والنقدية‪ ،‬واالبتعاد عن أسلوب التوجيهات والقرارات اإلدارية التحكمية‬
‫يستوجب علينا التعرض لفعالية كل نوع من أنواع الرقابة وقدرتها على تحقيق أهداف السياسة النقدية في أقل‬
‫وقت وتكلفة ممكنتين‪ ،‬هذه التكلفة التي ال تكون مادية على العموم‪ ،‬إذ يمكن أن تكون معنوية من خالل المساس‬
‫‪.‬بهيبة أو توازن الهيكل اإلداري للمؤسسات النقدية‬
‫الجدول رقم‪ : 01‬الفرق بين الرقابة المباشرة والرقابة غير المباشرة‬
‫الرقـــــــابة غير المباشرة الرقــــــابة المباشرة‬
‫حفاظ البنك المركزي على هيبته ومكانته كأعلى هيئة وسلطة نقدية في البالد وذلك من خالل االتصال الغير *‬
‫‪.‬مباشر بالبنوك التجارية‬
‫التسيير المحكم لالئتمان ك ّمــا ونوعـــا حسب الوضعية االقتصادية‪ ،‬سواء في فترة الكساد أو في حالة الرفاهية *‬
‫‪).‬المفرطة (التضخم‬
‫يبقى البنك المركزي بعيدا عن التدخل المباشر والتّحكمي في عمل قوى السوق‪ ،‬في نفس الوقت الذي يمكنه من *‬
‫‪.‬التحكم فيه عن بعد وبصورة غير مباشرة‬
‫‪.‬تحفيز وزيادة حدة التنافس في تحديد األسعار وتطوير السوق النقدي *‬
‫تضمن التكييف السريع والتعديل المباشر والتلقائي وفقا لتغير ظروف السوق‪ ،‬ومن ثم تقلل من حجم المخاطر *‬
‫‪.‬التي كان يمكن أن تنتج لالضطرار إلى االستمرار في سياسة خاطئة‬
‫‪.‬تضمن التوزيع األمثل لألموال واالئتمان القائم على أساس التكلفة والعائد والمخاطرة النسبية *‬
‫يساعد على إيضاح األوضاع السائدة وشفافيتها في السوق النقدي‪ ،‬ويعكس بوضوح وبشكل فوري مواطن *‬
‫الضغط في هذا السوق‪ * .‬خفض المنافسة المصرفية بين البنوك نتيجة اإلفراط في تحديد نشاطها من خالل‬
‫‪.‬السقوف والمؤشرات الواجب احترامها‪ ،‬وهذا من شأنه معاقبة وردع نشاط البنوك التي تتسم بالحيوية والفعالية‬
‫اإلضرار بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر من الشركات الكبرى‪ ،‬كون هذه األخيرة بإمكانها القيام *‬
‫‪.‬بإقراض السيولة الزائدة لديها إلى مؤسسات أخرى بفوائد أعلى‬
‫انعدام مرونتها ومحدودية فاعليتها نظرا لصعوبة تعديلها وفقا لتغير الظروف‪ ،‬وانحسار تطبيقها على شرائح أو *‬
‫‪.‬قطاعات محدودة من النظام المالي ككل‬
‫تؤدي لبروز مشاكل إدارية نتيجة التمييز بين القطاعات واألساس الذي يتم وفقه تحديد القطاع األساسي من *‬
‫‪.‬غيره‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى تجاوزات يصعب الفصل فيها‬
‫انعدام الضمانات الكفيلة بكون التسهيالت االئتمانية المقدمة لبعض القطاعـات سوف تستخـدم لألغراض *‬
‫‪.‬المحددة لها‪ .‬حيث أن المقترضين بإمكانهم استخدام تلك القروض في أغراض أخرى‬
‫قد يؤدي استخدام هذه األساليب إلى عدم الكفاءة في تخصيص الموارد نتيجة التمييز غير العقالني بين *‬
‫‪.‬القطاعات‪ ،‬بتمكين قطاعات معينة ليست بالضرورة هي األحسن كفاءة من التسهيالت االئتمانية‬
‫‪.‬المصدر‪ :‬من إعداد الباحث‬
‫وما يجب التأكيد عليه أن البنك المركزي يمثل المحور الرئيسي للقطاع المصرفي وزيادة قدرته على المنافسة‬
‫والتطور وذلك لما يقوم به من دور في إرساء السياسة النقدية‪ ،‬هذا ما يزيد من درجة المناداة إلى استقاللية أكبر‬
‫للسلطات النقدية عن السلطات السياسية في البالد‪ ،‬من ناحية رسم السياسة النقدية وتحديد األهداف حسب‬
‫لذا يقع على عاتق البنك المركزي في هذه الحالة مهمة ‪.‬األولويات الممكنة بعيدا عن أية ضغوط أو خلفيات أخرى‬
‫‪.‬الحفاظ على االستقرار المالي وبالتالي إرساء أسس نمو اقتصادي قابل لالستمرار‬

‫‪:‬التأصيــل النظـــري للنمــو االقتصــــادي ‪II.‬‬


‫يعد هدف تحقيق معدالت موجبة للنمو االقتصادي ضمن األولويات التي تسعى لها حكومات الدول على اختالفها‪،‬‬
‫وخصوصا عندما يتعلق األمر بالدول النامية و المتخلفة التي تسعى دوما إلى تحقيق التنمية االقتصادية والخروج‬
‫من دائرة التخلف ومحاربة الفقر وما يصاحبه من معضالت اقتصادية واجتماعية‪ .‬فالنمو االقتصادي هو ذلك‬
‫المفهوم الكمي المعبّر عن نسبة الزيادة السنوية المسجلة في قيمة الناتج الداخلي الخام ألي اقتصاد كان‪ ،‬أما التنمية‬
‫فهي تمثل التحسن الملحوظ والمسجل في المؤشرات النوعية أو الكيفية على غرار الجوانب البشرية والثقافية‬
‫‪.‬وحتى البيئية‪...‬إلخ‬
‫معنــى النمو االقتصــادي‪ :‬ربما يمكن أن يوصف بالتوسع في الناتج الحقيقي أو التوسع في دخل الفرد من ‪1.‬‬
‫الناتج القومي الحقيقي وهو بالتالي يخفف من عبئ ندرة الموارد ويولد زيادة في الناتج القومي الذي يعمل على‬
‫)مواجهة المشاكل االقتصادية‪1( .‬‬
‫ويعني النمو االقتصادي أيضا حدوث زيادة مستمرة في متوسط الدخل الفردي الحقيقي مع مرور الزمن‪ .‬ومتوسط‬
‫‪:‬الدخل الفردي ممثل بالعالقة الرياضية التالية‬
‫الدخل الكلي ‪ /‬عدد السكان =متوسط الدخل الفردي‬
‫وما يجب التأكيد عليه أن النمو االقتصادي يعني حدوث زيادة في الدخل الفردي الحقيقي وليس في شكله النقدي‪.‬‬
‫(‪ )2‬ف الدخل النقدي يشير إلى عدد الوحدات النقدية التي يتسلمها الفرد خالل فترة زمنية معينة مقابل الخدمات‬
‫اإلنتاجية التي يقدمها‪ .‬أما الدخل الحقيقي فهو يساوي الدخل النقدي مقسما على المستوى العام لألسعار‪ ،‬أي أنه‬
‫يشير لكمية السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد من إنفاق دخله النقدي خالل فترة زمنية معينة‪ .‬ويالحظ مما‬
‫‪:‬سبق أن‬
‫معدل الزيادة في الدخل الفردي النقدي – معدل التضخم = معدل النمو االقتصادي الحقيقي‬
‫قيـــاس النمـو االقتصـادي‪ :‬يرى بعض االقتصاديين أن النمو االقتصادي في أي اقتصاد كان يقاس عادة بما ‪2.‬‬
‫يعرف بالناتج الوطني الخام الحقيقي وليس االسمي‪ ،‬بمعنى ذلك التغير في مستوى الدخل الوطني الذي يأخذ بعين‬
‫‪:‬االعتبار مستويات األسعار‪ .‬ويمكن عرض مقاييس النمو االقتصـادي كاآلتي‬
‫المعدالت النقدية للنمـو‪ )3(:‬وهي معدالت النمو التي يتم حسابها استنادا إلى التقديرات النقدية لحجم االقتصاد ‪.‬أ‬
‫القومي‪ ,‬أي بعد تحويل المنتجات العينية لذلك االقتصاد إلى ما يعادلها بالعمالت النقدية المتداولة‪ ,‬وكذلك تحويل‬
‫المنتجات الخدمية إلى ما يعادلها أيضا بالعمالت النقدية‪ .‬ورغم العديد من التحفظات على ذلك األسلوب التي‬
‫يرجع أغلبها إلى سوء التقدير‪ ,‬أو إغفال أثر التضخم‪ ,‬أو إغفال نسب التحويل فيما بين مختلف العمالت‪ ,‬أو إلى‬
‫اختالف األنظمة واألساليب المحاسبية المعتمدة دوليا‪ .‬إال أنه ال يزال أفضل وأسهل األساليب المتاحة خاصة بعد‬
‫‪.‬التعديالت التي تجرى على هذه التقديرات تبعا لتجنب المالحظات السابقة‬
‫ويظم هذا النوع من المقاييس ما يلي‪ :‬معدالت النمو باألسعار الجارية‪ ،‬معدالت النمو باألسعار الثابتة ومعدالت‬
‫‪.‬النمو باألسعار الدولية‬

‫المعدالت العينية للنمـو االقتصـادي‪ :‬مع التأثير الكبير الرتفاع معدالت ازدياد السكان في الدول النامية بدرجة ‪.‬ب‬
‫تقارب معدالت نمو الدخل والناتج أصبح من المالئم استخدام مؤشرات معدالت نمو متوسط نصيب الفرد‪ ،‬حيث‬
‫تقيس هذه المعدالت النمـو االقتصادي في عالقتها بمعدالت النمو السكاني‪ ،‬ومنها على سبيل المثال‪ :‬معدالت نمو‬
‫نصيب الفرد من الناتج القومي‪ ،‬ومعدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي‪ ،‬ومعدل نمو نصيب الفرد من الدخل‬
‫‪.‬القومي‬
‫ونظرا لعدم دقة استخدام المقاييس النقدية في مجال الخدمات كان ال بد من استخدام بعض المقاييس العينية‬
‫‪.‬األخرى التي تعبر عن النمو االقتصادي‪ ،‬مثال نصيب الفرد من التعليم والصحة والتغذية‪...‬إلـخ‬
‫ج‪ .‬مقارنة القـوة الشرائية‪ )1( :‬تستخدم المنظمات والهيئات الدولية مقياس قيمة الناتج الوطني مقوما بسعر‬
‫الدوالر األمريكي عند نشر تقاريرها الخاصة بالنمو االقتصادي المقارن لبلدان العالم‪ ،‬ثم تقوم بترتيب البلدان من‬
‫بين قوة '' حيث درجة التقدم والتخلف استنادا لذلك المقياس‪ .‬ومن عيوب ذلك المقياس أنه يربط '' بطريقة تعسفية‬
‫االقتصاد في حد ذاته وبين معدل تبادل العملة الوطنية بالدوالر األمريكي‪ ،‬في الوقت الذي تضطرب فيه قيمة‬
‫‪.‬معظم العمالت في أسواق النقد الدولية‬
‫ولقد تنبه خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن هذا المقياس يخفي القيمة الحقيقية القتصاديات الدول النامية‪ ،‬لذلك تم‬
‫إعداد مقياس يعتمد على القوة الشرائية للعملة الوطنية داخل حدودها‪ ،‬بمعنى حجم السلع والخدمات التي يحصل‬
‫‪.‬عليها الفرد مقابل وحدة واحدة من عملته الوطنية مقارنا بالقوة الشرائية للعمالت األجنبية في بلدان أخرى‬
‫‪ :‬النمـو االقتصـادي في ظـل النظريات االقتصادية ‪3.‬‬
‫لقد اختلفت وتعددت الدراسات التي تناولت موضوع '' النمو االقتصادي '' من حيث رؤيتها لهذه الظاهرة‬
‫االقتصادية وذلك في إطار األفكار والمدارس والنظريات االقتصادية‪ ،‬التي تباينت تحليالت روادها ومفكريها‬
‫‪:‬بخصوص هذه الظاهرة االقتصادية‪ .‬ويمكن أن نوضح ذلك كما يلي‬
‫أ‪ .‬النمـــوذج الكالسيكي وتحليله للنمـــو االقتصــادي ‪ :‬يرتكز التحليل الكالسيكي على المبادئ واألسس التي تدعم‬
‫األفكار المفسرة لعمل النظام الرأسمالي الحر‪ ،‬والتي يمكن توضيحها بإيجاز كما يلي‪ :‬الحرية االقتصادية وعدم‬
‫تدخل الدولة‪ ،‬الملكية الخاصة‪ ،‬مبدأ المنافسة الحرة‪ ،‬المرونة الكاملة لكل من األجور واألسعار‪ ،‬عدم خضوع‬
‫الذي يقضي بأن العرض يخلق دوما طلبا مساويا له‪ ،‬مبدأ '' للمنافذ '' )‪ (Say‬العمال للخداع النقدي‪ .‬قانون ساي‬
‫)حيادية النقود كونها مجرد ستار يخفي وراءه حقيقة المبادالت‪ .‬فالنقود هنا ليست سوى عربة لنقل القيــم‪2( .‬‬
‫وفقا للتحليل االقتصادي التقليدي‪ ،‬يرى أصحاب هذا الفكر أو هذه المدرسة أن أساس قيام التحليل الكالسيكي‬
‫‪:‬يرتكز على االفتراضات التالية‬
‫ثبات حجم اإلنتاج أو المعامالت‪ ،‬فقانون ساي لألسواق الذي يعتبر أن العرض يخلق طلبا مساويا له‪ ،‬فاإلنتاج‬
‫يخلق معه قوته الشرائية بمعنى أن كل إنتاج يخلق معه إنفاقا مساويا له‪ ،‬وأن حدوث أي خلل في التوازن ما بين‬
‫‪.‬العرض والطلب سرعان ما يزول بفعل آلية السوق أو جهاز األسعار‬
‫ثبات سرعة دوران النقود على األقل في المدى القصير‪ ،‬ألنها تتحدد بعوامل بطيئة التغير* ومستقلة عن كمية‬
‫‪.‬النقود‬
‫‪.‬ارتباط تغير المستوى العام لألسعار بتغير كمية النقود‪ ،‬وفق عالقة طردية تناسبية‬
‫لقد اعتبر االقتصاديون الكالسيك أن النمو االقتصادي يتم تلقائيا دون الحاجة إلى تدخل الدولة في الحياة‬
‫االقتصادية‪ -‬وقد اعتمدوا في ذلك على فروض معينة دفعتهم إلى عدم تصور إمكانية حدوث بطالة على مستوى‬
‫االقتصاد القومي ككل وإلى القول بأن التوازن االقتصادي يتحقق دائما عند مستوى التشغيل الكامل ‪ -‬وقد قادهم‬
‫ذلك لالعتقاد في حياد النقود بحيث يقتصر أثر التغيرات التي تحدث في كمية النقود على إحداث تغيرات مقابلة في‬
‫‪.‬قيمتها دون المساس بالنشاط االقتصادي‬
‫ويتطلب دراسة حياد النقود في النظرية الكالسيكية تحليل النموذج الكالسيكي في التوازن االقتصادي الكلي بدءا‬
‫بدراسة التوازن في القطاع الحقيقي – والذي يضم دراسة دالة اإلنتاج‪ ،‬توازن سوق العمل‪ ،‬ثم التوازن في سوق‬
‫السلع والخدمات (السوق الحقيقي)‪ ،-‬ونعمد بعد ذلك إلى دراسة التوازن في القطاع النقدي‪ ،‬ثم نتوصل إلى تحليل‬
‫‪.‬ودراسة مدى استقالل الجانب العيني للنشاط االقتصادي عن الجانب النقدي له وهو ما يفيد تأكيد حيادية النقود‬
‫مع افتراض الكالسيك ثبات عنصر رأس المال ومستوى المعرفة الفنية أصبح حجم اإلنتاج ‪ :‬دالــــة اإلنتــــاج *‬
‫يعتمد على متغير واحد أال وهو عنصر العمل وذلك في األجل القصير‪ ،‬أي يعتمد على درجة توظيف القوة العاملة‬
‫)‪ : Y = f (L, K,T‬ومن ثم تأخذ دالة اإلنتاج الكلي الشكل التالــي‬
‫‪).‬يمثل اإلنتاج الكلي (الدخل الوطني ‪ Y :‬حيث‬
‫‪.‬يمثل مستوى العمالة أو التوظيف وهو مقدار متغير ‪L :‬‬
‫‪.‬يمثل عنصر رأس المال وهو مقدار ثابت في المدى القصير ‪K :‬‬
‫‪.‬درجة التقدم التقني واإلبداع ‪T :‬‬
‫)‪ : (1)… Y = f ( L‬ومنه يصبح تركيب دالة اإلنتاج من الشكل‬
‫ودالة اإلنتاج هذه تعد بمثابة دالة متزايدة بالنسبة لعنصر العمل‪ ،‬بمعنى أن زيادة العمالة يترتب عليها زيادة‬
‫اإلنتاج‪ ،‬غير أن هذه الزيادة في الناتج تكون بمعدل متناقص نظرا لسيادة ظاهرة '' تناقص الغلة ''‪ ،‬ومعنى ذلك أن‬
‫‪.‬اإلنتاجية الحدية للعمل تعد موجبة ولكنها تتناقص بصفة مستمرة‬
‫تـــوازن ســوق العمـل ‪ :‬نالحظ أن حجم تشغيل القوة العاملة بالنسبة للمشروع الفردي أو على مستوى *‬
‫‪.‬االقتصاد الوطني ككل‪ ،‬يعتمد على سلوك الطلب والعرض الخاص بالعمل‬
‫الطلب على العمـل ‪ :‬يعتبر الطلب على العمل وفق النموذج الكالسيكي دالة متناقصة لمعدل األجور الحقيقية‪1. ،‬‬
‫)‪ : Ld = L (W/P‬ويمكن التعبير عن ذلك على النحو التالي‬
‫‪.‬يمثل مستوى الطلب على العمل الصادر من المنتجين ‪Ld :‬حيث‬
‫‪.‬مستوى األجور الحقيقية ‪W/P :‬‬
‫‪).‬مستوى األجور النقدية (االسمية ‪W :‬‬
‫‪.‬المستوى العام لألسعار ‪P :‬‬
‫عرض العمل‪ :‬ويقصد به كمية العمل التي يقبل األفراد تقديمها للمشروعات مقابل األجور المختلفة (األجور ‪2.‬‬
‫الحقيقية) السائدة في السوق‪ .‬والعالقة بين عرض العمل ومعدل األجور الحقيقية هي عالقة طردية‪ ،‬أي أن عرض‬
‫)‪: Ls = L (W/P‬ويمكن التعبير عن ذلك كما يلي ‪ W/P.‬دالة متزايدة لمعدل األجور الحقيقية ‪ Ls‬العمل‬
‫‪.‬يمثل مستوى عرض العمل الصادر عن العمال ‪Ls :‬حيث‬
‫يتحدد التوازن في سوق العمل بتقاطع كل من منحنى الطلب على العمل ومنحنى عرض العمل‪ .‬ووفقا للتحليل‬
‫‪.‬الكالسيكي يعد المستوى التوازني للتشغيل بمثابة المستوى الذي يتحقق عنده التشغيل الكامل للقوة العاملة‬
‫توازن سوق السلع والخدمات ‪ :‬يــرى الكالسيك أن قانون المنافذ لساي الذي يقوم على أن العرض يخلق طلبا *‬
‫‪.‬مساويا له‪ ،‬ال ينطبق فقط على االقتصاد العيني‪ ،‬وإنما افترض الكالسيك أنه ينطبق أيضا على االقتصاد النقدي‬
‫ويرى رواد هذه المدرسة أن االدخار ال يمثل سوى صورة أخرى من صور اإلنفاق وهو اإلنفاق على شراء سلع‬
‫االستثمار‪ ،‬بمعنى أن كل ادخار سوف يتحول بالضرورة إلى استثمار وذلك بفضل معدل الفائدة الذي يحتل مكانة‬
‫هامة في النظرية الكمية التقليدية حيث يمثل الوسيلة التي بفضلها يظل قانون ساي قائما وينطبق في ظل اقتصــاد‬
‫‪.‬نقدي‬
‫‪:‬ومن ثم يمكن التعبير عن دالتي االدخار واالستثمار في الفترة القصيرة عند التقليديين على النحو التالي‬
‫)‪I=f(i-),S=f(i+‬‬
‫‪).‬يمثل االدخار (دالة تابعة ايجابيا لمعدل الفائدة ‪). S :‬يمثل االستثمار (دالة تابعة سلبا لمعدل الفائدة ‪I :‬حيث‬
‫توازن الســوق النقدي ‪ :‬من خالل تحليل المرتكزات التي تقوم عليما نظرية كمية النقود‪ ،‬نجد أن الكالسيك في *‬
‫معادلة التبادل اهتموا فقط بجانب العرض النقدي على أن النقود هي وسيلة للتبادل فقط‪ ،‬في حين أن فكـرة‬
‫النيــوكالسيك في معادلــة األرصدة النقديـة – معادلة كمبردج‪ -‬أعطت للنقود دورا جديدا كونها مقياس للمدفوعات‬
‫اآلجلة ومخزن للقيمة‪ ،‬بمعنى أنهم اهتموا أكثر بجانب الطلب على النقود‪ ،‬والمصب المشترك بينهما في أن هنالك‬
‫عالقة طردية تناسبية بين كمية النقود والمستوى العام لألسعار مع بقاء األشياء األخرى ثابتة سواء كانت‬
‫‪.‬متغيرات نقدية أو حقيقية‬
‫وقد افترض التقليديون في نظريتهم السابقة أن العرض النقدي هو متغير مستقل تتحكم فيه سلطة مستقلة تماما عن‬
‫الدولة‪ ،‬وذلك في ظل غياب تدخل الدولة كأولى المبادئ التي نادوا بها‪ .‬ووفقا لضمان انطباق قانون المنافذ لساي‬
‫على الجانب النقدي للنشاط االقتصادي فإن التوازن في السوق النقدي في ظل الفكر التقليدي يتحقق عندما يتساوى‬
‫‪.‬العرض النقدي مع الطلب على النقود‬
‫استقالل الجانب العيني عن الجانب النقدي للنشاط االقتصادي – الثنائية ‪ : -‬يرى التقليديون أن النشاط *‬
‫االقتصادي له وجهان أو جانبان‪ :‬الجانب العيني (الحقيقي) لهذا النشاط والذي يتحدد فيه حجم السلع والخدمات‬
‫التي يتم إنتاجها ويتم توزيع الموارد االقتصادية المتاحة على مختلف أوجه االستخدامات تحت تأثير قوى العرض‬
‫والطلب‪ ،‬التي تتولى تحديد األسعار النسبية لمختلف السلع والخدمات‪ .‬ويحدث التوازن في هذا القطاع دائما عند‬
‫مستوى التشغيل الكامل لجميع الموارد االقتصادية المتوافرة للمجتمع‪ ،‬بحيث أي انحراف عن هذا المستوى يعد‬
‫بمثابة ظاهرة مؤقتة ويتم تصحيحها تلقائيا‪ .‬أما الجانب النقدي للنشاط االقتصادي فهو الذي يتم فيه تحديد المستوى‬
‫العام لألسعار‪ ،‬ويرى أصحاب هذه النظرية أن هذا الجانب ال يؤثر على الجانب العيني (الحقيقي)‪ ،‬فالنقود ليست‬
‫سوى عربة لنقل قيم المنتجات من فريق آلخر أو وشاح يخفي تحته الجوانب الحقيقية للنشاط االقتصادي دون أن‬
‫يكون لها أدنى تأثير عليه‪ )1(.‬من هنا يرى التقليديون أن زيادة كمية النقود الموجودة في المجتمع بنسبة ما لن‬
‫يترتب عليها سوى حدوث ارتفاع في المستوى العام لألسعار بنفس النسبة دون أن يحدث أي تأثير يذكر في‬
‫‪.‬الجانب العيني للنشاط االقتصادي‪ ،‬مما يدل على حياد النقود‬
‫من خالل تحليل طبيعة العوامل والمتغيرات التي أدت إلى استقالل الجانب النقدي عن نظيره الحقيقي وفق التحليل‬
‫الكالسيكي نجد أن تأثير الزيادة في عرض النقود يظهر على القيم النقدية الممثلة في المستوى العام لألسعار‪،‬‬
‫األجر النقدي والدخل النقدي‪ .‬بينما تتحدد قيم المتغيرات الحقيقية في الجانب العيني منه بصورة مستقلة عن‬
‫المتغيرات النقدية‪ ،‬وبذلك ال توجد قنوات تأثير نقدية بين القطاع النقدي والقطاع الحقيقي في النموذج الكالسيكي‪.‬‬
‫ويكون هدف السياسة النقدية وفقا لهذا التحليل هو تحقيق االستقرار النقدي مع استبعاد أي تأثير للسياسة النقدية‬
‫)على الجانب الحقيقي للنشاط االقتصادي‪2(.‬‬
‫ب‪ .‬النمـو االقتصــادي في ظـل التحليل الكينزي‪ :‬تعتبر النظرية الكينزية أول نظرية شاملة ومتكاملة لالقتصاد‬
‫الكلي تبحث في كيفية تحديد مستوى الدخل واإلنتاج واالستخدام في اقتصاد نقدي‪ )3(.‬لذا يلزم علينا اإللمام بأوجه‬
‫التشابه واالختالف بين النظرية الكالسيكية والنظرية الكينزية‪ ،‬من خالل تسليط الضوء أكثر على دور النقود في‬
‫‪.‬النشاط االقتصادي وكيف يؤثر تغير مستوى هذه األخيرة على مستوى اإلنتاج والدخل واالستخدام واألسعار‬

‫وفيما يلي تظهر أهم المنطلقات والفرضيات التي استندت إليها النظرية الكينزية في رسم معالم الطرح الفكري‬
‫‪:‬الجديد‬
‫تميّز تحليل كينز بأنه تحليل نقدي بحيث يصعب الفصل في تحليله بين االقتصاد العيني واالقتصاد النقدي كما كان‬
‫)الحال في النظرية الكمية التقليدية‪1( .‬‬
‫لقد رفض النموذج الكينزي قانون المنافذ والقائل بأن العرض يخلق معه الطلب عليه‪ ،‬وما ينجم عنه من رفض‬
‫‪.‬سيادة التوازن الدائم والمستمر عند مستوى العمالة الكاملة‬
‫وفقا للتحليل الكينزي ال يتحدد االدخار واالستهالك وفقا لمعدل الفائدة‪ ،‬وإنما نجد أنهما متغيرين تابعين لمستوى‬
‫الدخل‪ ،‬وأما سعر الفائدة فال يتحدد بتقاطع االدخار مع االستثمار كما أكد عليه الكالسيك‪ ،‬ولكنه يتحدد عن طريق‬
‫توزيع تلك المدخرات بين حيازة األرصدة النقدية من جانب وحيازة األرصدة القابلة لإلقراض من جانب آخر‪ ،‬أي‬
‫)بلغة فنية يتحدد سعر الفائدة في ظل مستوى معين للعرض النقدي بتفضيل السيولة‪2( .‬‬
‫إن الطلب على النقود ال يقتصر على أغراض التبادل وتغطية المصروفات المتوقعة وغير المتوقعة‪ ،‬وإنما‬
‫يتضمن أغراضا أخرى بحكم وظيفتها كمستودع للقيمة والتي تتمثل في الطلب على النقود ألغراض المضاربة‬
‫)في األسواق المالية‪3( .‬‬
‫يؤكد كينز في تحليله على أن معدل الفائدة هو متغير نقدي حيث يمثل سعر الفائدة تكلفة اقتراض األموال‬
‫ألغراض االستثمار‪ ،‬لذا فإن انخفاضه يشجع المستثمرين على زيادة إنفاقهم االستثماري وارتفاعه يجعل تكلفة‬
‫‪.‬االستثمار ترتفع فتقلل من اإلنفاق االستثماري الخاص‬
‫‪:‬النقــود وفق التحليل الكينزي ‪1.‬‬
‫الطلب على النقــود عند كينـز ‪ :‬وقد وضّح كينز في نظريته العامة أن رغبة العناصر االقتصادية في حيازة *‬
‫األصل األكثر سيولة" نظرا ألنها تمثل األصل الوحيد الذي يمكن "أرصدة نقدية يرجع إلى أن النقود تعد بمثابة‬
‫تحويله‪ ،‬دون مرور فترة زمنية إلى أصل آخر‪ .‬أو بتعبير آخر هي األصل الوحيد الذي ال يحتاج إسالة‪ )4(.‬وقد‬
‫أوضح أن األفراد يطلبون النقود ألنهم يحتاجون إلى أرصدة نقدية إلجراء معامالتهم اليومية أو لمقابلة ما قد‬
‫يواجههم من ظروف غير متوقعة وأخيرا ألنهم يفضلون االحتفاظ باألرصدة النقدية كأصل ذو أفضلية على‬
‫الصور األخرى لتبادل الثروة‪ ،‬ومن ثم يمكن إجمال هذه العمليات في الدوافع التالية ‪ :‬الطلب على النقود بدافع‬
‫‪.‬المعامالت واالحتياط والمضاربة‬
‫عـرض النقـــود‪ :‬نقصد بعرض النقود تلك الكمية من النقود المتوافرة في فترة زمنية معينة‪ ،‬والتي تتحدد عادة *‬
‫من قبل السلطات النقدية‪ ،‬أو هي الكمية النقدية المتمثلة في وسائل الدفع بجميع أنواعها‪ )5(.‬ويتحدد هذا األخير‬
‫وفقا لعوامل عدة أهمها أثر كمية النقد على مستوى األسعار بمعنى معدل التضخم‪ ،‬مرحلة الدورة االقتصادية أي‬
‫ويعتبر عرض النقود متغير خارجي مستقل تتحدد قيمته من ‪.‬حالة النشاط االقتصادي‪ ،‬معدل النمو االقتصادي‬
‫‪.‬ويأتي هذا وفقا إليمان كينز بمبدأ تدخل الدولة في الحياة االقتصادية )خارج النموذج‪6(،‬‬
‫الطلب الكلي الفعــال‪ :‬يتمثل الطلب الكلي الفعال في مجموع ما يقرر األفراد إنفاقه على السلع والخدمات‪ ،‬هذه ‪2.‬‬
‫األخيرة التي تشتمل على سلع وخدمات االستهالك وسلع وخدمات االستثمار‪ .‬فالمنظور الكينزي أكد أن هذا‬
‫الطلب ال يقف عند حد الرغبة في الشراء‪ ،‬بل ال بد وأن يقترن بالمقدرة على هذا الشراء‪ ،‬كما أنه يشمل إنفاق‬
‫وهو )الوحدات االقتصادية في مجموعها لكونه طلب كلي يختلف عن الطلب الفردي للوحدة االقتصادية‪1(.‬‬
‫‪.‬المتغير المستقل الذي يحدد مستويات االستخدام والناتج والدخل القومي‬
‫سعر الفائدة‪ :‬اعتبر التقليديون أن الفائدة ثمن لالدخار‪ ،‬أما كينز فاعتبرها ثمنا للنقود أو ثمن التخلي أو التنازل ‪3.‬‬
‫عن السيولة‪ )2(.‬فالنقود هي أصل كامل السيولة إذا ما قورنت بغيرها من األصول الرأسمالية األخرى‪ ،‬ولكي‬
‫تغري الذي يحتفظ بالنقود بالتنازل عنها يجب أن يتقاضى مكافأة لقاء تخليه عن السيولة‪ ،‬وهذه المكافأة هي عبارة‬
‫‪.‬عن معدل الفائدة‬
‫لقد اهتم كينز في نظريته بالطلب الفعال كونه العنصر الذي يحدد الدخل الوطني ومستوى التشغيل‪ ،‬هذا الطلب‬
‫الذي يتكون من الطلب على االستهالك وعلى االستثمار‪ .‬وقد أوضح كينز أن معدل الفائدة يعتبر ظاهرة نقدية‬
‫يتحدد من خالل التقاطع أو التعادل بين عرض النقود والطلب عليها بما يعرف بالتفضيل النقدي‪ ،‬حيث أن عرض‬
‫النقود هو متغير خارجي يتحدد من جانب السلطات النقدية‪ ،‬أما الطلب على النقود فقد عرف منعرج كبير من‬
‫خالل اهتمام كينز بدور النقود كونها تطلب لذاتها وأنها مخزن للقيمة من شأنها التأثير في النشاط االقتصادي‬
‫والحفاظ على استقراره عند المستويات الطبيعية أو المعقولة نوعا ما‪ .‬بحيث أن النقود تعد عنصر غير محايد في‬
‫التحليل الكينزي بحيث أي تغير فيها سواء كان بالزيادة أو النقصان من شأنه التأثير في مستويات الناتج الوطني‬
‫‪.‬والتوظيف‬
‫ومنه نستنتج أن النقود في التحليل الكينزي تعتبر عنصر غير محايد‪ ،‬بحيث تغيرها يؤثر على مستويات اإلنتاج‬
‫)والدخل والعمالة‪ ،‬وبالتالي فهو ال يفصل التحليل النقدي عن التحليل االقتصادي العيني‪3(.‬‬
‫لـقد اعتبر فريدمان نظريته هي بمثابة إعادة ‪(Monétaristes):‬ج‪ .‬النمو االقتصادي في إطار المدرسة النقدوية‬
‫‪ ،‬حيث أوضح فريدمان بأن )‪ (I. Fisher : MV = PT‬صياغة للنظرية النقدية الكمية التقليدية بصيغة فيشر‬
‫نظرية كمية النقود بالصيغة التي قدمها فيشر هي ليست نظرية لإلنتاج وال للدخل واألسعار‪ ،‬وإنما هي في‬
‫‪:‬وفيما يلي تظهر مرتكزات الطرح الكمي المعاصر ‪.‬األساس نظرية للطلب على النقود‬
‫يرى أصحاف مدرسة شيكاغـو أن التضخم ظاهرة نقدية أساسا ويجد مصدره في نمو كمية النقود بسرعة أكبر من‬
‫نمو اإلنتاج‪ .‬كما اعتقدوا أن النقود هي المتغير االستراتيجي في تقلبات النشاط االقتصادي وأن التقلبات الدورية‬
‫‪.‬في اإلنتاج هي نتيجة لتحركات كمية النقود‬
‫ينظر النقديون إلى السياسة النقدية على أساس أنها األداة القوية والفعالة إلى أبعد الحدود في مجال تحقيق‬
‫)االستقرار االقتصادي‪4(.‬‬
‫‪.‬تمارس النقود أثرا مباشرا وهاما على اإلنفاق الكلي ومن ثم على الدخل في المدة القصيرة‬
‫إن جوهر النظرية المعاصرة لكمية النقود كما صاغها ميلتون فريدمان يتمثل في كونها نظرية للطلب على النقود‬
‫حيث تهتم بالعالقة بين التغير في كمية النقود وبين التغير في مستوى األسعار‪ ,‬وذلك من خالل ما يطرأ على‬
‫‪.‬الطلب على النقود من تغيرات‬
‫الدخل الدائــم‪ :‬يمثل ذلك الرصيد المتوقع والمتراكم لعدة فترات معينة‪ .‬وينبثق مفهوم الدخل الدائم من كون ‪1.‬‬
‫األفراد يحددون المبلغ الذي يقررون حيازته بداللة وضعية دخلهم في المدى الطويل‪ ،‬وليس بداللة دخولهم‬
‫المؤقتة‪ ،‬حيث أن األجل الطويل يمكن األفراد من تعديل استهالكهم‪ .‬وقد الحظ فريدمان من خالل دراسته‬
‫اإلحصائي ة أن سرعة الدخل تتغير بنفس االتجاه مع نمو الدخل الوطني فتتزايد في فترة االنتعاش وتتناقص في‬
‫)فترة الركود‪1(.‬‬
‫التضخم ظاهرة نقدية‪ :‬أي أن التضخم هو دوما وفي كل مكان ظاهرة نقدية‪ ،‬وباعتبار أن التضخم ضريبة على ‪2.‬‬
‫‪.‬رصيد السيولة فإنه قد يكون أقل سوءا في بعض الظروف‪ ،‬ولكنه في كل األحوال تكون له انعكاسات سيئة جدا‬
‫يرتكز التحليل النقدوي على حقيقة أساسية مفادها أن الطلب على النقد مستقر‪ ،‬غير أن زيادة العرض النقدي ‪3.‬‬
‫يكون له أثر بالغ – في حالة وضع التشغيل التام‪ -‬على اإلنفاق الكلي (االستثماري واالستهالكي) حيث يؤدي إلى‬
‫توليد دخول جديدة‪ ،‬وهو ما ينتج عنه طلب إضافي على النقد وهكذا حتى يتحقق التوازن بين عرض النقد والطلب‬
‫حسب النقديين‪ -‬حيث أنه في الفترة الطويلة ال أثر يذكر للنقد سوى – عليه‪ .‬وكل ذلك إنما يتم في الفترة القصيرة‬
‫‪.‬إحداث معدالت مرتفعة من التضخم‬
‫إن هذه المعادلة الصعبة معروفة في االقتصاد بمنحنى فيليبس )التحكيم الصعب بين البطالة والتضخم‪4. 2( :‬‬
‫وهي مستوحاة من الدراسة التي نشرها سنة ‪ ،1958‬والمتعلقة بدراسة العالقة بين البطالة والتغير في األجور‬
‫النقدية في بريطانيا في الفترة ‪ .1957-1868‬وقد الحظ فيليبس أنه عندما تكون معدالت البطالة منخفضة تكون‬
‫معدالت التغير في األجور النقدية تميل إلى االرتفاع‪ .‬وتفسير هذه النتيجة هو أن حالة البطالة تعني ضمنيا نقصا‬
‫في عرض العمل‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى ارتفاع األجور النقدية بمعدالت أكبر مما لو كان عرض العمل مرتفعا‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه النتيجة الهامة استخلص اقتصاديون آخرون أن هناك عالقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل‬
‫‪:‬البطالة‪ .‬ويظهر تفسير ذلك في المخطط التالي‬
‫‪.‬الشكل رقم ‪ :03‬العالقة بين معدل البطالة ومعدل التضخم وفق النقدويين‬

‫‪Source : J.P.Gourlaouen et Y.Perraudeau- « Economie, problèmes monétaires et‬‬


‫‪financières » - Librairie Vuibert- édition 1987- paris- page 32.‬‬
‫الطلب الكلي على النقود‪ :‬يقرر فريدمان أن البحث عن العوامل المؤثرة في الطلب على النقود تستوجب دراسة ‪5.‬‬
‫وتحليل فكرة الثروة‪ .‬فمفهوم الثروة بحسب هذه النظرية يمثل القيمة الرأسمالية لجميع مصادر الدخل إذ أن النقود‬
‫هي جزء من الثروة أما األجزاء أو المكونات األخرى للثروة فإنها تتمثل في األصول المالية والنقدية (األسهم‬
‫السلع المادية اإلنتاجية) فضال عن االستثمار البشري‪ )3(.‬ويخضع (والسندات) واألصول العينية والطبيعية‬
‫‪:‬الطلب على النقود وفقا لفريدمان للمتغيرات التالية‬
‫)‪Md = f [ P, r, re , (1/p)*(dp/dt), W, Y, u ] …. (4‬‬
‫‪.‬معدل الفائدة على السندات ‪. re :‬معدل العائد عن األسهم ‪. r :‬مستوى األسعار ‪P :‬‬
‫‪.‬األذواق وترتيب األفضيات اتجاه النقود ‪. u :‬الدخل الدائم ‪. Y :‬الثروة البشرية ‪W :‬‬
‫‪.‬العائد المتوقع من األصول العينية ‪(1/p)*(dp/dt) :‬‬
‫ومنه نجد ‪ Yp, P‬وقد اعتبر فريدمان دالة الطلب على النقود دالة متجانسة من الدرجة األولى في المتغيرين‬
‫‪):‬المعادلة رقم (‪2‬‬
‫[ ‪λMd = f ] λYp, λP, r, re, (ΔP / Δt) x (1/p), W , u‬‬
‫‪:‬تصبح المعادلة رقم (‪ )2‬من الشكل = ‪/p λ‬وبوضع ‪1‬‬
‫[ ‪Md/p = f ] Yp/p , r , re , (ΔP / Δt) x (1/p) , W , u‬‬
‫وتوضح المعادلة األخيرة رقم (‪ )3‬ارتباط الطلب على النقود بمفهوم الرصيد الحقيقي بمتغيرات حقيقية من خالل‬
‫‪.‬ضرب طرفي المعادلة رقــم (‪ )2‬في مقلوب المستوى العام لألسعار‬
‫‪:‬تصبح العالقة رقم (‪ )2‬من الشكل )‪ : y = Y/p‬علما أن( ‪ /y λ = 1‬وبوضع‬
‫)‪Md/y = f] r , re , (ΔP / Δt ) x (1/p) , W , u […. (4‬‬
‫‪:‬نجد أن الصيغة السابقة تأخذ المنحى التالي )‪ M/y = (1/V‬وبما أن‬
‫)‪Md/y = 1/V.] r , re , (ΔP / Δt) x (1/p) , W , u […(5‬‬
‫‪.‬تمثل سرعة دوران الدخــل ‪1/V :‬‬
‫‪:‬ومن المعادلة رقم (‪ )5‬نصل إلى استخالص الصيغة النهائية لنظرية كمية النقود المعاصرة التي قدمها فريدمان‬
‫‪y = V.] r , re , (ΔP / Δt) x (1/p) , W , u [.M‬‬
‫السياسة النقدية في ظل الفكر النقدوي‪ :‬لــقد أطلق عليهم تسمية النقدويين نظرا العتبارهم معيدي األهمية ‪6.‬‬
‫للسياسة النقدية في تحقيق التوازن االقتصادي‪ .‬و في هذا الصدد تتمثل مساهمة فريدمان في موضوع عرض‬
‫النقود باعتبار أن تحقيق االستقرار االقتصادي (النقدي) يتطلب زيادة عرض النقود بنسبة ثابتة ومستقرة تتفق مع‬
‫معدل النمو االقتصادي ومن هنا فدور السلطات النقدية يحصره فريدمان في مهمة رقابة كمية النقود والعمل على‬
‫نموها بمعدل مستقر متفق مع معدل نمو االقتصاد‪ ،‬إذ أن فريدمان يرى بأن األهمية يجب أن تولى لعرض النقود‬
‫وليس للطلب عليها كما يرى كينز‪ )1(.‬وعليه يهتم هذا التحليل بعرض النقود باعتباره متغير استراتيجي بإمكانه‬
‫‪.‬إحداث تغييرات على النشاط االقتصادي‬
‫ويقر فريدمان أن االستقرار في المستوى العام لألسعار في المدى الطويل ال يمكن أن يتحقق إال إذا نجحت‬
‫السلطات النقدية في تحديد الحجم األمثل لكمية النقود والذي من شأنه المحافظة على مستوى األسعار السائدة‬
‫وتحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬أي بعبارة أخرى نجد أن الزيادة في عرض الكتلة النقدية يجب أن يحقق استقرار‬
‫‪:‬الناتج الوطني اإلجمالي حيث أن‬
‫معامل االستقرار النقدي = معدل التغير السنوي في حجم وسائل الدفع‪ /‬معدل التغير السنوي في الدخل المحلي‬
‫‪.‬اإلجمالي‬
‫لقد أكد أصحاب مدرسة شيكاغــو أنه في المدة الطويلة يمارس عرض النقود أثره بصفة خاصة على مستوى‬
‫األسعار‪ ،‬غير أنه في المدة القصيرة تمارس النقود أثرا مباشرا وهاما على اإلنفاق الكلي ومن ثم على الدخل‬
‫الوطني‪ .‬وخالصة القول أن فريدمان يرى أن ضبط معدل التغير في عرض النقود بما يتناسب مع معدل التغير‬
‫االتجاهي في الدخل الوطني الحقيقي‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار معدل التغير االتجاهي في سرعة دوران النقود أو‬
‫الطلب على االحتفاظ بها شرط أساسي لتحقيق االستقرار في مستوى الدخل النقدي ومن ثم االستقرار في‬
‫المستوى العام لألسعار‪ ،‬وهذا يعني العودة إلى االهتمام بالسياسة النقدية وإعطائها أهمية كبيرة في مكافحة‬
‫‪.‬التضخم‬
‫‪:‬مسـار السياسة النقدية في الجزائر وأثـــرها النمو االقتصادي ‪III.‬‬
‫لقد عرف االقتصاد الجزائري مرحلة انتقالية من االقتصاد االشتراكي الموجه نحو اقتصاد ليبرالي يقوم على‬
‫م التي بيّنت بوضوح هشاشة الهيكل االقتصادي في ‪1986‬أسس ومبادئ اقتصاد السوق‪ ،‬وذلك بعد أزمة سنة‬
‫الجزائر‪ ،‬األمر الذي تطلب في بداية األمر القيام بإصالحات ذاتية من دون اللجوء إلى أطراف أجنبية كمؤسسات‬
‫النقد الدولية مثال‪ ،‬ولكن هذا االعتماد الذاتي قد نتج عنه تفاقم األوضاع النقدية واالقتصادية وحتى االجتماعية‪،‬‬
‫وتجلى ذلك في ارتفاع معدالت التضخم ومستويات البطالة‪ ،‬ارتفاع حجم المديونية الخارجية وثقل خدمة الدين‬
‫‪.‬بالمقابل‪ ،‬ارتفاع عجز الميزانية العامة للدولة‪ ،‬انخفاض قيمة العملة الوطنية‪ ،‬انخفاض معدالت النمو االقتصادي‬
‫ومن أجل الخروج من تلك الحلقة ومحاولة تصحيح االختالالت الهيكلية التي عصفت باالقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل ضمان نوع من االستقرار االقتصادي والمحافظة على التوازنات النقدية الداخلية و الخارجية‪ ،‬سعت‬
‫السلطات العامة في الجزائر إلى إعادة تقييم شامل لدور السياسات االقتصادية المعتمدة في بناء ورسم مستقبل‬
‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك عن طريق تفعيل وسائل تلك السياسة االقتصادية العامة وتحديد أهدافها النهائية بدقة‬
‫وبأولوية مسبقة التحديد‪ ،‬بعيدا عن أي خلفيات أو مصالح‪ ،‬وفتح المجال الواسع أمام السلطات النقدية التخاذ‬
‫‪.‬القرارات المثلى وفي الفترات المناسبة لذلك‬
‫من هنا كان لزاما على الدولة إعادة تنظيم هيكل وعمل النظام المصرفي ككل من خالل وضع أسس مضبوطة‬
‫وقواعد منصوصة قانونيا وتطبيق اإلجراءات بصرامة تامة فيما يخص التدابير العقابية‪ ،‬من أجل إعطاء‬
‫السلطات النقدية في البالد الحرية في رسم السياسة النقدية والتحكم في حجم االئتمان وتوجيهه المسار األمثل بين‬
‫‪.‬مختلف القطاعات من دون مفارقة أو تفضيل‬
‫مســار السياسة النقدية في الجزائــر‪ :‬إن المرحلة االنتقالية التي عرفها االقتصاد الجزائري من خالل تبني ‪1.‬‬
‫نظام اقتصاد السوق كان لها أثـر كبير على تطور األوضاع والمؤشرات النقدية الداخلية‪ ،‬من خالل فرض‬
‫صندوق النقد الدولي عدة إجراءات صارمة في مقدمتها إعادة تقييم لقيمة الدينار الجزائري بتخفيضه بمعدالت‬
‫كبيرة‪ ،‬ضف إلى ذلك تحول تطبيق البنك المركزي ألدوات السياسة النقدية من شكلها المباشر إلى استخدام‬
‫األدوات غير المباشرة في إدارة االئتمان وتوجيهه‪ ،‬وكلها إجراءات وتدابير تدفعنا للتساؤل عن مدى تغير طبيعة‬
‫‪.‬تطبيق السياسة النقدية شكال و مضمونا بعد تغير التوجه االقتصادي‬
‫خصائص السياسة النقدية قبل سنة ‪ :1990‬قبل صدور قانون النقد والقرض ‪ 10/90‬كان القطاع المالي ‪.‬أ‬
‫الجزائري صغيرا ومجزئا‪ ،‬إذ عمل في واقع األمر كأداة مالية الستثمارات القطاع العام بينما لم تكن األسواق‬
‫المالية موجودة على اإلطالق‪ ،‬ولم تكن البنوك التجارية تمارس أي نشاط تجاري‪ ،‬بل كانت تجمع مدخرات قطاع‬
‫العائالت وقطاع المؤسسات من خالل شبكة واسعة من الفروع‪ ،‬وتوجه هذه الموارد نحو تمويل الواردات‬
‫وعمليات المؤسسات العامة‪ .‬وقد لعبت الخزينة حينها الدور الرئيسي في القطاع المالي إذ احتكرت معظم‬
‫المدخرات الوطنية من خالل حسابات التوفير البريدية وإصدار السندات االستثمارية‪ ،‬وقد استخدمت هذه الموارد‬
‫أساسا لتمويل المشاريع الجديدة في المؤسسات العمومية‪ ،‬التي كانت تعاني على العموم من قصور الرسملة‬
‫‪.‬معتمدة على االقتراض من البنوك لتمويل استثماراتها‬
‫وقد لعب البنك المركزي الجزائري دورا ثانويا‪ ،‬وحددت معدالت الفائدة بقرارات إدارية عند مستويات نتجت‬
‫عنها أسعار فائدة حقيقية سالبة‪ ،‬مما دفع المديرين نحو االستثمارات ذات التركيز الرأسمالي العالي‪ .‬وفي هذه‬
‫الحالة لم يمارس البنك المركزي أي نشاط ملموس في مجال الرقابة المصرفية ولم تكن وظيفته في إعادة الخصم‬
‫‪.‬سوى أداة لتزويد البنوك بالسيولة الالزمة‬
‫هذا ما ع ّجل بظهور مرحلة جديدة بعد اإلصالح المالي والنقدي لسنة ‪ 1971-1970‬حيث لم تعد النقود كرأس‬
‫مال فقط وإنما أضحت كوسيلة لتداول الدخول المحصل عليها من ريـع البترول ( ظاهرة عددية لحساب الكميات‬
‫الرأسمالية المحصل عليها من جراء التغير النقدي للبترول)‪ .‬لذلك تفطنت السلطات العامة في نهاية الثمانينات إلى‬
‫هذا الدور الحيادي والسلبي للنقود وإعطائها مفهوم جديد يتمثل في اعتبار النقود وسيلة لتداول رأس المال والعمل‬
‫على الرجوع إلى نظام تعبئة الموارد النقدية الوطنية‪ ،‬وكان ذلك محتوى ترتيبات قانون ‪ 1986‬وإنشاء المجلس‬
‫الوطني للقرض والنقد‪ ،‬فأصبحت النقود كأداة للقرض والتنمية بين أيدي السلطات العامة النقدية والمالية‪ ،‬وبالتالي‬
‫ظهر دورها اإليجابي وتأثيرها المباشر على اإلنتاج والتوزيع واالستهالك‪ .‬أي أنها أصبحت أداة إستراتيجية مهمة‬
‫ّ‬
‫المخطط والسلطات العامة‬ ‫‪.‬لدى‬
‫وعلى العموم يمكن أن نرجع سبب الحالة التي آلت إليها النقود خالل الفترة التي تبنت فيها السلطات العامة في‬
‫) الجزائر لنظام اقتصادي اشتراكي انعكس على دور وفعالية السياسة النقدية‪ ،‬وذلك لألسباب التالية ‪1( :‬‬
‫‪.‬تسيير إداري لمعدالت الفائدة المثبتة عند مستويات دنيا‬
‫‪.‬تسيير نقدي إداري ليّن يوحي بالخضوع التام للسلطة النقدية إلى السلطة السياسية وأجهزتها‬
‫‪.‬عرض نقدي خارجي غير مرتبط بالنشاط االقتصادي وتابع كليا لرغبة زبائن القطاع العمومي‬
‫‪.‬طلب القرض غير مرن لمعدالت الفائدة‬
‫‪.‬الدور المهم للبنك المركزي الجزائري في إعادة تمويل البنوك‬
‫‪.‬تأطير القروض الذي يشكل األسلوب المفضل لتنظيم النشاط النقدي للبنوك‬
‫إن السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة الممتدة من سنة ‪ 1962‬إلى غاية عام ‪ 1990‬كانت حيادية بسبب الدور‬
‫السلبي للنقود في االقتصاد الوطني‪ ،‬إذ لم تتمكن تلك السياسة من تحقيق األهداف والمهام المنوطة بها والسبب في‬
‫عدم فعاليتها خالل تلك الفترة يرجع أيضا إلى كون تلك األخيرة لم تكن تعدوا كونها مفهوم نظري منصوص عليه‬
‫في القوانين التشريعية بعيدا عن الواقع التطبيقي‪ ،‬ضف إلى ذلك اعتماد البنك المركزي على األدوات المباشرة في‬
‫الرقابة والتحكم في االئتمان على مستوى جهاز مصرفي هش بعيد كل البعد عن الدور المنوط به من خالل تحقيق‬
‫التنمية االقتصادية في الجزائر‪ .‬وقد اعتبر البنك المركزي مجرد ملجأ لتمويل عجز الميزانية العامة‪ ،‬إذ كانت‬
‫‪.‬الخزينة العمومية هي المكلفة بمهمة إصدار النقد والتحكم في حجم تداوله‬
‫معالم ومسار السياسة النقدية بعد قانون النقد والقرض ‪ :10/90‬إن العنصر األساسي في انتقال االقتصاد ‪.‬ب‬
‫الجزائري من نظام مخطط إلى اقتصاد السوق هو إنشاء أسواق ومؤسسات مالية تستطيع مساندة هذا التوجه‬
‫الجديد بتوفير المناخ المالئم لالستثمار‪ ،‬وإن مواجهة صعوبات هذا االنتقال ومشاكله يخلق تحديات إضافية‬
‫‪.‬للسياسة النقدية‪ ،‬لذا أوجب خلق اإلطار المؤسسي لها وألدواتها حتى تؤدي مهمتها بكفاءة عالية‬
‫فبعد المشاكل االقتصادية التي تعرضت لها الجزائر وأدت إلى عدم االستقرار االقتصادي‪ ،‬حاولت الدولة سنة‬
‫‪ 1990‬معالجة هذه المشاكل‪ ،‬فاتبعت سياسة نقدية باعتبارها الوسيلة المزدوجة المبذولة لتحقيق االستقرار‬
‫االقتصادي واالتجاه نحو نظام يستند إلى ميكانيزمات اقتصاد السوق باعتبار أن السياسة النقدية هي إحدى محاور‬
‫اإلصالحات االقتصادية وهي إحدى الركائز األساسية للسياسات االقتصادية التي تمكنها من مراقبة التضخم‬
‫)وتنظيم سوق الصرف وتحقيق االستقرار النقدي‪2( .‬‬
‫لقد أدخلت تعديالت جذرية على طريقة عمل القطاع المالي في الفترة ما بين ‪ ،1991-1989‬لذا كان من‬
‫الضروري تحويل النظام المالي من مجرد ناقل لألموال من الخزانة نحو المؤسسات العامة‪ ،‬إلى نظام يلعب دورا‬
‫نشطا في تعبئة الموارد وتخصيصها‪ ،‬وتمثلت العناصر الرئيسية لهذا التحول في التحرك نحو استخدام أدوات‬
‫السياسة النقدية القائمة على اعتبارات السوق وتحرير أسعار الفائدة‪ ،‬والتحرير التدريجي لمعامالت الحساب‬
‫‪.‬الجاري والرأسمالي واعتماد سياسة أكثر مرونة تجاه سعر الصرف‬
‫وقد حدثت نقطة تحول على مستوى المنظومة المصرفية في عام ‪ 1990‬بصدور قانون النقد والقرض الذي نص‬
‫‪:‬على ما يلي‬
‫منح البنك المركزي استقاللية عن وزارة المالية وتكليفه بتسيير السياسة النقدية‪ ،‬وقد خضع البنك المركزي لعملية‬
‫‪''.‬إعادة تنظيم إدارية جعلت في مقدوره أن يضطلع بمسؤوليته الجديدة وسمي ''بنك الجزائر‬
‫إنشاء مجلس النقد والقرض الذي كان بمثابة السلطة النقدية المسؤولة عن صياغة سياسات االئتمان والنقد األجنبي‬
‫‪.‬والدين الخارجي والسياسات النقدية‬
‫‪.‬تطبيق قواعد تتسم بالشفافية وتحكم العالقة بين الخزينة والنظام المالي‬
‫إرساء مبدأ توحيد المعاملة بين المؤسسات الخاصة والعامة بالنسبة إلمكانية الحصول على االئتمان وإعادة‬
‫‪.‬التمويل من البنك المركزي وأسعار الفائدة‬

‫إن التطورات النقدية التي حصلت منذ سنة ‪ 1990‬تعكس مباشرة توجهات السياسة النقدية في ظل اتفاقيات‬
‫الجزائر مع صندوق النقد الدولي والتي كان لها األثـر الواضح والكبير على تطور الوضعية النقدية في االقتصاد‬
‫)الوطني‪ ،‬ويمكن التفريق بين ثالثة توجهات مختلفة للسياسة النقدية تظهر كاآلتي ‪1( :‬‬
‫الفترة األولـى‪ :‬تمتد الفترة األولى من عام ‪ 1990‬إلى غاية سنة ‪ 1994‬وهي الفترة التي سبقت تطبيق برامج *‬
‫اإلصالح االقتصادي إذ كان توجه السياسة النقدية نحو التوسع‪ ،‬وتهدف بصفة أساسية إلى تمويل عجز الميزانية‬
‫الضخمة واحتياجات االئتمان لدى المؤسسات العامة‪ ،‬كما أن التراجع عن سياسة التشدد المالي التي انتهجتها‬
‫الحكومة في السابق باعتماد برنامج االستعداد االئتماني من خالل االتفاقيتين المنعقدتين في عامي ‪ 1989‬و‬
‫ّ‬
‫‪ 1991‬مع مؤسسات النقد الدولية التي كانت تهدف إلى مراقبة توسع الكتلة النقدية بالحد من التدفق النقدي‪ ،‬أثرت‬
‫في التطورات النقدية بسبب إصدار النقد لتغطية العجز الموازني‪ .‬وقد تخلل هذه المرحلة اإلجراءات التالية مع‬
‫‪:‬صندوق النقد الدولي‬
‫االستعداد اإلئتماني األول‪ )2( :‬وافق صندوق النقد الدولي في إطار اتفاق التثبيت ‪ 30‬ماي ‪ 1989‬على تقديم ‪1-‬‬
‫‪ 155.7‬مليون وحدة سحب خاصة‪ ،‬كما استفادت الجزائر من تسهيل تمويل تعويضي بقيمة ‪ 315.2‬مليون وحدة‬
‫‪.‬حقوق سحب خاصة نظرا النخفاض قيمة أسعار البترول وارتفاع أسعار الحبوب سنة ‪1988‬‬
‫االستعداد االئتماني الثاني جوان ‪ )3( :1991‬بعد االتفاقية األولى المبرمة بين الجزائر وصندوق النقد الدولي ‪2-‬‬
‫سنة ‪ 1989‬وجدت السلطات العامة نفسها مجبرة ثانية إلى اللجوء نحو تلك المؤسسة المالية الدولية إلبرام اتفاق‬
‫مليون وحدة سحب ‪300‬جديد بتاريخ ‪ 30‬جوان ‪ 1991‬عرف باالستعداد االئتماني الثاني‪ ،‬إذ تم بموجبه تقديم‬
‫‪.‬خاصة مقسمة على أربعة شرائح‬
‫االستعداد االئتماني الثالث (أفريل ‪ :)1994‬نتيجة العراقيل والقيود التي اعترضت مسار إعادة تحقيق التوازن ‪3-‬‬
‫االقتصادي الداخلي والخارجي في الجزائر لجأت الحكومة الجزائرية مرة أخرى إلى صندوق النقد الدولي من‬
‫أجل إبرام برنامج تكييفي ثالث لمدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ ‪ 1994/04/01‬إلى غاية ‪ 1995/03/31‬هذا‬
‫‪:‬االتفاق الذي يضم البنود التالية‬
‫‪.‬تحقيق نمو مستقر ومقبول عند حدود ‪ % 3‬في سنة ‪ 1994‬و معدل ‪ % 6‬سنة ‪1995‬‬
‫‪.‬تخفيض معدالت التضخم‬
‫‪.‬تحرير التجارة الخارجية من أية عوائق ممكنة‬
‫والمعتمدة من سنة ‪ 1995‬إلى غاية سنة ‪ ,2000‬وعلى عكس الفترة السابقة تم تغيير توجه ‪:‬الفترة الثانية *‬
‫السياسة النقدية خالل فترة تطبيق برامج اإلصالح االقتصادي‪ ,‬إذ تم إتباع سياسة نقدية انكماشية صارمة ابتداءا‬
‫وذلك بهدف تخفيض معدل التضخم الذي بلغ مستويات أعلى خالل الفترة السابقة نتيجة التوسع ‪1994‬من سنة‬
‫النقدي المفرط‪ ,‬وقد تزامن تقييد السياسة النقدية مع فترة تطبيق برنامج التثبيت االقتصادي الممتد من سنة ‪1994‬‬
‫إلى سنة ‪ .1995‬وقد عمدت الجزائر خالل هذه المرحلة إلى تبني برنامج القرض الموسع من سنة ‪ 1995‬إلى‬
‫‪.‬غاية سنة ‪1998‬‬
‫عمدت الحكومة الجزائرية مرة أخرى لطلب قرض )اتفـاق القرض الموسع (ماي ‪ -1995‬ماي ‪1- 4(:)1998‬‬
‫من صندوق النقد الدولي يندرج في إطار االتفاقيات الموسعة للقرض امتدت لثالثة سنوات‪ ،‬وقد حدد مبلغ االتفاق‬
‫‪.‬بـ‪ 1.169.28 :‬مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي بنسبة ‪ % 127.9‬من حصة الجزائر‬
‫الفترة الثالثـة‪ :‬الممتدة من سنة ‪ 2001‬إلى غاية سنة ‪ ،2006‬حيث اعتبرت هذه المرحلة معاكسة في توجه *‬
‫السياسة النقدية باعتماد السلطة النقدية سياسة نقدية توسعية تزامنت مع تطبيق برنامج اإلنعاش االقتصادي الذي‬
‫إذ ‪2005- 2009‬إلى غاية أفريل ‪ 2004‬وبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي للفترة ما بين ‪2001‬امتد من أفريل‬
‫تعززت المؤشرات االقتصادية الكلية في االقتصاد الوطني بشكل ايجابي خالل نفس الفترة‪ .‬وقد ساهمت العديد من‬
‫العوامل في تحسين الوضع النقدي في الجزائر ودفعه نحو التوسع‪ ،‬ومن بين هذه العوامل ارتفاع أسعار البترول‬
‫في حين سجل سعر البرميل ‪2004.‬التي وصلت إلى حدود ‪ 54.6‬و ‪ 67.3‬دوالر للبرميل الواحد سنتي ‪ 2003‬و‬
‫‪.‬على التوالي ‪2002‬الواحد ‪ 64.9‬و ‪ 65.2‬دوالر خالل سنتي ‪ 2001‬و‬
‫مسيرة النمو االقتصادي في الجزائر‪ :‬من مرحلة البناء والتخطيط إلى مرحلة اإلصالح والتوجه نحو اقتصاد ‪2.‬‬
‫السوق‬
‫لقد حاولت السلطات العامة في الجزائر منذ حصولها على السيادة الوطنية بناء أسس وركائز اقتصاد الجزائر‬
‫المستقلة‪ ،‬وذلك من خالل إتباع العديد من السياسات االقتصادية والبرامج والمخططات االقتصادية ضمنت نوعا‬
‫ما تشييد قاعدة لالقتصاد الوطني تمثلت في الهياكل القاعدية ومؤسسات الدولة من هيئات رسمية وإدارات‬
‫عمومية ومؤسسات اقتصادية عامة‪ ،‬والهدف من ذلك هو دعم مشاريع ومخططات التنمية االقتصادية وتحقيق‬
‫لتجد الجزائر نفسها مع بزوغ أزمة ‪ 1986‬أمام حتمية إصالح اقتصادي ‪.‬النمو االقتصادي ولو بمستويات ضئيلة‬
‫شامل‪ ،‬تجلى في تغيير توجهها االقتصادي نحو المزيد من االستقاللية والخوصصة وتقليص دور الدولة في الحياة‬
‫‪.‬االقتصادية وفتح المجال على مسرعيه لالستثمار األجنبي‪...‬إلخ‬
‫وعلى العموم نجد أن وتيرة أو مسار النمو االقتصادي في الجزائر – من منظور بعض االقتصاديين‪ -‬عقد رف‬
‫‪:‬مرحلتين أو فترتين رئيسيتين هما‬
‫تخللت هذه المرحلة العديد من الفترات نتيجة اختالف مسيرة االقتصاد الوطني‪) ،‬مرحلة مـا قبل اإلصالح‪. 1( :‬أ‬
‫إذ بدأت مرحلة االنتظار‪ ،‬إذ تميزت هذه المرحلة التالية الستقالل الجزائر بفراغ في النظرية االقتصادية والنموذج‬
‫إال أنه من بين ايجابياتها أنها ‪1962/ 1966‬المراد إتباعه‪ ،‬وعلى الرغم من قصر هذه األخيرة التي تغطي الفترة‬
‫مهدت وهيأت الظروف لعملية التخطيط المركزي والتدخل الواسع والمهيمن للدولة‪ ،‬رغم أنها فترة تتسم بضعف‬
‫لتليها *‪ .‬المقومات المالية لدولة حديثة االستقالل‪ ،‬وكذا تدمير للبنية التحتية الضرورية النطالق النمو االقتصادي‬
‫فترة أخرى كان االعتماد على االنتشار الواسع للدولة في جميع المجاالت‪ ،‬بحيث كانت المنتج الوحيد والمستثمر‬
‫الوحيد في الحياة االقتصادية من خالل االعتماد على التخطيط والتسيير المركزي‪ ،‬انتهجت خاللها الجزائر على‬
‫سياسة نشطة في مجال االستثمار في القطاع العمومي‪ ،‬واعتبر النمو االقتصادي كما لو كان إنشاء قاعدة مادية‬
‫كثيفة‪ ،‬ترتب عن هذا التوجه تطور كبير في إرساء الهياكل القاعدية والبناء التحتي لالقتصاد والذي يعتبر ثمرة‬
‫**‪.‬هذه المرحلة‬
‫هذه المرحلة األخيرة التي تمثلت في دعم تمويل القطاع الصناعي مقارنة مع القطاعات األخرى‪ ،‬في إطار برنامج‬
‫التصنيع وذلك باالعتماد على القطاع العمومي ومن ثم المؤسسة الوطنية‪ ،‬وكل ذلك لغرض زيادة مستوى اإلنتاج‬
‫ومنه نجد أن هذه السياسة االقتصادية قد ترتب عليها أداء اقتصادي ال بأس به‪. ،‬والعمالة وخلق القيمة المضافة‬
‫وخاصة في مجال النمو االقتصادي الذي تراوح ما بين ‪ % 6‬إلى ‪ % 7‬في المتوسط السنوي‪ ،‬تبعه انخفاض في‬
‫معدالت البطالة التي بلغت ‪ % 18‬سنة ‪ ،1980‬وكذلك قد تحقق هذا النمو بواسطة ارتفاع أسعار النفط ترتب عنها‬
‫مساهمة هذا القطاع الكبيرة في النمو االقتصادي‪ ***.‬إال أن هذه السياسات نتج عنها انعكاسات سلبية بسبب‬
‫وجود سوق داخلية واسعة لو يستطع مستوى اإلنتاج الوطني تلبية احتياجاتها في ظل تأخر القطاع الفالحي عن‬
‫‪.‬مسايرة ذلك الطلب المحلي‬
‫إن اعتماد الدولة الجزائرية على أسعار النفط كأساس مرجعي لتمويل مشاريعها التنموية وخاصة القطاع‬
‫الصناعي بإعطائه األولوية لالستثمار فيه عن باقي القطاعات األخرى‪ ،‬جعلها تربط مصير مخططاتها وبرامجها‬
‫االقتصادية بسعر النفط على المستوى الدولي‪ ،‬هذا ما نتج عنه صدمة وكارثة اقتصادية خالل النصف األخير من‬
‫سنوات الثمانينات بسبب انهيار أسعار النفط وبالتالي حدث أكبر انهيار اقتصادي في الجزائر مؤديا إلى خلل‬
‫مزدوج في ميزانية الدولة وميزان المدفوعات‪ ،‬غدا االقتصاد الوطني يعاني من اختالل هيكلي كبير تعثر عن إثره‬
‫أداء االقتصاد الجزائري وأصبحت ألول مرة معدالت نمو االقتصاد تتسم بالسلبية بعد مرحلة هامة من التطور‬
‫والتوسع‪ ،‬إال أنها فترة بينت أن االقتصاد الجزائري كان ال يعدوا كونه اقتصاد قائم على االستدانة‪ .‬ولكن منذ ذلك‬
‫الحين (أزمة ‪ )1986‬دخل االقتصاد الوطني إلى مرحلة جديدة عرفت بمرحلة اإلصالح االقتصادي وإعادة‬
‫‪.‬الهيكلة على كافة المستويات‬
‫في بادئ األمر حاولت السلطات تعزيز جهودها لتصحيح األوضاع االقتصادية ‪:‬ب‪ .‬مرحلة اإلصالح االقتصادي‬
‫الكلية التي عرفت اختالالت كبيرة‪ ،‬وعرفت هذه المرحلة أول اقتراب للجزائر من المؤسسات المالية الدولية‪ ،‬وتم‬
‫التفاهم حول برنامجين بدعم من صندوق النقد الدولي يغطي الفترة ‪ 1991 -1989‬تعتمد من خاللها الجزائر على‬
‫سياسة إلدارة الطلب أقل ما يقال عنها أنها كانت صارمة من خالل تخفيض قيمة العملة‪ ،‬وتطبيق إجراءات تحرير‬
‫التجارة وتعديالت على تسعير الصرف االسمي‪ ،‬زيادة على امتصاص السيولة الزائدة في االقتصاد ككل‪ .‬هذه‬
‫‪.‬الفترة األخيرة سميّت مرحلة اإلصالحات المحتشمة‬
‫أما المرحلة الثانية فعرفت بمرحلة التردد والتراجع في اإلصالح وهي تمتد من ‪ 1992‬إلى ‪ ،1993‬حيث طبع‬
‫مسار اإلصالح التردد واالرتخاء بخصوص السياسة االقتصادية‪ ،‬وتباطأت خطى اإلصالح االقتصادي نتيجة‬
‫انخفاض قيمة العملة وزيادة االختالالت رغم إستراتيجية البالد التي كانت تهدف إلى الوفاء تماما بخدمة الدين‬
‫الخارجي الذي وصل ‪ % 30‬من حصيلة الصادرات زيادة على زيادة مستوى االستهالك الحكومي وارتفاع حجم‬
‫االستثمار الحكومي أيضا ناهيك عن هبوط نسبة االدخار إلى االستثمار الحكومي بأكثر من ‪ % 10‬من الناتج‬
‫المحلي‪ ،‬وقد عرفت الميزانية العامة عجز موازني قدر بـ ‪ % 10‬سنة ‪ 1993‬بسبب عدم تعديل سعر الصرف‪،‬‬
‫‪1992/ 1993.‬وكذا اتساع حجم الدعم الحكومي للسلع االستهالكية التي شكلت ‪ % 5‬من الناتج سنة‬
‫حيث حدث تدهور جديد في االختالالت ‪- 1998‬ثالثا‪ ،‬ظهرت مرحلة اإلصالحات االقتصادية المتسارعة ‪1994‬‬
‫زيادة على انخفاض أسعار البترول‪ ،‬وتضاؤل فرص الحصول على التمويل الخارجي مما نتج عنه أزمة في‬
‫ميزان المدفوعات‪ ،‬فرضت على السلطات العامة صياغة برنامج شامل لإلصالح االقتصادي تجسد في إبرام‬
‫اتفاقيتي ماي ‪ 1994‬وماي ‪ 1995‬مع صندوق النقد الدولي‪ ،‬بهدف االستجابة إلى التحول نحو اقتصاد السوق‬
‫‪.‬وضبط األوضاع عن طريق إنعاش االقتصاد الوطني‬
‫وقد انتهت الدولة على العموم خالل هذه الفترة على سياسة اقتصادية ظرفية تتسم بتطبيق مجموعة من‬
‫اإلجراءات النقدية والمالية التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي دائم وتقليص مستوى العجز الموازني وزيادة‬
‫الموارد عن طريق توسع الضريبة بالقيم المضافة‪ ،‬مكافحة الغش والتهرب الضريبي وتقليص النفقات‪ ،‬إزالة‬
‫وإلغاء دعم األسعار وعقلنة نفقات التجهيز وغيرها من الخطوات التي قامت بها الدولة بهدف دعم وتيرة ومستوى‬
‫)النمو االقتصادي في الجزائر‪1(.‬‬
‫‪:‬مــدى مسايرة النمو االقتصادي للكتلة النقدية المتداولة في االقتصاد الوطني ‪3.‬‬
‫إن الحديث عن مسايرة مستوى النمو االقتصادي لكمية النقود المتداولة في االقتصاد الوطني منذ االستقالل إلى‬
‫غاية سنة ‪ ،2006‬وهي فترة الدراسة‪ ،‬يدعونا إلى التساؤل حول طبيعة االرتباط والعالقة المتواجدة بين الجانبين‬
‫النقدي والحقيقي في االقتصاد الوطني‪ ،‬أي هل للسياسة النقدية دور في نقل أثرها من الجانب النقدي إلى الجانب‬
‫الحقيقي من خالل حفز وزيادة معدالت النمو االقتصادي في حالة ما تم إتباع سياسة نقدية توسعية والعكس‬
‫صحيح في حالة تطبيق السياسة التقييدية (االنكماشية)‪ .‬هذه تعتبر إشكالية بالنسبة للسلطات النقدية التي تحاول‬
‫دوما تقليص مستوى الفارق بين نمو كمية النقود المصدرة وحجم التغير في الناتج الداخلي الخام الحقيقي وهو ما‬
‫يعني تقليص حجم الفجوة التضخمية التي قد تنشأ نتيجة التسرب النقدي لتلك الكمية المصدرة من النقود إلى خارج‬
‫الجهاز المصرفي الرسمي‪ ،‬باإلضافة إلى استغالل تلك النقود في مشاريع ليس لها مقابل حقيقي (ال تساهم في‬
‫‪).‬زيادة اإلنتاج الوطني‬
‫من هنا كان لزاما علينا دراسة طبيعة االرتباط الموجود بين التغير في كمية النقود ومعدل النمو االقتصادي في‬
‫الجزائر خالل الفترة ‪ 2006 -1962‬باالعتماد على معامل االرتباط البسيط من أجل معرفة وتحليل طبيعة تلك‬
‫‪.‬العالقة الموجودة بين المتغيرين في الجزائر‬
‫الجدول رقم‪ : 01‬تطور كمية النقود والناتج المحلي الخام لالقتصاد الوطني قبل سنة ‪1990‬‬
‫‪ %‬معــدل نمو الناتج المحلي الخام ‪%‬السنوات معدل نمو الكتلة النقدية‬
‫‪1963 - 2 35‬‬
‫‪1964 20 8‬‬
‫‪1965 10 8‬‬
‫‪1966 9 - 3‬‬
‫‪1967 29 10‬‬
‫‪1968 35 15‬‬
‫‪1969 20 10‬‬
‫‪1970 8.3 11.7‬‬
‫‪1971 6.9 2.6‬‬
‫‪1972 30 16.6‬‬
‫‪1973 11.5 17.1‬‬
‫‪1974 27.1 73.5‬‬
‫‪1975 30.2 10.2‬‬
‫‪1976 29.8 20.7‬‬
‫‪1977 19.3 17.7‬‬
‫‪1978 29.8 20.2‬‬
‫‪1979 18 22.3‬‬
‫‪1980 17.3 26.7‬‬
‫‪1981 16.7 17.8‬‬
‫‪1982 26.4 8.4‬‬
‫‪1983 20.4 12.6‬‬
‫‪1984 17.3 12.9‬‬
‫‪1985 14.9 10.5‬‬
‫‪1986 1.4 1.7‬‬
‫‪1987 13.6 5.2‬‬
‫‪1988 13.6 2.3‬‬
‫‪1989 5 22‬‬
‫‪Source : Abdelkrim NAAS- «Le système bancaire algérien- de la décolonisation à‬‬
‫‪l’économie de marché »- Edition INAS- 2003- paris- p102-208.‬‬
‫نعمد إلى استخراج طبيعة العالقة الموجودة بين )باالعتماد على البيانات السابقة الواردة في الجدول رقم (‪01‬‬
‫معدل نمو الكتلة النقدية ومعدل نمو الناتج المحلي الخام لالقتصاد الوطني من خالل حساب معامل االرتباط بين‬
‫)‪(Y‬أما معدل ‪ Eviews‬المتغيرين باستخدام برنامج‬ ‫‪ ،‬حيث معدل نمو الناتج المحلي الخام يمثل المتغير التابع‬
‫‪ (X):‬نمو الكتلة النقدية فيمثل المتغير المستقل‬
‫‪Y = a + bX‬‬
‫‪.‬تمثل القيم الفعلية لمعامالت االنحدار ‪a, b:‬‬
‫‪Estimation Equation:‬‬
‫‪Y = C(1) + C(2)*X‬‬
‫‪Substituted Coefficients:‬‬
‫‪Y = 15.962293 + 0.13379782*X‬‬

‫ومنه نجد من خالل تحليل معامل االرتباط الذي أخذ القيمة (‪ )0.133‬أن العالقة بين معدل نمو الكتلة النقدية‬
‫ومعدل نمو الناتج المحلي الخام في الجزائر خالل الفترة ‪ 1989/1962‬تكاد تنعدم‪ ،‬أي ليس لتغير كمية النقود في‬
‫الجزائر تأثير على معدل تغير الناتج المحلي الخام‪ .‬رغم ارتفاع معدالت النمو االقتصادي خالل هذه الفترة على‬
‫العموم ما عدى السنوات األخيرة من فترة الثمانينات إال أن مصدر هذا التغير الموجب في معدالته كان بسبب‬
‫االرتفاع المستمر ألسعار النفط على مستوى األسواق العالمية وبالتالي ارتفاع عائدات الدولة من هذا القطاع‬
‫‪.‬األخير‬

‫‪.‬الجدول رقم‪ : 02‬تطور معدل نمو الكتلة النقدية ومعدل النمو االقتصادي في الجزائر خالل الفترة ‪2006 -1990‬‬

‫‪ %‬معــدل النمو االقتصادي ‪%‬السنوات معدل نمو الكتلة النقدية‬


‫‪1990 13.94 0,8‬‬
‫‪1991 21.30 - 1,2‬‬
‫‪1992 23.95 1,8‬‬
‫‪1993 21.53 - 2,1‬‬
‫‪1994 15.42 - 0,9‬‬
‫‪1995 10.48 3,8‬‬
‫‪1996 14.43 4,1‬‬
‫‪1997 18.49 1,1‬‬
‫‪1998 47.21 5,1‬‬
‫‪1999 12.11 4‬‬
‫‪2000 13.17 3,2‬‬
‫‪2001 22.22 2,6‬‬
‫‪2002 17.39 4‬‬
‫‪2003 15.55 6,8‬‬
‫‪2004 11.31 4,5‬‬
‫‪2005 10.82 4,4‬‬
‫‪2006 12.70 1,8‬‬

‫‪.‬لسنة ‪ ONS 2006 -2005‬المصدر‪ - :‬الديوان الوطني لإلحصائيات‬


‫‪International Monetary Fund, World Economic Outlook Database, September 2004.‬‬

‫‪Estimation Equation:‬‬
‫‪Y = C(1) + C(2)*X‬‬
‫‪Substituted Coefficients:‬‬
‫‪Y = 22.813533 + 0.36350057*X‬‬

‫هذه المرحلة التي شهدت العديد من اإلصالحات االقتصادية عرفت تحسن نوعا ما بالمقارنة مع المرحلة السابقة‬
‫لها (قبل سنة ‪ )1990‬حيث تمثل االرتباط بين معدل نمو الكتلة النقدية ومعدل النمو االقتصادي بالقيمة (‪)0.363‬‬
‫وهي تؤكد على وجود مساهمة ضئيلة نوعا ما لكمية النقود في حدوث النمو االقتصادي في الجزائر إال أنها‬
‫‪.‬محسوسة بالمقارنة مع مساهمة مداخيل النفط في ارتفاع ذلك المعدل‬
‫‪:‬الخالصة‬
‫من خالل تتبع مسار السياسة النقدية وكذا معدالت النمو االقتصادي بالمقابل مع تطور أداء االقتصاد الوطني‬
‫نتيجة تغيير التوجه االقتصادي‪ ،‬من اقتصاد موجه مركزي معتمد على التخطيط تحت رعاية تامة من قبل القطاع‬
‫العام نحو تبني نظام اقتصاد السوق الذي نادى بضرورة تقليص دور الدولة في الحياة االقتصادية فاتحة المجال‬
‫أمام الخوصصة واالستثمار األجنبي في ظل سيادة قانون السوق وفقا لقوى العرض والطلب كأحد دعامات هذا‬
‫النظام الجديد بالنسبة للسلطات الجزائرية‪ ،‬التي اتخذت خطوة التغيير والتعديل واإلصالح بمشاركة أطراف‬
‫أجنبية ممثل في صندوق النقد الدولي ولكن ذلك اقتضى العديد من اإلجراءات النقدية والمالية على غرار تخفيض‬
‫‪.‬قيمة العملة ورفع الدعم على األسعار وغيرها من الشروط‬
‫وكان الهدف من كل ذلك هو سعي السلطات العامة إلى رسم سياسة اقتصادية بمختلف وسائلها وأدواتها تصبوا‬
‫إلى ضمان االستقرار النقدي وتحقيق التوازنات االقتصادية الكلية ومنه الوصول إلى تسجيل معدالت نمو‬
‫اقتصادية موجبة نوعا ما‪ .‬ولكن التحدي الذي وقف وال يزال يمثل الهاجس أمام السلطات النقدية هو إتباع‬
‫إستراتيجية نقدية تضمن تقليص الفجوة والفارق بين حجم وكمية النقود المصدرة والمتداولة ومستوى النمو‬
‫‪.‬االقتصادي الحقيقي‪ ،‬وهي اإلشكالية التي تسعى دوما إلى إيجاد حلول لها‬
‫‪:‬المراجع‬
‫أحمد أبو الفتوح علي الناقه – "نظرية النقود واألسواق المالية‪ -‬مدخل حديث"‪ -‬مكتبة اإلشعاع الفنية‪1- -‬‬
‫‪.‬اإلسكندرية‪ -‬الطبعة األولى ‪2001‬‬
‫إسماعيل محمد هاشم‪" -‬مذكرات في النقود والبنوك"‪ -‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ -‬بيروت‪ -‬الطبعة ‪2-‬‬
‫‪.‬األولى ‪1996‬‬
‫‪.‬بسام الحجار‪" -‬االقتصاد النقدي والمصرفي"‪ -‬دار المنهل اللبناني‪ -‬بيروت‪ -‬طبعة أولى ‪3- 2006‬‬
‫بلعزوز بن علي‪" -‬محاضرات في النظريات والسياسات النقدية"‪ -‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر‪4- -‬‬
‫‪.‬الطبعة الثالثة ‪2008‬‬
‫حمدي زهير شامية‪" -‬النقود والمصارف"‪ -‬دار زهران للنشر‪ -‬عمان‪ -‬الطبعة األولى ‪5-1993‬‬
‫الدار المصرية اللبنانية‪ -‬القاهرة‪ -‬الطبعة ‪"-‬حازم البيالوي‪" -‬دليل الرجع العادي إلى تاريخ الفكر االقتصادي ‪6-‬‬
‫‪.‬األولى ‪1995‬‬
‫رحيم حسين‪" -‬النقد والسياسة النقدية في إطار الفكريين اإلسالمي والغربي"‪ -‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪7- -‬‬
‫‪.‬عمان‪ -‬طبعة أولى ‪2006‬‬
‫زكريا الدوري و د‪.‬يسري السامرائي‪" -‬البنوك المركزية والسياسات النقدية"‪ -‬دار اليازوري العلمية للنشر ‪8-‬‬
‫‪.‬والتوزيع‪ -‬عمان‪ -‬طبعة‪2006‬‬
‫ّ‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪" -‬السياسات االقتصادية على مستوى االقتصاد القومي (تحليل كلي)"‪ -‬مجموعة النّيل ‪9-‬‬
‫‪- 2003.‬العربيّة للنشر‪ -‬القاهرة‬
‫عبد المجيد قدّي‪" -‬المدخل إلى السياسات االقتصادية الكليّة‪ -‬دراسة تحليلية تقييمية"‪ -‬ديوان المطبوعات ‪10-‬‬
‫‪2005.‬الجامعية‪ -‬الجزائر‪ -‬الطبعة الثانية‬
‫عبد القادر محمد عبد القادر عطية‪'' -‬اتجاهات حديثة في التنمية''‪ -‬الدار الجامعية‪ -‬اإلسكندرية‪ -‬طبعة ‪11-‬‬
‫‪2003/2002.‬‬
‫عادل أحمد حشيش‪" -‬أساسيات االقتصاد النقدي والمصرفي"‪ -‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ -‬مصر‪ -‬طبعة ‪12-‬‬
‫‪2004.‬‬
‫‪.‬عادل أحمد حشيش‪" -‬أساسيات االقتصاد النقدي والمصرفي"‪ -‬الدار الجامعية للنشر‪ -‬بيروت‪ -‬طبعة ‪13- 1992‬‬
‫عبد المنعم السيد علي و د‪ .‬نزار سعد الدين العيسى – "النقود والمصارف واألسواق المالية"‪ -‬دار الحامد ‪14-‬‬
‫‪.‬للنشر‪ -‬عمان‪ -‬الطبعة األولى ‪2004‬‬
‫عبد المنعم مبارك و أحمد علي الناقه‪" -‬النقود والصيرفة والنظرية النقدية"‪ -‬الدار الجامعية للنشر‪ -‬بيروت‪15- -‬‬
‫‪.‬طبعة ‪1998‬‬
‫سهير محمود معتوق‪'' -‬النظريات والسياسات النقدية''‪ -‬الدار المصرية اللبنانية‪ -‬القاهرة‪ -‬الطبعة األولى ‪16-‬‬
‫‪1989.‬‬
‫‪.‬صبحي تادريس قريصة –"النقود والبنوك"‪ -‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ -‬بيروت‪ -‬طبعة ‪17- 1984‬‬
‫صال و محمود يونس‪" -‬اقتصاديات النقود والبنوك واألسواق المالية"‪ -‬الدّار الجامعية للنشر‪18- -‬‬ ‫كمال أمين الو ّ‬
‫اإلسكندرية‪ -‬طبعة ‪2004‬‬
‫‪.‬محمد ناجي حسن خليفة‪'' -‬النمو االقتصادي‪ -‬النظرية والمفهوم''‪ -‬دار القاهرة للنشر‪ -‬القاهرة – ‪19- 2001‬‬
‫محمد مدحت مصطفى و سهير عبد الظاهر أحمد‪'' -‬النماذج الرياضية للتخطيط والتنمية االقتصادية''‪ -‬مكتبة ‪20-‬‬
‫‪1998.‬اإلشعاع للطباعة والنشر‪ -‬اإلسكندرية‪ -‬طبعة‬
‫ناظم محمد نوري الشمري‪" -‬النقود والمصارف والنظرية النقدية"‪ -‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ -‬عمان‪21- -‬‬
‫‪.‬الطبعة األولى ‪1999‬‬
‫بقبق ليلى اسمهان‪" -‬ميكانيزم انتقال أثر السياسة النقدية في االقتصاديات السائرة في طريق النمو واالنتقالية ‪22-‬‬
‫‪.‬ص‪- 63‬نحو اقتصاد السوق‪ -‬حالة االقتصاد الجزائري"‪ -‬رسالة ماجستير‪ -‬تلمسان‪ -‬دفعة ‪2003‬‬
‫رسالة ‪"-‬حالة الجزائر ‪FMI-‬دحمان بن عبد الفتاح –" محاولة تقييم السياسة النقدية ضمن برامج التكييف لـ ‪23-‬‬
‫‪.‬ماجستير‪ - -‬جامعة الجزائر ‪1997‬‬
‫‪24- Marie Delaplace - « Monnaie et Financement de l’économie » - édition DUNOD‬‬
‫‪– Paris - p118.‬‬
‫‪25- J.P.Gourlaouen et Y.Perraudeau- « Economie, problèmes monétaires et‬‬
‫‪financières » - Librairie Vuibert- édition 1987- paris- page 32.‬‬
‫‪26- Louis LAGANACE – "la croissance économique"- Presses universitaires de‬‬
‫‪France- 1er édition 1980- P167.‬‬
‫‪27- Abdelkrim NAAS- «Le système bancaire algérien- de la décolonisation à‬‬
‫‪l’économie de marché »- Edition INAS- 2003- paris- p102-208.‬‬
‫مبارك بوعرشة‪'' -‬السياسة النقدية وآثار تخفيض العملة الوطنية''‪ -‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ -‬قسنطينة‪ -‬عدد ‪28- 02‬‬
‫‪-‬سنة ‪1999‬‬
‫طيبة عبد العزيز و بلعزوز بن علي‪ '' -‬السياسة النقدية واستهداف التضخم في الجزائر خالل الفترة ‪29- -1990‬‬
‫‪ -''2006.‬جامعة الشلف‬
‫‪''.‬نادي الدراسات االقتصادية الجزائرية‪'' -‬مسار السياسة النقدية في ظل تحول االقتصاد الجزائري ‪30-‬‬
‫حاكمي بوحفص و عبد القادر دربال‪'' -‬أثر اإلصالحات االقتصادية على النمو االقتصادي‪ -‬دراسة حالة ‪31-‬‬
‫‪.‬أفريل ‪3 2007‬العدد رقـم ‪''- les cahiers du MECAS-‬الجزائر‬
‫‪.‬لسنة ‪ ONS 2006 -2005‬الديوان الوطني لإلحصائيات ‪32-‬‬
33- International Monetary Fund, World Economic Outlook Database, September
2004

You might also like