Professional Documents
Culture Documents
يعد تصميم وتنفيذ السياسات االقتصادية الكلية مقيداً ،بسبب القلق إزاء آثار السياسة المالية
ومدى قدرتها في التأثير على الناتج المحلي والتشغيل في األمد القصير ،وهذا ما يتطلب
توضيح مفهومها ،والوظائف التي تؤديها لبلوغ اهدافها وعلى النحو األتي:
أوال :مفهوم السياسة المالية .
تحضى السياسة المالية بمكانة مهمة بين السياسات االقتصادية الكلية ،إذ تمثل أداة رئيسة
يمكن للحكومة استعمالها في توجيه مسار النشاط االقتصادي ،ومعالجة ما يتعرض له من هزات
وأزمات ،وذلك بفضل أدواتها وبما يؤهلها من تحقيق معدالت تشغيل مرغوبة واستقرار نسبي في
األسعار في إطار سعيها الستحثاث النمو ،واعادة توزيع الدخل بشكل عادل ،مما تطلَب من
الحكومات إن تحدث تغيي اًر شامالً في رسم سياستها المالية بالشكل الذي يسهم في كبح تلك
المشاكل واألزمات ،أو تدارك أثارها ونتائجها .ومن ثم تحقيق االستقرار االقتصادي.
فالسياسة المالية ( )Fiscal Policyتجيز للحكومة التدخل في الحياة االقتصادية من خالل
توظيف أدواتها ،لتحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية والسياسية الجديدة ،وبما يسمح في
معالجة األوضاع االقتصادية السائدة سواء كانت حاالت كساد أم تضخم ،إذ تشير إلى أنها
مجموعة األهداف والتوجهات واإلجراءات والنشاطات التي تتبناها الحكومة للتأثير في االقتصاد
القومي والمجتمع بهدف المحافظة على استق ارره العام وتنميته ومعالجة مشاكله ومواجهة كافة
الظروف المتغيرة ،والتي ترتبط بالتغير المطلوب في الضرائب واألنفاق الحكومي ،بغية تحقيق
آثار مرغوبة وتجنب اآلثار غير المرغوبة على الدخل واألسعار واإلنتاج والتوظيف ،بطريقة
تراعي تأثير هذه األدوات على تخصيص الموارد وتدفق األموال ،ومن ثم تأثيرها على فاعلية
هذه المتغيرات من اجل المساعدة في تخفيف حدة تقلبات دورة اإلعمال التجارية ،والمساهمة في
الحفاظ على النمو في ظل اقتصاد خالي من التضخم المتقلب والمرتفع ،فضال عن تحقيق
مستويات مرغوبة للتوظيف يمكن من خاللها تهيئة مقومات لتحديد الحاجات العامة التي يتعين
على الحكومة األخذ بها في تدبير ما يلزمها من موارد ،والتي غالبا ما تهدف إلى التخفيف من
اآلثار السلبية على الطلب الكلي ،ودعم ثقة المستهلكين والمستثمرين فضال عن الشركاء
التجاريين الرئيسين في حالة انخفاض الصادرات.
تتمحور هذه التغيرات في السياسة المالية بطريقة تلقائية أو ذاتية ،وتسمى ضوابط تلقائية
( (Built- in Stabilizersتعمل دون الحاجة إلى تدخل من قبل الحكومة ،إي من داخل
النظام المالي فتزيد أو تنقص التدفقات الحكومية تلقائياً إلى باقي االقتصاد القومي ومنه استجابة
1
للتغيرات في الظروف االقتصادية ،ففي حالة االنكماش أو الكساد تعمل السياسة المالية على
زيادة التدفقات النقدية الحكومية نحو المشاريع واألفراد ،مما ينعكس في الحد من انخفاض
الدخول الفردية القابلة للتصرف ،ومن ثم الحفاظ على اإلنفاق االستهالكي واالستثماري ،وذلك
من خالل مضاعف االستثمار .والعكس في حالة التضخم .وهكذا تعمل هذه المؤثرات التلقائية
على التخفيف من حدة التقلبات االقتصادية ،فهي مسايرة التجاه الدورة االقتصادية وتتبعها ركوداً
ورواجاً ،ففي حالة اتجاه االقتصاد إلى الكساد ،تحقن النشاط االقتصادي مما ينسحب تلقائيا إلى
تعزيز عجز الموازنة ،والعكس في حالة الرواج إذ يولد هذا البرنامج أث ار مرغوباً مما يساعد على
ضبط مستوى الطلب الكلي أو تحفيزه دون تغيير في السياسة المالية .
اال أ ن مجريات اإلحداث التي عصفت باالقتصادات العالمية أظهرت بعض التناقضات
واألخطاء في السياسة المالية التلقائية ،والتي حفزتها عوامل االستقرار الذاتية ،فالنقص الدوري
في الطلب الكلي يستلزم نفقات حكومية كبيرة جداً إذا ما أريد تحقيق مستوى منخفض من
البطالة .األمر الذي استلزم االهتداء إلى سياسة مالية مرنة تأخذ بنظر االعتبار مراقبة التقلبات
الدورية في النفقات واإليرادات ومن ثم تقدير موازنة مختلفة لكل مستوى من مستويات الدخل
القومي ،التي يشار أليها بعمل التعديل الدوري()Cyclically Adjustmentأو توازن الموازنة
المعدل دوريا ( )Cyclically Adjustment Budget Balanceوالذي من خالله يمكن تقديم
رؤية أوضح ألسس العجز القصير األمد او الفائض الناجمين عن تقلبات دورة اإلعمال ،وذلك
عن طريق توسيع النشاط االقتصادي أو تقليصه حسب الحاجة عبر الدورات االقتصادية ،من
خالل تغييرات مميزة في أدواتها ،والمتمثلة باألنفاق واإليرادات الحكومية لتصحيح مسار الناتج
وتحقيق االستقرار االقتصادي.
ويمكن التمييز بين أداتين رئيستين تستخدمهما الحكومة في مجال السياسة المالية المرنة للتأثير
في النشاط االقتصادي هما:
التغيير في معدل األنفاق ،يعكس التغيير في مقادير النفقات الحكومية المعدلة بعد - 1
استبعاد اثر العوامل الدورية المتحققة ،عندما يكون الناتج عند مستواه الممكن ،وتتوقف
درجة تأثير األنفاق على مدى كفاءة استخدامه ونوع اإلنفاق ،إذ يؤثر األنفاق العام في
مجمل المتغيرات الكلية ومنها الناتج الممكن من خالل زيادة القدرة اإلنتاجية ،وزيادة الدخل
المكتسب لألفراد ،ومن ثم إلى أنفاق إضافي يحفز على أنتاج جديد ودخل اكبر(اثر
المضاعف) .ويختلف تأثير اإلنفاق في تلك المتغيرات حسب نوعه واتجاهه ،والتوقيت
المناسب لتعديالت السياسة المالية
- 2التغيير في معدل اإليرادات ،وتمثل تغيير مقصود في مقادير اإليرادات الحكومية ،اذ
2
تمارس اإليرادات تأثي اًر في الحد من التضخم ،ال سيما ان المعدالت الضريبة المرتفعة تكبح
اإلنفاق ألتبذيري ،فضال عن ان فرض الضرائب التصاعدية على الدخل تسهم في إعادة
توزيعه ،ومن ثم تعظيم الكفاءة االقتصادية وتعزيز مرونة االقتصاد لمواجهة الصدمات.
تتوقف خيارات الحكومة لتوظيف السياسة المالية المرنة وذلك لضمان استجابة االقتصاد
بشكل مناسب للصدمات ،اذ يكمن نجاح السياسة المالية بشكل عام من حيث الوقت المسموح
لرد الفعل بحدوث الموائمة والفاعلية وخفض التكاليف ،والذي يتوقف على كيفية استجابة
االقتصاد وتحديد فيما إذا كانت التغييرات المقصودة في بنود الموازنة مؤازرة باتجاه تحقيق
االستقرار االقتصادي.
ثانيا :وظائف السياسة المالية .
تضطلع السياسة المالية بثالث وظائف أساسية هي:التخصيص ،التوزيع ،وتحقيق االستقرار
االقتصادي .
ترتبط وظيفة التخصيص) )The Allocation Functionبدور السياسة المالية في تعظيم
الكفاية اإلنتاجية ،السيما عند فشل السوق في تحقيق الكفاءة االقتصادية المثلى لتخصيص
الموارد التي تظهر من خالل المبالغة واإلسراف في أنتاج السلع الكمالية سعيا وراء الربح ،أو
تراجع إنتاج السلع الضرورية ،فالسياسة المالية لها اذرع فاعلة في تخصيص اإلنفاق العام
ومجاالته ،والذي تترجم فوائده إلى انجازات اقتصادية واجتماعية ،وعندما تكون المنافع الحدية
االجتماعية اكبر من التكاليف الحدية االجتماعية ،فهناك مكاسب إضافية من تخصيص المزيد
من األموال ،إلى إن تصل للحد الذي يتساوى فيه المنافع الحدية االجتماعية مع التكاليف الحدية
االجتماعية ،والتي يكون عندها التخصيص فعال ،وبعدها إذا تم تخصيص المزيد من األموال
فان التكاليف الحدية ستتجاوز المنافع الحدية ،ومن ثم يحصل اإلسراف في التخصيص المالي.
إما وظيفة التوزيع ) )The Distribution Functionفترتبط بالسعي نحو توظيف أدوات
السياسة المالية لبلوغ العدالة في توزيع الدخل الوطني كأسبقية أولى في الحد من الفقر
والبطالة .من خالل التأثير في مستوى األنفاق الحكومي ،بغية زيادة الدخول القابلة لألنفاق،
والعكس فان فائض الموازنة يمكن أن يقلل من الدخول القابلة لألنفاق من خالل فرض ضرائب
تصاعدية على الدخول المرتفعة ،واعادة توزيع الدخل المتاح .إذ ان التفاوت الكبير نسبياً في
توزيع الدخل يمكن االستدالل عليه وفقا لمقياس جيني الذي تتراوح قيمته بين ( الصفر والواحد
الصحيح) ،ففي البلدان ذات التفاوت الكبير في توزيع الدخل يتراوح بين( ،)0.70 – 0.50بينما
في البلدان التي تقترب من المساواة في توزيع الدخل يتراوح بين( )O.35 – O.20من هنا تبرز
3
أسباب اجتماعية واقتصادية متعددة تستلزم تقليل هذا التفاوت ،وذلك بإعادة توزيع الدخل
الوطني.
أما وظيفة االستقرار ) )The Stabilization Functionفترتبط بالعمل على تهيئة بيئة
اقتصادية مستقرة ( خفض معدل التضخم والعجز المالي) لتهيئة مقومات النمو االقتصادي
المستدام وتحقيق التشغيل الكامل للقوى العاملة واالستثمار المرغوب للموارد المتاحة .من خالل
تأثيراتها التوسعية المباشرة وغير المباشر على الطلب والعرض ،فزيادة األنفاق الحكومي
وتخفيض الضرائب أثناء مدة الركود سيعمل على حقن تيار الدخل وتحفيز الطلب ،السيما إذا
كانت هذه الزيادة موجهة نحو الشرائح التي تتميز بارتفاع الميل الحدي لالستهالك ،كما ان
تخفيض معدالت الضرائب تحفز العرض الكلي ما دام هذا التخفيض يدعم الحافز إلى
االستعمال المنتج والكفء للموارد .إما تخفيض اإلنفاق الحكومي وزيادة الضرائب خالل مدة
الرواج فسيعمل على الحد من الضغوط التضخمية ،وهذا األمر سيقود إلى تعظيم متطلبات هدف
االستقرار االقتصادي ليتواءم مع هدف النمو المستدام.
وبهذا تمتلك السياسة المالية دو اًر متعدد األبعاد ،فهي تهدف إلى تعزيز متطلبات االستقرار
ومقومات النمو االقتصادي وضمان العدالة االجتماعية .وتتباين وظائفها من بلد إلى أخر تبعا
للفلسفة االقتصادية واالجتماعية السائدة ،فضال عن درجة التقدم االقتصادي ،ففي البلدان
المتقدمة تهدف للحفاظ على االستقرار االقتصادي ،أما في البلدان النامية يتم توظيفها لكسر
الحلقة المفرغة للتخلف ،والتي وقعت في فخ التوازن المنخفض ،السيما ان عدم اللحاق بركب
البلدان المتقدمة ناجم عن الفجوة المادية المتمثلة بالنقص في رأس المال المادي (آالت ،مصانع،
طرق ،اتصاالت) ،والفجوة المعرفية المتمثلة بالنقص في رأس المال المعرفي ( المعرفة عن
األسواق،التوزيع. )..،
4
ا -تخفيض الضرائب من حيث المعدل أو المجال ،وهذا ما يزيد من متوسط الدخل الفردي القابل
للتصرف مما يشجع على زيادة اإلنفاق الخاص(االستهالكي واالستثماري)ومن ثم يحفز النشاط
االقتصادي بشكل عام .
ب -زيادة اإلنفاق الحكومي ،وهو ما يسهم مباشرة في رفع الطلب الكلي ويضمن مستويات دخل
معينة للعاطلين عن العمل وذوي الدخول المنخفضة .
يستلزم هذا اإلجراء مؤازرة السياسة النقدية ( )Monetary Policyإذ تكمن مهمتها بإبقاء
الناتج المحلي الحقيقي بالقرب من الناتج الممكن ،والتي تقوم على أسلوب توقف ثم تحرك
( )Stop-and-Goبدال من كبح عرض النقد بقوة بعد زيادته مرات عدة ،إذ من خالل زيادة
عرض النقد ينعكس على انخفاض سعر الفائدة ،والذي يحفز االستثمار فاالستهالك بوصفه احد
مكونات الطلب الكلي.
إما فيما يتعلق بالسياسة المالية االنكماشية فإنها تشمل اإلجرائين:
ا -زيادة الضرائب لتقليل الدخل القابل للتصرف ومنه انخفاض الطلب على السلع والخدمات ومن
ثم انخفاض مستوى األسعار.
ب -تخفيض اإلنفاق الحكومي ،وذلك لتقليل الطلب الكلي المباشر،إذ يعد اإلنفاق الحكومي جزء
مهم من هذا الطلب في أسواق السلع والخدمات والموارد .
مؤازرة السياسة النقدية هنا هو تخفيض عرض النقد وبما يتماشى مع السياسة االنكماشية،
لموائمة سعر الفائدة وتعديالته استجابة للتطورات في االقتصاد الحقيقي ،سواء كانت معدالت
البطالة تلوح بالتزايد من خالل التيسير النقدي ،وسيحصل االقتصاد على حافز مناهض للركود،
أم لكبح جماح ارتفاع األسعار من خالل تخفيض عرض النقد ،مما يمارس نوعاً من االنضباط
يكبح أسعار الفائدة المرتفعة .فمع بداية العقد التاسع من القرن المنصرم وبعد مدة قصيرة من
إعادة توحيد المانيا ،تطلب الجزء الشرقي نفقات عالية نسبياً ،وبأكثر من أمكانية زيادة الضرائب
الصافية لتغطيها فتم التمويل بالعجز في الموازنة العامة ،غير إن السياسة النقدية التي عملت
على استقرار المستوى العام لألسعار فرضت أسعار فائدة عالية نسبياً مما أسهم في تقليص
الطلب اإلجمالي .اما في المملكة المتحدة فقد اختلفت هذه الصورة ،إذ تبنت الحكومة سياسات
توافقية في ثمانينيات القرن الماضي بموجبها دعمت السياسة النقدية االنكماشية الهادفة إلى
تقليص الطلب اإلجمالي بسياسة مالية انكماشية تكفل منع العجز في الموازنة العامة ،وقد أسفر
5
عن هاتين السياستين زيادة في البطالة بحوالي الضعف من ( )3 -5.1ماليين شخص ،وبعد
ازدياد البطالة وظهور فوائض العرض اتخذت الحكومة سياسات توسعية(نقدية ومالية) آنية ،وهو
ما ينبغي الموائمة بين أدوات السياستين وبالقدر الذي يسمح في بلوغ االستقرار االقتصادي،
السيما إن فاعلية السياستين المالية والنقدية تتوقف على انحدار كل من منحنيات( )ISو(،)LM
والتي تتوقف على اثر كل متغير للسياسة المعنية .ومن ثم يعد تنسيق السياستين المالية والنقدية
ضروري بهدف استقرار الطلب اإلجمالي ليكون قريبا من مستوى الناتج الممكن.
6
ت -فجوة االستجابة( : )Response Lagهي المدة بين التغير الفعلي في السياسة وبين بدء
سريان تأثير التغير على االقتصاد تأثي اًر فعليا.
مع وجود هذه الفجوات الزمنية قد يظهر اثر السياسة الجديدة على االقتصاد في وقت لم
تعد هذه السياسة ضرورية أو مالئمة بسبب تغير الوضع االقتصادي ،وطبيعة المشكلة التي
كانت قائمة ،ومن ثم فأنها تؤدي إلى عدم استقرار االقتصاد بدالً من إن تسهم في استق ارره .لذلك
وفي ضوء الفجوات الزمنية الطويلة ،ال يكفي التعرف على واقع االقتصاد الحالي فحسب ،بل
ينبغي االستشراف المستقبلي التجاهات االقتصاد ،واذا كانت التنبؤات دقيقة ستكون ناجعة في
صياغة سياسات اقتصادية محققة لالستقرار ،ومن ثم ال تعد مشكلة الفجوات الزمنية خطيرة.
7
المحور الثاني /متطلبات السياسة المالية
انبثقت في سياق صنع السياسات االقتصادية أهدفاً متزايدة األهمية ،والتي تتجلى بالقواعد
عد
لتكون دليل يمكن إن تسترشد بها السياسة المالية في دعم وتحقيق االنضباط المالي ،الذي َ
الشرط الضروري لتحقيق سياسة مالية ذات طابع متوازن ومتكافئ .
اوال -مفهوم االنضباط المالي .
يعد تصميم األطر الفنية للسياسة المالية استناداً إلى الخيارات االقتصادية واالجتماعية غاية
في األهمية من اجل تصميم برامج مالئمة تحد من االنتكاسات االقتصادية واالجتماعية وتكبح
جماحها وتأثيراتها على الناتج والتشغيل واالستقرار ،ومن ثم يقوي من مصداقية السياسة المالية،
لبلوغ أهدافها في تحقيق االستقرار وتحسين مناخ التنمية ،وهو ما يعني إن قدرة وكفاءة السلطات
المالية مرهون باالنضباط المالي بوصفه مقياساً لها .إذ يعبر االنضباط المالي عن " قدرة
الحكومة في المحافظة على تنفيذ العمليات المالية بشكل سلس ويضمن السالمة والرخاء المالي
على المدى الطويل" .وهو منظور متعدد يمتد إلى سنوات بشأن وضع الموازنة وآليات الحفاظ
على الوضع المالي واالستقرار على مدى دورة اإلعمال التجارية .بوصفه مقياساً لقدرة السياسة
المالية على كبح اإلفراط في اإلنفاق ومن ثم العجز ،وهو ما يتعين على الحكومة إن تغطي
نفقاتها الحالية من اإليرادات الحالية ،أو إن ال يتجاوز العجز المالي نسبة معينة من الناتج
المحلي اإلجمالي ،بحيث يكون تقدير اإلنفاق العام في ضوء اإلمكانات المالية المتاحة وليس
حسب الحاجات المالية التي تتقدم بها الوحدات والهيئات اإلدارية المختلفة ،األمر الذي يستلزم
ايالء المزيد من االهتمام لالحتياجات الحالية والمستقبلية وتصحيح الميل الخاطئ للحفاظ على
االنضباط المالي السليم ،ومن ثم يعد كجزء من عملية مراقبة الموازنة وضمان تنفيذها واعتمادها
في الوقت المناسب لتوجيه العمليات المالية الحكومية ،اذ إن الممارسات السليمة للموازنة ينبغي
إن تؤطر بآليات تحد من حاالت االنكماش االقتصادي والصدمات غير المتوقعة ،لتشكل ضوابط
مؤسسية تضع حدود للق اررات المالية الحكومية ،ومن ثم يعكس فاعلية التخصيص وكفاءة األداء،
والترتيبات الرامية إلى انتهاج سياسة مالية تستجيب لمتطلبات االقتصاد.
ثانيا -أهمية االنضباط المالي:
تكمن أهمية االنضباط المالي إلى حد بعيد في تعزيز النمو على المدى الطويل ،إذ إن
كبح العجز وتحقيق فائض في الموازنة يعد شكال من إشكال االدخار ،وبارتفاعه تزيد األصول
8
المملوكة وارتفاع الدخل القومي في المستقبل ،وهو ما تجسد في حالة االقتصاد التركي فبعد إن
كان يرزخ تحت وطأة تخلف النظم المالية والتضخم الجامح في تسعينيات القرن الماضي،
استطاع إن يتجاوز األزمة من خالل تنفيذ برنامج اقتصادي يستند على االنضباط المالي طويل
اآلجل جنباً إلى جنب مع سياسة نقدية موجهة نحو االستقرار ،فضال عن ذلك فقد أتاح
بدال من اللجوء لزيادة االنضباط المالي احتواء العجز في بلغاريا لعامي 1155و 1151
الضرائب لتأمين المزيد من األموال ،ومن ثم الحفاظ على البيئة المالية المستقرة مقارنة بعدم
اليقين المتزايد ،إذ يفضي االنضباط المالي إلى تهيئة األسس الالزمة لخلق بيئة اقتصادية
مستقرة وقابلة للتنبؤ ،إال أن تمادي الحكومات بإنفاق المزيد وباستمرار أكثر من استدامة التمويل،
ومن ثم العجز واللجوء إلى االقتراض ،ينعكس بتكاليف كبيرة على االقتصاد تفوق قدرته على
إنتاج الفائض المطلوب وبما يكفي لمواجهة تزايد وتيرة الديون وخدمتها ،ومن ثم تبرز الحاجة إلى
االنضباط المالي لكبح التحيز في سلوك السياسة المالية التي تترك تكاليف على االقتصاد ،إذ
ينقسم التحيز إلى ثالث فئات :
-5سياسة مالية متذبذبة إذ إن سوء توظيف السياسة المالية يولد تقلبات في النشاط االقتصادي،
السيما على الناتج واالستهالك واالستثمار ،فضال عن تأثيراتها غير العادية على تقلبات دورة
اإلعمال ،وبما ينعكس بانخفاض معدالت النمو على المدى الطويل.
-1السياسة المالية الدورية ،تشير األدلة التجريبية إلى إن السياسة المالية المسايرة للدورة
االقتصادية ،تنعكس سلباً على األداء االقتصادي حيث يزداد اإلنفاق في أوقات الرخاء اكبر من
زيادة الضرائب .األمر الذي حدا ببلدان االتحاد األوربي في اآلونة األخيرة عند تحليلها لخطط
الموازنة للبلدان األعضاء ،التأكيد على أهمية تجنب السياسة المالية التلقائية ،كونها تحد من
فاعلية المثبتات التلقائية ،وتترك موقف مالي ال يتوافق مع حالة االقتصاد ،ومن ثم تضاعف من
حدة التقلبات االقتصادية.
-3العجز المفرط ،والناجم عن حقيقة إن الحكومات ال تستوعب بالكامل تكلفة الديون ،مما
يستلزم تعديل كبير في السياسة المالية للعودة إلى مسار مستدام ،وهو ما يترك آثا اًر سلبية على
االقتصاد تتجسد بتكاليف إضافية على اإلنتاج بسبب عدم اليقين الذي يثبط الحافز على
االستثمارات الجديدة ،ومن ثم تقييد النمو طويل األجل.
9
ثالثا -االنضباط المالي واالستدامة المالية.
تعد االستدامة المالية من العناصر المهمة في االستقرار وهي متعلقة أساسا بالعجز
وتمويله ونسبته إلى الدخل القومي ،وآثاره في الطلب الكلي والتضخم .إذ يمثل العجز المالي
أمالءات األمر الواقع والتي من الصعب مقاومتها ،السيما من جهة اإلنفاق حيث ال يمكن النزول
دون حد أدنى تفرضه الضغوط االجتماعية والسياسية ،إما اإليرادات فيتعذر زيادتها فوق حد
أعلى في مدة قصيرة من الزمن .تمثل االستدامة المالية المقدار األقصى من رصيد الدين
الحكومي المسموح به ضمن شروط التوازن في مدة زمنية تتجاوز الموازنات السنوية .تبرر
سياسة الدين الحكومي بأهمية وضرورة سد العجز الذي نشأ إما بسبب الخفض الضريبي لتحفيز
االقتصاد ،أو لمواجهة نفقات أضافية البد منها ،وفي كل األحوال تكون عناصر الفضاء المالي
حاضرة وأهمها عجز الموازنة واتجاه حركته وآفاق الترصين المالي لتحقيق الفائض األساس،
والتحسب للنفقات الطارئة والنمو االقتصادي ومعدالت التضخم وأسعار الفائدة ،إلى جانب هذه
المتغيرات ،يؤخذ ثقل الدين مقاساً بنسبته إلى متوسط إيرادات الموازنة والناتج المحلي اإلجمالي.
ومع ارتفاع هذه النسب يرتفع الضغط على الموازنة لخدمة نفقات المديونية ،ويزداد خطر
االستدامة عند ارتفاع سعر الفائدة أو هامش المخاطر المضاف على سعر الفائدة المرجعي (وهو
العائد على الدين الحكومي األلماني في حالة أوربا) ،إي تنشأ حلقة تغذية سلبية بين سعر الفائدة
وثقل المديونية .ومع تزايد العجز ورصيد الدين يزداد خطر الفشل االئتماني السيادي ،ما يدفع
المستثمرين طلب عالوة إضافية لتعويض الخسارة الناجمة عن احتماالت عدم السداد ،وان العجز
الحالي له تأثير على أسعار الفائدة طويلة األجل على السندات الحكومية ،ومن ثم تصبح العالقة
بين إنفاق الحكومة وايراداتها ،العجز والفائض ،أداة لسياسة اقتصادية من اجل السيطرة على
التضخم وكبح البطالة وتحفيز النمو ،أكثر منها لتمويل نشاطات الحكومة في األمن والخدمات
وما إليها ،السيما هناك فرق بين تمويل حجم من اإلنفاق الحكومي ضروري إلدامة النشاط
االقتصادي والحيلولة دون اتساع البطالة ،وبين تمويل آخر بالتوسع النقدي يتجاوز كثي اًر سقف
الطاقة اإلنتاجية الكلية ويقترن بتضخم جامح بسبب ذلك التوسع .وقد تخسر فجأة موارد العملة
األجنبية(كما حصل في العراق زمن الحصار االقتصادي في نهاية القرن المنصرم) فينخفض
سعر صرف العملة الوطنية في السوق ،ونتيجة لذلك يرتفع المستوى العام لألسعار ،وتزداد
التكاليف النقدية للخدمات العامة ،مما يستدعي زيادة اإلنفاق الحكومي لمسايرة ارتفاع التكاليف،
11
لكن اإليرادات الحكومية ال تستجيب وتتسع فجوة التمويل ،فتلجأ الحكومات للبنوك المركزية .ومع
هذا النمط من التمويل واإلنفاق باإلصدار النقدي والتضخم يبقى االقتصاد الوطني دون المستوى
االعتيادي لألداء ،مما يعني إن التضخم ناجم ليس بسبب تجاوز الناتج الفعلي للناتج الكامن ،أو
انخفاض نسبة البطالة دون المعدل الطبيعي لها ،بل تولد أساسا من سوق الصرف.
تواجه الحكومات الحاجة لتخفيض العجز المالي الهيكلي ،وفي نفس الوقت تمس الحاجة
بأهمية التوسع في اإلنفاق ،نظ اًر لآلثار البالغة على الطلب الكلي والناجم عن خفضه ،وعندما
ترتفع المطلوبات على الحكومة وتنخفض إيرادات الضرائب ،يكون تمويل العجز من الداخل
والخارج عالي التكاليف ،أو غير متاح تلجأ الحكومات إلى البنوك المركزية ،إذ أقدمت بنوك
مركزية على شراء سندات دين حكومي فضال عن الحواالت ،وتوسعت في ذلك لتخفيف عبء
اإلنقاذ المالي على الحكومات ،فقد قام االحتياطي الفيدرالي األمريكي بعملية شراء واسعة لألوراق
المالية ليضيف أكثر من تريليون دوالر إلى ميزانيته ،ومن ثم فان البنوك المركزية عند تعاملها
مع أدوات الدين الحكومي بيعاً وشراء ،ليس بهدف تسهيل تمويل الموازنة العامة ،أو تنقيد الدين
فحسب ،بل هذه من جملة ما تهتم به فعال ،وهو ما كشفت عنه أزمة الديون اليونانية من تفاعل
بين الحكومة والبنك المركزي ،وان ضعف إي منهما يؤدي إلى حلقة مفرغة من عدم اليقين
السيما ان كلفة اإلخفاق السيادي ترتبط بعالقة عكسية مع النمو واضطراب االقتصاد.
االقتصادي ،تتجلى تأثيراتها السلبية بنسبة تتراوح بين( ) 2 – 0.5%وبمتوسط انخفاض ال يقل
عن( .)1.2%فضال عن السياسات المالية غير المستدامة يمكن إن تعرض الجدارة االئتمانية
الدولية للبلد إلى الخطر(زيادة تكلفة االقتراض في المستقبل) .وهو ما ينبغي التقييد بحدود
التمويل المتاح ،وبما يسمح بالحفاظ على االنضباط المالي السليم.
11
المالية ،وتمتاز بالبساطة وسهولة رصدها وتشغيلها ونقلها للمستفيدين ،وتخدم أهداف متعددة،
يأتي في مقدمتها تعزيز االستدامة المالية.
لكبح العجز والقدرة على اإليفاء بالتزاماتها المستقبلية ،وضمان المصداقية والمسؤولية المالية
الذي يمهد إلى توظيف فعال لألموال العامة وتجنب اإلفراط في اإلنفاق العام ،السيما أنها
تنطوي على خصائص أساسية هي :
-5أنها تمثل قيد يربط ق اررات السياسة المالية بالمتغيرات االقتصادية الكلية.
-1هي بمثابة مؤشر ملموس لتوجيه السياسة المالية نحو تحقيق أهدافها بشكل أدق.
يمكن لهذه القواعد إن تساعد الحكومات في تحقيق هدف االنضباط المالي ،وبما يكفل وضع
السياسة المالية على مسار مستدام طويل اآلجل .إذ تلجأ الحكومة إلى اعتماد القواعد المالية
بغية تحقيق جملة أهداف من أهمها األتي :
-5احتواء أو القضاء على التحيز للعجز في إدارة السياسة المالية ،وكبح اإلفراط في اإلنفاق،
السيما في أوقات الرخاء ،إي ضبط النفقات العامة بما ينسجم مع اإليرادات العامة وعدم اإلفراط
باإلنفاق والذي يؤدي بدوره إلى العجز وتراكمه (الدين العام) ،لضمان المسؤولية المالية والقدرة
على تحمل أعباء الديون.
- 1استيعاب التكاليف اإلقليمية ووضع إطار للتنسيق ألفضل مزيج للسياسة النقدية –المالية،
للتخفيف من هذه اآلثار .والتي تشتمل على القواعد المالية وأطر الموازنة على المدى المتوسط
لدعم سياسات مالية تنتهج تدابير أكثر تحوطاً وأكثر توازناً ،والتحسب للصدمات االقتصادية.
-3ضمان تحقيق االستقرار االقتصادي من خالل أقامة توازن أفضل بين االستدامة المالية
والمرونة المالية وهو األصل في القواعد المالية ،كما هو الحال في اليابان بعد الحرب العالمية
الثانية.
-4احتواء دور الحكومة ودعم المساواة بين األجيال .إي عدم تحميل أجيال المستقبل عبء
نفقات حالية ،والذي يؤدي إلى تراكم الدين لتحقيق منافع حالية ،ويتحمله جيل المستقبل.
يكمن التحدي الذي يشوب القواعد المالية االفتقار إلى المرونة ،السيما عند مواجهة صدمات
كبيرة مثل األزمة المالية العالمية (ضعف التكيف مع الصدمات) ،واذا ما ألغيت هذه القواعد أو
تم تجميدها خالل الصدمات ،فإنها تفقد مصداقيتها ،فضال عن ذلك قد تؤدي القواعد إلى التركيز
على اإلنفاق الكلي بدال من عناصر اإلنفاق (تشتيت االنتباه من أولويات اإلنفاق) ،إذ تقع أضرار
12
التخفيض على برامج االستثمار ،وتخصيصات مكافحة الفقر ودعم مستوى المعيشة للعوائل
واطئة الدخل.
خامسا -أنواع القواعد المالية-:
تنقسم القواعد المالية إلى :
.5قاعدة عجز الموازنة (:) deficit – budget rule
تستهدف خفض عجز الموازنة العامة إلى مستوى معين ،وذلك من خالل ترشيد اإلنفاق
العام ورفع كفاءته .وتبعاً التفاقية " ماستريخت " لالتحاد األوربي التي تضع الحد األقصى لعجز
الموازنة العامة المسموح به للدول األعضاء في االتحاد األوربي بحيث ال يتجاوز نسبة ()%3
من الناتج المحلي اإلجمالي ،ويمثل هذا الهدف األساس في تنظيم عجز الموازنة العامة لضمان
تحقيق االستدامة المالية( .)Fiscal Sustainabilityوالدافع وراء ذلك إن زيادة العجز يلغي
تأثير اإلنفاق العام أو التخفيض الضريبي على الطلب الكلي ،السيما انه يتطلب أموال وفيرة
لتغطيته ،ومن ثم مزاحمة القطاع الخاص مما يحد من فاعلية السياسة المالية لتحقيق االستقرار،
ومن جانب أخر فأن تخفيض العجز نسبة إلى الناتج المحلي اإلجمالي يؤدي إلى زيادة نمو
متوسط نصيب الفرد من الناتج بحدود()%0.5- 0.25
-2قاعدة الدين (.)Debt rule
تهدف إلى تحديد حداً آمناً إلجمالي الدين العام لما يمكن إن يتحمله المجتمع دون حدوث
آثار سلبية على االستقرار والنمو االقتصادي ،إذ يرى خبراء صندوق النقد الدولي إن نسبة الدين
العام /الناتج المحلي ينبغي أن ال يتجاوز( ،)%01إال إن هذه النسبة ال يمكن االعتماد عليها في
تحديد نسبة مثالية للدين العام ،السيما إن هذه النسبة تختلف من بلد آلخر تبعاً الختالف العديد
من العوامل والمتغيرات ،ومن ثم فحجم الدين يتحدد بعاملين هما :حجم الدخل القومي عند
مستوى قريب من التشغيل الكامل للموارد ،وطبيعة النظام الضريبي وأثره على الكفاءة الحدية
لرأس المال والميل لالستهالك.
-3قاعدة اإلنفاق(.)Expenditure rule
تضع حداً لإلنفاق الكلي أو اإلنفاق الجاري من حيث القيمة المطلقة أو معدالت النمو او
كنسبة مئوية من الناتج المحلي اإلجمالي ،مع مدة زمنية تتراوح غالبا ما بين ( )1 -3سنوات،
والتي يمكن إن توظيفها على النحو المالئم كأداة تشغيلية مطلوبة للتأثير على تضييق فجوة
13
اتساع الدين ،السيما عندما تكون متزامنة مع قاعدة الدين أو قاعدة توازن الموازنة ،فانها توفر
أداة تنفيذية لتحقيق االنضباط المالي الذي يتسق مع القدرة على تحمل الديون.
-4قاعدة اإليرادات(.(Revenue rule
تحدد القيود العليا والدنيا لإليرادات المتوقعة بغية الحد من األعباء الضريبية المفرطة ،وتحسين
تحصيل اإليرادات الفعلية كنسبة إلى الناتج المحلي اإلجمالي،إذ إن طابعها الدوري يتبع الدورة
االقتصادية رواجاً وانكماشاً ،قد يكون من الصعب فرض قيود لتنميتها.
-5القاعدة الذهبية(:(Golden rule
السممماح بمماالقتراض خممالل الممدورة االقتصممادية محممدد إلغ مراض تمويممل االسممتثمار العممام فقممط،
والذي من شأنه تعزيز البنية التحتية واستحثاث النمو االقتصادي ،فضال عن ذلمك فمان االسمتثمار
الخاص ال يتوقف على مقدار ونوعية العمل ورأس المال الموظفة فحسمب ،بمل يعتممد علمى نوعيمة
البيئمة التمي يعممل فيهما وممدى تموفر الخمدمات األساسمية( نقمل واتصماالت وغيرهما) وممن ثمم تحسمين
اإلنتاجية الكلية.
تج ممدر اإلش ممارة إل ممى إن البل ممدان الغني ممة ب ممالموارد الطبيعي ممة الناض ممبة تواج ممه مجموع ممة تح ممديات
والمرتبط ممة بطابعه مما الفري ممد( الم ممرض الهولن ممدي ،السياس ممة المالي ممة القص مميرة اآلج ممل ،إخف مماق النم ممو
االقتصممادي علممى المممدى الطويممل ،محدوديممة الوص ممول إلممى أس مواق رأس المممال الدولي مة) .ذل ممك إن
إي مرادات الم موارد الطبيعيممة الناضممبة فممي حممد ذاتهمما ال تضمممن إدارة سممليمة لالقتصمماد الكلممي ،اذ إن
الموازنة العامة تشهد نسباً مرتفعة إلى الناتج المحلي سواء فمي الفموائض أم العجمز ،وممن ثمم زيمادة
أيراد المورد الطبيعمي ترفمع منحنمى اإلنفماق الحكمومي إلمى األعلمى سمواء بداللمة المزمن ،أو بالعالقمة
مممع النمماتج المحلممي اإلجمممالي ،وعنممدما يممنخفض اإليمراد يتعممذر أنمزال المنحنممى إلممى األسممفل ،ومممن
جانب أخر فان اإلي اردات المتأتيمة همي متقلبمة تبعما لعواممل السموق الدوليمة ،والتمي تجمد طريقهما فمي
تقلبممات إجمممالي اإلنفمماق فممي هممذه البلممدان بممأكثر مممن ( )60%مقارنممة بالبلممدان التممي تفتقممر للمموارد ،
مم مما تف ممرض عل ممى الحكوم ممات انته مماج سياس ممة مالي ممة مس ممايرة لل ممدورة االقتص ممادية تمي ممل إل ممى زي ممادة
اإلنفمماق عنمدما ترتفممع اإليمرادات علممى مشمماريع ضممعيفة التصممميم والتنفيممذ بتكمماليف مرتفعمة ،واذا ممما
تعسممرت اإلي مرادات فممان الحكومممة تعجممز عممن تنفيممذ البنيممة التحتيممة الجديممدة ،فضممال عممن عممدم القممدرة
على دفع مستحقات العاملين فيها ،وهو ما ينعكس تأثيره على القطاع الخاص بمنفس الدرجمة التمي
يستثمر فيها عندما يتلقى عقوداً حكومية ،إذ تتوقف نشاطاته عند توقف اإلنفاق الحكومي.
14
وبغي ممة االهت ممداء القاع ممدة المالي ممة المناس ممبة الت ممي تص مملح للتطبي ممق ف ممي البل ممدان الغني ممة ب ممالموارد
الطبيعيممة ،فقممد دعمما صممندوق النق مد الممدولي إلممى تبنممي سمميناريو مسممتوحى مممن فرضممية الممدخل الممدائم
لفريمدمان ( ،)Permanent Income hypothesisتجعمل اإلنفماق الحكممومي منتظمما يوصممف
بخممط اتجمماه عممام يتوسممط تقلبممات اإلي مرادات المحتملممة والمترتبممة علممى تغي مرات األسممعار ،وذلممك مممن
خممالل إنشمماء صممناديق تممودع فيهمما الموجممودات الماليممة فممي السممنوات التممي تتسممم بالعوائممد التصممديرية
العالية بغية استخدامها في سنوات الحقمة غيمر مواتيمة تختمل فيهما شمروط التبمادل التجماري المدولي.
إذ بلغ عدد الصناديق بحدود ( )44صندوق في عام ، 1112تغطمي ألكثمر ( )34بلمد ،فمالبعض
سنت قواعد تحد من اإلنفاق كنسبة إلى الناتج المحلي بما ال يتجماوز(()40%مثمل بوتسموانا) .فمي
حممين قيممدت كممل مممن اسممتراليا وبيممرو نسممبة الممدين العممام إلممى النمماتج المحلممي .والممبعض األخممر مممن
البلممدان اعتمممدت قاعممدة سممقف اإلي مرادات المفروضممة التممي تممدخل فممي الموازنممة إذ شممرعت كممل مممن
المكسمميك ونيجيريمما وتيمممور الشمرقية قانونمما ملزمماً لإليمرادات .وفممي غانمما تممم تخصمميص ( )70%مممن
متوسط إيرادات النفط ولمدة سبع سنوات للموازنة ،والمبلغ المتبقي يتم إيداع ( )30%في صمندوق
األجيم ممال المقبلم ممة ،و( (%70تم ممودع فم ممي صم ممندوق االسم ممتقرار لتخفيم ممف العجم ممز غيم ممر المتوقم ممع فم ممي
اإليرادات .
إن تصميم قواعد مالية تعكس متطلبات وحاجة االقتصاد وظروفه الداخلية ،وممهدة لتحسمين
األداء الحكمومي وتحفممز االسمتثمار الخمماص ،تجعممل الحكوممة أكثممر مسمماءلة لاللتمزام بالقواعممد ،فهممي
بمثابممة عتبممات يهتممدى به مما ،ومرسمماة لمصممداقية التع ممديل المممالي الممالزم ،وم ممن ثممم تكممون ض ممرورية
لترسيخ التوقعات الطويلة اآلجل بشأن المالءة المالية .والتي ينبغي إن تتضممن خصمائص محمددة
جيمدا ،وتمتمماز بالبسمماطة وسممهولة رصمدها وبممما تخممدم أهممداف مختلفمة يممأتي فممي المقممام األول تعزيممز
االنضباط المالي.
15
المحور الثالث :المسار المالي في العراق للمدة()2112-2113
ابتداء
ً تقتضي االجرآءات التي تعتمدها الحكومة للتأثير في األداء االقتصادي الكلي،
معرفة مسار السياسة المالية ونطاق تأثيراتها عبر أداتها الرئيسة المتمثلة بالموازنة العامة في
التصدي للتقلبات االقتصادية الدورية التي يتعرض أليها اقتصاد البالد وكيفية المحافظة على
مستويات االستقرار ،من خالل تقييم بعض أوجه أدارة الطلب الكلي والقدرة على تعجيل النمو في
الناتج المحلي اإلجمالي.
استمدت السياسة المالية المطبقة في العراق خالل المدة ( )1152-1153ومن خالل الموازنة
العامة أهدافها من سياسات الحكومة التي استلهمتها من خطط التنمية الوطنية ،اذ وضعت
محاور أساسيه لبرنامجها الذي أعلنته ،غير ان التحديات التي واجهها اقتصاد العراق ،فرضت
ترتيب أول وياتها وبما ينسجم مع ظروف المرحلة والتي يأتي في مقدمتها تحرير العراق من هيمنة
الجماعات اإلرهابية ،مما ادى الى تحويل جزء كبير من الموارد لدعم العمليات العسكرية وعلى
حساب األهداف التنموية .ومع ذلك فقد أشرت المرحلة تحققاً نسبياً ألهداف السياسة المالية
المتعلقة بضبط النفقات وترشيدها ،فضالً عن زيادة اإليرادات غير النفطية في ظل التحوط
للظروف والمستجدات التي تفرضها المتغيرات على الساحة الدولية .وبذلك يؤشر للسياسة المالية
قدرتها المرحلية المرنة في تجاوز األزمة بأقل الخسائر وضمان توفير المال من مصادر مختلفة
سواء كانت داخلية أم خارجية لتغطية النفقات الحرجة ،ونجاحها في تحقيق رؤيتها لتغيير
استجابتها من متطلبات التنمية ضمن الخطة الوطنية إلى استجابة لمتطلبات األزمة .يمكن تتبع
مسار السياسة المالية المطبقة في العراق للمدة ( )1152-1153من خالل اآلتي -:
يعتمد االقتصاد العراقي على النفط بشكل كبير جداً والذي يعد من الصناعات كثيفة رأس
المال ،ومن ثم فان زيادة االعتماد علية ينعكس بمزيد من التحديات التي تواجه االقتصاد الكلي
وتزداد حدة هذه المشاكل عندما توظف إيراداته بشكل يعيق أو يكبح التنوع االقتصادي .وبغية
تتبع هيكل الموازنة العامة بشقيها اإليرادات والنفقات يمكن توضيحها من خالل اآلتي -:
16
- 1اإليرادات العامة :
تعد العوائد المالية التي تحصل عليها الحكومة أو إحدى هيئاتها ،ذات أهمية في إستراتيجية
السياسة المالية ،والتي تخصص لتمويل األنفاق الحكومي العام .إذ يتكون هيكل اإليرادات الجارية
في العراق من اإليرادات النفطية ،واإليرادات الضريبية ،واإليرادات األخرى ( والتي تتضمن إيجار
ممتلكات تابعة للحكومة من الدور واألراضي ،وايرادات خدمات الحكومة المركزية للغير وغيرها ).
أثرت التحديات السياسية واالقتصادية واألمنية التي واجهها العراق خالل المدة( )1152 – 1153اذ
كان لتراجع اسعار النفط في األسواق العالمية تداعيات كبيرة على الموازنة العامة والتي انعكست
على مجمل األداء االقتصادي بانخفاض حجم اإليرادات ومن بيانات الجدول ( )5للمدة (-2013
وبنسبة اسهام الى الناتج المحلي االجمالي بلغ ( )%45.0ويعزى ذلك إلى ارتفاع مساهمة اإليرادات
النفطية في مكونات اإليراد العام بسبب تحسن أسعار النفط في السوق الدولية ،مما سهل من
إمكانية الحصول على إيرادات كافية لتغطية النفقات المتزايدة ،والتي عوضت النقص في نسبة
إسهام الضرائب واإليرادات األخرى ،االمر الذي انسحب على ضعف مساهمتها في اإليرادات
العامة.
وفي عام 1154انخفضت االيرادات العامة لتصل الى ( )511340.0مليار دينار وبنسبة
( ) % 32.0الى الناتج المحلي االجمالي ثم استمرت باالنخفاض لتصل في عامي 1151
و 1150الى ( ) 00421.3و ( ) 14412.3مليار دينار على التوالي لتسجل مانسبته
( )%34.5و ( )%12.0الى الناتج المحلي االجمالي وذلك بسبب انخفاض اإليرادات
النفطية،هذا التراجع في اسعار النفط ومن ثم إيراداته ترتب عليه تحديات كبيره واجهها اقتصاد
العراق والمتمثلة بشحه مصدر التمويل األساس إلى جانب التحديات األخرى المتمثلة باالرتفاع
تكاليف الحرب على اإلرهاب وزيادة نفقات إيواء ودعم النازحين في المخيمات مما ولد ضغوطا
إضافية على الموارد المالية ،وانخفاض نسبتها الى الناتج المحلي االجمالي بسبب تفاقم الضعف
17
واالختالالت الهيكلية وكلفة التعامل مع االزمة ،األمر الذي دفع السلطة المالية لمواجهتها من
خالل مجموعة من اإلجراءات التصحيحية ذات الصلة المعززة للموازنة لضبط األوضاع المالية
والحصول على التمويل المناسب من مصادر متنوعة مثل(رفع اسعار تذاكر السفر ،وكارتات
شحن الموبايل )...،تتسم بالديمومة وترفد الموازنة العامة.
وفي عام 1152بلغت االيرادات العامة ( )22331.2مليار دينار وبنسبة ( )%34.3من
الناتج المحلي االجمالي ،وهذه الزيادة ناجمة عن تحسن اسعار النفط في االسواق العالمية .وكما
موضح في الجدول ( )5والشكلين ( )5و (.)1
جدول ()1
إجمالي اإليرادات العامة ونسبتها الى الناتج المحلي اإلجمالي (باألسعار الجارية)
خالل المدة ()2112-2113
(مليار دينار)
نسبة اإليرادات الى الناتج الناتج المحلي اإلجمالي إجمالي اإليرادات العامة المؤشرات
المحلي اإلجمالي ()% (باألسعار الجارية) ()2
()1
()3=1/2 السنة
18
شكل ()1
اإليرادات العامة للموازنة خالل المدة ()2112-2113
شكل ()1
نسبة االيرادات الى الناتج المحلي للمدة ()1152 - 1153
19
هذه االيرادات المتحققة يجسدها هيكل االوعية المولدة لها ،فمن خالل تتبع مسار هيكل
االيرادات العامة والتي يوضحها الجدول ( )1يتضح بان إجراءات السلطة المالية تجسدت برفع
الضرائب سواء كانت على الدخول والثروات ام على السلع ،فبالنسبة الى الضرائب المفروضة
على الدخول والثروات فقد ارتفعت من ( )5321.1مليار دينار عام 1154لتصل إلى
( )5054.2مليار دينار عام 1151والى ( )3112.1مليار دينار عام ، 1150والى
( )4133.4مليار دينار عام .1152اما الضرائب السلعية ورسوم االنتاج فقد ازدادت من
( )442.1مليار دينار وبنسبة مساهمة في االيرادات العامة بلغت ( )%1.1لتصل الى
( )5204.1مليار دينار وبنسبة مساهمة في االيرادات العامة بلغت ( )%1.3وذلك في عام
، 1152ويعزى ذلك الى فرض ضرائب على رواتب الموظفين وبنسبة ( )%3.4من الراتب
االسمي لدعم القوات االمنية والجهد العسكري في مواجهة قوى االرهاب ،الى جانب رفع
اسعار تذاكر السفر ورسوم السياحة ،ورفع اسعار كارتات الشحن للموبايل واالنترنت وبنسبة
( )%11عما كانت عليه االسعار قبل هذه المدة .اما حصة الموازنة من إرباح القطاع العام
فقد شهد انخفاضاً من ( )1145.3مليار دينار عام 1154وبنسبة مساهمة ( )%1.4لتصل
إلى ( )5141.3مليار دينار وبنسبة اسهام في االيرادات العامة بلغت ( )%5.0عام ،1151
والى ( )041.4مليار دينار وبنسبة مساهمة في االيرادات ( )%5.3عام ،1150ثم استمر
االنخفاض ليصل الى( )211.4مليار دينار وبنسبة أسهام ( )%1.2عام ،1152ويعزى ذلك
إلى توقف اغلب المشاريع واالنشطة الحكومية السيما في المناطق التي تعرضت الى االحتالل
واالعباء المالية اإلضافية التي فرضها قرار تحويل رواتب شركات التمويل الذاتي الى التمويل
المركزي .فيما سجلت اإليرادات األخرى ارتفاعا من ( )5450.5مليار ديناروبنسبة اسهام
( )%5.34عام 1154لتصل الى ( )2113مليار دينار وبنسبة( )%54من االيرادات،عام
،1151ثم وصلت الى ( )5402مليار دينار وبنسبة مساهمة في االيرادات بلغت ()%3.4
عام ،1150وفي عام 1152سجلت ( )1152.1مليار دينار وبنسبة ( )%1.2هذا التذبذب
في حصة االيرادات االخرى ناجم عن ظروف عدم االستقرار التي عاشها اقتصاد العراق.
اما اإليرادات التحويلية فقد سجلت ارتفاعاً من ( )5242.2مليار دينار عام 1154وبنسبة
مساهمة في االيرادات ( )%5.00عام ،1154لترتفع الى ( )1513.3و( )3111.1مليار
دينار وذلك في عامي 1151و 1150وبنسبة مساهمة في االيرادات بلغت ()%3.1
و( )%1.0على التوالي .اال انها انخفضت في عام 1152لتصل الى ( )1111.1مليار
21
دينار وبنسبة مساهمة في االيرادات بلغت ( .)%1.4كما سجلت الرسوم المفروضة على
السلع المستوردة والمماثلة للسلع التي يتم انتاجها محليا زيادة طفيفة فبعد ان كانت ()040.1
مليار دينار وبنسبة مساهمة ( )%1.0عام ، 1154وصلت في االعوام الالحقة الى
(( )014و( )002و( )244.1وبنسبة مساهمة في االيرادات بلغت ( )%5و( )%5.1و()51
على التوالي ،وتعزى هذه الزيادات الطفيفة الى تحويل دخول البضائع من المنافذ الحدودية
المتعددة للعراق الى المنافذ الحدودية القليم كردستان بسبب فرض الرسوم الكمركية وتفعليها في
المنافذ الحدودية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المركزية ،في حين بقت الرسوم الكمركية للمنافذ
من االقليم ثابتة ولم تتغير الى جانب ان معظم السلع الغذائية والكهربائية معفاة من الرسوم،
مما شجع ذلك اغلب المستوردين المحلين لتغيير جهة دخول البضائع .والجدول ()1
والشكل( )3يوضحان هيكل اإليرادات العامة في العراق ونسب مساهمتها للمدة المدروسة.
21
جدول ()2
هيكل اإليرادات العامة في العراق للمدة ( )2112-2114ونسب اإلسهام
(مليار دينار)
نسبة نسبة نسبة نسبة السنة
4102 4102 4102 4102
المساهمة % المساهمة % المساهمة % المساهمة % المؤشرات
4270 2212074 4072 2242270 2274 2020472 44700 4212472 اإليرادات النفطية
274 222274 2 244472 472 020472 072 024272 الضرائب على الدخول والثروات
472 022272 074 22472 172 24272 172 24472 الضرائب السلعية ورسوم اإلنتاج
174 21174 072 24474 072 012272 472 422072 حصة الموازنة من إرباح القطاع العام
170 2274 170 2071 170 4270 1712 2274 اإليرادات الرأسمالية
474 441472 272 214172 274 402272 0722 022472 اإليرادات التحويلية
474 440274 272 042271 02 442271 0722 020270 اإليرادات األخرى
المصدر :البنك المركزي العراقي ،دائرة اإلحصاء واألبحاث ،التقرير االقتصادي السنوي للسنوات 2112-2114متفرقة.
22
شكل ()3
مكونات اإليرادات العامة للدولة للمدة()2112 - 214
23
إاليرادات حفزتها على زيادة اإلنفاق ،السيما أطالق المبادرات لتطوير القطاع الزراعي
والصناعي ،فضال عن مبادرات تطوير الكوادر العلمية من خالل فتح قنوات إلكمال الدراسات
العليا في الخارج ،وهو ما انعكس في استمرار زيادة النفقات السيما في شقها الجاري ،لتسجل في
عام )552512.0( 1153مليار دينار وبنسبة ( )43.5%من الناتج المحلي اإلجمالي .وفي
عام 1154وبسبب عدم أقرار الموازنة العامة ،واستمرار التداعيات التي فرضتها التطورات
السياسية واألمنية( واستناداً إلى قانون اإلدارة المالية والدين العام رقم ( )95لسنة 1114الذي
خول وزير المالية صرف ما يعادل ( ) 12 / 1من موازنة العام السابق وبشكل شهري ) ،تم
تقليص اإلنفاق العام وابقاءه دون مستويات اإلنفاق التي تحققت في عام 1153وذلك بما يتوافق
مع اإليرادات النفطية التي اخذت باالنخفاض االمر الذي تطلب ضغط النفقات وتوجيهها لتلبية
متطلبات ادامة العمليات العسكرية ضد التنظيمات االرهابية ،مما انعكس بانخفاضها لتصل الى
( )43110.1مليار دينار وبنسبة ( )%35.4من الناتج المحلي االجمالي باالسعار الجارية.
اما في عام 1151فقد انخفضت النفقات العامة من ()41453.0مليار دينار وبنسبة
( )%30.1من الناتج المحلي االجمالي ،لتصل في عام 1150الى ()02102.4مليار دينار
وبنسبة ( )%34.11من الناتج المحلي االجمالي ،وذلك بسبب انخفاض اإليرادات المتأتية من
مبيعات النفط والناجمة عن انخفاض اسعاره في السوق العالمية والتي تمثل عصب تمويل
الموازنة العامة لالقتصاد العراقي ،مما حدا بالحكومة الى فرض حالة التقشف وضغط النفقات
العامة.
اما في عام 1152فقد شهدت النفقات العامة تحسناً نسبياً اذ بلغت ( )21421.5مليار دينار
وبنسبة ( )%33.4من الناتج ،بسبب زيادة اإليرادات النفطية نتيجة التحسن التدريجي ألسعاره
والذي ساعد في توجيه أكثر للموارد المالية نحو اإلنفاق هذه التغيرات انعكست على نسبة النفقات
العامة الى الناتج المحلي االجمالي وباالسعار الجارية ،وكما موضح في الجدول ( )3والشكلين
( )4و(.)1
24
جدول ()3
إجمالي النفقات العامة ونسبتهاالى الناتج المحلي اإلجمالي باألسعار الجارية خالل المدة ()2112-2113
(مليار دينار)
شكل ()4
اجمالي النفقات العامة والناتج المحلي االجمالي للمدة ()1152 - 1153
25
شكل ()1
نسبة النفقات العامة الى الناتج المحلي االجمالي للمدة ()1152 - 1153
وبغية متابعة مسار النفقات العامة في العراق للمدة ( )1152-1153بشقيها الجاري واالستثماري
فمن خالل الجدول ( )4و الشكل (. )0
فقد شهدت النفقات الجارية خالل هذه المدة تذبذباً واضحاً ارتفاعاً وانخفاضاً فبعد ان سجلت
( )24240.4مليار دينار في عام 1153انخفضت لتصل ( )14011.1مليار دينار عام
1154ومعدل نمو ( )%11.0-وبنسبة مساهمة ( )%21.1في النفقات العامة وفي عام
1151فقد بلغ ( )15431.4مليار دينار وبمعدل نمو ( )%55.0-ونسبة مساهمة ()% 23.0
غي اجمالي النفقات وفي عام 1150بلغت ( ) 15523.4مليار دينار وبمعدل نمو ( -
)%5.3وبنسبة مساهمة ( )%20.3ويعزى ذلك الى الصدمة المزدوجة التي تعرض لها اقتصاد
العراق والمتمثلة بالحرب ضد التنظيمات االرهابية وماتطلبته من زيادة في االنفاق .وفي عام
1152عاودت النفقات الجارية لتصل الى ( )12111.2مليار دينار وبمعدل نمو ( )%51.3
وبنسبة مساهمة في النفقات العامة بلغت ( )%24.1وذلك بسبب تحسن االيرادات النفطية الى
جانب انتفاء الحاجة الى االنفتق العسكري بعد دحر التنظيمات االرهابية .
26
جدول ()4
النفقات العامة والنفقات الجارية ونسب اإلسهام بالنفقات العامة للمدة ()1152-1153
مليار دينار
معدل معدل
نسبة
النمو النفقات النمو إجمالي
المساهمة السنة
السنوي الجارية السنوي النفقات
بالنفقات
% %
66.1 - 78746.8 - 119127.6 2013
70.2 )(25.6 58625.5 )(29.9 43110.1 2014
المصدر :البنك المركزي العراقي ،دائرة اإلحصاء واألبحاث ،التقرير االقتصادي السنوي ،للسنوات (.)1152-1153
-االرقام بين االقواس قيم سالبة .
27
شكل ()4
النفقات العامة والنفقات الجارية للمدة ()2112 - 2113
وللوقوف على التغيرات الحاصلة في مكونات النفقات الجارية وابواب الصرف والتي يمكن ان
يستدل عليها من بيانات الجدول ( ) 1الذي يوضح ان فقرة التعويضات الموظفين قد استحوذت
على الحصة االكبر فقد ارتفعت من ( )14432.0مليار دينار عام 1154لتصل الى
( ) 31015.0مليار دينار عام ، 1151ثم وصلت في عام 1150الى ( )35433.2مليار
دينار وفي عام 1152وصلت الى ( )31400.1مليار دينار لتسجل نسبه التقل عن ()%11
من ابواب الصرف للنفقات الجارية .
اما المستلزمات السلعية الالزمة الدامة عمل انشطة الحكومة ودوائرها فقد شهدت تقليص في
مجمل ما مخصص لها فبعد ان كانت في عام )3044.2 ( 1154مليار دينار ،ثم وصلت الى
( )5014.1مليار دينار في عام ، 1151والى ( )5145.2مليار دينار عام ، 1150ثم
وصلت الى ( )1211.1مليار دينار عام . 1152
اما المستلزمات الخدمية فقد شهدت هي االخرى انخفاضا من ( )5014.0مليار دينار عام
1154لتصل الى ( ) 213.2مليار دينار عام . 1152اما فرة الرعاية االجتماعية فقد
انخفضت من ( )54303.2مليار دينار عام 1154لتصل الى ( ) 55442.2مليار دينار
عام 1151ثم وصلت الى ( )51311.0مليار دينار عام 1150والى ( )54411.0
ملياردينار عام . 1152اما فقرت المنح واالعانات فقد انخفضت من ( )2341.4مليار دينار
28
عام 1154لتصل الى ( )0412.0مليار دينار عام . 1152وهكذا بالنسبة الى بقية ابواب
الصرف لمكونات النفقات الجارية فقد انخفضت صيانة الموجودات من ( ) 133.3مليار دينار
عام 1154لتصل الى ( ) 314.1مليار دينار عام . 1152والنقات الراسمالية انخفضت من
( ) 400.0مليار دينار لتصل الى ( )551.1مليار دينار ولنفس المدة الى جانب انخفاض
حصة االلتزامات والمساهمات من مكونات النفقات الجارية اذ انخفضت من ( ) 532.0مليار
دينار عام 1154لتصل الى ( ) 21.3مليار دينار عام . 1152وكما موضح في الجدول
( )1والشكل (: )2
29
جدول ()5
أبواب الصرف لمكونات النفقات الجارية للمدة ()2112-2114
(مليار دينار)
2112 2114 2115 2114 أبواب الصرف
-المصدر :البنك المركزي العراقي ،دائرة االحصاء واالبحاث النشرة االحصائية السنوية للسنوات -1154
. 1152
31
شكل()2
أبواب الصرف للنفقات الجارية للمدة ()2112 - 2114
اما جانب النفقات االستثمارية خالل المدة ( )1152 – 2013فقد سجلت انخفاضاً
ملحوظاً فبعد ان كانت ( )41341.2مليار دينار عام 1153انخفضت لتصل () 14231.2
مليار دينار عام 1154وبمعدل نمو ( )%34.3-ونسبة مساهمة ( )%12.4من اجمالي
النفقات العامة ،ثم وصلت الى ( ) 54104.2مليار دينار عام 1151والى ( ) 51424
مليار دينار عام 1150وذلك لسبب شحت االيرادات مماانعكس بانخفاض االنفاق العام وتكريسه
لسد االعباء المالية اإلضافية كالرواتب والدعم للمناطق التي تعرضت للعمليات العسكرية مما أثر
سلباً على حصة اإلنفاق االستثماري من إجمالي النفقات العامة .وفي عام 1152ارتفعت حصة
النفقات االستثمارية لتصل الى ( ) 50404.4مليار دينار وبمعدل نمو بلغ ( ) %3.0وبنسبة
اسهام ( )%15.4من اجمالي النفقات العامة ويعزى ذلك الى االنفراج الحاصل في االوضاع
التي سبق وان عاشها اقتصاد العراق .
ولتتبع ابواب الصرف للنفقات االستثمارية فمن بيانات الجدول ( )0الذي يجسد أبواب
صرف اإلنفاق االستثماري ونسب اإلسهام خالل المدة ( )1152-1154يتضح بان القطاع
الصناعي ال يزال يستحوذ على الحصة األكبر من إجمالي اإلنفاق االستثماري اذ ارتفع من
( ) 554121.2مليار دينار عام 1154لتصل الى ( )54241مليار دينار عام 1151والى
31
جدول ()0
النفقات العامة والنفقات االستثمارية ونسب اإلسهام بالنفقات العامة للمدة ()1152-1153
مليار دينار
معدل
النمو النفقات معدل النمو إجمالي
نسبة االسهام السنة
السنوي االستثمارية السنوي % النفقات
%
33.9 - 40380.7 - 119127.6 2013
29.8 )(38.3 24930.7 )(29.9 43110.1 2014
معدل النمو
()20.09 ()10.78
السنوي المركب
المصدر -:البنك المركزي العراقي ،تقرير االقتصاد العراقي للسنوات ()1152-1153
-االرقام بين االقواس قيم سالبة.
شكل ()4
اجمالي النفقات العامة والنفقات االستثمارية للمدة ()1152 - 1153
32
( )53122.1مليار دينار عام 1150والى ( )54113.0مليار دينار عام 1152ويعود
ذلك إلى هيمنة نشاط النفط كونه نشاط كثيف رأس المال ومن ثم يتطلب أموال كبيرة لديمومته
بغية تمويل األنشطة االقتصادية األخرى ،ويليه قطاع المباني والخدمات فبعد ان سجل
( ) 3115.2مليار دينار عام 1154انخفض ليصل الى ( ) 5232.3مليار دينار عام
، 1151والى ( ) 1154.2مليار دينار عام ، 1150والى ( ) 5215.4مليار دينار عام
. 1152كما شهد قطاع النقل واالتصاالت انخفاضا من ( ) 214.1مليار دينار عام 1154
ليصل الى ( ) 025.2مليار دينار عام 1151والى ( ) 123.0مليار دينار و ( ) 112.4
مليار دينار لعامي 1150و . 1152ويليه قطاع التربية والتعليم اذ انخفضت حصته من
( )125مليار دينار ليصل الى ( ) 114.0مليار دينار و ( ) 04.0مليار دينار ثم وصل الى
( ) 21.4مليار دينار للمدة المدروسة اما القطاع الزراعي فقد انخفضت حصته بشكل كبير
فبعد ان كان ( ) 021.5مليار دينار عام 1154انخفضت لتصل الى ( ) 132.0مليار دينار
والى ( ) 45.1مليار دينار لعامي 1150و 1152على التوالي وهو مايعكس حجم االهمال
والتهميش الذي تعرض له وكان االجدر تخصيص نسبه اكبر له من النفقات االستثمارية لياخذ
دوره في رفد االقتصاد الوطني من المنتجات الغذائية الى جانب ما يعانيه هذا القطاع من مشاكل
متمثلة في شحة اغلب الموارد والمقومات التي تساعد في نموه ،وكما موضح في الجدول
والشكل(. )2
33
جدول ()2
أبواب الصرف للنفقات االستثمارية خالل عام 2112-2114
(مليار دينار)
2112 2114 2115 2114 أبواب الصرف
-المصدر :البنك المركزي العراقي ،النشرة االحصائية السنوية للسنوات (. )1152-1154
شكل ().
أبواب الصرف للنفقات االستثمارية للمدة ()2112 - 2114
34
يتضح مما تقدم أن النمط العالي من التخصيصات الجارية الذي يهيمن على الموازنة العامة
والتي تمثل ما نسبته أكثر من()80%من إجمالي اإلنفاق العام ،ولم تترك لالستثمار والتنمية
الحقيقيين إال النصيب الجزئي( ،(20%فهي ال تزال تشكل نسبة كبيرة من إجمالي النفقات العامة
لتسجل النفقات الجارية معدل النمو السنوي المركب ( ، )%0.21-في حين بلغ معدل النمو
السنوي المركب للنفقات االستثمارية ( )%11.12-لينعكس ذلك في انخفاض معدالت النمو
المركب للنفقات العامة ( )%51.24-ومن ثم فان تخفيض النفقات الجارية ال يتمتع بالمرونة
الكافية نظ اًر لحساسية مكوناتها ،وما لذلك من تداعيات اجتماعية سلبية ،والتي تمس حياة معظم
المواطنين فضال عن قدرتها العالية على االمتصاص واالنتفاع والتنفيذ المالي .بينما تنحرف
الطاقة االستيعابية للمشاريع االستثمارية وهبوطها عن معدالت االنتفاع الحقيقي والمالي .وكما
يوضحها الجدول ( )4والشكل (. )51
جدول ()4
مليار دينار النفقات العامة (الجارية واالستثمارية) ونسب اإلسهام بالنفقات العامة
معدل النمو
()20.09 ()6.95 ()10.78 السنوي
المركب
35
شكل ()51
اجمالي النفقات العامة والنفقات الجارية واالستثمارية للمدة ()1152 - 1153
36
وفي عام 1152حققت الموازنة العامة فائض بلغ ( ) 5441.4مليار دينار وبنسبة
( )%1.4الى الناتج المحلي ويعود ذلك الى التحسن التدريجي في اسعار النفط ومن
ثم زيادة االيرادات العامة ،فضالً عن توقف العمليات العسكرية بعد تحرر المناطق من
العصابات اإلرهابية (داعش) .وكما هو موضح في الجدول( )2والشكل (.)55
جدول ().
العجز او الفائض في الموازنة العامة خالل المدة ()2112-2013
(مليار دينار)
السنة
المؤشرات
225222.4 1.4.24.1 1.4471 266332.7 273587.5 الناتج المحلي اإلجمالي باألسعار الجارية
37
شكل ()11
اجمالي االيرادات العامة واجمالي الفقات العامة والعجز او الفائض والناتج المحلي االجمالي للمدة ()2112- 2113
38
الداخلي عبر تيسير السيولة واستخدام المزيد من أدوات الدين ،وكما موضح في الجدول ()51
والشكلين ( )51و (: )53
جدول ()11
تطورات الدين الداخلي خالل المدة ()2112-2113
(مليار دينار)
المؤشرات
نسبة الدين الى الناتج المحلي اإلجمالي
الدين العام الداخلي
الناتج ()% باألسعار الجارية
السنة
المصدر:البنك المركزي العراقي ،المديرية العامة لإلحصاء واألبحاث ،النشرة السنوية لسنوات (.( 1152-1153
شكل ()12
الدين الداخلي والناتج المحلي االجمالي للمدة ()2112-2013
39
شكل ()13
نسبة الدين الداخلي الى الناتج المحلي االجمالي للمدة ()2112- 2113
.2الدين الخارجي
شهد الدين الخارجي خالل المدة ( )1152-1153تغيرات محدوده في حجمه فبعد ان كان عام
)21354( 1153مليار دينار وبنسبة ( )%10.4من الناتج المحلي االجمالي انخفض ليصل
الى ( ) 04514.1مليار دينار وبنسبة ( )%11.0من الناتج المحلي وذلك في عام 1154ثم
ارتفع وفي عام 1151لصل الى ( )04121.4مليار دينار وبنسبة ( )%31.13من الناتج
المحلي االجمالي ليصل الى ( ) 25414.4مليار دينار وبنسبة ( )%30.10من الناتج المحلي
وذلك في عام 1150هذا االرتفاع يعود الى الحاجة لتغطية النفقات المتزايدة وال سيما
االستيرادات والتي تشكل المعدات العسكرية الجزء االكبر منها الى جانب المستلزمات السلعية
والخدميةاالخرى بسبب قصور الناتج المحلي عن تلبية الطلب المتنامي ليتم تعويضه عن طريق
االستيراد .وفي عام 1152بلغ الدين الخارجي ( )24530.0مليار دينار وبنسبة ()%34.05
من الناتج المحلي االجمالي ويعزى هذا االرتفاع بشكل أساسي الى ثبات الدين التجاري للدائنين
والمتراكم من السنوات السابقه وتعويضات حرب الكويت .والجدول ( )55والشكلين ( )54و ()51
توضح ذلك.
41
جدول ()11
تطورات الدين الخارجي خالل المدة ()2112-2013
(مليار دينار)
المؤشرات
نسبة الدين الى الناتج المحلي اإلجمالي
الدين العام الخارجي
الناتج ()% باألسعار الجارية
السنة
المصدر:البنك المركزي العراقي ،المديرية العامة لإلحصاء واألبحاث ،النشرة االحصائيةالسنوية (. )1152-1153
شكل ()14
تطورات الدين الخارجي خالل المدة ()2112-2013
41
شكل ()15
نسبة الدين الخارجي الى الناتج المحلي االجمالي للمدة ()2112- 2113
ويمكن اجمال الدين العام الداخلي والخارجي ونسبته الى الناتج المحلي االجمالي من خالل الجدول ()12
جدول ()12
الدين العام في العراق ونسبته الى الناتج االجمالي باالسعار الجارية للمدة ()2112-2113
مليار دينار
نسبة الدين/الناتج الناتج المحلي االجمالي الدين العام السنة
المحلي االجمالي %
27 223572.5 24523.5 2113
2..2 244332.2 22447.2 2114
51.2 1.4471 111233.2 2115
41.3 1.4.24.1 117242.1 2114
55.2 225222.4 125715.4 2112
42
المحور الرابع -تطبيق القواعد المالية في اقتصاد العراق.
تعد القواعد المالية من المؤشرات المهمة والتي يستدل من خاللها على مدى قدرة االقتصاد
في بلوغ االستقرار االقتصادي ،ومن ثم فان وضع قواعد مالية صريحة وواقعية وامكانية تطبيقها
من شأنها إن تسهم في تعزيز مناعة االقتصاد الوطني ودرء الصدمات التي يمكن ان يتعرض
لها.
ومن خالل بيانات الجدول( )53الذي يوضح النسب المسموح بها لكل قاعدة من القواعد
المالية ،ومدى إمكانية تطبيقها في اقتصاد العراق للمدة ( ،)1152-1153يتضح بان اقتصاد
العراق قد تجاوز النسب المسموح بها لبعض القواعد السيما قاعدة العجز /الناتج والتي كانت
النسبة المسموح بها بحدود ( . )%3اما قاعدة الدين /الناتج فهي االخرى شهدت اقتراب اقتصاد
العراق من الحدود الحرجة وتجاوز النسبة المقررة ( )%01وهو مايوضح عدم مرونة االقتصاد
وقدرته في دعم عملياته بسبب عدم التنوع االقتصادي وتراجع مساهمة انشطته الرئيسة السيما
الزراعة والبناء والتشييد وغيرها من االنشطة ،اما قاعدة اإليرادات /النفقات فقد تجاوزت الحدود
الحرجة في بعض السنوات 1153و 1151و 1150الى جانب اقترابها من حد الخطر في عام
1152اما القاعدة الذهبية والتي تجيز االقتراب في السنوات العجاف الغراض تمويل النفقات
االستثمارية حص ار فهي قد وصلت الى نسب متطرفة السيما في السنوات 1154و، 1150
ويعزى ذلك إلى الديون المتراكمة من السنوات السابقة ،مما خلف تركه ثقيلة على االقتصاد،
قيدت من تهيئة مقدمات صحيحة للنمو واالستقرار ،مما حدا بالحكومة إلى تسوية الديون السابقة
مع صندوق النقد والبنك الدوليين ،وهما المؤسستان اللتان ألزم قرار مجلس األمن العراق
بالتعامل معهما وعدهما بوابة الدخول إلى نادي باريس لحل مشكلة المديونية الخارجية ،والتي
ساعدت االتفاقية الطارئة لبلدان ما بعد الصراع الموقعة في عام 1114من حصول العراق على
خصم في مديونيته الخارجية وبنسبة ( )80%على إن يواصل االتفاق مع الصندوق ضمن ما
يسمى بترتيبات االستعداد االئتماني بين األعوام 1111ونهاية عام ،1114وان جل تلك
االتفاقية قد نصت على مسألة تالزم خفض المديونية بإصالح المؤسسات المالية بما يحقق
الشفافية ويرفع من الجدارة االئتمانية للعراق .
43
جدول ()53
القواعد المالية
في عام 1154وما تاله سجل اقتصاد العراق مؤشرات سلبية للقواعد المالية والذي يتجسد
بتجاوز النسب المعيارية المعتمدة فيها ،ويعود ذلك إلى التحديات التي واجهها اقتصاد العراق،
من حيث تزايد اإلنفاق العسكري ،وتزايد موجات النزوح الداخلي ،بسبب العمليات العسكرية ضد
التنظيمات اإلرهابية في المناطق الغربية والشمال الغربي من العراق ،وما يتطلبه من زيادة
اإلنفاق لتوفير الغذاء والدواء واإليواء للنازحين ،فضال عن انخفاض اإليرادات النفطية ،األمر
الذي يعكس هشاشة االقتصاد وعدم قدرته لمواجهة األزمات ،كونه اقتصاد أحادي الجانب.
وبغية تجاوز هذه العقبات والتقلبات غير المرغوبة ينبغي إتباع القواعد المالية الساندة
لضمان سياسة مالية فاعلة تسعى إلى تحقيق استقرار النشاط االقتصادي في العراق ،السيما
وانها تعد صمام آمان للممارسة العملية للسياسة المالية ،إال إن ضمان تحقيق السياسة المالية
لدورها النظري في تحفيز االقتصاد ينبغي إن تتزامن مع قواعد أخرى مؤازرة ،والتي تتمثل
بالقواعد اآلتية :
-5ضمممان الموائمممة ممما بممين األدوات الماليممة التممي تممؤثر علممى جانممب الطلممب وجانممب العممرض فممي
االقتصمماد :إذ تعتمممد السياسممة الماليممة الحاليممة علممى جانممب الطلممب الكلممي فممي االقتصمماد مممن ناحيممة
اس م ممتعمال الضم م مرائب وتمويله م مما للنفق م ممات الجاري م ممة للحكوم م ممة( الت م ممي تطغ م ممى حجمم م ماً عل م ممى النفق م ممات
االستثمارية) ،وهو ما ينبغي على الحكوممة إن تضممن اسمتعمال اإليمرادات الضمريبية ممع المثبتمات
44
المالية التلقائية بشكل يحفز النمو االقتصادي ،عن طريق زيادة دخول الشرائح الفقيمرة ممن السمكان
(ف ممي جان ممب الطل ممب) ،وتموي ممل نفق ممات اس ممتثمارية م ممن ش ممأنها تحس ممين نوعي ممة الع ممرض الكل ممي ف ممي
االقتصاد.
-1األخذ بعين االعتبار اآلثار طويلة األمد للق اررات التابعة للسياسة المالية :ينبغي للق اررات التي
تتخممذ بشممأن السياسممة الماليممة إن تأخممذ بعممين االعتبممار الفوائممد والتكمماليف االقتصممادية علممى األمممدين
القص ممير والطوي ممل ،وذل ممك انطالقم ماً م ممن إن تموي ممل النفق ممات االس ممتثمارية (أو الجاري ممة) ع ممن طري ممق
القممروض ،علممى سممبيل المثممال ،يترتممب تكمماليف علممى األجيممال الالحقممة مممما يضممر باسممتدامة هممذه
السياسات ،فضال عن ذلك ينبغي للسياسة المالية إن تكون استباقية لمراحل الدورة االقتصادية ،ال
إن تكون رد فعل متأخر( يتحقق ذلمك عمن طريمق اعتمماد المثبتمات الماليمة التلقائيمة) ،بعبمارة أخمرى
توظيف السياسة المالية االستنسابية لكبح مسببات االنحراف وتصحيح مسار النشاط االقتصادي،
وال تقتصر على تخفيف اثر هذا االنحراف من خالل توظيف السياسة المالية التلقائية.
-3التغير في السياسة المالية ينبغي إن يكون تدريجياً ومتوقعاً :تتبوأ السياسة المالية اهمية كبيرة
فمي القم اررات االسممتثمارية للمسمتثمرين ،سمواء المحليمين ام االجانمب ،لممذا فمان إي تغيممر فمي السياسممة
الماليممة ينبغممي إن يكممون متوقع ماً وان يممتم بشممفافية ،وذلممك مممن منطلممق الحفمماظ علممى اسممتقرار البيئممة
التشمريعية للحكومممة ،السمميما إن التغيممر فممي السياسممة الماليممة مممن شممأنه إن يعممرض المسممتثمرين إلممى
تكاليف إضافية ويزيد من درجة المخاطر.
-4ضمان المواءمة ما بين السياسة الماليمة والسياسمة النقديمة :يعمد التبماطؤ الزمنمي ممن التحمديات
التممي تواجممه عمممل السياسممتين الماليممة والنقديممة ،وان اختلفممت مممن حيممث طممول المممدة بممين السياسممتين،
السيما إن فجوة االعتراف ما بين اتخاذ القرار وتحقيق األثر المطلوب على االقتصاد ،هي اقصر
بالنسممبة للسياسممة النقديممة ،مقارنممة بالسياسممة الماليممة ،ومممن ثممم فممان ضمممان اسممتباقية السياسممة النقديممة
للسياسممة الماليممة ،ينبغممي تناسممق السياسممتين وعممدم تناقضممها ،إذ فممي وقممت االنكممماش االقتصممادي،
ينبغي للسياسة النقدية إن تتخذ إجراءات توسعية من شأنها تحفيز النمو االقتصمادي ،لتتكاممل ممع
السياسة المالية التي تخدم ذات الهدف.
45
مما تقدم يتضح الدور المتواضع الذي تضطلع به السياسة الماليةة فةي تصةحيح مسةار اقتصةاد
العراق ،والذي يتجلى من خالل االتي:
-5يمث ممل االس ممتقرار االقتص ممادي الش ممرط الض ممروري للنم ممو ،إال أن الش ممرط الك ممافي يتمث ممل ب ممدور
االنضباط المالي كحاضنة لالستقرار والنمو والحد من الفقر ،ومن ثم فان تصميمه يقتضمي دممج
وتحديد قنوات انتقال أثاره لحث النمو طويل اآلجل.
-1مممن خممالل القواعممد الماليممة يمكممن اظفمماء طممابع مهممم لتصممحيح الح موافز المشمموهة والحممد مممن
التممماهي فممي اإلنفمماق ،السمميما فممي أوقممات الرخمماء ،ومممن ثممم سممتفرض هممذه القواعممد الضموابط الماليممة
الالزمة للحد من العجز المالي.
-3يترتب على تطبيمق القواعمد أثما ار مختلفمة وحسمب الطريقمة التمي تسمتجيب بهما السياسمة الماليمة
للصدمات ،ففيما يتعلق بالصدمات الناتجة عمن النماتج فمان قاعمدتي تموازن الموازنمة أو المدين عمادة
ممما تهيممئ درجممة مممن المرونممة لتمموفير التمويممل الممالزم ومممن ثممم تسممهم بخفممض التقلبممات الدوريممة التممي
تنتاب االقتصاد.
-4إن معضلة اإلنفاق في أبواب الموازنة على الجوانب التشمغيلية أو ذات الطبيعمة االسمتهالكية،
ابتمدءاً مممن الرواتمب واألجممور والنفقمات التحويليممة والمشمتريات الحكوميممة ممن السمملع والخمدمات باتممت
متالزمممة مممع سممهولة معممايير الصممرف ،وأضممحت أسممعار تكاليفهمما ال تتناسممب والعائممد المتحقممق مممن
أنفاقها.
-1إن تعاظم الفوائض في الموازنة العامة الناجمة عن ضعف تنفيذ المشاريع االستثمارية ،يعنمي
تعظيم ماً لالدخممار المفضممي إلممى إحبمماط االسممتثمار ،مممما يقممود مسممتقبالً إلممى هبمموط االدخممار نفسممه
بسبب تدهور مستويات الدخل ،وهو ما أشبه بالعجز الحقيقي على الرغم من دوران عجلة النشماط
النفطي الممول لإلنفاق في األنشطة االقتصادية.
-0تعممد مؤشمرات القواعممد الماليممة ايجابيممة فممي بعممض سممنوات مممدة الد ارسمة ،وهممذا التحسممن ال يعممزى
إلى انضباط السياسة المالية ،بقدر ما يعكس الطفرة في أسعار المنفط فضمال عمن كميمات اإلنتماج،
وهو ما أثبته هشاشة الوضع المالي في السنوات 1154و 1151و. 1150
46
االمر الذي يستلزم اتباع خطوات عمليةة لضةمان تطبيةق متطلبةات السياسةة الماليةة مةن خةالل
التي-:
-5افرز ارتفاع مستوى تراكم الديون في معظم االقتصاديات العالمية تكاليف على االقتصاد
الكلي ،ومن ثم اقتضت الحاجة االهتداء إلى االنضباط المالي بوصفة متطلب ألفاق السياسة
المالية في أداء وظائفها ومدى قدرتها في توطيد االستقرار .إذ أن سياسات االقتصاد الكلي
تستلزم نظام مالي قوي ومستقر لضمان انتقال أثارها إلى االقتصاد الحقيقي ،وهي في ذات الوقت
تساعد على ضمان استقرار النظام المالي ،للحفاظ على التشغيل والنمو جنباً إلى جنب مع
مستويات األسعار.
-1ينبغي تصميم السياسة المالية كجزء من اإلصالحات األوسع نطاقاً وتأثي اًر في سلوك العوامل
الم مؤثرة مسممتقبالً ،وبممما ينسممجم ومتطلبممات الشممفافية واإلش مراف العممام ،والحممد مممن تكلفممة السياسممات
المالية غير المالئممة ،ممن اجمل ضممان المسمؤولية الماليمة والقمدرة علمى تحممل المدين ،وهمي محمددة
بضموابط ال يمكممن تجاوزهمما أو تغييرهما بسممهولة ،ومممن ثممم يهيممئ المرونممة الكافيممة للتنفيممذ وبممما يسمممح
بزيادة االنضباط المالي ،ومن ثم رفاهية اجتماعية عالية.
-3أالمساك باإلنفاق الحكومي وعدم السماح باالستجابة التامة لزيادة المورد النفطي ،من خالل
تحديد نسبته من الناتج المحلي بحيث ال تتجاوز ( )40%مثال ،مهما بلغت إيرادات النفط ،أو
على األقل إال يتزايد اإلنفاق الجاري بأعلى من نمو الناتج غير النفطي ،وتوجيه الزيادة في
اإليراد النفطي نحو االستثمار لتطوير البناء التحتي االقتصادي واالجتماعي ،وبذلك تصبح من
مقومات االستقرار.
-4تبني سياسة مالية قادرة على توليد استثمارات محركة للعجلة االقتصادية من خالل إعادة
تخطيط أولويات اإلنفاق االستثماري في القطاع الحقيقي ،عبر تحريك أنشطة عالية اإلنتاجية
تستطيع جذب قوة العمل والتصدي للبطالة ،والتي ال يمكن للقطاع الخارجي عبر سياسة الباب
المفتوح الراهنة منافستها.
-1إنشاء صناديق للثروة السيادية وتنويعها بمختلف األدوات المالية ،سيما إن موارد النفط
يصعب امتصاصها عن طريق التنويع الحقيقي فينبغي تنويعها مالياً ،ولغايات تتعلق باالعتماد
47
على سياسات استقرار وانسيابية عالية في تمويل النفقات العامة عند تعرض موارد البالد إلى
تغيرات فجائية أو غير مرغوبة إثناء السنة المالية.
-0االهتمام بالدور التمويلي للضرائب ،كونها ال تنصرف إلى تنمية القطاع غير النفطي
فحسب ،بل تحرير اإلنفاق العام من سيطرة سعر النفط وتقلباته ،والذي تحكمه عوامل خارجية
تتصف بعدم التأكد.
48