You are on page 1of 14

‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬


Images of corruption in public deals

me.yousfi@lagh-univ.dz ،)‫ جامعة األوغواط (الجزائر‬، 1‫يوسفي مباركة‬1


akkouchehanane2016@gmail.com،)‫ (الجزائر‬،‫ جامعة األوغواط‬،2‫عكوش حنان‬

22-20-2222 :‫تاريخ قبول المقال‬ 00-20-2222 :‫تاريخ إرسال المقال‬

:‫الممخص‬
‫يعتبر الفساد ظاىرة متعددة الجوانب بالنظر لتعدد صوره ومظاىره التي أخذت تتجاوز حدود الدولة‬
، ‫ لتصبح ظاىرة دولية عالمية لم يعد من الممكن التعامل معيا من خبلل اإلجراءات الوطنية فقط‬،‫الواحدة‬
. ‫خاصة في ظل التقدم العممي والتكنولوجي اليائل‬
‫فيو ظاىرة تمس عدة قطاعات بما فييا القطاع العام خاصة ما يتعمق بالصفقات العمومية عمى اعتبار‬
‫أنيا عقود ممولة من ميزانية الدولة مما يجعميا عرضة لمتجاوزات بشتى الوسائل بغرض تحقيق المصالح‬
.‫الخاصة‬
‫كما يؤدي إلى منحيا لمن ال يستحقيا من جية ومن جية أخرى الغش في تنفيذىا وبالتالي يتم ىدر المال‬
‫العام وزيادة تكمفة المشاريع باإلضافة إلى سوء اإلنجاز وانعدام الجدوى اإلقتصادية وسوء الخدمة العمومية‬
.‫وعدم القدرة عمى توفير الخدمات األساسية لممجتمع‬
.‫ الدولة‬، ‫ القطاع العام‬، ‫ الصفقات العمومية‬، ‫ الفساد‬: ‫الكممات المفتاحية‬
Abstract :
Corruption is a multifaceted phenomenon in view of the multiplicity of its forms and
manifestations that have taken beyond the borders of one country, to become a global
international phenomenon that can no longer be dealt with through national procedures only,
especially in light of the tremendous scientific and technological progress.
It is a phenomenon that affects several sectors, including the public sector, especially
with regard to public deals, on the grounds that they are contracts financed from the state
budget, making them vulnerable to abuse by various means in order to achieve private
interests.
It also leads to granting it to those who do not deserve it on the one hand, and on the
other hand, fraud in its implementation, and thus public money is wasted and the cost of
projects increases, in addition to poor achievement, lack of economic feasibility, poor public
service, and the inability to provide basic services to the community.
Keywords: corruption, public deals, the public sector, the state.

‫ * يوسفي مباركت‬1

8811
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أثار موضوع الفساد إىتمام العديد من الباحثين والخبراء ‪ ،‬باعتباره ظاىرة معقدة تنحر مقدرات الببلد‬
‫وتعطل آليات مكافحتو ‪ ،‬إذ ال يوجد مجتمع يخمو تماما من الفساد ‪ ،‬فأصبح ما ييم ىذه المجتمعات ‪،‬‬
‫ليس وجود قدر ما من الفساد في معامبلتيا اليومية وانما حجمو واتساع دائرتو بما أصبح يشكل عمييا‬
‫خط ار ييدد مسيرة التنمية ومستقبل ىذه المجتمعات‪.‬‬
‫وقد أصبحت ظاىرة الفساد تشل عدة قطاعات الدول بما فييا القطاع العام وخاصة ما يتعمق بالصفقات‬
‫العمومية ‪ ،‬فبالروغم من إقرار المشرع في قانون مكافحة الفساد ‪ 01-06‬وقانون الصفقات العمومية ‪-15‬‬
‫‪ 247‬إجراءات وتدابير وعقوبات‪ ،‬إال أن ىذا القطاع أصبح يعاني من الفساد بصورة كبيرة ‪ ،‬مما يستدعي‬
‫إعادة النظر واقرار إجراءات رقابية ووقائية لمحد من ىذه الظاىرة ‪.‬‬
‫فيدفنا من ىذه المداخمة ىو أن نوضح أكثر مفيوم الفساد وكذا صوره في مجال الصفقات العمومية ‪ ،‬وقد‬
‫قمنا باتباع منيج وصفي تحميمي‪.‬اإلشكالية ‪ :‬ماىو مفيوم الفساد ؟ وماىي آثاره ؟ وماىي صوره في‬
‫الصفقات العمومية؟‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفيوم الفساد ‪:‬‬
‫نظ ار لتعدد صور الفساد واختبلف انماطو من مجتمع آلخر ‪ ،‬فقد تعذر وجود تعريف شامل وكامل لو ‪،‬‬
‫فالفساد في جوىره حالة تفكك تعتري المجتمع نتيجة فقدانو لسيادة القيم الجوىرية وبذلك يستحيل عمى‬
‫المجتمع أن يكون قويا ‪.‬‬
‫المطمب األول ‪ :‬تعريف الفساد ‪:‬‬
‫قال تعالى ‪ " :‬ظير الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقيم بعض الذي عمموا لعميم‬
‫يرجعون "‪.1‬‬
‫فالفساد ىو ضد اإلصبلح وىو يعني أخذ مال اآلخرين ظمما وزو ار ‪ ،‬وىو يعد من األخبلق المعارضة‬
‫لمفطرة البشرية التي خمق اهلل تعالى اإلنسان عمييا ‪.‬‬
‫تتعدد تعريفات الفساد التي ساقيا الفقو بمختمف تخصصاتو ‪ ،‬سواء كان فقياء عمم القانون أو العموم‬
‫اإلدارية أو عمم االجتماع وذلك كما يمي ‪:‬‬

‫‪ 1‬سورة الروم ‪ ،‬اآليت ‪.18‬‬

‫‪8818‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪-0‬تعريف الفساد من زاوية قانونية ‪:‬‬


‫إىتم فقياء عمم القانون بظاىرة الفساد وأولو لو أىمية خاصة ‪ ،‬برزت من خبلل العدد الكبير من التعريفات‬
‫التي رصدت في ىذا المجال من بينيا ‪ ،‬التعريف الذي يعرف الفساد بأنو ‪ " :‬تصرف وسموك وظيفي‬
‫‪1‬‬
‫سيء ‪ ،‬فاسد خبلف اإلصبلح ‪ ،‬ىدفو اإلنحراف والكسب الحرام والخروج عمى النظام لمصمحة شخصية"‬
‫ويقوم ىذا التعريف عمى اإلشارة إلى أن الفساد يكون مضاد لئلصبلح ومخالف لمدين وخروج عن‬
‫القانون‪.‬‬
‫ولم يتطرق إلى الفائدة التي تعود عمى الشخص وغير مرتكب لمسموك الفاسد ‪ ،‬كما أنو ال يمنع دخول‬
‫تصرفات فاسدة محرمة شرعا ووغير مجرمة قانونا ‪.‬‬
‫كما عرف بأنو ‪ " :‬نية إستعمال الوظيفة العامة بجميع ما يترتب عنيا من ىيبة ونفوذ وسمطة لتحقيق‬
‫منافع شخصية ‪ ،‬مالية او وغير مالية وبشكل مناف لمقوانين والتعميمات الرسمية ‪.‬‬
‫ىذا التعريف يحصر الفساد في تجاوز القانون المتمثل في استعمال الوظيفة العامة ويعاب عميو إستعمالو‬
‫لمصطمح النية وال تعتبر عمبل مجرما يؤاخذ عميو وأيضا لم يتضمن التعريف إيضاح لميدف والمنفعة‬
‫المتأتية من الفساد ‪ ،‬كما قد يكون ىدف الموظف العام تحقيق أىذاف لآلخرين وليس لنفسو ‪ ،‬كما أن ىذا‬
‫التعريف يحصر الفساد في نوع واحد ىو الفساد اإلداري دون باقي األنواع األخرى ‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف الفساد من زاوية إدارية ‪:‬‬
‫يعرف بأنو ‪ " :‬النشاطات التي تتم داخل الجياز اإلداري الحكومي والتي تؤدي فعبل إلى انحراف ذلك‬
‫الجياز عن ىدفو الرسمي لصالح أىداف خاصة ‪ ،‬سواء كان ذلك بصفة متجددة أم مستمرة وسواء كان‬
‫بأسموب فردي أم بأسموب جماعي منتظم "‪.‬‬
‫وىذا التعريف ركز عمى اإلنحراف اإلداري ولم يشر إلى الموظف العام ودوره في ىذه النشاطات التي‬
‫تؤدي إلى فساد الجياز اإلداري‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد الكريم سعد إبراىيم الخثران ‪ ،‬واقع اإلجراءات األمنية المتخذة لمحد من جرائم الفساد من وجية نظر العاممين في أجيزة مكافحة‬
‫الرشوة في المممكة العربية السعودية ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬قسم العموم الشرطية ‪ ،‬جامعة نايف العربية لمعموم األمنية ‪ ،‬الرياض ‪2003 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫حاحة عبد العالي ‪ ،‬اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر ‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق ‪ ،‬تخصص قانون عام ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫جامعة محمد خيضر ‪ ،‬بسكرة ‪ ،‬كمية الحقوق ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2013 ،2012‬ص ‪.20‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪-3‬تعريف الفساد من منظور المنظمات والييئات الدولية ‪ :‬نوردىا فيمايمي ‪:‬‬


‫‪-‬تعريف البنك الدولي لمفساد ‪:‬‬
‫وضع البنك الدولي عدة تعريفات لمفساد ‪ ،‬كان آخرىا التعريف اآلتي ‪ " :‬الفساد ىو إساءة إستعمال‬
‫الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ‪ ،‬فالفساد يحدث عادة ‪:‬‬
‫‪-‬عندما يقوم بقبول أو طمب أو ابتزاز رشوة ‪ ،‬لتسييل عقد واجراءات مناقصة ‪.‬‬
‫‪-‬كما يتم عندما يعرض وكبلء أو وسطاء الشركات أو أعمال خاصة ‪ ،‬بتقديم رشوة لئلستفادة من سياسات‬
‫أو إجراءات عامة لمتغمب عمى منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين النافذة ‪.‬‬
‫‪-‬كما يمكن لمفساد أن يحصل عن طريق إستغبلل الوظيفة العامة دون المجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين‬
‫األقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة‪.1‬‬
‫ويبلحظ أن ىذا التعريف يركز عمى سبب الفساد في السمطات العامة واساءة إستخداميا ويربط بين الفساد‬
‫وأنشطة الدولة وتدخميا في السوق ووجود القطاع العام ‪ ،‬بمعنى أن ىذا التعريف يستبعد إمكانية الفساد في‬
‫القطاع الخاص ويركز بصفة مطمقة عمى الفساد في القطاع العام ‪.‬‬
‫‪-‬تعريف منظمة األمم المتحدة لمفساد ‪ :‬أشارت إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية لسنة‬
‫‪ 2000‬إلى الفساد ‪ ،‬وغير أن معناه جاء مرادفا لمرشوة تماما وذلك بموجب المادة ‪ 08‬منيا‪.‬‬
‫أما مشروع إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ ، 2003‬فقد عرفت الفساد بأنو ‪ " :‬القيام بأعمال‬
‫تمثل أداء وغير سميم لمواجب أو إساءة إستغبلل لموقع أو سمطة بما في ذلك أفعال اإلوغفال توقعا لمزية أو‬
‫سعيا لمحصول عمى مزية يوعد بيا أو تعرض او تطمب بشكل مباشر أو وغير مباشر أو إثر قبول مزية‬
‫ممنوحة بشكل مباشر أو وغير مباشر ‪ ،‬سواءا لمشخص ذاتو أو لصالح شخص آخر ‪.‬‬
‫وغير أن ىذا التعريف لم يتفق حولو وتم التراجع عنو في المشروع النيائي لئلتفاقية والذي لم يعرف الفساد‬
‫ولكنو أشار إلى صوره وىي ‪ ،‬الرشوة واختبلس الممتمكات والمتاجرة بالنفوذ واساءة إستعمال الوظيفة‬
‫واإلثراء وغير المشروع ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد القادر الشيخمي ‪ ،‬دور القانون في مكافحة الفساد اإلداري والمالي ‪ ،‬النزاىة والشفافية واإلدارة ‪ ،‬المنظمة العربية لمتنمية اإلدارية ‪،‬‬
‫جامعة الدول العربية ‪ ،‬القاىرة ‪ ، 2006 ،‬ص ‪.349‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬اآلثار المترتبة عمى الفساد ‪:‬‬


‫لمفساد آثار سمبية عمى مختمف نواحي الحياة ‪ ،‬ويمكن إجمال أىميا فيما يأتي ‪.‬‬
‫‪-0‬أثر الفساد عمى النواحي االجتماعية ‪:‬‬
‫يؤدي الفساد إلى اإلحباط وانتشار البلمباالة والسمبية بين أفراد المجتمع ومن ثم فيو يؤدي عمى التأثير‬
‫عمى أمن المجتمع واستق ارره وبروز التعصب والتطرف في اآلراء وانتشار الجريمة كرد فعل النييار القيم‬
‫وعدم تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن الواحد ‪ ،‬مما يدفعيم إلى البحث عن قنوات أخرى يستطيعون من‬
‫خبلليا تمبية متطمباتيم الشخصية ‪.‬‬
‫فالشعور بالظمم لدى الغالبية يؤدي إلى اإلحتقان االجتماعي وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع وانتشار‬
‫الفقر وزيادة حجم المجموعات الميمشة والمتضررة وبشكل خاص النساء واألطفال والشباب ‪.‬‬
‫‪-2‬أثر الفساد عمى منظومة القيم ‪:‬‬
‫يؤدي الفساد إلى خمخمة القيم األخبلقية والوظيفية وانخفاض كفاءة األجيزة اإلدارية والى فقدان قيمة العمل‬
‫والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي وتراجع االىتمام بالحق العام‬
‫واخبلل الموظف بواجباتو المينية ‪ ،‬حيث تنقمب ىذه الواجبات إلى ممارسات سمبية تؤثر عمى التنمية‬
‫بشكل عام ‪.‬‬
‫‪-3‬أثر الفساد عمى التنمية االقتصادية ‪:‬‬
‫يقود الفساد إلى العديد من النتائج السمبية عمى التنمية االقتصادية منيا ‪ :‬الفشل في جذب اإلستثمارات‬
‫الخارجية وىروب رؤوس األموال المحمية ‪ ،‬فالفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة التي تشكل شرطا‬
‫أساسيا لجذب اإلستثمارات المحمية والخارجية عمى حد سواء ‪ ،‬وىو ما يؤدي إلى ضعف عام في توفير‬
‫فرص العمل ويوسع ظاىرة البطالة والفقر ‪.‬‬
‫‪-‬ىدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية بالمشاريع التنموية العامة والكمفة المادية الكبيرة لمفساد‬
‫عمى الخزينة العامة كنتيجة ليدر اإليرادات العامة ‪.‬‬
‫‪-‬ىجرة الكفاءات االقتصادية نظ ار لغياب التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في أشغال المناصب العامة ‪.‬‬
‫‪-4‬تأثير الفساد عمى النظام السياسي ‪:‬‬
‫يترك الفساد آثا ار سمبية عمى النظام السياسي برمتو سواء من حيث شرعيتو أو استق ارره أو سمعتو وذلك‬
‫كمايمي ‪:‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪ -‬يؤثر عمى مدى تمتع النظام بالديمقراطية وقدرتو عمى احترام حقوق المواطنين األساسية وفي مقدمتيا‬
‫الحق في المساواة وتكافؤ الفرص وحرية الوصول إلى المعمومات وحرية اإلعبلم ‪ ،‬كما يحد من شفافية‬
‫النظام وانفتاحو‪. 1‬‬
‫‪ -‬يؤدي الفساد عمى اىتزاز الصورة السياسية لنظام الحكم محميا ودوليا وزعزعة مصداقية الدولة ومصداقية‬
‫النظام السياسي إقميميا ودوليا ‪ ،‬كما يؤدي إلى تردد أو توقف المجتمع الدولي عن تقديم المعونات أو‬
‫القروض ووغيرىا من صور المساعدة ‪.‬‬
‫‪-‬يؤدي إلى حالة يتم فييا اتخاذ الق اررات حتى المصيرية منيا طبقا لمصالح شخصية ودون مراعاة‬
‫لممصالح العامة ‪.‬‬
‫‪-‬يقود إلى الصراعات الكبيرة إذا ما تعارضت المصالح بين مجموعات مختمفة ‪.‬‬
‫‪-‬يؤدي إلى خمق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الوالءات السياسية ‪.‬‬
‫‪-‬يؤدي إلى إعاقة األجيزة الحكومية المكمفة بالرقابة والى ضعف المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع‬
‫المدني ويعزز دور المؤسسات التقميدية وىو ما يحول دون وجود حياة ديموقراطية ‪.‬‬

‫‪-‬يضعف المشاركة السياسية نتيجة لغياب الثقة بالمؤسسات العامة وأجيزة الرقابة والمساءلة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صور الفساد في الصفقات العمومية ‪:‬‬


‫تتعدد صور الفساد في مجال الصفقات العمومية وذلك لتنوع مجاالت القطاع العام وقد نص قانون‬
‫مكافحة الفساد ‪ 01-06‬عمى عدة جرائم سنتطرق لبعضيا فيمايمي‪.‬‬
‫المطمب األول ‪:‬تعريف الصفقات العمومية ‪:‬‬
‫إن الصفقـ ات العمومية تعتبر أداة فعـالة لمتنمية لما ليا من وظيفة عـالية في توزـيع الموارد ومبـاشرة‬
‫مختمف الـتطورات الـراىنة عمى الصعـيد اإلقـتصادي ‪،‬اإلجتمـاعي ‪ ،‬السيـاسي لمـببلد ‪ ،‬لـذلك نجد أن المشرع‬
‫الج ازئـري قد نظم كل ما يتعمق بالـنظام القـانـوني لمصفقـات العمـومية بما فيـيا المـنازعـات الـناشئة عنيا في‬
‫إطار القوانـين والم ارسـيم الخـاصة بالصفقـات العـمومية والتي شيدت تطورات وتعديـبلت كثـيرة نظ ار‬
‫ألىميتيا ولئلشكاليات التي تثيرىا‪.‬‬

‫رضا ىميسي ‪ ،‬دور المجتمع المدني في الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتيا ‪ ،‬مداخمة المشاركة في الممتقى الوطني الثالث حول‬ ‫‪1‬‬

‫الجريمة المنظمة وسياسة مكافحتيا بالجزائر ‪ ،‬أيام ‪ 04-03-02‬مارس ‪ ، 2008‬كمية الحقوق والعموم اإلجتماعية ‪ ،‬قسم الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة عمار ثميجي األوغواط ‪ ،‬ص ‪.371‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪-1‬مفيوم العقد اإلداري أو الصفقة العمومية ‪:‬‬


‫نصت المادة (‪ )4‬من قانون الصفقات العمومية ‪ " :‬الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفيوم التشريع‬
‫المعمول بو ‪ ،‬تبرم وفق الشروط المنصوص عمييا في ىذا المرسوم ‪ ،‬قصد إنجاز األشغال واقتناء الموازم‬
‫والخدمات والدراسات ‪ ،‬لحساب المصمحة المتعاقدة "‪.‬‬
‫يعرف العقد اإلداري ‪ " :‬بأنو ذلك العقد الذي يبرمو شخص معنوي عام قصد تسيير أو تنظيم مرفق عام ‪،‬‬
‫وتظير فيو اإلدارة نيتيا باألخذ بأحكام القانون العام ‪ ،‬وذلك بتضمين العقد اإلداري شروط إستثنائية وغير‬
‫مألوفة في عقود القانون الخاص‪.‬‬
‫تعد الصفقات العمومية أداة من أدوات تنمية اإلقتصاد الوطني ‪ ،‬فيي اإلستراتيجية التي وضعيا المشرع‬
‫في أيدي السمطة العامة إلنجاز العمميات المالية المتعمقة بإنجاز ‪ ،‬تسيير وتجييز المرافق العامة ‪،‬‬
‫فاإلقتصاد الجزائري يعتمد عمى ضخ األموال العمومية من أجل تنشيط العجمة اإلقتصادية ‪ ،‬فنظام‬
‫الصفقات العمومية يعد الوسيمة األمثل الستغبلل وتسيير األموال العامة‪.1‬‬

‫‪-22‬شروط العقد اإلداري ‪:‬‬

‫أ‪-‬العقد اإلداري عبارة عن إلتقاء ألكثر من إرادة واحدة ‪:‬‬


‫ال تعتبر كل العقود التي تبرميا اإلدارة عقودا إدارية ‪ ،‬فقد يحدث أن تتصرف اإلدارة كفرد عادي ‪،‬‬
‫وتستعمل طرق إبرام العقود المدنية وتخضع نفسيا حينذاك لمقانون الخاص ‪ ،‬وىو ما وقع مثبل في الحكم‬
‫الصادر من المحكمة العميا حول أحقية إسترداد قرض قدمو صندوق اإلعتماد البمدي لمجزائر العاصمة ‪،‬‬
‫وأعمن فيو ‪ " :‬بأن اإلعتماد ‪ ....‬يرتبط بتنفيذ عقد القرض ‪ ،‬وروغم أن ىذا القرض قد قدم لمسيد زكري‬
‫بصفتو موظفا ‪ ،‬فإنو يحتفظ بطابع القانون الخاص ‪ ،‬إال إذا كان ىناك نص مخالف‪.2 "....‬‬

‫ونجد أن الصفقات العمومية تيدف إلى عقمنة تسيير األموال العمومية وذلك من خبلل إشراك القطاع‬
‫الخاص في إنجاز المشاريع‪.‬‬
‫ولكن الواقع أثبت أن مجال الصفقات العمومية أصبح مجال لتبديد األموال العامة لتفشي الفساد فيو‪.3‬‬

‫‪ 1‬مبلتي معمر ‪ ،‬قراءة في التنظيم المتعمق بالصفقات العمومية الجزائري عن ماىية الصفقة ‪ ،‬مجمة المفكر ‪ ،‬العدد ‪ ، 14‬ص ‪.524‬‬

‫‪ 2‬المحكمة العميا ‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ ، 1966/04/18‬قضية بن زكري ‪ ،‬المجمة الجزائرية ‪ ، 1966 ،‬ص‪.612‬‬
‫سعاد تونسي ‪ ،‬الفساد في مجال الصفقات العمومية وآليات مكافحتو ‪ ،‬مجمة المستقبل لمدراسات القانونية والسياسية ‪ ،‬العدد الرابع ‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ديسمبر ‪ ، 2018‬المركز الجامعي آفمو ‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫قد يمجأ المشرع أحيانا إلى التنصيص عمى بعض أنواع العقود وروغبة منو في تفضيل المصمحة العامة‬
‫التي تمثميا اإلدارة العمومية عمى المصمحة الخاصة لممتعاقد معيا ‪ ،‬يصفيا باإلدارية ‪.‬وأن القانون العام‬
‫ىو أكثر مبلئمة لحل النزاعات التي من الممكن أن تترتب عنيا ‪ ،‬فيمنح اإلختصاص في نظرىا إل‬
‫القاضي اإلداري ‪.‬‬
‫وىو ما حدث فعبل ألول مرة في فرنسا في بداية عيد الثورة الفرنسية ‪ ،‬عندما وصف المشرع آنذاك بعض‬
‫العقود عمى أنيا ذات طبيعة إدارية وخص مجمس الدولة بما تثيره من منازعات ‪ ،‬سعيا منو لتطبيق مبدأ‬
‫الفصل بين السمطات بالمعنى الذي حدده الفقيو " شارل دي مونتيسكيو" وذلك بمنع القضاء العادي من‬
‫التصدي ألعمال الجية اإلدارية‪.‬‬
‫تعد سمطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام المنشأة بموجب أحكام المادة ‪ 213‬من ىذا‬
‫المرسوم ‪ ،‬مدونة أدبيات وأخبلقيات المينة لؤلعوان العموميين المتدخمين في مراقبة وابرام وتنفيذ الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفق العام ‪ ،‬يوافق عمييا الوزير المكمف بالمالية ‪ ،‬يطمع األعوان العموميون ‪،‬‬
‫ويتعيدون باحتراميا بموجب تصريح ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون أحد أطرافو عمى األقل شخصا إداريا عاما ‪:‬‬

‫معنى ذلك أن القانون يشترط في العقد اإلداري ‪ ،‬أن يكون حضور المعيار العضوي كشرط أساسي لقيام‬
‫العقد اإلداري ‪ ،‬وفي ىذا اإلتجاه جاء نص المادة السادسة من قانون الصفقات العمومية بالنص عمى‬
‫مايمي ‪ " :‬ال تطبق أحكام ىذا المرسوم إال عمى الصفقات محل نفقات الدولة‪ ،‬الجماعات اإلقميمية‬
‫والمؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ‪ ،‬المؤسسات العمومية الخاضعة لمتشريع الذي يحكم النشاط‬
‫التجاري ‪ ،‬عندما تكمف بإنجاز عممية ممولة كميا أو جزئيا ‪ ،‬بمساىمة مؤقتة أو نيائية من الدولة أو‬
‫الجماعات اإلقميمية ‪.‬وتدعى في صمب النص " المصمحة المتعاقدة "‪.‬‬
‫فالمعيار العضوي موجود ‪ ،‬وتناولتو المادة السادسة من قانون الصفقات العمومية الذي يتناول األشخاص‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-‬المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ :‬وىذا المصطمح قد يشمل جميع اإلدارات العمومية التي‬
‫تتواجد عمى المستوى الوطني ‪ ،‬والمشرع لم يشأ تكميف نفسو عناء التركيز والتخصيص لممعني بالنية‬
‫المكنونة ‪ ،‬واإلفصاح عنيا في قاعدة قانونية تسمح لمدارس أو القارئ بمعرفة المعنى الحقيقي‪.‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪-‬المؤسسات العمومية الخاضعة لمتشريع الذي يحكم النشاط التجاري‪ :‬بالعودة لنص المادة (‪ )800‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬نبلحظ عمييا عدم إختصاص القضاء اإلداري بيا كونيا تنصب‬
‫بالنص عمى اإلختصاص بمنازعات األشخاص اإلدارية فقط‪.‬‬
‫لحصرىا تمك األشخاص فيما تم ذكره سالفا لكن عمى أي أساس تم إختصاص المؤسسات العمومية‬
‫الخاضعة لمتشريع الذي يحكم النشاط التجاري‪ ،‬واعتبارىا شخصية ليا القدرة عمى إبرام العقود اإلدارية‬
‫مثميا مثل األشخاص اإلدارية العامة ؟ يمكن حصر الجواب عن السؤال في كون المشرع ‪ ،‬لما أنشأ ىذه‬
‫المؤسسات ‪ ،‬كان الغرض منيا ىو السماح ليا بممارسة نشاطات تجارية ضمن الشروط المطبقة عمى‬
‫أشخاص القانون الخاص‪.‬‬
‫وبالنتيجة تكون عقودىا خاضعة لمقانون‪ ،‬والقضاء الخاصين معا ‪ ،‬وقد يكون األمر خبلف ذلك في حالة‬
‫تعاقد الشركات الوطنية مع اإلدارة العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬تضمن العقد لبنود غير مألوفة ‪ :‬فالعقد اإلداري حتى يكون كذلك ‪ ،‬البد لو أن يتضمن في طياتو‬
‫بنودا وغير مألوفة في القانون العادي ‪ ،‬تظير من الشروط الواردة في نصوص المرسوم المتعمق بقانون‬
‫الصفقات العمومية رقم ‪ ،124-15‬فيذه البنود ىي عبارة عن شروط ال نجدىا عادة في العقود المبرمة‬
‫بين األفراد ولذلك تسمى بالشروط وغير المألوفة ‪ ،‬وعرفيا مجمس الدولة الفرنسي بأنيا الشروط التي يخول‬
‫موضوعيا لؤلطراف المعنية حقوقا أو يضع عمى عاتقيم إلتزامات وغريبة بطبيعتيا عن تمك التي يمكن أن‬
‫تقبل بحرية من أي منيم وذلك ضمن إطار القوانين المدنية أو التجارية ‪ ،‬وأقرت محكمة المنازعات بأن‬
‫الشرط أو البند وغير المألوف ال يستعمل في العبلقات بين األفراد‪.‬‬
‫فالشرط وغير المألوف يمنح اإلدارة حقوق وسمطات تجاه المتعاقد معيا ‪ ،‬مثل الفسخ الذي تمارسو اإلدارة‬
‫بإرادتيا المنفردة ( المواد ‪ 149،150‬من قانون الصفقات العمومية ‪ ،‬وىو اإلجراء الذي ال نجده مطبقا في‬
‫العقود المدنية ‪ ،‬إستنادا لنص المادة (‪ )106‬من القانون المدني‪.2‬‬

‫‪ 1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 247-15‬مؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬يتضمن قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪ ،‬ج ر عدد‬
‫‪ ، 50‬الصادرة بتاريخ ‪ 20‬سبتمبر ‪.2015‬‬
‫‪ 2‬تنص المادة (‪ ) 106‬من القانون المدني ‪ " :‬العقد شريعة المتعاقدين ‪ ،‬فبل يجوز نقضو ‪ ،‬وال تعديمو إال بإتفاق الطرفين ‪ ،‬أو لؤلسباب‬
‫التي يقر بيا القانون "‪.‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬صور الفساد في الصفقات العمومية ‪:‬‬


‫تتعدد صور الفساد في الصفقات العمومية وبالرجوع لقانون الفساد ‪ 01-06‬المعدل والمتمم المتعمق‬
‫بالوقاية من الفساد ومكافحتو ‪ ،‬نجده قد نص عمى جرائم الصفقات العمومية وعمى عقوبات لكل جريمة ‪،‬‬
‫حيث نص عمى عدة جرائم وىي كالتالي ‪.‬‬
‫‪-20‬جريمة المحاباة ‪:‬‬
‫نصت عمييا المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المعدل بالقانون رقم ‪ 15-11‬وتتحقق ىذه الجريمة‬
‫بإبرام الجاني عقد أو إتفاقية أو صفقة عمومية أو ممحق دون مراعاة األحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫المعمول بيا المتعمقة بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية اإلجراءات وىذا يعني أن جريمة‬
‫المحاباة ىي تفضيل جية عمى أخرى في الخدمة بغير حق لتحقيق مصمحة معينة لمترشح معين دون‬
‫وجو حق مما يخل بالمبادئ إبرام الصفقات‪.‬‬
‫تعتبر ىذه الجريمة جنحة عمدية تتطمب توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في إعطاء إمتيازات وغير‬
‫مبررة وىو مانصت عميو المادة ‪ 26‬السالفة الذكر‪.1‬‬
‫وىي مخالفة لمتشريع والتنظيم الذي يحكم الصفقات العمومية من طرف موظف عمومي مكمف بإبرام أو‬
‫بتأشير أو بمراجعة عقد أو إتفاقية أو صفقة أو ممحق من أجل منح أحد المتعاممين امتيازات وغير مبررة‬
‫وىذا الفعل يشكل جريمة وفقا لقانون مكافحة الفساد ومكافحتو‪. 2‬‬
‫‪-22‬جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين لمحصول عمى امتيازات غير مبررة ‪:‬‬
‫إشترطت المادة ‪ 2/62‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو ان يكون الجاني تاج ار أو صناعيا أو حرفيا‬
‫أو مقاوال من القطاع الخاص ‪ ،‬أي أن يكون عونا اقتصاديا من القطاع الخاص وأضافت كذلك أو بصفة‬
‫عامة كل شخص طبيعي أو معنوي وبيذه اإلضافة يكون المشرع قد عدل عن اشتراط صفة معينة في‬
‫الجاني الميم أن يكون عون اقتصادي من القطاع الخاص ‪.‬‬

‫‪ 1‬سبلمي ميمود ‪ ،‬لكحل شيرزاد ‪ ،‬الفساد في الصفقات العمومية والجيود الوطنية في مكافحتو ‪ ،‬مجمة الباحث لمدراسات األكاديمية ‪،‬‬
‫المجمد ‪ ، 08‬العدد ‪ ، 02‬أفريل ‪ ، 2021‬ص ‪.05‬‬
‫‪2‬‬
‫سعاد تونسي ‪ ،‬الفساد في مجال الصفقات العمومية وآليات مكافحتو ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫وتتحقق ىذه الجريمة عندما يبرم الجاني عقدا أو صفقة مع الدولة أو إحدى الييئات التابعة ليا ويستفيد‬
‫من سمطة أو نفوذ أعوان لمحصول عمى امتيازات وغير مبررة تتمثل في الزيادة في األسعار التي يطبقيا‬
‫الجاني عادة أو تعديل لصالحو في نوعية الخدمات أو المواد أو آجال التسميم أو التموين‪.1‬‬
‫‪-23‬جريمة الرشوة ‪:‬‬
‫نصت عمييا المادة ‪ 27‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو السالف الذكر ‪،‬‬
‫فالرشوة ىي وعد موظف عمومي بمزية وغير مستحقة أو عرضيا عميو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو‬
‫وغير مباشر سواء لصالح الموظف نفسو ام لصالح شخص ىخر ‪ ،‬بحيث يقوم الموظف بالقيام بفعل ما أو‬
‫اإلمتناع عن فعل ما أثناء أدائو لعممو ‪.‬‬
‫ويعتبر اإلتجار بالوظيفة جوىر جريمة الرشوة ‪ ،‬وىذه األخيرة قد تكون إيجابية أو سمبية ‪ ،‬فالعرض من‬
‫الراشي يسمى بالرشوة اإليجابية والقبول من جانب المرتشي يسمى بالرشوة السمبية ‪ ،‬بحيث تتحقق جريمة‬
‫الرشوة عندما يقبض أو يحاول أن يقبض أجرة أو منفعة ميما يكون نوعيا من قبل الموظف بمناسبة‬
‫تحضير أو إجراء مفاوضات أو إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ممحق باسم الدولة أو أحد الجماعات‬
‫المحمية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري او المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري أو المؤسسات االقتصادية‪. 2‬‬
‫وىي تمثل أسوء صور الفساد عامة وأكثر الجرائم انتشا ار في مجال الوظيفة العامة‪. 3‬‬
‫باإلضافة إلى جريمة أخذ فوائد بصفة وغير قانونية ‪ ،‬وىو مانصت عميو المادة ‪ 35‬من قانون الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحتو ‪.‬‬
‫إن صور الفساد في الصفقات العمومية متعددة ومصاحبة لجميع مراحل إبرام الصفقة العامة ابتداءا من‬
‫اختيار طريقة إبراميا ومرو ار بإجراءاتيا وشكمياتيا انتياءا باختيار المتعامل المتعاقد لتنفيذ الصفقة‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫أحسن بوسقيعة ‪،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص ( جرائم الفساد –جرائم المال واألعمال –جرائم التزوير ) ‪،‬ج ‪ ،2‬دار ىومة‬ ‫‪1‬‬

‫لمنشر ‪ ،‬ط ‪ ،2013‬الجزائر ‪ ،‬ص‪.168‬‬


‫‪ 2‬خالد خميفة ‪ ،‬مبادئ إبرام الصفقات العمومية في ظل قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو ‪ ،‬دار الخمدونية لمنشر ‪ ،‬ط‪ ، 2017‬الجزائر‬
‫‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫حماس عمر ‪ ،‬جرائم الفساد المالي وآليات مكافحتيا في التشريع الجزائري ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد تممسان ‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2016،2017‬ص ‪.21‬‬

‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫ولكن تعتبر مرحمة اإلبرام أكثر المراحل عرضة لمفساد ‪ ،‬ذلك ألنيا تشيد تنافس كبير بين المتعيدين ‪،‬‬
‫ألنو وبغرض منح أحدىم الصفقة العمومية يتم خرق المبادئ واألحكام التشريعية والتنظيمية المتعمقة بحرية‬
‫الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية اإلجراءات‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫يعتبر الفساد في مجال الصفقات العمومية من بين التحديات التي تواجو جميع الدول عمى حد السواء‬
‫في مجال القطاع العام ‪ ،‬عمى اعتبار أنيا عقود ممولة بميزانية الدولة ‪ ،‬مما يجعميا عرضة لمتجاوزات‬
‫سواء أثناء إبراميا أو أثناء منح الصفقة العمومية ‪ ،‬مما نتج عنيا إىدار وتبديد المال العام دون الحصول‬
‫عمى اليدف األساسي من الصفقة العمومية من اشغال أو خدمات ‪.‬‬
‫ولتفادي ىذه الظاىرة سعى المشرع الجزائري عمى وغرار التشريعات المقارنة لتكريس إجراءات الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحتو ‪ ،‬من خبلل القانون رقم ‪ 01-06‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو وكذلك من خبلل‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 247-15‬المتعمق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ‪.‬‬
‫النتائج ‪:‬‬
‫‪-‬يعتبر الفساد في مجال الصفقات العمومية من أخطر أشكال الفساد‪.‬‬
‫‪-‬تفشي ظاىرة الفساد في الصفقات العمومية في ظل الجيود المبذولة لمكافحتو‪.‬‬
‫‪-‬إن مكافحة الفساد ىي عممية معقدة‪.‬‬
‫التوصيات ‪:‬‬
‫‪-‬تعزيز وتطوت مكافحة الفساد رقابيا وتشريعيا ‪.‬‬
‫‪-‬وضع أنظمة ضبط ورقابة داخمية وخارجية ‪.‬‬
‫‪-‬تشديد العقوبات في الجرائم المتعمقة بالصفقات العمومية ‪.‬‬
‫‪-‬التنبيو ونشر الوعي بأن الفساد يعد من العقبات والكوابح لمتنمية ولو عواقب وخيمة عمى جميع‬
‫المستويات ‪.‬‬
‫_عقد ندوات ومؤتمرات بين الباحثين والخبراء لمتوعية أكثر وايجاد الحمول المناسبة حول ىذه الظاىرة ‪.‬‬
‫‪-‬زيادة التعاون الدولي في ىذا المجال ‪.‬‬

‫‪8818‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫أوال‪ :‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -‬قانون الفساد ‪ 01-06‬المعدل والمتمم المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ‪ ،‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير‬
‫‪ ، 2006‬ج ر عدد ‪ 14‬سنة ‪.2006‬‬
‫المراسيم الرئاسية ‪:‬‬
‫‪-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 247-15‬مؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬يتضمن قانون الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام‪ ،‬ج ر عدد ‪ ، 50‬الصادرة بتاريخ ‪ 20‬سبتمبر ‪.2015‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬أحسن بوسقيعة ‪،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص ( جرائم الفساد –جرائم المال واألعمال –جرائم‬
‫التزوير ) ‪،‬ج ‪ ،2‬دار ىومة لمنشر ‪ ،‬ط ‪ ،2013‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-‬عبد القادر الشيخمي ‪ ،‬دور القانون في مكافحة الفساد اإلداري والمالي ‪ ،‬النزاىة والشفافية واإلدارة ‪،‬‬
‫المنظمة العربية لمتنمية اإلدارية ‪ ،‬جامعة الدول العربية ‪ ،‬القاىرة ‪. 2006 ،‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرسائل والمذكرات‬
‫‪-‬حاحة عبد العالي ‪ ،‬اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر ‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق‪،‬‬
‫تخصص قانون عام ‪ ،‬جامعة محمد خيضر ‪ ،‬بسكرة ‪ ،‬كمية الحقوق ‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2013 ،2012‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم سعد إبراىيم الخثران ‪ ،‬واقع اإلجراءات األمنية المتخذة لمحد من جرائم الفساد من وجية نظر‬
‫العاممين في أجيزة مكافحة الرشوة في المممكة العربية السعودية ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬قسم العموم الشرطية ‪،‬‬
‫جامعة نايف العربية لمعموم األمنية ‪ ،‬الرياض ‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬حماس عمر ‪ ،‬جرائم الفساد المالي وآليات مكافحتيا في التشريع الجزائري ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة‬
‫أبي بكر بمقايد تممسان ‪.2016،2017 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬المقاالت‬
‫‪-‬سبلمي ميمود ‪ ،‬لكحل شيرزاد ‪ ،‬الفساد في الصفقات العمومية والجيود الوطنية في مكافحتو ‪ ،‬مجمة‬
‫الباحث لمدراسات األكاديمية ‪ ،‬المجمد ‪ ، 08‬العدد ‪ ، 02‬أفريل ‪.2021‬‬
‫‪ -‬مبلتي معمر ‪ ،‬قراءة في التنظيم المتعمق بالصفقات العمومية الجزائري عن ماىية الصفقة ‪ ،‬مجمة‬
‫المفكر ‪ ،‬العدد ‪.14‬‬
‫‪ -‬دبيح زىيرة ‪ ،‬زيان محمد أمين ‪ ،‬موقف المشرع الجزائري من معايير تحديد العقد اإلداري ‪ ،‬مجمة‬
‫البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ ،‬العدد الثاني عشر ‪.‬‬
‫‪8811‬‬
‫صور الفساد في الصفقات العمومية‬

‫‪ -‬سعاد تونسي ‪ ،‬الفساد في مجال الصفقات العمومية وآليات مكافحتو ‪ ،‬مجمة المستقبل لمدراسات‬
‫القانونية والسياسية ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬ديسمبر ‪ ، 2018‬المركز الجامعي آفمو‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أشغال الممتقيات‬
‫‪-‬رضا ىميسي ‪ ،‬دور المجتمع المدني في الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتيا ‪ ،‬مداخمة المشاركة في‬
‫الممتقى الوطني الثالث حول الجريمة المنظمة وسياسة مكافحتيا بالجزائر ‪ ،‬أيام ‪ 04-03-02‬مارس‬
‫‪ ، 2008‬كمية الحقوق والعموم اإلجتماعية ‪ ،‬قسم الحقوق ‪ ،‬جامعة عمار ثميجي األوغواط‪.‬‬

‫‪8811‬‬

You might also like