You are on page 1of 31

‫جامعة زياف عاشور بالجمفة‬

‫كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‬


‫قسـ الحقوؽ‬

‫حماضرات حول قانون مكافحة الفساد‬


‫(دراسة تحميمية ألحكام القانون ‪ 01-06‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو المعدل‬
‫والمتمم)‬

‫لطمبة السنة األولى ماستر تخصص الدولة والمؤسسات‬

‫مف إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬لحوؿ دراجي‬

‫‪2021/2020‬‬
‫مػ ػقػػدم ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‪:‬‬
‫مع بداية ىذه األلفية تبنى المشرع الجزائري مجموعة من اإلصالحات السياسية كان أبرزىا صدور‬
‫القانون رقم ‪ 01- 06‬المؤرخ في ‪ 2006/02/20‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ‪ُ 1‬ليحدث بذلك‬
‫توجياً حديث ًا نحو إيديولوجية قانونية جديدة نابعة من إف ارزات نشاطات التنظيم الدولي‪ ،‬حيث كان من بين‬
‫أىم أسباب صدور ىذا القانون ىو مصادقة الجزائر عمى ات فاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪2003‬‬
‫وكذا اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو في نفس السنة ‪ ،‬وعمى إثر ذلك جاء ىذا النص القانوني‬
‫بمبادئ حديثة لمسياسة الجزائية أىميا السياسة الوقائية لجرائم الفساد في كل من القطاع العام والقطاع‬
‫الخاص حتى يعطييا حي ًاز مبدئي ًا معموم ًا لدى المجتمع ككل‪.‬‬

‫ومن خالل ذلك سنتطرق لدراسة ىذا المقياس وفق المحاور التالية‪:‬‬
‫المحور األوؿ‪ :‬خصوصية القانوف ‪ 01- 06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو المعدؿ والمتمـ‬
‫المحور الثاني‪ :‬التدابير الوقائية في القطاع العاـ‬
‫المحور الثالث‪ :‬ىيئات الوقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫المحور الرابع‪ :‬التجريـ والعقوبات وأساليب التحري‬
‫المحور الخامس‪ :‬التعاوف الدولي في قضايا الفساد‬
‫‪..............................‬‬
‫المحور األوؿ‪ :‬خصوصية القانوف ‪ 01- 06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو المعدؿ والمتمـ‬
‫سنتناول في ىذا المحور أىم المفاىيم المتعمقة بالفساد وكذا أسباب تبني المشرع ليذا القانون‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مفيوـ الفساد‪ :‬لكي نتمكن من الوصول إلى المفيوم الحقيقي لمفساد يجب التطرق إلى تعريفو‬
‫المغوي واالصطالحي ومختمف التشريعات التي تناولتو‪.‬‬
‫‪- 1‬مدلوؿ الفساد لغةً‪ :‬لقد ُعرف الفساد في معظم المعاجم عمى أنو نقيض الصالح‪ ،‬حيث ُيقال‬
‫يد ِفييا ‪ ،‬ويقال تفاسد القوم أي تدابروا‬
‫اس ٌد و َف ِس ٌ‬
‫وي ْف ِس ُد و َفس َد َفسادًا وفُسودًا‪ ،‬فيو َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َف َس َد ي ْف ُس ُد َ‬
‫وقطعوا األرحام‪ ،‬واستفسد السمطان قائده إذا أساء إليو حتى استعصى عميو‪ ،‬والمفسدة خالف‬
‫المصمحة واالستفساد خالف االستصالح‪ ،2‬ولقد ورد مصطمح الفساد في القرآن الكريم‬
‫بمختمف مشتقاتو (فسدت ‪ ،‬يفسد‪ ،‬تفسدوا‪ ،‬يفسدوا‪ ،‬مفسد‪ ،‬مفسدون‪ ،‬مفسدين‪ ،‬فساد‪)...‬‬
‫(‪ ) 50‬مرة‪ ،‬وىذا إن دل إنما يدل عمى تنوع صوره بحسب ورود مصطمح الفساد في‬ ‫خمسين‬
‫اآليات فنذكر عمى سبيل المثال اآلية (‪ )11‬من سورة البقرة ‪َ‬و إِ َذا ِق َ‬
‫يؿ لَيـ الَ‬ ‫مختمف‬
‫وف ‪ ‬حيث يقصد بالفساد ىنا بالكفر والعمل‬ ‫صِمح ً‬ ‫ِفي ْاأل َْر ِ‬
‫ض قَالوْا إِنَّ َما َن ْحف م ْ‬ ‫ت ْف ِسدوْا‬
‫‪3‬‬
‫بالمعصية‪.‬‬
‫‪- 2‬المدلوؿ االصطالحي لمفساد‪:‬‬
‫أما اصطالح ًا فيعرفو البعض عمى أنو خروج الشيء عن االعتدال بالقميل أو الكثير ‪،4‬‬
‫كما يعرفو آخرون بأنو تصرف وسموك وظيفي سيء يخالف اإلصالح وىدفو االنحراف‬
‫والكسب الحرام والخروج عمى النظام ألجل مصمحة شخصية ‪ 5‬ورغم كل ىذه التعريفات‬
‫وغيرىا فيناك من يرى عدم وجود تعريف جامع لمفساد مرده إلى كونو يتمتع بالمرونة مما‬
‫يجعمو قابالً لمتكيف بين اإليديولوجيات والمرجعيات ‪.6‬‬
‫‪- 3‬التعريفات التشريعية لمفساد‪:‬‬
‫ل قد تم تعرف الفساد لدى العديد من الييئات الدولية قبل أن يتم تعريفو تشريعياً‪ ،‬فعرفو‬
‫البنك الدولي عمى أنو "إساء ة استعماؿ السمطة الموكمة لتحقيؽ مكاسب خاصة" ‪ ،7‬كما‬
‫عرفو صندوق النقد الدولي عمى أنو "استغالؿ الوظيفة العامة لمحصوؿ عمى مكاسب‬
‫خاصة" ‪ ، 8‬وعرفتو منظمة الشفافية الدولية لمفساد بأنو كذلك سوء استعمال السمطة العامة‬
‫لربح منافع خاصة أو بأنو عمل ضد الوظيفة العامة التي ىي محل ثقة عامة‪.‬‬
‫غير أن المشروع األولي التفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬كان يعرف‬
‫الفساد عمى أنو "القياـ بأعماؿ تمثؿ أداء غير سميـ لمواجب‪ ،‬أو إساءة استغالؿ لموقع أو‬
‫سمطة بما في ذلؾ أفعاؿ اإلغفاؿ توقعاً لمزية أو سعياً لمحصوؿ عمى مزية يوعد بيا أو‬
‫تعرض أو تطم ب بشكؿ مباشر أو غير مباشر أو إثر قبوؿ مزية ممنوحة بشكؿ مباشر أو‬
‫غير مباشر‪ ،‬سواء لمشخص ذاتو أو لصالح شخص آخر" ‪ ،9‬لكن نص االتفاقية اكتفى‬
‫بتحديد مجموعة أفعال الفساد وصوره والتي تمثمت في‪ :‬الرشوة‪ ،‬االختالس‪ ،‬المتجرة بالنفوذ‬
‫اساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬اإلثراء غير المشروع‪...‬‬
‫كما أن اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو لسنة ‪ 2003‬اتخذت ذات الطريقة‬
‫وعرفت الفساد في المادة األولى منيا عمى أنو مختمف األعمال أو الممارسات بما فييا‬
‫الجرائم ذات الصمة التي تحرميا أحكام االتفاقية‪ ،‬حيث حددت المادة الرابعة (‪ )4‬منيا‬
‫مختمف ىذه األفعال مثل الرشوة واالختالس واساءة استعمال السمطة والكسب غير المشروع‬
‫وغيرىا من الجرائم ‪.10‬‬
‫وعمى ُخطى األمم المتحدة واالتحاد اإلفريقي سار المشرع الجزائري بنفس الطريقة في‬
‫تعريف الفساد حيث جاء في المادة الثانية من القانون رقم ‪ 01- 06‬المؤرخ في‬
‫‪ 2006/02/20‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو المعدل والمتمم بأن الفساد يمثل كل‬
‫الجرائم المنصوص عمييا في الباب الرابع منو والتي انحصرت في الجرائم التالية‪ :‬الرشوة‬
‫واالختالس في القطاع العام والقطاع الخاص ‪ ،‬الغدر‪ ،‬استغالل النفوذ‪ ،‬إساءة استغالل‬
‫الوظيفة‪ ،‬تعارض المصالح في الصفقات العمومية‪ ،‬أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪ ،‬عدم‬
‫التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات‪ ،‬اإلثراء غير المشروع‪ ،‬تمقي اليدايا‪ ،‬التمويل‬
‫الخفي لألحزاب السياسية‪ ،‬تبييض العائدات اإلجرامية‪ ،‬اإلخفاء واعاقة السير الحسن لمعدالة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مبررات المشرع الجزائري في اتخاذ قانوف مستقؿ لموقاية مف الفساد ومكافحتو‪:‬‬
‫تختمف مبررات المشرع الجزائري في اتخاذ قانون مستقل لموقاية من الفساد ومكافحتو إلى العديد‬
‫من النقاط اليامة سواء عمى الصعيد السياسي أو القانوني أو االقتصادي‪ ،‬وفيما يمي أىميا‪:‬‬
‫‪- 1‬مصادقة الجزائر عمى كؿ مف اتفاقيتي األمـ المتحدة واالتحاد اإلفريقي لمكافحة الفساد‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫عمى اثر مصادقة الجزائر بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫‪ 128- 04‬المؤرخ في ‪ 2004/04/19‬ومصادقتيا عمى اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمكافحة الفساد‬
‫‪12‬‬
‫‪ 137- 06‬المؤرخ في ‪ 2006/04/10‬باعتبارىا طرفاً فييا أصبح‬ ‫بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫عمى عاتقيا التزاماً دولياً بتنفيذ محتوى ىاتو األحكام عن طريق التشريعات والتنظيمات الوطنية‪،‬‬
‫حيث يمكن لي ا أن تعتمد تدابير أكثر صرامة مما تضمنتو تمك االتفاقيات من أجل قمع الفساد‬
‫ومكافحتو ‪ ، 13‬وىو ما اتخذه المشرع الجزائري بعد حوالي أكثر من سنتين ليعمل عمى اصدار‬
‫القانون ‪ 01- 06‬المؤرخ في ‪ 2006/02/20‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪.‬‬
‫ودون أن ننسى بأن الجزائر كانت قد صادقت بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة ضد الجريمة‬
‫المنظمة عبر الوطنية المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2000‬والتي‬
‫‪14‬‬
‫في‬ ‫دخمت حيز التنفيذ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 2003‬وذلك بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 55- 02‬المؤرخ‬
‫‪ ، 2002/02/05‬حيث جاء في مادتيو الثامنة (‪ )8‬والتاسعة (‪ )9‬عمى تجريم الفساد وتدابير‬
‫مكافحتو لتعتبر ىذه المواد أولى األحكام القانونية التي أسست لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 2014‬قامت الجزائر بالمصادقة كذلك عمى االتفاقية العربية لمكافحة الفساد المعتمدة‬
‫‪15‬‬
‫في ‪.2014/09/08‬‬ ‫بالقاىرة في ‪ 2010/12/21‬بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 249- 14‬المؤرخ‬
‫‪- 2‬اعتماد سياسة الوقاية مف الفساد ومكافحتو وتعزيز النزاىة والمسؤولية والشفافية في مختمؼ‬
‫القطاعات‪ :‬وىو ما جاءت بو المادة األولى من ىذا القانون كأىداف عامة لو‪ ،‬حيث تعتبر في‬
‫األصل كل ىذه النقاط من قبيل أىداف السياسة العامة لمدول خاصة وأن دول العالم الثالث وحتى‬
‫الدول النامية تحتل دوماً ذيل ترتيب الدول وفق مؤشرات الفساد ومعايير النزاىة والشفافية المعتمدة‬
‫من طرف بعض المنظمات كمنظمة الشفافية الدولية ‪.16‬‬
‫وليذا تم اعتماد ىذه السياسة الجزائية الحديثة والمتمثمة في السياسة الوقائية من جرائم الفساد‬
‫حيث تتمثل ىذه السياسة في وضع األطر القانونية الالزمة لجرائم الفساد في نصوص قانونية‬
‫خاصة وتحت رقابة ىيئات عمومية خاصة حتى يتمكن أغمب أفراد المجتمع من معرفة خطورة ىذه‬
‫األفعال والحكمة من تجريميا قانوناً‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك تعتمد ىذه السياسة عمى وضع تدابير‬
‫وقائية كاالىتمام بعمميات التوظيف أو اعتماد نظام التصريح بالممتمكات أو وضع مدونات قواعد‬
‫سموك الموظفين العموميين وغيرىا من التدابير‪.‬‬
‫‪- 3‬تسييؿ وتدعيـ التعاوف الدولي لموقاية مف الفساد ومكافحتو‪:‬‬
‫وىو ما جاء كيدف من أىداف ىذا القانون في المادة األولى منو‪ ،‬حيث أنو من خالل أحكام‬
‫ىذا القانون تم ت خصيص العديد من االجراءات التي تدعم التعاون الدولي والمساعدات التقنية في‬
‫قضايا الفساد كاسترداد الموجودات بين الدول وتقديم المعمومات واألرصدة المتواجدة بالخارج‬
‫ومصادرة مختمف الممتمكات‪ ،‬وىو ما كانت والزالت تحتاجو الجزائر بالفعل خاص ًة وقت صدور ىذا‬
‫القانون جراء تضرر الخزينة العمومية من العديد من قضايا الفساد آنذاك‪.‬‬
‫‪- 4‬وضع قانوف مستقؿ خاص بجرائـ الفساد التي تعتمد عمى صفة الموظؼ‪:‬‬
‫لقد عمد المشرع الجزائري عمى اخراج بعض الجرائم المتعمقة بالفساد الذي يمارسو الموظفون سواء‬
‫‪17‬‬
‫إلى قانون مستقل حتى يعطي ليذه‬ ‫في القطاع العام أو القطاع الخاص من أحكام قانون العقوبات‬
‫الجرائم صبغة خاصة تحمل في طياتيا ميزة وقائية تحذيرية لكل مستخدمي القطاعات لتصل إلى‬
‫مخيالتيم مدى اىتمام المشرع لمثل ىذه الجرائم المتعمقة بالفساد‪ ،‬وىو في الحقيقة ىدف جد ميم يعمل‬
‫عمى تحضير العامل النفسي لمعنصر البشري في مختمف القطاعات‪.‬‬
‫كما يعد ىذا القانون تسييال اجرائيا لمييئات الق ضائية في قضايا الفساد حيث من خاللو تتضح كل‬
‫االجراءات القضائية الخاصة بجرائم الفساد وما ليا من خصوصية في نص قانوني واحد‪.‬‬
‫وعمى أساس ذلك جاء القانون ‪ 01- 06‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو بستة (‪ )06‬أبواب قبل أن‬
‫‪18‬‬
‫وىو الباب الثالث مكرر‬‫ُيتمم بموجب األمر ‪ 05- 10‬المؤرخ في ‪ 2010/08/26‬ليضيف باب ًا سابع ًا‬
‫المتعمق بالديوان المركزي لقمع الفساد ‪ ، 19‬ليتم تعديمو كذلك بموجب القانون ‪ 15- 11‬المؤرخ في‬
‫‪ 2011/08/02‬بغرض تعديل أحكام المادتين ‪ 26‬و ‪ 29‬من القانون ‪ 01- 06‬المتعمق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو ‪.20‬‬
‫وجاءت عناوين األبواب كاآلتي‪:‬‬
‫الباب األوؿ‪ :‬أحاكـ عامة‬
‫حيث تضمن أىداف ىذا القانون وكذا التعريف بالمصطمحات الواردة فيو وىي‪ :‬الفساد‪ ،‬الموظف‬
‫العمومي‪ ،‬الموظف العمومي األجنبي‪ ،‬موظف منظمة دولية عمومية‪ ،‬الكيان‪ ،‬الممتمكات‪ ،‬العائدات‬
‫االجرامية‪ ،‬التجميد أو الحجز‪ ،‬المصادرة‪ ،‬الجرم األصمي‪ ،‬التسميم المراقب‪ ،‬االتفاقية والييئة ‪.21‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬التدابير الوقائية في القطاع العاـ‬
‫تضمن ىذا الباب تدابير وقائية ىامة جدا في القطاع العام واشتممت عمى‪ :‬التوظيف‪ ،‬التصريح‬
‫بالممتمكات‪ ،‬مدونات قواعد سموك الموظفين العموميين‪ ،‬إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬تسيير األموال العمومية‪،‬‬
‫الشفافية في التعا مل مع الجميور‪ ،‬التدابير المتعمقة بسمك القضاة‪ ،‬تدابير وقائية في القطاع الخاص‪،‬‬
‫معايير المحاسبة العمومية في القطاع الخاص‪ ،‬مشاركة المجتمع المدني في ميمة الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو‪ ،‬تدابير منع تبييض األموال ‪.22‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫جاء ىذا الباب ليوضح النظام القانوني ليذه الييئة وكذا ضمانات استقالليتيا ومياميا وآليات تزويدىا‬
‫بالمعمومات والوثائق وعالقتيا بالسمطة القضائية وتقريرىا السنوي ‪.23‬‬
‫الباب الثالث مكرر‪ :‬الديواف المركزي لقمع الفساد‬
‫لقد استُحدث ىذا الباب لينشئ الديوان المركزي لقمع الفساد بيدف ميمة البحث والتحري عن جرائم‬
‫الفساد ‪.24‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬التجريـ والعقوبات وأساليب التحري‬
‫حدد المشرع في ىذا الباب مختمف جرائم الفساد وما يقابميا من عقوبات وىي كاآلتي‪ :‬الرشوة‬
‫واالختالس في القطاع العام والقطاع الخاص‪ ،‬الغدر‪ ،‬استغالل النفوذ‪ ،‬إساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬تعارض‬
‫المصالح في الصفقات العمومية‪ ،‬أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪ ،‬عدم التصريح أو التصريح الكاذب‬
‫بالممتمكات‪ ،‬اإلثراء غير المشروع‪ ،‬تمقي اليدايا‪ ،‬التمويل الخفي لألحزاب السياسية‪ ،‬تبييض العائدات‬
‫اإلجرامية‪ ،‬اإلخفاء واعاقة السير الحسن لمعدالة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك تطرق ىذا الباب أيضاً إلى بعض‬
‫أساليب التحري والتدابير وىي‪ :‬حماية الشيود والخبراء والمبمغين والضحايا‪ ،‬البالغ الكيدي‪ ،‬عدم اإلبالغ‬
‫عن الجرائم‪ ،‬الظروف المشددة‪ ،‬اإلعفاء من العقوبات وتخفيفيا‪ ،‬العقوبات التكميمية‪ ،‬التجميد والحجز‬
‫والمصادرة‪ ،‬المشاركة والشروع‪ ،‬مسؤولية الشخص االعتباري‪ ،‬التقادم‪ ،‬آثار الفساد‪ ،‬أساليب التحري‬
‫الخاصة ‪.25‬‬
‫الباب الخامس‪ :‬التعاوف الدولي واسترداد الموجودات‬
‫لقد جاء ىذا الباب بمختمف اآلليات التي تعزز التعاون الدولي في قضايا الفساد وىي كما يمي‪ :‬التعاون‬
‫القضائي‪ ،‬منع وكشف وتحويل العائدات اإلجرامية‪ ،‬التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية‪ ،‬تقديم‬
‫المعمومات‪ ،‬الحساب المالي المتواجد بالخارج‪ ،‬تدابير االسترداد المباشر لمممتمكات‪ ،‬استرداد الممتمكات عن‬
‫طريق التعاون الدولي في مجال المصادرة‪ ،‬التجميد والحجز‪ ،‬رفع اإلجراءات التحفظية‪ ،‬طمبات التعاون‬
‫الدولي بغرض المصادرة‪ ،‬تنفيذ أحكام المصادرة الصادرة عن جيات قضائية أجنبية‪ ،‬التعاون الخاص‬
‫المصادرة ‪.26‬‬
‫والتصرف في الممتمكات ُ‬
‫الباب السادس‪ :‬أحكاـ مختمفة وختامية‬
‫تضمن الباب األخير من ىذا القانون إلغاء كل المواد المخالفة ألحكامو وتعويضيا بمواد ىذا القانون ‪.27‬‬
‫ويتم شرح ىذه األبواب أكثر في المحاور التالية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬التدابير الوقائية في كؿ مف القطاع العاـ والقطاع الخاص‬
‫من خالل السياسة الوقائية التي تم تبنييا في القانون ‪ 01- 06‬فقد اىتم المشرع الجزائري بالعديد من‬
‫االجراءات والتقنيات التي تالزم تولي المناصب العمومية وتقديم الخدمات العمومية سواء كان ذلك في‬
‫القطاع العام أو القطاع الخاص وىو ما أطمق عميو بالتدابير الوقائية‪ ،‬وفيما يمي سنتعرض لكل منيا‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التوظيؼ في القطاع العاـ‪ :‬لقد أكد المشرع الجزائري في المادة (‪ ) 03‬من ىذا القانون عمى بعض‬
‫النقاط التي يجب أن تراعى خالل التوظيف بالقطاع العام كالشفافية والموضوعية وىما عنصران متالزمان‬
‫فالشفافية تقوم عمى الموضوعية حتى تتحقق ألن ىذه األخيرة ىي المنطمق لموصول إلى الجدارة والكفاءة‬
‫المتطمبة‪ ،‬وألن معظم الدراسات تشير إلى أنو توجد معايير موضوعية حديثة لمتوظيف يجب مراعاتيا‬
‫لموصول إلى الكفاءات الحقيقية ‪.28‬‬
‫كما نبو المشرع لتمك المناصب العمومية المعرضة لمفساد بطبيعتيا عمى أن تُشغل وفق اجراءات‬
‫قانونية مناسبة ليا باإلضافة إلى مراعاة األجور والتعويضات المالية المناسبة ليا وكذا توعية شاغمي ىذه‬
‫المناصب لمخاطر الفساد عن طريق البرامج التكوينية‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬التصريح بالممتمكات‪ :‬وىو إجراء تم تجديده في القانون ‪ 01- 06‬في المادة (‪ )04‬منو وذلك بعد‬
‫‪29‬‬
‫بيذا القانون‪ ،‬حيث‬ ‫إلغاء األمر ‪ 04- 97‬المؤرخ في ‪ 1997/01/11‬المتعمق بالتصريح بالممتمكات‬
‫بموجبو يقوم الموظف حديث التنصيب في وظيفتو إذا كان معيناً أو في بداية عيدتو االنتخابية إذا كان‬
‫منتخباً خالل شير من توليو منصبو وخالل نياية توليو ليذا المنصب بالتصريح بممتمكاتو‪ ،‬ويجدد ىذا‬
‫التصريح فور كل زيادة معتبرة لذمتو المالية‪.‬‬
‫وحدد نص المادة (‪ ) 05‬من ذات القانون محتويات التصريح بالممتمكات والتي تمثمت في جرد األمالك‬
‫العقارية والمنقولة التي يحوزىا المكتتب أو أوالده القصر‪ ،‬ولو في الشيوع في الجزائر وفي الخارج‪.‬‬
‫فبالنسبة لرئيس‬ ‫غير أنو في المادة (‪ )06‬تم تحديد بعض الييئات ُليسمم أماميا ىذا التصريح‪،‬‬
‫الجميورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجمس الدستوري وأعضائو ورئيس الحكومة وأعضائيا ورئيس مجمس‬
‫المحاسبة ومحافظ بنك الجزائر والسفراء والقناصمة والوالة والقضاة فيكون تسميم تصريحيم بعد الشيرين‬
‫(‪ ) 02‬المواليين لتاريخ انتخابيم أو تسمم مياميم أمام الرئيس األول لممحكمة العميا ُلينشر محتواه بعد ذلك‬
‫في الجريدة الرسمية‪ ،‬أما بخصوص رؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحمية المنتخبة فيكون تسميم‬
‫وينشر عن طريق التعميق في لوحات اإلعالنات‬
‫التصريح بممتمكاتيم أمام المجمس المحمي المنتخب ُ‬
‫المخصص لذلك خالل شير من تاريخ انتخابيم‪.‬‬
‫ولقد صدر بعد ذلك المرسوم الرئاسي ‪ 414- 06‬المؤرخ في ‪ 2006/11/22‬ليقوم بتحديد نموذج‬
‫لمتصريح بالممتمكات ‪ 30‬ويوضح كيفية إيداعو حيث ُيعد التصريح في نسختين يوقعيما المكتتب والسمطة‬
‫المودع لدييا عمى أن تسمم نسخة لممكتتب‪.‬‬
‫وبالنسبة لباقي الموظفين العموميين فقد صدر المرسوم الرئاسي ‪ 415- 06‬المؤرخ في ‪2006/11/22‬‬
‫المحدد لكيفيات التصريح بالممتمكات بالنسبة لمموظفين العموميين غير المنصوص عمييم في المادة ‪ 6‬من‬
‫‪31‬‬
‫ليوضح الييئات التي يسمم أماميا التصريح‪ ،‬فبالنسبة‬ ‫القانون المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‬
‫لمموظفين العموميين الذين يشغمون مناصب عميا في الدولة فيسممون تصاريحيم أمام السمطة الوصية‬
‫وبالنسبة لمموظفين العموميين الذين تحدد قائمتيم بقرار من السمطة المكمفة بالوظيفة العمومية يكون أمام‬
‫السمطة السممية المباشرة وكل ذلك مقابل وصل استالم‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬وضع مدونات ل قواعد سموؾ الموظفيف العمومييف‪ :‬وىي عبارة عن الئحة تنظيمية تحدد مختمف‬
‫أخالقيات الوظيفة العمومية لضمان األداء السميم والنزيو لمختمف الوظائ ف العمومية والعيد االنتخابية مثل‬
‫مدونة أخالقيات مينة القضاة ومدونة أخالقيات الطب‪ ...‬لكنيا لم تصدر لحد اآلن ‪.32‬‬
‫رابعاً‪ :‬تكريس قواعد الشفافية والموضوعية في ابراـ الصفقات العمومية وفي تسيير األمواؿ العمومية‪:‬‬
‫بالنسبة لمجال الصفقات العمومية فتتمثل عمى الخصوص في بعض االجراءات والضمانات القانونية‬
‫كعالنية المعمومات المتعمقة بالصفقات العمومية وانتياج معايير موضوعية ودقيقة إلبراميا مع إبقاء حق‬
‫ال لجميع المترشحين‪ ،‬أما بالنسبة لألموال العمومية فحث المشرع عمى تعزيز الشفافية‬
‫الطعن مكفو ً‬
‫والمسؤولية والعقالنية في تسييرىا طبقاً لمتشريع والتنظيم المعمول بيما خاصة ما تعمق بقواعد إعداد ميزانية‬
‫الدولة وتنفيذىا ‪.33‬‬
‫خامساً‪ :‬الشفافية في التعامؿ مع الجميور وضرورة اشراؾ المجتمع المدني‪ :‬فيما يخص الشفافية‬
‫والضمانات القانونية في تعامل اإلدارة العامة مع الجميور فقد حدد المشرع بعض االجراءات التي تضمن‬
‫ذلك كتمكين الجميور من االطالع عمى كيفية تنظيميا وسيرىا والعمل عمى تبسيط االجراءات االدارية بيذه‬
‫الييئات واالىتمام بالرد عمى شكاوى المواطنين وكذا تسبيب ق ارراتيا ومنح وتبيين حق الطعن فييا ‪.34‬‬
‫ومن جية أخرى فمقد شجع المشرع الجزائري ضرورة اشراك المجتمع المدني في الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو وفق مبادئ الديمقراطية التشاركية التي تأخذ حيزىا أكثر عمى المستوى المحمي وذلك بالمساىمة‬
‫في تسيير الشؤون العمومية والتحسيس المستمر من مخاطر الفساد عمى المجتمع وكذا تنوير الرأي العام‬
‫بالمعمومات المتعمقة بالفساد في حدود ما يسمح بو القانون ‪.35‬‬
‫سادس ًا‪ :‬التدابير المتعمقة بالقضاة‪ :‬لقد اىتم المشرع الجزائري في ىذا القانون بالسمطة القضائية باعتبارىا‬
‫‪36‬‬
‫وىو ما تم‬ ‫من أىم ركائز الدولة في القضاء عمى الفساد وحث عمى وضع مدونة أخالقيات مينة القضاة‬
‫بالفعل حيث صدرت ىذه المدونة بموجب مداولة من طرف المجمس األعمى لمقضاء لتحدد كل مبادئ‬
‫‪37‬‬
‫في الجريدة الرسمية عدد ‪ 17‬سنة ‪.2007‬‬ ‫والتزامات وسموك القاضي‬
‫سابعاً‪ :‬التدابير المتعمقة بالقطاع الخاص‪ :‬وضع المشرع الجزائر في ىذا القانون كل احتياطاتو من توسع‬
‫جرائم الفساد إلى القطاع الخاص وعمل عمى تحديد تدابير عامة وأخرى خاصة‪ ،‬فبالنسبة لمعامة منيا فقد‬
‫تمثمت في تعزيز التعاون بين ىيئات قمع ومكافحة الفساد مع القطاع الخاص ووضع اجراءات ومدونات‬
‫ألخالقيات المين المتعمقة بيذا القطاع لمحفاظ عمى نزاىتو ولتعزيز النزاىة بين مختمف كياناتو‪.‬‬
‫أما فيما يخص التدابير الخاصة فمقد ركز المشرع عمى ضرورة اعتماد القطاع الخاص لمعايير‬
‫المحاسبة المعمول بيا لوقايتو من الفساد وحدد بعض التعامالت التي قد تؤدي بالقطاع الخاص إلى دائرة‬
‫الفساد مثل مسك الحسابات خرج الدفاتر أو دون تدوينيا أو تسجيل النفقات الوىمية وغيرىا من‬
‫المعامالت ‪.38‬‬
‫ثامناً‪ :‬تدابير منع تبييض األمواؿ‪ :‬وىو اجراء لو من اإليجابيات الكثيرة عمى تطور االقتصاد الوطني ككل‬
‫وعمى مكافحة الفساد بصفة أدق حيث أوجب المشرع من خالل نص المادة ‪ 16‬عمى المصارف‬
‫والمؤسسات المالية غير المصرفية واألشخاص الطبعيين أو االعتباريين الذين يقدمون خدمات نظامية أو‬
‫غير نظامية في مجال تحويل األموال أو كل ما لو قيمة ضرورة اخضاعيم لنظام رقابة داخمي لمنع‬
‫وكشف مختمف صور جريمة تبييض األموال‪ ،‬وذلك باعتبار أن ىذه االجراءات جاءت لتدعم القانون الذي‬
‫أصدره المشرع الجزائري سنة ‪ 2005‬وىو القانون ‪ 01- 05‬المؤرخ في ‪ 2005/02/06‬المتعمق بالوقاية‬
‫‪39‬‬
‫ليتم تعديمو بعد ذلك مرتين‪.‬‬ ‫من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‬
‫المحور الثالث‪ :‬ىيئات الوقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫قبل التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬تبنى المشرع الجزائري ىيئتان لموقاية من الفساد ومكافحتو حيث‬
‫وسميت بالييئة الوطنية لموقاية من الفساد‬
‫جاءت األولى في بموجب أحكام القانون ‪ 01- 06‬لدى صدوره ُ‬
‫وسميت بالديوان‬
‫ومكافحتو بينما تم إضافة الييئة األخرى بموجب تعديمو باألمر ‪ 05- 10‬السالف الذكر ُ‬
‫الوطني لقمع الفساد‪ ،‬لكن بعد ىذا التعديل تم تكريس ىيئة دستورية لمكافحة الفساد بموجب المادتين ‪204‬‬
‫و ‪ 205‬منو ُسميت بالسمطة العميا لمشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتو‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬السمطة العميا لمشفافية والوقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫أكدت المادة ‪ 204‬من الدستور بأن ىذه الييئة ىي عبارة عن مؤسسة مستقمة نظ اًر لما قد يعترضيا في‬
‫مياميا الصعبة لمقضاء عمى الفساد‪ ،‬حيث تم النص عمى البعض من ىذه الميام بموجب المادة ‪205‬‬
‫وتمثمت فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬وضع استراتيجية وطنية لمشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬والسير عمى تنفيذىا ومتابعاتيا‪،‬‬
‫‪ -‬جمع ومعالجة وتبميغ المعمومات المرتبطة بمجال اختصاصيا‪ ،‬ووضعيا في متناول األجيزة‬
‫المختصة‪،‬‬
‫‪ -‬إخطار مجمس المحاسبة والسمطة القضائية المختصة كمّما عاينت وجود مخالفات‪ ،‬واصدار أوامر‪،‬‬
‫عند االقتضاء‪ ،‬لممؤسسات واألجيزة المعنية‪،‬‬
‫‪ -‬المساىمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعمين اآلخرين في مجال مكافحة الفساد‪،‬‬
‫‪ -‬متابعة وتنفيذ ونشر ثقافة الشفافية والوقاية ومكافحة الفساد‪،‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي حول النصوص القانونية ذات الصمة بمجال اختصاصيا‪،‬‬
‫‪ -‬المشاركة في تكوين أعوان األجيزة المكمفة بالشفافية والوقاية ومكافحة الفساد‪،‬‬
‫‪ -‬المساىمة في أخمقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد والوقاية ومكافحة الفساد‪.‬‬
‫وتمت اإلحالة في نياية ىذه المادة إلى صدور قانون ينظم ويحدد تشكيمة ىذه الييئة كما يمنحيا‬
‫صالحيات أخرى وىو الذي لم ير النور بعد‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫بعدما تم انشاء ىذه الييئة بموجب أحكام القانون ‪ 01- 06‬ارتأى المؤسس الدستوري بعد ذلك التأكيد‬
‫عمييا في أحكام الدستور بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ 2016‬لتصبح بعد ذلك ىيئة دستورية ليا من‬
‫المكانة واالستقاللية لتمارس مياميا عمى أفضل وجو‪ ،‬حيث جاءت المادة ‪ 202‬من دستور ‪1996‬‬
‫المعدل والمتمم قبل تعديمو سنة ‪ 2020‬لتؤكد ما جاء بو القانون ‪ 01- 06‬والمرسوم الرئاسي ‪- 06‬‬
‫‪ 413‬المؤرخ في ‪ 2006/11/22‬المحدد لتشكيمة الييئة الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو وتنظيميا‬
‫‪41‬‬ ‫‪40‬‬
‫وذلك بأنيا ىيئة إدارية مستقمة تتمتع باالستقالل االداري والمالي‬ ‫المعدل والمتمم‬ ‫وكيفيات سيرىا‬
‫موضوعة تحت سمطة رئيس الجميورية وتوضح بأن استقالليتيا مضمونة من خالل أداء أعضائيا‬
‫وموظفييا اليمين ومن خالل ما تتمتع بو من حماية قانونية مما قد يعترضيا أثناء ممارسة مياميا‪.‬‬
‫كما أكدت المادة ‪ 203‬من الدستور قبل تعديمو سنة ‪ 2020‬عن أىداف ىذه الييئة والمتمثمة في‬
‫ميمة اقتراح سياسة شاممة لموقاية من الفساد وتكريس مبادئ دولة الحق والقانون وألزمت الييئة برفع‬
‫تقريرىا السنوي لرئيس الجميورية وىو ما تضمنتو أحكام القانون ‪ 01- 06‬في مادتيو ‪ 20‬و ‪ 24‬عمى‬
‫التوالي‪.‬‬
‫وعمى غرار ذلك فإن الميام الموكمة إلى ىذه الييئة تمثمت فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم التوجييات لموقاية من الفساد لكل القطاعات واقتراح أية تدابير تيدف لذلك‪،‬‬
‫‪ -‬التوعية العامة آلثار الفساد‪،‬‬
‫‪ -‬الكشف عن أعمال الفساد عن طريق استغالل المعمومات‪،‬‬
‫‪ -‬التقييم الدوري لممنظومة القانونية واالدارية المتعمقة بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪،‬‬
‫‪ -‬تمقي التصريحات بالممتمكات الخاصة بالموظفين العموميين‪،‬‬
‫‪ -‬االستعانة بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات العالقة بالفساد‪،‬‬
‫‪ -‬التنسيق مع مختمف القطاعات وىيئات مكافحة الفساد الوطنية والدولية وتحفيز كل نشاط أو بحث‬
‫‪42‬‬
‫يدعم الوقاية من الفساد ومكافحتو‪.‬‬
‫ويمكن لمييئة والتي ُحدد مقرىا بمدينة الجزائر في إطار ممارسة مياميا أن تطمب من ىيئات القطاع‬
‫العام أو الخاص أو أي شخص طبيعي أو معنوي أية وثائق أو معمومات تساعدىا في الكشف عن أفعال‬
‫الفساد وعندما تتوصل الييئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الممف إلى وزير العدل الذي يخطر‬
‫النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية عند االقتضاء‪.‬‬
‫ولقد نظم المرسوم الرئاسي ‪ 413- 06‬السالف الذكر كل ما يتعمق بالييئة من تشكيمتو وتنظيمو وسيره‪،‬‬
‫فتضم الييئة مجمس يقظة وتقييم يتشكل من رئيس وستة (‪ )6‬أعضاء يعينون بموجب مرسوم رئاسي لمدة‬
‫(‪ ) 5‬سنوات قابمة لمتجديد مرة واحدة‪ ،‬وتزود الييئة بأمان ة عامة وثالثة أقسام إدارية أخرى ىي قسم الوثائق‬
‫والتحاليل والتحسيس وقسم معالجة التصريحات بالممتمكات وقسم التنسيق والتعاون الدولي‪ ،‬حيث يؤدي كل‬
‫أعضاء الييئة ومستخدمييا الذين قد يطمعون عمى المعمومات السرية اليمين المنصوص عنيا في ىذا‬
‫المرسوم الرئاسي أمام المجمس القضائي‪.‬‬
‫ويكون لمرئيس دور كبير في إدارة وتنفيذ برنامج الييئة ومجمس اليقظة والتقييم أين يساعده في ذلك‬
‫مدير لمدراسات؛ حيث يجتمع مجمس اليقظة والتقييم مرة كل ثالثة (‪ )3‬أشير بناء عمى استدعاء من رئيسو‬
‫كما يمكن أن يجتمع استثنائي ًا بناء عمى طمب ىذا األخير أيض ًا لتصدر الييئة في نياية جمساتيا توصيات‬
‫أو آراء أو تقارير أو دراسات وترسميا إلى الييئات المعنية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الديواف الوطني لقمع الفساد‬
‫من خالل األمر ‪ 05- 10‬المتمم لمقانون ‪ 01- 06‬المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو تم إنشاء الديوان‬
‫الوطني لقمع الفساد بموجب المادة ‪ 24‬مكرر وتحديد ميمتو بالبحث والتحري عن جرائم الفساد‪ ،‬ليكون‬
‫بذلك لو دور مباشر في الكشف عن ىذه الجرائم عمى عكس ما رأيناه بالنسبة لمييئة الوطنية لموقاية من‬
‫الفساد ومكافحتو التي يكون دورىا وقائياً أكثر مما ىو مباش اًر في القضاء عمى الفساد‪.‬‬
‫وليذا الغرض فالديوان ىو عبارة عن مصمحة مركزية عممياتية لمشرطة القضائية مقرىا بمدينة الجزائر‬
‫تُعنى بالبحث عن جرائم الفساد مثمما جاء في نص المادة ‪ 2‬من المرسوم الرئاسي ‪ 426- 11‬المؤرخ في‬
‫‪44‬‬
‫‪ 2011/12/08‬المحدد لتشكيمة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمو وكيفيات سيره ‪ 43‬المعدل والمتمم‬
‫ويمتد االختصاص المحمي لضباط الشرطة القضائية بالديوان في جرائم الفساد إلى كامل اإلقميم الوطني‬
‫ولقد ُوضع الديوان لدى وزير العدل بعد أن كان تحت سمطة وزير المالية قبل تعديل ىذا المرسوم‪ ،‬وتم‬
‫منحو االستقاللية في عممو وسيره‪.‬‬
‫ولقد حددت المادة ‪ 5‬من المرسوم الرئاسي ‪ 426- 11‬المذكور أعاله ميام الديوان وىي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬جمع كل معمومة تسمح بالكشف عن أفعال الفساد ومركزة ذلك واستغاللو‪،‬‬
‫‪ -‬جمع األدلة والقيام بتحقيقات في وقائع الفساد واحالة مرتكبييا لممثول أمام الجيات القضائية‬
‫المختصة‪،‬‬
‫‪ -‬تطوير التعاون مع ىيئات مكافحة الفساد وتبادل المعمومات خالل التحقيقات‪،‬‬
‫‪ -‬اقتراح كل اجراء من شأنو المحافظة عمى حسن سير التحريات‪.‬‬
‫ويتشكل الديوان من ضباط وأعوان الشرطة القضائية من و ازرتي الدفاع الوطني والداخمية والجماعات‬
‫المحمية وكذا أعوان عموميين ذوي كفاءات أكيدة في مجال مكافحة الفساد وبعض المستخدمين االداريين‬
‫والتقنيين ‪ ،‬ويسير الديوان مدير عام يعين بمرسوم رئاسي باقتراح من وزير العدل وتنيى ميامو بذات‬
‫األشكال حيث يسير ىذا المدير عمى إعداد برنامج عمل لمديوان والتنظيم الداخمي لو وعمى تنفيذىما واعداد‬
‫التقرير السنوي لنشاطات الديوان ليرسمو إلى وزير العدل‪ ،‬كما يساىم في تطوير التعاون الوطني والدولي‬
‫لممعمومات ويتكون الديوان من ديوان ومديرية لمتحريات ومديرية لإلدارة العامة‪.‬‬
‫‪ 426- 11‬عمى كيفيات سير وتعاون ضباط الشرطة‬ ‫ولقد حث المرسوم الرئاسي السابق رقم‬
‫القضائية التابعون لمديوان مع غيرىم التابعين لمصالح الشرطة القضائية األخرى في مختمف العمميات‬
‫والتحقيقات المتعمقة بالفساد‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬التجريـ والعقوبات وأساليب التحري‬
‫سنتطرق في ىذا المحور إلى مختمف الجرائم والعقوبات الخاصة التي وردت في قانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو ثم الخصوصية التي تتميز بيا ىذه الجرائم من كل النواحي باإلضافة الى أساليب التحري‬
‫الخاصة بيا‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬الجرائـ والعقوبات الواردة في قانوف الوقاية مف الفساد ومكافحتو‬
‫لقد أخرج المشرع الجزائري مجموعة من الجرائم من قانون العقوبات وضميا لقانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو واستحدث بعض الجرائم فيو وذلك عمى اعتب ار أنيا ذات عالقة بالفساد والتي سنتعرض ليا فيما‬
‫يمي‪:‬‬
‫‪- 1‬جريمة الرشوة في القطاع العاـ والخاص‪ :‬نص ىذا القانون عمى جريمة الرشوة في بعض من أحكامو‬
‫وذلك في كل من القطاع العام و الخاص وىو ما سنتناولو فيما يمي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬جريمة الرشوة في القطاع العاـ‪ :‬نظ اًر لخطورة جريمة الرشوة عمى القطاع العام فإن المشرع الجزائري‬
‫خصيا بأحكام قانونية تحيط بكل التوقعات التي قد تشكل أحد صور ىذه الجريمة ولعل ذلك يظير‬
‫في المادة ‪ 25‬من القانون‪ 01- 06‬أين نميز بين صورتين لجريمة الرشوة وىما‪:‬‬
‫جريمة الرشوة اإليجابية‪ :‬وىي قيام الجاني بوعد الموظف العمومي بمزية غير مستحقة أو عرضيا‬
‫عميو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غير مباشر سواء كان ذلك لصالح ىذا الموظف أو غيره أو‬
‫لكيان آخر وذلك مقابل أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجبات ىذا الموظف‪ ،‬وقد يكون‬
‫الجاني ىنا ىو صاحب المصمحة أو غيره لكنو ال يشترط أن يكون موظفاً عمومياً‪.‬‬
‫جريمة الرشوة السمبية‪ :‬وعمى العكس من جريمة الرشوة اإليجابية فالجاني ىنا ىو الموظف‬
‫العمومي الذي يطمب أو يقبل بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء كانت لنفسو أو‬
‫لغيره أو لكيان آخر ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجبات ىذا الموظف‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى األركان المتعارف عمييا في أية جريمة والتي ىي الركن الشرعي والركن المادي‬
‫والركن المعنوي يوجد ركن آخر بالنسبة لكل جرائم الفساد في القطاع العام والذي أطمق عميو‬
‫البعض بالركن المفترض وىو وجوب وجود موظف عمومي في الجريمة‪.‬‬
‫فبالنسبة لمركن الشرعي فنحن بصدد دراستو وفق ًا ألحكام القانون ‪ 01- 06‬المعدل والمتمم في‬
‫الباب الرابع المتعمق بالتجريم والعقوبات وأساليب التحري أما باقي األركان فسنتطرق ليا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ ‬الركف المفترض‪ :‬يتطمب ىذا الركن وجود موظف عمومي كطرف في جريمة الرشوة‪ ،‬ولقد صنفت‬
‫المادة الثانية من القانون ‪ 01- 06‬المعدل والمتمم الموظف في ثالث صور كما يمي‪:‬‬
‫((‪.........‬‬
‫ب) موظؼ عمومي‪:‬‬
‫‪ . 1‬كؿ شخص يشغؿ منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس‬
‫الشعبية المحمية المنتخبة‪ ،‬سواء أكاف معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع األجر أو غير‬
‫مدفوع األجر‪ ،‬بصرؼ النظر عف رتبتو أو أقدميتو؛‬
‫‪ . 2‬كؿ شخص آخر يتولى ولو مؤقتا‪ ،‬وظيفة أو وكالة بأجر أو بدوف أجر‪ ،‬ويساىـ بيذه الصفة‬
‫في خدمة ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تممؾ الدولة كؿ أو بعض‬
‫رأسماليا‪ ،‬أو أية مؤسسة أخرى تقدـ خدمة عمومية؛‬
‫‪ . 3‬كؿ شخص آخر معرؼ بأنو موظؼ عمومي أو مف في حكمو طبقا لمتشريع والتنظيـ‬
‫المعموؿ بيما‪))....‬‬
‫ورغم أن المشرع الجزائري قد عرف الموظف العمومي بالمادة ‪ 4‬من األمر ‪ 03- 06‬المؤرخ في‬
‫‪ 2006/07/15‬المتضمن القانون األساسي العام لموظيفة العامة ‪ 45‬بأنو كل عون ُعين في وظيفة عمومية‬
‫ورسم في رتبة السمم اإلداري إال أنو في الحقيقة يعتبر تعريف ضيق ومحدود نوعاً ما‪ ،‬لكن المشرع‬
‫دائمة ُ‬
‫في قانون ‪ 01- 06‬أحاط بكل االحتماالت المتوقعة لمموارد البشرية التي تتواجد في القطاع العام وذلك‬
‫نظ اًر لإلحاطة بجرائم الفساد في ىذا القطاع‪.‬‬
‫‪ ‬الركف المادي‪ :‬ويمثل ىذا الركن في معظم الجرائم في ذلك السموك اإلنساني المحظور الذي ُيحدث‬
‫ال بأمن المجتمع وسالمتو والذي يتجسد في شكل فعل أو االمتناع عن فعل ليتخذ بذلك مظي ًار‬‫اخال ً‬
‫ممموساً ُيجرمو القانون ويعاقب عميو ‪.46‬‬
‫ومن خالل ذلك وعمى أساس أن لجريمة الرشوة صورتان مثمما تم توضيحو فإن نطاق الركن المادي‬
‫لجريمة الرشوة االيجابية يتمثل في الوعد أو العرض أو المنح لممزية سواء كان ذلك شفاى ًة أو كتابي ًا أو‬
‫بأية طريقة تثبت ذلك لصالح الموظف العمومي مقابل أدائو عمال أو االمتناع عن عمل من واجبتو‪،‬‬
‫أما بالنسبة لمركن المادي لجريمة الرشوة السمبية فيرتكز عمى عممية طمب أو قبول الموظف العمومي‬
‫لممزية وكذلك نظير مقابل أدائو عمال أو االمتناع عن عمل من واجبتو‪.‬‬
‫‪ ‬الركف المعنوي‪ :‬وينحصر عادة الركن المعنوي ألية جريمة في عن صري العمم واالرادة‪ ،‬فبالنسبة لعنصر‬
‫العمم في كال صورتي جريمة الرشوة فإنو من المستحيل أن ال يعمم الجاني بأنو أمام موظف عمومي أو‬
‫بأنو ىو في حد ذاتو موظف عمومي ومن المستحيل أن ال يعمم بأنو وعد أو عرض أو منح أو طمب‬
‫أو قبل العطية وبأن ذلك نظير العمل المسند ليذا الموظف‪ ،‬وذلك باعتبار أن جريمة الرشوة من الجرائم‬
‫المقصودة أي أنيا ال تقع نتيجة إىمال أو خطأ ‪.47‬‬
‫أما بخصوص عنصر اإلرادة فيجب أن تتوفر إرادة الجاني في القيام بأحد األفعال السابقة (الوعد‪،‬‬
‫العرض‪ ،‬المنح‪ ،‬الطمب أو القبول لممزية ) وأن ترتبط بأداء الموظف لعمل ما أو االمتناع عن عمل من‬
‫واجبتو‪ ،‬فينتفي القصد الجنائي عن الموظف الذي قبل واستمم مبمغ ًا من المال نظير مجيود لو خارج‬
‫نطاق الوظيفة أو عن الشخص الذي تظاىر بمنح مبمغ معين لموظف ما قصد االطاحة بو متمبساً‪.‬‬
‫ويعاقب المشرع الجزائري عند اجتماع ىذه األركان لجريمة الرشوة في القطاع العام بالحبس من‬
‫سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬غير أنو‬
‫‪48‬‬
‫تمتد فييا عقوبة الحبس من‬ ‫خصص أحكام أخرى لجريمة الرشوة في مجاؿ الصفقات العمومية‬
‫(‪ )10‬سنوات إلى (‪ ) 20‬سنة وتتراوح فييا الغرامة من ‪ 1.000.000‬دج إلى ‪ 2.000.000‬دج‪ ،‬كما‬
‫اعتمد المشرع في ىذه الجريمة صورة جريمة الرشوة السمبية فقط‪ ،‬لتتضح أركانيا كما يمي‪:‬‬
‫الركن المفترض‪ :‬وىو الموظف العمومي مثمما تم توضيحو سابقاً‪.‬‬
‫الركن المادي‪ :‬ويتمثل في عممية قبض أجرة أو منفعة ميما يكون نوعيا أو محاولة ذلك سواء ليذا‬
‫الموظف الجاني أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة وذلك بمناسبة إجراءات التحضير أو‬
‫المفاوضات في إبرام أو تنفيذ الصفقات أو العقود أو المالحق التي تكون باسم الدولة أو الجماعات‬
‫المحمية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫الركن المعنوي‪ :‬وىو ذاتو الركن المعنوي المتطمب لجريمة الرشوة في القطاع العام‪.‬‬
‫ونظ اًر لألىمية البالغة التي تكتسييا الصفقات العمومية في نجاح السياسة االقتصادية لمدولة فقد‬
‫حا ول المشرع حمايتيا من كل جرائم الفساد حيث أضاف ىذا القانون جريمة أخرى في ىذا المجال‬
‫تتمثل في االمتيازات غي المبررة في مجاؿ الصفقات العمومية ‪ ،‬حيث تقوم عمى منح الموظف‬
‫العمومي الجاني المتيازات غ ير مبررة لمغير من خالل ممارستو لميامو المتعمقة بإبرام العقود أو‬
‫الصفقات أو االتفاقيات‪ ،‬كما تقوم عمى استفادة كل شخص طبيعي أو معنوي من سمطة أعوان الييئات‬
‫العمومية التي تعاقد معيا من أجل الحصول عمى امتيازات غير مبررة ‪.49‬‬
‫وعمى غرار ذلك من صور لجريمة الرشوة في القطاع العام فإن المشرع لم يكتفي بذلك وذىب إلى‬
‫أبعد من ذلك‪ ،‬حيث امتد تجريمو ليا حتى في القطاعات األجنبية وفي المنظمات الدولية العمومية وىو‬
‫ما سنوضحو فيما يمي‪:‬‬
‫رشوة الموظفيف العمومييف األجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية‪:‬‬
‫الركن المفترض‪ :‬لقد خص المشرع في ىذا القانون بحماية كل من القطاع العام األجنبي والمنظمات الدولية‬
‫العمومية من جريمة الرشوة وذلك وفقاً لما جاءت بو اتفاقيتي األمم المتحدة واالتحاد االفريقي‪ ،‬وتم كذلك‬
‫تعريف المصطمحين‪ :‬موظف عمومي أجنبي وموظف منظمة دولية عمومية باعتبارىما الركن المفترض‬
‫لمختمف جرائم الفساد التي قد تقع عمييم وخاصة جريمة الرشوة‪ ،‬وجاء تعريفيما في المادة الثانية من‬
‫القانون ‪ 01- 06‬كما يمي‪:‬‬
‫((‪........‬‬
‫ج) "موظؼ عمومي أجنبي" ‪ :‬كؿ شخص يشغؿ منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا‬
‫لدى بمد أجنبي‪ ،‬سواء كاف معينا أو منتخبا‪ ،‬وكؿ شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بمد‬
‫أجنبي‪ ،‬بما في ذلؾ لصالح ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية‪.‬‬
‫د) موظؼ منظمة دولية عمومية‪ :‬كؿ مستخدـ دولي أو كؿ شخص تأذف لو مؤسسة مف ىذا‬
‫‪))..........‬‬ ‫القبيؿ بأف يتصرؼ نيابة عنيا‪.‬‬
‫الركن المادي‪ :‬وفق ًا المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 01- 06‬فإن جريمة الرشوة بالنسبة لمموظفين األجانب وبالنسبة‬
‫لممنظمات الدولية العمومية قد تكون إيجابية وقد تكون سمبية‪.‬‬
‫فإن كانت إيجابية فركنيا المادي ىو قيام أي شخص بوعد الموظف العمومي األجنبي أو موظف‬
‫المنظمة الدولية العمومية بمزية غير مستحقة أو عرضيا عميو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غير مباشر‬
‫سواء كان ذلك لصالح ىذا الموظف أو لغيره أو ألي كيان آخر وذلك مقابل أدائو عمالً أو االمتناع عن‬
‫أداء عمل من واجباتو بغرض الحصول أو المحافظة عمى صفقة أو أي امتياز غير مستحق ذي صمة‬
‫بالتجارة الدولية أو بغيرىا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمجريمة السمبية والتي يكون فييا الجاني ىو الموظف العمومي األجنبي أو موظف المنظمة‬
‫الدولية العمومية فركنيا المادي يتمثل في طمبو أو قبولو مزية غير مستحقة بشكل مباشر أو غير مباشر‬
‫سواء لنفسو أو لغيره أو ألي كيان آخر كي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو‪.‬‬
‫أما فيما يخص الركن المعنوي فيو ذاتو المتطمب لجريمة الرشوة عموما مثمما تم توضيحو سابق ًا‪.‬‬
‫ويعاقب المشرع الجزائري عمى مختمف صور جريمة الرشوة ىذه بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر‬
‫(‪ ) 10‬سنوات وبغرامة تتراوح من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جريمة الرشوة في القطاع الخاص‪ :‬لقد نظم المشرع الجزائري جريمة الرشوة في القطاع الخاص‬
‫بموجب المادة ‪ 40‬من القانون ‪ 01- 06‬واتخذ نفس الصور السابقة ليذه الجريمة في فقرتي ىذه‬
‫الم ادة‪ ،‬فبالنسبة لمصورة اإليجابية لجريمة الرشوة في القطاع الخاص يقتصر كذلك ركنيا المادي‬
‫عمى الوعد أو العرض أو المنح لممزية غير المستحقة ألي شخص يدير كيان ًا من القطاع الخاص‬
‫مقابل أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو‪ ،‬بينما يقتصر الركن المادي لجريمة الرشوة‬
‫السمبية فيو عمى طمب أو قبول أي شخص يدير كياناً من القطاع الخاص لمزية غير مستحقة مقابل‬
‫أدائو عمال أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو‪ ،‬ليبقى الركن المعنوي ذاتو المتطمب في جريمة‬
‫الرشوة عموماً‪.‬‬
‫غير أن العقوبة ليست ذاتيا المسمطة عمى الصور السابقة بل تبدو أقل حدة منيا‪ ،‬حيث يعاقب‬
‫المشرع الجزائري عمى جريمة الرشوة في القطاع الخاص بالحبس من ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس‬
‫سنوات (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬
‫‪- 2‬جريمة اختالس الممتمكات في القطاع العاـ والخاص‪:‬‬
‫أ ‪ -‬جريمة اختالس الممتمكات في القطاع العاـ‪ :‬من خالل أحكام المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 01- 06‬والتي‬
‫‪50‬‬
‫نظم المشرع جريمة االختالس واتخذ ليا عنوان‬ ‫تم تعديميا بأحكام القانون ‪ 15- 11‬السالف الذكر‬
‫"اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعماليا عمى نحو غير شرعي" وىو بذلك يؤكد‬
‫عمى الركن المفترض والمتمثل في أن يكون الجاني موظفاً عمومياً‪ ،‬مع العمم أنو قد عرف الممتمكات‬
‫في المادة الثانية من ىذا ال قانون عمى أنيا كل الموجودات بأنواعيا سواء كانت مادية أو غير مادية‬
‫أو كانت منقولة أو غير منقولة أو كانت ممموسة أو غير ممموسة أو كانت عبارة مستندات أو‬
‫سندات قانونية تثبت ممكية تمك الموجودات أو وجود الحقوق المتصمة بيا‪.‬‬
‫ونظ ًار لخطورة ىذه الجريمة عمى القطاع العام وعمى المجتمع باعتبارىا صورة عن خيانة األمانة‬
‫بالنسبة لكل ما ُعيد إلى الموظف العمومي فإن المشرع الجزائر وفي ىذا القانون خصيا باستثناءات‬
‫كمدة تقادم الدعوى العمومية المتعمقة بيا التي أقر بأنيا تساوي الحد األقصى لمعقوبة أي عشر‬
‫(‪ ) 10‬سنوات وذلك بموجب المادة ‪ 54‬من القانون ‪ ، 01- 06‬مع العمم أن العقوبة عن ىذه الجريمة‬
‫تتراوح من سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج غمى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫وعمى أساس ذلك حدد المشرع الركف المادي ليذه الجريمة بالتبديد العمدي أو االختالس أو‬
‫اإلتالف أو االحتجاز بدون وجو حق أو االستعمال عمى نحو غير شرعي لصالح الموظف العمومي‬
‫الجاني أو لغيره أو ألي كيان وذلك ألي ممتمكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي‬
‫أشياء أخرى ذات قيمة تحت عيدة ىذا الموظف أو بسببيا‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫أي أنو اصطالحاً تعني تفريق‬ ‫وكل ىذه األفعال ليا معنى خاص فيقصد بالتبديد لغةً‪ :‬بالتفريق‬
‫الممتمكات أو األموال العمومية في غير موضعيا القانوني ويشترط المشرع في ذلك أن تكون بصورة‬
‫‪52‬‬
‫وذلك ما‬ ‫عمدية‪ ،‬بينما يقصد باالختالس لغ ًة‪ :‬وىو من الخمس أي األخذ في نزىة تمييا ُمخاتمة‬
‫ينطوي اصطالحاً عمى الجاني المختمس الذي ُيظير أماناً تاماً لمممتمكات واألموال العمومية لينقميا‬
‫بعد ذلك إلى ممكيتو أو حيازتو التامة‪ ،‬أما بالنسبة لممقصود باإلتالف لغةً فيو يعني اليالك أو‬
‫العطب في كل شيء ‪ 53‬أي أنو اصطالحاً إىالك كل ما عيُد لمموظف العمومي الجاني‪.‬‬
‫بينما يقصد باالحتجاز لغةً وىو الذي مصدره الفعل حجز أي فصل بين شيئين ‪ 54‬أي أنو‬
‫اصطالح ًا فصل الممتمكات العمومية عن وجيتيا أو موضعيا الحقيقي وذلك بدون وجو حق أي‬
‫دون أن يكون ليذا الموظف العمومي أي حق لوضعيا في غير مكانيا القانوني‪ ،‬كما يقصد بعبارة‬
‫االستعمال عمى نحو غير شرعي باالستعمال غير القانوني كأن يقوم الموظف العمومي باستعمال‬
‫األموال العمومية المعيودة إليو في أعمالو الخاصة كالتجارة بيا أو استثمارىا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة بأنو تم إضافة كل من اإلتالف واالستعمال عمى نحو غير شرعي في المادة ‪29‬‬
‫من القانون ‪ 01- 06‬فقط‪ ،‬حيث أن المادة ‪ 119‬الممغاة من قانون العقوبات لم ترد فييا ىذه األفعال‬
‫وقد يرجع ذلك لغرض إحاطة المشرع الجزائري بكل احتماالت االختالس التي قد ترد عمى الممتمكات‬
‫واألموال العمومية‪.‬‬
‫أما فيما يتعمق بالركف المعنوي لجريمة االختالس فيتوقف عمى توفر القصد الجنائي بما أنيا‬
‫جريمة عمدية‪ ،‬ولعل ذلك يتطمب عنصرين أساسيين ىما العمم واإلرادة‪ ،‬فبالنسبة لعنصر العمم فيجب‬
‫أن يكون الجاني عمى عمم تام بأركان الجريمة ومنيا أن يكون عالم ًا بأنو موظف ًا عمومي ًا وىو أمر‬
‫مفروغ منو وال يطرح أية اشكال بخصوص األفعال السابقة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعنصر اإلرادة فال تقوم جريمة االختالس بإثبات الموظف العمومي الجاني إىمالو أو‬
‫تقصيره في الحفاظ عمى المال العام بل قد ُيعاقب عمى جريمة اإلضرار غير العمدي لممال العام‬
‫وذلك بأن جريمة االختالس تتطمب القصد الجنائي الخاص وليس القصد الجنائي العام ‪ 55‬وىو ما‬
‫يتضح أكثر لدى إحدى سموكيات ىذه الجريمة وىو التبديد العمدي حيث يعتبر مصطمح "عمدي"‬
‫محور أساسي في الركن المعنوي ليذه الجريمة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬جريمة اختالس الممتمكات في القطاع الخاص‪ :‬لقد أخذ المشرع الجزائري كل احتياطاتو في‬
‫محاصرة جرائم الفساد حتى في القطاع الخاص‪ ،‬فباإلضافة إلى تنظيمو لجريمة الرشوة في ىذا‬
‫القطاع كما تم توضحو سابقاً فمقد نظم كذلك جريمة االختالس بموجب المادة ‪ 41‬من القانون ‪- 06‬‬
‫‪ 01‬في القطاع الخاص غير أنو وكعادتو خفض العقوبة من ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس (‪)5‬‬
‫سنوات‪ ،‬كما أنو قمص من مختمف األفعال أو السموكيات الموجودة في الركن المادي لجريمة‬
‫االختالس في القطاع العام إلى سموك االختالس العمدي فقط‪.‬‬
‫‪- 3‬جريمة الغدر‪ :‬والغدر لغةً ىو ترك الوفاء أي ىو ضد الوفاء أو نقض العيد ‪ ،56‬وىو ما ينطوي عمى‬
‫جريمة الغدر التي يقوم ركنيا المادي عمى قيام الموظف العمومي الجاني بالمطالبة أو تمقي أو اشتراط‬
‫أو األمر بالتحصيل لمبالغ مالية يعمم بأنيا غير مسحقة األداء أو يجاوز ما ىو مستحق سواء لنفسو أو‬
‫لغيره وب قيامو بيذه التصرفات فيو نقض تعيداتو تجاه واجبات الوظيفة العمومية التي تقوم عمى تقديم‬
‫خدمة عمومية نزيية وشفافة‪.‬‬
‫ويعاقب المشرع عمى ىذه األفعال بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر سنوات (‪ )10‬وبغرامة تتراوح‬
‫من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬أما بخصوص الركن المفترض والركن المعنوي ليذه‬
‫الجريمة فتبقى ذاتيا المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام ‪.57‬‬
‫‪- 4‬اإلعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسـ‪ :‬عمى العكس مما تقوم عميو جريمة الغدر بزيادة‬
‫في التحصيل تقوم ىذه الجريمة عمى ركن مادي يمنح من خاللو الموظف العمومي الجاني أو يأمر‬
‫باالستفادة وبدون ترخيص قانوني من إعفاءات أو تخفيضات في الضرائب أو الرسوم أو يسمم محاصيل‬
‫مؤسسات الدولة مجاناً‪ ،‬ورغم أن طبيعة ىذه األفعال بمثابة الغدر إال أن المشرع وسع دائرة التجريم‬
‫أكثر وخصص لكل فعل تجريم وعقوبة خاصة بو لمحيمولة دون افالت المفسدين من العقاب‪.‬‬
‫ورغم تشابو جريمة الغدر مع ىذه الجريمة في طبيعة ركنيا المادي إال أن المشرع لم يعطييا نفس‬
‫العقوبة بل كانت أكثر منيا حيث يعاقب عمى ىذه الجريمة بالحبس من خمس (‪ )5‬سنوات إلى عشر‬
‫سنوات (‪ ) 10‬وبغرامة تتراوح من ‪ 500.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج وذلك نظ اًر لما تشكمو ىذه‬
‫الجريمة من آثار سمبية عمى االقتصاد الوطني باعتبار أن الضرائب والرسوم من بين أىم الموارد المالية‬
‫إليرادات الميزانية العامة لمدولة ‪.58‬‬
‫‪- 5‬استغالؿ النفوذ‪ :‬بنفس طريقة جريمة الرشوة جعل المشرع الجزائري جريمة استغالل النفوذ تظير‬
‫بصورتين مختمفتين إيجابية وسمبية‪ ،‬حيث تقوم عمى ذات األفعال الموجودة في جريمة الرشوة (الوعد‪،‬‬
‫العرض‪ ،‬المنح‪ ،‬الطمب‪ ،‬القبول) وعمى الحصول عمى المزية غير المستحقة بغية االستفادة من منافع‬
‫غير مستحقة من طرف الييئات العمومية بواسطة استعمال الموظف العمومي الجاني عمى استغالل‬
‫نفوذه الفعمي ‪.59‬‬
‫ويعاقب المشرع عمى جريمة استغالل النفوذ بذات العقوبات المقررة لجريمة الغدر‪ ،‬كما أن ليذه‬
‫الجريمة نفس باقي األركان األخرى المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام‪.‬‬
‫‪- 6‬إساءة استغالؿ الوظيفة‪ :‬تكمن ىذه الجريمة في تعمد الموظف العمومي الجاني إساءة استغالل إحدى‬
‫التزاماتو في العمل عمى نحو غير قانوني بيدف الحصول عمى منافع غير مستحقة‪ ،‬أي أن خروج ىذا‬
‫الموظف عن العمل القانوني المطموب منو يكون بصفة عمدية ويكون بمقابل حتى يكتمل الركن المادي‬
‫ليذه الجريمة‪ ،‬ويعا قب عمى ىذه الجريمة كذلك بنفس العقوبات المقررة لجريمتي الغدر واستغالل‬
‫النفوذ ‪.60‬‬
‫‪- 7‬تعارض المصالح‪ :‬يعاقب المشرع الجزائري في القانون ‪ 01- 06‬عمى جريمة تعارض المصالح بالحبس‬
‫من ستة (‪ )6‬أشير إلى سنتين (‪ )2‬وبغرامة تتراوح من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج وذلك‬
‫بموجب المادة ‪ 34‬منو‪ ،‬حيث تتمثل ىذه الجريمة بقيام الموظف العمومي الجاني بمخالفة أحكام المادة‬
‫‪ 9‬من ىذا القانون ومن خالل التطرق ألحكام ىذه المادة نجدىا تتضمن مجموعة من الضمانات‬
‫القانونية المتعمقة بقواعد الشفافية والمنافسة الشريفة والمعايير الموضوعية خالل اجراءات ابرام الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪- 8‬أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪ :‬وفق أحكام المادة ‪ 35‬من ىذا القانون يرتكز الركن المادي ليذه الجريمة‬
‫عمى العديد من ال نقاط التي يجب توفرىا أثناء حدوثيا والجدول التالي يوضح ذلك‪:‬‬
‫منصب الجاني أثناء‬ ‫مصدر العائد االجرامي‬ ‫الكيفية‬ ‫السموك االجرامي‬ ‫الجاني‬
‫الجريمة‬
‫مدير المؤسسة أو مشرفاً‬ ‫فوائد من العقود أو‬ ‫مباشرة أو بعقد‬ ‫األخذ أو التمقي‬ ‫الموظف‬
‫عمييا بصفة كمية أو‬ ‫المزايدات أو المناقصات أو‬ ‫صوري أو عن‬ ‫العمومي‬
‫جزئية أو مكمف بالدفع أو‬ ‫المقاوالت أو المؤسسات‬ ‫طريق شخص‬
‫التصفية‬ ‫آخر‬
‫وبالتالي فجريمة أخذ الفوائد بصفة غير قانونية تتحقق عند حصول الموظف العمومي الجاني عمى‬
‫فوائد من أية عقود أو صفقات يكون أثناءىا لو منصب ىام ومؤثر عمى نجاحيا وذلك دون أن يقوم‬
‫بأية أعمال غير قانونية‪ ،‬أي أن جوىر الركن المادي ىنا ىو حصول ىذا الموظف عمى الفوائد بمناسبة‬
‫ىذه العقود‪.‬‬
‫وتشترك ىذه الجريمة وجرائم الغدر واستغالل النفوذ واساءة استغالل الوظيفة في نفس العقوبات‬
‫المقررة ليا وكذا األركان المتبقية ليا‪.‬‬
‫‪- 9‬عدـ التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات‪ :‬تنبني عممية التصريح بالممتمكات عمى مجموعة من‬
‫اإلجراءات القانونية المنصوص عنيا في ىذا القانون مثمما تم توضيحو سابق ًا‪ ،‬وعميو فإن ىذه الجريمة‬
‫تتعمق باإلخالل بيذه االجراءات وتتخذ بذلك صورتان ىما‪:‬‬
‫‪ -‬عدم قيام الموظف العمومي الخاضع لواجب التصريح بممتمكاتو بيذا اإلجراء عمدًا بعد مضي‬
‫شيرين (‪ )2‬من تذكيره بالطرق القانونية لذلك رغم أن المادة ‪ 4‬من القانون ‪ 01- 06‬حددت آجال‬
‫التصريح بالممتمكات بشير واحد من تنصيب الموظف أو بداية عيدتو‪.‬‬
‫‪ -‬قيام الموظف العمومي الخاضع لواجب التصريح بممتمكاتو عمدًا بتصريح غير كامل أو غير‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ويعاقب المشرع عمى ىذه الجريمة بالحبس لمدة تتراوح من ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس (‪ )5‬سنوات‬
‫وبغرامة تتراوح من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬
‫‪ - 10‬اإلثراء غير المشروع‪ :‬تعتبر ىذه الجريمة من بين الجرائم المستحدثة في التشريع الجزائري والتي‬
‫جاءت نتيجة االلتزامات الدولية لمجزائر حيث تم النص عمييا بموجب المادة ‪ 20‬من اتفاقية أمم المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد وكذا المادة ‪ 8‬من اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو‪.‬‬
‫ومن منطمق المادة ‪ 24‬في فقرتيا الثانية من الدستور والتي نصت عمى أنو ال يمكن أن تكون‬
‫الوظائف والعيدات في مؤسسات الدولة مصدر لمثراء وال وسيمة لخدمة المصالح الخاصة‪ ،‬بينما يبدو‬
‫أن المؤسس الدستوري الجزائري كان أسبق من تمك االتفاقيات خاصة وأن ىذه المادة كانت كذلك في‬
‫ظل دستور ‪ 1989‬ودستور ‪ 1976‬إال أن تجريم الثراء غير المشروع لم يكن في أحكام قانون‬
‫العقوبات؛ أي أن التشريع لم يكن مواكباً أكثر ألحكام الدستور آنذاك‪.‬‬
‫ويقول البعض بأن ىذه الجريمة مستمدة من مفيوم اإلثراء بال سبب المتداول في التشريعات‬
‫المدنية‪ ، 61‬وليذا جاء نص المادة ‪ 37‬من القانون ‪ 01- 06‬ليعرف جريمة اإلثراء غير المشروع عمى‬
‫أنيا كل زيادة معتبرة تط أر عمى الذمة المالية لمموظف العمومي مقارنة بمداخيمو المشروعة وال يمكنو‬
‫تقديم تبرير معقول ليذه الزيادة‪.‬‬
‫ومن خالل ذلك يتبين أن الركن المادي ليذه الجريمة يرتكز عمى نقطتين ىما‪:‬‬
‫‪ -‬الزيادة المعتبرة في الذمة المالية لمموظف الجاني‪،‬‬
‫‪ -‬عدم تقديم ىذا الموظف تبرير معقول لذلك‪،‬‬
‫ومن خالل ذلك نالحظ أن ىناك انتقال لعبء االثبات من سمطة االتيام إلى عاتق الموظف‬
‫العمومي خروجا عن القاعدة الفقيية "المتيم بريء حتى تثبت إدانتو" أي أنو تنقمب قرينة البراءة إلى‬
‫قرينة إدانة ‪.62‬‬
‫ولإلشارة فإن المشرع الجزائري يعتبر ىذه الجريمة في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 37‬السالفة الذكر من‬
‫الجرائم المستمرة التي تقوم عمى حيازة أو استغالل ممتمكات غير مشروعة‪ ،‬وىو توصيف فعمي ليذه‬
‫الجريمة فمن دون تقديم الموظف لمتبرير المعقول في الزيادة المعتبر في ذمتو المالية تبقى كل ىذه‬
‫الممتمكات غير مشروعة ويبقى كل عائد عن استغالليا غير مشروع كذلك‪ ،‬كما يبقى ىذا الموظف في‬
‫دائرة االتيام بجريمة االثراء غير المشروع‪.‬‬
‫وتشترك ىذه الجريمة وجرائم الغدر واستغالل النفوذ واساءة استغالل الوظيفة وأخذ فوائد بصفة غير‬
‫قانونية في نفس العقوبات المقررة ليا وكذا األركان المتبقية ليا‪.‬‬
‫‪ - 11‬تمقي اليدايا‪ :‬تعتبر ىذه الجريمة كذلك من بين الجرائم التي استحدثيا المشرع لتغطية كل صور‬
‫الفساد خاصة في القطاع العام وذلك حتى وأن ىذه الجريمة تقترب من كونيا إحدى صور جريمة‬
‫الرشوة‪ ،‬حيث بموجب المادة ‪ 38‬من القانون ‪ 01- 06‬يعتبر قبول الموظف العمومي من أي شخص‬
‫أية ىدية أو مزية غير مستحقة من شأنيا التأثير في أي إجراء كان ضمن ميامو بمثابة جريمة تسمى‬
‫بجريمة تمقي اليدايا‪ ،‬كما يعتبر الشخص المقدم لميدية جانياً ويعاقب بنفس عقوبة الموظف الجاني‬
‫والتي تتمثل في الحبس لمدة تتراوح ما بين ستة (‪ )6‬أشير إلى سنتين (‪ )2‬وبغ ارمة تتراوح من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج ‪.‬‬
‫وبالتالي فالمشرع اعتمد الصورة االيجابية فقط ليذه الجريمة والتي تتمثل في تقديم اليدية من الشخص‬
‫الجاني وقبوليا من طرف الموظف العمومي الجاني وذلك نظ ار لطبيعة اليدية التي ال تُطمب بل تُقبل‬
‫عند تقديميا واال أصبحت عند طمبيا رشوة سمبية وليذا أطمق عمييا المشرع اسم جريمة تمقي اليدايا أي‬
‫قبول اليدايا‪.‬‬
‫ولعل استعمال المشرع لمصطمح ىدية لو غايات عديدة من بينيا أن منح اليدية في العموم ىو أمر‬
‫مباح ومشروع وبالتالي قد ُيستعمل كذريعة لتبرير ىذه الصورة الحديثة لمجريمة‪ ،‬فاليدية لغةً ىي ما‬
‫ت بو ويقال أىديت لو واليو ؛ والتيادي أن ُييدى بعضيم إلى بعض وذلك لغرض المحبة ‪ 63‬وىو ما‬ ‫أَتْ َحفْ َ‬
‫قد يدعيو البعض كدليل منطقي إلثبات نواياىم الحسنة‪.‬‬
‫وبعد التطرق لمركن المادي ليذه الجريمة والمتمثل في قبول الموظف العمومي الجاني لميدية يجب‬
‫التنويو إلى أن باقي األركان ىي ذاتيا المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنو يوجد إطار قانوني شرعي لتمقي اليدايا يتمثل في المرسوم رقم ‪342- 83‬‬
‫(الممغى) المؤرخ في ‪ 1983/05/21‬الذي يحدد كيفيات تطبيق المواد ‪ 168‬و‪ 169‬و‪ 170‬من القانون رقم‬
‫‪ 14- 82‬المؤرخ في ‪ 1982/12/30‬والمتضمن قانون المالية لسنة ‪ 1983‬المتعمقة بتخصيص وقيمة‬
‫اليدايا التي تقدم في إطار التشريفات عادة ألعضاء الوفود أثناء مياميم في الخارج وأعضاء الوفود‬
‫‪64‬‬
‫والتي حددت مبمغ ‪ 10.000‬دج كحد أقصى لقيمة ىذه اليدايا أما التي‬ ‫الموفودة في ميمة إلى الجزائر‬
‫تفوق ىذه القيمة يتم إيداعيا لدى الجمارك لفائدة االحتياطي القانوني لمتضامن المؤسس بموجب المادة‬
‫‪ 162‬من قانون المالية المذكور أو إيداعيا لدى و ازرة الثقافة إذا كانت تكتسي أىمية أدبية أو تاريخية أو‬
‫فنية‪.‬‬
‫وتم إلغاء المرسوم ‪ 342- 83‬واستبدالو بالمرسوم الرئاسي ‪ 78- 20‬المؤرخ في ‪ 2020/03/29‬والذي‬
‫يحدد الكيفيات المتعمقة بتخصيص وقيمة اليدايا التي تقدم عادة في إطار التشريفات ألعضاء الوفود في‬
‫‪65‬‬
‫ليرفع ىذا المرسوم القيمة السابقة إلى ‪50.000‬‬ ‫ميمة في الخارج وأعضاء الوفود في ميمة إلى الجزائر‬
‫دج‪ ،‬ويعتبر ىذا النص القانوني استثناء عن القاعدة العامة والمتمثمة في تجريم تمقي اليدايا بموجب نص‬
‫المادة ‪ 38‬السالف ذكرىا والتي لم تحدد ال قيمتيا وال ظروف تقديميا وال طبيعة الموظفين العموميين‬
‫المتمقين ليا‪.‬‬
‫‪ - 12‬التمويؿ الخفي لألحزاب السياسية‪ :‬تدخل ىذه الجريمة في نطاق اإلصالح السياسي والذي يرتبط‬
‫ارتباطاً وثيقاً في مجمل قضايا الفساد‪ ،‬فصالح الجانب السياسي لمدولة ىو من صالح جميع ىيئاتيا‬
‫وبمفيوم آخر فإن الفساد اإلداري المتنامي في مختمف ىياكل الدولة سيعمل بالتأكيد عمى التوسع عمى‬
‫مستويات أعمى لخمق نفوذ سياسي مدعم باألموال الفاسدة حتى يأخذ مكانة في ذلك المستوى ويتحصن‬
‫أكثر‪.‬‬
‫ومن خالل التشريعات المقارنة نظم المشرع الجزائري الكيفيات القانونية لتمويل األحزاب السياسية في‬
‫‪66‬‬
‫في بابو الرابع المعنون بأحكام مالية وفي فصمو‬ ‫أحكام القانون ‪ 04- 12‬المتعمق باألحزاب السياسية‬
‫األول منو المعنون بالموارد (المواد من ‪ 52‬إلى ‪ )60‬حيث ُحددت موارد األحزاب السياسية في أربع‬
‫مصادر ىي‪ :‬اشتراكات األعضاء‪ ،‬اليبات والوصايا والتبرعات‪ ،‬العائدات المرتبطة بنشاطات وممتمكات‬
‫الحزب‪ ،‬والمساعدات المحتممة التي تقدميا الدولة ‪.67‬‬
‫ومن خالل ذلك فإن أي مصدر آخر لتموي ل األحزاب ىو مصدر غير مشروع وذلك رغم أن المنطق‬
‫والحرية قد يفرضان إطالق حرية تمويل األحزاب إال أنو يتنافى ومبادئ الديمقراطية وأخالقيات العمل‬
‫السياسي المذان يفرضان تقييد ىذا التمويل ورقابتو حتى ال تصبح األحزاب مكان ًا لألعمال غير‬
‫المشروعة ‪.68‬‬
‫‪ - 13‬جرائـ أخرى مرتبطة بجرائـ الفساد‪ :‬لقد خصص المشرع الجزائري أحكاماً تتعمق ببعض الجرائم‬
‫المرتبطة جرائم الفساد عموم ًا حتى يتسنى لو االحاطة بكل الجوانب االجرائية التي قد تؤثر في سير‬
‫تحقيق العدالة جراء ارتكاب ىذه الجرائم‪.‬‬
‫‪ -‬تبييض العائدات اإلجرامية‪ :‬لقد أحالت المادة ‪ 42‬من القانون ‪ 01- 06‬إلى تطبيق نفس األحكام‬
‫المتعمقة بجريمة تبييض األموال المقررة في التشريع الساري المفعول في ىذا المجال‪ ،‬حيث يقصد‬
‫بذلك أحكام المادة ‪ 31‬من القانون ‪ 01- 05‬المؤرخ في ‪ 2005/02/06‬المتعمق بالوقاية من‬
‫تبييض األموال وتمويل االرىاب ومكافحتيما‪ ،‬المعدل والمتمم ‪ ،69‬والتي نصت عمى أنو يعاقب‬
‫بغرامة من ‪ 500.000‬دج إلى ‪ 5.000.000‬دج كل من يقوم بدفع أو يقبل دفعاً خرقاً ألحكام‬
‫المادة ‪ 6‬من نفس القانون‪ ،‬حيث قيدت ىذه المادة عمميات الدفع بواسطة وسائل الدفع وعن طريق‬
‫القنوات البنكية والمالية فقط وتركت المجال لمتنظيم ألجل تطبيق أحكاميا‪.‬‬
‫وبموجب المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 01- 05‬السالف الذكر تعتبر كل األفعال التالية تبييضاً لألموال‪:‬‬
‫أ) تحويل األموال أو نقميا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات مباشرة أو غير مباشرة من جريمة‪ ،‬بغرض‬
‫إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب‬
‫الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال عمى اإلفالت من اآلثار القانونية ألفعالو‪،‬‬
‫ب) إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو حركتيا‬
‫أو الحقوق المتعمقة بيا مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية‪،‬‬
‫ت) اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا تشكل‬
‫عائدات إجرامية‪،‬‬
‫ث) المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقاً ليذه المادة أو التواطؤ أو التآمر عمى ارتكابيا أو‬
‫محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو واسداء المشورة بشأنو‪.‬‬
‫‪ -‬اإلخفاء‪ :‬ويقصد بو اإلخفاء العمدي ألية عائدات متحصل عمييا من إحدى جرائم الفساد ميما‬
‫كانت طبيعة ىذه العائدات‪ ،‬ويعاقب المشرع عمى جريمة اإلخفاء بموجب المادة ‪ 43‬من القانون‬
‫‪ 01- 06‬بالحبس لمدة تتراوح من سنتين (‪ )2‬إلى عشر سنوات (‪ )10‬وبغرامة تتراوح من‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬والمالحظ ىنا بأن ىذه العقوبة تتساوى مع عقوبة العديد‬
‫من جرائم الفساد مثمما تم التطرق لو‪.‬‬
‫‪ -‬إعاقة السير الحسف لمعدالة‪ :‬من المفترض أن ىذه جريمة تتعمق بكل القضايا دون استثناء‪ ،‬لكن‬
‫المشرع جاء بيا لغرض حماية وتحقيق السير الحسن في جرائم الفساد الواردة في ىذا القانون من‬
‫‪70‬‬
‫(القوة البدنية‪ ،‬التيديد‪ ،‬الترىيب‪ ،‬منح أو الوعد بمزية غير مستحقة) من شأنيا‬ ‫أية أعمال‬
‫التحريض عمى اإلدالء بشيادة الزور أو منع الشيادة أو تقديم األدلة أو عرقمة سير التحريات أو‬
‫رفض تزويد الييئة الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو بأية وثيقة أو معمومة تطمبيا‪ ،‬حيث يعاقب‬
‫عمى ذلك بالحبس لمدة تتراوح من ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس (‪ ) 5‬سنوات وبغرامة تتراوح من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬حماية الشيود والخبراء والمبمغيف والضحايا‪ :‬لقد قام المشرع بوضع ىذه الحماية حتى يدعم‬
‫مساىمة المجتمع في القضاء عمى ىذه الجرائم دون تخوف باعتبار ىذه اآللية ضمانة قانونية قوية‬
‫لحماية الشيود أو الخبراء أو الضحايا أو المبمغين أو أفراد عائالتيم وسائر األشخاص وثيقي‬
‫الصمة بيم من أي عممية انتقام أو ترىيب أو تيديد‪ ،‬دون أن ننسى بأنيا آلية ردعية لمجناة‬
‫وشركائيم أو مساعدييم‪ ،‬ويعاقب المشرع عمى ىذه العمميات بنفس العقوبات المسمطة عمى جريمة‬
‫إعاقة السير الحسن لمعدالة ‪.71‬‬
‫‪ -‬البالغ الكيدي‪ :‬ويعاقب القانون ‪ 01- 06‬في مادتو ‪ 46‬كل من قام عمدًا بتبميغ كيدي يتعمق‬
‫بإحدى جرائم الفساد المنصوص عنيا في ىذا القانون بالحبس لمدة تتراوح من ستة (‪ )6‬أشير إلى‬
‫خمس (‪ ) 5‬سنوات وبغرامة تتراوح من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ ،‬وذلك لحرص المشرع‬
‫عمى إعطاء األمر أكثر جدية نظ ًار لما قد يترتب عميو من اجراءات في تحرك السمطات القضائية‬
‫المختصة‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ اإلبالغ عف الجرائـ‪ :‬وتقع ىذه الجريمة عمى كل شخص يعمم بحكم مينتو أو وظيفتو الدائمة‬
‫أو المؤقتة بوقوع إحدى جرائم الفساد المنصوص عنيا في ىذا القانون ولم يقم بالتبميغ عنيا في‬
‫الوقت المالئم‪ ،‬حيث يعاقبو القانون عمى ذلك بالحبس لمدة تتراوح من ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس‬
‫(‪ )5‬سنوات وبغرامة تتراوح من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج ‪.72‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬خصوصية جرائـ الفساد وأساليب التحري الخاصة بيا‬
‫من خالل تفحص الباب الرابع من ىذا القانون والمعنون بالتجريم والعقوبات وأساليب التحري نجد‬
‫بأن المشرع خصص أحكام ًا بذاتيا ليذه الجرائم وألساليب التحري الخاصة بيا‪.‬‬
‫‪- 1‬خصوصية جرائـ الفساد في أحكاـ القانوف ‪:01- 06‬‬
‫تتجمى ىذه الخصوصية في العديد من النقاط التي تتعمق بيذه الجرائم والتي نظمتيا المواد من ‪48‬‬
‫إلى ‪ 55‬من ىذا القانون‪:‬‬
‫‪ -‬الظروؼ المشددة‪ :‬بموجب المادة ‪ 48‬تم تشديد عقوبة الحبس من عشر (‪ )10‬سنوات إلى‬
‫عشرين (‪ ) 20‬سنة مع ابقاء نفس ال غرامة المقررة لمجريمة المرتكبة بالنسبة لمقضاة والموظفون‬
‫الذين يمارسون وظائف عميا في الدولة والضباط العموميون وأعضاء الييئة الوطنية لموقاية من‬
‫الفساد مكافحتو وضباط وأعوان الشرطة القضائية ومن يمارسون بعض صالحيات الشرطة‬
‫القضائية وموظفو أمانة الضبط‪ ،‬وىذا نظ اًر لعمميم ودرايتيم التامة بيذه الجرائم ومدى خطورتيا‬
‫عمى المجتمع وعمى الدولة ؛ وباعتبارىم أعوان لمدولة في مكافحة ىذه الجرائم‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعفاء مف العقوبات وتخفيفيا‪ :‬وىي اجراءات لإلعفاء من العقوبة أو التخفيف منيا إذا كان‬
‫أحد الجناة قد ساىم في التبميغ عن الجريمة أو في القبض عمى أحد األشخاص الضالعين في‬
‫ارتكاب أحدى جرائم الفساد‪.‬‬
‫‪ -‬العقوبات التكميمية‪ :‬وىي سمطة ممنوحة لمجيات القضائية بموجبيا يمكن ليا المعاقبة بعقوبة أو‬
‫أكثر من العقوبات التكميمية الواردة في قانون العقوبات مثل‪ :‬الحرمان من الحقوق الوطنية‬
‫والمدنية والعائمية أو سح ب جواز السفر أو نشر أو تعميق حكم أو قرار اإلدانة ‪.....73‬‬
‫‪ -‬التجميد والحجز والمصادرة‪ :‬بموجب المادة الثانية من القانون ‪ 01- 06‬يقصد بالتجميد أو‬
‫الحجز بتمك اإلجراءات الصادرة عن الجيات القضائية المختصة بفرض حضر مؤقت عمى‬
‫حركة الممتمكات أو التصرف فييا أو حيازتيا؛ فالتجميد يخص حركة األموال المودعة في‬
‫مختمف األرصدة أما الحجز يخص كل المنقوالت والعقارات واألموال‪ ،‬ويقصد بالمصادرة بتمك‬
‫اإلجراءات الصادرة عن الجيات القضائية المختصة بالتجريد الدائم لمختمف الممتمكات‬
‫المتحصل عمييا من جرائم الفساد‪.‬‬
‫وتعتبر ىذه االجراءات من قبيل العقوبات التكميمية الواجبة التطبيق خاصة فيما يتعمق بجرائم‬
‫الفساد وليذا جاء نص المادة ‪ 51‬من القانون ‪ 01- 06‬ليفرضيا عمى مختمف عائدات ىذه‬
‫الجرائم وفي كل مراحل الدعوى العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة والشروع‪ :‬من خالل نص المادة ‪ 52‬من القانون ‪ 01- 06‬نالحظ أن المشرع فرض‬
‫نفس العقوبات المقررة عمى المشاركين في جرائم الفساد بينما تشدد في الشروع فييا وأقر ليا‬
‫نفس عقوبة الجريمة‪ ،‬حيث ال يعاقب عمى ذلك في الجنح إال بناء عمى نص صريح في القانون‬
‫وذلك بموجب المادة ‪ 1/31‬من قانون العقوبات‪ ،‬ليعطييا بذلك خصوصية عمى باقي الجرائم‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية الشخص االعتباري‪ :‬وىو إقرار حديث لممسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية مثمما‬
‫تم تحديثو في قانون العقوبات في نص المادة ‪ 51‬مكرر منو باستثناء الدولة والجماعات المحمية‬
‫واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام‪.‬‬
‫‪ -‬التقادـ‪ :‬أما فيما يخص التقادم فتمثمت خصوصية جرائم الفساد بأن الدعوى العمومية فييا وكذا‬
‫عقوباتيا ال تتقادم أبداً في حالة تحويل عائدات ىذه الجرائم إلى خارج الوطن‪ ،‬أما في باقي‬
‫الح االت األخرى فتسري عمييا األحكام المنصوص عمييا في قانون االجراءات الجزائية (المواد‬
‫من ‪ 07‬إلى ‪ 10‬بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية والمواد من ‪ 612‬إلى ‪ 617‬بالنسبة لتقادم‬
‫العقوبة)‪.‬‬
‫غير أنو وفي الفقرة األخيرة من المادة ‪ 54‬من القانون ‪ 01- 06‬وضع المشرع استثناء يتمثل‬
‫في مدة تق ادم الدعوى العمومية المتعمقة بجريمة االختالس والتي أقر بأنيا تساوي الحد األقصى‬
‫لمعقوبة أي عشر (‪ )10‬سنوات مثمما تم توضيحو سابقاً‪.‬‬
‫‪ -‬آثار الفساد‪ :‬لقد قام المشرع بموجب نص المادة ‪ 55‬من القانون ‪ 01- 06‬بمراعاة كل اآلثار‬
‫القانونية التي قد تترتب عن ارتكاب جرائم الفساد والتي قد تنجر عنيا اكتساب حقوق وقيام‬
‫التزامات م ن خالل تمك العقود أو الصفقات أو االمتيازات ‪ ...‬موضوع ىذه الجرائم‪ ،‬فأعطى‬
‫كامل السمطة لمييئات القضائية الفاصمة في النزاع إلبطال كل ىذه اآلثار مع مراعاة حقوق‬
‫الغير حسن النية‪.‬‬
‫‪- 2‬أساليب التحري الخاصة بجرائـ الفساد‪ :‬من خالل نص المادة ‪ 56‬من القانون ‪ 01- 06‬أقر‬
‫المشرع أساليب خاصة لمتحري عن ىذه جرائم من أجل تسييل جمع األدلة المتعمقة بيا عمى خالف‬
‫األساليب التقميدية المتعارف عمييا في التحقيق االبتدائي في قانون االجراءات الجزائية‪ ،74‬ويستوجب‬
‫إعمال ىذه األساليب الخاصة إذن ًا من الييئات القضائية المختصة نظ ًار ألنيا تتعارض مع‬
‫خصوصية وحريات األفراد غالباً لكنيا تصب في المصمحة العامة ليذا أمكن اجازتيا باشتراط اإلذن‬
‫أو الترخيص‪.‬‬
‫ويبدو أن المشرع ذكر ىذه األساليب الخاصة عمى سبيل الذكر ال عمى سبيل الحصر‪ ،‬حيث‬
‫تناول بعضاً منيا وىي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬التسميـ المراقب‪ :‬لقد عرفتو المادة الثانية من القانون ‪ 01- 06‬عمى أنو‪(( :‬اإلجراء الذي يسمح‬
‫لشحنات غير مشروعة أو مشبوىة بالخروج مف اإلقميـ الوطني أو المرور عبره أو دخولو‬
‫بعمـ مف السمطات المختصة أو تحت مراقبتيا‪ ،‬بغية التحري عف جرـ ما وكشؼ ىوية‬
‫األشخاص الضالعيف في ارتكابو)) حيث يعمل ضباط الشرطة القضائية ‪-‬وبعد الحصول عمى‬
‫اإلذن من وكيل الجميورية المختص ‪ -‬عمى التخطيط لإليقاع بالجناة في جرائم الفساد بالتنسيق‬
‫مع مختمف الييئات وذلك بالمشاركة في عمميات التسميم لمواد موضوع جريمة الفساد عمى‬
‫أساس أنيم أطراف فعميون في ىذه العممية حتى يتم الكشف عن باقي األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬الترصد اإللكتروني‪ :‬وىو عممية متابعة دقيقة لألشخاص الضالعين في قضايا الفساد وذلك من‬
‫خالل مختمف الوسائل االلكترونية بما فييا وسائل التواصل االجتماعي وغيرىا التي ينشط فييا‬
‫ىؤالء ويتواصمون مع بعضيم البعض ‪ ،‬حيث تكون ىذه العممية بعد الحصول عمى اإلذن‬
‫المسبق من وكيل الجميورية المختص نظ ًار ألنيا تنتيك خصوصيات األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬االختراؽ‪ :‬وىو عممية الكترونية يقوم بيا ضباط الشرطة القضائية لمولوج الى أي موقع أو‬
‫حساب الكتروني سواء كان شخصياً أو عمومياً قصد استخراج أي معمومة أو دليل قد يفيدىم‬
‫في الكشف عن جرائم الفساد وذلك طبع ًا بعد الحصول عمى اإلذن المسبق من وكيل الجميورية‬
‫المختص‪.‬‬
‫وعمى غرار ىذه األساليب فإن المشرع الجزائري استحدث أساليب أخرى في قانون االجراءات‬
‫‪75‬‬
‫والتي جاءت عمى‬ ‫الجزائية كاعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور والتسرب‬
‫‪76‬‬
‫رقم ‪ 22- 06‬المؤرخ في ‪ 2006/12/20‬باعتبارىا‬ ‫اثر تعديل ىذا القانون بموجب القانون‬
‫اجراءات تستمزم مواكبة التطورات الحاصمة في المجتمع‪.‬‬
‫ولمتذكير فإن المشرع في المادة ‪ 24‬مكرر‪ 1‬من القانون ‪ 01- 06‬مدد االختصاص المحمي‬
‫لضابط الشرطة القضائية التابعين لمديوان الوطني لقمع الفساد في جرائم الفساد والجرائم‬
‫المرتبطة بيا إلى كامل اإلقميم الوطني خروج ًا عن القاعدة العامة في المادة ‪ 16‬من قانون‬
‫االجراءات الجزائية والتي تحدد االختصاص المحمي لضباط الشرطة القضائية بالحدود التي‬
‫يباشرون ضمنيا وظائفيم المعتادة؛ لتنضم بذلك جرائم الفاسد إلى الحاالت االستثنائية في تمديد‬
‫اال ختصاص المحمي الموجودة في ىذه المادة مثل جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر‬
‫الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات وجرائم تبييض األموال‬
‫واإلرىاب والجرائم المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرف وفي الحاالت االستعجالية‪ ،‬ليكون ذلك‬
‫من بين أىم خ صوصيات جرائم الفساد وأىم أساسيات أساليب التحري الخاصة بيا‪.‬‬
‫المحور الخامس ‪ :‬التعاوف الدولي في قضايا الفساد‬
‫محور خاصاً بالتعاون الدولي في قضايا الفساد وتطرق فيو لعديد النقاط المستوحاة‬
‫اً‬ ‫لقد خصص المشرع‬
‫من اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد بما في ذلك استرداد الموجودات والتعاون القضائي وغيرىا من‬
‫االجراءات التي جاء بيا القانون ‪ ،01- 06‬حيث أقرت المادة ‪ 57‬منو عمى وجوب اقامة عالقات تعاون‬
‫قضائي عمى أوسع نطاق ممكن وباألخص بين الدول األطراف في االتفاقية وذلك في كل االجراءات‬
‫القضائية المتعمقة بجرائم الفساد مع االحتفاظ بالمبادئ العامة لمعالقات الدولية‪.‬‬
‫ومن خالل ذلك فقد ذكر المشرع العديد من النقاط اليامة المتعمقة بالتعاون الدولي القضائي في قضايا‬
‫الفساد ولتوضيح ىذه النقاط سنتطرق ليا في العناصر التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التعاوف الدولي القضائي في مجاؿ المصارؼ والمؤسسات المالية‬
‫أعطى المشرع كامل اىتمامو لمجال المصارف والمؤسسات المالية باعتبارىا مركز تواجد العائدات‬
‫المالية االج ارمية الناتجة عن قضايا الفساد‪ ،‬وخصيا ببعض األحكام التي تتعمق بحركة ىذه األموال‬
‫ومتابعتيا سواء كانت في الوطن أو خارجو‪.‬‬
‫ومن خالل ذلك فقد تم وضع أحكام تتعمق بمنع وكشف وتحويل العائدات االجرامية في نص المادة ‪58‬‬
‫من القانون ‪ ، 01- 06‬حيث تم الزام المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية بالمعطيات الواردة لدييم‬
‫بخصوص األشخاص الطبيعيون أو االعتباريون والتطبيق عمييم الفحص والمتابعة الدقيقة في كل ما يتعمق‬
‫بحساباتيم والعمميات الجارية عمييا‪ ،‬كم ا أوجب عمييا اعطاء أىمية أكثر لكل المعمومات المتعمقة‬
‫بمتعاممييا (سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين) التي تردىا من السمطات األجنبية وأوجبت عمييم‬
‫مراقبة حساباتيم بدقة ومسك كشوفيا لمدة ال تقل عن خمس (‪ ) 5‬سنوات من تاريخ آخر عممية مدونة بيا‬
‫وتتضمن كل المعمومات الدقيقة المتعمقة بكل أطراف ىذه العمميات‪.‬‬
‫وفي إطار ىذا التعاون الدولي فقد اتاحت المادة ‪ 60‬من القانون ذاتو إمكانية تبادل المعمومات المالية‬
‫بين السمطات الوطنية واألجنبية خاصة المتعمقة بالتحقيقات في قضايا الفساد السترجاع العائدات الناتجة‬
‫عنيا‪.‬‬
‫ومن أجل ضبط وتنظيم التعامالت المالية منعت المادة ‪ 59‬نفس القانون إنشاء أية مصارف صورية أو‬
‫ليست ليا حضور مادي باإلقميم الجزائري وال تنتمي إلى أية مجموعة مالية خاضعة لمرقابة في إطار‬
‫التشريع الساري المعمول بو‪ ،‬كما منعت عن المصارف والمؤسسات المالية المنشأة في الجزائر بإقامة‬
‫عالقات مع أية مؤسسات مالية أجنبية ال تخضع لمرقابة أو التي تسمح باستخدام حساباتيا مع مصارف‬
‫صورية‪.‬‬
‫كما أنو ومن أجل تنظيم حركة الحس ابات المالية المتواجدة بالخارج والتي تتعمق بمصالح موظفين‬
‫عموميين تم إلزام ىؤالء بالتبميغ لمسمطات المختصة بيذه العالقات وكذا بتنظيم عممياتيم المالية في ىذه‬
‫الحسابات في سجالت مالئمة وذلك تحت طائمة العقوبات التأديبية والجزائية المقررة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التعاوف الدولي القضائي في مجاؿ استرداد العائدات االجرامية‬
‫لقد نظم المشرع الجزائري معظم حاالت احتماالت تعاون الجيات القضائية الجزائرية مع إحدى الدول‬
‫األعضاء في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بخصوص كيفيات استرداد العائدات االجرامية‪ ،‬حيث‬
‫أقرت المادة ‪ 62‬من القانون ‪ 01- 06‬باختصاص الجيات القضائية الجزائرية بقبول الدعاوى المدنية‬
‫المرفوعة من تمك الدول من أجل االعتراف بحق ممكيتيا لمممتمكات الناتجة عن جرائم الفساد‪ ،‬كما تختص‬
‫كذلك بإلزام الجناة في ىذه ال جرائم بدفع تعويض مدني لمدولة الطالبة لذلك عن الضرر الذي لحقيا وأن‬
‫تأمر بما يمزم من تدابير لحفظ حقوق الممكية المشروعة ليذه الدولة وذلك عمى إثر اتخاذ قرار المصادرة‪.‬‬
‫كما أقرت المادة ‪ 63‬من نفس القانون بنفاذ األحكام القضائية األجنبية المتعمقة بمصادرة الممتمكات‬
‫الناتجة عن جرائم الفساد باإلقميم الجزائري‪ ،‬وفي المقابل منحت ىذه المادة صالحية الجيات القضائية‬
‫الجزائرية األمر بمصادرة الممتمكات ذات المنشأ األجنبي المكتسبة عن طريق جرائم الفساد أو المستخدمة‬
‫في ارتكابيا حتى في انعدام اإلدانة بسبب انقضاء الدعوى العمومية أو ألي سبب آخر‪.‬‬
‫أما بخصوص اجراءات التجميد والحجز فقد تم منح ىذه الصالحيات لمجيات القضائية الجزائرية بناء‬
‫عمى طمب إحدى الدول األعضاء في االتفاقية والتي أمرت ىيئاتي ا القضائية بتجميد أو حجز العائدات‬
‫الناتجة عن جرائم الفساد وذلك بشرط وجود أسباب كافية لتبرير ىذه االجراءات وثبوت أن مآل ىذه‬
‫العائدات أو الممتمكات ىو المصادرة‪ ،‬كما يمكنيا اتخاذ ىذه االجراءات بناء عمى معطيات ثابتة مثل إيقاف‬
‫أو اتيام أحد األشخاص الضالعين في ىذه القضايا بالخارج دون طمب تمك الدولة ‪.77‬‬
‫ومع ذلك فإنو يجوز رفض التعاون الدولي بخصوص اجراءات المصادرة أو إلغاء تمك المتعمقة منيا‬
‫بالتدابير التحفظية في حالة عدم قيام الدولة الطالبة لذلك بإرساليا أدلة كافية في وقت معموم أو في حالة‬
‫ما إذا كانت قيمة الممتمكات المطموب مصادرتيا زىيدة ال تحتاج إلى كل ذلك العناء‪ ،‬وىذا مع امكانية بقاء‬
‫حق ىذه الدولة لعرض ما لدييا من أسباب تبرر إبقاء االجراءات التحفظية قبل رفعيا من طرف الجيات‬
‫الوطنية المختصة ‪.78‬‬
‫لقد حددت المادة ‪ 66‬من القانون ‪ 01- 06‬المرفقات اإللزامية لطمبات إجراء المصادرة أو تنفيذه المقدمة‬
‫من طرف الدول ‪ -‬في إطار التعاون الدولي القضائي فيما بينيا ‪ -‬إلى السمطات القضائية الوطنية‬
‫المختصة ‪ ،79‬وتمثمت فيما يمي‪:‬‬
‫المستند إلييا ووصف لإلجراءات المطموبة مع ارفاقو بنسخة مصادق عمى‬ ‫‪ -‬بيان يوضح الوقائع ُ‬
‫المستند إليو حيثما كان متاحاُ‪ ،‬وذلك إذا تعمق األمر بطمب اتخاذ‬
‫مطابقتيا لألصل من األمر ُ‬
‫إجراءات التجميد أو الحجز أو بأي إجراءات تحفظية أخرى‪،‬‬
‫‪ -‬وصف دقيق لمممتمكات المراد مصادرتيا مع تحديد مكانيا وقيمتيا متى أمكن وذلك لمتسييل‬
‫باتخاذ مصادرتيا من طرف الجيات ال قضائية الوطنية في حالة طمب المصادرة‪،‬‬
‫‪ -‬بيان يتضمن كل الوقائع والمعمومات التي تمكن من تحديد نطاق تنفيذ أمر المصادرة الوارد من‬
‫طرف الدولة الطالبة لذل ك‪ ،‬مع تقديميا لتصريح يثبت التدابير التي اتخذتيا إلشعار الدول‬
‫األطراف حسنة النية ويثبت بأن حكم المصادرة ىو حكم نيائي‪.‬‬
‫ويوجو طمب المصادرة مباشرة إلى و ازرة العدل التي تحولو لمنائب العام لدى الجية القضائية‬
‫المختصة‪ ،‬حيث ترسمو النيابة العامة بدورىا إلى المحكمة المختصة مرفقاً بطمباتيا لتصدر‬
‫بشأنو ىذه األخيرة حكم ًا قابل لالستئناف والطعن بالنقض‪ ،‬حيث تُنفذ أحكام المصادرة بمعرفة‬
‫النيابة العامة وبكل الطرق القانونية ‪.80‬‬
‫أما بخصوص تنفيذ أحكام المصادرة الصادرة عن جيات قضائية أجنبية فترد إلى الجيات‬
‫القضائية المختصة الوطنية بنفس الطريقة السابقة ويتم تنفيذىا طبقاً لمقانون الجزائري وفي حدود‬
‫ما تطمبو ىذه الدولة‪ ،‬حيث يكون التصرف في الممتمكات المصادرة وفقاً لممعاىدات الدولية‬
‫‪81‬‬
‫والتشريع المعمول بو‪.‬‬
‫وفي إطار التعاون القضائي الدولي عمد المشرع الجزائري عمى تعزيزه بما يسمى بالتعاون‬
‫الخاص والذي يتمثل في تبميغ أية معمومات تتعمق بالعائدات االجرامية إلى أية دولة طرف في‬
‫االتفاقية دون طمب مسبق منيا قد تساعدىا في الكشف عن جرائم الفساد ‪.82‬‬

You might also like