Professional Documents
Culture Documents
مف إعداد:
د .لحوؿ دراجي
2021/2020
مػ ػقػػدم ػ ػ ػ ػ ػ ػػة:
مع بداية ىذه األلفية تبنى المشرع الجزائري مجموعة من اإلصالحات السياسية كان أبرزىا صدور
القانون رقم 01- 06المؤرخ في 2006/02/20المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ُ 1ليحدث بذلك
توجياً حديث ًا نحو إيديولوجية قانونية جديدة نابعة من إف ارزات نشاطات التنظيم الدولي ،حيث كان من بين
أىم أسباب صدور ىذا القانون ىو مصادقة الجزائر عمى ات فاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003
وكذا اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو في نفس السنة ،وعمى إثر ذلك جاء ىذا النص القانوني
بمبادئ حديثة لمسياسة الجزائية أىميا السياسة الوقائية لجرائم الفساد في كل من القطاع العام والقطاع
الخاص حتى يعطييا حي ًاز مبدئي ًا معموم ًا لدى المجتمع ككل.
ومن خالل ذلك سنتطرق لدراسة ىذا المقياس وفق المحاور التالية:
المحور األوؿ :خصوصية القانوف 01- 06المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو المعدؿ والمتمـ
المحور الثاني :التدابير الوقائية في القطاع العاـ
المحور الثالث :ىيئات الوقاية مف الفساد ومكافحتو
المحور الرابع :التجريـ والعقوبات وأساليب التحري
المحور الخامس :التعاوف الدولي في قضايا الفساد
..............................
المحور األوؿ :خصوصية القانوف 01- 06المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو المعدؿ والمتمـ
سنتناول في ىذا المحور أىم المفاىيم المتعمقة بالفساد وكذا أسباب تبني المشرع ليذا القانون.
أوالً :مفيوـ الفساد :لكي نتمكن من الوصول إلى المفيوم الحقيقي لمفساد يجب التطرق إلى تعريفو
المغوي واالصطالحي ومختمف التشريعات التي تناولتو.
- 1مدلوؿ الفساد لغةً :لقد ُعرف الفساد في معظم المعاجم عمى أنو نقيض الصالح ،حيث ُيقال
يد ِفييا ،ويقال تفاسد القوم أي تدابروا
اس ٌد و َف ِس ٌ
وي ْف ِس ُد و َفس َد َفسادًا وفُسودًا ،فيو َف ِ
ُ ُ َ َف َس َد ي ْف ُس ُد َ
وقطعوا األرحام ،واستفسد السمطان قائده إذا أساء إليو حتى استعصى عميو ،والمفسدة خالف
المصمحة واالستفساد خالف االستصالح ،2ولقد ورد مصطمح الفساد في القرآن الكريم
بمختمف مشتقاتو (فسدت ،يفسد ،تفسدوا ،يفسدوا ،مفسد ،مفسدون ،مفسدين ،فساد)...
( ) 50مرة ،وىذا إن دل إنما يدل عمى تنوع صوره بحسب ورود مصطمح الفساد في خمسين
اآليات فنذكر عمى سبيل المثال اآلية ( )11من سورة البقرة َو إِ َذا ِق َ
يؿ لَيـ الَ مختمف
وف حيث يقصد بالفساد ىنا بالكفر والعمل صِمح ً ِفي ْاأل َْر ِ
ض قَالوْا إِنَّ َما َن ْحف م ْ ت ْف ِسدوْا
3
بالمعصية.
- 2المدلوؿ االصطالحي لمفساد:
أما اصطالح ًا فيعرفو البعض عمى أنو خروج الشيء عن االعتدال بالقميل أو الكثير ،4
كما يعرفو آخرون بأنو تصرف وسموك وظيفي سيء يخالف اإلصالح وىدفو االنحراف
والكسب الحرام والخروج عمى النظام ألجل مصمحة شخصية 5ورغم كل ىذه التعريفات
وغيرىا فيناك من يرى عدم وجود تعريف جامع لمفساد مرده إلى كونو يتمتع بالمرونة مما
يجعمو قابالً لمتكيف بين اإليديولوجيات والمرجعيات .6
- 3التعريفات التشريعية لمفساد:
ل قد تم تعرف الفساد لدى العديد من الييئات الدولية قبل أن يتم تعريفو تشريعياً ،فعرفو
البنك الدولي عمى أنو "إساء ة استعماؿ السمطة الموكمة لتحقيؽ مكاسب خاصة" ،7كما
عرفو صندوق النقد الدولي عمى أنو "استغالؿ الوظيفة العامة لمحصوؿ عمى مكاسب
خاصة" ، 8وعرفتو منظمة الشفافية الدولية لمفساد بأنو كذلك سوء استعمال السمطة العامة
لربح منافع خاصة أو بأنو عمل ضد الوظيفة العامة التي ىي محل ثقة عامة.
غير أن المشروع األولي التفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003كان يعرف
الفساد عمى أنو "القياـ بأعماؿ تمثؿ أداء غير سميـ لمواجب ،أو إساءة استغالؿ لموقع أو
سمطة بما في ذلؾ أفعاؿ اإلغفاؿ توقعاً لمزية أو سعياً لمحصوؿ عمى مزية يوعد بيا أو
تعرض أو تطم ب بشكؿ مباشر أو غير مباشر أو إثر قبوؿ مزية ممنوحة بشكؿ مباشر أو
غير مباشر ،سواء لمشخص ذاتو أو لصالح شخص آخر" ،9لكن نص االتفاقية اكتفى
بتحديد مجموعة أفعال الفساد وصوره والتي تمثمت في :الرشوة ،االختالس ،المتجرة بالنفوذ
اساءة استغالل الوظيفة ،اإلثراء غير المشروع...
كما أن اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو لسنة 2003اتخذت ذات الطريقة
وعرفت الفساد في المادة األولى منيا عمى أنو مختمف األعمال أو الممارسات بما فييا
الجرائم ذات الصمة التي تحرميا أحكام االتفاقية ،حيث حددت المادة الرابعة ( )4منيا
مختمف ىذه األفعال مثل الرشوة واالختالس واساءة استعمال السمطة والكسب غير المشروع
وغيرىا من الجرائم .10
وعمى ُخطى األمم المتحدة واالتحاد اإلفريقي سار المشرع الجزائري بنفس الطريقة في
تعريف الفساد حيث جاء في المادة الثانية من القانون رقم 01- 06المؤرخ في
2006/02/20المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو المعدل والمتمم بأن الفساد يمثل كل
الجرائم المنصوص عمييا في الباب الرابع منو والتي انحصرت في الجرائم التالية :الرشوة
واالختالس في القطاع العام والقطاع الخاص ،الغدر ،استغالل النفوذ ،إساءة استغالل
الوظيفة ،تعارض المصالح في الصفقات العمومية ،أخذ فوائد بصفة غير قانونية ،عدم
التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات ،اإلثراء غير المشروع ،تمقي اليدايا ،التمويل
الخفي لألحزاب السياسية ،تبييض العائدات اإلجرامية ،اإلخفاء واعاقة السير الحسن لمعدالة.
ثانياً :مبررات المشرع الجزائري في اتخاذ قانوف مستقؿ لموقاية مف الفساد ومكافحتو:
تختمف مبررات المشرع الجزائري في اتخاذ قانون مستقل لموقاية من الفساد ومكافحتو إلى العديد
من النقاط اليامة سواء عمى الصعيد السياسي أو القانوني أو االقتصادي ،وفيما يمي أىميا:
- 1مصادقة الجزائر عمى كؿ مف اتفاقيتي األمـ المتحدة واالتحاد اإلفريقي لمكافحة الفساد:
11
عمى اثر مصادقة الجزائر بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة بموجب المرسوم الرئاسي
128- 04المؤرخ في 2004/04/19ومصادقتيا عمى اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمكافحة الفساد
12
137- 06المؤرخ في 2006/04/10باعتبارىا طرفاً فييا أصبح بموجب المرسوم الرئاسي
عمى عاتقيا التزاماً دولياً بتنفيذ محتوى ىاتو األحكام عن طريق التشريعات والتنظيمات الوطنية،
حيث يمكن لي ا أن تعتمد تدابير أكثر صرامة مما تضمنتو تمك االتفاقيات من أجل قمع الفساد
ومكافحتو ، 13وىو ما اتخذه المشرع الجزائري بعد حوالي أكثر من سنتين ليعمل عمى اصدار
القانون 01- 06المؤرخ في 2006/02/20المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو.
ودون أن ننسى بأن الجزائر كانت قد صادقت بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة ضد الجريمة
المنظمة عبر الوطنية المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة في 15نوفمبر 2000والتي
14
في دخمت حيز التنفيذ في 29سبتمبر 2003وذلك بموجب المرسوم الرئاسي 55- 02المؤرخ
، 2002/02/05حيث جاء في مادتيو الثامنة ( )8والتاسعة ( )9عمى تجريم الفساد وتدابير
مكافحتو لتعتبر ىذه المواد أولى األحكام القانونية التي أسست لمكافحة الفساد.
وفي سنة 2014قامت الجزائر بالمصادقة كذلك عمى االتفاقية العربية لمكافحة الفساد المعتمدة
15
في .2014/09/08 بالقاىرة في 2010/12/21بموجب المرسوم الرئاسي 249- 14المؤرخ
- 2اعتماد سياسة الوقاية مف الفساد ومكافحتو وتعزيز النزاىة والمسؤولية والشفافية في مختمؼ
القطاعات :وىو ما جاءت بو المادة األولى من ىذا القانون كأىداف عامة لو ،حيث تعتبر في
األصل كل ىذه النقاط من قبيل أىداف السياسة العامة لمدول خاصة وأن دول العالم الثالث وحتى
الدول النامية تحتل دوماً ذيل ترتيب الدول وفق مؤشرات الفساد ومعايير النزاىة والشفافية المعتمدة
من طرف بعض المنظمات كمنظمة الشفافية الدولية .16
وليذا تم اعتماد ىذه السياسة الجزائية الحديثة والمتمثمة في السياسة الوقائية من جرائم الفساد
حيث تتمثل ىذه السياسة في وضع األطر القانونية الالزمة لجرائم الفساد في نصوص قانونية
خاصة وتحت رقابة ىيئات عمومية خاصة حتى يتمكن أغمب أفراد المجتمع من معرفة خطورة ىذه
األفعال والحكمة من تجريميا قانوناً ،باإلضافة إلى ذلك تعتمد ىذه السياسة عمى وضع تدابير
وقائية كاالىتمام بعمميات التوظيف أو اعتماد نظام التصريح بالممتمكات أو وضع مدونات قواعد
سموك الموظفين العموميين وغيرىا من التدابير.
- 3تسييؿ وتدعيـ التعاوف الدولي لموقاية مف الفساد ومكافحتو:
وىو ما جاء كيدف من أىداف ىذا القانون في المادة األولى منو ،حيث أنو من خالل أحكام
ىذا القانون تم ت خصيص العديد من االجراءات التي تدعم التعاون الدولي والمساعدات التقنية في
قضايا الفساد كاسترداد الموجودات بين الدول وتقديم المعمومات واألرصدة المتواجدة بالخارج
ومصادرة مختمف الممتمكات ،وىو ما كانت والزالت تحتاجو الجزائر بالفعل خاص ًة وقت صدور ىذا
القانون جراء تضرر الخزينة العمومية من العديد من قضايا الفساد آنذاك.
- 4وضع قانوف مستقؿ خاص بجرائـ الفساد التي تعتمد عمى صفة الموظؼ:
لقد عمد المشرع الجزائري عمى اخراج بعض الجرائم المتعمقة بالفساد الذي يمارسو الموظفون سواء
17
إلى قانون مستقل حتى يعطي ليذه في القطاع العام أو القطاع الخاص من أحكام قانون العقوبات
الجرائم صبغة خاصة تحمل في طياتيا ميزة وقائية تحذيرية لكل مستخدمي القطاعات لتصل إلى
مخيالتيم مدى اىتمام المشرع لمثل ىذه الجرائم المتعمقة بالفساد ،وىو في الحقيقة ىدف جد ميم يعمل
عمى تحضير العامل النفسي لمعنصر البشري في مختمف القطاعات.
كما يعد ىذا القانون تسييال اجرائيا لمييئات الق ضائية في قضايا الفساد حيث من خاللو تتضح كل
االجراءات القضائية الخاصة بجرائم الفساد وما ليا من خصوصية في نص قانوني واحد.
وعمى أساس ذلك جاء القانون 01- 06المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو بستة ( )06أبواب قبل أن
18
وىو الباب الثالث مكررُيتمم بموجب األمر 05- 10المؤرخ في 2010/08/26ليضيف باب ًا سابع ًا
المتعمق بالديوان المركزي لقمع الفساد ، 19ليتم تعديمو كذلك بموجب القانون 15- 11المؤرخ في
2011/08/02بغرض تعديل أحكام المادتين 26و 29من القانون 01- 06المتعمق بالوقاية من الفساد
ومكافحتو .20
وجاءت عناوين األبواب كاآلتي:
الباب األوؿ :أحاكـ عامة
حيث تضمن أىداف ىذا القانون وكذا التعريف بالمصطمحات الواردة فيو وىي :الفساد ،الموظف
العمومي ،الموظف العمومي األجنبي ،موظف منظمة دولية عمومية ،الكيان ،الممتمكات ،العائدات
االجرامية ،التجميد أو الحجز ،المصادرة ،الجرم األصمي ،التسميم المراقب ،االتفاقية والييئة .21
الباب الثاني :التدابير الوقائية في القطاع العاـ
تضمن ىذا الباب تدابير وقائية ىامة جدا في القطاع العام واشتممت عمى :التوظيف ،التصريح
بالممتمكات ،مدونات قواعد سموك الموظفين العموميين ،إبرام الصفقات العمومية ،تسيير األموال العمومية،
الشفافية في التعا مل مع الجميور ،التدابير المتعمقة بسمك القضاة ،تدابير وقائية في القطاع الخاص،
معايير المحاسبة العمومية في القطاع الخاص ،مشاركة المجتمع المدني في ميمة الوقاية من الفساد
ومكافحتو ،تدابير منع تبييض األموال .22
الباب الثالث :الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو
جاء ىذا الباب ليوضح النظام القانوني ليذه الييئة وكذا ضمانات استقالليتيا ومياميا وآليات تزويدىا
بالمعمومات والوثائق وعالقتيا بالسمطة القضائية وتقريرىا السنوي .23
الباب الثالث مكرر :الديواف المركزي لقمع الفساد
لقد استُحدث ىذا الباب لينشئ الديوان المركزي لقمع الفساد بيدف ميمة البحث والتحري عن جرائم
الفساد .24
الباب الرابع :التجريـ والعقوبات وأساليب التحري
حدد المشرع في ىذا الباب مختمف جرائم الفساد وما يقابميا من عقوبات وىي كاآلتي :الرشوة
واالختالس في القطاع العام والقطاع الخاص ،الغدر ،استغالل النفوذ ،إساءة استغالل الوظيفة ،تعارض
المصالح في الصفقات العمومية ،أخذ فوائد بصفة غير قانونية ،عدم التصريح أو التصريح الكاذب
بالممتمكات ،اإلثراء غير المشروع ،تمقي اليدايا ،التمويل الخفي لألحزاب السياسية ،تبييض العائدات
اإلجرامية ،اإلخفاء واعاقة السير الحسن لمعدالة ،باإلضافة إلى ذلك تطرق ىذا الباب أيضاً إلى بعض
أساليب التحري والتدابير وىي :حماية الشيود والخبراء والمبمغين والضحايا ،البالغ الكيدي ،عدم اإلبالغ
عن الجرائم ،الظروف المشددة ،اإلعفاء من العقوبات وتخفيفيا ،العقوبات التكميمية ،التجميد والحجز
والمصادرة ،المشاركة والشروع ،مسؤولية الشخص االعتباري ،التقادم ،آثار الفساد ،أساليب التحري
الخاصة .25
الباب الخامس :التعاوف الدولي واسترداد الموجودات
لقد جاء ىذا الباب بمختمف اآلليات التي تعزز التعاون الدولي في قضايا الفساد وىي كما يمي :التعاون
القضائي ،منع وكشف وتحويل العائدات اإلجرامية ،التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية ،تقديم
المعمومات ،الحساب المالي المتواجد بالخارج ،تدابير االسترداد المباشر لمممتمكات ،استرداد الممتمكات عن
طريق التعاون الدولي في مجال المصادرة ،التجميد والحجز ،رفع اإلجراءات التحفظية ،طمبات التعاون
الدولي بغرض المصادرة ،تنفيذ أحكام المصادرة الصادرة عن جيات قضائية أجنبية ،التعاون الخاص
المصادرة .26
والتصرف في الممتمكات ُ
الباب السادس :أحكاـ مختمفة وختامية
تضمن الباب األخير من ىذا القانون إلغاء كل المواد المخالفة ألحكامو وتعويضيا بمواد ىذا القانون .27
ويتم شرح ىذه األبواب أكثر في المحاور التالية.
المحور الثاني :التدابير الوقائية في كؿ مف القطاع العاـ والقطاع الخاص
من خالل السياسة الوقائية التي تم تبنييا في القانون 01- 06فقد اىتم المشرع الجزائري بالعديد من
االجراءات والتقنيات التي تالزم تولي المناصب العمومية وتقديم الخدمات العمومية سواء كان ذلك في
القطاع العام أو القطاع الخاص وىو ما أطمق عميو بالتدابير الوقائية ،وفيما يمي سنتعرض لكل منيا:
أوالً :التوظيؼ في القطاع العاـ :لقد أكد المشرع الجزائري في المادة ( ) 03من ىذا القانون عمى بعض
النقاط التي يجب أن تراعى خالل التوظيف بالقطاع العام كالشفافية والموضوعية وىما عنصران متالزمان
فالشفافية تقوم عمى الموضوعية حتى تتحقق ألن ىذه األخيرة ىي المنطمق لموصول إلى الجدارة والكفاءة
المتطمبة ،وألن معظم الدراسات تشير إلى أنو توجد معايير موضوعية حديثة لمتوظيف يجب مراعاتيا
لموصول إلى الكفاءات الحقيقية .28
كما نبو المشرع لتمك المناصب العمومية المعرضة لمفساد بطبيعتيا عمى أن تُشغل وفق اجراءات
قانونية مناسبة ليا باإلضافة إلى مراعاة األجور والتعويضات المالية المناسبة ليا وكذا توعية شاغمي ىذه
المناصب لمخاطر الفساد عن طريق البرامج التكوينية.
ثاني ًا :التصريح بالممتمكات :وىو إجراء تم تجديده في القانون 01- 06في المادة ( )04منو وذلك بعد
29
بيذا القانون ،حيث إلغاء األمر 04- 97المؤرخ في 1997/01/11المتعمق بالتصريح بالممتمكات
بموجبو يقوم الموظف حديث التنصيب في وظيفتو إذا كان معيناً أو في بداية عيدتو االنتخابية إذا كان
منتخباً خالل شير من توليو منصبو وخالل نياية توليو ليذا المنصب بالتصريح بممتمكاتو ،ويجدد ىذا
التصريح فور كل زيادة معتبرة لذمتو المالية.
وحدد نص المادة ( ) 05من ذات القانون محتويات التصريح بالممتمكات والتي تمثمت في جرد األمالك
العقارية والمنقولة التي يحوزىا المكتتب أو أوالده القصر ،ولو في الشيوع في الجزائر وفي الخارج.
فبالنسبة لرئيس غير أنو في المادة ( )06تم تحديد بعض الييئات ُليسمم أماميا ىذا التصريح،
الجميورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجمس الدستوري وأعضائو ورئيس الحكومة وأعضائيا ورئيس مجمس
المحاسبة ومحافظ بنك الجزائر والسفراء والقناصمة والوالة والقضاة فيكون تسميم تصريحيم بعد الشيرين
( ) 02المواليين لتاريخ انتخابيم أو تسمم مياميم أمام الرئيس األول لممحكمة العميا ُلينشر محتواه بعد ذلك
في الجريدة الرسمية ،أما بخصوص رؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحمية المنتخبة فيكون تسميم
وينشر عن طريق التعميق في لوحات اإلعالنات
التصريح بممتمكاتيم أمام المجمس المحمي المنتخب ُ
المخصص لذلك خالل شير من تاريخ انتخابيم.
ولقد صدر بعد ذلك المرسوم الرئاسي 414- 06المؤرخ في 2006/11/22ليقوم بتحديد نموذج
لمتصريح بالممتمكات 30ويوضح كيفية إيداعو حيث ُيعد التصريح في نسختين يوقعيما المكتتب والسمطة
المودع لدييا عمى أن تسمم نسخة لممكتتب.
وبالنسبة لباقي الموظفين العموميين فقد صدر المرسوم الرئاسي 415- 06المؤرخ في 2006/11/22
المحدد لكيفيات التصريح بالممتمكات بالنسبة لمموظفين العموميين غير المنصوص عمييم في المادة 6من
31
ليوضح الييئات التي يسمم أماميا التصريح ،فبالنسبة القانون المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو
لمموظفين العموميين الذين يشغمون مناصب عميا في الدولة فيسممون تصاريحيم أمام السمطة الوصية
وبالنسبة لمموظفين العموميين الذين تحدد قائمتيم بقرار من السمطة المكمفة بالوظيفة العمومية يكون أمام
السمطة السممية المباشرة وكل ذلك مقابل وصل استالم.
ثالثاً :وضع مدونات ل قواعد سموؾ الموظفيف العمومييف :وىي عبارة عن الئحة تنظيمية تحدد مختمف
أخالقيات الوظيفة العمومية لضمان األداء السميم والنزيو لمختمف الوظائ ف العمومية والعيد االنتخابية مثل
مدونة أخالقيات مينة القضاة ومدونة أخالقيات الطب ...لكنيا لم تصدر لحد اآلن .32
رابعاً :تكريس قواعد الشفافية والموضوعية في ابراـ الصفقات العمومية وفي تسيير األمواؿ العمومية:
بالنسبة لمجال الصفقات العمومية فتتمثل عمى الخصوص في بعض االجراءات والضمانات القانونية
كعالنية المعمومات المتعمقة بالصفقات العمومية وانتياج معايير موضوعية ودقيقة إلبراميا مع إبقاء حق
ال لجميع المترشحين ،أما بالنسبة لألموال العمومية فحث المشرع عمى تعزيز الشفافية
الطعن مكفو ً
والمسؤولية والعقالنية في تسييرىا طبقاً لمتشريع والتنظيم المعمول بيما خاصة ما تعمق بقواعد إعداد ميزانية
الدولة وتنفيذىا .33
خامساً :الشفافية في التعامؿ مع الجميور وضرورة اشراؾ المجتمع المدني :فيما يخص الشفافية
والضمانات القانونية في تعامل اإلدارة العامة مع الجميور فقد حدد المشرع بعض االجراءات التي تضمن
ذلك كتمكين الجميور من االطالع عمى كيفية تنظيميا وسيرىا والعمل عمى تبسيط االجراءات االدارية بيذه
الييئات واالىتمام بالرد عمى شكاوى المواطنين وكذا تسبيب ق ارراتيا ومنح وتبيين حق الطعن فييا .34
ومن جية أخرى فمقد شجع المشرع الجزائري ضرورة اشراك المجتمع المدني في الوقاية من الفساد
ومكافحتو وفق مبادئ الديمقراطية التشاركية التي تأخذ حيزىا أكثر عمى المستوى المحمي وذلك بالمساىمة
في تسيير الشؤون العمومية والتحسيس المستمر من مخاطر الفساد عمى المجتمع وكذا تنوير الرأي العام
بالمعمومات المتعمقة بالفساد في حدود ما يسمح بو القانون .35
سادس ًا :التدابير المتعمقة بالقضاة :لقد اىتم المشرع الجزائري في ىذا القانون بالسمطة القضائية باعتبارىا
36
وىو ما تم من أىم ركائز الدولة في القضاء عمى الفساد وحث عمى وضع مدونة أخالقيات مينة القضاة
بالفعل حيث صدرت ىذه المدونة بموجب مداولة من طرف المجمس األعمى لمقضاء لتحدد كل مبادئ
37
في الجريدة الرسمية عدد 17سنة .2007 والتزامات وسموك القاضي
سابعاً :التدابير المتعمقة بالقطاع الخاص :وضع المشرع الجزائر في ىذا القانون كل احتياطاتو من توسع
جرائم الفساد إلى القطاع الخاص وعمل عمى تحديد تدابير عامة وأخرى خاصة ،فبالنسبة لمعامة منيا فقد
تمثمت في تعزيز التعاون بين ىيئات قمع ومكافحة الفساد مع القطاع الخاص ووضع اجراءات ومدونات
ألخالقيات المين المتعمقة بيذا القطاع لمحفاظ عمى نزاىتو ولتعزيز النزاىة بين مختمف كياناتو.
أما فيما يخص التدابير الخاصة فمقد ركز المشرع عمى ضرورة اعتماد القطاع الخاص لمعايير
المحاسبة المعمول بيا لوقايتو من الفساد وحدد بعض التعامالت التي قد تؤدي بالقطاع الخاص إلى دائرة
الفساد مثل مسك الحسابات خرج الدفاتر أو دون تدوينيا أو تسجيل النفقات الوىمية وغيرىا من
المعامالت .38
ثامناً :تدابير منع تبييض األمواؿ :وىو اجراء لو من اإليجابيات الكثيرة عمى تطور االقتصاد الوطني ككل
وعمى مكافحة الفساد بصفة أدق حيث أوجب المشرع من خالل نص المادة 16عمى المصارف
والمؤسسات المالية غير المصرفية واألشخاص الطبعيين أو االعتباريين الذين يقدمون خدمات نظامية أو
غير نظامية في مجال تحويل األموال أو كل ما لو قيمة ضرورة اخضاعيم لنظام رقابة داخمي لمنع
وكشف مختمف صور جريمة تبييض األموال ،وذلك باعتبار أن ىذه االجراءات جاءت لتدعم القانون الذي
أصدره المشرع الجزائري سنة 2005وىو القانون 01- 05المؤرخ في 2005/02/06المتعمق بالوقاية
39
ليتم تعديمو بعد ذلك مرتين. من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما
المحور الثالث :ىيئات الوقاية مف الفساد ومكافحتو
قبل التعديل الدستوري لسنة 2020تبنى المشرع الجزائري ىيئتان لموقاية من الفساد ومكافحتو حيث
وسميت بالييئة الوطنية لموقاية من الفساد
جاءت األولى في بموجب أحكام القانون 01- 06لدى صدوره ُ
وسميت بالديوان
ومكافحتو بينما تم إضافة الييئة األخرى بموجب تعديمو باألمر 05- 10السالف الذكر ُ
الوطني لقمع الفساد ،لكن بعد ىذا التعديل تم تكريس ىيئة دستورية لمكافحة الفساد بموجب المادتين 204
و 205منو ُسميت بالسمطة العميا لمشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتو.
أو ًال :السمطة العميا لمشفافية والوقاية مف الفساد ومكافحتو
أكدت المادة 204من الدستور بأن ىذه الييئة ىي عبارة عن مؤسسة مستقمة نظ اًر لما قد يعترضيا في
مياميا الصعبة لمقضاء عمى الفساد ،حيث تم النص عمى البعض من ىذه الميام بموجب المادة 205
وتمثمت فيما يمي:
-وضع استراتيجية وطنية لمشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتو ،والسير عمى تنفيذىا ومتابعاتيا،
-جمع ومعالجة وتبميغ المعمومات المرتبطة بمجال اختصاصيا ،ووضعيا في متناول األجيزة
المختصة،
-إخطار مجمس المحاسبة والسمطة القضائية المختصة كمّما عاينت وجود مخالفات ،واصدار أوامر،
عند االقتضاء ،لممؤسسات واألجيزة المعنية،
-المساىمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعمين اآلخرين في مجال مكافحة الفساد،
-متابعة وتنفيذ ونشر ثقافة الشفافية والوقاية ومكافحة الفساد،
-إبداء الرأي حول النصوص القانونية ذات الصمة بمجال اختصاصيا،
-المشاركة في تكوين أعوان األجيزة المكمفة بالشفافية والوقاية ومكافحة الفساد،
-المساىمة في أخمقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد والوقاية ومكافحة الفساد.
وتمت اإلحالة في نياية ىذه المادة إلى صدور قانون ينظم ويحدد تشكيمة ىذه الييئة كما يمنحيا
صالحيات أخرى وىو الذي لم ير النور بعد.
ثانياً :الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو
بعدما تم انشاء ىذه الييئة بموجب أحكام القانون 01- 06ارتأى المؤسس الدستوري بعد ذلك التأكيد
عمييا في أحكام الدستور بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016لتصبح بعد ذلك ىيئة دستورية ليا من
المكانة واالستقاللية لتمارس مياميا عمى أفضل وجو ،حيث جاءت المادة 202من دستور 1996
المعدل والمتمم قبل تعديمو سنة 2020لتؤكد ما جاء بو القانون 01- 06والمرسوم الرئاسي - 06
413المؤرخ في 2006/11/22المحدد لتشكيمة الييئة الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو وتنظيميا
41 40
وذلك بأنيا ىيئة إدارية مستقمة تتمتع باالستقالل االداري والمالي المعدل والمتمم وكيفيات سيرىا
موضوعة تحت سمطة رئيس الجميورية وتوضح بأن استقالليتيا مضمونة من خالل أداء أعضائيا
وموظفييا اليمين ومن خالل ما تتمتع بو من حماية قانونية مما قد يعترضيا أثناء ممارسة مياميا.
كما أكدت المادة 203من الدستور قبل تعديمو سنة 2020عن أىداف ىذه الييئة والمتمثمة في
ميمة اقتراح سياسة شاممة لموقاية من الفساد وتكريس مبادئ دولة الحق والقانون وألزمت الييئة برفع
تقريرىا السنوي لرئيس الجميورية وىو ما تضمنتو أحكام القانون 01- 06في مادتيو 20و 24عمى
التوالي.
وعمى غرار ذلك فإن الميام الموكمة إلى ىذه الييئة تمثمت فيما يمي:
-تقديم التوجييات لموقاية من الفساد لكل القطاعات واقتراح أية تدابير تيدف لذلك،
-التوعية العامة آلثار الفساد،
-الكشف عن أعمال الفساد عن طريق استغالل المعمومات،
-التقييم الدوري لممنظومة القانونية واالدارية المتعمقة بالوقاية من الفساد ومكافحتو،
-تمقي التصريحات بالممتمكات الخاصة بالموظفين العموميين،
-االستعانة بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات العالقة بالفساد،
-التنسيق مع مختمف القطاعات وىيئات مكافحة الفساد الوطنية والدولية وتحفيز كل نشاط أو بحث
42
يدعم الوقاية من الفساد ومكافحتو.
ويمكن لمييئة والتي ُحدد مقرىا بمدينة الجزائر في إطار ممارسة مياميا أن تطمب من ىيئات القطاع
العام أو الخاص أو أي شخص طبيعي أو معنوي أية وثائق أو معمومات تساعدىا في الكشف عن أفعال
الفساد وعندما تتوصل الييئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الممف إلى وزير العدل الذي يخطر
النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية عند االقتضاء.
ولقد نظم المرسوم الرئاسي 413- 06السالف الذكر كل ما يتعمق بالييئة من تشكيمتو وتنظيمو وسيره،
فتضم الييئة مجمس يقظة وتقييم يتشكل من رئيس وستة ( )6أعضاء يعينون بموجب مرسوم رئاسي لمدة
( ) 5سنوات قابمة لمتجديد مرة واحدة ،وتزود الييئة بأمان ة عامة وثالثة أقسام إدارية أخرى ىي قسم الوثائق
والتحاليل والتحسيس وقسم معالجة التصريحات بالممتمكات وقسم التنسيق والتعاون الدولي ،حيث يؤدي كل
أعضاء الييئة ومستخدمييا الذين قد يطمعون عمى المعمومات السرية اليمين المنصوص عنيا في ىذا
المرسوم الرئاسي أمام المجمس القضائي.
ويكون لمرئيس دور كبير في إدارة وتنفيذ برنامج الييئة ومجمس اليقظة والتقييم أين يساعده في ذلك
مدير لمدراسات؛ حيث يجتمع مجمس اليقظة والتقييم مرة كل ثالثة ( )3أشير بناء عمى استدعاء من رئيسو
كما يمكن أن يجتمع استثنائي ًا بناء عمى طمب ىذا األخير أيض ًا لتصدر الييئة في نياية جمساتيا توصيات
أو آراء أو تقارير أو دراسات وترسميا إلى الييئات المعنية.
ثالثاً :الديواف الوطني لقمع الفساد
من خالل األمر 05- 10المتمم لمقانون 01- 06المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو تم إنشاء الديوان
الوطني لقمع الفساد بموجب المادة 24مكرر وتحديد ميمتو بالبحث والتحري عن جرائم الفساد ،ليكون
بذلك لو دور مباشر في الكشف عن ىذه الجرائم عمى عكس ما رأيناه بالنسبة لمييئة الوطنية لموقاية من
الفساد ومكافحتو التي يكون دورىا وقائياً أكثر مما ىو مباش اًر في القضاء عمى الفساد.
وليذا الغرض فالديوان ىو عبارة عن مصمحة مركزية عممياتية لمشرطة القضائية مقرىا بمدينة الجزائر
تُعنى بالبحث عن جرائم الفساد مثمما جاء في نص المادة 2من المرسوم الرئاسي 426- 11المؤرخ في
44
2011/12/08المحدد لتشكيمة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمو وكيفيات سيره 43المعدل والمتمم
ويمتد االختصاص المحمي لضباط الشرطة القضائية بالديوان في جرائم الفساد إلى كامل اإلقميم الوطني
ولقد ُوضع الديوان لدى وزير العدل بعد أن كان تحت سمطة وزير المالية قبل تعديل ىذا المرسوم ،وتم
منحو االستقاللية في عممو وسيره.
ولقد حددت المادة 5من المرسوم الرئاسي 426- 11المذكور أعاله ميام الديوان وىي كاآلتي:
-جمع كل معمومة تسمح بالكشف عن أفعال الفساد ومركزة ذلك واستغاللو،
-جمع األدلة والقيام بتحقيقات في وقائع الفساد واحالة مرتكبييا لممثول أمام الجيات القضائية
المختصة،
-تطوير التعاون مع ىيئات مكافحة الفساد وتبادل المعمومات خالل التحقيقات،
-اقتراح كل اجراء من شأنو المحافظة عمى حسن سير التحريات.
ويتشكل الديوان من ضباط وأعوان الشرطة القضائية من و ازرتي الدفاع الوطني والداخمية والجماعات
المحمية وكذا أعوان عموميين ذوي كفاءات أكيدة في مجال مكافحة الفساد وبعض المستخدمين االداريين
والتقنيين ،ويسير الديوان مدير عام يعين بمرسوم رئاسي باقتراح من وزير العدل وتنيى ميامو بذات
األشكال حيث يسير ىذا المدير عمى إعداد برنامج عمل لمديوان والتنظيم الداخمي لو وعمى تنفيذىما واعداد
التقرير السنوي لنشاطات الديوان ليرسمو إلى وزير العدل ،كما يساىم في تطوير التعاون الوطني والدولي
لممعمومات ويتكون الديوان من ديوان ومديرية لمتحريات ومديرية لإلدارة العامة.
426- 11عمى كيفيات سير وتعاون ضباط الشرطة ولقد حث المرسوم الرئاسي السابق رقم
القضائية التابعون لمديوان مع غيرىم التابعين لمصالح الشرطة القضائية األخرى في مختمف العمميات
والتحقيقات المتعمقة بالفساد.
المحور الرابع :التجريـ والعقوبات وأساليب التحري
سنتطرق في ىذا المحور إلى مختمف الجرائم والعقوبات الخاصة التي وردت في قانون الوقاية من الفساد
ومكافحتو ثم الخصوصية التي تتميز بيا ىذه الجرائم من كل النواحي باإلضافة الى أساليب التحري
الخاصة بيا.
أوالً :الجرائـ والعقوبات الواردة في قانوف الوقاية مف الفساد ومكافحتو
لقد أخرج المشرع الجزائري مجموعة من الجرائم من قانون العقوبات وضميا لقانون الوقاية من الفساد
ومكافحتو واستحدث بعض الجرائم فيو وذلك عمى اعتب ار أنيا ذات عالقة بالفساد والتي سنتعرض ليا فيما
يمي:
- 1جريمة الرشوة في القطاع العاـ والخاص :نص ىذا القانون عمى جريمة الرشوة في بعض من أحكامو
وذلك في كل من القطاع العام و الخاص وىو ما سنتناولو فيما يمي:
أ -جريمة الرشوة في القطاع العاـ :نظ اًر لخطورة جريمة الرشوة عمى القطاع العام فإن المشرع الجزائري
خصيا بأحكام قانونية تحيط بكل التوقعات التي قد تشكل أحد صور ىذه الجريمة ولعل ذلك يظير
في المادة 25من القانون 01- 06أين نميز بين صورتين لجريمة الرشوة وىما:
جريمة الرشوة اإليجابية :وىي قيام الجاني بوعد الموظف العمومي بمزية غير مستحقة أو عرضيا
عميو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غير مباشر سواء كان ذلك لصالح ىذا الموظف أو غيره أو
لكيان آخر وذلك مقابل أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجبات ىذا الموظف ،وقد يكون
الجاني ىنا ىو صاحب المصمحة أو غيره لكنو ال يشترط أن يكون موظفاً عمومياً.
جريمة الرشوة السمبية :وعمى العكس من جريمة الرشوة اإليجابية فالجاني ىنا ىو الموظف
العمومي الذي يطمب أو يقبل بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء كانت لنفسو أو
لغيره أو لكيان آخر ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجبات ىذا الموظف.
وباإلضافة إلى األركان المتعارف عمييا في أية جريمة والتي ىي الركن الشرعي والركن المادي
والركن المعنوي يوجد ركن آخر بالنسبة لكل جرائم الفساد في القطاع العام والذي أطمق عميو
البعض بالركن المفترض وىو وجوب وجود موظف عمومي في الجريمة.
فبالنسبة لمركن الشرعي فنحن بصدد دراستو وفق ًا ألحكام القانون 01- 06المعدل والمتمم في
الباب الرابع المتعمق بالتجريم والعقوبات وأساليب التحري أما باقي األركان فسنتطرق ليا فيما يمي:
الركف المفترض :يتطمب ىذا الركن وجود موظف عمومي كطرف في جريمة الرشوة ،ولقد صنفت
المادة الثانية من القانون 01- 06المعدل والمتمم الموظف في ثالث صور كما يمي:
((.........
ب) موظؼ عمومي:
. 1كؿ شخص يشغؿ منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس
الشعبية المحمية المنتخبة ،سواء أكاف معينا أو منتخبا ،دائما أو مؤقتا ،مدفوع األجر أو غير
مدفوع األجر ،بصرؼ النظر عف رتبتو أو أقدميتو؛
. 2كؿ شخص آخر يتولى ولو مؤقتا ،وظيفة أو وكالة بأجر أو بدوف أجر ،ويساىـ بيذه الصفة
في خدمة ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تممؾ الدولة كؿ أو بعض
رأسماليا ،أو أية مؤسسة أخرى تقدـ خدمة عمومية؛
. 3كؿ شخص آخر معرؼ بأنو موظؼ عمومي أو مف في حكمو طبقا لمتشريع والتنظيـ
المعموؿ بيما))....
ورغم أن المشرع الجزائري قد عرف الموظف العمومي بالمادة 4من األمر 03- 06المؤرخ في
2006/07/15المتضمن القانون األساسي العام لموظيفة العامة 45بأنو كل عون ُعين في وظيفة عمومية
ورسم في رتبة السمم اإلداري إال أنو في الحقيقة يعتبر تعريف ضيق ومحدود نوعاً ما ،لكن المشرع
دائمة ُ
في قانون 01- 06أحاط بكل االحتماالت المتوقعة لمموارد البشرية التي تتواجد في القطاع العام وذلك
نظ اًر لإلحاطة بجرائم الفساد في ىذا القطاع.
الركف المادي :ويمثل ىذا الركن في معظم الجرائم في ذلك السموك اإلنساني المحظور الذي ُيحدث
ال بأمن المجتمع وسالمتو والذي يتجسد في شكل فعل أو االمتناع عن فعل ليتخذ بذلك مظي ًاراخال ً
ممموساً ُيجرمو القانون ويعاقب عميو .46
ومن خالل ذلك وعمى أساس أن لجريمة الرشوة صورتان مثمما تم توضيحو فإن نطاق الركن المادي
لجريمة الرشوة االيجابية يتمثل في الوعد أو العرض أو المنح لممزية سواء كان ذلك شفاى ًة أو كتابي ًا أو
بأية طريقة تثبت ذلك لصالح الموظف العمومي مقابل أدائو عمال أو االمتناع عن عمل من واجبتو،
أما بالنسبة لمركن المادي لجريمة الرشوة السمبية فيرتكز عمى عممية طمب أو قبول الموظف العمومي
لممزية وكذلك نظير مقابل أدائو عمال أو االمتناع عن عمل من واجبتو.
الركف المعنوي :وينحصر عادة الركن المعنوي ألية جريمة في عن صري العمم واالرادة ،فبالنسبة لعنصر
العمم في كال صورتي جريمة الرشوة فإنو من المستحيل أن ال يعمم الجاني بأنو أمام موظف عمومي أو
بأنو ىو في حد ذاتو موظف عمومي ومن المستحيل أن ال يعمم بأنو وعد أو عرض أو منح أو طمب
أو قبل العطية وبأن ذلك نظير العمل المسند ليذا الموظف ،وذلك باعتبار أن جريمة الرشوة من الجرائم
المقصودة أي أنيا ال تقع نتيجة إىمال أو خطأ .47
أما بخصوص عنصر اإلرادة فيجب أن تتوفر إرادة الجاني في القيام بأحد األفعال السابقة (الوعد،
العرض ،المنح ،الطمب أو القبول لممزية ) وأن ترتبط بأداء الموظف لعمل ما أو االمتناع عن عمل من
واجبتو ،فينتفي القصد الجنائي عن الموظف الذي قبل واستمم مبمغ ًا من المال نظير مجيود لو خارج
نطاق الوظيفة أو عن الشخص الذي تظاىر بمنح مبمغ معين لموظف ما قصد االطاحة بو متمبساً.
ويعاقب المشرع الجزائري عند اجتماع ىذه األركان لجريمة الرشوة في القطاع العام بالحبس من
سنتين ( )2إلى عشر ( )10سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1.000.000دج ،غير أنو
48
تمتد فييا عقوبة الحبس من خصص أحكام أخرى لجريمة الرشوة في مجاؿ الصفقات العمومية
( )10سنوات إلى ( ) 20سنة وتتراوح فييا الغرامة من 1.000.000دج إلى 2.000.000دج ،كما
اعتمد المشرع في ىذه الجريمة صورة جريمة الرشوة السمبية فقط ،لتتضح أركانيا كما يمي:
الركن المفترض :وىو الموظف العمومي مثمما تم توضيحو سابقاً.
الركن المادي :ويتمثل في عممية قبض أجرة أو منفعة ميما يكون نوعيا أو محاولة ذلك سواء ليذا
الموظف الجاني أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة وذلك بمناسبة إجراءات التحضير أو
المفاوضات في إبرام أو تنفيذ الصفقات أو العقود أو المالحق التي تكون باسم الدولة أو الجماعات
المحمية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي
والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية.
الركن المعنوي :وىو ذاتو الركن المعنوي المتطمب لجريمة الرشوة في القطاع العام.
ونظ اًر لألىمية البالغة التي تكتسييا الصفقات العمومية في نجاح السياسة االقتصادية لمدولة فقد
حا ول المشرع حمايتيا من كل جرائم الفساد حيث أضاف ىذا القانون جريمة أخرى في ىذا المجال
تتمثل في االمتيازات غي المبررة في مجاؿ الصفقات العمومية ،حيث تقوم عمى منح الموظف
العمومي الجاني المتيازات غ ير مبررة لمغير من خالل ممارستو لميامو المتعمقة بإبرام العقود أو
الصفقات أو االتفاقيات ،كما تقوم عمى استفادة كل شخص طبيعي أو معنوي من سمطة أعوان الييئات
العمومية التي تعاقد معيا من أجل الحصول عمى امتيازات غير مبررة .49
وعمى غرار ذلك من صور لجريمة الرشوة في القطاع العام فإن المشرع لم يكتفي بذلك وذىب إلى
أبعد من ذلك ،حيث امتد تجريمو ليا حتى في القطاعات األجنبية وفي المنظمات الدولية العمومية وىو
ما سنوضحو فيما يمي:
رشوة الموظفيف العمومييف األجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية:
الركن المفترض :لقد خص المشرع في ىذا القانون بحماية كل من القطاع العام األجنبي والمنظمات الدولية
العمومية من جريمة الرشوة وذلك وفقاً لما جاءت بو اتفاقيتي األمم المتحدة واالتحاد االفريقي ،وتم كذلك
تعريف المصطمحين :موظف عمومي أجنبي وموظف منظمة دولية عمومية باعتبارىما الركن المفترض
لمختمف جرائم الفساد التي قد تقع عمييم وخاصة جريمة الرشوة ،وجاء تعريفيما في المادة الثانية من
القانون 01- 06كما يمي:
((........
ج) "موظؼ عمومي أجنبي" :كؿ شخص يشغؿ منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا
لدى بمد أجنبي ،سواء كاف معينا أو منتخبا ،وكؿ شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بمد
أجنبي ،بما في ذلؾ لصالح ىيئة عمومية أو مؤسسة عمومية.
د) موظؼ منظمة دولية عمومية :كؿ مستخدـ دولي أو كؿ شخص تأذف لو مؤسسة مف ىذا
)).......... القبيؿ بأف يتصرؼ نيابة عنيا.
الركن المادي :وفق ًا المادة 28من القانون 01- 06فإن جريمة الرشوة بالنسبة لمموظفين األجانب وبالنسبة
لممنظمات الدولية العمومية قد تكون إيجابية وقد تكون سمبية.
فإن كانت إيجابية فركنيا المادي ىو قيام أي شخص بوعد الموظف العمومي األجنبي أو موظف
المنظمة الدولية العمومية بمزية غير مستحقة أو عرضيا عميو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غير مباشر
سواء كان ذلك لصالح ىذا الموظف أو لغيره أو ألي كيان آخر وذلك مقابل أدائو عمالً أو االمتناع عن
أداء عمل من واجباتو بغرض الحصول أو المحافظة عمى صفقة أو أي امتياز غير مستحق ذي صمة
بالتجارة الدولية أو بغيرىا.
أما بالنسبة لمجريمة السمبية والتي يكون فييا الجاني ىو الموظف العمومي األجنبي أو موظف المنظمة
الدولية العمومية فركنيا المادي يتمثل في طمبو أو قبولو مزية غير مستحقة بشكل مباشر أو غير مباشر
سواء لنفسو أو لغيره أو ألي كيان آخر كي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو.
أما فيما يخص الركن المعنوي فيو ذاتو المتطمب لجريمة الرشوة عموما مثمما تم توضيحو سابق ًا.
ويعاقب المشرع الجزائري عمى مختمف صور جريمة الرشوة ىذه بالحبس من سنتين ( )2إلى عشر
( ) 10سنوات وبغرامة تتراوح من 200.000دج إلى 1.000.000دج.
ب -جريمة الرشوة في القطاع الخاص :لقد نظم المشرع الجزائري جريمة الرشوة في القطاع الخاص
بموجب المادة 40من القانون 01- 06واتخذ نفس الصور السابقة ليذه الجريمة في فقرتي ىذه
الم ادة ،فبالنسبة لمصورة اإليجابية لجريمة الرشوة في القطاع الخاص يقتصر كذلك ركنيا المادي
عمى الوعد أو العرض أو المنح لممزية غير المستحقة ألي شخص يدير كيان ًا من القطاع الخاص
مقابل أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو ،بينما يقتصر الركن المادي لجريمة الرشوة
السمبية فيو عمى طمب أو قبول أي شخص يدير كياناً من القطاع الخاص لمزية غير مستحقة مقابل
أدائو عمال أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو ،ليبقى الركن المعنوي ذاتو المتطمب في جريمة
الرشوة عموماً.
غير أن العقوبة ليست ذاتيا المسمطة عمى الصور السابقة بل تبدو أقل حدة منيا ،حيث يعاقب
المشرع الجزائري عمى جريمة الرشوة في القطاع الخاص بالحبس من ستة ( )6أشير إلى خمس
سنوات ( )5سنوات وبغرامة من 50.000دج إلى 500.000دج.
- 2جريمة اختالس الممتمكات في القطاع العاـ والخاص:
أ -جريمة اختالس الممتمكات في القطاع العاـ :من خالل أحكام المادة 29من القانون 01- 06والتي
50
نظم المشرع جريمة االختالس واتخذ ليا عنوان تم تعديميا بأحكام القانون 15- 11السالف الذكر
"اختالس الممتمكات من قبل موظف عمومي أو استعماليا عمى نحو غير شرعي" وىو بذلك يؤكد
عمى الركن المفترض والمتمثل في أن يكون الجاني موظفاً عمومياً ،مع العمم أنو قد عرف الممتمكات
في المادة الثانية من ىذا ال قانون عمى أنيا كل الموجودات بأنواعيا سواء كانت مادية أو غير مادية
أو كانت منقولة أو غير منقولة أو كانت ممموسة أو غير ممموسة أو كانت عبارة مستندات أو
سندات قانونية تثبت ممكية تمك الموجودات أو وجود الحقوق المتصمة بيا.
ونظ ًار لخطورة ىذه الجريمة عمى القطاع العام وعمى المجتمع باعتبارىا صورة عن خيانة األمانة
بالنسبة لكل ما ُعيد إلى الموظف العمومي فإن المشرع الجزائر وفي ىذا القانون خصيا باستثناءات
كمدة تقادم الدعوى العمومية المتعمقة بيا التي أقر بأنيا تساوي الحد األقصى لمعقوبة أي عشر
( ) 10سنوات وذلك بموجب المادة 54من القانون ، 01- 06مع العمم أن العقوبة عن ىذه الجريمة
تتراوح من سنتين ( )2إلى عشر ( )10سنوات وبغرامة من 200.000دج غمى 1.000.000دج.
وعمى أساس ذلك حدد المشرع الركف المادي ليذه الجريمة بالتبديد العمدي أو االختالس أو
اإلتالف أو االحتجاز بدون وجو حق أو االستعمال عمى نحو غير شرعي لصالح الموظف العمومي
الجاني أو لغيره أو ألي كيان وذلك ألي ممتمكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي
أشياء أخرى ذات قيمة تحت عيدة ىذا الموظف أو بسببيا.
51
أي أنو اصطالحاً تعني تفريق وكل ىذه األفعال ليا معنى خاص فيقصد بالتبديد لغةً :بالتفريق
الممتمكات أو األموال العمومية في غير موضعيا القانوني ويشترط المشرع في ذلك أن تكون بصورة
52
وذلك ما عمدية ،بينما يقصد باالختالس لغ ًة :وىو من الخمس أي األخذ في نزىة تمييا ُمخاتمة
ينطوي اصطالحاً عمى الجاني المختمس الذي ُيظير أماناً تاماً لمممتمكات واألموال العمومية لينقميا
بعد ذلك إلى ممكيتو أو حيازتو التامة ،أما بالنسبة لممقصود باإلتالف لغةً فيو يعني اليالك أو
العطب في كل شيء 53أي أنو اصطالحاً إىالك كل ما عيُد لمموظف العمومي الجاني.
بينما يقصد باالحتجاز لغةً وىو الذي مصدره الفعل حجز أي فصل بين شيئين 54أي أنو
اصطالح ًا فصل الممتمكات العمومية عن وجيتيا أو موضعيا الحقيقي وذلك بدون وجو حق أي
دون أن يكون ليذا الموظف العمومي أي حق لوضعيا في غير مكانيا القانوني ،كما يقصد بعبارة
االستعمال عمى نحو غير شرعي باالستعمال غير القانوني كأن يقوم الموظف العمومي باستعمال
األموال العمومية المعيودة إليو في أعمالو الخاصة كالتجارة بيا أو استثمارىا.
وتجدر اإلشارة بأنو تم إضافة كل من اإلتالف واالستعمال عمى نحو غير شرعي في المادة 29
من القانون 01- 06فقط ،حيث أن المادة 119الممغاة من قانون العقوبات لم ترد فييا ىذه األفعال
وقد يرجع ذلك لغرض إحاطة المشرع الجزائري بكل احتماالت االختالس التي قد ترد عمى الممتمكات
واألموال العمومية.
أما فيما يتعمق بالركف المعنوي لجريمة االختالس فيتوقف عمى توفر القصد الجنائي بما أنيا
جريمة عمدية ،ولعل ذلك يتطمب عنصرين أساسيين ىما العمم واإلرادة ،فبالنسبة لعنصر العمم فيجب
أن يكون الجاني عمى عمم تام بأركان الجريمة ومنيا أن يكون عالم ًا بأنو موظف ًا عمومي ًا وىو أمر
مفروغ منو وال يطرح أية اشكال بخصوص األفعال السابقة.
أما بالنسبة لعنصر اإلرادة فال تقوم جريمة االختالس بإثبات الموظف العمومي الجاني إىمالو أو
تقصيره في الحفاظ عمى المال العام بل قد ُيعاقب عمى جريمة اإلضرار غير العمدي لممال العام
وذلك بأن جريمة االختالس تتطمب القصد الجنائي الخاص وليس القصد الجنائي العام 55وىو ما
يتضح أكثر لدى إحدى سموكيات ىذه الجريمة وىو التبديد العمدي حيث يعتبر مصطمح "عمدي"
محور أساسي في الركن المعنوي ليذه الجريمة.
ب -جريمة اختالس الممتمكات في القطاع الخاص :لقد أخذ المشرع الجزائري كل احتياطاتو في
محاصرة جرائم الفساد حتى في القطاع الخاص ،فباإلضافة إلى تنظيمو لجريمة الرشوة في ىذا
القطاع كما تم توضحو سابقاً فمقد نظم كذلك جريمة االختالس بموجب المادة 41من القانون - 06
01في القطاع الخاص غير أنو وكعادتو خفض العقوبة من ستة ( )6أشير إلى خمس ()5
سنوات ،كما أنو قمص من مختمف األفعال أو السموكيات الموجودة في الركن المادي لجريمة
االختالس في القطاع العام إلى سموك االختالس العمدي فقط.
- 3جريمة الغدر :والغدر لغةً ىو ترك الوفاء أي ىو ضد الوفاء أو نقض العيد ،56وىو ما ينطوي عمى
جريمة الغدر التي يقوم ركنيا المادي عمى قيام الموظف العمومي الجاني بالمطالبة أو تمقي أو اشتراط
أو األمر بالتحصيل لمبالغ مالية يعمم بأنيا غير مسحقة األداء أو يجاوز ما ىو مستحق سواء لنفسو أو
لغيره وب قيامو بيذه التصرفات فيو نقض تعيداتو تجاه واجبات الوظيفة العمومية التي تقوم عمى تقديم
خدمة عمومية نزيية وشفافة.
ويعاقب المشرع عمى ىذه األفعال بالحبس من سنتين ( )2إلى عشر سنوات ( )10وبغرامة تتراوح
من 200.000دج إلى 1.000.000دج ،أما بخصوص الركن المفترض والركن المعنوي ليذه
الجريمة فتبقى ذاتيا المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام .57
- 4اإلعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسـ :عمى العكس مما تقوم عميو جريمة الغدر بزيادة
في التحصيل تقوم ىذه الجريمة عمى ركن مادي يمنح من خاللو الموظف العمومي الجاني أو يأمر
باالستفادة وبدون ترخيص قانوني من إعفاءات أو تخفيضات في الضرائب أو الرسوم أو يسمم محاصيل
مؤسسات الدولة مجاناً ،ورغم أن طبيعة ىذه األفعال بمثابة الغدر إال أن المشرع وسع دائرة التجريم
أكثر وخصص لكل فعل تجريم وعقوبة خاصة بو لمحيمولة دون افالت المفسدين من العقاب.
ورغم تشابو جريمة الغدر مع ىذه الجريمة في طبيعة ركنيا المادي إال أن المشرع لم يعطييا نفس
العقوبة بل كانت أكثر منيا حيث يعاقب عمى ىذه الجريمة بالحبس من خمس ( )5سنوات إلى عشر
سنوات ( ) 10وبغرامة تتراوح من 500.000دج إلى 1.000.000دج وذلك نظ اًر لما تشكمو ىذه
الجريمة من آثار سمبية عمى االقتصاد الوطني باعتبار أن الضرائب والرسوم من بين أىم الموارد المالية
إليرادات الميزانية العامة لمدولة .58
- 5استغالؿ النفوذ :بنفس طريقة جريمة الرشوة جعل المشرع الجزائري جريمة استغالل النفوذ تظير
بصورتين مختمفتين إيجابية وسمبية ،حيث تقوم عمى ذات األفعال الموجودة في جريمة الرشوة (الوعد،
العرض ،المنح ،الطمب ،القبول) وعمى الحصول عمى المزية غير المستحقة بغية االستفادة من منافع
غير مستحقة من طرف الييئات العمومية بواسطة استعمال الموظف العمومي الجاني عمى استغالل
نفوذه الفعمي .59
ويعاقب المشرع عمى جريمة استغالل النفوذ بذات العقوبات المقررة لجريمة الغدر ،كما أن ليذه
الجريمة نفس باقي األركان األخرى المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام.
- 6إساءة استغالؿ الوظيفة :تكمن ىذه الجريمة في تعمد الموظف العمومي الجاني إساءة استغالل إحدى
التزاماتو في العمل عمى نحو غير قانوني بيدف الحصول عمى منافع غير مستحقة ،أي أن خروج ىذا
الموظف عن العمل القانوني المطموب منو يكون بصفة عمدية ويكون بمقابل حتى يكتمل الركن المادي
ليذه الجريمة ،ويعا قب عمى ىذه الجريمة كذلك بنفس العقوبات المقررة لجريمتي الغدر واستغالل
النفوذ .60
- 7تعارض المصالح :يعاقب المشرع الجزائري في القانون 01- 06عمى جريمة تعارض المصالح بالحبس
من ستة ( )6أشير إلى سنتين ( )2وبغرامة تتراوح من 50.000دج إلى 200.000دج وذلك
بموجب المادة 34منو ،حيث تتمثل ىذه الجريمة بقيام الموظف العمومي الجاني بمخالفة أحكام المادة
9من ىذا القانون ومن خالل التطرق ألحكام ىذه المادة نجدىا تتضمن مجموعة من الضمانات
القانونية المتعمقة بقواعد الشفافية والمنافسة الشريفة والمعايير الموضوعية خالل اجراءات ابرام الصفقات
العمومية.
- 8أخذ فوائد بصفة غير قانونية :وفق أحكام المادة 35من ىذا القانون يرتكز الركن المادي ليذه الجريمة
عمى العديد من ال نقاط التي يجب توفرىا أثناء حدوثيا والجدول التالي يوضح ذلك:
منصب الجاني أثناء مصدر العائد االجرامي الكيفية السموك االجرامي الجاني
الجريمة
مدير المؤسسة أو مشرفاً فوائد من العقود أو مباشرة أو بعقد األخذ أو التمقي الموظف
عمييا بصفة كمية أو المزايدات أو المناقصات أو صوري أو عن العمومي
جزئية أو مكمف بالدفع أو المقاوالت أو المؤسسات طريق شخص
التصفية آخر
وبالتالي فجريمة أخذ الفوائد بصفة غير قانونية تتحقق عند حصول الموظف العمومي الجاني عمى
فوائد من أية عقود أو صفقات يكون أثناءىا لو منصب ىام ومؤثر عمى نجاحيا وذلك دون أن يقوم
بأية أعمال غير قانونية ،أي أن جوىر الركن المادي ىنا ىو حصول ىذا الموظف عمى الفوائد بمناسبة
ىذه العقود.
وتشترك ىذه الجريمة وجرائم الغدر واستغالل النفوذ واساءة استغالل الوظيفة في نفس العقوبات
المقررة ليا وكذا األركان المتبقية ليا.
- 9عدـ التصريح أو التصريح الكاذب بالممتمكات :تنبني عممية التصريح بالممتمكات عمى مجموعة من
اإلجراءات القانونية المنصوص عنيا في ىذا القانون مثمما تم توضيحو سابق ًا ،وعميو فإن ىذه الجريمة
تتعمق باإلخالل بيذه االجراءات وتتخذ بذلك صورتان ىما:
-عدم قيام الموظف العمومي الخاضع لواجب التصريح بممتمكاتو بيذا اإلجراء عمدًا بعد مضي
شيرين ( )2من تذكيره بالطرق القانونية لذلك رغم أن المادة 4من القانون 01- 06حددت آجال
التصريح بالممتمكات بشير واحد من تنصيب الموظف أو بداية عيدتو.
-قيام الموظف العمومي الخاضع لواجب التصريح بممتمكاتو عمدًا بتصريح غير كامل أو غير
صحيح.
ويعاقب المشرع عمى ىذه الجريمة بالحبس لمدة تتراوح من ستة ( )6أشير إلى خمس ( )5سنوات
وبغرامة تتراوح من 50.000دج إلى 500.000دج.
- 10اإلثراء غير المشروع :تعتبر ىذه الجريمة من بين الجرائم المستحدثة في التشريع الجزائري والتي
جاءت نتيجة االلتزامات الدولية لمجزائر حيث تم النص عمييا بموجب المادة 20من اتفاقية أمم المتحدة
لمكافحة الفساد وكذا المادة 8من اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحتو.
ومن منطمق المادة 24في فقرتيا الثانية من الدستور والتي نصت عمى أنو ال يمكن أن تكون
الوظائف والعيدات في مؤسسات الدولة مصدر لمثراء وال وسيمة لخدمة المصالح الخاصة ،بينما يبدو
أن المؤسس الدستوري الجزائري كان أسبق من تمك االتفاقيات خاصة وأن ىذه المادة كانت كذلك في
ظل دستور 1989ودستور 1976إال أن تجريم الثراء غير المشروع لم يكن في أحكام قانون
العقوبات؛ أي أن التشريع لم يكن مواكباً أكثر ألحكام الدستور آنذاك.
ويقول البعض بأن ىذه الجريمة مستمدة من مفيوم اإلثراء بال سبب المتداول في التشريعات
المدنية ، 61وليذا جاء نص المادة 37من القانون 01- 06ليعرف جريمة اإلثراء غير المشروع عمى
أنيا كل زيادة معتبرة تط أر عمى الذمة المالية لمموظف العمومي مقارنة بمداخيمو المشروعة وال يمكنو
تقديم تبرير معقول ليذه الزيادة.
ومن خالل ذلك يتبين أن الركن المادي ليذه الجريمة يرتكز عمى نقطتين ىما:
-الزيادة المعتبرة في الذمة المالية لمموظف الجاني،
-عدم تقديم ىذا الموظف تبرير معقول لذلك،
ومن خالل ذلك نالحظ أن ىناك انتقال لعبء االثبات من سمطة االتيام إلى عاتق الموظف
العمومي خروجا عن القاعدة الفقيية "المتيم بريء حتى تثبت إدانتو" أي أنو تنقمب قرينة البراءة إلى
قرينة إدانة .62
ولإلشارة فإن المشرع الجزائري يعتبر ىذه الجريمة في الفقرة الثالثة من المادة 37السالفة الذكر من
الجرائم المستمرة التي تقوم عمى حيازة أو استغالل ممتمكات غير مشروعة ،وىو توصيف فعمي ليذه
الجريمة فمن دون تقديم الموظف لمتبرير المعقول في الزيادة المعتبر في ذمتو المالية تبقى كل ىذه
الممتمكات غير مشروعة ويبقى كل عائد عن استغالليا غير مشروع كذلك ،كما يبقى ىذا الموظف في
دائرة االتيام بجريمة االثراء غير المشروع.
وتشترك ىذه الجريمة وجرائم الغدر واستغالل النفوذ واساءة استغالل الوظيفة وأخذ فوائد بصفة غير
قانونية في نفس العقوبات المقررة ليا وكذا األركان المتبقية ليا.
- 11تمقي اليدايا :تعتبر ىذه الجريمة كذلك من بين الجرائم التي استحدثيا المشرع لتغطية كل صور
الفساد خاصة في القطاع العام وذلك حتى وأن ىذه الجريمة تقترب من كونيا إحدى صور جريمة
الرشوة ،حيث بموجب المادة 38من القانون 01- 06يعتبر قبول الموظف العمومي من أي شخص
أية ىدية أو مزية غير مستحقة من شأنيا التأثير في أي إجراء كان ضمن ميامو بمثابة جريمة تسمى
بجريمة تمقي اليدايا ،كما يعتبر الشخص المقدم لميدية جانياً ويعاقب بنفس عقوبة الموظف الجاني
والتي تتمثل في الحبس لمدة تتراوح ما بين ستة ( )6أشير إلى سنتين ( )2وبغ ارمة تتراوح من
50.000دج إلى 200.000دج .
وبالتالي فالمشرع اعتمد الصورة االيجابية فقط ليذه الجريمة والتي تتمثل في تقديم اليدية من الشخص
الجاني وقبوليا من طرف الموظف العمومي الجاني وذلك نظ ار لطبيعة اليدية التي ال تُطمب بل تُقبل
عند تقديميا واال أصبحت عند طمبيا رشوة سمبية وليذا أطمق عمييا المشرع اسم جريمة تمقي اليدايا أي
قبول اليدايا.
ولعل استعمال المشرع لمصطمح ىدية لو غايات عديدة من بينيا أن منح اليدية في العموم ىو أمر
مباح ومشروع وبالتالي قد ُيستعمل كذريعة لتبرير ىذه الصورة الحديثة لمجريمة ،فاليدية لغةً ىي ما
ت بو ويقال أىديت لو واليو ؛ والتيادي أن ُييدى بعضيم إلى بعض وذلك لغرض المحبة 63وىو ما أَتْ َحفْ َ
قد يدعيو البعض كدليل منطقي إلثبات نواياىم الحسنة.
وبعد التطرق لمركن المادي ليذه الجريمة والمتمثل في قبول الموظف العمومي الجاني لميدية يجب
التنويو إلى أن باقي األركان ىي ذاتيا المتطمبة لمجرائم السابقة المتعمقة بالقطاع العام.
وتجدر اإلشارة إلى أنو يوجد إطار قانوني شرعي لتمقي اليدايا يتمثل في المرسوم رقم 342- 83
(الممغى) المؤرخ في 1983/05/21الذي يحدد كيفيات تطبيق المواد 168و 169و 170من القانون رقم
14- 82المؤرخ في 1982/12/30والمتضمن قانون المالية لسنة 1983المتعمقة بتخصيص وقيمة
اليدايا التي تقدم في إطار التشريفات عادة ألعضاء الوفود أثناء مياميم في الخارج وأعضاء الوفود
64
والتي حددت مبمغ 10.000دج كحد أقصى لقيمة ىذه اليدايا أما التي الموفودة في ميمة إلى الجزائر
تفوق ىذه القيمة يتم إيداعيا لدى الجمارك لفائدة االحتياطي القانوني لمتضامن المؤسس بموجب المادة
162من قانون المالية المذكور أو إيداعيا لدى و ازرة الثقافة إذا كانت تكتسي أىمية أدبية أو تاريخية أو
فنية.
وتم إلغاء المرسوم 342- 83واستبدالو بالمرسوم الرئاسي 78- 20المؤرخ في 2020/03/29والذي
يحدد الكيفيات المتعمقة بتخصيص وقيمة اليدايا التي تقدم عادة في إطار التشريفات ألعضاء الوفود في
65
ليرفع ىذا المرسوم القيمة السابقة إلى 50.000 ميمة في الخارج وأعضاء الوفود في ميمة إلى الجزائر
دج ،ويعتبر ىذا النص القانوني استثناء عن القاعدة العامة والمتمثمة في تجريم تمقي اليدايا بموجب نص
المادة 38السالف ذكرىا والتي لم تحدد ال قيمتيا وال ظروف تقديميا وال طبيعة الموظفين العموميين
المتمقين ليا.
- 12التمويؿ الخفي لألحزاب السياسية :تدخل ىذه الجريمة في نطاق اإلصالح السياسي والذي يرتبط
ارتباطاً وثيقاً في مجمل قضايا الفساد ،فصالح الجانب السياسي لمدولة ىو من صالح جميع ىيئاتيا
وبمفيوم آخر فإن الفساد اإلداري المتنامي في مختمف ىياكل الدولة سيعمل بالتأكيد عمى التوسع عمى
مستويات أعمى لخمق نفوذ سياسي مدعم باألموال الفاسدة حتى يأخذ مكانة في ذلك المستوى ويتحصن
أكثر.
ومن خالل التشريعات المقارنة نظم المشرع الجزائري الكيفيات القانونية لتمويل األحزاب السياسية في
66
في بابو الرابع المعنون بأحكام مالية وفي فصمو أحكام القانون 04- 12المتعمق باألحزاب السياسية
األول منو المعنون بالموارد (المواد من 52إلى )60حيث ُحددت موارد األحزاب السياسية في أربع
مصادر ىي :اشتراكات األعضاء ،اليبات والوصايا والتبرعات ،العائدات المرتبطة بنشاطات وممتمكات
الحزب ،والمساعدات المحتممة التي تقدميا الدولة .67
ومن خالل ذلك فإن أي مصدر آخر لتموي ل األحزاب ىو مصدر غير مشروع وذلك رغم أن المنطق
والحرية قد يفرضان إطالق حرية تمويل األحزاب إال أنو يتنافى ومبادئ الديمقراطية وأخالقيات العمل
السياسي المذان يفرضان تقييد ىذا التمويل ورقابتو حتى ال تصبح األحزاب مكان ًا لألعمال غير
المشروعة .68
- 13جرائـ أخرى مرتبطة بجرائـ الفساد :لقد خصص المشرع الجزائري أحكاماً تتعمق ببعض الجرائم
المرتبطة جرائم الفساد عموم ًا حتى يتسنى لو االحاطة بكل الجوانب االجرائية التي قد تؤثر في سير
تحقيق العدالة جراء ارتكاب ىذه الجرائم.
-تبييض العائدات اإلجرامية :لقد أحالت المادة 42من القانون 01- 06إلى تطبيق نفس األحكام
المتعمقة بجريمة تبييض األموال المقررة في التشريع الساري المفعول في ىذا المجال ،حيث يقصد
بذلك أحكام المادة 31من القانون 01- 05المؤرخ في 2005/02/06المتعمق بالوقاية من
تبييض األموال وتمويل االرىاب ومكافحتيما ،المعدل والمتمم ،69والتي نصت عمى أنو يعاقب
بغرامة من 500.000دج إلى 5.000.000دج كل من يقوم بدفع أو يقبل دفعاً خرقاً ألحكام
المادة 6من نفس القانون ،حيث قيدت ىذه المادة عمميات الدفع بواسطة وسائل الدفع وعن طريق
القنوات البنكية والمالية فقط وتركت المجال لمتنظيم ألجل تطبيق أحكاميا.
وبموجب المادة 2من القانون 01- 05السالف الذكر تعتبر كل األفعال التالية تبييضاً لألموال:
أ) تحويل األموال أو نقميا ،مع عمم الفاعل أنيا عائدات مباشرة أو غير مباشرة من جريمة ،بغرض
إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب
الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال عمى اإلفالت من اآلثار القانونية ألفعالو،
ب) إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو حركتيا
أو الحقوق المتعمقة بيا مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية،
ت) اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا تشكل
عائدات إجرامية،
ث) المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقاً ليذه المادة أو التواطؤ أو التآمر عمى ارتكابيا أو
محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو واسداء المشورة بشأنو.
-اإلخفاء :ويقصد بو اإلخفاء العمدي ألية عائدات متحصل عمييا من إحدى جرائم الفساد ميما
كانت طبيعة ىذه العائدات ،ويعاقب المشرع عمى جريمة اإلخفاء بموجب المادة 43من القانون
01- 06بالحبس لمدة تتراوح من سنتين ( )2إلى عشر سنوات ( )10وبغرامة تتراوح من
200.000دج إلى 1.000.000دج ،والمالحظ ىنا بأن ىذه العقوبة تتساوى مع عقوبة العديد
من جرائم الفساد مثمما تم التطرق لو.
-إعاقة السير الحسف لمعدالة :من المفترض أن ىذه جريمة تتعمق بكل القضايا دون استثناء ،لكن
المشرع جاء بيا لغرض حماية وتحقيق السير الحسن في جرائم الفساد الواردة في ىذا القانون من
70
(القوة البدنية ،التيديد ،الترىيب ،منح أو الوعد بمزية غير مستحقة) من شأنيا أية أعمال
التحريض عمى اإلدالء بشيادة الزور أو منع الشيادة أو تقديم األدلة أو عرقمة سير التحريات أو
رفض تزويد الييئة الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو بأية وثيقة أو معمومة تطمبيا ،حيث يعاقب
عمى ذلك بالحبس لمدة تتراوح من ستة ( )6أشير إلى خمس ( ) 5سنوات وبغرامة تتراوح من
50.000دج إلى 500.000دج.
-حماية الشيود والخبراء والمبمغيف والضحايا :لقد قام المشرع بوضع ىذه الحماية حتى يدعم
مساىمة المجتمع في القضاء عمى ىذه الجرائم دون تخوف باعتبار ىذه اآللية ضمانة قانونية قوية
لحماية الشيود أو الخبراء أو الضحايا أو المبمغين أو أفراد عائالتيم وسائر األشخاص وثيقي
الصمة بيم من أي عممية انتقام أو ترىيب أو تيديد ،دون أن ننسى بأنيا آلية ردعية لمجناة
وشركائيم أو مساعدييم ،ويعاقب المشرع عمى ىذه العمميات بنفس العقوبات المسمطة عمى جريمة
إعاقة السير الحسن لمعدالة .71
-البالغ الكيدي :ويعاقب القانون 01- 06في مادتو 46كل من قام عمدًا بتبميغ كيدي يتعمق
بإحدى جرائم الفساد المنصوص عنيا في ىذا القانون بالحبس لمدة تتراوح من ستة ( )6أشير إلى
خمس ( ) 5سنوات وبغرامة تتراوح من 50.000دج إلى 500.000دج ،وذلك لحرص المشرع
عمى إعطاء األمر أكثر جدية نظ ًار لما قد يترتب عميو من اجراءات في تحرك السمطات القضائية
المختصة.
-عدـ اإلبالغ عف الجرائـ :وتقع ىذه الجريمة عمى كل شخص يعمم بحكم مينتو أو وظيفتو الدائمة
أو المؤقتة بوقوع إحدى جرائم الفساد المنصوص عنيا في ىذا القانون ولم يقم بالتبميغ عنيا في
الوقت المالئم ،حيث يعاقبو القانون عمى ذلك بالحبس لمدة تتراوح من ستة ( )6أشير إلى خمس
( )5سنوات وبغرامة تتراوح من 50.000دج إلى 500.000دج .72
ثاني ًا :خصوصية جرائـ الفساد وأساليب التحري الخاصة بيا
من خالل تفحص الباب الرابع من ىذا القانون والمعنون بالتجريم والعقوبات وأساليب التحري نجد
بأن المشرع خصص أحكام ًا بذاتيا ليذه الجرائم وألساليب التحري الخاصة بيا.
- 1خصوصية جرائـ الفساد في أحكاـ القانوف :01- 06
تتجمى ىذه الخصوصية في العديد من النقاط التي تتعمق بيذه الجرائم والتي نظمتيا المواد من 48
إلى 55من ىذا القانون:
-الظروؼ المشددة :بموجب المادة 48تم تشديد عقوبة الحبس من عشر ( )10سنوات إلى
عشرين ( ) 20سنة مع ابقاء نفس ال غرامة المقررة لمجريمة المرتكبة بالنسبة لمقضاة والموظفون
الذين يمارسون وظائف عميا في الدولة والضباط العموميون وأعضاء الييئة الوطنية لموقاية من
الفساد مكافحتو وضباط وأعوان الشرطة القضائية ومن يمارسون بعض صالحيات الشرطة
القضائية وموظفو أمانة الضبط ،وىذا نظ اًر لعمميم ودرايتيم التامة بيذه الجرائم ومدى خطورتيا
عمى المجتمع وعمى الدولة ؛ وباعتبارىم أعوان لمدولة في مكافحة ىذه الجرائم.
-اإلعفاء مف العقوبات وتخفيفيا :وىي اجراءات لإلعفاء من العقوبة أو التخفيف منيا إذا كان
أحد الجناة قد ساىم في التبميغ عن الجريمة أو في القبض عمى أحد األشخاص الضالعين في
ارتكاب أحدى جرائم الفساد.
-العقوبات التكميمية :وىي سمطة ممنوحة لمجيات القضائية بموجبيا يمكن ليا المعاقبة بعقوبة أو
أكثر من العقوبات التكميمية الواردة في قانون العقوبات مثل :الحرمان من الحقوق الوطنية
والمدنية والعائمية أو سح ب جواز السفر أو نشر أو تعميق حكم أو قرار اإلدانة .....73
-التجميد والحجز والمصادرة :بموجب المادة الثانية من القانون 01- 06يقصد بالتجميد أو
الحجز بتمك اإلجراءات الصادرة عن الجيات القضائية المختصة بفرض حضر مؤقت عمى
حركة الممتمكات أو التصرف فييا أو حيازتيا؛ فالتجميد يخص حركة األموال المودعة في
مختمف األرصدة أما الحجز يخص كل المنقوالت والعقارات واألموال ،ويقصد بالمصادرة بتمك
اإلجراءات الصادرة عن الجيات القضائية المختصة بالتجريد الدائم لمختمف الممتمكات
المتحصل عمييا من جرائم الفساد.
وتعتبر ىذه االجراءات من قبيل العقوبات التكميمية الواجبة التطبيق خاصة فيما يتعمق بجرائم
الفساد وليذا جاء نص المادة 51من القانون 01- 06ليفرضيا عمى مختمف عائدات ىذه
الجرائم وفي كل مراحل الدعوى العمومية.
-المشاركة والشروع :من خالل نص المادة 52من القانون 01- 06نالحظ أن المشرع فرض
نفس العقوبات المقررة عمى المشاركين في جرائم الفساد بينما تشدد في الشروع فييا وأقر ليا
نفس عقوبة الجريمة ،حيث ال يعاقب عمى ذلك في الجنح إال بناء عمى نص صريح في القانون
وذلك بموجب المادة 1/31من قانون العقوبات ،ليعطييا بذلك خصوصية عمى باقي الجرائم
األخرى.
-مسؤولية الشخص االعتباري :وىو إقرار حديث لممسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية مثمما
تم تحديثو في قانون العقوبات في نص المادة 51مكرر منو باستثناء الدولة والجماعات المحمية
واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام.
-التقادـ :أما فيما يخص التقادم فتمثمت خصوصية جرائم الفساد بأن الدعوى العمومية فييا وكذا
عقوباتيا ال تتقادم أبداً في حالة تحويل عائدات ىذه الجرائم إلى خارج الوطن ،أما في باقي
الح االت األخرى فتسري عمييا األحكام المنصوص عمييا في قانون االجراءات الجزائية (المواد
من 07إلى 10بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية والمواد من 612إلى 617بالنسبة لتقادم
العقوبة).
غير أنو وفي الفقرة األخيرة من المادة 54من القانون 01- 06وضع المشرع استثناء يتمثل
في مدة تق ادم الدعوى العمومية المتعمقة بجريمة االختالس والتي أقر بأنيا تساوي الحد األقصى
لمعقوبة أي عشر ( )10سنوات مثمما تم توضيحو سابقاً.
-آثار الفساد :لقد قام المشرع بموجب نص المادة 55من القانون 01- 06بمراعاة كل اآلثار
القانونية التي قد تترتب عن ارتكاب جرائم الفساد والتي قد تنجر عنيا اكتساب حقوق وقيام
التزامات م ن خالل تمك العقود أو الصفقات أو االمتيازات ...موضوع ىذه الجرائم ،فأعطى
كامل السمطة لمييئات القضائية الفاصمة في النزاع إلبطال كل ىذه اآلثار مع مراعاة حقوق
الغير حسن النية.
- 2أساليب التحري الخاصة بجرائـ الفساد :من خالل نص المادة 56من القانون 01- 06أقر
المشرع أساليب خاصة لمتحري عن ىذه جرائم من أجل تسييل جمع األدلة المتعمقة بيا عمى خالف
األساليب التقميدية المتعارف عمييا في التحقيق االبتدائي في قانون االجراءات الجزائية ،74ويستوجب
إعمال ىذه األساليب الخاصة إذن ًا من الييئات القضائية المختصة نظ ًار ألنيا تتعارض مع
خصوصية وحريات األفراد غالباً لكنيا تصب في المصمحة العامة ليذا أمكن اجازتيا باشتراط اإلذن
أو الترخيص.
ويبدو أن المشرع ذكر ىذه األساليب الخاصة عمى سبيل الذكر ال عمى سبيل الحصر ،حيث
تناول بعضاً منيا وىي كاآلتي:
-التسميـ المراقب :لقد عرفتو المادة الثانية من القانون 01- 06عمى أنو(( :اإلجراء الذي يسمح
لشحنات غير مشروعة أو مشبوىة بالخروج مف اإلقميـ الوطني أو المرور عبره أو دخولو
بعمـ مف السمطات المختصة أو تحت مراقبتيا ،بغية التحري عف جرـ ما وكشؼ ىوية
األشخاص الضالعيف في ارتكابو)) حيث يعمل ضباط الشرطة القضائية -وبعد الحصول عمى
اإلذن من وكيل الجميورية المختص -عمى التخطيط لإليقاع بالجناة في جرائم الفساد بالتنسيق
مع مختمف الييئات وذلك بالمشاركة في عمميات التسميم لمواد موضوع جريمة الفساد عمى
أساس أنيم أطراف فعميون في ىذه العممية حتى يتم الكشف عن باقي األطراف.
-الترصد اإللكتروني :وىو عممية متابعة دقيقة لألشخاص الضالعين في قضايا الفساد وذلك من
خالل مختمف الوسائل االلكترونية بما فييا وسائل التواصل االجتماعي وغيرىا التي ينشط فييا
ىؤالء ويتواصمون مع بعضيم البعض ،حيث تكون ىذه العممية بعد الحصول عمى اإلذن
المسبق من وكيل الجميورية المختص نظ ًار ألنيا تنتيك خصوصيات األفراد.
-االختراؽ :وىو عممية الكترونية يقوم بيا ضباط الشرطة القضائية لمولوج الى أي موقع أو
حساب الكتروني سواء كان شخصياً أو عمومياً قصد استخراج أي معمومة أو دليل قد يفيدىم
في الكشف عن جرائم الفساد وذلك طبع ًا بعد الحصول عمى اإلذن المسبق من وكيل الجميورية
المختص.
وعمى غرار ىذه األساليب فإن المشرع الجزائري استحدث أساليب أخرى في قانون االجراءات
75
والتي جاءت عمى الجزائية كاعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور والتسرب
76
رقم 22- 06المؤرخ في 2006/12/20باعتبارىا اثر تعديل ىذا القانون بموجب القانون
اجراءات تستمزم مواكبة التطورات الحاصمة في المجتمع.
ولمتذكير فإن المشرع في المادة 24مكرر 1من القانون 01- 06مدد االختصاص المحمي
لضابط الشرطة القضائية التابعين لمديوان الوطني لقمع الفساد في جرائم الفساد والجرائم
المرتبطة بيا إلى كامل اإلقميم الوطني خروج ًا عن القاعدة العامة في المادة 16من قانون
االجراءات الجزائية والتي تحدد االختصاص المحمي لضباط الشرطة القضائية بالحدود التي
يباشرون ضمنيا وظائفيم المعتادة؛ لتنضم بذلك جرائم الفاسد إلى الحاالت االستثنائية في تمديد
اال ختصاص المحمي الموجودة في ىذه المادة مثل جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر
الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات وجرائم تبييض األموال
واإلرىاب والجرائم المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرف وفي الحاالت االستعجالية ،ليكون ذلك
من بين أىم خ صوصيات جرائم الفساد وأىم أساسيات أساليب التحري الخاصة بيا.
المحور الخامس :التعاوف الدولي في قضايا الفساد
محور خاصاً بالتعاون الدولي في قضايا الفساد وتطرق فيو لعديد النقاط المستوحاة
اً لقد خصص المشرع
من اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد بما في ذلك استرداد الموجودات والتعاون القضائي وغيرىا من
االجراءات التي جاء بيا القانون ،01- 06حيث أقرت المادة 57منو عمى وجوب اقامة عالقات تعاون
قضائي عمى أوسع نطاق ممكن وباألخص بين الدول األطراف في االتفاقية وذلك في كل االجراءات
القضائية المتعمقة بجرائم الفساد مع االحتفاظ بالمبادئ العامة لمعالقات الدولية.
ومن خالل ذلك فقد ذكر المشرع العديد من النقاط اليامة المتعمقة بالتعاون الدولي القضائي في قضايا
الفساد ولتوضيح ىذه النقاط سنتطرق ليا في العناصر التالية:
أوالً :التعاوف الدولي القضائي في مجاؿ المصارؼ والمؤسسات المالية
أعطى المشرع كامل اىتمامو لمجال المصارف والمؤسسات المالية باعتبارىا مركز تواجد العائدات
المالية االج ارمية الناتجة عن قضايا الفساد ،وخصيا ببعض األحكام التي تتعمق بحركة ىذه األموال
ومتابعتيا سواء كانت في الوطن أو خارجو.
ومن خالل ذلك فقد تم وضع أحكام تتعمق بمنع وكشف وتحويل العائدات االجرامية في نص المادة 58
من القانون ، 01- 06حيث تم الزام المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية بالمعطيات الواردة لدييم
بخصوص األشخاص الطبيعيون أو االعتباريون والتطبيق عمييم الفحص والمتابعة الدقيقة في كل ما يتعمق
بحساباتيم والعمميات الجارية عمييا ،كم ا أوجب عمييا اعطاء أىمية أكثر لكل المعمومات المتعمقة
بمتعاممييا (سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين) التي تردىا من السمطات األجنبية وأوجبت عمييم
مراقبة حساباتيم بدقة ومسك كشوفيا لمدة ال تقل عن خمس ( ) 5سنوات من تاريخ آخر عممية مدونة بيا
وتتضمن كل المعمومات الدقيقة المتعمقة بكل أطراف ىذه العمميات.
وفي إطار ىذا التعاون الدولي فقد اتاحت المادة 60من القانون ذاتو إمكانية تبادل المعمومات المالية
بين السمطات الوطنية واألجنبية خاصة المتعمقة بالتحقيقات في قضايا الفساد السترجاع العائدات الناتجة
عنيا.
ومن أجل ضبط وتنظيم التعامالت المالية منعت المادة 59نفس القانون إنشاء أية مصارف صورية أو
ليست ليا حضور مادي باإلقميم الجزائري وال تنتمي إلى أية مجموعة مالية خاضعة لمرقابة في إطار
التشريع الساري المعمول بو ،كما منعت عن المصارف والمؤسسات المالية المنشأة في الجزائر بإقامة
عالقات مع أية مؤسسات مالية أجنبية ال تخضع لمرقابة أو التي تسمح باستخدام حساباتيا مع مصارف
صورية.
كما أنو ومن أجل تنظيم حركة الحس ابات المالية المتواجدة بالخارج والتي تتعمق بمصالح موظفين
عموميين تم إلزام ىؤالء بالتبميغ لمسمطات المختصة بيذه العالقات وكذا بتنظيم عممياتيم المالية في ىذه
الحسابات في سجالت مالئمة وذلك تحت طائمة العقوبات التأديبية والجزائية المقررة.
ثانياً :التعاوف الدولي القضائي في مجاؿ استرداد العائدات االجرامية
لقد نظم المشرع الجزائري معظم حاالت احتماالت تعاون الجيات القضائية الجزائرية مع إحدى الدول
األعضاء في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بخصوص كيفيات استرداد العائدات االجرامية ،حيث
أقرت المادة 62من القانون 01- 06باختصاص الجيات القضائية الجزائرية بقبول الدعاوى المدنية
المرفوعة من تمك الدول من أجل االعتراف بحق ممكيتيا لمممتمكات الناتجة عن جرائم الفساد ،كما تختص
كذلك بإلزام الجناة في ىذه ال جرائم بدفع تعويض مدني لمدولة الطالبة لذلك عن الضرر الذي لحقيا وأن
تأمر بما يمزم من تدابير لحفظ حقوق الممكية المشروعة ليذه الدولة وذلك عمى إثر اتخاذ قرار المصادرة.
كما أقرت المادة 63من نفس القانون بنفاذ األحكام القضائية األجنبية المتعمقة بمصادرة الممتمكات
الناتجة عن جرائم الفساد باإلقميم الجزائري ،وفي المقابل منحت ىذه المادة صالحية الجيات القضائية
الجزائرية األمر بمصادرة الممتمكات ذات المنشأ األجنبي المكتسبة عن طريق جرائم الفساد أو المستخدمة
في ارتكابيا حتى في انعدام اإلدانة بسبب انقضاء الدعوى العمومية أو ألي سبب آخر.
أما بخصوص اجراءات التجميد والحجز فقد تم منح ىذه الصالحيات لمجيات القضائية الجزائرية بناء
عمى طمب إحدى الدول األعضاء في االتفاقية والتي أمرت ىيئاتي ا القضائية بتجميد أو حجز العائدات
الناتجة عن جرائم الفساد وذلك بشرط وجود أسباب كافية لتبرير ىذه االجراءات وثبوت أن مآل ىذه
العائدات أو الممتمكات ىو المصادرة ،كما يمكنيا اتخاذ ىذه االجراءات بناء عمى معطيات ثابتة مثل إيقاف
أو اتيام أحد األشخاص الضالعين في ىذه القضايا بالخارج دون طمب تمك الدولة .77
ومع ذلك فإنو يجوز رفض التعاون الدولي بخصوص اجراءات المصادرة أو إلغاء تمك المتعمقة منيا
بالتدابير التحفظية في حالة عدم قيام الدولة الطالبة لذلك بإرساليا أدلة كافية في وقت معموم أو في حالة
ما إذا كانت قيمة الممتمكات المطموب مصادرتيا زىيدة ال تحتاج إلى كل ذلك العناء ،وىذا مع امكانية بقاء
حق ىذه الدولة لعرض ما لدييا من أسباب تبرر إبقاء االجراءات التحفظية قبل رفعيا من طرف الجيات
الوطنية المختصة .78
لقد حددت المادة 66من القانون 01- 06المرفقات اإللزامية لطمبات إجراء المصادرة أو تنفيذه المقدمة
من طرف الدول -في إطار التعاون الدولي القضائي فيما بينيا -إلى السمطات القضائية الوطنية
المختصة ،79وتمثمت فيما يمي:
المستند إلييا ووصف لإلجراءات المطموبة مع ارفاقو بنسخة مصادق عمى -بيان يوضح الوقائع ُ
المستند إليو حيثما كان متاحاُ ،وذلك إذا تعمق األمر بطمب اتخاذ
مطابقتيا لألصل من األمر ُ
إجراءات التجميد أو الحجز أو بأي إجراءات تحفظية أخرى،
-وصف دقيق لمممتمكات المراد مصادرتيا مع تحديد مكانيا وقيمتيا متى أمكن وذلك لمتسييل
باتخاذ مصادرتيا من طرف الجيات ال قضائية الوطنية في حالة طمب المصادرة،
-بيان يتضمن كل الوقائع والمعمومات التي تمكن من تحديد نطاق تنفيذ أمر المصادرة الوارد من
طرف الدولة الطالبة لذل ك ،مع تقديميا لتصريح يثبت التدابير التي اتخذتيا إلشعار الدول
األطراف حسنة النية ويثبت بأن حكم المصادرة ىو حكم نيائي.
ويوجو طمب المصادرة مباشرة إلى و ازرة العدل التي تحولو لمنائب العام لدى الجية القضائية
المختصة ،حيث ترسمو النيابة العامة بدورىا إلى المحكمة المختصة مرفقاً بطمباتيا لتصدر
بشأنو ىذه األخيرة حكم ًا قابل لالستئناف والطعن بالنقض ،حيث تُنفذ أحكام المصادرة بمعرفة
النيابة العامة وبكل الطرق القانونية .80
أما بخصوص تنفيذ أحكام المصادرة الصادرة عن جيات قضائية أجنبية فترد إلى الجيات
القضائية المختصة الوطنية بنفس الطريقة السابقة ويتم تنفيذىا طبقاً لمقانون الجزائري وفي حدود
ما تطمبو ىذه الدولة ،حيث يكون التصرف في الممتمكات المصادرة وفقاً لممعاىدات الدولية
81
والتشريع المعمول بو.
وفي إطار التعاون القضائي الدولي عمد المشرع الجزائري عمى تعزيزه بما يسمى بالتعاون
الخاص والذي يتمثل في تبميغ أية معمومات تتعمق بالعائدات االجرامية إلى أية دولة طرف في
االتفاقية دون طمب مسبق منيا قد تساعدىا في الكشف عن جرائم الفساد .82