You are on page 1of 127

‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫مطبوعة بيداغوجية‬
‫بعنوان‬

‫محاضرات في قانون مكافحة الفساد‬

‫محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثالثة قانون عام‬

‫من إعداد الدكتور‪:‬‬


‫يزيد بوحليط‬

‫السنة الجامعية‪2021-2020:‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫مقدمة‬
‫يمثل الفساد عقبة جسيمة تقف عائقا أمام التنمية المستدامة‪ ،‬حيث تتجاوز تكلفة الفساد مجرد‬
‫استخدام الموارد في غير محلها‪ ،‬أين يؤدي الفساد إلى تآكل النسيج االجتماعي واضعاف سيادة‬
‫القانون وتقويض الثقة في الحكومة‪ ،‬كما يؤدي أيضا إلى تدهور نوعية حياة المواطنين ويسمح ببروز‬
‫بيئة مشجعة على ارتكاب كافة أشكال جرائم الفساد‪.‬‬
‫حيث تعد ظاهرة الفساد ظاهرة قديمة قدم المجتمعات اإلنسانية فقد ارتبط وجودها بوجود‬
‫األنظمة السياسية وهــي ال تقتصر على شعب دون آخر كما أنها تختلف حسب بيئة وطبيعة النظام‬
‫السياسي‪ ،‬ففي األنظمة االستبدادي ــة والشمولية تكون هناك بيئة مشجعة أكثر على الفساد‪ ،‬بينما تقل‬
‫ظاهرة الفساد في النظم الديمقراطية التي تقوم على احترام حقوق وحريات اإلنسان والشفافية في‬
‫التسيير والمسائلة وفرض احترام سيادة وسلطة القانون‪.‬‬
‫ولألسف لم تكن الجزائر في موضع أفضل من باقي دول العالم التي استشرى فيها الفساد‬
‫بمختلف أنواعـ ــه ومستوياته سواء المستوى االقتصادي أو السياسي أو االجتماعي وحتى المستوى‬
‫الثقافي والرياضي‪ ،‬وهذا ما تؤكده المرتبة المتدنية التي احتلتها الجزائر ضمن التصنيف الدولي لمؤشر‬
‫مدركات الفساد لسنة‪ ،2020‬الذي أعدته منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية أين صنفت الجزائر‬
‫في المرتبة ‪ 104‬عالميا من أصل ‪ 180‬دولة والعاشرة عربيا ‪ ،‬ويستخدم المؤشر الذي يصنف ‪180‬‬
‫المدركة لفساد القطاع العام فيها‪ ،‬مقياسا من صفر إلى ‪ ،100‬حيث يكون‬
‫َ‬ ‫دولة حسب المستويات‬
‫الصفر األكثر فسادا و‪ 100‬األكثر نزاهة‪ ،‬وقد حصلت الجزائر على ‪.110 /3.6‬‬
‫حيث صار الفس ــاد في الجزائر حالة مرضية معقدة تقف عقبة كئود أمام عملية اإلصالح‬
‫والتنمية واالستثمار الصحيح‪ ،‬ومانعا في تثبيت أركان الحكم الراشد المنشود‪ .‬وهذا ما أدى إلى إطالق‬
‫الحراك الشعبي في سنة ‪ 2019‬احتجاجا على منظومة الفساد القائمة آنذاك‪ ،‬على الرغم من تصـدي‬
‫المشرع الجزائري لهذه الظاهرة عن طريق منظومة قانونية متكاملة بدا من التصديق بتحفظ على‬
‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،2‬واتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‬

‫‪1‬‬
‫موقعها‪:‬‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫لسنة‪2020‬‬ ‫دولية‬ ‫شفافية‬ ‫منظمة‬ ‫تقرير‬ ‫أنظر‪:‬‬
‫على‬ ‫‪https://www.transparency.org/ar/news/cpi-2020-global-highlights‬بتاريخ‪2021/12/20:‬‬
‫الساعة‪.08:45:‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ 55-02 :‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفيري ‪ ،2002‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة األمم المتحدة بتاريخ‪،2000/11/15 :‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،09:‬الصادرة في‪.2002/02/10:‬‬
‫‪1‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫واتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد و مكافحته‪ ،‬لسنة‪ 22003‬والتصديق على‬ ‫‪1‬‬
‫لسنة ‪2003‬‬
‫االتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪ 3‬وتعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم‪ 15-04:‬الصادر‬
‫في‪ 2004/11/10:‬بشأن إضافة قسم سادس مكرر بخصوص مكافحة تبييض األموال‪ ،4‬ثم قام‬
‫المشرع باصدار قانون الوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪.5‬وأيضا اصدار‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام باعتبارها‬
‫مجاال خصبا الرتكاب جرائم الفساد‪.6‬‬

‫ونظ ار لخطورة ظاهرة الفساد على الدولة واألفراد عالجها المشرع بموجب قانون خاص تمثل‬
‫في اصداره للقانون رقم‪ 01-06:‬بتاريخ‪ 2006/02/20:‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ .7‬كما‬

‫‪1‬‬
‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪ ،2003‬المعتمدة من قبل قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك رقم ‪-58‬‬
‫‪ ،4‬يوم ‪ 31‬اكتوبر سنة ‪ ، 2003‬و التي صدقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 128-04‬الصادر في ‪ 19‬أبريل‬
‫‪ ، 2004‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬
‫الشعبية‪ ،‬عدد ‪ ،26‬الصادرة في ‪ 25‬ابريل ‪ ،2004‬ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫إتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬والتي صدقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 137-06‬الصادر‬
‫في ‪ 10‬أبريل ‪ ، 2006‬يتضمن التصديق على إتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬المعتمدة بمابوتو في‪11 :‬‬
‫يوليوسنة ‪ ، 2003‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬عدد ‪ ،24‬الصادرة في ‪ 16‬ابريل ‪ ،2006‬ص‬
‫ص‪.13-04‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد المحررة بالقاهرة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر سنة ‪ ،2010‬والتي صدقت عليها الجزائر بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 249-14‬الصادر في ‪ 8‬سبتمبرسنة ‪ ، 2014‬يتضمن التصديق على اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،54‬الصادرة في ‪ 21‬سبتمبر سنة ‪ ،2014‬ص ‪.5‬‬
‫‪ 4‬القانون رقم ‪ 15-04‬الصادر في‪ 10 :‬نوفمبر ‪ 2004‬يعدل ويتمم األمر رقم‪ 156 - 66 :‬الصادر في‪ 8 :‬يونيو ‪،1966‬‬
‫يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬الصادرة في‪ 10 :‬نوفمبر‬
‫‪.2004‬‬
‫‪5‬‬
‫القانون رقم ‪ 01-05‬الصادر في‪ 6 :‬فيفري ‪ 2005‬والمتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬الصادرة في‪ 09 :‬فيفري ‪.2005‬‬
‫‪6‬‬
‫أنظر‪ :‬المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬الصادر في‪ ،2015/09/16:‬الجريدة الرسمية للجمهورية الديمقراطية الشعبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،50‬الصادرة في ‪ 20‬سبتمبر سنة ‪ ،2015‬ص ص‪.49-3‬‬
‫‪7‬‬
‫قانون ‪ 01-06‬الصادر في ‪ 20‬فيفري سنة ‪ ، 2006‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬الصادرة في‪ 8 :‬مارس سنة ‪ ،2006‬ص ص‪.15-4‬‬
‫‪2‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أنشأ للغرض نفسه القطب الجزائي اإلقتصادي و المالي كآلية جديدة استحدثها المشرع بموجب القانون‬
‫‪1‬‬
‫رقم ‪ 04-20‬المعدل لقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وذلك لمكافحة قضايا الفساد االقتصادي والمالي‬

‫لم يكتف المشرع بالخطوات سالفة الذكر‪ ،‬بل قام أيضا بانشاء السلطة العليا للشفافية والوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته كآلية مؤسساتية دستورية لمكافحة ظاهرة الفساد بموجب المواد من ‪205-204‬‬
‫‪2‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة‪.2020‬‬

‫وفي الصدد نفسه وأوضح بيان لمجلس الوزراء أن رئيس الجمهورية قرر استحداث هيئة جديدة‬
‫للتحري ف ي مظاهر الثراء عند الموظفين العموميين "بال استثناء" من خالل إجراءات قانونية "صارمة"‬
‫لمحاربة الفساد‪ ،‬عمال بمبدأ "من أين لك هذا"‪ .‬ويأتي استحداث هذه الهيئة في إطار "تنظيم السلطة‬
‫‪3‬‬
‫العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصالحيتها"‪.‬‬
‫وعلى اعتبار أن ظاهرة الفساد متعلقة أكثر بمجال الوظيفة العمومية وما ينجر عنه من إخالل‬
‫الموظف بواجباته الوظيفية طلبا لمزية غير مستحقة‪ ،‬فإن المشرع نص بموجب القانون رقم‪01-06:‬‬
‫على جملة من التدابير الوقائية ضمن القطاعين العام والخاص هدفها تعزيز النزاهة والمسؤولية‬
‫والشفافية في التسيير‪ ،‬كما نص أيضا على مجموعة من الجرائم لردع المخالفين إضافة إلى جملة‬
‫من اإلجراءات كاتعاون القضائي واسترداد الموجودات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حيث خص المشرع هذا القطب الجزائي االقتصادي والمالي باختصاص وطني شامل‪ ،‬كما أن وكالء الجمهورية وقضاة‬
‫التحقيق التابعون للقطب الجزائي المتخصص هم قضاة متخصصون في مجال مكافحة الجرائم ذات الطابع اإلقتصادي والمالي‬
‫والفني كجريمة التهريب ‪ .‬و قد منح التعديل الجديد لوكيل جمهورية القطب االقتصادي و المالي صالحية طلب أي ملف على‬
‫مستوى أي محكمة أخرى‪ ،‬حيث سيتحتم على قضاة التحقيق التخلي عن الملف تلقائيا لصالح محكمة القطب التي ستعالج‬
‫ملفات الفساد ذات األهمية وذات النوعية وذات الخطورة اال قتصادية والمالية المعتبرة‪ ،‬والتي لها امتداد حتى خارج حدود‬
‫الوطن والعابرة لحدودها أنظر‪ :‬األمر رقم‪ 04-20:‬الصادر في‪ 2020/08/30:‬يعدل ويتمم األمر رقم‪ 155-66:‬الصادر‬
‫في‪ 1966/06/08:‬والمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪،51:‬‬
‫الصادرة في‪ ،2020/08/31:‬ص ص‪.13-9‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادتان ‪ 205-204‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 442-20‬المؤرخ‬
‫في ‪ 30‬ديسمبر ‪ ، 2020‬المتعلق بإصدار التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر ‪ ،2020‬جريدة رسمية‬
‫رقم ‪ 82‬مؤرخة في ‪ 30‬ديسمبر ‪.2020‬‬
‫أنظر‪ :‬موقع وكالة األنباء الجزائرية على الرابط‪https://www.aps.dz/ar/economie/119218-2022-01-:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪02-17-33-51‬بتاريخ‪ 2022/01/04:‬على الساعة‪.08:05:‬‬


‫‪3‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫لقد حاول المشرع الجزائري من خالل إصداره للقانون ‪ 01-06‬اعتماد سياسة جنائية شاملة‬
‫تجمع بين الشقين الوقائي والردعي‪ ،‬كما يهدف ألخلقة الحياة السياسية واإلقتصادية والمالية‪ ،‬وتكييف‬
‫المنظومة التشريعية الداخلية مع اإللتزامات الدولية في هذا الشأن‪.‬‬
‫وعليه يمكن طرح اإلشكالية اآلتية‪ :‬هل يكفل القانون‪ 01-06‬مكافحة فعالة ضد جرائم‬
‫الفساد؟‬
‫ومنه سنقسم دراستنا لهذا المقياس إلى فصلين‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التصدي الوقائي والمؤسساتي لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التصدي الجزائي والتعاون الدولي لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التصدي الوقائي والمؤسساتي لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫إن الحديث عن الفساد العالمي الجديد صار مرافقا ومتزامنا مع الحديث عن العولمة أو عن‬
‫النظام العالمي الجديد وكأنهما توأمين ال ينفصالن‪ ،‬حيث سقطت الحدود التي كانت تجعل منه شأنا‬
‫دخليا‪ .1‬حيث أصبحت ظاهرة الفساد بكافة أشكالها تشكل خط ار متزايدا على الدول والمجتمعات بما‬
‫يرهن معها كل محاوالت الدول لالنطالق نحو تنمية حقيقية شاملة تكفل سيادة الدول والحياة الكريمة‬
‫لمواطنيها‪.‬‬
‫وقبل الخوض في الموضوع ال بد من التطرق أوال لماهية ظاهرة الفساد وتأثيراتها المدمرة على‬
‫الدول والمجتمعات (المبحث األول)‪ ،‬ثم نتطرق إلى التصدي الوقائي لظاهرة الفساد في (المبحث‬
‫الثاني)‪ ،‬وأخي ار نتطرق إلى التصدي المؤسساتي لظاهرة الفساد في (المبحث الثالث)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الفساد‬
‫إن األسباب الرئيسية لظهور الفساد وانتشاره متشابهة في معظم المجتمعات إال أنه يمكن‬
‫مالحظة خصوصية في تفسير الظاهرة من شعب آلخر نتيجة اختالف الثقافات وقيم المجتمع وهو‬
‫ما يبرز االختالف في تحديد مفهوم الفساد‪ .‬سنعمد في هذا المبحث إلى تعريف الفساد وأشكاله في‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬ثم نتطرق إلى أسباب الفساد وآثاره في (المطلب الثاني)‪ ،‬وأخي ار نتطرق إلى بعض‬
‫الجهود الدولية واإلقليمية لمكافحة ظاهرة الفساد في (المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الفساد وأشكاله‬
‫يقتضي التعريف بالفساد اإلحاطة بهذا المصطلح من عدة جوانب مثل‪ :‬القرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية الشريفة والتعريف اللغوي والتشريعي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عامر خضير الكبيسي‪ ،‬الفساد والعولمة تزامن ال توأمة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2018 ،‬ص‪.116‬‬
‫‪4‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أوال‪ :‬تعريف الفساد‪ :‬سنتناول تعريف الفساد في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‬
‫والتعريف اللغوي والتشريعي‬
‫‪-1‬الفساد في القرآن الكريم‪ :‬يستمد الفساد في الشريعة اإلسالمية معانيه من القرآن الكريم‬
‫التي تناولته وقد تجــاوزت الخمسين آية كلها تنهي وتحذر منه وبعضها حدد صراحة جزاء المفسدين‪،‬‬
‫كما تنصرف أغلب المعاني لأليات القرآنية لتشمل كل فساد أو تخريب في األرض أو في المجتمع‪.‬‬
‫حيث يعرف جمهور فقهاء الشريعة اإلسالمية الفساد بأنه "ما يوجب ارتكابه اإلثم" أو هو" مخالفة‬
‫الفعل للشرع" ‪ ،‬وهو يعني خروج الشيء عن اإلعتدال‪ ،‬سواء أكان هذا الخروج كثي ار أو قليال ويضاده‬
‫‪1‬‬
‫الصالح‪ ،‬و يستعمل في النفس والبدن و األشياء الخارجة عن اإلستقامة‪.‬‬
‫و يأتي التعبير عن ا لفساد في معان عدة بحسب موقعه في اآليات فهو يعني الجدب او‬
‫ض ٱلَِّذى‬ ‫اس لُيذيقَهُم َب ْع َ‬
‫ٱلن ِ ِ ِ‬ ‫ت أ َْي ِدى َّ‬‫اد ِفى ٱ ْلَب ِّر َوٱ ْلَب ْح ِر بِ َما َك َسَب ْ‬‫القحطكما في قوله تعالى‪ ":‬ظَهَ َر ٱ ْلفَ َس ُ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ون " ‪ ،‬أو الطغيان و التجبر وعصيان اهلل تعالى كما في قوله تعالى‪ ":‬إَِّن َما َج َز ُ‬ ‫َعملُوْا لَ َعلهُ ْم َي ْر ِج ُع َ‬
‫‪2‬‬
‫اء‬
‫صلَُّبوا أ َْو تُقَطَّ َع أ َْي ِدي ِه ْم َوأ َْر ُجلُهُ ْم‬
‫َن ُيقََّتلُوا أ َْو ُي َ‬
‫ادا أ ْ‬
‫ض فَ َس ً‬ ‫ون اللَّهَ وَر ُسولَهُ وَي ْس َع ْو َن ِفي األ َْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين ُي َح ِارُب َ‬
‫َِّ‬
‫الذ َ‬
‫اآلخرِة ع َذ ٌ ِ‬ ‫الدنيا ولَهم ِفي ِ‬ ‫ك لَهم ِخ ْز ِ‬ ‫الف أَو ينفَوا ِمن األَر ِ ِ‬ ‫ِمن ِخ ٍ‬
‫يم"‪ ، 3‬كما يعني‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ي في ُّ َ َ ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ض َذل َ ُ ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ض َوَي َذ َر َك‬ ‫ٱأل َْر ِ‬ ‫وس ٰى َوقَ ْو َمهۥُ لُِي ْف ِس ُدوْا ِفى ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القتل‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ":‬وقَا َل ٱلْ َم َألُ من قَ ْوِم ف ْرَع ْو َن أَتَ َذ ُر ُم َ‬
‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫َو َءالِهَتَ َ‬
‫ك ۚ قَا َل َس ُنقَتِّ ُل أ َْبَنآ َء ُه ْم َوَن ْستَ ْح ِىۦ ن َسٓا َء ُه ْم َوِاَّنا فَ ْوقَهُ ْم قَ ِه ُر َ‬
‫‪4‬‬
‫ون "‬

‫ض لِ ُي ْف ِس َد ِفيهَا‬
‫كما يعني الفساد الخراب بالظلم والجور كقوله تعالى‪ ":‬وِا َذا تَولَّى َس َعى ِفي األ َْر ِ‬
‫َ َ‬
‫‪5‬‬
‫اد "‬ ‫الن ْس َل َواللَّهُ ال ُي ِح ُّ‬
‫ب ا ْلفَ َس َ‬ ‫ث َو َّ‬ ‫َوُي ْهلِ َ‬
‫ك ا ْل َح ْر َ‬
‫ويالحظ من خالل هذه المعاني أن مرجع الفساد إلى خروج الشيء عن االعتدال وابتعاده عن‬
‫سبب في‬ ‫وسحر فهي ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجور‬ ‫النفع والصالح‪ ،‬وأن بعض الفساد أص ٌل ومقدمةٌ كالمعاصي من ٍ‬
‫ظلم‬
‫كل شر‪ .6‬كما تدل هذه اآليات الكريمة على أن القرآن الكريم شدد على تحريم الفساد وأن جزاء‬
‫مرتكبيه الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الشديد في اآلخرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يوسف بلمهدي‪ ،‬مفهوم الفساد وأنواعه في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مجلة الثقافة اإلسالمية‪ ،‬و ازرة الشؤون الدينية واألوقاف‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،14‬العدد‪ ،2020 ،01‬ص‪.25‬‬

‫‪2‬‬
‫سورة الروم اآلية‪.41:‬‬
‫‪3‬‬
‫سورة المائدة اآلية‪.33:‬‬
‫‪4‬‬
‫سورة األعراف اآلية‪.127:‬‬
‫‪5‬‬
‫سورة البقرة اآلية‪.205:‬‬
‫‪6‬‬
‫يوسف بلمهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.31-30‬‬
‫‪5‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -2‬الفساد في السنة النبوية المطهرة‪ :‬انصرف لفظ الفساد في السنة النبوية الشريفة إلى نفس‬
‫المعنى الوارد في القرآن الكريم بما يفيد خروج الشيء عن اإلعتدال‪ .‬فجاء بمعنى تلف الشيئ وذهاب‬
‫نفعه فعن النعمان بن بشير رضي اهلل عنهما قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬أ ََال‬
‫ُّ‬ ‫صلَ َح ا ْل َج َس ُد ُكلُّهُ‪َ ،‬وِا َذا فَ َس َد ْ‬ ‫َوِا َّن ِفي ا ْل َج َس ِد ُم ْ‬
‫ب"‪.1‬‬ ‫ت فَ َس َد ا ْل َج َس ُد ُكلهُ‪ ،‬أ ََال َوِه َي ا ْلقَ ْل ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ض َغةً إِ َذا َ‬
‫صلَ َح ْ‬
‫طاب‬‫َ‬ ‫طاب أسفلُهُ‬‫َ‬ ‫كالوعاء إذا‬ ‫متفق عليه ‪ .‬وجاء في قوله صلى اهلل عليه وسلم‪َّ ":‬إنما األعما ُل ِ‬
‫فس َد أسفله فسد أعاله"‪.2‬‬ ‫أعالهُ واذا َ‬
‫كما جاء معنى الفساد بتغير الحال إلى غير الصالح ‪:‬مثل حديثه صلى اهلل عليه وسلم‪":‬‬
‫شهيد"‪ .3‬وجاء أيضا معنى الفساد في أكل السحت والربا وأن‬ ‫أمتِي لَه أجر ٍ‬ ‫بسَّنتِي عند فَ َس ِاد َّ‬ ‫المتُ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫مس ُ‬
‫مصير من يفعل ذلك النار‪ ،‬فعن ابن عباس قال ‪ :‬تليت هذه اآلية عند النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ض حالالً طَيِّبا وال تَتَّبِعوا ُخطُو ِ‬
‫ات َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان إَِّنهُ لَ ُك ْم َع ُدٌّو ُمبِ ٌ‬
‫ين" فقام‬ ‫الش ْيطَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫اس ُكلُوا م َّما في األ َْر ِ َ‬
‫الن ُ‬‫‪َ ":‬يا أَُّيهَا َّ‬
‫سعد بن أبي وقاص ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬ادع اهلل أن يجعلني مستجاب الدعوة ‪ ،‬فقال ‪:‬يا سعد ‪،‬‬
‫أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ‪ ،‬والذي نفس محمد بيده ‪ ،‬إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في‬
‫جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما ‪ ،‬وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به‪" .4‬‬
‫إن اهلل‬ ‫وجاء بمعنى العمل الصالح وأكل الحالل فعن أبي هريرة ‪‬قال‪ :‬قال رسو ُل اهلل ﷺ ‪َّ :‬‬
‫المرسلين؛ فقال تعالى‪َ ":‬يا أَُّيهَا ُّ‬
‫الر ُس ُل‬ ‫طيبا‪ ،‬وا َّن اهلل أمر المؤمنين بما أمر به ُ‬
‫تعالى طيب ال يقبل إال ً‬
‫طيِّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ُكلُوا ِمن الطَّيِّب ِ‬
‫ات مارزقناكم"‪ ،‬ثم‬ ‫آمُنوا ُكلُوا م ْن َ َ‬ ‫اع َملُوا صالحا"‪ ،‬وقال تعالى ‪َ :‬يا أَُّيهَا الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ات َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذكر الرج َل ُيطيل السفر‪ ،‬أشعث‪ ،‬أغبر‪ ،‬يمد يديه إلى السماء‪ :‬يا رب‪ ،‬يا رب‪ ،‬ومطعمه حرام‪ ،‬وملبسه‬
‫‪5‬‬
‫فأنى ُيستجاب له؟! "‬ ‫وغذي بالحرام‪َّ ،‬‬ ‫حرام‪ُ ،‬‬
‫‪ -3‬التعريف اللغوي واإلصطالحي‪:‬‬
‫ودا‪ ،‬فَهَُو‬ ‫َّال ِح‪ ،‬فَ َس َد َي ْف ُس ُد َوَي ْف ِس ُد َوفَ ُس َد فَ َس ً‬
‫ادا َوفُ ُس ً‬ ‫يض الص َ‬ ‫أ‪-‬التعريف اللغوي‪ :‬فسد‪ :‬ا ْلفَس ُ ِ‬
‫اد‪َ :‬نق ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫صَ‬ ‫ادا َن َ‬
‫ض فَ َس ً‬‫يد ِفي ِه َما‪ ،‬وَال ُيقَا ُل ْانفَ َس َد وأَ ْف َس ْدتُهُ أََنا‪ .‬وقَ ْولُهُ تَ َعالَى‪ :‬وَي ْس َع ْو َن ِفي ْاأل َْر ِ‬ ‫اس ٌد َوفَ ِس ٌ‬
‫فَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض لِ ْلفَ َس ِاد‪َ .‬وقَ ْوٌم فَ ْس َدى َك َما قَالُوا َس ِاقطٌ َو َس ْقطَى‪ ،‬قَا َل‬ ‫ادا ِألََّنهُ َم ْف ُعو ٌل لَهُ أ ََر َاد َي ْس َع ْو َن ِفي ْاأل َْر ِ‬
‫فَ َس ً‬

‫‪1‬‬
‫رواه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب فضل من استب أر لدينه ‪.)52( 28 /1‬‬
‫‪2‬‬
‫سنن ابن ماجة‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬برقم‪.1404/1489،2:‬‬
‫‪3‬‬
‫أخرجه الطبراني في األوسط (‪ ،315/5‬رقم‪.)5414:‬‬
‫‪4‬‬
‫أخرجه الطبراني في "المعجم األوسط" (‪.)6495‬‬
‫‪5‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫استَ ْف َس َد فُ َال ٌن إِلَى فُ َال ٍن‪َ .‬وتَفَ َ‬
‫اس َد ا ْلقَ ْوُم‪:‬‬ ‫س َيب َوْيه‪َ :‬ج َم ُعوهُ َج ْمعَ َهلْ َكى لتَقَ ُاربِ ِه َما في الْ َم ْعَنى‪َ .‬وأَ ْف َس َدهُ ُه َو َو ْ‬
‫تَ َد َاب ُروا َوقَطَّ ُعو ا ْاأل َْر َح َام‪.1‬‬
‫ب‪-‬التعريف االصطالحي‪ :‬ليس هناك تعريف محدد للفساد (‪ )La corruption‬وانما هناك‬
‫توجهات مختلفة لتعريفه من النواحي اإلقتصادية‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬األخالقية‪ ،‬السياسية واإلدارية‪ .‬فهناك‬
‫من يعرفه علــى أنه"خروج عن القانون و النظام(أي عدم االلتزام بهما)و استغالل غيابهما من أجل‬
‫تحقيق مصالح سياسية و اجتماعية و اقتصادية للفرد أو لجماعة معينة"‪ ،‬بينما يعرفه آخرون على‬
‫أنه ‪":‬هو قيام الموظف العام و بطرق غير سويــة بارتكاب ما يعد إهدا ار لواجبات و وظيفته ‪ ،‬فهو‬
‫سلوك منحرف يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو‬
‫معنوية"‪ ، 2‬كما أن البعض يوسع مفهوم الفساد فيعرفه‪ ":‬هو كل سلوك يجافي المصلحة العامة" و‬
‫عرفه آخرون‪":‬هو االنحراف األخالقي لمسئولين في اإلدارة و الحكومة"‪.3‬‬
‫كما عرف من الناحية اإلقتصادية بأنه المتاجرة غيرالمشروعة بقدرات المجتمع واستغالل‬
‫السلطة أو النفوذ لتحقيق منفعة ذاتية مالية أومعنوية بما يتعارض ومقتضيات المصلحة العامة‪ .‬كما‬
‫ع رف الفساد إجتماعيا على أنه ظاهرة لها صفة العمومية واإلنتشار في الزمان و المكان‪ ،‬وهو يختلف‬
‫‪4‬‬
‫من مجتمع إلى آخر و من فترة زمنية إلى أخرى‪.‬‬
‫أما من الناخية اإلدارية يعرف الفساد على أنه مجموعة من األعمال المخالفة للقوانين‬
‫والهادفة إلى التأثير بسير اإلدارة العامة أو ق ارراتها أو أنشطتها بهدف االستفادة المادية المباشرة أو‬
‫االنتفاع غير المباشر‪ ، 5‬حيث يعد الفساد اإلداري من المعوقات األساسية أما عملية التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية وهدر كبي ار في موارد الدولة والذي يؤدي إلى عدم االستقرار السياسي‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫معجم لسان العرب البن منظور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحليم بن مشري وعمر فرحاتي‪ ،‬الفساد اإلداري مدخل مفاهيمي‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫ا لسياسية‪ ،‬مخبر االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،2018 ،5‬ص‪11‬‬
‫‪3‬‬
‫العربي شحط محمد األمين‪ ،‬السياسة الجنائية لمكافحة الفساد في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2‬الجزائر‪ ،2019،‬ص ص‪23-22‬‬
‫‪4‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬التصدي المؤسساتي والجزائي لظاهرة الفساد في التشريع الجزائري‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬حامعة منتوري قسنطينة‪ ،2014-2013 ،‬ص ص‪.12-11‬‬
‫‪5‬‬
‫عامر خضير الكبيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪6‬‬
‫صالح الدين فهمي محمود‪ ،‬الفساد اإلداري كمعوق لعمليات التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬دار النشر بالمركز العربي‬
‫للدراسات األمنية والتدريب بالرياض‪ ، 1994،‬ص ص‪.41-40‬‬
‫‪7‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وهناك من يربط الفساد بدرحة احتكار القرار وحرية التصرف والمسائلة‪ ،‬على أساس أن هناك‬
‫عالقة طردية بين الفساد و درجة احتكار القرار‪ ،‬وعالقة عكسية بين الفساد والمسائلة‪ ،‬ويمكن التعبير‬
‫عناه بالعالقة التي وضعها العالم(‪ )Robert Klitgaart‬سنة‪:19881‬‬
‫الفساد= درجة احتكار القرار‪ +‬حرية التصرف‪-‬المسائلة‬
‫من خالل التعريفات السابقة يمكن تعريف الفساد بأنه‪ :‬تلك الممارسات المخالفة للقانون‬
‫والتي يقوم بها الموظفون عن طريق استغالل مناصبهم‪ ،‬بهدف تحقيق منافع خاصة لهم‪.‬‬
‫‪ -4‬التعريف التشريعي‪ :‬حاولت العديد من األنظمة التشريعية الدولية واإلقليمية‪ ،‬اإلحاطة‬
‫بتعريف شامل للفساد يتجاوز المعاني اللفظية نتناول بعضا منها فيما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف الفساد في بعض االتفاقيات والمنظمات الدولية‪ :‬نوردها باختصار كما يأتي‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف الفساد في بعض االتفاقيات الدولية‪ :‬نوجزها كما يأتي‪:‬‬
‫‪1.1‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪ :2000‬لم تنص‬
‫هذه االتفاقية على تعريف محدد للفساد وانما تمت اإلشارة إلى تعريفه من خالل تجريم الصور‬
‫والسلوكات المرتكبة بصورة عمدية حيث تنص المادة ‪ 8‬منها تحت عنوان "تجريم الفساد"‪.‬‬
‫‪ – 1‬يتعين على كل دولة طرف ان تعتمد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم‬
‫االفعال التالية جنائيا عندما ترتكب عمدا‪.‬‬
‫أ – وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها‪ ،‬بشكل مباشر او غير‬
‫مباشر‪ ،‬سواء لصالح الموظف نفسه او لصالح شخص آخر او هيئة اخرى‪ ،‬لكي يقوم ذلك الموظف‬
‫بفعل ما او يمتنع عن القيام بفعل ما ضمن نطاق ممارسته مهامه الرسمية‪.‬‬
‫ب – التماس موظف عمومي او قبوله بشكل مباشر او غير مباشر مزية غير مستحقة‪ ،‬سواء لصالح‬
‫الموظف نفسه أ و لصالح شخص آخر او هيئة اخرى‪ ،‬لكي يقوم ذلك الموظف بفعل او يمتنع عن‬
‫قيام بفعل ما ضمن نطاق ممارسته مهامه الرسمية‪.‬‬
‫‪ – 2‬يتعين على كل دولة طرف ان تنظر في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى‬
‫لتجريم السلوك المشار إ ليه في الفقرة واحد من هذه المادة الذي يبلغ فيه موظف عمومي أجنبي أو‬
‫موظف مدني دولي أو بالمثل‪.‬‬
‫يتعين على كل دولة طرف أن تنظر لتجريم أشكال الفساد األخرى جنائيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سارة بوسعيود وشراف عقون‪ ،‬واقع الفساد في الجزائر وآليات مكافحته‪ ،‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،‬جامعة العربي‬
‫بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد األول‪ ،2018،‬ص‪.306‬‬
‫‪8‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ – 3‬يتعين على كل دولة طرف ان تعتمد ايضا ما قد يلزم للمشاركة كطرف متواطىء في جرم مقرر‬
‫بمقتضى هذه المادة‪.1 "...‬‬
‫‪ 2.1‬اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ :2003‬لم تتعرض هذه االتفاقية الى‬
‫تعريف مصطلح " الفساد" في المادة ‪ 2‬بعنوان المصطلحات المستخدمة وهذا على خالف تعرضها‬
‫الى إحاطة العديد من التعابير في المادة السالفة الذكر بالتوضيح مثل‪:‬الموظف العمومي والذي‬
‫أدرجت فيه تعريفا شامال وموسعا له ‪،‬موظف عمومي أجنبي الممتلكات‪،‬العائدات االجرامية‪،2...‬‬
‫حيث اختارت أال تعرف الفساد تعريفا فلسفيا أو وصفيا ‪ ،‬بل انصرفت إلى تعريفه من خالل الحاالت‬
‫التي يترجم فيها الفساد إلى ممارسات فعلية على أرض الواقع و من ثمة تجريمها واكتفت االتفاقية‬
‫االممية بالتعرض لتجريم افعال بذاتها بموجب الفصل الثالث بعنوان التجريم و انفاذ القانونمثل‪:‬‬
‫‪ -‬الرشوة ضمن القطاعين العام والخاص‪.‬‬
‫‪ -‬االختالس‪.‬‬
‫‪ -‬غسل العائدات االجرامية‪.‬‬
‫‪ -‬المتاجرة بالنقود واساءة استغالل الوظيفة‪.‬‬
‫‪ -‬الثراء غير المشروع‪...‬إلخ‪.3‬‬
‫‪ 3.1‬إتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد و مكافحته لسنة ‪ :2003‬على خالف إتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬المشار إليها اعاله‪ ،‬و التي إكتفت بالتنصيص على‬
‫التجريم و العقاب لبعض صور وأفعال الفساد‪ ،‬عمدت اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لمنع الفساد و مكافحته‬
‫إلى تعريف "الفساد" باألعمال أو الممارسات بما فيها الجرائم ذات الصلة التي تجرمها هذه‬
‫اإلتفاقية‪4.‬واكتفت هي اإلخرى بوصف أفعال الفساد المجرمة وفقا لإلتفاقية مثل‪ :‬تبييض عائدات‬
‫الفساد والكسب غير المشروع‪...‬إلخ‪،‬على أن تعتمد كل دولة وفقا لنظامها الداخلي ما قد يلزم من‬
‫تدابير تشريعية و أخرى لتجريم هذه األفعال عندما ترتكب قصدا وعمدا‪ ،‬كما نصت االتفاقية على‬
‫‪5‬‬
‫إنشاء آلية للمتابعة تتمثل في انشاء مجلس استشاري حول الفساد داخل االتحاد االفريقي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 8‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 2‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ ،25-15‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.20-18‬‬
‫‪4‬‬
‫تنص المادة األولى من اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته لسنة‪ 2003‬على مايلي‪ ":‬تعني كلمة "الفساد"‪،‬‬
‫األعمال أو الممارسات بما فيها الجرائم ذات الصلة التي تجرمها هذه االتفاقية"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 22‬من المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪9‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-2‬تعريف الفساد في بعض المنظمات الدولية‪ :‬نوجزها كما يأتي‪:‬‬


‫‪1.2‬منظمة شفافية دولية(‪ :1)Transparency International‬حاولت منظمة الشفافية‬
‫الدولية وضع تعريف للفساد بأنه إساءة استعمال السلطة التي ِاؤتمن عليها الشخص لتحقيق مصالح‬
‫شخصية أو هو سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية ‪ ،‬سواء‬
‫كانت مادية أو غير مادية كتعزيز السلطة السياسية‪.‬‬

‫‪2.2‬صندوق النقد الدولي‪ :‬على غرار المنظمات الدولية األخرى‪ ،‬يعرف صندوق النقد الدولي‬
‫الفساد العام بأنه ‪ ":‬إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص "‪ ،2‬بمعنى االستغالل السيء‬
‫للوظيفة العامة من أجل تحقيق المصلحة الخاصة‪.‬‬

‫ب‪ -‬تعريف الفساد وفق المشرع الجزائري‪ :‬لم يعرف المشرع الجزائري الفساد تعريف فلسفيا‬
‫أو وصفيا متأث ار بذلك بإتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ ، 2003‬وانصرف في تعريف‬
‫الفساد إلى الحاالت التي يترجم فيها إلى ممارسات فعلية إلى أرض الواقع ومن ثم يقوم بتجريمها‬
‫فبعد أن حدد لنا في نص المادة ‪ 01‬من القانون ‪ 01-06‬الهدف منه والمتمثل في دعم التدابير‬
‫الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته وتعزيز النزاهة والمسؤولية والشفافية لتسيير القطاعين العام‬
‫والخاص وتسهيل ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬بما‬
‫في ذلك استرداد الموجودات‪ ،3‬أين نصت المادة ‪ 02‬من القانون نفسه ‪ ":‬يقصد في مفهوم هذا القانون‬
‫أ‪ " -‬الفساد" كل الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من هذا القانون‪."...‬‬

‫وبالرجوع إلى الباب الرابع نجد أنه معنون بالتجريم والعقوبات وأساليب التحري حيث يحتوي‬
‫على اثنان وعشرون جريمة مثل‪:‬‬
‫‪ ‬رشوة الموظفين العموميين‪.‬‬
‫‪ ‬اإلمتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬اختالس الممتلكات من قبل الموظف العمومي‪.‬‬

‫اختصار )‪ (TI‬هي منظمة دولية غير حكومية‬


‫ً‬ ‫الشفافية الدولية باإلنجليزية (‪ُ )Transparency International‬يرمز لها‬ ‫‪1‬‬

‫معنية بكافة أنواع الفساد وتشتهر عالمياً بتقريرها السنوي مؤشر الفساد‪ ،‬وهو قائمة مقارنة للدول من حيث انتشار الفساد حول‬
‫العالم‪،‬عبر مؤشر من ‪ 0‬الى ‪ 100‬يقع مقر المنظمة الرئيسي بمدينة برلين‪ ،‬ألمانيا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫الدولي‬ ‫النقد‬ ‫صندوق‬ ‫موقع‬ ‫راجع‬ ‫تفاصيل‪،‬‬ ‫ألكثر‬
‫‪https://www.imf.org/ar/News/Articles/2017/09/18/sp091817-addressing-corruption-with-‬‬
‫‪ clarity‬بتاريخ‪ 2021/12/22:‬على الساعة‪.11:32:‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة األولى من القانون ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ ‬استغالل النفوذ‪.‬‬
‫‪ ‬إساءة استغالل الوظيفة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلثراء غير المشروع‪.‬‬
‫‪ ‬تلقي الهدايا‪.‬‬
‫‪ ‬التمويل الخفي لألحزاب السياسية‪...‬إلخ‪.1‬‬
‫خالصة‪ :‬يتضح لنا أن المشرع الجزائري لم يقدم تعريفا قانونيا للفساد كجريمة معاقب عليها‪،‬‬
‫ٕوانما عرض تصنيفا لألفعال التي توصف بجرائم الفساد وفقا للمواثيق الدولية واالتفاقيات‪ ،‬ذلك‬
‫أن تعريف الجرائم ليس أصال من اختصاص المشرع‪ .‬وحسنا فعل المشرع عندما لم يقحم نفسه في‬
‫التعريفات الفقهية للفساد ‪ ،‬والتي أثارت جدال كبي ار‪ .‬غير أن ما يعاب على المشرع أنه أشار إلى‬
‫بعض مظاهر وصور الفساد فقط ‪ ،‬دون باقي الصور التي تخرج عن مجال التجريم‪ ،‬و تبقى مباحة‬
‫رغم خطورتها ‪ ،‬مثل الواسطة ‪ ،‬و المحسوبية ‪ ،‬و المكافأة‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أشكال الفساد‪ :‬ال شك أن هناك أشكاال عديدة لظاهرة الفساد غير أنه يمكن تقسيمها إلى‬
‫شكلين رئيسيين هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفساد األكبر‪ )GRAND CORRUPTION( :‬وهو الفساد األكثر خطورة وتأثي ار في‬
‫المجتمع‪ ،‬والذي يرتكبه رؤساء ال ــدول و الحكومات و الوزراء و من في حكمهم ‪ ،‬وذلك باستغالل‬
‫األموال العامو للصالح الخاص وتلقى الرشاوى وغيرها‪ ،‬وان السياسيين هم أكثر فساد من كبار‬
‫الموظفيـن و موظفو الدواوين األعلى مركز وظيفي أكثر فسادا من اآلخرين كما أن رئيس الدولة أو‬
‫القائ ـ ــد األعلى يفوق الجميع فسادا ‪ ،‬و هذا النمط من الفساد ال يكون متعارضا بالضرورة مع االستقرار‬
‫‪3‬‬
‫السياسـي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفساد األصغر(العادي)‪ )CORRUPTION PAYMENTS( :‬و هو الفساد المتعاالف‬
‫عليه بين أغلب الموظفين الفاسدين في القطاعـات المختلفة للدولة‪ ،‬ويتمثل في تلقى الرشاوى مقابل‬
‫تقديم بعض الخدمات القانونية وغير القانونية في حاالت معينة‪ 4‬و أساسه الحاجة االقتصادية ‪ ،‬كما‬
‫يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغــالل الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة و ذلك بسرقة و‬
‫اختالس أموال الدولة مباشرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ 25‬إلى‪ 47‬من القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬ص ص‪.11-8‬‬
‫‪2‬‬
‫العربي شحط محمد األمين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪3‬‬
‫عزيز ريسان‪ ،‬الفساد وآثاره النفسية ةاالجتماعية ‪ ،‬دراسة في أسبابه‪ ،‬أشكاله‪ ،‬نتائجه في المجتمع الشرقي‪ ،‬دار دجلة‪،‬‬
‫األردن‪ ،2018،‬ص‪.24‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪11‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب الفساد وآثاره‬


‫تختلف آثار وأسباب انتشار ظاهرة الفساد من مجتمع آلخر حسب تركيب ونظام كل دولة‬
‫وتتمثل أساسا في األسباب الفردية والسياسية واالقتصادية واإلدارية تاركة وراءها آثار مدمرة على‬
‫مستوى األفراد والمجتمعات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب الفساد‪ :‬تتعدد أسباب الفساد وعموما نوجزها فيما يأتي‬
‫‪ -1‬األسباب الفردية‪ :‬تستند األسباب الفردية إلى تركيبة نفسية االنسان وتكوينه العقلي‬
‫واألخالقي‪ ،‬وهي أسباب تعني وجود خلل في شخصية الممارس لهذا السلوك المنحرف نتيجة وجود‬
‫قصور في صفاته األخالقية ووعيه ووقدراته العقلية‪ .1‬كما يرحع األسباب الفردية إلى ما يعرف‬
‫بالمدرسة القيمية التي تنسب الفساد الى عوامل أخالقية ودينية تجعل من الفرد حالة سلبية تتعارض‬
‫دائما مع مقتضيات المصلحة العامة‪.2‬‬
‫فاسدا كان السعي‬ ‫حيث يعتبر فساد الفرد عقائديا وأخالقيا أساس كل فساد‪ ،‬فإذا كان المعتقد ً‬
‫صالحا صلح السعي‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وِا َذا ِقي َل لَهُ ْم َال تُ ْف ِس ُدوا ِفي‬ ‫ً‬ ‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫فاسدا‪ ،‬واذا كان المعتقد‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض قَالُوا إِنَّما َن ْحن م ِ‬
‫ون ﴾ ‪ .3‬فالنفس الخاوية من‬ ‫ون أ ََال إَِّنهُ ْم ُه ُم الْ ُم ْفس ُد َ‬
‫ون َولَك ْن َال َي ْش ُع ُر َ‬ ‫صل ُح َ‬
‫ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْاأل َْر ِ‬
‫اإليمان‪ ،‬التي ال تخشى اهلل وال رسوله‪ ،‬ال تبالى بارتكاب المحرمات‪ ،‬وال تخشى العقاب الرباني على‬
‫الفساد في األرض‪ ،‬وال تشعر بالضيق أو بالهم الذي يشعر به المؤمن في حال اقترافه الفساد‪ ،‬بل‬
‫يزين له الشيطان سوء عمله‪ ،‬فضال عن اتباع الهوى وانتشار األخالق الفاسدة‪ ،‬مثل الكذب‪ ،‬والنفاق‪،‬‬
‫والرياء‪ ،‬والغلظة‪ ،‬وسوء الظن‪ ،‬وعدم الوفاء بالعهود‪ ،‬والعقود‪ ،‬وخيانة األمانة والرشوة والمحسوبية‬
‫واالحتيال ‪...‬إلخ‪.4‬‬
‫‪ -2‬األسباب السياسية‪ :‬يعرف الفساد السياسي على أنه إساءة استغالل المنصب العام من‬
‫طرف الشخص الذي يشغل ذلك المنصب سعيا منه لخدمة أهداف ومنافع خاصة‪ ،‬والتي تتعارض‬
‫مع األهداف المشتركة والمصلحة العامة مخالفة بذلك للقواعد القانونية والمعايير واألخالق السائدة‬
‫في المجتمع‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫عزيز ريسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪2‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪3‬‬
‫سورة البقرة‪ :‬اآلية‪12-11‬‬
‫‪4‬‬
‫الموقع‪:‬‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫مقال‬ ‫ومظاهره‪،‬‬ ‫أسبابه‬ ‫المجتمع‪:‬‬ ‫في‬ ‫الفساد‬ ‫مقدادي‪،‬‬ ‫عمر‬
‫‪https://www.ammonnews.net/article/335686‬بتاريخ‪ 2022/12/24:‬الساعة‪.09:28:‬‬
‫‪5‬‬
‫محمد حليم ليمام‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر األسباب اآلثار واإلصالح‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2011،‬ص ص‪.78-77‬‬
‫‪12‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫عدة‬
‫حيث تعد ظاهرة الفساد السياسي من أخطر أنواع الفساد ‪ ،‬إذ يترتب على الفساد السياسي ّ‬
‫آثار وانعكاسات سلبية تمس مختلف جوانب الحياة ‪ ،‬كما ّأنه ال يمكن لدولة ما ينتشر فيها الفساد‬
‫مؤسساتها أن تحقّق تنمية شاملة أو يشيع فيها العدل ‪ ،‬أو تمنح فرص متساوية‬
‫السياسي في مختلف ّ‬
‫لجميع المواطنين‪.1‬‬
‫كما أوضح الشيخ محمد الغزالي رحمه اهلل بأن االستبداد السياسي يبيد كل أسباب االرتقاء‬
‫والتقدم وأن من أسباب فساد الحكم في العالم اإلسالمي يعود الى خلل في التفكير الفقهي‪ ،‬وعدم‬
‫معالجة الخلل المتوارث في عالقات الحكومات بالشعوب‪ ،‬ومن المستحيل أن تصلح األوضاع‬
‫السياسية للمسلمين‪ ،‬إذا كان الدين في وعيهم يهتم بفقه الحيض والنفاس‪ ،‬وال يكترث لفقه المال‬
‫والحكم‪ .‬وعليه فإن تغيير األوضاع في العالم االسالمي ال يتم أبدا قبل ان تسبقه تغييرات فكرية و‬
‫‪2‬‬
‫نفسية عميقة‪.‬‬
‫من جانب تتعدد عوامل ظهور الفساد السياسي منها ما هو مرتبط بعوامل طبيعية خاصة بكل‬
‫مجتمع نتيجة الحاجة الى قدر من الفساد لتعويض النقص الكامن في البنية السياسية واالحتماعية‪،‬‬
‫ومنها ما يبرره طبيعة المرحلة التي يمر بها النظام السياسي‪،‬كما أن هناك من يرحع هذه العوامل الى‬
‫طبيعة العالقات الدولية السائدة‪.3‬‬
‫ومنه يمكن القول أن عدم اإللتزام بمبدأ الفصل بين السلطات وضعف أو غياب أجهزة وآليات‬
‫الرقابة وغموض وعدم شفافية التشريعات وغياب الشفافية والنزاهة والمسائلة وهشاشة األنظمة العقابية‪،‬‬
‫إضافة إلى غياب اإلرادة السياسية الواضحة لمحاربة الفساد بكافة أشكاله ‪ ،‬سيكون البيئة المفضلة‬
‫لنظام سياسي فاسد يقوض مؤسسات الدولة الديمقراطية و القيم األخالقية و العدالة‪ ،‬ويعرض التنمية‬
‫‪4‬‬
‫المستدامة و سيادة القانون للخطر‪.‬‬
‫‪ -3‬األسباب اإلدارية‪ :‬يمكن ارجاع االسباب االدارية في تفسير انتشار ظاهرة الفساد الى سوء‬
‫التنظيم اإلداري وبيروقراطية القيادة اإلدارية والمتمثلة في تعدد القادة اإلداريين وتعدد اختصاصاتهم‬

‫متفحصة في األسباب والتداعيات‪ ،‬المجلة الجزائرية لألمن‬


‫ّ‬ ‫‪ 1‬رضا كشان‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في المجتمعات‪ :‬قراءة‬
‫والتنمية‪ ،‬حامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،9‬العدد‪ ،2020 ،16‬ص‪.357‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الغزالي‪ ،‬الفساد السياسي في المجتمعات العربية واإلسالمية‪-‬أزمة الشورى‪ ،‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪ ،2005،‬ص ص‪.4-3‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد حليم ليمام‪ ،‬المرجع السابقن ص‪.85‬‬
‫‪4‬‬
‫ضاوية بوزريدة ورياض بوريش‪ ،‬معضلة الفساد‪-‬د ارسة في األسباب التاعيات األمنية والسياسيةواستراتيجية المكافحةمن‬
‫خالل تجربة تونس بعد أحداث‪ ، 2011‬المجلة الجزائرية لألمن اإلنساني‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪،6‬‬
‫العدد‪ ،2021 ،1‬ص‪.50‬‬
‫‪13‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وتضخم الجهاز اإلداري ونقص المهارات والسلوكات اإلدارية‪ .‬كما أن نظرية الحاجة التي تبقى سببا‬
‫جزئيا بالنظر الى االسباب االصيلة والمعقدة و من اهمها البيروقراطية االدارية التي تتغول في ظل‬
‫غياب دولة المؤسسات و ضعف جهاز العدالة و عدم الشفافية و إنحصار الم ارفق و الخدمات و‬
‫المؤسسات العامة التي تخدم المواطنين‪ ،‬والتي تشجع المواطنين الحصول عليها بسلوكات و طرق‬
‫غير مستقيمة كالرشوة والمحسوبية‪...‬إلخ‪.1‬‬
‫من جانب آخر يتصف القانون اإلداري بأنه قانون غير مقنن مما ينتج عنه غموض في تطبيق‬
‫القوانين والتعليمات‪ ،‬والتي قد تدفع الموظف العمومي الى تفسير القوانين بشكل مخالف عما يهدف‬
‫اليه المشرع بشكل غير مقصود أو متعمد لالستفادة من هذه الغموض وتحقيق المصلحة الخاصة‬
‫للموظف على خساب المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -4‬األسباب االقتصادية‪ :‬يعتبر غياب الفعالية اإلقتصادية في الدولة من األسباب المباشرة‬
‫للفساد‪ ،‬ذلك أن أغلب العمليات اإلقتصادية في نظام إقتصادي فاسد‪ ،‬هي عبارة عن صفقات تجارية‬
‫مخالفة للقوانين تؤدي في النهاية إلى عجز الدولة عن اشباع الحاجات األساسية للمواطنين بما يغذي‬
‫‪2‬‬
‫الشعور بعدم الرضى لدى أغلبية المواطنين ‪.‬‬
‫كما أن الضغوط اإلقتصادية الواقعة على األفراد نتيجة للتفاوت واإلختالف بين التطلعات‬
‫والفرص المتاحة لتحقيقها من ناحية والتفاوت اإلجتماعي بين األهداف والوسائل المنظمة لتحقيقها‬
‫من ناحية أخرى‪ .‬فضال عن ذلك فإن تدني رواتب العاملين في القطاعين العام أو الخاص‪ ،‬وارتفاع‬
‫مستوى المعيشة من شأنه أن يخلق بيئة مالئمة تدفع ببعض العاملين إلى البحث عن مصادر مالية‬
‫أخرى للثراء و تحقيق المنافع المادية كتعاطي الرشوة و استغالل النفوذ واساءة استغالل الوظيفة إلى‬
‫غير ذلك من السلوكات الفاسدة المجرمة جزائيا‪.3‬‬
‫‪ -1‬األسباب االجتماعية واألخالقية‪ :‬تلعب منظومة القيم والثقافة السائدة في بعض المجتمعات‬
‫دو ار مؤث ار باعتبارها من المسببات الهامة للفساد مثل‪ :‬انتشار عقلية العشيرة وتقوية الروابط والعالقات‬
‫بين أفراد الطائفة الواحدة‪ ،‬والتي ينتج عنها إعطاء دون وجه حق الوظائف الحكومية ألبناء وأقارب‬

‫‪1‬‬
‫صالح الدين فهمي محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪3‬‬
‫عائشة شيخي وعياشي بوزيان‪ ،‬الفساد االقتصادي وآليات مكافحته في التشريع الجزائري‪ ،‬مجلة البحوث القانونية والسياسية‪،‬‬
‫جامعة موالي الطاهر‪ ،‬سعيدة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،5‬ديسمبر‪ ،2015‬ص‪.235‬‬
‫‪14‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المسؤولين في الدولة ‪ ،‬بينما تكون الثقافة والفهم السائد في مجتمعات أخرى اداة لضبط الفساد و‬
‫التقليل من حدته‪. 1‬‬
‫وعليه يعتبر فساد منظومة القيم االجتماعية واألخالقية ونقص الوازع الديني عامال حاسما في‬
‫زيادة ظاهرة الفساد في المجتمع وتعدد أنماطها وصورها‪.‬‬
‫ووفقًا لدراسة استقصائية أجريت عام ‪ُ ،2017‬نسبت العوامل التالية كأسباب للفساد‪:2‬‬
‫‪ ‬جشع المال والرغبات‪.‬‬
‫‪ ‬مستويات أعلى من السوق واالحتكار السياسي‪.‬‬
‫‪ ‬تدني مستويات الديمقراطية وضعف المشاركة المدنية وضعف الشفافية‬
‫السياسية‪.‬‬
‫‪ ‬مستويات أعلى من البيروقراطية وهياكل إدارية غير فعالة‪.‬‬
‫‪ ‬حرية الصحافة منخفضة‪.‬‬
‫‪ ‬حرية اقتصادية منخفضة‪.‬‬
‫‪ ‬انقسامات عرقية كبيرة ومستويات عالية من المحسوبية داخل المجموعة الواحدة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم المساواة بين الجنسين‪.‬‬
‫‪ ‬الفقر‪.‬‬
‫‪ ‬عدم االستقرار السياسي‪.‬‬
‫‪ ‬حقوق ملكية ضعيفة‪.‬‬
‫‪ ‬عدوى من دول مجاورة فاسدة‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض مستويات التعليم‪.‬‬
‫‪ ‬عدم االلتزام تجاه المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬تدهور االوضاع االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫فسادا‪ ،‬فإن المجموعة األولى‬
‫فسادا مع الدول األقل ً‬
‫وقد لوحظ أنه عند مقارنة الدول األكثر ً‬
‫تحتوي على دول ذات تفاوتات اجتماعية واقتصادية هائلة‪ ،‬واألخيرة تحتوي على دول تتمتع بدرجة‬
‫عالية من العدالة االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبلة سقني ومحمد األمين هيشور‪ ،‬ظاهرة الفساد في المجتمع الجزائري‪ :‬دراسة في األسباب وآليات المكافحة‪ ،‬المحلة‬
‫الجزائرية للسياسات العامة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬المجلد‪ ،07‬العدد‪ ،2018 ،01‬ص‪.15‬‬
‫‪2‬‬
‫موقع‪:‬‬ ‫راجع‬ ‫تفاصيل‪،‬‬ ‫ألكثر‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF#cite_note-2‬‬
‫بتاريخ‪ 2021/12/27:‬على الساعة‪08:51:‬‬
‫‪15‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ثانيا‪ :‬آثار الفساد‪ :‬للفساد نتائج مكلفة سواء على المستوى االجتماعي أو االقتصادي أو‬
‫اإلداري أو السياسي ويمكن إجمال هذه النتائج على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أثر الفساد على النواحي االجتماعية‪ :‬تؤدي ظاهرة الفساد إلى خلخلة القيم األخالقية‬
‫وفساد أخالق الفرد والمجتمع وشيوع المنكرات وتحلل روابط األرحام واإلحباط وانتشار الالمباالة‬
‫والسلبية بين أفراد المجتمع‪ ،‬وبروز التعصب والتطرف في اآلراء وظهور الجريمة وانتشارها بكافة‬
‫أنواعها كرد فع ــل النهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص‪.1‬‬
‫كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في‬
‫معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي وتراجع االهتمام بالحق العام والشعور بالظلم من غالبية‬
‫المجتمع وزيادة الفقر والحرمان وبلوغ مستويات خطيرة للفئات المهشمة من الشعب‪.‬‬
‫‪ -2‬أثر الفساد على التنمية االقتصادية‪ :‬يؤدي الفساد إلى تأثير كبير على الحياة االقتصادية‬
‫حيث تعتبر النظرية االقتصادية المفسرة النتشار ظاهرة الفساد أن السبب الرئيس للفساد االقتصادي‬
‫هو البحث عن الريع غير المشروع‪ ،‬وذلك لتحقيق منفعة خاصة منها استغالل المنصب‪ ، 2‬وعموما‬
‫يمكن تلخيص هذا األثر كما يأتي‪:3‬‬
‫‪ -‬الفشل في جذب االستثمارات الخارجية‪ ،‬وهروب رؤوس األموال المحلية‪ ،‬فالفساد‬
‫يتعارض مع وجود بيئـة تنافسية حرة والتي تشكل إحدى الشروط األساسية لجلب االستثمارات التي‬
‫تحتاجها الدولة سواء الدولية أو المحلية على حد سواء مما يؤدي إلى ضعف عام في توفير فرص‬
‫العمل وانتشار البطالة والفقر‪.‬‬
‫‪ -‬هدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية بالمشاريع التنموية العامة والكلفة‬
‫المادية الكبيرة للفساد عـلى الخزينة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬الفشل في الحصول على المساعدات األجنبية كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسي‪.‬‬
‫‪ -‬هجرة الكفاءات االقتصادية نتيجة عدم التقدير وانتشار المحسوبية والمحاباة في‬
‫التوظيف‪.‬‬
‫‪ -3‬أثر الفساد على النواحي اإلدارية‪ :‬ويتعلق بمجمل االنحرافات اإلدارية والوظيفية‬
‫والتنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام المتمثلة في عدم احترام أوقات العمل‬

‫‪1‬‬
‫يوسف بلمهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫عائشة شيخي وعياشي بوزيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.234-233‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد بن عزوز‪ ،‬الفساد اإلداري واالقتصادي‪ ،‬آثاره وآليات مكافحته ‪ -‬حالة الجزائر‪ ،‬المجلة الجزائرية للعولمة و السياسات‬
‫االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،2016 ،07‬ص ص‪.205-204‬‬
‫‪16‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وتمضية الوقت في قراءة الصحــف واستقبال الزوار والتراخي والتكاسل واالمتناع عن أداء العمل وعدم‬
‫تحمل المسؤولية وافشاء أسرار الوظيفة‪ .‬فالفساد اإلداري عبارة عن مجموعة من األعمال المخالفة‬
‫للقوانين والهادفة إلى التأثير بسير اإلدارة العامة أو ق ارراتها أو أنشطتها بهدف االستفادة المادية‬
‫المباشرة أو االنتفاع غير المباشر‪.1‬‬
‫كبير بما يسمى فساد القمة والذي يمثل أعلى مستويات الفساد في‬
‫والفساد اإلداري قد يكون ًا‬
‫أي دولة‪،‬إذ ينصرف إلى فساد الرؤساء والحكام وكبار المسؤولين في الدولة‪ ،‬كما قد يكون الفساد‬
‫صغير وهو الفساد الذي يقوم به الموظفون الصغار والذي يرتبط عادة بالمعامالت الروتينية‬
‫ًا‬ ‫اإلداري‬
‫اليومية كتقاضي الرشاوى والوساطة‪...‬إلخ‪.2‬‬
‫ولكي يتم التصدي للفساد اإلداري ال بد من استراتيجية بديلة إلصالح اإلدارة لدعم التنمية‬
‫وتقليص مظاهر الفساد عن طريق التصدي للفساد بصورة استباقية عبر معالجة أسباب وعوامل فساد‬
‫أجهزة اإلدارة في الجزائر‪ ،‬وذلك من أجل الوصول إلى ترشيد سلوك قيادتها وبناء عامل ثقة المواطنين‬
‫فيها‪ ،‬والذي يقوم على أساس توفير قيادات إدارية محلية كفؤة تتناسب والوظائف القيادية في اإلدارة‪.3‬‬
‫‪ -4‬أثر الفساد على النظام السياسي‪ :‬يحمل انتشار الفساد السياسي في كافة المستويات‬
‫والقطاعات‪ ،‬تهديدا لالستقرار واألمن و فشل للسياسات التنموية واهدار للحقوق و انتشار للظلم‪ ،‬وقد‬
‫عرف الفساد تنوعا في أشكاله وأنماطه‪ ،‬فكثي ار ما كان سببا في سقوط الحضارات و محركا للعديد‬
‫من الثورات‪ ،‬خاصة الثورات العربية مؤخ ار أو ما يسمى" بالربيع العربي"‪ ،‬و التي كشفت النقاب عن‬
‫الكثير من قضايا الفساد السياسي ‪.4‬‬
‫وللفساد آثار سلبية على النظام السياسي سواء من حيث شرعيته أو استق ارره أو سمعته‪ ،‬أو من‬
‫جانب غياب التنظيم السياسي وهدر الموارد االقتصادية واضعاف الفعالية الحكومية بما يؤدي إلى‬
‫ضعف الدولة وتخلفها‪ ،5‬ويمكن تلخيص أثار الفساد على األنظمة السياسية فيما يأتي‪:6‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح الدين فهمي محمود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.38-36‬‬
‫‪ 2‬غانية ايططاحين‪ ،‬الفساد اإلداري " الجزائر نموذجا " ‪ ،‬مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية‪ ،‬مركز الحكمة للبحوث والدراسات‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،4‬العدد‪ ،2016 ،07‬ص‪.255‬‬
‫‪3‬‬
‫طاشمة بومدين‪ ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية التواصل‪،‬‬
‫جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،26‬جوان‪ ،2010‬ص ص‪.42-41‬‬
‫‪4‬‬
‫حورية بنعودة ‪ ،‬الفساد السياسي أسبابه و أثاره ‪ ،‬مجلة البحوث القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة موالي طاهر بسعيدة –‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،2014 ،02‬ص‪.2014‬‬
‫‪5‬‬
‫محمد حليم ليمام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.114-113‬‬
‫‪6‬حورية بنعودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪17‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬يؤثر على مدى تمتع النظام بالديمقراطية وقدرته على احترام الحقوق األساسية‬
‫للمواطنين وفي مقدمته الحق في المساواة وتكافؤ الفرص وحرية الوصول إلى المعلومات وحرية‬
‫اإلعالم‪ ،‬كما يحد من شفافية النظام وانفتاحــه‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ ق اررات مصيرية طبقا لمصالح شخصية دون مراعاة المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬يقود إلى صراعات كبيرة إذا ما تعارضت المصالح بين مجموعات مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي إلى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الوالءات السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي إلى ضعف مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وهو ما يحول دون‬
‫وجود حياة ديمقراطيــة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجهود الدولية واإلقليمية لمكافحة ظاهرة الفساد‬
‫لقد تناولت العديد من اإلتفاقيات والمؤتمرات ظاهرة الفساد هذا بمناسبة تطرقها لظاهرة الجريمة‬
‫المنظمة وكان ذلك منذ سنة ‪ 1988‬حيث عقدت بفرنسا ندوة حول الجريمة المنظمة سنة ‪1990‬‬
‫وكذلك المؤتمر الثالث لمنع للجريمة ومعاقبة المجرم المنعقد في هافانا سنة ‪ 1994‬كما تطرقت‬
‫مجموعة مكافحة المخدرات باإلتحاد األوروبي إلى ظاهرة الفساد وهذا بمناسبة وضعها لتعريف خاص‬
‫بالجريمة المنظمة‪ ،‬اين نتج في األخير عن هذه المؤتمرات ظهور اتفاقيات دولية واقليمية اعترف‬
‫فيها المجتمع الدولي بإنتشار هذه الظاهرة العابرة للحدود‪ ،‬مما حتم عليها ضرورة تظافر جهودها‬
‫لمكافحتها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬جهود المنظمات الدولية‪:‬‬
‫‪ -1‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة‪ :2000‬حيث بذلت‬
‫الدول األعضاء جهودا مكثفة لصياغة نصوص هذه االتفاقية والتي رسمت االطار القانوني لتكريس‬
‫تعاون أمني وقضائي بين مختلف الدول المعنية من أجل الوقاية من الجريمة المنظمة ومكافحتها‪،‬‬
‫ومنها مكافحة جرائم الفساد مثل‪ :‬رشوة الموظفين العموميين بموجب المادة ‪ 18‬واتخاذ كل ما يلزم من‬

‫‪1‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 8‬من اتفاقية األمم المتخدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تحت عنوان‪" :‬تجريم الفساد" على‪":‬‬
‫تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم األفعال التالية‪-‬‬
‫جنائيا عندما ترتكب عمدا‪:‬‬
‫)أ (وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه اياها‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬سواء لصالح‬
‫الموظف نفسه أو لصالح شخص آخر أو هيئة أخرى‪ ،‬لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما ضمن‬
‫نطاق ممارسته مهامه الرسمية؛‬
‫)ب (التماس موظف عمومي أو قبوله‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬مزية غير مستحقة‪ ،‬سواء في فعل مجرم بمقتضى هذه‬
‫المادة‪"...‬‬
‫‪18‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫تدابير تشريعية أو إدارية أو تدابير فعالة أخرى لتعزيز نزاهة الموظفين العموميين ومنع فسادهم‬
‫وكشفه والمعاقبة عليه بموجب المادة‪ 9‬من االتفاقية نفسها‪ .1‬كما وسعت االتفاقية من مجال التعاون‬
‫الدولي لمواجهة تحديات الجريمة المنظمة والتي تنطبق بصفة آلية على مكافحةجرائم الفساد‪،‬‬
‫السيما فيما يخص نظام تسليم المجرمين ونقل المحكوم عليهم والمساعدة القانونية المتبادلة والتحقيقات‬
‫المشتركة وأساليب التحري الخاصة‪.2‬‬
‫‪ -2‬إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪:2003‬‬
‫لقد تم التفاوض على عدة اتفاقيات قبل صدور هذه اإلتفاقية من قبل ممثلين ألكثر من مئة‬
‫(‪ ) 100‬دولة‪ ،‬وقد قام مكتب األمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة بدور فعال لتسهيل‬
‫المفاوضات بين الدول حول ضرورة إبرام اتفاقية شاملة بهذا الشأن وفي شهر أكتوبر في سنة ‪2003‬‬
‫تم تقديم مشروع نص اإلتفاقية والذي أقٌرته الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪.32003-10-31‬‬
‫كما دخلت هذه اإلتفاقية حيز التنفيذ في ‪ 2005-12-19‬حيث مثلت انطالقة جادة وفعالة‬
‫قانونيا لمكافحة‬
‫ً‬ ‫من قبل دول العالم لمكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬اذ تعتبر الصك العالمي الوحيد الملزم‬
‫الفساد‪ .‬أين يمثل نهج االتفاقية بعيد المدى والطابع اإللزامي للعديد من أحكامها أداة فريدة لوضع‬
‫استجابة شاملة لمشكلة عالمية‪ ،‬كما تمثل أحكام هذه االتفاقية تطو ار نوعيا سواء على صعيد وسائل‬
‫وأدوات مكافحة ظاهرة الفساد واقعيا‪ ،‬أو من خالل استحداث بعض المفاهيم واآلليات القانونية التي‬
‫تفرضها ظاهرة الفساد باعتبارها تتجاوز حدود الدول‪.4‬‬
‫وتغطي االتفاقية الخمسة المجاالت الرئيسية التالية‪ :‬التدابير الوقائية‪ ،‬والتجريم وانفاذ القانون‪،‬‬
‫والتعاون الدولي‪ ،‬واسترداد الموجودات‪ ،‬والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات‪ .‬كما تغطي أيضا العديد‬

‫‪1‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 9‬من اتفاقية األمم المتخدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تحت عنوان‪" :‬تدابير مكافحة الفساد"‬
‫على‪ ":‬باإلضافة إلى التدابير المبينة في المادة ‪ 8‬من هذه االتفاقية‪ ،‬تعتمد كل دولة طرف‪ ،‬بالقدر الذي يناسب نظامها‬
‫القانوني ويتسق معه‪ ،‬تدابير تشريعية أو إدارية أو تدابير فعالة أخرى لتعزيز نزاهة الموظفين العموميين ومنع فسادهم وكشفه‬
‫والمعاقبة عليه‪ ،‬بما في ذلك منح تلك السلطات استقاللية كافية لردع ممارسة التأثير غير السليم على تصرفاتها"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد‪ 20-16:‬من اتفاقية األمم المتخدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬موسوعة جرائم الفساد االقتصادي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،2012،‬ص‪.246-245‬‬
‫‪4‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪ ،‬الجوانب الموضوعية واالجرائية في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ -‬دراسة في موائمة التشريعات‬
‫العربية ألحكام االتفاقية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2015 ،‬ص‪.08‬‬
‫‪19‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫من أشكال الفساد المختلفة‪ ،‬مثل الرشوة‪ ،‬والمتاجرة بالنفوذ‪ ،‬واساءة استغالل الوظائف‪ ،‬ومختلف أفعال‬
‫الفساد في القطاع الخاص‪.1‬‬
‫ومن أبرز ما يميز االتفاقية إدراج فصل خاص بشأن استرداد الموجودات‪ ،‬بهدف إعادتها‬
‫إلى أصحابها الشرعيين‪ ،‬بما في ذلك البلدان التي أخذت منها بطريقة غير مشروعة‪ .‬والغالبية العظمى‬
‫من الدول األعضاء في األمم المتحدة أطراف في هذه االتفاقية‪.‬‬
‫أ‪-‬األحكام الموضوعية للتجريم والعقاب التي جاءت بها اإلتفاقية‪:‬‬
‫حيث تناولت الهدف من اإلتفاقية ونطاق تطبيقها والسياسة الوقائية ومثال ذلك عدم اقتصار‬
‫ظاهرة الفساد على الموظفين العموميين في القطاع العام فقط بل يشمل أيضا تجريم أفعال الفساد‬
‫ضمن القطاع الخاص‪ ، 2‬وأحصت اإلتفاقية (‪ )12‬فعل اعتبرتهم جريمة فساد يترتب عنه عقاب‬
‫كجرائم الرشوة واإلختالس ومنح اإلمتيازات الغير مبررة في مجال الصفقات العمومية ذات الصلة‬
‫بجرائم الفساد مثل إخفاء العائدات الجرمية وتبيض األموال إضافة إلى تجريم المشاركة والتحريض‬
‫واقرار مسؤولية الشخص المعنوي إضافة إلى إضفاء صفة العمد على جرائم الفساد‪.3‬‬
‫ب‪-‬األحكام اإلجرائية للتجريم والعقاب التي جاءت بها اإلتفاقية‪:‬‬
‫‪ ‬على الصعيد الوطني‪ :‬تنص اإلتفاقية على استحداث هيئات مختصة لمكافحة الفساد تمتاز‬
‫باإلستقالل المالي والوظيفي‪.4‬‬
‫‪ ‬على الصعيد الدولي‪ :‬نصت اإلتفاقية على مجموعة من القواعد اإلجرائية بتفعيل نظام‬
‫‪5‬‬
‫إجرائي قادر على مالحقة الجناة‪.‬‬
‫نظام استرداد األموال والعائدات الجرمية المتحصل عليها من جرائم الفساد‪.6‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تعزيز التعاون القضائي الدولي حيث حرصت اإلتفاقية على تعزيز التعاون الدولي في‬
‫‪7‬‬
‫مجال مالحقة الحياة عن طريق تبادل المعلومات وتحقيقات القضائية المشتركة وتسليم المجرمين‬

‫‪1‬‬
‫ألكثر تفاصيل يرجى االطالع على حيثيات هذه االتفاقية على موقع األمم المتحدة على الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.unodc.org/documents/treaties/UNCAC/Publications/Convention/08-‬‬
‫‪ 50024_A.pdf‬بتاريخ‪ 2022/01/05:‬على الساعة‪.09:30:‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر المواد من‪ 12-7 :‬من اتفاقية األمم المتخدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر المواد من‪ 26-15 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر المادة‪ 9 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر المادة‪ 30 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أنظر المادة‪ 31 :‬من المرجع نفسه‪..‬‬
‫‪7‬‬
‫أنظر المادة‪ 37 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ ‬توسيع اإلختصاص الجنائي حيث تعتبر هذه اآللية أهم اإلجراءات التي تمكن من عدم‬
‫إفالت المجرمين من العقاب حيث يمكن مالحقة مرتكبي جرائم الفساد على إقليم أي دولة‪.‬‬
‫‪ ‬بخصوص مبدأ السرية المصرفية‪ :‬اعتبرت اإلتفاقية أن اإلستعمال المفرط لهذا المبدأ‬
‫يشكل عائقا أمام التحقيقات الجنائية المتعلقة بمكافحة جرائم الفساد لذلك حرصت على تسهيل تقديم‬
‫السجالت المصرفية إذا ما تعلق األمر بالتحقيق القضائي‪.1‬‬
‫‪ ‬اعتراف باألحكام القضائية بين الدول‪ :‬حيث يجب على الدول اإلعتراف باألحكام القضائية‬
‫الصادرة في مجال مكافحة الفساد وتطبيقها‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم المجرمين‪ :‬وهو ما نصت عليى المادة ‪ 44‬من االتفاقية‪ ،2‬في هذا الشأن يالحظ أن‬
‫أهم ما استحدثته االتفاقية يتمثل في حكمين‪ :‬األول يتمثل في تكريس مبدأ "إما التسليم أو المحاكمة"‪،‬‬
‫والثاني‪ ":‬عدم جواز رفض تسليم المتهم بإحدى جرائم الفساد" استنادا للدفع بالطابع السياسي للجريمة‬
‫المنسوبة اليه‪ ،‬حيث يعتبر هذا الحكم تطو ار هاما على صعيد آلية تسليم المحرمين في حرائم الفساد‪.3‬‬
‫‪ ‬تقادم الدعوى العمومية في ج ارئم الفساد‪ :‬نصت المادة ‪ 29‬من أحكام اإلتقافية بأن تحدد‬
‫كل دولة فترة تقادم طويلة في حالة البدء في إجراءات المتابعة بشأن جريمة الفساد‪ ،‬كما نصت كذلك‬
‫على وقف التقادم في حالة إفالت المجرم من العقاب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬جهود المنظمات اإلقليمية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬اتفاقية اإلتحاد األوروبي لمكافحة الفساد‪:‬‬
‫كانت الدول األوروبية السباقة في مجال مكافحة ظاهرة الفساد حيث بدأت عملها في شكل‬
‫توصيات صادرة عن مؤتمر وزراء العدل األوروبي والمنعقد في مالطا في الدورة ‪ 19‬من سنة ‪1996‬‬
‫حيث أوصى هذا المؤتمر بضرورة وضع برنامج لمكافحة الفساد حيث شملت المكافحة وجود اتفاقيتين‬
‫باإلضافة إلى بروتوكول‪ :‬تمثلت اإلتفاقية األولى في اإلتفاقية الجنائية األوروبية حول الفساد الموقعة‬
‫سنة ‪1999‬والبروتوكول الملحق بها لسنة‪.2003‬‬
‫أما الثانية تمثلت في اإلتفاقية المدنية حول الفساد الموقعة في ستراسبورغ ودخلت حيز التنفيذ‬
‫في جويلية ‪.2002‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر المادة‪ 40 :‬من من اتفاقية األمم المتخدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر المادة‪ 44 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪21‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫حيث مكنت هذه اإلتفاقيات من مكافحة شتى أنواع الفساد وصوره كما جاءت بآليات جديدة‬
‫متعلقة بإجراءات البحث والتحري عن جرائم الفساد‪.1‬‬
‫‪ -2‬اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لمكافحة الفساد لسنة‪:2003‬‬
‫تمت المصادقة على هذه اإلتفاقية بمابوتو بتاريخ‪ ،2002/07/11:‬حيث تعتبر من أهم اإلتفاقيات‬
‫في هذا المجال حيث امتدت المكافحة على كال القطاعين العام والخاص كما شملت اإلتفاقية األحكام‬
‫الوقائية من جرائم الفساد وآليات التعاون بين الدول كما نصت هذه اإلتفاقية على آلية مهمة تمثلت‬
‫في المجلس اإلستشاري الذي يقوم بمراقبة ومتابعة مختلف جرائم الفساد‪.‬‬
‫وعموما تهدف هذة االتفاقية حسب تص المادة ‪ 2‬منها الى تشجيع قيام الدول األطراف بإنشاء‬
‫اآلليات الالزمة في إفريقيا لمنع الفساد وضبطه والمعاقبة و القضاء عليه و وعلى الجرائم ذات‬
‫الصلة ‪ ،‬في القطاعين العام والخاص‪.‬تعزيز و تسهيل و تنظيم التعاون فيما بين الدول األطراف من‬
‫أجل ضمان فاعلية التدابير الخاصة بمنع الفساد والجرائم ذات الصلة في إفريقيا و ضبطها والمعاقبة‬
‫و القضاء عليها ‪ ،‬إضافة إلى تنسيق السياسات و التشريعات بين الدول األطراف ألغراض منع‬
‫الفساد و ضبطه والمعاقبة و القضاء عليه في القارة وتعزيز التنمية الصناعية و االقتصادية عن‬
‫طريق إزالة العقبات التي تحول دون التمتع بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و كذلك‬
‫المدنية و السياسية‪ .‬وتوفير الظروف المناسبة لتعزيز الشفافية في إدارة الشؤ ون العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬االتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة‪:2010‬‬
‫تعد االتفاقية العربية لمكافحة الفساد اإلضافة األحدث إلى مجموعة الصكوك اإلقليمية المعنية‬
‫َّ‬
‫وصدقت‬ ‫بمكافحة الفساد‪ ،‬وقعَّت عليها ‪ 21‬دولة عربية بالقاهرة في ‪ 21‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪،2010‬‬
‫عليها أكثر من ‪ 12‬دولة ودخلت حيز النفاذ في‪ ،2013-06-29 :‬حيث جاءت أحكام هذه اإلتفاقية‬
‫لتبين التدابير الوقائية لمكافحة ظاهرة الفساد إضافة إلى األحكام المتعلقة بالتجريم والعقاب واألحكام‬
‫اإلجرائية‪،‬‬
‫حيث تهدف هذه االتفاقية بموحب المادة ‪ 2‬منها إلى تعزيز التدابير الرامية إلى الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته وكشفه بكل أشكاله‪ ،‬وسائر الجرائم المتصلة به ومالحقة مرتكبيها‪ ،‬وتعزيز التعاون‬
‫العربي على الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه‪ ،‬واسترداد الموجودات‪ ،‬وتعزيز النزاهة والشفافية‬

‫‪1‬‬
‫ألكثر تفاصيل يرجى االطالع على تفاصيل االتفاقية على موقع االتحاد األوروبي على الرابط‪:‬‬
‫=‪https://rm.coe.int/CoERMPublicCommonSearchServices/DisplayDCTMContent?documentId‬‬
‫‪ 09000016806d86ce‬بتاريخ‪ 2022/01/05:‬على الساعة‪.10:00:‬‬
‫‪22‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫والمساءلة وسيادة ال قانون‪ ،‬وتشجيع األفراد ومؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعَّالة في منع‬
‫ومكافحة الفساد ‪.‬‬
‫حيث نصت بموجب المادة ‪ 4‬من االتفاقية على جملة من األفعال تشكل جرائم الفساد مثل‪:‬‬
‫الرشوة في الوظائف العمومية وشركات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات‬
‫المعتبرة قانونا ذات نفع عام‪ ،‬والرشوة في القطاع الخاص‪ ،‬ورشوة الموظفين العموميين األجانب‬
‫وموظفي المؤسسات الدولية والمتاجرة بالنفوذ‪ ،‬واساءة استغالل الوظائف العموميةو اإلثراء غير‬
‫المشروعو غسل العائدات اإلجرامية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫إن أهم ما يميز اإلتفاقية هو إنشاء مؤتمر سنوي ألطراف اإلتفاقية قصد تحسين وتفعيل التعاون‬
‫بينها للتصدي لجرائم الفساد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬دور بعض المنظمات والمؤسسات المالية في مكافحة الفساد‪:‬‬
‫لعبت هذه المؤسسات دو ار هاما في مكافحة ظاهرة الفساد تحقيقا لمبدأ النزاهة والشفافية‪.‬‬
‫‪ -1‬البنك الدولي‪ :‬يعتبر البنك الدولي أحد الوكاالت المتخصصة في األمم المتحدة التي تعنى‬
‫بالتنمية وتخفيف حدة الفقر كهدف موسع لجميع أعماله‪ .‬ويركز جهوده على تحقيق األهداف اإلنمائية‬
‫لأللفية التي تمت الموافقة عليها من جانب أعضاء األمم المتحدة عام ‪ ،2000‬والتي تستهدف تحقيق‬
‫تخفيف مستدام لحدة الفقر‪.‬‬
‫حيث يساعد البنك الدولي الحكومات ع لى تحسين إدارة شؤون المالية العامة‪ ،‬وتحسين الخدمات‬
‫القضائية‪ ،‬وتدريب موظفي جهاز الخدمة المدنية وزيادة قدراتهم‪ ،‬واالستثمار في أنظمة المعلومات‬
‫المالية‪ ،‬وتيسير وصول الجمهور العام إلى المعلومات‪ ،‬والحد من فرص وقوع ممارسات الفساد‬
‫اإلداري مثل الرشوة‪.‬‬
‫حيث تشير ورقة عمل للبنك الدولي صدرت في سنة‪" 2000‬استحواذ النخبة على المعونات‬
‫الخارجية" إلى وجود ارتباط بين مدفوعات المعونات إلى البلدان التي تعتمد على المعونات اعتمادا‬
‫كبي ار واإليداعات المصرفية في بعض المراكز المالية الخارجية‪ .‬وكافة أشكال الفساد بما يبرز أهمية‬
‫الحاجة إلى معالجة القضايا التي تحيط بالمراكز المالية الخارجية‪ ،‬وزيادة الشفافية في قطاع الخدمات‬
‫المالية‪. 1‬‬

‫‪1‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫ألكثر تفاصيل‪ ،‬يرجى االطالع على ورقة عمل البنك بعنوان‪ ":‬صحيفة وقائع مكافحة الفساد" على‬
‫‪https://www.albankaldawli.org/ar/news/factsheet/2020/02/19/anticorruption-fact-sheet‬‬
‫بتاريخ‪ 2022/01/06:‬على الساعة‪.07:36:‬‬
‫‪23‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -2‬صندوق النقد الدولي‪ :‬يعتبر صندوق النقد الدولي المؤسسة المركزية في النظام النقدي‬
‫الدولي والذي يسمح بإجراء المعامالت التجارية بين البلدان المختلفة ‪.‬حيث يستهدف الصندوق منع‬
‫وقوع األزمات في النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة‪.‬‬
‫حيث تشكل سياسة مكافحة الفساد جزءا هاما من عمل الصندوق أين بدأ بإطالق مبادرات تهدف‬
‫إلى تعزيز الشفافية والمساءلة واإلصالح التنظيمي وتعزيز المؤسسات القانونية‪.‬‬

‫ويشير التقرير الذي صدر عن صندوق النقد الدولي بعنوان "الفساد‪ :‬تكاليفه واستراتيجيات‬
‫تخفيف حدته"‪ ،‬إلى أن الفساد يعوق إدارة سياسة الموازنة والسياسة النقدية ويضعف اإلشراف المالي‪،‬‬
‫يصعب قياس التكاليف االقتصادية التي يسببها الفساد‬
‫ويضر في نهاية المطاف بالنمو االحتوائي‪ .‬و ُ‬
‫بدقة‪ ،‬حيث يشير أحد التقديرات مؤخ ار إلى أن التكلفة السنوية للرشوة تتراوح بين ‪ 1.5‬و‪ 2‬تريليون‬
‫دوالر تقريبا (حوالي ‪ %2‬من إجمالي الناتج المحلي العالمي)‪ .‬وربما كانت التكاليف االقتصادية‬
‫واالجتماعية الناجمة عن الفساد أكبر من ذلك بكثير‪ .1‬كما امتنع صندوق النقد الدولي سنة ‪1997‬‬
‫عن تقديم أي مساعدة مالية ألي دولة ثبت تورطها في الفساد‪ ،‬كما قامت منظمة التعاون اإلقتصادي‬
‫والتنمية بوضع ميثاق لمكافحة الرشوة المتعلقة بالصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -3‬مجموعة العمل المالي‪ :‬مجموعة العمل المالي(‪ )FATF‬هي هيئة بين حكومية أُنشئت‬
‫سنة‪1989‬ممن قبل وزراء الدول األعضاء فيها‪ .‬تتمثل مهام مجموعة العماللمالي في وضع المعايير‬
‫وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابيرالقانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫وتمويل انتشار التسلح‪ ،‬والتهديدات األخرى ذات الصلة بنزاهة النظام المالي الدولي‪ ..‬يتم االعتراف‬
‫بتوصيات مجموعة العمل المالي على انها معيار عالمي لمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪.‬‬
‫حيث تشير توصيات مجموعة العمل المالي في توصياتها بشأن المعايير الدولية لمكافحة غسل‬
‫األموال وتمويل اإلرهاب وانتشار التسلح‪ ،‬إلى ضرورة تحديدالمخاطر‪ ،‬ووضع السياسات والتنسيق‬
‫المحلي ومالحقة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وتمويل انتشار التسلح وتطبيق تدابير وقائية على‬
‫القطاع المالي وغيرها من القطاعات المحددة واعطاءالصالحيات والمسؤوليات الضرورية للسلطات‬
‫المختصة لتعزيز الشفافية في إطار مكافحة شاملة للفساد‪.2‬‬

‫ألكثر تفاصيل‪ ،‬يرجى االطالع على تقرير صندوق النقد الدولي على موقعه بعنوان" الفساد‪ :‬تكاليفه واستراتيجيات تخفيف‬ ‫‪1‬‬

‫الرابط‪https://www.imf.org/ar/News/Articles/2015/09/28/04/53/sores051116a:‬‬ ‫حدته"على‬
‫بتاريخ‪ 2022/01/06:‬على الساعة‪.08:01:‬‬
‫موقعها‪:‬‬ ‫على‬ ‫المالي‬ ‫العمال‬ ‫مجموعة‬ ‫توصيات‬ ‫االطالع‬ ‫يرجى‬ ‫تفاصيل‪،‬‬ ‫‪ 2‬ألكثر‬
‫‪https://mlcu.org.eg/upload/uploadeditor/files/%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7‬‬
‫‪24‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -4‬منظمة الشفافية الدولية دولية (‪ :)Transparency International‬تعنى هذه‬


‫المنظمة بقياس مستوى الفساد دوليا ومحليا ولها دور فعال نظ ار لما تصدره من احصائيات‬
‫واستراتيجيات وبرامج عمل وتوصيات متعلقة بظاهرة الفساد مثل‪ :‬ضرورة اعتماد استخدام الدول‬
‫النامية للمساعدات المالية لتدعيم المؤسسات الحكومية‪ ،‬وتدعيم القضاء المستقل والنزاهة والشفافية‬
‫‪...‬إلخ‪ ،1‬حيث أنشأت هذه المنظمة في ‪ 1993‬بألمانيا قصد مساعدة الدول واألفراد على مكافحة‬
‫هذه الظاهرة محليا ودوليا‪.‬‬
‫تتكون هذه المنظمة من مجلس المنظمة ومجلس استشاري مختصان بوضع اإلستراتيجية‬
‫الالزمة لمكافحة الفساد فهي تقوم بالمساعدة على تنفيذ اتفاقيات دولية وانشاء تحالفات ضد الفساد‬
‫على مستوى المنظمات واألفراد مثل‪ :‬عدم تقديم أي دعم الدول التي يثبت فيها الفساد حيث قامت‬
‫هذه المنظمة بوضع ما يسمى بالمؤشر الدولي للفساد والهدف منه قياس مستوى الفساد في دول‬
‫العالم كما يسمى أيضا بمؤشر النزاهة من( من ‪ 0‬إلى ‪ 10‬نقطة) ومعنى الدولة التي تحصل على‬
‫النقطة ‪ 10‬هي أقل فسادا وعلى العكس من ذلك فالدولة التي تحصل على النقطة ‪ 0‬أو قريبة من‬
‫‪ 0‬يدل على انتشار وكثرة الفساد فيها‪.‬‬
‫حيث يرسم مؤشر مدركات الفساد لسنة‪ 2020‬صورة قاتمة لحالة الفساد في جميع أنحاء العالم‪،‬‬
‫حيث لم تحرز جل البدان اال تقدما ضئيال في معالجة الفساد خالل عقد من الزمن‪ ،‬فإن أكثر من‬
‫ثلثي البلدان سجلت أقل من ‪ 50‬درجة على سلم المؤشر‪.2‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التصدي الوقائي لظاهرة الفساد‬
‫لظاهرة الفساد تأثير مدمر على الدولة والمجتمع‪ ،‬وعليه نصت اتفاقية األمم المتحدى لمكافحة‬
‫الفساد لسنة‪ 2003‬على أهمية الوقاية من الفساد عن طريق الذهاب إلى أبعد من التدابير من‬
‫االتفاقيات السابقة في كل من النطاق والتفصيل‪.‬‬

‫‪%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20‬‬
‫بتاريخ‪0182022/06:‬‬ ‫‪%D8%A7%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1%202020.pdf‬‬
‫على الساعة‪.08:24:‬‬
‫‪1‬‬
‫صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪2‬‬
‫ألكثر تفاصيل‪ ،‬يرجى االطالع على تقرير المنظمة بشأن مدركات الفساد لسنة‪ 2020‬على موقعها‪:‬‬
‫على‬ ‫بتاريخ‪2022/01/06:‬‬ ‫‪https://www.transparency.org/ar/news/cpi-2020-global-highlights‬‬
‫الساعة‪.08:36:‬‬
‫‪25‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫حيث نصت المواد من‪ 14-5‬منها الى اتخاذ تدابير وقائية في كل من القطاعين العام والخاص‬
‫مثل‪ :‬إنشاء هيئات لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والكفاءة والتوظيف على أساس الجدارة‪ ،‬والزام‬
‫موظفي القطاع العام بمدونات السلوك ومتطلبات التصريح بالممتلكات وغيرها‪.‬‬
‫وانطالقا من نصوص هذه االتفاقية‪ ،‬اعتمد المشرع الجزائري في تنفيذ سياسته الجنائية لمكافحة‬
‫هذه الظاهرة على شقين يتمثل األول في الشق الوقائي أما الثاني فيتمثل في الشق الجزائي‪ ،‬وهما‬
‫مستمدان من سنتعرض لدور كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في مكافحة الفساد في (المطلب‬
‫األول) ثم نتطرق إلى التدابير الوقائية ضمن القطاع العام في (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نتناول التدابير‬
‫الوقائية ضمن القطاع الخاص في (المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور السلطة التشريعية والتنفيذية في مكافحة الفساد‬
‫تلعب السلطتين التشريعية والتنفيذية دو ار بار از في مكافحة ظاهرة الفساد وذلك عن طريق اعتماد‬
‫جملة من اآلليات واألجهزة القانونية لمحاصرة هذه الظاهرة والوقاية منها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬دور السلطة التشريعية‪ :‬من المعروف أن السلطة التشريعية وظيفتها سن القوانين غير‬
‫أنها لها دور آخر ال يقل أهمية عن ذلك والمتمثل في الرقابة على أعمال الحكومة المنصوص عليها‬
‫دستوريا‪ ،‬ومن شأن هذا يمكن إقامة نظام وطني نزيه وشفاف وذلك من خالل استعمال آليات للرقابة‬
‫لمسائلة الحكومة حول مدى تنفيذ برامجها خالل فترة معينة‪.‬‬
‫حيث قامت السلطة التشريعية بالجزائر بإرساء مجموعة من النصوص التشريعية والقانونية‬
‫تعمل على مكافحة جادة لجرائم الفساد فبالرجوع إلى الدستور نجده أنه قد احتوى على عدة مواد‬
‫تتصدى لظاهرة الفساد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫مثل‪ :‬نص المادة ‪ ":15‬تقوم الدولة على مبادئ التنظيم الديمقراطي والفصل بين السلطات‬
‫‪1‬‬
‫وضمان الحقوق والحريات والعدالة اإلجتماعية ‪"...‬‬
‫وأيضا نص المادة ‪... ":23‬ال يمكن أن تكون الوظائف والعهدات في مؤسسات الدولة مصد ار‬
‫للثراء‪ ،‬وال وسيلة لخدمة المصالح الخاصة يجب على كل شخص يعين في وظيفة عليا في الدولة‪،‬‬
‫أو ينتخب أو يعين في البرلمان مجلس وطني أو في هيئة وطنية أو ينتخب في مجلس محلي‬
‫التصريح بممتلكاته في بداية وظيفته أو عهدته وفي نهايتها‪.2"...‬‬
‫نستخلص من هاتين المادتين أن عدم تحقيق العدالة اإلجتماعية واستغالل الوظيفة هما من‬
‫أكبر مظاهر الفساد في الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 16‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 442-20:‬يتضمن التعديل الدستوري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 23‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫سنت السلطة التشريعية نصوصا عديدة تهدف للوقاية من الفساد ومكافحته نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬القانون ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 2006-02-20‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪ ‬القانون ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 2005-02-06‬المتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل‬
‫اإلرهاب ومكافحتهما‪.‬‬
‫أما بخصوص النصوص التنظيمية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 413-06‬المحدد لتشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته والتي‬
‫نص عليها القانون ‪ 01-06‬بموجب نص المادة ‪ 17‬منه‪.‬‬
‫‪ ‬المرسوم الرئاسي ‪ 414-06‬المحدد لنموذج التصريح بالممتلكات وهو ما نصت عليه المادة ‪04‬‬
‫من المرسوم ‪ 01-06‬المتعلق بالتصريح بالممتلكات‪.‬‬
‫‪ ‬المرسوم ‪ 415-06‬المحدد لكيفيات التصريح بالممتلكات‪.‬‬
‫‪ ‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 08-338‬المؤرخ في ‪ 2008-11-9‬والمتعلق بخلية معالجة اإلستالم‬
‫المالي‪.‬‬
‫بالرجوع إلى أحكام الدستور تنص المادة ‪ 115‬منه على مراقبة البرلمان ألعمال الحكومة‬
‫وفقا للشروط المحددة في المواد ‪ 106‬و‪ 111‬و‪ 158‬و‪ 160‬من الدستور‪ ،‬حيث تشكل آليات الرقابة‬
‫على أعمال السلطة التنفيذية دو ار رقابيا هاما ومحاسبا على أعمال السلطة التنفيذية لتحديد مدى‬
‫التزاماتها لتنفيذ برامجها‪ ،‬وعليه أعطى الدستور الجزائري السلطة التشريعية العديد من وسائل الرقابة‬
‫مثل‪ :‬السؤال الكتابي‪ ،‬أو الشفوي‪ ،‬اإلستجواب‪ ،‬تشكيل لجان تحقيق وسحب الثقة‪ ،‬وهذا بموجب المواد‬
‫من ‪157‬إلى ‪ ،162‬كلها آليات تصب في مجال الحد من انتشار ظاهرة الفساد بالرغم من أنها تبدو‬
‫كإجراءات شكلية روتينية من مهام السلطة التشريعية‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور السلطة التنفيذية يمكن أن نقسم رقابة السلطة التنفيذية إلى نوعين‪:‬‬
‫أ‪ -‬رقابة داخلية للسلطة التنفيذية للوقاية من جرائم الفساد‪ :‬ونقصد هنا برقابة السلطة‬
‫التنفيذية لصرف النفقات عن طريق ما يسمى بالرقابة اإلدارية وذلك أثناء التنفيذ‪ .‬حيث منح المشرع‬
‫الجزائري اإلدارة سلطة واسعة تضمن السير الحسن لمرافق الدولة خاصة ما تعلق بنفقاتها‪ ،‬وذلك من‬
‫خل تكريس الرقابة اإلدارية التسلسلية والتي تشمل رقابة الرئيس على أعمال مرؤوسيه‪ ،‬فإما أن‬
‫‪2‬‬
‫يصادق عليها وتكون طبقا للقانون واما أن يقوم بإلغائها أو تعديال إذا كانت مخالفة له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ 157‬إلى ‪ 162‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 442-20:‬يتضمن التعديل الدستوري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫لويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪27‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫رقابة المؤسسات الخارجية‪ :‬نص الدستور الجزائري على عدة مؤسسات الهدف منها‬ ‫ب‪-‬‬
‫متابعة مظاهر الفساد المالي بكافة أشكاله مثل‪ :‬دور مجلس المحاسبة كمؤسسة عمومية مستقلة‬
‫تابعة لرئاسة الجمهورية في الرقابة على الممتلكات واألموال العمومية وفق المادة ‪ 199‬من الدستور‪،1‬‬
‫وأيضا بعض الهيئات التابعة لو ازرة المالية مثل‪ :‬المفتشين العموميين والمراقب المالي والمحاسب‬
‫العمومي وخلية اإلستعالم المالي في إطار مكافحة تبييض األموال‪.‬‬
‫حيث تنحصر مهام هذه الهيآت في الرقابة على صرف المال العام‪ ،‬وهي بذلك تعد آلية‬
‫للرقابة القبلية لزير المالية حول جميع المشاريع التي تتكفل بها الدولة‪ ،‬إضافة إلى ما نص عليه‬
‫قانون ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته حول إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته والتي عوضت بالسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته بموجب المادتان‪204‬‬
‫و‪ 205‬من التعديل الدستوري لسنة‪.2020‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير الوقائية لمكافحة الفساد ضمن القطاع العام‪.‬‬
‫هناك إجماع على أن شيوع الفساد يعتبر من أهم أسبــاب الضعف الداخلي والخارجي للدول‪،‬‬
‫وبما أن الدولة يستحيل أن تكون قوية في ظل وجود ظاهرة الفساد التي تنخرها‪ ،‬أدرك المشرع الجزائري‬
‫أبعاد هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد كيان الدولة‪ ،‬فسارع إلى التصدي لها وذلك بسن مجموعة من‬
‫القوانين الردعية الجديدة مثل‪ :‬القانون رقم‪ 01-06 :‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته مترجما بذلك‬
‫عدة اتفاقيات دولية في هذا المجال وعلى رأسها اتفاقية األمم المتحدة لمكافحــة الفساد لسنة‪2003‬‬
‫والتي نصت في في الفصل الثاني بعنوان‪":‬التدابير الوقائية" بموجب المادة‪ 5‬بعنوان ‪":‬سياسات‬
‫وممارساتمكافحة الفساد الوقائية" على ما يلي‪" :‬‬
‫‪ -1‬تقوم كل دولة طرف‪ ،‬وفقا للمبادئ االساسية لنظامها القانوني‪ ،‬بوضع وتنفيذ أو ترسيخ‬
‫سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد‪ ،‬تعزز مشاركة المجتمع وتجسيد مبادئ سيادة القانون وحسن‬
‫إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة‪.‬‬
‫‪ -2‬تسعى كل دولة طرف إلى إرساء و ترويج ممارسات فعالة تستهدف منع الفساد‪.2"...‬‬
‫حيث نص هذا القانون على تدابير هامة ترمي إلى ضمان النزاهة والشفافية في تسيير الشؤون‬
‫العامة وفي العالقات التي تربط المواطن باإلدارات والمؤسسات والهيئات العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫جملة من المعايير التي يتعين مراعاتها في توظيف الموظفين العموميين ووجوب إعداد مدونات‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 199‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 442-20:‬يتضمن التعديل الدستوري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 5‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪28‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أخالقية تحدد سلوكاتهم‪ ،‬وبعض التدابير المحددة لقواعد تسيير األموال العمومية‪ ،‬والزام الموظفين‬
‫بالتصريح بممتلكاتهم والشفافية في التعامل مع الجمهور في كل ما ينعلق بأنشطة اإلدارة المحتلفة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التدابير الوقائية في مجال التوظيف‪:‬‬
‫نص القانون ‪ 01-06‬على معايير موضوعية للتوظيف تقوم على أساس الجدارة والكفاءة‬
‫وتمكين الموظف من برامج ت كوينية لرفع األداء وتحسينه وتحديد األجر المالئم للموظف بواسطة‬
‫إصالح نظام األجور‪ ،‬واعداد برامج تكوينية لتمكين الموظفين من األداء النزيه لوظائفهم يزيد من‬
‫وعيهم بمخاطر الفساد‪.‬‬
‫وقبل التعرض لهذه اإلجراءات الهامة‪ ،‬كان من الضروري التطرق بإيجاز لمفهوم الموظف‬
‫العمومي الرتباطه المباشر بمكافحة ظاهرة الفساد‪.‬‬
‫أ‪ -‬مفهوم الموظف العمومي‪ :‬سنتطرق إلى تعريف الموظف العمومي ضمن بعض االتفاقيات‬
‫الدولية بشأن مكافحة الفساد‪ ،‬ثم نوضح تعريفه ضمن التشريع الجزائري‪.‬‬
‫أ‪ .1.‬تعريف الموظف العمومي ضمن بعض االتفاقيات الدولية‪ :‬عرفت اتفاقية االمم المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد لسنة‪ 2003‬في مادتها الثانية بعنوان‪ ":‬المصطلحات المستخدمة " يقصد بتعبير‬
‫"موظف عمومي"‪:‬‬
‫‪ -1‬أي شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا لدى دولة طرف سواء‬
‫أكان معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع األجر أم غير مدفوع األجر‪ ،‬بصرف النظر عن أقدمية‬
‫ذلك الشخص‪.‬‬
‫‪ -2‬أي شخص آخر يؤدي وظيفة عمومية‪ ،‬بما في ذلك لصالح جهاز عمومي أو منشأة‬
‫عمومية‪ ،‬أو يقدم خدمة عمومية‪ ،‬حسب التعريف الوارد في القانون الداخلي للدولة الطرف وحسب ما‬
‫هو مطبق في المجال القانوني ذي الصلة لدى تلك الدولة الطرف‪.‬‬
‫‪ -3‬أي شخص آخر معرف بانه " موظف عمومي"في القانون الداخلي للدولة الطرف‪ ،‬بيد أنه‬
‫ألغ ارض بعض التدابير المعينة الواردة في الفصل الثاني من هذه االتفاقية‪ ،‬يجوز أن يقصد بتعبير"‬
‫موظف عمومي"‪ ،‬أي شخص يؤدي وظيفة عمومية أو يقدم خدمة عمومية حسب التعريف الوارد في‬
‫القانون الداخلي للدولة الطرف وحسب ما هو مطبق في المجال المعني من قانون تلك الدولة‬

‫‪29‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫الطرف‪ ...‬كما تعرضت ذات االتفاقية األممية الى التعريف بالموظف العمومي األجنبي وموظف‬
‫‪1‬‬
‫مؤسسة دولية عمومية‪.‬‬
‫من جانب آخر تنص المادة األولى من اتفاقية االتحاد االفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬على‬
‫تعريف الموظف العمومي بأنه‪ ":‬بانه أي موظف أو موظف دولة أوالوكاالت التابعة لها بما في‬
‫ذلك من يقع عليه اإلختيار أو يتم تعيينه انتخابه للقيام بأنشطة أو مهام بإسم الدولة أو لخدمتها‬
‫‪2‬‬
‫على أي مستوى من مستويات التسلسل الهرمي للسلطة‪"...‬‬
‫كما تطرقت المادة األولى الفقرة‪ 2‬و‪3‬و‪ 4‬من اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة‪ 2010‬إلى‬
‫تعريف " الموظف العمومي والموظف العمومي األحنبي وموظف مؤسسة دولية عمومية على‬
‫أنه‪ ...":‬أي شخص يشغل وظيفة عمومية أو من يعتبر في حكم الموظف العمومي وفقا لقانون‬
‫الدولة الطرف في المجاالت التنفيذية أو التشريعية أو القضائية أو اإلدارية‪ ،‬سواء أكان معينا أم‬
‫منتخبا دائما أو مؤقتا‪ ،‬أو كان مكلف بخدمة عمومية لدى الدولة الطرف‪ ،‬بأجر أم بدون أجر"‪.‬‬
‫‪ -3‬الموظف العمومي األجنبي‪ :‬أي شخص يشغل وظيفة تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو‬
‫قضائية لدى بلد أجنبي‪ ،‬سواء أكان معينا أم منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬وأي شخص يمارس وظيفة‬
‫عمومية لصالح بلد أجنبي‪ ،‬أو لصالح جهاز عمومي أجنبي أو مؤسسة عمومية أجنبية"‪.‬‬
‫‪ –4‬موظف مؤسسة دولية عمومية‪ :‬أي موظف مدني دولي أو أي شخص تأذن له مؤسسة دولية‬
‫‪3‬‬
‫عمومية بأن يتصرف نيابة عنها‪"...‬‬
‫وسعت من مفهوم الموظف العمومي‪ ،‬حيث أنه‬ ‫خالصة‪ :‬نستخلص من هذه التعريفات أنها ّ‬
‫لم يعد مقتص ار على تعريف الموظف العمومي بالمفهوم الضيق لقوانين الوظيفة العمومية في كل‬
‫بلد طرف في هذه االتفاقيات باعتباره ذلك الشخص الذي يمتلك صفة الموظف العمومي الدائم‬
‫في منصبه‪ ،‬والذي يشغل منصبا إداريا في اإلدارات والمؤسسات العمومية للدولة‪ٕ ،‬وانما تعدى‬
‫ذلك ليشمل أي شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا لدى دولة طرف‬

‫‪-2‬نصت المادة‪ 2‬الفقرة ‪ -‬ب‪ -‬من اإلتفاقية نفسها على‪ " :‬يقصد بتعبير"موظف عمومي اجنبي" أي شخص يشغل منصبا‬
‫تشريعيا أو تنفيذيا أواداريا أوقضائيا لدى بلد أجنبي سواء أكان معينا أم منتخبا‪ ،‬وأي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح‬
‫بلد أحنبي‪ ،‬بما في ذلك لصالح جهاز عمومي أو منشأة عمومية‪.‬‬
‫كما نصت المادة‪ 2‬الفقرة‪-‬ج‪ -‬من االتفاقية نفسها على‪ ":‬يقصد بتعبير"موظف مؤسسة دولية عمومية" مستخدم مدني دولي‬
‫أو أي شخص تأذن له مؤسسة من هذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنها"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة االولى من اتفاقية اإلتحاد االفريقي لمنع الفساد ومكافحته لسنة‪.2003‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة األولى من اتفاقية اإلتحاد االفريقي لمنع الفساد ومكافحته لسنة‪.2003‬‬
‫‪30‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫سواء أكان معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع األجر أم غير مدفوع األجر‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن أقدمية ذلك الشخص‪ ،‬وذلك بهدف التوسع في مكافحة كافة أشكال الفساد‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعريف الموظف العمومي ضمن التشريع الجزائري‪ :‬سنتطرق إلى تعريف الموظف‬
‫العمومي في إطار األمر رقم ‪ 03-06‬المؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ 2006‬والمتضمن القانون األساسي‬
‫العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ثم نتناول تعريف الموظف العمومي ضمن القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫ب‪ -1.‬تعريف الموظف العمومي في إطار األمر رقم ‪ 03-06‬المتضمن القانون األساسي‬
‫العام للوظيفة العمومية‪ :‬حدد األمر ‪ 03-06‬األشخاص الذين يطبق عليهم أحكامه حيث تنص‬
‫المادة ‪ 2‬منه على‪":‬يطبق هذا القانون األساسي على الموظفين الذين يمارسون نشاطهم في‬
‫المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،1"...‬كما وضحت المادة نفسها المقصود بالمؤسسات واإلدارات‬
‫العمومية‪ .2‬كما استثنت المادة‪ 2‬الفقرة‪ 3‬من تطبيق أحكام هذا القانون كل من القضاة والمستخدمون‬
‫العسكريون والمدنيون للدفاع الوطني ومستخدمو البرلمان‪.‬‬
‫فيما عرفت المادة ‪ 04‬من ذات القانون الموظف العمومي‪ " :‬يعتبر موظفا كل عون عين في‬
‫وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم اإلداري…"‪.‬‬
‫ونستخلص من النص المادة ‪ 4‬من ذات القانون أنه يشترط إلعتبار الشخص موظفا عموميا‬
‫الشروط التالية‪:3‬‬
‫‪ -‬صدور قرار التعيين من السلطة المختصة وفقا للشروط القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيم الموظف العمومي في رتبة في السلم اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬ممارسة الوظيفة بصفة دائمة ومستقرة بدون انقطاع‪.‬‬
‫‪ -‬الخدمة في مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول أن المشرع اعتمد في تعريفه للموظف العام بموجب القانون‪ 03-06‬على‬
‫المفهوم الضيق للموظف العام والذي ال يخرج عن كونه شخص يعهد إليه بوظيفة دائمة يقوم بخدمة‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 2‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬الصادر في‪ 15 :‬يوليو ‪ ،2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،46‬الصادرة في‪ 16 :‬يوليو ‪.2006‬‬
‫‪2‬‬
‫حسب نص المادة ‪ 2‬الفقرة‪ 2‬من األمر ‪ :03-06‬ي ـ ـق ـ ـصـ ـ ــد بالمؤسسات واإلدارات العمومية المؤسسات العمومية واإلدارات‬
‫المركزية في الدولة والمصالح غير الممركزة التابعة لها والجماعات اإلقليمية والمؤسسات ذات الطابع اإلداري والمؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي وكل مؤسسة عمومية‬
‫يمكن أن يخضع مستهدموها ألخكام هذا القانون األساسي‪."...‬‬
‫‪3‬‬
‫عمار بوضياف‪ ،‬الوظيفة العامة في التشريع الجزائري‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع الجزائر‪ ،2015 ،‬ص ص‪.22-21‬‬
‫‪31‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫مرفق عام تديره الدولة أو أخد أشخاص القانون العام‪ .‬وهو ال يتناسب مع استراتيحية مكافحة ظاهرة‬
‫الفساد التي تمس كافة مفاصل الدولة‪.‬‬
‫ب‪ -2.‬تعريف الموظف العمومي في إطار القانون‪ :01-06‬اعتمد المشرع الجزائري في‬
‫تعريفه للموظف العمومي على التعريفات نفسها التي أقرتها اإلتفاقيتين األممية و العربية لمكافحة‬
‫الفساد المصادق عليهما‪.‬‬
‫حيث تنص المادة الثانية من القانون رقم ‪ 01-06‬بعنوان " المصطلحات"‪:‬‬
‫ب‪ " -‬موظف عمومي "‪:‬‬
‫‪ -1‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس‬
‫الشعبية المحلية المنتخبة‪ ،‬سواء أكان معينا أم منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع األجر أو غير مدفوع‬
‫األجر‪ ،‬بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته‪.‬‬
‫‪ –2‬كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا‪ ،‬وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر‪ ،‬ويساهم بهذه‬
‫الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض‬
‫رأسمالها‪ ،‬أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية‪.‬‬
‫‪ – 3‬كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم‬
‫المعمول بهما‪.‬‬
‫ج‪ " -‬موظف عمومي أجنبي"‪ :‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا‬
‫لدى بلد أجنبي‪ ،‬سواء أكان معينا أم منتخبا‪ ،‬وكل شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي‪،‬‬
‫بما في ذلك لصالح هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية"‪.‬‬
‫د – " موظف منظمة دولية عمومية"‪ :‬كل مستخدم دولي أو كل شخص تأذن له مؤسسة من‬
‫‪1‬‬
‫هذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنها‪"...‬‬
‫الموسع للموظف‬
‫ّ‬ ‫حيث نستخلص من نص المادة ‪ 2‬أن المشرع الجزائري اعتمد على المفهوم‬
‫العام مثلما اعتمدته االتفاقيات الدولية بشأن مكافحة الفساد بما يضمن عدم افالف مرتكبي كافة‬
‫أشكال جرائم الفساد من العقاب‪.‬‬
‫ب‪-3.‬قواعد توظيف مستخدمي القطاع العام وتسيير حياتهم المهنية‪:‬‬
‫في هذا الشأن أكدت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المادة ‪ 07‬منها على ضرورة‬
‫االعتماد على المبادئ والمعايير الموضوعية في تعيين الموظفين وترقيتهم واحالتهم على التقاعد‪،‬‬
‫حيث تقوم هذه مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية مثل‪ :‬الجدارة واالنصاف واألهلية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 2‬من القانون ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫واجراءات مناسبة الختيار وتدريب األفراد وتمكينهم من أجور كافية مع تمكين الموظفين من برامج‬
‫تعليمية بهدف األداء الصحيح لوظائفهم وحماية لهم من كافة أشكال الفساد‪.1‬‬
‫وهذا ما ترجمته المادة ‪ 03‬من القانون ‪ 01-06‬والتي تنص على‪ ":‬تراعى في توظيف‬
‫مستخدمي القطاع العام وفي تسيير حياتهم المهنية القواعد اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬مبادئ النجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية مثل الجدارة واإلنصاف والكفاءة‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلجراءات المناسبة الختيار وتكوين األفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية التي تكون‬
‫أكثر عرضة للفساد‪.‬‬
‫‪ -3‬أجر مالئم باإلضافة إلى تعويضات كافية‪.‬‬
‫‪ -4‬إعداد برامج تعليمية وتكوينية مالئمة لتمكين الموظفين العموميين من األداء الصحيح والنزيه‬
‫والسليم لوظائفهم وأفادتهم من تكوين متخصص يزيد من وعييهم بمخاطر الفساد"‪.‬‬
‫ج‪ -‬مبادئ النجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية في التوظيف‪:‬‬
‫بقصد مكافحة ظاهرة الفساد في القطاع العام‪ ،‬ال ينبغي تعيين الموظف بناء على مبدأ قبلي‬
‫أو عرقي أو عالقات عائلية أو شخصية أو عن طريق الوساطة‪ ،‬وانما يجب تعيينه عل أساس مبادئ‬
‫مثل‪ :‬مبدأ النجاعة في العمل ومبدأ الشفافية في التوظيف و مبدأ تكافؤ الفرص القائمة على الجدارة‬
‫واالستحقاق والكفاءة‪ ،‬كما نصت على ذلك اتفاقيات األمم المتحدة وسبقتهم في ذلك أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية بنص قوله تعالى‪ ":‬يا أبتي استأجره إن خير ما استأجرت القوي األمين"‪.2‬‬
‫إن تعيين الموظف يجب أن يكون على مبدأ التوافق بين المؤهل العلمي والمنصب الوظيفي‬
‫المشغول مع مراعاة مبدأ المساواة بين المترشحين في االلتحاق بالوظيفة العامة‪ 3‬والذي يترتب عليه‬
‫عدم فرض شروط تتعلق بالجنس أو باللون أو بالعقيدة‪ ،‬حيث يقصد بمبدأ المساواة عدم وضع قيود‬
‫أمام ال مترشحين للوظيفة العامة أساسها االنتماء العرقي أو الجنس أو الرأي أو التوجه السياسي أو‬
‫الحالة الدينية أو الحالة المالية أو الحالة االجتماعية‪ ،‬وغيرها من أشكال التمييز المختلفة‪ ،‬وهو ما‬
‫يفرض ضبط الوظائف والمناصب بشروط عامة تصاغ بشكل مجرد من كافة أشكال التمييز‪.4‬‬
‫غير أنه يمكن للمشرع ضبط بعض الوظائف على سبيل االستثناء‪ ،‬وذلك بوضع شروط معينة‬
‫تتعلق بالحالة السياسية والجنسية وحسن السيرة والسلوك كبعض الوظائف السامية في الدولة‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 7‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة القصص‪ ،‬اآلية‪.26‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر المادة‪ 74:‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.69-68‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ 18-10‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‬
‫‪33‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫د‪ -‬اإلجراءات المناسبة الختيار وتكوين األفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية‪:‬‬
‫حيث يعتبر أسلوب المسابقة واإلختبار على أساس الشهادة هو أفضل األساليب إللتحاق‬
‫المرشحين أصحاب الكفاءات بالوظيفة وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 80‬من األمر ‪ 03-06‬المتضمن‬
‫القانون األساسي العام للوظيفة على‪ ":‬يتم اإللتحاق بالوظائف العمومية عن طريق المسابقة على‬
‫أساس اإلختبارات‪ ،‬ا لمسابقة على أساس الشهادات‪ ،‬الفحص المهني‪ ،‬التوظيف المباشر‪.1...‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 104‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬المتضمن القانون األساسي للوظيفة العمومية‬
‫تحت عنوان "التكوين" ‪ ":‬يتعين على اإلدارة تنظيم دورات التكوين وتحسين المستوى بصفة دائمة‬
‫قصد ضمان تحسين تأهيل الموظف وترقيته المهنية وتأهيله لمهام جديدة"‪.‬‬
‫ه‪ -‬إصالح نظام الرواتب واألجور‪:‬‬
‫يعتبر إصالح نظام األجور من بين التدابير الوقائية الهامة في مجال التوظيف‪ ،‬والذي يساهم‬
‫إلى حد كبير في تعزيز األمن الوظيفي للموظف خاصة إذا كان راتبه ال يكفيه لسد حاجياته‪ ،‬فيصبح‬
‫مجب ار للبحث عن عوائد مالية إضافية خارج نطاق أجره مستخدما الوسائل غير الشرعية فيجد نفسه‬
‫فاسدا يتقاضى الرشوة مثال‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه المادة ‪07‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ ...":‬التشجيع على تقديم أجور كافية ووضع جداول أجور منصفة مع مراعاة مستوى النمو‬
‫االقتصادي للدولة ‪.2"...‬‬
‫في هذا الصدد نصت المادة ‪ 32‬من األمر ‪ "03-06‬للموظف الحق بعد أداء الخدمة في‬
‫راتب" كما نصت المادة ‪ 119‬من القانون نفسه على مكونات الراتب مثل الراتب األساسي‪ ،‬العالوات‪،‬‬
‫التعويضات‪ ،‬المنح‪...‬إلخ‪ .‬لذلك يعتبر انخفاض معدالت األجور وعدم تماشيها مع القدرة الشرائية‬
‫للموظف من العوامل المشجعة لظاهرة الفساد بكافة أشكاله وعليه دعت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد إلى إصالح نظام األجور لزيادة رواتب الموظفين بما يضمن حياة كريمة لهم واألفراد عائلتهم‬
‫وفق نص المادة ‪ 07‬سالفة الذكر‪ ،‬وهذا ما أكد عليه المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 03/03‬من‬
‫القانون ‪ 01-06‬على ضرورة إعطاء الموظف أجر مالئم باإلضافة إلى تعويضات كافية قصد سد‬
‫أبواب الفساد أمامه‪.‬‬
‫وعليه صدرت سنة ‪ 2007‬عدة مراسيم رئاسية جديدة تهدف إلى تحسين رواتب الموظفين عن‬
‫طريق إدخال تعديالت جديدة على الشبكة االستداللية لألجور في قطاع الوظيف العمومي مثل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادتان ‪ 81- 80‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 07‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪34‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 304-07‬الصادر في ‪ 2007/09/29‬الذي يحدد الشبكة االستداللية لمرتبات‬


‫الموظفين ونظام دفع رواتبهم‪.1‬‬
‫ولتجنب وقوع الموظف في جرائم الفساد ينبغي على الحكومة ضرورة مراجعة رواتب الموظفين‬
‫العمومين من حين آلخر لتتماشى مع تطور القدرة الشرائية وتحسن األوضاع االقتصادية في البالد‪.‬‬
‫و‪ -‬اعتماد البرامج التعليمية والتدريبية لرفع كفاءة الموظفين‪:‬‬
‫إن وضع آليات التدريب واإلعداد المهني للموظفين في جميع الهياكل اإلدارية للدولة هي من‬
‫العوامل الهامة المساعدة على دعم الوعي السلوكي للموظفين من خالل تعميق اإلدراك لديهم بان‬
‫قدراتهم ونزاهتهم واخالصهم وفعاليتهم في العمل هو الوسيلة المناسبة لتحقيق ذواتهم والنجاح في‬
‫حياتهم العملية وبالتالي الحد من ظاهرة الفساد‪.‬‬
‫ويقصد بالتكوين والتدريب " تلك الجهود المتخذة من قبل مختلف اإلدارات والمؤسسات بهدف‬
‫تزويد الموظفين بالمعلومات والمعارف التي تزيد من مهارتهم وقدراتهم في آداء العمل‪ ،‬وتنمية و‬
‫تطوير ما لديهم من مهارات ومعارف أو خبرات بما يزيد من كفاءتهم في أداء عملهم الحالي وهو‬
‫يختلف عن التعليم ذلك الن التدريب يركز على زيادة القدرات و المهارات‪ .2‬وهو نفسه ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 104‬من األمر رقم‪ 03-06 :‬المتضمن القانون األساسي للوظيفة العمومية تحت عنوان‬
‫"التكوين" ‪ ":‬يتعين على اإلدارة تنظيم دورات التكوين وتحسين المستوى بصفة دائمة قصد ضمان‬
‫تحسين تأهيل الموظف وترقيته المهنية وتأهيله لمهام جديدة"‪.‬‬
‫من جهة أخرى تلعب سياسة التدوير الوظيفي (التنقل الوظيفي) دو ار وقائيا هاما في مكافحة‬
‫الفساد اإلداري‪ ،‬ذلك أن بقاء المسؤول اإلداري فترة طويلة في المنصب نفسه يتسبب في بروز ظاهرة‬
‫الفساد فيؤدي نقله من منصب إلى آخر إلى العمل بشكل مغاير وبتحفظ إلى حين التعرف إلى محيط‬
‫مهنته ويتم نقله مرة ثانية في شكل حلقة دورية إجبارية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التزام التصريح بالممتلكات‪:‬‬
‫يعتبر التصريح بالممتلكات من اإلجراءات الوقائية التي تتبعها الدولة في إطار مكافحة الفساد‬
‫بكافة أشكاله‪ ،‬وعليه ألزم القانون ‪ 01-06‬كل موظف عمومي التصريح بممتلكاته في بداية وظيفته‬
‫وعند انتهائها‪ ،‬وهو اإللزام نفسه بالنسبة للمنتخب عند بداية عهدته وعند نهايتها‪ ،‬والهدف من ذلك‬
‫ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون العمومية‪ .‬في هذا الشأن نصت المادة ‪ 4‬من القانون‪-06‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ 304-07 :‬الصادر في ‪ 2007/09/29‬يحدد الشبكة االستداللية لمرتبات الموظفين ونظام دفع‬
‫رواتبهم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،61‬الصادرة في‪ 30 :‬سبتمبر ‪.2007‬‬
‫‪2‬‬
‫نجار لويزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.261‬‬
‫‪35‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ 01‬على‪ ":‬قصد ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون العمومية وحماية الممتلكات العمومية‬
‫وصون نزاهة األشخاص المكلفين بخدمة عمومية‪ ،‬يلزم الموظف العمومي بالتصريح بممتلكاته‪ .‬يقوم‬
‫الموظف العمومي باكتتاب تصريح بالممتلكات خالل الشهر الذي يعقب تاريخ تنصيبه في وظيفته‬
‫أو بداية عهدته االنتخابية يجدد هذا التصريح فور كل زيادة معتبرة في الذمة المالية للموظف العمومي‬
‫بنفس الكيفية التي تم بها التصريح األول‪ .‬كما يجب التصريح بالممتلكات عند نهاية العهدة االنتخابية‬
‫أو عند انتهاء الخدمة"‪.‬‬
‫وهو األمر نفسه الذي نصت عليه اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المادة ‪05/08‬‬
‫التي تنص على‪ ":‬تسعى كل دولة طرف عند االقتضاء ووفقا لمبادئها األساسية لقانونها الداخلي إلى‬
‫وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بان يفصحوا للسلطات المعنية عن أشياء لهم من أنشطة‬
‫خارجية وعمل وظيفي واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة قد تفضي إلى تضارب في‬
‫المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين"‪.‬‬
‫كما تضمنت المادة ‪ 05‬من القانون ‪ 01-06‬محتوى التصريح بالممتلكات والمتمثل في تقديم‬
‫جرد لألموال العقارية والمنقولة بهدف الوقوف على أي كسب غير مشروع يدخل على ثرواته ومسائلته‬
‫عن كل ما يحصل عليه من مال لنفسه أو لغيره دون وجه حق وعن كل زيادة في ثروته أو ثروة‬
‫زوجة أو أوالده القصر في الشيوع في الجزائر أو خارجها‪ ،‬والتي ال تتناسب مع موارده المالية في‬
‫هذا الشأن عرفت المادة ‪/2‬و من القانون ‪ 01-06‬الممتلكات على أنها‪ ":‬الموجودات بكل أنواعها‬
‫سواء كانت مادية أو غير مادية منقولة أو غير منقولة ملموسة أو غير ملموسة والمستندات أو‬
‫السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها"‪.‬‬
‫وهو أيضا ما نصت عليه المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 414-06 :‬والتي يحدد نموذج‬
‫التصريح بالممتلكات كما يلي‪ ":‬يشمل التصريح بالممتلكات جرد جميع الممتلكات العقارية أو المنقولة‬
‫التي يملكها الموظف العمومي وأوالده القصر في الجزائر أو في الخارج"‪.1‬‬
‫كما ألزم المشرع بموجب المادة ‪ 61‬من الق ‪ 01-06‬على ضرورة التزام الموظفين العموميين‬
‫الذين لهم مصلحة في حساب في بلد أجنبي أو حق أو سلطة توقيع أو سلطة أخرى على ذلك‬
‫الحساب بأن يبلغوا السلطات المعنية على تلك العالقة‪.2"...‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 414/06‬الصادر في‪ 22 :‬نوفمبر ‪ ،2006‬يحدد نموذج التصريح بالممتلكات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،74‬الصادرة في‪ 22 :‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 61‬من القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫من جانب آخر وضح القانون‪ 01-06‬الهيئات التي تتلقى التصريح بالممتلكات وميعاده القانوني‪،‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬نصت المادة ‪ 06‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يكون التصريح بالممتلكات الخاص‬
‫برئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وأعضائه ورئيس الحكومة وأعضائها‬
‫ورئيس مجلس المحاسبة ومحافظ بنك الجزائر والسفراء والقناصلة والوالة أمام الرئيس األول للمحكمة‬
‫العليا‪ ،‬وينش ر محتواه في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية خالل الشهرين‬
‫المواليين من تاريخ انتخاب المعنيين أو من تاريخ تسلم مهامهم‪.‬‬
‫يكون التصريح بممتلكات رؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحلية المنتخبة أمام الهيئة ويكون‬
‫محل نشر عن طريق التعليق في لوحة اإلعالنات بمقر البلدية أو الوالية حسب الحالة خالل شهر‪.‬‬
‫ي صرح القضاة بممتلكاتهم أمام الرئيس األول للمحكمة العليا‪ .‬يتم تحديد كيفيات التصريح بالممتلكات‬
‫بالنسبة لباقي الموظفين عن طريق التنظيم"‪.‬‬
‫وعليه نستنتج من نص المادة‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لممتلكات رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وأعضائه ‪...‬‬
‫خالل شهرين من تاريخ االنتخاب أو تسلم المهام‪.‬‬
‫‪ -‬رؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحلية خالل شهر من تاريخ االنتخاب‪.‬‬
‫من جهة أخرى نصت المادة ‪ 2‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 415-06 :‬يحدد كيفيات التصريح‬
‫بالممتلكات بالنسبة للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في المادة‪ 6‬من القانون المتعلق‬
‫بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬وذلك أمام‪:‬‬
‫‪ ‬السلطة الوصية بالنسبة للموظفين العموميين الذين يشغلون مناصب أو وظائف عليا‬
‫في الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬أمام السلطة السلمية المباشرة بالنسبة للموظفين العموميين الذين تحدد قائمتهم بقرار‬
‫من السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية‪.1"...‬‬
‫غير أن المادة ‪ 2‬سالفة الذكر لم تنص صراحة على آجال محددة لتقديم التصريح بالممتلكات‬
‫من طرف السلطة الوصية أو السلمية أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬بل نصت‬
‫على آجال معقولة‪ ،‬وهو ما يفتح الباب أمام تماطل اإلدارة في تطبيق هذه اإلجراء الهام في إطار‬
‫مكافحة الفساد‪.‬‬
‫أما فيما يخص التصريح بالممتلكات بالنسبة للقضاة يكون أمام الرئيس األول للمحكمة العليا‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ، 414/06‬يحدد كيفيات التصريح بالممتلكات بالنسبة للموظفين العموميين غير‬
‫المنصوص عليهم في المادة‪ 6‬من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أما بخصوص جزاء االخالل بعدم التصريح بالممتلكات‪ ،‬نصت عليه المادة ‪ 36‬من القانون‬
‫رقم‪ ":01-06 :‬يعاقب بالحبس من ‪ 06‬أشهر إلى ‪ 05‬سنوات وبغرامة من ‪ 50000‬إلى ‪500000‬‬
‫كل موظف عمومي خاضع قانونا لواجب التصريح بممتلكاته ولم يقم بذلك عمدا بعد مضي شهرين‬
‫من تذكيره بالطرق القانونية أو قام بتصريح غير كامل أو غير صحيح أو خاطئ أو أدلى عمد‬
‫بمالحظات خاطئة أو خرق عمدا االلتزامات التي يفرضها عليه القانون"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدونات سلوك الموظفين العموميين‪:‬‬
‫من أجل دعم مكافحة ظاهرة الفساد نصت اتفاقية األمم المتحدة بموجب المادة‪ 8‬منها تحت‬
‫عنوان‪":‬مدونات قواعد سلوك للموظفين العموميين" على‪":‬على تبني كل دولة طرف وضمن قانونها‬
‫الداخلي مدونة سلوك الموظفين العموميين بما يتوافق مع قواعد المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين‬
‫العموميين الواردة في مرفق قرار الجمعية العامة رقم‪ 59/51:‬المؤرخ في ‪ .19961/12/12‬وهو‬
‫نفسه ما نصت عليه المادة‪ 05/10‬من االتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪ .‬وعليه يجب على الموظفين‬
‫المكلفين بإنفاذ القوانين في جميع األوقات‪ ،‬أن يؤدوا الواجب الذي يلقيه القانون على عاتقهم‪ ،‬وذلك‬
‫بخدمة المجتمع وبحماية جميع األشخاص من األعمال غير القانونية‪ ،‬على نحو يتفق مع علو درجة‬
‫المسؤولية التي تتطلبها مهنتهم‪.‬‬
‫وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 7‬من القانون رقم‪ 01-06:‬يتعلق بالوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته التي تنص على‪ ":‬من أجل دعم مكافحة الفساد‪ ،‬تعمل الدولة والمجالس المنتخبة‬
‫والجماعات المحلية والمؤسسات والهيآت العمومية وكذا المؤسسات العمومية ذات النشاطات‬
‫االقتصادية على تشجيع النزاهة واألمانة‪...‬من خالل وضع مدونات وقواعد سلوكية تحدد اإلطار‬
‫الذي يضمن األداء السليم والنزيه للوظائف العمومية والعهدة االنتخابية‪.‬‬
‫أما بخصوص التدابير المتعلقة بسلك القضاة‪ ،‬فلقد أقرت االتفاقية األممية لمكافحة الفساد في‬
‫المادة ‪ 11‬منها بعنوان " التدابير المتعلقة بالجهاز القضائي وأجهزة النيابة العامة"‪ ،‬حث الدول‬
‫األعضاء وفقا ألنظمتها الداخلية ودون المساس باستقاللية القضاء‪ ،‬على اتخاذ تدابير لتدعيم النزاهة‬
‫ودرء فرص الفساد بين أعضاء الجهاز القضائي ويمكن أن تظهر هذه التدابير في شكل مدونات‬
‫قواعد سلوك أعضاء الجهاز القضائي‪.‬‬

‫‪ 1‬حيث أعدت األمم المتحدة َّ‬


‫المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين‪ ،‬الواردة في مرفق قرار الجمعية العامة ‪،59/51‬‬
‫المدونة النموذجية كمصدر إلرشاد الدول التي‬
‫المؤرخ ‪12‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪ .1996‬وتشير اتفاقية مكافحة الفساد إلى هذه َّ‬
‫تسعى إلى إعداد مدونات أخالقية لقطاعها العام‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وهو أيضا ما نصت عليه االتفاقية العربية لمكافحة الفساد بموجب المادة ‪ 12‬منها والتي نصت‬
‫على تدابير وقائية تتعلق بتعزيز استقالل القضاء و أجهزة النيابة العامة‪ ،‬بحيث ألزمت الدول األطراف‬
‫بأن تتخذ وفقا لمبادئ أنظمتها الداخلية كل ما من شأنه ضمان و تعزيز استقالل القضاء و أعضاء‬
‫الني ابة العامة و تدعيم نزاهتهم و توفير الحماية الالزمة لهم‪.1‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فلقد أقر التدابير المتعلقة بسلك القضاة بموجب المادة‪ 12‬من‬
‫القانون‪ 01-06‬والتي نص فيها على ضرورة وضع قواعد ألخالقيات المهنة وفقا للقوانين والتنظيمات‬
‫المعمول بها‪ .‬من جانب آخر نصت المادة ‪ 64‬من القانون األساسي للقضاء على ضرورة وضع‬
‫مدونة ألخالقيات مهنة القضاء يضعها المجلس األعلى للقضاء‪ ،‬حتى يلتزم القاضي باإلستقاللية و‬
‫الحياد و النزاهة وحمايته من كافة أشكال الفساد‪.2‬‬
‫رابعا‪ :‬ابرام الصفقات العمومية‪:‬‬
‫يعتبر مجال الصفقات العمومية من أكثر المجاالت التي مسها الفساد اإلداري والمالي على‬
‫اعتبارها من اهم القنوات المستهلكة لألموال العامة‪ .‬وتعد من الوسائل الهامة في تلبية الطلبات العامة‬
‫وخدمة الصالح العام لذا خصها المشرع بقانون خاص ينظمها ويحميها من المتاجرة بها أو اإلخالل‬
‫بواجب النزاهة ضمانا للحد من الصفقات المشبوهة والفاسدة التي يترتب عنها أضرار خطيرة كون‬
‫الحق المعتدى عليه هو المال العام ونزاهة الوظيفة العامة‪.‬‬

‫وعليه يعد قانون الصفقات العمومية من العقود الهامة التي تبرم مع المتعاملين المتعاقدين‪،‬‬
‫ذلك أن اإلدارة تتنازل لهم عن جزء من أهمية تسيير المرفق العام في إطار مبدأ الشفافية في تسيير‬
‫الحياة االقتصادية وضمان الرقابة على إنفاق المال العام وتحصينه من جرائم الفساد التي تقع من‬
‫طرف الموظفين العموميين خالل مختلف مراحل إبرام أو تنفيذ الصفقة العمومية‪.3‬‬

‫ولألسف تتعدد صور الفساد المتفشية في الصفقات العمومية‪ ،‬وهي مصاحبة لجميع مراحل‬
‫إبرام الصفقة ابتداء من اختيار طريقة إبرامها ومرو ار بإجراءاتها وشكلياتها وانتهاءا باختيار المتعامل‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬نص المادة‪ 12‬من االتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 64‬من القانون رقم‪ 11-04 :‬الصادر في‪ 6 :‬سبتمبر ‪ ،2004‬المتضمن القانون االساسي للقضاء‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،57:‬الصادرة في‪ 08:‬سبتمبر‪..2004‬‬
‫‪3‬‬
‫عمار ميسوري‪ ،‬التدابير اإلستعجالية ق بل إبرام الصفقات العمومية وبعدها‪ ،‬الملتقى الوطني حول‪ :‬الصفقات العمومية‪،‬‬
‫مجلس الدولة يومي‪27 :‬و‪ 28‬نوفمبر ‪ ،2016‬ص‪.02‬‬
‫‪39‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المتعاقد وتنفيذ الصفقة‪ ،‬فكل هذه المراحل هي عرضة لمخاطر الفساد لكن المالحظ أن مرحلة اإلبرام‬
‫هي أكثر المراحل عرضة لتفشي الفساد ألنها تشهد تنافسا كبي ار بين مختلف المتعاملين‪.1‬‬
‫وعليه خضع قانون الصفقات العمومية منذ سنة ‪ 2010‬إلى تعديالت عديدة كان آخرها‬
‫صدور المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15 :‬الصادر في‪ 16:‬سبتمبر ‪ ،2015‬يتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفق العام‪ .2‬حيث ظل الهدف دائما سد الثغرات التي كانت تحتويها قوانين‬
‫الصفقات العمومية السابقة وغلق الباب أمام الموظفين الفاسدين في هذا المجال‪ ،‬إضافة إلى تعميق‬
‫مبدأ الشفافية ومكافحة كافة أشكال الفساد المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية كإجراء وقائي للحفاظ‬
‫على األموال العامة وضمان معايير الشفافية والمنافسة الشريفة بين المتعهدين‪.‬‬
‫‪-1‬تعريف الصفقات العمومية‪:‬‬
‫يعرف الفقه العقد اإلداري على أنه ‪ " :‬العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام‬
‫بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره و تظهر نيته في األخذ بأسلوب القانون العام و ذلك بتضمين‬
‫العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪.3‬‬
‫كما تعرف المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15 :‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام بأنها‪ ":‬عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به‪ ،‬تبرم بمقابل مع متعاملين‬
‫اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم‪ ،‬لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في‬
‫مجال األشغال واللوازم والخدمات والدراسات"‪.4‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 6‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬على المصلحة المتعاقدة وهي‪:‬‬
‫اإلدارات العمومية‪ ،‬الهيئات الوطنية المستقلة‪ ،‬الواليات‪ ،‬البلديات المؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫‪5‬‬
‫اإلداري‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫مقالتي منى‪ ،‬جريمة المحاباة في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى الوطني حول التصدي الجزائي والمؤسساتي للفساد في‬
‫الجزائر‪-‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ -‬قسم العلوم القانونية واالدارية‪ -‬يوم ‪ 27‬افريل ‪،2016‬‬
‫ص ‪.10‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15 :‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫عمار بوضياف‪ ،‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،2011 ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15 :‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 6‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫من جهة أخرى تطرقت المادة ‪ 01/26‬من القانون ‪ 01-06‬إلى مفهوم الصفقة العمومية‪ ":‬كل‬
‫موظف عمومي يقوم بإبرام عقد أو يؤشر أو يراجع عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ‪ ...‬مخالفا بذلك‬
‫األحكام التشريعية"‪.1‬‬
‫يتمثل موضوع الصفقات العمومية وفق نص المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪247-15:‬‬
‫في العمليات التالية‪ :‬إنجاز األشغال‪ -‬اقتناء اللوازم‪ -‬تقديم الخدمات‪ -‬إنجاز الدراسات‪.‬‬
‫‪ -2‬مراحل ابرام الصفقات العمومية‪ :‬النجاز الصفقات العمومية تتبع اإلدارة أحد األسلوبين‬
‫للتعاقد‪ ،‬إما وفقا إلجراء المناقصة الذي يشكل األصل بهدف الحصول على العروض من عدة‬
‫متعاملين متنافسين مع تخصيص الصفقة للمتعامل الذي يقدم أفضل عرض‪ ،‬أو وفق إجراء التراضي‬
‫والذي بموج به يتم تخصيص الصفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة‪.‬‬
‫وعموما يتم إبرام الصفقات العمومية وفق شروط ومراحل محددة نص عليها قانون الصفقات‬
‫العمومية ‪ 247-15‬سالف الذكر نوجزها كما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬تبرم الصفقة قبل أي تنفيذ للخدمات‪.‬‬
‫‪ -‬تبرم الصفقات العمومية طبقا إلجراءات المناقصة التي تهدف للحصول على عروض من‬
‫عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة للمتعهد الذي يقدم أفضل عرض‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن إبرام الصفقات العمومية في شكل التراضي البسيط والذي يعتبر قاعدة إستثنائية‪.‬‬
‫‪ -‬تكون الصفقة وطنية أو دولية مفتوحة أو محدودة‪.‬‬
‫حيث تمر الصفقة العمومية بعدة مراحل نذكر منها‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة اإلعالن عن المناقشة من طرف المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التقديم‪ ،‬وهو العرض الذي يتقدم به المتعهد للمنافس قصد الفوز بالصفقة‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة إرساء الصفقة بعد اجتماع لجنة الصفقات الذي تم فيه فتح ودراسة أظرفة المتعهدين‪.‬‬
‫‪ -‬يتم اعتماد المتعهد الذي يقدم أقل عرض (أفضل عرض)‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التصديق واعتماد الصفقة وتتم في هذه المرحلة المصادقة على الصفقة من قبل‬
‫السلطات المختصة وذلك بقرار يبلغ للمتعاقد في أجل شهر‪.‬‬
‫‪ -3‬معايير إبرام الصفقات العمومية‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 9‬من اتفاقية األمم المتحدة تحت عنوان‪":‬المشتريا العمومية وادارة األموال‬
‫العمومية" القيام بالخطوات الالزمة النشاء نظم اشتراء مناسبة تقوم على الشفافية والتنافس‪ ،‬وتوزيع‬
‫المعلومات المتعلقة بإجراءات وعقود اإلشتراء‪ ،‬بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالدعوات إلى المشاركة‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 2/26‬من القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد وماكفحته‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫في المناقصات‪ ،‬والمعلومات ذات الصلة أو الوثيقة الصلة بإرساء العقود‪ ،‬توزيعا عاما‪ ،‬مما يتيح‬
‫لمقدمي العروض المحتملين وقتا كافيا إلعداد عروضهم وتقديمها‪ .‬والقيام مسبقا بإقرار ونشر شروط‬
‫المشاركة‪ ،‬بما في ذلك معايير اإلختيار وارساء العقود‪ ،‬وقواعد المناقصة‪ .‬واستخدام معايير موضوعية‬
‫ومقررة مسبقا إلتخاذ القرارات المتعلقة بالمشتريات العمومية‪ ،‬تيسي ار للتحقق من صحة تطبيق القواعد‬
‫أو اإلجراءات‪ .‬واقامة نظام فعال للمراجعة الداخلية بما في ذلك نظام فعال للطعن ضمانا لوجود سبل‬
‫قانونية للتظلم واإلنتصاف في حال عدم اتباع القواعد أو اإلجراءات الموضوعة ‪.1"...‬‬
‫من جهة أخرى نصت أيضا اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد بموجب المادة‪ 07/10‬على حث‬
‫الدول األطراف على اتخاذ جملة من الخطوات الالزمة إلنشاء نظم تقوم على الشفافية والتنافس وعلى‬
‫معايير موضوعية فيما يتعلق بالمشتريات العمومية والمناقصات‪ ،‬وذلك لغايات منع كافة أشكال‬
‫الفساد‪.2‬‬
‫أما بخصوص القانون ‪ 01-06‬فلقد نص على جملة من المعايير إلبرام الصفقات العمومية‬
‫الهدف منها إرساء قواعد الشفافية والمنافسة الشريفة‪ ،‬في هذا الصدد نصت المادة ‪ 09‬على‪ ":‬يجب‬
‫أن تؤسس اإلجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية على قواعد الشفاهية والمنافسة‬
‫الشريفة وعلى معايير موضوعية‪ .‬ويجب أن تكرس هذه القواعد على وجه الخصوص‪:‬‬
‫‪ ‬عالنية المعلومات المتعلقة بإجراءات إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‪.‬‬
‫‪ ‬معايير موضوعية ودقيقة التخاذ الق اررات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة كل طرق الطعن في حالة عدم احترام قواعد إبرام الصفقات العمومية"‪.‬‬
‫وبذلك حاول المشرع غلق منافذ الفساد في مجال إبرام الصفقات العمومية مع وضع شروط‬
‫مسبقة لكيفية المشاركة في الصفقة والفوز بها‪ ،‬إضافة إلى وضع معايير علمية دقيقة لتقييم عروض‬
‫المتعهدين التخاذ القرار الصائب‪ .‬كما منح قانون الصفقات العمومية للمتعهدين حق الطعن في حالة‬
‫اإلخالل بقواعد إبرام الصفقات العمومية كعدم احترام اآلجال مثال‪.‬‬
‫وبغرض مكافحة الفساد في مجال الصفقات العمومية أنشأت بموجب المادة ‪ 213‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم‪ 247-15:‬سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام تعمل على إعداد‬
‫تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ومتابعة تنفيذه واعالم ونشر وتعميم كل الوثائق‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 9‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 07/10‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫والمعلومات المتعلقة بالصفقات العمومية وتوفيوضات المرفق العام‪ ،‬إضافة إلى المبادرة ببرامج‬
‫التكوين في مجال الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪.1‬‬
‫كما تقوم هذه السلطة بانشاء مدونة أدبيات وأخالقيات المهنة لألعوان العموميين المتدخلين‬
‫في مراقبة وابرام وتنفيذ الصفقات العمومية على أن يطلع األعوان العموميون على هذه المدونة‬
‫ويتعهدون بإحترامها بموجب تصريح ‪ ،‬كما يجب عليهم اإلمضاء على تصريح بعدم وجود تضارب‬
‫المصالح‪.2‬‬
‫من جانب آخر وفي إطار تنفيذ اإلدارة اإللكترونية والتطبيقات الشاملة بهدف تقريب اإلدارة‬
‫من المواطن وتحسين الخدمات العمومية ‪ ،‬أعلن الوزير األول ووزير المالية أيمن عبد الرحمان عن‬
‫حيز التّنفيذ في‬
‫إنشاء البوابة اإللكترونية للصفقات العمومية‪،‬حيث يهدف هذا المشروع إلى وضع ّ‬
‫أواخر سنة‪ 2021‬نظام رقمنة إجراءات إبرام الصفقات العمومية وفقًا ألحكام المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 247-15‬المؤرخ ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‬
‫بهدف إسداء أكثر شفافية ومراقبة ومعالجة جيدة لتسيير النفقات العمومية من قبل مختلف الجهات‬
‫المعنية‪،‬و ضمان احترام أكبر لمبادئ حرية الوصول إلى الطلب العمومي والمساواة بين المرشحين‬
‫وشفافية اإلجراءات‪.3‬‬
‫بالرجوع الى الواقع نالحظ كثرة الجرائم المتعلقة بابرام الصفقات العمومية وهو ما يعكس نقص‬
‫الفعالية والصرامة في تطبيق أحكام القانون‪.01-06‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادتان ‪ 214-213‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق‬
‫العام‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫النوي خرشي‪ ،‬الصفقات العمومية‪ ،‬دراسة تحليلية و نقدية و تكميلية لمنظومة الصفقات العمومية‪ ،‬دار الهدى للطباعة و‬
‫النشر و التوزيع‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬ص ‪.266‬‬
‫‪3‬‬
‫ألكثر تفاصيل‪ :‬راجع تصريح الوزير األول وزير المالية أيمن عبد الرحمن بشأن إنشاء البوابة االلكترونية للصفقات‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫الجزائرية‬ ‫األنباء‬ ‫وكالة‬ ‫موقع‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫العمومية‪،‬‬
‫‪https://www.aps.dz/ar/economie/tag/%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9%20%‬‬
‫‪D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9‬‬
‫بتاريخ‪ ،2022/01/13:‬على الساعة‪.10:54:‬‬
‫‪43‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫خامسا‪ :‬تسيير األموال العمومية‪:‬‬


‫تكتسي المالية العامة أهمية بالغة في تحقيق األهداف النهائية للسياسة اإلقتصادية‪ ،‬فالدور‬
‫المنوط بها إلى جانب آليات وأدوات السياسة اإلقتصادية األخرى يجعلها تحتل صفا ومرتبة مرموقة‬
‫في أدوات التعديل االقتصادي‪.1‬‬
‫وعلى اعتبار ارتباط ظاهرة الفساد بتسيير األموال العمومية ومنه ضرورة وجود الشفافية كآلية‬
‫للتعامل مع الجمهور‪ ،‬فإنه يجي العمل على الحد من هذه الظاهرة للحفاظ على المال العام ونزاهة‬
‫وشفافية الوظيفة العامة‪.‬‬
‫حيث تعتبر ميزانية الدولة انعكاسا لدورها االقتصادي المتمثل في تلبية حاجات أفراد المجتمع‪،‬‬
‫والذي يتطلب صرف أمواال باهضة وفق أطر وآليات حددها المشرع حفاظا على المال العام من‬
‫النهب والفساد وهو ما نصت عليه المادة ‪ 02/09‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد حيث‬
‫تتخذ كل الدول األطراف وفقا لمبادئ نظامها الداخلي تدابير مناسبة لتعزيز الشفافية و المساءلة في‬
‫إدارة األموال العمومية و المتمثلة إجراءات العتماد الميزانية الوطنية واإلبالغ عن اإليرادات و النفقات‬
‫في حينها واالعتماد على نظام يتضمن معايير المحاسبة و مراجعة الحسابات و ما يتصل بذلك من‬
‫رقابة وتبني نظام فعال و كفؤ لتد بر المخاطر و للمراقبة الداخلية‪ .‬واتخاذ تدابير تصحيحية عند‬
‫االقتضاء‪ ،‬واتخاذ تدابير مدنية و إدارية للمحافظة على سالمة دفاتر المحاسبة أو السجالت أو‬
‫البيانات المالية أو المستندات األخرى ذات الصلة بالنفقات و اإليرادات العمومية لمنع التزوير الذي‬
‫‪2‬‬
‫قد يطولها‪.‬‬
‫بالنسبة للمشرع الجزائري نص في جملة من القوانين المنظمة لصرف المال العام في الدولة‬
‫على اتخاذ التدابير الالزمة لتعزيز الشفافية والرقابة على صرف المال العام مثل‪ :‬قانون الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬قوانين المالية‪ ،‬طرق إعداد ميزانية الدولة‪...‬الخ‪.‬‬
‫في هذا الشأن نصت المادة ‪ 10‬من القانون رقم‪ 01-06:‬على‪ ":‬تتخذ التدابير الالزمة لتعزيز‬
‫الشفافية والمسؤولية والعقالنية في تسيير األموال العمومية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما‪ ،‬وال‬
‫سيما على مستوى القواعد المتعلقة بإعداد ميزانية الدولة وتنفيذها"‪ .‬حيث ركز المشرع على مبادئ‬
‫تحكم صرف ال مال العام كاعتماد الشفافية وتحمل المسؤولية والعقالنية والرشادة‪ ،‬وخاصة ما تعلق‬
‫بمبادئ إعداد ميزانية الدولة وتنفيذها حماية للمال العام من ظاهرة الفساد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد عباس محرزي‪ ،‬اقتصاديات المالية العامة – النفقات العامة – اإليرادات العامة – الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ط‪ ،6‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،2015 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 02/09‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪44‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫والمالحظ أن السلطة التنفيذية تلعب الدور األساسي في تحضير الميزانية والذي يستند إلى‬
‫عدة اعتبارات أهمها أن ا لميزانية هي تعبي ار عن البرنامج و المخطط الحكومي‪ ،‬كما أن هذه السلطة‬
‫هي المخولة بإدارة مختلف وحدات القطاع العام‪ ،‬فضال عن معرفتها بالمقدرة المالية لالقتصاد‬
‫الوطني‪. 1‬‬
‫سادسا‪ :‬الشفافية في التعامل مع الجمهور‪:‬‬
‫وفقا لمبادئ الديمقراطية‪ ،‬للمواطنين الحق في االطالع على كل ما يتعلق بتسيير الشؤون‬
‫العامة‪ ،‬بقصد الرقابة ودعما للشفافية وتعزي از للثقة بين الحاكم والمحكوم‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 26‬من‬
‫تحيز اإلدارة‪ .‬كما تلزم‬
‫دستور ‪ 2020‬على أن اإلدارة في خدمة المواطن‪ ،‬وأن القانون يضمن عدم ّ‬
‫اإلدارة برد معلل في أجل معقول بشأن الطلبات التي تستوجب إصدار قرار إداري‪ .‬كما تتعامل‬
‫اإلدارة بكل حياد مع الجمهور في إطار احترام الشرعية‪ ،‬وأداء الخدمة بدون تماطل‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته المادة ‪ 10‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد تحت عنوان‪ ":‬إبالغ الناس"‬
‫أنه يجب على كل دولة طرف أن تعتمد إجراءات ولوائح تمكن عامة الناس من الحصول على‬
‫معلومات عن كيفية تسيير إدارتها العمومية وعمليات اتخاذ القرار فيها‪.2‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬نصت المادة ‪ 11‬من القانون‪ 01- 06‬تحت عنوان‪" :‬الشفافية في التعامل مع‬
‫الجمهور" على‪ ":‬إلضفاء الشفافية على كيفية تسيير الشؤون العمومية‪ ،‬يتعين على المؤسسات‬
‫واإلدارات والهيآت العمومية أن تلتزم أساس‪:‬‬
‫‪ -‬باعتماد إجراءات وقواعد تمكن الجمهور من الحصول على معلومات تتعلق بتنظيمها وسيرها‬
‫وكيفية اتخاذ القرار فيها‪.‬‬
‫‪ -‬بتبسيط اإلجراءات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -‬بنشر معلومات تحسيسية عن مخاطر الفساد في اإلدارة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬بالرد على عرائض وشكاوى المواطنين‪.‬‬
‫‪ -‬بتسبيب ق ارراتها عندما تصدر في غير صالح المواطنين‪ ،‬وبتبيين طرق الطعن المعمول بها"‬
‫وهو مسلك حسن من المشرع الجزائري لتقريب اإلدارة من المواطن ومراقبة عملها وكشف‬
‫فسادها عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حياة عوامرية‪ ،‬التدابير الوقائية لمكافحة ظاهرة الفساد في إطار القانون‪ ،01-06‬مذكر ماستر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‪ 8‬ماي‪ 1945‬قالمة‪ ،2019 ،‬ص‪.59‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 10‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪45‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫سابعا‪ :‬مشاركة المجتمع المدني‪:‬‬


‫يعتبر المجتمع المدني من بين أهم استراتيجيات الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬وحتى يحقق‬
‫الفعالية و اإليجابية في التعامل مع ظاهرة الفساد‪ ،‬ينبغي توافر العديد من المقومات و لعل أهمها‬
‫األرضية الخالية من النزاعات السياسية أو الطائفية أو االجتماعية حتي يتمكن من أداء المهام‬
‫المنوطة به كشريك مساهم بشكل اساسي في إنجاح مشاريع التغيير و اإلصالح وتحقيق التنمية‬
‫المستدامة‪.1‬‬
‫يمكن تعريف مؤسسات المجتمع المدني بانها " مجموعة المنظمات والهيئات والجمعيات‬
‫التطوعية والمؤسسة على قاعدة التعاقد‪ ،‬والمستقلة عن سلطة الحكومة والتي يتبنى أعضاؤها أهدافا‬
‫مشتركة‪ ،‬يحققونها عن طريق العمل الجماعي‪ ،‬والمشاركة الواعية في مجاالت مختلفة اقتصادية و‬
‫ثقافية ودينية واجتماعية وانسانية وغيرها‪ ،‬باالعتماد على أنفسهم إلى الحد الذي تصبح فيه تلك‬
‫المنظمات والهيئات والجمعيات بمثابة قوة اجتماعية تقلل من سلطة الدولة وتكون المراقب عليها و‬
‫‪2‬‬
‫على أعمالها "‪.‬‬
‫كما يالحظ في هذا االطار أ ن معظم الكتابات الخاصة بالمجتمع المدني تنطلق من فرضية‬
‫وجوده وفعاليته وقدرته على القيام بما يطلب منه من أدوار‪ ،‬بشرط توفر مجموعة من الشروط أهمها‬
‫‪3‬‬
‫االستقاللية عن الدولة "‪.‬‬
‫في هذا الشأن حثت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموحب المادة ‪ 13‬منها على تعزيز‬
‫مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته عن طريق جملة من‬
‫اإلجراءات مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان الحصول على المعلومة للناس بشكل يسير‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بأنشطة إعالمية وبرامج توعية عامة تشمل المناهج المدرسية والجامعية تسهم في نشر‬
‫الفكر غير المتسامح مع الفساد‪.‬‬
‫‪ -‬احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها‬
‫على أن ال تمارس هذه الحرية بصورة مطلقة‪ ،‬وانما تفرض لها قيود بشرط أن تكون قانونية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حياة عوامرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪65‬‬
‫‪2‬‬
‫إسراء عالء الدين نوري‪ ،‬دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة ظاهرة الفساد – دراسة حالة العراق‪ -‬مجلة جامعة‬
‫تكريت للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ 6‬السنة ‪ ،2020‬ص ‪.375‬‬
‫‪3‬‬
‫موسى بودهان‪ ،‬النظام القانوني لمكافحة الرشوة‪ ،‬دار الهدى – عيم مليلة – الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص ص ‪.340-339‬‬
‫‪46‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فلقد شجع على مشاركة المجتمع المدني بموجب الفقرة ‪ 11‬من‬
‫إن الشعب الجزائري ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرية‬ ‫ديباجة دستور ‪ 2020‬والتي جاء فيها‪ّ ":‬‬
‫والديمقراطية‪ ،‬وهو متمسك بسيادته واستقالله الوطنيين‪ ،‬ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات‪،‬‬
‫أساسها مشاركة كل المواطنين والمجتمع المدني‪ ،‬بما فيها الحالية الجزائرية في الخارج‪ ،‬في تسيير‬
‫الشؤون العمومية‪ ،‬والقدرة على تحقيق العدالة االجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد"‬
‫كما عززت المادة ‪ 03/16‬من التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬تشاركية المجتمع المدني‪ ":‬تشجع‬
‫الدولة الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية‪ ،‬السيما من خالل المجتمع المدني‪".‬‬
‫وعليه نصت المادة‪ 213‬من التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬على إنشاء آلية مؤسساتية تتمثل‬
‫في المرصد الوطني للمجتمع المدني وهو هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية يقوم بتقديم آراء‬
‫وتوصيات متعلقة بانشغاالت المجتمع المدني‪ ،‬كما يساهم المرصد في ترقية القيم الوطنية والممارسة‬
‫‪1‬‬
‫الديمقراطية والمواطنة ويشارك مع المؤسسات األخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية‬
‫بالرجوع إلى القانون‪ 01-06‬نصت المادة ‪ 15‬منه على‪ ":‬يجب تشجيع مشاركة المجتمع‬
‫المدني في الوقاية من الفساد ومكافحته بتدابير مثل‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد الشفافية في كيفية اتخاذ القرار وتعزيز مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج تعليمية وتربوية وتحسيسية بمخاطر الفساد على المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين وسائل اإلعالم والجمهور من الحصول على المعلومات المتعلقة بالفساد مع مراعاة‬
‫حرمة الحياة الخاصة وشرف وكرامة األشخاص‪ ،‬وكذا مقتضيات األمن الوطني والنظام العام‬
‫وحياد القضاء"‪.‬‬
‫وقصد تحقيق الفعالية في مشاركة المجتمع المدني في مكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬يجب على الدولة‬
‫تشجيع الصحافة المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدني بوضع تحت تصرفهم كافة المعلومات‬
‫المتعلقة بكيفية تسيير اإلدارة واتخاذ ق اررتها وكيفية تسيير األموال العمومية واالطالع على كافة‬
‫المستجدات بهذا الشأن‪ ،‬وحماية هذه المؤسسات من التعسف اإلداري الذي يطالها بمناسبة مشاركتها‬
‫في مكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 213‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 442-20:‬يتضمن التعديل الدستوري لسنة‪.2020‬‬
‫‪47‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ثامنا‪ :‬تدابير منع تبييض األموال‪:‬‬


‫يمكن تعريف تبييض األموال على "أنها األنشطة التي تتخذ إلضفاء صفة المشروعية على‬
‫األموال المتحصلة من االتجار غير المشروع في المخدرات‪. "1‬والى وقت قريب كان يقصد باألموال‬
‫القذرة التي تكون محال لعمليات الغسل‪ ،‬تلك األموال التي تستمد من تجارة المخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية والتي تمثل نصف المستمد من التجارة اإلجرامية التي يحترفها اإلجرام المنظم بصفة عامة‬
‫إال أن المدلول اتسع ليشمل االتجار غير المشروع في سلع وخدمات أخرى بعضها تقليدي وبعضها‬
‫مستحدث ‪ ،‬لكن سرعان ما تغيرت هذه النظرة بسبب األنشطة الرئيسة التي يقوم عليها اإلجرام المنظم‬
‫‪ ،‬إذ أنها ليست مقتصرة على االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية فقط ‪ ،‬وانما‬
‫تشمل أيضا أنشط ــة تقليديــة مثــل‪ :‬الدعــارة واالتجار بالنساء واألطفال وغيرها‪ ،‬إضافة إلى األنشطة‬
‫‪2‬‬
‫المستحدثة مثل‪ :‬االتجار في األعضاء البشرية وتزوير بطاقات االئتمان وغيرها‪.‬‬
‫في هذا الشأن تنص المادة ‪ 07‬من إتفاقية األمم المتحدة للجريمة المنظمة عبر الوطنية على‬
‫تدابير مكافحة غسل األموال‪ ،‬حيث يتعين على كل الدول األطراف إنشاء نظام داخلي شامل مؤهل‬
‫ومكلف بالرقابة واإلشراف على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية‪ ،‬على أن يتولى هذا‬
‫النظام الداخلي التشديد والحرص على متطلبات تحديد هوية الزبائن وحفظ السجالت واإلبالغ عن‬
‫‪3‬‬
‫المعامالت المشبوهة‪.‬‬
‫من جا نب آخر تنبت اإلتفاقية األممية لمكافحة الفساد نظام وقائي إجرائي متكامل يهدف إلى‬
‫محاربة غسيل األموال‪ ،‬أين نصت المادة ‪ 14‬منها على جملة من التدابير تتعلق بصفة أساسية بأن‬
‫تعمد الدول االعضاء على تبني وانشاء نظام داخلي شامل للرقابة واإلشراف على المصارف و‬
‫المؤسسات المالية غير المصرفية‪ ،‬بما في ذلك الشخصيات الطبيعية أو االعتبارية التي تقدم خدمات‬
‫‪4‬‬
‫نظامية أو غير نظامية في مجال إحالة األموال أو كل ما له قيمة‪.‬‬
‫وهو أيضا ما تبنته االتفاقية العربية لمكافحة الفساد في مادتها ‪ ، 28‬وذلك بالزام الدول‬
‫األطراف بأن تتخذ وفقا ألنظم تها الداخلية واسترشادا بالمبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المنظمات‬

‫‪1‬‬
‫المطيري صقر بن هالل‪ ،‬جريمة غسل األموال (دراسة حول مفهومها ومعوقات التحقيق فيها واشكاليات تنسيق الجهود‬
‫الدولية لمواجهتها)‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الرياض‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم العدالة الجنائية‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.39‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد محي الدين عوض‪ ،‬جرائم غسل األموال‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 07‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 14‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪48‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫اإلقليمية والدولية المتعددة األطراف لمكافحة غسيل األموال‪ ،‬تدابير وقائية بخصوص فتح الحسابات‬
‫واالحتفاظ بها ومسك الدفاتر التي يتوقع أن تتخذ بشأن تلك الحسابات‪.1‬‬
‫أما بخصوص المشرع الجزائري فلقد تبنى بشأن تبييض األموال إجراءات وقائية وأخرى ردعية‪،‬‬
‫وهذا بموجب المواد من ‪ 389‬مكرر الى ‪ 389‬مكرر‪ 7‬من قانون العقوبات المعدل والمتمم‪.2‬‬
‫في هذا الصدد تنص المادة ‪ 16‬من القانون‪ 01-06‬على جملة من التدابير الوقائية بغرض‬
‫منع تبييض األموال على نحو يتفق مع األحكام الواردة في االتفاقيات الدولية واإلقليمية‪.‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 16‬على‪ ":‬دعما لمكافحة الفساد يتعين على المصارف والمؤسسات المالية‬
‫غير المصرفية‪ ،‬بما في ذلك األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين الذين يقدمون خدمات نظامية أو‬
‫غير نظامية في مجال تحويل األموال أو كل ما له قيمة‪ ،‬أن تخضع لنظام رقابة داخلي من شأنه‬
‫منع وكشف جميع أشكال تبييض األموال وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما"‪.‬‬
‫وعليه يهدف المشرع بإقرار هذه التدابير الوقائية إلى منع ارتكاب جريمة تبييض األموال‪،‬‬
‫بهدف محاصرتها ومكافحتهــا والحد من آثارها المدمرة‪ ،‬سواء في المجال االقتصادي أو االجتماعي‬
‫وحتى السياسي‪ ،‬وهو مسلك محمود من قبل المشرع الجزائري في إطار سعيه الى مكافحة كافة‬
‫اشكال الفساد ومنها الفساد االقتصادي‪.‬‬
‫خالصة‪ :‬يهدف المشرع بإقرار هذه التدابير الوقائية ضمن القطاع العام إلى الوقاية من جرائم‬
‫الفساد قبل وقوعها‪ ،‬بهدف محاصرتها ومكافحتهــا والحد من آثارها المدمرة‪ ،‬وهو مسلك محمود‬
‫من قبل المشرع الجزائري في إطار سعيه الى مكافحة كافة اشكال الفساد قبل وقوعها واستفحالها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التدابير الوقائية لمكافحة الفساد ضمن القطاع الخاص‬
‫يلعب القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام دو ار بار از ومتكامال في النهوض باقتصاد الدولة‬
‫على كافة الصعد‪ ،‬حيث لم تعرف اتفاقية األمم الماتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪ 2003‬مصطلح "‬
‫القطاع الخاص" وانما اكتفت بموجب المادة ‪ 12‬منها بالنص على تدابير يتعين على الدول األعضاء‬
‫االلتزام بها كتعزيز معايير المحاسبة ومراجعة الحساسبات في القطاع الخاص وتعزيز التعاون بين‬
‫أجهزة تطبيق القانون وكيانات القطاع الخاص‪ ،‬ووضع مدونات قواعد السلوك لمختلف كيانات القطاع‬
‫الخاص بغرض ممارسة األنشطة على وجه صحيح ومشرف‪ ،‬وتحديد هوية الشخصيات اإلعتبارية‬
‫والطبيعية المنشئة والمشرفة على إدارة هذه الكيانات بغرض تعزيز الشفافية‪ ،‬ومنع إساءة استخدام‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 28‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ 389‬مكرر‪ 389-‬مكرر‪ 7‬من قانون العقوبات المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫اإلجراءات المنظمة لنشاط الكيانات الخاصة‪ .‬وفرض قواعد وقائية لمنع تضارب المصالح بفرض‬
‫قيود خالل فترات زمنية معقولة على ممارسة الموظفين العموميين السابقين أنشطة مهنية‪.1‬‬
‫وعلى خالف اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬تطرقت اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع‬
‫الفساد ومكافحته في مادتها األولى إلى تعريف القطاع الخاص بأنه " قطاع االقتصاد الوطني الخاضع‬
‫للملكية الخاصة والذي تحكم عملية تخصيص الموارد اإلنتاجية فيه قوى السوق بدال من السلطات‬
‫العامة والقطاعات األخرى لالقتصاد التي تندرج تحت القطاع العام أو الحكومة‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬التدابير الوقائية لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد‪:‬‬
‫نظ ار للدور الهام الذي يلعبه القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام في النهوض باالقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬عمل المشرع على حمايته من كافة أشكال الفساد‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 13‬من القانون‪-06‬‬
‫‪ 01‬على ضرورة اتخاذ تدابير وقائية لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد تتمثل أساسا في‪:‬‬
‫‪ -1‬تعزيز التعاون بين األجهزة التي تقوم بالكشف والقمع وكيانات القطاع الخاص المعنية‪.‬‬
‫‪ -2‬تعزيز وضع معايير واجراءات بغرض الحفاظ على نزاهة كيانات القطاع الخاص‪ ،‬بما في‬
‫ذلك وضع مدونات قواعد السلوك بغرض قيام المؤسسات وكل المهن ذات الصلة بممارسة نشاطاتها‬
‫بصورة عادية ونزيهة وسليمة‪ ،‬للوقاية من تعارض المصالح وتشجيع تطبيق الممارسات التجارية‬
‫الحسنة من طرف المؤسسات فيما بينها وكذا في عالقتها التعاقدية مع الدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬اتخاذ كل التدابير الوقائية المعززة للشفافية في القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -4‬اتخاذ نظم وتدابير وقائية من االستخدام السيء لإلجراءات المنظمة لكيانات القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪-5‬اتخاذ نظم وقائية تستهدف التدقيق الداخلي لحسابات المؤسسات الخاصة‪.‬‬
‫بالرجوع للواقع العملي يؤدي التطبيق الفعلي والصارم لهذه اإلجراءات على القطاع الخاص إلى‬
‫حد كبير تمكينه من الحفاظ على نزاهته وممارسة نشاطه بصورة سليمة ضمن األطر القانونية‬
‫المنظمة لمختلف أنشطته‪ ،‬بما يمكن من مكافحة فعالة لظاهرة الفساد ضمن هذا القطاع الحساس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معايير المحاسبة‪:‬‬
‫بالرجوع إلى اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته خصت القطاع الخاص بتدابير‬
‫وقائية من الفساد ومن هذا المنطلق ألزمت الدول األعضاء باتخاذ اآلليات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اتخاذ اإلجراءات التشريعية وغيرها غرض منع الفساد ومكافحة أعمال الفساد والجرائم ذات‬
‫الصلة التي يرتكبها موظفون في القطاع الخاص أو من قبله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 12‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة األولى من اتفاقية اإلتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته لسنة‪.2003‬‬
‫‪50‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ – 2‬إقامة آليات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في محاربة المنافسة غير العادلة واحترام‬
‫اجراءات الصفقات وحقوق الملكية‪.‬‬
‫‪ -3‬اتخاذ أي اجراءات أخ رى قد تكون الزمة لمنع الشركات من دفع الرشاوى للفوز بمنح‬
‫‪1‬‬
‫الصفقات‪.‬‬
‫أما بخصوص معايير المحاسبة وفق القانون‪ 01-06‬نص المشرع الجزائري بموجب المادة‬
‫‪ 14‬منه على آليات للتدقيق في حسابات الكيانات الخاصة‪ ،‬بغرض الوقاية من الفساد بمنع السلوكيات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬مسك حسابات خارج الدفاتر‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراء معامالت دون تدوينها في الدفاتر أو دون تبيينها بصورة واضحة‪.‬‬
‫‪ -3‬تسجيل نفقات وهمية‪ ،‬أو قيد التزامات مالية دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح‪.‬‬
‫‪ -4‬استخدام المستندات المزيفة‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلتالف العمدي لمستندات المحاسبة قبل انتهاء اآلجال المنصوص عليها في التشريع‬
‫والتنظيم المعمول بهما‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التصدي المؤسساتي لظاهرة الفساد‬
‫حثت إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المادة‪ 6‬منها على تكفل كل دولة طرف‬
‫وفقا لنظامها القانوني‪ ،‬باستحداث هيئة أو هيئات‪ ،‬حسب اإلقتضاء تتولى مهام منع الفساد وذلك عن‬
‫طريق‪:‬‬
‫‪ ‬تنفيذ السياسات المشار إليها في المادة ‪ 5‬من هذه اإلتفاقية‪ ،‬واإلشراف على تنفيذ تلك السياسات‬
‫وتنسيقه عند اإلقتضاء‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم كل دولة طرف وفقا للمبادئ األساسية لنظامها القانوني‪ ،‬بمنح الهيئة أو الهيئات المشار‬
‫إليها في الفقرة األ ولى من هذه المادة ما يلزم من اإلستقاللية‪ ،‬لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من‬
‫اإلضطالع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير ال مسوغ له‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية و موظفين متخصصين‪ ،‬وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤالء‬
‫‪2‬‬
‫الموظفون من تدريب لإلضطالع بوظائفهم‪...‬‬

‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 6‬من إتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪.2003‬‬

‫‪51‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وادراكا من المشرع الجزائري بأهمية مكافحة ظاهرة الفساد بكافة أشكالها قام بترقية الهيئة‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته المنصوص عليها بموجوب المواد من ‪ 24-17‬من القانون‪-06‬‬
‫‪ ،01‬إلى مؤسسة دستورية تتمثل في السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته تتمتع بصفة‬
‫استشارية ورقابية إضافة للديوان المركزي لقمع الفساد‪.‬‬
‫سنتطرق إلى السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته في (المطلب األول)‪ ،‬ثم‬
‫نتناول الديوان المركزي لقمع الفساد في (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫تكفل كل الدول وفقا لمبادئها األساسية ونظامها القانوني إنشاء هيئة أو هيئات حسب اإلقتضاء‬
‫تتولى مكافحة الفساد بكافة أشكاله‪ ،‬ونظ ار لألهمية البالغة التي يوليها المشرع الجزائري لمكافحة‬
‫ظاهرة الفساد التي تنخر الدولة والمجتمع على حد سواء‪ ،‬قام بانشاء السلطة العليا للشفافية والوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته كآلية مؤسساتية دستورية لمكافحة ظاهرة الفساد بموجب المواد من ‪205-204‬‬
‫من التعديل الدستوري لسنة‪ ،2020‬وهي تأتي ترقية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫المنصوص عليها بموجب المواد من ‪ 24-17‬من القانون ‪ ،01-06‬والتي ألغيت بموجب المادة ‪39‬‬
‫من القانون رقم‪ 08-22 :‬الصادر في ‪ 05‬ماي‪ ،2022‬يـحـدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصالحياتها‪ ،1‬وحلت محلها السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬استقاللية السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪:‬‬
‫حيث تنص المادة‪ 204‬من التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬على استقاللية هذه السلطة‪ ":‬السلطة‬
‫العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته مؤسسة مستقلة"‪ .‬وهو ما نصت عليه أيضا المادة ‪02‬‬
‫من القانون‪ 08-22‬على‪ ":‬السلطة العليا للشفافية مؤسسة مستقلة تتمتع بـالـشـخصـيـة المعنوية‬
‫واالستقالل المالي واإلداري"‪ .‬بما يحقق لهذ السلطة االستقاللية اإلدارية والمالية للعمل بعيد عن كافة‬
‫الضغوط خاصة في مجال مكافحة ظاهرة الفساد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫القانون رقم‪ 08-22 :‬الصادر في ‪ 05‬ماي‪ ،2022‬يـحـدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫وتشكيلها وصالحياتها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،32 :‬الصادرة في‪،2022/05/14:‬‬
‫ص ص‪.11-6‬‬
‫‪2‬‬
‫تنص المادة ‪ 42‬من القانون‪ 08-22‬على‪ ":‬تحل تسمية” السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته“‪ ،‬ابتداء من‬
‫تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية‪ ،‬محل تسمية” الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته“‪ ،‬فـي جـمـيـع الـنـصوص‬
‫التـش ـريـعـية والتـنـظـيمـيـة الـسـارية المفعول"‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ثانيا‪ :‬مهام السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪:‬‬


‫في هذا الصدد نصت المادة ‪ 205‬من التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬على‪ ":‬تتولى السلطة‬
‫العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته على الخصوص المهام اآلتية‪:‬‬
‫–وضع استراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬والسهر على تنفيذها‬
‫ومتابعاتها‪،‬‬
‫–جمع ومعالجة وتبليغ المعلومات المرتبطة بمجال اختصاصها‪ ،‬ووضعها في متناول األجهزة‬
‫المختصة‪،‬‬
‫–إخطار مجلس المحاسبة والسلطة القضائية المختصة كلّما عاينت وجود مخالفات‪ ،‬واصدار‬
‫أوامر‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬للمؤسسات واألجهزة المعنية‪،‬‬
‫–المساهمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين اآلخرين في مجال مكافحة الفساد‪،‬‬
‫–متابعة وتنفيذ ونشر ثقافة الشفافية والوقاية ومكافحة الفساد‪،‬‬
‫–إبداء الرأي حول النصوص القانونية ذات الصلة بمجال اختصاصها‪،‬‬
‫–المشاركة في تكوين أعوان األجهزة المكلفة بالشفافية والوقاية ومكافحة الفساد‪،‬‬
‫–المساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد والوقاية ومكافحة‬
‫الفساد‪.‬‬
‫إضافة إلى المهام سابقة الذكر‪ ،‬نصت المواد من ‪ 12-4‬من القانون رقم‪ 08-22:‬على جملة‬
‫من الصالحيات نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬جمع ومركزة واستغالل ونشر أي معلومات وتوصيات من شأنها أن تساعد اإلدارات العمومية‬
‫وأي شخص طبيعي أو معنوي في الوقاية من أفعال الفساد وكشفها‪.‬‬
‫‪ -‬التقييم الدوري لألدوات القانونية المتعلقة بالشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والتدابير‬
‫اإلدارية وفعاليتها في مجال الشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬واقتراح اآلليات المناسبة لتحسينها‬
‫‪ -‬تلقي التصريـحـات بـالـ ـمـمـتـلـكـات وضـمـان مـعــالجتـهــا ومراقبتها وفقا للتشريع الساري المفعول‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان تنسيق ومتابعة األنشطة واألعمال المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته التي تم القيام‬
‫بها‪ ،‬على أساس التقارير الدورية والمنتظمة المدعمة باإلحصائيات والتحاليل والموجهة إليها من قبل‬
‫القطاعات والمتدخلين المعنيين‬
‫‪ -‬وضع شبكة تفاعلية تهدف إلى إشراك المجتمع المدني وتوحيد وترقية أنشطته في مجال‬
‫الشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬تعزيز قواعد الشفافية والنزاهة في تنظيم األنشطة الخيرية والدينية والثقافية والرياضية‪ ،‬وفي‬
‫المؤسسات العمومية والخاصة من خالل إعداد ووضع حيز العمل األنظمة المناسبة للوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫كما تتولى السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته أيضا "التحريات اإلدارية‬
‫والمالية في مظاهر اإلثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي الذي ال يمكنه تبرير الزيادة‬
‫المعتبرة في ذمته المالية"‪ ،‬علما أنه "ال يعتد بالسر المهني أو المصرفي في مواجهة هذه السلطة‪".‬‬
‫كما "يجوز تبليغ و‪/‬أو إخطار السلطة العليا من قبل أي شخص طبيعي أو معنوي لديه معلومات‬
‫أو معطيات تتعلق بأفعال الفساد"‪ ،‬كما أنه بإمكانها معاينة من تلقاء نفسها وجود انتهاك لجودة‬
‫وفعالية إجراءات مكافحة الفساد المطبقة داخل الهيئات واإلدارات العمومية والجمعيات والمؤسسات‪.1‬‬
‫أما على الصعيد الدولي "تسهر السلطة على تطوير التعاون مع الهيئات والمنظمات االقليمية‬
‫والدولية المختصة في الوقاية من الفساد ومكافحته"‪ ،‬وكذا "التعاون بشكل استباقي في وضع طريقة‬
‫منتظمة ومنهجية لتبادل المعلومات مع نظيراتها على المستوى الدولي والمصالح المعنية بمكافحة‬
‫الفساد‪".2‬‬
‫حيث تتميز هذه المؤسسة الدستورية بأن لها صالحيات استشارية ورقابية‪ ،‬وهو مايعزز دورها‬
‫في مكافحة فعالة لكافة أشكال جرائم الفساد‪ .‬كما تعمل على إرساس أسس الحكم الراشد والديمقراطية‬
‫واحترام المواطن وحقوقه‪ ،‬وتعزيز المشاركة المجتمعية في إتخاذ الق اررات والرقابة عليها‪.3‬‬
‫ثالثا‪ :‬تشكيلة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪:‬‬
‫في هذا الصدد تنص المادة ‪ 16‬من القانون‪ 08-22‬على‪ ":‬تتشكل السلطة العليا من الجهازين‬
‫اآلتيين‪:‬‬
‫رئيس السلطة العليا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬مجلس السلطة العليا‪،‬‬
‫حيث يعين رئيس الهيئة من طرف رئيس الجمهورية لعهدة مدتها خمس سنوات‪ ،‬قابلة للتجديد‬
‫مرة واحدة‪ .‬وهــو المـمـثل القانوني للسلطة العليا ويمارس صالحيات مثل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادتان ‪5‬و‪ 6‬من القانون‪.08-22‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 09/08/04‬من القانون‪.08-22‬‬
‫‪3‬‬
‫منية شوايدية‪ ،‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الملتقى الوطني حول التصدي الجزائي والمؤسساتي للفساد في‬
‫الجزائر‪ -‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة ‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم القانونية واالدارية‪ ،‬يوم ‪27‬افريل ‪،2016‬‬
‫ص‪.16‬‬
‫‪54‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬إعداد مشروع االستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬والسهر على‬
‫تنفيذها ومتابعتها‬
‫‪ -‬إعداد مشروع مخطط عمل السلطة العليا‪...‬إلخ‪.1‬‬
‫كما تتكون من مجلس يضم ثالثة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين الشخصيات‬
‫الوطنية المستقلة وثالثة قضاة واحد من المحكمة العليا وواحد من مجلس الدولة والثالث من مجلس‬
‫المحاسبة‪ ،‬عالوة على ثالث شخصيات مستقلة تختار من قبل رئيسي غرفتي البرلمان والوزير األول‬
‫(أو رئيس الحكومة)‪ ،‬على أساس كفاءتها في المسائل المالية والقانونية ونزاهتها وخبرتها في مجال‬
‫الوقاية من الفساد‪.‬‬
‫كما يضم المجلس كذلك ثالث شخصيات من المجتمع المدني‪ ،‬يتم اختيارها من طرف رئيس‬
‫المرصد الوطني للمجتمع المدني‪ .‬ويعينون بموجب مرسوم رئاسي لعهدة مدتها خمس سنوات غير‬
‫قابلة للتجديد‪ .‬حيث يمارس المجلس جملة من الصالحيات نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة مشروع االست ـ ارت ـي ـج ـيــة الــوط ـن ـيــة لــلشفــاف ـيــة والوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬والمصادقة‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة مشروع مخطط عمل السلطة العليا الذي يعرضه عليه رئيس السلطة العليا‪ ،‬والمصادقة‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار األوامر إلى المؤسسات واألجهزة المعنية في حالة اإلخالل بالنزاهة‪.2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الديوان المركزي لقمع الفساد‬
‫يعتبر الديوان المركزي لقمع الفساد هيئة مكملة تندرج في إطار مسعى الدولة نحو مضاعفة‬
‫جهود مكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬وذلك بتدعيم دور الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ‪.‬إذ يعد‬
‫بمثابة مصلحة عملياتية للشرطة القضائية‪ ،‬تضم أغلبية تشكيلته ضباط وأعوان الشرطة القضائية‬
‫لو ازرتي الدفاع والداخلية‪.‬‬
‫‪ -1‬نشأة الديوان المركزي لقمع الفساد‪:‬‬
‫أنشأ هذا الديوان بموجب األمر رقم‪ 05-10:‬الصادر في‪ 26:‬أوت‪ 32010‬يتم القانون‪-06‬‬
‫‪ 01‬حيث أضاف المشرع الفقرة (ن) لنص المادة ‪ 2‬تحت عنوان "المصطلحات" الديوان‪ :‬الديوان‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد ‪ 21‬و‪ 22‬من القانون‪.08-22‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المواد من ‪ 35- 23‬من القانون‪.08-22‬‬
‫‪3‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة‪ 2‬من األمر رقم‪ 05-10:‬الصادر في‪ 2010/08/26:‬يتمم القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‪ ،50‬الصادرة في‪.2010/09/01:‬‬
‫‪55‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المركزي لمكافحة الفساد‪.‬كما استحدث األمر رقم‪ 05-10:‬بموجب المادة‪ 3‬منه باب ثالث مكرر‬
‫يتضمن المادة‪ 24‬مكرر والمادة ‪ 24‬مكرر‪ ، 1‬حيث تنص المادة ‪ 24‬مكرر على‪":‬ينشأ ديوان مركزي‬
‫لقمع الفساد‪ ،‬يكلف بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد‪ .‬تحدد نشكيلة الديوان وتنظيمه وكيفيات‬
‫سيره عن طريق التنظيم"‪.‬‬
‫وفي الصدد نفسه نصت المادة ‪ 24‬مكرر‪ 1‬على‪":‬تخضع الجرائم المنصوص عليها في هذا‬
‫القانون الختصاص الجهات القضائية ذات االختصاص الموسع وفقا ألحكام قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ .‬يمارس أعضاء الشرطة القضائية التابعون للديوان ومهامهم وفقا لقانون اإلجراءات الجزائية‬
‫وأحكام هذا القانون ويمتد اخاصاصهم المحلي في جرائم الفساد والجرائم المرتبطة بها الى كامل‬
‫اإلقليم الوطني"‪.‬‬
‫حيث يقوم الديوان بتعزيز التنسيق بين مختلف مصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬حيث يسمح هذا التنسيق بإضفاء المزيد من الفعالية على محاربة الفساد وفي نفس الوقت‬
‫تسهيل التعاون الدولي بواسطة الشرطة الدولية في مجال مكافحة هذه الظاهرة (اإلنتربول)‪.‬‬
‫‪ -2‬تشكيلته‪:‬‬
‫في‪:‬‬ ‫الصادر‬ ‫رقم‪426-11:‬‬ ‫التنفيذي‬ ‫المرسوم‬ ‫من‬ ‫‪06‬‬ ‫المادة‬ ‫نصت‬
‫‪12011/12/08‬على‪":‬يتشكل الديوان من‪:‬‬
‫‪ ‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعة لو ازرة الدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعة لو ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬أعوان عموميون ذوي كفاءات أكيدة في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬مستخدمي الدعم التقني واإلداري‪.‬‬
‫‪ -3‬المركز القانوني للديوان المركزي لقمع الفساد‪:‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 2‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 426-11‬على أنه ‪ " :‬الديوان مصلحة مركزية‬
‫عملياتية للشرطة القضائية تكلف بالبحث عن الجرائم و معاينتها في إطار مكافحة الفساد"‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلختصاصات‪:‬‬
‫في هذا الصدد نصت المادة ‪ 05‬من المرسوم رقم‪ 426-11 :‬على اختصاصات الديوان‬
‫المركزي لقمع الفساد نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬جمع كل معلومة تسمح بالكشف عن أفعال الفساد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 426-11:‬الصادر في‪ 2011/12/08 :‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه‬
‫وكيفيات سيره‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‪ ،68‬الصادرة في‪.2011/12/14:‬‬
‫‪56‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ ‬جمع الدلة والقيام بتحقيقات في وقائع الفساد واحالة مرتكبيها أمام الجهات القضائية المختصة‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد وتبادل المعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬اقتراح كل إجراء من شأنه المحافظة على حسن سير اإلجراءات‪.1‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التصدي الجزائي والتعاون الدولي لمكافحة الفساد‬

‫كان المشرع الجزائري يجرم الصور المختلفة لجرائم الفساد بموجب المواد من ‪ 121‬إلى ‪138‬‬
‫من قانون العقوبات بهدف حماية نزاهة الوظيفة العمومية مما يلحق بها من خلل أو فساد‪ ،‬غير أنه‬
‫ونتيجة لاللتزامات الدولية للجزائر في مجال مكافحة ظاهرة الفساد وعلى رأسها التصديق على اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪ ،2003‬إضافة إلى تشعب جرائم الفساد واتخاذها ألشكال مستحدثة‬
‫متصلة بعالم المال واألعمال وعدم قدرة نصوص قانون العقوبات على مواجهتها‪ ،‬كان ال بد على‬
‫المشرع استحداث قانون خاص جديد يتوافق مع التطورات الحاصلة في كافة الميادين‪ ،‬وعليه جاء‬
‫القانون ‪ 01-06‬ليكون اإلطار المناسب لمواجهة األشكال المستحدثة لهذه الجريمة إذ نص على‬
‫خمسة وعشرون(‪ )25‬جريمة فساد حاول المشرع من خاللها حصر كافة صور جرائم الفساد‪ ،‬إضافة‬
‫إلى التعاون الدولي واسترداد الموجودات في هذا المجال‪.‬‬
‫سنتطرق إلى جرائم الرشوة واختالس األموال العامة والتستر على الفساد في (المبحث األول)‬
‫ثم نتطرق إلى الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية واخالل الموظف العمومي بالتزاماته في (المبحث‬
‫الثاني)‪ ،‬وأخي ار نتناول التعاون الدولي واسترداد الموجودات في (المبحث الثالث)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬جرائم الرشوة واختالس األموال العامة والتستر على الفساد‬
‫يهدف المشرع من وراء تطبيق القانون ‪ 01-06‬تعزيز النزاهة والمسؤولية والشفافية في تسيير‬
‫القطاعين العام والخاص للحفاظ على األموال التي هي عصب الحياة‪ ،‬وعليه سنتطرق إلى الرشوة‬
‫والجرائم الملحقة بها في (المطلب األول)‪ ،‬ثم نتناول الصور المستحدثة لجرائم الرشوة في (المطلب‬
‫الثاني)‪ ،‬ثم نتطرق إلى جرائم اختالس األموال العامة أو استعمالها على نحو غير شرعي في (المطلب‬
‫الثالث)‪ ،‬وأخي ار نتناول جرائم التستر على الفساد في (المطلب الرابع)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرشوة والجرائم الملحقة بها‬
‫تعد جريمة الرشوة بكافة صورها من بين الجرائم االقتصادية ومن أخطر الجرائم الواقعة على‬
‫الوظيفة واإلدارة العامة‪ ،‬والتي تضر مباشرة بالمصلحة العامة وتعرقل مساعي الدولة في التنمية‪ ،‬كما‬
‫تمس أيضا باألمن الخارجي والداخلي للدولة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة رشوة الموظفين العموميين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 5‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 426-11:‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه وكيفيات سيره‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-1‬مفهوم الرشوة‪ :‬إن قيام الموظف بأداء مهامه إنما يكون بناء على اتفاق بينه وبين الدولة‬
‫لتقديم الخدمات التي توفرها المرافق العامة‪ ،‬فإذا حاول الموظف استغالل وظيفته والحصول من‬
‫طالب خدمة على مقابل ألدائها فإنه سيعرقل عمل االدارة ويشكك في نزاهتها ويصبح الحصول على‬
‫الخدمة قاص ار على األفراد المقتدرين فقط ‪ ،‬وعليه تعرف الرشوة على أنها " اتجار الموظف العام‬
‫بأعمال وظيفته‪ ،‬وهي سلوك ينطوي على طلب أو قبول أو أخذ مزية غير مستحقة مقابل أداء عمل‬
‫أو االمتناع عن أداء عمل أو االخالل بواجبات الوظيفة مع علمه بذلك"‪ .1‬أو هي‪":‬االتجار بأعمال‬
‫الوظيفة أو الخدمة أو استغاللها‪ ،‬وذلك بأن يطلب أو يقبل أو يحصل على عطية وعد بها ألداء‬
‫عمل من أعمال وظيفته أو اإلمتناع عنه أو االخالل بواجباته"‪.2‬‬
‫تشتمل الرشوة على جريمتين متميزتين األولى سلبية من جانب الموظف العمومي المرتشي‬
‫وتسمى بالرشوة السلبية‪ ،‬والثانية إيجابية من جانب صاحب المصلحة الراشي وتسمى بالرشوة‬
‫اإليجابية‪ .‬وبذلك يكون فعل كل من الطرفين في الرشوة جريمة مستقلة عن جريمة الطرف اآلخر‪،‬‬
‫كما ال يلزم توفر الصلة بينهما سواء من ناحية التجريم أو العقاب‪.3‬‬
‫‪-2‬الركن المفترض (الموظف العمومي)‪ :‬تتطلب كل جرائم الفساد –باستثناء القطاع الخاص‪-‬‬
‫الواردة بالقانون ‪ 01-06‬ومنها جريمة الرشوة ركنا مفترضا يتعلق بصفة الجاني‪ ،‬وهو أن يكون‬
‫موظفا عموميا قائما بعمل دائم ضمن مرفق عام‪ ،4‬وبالرجوع إلى الفقه اإلداري عرف البعض الموظف‬
‫اإلداري على أنه‪":‬الشخص الذي يشغل بصفة دائمة وظيفة دائمة تدخل في التنظيم اإلداري لمرفق‬
‫تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام"‪ ،5‬من جانب آخر عرفت المادة‪/2‬ب من القانون‪-06:‬‬
‫‪" 01‬موظف عمومي‪":‬‬

‫‪1‬‬
‫مليكة هنان‪ ،‬جرائم الفساد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2010 ،‬ص‪ ،21‬راجع أيضا‪ ،‬الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‬
‫ص ص ‪.294-292‬‬
‫‪2‬‬
‫نضيرة بوعزة‪ ،‬جريمة الرشوة في ظل القانون ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الملتقى الوطني حول حوكمة‬
‫الشركات كآلية للحد من الفساد المالي واإلداري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬يومي‪ 07-06:‬ماي‪ ،2012‬ص‪.3‬‬
‫‪3‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬جرائم الفساد اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص‪.20‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد صبحي نجم‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ -‬القسم الخاص‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص ص‪.12-11‬‬
‫‪5‬‬
‫أنور ال عمروسي‪ ،‬أمجد العمروسي‪ ،‬جرائم األموال العامة وجرائم الرشوة‪ ،‬ط‪ ،2‬النسر الذهبي للطباعة‪ ،‬القاهرة‪،1996 ،‬‬
‫ص‪.11‬‬
‫‪58‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -1‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس‬
‫الشعبية المحلية المنتخبة‪ ،‬سواء أكان معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬مدفوع األجر أو غير مدفوع‬
‫األجر‪ ،‬بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته‪.‬‬

‫‪ -2‬كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا‪ ،‬وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر‪ ،‬ويساهم بهذه الصفة‬
‫في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض‬
‫رأسمالها‪ ،‬أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية‪.‬‬

‫‪ -3‬كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم‬
‫بهما" ‪.‬‬ ‫المعمول‬
‫بالرجوع لهذا التعريف نجد أنه مستمد من المادة ‪/2‬أ من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪،1‬‬
‫كما أنه يختلف عن تعريف الموظف العمومي الذي جاء به األمر رقم‪ 03-06 :‬يتضمن القانون‬
‫األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 1/4‬على‪ " :‬يعتبر موظفا كل عون عين في‬
‫وظيفة عمومية دائمة‪ ،‬ورسم في رتبة في السلم اإلداري" ‪ ،‬وهو مفهوم ضيق عكس ما جاء به القانون‬
‫‪ 01-06‬الذي توسع في مفهوم الموظف العمومي‪ ،‬والذي حدد مختلف الفئات التي تدخل ضمن‬
‫مفهومه حيث يمكن تقسيمها إلى أربعة فئات‪ ،‬والهدف من ذلك هو اإلحاطة أكثر بالصور المختلفة‬
‫لجرائم الفساد‪ .‬كما أن التكييف القانوني السليم لجرائم الفساد يتوقف بداية على تحديد صفة الجاني‬
‫إن كان موظفا أم ال في نظر القانون ‪. 01-06‬‬

‫وعليه تتطلب كافة ج ارئم الفساد المنصوص عليها في القانون‪– 01-06‬باستثناء القطاع‬
‫الخاص‪ -‬ركنا مفترضا هو صفة الموظف العمومي السابق بيانها‪ ،‬لذا وتفاديا للتكرار فال داعي‬
‫البرازها في كل جريمة على حدة‪.‬‬

‫‪-3‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 25‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين‬
‫(‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬إلى ‪:1.000.000‬‬
‫‪-‬كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها‪ ،‬بشكل مباشر‬
‫أو غير مباشر‪ ،‬سواء كان ذلك لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم‬
‫بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫حيث تنص المادة ‪/2‬أ من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪ 2003‬على‪ ":‬يقصد بتعبير موظف عمومي‪ :‬كل‬
‫شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا لدى دولة طرف‪ ،‬سواء أكان معينا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪،‬‬
‫مدفوع األجر أو غير مدفوع األجر‪ ،‬بصرف النظر عن أقدمية ذلك الشخص‪."...‬‬
‫‪59‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-‬كل موظف عمومي طلب أو قبل‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬مزية غير مستحقة‪ ،‬سواء‬
‫لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر‪ ،‬ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته"‪.‬‬
‫من خالل نص المادة تأخذ جريمة رشوة الموظفين العموميين صورتين هما‪ :‬الرشوة السلبية‬
‫والرشوة اإليجابية‪ ،‬وسنتطرق لكل واحدة على حدة‪.‬‬
‫أ‪ -‬الرشوة السلبية (جريمة المرتشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص عليه بموجب المادة ‪ 2/25‬من‬
‫القانون‪.01-06‬‬
‫أ‪ -1.‬الركن المادي‪ :‬ويتحقق بطلب الجاني أو قبوله مزية غير مستحقة نظير قيامه بعمل من‬
‫أعمال وظيفته أو االمتناع عنه‪ ،1‬ويتكون من‪ :‬النشاط اإلجرامي ومحل اإلرتشاء ولحظة اإلرتشاء‬
‫والغرض من الرشوة‪.‬‬
‫أ‪ -2.1‬النشاط اإلجرامي‪ :‬ويتمثل في صورتي الطلب والقبول‪.‬‬
‫‪ ‬الطلب ‪ :‬هو مبادرة من الموظف العمومي يعبر فيه عن إرادته في طلب مقابل ألداء وظيفة‬
‫أواالمتناع عنها وهو يكفي لقيام الجريمة متى توافرت باقي األركان حتى ولو لم يصدر قبول من‬
‫طرف صاحب الحاجة أو رفض ذلك وسارع إلبالغ السلطات‪ ،‬كما قد يكون الطلب صريحا أو مستفاد‬
‫من تصرفات الموظف كما يستوي أن يطلب الرشوة لنفسه أو لغيره وسواء قام الجاني بنفسه بالطلب‬
‫أو قام شخص آخر بمباشرته باسمه او لحسابه وفي كل األحوال ال يتحقق الطلب قانونا إال بوصوله‬
‫إلى علم صاحب المصلحة‪.2‬‬
‫‪ ‬القبول ‪ :‬وهو موافقة الموظف العمومي (المرتشي) على رغبة صاحب المصلحة ( الراشي‬
‫) نظير العمل الوظيفي‪ ،‬وتتم الجريمة حتى ولو لم يحصل على الفائدة فيما بعد ما دام الموظف قد‬
‫قبل اإلخالل بوظيفته‪ ،‬كما يجب أن تكون إرادته جادة ‪ ،‬كما يجب أن يكون أيضا عرض الراشي‬
‫جادا أو حقيقيا والقبول قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا يستنتج من ظروف الحال‪ ،‬فالجريمة‬
‫تحقق في صورتين الطلب و القبول بصرف النظر عن النتيجة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Valérie Bouchard, Droit Pénal, 2em édition, Sup Foucher,2009‬‬
‫‪, p.150.‬‬

‫‪2‬‬
‫معمر فرقاق‪ ،‬الرشوة في قانون مكافحة الفساد‪ ،‬مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪،‬‬
‫الشلف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬السداسي الثاني‪ ،2011 ،‬ص‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،297‬راجع أيضا‪ ،‬ياسر كمال الدين‪ ،‬جرائم الرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪ ،59‬راجع أيضا‪ ،‬نضيرة بوعزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪60‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أ‪-3.1‬محل اإلرتشاء ‪ :‬ويتمثل في مزية غير مستحقة و قد تكون ذات طبيعة مادية (نقود‪،‬‬
‫ذهب شيك‪.. .‬إلخ) أو معنوية كالوعد بالترقية‪ ،‬وقد تكون صريحة أو ضمنية وقد تكون مشروعة أو‬
‫غير مشروعة‪ ،‬فالمشرع لم يحدد مقدار المال ولكن األصل أن يكون لها قيمة مناسبة أهم من العمل‪،‬‬
‫من جانب آخر ال تقوم الجريمة إذ كان ما قدم قليال أو تافها مما جرى العرف على اعتباره من‬
‫المجامالت بين الناس‪.1‬‬
‫أ‪-4.1‬لحظة اإلرتشاد ‪ :‬يشرط لقيام الجريمة أن يكون طلب أو قبول المزية غير المستحقة قبل‬
‫أداء العمل المطلوب‪ ،‬وبمعنى أن يكون سابقا ألداء العمل أو االمتناع عنه‪ ،‬ومن ثمة فال محل‬
‫للرشوة إذا كان طلب أو قبول المزية الحقا على أداء العمل‪.2‬‬
‫أ‪-5.1‬الغرض من الرشوة‪ :‬ينبغي أن يكون لهذه المزية مقابل معين‪ ،‬يتمثل في قضاء حاجة الراشي‬
‫كالحصول على ترقية أو وظيفه ألحد أقاربه‪ ،‬والمقابل هنا هو أداء عمل أو االمتناع عن عمل مخالفا‬
‫بذلك أعمال وظيفتة‪.3‬‬
‫أ‪-2.‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم المرتشي بكافة أركان الجريمة وبأنه موظف وأن المزية التي طلبها نظير الخدمة غير‬
‫مستحقة‪ ،‬فإذا انتفى العلم بأحد العناصر انتفى معه القصد الجنائي‪ .‬كما يجب أن تتجه إرادة المرتشي‬
‫إلى الطلب أو القبول‪ ،‬ويشترط أن يتوافر القصد الجنائي لحظة الطلب أو القبول‪.4‬‬
‫ب‪-‬الرشوة اإليجابية (جريمة الراشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص‬
‫المادة‪ 1/25‬من القانون ‪ ، 01-06‬وهي ال تقتضي صفة معينة في الجاني كما في الرشوة السلبية‪.‬‬
‫ب‪ -1‬الركن المادي ‪ :‬ويتمثل في الوعد بمزية أو عرضها أو منحها‪ ،‬ويشرط أن يكون جديا‬
‫ويكون الغرض منه تحريض الموظف على اإلخالل بواجباته‪ ،5‬كما يمكن أن تكون المزية غير‬
‫المستحقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأن تكون محددة‪ ،‬وأن مجرد الوعد يكفي لقيام الجريمة‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.51-49‬‬
‫‪2‬‬
‫نضيرة بوعزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪3‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪4‬‬
‫معمر فرقاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،45‬راجع أيضا‪ ،‬ياسر كمال الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Valérie Bouchard, Op. Cit, p.151.‬‬
‫‪6‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ، 300‬راجع أيضا‪ ،‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬ط‪ ،12‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪ ،2012 ،2‬ص ص‪.83-82‬‬
‫‪61‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ب‪ -2‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يكون الراشي على علم بأن وعده أو عرضه أو منحه لموظف مزية غير مستحقة بهدف‬
‫أداء عمل أو االمتناع عنه أو مخالفة واجبات وظيفته يشكل جريمة‪ ،‬وأن تتجه إرادته للقيام بذلك‪.1‬‬
‫‪-4‬العقوبات المقررة‪:‬‬
‫أ‪ -‬بخصوص الرشوة السلبية‪ :‬من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬سنوات وغرامة من ‪ 200.000‬إلى ‪1.000.000‬دج‪.‬‬
‫بخصوص جريمة الرشوة االيجابية‪ :‬من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬سنوات وغرامة من ‪ 200.000‬إلى‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪1.000.000‬دج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة رشوة الموظفين العموميين األجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية‪:‬‬

‫لم تعد جريمة الرشوة مقتصرة على الموظف الوطني فقط‪ ،‬بل امتدت لتشمل الموظف العمومي‬
‫األجنبي نظ ار الرتباط الرشوة بالتنمية االقتصادية للدول‪.‬‬

‫‪-1‬صفة الموظف العمومي األجنبي‪ :‬بالرجوع إلى نص المادة‪/02‬ج من القانو‪ 01-06‬عرفت‬


‫الموظف العمومي األجنبي على أنه‪":‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا‬
‫لدى بلد أجنبي‪ ،‬سواء كان معينا أو منتخبا‪ ،‬وكل شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي‪،‬‬
‫بما في ذلك لصالح هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية‪.‬‬
‫كما عرفت المادة‪/02‬د القانون نفسه موظف منظمة دولية عمومية على أنه‪":‬كل مستخدم دولي‬
‫أو كل شخص تأذن له مؤسسة من هذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنها"‪.‬‬
‫ويقصد بالمنظمات الدولية العمومية المنظمات التابعة لألمم المتحدة مثل‪ :‬المنظمة العالمية‬
‫للصحة والمنظمة العالمية للعمل‪ ،‬كما يقصد بها أيضا المنظمات التابعة للتجمعات الدولية الجهوية‬
‫كاالتحاد األوروبي واالتحاد االفريقي وجامعة الدول االفريقية‪.2‬‬
‫‪-2‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 28‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين‬
‫(‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪1.000.000‬دج‪:‬‬

‫‪ -1‬كل من وعد موظفا عموميا أجنبيا أو موظفا في منظمة دولية عمومية بمزية غير مستحقة‬
‫أو عرضها عليه أو منحه إياها‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬سواء كان ذلك لصالح الموظف نفسه‬
‫أ و لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم ذلك الموظف بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من‬

‫‪ 1‬عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ ،58-56‬راجع أيضا‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪-15‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪62‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫واجباته‪ ،‬وذلك بغرض الحصول أو المحافظة على صفقة أو أي امتياز غير مستحق ذي صلة‬
‫بالتجارة الدولية أو بغيرها‪.‬‬

‫‪ -2‬كل موظف عمومي أجنبي أو موظف في منظمة دولية عمومية يطلب أو يقبل مزية غير‬
‫مستحقة‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬مزية غير مستحقة‪ ،‬سواء لنفسه أو لصالح شخص أو كيان‬
‫آخر‪ ،‬لكي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته"‪.‬‬

‫وعليه ال يختلف النموذج القانوني لهذه الجريمة عن جريمة رشوة الموظف العمومي الوطني‬
‫إال في صفة الفاعل التي نصت عليها المادة‪ 02‬من القانون‪ ، 01-06‬حيث يقابل عنصر المزية‬
‫غير المستحقة في رشوة الموظف الوطني عنصر مقابل االتجار بالوظيفة من أجل الحصول على‬
‫منفعة ذات صلة بالتجارة الدولية أو بغيرها‪.1‬‬

‫أ‪ -‬الرشوة السلبية (جريمة المرتشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص عليه بموجب المادة ‪ 2/28‬من‬
‫القانون‪ ، 01-06‬وهو يتفق مع صورة الرشوة السلبية في جريمة رشوة الموظفين العموميين بموجب‬
‫المادة‪.2/25‬‬

‫أ‪ -1.‬الركن المادي‪ :‬ويتحقق بطلب الجاني أو قبوله مزية غير مستحقة نظير قيامه بعمل من‬
‫أعمال وظيفته أو االمتناع عنه‪ ،2‬ويتكون من‪ :‬النشاط اإلجرامي ومحل اإلرتشاء ولحظة اإلرتشاء‬
‫والغرض من الرشوة‪.‬‬
‫أ‪ -2.1‬النشاط اإلجرامي‪ :‬ويتمثل في صورتي الطلب والقبول‪.‬‬
‫‪ ‬الطلب ‪ :‬هو مبادرة من الموظف العمومي األجنبي أو موظف في منظمة دولية عمومية‬
‫يعبر فيه عن إرادته في طلب مقابل ألداء وظيفة أواالمتناع عنها‪ ،‬وهو يكفي لقيام الجريمة متى‬
‫توافرت باقي األركان حتى ولو لم يصدر قبول من طرف صاحب الحاجة أو رفض ذلك وسارع‬
‫إلبالغ السلطات‪ ،‬كما قد يكون الطلب صريحا أو مستفاد من تصرفات الموظف كما يستوي أن‬
‫يطلب الرشوة لنفسه أو لغيره وسواء قام الجاني بنفسه بالطلب أو قام شخص آخر بمباشرته باسمه‬
‫او لحسابه وفي كل األحوال ال يتحقق الطلب قانونا إال بوصوله إلى علم صاحب المصلحة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Valérie Bouchard, Droit Pénal, 2em édition, Sup Foucher,2009‬‬
‫‪, p.150.‬‬
‫‪3‬‬
‫معمر فرقاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪63‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ ‬القبول‪ :‬وهو موافقة الموظف العمومي األجنبي (المرتشي) على رغبة صاحب المصلحة (‬
‫الراشي ) نظير العمل الوظيفي‪ ،‬وتتم الجريمة حتى ولو لم يحصل على الفائدة فيما بعد ما دام‬
‫الموظف قد قبل اإلخالل بوظيفته‪ ،‬كما يجب أن تكون إرادته جادة ‪ ،‬كما يجب أن يكون أيضا عرض‬
‫الراشي جادا أو حقيقيا والقبول قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا يستنتج من ظروف الحال‪،‬‬
‫فالجريمة تحقق في صورتين الطلب و القبول بصرف النظر عن النتيجة‪.1‬‬
‫أ‪-3.1‬محل اإلرتشاء ‪ :‬ويتمثل في مزية غير مستحقة و قد تكون ذات طبيعة مادية (نقود‪،‬‬
‫ذهب شيك‪...‬إلخ) أو معنوية كالوعد بالترقية‪ ،‬وقد تكون صريحة أو ضمنية وقد تكون مشروعة أو‬
‫غير مشروعة‪ ،‬فالمشرع لم يحدد مقدار المال ولكن األصل أن يكون لها قيمة مناسبة أهم من العمل‪،‬‬
‫من جانب آخر ال تقوم الجريمة إذ كان ما قدم قليال أو تافها مما جرى العرف على اعتباره من‬
‫المجامالت بين الناس‪.2‬‬
‫أ‪-4.1‬لحظة اإلرتشاد‪ :‬يشرط لقيام الجريمة أن يكون طلب أو قبول المزية غير المستحقة قبل‬
‫أداء العمل المطلوب‪ ،‬وبمعنى أن يكون سابقا ألداء العمل أو االمتناع عنه‪ ،‬ومن ثمة فال محل‬
‫للرشوة إذا كان طلب أو قبول المزية الحقا على أداء العمل‪.3‬‬
‫أ‪-5.1‬الغرض من الرشوة‪ :‬ينبغي أن يكون لهذه المزية مقابل معين‪ ،‬يتمثل في قضاء حاجة الراشي‬
‫كالحصول على ترقية أو وظيفه ألحد أقاربه‪ ،‬والمقابل هنا هو أداء عمل أو االمتناع عن عمل مخالفا‬
‫بذلك أعمال وظيفتة‪.4‬‬
‫أ‪-2.‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم المرتشي بكافة أركان الجريمة وبأنه موظف أجنبي أو موظف في منظمة دولية‬
‫عمومية‪ ،‬وأن المزية التي طلبها نظير الخدمة غير مستحقة‪ ،‬فإذا انتفى العلم بأحد العناصر انتفى‬
‫معه القصد الجنائي‪ .‬كم ا يجب أن تتجه إرادة المرتشي إلى الطلب أو القبول‪ ،‬ويشترط أن يتوافر‬
‫القصد الجنائي لحظة الطلب أو القبول‪.5‬‬
‫ب‪-‬الرشوة اإليجابية (جريمة الراشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص‬
‫المادة‪ 1/28‬من القانون ‪ ،01-06‬وهو يتفق مع صورة الرشوة السلبية في جريمة رشوة الموظفين‬
‫العموميين بموجب المادة‪ ،1/25‬كما ال تقتضي صفة معينة في الجاني كما في الرشوة السلبية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،297‬راجع أيضا‪ ،‬نضيرة بوعزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.51-49‬‬
‫‪3‬‬
‫نضيرة بوعزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪4‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪5‬‬
‫معمر فرقاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،45‬راجع أيضا‪ ،‬ياسر كمال الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪64‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ب‪ -1‬الركن المادي ‪ :‬ويتمثل في الوعد بمزية أو عرضها أو منحها‪ ،‬ويشرط أن يكون جديا‬
‫ويكون الغرض منه تحريض الجاني للموظف العومي األجنبي أو موظف في منظمة دولية عمومية‬
‫على اإلخالل بواجباته بهدف الحصول أو المحافظة على صفقة أو أي امتياز غير مستحق في‬
‫نجال التجارة الدولية‪،‬‬
‫وهذا ما يميز الغرض من رشوة الموظفين العموميين األجانب وموظفي المنظمات الدولية‬
‫العمومية في صورتها االيجابية عن رشوة الموظفين العمومين في صورتها اإليجابية‪ ،‬حيث تسمح‬
‫باستيعاب مختلف صور المزايا المسسترة والمنافع المقنعة لمختلف األعمال واألنشطة التجارية‬
‫الدولية‪ ،1‬كما يمكن أن تكون المزية غير المستحقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأن تكون محددة‪،‬‬
‫وأن مجرد الوعد يكفي لقيام الجريمة‪.2‬‬
‫ب‪ -2‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يكون الراشي على علم بأن وعده أو عرضه أو منحه لموظف مزية غير مستحقة بهدف‬
‫أداء عمل أو االمتناع عنه أو مخالفة واجبات وظيفته يشكل جريمة‪ ،‬وأن تتجه إرادته للقيام بذلك‪.3‬‬
‫‪-4‬العقوبات المقررة‪:‬‬
‫بخصوص الرشوة السلبية‪ :‬من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬سنوات وغرامة من ‪ 200.000‬إلى‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪1.000.000‬دج‪.‬‬
‫بخصوص جريمة الرشوة االيجابية‪ :‬من ‪ 2‬إلى ‪ 10‬سنوات وغرامة من ‪ 200.000‬إلى‬ ‫ث‪-‬‬
‫‪1.000.000‬دج‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرشوة في القطاع الخاص‪:‬‬
‫نظ ار لخطورة جريمة الرشوة لم يكتف المشرع الجزائري مكافحتها ضمن القطاع العام فقط‪ ،‬بل‬
‫امتد ذلك ليشمل القطاع الخاص أيضا باعتباره شريكا هاما في بناء االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 40‬من القانون ‪ 01-06‬على‪":‬‬
‫يعاقب بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى‬
‫‪ 500.000‬دج‬

‫‪1‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪2‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،300‬راجع أيضا‪ ،‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.83-82‬‬
‫‪3‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬جرائم الفساد اإلداري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ ،58-56‬راجع أيضا‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ص‪.16-15‬‬
‫‪65‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ – 1‬كل شخص وعد أو عرض أو منح‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬مزية غير مستحقة‬
‫على أي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص‪ ،‬أو يعمل لديه بأية صفة كانت‪ ،‬سواء لصالح‬
‫الشخص نفسه أو لصالح شخص آخر‪ ،‬لكي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل ما‪ ،‬مما‬
‫يشكل إخالال بواجباته‪،‬‬
‫‪ – 2‬كل شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأية صفة‪ ،‬يطلب أو يقبل‬
‫بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬مزية غير مستحقة سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان لكي‬
‫يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل ما‪ ،‬مما يشكل إخالال بواجباته‪.‬‬
‫باستثناء صفة الجاني في صورة الرشوة السلبية‪ ،‬ال تختلف أركان جريمة الرشوة في القطاع‬
‫الخاص عن رشوة الموظفين العموميين المنصوص عليها بموجب المادة‪.2/25‬‬
‫أ‪ -‬الرشوة السلبية (جريمة المرتشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص عليه بموجب المادة ‪ 2/40‬من‬
‫القانون‪.01-06‬‬

‫أ‪-1.‬صفة الجاني‪ :‬يستلزم أن يكون الجاني في جريمة الرشوة في القطاع الخاص مستخدما‬
‫أو مدير كيانا تابعا للقطاع الخاص‪ ،‬حيث عرفت المادة ‪/02‬ه من القانون ‪ 01-06‬الكيان على‬
‫أنه‪ ":‬مجموعة من العناصر المادية أو غير المادية أو من األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين‬
‫المنظمين بغرض بلوغ هدف معين" ‪ ،‬غير أن المشرع لم يحصر نشاط الكيان الخاص في المجاالت‬
‫االقتصادية والمالية والتجارية‪ ،‬وانما ترك المجال مفتوحا بما يسمح بتطبيق عناصر هذه الجريمة على‬
‫كل من يدير أو يعمل في تجمع خاص مهما كان شكله القانوني أو غرضه‪. 1‬‬

‫أ‪ -2.1.‬الركن المادي ‪ :‬ويتحقق بطلب الجاني أو قبوله مزية غير مستحقة نظير قيامه بعمل‬
‫من أعمال وظيفته أو االمتناع عنه‪ ،2‬ويتكون من‪ :‬النشاط اإلجرامي ومحل اإلرتشاء ولحظة اإلرتشاء‬
‫والغرض من الرشوة‪.‬‬
‫أ‪ -3.1‬النشاط اإلجرامي‪ :‬ويتمثل في صورتي الطلب والقبول‪.‬‬
‫‪ ‬الطلب‪ :‬هو مبادرة من كل شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأية صفة‬
‫يعبر فيه عن إرادته في طلب مقابل ألداء وظيفة أواالمتناع عنها وهو يكفي لقيام الجريمة متى‬
‫توافرت باقي األركان حتى ولو لم يصدر قبول من طرف صاحب الحاجة أو رفض ذلك وسارع‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Valérie Bouchard, Droit Pénal, 2em édition, Sup Foucher,2009‬‬
‫‪, p.150.‬‬

‫‪66‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫إلبالغ السلطات‪ ،‬كما قد يكون الطلب صريحا أو مستفاد من تصرفات هذا الشخص كما يستوي أن‬
‫يطلب الرشوة لنفسه أو لغيره وسواء قام الجاني بنفسه بالطلب أو قام شخص آخر بمباشرته باسمه‬
‫او لحسابه وفي كل األحوال ال يتحقق الطلب قانونا إال بوصوله إلى علم صاحب المصلحة‪.‬‬
‫‪ ‬القبول‪ :‬وهو موافقة شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأية صفة كانت‬
‫(المرتشي) على رغبة صاحب المصلحة ( الراشي ) نظير العمل الوظيفي‪ ،‬وتتم الجريمة حتى ولو‬
‫لم يحصل على الفائدة فيما بعد ما دام قد قبل هذا الشخص اإلخالل بواجباته‪ ،‬كما يجب أن تكون‬
‫إرادته جادة ‪ ،‬كما يجب أن يكون أيضا عرض الراشي جادا أو حقيقيا والقبول قد يكون صريحا كما‬
‫قد يكون ضمنيا يستنتج من ظروف الحال‪ ،‬فالجريمة تحقق في صورتين الطلب و القبول بصرف‬
‫النظر عن النتيجة‪.1‬‬
‫أ‪-4.1‬محل اإلرتشاء ‪ :‬ويتمثل في مزية غير مستحقة وقد تكون ذات طبيعة مادية (نقود‪،‬‬
‫ذهب شيك‪...‬إلخ) أو معنوية كالوعد بالترقية‪ ،‬وقد تكون صريحة أو ضمنية وقد تكون مشروعة أو‬
‫غير مشروعة‪ ،‬فالمشرع لم يحدد مقدار المال ولكن األصل أن يكون لها قيمة مناسبة أهم من العمل‪،‬‬
‫من جانب آخر ال تقوم الجريمة إذ كان ما قدم قليال أو تافها مما جرى العرف على اعتباره من‬
‫المجامالت بين الناس‪.2‬‬
‫أ‪-5.1‬لحظة اإلرتشاد ‪ :‬يشرط لقيام الجريمة أن يكون طلب أو قبول المزية غير المستحقة قبل‬
‫أداء العمل المطلوب‪ ،‬وبمعنى أن يكون سابقا ألداء العمل أو االمتناع عنه‪ ،‬ومن ثمة فال محل‬
‫للرشوة إذا كان طلب أو قبول المزية الحقا على أداء العمل‪.3‬‬
‫أ‪-6.1‬الغرض من الرشوة‪ :‬ينبغي أن يكون لهذه المزية مقابل معين‪ ،‬يتمثل في قضاء حاجة الراشي‬
‫كالحصول على ترقية أو وظيفه ألحد أقاربه‪ ،‬والمقابل هنا هو أداء عمل أو االمتناع عن عمل مخالفا‬
‫بذلك واجباته‪.4‬‬
‫أ‪-2.‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم المرتشي بكافة أركان الجريمة وبأنه موظف وأن المزية التي طلبها نظير الخدمة غير‬
‫مستحقة‪ ،‬فإذا انتفى العلم بأحد العناصر انتفى معه القصد الجنائي‪ .‬كما يجب أن تتجه إرادة المرتشي‬
‫إلى الطلب أو القبول‪ ،‬ويشترط أن يتوافر القصد الجنائي لحظة الطلب أو القبول‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪2‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.51-49‬‬
‫‪3‬‬
‫نضيرة بوعزة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪4‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪5‬‬
‫معمر فرقاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،45‬راجع أيضا‪ ،‬ياسر كمال الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪67‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ب‪-‬الرشوة اإليجابية (جريمة الراشي)‪ :‬وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص‬
‫المادة‪ 1/40‬من القانون ‪ ،01-06‬وهي تشترك في أركانها مع رشوة الموظفين العموميين في صورتها‬
‫اإليجابية مع اختالف بسيط في المستفيد من الرشوة‪.‬‬
‫ب‪ -1‬الركن المادي ‪ :‬ويتمثل في الوعد بمزية أو عرضها أو منحها‪ ،‬ويشرط أن يكون جديا‬
‫ويكون الغرض منه تحريض شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأية صفة كانت‬
‫على اإلخالل بواجباته‪ ،‬كما يمكن أن تكون المزية غير المستحقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأن‬
‫تكون محددة‪ ،‬وأن مجرد الوعد يكفي لقيام الجريمة‪.1‬‬
‫ب‪ -2‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يكون الراشي على علم بأن وعده أو عرضه أو منحه لموظف مزية غير مستحقة بهدف‬
‫أداء عمل أو االمتناع عنه أو مخالفة واجباته‪ ،‬وأن تتجه إرادته للقيام بذلك‪.2‬‬
‫‪-4‬العقوبات المقررة‪:‬‬
‫ج‪ -‬بخصوص الرشوة السلبية‪ :‬من (‪ )6‬أشهر إلى همس(‪ )5‬سنوات وغرامة من ‪ 50.000‬إلى‬
‫‪500.000‬دج‪.‬‬
‫ح‪ -‬بخصوص جريمة الرشوة االيجابية‪ :‬من (‪ )6‬أشهر إلى خمس(‪ )5‬سنوات وغرامة من ‪50.000‬‬
‫إلى ‪500.000‬دج‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬جريمة استغالل النفوذ‪:‬‬
‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 32‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬يعاقب بالحبس من سنتين‬
‫(‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‬
‫‪ – 1‬كل من وعد موظفا عموميا أو أي شخص آخر بأية مزية غير مستحقة أو عرضها عليه‬
‫أو منحه إياها‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الشخص على‬
‫استغالل نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو من سلطة عمومية على مزية غير‬
‫مستحقة لصالح المحرض األصلي على ذلك الفعل أو لصالح أي شخص آخر‪،‬‬
‫‪ – 2‬كل موظف عمومي أو أي شخص آخر يقوم بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬بطلب أو‬
‫قبول أية مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو‬

‫‪1‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ 2‬عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ ،58-56‬راجع أيضا‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪-15‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪68‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على منافع غير‬
‫مستحقة‪.‬‬
‫تتشاب ه جريمة استغالل النفوذ مع جريمة الرشوة بصورتيها السلبية وااليجابية فال يميز بينهما‬
‫سوى الغرض والهدف وتأخذ في ضوء قانون مكافحة الفساد صورتين‪:‬‬
‫‪ ‬استغالل النفوذ السلبي (المادة ‪)02-32‬‬
‫‪ ‬التحريض على استغالل النفوذ (استغالل النفوذ االيحابي) (المادة ‪.)01-32‬‬

‫تشتمل جريمة استغالل النفوذ على جريمتين متميزتين األولى سلبية من جانب الموظف‬
‫العمومي أو أي شخص وتسمى باستغالل النفوذ السلبي‪ ،‬والثانية إيجابية من جانب صاحب المصلحة‬
‫وتسمى باستغالل النفوذ االيحابي‪ .‬وبذلك يكون فعل كل من الطرفين في هذه الجريمة مستقل عن‬
‫جريمة الطرف اآل خر‪ ،‬كما ال يلزم توفر الصلة بينهما سواء من ناحية التجريم أو العقاب‪.‬‬

‫من جهة أخرى يعرف البعض جريمة استغالل النفوذ بأنها المتاجرة بالنفوذ للحصول أو لمحاولة‬
‫الحصول لصاحب المصلحة على مزية من السلطة العامة‪ ،‬حيث يكون للشخص نوع نت التقدير‬
‫‪1‬‬
‫لدى بعض رجال السلطة الذين بيدهم تحقيق مصلحة ما يمكن له حملهم على قضائها‪.‬‬

‫‪ -2‬جريمة استغالل النفوذ السلبي‪ :‬وهي الصورة المنصوص والمعاقب عليها بموجب‬
‫المادة‪ 2/32‬تقتضي توافر صفة الجاني وركن مادي وركن معنوي‪.‬‬

‫‪1.2‬صفة الجاني ‪ :‬ال يشترط صفة معينة في الجاني‪ ،‬فقد يكون موظفا عموميا‪ ،‬كما سبق‬
‫تعريفه‪ ،‬وقد ال يكتسب صفة الموظف كما نستخلص ذلك من نص المادة ‪ 32‬سالفة الذكر‪.‬‬

‫‪ 2.2‬الركن المادي‪ :‬ويشمل ثالثة عناصر وهي‪:‬‬

‫أ‪-‬طلب أو قبول مزية من صاحب الحاجة‪ :‬حيث تقتضي هذه الجريمة قيام الجاني (مستغل‬
‫النفوذ) بالتماس أو القبول من صاحب الحاجة عطية أو وعدا أو هبة أو هدية أو أي منفعة أخر‪،‬‬
‫لقاء قضاء حاجته‪ .‬وقد يكون الطلب موجها مباشرة إلى صاحب الحاجة أو عن طريق الغير‪ ،‬كما‬
‫قد يكون القبول مباشرة من صاحب الحاجة أو من غيره‪ .‬ويشترط أن تكون هذه المزية غير مستحقة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫‪69‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أي غير مقررة قانونا لصالح من طلبها أو قبلها‪ ،‬وقد يكون المستفيد من المزية الجاني نفسه‪ ،‬وقد‬
‫‪1‬‬
‫يكون أحد أفراد أسرته أو من أهله أو أصدقائه أو أي شخص آخر يعنيه‪.‬‬

‫ب‪-‬إساءة إستعمال النفوذ‪ :‬يشترط في هذه الجريمة أن يتذرع الجاني في طلب المزية أو‬
‫قبولها بنفوذه الحقيقي أو مفترض لقضاء حاجة صاحب المصلحة‪ ،‬حيث ال يشترط أن يكون هذا‬
‫‪2‬‬
‫النفوذ مزعوما أو حقيقيا‬

‫وال يشترط في هذه الجريمة أن يقوم الجاني فعال بمساعي لحمل المجني عليه على تصديق‬
‫نفوذه‪ ،‬وهذا ما يميز هذه الجريمة عن جريمة النصب‪.‬‬

‫ج‪-‬الغرض من إستعمال النفوذ‪ :‬ويتمثل في الحصول على منفعة غير مستحقة من إدارة أو‬
‫سلطة عمومية لفائدة الغير‪.‬‬

‫حيث يشترط لقيام هذه الجريمة أن يمارس الجاني نفوذه من أجل الحصول على منفعة‬
‫من إدارة أو سلطة عمومية على منافع غير مستحقة‪ ،‬ومن ثم ال تقوم الجريمة إذا قدمت هدية لموظف‬
‫لقاء تدخله لقضاء حاجة صاحبها لدى مستخدم خاص‪ ،‬وبالمقابل فإن الجريمة تتم سواء تحقق‬
‫الغرض المطلوب أم ال ‪.‬‬
‫‪ 3.2‬القصد الجنائي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم الموظف العمومي أو أي شخص آخر بكافة أركان الجريمة‪ ،‬وأن المزية التي طلبها‬
‫نظير الخدمة غير مستحقة‪ ،‬فإذا انتفى العلم بأحد العناصر انتفى معه القصد الجنائي‪ .‬كما يجب أن‬
‫تتجه إرادة الموظف العمومي إلى الطلب أو القبول‪ ،‬ويشترط أن يتوافر القصد الجنائي لحظة الطلب‬
‫أو القبول‪.‬‬
‫‪ -3‬جريمة استغالل النفوذ االيجابي‪ :‬وهي الصورة المنصوص والمعاقب عليها بموجب‬
‫المادة‪1/32‬‬
‫وتقتضي توافر صفة الجاني وركن مادي وركن معنوي‪.‬‬
‫‪-1.3‬صفة الجاني‪ :‬ال تشترط صفة معينة في الجاني‪ ،‬وهي تشترك في ذلك مع الرشوة‬
‫االيحابية‪.‬‬

‫‪-2.3‬الركن المادي‪ :‬ويشمل ثالثة عناصر هي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪2‬‬
‫لويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪70‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-1.2.3‬السلوك المجرم‪ :‬ويتمثل في الوعد بمزية أو عرضها أو منحها‪ ،‬ويشرط أن يكون جديا‬
‫ويكون الغرض منه تحريض الموظف على استغالل نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من‬
‫إدارة أو من سلطة عمومية على مزية غير مستحقة‪ ،‬كما يمكن أن تكون المزية غير المستحقة‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأن ت كون محددة‪ ،‬وأن مجرد الوعد يكفي لقيام الجريمة‪.1‬‬
‫‪-3.3.3‬الغرض من استغالل التفوذ‪ :‬ويتمثل في تحريض الموظف العمومي أو أي شخص‬
‫آخر باستغالل نفوذه الفعلي أو المزعوم بهدف الحصول من إدارة أو من سلطة عمومية على مزية‬
‫‪2‬‬
‫غير مستحقة لصالحه أو لصالح أي شخص آخر‪.‬‬
‫‪-4.3.3‬المستفيد من المنفعة‪ :‬ال يهم من يكون المستفيد من المنفعة سواء كان المحرض‬
‫األصلي أو لصالح أي شخص آخر‪.‬‬
‫‪-3.3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يكون الجاني على علم بأن وعده أو عرضه أو منحه لموظف مزية غير مستحقة لتحريضه‬
‫على استغالل نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على مزية غير‬
‫مستحقة يشكل جريمة‪ ،‬وأن تتجه إرادته للقيام بذلك‪.‬‬
‫‪-4.3‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬جريمة الغدر‪ :‬وهي جريمة تقوم على‪ :‬الركن الشرعي وصفة الجاني والركن مادي‪،‬‬
‫والركن المعنوي‪.‬‬
‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 30‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬يعد مرتكبا لجريمة الغدر‬
‫ويعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى‬
‫‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل موظف عمومي يطالب أو يتلقى أو يشترط أو يأمر بتحصيل مبالغ مالية‬
‫يعلم أنها غير مستحقة األداء أو يجاوز ماهو مستحق سواء لنفسه أو لصالح اإلدارة أو لصالح‬
‫األطراف الذين يقوم بالتحصيل لحسابهم‪".‬‬
‫‪ -2‬الركن المفترض‪ :‬يقتضي قيام هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفا عموميا‪ ،‬وأن يكون‬
‫له شأن في تحصيل الرسوم أو الحقوق أو الضرائب أو نحوها‪ ،‬كقابض الضرائب وقابض الجمارك‬
‫والموثق والمحضر القضائي‪ ،‬ومحافظ البيع بالمزاد‪ ،‬الذين يحصلون الحقوق والرسوم المختلفة لحساب‬
‫الخزينة العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪2‬‬
‫سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪71‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -3‬الركن المادي‪ :‬يتحقق بقبض مبالغ مالية غير مستحقة األداء أو تتجاوز ما هو مستحق‪،‬‬
‫وما يستوي بعد ذلك إن تم الحصول على المال بناءا على طلب أو بالتلقي أو بالمطالبة أو بإصدار‬
‫أمر للمرؤوسين‪ .‬ويشترط أن يكون قبض هذه المبالغ المالية بطريقة غير مشروعة‪ ،‬بعنوان الرسوم‬
‫والحقوق والضرائب ونحوها‪ ،‬إضافة إلى أنه يجب أن تكون المبالغ محل النشاط اإلجرامي غير‬
‫مستحقه األداء أو تجاوز ما هو مستحق‪ ،‬وتقديم هذه المبالغ على أساس أنها مستحقة قانونا‪ ،‬واال‬
‫كان الفعل يعد جريمة رشوة موظف عمومي‪.‬‬
‫ومثال ذلك قابض الضرائب الذي يطلب من المكلف بأداء الضريبة مبلغا يفوق ما هو مطلوب‬
‫بأدائه أو الموثق أو المحضر القضائي أو محافظ البيع بالمزايدة الذي يتقاضى أتعابا عن خدماته‬
‫من زبائنه تتجاوز التعريفة الرسمية‪ ،‬وال يشترط القانون أن يحقق الجاني لنفسه أو لغيره ربحا ما‪،‬‬
‫فتقوم الجريمة سواء قبض المال لنفسه أو للخزينة العامة أو ألي جهة أخرى‪.‬‬
‫وتقوم الجريمة سواء دفع المجني عليه المال برضاه أو بدون رضاه وسواء كان المبلغ‬
‫المحصل كبي ار أو بسيطا‪ ،‬كما يمكن أن يكون المجني عليه الخزينة العمومية‪.1‬‬
‫وبالتالي تتميز جريمة الغدر عن الرشوة في سند التحصيل‪ ،‬فالموظف في الحالتين يطلب أو‬
‫يقبض ما ليس مستحقا ولكن في الغدر يكون ذلك على أساس أن المال المطلوب من قبيل الرسوم‬
‫أو الحقوق أو الضرائب ونحوها‪ ،‬أما في الرشوة فسند اإلعطاء هو الهبة‪ ،‬ويختلفان أيضا من حيث‬
‫حرية ا لمطالب بالهدية أو العطية في تسليمها أو عدم تسليمها للطالب في جريمة الرشوة‪ ،‬في حين‬
‫أن المطالب بالمبلغ المالي في جريمة الغدر يكون في مركز المجبر على الدفع على أساس أن المال‬
‫المطلوب واجب األداء قانونا‪.2‬‬
‫‪-4‬القصد الجنائي‪ :‬تقتضي هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام المتمثل في علم الجاني‬
‫بأن المبلغ‪ ،‬المطلوب أو المتحصل عليه غير مستحق أو أنه يتجاوز ما هو مستحق فإذا انتفى العلم‬
‫زالت الجريمة‪ ،‬كما لو كان الفاعل يجهل أن المال غير مستحق أو أخطأ في تقدير المال المستحق‪.‬‬

‫‪-5‬العقوبات المقررة‪ :‬يعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬اإلعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.112-109‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪72‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 31‬على‪":‬يعاقب بالحبس من خمس (‪ )5‬سنوات إلى عشر‬
‫(‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 500.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل موظف عمومي يمنح أو‬
‫يأمر باالستفادة‪ ،‬تحت أي شكل من األشكال‪ ،‬وألي سبب كان‪ ،‬ودون ترخيص من القانون‪ ،‬من‬
‫إعفاءات أو تخفيضات في الضرائب أو الرسوم العمومية أو يسلم مجانا محاصيل مؤسسات الدولة"‪.‬‬

‫يتطلب قيام هذه الجريمة توافر الركن المفترض المتمثل في صفة الجاني‪ ،‬الركن المادي‪،‬‬
‫المتمثل في السلوك اإلجرامي‪ ،‬والركن المعنوي‪.‬‬

‫‪-2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في أحد الفعلين اآلتيين‪:‬‬

‫‪-1.2‬المنح أو األمر باالستفادة من إعفاء أو تخفيض غير قانوني في الضريبة أو الرسم‪:‬‬


‫تعرف الضريبة بأنها‪" :‬مبلغ من المال تفرضه الدولة وتجبيه من المكلفين بصورة جبرية‪ ،‬ونهائية‪،‬‬
‫ودون مقابل في سبيل تغطية النفقات العمومية أو في سبيل تدخل الدولة فقط"‪ .1‬أما الرسم فهو‪":‬‬
‫الثمن الذي يدفعه مستعمل مرفق عمومي غير صناعي‪ ،‬لقاء خدمات أو الفوائد التي يحصل عليها‬
‫من ذلك المرفق"‪. 2‬‬

‫حيث يقوم الموظف بمنح أو األمر باالستفادة من إعفاء أو تخفيض بدون ترخيص من القانون‬
‫للمكلف بأداء الضريبة من االلتزام بأداء الضريبة‪ ،‬أو التخفيف من عبء هذا االلتزام‪ ،‬ويتحقق اإلعفاء‬
‫نتيجة لنشاط إيجابي كإصدار قرار يقضي بذالك أو نتيجة لنشاط سلبي كالتغاضي عن فرض الضريبة‬
‫أو عن وضع المكلف في جداول الضريبة‪ .‬كما يمكن للموظف إعطاء أوامر للمرؤوسين إلفادة‬
‫المكلف بأداء الضريبة أو الرسم من إعفاء أو تخفيض بدون ترخيص من القانون‪ ،‬وتقتضي الجريمة‬
‫في هذه الصورة أن يكون الجاني صاحب سلطة عمومية يتمتع بسلطة إصدار القرار في مجال المال‬
‫العمومي للدولة‪. 3‬‬

‫وعليه يعتبر قيام الموظف بالمنح أو األمر باالستفادة من إعفاء أو تخفيض غير قانوني في‬
‫الضريبة أو الرسم تحت أي شكل من األشكال عمال مخالفا ألحكام المادة ‪ 82‬من التعديل الدستوري‬

‫‪1‬‬
‫حسن عواضة وعبد الرؤوف قطيش‪ ،‬المالية العامة‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،2013،‬ص‪.381‬‬
‫‪2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪73‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫لسنة ‪ 2020‬التي تحضر إحداث ّأية ضريبة إالّ بمقتضى القانون‪ ،‬واحترام مبدأ كل المكلفين‬
‫بالضريبة متساوون أمام الضريبة‪.1‬‬

‫‪-2.2‬تسليم مجانا محاصيل مؤسسات الدولة‪ :‬ويشترط هنا أن يكون محل الجريمة من‬
‫منتجات إحدى مؤسسات الدولة سواء كانت المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬ويتمثل السلوك المجرم في هذه الجريمة في تسليم الموظف‬
‫للغير مجانا ما تنتجه هذه المؤسسات بدون ترخيص من القانون مثل‪ :‬تزويد شركة الكهرباء والغاز‬
‫أحد زبائنها مجانا‪.‬‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬ويمثل في علم الجاني بأنه يتنازل عن مال مستحق للدولة بدون ترخيص‬
‫من القانون‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من خمس (‪ )5‬سنوات إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ 500.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية(التربح)‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 35‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل موظف عمومي يأخذ أو يتلقى إما‬
‫مباشرة واما بعقد صوري واما عن طريق شخص آخر‪ ،‬فوائد من العقود أو المزايدات أو المناقصات‬
‫أو المقاوالت أو المؤسسات التي يكون وقت ارتكاب الفعل مدي ار لها أو مشرفا عليها بصفة كلية أو‬
‫جزئية‪ ،‬وكذلك من يكون مكلفا بأن يصدر إذنا بالدفع في عملية ما أو مكلفا بتصفية أمر ما ويأخذ‬
‫منه فوائد أيا كانت‪.‬‬
‫‪ -2‬صفة الجاني‪ :‬تقتضي هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفا عموميا يدير عقودا أو مزايدات‬
‫أو مقاوالت‪ ،‬أو يشرف عليها أو موظفا عموميا مكلفا بإصدار أذون الدفع في عملية ما أو مكلفا‬
‫بتصفيتها‪ ،‬أي أن يتولى الجاني مسؤوليات تمنحه سلطة فعلية بشأن المشروع أو العملية التي أخذ‬

‫‪1‬‬
‫حدث ّأية‬
‫حيث تنص المادة ‪ 82‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 442-20:‬يتضمن التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬على‪ ":‬ال تُ َ‬
‫ضريبة إالّ بمقتضى القانون‪ .‬كل المكلفين بالضريبة متساوون أمام الضريبة‪ ،‬ويحدد القانون حاالت وشروط اإلعفاء الكليأو‬
‫الجزئي منها‪ .‬الضريبة من واجبات المواطنة‪.‬ال تحدث بأثر رجعي‪ ،‬أية ضريبة‪ ،‬أو جباية‪ ،‬أو رسم‪ ،‬أو أي حق كيفما كان‬
‫نوعه‪.‬كل فعل يهدف إلى التحايل على مبدأ المساواة بين المكلفين بالضريبة‪ ،‬يعد مساسا بمصالح المجموعة الوطنية‪."..‬‬
‫‪74‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أو تلقى منها فوائد‪ ،‬وال يهم مصدر اختصاص الموظف بالعمل الذي انتفع منه‪ ،‬فقد يتحدد اختصاصه‬
‫‪1‬‬
‫بناءا على قانون أو الئحة أو ق ار ار إداري أو تكليف من رئيس مختص‪.‬‬
‫‪ -3‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في أخذ أو تلقى فائدة ما من عمل من األعمال التي يديرها الجاني‬
‫أو يشرف عليها بصفة كلية أو جزئية‪ ،‬أو كان فيها آم ار بالصرف أو مكلفا بالتصفية إما بصفة‬
‫مباشرة لحسابه الخاص أو عن طريق شخص آخر أو بعقد صوري‪ ،‬وبذلك بعد متاج ار بوظيفته‪،‬‬
‫بمعنى أن يكون للموظف الجاني نصيب من مشروع أو عمل من األعمال التي تعود عليه بالفائدة‬
‫سواء حصل عليها بنفسه أو حصل عليها شخص آخر لحسابه‪ ،2‬كما تعتبر مظهر من مظاهر‬
‫الرشوة‪ ،‬فضال عن كونها تشكل أحيانا صورة من صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية‪ .‬ومثال‬
‫ذلك‪ :‬وكيل التفليسة الذي يعين لتصفية أموال المفلس فيقوم بتكليف مستخدمي هذا المفلس النجاز‬
‫أشغال لمصلحته‪.‬‬
‫‪ -4‬الركن المعنوي‪ :‬تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على العلم‬
‫واإلرادة‪ ،‬فيجب أن يكون الفاعل عالما وقت ارتكاب الجريمة بصفته موظفا مكلفا بإدارة العقود أو‬
‫المؤسسات المعنية أو اإلشراف عليها أو مكلفا بإصدار اإلذن بالدفع أو مكلفا بالتصفية‪ ،‬وتتجه إرادته‬
‫إلى الحصول على منفعة مع العلم بكل عناصر الجريمة‪.‬‬
‫العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬سنوات وبغرامة من‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصور المستحدثة لجرائم الرشوة‬

‫يهدف المشرع من وراء تجريم هذه الصور المستحدثة لجريمة الرشوة االلمام بكافة صور اعتداء‬
‫الموظف العام على األموال العامة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة إساءة استغالل الوظيفة‪:‬‬

‫الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 33‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر‬ ‫‪-1‬‬
‫)‪(10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل موظف عمومي أساء استغالل‬
‫وظائفه أو منصبه عمدا من أجل أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل في إطار ممارسة وظائفه‪،‬‬
‫على نحو يخرق القوانين والتنظيمات‪ ،‬وذلك بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لنفسه أو‬
‫لشخص أو كيان آخر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مليكة هنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.147-146‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.148-147‬‬
‫‪75‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في قيام الموظف العمومي بأي سلوك إيجابي أو سلبي يتمثل في‬
‫أداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل بمناسبة ممارسة وظائفه مخالفا بذلك القوانين والتنظيمات‬
‫المعمول بها‪ ،‬وذلك بهدف الحصول على منافع غير مستحقة سواء لشخصه أو لصالح شخص آخر‬
‫أو كيان آخر ‪ ،‬حيث تقوم الجريمة بمجرد أداء عمل أو االمتناع عن أدائه على نحو يخرق القوانين‬
‫والتنظيمات‪.‬‬

‫ومثال ذلك الموظف المكلف باستالم ملفات السكن بالبلدية والذي يحتفظ بملف مواطن بهدف‬
‫تفويت آجال انقضاء دراسة ملفات السكن وحرمانه من االستفادة بغرض الحصول على منفعة ما من‬
‫هذا المواطن‪.‬‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص‪.‬‬

‫‪ -1.3‬القصد الجنائي العام‪ :‬حيث يجب أن يكون الموظف العمومي على علم بأن أداءه للعمل أو‬
‫االمتناع عنه مخالف للقوانين والتنظيمات مما يشكل جريمة‪ ،‬وبرغم ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫‪ -2.3‬القصد الجنائي الخاص‪ :‬تنص المادة ‪ 33‬على‪...":‬كل موظف عمومي أساء استغالل وظائفه‬
‫أو منصبه عمدا‪ ،"...‬وعليه يقوم القصد الجنائي الخاص في جريمة إساءة استغالل الوظيفة على‬
‫"غرض الحصول مستقبال على مزية غير مستحقة"‪ ،‬فإذا قام في جانب الجاني غرض آخر غير هذا‬
‫الغرض‪ ،‬فإن الجريمة لن تقوم نظ ار لتخلف القصد الجنائي الخاص‪ ،‬ومثال ذلك أن يمتنع الموظف‬
‫المختص بشكل غير قانوني عن منح رخصة لفتح مؤسسة ما) خاضعة للترخيص( ‪ ،‬بهدف تفادي‬
‫منافستها لمؤسسة أخرى مماثلة‪.1‬‬

‫‪ -4‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج‬


‫إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة االثراء غير المشروع‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 37‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين‬
‫(‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل موظف‬
‫عمومي ال يمكنه تقديم تبرير معقول للزيادة المعتبرة التي طرأت في ذمته المالية مقارنة بمداخيله‬
‫المشروعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حاج علي مداح‪ ،‬جريمة إساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تسمسيلت‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫المجلد‪ ،04‬العدد‪ ،2019 ،02‬ص ص‪.21-19‬‬
‫‪76‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫يعاقب بنفس عقوبة اإلخفاء المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬كل شخص ساهم عمدا في‬
‫التستر على المصدر غير المشروع لألموال المذكورة في الفقرة السابقة بأية طريقة كانت‪.‬‬

‫يعتبر اإلثراء غير المشروع المذكور في الفقرة األولى من هذه المادة جريمة مستمرة تقوم إما‬
‫بحيازة الممتلكات غير المشروعة أو استغاللها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪".‬‬

‫في هذا الشأن تنص المادة‪ 2/24‬من التعديل الدستوري لسنة‪ 2020‬على‪...":‬ال يمكن أن‬
‫الخاصة‪."...‬‬
‫ّ‬ ‫الدولة مصد ار للثراء‪ ،‬وال وسيلة لخدمة المصالح‬
‫مؤسسات ّ‬
‫العهدات في ّ‬
‫تكون الوظائف و ُ‬
‫وعليه يمكن تعريف اإلثراء غير المشروع على أنه‪ ":‬كل زيادة معتبرة تط أر على الذمة المالية للموظف‬
‫مقارنة بمداخيله المشروعة وال يمكنه تقديم تبرير معقول لهذه الزيادة"‪.1‬‬

‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتحقق بحصول زيادة معتبرة في الذمة المالية للموظف الجاني بعد التحاقه‬
‫بوظيفته مثل شراء سيارة فاخرة أو شراء عقارات بمبالغ طائلة‪ ،‬أين يعجز معه عن تبرير هذه الزيادة‬
‫المعتبرة مقارنة بمداخيله المشروعة بكل طرق االثبات المتاحة قانونا‪ .‬كما يالحظ في هذه الجريمة‬
‫أن المشرع نقل عبء اثبات االثراء غير المشروع الى الجاني بما يمثل انتهاكا لقرينة البراءة‪ .‬من‬
‫جانب آخر تعتبر هذه الجريمة من الجرائم المستمرة باستمرار الممتلكات غير المشروعة أو استغاللها‬
‫بكريقة مباشرة أو غير مباشرة وكذا العقاب على إخفاء المصدر غير المشروع لتلك األموال ‪.2‬‬

‫‪-3‬الركن المعنوي‪ :‬تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على العلم‬
‫واإلرادة‪ ،‬فيجب أن يكون الفاعل عالما وقت ارتكاب الجريمة بأن الزيادة المعتبرة التي طرأت على‬
‫ذمته المالية بعد استالمه لوظيفته ومقارنة بمداخيله المشروعة ال يمكن تبريرها وأنها تشكل جريمة‪،‬‬
‫ومع ذلك تتجه إرادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج‬


‫إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬جريمة تلقى الهدايا‪:‬‬
‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 38‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة (‪)6‬‬
‫أشهر إلى سنتين (‪ )2‬وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج‪ ،‬كل موظف عمومي يقبل من‬

‫‪1‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ ،‬جريمة االثراء غير المشروع في ضوء قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،2009 ،16‬ص ص‪.231-230‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.234-233‬‬
‫‪77‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫شخص هدية أو أية مزية غير مستحقة من شأنها أن تؤثر في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة‬
‫بمهامه‪.‬‬

‫يعاقب الشخص مقدم الهدية بنفس العقوبة المذكورة في الفقرة السابقة‪".‬‬

‫‪-2‬الركن المادي‪ :‬إن المقصود من تص المادة ‪ 38‬هو تلقي الهدايا‪ ،‬أي استالمها‪ ،‬وليس‬
‫مجرد قبولها كما في جريمة الرشوة السلبية التي يتحقق فيها القبول سواء تسلمها الجاني بالفعل أو‬
‫وعد بالحصول عليها بعد قضاء الحاجة‪ .‬وتختلف جريمة تلقي الهدايا عن الرشوة السلبية في مناسبة‬
‫قبول الهدايا‪ ،‬ففي الرشوة السلبية‪ ،‬يفترض أن يكون هناك عرض مزية من صاحب الحاجة إلى‬
‫الموظف العمومي لقاء قضاء حاجته ‪ ،‬وذلك بأداء عمل لصالحه أو االمتناع عن أدائه ‪ ،‬في حين‬
‫أن قبول الهدية في جريمة تلقي الهدايا ال يشترط فيه قضاء حاجة إذا لم يربطه المشرع بأداء عمل‬
‫أو االمتناع عن أداءه ‪ ،‬غير أن المادة ‪ 38‬تشترط أن تكون الهدية أو المزية التي قبلها الموظف‬
‫العمومي من شأنها أن تأثر في معالجة ملف أو في سير إجراء أو معاملة لها صلة بمهامه‪.1‬‬

‫وبالمقابل تتفق الجريمتان في شرط تلقي الموظف العمومي الهدية قبل إخباره باألمر أو قبل‬
‫البت فيه‪ ،‬أما إذا تلقاها بعد البت في األمر فال جريمة أي أن المكافأة الالحقة غير مجرمة‪.‬‬
‫وكما هو الحال بالنسبة لجريمة الرشوة السلبية‪ ،‬يستحيل تصور الشروع في تلقي الهدايا‪ ،‬فإما أن‬
‫تكون الجريمة تامة واما أن تكون في مرحلة التحضير‪ ،‬وقد تكون الهدية أو المزية ذات طبيعة‬
‫مادية أو معنوية مشروعة أو غير مشروعة‪.2‬‬

‫‪ -2‬الركن المعنوي‪ :‬ويتطلب توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على العلم واإلرادة‪ ،‬فيجب أن‬
‫يكون الجاني على علم بأن مقدم الهدية أو المزية له حاجة لديه‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته لتلقي‬
‫الهدية‪.‬‬
‫‪ -3‬العقوبات المقررة‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمتلقي الهدية‪ :‬بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى سنتين (‪ )2‬وبغرامة من ‪50.000‬‬
‫دج إلى ‪ 200.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمقدم الهدية‪ :‬يعاقب الشخص مقدم الهدية بالعقوبة نفسها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪78‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المطلب الثالث‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات واإلضرار بها‬

‫إن الموظف العمومي هو مستأمن على ما بين يديه من المال العام فال يصرفه إالّ فيما هو‬
‫مخصص له‪ ،‬وعليه جاءت هذه المادة حماية للمال العام والخاص على حد سواء‪ .‬حيث عدل المشرع‬
‫ّ‬
‫هذه المادة وذلك ألن الصياغة القديمة لها فضال عن احتمالها لعدة تفسيرات بخصوص مفهوم فعل‬
‫التبديد الوارد ضمنها من بين األفعال المجرمة بموجبها‪ ،‬فإن المتابعة الجزائية تترتب بمقتضاها حتى‬
‫عن فعل التسي ير الذي يقوم به الموظف العمومي في إطار مخاطر التسيير‪ .‬فكان البد من تدقيق‬
‫الركن المعنوي لهذه الجريمة وتمييز فعل "التبديد" المجرم والمعاقب عليه بمقتضى هذا القانون عن‬
‫أعمال المخاطرة المعقولة والمعتادة في التسيير‪.‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 01-06‬المعدلة بموجب القانون ‪15-11‬‬
‫الصادر في ‪ 2011/08/02:‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين(‪ )2‬إلى عشر(‪ )10‬سنوات وبغرامة‬
‫من ‪200.000‬دج إلى ‪1.000.000‬دج كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو‬
‫يحتجز بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر‪،‬‬
‫أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه‬
‫بحكم وظيفته أو بسببها"(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬الركن المادي ‪ :‬ويتكون من أفعال‪ :‬السلوك المجرم‪ ،‬محل الجريمة العالقة السببية‪.‬‬

‫‪-1.2‬السلوك المجرم‪ :‬ويتكون من أفعال‪ :‬التبديد واالختالس واإلتالف واإلحتجاز بدون وجه حق‬
‫واالستعمال على نحو غير شرعي‪.‬‬

‫‪ ‬االختالس‪ :‬يعرف االختالس بأنه استيالء الموظف بدون وجه حق على أموال عامة‬
‫أو خاصة وجدت تحت تصرفه بسبب أو بمقتضى وظيفته (‪ ،)2‬فهو فعل مادي يتمثل بالظهور على‬
‫الشيئ بمظهر المالك الذي تسانده نية داخلية وهي نية التملك (‪ .)3‬حيث يفترض في االختالس وجود‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم‪ 15/11:‬الصادر في‪ ،2011/8/02:‬تعدل وتتمم المادتان ‪ 26‬و‪ 29‬من القانون‪01-06‬‬
‫الصادر في ‪ 2006/2/20:‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪،‬‬
‫رقم‪ ،44:‬الصادرة في‪ ،2011/8/10:‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫فريدة مزياني‪ ،‬دور اإلدارة والقضاء في مكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬الملتقى الوطني حول‪ :‬الحكم الراشد ومكافحة الفساد‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‪ ،‬يومي‪ 08:‬و‪ 09‬أفريل‪ ،2007‬ص‪.16‬‬
‫‪3‬‬
‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪79‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫حيازة للجاني سابقة ومعاصرة للحظة ارتكاب السلوك االجرامي‪ ،‬غير أن هذه الحيازة ناقصة حيث‬
‫يتوفر للحائز العنصر المادي للحيازة دون المعنوي‪ ،1‬ومثال ذلك المحضر القضائي الذي يستولى‬
‫على األموال المودعة لديه‪.‬‬

‫‪ ‬اإلتالف‪ :‬ويتحقق بهالك الشيئ واعدامه إلى الحد الذي يفقد قيمته وصالحيته نهائيا(‪ ،)2‬كما‬
‫أن هذا الفعل معاقب عليه بموجب المادة ‪ 158‬من قانون العقوبات في حالة قيام شخص بتشويه أو‬
‫تبديد أو انتزاع عمدا أوراقا أو سجالت أو عقودا أو سندات محفوظة في المحفوظات مسلمة إلى‬
‫‪3‬‬
‫أمين عمومي بهذه الصفة‪.‬‬

‫‪ ‬التبديد ‪ :‬ويتحقق متى قام الجاني عمدا باستهالك المال الذي أئتمن عليه والتصرف‬
‫فيه كتصرف المالك(‪.)4‬‬

‫‪ ‬االحتجاز بدون وجه حق ‪ :‬ويتحقق حينما يؤدي ذلك إلى تعطيل المصلحة التي أعد‬
‫المال لخدمتها مثل أمين الصندون الذي يحتفظ باإليرادات المالية عوض ايداعها في الخزينة(‪.)5‬‬

‫‪ ‬االستعمال على نحو غير شرعي‪ :‬ويتحقق بالتعسف في استعمال الممتلكات للغرض‬
‫الشخصي أو لشخص أو كيان آخر مثل‪ :‬استعمال وسائل الدولة لغير الغرض الذي وجدت ألجله‪.6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫أو األموال أو األوراق المالية العمومية والخاصة أو‬ ‫‪-2.2‬محل الجريمة‪ :‬وهي الممتلكات‬
‫أي أشياء أخرى ذات قيمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مليكة هنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪3‬‬
‫تنص المادة ‪ 158‬من األمر ‪ 156-66:‬الصادر في‪ 966/06/08:‬يتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم على‪ ":‬يعاقب‬
‫بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يتلف أو يشوه أو يبدد أو ينتزع عمدا أوراقا أو سجالت أو عقودا أو سندات‬
‫محفوظة في المحفوظات أو أقالم الكتاب أو المستودعات العمومية أو مسلمة إلى أمين عمومي بهذه الصفة‪ .‬واذا وقع اإلتالف‬
‫أو التشويه أو التبديد أو االنتزاع من األمين العمومي أو بطريق العنف ضد األشخاص فيكون السجن من عشر سنوات إلى‬
‫معدل‬
‫عشرين سنة"‪ ،.‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ 49 :‬الصادرة في‪ 11 :‬يونيو ‪ّ ،1966‬‬
‫ومتمم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫عبد الحكم فودة‪ ،‬جرئم اإلحتيال‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‪.168‬‬
‫‪5‬‬
‫الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪6‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪7‬‬
‫عرفتها المادة‪/2‬و من القانون ‪ 01-06‬الممتلكات على أنها‪ ":‬الموجودات بكل أنواعها سواء كانت مادية أو غير مادية‪،‬‬
‫منقولة أو غير منقولة‪"...‬‬
‫‪80‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -3.2‬العالقة السببية ‪ :‬يشترط أن يكون المال أو السند قد سلم للموظف العمومي بحكم‬
‫وظيفته أو بسببها‪.‬‬
‫‪ -3‬الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على علم‬
‫الجاني بأن المال المسلم له هو بسبب وظيفته‪ ،‬وهو ملك للدولة أو للخواص وأن حيازته له هي‬
‫حيازة ناقصة ال يملك التصرف فيه كتصرف المالك‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته إلى تبديده أو اختالسه‬
‫أو اتالفه أو احتجازه أواستعماله على نحو غير شرعي‪ ،‬غير أن فعل اإلختالس يتطلب قصدا‬
‫جنائيا خاصا يتمثل في نية التملك(‪.)1‬‬

‫‪-4‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬إلى‬


‫‪1.000.000‬دج‪ .‬كما تطبق العقوبات المنصوص عليها بموجب األمر رقم‪ 11-03 :‬المؤرخ في‪:‬‬
‫‪ 2003/08/26‬يتعلق بالنقد والقرض(‪)2‬على الجاني إذا كان رئيسا أو عضو مجلس إدارة أو مدي ار‬
‫عاما للبنك أو مؤسسة مالية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 131‬من األمر نفسه على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ‪5‬‬
‫سنوات إلى ‪ 10‬سنوات وبغرمة من ‪ 5.000.000‬إلى ‪... 10.000.000‬وذلك اذا استعملوا ملك‬
‫المؤسسة بسوء نية وعمدا أموالها استعماال منافيا لمصالح هذه المؤسسة ألغراض تفيد مصلحتهم‬
‫الشخصية‪."..‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات في القطاع الخاص‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 41‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة‬
‫(‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج كل شخص يدير‬
‫كيانا تابعا للقطاع الخاص‪ ،‬أو يعمل فيه بأية صفة أثناء مزاولة نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري‪،‬‬
‫تعمد اختالس أية ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد‬
‫بها إليه بحكم مهامه"‪.‬‬
‫‪ -2‬صفة الجاني‪ :‬هو ذلك الشخص الذي يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل فيه بأية‬
‫صفة أثناء مزاولة أي نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري‪ ،‬حيث اشترطت المادة ‪ 41‬ارتكاب الجريمة‬

‫‪1‬‬
‫أنور العمروسي‪ ،‬أمجد العمروسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،150‬راجع أيضا‪ ،‬الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.347‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬نصوص المواد من ‪ 131‬وما بعدها من األمر رقم‪ 11-03 :‬المؤرخ في‪ 2003/08/26 :‬يتعلق بالنقد والقرض‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،52:‬الصادرة في‪.2003/08/27:‬‬
‫‪81‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أثناء مزاولة هذا النوع من النشاط سواء كان النشاط االقتصادي أو المالي أو التجار بغرض تحقيق‬
‫‪1‬‬
‫الربح‪.‬‬
‫‪ -3‬الركن المادي‪ :‬يتكون من السلوك المجرم ومحل الجريمة وعالقة الجاني بمحل الجريمة‬

‫‪ -1.3‬السلوك المجرم‪ :‬ويتمثل في فعل اإلختالس وهو تحويل الشخص للمال المؤتمن عليه‬
‫من حيازة مؤقتة على سبيل األمانة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك‪.‬‬

‫‪ -2.3‬محل الجريمة‪ :‬تشترك جريمة االختالس في القطاعين العام والخاص في المحل التي‬
‫تقع عليه المتمثل في الممتلكات واألموال واألوراق المالية العمومية والخاصة‪ ،‬أو أي أشياء أخرى‬
‫ذات قيمة‪ ،‬إال أن االختالف يكمن فقط في ملكية هذه األموال والممتلكات‪ ،‬حيث تعود ملكيتها في‬
‫جريمة االختالس في القطاع العام إلى الدولة أو لألفراد‪ ،‬أما في القطاع الخاص فتتميز األموال محل‬
‫الجريمة بطابعها الخاص‪.2‬‬

‫‪ -3.3‬عالقة الجاني بمحل الجريمة‪ :‬يشترط أن تكون الممتلكات أو األموال أو األوراق المالية‬
‫أو أي أشياء أخرى ذات قيمة قد سلمت للجاني بحكم مهامه‪.‬‬

‫‪ -4‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على علم‬
‫الجاني بأن المال المسلم له هو بحكم مهامه‪ ،‬وهو ملك للخواص وأن حيازته له هي حيازة ناقصة ال‬
‫يملك التصرف فيه كتصرف المالك‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته إلى اختالسه‪ ،‬غير أن فعل اإلختالس‬
‫يتطلب قصدا جنائيا خاصا يتمثل في نية التملك‪.‬‬

‫العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 01-06‬المعدلة بموجب القانون ‪15-11‬‬
‫الصادر في ‪ 2011/08/02:‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين(‪ )2‬إلى عشر(‪ )10‬سنوات وبغرامة‬
‫من ‪200.000‬دج إلى ‪1.000.000‬دج كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو‬
‫يحتجز بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫فتيحة خالدي خيرة ميمون‪ ،‬جريمة اختالس األموال والممتلكات في القطاع العام والخاص‪ ،‬مجلة الدراسات االقتصادية‬
‫المعاصرة‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،04‬العدد‪ ،2019 ،01‬ص‪.85‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫‪82‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه‬
‫بحكم وظيفته أو بسببها"‪.‬‬
‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬تتفق جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي مع جريمة‬
‫االختالس في مجمل عناصر الركن المادي وال تختلف عنها إال في السلوك المجرم‪.‬‬

‫‪-1.2‬العناصر المشتركة‪ :‬تشترك جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي مع جريمة‬
‫االختالس في العناصر اآلتية‪.‬‬

‫‪ ‬صفة الجاني‪ :‬يشترط أن يكون الجاني موظفا عموميا كما سبق بيانه‪.‬‬
‫‪ ‬محل الجريمة‪ :‬حتى تتم جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي يجب أن تنصب‬
‫على ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة‪ ،‬أو أي أشياء أخرى ذات قيمة‪.‬‬
‫‪ ‬عالقة الجاني بمحل الجريمة‪ :‬يشترط لقيام الركن المادي لجريمة أن يكون المال أو السند‬
‫محل الجريمة قد وجد تحت يد الموظف العمومي بحكم وظيفته أو بسببها‪ ،‬أو بمعنى آخر يجب أن‬
‫تتوفر صلة السببية بين حيازة الموظف للمال وبين وظيفته‪.‬‬

‫المجرم‪ :‬تتميز جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير‬


‫ّ‬ ‫‪ -2.2‬العنصر المميز السلوك‬
‫شرعي عن جريمة اختالس الممتلكات بالسلوك المجرم والمتمثل في استعمال هذه الممتلكات على‬
‫نحو غير شرعي‪ ،‬ويتحقق بالتعسف في استعمال الممتلكات للغرض الشخصي أو لشخص أو كيان‬
‫آخر مثل‪ :‬استعمال وسائل الدولة لغير الغرض الذي وجدت ألجله‪ ،‬ويستوي أن يستعمل الجاني‬
‫المال لغرضه الشخصي أو لفائدة غيره شخصا كان أو كيانا‪ ،‬أي االنتفاع الشخصي من المال مثل‪:‬‬
‫استعمال هاتف المؤسسة ألغراضه ال شخصية أو استعمال سيارة المصلحة خارج أوقات العمل وفي‬
‫غير الغرض المخصص لها‪...‬إلخ‪ .‬وقد يكون االستعمال لفائدة الغير سواء استعمال المال بعينه‬
‫لصالح الغير أو سلم المال للغير حتى ينتفع به‪ .‬وال تقتضي هذه الجريمة اإلستالء على المال بل‬
‫يكفي مجرد استعماله بطريقة غير شرعية‪.1‬‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام الذي يقوم على علم‬
‫الجاني بأن المال المسلم له هو بسبب وظيفته‪ ،‬وهو ملك للدولة أو للخواص وأن حيازته له هي حيازة‬
‫ناقصة ال يملك التصرف فيه كتصرف المالك‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته إلى استعماله على نحو غير‬

‫‪1‬‬
‫لويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.359‬‬
‫‪83‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫شرعي‪ ،‬غير أن هذا الفعل يتطلب أيضا قصدا جنائيا خاصا يتمثل في نية التعسف في استعمال‬
‫هذه الممتلكات‪.‬‬

‫‪ -3‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين(‪ )2‬إلى عشر(‪ )10‬سنوات وبغرامة من‬


‫‪200.000‬دج إلى ‪1.000.000‬دج‬

‫مالحظة‪ :‬تجدر اإلشارة إلى أن هناك جريمة أخرى تسمى‪ :‬جريمة اإلهمال المتسبب بالحاق‬
‫ضرر باألموال منصوص عليها بموجب المادة ‪ 119‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،1‬وهو النص الوحيد‬
‫الذي لم يلغه القانون‪ 01-06‬من قانون العقوبات وبقي ساري المفعول‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬جرائم التستر على الفساد‬

‫جاءت صور التستر على جرائم الفساد متفرقة ضمن القانون‪ 01-06‬وتتمثل في‪ :‬تبييض‬
‫عائدات جرائم الفساد واخفاءها والتمويل الخفي لألحزاب السياسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة تبييض عائدات جرائم الفساد‪:‬‬

‫يعود أصل تسمية " غسيل األموال" أو " تبييض األموال" أو" الجريمة البيضاء" إلى عصابات‬
‫المافيا الشهيرة في ثالثينات القرن الماضي في أمريكا ‪ ،‬حيث تم القبض على زعيم هذه العصابات‬
‫آل كابون (‪ )Al Capone‬في سنة ‪ 1931‬بالتهمة الوحيدة التي أمكن إثباتها عليه و هي تهمة‬
‫‪2‬‬
‫التهرب من دفع الضرائب‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 42‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب على تبييض عائدات‬
‫الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬بنفس العقوبات المقررة في التشريع الساري المفعول في‬
‫هذا المجال"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 119‬مكرر من قانون العقوبات على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة ( ‪ )6‬أشهر إلى ثالث ( ‪ )3‬سنوات‬
‫وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج كل موظف عمومي في مفهوم المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في‬
‫‪ 20‬فبراير سنة ‪ 2006‬والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو اختالس أو تلف أو‬
‫ضياع أموال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقود أو أموال منقولة وضعت تحت يده سواء‬
‫بمقتضى وظيفته أو بسببها"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫داود يوسف صبح‪ ،‬تبييض األموال والسرية المصرفية الفساد أصل العلة‪ ،‬مكتبة صادر ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،2002 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪84‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫حيث يشترط وقوع هذه الجريمة وجود جريمة أصلية من جرائم الفساد المنصوص عليها في‬
‫‪1‬‬
‫بموجب‬ ‫القانو‪ ، 01-06‬وبالرجوع لقانون العقوبات عاقب المشرع على جريمة تبييض األموال‬
‫المواد ‪ 389‬مكرر إلى ‪ 389‬مكرر‪.7‬‬

‫حيث تنص المادة ‪ 389‬مكرر من قانون العقوبات على‪ ":‬يعتبر تبييض لألموال‪:‬‬

‫أ‪ -‬تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية بغرض إخفاء أو تمويه‬
‫المصادر غير المشروع لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة األصلية‬
‫التي تأتت منها هذه الممتلكات على اإلفالت من اآلثار القانونية لفعلته‪.‬‬

‫ب‪ -‬إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها‬
‫أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها‪ ،‬مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية‪.‬‬

‫ج‪ -‬اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها أنها‬
‫تشكل عائدات إجرامية‪.‬‬

‫د‪ -‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقرر وفقا لهذه المادة‪ ،‬أو التواطؤ أو التآمر على‬
‫ارتكابها ومحاولة ارتكابها والمساعدة والتحريض على ذلك وتسهيله واسداء المشورة بشأنه"‪.‬‬

‫كما نص أيضا على تجريم األفعال نفسها المكونة للجريمة في المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪-05‬‬
‫‪ 01‬مؤرخ في ‪ ،2005/02/06‬يتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪.2‬‬
‫‪ -2‬الركن المفترض‪ :‬بالرجوع إلى نص المادة ‪ 42‬من القانون ‪ 01-06‬والتي تعاقب على‬
‫تبييض عائدات الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بصفة خاصة‪ ،‬وبالرجوع أيضا إلى نص‬
‫المادة ‪ 389‬مكرر من قانون العقوبات نجده يتكلم عن عائدات إجرامية بصفة عامة ‪ ،‬إذ لم يحدد‬
‫الجرائم المصدر على سبيل الحصر كما فعلت بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري مثال ‪،‬‬
‫بل وضع نصا عاما واسعا يشمل كافة الجرائم‪ ،‬و هو بذلك يكون قد اعتنق أسلوب اإلطالق في‬
‫تحديده للجريمة المصدر وتتجلى في إتباع هذا األسلوب فائدة عملية تتمثل في مواكبة الظاهرة‬
‫اإلجرامية بصفة تتسم بالتجريد و العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يقصد بمصطلح تبييض األموال أو غسيل األموال أو تنظيفها أو تطهيرها كل فعل يهدف إلى إخفاء أو تمويه طبيعة‬
‫المتحصالت المستمدة من أنشطة غير مشروعة بحيث تبدو كما لو كانت مستقاة من أنشطة مشروعة ليتسنى بعد ذلك‬
‫استخدامها في أنشطة مشروعة داخل الدول ة أو خارجها‪ ،‬راجع‪ ،‬محمد محي الدين عوض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 01-05‬مؤرخ في ‪ ،2005/02/06‬يتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫ومكافحتهما‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -3‬الركن المادي‪ :‬حصر المشرع السلوك اإلجرامي لهذه الجريمة في أربعة صور نصت‬
‫عليهم المادة ‪ 389‬مكرر من قانون العقوبات نتناولها كما يلي‪:‬‬

‫‪-1.3‬الصورة األولى‪ :‬تتمثل في تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات‬
‫إجرامية بغرض إخفاء أو تمويه المصادر غير المشروعة لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص‬
‫متورط في ارتكاب الجريمة األصلية التي تأتت منها هذه الممتلكات على اإلفالت من اآلثار القانونية‬
‫لفعلته‪.1‬‬

‫‪-2.3‬الصورة الثانية‪ :‬إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو‬
‫كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها‪ ،‬مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية‪.‬‬
‫ويقصد باإلخفاء حيازة األموال أو المتحصالت من الجريمة المصدر سواء كانت تلك الحيازة مستترة‬
‫أم كانت علنية‪ .‬أما المقصود بالتمويه فهو جملة األفعال الرامية إلى إخفاء مظهر مشروع على‬
‫األموال أو المتحصالت من الجريمة المصدر من خالل مجموعة العمليات المالية المعقدة والمتتابعة‬
‫لطمس الصفة غير المشروعة لألموال عن طريق استعمال تحويالت داخلية أو خارجية بحيث يتعذر‬
‫الوصول إلى مصدرها‪.2‬‬

‫‪-3.3‬الصورة الثالثة‪ :‬اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم‬


‫بذلك وقت تلقيها أنها تشكل عائدات إجرامية‪ .‬والمقصود باكتساب الممتلكات هو تلقي األموال أو‬
‫المتحصالت على سبيل التكسب أو الترويج كما أن لفظ االكتساب هنا عام ‪ ،‬فال يشترط أن يكون‬
‫الحصول على المال من الجريمة المصدر بطريق مباشر ‪ ،‬بل يمكن الحصول عليها بطريق غير‬
‫مباشر مثل األرباح الناتجة من األموال المتحصلة من الجريمة المصدر‪ ،‬أما الحيازة فهي االستئثار‬
‫بالشيء على سبيل الملك دون الحاجة لالستيالء عليه ‪ ،‬فيكفي العتبار الشخص حائ از و لو لم تكن‬
‫له السيطرة المادية مثل إجراء قروض وهمية‪.3‬‬

‫‪-4.3‬الصورة الرابعة‪ :‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقرر وفقا لهذه المادة‪ ،‬أو التواطؤ‬
‫أو التآمر على ارتكابها ومحاولة ارتكابها والمساعدة والتحريض على ذلك وتسهيله واسداء المشورة‬
‫بشأنه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد العزيز عياد‪ ،‬تبييض األموال والقوانين واإلجراءات المتعلقة بالوقاية منهـا ومكافحتها في الجزائر‪ ،‬دار الخلدونية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.42‬‬
‫‪2‬‬
‫سامية دلندة‪ ،‬ظاهرة تبييض األموال‪ ،‬مكافحتها والوقاية منها‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬و ازرة العدل‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،60‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.248‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.250‬‬
‫‪86‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -4‬عالقة السببية‪ :‬تتوافر عالقة السببية في جريمة تبييض األموال بارتباط السلوك اإلجرامي‬
‫الذي انصب على مال غير مشروع متحصل من جريمة من الجرائم بالنتيجة الجرمية والمتمثلة في‬
‫تمويه طبيعة المصدر غير المشروع للمال‪ ،‬أو تغيير طبيعته أو حقيقته أو الحيلولة دون اكتشافه‬
‫بأي صورة كانت م ن خالل إضفاء الشرعية على األموال غير المشروعة‪ ،‬وعليه فال بد لقيام أي‬
‫جريمة من ارتباط النتيجة بالفعل المؤدي لها‪ ،‬وبتطبيق هذا العالقة على جريمة تبييض األموال نجد‬
‫أن عالقة السببية تتمثل في ارتباط العمل المادي المتمثل في الحصول على األموال من مصادر‬
‫غير مشروعة ‪ ،‬بالنتيجة التي جرمها القانون والمتمثلة في محاولة الجاني إضفاء الصفة الشرعية‬
‫‪1‬‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪ -4‬الركن المعنوي‪ :‬تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص‪.‬‬

‫‪ -1.4‬القصد الجنائي العام‪ :‬فجريمة تبييض األموال جريمة عمديه و يلزم لوقوعها توفر‬
‫القصد الجنا ئي بعنصريه العلم و اإلرادة ‪ ،‬فيجب أن يعلم الجاني أن المال محل التبييض متحصل‬
‫من عمل إجرامي ‪ ،‬فإذا كان الجاني يجهل ذلك فال يتوفر القصد الجنائي العام لديه لتخلــف أحد‬
‫و بالتالي ال تقوم الجريمة ‪ ،‬و العلم ينصب على كافة صور السلوك‬ ‫عناصره و هو العلم‬
‫اإلجرامي الواردة في المادة ‪ 389‬مكرر ‪ ،‬و يجب أن يتوافر العلم معاص ار للنشاط اإلجرامي حيث‬
‫يعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل المادي للجريمة بأن األموال موضوع التبييــض مستمــدة مــن نشاط‬
‫إجرامي والقاعدة العامة هي أن الفعل المكون للقصد يجب أن ينصب على الوقائع المتعلقة بموضوع‬
‫الحق المعتدى عليه و مكان و زمان ارتكاب الفعل ‪ ،‬وأن تلك الوقائع يجب توافرها كعنصـر العلم‬
‫بالوقائع في نشاط تبييض األموال‪. 2‬‬

‫‪ -2.4‬القصد الجنائي الخاص‪ :‬باإلضافة إلى القصد الجنائي العام‪ ،‬استلزمت المادة ‪389‬‬
‫مكرر من قانون العقوبات توفر القصد الجنائي الخاص المنصوص عليه في الفقرة األولى من نفس‬
‫المادة ‪ ،‬حيث نصت " ‪...‬تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية ‪."...‬يتضح‬
‫لنا من خالل هذه المادة أن القصد الجنائي الخاص يتوافر إذا كان الجاني يقصد من نشاطه إما‬
‫إخفاء أو تمويه المصادر غير المشروع لتلك الممتلكات‪ ،‬أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب‬
‫الجريمة األصلية التي تأتت منها هذه الممتلكات على اإلفالت من اآلثار القانونية لفعلته‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫أمجد سعود قطفان الخريشة‪ ،‬جريمة غسيـل األمـوال‪ ،‬د ارسـة مقارنـة‪ ،‬دار الثقافة للنشـر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2006،‬ص‪.112‬‬
‫‪2‬‬
‫سامية دلندة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪87‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -5‬العقوبات المقررة‪ :‬تنص المادة ‪ 389‬مكرر‪ 1‬على‪":‬يعاقب كل من قام بتبييض األموال‬


‫بالحبس من خمس ( ‪ )5‬سنوات إلى عشر ( ‪ ) 10‬سنوات وبغرامة من ‪ 1.000.000‬دج إلى‬
‫‪ 3.000.000‬دج"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة إخفاء عائدات جرائم الفساد‪:‬‬

‫ال تختلف هذه الجريمة عن جريمة االخفاء المنصوص عليها بموجب المادة ‪ 387‬من قانون‬
‫العقوبات‪ ، 1‬إذ يهدف هذا السلوك إلى تحويل هذه المكتسبات في أرصدة بنكية محصنة وهو ما من‬
‫شأنه أن يعرقل العدالة ويحول دون الكشف عن الحقيقة والعثور على العائدات غير المشروعة‪.‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 43‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين‬
‫(‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪ ،‬كل شخص أخفى‬
‫عمدا كال أو جزءا من العائدات المتحصل عليها من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون"‪.‬‬

‫حيث تقتضي هذه الجريمة بالضرورة وجود جريمة سابقة من جرائم الفساد المنصوص عليها‬
‫بموجب القانون‪.01-06‬‬

‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬وهو قيام الجاني بسلوك إيجابي يتمثل في تلقى الشيئ ذي المصدر‬
‫االجرامي وحيازته وتسلمه ‪ ،‬ويستوي أن بكون تلقي الشيئ مباشرة من الجاني األصلي أو من وسيط‬
‫حتى وان كان ذلك بحسن نية رغم علمه الحقا بمصدره االجرامي‪.2‬‬
‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬يتطلب وقوع الجريمة توافر القصد الجنائي العام بعنصريه العلم واإلرادة‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم الجاني بالمصدر االجرامي لألشياء المخفاة في أي لحظة ما من حيازته لألشياء‬
‫المخفية‪ ،‬ومع ذلك تتجه إرادته للقيام بذلك‪ .‬إال أن الجريمة تنتفي في حالة تأكد القاضي من عدم‬
‫علم الجاني بالمصدر االجرامي لألشياء المخفاة‪.‬‬
‫)‪(10‬سنوات وبغرامة من‬ ‫‪ -4‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 387‬من قانون العقوبات على‪ ":‬كل من أخفي عمدا أشياء مختلسة أو مبددة أو متحصلة من جناية أو‬
‫جنحة في مجموعها أو في جزء منها يعاقب بالحبس من سنة على األقل إلى خمس سنوات على األكثر وبغرامة من ‪20.000‬‬
‫دج إلى ‪ 100.000‬دج‪."...‬‬
‫‪2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪88‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة التمويل الخفي لألحزاب السياسية‪:‬‬

‫‪-1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 39‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬دون االخالل باألحكام الجزائية‬
‫السارية المفعول المتعلقة بتمويل األحزاب السياسية‪ ،‬يعاقب كل من قام بعملية تمويل نشاط حزب‬
‫سياسي بصورة خفية بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج‬
‫إلى ‪ 1.000.000‬دج"‪.‬‬

‫‪-2‬الركن المادي‪ :‬يتكون من الفعل المجرم والمستفيد‪.‬‬

‫‪ -1.2‬الفعل المجرم‪ :‬ويتمثل في عملية التمويل المخالف للقانون الذي يحكم كيفيات تمويل‬
‫األحزاب السياسية بموجب المادة ‪ 52‬من القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬الصادر في‪ 12 :‬يناير‬
‫سنة ‪ ، 2012‬يتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬والذي يحدد تمويل نشاطات الحزب بالموارد المشكلة من‬
‫اشتراكات أعضائه‪ ،‬الهبات والوصايا والتبرعات‪ ،‬العائدات المرتبطة بنشاطاته وممتلكاته‪ ،‬المساعدات‬
‫المحتملة التي تقدمها الدولة‪ .1‬كما يشترط أن تتم عملية التمويل بصورة خفية‪.‬‬

‫‪ -2.2‬المستفيد‪ :‬يتمثل في الحزب السياسي والذي تعرفه المادة ‪ 3‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 04-12‬يتعلق باألحزاب السياسية‪ ":‬الحزب السياسي هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس األفكار‬
‫ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى‬
‫ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية"‪.‬‬

‫‪-3‬الركن المعنوي‪ :‬تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام المتمثل علم الجاني بأن‬
‫إخفاء عملية التمويل جريمة ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫‪-4‬العقوبة المقررة‪ :‬بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر )‪(10‬سنوات وبغرامة من ‪200.000‬‬


‫دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية واخالل الموظف بالتزاماته بموجب‬
‫القانون‪01-06‬‬

‫يرتبط مجال الصفقات العمومية بصرف األموال العامة في مختلف أنشطة الدولة‪ ،‬وعليه تعتبر‬
‫جرائم الصفقات العمومية من أكثر الجرائم شيوعا في مجال الجرائم االقتصادية والمالية‪ ،‬وهي تعبر‬
‫عن حجم الفساد اإلداري والمالي في الدولة نتيجة خرق سيادة القوانين وقواعد الشفافية‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 52‬من القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬الصادر في‪ 12 :‬يناير سنة ‪ ،2012‬يتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،02:‬الصادرة في‪.2012/01/15:‬‬
‫‪89‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫سنتناول جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية (جنحة المحاباة)‬
‫في(المطلب األول)‪ ،‬ثم نتطرق إلى جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين للحصول على امتيازات‬
‫غير مبررة في م جال الصفقات العمومية في(المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نتطرق إلى جريمة الرشوة في‬
‫مجال الصفقات العمومية في(المطلب الثالث)‪ ،‬وأخي ار نتناول جرائم اخالل الموظف بالتزاماته بموجب‬
‫قانون مكافحة الفساد في(المطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية‬

‫(جنحة المحاباة)‬
‫تعتبر الصفقات العمومية أهم وسيلة وضعها المشرع في يد اإلدارة العمومية من أجل تسيير‬
‫الششؤون العامة‪ ،‬وبذلك تعتبر مجاال خصبا للفساد بكافة أشكاله‪ .‬وعليه نص القانون‪01-06‬‬
‫المعدل والمتمم على مختلف صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬وذلك من خالل نص المادة‬
‫‪ 2/1/26‬التي جاءت تحت عنوان "االمتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية" والمعدلة‬
‫بموجب نص المادة ‪ 2‬من القانون رقم‪ 15-11:‬الصادر في‪ .2011/08/02:‬جاء هذا التعديل على‬
‫أساس أن جميع المتدخلين في مجال إبرام الصفقات السيما المطالبين بالتأشير عليها وجدوا أنفسهم‬
‫مضطرين إلى قضاء أوقات طويلة للتدقيق فيما يقومون به من أعمال الرقابة على مدى احترام هذه‬
‫الصفقات لكل اإلجراءات المنصوص عليها قانونا مما أدى إلى تعطيل عدد كبير من المشاريع سيما‬
‫الهامة ذات البعد اإلستراتيجي‪.‬‬

‫ولهذه االعتبارات فإن التعديل المدخل عليها ضيق مجال تطبيقها‪ ،‬وذلك كشكل من أشكال رفع‬
‫التجريم عن طريق حصره في مخالفة اإلجراءات المتعلقة بشفافية الترشح للصفقات والمساواة بين‬
‫المترشحين وشفافية اإلجراءات والمنصوص عليها بموجب المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪.01-06‬‬

‫من جانب آخر يقصد بمصطلح المحاباة (‪ ":)Favoritisme‬تفضيل جهة على أخرى في‬
‫الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة"(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 1/26‬من القانون ‪ 01-06‬المعدلة بالمادة ‪ 2‬من القانون‬
‫‪ 15--11‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى (‪ )10‬سنوات وبغرامة من ‪200.000‬دج إلى‬
‫‪ 1.000.000‬دج‪ :‬كل موظف عمومي يمنح عمدا للغير امتيا از غير مبرر عند إبرام أو تأشير عقد‬

‫‪1‬‬
‫مريم فلكاوي‪ ،‬الحكم ال ارشـد ومكافحة الفسـاد بين المفاهيم وواقع التجربة الجزائرية‪ ،‬الملتقى الوطني حول‪ :‬الحكم الراشد‬
‫ومكافحة الفساد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‪ ،‬يومي‪ 08:‬و‪ 09‬أفريل‪،2007‬‬
‫ص‪.103‬‬
‫‪90‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق‪ ،‬مخالفة لألحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحرية الترشح والمساواة‬
‫بين المترشحين وشفافية اإلجراءات‪."...‬‬

‫من خالل نص المادة تقوم هذه الجريمة على األركان اآلتية‪ :‬صفة الجاني والركن المادي‬
‫والركن المعنوي‪.‬‬

‫صفة الجاني‪ :‬يجب توفر صفة الموظف العمومي في الجاني بخصوص كافة جرائم‬ ‫‪-2‬‬
‫الفساد‪ ،‬وهذه الصفة سبق شرحها في جريمة رشوة الموظفين العموميين‪.‬‬

‫‪ -3‬الركن المادي ‪ :‬يتحقق عند قيام الجاني بمنح امتيازات غير مبررة للغير مخالفا بذلك‬
‫األحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمتعلقة بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية‬
‫اإلجراءات‪ ،‬وذلك عند إبرام أو تأشير عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق‪ ،‬وعليه يمكن تقسيم الركن‬
‫المادي لهذه الجريمة إلى ثالثة عناصر هي‪ :‬االمتياز غير المبرر الممنوح للغير ومخالفة األحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمتعلقة بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية‬
‫اإلجراءات ومناسبة قيام الجاني بذلك‪.‬‬

‫‪-1.3‬االمتياز غير المبرر الممنوح للغير‪ :‬إن تخصيص صفقة عمومية أو عقد لشخص ال‬
‫يشكل بالضرورة في حد ذاته منح امتياز غير مبرر‪ ،‬ويمكن أن يتمثل االمتياز غير المبرر في إفادة‬
‫المستفيد من الصفقة بمعلومات امتيازية وحصرية ‪ ،‬أو زيادة التنقيط‪ ،‬أوخرق حكم من أحكام قانون‬
‫الصفقات العمومية يحتمل أن يترتب عنه إخالل بمبدأ المساواة بين المترشحين‪ .‬كما يشترط أن يكون‬
‫الغير هو المستفيد وليس الجاني(‪.)1‬‬

‫‪-2.3‬مخالفة األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ :‬وذلك حينما يمنح الجاني‬
‫عمدا ا متياز غير مبرر مخالفا بذلك األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في مجال‬
‫الصفقات العمومية‪ .‬كما أن تطبيق جنحة المحاباة ال ينحصر في قانون الصفقات العمومية فقط‪،‬‬
‫وانما يمتد ليشمل كل مساس بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية اإلجراءات أي كان‬
‫مرجعها‪ .‬كما أن جنحة المحاباة تعني أيضا كل عقد يبرمه موظف عمومي بمفهوم المادة‪/2‬ب من‬
‫القانون ‪ 01-06‬سواء كان العقد يخضع لقانون الصفقات العمومية أم ال (‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫نبيلة رزاقي‪ ،‬جريمة المحاباة في الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة البليدة‪ ،2‬العدد السابع‪ ،2015 ،‬ص‪.136‬‬
‫‪2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.136-135‬‬
‫‪91‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-3.3‬المناسبة‪ :‬وذلك عند إبرام أو تأشير عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق‪ :‬وسنوضح ذلك‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إبرام الصفقة‪ :‬وهو التوقيع على الوثيقة التي يفرغ فيها مضمون العقد بمفهومه الواسع(‪،)1‬‬
‫الذي يشمل الصفقة واالتفاقية والملحق(‪.)2‬‬

‫‪ ‬التأشير على العقد أو الصفقة‪ :‬بمعنى الموافقة على إبرام العقد أو الصفقة بعد التأكد من‬
‫صحة اإلجراءات القانونية‪ ،‬ففي مجال إبرام الصفقات العمومية نصت المادتان ‪ 156‬و‪ 157‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬المؤرخ في‪ 2015/09/16:‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام على ممارسة الرقابة بكافة أنواعها من طرف المصالح المتعاقدة قبل وبعد‬
‫تنفيذ الصفقة العمومية‪.‬‬

‫‪ -4‬الركن المعنوي‪ :‬جنحة المحاباة هي جريمة عمديه بنص المادة ‪ 26‬المعدلة "كل موظف‬
‫عمومي يمنح عمدا"‪ ،‬حيث يجب أن يعلم الجاني بأنه يخرق األحكام التشريعية والتنظيمية المعمول‬
‫بها في مجال الصفقات العمومية وغيرها من العقود‪ ،‬والمتعلقة بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين‬
‫وشفافية اإلجراءات عن طريق اتجاه إرادته إلى مفاضلة أحد المترشحين على البقية(‪.)3‬‬

‫‪-5‬العقوبات المقررة‪ :‬الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من ‪200.000‬دج إلى‬
‫‪1.000.000‬دج‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬استغالل نفوذ األعون العموميين للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال‬
‫الصفقات العمومية‬

‫تعتبر جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين ألجل الحصول على امتيازات غير مبررة في‬
‫مبررة في مجال الصفقات‬
‫مجال الصفقات العمومية الجريمة المقابلة لجريمة منح امتيازات غير ّ‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تنص المادة ‪ 54‬من األمر رقم‪ ،58-75 :‬الصادر في‪ 26 :‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫ومتمم على‪ ":‬العقد اتفاق يلتزم بموجبه‬
‫معدل ّ‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ 78:‬الصادرة‪30 :‬سبتمبر ‪ّ ،1975‬‬
‫شخص أو عدة أشخاص نحو شخص آخر أو عدة أشخاص‪ ،‬بمنح أو فعل أو االمتناع عن فعل شيء ما"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ألكثر تفاصيل حول مفهوم العقد أو اإلتفاقية‪ ،‬راجع‪ ،‬الويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 185‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫نبيلة رزاقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.140-139‬‬

‫‪92‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة‪ 2/26‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ...":‬كل تاجر أو صناعي‬
‫أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص‪ ،‬أو بصفة عامة كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم‪ ،‬ولو‬
‫بصفة عرضية ‪ ،‬بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات‬
‫العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات العمومية االقتصادية والمؤسسات العمومية ذات‬
‫الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬ويستفيد من سلطة أو تأثير أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في‬
‫األسعار التي يطبقونها عادة أو من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال‬
‫التسليم أو التموين‪.‬‬

‫‪ -1‬صفة الجاني‪ :‬بحسب نص المادة الشخص مرتكبا لجريمة استغالل نفوذ األعوان‬
‫العموميين ألجل الحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية أن يكون‪ :‬تاج ار‬
‫أو صناعيا أو حرفيا أو مقاوال من القطاع الخاص‪ .‬غير أن المشرع الجزائري عدل عن اشتراط صفة‬
‫معينة في الجاني‪ ،‬حيث عمم ذلك على كل شخص طبيعي أومعنوي‪ ،‬إذ تقوم هذه الجنحة في حق‬
‫أي شخص تابع للقطاع الخاص‪ ،‬أي كل عون اقتصادي خاص‪ ،‬سواء كان طبيعيا أومعنويا‪ ،‬يعمل‬
‫لحسابه أولحساب غيره‪.‬‬

‫‪-3‬الركن المادي‪ :‬يقوم على عنصريين هما‪ :‬السلوك اإلجرامي المتمثل في استغالل نفوذ األعوان‬
‫العموميين‪ ،‬والغرض من استغالل نفوذ األعوان العموميين‪.‬‬

‫‪ -1.3‬استغالل نفوذ األعوان العموميين‪ :‬وذلك إذا أقدم الجاني على استعمال تأثيره الحقيقي‬
‫أو الوهمي على األعوان العموميين‪ ،‬ألجل الحصول على امتيازات غيرمبررة‪ ،‬وذلك حتى يتسنى له‬
‫االستفادة بما يتمتع به هذا الموظف من تأثير وسلطة يجعالنه يقوم ببعض اإلجراءات أويصدر‬
‫ق اررات مخالفة للقوانين‪ ،‬يترتب عليها منح هذا المتعامل المتعاقد مزايا غير مبررة‪.1‬‬

‫‪ -2.3‬الغرض من استغالل نفوذ األعوان العموميين‪ :‬يشترط المشرع أن يكون الهدف من‬
‫االستغالل هو الحصول على زيادة في األسعار أو التعديل في نوعية الخدمات أوالمواد‪ ،‬أوالتعديل‬
‫في آجال التسليم أوالتموين‪.‬‬

‫‪ -4‬الركن المعنوي‪ :‬تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال الدين عنان‪ ،‬جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين للحصول على امتيازات غيرمبررة في مجال الصفقات العمومية‪،‬‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫المجلد األول‪ ،‬العدد‪ ،2017 ،07‬ص‪.181‬‬
‫‪93‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-1.4‬القصد الجنائي العام‪ :‬ويتمثل في علم الجاني بنفوذ أعوان الدولة واستغالله هذا النفوذ‬
‫لفائدته‪ ،‬كما ينصرف أيضا إلى علمه بكافة العناصر المكونة للواقعة اإلجرامية‪ ،‬فيلزم أن يعلم الجاني‬
‫أن الجهة التي يسعى للحصول على مزية منها هي سلطة عامة أوجهة خاضعة إلشرافه‪.1‬‬

‫‪ -2.4‬القصد الجنائي الخاص‪ :‬ويتمثل في اتجاه نية الجاني إلى الحصول على امتيازات مع‬
‫علمه أنها غيرمبررة‪ ،‬من خالل استغالل نفوذ األعوان العموميين القائمين على تنفيذ الصفقة‪.‬‬

‫)‪(10‬سنوات وبغرامة من‬ ‫‪ -5‬العقوبات المقررة‪ :‬يعاقب بالحبس من سنتين (‪ )2‬إلى عشر‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الرشوة في مجال الصفقات العمومية‬

‫تعتبر جريمة الرشوة من أكثر الجرائم شيوعا في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬حيث يهدف الجاني‬
‫إلى الحصول على منافع خالل مراحل ابرام الصفقات العمومية مخالفا بذلك القوانين والتنظيمات‬
‫السارية المفعول في مجال ابرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة‪ 27‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬يعاقب بالحبس من عشر‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪ )10‬سنوات إلى عشرين (‪ )20‬سنة وبغرامة من ‪ 1.000.000‬دج إلى ‪ 2.000.000‬دج‪ ،‬كل‬
‫موظف عمومي يقبض أو يحاول أن يقبض لنفسه أو لغيره‪ ،‬بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أجرة أو‬
‫منفعة مهما يكن نوعها بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو‬
‫ملحق باسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو المؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية‪".‬‬
‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في قبض أو محاولة قبض الموظف العام أجرة أو منفعة لنفسه أو‬
‫لغيره‪ ،‬بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬مهما يكن نوعها بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد‬
‫إبرام أو تنفيذ صفقة باسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية‪ .‬كما يعني القبض التسليم مثل‪ :‬تسلم الجاني ألجرة‪،‬‬
‫أما إذا كان القبض مقابل منفعة فإن التسليم يكون رمزيا أو معنويا‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال الدين عنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫‪2‬‬
‫شريفة خالدي‪ ،‬جريمة الرشوة في الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،2018 ،15‬ص‪.117‬‬
‫‪94‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬ويتمثل في انصراف إرادة الجاني الى قبض أو محاولة قبض االجرة أو‬
‫المنفعة مهما كان نوعها‪ ،‬مع علمه بأن تلك األجرة أو الفائدة غير مبررة وغير مشروعة‪.1‬‬
‫‪ -4‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من عشر (‪ )10‬سنوات إلى عشرين (‪ )20‬سنة وبغرامة من‬
‫‪ 1.000.000‬دج إلى ‪ 2.000.000‬دج‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬جرائم اخالل الموظف بالتزاماته بموجب قانون مكافحة الفساد‬

‫استحدث القانون‪ 01-06‬جملة من الجرائم المتعلقة باخالل الموظف بالتزاماته المقررة بموجب‬
‫هذا القانون مثل‪ :‬عدم اإلبالغ عن تعارض المصالح والتصريح الكاذب بالممتلكات‪ ،‬إضافة إلى‬
‫صور جرائم عرقلة البحث عن الحقيقة‪ ،‬كما أننا سنتطرق لألحكام الخاصة المشتركة لكافة جرائم‬
‫الفساد بموجب القانون‪.01-06‬‬

‫أوال‪ :‬جرائم اخالل الموظف العمومي بالتزاماته‪ :‬وتتمثل في الجرائم اآلتي بيانها‪:‬‬

‫أ‪ -‬جريمة اخالل الموظف العمومي بااللتزام باإلبالغ عن تعارض المصالح‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 34‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة (‪)6‬‬
‫أشهر إلى سنتين (‪ )2‬وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج كل موظف عمومي خالف‬
‫أحكام المادة ‪ 9‬من هذا القانون"‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬هناك خطأ مادي في نص المادة‪ ،34‬حيث أشار المشرع إلى كل موظف عمومي‬
‫خالف أحكام المادة‪ ،9‬والصحيح هو مخالفة الموظف ألحكام المادة ‪ 8‬التي تتحث عن تعارض‬
‫المصالح‪ ،‬بينما تتحدث المادة ‪ 9‬عن ابرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫وفي السياق نفسه تنص المادة‪ 8‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يلتزم الموظف العمومي بأن يخبر‬
‫السلطة الرئاسية التي يخضع لها إذا تعارضت مصالحه الخاصة مع المصلحة العامة‪ ،‬أو يكون‬
‫من شأن ذلك التأثير على ممارسته لمهامه بشكل عاد‪.‬‬

‫الركن المادي‪ :‬يعرف الفقه تعارض المصالح بأنه الصراع بين المصالح الشخصية‬ ‫‪-2‬‬
‫للفرد و المصالح األخرى التي يجب أن يدافع عليها أثناء قيامه بعمليات محددة‪ .2‬ويتحقق الركن‬

‫‪1‬شريفة خالدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.122-121‬‬


‫‪2‬‬
‫عبد الرزاق ب ارهمي‪ ،‬جريمة تعارض المصالح في مجال الصفقات العمومية والعقوبات المقررة لها في التشريع الجزائري‬
‫وبعض التشريعات المقارنة‪ ،‬مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد ‪ ،04‬العدد‪ ،2019 ،02‬ص‪.1928‬‬
‫‪95‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المادي لجريمة تعارض المصالح من خالل إقدام الجاني أي الموظف العام بعدم إخبار السلطة‬
‫الرئاسية بتعارض مصالحه الشخصية مع المصلحة العامة ومن شأن ذلك التأثير على أداء مهامه‬
‫بشكل عاد‪.1‬‬
‫الركن المعنوي‪ :‬ويتمثل في علم الجاني بتعارض مصالحه مع المصلحة العامة ومن‬ ‫‪-3‬‬
‫شأن ذلك التأثير على أداء مهامه بشكل عاد‪ ،‬ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪.‬‬
‫العقوبات المقررة‪ :‬يعاقب بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى سنتين (‪ )2‬وبغرامة من‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج‪.‬‬

‫ب‪ -‬جريمة عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتلكات‬

‫الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 36‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ ،‬كل موظف‬
‫عمومي خاضع قانونا لواجب التصريح بممتلكاته ولم يقم بذلك عمدا‪ ،‬بعد مضي شهرين (‪ )2‬من‬
‫تذكيره بالطرق القانونية‪ ،‬أو قام بتصريح غير كامل أو غير صحيح أو خاطئ‪ ،‬أو أدلى عمدا‬
‫بمالحظات خاطئة أو خرق عمدا االلتزامات التي يفرضها عليه القانون"‪.‬‬
‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في عدم التصريح بالممتلكات أو التصريح الكاذب بالممتلكات‪.‬‬
‫‪ -1.2‬عدم التصريح بالممتلكات‪ :‬حيث يمتنع الموظف عن القيام بواجب التصريح بممتلكاته‬
‫وهذا بعد مضي شهرين من تذكيره بالطرق القانونية‪ .‬حيث تنص المادة ‪ 4‬من القانون‪01-06‬على‪":‬‬
‫قصد ضمان الشفافية في الحياة السياسية والشؤون العمومية وحماية الممتلكات العمومية وصون‬
‫نزاهة األشخاص المكلفين بخدمة عمومية‪ ،‬يلزم الموظف العمومي بالتصريح بممتلكاته‪ .‬يقوم الموظف‬
‫العمومي باكتتاب تصريح بالممتلكات خالل الشهر الذي يعقب تاريخ تنصيبه في وظيفته أو بداية‬
‫عهدته االنتخابية يجدد هذا التصريح فور كل زيادة معتبرة في الذمة المالية للموظف العمومي بنفس‬
‫الكيفية التي تم بها التصريح األول‪ .‬كما يجب التصريح بالممتلكات عند نهاية العهدة االنتخابية أو‬
‫عند انتهاء الخدمة"‪.‬‬

‫‪ -2.2‬التصريح الكاذب بالممتلكات‪ :‬حيث يقوم الموظف عمدا بتصريح غير كامل أو غير‬
‫صحيح أو خاطئ أو خرق االلتزام القانونية‪.‬‬

‫‪1‬عبد الرزاق ب ارهمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1931‬‬


‫‪96‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية يشترط فيها تعمد الموظف العمومي عدم التصريح أو‬
‫التصريح الكاذب‪ ،‬وعليه ال تقومالجريمة إذا كان عدم التصريح نتيجة إهمال أو المباالة أو غير‬
‫مقصودة‪.1‬‬

‫‪ -3‬العقوبات المقررة‪ :‬يعاقب بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬صور جرائم عرقلة البحث عن الحقيقة‬

‫تتميز هذه الجرائم عن باقي جرائم الفساد أنها ال تشترط صفة معينة في الجاني‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬إعاقة السير الحسن للعدالة‪.‬‬

‫‪ -‬حماية الشهود والخبراء والمبلغين والضحايا‪.‬‬

‫‪ -‬البالغ الكيدي‪.‬‬

‫‪ -‬عدم اإلبالغ عن الجرائم‪.‬‬

‫أ‪ -‬جريمة إعاقة السير الحسن للعدالة‪:‬‬

‫‪-1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 44‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة (‪)6‬‬
‫أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‬

‫‪ – 1‬كل من استخدم القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو‬
‫عرضها أو منحها للتحريض على اإلدالء بشهادة زور أو منع اإلدالء بالشهادة أو تقديم األدلة في‬
‫إجراء يتعلق بارتكاب أفعال مجرمة وفقا لهذا القانون‪،‬‬

‫‪ – 2‬كل من استخدم القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب لعرقلة سير التحريات الجارية بشأن‬
‫األفعال المجرمة وفقا لهذا القانون‪،‬‬

‫‪ – 3‬كل من رفض عمدا ودون تبرير تزويد الهيئة بالوثائق والمعلومات المطلوبة‪".‬‬

‫‪ -2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في استخدام القوة الجسدية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية‬
‫بهدف منع أو اإلدالء بشهادة زور أو عرقلة التحريات في جرائم الفساد أو رفض تزويد الهيئة الوطنية‬
‫للوقاية من الفساد ومكافحته بالوثائق المطلوبة بموجب نص المادة ‪ 21‬من القانون‪.201-06‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ :‬المادة ‪ 21‬من القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫الركن المعنوي ‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام‪ ،‬فيجب أن يكون‬ ‫‪-3‬‬
‫الجاني عالما بأن استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية بهدف التحريض على‬
‫االدالء بشهادة زور أو منع االدالء بها أو عرقلة التحريات أو رفض عمدا تزويد الهيئة بالوثائق ‪،‬‬
‫يشكل جريمة ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪ .‬كما يجب توفر القصد الجنائي الخاص في جريمة‬
‫رفض تزويد الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بالوثائق المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -4‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‬

‫حماية الشهود والخبراء والمبلغين والضحايا‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 45‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج كل شخص يلجأ‬
‫إلى االنتقام أو الترهيب أو التهديد بأية طريقة كانت أو بأي شكل من األشكال ضد الشهود أو الخبراء‬
‫أو الضحايا أو المبلغين أو أفراد عائالتهم وسائر األشخاص الوثيقي الصلة بهم"‬

‫‪-2‬الركن المادي‪ :‬يتمثل في االنتقام أو الترهيب أو التهديد‪ ،‬فقد يكون سلوك االنتقام في شكل‬
‫اعتداء جسدي بالضرب أو القتل أو الحرمان من وظيفة أو منفعة ما‪ ،‬كما يمكن أن يكون الترهيب‬
‫‪1‬‬
‫أو التهديد بالحرمان من الترقية أو التعسف في نقل الموظف‪.‬‬

‫‪-3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام‪ ،‬فيجب أن يكون الجاني‬
‫عالما بأن أفعال االنتقام أو الترهيب أو التهديد ضد الشهود أو الخبراء أو الضحايا أو المبلغين أو‬
‫أفراد عائالتهم وسائر األشخاص الوثيقي الصلة بهم‪ ،‬يشكل جريمة ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫‪-4‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬

‫ج‪ -‬جريمة البالغ الكيدي‪:‬‬

‫‪ -1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 46‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة (‪)6‬‬
‫أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ ،‬كل من أبلغ عمدا‬

‫‪1‬‬
‫لويزة نجار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.414‬‬
‫‪98‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وبأية طريقة كانت السلطات المختصة ببالغ كيدي يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‬
‫ضد شخص أو أكثر"‪.‬‬

‫‪-2‬الركن المادي‪ :‬البالغ الكيدي أو الكاذب هو إخبار عن واقعة غير صحيحة تستوجب‬
‫عقاب من تستند إليه‪ ،‬و بالغ غير صحيح كأن تتسبب وقائع وهمية لشخص أو تقديم أدلة كاذبة‪،‬‬
‫ويشترط أن يكون التبليغ موجها إلى إحدى السلطات العامة‪ ،‬وأن يتعلق البالغ بجريمة من الجرائم‬
‫المنصوص عليها في القانون‪ 01-06‬مع توافر نية اإلضرار بالمبلغ ضده‪.1‬‬

‫‪ -3‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام والخاص‪ ،‬فيجب أن‬
‫يكون الجاني عالما بأن بالغه للسلطات العمومية حول جريمة من جرائم الفساد يعد كاذبا‪ ،‬ويشكل‬
‫جريمة ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪ .‬كما يجب توفر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية‬
‫اإلضرار بالمبلغ ضده‪.‬‬

‫‪-4‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬

‫د‪ -‬جريمة عدم اإلبالغ عن الجرائم‪:‬‬

‫‪-1‬الركن الشرعي‪ :‬تنص المادة ‪ 47‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة (‪)6‬‬
‫أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ ،‬كل شخص يعلم بحكم‬
‫مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة بوقوع جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا‬
‫القانون ولم يبلغ عنها السلطات العمومية المختصة في الوقت المالئم"‪.‬‬

‫‪ -2‬صفة الجاني ‪:‬لم يشترط المشرع أن يكون الجاني موظفا لكن عبارة يعلم بحكم مهنته أو‬
‫وظيفته بارتكاب جريمة من جرائم الفساد يمكن أن تمتد إلى المهنيين‪ ،‬كما يجب أن تكون هناك‬
‫عالقة مباشرة أو غير مباشرة بين المعلومات ووظيفته أو مهنته‪.‬‬

‫‪-3‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في وقوع احدى جرائم الفساد وأن يمتنع الجاني عن ابالغ السلطات‬
‫المختصة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪99‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪-1.3‬وقوع جريمة من جرائم الفساد ‪:‬اشترط المشرع أن تكون الجرائم المبلغ عنها محصورة‬
‫في الجرائم المنصوص عليها بموجب القانون‪.01-06‬‬

‫‪- 2.3‬االمتناع عن إبالغ السلطات المختصة‪ :‬وتتمثل في السلطات القضائية ومصالح‬


‫الشرطة القضائية وكذلك السلطات اإلدارية باإلضافة إلى الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫‪-4‬الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام‪ ،‬فيجب أن يكون الجاني‬
‫عالما بحكم وظيفته أو مهنته بوقوع جريمة من جرائم الفساد ولم يبلغ عنها السلطات المختصة في‬
‫الوقت المالئم‪ ،‬وأن ذلك يشكل جريمة‪ ،‬ومع ذلك تتجه ارادته للقيام بذلك‪.‬‬

‫‪-5‬العقوبات المقررة‪ :‬بالحبس من ستة (‪ )6‬أشهر إلى خمس (‪ )5‬سنوات وبغرامة من ‪50.000‬‬
‫دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األحكام الخاصة بجرائم الفساد‪:‬‬

‫وتتمثل فيما يأتي‪:‬‬

‫الظروف المشددة‪ :‬تنص المادة ‪ 48‬من القانون رقم‪ 01-06:‬على‪ ":‬إذا كان مرتكب‬ ‫‪-1‬‬
‫جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون قاضيا أو موظفا يمارس وظيفة عليا‬
‫في الدولة أو ضابطا عموميا‪ ،‬أو عضوا في الهيئة‪ ،‬أو ضابطا‪ ،‬أو عون شرطة قضائية‪ ،‬أو ممن‬
‫يمارس بعض صالحيات الشرطة القضائية‪ ،‬أو موظف أمانة ضبط‪ ،‬يعاقب بالحبس من عشر (‪)10‬‬
‫سنوات إلى عشرين(‪ )20‬سنة وبنفس الغرامة المقررة للجريمة المرتكبة"‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلعفاء من العقوبات وتخفيفها‪:‬‬

‫‪-1.2‬اإلعفاء من العقوبة‪ :‬تنص المادة ‪ 1/49‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يستفيد من األعذار‬


‫المعفية من العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات كل من ارتكب أو شارك في جريمة من‬
‫الجرائم المنصوص عليها في القانون ‪ ،01-06‬وقام قبل مباشرة إجراءات المتابعة بإبالغ السلطات‬
‫اإلدارية أو القضائية أو الجهات المعنية من الجريمة وساعد على معرفة مرتكبيها"‪.‬‬

‫‪ 2-2‬تخفيف العقوبة‪ :‬تنص المادة ‪ 2/49‬من القانون‪ 01-06‬على‪... ":‬عدا الحالة‬


‫المنصوص عليها في الفقرة أعاله‪ ،‬تخفض العقوبة إلى النصف بالنسبة لكل شخص ارتكب أو شارك‬
‫في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والذي‪ ،‬بعد مباشرة إجراءات المتابعة‪ ،‬ساعد في‬
‫القبض على شخص أو أكثر من األشخاص الضالعين في ارتكابها"‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫العقوبات التكميلية‪ :‬تنص المادة ‪ 50‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬في حالة اإلدانة‬ ‫‪-3‬‬
‫بجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬يمكن الجهة القضائية أن تعاقب‬
‫الجاني بعقوبة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات"‪.‬‬
‫التجميد والحجز والمصادرة‪ :‬تنص المادة ‪ 51‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يمكن تجميد‬ ‫‪-4‬‬
‫أو حجز العائدات واألموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص‬
‫عليها في هذا القانون‪ ،‬بقرار قضائي أو بأمر من سلطة مختصة‪.‬‬

‫في حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬تأمر الجهة القضائية بمصادرة‬
‫العائدات واألموال غير المشروعة‪ ،‬وذلك مع مراعاة حاالت استرجاع األرصدة أو حقوق الغير حسن‬
‫النية‪.‬‬

‫وتحكم الجهة القضائية أيضا برد ما تم اختالسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو‬
‫ربح‪ ،‬ولو انتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره‬
‫سواء بقيت تلك األموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى‪".‬‬

‫المشاركة والشروع‪ :‬تنص المادة ‪ 52‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬تطبق األحكام‬ ‫‪-5‬‬
‫المتعلقة بالمشاركة المنصوص عليها في قانون العقوبات على الجرائم المنصوص عليها في هذا‬
‫القانون‪.‬‬

‫يعاقب على الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بمثل الجريمة نفسها‪.‬‬

‫‪ -6‬مسؤولية الشخص االعتباري‪ :‬تنص المادة ‪ 53‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يكون‬


‫الشخص االعتباري مسؤوال جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للقواعد المقررة‬
‫في قانون العقوبات‪".‬‬
‫‪ -7‬التقادم‪ :‬تنص المادة ‪ 54‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬دون اإلخالل باألحكام المنصوص‬
‫عليها في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ال تتقادم الدعوى العمومية وال العقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص‬
‫عليها في هذا القانون‪ ،‬في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن‪.‬‬

‫وفي غير ذلك من الحاالت‪ ،‬تطبق األحكام المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫غير أنه بالنسبة للجريمة المنصوص عليها في المادة ‪ 29‬من هذا القانون‪ ،‬تكون مدة تقادم‬
‫الدعوى العمومية مساوية للحد األقصى للعقوبة المقررة لها"‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -8‬آثار الفساد‪ :‬تنص المادة ‪ 55‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬كل عقد أو صفقة أو براءة أو‬
‫امتياز أو ترخيص متحصل عليه من ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬يمكن‬
‫التصريح ببطالنه وانعدام آثاره من قبل الجهة القضائية التي تنظر في الدعوى مع مراعاة حقوق‬
‫الغير حسن النية‪".‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أساليب التحري الخاصة والتعاون الدولي‬

‫أدى التطور العلمي والتكنولوجي في مجال تقنية المعلومات إلى ظهور أشكال مستحدثة من‬
‫الجرائم وبذلك لم تعد أ ساليب البحث والتحري التقليدية كافية وفعالة للكشف عنها‪ ،‬مما دفع بالمشرع‬
‫إلى اعتماد أساليب تحري حديثة تتماشى وطبيعة هذه الجرائم‪ .‬سنتناول أساليب التحري الخاصة‬
‫في(المطلب األول)‪ ،‬ثم نتطرق إلى التعاون الدولي في (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نتناول تدابير االسترداد‬
‫المباشر للممتلكات في (المطلب الثالث)‪ ،‬وأخي ار نتطرق إلى استرداد الممتلكات عن طريق التعاون‬
‫الدولي في مجال المصادرة في (المطلب الرابع)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أساليب التحري الخاصة‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬تنص المادة ‪ 56‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬من أجل تسهيل جمع األدلة‬
‫المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو اتباع أساليب‬
‫تحر خاصة كالترصد اإللكتروني واالختراق‪ ،‬على النحو المناسب وبإذن من السلطة القضائية‬
‫المختصة‪ .‬تكون لألدلة المتوصل إليها بهذه األساليب حجيتها وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما"‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسليم المراقب‪ :‬عرفت المادة‪/2‬ك من القانون‪ 01-06‬التسليم المراقب على أنه‪ ":‬اإلجراء‬
‫ا لذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من اإلقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله‬
‫بعلم من السلطات المختصة أو تحت مراقبتها‪ ،‬بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية األشخاص‬
‫الضالعين في ارتكابه"‪.‬‬

‫حيث يسمح هذا األسلوب بكشف جرائم الفساد‪ ،‬وذلك بالسماح للشحنات غير المشروعة أو‬
‫المشبوهة لمختلف األشياء التي تعد حيازتها جريمة أو متحصله من جريمة أو كانت أداة في ارتكابها‬
‫بالخروج من إقليم الدولة الوطني أو المرور عبره بعلم السلطات المختصة وتحت رقابتها السرية‬
‫‪1‬‬
‫بهدف معرفة الوجهة النهائية لهذه الشحنات وضبطها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بومدين كعيبيش‪ ،‬أساليب التحري الخاصة في جرائم الفساد‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬معهد العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬المركز الجامعي‬
‫أحمد زبانة‪ ،‬غليزان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،05‬العدد‪ ،2016 ،02‬ص ص‪.304-303‬‬
‫‪102‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ثانيا‪ :‬التسرب(االختراق)‪ :‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 56‬من القانون‪ 01-06‬سالفة الذكر‪،‬‬
‫حيث يعتبر التسرب من أهم التقنيات التي إستحدثها المشرع لمواجهة الجرائم المستحدث‪ ،‬حيث‬
‫‪65‬مكرر ‪ 11‬إلى ‪ 65‬مكرر ‪ 18‬من القانون رقم‪ 22-06:‬الصادر‬ ‫نصت عليه المواد‬
‫في‪ 2006/12/20:‬يعدل ويتمم قانون اإلجراءات الجزائية‪.1‬‬

‫ويتم بموجب هذه العملية قيام ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق عملية التسرب بهدف‬
‫مراقبة أشخاص مشتبه فيهم وكشف أنشطتهماإلجرامية‪ ،‬ويتم ذلك بإخفاء الهوية الحقيقية بإيهامهم‬
‫بأنه فاعل أو شريك أو خائف‪ ،‬حيث المادة ‪ 65‬مکرر ‪"": 12‬يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون‬
‫الشرطة القضائية‪ ،‬تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية‪ ،‬بم ا رقبة‬
‫األشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف" ‪،‬‬
‫دون أن تشكل هذه األفعال تحريضا على ارتكاب الجريمة‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬الترصد االلكتروني(مراقبة االتصاالت االلكترونية)‪ :‬بهدف تسهيل الكشف عن األدلة‬


‫في جرائم الفساد وضمان عدم إفالت المجرمين من العقاب‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 56‬من‬
‫القانون‪ 01-06‬سالفة الذكر على إجراء الترصد االلكتروني ‪ ،‬والذي يقصد به‪ ":‬العمل الذي يقوم به‬
‫المراقب باستخدام االتصاالت اإللكترونية لجمع معطيات عن المشتبه فيه سواء أكان الخاضع للمراقبة‬
‫شخصا أو مكانا‪ ،‬أو شيئا ومثال ذلك مراقبة أحد األشخاص ممن قام باختراق الحاسب اآللي الخاص‬
‫بالمجني عليه أو القيام بإعداد بريد إلكتروني مستنسخ في مراقبة المشتبه فيه عند إرساله أو استقبال‬
‫لصور دعارة لألطفال عبر اإلنترنت‪ ،‬وافراغ ما تسفر عنه المراقبة اإللكترونية في تقارير أمنية" (‪.)3‬‬

‫حيث نصت المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 5‬إلى المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 10‬من القانون‪ 22-06‬يعدل ويتمم‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية على تنظيم اجراء اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‬
‫لمواجهة هذه الصور المستحدثة من الجرائم‪ ،‬ومنها مواجهة كافة أشكال جرائم الفساد‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬المادة‪ 65‬مكرر ‪ 11‬إلى ‪ 65‬مكرر ‪ 18‬من القانون رقم‪ 22-06:‬الصادر في‪ ،2006/12/20:‬بعدل ويتمم األمر‬
‫رقم‪155-66:‬الصادر في‪ 1966/06/08:‬والمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،84:‬الصادرة في‪.2006/12/24:‬‬
‫‪2‬‬
‫بومدين كعيبيش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.308-306‬‬
‫‪3‬‬
‫ناير نبيل عمر‪ ،‬الحماية الج نائية للمحل اإللكتروني في جرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،2010،‬‬
‫ص‪.149‬‬
‫‪103‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫ميز المشرع في القانون رقم‪ 04-09 :‬يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من‬ ‫من جانب آخر ّ‬
‫الجرائم المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم اإلتصال ومكافحتها‪ ،1‬بين المعطيات المتعلقة بالمحتوى‪ ،‬وبين‬
‫المعطيات المتعلقة بالمرور مع وجهة نظر مزدوجة للشروط القانونية الواجب توافرها من أجل اإلذن‬
‫بكل اجراء(‪ . )2‬حيث نص على تجميع المعطيات المتعلقة بالمحتوى بموجب المادة (‪ )04‬منه تحت‬
‫عنوان "مراقبة االتصاالت اإللكترونية" ونص على تجميع المعطيات في الوقت الفعلي لمعطيات‬
‫المرور بموجب المادة (‪ ) 11‬من القانون نفسه تحت عنوان‪" :‬حفظ المعطيات المتعلقة بحركة السير"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون الدولي‬

‫تتسم جرائم الفساد بالخطورة البالغة يمكن معها أن تتعدى حدود الدولة الواحدة‪ ،‬لذا سعت‬
‫تشريعات الدول ومنها التشريع الجزائري إلى العمل على تكثيف التعاون الدولي في هذا المجال تطبيقا‬
‫لالتفاقيات الدولية في مجال مكافحة الفساد ومنها اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة‪،2003‬‬
‫وهذا ما تضمنه قانون مكافحة الفساد بموجب المواد من ‪ 57‬إلى‪ ، 70‬بحيث يرمي هذا التعاون إلى‬
‫الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد واسترداد عائدات الفساد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعاون القضائي‪ :‬تنص المادة ‪ 57‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬مع مراعاة مبدإ المعاملة‬
‫بالمثل وفي حدود ما تسمح به المعاهدات واالتفاقات والترتيبات ذات الصلة والقوانين‪ ،‬تقام عالقات‬
‫تعاون قضائي على أوسع نطاق ممكن‪ ،‬خاصة مع الدول األطراف في االتفاقية في مجال التحريات‬
‫والمتابعات واإلجراءات القضائية المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪".‬‬

‫في هذا الصدد تعدد مظاهر التعاون الدولي ألجل مالحقة جرائم الفساد وتشمل المساعدة‬
‫القانونية المتبادلة في مجال التحقيق القضائي والمتابعات ومختلف اإلجراءات واالعتراف بحجية‬
‫األحكام الجنائية الدولية وتسليم المجرمين أو غيرها من الوسائل والتي أشارت إليها أغلبية االتفاقيات‬
‫الدولية مثلما نصت عليه االتفاقيات الدولية في هذا الشأن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬منع وكشف وتحويل العائدات االجرامية‪ :‬تنص المادة ‪ 58‬من القانون ‪ 01-06‬على‪":‬‬
‫دون اإلخالل باألحكام القانونية المتعلقة بتبييض األموال وتمويل اإلرهاب‪ ،‬وبغرض الكشف عن‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ :‬القانون رقم‪ 04 – 09 :‬الصادر في‪ 2009/08/05:‬يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة‬
‫بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،47:‬الصادرة‬
‫في‪.2009/08/16:‬‬
‫‪2‬‬
‫رشيدة بوكر‪ ،‬جرائم االعتداء على نظم المعالجة اآللية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2012 ،‬ص‪.368‬‬
‫‪104‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫العمليات المالية المرتبطة بالفساد‪ ،‬يتعين على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية‪ ،‬وطبقا‬
‫للتنظيم المعمول به أن‪:‬‬

‫‪ – 1‬تلتزم بالمعطيات الواردة بشأن األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين الذين يتعين أن تطبق عليها‬
‫المؤسسات المالية الفحص الدقيق على حساباتها‪ ،‬وكذا أنواع الحسابات والعمليات التي تتطلب متابعة‬
‫خاصة‪ ،‬باإلضافة إلى التدابير الواجب اتخاذها لفتح هذه الحسابات ومسكها وتسجيل العمليات‪،‬‬

‫‪ – 2‬تأخذ بعين االعتبار المعلومات التي تبلغ لها في إطار التعامل مع السلطات األجنبية‪ ،‬وال سيما‬
‫المتعلقة منها بهوية األشخاص الطبيعيين أو االعتباريين الذين يجب مراقبة حساباتهم بدقة‪،‬‬

‫‪ – 3‬تمسك كشوف وافية للحسابات والعمليات المتعلقة باألشخاص المذكورين في الفقرتين األولى‬
‫والثانية من هذه المادة‪ ،‬لفترة خمس (‪ )5‬سنوات كحد أدنى من تاريخ آخر عملية مدونة فيها‪ ،‬على‬
‫أن تتضمن هذه الكشوف معلومات عن هوية الزبون‪ ،‬وقدر اإلمكان‪ ،‬معلومات عن هوية المالك‬
‫المنتفع"‪.‬‬

‫حيث تعتبر البنوك من أهم الحلقات التي تدور فيها األموال غير المشروعة‪ ،‬ونظ ار لما تتمتع‬
‫به من تشعب العمليات المصرفية وسرعتها وتداخلها‪ ،‬فإن لها الدور األبرز في إبعاد األموال‬
‫غيرالمشروعة واضفاء صفة المشروعية عليها‪ ،‬ويمكن أن يكون دور البنوك أكثر وضوحا مع تقدم‬
‫العمليات المصرفية واستخدام األساليب التكنولوجية الحديثة بصورة مخالفة للقانون‪ ،‬وخصوصا أن‬
‫اغلب تلك العمليات تتم بصورة آلية‪ ،‬وامكانية الرقابة عليها تحتاج إلى جهد ووقت وتفرغ وتكاليف‪،‬‬
‫إضافة إلى القوانين التي تمنح الحسابات سرية التعامل المصرفي وعدم قابليتها للكشف إال في ظروف‬
‫خاصة‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية‪ :‬تنص المادة ‪ 59‬من القانون ‪ 01-06‬على‪":‬‬
‫من أجل منع تحويل عائدات الفساد وكشفها‪ ،‬ال يسمح أن تنشأ باإلقليم الجزائري مصارف ليس لها‬
‫حضور مادي وال تنتسب إلى مجموعة مالية خاضعة للرقابة‪.‬‬

‫كما ال يرخص للمصارف والمؤسسات المالية المنشأة في الجزائر بإقامة عالقات مع مؤسسات‬
‫مالية أجنبية تسمح باستخدام حساباتها من طرف مصارف ليس لها حضور مادي وال تنتسب إلى‬
‫مجموعة مالية خاضعة للرقابة"‪.‬‬

‫‪ 1‬نبيل مالكية‪ ،‬التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودا ت المتأتية من جرائم الفساد اإلداري‪ ،‬مجلة األستاذ الباحث للدراسات‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،03‬سبتمبر‪،2016‬‬
‫ص‪.94‬‬
‫‪105‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫وعليه وبهدف منع تحويل عائدات الفساد وكشفها‪ ،‬ال يسمح المشرع بانشاء مصارف ومؤسسات‬
‫مالية صورية في الجزائر اإل إذا كان لها حضور فعلي‪ ،‬بما يستبعد معه انشاء البنوك االفتراضية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تقديم المعلومات‪ :‬تنص المادة ‪ 60‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬يمكن السلطات الوطنية‬
‫المماثلة أن تمد السلطات األجنبية المختصة بالمعلومات المالية المفيدة المتوفرة لديها‪ ،‬بمناسبة‬
‫التحقيقات الجارية على إقليمها‪ ،‬وفي إطار اإلج ارءات المتخذة بغرض المطالبة بعائدات الجرائم‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬واسترجاعها‪".‬‬

‫خامسا‪ :‬الحساب المالي المتواحد بالخارج‪ :‬تنص المادة ‪ 61‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬لتزم‬
‫الموظفون العموميون الذين لهم مصلحة في حساب مالي في بلد أجنبي أو حق أو سلطة توقيع أو‬
‫سلطة أخرى على ذلك الحساب‪ ،‬بأن يبلغوا السلطات المعنية عن تلك العالقة‪ ،‬وأن يحتفظوا بسجالت‬
‫مالئمة تتعلق بتلك الحسابات‪ ،‬وذلك تحت طائلة الجزاءات التأديبية ودون اإلخالل بالعقوبات الجزائية‬
‫المقررة‪".‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تدابير االسترداد المباشر للممتلكات‬

‫تنص المادة ‪ 62‬من القانون ‪ 01-06‬على‪ ":‬تختص الجهات القضائية الجزائرية بقبول الدعاوى‬
‫المدنية المرفوعة من طرف الدول األعضاء في االتفاقية‪ ،‬من أجل االعتراف بحق ملكيتها للممتلكات‬
‫المتحصل عليها من أفعال الفساد‪.‬‬

‫ويمكن الجهات القضائية التي تنظر في الدعاوى المرفوعة طبقا للفقرة األولى من هذه المادة‪،‬‬
‫أن تلزم األشخاص المحكوم عليهم بسبب أفعال الفساد بدفع تعويض مدني للدولة الطالبة عن الضرر‬
‫الذي لحقها‪.‬‬

‫وفي جميع الحاالت التي يمكن أن يتخذ فيها قرار المصادرة‪ ،‬يتعين على المحكمة التي تنظر‬
‫في القضية أن تأمر بما يلزم من تدابير لحفظ حقوق الملكية المشروعة التي قد تطالب بها دولة‬
‫أخرى طرف في االتفاقية"‪.‬‬

‫يتعبر استرداد العائدات اإلجرامية المتأتية عن جرائم الفساد من أهم اإلشكاالت التي تسعى‬
‫أجهزة المجتمع الدولي إلى حلّها بطرق فعالة لمواجهة ظاهرة الفساد الذي تضعف االقتصاد وتعيق‬
‫وتعد عمليات البحث وال تحري عن العائدات اإلجرامية أول خطوة في طريق استردادها‪ ،‬لذا‬
‫النمو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وجب أن تخضع هذه اإلجراءات إلى تنظيم مسبق لتحقيق الغرض منها‪ ،‬األمر الذي يستدعي إنشاء‬

‫‪106‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أجهزة دولية واقليمية‪ ،‬وتوفير جميع األساليب اإلجرائية لتجسيد ذلك‪ ،‬وعلى اختالف األساليب‬
‫‪1‬‬
‫التحضيرية التي تسبق مرحلة استرداد الموجودات وتحصيلها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬استرداد الممتلكات عن طريق التعاون الدولي في مجال المصادرة‬

‫في هذا الشأن‪ ،‬تنص المادة ‪ 63‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬تعتبر األحكام القضائية األجنبية‬
‫التي أمرت بمصادرة ممتلكات اكتسبت عن طريق إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪،‬‬
‫أو الوسائل المستخدمة في ارتكابها نافذة باإلقليم الجزائري طبقا للقواعد واإلجراءات المقررة‪.‬‬

‫يمكن الجهات القضائية أثناء نظرها في جرائم تبييض األموال أو جريمة أخرى من اختصاصها وفقا‬
‫للتشريع الجاري به العمل‪ ،‬أن تأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ األجنبي والمكتسبة عن طريق‬
‫إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬أو تلك المستخدمة في ارتكابها‪.‬‬

‫ويقضى بمصادرة الممتلكات المذكورة في الفقرة السابقة حتى في انعدام اإلدانة بسبب انقضاء الدعوى‬
‫العمومية أو ألي سبب آخر"‪.‬‬

‫وتعتبر المصادرة من الجزاءات الجنائية األكثر فعالية في مكافحة الفساد‪ ،‬ألن مصادرة األموال‬
‫الناتجة عن جرائم الفساد تعني القضاء على الغرض الذي تسعى التنظيمات اإلجرامية إلى تحقيقه‬
‫وهو الربح‪ ،‬ولذا فإن التعاون الدولي في مجال هذه العقوبة ينطوي على أهمية بالغة السيما وأن هذه‬
‫التنظيمات تعمد في كثير من األحيان إلى الحفاظ على أموالها أو استثماراتها في دول أخرى غير‬
‫تلك التي ترتكب فيها الجريمة‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬التجميد والحجز‪ :‬تنص المادة ‪ 64‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬وفقا لإلجراءات المقررة‪،‬‬
‫يمكن الجهات القضائية أو السلطات المختصة بناء على طلب إحدى الدول األطراف في االتفاقية‬
‫التي تكون محاكمها أو سلطاتها المختصة قد أمرت بتجميد أو حجز العائدات المتأتية من إحدى‬
‫الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬أو الممتلكات أو المعدات أو األدوات التي استخدمت أو‬
‫كانت معدة لالستخدام في ارتكاب هذه الجرائم‪ ،‬أن تحكم بتجميد أو حجز تلك الممتلكات شريطة‬
‫وجود أسباب كافية لتبرير هذه اإلجراءات ووجود ما يدل على أن مآل تلك الممتلكات هو المصادرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خليل اهلل فليغة‪ ،‬آليات استرداد الموجودات المتحصل عليها من جرائم الفساد‪ ،‬في الملتقى الوطني األول حول‪":‬االستراتيجية‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في الجزائر"الواقع واآلفاق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الشريف مساعدية‪،‬‬
‫سوق أهراس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬يوم‪ ،2021/02/24:‬ص‪.03‬‬
‫‪2‬‬
‫نبيل مالكية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪107‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫يمكن الجهة القضائية المختصة أن تتخذ اإلجراءات التحفظية المذكورة في الفقرة السابقة على أساس‬
‫معطيات ثابتة‪ ،‬ال سيما إيقاف أو اتهام أحد األشخاص الضالعين في القضية بالخارج‪.‬‬

‫ترد الطلبات المذكورة في الفقرة األولى من هذه المادة‪ ،‬وفق الطرق المنصوص عليها في المادة ‪67‬‬
‫أدناه‪ ،‬وتتولى النيابة العامة عرضها على المحكمة المختصة التي تفصل فيها وفقا لإلجراءات المقررة‬
‫في مادة القضاء االستعجالي"‪.‬‬

‫حيث يعد الطلب اول خطوة تقوم بها الدولة التي لها والية قضائية على احدى جرائم الفساد‬
‫من أجل مصادرة عائدات جرائم الفساد شريطة تقديم أسباب كافية لتبرير هذه اإلجراءات ووجود ما‬
‫يدل على أن مآل تلك الممتلكات هو المصادرة‪ ،‬وتقوم الدولة متلقية الطلب بكافة اإلجراءات الالزمة‬
‫‪1‬‬
‫للكشف عن هذه الممتلكات واقتفاء أثرها وحجزها بهدف مصادرتها لصالح الدولة صاحبة الطلب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رفع اإلجراءات التحفظية‪ :‬تنص المادة ‪ 65‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يجوز رفض‬
‫التعاون الرامي إلى المصادرة المنصوص عليه في هذا القانون‪ ،‬أو إلغاء التدابير التحفظية‪ ،‬إذا لم‬
‫تقم الدولة الطالبة بإرسال أدلة كافية في وقت معقول‪ ،‬أو إذا كانت الممتلكات المطلوب مصادرتها‬
‫ذات قيمة زهيدة‪ .‬غير أنه قبل رفع أي إجراء تحفظي‪ ،‬يمكن السماح للدولة الطالبة بعرض ما لديها‬
‫من أسباب تبرر إبقاء اإلجراءات التحفظية"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬طلبات التعاون الدولي بغرض المصادرة‪ :‬تنص المادة ‪ 66‬من القانون‪ 01-06‬على‪":‬‬
‫فضال عن الوثائق والمعلومات الالزمة التي يجب أن تتضمنها طلبات التعاون القضائي وفقا لما‬
‫تقرره االتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراف وما يقتضيه القانون‪ ،‬ترفق الطلبات المقدمة من إحدى‬
‫الدول األطراف في االتفاقية‪ ،‬ألجل الحكم بالمصادرة أو تنفيذها‪ ،‬حسب الحاالت بما يأتي‪:‬‬

‫‪ – 1‬بيان بالوقائع التي استندت إليها الدولة الطالبة‪ ،‬ووصف اإلجراءات المطلوبة‪ ،‬إضافة إلى نسخة‬
‫مصادق على مطابقتها لألصل من األمر الذي استند إليه الطلب‪ ،‬حيثما كان متاحا وذلك إذا تعلق‬
‫األمر باتخاذ إجراءات التجميد أو الحجز أو بإجراءات تحفظية‪،‬‬

‫‪ – 2‬وصف الممتلكات المراد مصادرتها وتحديد مكانها وقيمتها متى أمكن ذلك‪ ،‬مع بيان بالوقائع‬
‫التي استندت إليها الدولة الطالبة‪ ،‬والذي يكون مفصال بالقدر الذي يسمح للجهات القضائية الوطنية‬
‫باتخاذ قرار المصادرة طبقا لإلجراءات المعمول بها‪ ،‬وذلك في حالة الطلب الرامي إلى استصدار‬
‫حكم بالمصادرة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الكريم مناصرية ‪ ،‬خصوصية إجراءات مكافحة جرائم الفساد في التشريع الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العربي التبسي‪ ،‬تبسة‪ ،‬الجزائر‪ ،2019 ،‬ص‪.367‬‬
‫‪108‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ – 3‬بيان يتضمن الوقائع والمعلومات التي تحدد نطاق تنفيذ أمر المصادرة الوارد من الدولة الطالبة‪،‬‬
‫إلى جانب تقديم هذه األخيرة لتصريح يحدد التدابير التي اتخذتها إلشعار الدول األطراف حسنة النية‪،‬‬
‫بشكل مناسب‪ ،‬وكذا ضمان مراعاة األصول القانونية والتصريح بأن حكم المصادرة نهائي‪ ،‬وذلك إذا‬
‫تعلق األمر بتنفيذ حكم بالمصادرة"‪.‬‬

‫إضافة إلى ضرورة توافر هذه البيانات سالفة الذكر‪ ،‬يجب أن يرفق طلب المصادرة باألدلة‬
‫الكافية التي تبرر اللجوء على إجراء المصادرة‪ ،‬وتتمحور هذه األدلة حول جريمة الفساد التي تحصل‬
‫من خاللها ال جاني على تلك األموال والممتلكات وتحويلها لدولة أخري‪ ،‬حيث يلعب وجود هذه األدلة‬
‫‪1‬‬
‫دروا فعاال في اقناع الدولة متلقية الطلب لمصادرة ممتلكات الجاني‪.‬‬

‫تقدمه الدولة األجنبية لمصادرة العائدات اإلجرامية الموجودة على اإلقليم‬


‫ويوجه الطلب الذي ّ‬
‫ّ‬
‫تحوله إلى النائب العام لدى الجهة القضائية المختصة‪ ،‬وترسل النيابة‬
‫الوطني إلى و ازرة العدل التي ّ‬
‫العامة هذا الطلب إلى المحكمة المختصة مرفقا بطلباتها‪ ،‬ويكون حكم المحكمة قابال لالستئناف‬
‫والطعن بالنقض‪ ،‬وتنفّذ االحكام التي تقضي بالمصادرة بمعرفة النيابة العامة وبكافة الطرق القانونية‪.2‬‬

‫رابعا‪ :‬إجراءات التعاون الدولي من أجل المصادرة‪ :‬تنص المادة ‪ 67‬من القانون‪01-06‬‬
‫على‪ ":‬يوجه الطلب الذي تقدمه إحدى الدول األطراف في االتفاقية‪ ،‬لمصادرة العائدات اإلجرامية أو‬
‫الممتلكات أو المعدات أو الوسائل األخرى المذكورة في المادة ‪ 64‬من هذا القانون‪ ،‬والمتواجدة على‬
‫اإلقليم الوطني‪ ،‬مباشرة إلى و ازرة العدل التي تحوله للنائب العام لدى الجهة القضائية المختصة‪.‬‬

‫ترسل النيابة العامة هذا الطلب إلى المحكمة المختصة مرفقا بطلباتها‪ ،‬ويكون حكم المحكمة قابال‬
‫لإلستئناف والطعن بالنقض وفقا للقانون‪.‬‬

‫تنفذ أحكام المصادرة المتخذة على أ ساس الطلبات المقدمة وفقا لهذه المادة بمعرفة النيابة العامة‬
‫بكافة الطرق القانونية"‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تنفيذ أحكام المصادرة الصادرة من جهات قضائية أجنبية‪ :‬تنص المادة ‪ 68‬من‬
‫القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬ترد ق اررات المصادرة التي أمرت بها الجهات القضائية إلحدى الدول األطراف‬
‫في االتفاقية‪ ،‬عبر الطرق المبينة في المادة ‪ 67‬أعاله‪ ،‬وتنفذ طبقا للقواعد واإلجراءات المعمول بها‬

‫‪1‬عبد الكريم مناصرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬


‫‪2‬‬
‫ايمان بوقصة‪ ،‬آليات التعاون الدولي لمكافحة الفساد‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغين‪،‬‬
‫سطيف‪ ،2‬الجزائر‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد‪ ،2019 ،4‬ص‪.156‬‬
‫‪109‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫في حدود الطلب‪ ،‬وذلك طالما أنها تنصب على عائدات الجريمة أو الممتلكات أو العتاد أو أية‬
‫وسائل استعملت الرتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪".‬‬

‫سادسا‪ :‬التعاون الخاص‪ :‬تنص المادة ‪ 69‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬يمكن تبليغ معلومات‬
‫خاصة بالعائدات اإلجرامية وفقا لهذا القانون‪ ،‬إلى أية دولة طرف في االتفاقية دون طلب مسبق‬
‫منها‪ ،‬عندما يتبين أن هذه المعلومات قد تساعد الدولة المعنية على إجراء تحقيقات أو متابعات أو‬
‫إجراءات قضائية أو تسمح لتلك الدولة بتقديم طلب يرمي إلى المصادرة‪".‬‬

‫ويمكن في إطار التعاون الدولي تبليغ معلومات خاصة بالعائدات اإلجرامية وفقا لقانون الوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته إلى أية دولة طرف في االتفاقية دون طلب مسبقا منها عندما يتبين أن هذه‬
‫المعلومات قد تساعد الدولة المعنية على إجراء تحقيقات أو متابعات أو إجراءات قضائية أو تسمح‬
‫‪1‬‬
‫لتلك الدولة بتقديم طلب يرمي إلى المصادرة‬

‫سابعا‪ :‬التصرف في الممتلكات المصادرة‪ :‬تنص المادة ‪ 70‬من القانون‪ 01-06‬على‪ ":‬عندما‬
‫يصدر قرار المصادرة طبقا ألحكام هذا الباب‪ ،‬يتم التصرف في الممتلكات المصادرة وفقا للمعاهدات‬
‫الدولية ذات الصلة والتشريع المعمول به‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫خليل اهلل فيلغة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪110‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫الخاتمة‬
‫إن تعقد ظاهرة الفساد وامكانية تغلغلها في كافة جوانب الحياة‪ ،‬يقتضي تبني استراتيجية تقوم‬
‫على الشمولية والتكامل لمكافحة هذه الظاهرة مثل‪ :‬المحاسبة المتمثلة في خضوع األشخاص الذين‬
‫يتولون المناصب العامة للمسائلة القانونية واإلدارية واألخالقية عـن نتائج أعمالهم‪ ،‬إضافة إلى مسائلة‬
‫من هم في الوظائف العامة سواء كانوا منتخبين أو معينين‪ ،‬وذلك بتقديم تقارير دورية عن نتائج‬
‫أعمالهم ومدى نجاعتهم في تنفيذها وضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات‪ ،‬والشفافية‬
‫ف ي تبني سياسة الوضوح داخل المؤسسة في عالقتها مع المواطن وعلنية اإلجراءات واألهـ ــداف‪،‬‬
‫ونشر منظومة القيم المتعلقة بالصدق واألمانة واإلخالص في العمل‪.‬‬
‫وعموما عمل المشرع في سياسته الجنائية لمكافحة ظاهرة الفساد على انتهاج شقين هما‪:‬‬
‫الشق الوقائي والمتضمن وضع تد ابير وقائية سواء ضمن القطاع العام أو الخاص مستمدة من اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد هدفها كبح ومعالجة ظاهرة الفساد قبل انتشارها‪ ،‬والشق الثاني يتعلق‬
‫بالتجريم والعقاب وأساليب التحري الخاصة والتعاون الدولي والقضائي خاصة ما تعلق بالحجز‬
‫والمصادرة واسترداد األموال المتحصلة من جرائم الفساد‪.‬غير أنه يالحظ تراخي المشرع في التطبيق‬
‫الصارم ألحكام القانون‪ 01-06‬رغم ما تعانيه الجزائر لحد الساعة من انتشار كافة أشكال الفساد‪،‬‬
‫وعليه يمكن تحقيق فعالية أكبر لتطبيق أحكام هذا القانون بــ‪:‬‬
‫‪ -‬تبني نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون من خالل خضوع‬
‫الجميع له‪.‬‬
‫‪ -‬بناء جهاز قضائي مستقل وقوي ونزيه وااللتزام من قبل السلطة التنفيذية على احترام أحكامه‪.‬‬
‫‪ -‬إعمال القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات وتشديد األحكام المتعلقة‬
‫بمكافحة الرش ــوة والمحسوبية واستغالل الوظيفة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيل دور السلطة العليا للشفافية ومكافحة الفساد‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير دور المسائلة والرقابة للسلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية من خالل‬
‫األدوات البرلمانية المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على البعد األخالقي في مكافحة الفساد في القطاع العام والخاص‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول للمعلومات للمساهمة في التحقيقات التي‬
‫تكشف عن الفســاد والمفسدين‪.‬‬
‫‪ -‬وضع آليات خاصة إلشراك فعاليات المجتمع المدني لمكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫أوال‪ :‬المراجع باللغة العربية‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬السنة النبوية المطهرة‪.‬‬
‫‪ -3‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪-1.3‬القوانين‪:‬‬
‫‪ -‬القانون العضوي رقم ‪ 04-12‬الصادر في‪ 12 :‬يناير سنة ‪ ،2012‬يتعلق باألحزاب السياسية‪،‬‬
‫الصادرة‬ ‫رقم‪،02:‬‬ ‫الشعبية‪،‬‬ ‫الديمقراطية‬ ‫الجزائرية‬ ‫للجمهورية‬ ‫الرسمية‬ ‫الجريدة‬
‫في‪.2012/01/15:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم‪ 11-04 :‬الصادر في‪ 6 :‬سبتمبر ‪ ،2004‬المتضمن القانون االساسي للقضاء‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،57:‬الصادرة في‪08:‬‬
‫سبتمبر‪.2004‬‬
‫القانون رقم ‪ 15-04‬الصادر في‪ 10 :‬نوفمبر ‪ 2004‬يعدل ويتمم األمر رقم‪156 - 66 :‬‬ ‫‪-‬‬
‫الصادر في‪ 8 :‬يونيو ‪ ، 1966‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،71‬الصادرة في‪ 10 :‬نوفمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 01-05‬الصادر في‪ 6 :‬فيفري ‪ 2005‬والمتعلق بالوقاية من تبييض األموال‬
‫وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،11‬الصادرة في‪ 09 :‬فيفري ‪.2005‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 01-06‬الصادر في ‪ 20‬فيفري سنة ‪ ،2006‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬الصادرة في‪ 8 :‬مارس‬
‫سنة ‪.2006‬‬
‫‪ -‬القانون رقم‪ 22-06:‬الصادر في‪ ،2006/12/20:‬بعدل ويتمم األمر رقم‪155-66:‬الصادر‬
‫في‪ 1966/06/08:‬والمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،84:‬الصادرة في‪.2006/12/24:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم‪ 04 – 09 :‬الصادر في‪ 2009/08/05:‬يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من‬
‫الجرائم المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،47:‬الصادرة في‪.2009/08/16:‬‬

‫‪112‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬القانون رقم‪ 08-22 :‬الصادر في ‪ 05‬ماي‪ ،2022‬يـحـدد تنظيم السلطة العليا للشفافية‬
‫والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصالحياتها‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ ،32 :‬الصادرة في‪ ،2022/05/14:‬ص ص‪.11-6‬‬
‫‪ -2.3‬األوامر‪:‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ ،156-66‬الصادر في‪ 08 :‬يونيو ‪ ،1966‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ 49 :‬الصادرة في‪ 11 :‬يونيو ‪،1966‬‬
‫ومتمم‪.‬‬
‫معدل ّ‬‫ّ‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ ،58-75 :‬الصادر في‪ 26 :‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رقم‪ 78:‬الصادرة‪30 :‬سبتمبر ‪،1975‬‬
‫ومتمم‪.‬‬
‫معدل ّ‬‫ّ‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 11-03 :‬المؤرخ في‪ 2003/08/26 :‬يتعلق بالنقد والقرض‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ، 52:‬الصادرة في‪.2003/08/27:‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 03-06 :‬الصادر في‪ 15 :‬يوليو ‪ ،2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،46‬الصادرة في‪:‬‬
‫‪ 16‬يوليو ‪.2006‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 05-10:‬الصادر في‪ 2010/08/26:‬يتمم القانون‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‪،50‬‬
‫الصادرة في‪.2010/09/01:‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 04-20:‬الصادر في‪ 2020/08/30:‬يعدل ويتمم األمر رقم‪ 155-66:‬الصادر‬
‫في‪ 1966/06/08:‬وا لمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،51:‬الصادرة في‪.2020/08/31:‬‬
‫‪-3.3‬المراسيم الرئاسية‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم‪ 55-02 :‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفيري ‪ ،2002‬يتضمن التصديق بتحفظ‬
‫على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬المعتمدة من طرف‬
‫الجمعية العامة لمنظمة األمم المتحدة بتاريخ‪ ،2000/11/15 :‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم‪ ،09:‬الصادرة في‪.2002/02/10:‬‬

‫‪113‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬المرسوم الرئاسي ‪ 128-04‬الصادر في ‪ 19‬أبريل ‪ ،2004‬يتضمن التصديق بتحفظ على‬


‫ات فاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬
‫الشعبية‪ ،‬عدد ‪ ،26‬الصادرة في ‪ 25‬ابريل ‪.2004‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي ‪ 137-06‬الصادر في ‪ 10‬أبريل ‪ ،2006‬يتضمن التصديق على إتفاقية‬
‫االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬المعتمدة بمابوتو في‪ 11 :‬يوليوسنة ‪ ،2003‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬عدد ‪ ،24‬الصادرة في ‪ 16‬ابريل ‪.2006‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 414/06‬الصادر في‪ 22 :‬نوفمبر ‪ ،2006‬يحدد نموذج التصريح‬
‫بالممتلكات‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،74‬الصادرة‬
‫في‪ 22 :‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم‪ 304-07 :‬الصادر في ‪ 2007/09/29‬يحدد الشبكة االستداللية‬
‫لمرتبات الموظفين ونظام دفع رواتبهم‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬
‫الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،61‬الصادرة في‪ 30 :‬سبتمبر ‪.2007‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي ‪ 249-14‬الصادر في ‪ 8‬سبتمبرسنة ‪ ،2014‬يتضمن التصديق على‬
‫اإلتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،54‬الصادرة في ‪ 21‬سبتمبر سنة ‪.2014‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم‪ 247-15:‬الصادر في‪ ،2015/09/16:‬الجريدة الرسمية للجمهورية‬
‫الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد ‪ ،50‬الصادرة في ‪ 20‬سبتمبر سنة ‪.2015‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 442-20‬المؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ ،2020‬المتعلق بإصدار التعديل‬
‫الدستوري المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر ‪ ،2020‬جريدة رسمية رقم ‪ 82‬مؤرخة في‬
‫‪ 30‬ديسمبر ‪.2020‬‬
‫‪ -4.3‬المراسيم التنفيذية‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 426-11:‬الصادر في‪ 2011/12/08 :‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي‬
‫لقمع الفساد وتنظيمه وكيفيات سيره‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪،‬‬
‫العدد‪ ،68‬الصادرة في‪.2011/12/14:‬‬
‫‪ -4‬المؤلفات‪:‬‬
‫‪ -‬النوي خرشي‪ ،‬الصفقات العمومية‪ ،‬دراسة تحليلية و نقدية و تكميلية لمنظومة الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬سنة ‪.2018‬‬

‫‪114‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬ط‪ ،12‬دار هومة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ج‪.2012 ،2‬‬
‫‪ -‬أمجد سعود قطفان الخريشة‪ ،‬جريمة غسيـل األمـوال‪ ،‬د ارسـة مقارنـة‪ ،‬دار الثقافة للنشـر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2006،‬‬
‫‪ -‬أنور العمروسي‪ ،‬أمجد العمروسي‪ ،‬جرائم األموال العامة وجرائم الرشوة‪ ،‬ط‪ ،2‬النسر الذهبي‬
‫للطباعة‪ ،‬القاهرة‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬داود يوسف صبح‪ ،‬تبييض األموال والسرية المصرفية الفساد أصل العلة‪ ،‬مكتبة صادر‬
‫ناشرون‪ ،‬بيروت‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬حسن عواضة وعبد الرؤوف قطيش‪ ،‬المالية العامة‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪.2013،‬‬
‫‪ -‬ياسر كمال الدين‪ ،‬جرائم الرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬موسى بودهان‪ ،‬النظام القانوني لمكافحة الرشوة‪ ،‬دار الهدى – عيم مليلة – الجزائر‪ ،‬سنة‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ -‬محمد الغ زالي‪ ،‬الفساد السياسي في المجتمعات العربية واإلسالمية‪-‬أزمة الشورى‪ ،‬نهضة‬
‫مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪.2005،‬‬
‫‪ -‬محمد محي الدين عوض‪ ،‬جرائم غسل األموال‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ‪ ،‬الرياض‬
‫‪ ،‬مركز الدراسات و البحوث ‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬محمد حليم ليمام‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر األسباب اآلثار واإلصالح‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪.2011،‬‬
‫‪ -‬محمد عباس محرزي‪ ،‬اقتصاديات المالية العامة – النفقات العامة – اإليرادات العامة –‬
‫الميزانية العامة للدولة‪ ،‬ط‪ ،6‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬محمد صبحي نجم‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪-‬القسم الخاص‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪ -‬مليكة هنان‪ ،‬جرائم الفساد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬ناير نبيل عمر‪ ،‬الحماية الجنائية للمحل اإللكتروني في جرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2010،‬‬

‫‪115‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬الجوانب الموضوعية واالجرائية في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪-‬‬
‫دراسة في موائمة التشريعات العربية ألحكام االتفاقية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ -‬عامر خضير الكبيسي‪ ،‬الفساد والعولمة تزامن ال توأمة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2018 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الحكم فودة‪ ،‬جرئم اإلحتيال‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز عياد‪ ،‬تبييض األموال والقوانين واإلجراءات المتعلقة بالوقاية منهـا ومكافحتها في‬
‫الجزائر‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬عزيز ريسان‪ ،‬الفساد وآثاره النفسية ةاالجتماعية‪ ،‬دراسة في أسبابه‪ ،‬أشكاله‪ ،‬نتائجه في‬
‫المجتمع الشرقي‪ ،‬دار دجلة‪ ،‬األردن‪.2018،‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياف‪ ،‬الوظيفة العامة في التشريع الجزائري‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع الجزائر‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياف‪ ،‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الرابعة‪. ،‬‬
‫‪.2011 -‬‬
‫‪ -‬عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬جرائم الفساد اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬صالح الدين فهمي محمود‪ ،‬الفساد اإلداري كمعوق لعمليات التنمية االجتماعية و‬
‫االقتصادية‪ ،‬دار النشر بالمركز العربي للدراسات األمنية و التدريب بالرياض‪.1994 ،‬‬
‫‪ -‬صالح الدين حسن ا لسيسي‪ ،‬موسوعة جرائم الفساد االقتصادي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪.2012،‬‬
‫‪ -‬رشيدة بوكر‪ ،‬جرائم االعتداء على نظم المعالجة اآللية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ -5‬المقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬ايمان بوقصة‪ ،‬آليات التعاون الدولي لمكافحة الفساد‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم االجتماعية‪،‬‬
‫جامعة محمد لمين دباغين‪ ،‬سطيف‪ ،2‬الجزائر‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد‪.2019 ،4‬‬
‫‪ -‬إسراء عالء الدين نوري‪ ،‬دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة ظاهرة الفساد – دراسة‬
‫حالة العراق‪ -‬مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية و السياسية‪ ،‬العدد ‪ 6‬السنة ‪.2020‬‬

‫‪116‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬بومدين كعيبيش‪ ،‬أساليب التحري الخاصة في جرائم الفساد‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬معهد العلوم‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬المركز الجامعي أحمد زبانة‪ ،‬غليزان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،05‬العدد‪،02‬‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ -‬جمال الدين عنان‪ ،‬جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين للحصول على امتيازات غيرمبررة‬
‫في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬العدد‪،07‬‬
‫‪2017‬‬
‫‪ -‬حاج علي مداح‪ ،‬جريمة إساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة تسمسيلت‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،04‬العدد‪.2019 ،02‬‬
‫‪ -‬حورية بنعودة‪ ،‬الفساد السياسي أسبابه و أثاره ‪ ،‬مجلة البحوث القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة‬
‫موالي طاهر بسعيدة – الجزائر‪ ،‬العدد‪.2014 ،02‬‬
‫‪ -‬طاشمة بومدين‪ ،‬الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات اإلدارة المحلية في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية التواصل‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪،26‬‬
‫جوان‪.2010‬‬
‫‪ -‬يوسف بلمهدي‪ ،‬مفهوم الفساد وأنواعه في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مجلة الثقافة اإلسالمية‪ ،‬و ازرة‬
‫الشؤون الدينية واألوقاف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،14‬العدد‪.2020 ،01‬‬
‫‪ -‬محمد بن عزوز‪ ،‬الفساد اإلداري واالقتصادي‪ ،‬آثاره وآليات مكافحته ‪ -‬حالة الجزائر‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للعولمة والسياسات االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2016 ،07‬‬
‫‪ -‬معمر فرقاق‪ ،‬الرشوة في قانون مكافحة الفساد‪ ،‬مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬السداسي الثاني‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ -‬نبيل مالكية‪ ،‬التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات المتأتية من جرائم الفساد اإلداري‪،‬‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،03‬سبتمبر‪.2016‬‬
‫‪ -‬نبيلة رزاقي‪ ،‬جريمة المحاباة في الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة البليدة‪ ،2‬العدد السابع‪.2015 ،‬‬

‫‪117‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬سارة بوسعيود وشراف عقون‪ ،‬واقع الفساد في الجزائر وآليات مكافحته‪ ،‬مجلة البحوث‬
‫االقتصادية والمالية‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد‬
‫األول‪.2018،‬‬
‫‪ -‬سامية دلندة‪ ،‬ظاهرة تبييض األموال‪ ،‬مكافحتها والوقاية منها‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬و ازرة العدل‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،60‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬عائشة شيخي وعياشي بوزيان‪ ،‬الفساد االقتصادي وآليات مكافحته في التشريع الجزائري‪،‬‬
‫مجلة البحوث القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة موالي الطاهر‪ ،‬سعيدة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪،5‬‬
‫ديسمبر‪.2015‬‬
‫‪ -‬عبد الحليم بن مشري وعمر فرحاتي‪ ،‬الفساد اإلداري مدخل مفاهيمي‪ ،‬مجلة االجتهاد‬
‫القضائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬مخبر االجتهاد القضائي‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2018 ،5‬‬
‫‪ -‬عبد العالي حاحة‪ ،‬جريمة االثراء غير المشروع في ضوء قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2009 ،16‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق براهمي‪ ،‬جريمة تعارض المصالح في مجال الصفقات العمومية والعقوبات المقررة‬
‫لها في التشريع الجزائري وبعض التشريعات المقارنة‪ ،‬مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،04‬العدد‪.2019 ،02‬‬
‫‪ -‬فتيحة خا لدي خيرة ميمون‪ ،‬جريمة اختالس األموال والممتلكات في القطاع العام والخاص‪،‬‬
‫مجلة الدراسات االقتصادية المعاصرة‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،04‬العدد‪،01‬‬
‫‪.2019‬‬
‫متفحصة في األسباب والتداعيات‪،‬‬
‫‪ -‬رضا كشان‪ ،‬ظاهرة الفساد السياسي في المجتمعات‪ :‬قراءة ّ‬
‫المجلة الجزائرية لألمن والتنمية‪ ،‬حامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،9‬العدد‪.2020 ،16‬‬
‫‪ -‬عبلة سقني ومحمد األمين هيشور‪ ،‬ظاهرة الفساد في المجتمع الجزائري‪ :‬دراسة في األسباب‬
‫وآليات المكافحة‪ ،‬المحلة الجزائرية للسياسات العامة‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬المجلد‪ ،07‬العدد‪،01‬‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ -‬شريفة خالدي‪ ،‬جريمة الرشوة في الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪،‬‬
‫جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2018 ،15‬‬

‫‪118‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬ضاوية بوزريدة ورياض بوريش‪ ،‬معضلة الفساد‪-‬دراسة في األسباب التاعيات األمنية‬


‫والسياسيةواستراتيجية المكافحةمن خالل تجربة تونس بعد أحداث‪ ،2011‬المجلة الجزائرية‬
‫لألمن اإلنساني‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،6‬العدد‪.2021 ،1‬‬
‫‪ -‬غانية ايططاحين‪ ،‬الفساد اإلداري " الجزائر نموذجا" ‪ ،‬مجلة الحكمة للدراسات االجتماعية‪،‬‬
‫مركز الحكمة للبحوث والدراسات‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلد‪ ،4‬العدد‪.2016 ،07‬‬
‫‪ -6‬األطروحات والمذكرات‪:‬‬
‫‪-1.6‬األطروحات‪:‬‬
‫‪ -‬الويزة نجار‪ ،‬التصدي المؤسساتي والجزائي لظاهرة الفساد في التشريع الجزائري‪-‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬حامعة منتوري قسنطينة‪،‬‬
‫‪.2014-2013‬‬
‫‪ -‬العربي شحط محمد األمين‪ ،‬السياسة الجنائية لمكافحة الفساد في التشريع الجزائري‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪،2‬‬
‫الجزائر‪.2019،‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم مناصرية‪ ،‬خصوصية إجراءات مكافحة جرائم الفساد في التشريع الجزائري‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العربي التبسي‪ ،‬تبسة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2019‬‬
‫‪-2.6‬المذكرات‪:‬‬
‫‪ -‬المطيري صقر بن هالل ‪ ،‬جريمة غسل األموال (دراسة حول مفهومها و معوقات التحقيق‬
‫فيها و إشكاليات تنسيق الجهود الدولية لمواجهتها) ‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الرياض ‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا ‪ ،‬قسم العدالة الجنائية ‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬حياة عوامرية‪ ،‬التدابير الوقائية لمكافحة ظاهرة الفساد في إطار القانون‪ ،01-06‬مذكر‬
‫ماستر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االجتماعية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‪ 8‬ماي‪ 1945‬قالمة‪.2019 ،‬‬
‫‪ -7‬الملتقيات العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬منية شوايدية‪ ،‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الملتقى الوطني حول التصدي‬
‫الجزائي والمؤسساتي للفساد في الجزائر‪ -‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة ‪ -‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬قسم العلوم القانونية واالدارية‪ ،‬يوم ‪27‬افريل ‪.2016‬‬

‫‪119‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪ -‬مقالتي منى‪ ،‬جريمة المحاباة في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى الوطني حول التصدي‬
‫الجزائي والمؤسساتي للفساد في الجزائر‪-‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‪ -‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية‪ -‬قسم العلوم القانونية و االدارية‪ -‬يوم ‪ 27‬افريل ‪.2016‬‬
‫‪ -‬عمار ميسوري‪ ،‬التدابير اإلستعجالية قبل إبرام الصفقات العمومية وبعدها‪ ،‬الملتقى الوطني‬
‫حول‪ :‬الصفقات العمومية‪ ،‬مجلس الدولة يومي‪27 :‬و‪ 28‬نوفمبر ‪.2016‬‬
‫‪ -‬مريم فلكاوي‪ ،‬الحكم ال ارشـد ومكافحة الفسـاد بين المفاهيم وواقع التجربة الجزائرية‪ ،‬الملتقى‬
‫الوطني حول‪ :‬الحكم الراشد ومكافحة الفساد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬قالمة‪ ،‬يومي‪ 08:‬و‪ 09‬أفريل‪.2007‬‬
‫‪ -‬نضيرة بوعزة‪ ،‬جريمة الرشوة في ظل القانون ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي واإلداري‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬يومي‪07-06:‬‬
‫ماي‪.2012‬‬
‫‪ -‬فريدة مزياني‪ ،‬دور اإلد ارة والقضاء في مكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬الملتقى الوطني حول‪ :‬الحكم‬
‫الراشد ومكافحة الفساد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪1945‬‬
‫قالمة‪ ،‬يومي‪ 08:‬و‪ 09‬أفريل‪.2007‬‬
‫‪ -‬خليل اهلل فليغة‪ ،‬آليات استرداد الموجودات المتحصل عليها من جرائم الفساد‪ ،‬في الملتقى‬
‫الوطني األول حول‪":‬االستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في الجزائر"الواقع‬
‫واآلفاق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الشريف مساعدية‪ ،‬سوق أهراس‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬يوم‪.2021/02/24:‬‬
‫‪ -9‬المعاجم‬
‫‪ -‬معجم لسان العرب البن منظور‬
‫‪ -10‬مواقع االنتنرت‪:‬‬
‫الفساد‪:‬‬ ‫من‬ ‫للوقاية‬ ‫الوطنية‬ ‫‪ -‬الهيئة‬
‫‪https://onplc.org.dz/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-‬‬
‫‪%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d8%ad%d9%88%d9%84-‬‬
‫‪%d8%a3%d8%af%d8%a7%d8%a9-‬‬
‫‪%d8%aa%d9%82%d9%8a%d9%8a%d9%85-‬‬
‫‪%d8%ac%d9%87%d9%88%d8%af-‬‬

‫‪120‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫‪/%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d8%a7‬‬
‫بتاريخ‪ 2022/01/15:‬على الساعة‪.21:25:‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫‪ -‬ورقة عمل البنك بعنوان‪ ":‬صحيفة وقائع مكافحة الفساد" على‬
‫‪https://www.albankaldawli.org/ar/news/factsheet/2020/02/19/antico‬‬
‫‪ rruption-fact-sheet‬بتاريخ‪ 2022/01/06:‬على الساعة‪.07:36:‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫الجزائرية‬ ‫األنباء‬ ‫وكالة‬ ‫‪ -‬موقع‬
‫‪https://www.aps.dz/ar/economie/119218-2022-01-02-17-33-‬‬
‫‪51‬بتاريخ‪ 2022/01/04:‬على الساعة‪.08:05:‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫المتحدة‬ ‫األمم‬ ‫‪ -‬موقع‬
‫‪https://www.unodc.org/documents/treaties/UNCAC/Publications/Co‬‬
‫‪ nvention/08-50024_A.pdf‬بتاريخ‪ 2022/01/05:‬على الساعة‪.09:30:‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫األوروبي‬ ‫االتحاد‬ ‫‪ -‬موقع‬
‫‪https://rm.coe.int/CoERMPublicCommonSearchServices/DisplayDC‬‬
‫‪ TMContent?documentId=09000016806d86ce‬بتاريخ‪ 2022/01/05:‬على‬
‫الساعة‪.10:00:‬‬
‫موقعها‪:‬‬ ‫على‬ ‫المالي‬ ‫العمال‬ ‫مجموعة‬ ‫‪ -‬توصيات‬
‫‪https://mlcu.org.eg/upload/uploadeditor/files/%D8%AA%D9%88%D‬‬
‫‪8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D‬‬
‫‪9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%83‬‬
‫‪%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1%202020.pdf‬‬
‫بتاريخ‪ 0182022/06:‬على الساعة‪.08:24:‬‬
‫‪ -‬تصريح الوزير األول وزير المالية أيمن عبد الرحمن بشأن إنشاء البوابة االلكترونية للصفقات‬
‫الرابط ‪:‬‬ ‫على‬ ‫الجزائرية‬ ‫األنباء‬ ‫وكالة‬ ‫موقع‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫العمومية‪،‬‬
‫‪https://www.aps.dz/ar/economie/tag/%D8%A8%D9%88%D8%A7%‬‬
‫‪D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B‬‬
‫على‬ ‫‪1%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9‬بتاريخ‪،2022/01/13:‬‬
‫الساعة‪10:54:‬‬

‫‪121‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫موقعها‪:‬‬ ‫على‬ ‫لسنة‪2020‬‬ ‫الفساد‬ ‫مدركات‬ ‫بشأن‬ ‫المنظمة‬ ‫‪ -‬تقرير‬


‫‪https://www.transparency.org/ar/news/cpi-2020-global-highlights‬‬
‫بتاريخ‪ 2022/01/06:‬على الساعة‪.08:36:‬‬
‫موقعها‪:‬‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫لسنة‪2020‬‬ ‫دولية‬ ‫شفافية‬ ‫منظمة‬ ‫‪ -‬تقرير‬
‫‪https://www.transparency.org/ar/news/cpi-2020-global-‬‬
‫‪highlights‬بتاريخ‪ 2021/12/20:‬على الساعة‪.08:45:‬‬
‫الرابط‪:‬‬ ‫على‬ ‫الدولي‬ ‫النقد‬ ‫صندوق‬ ‫‪ -‬تقرير‬
‫‪https://www.imf.org/ar/News/Articles/2017/09/18/sp091817-‬‬
‫على‬ ‫بتاريخ‪2021/12/22:‬‬ ‫‪addressing-corruption-with-clarity‬‬
‫الساعة‪.11:32:‬‬
‫‪ -‬عمر مقدادي‪ ،‬الفساد في المجتمع‪ :‬أسبابه ومظاهره‪ ،‬مقال منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪https://www.ammonnews.net/article/335686‬بتاريخ‪2022/12/24:‬‬
‫الساعة‪.09:28:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF# -‬‬
‫‪ cite_note-2‬بتاريخ‪ 2021/12/27:‬على الساعة‪.08:51:‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪Ouvrages :‬‬
‫‪- Valérie Bouchard, Droit Pénal, 2em édition, Sup Foucher,2009.‬‬

‫‪122‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫مقدمة‪...............................................................................‬ص‪4-1‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التصدي والوقائي والمؤسساتي لمكافحة الفساد‪............................:‬ص‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الفساد‪.................................................................:‬ص‪4‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الفساد وأشكاله‪....................................................... :‬ص‪4‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الفساد‪.......................................................................... :‬ص‪5‬‬
‫ثانيا‪ :‬أشكال الفساد‪........................................................................ :‬ص‪11‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب الفساد وآثاره‪......................................................... :‬ص‪12‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب الفساد‪......................................................................... :‬ص‪12‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار الفساد‪......................................................................... :‬ص‪16‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجهود الدولية واإلقليمية لمكافحة ظاهرة الفساد‪..............................:‬ص‪18‬‬
‫أوال‪ :‬جهود المنظمات الدولية‪.............................................................. :‬ص‪18‬‬
‫ثانيا‪ :‬جهود المنظمات اإلقليمية‪........................................................... :‬ص‪21‬‬
‫ثالثا‪ :‬دور بعض المنظمات والمؤسسات المالية في مكافحة الفساد‪............................. :‬ص‪23‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التصدي الوقائي لظاهرة الفساد‪............................................. :‬ص‪25‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور السلطة التشريعية والتنفيذية في مكافحة الفساد‪.......................... :‬ص‪26‬‬
‫أوال‪ :‬دور السلطة التشريعية‪................................................................ :‬ص‪26‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور السلطة التنفيذية‪................................................................ :‬ص‪27‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير الوقائية لمكافحة الفساد ضمن القطاع العام‪ ......................... :‬ص‪28‬‬
‫أوال‪ :‬التدابير الوقائية في مجال التوظيف‪................................................... :‬ص‪29‬‬
‫ثانيا‪ :‬التزام التصريح بالممتلكات‪............................................................ :‬ص‪35‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدونات سلوك الموظفين العموميين‪................................................... :‬ص‪38‬‬
‫رابعا‪ :‬إبرام الصفقات العمومية‪............................................................. :‬ص‪39‬‬
‫خامسا‪ :‬تسيير األموال العمومية‪........................................................... :‬ص‪44‬‬
‫سادسا‪ :‬الشفافية في التعامل مع الجمهور‪.................................................. :‬ص‪45‬‬
‫سابعا‪ :‬مشاركة المجتمع المدني‪........................................................... :‬ص‪46‬‬
‫ثامنا‪ :‬تدابير منع تبييض األموال‪.......................................................... :‬ص‪48‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التدابير الوقائية لمكافحة الفساد ضمن القطاع الخاص‪...................... :‬ص‪49‬‬

‫‪123‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫أوال‪ :‬التدابير الوقائية لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد‪................................. :‬ص‪50‬‬


‫ثانيا‪ :‬معايير المحاسبة‪..................................................................... :‬ص‪50‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التصدي المؤسساتي لظاهرة الفساد‪.......................................... :‬ص‪51‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته‪.......................... :‬ص‪52‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الديوان المركزي لقمع الفساد‪................................................ :‬ص‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التصدي الجزائي والتعاون الدولي لمكافحة الفساد‪.......................:‬ص‪57‬‬
‫المبحث األول‪ :‬جرائم الرشوة واختالس األموال العامة والتستر على الفساد‪.....................:‬ص‪58‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرشوة والجرائم الملحقة بها‪................................................. :‬ص‪58‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة رشوة الموظفين العموميين‪..................................................... :‬ص‪58‬‬
‫ثانيا‪ :‬جريمة رشوة الموظفين العموميين األجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية‪........ :‬ص‪63‬‬
‫ثالثا‪:‬الرشوة في القطاع الخاص‪.............................................................:‬ص‪66‬‬
‫رابعا‪ :‬جريمة استغالل النفوذ‪................................................................:‬ص‪69‬‬
‫خامسا‪ :‬جريمة الغدر‪.......................................................................:‬ص‪72‬‬
‫سادسا‪ :‬جريمة االعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم‪..........................:‬ص‪73‬‬
‫سابعا‪ :‬جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية(التربح)‪..........................................:‬ص‪75‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصور المستحدثة لجرائم الرشوة‪............................................ :‬ص‪76‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة إساءة استغالل الوظيفة‪........................................................ :‬ص‪76‬‬
‫ثانيا‪ :‬جريمة االثراء غير المشروع‪.......................................................... :‬ص‪77‬‬
‫ثالثا‪ :‬جريمة تلقي الهدايا‪....................................................................:‬ص‪78‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات واإلضرار بها‪.................................... :‬ص‪79‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات‪............................................................. :‬ص‪80‬‬
‫ثانيا‪ :‬جريمة اختالس الممتلكات في القطاع الخاص‪........................................ :‬ص‪82‬‬
‫ثالثا‪ :‬جريمة استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي‪...................................... :‬ص‪83‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬جرائم التستر على الفساد‪................................................... :‬ص‪85‬‬
‫أوال‪ :‬جريمة تبييض عائدات جرائم الفساد‪................................................... :‬ص‪85‬‬
‫ثانيا‪ :‬جريمة إخفاء عائدات جرائم الفساد‪.................................................... :‬ص‪89‬‬
‫ثالثا‪ :‬جريمة التمويل الخفي لألحزاب السياسية‪.............................................. :‬ص‪89‬‬

‫‪124‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية واخالل الموظف بالتزاماته بموجب قانون مكافحة‬
‫الفساد‪.................................................................................:‬ص‪90‬‬
‫المطلب األول‪ :‬جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية‪.....……..… :‬ص‪91‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جريمة استغالل نفوذ األعوان العموميين للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال‬
‫الصفقات العمومية‪ .……………………………………………………………. :‬ص‪93‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية‪................................. :‬ص‪95‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬جرائم اخالل الموظف بالتزاماته بموجب قانون مكافحة الفساد‪..................:‬ص‪96‬‬
‫أوال‪ :‬جرائم اخالل الموظف العمومي بالتزاماته‪................................................:‬ص‪96‬‬
‫ثانيا‪ :‬صور جرائم عرقلة البحث عن الحقيقة‪.................................................:‬ص‪97‬‬
‫ثالثا‪ :‬األحكام الخاصة بجرائم الفساد‪.......................................................:‬ص‪101‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أساليب التحري الخاصة والتعاون الدولي‪................................... :‬ص‪103‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أساليب التحري الخاصة‪.................................................. :‬ص‪103‬‬
‫أوال‪ :‬التسليم المراقب‪......................................................................:‬ص‪103‬‬
‫ثانيا‪ :‬التسرب(االختراق)‪..................................................................:‬ص‪103‬‬
‫ثالثا‪ :‬الترصد اإللكتروني(مراقبة االتصاالت اإللكترونية)‪...................................:‬ص‪104‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعاون الدولي‪.......................................................... :‬ص‪105‬‬
‫أوال‪ :‬التعاون القضائي‪....................................................................:‬ص‪105‬‬
‫ثانيا‪ :‬منع وكشف وتحويل العائدات االجرامية‪...............................................:‬ص‪105‬‬
‫ثالثا‪ :‬التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية‪............................................:‬ص‪106‬‬
‫رابعا‪ :‬تقديم المعلومات‪....................................................................:‬ص‪107‬‬
‫خامسا‪ :‬الحساب المالي المتواجد بالخارج‪...................................................:‬ص‪107‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تدابير االسترداد المباشر للممتلكات‪....................................... :‬ص‪107‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬استرداد الممتلكات عن طريق التعاون الدولي في مجال المصادرة‪...…....…:‬ص‪108‬‬
‫أوال‪ :‬التجميد والحجز‪.....................................................................:‬ص‪108‬‬
‫ثانيا‪ :‬رفع اإلجراءات التحفظية‪.............................................................:‬ص‪109‬‬
‫ثالثا‪ :‬طلبات التعاون الدولي بغرض المصادرة‪..............................................:‬ص‪109‬‬
‫رابعا‪ :‬إجراءات التعاون الدولي من أجل المصادرة‪..........................................:‬ص‪109‬‬
‫خامسا‪ :‬تنفيذ أحكام المصادرة من جهات قضائية أجنبية‪....................................:‬ص‪109‬‬

‫‪125‬‬
‫محاضرات في‪ :‬قانون مكافحة الفساد‬ ‫د‪.‬يزيد بوحليط‬

‫سادسا‪ :‬التعاون الخاص‪..................................................................:‬ص‪110‬‬


‫سابعا‪ :‬التصرف في الممتلكات المصادرة‪...................................................:‬ص‪110‬‬
‫الخاتمة‪..................................................................................:‬ص‪111‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪..................................................................:‬ص‪112‬‬
‫فهرس الموضوعات‪................................................................:‬ص‪126-123‬‬

‫تم بحمد اهلل‬

‫‪126‬‬

You might also like