You are on page 1of 418

‫انجًهىريـت انجسائريـت انذيًقراطيـت انشعبيـت‬

‫وزارة انتعهيـى انعانـي وانبحـث انعهًـي‬

‫جايعـت اإلخـىة يُتــىري – قسُطيُـت ‪1‬‬

‫كهيـت انحقـىق‬

‫جريًـت تبييـض األيىال وآنيـاث يكافحتـها‬


‫فـي انتشريـع انجسائـري‬

‫أطروحـت يقذيـت نُيـم شهـادة انذكتـىراِ ل‪.‬و‪.‬د‬

‫تخصـص‪ :‬قاَـىٌ انضبـظ االقتصـادي‬

‫إشـراف األستـار انذكتىر‪:‬‬ ‫إعـذاد انطانـب‪:‬‬

‫بـه شعبـان علـي‬ ‫سعيـود محمـد الطاهـر‬

‫أعضـاء نجُـت انًُاقشـت‪:‬‬


‫رئيسـا‬ ‫قسُطيُـت ‪1‬‬ ‫جايعـت اإلخـىة يُتـىري‬ ‫أستـار انتعهيـى انعانــي‬ ‫د‪ /‬حفيـظ عاشـىر‬

‫يشـرفا ويقـررا‬ ‫قسُطيُـت ‪1‬‬ ‫جايعـت اإلخـىة يُتـىري‬ ‫أستـار انتعهيى انعانـــي‬ ‫د‪ /‬بـٍ شعبـاٌ عهـي‬

‫عضـىا يُاقشا‬ ‫أو انبىاقي‬ ‫جايعـت انعربي بٍ يهيذي‬ ‫أستـار انتعهيـى انعانــي‬ ‫د‪ /‬يالوي ابراهيى‬

‫عضـىة يُاقشـت‬ ‫سطيـف ‪2‬‬ ‫أستـارة انتعهيـى انعانـي جايعـت يحًـذ نًيـٍ دباغيـٍ‬ ‫د‪ /‬نشهـب صـاش جازيـت‬

‫عضـىا يُاقشا‬ ‫قسُطيُـت ‪1‬‬ ‫جايعـت اإلخـىة يُتـىري‬ ‫أستـار يحاضـر (أ)‬ ‫د‪ /‬سعـذي عبـذ انحهيـى‬

‫انسُـت انجايعيـت‪2020/2019 :‬‬


‫إه ـ ـداء‬
‫أهـدي هـذا العمـل إلـى‪:‬‬

‫الغالييـن أمـي و أبـي أطال اهلل في عمرهما اعترافـا ووفـاءا‪.‬‬

‫رفيقة دربي‪ ،‬زوجتي العزيزة مع خالص محبتي‬

‫أختـي مسعـودة وأخواي بـالل وعبـد المالـك اعتـزازا وإكبـارا‪.‬‬

‫وإلـى كـل مـن أكـن لـه المحبـة‪ ،‬التقديـر واالحتـرام‪.‬‬

‫سعيود محد الطاهر‬


‫شكـر وتقـدي ـر‬
‫قـال اهلل تعالى في كتابه العزيز "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم ألزيدنكم"‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫أتوجه بخالص شكري إلى المولى عز وجل الذي وفقني إلى إنجاز هذا العمل المتواضع‬
‫وأسأله اإلخالص في القول والعمل‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر والتقدير إلى أستاذي الدكتور "بن شعبان علي" الذي تفضل‬
‫باإلشراف على هذا العمل وعلى مجهوداته وتوجيهاته القيمة‪ ،‬وأقول له بشراك قول المصطفى‬
‫صلى اهلل عليه وسلم "إن اهلل ومالئكته وأهل السماوات واألرض وحتى النملة في جحرها وحتى‬
‫الحوت ليصلون على معلم الناس الخير"‪.‬‬

‫الشكر الجزيل موصول كذلك ألعضاء لجنة المناقشة المحترمين والذين قبلوا عناء‬
‫تقييم ومناقشة هذا العمل وشرفوني بذلك‪ ،‬كل من‪:‬‬

‫‪-‬األستاذ الدكتور‪ :‬حفيظ عاشور‬

‫‪-‬األستاذ الدكتور‪ :‬مالوي ابراهيم‬

‫‪-‬األستاذة الدكتورة‪ :‬لشهب صاش جازية‬

‫‪-‬الدكتور‪ :‬سعدي عبد الحليم‬

‫سعيود محمد الطاهر‬


‫قائمـة المختصـرات‬
‫ الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائري‬: ‫ج‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ج‬

‫ الجريدة الرسمية للجمهورية المصرية‬: ‫م‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ج‬

‫ دون تاريخ النشر‬: ‫ن‬.‫ت‬.‫د‬

‫ دون دار النشر‬: ‫ن‬.‫د‬.‫د‬

‫ الصفحة رقم‬: ‫ص‬

... ‫ إلى الصفحة رقم‬... ‫ من الصفحة رقم‬: ‫ص ص‬

‫ الجزء‬:‫ج‬

PRINCIPALES ABREVIATIONS

CTRF : Cellule de traitement du Renseignement Financier

CNES : Conseil National Economique et Social

GAFI : Groupe d’Action Financier International

JORF : Journal Officiel de la République Française

C E : Conseil Européen

OP. CIT : Ouvrage Précité

IBID : Même Référence

P : Page

PP : De la page n°… à la page n°…

N° : Numéro
‫مقدمة‬

‫مقدمـة‪:‬‬

‫أدى انتشار الفساد وأخذه أشكال متعددة وأساليب متنوعة بالدول إلى العمل عمى‬
‫حماية مصالحيا الحيوية من خالل المحافظة عمى استقرار نظاميا االقتصادي والسياسي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬خاصة مع التطور التكنولوجي في مجال االتصاالت والمعمومات الذي زاد من‬
‫سيولة انتقال رؤوس األموال عبر العالم‪ ،‬بما في ذلك أموال المنظمات اإلجرامية‪ .‬كما ساىم‬
‫في تنامي حركة الجريمة المنظمة‪ ،‬ومنيا جريمة تبييض األموال التي أضحت تشكل التحدي‬
‫الحقيقي لمدى قدرة القواعد القانونية عمى مواجية األنشطة اإلجرامية التي ترتبط بأنشطة غير‬
‫مشروعة وعمميات مشبوىة تتحقق من ورائيا عوائد طائمة تؤثر سمبا عمى االقتصاد الوطني‬
‫والدولي‪.‬‬

‫إن جريمة تبييض األموال ليست كغيرىا من الجرائم‪ ،‬فيي ال تستمد أساسيا التجريمي‬
‫من العمميات التي ترتكب بيا‪ ،‬وذلك باعتبار أن تمك العمميات التي بيا يتم تبييض األموال‬
‫ىي في الغالب أنشطة مشروعة‪ ،‬فإدخال األموال في سمسمة من العمميات البنكية‪ ،‬أو إنشاء‬
‫شركات أو التعامل في سوق األوراق المالية كميا عمميات مشروعة‪ ،‬ويترتب عن ذلك أن‬
‫تجريم عمميات تبييض األموال يستمد في الواقع من عناصر خارجية عن طبيعة ىذه‬
‫العمميات‪ ،‬حيث أن الجريمة األصمية التي حصمت منيا تمك األموال تعد األساس القانوني‬
‫في تجريم عمميات تبييض األموال‪.‬‬

‫فجوىر جريمة تبييض األموال ىو إخفاء المصدر غير المشروع لألموال المحصمة‬
‫من ارتكاب الجرائم‪ ،‬وفي مقدمتيا االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية وتجارة‬
‫األسمحة والفساد اإلداري الذي تفشى خاصة في الدول النامية‪ ،‬سواء ما تعمق منو بالرشوة‬
‫واالختالس أو تسييل االستالء عمى األموال العامة من قبل بعض المسؤولين‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل القيام بمجموعة من العمميات المتداخمة التي تتم داخل الدولة أو خارجيا إلخفاء حقيقة‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫األموال أو طمس مصدرىا واظيارىا في صورة أموال محصمة من مصادر مشروعة‪ ،‬مع‬
‫العمم بأن تمك األموال مترتبة من إحدى الجرائم التي يعاقب عمييا القانون‪.‬‬

‫لقد صنفت جريمة تبييض األموال ضمن الجرائم المنظمة والخطيرة بالنظر‬
‫النعكاساتيا السمبية عمى مختمف الجوانب االقتصادية والمالية واالجتماعية والسياسة وحتى‬
‫األمنية‪ ،‬مما استدعى تكاثف الجيود الدولية في سبيل إيجاد إطار قانوني ومؤسساتي لتجريم‬
‫عمميات تبييض األموال ومكافحتيا‪ ،‬وذلك من خالل إبرام العديد من االتفاقيات الدولية‬
‫واإلقميمية وتشكيل تكتالت مالية لمراقبة حركة رؤوس األموال عبر العالم‪.‬‬

‫ومن أبرز ىذه االتفاقيات نذكر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع‬
‫بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة‬
‫عبر الوطنية لسنة ‪ ،2000‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ ،2003‬االتفاقية‬
‫العربية لمكافحة غسل األموال وتمول اإلرىاب التي تمت الموافقة عمييا من طرف وزراء‬
‫الداخمية والعدل العرب في اجتماعيم المنعقد بالقاىرة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر سنة ‪.2010‬‬

‫وحرصا من الجزائر عمى االنخراط في الجيود الدولية الرامية إلى تجريم ومكافحة‬
‫عمميات تبييض األموال‪ ،‬خاصة وأنيا ليست بمنأى عن مخاطرىا بالنظر إلى ىشاشة بنيتيا‬
‫االقتصادية‪ ،‬وانتشار األسواق الموازية والتعامل بالسيولة النقدية دون المرور عمى القنوات‬
‫المصرفية الرسمية‪ ،‬فقد عمدت إلى التوقيع عمى تمك االتفاقيات بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫‪ 41/95‬المؤرخ في ‪ 28‬يناير ‪ 1995‬المتضمن المصادقة عمى اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬والمرسوم الرئاسي‬
‫‪ 55/02‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفري ‪ 2002‬المتضمن المصادقة بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬والمرسوم الرئاسي ‪ 128/04‬المؤرخ في ‪ 19‬أبريل‬
‫‪ 2004‬المتضمن المصادقة بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬والمرسوم‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫الرئاسي ‪ 250/14‬المؤرخ في ‪ 08‬سبتمبر ‪ 2014‬المتضمن مصادقة الجزائر عمى االتفاقية‬


‫العربية لمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرىاب‪.‬‬

‫كما عمد المشرع الجزائري إلى تكييف المنظومة القانونية الوطنية مع التزامات الجزائر‬
‫الدولية واالقميمية ذات الصمة بتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬حيث صدر القانون‬
‫‪ 14/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المعدل والمتمم لألمر ‪ 156/66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو‬
‫‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬وذلك بإدراج القسم السادس مكرر بعنوان "تبييض‬
‫األموال" ضمن الفصل الثالث المتعمق بالجنايات والجنح ضد األموال بموجب المواد من‬
‫‪ 389‬مكرر إلى ‪ 389‬مكرر‪ 9‬لتنظيم األحكام المتعمقة بتجريم عمميات تبييض األموال‬
‫ومعاقبة مرتكبييا‪.‬‬

‫لم يكتف المشرع الجزائري بالتجريم فقط لمواجية عمميات تبييض األموال‪ ،‬وانما لجأ‬
‫إلى إصدار القانون ‪ 01/05‬المؤرخ في ‪ 6‬فبراير ‪ 2005‬المعدل والمتمم باألمر ‪02/12‬‬
‫المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪ 2012‬وبالقانون ‪ 06/15‬المؤرخ في ‪ 15‬فبراير ‪ ،2015‬والذي‬
‫تضمن العديد من التدابير واإلجراءات الوقائية والردعية‪ .‬باإلضافة إلى أحكام المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 127/02‬المؤرخ في ‪ 7‬فبراير ‪ 2002‬المتضمن إنشاء خمية معالجة االستعالم‬
‫المالي وتنظيميا وعمميا‪ ،‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي ‪ 275/08‬المؤرخ في ‪06‬‬
‫سبتمبر ‪ 2008‬وبالمرسوم التنفيذي ‪ 157/13‬المؤرخ في ‪ 15‬أبريل ‪ ،2013‬والتي من أبرز‬
‫الميام الموكمة إلييا مكافحة تبييض األموال‪ ،‬حيث خوليا المشرع صالحية تمقي ومعالجة‬
‫اإلخطارات التي ترد إلييا من طرف الخاضعين لواجب اإلخطار بالشبية عن كل العمميات‬
‫التي يشتبو في ارتباطيا بأنشطة لتبييض األموال‪.‬‬

‫كما تعززت المنظومة القانونية الجزائرية بصدور العديد من النصوص التشريعية‬


‫والتنظيمية ذات الصمة بتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬ومنيا األمر ‪11/03‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ 2003‬المتضمن قانون النقد والقرض‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬والذي كرس‬
‫من خاللو المشرع الجزائري البعد الوقائي بإشراك البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية‬
‫لمؤسسة بريد الجزائر في الجيود الرامية إلى ا لوقاية من جريمة تبييض األموال ومكافحتيا‪،‬‬
‫باعتبارىا األكثر استيدافا من قبل العصابات اإلجرامية لمقيام بعمميات تبييض األموال من‬
‫أجل إضفاء الطابع الشرعي عمى أمواليم ذات المصدر اإلجرامي‪ ،‬وذلك بالنظر لتنوع وسرعة‬
‫وتطور الخدمات التي تقدميا‪ ،‬ال سيما مع توسعيا في االستفادة من المزايا التي يوفرىا‬
‫التطور التكنولوجي‪ .‬باإلضافة إلى أحكام المرسوم التنفيذي ‪ 05/06‬المؤرخ في ‪ 09‬يناير‬
‫‪ 2006‬المتضمن تحديد شكل اإلخطار بالشبية ونموذجو ووصل استالمو‪ ،‬ونظام مجمس‬
‫النقد والقرض رقم ‪ 03/12‬المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ 2012‬المتعمق بالوقاية من تبييض‬
‫األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪.‬‬

‫ولقد جاء اىتمامنا بدراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في‬
‫التشريع الجزائري نتيجة مجموعة من االعتبارات الذاتية والموضوعية‪ ،‬فالذاتية تتعمق بالرغبة‬
‫في تسميط الضوء عمى مختمف اآلليات التي كرسيا المشرع الجزائري لمكافحة جريمة تبييض‬
‫األموال الوقائية منيا والردعية‪ ،‬باعتبارىا جريمة العصر التي شاع تداوليا في األوساط‬
‫الدولية واإلقميمية والوطنية في إطار الدراسات القانونية واالقتصادية‪ .‬في حين تتمثل‬
‫االعتبارات الموضوعية في حداثة تجريم المشرع الجزائري لعمميات تبييض األموال‪ ،‬وضرورة‬
‫إبراز اآلثار المترتبة عمى ىذه الجريمة التي ما فتئت تتزايد بالرغم من الجيود المبذولة في‬
‫سبيل الحد منيا‪ .‬باإلضافة إلى التناقضات العديدة التي أفرزىا الواقع العممي‪ ،‬فبالرغم من‬
‫الترسانة التشريعية والتنظيمية التي بادر بيا المشرع الجزائري خاصة بعد صدور تقرير التقييم‬
‫المشترك لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا لسنة ‪ ،2010‬فإن‬
‫التداول الحاد لمسيولة النقدية خارج الجياز المصرفي الرسمي الزال يراوح مكانو‪ ،‬وىو ما‬
‫يساعد مبيضو األموال في تنفيذ عممياتيم المشبوىة قصد تمويو واخفاء مصدرىا اإلجرامي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫وتبرز أىمية دراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع‬
‫الجزائري كونيا جاءت منسجمة مع اتجاىات الفكر الجنائي المعاصر الذي يولي أىمية بالغة‬
‫لمموضوعات المتعمقة بعائدات الجريمة بوجو عام‪ ،‬وجريمة تبييض األموال بوجو خاص وذلك‬
‫بالنظر إلى اآلثار المترتبة عمييا‪ ،‬وباعتبار أنشطتيا تتجاوز حدود الدولة الواحدة فيي تفوق‬
‫قدرة الدول فرادى عمى مكافحتيا‪ ،‬كما تستمد ىذه الدراسة أىميتيا من كون جريمة تبييض‬
‫األموال بمثابة نشاط تكميمي لجرائم أولية تسبقيا ىي مصدر األموال غير المشروعة وعميو‬
‫فإن جريمة تبييض األموال تغطي جل جرائم قانون العقوبات لعالقتيا التبعية بيم‪.‬‬

‫إضافة إلى أن أنشطة تبييض األموال ال تزال حديثة التجريم‪ ،‬وأن التعديالت عمى‬
‫النصوص التشريعية واألنظمة ال تزال تتوالى حتى تكون متسقة مع التزامات الجزائر الدولية‬
‫في سبيل مواجية جريمة تبييض األموال‪ ،‬وخير دليل عمى ذلك آخر التعديالت التي طرأت‬
‫عمى القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما التي‬
‫تضمنيا األمر ‪ 02/12‬الصادر سنة ‪ 2012‬والقانون ‪ 06/15‬الصادر سنة ‪.2015‬‬

‫لذلك فإن ىذه الدراسة ترمي إلى تحقيق جممة من األىداف عمى رأسيا إبراز اإلطار‬
‫العام لجريمة تبييض األموال من حيث مفيوميا وخصائصيا وعوامل انتشارىا واآلثار‬
‫المترتبة عمييا‪ ،‬وكذلك التعرف عمى كيفية الوقاية منيا ىذا من جية‪ ،‬والقاء الضوء عمى‬
‫الجيود الدولية والوطنية من خالل مختمف االتفاقيات الدولية واإلقميمية في مجال مكافحة‬
‫جريمة تبييض األموال التي صادقت عمييا الجزائر ومدى فعاليتيا من جية أخرى‪.‬‬

‫وعميو‪ ،‬سنحاول من خالل ىذه الدراسة اإلجابة عمى إشكالية جوىرية مفادىا‪ :‬كيف‬
‫عالج المشرع الجزائري آليات مكافحة جريمة تبييض األموال التي أقرىا في القوانين‬
‫المتعمقة بيا‪ ،‬وما مدى فعاليتيا لمواجية التطور التي عرفتو ىذه الجريمة؟‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬

‫إن اإلجابة عمى ىذا التساؤل تكتسي أىمية بالغة‪ ،‬بالنظر إلى الجوانب التي يثيرىا‬
‫وما يشتمل عميو من مسائل قانونية معقدة‪ ،‬لذلك اعتمدنا في دراستنا عمى المنيج التحميمي‬
‫من خالل تحميل النصوص المتعمقة بيذه الجريمة تحميال قانونيا الستخالص األحكام المتعمقة‬
‫بيا‪ ،‬باإلضافة إلى االستعانة بمناىج البحث األخرى الضرورية لخدمة أىداف ىذه الدراسة‬
‫كالمنيج الوصفي والمنيج المقارن‪.‬‬

‫كما اعتمدنا في دراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع‬
‫الجزائري عمى التقسيم الثنائي لمخطة المتبعة وفقا لما يمي‪:‬‬

‫خصصنا الباب األول لتناول المدلول العام لجريمة تبييض األموال‪ ،‬حيث تم تقسيمو‬
‫إلى فصمين‪ :‬تعرضنا في الفصل األول لماىية جريمة تبييض األموال‪ .‬وفي الفصل الثاني‬
‫تناولنا اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫أما الباب الثاني من الدراسة فتطرقنا فيو لمكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬وقسمناه‬
‫كذلك إلى فصمين‪ :‬تناولنا في الفصل األول منو آليات مكافحة جريمة تبييض األموال‪ .‬وفي‬
‫الفصل الثاني عالجنا أىم المعوقات التي تعترض جيود مكافحة جريمة تبييض األموال‬
‫خاصة تمك المرتبطة بنشاط البنوك والمؤسسات المالية‪ ،‬وكذلك االشكاالت التي تعترض‬
‫التعاون القضائي بين الدول في سبيل كشف ومالحقة مرتكبي جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫وخصصنا الخاتمة لعرض أىم النتائج التي تم التوصل إلييا من خالل تناولنا‬
‫لموضوع جريمة تبييض األموال وأليات مكافحتيا في التشريع الجزائري‪ ،‬باإلضافة إلى بعض‬
‫التوصيات المقترحة التي نراىا مناسبة لتدعيم جيود مكافحة جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مفهىم جريمة تبييض األمىال وإطارها القانىني‬ ‫الباب األول‬

‫الباب األول‬

‫المدلول العام لجريمة تبييض األموال‬

‫يعتبر تبييض األموال من الجرائم الحديثة نسبيا‪ ،‬إال أنو كظاىرة إجرامية ارتبطت‬
‫بأنشطة غير مشروعة عرفت مند القديم حيث بقيت محل اىتمام دولي واقميمي ووطني‪ ،‬وىذا‬
‫في إطار بحث الخطط وبناء االستراتيجيات من دون الوصول إلى إطار واضح يجرم ىذه‬
‫الظاىرة ويوحد جيود مكافحتيا‪ ،‬وذلك إلى غاية سنة ‪ 8811‬تاريخ صدور اتفاقية األمم‬
‫المتح دة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي فتحت األنظار‬
‫عمى مخاطر عمميات تبييض األموال‪.‬‬

‫وحتى تتسنى لنا دراسة جريمة تبييض األموال دراسة قانونية‪ ،‬ال بد أن نستيل دراستنا‬
‫في ىذا المجال بالتطرق لمفيوم جريمة تبييض األموال واطارىا القانوني‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫تعريفيا وابراز أىم خصائصيا وعوامل استفحاليا‪ ،‬ىذا من جية‪ ،‬والتعرض ألحكاميا القانونية‬
‫من جية ثانية‪.‬‬

‫وعمى ىذا األساس ارتأينا تقسيم الباب األول إلى فصمين؛ نتناول في الفصل األول‬
‫ماىية جريمة تبييض األموال‪ ،‬ونخصص الفصل الثاني لتناول اإلطار القانوني لجريمة‬
‫تبييض األموال‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫الفصػؿ األوؿ‬

‫ماهيػة جريمػة تبييػض األمػواؿ‬


‫تشير معظـ المصادر إلى أف أصؿ تسمية تبييض األمكاؿ يرجع إلى عصابات‬
‫المافيا في ثالثينيات القرف العشريف بالكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬بعد أف تـ القبض عمى زعيـ‬
‫ىذه العصابات كيدعى آؿ كابكؿ سنة ‪ ،1931‬الذم كاف يمثؿ حمقة الكصؿ بيف المافيا‬
‫األمريكية كالمافيا اإليطالية خالؿ الحرب العالمية الثانية بالتيمة الكحيدة التي أمكف إثباتيا‬
‫عميو كىي التيرب مف الضرائب‪ ،‬مع أنو كاف يقكـ بإضفاء المشركعية عمى أمكالو المحصمة‬
‫مف تجارة المخدرات مف خالؿ تسييؿ إخراج النقكد مف الكاليات المتحدة األمريكية كايداعيا‬
‫في البنكؾ السكيسرية‪ ،‬كبفضؿ تمؾ األمكاؿ المعاد تكظيفيا استطاع إقامة مدينة أللعاب‬
‫القمار في منطقة " ‪ "Las Vegas‬األمريكية‪.1‬‬

‫كيرجع البعض اآلخر مصطمح تبييض األمكاؿ إلى سبعينيات القرف الماضي‪ ،‬عندما‬
‫تبيف لرجاؿ مكافحة المخدرات في الكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬أف تجار المخدرات يبيعكف‬
‫المخدرات بالتجزئة لممدمنيف عمييا‪ ،‬فيقكمكف في نياية كؿ يكـ بغسؿ النقكد الممكثة بآثار‬
‫المخدرات التي تككف عالقة في أيدم تجارىا في المغاسؿ التي أنشأت ليذا الغرض قبؿ‬
‫إيداعيا في حساباتيـ المصرفية الخاصة‪.2‬‬

‫لكف الظيكر القانكني لمصطمح تبييض األمكاؿ كاف سنة ‪ 1982‬حيث رفعت في‬
‫الكاليات المتحدة األمريكية أكؿ قضية لتبييض األمكاؿ‪ ،‬كالتي حكـ فييا بمصادرة األمكاؿ‬
‫المحصمة مف تجارة الكككاييف الككلكمبي‪ ،‬كمند ذلؾ الكقت جرل شيكع المصطمح لمداللة‬

‫خالد سميماف‪ ،‬تبييض األمكاؿ جريمة بال حدكد‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬لبناف‪ ،4002 ،‬ص‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫منى األشقر جبكر‪ ،‬محمكد الجبكر‪ ،‬تبييض األمكاؿ كاإلرىاب‪ ،‬ايدراؿ لمنشر‪ ،‬بيركت‪ ،4002 ،‬ص‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫عمى أنشطة إضفاء المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف مصادر يير مشركعة عف طريؽ‬
‫إدخاليا في عمميات متعددة المراحؿ كاألشكاؿ‪.1‬‬

‫كيتعيف لبحث ماىية جريمة تبييض األمكاؿ أف نتعرض في بادئ األمر لمفيكميا‬
‫لمعرفة حقيقتيا (المبحث األكؿ)‪ ،‬ثـ نبيف اآلليات التي يتـ مف خالليا ارتكاب جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ بيدؼ إ خفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كالعمؿ عمى إظيارىا في صكرة أمكاؿ‬
‫نظيفة ككأنيا متأتية مف أنشطة مشركعة‪ ،‬كمعرفة المخاطر التي تترتب عمييا (المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األوؿ‬

‫مفهوـ جريمة تبييض األمواؿ‬

‫تبييض األمكاؿ مصطمح جرل تداكلو عمى نطاؽ كاسع في كافة المحافؿ الدكلية‬
‫كاإلقميمية كالمحمية الميتمة بالجرائـ المالية كاألمف االجتماعي كاالقتصادم‪ ،‬عمى أساس أف‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ ترتبط إلى حد كبير بأنشطة يير مشركعة عادة ما تككف بعيدة عف‬
‫يد القانكف المناىضة لمفساد المالي‪.2‬‬

‫إف اعتبار مصطمح تبييض األمكاؿ مف المصطمحات الحديثة نسبيا‪ ،‬أدل إلى‬
‫اختالؼ اآلراء بشأف تحديد المقصكد بو‪ ،‬كلـ يقتصر ىذا الخالؼ بيف الفقياء فقط‪ ،‬بؿ امتد‬
‫ليشمؿ التشريعات سكاء الكطنية أك الدكلية كىك ما انعكس عمى الصياية النيائية ليذه‬
‫النصكص‪.‬‬

‫كمف أجؿ اإلحاطة بمفيكـ جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬سكؼ نتعرض لمختمؼ تعريفاتيا‬
‫(المطمب األكؿ)‪ ،‬ثـ نتطرؽ إلى خصائصيا كعكامؿ استفحاليا (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫محمد عمي العرياف‪ ،‬عمميات يسؿ األمكاؿ كآليات مكافحتيا‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،4002 ،‬ص‪.70‬‬ ‫‪1‬‬

‫حمدم عبد العظيـ‪ ،‬يسيؿ األمكاؿ في مصر كالعالـ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،7221،‬ص‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪9‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المطمب األوؿ‬

‫تعريؼ جريمة تبييض األمواؿ‬

‫لقد حظي مكضكع جريمة تبييض األمكاؿ باىتماـ كبير سكاء مف جانب الدكؿ‬
‫كالحككمات أك مف جانب الفقياء‪ ،‬إال أف ذلؾ لـ يمنع مف تعدد كجيات النظر بخصكص‬
‫تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كيرجع األمر في ذلؾ إلى اختالؼ المنظكر الذم يرل منو‬
‫كؿ جانب ىذه الجريمة‪.1‬‬

‫كنتناكؿ تعريفات جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ التطرؽ لمتعريفات الفقيية (الفرع‬
‫األكؿ)‪ ،‬ثـ نتطرؽ لمتعريفات التشريعية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األوؿ‬

‫التعريفات الفقهية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫اختمؼ الفقو القانكني كاالقتصادم بخصكص إيجاد تعريؼ جامع لجريمة تبييض‬
‫األمكاؿ نظ ار لحداثتيا كسرعة تطكرىا التي سايرت التطكرات التكنكلكجية‪ ،‬كتعدد األساليب‬
‫المستعممة في ارتكابيا‪.‬‬

‫كلما كاف األمر كذلؾ‪ ،‬ارتأينا ذكر بعض التعريفات التي نعتبرىا أكثر تعبي ار عف‬
‫مفيكـ جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫عرؼ أحد الفقياء جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪" :‬كؿ فعؿ أك امتناع ينطكم عمى‬
‫تعامالت مالية‪ ،‬تفضي إلى إضفاء المشركعية عمى أمكاؿ أك عكائد ذات مصدر جنائي سكاء‬
‫بشكؿ مباشر أك يير مباشر‪ ،‬بحيث تصبح كالحاؿ كذلؾ أمكاال ذات أصؿ شرعي‬
‫كقانكني"‪.2‬‬

‫عمي لعشب‪ ،‬اإلطار القانكني لمكافحة يسؿ األمكاؿ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،4002 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.75‬‬
‫محمد عمي العرياف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كنرل بأف ىذا التعريؼ كاف كاف تكسع في ما يتعمؽ باألمكاؿ محؿ جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ التي تشمؿ جميع العكائد المترتبة عف أية جريمة كانت‪ ،‬إال أنو قصر السمكؾ‬
‫اإلجرامي عمى إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لألمكاؿ مف خالؿ القياـ بمجمكعة مف‬
‫ا لعمميات المالية فقط‪ ،‬في حيف أف السمكؾ اإلجرامي لجريمة تبييض األمكاؿ مف الممكف أف‬
‫يشمؿ عدة صكر‪.‬‬

‫كعرؼ دليؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب لصندكؽ النقد الدكلي كالبنؾ‬
‫العالمي جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪" :‬نقؿ أك تحكيؿ الممكية بتمادم شخص يعرؼ أنيا‬
‫متأتية مف جريمة تيريب المخدرات‪ ،‬أك المشاركة في ارتكابيا لغرض إخفاء أك تمكيو‬
‫المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات‪ ،‬أك مساعدة شخص ضالع في ارتكاب مثؿ ىذه‬
‫الجرائـ عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية ألفعالو"‪.1‬‬

‫كفي منظكرنا‪ ،‬فإف ىذا التعريؼ بالريـ مف تكسيعو لمجاؿ التجريـ الذم يشمؿ‬
‫الشخص الذم قاـ بنقؿ أك تحكيؿ الممكية ككؿ مف يشاركو أك يساعده في ذلؾ‪ ،‬إال أنو قصر‬
‫مصدر األمكاؿ يير المشركع محؿ جريمة تبييض األمكاؿ في العكائد المتأتية مف جريمة‬
‫تيريب المخدرات دكف ييرىا مف الجرائـ األخرل التي تشكؿ عكائدىا مصد ار الرتكاب جريمة‬
‫تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كما عرفت جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪" :‬كؿ فعؿ يير مشركع يمنعو القانكف أك‬
‫امتناع عف فعؿ يأمر بو القانكف‪ ،‬تقترفو منظمة أك شخص أك مجمكعة أشخاص مباشرة أك‬
‫مف خالؿ كسيط بغية اكتساب أمكاؿ‪ ،‬مع العمـ بأنيا متأتية مف جريمة أك عائدات لتمؾ‬
‫الجريمة كالعمؿ عمى إخفاء مصدرىا األصمي أك الحيمكلة دكف اكتشافيا‪ ،‬بإدماجيا في الدكرة‬
‫االقتصادية العادية"‪.2‬‬

‫كنرل بأف ىذا التعريؼ أشمؿ مف التعريفات السابقة ألنو كسع مف نطاؽ الجريمة‬
‫األكلية مصدر العكائد المالية التي تككف محال لعمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬كما لـ يقصر‬

‫‪1‬‬
‫‪Guide de références sur la lutte contre le blanchiment de capitaux et contre le financement‬‬
‫‪de terrorisme, la banque mondiale et le fond monétaire international, 2eme édition, 2006, p18.‬‬
‫متاح عمى مكقع البنؾ الدكلي ‪www.banquemondiale.org‬‬
‫عمي لعشب‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫جريمة تبييض األمكاؿ عمى مجرد إخفاء األمكاؿ المتحصؿ عمييا مف إحدل الجرائـ‪ ،‬بؿ‬
‫كسع مف مفيكميا ليشمؿ إضفاء صفة المشركعية عمى ىذه األمكاؿ مف خالؿ إدخاليا في‬
‫الدكرة االقتصادية لتبدك ككأنيا أمكاؿ ذات مصدر مشركع‪.‬‬

‫مف خالؿ التعريفات الفقيية السابقة الذكر‪ ،‬يتضح أف ىناؾ منظكريف في تعريؼ‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ مف حيث مصدر األمكاؿ يير المشركعة المشمكلة بعممية التبييض‪،‬‬
‫فمف الفقياء مف يحصرىا في عكائد جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية (المنظكر الضيؽ) ‪ ،‬بينما يكسعيا جانب آخر لتشمؿ عكائد كؿ األنشطة اإلجرامية‬
‫(المنظكر الكاسع)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المنظور الضيؽ لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫يرل أنصار المنظكر الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬أف األمكاؿ يير المشركعة‬
‫محؿ ىذه الجريمة تقتصر عمى عكائد جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية دكف ييرىا مف الجرائـ األخرل‪ ،‬كىك المفيكـ الذم أخذت بو اتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬كاتفاقية األمـ‬
‫المتحدة لقمع تمكيؿ اإلرىاب التي جرمت العكائد التي تنشأ أك تحصؿ بصكرة مباشرة أك يير‬
‫مباشرة مف ارتكاب جريمة مف جرائـ تمكيؿ اإلرىاب بمفيكـ االتفاقية‪.1‬‬

‫نصت المادة الثانية مف اتفاقية األمـ المتحدة لقمع تمكيؿ اإلرىاب (صادقت الجزائر عمييا بالمرسكـ الرئاسي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 225/4000‬المؤرخ في ‪ 42‬ديسمبر ‪ ،4000‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،7‬صادر في ‪ 2‬يناير ‪ )4007‬عمى أنو‪ -7" :‬يرتكب جريمة‬
‫بمفيكـ ىذه االتفاقية كؿ شخص يقكـ بأية كسيمة كانت‪ ،‬مباشرة أك يير مباشرة‪ ،‬كبشكؿ يير مشركع كبإرادتو‪ ،‬بتقديـ أك‬
‫جمع أمكاؿ بنية استخداميا‪ ،‬أك ىك يعمـ أنيا ستستخدـ كميا أك جزئيا‪ ،‬لمقياـ‪:‬‬
‫(أ) بعمؿ يشكؿ جريمة في نطاؽ إحدل المعاىدات الكاردة في المرفؽ كبالتعريؼ المحدد في ىذه المعاىدات؛‬
‫(ب) بأم عمؿ آخر ييدؼ إلى التسبب في مكت شخص مدني أك أم شخص آخر‪ ،‬أك إصابتو بجركح بدنية جسيمة‪،‬‬
‫عندما يككف ىذا الشخص يير مشترؾ في أعماؿ عدائية في حالة نشكب نزاع مسمح‪ ،‬عندما يككف يرض ىذا العمؿ‪،‬‬
‫بحكـ طبيعتو أك في سياقو‪ ،‬مكجيا لتركيع السكاف‪ ،‬أك إلرياـ حككمة أك منظمة دكلية عمى القياـ بأم عمؿ أك االمتناع عف‬
‫القياـ بو‪.‬‬
‫‪( -4‎‬أ) لدل إيداع صؾ التصديؽ أك القبكؿ أك المكافقة أك االنضماـ‪ ،‬يجكز لدكلة طرؼ ليست طرفا في معاىدة مف‬
‫المعاىدات المدرجة في المرفؽ‪ ،‬أف تعمف‪ ،‬عند تطبيؽ ىذه االتفاقية عمى الدكلة الطرؼ‪ ،‬أف تمؾ المعاىدة تعتبر يير مدرجة‬
‫في المرفؽ المشار إليو في الفقرة الفرعية (أ) مف الفقرة‪ .7‎‬كسيتكقؼ سرياف اإلعالف حالما تدخؿ المعاىدة حيز التنفيذ‬
‫بالنسبة لمدكلة الطرؼ‪ ،‬التي ستقكـ بإعالـ الجية المكدعة بيذا االمر؛‬

‫‪12‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كما أخذت بيذا المنظكر بعض التشريعات الكطنية‪ ،‬كما ىك الحاؿ بالنسبة التشريع‬
‫الفرنسي قبؿ تعديؿ قانكف العقكبات سنة ‪ ،1996‬ككذلؾ التشريع المصرم الذم حدد الجرائـ‬
‫التي تككف عائداتيا محال لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كذلؾ بمكجب أحكاـ المادة الثانية مف‬
‫القانكف ‪ 80‬لسنة ‪ 2002‬المتعمؽ بمكافحة يسيؿ األمكاؿ‪.‬‬

‫كما تبنى التشريع المبناني المفيكـ الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫الثانية مف القانكف رقـ ‪ 673‬الصادر سنة ‪ 1998‬المتعمؽ بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‬
‫كالسالئؼ عمى أنو يقصد بعبارة تبييض األمكاؿ أم إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع‬
‫لألمكاؿ المنقكلة أك يير المنقكلة أك المكارد الناتجة عف جرائـ المخدرات كالمؤثرات العقمية‬
‫ككذلؾ القانكف رقـ ‪ 318‬الصدر سنة ‪ 2001‬المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ‪ ،‬الذم حددت‬
‫المادة األكلى منو الجرائـ التي تككف األمكاؿ الناتجة عف ارتكابيا محال لجريمة تبييض‬
‫األمكاؿ‪.1‬‬

‫(ب) إذا لـ تعد الدكلة الطرؼ طرفا في معاىدة مدرجة في المرفؽ‪ ،‬يجكز ليذه الدكلة أف تصدر إعالنان‪ ،‬كما ىك منصكص‬
‫عميو في ىذه المادة‪ ،‬بشأف تمؾ المعاىدة‪.‬‬
‫‪ -2‬لكي يشكؿ عمؿ ما جريمة مف الجرائـ المحددة في الفقرة‪ ،7‎‬ليس مف الضركرم أف تستعمؿ االمكاؿ فعميا لتنفيذ جريمة‬
‫مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة‪ ،7‎‬الفقرة الفرعية (أ) أك (ب)‪.‬‬
‫‪ -2‬يرتكب جريمة أيضا كؿ شخص يحاكؿ ارتكاب جريمة مف الجرائـ المحددة في الفقرة ‪ 7‬مف ىذه المادة‪.‬‬
‫‪ -5‎‬يرتكب جريمة كؿ شخص‪:‬‬
‫(أ) يساىـ كشريؾ في جريمة منصكص عمييا في الفقرة‪ 7‎‬أك‪ 2‎‬مف ىذه المادة؛‬
‫(ب) ينظـ ارتكاب جريمة في مفيكـ الفقرة ‪ 7‬أك‪ 2‎‬مف ىذه المادة أك يأمر أشخاصا آخريف بارتكابيا؛‬
‫(ج) يشارؾ في قياـ مجمكعة مف األشخاص يعممكف بقصد مشترؾ بارتكاب جريمة كاحدة أك أكثر مف الجرائـ المشار إلييا‬
‫في الفقرة‪ 7‎‬أك ‪ 2‬مف ىذه المادة‪ .‬كتككف ىذه المشاركة عمدية كتنفذ‪:‬‬
‫‪ -‬إما بيدؼ تكسيع النشاط الجنائي أك الغرض الجنائي لممجمكعة‪ ،‬عندما ينطكم ذلؾ النشاط أك الغرض عمى ارتكاب‬
‫جريمة مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة‪ 7‎‬مف ىذه المادة؛ أك‬
‫‪ -‬بمعرفة نية المجمكعة ارتكاب جريمة مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة ‪ 7‬مف ىذه المادة"‪.‬‬
‫نصت المادة األكلى مف القانكف المبناني ‪ 273‬الصادر بتاريخ ‪ 72‬أبريؿ ‪ 4007‬المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ عمى‬ ‫‪1‬‬

‫أنو‪" :‬يقصد باألمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬بمفيكـ ىذا القانكف‪ ،‬األمكاؿ كافة الناتجة مف ارتكاب إحدل الجرائـ اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬زراعة المخدرات أك تصنيعيا أك االتجار بيا‪.‬‬
‫‪ -‬األفعاؿ التي تقدـ عمييا جمعيات األشرار المنصكص عمييا في المادتيف ‪ 225‬ك‪ 223‬مف قانكف العقكبات كالمعتبرة دكليا‬
‫جرائـ منظمة‪.‬‬
‫‪ -‬جرائـ اإلرىاب المنصكص عمييا في المكاد ‪ 272‬ك‪ 275‬ك‪ 273‬مف قانكف العقكبات‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنظور الواسع لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫بحسب أنصار المنظكر الكاسع لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فإف األخذ بالتعريؼ الضيؽ‬
‫ليذه الجريمة أدل إلى استبعاد العديد مف الجرائـ مف نطاؽ ىذه الظاىرة كالتيريب الجمركي‬
‫كالتيرب الضريبي كجرائـ الصرؼ‪ ،‬بالريـ مف أنيا تدر أمكاال يير مشركعة تككف محال‬
‫الرتكاب جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫فجكىر عممية تبييض األمكاؿ كفحكاىا إنما ىك إخفاء كتمكيو المصدر اإلجرامي‬
‫لألمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬كليس المقصكد منو إخفاء األمكاؿ عف أعيف السمطات‪ ،‬كىذا ينطبؽ‬
‫عمى األمكاؿ الناتجة عف جرائـ االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‪ ،‬كما‬
‫ينطبؽ أيضا عمى األمكاؿ المحصمة مف مختمؼ أنكاع الجرائـ األخرل‪.1‬‬

‫كقد أخذت بالمنظكر الكاسع في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ اتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطني ة‪ ، 2‬كالتشريع الفرنسي بمكجب القانكف ‪392/96‬‬
‫المتعمؽ بمكافحة يسؿ األمكاؿ كاالتجار في المخدرات كالتعاكف الدكلي في مجاؿ حجز‬
‫كمصادرة متحصالت الجريم ة‪ ، 3‬ككذا التشريع الجزائرم بمكجب أحكاـ القانكف ‪01/05‬‬
‫المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما كالقانكف ‪ 01/06‬المتعمؽ‬
‫بالكقاية مف الفساد كمكافحتو‪.‬‬

‫‪ -‬تمكيؿ أك المساىمة بتمكيؿ اإلرىاب أك األعماؿ اإلرىابية أك المنظمات اإلرىابية بحسب مفيكـ اإلرىاب كما ىك‬
‫منصكص عميو في قانكف العقكبات المبناني‪.‬‬
‫‪ -‬االتجار يير المشركع باألسمحة‪.‬‬
‫‪ -‬جرائـ السرقة أك اختالس األمكاؿ العامة أك الخاصة أك االستيالء عمييا بكسائؿ احتيالية أك بالتزكير أك بإساءة األمانة‬
‫الكاقعة عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمؤسسات المعدة في المادة ‪ 2‬مف ىذا القانكف أك في نطاؽ عمميا‪.‬‬
‫‪ -‬تزكير العممة كبطاقات االئتماف كالدفع كاإليفاء أك اإلسناد العامة أك اإلسناد التجارية بما فييا الشيكات"‪.‬‬
‫عبد اهلل بف جييـ‪ ،‬يسؿ األمكاؿ في المممكة العربية السعكدية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مكتبة االقتصاد كالقانكف‪ ،‬الرياض‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،4070‬ص‪.44‬‬
‫نصت ال فقرة (ق) مف المادة الثانية مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية عمى أنو يقصد‬ ‫‪2‬‬

‫بتعبير عائدات الجرائـ‪" :‬أم ممتمكات تتأتى أك يتحصؿ عمييا‪ ،‬بشكؿ مباشر أك يير مباشر‪ ،‬مف ارتكاب جرـ ما"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪La loi 96/392 du 13 mai 1996, relative à la lutte contre le blanchiment et le trafic des‬‬
‫‪stupéfiants et à la coopération internationale en matière de de saisie et de confiscation des‬‬
‫‪produits du crime, JORF, n° 112 du 14 mai 1996.‬‬

‫‪14‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كفي تقديرنا‪ ،‬يعتبر المنظكر الكاسع في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ أكثر شمكال‪،‬‬
‫ذلؾ أف األنشطة التي يقكـ عمييا اإلجراـ مصدر األمكاؿ مكضكع عمميات التبييض ال‬
‫تقتصر فقط عمى االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‪ ،‬بؿ تشمؿ أيضا‬
‫أنشطة إجرامية أخرل ال تقؿ خطكرة عف جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية كالرشكة كاالتجار بالبشر كالجرائـ الجمركية كجرائـ الصرؼ كييرىا‪.‬‬

‫مف جيتنا‪ ،‬كانطالقا مما سبؽ ذكره مف تعريفات كاالنتقادات المكجية ليا‪ ،‬يمكننا‬
‫تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪" :‬كؿ فعؿ يتـ ارتكابو بصفة مباشرة أك عف طريؽ‬
‫كسيط‪ ،‬بقصد نقؿ أك تحكيؿ األمكاؿ التي يتـ الحصكؿ عمييا بطرؽ يير مشركعة إلى شكؿ‬
‫مف أشكاؿ االحتفاظ بالثركة أك التصرؼ فييا أك استثمارىا‪ ،‬مف خالؿ القياـ بمجمكعة مف‬
‫العمميات المتداخمة التي تتـ داخؿ الدكلة أك خارجيا إلخفاء حقيقة األمكاؿ أك طمس‬
‫مصدرىا كاظيارىا في صكرة أمكاؿ محصمة مف مصادر مشركعة‪ ،‬مع العمـ بأف تمؾ األمكاؿ‬
‫مترتبة مف إحدل الجرائـ التي يعاقب عمييا القانكف"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫التعريفات التشريعية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫إف تيديد جريمة تبييض األمكاؿ لممصالح االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية لمدكؿ‬
‫جعؿ مسألة تجريـ كمكاجية ىذه الظاىرة تحظى باألىمية لدل السمطات التشريعية كالقانكنية‬
‫عمى نطاؽ دكلي‪ ،‬كىك ما تجمى في تبني العديد مف الدكؿ لتشريعات مستقمة لتجريـ‬
‫كمكافحة أنشطة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كريـ ذلؾ ال يزاؿ تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ محؿ‬
‫تبايف بيف مختمؼ التشريعات في مختمؼ دكؿ العالـ‪.‬‬

‫كسنتناكؿ التعريفات التشريعية لجريمة تبييض األمكاؿ في االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية‬


‫(أكال)‪ ،‬ثـ في القكانيف الداخمية لبعض الدكؿ كفي مقدمتيا الجزائر (ثانيا)‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريؼ جريمة تبييض األمواؿ في االتفاقيات الدولية واإلقميمية‬

‫تعددت كتنكعت االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية التي ألزمت الدكؿ المصادقة عمييا‬
‫ب إدراج تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ في تشريعاتيا بما يتناسب مع قكانينيا كأنظمتيا‬
‫الداخمية‪ ،‬ككذا بما يتناسب كالظركؼ االقتصادية ليذه الدكؿ‪.‬‬

‫كمف أبرز االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية التي تناكلت جريمة تبييض األمكاؿ كأعطت‬
‫ليا تعريفا خاصا نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ :1‬دفع انتشار‬
‫ظاىرة تبييض األمكاؿ كظيكر الحاجة الممحة لتجريـ كافة صكر النشاط المتعمؽ بالمخدرات‬
‫كالمؤثرات العقمية بالجمعية العامة لألمـ المتحدة إلى أف تطمب مف المجمس االقتصادم‬
‫كاالجتماعي في ديسمبر ‪ ،1984‬كمف خاللو لجنة المخدرات بضركرة اإلعداد لمشركع‬
‫اتفاقية تتناكؿ الجكانب المختمقة ليذه المشكمة‪ ،‬كىك ما تـ مف خالؿ مصادقة أعضاء‬
‫الجمعية العامة لألمـ المتحدة عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع‬
‫بالمخدرات كالمؤثرات العقمية في سنة ‪ ،1988‬بيدؼ القضاء عمى حافز األنشطة اإلجرامية‬
‫مف خالؿ مصادرة األمكاؿ الناتجة عف تجارة المخدرات كالمؤثرات العقمية كالتي تستخدـ في‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كجرمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية األعماؿ أك األنشطة التي مف شأنيا تحكيؿ األمكاؿ أك نقميا مع العمـ بأنيا مستمدة‬
‫مف أية جريمة مف جرائـ المخدرات‪ ،‬أك مف فعؿ مف أفعاؿ االشتراؾ في مثؿ ىذه الجريمة أك‬
‫الجرائـ بيدؼ إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع لألمكاؿ قصد مساعدة أم شخص‬
‫متكرط في ارتكاب ىذه الجريمة عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية ألفعالو‪.‬‬

‫إخفاء أك تمكيو حقيقة األمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك طريقة التصرؼ فييا أك حركتيا أك‬
‫الحقكؽ المتعمقة بيا أك ممكيتيا‪ ،‬مع العمـ بأنيا مستمدة مف جريمة أك جرائـ منصكص عمييا‬

‫صادقت الجزائر عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪7233‬‬ ‫‪1‬‬

‫بمكجب المرسكـ الرئاسي ‪ 27/25‬المؤرخ في ‪ 43‬يناير ‪ ،7225‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،1‬صادر في ‪ 75‬فبراير ‪.7225‬‬

‫‪16‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫في الفقرة الفرعية (أ) مف المادة الثالثة‪ ،‬أك مستمدة مف فعؿ مف أفعاؿ االشتراؾ في ىذه‬
‫الجريمة أك الجرائـ‪.1‬‬

‫كعميو‪ ،‬يمكننا القكؿ أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع‬
‫بالمخد ارت كالمؤثرات العقمية لسنة ‪ 1988‬عرفت جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ تجريـ‬
‫جميع التحكيالت المتعمقة باألمكاؿ ذات المصدر يير المشركع الناتجة عف تجارة المخدرات‬
‫كالمؤثرات العقمية‪ ،‬كيرجع ذلؾ إلى اعتبار ىذه األخيرة األكبر حجما كاألكثر اتساعا‪.‬‬
‫فالمخدرات ليس ليا كطف معيف‪ ،‬فيي تجكؿ في كافة أرجاء العالـ عف طريؽ ما اصطمح‬
‫عميو في الفقو بالميربيف‪.2‬‬

‫كريـ أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية قصرت التجريـ عمى األمكاؿ المتحصؿ عمييا بطريقة مباشرة‪ ،‬أك يير مباشرة مف‬
‫ارتكاب أية جريمة مف جرائـ المخدرات المنصكص عمييا في المادة الثالثة مف االتفاقية دكف‬
‫ييرىا‪ ، 3‬إال أ نيا كسعت العقاب ليشمؿ أم شخص سكاء كاف مساىما في الجريمة التي‬
‫نتجت عنيا األمكاؿ‪ ،‬أك لـ يساىـ فييا‪ ،‬متى كاف عمى عمـ بمصدر األمكاؿ يير المشركع‬
‫كقت ارتكاب فعؿ التبييض‪.‬‬

‫الفقرة (ب) مف المادة ‪ 02‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع‬ ‫‪1‬‬

‫سابؽ‪.‬‬
‫نصر الديف مركؾ‪ ،‬جريمة المخدرات في ضكء القكانيف كاالتفاقيات الدكلية‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،4070‬ص‪.71‬‬
‫نصت الفقرة (أ) مف المادة ‪ 02‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 7233‬عمى أنو‪" :‬يتخذ كؿ طرؼ ما يمزـ مف تدابير لتجريـ األفعاؿ التالية في إطار قانكنو الداخمي في حاؿ ارتكابيا عمدا‪:‬‬
‫أ‪ ) 7 -‬إنتاج أم مخدرات أك مؤثرات عقمية‪ ،‬أك صنعيا‪ ،‬أك استخراجيا‪ ،‬أك تحضيرىا‪ ،‬أك عرضيا‪ ،‬أك عرضيا لمبيع‪ ،‬أك‬
‫تكزيعيا‪ ،‬أك بيعيا‪ ،‬أك تسميميا بأم كجو مف كاف‪ ،‬أك السمسرة فييا‪ ،‬أك إرساليا بطريؽ العبكر‪ ،‬أك نقميا‪ ،‬أك استيرادىا‪ ،‬أك‬
‫تصديرىا خالفا ألحكاـ اتفاقية ‪ 7237‬أك اتفاقية ‪ 7237‬بصيغتيا المعدلة‪ ،‬أك اتفاقية سنة ‪،7237‬‬
‫‪ ) 4‬زراعة خشخاش األفيكف أك شجيرة الكككا أك نبات القنب لغرض إنتاج المخدرات خالفا ألحكاـ اتفاقية سنة ‪ 7237‬أك‬
‫اتفاقية سنة ‪ 7237‬بصيغتيا المعدلة‪،‬‬
‫‪ )2‬حيازة أك شراء أية مخدرات أك مؤثرات عقمية لغرض ممارسة أم نشاط مف األنشطة المذككرة في البند‪ 7‬أعاله‪،‬‬
‫‪ ) 2‬صنع أك نقؿ أك تكزيع معدات أك مكاد مدرجة في الجدكؿ األكؿ كالجدكؿ الثاني مع العمـ أنيا ستستخدـ في أك مف أجؿ‬
‫زراعة أك إنتاج أك صنع المخدرات أك المؤثرات العقمية بشكؿ يير مشركع‪،‬‬
‫‪ )5‬تنظيـ أك إدارة أك تمكيؿ أم مف الجرائـ المنصكص عمييا في البنكد (‪ )7‬أك (‪ )4‬أك (‪ )2‬أك (‪ )2‬أعاله"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات‬
‫كالمؤثرات العقمية‪ ،‬تعد مف أكلى الكثائؽ الدكلية التي تصدت لجريمة تبييض األمكاؿ حيث‬
‫بينت صكر السمكؾ المادم لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كما نصت عمى تجريـ االشتراؾ في‬
‫ارتكاب الجرائـ المنصكص عمييا‪ ،‬أك التكاطؤ في ذلؾ‪ ،‬أك الشركع فييا‪ ،‬أك المساعدة‪ ،‬أك‬
‫التحريض عمييا‪ ،‬أك تسييؿ القياـ بيا‪ ،‬أك إبداء المشكرة بقصد ارتكابيا‪.‬‬

‫‪ -2‬اتفاقية ستراسبورغ لسنة ‪ :1991‬تعرؼ اتفاقية ستراسبكرغ باسـ اتفاقية مجمس أكركبا‬
‫بشأف ضبط كمصادرة العائدات المحصمة مف جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كقد تـ التكقيع عمييا‬
‫بتاريخ ‪ 8‬نكفمبر ‪ 1990‬بيف الدكؿ األعضاء في االتحاد األكركبي‪ ،‬كدخمت حيز التنفيذ‬
‫سنة ‪.1991‬‬

‫عرفت اتفاقية ستراسبكرغ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪" :‬عممية تحكيؿ األمكاؿ‬
‫المتحصؿ عمييا مف أنشطة إجرامية بيدؼ إخفاء أك إنكار المصدر يير الشرعي كالمحظكر‬
‫ليذه األمكاؿ أك مساعدة أم شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤكلية القانكنية عف االحتفاظ‬
‫بمحصالت ىذا الجرـ"‪.1‬‬

‫كيعد تعريؼ المجنة األكركبية في نظرنا أكثر التعريفات شمكال كتحديدا لمعناصر‬
‫المككنة لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬لككنو لـ يقصر تعريفو لجريمة تبييض األمكاؿ عمى‬
‫األنشطة اليادفة إلى إخفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كمحاكلة إضفاء الصفة الشرعية‬
‫عمييا‪ ،‬بؿ يتعداه ليشمؿ تجريـ كاعتبار أم شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤكلية القانكنية‬
‫عف االحتفاظ بالمحصالت يير المشركعة كتجريـ كؿ مف يساعده عمى ذلؾ‪.‬‬

‫كما تكسعت االتفاقية في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ كجعمتيا يير مقصكرة عمى‬
‫محصالت المخدرات لكحدىا‪ ،‬كانما تشمؿ أم محصالت مستمدة مف أم جريمة تدر عكائد‬
‫تستدعي تبييضيا إلخفاء مصدرىا عمى خالؼ اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير‬

‫المادة ‪ 09‬مف اتفاقية المجمس األكركبي بشأف ضبط كمصادرة العائدات المحصمة مف تبييض األمكاؿ لسنة ‪.7220‬‬ ‫‪1‬‬

‫متاحة عمى المكقع‪www.conventions.coe.int :‬‬

‫‪18‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬بالريـ مف أف اتفاقية ستراسبكرغ أخذت‬


‫بكؿ ما جاء في االتفاقية األممية‪.1‬‬

‫‪ -3‬االتفاقية العربية لمكافحة غسؿ األمواؿ وتمويؿ اإلرهاب‪ :2‬تـ تحرير االتفاقية العربية‬
‫لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكؿ اإلرىاب كالمكافقة عمييا مف طرؼ كزراء الداخمية كالعدؿ‬
‫العرب في اجتماعيـ المنعقد بالقاىرة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر سنة ‪ ،2010‬كدخمت حيز التنفيذ‬
‫في ‪ 30‬أكتكبر ‪ 2013‬بعد مصادقة سبع دكؿ عربية بيدؼ تدعيـ التدابير الرامية إلى‬
‫مكافحة جرائـ تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كتعزيز التعاكف العربي في ىذا المجاؿ‪.3‬‬

‫كعرفت االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ بأنيا‪" :‬ارتكاب أم فعؿ أك الشركع فيو يقصد مف كرائو إخفاء أك تمكيو أصؿ حقيقة‬
‫أمكاؿ مكتسبة خالفا لما نصت عميو القكانيف كالنظـ الداخمية لكؿ دكلة طرؼ كجعميا تبدك‬
‫كأنيا مشركعة المصدر"‪.4‬‬

‫كفي إطار تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬ألزمت االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ‬
‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كؿ دكلة طرؼ باتخاذ ما يمزـ مف تدابير تشريعية لتجريـ أم فعؿ‬
‫مف أفعاؿ تبييض األمكاؿ اآلتية‪:5‬‬

‫‪ -‬اكتساب األمكاؿ أك حيازتيا أك استخداميا أك إدارتيا أك حفظيا أك تبديميا أك استثمارىا إذا‬


‫كانت محصمة مف إحدل الجرائـ المنصكص عمييا في تشريع الدكلة الطرؼ كجريمة أصمية‬
‫كذلؾ بقصد إخفاء أك تمكيو طبيعتيا أك مصدرىا مع العمـ بأنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Peter Hagal, La lutte anti-blanchiment d’argent menée par l’union européenne, Centre de‬‬
‫‪recherche sociologique sur le droit et les institutions pénales, Septembre 2003, p04.‬‬
‫‪ 2‬المرسكـ الرئاسي ‪ 450/72‬المؤرخ في ‪ 03‬سبتمبر ‪ ،4072‬المتضمف مصادقة الجزائر عمى االتفاقية العربية لمكافحة‬
‫يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،55‬صادر في ‪ 42‬سبتمبر ‪.4072‬‬
‫تـ تبني االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كالمصادقة عمييا لتدخؿ حيز التنفيذ مف طرؼ األردف‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬المممكة العربية السعكدية‪ ،‬العراؽ‪ ،‬فمسطيف‪ ،‬قطر‪ ،‬الككيت‪.‬‬
‫الفقرة ‪ 3‬مف المادة األكلى مف االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 2‬مف االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪19‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -‬تحكيؿ أك استبداؿ األمكاؿ أك نقميا إذا كانت محصمة مف إحدل الجرائـ المنصكص عمييا‬
‫في تشريع الدكلة الطرؼ كجريمة أصمية كذلؾ بقصد إخفاء أك تمكيو طبيعتيا أك مصدرىا‬
‫مع العمـ بأنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء أك تمكيو الطب يعة الحقيقية لألمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك‬
‫حركتيا أك ممكيتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا مع العمـ بأف ىذه األمكاؿ ىي عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬االشتراؾ في ارتكاب فعؿ مف األفعاؿ السابقة أك المحاكلة أك الشركع في ذلؾ‪.‬‬

‫كمف كجية نظرنا‪ ،‬فإف التعريؼ الذم جاءت بو االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ‬
‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب بالريـ مف اتساعو لمعاقبة أم شخص سكاء ارتكب أفعاؿ تبييض‬
‫األمكاؿ أك يشرع فييا‪ ،‬إال أنو قصر السمكؾ اإلجرامي عمى إخفاء أك تمكيو أصؿ األمكاؿ‬
‫التي يتـ اكتسابيا باستعماؿ أساليب يير مشركعة‪ ،‬في حيف أف الغاية مف ارتكاب جريمة‬
‫تبييض األمكاؿ ىي إضفاء الصفة المشركعة عمى األمكاؿ كاعادة تكظيفيا في أنشطة‬
‫مشركعة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ككاف مشركع القانكف العربي االرشادم لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىا ب‬
‫كالذم جاء استنادا إلى قرار مجمس كزراء العدؿ العرب المؤرخ في ‪ 28‬نكفمبر‪ ،2007‬قد‬
‫عرؼ جريمة تبييض األمكاؿ عمى أنيا‪" :‬كؿ سمكؾ ينطكم عمى تحكيؿ المحصالت أك نقميا‬
‫مع العمـ بأنيا عائدات جرائـ بغرض إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع أك مساعدة أم‬
‫مف الجناة في الجريمة األصمية في اإلفالت مف العقكبة‪.‬‬

‫إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لممحصالت أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية‬


‫التصرؼ فييا أك حركتيا أك ممكيتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا‪ ،‬مع العمـ أف ىذه المحصالت‬
‫عائدات جرائـ أصمية‪.‬‬

‫اكتساب المحصالت أك حيازتيا أك استخداميا مع العمـ كقت تمقييا بأنيا عائدات‬


‫جرائـ أصمية متى كاف الجاني يير مرتكب الجريمة األصمية"‪.‬‬

‫اعتمد بمكجب قرار مجمس كزراء العدؿ العرب رقـ ‪42/7000‬د بتاريخ ‪ 43‬نكفمبر ‪ .4072‬متاح عمى المكقع االلكتركني‬ ‫‪1‬‬

‫المركز العربي لمبحكث القانكنية كالقضائية التابع لجامعة الدكؿ العربية‪www.carjj.org .‬‬

‫‪20‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كفي منظكرنا‪ ،‬فقد تكسع القانكف االرشادم في تحديد مجاؿ نشاط تبييض األمكاؿ‬
‫فنص عمى صكر متعددة لمسمكؾ اإلجرامي حرصا عمى تغطية كافة جكانبو‪ ،‬كذلؾ عمى‬
‫خالؼ ما جاء في أحكاـ االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب السابقة‬
‫الذكر‪.‬‬

‫‪ -4‬إعالف لجنة بازؿ لمرقابة المصرفية‪ :1‬تختص لجنة "بازؿ" باإلشراؼ عمى البنكؾ في‬
‫مختمؼ دكؿ العالـ‪ ،‬كذلؾ مف خالؿ مجمكعة مف المبادئ المتعمقة بضركرة التدقيؽ في‬
‫مصدر األمكاؿ المكدعة استنادا إلى قاعدة "اعرؼ عميمؾ"‪ 2‬التي أثبتت فائدتيا في خفض‬
‫نسبة جريمة تبييض األمكاؿ المرتكبة عف طريؽ البنكؾ كالمؤسسات المالية‪.‬‬

‫كقد عرؼ إعالف المبادئ الخاص لمنع استعماؿ القطاع المصرفي في تبييض‬
‫األمكاؿ المكضكع مف طرؼ لجنة بازؿ في ديسمبر ‪ 1988‬جريمة تبييض األمكاؿ في‬
‫مقدمتو بأنيا‪" :‬جميع العمميات المصرفية التي تيدؼ إلى إخفاء المصدر اإلجرامي‬
‫لألمكاؿ"‪.3‬‬

‫كنالحظ أف ىذا التعريؼ بالريـ مف تكسعو في تعريؼ تبييض األمكاؿ ليشمؿ جميع‬
‫الجرائـ التي تنتج عنيا أمكاؿ يير مشركعة‪ ،‬إال أنو حصر أساليب ارتكاب جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ في العمميات المصرفية‪ ،‬كىك ما ينفيو الكاقع خاصة مع التطكرات التكنكلكجية التي‬
‫استفاد منيا مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ لإلفالت مف الرقابة المصرفية‪.‬‬

‫كما اعتبر أف اليدؼ مف جريمة تبييض األمكاؿ ىك إخفاء المصدر اإلجرامي ليا‬
‫كبذلؾ تككف جريمة تبييض األمكاؿ إحدل صكر جريمة اإلخفاء‪ ،‬في حيف أف اليدؼ مف‬

‫تأسست لجنة "بازؿ" مف الدكؿ الصناعية العشرة (الكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كندا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬ىكلندا‪ ،‬السكيد‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سكيسرا‪ ،‬الياباف‪ ،‬لكسمبكرغ)‪ ،‬كذلؾ في سنة ‪ 7212‬تحت إشراؼ بنؾ التسكيات الدكلية بمدينة بازؿ السكيسرية‪.‬‬
‫قاعدة "اعرؼ عميمؾ" أك"‪ "Know Your Customer‬عبارة عف مجمكعة مف السياسات كاإلجراءات الخاصة بمراقبة‬ ‫‪2‬‬

‫تبييض األمكاؿ كالتي تستخدـ لمكشؼ عف اليكية الحقيقية لمزبكف كنكع النشاط الطبيعي كالمتكقع‪ ،‬ككذلؾ الكشؼ عف أم‬
‫نشاط يير معتاد يقكـ بو أحد الزبائف‪ .‬كيرل العديد مف الخبراء أف البرنامج السميـ لمبدأ اعرؼ عميمؾ يعتبر مف أفضؿ‬
‫األدكات التي االستعانة بيا ضمف برنامج فعاؿ لمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬
‫لمزيد مف التفصيؿ بخصكص قاعدة "اعرؼ عميمؾ"‪ ،‬أنظر الصفحة ‪ 711‬كما بعدىا مف ىذه الدراسة‪.‬‬
‫خالد سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.40‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫جريمة تبييض األمكاؿ يتعدل اإلخفاء إلى إضفاء المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف‬
‫مصادر يير مشركعة‪.‬‬

‫‪ -5‬اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ :1‬تيدؼ اتفاقية األمـ‬
‫المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية إلى تعزيز التعاكف بيف الدكؿ األطراؼ فييا‬
‫لمنع الجريمة المنظمة عبر الكطنية كمكافحتيا بمزيد مف الفعالية‪ ،‬كمنيا جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ التي اعتبرت مف أىـ الجرائـ المرتبطة بأنشطة الجريمة المنظمة إلى جانب جرائـ‬
‫المشاركة في جماعة إجرامية منظمة كالفساد كعرقمة حسف سير العدالة‪.‬‬

‫عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ بأنيا‪" :‬تحكيؿ الممتمكات أك نقميا‪ ،‬مع العمـ بأنيا عائدات جرائـ‪ ،‬بغرض إخفاء أك‬
‫تمكيو المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات أك مساعدة أم شخص ضالع في ارتكاب‬
‫الجرـ األصمي الذم أتت منو عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية لفعمتو‪.‬‬

‫إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لمممتمكات أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ‬


‫فييا أك حركتيا أك ممكيتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا‪ ،‬مع العمـ بأنيا عائدات جرائـ‪.‬‬

‫اكتساب الممتمكات‪ ،‬أك حيازتيا‪ ،‬أك استخداميا مع العمـ كقت تمقييا بأنيا عائدات جرائـ‪.‬‬

‫المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المنصكص عمييا في ىذه المادة‪ ،‬أك التكاطؤ‪ ،‬أك‬
‫التآمر عمى ارتكابيا كمحاكلة ارتكابيا كالمساعدة كالتحريض عمى ذلؾ‪ ،‬كتسييمو كاسداء‬
‫المشكرة بشأنو"‪.2‬‬

‫مف خالؿ ىذا التعريؼ‪ ،‬يتضح لنا أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة‬
‫عبر الكطنية قد كسعت مف الجريمة األكلية مصدر األمكاؿ المراد تبييضيا‪ ،‬بحيث لـ تقتصر‬

‫تسمى كذلؾ باتفاقية "باليرمك" نسبة إلى المدينة اإليطالية التي تـ التكقيع فييا عمى االتفاقية خالؿ المؤتمر الدكلي المنعقد‬ ‫‪1‬‬

‫في الفترة مف ‪ 74‬إلى ‪ 75‬ديسمبر سنة ‪ 4000‬بحضكر عدد كبير مف الدكؿ األعضاء في ىيئة األمـ المتحدة‪ ،‬صادقت‬
‫الجزائر عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية بمكجب المرسكـ الرئاسي ‪ 55/04‬المؤرخ في ‪05‬‬
‫فيفرم ‪ ،4004‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،17‬صادر في ‪ 20‬أكتكبر ‪.4004‬‬
‫الفقرة (أ) مف المادة ‪ 3‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫عمى جرائـ المخدرات كما ىك الشأف بالنسبة التفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير‬
‫المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية السابقة الذكر‪.‬‬

‫كفي إطار تدابير مكافحة تبييض األمكاؿ‪ ،‬ألزمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة‬
‫الجريمة المنظمة عبر الكطنية كؿ دكلة طرؼ عمى إنشاء نظاما داخميا لمرقابة كاإلشراؼ‬
‫عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية يير المصرفية كسائر المؤسسات المعرضة بشكؿ خاص‬
‫لتبييض األمكاؿ‪ ،‬مف أجؿ ردع ككشؼ جميع أشكاؿ تبييض األمكاؿ‪ ،‬كيشدد ذلؾ النظاـ‬
‫عمى متطمبات تحديد ىكية الزبكف كحفظ السجالت كاإلبالغ عف العمميات المشبكىة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريؼ جريمة تبييض األمواؿ في التشريعات الداخمية‬

‫تضمنت التشريعات الداخمية لمدكؿ التي صدرت حديثا تعريفات متعددة لجريمة‬
‫تبييض األمكاؿ مركزة في ذلؾ عمى ما جاءت بو اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير‬
‫المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬كبذلؾ أصبحت جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫جريمة مستقمة بذاتيا معاقب عمييا قانكنا‪.‬‬

‫كمف أبرز التشريعات التي تبنت تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ كحاكلت إعطائيا‬
‫تعريؼ يتماشى كاليدؼ المتكخى مف التجريـ نذكر ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬التشريع الجزائري‪ :‬ترجمت الجزائر مصادقتيا عمى االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية ذات‬
‫الصمة بتجريـ أنشطة تبييض األمكاؿ‪ ،‬مف خالؿ إعادة النظر في تشريعاتيا بغرض مطابقتيا‬
‫مع االلتزامات الدكلية خاصة األمر ‪ 15/04‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الذم عرؼ‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ كما يمي‪" :‬يعتبر تبييضا لألمكاؿ‪:‬‬

‫تحكيؿ ا لممتمكات أك نقميا مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية بغرض إخفاء أك تمكيو‬
‫المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات أك مساعدة أم شخص متكرط في ارتكاب الجريمة‬
‫األصمية التي تأتت منيا ىذه الممتمكات عمى اإلفالت مف اآلثار القانكنية لفعمتو‪.‬‬

‫الفقرة (أ) مف المادة ‪ 1‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لمممتمكات أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك‬
‫حركتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫اكتساب الممتمكات أك حيازتيا أك استخداميا مع عمـ الشخص القائـ بذلؾ كقت تمقييا أنيا‬
‫تشكؿ عائدات إجرامية‪.‬‬

‫المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المقررة كفقا ليذه المادة أك التكاطؤ أك التآمر عمى‬
‫ارتكابيا أك محاكلة ارتكابيا كالمساعدة كالتحريض عمى ذلؾ كتسييمو كاسداء المشكرة‬
‫بشأنو"‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبقت اإلشارة إليو‪ ،‬عمؿ المشرع الجزائرم عمى استحداث نص‬
‫قانكني خاص لتجريـ عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ إصدار القانكف ‪ 01/05‬المؤرخ في‬
‫‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما‪ ،‬المعدؿ‬
‫كالمتمـ باألمر ‪ 02/12‬المؤرخ في ‪ 12‬فبراير ‪ ،2012‬الذم عرؼ جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫بقكلو‪" :‬يعتبر تبييضا لألمكاؿ‪:‬‬

‫تحكيؿ األمكاؿ أك نقميا مع عمـ الفاعؿ ب أنيا عائدات مباشرة أك يير مباشرة مف جريمة‪،‬‬
‫بغرض إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع لتمؾ األمكاؿ أك مساعدة أم شخص متكرط‬
‫في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األمكاؿ‪ ،‬عمى اإلفالت مف اآلثار‬
‫القانكنية ألفعالو‪.‬‬

‫إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لألمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك‬
‫حركتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا‪ ،‬مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫اكتساب األمكاؿ أك حيازتيا أك استخداميا مع عمـ الشخص القائـ بذلؾ كقت تمقييا أنيا‬
‫تشكؿ عائدات إجرامية‪.‬‬

‫المادة ‪ 232‬مكرر مف قانكف العقكبات المعدؿ كالمتمـ باألمر ‪ 75/02‬المؤرخ في ‪ 70‬نكفمبر ‪ ،4002‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،17‬صادر في ‪ 70‬نكفمبر ‪.4002‬‬

‫‪24‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المقررة كفقا ليذه المادة أك التكاطؤ أك التآمر عمى‬
‫ارتكابيا‪ ،‬أك محاكلة ارتكابيا كالمساعدة أك التحريض عمى ذلؾ كتسييمو كاسداء المشكرة‬
‫بشأنو"‪.1‬‬

‫إف المشرع الجزائرم‪ ،‬سكاء في قانكف العقكبات أك القانكف المتعمؽ بالكقاية مف تبييض‬
‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما‪ ،‬لـ يأت بتعريؼ محدد لجريمة تبييض األمكاؿ إنما‬
‫اكتفى بتحديد األفعاؿ التي تشكؿ جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فاعتبر كؿ العائدات اإلجرامية‬
‫الناتجة عف جناية أك جنحة كالتي يككف الغرض منيا إخفاء أك تمكيو ذلؾ المصدر يير‬
‫المشركع جريمة تبييض لألمكاؿ‪ ،‬بشرط تكافر عنصر العمـ بالمصدر يير المشركع لألمكاؿ‪.‬‬

‫كيمكف تبرير عدـ تعريؼ المشرع الجزائرم لجريمة تبييض األمكاؿ بمسايرتو‬
‫لمنصكص الدكلية‪ ،‬السيما اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات‬
‫كالمؤثرات العقمية‪ ،‬ككذلؾ ريبة المشرع في ترؾ ميمة تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ لمفقو‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬فقد تبني المشرع الجزائرم المفيكـ الكاسع لجريمة تبييض‬
‫األمكاؿ مف خالؿ عدـ حصر العائدات في االتجار بالمخدرات‪ ،‬لتشمؿ أم نكع مف‬
‫الممتمكات كاألمكاؿ المادية أك يير المادية‪ ،‬السيما المنقكلة كيير المنقكلة التي يحصؿ‬
‫عمييا بأية كسيمة كانت مباشرة أك يير مباشرة‪ ،‬كسكاء كاف الفعؿ تاما أك مجرد الشركع كما‬
‫جرـ المساعدة كاالشتراؾ في الفعؿ األصمي‪.2‬‬

‫كعميو يمكف القكؿ بأف المشرع الجزائرم قد كفؽ حينما تبنى االتجاه الذم يأخذ‬
‫بالمفيكـ الكاسع لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فاعتبر جميع العكائد المحصمة مف ارتكاب جناية أك‬
‫جنحة صالحة ألف تككف محال لجريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫‪ -2‬التشريع المصري‪ :‬تعتبر مصر مف الدكؿ التي صادقت عمى اتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪ 1988‬بمكجب قرار رئيس‬

‫المادة ‪ 04‬مف القانكف ‪ 07/05‬كالمعدلة بالمادة ‪ 04‬مف األمر ‪ 04/74‬المؤرخ ‪ 74‬فبراير ‪ ،4074‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،3‬‬ ‫‪1‬‬

‫صادر في ‪ 75‬فبراير ‪.4074‬‬


‫المادة ‪ 02‬مف القانكف ‪ ،07/05‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪25‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫الجميكرية رقـ ‪ 568‬لسنة ‪ ،1990‬ككذلؾ االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب بمكجب قرار رئيس الجميكرية رقـ ‪ 294‬لسنة ‪.2003‬‬

‫عرؼ المشرع المصرم جريمة تبييض األمكاؿ بمكجب القانكف رقـ ‪ 80‬لسنة ‪2002‬‬
‫بأنيا‪" :‬كؿ سمكؾ ينطكم عمى اكتساب أمكاؿ‪ ،‬أك حيازتيا أك التصرؼ فييا أك إدارتيا أك‬
‫حفظيا أك استبداليا أك إيداعيا أك ضماني ا أك استثمارىا أك نقميا أك تحكيميا أك التالعب في‬
‫قيمتيا‪ ،‬إذا كانت محصمة مف جريمة مف الجرائـ المنصكص عمييا في المادة الثانية مف ىذا‬
‫القانكف‪ ،‬مع العمـ بذلؾ متى كاف القصد مف ىذا السمكؾ إخفاء الماؿ أك تمكيو طبيعتو أك‬
‫مصدره أك مكانو أك صاحب الحؽ فيو أك تغيير حقيقتو أك الحيمكلة دكف اكتشاؼ ذلؾ أك‬
‫عرقمة التكصؿ إلى شخص مف ارتكب الجريمة المحصؿ منيا الماؿ"‪.1‬‬

‫كنرل بأف المشرع المصرم ضيؽ مف نطاؽ الجرائـ األصمية التي تككف محال لجريمة‬
‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث حصرىا في الجرائـ المنصكص عمييا في المادة الثانية مف قانكف‬
‫مكافحة تبييض األمكاؿ المعدؿ بالقانكف رقـ ‪ 181‬لسنة ‪ ، 22008‬كبذلؾ يككف قد تبنى‬
‫التعريؼ الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫المادة األكلى‪ ،‬الفقرة (ب) مف القانكف المصرم رقـ ‪ 30‬لسنة ‪ 4004‬المتضمف أحكاـ قانكف مكافحة يسؿ األمكاؿ‬ ‫‪1‬‬

‫الصادر بتاريخ ‪ 44‬مايك ‪ ،4004‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ـ‪ ،‬عدد‪ 40‬مكرر‪ ،‬صادر في ‪ 44‬مايك ‪.4004‬‬


‫نصت المادة الثانية مف قانكف مكافحة تبييض األمكاؿ المصرم رقـ ‪ 30‬لسنة ‪ 4004‬المعدلة بالقانكف ‪ 737‬لسنة ‪،4003‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ـ‪ ،‬عدد‪ 45‬مكرر‪ ،‬صادر في ‪ 44‬يكنيك ‪ 4003‬عمى أنو‪" :‬يحظر يسؿ األمكاؿ المحصمة مف جرائـ زراعة كتصنيع‬
‫كنقؿ النباتات كالجكاىر كالمكاد المخدرة كادارة أك تييئة مكاف لتعاطييا بمقابؿ‪ ،‬كجرائـ اختطاؼ كسائؿ النقؿ كاحتجاز‬
‫األشخاص‪ ،‬كجرائـ اإلرىاب كجرائـ تمكيؿ اإلرىاب المنصكص عمييا في قانكف العقكبات أك في أم قانكف آخر‪ ،‬كجرائـ‬
‫استيراد األسمحة كالذخائر كالمفرقعات كاالتجار فييا كصنعيا بغير ترخيص‪ ،‬كالجرائـ المنصكص عمييا في األبكاب األكؿ‬
‫كالثاني كالثالث كالرابع كالخامس عشر كالسادس عشر مف الكتاب الثاني مف قانكف العقكبات‪ ،‬كجرائـ سرقة األمكاؿ‬
‫كايتصابيا‪ ،‬كجرائـ النصب كخيانة األمانة‪ ،‬كجرائـ التدليس كالغش‪ ،‬كجرائـ إخفاء األشياء المسركقة أك المحصمة مف جناية‬
‫أك جنحة ‪ ،‬كجرائـ تمقى األمكاؿ بالمخالفة ألحكاـ القانكف رقـ ‪ 723‬لسنة ‪ ، 7233‬كجرائـ االعتداء عمى حقكؽ الممكية‬
‫الفكرية‪ ،‬كجرائـ الفجكر كالدعارة‪ ،‬كالجرائـ الكاقعة عمى اآلثار‪ ،‬كالجرائـ البيئية المتعمقة بالمكاد كالنفايات الخطرة‪ ،‬كجرائـ القتؿ‬
‫كالجرح‪ ،‬كجرائـ التيرب الجمركي‪ ،‬كجرائـ التعامؿ في النقد األجنبي بالمخالفة لمقكاعد المقررة قانكنا‪ ،‬كجرائـ الكسب يير‬
‫المشركع‪ ،‬كالجرائـ المنصكص عمييا في المادة ‪ 32‬مف قانكف سكؽ رأس الماؿ الصادر بالقانكف رقـ ‪ 25‬لسنة ‪،7224‬‬
‫كالجرائـ المنظمة التي يشار إلييا في االتفاقيات الدكلية كالبركتكككالت الممحقة بيا التي تككف جميكرية مصر العربية طرفا‬
‫فييا كالمعاقب عمييا في القانكف المصرم ‪ ،‬كذلؾ كمو سكاء كقعت جريمة يسؿ األمكاؿ أك الجرائـ المذككرة في الداخؿ أك‬
‫الخارج‪ ،‬متى كانت معاقبا عمييا في كال القانكنيف المصرم كاألجنبي"‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -3‬التشريع الفرنسي‪ :‬يعتبر القانكف ‪ 1157/87‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1987‬المتعمؽ‬


‫بتجريـ تبييض األمكاؿ الناتجة عف تجارة المخدرات أكؿ تشريع يجرـ تبييض األمكاؿ الناتجة‬
‫عف تجارة المخدرات في فرنسا‪.1‬‬

‫ثـ صدر القانكف ‪ 614/90‬المؤرخ في ‪ 12‬يكنيك ‪ 1990‬المتعمؽ بمساىمة‬


‫المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخدرات‪ ،2‬الذم أكجبت‬
‫المادة الثانية منو عمى كؿ شخص بحكـ مينتو أك كظيفتو عندما يقكـ بعممية رقابة أك يقدـ‬
‫استشارة تتعمؽ بحركة رؤكس األمكاؿ أف يخطر ككيؿ الجميكرية بالعمميات التي تككف فييا‬
‫األمكاؿ متأتية مف تجارة المخدرات أك الجرائـ التي ليا عالقة بيا‪ ،‬دكف أف يعرؼ جريمة‬
‫تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كبتاريخ ‪ 13‬مايك ‪ ،1996‬أصدر المشرع الفرنسي القانكف ‪ 392/96‬المتعمؽ بمكافحة‬


‫تبييض األمكاؿ كمصادرة العائدات اإلجرامية الذم عرؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا‪:‬‬
‫" تسييؿ التبرير الكاذب بأم طريقة كانت لمصدر األمكاؿ أك الدخكؿ لمرتكب جناية أك جنحة‬
‫حققت لو ربحا مباشر أك يير مباشر‪.‬‬

‫كما يعتبر مف قبيؿ تبييض األمكاؿ المساىمة في عمميات تكظيؼ أك إخفاء أك تحكيؿ الماؿ‬
‫المتحصؿ عميو بشكؿ مباشر أك يير مباشر مف جناية أك جنحة"‪.3‬‬

‫كبذلؾ يككف المشرع الفرنسي قد تبنى المنظكر الكاسع في تحديد نطاؽ الجرائـ التي‬
‫تككف عكائدىا محال لجريمة تبييض‪ ،‬لتشمؿ كافة العكائد الناتجة عف الجرائـ دكف حصرىا‬
‫في األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخد ارت كما ىك الحاؿ في القانكف ‪ 614/90‬المتعمؽ‬
‫بمساىمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخدرات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Loi n° 87/1157 du 31 décembre 1987, relative à la lutte contre le trafic de stupéfiants et‬‬
‫‪modifiants certaines dispositions du code pénal, JORF du 05 janvier 1988.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Loi n° 90/614 du 12 juillet 1990, relative à la participation des organismes financiers à la‬‬
‫‪lutte contre le blanchiment des capitaux provenant du trafic des stupéfiants, JORF, n°162 du‬‬
‫‪14 juillet 1990.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Article 324 de la loi 96/392, Op.Cit.‬‬

‫‪27‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫خصائص جريمة تبييض األمواؿ وعوامؿ استفحالها‬

‫جريمة تبييض األمكاؿ ليست كغيرىا مف الجرائـ‪ ،‬فيي ال تستمد أساسيا التجريمي مف‬
‫العمميات التي ترتكب بيا‪ ،‬كذلؾ باعتبار أف تمؾ العمميات التي بيا يتـ تبييض األمكاؿ ىي‬
‫في الغالب أنشطة مشركعة‪ ،‬فإدخاؿ األمكاؿ في سمسمة مف العمميات البنكية‪ ،‬أك إنشاء‬
‫شركات أك التعامؿ في سكؽ األكراؽ المالية ‪ ....‬الخ كميا عمميات مشركعة‪ ،‬كيترتب عف‬
‫ذلؾ أف تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ يستمد في الكاقع مف عناصر خارجية عف طبيعة ىذه‬
‫العمميات‪ ،‬حيث أف الجريمة األصمية التي منيا تأتت تمؾ األمكاؿ تعد األساس القانكني في‬
‫تجريـ تبييض األمكاؿ‪.1‬‬

‫كزيادة عمى ذلؾ‪ ،‬استفادت عصابات المنظمات اإلجرامية مف التكسع في استخداـ‬


‫التكنكلكجيات الحديثة في مجاؿ المعامالت المالية إلى جانب العديد مف العكامؿ‪ ،‬ما أدل‬
‫إلى استفحاؿ كزيادة خطكرة جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬بحيث أف مرتكبكىا أصبحكا يتربصكف‬
‫بأسكاؽ الدكؿ النامية‪ ،‬كالتي تسعى الستقطاب رؤكس األمكاؿ األجنبية‪ ،‬مما بات ييدد‬
‫اقتصاديات ىذه الدكؿ بشكؿ يبعث عمى القمؽ‪.2‬‬

‫الفرع األوؿ‬

‫خصائص جريمة تبييض األمواؿ‬

‫تتسـ جريمة تبييض األمكاؿ باعتبارىا مف جرائـ األمكاؿ‪ ،‬كمف الجرائـ االقتصادية‬
‫انطالقا مما ىك مستقر عميو حكؿ مفيكـ الجريمة االقتصادية ذاتيا كالرتباطيا بالبنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية‪ ،‬فعمميات تبييض األمكاؿ يالبا ما تتـ مف خالؿ عمميات مصرفية‪.‬‬

‫كري مة تدريست‪ ،‬دكر البنكؾ في مكافحة تبييض األمكاؿ‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة مكلكد معمرم تيزم كزك‪ ،4072 ،‬ص‪.72‬‬


‫أحمد بف محمد العمرم‪ ،‬جريمة يسؿ األمكاؿ (نظرة دكلية لجكانبيا االجتماعية كالنظامية كاالقتصادية)‪ ،‬مكتبة العبيكاف‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الرياض‪ ،4000 ،‬ص‪.12‬‬

‫‪28‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كفضال عف مساس جريمة تبييض األمكاؿ بالمصالح االقتصادية كاالجتماعية لمدكلة‬


‫فإنيا أيضا تمتد كتتعدل في عناصرىا كآثارىا حدكد الدكلة الكاحدة‪ ،‬لذلؾ تزايد االىتماـ‬
‫الدكلي بيا‪ ،‬حيث تـ عقد عديد االتفاقيات كالمؤتمرات الدكلية قصد إيجاد قكاعد لتعزيز‬
‫التعاكف الدكلي في سبيؿ مكاجيتيا‪ ،‬كىك ما يعكس الطابع الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ارتباط جريمة تبييض األمواؿ بالجريمة المنظمة‬

‫جريمة تبييض األمكاؿ جريمة معقدة تحتاج إلى جيكد شبكات إجرامية منظمة عمى‬
‫درجة عالية مف التخطيط كاالنتشار‪ ،‬كبالتالي فجريمة تبييض األمكاؿ مف أنماط الجريمة‬
‫المنظمة ألف خطرىا يتعدل الحدكد الكطنية لمدكؿ‪ ،‬كتقكـ بيا تنظيمات إجرامية تتكافر لدييا‬
‫القدرة عمى استغالؿ اختالؼ النظـ القانكنية بيف الدكؿ الختراؽ الحدكد الكطنية كارتكاب‬
‫الجريمة‪.1‬‬

‫‪ -1‬تعريؼ الجريمة المنظمة‪ :2‬تعد الجريمة المنظمة في كقتنا الحاضر أحد أىـ التحديات‬
‫التي تكاجو سمطات الدكؿ حيث أف خطرىا تعدل خطر الجريمة العادية‪ ،‬فعصابات الجريمة‬
‫المنظمة تسعى مف خالؿ أنشطتيا المختمفة إلى تحقيؽ يايات كأىداؼ تتمثؿ أساسا في‬
‫تحقيؽ الربح كىي مف أجؿ ذلؾ تستخدـ أساليب متنكعة كتستيدؼ مياديف مختمفة‪.‬‬

‫لقد بدلت العديد مف المحاكالت مف أجؿ كضع تعريؼ خاص بالجريمة المنظمة‬
‫يميزىا عف ييرىا مف الجرائـ حتى يسيؿ التعامؿ معيا‪ ،‬يير أف أيمبية الباحثيف أجمعكا‬
‫عمى صعكبة إيجاد تعريؼ جامع مانع ليا كجاءت تعريفاتيـ متباينة‪ ،‬كمف التعريفات التي‬
‫قيمت في الجريمة المنظمة نذكر‪" :‬الجريمة المنظمة ىي مشركع إجرامي قائـ عمى أشخاص‬
‫يكحدكف صفكفيـ مف أجؿ القياـ بأنشطة إجرامية‪ ،‬عمى أساس دائـ كمستمر‪ ،‬مف خالؿ كياف‬
‫أك تنظيـ ذك بناء ىرمي تحكمو نظـ كلكائح داخمية صارمة‪ ،‬كيستخدـ في سبيؿ تحقيؽ‬
‫أيراضو العنؼ كاالبتزاز كالرشكة إلفساد مسئكلي القانكف كأجيزة العدالة الجنائية بكجو عاـ‬

‫شريؼ سيد كامؿ‪ ،‬الجريمة المنظمة في القانكف المقارف‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،4007 ،‬ص‪.02‬‬ ‫‪1‬‬

‫تختمؼ الجريمة المنظمة عبر الكطنية عف الجريمة الدكلية التي يقصد بيا كؿ فعؿ أك سمكؾ إيجابي أك سمبي يحضره‬ ‫‪2‬‬

‫القانكف الدكلي الجنائي مف حيث القانكف الذم يحكـ كال منيما‪ ،‬فالجريمة الدكلية يحكميا القانكف الدكلي الجنائي الذم يعد‬
‫فرعا مف فركع القانكف الدكلي العاـ‪ .‬في حيف يجرـ أشكاؿ الجريمة المنظمة القانكف الجنائي الدكلي كىك فرع مف فركع‬
‫القانكف الكطني يستمد أحكامو مف االتفاقيات الدكلية يصعب فيو عمى الدكلة مكاجية ىذا النكع مف اإلجراـ عمى أراضييا‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كفرض سطكتيـ عمييـ لتحقيؽ أقصى استفادة مف القياـ بالنشاط اإلجرامي‪ ،‬سكاء بكسائؿ‬
‫مشركعة أك يير مشركعة"‪.1‬‬

‫كما عرفت الجريمة المنظمة بأنيا‪" :‬تمؾ الجريمة التي ترتكب مف تنظيـ إجرامي‬
‫ىيكمي يتككف مف شخصيف فأكثر تحكمو قكاعد معينة مف أىميا قاعدة الصمت كيعمؿ ىذا‬
‫التنظيـ بشكؿ مستمر لفترة يير محدكدة‪ ،‬كيعبر نشاطو حدكد الدكؿ‪ ،‬كيستخدـ العنؼ‬
‫كاإلفساد كاالبتزاز كالرشكة في تحقيؽ أىدافو كيسعى لمحصكؿ عمى الربح المادم كيمجأ‬
‫لعمميات تبييض األمكاؿ إلضفاء الشرعية عمى عكائد الجريمة"‪.2‬‬

‫لقد أدركت دكؿ العالـ أف نجاح أم استراتيجية لمكافحة الجريمة المنظمة يجب أف‬
‫يتـ بالتعاكف الدكلي مف خالؿ عقد مؤتمرات تعنى بدراسة الظاىرة‪ ،‬كيظير اىتماـ األمـ‬
‫المتحدة بيذا النكع مف اإلجراـ في المحاكالت التي ما فتئت تقكـ بيا مند سنة ‪ 1995‬إلى‬
‫يكمنا ىذا بي دؼ كضع إطار قانكني لمتعاكف الدكلي كرصد ظاىرة اإلجراـ المنظـ‪ ،‬حيث‬
‫عقدت بيذا الخصكص عدة مؤتمرات تكجيت بالمصادقة عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة‬
‫الجريمة المنظمة عبر الكطنية التي عرفت الجريمة المنظمة بأنيا‪" :‬الجريمة التي ترتكبيا‬
‫جماعة ذات ىيكؿ تنظيمي‪ ،‬مؤلفة مف ثالثة أشخاص أك أكثر‪ ،‬مكجكدة لفترة مف الزمف‬
‫كتعمؿ بصكرة متضافرة بيدؼ ارتكاب كاحدة أك أكثر مف الجرائـ الخطيرة أك األفعاؿ‬
‫المجرمة كفقا ليذه االتفاقية‪ ،‬مف أجؿ الحصكؿ‪ ،‬بشكؿ مباشر أك يير مباشر عمى منفعة‬
‫مالية أك منفعة مادية أخرل"‪.3‬‬

‫أما االتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية فعرفت الجريمة المنظمة‬
‫مف خالؿ المادة الثانية بأنيا‪" :‬جريمة ذات طابع عابر لمحدكد الكطنية كتضطمع بتنفيذىا أك‬
‫االشتراؾ فييا أك التخطيط ليا أك تمكيميا أك الشركع فييا جماعة إجرامية منظمة عمى النحك‬
‫المكصكؼ في الفقرة ‪ 3‬مف ىذه المادة"‪.‬‬

‫أحمد إبراىيـ مصطفى سميماف‪ ،‬اإلرىاب كالجريمة المنظمة‪ ،‬دار الطالئع لمنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،4003 ،‬ص ص‪-770‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.777‬‬
‫محمد جياد بريزات‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬عماف‪ ،4005 ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 04‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪30‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كلـ يذكر المشرع الجزائرم تعريفا خاصا لمجريمة المنظمة‪ ،‬كاكتفى بحصرىا في عدد‬
‫مف الجرائـ التي تضر بالمصالح العميا لمبالد كجرائـ الفساد المنصكص عمييا في القانكف‬
‫‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفرم ‪ ،2006‬كجريمة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب المنصكص‬
‫عمييا في القانكف ‪ 01/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فيفرم ‪ ،2005‬كجريمة االتجار بالمخدرات‬
‫المنصكص عمييا في القانكف ‪ 18/04‬المؤرخ في ‪ 23‬أيسطس ‪ 2004‬كقبميا أحكاـ‬
‫المرسكـ التشريعي ‪ 03/92‬المتعمؽ بمكافحة التخريب كاإلرىاب المؤرخ في ‪ 30‬سبتمبر‬
‫‪.1992‬‬

‫‪ -2‬عالقة جريمة تبييض األمواؿ بالجريمة المنظمة‪ :‬إذا نظرنا إلى جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫باعتبارىا مف الجرائـ الدكلية الخطيرة نجد أف مف سماتيا أنيا جريمة منظمة‪ ،‬فيي تفترض‬
‫تعدد الجناة فال يمكف تصكر ارتكابيا إال بكجكد شبكة متصمة مف األفراد أك المنظمات‪ ،‬التي‬
‫تقكـ بمجمكعة مف األنشطة التي مف شأنيا أف تضفي عمى العكائد يير المشركعة المستمدة‬
‫مف مصادر إجرامية صفة المشركعية مف خالؿ دمجيا في األنشطة التجارية المشركعة‬
‫كاستثمارىا أسكاؽ الماؿ لمتخمص مف الشبية التي تدكر حكليا‪.1‬‬

‫كذلؾ تعتبر جريمة تبييض األمكاؿ مف األنشطة المساعدة في الجريمة المنظمة‪،‬‬


‫حيث أنيا تتـ بمراحؿ متالحقة كبسرية تامة مف طرؼ عصابات منظمة تيدؼ إلى تحقيؽ‬
‫الربح كيمزجكف بيف األنشطة المشركعة كيير المشركعة‪ ،‬تمؾ الصفات كميا منطبقة عمى‬
‫الجريمة المنظمة لذلؾ تعتبر جريمة تبييض األمكاؿ مف أخطر الجرائـ المنظمة‪.2‬‬

‫كما أف تجريـ كمكافحة عمميات تبييض األمكاؿ مف شأنو المساىمة في الحد مف‬
‫انتشار الجريمة المنظمة مف خالؿ حرماف التنظيمات اإلجرامية مف االنتفاع بعكائدىـ‬
‫اإلجرامية بإخفاء مصدرىا يير المشركع كادخاليا في أنشطة مشركعة تحقؽ ليذه التنظيمات‬
‫المزيد مف القكة كالسيطرة عمى الدكائر المالية‪ ،‬فضال عما تسببو مف اضطرابات في النظاـ‬

‫باسؿ عبد اهلل الضمكر‪ ،‬يسؿ األمكاؿ في المصارؼ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مكتبة القانكف كاالقتصاد‪ ،‬الرياض‪،4072 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.73‬‬
‫أديبة محمد صالح‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ :‬دراسة قانكنية مقارنة‪ ،‬منشكرات مركز كردستاف لمدراسات االستراتيجية‪ ،‬السميمانية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،4002‬ص‪.722‬‬

‫‪31‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫االقتصادم لمدكلة بسبب حركة األمكاؿ يير العادية كالتي تمارس دكف مراعاة لالعتبارات‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطابع االقتصادي واالجتماعي لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫تمتد مخاطر جريمة تبييض األمكاؿ لتشمؿ زعزعة االقتصاد المحمي كالدكلي فمرتكبي‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ يعممكف عمى إدخاؿ األمكاؿ يير المشركعة في دكاليب الدكرة‬
‫االقتصادية‪ ،‬كاالحتماء بالغطاء االجتماعي لمقياـ بأعماليـ اإلجرامية األصمية‪ ،‬كالتصرؼ في‬
‫محصالت كعكائد جرائميـ بأعماؿ كنشاطات تكحي أنيا نافعة لممجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬الطابع االقتصادي لجريمة تبييض األمواؿ‪ :‬بدأ االىتماـ بالجريمة االقتصادية مند القرف‬
‫التاسع عشر‪ ،‬كمند ذلؾ الكقت بدأت النصكص القانكنية ذات الطابع االقتصادم تأخذ مكانيا‬
‫في التشريعات الجنائية لمدكؿ‪ ،‬إال أنيا برزت بشكؿ جمي خالؿ النصؼ الثاني مف القرف‬
‫العشريف ما جعؿ الفقياء يعدكف ظيكر الجريمة االقتصادية مف الخصائص الميمة لمقرف‬
‫العشريف‪.1‬‬

‫تعددت التعريفات الخاصة بالجريمة االقتصادية‪ ،‬فيناؾ مف يرل بأنيا نكع مف‬
‫الجريمة تقع عمى مخالفة التشريعات كالقكانيف الجنائية كاالقتصادية التي تنظـ مختمؼ أكجو‬
‫النشاط االقتصادم‪ ،‬كما أف ىناؾ مف يعرفيا بككنيا اعتداء مباشر عمى مصمحة اقتصادية‬
‫يحمييا القانكف كالجرائـ المتعمقة بالمعامالت المصرفية‪ ،‬كاالستيراد كالتصدير‪ ،‬كالمنافسة يير‬
‫المشركعة‪.2... ،‬‬

‫كما عرفت الجريمة االقتصادية أيضا بأنيا تمؾ الجرائـ التي تتضمنيا نصكص تجرـ‬
‫أفعاال تترتب عمى حماية النشاط االقتصادم‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانت األحكاـ الجزائية‬

‫عباس أبك شامة عبد المحمكد‪ ،‬عكلمة الجريمة االقتصادية‪ ،‬جامعة نايؼ العربية لمعمكـ األمنية‪ ،‬الرياض‪،4003 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.27‬‬
‫عبد المكلى سيد شكربجي‪ ،‬مكاجية الجرائـ االقتصادية في الدكؿ العربية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬جامعة نايؼ العربية لمعمكـ‬ ‫‪2‬‬

‫األمنية‪ ،‬الرياض‪ ,4003 ،‬ص ص‪.74-77‬‬

‫‪32‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المجرم ة قد كردت في قانكف مستقؿ يطمؽ عميو قانكف العقكبات االقتصادم‪ ، 1‬أك كردت‬
‫ضمف عدد مف النصكص المتفرقة المنظمة لمنشاط االقتصادم‪.2‬‬

‫كلما كاف لجريمة تبييض األمكاؿ آثار سمبية عمى الدخؿ الكطني‪ ،‬كاالدخار‬
‫كاالستثمار كقيمة العممة الكطنية نتيجة إدخاؿ األمكاؿ يير المشركعة في الدكرة االقتصادية‬
‫الرسمية لمدكلة‪ ،‬كبما أف أيمب جرائـ تبييض األمكاؿ تتـ عف طريؽ النظاـ المصرفي‬
‫كتستعيف بالعامميف في البنكؾ‪ ، 3‬فإنو يمكف القكؿ بأف جريمة تبييض األمكاؿ تعتبر مف‬
‫أخطر أشكاؿ الجريمة االقتصادية التي أخذت أبعادا جديدة في ظؿ العكلمة مستفيدة في ذلؾ‬
‫مف التقنية الحديثة في التحكيؿ المالي السريع‪.‬‬

‫كما تعتبر جريمة تبييض األمكاؿ جريمة اقتصادية كذلؾ‪ ،‬لككنيا تؤدم إلى المساس‬
‫بالنظاـ االقتصادم كالمالي الكطني كالدكلي نتيجة ارتباطيا بمخالفة أحكاـ السياسة‬
‫االقتصادية لمدكلة‪ ،‬إذ يرل البعض أف عمميات تبييض األمكاؿ تزداد مع تحرير القطاعات‬
‫االقتصادية المختمفة كما يعنيو ذلؾ مف تحرير لممعامالت االقتصادية كالمالية ككذلؾ تحرير‬
‫األسكاؽ العالمية‪ ،‬حيث ذكر البنؾ الدكلي في تقريره لسنة ‪ 1996‬أف نمك القطاع الخاص‬
‫يزداد معو احتماؿ فتح مسالؾ جديدة لإلجراـ الخاص كما تؤدم إليو مف تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫ظير مفيكـ قانكف العقكبات االقتصادم باعتباره فرع مف فركع قانكف العقكبات كحتمية لمقيكد االقتصادية التي تعقب‬ ‫‪1‬‬

‫الحركب كاألزمات‪ ،‬كقد أثار تعريؼ قانكف العقكبات االقتصادم جدال بيف فقياء القانكف الجنائي فانقسـ الفقو كؿ حسب‬
‫تكجيو االقتصادم‪ ،‬فيرل أصحاب النظرة الميبرالية أف قانكف العقكبات االقتصادم مرتبط باألسعار كالمنافسة‪ ،‬كعميو يمكف‬
‫أف يعرؼ بأنو مجمكعة قكاعد قانكف العقكبات المكضكعية كاإلجرائية التي تؤمف تحت طائمة العقكبات حرية التعامؿ‬
‫االقتصادية كحماية األفراد مف التعسؼ في استعماؿ ىذه الحرية االقتصادية فيما بينيـ‪ .‬أما أصحاب النظرة االشتراكية‬
‫فيعرفكف قانكف العقكبات االقتصادم بأنو مجمكعة القكاعد القانكنية المكضكعية كاإلجرائية التي تنص عمى التجريـ كالعقاب‬
‫المخصص لضماف تنفيذ السياسة االقتصادية لمدكلة‪ ،‬أم تمؾ االعتداءات التي تقع عمى النظاـ االقتصادم فيك القانكف‬
‫الذم يعاقب عمى األفعاؿ التي تتعارض مع السياسة االقتصادية لمدكلة‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪- André VITU, Définition et contenu du Droit économique, Mélanges Hamel, Dalloz, 1961,‬‬
‫‪p72.‬‬
‫‪- Jean-François Renucci, Droit économique, Armand colin/ Masson, 1995, p6.‬‬
‫‪ 2‬محمد سميماف حسيف المحاسنة‪ ،‬التصالح كأثره عمى الجريمة االقتصادية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار كائؿ لمنشر‪ ،‬عماف‪،‬‬
‫‪ ،4077‬ص‪.47‬‬
‫محمد عبد اهلل حسيف العاقؿ‪ ،‬النظاـ القانكني الدكلي لمجريمة المنظمة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،4070 ،‬ص‪.252‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -2‬الطابع االجتماعي لجريمة تبييض األمواؿ‪ :‬تكصؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة‬
‫اجتماعية كذلؾ بالنظر إلى اليدؼ الذم تحققو‪ ،‬ككنيا تساىـ في إضفاء الشرعية االجتماعية‬
‫عمى ىذه األمكاؿ لصالح الجماعات اإلجرامية‪ ،‬كيتـ ذلؾ عف طريؽ تبييض األمكاؿ يير‬
‫ال مشركعة مف خالؿ بعض المشركعات كاألعماؿ الخيرية كبناء المستشفيات كرعاية األيتاـ‬
‫التي تستقطب اىتماما جماىيريا قد يرقى إلى التأييد السياسي خاصة في الحمالت‬
‫االنتخابية‪.‬‬

‫كما تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ في المجتمع مف ناحية ارتباطيا بالجرائـ االجتماعية‬
‫حيث تمثؿ نكعا مف اإلدماف لمحاصميف عمى الدخكؿ يير المشركعة الناتجة عف تجارة‬
‫المخدرات أك التيرب الضريبي كييرىا مف الجرائـ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة تبييض األمواؿ جريمة تبعية‬

‫جريمة تبييض األمكاؿ جريمة تبعية‪ ،‬أم أنيا تفترض ابتداء ارتكاب جريمة أكلية تنتج‬
‫عنيا أمكاؿ يير مشركعة‪ ،‬كأجمعت التشريعات المقارنة التي تجرـ تبييض األمكاؿ عمى‬
‫كجكد جريمة سابقة يسعى مبيضك األمكاؿ إلى إخفاء متحصالت تمؾ الجريمة كاضفاء صفة‬
‫المشركعية عمييا‪ .‬لذلؾ يعد تبييض األمكاؿ نشاطا مكمال لنشاط رئيسي سابؽ أسفر عف‬
‫تحصيؿ كمية مف األمكاؿ مف أنشطة يير مشركعة كاإلتجار بالمخدرات‪ ،‬الرشكة‪،‬‬
‫االحتياؿ‪ ...،‬الخ‪ ،‬كالتي تشكؿ مصد ار لألمكاؿ التي تقع عمييا عناصر السمكؾ المادم‬
‫لجريمة تبييض األمكاؿ‪.1‬‬

‫فجريمة تبييض األمكاؿ ال تعتبر جريمة مستقمة ألف كجكدىا يفترض كقكع جريمة أك‬
‫جرائـ سابقة ليا تدعى الجريمة األصمية‪ ،2‬كىي بذلؾ تشبو جريمة إخفاء األشياء المسركقة‬

‫بدر ال ديف خالؼ‪ ،‬جريمة تبييض األمكاؿ في التشريع الجزائرم (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬كمية الحقكؽ‬ ‫‪1‬‬

‫كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،4077/4070 ،‬ص‪.43‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Bertrand Perrin, La lutte contre le blanchiment d’argent : pistes d’actions entre prévention et‬‬
‫‪répression , Institut de lutte contre la criminalité économique, Suisse, 2009, p17.‬‬

‫‪34‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كالمحصمة مف جناية أك جنحة‪ ،‬كذلؾ التشابو دعا البعض إلى القكؿ بإمكانية تكقيع الجزاء‬
‫الجنائي في جريمة تبييض األمكاؿ استنادا إلى جريمة إخفاء األشياء المسركقة‪.1‬‬

‫ك نذكر عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر أىـ النشاطات اإلجرامية التي تعتبر عائداتيا‬
‫مصد ار الرتكاب عمميات تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫‪ -1‬اال تجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ :‬يحتؿ االىتماـ بمكافحة االتجار‬
‫يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية الصدارة في اىتماـ الدكؿ‪ ،‬نظ ار لما تمثمو ىذه‬
‫الظاىرة مف حيث أنيا أكثر المشكالت خطكرة عمى جميع الدكؿ في العالـ‪ ،‬كتزداد خطكرة‬
‫عند زيادة حجـ االتجار فييا كتداكليا‪ ،‬مما ينتج عنو تحمؿ الدكؿ أعباء كبيرة في اإلنفاؽ‬
‫عمى مكافحة ىذه الظاىرة‪ .‬كبالمقابؿ فإف الجماعات اإلجرامية أصبحت تعتمد عمى إمكانيات‬
‫ضخمة كمتطكرة كتمجأ إلى كسائؿ متعددة لمتغطية عمى جرائميا‪.‬‬

‫كيقصد باإلتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية شراؤىا أك بيعيا في‬
‫عمميات تؤمف ىذه الغاية لقاء مقابؿ‪ ،‬كال ضركرة لحصكؿ التسميـ ماديا ألف الفاعؿ يالحؽ‬
‫بالمتاجرة بمجرد عقده صفقة مخدرات قصد الحصكؿ عمييا كتصريفيا عف طريؽ بيعيا إلى‬
‫الغير‪ ،‬كاف لـ تؤؿ إلى يده بعد‪ ،‬فيالحؽ في ىذه الحالة بجرـ شراء المخدرات لممتاجرة فييا‪،‬‬
‫إذ يعتبر الشراء حمقة الزمة مف حمقات المتاجرة‪.2‬‬

‫كلقد عمدت الجمعية العامة لألمـ المتحدة في جمستيا المنعقدة في ديسمبر ‪1988‬‬
‫‪3‬‬
‫بعرض اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‬
‫كالتي تيدؼ إلى النيكض بالتعاكف بيف الدكؿ مف أجؿ التصدم بمزيد مف الفعالية لمختمؼ‬
‫مظاىر جريمة االتجار بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‪.‬‬

‫ىشاـ بشير‪ ،‬إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ‪ ،‬يسؿ األمكاؿ بيف النظرية كالتطبيؽ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المركز القكمي لإلصدارات‬ ‫‪1‬‬

‫القانكنية‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص‪.24‬‬


‫ريتا سيدة‪ ،‬تبييض األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخدرات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬لبناف‪ ،4070 ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫سبقتيا في ذلؾ االتفاقية الكحيدة لممخدرات المكقعة بباريس سنة ‪ 7237‬المعدلة ببركتكككؿ سنة ‪ 7214‬التي ألغت كؿ‬ ‫‪3‬‬

‫االتفاقيات السابقة كحمت محميا كاتفاقية مكحدة‪ ،‬ككذلؾ اتفاقية المؤثرات العقمية لسنة ‪.7217‬‬

‫‪35‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كلما كانت جريمة تبييض األمكاؿ جريمة ليست عادية يمكف ارتكابيا بصكرة عشكائية‬
‫كيير مدركسة‪ ،‬لكنيا جريمة يخطط كيدبر ليا بدقة مف جانب العناصر اإلجرامية‪ ،‬فقد‬
‫ألزمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‬
‫الدكؿ األطراؼ بتجريـ األفعاؿ المتعمقة باألمكاؿ المستمدة مف جرائـ االتجار يير المشركع‬
‫بالمخدرات أك االشتراؾ فييا‪ ،‬كالتي تيدؼ إلى إخفاء المصدر الحقيقي ليذه األمكاؿ كىك ما‬
‫تطابقت بشأنو أحكاـ االتفاقية العربية لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات‬
‫العقمية لسنة ‪.11993‬‬

‫كفي الجزائر عمد المشرع إلى إصدار القانكف ‪ 18/04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر‬


‫‪ 2004‬المتعمؽ بالكقاية مف المخدرات كالمؤثرات العقمية كقمع االستعماؿ كاالتجار يير‬
‫المشركعيف الذم حصر كافة صكر االستيالؾ أك التعامؿ أك االتجار في المخدرات‬
‫كالمعامالت المختمفة بيا‪ ،‬كيحتكم القانكف عمى فئتيف مف الجرائـ قسميا تبعا لخطكرتيا إلى‬
‫جنح (عادية كمشددة) كجنايات‪.‬‬

‫كما تـ إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا بمكجب المرسكـ التنفيذم‬
‫‪ 212/97‬المؤرخ في ‪ 09‬يكنيك ‪ 1997‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ الرئاسي ‪ 181/06‬المؤرخ‬
‫في ‪ 31‬مايك ‪ 2006‬باعتباره مؤسسة عمكمية ذات طابع إدارم تتمتع بالشخصية المعنكية‬
‫كاالستقالؿ المالي‪ ،‬يعمؿ تحت سمطة كزير العدؿ حافظ األختاـ بالتعاكف مع القطاعات‬
‫المعنية عمى إعداد السياسة الكطنية كاقتراحيا لمكافحة المخدرات كادمانيا في مجاؿ الكقاية‬
‫كالعالج كاعادة اإلدماج كالقمع كالسير عمى تطبيقيا‪.2‬‬

‫تقرير التطبيقات عف االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية كيسؿ األمكاؿ‪ ،‬مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة‬ ‫‪1‬‬

‫الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا‪ ،4077 ،‬ص‪ .43‬متاح عمى المكقع ‪www.menafatf.org‬‬
‫المرسكـ التنفيذم ‪ 474/21‬المؤرخ في ‪ 2‬يكنيك ‪ ،7221‬المتضمف إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،27‬صادر في ‪ 75‬يكنيك ‪ ،7221‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ الرئاسي ‪ 737/03‬المؤرخ في ‪ 27‬مايك‬
‫‪ ،4003‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،23‬صادر في ‪ 27‬مايك ‪.4003‬‬

‫‪36‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كتشير اإلحصائيات الرسمية إلى أف المصالح المكمفة بمكافحة االتجار يير المشركع‬
‫بالمخدرات كالمؤثرات العقمية في الجزائر‪ ،‬قد أحصت خالؿ العشرة أشير األكلى مف سنة‬
‫‪ 2018‬ما يعادؿ ‪ 39504‬قضية متعمقة بالتيريب كالمتاجرة بالمخدرات كالمؤثرات العقمية‬
‫باختالؼ أنكاعيا تكرط فييا ‪ 49489‬شخص منيـ ‪ 260‬متكرط يحمؿ جنسية أجنبية‪.1‬‬

‫‪ -2‬الرشوة‪ :‬تعتبر الرشكة مصد ار مف مصادر األمكاؿ المراد تبييضيا لككنيا أكثر الجرائـ‬
‫التي يمكف أف تؤدم إلى الحصكؿ عمى أمكاؿ يير مشركعة‪ ،2‬خاصة كأنيا نكع مف اتجار‬
‫المكظؼ العاـ في أعماؿ الكظيفة لالستفادة بغير حؽ عف طريؽ االتفاؽ بيف المكظؼ‬
‫كصاحب الحاجة عمى قبكؿ ما عرضو األخير مف فائدة مقابؿ عمؿ متعمؽ بالكظيفة أك‬
‫الخدمة العامة أك االمتناع عف عمؿ مف األعماؿ التي تدخؿ في نطاؽ المكظؼ أك دائرة‬
‫اختصاصو‪.3‬‬

‫كتعرؼ الرشكة بكجو عاـ عمى أنيا االتجار بأعماؿ الكظيفة أك الخدمة العامة أك‬
‫استغالليا بأف يطمب الجاني أك يقبؿ أك يحصؿ عمى عطية أك كعد أك أية منفعة أخرل‬
‫ألداء عمؿ مف أعماؿ كظيفتو أك االمتناع عنيا‪.4‬‬

‫كما عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬الرشكة في نص المادة‬
‫‪ 15‬بأنيا‪" :‬كعد مكظؼ عمكمي بمزية يير مستحقة أك عرضيا عميو أك منحو إياىا‪ ،‬بشكؿ‬
‫مباشر أك يير مباشر‪ ،‬سكاء لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص‪ ،‬أك كياف آخر‪ ،‬لكي‬
‫يقكـ ذلؾ المكظؼ بفعؿ ما‪ ،‬أك يمتنع عف القياـ بفعؿ ما لدل أداء كاجباتو الرسمية‪.‬‬

‫الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا‪ ،‬نشاطات مكافحة المخدرات كاإلدماف عمييا‪ :‬الحصيمة السنكية ‪،4073‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪ .01‬متاح عمى المكقع ‪www.onlcdt.mjustice.dz‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Ahmed Farouk ZAHAR, Le blanchiment de l’argent et la recherche de produits de‬‬
‫‪l’infraction, Thèse doctorat, Nantes, 2001, p31.‬‬
‫‪ 3‬ماىر عبد شكيش الدرة‪ ،‬شرح قانكف العقكبات(القسـ الخاص)‪ ،‬المكتبة القانكنية‪ ،‬بغداد‪ ،‬دكف سنة نشر‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫أحسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي الخاص (جرائـ المكظفيف‪ ،‬جرائـ األعماؿ‪ ،‬جرائـ التزكير)‪ ،‬ج‪ ،4‬دار ىكمة‬ ‫‪4‬‬

‫لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،4002 ،‬ص‪.25‬‬

‫‪37‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫التماس مكظؼ عمكمي أك قبكلو‪ ،‬بشكؿ مباشر أك يير مباشر مزية يير مستحقة‪ ،‬سكاء‬
‫لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص أك كياف آخر‪ ،‬لكي يقكـ ذلؾ المكظؼ بفعؿ ما‪ ،‬أك‬
‫يمتنع عف القياـ بفعؿ ما‪ ،‬لدل أدائو كاجباتو الرسمية"‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائرم فقد جرـ الرشكة بمكجب القانكف ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفرم‬
‫‪ 2006‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مف خالؿ المادة ‪ 25‬التي‬
‫نصت عمى أنو‪" :‬يعاقب بالحبس مف سنتيف إلى عشرة سنكات كبغرامة مالية مف ‪20000‬دج‬
‫إلى ‪100000‬دج ‪:‬‬

‫‪ -‬كؿ مف كعد مكظفا عمكميا بمزية يير مستحقة أك عرضيا عميو أك منحو إياىا بشكؿ‬
‫مباشر أك يير مباشر‪ ،‬سكاء كاف ذلؾ لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص أك كياف‬
‫آخر لكي يقكـ بأداء عمؿ أك االمتناع عف أداء عمؿ مف كاجباتو‪،‬‬

‫‪ -‬كؿ مكظؼ عمكمي طمب أك قبؿ‪ ،‬بشكؿ مباشر أك يير مباشر‪ ،‬مزية يير مستحقة سكاء‬
‫لنفسو أك لصالح شخص آخر أك كياف آخر‪ ،‬ألداء عمؿ أك االمتناع عف أداء عمؿ مف‬
‫كاجباتو"‪.‬‬

‫مف خالؿ نص المادة السابقة الذكر‪ ،‬فإف المشرع الجزائرم لـ يعطي تعريفا لجريمة‬
‫الرشكة‪ ،‬كانما اكتفى بالنص عمى صفة الجاني (المكظؼ العمكمي كمف في حكمو) كاألفعاؿ‬
‫التي تتحقؽ بيا جريمة الرشكة‪ ،‬باإلضافة إلى جمعو لصكرتي الرشكة اإليجابية كالسمبية في‬
‫نص كاحد تحت عنكاف رشكة المكظفيف العمكمييف متبنيا نظاـ ثنائية التجريـ كىذا عمى يرار‬
‫المشرع الفرنسي‪.1‬‬

‫كقد تضمنت أحكاـ القانكف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو العديد مف‬
‫التدابير الكقائية في سبيؿ الحد مف ظاىرة الفساد كمنيا الرشكة نتناكليا كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬التكظيؼ‪ :‬حيث يراعى في تكظيؼ المستخدميف في القطاع العمكمي كفي تسيير حياتيـ‬
‫المينية مبادئ النجاعة كالشفافية كالمعايير المكضكعية‪ ،‬باإلضافة إلى إعداد برامج تعميمية‬

‫عبد العالي حاحة‪ ،‬اآلليات القانكنية لمكافحة الفساد اإلدارم في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ‬ ‫‪1‬‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،4072/4074 ،‬ص‪.722-724‬‬

‫‪38‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كتككينية مالئمة لتمكيف المكظفيف العمكمييف مف األداء الصحيح كالسميـ لكظائفيـ كزيادة‬
‫كعييـ بمخاطر الفساد‪.1‬‬

‫‪ -‬التصريح بالممتمكات‪ :‬قصد ضماف الشفافية في الحياة السياسية كالشؤكف العمكمية كحماية‬
‫الممتمكات العمكمية كصكف نزاىة األشخاص المكمفيف بخدمة عمكمية يقكـ المكظفكف‬
‫العمكميكف باكتتاب تصريح بالممتمكات كالذم يتضمف جردا لألمالؾ العقارية كالمنقكلة التي‬
‫يحكزىا المكتتب أك أكالده القصر في الجزائر ك‪/‬أك في الخارج‪.2‬‬

‫‪ -‬كضع مدكنات أخالقية‪ :‬حرصا مف المشرع الجزائرم عمى دعـ مكافحة الفساد‪ ،‬ألزـ الدكلة‬
‫كالمجالس المنتخبة كالجماعات المحمية كالمؤسسات كالييئات العمكمية ككذا المؤسسات‬
‫العمكمية ذات النشاطات االقتصادية بالعمؿ عمى تشجيع النزاىة كاألمانة كركح المسؤكلية‬
‫بيف منتخبييا كمكظفييا‪ ،‬مف خالؿ كضع مدكنات قكاعد سمكؾ المكظفيف العمكمييف مف‬
‫طرؼ المؤسسات كالييئات العمكمية تحدد فييا قكاعد تككف بمثابة إطار يضمف األداء السميـ‬
‫كالنزيو لمكظيفة العمكمية‪.3‬‬

‫‪ -‬إضفاء الشفافية في مجاؿ إبراـ الصفقات العمكمية‪ :‬تعد الصفقات العمكمية المجاؿ‬
‫الخصب النتشار الرشكة‪ ،‬كادراكا مف المشرع الجزائرم بما يمكف أف تمحقو مثؿ ىذه‬
‫المعامالت باالقتصاد الكطني فقد فرض ترتيبات تركز في مجمميا عمى مفيكـ الشفافية‬

‫نصت المادة ‪ 02‬مف القانكف ‪ 07/03‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو عمى أنو‪" :‬تراعى في تكظيؼ مستخدمي‬ ‫‪1‬‬

‫القطاع العاـ كفي تسيير حياتيـ المينية القكاعد اآلتية‪:‬‬


‫‪ -‬مبادئ النجاعة كالشفافية كالمعايير المكضكعية‪ ،‬مثؿ الجدارة كاإلنصاؼ كالكفاءة‪،‬‬
‫‪ -‬اإلجراءات المناسبة الختيار كتككيف األفراد المرشحيف لتكلي المناصب العمكمية التي تككف أكثر عرضة لمفساد‪،‬‬
‫‪ -‬أجر مالئـ باإلضافة إلى تعكيضات كافية‪،‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج تعميمية كتككينية مالئمة لتمكيف المكظفيف العمكمييف مف األداء الصحيح كالنزيو كالسميـ لكظائفيـ كافادتيـ‬
‫مف تككيف متخصص يزيد مف كعييـ بمخاطر الفساد"‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 02‬مف القانكف ‪ 07/03‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو عمى أنو‪" :‬قصد ضماف الشفافية في الحياة‬ ‫‪2‬‬

‫السياسية كالشؤكف العام ة‪ ،‬كحماية الممتمكات العمكمية‪ ،‬كصكف نزاىة األشخاص المكمفيف بخدمة عمكمية‪ ،‬يمزـ المكظؼ‬
‫العمكمي بالتصريح بممتمكاتو"‪.‬‬
‫المادة ‪ 01‬مف القانكف ‪ 07/03‬المؤرخ في ‪ 40‬فبراير ‪ ، 4003‬المتضمف قانكف مكافحة الفساد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،72‬‬ ‫‪3‬‬

‫صادر في ‪ 3‬مارس ‪ ،4003‬المعدؿ كالمتمـ باألمر ‪ 05/70‬المؤرخ في ‪ 43‬يشت ‪ ،4003‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادر في‬
‫‪ 7‬سبتمبر ‪.4070‬‬

‫‪39‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كالمنافسة الشريفة كالمكضكعية كالتسيير العقالني لمماؿ العاـ كفقا لإلجراءات المعمكؿ بيا‬
‫مف خالؿ‪:1‬‬

‫‪ -‬عالنية المعمكمات المتعمقة بإجراءات إبراـ الصفقات العمكمية‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعداد المسبؽ لشركط المسابقة كاالنتقاء‪.‬‬

‫‪ -‬معايير مكضكعية كدقيقة التخاذ الق اررات المتعمقة بإبراـ الصفقات العمكمية‪.‬‬

‫‪ -‬ممارسة كؿ طرؽ الطعف في حالة عدـ احتراـ قكاعد إبراـ الصفقات العمكمية‪.‬‬

‫كما تضمنت أحكاـ القانكف ‪ 01/06‬السالؼ الذكر إنشاء الييئة الكطنية لمكقاية مف‬
‫الفساد كمكافحتو‪ ،‬كىك ما تـ بمكجب المرسكـ الرئاسي ‪ 413/06‬المؤرخ في ‪ 22‬نكفمبر‬
‫‪ 2006‬المحدد لتشكيمة الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو كتنظيميا ككيفية سيرىا‬
‫الذم صنفيا كسمطة إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقالؿ المالي تكضع لدل‬
‫رئيس الجميكرية‪.2‬‬

‫‪ -3‬التهريب‪ :‬يعتبر التيريب مف أخطر الجرائـ الجمركية‪ ،‬فحسب المادة الثانية مف األمر‬
‫‪ 06/05‬المتعمؽ بمكافحة التيريب المعدؿ كالمتمـ‪ ،3‬يقصد بالتيريب كؿ األفعاؿ المكصكفة‬
‫بالتيريب في التشريع كالتنظيـ الجمركي المعمكؿ بو ككذا في ىذا األمر‪.4‬‬

‫كبالرجكع إلى أحكاـ القانكف ‪ 07/79‬المؤرخ في ‪ 21‬يكليك ‪ 1979‬المتضمف قانكف‬


‫الجمارؾ‪ ،5‬المحاؿ إليو بمكجب المادة السابقة الذكر نجد المادة ‪ 324‬منو قد نصت عمى أنو‬
‫لتطبيؽ األحكاـ القمعية يقصد بالتيريب الجمركي ما يأتي‪:‬‬

‫المادة ‪ 09‬مف القانكف‪ ،07/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 02‬مف المرسكـ الرئاسي ‪ 272/03‬المؤرخ في ‪ 44‬نكفمبر ‪ ،4003‬المتضمف إنشاء الييئة الكطنية لمكقاية مف‬ ‫‪2‬‬

‫الفساد كمكافحتو كتنظيميا ككيفية سيرىا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،71‬صادر في ‪ 44‬نكفمبر ‪.4003‬‬
‫األمر ‪ 03/05‬المؤرخ في ‪ 42‬يشت ‪ ،4005‬المتضمف قانكف مكافحة التيريب‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،52‬صادر في ‪43‬‬ ‫‪3‬‬

‫يشت ‪.4005‬‬
‫المادة األكلى مف األمر ‪ ،03/05‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫القانكف ‪ 02/12‬المؤرخ في ‪ 47‬يكنيك ‪ 7212‬المتضمف قانكف الجمارؾ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،20‬صادرة في ‪ 42‬يكنيك‬ ‫‪5‬‬

‫‪.7212‬‬

‫‪40‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -‬استيراد البضائع أك تصديرىا خارج المكاتب الجمركية‪.‬‬

‫‪ -‬خرؽ أحكاـ المكاد ‪ 25‬ك‪ 51‬ك‪ 60‬ك‪ 62‬ك‪ 46‬ك‪ 221‬ك‪ 222‬ك‪ 223‬ك‪ 225‬ك ‪225‬‬
‫مكرر ك‪ 226‬مف ىذا القانكف‪.‬‬

‫‪ -‬تفريع كشحف البضائع يشا‪.‬‬

‫‪ -‬اإلنقاص مف البضائع المكضكعة تحت نظاـ العبكر‪.‬‬

‫كما يعتبر مف قبيؿ التيريب حيازة مخزف داخؿ النطاؽ الجمركي معد لالستعماؿ في‬
‫التيريب أك كسيمة نقؿ مييأة خصيصا لغرض التيريب‪.1‬‬

‫كلمتيريب الجمركي عالقة بجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬ذلؾ أف أنشطة التيريب عبر‬
‫الحدكد لمسمع كالمنتجات مف يير دفع الرسكـ كالضرائب الجمركية المقررة تعتبر مف أىـ‬
‫مصادر األمكاؿ يير المشركعة محؿ التبييض‪.2‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم لـ ينص عمى اعتبار جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫مف قبيؿ الجرائـ الجمركية‪ ،‬كلـ يقرر ليا عقكبات في قانكف الجمارؾ كال في قانكف مكافحة‬
‫التيريب كذلؾ عمى خالؼ المشرع الفرنسي الذم اعتبر جريمة تبييض األمكاؿ مف أشد أنكاع‬
‫الجنح الجمركية طبقا لممادة ‪ 415‬مف قانكف الجمارؾ‪ ،‬كقرر ليا عقكبة الحبس مف سنتيف‬
‫إلى عشرة سنكات كمصادرة القيمة المالية كبغرامة مالية مف مرة كاحدة إلى خمس مرات قيمة‬
‫محؿ الجريمة أك المحاكلة‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫كمف أجؿ دعـ جيكد مكافحة التيريب‪ ،‬تـ إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة التيريب‬
‫كىك مؤسسة عمكمية ذات طابع إدارم تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقالؿ المالي‪ ،‬كضع‬

‫المادة ‪ 77‬مف األمر ‪ ،03/05‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫شاىر إسماعيؿ شاىر‪" ،‬يسيؿ األمكاؿ كأثره عمى اقتصاديات الدكؿ النامية"‪ ،‬مجمة تنمية الرافديف‪ ،‬كمية اإلدارة‬ ‫‪2‬‬

‫كاالقتصاد‪ ،‬جامعة المكصؿ‪ ،‬العدد‪ ،4002 ،22‬ص‪.22‬‬


‫لعيد مفتاح‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.752‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ ،03/05‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪41‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫في بادئ األمر تحت كصاية رئيس الحككمة ثـ تحت كصاية كزير العدؿ بمكجب المرسكـ‬
‫التنفيذم ‪ 286/06‬المؤرخ في ‪ 26‬يشت ‪ 2006‬المحدد لتنظيـ الديكاف كسيره‪.1‬‬

‫كيتكلى الديكاف الكطني لمكافحة التيريب إعداد برامج عمؿ كطنية لمكافحة التيريب‬
‫كالكقاية منو‪ ،‬كما يتكلى جمع المعمكمات كالمعطيات كالدراسات ذات الصمة بيذه الظاىرة‬
‫إضافة إلى تعزيز التعاكف الدكلي كتبادؿ الخبرات في مجاؿ في مجاؿ الكقاية مف التيريب‬
‫كمكافحتو‪.2‬‬

‫‪ -4‬االتجار باألشخاص‪ :‬تشكؿ جريمة االتجار باألشخاص شكال مف أشكاؿ الرؽ المعاصر‬
‫حيث تقكـ عصابات اإلجراـ المنظـ‪ ،‬كمافيا االتجار باألشخاص كالكسطاء التابعيف ليـ‬
‫بانتياؾ حقكؽ المستضعفيف مف البشر كاستغالليـ استغالال سيئا كصؿ حد القير‬
‫كاالسترقاؽ‪ ،‬ككأف اإلنساف لدل ىؤالء المجرميف بمثابة سمعة يباع كيشترل عمى أيدم فئة‬
‫مريضة كذلؾ بالمخالفة لمديانات السماكية كالتشريعات الكضعية‪.‬‬

‫كما أصبحت جريمة االتجار باألشخاص بصكرىا كمظاىرىا المختمفة تشكؿ النشاط‬
‫األبرز لعصابات الجريمة المنظمة في العالـ‪ ،‬كمف الثابت أنو باإلضافة إلى األضرار النفسية‬
‫كاالجتماعية كالسياسية في المجتمع‪ ،‬فإف ىذا األمر نجـ عنو انعكاسات سمبية بالغة الخطكرة‬
‫عمى الصعيد األمني كاالقتصادم لمدكؿ باعتبار أف االتجار باألشخاص عممية اقتصادية‬
‫متكاممة يككف اإلنساف ىك سمعتيا األساسية كتخضع لقكانيف العرض كالطمب كأنظمة‬
‫السكؽ‪ . 3‬فيذه العصابات تمارس أنشطتيا اإلجرامية كمينة‪ ،‬تيدؼ مف كرائيا إلى تكليد‬
‫تدفقات مالية ضخمة كسريعة الحركة‪ ،‬تسعى إلى تحكيميا إلى أمكاؿ مشركعة عف طريؽ‬
‫تبييضيا بأساليب مختمفة‪.4‬‬

‫المادة ‪ 04‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 433/03‬المؤرخ في ‪ 43‬أيسطس ‪ ،4003‬المحدد لتنظيـ الديكاف الكطني لمكافحة‬ ‫‪1‬‬

‫التيريب كسيره‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،52‬صادر في ‪ 20‬يشت ‪.4003‬‬


‫المادة ‪ 02‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،433/03‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫رامية محمد شا عر‪ ،‬االتجار بالبشر (قراءة قانكنية اجتماعية)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي القانكنية‪ ،‬بيركت‪،4074 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.71-73‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪42‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كمف أجؿ ذلؾ‪ ،‬قامت األمـ المتحدة بكضع بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة االتجار‬
‫باألشخاص كخاصة النساء كاألطفاؿ المكمؿ التفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة‬
‫المنظمة عبر الكطنية‪ ،‬الذم اعتمد بمكجب قرار الجمعية العامة لألمـ المتحدة بتاريخ ‪15‬‬
‫نكفمبر ‪.2000‬‬

‫لقد صادقت الجرائر عمى بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة االتجار باألشخاص بتحفظ‬
‫بمكجب مرسكـ رئاسي‪ ، 1‬ككانت ىذه المصادقة المقدمة لتعديؿ قانكف العقكبات ‪155/66‬‬
‫بالقانكف ‪ 201/09‬حيث نصت المادة ‪ 303‬مكرر‪ 4‬منو عمى أنو‪" :‬يعد اتجا ار باألشخاص‬
‫تجنيد أك نقؿ أك تنقيؿ أك إيكاء أك استقباؿ شخص أك أكثر بكاسطة التيديد بالقكة أك‬
‫باستعماليا أك يير ذلؾ مف أشكاؿ اإلكراه‪ ،‬أك االختطاؼ أك االحتياؿ أك الخداع أك إساءة‬
‫استعماؿ السمطة أك استغالؿ حالة استضعاؼ أك بإعطاء أك تمقي مبالغ مالية أك مزايا لنيؿ‬
‫مكافقة شخص لو سمطة عمى شخص آخر بقصد االستغالؿ كيشمؿ االستغالؿ دعارة الغير‬
‫أك سائر أشكاؿ االستغالؿ الجنسي أك استغالؿ الغير في التسكؿ أك السخرة أك الخدمة كرىا‬
‫أك االسترقاؽ أك الممارسات الشبيية بالرؽ أك االستعباد أك نزع األعضاء"‪.‬‬

‫كيالحظ في تعريؼ المشرع الجزائرم ريـ اتفاقو مع التعريؼ الكارد في البركتكككؿ‬


‫ال سالؼ الذكر‪ ،‬إال أف ىناؾ اختالؼ في صكر االستغالؿ‪ ،‬حيث أنيا كردت في قانكف‬
‫العقكبات الجزائرم عمى سبيؿ الحصر ال عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬كىذا لعدـ كركد عبارة "يشمؿ‬
‫االستغالؿ كحد أدنى" الكاردة في البركتكككؿ أك أم عبارة أخرل يفيـ مف خالليا كركد صكر‬
‫االستغالؿ عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬كىذا مكقؼ منتقد في نظرنا ألنو يؤدم إلى تضييؽ نطاؽ‬
‫جريمة االتجار باألشخاص‪.‬‬

‫‪ -5‬التهرب الضريبي‪ :‬يعرؼ التيرب الضريبي بأنو‪" :‬عدـ االمتثاؿ لمتشريع الضريبي مف‬
‫أجؿ التخمص مف أداء الضريبة بجميع الكسائؿ كاألشكاؿ سكاء تعمؽ األمر بالعمميات‬

‫المرسكـ الرئاسي ‪ 271/02‬المؤرخ في ‪ 02‬نكفمبر ‪ ،4002‬المتضمف المصادقة بتحفظ عمى بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة‬ ‫‪1‬‬

‫االتجار باألشخاص خاصة النساء كاألطفاؿ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،32‬صادر في ‪ 74‬نكفمبر ‪.4002‬‬
‫القانكف ‪ 07/02‬المؤرخ في ‪ 45‬فبراير ‪ ،4002‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،75‬صادر في ‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫مارس ‪.4002‬‬

‫‪43‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المحاسبية‪ ،‬أك الحركا ت المادية‪ ،‬كذلؾ بكؿ أك بجزء مف المبمغ الكاجب الدفع لمخزينة‬
‫العمكمية"‪.1‬‬

‫كما يقصد بالتيرب الضريبي‪" :‬مجمكعة العمميات التي يقكـ بيا المكمؼ بالضريبة مف‬
‫أجؿ كضع مادتو الخاضعة لمضريبة في متناكؿ النظاـ الجبائي الذم يمنحو أحسف كأكثر‬
‫امتيازات سكاء في داخؿ الدكلة أك خارجيا"‪.2‬‬

‫كيؤدم التيرب الضريبي إلى آثار سمبية مف ناحية مالية الدكلة كعدـ قدرتيا عمى‬
‫الكفاء بالتزاماتيا تجاه األفراد‪ ،‬إذ يفكت عمى الدكلة جزء ىاما مف حصيمة الضرائب‪ ،‬كما أنو‬
‫يؤدم إلى اإلخالؿ بمبدأ العدالة في تكزيع األعباء العامة‪ ،‬كلذلؾ فإف الدكلة تعمؿ جاىدة‬
‫عمى محاربة التيرب الضريبي سكاء عمى المستكل الداخمية أك الخارجي‪.3‬‬

‫كيعتبر التيرب الضريبي الدكلي مف أخطر أشكاؿ التيرب‪ ،‬إذ يتمثؿ في العمؿ عمى‬
‫التخمص مف دفع الضريبة في بمدىا عف طريؽ التيرب يير القانكني لممداخؿ كاألرباح التي‬
‫مف المفركض أف تخضع لضرائب البمد الذم حققت فيو فعال إلى بمد آخر يتميز بضغطو‬
‫الضريبي المنخفض‪.4‬‬

‫كما يعتبر التيرب الضريبي الدكلي مف أكبر المصادر التي تمكف مف تحقيؽ أمكاؿ‬
‫طائمة تككف ىدفا لعمميات تبييض األمكاؿ في ظؿ التسييالت كاإلعفاءات التي تمنحيا‬
‫بعض الدكؿ كالمناطؽ التي يطمؽ عمييا الجنات الضريبية )‪(LES PARADIS FISCAUX‬‬
‫أك النظـ الضريبية التفضيمية )‪ )LES REGIMES FISCAUX PRIVILEGIES‬التي تتميز‬
‫بالسرية المصرفية المطمقة كسيكلة إنشاء المؤسسات‪.‬‬

‫‪ 1‬حميد بكزيدة‪ ،‬جباية المؤسسات‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،4070 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Louis CARTOU, Droit fiscal international et européen, 2eme édition, précis Dalloz, paris,‬‬
‫‪1991, p259.‬‬
‫‪ 3‬محمد عباس محرزم‪ ،‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،4005 ،‬ص‪.272‬‬
‫حميد بكزيدة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪44‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كيتـ عادة ممارسة التيرب الضريبي عمى المستكل الدكلي عف طريؽ الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات‪ ،‬باعتبارىا تمثؿ أكضح نمكذج لمتيرب الضريبي عمى المستكل الدكلي‬
‫بالنظر إلى طبيعة نشاطيا كما ليا مف فركع متعددة في دكؿ مختمفة‪.‬‬

‫كذلؾ تحرير التجارة الخارجية زادت في تفاقـ ظاىرة التيرب الضريبي‪ ،‬كذلؾ عف‬
‫طريؽ المؤسسات التجارية الكىمية المقيدة في السجؿ التجارم‪ ،‬بدكف أف تممؾ مق ار ليا يؤدم‬
‫إلى صعكبة رقابة كؿ العمميات كالصفقات التي تبرميا كعدـ القدرة عمى متابعتيا مف أجؿ‬
‫تحصيؿ ما عمييا مف ضرائب‪.‬‬

‫إدراكا مف الجزائر بالمخاطر التي ينطكم عمييا التيرب الضريبي كارتباطو بعمميات‬
‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬فقد كرس المشرع عدة آليات لمكافحة التيرب الضريبي عف طريؽ اعتماد‬
‫كسائؿ تسمح بمعالجة أسبابو سكاء عمى مستكل النظاـ كالتشريع الضريبي أك عمى مستكل‬
‫الرقابة الجبائية‪ ،‬باإلضافة إلى التعاكف الخارجي المتمثؿ في إبراـ العديد مف االتفاقيات‬
‫الدكلية لمكافحة التيرب الضريبي‪.1‬‬

‫رابعا‪ :‬البعد الدولي لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫تصنؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة ذات بعد دكلي‪ ،‬ذلؾ أف األمكاؿ محؿ‬
‫التبييض تككف في الغالب محصمة مف جريمة ارتكبت في بمد ما بينما يتـ إيداعيا في بنكؾ‬
‫‪2‬‬
‫دكلة أخرل‪ ،‬كىذه األمكاؿ نفسيا يعاد استثمارىا في دكلة ثالثة‪ ،‬مما يدؿ عمى خطكرتيا‬
‫حيث أف جريمة تبييض األمكاؿ تتطمب في مراحميا عمميات نقؿ كتيريب األمكاؿ يير‬
‫المشركعة مف مكاف إلى آخر كمف دكلة إلى أخرل يعتقد المجرـ أف ىذه األمكاؿ ستككف فييا‬
‫في مأمف كأنيا بعيدة عف أعيف السمطات المكمفة بالمراقبة‪.‬‬

‫مثاؿ ذلؾ االتفاقية المكقعة بيف الجزائر كالكاليات المتحدة األمريكية بتاريخ ‪ 72‬أكتكبر ‪ 4075‬بالجزائر المتضمنة تبادؿ‬ ‫‪1‬‬

‫المعمكمات الضريبية بيف البمديف كتدعيـ المكافحة الثنائية كالدكلية لمتيرب الضريبي‪.‬‬
‫عبد اهلل بف جييـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪45‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫إف كصؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة ذات بعد دكلي يتطمب معرفة المقصكد‬
‫بالجريمة الدكلية التي ىي في أساسيا جريمة تتكفر فييا جميع عناصر كأركاف الجريمة‬
‫كينص عمييا القانكف الداخمي‪ ،‬يير أف ما يميزىا ىك أف قانكف العقكبات الكطني يأخذ عند‬
‫التجريـ كالعقاب باالتفاقيات الدكلية المبرمة لمكاجية ىذا النكع مف الجرائـ‪.1‬‬

‫لقد ساعدت التغيرات ا لتي شيدىا االقتصاد العامي في نياية القرف العشريف مع‬
‫انتشار مفيكـ العكلمة‪ ،‬كتحرير التجارة العامية‪ ،‬كالخدمات المالية‪ ،‬كسيكلة انتقاؿ رؤكس‬
‫األمكاؿ بيف الدكؿ المختمفة عمى انتشار جريمة تبييض األمكاؿ التي لـ تعد مقصكرة عمى‬
‫الدكؿ التي تنتشر فييا جرائـ االتجار يير المشركع بالمخدرات كالفساد‪ ،‬كلكنيا انتشرت‬
‫جغرافيا لتشمؿ دكال نامية إلى جانب الدكؿ المتقدمة‪ ،‬بؿ تكجد في أم مكاف في العالـ‬
‫تضعؼ فيو آليات اإلشراؼ كالرقابة عمى حركة رؤكس األمكاؿ‪.2‬‬

‫كيكتسي البعد الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ أىمية في االعتراؼ بحجية الحكـ‬
‫الجن ائي الذم صدر في دكلة معينة أماـ محاكـ الدكؿ األخرل‪ ،‬حيث أف األمكاؿ التي يجرم‬
‫تبييضيا م حصمة مف جريمة تـ ارتكابيا في بمد آخر يصعب عمى الدكلة التي يتـ فييا‬
‫تبييض ىذه األمكاؿ مالحقة مرتكبي جريمة تبييض األمكاؿ كمصادرة عائداتيا‪ ،‬كذلؾ ما لـ‬
‫تعترؼ بحجية الحكـ الصادر عف محاكـ الدكلة التي ارتكبت فييا الجريمة األصمية مصدر‬
‫األمكاؿ يير المشركعة محؿ التبييض‪.‬‬

‫كما يسيـ البعد الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ في تجاكز اعتبارات السيادة الكطنية‬
‫كذلؾ بما يكفره مف آليات قانكنية ذات صبغة دكلية‪ ،‬كيتجمى ذلؾ خاصة في مجاؿ تسميـ‬
‫المجرميف الذم عف طريقو أصبح باإلمكاف مكافحة تبييض األمكاؿ مف خالؿ قياـ الدكلة‬
‫التي يتـ القبض عمى الجاني فكؽ أراضييا بالتخمي عف ىذا األخير إلى دكلة أخرل بناء‬
‫عمى طمبيا لمحاكمتو أك تنفيذ حكـ صادر في حقو مف إحدل محاكميا‪.3‬‬

‫عبد اهلل بف جييـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد عبد اهلل حسيف العاقؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.254‬‬ ‫‪2‬‬

‫جبارم عبد المجيد‪ ،‬األمر بالقبض الدكلي كاشكاالتو‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،4072 ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪46‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كبناء عمى ما تقدـ‪ ،‬يمكننا القكؿ بأف جريمة تبييض األمكاؿ تعتبر مف الجرائـ التي‬
‫ليا طبيعتيا الخاصة‪ ،‬كالتي تميزىا عف ييرىا مف الجرائـ التقميدية حتى أنو يطمؽ عمييا‬
‫جريمة ذكم الياقات البيضاء‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫عوامؿ استفحاؿ جريمة تبييض األمواؿ‬

‫ساىمت العديد مف العكامؿ كاألسباب في استفحاؿ كتنامي جريمة تبييض األمكاؿ‬


‫كالتي سنتعرض لبعض منيا في ىذا الفرع‪ ،‬بدءا بظاىرة العكلمة االقتصادية (أكال)‪ ،‬كانتشار‬
‫المراكز المالية خارج الحدكد (ثانيا)‪ ،‬إضافة إلى انتشار ظاىرة االقتصاد الخفي (ثالثا)‪،‬‬
‫ختاما بالتطكر التكنكلكجي في مجاؿ المعامالت كالتحكيالت المصرفية (رابعا)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال‪ :‬ظاهرة العولمة االقتصادية‬

‫أدل انتشار ظاىرة العكلمة بما تحممو مف فتح الحدكد بيف الدكؿ كتحرير التجارة‬
‫الدكلية إلى تسييؿ تصدير النشاط اإلجرامي خارج الحدكد الكطنية بمساعدة النظـ المالية‬
‫كالبنكية ككسائؿ االتصاؿ كالنقؿ السريع‪ .‬ىذا ما جعؿ المنظمات اإلجرامية تعمؿ بحرية‬
‫أكبر‪ ،‬كلـ تعد الحدكد عائقا أماميا فأصبحت خط ار كتحديا حقيقيا لسيادة الدكؿ‪.3‬‬

‫جرائـ ذكم الياقات البيضاء مصطمح يطمؽ عمى الجرائـ التي يفترض أف تككف أكثر تطك ار مف ييرىا مف الجرائـ‪ ،‬عادة‬ ‫‪1‬‬

‫ال تنطكم عمى عنؼ ك ترتكب لدكافع مالية مف قبؿ رجاؿ األعماؿ كأصحاب النفكذ‪ .‬عرؼ المتخصص في عمـ االجتماع‬
‫"ادكيف سذر الند" المصطمح ألكؿ مرة سنة ‪ 7222‬بأنو‪" :‬جريمة يرتكبيا فرد مف ذكم الطبقات االجتماعية العميا كلو مكانة‬
‫مرمكقة في نطاؽ مينتو"‪ .‬كتشمؿ جرائـ ذكم الياقات البيضاء‪ :‬االحتياؿ كالرشكة كاالختالس كالجرائـ اإللكتركنية كانتياؾ‬
‫حقكؽ الطبع كتبييض األمكاؿ كانتحاؿ الصفة‪.‬‬
‫العكلمة ىي كاحدة مف بيف عدة كممات عربية تـ طرحيا كمقابؿ لمكممة االنجميزية ‪ Globalization‬كالكممة الفرنسية‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، Mondialisation‬كىي الكككبة‪ ،‬الككنية‪ ،‬الشمكلية‪ ،‬التدكيؿ‪ ،‬ككميا أسماء لظاىرة كاحدة‪ ،‬كلفظ العكلمة ىك األكثر‬
‫شيكعا‪.‬‬
‫مختار حسيف شبيمي‪ ،‬اإلجراـ االقتصادم كالمالي الدكلي كسبؿ مكافحتو‪ ،‬منشكرات جامعة نايؼ العربية لمعمكـ األمنية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الرياض‪ ،4001 ،‬ص‪.03‬‬

‫‪47‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كتعتبر العكلمة االقتصادية مف أىـ أبعاد العكلمة‪ ،1‬حيث ترتكز عمى مفيكـ اقتصاد‬
‫السكؽ‪ ،‬فيي عممية سيادة مذىبية السكؽ كقكانينيا لتجعؿ العالـ منطقة تجارة مكحدة؛ حيث‬
‫تزكؿ الحكاجز أماـ انتقاؿ السمع كالخدمات كرؤكس األمكاؿ‪.2‬‬

‫‪ -1‬تعريؼ العولمة االقتصادية‪ :‬تعتبر العكلمة االقتصادية مف المصطمحات التي يصعب‬


‫صياية تعريؼ محدد ليا لتأثرىا أساسا باتجاىات الباحثيف إزاء العكلمة رفضا أك قبكال‪ ،‬كفي‬
‫ىذا اإلطار يمكننا ذكر بعض التعريفات المتعمقة بظاىرة العكلمة االقتصادية‪ ،‬فقد عرفت‬
‫بأنيا‪" :‬زيادة الحركية العالمية في انتقاؿ السمع كالخدمات كرؤكس األمكاؿ كقكة العمؿ‬
‫كاألفكار كالمعمكمات عبر الحدكد القكمية‪ ،‬بيدؼ اندماج االقتصاديات في سكؽ عالمية‬
‫كاحدة"‪.3‬‬

‫فمفيكـ العكلمة يتجسد أساسا في الجانب االقتصادم بدرجة أكثر مف الجكانب‬


‫األخرل التي يمكف اعتبارىا تابعة لمعكلمة االقتصادية‪ ،‬ألف العكلمة االقتصادية تنتشر بسرعة‬
‫كبيرة عمى كافة المستكيات اإلنتاجية كالمالية كالتسكيقية كاإلدارية‪ ،‬كيرجع السبب في ذلؾ إلى‬
‫تعدد الجكانب المحيطة بيا مف اقتصادية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اجتماعية كتكنكلكجية‪.4‬‬

‫‪ -2‬دور العولمة االقتصادية في تسهيؿ عمميات تبييض األمواؿ‪ :‬تعتبر العكلمة المناخ‬
‫الخصب الذم أدل إلى استفحاؿ الجريمة االقتصادية كمنيا جريمة تبييض األمكاؿ‪ .5‬فقد‬
‫ساىمت التغيرات التي أحدثتيا العكلمة االقتصادية كما صاحبيا مف سرعة كحرية انتقاؿ‬
‫رؤكس األمكاؿ عالميا في فتح منافذ كانت مسدكدة في كجو مبيضي األمكاؿ كميدت ليـ‬
‫الطريؽ لكي يباشركا عممياتيـ بكسائؿ مريحة‪ ،‬كأصبح تبييض األمكاؿ يتـ بشكؿ أسيؿ مف‬

‫لظاىرة العكلمة عدة أبعاد‪ ،‬فإلى جانب البعد االقتصادم ىناؾ البعد السياسي‪ ،‬البعد االجتماعي كالبعد الثقافي‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الحميـ عمار يربي‪ ،‬العكلمة االقتصادية (نظرة استشرافية في مطمع القرف الكاحد كالعشريف)‪ ،‬دار أبي الفداء لمنشر‬ ‫‪2‬‬

‫كالتكزيع كالترجمة‪ ،‬سكريا‪ ،4072 ،‬ص‪.43‬‬


‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العكلمة االقتصادية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،4002 ،‬ص‪.75‬‬
‫‪5‬‬
‫‪MARTIN Daniel, Les vulnérabilités des nouvelles technologies de l’information : le‬‬
‫‪blanchiment sur internet, Institut européen d’étude de commerciales supérieures, Strasbourg,‬‬
‫‪2000, p34.‬‬

‫‪48‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫السابؽ‪ ،‬بؿ أسرع مما يطمبو حشد تمؾ األمكاؿ ليتـ إدخاليا في الدكرة االقتصادية بأساليب ال‬
‫تثير أم شككؾ‪.1‬‬

‫كما يزيد تأكيد مساىمة العكلمة االقتصادية في تسييؿ عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬ىك‬
‫ذلؾ االرتباط المكجكد بيف العكلمة كالسرية المصرفية‪ ،‬فكجكد نظاـ السرية المصرفية يعتبر‬
‫ضركرم في عصر تزكؿ فيو الحكاجز الجغرافية كالسياسية كاالقتصادية بيف الدكؿ‪ ،‬ما أدل‬
‫إلى إمكانية انتقاؿ رؤكس األمكاؿ األجنبية بسيكلة مف دكلة إلى أخرل‪ .‬كمف الطبيعي أف‬
‫تجد رؤكس األمكاؿ ىذه‪ ،‬كاليادفة إلى تحقيؽ االستثمارات الدكلية‪ ،‬حماية ليا في نظاـ‬
‫السرية المصرفية كمف ىنا تتضح العالقة بيف نظاـ السرية المصرفية كحركة رؤكس األمكاؿ‬
‫كبالتالي تظير مدل تأثير العكلمة االقتصادية عمى أنظمة كمبادئ البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية‪ ،‬خاصة مبدأ االلتزاـ بالسر المصرفي‪ ،‬مما يساىـ بصفة مباشرة أك يير مباشرة في‬
‫مساعدة اإلجراـ في إيجاد مصادر لتمكيمو‪.‬‬

‫كما أف لمعكلمة االقتصادية تأثير ىاـ عمى كيفية تسيير كادارة البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية‪ ،‬حيث تحاكؿ ىذه األخيرة بمجرد مكاكبتيا لمعكلمة أف تقكـ بعمميات لـ تكف تقكـ بيا‬
‫مف قبؿ كال تممؾ الخبرة الكافية لمقياـ بيا‪ ،‬كمف ىنا فقد نجد تزايد عمميات تبييض األمكاؿ‬
‫دكف أف يتفطف ليا المسير المصرفي‪ ،‬خاصة إذا لـ يكف مدعما بتككيف مقبكؿ‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬انتشار المالذات المصرفية‬

‫تعتبر ا لمالذات المصرفية مف أبرز العكامؿ التي ساىمت في انتشار عمميات تبييض‬
‫األمكاؿ مف خالؿ المزايا الجبائية التي تمنحيا لممستثمريف‪ ،‬مما يمكنيـ مف تحقيؽ أرباح‬
‫طائمة دكف المركر عمى الرقابة‪ ،‬فيي تمنحيـ إعفاءات كتخفيضات ضريبية داخؿ أراضييا‬
‫بيدؼ جذب رؤكس األمكاؿ كاالستثمارات إلييا لدعـ التنمية االقتصادية بداخميا‪.3‬‬

‫ىياـ الجرد‪ ،‬المد كالجزر بيف السرية المصرفية كتبييض األمكاؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،4002‬ص‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪MARTIN Daniel, Op.Cit, p38.‬‬
‫مختار حسيف شبيمي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -1‬مفهوـ المالذات المصرفية‪ :‬يرجع ظيكر المالذات المصرفية إلى اليكناف القديمة‪ ،‬حيث‬
‫كانت بعض الجزر اليكنانية تستخدـ كمستكدعات بحرية مف قبؿ التجار لتجنب دفع بعض‬
‫الضرائب التي كانت تفرض في ذلؾ الكقت عمى السمع المستكردة‪.‬‬

‫بينما يشير بعض الفقياء في مجاؿ االقتصاد إلى أف أكؿ مالذ مصرفي حقيقي كاف‬
‫في سكيسرا‪ ،‬حيث كانت بنككيا مالذا لرؤكس األمكاؿ الميربة مف االضطرابات االجتماعية‬
‫في ركسيا‪ ،‬ألمانيا كأمريكا الجنكبية‪ ،‬كىي ال تزاؿ مف أشير المالذات المصرفية عمى‬
‫المستكل العالمي بالنظر إلى قكانينيا المصرفية التي تكرس السرية المصرفية المطمقة‪ ،‬إذ يعد‬
‫أم خرؽ ليذه السرية مخالفة جزائية تستحؽ العقاب‪.1‬‬

‫كيرتبط مفيكـ المالذات المصرفية بالتنظيـ القانكني الذم يساعد عمى عدـ إفشاء‬
‫المعمكمات المصرفية‪ ،‬كىكذا يعتبر السر المصرفي أحد العناصر المككنة لو‪ ،‬بحيث ال‬
‫تفرض القكانيف التزامات عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬فيتـ االحتفاظ بسرية المعمكمات‬
‫المتعمقة بالعمالء ككذلؾ العمميات التي تتـ‪ ،‬كال يسمح لمسمطات المكمفة بتطبيؽ القانكف‬
‫باالطالع عمى الكثائؽ المتعمقة بذلؾ‪.2‬‬

‫فالمالذات المصرفية ىي البيئة الحاضنة لمبدأ سرية الحسابات المصرفية‪ ،‬كمجاال‬


‫خصبا إلخفاء مصدر األمكاؿ الناتجة عف ارتكاب مختمؼ الجرائـ كتمؾ الميربة مف الرسكـ‬
‫الضريبية المفركضة عمييا في بمدانيا كتسمى كذلؾ ىذه المناطؽ بالمحميات المالية أك‬
‫الجنات الضريبية‪.3‬‬

‫كتعتبر دكؿ المالذ المصرفي بمدانا ذات سيادة تتيح قكانينيا المتعمقة بإيرادات الدكلة‬
‫كأعماليا المصرفية لممكدعيف أك المستثمريف مف بمداف أخرل إمكانية تفادم مسؤكلياتيـ‬

‫محمكد محمد سعيفاف‪ ،‬تحميؿ كتقييـ دكر البنكؾ في مكافحة عمميات يسيؿ األمكاؿ‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،4003‬ص‪.713‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean- Michel Racchi et Jacque Terray, Les paradis Fiscaux, édition Arnaud FRANEL,‬‬
‫‪France, 2011, p197.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p195.‬‬

‫‪50‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫الضريبية أك تخفيضيا‪ ،‬كتكفر ليـ قد ار مف السرية المصرفية كالتجارية كتعتبر ىذه البمداف‬
‫بسبب دكرىا الميـ في النشاط المالي الدكلي كسيمة فعالة كمغرية لتبييض األمكاؿ‪.1‬‬

‫كيتقارب مفيكـ المالذات المصرفية مع مفيكـ المراكز المالية الحرة عمى اعتبار أف‬
‫نشاط كال منيما ينصب عمى المجاؿ المالي‪ ،‬حيث تعمؿ المراكز المالية الحرة عمى تقديـ‬
‫الخدمات المالية عمى اختالؼ أشكاليا بكاسطة الكحدات المصرفية كيير المصرفية التي‬
‫تتكاجد فييا‪ ،‬أيف تضع قكاعد مف أجؿ القياـ ببعض العمميات الدكلية التي ليس ليا عالقة‬
‫باألنشطة االقتصادية داخؿ إقميميا‪.2‬‬

‫كيتمثؿ عامؿ التمييز بيف المالذات المصرفية كالمراكز المالية الحرة في ككف أيمب‬
‫المؤسسات المالية كالمضاربيف في ىذه األخيرة متكاجديف ماديا فييا‪ ،‬أم يمكف معرفتيـ‪ ،‬في‬
‫الكقت الذم ال يمكف التعرؼ عمى ىؤالء األشخاص داخؿ المالذات المصرفية‪.3‬‬

‫كما تتميز المالذات المصرفية عف المراكز المالية الحرة بككف الناشطيف فييا سكاء‬
‫كانكا أفراد أك شركات فيـ يسعكف إلى تقميؿ أعبائيـ الجبائية‪ ،‬حيث يعممكف عمى جعؿ جزء‬
‫مف أرباحيـ كممتمكاتيـ يخضع لضريبة أقؿ مف تمؾ المعمكؿ بيا في المكطف األصمي‪ ،‬في‬
‫حيف أف العمميات التي تقاـ في المراكز المالية الحرة تككف ليا أبعاد تجارية محضة يرجى‬
‫مف كرائيا تمكيؿ ا لصادرات كبعض األنشطة االقتصادية‪ ،‬كما أف المعطيات في المالذات‬
‫المصرفية تك كف صكرية ككىمية كتستعمؿ ىذه المناطؽ باألساس في تيريب األمكاؿ‬
‫كتبييضيا‪.4‬‬

‫‪ -2‬خصائص المالذات المصرفية‪ :‬تتميز المالذات المصرفية بمجمكعة مف الخصائص‬


‫التي تجعؿ منيا مرك از لجدب األمكاؿ المشبكىة المصدر‪ ،‬كلعؿ مف أبرز تمؾ الخصائص‬
‫السرية المصرفية المطمقة حيث تتميز المالذات المصرفية بترحيبيا يير المحدكد‬
‫باالستثمارات األجنبية‪ ،‬إذ تكفؿ قكانينيا السرية المطمقة لكافة التعامالت المصرفية‪ ،‬ككذلؾ‬

‫محمد عباس منصكر‪" ،‬سرية الحسابات المصرفية المالذ لغسيؿ األمكاؿ"‪ ،‬المجمة العربية لعمكـ الشرطة‪ ،‬العدد ‪،752‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،7223‬ص‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CUTAJAR Chantal, L’ordre juridique français face aux sociétés écrans des paris fiscaux,‬‬
‫‪Institue européen d’études commerciales supérieurs, Strasbourg, 2000, p156.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jean- Michel Rachi et Jaque Terray, Op.Cit, p197.‬‬
‫‪ 4‬محمد عبد اهلل حسيف العاقؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.521‬‬

‫‪51‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫التساىؿ في عمميات اإليداع كالتحكيؿ النقدييف إلييا‪ ،‬مع يياب الرقابة الالحقة عمى األمكاؿ‬
‫المكدعة‪.‬‬

‫كتتميز كذلؾ المالذات المصرفية بتكفر كافة كسائؿ االتصاالت المتقدمة لدييا كالتي‬
‫ساعدت بدكرىا عمى انتشار النقكد اإللكتركنية‪ ،‬كتزايد حجـ التجارة اإللكتركنية‪ ،‬كعكلمة‬
‫الخدمات المالية كالمصرفية‪ ،‬مما أتاح لمبيضي األمكاؿ أنماط جديدة تشبو إلى حد كبير‬
‫التعامالت المالية كالتجارية المشركعة‪.‬‬

‫كما تتميز المالذات المصرفية بالعديد مف المزايا الجبائية التي تعد الدافع األكؿ‬
‫كالمباشر الذم يحفز أصحاب رؤكس األمكاؿ عمى تحكيؿ أمكاليـ إلييا‪ ،‬كتتجمى المزايا‬
‫الجبائية في انعداـ أك انخفاض معدؿ االقتطاعات الضريبية عمى القيمة المضافة كعمى‬
‫الدخؿ كعمى األرباح كيير ذلؾ‪.‬‬

‫كمف الممفت لمنظر أف نجد المالذات المصرفية تتميز باالستقرار السياسي‬


‫كاالقتصادم كاالجتماعي‪ ،‬كذلؾ بغية جذب رؤكس األمكاؿ إلييا‪ ،‬إذ أف رأس الماؿ بطبيعتو‬
‫جباف‪ ،‬فيك يفر مف سائر البقاع المضطربة صكب األنظمة السياسية المستقرة كالتي تنتيج‬
‫سياسة اقتصادية تتميز بالثبات كالتي تعني عدـ حدكث تغيرات مفاجئة كيير متكقعة في‬
‫التشريعات المنظمة لمحياة االقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬

‫فالمالذات المصرفية تكفر مناخا مناسبا لزيادة عمميات تبييض األمكاؿ نظ ار لما تتميز‬
‫بو مف خصائص كتكفره مف تسييالت كحكافز في جميع المياديف‪ ،‬تيسر مف خالليا عمميات‬
‫جذب رؤكس األمكاؿ مف مصادر مختمفة بما فييا العكائد اإلجرامية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬انتشار ظاهرة االقتصاد غير الرسمي‬

‫يعتبر االقتصاد يير الرسمي مف الظكاىر االقتصادية المتعددة األبعاد كالمخاطر‪ ،‬إذ‬
‫ال يكاد يخمك االقتصاد الكطني ألم دكلة مف انتشار بعض صكر األنشطة االقتصادية‬
‫الخفية كاف كاف حجميا يتفاكت مف دكلة ألخرل حسب ظركفيا االقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريؼ االقتصاد غير الرسمي‪ : 1‬يعرؼ االقتصاد يير الرسمي بأنو كافة األنشطة‬
‫المكلدة لمدخؿ كالتي ال تسجؿ ضمف حسابات الناتج المحمي اإلجمالي‪ ،‬إما لتعمد إخفائيا أك‬
‫لمتيرب مف االلتزامات القانكنية المرتبطة بالكشؼ عنيا‪ ،‬كاما ألنيا مخالفة لمنظاـ القانكني‬
‫السائد‪.2‬‬

‫فالمعيار المعتمد في ىذا التعريؼ لمقكؿ بأف نشاط ما يندرج ضمف االقتصاد يير‬
‫الرسمي ىك النظر في ما إذا كاف ذلؾ النشاط متضمنا في حساب الناتج المحمي اإلجمالي‬
‫ككفقا لذلؾ يتسع مجاؿ االقتصاد يير الرسمي ليشمؿ كؿ األنشطة التي تكلد دخؿ ال يتـ‬
‫تسجيمو ضمف حسابات الناتج المحمي اإلجمالي‪.‬‬

‫كما يعرؼ االقتصاد يير الرسمي بأنو كافة األنشطة المكلدة لمدخؿ سكاء كانت‬
‫مشركعة أك يير مشركعة‪ ،‬كالتي ال تسجؿ ضمف حسابات الناتج الكطني لمدكلة‪ ،‬إما‬
‫لإلفالت مف بعض االلتزامات القانكنية كدفع الضرائب‪ ،‬أك تفادم بعض القيكد القانكنية‬
‫لممارسة النشاط ذاتو‪ ،‬أك بسبب أف ىذه األنشطة تعد مخالفة لمقكانيف كمف ثـ فيي أنشطة‬
‫يير مشركعة‪.3‬‬

‫كيتضمف االقتصاد يير الرسمي كفقا ليذا التعريؼ عمى طائفتيف مف األنشطة‬
‫االقتصادية؛ أنشطة مشركعة كأخرل يير مشركعة‪.‬‬

‫كتتمثؿ األنشطة المشركعة في كافة األنشطة التجارية التي تسمح بيا قكانيف الدكلة‪،‬‬
‫كتكسؼ ىذه األنشطة صفة الخفاء ريبة مف أصحابيا في التيرب مف التزامات قانكني كدفع‬
‫الضرائب‪ ،‬بينما تتمثؿ األنشطة يير المشركعة في كافة األعماؿ اإلجرامية التي يعاقب‬
‫عمييا القانكف كاإلتجار بالمخدرات كأنشطة الفساد كالرشكة‪.‬‬

‫تعددت التسميات المقدمة لالقتصاد يير الرسمي منيا‪ :‬االقتصاد الخفي‪ ،‬االقتصاد المكازم‪ ،‬اقتصاد الظؿ‪ ... ،‬الخ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد حسيف الييتي‪" ،‬ظاىرة االقتصاد الخفي كيسيؿ األمكاؿ‪ :‬المصادر كاآلثار"‪ ،‬مجمة اإلدارة كاالقتصاد‪ ،‬كمية اإلدارة‬ ‫‪2‬‬

‫كاالقتصاد‪ ،‬جامعة المستنصرية‪ ،‬العدد‪ ،4070 ،37‬ص‪.37‬‬


‫صفكت عبد السالـ عكض اهلل‪ ،‬االقتصاد السرم (دراسة في آليات االقتصاد الخفي كطرؽ عالجو)‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫القاىرة‪ ،4004 ،‬ص‪.02‬‬

‫‪53‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كترجع أسباب نمك ظاىرة االقتصاد يير الرسمي إلى مجمكعة مف العكامؿ كاألسباب‬
‫االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬السياسية كاإلدارية السائدة‪ ،‬كالتي تختمؼ مف دكلة ألخرل‪ ،‬كمف‬
‫أىميا ارتفاع مستكل الضرائب‪ ،‬انتشار الفساد اإلدارم‪ ،‬تقييد ممارسة بعض األنشطة‬
‫االقتصادية‪ ... ،‬الخ‪ ،1‬حيث تشير اإلحصائيات إلى أف متكسط حجـ االقتصاد يير الرسمي‬
‫في الجزائر مقارنة بالناتج الكطني الخاـ بمغ ‪ 41.3‬بالمائة سنة ‪ ،2000‬كما خمص تقرير‬
‫المجمس االقتصادم كاالجتماعي لسنة ‪ 2004‬حكؿ االقتصاد يير الرسمي‪ ،‬بأف إحصاء‬
‫النشاطات التجارية يير الرسمية الذم أنجز سنة ‪ 2000‬قد كشؼ عف جرد ‪ 700‬سكؽ يير‬
‫شرعية‪ ،‬تغطي مساحة قدرىا ‪ 7.2‬مميكف متر مربع‪ ،‬كتكظؼ ما يقارب ‪ 100000‬شخص‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أم ما يعادؿ ‪ 14‬بالمائة مف التجار المسجميف لدل مصالح المركز الكطني لمسجؿ التجارم‬
‫ريـ اإلجراءات المتخ ذة مف قبؿ السمطات العمكمية لمكافحة االقتصاد يير الرسمي‪ ،‬منيا‬
‫فرض التعامؿ بالفاتكرة المنصكص عميو في القانكف ‪ 02/04‬المحدد لمقكاعد المطبقة عمى‬
‫الممارسات التجارية‪.3‬‬

‫‪ -2‬عالقة جريمة تبييض األمواؿ باالقتصاد غير الرسمي‪ :‬تتجمى العالقة بيف جريمة‬
‫تبييض األمكاؿ كاالقتصاد يير الرسمي في ككف تبييض األمكاؿ يجد مصدره في األمكاؿ‬
‫الناتجة عف االقتصاد يير الرسمي‪ ،‬كفي المقابؿ يعتبر تبييض األمكاؿ الكسيمة التي تسمح‬
‫بتعميؽ العالقة بيف االقتصاد يير الرسمي كاالقتصاد الرسمي‪ 4‬مف خالؿ نقؿ األمكاؿ يير‬
‫المشركعة المتحصؿ عمييا في االقتصاد يير الرسمي إلى دائرة االقتصاد الرسمي بإضفاء‬
‫الطابع الشرعي عمييا‪.‬‬

‫قارة مالؾ‪ ،‬إشكالية االقتصاد يير الرسمي في الجزائر مع عرض كمقارنة تجارب المكسيؾ‪ ،‬تكنس كالسنغاؿ‪ ،‬رسالة‬ ‫‪1‬‬

‫دكتكراه في العمكـ االقتصادية‪ ،‬كمية العمكـ االقتصادية كعمكـ التسيير‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،4070/4002 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CNES, Rapport sur la conjoncture économique et sociale premier semestre 2004.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 70‬مف القانكف ‪ 04/02‬المؤرخ في ‪ 42‬يكنيك ‪ 4002‬المحدد لمقكاعد المطبقة عمى الممارسات التجارية‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،27‬صادر في ‪ 41‬جكاف ‪.4002‬‬
‫يعرؼ االقتصاد الرسمي بأنو‪" :‬مجمكعة القكاعد التي تسمح باإلنتاج‪ ،‬تسيير كاعادة تكزيع الثركة التي يحتاج إلييا‬ ‫‪4‬‬

‫المجتمع‪ ،‬كذلؾ كفقا لمبادئ العدالة كقكاعد السكؽ داخؿ الحدكد التي يسمح بيا المحيط‪ ،‬كيعتبر االقتصاد الرسمي أساس‬
‫اإلصالحات االقتصادية"‪ .‬أنظر‪ :‬قارة مالؾ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪54‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كتشكؿ األمكاؿ يير المشركعة حي از كبي ار داخؿ االقتصاد يير الرسمي كتتميز‬
‫بضخامة حجميا‪ ،‬كتككف عادة في شكؿ نقكد سائمة‪ ،‬كمف ثـ فال سبيؿ أماـ أصحابيا إال‬
‫إخضاعيا لعمميات تبييض األمكاؿ بيدؼ إضفاء الطابع الشرعي عمييا بتمكيو كاخفاء‬
‫مصدرىا اإلجرامي‪.‬‬

‫كما يمجأ أصحاب األمكاؿ يير المشركعة الناتجة مف االقتصاد يير الرسمي إلى‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ بقصد نقؿ تمؾ األمكاؿ إلى دائرة االقتصاد الرسمي‪ ،‬كذلؾ مف خالؿ‬
‫اإليداع في البنكؾ أك االستثمار في المشركعات التجارية‪ ،‬بحيث يعاد دمجيا في االقتصاد‬
‫الرسمي في صكرة أعماؿ مشركعة‪ ،‬كلذلؾ يعتبر تبييض األمكاؿ حمقة الكصؿ بيف االقتصاد‬
‫يير الرسمي كاالقتصاد الرسمي‪.1‬‬

‫كيعتبر سكؽ الصرؼ يير الرسمي‪ 2‬المجاؿ الخصب لمقياـ بعمميات تبييض األمكاؿ‬
‫كالمتاجرة في الممنكعات‪ ،‬إذ أف كميات كبيرة مف األمكاؿ الناتجة عف العمميات يير‬
‫المشركعة يتـ تداكليا في المرحمة األكلى في سكؽ الصرؼ يير الرسمي‪ ،3‬مف أجؿ التمييد‬
‫لتبييضيا عف طريؽ دخكليا البنكؾ كالمؤسسات المالية في حسابات جارية عمى دفعات‬
‫كأقساط‪ ،‬فكمما زاد حجـ أسكاؽ الصرؼ يير الرسمية كتزايد عددىا كمما كاف ذلؾ مؤش ار‬
‫عمى أمكاؿ يير مشركعة متداكلة داخؿ ىذه األسكاؽ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التطور التكنولوجي في مجاؿ المعامالت والتحويالت المصرفية‬

‫أدل التطكر التكنكلكجي في مجاؿ المعامالت كالتحكيالت المصرفية إلى تزايد درجة‬
‫االندماج كاالرتباط بيف الدكؿ كالمجتمعات‪ ،‬كازالة العكائؽ أماـ تدفؽ رؤكس األمكاؿ‬

‫العمرم عزت محمد السيد‪ ،‬جريمة يسؿ األمكاؿ (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬كمية الحقكؽ‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫المنصكرة‪ ،‬مصر‪ ،4005 ،‬ص‪.52‬‬


‫سكؽ الصرؼ يير الرسمية ىي تمؾ السكؽ التي يتـ فييا تبادؿ العمالت األجنبية دكف الخضكع لرقابة السمطات النقدية‬ ‫‪2‬‬

‫المختصة‪ ،‬نظ ار لما تفرضو ىذه األخيرة مف قيكد بسبب زيادة الطمب عمى النقد األجنبي لمكاجية العرض المحدكد منو‪ ،‬كفي‬
‫ظؿ ىذه الظركؼ تتكافر فرص سانحة الزدىار أسكاؽ الصرؼ يير الرسمية كالتي تعمؿ بصكرة مكازية ألسكاؽ الصرؼ‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫تشير اإلحصائيات يير الرسمية في الجزائر إلى أف حجـ األمكاؿ المتداكلة في سكؽ الصرؼ يير الرسمي نياية سنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4072‬قد بمغت ‪ 5‬مميار دكالر‪ .‬أنظر‪ :‬سميماف ناصر‪" ،‬استعادة األمكاؿ المكازية ضركرم لتطكير االقتصاد"‪ ،‬جريدة الخبر‪،‬‬
‫عدد ‪ 42‬يكليك ‪.4073‬‬

‫‪55‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المصرفية كاالستثمارات الدكلية‪ ،‬كؿ ىذه الظركؼ ىيأت مناخا جديدا مشجعا عمى ارتكاب‬
‫الجرائـ‪.‬‬

‫فتطكر القطاع المالي كالمصرفي كغيره مف القطاعات مع تطكر التكنكلكجيات‬


‫المصاحبة لمعكلمة‪ ،‬ساىـ في تطكر أساليب تقديـ الخدمات المالية كالمصرفية‪ ،‬كبالمقابؿ فإف‬
‫عصابات الجريمة المنظمة كتبييض األمكاؿ استفادكا مف ىذه التكنكلكجية‪ ،‬كبذلؾ فقد تطكرت‬
‫كتغيرت كسائؿ كطرؽ تبييض األمكاؿ‪ ،‬كأصبحت تبتعد تدريجيا عف األساليب التقميدية التي‬
‫تككف عرضة لالشتباه فييا ككشفيا بسيكلة‪.‬‬

‫كيتـ استخداـ التكنكلكجيات الحديثة في مجاؿ المعامالت كالتحكيالت المصرفية في‬


‫عمميات إيداع كسحب النقكد مف الحسابات المصرفية‪ ،‬بيدؼ التخمص مف اإلجراءات التي‬
‫تتضمف تعبئة نماذج خاصة لعمميات السحب كاإليداع كالتي قد تكشؼ عممياتيـ يير‬
‫القانكنية‪.‬‬

‫كما أدت شبكة اإلنترنت إلى ظيكر التجارة اإللكتركنية‪ ،‬كالتي يمكف أف يتـ عف‬
‫طريقيا إجراء العديد مف الصفقات المشبكىة كيير القانكنية‪ ،‬كالتي تسيـ في عمميات تبييض‬
‫األمكاؿ مستغميف في ىذا صعكبة التعرؼ عمى البطاقات الشخصية كعناكيف إقامة المتعامميف‬
‫مع المصارؼ الدكلية التي تتعامؿ عبر شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫كريـ اإليجابيات المقترنة باستخداـ التكنكلكجيات الحديثة في المينة المصرفية‪ ،‬إال‬


‫أنو يكجد خط ار يمس بمصداقية المينة المصرفية في حد ذاتيا‪ ،‬لذلؾ أكجدت التشريعات نكع‬
‫جديد مف تصنيؼ الجرائـ كالمسمى بالجرائـ المعمكماتية‪ ، 1‬التي تمس بالمينة المصرفية‬
‫كباألخص انتياؾ السر المصرفي الذم يقكـ عميو عمؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كىك ما‬
‫قاـ بو المشرع الجزائرم بمكجب القانكف ‪ 15/04‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الذم أفرد‬
‫القسـ السابع مكرر منو تحت عنكاف المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كذلؾ ضمف‬

‫عاقب المشرع الفرنسي عمى الجرائـ المعمكماتية بداية مف سنة ‪ ،7233‬عندما تقدـ نكاب الجمعية الكطنية باقتراح مشركع‬ ‫‪1‬‬

‫قانكف عف الغش المعمكماتي‪ ،‬بعدىا تـ تعديؿ قانكف العقكبات سنة ‪ 7222‬حيث طكر مف جريمة التزكير المعمكماتي إلى‬
‫جريمة تزكير المستندات المعمكماتية‪ ،‬ثـ تعديؿ ‪ 4002‬الذم أضاؼ جريمة أخرل ىي جريمة التعامؿ في كسائؿ المكتب‬
‫التي يمكف أف ترتكب بيا جريمة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المكاد مف ‪ 394‬مكرر إلى ‪ 394‬مكرر‪ 7‬باإلضافة إلى القانكف ‪ 04/09‬المتضمف القكاعد‬


‫الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ كمكافحتيما‪ .1‬كما أنشأ‬
‫ىيئة كطنية لمكقاية مف اإلجراـ المتصؿ بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ كمكافحتو بمكجب‬
‫المادة ‪ 13‬مف القانكف ‪ 04/09‬التي نصت عمى إنشاء ىيئة كطنية لمكقاية مف اإلج ارـ‬
‫المتصؿ بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ كمكافحتو‪ ،‬كىك ما تـ بصدكر المرسكـ التنفيذم‬
‫‪ 261/15‬الذم كيؼ الييئة في نص المادة الثانية منو عمى أنيا سمطة إدارية مستقمة تتمتع‬
‫بالشخصية المعنكية كاالستقالؿ المالي‪ ،‬تكضع لدل الكزير المكمؼ بالعدؿ‪.2‬‬

‫كسكؼ نتناكؿ بمزيد مف التفصيؿ كيفية استغالؿ العصابات اإلجرامية لمتكنكلكجيات‬


‫الحديثة في مجاؿ المعامالت كالتحكيالت المصرفية الرتكاب جريمة تبييض األمكاؿ عندما‬
‫نتطرؽ ألساليب تبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي‪.3‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫آليات تبييض األمواؿ والمخاطر المترتبة عنه‬

‫تنطكم جريمة تبييض األمكاؿ كما سبقت اإلشارة إليو عند تناكلنا لخصائصيا عمى‬
‫عنصريف أساسيف‪ ،‬أال كىما ارتكاب جريمة أصمية كىي التي يتـ منيا الحصكؿ عمى األمكاؿ‬
‫يير المشركعة محؿ التبييض‪ ،‬ثـ استعماؿ طرؽ كأساليب تككف شرعية يبيحيا القانكف‬
‫بيدؼ إخفاء الجريمة األصمية كبالتالي إضفاء الشرعية عمى تمؾ األمكاؿ‪ ،‬كىذه العمميات‬
‫تمر بمجمكعة مف المراحؿ كتترتب عمييا مجمكعة مف المخاطر االقتصادية كاالجتماعية‬
‫كالسياسية‪.‬‬

‫القانكف ‪ 02/02‬المؤرخ في ‪ 5‬يشت ‪ ،4002‬المتضمف القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعالـ‬ ‫‪1‬‬

‫كاالتصاؿ كمكافحتيا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،21‬صادر في ‪ 43‬يشت ‪.4002‬‬


‫المرسكـ الرئاسي ‪ 437/75‬المؤرخ في ‪ 03‬أكتكبر ‪ ،4075‬يحدد تشكيمة كتنظيـ ككيفيات سير الييئة الكطنية لمكقاية مف‬ ‫‪2‬‬

‫اإلجراـ المتصؿ بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ كمكافحتو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،52‬صادر في ‪ 3‬أكتكبر ‪.4075‬‬
‫أنظر‪ :‬الصفحة ‪ 52‬كما بعدىا مف ىذه الدراسة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪57‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كيتـ ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ بطرؽ كأساليب متعددة كتمر بمراحؿ مختمفة‬
‫نتناكليا في المطمب األكؿ‪ ،‬كما أنيا تنطكم عمى عدة مخاطر كليا آثار سمبية عمى جكانب‬
‫كثيرة نتناكليا في المطمب الثاني‪.‬‬

‫المطمب األوؿ‬

‫آليات تبييض األمواؿ‬

‫تبيف لنا مما سبؽ أف اليدؼ مف عمميات تبييض األمكاؿ ىك إخفاء المصدر الحقيقي‬
‫لألمكاؿ يير الشرعية‪ ،‬كحتى تتـ عممية التبييض يمجأ مبيضك األمكاؿ إلى العديد مف‬
‫األساليب التي تتـ عادة عبر مراحؿ محددة كذلؾ بحسب ظركؼ كطبيعة العممية‪ ،‬كما أف‬
‫اختيار أسمكب دكف آخر يتكقؼ إلى حد كبير عمى فطنة كخبرة مبيضك األمكاؿ كمناكرة‬
‫المكمفيف بعممية التحرم‪.1‬‬

‫كسنتناكؿ آليات تبييض األمكاؿ مف خالؿ التطرؽ إلى األساليب المستعممة في‬
‫تبييض األمكاؿ (الفرع األكؿ)‪ ،‬ثـ مراحؿ تبييض األمكاؿ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األوؿ‬

‫أساليب تبييض األمواؿ‬

‫يقصد بأساليب تبييض األمكاؿ طرؽ التبييض التي يستخدميا مرتكبك الجريمة في‬
‫تحكيؿ إيرادات كعكائد الجرائـ إلى أصكؿ كممتمكات تبدك في صكرة مشركعة‪ ،‬أك بعبارة‬
‫أخرل ىي النيج المتبع في عمميات تبييض األمكاؿ كالذم يمجأ إليو مبيضك األمكاؿ لتنفيذ‬
‫الجريمة‪.2‬‬

‫كمف األساليب التي يستخدميا مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ تمؾ المتعمقة بالمجاؿ‬
‫المصرفي مف تحكيالت كايداعات لألمكاؿ‪ ،‬ثـ بعد ذلؾ استثمارىا بيدؼ التمكيو كاخفاء‬

‫نبيؿ صقر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫ىشاـ بشير‪ ،‬إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.40‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪58‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المصدر يير المشركع‪ ،‬كما يستخدـ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ أيضا أساليب أخرل ال‬
‫تتعمؽ بالمجاؿ المصرفي كالشركات الكىمية كشراء العقارات كالتجارة كييرىا مف الطرؽ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أساليب تبييض األمواؿ في المجاؿ المصرفي‬

‫تعتبر المصارؼ الكسيمة األكثر استخداما مف طرؼ مبيضك األمكاؿ كأكثرىا انتشا ار‬
‫حيث تكدع األمكاؿ في حساب جارم لدل أحد المصارؼ‪ ،‬ثـ تجرل عميو العديد مف‬
‫العمميات بحيث يصعب التمييز بيف األمكاؿ النظيفة كالمشبكىة‪.‬‬

‫كيقصد بأساليب تبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي اعتبار البنؾ طرؼ في ارتكاب‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ سكاء عف عمـ أك عف يير عمـ بمصدر األمكاؿ المكدعة فيو‪،‬‬
‫فاألساليب المصرفية يقدميا كيقكـ بيا البنؾ‪ ،‬فيبقى ىذا األخير آلية فعالة كىامة لمتخمص‬
‫مف عائدات األنشطة اإلجرامية كتصريفيا‪.‬‬

‫كيمكننا أف نميز بخصكص أساليب تبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي بيف‬


‫األساليب التقميدية‪ ،‬األساليب الحديثة‪.‬‬

‫‪ -1‬األساليب التقميدية‪ :‬إف األساليب التقميدية لتبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي متعددة‬
‫حيث يمكف تعداد ما قد يمجأ إليو مبيضك األمكاؿ عمى سبيؿ الذكر‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإليداع والتحويؿ عف طريؽ البنؾ‪ :‬تتمثؿ عممية اإليداع في اختيار المكاف الذم ستتـ‬
‫فيو عممية التكظيؼ‪ ،‬فعادة ما يقكـ تجار المخدرات أك مرتكبكا الجرائـ بإيداع األمكاؿ‬
‫المحصمة مف الجريمة في بنكؾ بمداف مختمفة كالمراكز المالية خارج الحدكد‪ ،‬كىذا مف خالؿ‬
‫البحث عف شريؾ في البنؾ‪ ،‬أك سمسار أكراؽ مالية أك كسيط لمساعدتيـ في التخمص مف‬
‫ىذه النقكد السائمة‪ ،‬كذلؾ بإيداعيا في إحدل الحسابات البنكية مف خالؿ فتح حساب في‬
‫بنكؾ مختمفة بمراكز مالية خارج الحدكد‪.‬‬

‫كيشير البعض إلى أف عممية اإليداع كالتحكيؿ عف طريؽ البنؾ تعتبر مف أكثر‬
‫العمميات المصرفية شيكعا في ارتكاب جرائـ تبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث يقكـ مبيضك األمكاؿ‬

‫‪59‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫بإيداع األمكاؿ المحصمة مف جرائميـ في البنكؾ سكاء في حساب كاحد أك في حسابات‬


‫متعددة‪.1‬‬

‫كما يعتبر قياـ مبيضك األمكاؿ بكضع كدائعيـ بالبنكؾ الخطكة األكلى لعمميات‬
‫تبييض األمكاؿ مف خالؿ فتح حساب في البنؾ كالحصكؿ عمى العديد مف الشيكات أك‬
‫الحكاالت المصرفية مقبكلة الدفع لحامميا‪ ،‬كيتـ بعد ذلؾ تداكؿ ىذه الشيكات كالحكاالت‬
‫بسيكلة في عمميات كىمية أك مشركعات داخمية أك خارجية‪.2‬‬

‫كتتميز عممية اإليداع كالتحكيؿ عف طريؽ البنؾ بككنيا عمى قدر كبير مف السيكلة‬
‫كمؤداىا التخمص المادم مف الكميات الضخمة لمنقكد السائمة‪ ،3‬حيث تمكف البنكؾ مبيضك‬
‫األمكاؿ مف فتح حسابات بنكية في بمداف مختمفة سكاء ألنيا تسمح بذلؾ أك ألف تمؾ البنكؾ‬
‫تحترـ السر المصرفي‪ ،‬كبيذا يككف البنؾ قد ساىـ في عممية تبييض األمكاؿ كاظيارىا‬
‫بمظير شرعي‪.4‬‬

‫ب‪ -‬التواطؤ البنكي‪ :‬يقصد بالتكاطؤ البنكي قياـ العامميف في المصارؼ بتسييؿ عممية إيداع‬
‫األمكاؿ يير المشركعة في المصارؼ دكف مكاجية أية صعكبات في مجاؿ اإليداع أك‬
‫التحقيؽ مقابؿ انتفاع شخصي ليـ‪ ،‬كتككف ىذه العممية أخطر عندما تككف بنكؾ بكامميا‬
‫مممككة مف طرؼ منظمي ىذه األعماؿ اإلجرامية‪ ،‬مما يجعؿ ىذه المصارؼ تمجأ إلى‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ بكؿ سيكلة‪.‬‬

‫كما يمكف أف يتـ التكاطؤ البنكي مف خالؿ قياـ البنكؾ بإصدار سندات شرعية تدؿ‬
‫عمى قانكنية الصفقة التي يقكـ بيا مبيضك األمكاؿ‪ ،‬مما يسيؿ عممية إخفاء المصدر‬
‫اإلجرامي لتمؾ األمكاؿ‪.‬‬

‫ىدم حامد فشقكش‪ ،‬جريمة يسيؿ األمكاؿ في نطاؽ التعاكف الدكلي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،4004 ،‬ص‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة‪ ،‬المسؤكلية الدكلية عف جرائـ يسؿ األمكاؿ في ضكء أحكاـ القانكف الدكلي العاـ‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪.752‬‬


‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.730‬‬ ‫‪3‬‬

‫ىدل حامد فشقكش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.53‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪60‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كتشترؾ البنكؾ في بعض الدكؿ المتقدمة في عممية تبييض األمكاؿ عمى نطاؽ كاسع‬
‫مف خالؿ إنشاء أقساـ خاصة إليراء المستثمريف األثرياء‪ ،‬كمف أشير البنكؾ التي لعبت دك ار‬
‫في ذلؾ نجد بنؾ االعتماد كالتجارة‪ ،‬سيتي بنؾ‪ ،‬بنؾ ناشيكنؿ دم باريس‪.‬‬

‫كتشير اإلحصائيات أف ‪ 80‬بالمائة مف عكائد بيع المخدرات في الكاليات المتحدة‬


‫األمريكية تمر عبر الجياز المصرفي‪ ،‬حيث أف كبار المصرفييف الرايبيف في جذب أكبر‬
‫كمية مف الكدائع لعبكا دك ار ىاما في ذلؾ‪.1‬‬

‫ج‪ -‬إعادة االقتراض‪ :‬كىنا يتـ إيداع األمكاؿ يير المشركعة لدل بنؾ في أم بمد أجنبي‬
‫تتكافر فيو مزايا معينة‪ ،‬كعدـ كجكد ضرائب عمى الدخؿ أك انعداـ الرقابة عمى البنكؾ‪ ،‬عندئذ‬
‫يطمب أحد األشخاص تابع لصاحب األمكاؿ قرضا مف أحد البنكؾ المحمية في بمد آخر‬
‫بضماف تمؾ األمكاؿ المكدعة في بنؾ البمد األجنبي كيعني ىذا مف الكجية العممية‪ ،‬الحصكؿ‬
‫عمى أمكاؿ نظيفة في مظيرىا كبالتالي يمكف التعامؿ بيا في شراء ممتمكات أك عقد صفقات‬
‫تجارية أك ييرىا مف األنشطة األخرل‪.‬‬

‫د‪ -‬استغالؿ خدمات القطاع المالي‪ :‬بالريـ مف أف البنكؾ ىي األكثر استيدافا لمقياـ‬
‫بعمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬إال أنو ظير اتجاه نحك تبييض األمكاؿ لدل المؤسسات المالية‬
‫يير البنكية عف طريؽ استغالؿ خدمات القطاع المالي‪ ،‬لككف البنكؾ مف المؤسسات األكثر‬
‫تنظيما كاألكثر خضكعا لمرقابة‪ ،‬كلذلؾ كقصد اإلفالت مف تمؾ القيكد الرقابية كالتمكف مف‬
‫تبييض األمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬يتـ المجكء إلى سكؽ األكراؽ المالية مف خالؿ القياـ‬
‫بعمميات مالية عف طريؽ الشركات العاممة في ذلؾ المجاؿ‪ ،‬بيدؼ إدخاؿ األمكاؿ يير‬
‫المشركعة إلى حركة التداكؿ المشركع لرأس الماؿ‪.2‬‬

‫كما تتـ عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ شركات التأميف باالعتماد عمى أساليب‬
‫متعددة كالقياـ بشراء كثائؽ تأميف ذات قيمة عالية باألمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬ثـ يتـ إلغاؤىا‬

‫السيد أحمد عبد الخالؽ‪" ،‬اآلثار االقتصادية كاالجتماعية لغسيؿ األمكاؿ"‪ ،‬مجمة البحكث القانكنية كاالقتصادية‪ ،‬كمية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقكؽ بجامعة المنصكرة‪ ،7221 ،‬ص ‪.25‬‬


‫تدريست كريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫بخصـ خالؿ الفترة القانكنية لإللغاء‪ ،‬كمف تـ يحصؿ عمى شيؾ مف شركة التأميف‪ ،‬يضفي‬
‫بو الصفة المشركعة عمى تمؾ األمكاؿ‪.1‬‬

‫كفي سبيؿ إضفاء الطابع الشرعي عمى األمكاؿ ذات المصدر اإلجرامي‪ ،‬يمجأ مرتكبك‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ إلى القياـ بعمميات االعتماد المستندم‪ ،2‬كىك عممية خاصة بالتجارة‬
‫الدكلية‪ ،‬يتـ فييا تسييا ميمة إرساؿ البضائع بيف المستكرد كالمصدر‪ ،‬كتسديد القيمة إلى‬
‫المصدر مف خالؿ كساطة البنؾ الذم يعتمد بدفع قيمة الصفقة إلى المصدر إما عف طريؽ‬
‫تحكيالت رأس الماؿ أك باعتبار يمؾ القيمة قرضا بفكائد‪.3‬‬

‫‪ -2‬األساليب الحديثة‪ :‬تمجأ الكثير مف المصارؼ إلى تقديـ خدماتيا المالية كالمصرفية مف‬
‫خالؿ كسائؿ إلكتركنية حديثة بسبب التطكرات التكنكلكجية‪ ،‬كىذا ما ساعد في االستفادة مف‬
‫ىذه التقنيات كتطكير أساليب تبييض األمكاؿ كىجر األساليب التقميدية قدر اإلمكاف لتفادم‬
‫الرقابة المصرفية كاستحالة تتبع مصادر األمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬كمف بيف ىذه األساليب‬
‫ما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬بطاقات االئتماف (‪ :)CREDIT CARD‬تعد بطاقات االئتماف مف كسائؿ الدفع المعاصرة‬
‫المحدثة في مجاؿ المعامالت المالية‪ ،‬حيث ظيرت أكؿ شركة متخصصة في إصدار‬
‫بطاقات االئتماف في سنة ‪ 1949‬كىي شركة داينرز كمكب (‪ ،)DINERS CLUB‬كقد‬
‫اقتصرت في البداية عمى إصدار بطاقة خاصة بركاد المطاعـ كفي سنة ‪ 1951‬انتقمت‬
‫عممية إصدار البطاقات إلى البنكؾ حيث بدأ بنؾ "فرانكميف" في نيكيكرؾ بإصدار البطاقة‪،‬‬

‫تدريست كريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫كرس المشرع الجزائرم عممية االعتماد المستندم كآلية لتمكيؿ التجارة الخارجية بمكجب األمر ‪ 07/02‬المؤرخ في ‪44‬‬ ‫‪2‬‬

‫يكليك ‪ 4002‬المتضمف قانكف المالية التكميمي لسنة ‪ ،4002‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،22‬صادر في ‪ 43‬يكليك ‪ .4002‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 32‬عمى أنو‪" :‬ال يتـ دفع مقابؿ الكاردات المكجية لمبيع عمى حاليا بكاسطة االعتماد المستندم أك التسميـ‬
‫المستندم"‪.‬‬
‫نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.722‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كفي ظرؼ سنتيف زاد عدد البنكؾ المصدرة لمبطاقات في الكاليات المتحدة األمريكية عف مئة‬
‫بنؾ‪.1‬‬

‫كبطاقات االئتماف ىي بطاقات بالستيكية أك كرقية مصنكعة مف مادة يصعب العبث‬


‫بيا‪ ،‬تصدرىا جية أك شركة كيذكر فييا اسـ العميؿ الصادرة لصالحو كرقـ حسابو المصرفي‬
‫كىي البطاقة التي يمكف لحامميا أف يقدميا لمتاجر أك المديف لتسديد ثمف مشترياتو أك دينو‬
‫كتمكف التاجر أك الدائف مف تحصيؿ تمؾ القيمة مف الجية المصدرة التي تقكـ بدكرىا في‬
‫استفاء تمؾ المبالغ مف حامؿ البطاقة‪.2‬‬

‫كيمكف االستفادة مف المزايا التي تقدميا بطاقات االئتماف كاستخداميا في عمميات‬


‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث تساعد في نقؿ األمكاؿ المشحكنة عمى البطاقة إلى أم مكاف في‬
‫العالـ إضافة إلى أف البطاقة تكفر إمكانية تعبئة مبالغ إضافية عمييا‪.‬‬

‫كما تمكف البطاقات االئتمانية أصحابيا مف استخداميا كأحد كسائؿ الدفع في عدة‬
‫دكؿ دكف الحاجة لتحمؿ مخاطر حمؿ النقكد‪ ،‬كتتمثؿ ىذه الطريقة في إيداع أمكاؿ طائمة في‬
‫حساب البطاقة‪ ،‬بحيث يظؿ الحساب دائنا كيتمكف مبيض األمكاؿ مف سحب األمكاؿ النقدية‬
‫أينما كجد في العالـ‪.3‬‬

‫كأكثر عمميات تبييض األمكاؿ خطكرة كالتي تمت باستخداـ البطاقة االئتمانية‪ ،‬تمؾ‬
‫التي قاـ بيا مرتكبك التبييض في الكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث قاـ المجرمكف ببناء ماكنة‬
‫صرؼ مزكرة استطاعكا عف طريقيا معرفة األرقاـ السرية لمزبائف الذيف استخدمكىا ثـ قامكا‬
‫بتزكير ىذه البطاقات كاستخداميا في السحب عف طريؽ المنافذ الحقيقية لمسحب اآللي‬
‫كبالتالي االستيالء عمى مبالغ ىؤالء الزبائف‪ ،‬ليقكمكا بعدىا بإيداعيا في حسابات متعددة‬

‫إبراىيـ محمد شاشك‪" ،‬بطاقة االئتماف حقيقتيا كتكييفيا الشرعي"‪ ،‬مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية‪ ،‬المجمد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،41‬الطبعة الثالثة‪ ،4077 ،‬ص‪.3‬‬


‫إسماعيؿ الطراد‪ ،‬جمعة عباد‪ ،‬التشريعات المالية كالمصرفية في األردف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار كائؿ لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،4004‬ص‪.745‬‬
‫نعيـ سالمة القاضي كآخركف‪" ،‬البنكؾ كعمميات يسيؿ األمكاؿ"‪ ،‬مجمة كمية بغداد لمعمكـ االقتصادية‪ ،‬العدد‪،4074 ،22‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.253‬‬

‫‪63‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫بالبنكؾ ثـ تحكيميا عمى عدة فركع في بمداف مختمفة‪ ،‬بحيث يتـ التمكيو عف مصدر ىذه‬
‫األمكاؿ يير المشركعة‪.‬‬

‫ب‪ -‬البطاقات الذكية‪ :‬البطاقات الذكية ىي كسيمة مف كسائؿ الدفع‪ ،‬كقد بدأ العمؿ بيا في‬
‫بريطانيا سنة ‪ 1990‬كامتد إلى الكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬تتسـ بأنيا قكية كمتينة كتقاكـ‬
‫عكامؿ التمؼ‪ ،‬حيث تقكـ البطاقة الذكية بصرؼ النقكد التي سبؽ تحميميا مف العميؿ مباشرة‬
‫إلى القرص المغناطيسي عف طريؽ ماكنة تحكيؿ آلية ‪ 1ATM‬أك أم تمفكف معد ليذا‬
‫الغرض‪.‬‬

‫كتتميز البطاقات الذكية بمجمكعة مف الخصائص كالسمات التي تنفرد بيا عف بطاقة‬
‫االئتماف األخرل‪ ،‬األمر الذم يغرم مرتكبي جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فيي تمكف مستخدمييا‬
‫مف االستغناء عف األكراؽ النقدية كذلؾ بإضافة القيمة النقدية عمى رقائؽ إلكتركنية مكجكدة‬
‫عمى البطاقات‪.‬‬

‫كيمكف لمبطاقات الذكية أف تقكـ بدكر الشيؾ‪ ،‬ذلؾ أف المصارؼ ليست ىي المستفيدة‬
‫مف ىذه البطاقات‪ ،‬بؿ ىناؾ المستيمؾ الذم يمكنو التعامؿ بيذه البطاقات بكصفيا نقدا أك‬
‫شيكات‪ ،‬لذلؾ فيذه السمة تقرر دكر البطاقات الذكية في جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ‬
‫ت حرير شيكات مسحكبة عمى ىذه البطاقة ثـ سحب قيمة الشيؾ مف النقكد المخزنة في‬
‫البطاقة كاعادة شحنيا مرة أخرل مف قبؿ المصرؼ اإللكتركني الخاص بصاحب البطاقة‪،‬‬
‫كذلؾ بأمكاؿ يريب حامؿ البطاقة في تبييضيا أك تدكيرىا كجعميا أمكاؿ مشركعة بعدما‬
‫كانت محصمة مف مصدر يير مشركع‪.‬‬

‫ج‪ -‬استخداـ شبكة اإلنترنت‪ :‬لقد رافؽ تطكر شبكات االتصاالت العالمية (اإلنترنت)‬
‫مجمكعة مف التغيرات في األطر الكالسيكية لمتعامالت التجارية كظيكر النقكد اإللكتركنية‬
‫حيث أصبح مف السيؿ تبادؿ القيـ النقدية عبر اإلنترنت‪ ،‬كأصبح قطاع البنكؾ كأم قطاع‬
‫تجارم يتداكؿ األمكاؿ مف خالؿ الكسائؿ التكنكلكجية الحديثة‪ ،‬مما جعؿ عصابات تبييض‬

‫‪ ATM‬اختصار لػ ‪ Automated Teller Machine‬كالتي تعني جياز الصراؼ اآللي‪ ،‬حيث يمكف لمعمالء الكصكؿ‬ ‫‪1‬‬

‫إلى حساباتيـ المصرفية مف أجؿ سحب النقكد كفحص أرصدة الحسابات‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫األمكاؿ تستفيد مف مزايا ىذه التكنكلكجيا‪ ،‬كبالمقابؿ تغيرت أساليب ككسائؿ تبييض األمكاؿ‬
‫كأصبحت تبتعد تدريجيا عف األساليب التقميدية‪.‬‬

‫كما جعمت شبكة اإلنترنت ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ ميسكرة‪ ،‬حيث برز ما‬
‫يسمى بالتبييض الرقمي أم تحكيؿ األمكاؿ أك تكظيفيا كالتعامؿ مع البنكؾ عبر اإلنترنت أك‬
‫إجراء عمميات معقدة مف التحكيالت النقدية مف حساب آلخر كمف بمد آلخر إلخفاء الصفة‬
‫يير المشركعة لمصدر األمكاؿ المراد تبييضيا‪.‬‬

‫كمف بيف الكسائؿ التي يمجأ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬البنوؾ اإللكترونية (بنوؾ اإلنترنت)‪ :‬أدل التطكر االقتصادم كالتكجو نحك الرقمنة كزيادة‬
‫المنافسة بيف المصارؼ‪ ،‬إلى استخداـ أحسف كأفضؿ ما تكصمت إليو التكنكلكجيات المتقدمة‬
‫فبعد أف تطكرت الخدمات المصرفية مف التقميدية إلى اإللكتركنية‪ ،‬أصبحت ىناؾ مصارؼ‬
‫افتراضية تعمؿ عف بعد مف خالؿ شبكات االتصاؿ المختمفة‪.‬‬

‫كما أتاحت شبكة اإلنترنت كتقنيات الحاسكب كالبرمجيات المتخصصة لمبنكؾ العاممة‬
‫عمى ىذه الشبكة أف تقدـ إلى جكار الخدمات المصرفية التقميدية طائفة مف المعمكمات‬
‫كالخدمات التسكيقية‪ ،‬التي تعد حديثة العيد بالعمؿ المصرفي‪.1‬‬

‫كيستخدـ مصطمح البنكؾ اإللكتركنية أك بنكؾ اإلنترنت كتعبير متطكر كشامؿ‬


‫لممفاىيـ التي ظيرت مع مطمع التسعينيات‪ ،‬كمفيكـ الخدمات المالية عف بعد أك البنكؾ عف‬
‫بعد‪ ،‬كالتي تعني جميعيا أف الزبكف يسمح لو أف يقكـ بإدارة حساباتو كانجاز أعمالو المتصمة‬
‫بالبنؾ في المنزؿ أك المكتب أك أم مكاف آخر‪ ،‬كفي الكقت الذم يريد الزبكف بعد أف يقكـ‬

‫عالء التميمي‪ ،‬التنظيـ القانكني لمبنؾ اإللكتركني عمى شبكة اإلنترنت‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،4074 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.22‬‬

‫‪65‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫البنؾ بتزكيد جياز الكمبيكتر لمعميؿ بحزمة مف البرمجيات‪ ،‬إما مجانا أك لقاء رسكـ مالية‪.1‬‬

‫كفي ظؿ التقدـ اليائؿ ككجكد شبكة اإلنترنت كما يترتب عف ذلؾ مف سرعة تبادؿ‬
‫كتدفؽ البيانات عبر شبكة اإلنترنت‪ ،‬تطكر مفيكـ الخدمات المالية عف بعد‪ ،‬لتتحكؿ الفكرة‬
‫مف مجرد تنفيذ أعماؿ عبر خط خاص‪ ،‬كمف خالؿ برمجيات بنؾ الزبكف إلى بنؾ لو كجكد‬
‫كامؿ عمى الشبكة‪ ،‬كأصبحت البنكؾ اإللكتركنية يير ممزمة بإرساؿ اإلصدارات الجديدة مف‬
‫البرمجيات ألنو يمكف لمزبكف أف يدخؿ إلى حساباتو كالى مكقع البنؾ كخدماتو مف أم نظاـ‬
‫آخر كفي أم مكاف كأم كقت‪ ،‬كليس فقط مف كمبيكتره الخاص‪.‬‬

‫كتسمح البنكؾ اإللكتركنية لمبيضي األمكاؿ بتحكيؿ كنقؿ كميات كبيرة مف األمكاؿ‬
‫بسرعة كأماف‪ ،‬فيذه البنكؾ تعمؿ في محيط مف السرية الشاممة‪ ،‬إذ ال يككف المتعاممكف فييا‬
‫معمكميف اليكية‪ ،‬باإلضافة إلى أف ىذا النكع مف البنكؾ يير خاضع ألية لكائح أك قكانيف‬
‫رقابية‪ ،‬األمر الذم يمكف كذلؾ مبيضك األمكاؿ مف تحكيؿ أرصدتيـ عدة مرات يكميا في‬
‫أكثر بنؾ عبر العالـ كمع ذلؾ يككف أمر تعقبيـ ككشؼ أمرىـ شيئا مستحيال‪.‬‬

‫‪ -‬النقود اإللكترونية‪ :‬أصبحت النقكد اإللكتركنية مف األدكات اليامة التي يستعمميا مرتكبك‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ إلضفاء المشركعية عمى العكائد اإلجرامية المتأتية مف تجارة‬
‫المخدرات كييرىا مف الجرائـ‪ ،‬كالتي كاف يصعب إخفاؤىا لضخامتيا‪ ،‬فضال عف عرقمة‬
‫اكتشاؼ الجرائـ األصمية التي تحصمت منيا‪.‬‬

‫ليس لمنقكد اإللكتركنية تعريؼ ثابت‪ ،‬فقد ظيرت العديد مف التعريفات التي تختمؼ‬
‫مف حيث الشكؿ كالصياية‪ ،‬كتتفؽ في المضمكف عمى أنيا المعالجة الرقمية لممدفكعات عبر‬

‫تعددت االتجاىات التي تناكلت تعريؼ البنكؾ اإللكتركنية‪ ،‬حيث نظر كؿ اتجاه مف زاكية معينة‪ ،‬كذلؾ عمى النحك‬ ‫‪1‬‬

‫التالي‪:‬‬
‫‪ -‬تقديـ بعض الخدمات المصرفية عمى اإلنترنت‪ :‬البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم يقدـ الخدمات المصرفية عبر المكقع‬
‫اإللكتركني لو عمى شبكة اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬التكاجد عمى شبكة اإلنترنت‪ :‬البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم يكجد فقط عمى شبكة اإلنترنت مف خالؿ شبكة داخمية‬
‫متصمة بشبكة اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ الكجكد المادم‪ :‬البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم ليس لو فركع مادية كيؤدم خدماتو عبر شبكة اإلنترنت كجياز‬
‫الصراؼ اآللي‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫اإلنترنت‪ ،‬حيث تحؿ قيمة النقد محؿ السيكلة النقدية‪ ،‬كيتـ ذلؾ مف خالؿ الحكسبة كالرقمنة‬
‫بأشكاليا المختمفة‪.1‬‬

‫كتتجمى العالقة بيف النقكد اإللكتركنية كجريمة تبييض األمكاؿ في استغالؿ مبيضكا‬
‫األمكاؿ ليذه النقكد ككسيمة الرتكاب الجريمة‪ .‬فمما ال شؾ فيو أف النقكد اإللكتركنية تعد‬
‫كسيمة مثالية الختزاف القيمة النقدية لألمكاؿ المحصمة مف مصدر يير مشركع تمييدا‬
‫لتبيي ض ىذه األمكاؿ كىنا يبرز الجانب السمبي ليذه الكسيمة المتطكرة مف كسائؿ الدفع‪،‬‬
‫بحيث تتحكؿ إلى كسيمة الرتكاب جريمة تبييض األمكاؿ عمى اعتبار أف مراقبتيا مسألة في‬
‫ياية الصعكبة‪ ،‬فيي ليست مادية محسكسة يمكف مراقبة حركتيا كال تظير اليكية الحقيقية‬
‫لممتعامميف بيا‪.2‬‬

‫كما تساعد طبيعة النقكد اإللكتركنية الخاصة في تأميف األمكاؿ يير المشركعة التي‬
‫تحتاج لمتبييض‪ ،‬إذ مف الصعب التحقؽ مف صحتيا عند إبراـ الصفقات‪ ،‬فقد يكتشؼ بعد‬
‫إتماـ الصفقة أف النقكد اإللكتركنية التي سكيت بيا الصفقة مزكرة‪ ،‬كمف جية أخرل يؤدم‬
‫استخداـ النقكد اإللكتركنية إلى زيادة حاالت التيرب الضريبي حيث يصعب عمى الجيات‬
‫المكمفة بتحصيؿ الضرائب مراقبة الصفقات التي تتـ عبر شبكة اإلنترنت باستخداـ ىذه‬
‫النقكد‪.‬‬

‫كيستخدـ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ النقكد اإللكتركنية خالؿ مرحمتي اإليداع‬
‫كالدمج‪ ،‬ففي المرحمة األكلى يبدأ حائز الماؿ المراد تبييضو بتدكير ىذا الماؿ عف طريؽ‬
‫إيداعو في المؤسسة المالية بطريقة اإليداع الرقمي‪ ،‬كبذلؾ يتفادل القيكد المحاسبية الكرقية‪.‬‬
‫كفي مرحمة الدمج يقكـ بإجراء تحكيالت رقمية إلى دكؿ أخرل كادخاليا في حركة االقتصاد‬
‫العالمي دكف أف تتعرض لخطر كشؼ مصدرىا الحقيقي‪.‬‬

‫بساـ أحمد الزلمي‪" ،‬دكر النقكد اإللكتركنية في عمميات يسؿ األمكاؿ"‪ ،‬مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد األكؿ‪ ،4070 ،‬ص‪.521‬‬


‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.554‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪67‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أساليب تبييض األمواؿ في المجاؿ غير المصرفي‬

‫يعتبر تبييض األمكاؿ في المجاؿ يير المصرفي مف األساليب الشائعة التي ظيرت‬
‫كاستخدمت في المراحؿ األكلى لتطكر جريمة تبييض األمكاؿ فيي تقميدية‪ ،‬يير أف القكؿ‬
‫بأنيا تقميدية ال يعني عدـ استخداميا في الكقت الحاضر مف طرؼ مرتكبك جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ كانما لككنيا ال تعتمد كثي ار عمى التطكر التكنكلكجي‪.‬‬

‫‪ -1‬إنشاء الشركات‪ :‬تمجأ عصابات تبييض األمكاؿ إلى إنشاء شركات شرعية كتقكـ‬
‫بتشغيميا كادارتيا كتكحي مف كراء ذلؾ بصكرة طبيعية لعمميات نقدية كبيرة فيخمطكف أمكاليـ‬
‫الغير المشركع ة بأمكاؿ الشركات الشرعية‪ ،‬كيعتبر تبييض األمكاؿ عف طريؽ إنشاء الشركات‬
‫أسمكب مكجكد في أيمب دكؿ العالـ‪.‬‬

‫كتكفر الشركات يطاء لمذم يقكـ بتبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث تمارس ىذه الشركات أنشطة‬
‫تجارية كيير تجارية‪ ،‬تعمؿ مف خالليا دكر الكسيط بيف أصحاب رؤكس األمكاؿ يير‬
‫المشركعة مف أجؿ إصباغ صفة المشركعية عمييا مقابؿ الحصكؿ عمى عمكالت‪ ،‬كمف ىذه‬
‫الشركات نذكر‪:‬‬

‫أ‪ -‬الشركات الوهمية‪ :‬يطمؽ عمى الشركات الكىمية أيضا تسمية شركات الدمى أك الشركات‬
‫الصكرية‪ ،‬ألنيا ال تقكـ باأليراض المنصكص عمييا في العقد التأسيسي‪ ،‬كلكف تقكـ‬
‫بالكساطة في عمميات تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫فالشركات الكىمية ىي شركات أجنبية مستترة يصعب عمى الحككمات االطالع عمى‬
‫مستنداتيا المالية‪ ،‬كيتـ إنشاؤىا في الدكؿ التي تفرض نظاـ سرية الحسابات المصرفية‪ ،‬حيث‬
‫ال يسمح بالكشؼ عف مصدر الدخؿ أك تتبع حركتو داخؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية‪.‬‬

‫كتكظؼ الش ركات الكىمية في عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ استخداـ ذمتيا في‬
‫عقد الصفقات المشبكىة كشراء الشركات الخاسرة أك التي في مرحمة التصفية‪ ،‬كال تكجد أية‬
‫صعكبة لدل بعض الدكؿ في تأسيس مثؿ ىذه الشركات‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كما تقكـ الشركات الكىمية بدكر الكسيط بيف أصحاب رؤكس األمكاؿ يير المشركعة‬
‫مقابؿ الحصكؿ عمى عمالت كبيرة‪ ،‬كما تقكـ ىذه الشركات بصكرة أخرل مف صكر تبييض‬
‫األمكاؿ عف طريؽ إنشاء فرع داخؿ دكلة مركزىا الرئيسي خارج ىذه الدكلة كتطمب استيراد‬
‫سمع مف الخارج كتحدد أسعار ىذه السمع بمبالغ أكبر مف قيمتيا الحقيقية ثـ تمزـ فركعيا في‬
‫الخارج بإيداع ىذا الفرؽ في حسابات سرية ليا في دكؿ أجنبية أخرل‪.‬‬

‫ب‪ -‬الشركات الورقية‪ :‬تكجد في بعض الدكؿ شركات تعرؼ باسـ الشركات الكرقية‪ ،‬كيتـ‬
‫إنشاء ىذا النكع مف الشركات عمى الكرؽ مف خالؿ تسجيميا في السجالت الرسمية كدكف أف‬
‫يعمـ بيا أحد‪ ،‬حيث ال يكضع اسـ رئيس مجمس اإلدارة أك حتى اسـ مالكيا‪ ،‬كعندما تعمؿ‬
‫ىذه الشركات فإنيا تقكـ بنقؿ األمكاؿ مف بعض الدكؿ كايداعيا في حسابات الشركات‬
‫الكرقية‪.1‬‬

‫ج‪ -‬شركات الواجهة‪ :‬ىي شركات أجنبية ال تكتفي بالغرض المنصكص عميو في العقد‬
‫التأسيسي ليا‪ ،‬بؿ تقكـ بالكساطة في عمميات تبييض األمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬كذلؾ مف‬
‫خالؿ القياـ بالتحكيالت النقدية كاستبداؿ العمالت بمساعدة المؤسسات المالية أك بمساعدة‬
‫شركات السمسرة في سكؽ األكراؽ المالية‪.‬‬

‫كيستخدـ المجرمكف شركات الكاجية بيدؼ تبييض األمكاؿ يير المشركعة مف خالؿ‬
‫فتح حسابات باسـ الشركة داخمية كخارجية كتككف بالتالي المالذ القانكني لعمميات تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬كتككف ىذه الشركات منتشرة بصكرة فعمية في الدكؿ التي تفتقر إلى الرقابة المحكمة‬
‫كتمتاز بمنظكمة سرية المعامالت المصرفية كسيكلة الدخكؿ كالخركج منيا كسيكلة‬
‫اإلجراءات المتبعة في تأسيس الشركات أك شرائيا‪.‬‬

‫كما يتـ تبييض ا ألمكاؿ عف طريؽ ىذا النكع مف الشركات بأساليب متعددة منيا خمؽ‬
‫نزاع كىمي بيف شركتيف‪ ،‬حيث ينتيي بالحكـ إلحدل الشركتيف بدفع مبمغ ىك في األصؿ مف‬
‫األمكاؿ يير المشركعة التي تـ إيداعيا في حساب الشركة‪.‬‬

‫أمجد سعكد الخريشة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪69‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -2‬التهريب‪ :‬أخذت مسألة التيريب أبعادا خطيرة مف خالؿ ظيكر شركات متخصصة‬
‫عمميا الرئيسي ىك التيريب تعرؼ باسـ ‪.GHOST COMPANIE‬‬

‫كيعتبر التيريب مف أشير األساليب التي كاف يستخدميا مرتكبك جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ في نقؿ العكائد يير المشركعة خارج البالد‪ ،‬كيرجع السبب في ذلؾ إلى سيكلة نقؿ‬
‫األمكاؿ إلى الخارج‪.‬‬

‫كيتـ تيريب األمكاؿ كاستعماليا في عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ عدة أساليب‬
‫كحيؿ مف أىميا‪:‬‬

‫أ‪ -‬تهريب النقود الورقية‪ :‬تعتبر عمميات تيريب األمكاؿ إحدل أىـ المشاكؿ التي تكاجو‬
‫الدكؿ كاف كانت ليا الجذكر التاريخية التي ترقى إلى عمؽ التاريخ‪ ،‬إال أف األمر أخد يزداد‬
‫خطكرة بتطكر أساليب النقؿ كسيكلة االنتقاؿ‪.1‬‬

‫كتتـ عممية تيريب الم حصالت النقدية يير المشركعة كالناتجة عف عمميات يير‬
‫مشركعة عف طريؽ النقؿ المادم حيث يقكـ المتكرطكف بأنفسيـ بالعممية أك عف طريؽ‬
‫أشخاص آخريف بالكسائؿ البسيطة كإخفائيا في الجيكب السرية لمحقائب كداخؿ األجيزة‬
‫المنزلية كفي ألعاب األطفاؿ‪ ،‬أك مف خالؿ تكاطؤ بعض العامميف في المطارات كالمكانئ ‪...‬‬
‫إلى يير ذلؾ مف الطرؽ التي تساعد في تيريب النقكد إلى الخارج‪.‬‬

‫كقد تضمف التقرير السنكم الذم أعدتو مجمكعة العمؿ المالي الدكلية لسنة‬
‫‪ 1996/1995‬أف تيريب العممة عبر الحدكد الدكلية مازاؿ يشكؿ أحد األساليب الرئيسية في‬
‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬كىك ما دفع بالمجمكعة إلى إصدار تكصية خاصة في ىذا الشأف ضمف‬
‫التكصيات األربعيف المتعمقة بمكافحة تبييض األمكاؿ تدعك إلى ضركرة اتخاذ تدابير عممية‬
‫الكتشاؼ كمراقبة النقؿ المادم لمنقكد دكف المساس بحرية انتقاؿ رؤكس األمكاؿ‪ ،‬كلتسييؿ‬
‫تحقيؽ ىذا اليدؼ اقترحت المجمكعة ضركرة اإلعالف لمسمطات الجمركية عف المبالغ التي‬
‫تتجاكز حد معيف عند دخكؿ الدكلة أك الخركج منيا‪.‬‬

‫نعيـ مغبغب‪ ،‬تيريب كتبييض األمكاؿ (دراسة في القانكف المقارف)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬د‪.‬د‪.‬ف‪ ،‬بيركت‪ ،4005 ،‬ص‪.77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪70‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كحرصا مف الدكؿ عمى مكافحة تيريب العممة كأسمكب لتبييض األمكاؿ عممت عمى‬
‫تعزيز الرقابة الجمركية كتجريـ كؿ فعؿ مف شأنو التستر عما يحممو المسافر مف نقكد إذا‬
‫تجاكزت حد معيف‪ ،‬ففي الكاليات المتحدة األمريكية يفرض عمى المسافر مأل إقرار بمبمغ‬
‫النقكد التي يحمميا إلى البالد إذا تجاكزت قيمة عشرة آالؼ دكالر أمريكي‪.‬‬

‫أما في الجزائر‪ ،‬فقد ألزـ بنؾ الجزائر المسافريف المقيميف كيير المقيميف القادميف‬
‫مف الخارج أك المتكجييف إلى الخارج بالتصريح لدل مكتب الجمارؾ‪ ،‬عند الدخكؿ إلى‬
‫التراب الكطني كعند الخركج منو‪ ،‬باألكراؽ النقدية ك‪/‬أك كؿ أداة أخرل قابمة لمتداكؿ محررة‬
‫بالعمالت األجنبية قابمة لمتحكيؿ بصفة حرة التي يستكردكنيا أك يصدركنيا إذا كاف مبمغيا‬
‫يساكم أك يفكؽ قيمة ألؼ (‪ )1.000‬يكرك‪.1‬‬

‫ب‪ -‬تهريب الذهب واألحجار الكريمة‪ :‬يعتبر تيريب الذىب كاألحجار الكريمة مف األساليب‬
‫التي تمجأ إلييا جماعات الجريمة المنظمة في تبييض األمكاؿ لما لمذىب مف قيمة معترؼ‬
‫بيا عالميا كقابؿ لمتحكيؿ في أم مكاف في العالـ‪ ،‬حيث يمجأ مبيضك األمكاؿ إلى شراء‬
‫الذىب كاأللماس كتيريبو كذلؾ لغالء ثمنو كصغر حجمو‪ ،‬كبعد أف ينجح الميرب في نقؿ‬
‫الذىب كاأللماس خارج البالد قد يعكد بيا مرة أخرل إلى البمد الذم خرجت منو‪ ،‬كلكنو يعمف‬
‫لمسمطات الجمركية عف المبمغ المالي الذم بحكزتو حتى يككف إدخاؿ األمكاؿ إلى البالد قد‬
‫تـ بطريقة قانكنية كشرعية‪.‬‬

‫‪ -3‬المكاسب الوهمية مف ألعاب القمار‪ :‬يتـ تبييض األمكاؿ بكاسطة ىذا األسمكب‪ ،‬كذلؾ‬
‫بأف يككف ىناؾ تكاطؤ بيف الالعبيف‪ ،‬حيث يتعمد كافة الالعبيف الخسارة حتى يربح أحدىـ‬
‫كتككف النقكد التي يربحيا ىي مجمؿ األمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬كقد يقكـ مبيضك األمكاؿ‬
‫بشراء كميات كبيرة مف الفيش كتسديد قيمتيا نقدا أك إيداع النقكد لدل الكازينك عمى أمؿ‬

‫المادة ‪ 02‬مف النظاـ ‪ 04/73‬المؤرخ في ‪ 47‬أبريؿ ‪ 4073‬يحدد سقؼ التصريح باستيراد كتصدير األكراؽ النقدية ك‪/‬أك‬ ‫‪1‬‬

‫األدكات القابمة لمتداكؿ المحررة بالعمالت األجنبية القابمة لمتحكيؿ بصفة حرة مف طرؼ المقيميف كيير المقيميف‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،45‬صادر في ‪ 43‬أبريؿ ‪.4073‬‬

‫‪71‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المغامرة الحقا‪ ،‬ثـ يغامر بمبمغ زىيد أك ال يغامر ليقكـ بعد ذلؾ بإعادة الفيش مقابؿ شيؾ‬
‫باسمو أك بسـ شخص آخر حيث يبدك ككأنو تحصؿ عمى المبمغ مما اكتسبو في المغامرة‪.1‬‬

‫‪ -4‬إبراـ الصفقات الوهمية‪ :‬يعتبر إبراـ الصفقات الكىمية مف األنشطة الشائعة االستخداـ‬
‫في عمميات تبييض األمكاؿ‪ .‬فبتضخيـ األسعار يككف بمقدكر مبيضك األمكاؿ نقؿ األمكاؿ‬
‫إلى الخارج باختالؽ فكاتير مزكرة كميا تتضمف أسعار مضاعفة عف تمؾ التي تـ دفعيا ثمنا‬
‫لمبضاعة إف كانت ىناؾ بضاعة تـ شراؤىا فعال‪.2‬‬

‫كما يقكـ أصحاب األمكاؿ المراد تبييضيا بعمميات استيراد سمع مف بمد ما يكدع‬
‫أمكالو بيا‪ ،‬كيقدـ مستندات صكرية لمجيات الحككمية باالتفاؽ مع المصدر األجنبي كيذكر‬
‫ثمنا أقؿ مف قيمتيا‪ ،‬ثـ يقكـ المستكرد (الجاني) س ار بإيداع الفرؽ بيف القيمتيف لحساب في‬
‫أحد البنؾ بالخارج خصما مف أمكالو‪ ،‬فيتحقؽ لممستكرد ربح كبير مف عممية االستيراد‪ ،‬كىك‬
‫مصدر مشركع يعطي الشرعية ألمكالو‪.3‬‬

‫كذلؾ قد يقكـ صاحب الماؿ يير المشركع بنفس العممية عند تصدير سمعة لمخارج‬
‫بقيمة صكرية أكبر مف قيمتيا الحقيقية‪ ،‬كيمكؿ الفرؽ مف أمكاؿ قذرة بالخارج محققا ربح كبير‬
‫مف عممية التصدير‪ ،‬كيظير ذلؾ بكضكح إذا كاف صاحب األمكاؿ يير المشركعة ىك‬
‫المصدر كالمستكرد في نفس الكقت‪.4‬‬

‫‪ -5‬دور السمسرة‪ :‬تستغؿ دكر السمسرة في عمميات تبييض األمكاؿ بسيكلة مف خالؿ‬
‫تحكيؿ مبمغ كبير مف األمكاؿ إلى سماسرة متعاكنيف في إحدل الدكؿ لشراء كميات كبيرة مف‬
‫األسيـ كالسندات بأسمائيـ أك بسـ شخص آخر أك بسـ شركة كىمية‪ .‬كاذا كانت األسيـ يير‬
‫اسمية فإف ىذا يزيد مف سيكلة عممية تبييض األمكاؿ فيككف تسجيؿ ىذه السندات يير‬
‫ضركرم‪.5‬‬

‫أمجد سعكد الخريشة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫الضمكر باسؿ عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الكىاب عرفة‪ ،‬الشامؿ في جريمة يسؿ األمكاؿ‪ ،‬المكتب الفني لممكسكعات القانكنية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫‪3‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫الضمكر باسؿ عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪72‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كما أدل انفتاح األسكاؽ المالية الدكلية عمى بعضيا البعض‪ ،‬كمع إلغاء القيكد عمى‬
‫حركة رؤكس األمكاؿ فيما بينيا‪ ،‬إلى تشجيع المضاربيف عمى القياـ بعمميات لتبييض أمكاليـ‬
‫الناتجة عف أعماؿ يير مشركعة عف طريؽ تحكيؿ ىذه األمكاؿ مف الداخؿ إلى الخارج‪ ،‬ثـ‬
‫يقكـ بإعادتيا مرة أخرل إلى الداخؿ في صكرة قانكنية مستغميف في ذلؾ االتجاه المتسارع‬
‫نحك تنشيط بكرصة األكراؽ المالية‪ ،‬كتتـ ىذه العمميات م ار ار كتك ار ار مما ينطكم عمى عمميات‬
‫تبييض لألمكاؿ‪.1‬‬

‫مف خالؿ تناكلنا ألساليب تبييض األمكاؿ‪ ،‬يمكننا القكؿ بأنيا تختمؼ كتتعدد‪ ،‬لكف‬
‫اليدؼ منيا كاحد كىك إضفاء صفة المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف ارتكاب الجرائـ‬
‫كأف ىذه األساليب يير محصكرة في بقعة جغرافية محددة‪ ،‬إذ تمتد إلى دكؿ عدة كقد تسمؾ‬
‫مسالؾ طكيمة إلخفاء المصدر يير الحقيقي لألمكاؿ كمف ثـ تعكد إلييا عمى أنيا أمكاؿ‬
‫مشركعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫مراحؿ جريمة تبييض األمواؿ‬

‫تمر جريمة تبييض األمكاؿ بعدة مراحؿ ىدفيا الرئيسي إخفاء المصدر يير المشركع‬
‫لألمكاؿ كادماجيا في االقتصاد المشركع كمحاكلة قطع الصمة بيف الماؿ كمصدره األصمي‬
‫المستمد منو‪ ،‬كالذم يشكؿ جريمة أصمية تدر ربحا ىك أساس تبييض األمكاؿ‪ ،‬مما يؤدم‬
‫إلى صعكبة مالحقتيا أمنيا كجمع األدلة التي تثبت ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫كمما ال شؾ فيو‪ ،‬أف ىناؾ صعكبة في تحديد المراحؿ التي تمر بيا عمميات تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬فيي مسألة معقدة يساىـ فييا العديد مف األشخاص الطبيعييف كاالعتبارييف‪ ،‬كؿ‬
‫كاحد لو دكر في سبيؿ إخفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كالقياـ بعدة أنشطة مشركعة‬
‫لتحكيميا مف أمكاؿ قذرة إلى أمكاؿ نظيفة‪.‬‬

‫نسريف عبد الحميد‪ ،‬الجرائـ االقتصادية (التقميدية – المستحدثة)‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر‪ ،4002 ،‬ص‪.202‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫فبالريـ مف مسايرة أيمب الفقو‪ 1‬لرأم خبراء مجمكعة العمؿ المالي الدكلية القائؿ بأف‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ تمر بثالثة مراحؿ أساسية‪ ،‬إال أف ىذا التقسيـ أصبح ينظر إليو عمى‬
‫أنو تقميدم‪ ،‬كظير تقسيـ حديث يقكـ عمى أساس التمييز بيف ثالثة أنكاع مف التبييض تتمثؿ‬
‫في التبييض البسيط‪ ،‬ثـ التبييض المدعـ‪ ،‬فالتبييض المقنف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التقسيـ التقميدي‬

‫يقكـ التقسيـ التقميدم عمى اعتبار أف جريمة تبييض األمكاؿ تمر بثالثة مراحؿ‬
‫أساسية كمترابطة‪ ،‬كؿ مرحمة تميد لممرحمة الالحقة إلى ياية المرحمة األخيرة التي يككف فييا‬
‫الماؿ قد انقطعت صمتو عف أصمو اإلجرامي‪ ،‬كيمكف التعرض ليذه المراحؿ كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحمة التوظيؼ (اإليداع)‪ :‬مرحمة التكظيؼ ىي العممية األكلى التي يبدأ بيا مرتكبكا‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ لمتخمص مف األمكاؿ المتحصؿ عمييا مف النشاط اإلجرامي‬
‫األصمي‪ ،2‬حيث يتمثؿ جكىرىا في اختيار المكاف الذم ستتـ فيو عممية تبييض األمكاؿ إما‬
‫مف خالؿ إدخاليا في النظاـ المصرفي أك في تجارة قانكنية أك يير ذلؾ مف األساليب‪.3‬‬

‫كما تعني ىذه المرحمة إيداع األمكاؿ الناتجة عف أنشطة يير مشركعة في شركات‬
‫مالية أك مصارؼ أك مؤسسات ادخار محمية أك خارجية‪ ،‬األمر الذم يعني تكظيؼ األمكاؿ‬
‫يير المشركعة في صكرة إيداعات بالمؤسسات المالية أك المصارؼ أك شراء أسيـ مؤسسة‬
‫مالية أك تجارية أك ييرىا‪.4‬‬

‫كتعد مرحمة التكظيؼ األقؿ تعقيدا عمى اعتبار أنيا البداية لعممية تبييض األمكاؿ‬
‫كفييا يستطيع مبيضكا األمكاؿ التخمص مف عائداتيـ اإلجرامية‪ ،‬كادخاليا في إحدل آليات‬

‫محمد صادؽ إسماعيؿ‪ ،‬عبد العاؿ الديربى‪ ،‬جرائـ الفساد بيف آليات المكافحة الكطنية كالدكلية‪ ،‬المركز القكمي‬ ‫‪1‬‬

‫لإلصدارات القانكنية‪ ،‬القاىرة‪ ،4074 ،‬ص‪32‬؛ نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪32‬؛ باسؿ عبد اهلل‬
‫الضمكر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪41‬؛ عمي لعشب‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .42‬أنظر كذلؾ‪:‬‬
‫‪Geert Delrue, Le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme, 2eme édition,‬‬
‫‪édition MAKLU, 2014, p147.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Sophie Petrini - Jonquet, Politique criminelle en matière de blanchiment de la lutte national‬‬
‫‪aux obstacles internationaux, Thèse de doctorat, 1997, p139.‬‬
‫‪ 3‬عبد الحكيـ مصطفى الشرقاكم‪ ،‬العكلمة المالية كتبييض األمكاؿ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،4003 ،‬ص‪.20‬‬
‫محمد صادؽ إسماعيؿ‪ ،‬عبد العاؿ الديربى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪74‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫االقتصاد الرسمي‪ .‬ككذلؾ األكثر خطكرة السيما عندما تتـ عف طريؽ البنكؾ أيف تخرج‬
‫األمكاؿ يير المشركعة مف دائرة اإلخفاء لتدخؿ دائرة التعامؿ المادم‪ ،‬كبالتالي تككف عرضة‬
‫الفتضاح أمرىا‪ ،‬فيي أضعؼ حمقات مراحؿ تبييض األمكاؿ نظ ار لما تقكـ بو األجيزة‬
‫المكمفة بمكافحة تبييض األمكاؿ مف تركيز محاكلة الكشؼ عف ىذه األمكاؿ قبؿ أف تدخؿ‬
‫نطاؽ التداكؿ‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة أف مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ ال يقكمكف بإيداع مبالغ كبيرة في‬
‫البنكؾ دفعة كاحدة‪ ،‬فيعمدكف لتجنيد العديد مف األشخاص بتجزئة الماؿ إلى مبالغ ال تزيد‬
‫عف حد معيف بقدر ما يسمح بو البنؾ دكف أف يتحرل عف مصدر الماؿ‪ ،‬ليتـ اإليداع في‬
‫بنكؾ مختمفة كبحسابات متعددة مف عدة أشخاص محترفيف كليست لدييـ أية سكابؽ أك‬
‫شبيات‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحمة التغطية (التمويه)‪ :‬تعتمد مرحمة التغطية عمى إخفاء عالقة األمكاؿ يير‬
‫المشركعة بعد دخكليا قنكات النظاـ المصرفي عف مصدرىا يير المشركع مف خالؿ القياـ‬
‫بالعديد مف العمميات المالية المتتالية‪ ،‬الكبيرة الحجـ‪ ،‬مع تكفير التغطية القانكنية كبالتالي‬
‫إعطاؤىا يطاء شرعي‪.1‬‬

‫كتتصؼ مرحمة التغطية بككنيا أصعب مراحؿ تبييض األمكاؿ مقارنة بمرحمة اإليداع‬
‫بالنسبة لمج يات المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬حيث يصعب كشؼ حقيقة كطبيعة‬
‫األمكاؿ يير المشركعة بسبب الصفقات المالية المتعددة‪ ،‬كاعتبار أف األمكاؿ يير المشركعة‬
‫تككف قد خضعت لعدة مستكيات مف التدكير‪.‬‬

‫كما تتميز ىذه المرحمة بتعدد األساليب المستخدمة في التعتيـ عمى مصدر األمكاؿ‬
‫يير المشركعة‪ ،‬كإبراـ الصفقات المتعاقبة التي تجعؿ العكدة إلى ممفات المحاسبة صعبة‬
‫حيث يستحيؿ عمى أم محاسب العكدة إلى أصؿ الكدائع التي تمت بصفقات كىمية‪ ،‬ككذلؾ‬
‫التحكيؿ عبر الرسائؿ اإللكتركنية باإلضافة إلى تكرار التحكيؿ مف حساب بنكي إلى حساب‬
‫بنكي آخر‪ .‬كليذا الغرض يستعاف بالكسائؿ الفنية المتطكرة لضماف سرعة التحكيؿ‪ ،‬كيتـ‬
‫المجكء بصفة خاصة إلى شركات متخصصة في إجراء ىذه التحكيالت السريعة‪ ،‬أك طمب‬

‫‪1‬‬
‫‪Sophie Petrini – Jonquet, Op.Cit, p140.‬‬

‫‪75‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫القركض بضماف األمكاؿ المكدعة‪ ،‬كتكظيؼ حصيمة القرض في شراء األصكؿ أك األسيـ‬
‫كالسندات ثـ إعادة بيعيا كتسديد القركض‪.1‬‬

‫ف األمكاؿ يير المشركعة التي يتـ تبييضيا قد تظير في أم مكاف في العالـ خاصة‬
‫في ظؿ الجيكد الدكلية الرامية إلى مكافحة الجريمة‪ ،‬ما يحتـ عمى مرتكبكا جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ اليركب إلى أماكف ال تخطر بباؿ‪ ،‬في سبيؿ التخمص مف الرقابة كالمالحقة‪ ،‬أك‬
‫سعيا كراء تحقيؽ نسب أكبر مف األرباح‪.‬‬

‫كتجرل يكميا عبر العالـ عمميات مصرفية إلكتركنية أك يدكية‪ ،‬يتـ مف خالليا تبييض‬
‫المالييف مف الدكالرات المتصمة باألنشطة يير المشركعة دكف حكاجز جغرافية‪ ،‬كقد أصبح‬
‫بإمكاف مبيضكا األمكاؿ تحريؾ كنقؿ األصكؿ النقدية ميما كاف حجميا مف كالى أم منطقة‬
‫في العالـ‪.2‬‬

‫‪ -3‬مرحمة الدمج‪ :‬تعتبر مرحمة الدمج مف أىـ مراحؿ عممية تبييض األمكاؿ‪ ،‬كفييا يقكـ‬
‫المبيضكف بجمع األمكاؿ مف مختمؼ مكاقعيا لتككيف رأس الماؿ‪ ،‬كمف تـ إعادة األمكاؿ‬
‫المبيضة مرة أخرل إلى االقتصاد‪ ،‬بحيث يعاد دمجيا في النظاـ المصرفي كتبدك في نياية‬
‫األمر ككأنيا عكائد طبيعية لعمميات تجارية مما يرسخ القناعة لدل اآلخريف بأف األمكاؿ‬
‫المبيضة ليا مصادر مشركعة‪.‬‬

‫كما تعتبر مرحمة الدمج المرحمة النيائية كاألكثر عالنية كمف شأنيا إضفاء صفة‬
‫المشركعية عمى األمكاؿ المبيضة ذات المصدر يير المشركع‪ ،‬كبالتالي يحدث التكامؿ‬
‫الفعمي لمعكائد اإلجرامية بإعادة استثمارىا‪.3‬‬

‫فإذا كاف مف السيؿ إثبات أثر العائدات يير المشركعة في مرحمتي اإليداع كالتمكيو‬
‫فإنو مف الصعب التمييز بيف العكائد المشركعة كنظيرتيا يير المشركعة في مرحمة الدمج‬
‫حيث يقؿ في ىذه المرحمة خطر اكتشاؼ مصدر ىذه العكائد‪ ،‬بعد أف تككف قد أخذت‬

‫محمكد كبيش‪ ،‬السياسة الجنائية في مكاجية يسؿ األمكاؿ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،4007 ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫فريد عمكاش‪" ،‬جريمة يسؿ األمكاؿ‪ :‬المراحؿ كاألساليب"‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪،‬العدد‪ ،74‬ص‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫ىشاـ بشير‪ ،‬إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.73‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪76‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المراحؿ السابقة سنكات عديدة‪ ،1‬كيرجع ذلؾ لألساليب المتبعة في ىذه المرحمة خاصة المجكء‬
‫إلى المضاربة في األسكاؽ المالية المنتشرة في جميع أنحاء العالـ‪ ،‬إضافة إلى التسييالت‬
‫االئتمانية (القركض) كفتح االعتماد الالزمة لمقياـ بعمميات التصدير كاالستيراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التقسيـ الحديث‬

‫يقكـ التقسيـ الحديث لعمميات تبييض األمكاؿ عمى أف اعتبار كجكد نمكذج مكحد‬
‫لعمميات تبييض األمكاؿ يتـ بترتيب مرحمي حسب التقسيـ التقميدم ىك أمر يير كاقعي‪ ،‬نظ ار‬
‫الختالؼ ظركؼ تبييض األمكاؿ ككمياتيا‪ ،‬ككذلؾ اختالؼ األنظمة القانكنية التي في ظميا‬
‫تجرم عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬فقد تتـ عممية تبييض األمكاؿ في مرحمة كاحدة أك عمى‬
‫مرحمتيف لتعمقيا باالعتبارات الشخصية لمقائميف بالتبييض‪ ،‬كيعتبر ىذا االتجاه السائد في‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ المختمفة خاصة تمؾ التي تتـ باألساليب الحديثة كىذا لسيكلة‬
‫الطريقة‪.‬‬

‫‪ -1‬التبييض البسيط‪ :‬تستخدـ في ىذا النكع مف عمميات التبييض أقصر الدكرات‪ ،‬ككذلؾ‬
‫أساليب قميمة التعقيد في سبيؿ تحكيؿ العكائد يير المشركعة إلى أمكاؿ شرعية كيستعمؿ‬
‫التبييض البسيط إذا تعمؽ األمر بعمميات قميمة األىمية تيدؼ لالستيالؾ السريع لألمكاؿ‬
‫محؿ التبييض أك استثمارىا في مشاريع صغيرة‪ .‬كيتـ التبييض البسيط عادة في الدكؿ‬
‫كالمناطؽ التي ال تكجد فييا قيكد عمى عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬أك تككف القيكد فييا‬
‫محدكدة‪.2‬‬

‫كاألمثمة عف التبييض البسيط لألمكاؿ كثيرة‪ ،‬منيا ألعاب القمار كاستثمار األمكاؿ يير‬
‫المشركعة في أنكاع مف التجارة التي تتميز بككف التعامؿ فييا يتـ عادة بالسيكلة النقدية‪.‬‬

‫نادية قاسـ بيضكف‪ ،‬مف جرائـ أصحاب الياقات البيضاء (الرشكة كتبييض األمكاؿ)‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،4003‬ص‪.704‬‬
‫باخكية ادريس‪ ،‬باخكية دريس‪ ،‬جريمة يسؿ األمكاؿ كمكافحتيا في القانكف الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف‪ ،‬كمية‬ ‫‪2‬‬

‫الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة أبك بكر بمقايد بتممساف‪ ،‬الجزائر‪ ،4074/4077 ،‬ص‪.54‬‬

‫‪77‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -2‬التبييض المدعـ‪ :‬ييدؼ التبييض المدعـ إلى إعادة استثمار العكائد اإلجرامية في‬
‫أنشطة شرعية أكبر مف المشاريع االستثمارية المتبعة التبييض البسيط‪.1‬‬

‫كيشمؿ التبييض المدعـ مبالغ مالية سبؽ كاف خضعت لمتبييض البسيط‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ‬
‫أف تككف لدل تاجر المخدرات أمكاؿ كبيرة كيجد صعكبة في إضفاء الشرعية عمييا‪ ،‬فيقكـ‬
‫بداية بعممية التبييض البسيط لجزء مف أمكالو عف طريؽ ألعاب القمار كالجزء اآلخر يخمطو‬
‫مع عائد احد المشركعات االستثمارية الصغيرة‪ ،‬ثـ يقكـ بتجميع األمكاؿ المحصمة إلى باقي‬
‫الماؿ المحصؿ مف الجريمة كيستخدميا في استثمارات أكبر مف المشركعات االستيالكية‬
‫كالمضاربة العقارية كانشاء الشركات الكىمية كفتح حسابات ليا لدل البنكؾ‪.‬‬

‫كما أف التبييض المدعـ عادة ما ينجز في دكؿ كمناطؽ ذات رقابة كقيكد متكسطة‬
‫في مكاجية جريمة تبييض األمكاؿ كيستعاف فيو بأساليب معقدة كف خالؿ فنييف كمستشاريف‪.‬‬

‫‪ -3‬التبييض المقنف‪ :‬تستخدـ في ىذا النكع مف عمميات تبييض األمكاؿ أساليب متعددة‬
‫بالغة الدقة كاإلتقاف تجعؿ تتبع مصدر األمكاؿ المستثمرة مستحيؿ‪ ،‬كيقكـ يالبا بيذه‬
‫العمميات عصابات إجرامية‪ ،‬كما تتـ عممية تبييض األمكاؿ في أكثر مف دكلة اعتمادا عمى‬
‫مجمكعة مف الشركات المكزعة في دكؿ العالـ كشركات التصدير كاالستيراد‪ ،‬كاالستعانة‬
‫بخبراء مصرفييف كمستشاريف قانكنييف عمى درجة عالية مف الخبرة كالكفاءة‪.2‬‬

‫كيحتاج مبيضكا األمكاؿ في ىذا النكع إلى كميات كبيرة مف األمكاؿ‪ ،‬كالتي يتـ نقميا‬
‫بيف الشركات بطريقة سريعة كباستخداـ أحدث الكسائؿ التكنكلكجية بيدؼ إخفاء المصدر‬
‫الحقيقي ليا‪.‬‬

‫كنالحظ أف االتجاه الحديث في تقسيـ عمميات تبييض األمكاؿ لـ يقدـ الجديد‪ ،‬كانما‬
‫ركز عمى بعض الطرؽ كاألساليب المتبعة في ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كذلؾ بالنظر‬
‫لجسامة كتعقد عممية تبييض األمكاؿ كحجـ األمكاؿ ذات المصدر يير المشركع محؿ‬
‫التبييض‪.‬‬

‫باخكية إدريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.52‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪78‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫مخاطر جريمة تبييض األمواؿ‬

‫قد يتراءل لمبعض بأف لجريمة تبييض األمكاؿ آثار إيجابية خاصة في حالة اتخاذ‬
‫عمميات التبييض الصكر العينية‪ ،‬مثؿ إقامة شركات استثمار كتكفير العديد مف مناصب‬
‫الشغؿ كالمساىمة في الحد مف البطالة‪ ،‬كتكفير قدر إضافي مف السمع يسمح باستقرار‬
‫األسعار المحمية‪ ،‬إال أف ذلؾ يمكف الرد عميو ببساطة بأف عدـ مشركعية الدخؿ الذم تجرم‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ عميو يمثؿ قكة شرائية يير ناتجة عف نشاط اقتصادم حقيقي‪ ،‬مما‬
‫يؤدم إلى آثار سمبية عمى األسعار المحمية‪ ،‬كيساىـ في حدكث ضغكط تضخمية‪ ،‬تيدد‬
‫مستقبؿ التنمية االقتصادية كاالجتماعية‪.‬‬

‫إف بعض اإليجابيات التي تتحقؽ مف استخداـ األمكاؿ المبيضة‪ ،‬ال يمكف أف تبرر أك‬
‫تعادؿ فداحة اآلثار السمبية الناتجة عنيا‪ ،‬خاصة مف الناحية االقتصادية كاالجتماعية‬
‫كالسياسية‪.‬‬

‫الفرع األوؿ‬

‫المخاطر االقتصادية واالجتماعية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫تتجمى المخاطر االقتصادية كاالجتماعية التي تتكلد عف جريمة تبييض األمكاؿ مف‬
‫خالؿ اإلضرار ببنية االقتصاد الكطني ككذا الدكلي‪ ،‬سكاء فيما يتعمؽ بالدكؿ التي تكلدت‬
‫فييا األمكاؿ يير المشركعة‪ ،‬أـ فيما يتعمؽ بالدكؿ التي تتـ فييا عممية تبييض األمكاؿ‪.1‬‬
‫حيث ال ييتـ مبيضي األمكاؿ بمكضكع الجدكل االقتصادية لالستثمار بقدر اىتماميـ‬
‫بالتكظيؼ الذم يسمح بإعادة تدكير األمكاؿ‪.2‬‬

‫عبد اهلل بف جييـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد عبد أبكسمرة‪ ،‬جريمة يسيؿ األمكاؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الراية لمنشر كالتكزيع‪ ،‬األردف‪ ،4070 ،‬ص‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪79‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المخاطر االقتصادية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫تعددت المخاطر المترتبة عف عمميات تبييض األمكاؿ خاصة تمؾ المتعمقة بالمجاؿ‬
‫االقتصادم‪ ،‬كذلؾ باعتبار أف األمكاؿ المبيضة ال تخضع لمقكاعد االقتصادية كالمالية مما‬
‫يتسبب في الكثير مف المخاطر التي تناكليا بنكع مف التفصيؿ فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬انخفاض الدخؿ الوطني‪ :‬تؤدم جريمة تبييض األمكاؿ إلى تيريب األمكاؿ كصكرة مف‬
‫صكر التبييض كبالتالي استقطاع األمكاؿ الميربة إلى الخارج مف الدخؿ الكطني‪ ،‬كبذلؾ تفقد‬
‫عممية اإلنتاج مقكما أساسيا أال كىك رأس الماؿ مما يعيؽ إنتاج السمع كالخدمات فينعكس‬
‫سمبا عمى الدخؿ الكطني باالنخفاض‪.1‬‬

‫كقد يتأتى األثر عمى الدخؿ الكطني مف انخفاض إنتاجية االستثمارات يير‬
‫المشركعة‪ ،‬حيث إف ىذه االستثمارات ال تستيدؼ تعظيـ األرباح كيترتب عمى ذلؾ انخفاض‬
‫حصيمة الضرائب عمى الدخؿ مما يؤدم إلى انخفاض اإلنفاؽ العاـ كبالتالي انخفاض الدخؿ‬
‫الكطني‪.‬‬

‫كاف كانت جريمة تبييض األمكاؿ تؤثر سمبيا عمى الدخؿ الكطني‪ ،‬فإف ليا تأثير عمى‬
‫تكزيع الدخؿ‪ ،‬كذلؾ أف مصدر األمكاؿ يير مشركع‪ ،‬كاألمكاؿ المبيضة ىي في األصؿ‬
‫منتزعة مف فئات المجتمع الكادحة‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ يحدث تحكيؿ لمدخؿ مف فئات كادحة‬
‫تحصؿ عمى دخكؿ مشركعة إلى فئات يير منتجة تحصؿ عمى دخكؿ يير مشركعة‪ ،‬كبذلؾ‬
‫يحدث تكزيع عشكائي لمدخؿ الكطني‪ ،‬فتزيد الفجكة بيف األينياء كالفقراء في المجتمع‪.2‬‬

‫كما يمكف لجريمة تبييض األمكاؿ أف تؤدم إلى إعادة تكزيع الدخؿ الكطني مف خالؿ‬
‫بركز رجاؿ أعماؿ جدد ليـ قدرات كبيرة في مجالي االدخار كاالستثمار‪ ،‬كالجرأة عمى كلكج‬
‫مجاالت االستثمار المحفكفة بالمخاطر ‪ ،‬مما ينعكس سمبا عمى باقي رجاؿ األعماؿ‬
‫كالمستثمريف مف جية كعمى النمك االقتصادم مف جية أخرل‪.3‬‬

‫عبد اهلل خبابة‪" ،‬انعكاسات يسؿ األمكاؿ عمى تمكيؿ التنمية في الدكؿ النامية"‪ ،‬مجمة كمية بغداد لمعمكـ االقتصادية‬ ‫‪1‬‬

‫الجامعة‪ ،‬العدد‪ ،4072 ،23‬ص‪.742‬‬


‫عبد اهلل بف جييـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫باسؿ عبد اهلل الضمكر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪80‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -2‬ارتفاع معدؿ التضخـ وتدهور قيمة العممة‪ :‬تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ سكاء تمت‬
‫في صكرة نقدية عبر البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬أك في صكرة عينية عف طريؽ شراء‬
‫العقارات كالتحؼ كالشركات المفمسة ‪...‬الخ في رفع معدؿ التضخـ بسبب زيادة الكتمة النقدية‬
‫المعركضة التي تجد طريقيا إلى اإلنفاؽ االستيالكي مف مبيضي األمكاؿ‪ ،‬كىي فئات تمتاز‬
‫بعدـ الرشد في اإلنفاؽ‪ ،‬مما يؤدم إلى زيادة حجـ الطمب الكمي في المجتمع مصحكبا‬
‫بتدىكر القكة الشرائية لمنقكد‪.‬‬

‫كذلؾ فإف جريمة تبييض األمكاؿ تؤثر سمبا عمى قيمة العممة الكطنية نظ ار لالرتباط‬
‫الكثيؽ بيف ىذه العممية كتيريب األمكاؿ إلى الخارج‪ ،‬كما يعنيو ذلؾ مف زيادة الطمب عمى‬
‫العمالت األجنبية التي يتـ تحكيؿ األمكاؿ الميربة إلييا بيدؼ اإليداع في البنكؾ الخارجية‬
‫أك اال ستثمار في الخارج‪ ،‬كال شؾ بأف النتيجة الحتمية لذلؾ ىي انخفاض قيمة العممة‬
‫الكطنية مقابؿ العمالت األجنبية‪.1‬‬

‫‪ -3‬انخفاض معدؿ االدخار واالستثمار‪ :‬يعتبر تبييض األمكاؿ دربا مف دركب الفساد المالي‬
‫كاالقتصادم‪ ،‬لذلؾ فإف تأثيره عمى انخفاض معدؿ االدخار‪ ،‬يظير في الدكؿ النامية التي‬
‫تشيع فييا الرشاكل كالتيرب الضريبي‪ ،‬كىي الدكؿ التي يمكف كصفيا بالدكؿ الرخكة كما‬
‫أسماىا االقتصادم ميرداؿ (‪.2 )Myrdal‬‬

‫كتكجد عالقة عكسية بيف جريمة تبييض األمكاؿ كاالدخار‪ ،‬فكمما زادت عمميات‬
‫تبييض األمكاؿ قؿ معدؿ االدخار‪ ،‬كذلؾ بسبب تيريب رؤكس األمكاؿ إلى الخارج‪ ،‬كبالتالي‬
‫ينتج عنيا تناقص المدخرات التي يمكف أف تكجو إلى االستثمار‪ ،‬كيتسع نطاؽ الفجكة‬
‫التمكيمية‪ ،‬حيث يتـ إيداع المدخرات في البنكؾ الخارجية دكف أف تكجو إلى قنكات االستثمار‬
‫داخؿ البمد‪.‬‬

‫كما تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ عمى االستثمار مف خالؿ إفساد مناخ االستثمار‬
‫ذاتو‪ ،‬إذ أف مناخ االستثمار عبارة عف تكليفة مف مجمكعة العكامؿ االقتصادية كاالجتماعية‬

‫رمزم نجيب القسكس‪ ،‬يسؿ األمكاؿ جريمة العصر‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار كائؿ لمنشر‪ ،‬عماف‪ ،4004 ،‬ص‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز عياد‪ ،‬تبييض األمكاؿ القكانيف كاإلجراءات المتعمقة بالكقاية منيا كمكافحتيا في الجزائر‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫الخمدكنية لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الج ازئر‪ ،4001 ،‬ص‪.20‬‬

‫‪81‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫كالسياسية كالقانكنية تعمؿ عمى خمؽ الثقة كاالستقرار الذم يشجع االستثمار‪ ،‬كتبييض‬
‫األمكاؿ ينخر في كؿ ذلؾ مف خالؿ زعزعة االستقرار ما يدفع الحككمات إلى تغييره كالتشديد‬
‫فيو مما يشكش عمى مناخ االستثمار‪.‬‬

‫‪ -4‬تراجع التحصيؿ الضريبي‪ :‬تكجد عالقة كثيقة بيف التيرب الضريبي كجريمة تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬حيث يتجو المتيربكف مف دفع الضرائب إلى إيداع أمكاليـ في بنكؾ خارج دكلتيـ‬
‫تككف بعيدة عف أعيف السمطات المختصة‪ ،‬كبمنأل عف إمكانية مالحقتيا كتجريميا‬
‫كمصادرتيا ما يحدث خسائر في اإليرادات الضريبية‪.‬‬

‫فاألمكاؿ التي تخرج مف أم بمد لتستقر في البنكؾ األجنبية نتيجة لعمميات تبييض‬
‫األمكاؿ تشكؿ إليرادات الدكلة‪ ،‬مما يجعؿ الحككمات تضطر إلى رفع سقؼ الضرائب‬
‫المقررة‪ ،‬كفرض ضرائب جديدة عمى أصحاب الدخكؿ المشركعة ما يؤدم إلى زيادة العبء‬
‫الضريبي كانخفاض المدخرات‪.‬‬

‫‪ -5‬التأثير عمى السياسات االقتصادية‪ :‬تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ سمبا عمى صياية‬
‫السياسات االقتصادية سكاء مف الناحية المالية أك النقدية أك التجارية‪ ،‬كذلؾ لعدـ دقة‬
‫البيانات كالمعمكمات الالزمة لصياية ىذه السياسات‪ ،‬كمف ثمة تحد مف كفاءتيا كفعاليتيا في‬
‫تحقيؽ االستقرار االقتصادم‪ ،‬فاعتماد تخطيط كادارة السياسات االقتصادية في الدكلة عمى‬
‫السيكلة المتكفرة لدل البنكؾ‪ ،‬كلما كانت األمكاؿ المراد تبييضيا تنتقؿ مف دكلة إلى أخرل‬
‫بمبالغ كبيرة كبشكؿ مفاجئ‪ ،‬األمر الذم يؤدم إلى انخفاض مقدار السيكلة في الدكلة‬
‫المحكؿ منيا األمكاؿ‪ ،‬فيؤدم ىذا التحكؿ إلى خمؿ في المخطط االقتصادم لمدكلة‪ ،‬كما‬
‫يخمؽ في الدكلة المحكؿ إلييا اعتقادا خاطئا بأف ىناؾ كفرة في السيكلة بسبب التكسع‬
‫االقتصادم المصاحب لدخكؿ األمكاؿ المراد تبييضيا‪ ،‬مما يدفع السمطات النقدية إلى إتباع‬
‫سياسة نقدية كائتمانية تقكـ عمى الحد مف التكسع االقتصادم‪ ،‬ثـ تفاجأ بالحركة العكسية ليذه‬
‫األمكاؿ كتحكيميا مرة أخرل إلى الخارج كىنا تكتشؼ أنيا اتبعت سياسة اقتصادية خاطئة ال‬
‫تعبر عف حاجة االقتصاد الفعمية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -6‬اإلضرار بالنظاـ المصرفي‪ :‬تؤدم عمميات تبييض األمكاؿ إلى المساس بثقة المستثمريف‬
‫في النظاـ المصرفي‪ ،‬كقد تؤدم إلى انييار المصارؼ المتكرطة في عمميات التبييض‪ ،‬كقد‬
‫تمكف ىذه األمكاؿ المصارؼ المتعثرة مف البقاء ضمف القطاع المصرفي‪.1‬‬

‫كما تؤدم عمميات تبييض األمكاؿ إلى انييار البكرصات التي تستقبؿ األمكاؿ يير‬
‫ا لمشركعة حيث يككف اليدؼ مف شراء األكراؽ المالية إتماـ مرحمة مف مراحؿ تبييض‬
‫األمكاؿ كليس االستثمار‪ ،‬مما يؤدم إلى حدكث انخفاض في أسعار األكراؽ المالية في‬
‫البكرصة ثـ انييارىا‪.2‬‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ في فقداف السيكلة النقدية سكاء‬
‫بالعممة المحمية أك بالعمالت األجنبية‪ ،‬مما بتسبب في تآكؿ احتياطي الصرؼ مع كؿ عممية‬
‫تبييض دكلي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المخاطر االجتماعية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫ال تقتصر مخاطر جريمة تبييض األمكاؿ عمى الجانب االقتصادم لمدكؿ فحسب‬
‫كانما تمتد إلى الجكانب االجتماعية‪ ،‬فيي تعمؿ عمى انتشار الجريمة في المجتمع‪ ،‬كما‬
‫تساعد في ارتفاع معدالت البطالة كاحداث خمؿ في البنياف االجتماعي في الدكؿ التي يتـ‬
‫تيريب األمكاؿ منيا‪.‬‬

‫‪ -1‬زيادة انتشار الجريمة‪ :‬إف نجاح أصحاب األمكاؿ يير المشركعة المحصمة مف جرائـ‬
‫تجارة المخدرات كالرشكة كالتيريب كييرىا مف الجرائـ في اإلفالت مف مالحقة السمطات‬
‫المختصة‪ ،‬كاستخداـ تمؾ األمكاؿ في تصرفات عينية كنقدية يشجع ييرىـ عمى سمكؾ طريؽ‬
‫الجريمة‪ ،‬فجريمة تبييض األمكاؿ تساعد عمى زيادة معدؿ الجريمة المنظمة كيير المنظمة‪.‬‬

‫كتعتبر جرائـ اإلرىاب مف أكثر الجرائـ ارتباطا بعمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬فالكثير مف‬
‫األمكاؿ يير المشركعة أصبحت تستخدـ في تمكيؿ اإلرىاب كالتطرؼ‪ ،‬كىك ما جعؿ ىيئة‬

‫صالح جزكؿ‪ ،‬جريمة تبييض األمكاؿ في قانكف العقكبات الجزائرم كالشريعة اإلسالمية‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬كمية‬ ‫‪1‬‬

‫العمكـ اإلنسانية كالحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،‬الجزائر‪ ،4075/4072 ،‬ص‪.33‬‬


‫يكسؼ حسف يكسؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪83‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫األمـ المتحدة تسارع إلى تجريـ كؿ عمؿ يرمي إلى تمكيؿ اإلرىاب مف خالؿ االتفاقية‬
‫الدكلية لقمع تمكيؿ اإلرىاب‪ ،1‬التي حثت الدكؿ األطراؼ عمى ضركرة سف تشريعات تجرـ‬
‫األفعاؿ التي مف شأنيا تمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ بادرت العديد مف الدكؿ إلى سف‬
‫تشريعات تتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬كمف بيف ىذه الدكؿ الجزائر كذلؾ‬
‫مف خالؿ القانكف ‪ 01/05‬المتضمف الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمكافحتيما‪.2‬‬

‫‪ -2‬زيادة معدؿ البطالة‪ :‬ال يمكف الفصؿ بيف عمميات تبييض األمكاؿ كمعدالت البطالة‬
‫سكاء في الدكؿ النامية أـ في الدكؿ المتقدمة‪ ،‬حيث أف تيريب األمكاؿ مف داخؿ البالد إلى‬
‫الخارج عبر القنكات المصرفية كييرىا‪ ،‬يؤدم إلى نقؿ جزء مف الدخؿ القكمي إلى الدكؿ‬
‫األخرل‪ ،‬كمف تـ تعجز الدكؿ التي ىرب منيا رأس الماؿ عمى اإلنفاؽ عمى االستثمارات‬
‫الالزمة لتكفير مناصب الشغؿ لممكاطنيف كمف تـ مكاجية خطر البطالة في ظؿ الزيادة‬
‫السنكية الذم يعرفو العرض في سكؽ العمؿ‪.3‬‬

‫كيبمغ تأثير خركج األمكاؿ يير المشركعة أضعاؼ خركج األمكاؿ المحصمة مف‬
‫أنشطة اقتصادية مشركعة‪ ،‬فاألخيرة تعني أنيا كظفت في خدمة االقتصاد‪ ،‬كساىمت في‬
‫إشباع جزء مف حاجات المجتمع‪ ،‬كخمقت فرص عمؿ مف مستكيات مختمفة‪ ،‬إال أف األمكاؿ‬
‫المحصمة مف الرشكة كالفساد اإلدارم تعني أنيا محصمة مف أنشطة أضرت بالمجتمع‬
‫كحرمتو مف تكظيؼ رأسمالو تكظيفا سميما‪.4‬‬

‫اعتمدت االتفاقية الدكلية لقمع تمكيؿ اإلرىاب كعرضت لمتكقيع كالتصديؽ بمكجب قرار الجمعية العامة لألمـ المتحدة رقـ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 702/52‬المؤرخ في ‪ 02‬ديسمبر ‪.7222‬‬


‫نصت المادة ‪ 2‬مف القانكف ‪ 07/05‬عمى أنو‪" :‬تعتبر جريمة تمكيؿ لإلرىاب‪ ،‬في مفيكـ ىذا القانكف‪ ،‬كؿ فعؿ يقكـ بو كؿ‬ ‫‪2‬‬

‫شخص بأية كسيمة كانت‪ ،‬مباشرة أك يير مباشرة‪ ،‬كبشكؿ يير مشركع كبإرادة الفاعؿ‪ ،‬مف خالؿ تقديـ أك جمع المعمكمات‬
‫بنية استخداميا كميا أك جزئيا‪ ،‬مف خالؿ ارتكاب الجرائـ المكصكفة بأفعاؿ إرىابية أك تخريبية‪ ،‬المنصكص كالمعاقب عمييا‬
‫بالمكاد مف ‪ 31‬مكرر إلى ‪ 31‬مكرر‪ 70‬مف قانكف العقكبات"‪.‬‬
‫بابكر الشيخ‪ ،‬يسيؿ األمكاؿ( آليات المجتمع في التصدم لظاىرة يسيؿ األمكاؿ)‪ ،‬دار كمكتبة الحامد لمنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫األردف‪ ،4002 ،‬ص‪.32‬‬


‫نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪84‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -3‬إحداث خمؿ في البنياف االجتماعي‪ :‬تتيح جريمة تبييض األمكاؿ لمقائميف بيا الحصكؿ‬
‫عمى مكاسب كبيرة بما يمكف أف يعيد الترتيب الطبقي في المجتمع‪ ،‬فنجاح أصحاب الدخؿ‬
‫يير المشركع في االنتفاع بحصيمة الجريمة يؤدم إلى صعكد ىؤالء المجرميف إلى قمة اليرـ‬
‫االجتماعي في الكقت الذم يتراجع فيو مركز أصحاب الكفاءات‪ ،‬كيصبح الماؿ ىك معيار‬
‫القيمة لألفراد في المجتمع بصرؼ النظر عف مصدره مما يؤدم إلى شعكر شريحة كاسعة‬
‫خاصة مف الشباب باإلحباط كالرككف إلى السمبية كىك ما يتسبب في اىتزاز القيـ االجتماعية‬
‫كتيديد السمـ االجتماعي‪.1‬‬

‫كذلؾ‪ ،‬تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ في زيادة الفجكة بيف األينياء كالفقراء في‬
‫المجتمع كيتمثؿ ذلؾ في سكء تكزيع الدخؿ الكطني‪ ،‬إذ يتـ تحكيؿ الدخكؿ مف الطبقات‬
‫المنتجة التي تزداد فق ار إلى الطبقات يير المنتجة التي تزداد ثراء‪.‬‬

‫‪ -4‬الحيمولة دوف تبوء أصحاب الكفاءات مجاالت العمؿ‪ :‬إف جريمة تبييض األمكاؿ كما‬
‫ينتج عنيا مف كجكد أشخاص يممككف رؤكس أمكاؿ ضخمة يير مشركعة‪ ،‬يؤدم إلى سيطرة‬
‫ىذه الفئة عمى المراكز االقتصادية كالسياسية‪ ،‬كيمنعكف بالتالي أصحاب الكفاءات مف تبكء‬
‫مجاالت العمؿ التي تتالءـ مع إمكانياتيـ كمؤىالتيـ خكفا مف اكتشاؼ حقيقة أمكاليـ يير‬
‫المشركعة‪ ،‬كاما خكفا عمى فقدانيـ المراكز التي كصمكا إلييا بفضؿ تمؾ األمكاؿ يير‬
‫المشركعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫المخاطر السياسية لجريمة تبييض األمواؿ‬

‫تؤدم جريمة تبييض األمكاؿ إلى العديد مف المخاطر السياسية التي تؤثر بشكؿ‬
‫سمبي عمى كياف الدكلة كاستقرارىا‪ ،‬نذكر منيا‪:‬‬

‫يكسؼ حسف يكسؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.22-23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪85‬‬
‫ماهية جريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬السيطرة عمى النظاـ السياسي وافساد الهياكؿ الحكومية‬

‫يؤدم انتشار جريمة تبييض األمكاؿ إلى اإلضرار بنزاىة الحكـ‪ ،‬مف خالؿ محاكلة‬
‫فرض ىيمنة كسطكة الماؿ يير المشركع عمى مختمؼ دكاليب الحكـ‪ ،‬إذ أف تراكـ الثركة في‬
‫يد أصحاب ىذه الجريمة يدفعيـ إلى ممارسة تأثير عمى المسئكليف في الدكلة مف أجؿ‬
‫إصدار الق اررات السياسية كاالقتصادية التي تخدـ مصالحيـ‪.‬‬

‫كما يحاكلكف بطرؽ عدة كالرشكة كالفساد الكصكؿ إلى الحكـ بتعبئة القكل كاألصكات‬
‫بكاسطة كسائؿ اإلعالـ المختمفة أك شراء أك خمؽ كسائؿ إعالـ مقركءة أك مسمكعة كحتى‬
‫بصرية خاصة بيـ‪ ،‬كقد يتمكف أصحاب األمكاؿ يير المشركعة مف اختراؽ بعض أجيزة‬
‫الدكلة السياسية كالقضائية كالكصكؿ إلى مركز صنع القرار كالبرلماف كالك ازرات‪ ،‬األمر الذم‬
‫يفضي إلى تمتع ىؤالء بالحصانة كاالشتراؾ في كضع تشريعات الدكلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمويؿ النزاعات العرقية والطائفية‬

‫يقكـ مبيضكا األمكاؿ بتمكيؿ مختمؼ النزاعات العرقية كالطائفية في مختمؼ مناطؽ‬
‫العالـ‪ ،‬بكاسطة السالح كالماؿ‪ ،‬حيث أشارت األمـ المتحدة إلى أف األرباح الناتجة عف‬
‫تبييض األمكاؿ تمكؿ بعض أقدـ النزاعات الدينية كالرقية مف خالؿ بث الخالفات الداخمية‬
‫كاشعاؿ الفتف الطائفية كتمكيميا بالسالح كالمساعدات‪.‬‬

‫كىناؾ عالقة كثيقة بيف أنشطة عصابات الجريمة المنظمة كحدكث الصراعات‬
‫الداخمية مف خالؿ تمكيؿ صفقات األسمحة‪ ،‬حيث يقدر عدد الصراعات التي نشبت في‬
‫العالـ بعد الحرب العالمية الثانية بحكالي مائتيف كخمسيف صراعا‪ ،‬أيمبيا داخمي ككثير منيا‬
‫صراع عرقي أك ديني‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفصل الثاني‬

‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬


‫جريمة تبييض األموال جريمة تبعية‪ ،‬تفترض وجود جريمة سابقة ليا تكون مصد ار لألموال‬
‫محل التبييض‪ ،‬حيث أن بعض التشريعات قد حددت ىذه الجرائم األصمية كالمشرع المصري‬
‫والمبناني‪ ،1‬في حين أن ىناك بعض التشريعات لم تحصرىا كما ىو الحال بالنسبة لممشرع‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫ورغم اختالف التشريعات المقارنة في حصر الجريمة األصمية التي تكون سابقة عن‬
‫جريمة تبييض األموال‪ ،‬إال أنيا وضعت ليذه األخيرة إطار قانوني خاص بيا وىذا بعد‬
‫التنصيص عمييا في قانونيا الداخمي‪ ،‬وذلك من خالل تحديد القواعد القانونية التي تحكميا‬
‫ووضع وصف قانوني خاص بيا يجعل منيا جريمة مستقمة قائمة بأركانيا‪.‬‬

‫وسوف نتناول اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال من خالل التطرق إلى التكييف‬
‫القانوني لنشاط تبييض األموال (المبحث األول)‪ ،‬ثم األحكام القانونية العامة لجريمة تبييض‬
‫األموال (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫التكييف القانوني لنشاط تبييض األموال‬
‫ال يختمف الرأي عمى عدم مشروعية نشاط تبييض األموال‪ ،‬لكن ىذا ال يكفي لوصف‬
‫تبييض األموال بجريمة‪ ،‬وانما يجب أن يكون نشاط التبييض مطابق لمنموذج القانوني الذي‬
‫نص عميو المشرع‪.2‬‬

‫المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ =2‬لسنة ‪ 0220‬المتعمق بمكافحة غسل األموال‪ ،‬مرجع سابق؛ المادة ‪ 20‬من القانون رقم‬ ‫‪1‬‬

‫=‪ 80‬المتعمق بمكافحة تبييض األموال‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫دموس حكيمة‪" ،‬التكييف القانوني لجريمة تبييض األموال"‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث القانوني‪ ،‬كمية الحقوق والعموم‬ ‫‪2‬‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة بجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،0200 ،20‬ص;=‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫إن ف كرة التكييف القانوني ىي عممية تيدف إعطاء الفعل المرتكب الوصف الذي‬
‫ينطبق عميو من بين كافة األوصاف التي يتضمنيا التشريع الجنائي‪.‬‬

‫ونظ ار لخصوصية جريمة تبييض األموال وتميزىا عن سائر الجرائم فقد ثار جدال‬
‫عما إذا كانت ىناك حاجة ماسة إلى إفراد جريمة تبييض األموال بتشريع خاص أم ال‪ ،‬حيث‬
‫يرى بعض الفقو أن ىناك نصوص في قانون العقوبات تكفي لتجريم نشاط تبييض األموال‬
‫دون الحاجة إلى تدخل تشريعي لتجريم ىذا النشاط بمقتضى نصوص خاصة وذلك عمى‬
‫أساس أن غياب التجريم الخاص لجريمة تبييض األموال ال يعني عدم مسؤولية القائم‬
‫بالتبييض‪ ،‬إ ذ يمكن معاقبتو إما عمى أساس قواعد المساىمة الجنائية التبعية‪ ،‬أو بوصف‬
‫جريمتو المرتكبة عمى أنيا جريمة إخفاء محصالت جناية أو جنحة‪.‬‬

‫وعمى ذلك انقسم الفقو في تأصيل التكييف القانوني لنشاط تبييض األموال إلى‬
‫اتجاىين‪ :‬استند االتجاه األول لألوصاف التقميدية (المطمب األول)‪ ،‬بينما استند االتجاه‬
‫الثاني إلى اعتبار نشاط تبييض األموال جريمة قائمة بذاتيا بمقتضى نص قانوني خاص‬
‫(المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال‬

‫يعد نشاط تبييض األموال صنفا جديدا من األنشطة اإلجرامية المستحدثة‪ ،‬وىو كأي‬
‫نشاط إجرامي مستحدث يستعصي في البداية عمى التكييف‪ ،‬وبالرغم من ذلك حاول جانب‬
‫من الفقو تكييف نشاط تبييض األموال باعتباره مساىمة جنائية تبعية (الفرع األول)‪ ،‬بينما‬
‫ذىب جانب آخر إلى اعتبار نشاط تبييض األموال صورة من صور إخفاء األشياء المحصمة‬
‫من جناية أو جنحة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع األول‬

‫المساىمة الجنائية التبعية كوصف لنشاط تبييض األموال‬

‫أطمق الفقو عمى أحوال االشتراك في الجريمة تسمية "المساىمة التبعية" عمى اعتبار‬
‫أنو ال يتصور قانونا وجود شريك دون فاعل‪ ،‬ومن ثم يسمى "بالمساىم التبعي في الجريمة"‪.‬‬

‫فنشاط المساىم التبعي يستمد صفتو اإلجرامية من الفعل األصمي‪ ،‬ويقصد بذلك أن‬
‫فعل المتدخل (المساىمة التبعية) ال يشكل بذاتو جريمة مستقمة وال يكتسب صفة اإلجرامية‬
‫إال بوقوع الجريمة األصمية‪.1‬‬

‫ويقصد بالمساىمة الجنائية حالة تعدد الجناة ووحدة الجريمة التي يرتبطون بيا ماديا‬
‫ومعنويا ‪ ،‬أي تفترض تدخل أكثر من شخص (جاني) يتعاونون فيما بينيم فيصدر عن كل‬
‫واحد منيم فعال أو أفعاال تتجو إلى تحقيقيا‪ ،‬فيي مشروعيم اإلجرامي‪ ،‬ويسأل جنائيا تبعا‬
‫لذلك كل مساىم في تمك الجريمة‪.2‬‬

‫وىذا يعني أن حالة المساىمة الجنائية ال تقوم إال إذا توافرت شروط تعدد الجناة‬
‫وضابط ذلك أن يكون ىناك شخصان عمى األقل ووحدة الجريمة التي تقتضي أن تجتمع‬
‫األفعال المتعددة عمى تحقيق نتيجة واحدة‪ ،‬فيقوم الركن المادي‪ ،‬وينبغي أن تجتمع اإلرادات‬
‫المتعددة برابطة واحدة‪ ،‬فيقوم الركن المعنوي‪.3‬‬

‫تعددت اآلراء حول األساس الذي يستمد منو نشاط المتدخل الصفة اإلجرامية من نشاط الفاعل‪ .‬إذ ظيرت نظرية‬ ‫‪1‬‬

‫االستعارة التي تقرر أن المتدخل يستعير إجرامو من الفاعل األصمي‪ ،‬فمصير المتدخل ومسؤوليتو مرتبطة دائما بمصير‬
‫ومسؤولية الفاعل لكن ىذه النظرية أدت إلى نتائج شاذة ألن تعمق معاقبة المتدخل عمة معاقبة الفاعل‪ ،‬فإذا لم يكن معاقبا‬
‫لجنونو أو عدم توافر الركن المعنوي فمن يعاقب المتدخل‪ ،‬كما أن نشاط المتدخل قد يكون في بعض الحاالت أكثر خطورة‬
‫من نشاط الفاعل‪ .‬ليذا ظيرت نظرية أخرى ىي نظرية التبعية التي ترى أن تجريم نشاط المتدخل تابع لتجريم نشاط الفاعل‬
‫إذا ارتكب الفاعل جريمة متكاممة األركان‪.‬‬
‫عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬قانون العقوبات‪ :‬القسم العام (نظرية الجريمة‪-‬المسؤولية الجنائية)‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة‬ ‫‪2‬‬

‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،0222 ،‬ص>‪.9:‬‬


‫جمال عبد المجيد التركى‪ ،‬المساىمة التبعية في قانون العقوبات‪ :‬دراسة تأصيمية تحميمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتب‬ ‫‪3‬‬

‫الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،022; ،‬ص‪.90-92‬‬

‫‪89‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وبناء عمى ذلك تنقسم المساىمة الجنائية إلى قسمين؛ مساىمة أصمية‪ 1‬والتي تتطمب‬
‫وجود أثر من فاعل وشريك ووحدة الجريمة ماديا ومعنويا‪ ،‬ومساىمة تبعية والتي تفترض قيام‬
‫الشخص بنشاط تبعي أو التدخل في نشاط إجرامي‪ ،‬فنشاط المساىم التبعي سبب لنشاط‬
‫المساىم األصمي ونشاط كالىما سببا لوقوع النتيجة اإلجرامية في المساىمة الجنائية‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬المقصود بالمساىمة الجنائية التبعية‬

‫يقصد بالمساىمة الجنائية التبعية تعدد الجناة في مرحمة سابقة عمى تنفيذ الجريمة أال‬
‫وىي مرحمة التفكير في ارتكاب الجريمة واإلعداد ليا‪ ،‬فالمساىمة التبعية إذن ال تعني القيام‬
‫بدور رئيسي أو أصمي في تنفيذ الجريمة‪ ،‬وا نما تفيد القيام بدور ثانوي أو تبعي‪ ،‬مثل إرشاد‬
‫الفاعل األصمي لمجريمة أو الشد من عزيمتو‪...‬الخ‪.3‬‬

‫وعمى الرغم من وحدة السببية في نشاط كل من المساىم األصمي والمساىم التبعي‬


‫واتجاىيما إلى تحقيق نتيجة إجرامية واحدة‪ ،‬إال أن الفارق بين المساىمة األصمية والمساىمة‬
‫الت بعية ما زال ىاما‪ .‬ذلك أن نشاط المساىم األصمي أو الفاعل نشاط غير مشروع ومجرم‬
‫في ذاتو بينما نشاط المساىم أو المتدخل ىو بحسب األصل غير مجرم قانونا وغير معاقب‬
‫عميو إال أن صمتو بسموك المساىم األصمي والنتيجة اإلجرامية التي ساىم فييا ىي التي‬
‫فرضت تدخل المشرع لتجريم نشاط المساىم التبعي‪.4‬‬

‫وقد تناول المشرع الجزائري المساىمة التبعية (االشتراك) من خالل المادة ‪ 42‬من‬
‫قانون العقوبات التي نصت عمى ما يمي‪" :‬يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشت اركا‬

‫حددت المادة ‪ 90‬من قانون العقوبات صفة الفاعل األصمي في الجريمة‪ ،‬فاعتبرت الفاعل كل من ساىم مساىمة مباشرة‬ ‫‪1‬‬

‫في تنفيذ الجريمة أو حرض عمى ارتكاب الفعل باليبة أو الوعد أو التيديد أو إساءة استعمال السمطة أو الوالية أو التحايل‬
‫أو التدليس اإلجرامي‪.‬‬
‫خثير مسعود‪" ،‬المساىمة الجنائية في جرائم االمتناع"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪،02‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،0209‬ص==‪.0‬‬
‫عوض محمد عوض‪ ،‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لمقانون الجزائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات‬ ‫‪3‬‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،0>>> ،‬ص‪.0>9‬‬


‫عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.:0:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪90‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫مباش ار ولكنو ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعمين عمى ارتكاب األفعال‬
‫التحضيرية‪ ،‬أو المسيمة أو المنفذة ليا مع عممو بذلك"‪.‬‬

‫وكذلك المادة ‪ 43‬من نفس القانون التي نصت عمى أن "يأخذ الحكم الشريك من‬
‫اعتاد أن يقدم مسكنا أو ممجأ أو مكان لالجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون‬
‫المصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع عممو‬
‫بسموكيم اإلجرامي"‪.‬‬

‫فال يمكن اعتبار شخص ما شريكا في جناية أو جنحة‪ ،‬إال إذا وقعت مساىمتو بفعل‬
‫من األفعال المنصوص عمييا في المادتين ‪ 42‬و‪ 43‬السابقتين الذكر‪ ،‬والتي تمثل الركن‬
‫المادي في المساىمة التبعية مع توافر القصد الجنائي‪ ،‬بحيث أنو ال بد أن يكون المتيم الذي‬
‫يساىم في الجناية أو الجنحة عمى عمم بيا ويشترك فييا بمحض إرادتو‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى إمكانية اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية التبعية‬

‫تفترض المساىمة الجنائية تعدد الجناة ووحدة الجريمة المرتكبة حيث تصبح ىذه‬
‫األخيرة ثمرة تعاون ما بين عدة أشخاص‪ ،‬وان كان األصل أن يقوم شخص واحد بارتكاب‬
‫كافة العناصر المكونة لمنشاط اإلجرامي‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع من أن يشترك آخرون في‬
‫الوصول بيذا النشاط إلى غايتو عن طريق التحريض أو االتفاق أو المساعدة‪.‬‬

‫وبالعودة إلى نشاط تبييض األموال‪ ،‬فإن المشكمة ال تثار إذا كان القائم بتبييض‬
‫األموال ىو نفسو الشخص الذي ارتكب الجريمة األصمية مصدر األموال غير المشروعة‬
‫كالشخص الذي يقوم بتأسيس شركة من مال غير مشروع متحصل من االتجار غير‬
‫المشروع بالمخدرات فالجاني يعاقب عمى ما ارتكبو من نشاط حسب قانون مكافحة المخدرات‬
‫والمؤثرات العقمية وذلك كون تبييض األموال بالنسبة لممساىمين األصميين بمثابة إخفاء آلثار‬
‫جريمتيم‪ ،‬وبالتالي ال يعاقبون عمييا بصفة مستقمة‪.2‬‬

‫بمعميات إبراىيم‪ ،‬أركان الجريمة وطرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫<‪ ،022‬ص‪.=:‬‬
‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.00‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪91‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫فالمشكمة تثار إذا كان مبيض األموال من غير المساىمين األصميين في الجريمة‬
‫التي تحصل منيا عمى األموال غير المشروعة أي مساىم تبعي‪ ،‬فمبيض األموال لم يقم‬
‫بارتكاب الجريمة األصمية بل تمثل نشاطو في تبييض األموال المحصمة من جريمة‪.1‬‬

‫واذا كانت المساىمة الجنائية التبعية تقتضي إحدى الصور السموكية الثالث‬
‫(التحريض أو االتفاق أو المساعدة)‪ ،‬فإن نشاط تبييض األموال سواء تم عن طريق الجياز‬
‫المصرفي أو خارجو ال يقع إال عن طريق المساعدة‪ ،‬فالمصارف أو المؤسسات المالية غير‬
‫المصرفية‪ ،‬إنما تمد عميميا بالوسيمة التي تضمن لو حصد ثمار مشروعو اإلجرامي‬
‫والمساعدة كصورة من صور االشتراك تشمل كافة األعمال المجيزة والمسيمة والمتممة‬
‫الرتكاب الجريمة‪.2‬‬

‫إن اعتبار المساىمة الجنائية التبعية ولو من الناحية النظرية وصفا جنائيا يمكن‬
‫تطبيقو عمى نشاط تبييض األموال‪ ،‬يستمزم أركان وضوابط يتعين توافرىا وااللتزام بيا حتى‬
‫يمكن القول بإمكان انطباق وصف المساعدة عمى نشاط تبييض األموال‪ ،‬وىي ذات األركان‬
‫والضوابط التي يجري العمل بيا في نطاق المساىمة الجنائية بصفة عامة‪ ،‬سواء ما تعمق‬
‫منيا بنشاط الشريك من وجوب كونو نشاطا إيجابيا أو من حيث الوقت الذي يشترط فيو‬
‫إتيان الشريك لنشاطو أو ما تعمق بتوافر رابطة السببية بين فعل الشريك والجريمة‪.3‬‬

‫‪ -1‬أن تتمثل المساىمة في عمل إيجابي‪ :‬ينبغي أن يتمثل نشاط الشريك في عمل إيجابي‬
‫وأن ال يتوقف عند مجرد االمتناع عن تنفيذ التزام ما‪ ،‬فاالمتناع كقاعدة عامة ال يصمح ألن‬
‫يكون بديال عن الفعل اإليجابي لقيام الجريمة قانونا‪ ،4‬فيما عدا بعض الحاالت االستثنائية‬

‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬غسيل األموال في القانون الجنائي‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫;‪ ،022‬ص==‪.‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص>=‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫إن األخذ بتصور بإمكانية وقوع المساىمة بالمساعدة عن طريق االمتناع في نشاط تبييض األموال محل نظر من‬ ‫‪4‬‬

‫وجيتين‪ :‬األولى أن المساعدة ال يمكن أن تقع بطريق االمتناع إال بمقتضى نص خاص يعاقب عميو وىو األمر المفتقد في‬
‫نشاط تبييض األموال‪ ،‬أما الثانية فإن االمتناع الذي يتمثل في التقاعس عن واجب الرقابة والتحري عن مصدر األموال غير‬
‫المشروعة محل التبييض يأتي في وقت الحق عمى قيام الجريمة األصمية وأفعال االشتراك سواء كانت إيجابية أو بطريق‬
‫االمتناع إنما تكون سابقة أو معاصرة الرتكاب الجريمة األصمية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫المنصوص عمييا قانونا‪ ،‬وليس لمقضاء أن يدين أي شخص عن محض امتناع في غير تمك‬
‫الحاالت الخاصة‪.1‬‬

‫ومثال ذلك أن المصرف الذي يقدم لمعميل الذي يريد تبييض أموالو التأمين والحصانة‬
‫ألموالو مع عممو بمصدرىا غير المشروع‪ ،‬واتخاذ موقف سمبي تجاه التبميغ عنيا لمسمطات‬
‫المعنية‪ ،‬فيكون بذلك قد قدم عمال إيجابيا لمعميل الذي ارتكب الجرائم التي يريد تبييض‬
‫عائداتيا‪ ،‬وعميو يقوم عنصر االشتراك مع الفاعل مبيض األموال في الجريمة‪ ،‬وذلك في‬
‫حالة توافر القصد لدى البنك من خالل عممو بمصدر األموال وبغاية تبييضيا‪.2‬‬

‫ونشير في ىذا الصدد إلى أنو ال يشترط أن يكون البنك يعمم مباشرة بعدم مشروعية‬
‫مصدر األموال المشبوىة‪ ،‬بل يكفي لتحقيق ىذا العمم أن يكون من الممكن استخالصو من‬
‫مجموع الظروف الموضوعية التي تحيط بالواقعة نفسيا وذلك فيما إذا كانت العممية‬
‫المصرفية مثيرة لمريبة بصورة جمية من خالل ظروف الحال‪.3‬‬

‫‪ -2‬أن يكون فعل المساىمة سابقا أو عمى األقل معاص ار لمجريمة األصمية‪ :‬إن إتيان‬
‫ا لمساىم لسموكو اإليجابي ال يكفيو لوصفو بالشريك‪ ،‬فمساءلة الشخص طبيعيا كان أو معنويا‬
‫عن نشاط تبييض األموال ينبغي أن يكون نشاطو سابقا أو عمى األقل معاص ار الرتكاب‬
‫الجريمة األصمية إذ وفقا لمقواعد العامة في ىذا الشأن‪ ،‬ال يجوز معاقبة الشريك بيذا‬
‫الوصف‪ ،‬ما لم يكن س موكو سابقا أو معاص ار لمسموك المكون لمجريمة التي ارتكبيا الفاعل‬
‫األصمي‪.4‬‬

‫‪ -3‬أن تتوافر رابطة السببية بين فعل الشريك والجريمة‪ :‬ال يكفي لقيام الركن المادي‬
‫لممساىمة الجنائية التبعية وقوع فعل االشتراك ووقوع الفعل األصمي‪ ،‬بل ال بد أن تتوافر‬
‫بينيما رابطة السببية بمعنى أن يكون فعل االشتراك سببا لتحقق النتيجة اإلجرامية‪ ،‬إذ أن‬

‫أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0>>0 ،‬ص;‪.09‬‬ ‫‪1‬‬

‫جالل وفاء محمدين‪ ،‬دور البنوك في مكافحة غسيل األموال‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0220 ،‬ص‪.92‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد حسن عمر برواري‪ ،‬غسيل األموال وعالقتو بالمصارف والبنوك‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار قنديل لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،0200‬ص‪.0;9‬‬
‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.>0‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪93‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫انعداميا يعني أن فعل الشريك لم يكن لو أي دور في تحقيق الجريمة أو لكانت تحققت‬
‫بشكل مختمف عن الشكل الذي تمت بو‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقدير اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية التبعية‬

‫إن األخذ بوصف المساىمة الجنائية التبعية في مجال تبييض األموال أمر منتقد‬
‫العتبارات عديدة‪ ،‬فتبييض األموال نشاط إجرامي لو خصوصية من ناحية انو نشاط فني‬
‫بطبيعتو تحكمو قواعد وآليات معقدة ومتنوعة كميا تصعب من األخذ بيذا الوصف التقميدي‪.‬‬

‫ويظير قصور وصف المساىمة الجنائية التبعية في مجال تبييض األموال في‬
‫نقائص موضوعية وأخرى إجرائية‪.‬‬

‫‪ -1‬أوجو القصور الموضوعية‪ :‬من المعموم أن عدم مشروعية تبييض األموال يتأتى من‬
‫كون األموال المراد تبييضيا سواء عن طريق اإليداع أو التحويل أو االستثمار نتاجا لجرائم‬
‫ارتكبيا أشخاص آخرون‪ ،‬واذا كانت صور االشتراك تنحصر في التحريض واالتفاق‬
‫والمساعدة متى كان وقوع الجريمة ثمرة ألحد ىذه األفعال‪ ،‬فإن التساؤل الذي يطرح ىو ىل‬
‫أن مرتكب فعل تبييض األموال ىو السبب في وقوع الجريمة األصمية مصدر ىذه األموال؟‬

‫والواقع أن عمميات تبييض األموال تأتي عقب ارتكاب الجريمة التي تحصمت منيا‬
‫األموال‪ ،‬في حين أن سموك المساعدة يتطمب لقيامو أن يقع قبل البدء في تنفيذ الجريمة أو‬
‫عمى األقل معاص ار ليا‪ ،‬أي أن نشاط تبييض األموال والذي يقع الحقا عمى الجريمة‬
‫األصمية ال يمكن اعتباره بحال من األحوال سببا في وقوع الجريمة األصمية‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫تخمف العال قة السببية بين نشاط الشريك والنتيجة (الجريمة المرتكبة التي تحصمت منيا‬
‫األموال غير المشروعة) باعتبارىا أحد عناصر الركن المادي لممساىمة التبعية‪.2‬‬

‫وأخي ار فإن وقوع االشتراك بالمساعدة عن طريق االمتناع ال يمكن تطبيقو عمى نشاط‬
‫تبييض األموال‪ ،‬فامتناع المصرف عن القيام بواجب التحري عن مصدر األموال المراد‬
‫إيداعيا أو تحويميا ال يكفي ألن يعد شريكا في الجريمة التي تحصمت منيا األموال ألن‬

‫جمال عبد المجيد التركى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد عمي العريان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص>‪.0:2-09‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪94‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫المساعدة بطريق االمتناع ال تقع إال بنص قانوني يعاقب عميو كما أن االمتناع الحقا عمى‬
‫ارتكاب الجريمة األصمية بما يتناقض مع مفيوم المساعدة بأن تكون سابقة عمى تنفيذ‬
‫الجريمة أو عمى األقل معاص ار لتنفيذىا‪.1‬‬

‫‪ -2‬أوجو القصور اإلجرائية‪ :‬إن تبييض األموال غالبا ما يتخذ صفة الجريمة المنظمة‬
‫الدولية‪ ،‬لذا فإن وصف المساىمة التبعية يكون عاج از إلى حد كبير عن ضمان مالحقة‬
‫جنائية فعالة في حالة تدويل نشاط تبييض األموال وانتقالو عبر أكثر من دولة‪.2‬‬

‫إذ أن الدولة التي تم فييا تبييض األموال أو استخدام عائدات الجريمة قد ال يمنحيا‬
‫قانونيا االختصاص بنظر الجريمة لكونيا مجرد فعل من أفعال المساىمة التبعية وىي بيذا‬
‫الوصف تتبع الجريمة األصمية‪ ،‬وفي نفس الوقت فإن الدولة التي وقعت عمى إقميميا الجريمة‬
‫األصمية ال تختص محاكميا بالنظر في جريمة تبييض األموال كونيا واقعة خارج حدود‬
‫إقميميا‪.3‬‬

‫كما يضاف إلى أسباب قصور ىذا الوصف أن إفالت مرتكبي الجريمة األصمية من‬
‫العقاب لسبب من األسباب كانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم عن الجريمة األصمية التي‬
‫تحصمت منيا األموال غير المشروعة ونفس الشيء إذا استفاد فاعل الجريمة األصمية من‬
‫أسباب اإلباحة وكذا العفو مما يؤدي إلى إفالت من قاموا بعمميات تبييض األموال أو‬
‫استخدام عائدات الجريمة بوصفيا فعل من أفعال االشتراك الجرمي‪.4‬‬

‫من خالل كل ما تقدم يبدو لنا أن وصف المساىمة الجنائية التبعية قاصر سواء من‬
‫الناحية الموضوعية أو اإلجرائية عن استيعاب خصوصية جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫سمر فايز إسماعيل‪ ،‬تبييض األموال‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات زين الحقوقية واألدبية‪ ،‬لبنان‪،0202 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.02:‬‬
‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;>‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمي لعشب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.>:‬‬ ‫‪3‬‬

‫سمر فايز إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.02:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪95‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع الثاني‬

‫إخفاء األشياء المحصمة من جناية أو جنحة كوصف لنشاط تبييض األموال‬

‫إذا كان تكييف تبييض األموال باعتباره من قبيل المساىمة الجنائية التبعية لم يصمد‬
‫أمام خصوصية وتعقد نشاط تبييض األموال‪ ،‬فإن تكييفا جنائيا تقميديا أخر قدم ليكون أساسا‬
‫قانونيا لمساءلة جنائية محتممة‪ ،‬أال وىو اعتبار تبييض األموال من قبيل إخفاء أشياء‬
‫محصمة من جناية أو جنحة وىي الجريمة المنصوص عمييا في المادة ‪ 387‬من قانون‬
‫العقوبات الجزائري‬

‫أوال‪ :‬تعريف جريمة إخفاء األشياء‬

‫تجدر اإلشارة في البداية إلى أن جريمة إخفاء األشياء كانت تعتبر فعال من أفعال‬
‫المساىمة التبعية في الجريمة األصمية‪ 1‬حتى تدخل المشرع سنة ‪ 1904‬في مصر و‪1915‬‬
‫في فرنسا نتيجة لالنتقادات التي وجيت لمفيوم اإلخفاء كصورة من صور المساىمة التبعية‬
‫جاعال من سموك اإلخفاء جريمة مستقمة‪.‬‬

‫وتناول المشرع الجزائري جريمة اإلخفاء ضمن أحكام القسم السادس من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬حيث ي عاقب كل من أخفى عمدا أشياء مختمسة أو مبددة أو متحصمو من جناية‬
‫أو جنحة في مجموعيا أو في جزء منيا بالحبس من سنة عمى األقل إلى خمس سنوات عمى‬
‫األكثر وبغرامة من ‪ 500‬إلى ‪ 20.000‬دينار‪ ،‬ويجوز أن تتجاوز الغرامة ‪ 20.000‬دينار‬
‫لتصل إلى ضعف قيمة األشياء المخفية‪.2‬‬

‫ن ستنتج مما سبق أن جريمة إخفاء األشياء ىي جريمة عمديو تتطمب توافر القصد‬
‫الجنائي العام‪ ،‬أي انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العمم بأركانيا كما يتطمبيا‬
‫القانون‪ ،‬كما أنيا تشمل كل الجرائم التي نص عمييا قانون العقوبات ما دامت ىذه الجرائم‬
‫تحت وصف الجناية أو الجنحة‪.‬‬

‫المادة ‪ ;8‬من قانون العقوبات المصري لسنة ‪ 0==8‬والمادتين ‪ ;0‬و‪ ;8‬من قانون العقوبات الفرنسي لسنة ‪.0=02‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة <=‪ 8‬من األمر ;;‪ ،0:;/‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪96‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ثانيا‪ :‬مبررات اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء األشياء‬

‫يتضح من خالل أحكام جريمة إخفاء األشياء المنصوص عمييا في المادة ‪ 387‬من‬
‫قانون العقوبات الجزائري السابقة الذكر‪ ،‬بأنيا جريمة تبعية تفترض وقوع جريمة سابقة‪ ،‬وىو‬
‫ما أدى إلى وجود تشابو بين الجريمتين إلى درجة أنو يكاد أن يكون ىناك خمط في التكييف‬
‫القانوني الحاصل بينيما‪.‬‬

‫وعمى الرغم من ىذا التشابو‪ ،‬فإن ذلك لم يكن المبرر الوحيد الذي بمقتضاه تم إسقاط‬
‫وصف جريمة إخفاء األشياء عمى نشاط تبييض األموال‪ ،‬بل ىناك مبررات أخرى سنحاول‬
‫التطرق ليا من خالل دراستنا ألركان وعناصر جريمة اإلخفاء خاصة فيما يتعمق بالسموك‬
‫المكون لركنيا المادي (فعل اإلخفاء) ومحل اإلخفاء (متحصالت اإلخفاء) ومصدر محل‬
‫اإلخفاء (الجريمة األصمية)‪.‬‬

‫‪ -1‬فعل اإلخفاء‪ :‬عمى الرغم من استخدام المشرع الجنائي الفرنسي وكذا المصري واألردني‬
‫لمصطمح اإلخفاء لمداللة عمى السموك المكون لمركن المادي لمجريمة‪ ،‬فالفقو والقضاء في كل‬
‫ىذه الدول مستقر عمى أن التقيد بالمعنى المغوي لمصطمح اإلخفاء من شأنو أن يضيق من‬
‫دائرة العقاب عمى نحو ال يحقق المصمحة العامة‪.1‬‬

‫وليذا يجب فيم اإلخفاء عمى أنو حيازة الشيء بأي شكل كان‪ ،‬ويستوي في ذلك أن‬
‫تكون الحيازة مستمرة أو ال تكون كذلك‪ ،‬إذ ال يشترط في الجاني أن يكون قد أخفى األشياء‬
‫فعال وانما يتحقق اإلخفاء حتى ولو كان الجاني يحوز األشياء حيازة ظاىرة غير مستترة‪.2‬‬

‫وقد تطور مفيوم اإلخفاء حيث أصبح يشمل إتيان الجاني ألي سموك يتحقق فيو‬
‫االتصال بالشيء المتحصل من ارتكاب الجريمة‪ ،‬باإلضافة إلى حيازة الشيء المحصل عميو‬
‫من الجريمة بأي شكل من أشكال الحيازة سواء تمت بصفة سرية أو عمنية عمى مرأى من‬
‫الكافة‪ ،‬وميما كان سبب اكتساب الحيازة‪ ،‬حتى ولو كانت بطريق مشروع‪ ،‬كما ال يشترط أن‬
‫تكون الحيازة بنية التممك بل يكفي أن تتصل يد الشخص بالشيء المتحصل من الجريمة‬

‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>>‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فخري الحديثي‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم الخاص‪ ،‬مطبعة الزمان‪ ،‬بغداد‪ ،0>>; ،‬ص ص=‪.98>-98‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪97‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫العتباره "مخفيا" وأن يكون سمطان الشخص مبسوطا عمى ذلك الشيء‪ ،‬ولو لم يكن في‬
‫حوزتو الفعمية‪.‬‬

‫وقد قطع القضاء الفرنسي مدى أطول مما وصل إليو القضاء المصري من حيث‬
‫التوسع في مفيوم اإلخفاء كجوىر لقيام الركن المادي لمجريمة‪ ،‬إذ يستوعب فعل اإلخفاء أو‬
‫الحيازة مجرد التوسط في تداول أو بيع الشيء المتحصل عميو من جريمة حتى ولو لم يكن‬
‫ىذا التوس ط مصحوبا بالحيازة المادية لمشيء‪ ،‬بل وصل القضاء الفرنسي في سعيو إلى‬
‫توسيع مجال تطبيق جريمة اإلخفاء إلى حد أن يعتبر الشخص الذي لم تثبت حيازتو الفعمية‬
‫وال الشخصية لمشيء المتحصل من جريمة مرتكبا لجريمة اإلخفاء متى كان ىذا الشخص‬
‫يقطن سكنا تودع فيو األشياء المسروقة‪.1‬‬

‫وفي ضوء ما سبق نالحظ أن التطور الذي لحق السموك المكون لمركن المادي‬
‫لجريمة إخفاء األشياء بحيث أصبح يستوعب صو ار جديدة وعديدة إذ لم يعد ىناك ما يحول‬
‫دون تطبيق وصف اإلخفاء عمى العديد من صور وأنشطة تبييض األموال سواء تمثمت ىذه‬
‫األنشطة في القبول‪ ،‬اإليداع‪ ،‬التحويل‪ ،‬أو االستثمار أو االنتفاع بيا بأي وجو كان مع العمم‬
‫بأن مصدرىا غير مشروع وسواء ارتكبت من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين‬
‫كالمصارف والمؤسسات المالية‪.2‬‬

‫‪ -2‬محل اإلخفاء‪ :‬محل اإلخفاء كما تقتضي المادة ‪ 387‬من قانون العقوبات الجزائري ىو‬
‫أي شي ء‪ 3‬تم الحصول عمية بارتكاب جناية أو جنحة‪ ،‬وكدا الحال بالنسبة لمتشريعات‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪020-022‬‬ ‫‪1‬‬

‫طبقا لما أقرتو أغمب التشريعات ومنيا التشريع الجزائري الذي أقر صراحة بتسميط العقوبات عمى األشخاص المعنوية‬ ‫‪2‬‬

‫بموجب القانون ‪ 0:/29‬المؤرخ في ‪ 02‬نوفمبر ‪ 0229‬المعدل والمتمم لقانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫استعمل المشرع الجزائري كممة "شيء" بدال عن كممة "مال" ألن ليا مدلول أوسع يشمل كل األشياء المادية وغير المادية‬ ‫‪3‬‬

‫التي تدخل في التعامل‪ ،‬ذلك أن الشيء من الناحية القانونية ىو كل ما يصمح ألن يكون محال لحق من الحقوق المالية‬
‫وىو ما نصت عميو المادة ‪ ;=0‬من القانون المدني بقوليا‪" :‬كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعتو أو بحكم القانون‬
‫يصمح ألن يكون محال لمحقوق المالية‪.‬‬
‫واألشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتيا ىي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتيا وأما الخارجة بحكم القانون فيي‬
‫التي ال يجيز القانون أن تكون محال لمحقوق المالية"‪ .‬أنظر‪ :‬نبيل صقر‪ ،‬الوسيط في شرح جرائم األموال‪ ،‬دار اليدى‬
‫لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،0200 ،‬ص‪ 02‬وما بعدىا‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫األردنية‪ ،‬المصرية والفرنسية التي اتفقت عمى أن الموضوع الذي تنصب عميو جريمة اإلخفاء‬
‫ىو األشياء المحصمة من جناية أو جنحة‪ ،‬القصد منو إضفاء الحماية القانونية عمى ما‬
‫يمتمكو األفراد من أشياء‪.‬‬

‫وتوسع القضاء الفرنسي في مفيوم محل اإلخفاء فمم يعد قانون العقوبات مقصو ار‬
‫عمى حماية ممتمكات األفراد المادية فقط بل أصبح يحمي صو ار أخرى ليا قيمة معنوية أو‬
‫أدبية أو اقتصادية‪ ،‬كاعتبار جريمة اإلخفاء واردة عمى المعمومات التي يتضمنيا أحد‬
‫المستندات أو البرامج‪ .‬كما تطور مفيوم محل اإلخفاء نتيجة لفكرة الحمول العيني‪ ،‬والتي‬
‫تعني تتبع المال المتحصل من أي جريمة في أية صورة يؤول إلييا‪ ،‬كقيام المتيم ببناء عقار‬
‫من مال متحصل من جناية سرقة إذ يعد ذلك الفعل إخفاء لمنقول متحصل عميو من جريمة‬
‫وىو النقود عمى الرغم أنيا أصبحت بعد ذلك بصورة عقار‪.‬‬

‫وىذا التوسع في مفيوم محل اإلخفاء يعطي نطاق أوسع في التطبيق‪ ،‬السيما فيما‬
‫يتعمق بأنشطة تبييض األموال بحيث يمكن مالحقة وتتبع العوائد اإلجرامية سواء كانت في‬
‫صورتيا المباشرة أو أي صورة تتحول إلييا‪ ،‬بحيث ال يكون أمام الشخص محل المساءلة‬
‫القانونية عن تبييض األموال أن يدفع عن نفسو جريمة إخفاء األشياء بحجة اختالف الشيء‬
‫المتحصل من الجريمة عن الشيء الذي ضبط بحوزتو‪ ،‬وبالتالي التخمص من العقاب‬
‫والمالحقة‪.1‬‬

‫‪ -3‬الجريمة األصمية مصدر اإلخفاء‪ :‬تعتبر جريمة إخفاء األشياء جريمة تبعية تفترض‬
‫بالضرورة وقوع جريمة سابقة عمييا ىي المصدر غير المشروع لألشياء التي يشترط فييا أن‬
‫تكون متحصمو من جناية أو جنحة‪.‬‬

‫والجريمة األصمية تضم كل جريمة معاقب عمييا في قانون العقوبات والقوانين األخرى‬
‫واذا كان الغالب أن تتمثل الجريمة األصمية السابقة عمى اإلخفاء في جريمة السرقة أو إحدى‬
‫جرائم األموال كاالحتيال وخيانة األمانة‪ ،‬فإن األمر تطور وأصبح من المتصور أن يرد‬
‫اإلخفاء عمى أي شيء تحصل من جريمة كجريمة إفشاء سرية المراسالت أو السر الميني‬
‫أو االعتداء عمى برامج الحاسوب‪.‬‬

‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪99‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫والمشرع الجزائري لم يحدد طبيعة الجريمة التي تكون مصد ار لفعل اإلخفاء إذ وبعد أن‬
‫لمح إلى جريمة السرقة والتبديد فتح المجال واسعا أمام القضاء بإضافة عبارة أو محصمو من‬
‫جناية أو جنحة التي قد تكون اختالسا ألموال عمومية أو تزوير أو خيانة أمانة أو إصدار‬
‫شيك بدون رصيد‪.1 ...‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقدير اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء األشياء‬

‫عمى الرغم من إمكاني ة اعتبار بعض أفعال التبييض صورة من صور اإلخفاء استنادا‬
‫إلى عمومية نص المادة ‪ 387‬من قانون العقوبات الجزائري إال أن التحميل الدقيق يبين‬
‫صعوبة إدراج جميع صور تبييض األموال تحت مسمى اإلخفاء وذلك من عدة أوجو‪:‬‬

‫‪ -1‬قصور السموك المادي المكون لمركن المادي‪ :‬تتطمب جريمة إخفاء األشياء المحصمة‬
‫من جناية أو جنحة وقوع سموك إجرامي إيجابي يتمثل في إخفاء الجاني الشيء المتحصل‬
‫عميو من مصدر غير مشروع‪ ،2‬كما أن االمتناع كقاعدة عامة ال يصمح بديال عن الفعل‬
‫اإليجابي لقيام الجريمة إال في ظل وجود نص خاص يجرم ىذا االمتناع‪.3‬‬

‫من ىنا فإن س موك المصرفي ينبغي أن يتمثل بفعل إيجابي وال يتوقف عند مجرد‬
‫االمتناع عن اتخاذ إجراءات في مواجية صاحب األموال ذات المصدر غير المشروع قام‬
‫بإيداعيا بيذا المصرف إلمكان مساءلتو عن جريمة إخفاء أشياء متحصمو من جناية أو‬
‫جنحة‪ ،‬في حين أن جريمة تبييض األموال يمكن أن تقع عن طريق امتناع المصرفي عن‬
‫اتخاذ ما يمزم لمتحري عن مصدر األموال غير المشروعة‪.‬‬

‫كما يتمثل قصور السموك المادي المكون لمركن المادي في صعوبة اعتبار المصرف‬
‫الذي يقبل إيداع أموال حائ از ليذه األموال‪ ،‬إذ أن حيازتو ىي في الواقع لصالح العميل ويظل‬
‫التصرف في المال أو توجيو حركة الحساب قاص ار عميو‪ ،‬أما البنك فال يتجاوز دوره تسجيل‬
‫العمميات المصرفية لمعميل‪.4‬‬

‫مكي دردوس‪ ،‬القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬د‪ .‬د‪ .‬ن‪ ،0202 ،‬ص‪:0‬‬ ‫‪1‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬القانون الجنائي لممال واألعمال‪ ،‬ج‪ ،0‬دار العموم لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،0200 ،‬ص<‪.9‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.000‬‬ ‫‪3‬‬

‫جالل وفاء محمدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;‪.9‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪100‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ولعل ىذا المفيوم المزدوج لمدور الذي يقوم بو المصرف ىو ما دعا البعض إلى‬
‫إعطاء تكييف مزدوج ليذا الدور‪ ،‬فالمصرف إذ يقبل الودائع‪ ،‬فإنو يعد حائ از لألموال المودعة‬
‫في مواجية عميمو بموجب عقد أشبو بعقد الوديعة‪ ،‬وان ىو خالف التزاماتو العقدية أمكن‬
‫اعتباره مرتكبا لجريمة خيانة األمانة‪ .‬لكن المصرف في نفس الوقت ال يعد حائ از في مواجية‬
‫الغير‪ ،‬كالمجني عميو في الجريمة التي تحصمت منيا األموال المودعة لديو‪.‬‬

‫وأمام ىذا الوضع يتخمف السموك المكون لمركن المادي لجريمة اإلخفاء‪ ،‬والذي بدونو‬
‫ال تقوم الجريمة ماديا‪ ،‬وبالتالي قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى السموك المكون لمركن‬
‫المادي لمجريمة‪.‬‬

‫‪ -2‬قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى محل الجريمة‪ :‬كشف التطور القضائي عن توسع‬
‫كبير في تفسير محل جريمة اإلخفاء‪ ،‬المتمثل في اعتبار األموال المعنوية ضمن مفيوم‬
‫الشيء الذي يرد عميو اإلخفاء من ناحية‪ ،‬وفي الشيء المتحصل من الجريمة في كافة‬
‫صوره تطبيقا لفكرة الحمول العيني من ناحية أخرى‪.‬‬

‫غير أن العمل بيذا المفيوم المرن لألموال المحصمة من جريمة يصطدم بمبدأ عدم‬
‫قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة (‪ ،)L’indivisibilité du compte courant‬الذي يعتبر من‬
‫المبادئ التي يقوم عمييا النظام القانوني لمحساب المصرفي‪ ،‬كما استقر عميو العرف‬
‫المصرفي وطبقو القضاء وأيده الفقو‪.1‬‬

‫ويقصد بمبدأ عدم قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة أن الحق (المدفوع) عندما يقيد‬
‫كمفرد في الحساب يتداخل ويرتبط مع القيود األخرى‪ ،‬وال يمكن فصميا عن بعضيا البعض‬
‫ودون النظر إلى ذاتيتيا أو خصوصيتيا قبل القيد في الحساب‪ ،‬وبالتالي تندمج بنود الحساب‬
‫في كل غير قابل لمتجزئة‪ ،2‬وال يجوز كقاعدة عامة استخراج أحد بنود الحساب عمى نحو‬
‫يصعب معو فصل األموال المشبوىة عن األموال النظيفة‪.3‬‬

‫عبد الرحمان السيد قرمان‪ ،‬العقود التجارية وعمميات البنوك طبقا لألنظمة القانونية بالمممكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪1‬‬

‫الثانية‪ ،‬مكتبة الشقري‪ ،‬الرياض‪ ،0202 ،‬ص<‪.8:‬‬


‫عبد الرحمان السيد قرمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.8:‬‬ ‫‪2‬‬

‫جالل وفاء حمدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص>‪.:2-9‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪101‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫إن التطبيق المجرد لمبدأ عدم قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة أدى إلى صعوبات‬
‫ومشكالت كادت تعصف بالغرض الذي وجد من أجمو‪ ،‬حيث من شأن ذلك تعطيل مصمحة‬
‫طرفي الحساب واإلضرار بالغير الذي يريد الحجز عمى أي منيم‪ ،‬ألن مركز الطرفين ال‬
‫يتحدد إال عند قفل الحساب واستخالص الرصيد‪ ،‬وال يمكن الجزم قبل ىذا الوقت بما إذا كان‬
‫أحدىما دائنا أو مدينا‪ ،‬إذ أن مركز الطرفين يظل يتراوح بين الدائنية والمديونية حتى يتم قفل‬
‫الحساب واستخالص الرصيد‪.1‬‬

‫وترتيبا عمى ما تقدم‪ ،‬تصعب مالحقة المصارف والمؤسسات المالية استنادا لوصف‬
‫إخفاء أشياء متحصمو من جناية أو جنحة‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك إلى اختالط األموال غير‬
‫المشروعة باألموال المشروعة عمى نحو يؤدي إلى صعوبة التمييز بينيما من جية‪ ،‬والى‬
‫‪2‬‬
‫عدم إمكانية استخراج محل جريمة اإلخفاء من جية ثانية ‪.‬‬

‫‪ -3‬قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى الجريمة األصمية‪ :‬يشترط في جريمة اإلخفاء أن‬
‫يرد فعل اإلخفاء عمى شيء تم الحصول عميو من جناية أو جنحة‪ ،‬وىذا ما تقرره المادة‬
‫‪ 387‬من قانون العقوبات الجزائري‪.3‬‬

‫ونظ ار ألن التشريعات لم تحدد عمى وجو الدقة نوع الجريمة األصمية السابقة لسموك‬
‫اإلخفاء‪ ،‬فقد حفز ذلك القضاء عمى أن يتولى ىذه الميمة مستغال عمومية النص التشريعي‬
‫الذي يتناول إخفاء األشياء المحصمة من جناية أو جنحة‪ ،‬بتطبيق مفيوم الجريمة األصمية‬
‫السابقة لفعل اإلخفاء إلى حد يمكن القول معو أن كل جريمة في قانون العقوبات تصمح أن‬
‫تكون مصد ار لألشياء محل اإلخفاء‪ ،‬بشرط أن تأخذ وصف جناية أو جنحة‪.4‬‬

‫والواقع أن التفسير الموسع لفكرة الجريمة األصمية يصعب األخذ بو عمى إطالقو‬
‫بالنسبة لكافة أنواع الجريمة‪ ،‬والقول بغير ذلك يعد مساسا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‬

‫محسن حسن الجبر‪ ،‬العقود التجارية وعمميات البنوك في المممكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬جامعة الممك سعود‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الرياض‪ ،0>>< ،‬ص<‪.0:‬‬


‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.028‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة السادسة عشر‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬ ‫‪3‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،0208 ،‬ص;‪.90‬‬


‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.00:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪102‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الذي يعد من المبادئ الدستورية‪ ، 1‬حيث أن التوسع في مفيوم الجريمة األصمية السابقة‬
‫ل جريمة اإلخفاء أصبح يشكل انتياكا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يقتضي أال جريمة وال‬
‫عقوبة أو تدابير أمن إال بنص قانوني يضبط عمى وجو الدقة كافة األركان والعناصر التي‬
‫تقوم عمييا الجريمة‪.2‬‬

‫إن نشاط تبييض األموال المحصمة من االتجار غير المشروع في المخدرات‪ ،‬أو‬
‫غيرى ا من األنشطة اإلجرامية ال يندرج تمقائيا تحت وصف جريمة اإلخفاء المحدد في المادة‬
‫‪ 387‬من قانون العقوبات الجزائري والمادة ‪ 44‬مكرر من قانون العقوبات المصري والمادة‬
‫‪ 1-321‬وما بعدىا من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬نظ ار لخصوصية ىذا النشاط الذي يختمف‬
‫عن طبيعة نشاط إخفاء أشياء محصمة من جناية أو جنحة‪ ،‬خاصة إذا أخدنا في االعتبار‬
‫أنو عند صياغة النصوص المذكورة لم تكن قد برزت إلى السطح ظاىرة تبييض األموال‬
‫وبالتالي يكون تفسير ىذه النصوص بأنيا تستوعب نشاط تبييض األموال ليس (كاشفا) عن‬
‫قصد الشارع من صياغتيا‪.3‬‬

‫ويوافق ذلك‪ ،‬أنو لو ك انت النصوص العقابية العامة تكفي الستيعاب نشاط تبييض‬
‫األموال لما كانت ىناك حاجة لتجريم ىذا النشاط بتشريعات خاصة‪ ،‬عمى الرغم من وجود‬
‫النصوص التي تعاقب عمى إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة‪.4‬‬

‫‪ -4‬قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى الركن المعنوي‪ :‬حسب نص المادة ‪ 387‬من قانون‬
‫العقوبات الجزائري‪ ،‬فإن جريمة إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة تعتبر من‬
‫الجرائم العمدية التي يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد أو العمد‪ ،‬فيي تقوم عمى ضرورة‬
‫توافر القصد الجنائي لدى الفاعل الذي تنصرف إرادتو إلى ارتكاب فعل اإلخفاء مع عممو‬
‫بكا فة أركان الجريمة بحيث يعمم أن ما يخفيو متحصل من جناية أو جنحة‪.‬‬

‫نصت المادة =‪ :‬من دستور الجزائر لسنة ;>>‪ 0‬المعدل بالقانون ;‪ 20/0‬المؤرخ في ;‪ 2‬مارس ;‪ 020‬عمى أنو‪" :‬ال‬ ‫‪1‬‬

‫إدانة إال بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم"‪.‬‬


‫مفيد نايف الدلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;‪.00‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص<‪.00‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪103‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وعمى خالف ذلك‪ ،‬فإن جريمة تبييض األموال لما ليا من خصوصية يمكن أن تقع‬
‫عن طريق العمد والخطأ بحسب األحوال‪ ،‬حيث أن البنوك والمؤسسات المالية التي ال تتحرى‬
‫في البحث عن مصدر األموال المودعة إذا تجاوزت حد معين أو التي تيمل في الكشف عن‬
‫حقيقة بعض العمميات المشبوىة تعتبر مرتكبة لجريمة تبييض األموال بطريق اإلىمال‪.1‬‬

‫وبالنتيجة ومن خالل أوجو القصور السابقة الذكر‪ ،‬فإن وصف اإلخفاء‪ ،‬وعمى الرغم‬
‫من السعة التي يتسم بيا‪ ،‬إال أنو ال يعتبر الوصف األكثر عمى جريمة تبييض األموال‪ ،‬لذا‬
‫أصبح من الضروري سن نصوص قانونية خاصة لتجريم نشاط تبييض األموال الذي‬
‫استعصى كما سبق أن بينا عمى األوصاف الجنائية التقميدية‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫التكييف الحديث لنشاط تبييض األموال باعتباره جريمة مستقمة‬

‫إن األوصاف الجنائية التقميدية لجريمة تبييض األموال باعتبارىا أحيانا فعل من أفعال‬
‫المساىمة الجنائية التبعية‪ ،‬وأحيانا أخرى تكييفيا عمى أساس أنيا صورة من صور جريمة‬
‫إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة رغم مالءمتيا من الناحية النظرية تبقى غير‬
‫قادرة عمى احتواء كل نشاطات تبييض األموال‪ ،‬ونظ ار لمقصور الذي اعترى ىذين الوصفين‬
‫والذي سبق وأن تطرقنا إليو بنوع من التفصيل‪ ،‬سارع المشرع الجنائي الدولي وحتى الوطني‬
‫إلى سن تشريع خاص يجرم عمميات تبييض األموال بجميع صورىا مع تحديد أركانيا‬
‫وعناصرىا عمى وجو الدقة بما يتالءم والمبادئ األساسية التي يقوم عمييا التشريع الجنائي‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫ضرورة تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص‬

‫إن التدخل التشريعي لتجريم وعقاب تبييض األموال واعتباره جريمة قائمة بذاتيا يعود‬
‫في الواقع لعدة عوامل‪ ،‬أىميا تمك المتعمقة بطبيعة ظاىرة تبييض األموال باعتبارىا ظاىرة‬
‫اقتصادية مصرفية في المقام األول‪ ،‬وعمى ىذا األساس وجب مواجيتيا بنصوص خاصة‬

‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.088‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪104‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫تترجم وتستوعب فروضيا المختمفة‪ ،‬باإلضافة إلى العوامل المتعمقة بقصور األوصاف‬
‫الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال من الناحية العممية‪ ،‬وعدم كفاية التشريعات الجنائية‬
‫العادية السارية المفعول لمكافحة تبييض األموال‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اآلراء المختمفة المعارضة والمؤيدة لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص‬

‫تباينت آراء الفقياء بين مؤيد ومعارض لتجريم نشاط تبييض األموال بنص خاص‬
‫ولكل اتجاه حجج وأسباب يرتكز عمييا في توضيح وجية نظره تجاه ىذا الموضوع‪.‬‬

‫ففي حين يرى اتجاه أن الوسائل اإلدارية ليا القدرة الكافية لمكافحة نشاط تبييض‬
‫األموال وال داعي لتجريمو بنص تشريعي خاص‪ ،‬باعتبار أن السياسة الجنائية الحديثة تنادي‬
‫بالحد من سياسة التجريم والعقاب والعودة مرة أخرى إلى الجزاءات غير الجنائية‪.‬‬

‫يرى االتجاه اآلخر أن الحاجة لتجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص‬
‫تبدو ضرورية وممحة‪ ،‬عمى أساس أن إتباع سياسة التجريم يعكس ظيور قيمة اجتماعية‪،‬‬
‫قدر المشرع أنيا جوىرية تتعمق بمكافحة جرائم خطيرة وباألخص عمى المستوى الدولي‪.‬‬

‫‪ -1‬االتجاه الرافض لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص‪ :‬يرى أصحاب ىذا‬
‫االتجاه أنو ال توجد ضرورة تستوجب التدخل التشريعي لتجريم تبييض األموال بنص خاص‬
‫بل تكفي الوسائل اإلدارية لمكافحة ىذه الظاىرة‪ ،‬وذلك اعتمادا عمى األسباب والحجج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬يرى المعارضون إلجراءات مكافحة تبييض األموال أن ىذه المكافحة ستحد من جدب‬
‫وتدفق االستثمارات األجنبية الالزمة لمتنمية االقتصادية‪ ،‬كما تؤدي إلى ىروب رؤوس‬
‫األموال وعزوف المستثمرين المحميين عن إقامة مشاريعيم داخل بمدانيم األصمية مما يمحق‬
‫األضرار باالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬إن التوسع في سياسة التجريم والعقاب تتطمب المزيد من القيود التشريعية والتنظيمية‬
‫خاصة بالنسبة لمقطاع المالي‪ ،‬وى و ما يتعارض مع االتجاه العالمي لتحرير االقتصاد‬
‫والمعامالت المالية‪ ،‬باإلضافة إلى أن إجراءات المكافحة تستمزم قيام السمطات المعنية‬
‫بالكشف عن سرية الحسابات المصرفية لمبحث عن مصادر األموال والتحقق من‬

‫‪105‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫مشروعيتيا‪ ،‬وىذا ما يمحق الضرر بالنشاط االقتصادي‪ ،‬حيث ال يؤمن األشخاص من‬
‫مالحقة السمطات ليا‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي تشريع نص خاص بتجريم تبييض األموال إلى اإلخالل بأصل المحاكمات الجنائية‬
‫والذي يقضي بعدم جواز محاكمة الشخص عن جريمة واحدة أكثر من مرة‪ ،1‬إذ من غير‬
‫العدل واإلنصاف أن يحاكم شخص بأي جريمة كانت عن فعل واحد مرتين‪.2‬‬

‫فالمال غير ا لمشروع موضوع التبييض متحصل أصال من جريمة أولية‪ ،‬لذا ال يجوز عقاب‬
‫الشخص عن تمك الجريمة مصدر المال غير المشروع‪ ،‬ثم عقابو مرة ثانية عمى جريمة‬
‫تبييض ىذه األموال‪.‬‬

‫‪ -‬أن المال ىو المال سواء كان مصدره مشروع أو غير مشروع‪ ،‬إذ ال تسبب عمميات‬
‫تبييض األموال أي ضرر لممؤسسات المالية طالما كانت الجرائم األولية أو األصمية قد‬
‫ارتكبت في دولة أخرى‪.‬‬

‫‪ -2‬االتجاه المؤيد لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص‪ :‬يرى أنصار ىذا االتجاه‬
‫أنو من الضروري تجريم تبييض نشاط األموال بنص خاص‪ ،‬وحجتيم في ذلك تقوم عمى‬
‫أساس دحض حجج المعارضين لتجريم نشاط تبييض األموال ألنيا ليست في مجموعيا‬
‫حاسمة من جية‪ ،‬ومن جية أخرى تؤثر الجيود المبذولة في مكافحة تبييض األموال إيجابا‬
‫في تحقيق االستقرار واألمن في المجتمع والحد من ارتكاب الجرائم األصمية مصدر األموال‬
‫غير المشروعة‪ ،‬فضال عن حماية االقتصاد الوطني ودعم جيود التنمية‪.‬‬

‫يعتبر من أىم المبادئ التي تمثل ضمانة أساسية عند محاكمة الشخص المطموب وقد أدرج ىذا المبدأ ضمن أحكام قانون‬ ‫‪1‬‬

‫اإلجراءات الجزائية بموجب التعديل الذي جاء بو القانون <‪ ،2</0‬وكذلك في جميع االتفاقيات الدولية التي ترتبط فييا‬
‫الجزائر في مجال تسميم المجرمين حيث نصت المادة الثانية من اتفاقية التعاون القضائي في المجال الجزائي الموقعة بين‬
‫الجزائر وايطاليا في ‪ 00‬يوليو ‪ 0228‬عمى أنو‪" :‬يجوز رفض التعاون‪ ..... :‬إذا كان الشخص المتابع من جانب الطرف‬
‫الطالب صدر ضده حكم نيائي من جانب الطرف المطموب من أجل نفس الفعل بشرط خضوع الشخص المتابع لتنفيذ‬
‫العقوبة ‪ ."....‬أنظر‪ :‬القانون <‪ 2</0‬المؤرخ في <‪ 0‬مارس <‪ ،020‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،02‬صادر في >‪ 0‬مارس <‪020‬‬
‫والمرسوم الرئاسي ‪ <0-2:‬المؤرخ في ‪ 08‬فيفري ‪ ،022:‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،08‬صادر في ;‪ 0‬فبراير ‪.022:‬‬
‫يوسف دالندة‪ ،‬الوجيز في ضمانات محاكمة عادلة‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،022: ،‬ص‪.90‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪106‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -‬تؤدي إجراءات مكافحة تبييض األموال إلى ضبط وتجميد األموال غير المشروعة كإجراء‬
‫تحفظي عاجل‪ ،‬مما يؤدي إلى حرمان أصحابيا من متحصالت نشاطيم اإلجرامي‪ .‬كما‬
‫يؤدي نجاح إجياض عمميات تبييض األموال إلى تقويض قدرة المنظمات اإلجرامية عمى‬
‫استخدام عائدات نشاطاتيا في ارتكاب المزيد من الجرائم أو تمويل أنشطة أخرى غير‬
‫مشروعة‪.‬‬

‫‪ -‬القول أن المجتمع بحاجة إلى رؤوس األموال لمتنمية ومن شأن تجريم تبييض األموال‬
‫إعاقة االستثمار ىو قول يجانب النظرة الشمولية لمتنمية‪ ،‬باعتبارىا عممية مستمرة‪ ،‬إذ أن‬
‫قبول أموال الجريمة لالستثمار‪ ،‬فضال عن أنو يؤدي إلى تشويو مناخ االستثمار وظيور‬
‫منافسة غير مشروعة مع المشروعات التي ال ترتبط بالجريمة فإن تغمغل أموال الجريمة في‬
‫القطاعات االقتصادية بما يخمفو من عنف وتيديد ورشوة كفيل بإبعاد المستثمر األجنبي‬
‫المباشر‪ ،‬بل والمستثمر المحمي أيضا الذي ال يستطيع التعايش مع المناخ المذكور‪.1‬‬

‫ومن ثم تساىم جيود مكافحة تبييض األموال في إتاحة فرص المنافسة الشريفة‬
‫والمتكافئة أمام كافة أنواع االستثمارات المشروعة سواء كانت محمية أو أجنبية‪ ،‬وانقاذ‬
‫وتطيير االقتصاد من األموال غير المشروعة‪.2‬‬

‫كما تتضمن إجراءات مكافحة تبييض األموال مصادرة األموال المبيضة‪ ،‬األمر الذي‬
‫يمكن الدولة من استعادة األموال الميربة والمودعة في المصارف األجنبية‪ ،‬وبذلك تساىم‬
‫ىذه األموال المستعادة في جيود التنمية‪ ،‬وىذا األمر ىو الذي دفع بأغمب الدول إلى‬
‫استصدار قوانين خاصة تكفل ليا استعادة األموال الميربة والمودعة بالخارج‪.‬‬

‫إن تجريم عمميات تبييض األموال بنص خاص تفرضو عدة اعتبارات منيا‪:3‬‬

‫‪ -‬إن تجريم نشاط تبييض األموال بنص خاص لم يعد شأنا داخميا لمدول وانما أضحى مطمبا‬
‫دوليا‪ ،‬وذلك بعد صدور العديد من االتفاقيات الدولية واإلقميمية ذات الصمة بمكافحة تبييض‬
‫األموال كات فاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‬

‫دليمة مباركي‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،022=/022< ،‬ص=‪.0:‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص;;‪.0‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.0;0‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪107‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫لسنة ‪ ، 1988‬وكذا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة‬
‫‪ ، 2000‬واالتفاقية العربية لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة‬
‫‪.1994‬‬

‫‪ -‬أن اإلج راءات الجنائية ذات الطبيعة اإلدارية والمالية ال تكفي لمواجية أنشطة تبييض‬
‫األموال حيث أن الجزاء الجنائي لو ذاتية فعالة بخالف الجزاءات األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬أن النصوص القانونية التقميدية لم كافية لمواجية ظاىرة تبييض األموال‪ ،‬نظ ار لما تتميز‬
‫بو عمميات تبييض األموال من تنوع وتعدد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أىمية تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص‬

‫تكمن أىمية التدخل التشريعي لتجريم نشاط تبييض األموال واعتباره جريمة قائمة‬
‫بذاتيا في تحقيق عدة نتائج منيا‪:1‬‬

‫‪ -‬حسم الخالف بشأن األوصاف الجنائية التقميدية‪ :‬فاعتبار نشاط تبييض األموال بمثابة‬
‫جريمة قائمة بذاتيا وتحديد عناصرىا بموجب تشريع خاص من شأنو حسم الخالف الذي قد‬
‫يثور بمناسبة تفسير النصوص الجنائية التقميدية التي وجدت قبل ظيور عمميات تبييض‬
‫األموال‪ ،‬وىو الخالف الذي يدور حول إمكانية إخضاع نشاط تبييض األموال لوصف جنائي‬
‫محدد من بين األوصاف الجنائية التي يمكن أن تنطبق عمى ىذا النشاط‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان توقيع الجزاءات عمى مرتكبي نشاط تبييض األموال‪ :‬إن وصف نشاط تبييض‬
‫األموال بأنو جريمة خاصة من شأنو أن يضمن التغمب عمى العقبات المحتممة وأوجو‬
‫القصور الموضوعية أو اإلجرائية عمى الصعيدين الوطني والدولي التي تحول دون تحقيق‬
‫الحماية الجزائية المرجوة‪ ،‬ويضمن عدم إفالت الجناة من العقاب‪ ،‬وذلك من خالل ضمان‬
‫تقرير جزاءات جنائية أكثر نفوذا أو خصوصية لمرتكبي أفعال تبييض األموال‪.‬‬

‫بدر الدين خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>‪.02‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪108‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع الثاني‬

‫التجريم الخاص لنشاط تبييض األموال‬

‫عمى الرغم من المبررات التي جاء بيا المعارضون لفكرة سن تشريع خاص لتجريم‬
‫نشاط تبييض األموال‪ ،‬إال أنيا لم ترقى إلى درجة القصور الذي اعترى التكييف الجنائي‬
‫لمعمميات التي يقوم بيا المجرمون إلضفاء صفة المشروعية عمى األموال التي مصدرىا غير‬
‫شرعي‪ ،‬فال اعتبار نشاط تبييض األموال صورة من صور المساىمة الجنائية التبعية جاء‬
‫مقنعا‪ ،‬وال اعتباره صورة من صور إخفاء األشياء جاء منطقيا‪.‬‬

‫وبالتالي أصبح اعتباره جريمة مستقمة ضرورة ال مفر منيا ويتحتم تدخل المشرع‬
‫بنص خاص لتجريم ومواجية ىذا النشاط األمر الذي دفع بالمجتمع الدولي إلى تجريمو‪،‬‬
‫وذلك عن طريق العديد من االتفاقيات واإلعالنات والبيانات الدولية واإلقميمية التي تدعوا‬
‫كميا الدول إلى تجريم عمميات تبييض األموال في تشريعاتيا الداخمية وسن تشريعات وقائية‬
‫من آثارىا‪.‬‬

‫وسنبحث في ىذا الفرع أوجو تجريم تبييض األموال في االتفاقيات الدولية و‬


‫االتفاقيات اإلقميمية (أوال)‪ ،‬ثم في القانون المقارن (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تجريم نشاط تبييض األموال في االتفاقيات الدولية واالتفاقيات اإلقميمية‬

‫جرم المجتمع الدولي عمميات تبييض األموال الناتجة عن أنشطة إجرامية غير‬
‫مشروعة قناعة منو بأن السيطرة عمى ىذه الظاىرة ال يكون إال عن طريق التعاون بين‬
‫أعضاء المجتمع الدولي وتكثيف الجيود‪ ،‬سواء عن طريق االتفاقيات الدولية واإلقميمية‬
‫المعدة في ىذا الشأن‪ ،‬أو عن طريق مجموعة المبادئ اإلجرائية المنبثقة عنيا‪.1‬‬

‫‪ -1‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪:‬‬
‫تعتبر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة‬
‫‪ 1988‬تتويجا لمجيود التي ما فتأت تبدليا ىيئة األمم المتحدة في مجال مكافحة االتجار‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.02‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪109‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي بدأت بإبرام االتفاقية الوحيدة المتعمقة‬
‫بموضوع المخدرات لسنة ‪.1961‬‬

‫كما تمثل اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات‬
‫العقمية أول وثيقة قانونية دولية تعتمد تدابير وأحكام محددة لتجريم ومكافحة تبييض األموال‬
‫المستخدمة في أو الم حصمة من االتجار غير المشروع بالمخدرات‪ ،‬وىي بذلك تعد مرجعا‬
‫لكافة النصوص الالحقة في مجال مكافحة تبييض األموال لما تضمنتو من سياسة جنائية‬
‫واضحة بخصوص مكافحة جريمة تبييض األموال والوقاية منيا‪.1‬‬

‫وقد حثت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات الدول‬
‫األطراف عمى اتخاذ إجراءات مشددة‪ ،‬تتالءم مع جسامة ىذه الجرائم وخطورتيا‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة الثالثة الفقرة ‪/4‬أ عمى أنو‪" :‬عمى كل طرف أن يخضع ارتكاب الجرائم المنصوص‬
‫عمييا في الفقرة ‪ 1‬من ىذه المادة لجزاءات تراعي فييا جسامة ىذه الجرائم‪ ،‬كالسجن أو غيره‬
‫من العقوبات السالبة لمحرية والغرامة والمصادرة"‪.‬‬

‫كما اتجيت اتفاقية األمم المتحدة نحو تشديد العقاب من خالل التشدد في بعض‬
‫الظروف المشددة لمعقوبة‪ ،‬حيث نصت االتفاقية عمى ضرورة أن تأخذ الدول بعين االعتبار‬
‫خطورة ىذه الجريمة وذلك بتضييق حاالت االستفادة من اإلفراج المشروط وتقرير مدة طويمة‬
‫لتقادم العقوبات المقررة ليذه الجرائم‪.‬‬

‫ومما يؤخذ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات‪ ،‬أنيا‬
‫حصرت نطاق التجريم في مجال جرائم المخدرات فقط‪ ،2‬وان كان ذلك يفسر بأن وقت توقيع‬
‫االتفاقية كانت معظم التنظيمات اإلجرامية تتمثل في عصابات االتجار بالمخدرات التي‬
‫كانت تشكل في ذلك في الوقت قوة اقتصادية ضخمة‪ ،‬وأن حجم األموال الناتجة عن جرائم‬
‫المخدرات تشكل أعمى نسب األموال التي يتم تبييضيا‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Djazira MEHDI, Les instruments de lutte contre le blanchiment d’argent en Algérie, thèse‬‬
‫‪de doctorat en Droit, faculté de Droit (Ecole doctorale DESPEG), Université NICE SOPHIA‬‬
‫‪ANTIPOLIS, France, 2015, p29.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 28‬فقرة ‪ 0‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫محمد حسن عمر برواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>‪.8:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪110‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫كما يؤخذ عمى ىذه االتفاقية كذلك اعتبارىا جريمة تبييض األموال من الجرائم العمدية‬
‫فال يتصور وفقا لالتفاقية وقوعيا بطريق اإلىمال أو الخطأ‪ ،‬إذ يتعين أن يكون إخفاء أو‬
‫تمويو حقيقة األموال أو مصدرىا‪ ،‬مع العمم بأنيا مستمدة من إحدى الجرائم المنصوص عمييا‬
‫في االتفاقية‪ ،1‬وىو األمر الذي من شأنو أن يؤدي إلى إفالت مرتكب الجريمة من العقاب‬
‫نظ ار لصعوبة إثبات عممو بحقيقة المال ومصدره غير المشروع السيما بعد المرور بعدة‬
‫عمميات معقدة ومتتابعة إلخفاء المصدر غير المشروع ليذا المال‪.2‬‬

‫كما يالحظ أن االتفاقية اتجيت نحو التوسع في نطاق تجريم عمميات تبييض األموال‬
‫الناتجة عن االتجار غير المشروع بالمخدرات من حيث األشخاص‪ ،‬إذ يشمل التجريم الذين‬
‫عمموا بالمصدر غير المشروع لألموال سواء شارك مثل ىؤالء األشخاص في الجريمة‬
‫األصمية أم لم يشاركوا‪ ،‬وىنا يمتد التجريم ليشمل كل الممثمين والوسطاء والبنوك والمؤسسات‬
‫المالية إذا توافر لدى أي منيم العمم باألصل غير المشروع ليذه األموال‪.3‬‬

‫‪ -2‬التوصيات األربعون لفريق العمل المالي الدولي‪ :‬إلى جانب جيود األمم المتحدة‪ ،‬وبعد‬
‫عام واحد تقريبا تأسس إطار دولي لمكافحة تبييض األموال وىو فريق العمل المالي أو ما‬
‫يسمى بالمجموعة الدولية لمعمل المالي‪ ،‬والتي انبثقت عن اجتماع لمدول الصناعية الكبرى‬
‫في باريس سنة ‪.1989‬‬

‫وفي سنة ‪ 1990‬أصدر فريق العمل المالي تقري ار يحتوي عمى أربعين توصية‪ 4‬تكون‬
‫في مجمميا دليال ارشادي ا عمى مستوى الدول في مجال مكافحة تبييض األموال‪ ،‬وىي تعد‬
‫بمثابة مبادئ عمل تتسم بالمرونة والعمومية بحيث تستطيع أي دولة عضو أن تطبق ىذه‬
‫المبادئ وفقا لنظميا القانونية وقد وافقت أكثر من ‪ 130‬دولة عمى التوصيات األربعون بعد‬
‫مراجعتيا سنة ‪.1996‬‬

‫المادة ‪ 28‬الفقرة األولى (ب‪ )0/‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.002‬‬ ‫‪2‬‬

‫سمير الخطيب‪ ،‬مكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،022: ،‬ص‪.:0‬‬ ‫‪3‬‬

‫وزعت التوصيات األربعون عمى أربعة أقسام ىي‪ :‬اإلطار العام لمتوصيات (من ‪ 20‬إلى ‪ ،)28‬الترتيبات القانونية الواجب‬ ‫‪4‬‬

‫اتخاذىا ضمن كل دولة لمكافحة تبييض األموال (من ‪ 29‬إلى =‪ ،)2‬تعزيز الجياز المالي (من >‪ 2‬إلى >‪ ،)0‬تعزيز‬
‫التعاون الدولي (من ‪ 82‬إلى ‪.)92‬‬

‫‪111‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ويمكن تحديد دور مجموعة العمل المالي في إطارين؛ يتمثل اإلطار األول في وضع‬
‫المعايير والتوصيات المتعمقة بإجراءات مكافحة عمميات تبييض األموال (التوصيات‬
‫األربعون) ويقوم اإلطار الثاني عمى تقييم مدى التزام الدول بتطبيق ىذه المعايير والتوصيات‬
‫في إطار أنظمتيا الوطنية‪ ،‬وتقوم ىذه المجموعة بيذه األدوار بالتعاون مع العديد من‬
‫المنظمات والييئات الدولية واإلقميمية‪.1‬‬

‫وقد وضعت مجموعة العمل المالي ابتداء من سنة ‪ 2000‬المعايير الخمسة‬


‫والعشرون لتقييم الدول‪ ،2‬والتي باالستناد إلييا يتم إصدار الئحة سنوية بأسماء الدول غير‬
‫المتعاونة في مجال مكافحة تبييض األموال‪ ،‬ولقد شممت الالئحة األولى الصادرة سنة‬
‫‪ 2000‬قائمة من ‪ 15‬دولة منيا دولة عربية واحدة ىي لبنان‪.‬‬

‫ومن أىم توصيات مجموعة العمل المالي حول تبييض األموال ما يمي‪:3‬‬

‫‪ -‬تجريم عمميات تبييض األموال‪ :‬لقد جرمت حكومات مجموعة العمل المالي تبييض‬
‫األموال بانضماميا إ لى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات‬
‫والمؤثرات العقمية‪.‬‬

‫‪ -‬رفع السرية عن أعمال البنوك‪ :‬إذ يجب التعاون بين السمطات المكمفة بإصدار القوانين‬
‫والتنظيمات من جية والبنوك والمؤسسات المالية من جية أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬التقرير واإلبالغ عن المعامالت المشبوىة‪ :‬تمعب المؤسسات المالية والبنوك دو ار رئيسيا‬


‫في مجال مكافحة تبييض األموال‪ ،‬فالتشريع يحدد إجراءات معينة لمتحقق من شخصية‬
‫المتعاممين واالحتفاظ بوثائق مناسبة واإلبالغ عن الصفقات المشبوىة‪.‬‬

‫خالد سميمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.028‬‬ ‫‪1‬‬

‫تتوزع المعايير الخمسة والعشرون عمى أربعة محاور ىي‪ :‬الثغرات والنواقص في التشريعات المالية‪ ،‬العقبات التشريعية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العقبات أمام التعاون الدولي‪ ،‬نقص الموارد المتاحة لمكافحة تبييض األموال‪ .‬أنظر‪ :‬خالد سميمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪3‬حورية يسعد‪" ،‬المبادرات الدولية من أجل مكافحة الجريمة المنظمة وغسل األموال"‪ ،‬المجمة النقدية لمقانون والعموم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬ع ‪ ،0200 ،20‬ص‪.>0‬‬

‫‪112‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -‬المساعدة المتبادلة بين الدول في مكافحة تبييض األموال‪ :‬باعتبار أن تبييض األموال‬
‫جريمة دولية والجدير أن يكون التعاون لمقضاء عمييا دوليا‪ .‬ويتمثل التعاون المتبادل‪ ،‬في‬
‫وجود إجراءات فيما يتعمق بمكافحة العمميات اإلجرامية‪ ،‬وذلك بإلزام البنوك والمؤسسات‬
‫المالية وسائر األشخاص المعنيين بتنظيم سجالت واستخدام وسائل إلزامية لمبحث عن‬
‫األ شخاص أو مقر المنشتت والحصول عمى الدالئل عن إجراء عمميات تبييض األموال‬
‫والقيام بكل اإلجراءات المماثمة في الدول األخرى كالتحري والتنفيذ‪.‬‬

‫‪ -3‬توصيات لجنة بازل حول تبييض األموال‪ :‬تضمن البيان الصادر في ديسمبر ‪1988‬‬
‫حول منع استخدام النظام المصرفي ألغراض تبييض األموال‪ ،‬العديد من المبادئ التي يتعين‬
‫عمى المصارف في الدول المعنية االلتزام بيا‪ ،‬لكي يتم منع استخدام النظام المصرفي في‬
‫إيداع األموال المتولدة عن األنشطة غير المشروعة أو تحويميا أو إخفائيا من خالل تبني‬
‫إجراءات فعالة لمتعرف عمى العمالء‪ ،‬وااللتزام بالقوانين والمعايير الرقابية الموضوعة‪.1‬‬

‫ومما ال شك فيو أن إعالن لجنة بازل وضع مبادئ أخالقية وقانونية تتعمق بالقطاع‬
‫المصرفي والمالي‪ ،‬ومنع استخدام البنوك والمؤسسات المالية في أغراض تبييض األموال‪ ،‬إال‬
‫أن ما يعاب عمى ىذا البيان افتقاده لمقوة اإللزامية‪ ،‬وعدم تقريره أية ج ازءات عمى مخالفة‬
‫قواعده‪ ،‬وعمى الرغم من ذلك ال يمكن إغفال الدور اليام لإلعالن في تجريم ومكافحة تبييض‬
‫األموال‪.2‬‬

‫‪ -4‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ :‬ترجع فكرة إبرام اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية إلى سنة ‪ ،1994‬خالل أشغال‬
‫المؤتمر الوزاري العالمي حول الجريمة المنظمة عبر الدول الذي نظمتو األمم المتحدة في‬
‫مدينة نابولي بإيطاليا من ‪ 21‬إلى ‪ 23‬نوفمبر ‪ ،1994‬وقد وافق ممثمون عن ‪ 142‬دولة‬
‫عمى الخطوط العريضة لمتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول‪.3‬‬

‫رمزي نجيب القسوس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;<‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>‪.02‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Djazira MEHDI, Op.Cit, p29.‬‬

‫‪113‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وتعتبر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المصادق عمييا‬
‫في ديسمبر ‪ 2000‬اإلطار األمثل واألحدث لمكافحة اإلجرام المنظم‪ ،1‬فقد رحبت العديد من‬
‫الدول والجيات العالمية بيذه االتفاقية‪ ،‬التي رأت فييا المنقذ من براثن عصابات اإلجرام‬
‫المنظم التي تنخر اقتصاديات دول العالم‪.‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬فقد أولت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر‬
‫الوطنية لسنة ‪ 2000‬عناية خاصة لتجريم أفعال تبييض األموال‪ ،‬وحثت الدول األطراف‬
‫عمى تجريم ىذه األفعال‪ ، 2‬وأوردت مجموعة من التدابير الوقائية والقمعية‪ ،‬فأوجبت عمى‬
‫الدول األطراف إنشاء نظام رقابة داخمي لمراقبة نشاط المصارف والمؤسسات المالية وسائر‬
‫الييئات المعرضة لتبييض األموال بيدف ردع وكشف جميع أشكال تبييض األموال‪ ،‬والسعي‬
‫إلى تطوير وتعزيز التعاون الدولي واإلقميمي والثنائي بين األجيزة القضائية وأجيزة تنفيذ‬
‫القوانين وأجيزة الرقابة المالية من أجل مكافحة تبييض األموال‪.3‬‬

‫تجدر اإلشارة في ما يتعمق بيذه االتفاقية‪ ،‬أنيا تداركت النقائص التي تضمنتيا اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪1988‬‬
‫حيث برزت جريمة تبييض األموال كإحدى الجرائم المنظمة والخطيرة‪ ،‬وقد حددت االتفاقية‬
‫اإلطار القانوني ليذه الجريمة‪ ،‬ووسعت من نطاق الجرائم األصمية لتشمل كل الجرائم‬
‫الخطيرة‪ ،‬أما في مجال التعاون الدولي فقد أكدت االتفاقية عمى ضرورة تبادل المعمومات بين‬
‫الدول والتعاون في مجال المساعدة التقنية‪ ،‬كما جاءت معظم أحكام االتفاقية عمى نحو يكفل‬
‫األخذ في االعتبار خصوصية النظام القانوني لكل دولة‪.‬‬

‫أنظر إعالن فيينا بشأن الجريمة والعدالة الصادر عن مؤتمر األمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاممة المجرمين‬ ‫‪1‬‬

‫المنعقد ما بين ‪ 02‬و<‪ 0‬أبريل من سنة ‪( 0222‬الوثيقة رقم ‪.)A/CONF.187/PM.1‬‬


‫المادة ;‪ 2‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة <‪ 2‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪114‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -5‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ :1‬تم اعتماد اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‬
‫من طرف الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك في ‪ 31‬أكتوبر‪ ،2003‬وذلك بيدف تحقيق‬
‫التعاون القضائي بين الدول األطراف عمى جميع األصعدة لمكافحة ظاىرة الفساد‪ ،2‬حيث‬
‫يعتبر تبييض األموال من أخطر صور الفساد‪.‬‬

‫وقد عددت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد األفعال التي تدخل في إطار أنشطة‬
‫تبييض األموال‪ ،‬وفي ىذا اإلطار دعت الدول األطراف إلى ضرورة تجريم تمك األفعال من‬
‫خال ل وضع أنظمة داخمية شاممة لمرقابة واإلشراف عمى البنوك والمؤسسات المالية‪ ،‬وتبادل‬
‫المعمومات عمى الصعيد الوطني والدولي‪ ،‬وتعزيز التعاون بين السمطات القضائية وأجيزة‬
‫الرقابة المالية لمكافحة جرائم تبييض األموال‪ ،‬ناىيك عن مصادرة العوائد المتأتية من أفعال‬
‫إجرامية وفقا ليذه االتفاقية‪.3‬‬

‫كما تناولت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد جريمة تبييض األموال من عدة زوايا‬
‫حيث جرمت تبييض األموال الناتجة عن الفساد‪ ،‬كما حثت الدول األطراف عمى ضرورة‬
‫إيجاد السبل الكفيمة بالتوفيق بين القيام بالتحقيقات الجنائية المتعمقة بأنشطة تبييض األموال‬
‫وبين السرية المصرفية وتدليل العقبات الناشئة عن تطبيقيا‪.4‬‬

‫‪ -6‬اتفاقية ستراسبورغ‪ :‬تعد اتفاقية ستراسبورغ من أبرز الجيود التي بدليا المجمس‬
‫األوروبي لمكافحة تبييض األموال والتي ميدت الطريق أمام التشريعات الوطنية األوروبية‬
‫لتجريم عمميات تبييض األموال واتخاذ السبل الكفيمة لمكافحت و‪ ، 5‬حيث تعيدت الدول‬

‫صادقت الجزائر بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 00=/29‬المؤرخ في >‪0‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبريل ‪ 0229‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد;‪ ،0‬صادر في ‪ 0:‬أبريل ‪.0229‬‬


‫نصت المادة األولى من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد عمى الغرض منيا والمتمثل في‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ وأنجع‪.‬‬
‫‪ -‬ترويج وتسيير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد‪ ،‬بما في ذلك مجال استرداد‬
‫الموجودات‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز النزاىة والشفافية والمساءلة واإلدارة السميمة لمشؤون العمومية والممتمكات العمومية‪.‬‬
‫المادة ‪ 08‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 92‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬نفس المرجع ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫محمد حسن عمر برواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8<0‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪115‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫األطراف بموجبيا بتجريم ومعاقبة تبييض األموال وخمق ديناميكية تعاونية في مجال‬
‫التحقيقات من خالل تبادل المعمومات‪ ،‬ورفع السرية عن الحسابات المصرفية المشبوىة‬
‫وتسميم المجرمين‪.‬‬

‫ولضمان الحماية الفعالة لمنظام المالي من عمميات تبييض األموال‪ ،‬أصدر المجمس‬
‫بخصوص الوقاية من استخدام النظام المصرفي التوجيو رقم ‪ 60‬لسنة ‪ ، 12005‬والذي‬
‫تضمن العديد من التوصيات أىميا‪:‬‬

‫‪ -‬حظر تبييض األموال مع ضرورة تضمين التشريعات الوطنية لمدول األعضاء تجريم ىذا‬
‫الفعل وفقا التفاقية فيينا وىذا التوجيو‪.‬‬

‫‪ -‬التحقق من شخصية العمالء‪ ،‬وذلك عند إبرام الصفقات التجارية التي يتجاوز مقدارىا حدا‬
‫معينا‪.‬‬

‫‪ -‬االحتفاظ بالسجالت المالية باإلضافة إلى حفظ جميع الوثائق المتعمقة بتحديد شخصية‬
‫العمالء والصفقات لمدة خمس سنوات‪.‬‬

‫‪ -‬التعاون بين السمطات المختصة (المؤسسات المالية والسمطات القضائية وسمطات تنفيذ‬
‫القانون)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجريم نشاط تبييض األموال في التشريعات الوطنية‬

‫لم يقتصر تجريم عمميات تبييض األموال عمى االتفاقيات الدولية واإلقميمية فقط‪ ،‬بل‬
‫اتجيت الكثير من الدول إلى تجريم تبييض األموال في تشريعاتيا الوطنية بيدف تحقيق‬
‫االنسجام بين األحكام الواردة فييا وما نصت عميو ىذه االتفاقيات ‪ ،‬فأصبحت أنشطة تبييض‬
‫األموال جريمة قائمة بذاتيا‪ ،‬ليا أركانيا وعقوباتيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Directive 2005/60/CE du parlement européen et du conseil du 26 octobre 2005 relative à la‬‬
‫‪prévention de l’utilisation du système financier aux fins du blanchiment et du financement du‬‬
‫‪terrorisme. www.eur-lex.europa.eu‬‬

‫‪116‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وال شك في أن ىذه خطوة جريئة وىامة في سبيل مكافحة جريمة تبييض األموال‬
‫باعتبارىا من األنشطة الخطيرة والمدمرة القتصاديات الدول‪.1‬‬

‫وسنتطرق ألوجو تجريم نشاط تبييض األموال في التشريعات الوطنية بداية بالتشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬ثم بعض النماذج الغربية والعربية‪.‬‬

‫‪ -1‬التشريع الجزائري‪ :‬عمى الرغم من أن الجزائر تعد من الدول السباقة إلى المصادقة عمى‬
‫االتفاقيات الدولية واإلقميمية ذات الصمة بتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال إدراكا منيا‬
‫بخطورة ىذه الجريمة‪ ،‬إال أن المشرع قد تأخر في إصدار قانون لمواجية ىذه الظاىرة مكتفيا‬
‫بإصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية التي لم تستوعب في حقيقة األمر‬
‫خطورة نشاط تبييض األموال نذكر أىميا‪:‬‬

‫‪ -‬األمر ‪ 22/96‬المؤرخ في ‪ 09‬يوليو ‪ 1996‬المتعمق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم‬


‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من والى الخارج‪ ،‬المعدل والمتمم والذي جرم من‬
‫خاللو‪ ،‬المشرع التصريح الكاذب لألموال المودعة لدى البنوك والمؤسسات المالية بحيث‬
‫وضع التزام عمى عاتق المصرف بالتحري عن مصدر األموال المودعة لديو‪.‬‬

‫‪ -‬المرسوم التنفيذي ‪ 127/02‬المؤرخ في ‪ 07‬أبريل ‪ ،2002‬المتضمن إنشاء خمية معالجة‬


‫االستعالم المالي وتنظيميا وعمميا‪ ،‬الذي يعد أول نص يتعمق بجريمة تبييض األموال بحيث‬
‫أنشأ ىذا الجياز المستقل لالستعالم المالي بو ازرة المالية والذي يتولى تمقي تصريحات‬
‫اإلخطار بالشبية وتحميميا‪.‬‬

‫‪ -‬القانون ‪ 11/02‬المؤرخ في ‪ 24‬ديسمبر ‪ ،2002‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪2003‬‬


‫السيما المواد من ‪ 104‬إلى ‪.110‬‬

‫‪ -‬األمر ‪ 11/03‬المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ 2011‬المتضمن قانون النقد والقرض‪ ،‬المعدل‬


‫والمتمم والذي نص عمى عديد األحكام المتعمقة بالرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية‬
‫وكذلك تنظيم المينة بيدف وقاية النظام البنكي الجزائري من تبييض األموال‪.‬‬

‫سمر إسماعيل فايز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0=8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪117‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -‬القانون ‪ 15/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ ،2004‬المعدل والمتمم لألمر ‪ 156/66‬المؤرخ‬


‫في ‪ 08‬جوان ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬تم بموجب ىذا القانون إدراج ضمن‬
‫الفصل الثاني من قانون العقوبات‪ ،‬المتعمق بالجنايات والجنح ضد األموال‪ ،‬قسم سادس‬
‫مكرر بعنوان "تبييض األموال"‪ ،‬يتضمن مواد جديدة من ‪ 389‬إلى ‪ 389‬مكرر‪.7‬‬

‫‪ -‬القانون ‪ 18/04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ 2004‬المتعمق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات‬


‫العقمية وقمع االستعمال واالتجار غير المشروعين بيا‪.‬‬

‫وذلك إلى غاية سنة ‪ 2005‬أين صدر القانون ‪ 01/05‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر‬


‫‪ ،2005‬المتضمن قانون الوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب والوقاية منيما‪ ،‬وييدف‬
‫ىذا القانون إلى مطابقة التشريع الوطني مع االلتزامات التعاقدية التي تربط الجزائر في مجال‬
‫مكافحة تبييض األموال وتمويل اإلرىاب‪.‬‬

‫كما تعزز النظام القانوني الجزائري لمكافحة جريمة تبييض األموال بصدور القانون‬
‫‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 2006‬المتضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬الذي‬
‫جسد من خاللو المشرع المبادئ المنصوص عمييا في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‬
‫وكذلك االتفاقية العربية لمكافحة الفساد‪ .1‬كما صدر المرسوم التنفيذي ‪ 153/15‬المؤرخ في‬
‫‪ 16‬يونيو ‪ 2015‬المحدد لمحد األدنى المطبق عمى عمميات الدفع التي يجب أن تتم بوسائل‬
‫الدفع الكتابية وعن طريق القنوات البنكية والمالية‪ .‬إضافة إلى نظام بنك الجزائر ‪03/12‬‬
‫المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ 2012‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب‬
‫ومكافحتيما‪.2‬‬

‫‪ -2‬التشريع الفرنسي‪ :‬تعتبر فرنسا من أولى الدول التي بادرت بعد انضماميا إلى اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية بتاريخ ‪ 13‬يناير‬
‫‪ 1989‬وتبنييا توصيات مجموعة العمل المالي الدولي إلى سن مجموعة من القوانين وانشاء‬

‫المرسوم الرئاسي ‪ 0:0/09‬المؤرخ في =‪ 2‬سبتمبر ‪ ،0209‬المتضمن المصادقة عمى االتفاقية العربية لمكافحة الجريمة‬ ‫‪1‬‬

‫المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،::‬صادر في ‪ 08‬سبتمبر ‪.0209‬‬


‫النظام رقم ‪ 28/00‬المؤرخ في =‪ 0‬نوفمبر ‪ ،0200‬يتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،00‬صادر في <‪ 0‬فبراير ‪.0208‬‬

‫‪118‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ىيئات تعنى بمكافحة نشاط تبييض األموال‪ ،‬ومن أبرز تمك القوانين‪ ،‬القانون ‪1157/87‬‬
‫المتعمق بمكافحة تيريب المخدرات وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات‪ ،‬والذي جرم نشاط‬
‫تبييض األموال وعاقب عميو كجريمة قائمة بذاتيا بنص المادة الثانية الفقرة األولى التي تتمم‬
‫المادة ‪ 627‬من قانون الصحة العمومية عمى‪ " :‬تعاقب بالسجن لمدة تتراوح من سنتين إلى‬
‫عشر سنوات‪ ،‬وبغرامة مالية من ‪ 5000‬فرنك إلى ‪ 500000‬فرنك أو بإحدى العقوبتين كل‬
‫من استعمل أي وسيمة تزوير أو ساعد في تبرير المصدر غير المشروع لألموال والممتمكات‬
‫المحصمة من إحدى الجرائم المنصوص عمييا في الفقرة األولى أو تعمد المساعدة في أي‬
‫عممية توظيف‪ ،‬إخفاء‪ ،‬أو تحويل عائدات ىذه الجرائم"‪.1‬‬

‫وبعد ذلك أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية باإلجماع القانون ‪ 614/90‬بتاريخ ‪12‬‬
‫يونيو ‪ 1990‬المتعمق بمساىمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األموال المتأتية من‬
‫تجارة المخدرات‪ ،‬والذي تضمنت أحكامو إلزام كل المؤسسات المالية الفرنسية باالشتراك في‬
‫التصدي لعمميات تبييض األموال المتأتية من تجارة المخدرات‪ ،‬وحرمان تجار المخدرات من‬
‫عائدات أنشطتيم اإلج ارمية‪.2‬‬

‫وقد تم تعديل القانون ‪ 614/90‬لممرة األولى بالقانون ‪ 122/93‬المؤرخ في ‪ 29‬يناير‬


‫‪ 1993‬المتعمق بالوقاية من الفساد وشفافية الحياة االقتصادية والسمطات العامة‪ ،‬بحيث‬
‫وسعت المادة ‪ 72‬المعدلة من مجال تجريم تبييض األموال المحصمة من االتجار بالمخدرات‬
‫أو عن نشاط المنظمات اإلجرامية‪ ،‬كما أضيف إلى المادة ‪ 73‬بند يتعمق بصيغة اإلبالغ‬
‫الذي أصبح ممكنا أن يكون شفييا وذلك منعا إلحراج المؤسسة التي قامت باإلبالغ من جية‬
‫ولتفادي إدراج اسميا في الوثائق والسجالت ذات الصمة من جية أخرى‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Article 2-I de la loi n°87/1157 « Seront punis d’une emprisonnement de deux à dix ans et‬‬
‫‪d’une amande de 5000F à 500000F ou de l’une de ces deux peines seulement ceux qui, par‬‬
‫‪tout moyen frauduleux, auront facilité ou tenté de facilité la justification mensongère de‬‬
‫‪l’origine des ressources ou des biens de l’une des infractions mentionnées au premier alinéa‬‬
‫‪du présent article ou ceux qui auront sciemment apporté leur concours à toute opération de‬‬
‫» ‪placement, de dissimulation ou de conversion du produit d’une telle infraction‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Article 3 de 90/614, Op.Cit.‬‬
‫‪ 3‬سمر فايز إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.008‬‬

‫‪119‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وفي المرة الثانية‪ ،‬تم تعديل القانون ‪ 614/90‬بالقانون ‪ 392/96‬المؤرخ في ‪ 13‬مايو‬


‫‪ 1996‬في إطار التنسيق بين التشريعات األوروبية والدولية‪ ،‬عمى اعتبار أنو كان يتعين قبل‬
‫صدور ىذا القانون إثبات أن األموال المشتبو في تحصيميا ناتجة عن تجارة المخدرات‪ ،‬وأن‬
‫مبيض ىذه األموال عالم بمصدرىا اإلجرامي‪ ،‬مما يجعل من الصعوبة بمكان عمى السمطات‬
‫المختصة القيام بذلك‪.1‬‬

‫وفي إطار مكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬أنشأت الحكومة الفرنسية إدارة تجميع‬
‫المعمومات والعمل ضد الدوائر المالية السرية (‪ ،2)TRACFIN‬وىي ىيئة تحت سمطة و ازرة‬
‫االقتصاد والمالية والموازنة‪ ،‬ميمتيا جمع المعمومات عن العمميات المشبوىة بالتعاون مع‬
‫البنوك والمؤسسات المالية ومصمحة الجمارك الفرنسية‪.3‬‬

‫كما أنشأ المشرع الفرنسي ما يعرف بالمكتب المركزي لقمع االنحراف المالي الكبير‬
‫(‪ ، 4 )OCRGDF‬وىذا المكتب عالوة عمى ميامو ذات الطبيعة القضائية‪ ،‬فإنو يؤدي عمى‬
‫المستوى الداخمي دو ار مركزيا في تجميع المعمومات وتنسيق الجيود بين أجيزة الشرطة‬
‫الفرنسية واألجنبية ضد مختمف أنواع الجريمة المنظمة العابرة لمحدود‪ ،‬وفي مقدمتيا عمميات‬
‫تبييض األموال الناتجة عن االتجار غير المشروع بالمخدرات‪.5‬‬

‫‪ -3‬التشريع المصري‪ :‬تعتبر مصر من الدول التي تجاوبت مع الجيود الدولية المبذولة في‬
‫إطار سن تشريعات لتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬فقد وقعت عمى اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪ 1988‬واتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪.2000‬‬

‫سمر فايز إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.009‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Traitement de Renseignement et Action contre les circuits financiers clandestins.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ahmed Farouk ZAHAR, op.Cit, pp178-179.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Office Contre la Répression de la Grande Délinquance Financière.‬‬
‫سمر فايز إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;‪.00‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪120‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وادراكا من المشرع المصري بعدم كفاية النصوص التشريعية السارية المفعول في‬
‫مكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬كان ال بد من إصدار تشريع خاص يجرم تبييض األموال‪،‬‬
‫وىو ما تم بصدور القانون ‪ 80‬لسنة ‪2002‬‬

‫‪ -4‬التشريع األمريكي‪ :‬تعتبر الواليات المتحدة األمريكية من أولى الدول التي تصدرت‬
‫مجال مكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬خاصة بعد إصدارىا لمعديد من التشريعات التي من‬
‫أىميا قانون سرية البنوك والحسابات لسنة ‪ 1970‬وتعديالتو المتالحقة‪ ،‬وذلك بيدف تعقب‬
‫العمميات النقدية لمنع تبييض األموال سواء الناتجة عن االتجار بالمخدرات أو غيرىا من‬
‫الجرائم‪ ،‬حيث منح ىذا القانون صالحيات واسعة لو ازرة الخزانة األمريكية‪ ،‬تسمح ليا بإلزام‬
‫المؤسسات المالية واألشخاص اآلخرين بمسك سجالت خاصة يستفاد منيا في التحقيقات‬
‫الجنائية في جرائم تبييض األموال‪ ،‬وتوفير األدلة الموثقة الكافية إلدانة مرتكبي ىذه الجرائم‬
‫فعمى المصارف بموجب ىذا القانون إصدار العديد من التقارير ومنيا (تقرير السندات‬
‫المالية‪ ،‬تقرير الحسابات المصرفية األجنبية‪ ،‬سجل البيوع الفورية لمسندات المالية‪ ،‬سجل‬
‫األخطار والتعميمات)‪.1‬‬

‫ولما كانت مسألة إعداد التقارير واإلبالغ عن جميع العمميات المالية التي تزيد قيمتيا‬
‫عن عشرة آالف دوالر أمريكي مكمفة وتستغرق بعض الوقت‪ ،‬خاصة بالنظر إلى حجم‬
‫التعامالت اليائل في البنوك األمريكية‪ ،‬فقد رأى مجمس الكونجرس األمريكي إصدار قانون‬
‫مستقل لتجريم ومكافحة تبييض األموال وىو ما يعرف بقانون السيطرة عمى تبييض األموال‬
‫لسنة ‪ ،1986‬ويعتبر ىذا القانون أقوى وأشمل قانون لمكافحة تبييض األموال في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪.2‬‬

‫وفي سنة ‪ ،1994‬أصدر الرئيس األمريكي كمينتون عمى قانون قمع تبييض األموال‬
‫والذي أدخل بعض التعديالت عمى قانون سرية البنوك من أجل تخفيف الواجبات عمى‬
‫البنوك وذلك بإعفاء بعض العمالء والمعامالت التي تزيد عن عشرة آالف دوالر من ىذا‬

‫جالل وفاء حمدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.;0‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.;8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪121‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫االلتزام‪ ،‬ودعم قدرة الحكومة الفيدرالية في الرقابة عمى عمميات تحويل النقود بصورة أكثر‬
‫مرونة‪.1‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬صدر القانون المعروف بالقانون الوطني األمريكي والذي وقعة الرئيس‬
‫األمريكي في ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2001‬كرد فعل عمى اليجمات التي تعرضت ليا الواليات‬
‫المتحدة األمريكية في الحادي عشر من سبتمبر من نفس السنة‪ ،‬حيث أولى اىتماما كبي ار‬
‫لمشكمة تبييض األموال باعتبارىا من مصادر التمويل التي يعتمد عمييا اإلرىاب الدولي في‬
‫تنفيذ جرائمو‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫األحكام القانونية العامة لجريمة تبييض األموال‬

‫تتميز جريمة تبييض األموال بذاتية خاصة تميزىا عن غيرىا من الجرائم األخرى‬
‫األمر الذي دفع بالمشرع الوطني في الكثير من الدول إلى االستجابة لما جاءت بو اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات لسنة ‪ ،1988‬وذلك من خالل وضع تشريعات‬
‫مستقمة لمكافحتيا وعدم االكتفاء بما ىو موجود في قانون العقوبات‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق ذكره‪ ،‬سينصب اىتمامنا في ىذا المبحث عمى استعراض األحكام‬
‫القانونية العامة لجريمة تبييض األموال‪ ،‬مع بيان موقف المشرع الجزائري‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫دراسة البنيان القانوني لجريمة تبييض األموال (المطمب األول)‪ ،‬ثم العقوبات المقررة ليا‬
‫(المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫البنيان القانوني لجريمة تبييض األموال‬

‫إذا كانت الجريمة بصفة عامة‪ ،‬تتمثل في عدوان عمى مصمحة يحمييا القانون‬
‫ويختص القانون الجنائي بالنص عمييا وبيان أركانيا والعقوبة المقررة لمرتكبيا‪ ،‬فإن األمر ال‬

‫جالل وفاء حمدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>;‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد حسن عمر برواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص==‪.8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪122‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫يختمف في جوىره بالنسبة لجريمة تبييض األموال‪ ،‬فيي بدورىا تنطوي عمى عدوان عمى‬
‫مصالح اقتصادية واجتماعية جديرة بالحماية القانونية‪.1‬‬

‫اختمف الفقو حول تحديد األركان العامة لمجريمة‪ ،‬فقد ذىب البعض إلى القول بأن‬
‫لمجريمة ثالثة أركان ىي الركن الشرعي و الركن المادي والركن المعنوي‪ .2‬وذىب البعض‬
‫اآلخر إلى حصر أركان الجريمة في ركنين ىما الركن المادي والركن المعنوي‪ ، 3‬وذلك‬
‫باعتبار أن الركن الشرعي صفة تالزم كال من ىذين الركنين‪ ،‬والحديث في أي من الركن‬
‫المادي أو المعنوي ىو بالضرورة حديث في حكم القانون فييما‪ .4‬وذىب البعض اآلخر إلى‬
‫إدراج ركن آخر ىو الركن المفترض‪.5‬‬

‫وجريمة تبييض األموال ككل الجرائم‪ ،‬كي تتحقق البد من توافر أفعال مادية قام بيا‬
‫الجاني‪ ،‬وىي تمثل حقيقة الركن المادي‪ ،‬ثم توافر قصد جنائي بما يقتضيو من عمم وارادة‬
‫لدى الجاني‪ ،‬وىو ما يمثل حقيقة الركن المعنوي‪ ،‬إضافة إلى ضرورة وجود جريمة أصمية‬
‫سابقة لنشاط تبييض األموال‪ ،‬وىي الجريمة مصدر األموال غير المشروعة محل التبييض‪،‬‬
‫وتمثل حقيقة الركن المفترض‪.‬‬

‫منيف نايف الدلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.000‬‬ ‫‪1‬‬

‫مأمون محمد سالمة‪ ،‬قانون العقوبات (القسم العام)‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪ ،0>=9 ،‬ص>‪02‬؛‬ ‫‪2‬‬

‫محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات (القسم العام)‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0>=< ،‬ص;‪.9‬‬
‫رمسيس بيمام‪ ،‬النظرية العامة لمقانون الجنائي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0>>< ،‬ص><‪9‬؛ رؤوف عبيد‪ ،‬مبادئ‬ ‫‪3‬‬

‫القسم العام من التشريع الجنائي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪ ،0><> ،‬ص<‪ .00‬أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪Gaston Stefani, Georges Levasseur, Bernard Bouloc, Droit pénal général, 16eme édition,‬‬
‫‪Dalloz, 1997, p182.‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر عدو‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات الجزائري (القسم العام)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،0208 ،‬ص‪.80‬‬
‫اختمف فقياء القانون حول ما إذا كان نص التجريم ركنا من األركان العامة لمجريمة‪ ،‬أم مجرد شرط أو صفة لمسموك‬ ‫‪5‬‬

‫المجرم‪.‬‬
‫ونحن نرى بأن نص التجريم ليس ركنا يضاف إلى الركنين المادي والمعنوي‪ ،‬حيث أن اعتبار الركن الشرعي ىو نص‬
‫التجريم الواجب التطبيق عمى السموك معناه أن نص التجريم ىو الذي ينشئ الجريمة ويرسم حدودىا‪ ،‬فيو بمثابة الوعاء‬
‫الذي يحتوي عمى نموذجو‪ ،‬وليس من المنطق القول أن وعاء الشيء يدخل في الشيء عند تحميمو إلى عناصره‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وعمى ضوء ما سبق ذكره‪ ،‬سنتطرق في ىذا المطمب لمبنيان القانوني لجريمة تبييض‬
‫األموال من خالل بيان الشرط المفترض (الفرع األول)‪ ،‬ثم نبين الركن المادي (الفرع الثاني)‬
‫وصوال لمركن المعنوي (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫الشرط المفترض لجريمة تبييض األموال‬

‫الشرط أو العنصر المفترض ىو مركز قانوني أو واقعي يسبق في وجوده قيام‬


‫الجريمة وال بد من التحقق من ىذا الوجود قبل الخوض في مدى توافر أركان الجريمة‬
‫األخرى‪ ،1‬أي أنو العنصر الذي يكون لو حياتو السابقة والمستقمة عن حياة الجريمة نفسيا‬
‫ويفترض وجوده قبل أن يباشر الجاني لنشاطو اإلجرامي أو لحظة مباشرتو لو‪ ،‬وبالتالي فإنو‬
‫يترتب عمى عدم وجوده أال يوصف ىذا النشاط بعدم المشروعية‪.2‬‬

‫وقد يتمثل الشرط المفترض أو الركن المفترض‪ ،‬كما ي اره البعض‪ ،‬في صفة الجاني‬
‫كالموظف العام في جريمة الرشوة‪ ،‬أو صفة المجني عميو كما في جريمة االعتداء عمى‬
‫قاصر أو صفة في مكان أو زمان ارتكاب الجريمة‪.3‬‬

‫واذا كانت جريمة تبييض األموال تعتبر من الجرائم التبعية‪ ،‬فذلك يقتضي القول أن‬
‫ليذه الجريمة ركن مفترض يتمثل في وقوع جريمة أصمية سابقة عمييا‪ ،‬ينتج عنيا المال غير‬
‫المشروع المراد تبييضو إلضفاء الصفة الشرعية عميو‪.4‬‬

‫أوال‪ :‬بيان الشرط المفترض لجريمة تبييض األموال‬

‫اختمفت التشريعات التي تناولت جريمة تبييض األموال حول ضابط أو معيار تستند‬
‫إليو في تحديد نطاق الجريمة األصمية التي يتم الحصول منيا عمى األموال غير المشروعة‬
‫وىو ما أدى إلى ظيور ثالث اتجاىات في ذلك‪:‬‬

‫سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لقانون العقوبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0222 ،‬ص=‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.>:‬‬ ‫‪2‬‬

‫سميمان عبد المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص>‪00‬؛ عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬ ‫‪3‬‬

‫دليمة مباركي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<<‪.0‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪124‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫االتجاه األول‪ :‬يقصر الجريمة األصمية عمى جرائم االتجار غير المشروع بالمخدرات‪ ،‬وىو‬
‫ما أخذت بو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات لسنة ‪.1988‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬يقوم عمى تجريم وعقاب تبييض األموال المحصمة من الجريمة بوجو عام‬
‫بحيث ال يتم مسبقا وضع تحديد لمجرائم األصمية‪ ،‬ومن التشريعات التي أخذت بو التشريع‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫االتجاه الثالث‪ :‬يقوم عمى األخذ بنوع معين من الجرائم دون تحديد لما تشتمل عميو كتحديد‬
‫الجنايات بشكل عام‪ ،‬ومن التشريعات التي أخذت بيذا االتجاه التشريع المصري والتشريع‪.‬‬

‫أما في التشريع الجزائري‪ ،‬وعمى الرغم من مصادقة الجزائر عمى اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات‪ ،‬والتي حددت الجرائم األصمية ذات العائد‬
‫اإلجرامي الذي يكون محال لجريمة تبييض األموال في جريمة االتجار غير المشروع‬
‫بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬إال أن أحكام القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض‬
‫األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما وقبمو المادة ‪ 389‬مكرر من قانون العقوبات جاءت‬
‫خالية من تحديد الجريمة األصمية المتأتية منيا األموال غير المشروعة‪.‬‬

‫من خالل ما سبق يتبين لنا أن المشرع الجزائري أخذ بالمنظور الواسع بالنسبة لمشرط‬
‫المفترض في جريمة تبييض األموال‪ ،‬إذ يعتبر الجريمة األصمية أية جريمة حتى ولو ارتكبت‬
‫في الخارج وسمحت لمرتكبيا بالحصول عمى األموال حسب ما نص عميو ىذا القانون‪.1‬‬

‫وبذلك يكون المشرع الجزائري قد تفادى االنتقادات الموجية لمتشريعات التي اتبعت‬
‫أسموب الحصر في تحديد الجريمة األصمية مصدر المال غير المشروع‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫إخراج جرائم عديدة من نطاق جرائم تبييض األموال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العالقة بين جريمة تبييض األموال والجريمة األصمية‬

‫تظير العالقة بين جريمة تبييض األموال والجريمة األصمية في أن ىذه األخيرة تعتبر‬
‫العنصر المفترض لجريمة تبييض األموال‪ ،‬وكذلك في عالقة السببية بأن األموال غير‬

‫المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 20/2:‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪125‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫المشروعة المحصمة من الجريمة األصمية ىي محل جريمة تبييض األموال ويكون ىناك‬
‫استقالل في باقي العناصر األخرى‪ ،‬وازاء ىذا االستقالل لمجريمة األصمية‪ ،‬فإنو ال بد ولقيام‬
‫الجريمة الثانية (جريمة تبييض األموال) من توافر الجريمة األصمية بجميع أركانيا التي نص‬
‫عمييا القانون‪ ،‬وىذا يتطمب إثبات وجودىا كما ىو محدد في النص القانوني‪.‬‬

‫وليذا فإن الحكم الصادر بعدم المسؤولية في الجريمة األصمية سواء بسبب انتفاء أحد‬
‫أركان الجريمة‪ ،‬أو لعدم وجود نص تجريمي‪ ،‬أو لوجود مانع من موانع المسؤولية الجنائية‬
‫ىذه األسباب تؤدي إلى عدم توافر جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫أما في حالة صدور الحكم بالبراءة لعدم كفاية األدلة‪ ،‬فإن ىذا الحكم ال يمنع من قيام‬
‫جريمة تبييض األموال ألن الجريمة األصمية من الممكن أن يكون ارتكبيا شخص آخر‪.1‬‬

‫وفي حالة صدور الحكم باإلدانة في الجريمة األصمية‪ ،‬وعمى اعتبار أن المشرع‬
‫الجزائري لم يحدد الجريمة األصمية‪ ،‬إنما أراد بذلك جعل جريمة تبييض األموال جريمة‬
‫مستقمة بذاتيا‪ ،‬لذلك ال يشترط لتوافر جريمة تبييض األموال صدور حكم باإلدانة في الجريمة‬
‫األصمية وانما يكفي وجود األدلة عمى أن األموال التي تم تبييضيا ناتجة عن جريمة بصفة‬
‫عامة ‪.2‬‬

‫ويثور التساؤل في ظل استقالل الجريمة األصمية عن جريمة تبييض األموال فيما إذا‬
‫كان من الممكن اتحاد صفة الجاني في الجريمة األصمية وجريمة تبييض األموال‪ ،‬حيث‬
‫ظير في ىذا الصدد اتجاىين‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬وفقا ليذا االتجاه فإنو ليس ىناك ما يمنع من اتحاد صفة الجاني في‬
‫الجريمتين ذلك أن اتحاد صفة في الجريمة من شأنو ضمان مالحقة ومعاقبة الجاني‪ ،‬إذا أراد‬
‫اإلفالت من العقاب ألي سبب كان كصدور العفو الشامل ففي ىذه الحالة يمكن معاقبتو‬
‫عمى أساس جريمة تبييض األموال‪.3‬‬

‫إبراىيم طنطاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.:‬‬ ‫‪1‬‬

‫دليمة مباركي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص><‪.0‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.0=2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪126‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬استنادا إلى ىذا االتجاه فإنو ال يجوز اتحاد صفة الجاني في الجريمتين‪ ،‬وقد‬
‫تبنى ىذا االتجاه الفقو والقضاء الفرنسيين تحت تأثير جريمة إخفاء األشياء‪ ،‬والتي تقضي‬
‫بأنو ال يمكن أن يكون الجاني في الجناية أو الجنحة التي تحصل منيا عمى الشيء محل‬
‫اإلخفاء ىو نفسو الجاني في جريمة اإلخفاء‪ ،‬اعتمادا عمى أن نشاط الجاني في الجريمة‬
‫األخيرة ىو امتداد لمجريمة األصمية‪.1‬‬

‫من جانبنا‪ ،‬نرى بسالمة االتجاه األول والذي يجيز اتحاد صفة الجاني في الجريمة‬
‫األصمية وجريمة تبييض األموال‪ ،‬بحيث يعاقب الجاني اعتمادا عمى المادة ‪ 32‬من قانون‬
‫العقوبات الجزائري بشأن تعدد الجرائم التي نصت عمى وصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة‬
‫أوصاف بالوصف األشد من بينيا‪.‬‬

‫وال يمزم أن تقع الجريمة األصمية في نفس الدولة التي يرتكب فييا نشاط تبييض‬
‫األموال حيث أن الجريمة األصمية ىي الركن المفترض لجريمة تبييض األموال‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالعبرة في القانون الواجب التطبيق واالختصاص القضائي عند المحاكمة ىو بالجريمة التي‬
‫يحاكم الجاني من أجميا وىي جريمة تبييض األموال وليس بالجريمة التي تحصل منيا المال‬
‫غير المشروع‪.2‬‬

‫وتأكيدا لما سبق ذكره‪ ،‬نصت المادة ‪ 05‬من القانون ‪ 01/05‬المعدل والمتمم عمى أنو‬
‫ال يمكن اتخاذ إجراءات المتابعة الجزائية من أجل جريمة تبييض األموال‪ ،‬إال إذا كانت‬
‫األفعال األصمية المرتكبة في الخارج تكتسي طابعا إجراميا في قانون البمد الذي ارتكبت فيو‬
‫وفي الق انون الجزائري‪ ،‬ولتطبيق ذلك نرجع إلى القواعد العامة الواردة في المادتين ‪582‬‬
‫و‪ 583‬من قانون اإلجراءات الجزائية بشأن الجنايات والجنح التي ترتكب في الخارج‪.3‬‬

‫حسام الدين محمد أحمد‪ ،‬شرح القانون ‪ =2‬لسنة ‪ 0220‬بشأن مكافحة غسل األموال‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة‬ ‫‪1‬‬

‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0228 ،‬ص<>‪.‬‬


‫أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬دراسة نقدية لقانون غسيل األموال‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0228 ،‬ص‪.:8‬‬ ‫‪2‬‬

‫األمر ;;‪ 0::/‬المؤرخ في =‪ 2‬يونيو ;;>‪ 0‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد=‪ ،9‬صادر في ‪02‬‬ ‫‪3‬‬

‫جوان ;;>‪ ،0‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع الثاني‬

‫الركن المادي لجريمة تبييض األموال‬

‫إن النشاط الذي يصدر عن الجاني متخذا مظي ار خارجيا ممموسا يتدخل من أجمو‬
‫القانون تجريما وعقابا‪ ،‬وىو ما اصطمح الفقو الجنائي عمى تسميتو بالركن المادي لمجريمة‪،‬‬
‫أي ما يدخل في كيانيا وتكون لو طبيعة مادية تدركيا الحواس‪.‬‬

‫ومن المعموم أن الركن المادي عامة‪ ،‬وحسب االتجاه السائد في الفقو يتكون من ثالثة‬
‫عناصر رئيسية‪ ،‬وىي السموك اإلجرامي والنتيجة والعالقة السببية التي تربط السموك‬
‫اإلجرامي بالنتيجة‪ ، 1‬وجريمة تبييض األموال شأنيا في ذلك شأن كل الجرائم‪ ،‬يقوم ركنيا‬
‫المادي عمى توافر ىذه العناصر‪ ،‬فيي تتطمب من حيث األصل وقوع فعل إجرامي معين‬
‫وتحقق نتيجة إجرامية معينة وعالقة سببية بين الفعل والنتيجة‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال‬

‫السموك المجرم قانونا ىو كل سموك خارجي واع وموجو يأتيو اإلنسان بغرض إحداث‬
‫تغيير في العالم الخارجي‪ ،‬فيظير مكونا ماديات الجريمة التي نص القانون عمى تجريميا‬
‫ويقرر ليا العقاب المناسب‪.‬‬

‫ويعتبر السموك اإلجرامي من أىم العناصر المكونة لمركن المادي لجريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬ألنو يبين نشاط مبيض األموال في التعامل بأموال غير مشروعة‪ ،‬كما يدل عمى‬
‫الغاية المؤدية لنتيجة إجرامية معاقب عمييا قانونا‪.3‬‬

‫عبد اهلل محمد الحمو‪ ،‬الجيود الدولية والعربية لمكافحة جريمة تبييض األموال(دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬ ‫‪1‬‬

‫الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،022< ،‬ص‪.8:‬‬


‫عبد اهلل بن جييم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.008-000‬‬ ‫‪2‬‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،0::‬نقال عن‪ :‬خالد حامد مصطفى‪ ،‬جريمة غسل األموال(دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة‬ ‫‪3‬‬

‫دكتوراه‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،022= ،‬ص‪.0<0‬‬

‫‪128‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ونظ ار لتمك األىمية‪ ،‬سنتناول السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال من خالل‬
‫التطرق لصور السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال بشكل عام‪ ،‬ثم صور ىذا‬
‫السموك اإلجرامي في التشريع‪.‬‬

‫‪ -1‬صور السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال‪ :‬يتحقق السموك اإلجرامي في جريمة‬
‫تبييض األموال بإحدى الصورتين‪ :‬األولى بالتصرف اإليجابي‪ ،‬واألخرى بالتصرف السمبي‬
‫ومعنى ذلك أن الجريمة تتحقق في التصرف اإليجابي نتيجة المتزاج إرادة اإلنسان بحركاتو‬
‫العضوية منتجة بذلك عمال يحضره القانون‪ ،‬أي وقوع سموك بشري بصورة إرادية وأن تترك‬
‫ىذه اإلرادة الحرة مظي ار ليا في العالم الخارجي الذي تتمكن الحواس من إدراكو‪.1‬‬

‫فجريمة تبييض األموال‪ ،‬شأنيا شأن معظم الجرائم‪ ،‬تتحقق بكل نشاط مادي يأتيو‬
‫الجاني سواء اتخذ ىذا النشاط صورة إيجابية عن طريق إتيان فعل ينيى عنو القانون‪ ،‬أو‬
‫عن طريق االمتناع عن القيام بفعل أمر بو القانون‪.2‬‬

‫أ‪ -‬السموك اإليجابي في جريمة تبييض األموال‪ :‬يتمثل السموك اإلجرامي اإليجابي في‬
‫سموك إرادي محسوس يأتيو الفاعل باستعمال أي عضو من أعضاء جسمو في ارتكاب‬
‫الجريمة‪ ،‬وىذا يعني أن السموك اإلجرامي اإليجابي سموك إرادي‪ ،‬أي يتطمب فيو القانون أن‬
‫يكون صاد ار عن إرادة واعية وحرة‪.3‬‬

‫وقد أورد المشرع الجزائري مجموعة من صور السموك اإليجابي لجريمة تبييض‬
‫األموال في القانون ‪ 01/05‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 02/12‬المتعمق بالوقاية من تبييض‬
‫األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬حيث نصت المادة الثانية منو عمى أنو يعتبر تبييضا‬
‫لألموال‪:‬‬

‫‪ -‬تحويل األموال أو نقميا مع عمم الفاعل بأنيا عائدات مباشرة أو غير مباشرة من جريمة‪،‬‬
‫بغرض إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال أو مساعدة أي شخص متورط‬

‫يوسف حسن يوسف‪ ،‬الجريمة المنظمة الدولية واإلرىاب الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القومي لإلصدارات القانونية‪،0202 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص;‪.0‬‬
‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.009‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬موفم لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،0200 ،‬ص ص;‪.00<-00‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪129‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال‪ ،‬عمى اإلفالت من اآلثار‬
‫القانونية ألفعالو‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو‬
‫حركتيا أو الحقوق المتعمقة بيا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا‬
‫تشكل عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا ليذه المادة أو التواطؤ أو التتمر عمى‬
‫ارتكابيا‪ ،‬أو محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو واسداء المشورة‬
‫بشأنو‪.‬‬

‫ب‪ -‬السموك السمبي في جريمة تبييض األموال‪ :‬السموك السمبي ىو امتناع عن القيام بعمل‬
‫يفرضو القانون‪ ،‬ويقتضي السموك السمبي بداىة كعنصر في الركن المادي أن يكون ىناك‬
‫الت زام بعمل‪ ،‬فال يوصف مسمك إنسان بأنو امتناع إال إذا وجدت قاعدة جنائية تفرض عميو‬
‫واجب إتيان فعل أيا كانت طبيعتو‪.1‬‬

‫أما إذا ثبت أن االمتناع عن القيام بعمل يأمر بو القانون لم يكن إراديا وانما كان‬
‫نتيجة لوجود إكراه مادي‪ ،‬فالشخص ال يسأل عن امتناعو ألن االمتناع في ىذه الحالة يتجرد‬
‫من الصفة اإلرادية ويصبح مستحيال‪.2‬‬

‫و يحتل االمتناع مكانة ىامة في جريمة تبييض األموال‪ ،‬ال سيما إذا ما تمت من‬
‫خالل الجياز المصرفي والمالي الذي يفرض عميو القانون التزامات لمقيام بأعمال معينة أو‬
‫اتخاذ احتياطات محددة تتطمبيا مقتضيات حماية األمن االقتصادي واالجتماعي الذي تخل‬
‫بو جريمة تبييض األموال‪.3‬‬

‫عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.08‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع ‪ ،‬ص>‪.08‬‬ ‫‪2‬‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.009‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪130‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫لذلك نرى بإمكانية وقوع جريمة تبييض األموال في صورة سمبية‪ ،‬تتمثل في االمتناع‬
‫عن القيام بما أمر بو القانون‪ ،‬والسيما في ظل كثرة التشريعات والتعميمات والتوجييات عمى‬
‫مستوى التشريع الدولي والوطني لمواجية جريمة تبييض األموال‪ ،‬فالموظف المصرفي الذي‬
‫يمتنع عن القيام باإلجراءات الالزمة لمتعرف عمى ىوية العميل يعد مرتكبا لجريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة المتناع المصرف عن القيام بحفظ سجالت تحديد ىوية‬
‫العميل لمدة محددة من تاريخ إغالق الحسا ب‪ ، 1‬ومن قبيل ذلك ما نص عميو القانون‬
‫‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬حيث فرض‬
‫مجموعة من االلتزامات عمى مسيري وأعوان البنوك والمؤسسات المالية‪ ،‬ومن ىذه االلتزامات‬
‫ما نصت عميو المادة ‪ 19‬من القانون المذكور من ضرورة خضوع البنوك والمؤسسات المالية‬
‫وا لمصالح المالية لبريد الجزائر‪ ،‬والمؤسسات المالية المشابية‪ ،‬وشركات التأمين‪ ،‬ومكاتب‬
‫الصرف والتعاضديات‪ ،‬وغيرىا من الجيات لواجب اإلخطار بالشبية‪.‬‬

‫‪ -2‬صور السموك اإلجرامي لجريمة تبييض األموال في التشريع‪ :‬يتمثل السموك المكون‬
‫لجوىر الركن المادي في جريمة تبييض األموال في كل فعل يستيدف إضفاء صفة مظير‬
‫مشروع عمى األموال والعائدات المحصمة من الجريمة‪ ،‬وىو ما عنيت االتفاقيات الدولية ذات‬
‫العالقة بتجريمو وعقابو وسايرتيا في ذلك تشريعات الدول مع بعض االختالف المغوي في‬
‫التعبير والتباين الموضوعي في النطاق‪.‬‬

‫وتبرز أىم مظاىر السموك المكون لمركن المادي لجريمة تبييض األموال في مختمف‬
‫الوسائل التي يتيحيا النشاط المصرفي‪ ،‬ولو كانت في ذاتيا مشروعة‪ ،‬أو حيل التمويو‬
‫المصرفي األخرى غير المشروعة‪ ،‬وبصفة عامة باستخدام أي وسيمة كانت حيث يصعب‬
‫حصر الطرق التي يتم بيا تبييض األموال‪.2‬‬

‫وقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 01/05‬السالف الذكر عمى أن‬
‫السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال يأخذ أربعة صور ىي‪:‬‬

‫ىدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.<:‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد المنعم سميمان‪ ،‬مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة(ظاىرة غسل األموال)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬ ‫‪2‬‬

‫لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0>>> ،‬ص;‪.00‬‬

‫‪131‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -‬تحويل األموال أو نقميا‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال‪.‬‬

‫‪ -‬اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع العمم بأنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في ارتكاب األفعال السالفة الذكر‪.‬‬

‫أ‪ -‬تحويل األموال أو نقميا‪ :‬وىي الصورة التي جاءت بيا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ، 1‬بحيث تبنى المشرع الجزائري ىذه‬
‫الصورة والسيما بعد تعديل قانون الوقاية من تبييض األموال باألمر ‪ 02/12‬الذي استعمل‬
‫مصطمح األموال عوض الممتمكات‪ ،‬وىو المصطمح الوارد في االتفاقية‪.‬‬

‫يقصد بتحويل األموال إجراء عمميات مصرفية أو غير مصرفية يكون الغرض منيا‬
‫تحويل األموال المحصمة من جريمة إلى شكل آخر‪ ،‬والتحويل يعني تغيير شكل األموال أو‬
‫العممة‪ ،‬ومثال ذلك تحويل العممة المحمية المتحصل عمييا من جريمة إلى مجوىرات أو‬
‫لوحات فنية نادرة تم بيعيا مقابل عمالت أجنبية‪.2‬‬

‫وقد يتخذ التحويل صورة تحويل األموال عن طريق بطاقات ائتمان مزورة والسحب بيا‬
‫من حساب العمالء ثم إيداع األموال التي تم الحصول عمييا بالتحايل في حسابات عادية في‬
‫البنوك أو تحويميا إلى عدة فروع بحيث تنقطع الصمة بين المصدر غير المشروع لألموال‬
‫واستخداميا بعد ذلك في التعامل‪.3‬‬

‫التحويالت المصرفية‪ :‬ىي عمميات يقوم بيا البنك لنقل مبمغ نقدي معين‪ ،‬من حساب أحد‬
‫العمالء(اآلمر)‪ ،‬وقيده في حساب آخر لنفس العميل‪ ،‬أو لعميل آخر (المستفيد)‪.4‬‬

‫المادة ‪ ،28‬الفقرة (ب‪ )0/‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع‬ ‫‪1‬‬

‫سابق‪.‬‬
‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.00‬‬ ‫‪2‬‬

‫ىدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.08‬‬ ‫‪3‬‬

‫طاىر مصطفى‪ ،‬المواجية التشريعية لظاىرة غسل األموال المتحصمة من جرائم المخدرات‪ ،‬مطابع الشرطة لمطباعة‬ ‫‪4‬‬

‫والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،0220 ،‬ص‪.=0‬‬

‫‪132‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وتعد التحويالت المصرفية اإللكترونية التي تتم بسرية تامة وسرعة فائقة من أىم‬
‫الوسائل التي يمجأ إلييا مبيضو األموال مما يصعب تتبع أصل األموال المحولة عدة مرات‬
‫خاصة إذا كان التحويل خارجيا أو إلى بنوك مشبوىة‪.‬‬

‫ومن الطرق المصرفية األكثر شيوعا التي يمجأ إلييا تجار المخدرات ومرتكبو الجرائم‬
‫لتبييض األموال نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬استبدال العمالت النقدية بعمالت أخرى أكثر قبوال وأكثر سيولة في التعامل‪.‬‬

‫‪ -‬تحويل األموال الم حصمة من االتجار بالمخدرات والجرائم األخرى إلى أدوات وفائية‬
‫كالشيكات والحواالت المصرفية ‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -‬إيداع شحنات كبيرة من النقود بصفة شبو يومية في عدد من الحسابات المصرفية ثم‬
‫تصرف عمى الفور بإصدار شيكات واجبة الدفع ألشخاص حقيقيين أو وىميين‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام مكاتب صرافة النقود أو بيوت السمسرة لنقل األموال إلى جيات خارجية آمنة‬
‫ودون المجوء إلى المصارف التقميدية‪.‬‬

‫التحويالت غير المصرفية‪ :‬تشمل التحويالت المصرفية القيام بإحدى العمميات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬استبدال األوراق النقدية الصغيرة بأوراق نقدية من فئات أخرى‪ ،‬ويسمى ىذا النوع بالتحويل‬
‫المالي‪.‬‬

‫‪ -‬استبدال العممة المحمية الضعيفة الناتجة عن الجريمة إلى مقتضيات مادية كالمجوىرات‬
‫والموحات الفنية النادرة تم إعادة بيعيا والحصول عمى عمالت أجنبية ويسمى ىدا النوع‬
‫بالتحويل العيني‪ ،‬فتحويل األموال يعني تغيير شكميا أو تغيير شكل العممة‪.‬‬

‫أما نقل األموال (‪ )Transfert des biens‬فيتضمن معنى يختمف عن معنى تحويل‬
‫األموال الذي نصت عميو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات‬
‫والمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬فال يتصور أن يستخدم المشرع الدولي اصطالحين مختمفين‬

‫‪133‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫لمجرد زيادة المصطمحات وبدون أن يضيف االصطالح الثاني معنى مختمفا عن االصطالح‬
‫األول‪.1‬‬

‫ويقصد بالنقل عممية انتقال األموال من مكان إلى آخر‪ ،‬وعمى الرغم من أن النقل‬
‫المادي لألموال ال يعد تبييضا في حد ذاتو‪ ،‬إال أن الكثير من مرتكبي الجريمة يستعممون‬
‫ىذه التقنية لتبييض أمواليم حيت يعد تيريب العمالت من أكثر الطرق شيوعا لنقل األموال‬
‫ألنو ال يترك أث ار مستنديا‪ ،‬ويتم تيريب األموال بوسائل مماثمة لتمك المستخدمة في تيريب‬
‫المخدرات أو بواسطة السفن والطائرات التجارية‪.2‬‬

‫إن الغرض من نقل األموال ىو المباعدة بين المال القذر ومصدره غير المشروع‬
‫وقطع الصمة بو والتغطية عميو وعمى مكان الحصول عميو وعمى صاحبو حيث يثير النقل‬
‫بيذا المعنى مشكمة األموال الميربة التي تنتقل من بمد آلخر‪ ،‬ويقصد بيروب األموال‬
‫التدفقات النقدية قصيرة األجل التي تيرب إلى الخارج ألغراض المضاربة‪ ،‬أو بسبب سوء‬
‫األحوال االقتصادية والسياسية أو وجود أنظمة صارمة لمرقابة عمى التعامل بالنقد األجنبي‪.3‬‬

‫ب‪ -‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا‪ :‬وىذه الصورة من الصور التي‬
‫جاءت بيا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪.‬‬

‫ويقصد باإلخفاء (‪ )Dissimulation‬كل ما من شأنو منع كشف الطبيعة الحقيقية‬


‫لمممتمكات أو مصدرىا أو كيفية التصرف فييا‪ ،‬و ال تيم الطريقة المستعممة في سبيل ذلك‬
‫فقد يتم اإلخفاء عن طريق وسائل مشروعة كاقتناء الممتمكات المتأتية من جريمة أو اكتسابيا‬
‫عن طريق اليبة أو استالميا عمى سبيل الوديعة‪.4‬‬

‫كما يعني اإلخفاء في جريمة تبييض األموال الحيازة المستمرة لألموال حتى ال يدرك‬
‫الغير حقيقة مصدرىا أو مكانيا أو طريقة التصرف فييا أو حركتيا‪.5‬‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫طاىر مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.=9‬‬ ‫‪2‬‬

‫ىدى حامد قشقوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.09‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99:‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد اهلل بن جييم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.008‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪134‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫أما التمويو فيتمثل في فصل العائدات ذات المصدر اإلجرامي عن مصدرىا الحقيقي‬
‫غير المشروع‪ ،‬من خالل مجموعة عمميات مالية معقدة ومتتابعة لتمويو الصفة غير‬
‫المشروعة لألموال‪ ،1‬فيو يشمل كل عمل من شأنو منع كشف حقيقة المصدر غير المشروع‬
‫وبأي شكل كان‪ ،‬وبأي وسيمة‪ ،‬وسواء كان ىذا اإلخفاء مستو ار أو عمنيا‪.2‬‬

‫فالتمويو مرحمة من مراحل تبييض األموال‪ ،‬وتيدف إلى قطع الصمة بين األموال‬
‫القذرة ومصدرىا غير المشروع وتوفير التغطية القانونية ذات الصبغة المشروعة من خالل‬
‫القيام بسمسمة من العمميات المصرفية‪ ،‬واليدف من ىذه العممية جعل تعقب األموال المبيضة‬
‫ومتابعتيا إلى مصدرىا غير المشروع مستحيال أو صعبا عمى األقل‪ ،3‬ويتمثل التمويو في‬
‫تشتيت القيم وتوزيعيا في عمميات متعددة‪ ،‬التي تم تحويميا خالل المرحمة األولى‪ ،‬وىي‬
‫مرحمة التوظيف‪ ،‬التي تيدف إلى إدخال األموال غير المشروعة في نطاق الدورة المالية ويتم‬
‫‪4‬‬
‫ذلك عن طريق نقل تمك األموال وتجميعيا تمييدا إلضفاء الشرعية عمييا‬

‫ويالحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد األفعال والوسائل التي يتم من خالليا تمويو‬
‫حقيقة األموال أو مصدرىا‪ ،‬وىكذا يبدو الركن المادي لجريمة تبييض األموال في ظل ىذه‬
‫الصورة من صور السموك اإلجرامي المكون ليا أقرب ما يكون إلى جرائم القالب الحر ذات‬
‫الصياغة الفضفاضة‪ ،‬ويبدو ذلك من ناحيتين‪:5‬‬

‫الناحية األولى‪ :‬عدم تحديد طبيعة أفعال التمويو أو نوعيا أو حتى الوسائل التي تتم بيا‬
‫ولعل السبب في ذلك راجع إلى خصوصية النشاط المالي والمصرفي‪ ،‬وامكانية تدوير األموال‬
‫غير النظيفة وسيولة إحالليا في صور أخرى جديدة ومتتابعة‪.‬‬

‫الناحية لثانية‪ :‬عدم تحديد الجريمة األصمية التي تحصمت منيا األموال غير النظيفة‪ ،‬حيث‬
‫أن تبييض األموال لم يعد يقتصر فقط عمى أموال المخدرات‪ ،‬بل يشمل جميع األموال‬
‫المحصمة من ارتكاب الجرائم‪.‬‬

‫محمد عمى العريان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.0‬‬ ‫‪1‬‬

‫نادر عبد العزيز‪ ،‬تبييض األموال (دراسة مقارنة)‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،0220 ،‬ص‪.09‬‬ ‫‪2‬‬

‫نبيل محمد عبد الحميم عواجة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.<8‬‬ ‫‪3‬‬

‫نبيل صقر‪ ،‬تبييض األموال في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.09‬‬ ‫‪4‬‬

‫سميمان عبد المنعم‪ ،‬مسؤولية المصرف عن األموال غير النظيفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.00‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪135‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ج‪ -‬اكتساب أو حيازة أو استخدام األموال‪ :1‬وىذه الصورة تنطبق باألخص عمى البنوك‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬أين يتم وضع الودائع والمبالغ المالية غير المشروعة‪.‬‬

‫اكتساب األموال ىو تمقييا عمى سبيل التكسب‪ ،‬واالكتساب قد يكون بطريق مباشر أو‬
‫غير مباشر‪ ،‬أي ىو الحصول عمى الممتمكات ميما كانت الطريقة (الشراء‪ ،‬اليبة‪ ،‬المبادلة‬
‫اإلرث‪... ،‬الخ)‪.‬‬

‫حيازة األموال‪ ،‬يقصد بيا السيطرة الفعمية عمى الممتمكات من خالل مباشرة األعمال‬
‫المادية التي يقوم بيا المالك في العادة‪ ،‬وذلك دون االستيالء المادي عمى ىذا المال ويستوي‬
‫في الحيازة أن يحوز الشخص المال أو الممتمكات بنفسو أو يحوزىا نائبو‪ ،‬فال يشترط في‬
‫الحيازة االستيالء بمفيومو المادي‪.‬‬

‫استخدام األموال‪ ،‬يقصد بو استعمال الممتمكات والتصرف فييا‪ ،‬واستخدام األموال مع‬
‫عمم القائم بذلك‪ ،‬وقت تمقييا‪ ،‬أنيا تشكل عائدات إجرامية ىو شكل من أشكال اإلخفاء‪.2‬‬

‫وقد نص المشرع الجزائري عمى اكتساب األموال المحصمة من جريمة أو حيازة ىذه‬
‫األموال أو استخداميا ليكون بذلك في توافق واضح مع اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي اعتبرت استخدام األموال عندما تكون ىذه األخيرة‬
‫محصمة من االتجار غير المشروع بالمخدرات بمثابة سموك مكون لمركن المادي لجريمة‬
‫تبييض األموال غير أن المشرع الجزائري لم يحصر ىذه التصرفات في االتجار بالمخدرات‬
‫فحسب‪ ،‬وانما في كل جريمة (جنحة أو جناية)‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 04‬من القانون ‪01/05‬‬
‫المعدل والمتمم عمى أن األموال تشمل أي نوع من الممتمكات المادية أو غير المادية‪ ،‬ال‬
‫سيما المنقولة وغير المنقولة التي يحصل عمييا بأية وسيمة كانت مباشرة أو غير مباشرة‬
‫والوثائق أو السندات القانونية أيا كان شكميا والتي تدل عمى ممكية تمك األموال‪.‬‬

‫د‪ -‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا ليذه المادة‪ :‬يالحظ أن المشرع‬
‫استعمل في المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل‬

‫وىي من الصور التي وردت في المادة ‪ 28‬الفقرة (ج‪ )0/‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع‬ ‫‪1‬‬

‫بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪.‬‬


‫عياد عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫اإلرىاب ومكافحتيما عبارة "المشاركة" في حين أن عبارة "المساىمة" أنسب منيا لسببين عمى‬
‫األقل‪ ،‬أوليما كون عبارة "المساىمة" تؤدي معنى ‪ ،participation‬التي استعممت في النص‬
‫بالمغة الفرنسية‪ ،1‬وثانييما أن عبارة "المساىمة" أوسع وأشمل من "المشاركة" وىو ما يتفق مع‬
‫قصد المشرع‪ ،‬كما يتجمى ذلك من العبارات المستعممة في الفقرة د‪ " :‬المشاركة ‪...‬أو التواطؤ‬
‫أو التتمر عمى ارتكابيا أو محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو‬
‫واسداء المشورة بشأنو"‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ما سبق فإن سموك االشتراك يشمل األشكال اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬المساىمة في ارتكاب إحدى الجرائم الواردة في الفقرات أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج من المادة الثانية‪ ،‬أي‬
‫المساىمة في تحويل الممتمكات أو نقميا أو في إخفاء طبيعتيا أو تمويييا أو في اكتسابيا أو‬
‫حيازتيا أو استخداميا‪.‬‬

‫‪ -‬المساىمة في جمعية أو اتفاق الرتكاب إحدى الجرائم الواردة في الفقرات أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج من‬
‫المادة الثانية‪ ،‬ويتعمق األمر ىنا بالمساىمة في صورة من صور جمعية األشرار المنصوص‬
‫عمييا في المادتين ‪ 176‬و ‪ 177‬و‪ 177‬مكرر من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ -‬المساىمة في أي محاولة الرتكاب إحدى الجرائم المقررة في الفقرات أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج من المادة‬
‫الثانية‪ ،‬بالمساعدة أو بالمحاولة أو بإسداء المشورة‪ ،‬وىي إحدى صور االشتراك المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات‪ ،‬مع توسيع مضمونو إلسداء المشورة‪.2‬‬

‫وفي القانون المقارن‪ ،‬والقانون الفرنسي تحديدا‪ ،‬حصر المشرع السموك المكون لمركن‬
‫المادي لجريمة تبييض األموال في صورتين ىما‪:3‬‬

‫‪ 1‬جاء النص بالمغة الفرنسية في الصيغة اآلتية‪:‬‬


‫‪« La participation à l’une des infractions établies conformément au présent article ou à toute‬‬
‫‪autre association, entente, tentative ou complicité par fourniture d’une assistance, d’une aide‬‬
‫‪ou de conseils en vue de sa commission ».‬‬
‫‪ 2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪99‬؛ عياد عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Article 324 de la loi 96/392, Op.Cit.‬‬

‫‪137‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الصورة األولى‪ :‬تسييل التبرير الكاذب لمصدر األموال أو الدخول غير الشرعية‬

‫يشمل األفعال التي تستعمل في التبرير الكاذب لمصدر األموال أو الدخول المتحصمة‬
‫من جناية أو جنحة (لم يحدد المشرع الفرنسي ىذه األفعال والوسائل التي يتم بيا التبرير‬
‫الكاذب)‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن المشرع الفرنسي أراد بذلك توسيع مجال تفسير النص ليشمل‬
‫كل صور التبرير الكاذب لمصدر األموال‪ ،‬إذ يكفي لتحقق عنصر السموك المكون لمركن‬
‫المادي لمجريمة إثبات أن التبرير لمصدر األموال كاذب‪ ،‬والكذب في ىذه الحالة ينصب‬
‫عمى مصدر عائدات الجريمة ومصدر األموال‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن القضاء الفرنسي جرى عمى أن جريمة تبييض األموال عن‬
‫طريق تسييل التبرير الكاذب تتطمب فعال إيجابيا‪ ،‬فال يمكن القول بقيام الجريمة إذا تم‬
‫التسييل من خالل االمتناع عن فعل‪ ،‬أي أن التسييل الذي يشترط لقيام جريمة تبييض‬
‫األموال يجب أن يكون التبرير الذي يتم تسييمو ينطوي عمى كذب أي يتضمن مجافاة‬
‫لمحقيقة سواء كان كميا أو جزئيا‪.2‬‬

‫الصورة الثانية‪ :‬المساعدة في عمميات إيداع أو إخفاء أو تحويل األموال غير المشروعة‬
‫نصت عمى ىذه الصورة المادة ‪ 1-324‬الفقرة ‪ 02‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬وقد‬
‫ضمن المشرع الفرنسي ىذه الصورة أكثر الوسائل شيوعا في مجال تبييض األموال والمتمثمة‬
‫في أفعال اإليداع واإلخفاء والتحويل سواء تمت من جانب األشخاص الطبيعيين المتورطين‬
‫بذاتيم أو من جانب المصارف والمؤسسات المالية‪ ،‬أو من بعض مستخدمييا أو مسئولييا‪.‬‬

‫وتبدو ىذه الصورة متداخمة مع سابقتيا المتمثمة في تسييل التبرير الكاذب لمصدر‬
‫األموال‪ ،‬ال سيما وأنيا تشمل كل فعل يبرر بأي وسيمة كانت عمى نحو كاذب المصدر غير‬
‫المشروع لألموال والدخول المحصمة من ارتكاب جناية أو جنحة‪.3‬‬

‫ىذا ويثار التساؤل حول مدى اعتبار فعل المساعدة في عمميات إيداع أو إخفاء أو‬
‫تحويل األموال مكونا لجريمة أصمية أو لصورة من صور المساىمة الجنائية فييا‪.‬‬

‫ىدى حامد قشقوش‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0220 ،‬ص‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد كبيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.08‬‬ ‫‪2‬‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.080‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪138‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ويبدو أن المساعدة ىنا تشكل بحسب األصل صورة من صور المساىمة الجنائية لكن‬
‫المشرع آثر أن يرتقي بالصفة الجرمية ليذه الصورة ويعاقب عمييا باعتبارىا جريمة أصمية‬
‫وليست محض فعل من أفعال المساىمة‪ ،1‬ويترتب عمى اعتبار فعل المساىمة ىنا جريمة‬
‫أصمية إمكانية المالحقة عمى الشروع في ىذه الجريمة‪ ،‬بينما كان األصل ىو امتناع ىذه‬
‫المالحقة حال اعتبار السموك صورة لممساىمة الجنائية استنادا لقاعدة عدم العقاب عمى‬
‫الشروع في المساىمة‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬محل جريمة تبييض األموال‬

‫يتعين لتحق ق جريمة تبييض األموال أن يرتكب الشخص جريمة ينتج عنيا مال غير‬
‫مشروع يقع عميو السموك اإلجرامي المكون ليذه الجريمة‪ ،‬وعميو فإذا تحقق ارتكاب الجريمة‬
‫األصمية ولم ينتج عنيا‪ ،‬سواء بطريقة مباشرة‪ ،‬أو غير مباشرة مال فال نكون بصدد جريمة‬
‫تبييض األموال‪.‬‬

‫وباستعراض خطة التشريعات المقارنة نجد أنيا قد اختمفت فيما بينيا في المصطمح‬
‫الذي تستخدمو لمداللة عمى محل جريمة تبييض األموال‪ ،‬إال أن ذلك ال ينفي وحدة المعنى‬
‫أال وىو المال المحصل من مصدر غير مشروع بمختمف صوره‪ ،‬وفي سائر األشكال التي‬
‫يندمج فييا أو يتحول إلييا أو يتبدل عمى شاكمتيا‪.3‬‬

‫وقد استخدم المشرع الجزائري مصطمح "الممتمكات" لمداللة عمى محل جريمة تبييض‬
‫األموال في القانون ‪ 15/04‬المتضمن تعديل قانون العقوبات‪ ،‬حيث نصت المادة ‪389‬‬
‫مكرر عمى أنو‪" :‬يعتبر تبييضا لألموال‪:‬‬

‫‪ -‬تحويل الممتمكات أو نقميا‪،‬‬

‫‪ -‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لمممتمكات أو مصدرىا‪،‬‬

‫‪ -‬اكتساب الممتمكات أو حيازتيا أو استخداميا‪".‬‬

‫وفي ىذا يقترب المشرع الفرنسي مما نصت عمية التوصيات األربعون لمجموعة العمل المالي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات(القسم العام)‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،0>=> ،‬ص‪.980‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفيد نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0:2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪139‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وبصدور القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب‬


‫ومكافحتيما‪ ،‬احتفظ المشرع الجزائري بمصطمح "الممتمكات" لمتعبير عن محل جريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬ثم عدل عنو إلى مصطمح "األموال" في األمر ‪ 02/12‬المعدل والمتمم لمقانون‬
‫‪ ، 01/05‬والتي يقصد بيا في مفيوم ىذا القانون "أي نوع من الممتمكات أو األموال‪ ،‬المادية‬
‫أو غير المادية‪ ،‬ال سيما المنقولة أو غير المنقولة التي يحصل عمييا بأي وسيمة كانت‬
‫مباشرة أو غ ير مباشرة‪ ،‬والوثائق والسندات القانونية أيا كان شكميا‪ ،‬بما في ذلك الشكل‬
‫اإللكتروني أو الرقمي‪ ،‬والتي تدل عمى ممكية تمك األموال أو مصمحة فييا‪ ،‬بما في ذلك عمى‬
‫الخصوص االئتمانات المصرفية‪ ،‬والشيكات وشيكات السفر والحواالت واألسيم واألوراق‬
‫المالية والسندات والكمبياالت وخطابات االعتماد"‪.1‬‬

‫فقد شمل ىذا التعريف لألموال الممتمكات‪ ،‬التي يقصد بيا في مفيوم القانون ‪01/06‬‬
‫المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬الموجودات بكل أنواعيا سواء مادية أو غير مادية‬
‫منقولة أو غير منقولة‪ ،‬ممموسة أو غير ممموسة‪ ،‬أو المستندات التي تثبت ممكية تمك‬
‫الموجودات أو وجود الحقوق المتصمة بيا‪.2‬‬

‫أما تعريف العائدات اإلجرامية في قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬فيي كل‬
‫الممتمكات المتأتية أو المتحصل عمييا بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جريمة‪.3‬‬

‫ويالحظ من التعريفات التي جاء بيا المشرع الجزائري لمحل جريمة تبييض األموال‬
‫أنو قد وسع من مفيومو‪ ،‬وذلك ليستوعب جميع الصور التي يتشكل منيا المال والمحصل‬
‫من نشاطات إجرامية‪ ،‬سواء تم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بغية ردع الجرم األصمي‬
‫وحرمان مرتكب الجريمة من اإلفالت من سمطات الضبط والتحري والتمتع بعوائدىا‪ ،‬وىو‬
‫منيج س ميم يشمل كافة األموال المحصمة من الجرائم التي تيدد وتضر بالمصالح الحيوية‬
‫لممجتمع‪.‬‬

‫المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 20/2:‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال‪ ،‬المعدلة والمتممة بالمادة ‪ 29‬من األمر ‪،20/00‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪.‬‬
‫المادة ‪ ،20‬الفقرة (و) من القانون ;‪ 20/2‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،20‬الفقرة (ز) من القانون‪ ، 01/06‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪140‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫كما احتوت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات‬
‫العقمية لسنة ‪ 1988‬في مادتيا األولى عمى تعريفات لبعض المفاىيم التي وردت فييا ومنيا‬
‫مصطمحا "المتحصالت" و"األموال"‪.‬‬

‫ويقصد بمصطمح المتحصالت "أي أموال مستمدة أو تم الحصول عمييا‪ ،‬بطريق‬


‫مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جريمة منصوص عمييا في الفقرة األولى من المادة‬
‫الثالثة"‪.1‬‬

‫أما مصطمح األموال فيقصد بو "األصول أيا كان نوعيا‪ ،‬مادية كانت أو غير مادية‬
‫منقولة أ و ثابتة والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تممك ىذه األموال أو أي حق‬
‫متعمق بيا"‪.2‬‬

‫وفي التشريع الفرنسي‪ ،‬فإن محل جريمة تبييض األموال وفقا لمقانون ‪614/90‬‬
‫المتعمق بمشاركة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األموال الناتجة عن االتجار‬
‫بالمخدرات ىو األموال الناتجة عن تجارة المخدرات فقط‪ ،‬لكن بعد صدور القانون ‪392/96‬‬
‫المتعمق بمكافحة تبييض األموال‪ ،‬وسع المشرع الفرنسي من نطاق الجرائم التي تكون‬
‫عوائدىا محال لجريمة تبييض األموال مستخدما في ذلك مصطمحي "األموال" و "الدخول"‪.‬‬

‫وقد نص المشرع المصري في المادة األولى فقرة (أ) من قانون مكافحة تبييض‬
‫األموال رقم ‪ 80‬لسنة ‪ 2002‬السمف الذكر عمى أن المقصود باألموال‪ ،‬العممة الوطنية‬
‫والعمالت األجنبية واألوراق المالية واألوراق التجارية‪ ،‬وكل ذي قيمة من عقار أو منقول‬
‫مادي أو معنوي‪ ،‬وجميع الحقوق المتعمقة بأي منيا‪ ،‬والصكوك والمحررات المثبتة لكل من‬
‫تقدم بيا‪.‬‬

‫وحسب الفقرة (د) من نفس المادة‪ ،‬فإن محل جريمة تبييض األموال ىي محصالت‬
‫الجرائم الواردة في ىذا القانون عمى سبيل الحصر‪ ،‬والتي يقصد بيا األموال الناتجة أو‬

‫المادة األولى‪ ،‬الفقرة (ع) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع‬ ‫‪1‬‬

‫سابق‪.‬‬
‫المادة األولى‪ ،‬الفقرة (ف) من نفس اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عمييا‬
‫في المادة الثانية من ىذا القانون‪.1‬‬

‫ويظير من خالل التحديد الذي أورده المشرع المصري لممال‪ ،‬بأنو عمى قدر كبير من‬
‫االتساع بحيث يمكن أن يشمل كل ما يتم الحصول عميو من ارتكاب جريمة من الجرائم‬
‫المنصوص عمييا في القانون‪ ،‬سواء تم الحصول عمييا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬كما‬
‫أنو ال عبرة بطبيعة ىذه األموال سواء كانت مادية أو غير مادية أو عقارات أو منقوالت‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬النتيجة اإلجرامية والعالقة السببية‬

‫األصل في جريمة تبييض األموال أن يرتب السموك المكون ليا نتيجة ضارة‪ ،‬وأن‬
‫يكون بين النتيجة والسموك اإلجرامي عالقة تربط بينيما وىي العالقة السببية‪ ،‬إذ ىي التي‬
‫تحدد نسبة النتيجة إلى سموك الشخص اإلجرامي من عدمو‪.3‬‬

‫‪ -1‬النتيجة اإلجرامية‪ :‬تتمثل النتيجة اإلجرامية في األثر الذي يحدثو السموك اإلجرامي‬
‫سواء كان أث ار إيجابيا أو سمبيا‪ ،‬وىي تتضمن في مدلول قانون العقوبات مفيومين‪ ،‬واحد‬
‫مادي وآخر قانوني‪ ،‬فاألول ىو األثر المادي الذي ترتبو الجريمة ويتحقق في العالم الخارجي‬
‫ويعتد بو القانون‪ ،‬فيغير فيو عما كان قبل ارتكاب الجريمة‪ ،‬أما المفيوم القانوني فيو مجرد‬
‫فكرة قانونية ليس ليا وجود مادي ممموس‪ ،‬تتمثل في صورة ضرر معنوي‪ ،‬باالعتداء عمى‬
‫حق أو مصمحة محمية قانونا‪.4‬‬

‫نصت المادة ‪ 20‬من القانون ‪ =2‬لسنة ‪ 0220‬عمى أنو‪" :‬يحضر تبييض األموال المتحصمة من جرائم زراعة وتصنيع‬ ‫‪1‬‬

‫النباتات والجواىر والمواد المخدرة وجمبيا وتصديرىا واالتجار فييا‪ ،‬وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز األشخاص‪،‬‬
‫والجرائم التي يكون اإلرىاب أو تمويمو من بين أغراضيا أو من وسائل تنفيذىا‪ ،‬وجرائم استيراد األسمحة والذخائر والمفرقعات‬
‫واالتجار فييا وصنعيا بغير ترخيص‪ ،‬والجرائم المنصوص عمييا في األبواب األول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر‬
‫والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وجرائم سرقة األموال واغتصابيا‪ ،‬وجرائم الفجور والدعارة‪ ،‬والجرائم‬
‫الواقعة عمى اآلثار‪ ،‬والجرائم البيئية المتعمقة بالمواد والنفايات الخطرة‪ ،‬والجرائم المنظمة التي يشار إلييا في االتفاقيات‬
‫الدولية التي تكون مصر طرفا فييا‪ ،‬وذلك كمو سواء وقعت جريمة تبييض األموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج‬
‫بشرط أن يكون معاقب عمييا في كال القانونين المصري واألجنبي"‪.‬‬
‫إبراىيم طنطاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<;‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫صالح جزول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.089‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.080-082‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪142‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وعمى ىذا األساس‪ ،‬قسم الفقو الجرائم وفقا لمعيار النتيجة إلى جرائم مادية‪ ،‬أو ما‬
‫يسمى بجرائم الضرر‪ ،‬وجرائم شكمية‪ ،‬أو ما يسمى بجرائم الخطر‪ ، 1‬ونتيجة ليذا التقسيم‬
‫اختمف الفقو حول طبيعة جريمة تبييض األموال بخصوص ما إذا كانت جريمة شكمية ال‬
‫يشترط لقياميا حدوث نتيجة أو ضرر مادي‪ ،‬أو إذا ما كانت جريمة مادية ذات نتيجة‬
‫إجرامية‪.‬‬

‫ومن استقراء نصوص التجريم الخاص بتبييض األموال‪ ،‬نالحظ أن المشرع يشترط‬
‫لتوقيع الجزاء عن جريمة تبييض األموال‪ ،‬أن يؤدي السموك اإلجرامي إلى إحداث نتيجة‬
‫مادية محددة أي تحقق ضرر معين‪ ،2‬وفي بعض األحيان ال يشترط لتوافر جريمة تبييض‬
‫األموال تحقق نتيجة مادية معينة‪ ،‬حيث ينصب التجريم عمى السموك اإلجرامي لمجاني وذلك‬
‫بصرف النظر عن أية نتيجة مستقمة يؤدي إلييا ىذا السموك‪.3‬‬

‫المشرع الجزائري‪ ،‬ومن خالل نصوص التجريم الخاصة تبييض األموال‪ ،‬نجده قد‬
‫جمع بين جرائم ال ضرر وجرائم الخطر‪ ،‬حيث يتطمب لتوقيع الجزاء عن جريمة تبييض‬
‫األموال أن يؤدي السموك اإلجرامي إلى إحداث نتيجة مادية محددة‪ ،‬تتمثل في إخفاء أو‬
‫تمويو المصدر غير المشروع لألموال‪ ،4‬في حين اعتبر مجرد المشاركة في ارتكاب الجرائم‬
‫المنصوص عمييا في المادة الثانية الفقرة (أ)‪( ،‬ب) و(ج) من القانون ‪ 01/05‬أو محاولة‬

‫تفترض جرائم الضرر سموكا إجراميا ترتبت عميو آثار يتمثل فييا االعتداء الفعمي الحال عمى الحق الذي يحميو القانون‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فالجرائم المادية أو ما يطمق عمية بجرائم النتيجة ىي التي يتطمب نموذجيا القانوني تحقق نتيجة إجرامية معينة كجريمة‬
‫القتل التي ال تقوم إال بإزىاق روح المجني عميو‪.‬‬
‫أما الجرائم الشكمية فال يعتد المشرع في تجريميا والعقاب عمييا عمى حصول نتيجة إجرامية معينة‪ ،‬بحيث أن المشرع يجرم‬
‫ويعاقب عمى السموك مجردا من أي نتيجة إجرامية كحمل السالح من دون ترخيص(المادة <= مكرر<‪ 2‬من قانون العقوبات‬
‫الجزائري)‪ .‬أنظر‪ :‬عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0:2‬‬
‫‪- Franklin kuty, Principes généraux du Droit pénal belge, Tome 02, Edition LARCIER,‬‬
‫‪Bruxelles, 2010,p76.‬‬
‫‪ 2‬وىذا حال ال مشرع المصري الذي اعتبر جريمة تبييض األموال من الجرائم ذات النتيجة المادية التي تتطمب تحقيق نتيجة‬
‫معينة‪ ،‬وىي إحداث التغيير عمى جوىر المال المتحصل من الجريمة األولية سواء كان ذلك بالتمويو أو اإلخفاء‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫إبراىيم طنطاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫وىذا حال كل من ات فاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية (المادة الثالثة الفقرة‬ ‫‪3‬‬

‫األولى) وقانون العقوبات الفرنسي (المادة ‪ 809‬الفقرة األولى)‪.‬‬


‫أنظر المادة‪ ،20‬الفقرة (أ) من القانون ‪ 20/2:‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪143‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ارتكابيا أو التواطؤ أو إسداء المشورة بشأنيا جريمة من جرائم تبييض األموال حتى ولو لم‬
‫تتحقق النتيجة المادية من السموك والمتمثمة في إخفاء‪ ،‬أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك‬
‫األموال‪.1‬‬

‫ونرى في منظورنا الخاص‪ ،‬أن المشرع الجزائري قد وفق في تجريم تبييض األموال‬
‫من خالل جمعو بين حاتي تحقق النتيجة اإلجرامية أو عدم تحققيا‪ ،‬ألن ىذا الجمع يعكس‬
‫مدى خطورة ىذه الجريمة واآلثار السمبية التي تترتب عمييا فيما لو تمت بشكل كامل‪ ،‬كما‬
‫من شأن ىذا األمر أن يسيل مجال إثبات المسؤولية الجنائية عن جرائم تبييض األموال‬
‫والتي تتميز أحيانا بصعوبة إثبات الضرر‪.‬‬

‫إن السؤال الذي يطرح بعد استعراض النتيجة اإلجرامية في جريمة تبييض األموال‬
‫عن مدى المساءلة عن الشروع في حالة عدم تحقق النتيجة اإلجرامية‪.2‬‬

‫وفي ضوء ما تقدم‪ ،‬فإن الشروع في جريمة تبييض األموال يعتبر متحققا بمجرد القيام‬
‫بعمميات مالية تمييدا الرتكاب جريمة تبييض األموال بشرط التحقق من أن العممية المالية‬
‫محل البحث والتحقيق قد تمت بيدف إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لألموال الناتجة‬
‫عن أعمال غير شرعية‪ ،‬ومن تم الكشف عنيا قبل إتمام عممية تبييض األموال‪.3‬‬

‫ويترتب عمى ذلك‪ ،‬أن إدخال األموال في الدورة المالية (مرحمة التوظيف) من أجل‬
‫إخفاء مصدرىا غير المشروع (مرحمة التجميع)‪ ،‬دون الوصول إلى مرحمة مشروعية تمك‬
‫األموال (مرحمة الدمج) لسبب خارج عن إرادة الفاعل‪ ،‬يعتبر شروعا في جريمة تبييض‬
‫األموال‪.‬‬

‫أنظر المادة ‪ ،0‬الفقرة (د) من القانون ‪ 20/2:‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫يطمق المشرع الجزائري عمى الشروع في الجريمة مصطمح "المحاولة" حيث نصت المادة ‪ 82‬من قانون العقوبات عمى‪" :‬‬ ‫‪2‬‬

‫كل محاولة الرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال ال لبس فييا تؤدي مباشرة إلى ارتكابيا تعتبر كالجناية نفسيا‬
‫إذا لم توقف أو لم يخب أثرىا إال نتيجة لظروف مستقمة عن إرادة مرتكبيا حتى ولو لم يمكن بموغ اليدف المقصود بسبب‬
‫ظرف مادي يجيمو مرتكبيا"‪.‬‬
‫رمزي نجيب القسوس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.0‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪144‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -2‬العالقة السببية‪ :‬لكي يس أل الجاني عن النتيجة التي يعتد بيا القانون لقيام الركن‬
‫المادي لمجريمة‪ ،‬ال بد أن يكون فعل الجاني قد تسبب في إحداثيا‪ ،‬بمعنى أن تكون النتيجة‬
‫مرتبطة بفعمو وناتجة عنو‪ ، 1‬وعمى ذلك فإن عالقة السببية ىي الرابطة أو العالقة بين‬
‫السموك اإلجرامي والنتيجة‪ ،‬بحيث يكون السموك ىو سبب حصول النتيجة‪ ،‬فإذا انتفت ىذه‬
‫العالقة بأن وقعت النتيجة بسبب سموك آخر‪ ،‬انتفت العالقة السببية بينيما‪ ،‬وبالتالي عدم‬
‫اكتمال الركن المادي وعدم قيام الجريمة من الناحية القانونية‪.2‬‬

‫إن تدخل األسباب المختمفة في وقوع النتيجة‪ ،‬أدى إلى ظيور مجموعة نظريات‬
‫ح اولت كل منيا أن تضع المعيار المناسب الذي بو نستطيع تقرير مدى وجود العالقة‬
‫السببية بين السموك والنتيجة والمتمثمة في‪:‬‬

‫أ‪ -‬نظرية السبب األقوى‪ :‬ومضمونيا أن الجاني ال يسأل عن النتيجة التي تحققت إال إذا‬
‫كانت متصمة اتصاال مباش ار بسموكو اإلجرامي مقارنة مع األسباب األخرى التي ساىمت في‬
‫حدوث النتيجة اإلجرامية‪ .3‬وال يسأل الجاني عن سموكو إذا كانت النتيجة الضارة واقعة ال‬
‫محالة بصرف النظر عن فعمتو‪.‬‬

‫ويؤخذ عمى ىذه النظرية أنيا قد تؤدي إلى التضييق من نطاق العالقة السببية‬
‫وبالتالي نطاق المسؤولية الجنائية‪ ،‬مما يساعد الجاني عمى االفالت من العقاب في حالة ما‬
‫إذا تدخل مع سموكو عامل أساسي في إحداث النتيجة اإلجرامية‪.‬‬

‫كما أخذ الفقو عمى ىذه النظرية عدم تقديميا معيار واضخ لمتمييز بين السبب األقوى‬
‫والسبب غير األقوى‪ ،‬أي متى يعتبر السبب أقوى مقارنة بالسبب أو األسباب األخرى؟‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظرية تعادل األسباب‪ :‬تقوم ىذه النظرية عمى أساس أن تأثير السموك اإلجرامي في‬
‫إحداث النتيجة يتحقق بمجرد إثبات مساىمتو في ذلك وال أىمية إن كان مباش ار أو غير‬
‫مباشر وال أىمية أيضا إن شاركت معو عوامل وظروف أخرى‪ ،‬بل تصبح كميا متعادلة وال‬

‫عبد اهلل سميمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم العام)‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫;‪ ،020‬ص‪.0:0‬‬
‫عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.088‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.099‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪145‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫يجب التمييز بين العامل القوي والعامل الذي لم يمعب إال دو ار ىينا‪ ،‬وىي تعتمد أسموبا‬
‫موضوعيا وماديا بحتا من دون تدخل لمعناصر النفسية في إقامة عالقة السببية‪.1‬‬

‫وقد استندت ىذه النظرية إلى أفكار الفيمسوف االنجميزي ‪ John Stuart Mill2‬في‬
‫السبب باعتباره مجموعة من الظروف الالزمة لتحقق النتيجة وعدم التمييز في محيط تمك‬
‫الظروف بين ظرف وآخر‪ .‬وانتيت النظرية إلى أن السبب ىو كل ظرف ساىم في إحداث‬
‫النتيجة ولواله لما وقعت ىذه األخيرة‪.3‬‬

‫وقد ترتبت عن النظرية مجموعة من النتائج ىي‪:‬‬

‫‪ -‬ال يمكن استبعاد رابطة السببية بين سموك الجاني والعوامل السابقة أو الالحقة أو‬
‫المعاصرة لفعل الجاني بالرغم من أنيا خارجة عن إرادتو‪.‬‬

‫‪ -‬ال تنتفي رابطة السببية بين سموك الجاني والنتيجة حتى ولو كانت األخيرة ستتحقق حتما‬
‫إال أن السموك ق عجل في حدوثيا أو ساىم في حجميا أو في الصورة التي وقعت عمييا‬
‫فعال‪.‬‬

‫‪ -‬ال تقوم رابطة السببية إذا كان انتفاء السموك ال تأثير لو عمى تحقيق النتيجة‪ ،‬ويتوافر ىذا‬
‫في الفروض التي تكون النتيجة فييا قد حدثت بتداخل عوامل أخرى مستقمة عن السموك‬
‫وكانت كافية وحدىا إلحداث النتيجة‪.‬‬

‫وواضح وفق ىذه النظرية‪ ،‬أنو يكفي لتحميل الجاني المسؤولية الجنائية عن النتيجة‬
‫اإلجرامية أن يكون سموكو أحد ىذه العوامل حتى ولو كان أثره في حدوث ىذه النتيجة‬
‫محدودا وحتى لو كانت العوامل األخرة شاذة وغير معروفة‪.‬‬

‫محمود أبو عالء عقيدة‪ ،‬عالقة السببية في مجال الجرائم غير العمدية‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة عين الشمس‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،0>=:‬ص‪.02‬‬
‫‪RASSAT Michèle laure, droit pénal spécial, 3eme édition, Dalloz, Paris, 2001, p283.‬‬
‫‪ 2‬فيمسوف واقتصادي انجميزي ولد سنة ;‪ ، 0=2‬بنى قناعاتو الفمسفية عمى أفكار المذىب النفعي‪ ،‬وىو مذىب في فمسفة‬
‫األخالق يبني فكرة الخير والشر والتمييز بين الصواب والخطأ انطالقا من مأالت األفعال وعواقبيا من حيث المنفعة والمتعة‬
‫التي يحققانيا‪ ،‬ومن أىم مؤلفاتو "نظام المنطق" (‪ )0=98‬و"مبادئ االقتصاد السياسي" (=‪ )0=9‬و"المذىب النفعي"‬
‫(‪.)0=;8‬‬
‫مأمون سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0:2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪146‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ولم تمقى ىذه النظرية تأييدا كبي ار من قبل معظم فقياء القانون الجنائي‪ ،‬وذلك راجع‬
‫إلى أنيا تجافي العدالة في كثير من األوجو‪ ،‬فيي تنظر إلى السموك اإلنساني عمى أنو قوة‬
‫من قوى الطبيعة الذي تتحكم فيو ىي كيفما تشاء‪ .1‬كما أن اجتماع عدة أسباب في حدوث‬
‫النتيجة اإلجرامية ال يعني تعادليا‪ ،‬إذ من األسباب ما يكون قويا ومنيا ما يكون ضعيف‬
‫‪2‬‬
‫التأثير‬

‫ج‪ -‬نظرية السبب المالئم‪ :‬تعد ىذه النظرية من أحدث النظريات التي ظيرت في ألمانيا‬
‫عمي يد الفقيو ‪ ،Von Kreis‬وىي تقوم عمى نفس األسس التي قامت عمييا نظرية تعادل‬
‫األسباب إال أنيا تختمف عنيا في أنيا تأخذ بالسبب األكثر مالءمة في تحقيق النتيجة‪.‬‬

‫ويرى أنصار ىذه النظرية أن تقرير المسؤولية الجنائية لمجاني يتوقف عمى ما إذا كان‬
‫السموك اإلج ارمي الذي أتاه يصمح وفقا لممجرى العادي لألمور بأن يكون سببا مالئما أو‬
‫مناسبا إلحداث النتيجة اإلجرامية‪.‬‬

‫فإذا كانت العوامل التي ساىمت في إحداث النتيجة اإلجرامية بإمكان أي شخص‬
‫عادي في مثل ظروف الجاني أن يعمم بيا أو أن يتوقعيا‪ ،‬فإن عالقة السببية تتوافر‪ .‬وتعرف‬
‫ى ذه العوامل بالعوامل المألوفة‪ ،‬وىي العوامل التي يمكن لشخص عادي توقع ترتيب النتيجة‬
‫المحققة كأثر ليا وفق المجرى العادي لألمور‪.‬‬

‫أما إذا تدخمت عوامل شاذة أو غير مألوفة في إحداث النتيجة اإلجرامية‪ ،‬فإن العالقة‬
‫السببية بين السموك اإلجرامي والنتيجة تنتفي‪ ،‬وال تقوم المسؤولية الجنائية لمجاني ألنو ال‬
‫يسأل عن العوامل األجنبية التي تتوسط بين فعمو أو سموكو اإلجرامي وبين النتيجة‪.‬‬

‫وبالنسبة لممشرع الجزائري‪ ،‬فالمالحظ أنو لم يعرف العالقة السببية‪ ،‬ولم يحدد أي‬
‫النظريات أولى باإلتباع‪ ،‬وقد تولى القضاء تحديدىا‪ ،‬حيث يستخمص من األحكام التي‬

‫ختير مسعود‪ ،‬النظرية العامة لجرائم االمتناع‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،0209/0208 ،‬ص‪.;8‬‬


‫عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص;‪.09‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪147‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫يصدرىا أنو يميل إلى األخذ بنظرية السبب األقوى في تأسيس المسؤولية الجنائية‪ ،‬ونظرية‬
‫تعادل األسباب في المسؤولية المدنية‪.1‬‬

‫وفي مجال تبييض األموال‪ ،‬فإن عالقة السببية تتوافر بارتباط السموك اإلجرامي الذي‬
‫انصب عمى مال غير مشروع محصل من جريمة من الجرائم التي نص عمييا القانون‪،‬‬
‫والذي ينسب إلى الجاني بالنتيجة اإلجرامية المتمثمة في إخفاء أو تمويو طبيعة المصدر غير‬
‫المشروع لممال‪ ،‬وتغيير طبيعتو أو حقيقتو والحيمولة دون اكتشافو بأي صورة كانت من خالل‬
‫إضفاء الصفة الشرعية عمى األموال غير المشروعة‪.2‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال‬

‫ال يكفي لقيام الجريمة ارتكاب الجاني لسموك معين سواء كان فعال أو مجرد امتناع‬
‫وانما يجب فضال عن ىذا السموك توافر الركن المعنوي‪ ،3‬الذي يعرف عمى أنو‪" :‬الصمة‬
‫النفسية التي تربط النشاط اإلجرامي ونتائجو من جية وبين الفاعل الذي صدر منو ىذا‬
‫النشاط‪ ،‬بحيث يمكن القول أن السموك ىو بسبب إرادة الفاعل"‪.4‬‬

‫كما يقصد بالركن المعنوي الحالة النفسية التي كان عمييا الجاني أثناء ارتكابو‬
‫لمجريمة فيي تمثل الجانب الشخصي ليا‪ ،‬إذ ال بد أن تصدر الجريمة عن إرادة صاحبيا‬
‫وترتبط بيا ارتباطا وثيقا‪.‬‬

‫أنظر بوجو عام الق اررات التالية‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة الحنائية‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 02‬ديسمبر ==>‪ ،0‬قضية رقم ‪ ( ;08=2‬د م ومن معو ضد فريق س)‪،‬‬
‫المجمة القضائية‪ ،‬عدد‪ ،0>>8 ،8‬ص>‪.00‬‬
‫‪ -‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة الجنائية‪ ،‬قرار بتاريخ ;‪ 0‬ديسمبر‪ ،0>>:‬قضية رقم ‪ ( 00==>0‬ح ث ضد ب ب )‪ ،‬المجمة‬
‫القضائية‪ ،‬عدد‪ ،20‬سنة ;>>‪ ،0‬ص‪.0=0‬‬
‫أمجد سعود الخريشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.000‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪em‬‬
‫‪Béatrice GENINET, l’indispensable du droit pénal, 2 édition, Studyrama, France, p50.‬‬
‫عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<‪.08‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪148‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ويتحقق الركن المعنوي بموقف اإلرادة من الفعل المادي‪ ،‬ىذا الموقف الذي يتخذ‬
‫إحدى الصورتين‪ :‬صورة القصد الجنائي فتكون الجريمة عمدية‪ ،‬أو صورة الخطأ الجنائي‬
‫(الناتج عن اإلىمال أو عدم االحتياط) فتكون الجريمة غير عمدية ‪.1‬‬

‫أما القصد الجنائي‪ ،‬فإنو يقتضي اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق الواقعة اإلجرامية مع‬
‫العمم بعناصرىا المكونة ليا‪ ،‬أو ىو عمم الجاني بأنو يقوم مختا ار بارتكاب الفعل الموصوف‬
‫جريمة في القانون‪ ،‬وعممو بذلك أنو يخالف أوامره ونواىيو‪.2‬‬

‫وعميو‪ ،‬فإن القصد الجنائي يبنى عمى عنصرين وىما عمم الجاني بجميع العناصر‬
‫الالزمة لقيام الجريمة كما ىي محددة في نص التجريم‪ ،3‬وانصراف إرادة الجاني إلى السموك‬
‫والى النتيجة اإلجرامية إذا كان القانون يشترط لقيام الجريمة حدوث نتيجة معينة‪.4‬‬

‫أما الخطأ الجنائي‪ ،‬فيو انصراف إرادة الشخص إلى ارتكاب السموك مع اإلخالل‬
‫بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضيا القانون دون أن يقصد حدوث النتيجة‪ ،5‬أي اتجاه‬
‫اإلرادة إلى ارتكاب السموك دون النتيجة اإلجرامية‪.‬‬

‫وبناء عمى ما تم قولو‪ ،‬فإن جريمة تبييض األموال شأنيا شأن أي جريمة أخرى ال‬
‫يكفي تحقق الركن المادي لقياميا والمتمثل في إحدى الصور المجرمة في القانون‪ ،‬إنما ال بد‬
‫من توافر ا لركن المعنوي‪ ،‬وباعتبار أن ىذا األخير يتجسد في صورتي القصد الجنائي‬
‫والخطأ الجنائي‪ ،‬فإن ىذا األمر يقتضي البحث في ما إذا كانت جريمة تبييض األموال‬
‫جريمة تعتبر من الجرائم العمدية وىل يتصور الخطأ فييا‪ ،‬أي يمكن أن ترتكب عن طريق‬
‫الخطأ ؟‬

‫ىذا ما سنتطرق إليو من خالل تناول طبيعة الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال‬
‫(أوال)‪ ،‬ثم عناصر الركن المعنوي ليذه الجريمة (ثانيا)‪.‬‬

‫تصنف الجرائم حسب الركن المعنوي إلى جرائم عمدية وجرائم غير عمدية‪ .‬أنظر‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Franklin kuty, Op.Cit, pp54-55.‬‬


‫صالح جزول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.090‬‬ ‫‪2‬‬

‫يقصد بعناصر الجريمة كل ما يتطمبو القانون إلعطاء الواقعة المرتكبة وصفيا القانوني الذي يميزىا عن الوقائع األخرى‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد القادر عدو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص=‪.098-08‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.898‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪149‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫أوال‪ :‬طبيعة الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال‬

‫يتحقق الركن المعنوي في جريمة تبييض األموال بتوافر القصد الجنائي لدى الجاني‬
‫الذي يعتبر أخطر صورة لمركن المعنوي ألنو ينطوي عمى معنى العدوان المتعمد عمى‬
‫الحقوق والقيم‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 02‬من القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض‬


‫األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما المعدل والمتمم‪ ،‬يتبين أن المشرع الجزائري قد اعتبر‬
‫جريمة تبييض األموال جريمة عمدية‪ ،‬إذ يشترط لقياميا أن يتوافر القصد الجنائي بما يحممو‬
‫من عمم مرتكب السموك بأن األموال محل الفعل المادي لتبييض األموال عائدات إجرامية‪،‬‬
‫واتجاه إرادتو إلى ارتكاب الفعل المكون لمجريمة‪ ،2‬حيث تعتبر المادة السابقة الذكر أن جريمة‬
‫تبييض األموال "تحويل األموال أو نقميا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات مباشرة أو غير مباشرة‬
‫من جريمة ‪" ،"...‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية‬
‫التصرف فييا أو حركتيا أو الحقوق المتعمقة بيا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية"‪،‬‬
‫"اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا‬
‫تشكل عائدات إجرامية"‪.‬‬

‫كما يتطمب المشرع الجزائري إضافة إلى القصد الجنائي العام‪ ،3‬ضرورة توافر القصد‬
‫الجنائي الخاص حتى تتحقق الصورة األولى من صور جريمة تبييض األموال‪ ،‬ويبدو ذلك‬
‫من خالل نصو في الفقرة (أ) عمى توافر الغرض من ارتكاب فعل التحويل أو النقل لألموال‬
‫أال وىو إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال‪ ،‬أو مساعدة أي شخص متورط‬
‫في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال‪ ،‬عمى اإلفالت من اآلثار‬
‫القانونية ألفعالو‪.‬‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0:0‬‬ ‫‪1‬‬

‫نبيل صقر‪ ،‬تبييض األموال في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.;0‬‬ ‫‪2‬‬

‫يتمثل القصد الجنائي العام لجريمة تبييض األموال في عمم الجاني بأن المال موضوع التبييض متحصل من نشاط‬ ‫‪3‬‬

‫إجرامي أو مصدر غير مشروع‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫وبذلك يكون المشرع الجزائري قد سمك نفس المنيج الذي جاءت بو اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية في المعاقبة عمى جريمة‬
‫تبييض األموال أو االشتراك فييا باعتبارىا جريمة عمدية‪ ،‬حيث نصت عمى ضرورة وجود‬
‫القصد الجنائي أو العمد حتى تتحقق جريمة تبييض األموال‪ ،‬ومنو ال يمكن تصور قيام ىذه‬
‫الجريمة قانونا بطريق الخطأ‪.1‬‬

‫أما المشرع الفرنسي‪ ،‬فمم يفصح صراحة عن طبيعة الركن المعنوي المطموب توافره‬
‫في جريمة تبييض األموال في المادة ‪ 1-324‬من قانون العقوبات‪ ،2‬سواء بالنسبة لسموك‬
‫تسييل التبرير الكاذب لمصدر األموال أو عائدات مرتكب جناية أو جنحة تحصل منيا عمى‬
‫فائدة‪ ،‬أو بالنسبة لسموك المساعدة في توظيف أو إخفاء أو تحويل العائد المباشر أو غير‬
‫المباشر من جناية أو جنحة‪ ،‬ويمكن الوصول لمطبيعة العمدية لجريمة تبييض األموال من‬
‫خالل القواعد العامة في التشريع الفرنسي التي تقضي بأنو "ال جناية وال جنحة دون قصد‬
‫ارتكابيا"‪.‬‬

‫أما المشرع المصري‪ ،‬فقد اعتبر جريمة تبييض األموال جريمة عمدية تتطمب القصد‬
‫الجنائي العام باإلضافة إلى توافر القصد الجنائي الخاص في حالة ما إذا كان الفاعل قد‬
‫قصد من نشاطو إخفاء المال أو تمويو طبيعتو أو مصدره أو مكانو أو صاحب الحق فيو‬
‫وتغيير حقيقتو أو الحيمولة دون اكتشاف ذلك أو عرقمة التوصل إلى شخص من ارتكب‬
‫الجريمة األولية‪.3‬‬

‫وتختمف التشريعات فيما بينيا‪ ،‬حيث يتطمب البعض منيا توافر القصد الجنائي في‬
‫جميع صور السموك اإلجرامي الذي يندرج في إطار تبييض األموال كالمشرع الفرنسي‬
‫والبعض اآلخر يشترط باإلضافة إلى القصد الجنائي العام القصد الجنائي الخاص بمعنى‬
‫انصراف إرادة الجاني إلى تحقيق غايات معينة كالمشرع المصري‪.‬‬

‫المادة ‪ 28‬الفقرة ‪ 20‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمى خالف ما فعمو في النص القديم الذي كان يستوجب أن تقع جريمة تبييض األموال المحصمة من إحدى جرائم‬ ‫‪2‬‬

‫المخدرات عمدا‪.‬‬
‫يظير ذلك من تعريف تبييض األموال الوارد في المادة األولى الفقرة (ب) من قانون مكافحة تبييض األموال رقم ‪ =2‬لسنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،0220‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ثانيا‪ :‬عناصر الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال‬

‫جريمة تبييض األموال جريمة عمدية‪ ،‬يستمزم القول بوقوعيا توفر القصد الجنائي‬
‫العام لدى الجاني بعنصريو ا لعمم واإلرادة‪ ،‬فيجب أن يعمم الجاني بأن المال محل جريمة‬
‫التبييض متحصال من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع ويجب أن تتجو إرادتو إلى‬
‫ارتكاب الفعل المكون لمركن المادي لمجريمة وأن تتحقق تمك النتيجة‪.‬‬

‫‪ -1‬العمم بالمصدر غير المشروع لألموال‪ :‬العمم ىو حالة نفسية تعني نشوء عالقة بين أمر‬
‫ما وبين النشاط الذىني لمشخص‪ ،‬فتصبح ىذه الواقعة عنصر من عناصر الخبرة الذىنية‬
‫التي يختزنيا الشخص‪ ،‬بحيث يستطيع االستعانة بيا في الحكم عمى األشياء وفي تحديد‬
‫طريقة تعاممو مع الظروف المحيطة بو‪.1‬‬

‫والمقصود بالعمم في نشاط تبييض األموال ليس العمم بالقانون‪ ،‬وانما العمم بالوقائع‬
‫باعتباره عنصر ضروري ال بد من توافره حقيقة ال افتراضا لقيام الركن المعنوي لمجريمة‬
‫فالعمم بعناصر الواقعة اإلجرامية ىو العنصر المميز لركن القصد‪ ،‬وينصرف العمم إلى سائر‬
‫عناصر ىذه الواقعة كما يحدده القانون صراحة ال حكما‪.2‬‬

‫فال بد أن يتوفر لدى مبيض األموال عنصر العمم بحقيقة المصدر غير المشروع‬
‫لألموال‪ ،‬أي العمم الواقعي بكون ىذه األموال محصمة من جريمة أصمية‪ ،‬فال يكفي اعتقاد‬
‫الشخص خطأ وعمى خالف الواقع بالمصدر غير المشروع لألموال‪.‬‬

‫ويثير عنصر العمم بالوقائع في الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال مسألة الوقت‬
‫الذي ينبغي فيو توافر عمم الجاني بعدم مشروعية المال محل التبييض إذا أخدنا بالطابع‬
‫الوقتي لجريمة تبييض األموال أو الطابع المستمر ليا‪ ،‬فإذا كانت الجريمة وقتية تعين توافر‬
‫العمم بحقيقة المال محل التبييض لحظة السموك المادي لجريمة تبييض األموال أي تعاصر‬
‫ركنييا المادي والمعنوي لحظة بدأ النشاط أو السموك المجرم أيا كانت صورتو‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫الجريمة مستمرة يتواصل فييا االعتداء عمى المصمحة محل الحماية زمنا ممتدا بفعل الموقف‬

‫سميمان عبد الفتاح‪ ،‬مكافحة غسل األموال‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،022: ،‬ص‪.;:‬‬ ‫‪1‬‬

‫سميمان عبد المنعم‪ ،‬مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0:0‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪152‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫اإلرادي لمجاني فإنو يشترط لقيام الركن المعنوي أن يتوافر العمم بالمصدر غير المشروع‬
‫لألموال في أية لحظة تمي ارتكاب السموك المادي لمجريمة‪.1‬‬

‫وبتطبيق ما سبق ذكره عمى ما جاء بو المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 02‬من‬


‫القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال‪ ،‬حيث اعتبر تبييضا لألموال‪:‬‬

‫‪ -‬تحويل األموال أو نقميا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو‬
‫حركتيا أو الحقوق المتعمقة بيا‪ ،‬مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية‪.‬‬

‫‪ -‬اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا‬
‫تشكل عائدات إجرامية‪.‬‬

‫فإنو يفيم من ذلك أن عمم الجاني بالمصدر غير المشروع لألموال ال يشترط أن يكون لحظة‬
‫ارتكاب السموك المادي الوارد في الحالتين المنصوص عمييما في الفقرتين (أ)‪ ،‬و(ب)‬
‫المتمثل في النقل‪ ،‬أو التحويل‪ ،‬أو اإلخفاء وبالتالي فإن جريمة تبييض األموال من الجرائم‬
‫المست مرة باعتبار أن السموك المجرم يقبل االستمرار ويتراخى فيو تحقق الركن المعنوي من‬
‫حيث العمم بالمصدر غير المشروع لممال محل التبييض إلى وقت الحق لتحقق الركن‬
‫المادي‪ ، 2‬في حين أنيا جريمة وقتية في الحالة المنصوص عمييا في الفقرة (ج) باعتبار‬
‫تحديد وقت عمم الجاني بالمصدر غير المشروع لألموال كان من قبل المشرع بقولو "وقت‬
‫تمقييا أنيا عائدات إجرامية"‪.‬‬

‫يترتب عمى اعتبار جريمة تبييض األموال جريمة مستمرة العديد من النتائج أىميا‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬من حيث سريان النص الجنائي‪ :‬ال تخضع الجريمة لمبدأ عدم رجعية النص الجنائي‪ ،‬حيث يسري النص الجنائي الجديد‬
‫عمى المتيم حتى ولو كان األسوأ لو‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث التقادم المنيي لمدعوى الجنائية‪ :‬فال يبدأ سريان التقادم في الدعوى الجنائية بخصوص جريمة تبييض األموال‬
‫إال من اليوم التالي النتياء حالة االستمرار‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث االختصاص اإلقميمي‪ :‬ينعقد االختصاص بمالحقة نشاط تبييض األموال لكافة الدول التي وقع عمى إقميميا‬
‫النشاط كمو أو جزء منو‪.‬‬
‫صالح جزول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص=‪.09‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪153‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -2‬إرادة السموك المكون لنشاط تبييض األموال‪ :‬اإلرادة ىي جوىر القصد وىي التي تشكل‬
‫مع العمم فحواه واإلرادة ىي المحرك لمسموك وان كانت تعبير عن قوة نفسية إال أنيا تترجم‬
‫في صورة ممموسة مما حدوث سموك معين عن وعي وارادة‪ .1‬وال ينبغي الخمط بين في ىذا‬
‫الشأن بين إرادة السموك بوصفيا عنص ار في القصد أي الركن المعنوي وبين إرادية السموك‬
‫بوصفيا عنص ار في الركن المادي سواء كان فعال أو امتناعا‪.2‬‬

‫وقد استقر القضاء مند زمن بعيد عمى استبعاد وصف الجريمة إذا كان النشاط الذي‬
‫قام بو المتيم غير إرادي‪ ،‬أي ال يعبر في مواجيتو عن إرادة مطمقة‪ ،‬أو يعبر عن إرادة غير‬
‫واعية‪ ،‬فانتفاء إرادة النشاط المخالف لمقانون يحول دون قيام الجريمة ويمنع بالتالي من‬
‫عقاب المتيم‪ ،‬كما ينفي الوصف القانوني لمجريمة ولو كان نشاط الفاعل إراديا متى ثبت أن‬
‫إرادتو لم تكن واعية كما في حالة السكر غير االختياري أو التنويم المغناطيسي‪.3‬‬

‫و تعتبر اإلرادة العنصر الثاني لمقصد الجنائي المكون لمركن المعنوي لجريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬إذ ال يكفي لقيام الجريمة توافر عنصر العمم بالنشاط المجرم والنتيجة المترتبة عنو‪،‬‬
‫وانما يجب فوق ذلك أن تنصب إرادة الجاني عمى السموك المكون لمجريمة وعمى النتيجة‬
‫المترتبة عمى ىذا السموك‪.‬‬

‫غير أن إثبات اإلرادة ليس باألمر السيل‪ ،‬حيث أن ىناك صعوبات كثيرة تعوق ذلك‬
‫سواء من ناحية بعض صور جريمة تبييض األموال‪ ،‬أو من ناحية صعوبة التذرع ببعض‬
‫األسباب التقميدية النتفاء أو نقصان اإلرادة في ارتكاب جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫فمن ناحية إثبات اإلرادة في بعض صور جريمة تبييض األموال‪ ،‬فإن من ىذه‬
‫الصور ما ىو معقد جدا خاصة تمك التي تتشكل في إيداع‪ ،‬أو تمقي‪ ،‬أو تحويل األموال‬
‫وذلك في ظل العمميات التكنولوجية المتعددة والمتنوعة‪ ،‬والتي تتم بيا ىذه األنشطة من خالل‬
‫البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬

‫إبراىيم الشباسي‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم العام)‪ ،‬دار الكتاب المبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪ ،‬ص‪.>0‬‬ ‫‪1‬‬

‫عوض محمد عوض‪ ،‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.020‬‬ ‫‪2‬‬

‫منيف نايف الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0;0‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪154‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫أما من ناحية الصعوبة التي تعرض إثبات اإلرادة بسبب التذرع ببعض األسباب‬
‫التقميدية النتفاء‪ ،‬أو نقصان اإلرادة ليست تمك التي تتمثل في صغر السن‪ ،‬أو الجنون‪ ،‬وانما‬
‫في حالتي اإلكراه والضرورة‪ ،1‬بحيث ىما الحالتان المتان يمكن أن يتذرع بيما الشخص سواء‬
‫كان طبيعيا أو معنويا في انتفاء إرادتو‪ ،‬وان كان ال يمكن قبول االحتجاج باإلكراه األدبي‪ ،‬أو‬
‫الدفع بانعدام اإلرادة الناشئ عن ضرورة طاعة أوامر الرؤساء‪ ،‬متى كان عدم المشروعية‬
‫ظاى ار في النشاط المكون لتبييض األموال‪ ،‬وىو ما يمكن استخالصو من مجمل التعميمات‬
‫والموائح المنظمة لمعمل المصرفي التي تدعو إلى ضرورة توخي اليقظة‪ ،‬والتأكد من ىوية‬
‫العمالء‪ ،‬والتحقق من مشروعية مصدر األموال المطموب إيداعيا‪ ،‬أو تحويميا ‪ ...‬إذا بمغت‬
‫ىذه األموال حدا معينا أو تمت في ظروف مثيرة لمشبيات‪.2‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬أن القصد الجنائي ال يتحقق في جريمة تبييض األموال طالما لم تتجو‬
‫إرادة الفاعل الحرة والواعية إلى ارتكاب إحدى صور السموك في الجريمة‪ ،‬تم تحقيق النتيجة‬
‫فضال عن عمم الفاعل بالمصدر غير المشروع لألموال محل التبييض‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫العقوبات المقررة لجريمة تبييض األموال‬

‫حرصت الدول عمى النص في تشريعاتيا عمى العقوبات المقررة لمرتكبي جريمة‬
‫تبييض األموال‪ ،‬ومنيا المشرع الجزائري الذي ميز بين العقوبات الخاصة بالشخص الطبيعي‬
‫وتمك المقررة لمشخص المعنوي السيما بعد إقرار المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬
‫بالشروط الواردة في القانون ‪ 15/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المعدل والمتمم لقانون‬
‫العقوبات ونظ ار ألن ىذه العقوبات تتماشى وطبيعة مرتكب جريمة تبييض األموال‪ ،‬فإننا‬
‫سنتطرق لمعقوبات المقررة لمشخص الطبيعي (الفرع األول)‪ ،‬ثم نتطرق لمعقوبات المقررة‬
‫لمشخص المعنوي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫يعتبر اإلكراه وحالة الضرورة من موانع المسؤولية الراجعة إلى انعدام االختيار‪ ،‬فقد يتوافر لدى الشخص فاعل الجريمة قوة‬ ‫‪1‬‬

‫الوعي والتمييز ورغم ذلك تنعدم لديو القدرة عمى االختيار‪ ،‬أي تنعدم إرادتو‪ .‬أنظر‪ :‬محمد عوض محمد‪ ،‬سميمان عبد‬
‫المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 8:2‬وما بعدىا‪.‬‬
‫طاىر مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.009-008‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪155‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع األول‬

‫العقوبات المقررة لمشخص الطبيعي‬

‫يعتبر الشخص الطبيعي األصل في تحمل المسؤولية الجزائية‪ ،‬وتتفق جميع‬


‫التشريعات عمى أن الشخص المسئول جنائيا ىو اإلنسان الحي فيو الذي يرتكب الجرائم وىو‬
‫الذي من أجمو وضعت التشريعات أيضا‪ ،‬وىي تيدف في أىم ما تيدف إليو حماية نفسو‬
‫ومالو وعرضو واعتباره ‪.1‬‬

‫وقد تناول المشرع الجزائري العقوبات المقررة لمشخص الطبيعي ضمن الباب األول‬
‫من الكتاب األول من قانون العقوبات‪ ،‬وذلك تحت عنوان "العقوبات المطبقة عمى األشخاص‬
‫الطبيعية"‪ ،‬وتتمثل في عقوبات أصمية وأخرى تكميمية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات األصمية‬

‫العقوبة األصمية ىي العقوبات التي فرضيا المشرع باعتبارىا الجزء األساسي‪ ،‬أو‬
‫التي بيا يتحقق الجزاء المقابل لمجريمة‪ ،‬وقد عرفيا المشرع الجزائري عمى أنيا تمك التي‬
‫يجوز الحكم بيا دون أن تقترن بيا أي عقوبة أخرى‪.3‬‬

‫‪ -1‬العقوبات السالبة لمحرية‪ :‬يعتبر الحبس والسجن من العقوبات السالبة لمحرية التي‬
‫تيدف في جوىرىا إلى حجز حرية المحكوم عميو طوال المدة التي يقررىا الحكم‪ ،‬والتي‬
‫تقررت في المجتمعات القديمة واتخذت طابع القسوة في التنفيذ‪ ،‬ولم تتالشى حدة ىذه الظاىرة‬

‫منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العموم لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،022; ،‬ص=‪.02‬‬ ‫‪1‬‬

‫نصت المادة ‪ 2:‬من قانون العقوبات أن العقوبات األصمية في الجنايات ىي‪ :‬اإلعدام ‪ -‬السجن المؤبد ‪ -‬السجن المؤقت‬ ‫‪2‬‬

‫لمدة تتراوح بين خمس (‪)2:‬سنوات وعشرين (‪ )02‬سنة‪ ،‬أما العقوبات األصمية في الجنح فيي‪ :‬الغرامة التي تتجاوز‬
‫‪ 020222‬دج‪ ،‬أما العقوبات األصمية في المخالفات فيي‪ :‬الحبس من يوم واحد عمى األقل إلى شيرين عمى األكثر – الغرامة‬
‫من ‪00222‬دج إلى ‪020222‬دج‪.‬‬
‫المادة ‪ 29‬من األمر ;;‪ 0:;/‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪156‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫إال بروز االتجاىات اإلصالحية التي حققت بالتدرج دمج العقوبة الردعية مع غايتيا‬
‫التأىيمية‪.1‬‬

‫ويعاقب المشرع الجزائري بموجب المادة ‪ 389‬مكرر‪ 1‬عمى ارتكاب جريمة تبييض‬
‫األموال في صورتيا البسيطة بالحبس من خمس (‪ )05‬سنوات إلى عشر (‪ )10‬سنوات‬
‫وتطبق أحكام المادة ‪ 60‬مكرر من قانون العقوبات المتعمقة بالفترة األمنية والتي تساوي‬
‫نصف العقوبة المحكوم بيا عمى جريمة تبييض األموال‪.2‬‬

‫أما في حالة اقتران الجريمة بظرف مشدد فترتفع العقوبة السالبة لمحرية من‬
‫عشر(‪ )10‬سنوات إلى عشرين (‪ )20‬سنة‪ ،‬وذلك طبقا لممادة ‪ 389‬مكرر‪ 2‬التي شددت‬
‫عمى مرتكب جريمة تبييض األموال إذا صاحبتيا الظروف التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬ارتكاب الجريمة بصورة اعتيادية‪ :‬يقصد باالعتياد ارتكاب الشخص فعل من أفعال‬
‫تبييض األموال أكثر من مرة كأن يقوم بعدة تحويالت مالية‪ ،‬وذلك قبل أن تتم متابعتو من‬
‫أجل جريمة تبييض األموال‪ ،‬وذلك بخالف ما لو ارتكب جريمة تبييض األموال تم حكم عميو‬
‫من أجميا ثم قام بارتكاب نفس الجريمة فإنو في ىذه الحالة يعتبر عائدا إلى الجريمة ال‬
‫معتادا وتطبق عميو أحكام العود الواردة في قانون العقوبات‪.3‬‬

‫ب‪ -‬استغالل الجاني لنشاطو الميني‪ :‬وىذا ما ينطبق عمى العاممين بالبنوك والمؤسسات‬
‫المالية حينما يقومون بعمميات تبييض األموال مستغمين التسييالت‪ ،‬أو الوسائل التي يمنحيا‬
‫مركزىم الوظيفي‪.‬‬

‫عمي محمد جعفر‪ ،‬العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذىا‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪،0>== ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص<‪.8=-8‬‬
‫نصت المادة ‪ ;2‬مكرر من قانون العقوبات المستحدثة بموجب القانون ;‪ 08/2‬المعدل والمتمم لقانون العقوبات عمى أنو‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫"يقصد بالفترة األمنية حرمان المحكوم عميو من تدابير التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة‪ ،‬والوضع في الورشات الخارجية أو‬
‫البيئة المفتوحة‪ ،‬واجازات الخروج‪ ،‬والحرية النصفية واإلفراج المشروط"‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ :9‬مكرر من قانون العقوبات عمى أنو‪ ..." :‬ويرفع الحد األقصى لمعقوبة السالبة لمحرية إلى الضعف‪ ،‬إذا‬ ‫‪3‬‬

‫كان الحد األقصى لمعقوبة المقررة قانونا ليذه الجناية‪ ،‬يساوي أو يقل عن عشر (‪ )02‬سنوات سجنا ‪."...‬‬

‫‪157‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ج‪ -‬ارتكاب الجريمة في إطار منظم‪ :‬أي ارتكاب جريمة تبييض األموال من طرف عصابة‬
‫إجرامية منظمة‪ ،‬كعصابات االتجار بالمخدرات‪ ،‬أو الجماعات اإلرىابية التي تمول عممياتيا‬
‫اإلرىابية من خالل القيام بعمميات تبييض األموال‪.‬‬

‫ولئن شدد المشرع الجزائري في مدة عقوبة جريمة تبييض األموال في حال اقترانيا‬
‫بظرف من ظروف التشديد السابق الذكر‪ ،‬إال أنو أطمق وصف الجنحة عمى جريمة تبييض‬
‫األموال عمى خالف المشرع الفرنسي الذي فرق بين جريمة تبييض األموال في صورتيا‬
‫البسيطة والمشددة‪ .1‬كما سوى بين الجريمة التامة والشروع فييا بالنص عمى نفس العقوبة في‬
‫المادة ‪ 389‬مكرر‪ 3‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ -2‬الغرامات المالية‪ :‬يقصد بالغرامة إلزام المحكوم عميو بأن يدفع إلى خزينة الدولة المبالغ‬
‫المقررة في الحكم‪ ،‬وىي بذلك تختمف عن التعويض المدني الذي يشكل تعويضا لممجني‬
‫عميو لما لحقو من خسارة وما فاتو من كسب‪.2‬‬

‫وتعتبر الغرامة عقوبة أصمية في معظم التشريعات المقارنة عمى سبيل الوجوب تتقرر‬
‫عادة ضمن حدين‪ ،‬حد أدنى وحد أقصى‪ ،‬وال يختمف الوضع في التشريع الجزائري عما‬
‫جاري العمل بو في باقي التشريعات‪ ،‬إذ حددت المادة ‪ 389‬مكرر‪ 1‬الغرامة المقررة لمرتكب‬
‫جريمة تبييض األموال من ‪ 1.000.000‬دج إلى ‪ 3.000.000‬دج‪ ،‬وفي حالة اقترانيا‬
‫بظرف مشدد ترفع قيمة الغرامة لتكون من ‪ 4.000.000‬دج إلى ‪ 8.000.000‬دج‪.‬‬

‫ونالحظ أن المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 389‬مكرر‪ 3‬قد سوى بين حالة إتمام‬
‫جريمة تبييض األموال ومجرد الشروع فييا‪ ،‬كما جرم وعاقب عمى مختمف صور تبييض‬
‫األموال المحصمة من أية جناية أو جنحة‪.‬‬

‫اعتبر المشرع الفرنسي بمقتضى المادة ‪ 0-089‬من قانون العقوبات جريمة تبييض األموال في صورتيا البسيطة جنحة‬ ‫‪1‬‬

‫يعاقب عمييا بالحبس خمس سنوات‪ ،‬أما جريمة تبييض األموال المحصمة من جرائم االتجار بالمخدرات فقد أفرد ليا عقوبة‬
‫الحبس مدة عشر سنوات حسب ما جاء في المادة ‪ 8=-000‬من ىذا القانون‪.‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص=‪.9>-9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪158‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميمية‬

‫أخد المشرع الجزائري بالعقوبات التكميمية‪ ،‬حيث نص في المادة ‪ 04‬من قانون‬


‫العقوبات عمى أن‪" :‬العقوبة التكميمية ىي تمك التي ال يجوز الحكم بيا مستقمة عن عقوبة‬
‫أصمية‪ ،‬فيما عدا الحاالت التي نص عمييا القانون صراحة‪ ،‬وىي إما إجبارية أو اختيارية"‪.‬‬

‫فالعقوبات التكميمية تمحق المدان إذا صدرت ضده عقوبة أصمية‪ ،‬ويجب عمى‬
‫القاضي أن ينص عمييا في الحكم بخالف العقوبات التبعية التي تمحق المدان بقوة القانون‬
‫بمجرد أن ينطق القاضي بالعقوبة األصمية‪ ،‬ودون حاجة ألن ينص عمييا في حكم اإلدانة‪.1‬‬

‫كما فرض عقوبات تكميمية إلزامية نصت عمييا المادة ‪ 09‬من قانون العقوبات بقوليا‪:‬‬
‫"العقوبات التكميمية ىي‪:‬‬

‫‪ -‬الحجر القانوني‪،‬‬

‫‪ -‬الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائمية‪،‬‬

‫‪ -‬تحديد اإلقامة‪،‬‬

‫‪ -‬المنع من اإلقامة‪،‬‬

‫‪ -‬المصادرة الجزئية لألموال‪،‬‬

‫‪ -‬المنع المؤقت من ممارسة مينة أو نشاط‪،‬‬

‫‪ -‬إغالق المؤسسة‪،‬‬

‫‪ -‬اإلقصاء من الصفقات العمومية‪،‬‬

‫‪ -‬الحظر من إصدار الشيكات و‪/‬أو استعمال بطاقات الدفع‪،‬‬

‫‪ -‬تعميق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤىا مع المنع من استصدار رخصة جديدة‪،‬‬

‫قادري أعمر‪ ،‬التعامل مع األفعال في القانون الجزائي العام‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،0200 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.0:0‬‬

‫‪159‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪ -‬سحب جواز السفر‪،‬‬

‫‪ -‬نشر أو تعميق حكم أو قرار اإلدانة‪".‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 389‬مكرر‪ 5‬من قانون العقوبات عمى أنو‪ " :‬يطبق عمى الشخص‬
‫الطبيعي المحكوم عميو الرتكاب الجرائم المنصوص عمييا في المادتين ‪ 389‬مكرر‪ 1‬و‪389‬‬
‫مكرر‪ 2‬عقوبة واحدة أو أكثر من العقوبات التكميمية المنصوص عمييا في المادة ‪ 9‬من ىذا‬
‫القانون‪".‬‬

‫واعتبر المشرع الجزائري المصادرة بمثابة عقوبة تكميمية ترد عمى مال معين تضاف‬
‫ممكيتو لمدولة‪ ، 1‬كما استوجبت المادة ‪ 389‬مكرر‪ 5‬من قانون العقوبات مصادرة األمالك‬
‫محل الجريمة‪ ،‬بما في ذلك جميع العائدات والفوائد المترتبة عن ذلك في أي يد كانت‪ ،‬إال إذا‬
‫أثبت مالكيا أنو يحوزىا بسند شرعي‪ ،‬أو لم يعمم بمصدرىا غير المشروع‪.‬‬

‫وفي حالة ما إذا كان إذا كان مرتكب جريمة تبييض األموال مجيول أو اندمجت‬
‫عائدات جناية أو جنحة مع األموال المتحصل عمييا بطريقة شرعية وجب مصادرة األموال‬
‫إضافة إلى الوسائل والمعدات المستعممة في ارتكاب جريمة تبييض األموال‪ ،‬وفي حالة تعذر‬
‫حجز ىذه الممتمكات تحكم الجية القضائية المختصة بعقوبة مالية تكون بمقدار ىذه‬
‫الممتمكات‪.2‬‬

‫وفي منظورنا تعتبر المصادرة من أىم أنواع العقوبات التكميمية الواردة في المادة ‪9‬‬
‫السالفة الذكر بالن سبة لمكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬بدليل أن اىتمام المشرع الدولي بيا‬
‫في االتفاقيات الدولية‪ ،‬وحثو الدول األطراف عمى التركيز عمييا كعقوبة رادعة لمن يقوم‬
‫بتحويل األموال أو نقميا بقصد إخفائيا عن أعين السمطات‪ ،‬وبالتالي إضفاء صفة المشروعية‬
‫عمييا والتغطية عمى الج ارئم المتأتية منيا تمك األموال‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 0:‬من األمر ;;‪ 0:;/‬المتضمن قانون العقوبات عمى أن‪" :‬المصادرة ىي األيمولة النيائية إلى الدولة لمال‬ ‫‪1‬‬

‫أو مجموعة أموال معينة‪ ،‬أو ما يعادل قيمتيا عند االقتضاء"‪.‬‬


‫المادة >=‪ 8‬مكرر‪ 9‬من األمر ;;‪ 0:;/‬المعدل والمتمم‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪160‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الفرع الثاني‬

‫العقوبات المقررة لمشخص المعنوي‬

‫مند نشأة الدولة وظيور فكرة الشخص المعنوي‪ ،‬والخالف قائم حول مدى جواز‬
‫مساءلة الشخص المعنوي عمى ما يقع باسمو ولمصمحتو ويمثل جريمة‪ ،‬لما فيو من اعتداء‬
‫عمى المصالح والحقوق المحمية بنصوص التجريم والعقاب‪ ،‬فذىب جانب الفقو التقميدي إلى‬
‫إنكار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‪ ،‬عمى اعتبار أن الشخص المعنوي مجرد افتراض‬
‫اقتضتو الضرورة‪ ،‬وال يمكن إسناد الجريمة إليو ماديا أو معنويا‪.1‬‬

‫وبالرغم من األسانيد واألسباب التي يحمل عمييا رفض المسؤولية الجنائية لمشخص‬
‫المعنوي‪ ،2‬إال أن االتجاه الحديث من الفقو الجنائي أقر ىذه المسؤولية‪ ،‬مستندا في ذلك إلى‬
‫أن الشخص المعنوي حقيقة قانونية معترف بيا في القانون ويحدد مجال نشاطيا‪ ،‬وىو بذلك‬
‫يتمتع بشخصية قانونية متميزة عن شخصيات من يكونوه ولو إرادة ومصالح وذمة مالية‬
‫مستقمة‪ ،3‬وأن مبدأ التخصص‪ 4‬ال يحول دون مساءلة الشخص المعنوي جزائيا ألنو محدودا‬
‫بدائرة العمل المبينة في وثيق إنشائو‪ ،‬فإذا خرج عنيا واتجو الرتكاب الجريمة فإنو يسأل‬

‫عبد الفتاح خضر‪ ،‬الجريمة أحكاميا العامة في االتجاىات المعاصرة والفقو اإلسالمي‪ ،‬معيد اإلدارة العامة‪ ،‬المممكة‬ ‫‪1‬‬

‫العربية السعودية‪ ،0>=: ،‬ص ص;‪0:<-0:‬؛ إبراىيم عمي صالح‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬دار‬
‫المعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،0>>2 ،‬ص‪.020‬‬
‫تتمثل حجج المعارضين لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في‪-0 :‬طبيعة الشخص المعنوي تجعل من المستحيل إسناد‬ ‫‪2‬‬

‫الجريمة إليو‪-0 .‬مسؤولية الشخص المعنوي تتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة‪-8 .‬عدم قابمية تطبيق العقوبات الجزائية‬
‫عمى الشخص المعنوي‪-9 .‬قاعدة تخصص الشخص المعنوي تحول دون إمكانية ارتكاب الجريمة‪-: .‬معاقبة الشخص‬
‫المعنوي ال تحقق األغراض المستيدفة من العقوبة‪ .‬أنظر‪ :‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ص‪.000-002‬‬
‫مبروك بوخزنة‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي في التشريع الجزائري‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪،0202 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.<8‬‬
‫يقصد بمبدأ التخصص أن وجود الشخص المعنوي من الناحية القانونية محددا بالغرض الذي أنشأ من أجمو‪ ،‬وأن األىمية‬ ‫‪4‬‬

‫المعترف بيا لمشخص المعنوي ىي أىمية ناقصة ذلك ألن أىميتو القانونية إنما تقررت بغية صالحيتو لمقيام بأنشطة معينة‬
‫ومن ثم فإن مشروعية نشاطو مشروطة بجريانو في نطاق الحدود المرسومة لنشاطو الخاص‪ .‬أنظر‪ :‬إبراىيم عمي صالح‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪02:‬؛ مبروك بوخزنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص<=‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫عنيا‪ 1‬كما أن التشريعات الحديثة التي قررت المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي وضعت‬
‫من العقوبات ما يتالءم مع طبيعة الشخص المعنوي كالغرامة والمصادرة وايقاف النشاط‪.2‬‬

‫وقد كرس المشرع الجزائري صراحة مبدأ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‬
‫بموجب القانون ‪ 15/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬من خالل المادة ‪ 51‬مكرر‪ .‬حيث‬
‫يعد إقرار ىذا المبدأ عمى النحو الوارد في ىذه المادة من أىم القواعد التي استحدثيا المشرع‬
‫الجزائري في قانون العقوبات‪ ،‬باعتبار أن إقرار ىذه المسؤولية في وقت من األوقات كان أم ار‬
‫غير مقبول‪.3‬‬

‫أوال‪ :‬شروط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في التشريع الجزائري‬

‫من خالل المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري التي نصت عمى أنو‬
‫باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام‪ ،‬يكون‬
‫الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابو من طرف أجيزتو أو ممثميو‬
‫الشرعيين عندما ينص القانون عمى ذلك‪ ،‬تتبين شروط قيام المسؤولية الجنائية لمشخص‬
‫المعن وي‪ ،‬والتي يمكن تناوليا من ناحية في تحديد األشخاص المعنوية المعنية بالمسؤولية‬
‫الجنائية‪ ،‬ومن ناحية أخرى في تحديد الجرائم التي تكون محال لمساءلة الشخص المعنوي‬
‫والتي ارتكبت من طرف ممثميو ولحساب الشخصي‪.‬‬

‫‪ -1‬األشخاص المعنوية المعنية بالمسؤولية الجنائية‪ :‬حصرت المادة ‪ 51‬مكرر من قانون‬


‫العقوبات مجال المسؤولية الجنائية في أشخاص القانون الخاص سواء كان الغرض منيا‬
‫تحقيق الربح كالشركات التجارية‪ ،‬أو المدنية‪ ،‬أو التي ال تيدف إلى تحقيق الربح كالجمعيات‬
‫السياسية والجمعيات الرياضية والثقافية‪ ،‬وىي مسؤولية ال تمتد إلى الدولة والجماعات المحمية‬
‫واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام‪.‬‬

‫صمودي سميم‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي (دراسة مقارنة بين التشريع الج ازئري والفرنسي)‪ ،‬دار اليدى لمطباعة‬ ‫‪1‬‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،022; ،‬ص‪.00‬‬


‫عمر سالم‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪.08‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد مجحودة‪ ،‬أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،0‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬ ‫‪3‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.;0‬‬

‫‪162‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫فال تسأل جنائيا في التشريع الجزائري الدولة ممثمة في اإلدارات المركزية لرئاسة‬
‫الجميورية‪ ،‬الو ازرة األولى‪ ،‬الو ازرات ومصالحيا الخارجية والمديريات الوالئية ومصالحيا‪.‬‬

‫كما ال تسأل جنائيا الجماعات المحمية ممثمة في الوالية والبمدية‪ ،‬بخالف ما جاء بو‬
‫المشرع الفرنسي حيث أقر المسؤولية الجنائية لمجماعات المحمية عمى الجرائم التي ترتكب‬
‫بمناسبة مباشرتيا لنشاط مرفق عام يمكن تفويض تسييره وادارتو إلى الغير عن طريق‬
‫االتفاق‪.1‬‬

‫كما ال تسأل جنائيا األشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام‪ ،‬ويقصد بيا‬
‫المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري والمؤسسات العمومية ذات الطابع العممي‪ ،‬والتكنولوجي والثقافي‪ ... ،‬الخ‪.‬‬

‫‪ -2‬الج ارئم التي يسأل عنيا الشخص المعنوي‪ :‬خالفا لمشخص الطبيعي‪ ،‬فإنو ال يجوز‬
‫متابعة الشخص المعنوي ومساءلتو جنائيا إال إذا وجد نص يفيد بذلك صراحة‪ ،‬ألن مسؤوليتو‬
‫خاصة ومتميزة وتخضع لقاعدة ال جريمة وال عقوبة وال تدابير أمن إال بنص‪ ،‬وتنحصر في‬
‫الجرائم محل المساءلة سواء الواقعة عمى األشخاص أو الواقعة عمى األموال‪ ،‬ويمكن تمخيص‬
‫الجرائم كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬الجرائم الواردة في الفصل الخامس من قانون العقوبات المتعمقة بالجنايات والجنح التي‬
‫يرتكبيا األشخاص ضد النظام العمومي‪ ،‬وقد نصت عمييا المادة ‪ 175‬مكرر المستحدثة‬
‫بالقانون ‪ 06/23‬المعدل والمتمم لقانون العقوبات‪ ،‬وبمقتضاىا يكون الشخص المعنوي‬

‫‪1‬‬
‫‪Art 121-2 du code pénal : « Toutefois les collectivités territoriales et leur groupements ne‬‬
‫‪sont responsables pénalement que des infractions commises dans l’exercice d’activités‬‬
‫‪susceptibles de faire l’objet de conventions de délégation de service public ».‬‬

‫‪163‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫مسئوال جزائيا عمى الجرائم المحددة في ىذا الفصل‪ ،1‬وذلك طبقا لمشروط المنصوص عمييا‬
‫في المادة ‪ 51‬مكرر‪.‬‬

‫‪ -‬الجريمة الواردة في المادتين ‪ 176‬و ‪ 177‬الخاصة بتكوين جمعية األشرار‪.‬‬

‫‪ -‬الجرائم المحددة في الفصل السابع الخاص بجرائم التزوير‪ 2‬طبقا لممادة ‪ 253‬مكرر‪.‬‬

‫‪ -‬الجرائم الواردة في األقسام ‪ 3‬و‪ 4‬و‪ 5‬من الفصل المتعمق بالجنايات والجنح ضد‬
‫األشخاص‪.3‬‬

‫‪ -‬الجرائم المتعمقة بالحيمولة دون التحقق من شخصية الطفل بالنقل العمدي أو اإلخفاء أو‬
‫استبدال طفل أو تقديمو عمى أنو المرأة لم تضعو‪ ،‬وحالة كونو ولد حيا أو ميتا طبقا لممادة‬
‫‪ 321‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫تشمل الجنايات والجنح الواردة في الفصل الخامس من قانون العقوبات الجزائري في‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬اإلىانة والتعدي عمى الموظفين ومؤسسات الدولة المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 099‬إلى >‪.09‬‬
‫‪ -‬الجرائم المتعمقة بالمدافن وحرمة الموتى المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 0:2‬إلى ‪.0:9‬‬
‫‪ -‬كسر األختام وسرقة األوراق من المستودعات العمومية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 0::‬إلى >‪.0:‬‬
‫‪ -‬التدنيس والتخريب المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 0;2‬إلى ‪ 0;2‬مكرر=‪.‬‬
‫‪ -‬جنايات وجنح متعيدي تموين الجيش المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 0;0‬إلى ‪.0;9‬‬
‫‪ -‬الجرائم المرتكبة ضد النظم المقررة لدور القمار واليناصيب وبيوت التسميف عمى الرىون المحددة والمعاقب عمييا بالمواد‬
‫من ‪ 0;:‬إلى >;‪.0‬‬
‫‪ -‬الجرائم المتعمقة بالصناعة والتجارة والمزايدات العمومية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 0<2‬إلى ‪.0<:‬‬
‫‪ -‬الجرائم المرتكبة ضد القوانين واألنظمة المتعمقة بمغادرة التراب الوطني المحددة والمعاقب عمييا بالمادة ‪ 0<:‬مكرر‪.0‬‬
‫تشمل جرائم التزوير الواردة في الفصل السابع‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬تزوير النقود المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من <>‪ 0‬إلى ‪.029‬‬


‫‪ -‬تقميد أختام الدولة والطوابع والعالمات المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 02:‬إلى ‪.008‬‬
‫‪ -‬تزوير المحررات العمومية أو الرسمية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 009‬إلى =‪.00‬‬
‫‪ -‬التزوير في المحررات العرفية أو التجارية أو المصرفية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من >‪ 00‬إلى ‪.000‬‬
‫‪ -‬التزوير في بعض الوثائق اإلدارية والشيادات المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 000‬إلى >‪.00‬‬
‫تشمل الجنايات والجنح المرتكبة ضد األشخاص المنصوص عمييا في األقسام ‪ 8‬و‪ 9‬و‪ :‬في‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬القتل الخطأ والجرح الخطأ المحدد والمعاقب عميو بالمواد من ==‪ 0‬إلى ‪.0>2‬‬
‫‪ -‬االعتداء الواقع عمى الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف المحدد والمعاقب عميو بالمواد من ‪ 0>0‬إلى ‪.0>:‬‬
‫‪ -‬االعتداء عمى شرف واعتبار األشخاص وعمى حياتيم الخاصة وافشاء األسرار المحدد والمعاقب عميو بالمواد من ;>‪0‬‬
‫إلى ‪.828‬‬

‫‪164‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الجرائم الواردة في األقسام ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ 3‬من الفصل المتعمق بالجنح والجنايات ضد األموال‬
‫المنصوص عمييا في المادة ‪ 382‬مكرر‪.1‬‬

‫‪ -‬الجرائم المتعمقة بالمساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات طبقا لممادة ‪ 394‬مكرر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الجرائم الواردة في األقسام ‪ 3‬و‪ 5‬و‪ 6‬من الفصل المتعمق بالجنايات والجنح ضد األموال‬
‫المنصوص عمييا في المادة ‪ 417‬مكرر‪.3‬‬

‫‪ -‬جرائم الصرف وحركة رؤوس األموال من والى الخارج المنظمة باألمر ‪ 22/96‬المؤرخ في‬
‫‪ 09‬يوليو ‪ 1996‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 01/03‬المؤرخ في ‪ 19‬فيفري ‪ 2003‬واألمر‬
‫‪ 03/10‬المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ ،2010‬وبمقتضى تعديل المادة ‪ 5‬التي نصت عمى أن‬
‫الشخص المعنوي الخاضع لمقانون الخاص مسئول عن المخالفات المنصوص عمييا في‬
‫المادتين األولى والثانية من ىذا األمر والمرتكبة لحسابو من قبل أجيزتو أو ممثميو‬
‫الشرعيين‪.‬‬

‫‪ -‬الجرائم المعرفة بالباب المتعمق بالغش في بيع السمع والتدليس في المواد الغذائية والطبية‬
‫المحددة والمعاقب عمييا بالمواد ‪ 429‬إلى ‪ 439‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ -‬جرائم التيريب الواردة في األمر ‪ 06/05‬المؤرخ في ‪ 23‬غشت ‪ 2005‬المعدل والمتمم‬


‫باألمر ‪ 09/06‬المؤرخ في ‪ 15‬يوليو ‪ ،2006‬إذ نصت المادة ‪ 24‬منو عمى معاقبة‬

‫تشمل الجنايات والجنح ضد األموال‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬السرقات وابتزاز األموال المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 8:2‬إلى ‪ 8<0‬مكرر‪.‬‬


‫‪ -‬النصب واصدار شيك بدون رصيد المحدد والمعاقب عميو بالمواد من ‪ 8<0‬إلى ‪ 8<:‬مكرر‪.‬‬
‫‪ -‬خيانة األمانة المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ;<‪ 8‬إلى ‪ 8=0‬مكرر‪.‬‬
‫والتي تشمل جرائم‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬التفميس المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 8=8‬إلى ‪.8=:‬‬


‫‪ -‬التعدي عمى األمالك العقارية المحددة والمعاقب عمييا بالمادة ;=‪.8‬‬
‫‪ -‬إخفاء األشياء المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من <=‪ 8‬إلى >=‪.8‬‬
‫‪ -‬اليدم والتخريب واألضرار التي تنشأ عن تحويل وسائل النقل المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من ‪ 8>:‬إلى <‪90‬‬
‫مكرر‪.8‬‬

‫‪165‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الشخص المعنوي إذا قامت مسؤوليتو عمى األفعال المجرمة في ىذا األمر بغرامة قيمتيا‬
‫ثالثة أضعاف الغرامة المقررة لمشخص الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -‬جرائم المخدرات المنصوص عمييا في القانون ‪ 18/04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪2004‬‬


‫في المادة ‪ 25‬التي تمتد لمشخص المعنوي في حالة ارتكاب جريمة أو أكثر من الجرائم‬
‫المنصوص عمييا في المواد من ‪ 13‬إلى ‪ 17‬منو‪.‬‬

‫‪ -‬جرائم الفساد الواردة في القانون ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2006‬في المادة ‪ 53‬منو‬


‫التي نصت عمى أن يكون الشخص المعنوي مسئول جنائيا عن الجرائم المنصوص عمييا في‬
‫ىذا القانون من المادة ‪ 25‬إلى المادة ‪ 47‬وفقا لمقواعد المقررة في قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ -‬الجريمة المنصوص عمييا في المادة ‪ 389‬مكرر‪ 1‬ومكرر‪ 2‬الخاصتين بجرائم تبييض‬


‫األموال‪ ،‬وعمى ىذه الجريمة إذا ارتكبت عمى سبيل االعتياد أو باستعمال التسييالت التي‬
‫يمنحيا نشاط ميني أو في إطار جماعة منظمة‪ ،‬وأشارت المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬إلى عقوبة‬
‫الشخص المعنوي‪.‬‬

‫وتجدر اإلش ارة إلى أن المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي تختمف فيما يتعمق بقواعد‬
‫اإلسناد عن المسؤولية الجنائية لمشخص الطبيعي‪ ،‬مما يتطمب توافر شروط أساسية حتى‬
‫تقوم مسؤولية الشخص االعتباري الجنائية‪ ،‬وىي مستمدة أصال من طبيعة الشخص‬
‫المعنوي‪:‬‬

‫أ‪ -‬وقوع الجريمة من قبل أجيزة الشخص المعنوي أو الممثل الشرعي لو‪ :‬نصت المادة‬
‫‪ 51‬من قانون العقوبات عمى أنو‪ ..." :‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم‬
‫التي ترتكب لحسابو من طرف أجيزتو أو ممثميو الشرعيين عندما ينص القانون عمى ذلك"‪.‬‬

‫يتبين من خالل النص المذكور أعاله أن المشرع الجزائري يقتصر في شروط مساءلة‬
‫الشخص المعنوي جنائيا أن يتم ارتكاب الفعل اإلجرامي من طرف أجيزتو أو ممثميو‬
‫الشرعيين‪ .‬وتتكون أجيزة الشخص المعنوي من شخص طبيعي أو أكثر ليم الصالحية‬
‫القانونية لمتصرف باسم الشخص المعنوي وادارتو مثل الرئيس أو المدير‪ ،‬ومجمس اإلدارة‪ ،‬أو‬
‫الجمعية العامة لممساىمين‪ .‬أما المقصود بالممثل الشرعي لمشخص المعنوي فيو الممثل‬

‫‪166‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫القانوني مثل رئيس مجمس اإلدارة والمدير العام‪ ،‬والممثمين القضائيين الذين يوكل إلييم‬
‫القضاء ميمة القيام بإجراءات التصفية في حالة حل الشخص المعنوي‪.‬‬

‫كما أن قيام المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ال تمنع قيام مسؤولية الشخص‬
‫الطبيعي‪ ،‬وذلك بنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 51‬مكرر التي نصت عمى أن المسؤولية‬
‫الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصمي أو شريك في‬
‫نفس الفعل‪.1‬‬

‫ب‪ -‬ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي‪ :‬وىذا يعني أن ال مسؤولية عمى الشخص‬
‫المعنوي إذا ارتكب ممثمو الشرعي الجريمة لحسابو الشخصي أو لحساب شخص آخر‪ ،‬أو‬
‫ارتكبيا من أجل اإلضرار بالشخص المعنوي الذي يمثمو‪.‬‬

‫ويشترط المشرع الجزائري صراحة لقيام مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا‪ ،‬أن يقوم‬
‫الشخص الطبيعي بارتكاب الفعل لحساب الشخص المعنوي الذي يمثمو‪ ،‬إال أنو ال يشترط أن‬
‫يحترم في ذلك الشخص الطبيعي حدود االختصاصات المخولة لو قانونا‪ ،‬فإن فعمو ىذا إن‬
‫تم لحساب الشخص المعنوي فإن المسؤولية الجنائية يتحمميا ىذا األخير‪ ،‬وىذا يتوافق مع‬
‫التوصية الصادرة عن المجمس الوزاري لمدول األعضاء في الوحدة األوروبية لسنة ‪1988‬‬
‫التي نصت عمى مساءلة الشخص المعنوي جنائيا حتى ولو كانت الجريمة المرتكبة ال تدخل‬
‫في نطاق تخصصو‪.2‬‬

‫ج‪ -‬أن يكون الفعل المرتكب مما يتصور إسناده لمشخص المعنوي‪ :‬ذلك أن الجرائم‬
‫المنصوص عمييا في قانون العقوبات ال يمكن تصور قيام الشخص المعنوي بارتكابيا جميعا‬
‫سواء بصفتو فاعال أصميا أو مجرد شريك‪ ،‬ألنو قد تكون جرائم تتطمب العنف أو االحتكاك‬

‫وىذا ما يعرف بازدواج المسؤولية الجزائية بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي عن ذات الجريمة‪ ،‬وتبرير ىذا‬ ‫‪1‬‬

‫االزدواج يرجع إلى عدم تمكين الشخص الطبيعي من جعل مسؤولية الشخص المعنوي كستار تستخدم لحجب مسؤوليتو‪،‬‬
‫ومن جية أخرى ال يمكن ترك الشخص الطبيعي مرتكب الجريمة طميقا دون مساءلة عن فعل اقترفو بيده طالما كان أىال‬
‫لممساءلة الجنائية‪ .‬أنظر‪ :‬عبد الرحمن خمفي‪" ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن جرائم تبييض األموال‪ :‬دراسة في‬
‫التشريع الجزائري مع اإلشارة إلى الفقو والتشريع المقارن"‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث القانوني‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪،‬‬
‫بجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،0200 ،20‬ص;‪.0‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص=‪.0‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪167‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫الجسدي‪ ،‬أو تكون جرائم ال أخالقية‪ ،‬باإلضافة إلى طائفة أخرى من الجرائم التي ال يسأل‬
‫عنيا الشخص المعنوي‪ ،‬ألنيا ذات وضعية خاصة مثل جرائم شيادة الزور واليمين الكاذبة‬
‫ألنيا ال تصدر إال من إنسان‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقوبات الشخص المعنوي عن جريمة تبييض األموال‬

‫نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬من قانون العقوبات عمى معاقبة‬
‫الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص عمييا في المادتين ‪ 389‬مكرر‪ 1‬و‪389‬‬
‫مكرر‪( 2‬جريمة تبييض األموال) بالعقوبات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬العقوبات األصمية‪ :‬حصر المشرع الجزائري العقوبات األصمية المطبقة عمى األشخاص‬
‫المعنوية‪ ،‬مند تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،2006‬في‬
‫الغرامة وحدىا في مواد الجنايات والجنح‪.2‬‬

‫أما العقوبات األصمية المطبقة عمى األشخاص المعنوية في حال ارتكاب جريمة‬
‫تبييض األموال‪ ،‬فتتمثل طبقا لمفقرة األولى من المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬في الغرامة المالية (أ)‬
‫والمصادرة (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬الغرامة المالية‪ :‬يعاقب الشخص المعنوي الرتكابو جريمة تبييض األموال بغرامة مالية ال‬
‫تقل عن أربع (‪ )4‬مرات الحد األقصى لمغرامة المنصوص عمييا في المادتين ‪ 389‬مكرر‪1‬‬
‫و‪ 389‬مكرر‪ ،2‬أي الغرامة المسمطة عمى الشخص الطبيعي الرتكابو جريمة تبييض األموال‬
‫البسيطة المتمثمة في ‪ 300.000‬دج كحد أقصى‪ ،‬و‪ 800.000‬دج كحد أقصى لجريمة‬
‫تبييض األموال المصحوبة بظرف مشدد‪ .‬مما يعني أن العقوبة المقررة لمشخص المعنوي ال‬
‫تقل عن ‪ 12.000.000‬دج في حالة التبييض البسيط‪ ،‬وال عن ‪ 32.000.000‬دج في‬
‫حالة التبييض المشدد‪.‬‬

‫محمود سميمان موسى‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي‪ ،‬الدار الجماىرية لمنشر‪ ،‬ليبيا‪ ،0>=: ،‬ص‪.09:‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة =‪ 0‬مكرر من األمر ;;‪ 0:;/‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪168‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ويرجع سبب رفع الغرامة المقررة لمشخص المعنوي ومضاعفتيا عدة مرات عن تمك‬
‫المقررة لمشخص الطبيعي إلى أن ىذا األخير ال يمكن أن توقع عميو عقوبة الحبس‪ ،‬كما أن‬
‫الغرامة تعد من أنسب العقوبات التي يمكن توقيعيا عمى الشخص المعنوي نظ ار لسيولة‬
‫تحصيميا‪.‬‬

‫ب‪ -‬المصادرة‪ :‬تعتبر المصادرة من العقوبات ذات الطبيعة العينية‪ ،‬وتقع عمى األشياء التي‬
‫كانت محال لمجريمة‪.1‬‬

‫جاء النص عمى عقوبة المصادرة في التشريع الجزائري بشأن الشخص المعنوي ضمن‬
‫المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬التي نصت عمى‪:‬‬

‫‪ -‬مصادرة الممتمكات والعائدات التي تم تبييضيا‪.‬‬

‫‪ -‬مصادرة الوسائل والمعدات التي استعممت في ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬إذا تعذر تقديم أو حجز الممتمكات محل المصادرة‪ ،‬تحكم الجية القضائية المختصة‬
‫بعقوبة مالية تساوي قيمة ىذه الممتمكات‪.‬‬

‫إن عقوبة المصادرة في جريمة تبييض األموال ال تطبق بقوة القانون‪ ،‬بل البد من‬
‫التنصيص عمييا صراحة في منطوق الحكم أو القرار القضائي القاضي باإلدانة‪ ، 2‬وعمى‬
‫القاضي أن يراعي في ذلك حقوق الغير حسن النية‪.‬‬

‫‪ -2‬العقوبات التكميمية‪ :‬نص المشرع الجزائري عمى عقوبات تكميمية ذات طابع اختياري في‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬من قانون العقوبات‪ ،‬التي تتمثل في المنع من مزاولة‬
‫نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز خمس سنوات (أ)‪ ،‬أو حل الشخص المعنوي (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬المنع من مزاولة نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز ‪ 5‬سنوات‪ :‬تعتبر ىذه‬
‫العقوبة من أكثر العقوب ات التي نص عمييا المشرع كجزاء لمشخص المعنوي سواء في قانون‬
‫العقوبات أو القوانين الخاصة األخرى كقانون الممكية الصناعية وقانون المناجم‪.‬‬

‫يحي أحمد موافي‪ ،‬الشخص المعنوي ومسؤولياتو (مدنيا واداريا وجنائيا)‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،0>=< ،‬ص><‪.0‬‬ ‫‪1‬‬

‫لحسين بن الشيخ آث ممويا‪ ،‬دروس في القانون الجزائي العام‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،0200 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص<<‪.0‬‬

‫‪169‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫كما تعتبر عقوبة المنع من مزاولة نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز خمس‬
‫سنوات من طائفة العقوبات ذات الطبيعة الشخصية‪ ،‬إذ أنيا تنصب عمى منع قيام الشخص‬
‫المعنوي بيذه األنشطة‪ ،‬ولم يحدد المشرع الجزائري أساس ىذا المنع‪ ،‬أي ىل يكون بسبب‬
‫االرتباط بين النشاط وبين الجريمة التي ارتكبت‪.‬‬

‫ون الحظ غياب التنسيق بين القاعدة العامة والنصوص الخاصة بالجرائم محل‬
‫المساءلة الجنائية‪ ،‬إذ جاء نص المادة ‪ 177‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات بصيغة اإللزام‬
‫بالحكم لمدة ‪ 5‬سنوات مع التوسع في تحديد مجال النشاط الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة‬
‫عمى خالف نص المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬التي تركت المجال مفتوح إلعمال سمطة القاضي عند‬
‫الحكم بمدة ال تتجاوز ‪ 5‬سنوات دون تحديد مجال النشاط‪.1‬‬

‫ب‪ -‬حل الشخص المعنوي‪ :‬يقصد بحل الشخص المعنوي منعو من االستمرار في ممارسة‬
‫نشاطو حتى ولو كان تحت اسم آخر‪ ،‬أو مع مديرين أو أعضاء مجمس إدارة آخرين‪ ،‬ويترتب‬
‫عمى ذلك تصفية أموالو‪ ،‬مع المحافظة عمى أموال الغير حسن النية ‪ ،2‬وال شك أن عقوبة‬
‫الحل تعتبر من أشد أنواع العقوبات التي توقع عمى الشخص المعنوي عندما يكون قد أنشئ‬
‫بيدف ارتكاب الجريمة‪ ،‬أو إذا انحرف عن ىدفو وسعى إلى ارتكابيا‪.3‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري جعل عقوبة حل الشخص المعنوي جوازية‬
‫صراحة في نص المادة ‪ 18‬مكرر من قانون العقوبات المحددة لمعقوبات المطبقة عمى‬
‫األشخاص المعنوية كقاعدة عامة وأكدىا في نص المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬الخاصة بجريمة‬
‫تبييض األموال‪.‬‬

‫وذلك عكس ما اتجو إليو المشرع الفرنسي في تعريفو لمفيوم النشاط الميني أو االجتماعي في المادة ‪ 0=/080‬من قانون‬ ‫‪1‬‬

‫العقوبات الفرنسي‪.‬‬
‫المادة <‪ 0‬من األمر ;;‪ 0:;/‬المعدل والمتمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫لحسين بن الشيخ آث ممويا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص==‪.0‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪170‬‬
‫اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال‬ ‫الباب األول‪-‬الفصل الثاني ?‬

‫ونالحظ أن القانون ‪ 01/05‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب‬


‫ومكافحتيما لم يتطرق لألعذار المعفية أو المخففة لمعقاب‪ ،‬لكنو في الوقت ذاتو لم يورد نص‬
‫يمنع من تطبيق مثل ىذه األعذار‪ ،‬وعمى ذلك تطبق القواعد العامة المنصوص عمييا في‬
‫قانون العقوبات‪.1‬‬

‫نصت المادة ‪ :0‬من قانون العقوبات عمى أن‪" :‬األعذار ىي حاالت محددة في القانون عمى سبيل الحصر يترتب عمييا‬ ‫‪1‬‬

‫مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتيم إذا كانت أعذار معفية واما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة"‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫آليات مكافحة جريمة تبييض األمىال ومعىقاتها‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الباب الثاني‬

‫مكافحة جريمة تبييض األموال ومعوقاتها‬


‫إن الخطورة التي تتصف بها جريمة تبييض األموال سواء من الناحية االقتصادية‬
‫االجتماعية والسياسية‪ ،‬وتميزها عن سائر الجرائم األخرى بصعوبة الكشف عنها ومالحقة‬
‫مرتكبيها‪ ،‬كما تم بيناه في الباب األول تقتضي تضافر الجهود الدولية والوطنية من أجل‬
‫مواجهتها‪ ،‬ولذلك كان لزاما عمى المشرع الجزائري أن يتصدى لجميع األنشطة التي تشكل‬
‫تبييضا لألموال من خالل تبني آليات لمحد والوقاية منها‪.‬‬

‫وسنتطرق في هذا الباب آلليات مكافحة جريمة تبييض األموال (الفصل األول)‪ ،‬ثم‬
‫نتعرض لمعوقات مكافحة هذه الجريمة (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الفصل األول‬

‫آليات مكافحة جريمة تبييض األموال‬


‫ما انفكت مخاطر جريمة تبييض األمكاؿ تتزايد كتتفاقـ في السنكات األخيرة‪ ،‬بشكؿ‬
‫أصبح مصدر قمؽ لممجتمع الدكلي كيكلد لديو المزيد مف الحرص عمى الكقاية منيا‬
‫كمكافحتيا‪ ،‬لدرجة اعتبرت الجيكد المبذكلة مف طرؼ الدكؿ في حماية البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية منيا معيا ار لتصنيفيا ما بيف متعاكنة كغير متعاكنة في مجاؿ مكافحة اإلجراـ‬
‫كخاصة جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كتأكيدا مف الجزائر عمى رغبتيا في االنخراط في الجيكد الرامية لمكافحة جريمة‬


‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬عمدت إلى اتخاذ العديد مف التدابير كاآلليات التي تيدؼ إلى كقاية نظاميا‬
‫البنكي مف المساىمة في عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬كىك ما نتطرؽ إليو في ىذا الفصؿ مف‬
‫خبلؿ مبحثيف نتطرؽ مف خبلليما إلى اآلليات المتعمقة بالكقاية مف تبييض األمكاؿ (المبحث‬
‫األكؿ)‪ ،‬ثـ لآلليات المتعمقة بالبحث كالتحقيؽ في جريمة تبييض األمكاؿ (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫اآلليات المتعمقة بالوقاية من جريمة تبييض األموال‬

‫تعتبر البنكؾ كالمؤسسات المالية بما تممكو مف تقنيات متطكرة كآليات مف أىـ القنكات‬
‫التي تساىـ في انتشار عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬كحتى يتـ إغبلؽ ىذه المنافذ‪ ،‬فرض عمى‬
‫ا لبنكؾ كالمؤسسات المالية اتخاذ اإلجراءات الكفيمة بمنع استغبلؿ النظاـ المصرفي في‬
‫ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كتجسيدا لذلؾ‪ ،‬أرست التشريعات الكطنية في مختمؼ الدكؿ العديد مف المبادئ‬


‫كااللتزامات عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كمنيا التشريع الجزائرم الذم تبنى البعد الكقائي‬
‫مف خبلؿ إشراؾ البنكؾ كالمؤسسات المالية في تفعيؿ الخطكات المتخذة في مجاؿ الكقاية‬

‫‪173‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫مف تبييض األمكاؿ‪ ،‬سكاء تعمؽ األمر بضركرة االلتزاـ بتكخي الحيطة كالحذر (المطمب‬
‫األكؿ)‪ ،‬أك بالرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية كحركة األمكاؿ (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫االلتزام بتوخي اليقظة‬

‫أكدت معظـ المكاثيؽ الدكلية كالتشريعات الداخمية ذات الصمة بمكافحة جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ عمى ضركرة مساىمة البنكؾ كالمؤسسات المالية في الكقاية مف تبييض األمكاؿ‬
‫كمكافحتو بتكخي اليقظة‪ ،‬كىك ما كرد في بياف لجنة بازؿ المتعمؽ بمنع استخداـ األنظمة‬
‫المصرفية ألغراض تبييض األمكاؿ‪ ،‬الذم أكد عمى أىمية دكر القطاع المصرفي في‬
‫النيكض بمنع عمميات تبييض األمكاؿ بااللتزاـ بتكخي اليقظة كالحذر‪.1‬‬

‫كتندرج ضمف مبدأ االلتزاـ بتكخي اليقظة مجمكعة مف القكاعد كاإلجراءات الكقائية‬
‫التي يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية تطبيقيا كصبلحيات يرجع إلييا أمر تقدير‬
‫ممارستيا‪ 2‬كتتمثؿ أىـ ىذه االلتزامات في ضركرة تكخي الحذر (الفرع األكؿ)‪ ،‬كااللتزاـ بحفظ‬
‫كثائؽ كالمستندات (الفرع الثاني)‪ ،‬باإلضافة إلى االلتزاـ بكضع كتطكير الضكابط الداخمية‬
‫(الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫االلتزام بتوخي الحذر‬

‫يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية كفقا لمقتضيات القانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ‬


‫بالكقية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬االلتزاـ بمجمكعة‬
‫مف االلتزامات في سبيؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ‪ ،‬منيا التي تفرض عمييا سكاء في‬

‫مصطفى طاىر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.853‬‬ ‫‪1‬‬

‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬كقاية النظاـ البنكي الجزائرم مف تبييض األمكاؿ‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪،3108 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.333‬‬

‫‪174‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫مكاجية العمبلء (أكال)‪ ،‬أك في مكاجية العمميات التي تنجزىا كالتي تتطمب تدابير عناية‬
‫مشددة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بالتحقق من ىوية العمالء‬

‫يعتبر االلتزاـ بالتحقؽ مف ىكية العمبلء مف المبادئ التي تحكـ نشاط البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية‪ ،‬كىك ما جاء في تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية (‪ )GAFI‬التي‬
‫تمزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بالتحقؽ مف ىكية عمبلئيا مف خبلؿ المستندات الرسمية‬
‫المبلئمة‪ ،‬كعدـ االحتفاظ بأم حسابات لشخصيات مجيكلة اليكية أك بأسماء كىمية‪.1‬‬

‫كما يعتبر تطبيؽ قاعدة "اعرؼ عميمؾ" مف االلتزامات التي تقع عمى البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية‪ ،‬ككنو مف القكاعد األساسية كاإلجراءات البلزمة إلنشاء ما يسمى بسياسة‬
‫قبكؿ العمبلء كالتعرؼ عمييـ كالمراقبة المستمرة لمحسابات ذات المخاطر العالي ة‪. 2‬‬
‫فالسياسات كاإلجراءات المطبقة بشأف قاعدة "اعرؼ عميمؾ" ال يقتصر أثرىا اإليجابي عمى‬
‫المساىمة في األمف كالسبلمة الشامميف لمبنؾ أك المؤسسة المالية‪ ،‬بؿ يمتد إلى حماية سبلمة‬
‫النظاـ المصرفي مف خبلؿ تقميص احتماؿ تحكيؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية إلى أداة‬
‫لتبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫فقاعدة "اعرؼ عميمؾ" تعني‪:‬‬

‫‪ -‬البحث عف األدلة كالمعمكمات الخاصة بيكية العميؿ كعنكانو كالتأكد مف جميع المستندات‬
‫التي تبيف طبيعة األعماؿ التي يقكـ بيا كأنيا مكجكدة قبؿ البدء بالتعامؿ معو‪.‬‬

‫‪ -‬البحث عف المعمكمات كالمستندات التي تساعد في التعرؼ عمى مصادر الدخؿ كاألنماط‬
‫المتكقعة لممعامبلت التي يمكف القياـ بيا‪ ،‬كالعمؿ عمى تحديث ىذه المعمكمات أكال بأكؿ‬
‫لمعرفة ما ىك النشاط الذم يعتبر طبيعيا كفقا لمنشاط الرئيسي لمعميؿ‪.‬‬

‫‪ 1‬التكصية رقـ ‪ 01‬لمجمكعة العمؿ المالي الدكلية التي جاءت عمى النحك اآلتي‪:‬‬
‫‪« il devrait être interdit aux institutions financières de tenir des comptes anonymes et des‬‬
‫‪comptes sous des noms manifestement fictifs ». GAFI, les quarante recommandations du‬‬
‫‪GAFI, Février 2012.‬‬
‫متاحة عمى المكقع ‪www.fatf-gafi.ord‬‬
‫إبراىيـ سيد أحمد‪ ،‬مكافحة غسيؿ األمكاؿ‪ ،‬المكتبة العصرية لمنشر كالتكزيع‪ ،‬مصر‪ ،3101 ،‬ص‪.55‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪175‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كفي ىذا اإلطار‪ ،‬أكجب المشرع الجزائرم عمى الخاضعيف ضركرة التأكد مف ىكية‬
‫كعنكاف عمبلئيا قبؿ فتح حساب أك دفتر‪ ،‬أك حفظ سندات أك قيـ أك إيصاالت‪ ،‬أك تأجير‬
‫صندكؽ أك القياـ بأم عممية أك ربط أية عبلقة أعماؿ أخرل‪.1‬‬

‫‪ -1‬الوثائق المطموبة لمتحقق من ىوية العميل‪ :‬يتـ التأكد مف ىكية الشخص الطبيعي‬
‫بتقديـ كثيقة رسمية أصمية‪ ،‬سارية الصبلحية متضمنة لمصكرة‪ ،‬كمف عنكانو بتقديـ كثيقة‬
‫رسمية تثبت ذلؾ‪.2‬‬

‫عمى البنؾ أك المؤسسة المالية لمتحقؽ مف ىكية‬ ‫كقد أكجب المشرع الجزائرم‬
‫الشخص الطبيعي تقديـ العميؿ ما يدؿ عمييا مف مستندات رسمية أصمية سارية الصبلحية‬
‫كتحمؿ صكرتو الفكتكغرافية‪ ،‬كيجب إلثبات صحة العنكاف تقديـ المستندات الرسمية كشيادة‬
‫اإلقامة سارية المفعكؿ أك فاتكرة الكيرباء كالماء لؤلشير الثبلثة األخيرة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لؤلشخاص المعنكية كالشركات كالمؤسسات التي تمارس نشاطا قد ينتج‬
‫عنو ارتكاب عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬فيجب عمييا تقديـ المستندات السارية الصبلحية التي‬
‫تثبت ىكيتيا‪ ،‬كعميو يتـ التأكد مف ىكية الشخص المعنكم بتقديـ قانكنو األساسي كأية كثيقة‬
‫تسجيمو أك اعتماده كبأف لو كجكدا فعميا أثناء إثبات شخصيتو‪ .3‬كقد أكد المنظـ البنكي عمى‬
‫ىذا في المادة ‪ 5‬مف النظاـ ‪ 03/12‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمكافحتيما‪ 4‬التي نصت عمى أف التأكد مف ىكية الشخص المعنكم يتـ مف خبلؿ تقديـ‬
‫قانكنو األساسي األصمي‪.‬‬

‫كما يتعيف التحقؽ مف ىكية الشخص المتعامؿ مع البنؾ أك المؤسسة المالية كالذم‬
‫يعمؿ لحساب الغير‪ ،‬كذلؾ بأف يقدـ فضبل عف الكثائؽ التي يتـ التأكد بيا مف ىكية‬

‫المادة ‪ ،10‬الفقرة ‪ 10‬مف القانكف ‪ ،10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،10‬الفقرة ‪ 13‬مف القانكف ‪ ،10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،10‬الفقرة ‪ 18‬مف القانكف ‪ ،10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫النظاـ رقـ ‪ 18/03‬المؤرخ في ‪ 33‬نكفمبر ‪ ،3103‬يتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،03‬صادر في ‪ 30‬فبراير ‪.3108‬‬

‫‪176‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الشخص الطبيعي‪ ،‬التفكيض بالسمطات المخكلة لو إضافة إلى الكثائؽ التي تثبت شخصية‬
‫كعنكاف أصحاب األمكاؿ الحقيقييف‪.1‬‬

‫كفي نفس السياؽ‪ ،‬ألزـ النظاـ رقـ ‪ 03/12‬مؤرخ في ‪ 28‬نكفمبر ‪ 2012‬الصادر عف‬
‫بنؾ الجزائر السابؽ الذكر‪ ،‬البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر لتفادم‬
‫التعرض إلى مخاطر مرتبطة بعمبلئيا كأطرافيا المقابمة‪ ،‬السير عمى كجكد معايير داخمية‬
‫لمعرفة الزبائف كمطابقتيا باستمرار‪ ،‬باإلضافة إلى كاجب الرعاية الصارمة فيما يخص‬
‫الحسابات كالعمميات التي قد تشكؿ خط ار كمراقبة حذرة لمنشاطات كالعمميات التي قد تككف‬
‫محؿ الشبية‪.2‬‬

‫كفي إطار تحديد ىكية اآلمر بالعممية الحقيقي‪ ،‬أكدت تكصيات مجمكعة العمؿ‬
‫المالي عمى أىمية فرض ىذا االلتزاـ‪ ،‬فنصت عمى إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬بالتحقؽ‬
‫مف ىكية المستفيد الحقيقي كحثيا عمى اتخاذ تدابير معقكلة لمتحقؽ مف اليكية حتى يككف ليا‬
‫معرفة كافية عنو‪.3‬‬

‫كلـ يتضمف القانكف ‪ 01/05‬قبؿ تعديمو‪ ،‬أم تحديد لعبارة المستفيد الحقيقي‪ ،‬لكف‬
‫يستنتج مف أحكامو أنو فرض ىذا االلتزاـ عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كىك ما يتضح‬
‫مف نص المادة ‪ 09‬منو‪ ،‬التي جاء فييا‪ " :‬في حالة عدـ تأكد البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫كالمؤسسات المالية المشابية األخرل‪ ،‬مف أف الزبكف يتصرؼ لحسابو الخاص‪ ،‬يتعيف عمييا‬
‫أف تستعمـ بكؿ الطرؽ القانكنية مف ىكية اآلمر بالعممية الحقيقي أك الذم يتـ التصرؼ‬
‫لحسابو"‪.‬‬

‫كقد عمد المشرع إلى إدراج تحديد المستفيد الحقيقي ضمف أحكاـ القانكف ‪01/05‬‬
‫بمكجب التعديؿ الذم جاء بو األمر ‪ ،02/12‬بتعديمو لنص المادة ‪ 04‬التي عرفت المستفيد‬
‫الحقيقي بأنو‪" :‬الشخص أك مجمكعة األشخاص الطبيعيكف الذيف يممككف أك يمارسكف سيطرة‬

‫المادة ‪ ،10‬الفقرة ‪ 10‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف النظاـ ‪ ،18/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.380‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪177‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫فعمية في النياية عمى الزبكف ك‪ /‬أك الشخص الذم تتـ العمميات نيابة عنو‪ ،‬كما يتضمف‬
‫أيضا األشخاص الذيف يمارسكف سيطرة فعمية نيائية عمى شخص معنكم"‪.‬‬

‫كما تضمف األمر ‪ 02/12‬تعديبل لنص المادة ‪ 09‬مف القانكف ‪ ،01/05‬ليشتمؿ‬


‫صراحة عمى مصطمح المستفيد الحقيقي‪ ،‬حيث نص عمى أنو‪" :‬في حالة عدـ تأكد‬
‫الخاضعيف مف تصرؼ الزبكف لحسابو الخاص‪ ،‬يتعيف عمييـ االستعبلـ بكؿ الطرؽ القانكنية‬
‫عف ىكية المستفيد الحقيقي أك اآلمر الحقيقي بالعممية"‪.‬‬

‫كاذا كانت البنكؾ كالمؤسسات المالية تممؾ الحرية في تحديد كحصر طرؽ التحقؽ مف‬
‫ىكية الزبائف‪ ،‬إال أنيا عند اإلثبات عمييا أف تتقيد بكسائؿ اإلثبات الرسمية المقبكلة‪ ،‬كنرل أف‬
‫المشرع الجزائرم قد أصاب بنصو ىذا‪.‬‬

‫‪ -2‬ميعاد التحقق من ىوية العمالء‪ :‬حدد المشرع الجزائرم ميعاد التحقؽ مف ىكية العمبلء‬
‫في نص الفقرة األكلى مف المادة ‪ 07‬مف القانكف ‪ 01/05‬كالمادة ‪ 04‬مف النظاـ رقـ‬
‫‪ 03/12‬كبذلؾ تككف ا لبنكؾ كالمؤسسات المالية كغير المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم‬
‫ممزمة بالتأكد مف ىكية العمبلء عند "إقامة عبلقة العمؿ"‪ ،‬كىك ما يخالؼ تكصيات مجمكعة‬
‫العمؿ المالي الدكلية التي تسمح لمبنكؾ كالمؤسسات المالية القياـ بعممية التحقؽ مف ىكية‬
‫العمبلء قبؿ أك أثناء إقامة عبلقة العمؿ أك تنفيذ العمميات لمعمبلء االعتيادييف‪ ،‬بؿ كحتى في‬
‫كقت الحؽ إلقامة عبلقة التعامؿ‪.‬‬

‫كيشترط لمقياـ بالتحقؽ مف ىكية العمبلء بعد إقامة عبلقة العمؿ ما يمي‪:1‬‬

‫‪ -‬أف يحدث ىذه في أسرع كقت ممكف عمميا عقب إقامة العبلقة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يككف ضركريا لعدـ مقاطعة سير العمؿ الضركرم‪.‬‬

‫‪ -‬السيطرة عمى مخاطر تبييض األمكاؿ بفعالية‪.‬‬

‫كقصد التحقؽ مف أف المعطيات الخاصة بالعمبلء كاممة‪ ،‬يتعيف عمى البنكؾ‬


‫كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر‪ ،‬القياـ بتحيينيا سنكيا كعمى األقؿ‪ ،‬عند‬

‫تدريست كريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.001‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪178‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كؿ معاممة ميمة كالقياـ بتعديؿ جكىرم لممعايير الخاصة بالتزكيد بالكثائؽ المتعمقة بالعمبلء‬
‫أك في منيج تسيير الحسابات‪ .‬غير أنو في حالة ما إذا تبييف لبنؾ أك مؤسسة مالية أك‬
‫المصالح المالية لبريد الجزائر‪ ،‬في كقت ما أف المعمكمات المتكفرة لدييا بخصكص عميؿ‬
‫غير كافية يتعيف عمييا اتخاذ اإلجراءات البلزمة لمحصكؿ عمى جميع المعمكمات المفيدة في‬
‫أقرب اآلجاؿ‪.1‬‬

‫كقد أدرج األمر ‪ 02/12‬المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ‪ 01/05‬إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات‬


‫المالية باليقظة المستمرة طيمة عبلقة العمؿ التي تربطيا بالعميؿ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪10‬‬
‫مكرر‪ 4‬عمى أنو‪" :‬يمتزـ الخاضعكف بكاجب اليقظة طيمة مدة عبلقة األعماؿ كيراقبكف بدقة‬
‫العمميات المنجزة لمتأكد مف مطابقتيا لممعمكمات التي يحكزكنيا حكؿ زبائنيـ"‪.‬‬

‫كبذلؾ يككف المشرع الجزائرم قد استجاب لتكصيات فريؽ خبراء مجمكعة العمؿ‬
‫المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا الذم تكلى تقييـ مدل التزاـ الجزائر بالتكصيات‬
‫األربعيف سنة ‪ ،2010‬الذم طمب مف السمطات الجزائرية بضركرة سد مثؿ ىذه الثغرات‬
‫قصد الكفاء بمقتضيات تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية التي تفرض ىذا االلتزاـ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االلتزام بتدابير العناية المشددة‬

‫لـ يكتفي المشرع الجزائرم بإلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بالتحقؽ مف ىكية العمبلء‬
‫عمى النحك السابؽ بيانو فقط‪ ،‬بؿ ألزميا بضركرة االلتزاـ بتدابير العناية المشددة تجاه بعض‬
‫العمميات ذات الطابع غير االعتيادم الكتشاؼ إمكانية ارتباطيا بنشاط تبييض األمكاؿ‬
‫كأيضا تدابير مشددة تجاه فئة معينة مف العمبلء‪.‬‬

‫‪ -1‬تدابير العناية المشددة تجاه بعض العمميات‪ :‬تستكجب بعض العمميات نظ ار لمطابع‬
‫الخاص الذم يميزىا‪ ،‬عناية خاصة مف البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كىي العمميات ذات‬
‫الطابع غير االعتيادم‪ ،‬ككذلؾ عمميات التحكيؿ االلكتركني لؤلمكاؿ‪.‬‬

‫أ‪ -‬التدابير تجاه العمميات ذات الطابع غير االعتيادي‪ :‬نصت المادة ‪ 10‬مف القانكف‬
‫‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أنو‪" :‬إذا تمت عممية ما في ظركؼ مف التعقيد غير العادية‬

‫المادة ‪ 10‬مف النظاـ ‪ ،18/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪179‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أك غير مبررة أك تبدك أنيا ال تستند إلى مبرر اقتصادم أك إلى محؿ مشركع أك في الحاالت‬
‫التي يفكؽ مبمغ العممية حدا يتـ تحديده عف طريؽ التنظيـ‪ ،‬يتعيف عمى الخاضعيف أف يكلكىا‬
‫عنا ية خاصة كاالستعبلـ عف مصدر األمكاؿ ككجيتيا ككذلؾ محؿ العممية كىكية المتعامميف‬
‫االقتصادييف‪.‬‬

‫يحرر تقرير سرم كيحفظ دكف اإلخبلؿ بتطبيؽ المكاد مف ‪ 15‬إلى ‪ 22‬مف ىذا القانكف"‪.‬‬

‫نبلحظ مف نص الفقرة األكلى مف المادة السابقة الذكر‪ ،‬أف المشرع حدد العمميات‬
‫غير االعتيادية التي تتطمب عناية مشددة عمى سبيؿ الحصر كىي‪:‬‬

‫‪ -‬العمميات التي تتـ في ظركؼ معقدة كغير عادية‪.‬‬

‫‪ -‬العمميات التي ال تستند إلى مبرر اقتصادم أك إلى محؿ مشركع‪.‬‬

‫‪ -‬العمميات التي تفكؽ قيمتيا حدا معينا‪.‬‬

‫كفي تقديرنا الخاص‪ ،‬نرل أف ىذا التحديد يكتنفو الكثير مف الغمكض كعدـ الكضكح‬
‫بالرغـ مف المؤشرات التي كضعيا المنظـ البنكي بمكجب المادة ‪ 10‬مف النظاـ ‪03/12‬‬
‫لمساعدة البنكؾ كالمؤسسات المالية عمى النظر بعيف الحذر لبعض العمميات ذات الطابع‬
‫غير االعتيادم كالمعقدة التي يمكف أف ترتبط بتبييض األمكاؿ‪ ،1‬ذلؾ أف تقدير الظركؼ غير‬
‫العادية كالمعقدة لعممية‪ ،‬أك عدـ استنادىا إلى مبرر اقتصادم أك محؿ مشركع ىك أمر‬
‫صعب‪ ،‬ألنو يستند إلى المعمكمات التي يتكفر عمييا البنؾ حكؿ العميؿ‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 01‬مف النظاـ ‪ 18/03‬عمى أنو‪" :‬يتعيف عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر‬ ‫‪1‬‬

‫أف تتكفر عمى أنظمة مراقبة المعامبلت‪ ،‬تسمح بالنسبة لجميع الحسابات‪ ،‬بإبراز النشاطات ذات طابع غير اعتيادم أك‬
‫مشتبو فييا‪.‬‬
‫تغطي أنكاع العمميات التي يجب أف تككف محؿ اىتماـ خاص‪ ،‬عمى الخصكص العمميات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬التي ال تبدك أنيا تستند إلى مبرر اقتصادم أك تجارم ممكف إدراكو‪،‬‬
‫‪ -‬التي تمثؿ حركات رؤكس األمكاؿ بشكؿ مفرط بالمقارنة مع رصيد الحساب‪،‬‬
‫‪ -‬التي تتعمؽ بمبالغ‪ ،‬السيما نقدية ليس ليا عبلقة مع العمميات العادية أك المحتممة لمزبكف‪،‬‬
‫‪ -‬المعقدة بشكؿ غير عادم كغير مبررة‪،‬‬
‫‪ -‬التي ال تبدك أف ليا ىدفا شرعيا‪،‬‬
‫‪ -‬التي تفكؽ‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬السقؼ المحدد بالتنظيـ المعمكؿ بو"‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كتتمثؿ تدابير العناية التي يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية اتخاذىا في حالة ما‬
‫إذا كانت العممية المطمكب إنجازىا ذات طابع غير اعتيادم في االستعبلـ لدل العميؿ عف‬
‫مصدر األمكاؿ كغايتيا‪ ،‬ككذلؾ عف ىكية الجية المستفيدة منيا مف جية‪ ،‬كتحرير محضر‬
‫سرم بشأنيا كحفظو مف جية أخرل‪ .‬لكف إذا اكتشؼ ارتباط العممية بنشاط تبييض األمكاؿ‬
‫فإنو يتكلى فضبل عف ذلؾ القياـ باإلخطار بالشبية عنيا إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫التي يمكنيا االعتراض بصفة تحفظية لمدة أقصاىا ‪ 72‬ساعة عمى تنفيذ العممية في حاؿ‬
‫انطكائيا عمى شبيات قكية لتبييض األمكاؿ أك تمكيؿ اإلرىاب‪.‬‬

‫كتتكلى المجنة المصرفية في إطار ممارستيا لمياـ الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات‬
‫كعند اكتشافيا انطكا ء عممية ما لممكاصفات المتعمقة بالعمميات ذات الطابع غير االعتيادم‬
‫مباشرة اإلجراءات التأديبية ضدىا في حالة عدـ التزاميا بتحرير التقرير السرم كحفظو‪ ،‬عمى‬
‫اعتبار أف ذلؾ يشكؿ إخبلال بكاجب قانكني‪.1‬‬

‫ب‪ -‬التدابير تجاه عمميات التحويل اإللكتروني‪ :‬نصت المادة ‪ 17‬مف النظاـ ‪ 03/12‬عمى‬
‫أنو‪" :‬يتعيف عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر في إطار‬
‫التحكيبلت اإللكتركنية ميما كانت الكسيمة المستعممة ( ‪... SWIFT, ARTS, ATCI‬الخ )‬
‫ك‪/‬أك كضع األمكاؿ تحت التصرؼ أف تسير عمى التحقؽ بدقة مف ىكية اآلمر بالعممية‬
‫كالمستفيد باإلضافة إلى عناكينيما"‪.‬‬

‫كما نصت الفقرة (ج) مف المادة ‪ 29‬مف النظاـ ‪ 08/11‬المؤرخ في ‪ 28‬نكفمبر‬


‫‪ 2011‬عمى ىذا االلتزاـ‪ ،‬حيث جاء فييا‪ ..." :‬ج) السير عمى التحديد الدقيؽ ليكية اآلمر‬
‫بالعممية كالمستفيد مف التحكيبلت اإللكتركنية باإلضافة إلى عناكينيما‪ ،‬ميما كانت الكسيمة‬
‫المستعممة"‪.‬‬

‫لقد كرس المنظـ البنكي مف خبلؿ النصيف المذككريف التزاما عمى عاتؽ البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر بضركرة إيبلء عناية مشددة لعمميات‬
‫التحكيؿ االلكتركني‪ ،‬مف خبلؿ السير عمى التحديد الدقيؽ ليكية اآلمر بالعممية كالمستفيد‬

‫المادة ‪ 03‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪181‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫منيا كعناكينيما‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى دقة كتعقيد الكسائؿ المستعممة في عمميات التحكيؿ‬
‫اإللكتركني‪.‬‬

‫‪ -2‬تدابير العناية المشددة اتجاه فئة معينة من العمالء‪ :‬فضبل عف إجراءات اليقظة تجاه‬
‫العمبلء العادييف‪ ،‬يقع عمى عاتؽ البنكؾ كالمؤسسات المالية تطبيؽ إجراءات أخرل أكثر‬
‫تشددا تجاه فئة أخرل مف العمبلء يطمؽ عمييا "األشخاص السياسييف ممثمي المخاطر"‪.‬‬

‫كيعتبر األشخاص السياسيكف ممثمك المخاطر مف فئات العمبلء ذكم المخاطر‬


‫المرتفعة خاصة فيما يتعمؽ بتبييض األمكاؿ‪ .‬حيث يمكف أف تجمب عبلقات العمؿ معيـ‬
‫مخاطر مرتفعة لمبنكؾ كالمؤسسات المالية كاألعماؿ كالميف غير المالية نتيجة تكلييـ‬
‫مناصب قد يتعرضكف أك يتكرطكف مف خبلليا في الكسب الشخصي ليـ أك لعائبلتيـ أك‬
‫لشركائيـ المقربيف كاستخداميـ إلخفاء األمكاؿ كاألصكؿ المحصمة بشكؿ غير مشركع مف‬
‫استغبلؿ مناصبيـ الرسمية‪.1‬‬

‫كقد كرد تعريؼ األشخاص السياسييف ممثمي المخاطر في قائمة المصطمحات‬


‫الممحق ة بالتكصيات األربعيف الصادرة عف مجمكعة العمؿ المالي الدكلية بأنيـ‪" :2‬األشخاص‬
‫المككمة إلييـ أك التي أككمت إلييـ مياـ عامة بارزة في دكلة أجنبية‪ ،‬كرؤساء الدكؿ أك‬
‫الحككمات كالسياسييف رفيعي المستكل كالمسئكليف القضائييف كالعسكرييف‪ ،‬ككبار المكظفيف‬
‫التنفيذييف في الشركات المممككة لمدكلة‪ ،‬كمسئكلي األحزاب السياسية الياميف"‪.3‬‬

‫كقد جاء القانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬


‫كمكافحتيما خاليا مف اإلشارة إلى ضركرة اتخاذ تدابير العناية المشددة تجاه ىذه الفئة مف‬
‫العمبلء‪ ،‬األمر الذم جعؿ خبراء فريؽ التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ‬

‫مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا‪ ،‬األشخاص السياسيكف ممثمك المخاطر في مجاؿ غسؿ‬ ‫‪1‬‬

‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬نكفمبر ‪ ،3113‬ص‪ .04‬متاح عمى المكقع ‪www.menafatf.org‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪3‬‬
‫‪« Une personne politiquement exposée est une personne qui exerce ou à exercé‬‬
‫‪d’importantes fonctions politique dans un pays étranger ; par exemple, de chef d’Etat ou de‬‬
‫‪gouvernement, de politiciens de haut rang, de hauts responsables au sein des pouvoirs publics,‬‬
‫‪de magistrats ou militaires de haut rang, de dirigeants d’une entreprise publique ou de‬‬
‫‪responsables de parti politique ».‬‬

‫‪182‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫األكسط كشماؿ إفريقيا يعتبر الجزائر غير ممتزمة بيذا المعيار الدكلي‪ ،‬كقد حثيا عمى‬
‫ضركرة مطالبة المؤسسات المالية بكضع نظـ مناسبة إلدارة المخاطر لتحديد ما إذا كاف‬
‫العميؿ المستقبمي أك العميؿ أك المستفيد الحقيقي شخصا سياسيا ممثبل لممخاطر‪.1‬‬

‫كعمى ىذا األساس‪ ،‬استجاب المشرع الجزائرم ليذه المتطمبات الدكلية بمكجب األمر‬
‫‪ 02/12‬المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ‪ ،01/05‬حيث استحدثت المادة ‪ 07‬مكرر التي جاء فييا‪:‬‬
‫"يتعيف عمى الخاضعيف أف يتكفركا ع مى منظكمة مناسبة لتسيير المخاطر قادرة عمى تحديد‬
‫ما إذا كاف الزبكف المحتمؿ أك الزبكف أك المستفيد الحقيقي شخصا معرضا سياسيا‪ ،‬كاتخاذ‬
‫كؿ اإلجراءات البلزمة لتحديد أصؿ األمكاؿ كالحرص عمى ضماف مراقبة مشددة كمستمرة‬
‫لعبلقة األعماؿ"‪.‬‬

‫كما تـ إدراج ضمف أحكاـ القانكف ‪ 01/05‬بمكجب األمر السابؽ الذكر‪ ،‬تعريؼ‬
‫األشخاص السياسييف ممثمي المخاطر‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 4‬منو عمى المقصكد بيـ‪" :‬كؿ‬
‫أجنبي معيف أك منتخب‪ ،‬مارس أك يمارس في الجزائر أك في الخارج كظائؼ ىامة‪ ،‬تشريعية‬
‫أك تنفيذية أك إدارية أك قضائية"‪.‬‬

‫يتبف مف التحديد الكارد في نص المادة المذككرة أعبله‪ ،‬أف األشخاص السياسييف‬


‫الكطنييف الذيف يمارسكف مياميـ في الجزائر أك في الخارج غير معنييف بالتدابير المشددة‬
‫التي تمتزـ بيا البنكؾ كالمؤسسات المالية تجاه العمبلء‪ ،‬كىك ما يتكافؽ مع تكصيات مجمكعة‬
‫العمؿ المالي الدكلية الصادرة سنة ‪ 2012‬التي اعتمدت معيار الجنسية في تحديد األشخاص‬
‫السياسييف ممثمي المخاطر‪.2‬‬

‫مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا‪ ،‬تقرير التقييـ المشترؾ حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬ ‫‪1‬‬

‫اإلرىاب في الجزائر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪ 2‬التكصية ‪ 03‬لمجمكعة العمؿ المالي الدكلية التي جاء فييا‪:‬‬
‫‪« A l’égard des personnes politiquement exposées(PPE) étrangères (qu’elles soient des clients‬‬
‫‪ou des bénéficiaires effectifs), les institutions financières devraient être obligées, en plus des‬‬
‫‪mesures de vigilance normales relatives à la clientèles, de … ». GAFI, Les quarante‬‬
‫‪recommandations du GAFI 2012, Op.Cit.‬‬

‫‪183‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫االلتزام بحفظ الوثائق‬

‫يتكجب عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية حفظ الكثائؽ المتعمقة بعممياتيا المالية‬
‫كالمعامبلت الخاصة بالعمبلء‪ ،‬كذلؾ حتى يتسنى ليا الرجكع إلييا عند الحاجة مف قبؿ‬
‫كمرجعي الحسابات أك مف قبؿ‬
‫سمطات البنؾ أك المؤسسة المالية‪ ،‬ككذلؾ مف قبؿ مدققي ا‬
‫البنؾ المركزم كالسمطات المختصة األخرل‪.1‬‬
‫كينطكم االلتزاـ بحفظ الكثائؽ عمى أىمية كبيرة في الكقاية مف جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫لذلؾ تـ إقرار ىذا االلتزاـ ضمف أحكاـ القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ كالنظاـ ‪03/12‬‬
‫المذاف يفرضاف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية االحتفاظ بنكع معيف مف الكثائؽ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أىمية حفظ الوثائق‬
‫حثت مجمكعة العمؿ المالي الدكلية البنكؾ كالمؤسسات المالية عمى االلتزاـ بضركرة‬
‫االحتفاظ بالكثائؽ المثبتة ليكية العمبلء ككؿ السجبلت الخاصة بالعمميات التي أجراىا مع‬
‫البنؾ أك المؤسسة المالية لمدة ‪ 05‬سنكات عمى األقؿ‪ ،‬كذلؾ قصد تقديميا لمسمطات‬
‫المختصة‪.2‬‬
‫كيتـ االحتفاظ بالكثائؽ التي تتضمف المعمكمات الخاصة بالعمبلء كمعامبلتيـ مع‬
‫البنكؾ أك المؤسسات المالية قصد التمكف مف معرفة العميؿ كمراقبة نشاطو‪ ،‬ككذلؾ استعماؿ‬

‫محمد حسف عمر بركارم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.303‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬التكصية ‪ 01‬لمجمكعة العمؿ المالي الدكلي التي جاءت عمى النحك اآلتي‪:‬‬
‫‪« Les institutions financières devraient être obligées de conserver, pendant au moins cinq ans,‬‬
‫‪tous les documents nécessaires relatifs aux opérations, nationales et internationales, afin de‬‬
‫‪leur permettre de répondre rapidement aux demandes d’information des autorités‬‬
‫…‪compétentes‬‬
‫‪Les institutions financière devraient être obligées de conserver tous les documents obtenus‬‬
‫‪dans le cadre des mesures de vigilance relatives à la clientèle ( par exemple, la copie des‬‬
‫‪documents officiels d’identification tels que les passeport, les cartes d’identité, les permis de‬‬
‫‪conduire ou d’autre document similaire, ou les informations figurant dans ces documents), les‬‬
‫‪livre de compte et la correspondance commerciale, y compris les résultats de toute analyse‬‬
‫‪réalisée pendant au moins cinq ans à compter de la fin de la relation d’affaires ou de la date‬‬
‫‪l’opération occasionnelle.‬‬
‫‪Les institutions financières devraient être obligées par la loi de conserver les documents sur‬‬
‫‪les opérations et les informations obtenues dans le cadre des mesures de vigilance relatives à‬‬
‫‪la clientèle ». GAFI, Les quarante recommandations, Op. Cit.‬‬

‫‪184‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ىذه الكثائؽ ككسيمة إثبات إذا تطمب األمر ذلؾ‪ ،‬إذ يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫كالمصالح المالية لبريد الجزائر إعداد إجراءات لفائدة ىيئاتيا العممياتية‪ ،‬تحدد بمكجبيا‬
‫المعطيات التي ينبغي االحتفاظ بيا بخصكص إثبات ىكية العمبلء كالمعامبلت الفردية كالمدة‬
‫القانكنية كالنظامية لعممية االحتفاظ ‪.1‬‬
‫كيسمح االلتزاـ بحفظ الكثائؽ المتعمقة بالعمبلء كالعمميات بتقييـ مدل امتثاؿ البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية لمقكاعد التشريعية كالتنظيمية ذات الصمة بااللتزامات المتعمقة بمنع‬
‫استخداميا في عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬ذلؾ أف فعالية تنفيذ التزامات تكخي اليقظة تجاه‬
‫العمبلء كالعمميات لف تتحقؽ ما لـ تخضع البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمؤسسات كالميف‬
‫غير المالية اللتزاـ آخر يتمثؿ في ضركرة مسؾ كحفظ السجبلت كالمستندات التي تحققت‬
‫عف طريقيا مف ىكية العمبلء كمف العمميات‪.2‬‬
‫كادراكا مف المشرع الجزائرم بأىمية االحتفاظ بالكثائؽ في المساىمة الفعالة لمبنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية كالمؤسسات كالميف غير المالية الممزمة باإلخطار بالشبية في مكافحة‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬عمد إلى إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باالحتفاظ بالكثائؽ ككضعيا‬
‫تحت تصرؼ السمطات المختصة‪ ،‬كىك ما يظير في نص الفقرة األكلى مف المادة ‪ 14‬مف‬
‫القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى أنو‪" :‬يتعيف عمى الخاضعيف االحتفاظ‬
‫بالكثائؽ ‪ ...‬كجعميا في متناكؿ السمطات المختصة‪."3‬‬
‫فااللتزاـ بحفظ الكثائؽ‪ ،‬يسمح لمبنكؾ كالمؤسسات المالية بتحقيؽ التعاكف مع‬
‫السمطات المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ تمكيف ىذه األخيرة مف‬
‫االطبلع عمى المعمكمات الخاصة بالعمبلء كالعمميات المتضمنة في الكثائؽ عند طمبيا‬
‫لتتكلى تحميميا بيدؼ كشؼ إمكانية ارتباط تمؾ العمميات بنشاط تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫المادة ‪ ،13‬الفقرة ‪ 13‬مف النظاـ ‪ ،18/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫تدريست كريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.005‬‬ ‫‪2‬‬

‫نصت المادة ‪ 15‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أنو‪" :‬يقصد بالسمطات المختصة السمطات اإلدارية كالسمطات‬ ‫‪3‬‬

‫المكمفة بتطبيؽ القانكف كالسمطات المكمفة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬بما فييا سمطات الرقابة"‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع الوثائق التي يتعين االحتفاظ بيا‬


‫نصت المادة ‪ 14‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أنو‪" :‬يتعيف عمى‬
‫الخاضعيف االحتفاظ بالكثائؽ اآلتي ذكرىا كجعميا في متناكؿ السمطات المختصة‪:‬‬
‫‪ -‬الكثائؽ المتعمقة بيكية الزبائف كعناكينيـ خبلؿ فترة خمس (‪ )5‬سنكات عمى األقؿ‪ ،‬بعد‬
‫غمؽ الحسابات أك كقؼ عبلقة التعامؿ‪.‬‬
‫‪ -‬الكثائؽ المتعمقة بالعمميات التي أجراىا الزبائف خبلؿ فترة خمس (‪ )5‬سنكات عمى األقؿ‬
‫بعد تنفيذ العممية"‪.‬‬
‫يتضح مف نص المادة ‪ 14‬المذككرة أعبله أف المشرع الجزائرم ألزـ البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية كالمؤسسات كالميف غير المالية الخاضعة لكاجب اإلخطار بالشبية‬
‫باالحتفاظ بنكعيف مف الكثائؽ‪ ،‬األكلى تخص العمبلء‪ ،‬كالثانية متعمقة بالعمميات‪.‬‬
‫‪ -1‬الوثائق المتعمقة بيوية العمالء‪ :‬نصت المادة ‪ 08‬مف النظاـ رقـ ‪ 03/12‬عمى إلزاـ‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر بأف تحتفظ كتضع تحت تصرؼ‬
‫السمطات المختصة الكثائؽ المتعمقة بيكية العمبلء كعناكينيـ‪ ،‬خبلؿ فترة خمس (‪ )5‬سنكات‬
‫عمى األقؿ‪ ،‬بعد غمؽ الحسابات ك‪/‬أك كقؼ عبلقة التعامؿ‪.‬‬
‫كما ألزـ النظاـ رقـ ‪ 08/11‬الصادر عف بنؾ الجزائر كالمتعمؽ بالرقابة الداخمية‪ 1‬كؿ‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية بضركرة االحتفاظ طبقا لمقكاعد كاآلجاؿ المعمكؿ بيا بالكثائؽ‬
‫كالمستندات المتعمقة بتحديد ىكية الزبائف كمعرفتيـ‪.2‬‬
‫كيبلحظ بخصكص نكعية الكثائؽ المطمكب مف البنكؾ كالمؤسسات المالية االحتفاظ‬
‫بيا أف المشرع قد ألزـ ىذه األخيرة‪ ،‬كفي إطار التحقؽ مف ىكية العمبلء‪ ،‬أف تطمب منيـ‬
‫تقديـ كثائؽ رسمية أصمية سارية الصبلحية‪ ،‬كىذا ما يستفاد مف أحكاـ الفقرة األكلى مف‬
‫المادة ‪ 07‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى أنو‪" :‬يتـ التأكد مف ىكية‬
‫الشخص الطبيعي بتقديـ كثيقة رسمية أصمية متضمنة لمصكرة ‪."...‬‬

‫النظاـ رقـ ‪ 13/00‬المؤرخ في ‪ 33‬نكفمبر ‪ ،3100‬المتعمؽ بالرقابة الداخمية لمبنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 32‬غشت ‪.3103‬‬


‫الفقرة (ز)‪ ،‬المادة ‪ 32‬مف النظاـ‪ ،11/08‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪186‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫غير أف استقراء الفقرة الثالثة مف نفس المادة "كيتعيف االحتفاظ بنسخة مف كؿ كثيقة"‬
‫يتبيف أف الكثائؽ التي يتعيف عمى العميؿ تقديميا عند إعماؿ إجراءات التحقؽ مف ىكيتو‬
‫كعنكانو‪ ،‬يجب أف تككف كثائؽ رسمية أصمية كسارية الصبلحية‪ ،‬لكف تمؾ التي يتـ االحتفاظ‬
‫بيا المثبتة لقياـ البنؾ أك المؤسسة المالية بيذا االلتزاـ تككف نسخة عف كؿ كثيقة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمدة االحتفاظ بيذه الكثائؽ‪ ،‬فقد فرض المشرع الجزائرم االحتفاظ بيا لمدة‬
‫خمس سنكات‪ ،‬تبدأ مف تاريخ إقفاؿ الحساب أك مف تاريخ كقؼ عبلقة التعامؿ بالنسبة‬
‫لمزبائف الذيف ليس ليـ حسابات‪ ،‬كىك ما يتكافؽ مع تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية‪.‬‬
‫‪ -2‬الوثائق المتعمقة بالعمميات‪ :‬ألزـ المشرع الجزائرم البنكؾ كالمؤسسات المالية إلى جانب‬
‫االلت ازـ بحفظ الكثائؽ المتعمقة بالعمبلء حفظ الكثائؽ كالمستندات المتعمقة بالعمميات التي‬
‫أجراىا العمبلء خبلؿ فترة خمس (‪ )5‬سنكات عمى األقؿ‪ ،‬بعد تنفيذ العممية‪ ،1‬بما في ذلؾ‬
‫التقارير السرية‪.2‬‬
‫كيراعى عند االحتفاظ بالكثائؽ المتعمقة بالعمميات التي تجرييا البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية أف تتضمف تمؾ الكثائؽ البيانات كالمعمكمات الجكىرية عف العممية‪ ،‬فاالحتفاظ بيا‬
‫يعني كجكدىا في حكزة البنؾ أك المؤسسة المالية سميمة كصالحة‪ ،‬بحيث يمكف عند االطبلع‬
‫عمييا مف معرفة المعمكمات التي تكفي لئلحاطة بالعمميات المالية كأطرافيا كالمستفيديف‬
‫منيا‪.3‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫االلتزام بوضع وتطوير الضوابط الداخمية‬

‫اىتمت العديد مف الكثائؽ الدكلية األساسية‪ ،‬السيما تكصيات مجمكعة العمؿ المالي‬
‫الدكلية بإلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بضركرة كضع كتطكير الضكابط الداخمية الخاصة‬

‫المادة ‪ 05‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف النظاـ رقـ ‪ ،18/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد محمكد سعيد‪ ،‬جرائـ غسؿ األمكاؿ (أحكاميا المكضكعية كاجراءات مبلحقتيا)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫القاىرة‪ ،3110 ،‬ص‪.00‬‬

‫‪187‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫بمنع جرائـ تبييض األمكاؿ‪ ،‬كتطكير السياسات كاإلجراءات بما يكفؿ تعييف مستخدميف‬
‫أكفاء‪ ،‬كتبني برامج متطكرة لتكفير التدريب المتكاصؿ لمعنصر البشرم‪.1‬‬
‫كما عمد المشرع الجزائرم في سبيؿ منع استخداـ البنكؾ كالمؤسسات المالية في‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ إلى إلزاميا بكضع كتنفيذ برامج تضمف الرقابة الداخمية (أكال)‬
‫كتطبيؽ إجراءات خاصة بالمستخدميف التابعيف ليا (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة الداخمية‬

‫نصت المادة ‪ 97‬مكرر مف األمر ‪ 11/03‬المتضمف قانكف النقد كالقرض عمى أنو‪:‬‬
‫"تمتزـ البنكؾ كالمؤسس ات المالية‪ ،‬ضمف الشركط التي المحددة بمكجب نظاـ يصدره‬
‫المجمس‪ 2‬بكضع نظاـ رقابة داخمي ناجع‪ ،‬ييدؼ إلى التأكد عمى الخصكص مف‪:‬‬

‫‪ -‬التحكـ في نشاطاتيا كاالستعماؿ الفعاؿ لمكاردىا‪،‬‬

‫‪ -‬السير الحسف لممسارات الداخمية‪ ،‬كالسيما تمؾ التي تساعد عمى المحافظة عمى مبالغيا‬
‫كتضمف شفافية العمميات المصرفية كمصادرىا كتتبعيا‪،‬‬

‫‪ -‬صحة المعمكمات المالية‪،‬‬

‫‪ -‬األخذ بعيف االعتبار‪ ،‬بصفة مبلئمة‪ ،‬مجمؿ المخاطر بما في ذلؾ المخاطر العممية"‪.‬‬

‫‪ -1‬وضع برامج داخمية لمكافحة تبييض األموال‪ :‬نصت المادة ‪ 12‬مف القانكف ‪01/05‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬تباشر المجنة المصرفية فيما يخصيا‪ ،‬إجراء تأديبيا طبقا لمقانكف‬

‫‪ 1‬التكصية ‪ 05‬مف تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية لسنة ‪ 3118‬التي جاء فييا‪:‬‬
‫‪« Les institutions financières devraient mettre au point des programmes de lutte contre le‬‬
‫‪blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme. Ces programmes devraient‬‬
‫‪comprendre :‬‬
‫‪a) Des politiques, des procédures et des contrôles internes, y compris des dispositifs de‬‬
‫‪contrôle de la conformité et des procédures appropriées lors de l'embauche des employés, de‬‬
‫‪façon à s’assurer qu’elle s’effectue selon des critères exigeants.‬‬
‫‪b) Un programme de formation continue des employés.‬‬
‫‪c) Un dispositif de contrôle interne pour vérifier l'efficacité du système ». GAFI, Les‬‬
‫‪quarante recommandations du GAFI, Octobre 2003.‬‬
‫‪ 2‬يقصد بالمجمس مجمس النقد كالقرض‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ضد البنؾ أك المؤسسة المالية التي تثبت عج از في إجراءاتيا الداخمية الخاصة بالرقابة في‬
‫مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما‪."... ،‬‬

‫كيتضح مف خبلؿ نص المادة ‪ 12‬المذككر أعبله‪ ،‬أنو يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية كضع كاعداد إجراءات داخمية خاصة بالرقابة في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ‬
‫كأف أم تقصير مف البنكؾ أك المؤسسات المالية يجعميا عرضة لممساءلة التأديبية أماـ‬
‫المجنة المصرفية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ىذا النص التشريعي‪ ،‬أقر المنظـ البنكي ضمف أحكاـ النظاـ رقـ‬
‫‪ 11/08‬المتعمؽ بالرقابة الداخمية لدل البنكؾ كالمؤسسات المالية أحكاما خاصة بالرقابة في‬
‫مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ مف خبلؿ كضع برنامج داخمي لمرقابة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫كتسمح التنظيمات كاإلجراءات كالكسائؿ التي تضعيا البنكؾ كالمؤسسات المالية‬


‫باحتراـ األحكاـ القانكنية كالتنظيمية المطبقة في إطار الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب كمكافحتيما‪ ،‬مف خبلؿ تحديد السياسات كاإلجراءات التي يتعيف تطبيقيا إلعماؿ‬
‫تدابير الحيطة كالحذر تجاه الزبائف كالعمميات‪ ،‬ككذا تصنيؼ الزبائف بالنظر إلى مخاطر‬
‫تبييض األمكاؿ كتحديد التدابير التي يجب اتخاذىا عمى أساس المخاطر المرتبطة بحركة‬
‫األرصدة كالعمميات‪.1‬‬

‫كقد الحظ فريؽ التقييـ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا‬
‫أف بعضا مف البنكؾ كالمؤسسات المالية الخاضعة إلشراؼ لبنؾ الجزائر قد قامت بإعداد‬
‫برامج خاصة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬غير أف ىذه البرامج اختمفت في‬
‫محتكاىا كفي المتطمبات التي احتكت عمييا كفي الجية التي أقرتيا‪ ،‬حيث التزمت بعض‬
‫البرامج بالمتطمبات الكاردة في التشريع الجزائرم فقط أك بعضيا‪ ،‬فيما التزمت مؤسسات‬
‫أخرل بمتطمبات أكسع مف التي فرضيا المشرع الج ازئرم كتتفؽ مع متطمبات المعايير‬
‫الدكلية‪ ،‬نظ ار لككنيا فركع لمؤسسات مالية دكلية‪.2‬‬

‫المادة ‪ 32‬مف النظاـ رقـ ‪ ،00/13‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬ ‫‪2‬‬

‫اإلرىاب بالجزائر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪189‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كأماـ ىذا النقد‪ ،‬لـ يجد المشرع الجزائرم مناص مف إدراج ىذا االلتزاـ ضمف أحكاـ‬
‫األمر ‪ 02/12‬المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ‪ ،01/05‬كصياغة المادة ‪ 12‬منو عمى النحك‬
‫المذككر أعبله‪.‬‬

‫‪ -2‬تعيين مسئول عن المطابقة‪ :‬ألزـ النظاـ رقـ ‪ 03/12‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض‬


‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،‬البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر بتعيف‬
‫عمى األقؿ إطا ار ساميا مسئ كال عمى المطابقة في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب‪ ،‬بصفتو مراسبل لخمية معالجة االستعبلـ المالي كيكمؼ بالسير عمى التقيد بسياساتيا‬
‫كاجراءاتيا المطبقة في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪.1‬‬

‫كلـ يعطي النظاـ رقـ ‪ 03/12‬أك أم نص قانكني أك تنظيمي آخر ليذا اإلطار‬
‫الحؽ في االطبلع في الكقت المناسب عمى بيانات ىكية الزبائف كمعمكمات العناية الكاجبة‬
‫كعمى سجؿ العمميات كالمعمكمات األخرل ذات الصمة‪.2‬‬

‫أما فيما يخص المؤسسات المالية غير الخاضعة لبنؾ الجزائر مثؿ شركات التأميف‬
‫كالكسطاء في عمميات البكرصة‪ ،‬فمـ يطالبيـ أم نص قانكني أك تنظيمي بتعييف مسئكؿ عف‬
‫االلتزاـ بالمطابقة في مجاؿ إجراءات مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪.‬‬

‫ىذا‪ ،‬كحتى يككف ىذا المسئكؿ قاد ار عمى القياـ بميامو في رقابة المطابقة في مجاؿ‬
‫مكافحة تبييض‪ ،‬يجب أف يككف عمى دراية تامة بمتطمبات ىذه المكافحة كجميع القكانيف‬
‫كالتنظيمات ذات الصمة كيفيـ مخاطر تبييض األمكاؿ‪ ،‬كال يجكز لو القياـ بأم عممية تجارية‬
‫أك مالية أك محاسبية‪ ،‬إال إذا تعمؽ األمر بعضك مف الجياز التنفيذم‪ ،‬كأف يككف تابعا‬
‫لممسئكؿ عف رقابة المطابقة إف لـ يكف‪ ،‬في نفس الكقت‪ ،‬المسئكؿ عف المطابقة‪.3‬‬

‫المادة ‪ 31‬مف النظاـ ‪ ،18/03‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬ ‫‪2‬‬

‫اإلرىاب في الجزائر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.30‬‬


‫المادة ‪ 81‬مف النظاـ رقـ ‪ ،00/13‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪190‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات المتعمقة بالمستخدمين‬

‫تمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بتطبيؽ إج ارءات تسمح ليا بضماف اختيار‬
‫مستخدميف كمسيريف ذكك كفاءة عالية عند التكظيؼ (‪ ،)1‬ككضع برامج تدريب مستمرة ليـ‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬اختيار المستخدمين والمسيرين‪ :‬تتخذ البنكؾ كالمؤسسات المالية ما يمزـ مف كسائؿ‬


‫مناسبة كفعالة لضماف اختيار المسيريف الذيف تتكفر فييـ الشركط الكاردة في المادة ‪ 80‬مف‬
‫األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬كالتي تحضر عمى أم كاف أف يتكلى تأسيس بنؾ أك‬
‫مؤسسة مالية خاضعة لبنؾ الجزائر أك عضك في مجمس إدارتيا‪ ،‬أك أف يتكلى مباشرة أك‬
‫بكاسطة شخص آخر‪ ،‬إدارة بنؾ أك مؤسسة مالية أك تسييرىا أك تمثيميا‪ ،‬بأم صفة كانت‪ ،‬أك‬
‫أف يخكؿ حؽ التكقيع عنيا‪ ،‬كذلؾ دكف اإلخبلؿ بالشركط التي يحددىا مجمس النقد كالقرض‬
‫عف طريؽ األنظمة لعماؿ تأطير ىذه المؤسسات إذا حكـ عميو‪ ،‬سكاء مف القضاء الجزائرم‬
‫أك مف قبؿ الجيات القضائية األجنبية‪ ،‬بإحدل الجرائـ المنصكص عمييا في ىذه المادة‪.1‬‬

‫ككذلؾ إذا حكـ عميو مف قبؿ جية قضائية أجنبية بحكـ يتمتع بقكة الشيء المقضي‬
‫فيو يشكؿ حسب القانكف الجزائرم إحدل الجنايات أك الجنح المنصكص عمييا في ىذه‬
‫المادة‪ ،‬أك أعمف إفبلسو أك ألحؽ بإفبلس أك حكـ بمسؤكلية مدنية كعضك في شخص معنكم‬
‫مفمس سكاء في الجزائر أك في الخارج ما لـ يرد لو االعتبار‪.‬‬

‫كالمتمثمة في‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جناية‪،‬‬
‫‪ -‬اختبلس أك غدر أك سرقة أك نصب أك إصدار شيؾ دكف رصيد أك خيانة األمانة‪،‬‬
‫‪ -‬حجز عمدم بدكف كجو حؽ ارتكب مف مؤتمنيف عمكمييف أك ابتزاز أمكاؿ أك قيـ‪،‬‬
‫‪ -‬اإلفبلس‪،‬‬
‫‪ -‬مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ‪،‬‬
‫‪ -‬التزكير في المحررات أك التزكير في المحررات الخاصة التجارية أك المصرفية‪،‬‬
‫‪ -‬مخالفة قكانيف الشركات‪،‬‬
‫‪ -‬إخفاء أمكاؿ استمميا إثر إحدل ىذه المخالفات‪،‬‬
‫‪ -‬كؿ مخالفة ترتبط باإلتجار بالمخدرات كالفساد كتبييض األمكاؿ كاإلرىاب‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كتجدر اإلشارة إلى أف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬لـ يتضمف أم نص يمزـ‬


‫البنكؾ كالمؤسسات المالية باتخاذ إجراءات لضماف معايير كفاءة عالية عند تعييف‬
‫المستخدميف اآلخريف مف غير المسئكليف في اإلدارة العميا‪ ،‬كاف كنا نجد عمميا أف البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية في الجزائر عادة ما تعمؿ عمى تكظيؼ أشخاص حائزيف عمى شيادات‬
‫في تخصص المالية كالبنكؾ كالعمكـ القانكنية كاإلدارية‪.‬‬

‫‪ -2‬وضع برامج تدريب مستمرة لممستخدمين‪ :‬يكتسي التدريب المستمر لممستخدميف في‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية أىمية كبيرة في الكقاية مف تبييض األمكاؿ‪ ،‬لذا نجد في بعض‬
‫بنكؾ الدكؿ مزيدا مف االىتماـ بيذا المجاؿ عمى غرار ما تتطمبو تكصيات مجمكعة العمؿ‬
‫المالي الدكلية‪.‬‬

‫كقد تنبو المشرع الجزائرم ألىمية تدريب المستخدميف بعد صدكر تقرير التقييـ‬
‫المشترؾ لفريؽ خبراء مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا لسنة‬
‫‪ ،2010‬كالذم أكصى السمطات الجزائرية بضركرة إعطاء أىمية خاصة لتدريب المستخدميف‬
‫مف خبلؿ نصكص تمزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بكضع برامج تككيف دائمة في مجاؿ‬
‫مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪ ،1‬بأف استحدث المادة ‪ 10‬مكرر‪ 1‬بمكجب األمر‬
‫‪ 02/12‬المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب كمكافحتيما‪ ،‬التي ألزمت الخاضعيف في إطار الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب كمكافحتيما بكضع كتنفيذ برامج تضمف الرقابة الداخمية كالتككيف المستمر‬
‫لمستخدمييـ‪.‬‬

‫كما أكد النظاـ رقـ ‪ 08/11‬عمى أىمية تبني البنكؾ كالمؤسسات المالية لبرنامج‬
‫تككيف دائـ‪ ،‬يسمح بتحضير مستخدمييـ عمى معرفة أجيزة مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب كاطبلعيـ باإلجراءات المتخذة لمسماح لكؿ عكف باإلببلغ عف كؿ عممية مشتبو فييا‬

‫تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬ ‫‪1‬‬

‫اإلرىاب بالجزائر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪192‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫إلى المسئكؿ المكمؼ بالمطابقة في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمعايير أخبلقيات المينة كاالحترافية في مجاؿ اإلخطار بالشبية‪.1‬‬

‫لكف تطبيؽ ىذه األحكاـ في الكاقع تبقى أقرب إلى ككنيا تكصيات في غياب رؤيا‬
‫تشريعية صارمة تحدد األطر اإللزامية لتككيف المستخدميف في القطاع البنكي كالمالي‪ ،‬كتحدد‬
‫اآلليات المثمى لتجسيدىا عمميا بالتنسيؽ مع كافة الجيات المعنية‪ ،‬مما يجعؿ مستكل تأىيؿ‬
‫المستخدميف بالبنكؾ كالمؤسسات المالية في الجزائر لمتصدم لجريمة تبييض األمكاؿ يعرؼ‬
‫تدبدبا كتباينا مف مؤسسة ألخرل‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫الرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية وحركة األموال‬

‫مف أىـ الجيكد الدكلية في مجاؿ مكافحة جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬إلزاـ الدكؿ باتخاذ‬
‫اإلجراءات الرقابية البلزمة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية كحركة األمكاؿ لمنع استخداميا‬
‫في ارتكاب جرائـ تبييض األمكاؿ المحصمة مف مصادر غير مشركعة‪.‬‬

‫كقد اىتـ المشرع الجزائرم في قانكف الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمكافحتيما كالقانكف المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬بفرض الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫كحركة األمكاؿ باعتبارىا مف أبرز اآلليات لمنع جرائـ تبييض األمكاؿ‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ‬
‫إرساء قكاعد ممارسة النشاط البنكي كالمالي‪.‬‬

‫كمف أجؿ ذلؾ‪ ،‬سكؼ نتطرؽ في ىذا المطمب لمجكانب المتعمقة بالرقابة عمى البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية (الفرع األكؿ)‪ ،‬كلمرقابة عمى حركة األمكاؿ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية‬

‫كرس األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض المعدؿ باألمر ‪ 04/10‬المؤرخ في ‪26‬‬


‫غشت ‪ ،2010‬العديد مف األحكاـ المتعمقة بإلزامية الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‬

‫الفقرات (ح) (ط) (م)‪ ،‬المادة ‪ 32‬مف النظاـ رقـ ‪ ،13/00‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪193‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كخكؿ مجمكعة مف اليياكؿ التي تعمؿ تحت سمطة بنؾ الجزائر سمطة إصدار تنظيمات‬
‫كمنح ليا صبلحية مراقبة مدل التزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باألحكاـ التشريعية‬
‫كالتنظيمية المطبقة عمييا‪ ،‬سكاء عند إنشائيا أك أثناء ممارستيا لنشاطيا‪.‬‬

‫كتؤدم الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية في بعض جكانبيا إلى تحقيؽ أىداؼ‬
‫كقاية النظاـ البنكي كالمالي مف جريمة تبييض األمكاؿ كىك ما سنحاكؿ إب ارزه مف خبلؿ‬
‫التطرؽ لمرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية (أكال)‪ ،‬كالرقابة عمى نشاط البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة عمى إنشاء البنوك والمؤسسات المالية‬

‫تخضع البنكؾ كالمؤسسات المالية لرقابة تسبؽ ممارستيا لؤلعماؿ المصرفية تسمى‬
‫برقابة اإلنشاء‪ ،‬كقد خكؿ قانكف النقد كالقرض مياـ القياـ بيا لييئات مستحدثة عمى مستكل‬
‫بنؾ الجزائر باعتباره منظـ السياسة النقدية في الببلد‪ ،‬تتمثؿ في كؿ مف محافظ بنؾ الجزائر‬
‫كمجمس النقد كالقرض‪.1‬‬

‫‪ -1‬شروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية‪ :‬نظ ار لمدكر الفعاؿ لمنشاط المصرفي في‬
‫تدعيـ االقتصاد الكطني‪ ،‬عمد المشرع الجزائرم إلى كضع شركط خاصة لتأسيس بنؾ أك‬
‫مؤسسة مالية كاقامة فرع أجنبي في الجزائر بمكجب النظاـ ‪ 202 /06‬بعد إخضاع الطمب‬
‫إلجرائي الترخيص كاالعتماد‪.‬‬

‫أ‪ -‬الترخيص‪ :‬يعتبر الحصكؿ عمى ترخيص مجمس النقد كالقرض إجراء أكلي إلزامي ألجؿ‬
‫إنشاء بنؾ أك مؤسسة مالية يحكميا القانكف الجزائرم‪ ،‬مع مراعاة أحكاـ المادة ‪ 80‬مف قانكف‬
‫النقد كالقرض‪.3‬‬

‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.008-003‬‬ ‫‪1‬‬

‫النظاـ ‪ 13/10‬المؤرخ في ‪ 35‬سبتمبر ‪ 3110‬المحدد لشركط تأسيس بنؾ كمؤسسة مالية أك إقامة فرع بنؾ كمؤسسة‬ ‫‪2‬‬

‫مالية في الجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،00‬صادر في ‪ 3‬ديسمبر ‪.3110‬‬


‫نصت المادة ‪ 33‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أنو‪" :‬يجب أف يرخص المجمس بإنشاء بنؾ كأم مؤسسة مالية‬ ‫‪3‬‬

‫يحكميا القانكف الجزائرم‪ ،‬عمى أساس ممؼ يحتكم خصكصا‪ ،‬عمى نتائج تحقيؽ يتعمؽ بمراعاة أحكاـ المادة ‪ 31‬أعبله"‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيكجو طمب الترخيص بإنشاء البنؾ ك المؤسسة المالية أك فرع البنؾ كالمؤسسة‬
‫المالية إلى رئيس مجمس النقد كالقرض‪ 1‬كيجب أف يتضمف ممؼ طمب الترخيص المقدـ مف‬
‫طرؼ الطالبيف‪ ،‬عمى كجو الخصكص العناصر كالمعطيات المتعمقة ببرنامج النشاط‬
‫كاستراتيجية تنمية الشبكة كالكسائؿ المادية كالمالية المسخرة لذلؾ‪ ،‬باإلضافة إلى قائمة‬
‫المسيريف الرئيسييف كالقكانيف األساسية لمبنؾ أك المؤسسة المالية كالتنظيـ الداخمي مع اإلشارة‬
‫إلى عدد المكظفيف ككذا الصبلحيات المخكلة لكؿ مصمحة‪.2‬‬

‫كيشترط لمحصكؿ عمى الترخيص بإنشاء البنؾ أك المؤسسة المالية تكفر الشركط‬
‫كاإلجراءات المنصكص عمييا في النظاـ رقـ ‪ 02/06‬كالمتمثمة في‪:‬‬

‫استفاء الشكل القانوني لمبنك أو المؤسسة المالية‪ :‬نصت الفقرة األكلى مف المادة ‪ 83‬مف‬
‫األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتضمف قانكف النقد كالقرض عمى أف تأسيس البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم يككف في شكؿ شركات مساىمة كيمكف أف‬
‫يدرس مجمس النقد كالقرض جدكل اتخاذ بنؾ أك مؤسسة مالية شكؿ تعاضدية‪ ،‬كال يمكف‬
‫الترخيص بالمساىمات الخارجية إال في إطار شراكة تمثؿ المساىمة الكطنية المقيمة ‪51‬‬
‫بالمائة عمى األقؿ مف رأس الماؿ‪.3‬‬

‫كعميو‪ ،‬يشترط أف تستكفي البنكؾ كالمؤسسات المالية عند إنشائيا كافة الشركط‬
‫‪4‬‬
‫الشكمية طبقا ألحكاـ القانكف التجارم (االنعقاد في شكؿ رسمي‪ ،‬القيد في السجؿ التجارم)‬
‫كالمكضكعية العامة (الرضا‪ ،‬المحؿ كالسبب)‪ 5‬كالمكضكعية الخاصة (تعدد الشركاء‪ ،‬تقديـ‬

‫المادة ‪ 13‬مف النظاـ رقـ ‪ ،13/10‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 18‬مف النظاـ ‪ ،13/10‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 38‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المكاد ‪ ،553 ،555‬ك‪ 552‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 52‬مف األمر ‪ 53/05‬المؤرخ في ‪ 30‬سبتمبر ‪ 0205‬المتضمف القانكف المدني المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫عدد‪ ،03‬صادر في ‪ 81‬سبتمبر ‪..0205‬‬

‫‪195‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الحصص‪ ،‬نية االشت ارؾ‪ ،‬تقاسـ األرباح كالخسائر) الكاجب تكفرىا عند إنشاء شركة‬
‫المساىمة‪.1‬‬

‫لكف المشرع الجزائرم‪ ،‬كمف خبلؿ الفقرة األكلى مف المادة المذككرة أعبله‪ ،‬يككف قد‬
‫استبعد فركع البنكؾ كالمؤسسات المالية األجنبية المراد إقامتيا في الجزائر مف مجاؿ تطبيؽ‬
‫ىذه المادة‪ ،‬كبالتالي فإف ىذه الفركع غير ممزمة باتخاذ شكؿ شركة مساىمة‪.‬‬

‫كما أعطى المشرع الجزائرم لمجمس النقد كالقرض صبلحية دراسة جدكل اتخاذ بنؾ‬
‫أك مؤسسة مالية شكؿ تعاضدية ‪ ،‬كذلؾ مراعاة لبعض الكضعيات التي أفرزىا الكاقع العممي‬
‫كما ىك الشأف بالنسبة لمصندكؽ الكطني لمتعاضد الفبلحي الذم رخص لو بممارسة األعماؿ‬
‫المصرفية بمكجب النظاـ ‪ 01/95‬المؤرخ في ‪ 28‬فيفرم ‪.1995‬‬

‫ممارسة مجموعة محددة من العمميات المصرفية‪ :‬البنكؾ كالمؤسسات المالية ىي‬


‫مؤسسات مصرفية ذات طبيعة تجارية‪ ،‬حيث تيدؼ إلى تحقيؽ الربح مف خبلؿ قياميا‬
‫بالعمميات المصرفية‪.‬‬

‫كلقد خكؿ األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتعمؽ بالنقد كالقرض البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية القياـ بالعمميات المصرفية كالمتمثمة أساسا في تمقي األمكاؿ‪ 2‬مف الجميكر كعمميات‬
‫القرض‪ ،‬ككضع كسائؿ الدفع تحت تصرؼ العمبلء كادارتيا إضافة إلى قياميا بجميع‬
‫العمميات ذات العبلقة بنشاطيا‪.‬‬

‫شرط رأس المال األدنى المطموب‪ :‬تطبيقا لممادة ‪ 88‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد‬
‫كالقرض التي ألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية بأف تتكفر عمى رأس ماؿ مب أر كميا كنقدا‬
‫يساكم عمى األقؿ المبمغ الذم يحدده مجمس النقد كالقرض‪ ،‬أصدر بنؾ الجزائر النظاـ رقـ‬
‫‪ 03/18‬المؤرخ في ‪ 4‬نكفمبر ‪ 2018‬كالمتعمؽ بالحد األدنى لرأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات‬

‫عكس المشرع الفرنسي الذم يسمح بممارسة المينة المصرفية إضافة لشركات المساىمة‪ ،‬لكؿ مف شركة التكصية‬ ‫‪1‬‬

‫البسيطة كالتكصية باألسيـ كالشركات ذات المسؤكلية المحدكدة‪ .‬أنظر‪:‬‬


‫‪GEAN Louis Lange Monique Contamine Raynaud, Droit bancaire, édition Dalloz, 1995, p98.‬‬
‫‪ 2‬عرفت المادة ‪ 00‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ األمكاؿ المتمقاة مف الجميكر بأنيا األمكاؿ التي يتـ تمقييا مف الغير‪،‬‬
‫السيما في شكؿ كدائع‪ ،‬مع حؽ استعماليا لحساب مف تمقاىا بشرط إعادتيا‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫المالية العاممة في الجزائر‪ ،‬حيث ألزمت المادة ‪ 02‬مف ىذا النظاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫المؤسسة في شكؿ شركة مساىمة الخاضعة لمقانكف الجزائرم أف تمتمؾ‪ ،‬عند تأسيسيا رأس‬
‫ماؿ محر ار كميا كنقدا يساكم عمى األقؿ‪:‬‬

‫‪ -‬عشركف مميار دينار (‪ 20.000.000.000‬دج) بالنسبة لمبنكؾ المحددة في المادة ‪70‬‬


‫مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪.‬‬

‫‪ -‬ستة مبليير كخمسمائة مميكف دينار (‪ 6. 500.000.000‬دج) بالنسبة لممؤسسات المالية‬


‫المحددة في المادة ‪ 71‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪.‬‬

‫كما ألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية التي يتكاجد مقرىا الرئيسي في الخارج‪ ،‬بأف‬
‫تمنح لفركعيا التي رخص ليا مجمس النقد كالقرض بالقياـ بعمميات مصرفية في الجزائر‬
‫تخصيصا يساكم عمى األقؿ الحد األدنى لرأس الماؿ المطمكب لتأسيس البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم‪.1‬‬

‫الشروط المتعمقة بالمساىمين أو المؤسسين أو مالكي الحصص‪ :‬األصؿ أف ال اعتبار‬


‫لشخصية المساىـ في البنكؾ كالمؤسسات المالية باعتبارىا شركة مساىمة‪ ،‬ألف المسؤكلية‬
‫ليست تضامنية‪ ،‬لكف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتضمف قانكف النقد كالقرض جعؿ‬
‫شخصية ا لمساىميف في رأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية محؿ اعتبار‪ ،‬نظ ار لدكرىـ الياـ‬
‫في المساىمة في تعييف أعضاء مجمس اإلدارة كمجمس المراقبة ككؿ المسيريف‪ ،‬ككذا‬
‫المساىمة في استقرار الكضع المالي لمبنؾ أك المؤسسة المالية‪.2‬‬

‫لذلؾ‪ ،‬يشترط في المساىميف في رأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية أف يتمتعكا‬


‫بسمطة الرقابة كالتكجيو مف أجؿ ضماف السير الحسف لممؤسسة المصرفية‪ ،‬كأف تككف ليـ‬
‫القدرة عمى تغطية أم عجز محتمؿ لمبنؾ كأزمة السيكلة أك صعكبات مالية‪.‬‬

‫المادة ‪ 18‬مف النظاـ ‪ 18/03‬المؤرخ في ‪ 5‬نكفمبر ‪ ،3103‬يتعمؽ بالحد األدنى لرأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية‬ ‫‪1‬‬

‫العاممة في الجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،08‬صادر في ‪ 2‬ديسمبر ‪.3103‬‬


‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.035‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪197‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الشروط المتعمقة بالمسيرين‪ :‬إف كعي المشرع بالدكر الياـ كالفعمي لممسيريف في تحديد‬
‫مسار نشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية جعمو يكلي اعتبا ار كبي ار لشخصيـ‪ ،‬بدءا مف الحرص‬
‫عمى تكفر األىمية القانكنية كالكفاءة كالخبرة كالنزاىة‪.‬‬

‫كما نص المشرع عمى منع بعض الفئات التي ثبت الحكـ عمييا قضائيا نتيجة‬
‫الرتكابيـ بعض األفعاؿ‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 80‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ أنو‪:‬‬
‫"ال يجكز ألم كاف أف يككف مؤسسا لبنؾ أك مؤسسة مالية أك عضكا في مجمس إدارتيا كأف‬
‫يتكلى مباشرة أك بكاسطة شخص آخر‪ ،‬إدارة بنؾ أك مؤسسة مالية أك تسييرىا أك تمثيميا بأم‬
‫صفة كانت‪ ،‬أك أف يخكؿ حؽ التكقيع عنيا‪ ،‬كذلؾ دكف اإلخبلؿ بالشركط التي يحددىا‬
‫المجمس عف طريؽ األنظمة‪ ،‬لعماؿ تأطير ىذه المؤسسات‪:‬‬

‫‪ -‬إذا حكـ عميو بسبب ما يأتي‬

‫أ‪ -‬جناية‪،‬‬

‫ب‪ -‬اختبلس أك غدر أك سرقة أك نصب أك إصدار شيؾ دكف رصيد أك خيانة األمانة‪،‬‬

‫ج‪ -‬حجز عمدم بدكف كجو حؽ ارتكب مف مؤتمنيف عمكمييف أك ابتزاز أمكاؿ أك قيـ‪،‬‬

‫د‪ -‬اإلفبلس‪،‬‬

‫ىػ‪ -‬مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ‪،‬‬

‫ك‪ -‬التزكير في المحررات أك التزكير في المحررات الخاصة التجارية أك المصرفية‪،‬‬

‫ز‪ -‬مخالفة قكانيف الشركات‪،‬‬

‫ح‪ -‬إخفاء أمكاؿ استمميا إثر إحدل ىذه المخالفات‪،‬‬

‫ط ‪ -‬كؿ مخالفة ترتبط باإلتجار بالمخدرات كالفساد كتبييض األمكاؿ كاإلرىاب‪.‬‬

‫‪ -‬إذا حكـ عميو مف قبؿ جية قضائية أجنبية بحكـ يتمتع بقكة الشيء المقضي فيو يشكؿ‬
‫حسب القانكف الجزائرم إحدل الجنايات أك الجنح المنصكص عمييا في ىذه المادة‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ : ‫انفصم األول‬-‫انباب انثاني‬

‫ إذا أعمف إفبلسو أك ألحؽ بإفبلس أك حكـ بمسؤكلية مدنية كعضك في شخص معنكم‬-
." ‫مفمس سكاء في الجزائر أك في الخارج لـ ما يرد لو االعتبار‬

‫ أف يقدمكا لبنؾ‬،‫ يتعيف عمى مؤسسي البنؾ أك المؤسسة المالية‬،‫كفي ىذا الصدد‬
‫ بالخبرة‬1‫الجزائر ممفا يحتكم عمى المعمكمات التي تمكف المحافظ التأكد مف تمتع المسيريف‬
.2‫ مف خبلؿ اطبلعو عمى مسارىـ الميني‬،‫كالكفاءة البلزمتيف‬

‫ المتعمقة بشركط ممارسة كظائؼ المسيريف لمبنكؾ‬05/2000 ‫كما نصت التعميمة‬


‫ الذيف يشترط حصكليـ عمى اعتماد‬،‫ عمى مجمكعة مف المسيريف‬3‫كالمؤسسات المالي ة‬
‫صريح كمسبؽ مف طرؼ محافظ بنؾ الجزائر كرئيس كأعضاء مجمس اإلدارة أك مجمس‬
.‫ كىك إجراء في نظرنا مف شأنو تدعيـ أطر الكقاية مف جريمة تبييض األمكاؿ‬،4‫المراقبة‬

‫ المتعمؽ بالشركط الكاجب أف تتكفر في مؤسسي‬،0223 ‫ مارس‬33 ‫ المؤرخ في‬15/23 ‫عرفت المادة الثانية مف النظاـ‬ 1

‫ "كؿ شخص‬:‫ المسير بأنو‬0228 ‫ فبراير‬0 ‫ صادر في‬،3‫ عدد‬،‫ج‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ ج‬،‫البنكؾ كالمؤسسات المالية كمسيرييا كممثمييا‬
‫طبيعي لو دكر تسييرم في مؤسسة كالمدير العاـ أك المدير أك إطار مسئكؿ يتمتع بسمطة اتخاذ باسـ المؤسسة التزامات‬
."‫تصؿ إلى صرؼ األمكاؿ أك المجازفة أك األكامر بالصرؼ نحك الخارج‬
.‫ نفس المرجع‬،15/23 ‫ مف النظاـ‬12 ‫ إلى‬15 ‫ المكاد مف‬2
3
Banque d’Algérie, Instruction 2000/05 du 30 avril 2000 portant conditions pour l’exercice
des fonctions des dirigeants des banques et des établissements financiers ainsi due des
représentations et succursales des banques et des établissements financiers étrangers.
4
Article 4 de l’instruction 2000/05 « Les dirigeants visés à l'article 1er ci-dessus doivent,
préalablement à l'installation dans leur fonction, obtenir l'agrément exprès du Gouverneur de
la Banque d'Algérie.
Les dirigeants soumis à l'agrément du Gouverneur de la Banque d'Algérie, au sens de la
présente Instruction, sont :
a- les membres, selon le cas, du Conseil d'Administration ou du Conseil de Surveillance;
b- outre le Président du Conseil d'administration, au moins une personne parmi celles ayant la
responsabilité la plus élevée au sein de la banque ou de l'établissement financier ;
c- les membres du Directoire dont le Président, pris en cette qualité, dans le cas des banques et
des établissements financiers dotés d'un Conseil de Surveillance ;
d- le Directeur Général et au moins une personne parmi celles ayant la responsabilité la plus
élevée désignée par l'organe habilité de la maison mère pour les succursales des banques et
des établissements financiers étrangers ;
e- au moins deux personnes désignées parmi celles ayant la responsabilité la plus élevée dans
la Direction des représentations des Banques et établissements financiers étrangers ».

199
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫شرط اإلمكانيات التقنية والمالية المستعممة‪ : 1‬يتعمؽ ىذا الشرط بضركرة تكفر البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية عمى كسائؿ اتصاؿ كانتقاؿ المعمكمات بيف مختمؼ البنكؾ كربطيا مع‬
‫بنؾ الجزائر‪ ،‬ككذلؾ مراعاة إمكانية تطكير استعماؿ اإلعبلـ اآللي ككسائؿ الدفع الحديثة‬
‫كالنقكد اإللكتركنية‪.‬‬

‫كقد خكؿ المشرع مجمس النقد كالقرض بصفتو سمطة نقدية صبلحية كضع الشركط‬
‫التقنية لممارسة المينة المصرفية‪ ،‬ككذا ممارسة مياـ االستشارة كالكساطة في المجاليف‬
‫المصرفي كالمالي‪.2‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 06‬مف النظاـ رقـ ‪ 02/06‬المتعمؽ بشركط تأسيس بنؾ كمؤسسة‬
‫مالية كشركط إقامة فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية عمى أنو "يدخؿ الترخيص الممنكح‬
‫كالمتعمؽ بتأسيس بنؾ كمؤسسة مالية ككذا الترخيص بإقامة فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية‬
‫حيز التنفيذ اعتبا ار مف تاريخ تبميغو"‪.‬‬

‫كباستقراء نص المادة ‪ 06‬مف النظاـ رقـ ‪ 02/06‬السالؼ الذكر‪ ،‬نستشؼ أف قرار‬


‫مجمس النقد كالقرض الرامي إلى قبكؿ طمب الترخيص ىك الذم يبمغ دكف ق ارر رفض‬
‫الترخيص‪ ،‬كباعتبار أف ىذا الرفض ال يبمغ كال يصدر أصبل‪ ،‬فنككف في ىذه الحالة أماـ‬
‫السككت الضمني لئلدارة‪ .‬في حيف أنو بالرجكع إلى القكاعد العامة في قانكف اإلجراءات‬
‫‪3‬‬
‫المدنية كاإلدارية‪ ،‬نجد أف مف ضمف شركط رفع دعكل اإللغاء أف يككف ىناؾ قرار إدارم‬
‫كباعتبار أف المادة ‪ 87‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ أكردت أنو ال يمكف الطعف أماـ‬
‫مجمس الدكلة في الق اررات التي يتخذىا المجمس بمكجب المكاد ‪ 82‬ك‪ 84‬ك‪ 85‬مف نفس‬

‫نصت المادة ‪ 20‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬مف أجؿ الحصكؿ عمى الترخيص المنصكص عميو في‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 33‬أك في المادة ‪ 35‬أعبله‪ ،‬يقدـ الممتمسكف برنامج النشاط كاإلمكانيات المالية كالتقنية التي يعتزمكف استخداميا‬
‫ككذا صفة األشخاص الذيف يقدمكف األمكاؿ"‪.‬‬
‫المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫نصت المادة ‪ 302‬مف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية عمى‪" :‬يجب أف يرفؽ مع العريضة الرامية إلى إلغاء أك تفسير‬ ‫‪3‬‬

‫أك تقدير مدل مشركعية القرار اإلدارم‪ ،‬تحت طائمة عدـ القبكؿ‪ ،‬القرار اإلدارم المطعكف فيو‪ ،‬ما لـ يكجد مانع مبرر‪.‬‬
‫كاذا ثبت أف ىذا المانع يعكد إلى امتناع اإلدارة مف تمكيف المدعي مف القرار المطعكف فيو‪ ،‬أمرىا القاضي المقرر بتقديمو‬
‫في أكؿ جمسة‪ ،‬كيستخمص النتائج القانكنية المترتبة عمى ىذا االمتناع"‪ .‬أنظر‪ :‬القانكف ‪ 12/13‬المؤرخ في ‪ 35‬فيفرم‬
‫‪ 3113‬يتضمف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،30‬صادر في ‪ 38‬أبريؿ ‪.3113‬‬

‫‪200‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫األمر‪ ،‬إال بعد ق ارريف بالرفض‪ ،‬كال يجكز تقديـ الطمب الثاني إال بعد مضي أكثر مف عشرة‬
‫أشير مف تبميغ رفض الطمب األكؿ‪ ،‬فيذا يدؿ عمى كجكب تبميغ قرار الرفض لطالب‬
‫الترخيص‪.‬‬

‫ب‪ -‬االعتماد‪ :‬يعد الحصكؿ عمى الترخيص بتأسيس البنؾ أك المؤسسة المالية أك إقامة فرع‬
‫لبنؾ أجنبي في الجزائر غير كاؼ لمبدء في ممارسة النشاط البنكي كالمالي‪ ،‬فقد اشترط‬
‫المشرع بعد الحصكؿ عمى الترخيص طمب االعتماد كبنؾ أك مؤسسة مالية حسب الحالة بعد‬
‫استفاء جميع الشركط المحددة في األمر ‪ 11/03‬كجميع األنظمة المتخذة لتطبيقو‪.1‬‬

‫كقد حدد النظاـ رقـ ‪ 02/06‬في المادة الثامنة منو اإلجراءات المتبعة لمحصكؿ عمى‬
‫االعتماد‪ ،‬حيث أنو كبعد الحصكؿ عمى الترخيص‪ ،‬يجب عمى البنؾ أك المؤسسة المالية‬
‫تقديـ طمب االعتماد إلى محافظ بنؾ الجزائر مرفقا بالمستندات كالمعمكمات المطالب بيا كفقا‬
‫لممادة الثانية مف التعميمة رقـ ‪ 04/2000‬الصادرة عف محافظ بنؾ الجزائر‪ 2‬في أجؿ أقصاه‬
‫اثنا عشر شي ار‪ ،‬كذلؾ ابتداء مف تاريخ تبميغ الترخيص كالمتمثمة في‪:‬‬

‫‪ -‬رسالة تعيد مصادؽ عمييا مف قبؿ الجمعية العامة لممساىميف‪ ،‬مكقع عمييا مف قبؿ رئيس‬
‫مجمس إدارة البنؾ أك المؤسسة المالية‪.‬‬

‫‪ -‬النسخة األصمية لمقكانيف األساسية المحررة بمكجب عقد تكثيقي أك نسخة طبؽ األصؿ‬
‫مصادؽ عمييا لمقكانيف األساسية لممؤسسة األـ‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة طبؽ األصؿ مصادؽ عمييا لمسجؿ التجارم‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة طبؽ األصؿ مصادؽ عمييا لمتصريح بالكجكد محررة لدل قباضة الضرائب في‬
‫مكاف تكاجد المقر االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬شيادة تحرير جزء مف رأس الماؿ أك التخصيص المكتتب لدل مكثؽ‪ ،‬كصكرة مصادؽ‬
‫عمييا اإليصاؿ بالمبمغ المدفكعة فعميا في الحساب البنكي‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 23‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Banque d’Algérie, Instruction n° 2000/04 du 30 Avril 2004 déterminant les éléments‬‬
‫‪constitutifs du dossier de demande d’agrément de banque ou d’établissement financier.‬‬

‫‪201‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬شيادة تحكيؿ لمعممة الصعبة بالنسبة لممساىميف غير المقيميف‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير لمندكبي الحصص عف الحصص العينية‪.‬‬

‫‪ -‬محضر الجمعية العامة التأسيسية يتضمف‪ ،‬كالسيما انتخاب الرئيس‪ ،‬أك محضر مجمس‬
‫المراقبة المتضمف تعييف أعضاء مجمس المديريف كرئيسو‪ ،‬أك محضر مجمس اإلدارة لمبنؾ‬
‫األجنبي المتعمؽ بالسمطات الممنكحة لمسيرم الفرع‪.‬‬

‫‪ -‬محضر الجمعية العامة العادية المتضمف تعييف أعضاء مجمس اإلدارة أك مجمس المراقبة‬

‫‪ -‬محضر مجمس المراقبة لممؤسسة األـ المعيف عمى األقؿ لشخصيف مكمفيف بنشاط كادارة‬
‫الفرع‪.‬‬

‫‪ -‬مصادقة محافظ بنؾ الجزائر عمى أعضاء مجمس اإلدارة أك المديريف العاميف‪ ،‬أك‬
‫األشخاص المكمفيف بالنشاط كادارة الفرع حسب الحالة‪.‬‬

‫‪ -‬محضر اجتماع مجمس اإلدارة المتضمف انتخاب رئيس مجمس اإلدارة كتعييف المدير العاـ‬
‫أك المديريف العاميف‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة مصادؽ عمييا لسند الممكية أك عقد اإليجار لممقرات أيف سيتكاجد البنؾ مع العنكاف‬
‫كرقـ الياتؼ‪.‬‬

‫كيتـ منح االعتماد بمكجب مقرر مف محافظ بنؾ الجزائر‪ ،‬إذا استكفى طالب االعتماد‬
‫كؿ شركط التأسيس المنصكص عمييا في التشريع كالتنظيـ المعمكؿ بيما‪ ،‬كينشر في الجريدة‬
‫الرسمية لمجميكرية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪.‬‬

‫كنبلحظ أف المشرع الجزائرم لـ يتناكؿ مسألة رفض االعتماد‪ ،‬إف كاف بمكجب مقرر‬
‫أـ ال‪ ،‬كما لـ يحدد طرؽ الطعف في ىذا الرفض‪ ،‬كذلؾ عمى خبلؼ الترخيص الذم أكضح‬
‫المشرع طرؽ الطعف فيو كالمكاعيد المقررة لذلؾ‪ ،‬لكف باعتبار ق اررات محافظ بنؾ الجزائر‬
‫قرر مجمس الدكلة‬
‫ق اررات إدارية‪ ،‬فإنو يمكف الطعف في قرار رفض االعتماد استنادا إلى ا‬

‫‪202‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫القاضي ب أف كؿ الق اررات ذات الطابع اإلدارم قابمة لمطعف فييا عندما تتخذ مخالفة لمقانكف‬
‫أك عندما تككف مشكبة بتجاكز السمطة‪.1‬‬

‫كيترتب عمى منح البنؾ أك المؤسسة المالية االعتماد كنشره في الجريدة الرسمية‬
‫كتسجيمو في قائمة البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،2‬تمتع البنؾ أك المؤسسة المالية بحؽ ممارسة‬
‫األعماؿ المصرفية المنصكص عمييا في المكاد ‪ 69 ،68 ،67 ،66‬مف األمر ‪11/03‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ في كامؿ التراب الكطني‪ ،‬لكف يخضع فتح شبابيؾ تابعة لو أك فركع لصدكر‬
‫ترخيص مف بنؾ الجزائر‪.‬‬

‫كتجدر اإلشارة إلى أف التعديبلت التي تط أر عمى القكانيف األساسية كالمتعمقة بغرض‬
‫أك رأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية يتـ عرضيا‪ ،‬سكاء قبؿ أك بعد منح االعتماد عمى‬
‫مجمس النقد كالقرض‪ ،‬كفؽ الشركط المنصكص عمييا في المادتيف ‪ 02‬ك ‪ 03‬مف النظاـ رقـ‬
‫‪3‬‬
‫‪ 02/06‬كال تصبح قابمة لمتنفيذ إال بعد المصادقة عمييا مف طرؼ مجمس النقد كالقرض‬
‫كبذلؾ فإف أم تغيير جكىرم في البنؾ أك المؤسسة المالية يستكجب الحصكؿ عمى اعتماد‬
‫جديد‪ ،‬خاصة كأف المادة ‪ 95‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ تمنح لمجمس النقد كالقرض‬
‫صبلحية سحب االعتماد تمقائيا إف لـ تصبح الشركط التي يخضع ليا االعتماد متكفرة‪.‬‬

‫‪ -2‬الييئات المكمفة بالرقابة عمى إنشاء البنوك والمؤسسات المالية‪ :‬أككؿ المشرع‬
‫الجزائرم مياـ الرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية لييئتيف تعمبلف تحت سمطة بنؾ‬
‫الجزائر ىما‪ :‬محافظ بنؾ الجزائر كمجمس النقد كالقرض‪.‬‬

‫أ‪ -‬محافظ بنك الجزائر‪ :‬يتكلى محافظ بنؾ الجزائر مياـ إدارة بنؾ الجزائر كيساعده في ذلؾ‬
‫ثبلثة نكاب محافظ‪ ،‬كما يتكلى رئاسة مجمس النقد كالقرض‪ ،4‬فيك يضطمع بدكر ىاـ في‬

‫مجمس الدكلة‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 30‬يكليك ‪ ،0223‬مجمة مجمس الدكلة‪ ،‬عدد‪ ،3113 ،10‬ص‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫نصت المادة ‪ 28‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ عمى‪" :‬يمسؾ المحافظ قائمة لمبنكؾ كقائمة لممؤسسات المالية‬ ‫‪2‬‬

‫محينتيف‪ .‬كتنشر ىاتاف القائمتاف كؿ سنة في الجريدة الرسمية لمجميكرية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ .‬كما ينشر كؿ تعديؿ‬
‫حسب األشكاؿ نفسيا"‪.‬‬
‫المادة ‪ 01‬مف النظاـ رقـ ‪ ،13/10‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادتاف ‪ 00‬ك‪ 01‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪203‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية مف خبلؿ المساىمة في منح الترخيص‬
‫كاالعتماد‪.‬‬

‫كيعيف محافظ بنؾ الجزائر كنكابو بمكجب مرسكـ رئاسي‪ ،1‬عمى أنو تتنافى كظيفة‬
‫المحافظ مع كؿ عيدة انتخابية ككؿ كظيفة حككمية ككؿ كظيفة عمكمية‪ ،‬ككذلؾ األمر‬
‫بالنسبة لكظيفة نائب المحافظ‪ ،‬كال يمكف المحافظ كنكابو أف يمارسكا أم مينة أك نشاط أك‬
‫كظيفة أثناء عيدتيـ‪ ،‬ما عدا تمثيؿ الدكلة لدل المؤسسات العمكمية الدكلية ذات الطابع‬
‫النقدم أك المالي أك االقتصادم‪.2‬‬

‫كيتكلى محافظ بنؾ الجزائر اتخاذ جميع تدابير التنفيذ‪ ،‬كيقكـ بجميع األعماؿ في‬
‫إطار القانكف السيما‪:‬‬

‫‪ -‬يكقع باسـ بنؾ الجزائر جميع االتف اقيات كالمحاضر المتعمقة بالسنكات المالية كالحصائؿ‬
‫كحسابات النتائج‪.‬‬

‫‪ -‬يمثؿ بنؾ الجزائر لدل السمطات العمكمية في الجزائر كلدل البنكؾ المركزية األجنبية‬
‫كلدل الييئات المالية الدكلية كلدل الغير بشكؿ عاـ‪.‬‬

‫‪ -‬يرفع الدعاكل القضائية كيدافع عنيا بناء عمى متابعتو كتعجيمو‪ ،‬كيتخذ جميع اإلجراءات‬
‫التحفظية التي يراىا مناسبة‪.‬‬

‫‪ -‬يقكـ بكؿ شراء لؤلمبلؾ العقارية المرخص بيا قانكنا كالتصرؼ فييا‪ ،‬كينظـ مصالح بنؾ‬
‫الجزائر كيحدد مياميا‪.‬‬

‫‪ -‬يكظؼ أعكاف بنؾ الجزائر كفقا لمشركط المنصكص عمييا في القانكف األساسي‬
‫لممستخدميف كيعينيـ في مناصبيـ كيرقييـ كيعزليـ كيفصميـ‪.‬‬

‫‪ -‬يعيف ممثمي بنؾ الجزائر في مجالس المؤسسات األخرل‪ ،‬عندما يككف ىذا التمثيؿ مقررا‪.‬‬

‫المادة ‪ 08‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 05‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪204‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كما يتكلى محافظ بنؾ الجزائر تحديد صبلحيات كؿ نائب مف نكابو‪ ،‬كيكضح سمطاتو‬
‫كيمكنو تفكيض إمضاءه إلى أعكاف مف بنؾ الجزائر‪.1‬‬

‫كقد تكخ المشرع الجزائرم إدراج عدة شركط لتكلي مياـ محافظ بنؾ الجزائر كنكابو‬
‫بيدؼ تحصينيـ ماديا كمعنكيا مف إمكانية ضمكعيـ أك تكريطيـ في ارتكاب الجرائـ التي تتـ‬
‫عف طريؽ النظاـ البنكي كالمالي‪ ،‬بما فييا جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬أىميا‪:2‬‬

‫‪ -‬عدـ ممارسة أم نشاط أك مينة أك تكلي أم منصب خبلؿ مدة كاليتيـ‪ ،‬ما عدا تمثيؿ‬
‫الدكلة لدل المؤسسات العمكمية الدكلية ذات الطابع البنكي أك المالي أك االقتصادم‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ المجكء إلى اقتراض مبالغ مالية مف أية مؤسسة جزائرية أك أجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ قبكؿ أم تعيد عميو تكقيع أحدىـ في محفظة البنؾ المركزم أك محفظة أم مؤسسة‬
‫عاممة في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ جكاز قياميـ خبلؿ السنتيف التاليتيف لنياية مدة كاليتيـ بإدارتيـ أك العمؿ في مؤسسة‬
‫خاضعة لسمطة أك رقابة بنؾ الجزائر أك شركة تسيطر عمييا ىذه المؤسسة‪ ،‬أك قياميـ‬
‫بالعمؿ كككبلء أك مستشاريف لدل مؤسسات أك شركات مماثمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬مجمس النقد والقرض‪ :‬يعتبر إنشاء مجمس النقد كالقرض مف أىـ اإلصبلحات الجديدة‬
‫التي حمميا القانكف ‪ 10/90‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ 3‬الذم يمثؿ بمكجب ىذا القانكف مجمس‬
‫إدارة بنؾ الجزائر كيمثؿ أيضا السمطة النقدية في الدكلة‪.4‬‬

‫كبصدكر األمر ‪ 01/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬أصبح مجمس النقد كالقرض يتمتع‬


‫بصبلحيات كاسع ة عف تمؾ التي كانت مخكلة لو في ظؿ القانكف ‪ 10/90‬مف خبلؿ‬

‫المادة ‪ 00‬مف األمر‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‬ ‫‪1‬‬

‫المادتاف‪ 05‬ك ‪ 05‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫القانكف ‪ 01/21‬المؤرخ في ‪ 05‬أبريؿ ‪ 0221‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،00‬صادر في ‪ 05‬أبريؿ ‪0221‬‬ ‫‪3‬‬

‫(ممغى)‪.‬‬
‫قبؿ صدكر القانكف ‪ 01/21‬كانشاء مجمس النقد كالقرض كاف ىناؾ ما يعرؼ بالمجمس الكطني لمقرض الذم كمؼ بدكر‬ ‫‪4‬‬

‫استشارم مف خبلؿ إبداء الرأم كالتكصيات كالمبلحظات في مجاؿ النقد كالقرض‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ممارستو لرقابة فعمية عمى النظاـ المصرفي‪ ،‬فيك سمطة بمعنى الكممة‪ ،‬ينشئ‪ ،‬ينظـ كيراقب‬
‫المراكز القانكنية لممتدخميف في النشاط المصرفي‪.1‬‬

‫كيجتمع مجمس النقد كالقرض باعتباره مجمس بنؾ الجزائر الذم يرأسو محافظ بنؾ‬
‫الجزائر كيستدعيو لبلجتماع‪ 2‬كيحدد جدكؿ أعمالو‪ .‬يتككف مجمس النقد كالقرض مف‪:3‬‬

‫‪ -‬أعضاء مجمس إدارة بنؾ الجزائر‪.4‬‬

‫‪ -‬شخصيتيف تختاراف بحكـ كفاءتيما في المسائؿ االقتصادية كالمالية‪.5‬‬

‫كقد خكلت أحكاـ األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مجمس النقد كالقرض مراقبة الدخكؿ‬
‫إلى ممارسة النشاط المصرفي مف خبلؿ الترخيص باإلنشاء‪ ،‬ككذلؾ الترخيص بالتعديؿ الذم‬
‫يمس القكانيف األساسية لمبنكؾ كالمؤسسات المالية قبؿ أك بعد الحصكؿ عمى االعتماد طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 62‬منو‪.‬‬

‫كما كسع المشرع مف صبلحيات مجمس النقد كالقرض في مجاؿ الرقابة لتمتد إلى‬
‫جكانب متعمقة بالمينة المصرفية‪ ،‬كيمكنيا أف تشكؿ مكضكع سحب االعتماد حسب نص‬
‫المادة ‪ 95‬مف األمر ‪ 11/03‬الذم جاء فيو‪" :‬دكف اإلخبلؿ بالعقكبات التي تقررىا المجنة‬
‫المصرفية في إطار صبلحياتيا‪ ،‬يقرر المجمس سحب االعتماد‪:‬‬

‫أ‪ -‬بناء عمى طمب مف البنؾ أك المؤسسة المالية‬

‫آيت كازك زاينة‪ ،‬مسؤكلية البنؾ المركزم في مكاجية األخطار المصرفية في القانكف الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة مكلكد معمرم‪ ،‬الجزائر‪ ،3103 ،‬ص‪.50‬‬


‫يعقد مجمس النقد كالقرض أربع دكرات عادية في السنة عمى األقؿ كيمكف أف يستدعى لبلنعقاد كمما دعت الضركرة لذلؾ‬ ‫‪2‬‬

‫بمبادرة مف رئيسو أك مف عضكيف منو‪ .‬أنظر المادة ‪ 01‬مف األمر ‪ 10/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫المادة ‪ 53‬مف األمر‪ ،00/18‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫نصت المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ عمى‪" :‬يتككف مجمس اإلدارة مف‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬المحافظ‪ ،‬رئيسا‪،‬‬
‫‪ -‬نكاب المحافظ الثبلثة‪،‬‬
‫‪ -‬ثبلثة مكظفيف ذكم أعمى درجة معينيف بمكجب مرسكـ مف رئيس الجميكرية بحكـ كفاءتيـ في المجاليف االقتصادم‬
‫كالمالي"‪.‬‬
‫تعيف الشخصيتاف عضكيف في المجمس بمكجب مرسكـ مف رئيس الجميكرية‪ .‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 52‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ‬ ‫‪5‬‬

‫كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ب‪ -‬تمقائيا‪:‬‬

‫‪ -1‬إف لـ تصبح الشركط التي يخضع ليا االعتماد متكفرة‪،‬‬

‫‪ -2‬إف لـ يتـ استغبلؿ االعتماد لمدة اثني عشر (‪ )12‬شيرا‪،‬‬

‫‪ -3‬إذا تكقؼ النشاط مكضكع االعتماد لمدة ستة (‪)6‬أشير"‪.‬‬

‫كيطمع مجمس النقد كالقرض بصبلحياتو التنظيمية كسمطة نقدية في إطار القانكف‪،‬‬
‫كذلؾ بإمبلء التشريعات البنكية كالمالية التالية‪:1‬‬

‫‪ -‬اإلصدار النقدم كتغطيتو‪.‬‬

‫‪ -‬أسس كشركط عمميات بنؾ الجزائر‪ ،‬كالسيما فيما يخص الخصـ كالسندات تحت نظاـ‬
‫األمانة كرىف السندات العامة كالخاصة‪ ،‬كالعمميات لقاء معادف ثمينة كعمبلت أجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد السياسة النقدية كاإلشراؼ عمييا كمتابعتيا كتقييميا‪ ،‬مف خبلؿ تحديد األىداؼ‬
‫المتعمقة بتطكير مختمؼ مككنات الكتمة النقدية كحجـ القركض‪.‬‬

‫‪ -‬غرفة المقاصة‪.‬‬

‫‪ -‬سير كسائؿ الدفع كسبلمتيا‪.‬‬

‫‪ -‬شركط إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬السيما تحديد الحد األدنى مف رأس الماؿ‪.‬‬

‫‪ -‬شركط فتح مكاتب تمثيميات البنكؾ كالمؤسسات المالية األجنبية في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬المعايير كالنسب المطبقة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كخاصة فيما يتعمؽ بتغطية‬
‫كتكزيع المخاطر كالسيكلة‪.‬‬

‫‪ -‬حماية زبائف البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬السيما فيما يخص شركط العمميات المعمكؿ بيا‪.‬‬

‫المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪207‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬النظاـ كالقكاعد المحاسبية التي تطبؽ عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬ككيفيات كميؿ‬
‫تسميـ الحسابات كالبيانات كاإلحصائيات‪ ،‬كسائر البيانات لكؿ ذكم الحقكؽ كالسيما بنؾ‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬الشركط التقنية لممارسة ميف االستشارة كالكساطة في المجاليف المصرفي كالمالي‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة الصرؼ كتنظيـ سكقو‪ ،‬كتحديد أىداؼ سياسة سعر الصرؼ‪ ،‬كتسيير احتياطات‬
‫الصرؼ‪.‬‬

‫‪ -‬قكاعد السير الحسف كأخبلقيات المينة المطبقة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‪.‬‬

‫كما يستمع مجمس النقد كالقرض إلى الكزير المكمؼ بالمالية بناء عمى طمب مف ىذا‬
‫األخير‪ ،‬كتستشيره الحككمة أيضا كمما تداكلت في المسائؿ المتعمقة بالنقد أك القرض أك‬
‫المسائؿ التي يمكف أف تنعكس عمى الكضع النقدم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة عمى نشاط البنوك والمؤسسات المالية‬

‫أسند األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ مياـ الرقابة عمى البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية إلى ىيئات ليا دكر في تدعيـ النظاـ البنكي كالمالي‪:‬‬

‫‪ -1‬المجنة المصرفية‪ :‬أسست المجنة المصرفية بمكجب المادة ‪ 143‬مف القانكف ‪10/90‬‬
‫المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬كرغـ إلغاء القانكف ‪ 10/90‬باألمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض‬
‫إال أنو أبقى عمى كجكد ىذه المجنة بمكجب نص المادة ‪ ،105‬الذم اعترؼ لمجنة المصرفية‬
‫باختصاصات ضبط كاسعة في المجاالت المرتبطة بيا‪ ،‬ككذلؾ بسمطات كاسعة فيما يخص‬
‫تكقيع العقكبات في حالة مخالفة القكانيف كاألنظمة التي تحدد قكاعد السير الحسف لممينة‪.1‬‬

‫كتتككف المجنة المصرفية مف‪:2‬‬

‫‪ -‬المحافظ‪ ،‬رئيسا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ZOUAIMIA Rachid, les autorités de régulation indépendantes dans le secteur financier en‬‬
‫‪Algérie, édition Houma, Alger, 2005, p46.‬‬
‫المادة ‪ 010‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪208‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬ثبلثة أشخاص يختاركف بحكـ كفاءتيـ في المجاؿ المصرفي كالمالي كالمحاسبي‪.‬‬

‫‪ -‬قا ضياف ينتدب األكؿ مف المحكمة العميا كيختاره رئيسيا األكؿ كينتدب الثاني مف مجمس‬
‫الدكلة كيختاره رئيس المجمس‪ ،‬بعد استشارة المجمس األعمى لمقضاء‪.‬‬

‫‪ -‬ممثؿ عف مجمس المحاسبة يختاره رئيس ىذا المجمس مف بيف المستشاريف األكليف‪.‬‬

‫‪ -‬ممثؿ عف الكزير المكمؼ بالمالية‪.‬‬

‫كيتـ تعييف أعضاء المجنة المصرفية مف طرؼ رئيس الجميكرية لعيدة مدتيا خمس‬
‫سنكات‪ 1‬بمكجب مرسكـ رئاسي‪ ،‬كتطبؽ عمى رئيس المجنة المصرفية كأعضاؤىا أحكاـ المادة‬
‫‪ 25‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬إذ ال يجكز ليـ أف يفشكا بصفة مباشرة أك غير‬
‫مباشرة‪ ،‬كقائع أك معمكمات اطمعكا عمييا في إطار عيدتيـ‪ ،‬كذلؾ دكف المساس بااللتزامات‬
‫المفركضة عمييـ بمكجب القانكف‪ ،‬كما عدا الحاالت التي يدعكف فييا لئلدالء بشيادة في‬
‫دعكل جزائية‪.2‬‬

‫أ‪ -‬الطبيعة القانونية لمجنة المصرفية‪ :‬إف األمر‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ مثمو مثؿ سابقو‪ ،‬لـ‬
‫يشر صراحة في ظؿ أحكامو إلى الطبيعة القانكنية لمجنة المصرفية‪ ،‬إف كانت ذات طبيعة‬
‫إدارية أـ قضائية‪.3‬‬

‫كيعتبر األستاذ رشيد زكايمية المجنة المصرفية سمطة إدارية مستقمة‪ ،‬ذلؾ أف اليدؼ‬
‫مف إنشاء ىذه الييئات ىك الحفاظ عمى تطبيؽ القانكف في مجاؿ االختصاص المحدد ليا‬
‫إلى جانب أف األعماؿ الصادرة عنيا بمثابة أعماؿ اإلدارة‪ ،‬فالق اررات النافدة مف صبلحيات‬

‫لـ يبيف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬إف كانت العيدة قابمة لمتجديد أـ ال‪ ،‬كذلؾ عمى خبلؼ القانكف ‪ 01/21‬المتعمؽ‬ ‫‪1‬‬

‫بالنقد كالقرض (الممغى) الذم نصت المادة ‪ 055‬عمى إمكانية تجديد عيدة أعضاء المجنة المصرفية ‪.‬‬
‫الفقرة ‪ 3‬مف المادة ‪ 010‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اعتبر المشرع الفرنسي المجنة المصرفية الفرنسية ىيئة قضائية عندما تقضي بتطبيؽ العقكبات التأديبية‪ ،‬بمكجب المادة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 0/53‬مف قانكف النقد الفرنسي‪ ،‬كفي نفس الكقت ىيئة إدارية‪ ،‬حيث تؤدم مصمحة عمكمية‪ .‬أنظر‪ :‬فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪022‬؛‬
‫‪- DIB Said, la nature du contrôle juridictionnel des actes de la commission bancaire en‬‬
‫‪Algérie, Revue banque et Droit, n°80, novembre-décembre, 2001, p21.‬‬

‫‪209‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫السمطة العامة تقميديا معترؼ بيا لمسمطات اإلدارية‪ ، 1‬فينتقد بذلؾ الرأم القائؿ بإضفاء‬
‫الطابع القضائي عمى المجنة المصرفية عمى النحك التالي‪:2‬‬

‫‪ -‬حضكر قاضييف ضمف تشكيمة المجنة المصرفية ال يعتبر دليبل قاطعا عمى الطابع‬
‫القضائي‪ ،‬ذلؾ أف بعض السمطات اإلدارية المستقمة تضـ قضاة دكف أف تستفيد مف التكييؼ‬
‫القضائي كما ىك الحاؿ بالنسبة لمجنة تنظيـ كمراقبة عمميات البكرصة‪.‬‬

‫‪ -‬فيما يخص إجراء المكاجية كدليؿ عمى الطابع القضائي‪ ،‬يرل أف مثؿ ىذه القاعدة لـ تنتج‬
‫عف تطبيؽ نص تشريعي بؿ عف النظاـ الداخمي الذم تصدره المجنة نفسيا‪.‬‬

‫‪ -‬التسبيب ال يقتصر فقط عمى القضاء‪ ،‬فرغـ أف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ (كقبمو‬
‫القانكف ‪ ) 10/90‬لـ يشر إلى مسألة تسبيب المجنة المصرفية لق ارراتيا‪ ،‬حيث تعتمد ىذه‬
‫األخيرة عمى نظاميا الداخمي‪ ،‬غير أنيا ممزمة بذلؾ باعتبار أف الق اررات الفردية تمس بحقكؽ‬
‫األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬إف استبداؿ مصطمح الطعف اإلدارم بمصطمح الطعف القضائي ال يضيؼ شيئا فيما‬
‫يخص تكييؼ المجنة المصرفية‪ ،‬فالطعف بسبب التعسؼ في استعماؿ السمطة كالمكجو ضد‬
‫الييئات اإلدارية يعتبر طعف قضائي عمى غرار الطعف بالنقض ضد قرار نيائي صادر عف‬
‫ىيئة قضائية‪ .‬فيذا المصطمح يؤكد عمى أف الطعف يككف أماـ الييئات القضائية بمعنى أنو‬
‫ال مجاؿ لمتظمـ‪.‬‬

‫‪ -‬أخي ار فيما يخص تكييؼ المجنة المصرفية كييئة إدارية يقكدنا إلى إقصاء اإلجراءات‬
‫اإلدارية مف مجاؿ المنازعات‪ ،‬أمر غير معقكؿ حيث انو كطبقا لمدستكر فإف القضاء ينظر‬
‫في الطعف في ق اررات السمطات اإلدارية‪.‬‬

‫أما مجمس الدكلة الجزائرم‪ ،‬فقد اعتمد معيار قابمية الق اررات لمطعف باإللغاء في قضية‬
‫" ‪ " union bank‬في تكييفو لمجنة المصرفية‪ ،‬أيف تكصؿ في القرار الصادر عنو إلى اعتبار‬

‫‪1‬‬
‫‪ZOUAIMIA Rachid, Op.Cit, p14.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, pp 51-55.‬‬

‫‪210‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ىذه األخيرة سمطة إدارية مستقمة‪ ،1‬رغـ غياب أم نص صريح ضمف قانكف النقد كالقرض‬
‫يجيز الطعف باإللغاء في الق اررات الصادرة عف المجنة المصرفية‪ ،‬كما أنيا ال تتمتع‬
‫باالستقبللية كالشخصية المعنكية‪.‬‬

‫في األخير‪ ،‬يمكننا القكؿ أف تكييؼ المجنة المصرفية كسمطة إدارية أقرب إلى‬
‫الصكاب ذلؾ أف الييئات القضائية ال تمثؿ أماـ ىيئات قضائية أخرل لتبرير أحكاميا‪ ،2‬كما‬
‫أف المجنة المصرفية ال تصدر أحكاميا باسـ الشعب‪.3‬‬

‫ب‪ -‬مجال رقابة المجنة المصرفية‪ :‬نصت المادة ‪ 105‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‬
‫عمى أف المجنة المصرفية تكمؼ بمراقبة مدل احتراـ البنكؾ كالمؤسسات المالية لؤلحكاـ‬
‫التشريعية كالتنظيمية المطبقة عمييا‪ ،‬كبفحص شركط استغبلليا كالسير عمى نكعية‬
‫كضعياتيا المالية كالمعاقبة عمى االختبلالت التي تتـ معاينتيا‪.‬‬

‫كما تعايف عند االقتضاء المخالفات التي يرتكبيا أشخاص يمارسكف نشاط البنؾ أك‬
‫المؤسسة المالية دكف أف يتـ اعتمادىـ‪ ،‬كتطبؽ عمييـ العقكبات التأديبية المنصكص عمييا‬
‫في ىذا األمر دكف المساس بالمبلحقات األخرل‪ ،‬الجزائية كالمدنية‪.‬‬

‫كيمكف المجنة المصرفية تكسيع تحرياتيا إلى المساىمات كالعبلقات المالية بيف‬
‫األشخاص المعنكييف الذيف يسيطركف بصفة مباشرة أك غير مباشرة عمى بنؾ أك مؤسسة‬

‫قرار مجمس الدكلة رقـ ‪ ،3032‬مؤرخ في ‪ 13‬مايك ‪ 3111‬بيف يكنيف بنؾ كبنؾ الجزائر‪ ،‬الذم جاء فيو‪" :‬حيث أنو مف‬ ‫‪1‬‬

‫الثابت أف القرار المطعكف فيو يذكر أف رئيسيا صرح قبؿ مناقشة المكضكع أنيا تشكؿ جية قضائية مختصة‪ ،‬حيث أف‬
‫الجيات القضائية تفصؿ بيف األطراؼ في حيف أف المجنة المصرفية تشكؿ ىيئة رقابية كىيئة مينية‪...‬‬
‫حيث أنو مف جية أخ رل فإف اإلجراءات المطبقة أماـ الجيات القضائية تحدد عف طريؽ القانكف‪ ،‬في حيف أف أغمبية‬
‫اإلجراءات المطبقة أماـ المجنة المصرفية قد تـ تحديدىا عف طريؽ نظاـ داخمي‪ ،‬حيث أنو في األخير‪ ،‬كما استقر عميو‬
‫الفقو‪ ،‬المجنة المصرفية تشكؿ سمطة إدارية مستقمة" (غير منشكر)‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 051‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أنو‪" :‬يمكف المحافظ أف يككف طرفا مدنيا‪ ،‬بحكـ صفتو‪ ،‬في‬ ‫‪2‬‬

‫أم إجراء‪.‬‬
‫يمكف المحكمة في جميع مراحؿ المحاكمة‪ ،‬أف تطمب مف المجنة المصرفية كؿ رأم ككؿ معمكمة مفيدة"‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 052‬مف الدستكر عمى أنو‪" :‬يصدر القضاء أحكامو باسـ الشعب"‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪211‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫مالية كالى الفركع التابعة ليما‪ ،1‬كيمكف تكسيع مراقبة المجنة المصرفية في إطار اتفاقيات‬
‫دكلية إلى فركع الشركات الجزائرية في الخارج‪.2‬‬

‫كتمجأ المجنة المصرفية لمقياـ بمياميا في إطار الرقابة عمى نشاط البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية إلى نكعيف مف التحقيؽ ىما‪:3‬‬

‫الرقابة عمى الوثائق والمستندات)‪ :(le contrôle sur pièce‬خكؿ األمر ‪11/03‬‬
‫المتعمؽ بالنقد كالقرض المجنة المصرفية سمطة مراقبة البنكؾ كالمؤسسات المالية بناء عمى‬
‫الكثائؽ كالمستندات قصد التحقؽ مف االحتراـ الظاىر لمتشريعات كاألنظمة السارية المفعكؿ‪،‬‬
‫ككذا مدل احتراـ قكاعد الحيطة كالحذر في التسيير لمبنكؾ كالمؤسسات المالية الخاضعة‬
‫لرقابتيا‪ ،‬مف أجؿ البحث عف مدل كجكد اختبلالت في التكازف المالي مف عدمو‪.‬‬

‫كقد منح المشرع الجزائرم المجنة المصرفية ميمة تنظيـ برنامج عمميات المراقبة التي‬
‫تقكـ بيا‪ ،‬كتحديد قائمة الكثائؽ كالمستندات كمدة تسميميا‪ ،‬كما خكؿ ليا أف تطمب مف البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية جميع المعمكمات كاإليضاحات كاإلثباتات البلزمة لممارسة مياميا‪.4‬‬

‫‪ -‬الرقابة في عين المكان (‪ :)Le contrôle sur place‬بناء عمى نتائج الرقابة عمى‬
‫الكثائؽ كالمستندات‪ ،‬قد تبلحظ المجنة ضركرة االنتقاؿ إلى عيف المكاف مف أجؿ معاينتيا‬
‫كالتأكد مف صحة المعمكمات التي بمغت بيا‪ ،‬أك حتى بمبادرة منيا متى رأت ذلؾ ضركريا‪.‬‬

‫كقد خكؿ األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتعمؽ بالنقد كالقرض المجنة المصرفية‬
‫سمطة مراقبة البنكؾ كالمؤسسات المالية في عيف المكاف‪ ،‬كما يمكف لبنؾ الجزائر أف يقكـ‬
‫بإجراء التفتيش لحساب المجنة المصرفية‪ ،‬كيمكف ليذه األخيرة أف تأمر أم شخص يقع عميو‬
‫اختيارىا القياـ بيذه الرقابة‪.‬‬

‫الفقرة األكلى مف المادة ‪ 001‬مف األمر‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفقرة ‪ ،3‬المادة ‪ 001‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 013‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 012‬مف األمر‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪212‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كتدعيما ليذا الدكر‪ ،‬جاءت قكانيف خاصة تكرس دكر المجنة المصرفية في معاينة‬
‫الجرائـ مف خبلؿ أعكاف بنؾ الجزائر‪ ،‬فنجد القانكف ‪ 22/96‬المتعمؽ بمخالفة التشريع‬
‫كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى الخارج‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬قد‬
‫نص عمى مساىمة ىؤالء األعكاف في التقصي عف الجرائـ عف طريؽ المعاينة كتقديـ‬
‫المعمكمات‪ ،1‬كما أف القانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمكافحتيما نص صراحة عمى الدكر المباشر الذم تطمع بو المجنة المصرفية في الرقابة‬
‫عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية مف خبلؿ التقرير السرم الذم يعده مفتشك بنؾ الجزائر‬
‫المفكضيف مف قبؿ المجنة المصرفية في إطار المراقبة في عيف المكاف‪.2‬‬

‫كما يمكف المجنة المصرفية ممارسة الرقابة عمى تقارير كأعماؿ محافظك حسابات‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية التي يمكنيا أف تسمط عمييـ المنصكص عمييا في المادة ‪102‬‬
‫مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪.‬‬

‫كقد أقر قانكف النقد كالقرض مبدأ جكىرم يعزز دكر المجنة في مجاؿ الرقابة عمى‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية يتمثؿ في عدـ التمسؾ بالسر الميني في مكاجيتيا‪.3‬‬

‫ج‪ -‬التدابير والعقوبات الصادرة عن المجنة المصرفية‪ :‬تبعا لنتائج التحقيؽ حسب الكثائؽ‬
‫كالمستندات كفي مراكز البنكؾ كالمؤسسات المالية كمدل احتراـ ىذه األخيرة لقكاعد الحيطة‬
‫كالحذر في التسيير‪ ،‬قد تبلحظ المجنة المصرفية كجكد مخالفات لؤلحكاـ القانكنية كالتنظيمية‬
‫المتعمقة بممارسة النشاط المصرفي كأخبلقيات المينة‪ ،‬أك التدابير التي يفرضيا بنؾ الجزائر‬
‫بمقتضى صبلحياتو القانكنية أك تقديـ بيانات كمعمكمات خاطئة أك ناقصة كغير مطابقة‬
‫لمحقيقة‪ ،‬فإف المجنة المصرفية كفي إطار صبلحياتيا الرقابية كالتأديبية تقكـ باتخاذ التدابير‬
‫البلزمة ل مكاجية أية مخالفات تكتشفيا مف خبلؿ رقابتيا المستندية كالميدانية لمبنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية‪.4‬‬

‫المادة ‪ 10‬مف القانكف ‪ 33/20‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 00‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬الفقرة ‪ ،05‬المادة ‪ 012‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬


‫‪4‬‬
‫‪RIVES- LANGE Jean -louis. CONTAMINE RAYNAUD Monique, Droit bancaire, Edition‬‬
‫‪Dalloz, 5eme édition, paris, 1990, p80.‬‬

‫‪213‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫التدابير واإلجراءات اإلدارية‪ :‬طبقا لممكاد ‪ 113 ،112 ،111‬ك‪ 115‬مف األمر ‪11/03‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬إذا أخمت البنكؾ كالمؤسسات المالية بقكاعد حسف‬
‫سير المينة المصرفية تقكـ المجنة المصرفية باتخاذ تدابير كاجراءات إدارية كىي كقائية‬
‫غرضيا ضماف حسف سير البنكؾ كالمؤسسات المالية كحماية أمكاؿ المكدعيف مف جية كمف‬
‫جية أخرل حماية النظاـ المالي بشكؿ عاـ‪ ،‬فيي ال تيدؼ إلى تكقيع العقاب بؿ ىي‬
‫إجراءات تيدؼ إلى التصحيح كالنيكض بكضعية البنؾ أك المؤسسة المالية‪.1‬‬

‫كيتجسد ىذا النكع مف التدابير كاإلجراءات اإلدارية في‪:‬‬

‫‪ -‬تكجيو المجنة المصرفية تحذي ار ألحد البنكؾ أك المؤسسات المالية الخاضعة لرقابتيا إذا‬
‫أخمت بقكاعد السير الحسف لممينة المصرفية‪ ،‬كذلؾ بعد إتاحة الفرصة لمسيرم ىذه المؤسسة‬
‫بتقديـ تفسيراتيـ طبقا لممادة ‪ 111‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى ما‬
‫يمي‪" :‬إذا أخمت إحدل المؤسسات الخاضعة لرقابة المجنة بقكاعد حسف سير المينة‪ ،‬يمكف‬
‫المجنة أف تكجو ليا تحذيرا‪ ،‬بعد إتاحة الفرصة لمسيرم ىذه المؤسسة لتقديـ تفسيراتيـ"‪.2‬‬

‫كاذا لـ ي ارع ىذا التحذير مف قبؿ البنؾ أك المؤسسة المالية يمكف المجنة المصرفية‬
‫اتخاذ العقكبات المنصكص عمييا في المادة ‪ 114‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪.3‬‬

‫‪ -‬تقديـ األكامر لمبنؾ أك المؤسسة المالية عندما تبرر كضعيتو المالية ذلؾ‪ ،‬كفي ىذا اإلطار‬
‫كطبؽ لممادة ‪ 112‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ يمكف لمجنة المصرفية أف تدعك أم‬
‫بنؾ التخاذ ضمف ميمة معينة جميع التدابير التي مف شأنيا أف تعيد أك تدعـ تكازنو المالي‬
‫أك تصحح األساليب اإلدارية المطبقة في التسيير‪.4‬‬

‫بف لطرش منى‪" ،‬السمطات اإلدارية المستقمة في المجاؿ المصرفي‪ :‬كجو جديد لدكر الدكلة"‪ ،‬مجمة إدارة‪ ،‬العدد‪،35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،3113‬ص‪.08‬‬
‫لكف مف خبلؿ ىذه المادة نبلحظ أف العبارة الكاردة فييا 'قكاعد حسف سير المينة' نطاقيا كاسع جدا‪ ،‬فإف المجنة المصرفية‬ ‫‪2‬‬

‫تتمتع بسمطة كاسعة في ىذا المجاؿ لتقدير ىذا النطاؽ لقمع كؿ الممارسات المخمة بقكاعد حسف سير المينة المصرفية‪.‬‬
‫أنظر المادة ‪ 005‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أعطى المشرع الجزائرم الفرصة لممساىميف لتحسيف تسيير الكضعية المالية مف خبلؿ دعكة محافظ بنؾ الجزائر‬ ‫‪4‬‬

‫المساىميف الرئيسييف في البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية لتقديـ الدعـ الضركرم مف حيث المكارد المالية‪ .‬أنظر‪ :‬المادة‬
‫‪ 22‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا‪ ،‬فطبقا لممادة ‪ 113‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬يمكف‬
‫لمجنة المصرفية أف تعيف قائـ باإلدارة مؤقتا تخكؿ لو الصبلحيات البلزمة إلدارة كتسيير‬
‫البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية أك فركعيا في الجزائر بما في ذلؾ حؽ إعبلف التكقؼ عف‬
‫الدفع‪.‬‬

‫كما يمكف أف يتـ تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا بناء عمى طمب مف مسيرم البنؾ أك‬
‫المؤسسة المالية المعنية‪ ،‬عندما يركا بأنيـ لـ يعد باستطاعتيـ أف يمارسكا مياميـ بشكؿ‬
‫عادم كعدـ قدرتيـ عمى استرداد ديكنيـ‪ ،‬كاما مباشرة مف قبؿ المجنة المصرفية‪ 1‬عندما تتيقف‬
‫أنو لـ يعد باإلمكاف إدارة البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية في ظركؼ عادية أك عندما تقرر‬
‫ذل ؾ إحدل العقكبات التأديبية المنصكص عمييا في الفقرتيف الرابعة كالخامسة مف المادة‬
‫‪ 114‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض كالمتمثمة في‪:‬‬

‫‪ -‬التكقيؼ المؤقت لمسير أك أكثر مع تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا أك عدـ تعيينو‪.‬‬

‫‪ -‬إنياء مياـ شخص أك أكثر مف ىؤالء األشخاص مع تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا أك عدـ‬
‫تعيينو‪.‬‬

‫‪ -‬تعييف مصفي‪ ،‬فحسب المادة ‪ 115‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ فإنو يصبح قيد‬
‫التصفية كؿ بنؾ أك مؤسسة مالية خاضعة لمقانكف الجزائرم تقرر سحب االعتماد منيا‪ ،‬ككذا‬
‫كؿ فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية عاممة في الجزائر تـ سحب االعتماد منيا‪.‬‬

‫كيمكف لمجنة المصرفية أف تضع قيد التصفية كتعيف مصفيا لكؿ مؤسسة تمارس‬
‫بطريقة غير قانكنية العمميات المخكلة لممؤسسات المصرفية‪ ،‬أك التي تخؿ بإحدل الممنكعات‬
‫المنصكص عمييا في المادة ‪ 81‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض‪.‬‬

‫تـ اتخاذ إجراء تعييف مدير مؤقت ضد بنؾ الخميفة‪ ،‬حيث قررت المجنة المصرفية بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ ،3118‬كضع ىذا‬ ‫‪1‬‬

‫البنؾ تحت اإلدارة المؤقتة كتعييف السيد "محمد جبلب" كمدير مؤقت خكلت لو الصبلحيات البلزمة باعتباره رئيس أعماؿ‬
‫البنؾ المعني‪ ،‬يحؽ لو إعبلف التكقؼ عف الدفع إذا اقتضى األمر ذلؾ‪.‬‬
‫‪-Banque d’Algérie, rapport 2003, Evaluation économique et monétaire en Algérie, Avril‬‬
‫‪2004, p85.‬‬

‫‪215‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كتجدر اإلشارة إلى أف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد كالقرض لـ يحدد مياـ‬


‫كصبلحيات المصفي‪ ،‬كانما أشار بمكجب المادة ‪ 116‬منو إلى أف المجنة المصرفية ىي‬
‫التي تحدد كيفية التصفية‪.‬‬

‫اإلجراءات التأديبية‪ :‬تتمتع المجنة المصرفية بصبلحيات كاسعة في تكقيع العقكبات عمى‬
‫البنكؾ كالمؤسسات المالية التي ال تتقيد في نشاطيا باألحكاـ التشريعية كالتنظيمية‪ ،‬أك لـ‬
‫تستجيب ألمر ككذا في حالة تجاىميا لمتحذير المكجو ليا‪.‬‬

‫كتتراكح العقكبات الكاردة في المادة ‪ 114‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ ما بيف‬


‫اإلنذار‪ ،‬التكبيخ‪ ،‬المنع مف ممارسة بعض العمميات كغيرىا مف أنكاع الحد مف ممارسة‬
‫النشاط كالمنع مف ممارسة الصبلحيات لمدة معينة‪.‬‬

‫كفي إطار العقكبات التأديبية يخكؿ قانكف النقد كالقرض المجنة المصرفية سمطة‬
‫سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية إذا ما عاينت أثناء قياميا بالرقابة كجكد‬
‫مخالفة تستدعي سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية‪.1‬‬

‫كفضبل عف ذلؾ‪ ،‬يمكف المجنة المصرفية أف تقضي إما بدال عف العقكبات السابقة‬
‫الذكر كاما إضافة إلييا بعقكبة مالية ال تتجاكز بأم حاؿ مف األحكاؿ الرأس ماؿ األدنى‬
‫المطمكب تكافره لدل البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية‪ ،‬كتقكـ الخزينة العمكمية بتحصيؿ ىذا‬
‫المبمغ الذم يدخؿ في ميزانية الدكلة‪.2‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ ذكره حكؿ العقكبات التأديبية الصادرة عف المجنة المصرفية الكاردة‬
‫في المادة ‪ 114‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نبلحظ أف ىذه العقكبات لـ تقترف‬
‫بطبيعة المخالفة المرتكبة مف طرؼ البنؾ أك المؤسسة المالية كبالتالي فإف المجنة المصرفية‬
‫ليا كامؿ السمطة في تكقيع العقكبات ككذا الحاؿ بالنسبة الستبداؿ العقكبات التأديبية‬

‫تتكزع صبلحية سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية بيف مجمس النقد كالقرض كالمجنة المصرفية‪ ،‬ككاف‬ ‫‪1‬‬

‫مف األفضؿ تكحيد مصدر سحب االعتماد سكاء تعمؽ األمر بعدـ تكفر شركط اعتماد البنؾ أك المؤسسة المالية(المادة ‪25‬‬
‫مف األمر ‪ ،)00/18‬أك نتيجة اإلخبلؿ باألحكاـ التشريعية كالتنظيمية المتعمقة بممارسة النشاط المصرفي‪.‬‬
‫المادة ‪ 005‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪216‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫بالعقكبات المالية أك باإلضافة إلييا‪ ،‬ففي كؿ الحاالت لـ يحدد القانكف طبيعة المخالفة كيبقى‬
‫عمى عاتؽ أعضاء المجنة تحديد العقكبات المناسبة بحسب طبيعة المخالفة المرتكبة‪.‬‬

‫‪ -2‬المصالح المشتركة لبنك الجزائر‪ :‬تمثؿ المصالح المشتركة لبنؾ الجزائر الدعـ الحقيقي‬
‫لمبنكؾ كالمؤسسات المالية بالمعمكمات‪ ،‬كتعتبر ككسيمة لمرقابة كتقدير أعماليا كتحقيؽ السير‬
‫الحسف لمجياز المصرفي‪.‬‬

‫كتتمثؿ المصالح المشتركة لبنؾ الجزائر في مركزية المخاطر(أ)‪ ،‬مركزية المستحقات‬


‫غير المدفكعة(ب)‪ ،‬مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدكف رصيد(ج)‪ ،‬مركزية المكازنات(د)‬
‫المديرية العامة لممفتشية العامة في بنؾ الجزائر(ق)‪.‬‬

‫أ‪ -‬مركزية المخاطر (‪ :)la centrale des risques‬تـ إنشاء مركزية المخاطر بمكجب‬
‫المادة ‪ 160‬مف القانكف ‪ 10/90‬المتعمؽ بالنقد كالقرض التي تقابميا المادة ‪ 98‬مف األمر‬
‫‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض‪ ،‬التي نصت عمى أنو‪" :‬ينظـ بنؾ الجزائر‬
‫كيسير مصمحة لمركزة المخاطر تدعى "مركزية المخاطر" تكمؼ يجمع أسماء المستفيديف مف‬
‫القركض كطبيعة القركض الممنكحة كسقفيا كالمبالغ المسحكبة كالضمانات المعطاة لكؿ‬
‫قرض مف جميع البنكؾ كالمؤسسات المالية‪.‬‬

‫يتعيف عمى جميع البنكؾ كالمؤسسات المالية االنخراط في مركزية المخاطر‪ ،‬كيجب أف تزكد‬
‫مركزية المخاطر‪ ،‬بالمعمكمات المذككرة في الفقرة األكلى مف ىذه المادة ‪."...‬‬

‫كتمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باالنخراط في ىذه المصمحة كتحترـ قكاعد عمميا‬
‫احتراما دقيقا طبقا لممادة ‪ 03‬مف النظاـ رقـ ‪ 01/92‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪1992‬‬
‫المتضمف تنظيـ مركزية األخطار كعمميا‪ ،‬كقد تمى ىذا النظاـ صدكر التعميمة رقـ ‪70/92‬‬
‫المؤرخة في ‪ 24‬نكفمبر ‪ 1992‬التي نصت المادة ‪ 15‬منيا عمى كيفية تنظيـ كتمكيؿ‬
‫مركزية المخاطر‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Banque d’Algérie, Instruction 92/70 du 24 novembre 1992 relative à la centralisation des‬‬
‫‪risques bancaires et des opérations des crédit-bail.‬‬

‫‪217‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيتمثؿ اليدؼ مف إنشاء مركزية المخاطر في كشؼ كتدارؾ المخاطر المرتبطة‬


‫بالقرض كمنح البنكؾ كالمؤسسات المالية المعمكمات الضركرية المرتبطة بالقركض كالزبائف‬
‫التي تشكؿ مخاطر محتممة‪.1‬‬

‫كتتكلى مركزية المخاطر القياـ بالمياـ التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تركيز المعمكمات المرتبطة بالقركض ذات المخاطر في مصمحة كاحدة ببنؾ الجزائر مما‬
‫يسمح بتسيير أفضؿ لسياسة القرض‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة كمتابعة نشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬كمعرفة مدل العمؿ الذم تقكـ بو في‬
‫مجاؿ الخضكع لمعايير كقكاعد العمؿ التي يحددىا بنؾ الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬منح البنكؾ كالمؤسسات المالية فرصة المفاضمة بيف القركض المتاحة بناء عمى معطيات‬
‫سميمة نسبيا‪.‬‬

‫إف دكر مركزية المخاطر ال يتكقؼ عند عممية جمع المعمكمات الخاصة بالقركض‬
‫عمى مستكل التراب الكطني‪ ،‬كاالستعانة بيذه المعمكمات في كضع برامج كتسطير أىداؼ‬
‫تساعد في تكجيو السياسة النقدية فحسب‪ ،‬بؿ يمتد لممساىمة بقسط كبير في جمع المعمكمات‬
‫التي يمكف استخداميا في كقاية النظاـ المالي مف جريمة تبييض األمكاؿ‪.2‬‬

‫ب‪ -‬مركزية المستحقات غير المدفوعة (‪ :)La centrale des impayés‬تـ إنشاء مركزية‬
‫المستحقات غير المدفكعة بمكجب النظاـ ‪ 02/92‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 1992‬المتضمف‬
‫تنظيـ مركزية المبالغ غير المدفكعة كعمميا‪ ،3‬حيث نصت المادة األكلى منو عمى إحداث‬
‫ضمف ىياكؿ بنؾ الجزائر مركزية المبالغ غير المدفكعة ينظـ إلييا الكسطاء كالمالييف‬
‫المتمثميف في كؿ مف البنكؾ كالمؤسسات المالية كالخزينة العامة كالمصالح المالية التابعة‬

‫لطرش الطاىر‪ ،‬مكانة السياسة النقدية كدكرىا في المرحمة االنتقالية إلى اقتصاد السكؽ‪ ،‬رسالة دكتكراه في عمكـ التسيير‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المدرسة العميا لمتجارة‪ ،‬الجزائر‪ ،3115 ،‬ص‪.310‬‬


‫فضيمة ممياؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.308‬‬ ‫‪2‬‬

‫النظاـ رقـ ‪ 13/23‬المؤرخ في ‪ 33‬مارس ‪ ،0223‬يتضمف تنظيـ مركزية المبالغ غير المدفكعة كعمميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫عدد‪ ،3‬صادر في ‪ 0‬فبراير ‪.0228‬‬

‫‪218‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫لمبريد كالمكاصبلت كأم مؤسسة أخرل تضع تحت تصرؼ الزبائف كسائؿ الدفع كتتكلى‬
‫تسييرىا‪.1‬‬

‫كتظير أىمية مركزية المستحقات غير المدفكعة في الدكر الياـ الذم تمعبو في‬
‫ممارستيا لكظائفيا بالنسبة لكؿ كسيمة دفع ك‪/‬أك قرض مف حيث‪:‬‬

‫‪ -‬تنظيـ فيرس مركزم لعكائؽ الدفع كما قد يترتب عمييا مف متابعات‪ ،‬ثـ تسيير ىذا الفيرس‬
‫كتنظيمو‪.‬‬

‫‪ -‬تبميغ الكسطاء المالييف ككؿ سمطة أخرل معنية دكريا قائمة عكائؽ الدفع زما قد بترتب‬
‫عمييا مف متابعات‪.‬‬

‫كتعمؿ ىذه المصمحة بالتنسيؽ مع المجنة المصرفية‪ ،‬باعتبار أف ليذه األخيرة جميع‬
‫الصبلحيات في الحصكؿ عمى المعمكمات التي تصؿ إلى ىذه المصمحة‪ ،‬كالنظر فيما تتخذه‬
‫بشأف أم مخالفة مف النظاـ الخاص بمركزية المستحقات غير المدفكعة‪.‬‬

‫ج‪ -‬مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدون رصيد‪ :‬تـ إنشاء مركزية مكافحة إصدار‬
‫الشيكات بدكف رصيد بمكجب النظاـ رقـ ‪ 03/92‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ ،1992‬كيعمؿ ىذا‬
‫الجياز عمى تجميع كمركزة المعمكمات المتعمقة بعكارض دفع الشيكات لعدـ كجكد رصيد أك‬
‫عدـ كفايتو‪ ،‬كالقياـ بتبميغ ىذه المعمكمات إلى الكسطاء المالييف المعنييف بما فييـ البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية بغرض االطبلع عمييا كاستغبلليا السيما عند تسميـ دفتر الشيكات األكؿ‬
‫لزبائنيـ‪.2‬‬

‫كما أصدر بنؾ الجزائر النظاـ رقـ ‪ 01/08‬المتعمؽ بترتيبات الكقاية مف إصدار‬
‫الشيكات بدكف رصيد كمكافحتيا‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ بالنظاـ رقـ ‪ 07/11‬المؤرخ في ‪ 19‬أكتكبر‬
‫‪ ،2011‬حيث نصت المادة ‪ 11‬منو عمى ضركرة أف يبمغ بنؾ الجزائر بانتظاـ البنكؾ‬
‫كالخ زينة العمكمية كالمصالح المالية لبريد الجزائر القائمة المحينة لمممنكعيف مف استعماؿ‬
‫دفتر الشيكات‪.‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف النظاـ ‪ ،13/23‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫لطرش الطاىر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.853‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪219‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫د‪ -‬مركزية الموازنات (‪ :)la centrale des bilans‬تـ إنشاء مركزية المكازنات بتاريخ‬
‫‪ 03‬يكنيك‪ ،1996‬كىي عبارة عف نظاـ جمع كتبادؿ المعمكمات حكؿ الكضعية المالية لمبنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية‪ ،‬كذلؾ لتسييؿ اتخاذ الق اررات المالية عف طريؽ فحص جداكؿ المكارد‬
‫كاالستخدامات الخاصة بالبنؾ كاالطبلع عمى حالتيا‪.‬‬

‫كتتمثؿ مياـ مركزية المكازنات في مراقبة تكزيع القركض التي تمنحيا البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية قصد تعميـ استعماؿ طرؽ مكحدة في التحميؿ المالي الخاص بالمؤسسات‬
‫ضمف النظاـ المصرفي‪.‬‬

‫كيساىـ الدكر الذم تؤديو مركزية المكازنات في الكقاية مف تبييض األمكاؿ‪ ،‬السيما‬
‫مف خبلؿ متابعتيا لنشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية كمختمؼ المؤسسات القطاعية األخرل‬
‫المتصمة بيا‪.‬‬

‫ه‪ -‬المديرية العامة لممفتشية العامة لبنك الجزائر تتمثؿ ميمة المديرية العامة لممفتشية‬
‫العامة لبنؾ الجزائر في القياـ نيابة عف المجنة المصرفية بالرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات‬
‫المالية الخاضعة لبنؾ الجزائر‪ ،‬كتعمؿ المفتشية العامة تحت سمطة األميف العاـ لبنؾ‬
‫الجزائر‪ .‬كتتككف المفتشية العامة مف‪:‬‬

‫المفتشية الداخمية‪ :‬كتتمثؿ الميمة الرئيسية لممفتشية الداخمية في مراجعة كمراقبة كؿ أنشطة‬
‫كعمميات ىياكؿ بنؾ الجزائر مف جية‪ ،‬كمراقبة العمميات المصرفية كالمالية لمبنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية مف جية أخرل‪.‬‬

‫المفتشية الخارجية‪ :‬تمثؿ المفتشية الخارجية ىيكؿ بنؾ الجزائر المكمؼ بتنظيـ الرقابة‬
‫المستندية كممارسة الرقابة الميدانية‪ ،‬كذلؾ لحساب المجنة المصرفية‪.‬‬

‫كقد خضع معظـ العامميف في المفتشية العامة لبنؾ الجزائر لمعديد مف الدكرات‬
‫التككينية الخاصة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب في الفترة الممتدة مف ‪ 2005‬إلى‬
‫‪ ،2009‬حيث تمت دعكة خبراء مف البنكؾ المركزية كالبنؾ الدكلي إلنجاز ىذا التككيف‪.1‬‬

‫تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ‬ ‫‪1‬‬

‫اإلرىاب بالجزائر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪220‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -3‬محافظو الحسابات‪ :1‬تمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية كفركع البنكؾ األجنبية بتعييف‬
‫محافظيف اثنيف لمحسابات عمى األقؿ‪ ، 2‬كيخضعاف لرقابة المجنة المصرفية التي يمكنيا‬
‫تسميط العقكبات عمى محافظ الحسابات دكف اإلخبلؿ بالمبلحقات التأديبية كالجزائية‪:3‬‬

‫‪ -‬التكبيخ‪.‬‬

‫‪ -‬المنع مف مكاصمة عمميات مراقبة بنؾ ما أك مؤسسة مالية ما‪.‬‬

‫‪ -‬المنع مف ممارسة مياـ محافظي الحسابات لمدة ثبلث سنكات مالية‪.‬‬

‫كتتمثؿ ميمة محافظ الحسابات في التحقؽ مف الدفاتر كاألكراؽ المالية كفي مراقبة‬
‫انتظاـ حسابات الشركة كصحتيا‪ ،‬كما يدقؽ في صحة المعمكمات المقدمة في تقرير مجمس‬
‫اإلدارة أك مجمس المديريف حسب الحالة كفي الكثائؽ المرسمة إلى المساىميف حكؿ الكضعية‬
‫المالية لمشركة كحساباتيا‪ ،‬كيجكز لو االطبلع في أم كقت كفي عيف المكاف عمى السجبلت‬
‫المحاسبية كالمكازنات كالمراسبلت كالمحاضر كأف يقكـ بالتفتيشات التي يراىا مناسبة‪.4‬‬

‫كما يتعيف عمى محافظي حسابات البنكؾ كالمؤسسات المالية‪ ،‬زيادة عمى التزاماتيـ‬
‫القانكنية القياـ بالمياـ التالية‪:5‬‬

‫‪ -‬إعبلـ محافظ بنؾ الجزائر فك ار بكؿ مخالفة ترتكبيا المؤسسة الخاضعة لرقابتيـ طبقا‬
‫ألحكاـ قانكف النقد كالقرض كالنصكص التنظيمية المتخذة بمكجب أحكامو‪.‬‬

‫‪ -‬أف يقدمكا لمحافظ بنؾ الجزائر تقري ار خاصا حكؿ المراقبة التي قامكا بيا في أجؿ أربعة‬
‫أشير ابتداء مف تاريخ قفؿ كؿ السنة المالية‪.‬‬

‫أنظر المرسكـ التنفيذم ‪ 81/00‬المؤرخ في ‪ 30‬يناير ‪ ،3100‬يحدد شركط ككيفيات االعتماد لممارسة مينة الخبير‬ ‫‪1‬‬

‫المحاسب كمحافظ الحسابات كالمحاسب المعتمد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،0‬صادر في ‪ 3‬فب ارير ‪.3100‬‬
‫المادة ‪ 011‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 013‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 005‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ؛ المادة ‪ 80‬مف القانكف ‪ 10/01‬المؤرخ في ‪ 32‬جكاف ‪3101‬‬ ‫‪4‬‬

‫يتعمؽ بمينة الخبير المحاسب كمحافظ الحسابات كالمحاسب المعتمد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،53‬صادر في ‪ 00‬يكليك ‪.3101‬‬
‫المادة ‪ 010‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪221‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬أف يقدمكا لمجمعية العامة خاصا حكؿ منح المؤسسة أية تسييبلت ألحد األشخاص‬
‫المعنكييف أك الطبيعييف المذككريف في المادة ‪ 104‬مف قانكف النقد كالقرض‪ .1‬كفيما يخص‬
‫فركع البنكؾ كالمؤسسات المالية األجنبية فيقدـ ىذا التقرير لممثمييا في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬أف يرسمكا إلى محافظ بنؾ الجزائر نسخة مف تقاريرىـ المكجية لمجمعية العامة لممؤسسة‪.‬‬

‫مف جية أخرل‪ ،‬فقد ألزـ النظاـ رقـ ‪ 03/12‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ‬
‫كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما محافظك الحسابات بتقييـ مطابقة اإلجراءات الداخمية الخاصة‬
‫بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما‪ ،‬لكؿ مف المصارؼ كالمؤسسات‬
‫المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر مقارنة مع الممارسات المطابقة لممعايير كممارسات‬
‫الحذر السارية المفعكؿ كارساؿ تقرير سنكم إلى المجنة المصرفية‪.‬‬

‫‪ -4‬لجنة تنظيم عمميات البورصة ومراقبتيا (‪ :)COSOB‬تـ إنشاء لجنة تنظيـ كمراقبة‬
‫عمميات البكرصة قصد حماية االدخار المستثمر في القيـ المنقكلة كالسير الحسف لمسكؽ‬
‫كشفافيتيا‪ .‬فقد منح المشرع الجزائرم لمجنة بمكجب أحكاـ المرسكـ التشريعي ‪ 10/93‬المؤرخ‬
‫في ‪ 23‬مايك ‪ 1993‬كالمتعمؽ ببكرصة القيـ المنقكلة‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪04/03‬‬
‫المؤرخ في ‪ 17‬فيفرم ‪ 2003‬لمجنة سمطة تنظيـ سكؽ القيـ المنقكلة‪ 2‬عف طريؽ سف أنظمة‬
‫كما خكليا سمطة الرقابة كالمراقبة مف أجؿ احتراـ التنظيـ السارم المفعكؿ‪ ،‬كتعتبر بذلؾ‬
‫المجنة "سمطة السكؽ"‪.3‬‬

‫نصت المادة ‪ 015‬مف األمر ‪ 00/18‬المعدؿ كالمتمـ عمى‪" :‬يمنع عمى كؿ بنؾ أك مؤسسة مالية أف تمنح قركضا‬ ‫‪1‬‬

‫لمسيرييا كلممساىميف فييا أك لممؤسسات التابعة لمجمكعة البنؾ أك المؤسسة المالية ‪ ...‬ككذلؾ األمر بالنسبة ألزكاج‬
‫المسيريف كالمساىميف كأقاربيـ مف الدرجة األكلى"‪.‬‬
‫القيـ المنقكلة ىي سند مالي قابؿ لمتداكؿ يصدره كياف قانكني(شركة‪ ،‬ىيئة عمكمية أك خاصة‪ )... ،‬يرغب في الحصكؿ‬ ‫‪2‬‬

‫عمى تمكيؿ يكجو إلنجاز مشاريع استثمارية‪ .‬أنظر‪ :‬لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا‪ ،‬االستعبلـ عف القيـ المنقكلة‪،‬‬
‫‪ ،3115‬ص‪ .13‬متاح عمى المكقع ‪www.cosob.org‬‬
‫آيت مكلكد فاتح‪ ،‬حماية االدخار المستثمر في القيـ المنقكلة في القانكف الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬جامعة تيزم‬ ‫‪3‬‬

‫كزك‪ ،‬الجزائر‪ ،3103 ،‬ص‪.001‬‬

‫‪222‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كتمارس لجنة تنظيـ كمراقبة عمميات البكرصة رقابتيا عمى األعكاف االقتصادييف قبؿ‬
‫دخكليـ في السكؽ المالية عف طريؽ إجراء االعتماد المسبؽ‪ .1‬كما تمارس رقابة الحقة عمى‬
‫المتدخميف في السكؽ قصد التحقؽ مف مدل التزاميـ بالنصكص القانكنية كالقكاعد التنظيمية‬
‫التي تحكـ نشاطيـ‪ ،‬ككذا احتراميـ لحدكد اعتمادىـ كاللتزاماتيـ تجاه المجنة كتجاه الزبائف‪.2‬‬

‫كنزكال عند مقتضيات المادة ‪ 06‬مف المرسكـ التشريعي رقـ ‪ 10/93‬المعدؿ كالمتمـ‬
‫يمكف أف يككف الكسطاء في عمميات البكرصة بنككا أك مؤسسات مالية معتمدة مف قبؿ‬
‫مجمس النقد كالقرض‪ ،‬كالتي تمارس النشاط المصرفي كنشاط أصمي كتمارس الكساطة في‬
‫سكؽ القيـ المنقكلة كنشاط تبعي بعد الحصكؿ عمى اعتماد لجنة تنظيـ عمميات البكرصة‬
‫كمراقبتيا‪.3‬‬

‫كيجب عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية عندما تمارس نشاط الكسيط في عمميات‬
‫البكرصة باعتباره نشاطا مكمبل لمنشاط المصرفي‪ 4‬احتراـ القكاعد التشريعية كالتنظيمية كتككف‬
‫الغرفة التأديبية‪ 5‬مختصة بدراسة أم إخبلؿ بالكاجبات المينية كأخبلقيات المينة مف جانب‬
‫الكسطاء في عمميات البكرصة‪ ،‬ككؿ مخالفة لؤلحكاـ التشريعية كالتنظيمية المطبقة عمييـ‪.6‬‬

‫كما يجكز لرئيس لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا في حالة كقكع عمؿ يخالؼ‬
‫األحكاـ التشريعية أك التنظيمية‪ ،‬كمف شأنو إلحاؽ الضرر بحقكؽ المستثمريف في القيـ‬

‫خكؿ المرسكـ التشريعي ‪ 01/28‬المعدؿ كالمتمـ المجنة صبلحية تحديد الشركط التي يجب أف تتكفر في كؿ مف يرغب‬ ‫‪1‬‬

‫في الحصكؿ عمى اعتماد المجنة حيث نصت المادة ‪ 12‬عمى‪" :‬تعتمد لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا‪ ،‬الكسطاء في‬
‫عمميات البكرصة حسب الشركط التي تحددىا البلئحة المذككرة في المادة ‪ 80‬مف المرسكـ التشريعي رقـ ‪."... 01/28‬‬
‫حمميؿ نكرة‪ ،‬النظاـ القانكني لمسكؽ المالية الجزائرية‪ ،‬رسالة دكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬جامعة تيزم كزك‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫نصت المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 00/18‬المتعمؽ بالنقد كالقرض عمى أنو‪" :‬يمكف لمبنكؾ كالمؤسسات المالية أف تجرم جميع‬ ‫‪4‬‬

‫العمميات ذات العبلقة بنشاطيا كالعمميات التالية‪ ... :‬تكظيؼ القيـ المنقكلة ككؿ منتكج مالي‪ ،‬كاكتتابيا كشرائيا كتسييرىا‬
‫كحفظيا كبيعيا‪."...‬‬
‫المادة ‪ 50‬مف المرسكـ التشريعي ‪ 01/28‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫المادة ‪ 58‬مف المرسكـ التشريعي ‪ 01/28‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪223‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫المنقكلة أف يطمب مف المحكمة إصدار أمر لممسئكليف باالمتثاؿ ليذه األحكاـ‪ ،‬كيحيؿ نسخة‬
‫مف طمبو عمى المجمس القضائي لمغرض الذم يقتضيو القانكف‪.1‬‬

‫كتسمح الرقابة التي تقكـ بيا لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا مف خبلؿ إجراء‬
‫التحقيقات لدل الشركات التي تمجأ إلى التكفير كالبنكؾ كالمؤسسات المالية كالكسطاء في‬
‫عمميات البكرصة‪ ،‬كلدل األشخاص الذيف يقدمكف نظ ار لنشاطيـ الميني مساىمتيـ في‬
‫العمميات الخاصة بالقيـ المنقكلة أك في المنتكجات المالية المسعرة أك يتكلكف إدارة سندات‬
‫مالية بتتبع مسار كمصادر األمكاؿ التي تساىـ بيا البنكؾ كالمؤسسات المالية في البكرصة‬
‫كتقدير إمكانية ارتباطيا بأىداؼ عمميات تبييض األمكاؿ‪ ،‬كىك ما نصت عميو المادة ‪ 37‬مف‬
‫المرسكـ التشريعي ‪ 10/93‬السالؼ الذكر‪.‬‬

‫‪ -5‬لجنة اإلشراف عمى التأمينات‪ :‬في إطار الرقابة عمى المؤسسات المالية غير الخاضعة‬
‫لبنؾ الجزائر‪ ،‬تعكد سمطة رقابة قطاع التأميف إلى لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات التي‬
‫تتصرؼ كإدارة رقابة بكاسطة الييكؿ المكمؼ بالتأمينات لدل ك ازرة المالية‪.‬‬

‫كتتككف لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات مف قاضييف تقترحيما المحكمة العميا‪ ،‬كخبير‬
‫في مجاؿ التأمينات يقترحو كزير المالية باإلضافة إلى ممثؿ عف ىذا األخير‪ ،‬كذلؾ بمكجب‬
‫مرسكـ رئاسي بناء عمى اقتراح مف الكزير المكمؼ بالمالية‪.‬‬

‫كتتكلى لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات القياـ بالمياـ التالية‪:2‬‬

‫‪ -‬السير عمى احتراـ شركات ككسطاء التأميف المعتمديف األحكاـ التشريعية كالتنظيمية‬
‫المتعمقة بالتأميف كاعادة التأميف‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد مف أف الشركات تفي بالتزاماتيا التي تعاقدت عمييا اتجاه المؤمف ليـ كالزالت قادرة‬
‫عمى الكفاء‪.‬‬

‫المادة ‪ 51‬مف المرسكـ التشريعير‪ 01/28‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 301‬مف األمر‪ ،10/25‬المؤرخ في ‪ 35‬يناير ‪ 0225‬كالمتعمؽ بالتأمينات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،08‬صادر في ‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫مارس ‪ ،0225‬المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ 15/10‬المؤرخ في ‪ 31‬فيفرم ‪ ،3110 ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،05‬صادر في ‪03‬‬
‫مارس ‪.3110‬‬

‫‪224‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬التحقؽ مف المعمكمات حكؿ مصدر األمكاؿ المستخدمة في إنشاء أك زيادة رأس ماؿ‬
‫شركة التأميف ك‪/‬أك إعادة التأميف‪.‬‬

‫كقد كضح المرسكـ التنفيذم ‪ 113/08‬مياـ لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات‪ ،1‬خاصة‬
‫ما تعمؽ بمجاؿ التحقؽ مف المكارد المالية‪ ،‬إذ يمكف لمجنة أف تطمب مف شركات التأميف‬
‫ك‪/‬أك إعادة التأميف كفركع شركات التأميف األجنبية‪ ،‬في إطار جياز المراقبة الداخمية برنامجا‬
‫خاصا لمكقاية كاستكشاؼ كمكافحة تبييض األمكاؿ‪.2‬‬

‫‪ -6‬الييئة الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو‪ :‬نص القانكف ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪20‬‬


‫فيفرم ‪ 2006‬عمى إنشاء الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو‪ ،3‬تطبيقا لممادة ‪ 06‬مف‬
‫اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد التي ألزمت الدكؿ األطراؼ فييا بأف تكفؿ كفقا لممبادئ‬
‫األساسية لنظاميا القانكني كجكد ىيئة أك ىيئات حسب االقتضاء تتكلى منع الفساد‪.‬‬

‫كتتكلى الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو العديد مف المياـ‪ ،‬السيما جمع‬
‫كمركزة كاستغبلؿ كؿ المعمكمات التي مف شأنيا المساىمة في البحث عف أعماؿ الفساد‬
‫كالكقاية منيا‪.‬‬

‫كيمكف لمييئة في إطار المياـ المخكلة ليا‪ ،‬أف تطمب مف اإلدارات كالمؤسسات‬
‫كالييئات التابعة لمقطاع العاـ أك الخاص أك مف كؿ شخص طبيعي أك معنكم آخر أم كثيقة‬
‫أك معمكمات تراىا مفيدة في الكشؼ عف أفعاؿ الفساد‪ ،‬ككؿ رفض متعمد كغير مبرر لتزكيد‬
‫الييئة بالمعمكمات ك‪/‬أك الكثائؽ المطمكبة يشكؿ إعاقة السير الحسف لمعدالة في مفيكـ ىذا‬
‫القانكف‪.4‬‬

‫كما نصت أحكاـ القانكف ‪ 01/06‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬


‫كمكافحتو عمى ضركرة التزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية غير المصرفية بالمعطيات الكاردة‬

‫المرسكـ التنفيذم ‪ 008/13‬المؤرخ في ‪ 2‬أبريؿ ‪ 3113‬المتضمف تكضيح مياـ لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،31‬صادر في ‪ 08‬أبريؿ ‪..3113‬‬


‫المادة ‪ 05‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،008/13‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 00‬مف القانكف ‪ 10/10‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 30‬مف القانكف‪ 10/10‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪225‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫بشأف الطبيعييف أك االعتبارييف الذيف يتعيف أف تطبؽ عمييا المؤسسات المالية الفحص‬
‫الدقيؽ عمى حساباتيا‪ ،‬ككذا أنكاع الحسابات كالعمميات التي تتطمب متابعة خاصة السيما‬
‫مف خبلؿ إمساؾ كشكؼ كافية عنيا لفترة خمس سنكات كحد أدنى مف تاريخ آخر عممية‬
‫مدكنة فييا‪.1‬‬

‫إف إقرار المشرع الجزائرم لمبدأ الرقابة‪ ،‬بمختمؼ صكرىا‪ ،‬عمى نشاط البنكؾ‬
‫كالمؤسسات المالية مف شأنو إيجاد آلية لمكقاية مف استخداـ ىذه األخيرة في عمميات تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬لكف ىذه اآللية مازالت تفتقد لمفعالية المطمكبة كتحتاج لمدعـ كاعادة النظر في‬
‫طريقة تطبيقيا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫الرقابة عمى حركة األموال‬

‫عادة ما يمجأ القائمكف بعمميات تبييض األمكاؿ إلى نقؿ أمكاليـ إلى الخارج مف خبلؿ‬
‫كضع األمكاؿ المشبكىة في حساب في أحد البنكؾ‪ ،‬كمف ثـ تحكيميا‪ ،‬أك نقميا إلى حساب‬
‫آخر‪ ،‬كبذلؾ تعتبر البنكؾ مف أىـ الحمقات التي تدكر فييا األمكاؿ غير المشركعة لما تتمتع‬
‫بو مف تشعب العمميات المصرفية كسرعتيا كتداكليا‪ ،2‬األمر الذم دفع بالدكؿ إلى إعطاء‬
‫أىمية لفرض الرقابة عمى حركة األمكاؿ‪ ،‬كذلؾ بفرض العديد مف القيكد كالضكابط عمى‬
‫العمميات المالية التي تتـ مف خبلؿ القنكات البنكية‪.‬‬

‫كنتناكؿ في ىذا الفرع الرقابة عمى حركة األمكاؿ بالتطرؽ لمختمؼ الضكابط كالقيكد‬
‫التي يفرضيا التشريع الجزائرم عمى حركة األمكاؿ سكاء تعمؽ األمر بإلزامية الدفع عف‬
‫طريؽ كسائؿ الدفع كعف طريؽ القنكات البنكية كالمالية (أكال)‪ ،‬أك التصريح الجمركي عف‬
‫المبالغ كالبضائع التي يتـ إدخاليا أك إخراجيا مف الجزائر (ثانيا)‪.‬‬

‫المادة ‪ 53‬مف القانكف ‪ 10/10‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبراىيـ سيد أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.50‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪226‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الدفع بوسائل الدفع وعن طريق القنوات البنكية والمالية‬

‫تطبيقا ألحكاـ القانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬


‫كمكافحتيما‪ ،‬كالتي نصت عمى ضركرة أف يتـ كؿ دفع يفكؽ مبمغا يتـ تحديده عف طريؽ‬
‫التنظيـ بكاسطة كسائؿ الدفع كعف طريؽ القنكات البنكية كالمالية‪ ،1‬صدر المرسكـ التنفيذم‬
‫‪ 153/15‬المحدد لمحد المطبؽ عمى عمميات الدفع التي يجب أف تتـ بكسائؿ الدفع الكتابية‬
‫كعف طريؽ القنكات البنكية كالمالية‪.‬‬

‫‪ -1‬الحد المطبق عمى عمميات الدفع‪ :‬يتـ دفع كؿ المبادالت التي تساكم أك تفكؽ المبالغ‬
‫المحددة أسفمو‪ ،‬بكسائؿ الدفع الكتابية عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية‪:2‬‬

‫‪ -‬خمسة مبلييف دينار (‪ 5.000.000‬دج) لشراء أمبلؾ عقارية‪.‬‬

‫‪ -‬كاحد مميكف دينار (‪ 1.000.000‬دج) لشراء‪:‬‬

‫‪ -‬اليخكت كسفف النزىة‪ ،‬شراعية كانت أـ ال‪ ،‬مزكدة بمحرؾ مساعد أـ ال‪.‬‬
‫‪ -‬معدات متحركة جديدة كتجييزات صناعية جديدة كسيارات جديدة كدرجات نارية‬
‫كدرجات مزكدة بمحرؾ خاضعة لمترقيـ لدل ككبلء السيارات أك مكزعيف آخريف‬
‫كمعيدم البيع المعتمديف‪.‬‬
‫‪ -‬سمع قيمة لدل تجار األحجار كالمعادف الثمينة‪.‬‬
‫‪ -‬السمع العتيقة كالتحؼ الفنية‪.‬‬
‫‪ -‬شراء في المزاد العمني ألثاث كمنقكالت مادية‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 03‬مف نفس المرسكـ التنفيذم عمى كجكب أف تتـ كؿ عممية دفع‬
‫تساكم أك تفكؽ مبمغ كاحد مميكف دينار (‪ 1.000.000‬دج) التي تقدميا المؤسسات‬

‫المادة ‪ 10‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 058 /05‬المؤرخ في ‪ 00‬يكنيك ‪ ،3105‬يحدد الحد المطبؽ عمى عمميات الدفع التي‬ ‫‪2‬‬

‫يجب أف تتـ بكسائؿ الدفع الكتابية عف طريؽ القنكات البنكية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،88‬صادر في ‪ 33‬يكنيك ‪.3105‬‬

‫‪227‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كالميف غير المالية‪ 1‬المذككرة في المادة ‪ 04‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ عف‬
‫طريؽ كسائؿ الدفع الكتابية‪.2‬‬

‫كيترتب عمى مخالفة أحكاـ المرسكـ التنفيذم ‪ 153/15‬السابؽ الذكر دفع غرامة‬
‫مالية مف ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج‪ ،‬كذلؾ حسب المادة ‪ 7‬التي نصت عمى‬
‫تطبيؽ أحكاـ المادة ‪ 31‬مف القانكف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب كمكافحتيما‪.‬‬

‫‪ -2‬المقصود بوسائل الدفع الكتابية‪ :‬يقصد بكسائؿ الدفع الكتابية كؿ كسائؿ الدفع التي‬
‫تسمح بتحكيؿ األمكاؿ عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية السيما‪:3‬‬

‫أ‪ -‬الصك (الشيك)‪ :‬لـ يعرؼ المشرع الجزائرم الشيؾ بؿ اكتفى بتحديد البيانات األساسية‬
‫إلنشائو في نص المادة ‪ 472‬مف القانكف التجارم بقكليا‪" :‬يحتكم الشيؾ عمى البيانات‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬ذكر كممة شيؾ مدرجة في نص السند نفسو بالمغة التي كتب بيا‪،‬‬

‫‪ -‬أمر غير معمؽ عمى شرط بدفع مبمغ معيف‪،‬‬

‫‪ -‬اسـ الشخص الذم يجب عميو الدفع (المسحكب عميو)‪،‬‬

‫‪ -‬بياف المكاف الذم يجب فيو الدفع‪،‬‬

‫‪ -‬بياف تاريخ إنشاء الشيؾ كمكانو‪،‬‬

‫‪ -‬تكقيع مف أصدر الشيؾ (الساحب)‪".‬‬

‫أما عمى مستكل الفقو‪ ،‬فقد تعددت تعريفات الشيؾ‪ ،‬فمنيـ مف عرفو بقكلو‪" :‬الشيؾ‬
‫محرر مكتكب كفقا ألكضاع شكمية استقر عمييا العرؼ‪ ،‬يتضمف أم ار مف الساحب إلى‬

‫يق صد بالمؤسسات كالميف غير المالية كؿ شخص طبيعي أك معنكم يمارس نشاطات غير تمؾ التي تمارسيا المؤسسات‬ ‫‪1‬‬

‫المالية كيترتب عمييا إيداع أك مبادالت أك تكظيفات أك تحكيبلت أك أم حركة أخرل لؤلمكاؿ‪.‬‬
‫المادة ‪ 18‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،058/05‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 15‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،058/05‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪228‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫المسحكب عميو كيككف غالبا أحد البنكؾ‪ ،‬بأف يدفع لممستفيد أك ألمره‪ ،‬أك لحامؿ الصؾ‬
‫مبمغ معيف مف النقكد لمجرد االطبلع"‪.1‬‬

‫كىناؾ مف يعرفو عمى أنو‪" :‬كرقة تجارية يأمر فييا الساحب كىك صاحب الحساب‬
‫المسحكب عميو كىك البنؾ‪ ،‬بدفع مبمغ معيف بمجرد االطبلع كألمر الساحب أك لحاممو أك‬
‫لشخص آخر"‪.2‬‬

‫كيؤدم الشيؾ كظيفة مالية باعتباره يمثؿ قيمة مالية بدؿ النقكد عند التعامؿ بو في‬
‫شتى المجاالت كالمعامبلت المالية سكاء كانت مدنية أك تجارية‪ ،‬كىذا السند تعتبر حياتو‬
‫قصيرة نتيجة إلحبللو محؿ النقكد في الكفاء‪.‬‬

‫كما يعتبر الشيؾ مف أشير كسائؿ الدفع كأكثرىا شيكعا‪ ،‬كنظ ار لككنو أداة كفاء فيك‬
‫يحقؽ فكائد متعددة‪ ،‬مف بينيا تشجيع كؿ المتعامميف االقتصادييف بإيداع النقكد في البنكؾ‬
‫مما يسمح باستثمار السيكلة النقدية‪.‬‬

‫كالشيؾ ككرقة تجارية ال يعد تصرفا تجاريا بحسب الشكؿ طبقا لنص المادة ‪ 03‬مف‬
‫القانكف التجارم‪ ،‬كىك ما يدؿ بأف الشيؾ ال يكتسي الطبيعة التجارية إال إذا صدر مف طرؼ‬
‫تاجر بغرض تمبية حاجيات تجارتو‪.‬‬

‫ب‪ -‬التحويل‪ :‬يعتبر التحكيؿ المصرفي عممية شكمية تقكـ عمى فكرة القيد المزدكج في‬
‫الجانب المديف مف حساب اآلمر كفي الجانب الدائف مف حساب المستفيد‪ ،‬كاعتبر بناء عمى‬
‫ذلؾ أف التزاـ البنؾ تجاه المستفيد ال يجد سببو في أمر التحكيؿ‪ ،‬كانما يجد سببو في ىذا‬
‫القيد الذم يجعؿ البنؾ مدينا لممستفيد بالمبمغ الذم تـ قيده في حساب األخير‪.3‬‬

‫فالتحكيؿ المصرفي عممية مصرفية يتـ بمكجبيا نقؿ مبمغ معيف مف حساب مصرفي‬
‫إلى حساب آخر‪ ،‬حيث يقيد المبمغ مرة في الجانب المديف مف حساب الزبكف اآلمر بالنقؿ أك‬
‫التحكيؿ كمرة في الجانب الدائف لمحساب اآلخر‪ ،‬كقد يجرم التحكيؿ بيف حسابيف في نفس‬

‫حسيف مصطفى‪ ،‬جريمة إصدار الشيؾ بدكف رصيد‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،3111 ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫مصطفى عزيؿ‪ ،‬المفيد في شرح القانكف التجارم الجزائرم‪ ،‬دار المفيد لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،3100 ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫قدة حبيبة‪" ،‬مفيكـ عممية التحكيؿ المصرفي كطبيعتيا القانكنية"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة كالقانكف‪ ،‬العدد ‪ ،01‬يناير ‪،3105‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.32‬‬

‫‪229‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫البنؾ أك بيف حسابيف في بنكيف مختمفيف‪ ،‬كيستكم في الحالتيف أف يككف الحسابيف لزبكنيف‬
‫مختمفيف أك لذات الزبكف‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف القانكف التجارم الجزائرم قد خبل مف تنظيـ أمر التحكيؿ‬
‫باستثناء البيانات الكاجب تكافرىا فيو‪ ، 2‬كذلؾ عمى خبلؼ القانكف المصرم حيث نصت‬
‫المادة ‪ 01/329‬مف قانكف التجارة عمى أف‪" :‬النقؿ المصرفي عممية يقيد البنؾ بمقتضاىا‬
‫مبمغا معينا في الجانب المديف مف حساب اآلمر بالنقؿ بناء عمى أمر كتابي منو كفي‬
‫الجانب الدائف مف حساب آخر ‪."...‬‬

‫كلمتحكيؿ المصرفي ثبلث صكر أساسية‪:‬‬

‫‪ -‬قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف لنفس العميؿ في ذات البنؾ‪ ،‬كفي ىذه الحالة يقكـ‬
‫البنؾ بمجرد خصـ المبمغ مف الحساب األكؿ كاضافتو في الحساب الثاني‪.‬‬

‫‪ -‬قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف لعميميف مختمفيف في ذات البنؾ‪ ،‬كفي ىذه الحالة‬
‫يقكـ البنؾ بخصـ مبمغ مف حساب العميؿ اآلمر كاضافتو إلى حساب العميؿ المستفيد‬
‫كيترتب عمى ذلؾ نقص جانب أصكؿ العميؿ اآلمر ليزيد بنفس القدر حساب العميؿ‬
‫المستفيد‪ ،‬مع ثبات مجمكع أرصدة البنؾ‪.‬‬

‫‪ -‬قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف في بنكيف مختمفيف لنفس العميؿ أك لعميميف‬
‫مختمفيف كفي ىذه الحالة يقكـ بنؾ العميؿ اآلمر بخصـ المبمغ مف حساب ىذا األخير‪ ،‬ثـ‬
‫يعيده في الحساب الدائف لبنؾ العميؿ المستفيد كيخطر البنؾ األخير بالقيد كالتحكيؿ‪ ،‬ثـ‬
‫يجرم بنؾ العميؿ المستفيد قيدا بإضافة المبمغ إلى حساب العميؿ المستفيد‪.‬‬

‫ج‪ -‬بطاقات الدفع‪ :‬كىي البطاقات التي يتـ إصدارىا إما عف طريؽ البنكؾ أك المؤسسات‬
‫المالية لمتعامؿ بيا بدؿ النقكد‪.3‬‬

‫محسف حسف الجبر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.388‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 558‬مكرر ‪ 02‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد تكفيؽ سعكدم‪ ،‬بطاقات االئتماف‪ ،‬دار األميف لمنشر كالتكزيع‪ ،‬مصر‪ ،3110 ،‬ص‪.00‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪230‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ىذا كقد نص المشرع الجزائرم في بداية األمر عمى بطاقات الدفع مف خبلؿ القانكف‬
‫‪ 10/90‬المتعمؽ بالنقد كالقرض الممغى باألمر ‪ ،11/03‬كبذلؾ يككف قد تبنى العمؿ بنظاـ‬
‫بطاقات الدفع بشكؿ ضمني مف خبلؿ المادتيف ‪ 66‬ك‪ 69‬مف األمر ‪ .11/03‬كقد نصت‬
‫المادة ‪ 66‬عمى أنو‪" :‬تتضمف العمميات المصرفية تمقي األمكاؿ مف الجميكر كعمميات‬
‫القرض ككذلؾ كضع كسائؿ الدفع تحت تصرؼ الزبائف كادارة ىذه الكسائؿ"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 69‬عمى أنو‪" :‬تعتبر كسائؿ الدفع كؿ األدكات التي تمكف مف‬
‫تحكيؿ األمكاؿ ميما يكف السند أك األسمكب التقني المستعمؿ"‪.‬‬

‫أما التدخؿ الثاني لممشرع الجزائرم‪ ،‬فقد كاف مف خبلؿ التعديؿ الذم مس أحكاـ‬
‫القانكف بمكجب القانكف ‪ ،102/05‬حيث تمـ القانكف التجارم بباب مكرر تحت عنكاف " في‬
‫بعض كسائؿ كطرؽ الدفع" كيشمؿ المكاد مف ‪ 543‬مكرر‪ 19‬إلى ‪ 543‬مكرر‪.24‬‬

‫كقد عرؼ المشرع الجزائرم بطاقات الدفع مف خبلؿ المادة ‪ 543‬مكرر‪ 23‬مف األمر‬
‫‪ 59/75‬المتضمف القانكف التجارم‪ ،‬التي نصت عمى أنو‪" :‬تعتبر بطاقة دفع كؿ بطاقة‬
‫صادرة عف البنكؾ كالييئات المالية المؤىمة قانكنا كتسمح لصاحبيا بسحب أك تحكيؿ‬
‫األمكاؿ"‪.‬‬

‫كيبلحظ أف المشرع الجزائرم اكتفى بتحديد جية كاحدة مخكلة إلصدار بطاقة الدفع‬
‫كىي البنكؾ‪ ،‬كىذا ما نصت عميو المادة ‪ 71‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ‬
‫بالنقد كالقرض بقكليا‪" :‬ال يمكف المؤسسات المالية تمقي األمكاؿ مف العمكـ‪ ،‬كال إدارة‬
‫كسائؿ الدفع أك كضعيا تحت تصرؼ زبائنيا‪ .‬كبإمكانيا القياـ بسائر العمميات األخرل"‪.‬‬

‫كبطاقات الدفع تقكـ عمى عبلقة ثبلثية األطراؼ ىـ مصدر البطاقة كحامميا كالتاجر‬
‫كتنشأ عنيا عبلقات قانكنية ثبلثية‪ .‬كما أف بطاقات الدفع خاضعة لمتطكر كالتجديد حيث‬
‫أنشأت في بدايتيا في شكؿ بطاقة ببلستيكية بسيطة‪ ،‬ثـ زكدت بأشرطة ممغنطة ثـ جاءت‬

‫القانكف ‪ 13/15‬المؤرخ في ‪ 10‬فيفرم ‪ ،3115‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،00‬صادر في ‪ 12‬فبراير ‪ .3115‬المعدؿ كالمتمـ لؤلمر‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 52/05‬المتضمف القانكف التجارم‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫البطاقات ذات الدكائر االلكتركنية‪ ،‬كقد صاحب ىذا التطكر في البطاقات تطكر في آالت‬
‫البيع لدل التجار ككذلؾ تطكر آالت الصرؼ‪.‬‬

‫د‪ -‬االقتطاع‪ :‬ىك كسيمة دفع تمكف مف االستخبلص اآللي لمديكف ذات الطابع المتكرر‪.‬‬
‫كيحتكم أمر االقتطاع عمى البيانات التالية‪:1‬‬

‫‪ -‬اسـ مرسؿ اإلشعار باالقتطاع كبياناتو المصرفية‪ ،‬ككذا رقمو كمرسؿ الممنكح مف قبؿ بنؾ‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬االسـ كالبيانات المصرفية لممديف اآلمر باالقتطاع‪.‬‬

‫‪ -‬األمر غير المشركط بتحكيؿ األمكاؿ أك القيـ أك السندات‪.‬‬

‫‪ -‬قيمة المبمغ المحكؿ‪.‬‬

‫‪ -‬تكقيع المديف اآلمر باالقتطاع‪.‬‬

‫كيترتب عمى أمر االقتطاع نقؿ ممكية األمكاؿ أك القيـ أك السندات بقكة القانكف‬
‫بمجرد الخصـ مف الحساب‪ ،‬لفائدة المرسؿ لئلشعار باالقتطاع‪.2‬‬

‫ه‪ -‬السفتجة (الكمبيالة)‪ :‬السفتجة ىي كرقة تجارية تتضمف أم ار صاد ار مف شخص يسمى‬
‫الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحكب عميو‪ ،‬كذلؾ بأف يدفع مبمغا معينا مف النقكد إلى‬
‫شخص آخر ىك المستفيد أك الحامؿ بعد التظيير في مكاف معيف كفي زماف محدد أك لدل‬
‫االطبلع‪.3‬‬

‫كتعتبر السفتجة عمبل تجاريا ميما كاف األشخاص‪ .4‬كيشترط أف تشتمؿ عمى البيانات‬
‫التالية‪:5‬‬

‫المادة ‪ 558‬مكرر‪ 30‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 558‬مكرر‪ 33‬مف األمر ‪ ،52/05‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫سميـ سعداكم‪ ،‬السندات التجارية في القانكف الجزائرم‪ ،‬دار الحديث لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،3113 ،‬ص‪.5‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 832‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 821‬مف األمر ‪ 52/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪232‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬تسمية السفتجة في متف السند نفسو كبالمغة المستعممة في تحريره‪.‬‬

‫‪ -‬أمر غير معمؽ عمى قيد أك شرط بدفع مبمغ معيف‪.‬‬

‫‪ -‬اسـ مف يجب عميو الدفع (المسحكب عميو)‪.‬‬

‫‪ -‬تاريخ االستحقاؽ‪.‬‬

‫‪ -‬المكاف الذم يجب فيو الدفع‪.‬‬

‫‪ -‬اسـ مف يجب الدفع لو أك ألمره‪.‬‬

‫‪ -‬تكقيع مف أصدر السفتجة (الساحب)‪.‬‬

‫كيؤدم استعماؿ السفتجة إلى التقميؿ مف استخداـ النقكد في المعامبلت بيف التجار إذ‬
‫تقكـ مقاـ النقكد في اقتضاء الديف بيف المتعامميف بيا‪ ،‬فيي تحقؽ ىدؼ يتمثؿ في‬
‫االستغناء عف صعكبة التنقؿ بمبالغ مالية كبيرة‪ ،‬كما أنو كبكاسطة السفتجة يمكف تسكية‬
‫الكثير مف المعامبلت التي تمت بيف أشخاص مختمفيف‪.‬‬

‫كالى جانب ككف السفتجة أداة لمكفاء‪ ،‬فإنيا تعد أداة لبلئتماف فيي تتضمف عادة أجبل‬
‫لبلستحقاؽ‪ ،‬فقد يحصؿ الشخص عمى البضاعة كال يتمكف مف الكفاء بثمنيا في الحاؿ‬
‫فيحرر لمبائع سندا يمتزـ فيو بالكفاء بعد أجؿ معيف‪ ،‬أك يسحب سفتجة عمى مديف لو ليقكـ‬
‫ىك بالكفاء‪ ،‬كيستفيد المديف مف ىذا االئتماف‪ ،‬إذ أنو ال يمزـ بالكفاء إال في ميعاد‬
‫االستحقاؽ‪ ،‬كما أف لمدائف أف يخصـ الكرقة التجارية إذا احتاج إلى نقكد عاجمة‪ ،‬كما أنو‬
‫يستطيع تظييرىا إلى دائنو مباشرة‪.‬‬

‫و‪ -‬السند ألمر‪ :‬السند ألمر ىك محرر يمتزـ بمقتضاه شخص يسمى الساحب بأداء مبمغ‬
‫محدد لشخص ثاني ىك المستفيد بمجرد االطبلع أك في ميعاد معيف‪.1‬‬

‫سميـ سعداكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.010‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪233‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيختمؼ السند ألمر عف السفتجة ألنو ال يشتمؿ عمى ثبلثة أشخاص‪ ،‬فمحرر السند ألمر‬
‫ىك في آف كاحد ساحب كمسحكب عميو‪ ،‬كىك يعد باألداء كال يدعك غيره لمقياـ بذلؾ مثمما‬
‫ىك الحاؿ في السفتجة‪.1‬‬

‫كقد نصت المادة ‪ 465‬مف القانكف التجارم عمى البيانات الكاجب ذكرىا في السند ألمر‬
‫كاال فقد السند صفتو المصرفية كاعتبر سندا عاديا كىي‪:‬‬

‫‪ -‬شرط األمر أك تسمية السند مكتكبا عمى السند نفسو‪ ،‬كبالمغة المستعممة في تحريره‪.‬‬

‫‪ -‬أمر غير معمؽ عمى قيد أك شرط بدفع مبمغ معيف‪.‬‬

‫‪ -‬تعييف تاريخ االستحقاؽ‪.‬‬

‫‪ -‬تعييف المكاف الذم يجب فيو الدفع‪.‬‬

‫‪ -‬اسـ مف يجب الدفع لو أك ألمره (المستفيد)‪.‬‬

‫‪ -‬بياف تاريخ إنشاء السف ألمر كمكانو‪.‬‬

‫‪ -‬تكقيع مف حرر السند (المحرر)‪.‬‬

‫كتطبؽ عمى السند ألمر األحكاـ المتعمقة بالسفتجة فيما ال يتعارض مع طبيعتو‪ ،‬كذلؾ في‬
‫األحكاؿ المبينة في المادة ‪ 467‬مف القانكف التجارم‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم قد ترؾ المجاؿ مفتكحا عند ذكره لممقصكد بكسائؿ‬
‫الدفع الكتابية التي تسمح بتحكيؿ األمكاؿ عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية‪ ،‬كذلؾ بنصو في‬
‫الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 04‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 153/15‬السابؽ الذكر عمى كؿ كسيمة‬
‫دفع كتابية أخرل ينص عمييا القانكف‪.‬‬

‫راشد راشد‪ ،‬األكراؽ التجارية (اإلفبلس كالتسكية القضائية) في القانكف التجارم الجزائرم‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،3113 ،‬ص‪.002‬‬

‫‪234‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬التصريح الجمركي باستيراد وتصدير العممة والبضائع‬

‫إف التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ يخضعاف عممية استيراد كتصدير البضاعة‬
‫عامة كاالستيراد كالتصدير المادم لمعممة خاصة لمتصريح الذم ال بد أف يككف جديا‪.1‬‬

‫‪ -1‬االستيراد والتصدير المادي لمعممة‪ :‬يخضع استيراد كتصدير العممة إلى إجراءات معينة‬
‫إذ ينبغي عمى كؿ الكافديف إلى الجزائر أك المغادريف التصريح بالمبالغ النقدية التي بحكزتيـ‬
‫كىي الحالة التي يحكميا النظاـ رقـ ‪ 01/07‬المتعمؽ بالقكاعد المطبقة عمى المعامبلت‬
‫الجارية مع الخارج كالحسابات بالعممة الصعبة‪.2‬‬

‫أ‪ -‬بالنسبة لعممية االستيراد‪ :‬تتمثؿ عممية استيراد العممة في كؿ اقتناء لمحؿ معيف كبحسب‬
‫الحالة‪ ،‬كذلؾ مف الخارج إلى داخؿ اإلقميـ الجمركي بكاسطة عممة أجنبية قابمة لمتحكيؿ بكؿ‬
‫حرية‪.3‬‬

‫كقد نصت المادة ‪ 19‬مف النظاـ ‪ 01/07‬السالؼ الذكر عمى أنو‪" :‬يرخص لكؿ‬
‫مسافر يدخؿ التراب الكطني باستيراد أكراؽ نقدية أجنبية كصككؾ سياحية بشرط تقديـ‬
‫تصريح لدل جمارؾ الحدكد يخص كؿ مبمغ يفكؽ الحد الذم يحدده بنؾ الجزائر عف طريؽ‬
‫تعميمة"‪.‬‬

‫كنستنتج مف نص المادة المذككرة أعبله‪ ،‬أنو يجكز لكؿ شخص يدخؿ اإلقميـ‬
‫الجمركي الجزائرم أف يقكـ بعممية استيراد لمنقكد شريطة التصريح بيا لدل مصالح الجمارؾ‬
‫كأف يككف تصريحا صادقا‪.‬‬

‫كما نستنتج أنو ال تكجد تفرقة بيف القادميف إلى الببلد (المسافريف) فسكاء كانكا مف‬
‫جزائرييف أك األجانب المقيميف أك غير المقيميف‪ ،‬فكؿ قادـ إلى الجزائر يستطيع أف يحمؿ‬
‫معو أكراقا نقدية أجنبية أك شيكات سياحية كما عميو سكل التصريح بقيمتيا لدل مصالح‬
‫‪1‬‬
‫‪BOUSKIA Ahcène, L’infraction du change en Droit algérien, édition DAR EL HIKMA,‬‬
‫‪Algerie, 1999, p28.‬‬
‫‪ 2‬النظاـ رقـ ‪ 10/10‬المؤرخ في ‪ 18‬فبراير ‪ ،3110‬يتعمؽ بالقكاعد المطبقة عمى المعامبلت الجارية مع الخارج كالحسابات‬
‫بالعممة الصعبة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،80‬صادر في ‪ 08‬مايك ‪.3110‬‬
‫شيخ ناجية‪ ،‬خصكصيات جريمة الصرؼ في القانكف الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف‪ ،‬جامعة تيزم كزك‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،3103‬ص‪.03‬‬

‫‪235‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الجمارؾ فكر كصكلو‪ .‬كتبعا لذلؾ يقع عمى كؿ مستكرد لؤلكراؽ النقدية أك الشيكات السياحية‬
‫التزاـ التصريح بالعممة المستكردة كالتزاـ الصدؽ في التصريح كيعد أم إخبلؿ بأحدىما فعبل‬
‫مككنا لمركف المادم لجريمة الصرؼ‪.‬‬

‫كال يعد فعبل مككنا لمركف المادم لجريمة الصرؼ أم استيراد لباقي كسائؿ الدفع‬
‫المنصكص عمييا في المادة ‪ 18‬مف النظاـ ‪ ،01/07‬ما يعني استبعاد استيراد كسائؿ الدفع‬
‫األخرل المتمثمة في النقكد المعدنية‪ ،‬بطاقات االئتماف‪ ،‬الشيكات المصرفية‪ ،‬األكراؽ التجارية‬
‫‪ ...‬الخ‪.1‬‬

‫كنتيجة لذلؾ فإف أعكاف مصالح الجمارؾ عمميا أثناء قياميـ بمياـ مراقبة المسافريف‬
‫القادميف إلى الجزائر‪ ،‬إذا ضبطكا أكراؽ نقدية مف العممة األجنبية أك شيكات سياحية لدل‬
‫أحد المسافريف‪ ،‬بعد أف يككف ىذا األخير قد صرح بعدـ حيازتو ليا‪ ،‬يبادركف بتحرير محضر‬
‫معاينة عف جريمة الصرؼ المتمثمة في عدـ التصريح‪ ،‬كذلؾ ميما كانت قيمة ىذه األكراؽ‪.2‬‬

‫ب‪ -‬بالنسبة لعممية التصدير‪ :‬أجاز النظاـ ‪ 01/07‬في المادة ‪ 20‬لكؿ مسافر يغادر‬
‫الجزائر تصدير مبمغ باألكراؽ النقدية األجنبية أك الشيكات السياحية بنصيا عمى أنو‪:‬‬
‫"يرخص لكؿ مسافر يغادر الجزائر بتصدير كؿ مبمغ يأخذ شكؿ أكراؽ نقدية أجنبية أك‬
‫صككؾ سياحية بمقدار‪:‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لغير ال مقيميف‪ ،‬المبمغ المصرح بو لدل الدخكؿ كتطرح منو المبالغ التي تـ التنازؿ‬
‫عنيا قانكنا لمكسطاء المعتمديف كمكاتب الصرؼ‪،‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لممقيميف‪ ،‬المبالغ المسحكبة مف الحسابات بالعممة الصعبة في حدكد السقؼ الذم‬
‫تحدده تعميمة يصدرىا بنؾ الجزائر ك‪/‬أك المبالغ التي يغطييا ترخيص بالصرؼ"‪.‬‬

‫كيمتزـ المسافركف بالتصريح لدل مكتب الجمارؾ‪ ،‬عند الدخكؿ إلى التراب الكطني‬
‫كعند الخركج منو باألكراؽ النقدية ك‪/‬أك كؿ أداة أخرل قابمة لمتداكؿ محررة بالعمبلت األجنبية‬

‫شيخ ناجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.03‬‬ ‫‪1‬‬

‫نبيؿ صقر‪ ،‬الكجيز في شرح جرائـ األمكاؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪236‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫قابمة لمتحكيؿ بصفة حرة التي يستكردكنيا أك يصدركنيا إذا كاف مبمغيا يساكم أك يفكؽ ما‬
‫يعادؿ قيمة ألؼ (‪ )1.000‬يكرك‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنو في حالة اكتشاؼ شبية ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فإنو‬
‫يتـ إرساؿ تقرير سرم محرر مف قبؿ مصالح الجمارؾ إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫يتعمؽ بكؿ اكتشاؼ لحركة األمكاؿ أك صفقات مشبكىة قد تككف ناشئة عف جرائـ أك يبدك‬
‫أنيا مكجية لتبييض األمكاؿ أك تمكيؿ اإلرىاب‪.2‬‬

‫كفي مجاؿ الصرؼ كبالرجكع إلى األمر ‪ 22/96‬المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع‬
‫كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬فقد تـ تكسيع مجاؿ‬
‫تطبيؽ جرائـ الصرؼ ليشمؿ جرائـ كسائؿ الدفع كالقيـ المنقكلة كالسندات المالية كسبائؾ‬
‫الذىب كالقطع النقدية الذىبية كاألحجار الكريمة كالمعادف النفيسة‪.3‬‬

‫كيترتب عمى مخالفة االلتزامات المتعمقة بالتصريح عند تصدير أك استيراد العممة قياـ‬
‫جريمة الصرؼ بمفيكـ األمر ‪ 22/96‬المعدؿ كالمتمـ باألمر ‪ ،01/03‬التي يعاقب عمييا‬
‫بالسجف مف سنتيف إلى سبع سنكات كبمصادرة محؿ الجنحة كمصادرة كسائؿ النقؿ‬
‫المستعممة في الغش كبغرامة مالية ال يمكف أف تقؿ عف ضعؼ قيمة محؿ المخالفة أك‬
‫محاكلة المخالفة‪.4‬‬

‫‪ -2‬استيراد البضاعة أو تصديرىا‪ :‬يخضع أم استيراد أك تصدير لبضاعة ما إلى التصريح‬


‫لدل مصالح الجمارؾ‪ ،‬كي شكؿ االستيراد كالتصدير بدكف تصريح أك بتصريح مزكر مخالفة‬
‫جمركية يعاقب عمييا قانكف الجمارؾ‪.‬‬

‫المادة ‪ 18‬مف النظاـ رقـ ‪ ،13/00‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 30‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف األمر ‪ 33/20‬المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى‬ ‫‪3‬‬

‫الخارج‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،58‬صادر في ‪ 01‬يكليك ‪ ،0220‬المعدؿ كالمتمـ باألمر ‪ 18/01‬المؤرخ في ‪ 30‬غشت ‪،3101‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،51‬صادر في ‪ 10‬سبتمبر ‪.3101‬‬
‫المادة األكلى مكرر مف األمر ‪ 33/20‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪237‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيشكؿ نفس الفعؿ جريمة مف جرائـ الصرؼ متى كاف اليدؼ منيا مخالفة التشريع‬
‫كالتنظيـ المتعمقيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى الخارج‪ ،‬سكاء بعدـ التصريح أك‬
‫بالتصريح الكاذب‪.‬‬

‫أ‪ -‬بالنسبة الستيراد البضاعة‪ :‬يخضع نشاط استيراد البضاعة لقيكد كأم إخبلؿ بيا يعد‬
‫خرقا لمقانكف‪ ،‬إذ نصت المادة األكلى مف النظاـ ‪ 03/91‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفرم ‪ 1991‬عمى‬
‫أ نو‪" :‬يجكز لكؿ شخص طبيعي أك معنكم مسجؿ في السجؿ التجارم أف يقكـ بعممية استيراد‬
‫أية منتكجات أك بضائع ليست ممنكعة كال مقيدة‪ ،‬كذلؾ بمجرد أف يككف لو إقامة مصرفية‬
‫كدكف أية رخصة أك مكافقة مسبقة"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 05‬مف األمر ‪ 04/03‬المؤرخ في ‪ 19‬يكليك ‪ 2003‬المتعمؽ‬


‫بالقكاعد العامة المطبقة عمى عمميات استيراد البضائع كتصديرىا عمى أنو‪" :‬تخضع عمميات‬
‫استيراد كتصدير المنتكجات إلى مراقبة الصرؼ طبقا لمتشريع كالتنظيـ المعمكؿ بيما"‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم لـ يحدد البضائع التي تككف محبل لبلستيراد‬
‫نحك الداخؿ عمى الرغـ مف تكرار مصطمح "استيراد البضائع" في العديد مف النصكص‬
‫القانكنية كعميو يمكننا القكؿ أف ا لبضاعة ىي كؿ سمعة قابمة لمتداكؿ‪ ،‬كيمكف استيرادىا سكاء‬
‫كانت مصنعة أك نصؼ مصنعة‪ ،‬زراعية‪ ،‬مصنعة في الداخؿ أك في الخارج بشرط أف ال‬
‫تتعمؽ بالمحركقات‪ ،1‬مع استثناء تمؾ التي تشكؿ إخبلال باألمف كالنظاـ العاـ كاألخبلؽ‪.2‬‬

‫ب‪ -‬بالنسبة لتصدير البضاعة‪ :‬يعد التصريح بتصدير البضاعة لمصالح الجمارؾ أم ار‬
‫ضركريا‪ ،‬فيك نظاـ يسعى إلى تنظيـ عمميات المبادلة‪ ،‬إذ ال يمكف لممصدريف التصدير‬
‫الفعمي لمبضاعة إال بعد إجراء ىذه التصريحات التي يشترط أف تككف صائبة‪ ،‬كلعؿ الغاية‬
‫مف اشتراط ىذه األخيرة تكمف في رفع عكائدىا خاصة في حاالت السمع التصديرية التي‬

‫ينظـ قطاع المحركقات القانكف ‪ 10/15‬المؤرخ في ‪ 33‬أبريؿ ‪ 3115‬المتعمؽ بالمحركقات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،51‬صادر‬ ‫‪1‬‬

‫في ‪ 02‬يكليك ‪ ،3115‬المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ 10/08‬المؤرخ في ‪ 31‬فيفرم ‪ ،3108‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،00‬صادر في ‪35‬‬
‫فبراير ‪.3108‬‬
‫إرزيؿ الكاىنة‪ ،‬التعميؽ عمى األمر ‪ 15/18‬المتعمؽ بالقكاعد العامة المطبقة عمى عمميات استيراد كتصدير البضائع‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المجمة النقدية لمقانكف ك العمكـ السياسية‪ ،‬عدد‪ ،13‬جامعة تيزم كزك‪ ،‬الجزائر‪ ،3110 ،‬ص‪.23‬‬

‫‪238‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ينقص الطمب العالمي بشأنيا‪ ،‬أك في حالة رغبة الدكلة في تكسيع إنتاجيا الداخمي مف‬
‫تصديرىا لمادة خاصة‪ ،‬أك سمعة أساسية الزمة الحتياجات المجتمع‪.1‬‬

‫كتمزـ أنظمة بنؾ الجزائر جميع المصدريف لمبضائع المقيميف في الجزائر باسترداد‬
‫اإليرادات المتأتية مف الصادرات‪ ،‬ككؿ مخالفة ليذا االلتزاـ تشكؿ جريمة صرؼ‪ ،‬كيعد أساس‬
‫تجريـ ىذا الفعؿ ىك أف حصيمة الصادرات تعتبر المكرد األكؿ لمعممة الصعبة‪.‬‬

‫فقد نصت المادة األكلى مف النظاـ ‪ 04/91‬المتعمؽ بتحصيؿ إيرادات الصادرات مف‬
‫المحركقات عمى أنو‪" :‬يجب عمى شركات التصدير صاحبة االمتياز أف تستكطف لدل بنؾ‬
‫الجزائر تحصيؿ اإليرادات بالعممة الصعبة التي تحققيا في إطار تصديرىا لممحركقات"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 11‬مف النظاـ ‪ 01/07‬عمى أنو‪" :‬يجب عمى المصدريف ترحيؿ‬
‫ناتج صادراتيـ"‪.‬‬

‫كذلؾ نصت المادة ‪ 65‬مف نفس النظاـ عمى أنو‪ :‬ال يمكف تحصيؿ اإليرادات الناجمة‬
‫عف الصادرات مف غير المحركقات كالصادرات مف غير المنتجات المنجمية إال عف طريؽ‬
‫الكسيط المعتمد المكطف لمعقد"‪ ،‬كأضافت الفقرة الثانية مف نفس المادة أنو‪" :‬يجب عمى‬
‫المصدر أف يقكـ بترحيؿ ناتج التصدير في اآلجاؿ المحددة‪ 2‬كيجب عمية تبرير أم تأخير‬
‫في الترحيؿ"‪.‬‬

‫كيتـ ترحيؿ كؿ المبمغ المسجؿ في الفاتكرة كمبمغ المصاريؼ اإلضافية عندما ال تدرج‬
‫ىذه األخيرة في سعر البيع‪.3‬‬

‫نستنتج مف خبلؿ ما سبؽ أف المشرع الجزائرم جعؿ االلتزاـ باسترداد عائدات‬


‫الصادرات حك ار عمى المصدريف المقيميف دكف غيرىـ‪ ،‬فمف ثمة يستبعد في الخضكع ليذا‬

‫شيخ ناجية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .05‬نقال عن‪ :‬عبد الباسط الكفا‪ ،‬دراسات في مشكبلت التجارة الخارجية‪ ،‬دار النيضة‬ ‫‪1‬‬

‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،3111/0222 ،‬ص‪.38‬‬


‫حددت المادة ‪ 00‬مف النظاـ ‪ 10/10‬أجؿ الترحيؿ عندما يتـ التصدير نقدا بمدة ال تتجاكز ‪ 031‬يكما اعتبا ار مف تاريخ‬ ‫‪2‬‬

‫اإلرساؿ أك تاريخ اإلنجاز بالنسبة لمخدمات‪ ،‬فبل يتـ التصدير بعدىا إال بعد الحصكؿ عمى ترخيص مف بنؾ الجزائر‪.‬‬
‫المادة ‪ 00‬مف النظاـ ‪ ،10/10‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪239‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫االلتزاـ القانكني كؿ مصدر غير مقيـ كىك ما يفيـ مف نص المادة ‪ 04‬مف النظاـ ‪13/91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 14‬أكث ‪ 1991‬الممغى بالنظاـ ‪.01/07‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫اآلليات المتعمقة بالبحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال‬

‫قصد تحقيؽ الفعالية المرجكة لمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬سارع المشرع الجزائرم‬
‫إلى تبني آليات مستحدثة في التشريع خاصة بالبحث كالتحقيؽ في بعض الجرائـ كمنيا‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كيتجمى ذلؾ في التعديبلت المتتالية ألحكاـ قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية بيدؼ جعميا أكثر مبلئمة كاستجابة لخصكصيات الظاىرة اإلجرامية في مكافحتيا‬
‫مف جية‪ ،‬كأ يضا مطابقتيا مع ما جاءت بو المكاثيؽ كاالتفاقيات الدكلية المتعمقة بحقكؽ‬
‫اإلنساف التي صادقت عمييا الجزائر مف جية أخرل مف خبلؿ إنشاء محاكـ متخصصة‬
‫تعتمد عمى كسائؿ بحث كتحقيؽ مستحدثة‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫جيات البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال‬

‫تعتبر الجزائر مف الدكؿ المعنية بظاىرة تبييض األمكاؿ‪ ،‬كتداركا لخطكرة ىذه الظاىرة‬
‫فقد كضعيا المشرع الجزائرم مكضع التجريـ بالنص الصريح كما أعطى ليا أىمية الرتباطيا‬
‫بالجريمة المنظمة‪ ،‬بؿ عمؿ عمى استحداث محاكـ ذات اختصاص مكسع في خطكة اعتبرت‬
‫سابقة مف نكعيا في القانكف الجزائرم‪ ،‬خطى بمكجبيا القضاء نحك التخصص في المعالجة‬
‫القضائية لطائفة مف الجرائـ‪.1‬‬

‫كقد ظيرت فكرة إنشاء محاكـ ذات اختصاص مكسع كنتيجة التجاه المشرع الجزائرم‬
‫نحك سياسة تجريـ قصد الحد مف أفعاؿ أصبحت تضر بالمصالح الحيكية لممجتمع‪ ،‬كتصب‬
‫في اتجاه التزامات الدكلة في مجاؿ مكافحة الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية كالجرائـ‬

‫محمد بكرارشكش‪" ،‬االختصاص اإلقميمي المكسع في المادة الجزائية في التشريع الجزائرم"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة كالقانكف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،05‬جانفي‪ ،3100‬ص‪.810‬‬

‫‪240‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الماسة بالمعالجة االلكتركنية لممعمكمات كجريمة تبييض األمكاؿ كغيرىا مف الجرائـ التي‬
‫تستكجب كفاءة مينية عالية كتقنيات تحرم خاصة تتطمب كسائؿ مادية كبشرية ذات نكعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫كعمى ىذا األساس صدر القانكف ‪ 14/04‬المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫حيث أسس إلمكانية تكسيع االختصاص المحمي لكؿ مف ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ‬
‫كضباط الشرطة القضائية إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل تحدد عف طريؽ التنظيـ‪.2‬‬

‫كنظ ار لما تتمتع بو ىذه المحاكـ مف خصكصية في تنظيميا كسيرىا عف باقي‬


‫المحاكـ العادية األخرل‪ ،‬كىذا النفرادىا بخصكصية كسائؿ البحث كالتحقيؽ في الجرائـ التي‬
‫تختص بالنظر كالفصؿ فييا كمنيا جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فإننا سنتناكؿ ىذا المطمب‬
‫بالدراسة ضمف فرعيف؛ األكؿ يتعمؽ بتنظيـ المحاكـ ذات االختصاص المكسع كالثاني نتناكؿ‬
‫مف خبللو سير ىذه المحاكـ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫تنظيم المحاكم ذات االختصاص الموسع‬

‫خكؿ المشرع الجزائرم المحاكـ ذات االختصاص المكسع صبلحية النظر في بعض‬
‫الجرائـ الخطيرة‪ ،‬كذلؾ بمكجب المكاد ‪ 329 ،40 ،37‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ‬
‫كالمتمـ التي نصت عمى تمديد االختصاص المحمي لممحكمة كلككيؿ الجميكرية كقاضي‬
‫التحقيؽ المعينيف بيا إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تحديد المحاكم ذات االختصاص المحمي الموسع‬

‫إف تكجو الدكؿ نحك التخصص القضائي ييدؼ إلى إنشاء تشكيبلت قضائية مف‬
‫قضاة متخصصيف عمى مستكل النيابة‪ ،‬التحقيؽ كالمحاكمة‪ ،‬تستأثر باالختصاص في‬

‫القانكف ‪ 05/15‬المؤرخ في ‪ 01‬نكفمبر ‪ 3115‬يعدؿ كيتمـ األمر ‪ 055/00‬المؤرخ في ‪ 3‬يكنيك ‪ 0200‬المتضمف قانكف‬ ‫‪1‬‬

‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،00‬صادر في ‪ 01‬نكفمبر ‪.3115‬‬


‫المرسكـ التنفيذم ‪ 853/10‬المؤرخ في ‪ 15‬أكتكبر ‪ ،3110‬يتضمف تمديد االختصاص المحمي لبعض المحاكـ كككبلء‬ ‫‪2‬‬

‫الجميكرية كقضاة التحقيؽ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،08‬صادر في ‪ 3‬أكتكبر ‪ ،3110‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم ‪300/00‬‬
‫المؤرخ في ‪ 00‬أككبر ‪ ،3100‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،03‬صادر في ‪ 38‬أكتكبر ‪.3100‬‬

‫‪241‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ال قضايا ذات الصمة بالجرائـ الخطيرة عمى غرار الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية‬
‫كجريمة تبييض األمكاؿ ‪...‬الخ‪ ،‬في شكؿ أقطاب متخصصة تكضع لدل بعض المحاكـ التي‬
‫يتـ تكسيع اختصاصيا المحمي ليشمؿ اختصاص محمي لمحاكـ أخرل عمى امتداد مناطؽ‬
‫ذات بعد جغرافي‪.1‬‬

‫باإلضافة إل ى ذلؾ‪ ،‬تمتاز الجرائـ المعنية بالمحاكـ ذات االختصاص اإلقميمي‬


‫المكسع بالخطكرة الشديدة كالتعقيد كسرعة تحركيا في داخؿ اإلقميـ كخارجو‪ ،‬بالنظر إلى عدة‬
‫اعتبارات لعؿ أىميا خطكرة العناصر اإلجرامية كالكسائؿ المستخدمة في التخطيط كارتكاب‬
‫الجريمة كاآلثار التي تخمفيا عمى الصعيد االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي‪.2‬‬

‫كقد حدد المرسكـ التنفيذم ‪ 348/06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتكبر ‪ 2006‬الجيات‬


‫القضائية ذات االختصاص اإلقميمي المكسع في أربعة محاكـ عمى المستكل الكطني‪ ،‬كيتعمؽ‬
‫األمر بكؿ مف محكمة سيدم أمحمد بالجزائر العاصمة‪ ،‬محكمة قسنطينة‪ ،‬محكمة كىراف‬
‫كمحكمة كرقمة‪.‬‬

‫‪ -1‬محكمة سيدي أمحمد (الجزائر)‪ :‬تقع محكمة سيدم أمحمد بالجزائر العاصمة كيمتد‬
‫اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس‬
‫القضائية لػكؿ مف الجزائر ‪،‬الشمؼ‪ ،‬األغكاط‪ ،‬البميدة‪ ،‬البكيرة‪ ،‬تيزم كزك‪ ،‬الجمفة‪ ،‬المدية‬
‫المسيمة‪ ،‬بكمرداس‪ ،‬تيبازة كعيف الدفمى‪.3‬‬

‫‪ -2‬محكمة قسنطينة‪ :‬تقع بمدينة قسنطينة كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ‬
‫الجميكرية كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف قسنطينة‪ ،‬أـ البكاقي‬
‫باتنة‪ ،‬بجاية‪ ،‬بسكرة‪ ،‬تبسة‪ ،‬جيجؿ‪ ،‬سطيؼ‪ ،‬سكيكدة‪ ،‬عنابة‪ ،‬قالمة كبرج بكعريريج‪،‬‬
‫الطارؼ‪ ،‬خنشمة‪ ،‬سكؽ أىراس‪ ،‬ميمة‪.4‬‬

‫محمد بكرارشكش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.808‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.805‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف المرسكـ التنفيذم‪ ،853/10‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 18‬مف المرسكـ التنفيذم‪ ،835/10‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪242‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -3‬محكمة ورقمة‪ :‬تقع بمدينة كرقمة كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية‬
‫كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف كرقمة‪ ،‬أدرار‪ ،‬تمنراست‪ ،‬إيميزم‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬الكادم كغرداية‪.1‬‬

‫‪ -4‬محكمة وىران‪ :‬تقع بمدينة كىراف كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية‬
‫كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف كىراف‪ ،‬بشار‪ ،‬تممساف‪ ،‬تيارت‪،‬‬
‫تندكؼ‪ ،‬سعيدة‪ ،‬سيدم بمعباس‪ ،‬مستغانـ‪ ،‬معسكر‪ ،‬البيض‪ ،‬تيسمسيمت‪ ،‬النعامة‪ ،‬عيف‬
‫تيمكشنت كغميزاف‪.2‬‬

‫كما حرص المشرع الجزائرم عمى تكفير الضمانات القانكنية مف أجؿ أف ال تتحكؿ‬
‫ىذه المحاكـ إلى ما يشبو المحاكـ الخاصة أك االستثنائية‪ ،‬السيما في المادة الجزائية‪ ،‬األمر‬
‫الذم يمكف معو أف يمس بمبدأ الحؽ في محاكمة عادلة المكرس دستكريا‪ ،‬كذلؾ بحصر‬
‫مسألة تحديد تشكيمة ىذه األقطاب المتخصصة كاحالة االختصاص النكعي ليا كاجراءات‬
‫التقاضي أماميا مع كؿ ما تكفره مف ضمانات في نصكص قانكف اإلجراءات المدنية‬
‫كاإلدارية كنصكص قانكف اإلجراءات الجزائية‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديد االختصاص النوعي لممحاكم ذات االختصاص الموسع‬

‫يقصد باالختصاص النكعي لممحاكـ بصفة عامة الكالية القضائية لجية معينة لمنظر‬
‫في قضايا محددة‪ ،‬أك جرائـ معينة بنص القانكف‪.‬‬

‫كفيما يتعمؽ باالختصاص النكعي لممحاكـ ذات االختصاص المكسع‪ ،‬فقد حصره‬
‫المشرع الجزائرم في مجمكعة مف الجرائـ الحديثة نكعا ما‪ ،‬كالتي تشكؿ تيديدا خطي ار عمى‬
‫األمف كاالقتصاد الكطني‪ ،4‬كيتعمؽ األمر بجرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة عبر الحدكد‬

‫المادة ‪ 15‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،853/10‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 15‬مف المرسكـ التنفيذم‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد السبلـ ذيب‪ ،‬قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ترجمة لممحاكمة العادلة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬إيتاؾ‪ ،‬الجزائر‪،3103 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.80‬‬
‫جبارم عبد المجيد‪ ،‬دراسات قانكنية في المادة الجزائية عمى ضكء أىـ التعديبلت الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىكمة‬ ‫‪4‬‬

‫لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،3108 ،‬ص‪.03‬‬

‫‪243‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الكطنية كالجرائـ الماسة بأنشطة المعالجة اآللية لممعطيات كالجرائـ المتعمقة بمخالفة التشريع‬
‫الخاص بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ كجريمة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‪.‬‬

‫إف جريمة تبييض األمكاؿ كالتي ىي مكضكع دراستنا الحالية‪ ،‬قد حصرىا المشرع‬
‫الجزائرم ضمف الجرائـ النكعية كالخطيرة التي كلى اختصاص البحث كالتحقيؽ فييا إلى‬
‫المحاكـ ذات االختصاص المكسع‪ ،‬إال أف المشرع خصيا بكصؼ الجنحة كذلؾ مف خبلؿ‬
‫طبيعة العقكبات المقررة ليا التي تراكحت ما بيف التبييض البسيط كالتبييض المشدد‪.‬‬

‫كتككف المتابعة في جريمة تبييض األمكاؿ كفؽ إجراءات خاصة نصت عمييا المكاد‬
‫مف ‪ 40‬مكرر ‪ 1‬إلى ‪ 40‬مكرر ‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث يتعيف عمى ضابط‬
‫الشرطة القضائية متى رأل أف الممؼ المككف مف طرفو في مرحمة البحث كالتحرم يشكؿ‬
‫جريمة تبييض أمكاؿ أف يخبر فك ار ككيؿ الجميكرية لدل المحكمة الكائف بيا مقر ارتكاب‬
‫الجريمة كيقدـ لو أصؿ الممؼ مرفؽ بنسختيف‪ ،‬ثـ يقكـ ككيؿ الجميكرية فك ار بإرساؿ النسخة‬
‫الثانية إلى النائب العاـ لدل المحكمة المختصة ذات االختصاص المكسع‪ ،‬كبعد اطبلع‬
‫النائب العاـ عمى الممؼ كاعتباره ضمف اختصاص المحكمة ذات االختصاص المكسع (أم‬
‫ضم ف الجرائـ السالؼ ذكرىا) يحيمو إلى ىذه األخيرة ليتمقى ضباط الشرطة القضائية‬
‫التعميمات المباشرة مف ككيؿ الجميكرية لممحكمة ذات االختصاص المكسع بمباشرة‬
‫التحريات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫سير المحاكم ذات االختصاص الموسع‬

‫إف التعديبلت الكاردة عمى قانكف اإلجراءات الجزائية بمكجب القانكف ‪ 14/04‬المؤرخ‬
‫في ‪ 10‬نكفمبر ‪ ، 2004‬تقترح جممة مف األحكاـ التي تحدد قكاعد االختصاص المحمي لكؿ‬
‫مف ككيؿ الجميكرية‪ ،‬قاضي التحقيؽ كضباط الشرطة القضائية ليشمؿ اختصاص محمي‬
‫لجيات قضائية أخرل عندما يتعمؽ األمر بجرائـ مذككرة عمى سبيؿ الحصر‪.1‬‬

‫الفقرة ‪ ،13‬المادة ‪ 80‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪244‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬توسيع االختصاص المحمي لوكيل الجميورية‬

‫يمثؿ ككيؿ الجميكرية النيابة العامة عمى مستكل المحكمة‪ ،‬كيمارس ميامو في إطار‬
‫إقميـ اختصاصو‪ 1‬الذم ينعقد طبقا لممادة ‪ 37‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية بتكافر أحد‬
‫العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أف تقع الجريمة مكضكع البحث في دائرة اختصاص المحكمة المعيف بيا‪.‬‬

‫‪ -‬أف يككف محؿ إقامة المشتبو فيو أك المتيـ مكجكدا بدائرة اختصاص المحكمة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يتـ إلقاء القبض عمى المتيـ في دائرة اختصاصو‪.‬‬

‫كقد كسع المشرع الجزائرم االختصاص المحمي لككيؿ الجميكرية ليشمؿ اختصاص‬
‫محاكـ أخرل عمى أف يككف ذلؾ بمكجب التنظيـ‪ ،‬كيككف ذلؾ كمما تعمؽ األمر بالتحرم‬
‫كالتحقيؽ بشأف الجرائـ المحددة في قانكف اإلجراءات الجزائية حيث نصت الفقرة الثانية مف‬
‫المادة ‪ 37‬مف ىذا األخير عمى‪" :‬يجكز تمديد االختصاص المحمي لككيؿ الجميكرية إلى‬
‫دائرة اختصاص محاكـ أخرل‪ ،‬عف طريؽ التنظيـ‪ ،‬في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة‬
‫عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض‬
‫األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ"‪.‬‬

‫كلتفادم انتشار معمكمات غير كاممة أك غير صحيحة أك لكضع حد لئلخبلؿ بالنظاـ‬
‫العاـ‪ ،‬أعطى المشرع لمنيابة العامة ميمة إعبلـ الرأم العاـ عف التحريات كالتحقيقات الجارية‬
‫بشرط أف تخضع ىذه التصريحات لممكضكعية كأف تحترـ مبدأ سرية التحقيؽ‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬توسيع االختصاص المحمي لقاضي التحقيق‬

‫إف قاضي التحقيؽ مختص بالتحقيؽ في الجرائـ التي يعاقب عمييا طبقا لقكاعد قانكف‬
‫العقكبات كالقكانيف المكممة لو‪ ،‬كأف التحقيؽ في الجرائـ المكصكفة كجناية يككف إلزاميا‪ ،‬فبل‬

‫محمد بكرارشكش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.831‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 00‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪245‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫يجكز إحالة المتيـ بارتكابيا مباشرة لممحاكمة‪ ،‬أما في مكاد الجنح كالمخالفات فيك اختيارم‬
‫يخضع لتقدير النيابة العامة في طمب التحقيؽ أك إحالة القضية مباشرة إلى المحاكمة‪.1‬‬

‫كاذا كانت الجريمة مف نكع إحدل الجرائـ المنصكص عمييا في الفقرة الثانية مف‬
‫المادة ‪ 40‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ال يمنع قاضي التحقيؽ مف إجراء التحقيؽ فييا ما‬
‫لـ يطمب منو كتابيا النائب العاـ لدل المجمس القضائي التابعة لو المحكمة ذات االختصاص‬
‫المكسع بالتخمي عنيا لفائدة زميمو قاضي التحقيؽ بالقطب الجزائي المختص‪.2‬‬

‫كقد حدد المشرع الجزائرم في المادة ‪ 40‬ك‪ 65‬مكرر‪ 1‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫قكاعد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ‪ ،‬حيث يتبيف مف ىذيف النصيف أف االختصاص‬
‫المحمي لقاضي التحقيؽ يتحدد بمكاف ارتكاب الجريمة أك المكاف الذم يقيـ فيو المتيـ أك‬
‫المكاف الذم ألقي القبض فيو عميو كلك حصؿ ىذا القبض لسبب آخر‪.‬‬

‫‪ -1‬تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمكان ارتكاب الجريمة‪ :‬رسخ المشرع‬
‫الجزائرم مكاف كقكع الجريمة كاختصاص محمي لقاضي التحقيؽ سكاء كاف المسئكؿ جنائيا‬
‫شخصا طبيعيا أك معنكيا‪.3‬‬

‫كيختم ؼ تحديد مكاف ارتكاب الجريمة تبعا الختبلؼ الجرائـ‪ ،‬كيتعيف لتحديد ىذا‬
‫المكاف أخذ بعيف االعتبار األعماؿ المككنة لمجريمة‪ ،‬أم أعماؿ التنفيذ كالبدء بالتنفيذ بصرؼ‬
‫النظر عف األعماؿ التحضيرية السابقة عمييا كالنتائج التالية ليا‪ ،‬فالمكاف الذم ارتكب فيو‬
‫الفعؿ أك الترؾ المعاقب عميو ىك الذم يحدد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ في‬
‫الجرائـ الكقتية الكاقعة دفعة كاحدة‪.4‬‬

‫محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪ ،‬الطبعة التاسعة‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،3105 ،‬ص‪.050‬‬


‫الفقرة ‪ 8‬مف المادة ‪ 51‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمارة فكزم‪ ،‬قاضي التحقيؽ‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف‪ ،‬كمية الحقكؽ بجامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪،3101/3112 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.53‬‬
‫نصت الفقرة‪ 3‬مف المادة ‪ 05‬مكرر‪ 0‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬غير أنو إذا تمت متابعة أشخاص‬ ‫‪4‬‬

‫طبيعية في الكقت ذاتو مع الشخص المعنكم‪ ،‬تختص الجيات القضائية المرفكعة أماميا دعكل األشخاص الطبيعية بمتابعة‬
‫الشخص المعنكم"‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أما إذا تككنت ىذه األخير مف جممة أفعاؿ ككقعت في أكثر مف مكاف‪ ،‬كاف جميع‬
‫قضاة التحقيؽ التي كقعت في دائرتيـ أفعاؿ التنفيذ مختصيف محميا بالنظر في الدعكل‪ ،‬كفي‬
‫حاؿ أف الجريمة مف الجرائـ المستمرة فيعد مكاف ارتكاب الجريمة كؿ مكاف تككف فيو حالة‬
‫االستمرار‪.1‬‬

‫‪ -2‬تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمحل إقامة الشخص الطبيعي ووجود‬
‫المقر االجتماعي لمشخص المعنوي‪ :‬جعؿ المشرع الجزائرم مف محؿ إقامة الشخص‬
‫الطبيعي كالمقر االجتماعي لمشخص المعنكم أماكف صالحة قانكنا لقياـ االختصاص المحمي‬
‫لقاضي التحقيؽ‪.‬‬

‫لقد نص المشرع الجزائرم صراحة في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 1‬مف قانكف اإلجراءات‬


‫الجزائية عمى أف قاضي التحقيؽ المختص محميا ىك الذم يقع في دائرة اختصاصو المقر‬
‫االجتماعي لمشخص المعنكم‪ ،‬كعميو إذا كاف ليذا الشخص فرع فبل يعكد لقاضي التحقيؽ‬
‫المتكاجد بدائرة اختصاصو ىذا الفرع االختصاص المحمي عند متابعة الشخص المعنكم‪.‬‬

‫إال أنو بمقتضى الفقرة‪ 2‬مف المادة ‪ 65‬مكرر‪ 1‬السابقة الذكر‪ ،‬يؤكؿ االختصاص‬
‫المحمي إ ذا تمت متابعة الشخص الطبيعي في الكقت ذاتو مع الشخص المعنكم بقكة القانكف‬
‫إلى قاضي التحقيؽ المتكاجد بدائرة اختصاصو محؿ إقامة الشخص الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -3‬تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمكان القبض عمى المشتبو فيو‪:‬‬
‫يقصد بمحؿ القبض عمى المشتبو فيو‪ ،‬المكاف الذم تمت في دائرتو تكقيؼ المتيـ أك إلقاء‬
‫القبض عمى الشخص المشتبو فيو في ارتكاب الجريمة‪ ،‬سكاء كاف ىذا الشخص فاعبل أك‬
‫شريكا‪ ،‬كحتى لك حصؿ ىذا القبض لسبب آخر‪.‬‬

‫فمكاف إلقاء القبض عمى المشتبو فيو ال يفرض نفسو بنفس قكة عاممي مكاف كقكع‬
‫الجريمة كمحؿ اإلقامة أك تكاجد المقر االجتماعي‪ ،‬ألف ىذا المكاف ال يكفر الظركؼ‬
‫الطبيعية التي تخدـ القضية فيك المكاف غير المناسب لمتحقيؽ في الكاقعة‪.‬‬

‫عمارة فكزم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪247‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كرغـ االنتقادات المكجية العتبار مكاف القبض عمى المشتبو فيو كمكاف يترتب عميو‬
‫انعقاد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ‪ ،‬إال أنو يحد ما يبرر اعتماده مف طرؼ المشرع‬
‫كأحد األمكنة التي تجعؿ مف قاضي التحقيؽ الذم تـ إلقاء القبض عمى المشتبو فيو في‬
‫دائرتو مختصا محميا لمنظر في الدعكل‪ ،‬كمف ىذا نجد أف الكقائع قد تككف بسيطة ككاضحة‬
‫ال تستدعي نقؿ المشتبو فيو إلى مكاف آخر قد يككف بعيد جدا‪ ،‬أك أف تتكاجد في مكاف‬
‫القبض بعض المعالـ التي تسيؿ التحقيؽ في الكاقعة‪.1‬‬

‫كبمكجب التعديؿ الذم أجرم عمى قانكف اإلجراءات الجزائية بمقتضى القانكف‬
‫‪ 14/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نكفمبر ‪ ،2004‬قاـ المشرع الجزائرم بتكسيع االختصاص المحمي‬
‫لقاضي التحقيؽ المعيف بالمحكمة ذات االختصاص المكسع إلى اختصاص محاكـ مجالس‬
‫قضائية أخرل مف خبلؿ الفقرة الثانية مف المادة ‪ 40‬التي نصت عمى‪" :‬يجكز تمديد‬
‫االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل‪ ،‬عف طريؽ التنظيـ‬
‫في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة‬
‫اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص‬
‫بالصرؼ"‪.‬‬

‫غير أنو إذا سبؽ لقاضي التحقيؽ لدل محكمة مكاف ارتكاب الجريمة إصدار أمر‬
‫بالقبض أك أمر بالحبس المؤقت ثـ أحيؿ الممؼ عمى قاضي التحقيؽ لدل المحكمة ذات‬
‫االختصاص المكسع فإف ىذه األكامر تحفظ بقكتيا التنفيذية إلى أف تفصؿ فييا المحكمة‬
‫ذات االختصاص المكسع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬توسيع االختصاص المحمي لمضبطية القضائية‬

‫عدلت المادة ‪ 6‬مف القانكف ‪ 22/06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬المادة ‪ 16‬مف‬


‫قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث أصبح اختصاص ضابط الشرطة القضائية يمتد إلى كامؿ‬
‫إقميـ التراب الكطني إذا تعمؽ األمر ببحث كمعاينة جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة العابرة‬
‫لمحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ‬

‫عمارة فكزم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪248‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ‪ .1‬عمى أف يعمؿ تحت إشراؼ النائب‬
‫ال عاـ لدل المجمس القضائي المختص إقميميا كيعمـ ككيؿ الجميكرية المختص إقميميا بذلؾ‬
‫في جميع الحاالت‪.2‬‬

‫‪ -1‬تحديد ضباط الشرطة القضائية‪ :‬جاءت المادة ‪ 15‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية لتحدد‬
‫األشخاص الذيف يتمتعكف بصفة ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬حيث نصت عمى أنو‪" :‬يتمتع‬
‫بصفة ضابط الشرطة القضائية‪:‬‬

‫‪ -‬رؤساء المجالس الشعبية البمدية‪،‬‬

‫‪ -‬ضباط الدرؾ الكطني‪،‬‬

‫‪ -‬محافظك الشرطة‪،‬‬

‫‪ -‬ذكك الرتب في الدرؾ كرجاؿ الدرؾ الذيف أمضكا في سمؾ الدرؾ ثبلث سنكات عمى األقؿ‬
‫كالذيف تـ تعيينيـ بمكجب قرار مشترؾ صادر عف كزير العدؿ ككزير الدفاع الكطني‪ ،‬بعد‬
‫مكافقة لجنة خاصة‪،‬‬

‫‪ -‬مفتشك األمف الكطني الذيف قضكا في خدمتيـ بيذه الصفة ثبلث سنكات عمى األقؿ كعينكا‬
‫بمكجب قرار مشترؾ صادر عف كزير العدؿ ككزير الداخمية كالجماعات المحمية‪ ،‬بعد مكافقة‬
‫لجنة خاصة‪،‬‬

‫‪ -‬ضباط كضباط الصؼ التابعيف لممصالح العسكرية لؤلمف الذيف تـ تعيينيـ خصيصا‬
‫بمكجب قرار مشترؾ صادر بيف كزير الدفاع ككزير العدؿ‪".‬‬

‫مف خبلؿ دراسة نص المادة ‪ 15‬السابقة الذكر‪ ،‬يتضح أنيا تتضمف فئتيف مف‬
‫األشخاص الذيف منح ليـ القانكف صفة ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬فئة تعيف بقكة القانكف‬
‫مباشرة (فئة الضباط المعينة بقكة القانكف)‪ ،‬كفئة تعيف بمكجب قرار كزارم مشترؾ (فئة‬
‫الضباط المعينة بقرار كزارم مشترؾ)‪.‬‬

‫الفقرة ‪ ،10‬المادة ‪ 00‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفقرة ‪ ،13‬المادة ‪ 00‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪249‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ضباط الشرطة القضائية بقوة القانون‪ :‬يتمتع بيذه الصفة فئة محددة في المادة ‪ 15‬مف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية كىـ‪ :‬رؤساء المجالس الشعبية البمدية‪ ،‬ضباط الدرؾ الكطني‬
‫محافظك الشرطة‪ ،‬ضباط الشرطة‪.‬‬

‫كلكي يت متع الشخص بصفة ضابط الشرطة القضائية بمكجب القانكف البد مف تكافر‬
‫مجمكعة مف الشركط‪ ،‬غير أنيا ليست مكحدة عند كؿ مف رؤساء المجالس الشعبية البمدية‬
‫كرجاؿ األمف‪.‬‬

‫كما ال يتمتع رئيس المجمس الشعبي البمدم بصفة ضابط الشرطة القضائية كيباشر‬
‫اختصاصاتو إال إذا كاف عضكا منتخبا‪ ،‬حيث ال تمنح ىذه الصفة لرؤساء المجاف الخاصة‬
‫المعينيف بمراسيـ‪ ،‬ككذلؾ األمر بالنسبة لنكاب الرئيس إذا حمكا محمو‪ ،‬إذ نصت المادة ‪92‬‬
‫مف القانكف ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬يكنيك ‪ 2011‬المتعمؽ بالبمدية عمى أنو‪" :‬لرئيس المجمس‬
‫الشعبي البمدم صفة ضابط الشرطة القضائية"‪.‬‬

‫ب‪ -‬ضباط الشرطة القضائية المعينون‪ :‬ال يكتسب أشخاص ىذه الفئة صفة ضابط الشرطة‬
‫القضائية بقكة القانكف مباشرة‪ ،‬بؿ يجب أف ترشح لذلؾ كتعيف بناء عمى قرار كزارم مشترؾ‬
‫بيف كزير العدؿ ككزير الداخمية ككزير الدفاع‪ ،‬كىـ األشخاص الكاردة في البند ‪ 6 ،5‬ك‪ 7‬مف‬
‫المادة ‪ 15‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫كيشترط حتى تمنح صفة ضابط الشرطة القضائية في مصالح األمف‪ ،‬أف يتمتع‬
‫الشخص عمى المؤىبلت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أف يككف مف ذكم الرتب في الدرؾ أك مفتشي األمف الذيف أمضكا ثبلث سنكات عمى‬
‫األقؿ بيذه الصفة‪.‬‬

‫‪ -‬الحصكؿ عمى مكافقة لجنة خاصة كمشتركة مككنة مف ثبلثة أعضاء‪ ،‬عضك يمثؿ ك ازرة‬
‫العدؿ رئيسا‪ ،‬عضك يمثؿ ك ازرة الدفاع كعضك يمثؿ ك ازرة الداخمية كالجماعات المحمية‪.‬‬

‫‪ -‬إصدار قرار مشترؾ مف طرؼ الكزيريف المختصيف لمنح صفة ضابط الشرطة القضائية‬
‫لممترشح‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬أما بالنسبة لضباط كضباط الصؼ التابعيف لمصالح األمف العسكرم‪ ،‬فيشترط أف يككف‬
‫المرشح منتسبا لمصالح األمف العسكرم كأف يصدر قرار مشترؾ بيف كزير العدؿ ككزير‬
‫الدفاع‪.‬‬

‫كبمكجب المادة ‪ 15‬مكرر‪ 1‬المستحدثة بمكجب المادة ‪ 5‬مف القانكف ‪ 07/17‬المعدؿ‬


‫كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،1‬فإنو كباستثناء رئيس المجمس الشعبي البمدم‪ ،‬ال يمكف‬
‫لضباط الشرطة القضائية ممارسة الصبلحيات التي تخكليا ليـ ىذه الصفة‪ ،‬إال بعد تأىيميـ‬
‫بمكجب مقرر مف النائب العاـ لدل المجمس القضائي الذم يكجد بإقميـ اختصاصو مقرىـ‬
‫الميني بناء عمى اقتراح مف السمطة اإلدارية التي يتبعكنيا‪.‬‬

‫كيمكف لمنائب العاـ‪ ،‬بناء عمى نتائج التقييـ السنكم لضابط الشرطة القضائية أك‬
‫متطمبات حسف سير الشرطة القضائية‪ ،‬أف يقرر السحب المؤقت أك النيائي لمتأىيؿ‪ ،‬كيجكز‬
‫لضابط الشرطة المعني رفع التظمـ أماـ النائب العاـ‪ ،‬كفي حالة رفض التظمـ أك عدـ الرد‬
‫عميو خبلؿ أجؿ ثبلثيف يكـ يمكف لممعني الطعف في قرار سحب التأىيؿ أماـ لحنة خاصة‬
‫تتشكؿ مف ثبلثة قضاة حكـ مف المحكمة العميا يعينيـ الرئيس األكؿ‪.2‬‬

‫‪ -2‬االختصاص المحمي لضباط الشرطة القضائية‪ :‬يقصد باختصاص عناصر الضبطية‬


‫القضائية تمؾ الصبلحيات التي خكليا القانكف لجياز الضبط القضائي مف أجؿ مباشرة‬
‫إجراءات البحث عف الجرائـ كضبطيا بالتقصي عف المجرميف‪ ،‬جمع األدلة كالمعمكمات التي‬
‫يستعاف بيا في التحقيؽ كالدعكل كتحرير محاضر بذلؾ‪.3‬‬

‫القانكف ‪ 10/00‬المؤرخ في ‪ 30‬مارس ‪ ،3100‬المعدؿ كالمتمـ لؤلمر ‪ 055/00‬المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،31‬صادر في ‪ 32‬مارس ‪.3100‬‬


‫المادة ‪ 05‬مكرر‪ 3‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫نصر الديف ىنكني‪ ،‬الضبطية القضائية في القانكف الجزائرم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجزائر‪ ،3100 ،‬ص‪.50‬‬

‫‪251‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيتحدد االختصاص المحمي ل ضباط الشرطة القضائية تحت سمطة ككيؿ الجميكرية‬
‫الذم يدير عمميـ في مرحمة جمع االستدالالت‪ ، 1‬بمكاف ارتكاب الجريمة أك مكاف تكقيؼ‬
‫المشتبو فييـ أك مكاف إقامتيـ‪ ،2‬غير أنو كبناء عمى المكاد ‪ 16‬ك‪ 16‬مكرر ك‪ 40‬مكرر‪1‬‬
‫ك‪ 40‬مكرر‪ 2‬ك‪ 40‬مكرر‪ 3‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فإف االختصاص المحمي لضباط‬
‫الشرطة القضائية‪ ،‬يتسع ليشمؿ اختصاص محمي لمحاكـ أخرل غير المحكمة التي يباشركف‬
‫ميمتيـ في دائرة اختصاصيا ليشمؿ دائرة اختصاص المحكمة المختصة المكسع‬
‫اختصاصيا المحمي كفقا ألحكاـ المرسكـ التنفيذم ‪ 348/06‬السابؽ الذكر‪.‬‬

‫كما قد يمتد اختصاصيـ إلى كامؿ التراب الكطني‪ ،‬كىذا في حالة ما إذا تعمؽ األمر‬
‫بالتحريات في جرائـ معينة‪ ،‬حصرتيا المادة الفقرة ‪ 7‬مف المادة ‪ 16‬في جرائـ المخدرات‬
‫كالجريمة المنظمة عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات‬
‫‪3‬‬
‫كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ كجرائـ الفساد‬
‫باإلضافة إلى ذلؾ أشارت المادة ‪ 16‬في الفقرة ‪ 6‬إلى االختصاص المحمي لضباط الشرطة‬
‫الق ضائية التابعيف لمصالح األمف العسكرم‪ ،‬إذ يمتد اختصاصيـ المحمي إلى كافة اإلقميـ‬
‫الكطني في جميع األحكاؿ‪.4‬‬

‫كقد كرد في المادة ‪ 24‬مكرر‪ 1‬فقرة ‪ 2‬مف القانكف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالكقاية مف‬
‫الفساد كمكافحتو‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬أف ضباط الشرطة القضائية التابعيف لمديكاف المركزم لقمع‬

‫نصت المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬يقكـ بميمة الشرطة القضائية‪ ،‬القضاة كالضباط كاألعكاف‬ ‫‪1‬‬

‫المكظفكف المبينكف في ىذا الفصؿ‪.‬‬


‫تكضع الشرطة القضائية‪ ،‬بدائرة اختصاص كؿ مجمس قضائي‪ ،‬تحت إشراؼ النائب العاـ‪ ،‬كيتكلى ككيؿ الجميكرية إدارتيا‬
‫عمى مستكل كؿ محكمة‪ ،‬كذلؾ تحت رقابة غرفة االتياـ ‪."...‬‬
‫المادة ‪ 00‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫بعد صدكر القانكف ‪ 15/01‬المؤرخ في ‪ 30‬غشت ‪ 3101‬المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ‪ 10/10‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬ ‫‪3‬‬

‫كمكافحتو أصبحت جرائـ الفساد تخضع الختصاص المحاكـ ذات االختصاص المكسع بمكجب المادة ‪ 35‬مكرر‪.0‬‬
‫أنشأ المشرع الجزائرم في سنة ‪ 3105‬كبمكجب المرسكـ الرئاسي ‪ 038/05‬مصمحة التحقيؽ القضائي لمديرية األمف‬ ‫‪4‬‬

‫الداخمي بدائرة االستعبلـ كاألمف‪ ،‬حيث حددت مياميا في ضبط اإلجراءات البلزمة لجمع األدلة المرتبطة بالجنح كالجرائـ‬
‫المتصمة بأمف اإلقميـ‪ ،‬اإلرىاب‪ ،‬التخريب كالجريمة المنظمة‪ .‬أنظر‪ :‬المكاد ‪ 0 ،5 ،5‬ك‪ 3‬مف المرسكـ الرئاسي ‪038/05‬‬
‫المؤرخ في ‪ 00‬يكنيك ‪ 3105‬يتضمف إنشاء مصمحة التحقيؽ القضائي لمديرية األمف الداخمي بدائرة االستعبلـ كاألمف‬
‫كمياميا كتنظيميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،83‬صادر في ‪ 03‬يكنيك ‪.3105‬‬

‫‪252‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الفساد‪ 1‬يمتد اختصاصيـ المحمي في جرائـ الفساد كالجرائـ المرتبطة بيا إلى كامؿ التراب‬
‫الكطني‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫أساليب البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال‬

‫إف جريمة تبييض األمكاؿ كغيرىا مف الجرائـ النكعية ذات الخطكرة كالتعقيد التي‬
‫ارتبطت بالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية‪ ،‬كمف ثـ تستدعي مبلحقتيا عف طريؽ‬
‫است حداث كسائؿ جديدة لمبحث كالتحقيؽ تتعدل فعاليتيا األساليب المعيكدة‪ ،‬كىك األمر الذم‬
‫تبناه المشرع الجزائرم مف خبلؿ نص قانكف اإلجراءات الجزائية الذم تضمف أساليب جديدة‬
‫لـ تكف معركفة مف قبؿ عمى مستكل البحث كالتحقيؽ القضائي‪.‬‬

‫لذا سكؼ نتناكؿ في ىذا المطمب أساليب البحث كالتحقيؽ في جريمة تبييض األمكاؿ‬
‫مف خبلؿ التدابير الخاصة في مجاؿ االستخبار المالي (الفرع األكؿ)‪ ،‬ثـ األساليب الخاصة‬
‫المستحدثة لمبحث كالتحقيؽ في جريمة تبييض األمكاؿ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫اتخاذ تدابير خاصة في مجال االستخبار المالي‬

‫عمدت الجزائر إلى تأكيد التزاميا بالجيكد الدكلية في الكقاية مف جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ بتبنييا لمجمكعة مف التدابير بيدؼ الكشؼ كالتحرم عف عمميات تبييض األمكاؿ‪،‬‬
‫السيما مف خبلؿ إنشاء كحدة التحريات المالية‪ ،2‬المتمثمة في خمية معالجة االستعبلـ المالي‬

‫تـ إنشاء الديكاف المركزم لقمع الفساد بمكجب المادة ‪ 18‬مف القانكف ‪ 10/10‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ 15/01‬بغرض إضفاء المزيد مف الفعالية في قمع الفساد‪ .‬يعتبر مصمحة مركزية عممياتية لمشرطة‬
‫القضائية‪ ،‬تكمؼ بالبحث عف الجرائـ كمكافحتيا في إطار مكافحة كاحالة مرتكبييا عمى الجيات القضائية المختصة‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫المرسكـ الرئاسي ‪ 350/00‬المؤرخ في ‪ 13‬ديسمبر ‪ ،3100‬يحدد تشكيمة الديكاف المركزم لقمع الفساد كتنظيمو ككيفية‬
‫عممو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،03‬صادر في ‪ 05‬ديسمبر ‪.3100‬‬
‫كحدات التحريات المالية جيات مك مفة بمكافحة تبييض األمكاؿ‪ ،‬منصكص عمييا في الكثائؽ الدكلية ذات الصمة بمكضكع‬ ‫‪2‬‬

‫تبييض األمكاؿ‪ ،‬كيعتبر ىذا المصطمح ترجمة مقابمة لػ‪.Financial Intelligence Units (FIU) :‬‬

‫‪253‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫(أكال )‪ ،‬مع إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية كجيات أخرل باإلخطار عف العمميات المالية‬
‫المشتبو في ارتباطيا بتبييض األمكاؿ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إنشاء خمية معالجة االستعالم المالي‬

‫في إطار تنفيذ االلتزامات الدكلية التي انضمت إلييا الجزائر‪ ،‬تـ إنشاء خمية معالجة‬
‫االستعبلـ المالي بمكجب المرسكـ التنفيذم ‪ 127/02‬المؤرخ في ‪ 07‬أبريؿ ‪ 2002‬المعدؿ‬
‫كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم ‪ 275/08‬كالمرسكـ التنفيذم ‪.1157/13‬‬

‫كتتميز خمية معالجة االستعبلـ المالي بالصبغة المختمطة ‪ ،‬إذ جمع المشرع الجزائرم‬
‫بيف نمكذج الييئة اإلدارية كنمكذج ىيئة المبلحقة‪ ، 2‬فيي تتكلى مكافحة جريمتي تبييض‬
‫األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب فقط عمى خبلؼ بعض كحدات االستعبلـ المالي األجنبية كالفرنسية‬
‫مثبل‪ ،‬التي تيدؼ إلى مكافحة جميع الجرائـ المالية دكف استثناء‪.3‬‬

‫كما يبلحظ عمى المشرع الجزائرم‪ ،‬أنو سارع إلى إنشاء خمية معالجة االستعبلـ‬
‫المالي سنة ‪ 2002‬قبؿ تجريـ فعؿ تبييض األمكاؿ سنة ‪ 2004‬بمكجب القانكف ‪14/04‬‬
‫حيث تـ تعديؿ قانكف العقكبات بإدراج القسـ السادس مكرر بعنكاف "تبييض األمكاؿ" ضمف‬
‫الفصؿ الثالث مف قانكف العقكبات‪ ،‬المتعمؽ بالجنايات كالجنح ضد األمكاؿ‪.4‬‬

‫المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المؤرخ في ‪ 10‬فبراير ‪ ،3113‬المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كتنظيميا‬ ‫‪1‬‬

‫كعمميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،38‬صادر في ‪ 0‬أبريؿ ‪ ،3113‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم ‪ 305/13‬المؤرخ في ‪10‬‬
‫سبتمبر ‪ ،3113‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،51‬صادر في ‪ 0‬سبتمبر ‪ 3113‬كبالمرسكـ التنفيذم ‪ 050/08‬المؤرخ في ‪ 05‬أبريؿ‬
‫‪ ،3108‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،38‬صادر في ‪ 33‬أبريؿ ‪.3108‬‬
‫اخت مفت التشريعات الكطنية لمدكؿ عند إنشائيا لكحدة االستعبلـ المالي في األخذ بالنمكذج الذم يتفؽ مع األكضاع‬ ‫‪2‬‬

‫الداخمية الخاصة بيا‪ ،‬كعمى العمكـ تكجد ثبلث نماذج ىي‪:‬‬


‫‪ -‬نمكذج الييئة اإلدارية‪ :‬حيث تككف كحدة التحريات المالية كفقا ليذا النمكذج مرتبطة إما بييئة أك تنظيـ أك ىيئة إشراؼ‬
‫كالبنؾ المركزم أك ك ازرة المالية أك تككف عبارة عف ىيئة إدارية مستقمة‪.‬‬
‫‪ -‬نمكذج تنفيذ القكانيف‪ :‬حيث تككف كحدة التحريات المالية بقكات الشرطة سكاء العامة أك المتخصصة‪.‬‬
‫‪ -‬نمكذج ىيئة المبلحقة‪ :‬حيث تككف كحدة التحريات المالية مرتبطة بمكتب المدعي العاـ أم ىيئة قضائية‬
‫عياد عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.80‬‬ ‫‪3‬‬

‫المكاد مف ‪ 832‬مكرر إلى ‪ 832‬مكرر‪ 0‬مف األمر ‪ ،050/00‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪254‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -1‬تشكيمة خمية معالجة االستعالم المالي وتنظيميا‪ :‬طبقا لممرسكـ التنفيذم ‪157/13‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ لممرسكـ التنفيذم ‪ 127/02‬المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫كتنظيميا كعمميا‪ ،‬تعتبر الخمية سمطة إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقبلؿ‬
‫المالي كتكضع لدل الكزير المكمؼ بالمالية‪.1‬‬

‫أ‪ -‬تشكيمة خمية معالجة االستعالم المالي‪ :‬يتككف مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 10‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 127/02‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم‬
‫‪ 275/08‬مف سبعة أعضاء منيـ‪:2‬‬

‫‪ -‬الرئيس‪.‬‬

‫‪ -‬أربعة أعضاء يتـ اختيارىـ نظ ار لكفاءاتيـ في المجاالت البنكية كالمالية كاألمنية‪.‬‬

‫‪ -‬قاضييف اثنيف يعينيما كزير العدؿ‪ ،‬حافظ األختاـ‪ ،‬بعد رأم المجمس األعمى لمقضاء‪.‬‬

‫كنبلحظ أف النص بعد التعديؿ الذم جاء بو المرسكـ التنفيذم ‪ 275/08‬السابؽ‬


‫الذكر قد حمؿ تنكعا في انتماءات أغضاء مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي‪ ،‬حيث‬
‫دعمت التشكيمة بقاضييف باإلضافة إلى تكسيع مجاؿ الكفاءة لتشمؿ المجاليف البنكي‬
‫كاألمني‪.‬‬

‫فإضافة المجاؿ البنكي مف شأنو أف يككف عامبل محسنا ألداء خمية معالجة االستعبلـ‬
‫المالي‪ ،‬كضماف فعاليتيا في معالجة اإلخطار بالشبية باعتبار أف البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫األكثر استيدافا مف أجؿ تنفيذ عمميات تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كما أف إضافة المجاؿ األمني مف شأنو اف يعزز دكر خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫التي تككف دكما في حاجة إلى معمكمات أمنية‪ ،‬كشخص ذك كفاءة في المجاؿ األمني لتقدير‬
‫كتحميؿ تمؾ المعمكمات‪.‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،030/13‬المعدلة بالمادة ‪ 13‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،050/08‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫حددت تشكيمة مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي قبؿ تعديؿ المادة ‪ 01‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬بستة أعضاء‬ ‫‪2‬‬

‫مف بينيـ رئيس‪ ،‬يختاركف بسبب كفاءتيـ األكيدة في المجاليف القانكني كالمالي‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أما بالنسبة لطريقة تعييف أعضاء مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي‪ ،‬فالمبلحظ‬
‫أنو يكتنفيا الغمكض بالنسبة لؤلعضاء األربعة الذيف يتـ اختيارىـ بالنظر إلى كفاءتيـ في‬
‫المجاالت المالية كالبنكية كاألمنية‪ ،‬حيث أف معيار تقدير تمؾ الكفاءة غير كارد في نص‬
‫المادة ‪ 10‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 127/02‬المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم ‪،275/08‬‬
‫باإلضافة إلى عدـ تحديد الجية التي تقترحيـ عمى خبلؼ القاضييف الذم أقر النص بأف‬
‫اختيارىـ يتـ مف طرؼ كزير العدؿ حافظ األختاـ‪.‬‬

‫كيتـ تعيف رئيس كأعضاء مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي بمكجب مرسكـ‬
‫رئاسي لمدة أربع سنكات قابمة لمتجديد مرة كاحدة‪.‬‬

‫كيمتزـ أعضاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كاألشخاص الذيف تستعيف بيـ بالسر‬
‫الميني‪ ،‬بما في ذلؾ تجاه إداراتيـ األصمية‪ ،‬ككذا باحتراـ كاجب التحفظ طبقا لمتشريع‬
‫المعمكؿ ب و‪ . 1‬كما يستفيد أعضاء الخمية مف حماية الدكلة مف التيديدات كاإلىانات‬
‫كاليجمات مف أم طبيعة كانت‪ ،‬التي يمكف أف تعرضكا ليا بسبب أك بمناسبة إنجاز‬
‫مياميـ‪.2‬‬

‫أما فيما يتعمؽ باألميف العاـ‪ ،‬كطبقا لممادة ‪ 16‬مف المرسكـ التنفيذم ‪127/02‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ فإنو يتكلى تسيير الشؤكف اإلدارية كالكسائؿ البشرية كالمادية لمخمية‪ ،‬حيث يتـ‬
‫تعيينو بمقرر مف رئيس الخمية بعد مكافقة مجمسيا‪.‬‬

‫كقد استحدثت المادة ‪ 4‬مكرر‪ 1‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ إجراء جديد لـ‬
‫بنص عميو المرسكـ التنفيذم ‪ 127/02‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬كىك تأدية اليميف القانكنية ألعضاء‬
‫خمية معالجة االستعبلـ المالي الذيف لـ يسبؽ ليـ تأدية اليميف في إطار ممارسة مياميـ‬
‫كالمستخدمكف المؤىمكف لبلطبلع عمى المعمكمات ذات الطابع السرم أماـ المجمس القضائي‬
‫قبؿ تنصيبيـ بالعبارات اآلتية‪ " :‬أقسـ باهلل العمي العظيـ أف أقكـ بميامي أحسف قياـ كأف‬
‫أخمص في تأديتيا كأكتـ سرىا كأسمؾ في كؿ الظركؼ سمككا شريفا"‪.3‬‬

‫المادة ‪ 03‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 08‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 15‬مكرر‪ 0‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪256‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ب‪ -‬تنظيم خمية معالجة االستعالم المالي‪ :‬تتككف خمية معالجة االستعبلـ المالي مف‬
‫مصالح تقنية يتـ تحديدىا بمكجب قرار كزارم مشترؾ بيف الكزير المكمؼ بالمالية كالسمطة‬
‫المكمفة بالكظيفة العمكمية بناء عمى اقتراح مجمسيا‪ . 1‬كقد صدر في ذلؾ القرار الكزارم‬
‫المشترؾ المؤرخ في أكؿ فبراير ‪ 2005‬الممغى بالقرار الكزارم المشترؾ المؤرخ في ‪ 28‬مايك‬
‫‪ 2007‬المتضمف تنظيـ المصالح التقنية لخمية معالجة االستعبلـ المالي‪ 2‬الذم حددىا في‬
‫المصالح التالية‪:3‬‬

‫مصمحة التحقيقات والتحريات‪ :‬تكمؼ بجمع المعمكمات‪ ،‬كالعبلقات مع المراسميف‪ ،‬كتحميؿ‬


‫تصريحات الشبية كادارة التحقيقات‪.‬‬

‫كتتمقى مصمحة التحريات اإلخطارات بالشبية التي ترد إلى خمية معالجة االستعبلـ‬
‫المالي‪ ،‬ككذا كؿ التقارير كالمعمكمات‪ ،‬كتقكـ بتفحصيا كفقا لممعايير المكضكعة مسبقا‪ ،‬كيتـ‬
‫مقارنتيا بإخطارات أخرل مف نشاط مماثؿ كي يتـ تحديد العمميات غير العادية باستعماؿ‬
‫منيج منتظـ لمقارنة المعمكمات الكاردة باإلخطارات بالشبية‪.‬‬

‫المصمحة القانونية‪ :‬تكمؼ المصمحة القانكنية بالعبلقات مع النيابة العامة كالمتابعة‬


‫القضائية‪ .‬كما تضطمع ىذه المصمحة بدراسة الجانب القانكني لمممفات كتحميؿ الكقائع كالتأكد‬
‫مف مدل مطابقتيا مع أركاف جريمة تبييض االمكاؿ‪ ،‬باإلضافة إلى دراسة القكانيف المقارنة‬
‫في باقي دكؿ العالـ كتقديـ االقتراحات لمجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي في المجاؿ‬
‫القانكني‪.‬‬

‫مصمحة الوثائق وقاعدة البيانات‪ :‬تكمؼ ىذه المصمحة بجمع المعمكمات كتشكيؿ بنؾ‬
‫المعمكمات الضركرم لحسف سير خمية معالجة االستعبلـ المالي‪.‬‬

‫كما تقكـ بجمع كحفظ كؿ الكثائؽ كالدراسات كاألدكات البيداغكجية لمتدريب‪ ،‬كتسعى‬
‫لبلطبلع عمى كؿ ما يستجد في العالـ في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كمكافحتو‪.‬‬

‫المادة ‪ 05‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫القرار الكزارم المشترؾ المؤرخ في ‪ 33‬مايك ‪ ،3110‬يتضمف تنظيـ المصالح التقنية لخمية معالجة االستعبلـ المالي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،82‬صادر في ‪ 08‬يكنيك ‪..3110‬‬


‫المادة ‪ 13‬مف القرار الكزارم المشترؾ المؤرخ في ‪ 33‬مايك ‪ ،3110‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪257‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫مصمحة التعاون‪ :‬تكمؼ بالعبلقات الثنائية كالمتعددة األطراؼ مع الييئات أك المؤسسات‬


‫األجنبية التي تعمؿ في نفس ميداف نشاط خمية معالجة االستعبلـ المالي‪.‬‬

‫كباعتبار الطابع الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬فإف التحريات تستدعي في الكثير‬
‫مف األحياف طمب معمكمات مف دكؿ أجنبية‪ ،‬كىذه ىي ميمة مصمحة التعاكف حيث تقكـ‬
‫بجمع كؿ البيانات الخاصة بكحدات االستعبلـ المالي في العالـ كالقكانيف المتعمقة بالتعاكف‬
‫الدكلي‪ ،‬كأيضا كؿ ما يتعمؽ بنشاط خمية معالجة االستعبلـ المالي عمى المستكل الدكلي‪.‬‬

‫‪ -2‬ميام خمية معالجة االستعالم المالي‪ :‬استنادا ألحكاـ المرسكـ التنفيذم ‪127/02‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كتنظيميا كعمميا‪ ،‬تكمؼ ىذه‬
‫الييئة بمياـ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما عمى المستكييف الكطني‬
‫كالدكلي‪.‬‬

‫أ‪ -‬ميام خمية معالجة االستعالم المالي عمى المستوى الوطني‪ :‬تتكلى خمية معالجة‬
‫االستعبلـ المالي بيذه الصفة المياـ التالية‪:1‬‬

‫‪ -‬تتمقى التصريحات بالشبية عف كؿ العمميات المتعمقة بتمكيؿ اإلرىاب كتبييض األمكاؿ‬


‫التي ترسميا إلييا الييئات كاألشخاص الذيف يعينيـ القانكف‪.2‬‬

‫‪ -‬تعالج تصريحات االشتباه بكؿ الكسائؿ أك الطرؽ المناسبة‪.‬‬

‫‪ -‬ترسؿ عند االقتضاء الممؼ إلى ككيؿ الجميكرية المختص إقميميا‪ ،‬كمما كانت الكقائع‬
‫المعاينة قابمة لممتابعة الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬تقترح كؿ نص تشريعي أك تنظيمي يككف مكضكعو مكافحة تمكيؿ اإلرىاب كتبييض‬


‫األمكاؿ‪ ،‬كما تضع اإلجراءات الضركرية لمكقاية مف كؿ أشكاؿ تمكيؿ اإلرىاب كتبييض‬
‫األمكاؿ ككشفيا‪.‬‬

‫المادة ‪ 15‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫بمغ عدد اإلخطارات بالشبية التي تمقتيا خمية معالجة االستعبلـ المالي سنة ‪ 3103‬مف األشخاص الخاضعيف ‪0808‬‬ ‫‪2‬‬

‫إخطار مقارنة بسنة ‪ 3100‬التي بمغ عدد اإلخطارات فييا ‪ .0500‬أنظر‪:‬‬


‫‪Cellule de Traitement du Renseignement Financier (CTRC), Rapport d’activités 2012, p12.‬‬
‫‪www.mf-ctrf.gov.dz‬‬

‫‪258‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬إصدار خطكط تكجييية كتعميمات كخطكط سمككية باالتصاؿ مع المؤسسات كاألجيزة‬


‫المتمتعة بسمطة الضبط كالمراقبة ك‪/‬أك الرقابة في إطار الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب‪.1‬‬

‫كمف أجؿ القياـ بيذه المياـ يمكف لخمية معالجة االستعبلـ المالي أف تتكلى‪:‬‬

‫‪ -‬طمب كؿ كثيقة أك معمكمة ضركرية إلنجاز المياـ المسندة إلييا مف الييئات كاألشخاص‬
‫الذيف يعينيـ القانكف‪.2‬‬

‫‪ -‬االستعانة بأم شخص تراه مؤىبل لمساعدتيا في إنجاز مياميا‪.3‬‬

‫‪ -‬اتخاذ إجراءات تحفظية كلمدة أقصاىا ‪ 72‬ساعة عمى تنفيذ أم عممية بنكية ألم شخص‬
‫طبيعي أك معنكم يشتبو في قيامو بعممية تبييض األمكاؿ‪ ،4‬كليا أف تطمب التمديد مف رئيس‬
‫محكمة الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬التكقيع عمى بركتكككالت اتفاؽ كتبادؿ المعمكمات مع السمطات المختصة كما ىي محددة‬
‫في المادة ‪ 04‬مف القانكف ‪ 05/01‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب‬
‫كمكافحتيما‪.5‬‬

‫ب‪ -‬ميام خمية معالجة االستعالم المالي عمى المستوى الدولي‪ :‬تقكـ خمية معالجة‬
‫االستعبلـ المالي عمى غرار باقي كحدات التحريات المالية بمياـ عمى المستكل الدكلي فيما‬
‫يتعمؽ بتبادؿ المعمكمات مع الييئات األجنبية التي تمارس مياـ مماثمة‪ ،‬مع مراعاة مبدأ‬
‫المعاممة بالمث ؿ‪ ، 6‬عمى أف يتـ ىذا التعاكف كتبادؿ المعمكمات مع مراعاة كاجب السر‬

‫المادة ‪ 15‬مكرر مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 15‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ؛ المادة ‪ 05‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابؽ‪.‬‬
‫المادة ‪ 10‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 00‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 10‬مكرر مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫المادة ‪ 13‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع؛ المادة ‪ 35‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الميني‪ 1‬كأف ال يمس بالسيادة كاألمف الكطنييف أك النظاـ العاـ كالمصالح األساسية لمجزائر‪.2‬‬

‫كفي نفس اإلطار‪ ،‬كسعيا مف الجزائر إلى تعزيز التعاكف مع كحدات التحريات المالية‬
‫عبر العالـ‪ ،‬تـ إبراـ عدة اتفاقيات دكلية مف قبؿ خمية معالجة االستعبلـ المالي منيا اتفاقية‬
‫التعاكف بيف خمية معالجة االستعبلـ المالي ككحدة مكافحة تبييض األمكاؿ كالحاالت‬
‫المشبكىة بدكلة اإلمارات العربية المتحدة بتاريخ ‪ 19‬مايك ‪ ،2010‬كاتفاقية التعاكف مع خمية‬
‫معالجة االستعبلـ المالي كمكافحة الدكرات المالية غير الشرعية بفرنسا بتاريخ ‪ 28‬مارس‬
‫‪.2012‬‬

‫ك ما سعت الجزائر إلى خمؽ قنكات اتصاؿ عمى المستكل اإلقميمي كالدكلي‪ ،‬إذ تعتبر‬
‫الجزائر عضكا مؤسسا لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا مند سنة‬
‫‪ ،2004‬كقد شاركت في جميع االجتماعات العامة لممجمكعة‪ .3‬أما عمى المستكل الدكلي فقد‬
‫حققت الجزائر انضماميا إلى مجمكعة "إيجمكنت"‪ 4‬في اجتماعيا المنعقد مف ‪ 01‬إلى ‪05‬‬
‫يكليك ‪ 2013‬بدكلة جنكب إفريقيا‪ ،‬كالذم مف شأنو أف يساىـ في تدعيـ الخمية لمقياـ بالمياـ‬
‫المككمة ليا السيما ما تعمؽ منيا بالجكانب التقنية‪.‬‬

‫كعمى الرغـ مف التزاـ الجزائر بالتكصيات كاالقتراحات الدكلية بخصكص إنشاء كحدة‬
‫لمتحريات المالية كمركز كطني لجمع المعمكمات كالبيانات الخاصة بعمميات تبييض األمكاؿ‬
‫كمعالجتيا كتحميميا‪ ،‬إال أف أداء الخمية ظؿ محؿ عدة انتقادات كىك ما عكسو تقرير التقييـ‬
‫المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا لسنة ‪ ،2010‬األمر‬

‫المادة ‪ 30‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 33‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫احتضنت الجزائر االجتماع العاـ الرابع عشر لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا المنعقد مف‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 33‬إلى ‪ 81‬نكفمبر ‪.3100‬‬


‫تضـ مجمكعة "إيجمكنت" كحدات التحريات المالية لمكافحة عمميات تبييض األمكاؿ مف مختمؼ دكؿ العالـ‪ ،‬كأنشأت في‬ ‫‪4‬‬

‫مدينة برككسؿ سنة ‪ 0225‬كعقدت اجتماعيا في قصر ‪ egmont‬بمبادرة مف كحدات مكافحة تبييض األمكاؿ في بمجيكا‬
‫(‪ )ctif‬كالكاليات المتحدة األمريكية (‪ .)finence‬أنظر‪ :‬نبيؿ صقر‪ ،‬تبييض األمكاؿ في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص ص‪002-003‬؛ بف قمى ليم ى‪ ،‬كحدات المخابرات المالية كدكرىا في مكافحة تبييض األمكاؿ‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف‬
‫الخاص‪ ،‬كمية الحقكؽ‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد بتممساف‪ ،‬الجزائر‪ ،3100/3105 ،‬ص‪.030‬‬

‫‪260‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الذم دفع بالمشرع الجزائرم إلى تعزيز استقبللية كصبلحيات خمية معالجة االستعبلـ المالي‬
‫في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب مف خبلؿ‪:‬‬

‫‪ -‬تغيير الطبيعة القانكنية لمخمية مف مؤسسة عمكمية إلى سمطة إدارية مستقمة‪.‬‬

‫‪ -‬تكسيع كتنكيع تشكيمة مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي‪.‬‬

‫‪ -‬تمكيف الخمية الحصكؿ عمى معمكمات مف الخاضعيف كمف السمطات المختصة بعد تمقي‬
‫طمبات مف ىيئات الدكؿ األخرل التي تمارس مياـ مماثمة‪.1‬‬

‫‪ -‬رفع السر الميني أك السر البنكي في مكاجية خمية معالجة االستعبلـ المالي‪.2‬‬

‫‪ -‬تعزيز استقبللية أعضاء الخمية مف خبلؿ تصنيؼ كدفع راتب رئيس كأعضاء مجمس‬
‫الخمية استنادا إلى كظيفة مدير عاـ في اإلدارة المركزية كرئيس قسـ في اإلدارة المركزية عمى‬
‫التكالي‪.3‬‬

‫‪ -‬إخضاع العنصر البشرم بالخمية لمتككيف في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ‬
‫اإلرىاب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلخطار عن العمميات المشبوىة‬

‫أكلت الكثائؽ الدكلية اىتماما بالغا بكاجب اإلخطار‪ ،‬مف خبل تحديد الجيات التي يقع‬
‫عمييا ىذا االلتزاـ‪ ،‬كاآلثار القانكنية المترتبة عنو‪ ،4‬فأكصت مجمكعة العمؿ المالي الدكلية‬
‫ضركرة اإلخطار عف المعامبلت المشتبو فييا‪ ،‬كما فرضت عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫ضركرة االنتباه لمعمميات غير العادية‪ ،‬كالتي ال يككف ليا غرض اقتصادم كاضح‪.‬‬

‫المادة ‪ 35‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 33‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 08‬مكرر مف المرسكـ التنفيذم ‪ 030/13‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫باخكية دريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.321‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪261‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كعمى ذات النيج سارت التشريعات الداخمية لمدكؿ‪ ،‬فألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية‬
‫كغيرىا مف المؤسسات المعرضة بشكؿ خاص لعمميات تبييض األمكاؿ اإلخطار عف‬
‫العمميات المشبكىة التي تثير الشؾ في عبلقتيا بنشاط تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كقد أعطى القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ‬


‫كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما خمية معالجة االستعبلـ المالي صبلحية تمقي اإلخطارات مف‬
‫قبؿ الخاضعيف لكاجب اإلخطار بالشبية‪ ،‬كذلؾ كفقا ألحكاـ المادة ‪ 20‬المعدلة بالمادة ‪10‬‬
‫مف األمر ‪ 02/12‬التي نصت عمى أنو‪" :‬دكف اإلخبلؿ بأحكاـ المادة ‪ 32‬مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬يتعيف عمى الخاضعيف‪ ،‬إببلغ الييئة المتخصصة بكؿ عممية تتعمؽ‬
‫بأمكاؿ يشتبو أنيا متحصؿ عمييا مف جريمة أك يبدك أنيا جريمة مكجية لتبييض األمكاؿ‬
‫ك‪/‬أك تمكيؿ اإلرىاب"‪.‬‬

‫‪ -1‬مفيوم اإلخطار عن العمميات المشبوىة وطبيعتو القانونية‪ :‬يقصد باإلخطار في الفقو‬


‫القانكني إفصاح البنكؾ كغيرىا مف المؤسسات المالية التي حددىا القانكف عما يككف لدييا‬
‫مف معمكمات متعمقة بعممية مالية‪ ،‬يبدك مف قيمتيا‪ ،‬أك الظركؼ التي تمت فييا‪ ،‬بأنيا متعمقة‬
‫بتبييض أمكاؿ غير مشركعة‪.‬‬

‫كقد أككمت المادة ‪ 4‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ 05/06‬المؤرخ في ‪9‬يناير ‪2006‬‬


‫المتضمف شكؿ اإلخطار بالشبية كنمكذجو كمحتكاه ككصؿ استبلمو‪ 1‬مياـ إعداد اإلخطار‬
‫بالشبية لمييئات الكاردة في المادة ‪ 19‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬عمى أف تختص‬
‫بإعداد كصؿ استبلـ اإلخطار بالشبية خمية معالجة االستعبلـ المالي دكف سكاىا‪.‬‬

‫كيحتكم اإلخطار بالشبية عمى البيانات اإللزامية الكاردة في المادة ‪ 5‬مف المرسكـ‬
‫التنفيذم ‪ 05/06‬السالؼ الذكر كالمتعمقة بالمخطر‪ ،‬الزبكف‪ ،‬العمميات محؿ االشتباه‪ ،‬دكاعي‬
‫االشتباه مع ضركرة إرفاقو بكؿ الكثائؽ الجازمة المتعمقة بالعممية المعنية‪.2‬‬

‫المرسكـ التنفيذم ‪ 15/10‬المؤرخ في ‪ 2‬يناير ‪ ،3110‬يتضمف شكؿ اإلخطار بالشبية كنمكذجو كمحتكاه ككصؿ استبلمو‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،3‬صادر في ‪ 05‬يناير ‪.3110‬‬


‫المادة ‪ 5‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،15/10‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪262‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أما بخصكص الطبيعة القانكنية لئلخطار بالشبية‪ ،‬فقد تباينت اتجاىات الفقياء بيف‬
‫مف يعتبره سببا مف أسباب اإلباحة‪ ،‬بينما اعتبره البعض اآلخر مانع مف مكانع العقاب‪ ،‬في‬
‫حيف اعتبره جاني آخر مف الفقو مانعا مف مكانع المسؤكلية‪.‬‬

‫كذىب الرأم القائؿ بأف اإلخطار بالشبية سبب مف أسباب اإلباحة إلى أف األصؿ‬
‫العاـ ىك اعتبار إفشاء المعمكمات جريمة‪ ،‬كمف ثـ فإف إباحة اإلخطار بالشبية يعد سببا مف‬
‫أسباب إباحة جريمة اإلفشاء طبقا لمقكاعد العامة‪ ،‬التي تعتبر أداء الكاجب سببا عاما‬
‫لئلباحة‪ ،‬فمف يقكـ باإلخطار عف العمميات المالية المشبكىة يعد مرتكبا لفعؿ مشركع‪ ،‬كعميو‬
‫يخرج الفعؿ مف نطاؽ التجريـ إلى نطاؽ اإلباحة ألسباب مكضكعية كليست شخصية‪.1‬‬

‫أما جانب الفقو القائؿ بأف اإلخطار بالشبية مانعا مف مكانع العقاب‪ ،‬فيرل أف أغمب‬
‫تشريعات مكافحة تبييض األمكاؿ قررت صراحة إعفاء كؿ مف قاـ باإلخطار بالشبية أك‬
‫تقديـ معمكمات عف ىذه األنشطة‪ ،‬شريطة تكافر حسف النية لدل القائـ باإلخطار‪ ،‬كمف ىنا‬
‫يعفى ىذا األخير مف العقاب ألسباب شخصية يستفيد منيا‪.‬‬

‫أما الجانب الثالث مف الفقو القائؿ بأف اإلخطار بالشبية مانعا مف مكانع المسؤكلية‬
‫فيرل أف المسؤكلية الجنائية تنتفي بغياب القصد الجنائي لدل الفاعؿ‪ ،‬فالمكظؼ الذم يخطر‬
‫بحسف النية ينتفي لديو القصد الجنائي‪ ،‬كمف تـ تنتفي المسؤكلية الجنائية‪.‬‬

‫كبالرجكع ألحكاـ القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬المتضمف قانكف الكقاية مف‬


‫تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما نستنبط بأف اإلخطار يعتبر مانعا مف مكانع‬
‫العقاب‪ ،‬حيث نص عمى إعفاء األشخاص الطبيعيكف كالمعنكيكف الخاضعيف لئلخطار كالذيف‬
‫تصرفكا بحسف نية مف أية مسؤكلية إدارية أك مدنية أك جزائية‪ ،‬كيبقى ىذا اإلعفاء مف‬
‫المسؤكلية قائما حتى كلك لـ تؤد التحقيقات إلى نتيجة‪ ،‬أك انتيت المتابعات بق اررات بأال كجو‬
‫لممتابعة أك التسريح أك البراءة‪.2‬‬

‫بف قمى ليمى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.308‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 35‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪263‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كفي منظكرنا‪ ،‬فإف المشرع الجزائرم قد أحسف فعبل عند اعتبار اإلخطار بالشبية‬
‫مانعا مف مكانع العقاب‪ ،‬ذلؾ أف المسؤكلية تبنى عمى أسباب شخصية كليس مكضكعية‬
‫أضؼ إلى ذلؾ أف مكانع المسؤكلية محددة عمى سبيؿ الحصر كال يدخؿ اإلخطار في‬
‫إطارىا‪.1‬‬

‫‪ -2‬األشخاص المكمفون بواجب اإلخطار بالشبية‪ :‬ألزمت المادة ‪ 19‬مف القانكف ‪01/05‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬جممة مف الييئات كاألشخاص بكاجب اإلخطار بالشبية كىي‪:‬‬

‫‪ -‬البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر كالمؤسسات المشابية األخرل‬
‫كشركات التأميف كمكاتب الصرؼ كالتعاضديات كالرىانات كاأللعاب كالكازينكىات‪.‬‬

‫‪ -‬كؿ شخص طبيعي أك معنكم يقكـ في إطار مينتو باالستشارة ك‪/‬أك إجراء عمميات إيداع‬
‫أك مبادالت أك تكظيفات أك تحكيبلت أك أية حركة لرؤكس األمكاؿ‪ ،‬السيما عمى مستكل‬
‫الميف الحرة المنظمة كخصكصا ميف المحاميف كالمكثقيف كمحافظي البيع بالمزايدة كخبراء‬
‫المحاسبة كمحافظي الحسابات كالسماسرة كالككبلء الجمركييف كأعكاف الصرؼ كالكسطاء في‬
‫عمميات البكرصة كاألعكاف العقارييف كمؤسسات الفكترة‪ ،‬ككذا تجار األحجار الكريمة‬
‫كالمعادف الثمينة كاألشياء األثرية كالتحؼ الفنية‪.‬‬

‫‪ -‬كما ألزمت المادة ‪ 21‬مف القانكف ‪ 01/05‬السالؼ الذكر‪ ،‬المفتشية العامة لممالية‬
‫كمصالح الضرائب كالجمارؾ كأمبلؾ الدكلة كالخزينة العمكمية‪ ،‬كبنؾ الجزائر‪ ،‬بصفة عاجمة‬
‫إرساؿ تقرير سرم إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي فكر اكتشافيا‪ ،‬خبلؿ قياميا بمياميا‬
‫الخاصة بالمراقبة كالتحقيؽ‪ ،‬كجكد أمكاؿ أك عمميات يشتبو أنيا متحصؿ عمييا مف جريمة أك‬
‫يبدك أنيا مكجية لتبييض األمكاؿ ك‪/‬أك تمكيؿ اإلرىاب‪.‬‬

‫كردت مكانع المسؤكلية الجزائية في المكاد ‪ 53 ،50‬ك‪ 52‬مف األمر ‪ 050/00‬المتضمف قانكف العقكبات المعدؿ كالمتمـ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فالمادة ‪ 50‬نصت عمى أف‪" :‬ال عقكبة عمى مف كاف في حالة جنكف كقت ارتكاب الجريمة كذلؾ دكف اإلخبلؿ بأحكاـ الفقرة‬
‫‪ 3‬مف المادة ‪ ."30‬أما المادة ‪ 53‬فنصت عمى أنو‪" :‬ال عقكبة عمى مف اضطرتو إلى ارتكاب الجريمة قكة ال قبؿ لو بدفعيا"‬
‫كالمادة ‪ 52‬بنصيا عمى أنو‪" :‬ال تكقع عمى القاصر الذم ال يكمؿ الثالثة عشر إال تدابير الحماية أك التربية‪ .‬كمع ذلؾ فإنو‬
‫في مكاد المخالفات ال يككف محبل إال لمتكبيخ"‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كنبلحظ في ىذا اإلطار أف المشرع الجزائرم قد فسح المجاؿ أماـ كؿ األشخاص‬


‫المعنكية كالطبيعية لئلخطار عف العمميات التي يشتبو في ارتباطيا بأنشطة تبييض األمكاؿ‬
‫كىذا رغبة منو في تشديد الخناؽ عمى القائميف بتبييض األمكاؿ‪ ،‬الذيف قد يستعينكا بأم‬
‫شخص لمساعدتيـ في ذلؾ‪.‬‬

‫كفي حالة عدـ إببلغ خمية معالجة االستعبلـ المالي أك إرساؿ اإلخطار بالشبية‬
‫كاالمتناع عمدا عف تحرير اإلخطار‪ ،‬يعاقب كؿ خاضع بغرامة مف ‪1.000.000‬دج إلى‬
‫‪ 10.000.000‬دج دكف اإلخبلؿ بعقكبات أشد كبأية عقكبة تأديبية أخرل‪.1‬‬

‫كما يعاقب مسيرك كأعكاف المؤسسات المالية كالخاضعكف‪ ،‬الذيف يبمغكا عمدا صاحب‬
‫األمكاؿ أك العممية مكضكع اإلخطار بالشبية بكجكد ىذا اإلخطار‪ ،‬أك أطمعكه عمى‬
‫المعمكمات حكؿ النتائج التي تخصو بغرامة مف ‪ 2.000.000‬دج إلى ‪ 20.000.000‬دج‬
‫دكف اإلخبلؿ بعقكبات أشد كبأية عقكبة تأديبية أخرل‪.2‬‬

‫‪ -3‬إجراءات اإلخطار بالشبية‪ :‬يتـ تحرير اإلخطار بالشبية كفؽ النمكذج المحدد في‬
‫المرسكـ التنفيذم ‪ 05/06‬المتضمف تحديد شكؿ اإلخطار بالشبية كنمكذجو كمحتكاه ككصؿ‬
‫استبلمو حيث نصت المادة الثانية منو عمى أف ينشأ نمكذج كحيد لئلخطار بالشبية‪ ،‬كيحرر‬
‫بخط كاضح‪ ،‬دكف حشك أك إضافة عف طريؽ الرقف أك آليا‪.3‬‬

‫كعمى إثر ذلؾ يقكـ مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي بتحميؿ المعمكمات كيعالج‬
‫اإلخطار بالشبية بكؿ الطرؽ كالكسائؿ الممكنة‪ ،‬كجمع كؿ البيانات كتحميميا عمى ضكء‬
‫المعطيات المتضمنة في اإلخطار بالشبية التي تسمح باكتشاؼ مصدر األمكاؿ المشبكىة‬
‫كالطبيعة الحقيقية لمعمميات مكضكع اإلخطار‪ ،‬كذلؾ بمكجب المادة ‪ 10‬مكرر مف المرسكـ‬
‫التنفيذم ‪ 127/02‬المعدؿ كالمتمـ التي أقرت المكضكعات التي يتداكؿ بشأنيا مجمس الخمية‬
‫كالمرتبطة بالتصريحات بالشبية مف خبلؿ تنظيـ اإلجراءات المخصصة الستغبلؿ كمعالجة‬
‫تصريحات االشتباه كتقارير التحقيقات كالتحريات‪.‬‬

‫المادة ‪ 83‬مف القانكف‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 88‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 15‬فقرة ‪ 10‬مف المرسكـ التنفيذم ‪ ،15/10‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪265‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كلخمية معالجة االستعبلـ المالي أف تطمب مف مرسؿ اإلخطار أم كثيقة أك معمكمة‬


‫قد تفيد في كشؼ جرائـ تبييض األمكاؿ‪ ،‬كما ليا أف تستعيف بالخبراء في مختمؼ المجاالت‬
‫أك أم شخص آخر تراه مؤىبل لمساعدتيا في إنجاز مياميا‪.‬‬

‫كعمى إثر تحميؿ المعطيات كالمعمكمات حسب أحكاـ المادة ‪ 4‬مف المرسكـ التنفيذم‬
‫‪ 127/02‬المعدؿ كالمتمـ كالمادة ‪ 6‬مف القانكف ‪ 01/05‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬إذا رأت خمية‬
‫معالجة االستعبلـ المالي إرساؿ الممؼ لككيؿ الجميكرية المختص إقميميا كمما كانت الكقائع‬
‫المعاينة قابمة لممتابعة الجزائية‪ ،‬فإف اإلخطار بالشبية يسحب مف الممؼ كي ال تعرؼ الجية‬
‫التي أخطرت الخمية‪ ،‬تبعا لمسرية التي تتـ بيا إجراءات التحقيؽ التي تضطمع بيا خمية‬
‫معالجة االستعبلـ المالي‪.‬‬

‫كلخمية معالجة االستعبلـ المالي الحؽ في االعتراض بمكجب تدابير تحفظية عمى‬
‫العمميات محؿ الشبية ألم شخص معنكم أك طبيعي كذلؾ لمدة ال تتجاكز ‪ 72‬ساعة‪ ،‬كال‬
‫يمكف تجاكزىا بأم حاؿ مف األحكاؿ إال بمكجب قرار قضائي مف رئيس محكمة سيدم‬
‫أمحمد بالجزائر العاصمة بطمب مف رئيس الخمية كبعد االطبلع عمى رأم ككيؿ الجميكرية‬
‫لتمديد آجاؿ اإلجراءات التحفظية أك األمر بالحراسة القضائية المؤقتة عمى األمكاؿ‬
‫كالحسابات أك السندات مكضكع اإلخطار بالشبية‪.1‬‬

‫كعند فتح التحقيؽ سكاء االبتدائي أك القضائي يجب التحقيؽ في الجريمة األصمية‬
‫كالتبعية كعبلقتيما‪ ،‬فإذا كانت القضية أماـ الشرطة القضائية فعمييـ التحقيؽ في الجريمة‬
‫األصمية كاثباتيا لمنيابة العامة‪ ،‬كاذا كانت القضية أماـ قاضي التحقيؽ فإف ىذا األخير يحقؽ‬
‫في الكقائع األكلى لمجريمة األصمية كاثبات عبلقتيا بالجريمة التبعية كىي جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ قبؿ إصدار أمر اإلحالة عمى قسـ الجنح ألف جريمة تبييض األمكاؿ جنحة كاذا‬
‫كانت الجريمة األصمية جناية فإنو يصدر أمر بإرساؿ مستندات القضية لمسيد النائب العاـ‬
‫المختص ليقكـ بتحكيؿ الممؼ إلى غرفة االتياـ كىذه األخيرة تصدر أمر اإلحالة عمى‬
‫محكمة الجنايات‪.‬‬

‫المادة ‪ 03‬مف القانكف ‪ 10/15‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪266‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫األساليب الخاصة المستحدثة لمبحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال‬

‫يعتبر تبييض األمكاؿ مف الظكاىر التي ارتبط كجكدىا بظيكر الجريمة‪ ،‬إال أف‬
‫التطكر في مجاؿ المعمكمات كاالتصاالت ضاعؼ مف تعقيدىا كخطكرتيا حتى تـ إدراجيا‬
‫ضمف قائمة األنماط المستحدثة مف الجرائـ لما تتسبب فيو مف أضرار‪ ،‬ينبغي التصدم ليا‬
‫بمختمؼ الكسائؿ القانكنية كالفنية كالتدابير البلزمة لعممية البحث كالتحرم في ظؿ الكسائؿ‬
‫المتاحة رغـ ما يكاجو ذلؾ مف عراقيؿ‪.‬‬

‫كقد أدل االنتقاؿ مف الجرائـ التقميدية إلى الجرائـ النكعية إلى جعؿ التعامؿ معيا‬
‫محفكفا با لمخاطر‪ ،‬كما جعؿ عمؿ الشرطة القضائية لمبحث كجمع األدلة ضد مرتكبي ىذه‬
‫الجرائـ أصعب مما سبؽ‪ ،‬كىك ما استمزـ تدخؿ المشرع الجزائرم باستحداث أساليب تحرم‬
‫كتحقيؽ ليا مف الخصكصية ما يتناسب مع متطمبات ضبط الكجو الجديد لئلجراـ كلـ يستثني‬
‫مف ذلؾ جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫كتتمثؿ أساليب التحرم كالتحقيؽ الخاصة لجمع األدلة الخاصة بالشرطة القضائية في‬
‫عمميات التسرب‪ ،‬كاعتراض المراسبلت‪ ،‬كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر‪ ،‬كالتسميـ المراقب‬
‫لمعائدات اإلجرامية ‪ ،‬كىي أساليب لـ تكف معيكدة مف قبؿ تـ استحداثيا في التشريع الجزائرم‬
‫إذا تعمؽ األمر بجرائـ المخدرات كجرائـ اإلرىاب كالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد كجرائـ‬
‫الفساد كجرائـ مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كجريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عممية التسرب‬

‫تعتبر عممية التسرب تقنية مف تقنيات التحرم كالتحقيؽ الخاصة التي تسمح لضابط‬
‫أك أعكاف الشرطة القضائية بالتكغؿ داخؿ جماعة إجرامية‪ ،‬كذلؾ تحت مسؤكلية ضابط‬
‫شرطة قضائية آخر مكمؼ بتنسيؽ عممية التسرب بيدؼ مراقبة شخص أك أشخاص مشتبو‬

‫‪267‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫فييـ ككشؼ أنشطتيـ اإلجرامية‪ ،‬كذلؾ بإخفاء اليكية الحقيقية كيقدـ المتسرب نفسو عمى أنو‬
‫فاعؿ أك شريؾ‪.1‬‬

‫كقد أعطى المشرع الجزائرم بمكجب المادة ‪ 65‬مكرر‪ 11‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية لككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ بعد إخطار ككيؿ الجميكرية الصبلحية بأف‬
‫يأذف تحت رقابتو حسب الحالة بمباشرة عممية التسرب‪ ،‬عندما تقتضي ضركرات التحرم أك‬
‫التحقيؽ في إحدل الجرائـ المنصكص عمييا في المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 5‬مف نفس القانكف‪.2‬‬

‫‪ -1‬تعريف عممية التسرب‪ :‬عرؼ المشرع الجزائرم عممية التسرب بأنيا قياـ ضابط أك عكف‬
‫الشرطة القضائية تحت مسؤكلية ضابط الشرطة القضائية المكمؼ بتنسيؽ العممية بمراقبة‬
‫األشخاص المشتبو في ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬كذلؾ بإيياميـ أنو فاعؿ معيـ أك شريؾ ليـ‬
‫أك خاؼ‪.3‬‬

‫فالتسرب ىك إجراء يقكـ بو ضابط الشرطة القضائية أك أحد أعكانو تحت مسؤكلية‬
‫الضابط يكىـ األشخاص المشتبو في ارتكابيـ لجريمة مف الجرائـ التي تعتبر جناية أك جنحة‬
‫بأنو كاحد منيـ ليتمكف مف مراقبتيـ قصد الكشؼ عف مبلبسات ىذه الجريمة كاإلطاحة‬
‫بمرتكبييا‪.4‬‬

‫كليذا الغرض أجازت المادة ‪ 65‬مكرر‪ 14‬لضباط كأعكاف الشرطة القضائية المرخص‬
‫ليـ بإجراء عممية التسرب كاألشخاص الذيف يسخركنيـ ليذا الغرض‪ ،‬دكف أف يككنكا‬
‫مسئ كليف جزائيا‪ ،‬القياـ باقتناء أك حيازة أك نقؿ أك تسميـ أك إعطاء مكاد أك أمكاؿ أك‬
‫منتكجات أك كثائؽ أك معمكمات متحصؿ عمييا مف ارتكاب الجرائـ أك مستعممة في ارتكابيا‬

‫سياكم قدرم عبد الفتاح‪ ،‬مناط كتحريات‪ :‬االستدالالت كاالستخبارات‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،0223 ،‬ص‪.020‬‬ ‫‪1‬‬

‫تتمثؿ الجرائـ الكاردة في المادة ‪ 05‬مكرر‪ 5‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ في جرائـ المخدرات أك الجريمة المنظمة‬ ‫‪2‬‬

‫العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات أك جرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب أك الجرائـ‬
‫المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ أك جرائـ الفساد‪.‬‬
‫مجراب الدكادم‪ ،‬األساليب الحديثة لمبحث كالتحرم في الجريمة المنظمة‪ ،‬رسالة دكتكراه في القانكف العاـ‪ ،‬كمية الحقكؽ‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫جامعة الجزائر‪ 0‬يكسؼ بف خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،3100/3105 ،‬ص‪.835‬‬


‫نصر الديف ىنكني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.30-31‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪268‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كاستعماؿ أك كضع تحت تصرؼ مرتكبي ىذه الجرائـ الكسائؿ ذات الطابع القانكني أك‬
‫المالي‪ ،‬ككذلؾ كسائؿ النقؿ أك التخزيف أك اإليكاء أك الحفظ أك االتصاؿ‪.‬‬

‫‪ -2‬شروط التسرب‪ :‬يعد التسرب طريقة مف الطرؽ األمنية الحساسة كالخطيرة في نفس‬
‫الكقت‪ ،‬كتستكجب العممية تحضي ار دقيقا كتنظيما متناىي الدقة مف الناحية المادية كالمعنكية‬
‫لمتكغؿ ضمف الكسط اإلجرامي المستيدؼ‪ ،‬لمتعرؼ عمى الجريمة كعناصرىا‪ ،‬كتحديد دكر‬
‫كؿ كاحد مف المجمكعة البشرية‪ ،‬كالكقكؼ عمى نكاياىـ كأىدافيـ اإلجرامية‪ ،‬عف طريؽ‬
‫المبلحظة كالتسجيؿ ألدؽ التفاصيؿ‪.1‬‬

‫كنظ ار لخطكرة إجراء التسرب‪ ،‬فقد أخضعو المشرع الجزائرم لشركط كضكابط‪ ،‬فبل‬
‫يمكف القياـ بعممية التسرب إال عندما تقتضي ضركرات التحرم أك البحث في بعض الجرائـ‬
‫كبمفيكـ المخالفة فإف كجكد أدلة كافية تعزز االشتباه أك االتياـ فأنو ال داعي لممخاطرة‬
‫بإجراء عممية التسرب‪ . 2‬كما أكجبت المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 15‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫تحت طائمة البطبلف أف يككف اإلذف بعممية التسرب مكتكبا كمسببا‪ ،‬عمى أف ال تتجاكز مدة‬
‫عممية التسرب أربعة أشير مع إمكانية تجديدىا حسب مقتضيات التحرم أك التحقيؽ ضمف‬
‫نفس الشركط الشكمية كالزمنية‪.‬‬

‫كيجكز لضباط كأعكاف الشرطة القضائية المتسربيف أف يستعممكا ىكية مستعارة تمكنيـ‬
‫مف االحتكاؾ باألشخاص مرتكبي الجريمة‪ ،3‬كيحظر عمييـ الكشؼ عف ىكيتيـ الحقيقية في‬
‫جميع مراحؿ اإلجراءات‪ ،‬سكاء كانت ىذه اإلجراءات في مرحمة جمع االستدالالت أك كانت‬
‫في مرحمة التحقيؽ أك مرحمة المحاكمة‪ ،‬كقد أكدت عمى ذلؾ المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 16‬مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية بنصيا عمى أنو‪" :‬ال يجكز إظيار اليكية الحقيقية لضابط أك أعكاف‬
‫الشرطة القضائية الذيف يباشركف عممية التسرب تحت ىكية مستعارة في أم مرحمة مف‬
‫مراحؿ اإلجراءات"‪.‬‬

‫المادة ‪ 05‬مكرر‪ 03‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫زكزك ىدل‪" ،‬التسرب كأسمكب مف أساليب التحرم في قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة كالقانكف‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد ‪ ،00‬جكاف ‪ ،3105‬ص ‪.003‬‬


‫المادة ‪ 05‬مكرر‪ 00‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪269‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كقد قرر المشرع عقكبات جزائية لكؿ شخص يكشؼ عف ىكية ضباط أك أعكاف‬
‫الشرطة القضائية الذيف يباشركف عممية التسرب بالحبس مف سنتيف إلى خمس سنكات‬
‫كبغرامة مالية مف ‪ 50000‬دج إلى ‪ 200000‬دج‪ ،‬كاذا تسبب الكشؼ عف اليكية في‬
‫أعماؿ عنؼ أك ضرب أك جرح عمى المتسربيف أك أزكاجيـ أك أبنائيـ أك أصكليـ المباشريف‬
‫تككف العقكبة الحبس مف خمس سنكات إلى عشر سنكات كالغرامة مف ‪ 200000‬دج إلى‬
‫‪ 500000‬دج‪.‬‬

‫‪ -3‬أثر عممية التسرب‪ :‬إذا تطمب األمر القياـ بعممية التسرب كتكافرت جميع شركطو يباشر‬
‫عنصر الضبطية القضائية ميامو مف أجؿ الكشؼ عف مبلبسات الجريمة‪ ،‬كيترتب عمى ذلؾ‬
‫جكاز سماع ضابط الشرطة القضائية دكف غيره عف العممية التي أجراىا بنفسو أك بالتنسيؽ‬
‫مع أحد معاكنيو بكصفو شاىدا طبقا لما جاءت بو المادة ‪ 65‬مكرر‪ 18‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية التي نصت عمى أنو‪" :‬يجكز سماع ضابط الشرطة القضائية الذم تجرل عممية‬
‫التسرب تحت مسؤكليتو دكف سكاه بكصفو شاىدا عف العممية"‪.‬‬

‫كيبلحظ أف نص المادة السابقة الذكر مبيـ كغير كاضح لعدـ معرفة ىدؼ المشرع‬
‫مف سماع ضابط الشرطة القضائية المنسؽ لعممية التسرب "دكف سكاه"‪ ،‬ىؿ يعني مف خبلليا‬
‫سماع ضابط الشرطة القضائية الذم تجرل عممية التسرب تحت مسؤكليتو دكف سماع ضابط‬
‫أك عكف الشرطة القضائية المتسرب في العممية؟‪ ،‬أـ يقصد مف خبلليا عدـ سماع بقية‬
‫أطراؼ الدعكل‪ ،‬مف شيكد كضحايا كخبراء كغيرىـ؟‪.‬‬

‫إف ىذه التساؤالت تبقى قائمة في ظؿ الصياغة الحالية لنص المادة ‪ 65‬مكرر‪ 18‬مف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ ،22/06‬مما يستكجب إعادة النظر في‬
‫صياغتيا كتعديميا لرفع المبس بإعفاء العامميف معو‪ ،‬أك فسح المجاؿ أماـ القضاء لسماع‬
‫ضابط الشرطة القضائية التي تجرل عممية التسرب تحت مسؤكليتو كعكف الشرطة القضائية‬
‫المتسرب لئلدالء بشيادتو‪.‬‬

‫كما حدد المشرع الجزائرم ثبلثة صكر تتـ بيا عممية التسرب كفقا لنص المادة ‪65‬‬
‫مكرر‪ 12‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى أنو‪" :‬يقصد‬
‫بالتسرب قياـ ضابط أك عكف الشرطة القضائية‪ ،‬تحت مسؤكلية ضابط الشرطة القضائية‬

‫‪270‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫المكمؼ بتنسيؽ العممية بمراقبة األشخاص المشتبو في ارتكابيـ جناية أك جنحة أك إيياميـ‬
‫أنو فاعؿ معيـ أك شريؾ أك خاؼ"‪ ،‬كىذه الصكر ىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬ضابط أو عون الشرطة القضائية المتسرب فاعل‪ :‬يحتؿ ضابط أك عكف الشرطة‬
‫القضائية المتسرب مرك از مباش ار في تنفيذ العمؿ اإلجرامي حيث يتصرؼ مع المشتبو فييـ‬
‫كأنو عنص ار منيـ‪ ،‬كفاعبل في الجريم ة مف أجؿ كسب ثقتيـ لمحصكؿ عمى الدليؿ المادم‬
‫إليقاع المشتبو فييـ كليس لتحريضيـ عمى ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫كعميو‪ ،‬ال يجكز لضابط أك عكف الشرطة القضائية المأذكف لو بعممية التسرب خارج‬
‫األعماؿ المحددة عمى سبيؿ الحصر بمخالفات قانكنية أخرل كأف يقكـ بالسرقة‪ ،‬أك يقتؿ أك‬
‫ينتيؾ الحرمات أك يقكـ بتزكير الكثائؽ كالمحررات كأم فعؿ مجرـ كيتيـ كيحاكـ كينقمب دكره‬
‫مف متسرب إلى مجرـ‪.1‬‬

‫ب‪ -‬ضابط أو عون الشرطة القضائية شريك‪ :‬يعتبر ضابط أك عكف الشرطة القضائية‬
‫المأذكف لو بعممية التسرب شريكا في نظر المشتبو فييـ‪ ،‬بالنظر إلى المساعدة المادية‬
‫كالمعنكية التي يقدميا ليـ إلنجاز كتنفيذ مخططاتيـ اإلجرامية‪ ،‬لكف في نظر المشرع يعتبر‬
‫غير مسئكؿ جزائيا عف تمؾ األفعاؿ‪.2‬‬

‫ج‪ -‬ضابط أو عون الشرطة القضائية خاف‪ :‬يعتبر اإلخفاء مف الصكر التي قد يتـ مف‬
‫خبلليا التسرب‪ ،‬بحيث يجكز لضابط أك عكف الشرطة القضائية المأذكف لو بعممية التسرب‬
‫كالمسخر لمعم مية أف يمجأ إلخفاء األشياء المتحصؿ عمييا مف الجرائـ المنصكص عمييا في‬
‫المادة ‪ 65‬مكرر‪ 14‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية في مجمكعيا أك متفرقة‪ ،‬لتأكيد انتمائو‬
‫إلى المجمكعة اإلجرامية كايياميـ بأنو عنصر يمكف االعتماد عميو لتحقيؽ أىدافيـ‬
‫ا إلجرامية‪ ،‬كبالمقابؿ يمكنو جمع المعمكمات المفيدة كالمؤدية إلثبات الجريمة باألدلة دكف أف‬
‫يككف مسئكؿ مسئكلية جزائية في ىذا اإلطار‪ ،‬كبالتالي ال يقع تحت طائمة العقكبات‬

‫مجراب الدكادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.805‬‬ ‫‪1‬‬

‫نصت المادة ‪ 05‬مكرر‪ 05‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬يمكف ضباط كأعكاف الشرطة القضائية‬ ‫‪2‬‬

‫المرخص ليـ بإجراء عممية التسرب كاألشخاص الذيف يسخركف ليذا الغرض‪ ،‬دكف أف يككنكا مسئكليف جزائيا‪ ،‬القياـ بما‬
‫يأتي‪."... :‬‬

‫‪271‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫المنصكص عمييا في المادة ‪ 387‬مف قانكف العقكبات التي تعاقب عمى اإلخفاء‪ ،‬طالما أف‬
‫المشرع أضفى عمى عممو طابع الشرعية كاستثناء عف القكاعد العامة‪.‬‬

‫كبيذا تمكف عممية التسرب جيات البحث كالتحرم في جريمة تبييض األمكاؿ كعمى‬
‫رأسيا ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ مف الكقكؼ عمى التفاصيؿ األساسية الرتكاب‬
‫الجريمة ككذا تحرير محاضر تشكؿ أدلة تخدـ الدعكل كتعطي نظرة عميقة حكؿ ما يحدث‬
‫داخؿ العصابات اإلجرامية‪ ،‬كما تطرح أماـ جيات الحكـ بما لدييا مف حرية في تقدير ما‬
‫يعرض عمييا مف أدلة مختمؼ المحاضر المحررة بطرؽ احترمت فييا الشركط الشكمية‬
‫كالمكضكعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‬

‫تـ إدراج اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كأسمكب لمتحرم إذا‬
‫تعمقت الكقائع المعركضة أماـ قاضي التحقيؽ بإحدل أنكاع الجرائـ التالية‪ :‬جرائـ المخدرات‬
‫كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب كالجرائـ‬
‫المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ كجرائـ الفساد المنصكص كالمعاقب عمييا في القانكف‬
‫‪ 01/06‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‪ ،‬ضمف الفصؿ الرابع المتمـ لمباب الثاني مف الكتاب‬
‫األكؿ بمقتضى القانكف ‪ 22/06‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كيشمؿ المكاد مف‬
‫‪ 65‬مكرر‪ 5‬إلى ‪ 65‬مكرر‪.10‬‬

‫‪ -1‬المقصود باعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪ :‬نصت المادة ‪65‬‬
‫مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ 22/06‬عمى أنو‪" :‬إذا‬
‫اقتضت ضركرات التحرم في الجريمة المتمبس بيا أك التحقيؽ االبتدائي في جرائـ المخدرات‬
‫أك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية‬
‫لممعطيات أك جرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب أك الجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص‬
‫بالصرؼ ككذا جرائـ الفساد يجكز لككيؿ الجميكرية المختص أف يأذف بما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬اعتراض المراسبلت التي تتـ عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السمكية كالبلسمكية‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬كضع الترتيبات التقنية‪ ،‬دكف مكافقة المعنييف مف أجؿ التقاط كتثبيت كبث كتسجيؿ الكبلـ‬
‫المتفكه بو بصفة خاصة أك سرية مف طرؼ شخص أك عدة أشخاص في أماكف خاصة أك‬
‫عمكمية أك التقاط صكر لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف خاص"‪.‬‬

‫أ‪ -‬اعتراض المراسالت‪ :‬خص المشرع الجزائرم في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية بالذكر المراسبلت التي تتـ عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السمكية كالبلسمكية دكف‬
‫الرسائؿ كالخطابات كالمطبكعات كالطركد لدل مكاتب البريد‪.1‬‬

‫كنظ ار لمتطكر الذم عرفو مجاؿ االتصاؿ‪ ،‬فإف نص المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬السالؼ الذكر‬
‫جاء مكسعا‪ ،‬أم لـ يقصر االعتراض عمى المكالمات الياتفية بؿ كسعو لمختمؼ كسائؿ‬
‫االتصاؿ السمكية كالبلسمكية‪.2‬‬

‫كيشتمؿ اعتراض المراسبلت نكعاف مف المراسبلت ىما المراسبلت اإللكتركنية‬


‫كالمراسبلت العادية‪.‬‬

‫كيضمف اعتراض المراسبلت االلكتركنية لمشرطة القضائية استخداـ الكسائؿ‬


‫التكنكلكجية المعاصرة في التصنت عمى البريد اإللكتركني الذم يحتكم الرسائؿ النصية‬
‫كغيرىا مف الرسائؿ اإللكتركنية‪ ،‬كأجيزة االستماع كتحديد أماكف تكاجد أجيزة الفيديك كتمتد‬
‫ىذه المراقبة لتشمؿ االتصاالت كالتنقبلت أك أم تصرؼ آخر مشبكه‪.3‬‬

‫أما المراسبلت الع ادية‪ ،‬فيي رسالة يرسميا شخص ما إلى شخص آخر أك عدة‬
‫أشخاص‪ ،‬يخبره مف خبلليا بخبر أك فكرة أك رأم أك مكقؼ معيف‪ ،‬ترسؿ عف طريؽ البريد‬

‫فكزم عمارة‪" ،‬اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائية"‪ ،‬مجمة العمكـ اإلنسانية‪ ،‬كمية الحقكؽ قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،88‬جكاف ‪ ،3101‬ص‪.380‬‬
‫نصت المادة ‪ 13‬فقرة ‪ 30‬مف القانكف ‪ 18/3111‬المحدد لمقكاعد العامة المتعمقة بالبريد كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية‬ ‫‪2‬‬

‫عمى أنو يقصد بالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية‪" :‬كؿ تراسؿ أك إرساؿ أك استقباؿ عبلمات أك إشارات أك كتابات أك صكر‬
‫أك أصكات أك معمكمات مختمفة عف طريؽ األسبلؾ أك البصريات أك البلسمكي الكيربائي أك أجيزة أخرل كيربائية‬
‫مغناطسية"‪.‬‬
‫مجراب الدكادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.318‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪273‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أك تنقؿ بكاسطة رسكؿ‪ ،‬أك تسمـ مباشرة إلى الشخص المعني ذاتو‪ ،‬أك تسمـ بأم كسيمة‬
‫أخرل‪.1‬‬

‫كبالنظر إلى أىمية المراسبلت كارتباطيا بشخصية المرسؿ‪ ،‬كىي حؽ مف حقكقو‬


‫الشخصية‪ ،‬فقد أضفى عمييا الدستكر حماية خاصة بمكجب المادة ‪ 46‬مف الدستكر التي‬
‫جاء فييا‪" :‬سرية المراسبلت كاالتصاالت الخاصة بكؿ أشكاليا مضمكنة"‪.‬‬

‫كما أضفى المشرع حماية خاصة عمى مكاتب المكثقيف بمكجب المادة ‪ 04‬مف‬
‫القانكف ‪ 02/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتضمف تنظيـ مينة التكثيؽ التي جاء فييا‪:‬‬
‫"يتمتع مكتب التكثيؽ بالحماية القانكنية‪ ،‬فبل يجكز تفتيشو أك حجز الكثائؽ المكدعة بو إال‬
‫بناء عمى أمر قضائي مكتكب كبحضكر رئيس الغرفة الجيكية لممكثقيف‪ ،‬أك المكثؽ الذم‬
‫يمثمو‪ ،‬أك بعد إخطاره مباشرة"‪.‬‬

‫كال تقتصر ىذه الحماية عمى مكاتب التكثيؽ فقط‪ ،‬بؿ تمتد لتشمؿ مكاتب المحضريف‬
‫القضائييف بمكجب المادة ‪ 07‬مف القانكف ‪ 03/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتعمؽ‬
‫بتنظيـ مينة المحضر القضائي التي نصت عمى أنو‪" :‬يتمتع مكتب المحضر القضائي‬
‫بالحماية القانكنية‪ ،‬فبل يجكز تفتيشو أك حجز الكثائؽ المكدعة فيو‪ ،‬إال بناء عمى أمر قضائي‬
‫مكتكب كبحضكر رئيس الغرفة الكطنية لممحضريف القضائييف أك المحضر الذم يمثمو أك‬
‫بعد إخطاره قانكنا"‪.‬‬

‫كقد كرس المشرع الجزائرم ىذا اإلجراء بنص القانكف بالنسبة لممكثقيف كالمحضريف‬
‫القضائييف كالمحاميف لممحافظة عمى أسرار الناس المحمية بقكة القانكف‪.‬‬

‫ب‪ -‬تسجيل األصوات‪ :‬يطمؽ عمى تسجيؿ األصكات لفظ التصنت الذم يعبر عف اإلصغاء‬
‫كاالستماع إلى محادثات بشتى الكسائؿ‪.2‬‬

‫مجراب الدكادم‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص‪.310‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.382‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪274‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كقد تناكؿ المشرع الجزائرم التصنت في نص الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية التي خكلت ضباط الشرطة القضائية تحت المراقبة لككيؿ‬
‫الجميكرية صبلحية كضع الترتيبات التقنية دكف مكافقة المعنييف‪ ،‬مف أجؿ التقاط كتثبيت‬
‫كبث كتسجيؿ الكبلـ المتفكه بو بصفة خاصة أك سرية مف طرؼ شخص أك عدة أشخاص‬
‫في أماكف خاصة أك عمكمية‪.‬‬

‫كيأخذ حكـ الحديث الخاص كالسرم الحديث الذم يتمؼ ضبو الشخص كتككف لو‬
‫داللة كال يشترط في ىذه الداللة أف تككف مفيكمة لدل عامة الناس‪ ،‬كانما يكفي أف تككف‬
‫مفيكمة لدل فئة منيـ‪ ،‬كسكاء كانت لغة المتحدث مفيكمة في حينيا أك بعد ترجمتيا الحقا‬
‫كسكاء كاف الحديث المتفكه بو صريحا أك كاف مشفرا‪.‬‬

‫كيفيـ مف نص المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬السالؼ الذكر‪ ،‬أف الحديث الفردم الذم ينطبؽ بو‬
‫الشخص مع نفسو يمكف أف يككف محبل لمتجريـ‪ ،‬طالما أف المشرع استخدـ عبارة "تسجيؿ‬
‫الكبلـ الذم يتفكه بو المشتبو فيو"‪ ،‬كلـ يستثني الحديث الذم يتمفظ بو الشخص مع نفسو مف‬
‫النص القانكني‪.‬‬

‫كلـ يشترط المشرع كسيمة معينة لمتصنت كالتسجيؿ‪ ،‬بؿ ترؾ اختيارىا لمشرطة‬
‫القضائية كأجاز لمقائميف بالبحث كالتحرم تسجيؿ حديث المشتبو فييـ كارسالو إلى الجية‬
‫المختصة لمكشؼ عف الجريمة كمرتكبييا كالمشاركيف فييا‪ ،‬أك لمنع كقكعيا مف خبلؿ ىذه‬
‫التقنية التي أصبحت كسيمة مف كسائؿ التحقيؽ كجمع القرائف كاألدلة عف الجرائـ المحددة في‬
‫نفس المادة القانكنية المذككرة أعبله‪.‬‬

‫ج‪ -‬التقاط الصور‪ : 1‬أجازت الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬لمشرطة القضائية لضركرات التحقيؽ في الجرائـ المنصكص عمييا‬
‫في نفس المادة التقاط صكر لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف خاص‪.‬‬

‫تعرؼ الصكرة بأنيا تشابو أك تطابؽ لمجسـ ناجـ عف انعكاس األشعة الضكئية المنبعثة منو عمى عدسة أك مرآة‪ .‬أنظر‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الشيمكم‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،3115 ،‬ص‪.300‬‬

‫‪275‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كما اعتبر المشرع التقاط أك نقؿ صكرة لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف‬
‫خاص بغير عمـ صاحبو أك رضاه جريمة يعاقب عمييا القانكف‪ ،1‬كالعمة مف التجريـ أف لكؿ‬
‫شخص الحؽ في حماية حياتو الخاصة‪.‬‬

‫كقد عالج المشرع الحاالت التي يمكف فييا التقاط الصكرة كىي‪:‬‬

‫‪ -‬أف يككف التقاط الصكرة متعمؽ بالجرائـ المنصكص عمييا عمى سبيؿ الحصر في المادة‬
‫‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬أف تمتقط الشرطة القضائية صكرة الشخص المشتبو فيو بناء عمى إذف كتابي صادر عف‬
‫السمطات القضائية المختصة ممثمة في ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ‪.‬‬

‫‪ -‬أف يككف التقاط الصكرة برضا المجني عميو‪ ،‬طالما أف األساس الذم اعتمده المشرع‬
‫لئلباحة ىك الرضا الذم يزيؿ صفة السرية التي أحاط بيا المشرع حماية الحياة الخاصة مف‬
‫االعتداء عمييا‪.‬‬

‫‪ -2‬الشروط الموضوعية العتراض المراسالت و تسجيل األصوات والتقاط الصور‬

‫األصؿ أنو ال يجكز اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر بدكف‬
‫مكافقة كعمـ مسبؽ ممف يككف محبل ليا‪ ،‬غير أف مصمحة التحقيؽ كضركراتو قد تستمزـ‬
‫القياـ بمثؿ ىذه العمميات عندما يتعمؽ األمر بالتحرم عف الجرائـ المنصكص عمييا في‬
‫المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬أيف تككف ىذه المصمحة أكلى بالرعاية مف‬
‫الحفاظ عمى أسرار الحياة الخاصة‪.2‬‬

‫أ‪ -‬السمطة المختصة بإجراء عممية اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪:‬‬
‫منح المشرع الجزائرم لضباط الشرطة القضائية رخصة إجراء عممية اعتراض المراسبلت‬

‫نصت ‪ 818‬مكرر مف قانكف العقكبات عمى أنو‪" :‬يعاقب بالحبس مف ستة أشير إلى ثبلث سنكات كبغرامة مالية مف‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 51111‬دج إلى ‪ 811111‬دج‪ ،‬كؿ مف تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لؤلشخاص‪ ،‬بأية تقنية كانت كذلؾ‪... :‬‬
‫بالتقاط أك تسجيؿ أك نقؿ صكرة لشخص في مكاف خاص‪ ،‬بغير إذف صاحبيا أك رضاه"‪.‬‬
‫فكزم عمارة‪ ،‬اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد‬ ‫‪2‬‬

‫الجزائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.383‬‬

‫‪276‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫التي تتـ عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السمكية كالبلسمكية‪ ،‬ككضع الترتيبات التقنية التي تسمح‬
‫بتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر دكف مكافقة المعنييف‪ ،‬بمكجب إذف مف ككيؿ الجميكرية أك‬
‫قاضي التحقيؽ في مرحمة التحقيؽ االبتدائي في جرائـ المخدرات‪ ،‬أك الجرائـ الماسة بأنظمة‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬أك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية‪ ،‬أك جريمة تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬أك اإلرىاب‪ ،‬أك جرائـ الصرؼ كجرائـ الفساد‪.‬‬

‫كبناء عمى مقتضيات المادة ‪ 65‬مكرر‪ 4‬ك‪ 65‬مكرر‪ 5‬يتـ تنفيذ العمميات المأذكف بيا‬
‫تحت الرقابة المباشرة لككيؿ الجميكرية المختص‪ ،‬كفي حالة فتح تحقيؽ قضائي تتـ العمميات‬
‫المأذكف بيا تحت الرقابة المباشرة لقاضي التحقيؽ‪.‬‬

‫كيراقب القضاء عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر مف‬
‫زاكيتيف ىما رقابة المشركعية‪ ،‬كالرقابة المكضكعية‪.1‬‬

‫كتعني رقابة المشركعية مراقبة مدل مطابقة عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ‬
‫األصكات كالتقاط الصكر لمقانكف‪ ،‬ككجكب حصكؿ ضابط أك عكف الشرطة القضائية عمى‬
‫إذف‪ ،‬كعدـ تجاكزه مدة اإلذف كعدـ المساس بالسر الميني كغيرىا مف الجكانب اليامة‪.‬‬

‫أما الرقابة المكضكعية‪ ،‬فتعني تقدير مدل قيمة ككفاية أدلة اإلثبات المكجكدة في‬
‫محاضر الضبطية القضائية‪.‬‬

‫كتمعب الرقابة القضائية دك ار ميما في تبصير ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ فإذا‬
‫تشكمت لو صكرة كاضحة يمكنو اتخاذ اإلجراءات الضركرية كالمناسبة إلظيار الحقيقة‪ ،‬كما‬
‫ليا دكر في الحفاظ عمى المشركعية كحماية حقكؽ كحريات األفراد‪.2‬‬

‫ب‪ -‬ميقات ومكان إجراء عممية اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪ :‬لـ‬
‫يضع المشرع الجزائرم في قانكف اإلجراءات الجزائية قيكدا زمنية كال مكانية إلجراء عممية‬
‫اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر‪ ،‬بحيث أجاز إجراؤىا في أية ساعة‬

‫نصر الديف مركؾ‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪ :‬التحرم كالتحقيؽ‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،3118 ،‬ص‪.852-853‬‬


‫صالح شنيف‪" ،‬اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر في قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم"‪ ،‬المجمة‬ ‫‪2‬‬

‫األكاديمية لمبحث القانكني‪ ،‬كمية الحقكؽ بجامعة بجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،3101 ،13‬ص‪.00‬‬

‫‪277‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫مف ساعات النيار كالميؿ حتى خارج األكقات المحددة في المادة ‪ 47‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ، 1‬كفي كؿ مكاف خاص أك عاـ‪ ،‬كاالستثناء الكحيد الذم نص عميو صراحة ىك‬
‫المتعمؽ باتخاذ اإلجراءات البلزمة لضماف احتراـ كتماف السر الميني‪.2‬‬

‫كيرد قيد آخر عمى ىذه العمميات كلك لـ يشر إليو المشرع‪ ،‬فبل يمكف أف يخضع‬
‫الرؤساء كمقرات السفارات كالقنصميات األجنبية لعممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ أصكات‬
‫كالتقاط صكر‪ .‬ف قد أضفى المشرع األممي حماية مطمقة عمى المحادثات التي يجرييا رؤساء‬
‫الدكؿ األجنبية‪ ،‬كال يجكز تسجيؿ أحاديثيـ سكاء كاف ذلؾ داخؿ الغرفة أك يجرييا مف خبلؿ‬
‫المكالمات الياتفية‪ ،‬كىي حماية مطمقة ال تحمؿ أم استثناء‪.3‬‬

‫كما تشمؿ ىذه الحماية المبعكثيف الدبمكماسييف كتمتد إلى مقر البعثة كمساكنيـ‬
‫كمحادثاتيـ كمراسبلتيـ‪ ،‬فبل يجكز مراقبة أحاديثيـ أك تسجيميا حتى ال تككف مخالفة ألحكاـ‬
‫اتفاقية "فيينا" لمعبلقات الدبمكماسية لسنة ‪ ،1961‬حيث نصت المادة ‪ 24‬منيا عمى أنو‪:‬‬
‫"تككف محفكظات البعثة ككثائقيا مصكنة دائما أيا كاف مكانيا"‪ .‬كلضماف حرمة جميع‬
‫المراسبلت الرسمية لمبعثة الدبمكماسية‪ ،‬فإنو يسمح باستخداـ طركد بريدية خاصة جرت العادة‬
‫عمى تسميتيا بالحقيبة الدبمكماسية‪ ،‬ككردت اإلشارة إلييا في الفقرة ‪ 3‬مف المادة ‪ 27‬التي‬
‫نصت عمى أنو‪" :‬ال يجكز فتح الحقيبة الدبمكماسية أك حجزىا"‪.‬‬

‫ج‪ -‬عدم مسؤولية القائم والمشرف عمى اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط‬
‫الصور‪ :‬إف االعتداء عمى الحياة الخاصة بتسجيؿ أصكات األشخاص أك التقاط صكر ليـ‬

‫نصت المادة ‪ 50‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬ال يجكز البدء في تفتيش المساكف كمعاينتيا قبؿ الساعة‬ ‫‪1‬‬

‫الخامسة (‪ )5‬صباحا‪ ،‬كال بعد الساعة الثامنة (‪ )3‬مساء إال إذا طمب صاحب المنزؿ ذلؾ أك كجيت نداءات مف الداخؿ أك‬
‫األحكاؿ االستثنائية المقررة قانكنا‪.‬‬
‫غير أنو يجكز إجراء المعاينة كالتفتيش كالحجز في كؿ ساعة مف ساعات النيار أك الميؿ قصد التحقؽ في جميع الجرائـ‬
‫المعاقب عمييا في المكاد ‪ 853‬إلى ‪ 853‬مف قانكف العقكبات ‪ ...‬كعندما يتعمؽ األمر بجرائـ المخدرات أك الجريمة المنظمة‬
‫العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب ككذا الجرائـ‬
‫المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ ‪."...‬‬
‫فكزم عمارة‪ ،‬اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد‬ ‫‪2‬‬

‫الجزائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.382‬‬


‫مجراب الدكادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.305‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪278‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫خمسة كدخكؿ مساكنيـ دكف رضاىـ كمكافقتيـ‪ ،‬في كؿ ساعة مف ساعات الميؿ كالنيار‬
‫بالكسر كتسمؽ الجدراف كفتح األقفاؿ‪ ،‬كالمجكء إلى أساليب الخداع كافشاء السر الميني‪ ،‬كميا‬
‫جرائـ ال يتحمؿ القائمكف بيا المسؤكلية الجنائية بسببيا إذا تمت أثناء أداء عممية اعتراض‬
‫المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر بمكجب إذف مف ككيؿ الجميكرية أك قاضي‬
‫التحقيؽ في إطار التحرم أك تحقيؽ قضائي يتعمؽ بالجرائـ الكاردة عمى سبيؿ الحصر في‬
‫نص المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -3‬الشروط الشكمية العتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪ :‬يستكجب‬


‫قانكف اإلج ارءات الجزائية المعدؿ كالمتمـ تكفر شركط شكمية يجب مراعاتيا عند إجراء عممية‬
‫اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر حماية لمحقكؽ الفردية مف التعسؼ أك‬
‫االنحراؼ في استخداـ السمطة‪ ،‬كىي كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلذن القضائي‪ :‬جعؿ المشرع الجزائرم بمكجب المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية االختصاص باإلذف بإجراء عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط‬
‫الصكر لككيؿ الجميكرية‪ ،‬كفي حالة فتح تحقيؽ قضائي تتـ العممية المذككرة بناء عمى إذف‬
‫مف قاضي التحقيؽ كتحت مراقبتو المباشرة‪.‬‬

‫كيشترط القانكف في اإلذف بإجراء عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات‬


‫كالتقاط الصكر الشركط التالية‪:1‬‬

‫‪ -‬أف يتضمف كؿ العناصر التي تسمح بالتعرؼ عمى االتصاالت المطمكب التقاطيا‬
‫كاألماكف السكنية المقصكدة أك غيرىا‪ ،‬كالجريمة التي تبرر المجكء إلى ىذه التدابير كمدتيا‪.‬‬

‫‪ -‬أف يككف مكتكبا تحت طائمة البطبلف‪ ،‬ذلؾ أف األصؿ في العمؿ اإلجرائي الكتابة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يسمـ لمدة أقصاىا أربعة أشير قابمة لمتجديد حسب مقتضيات التحرم أك التحقيؽ‬
‫ضمف نفس الشركط الشكمية كالزمنية‪.‬‬

‫المادة ‪ 05‬مكرر‪ 0‬مف األمر ‪ 055/00‬المعدؿ كالمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪279‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬أف يتمتع مصدره باالختصاص النكعي كالمكاني بالبحث أك التحقيؽ القضائي في الجريمة‬
‫التي صدر اإلذف بشأنيا‪ ،‬ككفق ا لمقكاعد العامة يتحدد االختصاص النكعي بحسب نكعية‬
‫الجريمة‪ ،‬أما االختصاص المكاني بمحؿ الكاقعة‪ ،‬أك ضبط المتيـ‪ ،‬أك محؿ إقامتو‪.1‬‬

‫كالمبلحظ أف المشرع الجزائرم لـ يراع العامؿ الزمني‪ ،‬إذ لـ يحدد عدد مرات قابمية‬
‫ىذا اإلذف إلى التجديد‪ ،‬كما لـ ينص صراحة عمى ما إذا كاف يجكز لككيؿ الجميكرية أك‬
‫قاضي التحقيؽ الذم أذف بعممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر‬
‫تكقيفيا قبؿ المكعد المحدد في اإلذف‪.‬‬

‫ب‪ -‬محضر اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪ :‬أكجب المشرع الجزائرم‬
‫بمكجب المادة ‪ 65‬مكرر‪ 9‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية عمى ضابط الشرطة القضائية‬
‫المأذكف لو مف طرؼ ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ المختص أف يحرر محض ار عف‬
‫كؿ عممية اعتراض المراسبلت ككذا عف عمميات كضع الترتيبات التقنية كعمميات التقاط‬
‫الصكر كالتسجيؿ الصكتي‪ ،‬كيذكر في المحضر تاريخ كساعة بداية ىذه العمميات كاالنتياء‬
‫منيا‪.‬‬

‫كما أكجب عمى ضابط الشرطة القضائية في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 10‬مف القانكف‬
‫المذككر أعبله كصؼ كنسخ المراسبلت كالصكر أك المحادثات المسجمة كالمفيدة في إظيار‬
‫الحقيقة كمرفقات تكدع بالممؼ‪ ،‬كتنسخ كتترجـ المكالمات التي تتـ بالغة األجنبية عند‬
‫االقتضاء بمساعدة مترجـ يسخر ليذا الغرض‪.2‬‬

‫ىذا كلـ يبيف المشرع الجزائرم في النصكص المنظمة ليذه التدابير كيفية حفظ‬
‫التسجيبلت كالنسخ كالصكر التي تكدع بالممؼ‪ ،‬ىؿ يتـ االحتفاظ بيا في أحراز مغمقة‬
‫كمختكمة بختـ ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ كما ىك الشأف عند حجز األشياء في‬

‫عبد اهلل أكى ابية‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪ :‬التحرم كالتحقيؽ‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،3115 ،‬ص‪.380‬‬


‫كاف األجدر بالمشرع الجزائرم أف يحدد المغة التي تترجـ إلييا ىذه التسجيبلت‪ ،‬كىي المغة العربية تماشيا مع مقتضيات‬ ‫‪2‬‬

‫المادة الثالثة مف الدستكر التي نصت عمى أف‪" :‬المغة العربية ىي المغة الكطنية كالرسمية" كالمادة ‪ 13‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية التي نصت عمى أنو‪" :‬يجب أف تتـ اإلجراءات كالعقكد القضائية مف عرائض كمذكرات بالمغة العربية‪ ،‬تحت طائمة‬
‫عدـ القبكؿ"‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫الحاالت العادية؟ أـ أنيا تترؾ بدكف حماية؟ كىك ما قد يعرضيا إلمكانية التبلعب بيا‪ .‬كما‬
‫لـ يبيف المصير النيائي ليذه التسجيبلت كالنسخ كالصكر التي ترفؽ بالمحاضر‪.‬‬

‫كال يككف ليذه المحاضر قكة في اإلثبات‪ ،‬إال إذا كانت صحيحة في الشكؿ طبقا‬
‫لممادة ‪ 214‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كاألدلة الكاردة بيا ليا حجية نسبية‪ ،‬أم صحيحة‬
‫ما لـ يقدـ ما يخالفيا‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‬

‫خبلفا لمقكاعد العامة التي تقتضي أف كؿ ما يقع عمى إقميـ الدكلة مف جرائـ يخضع‬
‫ألحكاـ قانكف العقكبات الكطني‪ ، 2‬األمر الذم يقتضي مف السمطات المختصة أف تقكـ‬
‫بضبط كؿ جريمة تقع في إقميـ الدكلة كتخضعيا لتشريعيا الجنائي أيا كانت جنسية الفاعؿ‬
‫باإلضافة لضبط األشياء المتعمقة بالجريمة‪ ،‬إال أنو استثناء كفي بعض الحاالت يتـ تأجيؿ‬
‫عممية ضبط األشياء المتعمقة بالجريمة إلى كقت الحؽ‪ ،‬حيث يتـ السماح بدخكليا أك‬
‫خ ركجيا مف إقميـ دكلة أك المركر عبرىا إلى إقميـ دكلة أخرل ألجؿ التعرؼ عمى المقصد‬
‫النيائي ليذه األشياء كضبط الشبكة اإلجرامية‪ ،‬كىذا ما يسمى بالتسميـ المراقب لمعائدات‬
‫اإلجرامية‪.‬‬

‫‪ -1‬مفيوم التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬إف الكقكؼ عمى مفيكـ التسميـ المراقب‬
‫لمعائدات اإلجرامية كأسمكب خاص لمتحرم عف الجرائـ الكاردة في نص المادة ‪ 16‬مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية كمنيا جريمة تبييض األمكاؿ‪ ،‬يتطمب بالضركرة التعرض لتعريفو (أ)‪ ،‬ثـ‬
‫لخصائصو (ب)‪.‬‬

‫صالح شنيف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.03‬‬ ‫‪1‬‬

‫نصت المادة ‪ 18‬فقرة‪ 0‬مف قانكف العقكبات ‪ 050/00‬المعدؿ كالمتمـ عمى أنو‪" :‬يطبؽ قانكف العقكبات عمى كافة الجرائـ‬ ‫‪2‬‬

‫التي ترتكب في أراضي الجميكرية"‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعريف التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية‬
‫مف المصطمحات الحديثة نسبيا التي عرفتيا الدكؿ‪ ،1‬كاتجيت إليو بعد التزايد الممحكظ في‬
‫نشاط اإلجراـ الدكلي‪.‬‬

‫كيقصد بالتسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية السماح بدخكؿ األشخاص أك األشياء‬


‫التي تعد حيازتيا جريمة أك محصمة مف جريمة‪ ،‬أك كانت أداة في ارتكابيا عبر الحدكد‬
‫اإلقميمية لمدكلة كالخركج منيا دكف ضبطيا‪ ،‬كذلؾ تحت رقابة السمطات المختصة لمدكلة بناء‬
‫‪2‬‬
‫عمى طمب جية أخرل‬

‫كما يعرؼ بأنو السماح بالنقؿ غير المشركع لؤلشياء بعمـ مف السمطات كتحت رقابتيا‬
‫الدائمة‪ ،‬بيدؼ التعرؼ عمى المقصد النيائي ليا كضبط جميع المتكرطيف‪.3‬‬

‫لقد اىتـ المشرع الجزائرم بكضع تعريؼ ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية‬
‫بمكجب المادة الثانية الفقرة (ؾ) مف القانكف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو‬
‫التي عرفتو ب أنو‪" :‬اإلجراء الذم يسمح لشحنات غير مشركعة أك مشبكىة بالخركج مف اإلقميـ‬
‫الكطني أك ا لمركر عبره أك دخكلو بعمـ السمطات المختصة كتحت مراقبتيا‪ ،‬بغية التحرم عف‬
‫جرـ ما ككشؼ ىكية األشخاص الضالعيف في ارتكابو"‪.4‬‬

‫كيتضح مف خبلؿ ىذا التعريؼ أنو لمباشرة أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات‬
‫اإلجرامية يفترض تكافر معمكمات مسبقة لدل السمطات المختصة كأجيزة مكافحة الجريمة‬
‫حكؿ شحنة مشبكىة يجرم اإلعداد لتيريبيا أك نقميا مف مكاف آلخر سكاء داخؿ الدكلة أك‬

‫تمت اإلشارة ألسمكب التسميـ المراقب ألكؿ مرة في المادة األكلى فقرة (ز) مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير‬ ‫‪1‬‬

‫المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ‪.0233‬‬


‫محمد عمي سكيمـ‪ ،‬األحكاـ المكضكعية كاإلجرائية لمجريمة المنظمة في ضكء السياسة الجنائية المعاصرة‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،3112 ،‬ص‪.235‬‬


‫‪3‬‬
‫‪Sonia LEVERD, Les nouveaux territoires du droit, L’Harmattan, paris, 2013, p202.‬‬
‫‪ 4‬استمد المشرع الجزائرم ىذا التعريؼ مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية التي جاء في المادة‬
‫الثانية فقرة (ط) منيا‪ " :‬اإلجراء الذم يسمح لشحنات غير مشركعة أك مشبكىة بالخركج مف اإلقميـ الكطني أك المركر عبره‬
‫أك دخكلو بعمـ السمطات المختصة كتحت مراقبتيا‪ ،‬بغية التحرم عف جرـ ما ككشؼ ىكية األشخاص الضالعيف في‬
‫ارتكابو"‪ ،‬كىك نفس التعريؼ الذم جاءت بو المادة الثانية فقرة (ط) مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫خارجيا‪ ،‬كمف تـ اتخاذ التدابير البلزمة لمقياـ بتعقب األمكاؿ غير المشركعة مف خبلؿ تحرم‬
‫مصدرىا كضبطيا كالحيمكلة دكف إمكانية التصرؼ فييا أك مباشرة أم سمطة عمييا‪.‬‬

‫كما أشار المشرع الجزائرم ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية في المادة ‪40‬‬
‫مف األمر ‪ 06/05‬المتعمؽ بمكافحة التيريب‪ ،‬حيث نصت عمى أنو‪" :‬يمكف لمسمطات‬
‫المختصة بمكافحة التيريب أف ترخص بعمميا كتحت رقابتيا حركة البضائع غير المشركعة‬
‫أك المشبكىة لمخركج أك المركر أك الدخكؿ إلى اإلقميـ الجزائرم بغرض البحث عف أفعاؿ‬
‫التيريب كمحاربتيا بناء عمى إذف ككيؿ الجميكرية المختص"‪.‬‬

‫أما في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فمـ يعرؼ المشرع الجزائرم التسميـ المراقب‬
‫لمعائدات اإلجرامية بنص صريح‪ ،‬لكنو أشار إليو في نص المادة ‪ 16‬مكرر بطريقة ضمنية‬
‫مف خبلؿ ذكر عبارة "‪ ...‬أك مراقبة كجية أك نقؿ األشياء أك األمكاؿ أك متحصبلت مف‬
‫ارتكاب ىذه الجرائـ أك قد تستعمؿ في ارتكابيا"‪.‬‬

‫لكف بالرجكع لممادة ‪ 16‬مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية نجدىا نصت عمى أنو‬
‫يتـ المجكء ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية في حالة ارتكاب الجرائـ المبينة في‬
‫المادة ‪ 16‬مف نفس القانكف كالمتمثمة في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد‬
‫الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب‬
‫كالجرائـ المتعمقة بمحالفة التشريع الخاص بالصرؼ‪.‬‬

‫ب‪ -‬خصائص التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬يتميز أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات‬
‫اإلجرامية بكجكد عدد مف الخصائص كالتي تتمثؿ فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية ىك أسمكب يقع عمى األشياء التي تعد حيازتيا جريمة‬
‫أك محصمة مف جريمة أك كانت أداة في ارتكابيا‪ ،‬فمف خبللو يتـ مراقبة كجية العائدات‬
‫المستمدة مف ارتكاب إحدل الجرائـ الكاردة في المادة ‪ 16‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.1‬‬

‫كبذلؾ يختمؼ التسميـ المراقب عف تسميـ المجرميف الذم يقع عمى األشخاص‪ ،‬كالذم يعتبر بمثابة إجراء تقكـ بو الدكلة‬ ‫‪1‬‬

‫التي لجأ إلى أراضييا شخص متيـ أك محككـ عميو في جريمة فتسممو الدكلة المختصة لمحاكمتو أك تنفيذ العقكبة عميو‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬يعتمد أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلج ارمية عمى المراقبة المستمرة كالسرية في تنفيذه‬
‫كىذا مف أجؿ تحديد الكقت المناسب لمتدخؿ كمنع الجاني مف إحداث أثر ضار بالماؿ العاـ‬
‫كبالتالي ضبطو متمبسا بالجريمة حتى ال يبقى لو المجاؿ لئلنكار أك محاكلة التيرب مف‬
‫المسؤكلية‪.‬‬

‫‪ -‬كما يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية إجراء مف إجراءات الضبط التي تستعيف بيا‬
‫الدكلة لمتكصؿ إلى أكبر عدد ممكف مف الجناة‪.1‬‬

‫‪ -‬كما يتميز التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية بأنو مف أحد التدابير الكقائية الفعالة التي‬
‫تساعد عمى رصد كاكتشاؼ زعماء الجماعات اإلجرامية‪ ،‬كتتبع حركاتيا‪ ،‬كأساليب عمميا‬
‫كبنيتيا التنظيمية كالقاء القبض عمييـ‪.‬‬

‫‪ -‬يتميز التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية بإجازة استخدامو دكليا كداخميا‪ ،‬أم أنو أسمكب‬
‫صالح لبلستخداـ في الجرائـ التي تتضمف شحنات أك صفقات أمكاؿ يشتبو في ككنيا‬
‫عائدات إجرامية‪ ،‬سكاء عمى المستكل الكطني حيث تمجأ إليو السمطات المحمية أك عمى‬
‫المستكل الدكلي بيف دكلتيف أك أكثر‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية‬
‫سبلحا فعاال ضد الميربيف المحمييف كالدكلييف‪ ،‬كاجراء مضاد لعمميات تيريب العائدات‬
‫المحصمة مف ارتكاب الجرائـ‪ ،‬كبالتالي فقد يككف التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية محميا‬
‫كما قد يككف دكليا‪.‬‬

‫أ‪ -‬التسميم المراقب المحمي‪ :‬يقصد بيذا النكع مف التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية أف يتـ‬
‫اكتشاؼ كجكد شحنة تحمؿ أمكاؿ غير مشركعة كتتـ متابعة نقميا مف مكاف ما إلى مقصدىا‬
‫النيائي داخؿ إقميـ الدكلة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Hartmut EDEN, Les effets au niveau national et régional de la coopération internationale‬‬
‫‪des polices : un système spécifique de multi-level gouvernance, Approche comparées des‬‬
‫‪polices en Europe, L’Harmattan, paris, 2003, p24.‬‬
‫‪ 2‬دليمة مباركي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.320‬‬

‫‪284‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كيسمح التسميـ المراقب المحمي بمعرفة ما إذا كاف تسميـ الشحنة المشبكىة سيتـ داخؿ‬
‫إقميميا الذم ارتكبت فيو الجريمة أك سيتـ إرساؿ تمؾ الشحنة إلى دكلة أخرل خارج اإلقميـ‬
‫الكطني‪ ،‬فإذا تـ تسميـ الشحنة المشبكىة داخؿ التراب الكطني إلى العنصر الرئيسي المرسؿ‬
‫إليو‪ ،‬حينيا يتـ القبض عميو كعمى جميع المشاركيف بمختمؼ أدكارىـ متمبسيف أك حائزيف‬
‫لتمؾ الشحنة‪.‬‬

‫كقد أشار المشرع الجزائرم لمتسميـ المراقب المحمي في نص المادة الثانية الفقرة (ؾ)‬
‫مف قانكف الكقاية مف الفساد كمكافحتو كالمادة ‪ 16‬مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ‪ 22/06‬السالفة الذكر‪ ،‬كالتي منحت لضباط الشرطة القضائية‬
‫كتحت سمطتيـ أعكاف الشرطة القضائية بمراقبة كجية أك نقؿ األشياء كاألمكاؿ أك‬
‫المتحصبلت مف ارتكاب الجرائـ المنصكص عمييا في المادة ‪ 16‬أك التي قد تستعمؿ في‬
‫ارتكابيا عبر كامؿ اإلقميـ الكطني‪.‬‬

‫ب‪ -‬التسميم المراقب الدولي‪ :‬يقصد بالتسميـ المراقب الدكلي السماح لشحنة غير مشركعة‬
‫بعد أف ي تـ اكتشاؼ أمرىا‪ ،‬بالمركر مف دكلة معينة إلى دكلة أخرل‪ ،‬أك عبر دكلة ثالثة أك‬
‫أكثر‪ .‬كيتـ تنفيذ ىذا األسمكب مف خبلؿ التنسيؽ كاالتفاؽ المسبؽ بيف السمطات المختصة‬
‫في ىذه الدكؿ‪ ،‬حيث يسمح بتسميـ الشحنة كمركر الميربيف بيف بمد االنطبلؽ كبمد المركر‬
‫كالبمد المرسمة إليو الحمكلة‪.‬‬

‫كتمجأ الدكؿ إلى أسمكب التسميـ المراقب الدكلي لمسماح لمبيضي األمكاؿ في الدكلة‬
‫التي تكلدت فييا األمكاؿ غير المشركعة‪ ،‬قاصديف الدكلة التي يتـ فييا القياـ بعمميات‬
‫تبييض األمكاؿ بيدؼ إخفاء األصؿ اإلجرامي ليا كاضفاء صفة المشركعية عمييا كمف تـ‬
‫ضبط كافة عناصر المنظمة اإلجرامية المتكرطيف في عمميات تبييض األمكاؿ مف بدايتيا‬
‫إلى نيايتيا‪.1‬‬

‫‪ -3‬ضوابط التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬إف الجية المخكؿ كالمرخص ليا قانكنا‬
‫القياـ بعممية التسميـ المراقب حسب نص المادة ‪ 16‬مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية ىي‬
‫ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬بمساعدة أعكاف الشرطة القضائية‪ ،‬فيؤالء ىـ األشخاص المخكؿ‬

‫دليمة مباركي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.320‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪285‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫ليـ قانكنا لمبحث كاالستدالؿ عف الجرائـ المحددة في المادة ‪ 16‬مف نفس القانكف التي كقعت‬
‫فعبل أك في طكر التنفيذ لضبط كقائعيا كفاعمييا‪.1‬‬

‫كنظ ار لككف أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية يتسـ بحساسية عممياتو كدقتيا‬
‫البالغة‪ ،‬ككنيا تخضع لتدابير متعددة كمراحؿ مختمفة‪ ،‬كتعبر عدة حدكد طبيعية‪ ،‬كتشارؾ فيو‬
‫جيات مختمفة‪ ،‬فبلبد مف كجكد ضكابط تحكـ ىذه العممية‪ ،‬كالتي تتمثؿ فيما يأتي‪:‬‬

‫‪-‬التسميـ المراقب أسمكب استثنائي ال تعطى المكافقة بو إال عندما ينتظر منو تحقيؽ فائدة‬
‫كاضحة كأكيدة تتمثؿ في كشؼ كضبط جماعات التيريب كاالتجار كالمنظميف كالممكليف‬
‫كالمخططيف‪.‬‬

‫‪ -‬ضركرة التنسيؽ كالحصكؿ عمى مكافقة مف أجيزة السمطة في الدكلة الكجية النيائية حكؿ‬
‫القياـ بعممية التسميـ المراقب بالتعاكف مع السمطات المختصة في دكلة كشؼ الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬يجب عدـ إعطاء المكافقة عمى القياـ بالتسميـ المراقب إال بعد التأكد مف إمكانية تكقيع‬
‫كتنفيذ عقكبة مناسبة لمجيد المبذكؿ‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة خط سير الشحنة ككقت التنفيذ دراسة كافية كمتأنية حتى يمكف السيطرة كاحكاـ‬
‫الرقابة عمى العممية ابتداء مف نقطة االكتشاؼ حتى نقطة التسميـ‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أف تتمتع الخطة بالمركنة التي تسمح بالتدخؿ الفكرم ا تغير خط السير فجأة أك‬
‫احتماؿ فقداف الشحنة‪.‬‬

‫‪ -‬أف يككف ىناؾ اتصاؿ مباشر بيف اإلدارات المختصة في الدكؿ المختمفة أثناء تنفيذ عممية‬
‫التسميـ المراقب لمكاجية أم طارئ كيجب تحديد سمطة اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪ -‬كضع مكاف التسميـ تحت المراقبة السرية كمما كاف ذلؾ ممكنا قبؿ تنفيذ خطة التسميـ‬
‫المراقب مف أجؿ معرفة األشخاص الذيف يترددكف عميو كاكتشاؼ شركائيـ كمدل خطكرتيـ‬
‫كتسمحييـ‪.‬‬

‫فضيؿ العيش‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية بيف النظرم كالعممي‪ ،‬مطبعة البدر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪ .‬ت‪ .‬ف‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪286‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫‪ -‬عمى المراقبيف إثبات عممية التسميـ المراقب بكؿ الطرؽ كالكسائؿ باليكـ كالشير كالسنة‬
‫كمند الم حظة التي تنطمؽ فييا الميمة إلى غاية تنفيذىا‪ ،‬كالمحافظة عمى األدلة كالقرائف‬
‫المتحصؿ عمييا مف خبلؿ ىذه المراقبة‪ ،‬كالسير عمى حمايتيا مف الضياع أك التمؼ‪.1‬‬

‫‪ -4‬معوقات التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪ :‬تعترض عمميات التسميـ المراقب أثناء‬
‫التنفيذ عمى أرض الكاقع بعض المعكقات منيا‪:‬‬

‫أ‪ -‬المعوقات التنفيذية‪ :‬إف قكانيف بعض الدكؿ تسمح بدخكؿ المخدرات إلى ترابيا اإلقميمي‬
‫مف أجؿ ضبط الرؤكس المدبرة لعممية التيريب كأفراد العصابات اإلجرامية في داخؿ الدكلة‬
‫نفسيا حاؿ استبلميـ لممادة المحظكرة‪ ،‬لكف بعض الدكؿ ال تسمح بخركج البضاعة المحظكرة‬
‫مف أراضييا‪ ،‬كبعضيا تسمح بعمميات الدخكؿ كالخركج لكف بشركط معينة‪ ،‬ككمما تعددت‬
‫الدكؿ المشتركة في عممية التسميـ المراقب كمما تعددت المشاكؿ في تنفيذ ىذا األسمكب عمى‬
‫أرض الكاقع كنجاحو‪.‬‬

‫ب‪ -‬المعوقات القانونية والقضائية‪ :‬مف بيف المعكقات التي تعترض أسمكب التسميـ المراقب‬
‫إشكالية التكييؼ القانكني لمجريمة الكاحدة‪ ،‬إذ تختمؼ مف دكلة ألخرل‪ ،‬كيرجع ىذا التبايف‬
‫إلى اختبلؼ كصؼ الجريمة كالعقكبة المقررة ليا في قانكف كؿ دكلة مف الدكؿ المشاركة كأف‬
‫تعتبر الجريمة جنحة في الدكلة التي تـ اكتشاؼ المخدرات فكؽ أراضييا كتطبؽ عمييا عقكبة‬
‫الجنحة‪ ،‬بينما الدكلة التي انطمقت منيا الشحنة أك مرت عمى ترابيا‪ ،‬تعتبرىا جناية كتطبؽ‬
‫عمييا عقكبة الجناية‪ ،‬كيصبح الكصؼ الجنائي يختمؼ مف دكلة إلى أخرل كالعقكبة كذلؾ‬
‫تختمؼ‪.‬‬

‫لذلؾ تطرح مسألة تنازع االختصاص القضائي بيف الدكؿ المشتركة في العممية‪ ،‬حكؿ‬
‫الب مد المختص بالنظر في قضية التسميـ المراقب‪ ،‬بسبب أركاف الجريمة التي يتـ ارتكابيا في‬
‫في كؿ دكلة مف الدكؿ المشاركة في العممية‪.‬‬

‫ج‪ -‬المعوقات الفنية والمالية‪ :‬يتطمب تنفيذ أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية تكفير‬
‫عناصر بشرية عمى درجة عالية مف التدريب كالخبرة‪ ،‬كفي بعض األحياف يكاجو القائميف‬

‫مجراب الدكادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪287‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫عمى تخطيط مثؿ ىذه العمميات عدـ كضكح معالـ مسؤكلية الرقابة كعدـ دقتيا في بعض‬
‫الدكؿ المشتركة في تنفيذ العممية األمر الذم يؤدم إلى ضياع الشحنة أك تسريبيا لعدـ تكفر‬
‫األفراد المدربيف لتنفيذ ىذا األسمكب بكفاءة‪.‬‬

‫كما يتطمب تنفيذ عمميات التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية أمكاال باىظة التكاليؼ‪،‬‬
‫كخاصة عندما تشارؾ عدة دكؿ في تنفيذ العممية‪ ،‬كىنا تطرح اإلشكالية حكؿ الدكلة التي‬
‫تتحمؿ المصاريؼ‪ ،‬فيؿ تشارؾ جميع الدكؿ المشتركة بمبالغ مالية متساكية في تنفيذ‬
‫العممية؟‪ .‬أـ تشارؾ الدكؿ التي مرت عمييا الشحنة دكف التكقؼ عمى أراضييا بمبالغ أقؿ مف‬
‫غيرىا؟‪.‬‬

‫كعمى ضكء ما تقدـ تبرز أىمية استخداـ أسمكب التسميـ المراقب في تعقب حركة‬
‫األمكاؿ أك العائدات اإلجرامية بكجو عاـ كالمحصمة مف االتجار غير المشركع بالمخدرات‬
‫بكجو خاص حاؿ نقميا أك تحكيميا مف دكلة إلى أخرل‪ ،‬كذلؾ بقصد اقتفاء أثرىا كامكانية‬
‫التعرؼ عمى المتكرطيف فييا‪ ،‬كجمع المزيد مف األدلة إلدانتيـ‪ .‬كفي ىذا اإلطار دعت فرقة‬
‫العمؿ المعنية باإلجراءات المالية في مجمكعة العمؿ المالي الدكلية إلى تشجيع الدكؿ‬
‫األعضاء كغيرىا عمى استخداـ أسمكب التسميـ المراقب في تعقب العائدات اإلجرامية ككشؼ‬
‫عمميات تبييض األمكاؿ حيث حثت في تقريرىا الثالث لمعاـ ‪ 11992 /1991‬الدكؿ عمى‬
‫دراسة اتخاذ اإلجراءات الضركرية لمسماح لسمطاتيا المختصة بإجراء التحريات في قضايا‬
‫تبييض األمكاؿ تأجيؿ القبض عمى األشخاص المشتبو فييـ‪ ،‬ككذا األمكاؿ المشتبو في ككنيا‬
‫عائدات إجرامية بغرض التعرؼ عمى األشخاص المتكرطيف في ىذه األنشطة كجمع األدلة‬
‫الكافية إلدانتيـ‪.‬‬

‫كفي األخير‪ ،‬نبلحظ حرص المشرع الجزائرم عمى مكافحة جريمة تبييض األمكاؿ مف‬
‫خبلؿ الجيكد المبذكلة لتكفير أدكات قانكنية تضاؼ إلى النصكص الجزائية‪ ،‬باعتبار ىذه‬
‫األخيرة غير كافية لتأدية الغرض‪ ،‬كذلؾ بيدؼ تمكيف السمطات المختصة مف الحد مف تأثير‬
‫جريمة تبييض األمكاؿ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Groupe d’Action Financière, Rapport annuel sur le blanchiment des capitaux 1991/1992, 25‬‬
‫‪juin 1992.‬‬

‫‪288‬‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم األول ‪:‬‬

‫كما نبلحظ بأف االتجاه الجديد لمسياسة الجنائية التي جاء بيا المشرع الجزائرم‬
‫بمكجب القانكف ‪ 22/06‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية لـ يكازف مف خبلليا بيف‬
‫حماية المصمحة العامة كحؽ األفراد في احتراـ كحماية حياتيـ الخاصة‪ ،‬كىذا ما جسدتو‬
‫السمطات الكاسعة لمممنكحة لضباط الشرطة القضائية تحت غطاء مقتضيات التحرم‬
‫كالتحقيؽ في الجرائـ المنصكص عمييا في المادة ‪ 65‬مكرر السابقة الذكر‪ ،‬فالمشرع تكفؿ‬
‫بجميع األعماؿ كاإلجراءات التي تضمف القياـ بميمة التحرم كالتحقيؽ عمى أكمؿ كجو‪ ،‬لكنو‬
‫لـ ينص عمى تعكيض يتناسب كحجـ الضرر الذم يمحؽ بالفرد بعد أف تتضح براءتو‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫الفصل الثاني‬

‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬


‫بالرغـ مف الجيود المبذولة في سبيؿ مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬سواء ما تعمؽ‬
‫بآليات الوقاية‪ ،‬أو آليات الكشؼ عف ىذه الجريمة‪ ،‬إال أف المكافحة ال تزاؿ تواجو العديد مف‬
‫العقبات التي تحوؿ دوف استثمار تمؾ الجيود بالشكؿ المرغوب في سبيؿ القضاء عمى‬
‫جريمة تبييض األمواؿ والحد مف آثارىا السمبية‪ ،‬مما يؤكد أف مكافحة ىذه الجريمة ليس‬
‫باألمر السيؿ‪.‬‬

‫وسنتناوؿ بالدراسة في ىذا الفصؿ أىـ المعوقات التي تقؼ في وجو الجيود الرامية‬
‫إلى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬بدءا بالمعوقات المرتبطة بنشاط البنوؾ والمؤسسات‬
‫المالية باعتبارىا تشكؿ مانعا مف االطبلع عمى الودائع المصرفية وممجأ لؤلمواؿ المشبوىة‬
‫(المبحث األوؿ)‪ ،‬ثـ نتطرؽ لمعوقات مرتبطة باإلشكاالت التي تعترض التعاوف القضائي‬
‫الدولي (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫معوقات مرتبطة بنشاط البنوك والمؤسسات المالية‬

‫تعتبر البنوؾ والمؤسسات المالية الحمقة الرئيسية التي تدور فييا األمواؿ المحصمة مف‬
‫مصادر غير مشروعة‪ ،‬ويرجع السبب في ذلؾ إلى طبيعة العمؿ المصرفي وتشعب العمميات‬
‫المالية التي تمارسيا‪.‬‬

‫وتفعيبل لدور البنوؾ والمؤسسات المالية في مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬فرض‬
‫عمييا المشرع الجزائري بموجب القانوف ‪ 01/05‬المعدؿ والمتمـ القياـ بدور إيجابي لمكشؼ‬
‫عف عمميات تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫وعمى الرغـ مف كؿ ذلؾ‪ ،‬تبقى البنوؾ والمؤسسات المالية الجزائرية تفتقر لرؤية‬
‫واضحة عف آليات مكافحة جريمة تبييض األمواؿ تمكنيا مف القياـ بدور فعاؿ في ىذا‬
‫المجاؿ نتيجة الصعوبات التي تواجييا في كشؼ العمميات المشتبو في ارتباطيا بأنشطة‬
‫تبييض األمواؿ‬

‫وعميو‪ ،‬سنتناوؿ المعوقات المرتبطة بنشاط البنوؾ في مطمبيف؛ نتطرؽ في المطمب‬


‫األوؿ لمبدأ السرية المصرفية‪ ،‬ونخصص المطمب الثاني لتناوؿ عدـ التزاـ البنوؾ والمؤسسات‬
‫المالية بالرقابة والتحقيؽ‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫مبدأ السرية المصرفية‬

‫تعد سرية الحسابات المصرفية مف أىـ سمات أعماؿ المصارؼ‪ ،‬وىي متوافرة مند‬
‫نشأتيا‪ ،‬إذ أصبحت مف االلتزامات الجوىرية التي يمتزـ بيا جميع العامميف بالمصارؼ سواء‬
‫وفقا لما استقر عميو العرؼ أو ما نصت عميو لوائح ونظـ العامميف بالمصارؼ‪.1‬‬

‫كما تعتبر ال سرية المصرفية مف العناصر األساسية التي يجب توفرىا لقياـ وضع‬
‫اقتصادي ومالي ومصرفي في ظؿ وجود دولة تؤمف االستقرار والعدؿ واألمف السياسي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬وىدفيا مف كؿ ىذا جذب رؤوس األمواؿ األجنبية‪ ،‬غير أف ىذه السرية بعد‬
‫تكاثر عمميات التيريب واالتجار بالمخدرات التي جنت منيا عناصر المنظمات اإلجرامية‬
‫أمواال طائمة‪ ،‬أصبحت مبلذا ليذه األمواؿ غير المشروعة والحصف المنيع لعمميات تبييض‬
‫األمواؿ‪.2‬‬

‫وبما أف لمبنوؾ دور كبير في الحفاظ عمى مدخرات المستثمريف ودعـ المشاريع‬
‫بواسطة القروض‪ ،‬فإف مف أىـ ما يحقؽ المصالح االقتصادية التزاـ البنوؾ بكتماف العمميات‬

‫صبلح الديف حسف السيسي‪ ،‬غسيؿ األمواؿ‪ :‬الجريمة التي تيدد استقرار االقتصاد الدولي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫>‪ ،800‬ص‪.4:‬‬
‫زياد ندير حمادة‪ ،‬تبييض األمواؿ والسرية المصرفية‪ ،‬بحث مقدـ خبلؿ أعماؿ المؤتمر السنوي لكمية الحقوؽ جامعة‬ ‫‪2‬‬

‫بيروت‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،8008 ،‬ص?‪.94‬‬

‫‪291‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫المصرفية والتقيد بالقوانيف الممزمة لمسرية المصرفية‪ ،‬وأف تكوف االستثناءات الواردة عمى‬
‫السرية المصرفية في حدود ضيقة لتحقيؽ أكبر قدر مف المصالح االقتصادية سواء لمزبائف‬
‫أو لمبنؾ مع فرض جزاءات قانونية حاؿ إفشاء السر المصرفي‪.1‬‬

‫ويندرج موضوع السرية المصرفية تحت لواء سر المينة‪ ،‬وىو مف المواضيع المتصمة‬
‫بالنظـ االقتصادية الحديثة‪ ،‬إذ تعتبر مف القواعد المستقرة ذات الصمة بعمؿ البنوؾ‬
‫والمصارؼ‪ ،2‬ذلؾ أف البنؾ يتمقى وىو بصدد أداء نشاطو العديد مف المعمومات التي تخص‬
‫زبائنو باعتباره تاج ار ولو الحؽ في اختيار المتعامميف معو‪ ،‬بؿ إف البنؾ في العديد مف‬
‫األوقات يمعب دور المستشار االقتصادي والتجاري لمزبوف‪ ،‬لكف يكوف ذلؾ مقابؿ أف يبقى‬
‫كؿ ما توصؿ إليو في طي الكتماف وعدـ الكشؼ عف أية معمومة تتعمؽ بالعميؿ إلى طرؼ‬
‫ثالث‪.‬‬

‫ولقد أثار موضوع التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بمبدأ السرية المصرفية مناقشات‬
‫واشكاالت عديدة في الفكر يتسع مدلوليا مف الناحية القانونية والعممية‪ ،‬فقد اختمؼ الفقو‬
‫والقضاء المقارف حوؿ مفيوميا‪ ،‬وقد كاف مف نتائج ذلؾ اختبلفيـ حوؿ طبيعتيا القانونية‬
‫لذلؾ سوؼ نتعرض في ىذا المطمب لمفيوـ السرية المصرفية (الفرع األوؿ)‪ ،‬ثـ نتعرض بعد‬
‫ذلؾ لتأثير السرية المصرفية عمى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫مفهوم السرية المصرفية‬

‫إف عممية تحديد مفيوـ السرية المصرفية تقتضي منا التعرؼ عمى المقصود بيا‬
‫خاصة وأف جؿ التشريعات فرضت االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية عمى البنوؾ والمؤسسات‬
‫المالية دوف تحديد أو توضيح مدلوليا‪ ،‬ليذا سنتطرؽ إلى تعريؼ السرية المصرفية (أوال)‪ ،‬ثـ‬

‫محمد عمي السرىيد‪ ،‬الجوانب القانونية لمسرية المصرفية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار جميس الزماف لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،8040‬ص;‪.‬‬
‫ىياـ الجرد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.:4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪292‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫نتناوؿ بعد ذلؾ نطاؽ االلتزاـ بالسرية المصرفية (ثانيا) واألساس القانوني لبللتزاـ بالسرية‬
‫المصرفية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف السرية المصرفية‬

‫يعود تاريخ السرية المصرفية إلى نشأة البنوؾ‪ ،‬حيث تجمت فييا فكرة إيداع األمواؿ‬
‫بسرية مطمقة عمى أساس أف المودع يميؿ بطبيعتو إلى إخفاء ما يممؾ مف ماؿ‪ ،‬لتتخذ فيما‬
‫بعد أشكاال قانونية والت ازمات يتعيد بيا أصحاب البنوؾ بعدـ إفشاء أسرار زبائنيـ‪.1‬‬

‫ورغـ تكريس جؿ التشريعات لمبدأ التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى‬
‫أسرار زبائنيا‪ ،‬إال أنيا أحجمت عف تحديد مدلولو مما أدى إلى اختبلؼ الفقو والقضاء حوؿ‬
‫تعريؼ السر المصرفي‪ ،‬فنجد البعض يعرفيا بأنيا‪" :‬ضماف عدـ اإلدالء بالمعمومات التي‬
‫بحوزة البنوؾ عف زبائنيا ألي شخص كاف طبيعي أو معنوي"‪.2‬‬

‫كما عرؼ البعض اآلخر السرية المصرفية بأنيا‪" :‬التزاـ موظفي المصارؼ بالمحافظة‬
‫عمى أسرار زبائنيـ وعدـ اإلفضاء بيا لمغير‪ ،‬باعتبار المصرؼ مؤتمنا عمييا بحكـ مينتو‬
‫خاصة وأف عبلقة المصرؼ مع زبائنو تقوـ عمى الثقة‪ ،‬التي يكوف عمادىا كتماف المصرؼ‬
‫ألسرارىـ المالية"‪.3‬‬

‫أما البعض اآلخر فعرؼ السرية المصرفية بأنيا‪" :‬التزاـ البنوؾ بموجب القواعد التي‬
‫العامة في القانوف واألعراؼ المصرفية بحفظ أسرار العمبلء وعممياتيـ المصرفية‪ ،‬ما لـ يكف‬
‫ىناؾ نص في القانوف أو في االتفاؽ يقضي بغير ذلؾ"‪.4‬‬

‫خالد سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص;<‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ليندا بف طالب‪ ،‬غسؿ األمواؿ وعبلقتو بمكافحة اإلرىاب (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،8044 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص<;‪.9‬‬
‫عبد القادر العطير‪ ،‬سر المينة المصرفية في التشريع األردني (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫<??‪ ،4‬ص‪.4:0‬‬
‫عمي جماؿ الديف عوض‪ ،‬عمميات البنوؾ مف الوجية القانونية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،4?>4 ،‬ص?‪.?8‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪293‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫كما عرفت السرية المصرفية بأنيا‪" :‬مبدأ يقتضي مف البنوؾ المحافظة عمى سرية‬
‫المعمومات التي تتحصؿ عمييا مف زبائنيا في إطار نشاطيا الميني"‪.1‬‬

‫وفي منظورنا‪ ،‬فإف ىذه التعريفات منتقدة‪ ،‬نظ ار ألف البنؾ أحيانا قد ترد إلى عممو‬
‫معمومات شخصية خاصة بالزبوف خارج إطار العبلقة التعاقدية بيف الطرفيف‪ ،‬ويكوف البنؾ‬
‫مجب ار عمى االلتزاـ بالمحافظة عمى سريتيا‪ ،‬كذلؾ يعاب عمييا عدـ تحديد طبيعة ومصدر‬
‫األسرار الواجب عمى البنؾ كتمانيا‪.‬‬

‫وعميو يمكننا تعريؼ السرية المصرفية بأنيا‪" :‬التزاـ قانوني وأخبلقي يقع عمى البنوؾ‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬وذلؾ بحفظ أسرار الزبائف وعممياتيـ المصرفية التي ترد إلييا بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة وعدـ إفشائيا لمغير سواء عف عمد أو بإىماؿ"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاق السرية المصرفية‬

‫إف دراسة نطاؽ السرية المصرفية يستمزـ منا التطرؽ لمنطاؽ الشخصي ليذه السرية‬
‫أي تحديد األشخاص الذيف يعتبروف طرفا في ىذا االلتزاـ (‪ ،)1‬ثـ التطرؽ لمنطاؽ‬
‫الموضوعي ليا وذلؾ بتحديد المعمومات التي يمتزـ البنؾ بعدـ إفشائيا (‪ ،)2‬وأخي ار تحديد‬
‫النطاؽ الزمني والمكاني ليذه السرية أي المدى الزمني الذي يظؿ فيو ىذا االلتزاـ ساريا‬
‫واإلطار الجغرافي الذي تطبؽ فيو القواعد القانونية المنظمة لو (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬النطاق الشخصي لمسرية المصرفية‪ :‬يتحدد النطاؽ الشخصي لمسرية المصرفية مف‬
‫خبلؿ التعرؼ عمى أطرافو عمى اعتبار أف السرية المصرفية التزاـ‪ ،‬فبل بد مف وجود ممتزـ‬
‫ومستفيد فالممتزـ ىو المديف بيذا االلتزاـ وىو البنؾ‪ .‬أما المستفيد منو فيو الدائف بو وىو‬
‫العميؿ الذي لو مصمحة في بقاء معموماتو في نطاؽ سري‪ ،‬ليذا تقتضي منا الدراسة التعرؼ‬
‫عمى المقصود بالبنؾ واألشخاص الممتزميف بالسرية المصرفية داخمو‪ ،‬ثـ التعرؼ عمى‬
‫المقصود بالعميؿ‪.‬‬

‫أ‪ -‬البنوك‪ :‬تعتبر ال بنوؾ إحدى الدعامات الكبرى واألساسية في بناء الييكؿ االقتصادي‬
‫لمدولة وتمويؿ المشاريع االستثمارية بما تحتاجو مف أمواؿ‪ ،‬ولقد ازدادت أىميتيا في العصر‬
‫‪1‬‬
‫‪GEERT Delrue, Le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme, 2eme édition,‬‬
‫‪éditions Maklu, 2014, p177.‬‬

‫‪294‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫الحديث حيث أصبحت تعد أداة فعالة مف أدوات االستثمار‪ ،‬وتمعب دو ار ىاما وحيويا في‬
‫تطوير االقتصاد الوطني وازدىاره‪.‬‬

‫‪ -‬تعريف البنوك‪ :‬يرجع أصؿ مصطمح "البنؾ" إلى الكممة اإليطالية "‪ "BANCO‬التي تعني‬
‫الطاولة أو المصطبة التي يجمس عمييا الصرافوف لتمويؿ العممة‪ ،‬ثـ تطور المعنى فيما بعد‬
‫فأصبح يطمؽ عمى المكاف الذي تجرى فيو عممية تحويؿ العممة وتبادليا‪ ،‬ثـ ترجمت إلى‬
‫االنجميزية"‪ "BANC‬ثـ إلى الفرنسية "‪."BANQUE‬‬

‫أما مف الناحية االصطبلحية فيعتبر البنؾ وحدة خدمية تختص بالخدمات المالية‬
‫والنقدية‪ ،‬وتقدـ خدمات متنوعة لزبائنيا وتحصؿ عمى عوائد ىذه الخدمات مف خبلؿ‬
‫العموالت والفوائد‪.1‬‬

‫كما عرفت البنوؾ بأنيا تمؾ األشخاص المعنوية التي يتمثؿ نشاطيا في إجراء‬
‫العمميات المصرفية بصفة مينة معتادة‪ ،‬رئيسية‪ ،‬وعميو ال يمكف إضفاء صفة البنؾ عمى مف‬
‫يمارس ىذه العمميات بصفة عرضية‪.2‬‬

‫ورغـ عدـ تعريؼ المشرع الجزائري لمبنؾ ضمف أحكاـ األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد‬
‫والقرض وكذلؾ القانوف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب‪ ،‬إال‬
‫أف الوضع مختمؼ بالنسبة لبنؾ الجزائر‪ ،‬فقد عرفو في نص المادة ‪ 09‬مف األمر ‪11/03‬‬
‫بأنو‪ " :‬مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقبلؿ المالي‪ ،‬ويعد تاج ار في عبلقتو‬
‫مع الغير‪."... ،‬‬

‫أما المادة ‪ 114‬مف القانوف ‪ 10/90‬المتعمؽ بالنقد والقرض (الممغى)‪ ،‬فقد عرفت‬
‫البنوؾ بأنيا‪" :‬أشخاص معنوية ميمتي ا‪ 3‬العادية والرئيسية إجراء العمميات المصرفية‬
‫الموصوفة في مف ‪ 110‬إلى ‪ 113‬مف ىذا القانوف"‪.‬‬

‫ىياـ الجرد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص=‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫مصطفى رشدي شيحة‪ ،‬النقود والمصارؼ واالئتماف‪ ،‬الدار الجامعية الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،4??? ،‬ص‪.=8‬‬ ‫‪2‬‬

‫ورد في نص المادة ‪ 44:‬مف القانوف ‪ 40/?0‬المتعمؽ بالنقد والقرض كممة "ميمتيا" بدال مف كممة "مينتيا" واألصح‬ ‫‪3‬‬

‫الكممة األخيرة‪ ،‬وىذا باالستناد إلى النص الفرنسي لنفس المادة التي جاءت كما يمي‪:‬‬
‫‪« Les banques sont des personne morales qui effectuent à titre de profession habituelle et‬‬
‫‪principalement, les opérations décrites aux articles 110 à 113 de la présente loi ».‬‬

‫‪295‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫ويختمؼ األمر بالنسبة لتعريؼ المؤسسات المالية حيث عرفتيا المادة ‪ 04‬مف القانوف‬
‫‪ 01/05‬المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما عمى أنيا‪" :‬كؿ‬
‫شخص طبيعي أو معنوي يمارس ألغراض تجارية نشاطا أو أكثر مف األنشطة أو العمميات‬
‫اآلتية باسـ أو لحساب زبوف‪:‬‬

‫‪ -‬تمقي األمواؿ والودائع األخرى القابمة لبلسترجاع‪،‬‬

‫‪ -‬القروض أو السمفيات‪،‬‬

‫‪ -‬القرض اإليجاري‪،‬‬

‫‪ -‬تحويؿ األمواؿ أو القيـ‪،‬‬

‫‪ -‬إصدار كؿ وسائؿ الدفع وتسييرىا‪،‬‬

‫‪ -‬منح الضمانات واكتتاب االلتزامات‪،‬‬

‫‪ -‬التداوؿ والتعامؿ في‪:‬‬

‫‪ -‬وسائؿ السوؽ النقدية‪،‬‬

‫‪ -‬سوؽ الصرؼ‪،‬‬

‫‪ -‬وسائؿ عمبلت الصرؼ ونسب الفائدة والمؤشرات‪،‬‬

‫‪ -‬القيـ المنقولة‪،‬‬

‫‪ -‬االتجار بالسمع اآلجمة التسميـ‪،‬‬

‫‪ -‬المشاركة في إصدار قيـ منقولة وتقديـ خدمات مالية ممحقة‪،‬‬

‫‪ -‬التسيير الفردي والجماعي لمممتمكات‪،‬‬

‫‪ -‬حفظ القيـ المنقولة نقدا أو سيولة وادارتيا لحساب الغير‪،‬‬

‫‪ -‬عمميات أخرى لبلستثمار وادارة األمواؿ أو النقود وتسييرىا لحساب الغير‪،‬‬

‫‪296‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬اكتتاب وتوظيؼ تأمينات عف الحياة ومواد استثمارية أخرى ذات صمة بالتأميف‪،‬‬

‫‪ -‬صرؼ النقود والعمبلت األجنبية"‪.1‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ‪ ،‬يعد البنؾ وفقا لمتشريع البنكي الجزائري المخوؿ دوف سواه لمقياـ‬
‫بعمميات تمقي األمواؿ مف الجميور ومنح القروض‪ ،‬وكذا وضع وسائؿ الدفع تحت تصرؼ‬
‫الزبائف وادارتيا‪ ،‬وىو ما يميز البنوؾ عف المؤسسات المالية التي لـ يخوليا المشرع تمقي‬
‫األمواؿ مف الجميور‪ 2‬وال وضع وسائؿ الدفع تحت تصرؼ زبائنيا‪.3‬‬

‫وتعتبر أمواال متمقاة مف الجميور‪ ،‬األمواؿ التي يتـ تمقييا مف الغير‪ ،‬السيما في شكؿ‬
‫ودائع‪ ،‬مع حؽ استعماليا لحساب مف تمقاىا (البنؾ)‪ ،‬بشرط إعادتيا‪ .4‬وتمثؿ الودائع مف أىـ‬
‫مصادر تمويؿ البنوؾ التجارية لذلؾ فيي تحرص دائما عمى تنميتيا وتعمؿ عمى نشر الثقافة‬
‫المصرفية في أوساط المواطنيف مف خبلؿ تبسيط إجراءات التعامؿ وكذا رفع أسعار الفائدة‬
‫عمى الودائع لدييا‪.‬‬

‫ومف صور االئتماف العديدة التي يقوـ بيا البنؾ عممية إقراض النقود لمزبائف‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 68‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أف‪" :‬يشكؿ عممية قرض‬
‫في مفيوـ ىذا األمر‪ ،‬كؿ عمؿ لقاء عوض يضع بموجبو شخص ما أو يعد بوضع أمواؿ‬
‫تحت تصرؼ شخص آخر‪ ،‬أو يأخذ بموجبو لصالح الشخص اآلخر التزاما بالتوقيع‬
‫كالضماف االحتياطي أو الكفالة أو الضماف‪ .‬تعتبر بمثابة قرض عمميات اإليجار المقرونة‬
‫بحؽ خيار بالشراء السيما عمميات القرض اإليجاري‪ ،‬وتمارس صبلحيات المجمس إزاء‬
‫العمميات المنصوص عمييا في ىذه المادة"‪.5‬‬

‫المعدلة بمقتضى المادة ‪ 08‬مف األمر ‪ 08/48‬المتضمف قانوف الوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابؽ‪.‬‬
‫مع مراعاة االستثناء الوارد في المادة ‪ =9‬مف األمر ‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬الذي يسمح لممؤسسات المالية بأف تتمقى مف‬ ‫‪2‬‬

‫الجميور أمواال لمتوظيؼ في شكؿ مساىمات لدى مؤسسة‪ ،‬وذلؾ وفقا لكؿ الكيفيات القانونية كما في األسيـ وسندات‬
‫االستثمار وحصص الشركات والموصيف في شركات التوصية أو سواىا‪.‬‬
‫المادة ‪ =4‬مف األمر ‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة =< مف األمر ‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة >< مف األمر‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪297‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬األشخاص الممزمون بالسرية المصرفية في البنوك‪ :‬لما كاف البنؾ كشخص معنوي لو‬
‫شخص يتو القانونية المستقمة عف كؿ شريؾ فيو‪ ،‬وتكوف لو ذمة مالية مستقمة عف ذمة كؿ‬
‫شريؾ ولو أىمية في الحدود التي يقررىا القانوف األساسي عند إنشائو طبقا لما يقتضيو‬
‫القانوف ولو مف يمثمو في التعبير عف إرادتو‪ ،‬فإف عميو تنفيذ التزامو بحفظ أسرار عمبلئو‬
‫وذلؾ مف خبلؿ األشخاص الممتزميف بيذا السر‪.‬‬

‫أولى المشرع الجزائري أىمية خاصة لمسرية المصرفية وذلؾ بمقتضى المادة ‪117‬‬
‫مف األمر ‪ ،11/03‬والتي ألزمت أعضاء مجمس إدارة البنوؾ والمؤسسات المالية ومحافظي‬
‫الحسابات فييا‪ ،‬ومسيرييا وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ في رقابتيا وفقا لمشروط المنصوص‬
‫عمي يا ضرورة االلتزاـ بالسر المصرفي‪ ،‬تحت طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف‬
‫العقوبات‪.‬‬

‫إف الذيف يجب عمييـ االلتزاـ بالمحافظة عمى سرية حسابات العمبلء لدى البنوؾ ىـ‬
‫أشخاص البنؾ ومف يرتبطوف معو بعبلقة وظيفية‪:‬‬

‫موظفو البنوك‪ :‬يعتبر موظفو البنوؾ مف الموظفيف العمومييف المتصميف عف قرب بتنفيذ‬
‫السياسة االقتصادية واالجتماعية لمدولة‪.‬‬

‫ويقصد بموظفي البنوؾ جميع المستخدميف والعماؿ الذيف يسأؿ عنيـ البنؾ مسؤولية‬
‫المتبوع والذيف يفشوف معمومات وصمت إلييـ بمناسبة أعماليـ في البنؾ ولو لـ يكف مف‬
‫اختصاصو االطبلع عمى ىذه ما دامت وصمتيـ بمناسبة مباشرة أعماليـ كموظفيف أو‬
‫تابعيف أيا كانت درجتيـ الوظيفية فبل يشترط حتى يمتزـ الموظؼ بحفظ السر المصرفي أف‬
‫يكوف ىو المكمؼ بحفظ البيانات أو المعمومات‪ ،‬وانما يقع االلتزاـ عمى الموظؼ بمجرد وجود‬
‫العبلقة الوظيفية التي تربطو بالبنؾ التي توجد فيو العمميات التي يغطي السر المصرفي‬
‫جميع البيانات والمعمومات المتعمقة بيا‪.‬‬

‫أعضاء مجمس اإلدارة‪ :‬يدير البنؾ باعتباره شركة مساىمة مجمس إدارة يتكوف وفقا لممادة‬
‫‪ 610‬مف القانوف التجاري مف ثبلثة أعضاء عمى األقؿ‪ ،‬واثني عشر عمى األكثر‪ ،‬تنتخبيـ‬

‫‪298‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة حسب األحواؿ‪ ،‬وتحدد مدة عضويتيـ في‬
‫القانوف األساسي دوف أف تتجاوز ست سنوات‪.‬‬

‫وينتخب مجمس اإلدارة مف بيف أعضائو رئيسا لو شريطة أف يكوف شخصا طبيعيا‬
‫وذلؾ تحت طائمة بطبلف التعييف عمبل بالمادة ‪ 635‬مف القانوف التجاري‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪ 627‬مف القانوف التجاري عمى إلزامية كتماف القائميف باإلدارة ومجموع‬
‫األشخاص المدعويف لحضور اجتماعات مجمس اإلدارة لممعمومات ذات الطابع السري أو‬
‫التي تعتبر كذلؾ‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائري فرض كذلؾ االلتزاـ بالسر المصرفي عمى‬
‫أعضاء مجمس إدارة بنؾ الجزائر‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 25‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد‬
‫والقرض عمى أنو‪" :‬ال يجوز ألعضاء مجمس اإلدارة أف يفشوا بصفة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫وقائع أو معمومات اطمعوا عمييا في إطار عيدتيـ‪."...‬‬

‫المكمفون برقابة البنوك والمؤسسات المالية‪ :‬وىـ األشخاص الذيف يشاركوف أو شاركوا في‬
‫الرقابة عم ى البنوؾ والمؤسسات المالية كأعضاء المجنة المصرفية ومحافظي الحسابات الذيف‬
‫يتـ تعيينيـ مف قبؿ الجمعية العامة أو الجياز المكمؼ بالمداوالت‪.‬‬

‫ىذا‪ ،‬ويسري االلتزاـ بحفظ السر المصرفي عمى بعض األشخاص الذيف يعدوف مف‬
‫الغير‪ ،‬لكنيـ يطمعوف عمى أس ارر عمبلء البنوؾ والمؤسسات المالية بحكـ وظائفيـ‬
‫كالمحاميف والمستشاريف القانونييف والمستشاريف المالييف‪ ،‬القضاة والخبراء الذيف يطمعوف عمى‬
‫بعض العمميات المصرفية بسبب عرض المنازعات بيف البنؾ أو المؤسسة المالية وعمبلئيـ‬
‫عمييـ‪.1‬‬

‫وفاء جبلؿ حمديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص>‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪299‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫ب‪ -‬العميل‪ :‬يعتبر البنؾ حريصا عمى حفظ المعمومات التي تصؿ إليو وىذا ما يدعـ الثقة‬
‫ويؤدي إلى ازدىار نشاطو عف طريؽ زيادة عدد المتعامميف معو‪ ،‬ألف العميؿ ىو المستفيد‬
‫األوؿ مف الكتماف المقرر لمصمحتو‪.1‬‬

‫ويعرؼ العميؿ بأنو‪" :‬الشخص الذي وافؽ المصرؼ عمى تحصيؿ حقوؽ لصالحو‪،‬‬
‫ويشمؿ ذلؾ األشخاص الطبيعييف والمعنوييف"‪.2‬‬

‫أما المشرع الجزائري فعرؼ العميؿ بموجب المادة ‪ 04‬مف النظاـ رقـ ‪03/12‬‬
‫المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما التي نصت عمى أنو‪:‬‬
‫"يقصد في مفيوـ ىذا النظاـ بمصطمح زبوف ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬كؿ شخص طبيعي أو ىيئة تمتمؾ حسابا لدى مصرؼ أو المصالح المالية لبريد الجزائر‬
‫أو يتـ فتح حساب باسمو (الصاحب الفعمي لمحساب)‪،‬‬

‫‪ -‬كؿ مستفيد فعمي مف الحساب‪،‬‬

‫‪ -‬المستفيديف مف المعامبلت التي ينجزىا وسيطا أو وسطاء محترفوف‪،‬‬

‫‪ -‬الزبائف غير االعتيادييف‪،‬‬

‫‪ -‬الوكبلء والوسطاء الذيف يعمموف لحساب الغير‪،‬‬

‫‪ -‬كؿ شخص أو ىيئة شريكة في معاممة مالية تنفذ بواسطة مصرؼ أو مؤسسة مالية أو‬
‫المصالح المالية لبريد الجزائر"‪.‬‬

‫ونبلحظ أف المشرع الجزائري استخدـ مصطمح "الزبوف" لمداللة عمى العميؿ المتعامؿ‬
‫معو‪ ،‬واف كاف مصطمح "العميؿ" مف وجية نظرنا أكثر داللة ودقة مف مصطمح الزبوف الذي‬
‫يستعمؿ عادة في البيوع التجارية‪ ،‬وذلؾ عمى خبلؼ المشرع المصري الذي استعمؿ مصطمح‬

‫أرتباس ندير‪ ،‬العبلقة بيف السر المصرفي وعمميات تبييض األمواؿ (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانوف‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬ص?<‪.‬‬


‫العطير عبد القادر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.404‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪300‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫العميؿ وعرفو عمى أنو‪" :‬الشخص الطبيعي أو االعتباري الذي تفتح المؤسسة المالية حساب‬
‫باسمو‪ ،‬أو تنفذ عممية لحسابو‪ ،‬أو تقدـ لو خدمة"‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف الفقو والقضاء انقسـ في تحديد مفيوـ العميؿ إلى اتجاىيف‪:‬‬
‫االتجاه األوؿ يعتمد معيا ار واسعا لمفيوـ العميؿ وأعطى ىذه الصفة لكؿ شخص يتعامؿ مع‬
‫البنؾ ولو بصورة غير مباشرة وميما كاف نوع وظروؼ ىذا التعامؿ‪ ،‬حيث يعتبر عميبل‬
‫يستفيد مف السرية المصرفية كؿ شخص يتعامؿ مع البنؾ ولو لممرة األولى‪ ،‬إذ ال يشترط‬
‫التكرار واالستم اررية‪.‬‬

‫أما االتجاه الثاني يعتمد معيا ار ضيقا لمفيوـ العميؿ مفاده أف الشخص ال يكسب‬
‫صفة العميؿ إال إذا كاف يتعامؿ بصفة مستمرة ودائمة مع البنؾ‪ ،‬فاكتساب ىذه الصفة يبقى‬
‫مقتص ار عمى مف يعرفو البنؾ وسبؽ لو أف تعامؿ معو‪ ،‬ليذا ال يعتبر مف العمبلء السائح‬
‫الذي يتجو لمبنؾ مف أجؿ تبديؿ النقد ألف إرادتو لـ تتجو لمدخوؿ في عبلقة مع البنؾ‪.‬‬

‫وبالنسبة لموقؼ المشرع الجزائري‪ ،‬بالرجوع لممادة ‪ 04‬مف النظاـ ‪ 03/12‬السابقة‬


‫الذكر والمواد التي تحدد العمميات المصرفية يمكننا تحديد األشخاص الذيف يكتسبوف صفة‬
‫العميؿ بطريقة غير مباشرة متى توجيوا إلى البنؾ بقصد تنفيذىا وقبؿ البنؾ ما اتجيت إليو‬
‫إرادتيـ فقد نصت المادة ‪ 66‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أف العمميات‬
‫المصرفية تتضمف تمقي األمواؿ مف الجميور‪ ،‬وعمميات القرض وكذا وضع وسائؿ الدفع‬
‫تحت تصرؼ الزبائف وادارتيا‪ ،‬كما تعد مف قبيؿ العمميات المصرفية العمميات عمى الذىب‬
‫والمعادف والقطع النقدية الثمينة‪ ،‬توظيؼ القيـ المنقولة وكؿ منتوج مالي‪ ،‬واكتتابيا وتسييرىا‬
‫وشرائيا وبيعيا‪ ،2‬ويكتسب ىذه الصفة أيضا الشخص الذي يمجأ إلى البنؾ لطمب االستشارة‬
‫أو المساعدة في مجاؿ تسيير الممتمكات أو فتح حساب‪ ،‬بيذا يعتبر المشرع الجزائري قد أخد‬
‫بالمفيوـ الواسع لمعميؿ‪.‬‬

‫المادة األولى مف القرار ‪ ?;4‬لسنة ‪ ،8009‬المتضمف البلئحة التنفيذية لقانوف مكافحة غسؿ األمواؿ رقـ ‪ >0‬لسنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،8008‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ـ‪ ،‬عدد‪ 89‬مكرر (أ)‪ ،‬صادر في ? يونيو ‪.8009‬‬


‫المادة ‪ =8‬مف األمر ‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪301‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫وفي منظورنا الخاص‪ ،‬فإننا نرجح االتجاه الضيؽ لمفيوـ العميؿ‪ ،‬إذ أنو مف غير‬
‫المنطقي اعتبار كؿ شخص سواء كاف طبيعيا أو معنويا يتعامؿ مع البنؾ بصورة عارضة‬
‫عميبل طالما لـ تتجو إرادتو إلى إقامة عبلقة معو‪ ،‬بؿ كاف يسعى فقط لمحصوؿ عمى‬
‫الخدمة‪.‬‬

‫‪ -2‬النطاق الموضوعي لمسرية المصرفية‪ :‬يتعمؽ األمر بالمعمومات التي تكوف مشمولة‬
‫بالسرية المصرفية‪ ،‬ذلؾ أف اللتزاـ البنؾ بحفظ أسرار عمبلئو شأنو شأف كؿ التزاـ قانوني‬
‫آخر المعمومة محبل يتمثؿ في المعمومة المشمولة بالسر باعتبار أف ىذه األخيرة تتخذ‬
‫موضعا ميما في العمؿ المصرفي‪.1‬‬

‫ويعد تحديد المعمومات المشمولة بالسرية المصرفية مف الصعوبات التي يمكف‬


‫مواجيتيا السيما عند تحديد مسؤولية البنؾ‪ ،‬أو عندما يثار السر المصرفي أثناء عبلقات‬
‫التعاوف بيف البنوؾ أو تعاوف الييئات المختصة فيما بينيا‪.2‬‬

‫وعميو فإف التزاـ ا لبنؾ بحفظ السر المصرفي محمو المعمومات ذات الطابع السري‬
‫التي وصمت إلى عمـ البنؾ بمناسبة دخولو في عبلقة مع الزبوف أو إجراء عممية مالية‪.‬‬

‫أ‪ -‬الطابع السري لممعمومات‪ :‬المعمومات السرية بطبيعتيا ىي المعمومات التي ال تعتبر أم ار‬
‫معروفا أو ظاى ار لمكافة‪ ،‬وأف يكوف مف شأف اطبلع الغير عمييا إعطاء المطمع اطمئنانا أو‬
‫تأكيدا لـ يكف لديو مف قبؿ‪.3‬‬

‫والواقع أف ليس مف السيؿ عمى البنوؾ والمؤسسات المالية التمييز بيف المعمومات‬
‫السرية بطبيعتيا عف غيرىا مف المعمومات خاصة في غياب نص قانوني يتولى تحديد ما‬
‫يعتبر س ار يجب حفظو‪ .‬حيث تعتمد المحاكـ في الواليات المتحدة األمريكية في تحديدىا‬
‫لنطاؽ المعمومات السرية الواجب حمايتيا وعدـ إطبلع الغير عمييا عمى فكرة حماية‬

‫‪1‬‬
‫‪Richard ROUTIER, obligations et responsabilités du banquier, 3eme édition, Dalloz,‬‬
‫‪France, 2011, p627.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Stéphane PIEDELIEVRE, Emmanuel PUTMAN, Droit bancaire, Economica, France, 2011,‬‬
‫‪p198.‬‬
‫‪ 3‬محي الديف إسماعيؿ عمـ الديف‪ ،‬موسوعة أعماؿ البنوؾ مف الناحيتيف القانونية والعممية‪ ،‬الجزء األوؿ‪ ،‬النسر الذىبي‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،8004 ،‬ص<‪.89‬‬

‫‪302‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫التوقعات المعقولة لمزبائف التي يتضمنيا عقد ضمني بيف البنؾ والعميؿ‪ ،‬ويتولى القضاة‬
‫تحميميا إلى عناصر حتى يمكف تقرير ما إذا كانت لمعميؿ رغبة في حماية المعمومات السرية‬
‫مف عدميا‪.1‬‬

‫وقد اعتبر الفقو مف جيتو أف المعمومات تكوف ذات طابع سري عندما تتعمؽ ببيانات‬
‫محددة وغير معمومة لمجميور‪ ،‬السيما تمؾ المتعمقة بالحياة الخاصة لمعميؿ وأعمالو‪ ،‬ذلؾ أف‬
‫االلتزاـ بحفظ السر ضروري لحماية الحياة الخاصة لمعميؿ وسرية أعمالو‪.2‬‬

‫أما المعمومات ذات الطابع العاـ التي يمكف لمبنؾ أف يتوصؿ إلييا مف تمقاء نفسو‪ ،‬أو‬
‫يمكف الحصوؿ عمييا بسيولة مف جيات أخرى غير البنؾ باعتبارىا متداولة في الوسط العاـ‬
‫كتمؾ التي كانت محبل لمنشر في الصحؼ أو المجبلت االقتصادية‪ ،‬فإنيا تستبعد مف نطاؽ‬
‫المعمومات ذات الطابع السري عمى الرغـ مف ارتباطيا بالعميؿ وتخصو لكف بإمكاف الغير‬
‫معرفتيا‪.3‬‬

‫ب‪ -‬العمم بالمعمومات بحكم الوظيفة‪ :‬يتطمب السر المصرفي أف يتـ العمـ بالمعمومات التي‬
‫تخص العميؿ بمناسبة الوظيفة‪ ،‬وىو ما يستفاد مف نص المادة ‪ 301‬مف قانوف العقوبات‬
‫التي جاء في نصيا عبارة "‪ ...‬األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة‬
‫الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي بيا إلييـ ‪ ،"...‬وىو ما يستفاد كذلؾ مف المادتيف ‪25‬‬
‫و‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬المتضمف قانوف النقد والقرض‪.‬‬

‫ويتوصؿ البنؾ إلى المعمومات ذات الطابع السري بأحد الطريقتيف‪ ،‬إما مباشرة سواء‬
‫مف العميؿ ذاتو أو بمناسبة إجراء التحقيؽ الذي يقوـ بو عند تنفيذ العمميات أو الخدمات التي‬
‫يقدميا لمعميؿ تطبيقا لواجب االستعبلـ عف العميؿ لمتأكد مف صحة البيانات التي يقدميا‬
‫خاصة ما تعمؽ بسمعتو ومؤلتو المالية تفاديا مف تعرض البنؾ لممخاطر‪ ،‬وىو األمر الذي‬
‫يجعمو يحصؿ عمى معمومات تخص ذمتو المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬ماجد عبد الحميد عمار‪ ،‬مشكمة غسؿ األمواؿ وسرية الحسابات البنكية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،8008 ،‬ص=‪.8‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Stéphane PIEDELIEVRE, Emmanuel PUTMAN, Op. Cit, p193.‬‬
‫‪ 3‬قريمس عبد الحؽ‪ ،‬المسؤولية المدنية لمبنوؾ في مجاؿ الحسابات‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوؽ‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،8044-8040،‬ص><‪.4‬‬

‫‪303‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫كما يتحصؿ البنؾ عمى المعمومات التي تخص طالب خدماتيا مف خبلؿ ما يتمقاه‬
‫مف الوسط البنكي كالمعمومات الواردة في فيارس بنؾ الجزائر وتكوف مقتصرة لبلستعماؿ‬
‫الميني دوف إعبلـ الغير بيا تحت طائمة مسؤولياتو القانونية المختمفة الجزائية منيا‪ ،‬المدنية‬
‫والمينية‪ ،1‬أو مف البنوؾ األخرى في إطار التبادؿ األفقي لممعمومات فيما بينيا خاصة تمؾ‬
‫المتعمقة بحسابات العمبلء المدينة‪.2‬‬

‫وعموما يعد داخبل في نطاؽ السر المصرفي اسـ العميؿ‪ ،‬المعطيات الخاصة‬
‫بالرصيد وضعية الرصيد (دائف أـ مديف)‪ ،‬العمميات التي تط أر عمى الرصيد‪ ،‬عمميات إيداع‬
‫المبالغ المالية أو القيـ المنقولة‪ ،‬المعمومات المقدمة مف قبؿ العميؿ المتعمقة بالوضعية‬
‫االقتصادية عند فتح الحساب أو الحصوؿ عمى قرض‪ ،‬البيانات الخاصة بالميزانية ورقـ‬
‫األعماؿ‪ ،‬قيمة ونوع األوراؽ التجارية المودعة لمخصـ والمخالصة‪ ،‬تأجير صندوؽ الودائع‬
‫األوامر التي يصدرىا العميؿ المتعمقة بالتحويبلت‪ ،‬عمميات الدفع‪ ،‬الضمانات العينية‬
‫والشخصية المقدمة‪ ،‬أسماء الغير الذيف تعامؿ معيـ العميؿ‪ ،3‬ويستوي األمر في ذلؾ أف‬
‫يكوف العميؿ قد أفضى بيا بنفسو إلى البنؾ‪ ،‬أو أف يكوف قد اتصؿ عمـ البنؾ بيا مف‬
‫الغير‪.4‬‬

‫كما يسري نطاؽ السرية المصرفية عمى المراسبلت المصرفية‪ ،‬وأيضا عمى المصالح‬
‫األدبية والمعنوية لمعميؿ وليس فقط المصالح المالية مثؿ تمؾ المتعمقة بشرفيـ وسمعتيـ‬
‫وسموكيـ الشخصي ومعتقداتيـ‪.‬‬

‫‪ -3‬النطاق الزمني والمكاني لمسر المصرفي‪ :‬طالما أف االلتزاـ بحفظ السر المصرفي ىو‬
‫واجب يقع عمى البنؾ فإف لو فترة زمنية يسري فييا ونطاؽ جغرافي تطبؽ فيو أحكامو‪.‬‬

‫أ‪ -‬النطاق الزمني لمسر المصرفي‪ :‬يقصد بالنطاؽ الزمني لمسر المصرفي الفترة الزمنية التي‬
‫يمتزـ البنؾ فييا ومف في حكمو بالحفاظ عمى أسرار عمبلئو وكتمانيا‪.‬‬

‫قريمس عبد الحؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.4=4‬‬ ‫‪1‬‬

‫ىياـ الجرد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.::‬‬ ‫‪2‬‬

‫لعشب محفوظ‪ ،‬سمسمة القانوف االقتصادي (القانوف المصرفي)‪ ،‬المطبعة الحديثة لمفنوف المطبعية‪ ،‬الجزائر‪،8049 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪76‬؛ سميحة القميوني‪ ،‬األسس القانونية لعمميات البنوؾ‪ ،‬مكتبة عيف الشمس‪ ،‬القاىرة‪ ،4??8 ،‬ص;‪.88‬‬
‫رمزي نجيب القسوس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص;>‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪304‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫وتظؿ البنوؾ ممتزمة بالسر المصرفي لعمبلئيا طالما أف الوقائع السرية تحقؽ‬
‫مصمحة مادية أو معنوية لمعميؿ‪ ،‬وىو ما سار عميو المشرع الجزائري حيث نصت المادة‬
‫‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أنو‪" :‬يخضع لمسر الميني تحت طائمة‬
‫العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات‪ - :‬كؿ عضو في مجمس اإلدارة‪ ،‬وكؿ‬
‫محافظ حسابات وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ بأي طريقة كانت في تسيير بنؾ أو مؤسسة‬
‫مالية أو كاف أحد مستخدمييا‪."...‬‬

‫فعبارة "يشارؾ أو شارؾ" الواردة في المادة السابقة الذكر يفيـ منيا أف التزاـ البنوؾ‬
‫والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى أسرار عمبلئيـ يظؿ مستم ار ولو توقؼ الموظؼ عف‬
‫ممارسة ميامو‪ ،‬وىو ما يتفؽ مع الغاية مف حماية السر المصرفي لمعميؿ تحقيقا لممصمحة‬
‫العامة والخاصة‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف العديد مف التشريعات المقارنة لـ تجعؿ مف التزاـ البنوؾ‬


‫بالمحافظة عمى السر المصرفي لمعميؿ التزاما ذا نطاؽ زمني محدد بعبلقة العميؿ بالبنؾ بؿ‬
‫مددتو إلى ما بعد انقطاع ىذه العبلقة وجعمتو التزاـ مؤبد يمقى عمى عاتؽ البنؾ‪ ،‬كما يعد‬
‫ىذا االلتزاـ مؤبد أيضا بالنسبة لموظؼ البنؾ فبل يجوز لو إفشاء أي سر مف أسرار عمبلء‬
‫البنؾ الذي كاف يعمؿ فيو واال وقع تحت طائمة المسؤولية‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري فمـ ينص عمى تجريـ إفشاء السر المصرفي بعد انتياء عبلقة‬
‫العميؿ بالبنؾ‪ ،‬وىو مف وجية نظرنا أمر يعاب عميو خاصة وأنو أخذ بالمفيوـ الواسع لمعميؿ‬
‫كما ألزـ البنوؾ والمؤسسات المالية بضرورة االحتفاظ بالوثائؽ المتعمقة بيوية العمبلء‬
‫وبالعمميات التي أجراىا خبلؿ فترة خمس سنوات عمى األقؿ بعد غمؽ الحساب أو وقؼ‬
‫عبلقة التعامؿ مع العميؿ‪.‬‬

‫ب‪ -‬النطاق المكاني لمسر المصرفي‪ :‬يقصد بالنطاؽ المكاني تحديد الرقعة الجغرافية التي‬
‫يظؿ فييا ىذا االلتزاـ ساري المفعوؿ‪.‬‬

‫سعيد عبد المطيؼ حسف‪ ،‬الحماية الجنائية لمسرية المصرفية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،800: ،‬ص;‪.88‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪305‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫فمف خبلؿ استقراء نص المادة ‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬السابقة الذكر‪ ،‬نستنتج أف‬
‫التزاـ بالمحافظة عمى السر المصرفي لمعميؿ يسري عمى جميع البنوؾ والمؤسسات المالية‬
‫المتواجدة في التراب الجزائري‪ ،‬سواء كانت وطنية أو أجنبية المنشأة طبقا لممادتيف ‪ 82‬و‪83‬‬
‫مف القانوف المتعمؽ بالنقد والقرض‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األساس القانوني لاللتزام بالسرية المصرفية‬

‫اختمؼ الفقو في معالجة األساس القانوني لبللتزاـ بالسرية المصرفية‪ ،‬األمر الذي‬
‫كانت لو انعكاساتو الواضحة عمى القواعد المنظمة ليذه السرية‪ ،‬فمنو مف يرى أف أساس‬
‫االلتزاـ ىو العقد المبرـ بيف البنؾ والعميؿ‪ ،‬وجانب آخر يرى بأف أساسو ىو القانوف باعتبار‬
‫أف التزاـ البنؾ بالسر المصرفي مقرر لحماية االئتماف باعتباره مصمحة اقتصادية عامة وأف‬
‫حماية المصالح العامة أولى مف المصالح الشخصية‪.‬‬

‫‪ -1‬االلتزام بالسرية المصرفية التزام تعاقدي‪ :‬وفقا ليذا االتجاه يقوـ االلتزاـ بالسرية‬
‫المصرفية عمى أساس تعاقدي يفترض اتجاه إرادة العميؿ إلى األخذ بما جرى عميو العرؼ‬
‫المصرفي في مجاؿ كتماف األسرار المصرفية والذي يترتب عمى اإلخبلؿ بو قياـ المسؤولية‬
‫المدنية العقدية دوف ترتيب أية مسؤولية جنائية‪.1‬‬

‫وي ذىب الرأي الراجح إلى أف إلزاـ البنؾ بالمحافظة عمى السر المصرفي ىو التزاـ‬
‫ضمني يقع عمى البنوؾ في عبلقتيا بالعمبلء لما تقتضيو طبيعة العبلقة المصرفية مف ثقة‬
‫متبادلة وحيطة وحذر‪ ،‬ومع ىذا يذىب البعض إلى أنو يمزـ وجود شرط صريح في العقد مع‬
‫الزبوف بإلزاـ البنؾ بكتماف السر المصرفي‪ ،‬وبحيث ال تقوـ مسؤولية البنؾ إذا تخمؼ ىذا‬
‫الشرط‪.2‬‬

‫ويعد العقد مصد ار مف مصادر االلتزاـ بالسرية المصرفية‪ ،‬إذ أف جميع عمميات‬
‫البنوؾ يتـ إبراميا مف خبلؿ العقود وبإرادة العميؿ والبنؾ‪ ،‬حيث تتجو اإلرادة إلى إحداث‬
‫األثر القانوني‪ .‬ولقد عرؼ المشرع الجزائري العقد في المادة ‪ 54‬مف القانوف المدني بأنو‪:3‬‬

‫سعيد عبد المطيؼ حسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص>‪.94‬‬ ‫‪1‬‬

‫ليندا بف طالب‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص>;‪.9‬‬ ‫‪2‬‬

‫األمر ;=‪ ;>/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪306‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫"اتفاؽ يمتزـ بم وجبو شخص أو عدة أشخاص آخريف بمنح أو فعؿ أو عدـ فعؿ شيء ما"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 55‬مف نفس القانوف عمى أنو‪" :‬يكوف العقد ممزما لمطرفيف متى تبادؿ‬
‫المتعاقداف االلتزاـ بعضيما بعضا"‪.‬‬

‫ولذلؾ يعتبر العقد المبرـ بيف الطرفيف (البنؾ والعميؿ) مصدر التزاـ البنؾ بحفظ‬
‫أسرار العميؿ‪ ،‬وكتماف حساباتو المصرفية‪ ،‬وتقديـ الخدمات المنصوص عمييا في ىذا العقد‬
‫كما يفرض عمى العميؿ بالمقابؿ الوفاء بالتزاماتو تجاه البنؾ‪ ،‬والتي مف بينيا التزامو كذلؾ‬
‫بالمحافظة عمى أس ارره المصرفية كذلؾ‪ ،1‬استنادا لما ورد في المادة ‪ 57‬مف القانوف المدني‬
‫التي نصت عمى أف‪" :‬يكوف العقد تبادليا متى التزـ أحد الطرفيف بمنح أو فعؿ شيء يعتبر‬
‫معادال لما يمنح أو يفعؿ لو"‪.‬‬

‫ومف النتائج التي تترتب عمى اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية ىي أف‬
‫االلتزاـ بالسرية المصرفية يعد التزاما نسبيا وال يعد التزاما مطمقا بالكتماف‪ ،‬وأف رضا صاحب‬
‫السر باإلفشاء يعد سببا إلباحة اإلفشاء فيستطيع أف يعفي البنؾ منو أو يسقطو عنو ولو‬
‫الحؽ في إعطائو الحرية الكاممة في إفشائو‪.‬‬

‫ولـ يسمـ اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية مف االنتقادات التي وجيت لو‬
‫مف جانب الفقياء ألنو يقوـ عمى افتراض عقد ضمني بيف البنؾ والعميؿ وىو ما ال يتفؽ مع‬
‫الواقع‪.‬‬

‫وفي منظورنا‪ ،‬فإف اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية يصمح لتفسير أساس‬
‫االلتزاـ‪ ،‬ذلؾ أف كؿ عممية مصرفية يقوـ بيا العميؿ تستند إلى عقد يبرـ بينو و بيف البنؾ‬
‫سواء كانت عممية فتح حساب بنكي أو وديعة أو قرض‪ ،‬وتتجو إرادة العميؿ إلى كتماف‬
‫المعمومات التي تتصؿ بيذه العمميات‪.‬‬

‫‪ -2‬االلتزام بالسرية المصرفية التزام قانوني‪ :‬ذىب جانب مف الفقو إلى تأسيس السرية‬
‫المصرفية عمى فكرة المصمحة العامة‪ ،‬لذلؾ قاـ المشرع بوضع نصوص تشريعية جاءت‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص>‪.94‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪307‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫بقواعد عامة لحماية السر الميني وقواعد خاصة لحماية السر المصرفي مف خبلؿ قواعد‬
‫قانونية محددة في التشريعات التي عالجت األعماؿ المالية والمصرفية‪.1‬‬

‫وعمى خ بلؼ بعض التشريعات المقارنة التي خصصت قانونا مستقبل ألحكاـ السرية‬
‫المصرفية كسويس ار ولبناف ومصر‪ ،‬اكتفى المشرع الجزائري ببعض المواد في الدستور وبعض‬
‫النصوص التشريعية األخرى التي تنظـ السر الميني بصفة عامة وتعاقب عمى إفشائو‬
‫كأساس قانوني لبللتزاـ بالسرية المصرفية‪ ،‬لكنو أورد مادة واحدة بخصوص السر البنكي‬
‫ضمف القانوف المتعمؽ بالنقد والقرض‪.‬‬

‫أ‪ -‬الدستور‪ :‬كفؿ دستور الجزائر لسنة ‪ 1996‬في الفصؿ الرابع المتضمف الحقوؽ والحريات‬
‫العديد مف الحقوؽ الدستورية‪ ،‬أىميا ما ورد في المادة ‪ 38‬والتي نصت عمى أف‪" :‬الحريات‬
‫األساسية وحقوؽ اإلنساف والمواطف مضمونة"‪ .‬كما نصت المادة ‪ 40‬عمى أف‪" :‬تضمف‬
‫الدولة عدـ انتياؾ حرمة اإلنساف"‪ ،‬والمادة ‪ 41‬التي نصت عمى أف‪" :‬يعاقب القانوف عمى‬
‫المخال فات المرتكبة ضد الحقوؽ والحريات‪ ،‬وعمى كؿ مف يمس سبلمة اإلنساف البدنية‬
‫والمعنوية"‪.‬‬

‫ب‪ -‬قانون العقوبات‪ :‬جرـ المشرع الجزائري إفشاء السر باعتباره مف الواجبات األخبلقية‬
‫التي تقتضييا مبادئ الحكمة والشرؼ في العبلقات االجتماعية‪ .‬وقد عالج قانوف العقوبات‬
‫إفشاء السر بموجب المادة ‪ 301‬التي تعاقب األطباء والجراحوف والصيادلة والقاببلت وجميع‬
‫األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى إفشاء أسرار‬
‫أدلي بيا إلييـ بالحبس مف شير إلى ستة أشير وبغرامة مف ‪ 500‬إلى ‪ 5.000‬دج في غير‬
‫الحاالت التي يوجب عمييـ فييا القانوف ‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 302‬مف نفس القانوف عمى معاقبة كؿ مف يعمؿ بأية صفة كانت‬
‫في مؤسسة وأدلى أو شرع في اإلدالء إلى أجانب أو إلى جزائرييف يقيموف في ببلد أجنبية‬
‫بأسرار المؤسسة التي يعمؿ فييا دوف أف يكوف مخوال لو ذلؾ بالحبس مف سنتيف إلى خمس‬

‫إياد خمؼ محمد جويعد‪" ،‬المسؤولية الجزائية عف إفشاء السرية المصرفية"‪ ،‬مجمة كمية بغداد لمعموـ االقتصادية الجامعة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد‪ ،8040 ،89‬ص‪.8;:‬‬

‫‪308‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫سنوات وبغرامة مف ‪ 500‬إلى ‪ 10.000‬دج‪ .‬واذا أدلى جزائريوف يقيموف في الجزائر فتكوف‬
‫العقوبة الحبس مف ثبلثة أشير إلى سنتيف وبغرامة مف ‪ 500‬إلى ‪ 1.500‬دج‪.‬‬

‫ولـ تحدد المادتيف السابقتيف الذكر األشخاص الممزميف بالسر الميني عمى سبيؿ‬
‫الحصر‪ ،‬بؿ ذكرت بعض المينييف عمى سبيؿ المثاؿ ولـ تنص صراحة عمى اعتبار موظفوا‬
‫البنوؾ ضمف ىذه الطائفة مف المينييف إال أف عمومية النصيف تجعميا تنطبؽ عمى كؿ‬
‫ميني يفشي أسرار عمبلئو دوف سبب مشروع‪ ،‬وىو ما يمكننا استنتاجو مف عبارة "وجميع‬
‫األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة‪ ،‬أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي‬
‫بيا إلييـ ‪ "...‬و "كؿ مف يعمؿ بأية صفة كانت في مؤسسة"‪.‬‬

‫ج‪ -‬قانون العمل‪ :‬تظير أىمية أحكاـ قانوف العمؿ في نشاط البنوؾ والمؤسسات المالية‬
‫وذلؾ كونو يعالج عبلقة العامؿ بصاحب العمؿ‪ ،1‬وقد نصت المادة ‪ 02‬مف قانوف العمؿ‬
‫الجزائري‪ 2‬عمى أنو‪" :‬يعتبر عماال أجراء في مفيوـ ىذا القانوف‪ ،‬كؿ األشخاص الذيف يؤدوف‬
‫عمبل يدويا أو فكريا‪ ،‬مقابؿ مرتب في إطار التنظيـ‪ ،‬ولحساب شخص آخر طبيعي أو‬
‫معنوي عمومي أو خاص يدعى المستخدـ"‪.‬‬

‫ومف جانب آخر‪ ،‬ورد في أحكاـ ىذا القانوف أنو يحتمؿ أف ينجر عف ارتكاب العامؿ‬
‫أخطاء جسيمة مف قبيؿ إفضاء معمومات مينية تتعمؽ بالتقنيات التكنولوجية وطرؽ الصناعة‬
‫والتنظيـ أو وثائؽ داخمية لمييئة المستخدمة التسريح بدوف ميمة العطمة وبدوف عبلوات‪ ،‬إال‬
‫إذا أذنت السمطة السممية بيا أو أجازىا القانوف‪.3‬‬

‫إياد خمؼ محمد جويعد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص;;‪.8‬‬ ‫‪1‬‬

‫القانوف ‪ 44/?0‬المؤرخ في ‪ 84‬أبريؿ ‪ ،4??0‬المتعمؽ بعبلقات العمؿ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد =‪ ،4‬صادر في ;‪ 8‬أبريؿ‬ ‫‪2‬‬

‫‪.4??0‬‬
‫المادة ‪ =9‬مف القانوف ‪ ،44/?0‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪309‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫د‪ -‬قانون الوظيفة العمومية‪ :‬نصت المادة ‪ 02‬مف القانوف األساسي لموظيفة العمومية عمى‬
‫أنو‪" :1‬يطبؽ ىذا القانوف األساسي عمى الموظفيف الذيف يمارسوف نشاطاتيـ في المؤسسات‬
‫واإلدارات العمومية"‪.‬‬

‫كما تضمف الفصؿ الثاني مف الباب الثاني واجبات الموظؼ‪ ،‬والتي مف أىميا االلتزاـ‬
‫بالسر الميني حيث نصت المادة ‪ 48‬عمى أنو‪" :‬يجب عمى الموظؼ االلتزاـ بالسر الميني‪.‬‬
‫ويمنع عميو أف يكشؼ محتوى أية وثيقة بحوزتو أو أي حدث أو خبر عمـ بو أو اضطمع‬
‫عميو بمناسبة ممارسة ميامو‪ ،‬ما عدا ما تقتضيو ضرورة المصمحة‪."...‬‬

‫ه‪ -‬قانون النقد والقرض‪ :‬ألزمت أحكاـ األمر ‪ 11/03‬المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالنقد‬
‫والقرض البنوؾ والمؤسسات المالية‪ ،‬وأعضاء مجمس إدارتيا ومحافظي الحسابات فييا‬
‫ومسيرييا وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ في رقابتيا وفقا لمشروط المنصوص عمييا‪ ،‬أف يمتزـ‬
‫بالسر المصرفي‪.2‬‬

‫ويؤكد ىذا النص وجوب التزاـ موظفي البنوؾ بكتماف األسرار التي يطمعوف عمييا في‬
‫قيود البنؾ وسجبلتو وعدـ إفشائيا‪ ،‬كما أف ىذه المادة تنص عمى وجوب احتراـ السرية‬
‫المصرفية وذلؾ في مختمؼ المياـ التي يقوـ بيا البنؾ السيما تمؾ المتعمقة بالمياـ الرئيسية‬
‫مف حيث التفتيش والرقابة عمى أعماؿ البنوؾ والمؤسسات المالية المرخصة بيا‪.‬‬

‫ويتأسس التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالسر المصرفي عمى مبدأ ىاـ ىو حماية‬
‫الحؽ في الخصوصية‪ ،‬إذ لكؿ شخص الحؽ في حماية حرمة حياتو الخاصة الذي يعطي لو‬
‫حؽ إضفاء طابع السرية عمى المعمومات المتولدة عف ممارسة الحياة الخاصة‪.3‬‬

‫األمر <‪ 09/0‬المؤرخ في ;‪ 4‬يوليو <‪ ،800‬يتضمف القانوف األساسي لموظيفة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد<‪ ،:‬صادر في‬ ‫‪1‬‬

‫<‪ 4‬يوليو <‪.800‬‬


‫الفقرة األولى مف المادة =‪ 44‬مف األمر ‪ 44/09‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد فتحي سرور‪ ،‬القانوف الجنائي الدستوري (الشرعية الدستورية في قانوف العقوبات‪ .‬الشرعية الدستورية في قانوف‬ ‫‪3‬‬

‫اإلجراءات الجنائية)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬القاىرة‪ ،8008 ،‬ص<<‪.:‬‬

‫‪310‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫و‪ -‬القوانين المنظمة لممهن الحرة‪ :‬نصت القوانيف المنظمة لبعض الميف الحرة الخاضعة‬
‫لوا جب اإلخطار بالشبية كالمحاماة والتوثيؽ عمى إلزاـ األشخاص الممارسيف ليا بالحفاظ‬
‫عمى السر الميني لزبائنيـ‪.‬‬

‫فبموجب المادة ‪ 14‬مف القانوف ‪ 07/13‬المتضمف تنظيـ مينة المحاماة‪ ،1‬يمنع عمى‬
‫المحامي إببلغ الغير بمعمومات أو وثائؽ تتعمؽ بقضية أسندت إليو ويجب عميو في كؿ‬
‫ا لحاالت أف يحافظ عمى أسرار موكمو وأف يكتـ السر الميني‪ .‬كما يمزـ المحامي بالحفاظ‬
‫عمى سرية التحقيؽ‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 14‬مف القانوف ‪ 02/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 2006‬المتضمف‬


‫تنظيـ مينة الموثؽ عمى أف‪" :‬يمتزـ الموثؽ بالسر الميني‪ ،‬فبل يجوز لو أف ينشر أو يفشي‬
‫أية معمومات‪ ،‬إال بإذف مف األطراؼ أو باقتضاءات أو إعفاءات منصوص عمييا في‬
‫القوانيف واألنظمة المعموؿ بيا"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫تأثير السرية المصرفية عمى مكافحة جريمة تبييض األموال‬

‫تحرص البنوؾ عمى تحقيؽ قدر مف السرية في معامبلتيا مع العمبلء وعدـ تقديـ أي‬
‫معمومات عنيـ إال لم ف تحددىـ القوانيف والموائح بحكـ طبيعة أعماليـ‪ ،‬وىكذا تمتزـ البنوؾ‬
‫بحفظ أسرار العمبلء وعممياتيـ المصرفية‪ ،‬ما لـ يكف ىناؾ نص في القانوف أو اتفاؽ يقضي‬
‫بغير ذلؾ‪.2‬‬

‫وسنتطرؽ في ىذا المطمب لمعبلقة بيف السرية المصرفية وعمميات تبييض األمواؿ‬
‫(أوال)‪ ،‬ثـ لآلثار المترتبة عمى إفشاء السر المصرفي (ثانيا)‪.‬‬

‫القانوف ‪ 0=/49‬المؤرخ في ?‪ 8‬أكتوبر‪ ،8049‬المتضمف تنظيـ مينة المحاماة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد;;‪ ،‬صادر في‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬أكتوبر ‪.8049‬‬
‫سميحة القميوبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.88:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪311‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫أوال‪ :‬العالقة بين السرية المصرفية وعمميات تبييض األموال‬

‫يعتمد القائموف بعمميات تبييض األمواؿ عمى خدمات البنوؾ والمؤسسات المالية‬
‫بصفة أساسية في تبييض األمواؿ غير المشروعة‪ ،‬ولذلؾ يعد دور القطاع المصرفي ميما‬
‫وحيويا في مكافحة ىذه العمميات‪ ،‬إذ ال يمكف لمبيضي األمواؿ القياـ بيا دوف استخداـ‬
‫الخدمات التي تقدميا البنوؾ‪ ،‬نظ ار لما يوفره غطاء السرية المصرفية مف حماية ليذه األمواؿ‬
‫غير المشروعة‪.‬‬

‫وعميو توجد عبلقة بيف السرية المصرفية وعمميات تبييض األمواؿ‪ ،‬حيث أف التزاـ‬
‫البنوؾ بالمحافظة عمى السر المصرفي وعدـ إفشاء أسرار العمبلء يقابمو التزاـ تفرضو عمييا‬
‫التشريعات المتعمقة بمكافحة عمميات تبييض األمواؿ بالتبميغ عف العمميات المشبوىة‪ ،‬األمر‬
‫الذي أدى إلى ظيور إشكالية تتعمؽ بمدى إمكانية استبعاد مبدأ السرية المصرفية في ىذه‬
‫الحالة‪.‬‬

‫لقد أفرز ىذا اإلشكاؿ تباينا تشريعيا بيف الدوؿ‪ ،‬تبعا لنظاـ السرية المصرفية الذي‬
‫تبنتو كؿ دولة‪ ،‬إذ توجد تشريعات ترفض الخروج عف مبدأ السرية المصرفية حتى في حاالت‬
‫تبييض األمواؿ (نظرية السرية المصرفية المطمقة) ‪ ،‬كما توجد تشريعات حديثة خففت مف‬
‫ىذا المبدأ بالسماح لمبنوؾ باإلخطار عف العمميات المشبوىة (نظرية السرية المصرفية‬
‫النسبية)‪.‬‬

‫‪ -1‬نظرية السرية المصرفية المطمقة‪ :‬وفقا ليذه النظرية فإف مبدأ السرية المصرفية يعد مف‬
‫النظاـ العاـ‪ ،‬وال يخضع ألي استثناءات عمى اعتبار أف المشرع ىو الذي يحدد القواعد التي‬
‫تضمف احترامو‪ ،‬وبيذا ال يمكف ألي اتفاقات أو اعتبارات أف تؤثر في ىذا االلتزاـ باستثناء‬
‫القانوف إذا كاف ييدؼ إلى تحقيؽ مصالح أسمى‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Pierre LAMBERT , Secret Professionnel, Bruylant, Bruxelles, 2005, p34.‬‬

‫‪312‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫أ‪ -‬مضمون نظرية السرية المصرفية المطمقة‪ :‬حسب نظرية السرية المصرفية المطمقة‪ ،‬فإف‬
‫السر المصرفي يؤسس فقط لحماية المصمحة الخاصة لمعميؿ ألف لكؿ شخص الحؽ في‬
‫حماية حياتو الخاصة بما في ذلؾ شؤونو المالية واالقتصادية كمعامبلتو مع البنوؾ‪.1‬‬

‫وقدـ أنصار نظرية السرية المصرفية المطمقة حججا لتأييد وجية نظرىـ في التصور‬
‫المطمؽ لمسرية المصرفية تمثمت أساسا في‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة توافر الثقة التي ال غنى عنيا في الممارسة السميمة لممينة المصرفية‪ ،‬فااللتزاـ‬
‫المطمؽ بالسرية المصرفية تبرره ضرورة حماية ثقة العميؿ في البنؾ‪.‬‬

‫‪ -‬يعتبر التصور المطمؽ لمسرية المصرفية سياجا يحمي ىذا المبدأ مف االنييار الذي‬
‫يحصؿ نتيجة االستثناءات التي ترد عميو‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي قبوؿ ىذه النظرية بالبنؾ في كؿ الظروؼ إلى الدفع بالسرية دوف قيد أو شرط وبيذا‬
‫تتحقؽ البساطة واليقيف‪ ،‬وىذا ما ال تسمح بو نظرية السرية المصرفية النسبية‪ ،‬وعمى ىذا‬
‫األساس ال يمكف ألي موظؼ بالبنؾ التحمؿ مف ىذا االلتزاـ تحت أي ظرؼ مف الظروؼ‪.‬‬

‫وتعتبر سويس ار مف أبرز الدوؿ التي تطبؽ نظرية السرية المصرفية المطمقة بص ارمة‬
‫شديدة‪ ،‬إذ يفرض ىذا االلتزاـ عمى البنؾ المركزي وعمى معامبلت البنوؾ فيما بينيا‪ ،‬كما أقر‬
‫ىذا النظاـ صراحة المشرع المبناني حيث أجاز قانوف سرية المصارؼ لمبنوؾ أف تفتح‬
‫لعمبلئيا حسابات ودائع رقمية‪ ،‬وأف تأجر ليـ خزائف حديدية ال يعرؼ ىوية صاحبيا إال‬
‫مدير البنؾ ونائبو‪ ،‬وال تسمح بالكشؼ عنيا إال في حاالت قميمة‪.‬‬

‫وقد تبنى القضاء ىذه النظرية في العديد مف أحكامو‪ ،‬واعتبر بذلؾ أف السرية‬
‫المصرفية مطمقة يتقيد بيا البنؾ‪ ،‬وال يحؽ لو إفشاء أسرار عمبلئو لمغير إال بناء عمى إذف‬
‫مف العميؿ نفسو أو لحماية مصمحة أسمى‪.‬‬

‫ب‪ -‬نتائج نظرية السرية المصرفية المطمقة‪ :‬يؤدي األخذ بنظرية السرية المصرفية المطمقة‬
‫إلى ترتيب النتائج التالية‪:‬‬

‫دليمة مباركي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.?8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪313‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬اتساع النطاؽ الموضوعي لمسرية المصرفية‪ ،‬حيث أف األخذ بيذه النظرية يجعؿ السر‬
‫المصرفي ال يقتصر عمى ما يودعو العميؿ بنفسو مف معمومات لدى البنؾ‪ ،‬بؿ يشمؿ كذلؾ‬
‫كؿ ما يصؿ إلى عمـ البنؾ بحكـ مينتو وبغض النظر إذا كاف العميؿ قد طمب مف البنؾ‬
‫كتمانو أـ ال‪.1‬‬

‫‪ -‬اتساع النطاؽ الزمني لمسرية المصرفية‪ ،‬حيث ذىب أنصار ىذه النظرية إلى تمديد مدة‬
‫تقيد البنؾ بالسرية المصرفية إلى ما بعد انتياء العبلقة التي تربطو بالعميؿ‪ ،‬وبالتالي يمنع‬
‫عمى البنؾ االحتجاج بانقضاء العبلقة أو زواؿ العقد الذي يربطو بالعميؿ ليتحمؿ مف ىذا‬
‫االلتزاـ‪.‬‬

‫‪ -‬اتساع النطاؽ الشخصي لمسرية المصرفية‪ ،‬حيث تتسع دائرة األشخاص الممزميف بكتماف‬
‫أسرار عمبلء البنؾ مدراء البنوؾ ومساعدييـ‪ ،‬والموظفيف والمستخدميف ميما كانت رتبتيـ‬
‫ووظي فتيـ‪ ،‬وكؿ مف اطمع عمى المعمومات البنكية بحكـ مينتو كالمستشاريف القانونييف‬
‫والمالييف وأعضاء مجمس اإلدارة ‪...‬الخ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تقييم نظرية السرية المصرفية المطمقة‪ :‬وجيت لنظرية السرية المصرفية المطمقة العديد‬
‫مف االنتقادات عمى اعتبار أنيا تجاىمت أف السرية المصرفية خصصت ليس لحماية‬
‫المصمحة الخاصة لمعميؿ فقط‪ ،‬بؿ كذلؾ لحماية المصمحة العامة‪ .‬كما أف نظرية السرية‬
‫المصرفية المطمقة تيدد العديد مف المصالح تحت غطاء االلتزاـ بالسرية المصرفية‪ ،‬وال‬
‫تستجيب لمشاكؿ الواقع وال تواكب التطور الحاصؿ في مجاؿ التعاوف الدولي لمتصدي‬
‫لجريمة تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫‪ -2‬نظرية السرية المصرفية النسبية‪ :‬ظيرت ىذه النظرية أواخر القرف ‪ ، 19‬وفقا ليا ترد‬
‫العديد مف االستثناءات عمى مبدأ السرية المصرفية‪ ،‬وبيذا يمكف رفع الكتماف الذي تمتزـ بو‬
‫البنوؾ كمما دعت المصمحة العامة أو الخاصة‪.‬‬

‫أ‪ -‬مضمون نظرية السرية المصرفية النسبية‪ :‬يرى أنصار ىذه النظرية وعمى رأسيـ الفقيو"‬
‫‪ "Faure‬أف المصمحة االجتماعية تطمبت وجود السرية بصفة عامة وىي التي تفرض رفعيا‬

‫عمي جماؿ الديف عوض‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص=?‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪314‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫في نفس الوقت‪ ،‬فالطبيعة النسبية لمسرية المصرفية تجعؿ مف المصمحة العامة عامبل لمحد‬
‫مف قوتيا‪ ،‬وبيذا يسمح القانوف لبعض السمطات اإلدارية والمالية باالطبلع عمى بعض‬
‫المعمومات المحمية أساسا تحت غطاء السرية‪.‬‬

‫ويقدـ أنصار نظرية السرية المصرفية النسبية مف أجؿ تدعيـ موقفيـ الحجج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إف التصور المطمؽ لمسرية المصرفية قد يضر بمصمحة العميؿ إذا اقتضت ىذه األخيرة‬
‫أف يفضي البنؾ بما ائتمف عميو مف وقائع‪ ،‬فعمى عكس النظرية السابقة تراعي نظرية السرية‬
‫المصرفية النسبية إرادة صاحب السر وتسمح لو باإلفصاح متى اقتضت مصمحتو ذلؾ‪.‬‬

‫‪ -‬تسمح نظرية السرية المصرفية النسبية بالتوفيؽ بيف الحماية القانونية لمسرية المصرفية‬
‫والمصمحة االجتماعية األسمى‪ ،‬وال تتحقؽ ىذه النتيجة إال بقبوؿ إمكانية رفع السرية‬
‫المصرفية كمما وجدت مصمحة أعمى مف تمؾ التي يحققيا االلتزاـ بالكتماف‪.‬‬

‫وقد أخذت بيذه النظرية معظـ التشريعات التي لـ تخصص تنظيما قانونيا مستقبل‬
‫لمسرية المصرفية‪ ،‬وأبقت ىذه األخيرة خاضعة لمقواعد العامة التي تحكـ السر الميني مع‬
‫استقبللي تيا بقواعد معينة تتوافؽ مع الطابع المالي ليا‪ ،‬ومف بيف التشريعات التي أخذت بيذا‬
‫التصور الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وفرنسا‪.‬‬

‫ب‪ -‬نتائج نظرية السرية المصرفية النسبية‪ :‬يرى أنصار نظرية السرية المصرفية النسبية‬
‫أف األخذ بيا يؤدي إلى تحقيؽ النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عدـ االحتجاج بالسرية المصرفية عمى العميؿ‪ ،‬حيث يمكف لمعميؿ االطبلع عمى جميع‬
‫عناصر المعمومات التي تخصو طالما أف االلتزاـ بالسرية المصرفية تقرر لمصمحتو‪ ،‬كما لو‬
‫أف يأذف لمبنؾ بإفشاء أس ارره‪.‬‬

‫‪ -‬إف نظرية السرية المصرفية النسبية تجعؿ مف السر المصرفي قاببل لئلفشاء مف خبلؿ‬
‫االستثناءات التي نص عمييا القانوف والتي تنتفي بموجبيا مسؤولية البنؾ عف فعؿ اإلفشاء‪.‬‬

‫ج‪ -‬تقييم نظرية السرية المصرفية النسبية‪ :‬إف خاصية النسبية لمسرية المصرفية تتماشى‬
‫مع مقتضيات العدالة‪ ،‬فعمى الرغـ مف أف التزاـ البنؾ بالحفاظ عمى األسرار المصرفية يحقؽ‬

‫‪315‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫مصمحة خاصة لمعميؿ‪ ،‬إال أنو في حالة تعارض ىذه المصمحة الخاصة مع مصمحة عامة‬
‫فترجح ىذه األخيرة‪ ،‬ويتـ التضحية باألولى طالما أف الفرد جزء مف الكؿ‪ .‬وىو ما جعؿ‬
‫العديد مف التشريعات تأخذ بيذه النظرية لتوافقيا مع غاية القانوف في تحقيؽ التوازف بيف‬
‫المصالح العامة والمصالح الخاصة لؤلفراد‪.‬‬

‫‪ -3‬موقف المشرع الجزائري من النظريتين‪ :‬مف خبلؿ تتبع التعديبلت التي مست قانوف‬
‫النقد والقرض سواء تعمؽ األمر بالقانوف ‪ 10/90‬الممغى أو األمر ‪ 11/03‬المعدؿ والمتمـ‬
‫يتبيف لنا أف المشرع الجزائري حاوؿ التوفيؽ بيف النظريتيف السابقتيف‪ ،‬حيث أخذ ببعض نتائج‬
‫نظرية السرية المصرفية المطمقة لما وسع مف النطاؽ الشخصي حسب ما ورد في الفقرة‬
‫األولى مف المادة ‪ 117‬التي جاء فييا "‪ ...‬كؿ شخص يشارؾ أو شارؾ بأي طريقة كانت‬
‫‪ ،"...‬كما وسع مف النطاؽ الزمني لمسرية المصرفية وجعمو التزاما يسري حتى بعد انتياء‬
‫العبلقة التي تربط الموظؼ بالبنؾ‪.‬‬

‫أما ما يدؿ عمى تبني المشرع الجزائري لنظرية السرية المصرفية النسبية إدراجو لجممة‬
‫مف االستثناءات التي تنتفي مف خبلليا مسؤولية البنؾ عف إفشاء األسرار المصرفية لمعميؿ‬
‫ومنعة االحتجاج بالسر الميني أماـ بعض السمطات والييئات اإلدارية والقضائية تحقيقا‬
‫لشفافية المعامبلت وحماية لبلقتصاد الوطني‪.‬‬

‫وبناء عمى ما سبؽ ذكره‪ ،‬يمكننا القوؿ بأف المشرع الجزائري قد وفؽ في تحقيؽ‬
‫التوازف بيف التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالحفاظ عمى األسرار المصرفية لمعميؿ‬
‫ومقتضيات مكافحة عمميات تبييض األمواؿ مف خبلؿ االستثناءات التي تسمح بالتبميغ عف‬
‫العمميات المشبوىة وكشؼ المعمومات التي تخص العمبلء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلثار القانونية المترتبة عمى إفشاء السر المصرفي‬

‫يترتب عمى إفشاء السر المصرفي قياـ مسؤولية البنؾ الجزائية‪ ،‬باعتباره شخصا‬
‫معنويا حيث يعبر عف إرادتو مف خبلؿ وكبلئو وممثميو وموظفيو الذيف يعمموف باسمو‬
‫ولحسابو‪ ،‬حيث أف جريمة إفشاء السر المصرفي مف الجرائـ التي يمكف تصور ارتكابيا مف‬
‫طرؼ البنوؾ ىذا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى ىناؾ استثناءات عمى مبدأ االلتزاـ بالسرية‬

‫‪316‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫المصرفية حيث تزوؿ األسباب الموجبة لمحفاظ عمييا‪ ،‬ذلؾ أف التزاـ البنؾ بالحفاظ عمى‬
‫السرية المصرفية ليس مطمقا فقد تتعارض مع مصالح عامة أو خاصة تبرر الخروج عمييا‬
‫العتبارات تفوؽ في أىميتيا مصمحة العميؿ‪ ،‬ويعفى البنؾ مف أية مساءلة جزائية‪.‬‬

‫‪ -1‬جريمة إفشاء السر المصرفي‪ :‬جرـ المشرع الجزائري إفشاء السر المصرفي ورتب عمى‬
‫ارتكابيا عقوبات جنائية باعتبار أف ىذه الجريمة األكثر إساءة لمشخص مف كؿ صور‬
‫االعتداءات عمى الحياة الخاصة األخرى‪.‬‬

‫وعميو‪ ،‬سوؼ نتناوؿ جريمة إفشاء السر المصرفي مف خبلؿ التطرؽ ألركانيا (أ)‪ ،‬ثـ‬
‫العقوبات المقررة ليا (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬أركان جريمة إفشاء السر المصرفي‪ :‬تستمزـ جريمة إفشاء السر المصرفي لقياميا‬
‫باإلضافة إلى الركف المادي والمعنوي توافر صفة خاصة في الجاني‪ ،‬وىي أف يكوف‬
‫الشخص أمينا عمى السر المصرفي وتستمد ىذه الصفة مف طبيعة المينة التي تمارسيا‬
‫البنوؾ‪.‬‬

‫‪ -‬الركن المادي‪ :‬يقوـ الركف المادي لجريمة إفشاء السر المصرفي مف خبلؿ تحقؽ السموؾ‬
‫اإلجرامي المتمثؿ في فعؿ اإلفشاء‪.‬‬

‫ويقصد باإلفشاء كشؼ السر واطبلع الغير عميو بأية طريق ة‪ ،1‬ولكف العمنية ليست‬
‫شرطا لتحقؽ الجريمة‪ ،‬إذ يكفي أف يقع اإلفشاء لشخص واحد وال يمزـ إفشاء السر كامبل‬
‫وانما يكفي لوقوع الجريمة إفشاء جزء منو فقط‪ .2‬ويتحقؽ اإلفشاء بطريقة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة‪ ،‬شفاىة أو كتابة‪ ،‬صراحة أو ضمنيا‪.3‬‬

‫ويفترض اإلفشاء وفقا لما سبؽ ذكره أف يتـ مع الغير‪ ،‬ويقصد بالغير ىنا أي شخص‬
‫خارج عف العبلقة وال تخصو المعمومات السرية بالتحديد‪ ،‬وتطبيقا لذلؾ ال يعد إفشاء لمسر‬
‫المصرفي قياـ البنؾ بتزويد بنؾ الجزائر بالمعمومات عف العمميات المصرفية التي تتعمؽ‬

‫سعيد عبد المطيؼ حسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص<‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.8::‬‬ ‫‪2‬‬

‫سعيد عبد المطيؼ حسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.94:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪317‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫بالعميؿ‪ ،‬ألف موظفي بنؾ الجزائر ممف ليـ الصفة لبلطبلع عمى السر وعييـ واجب الكتماف‬
‫أيضا‪ .‬كما ال تتحقؽ جريمة اإلفشاء إذا تـ اإلفضاء بالمعمومات مف قبؿ أحد موظفي البنؾ‬
‫إلى موظؼ آخر مف نفس البنؾ تقتضي طبيعة عممو العمـ بيذه المعمومات إذ يعد ىؤالء‬
‫أمناء عمى نفس السر وال يعدوف مف الغير‪.‬‬

‫‪ -‬الركن المفترض (صفة الفاعل)‪ :‬تعتبر جريمة إفشاء السر المصرفي مف جرائـ ذوي‬
‫الصفة الخاصة‪ ،‬التي ال يرتكبيا إال شخص ذوي صفة معينة مستمدة مف نوع المينة التي‬
‫يمارسيا بمعنى أنو يجب أف يكوف الجاني ممزما بكتماف السر المصرفي ألف جوىر الجريمة‬
‫ىو اإلخبلؿ بالتزاـ ناشئ عف المينة وما يتفرع عنيا مف واجبات‪.‬‬

‫فبل تطبؽ أحكاـ المادة ‪ 301‬مف قانوف العقوبات إال عمى طائفة معينة مف األمناء‬
‫عمى األسرار بحكـ ممارسة المينة أي مف تقضي وظيفتو أو مينتو بتمقي األسرار‪ ،‬ولـ يشأ‬
‫المشرع ال جزائري حصرىـ بؿ اكتفى بذكر البعض منيـ ثـ أردؼ بقولو " ‪ ...‬وجميع‬
‫األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي‬
‫بيا إلييـ ‪ "...‬ولذلؾ يظير أف المشرع الجزائري قد أخذ بالمعنى الواسع لؤلميف عمى السر‪.‬‬

‫‪ -‬الركن المعنوي‪ :‬يقوـ الركف المعنوي لجريمة إفشاء السر المصرفي بتوافر القصد الجنائي‬
‫فبل يكفي لقياـ الجريمة ارتكاب عمؿ مادي يعاقب عميو القانوف‪ ،‬بؿ ال بد أف يصدر ىذا‬
‫الفعؿ المادي عف إرادة ووعي مف الجاني‪ ،‬فيجب أف يعمـ المتيـ بأف لمواقعة صفة السرية‬
‫وتتعمؽ بكتماف السر المصرفي‪ ،‬وأف يعمـ أف فعؿ اإلفشاء قد تـ في غير الحاالت التي‬
‫يرخص بيا القانوف‪ .‬كما بجب أف تتجو إرادة المتيـ إلى إتياف فعؿ اإلفشاء والى النتيجة التي‬
‫تترتب عمييا‪ ،‬وىي عمـ الغير بالواقعة التي ليا وصؼ السرية‪ ،‬فإذا لـ تتجو إرادتو إلى ذلؾ‬
‫فبل يتوافر القصد الجنائي لديو‪.1‬‬

‫غير أف المشرع الجزائري لـ ينص صراحة في المادة ‪ 301‬مف قانوف العقوبات عمى‬
‫توافر القصد الجنائي كشرط لقياـ المسؤولية الجنائية عف إفشاء السر المصرفي‪ .‬إال أف‬
‫القصد الجنائي ىو ركف أساسي في أية جريمة وفقا لمقواعد العامة ألف األصؿ في الجرائـ أف‬
‫تكوف عمدية واالستثناء أف تكوف غير عمدية‪ ،‬ومف تـ كانت القاعدة إذا صمت المشرع عف‬

‫سعيد عبد المطيؼ حسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص=‪.98‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪318‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫بياف صورة الركف المعنوي في جريمة مف الجرائـ كاف المقصود بذلؾ أنو يتطمب القصد‬
‫الجنائي فييا‪ ،‬أما إذا قدر االكتفاء بالخطأ غير العمدي وجب عميو اإلفصاح عف ذلؾ‪.‬‬

‫ب‪ -‬العقوبة المقررة لجريمة إفشاء السر المصرفي‪ :‬حدد المشرع الجزائري عقوبة خاصة‬
‫لجريمة إفشاء السر الميني بموجب المادة ‪ 301‬مف قانوف العقوبات التي جاء فييا ما يمي‪:‬‬
‫"يعاقب بالحبس مف شير إلى ستة أشير وبغرامة مف ‪ 500‬إلى ‪ 5.000‬دج ‪ ،"...‬غير أنو‬
‫لـ ينص عمى عقوبة خاصة لجريمة إفشاء السر المصرفي عمى خبلؼ ما فعمت بعض‬
‫التشريعات‪ ،‬حيث أحالت المادة ‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد والقرض إلى نص‬
‫المادة ‪ 301‬مف قانوف العقوبات وىذا ما يتضح مف خبلؿ عبارة "يخضع لمسر الميني تحت‬
‫طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات ‪."...‬‬

‫نبلحظ مف خبلؿ نص المادة ‪ 301‬السابقة الذكر أف المشرع الجزائري أقرف العقوبة‬


‫السالبة لمحرية بعقوبة الغرامة المالية ولـ يجعميا اختيارية‪ ،‬بؿ أوجب عمى القاضي أف يحكما‬
‫بكمييما ولـ يعط لو السمطة التقديرية لبلختيار بينيما وذلؾ نظ ار لؤلضرار الناتجة عف جريمة‬
‫إفشاء السر المصرفي‪ ،‬ومع ذلؾ ال يعفى المشرع الجزائري في نظرنا مف ضرورة إعادة‬
‫النظر في شدة العقوبة المقررة التي تبدو غير متبلئمة مع مخاطر ىذه الجريمة‪.‬‬

‫أما العقوبات المقررة لؤلشخاص المعنوية عف جريمة إفشاء السر المصرفي‪ ،‬فيي‬
‫الغرامة وفقا لما جاء في المادة ‪ 303‬مكرر‪ 3‬مف قانوف العقوبات حسب الكيفيات‬
‫المنصوص عمييا في المادة ‪ 18‬مكرر والمادة ‪ 18‬مكرر ‪ ،2‬باإلضافة إلى واحدة أو أكثر‬
‫مف العقوبات التكميمية المنصوص عمييا في المادة ‪ 18‬مكرر كحؿ الشخص المعنوي‪ ،‬غمؽ‬
‫المؤسسة‪ ،‬المنع مف مزاولة نشاط أو أكثر ‪ ...‬الخ‪.1‬‬

‫‪ -2‬االستثناءات الواردة عمى مبدأ السرية المصرفية‪ :‬األصؿ أف تمتزـ البنوؾ والمؤسسات‬
‫المالية باحتراـ السرية المصرفية لزبائنيا‪ ،‬وجميع البيانات التي تصؿ إلى عمـ موظفي البنوؾ‬
‫بمناسبة أدائيـ لمياميـ المصرفية‪ ،‬إال أف االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية يجب أف ال يكوف‬
‫عائقا أماـ معرفة مصادر األمواؿ والتحري عف عمميات تبييض األمواؿ حتى ال يبقى أي‬

‫أنظر المادة >‪4‬مكرر‪ 8‬مف قانوف األمر <<‪ 4;</‬المعدؿ والمتمـ بالقانوف <‪ ،89/0‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪319‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫منفذ أماـ العصابات اإلجرامية مف تجار المخدرات واألسمحة أو أعماؿ االحتياؿ والتزوير مف‬
‫تبييض أمواليـ تحت حماية قوانيف السرية المصرفية‪.‬‬

‫لقد أصبح تقييد السرية المصرفية مطمبا ممحا مف قبؿ عديد الوثائؽ الدولية ذات‬
‫الصمة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،1‬والذي تبنتو كثير مف الدوؿ في قوانينيا الجديدة‪ ،‬أو‬
‫قامت بتعديؿ قوانينيا بما يؤدي إلى تقييد السرية المصرفية وزيادة شفافية المعامبلت المالية‪.‬‬

‫لذا تعمد العديد مف الدوؿ‪ ،‬ومف بينيا الجزائر إلى النص عمى حاالت استثنائية يجوز‬
‫فييا التخمي عف مبدأ السرية المصرفية‪ ،‬حيث أجاز المشرع الجزائري رفع السرية المصرفية‬
‫مف خبلؿ نص المادة ‪ 22‬مف القانوف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ‬
‫اإلرىاب ومكافحتيما والمادة ‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬المتعمؽ بالنقد والقرض‪.‬‬

‫أ‪ -‬رفع السرية المصرفية أمام السمطة القضائية‪ :‬نصت المادة ‪ 117‬مف األمر ‪11/03‬‬
‫المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أنو يستثنى مف االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية السمطة القضائية‬
‫التي تعمؿ في إطار إجراء جزائي‪ ،‬لذلؾ ال يعتد بالسر المصرفي أماـ النيابة العامة‪ ،‬حيث‬
‫خولت المادة ‪ 36‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية لوكيؿ الجميورية صبلحية مباشرة أو األمر‬
‫باتخاذ جميع اإلجراءات البلزمة لمبحث والتحري عف الجرائـ المتعمقة بالقانوف الجزائي‪.‬‬

‫كما ال يمكف االعتداد بالسرية المصرفية أماـ جية التحقيؽ‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪68‬‬
‫مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي تخوؿ قاضي التحقيؽ وفقا لمقانوف اتخاذ جميع إجراءات‬
‫التحقيؽ التي يراىا ضرورية لمكشؼ عف الحقيقة بالتحري عف أدلة االتياـ وأدلة النفي‪.‬‬

‫ب‪ -‬رفع السرية المصرفية أمام الهيئات اإلدارية والرقابية‪ :‬خوؿ المشرع الجزائري بعض‬
‫الييئات اإلدارية والرقابية صبلحية االطبلع عمى المعمومات البنكية‪ ،‬حتى ولو اتسمت‬
‫بالسرية‪ .‬ويتعمؽ األمر بالمؤسسات والييئات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬إدارة الجمارك‪ :‬أعطى قانوف الجمارؾ ألعواف الجمارؾ امتيازات مف أجؿ أف تكوف‬
‫مساىما فعاال في مجاؿ مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬فتطبيقا لنص المادة ‪ 48‬مف قانوف‬

‫المادة ;‪ 0‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع سابؽ؛ المواد ‪ 09 ،08‬و‪0:‬‬ ‫‪1‬‬

‫مف اتفاقية استراسبورغ‪ ،‬مرجع سابؽ؛ المادة ;‪ 4‬مف االتفاقية العربية لمكافحة غسؿ األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫الجمارؾ‪ ،‬يمكف ألعواف الجمارؾ الذيف ليـ رتبة ضابط مراقبة عمى األقؿ واألعواف المكمفيف‬
‫بمياـ القابض‪ ،‬أف يطالبوا في أي وقت‪ ،‬باالطبلع عمى كؿ أنواع الوثائؽ المتعمقة بالعمميات‬
‫التي تيـ مصمحتيـ كالفواتير وسندات التسميـ وجداوؿ اإلرساؿ وعقود النقؿ والدفاتر‬
‫والسجبلت‪.‬‬

‫‪ -‬إدارة الضرائب‪ :‬منح قانوف اإلجراءات الجبائية‪ 1‬ألعواف مصمحة الضرائب الذيف ليـ رتبة‬
‫مراقب عمى األقؿ بمساعدة ذوي رتبة أقؿ حؽ االطبلع عمى الوثائؽ والمعمومات لدى‬
‫اإلدارات العمومية‪ ،‬أو المؤسسات أو الييئة الخاضعة لمراقبة السمطات اإلدارية‪ ،‬وكذا‬
‫المؤسسات الخاصة مف أجؿ استعمالو في تأسيس الوعاء الضريبي‪.2‬‬

‫ويعتبر مبدأ حؽ االطبلع عمى الوثائؽ تقييدا لمبدأ السر الميني‪ ،3‬إذ ال يمكف بأي‬
‫حاؿ مف األحواؿ‪ ،‬إلدارات الدولة والواليات والبمديات والمؤسسات الخاصة وكذا المؤسسات‬
‫الخاضعة لمراقبة الدولة والواليات والبمديات وكذلؾ كؿ المؤسسات أو الييئات‪ ،‬أيا كاف نوعيا‬
‫والخاضعة لمراقبة السمطة اإلدارية‪ ،‬أف تحتج بالسر الميني في مواجية أعواف اإلدارة المالية‬
‫الذيف يطمبوف منيا االطبلع عمى وثائؽ المصمحة التي توجد في حوزتيا‪.4‬‬

‫وفي حالة رفض حؽ االطبلع‪ ،‬يعاقب كؿ شخص أو شركة ترفض منح حؽ االطبلع‬
‫عمى الدفاتر والمستندات والوثائؽ التي يتعيف تقديميا وفقا لمتشريع بغرامة جبائية يتراوح‬
‫مبمغيا مف ‪ 5.000‬إلى ‪ 50.000‬دج‪.5‬‬

‫‪ -‬خمية معالجة االستعالم المالي‪ :‬تضمف القانوف ‪ 01/05‬المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالوقاية‬
‫مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما مجموعة مف المواد التي تمس بمبدأ السرية‬

‫القانوف ‪ 84/04‬المؤرخ في ‪ 88‬ديسمبر ‪ ،8004‬المتضمف قانوف المالية لسنة ‪ ،8008‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد?=‪ ،‬صادر في‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 89‬ديسمبر ‪.8004‬‬
‫المادة ;‪ :‬و<‪ :‬مكرر‪ 4‬مف القانوف ‪ ،84/04‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫العيد صالحي‪ ،‬الوجيز في شرح قانوف اإلجراءات الجبائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫>‪ ،800‬ص‪.<8‬‬
‫المادة <‪ :‬مف القانوف ‪ ،84/04‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ <8‬مف القانوف ‪ ،84/04‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪321‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫المصرفية في حدود معينة‪ ،‬إذ نصت المادة ‪ 22‬عمى أف‪" :‬ال يمكف االعتداد بالسر الميني‬
‫أو السر البنكي في مواجية الييئة المتخصصة‪".‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 23‬مف نفس القانوف عمى أف‪" :‬ال يمكف اتخاذ أية متابعة مف أجؿ‬
‫انتياؾ السر البنكي أو الميني ضد األشخاص أو المسيريف واألعواف الخاضعيف لئلخطار‬
‫بالشبية الذيف أرسموا بحسف نية‪ ،‬المعمومات أو قاموا باإلخطارات المنصوص عمييا في ىذا‬
‫القانوف"‪.‬‬

‫وقبميا نصت المادة ‪ 104‬مف قانوف المالية لسنة ‪ 2013‬الممغاة بموجب المادة ‪35‬‬
‫مف القانوف ‪ 01/05‬عمى أف‪" :‬ال يحتج بالسر البنكي والسر الميني عمى خمية معالجة‬
‫االستعبلـ المالي"‪.1‬‬

‫‪ -‬المجنة المصرفية‪ :‬ألزمت الفقرة األولى مف المادة ‪ 117‬مف األمر ‪ 11/03‬المعدؿ والمتمـ‬
‫المتعمؽ بالنقد والقرض كؿ عضو في مجمس إدارة‪ ،‬وكؿ محافظ حسابات وكؿ شخص‬
‫يشارؾ أو شارؾ في تسيير أو رقابة البنوؾ والمؤسسات المالية بأف يخضع لمسر الميني‬
‫تحت طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات‪.‬‬

‫أ ما الفقرة الثانية مف نفس المادة فنصت عمى أف‪" :‬تمزـ بالسر‪ ،‬مع مراعاة األحكاـ‬
‫الصريحة لمقوانيف‪ ،‬جميع السمطات ما عدا‪:‬‬

‫‪ ..... -‬المجنة المصرفية أو بنؾ الجزائر الذي يعمؿ لحساب ىذه األخيرة طبقا ألحكاـ المادة‬
‫‪ 108‬أعبله ‪."...‬‬

‫ج‪ -‬رفع السرية المصرفية في إطار التعاون الدولي‪ :‬في إطار مكافحة جريمة تبييض‬
‫األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ال يعتد بالسر المصرفي في مواجية الييئات الدولية المؤىمة التي‬
‫تتولى السمطات الجزائرية إببلغيا بالمعمومات الخاصة بيذه الجرائـ‪ ،‬وفقا لممادة ‪ 117‬مف‬
‫قانوف النقد والقرض والمادة ‪ 27‬مف القانوف المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ‬
‫اإلرىاب التي خولت كؿ مف بنؾ الجزائر والمجنة المصرفية صبلحية تبميغ المعمومات إلى‬

‫القانوف ‪ 44/08‬المؤرخ في ‪ 8:‬ديسمبر ‪ ،8008‬المتضمف قانوف المالية لسنة ‪ ،8009‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد<>‪ ،‬صادر في‬ ‫‪1‬‬

‫;‪ 8‬ديسمبر ‪.8008‬‬

‫‪322‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫السمطات المكمفة بحراسة البنوؾ والمؤسسات في بمداف أخرى مع مراعاة المعاممة بالمثؿ‬
‫وبشرط أف تكوف ىذه السمطات في حد ذاتيا خاضعة لمسر الميني بنفس الضمانات‬
‫الموجودة في الجزائر‪.‬‬

‫كما يمكف لخمية معالجة االستعبلـ المالي أف تطمع ىيئات الدوؿ األخرى التي تمارس‬
‫مياـ مماثمة‪ ،‬عمى المعمومات التي تتوفر لدييا حوؿ العمميات التي يبدو أنيا تيدؼ إلى‬
‫تبييض األمواؿ أو تمويؿ اإلرىاب مع مراعاة المعاممة بالمثؿ‪ ،‬وفي إطار احتراـ االتفاقيات‬
‫الدولية واألحكاـ القانونية الداخمية المطبقة في مجاؿ الحياة الخاصة وتبميغ المعطيات‬
‫الشخصية‪.1‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫عدم التزام البنوك والمؤسسات المالية بالرقابة والتحقيق‬

‫يعود الدور األوؿ في مكافحة تبييض األمواؿ إلى البنوؾ والمؤسسات المالية‪ ،‬التي‬
‫تستطيع مراقبة كؿ العمميات المصرفية التي تتـ عبر قنواتيا‪.‬‬

‫إف مرتكب جريمة تبييض األمواؿ ليس بالمجرـ العادي‪ ،‬إنما ىو محترؼ ومتطور مف‬
‫حيث أساليبو ووسائمو المعقدة التي يصعب عمى البنوؾ والمؤسسات المالية اكتشافيا ما‬
‫يستوجب إنشاء نظاـ لمراقبة الصفقات المشبوىة ومكافحة عمميات تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫وبالرغـ مف ذلؾ‪ ،‬ال تزاؿ األجيزة المكمفة بالرقابة والتحقيؽ عمى مستوى البنوؾ‬
‫والمؤسسات المالية تعاني العديد مف النقائص في ظؿ محدودية الصبلحيات الممنوحة ليا‬
‫وضعؼ التنسيؽ بيف األجيزة المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫وقد احتؿ القطاع المصرفي الصؼ األوؿ في ما يخص تقديـ المعمومات إلى خمية‬
‫معالجة االستعبلـ المالي حيث ارتفع عدد التصاريح بالشبية في سنة ‪ 2015‬إلى ‪1290‬‬

‫المادة ;‪ 8‬و<‪ 8‬مف القانوف ;‪ 04/0‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪323‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫إخطار‪ ،‬إال أف أكثرىا ليست ليا أية صمة بعمميات تبييض األمواؿ وتفسر بانشغاؿ بعض‬
‫البنوؾ والمؤسسات المالية بالبحث عف العدد بدال مف الجودة‪.1‬‬

‫وتتطمب شروط نجاح مكافحة تبييض األمواؿ التزاما قويا مف طرؼ البنوؾ‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬والتي يقع عمييا واجب اعتماد نظاـ يسمح ليا بتجاوز المعوقات التي‬
‫تحوؿ دوف تحقيؽ ىذا النجاح السيما ما تعمؽ بضعؼ برنامج لتدريب الموظفيف (الفرع‬
‫األوؿ)‪ ،‬مما يؤدي إلى عجزىا عف مراقبة كؿ العمميات المصرفية بسبب عدـ وجود نظاـ‬
‫معموماتي متطور (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫ضعف برامج تدريب الموظفين‬

‫إف انعداـ الخبرة بطرؽ كشؼ عمميات تبييض األمواؿ لدى الموظفيف بالقطاع البنكي‬
‫بشكؿ خاص والقطاع المالي بشكؿ عاـ‪ ،‬يشكؿ عقبة كبرى في وجو مكافحة تبييض‬
‫األمواؿ‪.2‬‬

‫كما أف عدـ التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بوضع برامج لتدريب الموظفيف عمى‬
‫األساليب البلزمة لكشؼ عمميات تبييض األمواؿ مف شأنو أف يؤدي إلى إجراء العمميات‬
‫المصرفية التي تيدؼ إلى إخفاء المصدر غير المشروع لؤلمواؿ بسيولة وحرية نظ ار لضعؼ‬
‫قد رات الموظفيف وانعداـ الخبرة لدييـ في التعرؼ عمى الصفقات التي يتبعيا مبيضو األمواؿ‬
‫في إنجاز عممياتيـ‪.‬‬

‫ويسمح التدريب المستمر لمموظفيف بالبنوؾ المختمفة وجميع العامميف بالقطاع المالي‬
‫بتنمية القدرات لدييـ في التعرؼ عمى الصفقات المشبوىة واألساليب والحيؿ المختمفة التي‬
‫يمجأ إلييا أصحاب األمواؿ غير المشروعة إلخفاء حقيقة مصدرىا‪ ،‬وتضميؿ السمطات‬
‫المكمفة بكشؼ عمميات تبييض األمواؿ‪ .‬كما يسمح تدريب الموظفيف في المجاؿ البنكي‬
‫والمالي خاصة فيما يتعمؽ بالموضوعات القانونية في تنمية مياراتيـ عمى إتباع اإلجراءات‬

‫خمية معالجة االستعبلـ المالي‪ ،‬محمؽ التقرير السنوي ;‪ ،804‬ص‪ .8‬متاح عمى الموقع‪www.mf-ctrf.org.dz :‬‬ ‫‪1‬‬

‫نادر عبد العزيز شافي‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪324‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫القانونية المشروعة في التعامؿ لمواجية المعامبلت التي تثير الشبيات خاصة تمؾ التي‬
‫ترتبط بعمميات تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫وادراكا مف المشرع الجزائري بأىمية تدريب موظفي البنوؾ والمؤسسات المالية‪ ،‬ألزـ‬
‫النظاـ ‪ 11/08‬البنوؾ والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر بوضع برنامج‬
‫تكويف دائـ‪ ،‬يسمح بتحضير موظفييـ بصفة مبلئمة عمى معرفة اإلجراءات المتعمقة بمكافحة‬
‫تبييض األمواؿ‪ ،‬وكذا اطبلعيـ بج ميع التدابير المتخذة لمسماح لكؿ عوف باإلببلغ عف كؿ‬
‫عممية مشتبو فييا‪.1‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بالمؤسسات المالية غير الخاضعة لبنؾ الجزائر‪ ،‬فمـ يمزميا المشرع‬
‫بوضع برنامج تدريبي لمموظفيف لضماف اطبلعيـ عمى التطورات الجديدة فيما يتعمؽ‬
‫بمكافحة تبييض األمواؿ‪ ،‬وىو األمر الذي قامت خمية معالجة االستعبلـ المالي بتداركو مف‬
‫خبلؿ إصدارىا الخطوط التوجييية حوؿ تدابير العناية تجاه زبائف الشركات والميف غير‬
‫المالية وبعض المؤسسات المالية التي ال تخضع لبنؾ الجزائر‪ ، 2‬بمثابة دليؿ استرشادي‬
‫لمتحقؽ مف ىوية الزبائف واتخاذ إجراءات العناية المشددة تجاىيـ قبؿ إتماـ العممية عند وجود‬
‫شبية تبييض األمواؿ أو شؾ في صحة البيانات التي تـ الحصوؿ عمييا مسبقا بشأف ىوية‬
‫الزبوف‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف خمية معالجة االستعبلـ المالي قامت بعدة دورات تكوينية لفائدة‬
‫أعضاء المجمس‪ ،‬موظفي الخمية‪ ،‬الخاضعيف لواجب اإلخطار بالشبية (البنوؾ‪ ،‬الموثقيف‬
‫‪ )...‬وشركائيا في مكافحة تبييض األمواؿ (القضاة‪ ،‬ضباط الشرطة القضائية)‪ ،‬وىو ما‬
‫يفسر ارتفاع الميزانية المخصصة لمتكويف مقارنة بسنة ‪ 2002‬تاريخ إنشائيا‪.3‬‬

‫الفقرة (ط)‪ ،‬المادة ?‪ 8‬مف النظاـ رقـ >‪ ،44/0‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الخطوط التوجييية لخمية معالجة االستعبلـ المالي رقـ >=;‪/‬خ ـ إ ـ‪ 804;/‬الصادرة بتاريخ ‪ 89‬أبريؿ ;‪ .804‬متاح‬ ‫‪2‬‬

‫عمى الموقع ‪www.mf-ctrf.org.dz‬‬


‫خمية معالجة االستعبلـ المالي‪ ،‬تقرير النشاط لسنة ‪ ،804:‬ص;‪ .‬متاح عمى الموقع ‪www.mf-ctrf.org.dz‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪325‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫الفرع الثاني‬

‫عدم وجود نظام معموماتي متطور‬

‫إف تفعيؿ دور أجيزة الرقابة يتطمب توفير نظاـ معموماتي متطور يساعد في كشؼ‬
‫المعمومات وتحميميا لموصوؿ إلى اليدؼ المنشود وىو مكافحة تبييض األمواؿ‪ ،‬ىذا النظاـ‬
‫يجب أف يكوف حديثا يسمح بمراقبة حركة األمواؿ ومعرفة مشروعية مصدرىا‪ ،‬ثـ تتبع‬
‫مسارىا وكيفية استعماليا والمجاالت التي تستثمر فييا‪.‬‬

‫فميمة تقديـ البيانات والمعمومات البلزمة إلثبات وقوع جريمة تبييض األمواؿ ونسبيا‬
‫لمرتكبيا تعتبر مف أكثر الميمات مشقة وصعوبة بالنسبة لجيات التحقيؽ‪ ،‬األمر الذي‬
‫ي قتضي نظاـ معمومات متطور‪ ،‬خاصة وأنو قد يصعب جمع المستندات التي توفر‬
‫المعمومات البلزمة لمتحقؽ مف مصدر األمواؿ لدى عصابات تبييض األمواؿ‪ ،‬كما أف ىذه‬
‫األخيرة درجت عمى تقديـ مستندات مزورة مثؿ سندات البيع المراد منيا إخفاء المصدر‬
‫الحقيقي لؤلمواؿ غير المشروعة‪.1‬‬

‫مف ىنا‪ ،‬تقتضي الضرورة وجود مركز رئيسي يكوف عمى درجة عالية مف التطور‬
‫باإلضافة إلى مراعاة كفاءة العنصر البشري الذي يمعب دو ار كبي ار في التحميؿ والمراقبة‬
‫ليتولى ميمة تأميف االتصاؿ الوثيؽ والسري مع المؤسسات المالية‪ ،‬وكذلؾ تجميع وتحميؿ‬
‫المعمومات ومراقبة تحرؾ األمواؿ‪.2‬‬

‫وبالنسبة لمنظاـ المصرفي في الجزائر‪ ،‬يبلحظ بوضوح غياب أنظمة المعموماتية‬


‫المتطورة بالبنوؾ والمؤسسات المالية‪ ،‬خصوصا الوطنية منيا‪ ،‬مقارنة بما تقدمو فروع البنوؾ‬
‫األجنبية الموجودة بالجزائر‪ ،‬وىو ما ينعكس عمى قدرة ومدى التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية‬
‫الوطنية بإجراءات مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪.3‬‬

‫أحمد محمد العمري‪ ،‬جريمة غسؿ األمواؿ (نظرة دولية لجوانبيا االجتماعية والنظامية واالقتصادية)‪ ،‬مكتبة العبيكاف‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الرياض‪ ،8000 ،‬ص‪.4:9‬‬


‫نادر عبد العزيز شافي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص?‪.90‬‬ ‫‪2‬‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص<;‪.9‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪326‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫المبحث الثاني‬

‫اإلشكاالت التي تعترض التعاون القضائي الدولي‬

‫عمى الرغـ مف الجيود المبذولة ال تزاؿ مكافحة جريمة تبييض األمواؿ تواجو العديد‬
‫مف العقبات التي تحوؿ دوف القضاء عمييا‪ ،‬فإلى جانب السرية المصرفية وعدـ التزاـ البنوؾ‬
‫والمؤسسات المالية بالرقابة والتحقيؽ (سبؽ اإلشارة إلييا في المبحث األوؿ مف ىذا الفصؿ)‬
‫ىناؾ عقبات أخرى مرتبطة بإشكاالت التعاوف القضائي الدولي والتي تقؼ حائبل أماـ‬
‫الجيات المكمفة بالتحري والتحقيؽ ومكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫فالتعاوف القضائي الدولي تعترضو إشكالية ىامة تتمثؿ في تداخؿ وتعدد االختصاص‬
‫بالنسبة لمتحقيؽ والمبلحقة في جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬وتوقيع العقوبات عمى مرتكبييا نظ ار‬
‫لمطابع الدولي ليذه الجريمة‪ ،‬لذلؾ نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير‬
‫المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪ 1988‬عمى النيوض بالتعاوف فيما بيف األطراؼ‬
‫الموقعة حتى تتمكف مف التصدي بمزيد مف الفعالية لمختمؼ مظاىر االتجار غير المشروع‬
‫بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،1‬ومنيا جريمة تبييض األمواؿ باعتبارىا إحدى تمؾ المظاىر‪.‬‬

‫المطمب األول‬

‫تسميم المجرمين ومصادرة المحصالت اإلجرامية‬

‫يعتبر تسميـ المجرميف ومصارة المحصبلت اإلجرامية مظي ار مف مظاىر التعاوف‬


‫القضائي الدولي في سبيؿ مكافحة الجريمة بصفة عامة وجريمة تبييض األمواؿ بصفة‬
‫خاصة ال سيما في الوقت الحاضر الذي تيسرت فيو سبؿ اليروب أماـ المجرميف واالنتقاؿ‬
‫مف دولة إلى أخرى وبالتالي إفبلتيـ مف العقاب‪.‬‬

‫المادة ‪ 08‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪327‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫وبالرغـ مف األىمية التي يكتسييا التعاوف القضائي الدولي مف خبلؿ تسميـ المجرميف‬
‫ومصادرة المحصبلت اإلجرامية‪ ،‬إال أف جيود الدوؿ التي تسعى إلى تتبع مرتكبي األنشطة‬
‫اإلجرامية غالبا ما تصطدـ بعوائؽ الحدود الوطنية لمدوؿ االخرى وسيادتيا الوطنية ونطاؽ‬
‫اختصاصيا‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫تسميم المجرمين‬

‫تعتبر إشكالية تسميـ المجرميف مف اآلثار المترتبة عمى مبدأ السيادة‪ ،1‬حيث تتمتع‬
‫الدوؿ بالحقوؽ والمميزات الكامنة في سيادتيا كميا‪ ،‬سواء عمى الصعيد الدولي كإبراـ‬
‫المعاىدات الدولية واثارة المسؤولية الدولية لممطالبة بالتعويض عف األضرار التي تصيبيا أو‬
‫تصيب رعاياىا‪ ،‬أو عمى الصعيد الداخمي فممدولة الحؽ في اتخاذ ما تراه مناسبا مف التدابير‬
‫تجاه األفراد الموجوديف عمى إقميميا سواء كانوا مواطنيف أو أجانب‪.2‬‬

‫وقد أكد القانوف ‪ 01/05‬المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ‬
‫اإلرىاب عمى نظاـ تسميـ المجرميف‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 30‬منو عمى أنو‪" :‬يمكف أف‬
‫يتضمف التعاوف القضائي‪ ،‬طمبات التحقيؽ واإلنابة القضائية الدولية وتسميـ المجرميف‬
‫المطموبيف طبقا لمقانوف‪."... ،‬‬

‫وتولى المشرع الجزائري تنظيـ إجراءات تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ قانوف‬
‫اإلجراءات الجزائية تحت عنواف "في العبلقات بيف السمطات القضائية األجنبية"‪ ،‬وذلؾ‬
‫استنادا إلى نص المادة ‪ 82‬مف الدستور التي نصت عمى أف‪" :‬ال يسمـ أحد خارج التراب‬
‫الوطني إال بناء عمى قانوف تسميـ المجرميف وتطبيقا لو"‪.‬‬

‫باخوية دريس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.9;0‬‬ ‫‪1‬‬

‫طبلؿ ياسيف العيسى‪" ،‬السيادة بيف مفيوميا التقميدي والمعاصر‪ :‬دراسة في مدى تدويؿ السيادة في العصر الحاضر"‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجمة جامعة دمشؽ لمعموـ االقتصادية والقانونية‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،8040 ،‬ص‪.;9‬‬

‫‪328‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫أوال‪ :‬األساس القانوني لتسميم المجرمين وشروطو‬

‫يقصد بتسميـ المجرميف تخمي دولة عف شخص موجود في إقميميا إلى دولة أخرى‬
‫بناء عمى طمبيا لتحاكمو عف جريمة يعاقب عمييا القانوف الدولي‪ ،‬أو لتنفيذ فيو حكما صادر‬
‫عميو مف محاكميا ‪.‬‬

‫وعرؼ النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية لسنة ‪ 1998‬التسميـ في المادة ‪102‬‬
‫تحت عنواف المصطمحات عمى أنو‪" :‬نقؿ دولة ما لشخص إلى دولة أخرى بموجب معاىدة‬
‫أو اتفاقية أو تشريع وطني"‪.‬‬

‫وتكمؿ أىمية ت سميـ المجرميف باعتباره آلية لممتابعة الجزائية عبر الوطنية تسد الطريؽ‬
‫عمى المتيميف بارتكاب الجرائـ أو المحكوـ عمييـ باإلدانة‪ ،‬إذ يموذوف بالفرار مف الدولة التي‬
‫ارتكبوا فييا جرائميـ إلى دولة أخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬األساس القانوني لتسميم المجرمين‪ :‬يقصد باألساس القانوني لتسميـ المجرميف بصفة‬
‫عامة األحكاـ التشريعية والتعاقدية التي تمبي بيا الدولة حاجاتيا لمتسميـ‪ ،‬ألنيا المبرر الذي‬
‫يجعؿ دولة ما تطالب بتسميـ شخص مقيـ عمى إقميـ دولة أخرى‪.‬‬

‫أ‪ -‬االتفاقيات الدولية‪ :‬نصت المادة ‪ 694‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أف‪" :‬تحدد‬
‫األحكاـ الواردة في ىذا الباب شروط تسميـ المجرميف واجراءاتو وآثاره‪ ،‬وذلؾ ما لـ تنص‬
‫المعاىدات أو االتفاقيات السياسية عمى خبلؼ ذلؾ‪".‬‬

‫وترتبط الجزائر كغيرىا مف الدوؿ بالعديد مف اتفاقيات تسميـ المجرميف‪ ،‬وتختمؼ ىذه‬
‫االتفاقيات مف حيث أطرافيا‪ ،‬فمعظميا اتفاقيات ثنائية‪ ،‬كما تتفاوت ىذه االتفاقيات في‬
‫مضمونيا‪ ،‬فمنيا اتفاقيات تقتصر فقط عمى تسميـ المجرميف دوف سواه‪ ،‬ومنيا اتفاقيات أكثر‬

‫‪329‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫شموال تنظـ مختمؼ جوانب التعاوف القضائي والقانوني بما في ذلؾ تسميـ المجرميف‪.1‬‬

‫ورغـ أىمية االتفاقيات الدولية باعتبارىا المصدر األوؿ لمتسميـ‪ ،‬فإف ىناؾ عدة‬
‫صعوبات تقؼ حائبل دوف فعاليتيا‪ ،‬منيا التحفظ عمى المعاىدة الذي يعد مف أىـ المعوقات‬
‫إذ يعبر عف نية الدولة الصريحة في عدـ قبوليا لنص معيف‪ ،‬كما أف الدوؿ ليست عمى نفس‬
‫الدرجة مف االىتماـ بالدخوؿ في اتفاقية دولية لتنظيـ تسميـ المجرميف وذلؾ نتيجة تفاوت‬
‫المصالح األمنية والسياسية واالقتصادية‪.2‬‬

‫ب‪ -‬التشريعات الداخمية‪ :‬تعتبر التشريعات الداخمية لمدوؿ مصد ار ألحكاـ التسميـ إلى جانب‬
‫االتفاقيات الدولية‪ ،‬واذا كانت التشريعات في السابؽ ترفض طمب التسميـ إذا لـ تكف ىناؾ‬
‫اتفاقية‪ ،‬فإف التشريعات الحديثة تعتمد كثير مف الدوؿ فيو عمى التشريع الوطني كمصدر‬
‫أساسي لتسميـ المجرميف‪.‬‬

‫ومف الدوؿ التي تعتمد عمى التشريع كمصدر لمتسميـ إلى جانب المعاىدات نجد قانوف‬
‫إنجمت ار التي تعتمد عمى قانوف التسميـ الصادر سنة ‪ 1989‬وكذا التشريع الفرنسي الصادر‬

‫مف بيف االتفاقيات المتعمقة بتسميـ المجرميف التي وقعتيا الجزائر نذكر‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬اتفاقية قضائية بيف الجزائر وليبيا‪ :‬المرسوـ الرئاسي ;?‪ 9?=/‬المؤرخ في ‪ 48‬نوفمبر ;??‪ ،4‬يتضمف المصادقة عمى‬
‫اتفاقية التعاوف القضائي بيف الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجماىيرية العربية الميبية‪ ،‬الموقعة في مدينة بنغازي‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية قضائية بيف الجزائر واألردف‪ :‬المرسوـ الرئاسي ‪ 49?/09‬المؤرخ في ;‪ 8‬مارس ‪ ،8009‬يتضمف المصادقة عمى‬
‫اتفاقية التعاوف القضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة المممكة األردنية الياشمية‪ ،‬الموقعة‬
‫بالجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،88‬صادر في ‪ 90‬مارس ‪.8009‬‬
‫‪ -‬اتفاقية قضائية بيف الجزائر وايراف‪ :‬المرسوـ الرئاسي <‪ 449/800‬المؤرخ في ‪ 44‬مارس <‪ ،800‬يتضمف المصادقة عمى‬
‫اتفاقية التعاوف القضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجميورية اإلسبلمية اإليرانية‪،‬‬
‫الموقعة بطيراف‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد<‪ ،4‬صادر في ;‪ 4‬مارس <‪.800‬‬
‫‪ -‬اتفاقية لتسميـ المجرميف بيف الجزائر والصيف‪ :‬المرسوـ الرئاسي =‪ 4=;/0‬المؤرخ في < يونيو =‪ ،800‬يتضمف التصديؽ‬
‫عمى االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجميورية الصيف الشعبية‪،‬‬
‫الموقعة ببكيف‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد>‪ ،9‬صادر في ‪ 40‬يونيو =‪.800‬‬
‫‪ -‬اتفاقية لتسميـ المجرميف بيف الجزائر ونيجيريا‪ :‬المرسوـ الرئاسي ;‪ 4?9/0‬المؤرخ في >‪ 8‬مايو ;‪ ،800‬يتضمف التصديؽ‬
‫عمى االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجميورية الفدرالية‬
‫النيجيرية‪ ،‬الموقعة بالجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد>‪ ،9‬صادر في ‪ 4‬يونيو ;‪.800‬‬
‫بف زحاؼ فيصؿ‪ ،‬تسميـ مرتكبي الجرائـ الدولية‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانوف الدولي والعبلقات السياسية الدولية‪ ،‬جامعة‬ ‫‪2‬‬

‫وىراف‪ ،‬الجزائر‪ ،8048-8044 ،‬ص<‪.:‬‬

‫‪330‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫في مارس ‪ ،1927‬أما الجزائر فمقد تناوؿ المشرع موضوع تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ‬
‫األمر ‪ 155/66‬المؤرخ في ‪ 08‬جواف ‪ 1966‬المتضمف قانوف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الدور الذي يمعبو التشريع الداخمي‪ ،‬فإف الدستور يعتبر مصد ار غير‬
‫مباشر لمتسميـ‪ ،‬إذ نص الدستور الجزائري عمى مبدأيف أساسييف في مجاؿ تسميـ المجرميف‬
‫وىما "مبدأ جواز تسميـ شخص بناء عمى قانوف تسميـ المجرميف وتطبيقا لو" و "مبدأ عدـ‬
‫أمكانية تسميـ أو طرد الجئ سياسي يتمتع قانونا بحؽ المجوء‪.1‬‬

‫تجدر اإلشارة أنو في حالة نشأ تعارض بيف اتفاقية دولية ونص في قانوف اإلجراءات‬
‫الجزائية بشأف مسألة مف مسائؿ التسميـ‪ ،‬فقد تبنى المؤسس الدستوري مبدأ سمو المعاىدات‬
‫عمى القانوف‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 150‬مف الدستور عمى أف‪" :‬المعاىدات التي يصادؽ‬
‫عمييا رئيس الجميورية‪ ،‬حسب الشروط المنصوص عمييا في الدستور‪ ،‬تسمو عمى‬
‫القانوف"‪.2‬‬

‫ج‪ -‬مبدأ المعاممة بالمثل‪ :‬يعتبر مبدأ المعاممة بالمثؿ مبدأ دولي أساسو السابقة في التعامؿ‬
‫عند غياب اتفاقية مع الدولة الطالبة تنظـ إجراءات التسميـ وشروطو‪.‬‬

‫وتتعامؿ الجزائر مع الدوؿ األخرى وفقا لممبادئ الدستورية المعموؿ بيا في ىذا‬
‫المجاؿ مف أجؿ دعـ التعاوف الدولي وتنمية العبلقات الودية بيف الدوؿ عمى أساس المساواة‬
‫والمصمحة المتبادلة وعدـ التدخؿ في الشؤوف الداخمية لمدوؿ وتبني مبادئ ميثاؽ األمـ‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫المادة ‪ >8‬و‪ >9‬مف دستور<??‪ ،4‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وذلؾ إعماال لممادة =‪ 8‬مف اتفاقية فيينا لقانوف المعاىدات لسنة ?<?‪ ،4‬التي تقضي بأف الغمبة في حالة تنازع بيف أحكاـ‬ ‫‪2‬‬

‫االتفاقية الدولية والقانوف الوطني تكوف لقواعد االتفاقية وانو ال يجوز لمدولة أف تتحمؿ مف المعاىدة عف طريؽ إصدار‬
‫تشريعات تسمح ليا بالتحمؿ مف آثار المعاىدة أو تضيؽ مف نطاؽ تطبيقيا‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫ولـ تخرج الجزائر عف تمؾ المبادئ في مجاؿ تسميـ المجرميف‪ ،‬إذ أنيا تسيؿ عممية‬
‫التسميـ متى تمقت طمب التسميـ وتوفرت شروطو القانونية‪ ،‬ومع ذلؾ تأخذ بمبدأ المعاممة‬
‫بالمثؿ متى توفرت شروط األخذ بو‪.1‬‬

‫‪ -2‬شروط تسميم المجرمين‪ :‬تعتبر شروط التسميـ مف األىمية بما كاف في ما يتعمؽ‬
‫بموضوع تسميـ المجرميف‪ ،‬لكونيا تفصؿ حدود العبلقة بيف الدوؿ األطراؼ في التسميـ‬
‫وتضع األحكاـ العامة التي عمى أساسيا يتـ التسميـ مف عدمو‪ ،‬وذلؾ متى توافرت ىذه‬
‫الشروط حاؿ الفصؿ في قرار التسميـ‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع الجزائري ىذه الشروط مف خبلؿ األحكاـ المتعمقة بتسميـ المجرميف‬
‫الواردة ضمف المواد مف ‪ 694‬إلى ‪ 701‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وكذا المادة ‪29‬‬
‫و‪ 30‬مف القانوف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما‪.‬‬

‫أ‪ -‬الشروط المتعمقة بالشخص المطموب تسميمو‪ :‬يعتبر الشخص المطموب تسميمو محور‬
‫إجراء التسميـ‪ ،‬لكف ولعدة اعتبارات ليس كؿ مطموب يجوز تسميمو‪ ،‬وىي اعتبارات تتعمؽ في‬
‫مجمميا بالجنسية والحالة الخاصة بالشخص المطموب تسميمو‪.‬‬

‫‪ -‬الشروط المتعمقة بالجنسية‪ :2‬تعتبر الجنسية بشكؿ عاـ تمؾ العبلقة القانونية بيف الفرد‬
‫والدولة يصير الفرد بمقتضاىا عضوا في شعب الدولة‪.3‬‬

‫واذا كاف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية الدولة الطالبة‪ ،‬فإف االتجاىات‬
‫الدولية والتشريعات الداخمية تكاد تتفؽ عمى أف األمر ال يثير أي مشكبلت لمتسميـ‪ ،‬طالما أنو‬

‫ومثاؿ ذلؾ رفضيا تسميـ المدعو "دحوماف عبد المجيد" إلى الواليات المتحدة األمريكية لسبؽ ىذه األخيرة تسميـ المدعو‬ ‫‪1‬‬

‫"أنور ىداـ"‪ ،‬حيث طالبت بو الجزائر لضموعو في المشاركة في تفجيرات مطار الجزائر الدولي بعد أف صدر حكما باإلعداـ‬
‫في حقو‪.‬‬
‫نظـ المشرع الجزائري أحكاـ الجنسية بموجب األمر ‪ ></=0‬المؤرخ في ;‪ 4‬ديسمبر ‪ 4?=0‬المتضمف قانوف الجنسية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ;‪ ،40‬صادر في >‪ 4‬ديسمبر ‪4?=0‬المعدؿ والمتمـ باألمر ;‪ 04/0‬المؤرخ في =‪ 8‬فبراير ;‪،800‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ;‪ ،4‬صادر في =‪ 8‬فبراير ;‪.800‬‬
‫حفيظة السيد الحداد‪ ،‬مدخؿ إلى الجنسية ومركز األجانب‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،800= ،‬ص‪.44‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪332‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫ارتكب الجري مة عمى إقميـ الدولة الطالبة‪ ،‬واتخذت في حقو إجراءات المتابعة أو صدر حكـ‬
‫في حقو‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 396‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪.1‬‬

‫أما إذا كاف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية الدولة المطموب منيا التسميـ فقد‬
‫أخذ المشرع الجزائري بمبدأ حضر تسميـ الرعايا‪ ،‬وذلؾ عمى غرار ما أخذت بو الغالبية مف‬
‫التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية التي اعتبرت انتماء الشخص المطموب تسميمو إلى‬
‫جنسية الدولة المطموب منيا التسميـ يعتبر عائقا يحوؿ دوف التسميـ‪ ،‬حيث نصت الفقرة‬
‫األولى مف المادة ‪ 698‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو ال يقبؿ التسميـ في حالة ما‬
‫إذا كاف الشخص المطموب تسميمو جزائري الجنسية‪ .‬وىنا يتـ تطبيؽ مبدأ التسميـ أو‬
‫المحاكمة‪ ،2‬أي أنو إذا لـ تقـ الدولة المطموب منيا التسميـ بتسميـ الشخص المطموب بسبب‬
‫كونو أحد رعاياىا يكوف عمييا أف تتولى بديبل عف ذلؾ وىذا عف طريؽ مباشرة إجراءات‬
‫مبلحقتو بيدؼ محاكمتو عف الجريمة التي كاف التسميـ مطموبا ألجميا‪ ،‬وىو ما نصت عميو‬
‫اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪ 2001‬حيث ألزمت‬
‫الدولة الطرؼ التي يوجد الجاني المزعوـ في إقميميا ولـ تقـ بتسميمو بسبب كونو مف رعاياىا‬
‫بأف تحيؿ القضية دوف إبطاء ال مبرر إلى سمطاتيا المختصة بقصد المبلحقة‪.3‬‬

‫نصت المادة <?< مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو‪" :‬يجوز لمحكومة الجزائرية أف تسمـ شخصا غير جزائري إلى‬ ‫‪1‬‬

‫حكومة أجنبية بناء عمى طمبيا إذا وجد في أراضي الجميورية وكانت قد اتخذت في شأنو إجراءات متابعة باسـ الدولة‬
‫الطالبة أو صدر حكـ ضده مف محاكميا‪.‬‬
‫ومع ذلؾ ال يجوز التسميـ إال إذا كانت الجريمة موضوع الطمب قد ارتكبت‪:‬‬
‫‪ -‬إما في أراضي الدولة الطالبة مف أحد رعاياىا أو مف أحد األجانب‪،‬‬
‫‪ -‬واما خارج أراضييا مف أحد رعايا ىذه الدولة‪،‬‬
‫‪ -‬واما خارج أراضييا مف أحد األجانب عف ىذه الدولة إذا كانت الجريمة مف عداد الجرائـ التي يجيز القانوف الجزائري‬
‫المتابعة فييا في الجزائر حتى ولو ارتكبت مف أجنبي في الخارج"‪.‬‬
‫تـ إدراج مبدأ التسميـ أو المحاكمة مف قبؿ لجنة القانوف الدولي في مشروع قانوف الجرائـ المخمة بسمـ اإلنسانية وأمنيا‬ ‫‪2‬‬

‫لسنة <??‪ ،4‬التي اعتبرت أف االلتزاـ بالتسميـ أو المحاكمة مفروض عمى الدولة التي يوجد عمى إقميميا فرد يدعى عمى أنو‬
‫ارتكب جريمة‪ ،‬وىذه الدولة ممزمة باتخاذ اإلجراءات الضرورية لضماف محاكمة ىذا الفرد إما مف قبؿ لسمطات الوطنية لتمؾ‬
‫الدولة أو مف قبؿ دولة أخرى تعمف عف رغبتيا في نظر القضية مف خبلؿ تقديـ طمب التسميـ‪.‬‬
‫المادة <‪ 4‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪333‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫وفي حاؿ كوف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية دولة ثالثة‪ ،‬فقد نص المشرع‬
‫الجزائري عمى إمكانية أف يتـ تسميـ الشخص األجنبي إلى الدولة الطالبة‪ ،‬إذا ارتكب الجريمة‬
‫عمى أراضييا‪ ،‬وىو ما ورد في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 696‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫أما إذا كاف لمشخص المطموب تسميمو أكثر مف جنسية واحدة‪ ،‬في ىذه الحالة المشرع‬
‫الجزائري يميز بيف حالتيف‪ :‬األولى أف تكوف كؿ الجنسيات التي تثبت لمشخص أجنبية في‬
‫ىذه الحالة يطبؽ قانوف الجنسية الفعمية‪ ،‬وىي تمؾ التي يرتبط بيا الشخص أكثر مف غيرىا‪.‬‬
‫والحالة الثانية أف تكوف مف بيف الجنسيات التي تثبت لمشخص الجنسية الجزائرية‪ ،‬وفي ىذه‬
‫الحالة القانوف الجزائري ىو الذي يطبؽ استنادا لنص المادة ‪ 22‬مف القانوف المدني‪.1‬‬

‫‪ -‬الحالة الخاصة بالشخص المطموب تسميمو‪ :‬فيما يتعمؽ بالوضع الشخصي لممطموب‬
‫تسميمو مف حيث صحتو وسنو وغير ذلؾ مف األسباب الشخصية‪ ،‬فإف القانوف الجزائري‬
‫وبعض االتفاقيات التي ترتبط بيا الجزائر لـ تشر لمموقؼ الواجب إتباعو في ىذا الشأف‪.‬‬

‫الحدث‪ :2‬لـ يتعرض القانوف الجزائري إلى مدى جواز تسميـ الحدث‪ ،‬ولكف أغمب العقوبات‬
‫التي تطبؽ عمى الحدث ال تكوف سالبة لمحرية حيث تكتفي بتطبيؽ بعض تدابير الحماية‬
‫والتيذيب طبقا لممادة ‪ 444‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو‪" :‬ال يجوز في‬
‫مواد الجنايات والجنح أف يتخذ ضد الحدث الذي لـ يبمغ الثامنة عشر إال تدبير أو أكثر مف‬
‫تدابير الحماية والتيذيب اآلتي بيانيا‪:‬‬

‫‪ -‬تسميمو لوالديو أو لوصية أو لشخص جدير بالثقة‪.‬‬

‫‪ -‬تطبيؽ نظاـ اإلفراج عنو مع وضعو تحت المراقبة‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 88‬مف األمر ;=‪ ;>/‬المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ بالقانوف ;‪ 40/0‬المؤرخ في ‪80‬يونيو‬ ‫‪1‬‬

‫;‪ 800‬عمى أنو‪" :‬في حالة تعدد الجنسيات يطبؽ القاضي الجنسية الحقيقية‪.‬‬
‫غير أف القانوف الجزائري ىو الذي يطبؽ إذا كاف لمشخص في وقت واحد‪ ،‬بالنسبة إلى الجزائر الجنسية الجزائرية‪ ،‬وبالنسبة‬
‫إلى دولة أو عدة دوؿ أجنبية جنسية تمؾ الدوؿ‪.‬‬
‫وفي حالة انعداـ الجنسية يطبؽ القاضي قانوف الموطف أو قانوف محؿ اإلقامة"‪.‬‬
‫الحدث ىو الشخص الذي لـ يبمغ سف الرشد القانوني‪ .‬يكوف بموغ سف الرشد الجزائي في تماـ الثامنة عشر (>‪ )4‬طبقا‬ ‫‪2‬‬

‫لممادة ‪ ::8‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو‪" :‬يكوف بموغ سف الرشد الجزائي في تماـ الثامنة عشر"‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬وضعو في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة لمتيذيب أو التكويف الميني مؤىمة‬
‫ليذا الغرض‪.‬‬

‫‪ -‬وضعو في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤىمة لذلؾ‪.‬‬

‫‪ -‬وضعو في مصمحة عمومية مكمفة بالمساعدة‪.‬‬

‫‪ -‬وضعو في مدرسة داخمية صالحة إليواء األحداث المجرميف في سف الدراسة‪ ،‬غير أنو‬
‫يجوز أف يتخذ كذلؾ في شأف الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشرة تدبير يرمي إلى‬
‫وضعو في مؤسسة عامة لمتيذيب تحت المراقبة أو لمتربية اإلصبلحية‪.‬‬

‫ويتعيف في جميع األحواؿ أف يكوف الحكـ بالتدابير المذكورة آنفا لمدة معينة ال يجوز أف‬
‫تتجاوز التاريخ الذي يبمغ فيو القاصر سف الرشد المدني"‪.‬‬

‫فإذا كاف الحدث مف المواطنيف فبل يمكف تسميمو ألنو يحمؿ الجنسية الجزائرية وىنا‬
‫يدخؿ في إطار مبدأ التسميـ أو المحاكمة‪ ،1‬لكف إذا كاف مف رعايا الدولة الطالبة وتوافرت‬
‫فيو شروط الحد األدنى لمعقوبة فينا يمكف تسميمو إذا لـ تكف ىناؾ اتفاقية تمنع تسميـ‬
‫األحداث كما ىو الشأف في االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف الموقعة بيف حكومة‬
‫الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة جميورية إيطاليا التي نصت عمى عدـ‬
‫جواز تسميـ الشخص المطموب إذا كاف عند ارتكابو الجريمة حدثا حسب قانوف الدولة‬
‫المطموب منيا التسميـ‪.2‬‬

‫الحالة الصحية لمشخص المطموب تسميمو‪ :‬أجازت بعض االتفاقيات رفض التسميـ في‬
‫بعض الحاالت التي يكوف فييا الشخص المطموب تسميمو في حالة مرض مزمف أو طاعف‬
‫في السف كاالتفاقية المتعمقة بالتعاوف القضائي في المجاؿ الجزائي وتسميـ األشخاص‬
‫الموقعة بيف الجزائر والصيف‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 04‬منيا تحت عنواف األسباب التقديرية‬

‫يقصد بمبدأ التسميـ أو المحاكمة أنو إذا لـ تقـ الدولة المطموب منيا التسميـ بتسميـ الشخص المطموب بسبب كونو أحد‬ ‫‪1‬‬

‫رعاياىا يكوف عمييا أف تتولى بديبل عف ذلؾ وىذا عف طريؽ مباشرة إجراءات مبلحقتو بيدؼ محاكمتو عف الجريمة التي‬
‫كاف التسميـ مطموبا ألجميا‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 09‬الفقرة (ج) مف اتفاقية تسميـ المجرميف بيف الجزائر وايطاليا عمى أنو‪" :‬يرفض التسميـ في الحاالت‬ ‫‪2‬‬

‫اآلتية‪ ... :‬إذا كاف الشخص المطموب‪ ،‬عند ارتكاب الجريمة‪ ،‬حدثا حسب قانوف الطرؼ المطموب منو ‪."...‬‬

‫‪335‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫لمرفض عمى أنو يجوز رفض التسميـ إذا كاف يتنافى مع االعتبارات اإلنسانية بسبب سف‬
‫الشخص أو حالتو الصحية أو لظروؼ أخرى لمشخص المطموب‪.‬‬

‫رفض التسميم بسبب الدين أو الجنس أو العرق‪ :‬يمكف لمدولة المطموب منيا التسميـ أف‬
‫ترفض طمب التسميـ إذا رأت أنو قدـ مف أجؿ متابعة أو محاكمة الشخص المطموب بسبب‬
‫أصمو أو جنسو أو عقيدتو أو جنسيتو أو أنو يمكف المساس بمركزه خبلؿ اإلجراءات‬
‫القضائية ألحد ىذه االعتبارات‪ ،‬وكما يمكف رفض التسميـ إذا كاف يشكؿ خرقا لممبادئ‬
‫الدولية لحقوؽ اإلنساف السيما تمؾ المنصوص عمييا في العيد الدولي المتعمؽ بالحقوؽ‬
‫المدنية والسياسية‪.1‬‬

‫الحصانة‪ :‬يقصد بالحصانة في القانوف الجنائي المميزات التي تمنح لبعض األشخاص بقصد‬
‫إخراجيـ مف االختصاص القضائي لمدولة المضيفة كميا أو جزئيا بحسب نوع وطبيعة‬
‫الحصانة الممنوحة لكؿ منيـ‪.2‬‬

‫ومف أىـ الفئات التي تتمتع بالحصانة نذكر رؤساء الدوؿ األجنبية‪ ،‬رجاؿ السمؾ‬
‫الدبموماسي‪ ،‬حيث يتمتع رؤساء الدوؿ األجنبية داخؿ أقاليـ الدوؿ التي يتواجدوف فييا‬
‫بحصانة فبل يسألوف عما يرتكبونو مف جرائـ عمى ىذه األقاليـ‪ ،‬غير أف ىذه الحصانة تسقط‬
‫في حالة ارتكابيـ لجريمة دولية تدخؿ في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬وىو ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 27‬مف نظاـ روما األساسي لممحكمة الجنائية الدولية‪ 3‬بقوليا‪" :‬يطبؽ ىذا‬
‫النظ اـ األساسي عمى جميع األشخاص بصورة متساوية دوف أي تمييز بسبب الصفة‬
‫الرسمية‪ .‬وبوجو خاص‪ ،‬فإف الصفة الرسمية لمشخص‪ ،‬سواء كاف رئيسا لدولة أو حكومة‬
‫‪ ،...‬ال تعفيو بأي حاؿ مف األحواؿ مف المسؤولية الجنائية بموجب ىذا النظاـ األساسي كما‬
‫أنيا ال تشكؿ‪ ،‬في حد ذاتيا‪ ،‬سببا لتخفيؼ العقوبة"‪.‬‬

‫المادة ‪ 0:‬مف اتفاقية تسميـ المجرميف الموقعة بيف الجزائر والبرتغاؿ بتاريخ ‪ 88‬يناير =‪ .800‬أنظر‪ :‬المرسوـ الرئاسي‬ ‫‪1‬‬

‫=‪ 8>0/0‬المؤرخ في في ‪ 89‬سبتمبر =‪ ،800‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد?;‪ ،‬صادر في ‪ 89‬سبتمبر =‪.800‬‬


‫جباري عبد المجيد‪ ،‬األمر بالقبض الدولي واشكاالتو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.<4‬‬ ‫‪2‬‬

‫نظاـ روما األساسي لممحكمة الجنائية الدولية المعتمد في =‪ 4‬يونيو >??‪ 4‬بروما‪ .‬ودخؿ النظاـ األساسي حيز النفاذ في‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 04‬يونيو ‪.8008‬‬

‫‪336‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫كما يتمتع المبعوث الدبموماسي بالحصانة الجنائية‪ ،‬فبل يخضع لمقضاء الجنائي في‬
‫الدولة المعتمد لدييا بالنسبة لما يرتكبو مف جرائـ أيا كاف نوعيا‪ ،‬وعدـ خضوع المبعوث‬
‫الدبموماسي لمقضاء الجنائي لمدولة المعتمد لدييا يعتبر مف قواعد النظاـ العاـ الذي ال يجوز‬
‫مخالفتيا لممحافظة عمى العبلقات السممية بيف الدوؿ‪.1‬‬

‫وتمتع المبعوث الدبموماسي بيذه الحصانة ال تقتصر عمى إجراءات التقاضي فحسب‬
‫وانما تشمؿ حماية وصيانة شخصو مف جميع اإلجراءات األخرى‪ ،‬فبل تباشر ضده التعقيبات‬
‫القانونية التي تتخذ عادة عند انتياؾ الوطني أو األجنبي أحكاـ القوانيف الداخمية‪ ،‬كالتفتيش‬
‫والقبض والتحقيؽ والمحاكمة وغيرىا مف اإلجراءات وىو ما نصت عميو المادة ‪ 31‬مف‬
‫اتفاقية فيينا لمعبلقات الدبموماسية لسنة ‪ 1961‬بقوليا‪" :‬يتمتع الممثؿ الدبموماسي بالحصانة‬
‫القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لدييا‪.2"...‬‬

‫ب‪ -‬الشروط المتعمقة بالجريمة سبب التسميم‪ :‬ال يكفي أف يكوف الفعؿ المنسوب إلى‬
‫الشخص المطموب جريمة معاقب عمييا في قوانيف الدولتيف طالبة التسميـ والمطموب إلييا‬
‫التسميـ‪ ،‬وانما يجب أيضا أف تكوف ىذه الجريمة عمى قدر معيف مف الخطورة واألىمية‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 697‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬نجد المشرع الجزائري‬
‫قد نص عمى األفعاؿ التي تجيز التسميـ سواء كاف مطموبا أو مقبوال والمتمثمة في‪:‬‬

‫‪ -‬الجنايات‪ :‬يجوز تسميـ الشخص الذي ارتكب فعؿ يعد جناية في قانوف الدولة الطالبة أو‬
‫المطموب إلييا‪ ،‬حيث نصت الفقرة األولى مف المادة ‪ 697‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‬
‫عمى أف األفعاؿ التي تجيز التسميـ سواء كاف مطموبا أو مقبوال تشمؿ جميع األفعاؿ التي‬
‫يعاقب عمييا قانوف الدولة الطالبة بعقوبة جناية‪.‬‬

‫عبد الفتاح شبانة‪ ،‬الدبموماسية (القواعد القانونية‪ ،‬الممارسة العممية‪ ،‬المشكبلت الفعمية)‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬مصر‪،8008 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.;8‬‬
‫اتفاقية فيينا لمعبلقات الدبموماسية لسنة ‪ 4?<4‬ىي اتفاقية دولية تحدد اإلجراءات والضوابط الخاصة بالعمؿ الدبموماسي‬ ‫‪2‬‬

‫بيف الدوؿ وتبيف الحقوؽ والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبموماسية‪ ،‬كما تضمنت تحديد عدة مفاىيـ كالحصانة‬
‫الدبموماسية وقطع العبلقات‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬الجنح‪ :‬يجوز التسميـ في الجنح وذلؾ في حالة ارتكاب شخص لجنحة في قانوف الدولة‬
‫الطالبة‪ ،‬وكاف ا لحد األقصى المقرر لمعقوبة ىي الحبس لمدة سنتيف أو أقؿ‪ ،‬وكذلؾ في حالة‬
‫ما إذا كاف مرتكب الجنحة قد حكـ عميو بعقوبة تساوي أو تتجاوز الحبس لمدة شيريف‪.‬‬

‫ونبلحظ أف المشرع الجزائري مف خبلؿ قانوف اإلجراءات الجزائية ميز بيف ما إذا كاف‬
‫الغرض مف طمب التسميـ ىو محاكمة الشخص المطموب تسميمو فاشترط أف يكوف الفعؿ‬
‫المطالب التسميـ مف أجمو معاقب عميو في الدولة الطالبة بعقوبة سالبة لمحرية لمدة سنتيف أو‬
‫أقؿ‪ ،‬وبيف إذا ما كاف الغرض مف طمب التسميـ ىو تنفيذ العقوبة المحكوـ بيا عمى الشخص‬
‫المطموب تسميمو فاشترط أف يكوف قد صدر عميو حكـ بعقوبة تساوي أو تتجاوز الحبس لمدة‬
‫شيريف‪.‬‬

‫ويجد التمييز بيف ما إذا كاف الغرض مف طمب التسميـ ىو محاكمة الشخص‬
‫المطموب تسميمو أو تنفيذ الحكـ الصادر عميو ما يبرره مف الناحية العممية‪ ،‬ألنو لو لـ‬
‫يشترط أف تكوف العقوبة السالبة لمحرية لمدة سنتيف عمى األقؿ‪ ،‬أو أف يكوف الحكـ الذي‬
‫صدر عمى الشخص المطموب تسميمو تساوي أو تتجاوز مدة شيريف‪ ،‬لوجب قبوؿ طمب‬
‫التسميـ حتى ولو كانت العقوبة المحكوـ بيا بسيطة وال تتطمب اتخاذ إجراءات التسميـ وما‬
‫يترتب عمييا مف تكاليؼ‪.‬‬

‫كما أجاز المشرع الجزائري التسميـ في حالتي الشروع واالشتراؾ‪ ،‬حيث نصت الفقرة‬
‫الثالثة مف المادة ‪ 697‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو‪" :‬تخضع األفعاؿ المكونة‬
‫لمشروع أو االستمرار لمقواعد السابقة شرط أف يكوف معاقب عميو طبقا لقانوف كؿ مف الدولة‬
‫طالبة التسميـ والمطموب منيا إلييا التسميـ"‪.‬‬

‫غير أف ىناؾ أنواع مف الجرائـ ال يجوز التسميـ فييا ميما كانت خطورة الوقائع فييا‬
‫كالجرائـ السياسية والجرائـ العسكرية‪ ،‬وقد نصت عمى ىذا االستثناء المعاىدات واالتفاقيات‬
‫الثنائية والمتعددة األطراؼ سواء المتعمقة بالتعاوف القضائي والقانوني أو المعاىدات الدولية‬
‫لمكافحة جريمة معينة‪ ،‬كما ىو الحاؿ في االتفاقية العربية لمكافحة اإلرىاب في المادة‬
‫السادسة التي نصت عمى أنو‪" :‬ال يجوز التسميـ في أي حالة مف الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪338‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬إذا كانت الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ معتبرة‪ ،‬بمقتضى القواعد القانونية النافدة‬
‫لدى الدولة المتعاقدة المطموب إلييا التسميـ‪ ،‬جريمة ليا صبغة سياسية‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كانت الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ تنحصر في اإلخبلؿ بواجبات عسكرية"‪.‬‬

‫وكذلؾ المادة ‪ 698‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية بقوليا‪" :‬ال يقبؿ التسميـ في الحاالت‬
‫اآلتية‪ ... :‬إذا كانت لمجناية أو الجنحة صبغة سياسية أو إذا تبيف مف الظروؼ أف التسميـ‬
‫مطموب لغرض سياسي"‪.‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بجريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 389‬مكرر‪ 1‬مف قانوف‬
‫العقوبات عمى معاقبة كؿ مف قاـ بتبييض األمواؿ بالحبس مف خمس سنوات إلى عشر‬
‫سنوات وبغرامة مف ‪ 1.000.000‬إلى ‪ 3.000.000‬دج‪ ،‬وبالتالي تعتبر جريمة تبييض‬
‫األمواؿ مف الج رائـ التي يجوز فييا التسميـ حيث أف المشرع الجزائري وضع الحد األدنى‬
‫لعقوبة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬وىو الحبس لمدة خمس سنوات‪.‬‬

‫كما نصت الفقرة الثانية مف المادة ‪ 06‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير‬
‫المشروع بالمخدرات لسنة ‪ 1988‬عمى أنو‪" :‬تطبؽ ىذه المادة (التي تنظـ تسميـ المجرميف)‬
‫عمى الجرائـ التي تقررىا األطراؼ وفقا لمفقرة األولى مف المادة الثالثة مف االتفاقية"‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬األحكام المتعمقة بتسميم المجرمين‬

‫إف الجزائر وعمى غرار باقي دوؿ العالـ ولتنظيـ تسميـ المجرميف فقد أبرمت العديد‬
‫مف االتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراؼ‪ ،‬كما أنيا وفي إطار تكييؼ قوانينيا الداخمية مع‬
‫االتفاقيات الدولية فقد كرست نظاـ تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ قانوف اإلجراءات الجزائية‬
‫السيما المواد مف ‪ 702‬إلى ‪ 718‬منو‪.‬‬

‫‪ -1‬إجراءات تسميم المجرمين وآثاره‪ :‬إذا كاف مف حؽ كؿ دولة أف تتبع المجرـ الذي فر‬
‫مف العقاب بعد ارتكابو أفعاال مجرمة ألحقت ضر ار بنظاميا وأف تطمب تسميمو ليا‪ ،‬فإف ىذا‬
‫التسميـ يخضع لجممة مف اإلجراءات القانونية التي تشترؾ في تطبيقيا الدولة طالبة التسميـ‬

‫نصت الفقرة األولى مف المادة ‪ 09‬عمى تجريـ تبييض األمواؿ بجميع صوره مف تحويؿ األمواؿ أو نقميا‪ ،‬إخفاء أو تمويو‬ ‫‪1‬‬

‫حقيقة األمواؿ‪ ،‬اكتساب أو حيازة أو استخداـ األمواؿ‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫والدولة المطموب منيا وىذا عمى مستوى السمطتيف التنفيذية والقضائية بشكؿ يضمف نجاعة‬
‫نظاـ التسميـ ويحقؽ أىدافو ويرتب آثاره الصحيحة في حؽ كؿ مف الدولتيف الطالبة‬
‫والمطموب منيا التسميـ‪.‬‬

‫أ‪ -‬إجراءات تسميم المجرمين‪ :‬حددت المواد مف ‪ 702‬إلى ‪ 713‬مف قانوف اإلجراءات‬
‫الجزائية إجراءات تسميـ األجنبي المقيـ في الجزائر إلى الدولة الطالبة والتي تتمثؿ في‪:‬‬

‫تت مقى الحكومة الجزائرية طمب التسميـ بالطريؽ الدبموماسي ويرفؽ بو إما الحكـ‬
‫الصادر بالعقوبة سواء كاف حضوريا أو غيابيا واما أوراؽ اإلجراءات الجزائية التي صدر بيا‬
‫األمر رسميا بإحالة المتيـ إلى جية القضاء الجزائي والتي تتضمف بياف األفعاؿ المرتكبة‬
‫وتاريخ ارتكابيا‪.1‬‬

‫وبعد فحص المسندات يتولى وزير الشؤوف الخارجية تحويؿ طمب التسميـ إلى وزير‬
‫العدؿ الذي يتحقؽ ىو بدوره مف سبلمة الطمب‪ ، 2‬بعدىا يستجوب الشخص األجنبي مف‬
‫طرؼ النائب العاـ بالمحكمة العميا ويبمغو المستند الذي قبض مف أجمو‪ ،‬ويحرر محضر‬
‫بيذه اإلجراءات خبلؿ ‪ 24‬ساعة‪ ،‬بعدىا ينقؿ األجنبي المقبوض عميو في أقصر أجؿ‬
‫ويسجف في سجف العاصمة‪.‬‬

‫وفي نفس الوقت ترفع المحاضر مرفقة بجميع المستندات إلى الغرفة الجنائية‬
‫بالمحكمة العميا‪ ،‬التي يمثؿ أماميا األجنبي خبلؿ مدة أقصاىا ‪ 08‬أياـ مف تبدأ مف تاريخ‬
‫تبميغ المستندات‪ ،‬ويجوز أف يمنح األجنبي مدة ‪ 08‬أياـ قبؿ المرافعات وذلؾ بناء عمى طمب‬
‫مف النيابة العامة أو بطمب منو لتمكينو مف االستعانة بمحاـ أو مترجـ‪ ،‬ثـ يجري بعد ذلؾ‬
‫استجوابو بحضور النيابة العامة والدفاع في جمسة عمنية ما لـ يتقرر خبلؼ ذلؾ بناء عمى‬
‫طمب مف النيابة العامة‪ ،‬ويحرر محض ار بيذا االستجواب‪.‬‬

‫المادة ‪ =08‬مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ =09‬مف األمر<<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪340‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫فإذا قرر األجنبي عند مثولو قبوؿ طمب تسميمو إلى سمطات الدولة الطالبة‪ ،‬ىنا تثبت‬
‫المحكمة ىذا اإلقرار وتحوؿ نسخة منو مف غير تأخير بواسطة النائب العاـ إلى وزير العدؿ‬
‫التخاذ اإلجراءات البلزمة في ىذا الشأف‪.‬‬

‫أما في حالة عدـ قبوؿ األجنبي لطمب التسميـ فيجب عمى المحكمة العميا إبداء رأييا‬
‫في طمب التسميـ فإذا تبيف ليا أف ىذا األخير مشوب بخطأ أو غير مستوؼ الشروط‬
‫القانونية‪ ،‬وىنا يجب إعادة الممؼ إلى وزير العدؿ خبلؿ مدة ‪ 08‬أياـ تبدأ مف تاريخ انقضاء‬
‫المواعيد المنصوص عمييا في المادة ‪ 707‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فإذا أصدرت‬
‫المحكمة العميا رأيا مسببا برفض طمب التسميـ فإف ىذا الرأي يكوف نيائيا وال يجوز قبوؿ‬
‫التسميـ‪.‬‬

‫وفي حالة ما إذا تبيف لممحكمة العميا خبلؿ دراستيا وفحصيا لطمب التسميـ والوثائؽ‬
‫المرفقة بو‪ ،‬أف الطمب مستوفي لمشروط القانونية التي تنظـ تسميـ األجنبي‪ ،‬فعمييا أف تحوؿ‬
‫الممؼ إلى وزير العدؿ واعبلمو أف األمر يتطمب التسميـ فإنو يعرض لمتوقيع مرسوما باإلذف‬
‫بالتسميـ وعميو أف يبمغ الدولة الطالبة بيذا المرسوـ‪ ،‬واذا انقضى ميعاد شير مف تاريخ تبميغ‬
‫ىذا المرسوـ دوف أف يقوـ ممثمو تمؾ الدولة باستبلـ الشخص المقرر تسميمو فيفرج عنو فو ار‬
‫وال يجوز لمدولة الطالبة أف تعيد طمب التسميـ مرة أخرى لنفس األسباب‪.1‬‬

‫ب‪ -‬آثار تسميم المجرمين‪ :‬يترتب عمى تسميـ المجرميف عدة آثار نصت عمييا المواد مف‬
‫‪ 714‬إلى ‪ 718‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية وتتمثؿ في‪:‬‬

‫‪ -‬يكوف التسميـ باطبل إذا خالؼ اإلجراءات السابؽ بيانيا‪ ،‬ويصدر حكـ بالبطبلف إما مف‬
‫الجية القضائية الخاصة بالتحقيؽ أو بالحكـ التي يتبعيا الشخص المسمـ مف تمقاء نفسيا‬
‫وفي حالة ما إذا أصدرت ىذه الجية قبوليا التسميـ‪ ،‬يتعيف الغرفة الجزائية بالمحكمة العميا‬
‫ببطبلف التسميـ‪.2‬‬

‫المادة ‪ =44‬مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫نصت الفقرة ‪ 04‬مف المادة ‪ =4:‬مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ عمى أنو‪" :‬يكوف باطبل التسميـ الذي تحصؿ عميو‬ ‫‪2‬‬

‫الحكومة الجزائرية إذا حصؿ في غير الحاالت المنصوص عمييا في ىذا الباب‪.‬‬
‫وتقضي الجية القضائية الخاصة بالتحقيؽ أو بالحكـ التي يتبعيا الشخص المسمـ‪ ،‬بالبطبلف مف تمقاء نفسو بعد تسميمو‪".‬‬

‫‪341‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬لمشخص المسمـ حؽ تعييف محاـ عنو‪ ،‬كما يجوز لو حؽ طمب البطبلف وذلؾ خبلؿ مدة‬
‫ثبلثة أياـ تبدأ مف تاريخ توجيو اإلنذار إليو مف طرؼ النائب العاـ عقب القبض عميو‪.1‬‬

‫‪ -‬يفرج عمى الشخص المسمـ في حالة إبطاؿ التسميـ إذا لـ تطالب بو الحكومة التي سممتو‬
‫تطالب بو‪ ،‬كما ال يجوز إعادة القبض عميو مرة أخرى سواء عف تمؾ األفعاؿ المذكورة في‬
‫طمب التسميـ أو أفعاؿ أخرى سابقة إال إذا قبض عميو في األراضي الجزائرية في مدة ثبلثيف‬
‫يوما مف تاريخ اإلفراج عميو‪.2‬‬

‫‪ -‬يخضع الشخص المفرج عنو لقوانيف الدولة الطالبة إذا لـ يغادر أراضي تمؾ الدولة في‬
‫مدة أقصاىا ثبلثيف يوما مف اإلفراج عميو يبدأ سريانيا مف يوـ اإلفراج عنو عف األفعاؿ التي‬
‫ارتكبيا ىذا الشخص قبؿ التسميـ شريطة أف تكوف مختمفة عف األفعاؿ المطموب التسميـ مف‬
‫أجميا‪.3‬‬

‫‪ -‬تسميـ األشياء المضبوطة وذلؾ بقرار مف الجية القضائية التي فصمت في قرار التسميـ‬
‫وىذه بقرار غير قابؿ لمطعف‪ ،‬ويجوز إرساؿ ىذه المحجوزات إلى الدولة الطالبة حتى ولو‬
‫تعذر التسميـ بسبب ىروب الشخص المطموب أو وفاتو‪.‬‬

‫‪ -‬تحمؿ كؿ دولة المصاريؼ بخصوص اإلجراءات التي تمت بداخؿ حدودىا في حيف أف‬
‫تكاليؼ العبور تكوف عمى عاتؽ الدولة الطالبة وفقا لما جاءت بو االتفاقية األوروبية لتسميـ‬
‫المجرميف إال أف ىذه المسألة لـ يتطرؽ إلييا المشرع الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬يكوف تسمـ الشخص المطموب في المكاف والزماف المتفؽ عمييما مف قبؿ كؿ مف الدولتيف‬
‫الطالبة والمطموب منيا التسميـ‪ ،‬فيأخذ الشخص المعني إلى مصمحة السجوف لمدولة الطالبة‬
‫إذا كاف قد صدر ضده حكـ‪ ،‬أما إذا كاف التسميـ مف أجؿ المحاكمة فيأخذ المعني إلى‬
‫السجف التابع لممحكمة التي يكوف وكيؿ الجميورية المختص قد باشر إجراءات التسميـ بيا‪.‬‬

‫نصت الفقرة ‪ 09‬مف المادة ‪ =4:‬مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ عمى أنو‪" :‬وال يقبؿ طمب البطبلف الذي يقدمو‬ ‫‪1‬‬

‫الشخص المسمـ إال إذا قدـ خبلؿ ثبلثة أياـ تبدأ مف تاريخ اإلنذار الذي يوجيو إليو النائب العاـ عقب القبض عميو‪ .‬ويحاط‬
‫الشخص المسمـ عمما في الوقت ذاتو بالحؽ المخوؿ لو في اختيار أو طمب تعييف مدافع عنو‪".‬‬
‫المادة <‪ =4‬مف األمر <<‪ ،4;;/‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة =‪ =4‬مف األمر<<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪342‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫أما نقطة الحبس المؤقت يبدأ حسابو مف اليوـ الذي حبس فيو المجرـ في أراضي الدولة‬
‫الطالبة‪ ،‬أما إذا كاف المحبوس سمـ مف أجؿ تنفيذ العقوبة المحكوـ بيا عميو فإف الفترة التي‬
‫قضاىا في سجف الدولة التي سممتو تخصـ مف المدة المحكوـ بيا عميو‪.1‬‬

‫‪ -‬أما فيما يخص محاكمة الشخص المطموب لمتسميـ أو معاقبتو فإنو ال يمكف بأي حاؿ مف‬
‫األحواؿ محاكمتو أو معاقبتو عف جرائـ لـ تكف مذكورة كسبب في طمب التسميـ ولكف الدولة‬
‫الطالبة ليا الحؽ في تغيير الوصؼ القانوني واعادة تكييؼ الجريمة كما يجوز ليا تطبيؽ‬
‫الظروؼ المشددة أو األعذار القانونية‪.‬‬

‫‪ -2‬تعدد الطمبات المتعمقة بتسميم المجرمين‪ :‬تناوؿ المشرع الجزائري حالة تعدد الطمبات‬
‫المتعمقة بتسميـ نفس الشخص مف خبلؿ المادة ‪ 699‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي‬
‫أعطت األفضمية في التسميـ في حاؿ استقباؿ طمبات مف أكثر مف دولة حوؿ جريمة واحدة‬
‫لمدولة التي ارتكبت الجريمة إض ار ار بمصالحيا أو لمدولة التي ارتكبت في أراضييا‪.‬‬

‫أما إذا كانت طمبات التسميـ متعمقة بجرائـ متعددة‪ ،‬نصت نفس المادة عمى أف يؤخذ‬
‫في االعتبار عند تحديد األفضمية جميع الظروؼ الواقعة وعمى األخص خطورتيا‪ ،‬ومكاف‬
‫ارتكاب الجرائـ والتاريخ الخاص بكؿ طمب‪ ،‬والتعيد الذي قد تمتزـ بو إحدى الدوؿ المطالبة‬
‫بالتسميـ‪.‬‬

‫ون بلحظ أف المشرع الجزائري‪ ،‬فيما يخص حالة تعدد الطمبات المتعمقة بالتسميـ ميز‬
‫بيف حالتيف ىما‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬التي تتعدد فييا الطمبات حوؿ نفس الجريمة‪ ،‬وىنا تكوف األولية في التسميـ‬
‫لمدولة التي لحقيا أكبر ضرر مف الجريمة المرتكبة أما في حالة تقارب األضرار تكوف‬
‫األولية في التسميـ لمدولة التي ارتكبت الجريمة عمى أراضييا‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬التي تتعدد فييا الجرائـ محؿ التسميـ‪ ،‬وفي ىذه الحالة ينظر إلى خطورة‬
‫الجريمة فيكوف التسميـ لمدولة التي ارتكبت فييا الجريمة األكثر خطورة‪ ،‬كما يؤخذ بعيف‬

‫جباري عبد المجيد‪ ،‬األمر بالقبض الدولي واشكاالتو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.>9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪343‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫االعتبار مكاف ارتكاب الجريمة والتاريخ الخاص بكؿ طمب‪.1‬‬

‫‪ -3‬انقضاء التسميم‪ :‬يسقط حؽ الدولة طالبة التسميـ متى توافرت األسباب التي يرد اإلشارة‬
‫إلييا في االتفاقيات والتشريعات الوطنية كمبرر النقضاء التسميـ‪ ،‬وىذه األسباب قد تتصؿ‬
‫بالدعوى الجنائية التي سيحاكـ بموجبيا أو بالعقوبة التي مف المقرر أف يسمـ لتنفيذىا في‬
‫الدولة الطالبة‪ ،‬أو بالشخص المطموب ذاتو‪.‬‬

‫وتتمثؿ حاالت انقضاء التسميـ فيما يمي‪ :‬التقادـ (أ)‪ ،‬العفو (ب)‪ ،‬وفاة الشخص‬
‫المطموب (ج)‪.‬‬

‫أ‪ -‬التقادم (‪ :)La prescription‬يعتبر التقادـ الجنائي وسيمة لمتخمص مف آثار الجريمة أو‬
‫مف اإلدانة الجنائية بتأثير مرور الزمف وىو ما سيمثؿ وسيمة النقضاء الحؽ في المبلحقة‬
‫الجنائية ولمحؽ في تنفيذ الحكـ الجنائي الصادر باإلدانة‪ ،‬وتبدأ مدة سرياف التقادـ في الدعوى‬
‫الجنائية بمجرد صدور الحكـ النيائي واستنفاذ جميع طرؽ الطعف‪.‬‬

‫وقد حرصت جميع االتفاقيات الدولية والثنائية عمى جعؿ التقادـ سببا لرفض التسميـ‬
‫منيا اتفاقية التعاوف القانوني والقضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬
‫وحكومة المممكة األردنية الياشمية التي نصت عمى عدـ جواز التسميـ إذا كانت الدعوى عند‬
‫وصوؿ طمب التسميـ قد انقضت‪ ،‬أو سقطت العقوبة بالتقادـ طبقا لمقوانيف النافذة في البمديف‬
‫أو في قانوف الدولة التي اقترفت في إقميميا الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ‪ ،2‬كما نصت‬

‫نصت المادة ??< مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ عمى أنو‪" :‬إذا طمب التسميـ في وقت واحد مف عدة دوؿ عف‬ ‫‪1‬‬

‫جريمة واحدة فتكوف األفضمية في التسميـ لمدولة التي ارتكبت الجريمة إض ار ار بمصالحيا أو لمدولة التي ارتكبت في‬
‫أرضييا"‪.‬‬
‫واذا كانت طمبات التسميـ المتعارضة متعمقة بجرائـ مختمفة فإنو يؤخذ في االعتبار عند تحديد األفضمية بينيا جميع الظروؼ‬
‫الواقعة وعمى األخص خطورت يا النسبية ومكاف ارتكاب الجرائـ والتاريخ الخاص بكؿ طمب والتعيد الذي قد تمتزـ بو إحدى‬
‫الدوؿ الطالبة بإعادة التسميـ"‪.‬‬
‫المادة ‪ :0‬مف اتفاقية التعاوف القانوني والقضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة المممكة‬ ‫‪2‬‬

‫األردنية الياشمية الموقعة بالجزائر بتاريخ ;‪ 8‬يونيو ‪ .8004‬أنظر‪ :‬المرسوـ الرئاسي ‪ 49?/09‬المؤرخ في ;‪ 8‬مارس‬
‫‪ ، 8009‬المتضمف المصادقة عمى اتفاقية التعاوف القضائي بيف الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمممكة األردنية‬
‫الياشمية الموقعة بالجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،88‬صادر في ‪ 90‬مارس ‪.8009‬‬

‫‪344‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫االتفاقية النموذجية لمتسميـ‪ 1‬عمى جعؿ التقادـ سبب إلزامي لرفض التسميـ وفقا لنص المادة‬
‫‪/3‬ىػ التي جاء فييا‪ " :‬ال يجوز التسميـ في أي مف الظروؼ التالية‪ ... :‬إذا كاف الشخص‬
‫المطموب تسميمو قد أصبح‪ ،‬وفؽ قانوف أي مف الطرفيف‪ ،‬متمتعا بالحصانة مف المقاضاة‬
‫والعقاب ألي سبب‪ ،‬بما في ذلؾ التقادـ والعفو ‪."...‬‬

‫أما عمى مستوى التشريعات فقد نصت الفقرة الرابعة مف المادة ‪ 698‬مف قانوف‬
‫اإلجراءات الجزائية عمى رفض التسميـ إذا كانت الدعوى العمومية قد سقطت بالتقادـ قبؿ‬
‫تقديـ طمب التسميـ أو كانت العقوبة قد انقضت بالتقادـ قبؿ القبض عمى الشخص المطموب‬
‫تسميمو‪ .‬وتتقادـ العقوبة الصادرة في الجنايات بمضي مدة عشريف سنة تبدأ مف تاريخ صدور‬
‫الحكـ نيائيا وفقا لما نصت عميو المادة ‪ 613‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫وقد خرج المشرع الجزائري عف األصؿ المقرر في المادة ‪ 613‬السابقة الذكر‪ ،‬حيث‬
‫استثنى طائفة مف الجرائـ ال تسقط العقوبة فييا بالتقادـ بموجب المادة ‪ 612‬مكرر مف قانوف‬
‫اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو‪" :‬ال تتقادـ العقوبات المحكوـ بيا في الجنايات‬
‫والجنح الموصوفة بأفعاؿ إرىابية وتخريبية وتمؾ المتعمقة بالجريمة المنظمة العابرة لمحدود‬
‫الوطنية والرشوة"‪.2‬‬

‫وفي تقديرنا الخاص‪ ،‬فقد أحسف المشرع الجزائري فعبل باستثنائو العقوبات المحكوـ‬
‫بيا في الجنح والجنايات الموصوفة بأفعاؿ إرىابية وتمؾ المتعمقة بالجريمة المنظمة العابرة‬
‫لمحدود الوطنية والرشوة مف التقادـ وبالتالي عدـ جواز رفض طمب تسميـ األشخاص‬
‫المتورطيف فييا الرتباطيا بجريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬وىو ما ينعكس باإليجاب عمى الجيود‬
‫الرامية إلى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ وضماف عدـ إفبلت أفراد الجماعات اإلجرامية مف‬
‫العقاب‪.‬‬

‫ب‪ -‬العفو‪ :‬يعتبر العفو حؽ مقرر لرئيس الجميورية طبقا لممادة ‪ 7/91‬مف دستور الجزائر‬
‫لسنة ‪ 1996‬التي نصت عمى أف رئيس الجميورية لو حؽ إصدار العفو وحؽ تخفيض‬

‫المعاىدة النموذجية لتسميـ المجرميف رقـ ;‪ 44</:‬المصادؽ عمييا مف طرؼ الجمعية العامة لؤلمـ المتحدة بتاريخ ‪4:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ديسمبر ‪ .4??0‬أنظر‪ :‬الوثيقة رقـ ‪A/RES/45/116‬‬


‫أضيفت بموجب القانوف ‪ 4:/0:‬المعدؿ والمتمـ لؤلمر <<‪ ،4;;/‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪345‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫العقوبات أو استبداليا‪ ،‬لذلؾ عرؼ البعض العفو بأنو‪" :‬سمطة تقميدية لرئيس الدولة‪ ،‬يحؽ لو‬
‫بموجبو أف يصدر عفوا عف أي مجرـ بعد أف تثبت إدانتو نيائيا بإسقاط العقوبة كميا أو‬
‫بعضيا"‪.1‬‬

‫ويمكننا استقراء العفو كسبب النقضاء التسميـ في العديد مف التشريعية واالتفاقيات‬


‫الدولية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 5/698‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى عدـ جواز التسميـ‬
‫إذا صدر عفو مف الدولة الطالبة أو المطموب إلييا التسميـ‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 26‬مف اتفاقية‬
‫التعاوف القضائي بيف الموقعة بيف الجزائر ومصر عمى أنو ال يمكف تصور نشوء الحؽ في‬
‫التسميـ متى صدر عفو عف الجريمة أو العقوبة في تشريع أي مف الدولتيف الطالبة‬
‫والمطالبة ‪ ،‬أما االتفاقية النموذجية لمتسميـ فقد نصت عمى العفو كسبب النقضاء التسميـ في‬
‫المادة ‪/3‬ىػ السابقة الذكر وجعمتو كسبب اختياري لرفض التسميـ‪.‬‬

‫وفي األخير يمكف القوؿ أف المشرع الجزائري قد استطاع أف يمـ بمختمؼ الجوانب‬
‫القانونية لنظاـ تسميـ المجرميف‪ ،‬كما أنو لـ يشترط وجود اتفاقية لتسميـ المجرميف حيث يمكف‬
‫لمقانوف الداخمي أف يكوف أساسا لمتسميـ في غياب االتفاقية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫مصادرة المحصالت اإلجرامية‬

‫نص المشرع الجزائري عمى مبدأ التعاوف الدولي في مجاؿ حجز ومصادرة العائدات‬
‫اإلجرامية المحصمة مف تبييض األمواؿ في القانوف ‪ 01/05‬المتعمؽ بالوقاية مف تبييض‬
‫األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 30‬منو عمى إمكانية حجز العائدات المحصمة‬
‫مف تبييض األمواؿ وتمؾ الموجية إلى تمويؿ اإلرىاب قصد مصادرتيا وذلؾ دوف اإلخبلؿ‬
‫بحقوؽ الغير حسف النية‪.‬‬

‫وسنحاوؿ مف خبلؿ ىذا المطمب تحديد موقؼ المشرع الجزائري بشأف مصادرة‬
‫المتحصبلت اإلجرامية مف خبلؿ تناوؿ إجراءات مصادرة المحصبلت اإلجرامية (أوال)‪ ،‬ثـ‬
‫تنفيذ طمب مصادرة المحصبلت اإلجرامية (ثانيا)‪.‬‬

‫عبد اهلل سميماف‪ ،‬النظرية العامة لمتدابير االحت ارزية‪ ،‬المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،4??0 ،‬ص‪.9>4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪346‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫أوال‪ :‬إجراءات طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية‬

‫تناوؿ المشرع الجزائري إجراءات طمب المصادرة المقدـ مف طرؼ دولة أجنبية ضمف‬
‫أحكاـ الباب الخامس مف القانوف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو تحت عنواف‬
‫"التعاوف الدولي واسترداد الموجودات"‪ ،‬حيث يشترط لمتعاوف في مجاؿ مصادرة العائدات‬
‫اإلجرامية أف تكوف الدولة طرؼ في اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪ -1‬طمب التعاون الدولي بغرض المصادرة‪ :‬نصت المادة ‪ 66‬مف القانوف ‪ 01/06‬عمى‬
‫ضرورة أف ترفؽ الطمبات المقدمة مف إحدى الدوؿ األطراؼ في االتفاقية ألجؿ الحكـ‬
‫بالمصادرة أو تنفيذىا‪ ،‬فضبل عف الوثائؽ والمعمومات التي يجب أف تتطمبيا طمبات التعاوف‬
‫القضائي المقررة في االتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراؼ وما يقتضيو القانوف‪ ،‬حسب‬
‫الحاالت بما يأتي‪:1‬‬

‫‪ -‬بياف بالوقائع التي استندت إلييا الدولة الطالبة‪ ،‬ووصؼ اإلجراءات المطموبة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫نسخة مف مصادؽ عمى مطابقتيا لؤلصؿ مف األمر الذي استند إليو الطمب‪ ،‬حيثما كاف‬
‫متاحا وذلؾ إذا تعمؽ األمر باتخاذ إجراءات التجميد أو الحجز أو بإجراءات تحفظية‪.‬‬

‫‪ -‬وصؼ الممتمكات المراد مصادرتيا وتحديد مكانيا وقيمتيا متى أمكف ذلؾ‪ ،‬مع بياف‬
‫بالوقائع التي استندت إلييا الدولة الطالبة‪ ،‬والذي يكوف مفصبل بالقدر الذي يسمح لمجيات‬
‫القضائية الوطنية باتخاذ قرار المصادرة وفقا لئلجراءات المعموؿ بيا‪ ،‬وذلؾ في حالة الطمب‬
‫الرامي إلى استصدار حكـ بالمصادرة‪.‬‬

‫‪ -‬بياف يتضمف الوقائع والمعمومات التي تحدد نطاؽ تنفيذ أمر المصادرة الوارد مف الدولة‬
‫الطالبة‪ ،‬إلى جانب تقديـ ىذه األخيرة لتصريح يحدد التدابير التي اتخذتيا إلشعار الدوؿ‬
‫األطراؼ حسنة النية‪ ،‬بشكؿ مناسب‪ ،‬وكذا ضماف مراعاة األصوؿ القانونية والتصريح بأف‬
‫حكـ المصادرة نيائي‪ ،‬وذلؾ إذا تعمؽ األمر بتنفيذ حكـ المصادرة‪.‬‬

‫يبلحظ أف المشرع الجزائري ميز بيف الطمب الرامي إلى تنفيذ إجراءات تحفظية وبيف الطمب الرامي إلى تنفيذ حكـ‬ ‫‪1‬‬

‫المصادرة والطمب الرامي إلى استصدار الحكـ بالمصادرة‪ ،‬حيث اشترط لكؿ نوع مف ىذه الطمبات وثائؽ خاصة بو‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫يتـ توجيو الطمب الذي تتقدـ بو إحدى الدوؿ األطراؼ في االتفاقية لمصادرة العائدات‬
‫اإلجرامية أو الممتمكات أو المعدات أو الوسائؿ المذكورة في المادة ‪ 64‬مف القانوف ‪01/06‬‬
‫والمتواجدة عمى إقميـ التراب الوطني مباشرة إلى و ازرة العدؿ التي تحولو لمنائب العاـ عمى‬
‫مستوى الجية القضائية المختصة ترسؿ النيابة العامة طمب المصادرة إلى المحكمة‬
‫المختصة مرفقا بطمباتيا‪ ،‬ويكوف حكـ المحكمة قاببل لبلستئناؼ والطعف بالنقض وفقا‬
‫لمقانوف‪.1‬‬

‫‪ -2‬اإلجراءات التحفظية‪ :‬نصت معظـ االتفاقيات ذات الصمة بموضوع تجريـ ومكافحة‬
‫جريمة تبييض األمواؿ عمى ضرورة تعاوف الدوؿ األطراؼ فيما بينيا بشأف اتخاذ اإلجراءات‬
‫التحفظية مثؿ التجميد أو الضبط لمنع أي تصرؼ في األمواؿ التي قد تصبح في مرحمة‬
‫تالية موضوعا لطمب المصادرة‪.2‬‬

‫وقد كرس المشرع الجزائري التزاـ اتخاذ اإلجراءات التحفظية ضمف أحكاـ القانوف‬
‫‪ 01/06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 64‬عمى إمكانية أف تأمر‬
‫الجيات القضائية الوطنية بتجميد أو حجز العائدات المتأتية مف إحدى الجرائـ المنصوص‬
‫عمييا في ىذا القانوف بما في ذلؾ تبييض العائدات اإلجرامية‪ ،‬أو الممتمكات أو المعدات أو‬
‫األدوات التي استخدمت أو كانت معدة لبلستخداـ في ارتكاب ىذه الجرائـ‪ ،‬وذلؾ بشرط وجود‬
‫أسباب كافية تبرر اتخاذ مثؿ ىذه اإلجراءات‪ ،‬ووجود ما يدؿ عمى أف مآؿ تمؾ الممتمكات‬
‫ىو المصادرة‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائري عرؼ "التجميد" أو "الحجز" عمى أنو‪" :‬فرض‬
‫حضر مؤقت عمى تحويؿ الممتمكات أو استبداليا أو التصرؼ فييا أو نقميا‪ ،‬أو تولي عيدة‬
‫الممتمكات أو السيطرة عمييا مؤقتا بناء عمى أمر صادر عف محكمة أو سمطة مختصة‬
‫‪3‬‬
‫أخرى‪".‬‬

‫المادة =< مف القانوف <‪ 04/0‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عادؿ عبد العزيز السف‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 08‬مف القانوف <‪ 04/0‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪348‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫ثانيا‪ :‬تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية‬

‫ي ثير تنفيذ األحكاـ الجنائية األجنبية عمى التراب الوطني‪ ،‬عدة إشكاالت نظ ار‬
‫لخصوصية ىذا النوع مف األحكاـ‪ ،‬مف حيث تعمقيا بسيادة الدولة واستقبلؿ قضائيا مف جية‬
‫ومساسيا بالحرية الشخصية لؤلفراد مف جية أخرى‪ ،‬إال أف حتمية التعاوف الدولي فرضت‬
‫عدـ التشدد في تطبيؽ مبدأ السيادة واالعتراؼ بحجية الحكـ الجنائي األجنبي بشروط يحددىا‬
‫القانوف الداخمي لكؿ دولة‪ ،‬وىو ما أخد بو المشرع الجزائري فيما يتعمؽ بتنفيذ حكـ المصادرة‬
‫حيث نصت الفقرة الثانية مف المادة ‪ 63‬مف القانوف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد‬
‫ومكافحتو عمى أنو‪" :‬يمكف الجيات القضائية أثناء النظر في جرائـ تبييض األمواؿ أو جريمة‬
‫أخرى مف اختصاصيا وفقا لمتشريع الجاري بو العمؿ‪ ،‬أف تأمر بمصادرة الممتمكات ذات‬
‫المنشأ األجنبي والمكتسبة عف طريؽ إحدى الجرائـ المنصوص عمييا في ىذا القانوف‪ ،‬أو‬
‫تمؾ المستخدمة في ارتكابيا"‪.‬‬

‫‪ -1‬سمطة تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية‪ :‬تركت معظـ االتفاقيات الدولية ذات‬
‫الصمة بموضوع تبييض األمواؿ‪ ،‬لمدولة متمقية طمب المصادرة لتحديد سمطة معينة لتنفيذ‬
‫طمبات المصادرة األجنبية وفقا لقانونيا الداخمي‪.‬‬

‫وقد حددت المادة ‪ 67‬مف القانوف ‪ 01/06‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو‬


‫الجية ا لتي تتولى تمقي طمبات مصادرة العائدات اإلجرامية المتواجدة عمى اإلقميـ الجزائري‬
‫التي تقدميا إحدى الدوؿ األطراؼ في االتفاقية‪ ،‬حيث يتـ إرساؿ الطمب الذي تقدمو إحدى‬
‫الدوؿ األطراؼ في االتفاقية لمصادرة العائدات اإلجرامية أو الممتمكات أو الوسائؿ األخرى‬
‫المتواجدة عمى اإلقميـ الوطني مباشرة إلى و ازرة العدؿ التي تحولو إلى النائب العاـ لدى‬
‫الجية القضائية المختصة‪.‬‬

‫وتقوـ النيابة العامة بإرساؿ ىذا الطمب إلى الجية القضائية المختصة مرفقا بطمباتيا‬
‫عمى أف يكوف حكـ المحكمة قاببل لبلستئناؼ والطعف بالنقض وفقا لمقانوف‪ .‬وعندما يصدر‬

‫‪349‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫قرار المصادرة‪ ،‬يتـ التصرؼ في الممتمكات المصادرة وفقا لممعاىدات الدولية ذات الصمة‬
‫والتشريع المعموؿ بو‪.1‬‬

‫ويثير طمب تنفيذ الحكـ األجنبي المتضمف المصادرة إشكاال في تنفيذه‪ ،‬إذ يفترض‬
‫في القاضي الوطني أف يكوف عمى دراية بقانوف الدولة األجنبية حتى يتمكف مف معرفة مدى‬
‫احتراـ الحكـ ليذا القانوف ومدى احتراـ حقوؽ الغير حسني النية‪.‬‬

‫‪ -2‬رفض تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية‪ :‬نص المشرع الجزائري في المادة ‪65‬‬
‫مف القانوف ‪ 01/06‬السالؼ الذكر عمى أنو يجوز رفض التعاوف الرامي إلى المصادرة أو‬
‫إلغاء التدابير التحفظية‪ ،‬إذا لـ تقـ الدولة طالبة المصادرة بتقديـ األدلة الكافية في وقت‬
‫معقوؿ‪ ،‬أو إذا كانت الممتمكات موضوع طمب المصادرة ذات قيمة زىيدة‪.‬‬

‫ويمكف لنا أف نستنتج جممة مف الحاالت التي يفترض في حاؿ توافرىا رفض تنفيذ‬
‫طمب المصادرة وفقا لمقواعد العامة التي تضبط شروط تنفيذ األحكاـ األجنبية عمى اإلقميـ‬
‫الجزائري‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كانت الوقائع التي استند عمييا في الحكـ بالمصادرة محبل لدعوى جزائية أماـ القضاء‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬إذا لـ يكف الحكـ القضائي األجنبي باتا‪ ،‬أي حائ از لقوة الشيء المقضي بو بأف يكوف قد‬
‫استنفد كافة طرؽ الطعف‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كانت الممتمكات أو األمواؿ المحكوـ بمصادرتيا‪ ،‬ال يجوز إخضاعيا لممصادرة وفقا‬
‫لمقانوف الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كانت األدلة المقدمة مف طرؼ الدولة الطالبة غير كافية‪ ،‬بمعنى أنو يجب أف تقتنع‬
‫السمطات الجزائرية المختصة بالحكـ األجنبي اآلمر بالمصادرة‪.‬‬

‫المادة ‪ =0‬مف القانوف <‪ 04/0‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪350‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫المطمب الثاني‬

‫اإلنابة القضائية الدولية‬

‫تتطمب المكافحة الفعالة لجريمة تبييض األمواؿ توافر أساليب تتوافؽ مع أساليب‬
‫ارتكاب الجريمة وتتناسب مع طبيعتيا واستفادة المجرميف مف التطورات التكنولوجية‪ ،‬ومف‬
‫ىذه األساليب اإلنابة القضائية الدولية‪ ،‬حيث أدرجت االتفاقيات الدولية ذات الصمة بمكافحة‬
‫جريمة تبييض األمواؿ اإلنابة القضائية مف خبلؿ حثيا لمدوؿ األطراؼ عمى إحالة الدعاوى‬
‫القضائية مف دولة إلى أخرى في حاؿ تقديرىا لضرورة مثؿ ىذا اإلجراء‪.1‬‬

‫ويقصد باإلنابة القضائية الدولية ذلؾ التفويض الذي يصدر مف سمطة قضائية جنائية‬
‫لسمطة قضائية أجنبية في القياـ نيابة عنيا بالتحقيؽ في واقعة إجرامية معينة‪ ،‬ومحاولة‬
‫الكشؼ عف أدلة ارتكابيا ونسبيا إلى فاعميا‪.‬‬

‫كما يقص د باإلنابة القضائية الدولية قياـ الجية القضائية المختصة بتفويض جية‬
‫أخرى لمقياـ مكانيا وفي دائرة اختصاصيا‪ ،‬بأحد أو بعض إجراءات التحقيؽ أو اإلجراءات‬
‫القضائية األخرى‪ ،‬والتي تعذر عمييا مباشرتيا بنفسيا بسبب بعد المسافة أو أي مانع آخر‪.2‬‬

‫وقد تناوؿ المشرع الجزائري اإلنابة القضائية ضمف أحكاـ قانوف اإلجراءات الجزائية‬
‫حيث نصت المادة ‪ 721‬منو عمى أنو ‪" :‬في حالة المتابعات الجزائية غير السياسية في بمد‬
‫أجنبي تسمـ اإلنابة القضائية الصادرة مف السمطة األجنبية بالطريؽ الدبموماسي وترسؿ إلى‬

‫نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية في المادة الثامنة عمى أنو‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫"تنظر األطراؼ في إمكانية إحالة دعاوى المبلحقة الجنائية مف طرؼ إلى آخر‪ ،‬بشأف الجرائـ المنصوص عمييا في الفقرة‬
‫‪ 04‬مف المادة الثالثة‪ ،‬في الحاالت التي يرى فييا أف ىذه اإلحالة ليا فائدة في إقامة العدؿ"‪.‬‬
‫كما نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪ 8000‬في المادة ‪ 84‬عمى أنو‪" :‬تنظر‬
‫األطراؼ في إمكانية أف تنقؿ إحداىا إلى األخرى إجراءات المبلحقة المتعمقة بجرـ مشموؿ بيذه االتفاقية في الحاالت التي‬
‫يعتبر فييا ذلؾ النقؿ في صال ح سبلمة إقامة العدؿ‪ ،‬وخصوصا عندما يتعمؽ األمر بعدة واليات قضائية‪ ،‬وذلؾ بيدؼ‬
‫تركيز المبلحقة‪".‬‬
‫عكاشة محمد عبد العالي ‪ ،‬اإلنابة القضائية في نطاؽ العبلقات الخاصة الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫=‪ ،800‬ص?‪.0‬‬

‫‪351‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫و ازرة العدؿ باألوضاع المنصوص عمييا في المادة ‪ 703‬وتنفذ اإلنابة القضائية إذا كاف ليا‬
‫محؿ وفقا لمقانوف الجزائري بشرط المعاممة بالمثؿ"‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫إجراءات تقديم طمب اإلنابة القضائية الدولية‬

‫يتعمؽ طمب اإلنابة القضائية الدولية باتخاذ إجراء قضائي مف إجراءات الدعوى‬
‫الجنائية التي تتجاوز االختصاص اإلقميمي لقضاة الحكـ تتقدـ بيا الدولة الطالبة إلى الدولة‬
‫المطالبة بخصوص فعؿ يجرمو قانوف الدولة الطالبة ويتعمؽ بشخص ىو مف رعاياىا‪.‬‬

‫وتتـ اإلنابة القضائية الدولية طبقا لمبدأ المعاممة بالمثؿ إذا وجدت اتفاقيات دولية بيف‬
‫البمديف أو عف طريؽ التعامؿ الدبموماسي خارج ذلؾ‪ ،‬ومف الضوابط التي تحكـ تنفيذ مثؿ‬
‫ىذه اإلنابات في حالة عدـ وجود اتفاقية بيف الدوؿ‪:1‬‬

‫‪ -‬خبل فا لما ىو عميو في جرائـ القانوف العاـ‪ ،‬وبغض النظر عف خطورة الجريمة‪ ،‬فإف‬
‫اإلنابات القضائية الدولية ال تنصب عمى الجرائـ السياسية‪.2‬‬

‫‪ -‬جميع إجراءات التحقيؽ يمكف أف تكوف محبل لئلنابة القضائية الدولية‪ ،‬بشرط أف ال يكوف‬
‫اإلجراء موضوع اإلنابة القضائية غير معروؼ أو معموؿ بو في البمد المطموب منو تنفيذ‬
‫اإلنابة فيو‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ السيادة يمنع عمى قاضي التحقيؽ االنتقاؿ إلى بمد أجنبي ليقوـ بنفسو بإجراءات‬
‫التحقيؽ كاستجواب واستماع شيادة الشيود والتفتيش وغيرىا‪ ،‬وعميو فاإلجراءات موضوع‬
‫اإلنابة القضائية تنفذ وفقا لمتشريع المعموؿ بو في الدولة المطموب منيا تنفيذ اإلنابة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫عمارة فوزي‪ ،‬قاضي التحقيؽ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص=‪.88‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ =84‬مف األمر <<‪ 4;;/‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪352‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬الجية القضائية المطموب منيا تنفيذ اإلنابة القضائية غير ممزمة بتنفيذ موضوع أمر‬
‫اإلنابة اعتبا ار لمبدئي السيادة واالستقبللية‪ ،‬وىنا يطرح تساؤؿ ىؿ في مثؿ ىذا الوضع يمكف‬
‫الكبلـ عف إنابة قضائية بالمعنى الحقيقي لممصطمح؟‪.‬‬

‫وعميو فإف أمر اإلنابة القضائية الصادر عف قاضي التحقيؽ يرسؿ إلى الدولة‬
‫المطالبة بالقياـ بيذا اإلجراء إما عف طريؽ وزيري العدؿ في كبل الدولتيف أو عبر الطريؽ‬
‫الدبموماسي وذلؾ بأف ترسؿ الجية القضائية المنيبة الطمب عبر وزير العدؿ ومنو إلى و ازرة‬
‫الخارجية التي يتولى ممثميا الدبموماسي في الخارج تبميغ و ازرة الخارجية في الدولة المنابة‬
‫فترسميا بدورىا إلى و ازرة العدؿ التي تحدد الجية القضائية المختصة والتي سوؼ تتولى تنفيذ‬
‫طمب اإلنابة القضائية وىو الطريؽ الذي أخذ بو المشرع الجزائري مف خبلؿ نص المادتيف‬
‫‪ 702‬و‪ 703‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫ويخضع طمب اإلنابة القضائية الذي يتـ عبر الطريؽ الدبموماسي لرقابة كؿ مف و ازرة‬
‫الخارجية وو ازرة العدؿ ثـ الجية القضائية المختصة بتنفيذ طمب اإلنابة القضائية‪ ،‬فيكوف لكؿ‬
‫مف الجيتيف األولى والثانية التأكد مف استفاء طمب اإلنابة القضائية لمبيانات الشكمية المتعمقة‬
‫بتحريره مف حيث‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد السمطة مقدمة الطمب‪.‬‬

‫‪ -‬وصؼ الفعؿ المطموب نقؿ اإلجراءات بشأنو بما في ذلؾ تحديد زماف ومكاف ارتكاب‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬بياف نتائج التحقيقات التي تؤكد االشتباه في ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬األحكاـ القانونية لمدولة الطالبة التي بموجبيا يعتبر الفعؿ المرتكب جريمة‪.‬‬

‫‪ -‬المعمومات المتعمقة بيوية المشتبو فيو وجنسيتو ومكاف إقامتو‪.‬‬

‫كما يكوف ليما التحقؽ مف أف موضوع طمب اإلنابة القضائية ال يمس بالمصالح الجزائرية ثـ‬
‫يخضع الطمب لرقابة الجية القضائية المختصة بتنفيذه مف حيث االختصاص‪ ،‬وقابمية‬

‫‪353‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫موضوع اإلنابة لمتنفيذ حسب الشروط المنصوص عمييا في القانوف الداخمي‪ ،‬ويكوف لمقضاء‬
‫القوؿ الفصؿ فيما يؤخذ عمى طمب اإلنابة عمبل بمبدأ استقبللية القضاء‪.‬‬

‫أما في حالة اإلنابة القضائية الصادرة فقد أجازت المادة ‪ 112‬مف قانوف اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية لمقاضي أف يطمب اتخاذ أي إجراء مف إجراءات التحقيؽ أو أي إجراء‬
‫قضائي آخر يراه ضروريا في دولة أجنبية‪ ،‬بإصدار إنابة قضائية إلى السمطة القضائية‬
‫المختصة لمدولة المعنية أو إلى السمطات الدبموماسية أو القنصمية الجزائرية‪.‬‬

‫ويقوـ النائب العاـ بعد تمقيو الحكـ القضائي بإجراء اإلنابة القضائية مف طرؼ أميف‬
‫ضبط الجية القضائية المنيبة‪ ،‬بإرساؿ اإلنابة القضائية حاال إلى وزير العدؿ قصد إرساليا‬
‫ما لـ توجد اتفاقية قضائية تسمح بإرساليا مباشرة إلى السمطة القضائية األجنبية‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫أثر تنفيذ طمب اإلنابة القضائية الدولية‬

‫يترتب عمى قبوؿ الدولة المطالبة تنفيذ طمب اإلنابة أثر بالنسبة لمدولة الطالبة‬
‫والدولة المطالبة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة لمدولة الطالبة‬

‫متى قبمت الدولة المطالبة بتنفيذ طمب اإلنابة القضائية ضد الشخص المتيـ بارتكاب‬
‫الجريمة فيجب عمى الدولة الطالبة وقؼ إجراءات المبلحقة القضائية مؤقتا‪ ،‬وال يستثنى مف‬
‫ذلؾ إال التحقيقات الضرورية بما فييا تقديـ المساعدة القضائية إلى الدولة المطالبة‪ ،‬إلى أف‬
‫تخطرىا ىذه األخيرة بأف القضية تـ التصرؼ فييا بصفة نيائية‪ ،‬وعمى الدولة الطالبة أف‬
‫تتوقؼ مند ذلؾ التاريخ عف المضي في المبلحقة القضائية بشأف الفعؿ المرتكب ذاتو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة لمدولة المطالبة‬

‫يترتب عمى موافقة الدولة المطالبة بتنفيذ اإلنابة القضائية اتخاذ جممة مف اإلجراءات‬
‫القضائية المنصوص عمييا في القانوف والمتمثمة في‪:‬‬

‫المادة ‪ 449‬و‪ 44:‬مف القانوف >‪ 0?/0‬المعدؿ والمتمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪354‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫‪ -‬خضوع اإلجراءات المنقولة لقانوف الدولة المطالبة‪ ،‬وعمى ىذه األخيرة عند توجيييا االتياـ‬
‫بموجب قانونيا إلى الشخص المتيـ أف تجري التعديبلت البلزمة فيما يتعمؽ بعناصر معينة‬
‫مف التوصيؼ القانوف لمفعؿ المرتكب‪ .‬حيث نصت المادة ‪ 118‬مف قانوف اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية عم ى أف اإلنابة القضائية تنفذ حسب القانوف الجزائري ما لـ تطمب الجية القضائية‬
‫األجنبية تنفيذىا في شكؿ خاص بشرط أف ال يتعارض مع التشريع الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كانت اإلنابة القضائية تتعمؽ بنقؿ إجراءات المحاكمة فإف العقوبة التي يحكـ بيا يجب‬
‫أال تكوف أشد مف العقوبة المنصوص عمييا في قانوف الدولة الطالبة‪.‬‬

‫‪ -‬يكوف أي إجراء اتخذ في الدولة الطالبة وفقا لقانونيا نفس الشرعية في الدولة المطموب‬
‫منيا التنفيذ كما لو كاف ىذا اإلجراء قد اتخذ في ىذه الدولة أو مف قبؿ سمطاتيا‪ ،‬طالما كاف‬
‫متفقا مع أحكاـ قانونيا‪.‬‬

‫‪ -‬عمى الدولة المطموب منيا تنفي ذ اإلنابة القضائية إببلغ الدولة الطالبة بالقرار الذي اتخذ‬
‫نتيجة لئلجراءات‪.‬‬

‫‪ -‬عمى الدولة المطالبة أف تحافظ عمى سرية الطمب ومحتوياتو والمستندات المعززة لو‪ ،‬ما‬
‫عدا الحاالت التي يجيزىا القانوف‪.‬‬

‫‪ -‬ال يجوز لمسمطات المختصة بالدولة المطالبة القياـ بإجراءات لـ تطمب منيا‪.‬‬

‫مف خبلؿ تناولنا اإلنابة القضائية الدولية‪ ،‬كصورة مف صور التعاوف القضائي الدولي‬
‫التي نصت عمييا االتفاقيات الدولية ذات الصمة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪ ،‬والمكرسة‬
‫ضمف أحكاـ القانوف المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما‬
‫نبلحظ أف المشرع الجزائري قد أحاط طمب اإلنابة بشيء مف الحذر خاصة في حاؿ عدـ‬
‫وجود اتفاقية بيف الطرفيف‪ ،‬حيث يشترط في ىذه الحالة المجوء إلى الطريؽ الدبموماسي وىي‬
‫إجراءات مف شأنيا أف تفقد اإلنابة القضائية جدواىا خاصة أف إجراءات التحقيؽ يمعب فييا‬
‫عامؿ الوقت دو ار ىاما‪.‬‬

‫وع ميو نخمص إلى أنو عمى المشرع الجزائري إعادة النظر فيما يتعمؽ بالنصوص‬
‫المنظمة لئلنابة القضائية الدولية مف خبلؿ تبسيط إجراءات تمقي طمبات اإلنابة‪ ،‬خاصة إذا‬

‫‪355‬‬
‫معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال‬ ‫انباب انثاني‪-‬انفصم انثاني @‬

‫كانت مستوفية لمشروط القانونية المطموبة‪ ،‬وىو ما مف شأنو أف يساىـ في تفعيؿ جيود‬
‫مكافحة جريمة تبييض األمواؿ‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫تناولنا عند دراستنا لموضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع‬
‫الجزائري مفيوم جريمة تبييض األموال وخصائصيا‪ ،‬والمراحل التي تمر بيا عممية تبييض‬
‫األموال‪ ،‬واألساليب المتبعة من طرف المنظمات اإلجرامية إلنجاز ىذه العمميات واألسباب‬
‫التي ساعدت عمى استفحاليا‪ ،‬وما يترتب عنيا من مخاطر اقتصادية واجتماعية وسياسية‪.‬‬

‫كما تناولنا اإلطار القانون لجريمة تبييض األموال من خالل بيان أوجو القصور التي‬
‫ميزت األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال وضرورة وجود نص جنائي خاص‬
‫لتجريم ىذا النوع من النشاط‪ ،‬وبينا كذلك األحكام العامة لجريمة تبييض األموال بدأ بتحديد‬
‫أركان جريمة تبييض األموال إضافة إلى العقوبات المقررة ليا في حال ارتكابيا سواء من‬
‫طرف شخص طبيعي أو معنوي‪.‬‬

‫وفي األخير تطرقنا لآلليات المتعمقة بمكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬حيث بينا‬
‫مختمف اإلجراءات القانونية الرامية إلى الوقاية من جريمة تبييض األموال خاصة عمى‬
‫مستوى البنوك والمؤسسات المالية بالنظر إلى الدور الكبير الذي تقوم بو في تقديم الخدمات‬
‫المالية والمصرفية‪ ،‬باإلضافة إلى المعوقات التي تعترض جيود مكافحة جريمة تبييض‬
‫األموال خاصة ما يتعمق بالتزام البنوك والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى السر المصرفي‬
‫واإلشكاالت التي تعترض تفعيل التعاون الدولي في إطار مكافحة ىذه الجريمة من حيث‬
‫تسميم المجرمين ومصادرة العائدات اإلجرامية وتنفيذ طمبات اإلنابة القضائية الدولية‪.‬‬

‫وقد توصمنا من خالل ذلك إلى رصد مدى استجابة المشرع الجزائري لممتطمبات‬
‫الدولية‪ ،‬حيث اتبع في تجريمو لعمميات تبييض األموال النيج الذي أقرتو التوصيات الدولية‬
‫ذات الصمة بمكافحة ىذه الجريمة الخطيرة‪ ،‬فجرم تبييض األموال بموجب القانون ‪01/05‬‬
‫المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2006‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب‬
‫ومكافحتيما الذي عرف جريمة تبييض األموال من خالل ذكر األفعال التي تشكل السموك‬

‫‪357‬‬
‫الخاتمة‬

‫المادي ليذه الجريمة‪ ،‬وبذلك يكون قد استبعد األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض‬
‫األموال‪.‬‬

‫كما تبنى المشرع الجزائري المفيوم الواسع لتبييض األموال‪ ،‬حيث لم يحصر‬
‫النشاطات مصدر األموال محل عممية التبييض في االتجار بالمخدرات كما في اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪ ،1988‬وانما جرم‬
‫تبييض عائدات كل جريمة أو جناية‪ ،‬وحسنا فعل المشرع ألنو من شأن عدم تحديد الجرائم‬
‫التي تشكل عائداتيا مصد ار لتبييض األموال أن يمنع المجرمين من اإلفالت من العقاب‬
‫القانوني عمى أفعاليم‪.‬‬

‫لقد سمحت دراسة أحكام القانون ‪ 01/05‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 02/12‬والتي‬


‫تعززت بصدور العديد من النصوص التنظيمية والمتمثمة في المرسوم التنفيذي ‪05/06‬‬
‫المتعمق باإلخطار بالشبية ونموذجو ومحتواه ووصل استالمو‪ ،‬والمرسوم التنفيذي ‪147/13‬‬
‫المعدل والمتمم لممرسوم التنفيذي ‪ 127/02‬المتضمن إنشاء خمية معالجة االستعالم المالي‬
‫وتنظيميا وعمميا‪ ،‬والنظام ‪ 03/12‬المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمول اإلرىاب‬
‫ومكافحتيما بالوقوف عمى المنيج الذي اتبعو المشرع الجزائري في سبيل مكافحة جريمة‬
‫تبييض األموال والذي ارتكز عمى‪:‬‬

‫‪ -1‬اعتبار نشاط تبييض األموال من الجرائم التي تتطمب العمم بالمصدر غير المشروع‬
‫لؤلموال محل التبييض‪ ،‬وىو ما نصت عميو المادة الثانية من القانون ‪ 01/05‬المتعمق‬
‫بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب في الفقرة (ج)‪ ،‬وبذلك تعتبر جريمة تبييض‬
‫األموال من الجرائم المستمرة‪.‬‬

‫‪ -2‬الخروج عن بعض القواعد العامة تماشيا مع طبيعة جريمة تبييض األموال‪ ،‬السيما فيما‬
‫يتعمق باالشتراك‪ ،‬وتقديم المساعدة كفعل أصمي وليس كإحدى صور المشاركة المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات‪ ،‬مع تبني تشديد العقوبة عمى ارتكاب تبييض‬
‫األموال من طرف العصابات اإلجرامية المنظمة‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -3‬فرض مجموعة من االلتزامات عمى عاتق البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية‬
‫لبريد الجزائر في سبيل إسياميا في مكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬كااللتزام بالتحقق من‬
‫العمالء ومن العمميات التي تنجزىا‪ ،‬االلتزام بوضع واعداد أنظمة وبرامج داخمية خاصة‬
‫األموال‪ ،‬ورتب عمى عاتقيا مسؤولية جزائية وأخرى‬ ‫بالرقابة في مجال مكافحة تبييض‬
‫تأديبية في حالة اإلخالل بيذه االلتزامات‪.‬‬

‫‪ -4‬إقرار واجب اإلخطار بالشبية عن العمميات التي يشتبو في ارتباطيا بأنشطة لتبييض‬
‫األموال‪ ،‬لدى خمية معالجة االستعالم المالي المنشأة ليذا الغرض‪.‬‬

‫‪ -5‬استثناء مبدأ االلتزام بالسر المصرفي من الحماية القانونية‪ ،‬كمما تعمق األمر بالعمميات‬
‫المالية المشبوىة والتي ترتبط بأنشطة تبييض األموال‪ ،‬حيث نص المشرع عمى إباحة إفشاء‬
‫السر المصرفي في حاالت مكافحة تبييض األموال في مواجية خمية معالجة االستعالم‬
‫المالي وعمى اإلعفاء من المسؤولية القانونية المترتبة عن ىذا اإلفشاء‪.‬‬

‫‪ -6‬توفير إطار مؤسساتي يسير عمى مكافحة تبييض األموال‪ ،‬وذلك من خالل إلزام‬
‫األشخاص الخاضعين لواجب اإلخطار بالشبية بضرورة التعاون مع خمية معالجة االستعالم‬
‫المالي‪ ،‬والتي تأكد دورىا بالفصل في طبيعتيا القانونية كسمطة إدارية مستقمة‪ ،‬فضال عن‬
‫تعزيز صالحياتيا في طمب الحصول عمى المعمومات من السمطات المختصة والسمطات‬
‫المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫باإلضافة إلى خمية معالجة االستعالم المالي‪ ،‬وسع القانون ‪ 01/05‬المعدل والمتمم‬
‫من صالحيات المجنة المصرفية باعتبارىا الجية التي تتولى الرقابة عمى البنوك والمؤسسات‬
‫المالية طبقا ألحكام األمر ‪ 11/03‬المتعمق بالنقد والقرض‪ ،‬لتشمل رقابة مدى تقيد البنوك‬
‫والمؤسسات المالية بااللتزامات المفروضة عمييا في مجال مكافحة جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫كما أدرج المشرع الجزائري ضمن أحكام القانون ‪ 01/05‬المعدل والمتمم نص المادة‬
‫‪ 10‬مكرر‪ 3‬الذي عزز بموجبو صالحيات مجمس النقد والقرض باعتباره السمطة التي ليا‬
‫صالحية إصدار األنظمة في المجال المصرفي‪ ،‬وأكد عمى أن ىذا المجمس لو تمك‬
‫الصالحيات حتى في مجال مكافحة تبييض األموال‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -7‬تعزيز وتفعيل أساليب التعاون الدولي خاصة في شقة القانوني من خالل التصديق عمى‬
‫مختمف االتفاقيات اإلقميمية والدولية ذات الصمة بتجريم ومكافحة تبييض األموال وابرام‬
‫اتفاقيات لمتعاون القضائي وتسميم المجرمين‪ ،‬وتشجيع الييئات المكمفة بمكافحة تبييض‬
‫األموال عمى تبادل المعمومات مع الييئات المشابية في الدول األجنبية في ظل احترام مبدأ‬
‫المعاممة بالمثل‪.‬‬

‫‪ -8‬استحداث أساليب جديدة في مجال البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال تتعدى‬
‫فعاليتيا األساليب المعيودة من خالل اتخاذ تدابير خاصة في مجال االستخبار المالي إلى‬
‫جانب أساليب البحث والتحقيق الخاصة بجريمة تبييض األموال‪ ،‬والمتمثمة في عممية التسرب‬
‫واعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور وكذا عممية التفتيش‪ ،‬وذلك بموجب‬
‫القانون ‪ 14/04‬المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -9‬توسيع االختصاص اإلقميمي لوكيل الجميورية وقاضي التحقيق وعناصر الضبطية‬


‫القضائية بموجب القانون ‪ 22/06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬المعدل والمتمم لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬باإلضافة إلى إنشاء المحاكم ذات االختصاص الموسع التي خوليا‬
‫المشرع صالحية النظر في بعض الجرائم الخطيرة ومنيا جريمة تبييض األموال بموجب‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 348/06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪.2006‬‬

‫وعمى الرغم من الجيود المبذولة تبقى المنظومة القانونية الجزائرية المكرسة في سبيل‬
‫مكافحة جريمة تبييض األموال مشوبة بالعديد من مواطن القصور التي تعترض تمك الجيود‬
‫ومن أبرز ىذه النقائص نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم التوسع في تجريم سموك تبييض األموال ليشمل حالة الخطأ غير المتعمد المتمثل‬
‫في تقاعس موظفي البنوك والمؤسسات المالية في كشف العمميات المالية المشبوىة التي‬
‫يحتمل ارتباطيا بأنشطة تبييض األموال‪ ،‬ألن اعتبار جريمة تبييض األموال من الجرائم‬
‫العمدية يتعارض مع الجيود الرامية إلى مكافحتيا‪ ،‬ويؤدي في نفس الوقت إلى إفالت الكثير‬
‫من حاالت تبييض األموال من العقاب‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -2‬نسبية االستقاللية الممنوحة لخمية معالجة االستعالم المالي تجاه السمطة التنفيذية من‬
‫الناحية العضوية واإلدارية بالرغم من كونيا سمطة إدارية مستقمة‪ ،‬وىو ما يؤثر سمبا عمى‬
‫أداء الدور الموكل إلييا في مجال بعيدا عن أي تأثير‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم استقرار النصوص التشريعية والتنظيمية ذات العالقة بمجال مكافحة جريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬وىو ما يظير في التعديالت المتتالية التي طرأت عمى القانون ‪ 01/05‬المتعمق‬
‫بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬والمرسوم التنفيذي ‪127/02‬‬
‫المتضمن إنشاء خمية معالجة االستعالم المالي وتنظيميا وعمميا‪.‬‬

‫‪ -4‬افتقار البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية لرؤية واضحة عن آليات مكافحة جريمة‬
‫تبييض األموال وكيفية إعماليا لمتوصيات المفروضة عمييا في ىذا المجال‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم امتالك غالبية البنوك والمؤسسات المالية الوطنية لبرامج تضمن الرقابة الداخمية في‬
‫مجال الوقاية وكشف جريمة تبييض األموال‪ ،‬باإلضافة إلى عدم التزاميا بوضع وتنفيذ برامج‬
‫تضمن التكوين المستمر لمستخدمييا في مجال مكافحة جريمة تبييض األموال‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يمكننا القول أن الجيود المكرسة لمكافحة جريمة تبييض األموال تبقى‬
‫دون فاعمية كبيرة‪ ،‬ألن الفاعمية ال تستأثرىا التشريعات والتنظيمات بقدر ما تستوقفيا الفاعمية‬
‫في أداء الييئات والسمطات المكمفة بمكافحة ىذه الجريمة‪ ،‬لذلك نحاول تقديم مجموعة من‬
‫االقتراحات التي نأمل أن تساىم ولو بقدر ضئيل في تعزيز مكافحة جريمة تبييض األموال‬
‫نتناوليا عمى الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬تضافر جيود المشرع والمنظم البنكي وجميع السمطات التي أسند ليا دور وضع آليات‬
‫مكافحة تبييض األموال بيدف فيم ىذه اآلليات ومن ثم إزالة أي غموض قد يعتري ىذا‬
‫الفيم‪ ،‬ومحاولة سد كل الثغرات التي يمكن استغالليا من طرف مرتكبي جريمة تبييض‬
‫األموال في تنفيذ عممياتيم الرامية إلضفاء الشرعية عمى العوائد ذات المصدر اإلجرامي‪.‬‬

‫‪ -2‬إقامة نظام رقابة داخمية من شأنو مراقبة وتقييم مدى التزام البنوك والمؤسسات المالية‬
‫بالتعميمات والتوجييات الصادرة عن الجيات المختصة بصدد التصدي لجريمة تبييض‬
‫األموال‪ ،‬وتعزيز وسائل تبادل المعمومات بين الجيات ذات العالقة بمكافحة تبييض األموال‪.‬‬

‫‪361‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -3‬تفعيل القوانين وتطبيقيا عمى المتورطين في ارتكاب الجرائم‪ ،‬وتكريس مبادئ الشفافية‬
‫والمساءلة والمحاسبة‪ ،‬وحماية المال العام‪ ،‬ومكافحة الرشوة والفساد‪ ،‬باعتبار ذلك من‬
‫المقومات األساسية والفعالة في مكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬فعادة ما يتم تبييض األموال‬
‫الفاسدة إلضفاء الطابع الشرعي عمييا واخفاء مصدرىا غير المشروع‪.‬‬

‫‪ -5‬توسيع مجال المؤسسات واألشخاص الخاضعين لواجب اإلخطار عن العمميات المالية‬


‫المشتبو في صمتيا بجريمة تبييض األموال ليشمل كل شخص طبيعي أو معنوي تفرض عميو‬
‫طبيعة مينتو ضرورة اإلخطار عن العمميات المالية المشبوىة‪ ،‬باإلضافة إلى وضع التزام‬
‫قانوني يفرض عمى األعمال والمين غير المالية االلتزام ببقية متطمبات مكافحة تبييض‬
‫األموال وعدم إطالع العمالء في حالة اإلخطار بالشبية عن العمميات المالية المشتبو في‬
‫صمتيا بتبييض عوائد إجرامية‪.‬‬

‫‪ -6‬تفعيل دور خمية معالجة االستعالم المالي وتدعيم تشكيمتيا البشرية بذوي الخبرات‬
‫والكفاءات‪ ،‬وزيادة الدعم المادي الممنوح ليا‪ ،‬وتمكين أعضائيا من االطالع عمى األساليب‬
‫الحديثة المتبعة في ارتكاب جريمة تبييض األموال من خالل الدورات التكوينية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تعزيز التعاون بينيا وبين الجيات اإلدارية األخرى التي تضطمع بدور ىام في كشف‬
‫عمميات تبييض األموال كالمجنة المصرفية وادارة الجمارك وادارة الضرائب ومصالح المركز‬
‫الوطني لمسجل لمتجاري ‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -8‬االلتزام بالتطبيق السميم لمبدأ السرية المصرفية حتى ال تكون قوانين السر المصرفي في‬
‫البنوك عائقا أمام الرقابة الالزمة عمى العمميات المالية المشبوىة‪ ،‬خاصة وأن الجزائر لم‬
‫تضع استثناءات عمى إمكانية إفشاء السر المصرفي إال سنة ‪ 2003‬بموجب أحكام المادة‬
‫‪ 117‬من األمر ‪ 11/03‬المعدل والمتمم المتضمن قانون النقد والقرض‪ ،‬رغم أنيا صادقت‬
‫قبل ذل ك عمى الكثير من االتفاقيات الدولية واإلقميمية في مجال مكافحة جريمة تبييض‬
‫األموال‪.‬‬

‫‪ -9‬تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي من خالل إبرام االتفاقيات الثنائية والمتعددة‬
‫األطراف‪ ،‬بما يسمح بتبسيط إجراءات طمبات اإلنابة القضائية الدولية وتنفيذىا بسرعة بما‬
‫يضمن االستفادة منيا في التحقيقات والمالحقات القضائية‪ ،‬وتفعيل إجراءات مصادرة‬

‫‪362‬‬
‫الخاتمة‬

‫المتحصالت اإلجرامية بمجرد أن تثبت الدولة المتضررة من ىذه الجرائم حقيا في ىذه‬
‫األموال وتعزيز التعاون في مجال تسميم المجرمين الذين يثبت تورطيم في ارتكاب جريمة‬
‫تبييض األموال‪ ،‬والعمل عمى تدليل العقبات التي تعرض ىذه اإلجراءات‪.‬‬

‫تمت بحمد اهلل وعونه‬

‫‪363‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمــة المراجــع‬

‫أوال‪ :‬بالمغـة العـربيـة‬

‫‪ -1‬الكتـــب‬

‫‪ ) 1‬إبراىيم الشباسي‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ :‬القسم العام‪ ،‬دار الكتاب المبناني‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ )2‬إبراىيم بمعميات‪ ،‬أركان الجريمة وطرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬دار‬
‫الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬

‫‪ )3‬إبراىيم سيد أحمد‪ ،‬مكافحة غسيل األموال‪ ،‬المكتبة العصرية لمنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2010‬‬

‫‪ )4‬إبراىيم طنطاوي‪ ،‬المواجية التشريعية لغسيل األموال في مصر‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫القاىرة‪.2003 ،‬‬

‫‪ ) 5‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المنازعات الجمركية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار ىومة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪ ) 6‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار ىومة لمطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬

‫‪ )7‬أحسن بوسقي عة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬الطبعة السادسة عشر‪ ،‬دار ىومة‬
‫لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ ) 8‬أحمد إبراىيم مصطفى سميمان‪ ،‬اإلرىاب والجريمة المنظمة‪ ،‬دار الطالئع لمنشر والتوزيع‬
‫والتصدير‪ ،‬القاىرة‪.2006 ،‬‬

‫‪364‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )9‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬القانون الجنائي الدستوري‪ :‬الشرعية الدستورية في قانون العقوبات‪.‬‬
‫الشرعية الدستورية في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪ ) 10‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.1991 ،‬‬

‫‪ )11‬أحمد مجحودة‪ ،‬أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن‪،‬‬
‫دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ ) 12‬أحمد محمد العمري‪ ،‬جريمة غسل األموال‪ :‬نظرة دولية لجوانبيا االجتماعية والنظامية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪.2000 ،‬‬

‫‪ )13‬أديبة محمد صالح‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ :‬دراسة قانونية مقارنة‪ ،‬منشورات مركز كردستان‬
‫لمدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬السميمانية‪.2009 ،‬‬

‫‪ ) 14‬أسامة عبد المنعم‪ ،‬عمي إبراىيم‪ ،‬خطر ومكافحة غسل األموال ومكافحة تمويل اإلرىاب‬
‫والنقل غير المشروع لألموال عبر الحدود في التشريعات العربية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات‬
‫القانونية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬

‫‪ ) 15‬إسماعيل الطراد‪ ،‬جمعة عباد‪ ،‬التشريعات المالية والمصرفية في األردن‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار وائل لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬

‫‪ )16‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬دراسة نقدية لقانون غسيل األموال‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫القاىرة‪.2003 ،‬‬

‫‪ )17‬أمجد سعود الخريشة‪ ،‬جريمة غسل‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2006‬‬

‫‪ ) 18‬باسل عبد اهلل الضمور‪ ،‬غسل األموال في المصارف‪ ،‬مكتبة االقتصاد والقانون‪،‬‬
‫الرياض‪.2013 ،‬‬

‫‪ )19‬باكر الشيخ‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬دار مكتبة الحامد لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2003 ،‬‬

‫‪365‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )20‬جالل وفاء حمدين‪ ،‬دور البنوك في مكافحة غسيل األموال‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬

‫‪ ) 21‬جمال عبد المجيد التركي‪ ،‬المساىمة التبعية في قانون العقوبات‪ ،‬المكتب الجامعي‬
‫الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.2006 ،‬‬

‫‪ )22‬حسام الدين محمد أحمد‪ ،‬شرح القانون ‪ 80‬لسنة ‪ 2002‬بشأن مكافحة غسل األموال‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2003 ،‬‬

‫‪ ) 23‬حسين مصطفى‪ ،‬جريمة إصدار شيك بدون رصيد‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2000‬‬

‫‪ ) 24‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬مدخل إلى الجنسية ومركز األجانب‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪ )25‬حمدي عبد العظيم‪ ،‬غسيل األموال في مصر والعالم‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1997‬‬

‫‪ )26‬حميد بوزيدة‪ ،‬جباية المؤسسات‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2010‬‬

‫‪ ) 27‬خالد سميمان‪ ،‬تبييض األموال‪ :‬جريمة بال حدود‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ )28‬راشد راشد‪ ،‬األوراق التجارية‪ :‬اإلفالس والتسوية القضائية في التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬

‫‪ ) 29‬رامية محمد شاعر‪ ،‬االتجار بالبشر‪ :‬قراءة قانونية اجتماعية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬
‫الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2012 ،‬‬

‫‪ )30‬رمزي نجيب القسوس‪ ،‬غسل األموال جريمة العصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل لمنشر‪،‬‬
‫عمان‪.2002 ،‬‬

‫‪366‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )31‬رمسيس بيمام‪ ،‬النظرية العامة لمقانون الجنائي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1997 ،‬‬

‫‪ ) 32‬رؤوف عبيد‪ ،‬مبادئ القسم العام في التشريع الجنائي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1979‬‬

‫‪ )33‬ريتا سيدة‪ ،‬تبييض األموال الناتجة عن االتجار بالمخدرات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫الحديث‪ ،‬لبنان‪.2010 ،‬‬

‫‪ ) 34‬زياد ندير حمادة‪ ،‬تبييض األموال والسرية المصرفية‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪.2002 ،‬‬

‫‪ ) 35‬سميم سعداوي‪ ،‬السندات التجارية في القانون الجزائري‪ ،‬دار الحديث لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2008‬‬

‫‪ )36‬سميمان عبد الفتاح‪ ،‬مكافحة غسل األموال‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬

‫‪ ) 37‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لقانون العقوبات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار وائل لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2000 ،‬‬

‫‪ )38‬سمر فايز إسماعيل‪ ،‬تبييض األموال‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات زين الحقوقية واألدبية‪،‬‬
‫لبنان‪.2010 ،‬‬

‫‪ ) 39‬سميحة القميوني‪ ،‬األسس القانونية لعمميات البنوك‪ ،‬مكتبة عين الشمس‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫‪ )40‬سمير الخطيب‪ ،‬مكافحة عمميات تبييض األموال‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬


‫‪.2005‬‬

‫‪ )41‬سياوي قدري عبد الفتاح‪ ،‬مناط وتحريات‪ :‬االستدالالت واالستخبارات‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫مصر‪.1998 ،‬‬

‫‪ ) 42‬شريف سيد كمال‪ ،‬الجريمة المنظمة في القانون المقارن‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪367‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )43‬صفوت عبد السالم عوض اهلل‪ ،‬االقتصاد السري‪ :‬دراسة في آليات االقتصاد الخفي‬
‫وطرق عالجو‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪ ) 44‬صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬غسيل األموال‪ :‬الجريمة التي تيدد استقرار االقتصاد‬
‫الدولي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪.2008 ،‬‬

‫‪ ) 45‬صالح الدين حسن السيسي‪ ،‬نظام المحاسبة والرقابة وتقييم األداء في المصارف‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬دار الوسام لمطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪.1998 ،‬‬

‫‪ )46‬صمودي سميم‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي‪ :‬دراسة مقارنة بين التشريع‬
‫الجزائري والفرنسي)‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬

‫‪ ) 47‬طاىر مصطفى‪ ،‬المواجية التشريعية لظاىرة غسل األموال المتحصمة من جرائم‬


‫المخدرات‪ ،‬مطابع الشرطة لمطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪ )48‬عباس أبو شامة عبد المحمود‪ ،‬عولمة الجريمة االقتصادية‪ ،‬منشورات جامعة نايف‬
‫العربية لمعموم األمنية‪ ،‬الرياض‪.2008 ،‬‬

‫‪ )49‬عبد الحكيم مصطفى الشرقاوي‪ ،‬العولمة المالية وتبييض األموال‪ ،‬الدار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬

‫‪ )50‬عبد الرحمن السيد قرمان‪ ،‬العقود التجارية وعمميات البنوك طبقا لألنظمة القانونية‬
‫بالمممكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة الشقري‪ ،‬الرياض‪.2010 ،‬‬

‫‪ )51‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ترجمة لممحاكمة العادلة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬إيتاك‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ )52‬عبد العزيز عياد‪ ،‬تبييض األموال واإلجراءات المتعمقة بالوقاية منيا ومكافحتيا في‬
‫الجزائر‪ ،‬دار الخمدونية لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬

‫‪ )53‬عبد العزيز نادر‪ ،‬تبييض األموال‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪368‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )54‬عبد الفتاح سبانة‪ ،‬الدبموماسية‪ :‬القواعد القانونية – الممارسة العممية – المشكالت‬


‫الفعمية‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬

‫‪ )55‬عبد القادر البقيرات‪ ،‬العدالة الجنائية الدولية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪ )56‬عبد القادر العطير‪ ،‬سر المينة المصرفية في التشريع األردني‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة لمنشر والتوزيع عمان‪.1996 ،‬‬

‫‪ )57‬عبد القادر خضر‪ ،‬الجريمة أحكاميا العامة في االتجاىات المعاصرة والفقو اإلسالمي‪،‬‬
‫معيد اإلدارة العامة‪ ،‬المممكة العربية السعودية‪.1985 ،‬‬

‫‪ )58‬عبد القادر عدو‪ ،‬مبادئ قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ )59‬عبد اهلل أوىابية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ :‬التحري والتحقيق‪ ،‬دار ىومة‬
‫لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬

‫‪ )60‬عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬موفم لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪ )61‬عبد اهلل بن جييم‪ ،‬غسل األموال في المممكة العربية السعودية‪ ،‬مكتبة االقتصاد‬
‫والقانون‪ ،‬الرياض‪.2010 ،‬‬

‫‪ )62‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬النظرية العامة لمتدابير االحت ارزية‪ ،‬المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.1990‬‬

‫‪ )63‬عبد اهلل سميمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪ :‬القسم العام‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الج ازئر‪.2016 ،‬‬

‫‪ )64‬عبد اهلل سيد حسن‪ ،‬نخبة األقوال في مكافحة غسيل األموال‪ ،‬المركز القومي‬
‫لإلصدارات القانونية‪ ،‬مصر‪.2010 ،‬‬

‫‪ )65‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة االقتصادية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬

‫‪369‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )66‬عبد المنعم سميمان‪ ،‬مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬

‫‪ )67‬عبد المولى سيد شورجي‪ ،‬مواجية الجرائم االقتصادية في الدول العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬منشورات جامعة نايف العربية لمعموم األمنية‪ ،‬الرياض‪.2006 ،‬‬

‫‪ )68‬عبد الوىاب عرفة‪ ،‬الشامل في جريمة غسل األموال‪ ،‬المكتب الفني لمموسوعات‬
‫القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ )69‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬اإلنابة القضائية في نطاق العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪ )70‬عالء التميمي‪ ،‬التنظيم القانوني لمبنوك اإللكتروني عمى شبكة اإلنترنت‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2012 ،‬‬

‫‪ )71‬عمي جمال الدين عوض‪ ،‬عمميات البنوك من الوجية القانونية‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫القاىرة‪.1981 ،‬‬

‫‪ )72‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.2000 ،‬‬

‫‪ )73‬عمي لعشب‪ ،‬اإلطار القانوني لمكافحة غسل األموال‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2009 ،‬‬

‫‪ )74‬عمي محمد جعفر‪ ،‬العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذىا‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.1988 ،‬‬

‫‪ )75‬عمر سالم‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ )76‬عوض محمد عوض‪ ،‬سميمان عبد المنعم‪ ،‬النظرية العامة لمقانون الجزائي‪ ،‬المؤسسة‬
‫الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪.1999 ،‬‬

‫‪370‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )77‬العيد صالحي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجبائية‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬

‫‪ )78‬غسان رباح‪ ،‬جريمة تبييض األموال‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬

‫‪ )79‬فخري الحديثي‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم الخاص‪ ،‬مطبعة الزمان‪ ،‬بغداد‪.1996 ،‬‬

‫‪ )80‬فضيل العيش‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعممي‪ ،‬مطبعة البدر‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬دون سنة‪.‬‬

‫‪ )81‬فضيمة ممياق‪ ،‬وقاية النظام البنكي الجزائري من تبييض األموال‪ ،‬دار ىومة لمطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ )82‬لحسن بن الشيخ آث موليا‪ ،‬دروس في القانون الجزائي العام‪ ،‬دار ىومة لمطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ )83‬ليندا بن طالب‪ ،‬غسيل األموال وعالقتو بمكافحة اإلرىاب‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬

‫‪ )84‬ماجد عبد الحميد عمار‪ ،‬مشكمة غسل األموال وسرية الحسابات البنكية‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪ )85‬مأمون سالمة‪ ،‬قانون العقوبات‪ :‬القسم العام (الجريمة)‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.1976‬‬

‫‪ )86‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاىرة‪.1984 ،‬‬

‫‪ )87‬ماىر عبد شويش‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم الخاص‪ ،‬المكتبة القانونية‪ ،‬بغداد‪ ،‬دون‬
‫سنة نشر‪.‬‬

‫‪ )88‬مبروك بوخزنة‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي في التشريع الجزائري‪ ،‬مكتبة‬


‫الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2010 ،‬‬

‫‪371‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )89‬محسن حسن الجبر‪ ،‬العقود التجارية والعمميات البنكية في المممكة العربية السعودية‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬جامعة الممك سعود‪ ،‬الرياض‪.1997 ،‬‬

‫‪ )90‬محفوظ لعشب‪ ،‬سمسمة في القانون االقتصادي‪ :‬القانون المصرفي‪ ،‬المطبعة الحديثة‬


‫لمفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬

‫‪ )91‬محمد الشيموي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪ )92‬محمد توفيق سعودي‪ ،‬بطاقات االئتمان‪ ،‬دار األمين لمنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬

‫‪ )93‬محمد جياد بريزات‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪.2005 ،‬‬

‫‪ )94‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬الطبعة التاسعة‪ ،‬دار‬
‫ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬

‫‪ )95‬محمد حسن عمر برواري‪ ،‬غسيل األموال وعالقتو بالمصارف والبنوك‪ ،‬دار قنديل‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2011 ،‬‬

‫‪ )96‬محمد رشدي شيمة‪ ،‬النقود والمصارف واالئتمان‪ ،‬الدار الجامعة الجديدة لمنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬

‫‪ )97‬محمد سميمان حسين المحاسنة‪ ،‬التصالح وأثره عمى الجريمة االقتصادية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار وائل لمنشر‪ ،‬عمان‪.2011 ،‬‬

‫‪ )98‬محمد صادق إسماعيل‪ ،‬عبد العال الديربى‪ ،‬جرائم الفساد بين آليات المكافحة الوطنية‬
‫والدولية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاىرة‪.2012 ،‬‬

‫‪ )99‬محمد عباس محرزي‪ ،‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪372‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )100‬محمد عبد أبو سمرة‪ ،‬جريمة غسيل األموال‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الراية لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2010 ،‬‬

‫‪ )101‬محمد عبد اهلل حسين العاقل‪ ،‬النظام القانوني الدولي لمجريمة المنظمة‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2010 ،‬‬

‫‪ )102‬محمد عمي السرىدي‪ ،‬الجوانب القانونية لمسرية المصرفية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار جميس‬
‫الزمان لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2010 ،‬‬

‫‪ )103‬محمد عمي العريان‪ ،‬عمميات تبييض األموال وآليات مكافحتيا‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬

‫‪ )104‬محمد عمي سويمم‪ ،‬األحكام الموضوعية واإلجرائية لمجريمة المنظمة في ضوء السياسة‬
‫الجنائية المعاصرة‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬

‫‪ )105‬محمد محمود سعيد‪ ،‬جرائم غسل األموال‪ :‬أحكاميا الموضوعية واجراءات مالحقتيا‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪.2007 ،‬‬

‫‪ )106‬محمود أبو عالء عقيدة‪ ،‬عالقة السببية في مجال الجرائم غير العمدية‪ ،‬كمية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة عين الشمس‪ ،‬القاىرة‪.1985 ،‬‬

‫‪ )107‬محمود سميمان موسى‪ ،‬المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬الدار الجماىرية‬


‫لمنشر‪ ،‬ليبيا‪.1985 ،‬‬

‫‪ )108‬محمود كبيش‪ ،‬السياسة الجنائية في مواجية غسل األموال‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2001 ،‬‬

‫‪ )109‬محمود محمد سعيفان‪ ،‬تحميل وتقييم دور البنوك في مكافحة عمميات غسيل األموال‪،‬‬
‫دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪.2008 ،‬‬

‫‪ )110‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1987 ،‬‬

‫‪373‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )111‬محي الدين إسماعيل عمم الدين‪ ،‬موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية‬
‫والعممية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬النسر الذىبي‪ ،‬القاىرة‪.2001 ،‬‬

‫‪ )112‬مختار حسين شبيمي‪ ،‬اإلجرام االقتصادي والمالي الدولي وسبل مكافحتو‪ ،‬منشورات‬
‫جامعة نايف العربية لمعموم األمنية‪ ،‬الرياض‪.2007 ،‬‬

‫‪ )113‬مصطفى عزيل‪ ،‬المفيد في شرح القانون التجاري الجزائري‪ ،‬دار المفيد لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪.2001 ،‬‬

‫‪ )114‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬جرائم الفساد‪ :‬تبييض األموال‪ ،‬مكتبة المجتمع العربي لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2014 ،‬‬

‫‪ )115‬مكي دردوس‪ ،‬القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دون دار‬
‫نشر‪.2010 ،‬‬

‫‪ )116‬منصور رحماني‪ ،‬القانون الجنائي لممال واألعمال‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار العموم لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ )117‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العموم‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬

‫‪ )118‬منى األشقر جبور‪ ،‬محمود جبور‪ ،‬تبييض األموال واإلرىاب‪ ،‬إيدرال‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2003‬‬

‫‪ )119‬منيف نايف الدليمي‪ ،‬غسيل األموال في القانون الجنائي‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪.2006 ،‬‬

‫‪ )120‬نادية قاسم بيضون‪ ،‬من جرائم أصحاب الياقات البيضاء‪ :‬الرشوة وتبييض األموال‪،‬‬
‫منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬

‫‪ )121‬نبيل صقر‪ ،‬الوسيط في شرح جرائم األموال‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ )122‬نبيل صقر‪ ،‬تبييض األموال في التشريع الجزائري‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬

‫‪374‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )123‬نبيل محمد عبد الحميم عواجة‪ ،‬المسؤولية الدولية عن جرائم غسل األموال في ضوء‬
‫أحكام القانون الدولي العام‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ )124‬نبيو صالح‪ ،‬جريمة غسل األموال في ضوء اإلجرام المنظم والمخاطر المترتبة عمييا‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2006 ،‬‬

‫‪ )125‬نسرين عبد الحميد‪ ،‬الجرائم االقتصادية‪ :‬التقميدية – المستحدثة‪ ،‬المكتب الجامعي‬


‫الحديث‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬

‫‪ )126‬نصر الدين ميروك‪ ،‬جريمة المخدرات في ظل القوانين واالتفاقيات الدولية‪ ،‬دار ىومة‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ )127‬نصر الدين ميروك‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ :‬التحري والتحقيق‪ ،‬دار‬
‫ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬

‫‪ )128‬نصر الدين ىنوني‪ ،‬الضبطية القضائية في القانون الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪ )129‬نعيم مغبغب‪ ،‬تيريب وتبييض األموال‪ :‬دراسة في القانون المقارن‪ ،‬دون دار نشر‪،‬‬
‫بيروت‪.2005 ،‬‬

‫‪ )130‬ىدى حامد قشقوش‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2001 ،‬‬

‫‪ )131‬ىدى حامد قشقوش‪ ،‬جريمة غسيل األموال في نطاق التعاون الدولي‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬

‫‪ )132‬ىشام بشير‪ ،‬إبراىيم عبد ربو إبراىيم‪ ،‬غسل األموال بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬

‫‪ )133‬ىيام الجرد‪ ،‬المد والجزر بين السرية المصرفية وتبييض األموال‪ ،‬منشورات الحمبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2004 ،‬‬

‫‪375‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )134‬يحيى أحمد موافي‪ ،‬الشخص المعنوي ومسؤولياتو‪ :‬مدنيا واداريا وجنائيا‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1987 ،‬‬

‫‪ )135‬يوسف حسن يوسف‪ ،‬الجريمة المنظمة الدولية واإلرىاب الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬مصر‪.2010 ،‬‬

‫‪ )136‬يوسف دالندة‪ ،‬الوجيز في ضمانات محاكمة عادلة‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬

‫‪ -2‬الـرسائــل الجامعية‪:‬‬

‫‪ )1‬ارتباس ندير‪ ،‬العالقة بين السر المصرفي وعمميات تبييض األموال‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دون سنة‪.‬‬

‫‪ ) 2‬الطاىر لطرش‪ ،‬مكانة السياسة النقدية ودورىا في المرحمة االنتقالية إلى اقتصاد السوق‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه في عموم التسيير‪ ،‬المدرسة العميا لمتجارة‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬

‫‪ )3‬العمري عزت محمد السيد‪ ،‬جريمة غسل األموال‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬

‫‪ ) 4‬آيت مولود فاتح‪ ،‬حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ ) 5‬آيت وازو زاينة‪ ،‬مسؤولية البنك المركزي في مواجية األخطار المصرفية في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ )6‬باخوية دريس‪ ،‬جريمة غسيل األموال ومكافحتيا في التشريع الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،‬الجزائر‪-2011 ،‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪376‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )7‬بدر الدين خالف‪ ،‬جريمة تبييض األموال في التشريع الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪.،2011-2010 ،‬‬

‫‪ ) 8‬براىيمي بوطالب‪ ،‬مقاربة اقتصادية لمتيريب في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه في العموم‬


‫االقتصادية‪ ،‬كمية العموم االقتصادية‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،‬الجزائر‪.2012-2011 ،‬‬

‫‪ ) 9‬بن زحاف فيصل‪ ،‬تسميم مرتكبي الجرائم الدولية‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق‬
‫والعموم السياسية‪ ،‬جامعة وىران‪ ،‬الجزائر‪.2012-2011 ،‬‬

‫‪ ) 10‬حمميل نورة‪ ،‬النظام القانوني لمسوق المالية الجزائرية‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية‬
‫الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ )11‬خثير مسعود‪ ،‬النظرية العامة لجرائم االمتناع‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق‬
‫والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،‬الجزائر‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪ ) 12‬دليمة مباركي‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪.2008-2007 ،‬‬

‫‪ ) 13‬صالح حزول‪ ،‬جريمة تبييض األموال في قانون العقوبات الجزائري والشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه في الشريعة والقانون‪ ،‬كمية العموم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة‬
‫وىران‪ ،‬الجزائر‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪ )14‬صفية بشاتن‪ ،‬الحماية القانونية لمحياة الخاصة‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ ) 15‬عبد العالي حاحة‪ ،‬اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫في الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ ) 16‬عمارة فوزي‪ ،‬قاضي التحقيق‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪ ،‬كمية الحقوق بجامعة‬
‫قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2010/2009 ،‬‬

‫‪377‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )17‬قارة مالك‪ ،‬إشكالية االقتصاد غير الرسمي في الجزائر مع عرض ومقارنة تجارب‬
‫المكسيك‪ ،‬تونس والسنغال‪ ،‬رسالة دكتوراه في العموم االقتصادية‪ ،‬كمية العموم االقتصادية‬
‫وعموم التسيير‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2010/2009 ،‬‬

‫‪ )18‬قريمس عبد الحق‪ ،‬المسؤولية المدنية لمبنوك في مجال الحسابات‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2011-2010 ،‬‬

‫‪ ) 19‬كريمة تدريست‪ ،‬دور البنوك في مكافحة تبييض األموال‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪،‬‬
‫كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬

‫‪ )20‬لعيد مفتاح‪ ،‬الجرائم الجمركية في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة دكتوراه في الحقوق‪ ،‬كمية‬
‫الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،‬الجزائر‪.2012-2011 ،‬‬

‫‪ )21‬مجراب الدوادي‪ ،‬األساليب الخاصة لمبحث والتحري في الجريمة المنظمة‪ ،‬رسالة‬


‫دكتوراه في القانون العام‪ ،‬كمية الحقوق بجامعة الجزائر‪ ،1‬الجزائر‪.2016/2015 ،‬‬

‫‪ ) 22‬ناجية شيخ‪ ،‬خصوصيات جريمة الصرف في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ -3‬المقـاالت‪:‬‬

‫‪ )1‬إبراىيم محمد شاشو‪" ،‬بطاقة االئتمان‪ :‬حقيقتيا وتكييفيا الشرعي"‪ ،‬مجمة جامعة دمشق‬
‫لمعموم االقتصادية والقانونية‪ ،‬دمشق‪ ،‬العدد‪.2011 ،27‬‬

‫‪ )2‬أحمد حسين الييتي‪" ،‬ظاىرة االقتصاد الخفي وغسيل األموال‪ :‬المصادر واآلثار"‪ ،‬مجمة‬
‫اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬كمية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة المستنصرية‪ ،‬العراق‪ ،‬العدد‪.2010 ،81‬‬

‫‪ )3‬إرزيل الكاىنة‪" ،‬التعميق عمى األمر ‪ 04/03‬المتعمق بالقواعد العامة المطبقة عمى‬
‫عمميات استيراد البضائع وتصديرىا"‪ ،‬المجمة النقدية لمقانون والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي‬
‫وزو‪ ،‬العدد‪.2006 ،02‬‬

‫‪378‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )4‬األخضر عزي‪" ،‬دراسة ظاىرة تبييض األموال عبر البنوك"‪ ،‬مجمة دراسات اقتصادية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد‪.2006 ،08‬‬

‫‪ )5‬إياد خمف محمد جويعد‪" ،‬المسؤولية الجزائية عن إفشاء السرية المصرفية"‪ ،‬مجمة كمية‬
‫بغداد لمعموم االقتصادية الجامعة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد‪.2010 ،23‬‬

‫‪ )6‬بسام أحمد الزلمي‪" ،‬دور النقود اإللكترونية في غسل األموال"‪ ،‬مجمة جامعة دمشق لمعموم‬
‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬دمشق‪ ،‬العدد‪.2010 ،01‬‬

‫‪ )7‬بن لطرش منى‪" ،‬السمطات اإلدارية المستقمة‪ :‬دور جديد لمدولة"‪ ،‬مجمة إدارة‪ ،‬المدرسة‬
‫الوطنية لإلدارة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2002 ،24‬‬

‫‪ )8‬حورية يسعد‪" ،‬المبادرات الدولية من أجل مكافحة الجريمة المنظمة وغسل األموال"‪،‬‬
‫المجمة النقدية لمقانون والعموم السياسية‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬العدد‪.2011 ،02‬‬

‫‪ )9‬خثير مسعود‪" ،‬المساىمة الجنائية في جرائم االمتناع"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة والقانون‪،‬‬
‫جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2014 ،10‬‬

‫‪ )10‬دموس حكيمة‪" ،‬التكييف القانوني لجريمة تبييض األموال"‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث‬
‫القانوني‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة بجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2011 ،02‬‬

‫‪ )11‬زوزو ىدى‪ " ،‬التسرب كأسموب من أساليب التحري في قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫الجزائري"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2014 ،11‬‬

‫‪ )12‬سميمان ناصر‪" ،‬استعادة األموال الموازية ضروري لتطوير االقتصاد"‪ ،‬جريدة الخبر‪،‬‬
‫العدد ‪ 23‬يوليو ‪.2016‬‬

‫‪ )13‬شاىر إسماعيل شاىر‪" ،‬غسيل األموال وأثره عمى اقتصاديات الدول النامية"‪ ،‬مجمة‬
‫تنمية الرافدين‪ ،‬كمية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬العدد‪.2009 ،94‬‬

‫‪379‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )14‬طالل ياسين العيسى‪" ،‬السيادة بين مفيوميا التقميدي والمعاصر‪ :‬دراسة في مدى تدويل‬
‫السيادة في العصر الحالي"‪ ،‬مجمة جامعة دمشق لمعموم االقتصادية والقانونية‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫العدد‪.2010 ،01‬‬

‫‪ )15‬عبد الرحمن خمفي‪ " ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن جرائم تبييض األموال‪:‬‬
‫دراسة في التشريع الجزائري مع اإلشارة إلى الفقو والتشريع المقارن"‪ ،‬المجمة األكاديمية لمبحث‬
‫القانوني‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪ ،‬جامعة بجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2011 ،02‬‬

‫‪ )16‬عبد اهلل خبابة‪" ،‬انعكاسات غسل األموال عمى تمويل التنمية في الدول النامية"‪ ،‬مجمة‬
‫كمية بغداد لمعموم االقتصادية الجامعة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد‪.2012 ،36‬‬

‫‪ )17‬عمارة فوزي‪" ،‬اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور والتسرب‬


‫كإجراءات تحقيق قضائي في المواد الجزائية"‪ ،‬مجمة العموم اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،33‬جوان ‪.2010‬‬

‫‪ )18‬فريد عمواش‪" ،‬جريمة تبييض األموال‪ :‬المراحل واألساليب"‪ ،‬مجمة العموم اإلنسانية‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.12‬‬

‫‪ )19‬قدة حبيبة‪" ،‬مفيوم عممية التحويل المصرفي وطبيعتيا القانونية"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2014 ،10‬‬

‫‪ )20‬محمد بكرارشوش‪" ،‬االختصاص اإلقميمي الموسع في المادة الجزائية في التشريع‬


‫الجزائري"‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة أدرار‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.2016 ،14‬‬

‫‪ )21‬محمد عباس منصور‪" ،‬سرية الحسابات المصرفية المالذ لغسيل األموال"‪ ،‬المجمة‬
‫العربية لعموم الشرطة‪ ،‬العدد ‪1996 ،153‬‬

‫‪ )22‬نعيم سالمة القاضي وآخرون‪" ،‬البنوك وعمميات غسيل األموال"‪ ،‬مجمة كمية بغداد‬
‫لمعموم االقتصادية والقانونية‪ ،‬بغداد‪ ،‬العدد‪.2012 ،33‬‬

‫‪380‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -4‬التقارير‪:‬‬

‫‪ )1‬مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ ،‬األشخاص السياسيون‬
‫ممثمو المخاطر في مجال غسل األموال وتمويل اإلرىاب‪ ،‬نوفمبر ‪.2008‬‬

‫‪ )2‬مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ ،‬تقرير التقييم المشترك حول‬
‫مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرىاب بالجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ )3‬مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ ،‬تقرير التطبيقات عن‬
‫االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية وغسل األموال‪.2011 ،‬‬

‫‪ )4‬خمية معالجة االستعالم المالي‪ ،‬محمق التقرير السنوي ‪.2015‬‬

‫‪ )5‬الخطوط التوجييية لخمية معالجة االستعالم المالي رقم ‪/578‬خ م إ م‪ 2015/‬الصادرة‬


‫بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪.2015‬‬

‫‪ )6‬الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وادمانيا‪ ،‬نشاطات مكافحة المخدرات واإلدمان عمييا‪:‬‬
‫الحصيمة السنوية ‪.2018‬‬

‫‪ -5‬النصوص القانونية والتنظيمية‪:‬‬

‫أ‪ -‬في التشريع الجزائري‪:‬‬

‫‪ )1‬األمر‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،48‬صادر في ‪ 10‬جوان ‪ ،1966‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 14/04‬المؤرخ‬
‫في ‪ 10‬نوفمبر ‪ ،2004‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،71‬صادر في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬وبالقانون‬
‫‪ 07/17‬المؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪ ،2017‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،20‬صادر في ‪ 29‬مارس ‪.2017‬‬

‫‪ )2‬األمر ‪ 156/66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ ،1966‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،49‬صادر في ‪11‬‬


‫جوان ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 15/04‬المؤرخ في ‪10‬‬
‫نوفمبر ‪ ،2004‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،71‬صادر في ‪ 10‬نوفمبر ‪ ،2004‬وبالقانون ‪23/06‬‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،84‬صادر في ‪ 24‬ديسمبر ‪2006‬‬

‫‪381‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫وبالقانون ‪ 01/09‬المؤرخ في ‪ 25‬فب ارير ‪ ،2009‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،15‬صادر في ‪ 8‬مارس‬


‫‪.2009‬‬

‫‪ )3‬األمر ‪ 86/70‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ ،1970‬المتضمن قانون الجنسية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد ‪ ،105‬صادر في ‪ 18‬ديسمبر ‪ ،1970‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 01/05‬المؤرخ في ‪27‬‬
‫فيفري ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،15‬صادر في ‪ 27‬فبراير ‪.2005‬‬

‫‪ )4‬األمر ‪ 58/75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد‪ ،78‬صادر في ‪ 30‬سبتمبر ‪.1975‬‬

‫‪ )5‬األمر ‪ 59/75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون التجاري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد ‪ ،78‬صادر في ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1975‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 02/05‬المؤرخ في ‪06‬‬
‫فبراير ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادر في ‪ 09‬فبراير ‪.2005‬‬

‫‪ )6‬القانون ‪ 07/79‬المؤرخ في ‪ 21‬يونيو ‪ ،1979‬المتضمن قانون الجمارك‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد ‪ ،30‬صادرة في ‪ 24‬يونيو ‪.1979‬‬

‫‪ )7‬القانون ‪ 10/90‬المؤرخ في ‪ 14‬أبريل ‪ ،1990‬المتضمن قانون النقد والقرض‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،16‬صادر في ‪ 15‬أبريل ‪( 1990‬ممغى)‪.‬‬

‫‪ )8‬القانون ‪ 11/90‬المؤرخ في ‪ 21‬أبريل ‪ ،1990‬المتعمق بعالقات العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‬


‫‪ ،17‬صادر في ‪ 25‬أبريل ‪.1990‬‬

‫‪ )9‬المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المؤرخ في ‪ 23‬مايو ‪ ،1993‬المتعمق ببوصة القيم المنقولة‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،34‬صادر في ‪ 23‬مايو ‪ ،1993‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 04/03‬المؤرخ‬
‫في ‪ 17‬فبراير ‪ ،2003‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،11‬صادر في ‪ 19‬فبراير ‪.2003‬‬

‫‪ )10‬األمر ‪ 07/95‬المؤرخ في ‪ 25‬يناير ‪ ،1995‬المتعمق بالتأمينات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،13‬‬


‫صادر في ‪ 8‬مارس ‪ ،1995‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 04/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري‬
‫‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،15‬صادر في ‪ 12‬مارس ‪.2006‬‬

‫‪382‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )11‬األمر ‪ 22/96‬المؤرخ في ‪ 09‬يوليو ‪ ،1996‬المتعمق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم‬


‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من والى الخارج‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،43‬صادر في‬
‫‪ 10‬يوليو ‪ ،1996‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 03/10‬المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪،2010‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 01‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪ )12‬القانون ‪ 03/2000‬المؤرخ في ‪ 05‬غشت ‪ ،2000‬المحدد لمقواعد العامة المتعمقة‬


‫بالبريد والمواصالت السمكية والالسمكية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،48‬صادر في ‪ 6‬غشت ‪.2000‬‬

‫‪ )13‬القانون ‪ 21/01‬المؤرخ في ‪ 22‬ديسمبر ‪ ،2001‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪،2002‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،79‬صادر في ‪ 23‬ديسمبر ‪.2001‬‬

‫‪ )14‬القانون ‪ 11/02‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ ،2002‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪،2003‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،86‬صادر في ‪ 25‬ديسمبر ‪.2002‬‬

‫‪ )15‬األمر ‪ 11/03‬المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ ،2006‬المتضمن قانون النقد والقرض‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،52‬صادر في ‪ 27‬غشت ‪ ،2011‬المعدل والمتمم باألمر ‪ 04/10‬المؤرخ‬
‫في ‪ 26‬غشت ‪ ،2010‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادرة في ‪ 01‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪ )16‬القانون ‪ 02/04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد لمقواعد المطبقة عمى الممارسات‬


‫التجارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،41‬صادر في ‪ 27‬جوان ‪.2004‬‬

‫‪ )17‬القانون ‪ 01/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ ،2005‬المتضمن قانون الوقاية من تبييض‬


‫األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،11‬صادر في ‪ 09‬فبراير ‪،2005‬‬
‫المعدل والمتمم باألمر ‪ 02/12‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪ ،2012‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،8‬صادر‬
‫في ‪ 15‬فبراير ‪ 2012‬وبالقانون ‪ 06/15‬المؤرخ في ‪ 15‬فبراير ‪ ،2015‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،8‬‬
‫صادر في ‪ 15‬فبراير ‪.2015‬‬

‫‪ )18‬األمر ‪ 06/05‬المؤرخ في ‪ 23‬غشت ‪ ،2005‬المتضمن قانون مكافحة التيريب‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،59‬صادر في ‪ 28‬غشت ‪.2005‬‬

‫‪383‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )19‬القانون ‪ 07/05‬المؤرخ في ‪ 28‬أبريل ‪ 2005‬المتعمق بالمحروقات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 19‬يوليو ‪ ،2005‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 01/13‬المؤرخ في ‪20‬‬
‫فيفري ‪ ،2013‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،11‬صادر في ‪ 24‬فبراير ‪.2013‬‬

‫‪ )20‬القانون ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ ،2006‬المتضمن قانون الوقاية من الفساد‬


‫ومكافحتو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،14‬صادر في ‪ 8‬مارس ‪ ،2006‬المعدل والمتمم باألمر‬
‫‪ 05/10‬المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 1‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪ )21‬القانون ‪ 02/06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ ،2006‬المتضمن تنظيم مينة الموثق‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 1‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪ )22‬األمر ‪ 03/06‬المؤرخ في ‪ 15‬يونيو ‪ ،2006‬المتضمن القانون األساسي لموظيفة‬


‫العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،46‬صادر في ‪ 16‬يوليو ‪.2006‬‬

‫‪ )23‬القانون ‪ 09/08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬


‫واإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،21‬صادر في ‪ 23‬أبريل ‪.2008‬‬

‫‪ )24‬القانون ‪ 04/09‬المؤرخ في ‪ 5‬غشت ‪ ،2009‬المتضمن القواعد الخاصة لموقاية من‬


‫الجرائم المتصمة بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتيا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،47‬صادر في‬
‫‪ 26‬غشت ‪.2009‬‬

‫‪ )25‬القانون ‪ 01/10‬المؤرخ في ‪ 29‬يونيو ‪ ،2010‬المتعمق بمين الخبير المحاسب ومحافظ‬


‫الحسابات والمحاسب المعتمد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،42‬صادر في ‪ 11‬يوليو ‪.2010‬‬

‫‪ )26‬القانون ‪ 07/13‬المؤرخ في ‪ 29‬أكتوبر ‪ ،2013‬المتضمن تنظيم مينة المحاماة‪،‬‬


‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،55‬صادر في ‪30‬أكتوبر ‪.2013‬‬

‫‪ )27‬القانون ‪ 01/16‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬المتضمن تعديل الدستور‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬


‫عدد‪ ،14‬صادر في ‪ 7‬مارس ‪.2016‬‬

‫‪384‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )28‬المرسوم الرئاسي ‪ 41/95‬المؤرخ في ‪ 28‬يناير ‪ ،1995‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة‬
‫‪ ،1988‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،7‬صادر في ‪ 15‬فبراير ‪.1995‬‬

‫‪ )29‬المرسوم الرئاسي ‪ 367/95‬المؤرخ في ‪ 12‬نوفمبر ‪ ،1995‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية التعاون القضائي بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجماىرية العربية‬
‫الميبية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،69‬صادر في ‪ 15‬نوفمبر ‪.1995‬‬

‫‪ )30‬المرسوم الرئاسي ‪ 445/2000‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،2000‬المتضمن المصادقة‬


‫عمى االتفاقية الدولية لقمع تمويل اإلرىاب‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،1‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪.2001‬‬

‫‪ )31‬المرسوم الرئاسي ‪ 55/02‬المؤرخ في ‪ 05‬فيفري ‪ ،2002‬المتضمن المصادقة بتحفظ‬


‫عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،71‬‬
‫صادر في ‪ 30‬أكتوبر ‪.2002‬‬

‫‪ )32‬المرسوم الرئاسي ‪ 139/03‬المؤرخ في ‪ 25‬مارس ‪ ،2003‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية التعاون القضائي بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمممكة األردنية‬
‫الياشمية الموقعة بالجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،22‬صادر في ‪ 30‬مارس ‪.2003‬‬

‫‪ )33‬المرسوم الرئاسي ‪ 417/03‬المؤرخ في ‪ 09‬نوفمبر ‪ ،2003‬المتضمن المصادقة بتحفظ‬


‫عمى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة االتجار باألشخاص خاصة النساء واألطفال‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬
‫عدد‪ ،69‬صادر في ‪ 12‬نوفمبر ‪.2003‬‬

‫‪ )34‬المرسوم الرئاسي ‪ 128/04‬المؤرخ في ‪ 19‬أبريل ‪ ،2004‬المتضمن المصادقة بتحفظ‬


‫عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،26‬صادر في ‪ 25‬أبريل‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ )35‬المرسوم الرئاسي ‪ 72/05‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪ ،2005‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية التعاون القضائي بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وايطاليا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬
‫عدد‪ ،13‬صادر في ‪ 16‬فبراير ‪.2005‬‬

‫‪385‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )36‬المرسوم الرئاسي ‪ 193/05‬المؤرخ في ‪ 28‬مايو ‪ ،2005‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية التعاون القضائي بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ونيجيريا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬
‫عدد‪ ،38‬صادر في ‪ 1‬يونيو ‪.2005‬‬

‫‪ )37‬المرسوم الرئاسي ‪ 113/2006‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ ،2006‬المتضمن المصادقة‬


‫عمى اتفاقية التعاون القضائي بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجميورية‬
‫اإلسالمية اإليرانية الموقعة بطيران‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،9‬صادر في ‪ 19‬فبراير ‪.2006‬‬

‫‪ )38‬المرسوم الرئاسي ‪ 413/06‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2006‬المتضمن إنشاء الييئة‬


‫الوطنية لموقاية من الفساد ومكافحتو وتنظيميا وكيفية سيرىا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،17‬صادر‬
‫في ‪ 22‬نوفمبر ‪.2006‬‬

‫‪ )39‬المرسوم الرئاسي ‪ 175/07‬المؤرخ في ‪ 06‬يونيو ‪ ،2007‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية تسميم المجرمين بين الجميورية الج ازئرية الديمقراطية الشعبية وجميورية الصين‬
‫الشعبية الموقعة ببكين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،38‬صادر في ‪ 10‬يونيو ‪.2007‬‬

‫‪ )40‬المرسوم الرئاسي ‪ 280/07‬المؤرخ في ‪ 23‬سبتمبر ‪ ،2007‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫اتفاقية تسميم المجرمين بين الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجميورية والجميورية‬
‫البرتغالية الموقعة بالجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،59‬صادر في ‪ 23‬سبتمبر ‪.2007‬‬

‫‪ )41‬المرسوم الرئاسي ‪ 426/11‬المؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر ‪ ،2011‬المتضمن تحديد تشكيمة‬


‫الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمو وعممو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،68‬صادر في ‪ 14‬ديسمبر‬
‫‪.2011‬‬

‫‪ )42‬المرسوم الرئاسي ‪ 250/14‬المؤرخ في ‪ 08‬سبتمبر ‪ ،2014‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫االتفاقية العربية لمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرىاب‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،55‬صادر في‬
‫‪ 23‬سبتمبر ‪.2014‬‬

‫‪ )43‬المرسوم الرئاسي ‪ 251/14‬المؤرخ في ‪ 08‬سبتمبر ‪ ،2014‬المتضمن المصادقة عمى‬


‫االتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،55‬صادر في‬
‫‪ 23‬سبتمبر ‪.2014‬‬

‫‪386‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )44‬المرسوم الرئاسي ‪ 261/15‬المؤرخ في ‪ 08‬أكتوبر ‪ ،2015‬يحدد تشكيمة وتنظيم‬


‫وكيفيات سير الييئة الوطنية لموقاية من اإلجرام المتصل بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال‬
‫ومكافحتو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،53‬صادر في ‪ 8‬أكتوبر ‪.2015‬‬

‫‪ )45‬المرسوم التنفيذي ‪ 212/97‬المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ ،1997‬المتضمن إنشاء الديوان‬


‫الوطني لمكافحة المخدرات وادمانيا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،41‬صادر في ‪ 15‬يونيو ‪،1997‬‬
‫المعدل والمتمم بالمرسوم الرئاسي ‪ 181/06‬المؤرخ في ‪ 31‬مايو ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬
‫عدد‪ ،36‬صادر في ‪ 31‬مايو ‪.2006‬‬

‫‪ )46‬المرسوم التنفيذي ‪ 127/02‬المؤرخ في ‪ 07‬فبراير ‪ ،2002‬المتضمن إنشاء خمية‬


‫معالجة االستعالم المالي وتنظيميا وعمميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،23‬صادر في ‪ 7‬أبريل‬
‫‪ ،2002‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي ‪ 275/08‬المؤرخ في ‪ 06‬سبتمبر ‪،2008‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،50‬صادر في ‪ 7‬سبتمبر ‪ 2008‬وبالمرسوم التنفيذي ‪ 157/13‬المؤرخ في‬
‫‪ 15‬أبريل ‪ ،2013‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،23‬صادر في ‪ 28‬أبريل ‪.2013‬‬

‫‪ )47‬المرسوم التنفيذي ‪ 468/05‬المؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،2005‬يحدد شروط تحرير‬


‫الفاتورة وسند التحويل ووصل التسميم والفاتورة اإلجمالية وكيفيات ذلك‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،80‬‬
‫صادر في ‪ 11‬ديسمبر ‪.2005‬‬

‫‪ )48‬المرسوم التنفيذي ‪ 05/06‬المؤرخ في ‪ 09‬يناير ‪ ،2006‬المتضمن تحديد شكل‬


‫اإلخطار بالشبية ونموذجو ووصل استالمو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،2‬صادر في ‪ 15‬يناير‬
‫‪.2006‬‬

‫‪ )49‬المرسوم التنفيذي ‪ 348/06‬المؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،2006‬المتعمق بتمديد‬


‫االختصاص المحمي لبعض المحاكم ووكالء الجميورية وقضاة التحقيق‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬‬
‫عدد‪ ،63‬صادر في ‪ 8‬أكتوبر ‪ ،2006‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي ‪ 267/16‬المؤرخ‬
‫في ‪ 17‬أكوبر ‪ ،2016‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،62‬صادر في ‪ 23‬أكتوبر ‪.2016‬‬

‫‪ )50‬المرسوم التنفيذي ‪ 286/06‬المؤرخ في ‪ 26‬أغسطس ‪ ،2006‬المحدد لتنظيم الديوان‬


‫الوطني لمكافحة التيريب وسيره‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،53‬صادر في ‪ 30‬غشت ‪.2006‬‬

‫‪387‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )51‬المرسوم التنفيذي ‪ 113/08‬المؤرخ في ‪ 09‬أبريل ‪ ،2008‬المتضمن توضيح ميام‬


‫لجنة اإلشراف عمى التأمينات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،20‬صادر في ‪ 13‬أبريل ‪.2008‬‬

‫‪ )52‬المرسوم التنفيذي ‪ 30/11‬المؤرخ في ‪ 27‬يناير ‪ ،2011‬يحدد شروط وكيفيات االعتماد‬


‫لممارسة مينة الخبير المحاسب ومحافظ الحسابات والمحاسب المعتمد‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪،7‬‬
‫صادر في ‪ 2‬فبراير ‪.2011‬‬

‫‪ )53‬المرسوم التنفيذي ‪ 153/15‬المؤرخ في ‪ 16‬يونيو ‪ ،2015‬المحدد لمحد األدنى المطبق‬


‫عمى العمميات التي يجب أن تتم بوسائل الدفع الكتابية وعن طريق القنوات البنكية والمالية‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،33‬صادر في ‪ 22‬يونيو ‪.2015‬‬

‫‪ )54‬القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 28‬مايو ‪ ،2007‬المتعمق بتنظيم المصالح التقنية‬


‫لخمية معالجة االستعالم المالي‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،39‬صادر في ‪ 13‬يونيو ‪.2007‬‬

‫‪ )55‬النظام رقم ‪ 01/92‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ ،1992‬يتضمن تنظيم مركزية المخاطر‬


‫وعمميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،8‬صادر في ‪ 7‬فبراير ‪.1993‬‬

‫‪ )56‬النظام رقم ‪ 02/92‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ ،1992‬يتضمن تنظيم مركزية المبالغ غير‬


‫المدفوعة وتنظيميا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،8‬صادر في ‪ 7‬فبراير ‪.1993‬‬

‫‪ )57‬النظام ‪ 05/92‬المؤرخ في ‪ 22‬يوليو ‪ ،1992‬المتعمق بالشروط الواجب أن تتوفر في‬


‫مؤسسي البنوك والمؤسسات المالية ومسيرييا وممثمييا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،8‬صادر في ‪7‬‬
‫فبراير ‪.1993‬‬

‫‪ )58‬النظام رقم ‪ 05/05‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ ،2005‬يتعمق بالوقاية من تبييض األموال‬


‫وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،26‬صادر في ‪ 23‬أبريل ‪( 2006‬ممغى)‪.‬‬

‫‪ )59‬النظام رقم ‪ 02/06‬المؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر ‪ ،2006‬يتضمن شروط تأسيس بنك‬


‫ومؤسسة مالية وشروط إقامة فرع بنك ومؤسسة مالية أجنبية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،77‬صادر‬
‫في ‪ 2‬ديسمبر ‪.2006‬‬

‫‪388‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )60‬النظام رقم ‪ 01/07‬المؤرخ في ‪ 03‬فيفري ‪ ،2007‬يتعمق بالقواعد المطبقة عمى‬


‫المعامالت التجارية مع الخارج والحسابات بالعممة الصعبة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،31‬صادر في‬
‫‪ 13‬مايو ‪.2007‬‬

‫‪ )61‬النظام رقم ‪ 01/08‬المؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ ،2008‬يتعمق بترتيبات الوقاية من إصدار‬


‫الشيكات بدون رصيد ومكافحتيا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،33‬صادر في ‪ 22‬يونيو ‪.2008‬‬

‫‪ )62‬النظام رقم ‪ 08/11‬المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،2011‬المتعمق بالرقابة الداخمية لمبنوك‬


‫والمؤسسات المالية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،47‬صادر في ‪ 29‬غشت ‪.2012‬‬

‫‪ )63‬النظام رقم ‪ 03/12‬المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،2012‬يتعمق بالوقاية من تبييض األموال‬


‫وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،12‬صادر في ‪ 27‬فبراير ‪.2013‬‬

‫‪ )64‬النظام ‪ 02/16‬المؤرخ في ‪ 21‬أبريل ‪ ،2016‬يحدد سقف التصريح باستيراد وتصدير‬


‫األوراق النقدية و‪/‬أو األدوات القابمة لمتداول المحررة بالعمالت األجنبية القابمة لمتحويل بصفة‬
‫حرة من طرف المقيمين وغير المقيمين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،25‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪.2016‬‬

‫‪ )65‬النظام ‪ 03/18‬المؤرخ في ‪ 4‬نوفمبر ‪ ،2018‬يتعمق بتحديد الحد األدنى لرأس مال‬


‫البنوك والمؤسسات المالية العاممة في الجزائر‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،73‬صادر في ‪ 9‬ديسمبر‬
‫‪.2018‬‬

‫ب‪ -‬في التشريع المصري‪:‬‬

‫‪ )1‬القانون رقم ‪ 80‬لسنة ‪ 2002‬المؤرخ في ‪ 22‬مايو ‪ ،2002‬المتعمق بمكافحة غسل‬


‫األموال‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬عدد‪ 20‬مكرر‪ ،‬صادر في ‪ 22‬مايو ‪ ،2002‬المعدل بالقانون ‪181‬‬
‫لسنة ‪ ،2008‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬عدد‪ 25‬مكرر‪ ،‬صادر في ‪ 22‬يونيو ‪.2008‬‬

‫‪ )2‬قرار رئيس جميورية مصر العربية رقم ‪ 568‬لسنة‪ 1990‬بشأن الموافقة عمى اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ‪،1988‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬عدد‪ ،26‬صادر في ‪ 27‬يونيو ‪.1991‬‬

‫‪389‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ )3‬قرار رئيس جميورية مصر العربية رقم ‪ 294‬لسنة ‪ 2003‬بشأن الموافقة عمى اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ‪ ،2000‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬عدد‪،37‬‬
‫صادر في ‪ 9‬سبتمبر ‪.2004‬‬

‫‪ )4‬قرار رئيس مجمس الوزراء رقم ‪ 951‬لسنة ‪ ،2003‬المتضمن الالئحة التنفيذية لمقانون‬
‫رقم ‪ 80‬لسنة ‪ ،2002‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬عدد‪ 23‬مكرر (أ)‪ ،‬صادر في ‪ 9‬يونيو ‪.2003‬‬

‫‪ -6‬االجتهادات القضائية‪:‬‬

‫‪ -‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة الحنائية‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،1988‬قضية رقم ‪61380‬‬
‫( د م ومن معو ضد فريق س)‪ ،‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد‪ ،1993 ،3‬ص‪.229‬‬

‫‪ -‬المحكمة العميا‪ ،‬الغرفة الجنائية‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 26‬ديسمبر‪ ،1995‬قضية رقم ‪128892‬‬
‫( ح ث ضد ب ب )‪ ،‬المجمة القضائية‪ ،‬عدد‪ ،02‬سنة ‪ ،1996‬ص‪.182‬‬

‫‪ -‬مجمس الدولة‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 27‬يوليو ‪ ،1998‬مجمة مجمس الدولة‪ ،‬عدد‪،2002 ،01‬‬
‫ص‪.84‬‬

‫‪ -‬مجمس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ 2129‬مؤرخ في ‪ 08‬مايو ‪ 2000‬بين يونين بنك وبنك الجزائر‬
‫(غير منشور)‬

‫ثانيا‪ :‬بالمغة الفرنسية‬

‫‪1- OUVRAGES :‬‬

‫‪1) Ahcène BOUSKIA, L’infraction du change en Droit algérien, édition Dar el‬‬
‫‪hikma, Algérie, 1999.‬‬

‫‪2) Andri VITU, Définition et contenu du Droit économique, Dalloz, 1961.‬‬

‫‪3) Béatrice GENINET, l’indispensable du Droit pénal, 2em édition, Studyrama,‬‬


‫‪France.‬‬

‫‪390‬‬
‫قائمة المراجع‬

4) Delrue GEERT, Le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme,


2eme édition, éditions Maklu, 2014.

5) Franklin KUTY, principes généraux du droit pénal belge, tome02, édition


Larcier, Bruxelles, 2010.

6) Gaston STEFAIN, George LEVASSEUR, Bernard BOULOC, Droit pénal


général, 16eme édition, Dalloz, 1997.

7) Gean Louis Monique Contamine Raymond, Droit bancaire, Dalloz, 1995.

8) Hartmut EDEN, Les effets au niveau national et régional de la coopération


internationale des polices : un system spécifique de multi-level gouvernance,
approche comparées des polices en Europe, L’Harmattan, paris, 2003.

9) Jean- François RENUCCI, Droit économique, série Droit, Armand


colin/Masson, 1995.

10) Jean-Michel RACCHI et Jacque TERRAY, Les paradis fiscaux, édition


Arnaud FRANZEL, France, 2011.

11) Louis CARTOU, Droit fiscal international et européen, 2eme édition, précis
Dalloz, paris, 1991.

12) Monique GEAN LOUIS, Droit bancaire, édition Dalloz, 1995.

13) Pierre LAMBERT , Secret Professionnel, Bruylant, Bruxelles, 2005.

14) Rachid ZOUAIMIA , Les autorités de régulation indépendantes dans le


secteur financier en Algérie, édition Houma, Alger, 2005.

15) Richard ROUTIER, obligations et responsabilités du banquier, 3eme


édition, Dalloz, France, 2011.

16) Sonia LEVERD, Les nouveaux territoires du droit, L’Harmattan, paris,


2013.

391
‫قائمة المراجع‬

17) Stéphane PIEDELIEVRE, Emmanuel PUTMAN, Droit bancaire, Economica,


France, 2011.

2- THESES:

1) Ahmed Farouk ZAHAR, Le blanchiment de l’argent et la recherche des


produits de l’infraction, thèse se doctorat, Nantes, 2001.

2) Djazira MEHDI, Les instruments de lutte contre le blanchiment d’argent en


Algérie, thèse de doctorat en Droit, faculté de Droit (école doctorale DESPEG),
Université NICE SOPHIA ANTIPOLIS, France, 2015.

3) Sophie Petrini – Jonquet, Politique criminelle en matière de blanchiment de


la lutte national aux obstacles internationaux, thèse de doctorat, 1997.

3- LES REVUES:

1) Chantal CUTAJAR, L’ordre juridique français face aux sociétés écrans des
paris fiscaux, Institue Européen d’Etudes Commerciales Supérieurs,
Strasbourg, 2000.

2) Peter HAGAL, La lutte anti-blanchiment d’argent menée par l’union


européenne, Centre de recherche sociologique sur le droit et les institutions
pénales, Septembre 2003.

3) Said DIB, la nature du contrôle juridictionnel des actes de la commission


bancaire en Algérie, Revue banque et Droit, n°80, novembre/décembre, 2001.

4- TEXTES JURIDIQUES:

1) Loi française n° 87/1157 du 31 décembre 1987, relative à la lutte contre le


trafic de stupéfiants et modifiant certaine disposition du code pénal, JORF du
05 janvier 1988.

392
‫قائمة المراجع‬

2) Loi française n° 90/614 du 12 juillet 1990, relative à la participation des


organismes financiers à la lutte contre le blanchiment des capitaux provenant
du trafic des stupéfiants, JORF, n°162 du 14 juillet 1990.

3) Loi française n°96/392 du 13 mai 1996, relative à la lutte contre le


blanchiment et le trafic des stupéfiants et à la coopération internationale en
matière de saisie et confiscation des produits du crime JORF, n° 112 du 14
mai 1996.

4) Directive 2005/60/CE du parlement européen et du conseil du 26 octobre


2005 relative à la prévention de l’utilisation du système financier aux fins du
blanchiment et du financement du terrorisme.

5) Instruction de la banque d’Algérie n° 92/70 du 24 novembre 1992, relative


à la centralisation des risques bancaires et des opérations des crédit-bail.

6) Instruction de la banque d’Algérie n° 2000/04 du 30 avril 2000, déterminant


les éléments constitutifs du dossier de demande d’agrément de banque ou
d’établissement financier.

7) Instruction de la banque d’Algérie n° 2000/05 du 30 avril 2000, portant


conditions pour l’exercice des fonctions des dirigeants des banques et des
établissements financiers ainsi que des représentations et succursales des
banques et des établissements financiers étrangers.

5- DOCUMENTS :

1) Groupe d’Action Financière (GAFI), Rapport annuel sur la blanchiment des


capitaux 1991/1992, 25 juin 1992.

2) CNES, Rapport sur la conjoncture économique et sociale premier semestre


2004.

393
‫قائمة المراجع‬

3) Banque d’Algérie, rapport 2003, évaluation économique et monétaire en


Algérie, Avril 2004.

4) Guide des banques et des établissements financier en Algérie, 2015, p75.

5) Guide de références sur la lutte contre le blanchiment de capitaux et le


financement de terrorisme, La banque mondiale et le fond monétaire
international, 2eme édition, 2006.

6) Institut de lutte contre la criminalité économique, La lutte contre le


blanchiment d’argent, Suisse, 2009.

7) Groupe d’Action Financière, Rapport annuel sur le blanchiment des capitaux


1991/1992, 25 juin 1992.

8) Groupe d’Action Financière, Les quarante recommandations du GAFI,


Février 2012.

9) Cellule de Traitement du Renseignement Financier (CTRF) , Rapport


d’activités 2012.

394
‫الفهرس‬

‫الفهــــرس‬

‫مقدمة ‪10 ...............................................................................‬‬

‫الباب األول‪ :‬المدلول العام لجريمة تبييض األموال‪16 ..............................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ماهية جريمة تبييض األموال ‪17 .....................................‬‬

‫المبحث األول‪ 9‬مفيوم جريمة تبييض األموال ‪18 .....................................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬تعريف جريمة تبييض األموال‪01 .................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬التعريفات الفقيية لجريمة تبييض األموال ‪01 .....................‬‬

‫أوال‪ 9‬المنظور الضيق لجريمة تبييض األموال ‪01 .........................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬المنظور الواسع لجريمة تبييض األموال ‪03 .........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬التعريفات التشريعية لجريمة تبييض األموال ‪04 ..................‬‬

‫أوال‪ 9‬تعريف جريمة تبييض األموال في االتفاقيات الدولية واإلقميمية ‪05 ....‬‬

‫ثانيا‪ 9‬تعريف جريمة تبييض األموال في التشريعات الداخمية ‪12 ...........‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬خصائص جريمة تبييض األموال وعوامل استفحاليا‪17 ............‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬خصائص جريمة تبييض األموال‪17 .............................‬‬

‫أوال‪ 9‬ارتباط جريمة تبييض األموال بالجريمة المنظمة ‪18 ..................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬الطابع االقتصادي واالجتماعي لجريمة تبييض األموال ‪21 ..........‬‬

‫ثالثا‪ 9‬جريمة تبييض األموال جريمة تبعية ‪23 .............................‬‬

‫‪395‬‬
‫الفهرس‬

‫رابعا‪ 9‬البعد الدولي لجريمة تبييض األموال ‪34 ............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬عوامل استفحال جريمة تبييض األموال‪36 .......................‬‬

‫أوال‪ 9‬ظاىرة العولمة االقتصادية‪36 .......................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬انتشار المالذات المصرفية ‪38 .....................................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬انتشار ظاىرة االقتصاد غير الرسمي ‪41 ...........................‬‬

‫رابعا‪ 9‬التطور التكنولوجي في مجال المعامالت والتحويالت المصرفية‪44 ..‬‬

‫المبحث الثاني‪ 9‬آليات تبييض األموال والمخاطر المترتبة عنيا ‪46 .....................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬آليات تبييض األموال‪47 .........................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬أساليب تبييض األموال ‪47 ......................................‬‬

‫أوال‪ 9‬أساليب تبييض األموال في المجال المصرفي ‪48 ....................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬أساليب تبييض األموال في المجال غير المصرفي ‪57 ..............‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬مراحل جريمة تبييض األموال‪62 ................................‬‬

‫أوال‪ 9‬التقسيم التقميدي‪63 .................................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬التقسيم الحديث ‪66 ................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬مخاطر جريمة تبييض األموال‪68 ................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬المخاطر االقتصادية واالجتماعية لجريمة تبييض األموال ‪68 .....‬‬

‫أوال‪ 9‬المخاطر االقتصادية لجريمة تبييض األموال ‪71 ....................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬المخاطر االجتماعية لجريمة تبييض األموال ‪72 ....................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬المخاطر السياسية لجريمة تبييض األموال‪74 ....................‬‬

‫‪396‬‬
‫الفهرس‬

‫أوال‪ 9‬السيطرة عمى النظام السياسي وافساد اليياكل الحكومية ‪75 ...........‬‬

‫ثانيا‪ 9‬تمويل النزاعات العرقية والطائفية ‪75 ...............................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال ‪76 .........................‬‬

‫المبحث األول‪ 9‬التكييف القانوني لنشاط تبييض األموال ‪76 ............................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال ‪77 .............‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬المساىمة الجنائية التبعية كوصف لنشاط تبييض األموال ‪78 .....‬‬

‫أوال‪ 9‬المقصود بالمساىمة الحنائية التبعية ‪81 .............................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬مدى إمكانية اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية‬

‫التبعية‪80 ........................................................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬تقدير اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية التبعية ‪83 .‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة كوصف لنشاط‬

‫تبييض األموال‪85 .............................................‬‬

‫أوال‪ 9‬تعريف جريمة إخفاء األشياء ‪85 ....................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬مبررات اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء‬

‫األشياء‪86 ........................................................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬تقدير اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء‬

‫األشياء ‪011 .....................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬التكييف الحديث لنشاط تبييض األموال باعتباره جريمة‬

‫مستقمة‪013 .....................................................‬‬

‫‪397‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ 9‬ضرورة تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص ‪013 ...‬‬

‫أوال‪ 9‬اآلراء المختمفة المعارضة والمؤيدة لتجريم تبييض األموال بنص‬

‫تشريعي خاص ‪014 .............................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬أىمية تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص ‪017 ......‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬التجريم الخاص لنشاط تبييض األموال ‪018 .....................‬‬

‫أوال‪ 9‬تجريم نشاط تبييض األموال في االتفاقيات الدولية واإلقميمية ‪018 ....‬‬

‫ثانيا‪ 9‬تجريم نشاط تبييض األموال في التشريعات الوطنية‪005 ............‬‬

‫المبحث الثاني‪ 9‬األحكام القانونية العامة لجريمة تبييض األموال ‪011 ..................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬البنيان القانوني لجريمة تبييض األموال ‪011 ......................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬الشرط المفترض لجريمة تبييض األموال ‪013 ....................‬‬

‫أوال‪ 9‬بيان الشرط المفترض لجريمة تبييض األموال ‪013 ..................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬العالقة بين جريمة تبييض األموال والجريمة األصمية ‪014 ..........‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬الركن المادي لجريمة تبييض األموال‪017 .......................‬‬

‫أوال‪ 9‬السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال ‪017 ...................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬محل جريمة تبييض األموال‪028 ..................................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬النتيجة اإلجرامية والعالقة السببية‪031 .............................‬‬

‫الفرع الثالث‪ 9‬الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال ‪037 .....................‬‬

‫أوال‪ 9‬طبيعة الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال ‪041 ..................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬عناصر الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال‪041 ................‬‬

‫‪398‬‬
‫الفهرس‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬العقوبات المقررة لجريمة تبييض األموال‪044 .....................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬العقوبات المقررة لمشخص الطبيعي‪045 .........................‬‬

‫أوال‪ 9‬العقوبات األصمية‪045 .............................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬العقوبات التكميمية‪048 ............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬العقوبات المقررة لمشخص المعنوي‪050 .........................‬‬

‫أوال‪ 9‬شروط المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في التشريع‬

‫الجزائري‪051 ......................................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬عقوبات الشخص المعنوي عن جريمة تبييض األموال ‪057 .........‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬مكافحة جريمة تبييض األموال ومعوقاتها ‪061 ......................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬آليات مكافحة جريمة تبييض األموال ‪062 ..........................‬‬

‫المبحث األول‪ 9‬اآلليات المتعمقة بالوقاية من تبييض األموال ‪062 ......................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬االلتزام بتوخي اليقظة ‪063 .......................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬االلتزام بتوخي الحذر ‪063 ......................................‬‬

‫أوال‪ 9‬االلتزام بالتحقق من ىوية العمالء‪064 ..............................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬االلتزام بتدابير العناية المشددة‪068 ................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬االلتزام بحفظ الوثائق ‪073 ......................................‬‬

‫أوال‪ 9‬أىمية االحتفاظ بالوثائق‪073 .......................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬أنواع الوثائق التي يتعين االحتفاظ بيا ‪075 ........................‬‬

‫الفرع الثالث‪ 9‬االلتزام بوضع وتطوير الضوابط الداخمية ‪076 ..................‬‬

‫‪399‬‬
‫الفهرس‬

‫أوال‪ 9‬الرقابة الداخمية ‪077 ...............................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬اإلجراءات المتعمقة بالمستخدمين‪080 ..............................‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬الرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية وحركة األموال ‪082 .......‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬الرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية‪082 ......................‬‬

‫أوال‪ 9‬الرقابة عمى إنشاء البنوك والمؤسسات المالية‪083 ...................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬الرقابة عمى نشاط البنوك والمؤسسات المالية ‪118 ..................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬الرقابة عمى حركة األموال ‪115 .................................‬‬

‫أوال‪ 9‬الدفع بوسائل الدفع وعن طريق القنوات البنكية والمالية ‪115 .........‬‬

‫ثانيا‪ 9‬التصريح الجمركي باستيراد وتصدير العممة والبضائع‪124 ..........‬‬

‫المبحث الثاني‪ 9‬اآلليات المتعمقة بالبحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال ‪131 ......‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬جيات البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال ‪131 ...........‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬تنظيم المحاكم ذات االختصاص الموسع ‪130 ...................‬‬

‫أوال‪ 9‬تحديد المحاكم ذات االختصاص الموسع ‪130 ......................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬تحديد االختصاص النوعي لممحاكم ذات االختصاص الموسع ‪132 .‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬سير المحاكم ذات االختصاص الموسع ‪133 ....................‬‬

‫أوال‪ 9‬توسيع االختصاص المحمي لوكيل الجميورية ‪134 ..................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬توسيع االختصاص المحمي لقاضي التحقيق‪134 ...................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬توسيع االختصاص المحمي لمضبطية القضائية‪137 ................‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬أساليب البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال ‪142 ..........‬‬

‫‪400‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ 9‬اتخاذ تدابير خاصة في مجال االستخبار المالي ‪142 ............‬‬

‫أوال‪ 9‬إنشاء خمية معالجة االستعالم المالي‪143 ...........................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬اإلخطار عن العمميات المشبوىة‪150 ..............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬األساليب الخاصة المستحدثة لمبحث والتحقيق في جريمة‬

‫تبييض األموال‪156 ...........................................‬‬

‫أوال‪ 9‬عممية التسرب ‪156 ................................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور ‪161 ........‬‬

‫ثالثا‪ 9‬التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية‪170 ............................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال ‪181 ................‬‬

‫المبحث األول‪ 9‬معوقات مرتبطة بنشاط البنوك والمؤسسات المالية ‪181 ................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬مبدأ السرية المصرفية‪180 .......................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬مفيوم السرية المصرفية‪181 ....................................‬‬

‫أوال‪ 9‬تعريف السرية المصرفية ‪182 ......................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬نطاق السرية المصرفية‪183 .......................................‬‬

‫ثالثا‪ 9‬األساس القانوني لاللتزام بالسرية المصرفية‪215 ....................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬تأثير السرية المصرفية عمى مكافحة جريمة تبييض األموال ‪200 .‬‬

‫أوال‪ 9‬العالقة بين السرية المصرفية وعمميات تبييض األموال ‪201 .........‬‬

‫ثانيا‪ 9‬اآلثار القانونية المترتبة عمى إفشاء السر المصرفي ‪205 ............‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬عدم التزام البنوك والمؤسسات المالية بالرقابة والتحقيق ‪212 .......‬‬

‫‪401‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ 9‬ضعف برامج تدريب الموظفين ‪213 .............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬عدم وجود نظام معموماتي متطور‪215 ..........................‬‬

‫المبحث الثاني‪ 9‬اإلشكاالت التي تعترض التعاون القضائي الدولي ‪216 ................‬‬

‫المطمب األول‪ 9‬تسميم المجرمين ومصادرة المحصالت اإلجرامية ‪216 .............‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬تسميم المجرمين‪217 ............................................‬‬

‫أوال‪ 9‬األساس القانوني لتسميم المجرمين وشروطو ‪218 ....................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬األحكام المتعمقة بتسميم المجرمين‪228 .............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬مصادرة المحصالت اإلجرامية‪235 .............................‬‬

‫أوال‪ 9‬إجراءات مصادرة المحصالت اإلجرامية ‪236 .......................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية‪238 .....................‬‬

‫المطمب الثاني‪ 9‬اإلنابة القضائية الدولية‪240 .....................................‬‬

‫الفرع األول‪ 9‬إجراءات طمب اإلنابة القضائية الدولية ‪241 .....................‬‬

‫الفرع الثاني‪ 9‬أثر تنفيذ طمب اإلنابة القضائية الدولية‪243 .....................‬‬

‫أوال‪ 9‬بالنسبة لمدولة الطالبة ‪243 .........................................‬‬

‫ثانيا‪ 9‬بالنسبة لمدولة المطالبة ‪243 .......................................‬‬

‫الخاتمة ‪246 ...........................................................................‬‬

‫المراجع ‪253 ...........................................................................‬‬

‫الفهرس‪284 ...........................................................................‬‬

‫المخمص‬

‫‪402‬‬
‫الملخص‬

‫ باعتبارىا من‬،‫يتناول ىذا البحث وييتم بتشخيص جريمة تبييض األموال بالتعرف عمى ماىيتيا وآثارىا‬
.‫ والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالنشاطات غير المشروعة‬،‫أخطر الجرائم المنظمة التي عرفتيا الدول‬

‫كما يسعى ىذا الموضوع إلى الكشف عن اآلليات التي تبناىا المشرع الجزائري وبالخصوص ما تضمنو‬
‫ المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما‬2000 ‫ فبراير‬00 ‫ المؤرخ في‬01/00 ‫القانون‬
‫ المؤرخ في‬11/03 ‫ والقوانين األخرى السيما األمر‬2012 ‫ فبراير‬13 ‫ المؤرخ في‬02/12 ‫المعدل والمتمم باألمر‬
‫ المتضمن قانون النقد والقرض فيما يتعمق باآلليات الوقائية والجزائية لمواجية جريمة تبييض‬2003 ‫ غشت‬20
‫األموال المحصمة بطريقة غير شرعية من خالل واجب إخطار البنوك والمؤسسات المالية لممصالح المعنية عن‬
.‫كل عممية مشبوىة وىو ما يتعارض مع واجبيا في المحافظة عمى السر الميني تجاه زبائنيا‬

Résumé
La présente recherche diagnostique et traite l’infraction du blanchiment d’argent, et ce
que pour mieux connaitre son essence, ces causes et ces effets, car le blanchiment d’argent
est un des crimes les plus grave connus par les Etats, il est étroitement lié aux activités
illégale.
Ce sujet essaye de relever les méthodes adopté par le législateur algérien, notamment
les dispositifs contenus dans la loi 05/01 du 06 février 2005 relative à la prévention et à la
lutte contre le blanchiment d’argent et le financement du terrorisme modifier et compléter
par l’ordonnance 12/02 du 12 février 2012, ainsi que certaines loi en rapport notamment
l’ordonnance 03/11 du 26 aout 2003 portant la loi relative à la monnaie et au crédit
concernant les mécanismes de prévention, de contrôle et l’information des services concerné
de tout opération de blanchiment d’argent ce qui va à l’encontre du devoir des banques et
des établissements financiers de garder le secret professionnel concernant ces clients.
Summary
Through this research, a diagnosis of money laundering is to be attempted by
identifying its causes and effects. In fact, Money Laundering is said to be one of the most
serious worldwide organized crimes, as it is closely related to illicit and illegal financial
activities.
This research also seeks to reveal the mechanisms generally adopted by the
Algerian legislator, and particularly, the contents of the Law 05/01 of February 06, 2005 -
dealing with preventing, combating money laundering and financing terrorism, as amended
and supplemented by Order No. 12/02 of 13 February 2012. In addition to some other
relevant laws, in particular Order No. 03/11 of August 26, 2003 –containing the Law of
Monetary and Loan - which is concerned with preventive and penal mechanisms to counter
the illegal Money Laundering, through the duty to notify banks and financial institutions of
any suspicious transaction; yet, the latter law is inconsistent with the financial institutions’
duty to keep professional secrecy towards its customers.

You might also like