Professional Documents
Culture Documents
كهيـت انحقـىق
يشـرفا ويقـررا قسُطيُـت 1 جايعـت اإلخـىة يُتـىري أستـار انتعهيى انعانـــي د /بـٍ شعبـاٌ عهـي
عضـىا يُاقشا أو انبىاقي جايعـت انعربي بٍ يهيذي أستـار انتعهيـى انعانــي د /يالوي ابراهيى
عضـىة يُاقشـت سطيـف 2 أستـارة انتعهيـى انعانـي جايعـت يحًـذ نًيـٍ دباغيـٍ د /نشهـب صـاش جازيـت
عضـىا يُاقشا قسُطيُـت 1 جايعـت اإلخـىة يُتـىري أستـار يحاضـر (أ) د /سعـذي عبـذ انحهيـى
أتوجه بخالص شكري إلى المولى عز وجل الذي وفقني إلى إنجاز هذا العمل المتواضع
وأسأله اإلخالص في القول والعمل.
كما أتقدم بالشكر والتقدير إلى أستاذي الدكتور "بن شعبان علي" الذي تفضل
باإلشراف على هذا العمل وعلى مجهوداته وتوجيهاته القيمة ،وأقول له بشراك قول المصطفى
صلى اهلل عليه وسلم "إن اهلل ومالئكته وأهل السماوات واألرض وحتى النملة في جحرها وحتى
الحوت ليصلون على معلم الناس الخير".
الشكر الجزيل موصول كذلك ألعضاء لجنة المناقشة المحترمين والذين قبلوا عناء
تقييم ومناقشة هذا العمل وشرفوني بذلك ،كل من:
الجزء:ج
PRINCIPALES ABREVIATIONS
C E : Conseil Européen
P : Page
N° : Numéro
مقدمة
مقدمـة:
أدى انتشار الفساد وأخذه أشكال متعددة وأساليب متنوعة بالدول إلى العمل عمى
حماية مصالحيا الحيوية من خالل المحافظة عمى استقرار نظاميا االقتصادي والسياسي
واالجتماعي ،خاصة مع التطور التكنولوجي في مجال االتصاالت والمعمومات الذي زاد من
سيولة انتقال رؤوس األموال عبر العالم ،بما في ذلك أموال المنظمات اإلجرامية .كما ساىم
في تنامي حركة الجريمة المنظمة ،ومنيا جريمة تبييض األموال التي أضحت تشكل التحدي
الحقيقي لمدى قدرة القواعد القانونية عمى مواجية األنشطة اإلجرامية التي ترتبط بأنشطة غير
مشروعة وعمميات مشبوىة تتحقق من ورائيا عوائد طائمة تؤثر سمبا عمى االقتصاد الوطني
والدولي.
إن جريمة تبييض األموال ليست كغيرىا من الجرائم ،فيي ال تستمد أساسيا التجريمي
من العمميات التي ترتكب بيا ،وذلك باعتبار أن تمك العمميات التي بيا يتم تبييض األموال
ىي في الغالب أنشطة مشروعة ،فإدخال األموال في سمسمة من العمميات البنكية ،أو إنشاء
شركات أو التعامل في سوق األوراق المالية كميا عمميات مشروعة ،ويترتب عن ذلك أن
تجريم عمميات تبييض األموال يستمد في الواقع من عناصر خارجية عن طبيعة ىذه
العمميات ،حيث أن الجريمة األصمية التي حصمت منيا تمك األموال تعد األساس القانوني
في تجريم عمميات تبييض األموال.
فجوىر جريمة تبييض األموال ىو إخفاء المصدر غير المشروع لألموال المحصمة
من ارتكاب الجرائم ،وفي مقدمتيا االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية وتجارة
األسمحة والفساد اإلداري الذي تفشى خاصة في الدول النامية ،سواء ما تعمق منو بالرشوة
واالختالس أو تسييل االستالء عمى األموال العامة من قبل بعض المسؤولين ،وذلك من
خالل القيام بمجموعة من العمميات المتداخمة التي تتم داخل الدولة أو خارجيا إلخفاء حقيقة
1
مقدمة
األموال أو طمس مصدرىا واظيارىا في صورة أموال محصمة من مصادر مشروعة ،مع
العمم بأن تمك األموال مترتبة من إحدى الجرائم التي يعاقب عمييا القانون.
لقد صنفت جريمة تبييض األموال ضمن الجرائم المنظمة والخطيرة بالنظر
النعكاساتيا السمبية عمى مختمف الجوانب االقتصادية والمالية واالجتماعية والسياسة وحتى
األمنية ،مما استدعى تكاثف الجيود الدولية في سبيل إيجاد إطار قانوني ومؤسساتي لتجريم
عمميات تبييض األموال ومكافحتيا ،وذلك من خالل إبرام العديد من االتفاقيات الدولية
واإلقميمية وتشكيل تكتالت مالية لمراقبة حركة رؤوس األموال عبر العالم.
ومن أبرز ىذه االتفاقيات نذكر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع
بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ،1988اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة
عبر الوطنية لسنة ،2000اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ،2003االتفاقية
العربية لمكافحة غسل األموال وتمول اإلرىاب التي تمت الموافقة عمييا من طرف وزراء
الداخمية والعدل العرب في اجتماعيم المنعقد بالقاىرة بتاريخ 21ديسمبر سنة .2010
وحرصا من الجزائر عمى االنخراط في الجيود الدولية الرامية إلى تجريم ومكافحة
عمميات تبييض األموال ،خاصة وأنيا ليست بمنأى عن مخاطرىا بالنظر إلى ىشاشة بنيتيا
االقتصادية ،وانتشار األسواق الموازية والتعامل بالسيولة النقدية دون المرور عمى القنوات
المصرفية الرسمية ،فقد عمدت إلى التوقيع عمى تمك االتفاقيات بموجب المرسوم الرئاسي
41/95المؤرخ في 28يناير 1995المتضمن المصادقة عمى اتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ،1988والمرسوم الرئاسي
55/02المؤرخ في 05فيفري 2002المتضمن المصادقة بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،والمرسوم الرئاسي 128/04المؤرخ في 19أبريل
2004المتضمن المصادقة بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،والمرسوم
2
مقدمة
كما عمد المشرع الجزائري إلى تكييف المنظومة القانونية الوطنية مع التزامات الجزائر
الدولية واالقميمية ذات الصمة بتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال ،حيث صدر القانون
14/04المؤرخ في 10نوفمبر 2004المعدل والمتمم لألمر 156/66المؤرخ في 8يونيو
1966المتضمن قانون العقوبات ،وذلك بإدراج القسم السادس مكرر بعنوان "تبييض
األموال" ضمن الفصل الثالث المتعمق بالجنايات والجنح ضد األموال بموجب المواد من
389مكرر إلى 389مكرر 9لتنظيم األحكام المتعمقة بتجريم عمميات تبييض األموال
ومعاقبة مرتكبييا.
لم يكتف المشرع الجزائري بالتجريم فقط لمواجية عمميات تبييض األموال ،وانما لجأ
إلى إصدار القانون 01/05المؤرخ في 6فبراير 2005المعدل والمتمم باألمر 02/12
المؤرخ في 13فبراير 2012وبالقانون 06/15المؤرخ في 15فبراير ،2015والذي
تضمن العديد من التدابير واإلجراءات الوقائية والردعية .باإلضافة إلى أحكام المرسوم
التنفيذي 127/02المؤرخ في 7فبراير 2002المتضمن إنشاء خمية معالجة االستعالم
المالي وتنظيميا وعمميا ،المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي 275/08المؤرخ في 06
سبتمبر 2008وبالمرسوم التنفيذي 157/13المؤرخ في 15أبريل ،2013والتي من أبرز
الميام الموكمة إلييا مكافحة تبييض األموال ،حيث خوليا المشرع صالحية تمقي ومعالجة
اإلخطارات التي ترد إلييا من طرف الخاضعين لواجب اإلخطار بالشبية عن كل العمميات
التي يشتبو في ارتباطيا بأنشطة لتبييض األموال.
3
مقدمة
المؤرخ في 26غشت 2003المتضمن قانون النقد والقرض ،المعدل والمتمم ،والذي كرس
من خاللو المشرع الجزائري البعد الوقائي بإشراك البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية
لمؤسسة بريد الجزائر في الجيود الرامية إلى ا لوقاية من جريمة تبييض األموال ومكافحتيا،
باعتبارىا األكثر استيدافا من قبل العصابات اإلجرامية لمقيام بعمميات تبييض األموال من
أجل إضفاء الطابع الشرعي عمى أمواليم ذات المصدر اإلجرامي ،وذلك بالنظر لتنوع وسرعة
وتطور الخدمات التي تقدميا ،ال سيما مع توسعيا في االستفادة من المزايا التي يوفرىا
التطور التكنولوجي .باإلضافة إلى أحكام المرسوم التنفيذي 05/06المؤرخ في 09يناير
2006المتضمن تحديد شكل اإلخطار بالشبية ونموذجو ووصل استالمو ،ونظام مجمس
النقد والقرض رقم 03/12المؤرخ في 28نوفمبر 2012المتعمق بالوقاية من تبييض
األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما.
ولقد جاء اىتمامنا بدراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في
التشريع الجزائري نتيجة مجموعة من االعتبارات الذاتية والموضوعية ،فالذاتية تتعمق بالرغبة
في تسميط الضوء عمى مختمف اآلليات التي كرسيا المشرع الجزائري لمكافحة جريمة تبييض
األموال الوقائية منيا والردعية ،باعتبارىا جريمة العصر التي شاع تداوليا في األوساط
الدولية واإلقميمية والوطنية في إطار الدراسات القانونية واالقتصادية .في حين تتمثل
االعتبارات الموضوعية في حداثة تجريم المشرع الجزائري لعمميات تبييض األموال ،وضرورة
إبراز اآلثار المترتبة عمى ىذه الجريمة التي ما فتئت تتزايد بالرغم من الجيود المبذولة في
سبيل الحد منيا .باإلضافة إلى التناقضات العديدة التي أفرزىا الواقع العممي ،فبالرغم من
الترسانة التشريعية والتنظيمية التي بادر بيا المشرع الجزائري خاصة بعد صدور تقرير التقييم
المشترك لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا لسنة ،2010فإن
التداول الحاد لمسيولة النقدية خارج الجياز المصرفي الرسمي الزال يراوح مكانو ،وىو ما
يساعد مبيضو األموال في تنفيذ عممياتيم المشبوىة قصد تمويو واخفاء مصدرىا اإلجرامي.
4
مقدمة
وتبرز أىمية دراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع
الجزائري كونيا جاءت منسجمة مع اتجاىات الفكر الجنائي المعاصر الذي يولي أىمية بالغة
لمموضوعات المتعمقة بعائدات الجريمة بوجو عام ،وجريمة تبييض األموال بوجو خاص وذلك
بالنظر إلى اآلثار المترتبة عمييا ،وباعتبار أنشطتيا تتجاوز حدود الدولة الواحدة فيي تفوق
قدرة الدول فرادى عمى مكافحتيا ،كما تستمد ىذه الدراسة أىميتيا من كون جريمة تبييض
األموال بمثابة نشاط تكميمي لجرائم أولية تسبقيا ىي مصدر األموال غير المشروعة وعميو
فإن جريمة تبييض األموال تغطي جل جرائم قانون العقوبات لعالقتيا التبعية بيم.
إضافة إلى أن أنشطة تبييض األموال ال تزال حديثة التجريم ،وأن التعديالت عمى
النصوص التشريعية واألنظمة ال تزال تتوالى حتى تكون متسقة مع التزامات الجزائر الدولية
في سبيل مواجية جريمة تبييض األموال ،وخير دليل عمى ذلك آخر التعديالت التي طرأت
عمى القانون 01/05المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما التي
تضمنيا األمر 02/12الصادر سنة 2012والقانون 06/15الصادر سنة .2015
لذلك فإن ىذه الدراسة ترمي إلى تحقيق جممة من األىداف عمى رأسيا إبراز اإلطار
العام لجريمة تبييض األموال من حيث مفيوميا وخصائصيا وعوامل انتشارىا واآلثار
المترتبة عمييا ،وكذلك التعرف عمى كيفية الوقاية منيا ىذا من جية ،والقاء الضوء عمى
الجيود الدولية والوطنية من خالل مختمف االتفاقيات الدولية واإلقميمية في مجال مكافحة
جريمة تبييض األموال التي صادقت عمييا الجزائر ومدى فعاليتيا من جية أخرى.
وعميو ،سنحاول من خالل ىذه الدراسة اإلجابة عمى إشكالية جوىرية مفادىا :كيف
عالج المشرع الجزائري آليات مكافحة جريمة تبييض األموال التي أقرىا في القوانين
المتعمقة بيا ،وما مدى فعاليتيا لمواجية التطور التي عرفتو ىذه الجريمة؟.
5
مقدمة
إن اإلجابة عمى ىذا التساؤل تكتسي أىمية بالغة ،بالنظر إلى الجوانب التي يثيرىا
وما يشتمل عميو من مسائل قانونية معقدة ،لذلك اعتمدنا في دراستنا عمى المنيج التحميمي
من خالل تحميل النصوص المتعمقة بيذه الجريمة تحميال قانونيا الستخالص األحكام المتعمقة
بيا ،باإلضافة إلى االستعانة بمناىج البحث األخرى الضرورية لخدمة أىداف ىذه الدراسة
كالمنيج الوصفي والمنيج المقارن.
كما اعتمدنا في دراسة موضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع
الجزائري عمى التقسيم الثنائي لمخطة المتبعة وفقا لما يمي:
خصصنا الباب األول لتناول المدلول العام لجريمة تبييض األموال ،حيث تم تقسيمو
إلى فصمين :تعرضنا في الفصل األول لماىية جريمة تبييض األموال .وفي الفصل الثاني
تناولنا اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال.
أما الباب الثاني من الدراسة فتطرقنا فيو لمكافحة جريمة تبييض األموال ،وقسمناه
كذلك إلى فصمين :تناولنا في الفصل األول منو آليات مكافحة جريمة تبييض األموال .وفي
الفصل الثاني عالجنا أىم المعوقات التي تعترض جيود مكافحة جريمة تبييض األموال
خاصة تمك المرتبطة بنشاط البنوك والمؤسسات المالية ،وكذلك االشكاالت التي تعترض
التعاون القضائي بين الدول في سبيل كشف ومالحقة مرتكبي جريمة تبييض األموال.
وخصصنا الخاتمة لعرض أىم النتائج التي تم التوصل إلييا من خالل تناولنا
لموضوع جريمة تبييض األموال وأليات مكافحتيا في التشريع الجزائري ،باإلضافة إلى بعض
التوصيات المقترحة التي نراىا مناسبة لتدعيم جيود مكافحة جريمة تبييض األموال.
6
مفهىم جريمة تبييض األمىال وإطارها القانىني الباب األول
الباب األول
يعتبر تبييض األموال من الجرائم الحديثة نسبيا ،إال أنو كظاىرة إجرامية ارتبطت
بأنشطة غير مشروعة عرفت مند القديم حيث بقيت محل اىتمام دولي واقميمي ووطني ،وىذا
في إطار بحث الخطط وبناء االستراتيجيات من دون الوصول إلى إطار واضح يجرم ىذه
الظاىرة ويوحد جيود مكافحتيا ،وذلك إلى غاية سنة 8811تاريخ صدور اتفاقية األمم
المتح دة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي فتحت األنظار
عمى مخاطر عمميات تبييض األموال.
وحتى تتسنى لنا دراسة جريمة تبييض األموال دراسة قانونية ،ال بد أن نستيل دراستنا
في ىذا المجال بالتطرق لمفيوم جريمة تبييض األموال واطارىا القانوني ،وذلك من خالل
تعريفيا وابراز أىم خصائصيا وعوامل استفحاليا ،ىذا من جية ،والتعرض ألحكاميا القانونية
من جية ثانية.
وعمى ىذا األساس ارتأينا تقسيم الباب األول إلى فصمين؛ نتناول في الفصل األول
ماىية جريمة تبييض األموال ،ونخصص الفصل الثاني لتناول اإلطار القانوني لجريمة
تبييض األموال.
7
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
الفصػؿ األوؿ
كيرجع البعض اآلخر مصطمح تبييض األمكاؿ إلى سبعينيات القرف الماضي ،عندما
تبيف لرجاؿ مكافحة المخدرات في الكاليات المتحدة األمريكية ،أف تجار المخدرات يبيعكف
المخدرات بالتجزئة لممدمنيف عمييا ،فيقكمكف في نياية كؿ يكـ بغسؿ النقكد الممكثة بآثار
المخدرات التي تككف عالقة في أيدم تجارىا في المغاسؿ التي أنشأت ليذا الغرض قبؿ
إيداعيا في حساباتيـ المصرفية الخاصة.2
لكف الظيكر القانكني لمصطمح تبييض األمكاؿ كاف سنة 1982حيث رفعت في
الكاليات المتحدة األمريكية أكؿ قضية لتبييض األمكاؿ ،كالتي حكـ فييا بمصادرة األمكاؿ
المحصمة مف تجارة الكككاييف الككلكمبي ،كمند ذلؾ الكقت جرل شيكع المصطمح لمداللة
خالد سميماف ،تبييض األمكاؿ جريمة بال حدكد ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،لبناف ،4002 ،ص.71 1
منى األشقر جبكر ،محمكد الجبكر ،تبييض األمكاؿ كاإلرىاب ،ايدراؿ لمنشر ،بيركت ،4002 ،ص.2 2
8
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
عمى أنشطة إضفاء المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف مصادر يير مشركعة عف طريؽ
إدخاليا في عمميات متعددة المراحؿ كاألشكاؿ.1
كيتعيف لبحث ماىية جريمة تبييض األمكاؿ أف نتعرض في بادئ األمر لمفيكميا
لمعرفة حقيقتيا (المبحث األكؿ) ،ثـ نبيف اآلليات التي يتـ مف خالليا ارتكاب جريمة تبييض
األمكاؿ بيدؼ إ خفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كالعمؿ عمى إظيارىا في صكرة أمكاؿ
نظيفة ككأنيا متأتية مف أنشطة مشركعة ،كمعرفة المخاطر التي تترتب عمييا (المبحث
الثاني).
المبحث األوؿ
تبييض األمكاؿ مصطمح جرل تداكلو عمى نطاؽ كاسع في كافة المحافؿ الدكلية
كاإلقميمية كالمحمية الميتمة بالجرائـ المالية كاألمف االجتماعي كاالقتصادم ،عمى أساس أف
عمميات تبييض األمكاؿ ترتبط إلى حد كبير بأنشطة يير مشركعة عادة ما تككف بعيدة عف
يد القانكف المناىضة لمفساد المالي.2
إف اعتبار مصطمح تبييض األمكاؿ مف المصطمحات الحديثة نسبيا ،أدل إلى
اختالؼ اآلراء بشأف تحديد المقصكد بو ،كلـ يقتصر ىذا الخالؼ بيف الفقياء فقط ،بؿ امتد
ليشمؿ التشريعات سكاء الكطنية أك الدكلية كىك ما انعكس عمى الصياية النيائية ليذه
النصكص.
كمف أجؿ اإلحاطة بمفيكـ جريمة تبييض األمكاؿ ،سكؼ نتعرض لمختمؼ تعريفاتيا
(المطمب األكؿ) ،ثـ نتطرؽ إلى خصائصيا كعكامؿ استفحاليا (المطمب الثاني).
محمد عمي العرياف ،عمميات يسؿ األمكاؿ كآليات مكافحتيا ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية ،4002 ،ص.70 1
حمدم عبد العظيـ ،يسيؿ األمكاؿ في مصر كالعالـ ،الطبعة األكلى ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،7221،ص.5 2
9
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المطمب األوؿ
لقد حظي مكضكع جريمة تبييض األمكاؿ باىتماـ كبير سكاء مف جانب الدكؿ
كالحككمات أك مف جانب الفقياء ،إال أف ذلؾ لـ يمنع مف تعدد كجيات النظر بخصكص
تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ ،كيرجع األمر في ذلؾ إلى اختالؼ المنظكر الذم يرل منو
كؿ جانب ىذه الجريمة.1
كنتناكؿ تعريفات جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ التطرؽ لمتعريفات الفقيية (الفرع
األكؿ) ،ثـ نتطرؽ لمتعريفات التشريعية (الفرع الثاني).
الفرع األوؿ
اختمؼ الفقو القانكني كاالقتصادم بخصكص إيجاد تعريؼ جامع لجريمة تبييض
األمكاؿ نظ ار لحداثتيا كسرعة تطكرىا التي سايرت التطكرات التكنكلكجية ،كتعدد األساليب
المستعممة في ارتكابيا.
كلما كاف األمر كذلؾ ،ارتأينا ذكر بعض التعريفات التي نعتبرىا أكثر تعبي ار عف
مفيكـ جريمة تبييض األمكاؿ.
عرؼ أحد الفقياء جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا" :كؿ فعؿ أك امتناع ينطكم عمى
تعامالت مالية ،تفضي إلى إضفاء المشركعية عمى أمكاؿ أك عكائد ذات مصدر جنائي سكاء
بشكؿ مباشر أك يير مباشر ،بحيث تصبح كالحاؿ كذلؾ أمكاال ذات أصؿ شرعي
كقانكني".2
عمي لعشب ،اإلطار القانكني لمكافحة يسؿ األمكاؿ ،الطبعة الثانية ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر،4002 ، 1
ص.75
محمد عمي العرياف ،مرجع سابؽ ،ص.20 2
10
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كنرل بأف ىذا التعريؼ كاف كاف تكسع في ما يتعمؽ باألمكاؿ محؿ جريمة تبييض
األمكاؿ التي تشمؿ جميع العكائد المترتبة عف أية جريمة كانت ،إال أنو قصر السمكؾ
اإلجرامي عمى إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لألمكاؿ مف خالؿ القياـ بمجمكعة مف
ا لعمميات المالية فقط ،في حيف أف السمكؾ اإلجرامي لجريمة تبييض األمكاؿ مف الممكف أف
يشمؿ عدة صكر.
كعرؼ دليؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب لصندكؽ النقد الدكلي كالبنؾ
العالمي جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا" :نقؿ أك تحكيؿ الممكية بتمادم شخص يعرؼ أنيا
متأتية مف جريمة تيريب المخدرات ،أك المشاركة في ارتكابيا لغرض إخفاء أك تمكيو
المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات ،أك مساعدة شخص ضالع في ارتكاب مثؿ ىذه
الجرائـ عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية ألفعالو".1
كفي منظكرنا ،فإف ىذا التعريؼ بالريـ مف تكسيعو لمجاؿ التجريـ الذم يشمؿ
الشخص الذم قاـ بنقؿ أك تحكيؿ الممكية ككؿ مف يشاركو أك يساعده في ذلؾ ،إال أنو قصر
مصدر األمكاؿ يير المشركع محؿ جريمة تبييض األمكاؿ في العكائد المتأتية مف جريمة
تيريب المخدرات دكف ييرىا مف الجرائـ األخرل التي تشكؿ عكائدىا مصد ار الرتكاب جريمة
تبييض األمكاؿ.
كما عرفت جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا" :كؿ فعؿ يير مشركع يمنعو القانكف أك
امتناع عف فعؿ يأمر بو القانكف ،تقترفو منظمة أك شخص أك مجمكعة أشخاص مباشرة أك
مف خالؿ كسيط بغية اكتساب أمكاؿ ،مع العمـ بأنيا متأتية مف جريمة أك عائدات لتمؾ
الجريمة كالعمؿ عمى إخفاء مصدرىا األصمي أك الحيمكلة دكف اكتشافيا ،بإدماجيا في الدكرة
االقتصادية العادية".2
كنرل بأف ىذا التعريؼ أشمؿ مف التعريفات السابقة ألنو كسع مف نطاؽ الجريمة
األكلية مصدر العكائد المالية التي تككف محال لعمميات تبييض األمكاؿ ،كما لـ يقصر
1
Guide de références sur la lutte contre le blanchiment de capitaux et contre le financement
de terrorisme, la banque mondiale et le fond monétaire international, 2eme édition, 2006, p18.
متاح عمى مكقع البنؾ الدكلي www.banquemondiale.org
عمي لعشب ،مرجع سابؽ ،ص.25 2
11
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
جريمة تبييض األمكاؿ عمى مجرد إخفاء األمكاؿ المتحصؿ عمييا مف إحدل الجرائـ ،بؿ
كسع مف مفيكميا ليشمؿ إضفاء صفة المشركعية عمى ىذه األمكاؿ مف خالؿ إدخاليا في
الدكرة االقتصادية لتبدك ككأنيا أمكاؿ ذات مصدر مشركع.
مف خالؿ التعريفات الفقيية السابقة الذكر ،يتضح أف ىناؾ منظكريف في تعريؼ
جريمة تبييض األمكاؿ مف حيث مصدر األمكاؿ يير المشركعة المشمكلة بعممية التبييض،
فمف الفقياء مف يحصرىا في عكائد جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية (المنظكر الضيؽ) ،بينما يكسعيا جانب آخر لتشمؿ عكائد كؿ األنشطة اإلجرامية
(المنظكر الكاسع).
يرل أنصار المنظكر الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ ،أف األمكاؿ يير المشركعة
محؿ ىذه الجريمة تقتصر عمى عكائد جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية دكف ييرىا مف الجرائـ األخرل ،كىك المفيكـ الذم أخذت بو اتفاقية األمـ المتحدة
لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ،1988كاتفاقية األمـ
المتحدة لقمع تمكيؿ اإلرىاب التي جرمت العكائد التي تنشأ أك تحصؿ بصكرة مباشرة أك يير
مباشرة مف ارتكاب جريمة مف جرائـ تمكيؿ اإلرىاب بمفيكـ االتفاقية.1
نصت المادة الثانية مف اتفاقية األمـ المتحدة لقمع تمكيؿ اإلرىاب (صادقت الجزائر عمييا بالمرسكـ الرئاسي 1
225/4000المؤرخ في 42ديسمبر ،4000ج.ر.ج.ج ،عدد ،7صادر في 2يناير )4007عمى أنو -7" :يرتكب جريمة
بمفيكـ ىذه االتفاقية كؿ شخص يقكـ بأية كسيمة كانت ،مباشرة أك يير مباشرة ،كبشكؿ يير مشركع كبإرادتو ،بتقديـ أك
جمع أمكاؿ بنية استخداميا ،أك ىك يعمـ أنيا ستستخدـ كميا أك جزئيا ،لمقياـ:
(أ) بعمؿ يشكؿ جريمة في نطاؽ إحدل المعاىدات الكاردة في المرفؽ كبالتعريؼ المحدد في ىذه المعاىدات؛
(ب) بأم عمؿ آخر ييدؼ إلى التسبب في مكت شخص مدني أك أم شخص آخر ،أك إصابتو بجركح بدنية جسيمة،
عندما يككف ىذا الشخص يير مشترؾ في أعماؿ عدائية في حالة نشكب نزاع مسمح ،عندما يككف يرض ىذا العمؿ،
بحكـ طبيعتو أك في سياقو ،مكجيا لتركيع السكاف ،أك إلرياـ حككمة أك منظمة دكلية عمى القياـ بأم عمؿ أك االمتناع عف
القياـ بو.
( -4أ) لدل إيداع صؾ التصديؽ أك القبكؿ أك المكافقة أك االنضماـ ،يجكز لدكلة طرؼ ليست طرفا في معاىدة مف
المعاىدات المدرجة في المرفؽ ،أف تعمف ،عند تطبيؽ ىذه االتفاقية عمى الدكلة الطرؼ ،أف تمؾ المعاىدة تعتبر يير مدرجة
في المرفؽ المشار إليو في الفقرة الفرعية (أ) مف الفقرة .7كسيتكقؼ سرياف اإلعالف حالما تدخؿ المعاىدة حيز التنفيذ
بالنسبة لمدكلة الطرؼ ،التي ستقكـ بإعالـ الجية المكدعة بيذا االمر؛
12
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كما أخذت بيذا المنظكر بعض التشريعات الكطنية ،كما ىك الحاؿ بالنسبة التشريع
الفرنسي قبؿ تعديؿ قانكف العقكبات سنة ،1996ككذلؾ التشريع المصرم الذم حدد الجرائـ
التي تككف عائداتيا محال لجريمة تبييض األمكاؿ ،كذلؾ بمكجب أحكاـ المادة الثانية مف
القانكف 80لسنة 2002المتعمؽ بمكافحة يسيؿ األمكاؿ.
كما تبنى التشريع المبناني المفيكـ الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ ،حيث نصت المادة
الثانية مف القانكف رقـ 673الصادر سنة 1998المتعمؽ بالمخدرات كالمؤثرات العقمية
كالسالئؼ عمى أنو يقصد بعبارة تبييض األمكاؿ أم إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع
لألمكاؿ المنقكلة أك يير المنقكلة أك المكارد الناتجة عف جرائـ المخدرات كالمؤثرات العقمية
ككذلؾ القانكف رقـ 318الصدر سنة 2001المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ ،الذم حددت
المادة األكلى منو الجرائـ التي تككف األمكاؿ الناتجة عف ارتكابيا محال لجريمة تبييض
األمكاؿ.1
(ب) إذا لـ تعد الدكلة الطرؼ طرفا في معاىدة مدرجة في المرفؽ ،يجكز ليذه الدكلة أف تصدر إعالنان ،كما ىك منصكص
عميو في ىذه المادة ،بشأف تمؾ المعاىدة.
-2لكي يشكؿ عمؿ ما جريمة مف الجرائـ المحددة في الفقرة ،7ليس مف الضركرم أف تستعمؿ االمكاؿ فعميا لتنفيذ جريمة
مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة ،7الفقرة الفرعية (أ) أك (ب).
-2يرتكب جريمة أيضا كؿ شخص يحاكؿ ارتكاب جريمة مف الجرائـ المحددة في الفقرة 7مف ىذه المادة.
-5يرتكب جريمة كؿ شخص:
(أ) يساىـ كشريؾ في جريمة منصكص عمييا في الفقرة 7أك 2مف ىذه المادة؛
(ب) ينظـ ارتكاب جريمة في مفيكـ الفقرة 7أك 2مف ىذه المادة أك يأمر أشخاصا آخريف بارتكابيا؛
(ج) يشارؾ في قياـ مجمكعة مف األشخاص يعممكف بقصد مشترؾ بارتكاب جريمة كاحدة أك أكثر مف الجرائـ المشار إلييا
في الفقرة 7أك 2مف ىذه المادة .كتككف ىذه المشاركة عمدية كتنفذ:
-إما بيدؼ تكسيع النشاط الجنائي أك الغرض الجنائي لممجمكعة ،عندما ينطكم ذلؾ النشاط أك الغرض عمى ارتكاب
جريمة مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة 7مف ىذه المادة؛ أك
-بمعرفة نية المجمكعة ارتكاب جريمة مف الجرائـ المشار إلييا في الفقرة 7مف ىذه المادة".
نصت المادة األكلى مف القانكف المبناني 273الصادر بتاريخ 72أبريؿ 4007المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ عمى 1
أنو" :يقصد باألمكاؿ يير المشركعة ،بمفيكـ ىذا القانكف ،األمكاؿ كافة الناتجة مف ارتكاب إحدل الجرائـ اآلتية:
-زراعة المخدرات أك تصنيعيا أك االتجار بيا.
-األفعاؿ التي تقدـ عمييا جمعيات األشرار المنصكص عمييا في المادتيف 225ك 223مف قانكف العقكبات كالمعتبرة دكليا
جرائـ منظمة.
-جرائـ اإلرىاب المنصكص عمييا في المكاد 272ك 275ك 273مف قانكف العقكبات.
13
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
بحسب أنصار المنظكر الكاسع لجريمة تبييض األمكاؿ ،فإف األخذ بالتعريؼ الضيؽ
ليذه الجريمة أدل إلى استبعاد العديد مف الجرائـ مف نطاؽ ىذه الظاىرة كالتيريب الجمركي
كالتيرب الضريبي كجرائـ الصرؼ ،بالريـ مف أنيا تدر أمكاال يير مشركعة تككف محال
الرتكاب جريمة تبييض األمكاؿ.
فجكىر عممية تبييض األمكاؿ كفحكاىا إنما ىك إخفاء كتمكيو المصدر اإلجرامي
لألمكاؿ يير المشركعة ،كليس المقصكد منو إخفاء األمكاؿ عف أعيف السمطات ،كىذا ينطبؽ
عمى األمكاؿ الناتجة عف جرائـ االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية ،كما
ينطبؽ أيضا عمى األمكاؿ المحصمة مف مختمؼ أنكاع الجرائـ األخرل.1
كقد أخذت بالمنظكر الكاسع في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ اتفاقية األمـ المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطني ة ، 2كالتشريع الفرنسي بمكجب القانكف 392/96
المتعمؽ بمكافحة يسؿ األمكاؿ كاالتجار في المخدرات كالتعاكف الدكلي في مجاؿ حجز
كمصادرة متحصالت الجريم ة ، 3ككذا التشريع الجزائرم بمكجب أحكاـ القانكف 01/05
المتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما كالقانكف 01/06المتعمؽ
بالكقاية مف الفساد كمكافحتو.
-تمكيؿ أك المساىمة بتمكيؿ اإلرىاب أك األعماؿ اإلرىابية أك المنظمات اإلرىابية بحسب مفيكـ اإلرىاب كما ىك
منصكص عميو في قانكف العقكبات المبناني.
-االتجار يير المشركع باألسمحة.
-جرائـ السرقة أك اختالس األمكاؿ العامة أك الخاصة أك االستيالء عمييا بكسائؿ احتيالية أك بالتزكير أك بإساءة األمانة
الكاقعة عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمؤسسات المعدة في المادة 2مف ىذا القانكف أك في نطاؽ عمميا.
-تزكير العممة كبطاقات االئتماف كالدفع كاإليفاء أك اإلسناد العامة أك اإلسناد التجارية بما فييا الشيكات".
عبد اهلل بف جييـ ،يسؿ األمكاؿ في المممكة العربية السعكدية ،الطبعة األكلى ،مكتبة االقتصاد كالقانكف ،الرياض، 1
،4070ص.44
نصت ال فقرة (ق) مف المادة الثانية مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية عمى أنو يقصد 2
بتعبير عائدات الجرائـ" :أم ممتمكات تتأتى أك يتحصؿ عمييا ،بشكؿ مباشر أك يير مباشر ،مف ارتكاب جرـ ما".
3
La loi 96/392 du 13 mai 1996, relative à la lutte contre le blanchiment et le trafic des
stupéfiants et à la coopération internationale en matière de de saisie et de confiscation des
produits du crime, JORF, n° 112 du 14 mai 1996.
14
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كفي تقديرنا ،يعتبر المنظكر الكاسع في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ أكثر شمكال،
ذلؾ أف األنشطة التي يقكـ عمييا اإلجراـ مصدر األمكاؿ مكضكع عمميات التبييض ال
تقتصر فقط عمى االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية ،بؿ تشمؿ أيضا
أنشطة إجرامية أخرل ال تقؿ خطكرة عف جريمة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية كالرشكة كاالتجار بالبشر كالجرائـ الجمركية كجرائـ الصرؼ كييرىا.
مف جيتنا ،كانطالقا مما سبؽ ذكره مف تعريفات كاالنتقادات المكجية ليا ،يمكننا
تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا" :كؿ فعؿ يتـ ارتكابو بصفة مباشرة أك عف طريؽ
كسيط ،بقصد نقؿ أك تحكيؿ األمكاؿ التي يتـ الحصكؿ عمييا بطرؽ يير مشركعة إلى شكؿ
مف أشكاؿ االحتفاظ بالثركة أك التصرؼ فييا أك استثمارىا ،مف خالؿ القياـ بمجمكعة مف
العمميات المتداخمة التي تتـ داخؿ الدكلة أك خارجيا إلخفاء حقيقة األمكاؿ أك طمس
مصدرىا كاظيارىا في صكرة أمكاؿ محصمة مف مصادر مشركعة ،مع العمـ بأف تمؾ األمكاؿ
مترتبة مف إحدل الجرائـ التي يعاقب عمييا القانكف".
الفرع الثاني
إف تيديد جريمة تبييض األمكاؿ لممصالح االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية لمدكؿ
جعؿ مسألة تجريـ كمكاجية ىذه الظاىرة تحظى باألىمية لدل السمطات التشريعية كالقانكنية
عمى نطاؽ دكلي ،كىك ما تجمى في تبني العديد مف الدكؿ لتشريعات مستقمة لتجريـ
كمكافحة أنشطة تبييض األمكاؿ ،كريـ ذلؾ ال يزاؿ تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ محؿ
تبايف بيف مختمؼ التشريعات في مختمؼ دكؿ العالـ.
15
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
تعددت كتنكعت االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية التي ألزمت الدكؿ المصادقة عمييا
ب إدراج تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ في تشريعاتيا بما يتناسب مع قكانينيا كأنظمتيا
الداخمية ،ككذا بما يتناسب كالظركؼ االقتصادية ليذه الدكؿ.
كمف أبرز االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية التي تناكلت جريمة تبييض األمكاؿ كأعطت
ليا تعريفا خاصا نذكر:
-1اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية :1دفع انتشار
ظاىرة تبييض األمكاؿ كظيكر الحاجة الممحة لتجريـ كافة صكر النشاط المتعمؽ بالمخدرات
كالمؤثرات العقمية بالجمعية العامة لألمـ المتحدة إلى أف تطمب مف المجمس االقتصادم
كاالجتماعي في ديسمبر ،1984كمف خاللو لجنة المخدرات بضركرة اإلعداد لمشركع
اتفاقية تتناكؿ الجكانب المختمقة ليذه المشكمة ،كىك ما تـ مف خالؿ مصادقة أعضاء
الجمعية العامة لألمـ المتحدة عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع
بالمخدرات كالمؤثرات العقمية في سنة ،1988بيدؼ القضاء عمى حافز األنشطة اإلجرامية
مف خالؿ مصادرة األمكاؿ الناتجة عف تجارة المخدرات كالمؤثرات العقمية كالتي تستخدـ في
عمميات تبييض األمكاؿ.
كجرمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية األعماؿ أك األنشطة التي مف شأنيا تحكيؿ األمكاؿ أك نقميا مع العمـ بأنيا مستمدة
مف أية جريمة مف جرائـ المخدرات ،أك مف فعؿ مف أفعاؿ االشتراؾ في مثؿ ىذه الجريمة أك
الجرائـ بيدؼ إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع لألمكاؿ قصد مساعدة أم شخص
متكرط في ارتكاب ىذه الجريمة عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية ألفعالو.
إخفاء أك تمكيو حقيقة األمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك طريقة التصرؼ فييا أك حركتيا أك
الحقكؽ المتعمقة بيا أك ممكيتيا ،مع العمـ بأنيا مستمدة مف جريمة أك جرائـ منصكص عمييا
صادقت الجزائر عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة 7233 1
بمكجب المرسكـ الرئاسي 27/25المؤرخ في 43يناير ،7225ج.ر.ج.ج ،عدد ،1صادر في 75فبراير .7225
16
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
في الفقرة الفرعية (أ) مف المادة الثالثة ،أك مستمدة مف فعؿ مف أفعاؿ االشتراؾ في ىذه
الجريمة أك الجرائـ.1
كعميو ،يمكننا القكؿ أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع
بالمخد ارت كالمؤثرات العقمية لسنة 1988عرفت جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ تجريـ
جميع التحكيالت المتعمقة باألمكاؿ ذات المصدر يير المشركع الناتجة عف تجارة المخدرات
كالمؤثرات العقمية ،كيرجع ذلؾ إلى اعتبار ىذه األخيرة األكبر حجما كاألكثر اتساعا.
فالمخدرات ليس ليا كطف معيف ،فيي تجكؿ في كافة أرجاء العالـ عف طريؽ ما اصطمح
عميو في الفقو بالميربيف.2
كريـ أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية قصرت التجريـ عمى األمكاؿ المتحصؿ عمييا بطريقة مباشرة ،أك يير مباشرة مف
ارتكاب أية جريمة مف جرائـ المخدرات المنصكص عمييا في المادة الثالثة مف االتفاقية دكف
ييرىا ، 3إال أ نيا كسعت العقاب ليشمؿ أم شخص سكاء كاف مساىما في الجريمة التي
نتجت عنيا األمكاؿ ،أك لـ يساىـ فييا ،متى كاف عمى عمـ بمصدر األمكاؿ يير المشركع
كقت ارتكاب فعؿ التبييض.
الفقرة (ب) مف المادة 02مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية ،مرجع 1
سابؽ.
نصر الديف مركؾ ،جريمة المخدرات في ضكء القكانيف كاالتفاقيات الدكلية ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،الجزائر، 2
،4070ص.71
نصت الفقرة (أ) مف المادة 02مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة 3
7233عمى أنو" :يتخذ كؿ طرؼ ما يمزـ مف تدابير لتجريـ األفعاؿ التالية في إطار قانكنو الداخمي في حاؿ ارتكابيا عمدا:
أ ) 7 -إنتاج أم مخدرات أك مؤثرات عقمية ،أك صنعيا ،أك استخراجيا ،أك تحضيرىا ،أك عرضيا ،أك عرضيا لمبيع ،أك
تكزيعيا ،أك بيعيا ،أك تسميميا بأم كجو مف كاف ،أك السمسرة فييا ،أك إرساليا بطريؽ العبكر ،أك نقميا ،أك استيرادىا ،أك
تصديرىا خالفا ألحكاـ اتفاقية 7237أك اتفاقية 7237بصيغتيا المعدلة ،أك اتفاقية سنة ،7237
) 4زراعة خشخاش األفيكف أك شجيرة الكككا أك نبات القنب لغرض إنتاج المخدرات خالفا ألحكاـ اتفاقية سنة 7237أك
اتفاقية سنة 7237بصيغتيا المعدلة،
)2حيازة أك شراء أية مخدرات أك مؤثرات عقمية لغرض ممارسة أم نشاط مف األنشطة المذككرة في البند 7أعاله،
) 2صنع أك نقؿ أك تكزيع معدات أك مكاد مدرجة في الجدكؿ األكؿ كالجدكؿ الثاني مع العمـ أنيا ستستخدـ في أك مف أجؿ
زراعة أك إنتاج أك صنع المخدرات أك المؤثرات العقمية بشكؿ يير مشركع،
)5تنظيـ أك إدارة أك تمكيؿ أم مف الجرائـ المنصكص عمييا في البنكد ( )7أك ( )4أك ( )2أك ( )2أعاله".
17
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
تجدر اإلشارة إلى أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات
كالمؤثرات العقمية ،تعد مف أكلى الكثائؽ الدكلية التي تصدت لجريمة تبييض األمكاؿ حيث
بينت صكر السمكؾ المادم لجريمة تبييض األمكاؿ ،كما نصت عمى تجريـ االشتراؾ في
ارتكاب الجرائـ المنصكص عمييا ،أك التكاطؤ في ذلؾ ،أك الشركع فييا ،أك المساعدة ،أك
التحريض عمييا ،أك تسييؿ القياـ بيا ،أك إبداء المشكرة بقصد ارتكابيا.
-2اتفاقية ستراسبورغ لسنة :1991تعرؼ اتفاقية ستراسبكرغ باسـ اتفاقية مجمس أكركبا
بشأف ضبط كمصادرة العائدات المحصمة مف جريمة تبييض األمكاؿ ،كقد تـ التكقيع عمييا
بتاريخ 8نكفمبر 1990بيف الدكؿ األعضاء في االتحاد األكركبي ،كدخمت حيز التنفيذ
سنة .1991
عرفت اتفاقية ستراسبكرغ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا" :عممية تحكيؿ األمكاؿ
المتحصؿ عمييا مف أنشطة إجرامية بيدؼ إخفاء أك إنكار المصدر يير الشرعي كالمحظكر
ليذه األمكاؿ أك مساعدة أم شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤكلية القانكنية عف االحتفاظ
بمحصالت ىذا الجرـ".1
كيعد تعريؼ المجنة األكركبية في نظرنا أكثر التعريفات شمكال كتحديدا لمعناصر
المككنة لجريمة تبييض األمكاؿ ،لككنو لـ يقصر تعريفو لجريمة تبييض األمكاؿ عمى
األنشطة اليادفة إلى إخفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كمحاكلة إضفاء الصفة الشرعية
عمييا ،بؿ يتعداه ليشمؿ تجريـ كاعتبار أم شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤكلية القانكنية
عف االحتفاظ بالمحصالت يير المشركعة كتجريـ كؿ مف يساعده عمى ذلؾ.
كما تكسعت االتفاقية في تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ كجعمتيا يير مقصكرة عمى
محصالت المخدرات لكحدىا ،كانما تشمؿ أم محصالت مستمدة مف أم جريمة تدر عكائد
تستدعي تبييضيا إلخفاء مصدرىا عمى خالؼ اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير
المادة 09مف اتفاقية المجمس األكركبي بشأف ضبط كمصادرة العائدات المحصمة مف تبييض األمكاؿ لسنة .7220 1
18
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-3االتفاقية العربية لمكافحة غسؿ األمواؿ وتمويؿ اإلرهاب :2تـ تحرير االتفاقية العربية
لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكؿ اإلرىاب كالمكافقة عمييا مف طرؼ كزراء الداخمية كالعدؿ
العرب في اجتماعيـ المنعقد بالقاىرة بتاريخ 21ديسمبر سنة ،2010كدخمت حيز التنفيذ
في 30أكتكبر 2013بعد مصادقة سبع دكؿ عربية بيدؼ تدعيـ التدابير الرامية إلى
مكافحة جرائـ تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كتعزيز التعاكف العربي في ىذا المجاؿ.3
كعرفت االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب جريمة تبييض
األمكاؿ بأنيا" :ارتكاب أم فعؿ أك الشركع فيو يقصد مف كرائو إخفاء أك تمكيو أصؿ حقيقة
أمكاؿ مكتسبة خالفا لما نصت عميو القكانيف كالنظـ الداخمية لكؿ دكلة طرؼ كجعميا تبدك
كأنيا مشركعة المصدر".4
كفي إطار تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ ،ألزمت االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ
األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كؿ دكلة طرؼ باتخاذ ما يمزـ مف تدابير تشريعية لتجريـ أم فعؿ
مف أفعاؿ تبييض األمكاؿ اآلتية:5
1
Peter Hagal, La lutte anti-blanchiment d’argent menée par l’union européenne, Centre de
recherche sociologique sur le droit et les institutions pénales, Septembre 2003, p04.
2المرسكـ الرئاسي 450/72المؤرخ في 03سبتمبر ،4072المتضمف مصادقة الجزائر عمى االتفاقية العربية لمكافحة
يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ج.ر.ج.ج ،عدد ،55صادر في 42سبتمبر .4072
تـ تبني االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كالمصادقة عمييا لتدخؿ حيز التنفيذ مف طرؼ األردف، 3
اإلمارات العربية المتحدة ،المممكة العربية السعكدية ،العراؽ ،فمسطيف ،قطر ،الككيت.
الفقرة 3مف المادة األكلى مف االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،مرجع سابؽ. 4
المادة 2مف االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،مرجع سابؽ. 5
19
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-تحكيؿ أك استبداؿ األمكاؿ أك نقميا إذا كانت محصمة مف إحدل الجرائـ المنصكص عمييا
في تشريع الدكلة الطرؼ كجريمة أصمية كذلؾ بقصد إخفاء أك تمكيو طبيعتيا أك مصدرىا
مع العمـ بأنيا عائدات إجرامية.
-إخفاء أك تمكيو الطب يعة الحقيقية لألمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك
حركتيا أك ممكيتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا مع العمـ بأف ىذه األمكاؿ ىي عائدات إجرامية.
كمف كجية نظرنا ،فإف التعريؼ الذم جاءت بو االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ
األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب بالريـ مف اتساعو لمعاقبة أم شخص سكاء ارتكب أفعاؿ تبييض
األمكاؿ أك يشرع فييا ،إال أنو قصر السمكؾ اإلجرامي عمى إخفاء أك تمكيو أصؿ األمكاؿ
التي يتـ اكتسابيا باستعماؿ أساليب يير مشركعة ،في حيف أف الغاية مف ارتكاب جريمة
تبييض األمكاؿ ىي إضفاء الصفة المشركعة عمى األمكاؿ كاعادة تكظيفيا في أنشطة
مشركعة.
1
ككاف مشركع القانكف العربي االرشادم لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىا ب
كالذم جاء استنادا إلى قرار مجمس كزراء العدؿ العرب المؤرخ في 28نكفمبر ،2007قد
عرؼ جريمة تبييض األمكاؿ عمى أنيا" :كؿ سمكؾ ينطكم عمى تحكيؿ المحصالت أك نقميا
مع العمـ بأنيا عائدات جرائـ بغرض إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع أك مساعدة أم
مف الجناة في الجريمة األصمية في اإلفالت مف العقكبة.
اعتمد بمكجب قرار مجمس كزراء العدؿ العرب رقـ 42/7000د بتاريخ 43نكفمبر .4072متاح عمى المكقع االلكتركني 1
المركز العربي لمبحكث القانكنية كالقضائية التابع لجامعة الدكؿ العربيةwww.carjj.org .
20
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كفي منظكرنا ،فقد تكسع القانكف االرشادم في تحديد مجاؿ نشاط تبييض األمكاؿ
فنص عمى صكر متعددة لمسمكؾ اإلجرامي حرصا عمى تغطية كافة جكانبو ،كذلؾ عمى
خالؼ ما جاء في أحكاـ االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب السابقة
الذكر.
-4إعالف لجنة بازؿ لمرقابة المصرفية :1تختص لجنة "بازؿ" باإلشراؼ عمى البنكؾ في
مختمؼ دكؿ العالـ ،كذلؾ مف خالؿ مجمكعة مف المبادئ المتعمقة بضركرة التدقيؽ في
مصدر األمكاؿ المكدعة استنادا إلى قاعدة "اعرؼ عميمؾ" 2التي أثبتت فائدتيا في خفض
نسبة جريمة تبييض األمكاؿ المرتكبة عف طريؽ البنكؾ كالمؤسسات المالية.
كقد عرؼ إعالف المبادئ الخاص لمنع استعماؿ القطاع المصرفي في تبييض
األمكاؿ المكضكع مف طرؼ لجنة بازؿ في ديسمبر 1988جريمة تبييض األمكاؿ في
مقدمتو بأنيا" :جميع العمميات المصرفية التي تيدؼ إلى إخفاء المصدر اإلجرامي
لألمكاؿ".3
كنالحظ أف ىذا التعريؼ بالريـ مف تكسعو في تعريؼ تبييض األمكاؿ ليشمؿ جميع
الجرائـ التي تنتج عنيا أمكاؿ يير مشركعة ،إال أنو حصر أساليب ارتكاب جريمة تبييض
األمكاؿ في العمميات المصرفية ،كىك ما ينفيو الكاقع خاصة مع التطكرات التكنكلكجية التي
استفاد منيا مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ لإلفالت مف الرقابة المصرفية.
كما اعتبر أف اليدؼ مف جريمة تبييض األمكاؿ ىك إخفاء المصدر اإلجرامي ليا
كبذلؾ تككف جريمة تبييض األمكاؿ إحدل صكر جريمة اإلخفاء ،في حيف أف اليدؼ مف
تأسست لجنة "بازؿ" مف الدكؿ الصناعية العشرة (الكاليات المتحدة األمريكية ،كندا ،بريطانيا ،إيطاليا ،ىكلندا ،السكيد، 1
سكيسرا ،الياباف ،لكسمبكرغ) ،كذلؾ في سنة 7212تحت إشراؼ بنؾ التسكيات الدكلية بمدينة بازؿ السكيسرية.
قاعدة "اعرؼ عميمؾ" أك" "Know Your Customerعبارة عف مجمكعة مف السياسات كاإلجراءات الخاصة بمراقبة 2
تبييض األمكاؿ كالتي تستخدـ لمكشؼ عف اليكية الحقيقية لمزبكف كنكع النشاط الطبيعي كالمتكقع ،ككذلؾ الكشؼ عف أم
نشاط يير معتاد يقكـ بو أحد الزبائف .كيرل العديد مف الخبراء أف البرنامج السميـ لمبدأ اعرؼ عميمؾ يعتبر مف أفضؿ
األدكات التي االستعانة بيا ضمف برنامج فعاؿ لمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ.
لمزيد مف التفصيؿ بخصكص قاعدة "اعرؼ عميمؾ" ،أنظر الصفحة 711كما بعدىا مف ىذه الدراسة.
خالد سميماف ،مرجع سابؽ ،ص.40 3
21
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
جريمة تبييض األمكاؿ يتعدل اإلخفاء إلى إضفاء المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف
مصادر يير مشركعة.
-5اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية :1تيدؼ اتفاقية األمـ
المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية إلى تعزيز التعاكف بيف الدكؿ األطراؼ فييا
لمنع الجريمة المنظمة عبر الكطنية كمكافحتيا بمزيد مف الفعالية ،كمنيا جريمة تبييض
األمكاؿ التي اعتبرت مف أىـ الجرائـ المرتبطة بأنشطة الجريمة المنظمة إلى جانب جرائـ
المشاركة في جماعة إجرامية منظمة كالفساد كعرقمة حسف سير العدالة.
عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية جريمة تبييض
األمكاؿ بأنيا" :تحكيؿ الممتمكات أك نقميا ،مع العمـ بأنيا عائدات جرائـ ،بغرض إخفاء أك
تمكيو المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات أك مساعدة أم شخص ضالع في ارتكاب
الجرـ األصمي الذم أتت منو عمى اإلفالت مف العكاقب القانكنية لفعمتو.
اكتساب الممتمكات ،أك حيازتيا ،أك استخداميا مع العمـ كقت تمقييا بأنيا عائدات جرائـ.
المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المنصكص عمييا في ىذه المادة ،أك التكاطؤ ،أك
التآمر عمى ارتكابيا كمحاكلة ارتكابيا كالمساعدة كالتحريض عمى ذلؾ ،كتسييمو كاسداء
المشكرة بشأنو".2
مف خالؿ ىذا التعريؼ ،يتضح لنا أف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة
عبر الكطنية قد كسعت مف الجريمة األكلية مصدر األمكاؿ المراد تبييضيا ،بحيث لـ تقتصر
تسمى كذلؾ باتفاقية "باليرمك" نسبة إلى المدينة اإليطالية التي تـ التكقيع فييا عمى االتفاقية خالؿ المؤتمر الدكلي المنعقد 1
في الفترة مف 74إلى 75ديسمبر سنة 4000بحضكر عدد كبير مف الدكؿ األعضاء في ىيئة األمـ المتحدة ،صادقت
الجزائر عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية بمكجب المرسكـ الرئاسي 55/04المؤرخ في 05
فيفرم ،4004ج.ر.ج.ج ،عدد ،17صادر في 20أكتكبر .4004
الفقرة (أ) مف المادة 3مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية ،مرجع سابؽ. 2
22
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
عمى جرائـ المخدرات كما ىك الشأف بالنسبة التفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير
المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية السابقة الذكر.
كفي إطار تدابير مكافحة تبييض األمكاؿ ،ألزمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الكطنية كؿ دكلة طرؼ عمى إنشاء نظاما داخميا لمرقابة كاإلشراؼ
عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية يير المصرفية كسائر المؤسسات المعرضة بشكؿ خاص
لتبييض األمكاؿ ،مف أجؿ ردع ككشؼ جميع أشكاؿ تبييض األمكاؿ ،كيشدد ذلؾ النظاـ
عمى متطمبات تحديد ىكية الزبكف كحفظ السجالت كاإلبالغ عف العمميات المشبكىة.1
تضمنت التشريعات الداخمية لمدكؿ التي صدرت حديثا تعريفات متعددة لجريمة
تبييض األمكاؿ مركزة في ذلؾ عمى ما جاءت بو اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير
المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة ،1988كبذلؾ أصبحت جريمة تبييض األمكاؿ
جريمة مستقمة بذاتيا معاقب عمييا قانكنا.
كمف أبرز التشريعات التي تبنت تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ كحاكلت إعطائيا
تعريؼ يتماشى كاليدؼ المتكخى مف التجريـ نذكر ما يمي:
-1التشريع الجزائري :ترجمت الجزائر مصادقتيا عمى االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية ذات
الصمة بتجريـ أنشطة تبييض األمكاؿ ،مف خالؿ إعادة النظر في تشريعاتيا بغرض مطابقتيا
مع االلتزامات الدكلية خاصة األمر 15/04المعدؿ كالمتمـ لقانكف العقكبات ،الذم عرؼ
جريمة تبييض األمكاؿ كما يمي" :يعتبر تبييضا لألمكاؿ:
تحكيؿ ا لممتمكات أك نقميا مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية بغرض إخفاء أك تمكيو
المصدر يير المشركع لتمؾ الممتمكات أك مساعدة أم شخص متكرط في ارتكاب الجريمة
األصمية التي تأتت منيا ىذه الممتمكات عمى اإلفالت مف اآلثار القانكنية لفعمتو.
الفقرة (أ) مف المادة 1مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية ،نفس المرجع. 1
23
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لمممتمكات أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك
حركتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية.
اكتساب الممتمكات أك حيازتيا أك استخداميا مع عمـ الشخص القائـ بذلؾ كقت تمقييا أنيا
تشكؿ عائدات إجرامية.
المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المقررة كفقا ليذه المادة أك التكاطؤ أك التآمر عمى
ارتكابيا أك محاكلة ارتكابيا كالمساعدة كالتحريض عمى ذلؾ كتسييمو كاسداء المشكرة
بشأنو".1
باإلضافة إلى ما سبقت اإلشارة إليو ،عمؿ المشرع الجزائرم عمى استحداث نص
قانكني خاص لتجريـ عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ إصدار القانكف 01/05المؤرخ في
06فبراير 2005المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما ،المعدؿ
كالمتمـ باألمر 02/12المؤرخ في 12فبراير ،2012الذم عرؼ جريمة تبييض األمكاؿ
بقكلو" :يعتبر تبييضا لألمكاؿ:
تحكيؿ األمكاؿ أك نقميا مع عمـ الفاعؿ ب أنيا عائدات مباشرة أك يير مباشرة مف جريمة،
بغرض إخفاء أك تمكيو المصدر يير المشركع لتمؾ األمكاؿ أك مساعدة أم شخص متكرط
في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األمكاؿ ،عمى اإلفالت مف اآلثار
القانكنية ألفعالو.
إخفاء أك تمكيو الطبيعة الحقيقية لألمكاؿ أك مصدرىا أك مكانيا أك كيفية التصرؼ فييا أك
حركتيا أك الحقكؽ المتعمقة بيا ،مع عمـ الفاعؿ أنيا عائدات إجرامية.
اكتساب األمكاؿ أك حيازتيا أك استخداميا مع عمـ الشخص القائـ بذلؾ كقت تمقييا أنيا
تشكؿ عائدات إجرامية.
المادة 232مكرر مف قانكف العقكبات المعدؿ كالمتمـ باألمر 75/02المؤرخ في 70نكفمبر ،4002ج.ر.ج.ج ،عدد 1
24
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المشاركة في ارتكاب أم مف الجرائـ المقررة كفقا ليذه المادة أك التكاطؤ أك التآمر عمى
ارتكابيا ،أك محاكلة ارتكابيا كالمساعدة أك التحريض عمى ذلؾ كتسييمو كاسداء المشكرة
بشأنو".1
إف المشرع الجزائرم ،سكاء في قانكف العقكبات أك القانكف المتعمؽ بالكقاية مف تبييض
األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما ،لـ يأت بتعريؼ محدد لجريمة تبييض األمكاؿ إنما
اكتفى بتحديد األفعاؿ التي تشكؿ جريمة تبييض األمكاؿ ،فاعتبر كؿ العائدات اإلجرامية
الناتجة عف جناية أك جنحة كالتي يككف الغرض منيا إخفاء أك تمكيو ذلؾ المصدر يير
المشركع جريمة تبييض لألمكاؿ ،بشرط تكافر عنصر العمـ بالمصدر يير المشركع لألمكاؿ.
كيمكف تبرير عدـ تعريؼ المشرع الجزائرم لجريمة تبييض األمكاؿ بمسايرتو
لمنصكص الدكلية ،السيما اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات
كالمؤثرات العقمية ،ككذلؾ ريبة المشرع في ترؾ ميمة تعريؼ جريمة تبييض األمكاؿ لمفقو.
باإلضافة إلى ذلؾ ،فقد تبني المشرع الجزائرم المفيكـ الكاسع لجريمة تبييض
األمكاؿ مف خالؿ عدـ حصر العائدات في االتجار بالمخدرات ،لتشمؿ أم نكع مف
الممتمكات كاألمكاؿ المادية أك يير المادية ،السيما المنقكلة كيير المنقكلة التي يحصؿ
عمييا بأية كسيمة كانت مباشرة أك يير مباشرة ،كسكاء كاف الفعؿ تاما أك مجرد الشركع كما
جرـ المساعدة كاالشتراؾ في الفعؿ األصمي.2
كعميو يمكف القكؿ بأف المشرع الجزائرم قد كفؽ حينما تبنى االتجاه الذم يأخذ
بالمفيكـ الكاسع لجريمة تبييض األمكاؿ ،فاعتبر جميع العكائد المحصمة مف ارتكاب جناية أك
جنحة صالحة ألف تككف محال لجريمة تبييض األمكاؿ.
-2التشريع المصري :تعتبر مصر مف الدكؿ التي صادقت عمى اتفاقية األمـ المتحدة
لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية لسنة 1988بمكجب قرار رئيس
المادة 04مف القانكف 07/05كالمعدلة بالمادة 04مف األمر 04/74المؤرخ 74فبراير ،4074ج.ر.ج.ج ،عدد،3 1
25
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
الجميكرية رقـ 568لسنة ،1990ككذلؾ االتفاقية العربية لمكافحة يسؿ األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب بمكجب قرار رئيس الجميكرية رقـ 294لسنة .2003
عرؼ المشرع المصرم جريمة تبييض األمكاؿ بمكجب القانكف رقـ 80لسنة 2002
بأنيا" :كؿ سمكؾ ينطكم عمى اكتساب أمكاؿ ،أك حيازتيا أك التصرؼ فييا أك إدارتيا أك
حفظيا أك استبداليا أك إيداعيا أك ضماني ا أك استثمارىا أك نقميا أك تحكيميا أك التالعب في
قيمتيا ،إذا كانت محصمة مف جريمة مف الجرائـ المنصكص عمييا في المادة الثانية مف ىذا
القانكف ،مع العمـ بذلؾ متى كاف القصد مف ىذا السمكؾ إخفاء الماؿ أك تمكيو طبيعتو أك
مصدره أك مكانو أك صاحب الحؽ فيو أك تغيير حقيقتو أك الحيمكلة دكف اكتشاؼ ذلؾ أك
عرقمة التكصؿ إلى شخص مف ارتكب الجريمة المحصؿ منيا الماؿ".1
كنرل بأف المشرع المصرم ضيؽ مف نطاؽ الجرائـ األصمية التي تككف محال لجريمة
تبييض األمكاؿ ،حيث حصرىا في الجرائـ المنصكص عمييا في المادة الثانية مف قانكف
مكافحة تبييض األمكاؿ المعدؿ بالقانكف رقـ 181لسنة ، 22008كبذلؾ يككف قد تبنى
التعريؼ الضيؽ لجريمة تبييض األمكاؿ.
المادة األكلى ،الفقرة (ب) مف القانكف المصرم رقـ 30لسنة 4004المتضمف أحكاـ قانكف مكافحة يسؿ األمكاؿ 1
ج.ر.ج.ـ ،عدد 45مكرر ،صادر في 44يكنيك 4003عمى أنو" :يحظر يسؿ األمكاؿ المحصمة مف جرائـ زراعة كتصنيع
كنقؿ النباتات كالجكاىر كالمكاد المخدرة كادارة أك تييئة مكاف لتعاطييا بمقابؿ ،كجرائـ اختطاؼ كسائؿ النقؿ كاحتجاز
األشخاص ،كجرائـ اإلرىاب كجرائـ تمكيؿ اإلرىاب المنصكص عمييا في قانكف العقكبات أك في أم قانكف آخر ،كجرائـ
استيراد األسمحة كالذخائر كالمفرقعات كاالتجار فييا كصنعيا بغير ترخيص ،كالجرائـ المنصكص عمييا في األبكاب األكؿ
كالثاني كالثالث كالرابع كالخامس عشر كالسادس عشر مف الكتاب الثاني مف قانكف العقكبات ،كجرائـ سرقة األمكاؿ
كايتصابيا ،كجرائـ النصب كخيانة األمانة ،كجرائـ التدليس كالغش ،كجرائـ إخفاء األشياء المسركقة أك المحصمة مف جناية
أك جنحة ،كجرائـ تمقى األمكاؿ بالمخالفة ألحكاـ القانكف رقـ 723لسنة ، 7233كجرائـ االعتداء عمى حقكؽ الممكية
الفكرية ،كجرائـ الفجكر كالدعارة ،كالجرائـ الكاقعة عمى اآلثار ،كالجرائـ البيئية المتعمقة بالمكاد كالنفايات الخطرة ،كجرائـ القتؿ
كالجرح ،كجرائـ التيرب الجمركي ،كجرائـ التعامؿ في النقد األجنبي بالمخالفة لمقكاعد المقررة قانكنا ،كجرائـ الكسب يير
المشركع ،كالجرائـ المنصكص عمييا في المادة 32مف قانكف سكؽ رأس الماؿ الصادر بالقانكف رقـ 25لسنة ،7224
كالجرائـ المنظمة التي يشار إلييا في االتفاقيات الدكلية كالبركتكككالت الممحقة بيا التي تككف جميكرية مصر العربية طرفا
فييا كالمعاقب عمييا في القانكف المصرم ،كذلؾ كمو سكاء كقعت جريمة يسؿ األمكاؿ أك الجرائـ المذككرة في الداخؿ أك
الخارج ،متى كانت معاقبا عمييا في كال القانكنيف المصرم كاألجنبي".
26
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كما يعتبر مف قبيؿ تبييض األمكاؿ المساىمة في عمميات تكظيؼ أك إخفاء أك تحكيؿ الماؿ
المتحصؿ عميو بشكؿ مباشر أك يير مباشر مف جناية أك جنحة".3
كبذلؾ يككف المشرع الفرنسي قد تبنى المنظكر الكاسع في تحديد نطاؽ الجرائـ التي
تككف عكائدىا محال لجريمة تبييض ،لتشمؿ كافة العكائد الناتجة عف الجرائـ دكف حصرىا
في األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخد ارت كما ىك الحاؿ في القانكف 614/90المتعمؽ
بمساىمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األمكاؿ الناتجة عف االتجار بالمخدرات.
1
Loi n° 87/1157 du 31 décembre 1987, relative à la lutte contre le trafic de stupéfiants et
modifiants certaines dispositions du code pénal, JORF du 05 janvier 1988.
2
Loi n° 90/614 du 12 juillet 1990, relative à la participation des organismes financiers à la
lutte contre le blanchiment des capitaux provenant du trafic des stupéfiants, JORF, n°162 du
14 juillet 1990.
3
Article 324 de la loi 96/392, Op.Cit.
27
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المطمب الثاني
جريمة تبييض األمكاؿ ليست كغيرىا مف الجرائـ ،فيي ال تستمد أساسيا التجريمي مف
العمميات التي ترتكب بيا ،كذلؾ باعتبار أف تمؾ العمميات التي بيا يتـ تبييض األمكاؿ ىي
في الغالب أنشطة مشركعة ،فإدخاؿ األمكاؿ في سمسمة مف العمميات البنكية ،أك إنشاء
شركات أك التعامؿ في سكؽ األكراؽ المالية ....الخ كميا عمميات مشركعة ،كيترتب عف
ذلؾ أف تجريـ عمميات تبييض األمكاؿ يستمد في الكاقع مف عناصر خارجية عف طبيعة ىذه
العمميات ،حيث أف الجريمة األصمية التي منيا تأتت تمؾ األمكاؿ تعد األساس القانكني في
تجريـ تبييض األمكاؿ.1
الفرع األوؿ
تتسـ جريمة تبييض األمكاؿ باعتبارىا مف جرائـ األمكاؿ ،كمف الجرائـ االقتصادية
انطالقا مما ىك مستقر عميو حكؿ مفيكـ الجريمة االقتصادية ذاتيا كالرتباطيا بالبنكؾ
كالمؤسسات المالية ،فعمميات تبييض األمكاؿ يالبا ما تتـ مف خالؿ عمميات مصرفية.
كري مة تدريست ،دكر البنكؾ في مكافحة تبييض األمكاؿ ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية، 1
28
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
جريمة تبييض األمكاؿ جريمة معقدة تحتاج إلى جيكد شبكات إجرامية منظمة عمى
درجة عالية مف التخطيط كاالنتشار ،كبالتالي فجريمة تبييض األمكاؿ مف أنماط الجريمة
المنظمة ألف خطرىا يتعدل الحدكد الكطنية لمدكؿ ،كتقكـ بيا تنظيمات إجرامية تتكافر لدييا
القدرة عمى استغالؿ اختالؼ النظـ القانكنية بيف الدكؿ الختراؽ الحدكد الكطنية كارتكاب
الجريمة.1
-1تعريؼ الجريمة المنظمة :2تعد الجريمة المنظمة في كقتنا الحاضر أحد أىـ التحديات
التي تكاجو سمطات الدكؿ حيث أف خطرىا تعدل خطر الجريمة العادية ،فعصابات الجريمة
المنظمة تسعى مف خالؿ أنشطتيا المختمفة إلى تحقيؽ يايات كأىداؼ تتمثؿ أساسا في
تحقيؽ الربح كىي مف أجؿ ذلؾ تستخدـ أساليب متنكعة كتستيدؼ مياديف مختمفة.
لقد بدلت العديد مف المحاكالت مف أجؿ كضع تعريؼ خاص بالجريمة المنظمة
يميزىا عف ييرىا مف الجرائـ حتى يسيؿ التعامؿ معيا ،يير أف أيمبية الباحثيف أجمعكا
عمى صعكبة إيجاد تعريؼ جامع مانع ليا كجاءت تعريفاتيـ متباينة ،كمف التعريفات التي
قيمت في الجريمة المنظمة نذكر" :الجريمة المنظمة ىي مشركع إجرامي قائـ عمى أشخاص
يكحدكف صفكفيـ مف أجؿ القياـ بأنشطة إجرامية ،عمى أساس دائـ كمستمر ،مف خالؿ كياف
أك تنظيـ ذك بناء ىرمي تحكمو نظـ كلكائح داخمية صارمة ،كيستخدـ في سبيؿ تحقيؽ
أيراضو العنؼ كاالبتزاز كالرشكة إلفساد مسئكلي القانكف كأجيزة العدالة الجنائية بكجو عاـ
شريؼ سيد كامؿ ،الجريمة المنظمة في القانكف المقارف ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،4007 ،ص.02 1
تختمؼ الجريمة المنظمة عبر الكطنية عف الجريمة الدكلية التي يقصد بيا كؿ فعؿ أك سمكؾ إيجابي أك سمبي يحضره 2
القانكف الدكلي الجنائي مف حيث القانكف الذم يحكـ كال منيما ،فالجريمة الدكلية يحكميا القانكف الدكلي الجنائي الذم يعد
فرعا مف فركع القانكف الدكلي العاـ .في حيف يجرـ أشكاؿ الجريمة المنظمة القانكف الجنائي الدكلي كىك فرع مف فركع
القانكف الكطني يستمد أحكامو مف االتفاقيات الدكلية يصعب فيو عمى الدكلة مكاجية ىذا النكع مف اإلجراـ عمى أراضييا.
29
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كفرض سطكتيـ عمييـ لتحقيؽ أقصى استفادة مف القياـ بالنشاط اإلجرامي ،سكاء بكسائؿ
مشركعة أك يير مشركعة".1
كما عرفت الجريمة المنظمة بأنيا" :تمؾ الجريمة التي ترتكب مف تنظيـ إجرامي
ىيكمي يتككف مف شخصيف فأكثر تحكمو قكاعد معينة مف أىميا قاعدة الصمت كيعمؿ ىذا
التنظيـ بشكؿ مستمر لفترة يير محدكدة ،كيعبر نشاطو حدكد الدكؿ ،كيستخدـ العنؼ
كاإلفساد كاالبتزاز كالرشكة في تحقيؽ أىدافو كيسعى لمحصكؿ عمى الربح المادم كيمجأ
لعمميات تبييض األمكاؿ إلضفاء الشرعية عمى عكائد الجريمة".2
لقد أدركت دكؿ العالـ أف نجاح أم استراتيجية لمكافحة الجريمة المنظمة يجب أف
يتـ بالتعاكف الدكلي مف خالؿ عقد مؤتمرات تعنى بدراسة الظاىرة ،كيظير اىتماـ األمـ
المتحدة بيذا النكع مف اإلجراـ في المحاكالت التي ما فتئت تقكـ بيا مند سنة 1995إلى
يكمنا ىذا بي دؼ كضع إطار قانكني لمتعاكف الدكلي كرصد ظاىرة اإلجراـ المنظـ ،حيث
عقدت بيذا الخصكص عدة مؤتمرات تكجيت بالمصادقة عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الكطنية التي عرفت الجريمة المنظمة بأنيا" :الجريمة التي ترتكبيا
جماعة ذات ىيكؿ تنظيمي ،مؤلفة مف ثالثة أشخاص أك أكثر ،مكجكدة لفترة مف الزمف
كتعمؿ بصكرة متضافرة بيدؼ ارتكاب كاحدة أك أكثر مف الجرائـ الخطيرة أك األفعاؿ
المجرمة كفقا ليذه االتفاقية ،مف أجؿ الحصكؿ ،بشكؿ مباشر أك يير مباشر عمى منفعة
مالية أك منفعة مادية أخرل".3
أما االتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية فعرفت الجريمة المنظمة
مف خالؿ المادة الثانية بأنيا" :جريمة ذات طابع عابر لمحدكد الكطنية كتضطمع بتنفيذىا أك
االشتراؾ فييا أك التخطيط ليا أك تمكيميا أك الشركع فييا جماعة إجرامية منظمة عمى النحك
المكصكؼ في الفقرة 3مف ىذه المادة".
أحمد إبراىيـ مصطفى سميماف ،اإلرىاب كالجريمة المنظمة ،دار الطالئع لمنشر كالتكزيع ،القاىرة ،4003 ،ص ص-770 1
.777
محمد جياد بريزات ،الجريمة المنظمة ،دار الثقافة لمنشر كالتكزيع ،الطبعة األكلى ،عماف ،4005 ،ص.25 2
المادة 04مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية ،مرجع سابؽ. 3
30
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كلـ يذكر المشرع الجزائرم تعريفا خاصا لمجريمة المنظمة ،كاكتفى بحصرىا في عدد
مف الجرائـ التي تضر بالمصالح العميا لمبالد كجرائـ الفساد المنصكص عمييا في القانكف
01/06المؤرخ في 20فيفرم ،2006كجريمة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب المنصكص
عمييا في القانكف 01/05المؤرخ في 06فيفرم ،2005كجريمة االتجار بالمخدرات
المنصكص عمييا في القانكف 18/04المؤرخ في 23أيسطس 2004كقبميا أحكاـ
المرسكـ التشريعي 03/92المتعمؽ بمكافحة التخريب كاإلرىاب المؤرخ في 30سبتمبر
.1992
-2عالقة جريمة تبييض األمواؿ بالجريمة المنظمة :إذا نظرنا إلى جريمة تبييض األمكاؿ
باعتبارىا مف الجرائـ الدكلية الخطيرة نجد أف مف سماتيا أنيا جريمة منظمة ،فيي تفترض
تعدد الجناة فال يمكف تصكر ارتكابيا إال بكجكد شبكة متصمة مف األفراد أك المنظمات ،التي
تقكـ بمجمكعة مف األنشطة التي مف شأنيا أف تضفي عمى العكائد يير المشركعة المستمدة
مف مصادر إجرامية صفة المشركعية مف خالؿ دمجيا في األنشطة التجارية المشركعة
كاستثمارىا أسكاؽ الماؿ لمتخمص مف الشبية التي تدكر حكليا.1
كما أف تجريـ كمكافحة عمميات تبييض األمكاؿ مف شأنو المساىمة في الحد مف
انتشار الجريمة المنظمة مف خالؿ حرماف التنظيمات اإلجرامية مف االنتفاع بعكائدىـ
اإلجرامية بإخفاء مصدرىا يير المشركع كادخاليا في أنشطة مشركعة تحقؽ ليذه التنظيمات
المزيد مف القكة كالسيطرة عمى الدكائر المالية ،فضال عما تسببو مف اضطرابات في النظاـ
باسؿ عبد اهلل الضمكر ،يسؿ األمكاؿ في المصارؼ ،الطبعة األكلى ،مكتبة القانكف كاالقتصاد ،الرياض،4072 ، 1
ص.73
أديبة محمد صالح ،الجريمة المنظمة :دراسة قانكنية مقارنة ،منشكرات مركز كردستاف لمدراسات االستراتيجية ،السميمانية، 2
،4002ص.722
31
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
االقتصادم لمدكلة بسبب حركة األمكاؿ يير العادية كالتي تمارس دكف مراعاة لالعتبارات
االقتصادية.
تمتد مخاطر جريمة تبييض األمكاؿ لتشمؿ زعزعة االقتصاد المحمي كالدكلي فمرتكبي
جريمة تبييض األمكاؿ يعممكف عمى إدخاؿ األمكاؿ يير المشركعة في دكاليب الدكرة
االقتصادية ،كاالحتماء بالغطاء االجتماعي لمقياـ بأعماليـ اإلجرامية األصمية ،كالتصرؼ في
محصالت كعكائد جرائميـ بأعماؿ كنشاطات تكحي أنيا نافعة لممجتمع.
-1الطابع االقتصادي لجريمة تبييض األمواؿ :بدأ االىتماـ بالجريمة االقتصادية مند القرف
التاسع عشر ،كمند ذلؾ الكقت بدأت النصكص القانكنية ذات الطابع االقتصادم تأخذ مكانيا
في التشريعات الجنائية لمدكؿ ،إال أنيا برزت بشكؿ جمي خالؿ النصؼ الثاني مف القرف
العشريف ما جعؿ الفقياء يعدكف ظيكر الجريمة االقتصادية مف الخصائص الميمة لمقرف
العشريف.1
تعددت التعريفات الخاصة بالجريمة االقتصادية ،فيناؾ مف يرل بأنيا نكع مف
الجريمة تقع عمى مخالفة التشريعات كالقكانيف الجنائية كاالقتصادية التي تنظـ مختمؼ أكجو
النشاط االقتصادم ،كما أف ىناؾ مف يعرفيا بككنيا اعتداء مباشر عمى مصمحة اقتصادية
يحمييا القانكف كالجرائـ المتعمقة بالمعامالت المصرفية ،كاالستيراد كالتصدير ،كالمنافسة يير
المشركعة.2... ،
كما عرفت الجريمة االقتصادية أيضا بأنيا تمؾ الجرائـ التي تتضمنيا نصكص تجرـ
أفعاال تترتب عمى حماية النشاط االقتصادم ،بغض النظر عما إذا كانت األحكاـ الجزائية
عباس أبك شامة عبد المحمكد ،عكلمة الجريمة االقتصادية ،جامعة نايؼ العربية لمعمكـ األمنية ،الرياض،4003 ، 1
ص.27
عبد المكلى سيد شكربجي ،مكاجية الجرائـ االقتصادية في الدكؿ العربية ،الطبعة األكلى ،جامعة نايؼ العربية لمعمكـ 2
32
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المجرم ة قد كردت في قانكف مستقؿ يطمؽ عميو قانكف العقكبات االقتصادم ، 1أك كردت
ضمف عدد مف النصكص المتفرقة المنظمة لمنشاط االقتصادم.2
كلما كاف لجريمة تبييض األمكاؿ آثار سمبية عمى الدخؿ الكطني ،كاالدخار
كاالستثمار كقيمة العممة الكطنية نتيجة إدخاؿ األمكاؿ يير المشركعة في الدكرة االقتصادية
الرسمية لمدكلة ،كبما أف أيمب جرائـ تبييض األمكاؿ تتـ عف طريؽ النظاـ المصرفي
كتستعيف بالعامميف في البنكؾ ، 3فإنو يمكف القكؿ بأف جريمة تبييض األمكاؿ تعتبر مف
أخطر أشكاؿ الجريمة االقتصادية التي أخذت أبعادا جديدة في ظؿ العكلمة مستفيدة في ذلؾ
مف التقنية الحديثة في التحكيؿ المالي السريع.
كما تعتبر جريمة تبييض األمكاؿ جريمة اقتصادية كذلؾ ،لككنيا تؤدم إلى المساس
بالنظاـ االقتصادم كالمالي الكطني كالدكلي نتيجة ارتباطيا بمخالفة أحكاـ السياسة
االقتصادية لمدكلة ،إذ يرل البعض أف عمميات تبييض األمكاؿ تزداد مع تحرير القطاعات
االقتصادية المختمفة كما يعنيو ذلؾ مف تحرير لممعامالت االقتصادية كالمالية ككذلؾ تحرير
األسكاؽ العالمية ،حيث ذكر البنؾ الدكلي في تقريره لسنة 1996أف نمك القطاع الخاص
يزداد معو احتماؿ فتح مسالؾ جديدة لإلجراـ الخاص كما تؤدم إليو مف تبييض األمكاؿ.
ظير مفيكـ قانكف العقكبات االقتصادم باعتباره فرع مف فركع قانكف العقكبات كحتمية لمقيكد االقتصادية التي تعقب 1
الحركب كاألزمات ،كقد أثار تعريؼ قانكف العقكبات االقتصادم جدال بيف فقياء القانكف الجنائي فانقسـ الفقو كؿ حسب
تكجيو االقتصادم ،فيرل أصحاب النظرة الميبرالية أف قانكف العقكبات االقتصادم مرتبط باألسعار كالمنافسة ،كعميو يمكف
أف يعرؼ بأنو مجمكعة قكاعد قانكف العقكبات المكضكعية كاإلجرائية التي تؤمف تحت طائمة العقكبات حرية التعامؿ
االقتصادية كحماية األفراد مف التعسؼ في استعماؿ ىذه الحرية االقتصادية فيما بينيـ .أما أصحاب النظرة االشتراكية
فيعرفكف قانكف العقكبات االقتصادم بأنو مجمكعة القكاعد القانكنية المكضكعية كاإلجرائية التي تنص عمى التجريـ كالعقاب
المخصص لضماف تنفيذ السياسة االقتصادية لمدكلة ،أم تمؾ االعتداءات التي تقع عمى النظاـ االقتصادم فيك القانكف
الذم يعاقب عمى األفعاؿ التي تتعارض مع السياسة االقتصادية لمدكلة .أنظر:
- André VITU, Définition et contenu du Droit économique, Mélanges Hamel, Dalloz, 1961,
p72.
- Jean-François Renucci, Droit économique, Armand colin/ Masson, 1995, p6.
2محمد سميماف حسيف المحاسنة ،التصالح كأثره عمى الجريمة االقتصادية ،الطبعة األكلى ،دار كائؿ لمنشر ،عماف،
،4077ص.47
محمد عبد اهلل حسيف العاقؿ ،النظاـ القانكني الدكلي لمجريمة المنظمة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،4070 ،ص.252 3
33
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-2الطابع االجتماعي لجريمة تبييض األمواؿ :تكصؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة
اجتماعية كذلؾ بالنظر إلى اليدؼ الذم تحققو ،ككنيا تساىـ في إضفاء الشرعية االجتماعية
عمى ىذه األمكاؿ لصالح الجماعات اإلجرامية ،كيتـ ذلؾ عف طريؽ تبييض األمكاؿ يير
ال مشركعة مف خالؿ بعض المشركعات كاألعماؿ الخيرية كبناء المستشفيات كرعاية األيتاـ
التي تستقطب اىتماما جماىيريا قد يرقى إلى التأييد السياسي خاصة في الحمالت
االنتخابية.
كما تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ في المجتمع مف ناحية ارتباطيا بالجرائـ االجتماعية
حيث تمثؿ نكعا مف اإلدماف لمحاصميف عمى الدخكؿ يير المشركعة الناتجة عف تجارة
المخدرات أك التيرب الضريبي كييرىا مف الجرائـ.
جريمة تبييض األمكاؿ جريمة تبعية ،أم أنيا تفترض ابتداء ارتكاب جريمة أكلية تنتج
عنيا أمكاؿ يير مشركعة ،كأجمعت التشريعات المقارنة التي تجرـ تبييض األمكاؿ عمى
كجكد جريمة سابقة يسعى مبيضك األمكاؿ إلى إخفاء متحصالت تمؾ الجريمة كاضفاء صفة
المشركعية عمييا .لذلؾ يعد تبييض األمكاؿ نشاطا مكمال لنشاط رئيسي سابؽ أسفر عف
تحصيؿ كمية مف األمكاؿ مف أنشطة يير مشركعة كاإلتجار بالمخدرات ،الرشكة،
االحتياؿ ...،الخ ،كالتي تشكؿ مصد ار لألمكاؿ التي تقع عمييا عناصر السمكؾ المادم
لجريمة تبييض األمكاؿ.1
فجريمة تبييض األمكاؿ ال تعتبر جريمة مستقمة ألف كجكدىا يفترض كقكع جريمة أك
جرائـ سابقة ليا تدعى الجريمة األصمية ،2كىي بذلؾ تشبو جريمة إخفاء األشياء المسركقة
بدر ال ديف خالؼ ،جريمة تبييض األمكاؿ في التشريع الجزائرم (دراسة مقارنة) ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،كمية الحقكؽ 1
34
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كالمحصمة مف جناية أك جنحة ،كذلؾ التشابو دعا البعض إلى القكؿ بإمكانية تكقيع الجزاء
الجنائي في جريمة تبييض األمكاؿ استنادا إلى جريمة إخفاء األشياء المسركقة.1
ك نذكر عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر أىـ النشاطات اإلجرامية التي تعتبر عائداتيا
مصد ار الرتكاب عمميات تبييض األمكاؿ.
-1اال تجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية :يحتؿ االىتماـ بمكافحة االتجار
يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية الصدارة في اىتماـ الدكؿ ،نظ ار لما تمثمو ىذه
الظاىرة مف حيث أنيا أكثر المشكالت خطكرة عمى جميع الدكؿ في العالـ ،كتزداد خطكرة
عند زيادة حجـ االتجار فييا كتداكليا ،مما ينتج عنو تحمؿ الدكؿ أعباء كبيرة في اإلنفاؽ
عمى مكافحة ىذه الظاىرة .كبالمقابؿ فإف الجماعات اإلجرامية أصبحت تعتمد عمى إمكانيات
ضخمة كمتطكرة كتمجأ إلى كسائؿ متعددة لمتغطية عمى جرائميا.
كيقصد باإلتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية شراؤىا أك بيعيا في
عمميات تؤمف ىذه الغاية لقاء مقابؿ ،كال ضركرة لحصكؿ التسميـ ماديا ألف الفاعؿ يالحؽ
بالمتاجرة بمجرد عقده صفقة مخدرات قصد الحصكؿ عمييا كتصريفيا عف طريؽ بيعيا إلى
الغير ،كاف لـ تؤؿ إلى يده بعد ،فيالحؽ في ىذه الحالة بجرـ شراء المخدرات لممتاجرة فييا،
إذ يعتبر الشراء حمقة الزمة مف حمقات المتاجرة.2
كلقد عمدت الجمعية العامة لألمـ المتحدة في جمستيا المنعقدة في ديسمبر 1988
3
بعرض اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية
كالتي تيدؼ إلى النيكض بالتعاكف بيف الدكؿ مف أجؿ التصدم بمزيد مف الفعالية لمختمؼ
مظاىر جريمة االتجار بالمخدرات كالمؤثرات العقمية.
ىشاـ بشير ،إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ ،يسؿ األمكاؿ بيف النظرية كالتطبيؽ ،الطبعة األكلى ،المركز القكمي لإلصدارات 1
سبقتيا في ذلؾ االتفاقية الكحيدة لممخدرات المكقعة بباريس سنة 7237المعدلة ببركتكككؿ سنة 7214التي ألغت كؿ 3
االتفاقيات السابقة كحمت محميا كاتفاقية مكحدة ،ككذلؾ اتفاقية المؤثرات العقمية لسنة .7217
35
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كلما كانت جريمة تبييض األمكاؿ جريمة ليست عادية يمكف ارتكابيا بصكرة عشكائية
كيير مدركسة ،لكنيا جريمة يخطط كيدبر ليا بدقة مف جانب العناصر اإلجرامية ،فقد
ألزمت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية
الدكؿ األطراؼ بتجريـ األفعاؿ المتعمقة باألمكاؿ المستمدة مف جرائـ االتجار يير المشركع
بالمخدرات أك االشتراؾ فييا ،كالتي تيدؼ إلى إخفاء المصدر الحقيقي ليذه األمكاؿ كىك ما
تطابقت بشأنو أحكاـ االتفاقية العربية لمكافحة االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات
العقمية لسنة .11993
كما تـ إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا بمكجب المرسكـ التنفيذم
212/97المؤرخ في 09يكنيك 1997المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ الرئاسي 181/06المؤرخ
في 31مايك 2006باعتباره مؤسسة عمكمية ذات طابع إدارم تتمتع بالشخصية المعنكية
كاالستقالؿ المالي ،يعمؿ تحت سمطة كزير العدؿ حافظ األختاـ بالتعاكف مع القطاعات
المعنية عمى إعداد السياسة الكطنية كاقتراحيا لمكافحة المخدرات كادمانيا في مجاؿ الكقاية
كالعالج كاعادة اإلدماج كالقمع كالسير عمى تطبيقيا.2
تقرير التطبيقات عف االتجار يير المشركع بالمخدرات كالمؤثرات العقمية كيسؿ األمكاؿ ،مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة 1
الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا ،4077 ،ص .43متاح عمى المكقع www.menafatf.org
المرسكـ التنفيذم 474/21المؤرخ في 2يكنيك ،7221المتضمف إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا، 2
ج.ر.ج.ج ،عدد ،27صادر في 75يكنيك ،7221المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ الرئاسي 737/03المؤرخ في 27مايك
،4003ج.ر.ج.ج ،عدد ،23صادر في 27مايك .4003
36
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كتشير اإلحصائيات الرسمية إلى أف المصالح المكمفة بمكافحة االتجار يير المشركع
بالمخدرات كالمؤثرات العقمية في الجزائر ،قد أحصت خالؿ العشرة أشير األكلى مف سنة
2018ما يعادؿ 39504قضية متعمقة بالتيريب كالمتاجرة بالمخدرات كالمؤثرات العقمية
باختالؼ أنكاعيا تكرط فييا 49489شخص منيـ 260متكرط يحمؿ جنسية أجنبية.1
-2الرشوة :تعتبر الرشكة مصد ار مف مصادر األمكاؿ المراد تبييضيا لككنيا أكثر الجرائـ
التي يمكف أف تؤدم إلى الحصكؿ عمى أمكاؿ يير مشركعة ،2خاصة كأنيا نكع مف اتجار
المكظؼ العاـ في أعماؿ الكظيفة لالستفادة بغير حؽ عف طريؽ االتفاؽ بيف المكظؼ
كصاحب الحاجة عمى قبكؿ ما عرضو األخير مف فائدة مقابؿ عمؿ متعمؽ بالكظيفة أك
الخدمة العامة أك االمتناع عف عمؿ مف األعماؿ التي تدخؿ في نطاؽ المكظؼ أك دائرة
اختصاصو.3
كتعرؼ الرشكة بكجو عاـ عمى أنيا االتجار بأعماؿ الكظيفة أك الخدمة العامة أك
استغالليا بأف يطمب الجاني أك يقبؿ أك يحصؿ عمى عطية أك كعد أك أية منفعة أخرل
ألداء عمؿ مف أعماؿ كظيفتو أك االمتناع عنيا.4
كما عرفت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003الرشكة في نص المادة
15بأنيا" :كعد مكظؼ عمكمي بمزية يير مستحقة أك عرضيا عميو أك منحو إياىا ،بشكؿ
مباشر أك يير مباشر ،سكاء لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص ،أك كياف آخر ،لكي
يقكـ ذلؾ المكظؼ بفعؿ ما ،أك يمتنع عف القياـ بفعؿ ما لدل أداء كاجباتو الرسمية.
الديكاف الكطني لمكافحة المخدرات كادمانيا ،نشاطات مكافحة المخدرات كاإلدماف عمييا :الحصيمة السنكية ،4073 1
37
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
التماس مكظؼ عمكمي أك قبكلو ،بشكؿ مباشر أك يير مباشر مزية يير مستحقة ،سكاء
لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص أك كياف آخر ،لكي يقكـ ذلؾ المكظؼ بفعؿ ما ،أك
يمتنع عف القياـ بفعؿ ما ،لدل أدائو كاجباتو الرسمية".
أما المشرع الجزائرم فقد جرـ الرشكة بمكجب القانكف 01/06المؤرخ في 20فيفرم
2006المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو المعدؿ كالمتمـ ،مف خالؿ المادة 25التي
نصت عمى أنو" :يعاقب بالحبس مف سنتيف إلى عشرة سنكات كبغرامة مالية مف 20000دج
إلى 100000دج :
-كؿ مف كعد مكظفا عمكميا بمزية يير مستحقة أك عرضيا عميو أك منحو إياىا بشكؿ
مباشر أك يير مباشر ،سكاء كاف ذلؾ لصالح المكظؼ نفسو أك لصالح شخص أك كياف
آخر لكي يقكـ بأداء عمؿ أك االمتناع عف أداء عمؿ مف كاجباتو،
-كؿ مكظؼ عمكمي طمب أك قبؿ ،بشكؿ مباشر أك يير مباشر ،مزية يير مستحقة سكاء
لنفسو أك لصالح شخص آخر أك كياف آخر ،ألداء عمؿ أك االمتناع عف أداء عمؿ مف
كاجباتو".
مف خالؿ نص المادة السابقة الذكر ،فإف المشرع الجزائرم لـ يعطي تعريفا لجريمة
الرشكة ،كانما اكتفى بالنص عمى صفة الجاني (المكظؼ العمكمي كمف في حكمو) كاألفعاؿ
التي تتحقؽ بيا جريمة الرشكة ،باإلضافة إلى جمعو لصكرتي الرشكة اإليجابية كالسمبية في
نص كاحد تحت عنكاف رشكة المكظفيف العمكمييف متبنيا نظاـ ثنائية التجريـ كىذا عمى يرار
المشرع الفرنسي.1
كقد تضمنت أحكاـ القانكف 01/06المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو العديد مف
التدابير الكقائية في سبيؿ الحد مف ظاىرة الفساد كمنيا الرشكة نتناكليا كاآلتي:
-التكظيؼ :حيث يراعى في تكظيؼ المستخدميف في القطاع العمكمي كفي تسيير حياتيـ
المينية مبادئ النجاعة كالشفافية كالمعايير المكضكعية ،باإلضافة إلى إعداد برامج تعميمية
عبد العالي حاحة ،اآلليات القانكنية لمكافحة الفساد اإلدارم في الجزائر ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،كمية الحقكؽ كالعمكـ 1
38
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كتككينية مالئمة لتمكيف المكظفيف العمكمييف مف األداء الصحيح كالسميـ لكظائفيـ كزيادة
كعييـ بمخاطر الفساد.1
-التصريح بالممتمكات :قصد ضماف الشفافية في الحياة السياسية كالشؤكف العمكمية كحماية
الممتمكات العمكمية كصكف نزاىة األشخاص المكمفيف بخدمة عمكمية يقكـ المكظفكف
العمكميكف باكتتاب تصريح بالممتمكات كالذم يتضمف جردا لألمالؾ العقارية كالمنقكلة التي
يحكزىا المكتتب أك أكالده القصر في الجزائر ك/أك في الخارج.2
-كضع مدكنات أخالقية :حرصا مف المشرع الجزائرم عمى دعـ مكافحة الفساد ،ألزـ الدكلة
كالمجالس المنتخبة كالجماعات المحمية كالمؤسسات كالييئات العمكمية ككذا المؤسسات
العمكمية ذات النشاطات االقتصادية بالعمؿ عمى تشجيع النزاىة كاألمانة كركح المسؤكلية
بيف منتخبييا كمكظفييا ،مف خالؿ كضع مدكنات قكاعد سمكؾ المكظفيف العمكمييف مف
طرؼ المؤسسات كالييئات العمكمية تحدد فييا قكاعد تككف بمثابة إطار يضمف األداء السميـ
كالنزيو لمكظيفة العمكمية.3
-إضفاء الشفافية في مجاؿ إبراـ الصفقات العمكمية :تعد الصفقات العمكمية المجاؿ
الخصب النتشار الرشكة ،كادراكا مف المشرع الجزائرم بما يمكف أف تمحقو مثؿ ىذه
المعامالت باالقتصاد الكطني فقد فرض ترتيبات تركز في مجمميا عمى مفيكـ الشفافية
نصت المادة 02مف القانكف 07/03المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو عمى أنو" :تراعى في تكظيؼ مستخدمي 1
السياسية كالشؤكف العام ة ،كحماية الممتمكات العمكمية ،كصكف نزاىة األشخاص المكمفيف بخدمة عمكمية ،يمزـ المكظؼ
العمكمي بالتصريح بممتمكاتو".
المادة 01مف القانكف 07/03المؤرخ في 40فبراير ، 4003المتضمف قانكف مكافحة الفساد ،ج.ر.ج.ج ،عدد،72 3
صادر في 3مارس ،4003المعدؿ كالمتمـ باألمر 05/70المؤرخ في 43يشت ،4003ج.ر.ج.ج ،عدد ،50صادر في
7سبتمبر .4070
39
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كالمنافسة الشريفة كالمكضكعية كالتسيير العقالني لمماؿ العاـ كفقا لإلجراءات المعمكؿ بيا
مف خالؿ:1
-معايير مكضكعية كدقيقة التخاذ الق اررات المتعمقة بإبراـ الصفقات العمكمية.
-ممارسة كؿ طرؽ الطعف في حالة عدـ احتراـ قكاعد إبراـ الصفقات العمكمية.
كما تضمنت أحكاـ القانكف 01/06السالؼ الذكر إنشاء الييئة الكطنية لمكقاية مف
الفساد كمكافحتو ،كىك ما تـ بمكجب المرسكـ الرئاسي 413/06المؤرخ في 22نكفمبر
2006المحدد لتشكيمة الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو كتنظيميا ككيفية سيرىا
الذم صنفيا كسمطة إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقالؿ المالي تكضع لدل
رئيس الجميكرية.2
-3التهريب :يعتبر التيريب مف أخطر الجرائـ الجمركية ،فحسب المادة الثانية مف األمر
06/05المتعمؽ بمكافحة التيريب المعدؿ كالمتمـ ،3يقصد بالتيريب كؿ األفعاؿ المكصكفة
بالتيريب في التشريع كالتنظيـ الجمركي المعمكؿ بو ككذا في ىذا األمر.4
المادة 02مف المرسكـ الرئاسي 272/03المؤرخ في 44نكفمبر ،4003المتضمف إنشاء الييئة الكطنية لمكقاية مف 2
الفساد كمكافحتو كتنظيميا ككيفية سيرىا ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،71صادر في 44نكفمبر .4003
األمر 03/05المؤرخ في 42يشت ،4005المتضمف قانكف مكافحة التيريب ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،52صادر في 43 3
يشت .4005
المادة األكلى مف األمر ،03/05نفس المرجع. 4
القانكف 02/12المؤرخ في 47يكنيك 7212المتضمف قانكف الجمارؾ ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،20صادرة في 42يكنيك 5
.7212
40
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-خرؽ أحكاـ المكاد 25ك 51ك 60ك 62ك 46ك 221ك 222ك 223ك 225ك 225
مكرر ك 226مف ىذا القانكف.
كما يعتبر مف قبيؿ التيريب حيازة مخزف داخؿ النطاؽ الجمركي معد لالستعماؿ في
التيريب أك كسيمة نقؿ مييأة خصيصا لغرض التيريب.1
كلمتيريب الجمركي عالقة بجريمة تبييض األمكاؿ ،ذلؾ أف أنشطة التيريب عبر
الحدكد لمسمع كالمنتجات مف يير دفع الرسكـ كالضرائب الجمركية المقررة تعتبر مف أىـ
مصادر األمكاؿ يير المشركعة محؿ التبييض.2
تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم لـ ينص عمى اعتبار جريمة تبييض األمكاؿ
مف قبيؿ الجرائـ الجمركية ،كلـ يقرر ليا عقكبات في قانكف الجمارؾ كال في قانكف مكافحة
التيريب كذلؾ عمى خالؼ المشرع الفرنسي الذم اعتبر جريمة تبييض األمكاؿ مف أشد أنكاع
الجنح الجمركية طبقا لممادة 415مف قانكف الجمارؾ ،كقرر ليا عقكبة الحبس مف سنتيف
إلى عشرة سنكات كمصادرة القيمة المالية كبغرامة مالية مف مرة كاحدة إلى خمس مرات قيمة
محؿ الجريمة أك المحاكلة.3
4
كمف أجؿ دعـ جيكد مكافحة التيريب ،تـ إنشاء الديكاف الكطني لمكافحة التيريب
كىك مؤسسة عمكمية ذات طابع إدارم تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقالؿ المالي ،كضع
شاىر إسماعيؿ شاىر" ،يسيؿ األمكاؿ كأثره عمى اقتصاديات الدكؿ النامية" ،مجمة تنمية الرافديف ،كمية اإلدارة 2
41
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
في بادئ األمر تحت كصاية رئيس الحككمة ثـ تحت كصاية كزير العدؿ بمكجب المرسكـ
التنفيذم 286/06المؤرخ في 26يشت 2006المحدد لتنظيـ الديكاف كسيره.1
كيتكلى الديكاف الكطني لمكافحة التيريب إعداد برامج عمؿ كطنية لمكافحة التيريب
كالكقاية منو ،كما يتكلى جمع المعمكمات كالمعطيات كالدراسات ذات الصمة بيذه الظاىرة
إضافة إلى تعزيز التعاكف الدكلي كتبادؿ الخبرات في مجاؿ في مجاؿ الكقاية مف التيريب
كمكافحتو.2
-4االتجار باألشخاص :تشكؿ جريمة االتجار باألشخاص شكال مف أشكاؿ الرؽ المعاصر
حيث تقكـ عصابات اإلجراـ المنظـ ،كمافيا االتجار باألشخاص كالكسطاء التابعيف ليـ
بانتياؾ حقكؽ المستضعفيف مف البشر كاستغالليـ استغالال سيئا كصؿ حد القير
كاالسترقاؽ ،ككأف اإلنساف لدل ىؤالء المجرميف بمثابة سمعة يباع كيشترل عمى أيدم فئة
مريضة كذلؾ بالمخالفة لمديانات السماكية كالتشريعات الكضعية.
كما أصبحت جريمة االتجار باألشخاص بصكرىا كمظاىرىا المختمفة تشكؿ النشاط
األبرز لعصابات الجريمة المنظمة في العالـ ،كمف الثابت أنو باإلضافة إلى األضرار النفسية
كاالجتماعية كالسياسية في المجتمع ،فإف ىذا األمر نجـ عنو انعكاسات سمبية بالغة الخطكرة
عمى الصعيد األمني كاالقتصادم لمدكؿ باعتبار أف االتجار باألشخاص عممية اقتصادية
متكاممة يككف اإلنساف ىك سمعتيا األساسية كتخضع لقكانيف العرض كالطمب كأنظمة
السكؽ . 3فيذه العصابات تمارس أنشطتيا اإلجرامية كمينة ،تيدؼ مف كرائيا إلى تكليد
تدفقات مالية ضخمة كسريعة الحركة ،تسعى إلى تحكيميا إلى أمكاؿ مشركعة عف طريؽ
تبييضيا بأساليب مختمفة.4
المادة 04مف المرسكـ التنفيذم 433/03المؤرخ في 43أيسطس ،4003المحدد لتنظيـ الديكاف الكطني لمكافحة 1
رامية محمد شا عر ،االتجار بالبشر (قراءة قانكنية اجتماعية) ،الطبعة األكلى ،منشكرات الحمبي القانكنية ،بيركت،4074 ، 3
ص.71-73
نفس المرجع ،ص.20 4
42
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كمف أجؿ ذلؾ ،قامت األمـ المتحدة بكضع بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة االتجار
باألشخاص كخاصة النساء كاألطفاؿ المكمؿ التفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة
المنظمة عبر الكطنية ،الذم اعتمد بمكجب قرار الجمعية العامة لألمـ المتحدة بتاريخ 15
نكفمبر .2000
لقد صادقت الجرائر عمى بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة االتجار باألشخاص بتحفظ
بمكجب مرسكـ رئاسي ، 1ككانت ىذه المصادقة المقدمة لتعديؿ قانكف العقكبات 155/66
بالقانكف 201/09حيث نصت المادة 303مكرر 4منو عمى أنو" :يعد اتجا ار باألشخاص
تجنيد أك نقؿ أك تنقيؿ أك إيكاء أك استقباؿ شخص أك أكثر بكاسطة التيديد بالقكة أك
باستعماليا أك يير ذلؾ مف أشكاؿ اإلكراه ،أك االختطاؼ أك االحتياؿ أك الخداع أك إساءة
استعماؿ السمطة أك استغالؿ حالة استضعاؼ أك بإعطاء أك تمقي مبالغ مالية أك مزايا لنيؿ
مكافقة شخص لو سمطة عمى شخص آخر بقصد االستغالؿ كيشمؿ االستغالؿ دعارة الغير
أك سائر أشكاؿ االستغالؿ الجنسي أك استغالؿ الغير في التسكؿ أك السخرة أك الخدمة كرىا
أك االسترقاؽ أك الممارسات الشبيية بالرؽ أك االستعباد أك نزع األعضاء".
-5التهرب الضريبي :يعرؼ التيرب الضريبي بأنو" :عدـ االمتثاؿ لمتشريع الضريبي مف
أجؿ التخمص مف أداء الضريبة بجميع الكسائؿ كاألشكاؿ سكاء تعمؽ األمر بالعمميات
المرسكـ الرئاسي 271/02المؤرخ في 02نكفمبر ،4002المتضمف المصادقة بتحفظ عمى بركتكككؿ منع كقمع كمعاقبة 1
االتجار باألشخاص خاصة النساء كاألطفاؿ ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،32صادر في 74نكفمبر .4002
القانكف 07/02المؤرخ في 45فبراير ،4002المعدؿ كالمتمـ لقانكف العقكبات ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،75صادر في 3 2
مارس .4002
43
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المحاسبية ،أك الحركا ت المادية ،كذلؾ بكؿ أك بجزء مف المبمغ الكاجب الدفع لمخزينة
العمكمية".1
كما يقصد بالتيرب الضريبي" :مجمكعة العمميات التي يقكـ بيا المكمؼ بالضريبة مف
أجؿ كضع مادتو الخاضعة لمضريبة في متناكؿ النظاـ الجبائي الذم يمنحو أحسف كأكثر
امتيازات سكاء في داخؿ الدكلة أك خارجيا".2
كيؤدم التيرب الضريبي إلى آثار سمبية مف ناحية مالية الدكلة كعدـ قدرتيا عمى
الكفاء بالتزاماتيا تجاه األفراد ،إذ يفكت عمى الدكلة جزء ىاما مف حصيمة الضرائب ،كما أنو
يؤدم إلى اإلخالؿ بمبدأ العدالة في تكزيع األعباء العامة ،كلذلؾ فإف الدكلة تعمؿ جاىدة
عمى محاربة التيرب الضريبي سكاء عمى المستكل الداخمية أك الخارجي.3
كيعتبر التيرب الضريبي الدكلي مف أخطر أشكاؿ التيرب ،إذ يتمثؿ في العمؿ عمى
التخمص مف دفع الضريبة في بمدىا عف طريؽ التيرب يير القانكني لممداخؿ كاألرباح التي
مف المفركض أف تخضع لضرائب البمد الذم حققت فيو فعال إلى بمد آخر يتميز بضغطو
الضريبي المنخفض.4
كما يعتبر التيرب الضريبي الدكلي مف أكبر المصادر التي تمكف مف تحقيؽ أمكاؿ
طائمة تككف ىدفا لعمميات تبييض األمكاؿ في ظؿ التسييالت كاإلعفاءات التي تمنحيا
بعض الدكؿ كالمناطؽ التي يطمؽ عمييا الجنات الضريبية )(LES PARADIS FISCAUX
أك النظـ الضريبية التفضيمية ) )LES REGIMES FISCAUX PRIVILEGIESالتي تتميز
بالسرية المصرفية المطمقة كسيكلة إنشاء المؤسسات.
1حميد بكزيدة ،جباية المؤسسات ،الطبعة الثالثة ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر ،4070 ،ص.22
2
Louis CARTOU, Droit fiscal international et européen, 2eme édition, précis Dalloz, paris,
1991, p259.
3محمد عباس محرزم ،اقتصاديات المالية العامة ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر ،4005 ،ص.272
حميد بكزيدة ،مرجع سابؽ ،ص.27 4
44
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كيتـ عادة ممارسة التيرب الضريبي عمى المستكل الدكلي عف طريؽ الشركات
المتعددة الجنسيات ،باعتبارىا تمثؿ أكضح نمكذج لمتيرب الضريبي عمى المستكل الدكلي
بالنظر إلى طبيعة نشاطيا كما ليا مف فركع متعددة في دكؿ مختمفة.
كذلؾ تحرير التجارة الخارجية زادت في تفاقـ ظاىرة التيرب الضريبي ،كذلؾ عف
طريؽ المؤسسات التجارية الكىمية المقيدة في السجؿ التجارم ،بدكف أف تممؾ مق ار ليا يؤدم
إلى صعكبة رقابة كؿ العمميات كالصفقات التي تبرميا كعدـ القدرة عمى متابعتيا مف أجؿ
تحصيؿ ما عمييا مف ضرائب.
إدراكا مف الجزائر بالمخاطر التي ينطكم عمييا التيرب الضريبي كارتباطو بعمميات
تبييض األمكاؿ ،فقد كرس المشرع عدة آليات لمكافحة التيرب الضريبي عف طريؽ اعتماد
كسائؿ تسمح بمعالجة أسبابو سكاء عمى مستكل النظاـ كالتشريع الضريبي أك عمى مستكل
الرقابة الجبائية ،باإلضافة إلى التعاكف الخارجي المتمثؿ في إبراـ العديد مف االتفاقيات
الدكلية لمكافحة التيرب الضريبي.1
تصنؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة ذات بعد دكلي ،ذلؾ أف األمكاؿ محؿ
التبييض تككف في الغالب محصمة مف جريمة ارتكبت في بمد ما بينما يتـ إيداعيا في بنكؾ
2
دكلة أخرل ،كىذه األمكاؿ نفسيا يعاد استثمارىا في دكلة ثالثة ،مما يدؿ عمى خطكرتيا
حيث أف جريمة تبييض األمكاؿ تتطمب في مراحميا عمميات نقؿ كتيريب األمكاؿ يير
المشركعة مف مكاف إلى آخر كمف دكلة إلى أخرل يعتقد المجرـ أف ىذه األمكاؿ ستككف فييا
في مأمف كأنيا بعيدة عف أعيف السمطات المكمفة بالمراقبة.
مثاؿ ذلؾ االتفاقية المكقعة بيف الجزائر كالكاليات المتحدة األمريكية بتاريخ 72أكتكبر 4075بالجزائر المتضمنة تبادؿ 1
المعمكمات الضريبية بيف البمديف كتدعيـ المكافحة الثنائية كالدكلية لمتيرب الضريبي.
عبد اهلل بف جييـ ،مرجع سابؽ ،ص.20 2
45
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
إف كصؼ جريمة تبييض األمكاؿ بأنيا جريمة ذات بعد دكلي يتطمب معرفة المقصكد
بالجريمة الدكلية التي ىي في أساسيا جريمة تتكفر فييا جميع عناصر كأركاف الجريمة
كينص عمييا القانكف الداخمي ،يير أف ما يميزىا ىك أف قانكف العقكبات الكطني يأخذ عند
التجريـ كالعقاب باالتفاقيات الدكلية المبرمة لمكاجية ىذا النكع مف الجرائـ.1
لقد ساعدت التغيرات ا لتي شيدىا االقتصاد العامي في نياية القرف العشريف مع
انتشار مفيكـ العكلمة ،كتحرير التجارة العامية ،كالخدمات المالية ،كسيكلة انتقاؿ رؤكس
األمكاؿ بيف الدكؿ المختمفة عمى انتشار جريمة تبييض األمكاؿ التي لـ تعد مقصكرة عمى
الدكؿ التي تنتشر فييا جرائـ االتجار يير المشركع بالمخدرات كالفساد ،كلكنيا انتشرت
جغرافيا لتشمؿ دكال نامية إلى جانب الدكؿ المتقدمة ،بؿ تكجد في أم مكاف في العالـ
تضعؼ فيو آليات اإلشراؼ كالرقابة عمى حركة رؤكس األمكاؿ.2
كيكتسي البعد الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ أىمية في االعتراؼ بحجية الحكـ
الجن ائي الذم صدر في دكلة معينة أماـ محاكـ الدكؿ األخرل ،حيث أف األمكاؿ التي يجرم
تبييضيا م حصمة مف جريمة تـ ارتكابيا في بمد آخر يصعب عمى الدكلة التي يتـ فييا
تبييض ىذه األمكاؿ مالحقة مرتكبي جريمة تبييض األمكاؿ كمصادرة عائداتيا ،كذلؾ ما لـ
تعترؼ بحجية الحكـ الصادر عف محاكـ الدكلة التي ارتكبت فييا الجريمة األصمية مصدر
األمكاؿ يير المشركعة محؿ التبييض.
كما يسيـ البعد الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ في تجاكز اعتبارات السيادة الكطنية
كذلؾ بما يكفره مف آليات قانكنية ذات صبغة دكلية ،كيتجمى ذلؾ خاصة في مجاؿ تسميـ
المجرميف الذم عف طريقو أصبح باإلمكاف مكافحة تبييض األمكاؿ مف خالؿ قياـ الدكلة
التي يتـ القبض عمى الجاني فكؽ أراضييا بالتخمي عف ىذا األخير إلى دكلة أخرل بناء
عمى طمبيا لمحاكمتو أك تنفيذ حكـ صادر في حقو مف إحدل محاكميا.3
جبارم عبد المجيد ،األمر بالقبض الدكلي كاشكاالتو ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،الجزائر ،4072 ،ص.24 3
46
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كبناء عمى ما تقدـ ،يمكننا القكؿ بأف جريمة تبييض األمكاؿ تعتبر مف الجرائـ التي
ليا طبيعتيا الخاصة ،كالتي تميزىا عف ييرىا مف الجرائـ التقميدية حتى أنو يطمؽ عمييا
جريمة ذكم الياقات البيضاء.1
الفرع الثاني
أدل انتشار ظاىرة العكلمة بما تحممو مف فتح الحدكد بيف الدكؿ كتحرير التجارة
الدكلية إلى تسييؿ تصدير النشاط اإلجرامي خارج الحدكد الكطنية بمساعدة النظـ المالية
كالبنكية ككسائؿ االتصاؿ كالنقؿ السريع .ىذا ما جعؿ المنظمات اإلجرامية تعمؿ بحرية
أكبر ،كلـ تعد الحدكد عائقا أماميا فأصبحت خط ار كتحديا حقيقيا لسيادة الدكؿ.3
جرائـ ذكم الياقات البيضاء مصطمح يطمؽ عمى الجرائـ التي يفترض أف تككف أكثر تطك ار مف ييرىا مف الجرائـ ،عادة 1
ال تنطكم عمى عنؼ ك ترتكب لدكافع مالية مف قبؿ رجاؿ األعماؿ كأصحاب النفكذ .عرؼ المتخصص في عمـ االجتماع
"ادكيف سذر الند" المصطمح ألكؿ مرة سنة 7222بأنو" :جريمة يرتكبيا فرد مف ذكم الطبقات االجتماعية العميا كلو مكانة
مرمكقة في نطاؽ مينتو" .كتشمؿ جرائـ ذكم الياقات البيضاء :االحتياؿ كالرشكة كاالختالس كالجرائـ اإللكتركنية كانتياؾ
حقكؽ الطبع كتبييض األمكاؿ كانتحاؿ الصفة.
العكلمة ىي كاحدة مف بيف عدة كممات عربية تـ طرحيا كمقابؿ لمكممة االنجميزية Globalizationكالكممة الفرنسية 2
، Mondialisationكىي الكككبة ،الككنية ،الشمكلية ،التدكيؿ ،ككميا أسماء لظاىرة كاحدة ،كلفظ العكلمة ىك األكثر
شيكعا.
مختار حسيف شبيمي ،اإلجراـ االقتصادم كالمالي الدكلي كسبؿ مكافحتو ،منشكرات جامعة نايؼ العربية لمعمكـ األمنية، 3
47
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كتعتبر العكلمة االقتصادية مف أىـ أبعاد العكلمة ،1حيث ترتكز عمى مفيكـ اقتصاد
السكؽ ،فيي عممية سيادة مذىبية السكؽ كقكانينيا لتجعؿ العالـ منطقة تجارة مكحدة؛ حيث
تزكؿ الحكاجز أماـ انتقاؿ السمع كالخدمات كرؤكس األمكاؿ.2
-2دور العولمة االقتصادية في تسهيؿ عمميات تبييض األمواؿ :تعتبر العكلمة المناخ
الخصب الذم أدل إلى استفحاؿ الجريمة االقتصادية كمنيا جريمة تبييض األمكاؿ .5فقد
ساىمت التغيرات التي أحدثتيا العكلمة االقتصادية كما صاحبيا مف سرعة كحرية انتقاؿ
رؤكس األمكاؿ عالميا في فتح منافذ كانت مسدكدة في كجو مبيضي األمكاؿ كميدت ليـ
الطريؽ لكي يباشركا عممياتيـ بكسائؿ مريحة ،كأصبح تبييض األمكاؿ يتـ بشكؿ أسيؿ مف
لظاىرة العكلمة عدة أبعاد ،فإلى جانب البعد االقتصادم ىناؾ البعد السياسي ،البعد االجتماعي كالبعد الثقافي ...الخ. 1
عبد الحميـ عمار يربي ،العكلمة االقتصادية (نظرة استشرافية في مطمع القرف الكاحد كالعشريف) ،دار أبي الفداء لمنشر 2
4عبد المطمب عبد الحميد ،العكلمة االقتصادية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،4002 ،ص.75
5
MARTIN Daniel, Les vulnérabilités des nouvelles technologies de l’information : le
blanchiment sur internet, Institut européen d’étude de commerciales supérieures, Strasbourg,
2000, p34.
48
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
السابؽ ،بؿ أسرع مما يطمبو حشد تمؾ األمكاؿ ليتـ إدخاليا في الدكرة االقتصادية بأساليب ال
تثير أم شككؾ.1
كما يزيد تأكيد مساىمة العكلمة االقتصادية في تسييؿ عمميات تبييض األمكاؿ ،ىك
ذلؾ االرتباط المكجكد بيف العكلمة كالسرية المصرفية ،فكجكد نظاـ السرية المصرفية يعتبر
ضركرم في عصر تزكؿ فيو الحكاجز الجغرافية كالسياسية كاالقتصادية بيف الدكؿ ،ما أدل
إلى إمكانية انتقاؿ رؤكس األمكاؿ األجنبية بسيكلة مف دكلة إلى أخرل .كمف الطبيعي أف
تجد رؤكس األمكاؿ ىذه ،كاليادفة إلى تحقيؽ االستثمارات الدكلية ،حماية ليا في نظاـ
السرية المصرفية كمف ىنا تتضح العالقة بيف نظاـ السرية المصرفية كحركة رؤكس األمكاؿ
كبالتالي تظير مدل تأثير العكلمة االقتصادية عمى أنظمة كمبادئ البنكؾ كالمؤسسات
المالية ،خاصة مبدأ االلتزاـ بالسر المصرفي ،مما يساىـ بصفة مباشرة أك يير مباشرة في
مساعدة اإلجراـ في إيجاد مصادر لتمكيمو.
كما أف لمعكلمة االقتصادية تأثير ىاـ عمى كيفية تسيير كادارة البنكؾ كالمؤسسات
المالية ،حيث تحاكؿ ىذه األخيرة بمجرد مكاكبتيا لمعكلمة أف تقكـ بعمميات لـ تكف تقكـ بيا
مف قبؿ كال تممؾ الخبرة الكافية لمقياـ بيا ،كمف ىنا فقد نجد تزايد عمميات تبييض األمكاؿ
دكف أف يتفطف ليا المسير المصرفي ،خاصة إذا لـ يكف مدعما بتككيف مقبكؿ.2
تعتبر ا لمالذات المصرفية مف أبرز العكامؿ التي ساىمت في انتشار عمميات تبييض
األمكاؿ مف خالؿ المزايا الجبائية التي تمنحيا لممستثمريف ،مما يمكنيـ مف تحقيؽ أرباح
طائمة دكف المركر عمى الرقابة ،فيي تمنحيـ إعفاءات كتخفيضات ضريبية داخؿ أراضييا
بيدؼ جذب رؤكس األمكاؿ كاالستثمارات إلييا لدعـ التنمية االقتصادية بداخميا.3
ىياـ الجرد ،المد كالجزر بيف السرية المصرفية كتبييض األمكاؿ ،الطبعة األكلى ،منشكرات الحمبي الحقكقية ،بيركت، 1
،4002ص.13
2
MARTIN Daniel, Op.Cit, p38.
مختار حسيف شبيمي ،مرجع سابؽ ،ص.12 3
49
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-1مفهوـ المالذات المصرفية :يرجع ظيكر المالذات المصرفية إلى اليكناف القديمة ،حيث
كانت بعض الجزر اليكنانية تستخدـ كمستكدعات بحرية مف قبؿ التجار لتجنب دفع بعض
الضرائب التي كانت تفرض في ذلؾ الكقت عمى السمع المستكردة.
بينما يشير بعض الفقياء في مجاؿ االقتصاد إلى أف أكؿ مالذ مصرفي حقيقي كاف
في سكيسرا ،حيث كانت بنككيا مالذا لرؤكس األمكاؿ الميربة مف االضطرابات االجتماعية
في ركسيا ،ألمانيا كأمريكا الجنكبية ،كىي ال تزاؿ مف أشير المالذات المصرفية عمى
المستكل العالمي بالنظر إلى قكانينيا المصرفية التي تكرس السرية المصرفية المطمقة ،إذ يعد
أم خرؽ ليذه السرية مخالفة جزائية تستحؽ العقاب.1
كيرتبط مفيكـ المالذات المصرفية بالتنظيـ القانكني الذم يساعد عمى عدـ إفشاء
المعمكمات المصرفية ،كىكذا يعتبر السر المصرفي أحد العناصر المككنة لو ،بحيث ال
تفرض القكانيف التزامات عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية ،فيتـ االحتفاظ بسرية المعمكمات
المتعمقة بالعمالء ككذلؾ العمميات التي تتـ ،كال يسمح لمسمطات المكمفة بتطبيؽ القانكف
باالطالع عمى الكثائؽ المتعمقة بذلؾ.2
كتعتبر دكؿ المالذ المصرفي بمدانا ذات سيادة تتيح قكانينيا المتعمقة بإيرادات الدكلة
كأعماليا المصرفية لممكدعيف أك المستثمريف مف بمداف أخرل إمكانية تفادم مسؤكلياتيـ
محمكد محمد سعيفاف ،تحميؿ كتقييـ دكر البنكؾ في مكافحة عمميات يسيؿ األمكاؿ ،دار الثقافة لمنشر كالتكزيع ،القاىرة، 1
،4003ص.713
2
Jean- Michel Racchi et Jacque Terray, Les paradis Fiscaux, édition Arnaud FRANEL,
France, 2011, p197.
3
Ibid, p195.
50
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
الضريبية أك تخفيضيا ،كتكفر ليـ قد ار مف السرية المصرفية كالتجارية كتعتبر ىذه البمداف
بسبب دكرىا الميـ في النشاط المالي الدكلي كسيمة فعالة كمغرية لتبييض األمكاؿ.1
كيتقارب مفيكـ المالذات المصرفية مع مفيكـ المراكز المالية الحرة عمى اعتبار أف
نشاط كال منيما ينصب عمى المجاؿ المالي ،حيث تعمؿ المراكز المالية الحرة عمى تقديـ
الخدمات المالية عمى اختالؼ أشكاليا بكاسطة الكحدات المصرفية كيير المصرفية التي
تتكاجد فييا ،أيف تضع قكاعد مف أجؿ القياـ ببعض العمميات الدكلية التي ليس ليا عالقة
باألنشطة االقتصادية داخؿ إقميميا.2
كيتمثؿ عامؿ التمييز بيف المالذات المصرفية كالمراكز المالية الحرة في ككف أيمب
المؤسسات المالية كالمضاربيف في ىذه األخيرة متكاجديف ماديا فييا ،أم يمكف معرفتيـ ،في
الكقت الذم ال يمكف التعرؼ عمى ىؤالء األشخاص داخؿ المالذات المصرفية.3
كما تتميز المالذات المصرفية عف المراكز المالية الحرة بككف الناشطيف فييا سكاء
كانكا أفراد أك شركات فيـ يسعكف إلى تقميؿ أعبائيـ الجبائية ،حيث يعممكف عمى جعؿ جزء
مف أرباحيـ كممتمكاتيـ يخضع لضريبة أقؿ مف تمؾ المعمكؿ بيا في المكطف األصمي ،في
حيف أف العمميات التي تقاـ في المراكز المالية الحرة تككف ليا أبعاد تجارية محضة يرجى
مف كرائيا تمكيؿ ا لصادرات كبعض األنشطة االقتصادية ،كما أف المعطيات في المالذات
المصرفية تك كف صكرية ككىمية كتستعمؿ ىذه المناطؽ باألساس في تيريب األمكاؿ
كتبييضيا.4
محمد عباس منصكر" ،سرية الحسابات المصرفية المالذ لغسيؿ األمكاؿ" ،المجمة العربية لعمكـ الشرطة ،العدد ،752 1
،7223ص.32
2
CUTAJAR Chantal, L’ordre juridique français face aux sociétés écrans des paris fiscaux,
Institue européen d’études commerciales supérieurs, Strasbourg, 2000, p156.
3
Jean- Michel Rachi et Jaque Terray, Op.Cit, p197.
4محمد عبد اهلل حسيف العاقؿ ،مرجع سابؽ ،ص.521
51
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
التساىؿ في عمميات اإليداع كالتحكيؿ النقدييف إلييا ،مع يياب الرقابة الالحقة عمى األمكاؿ
المكدعة.
كتتميز كذلؾ المالذات المصرفية بتكفر كافة كسائؿ االتصاالت المتقدمة لدييا كالتي
ساعدت بدكرىا عمى انتشار النقكد اإللكتركنية ،كتزايد حجـ التجارة اإللكتركنية ،كعكلمة
الخدمات المالية كالمصرفية ،مما أتاح لمبيضي األمكاؿ أنماط جديدة تشبو إلى حد كبير
التعامالت المالية كالتجارية المشركعة.
كما تتميز المالذات المصرفية بالعديد مف المزايا الجبائية التي تعد الدافع األكؿ
كالمباشر الذم يحفز أصحاب رؤكس األمكاؿ عمى تحكيؿ أمكاليـ إلييا ،كتتجمى المزايا
الجبائية في انعداـ أك انخفاض معدؿ االقتطاعات الضريبية عمى القيمة المضافة كعمى
الدخؿ كعمى األرباح كيير ذلؾ.
فالمالذات المصرفية تكفر مناخا مناسبا لزيادة عمميات تبييض األمكاؿ نظ ار لما تتميز
بو مف خصائص كتكفره مف تسييالت كحكافز في جميع المياديف ،تيسر مف خالليا عمميات
جذب رؤكس األمكاؿ مف مصادر مختمفة بما فييا العكائد اإلجرامية.
يعتبر االقتصاد يير الرسمي مف الظكاىر االقتصادية المتعددة األبعاد كالمخاطر ،إذ
ال يكاد يخمك االقتصاد الكطني ألم دكلة مف انتشار بعض صكر األنشطة االقتصادية
الخفية كاف كاف حجميا يتفاكت مف دكلة ألخرل حسب ظركفيا االقتصادية كاالجتماعية.
52
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-1تعريؼ االقتصاد غير الرسمي : 1يعرؼ االقتصاد يير الرسمي بأنو كافة األنشطة
المكلدة لمدخؿ كالتي ال تسجؿ ضمف حسابات الناتج المحمي اإلجمالي ،إما لتعمد إخفائيا أك
لمتيرب مف االلتزامات القانكنية المرتبطة بالكشؼ عنيا ،كاما ألنيا مخالفة لمنظاـ القانكني
السائد.2
فالمعيار المعتمد في ىذا التعريؼ لمقكؿ بأف نشاط ما يندرج ضمف االقتصاد يير
الرسمي ىك النظر في ما إذا كاف ذلؾ النشاط متضمنا في حساب الناتج المحمي اإلجمالي
ككفقا لذلؾ يتسع مجاؿ االقتصاد يير الرسمي ليشمؿ كؿ األنشطة التي تكلد دخؿ ال يتـ
تسجيمو ضمف حسابات الناتج المحمي اإلجمالي.
كما يعرؼ االقتصاد يير الرسمي بأنو كافة األنشطة المكلدة لمدخؿ سكاء كانت
مشركعة أك يير مشركعة ،كالتي ال تسجؿ ضمف حسابات الناتج الكطني لمدكلة ،إما
لإلفالت مف بعض االلتزامات القانكنية كدفع الضرائب ،أك تفادم بعض القيكد القانكنية
لممارسة النشاط ذاتو ،أك بسبب أف ىذه األنشطة تعد مخالفة لمقكانيف كمف ثـ فيي أنشطة
يير مشركعة.3
كيتضمف االقتصاد يير الرسمي كفقا ليذا التعريؼ عمى طائفتيف مف األنشطة
االقتصادية؛ أنشطة مشركعة كأخرل يير مشركعة.
كتتمثؿ األنشطة المشركعة في كافة األنشطة التجارية التي تسمح بيا قكانيف الدكلة،
كتكسؼ ىذه األنشطة صفة الخفاء ريبة مف أصحابيا في التيرب مف التزامات قانكني كدفع
الضرائب ،بينما تتمثؿ األنشطة يير المشركعة في كافة األعماؿ اإلجرامية التي يعاقب
عمييا القانكف كاإلتجار بالمخدرات كأنشطة الفساد كالرشكة.
تعددت التسميات المقدمة لالقتصاد يير الرسمي منيا :االقتصاد الخفي ،االقتصاد المكازم ،اقتصاد الظؿ ... ،الخ. 1
أحمد حسيف الييتي" ،ظاىرة االقتصاد الخفي كيسيؿ األمكاؿ :المصادر كاآلثار" ،مجمة اإلدارة كاالقتصاد ،كمية اإلدارة 2
53
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كترجع أسباب نمك ظاىرة االقتصاد يير الرسمي إلى مجمكعة مف العكامؿ كاألسباب
االقتصادية ،االجتماعية ،السياسية كاإلدارية السائدة ،كالتي تختمؼ مف دكلة ألخرل ،كمف
أىميا ارتفاع مستكل الضرائب ،انتشار الفساد اإلدارم ،تقييد ممارسة بعض األنشطة
االقتصادية ... ،الخ ،1حيث تشير اإلحصائيات إلى أف متكسط حجـ االقتصاد يير الرسمي
في الجزائر مقارنة بالناتج الكطني الخاـ بمغ 41.3بالمائة سنة ،2000كما خمص تقرير
المجمس االقتصادم كاالجتماعي لسنة 2004حكؿ االقتصاد يير الرسمي ،بأف إحصاء
النشاطات التجارية يير الرسمية الذم أنجز سنة 2000قد كشؼ عف جرد 700سكؽ يير
شرعية ،تغطي مساحة قدرىا 7.2مميكف متر مربع ،كتكظؼ ما يقارب 100000شخص،
2
أم ما يعادؿ 14بالمائة مف التجار المسجميف لدل مصالح المركز الكطني لمسجؿ التجارم
ريـ اإلجراءات المتخ ذة مف قبؿ السمطات العمكمية لمكافحة االقتصاد يير الرسمي ،منيا
فرض التعامؿ بالفاتكرة المنصكص عميو في القانكف 02/04المحدد لمقكاعد المطبقة عمى
الممارسات التجارية.3
-2عالقة جريمة تبييض األمواؿ باالقتصاد غير الرسمي :تتجمى العالقة بيف جريمة
تبييض األمكاؿ كاالقتصاد يير الرسمي في ككف تبييض األمكاؿ يجد مصدره في األمكاؿ
الناتجة عف االقتصاد يير الرسمي ،كفي المقابؿ يعتبر تبييض األمكاؿ الكسيمة التي تسمح
بتعميؽ العالقة بيف االقتصاد يير الرسمي كاالقتصاد الرسمي 4مف خالؿ نقؿ األمكاؿ يير
المشركعة المتحصؿ عمييا في االقتصاد يير الرسمي إلى دائرة االقتصاد الرسمي بإضفاء
الطابع الشرعي عمييا.
قارة مالؾ ،إشكالية االقتصاد يير الرسمي في الجزائر مع عرض كمقارنة تجارب المكسيؾ ،تكنس كالسنغاؿ ،رسالة 1
دكتكراه في العمكـ االقتصادية ،كمية العمكـ االقتصادية كعمكـ التسيير ،جامعة قسنطينة ،الجزائر ،4070/4002 ،ص.22
2
CNES, Rapport sur la conjoncture économique et sociale premier semestre 2004.
3المادة 70مف القانكف 04/02المؤرخ في 42يكنيك 4002المحدد لمقكاعد المطبقة عمى الممارسات التجارية،
ج.ر.ج.ج ،عدد ،27صادر في 41جكاف .4002
يعرؼ االقتصاد الرسمي بأنو" :مجمكعة القكاعد التي تسمح باإلنتاج ،تسيير كاعادة تكزيع الثركة التي يحتاج إلييا 4
المجتمع ،كذلؾ كفقا لمبادئ العدالة كقكاعد السكؽ داخؿ الحدكد التي يسمح بيا المحيط ،كيعتبر االقتصاد الرسمي أساس
اإلصالحات االقتصادية" .أنظر :قارة مالؾ ،مرجع سابؽ ،ص.21
54
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كتشكؿ األمكاؿ يير المشركعة حي از كبي ار داخؿ االقتصاد يير الرسمي كتتميز
بضخامة حجميا ،كتككف عادة في شكؿ نقكد سائمة ،كمف ثـ فال سبيؿ أماـ أصحابيا إال
إخضاعيا لعمميات تبييض األمكاؿ بيدؼ إضفاء الطابع الشرعي عمييا بتمكيو كاخفاء
مصدرىا اإلجرامي.
كما يمجأ أصحاب األمكاؿ يير المشركعة الناتجة مف االقتصاد يير الرسمي إلى
عمميات تبييض األمكاؿ بقصد نقؿ تمؾ األمكاؿ إلى دائرة االقتصاد الرسمي ،كذلؾ مف خالؿ
اإليداع في البنكؾ أك االستثمار في المشركعات التجارية ،بحيث يعاد دمجيا في االقتصاد
الرسمي في صكرة أعماؿ مشركعة ،كلذلؾ يعتبر تبييض األمكاؿ حمقة الكصؿ بيف االقتصاد
يير الرسمي كاالقتصاد الرسمي.1
كيعتبر سكؽ الصرؼ يير الرسمي 2المجاؿ الخصب لمقياـ بعمميات تبييض األمكاؿ
كالمتاجرة في الممنكعات ،إذ أف كميات كبيرة مف األمكاؿ الناتجة عف العمميات يير
المشركعة يتـ تداكليا في المرحمة األكلى في سكؽ الصرؼ يير الرسمي ،3مف أجؿ التمييد
لتبييضيا عف طريؽ دخكليا البنكؾ كالمؤسسات المالية في حسابات جارية عمى دفعات
كأقساط ،فكمما زاد حجـ أسكاؽ الصرؼ يير الرسمية كتزايد عددىا كمما كاف ذلؾ مؤش ار
عمى أمكاؿ يير مشركعة متداكلة داخؿ ىذه األسكاؽ.
أدل التطكر التكنكلكجي في مجاؿ المعامالت كالتحكيالت المصرفية إلى تزايد درجة
االندماج كاالرتباط بيف الدكؿ كالمجتمعات ،كازالة العكائؽ أماـ تدفؽ رؤكس األمكاؿ
العمرم عزت محمد السيد ،جريمة يسؿ األمكاؿ (دراسة مقارنة) ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،كمية الحقكؽ ،جامعة 1
المختصة ،نظ ار لما تفرضو ىذه األخيرة مف قيكد بسبب زيادة الطمب عمى النقد األجنبي لمكاجية العرض المحدكد منو ،كفي
ظؿ ىذه الظركؼ تتكافر فرص سانحة الزدىار أسكاؽ الصرؼ يير الرسمية كالتي تعمؿ بصكرة مكازية ألسكاؽ الصرؼ
الرسمية.
تشير اإلحصائيات يير الرسمية في الجزائر إلى أف حجـ األمكاؿ المتداكلة في سكؽ الصرؼ يير الرسمي نياية سنة 3
4072قد بمغت 5مميار دكالر .أنظر :سميماف ناصر" ،استعادة األمكاؿ المكازية ضركرم لتطكير االقتصاد" ،جريدة الخبر،
عدد 42يكليك .4073
55
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المصرفية كاالستثمارات الدكلية ،كؿ ىذه الظركؼ ىيأت مناخا جديدا مشجعا عمى ارتكاب
الجرائـ.
كما أدت شبكة اإلنترنت إلى ظيكر التجارة اإللكتركنية ،كالتي يمكف أف يتـ عف
طريقيا إجراء العديد مف الصفقات المشبكىة كيير القانكنية ،كالتي تسيـ في عمميات تبييض
األمكاؿ مستغميف في ىذا صعكبة التعرؼ عمى البطاقات الشخصية كعناكيف إقامة المتعامميف
مع المصارؼ الدكلية التي تتعامؿ عبر شبكة اإلنترنت.
عاقب المشرع الفرنسي عمى الجرائـ المعمكماتية بداية مف سنة ،7233عندما تقدـ نكاب الجمعية الكطنية باقتراح مشركع 1
قانكف عف الغش المعمكماتي ،بعدىا تـ تعديؿ قانكف العقكبات سنة 7222حيث طكر مف جريمة التزكير المعمكماتي إلى
جريمة تزكير المستندات المعمكماتية ،ثـ تعديؿ 4002الذم أضاؼ جريمة أخرل ىي جريمة التعامؿ في كسائؿ المكتب
التي يمكف أف ترتكب بيا جريمة.
56
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المبحث الثاني
تنطكم جريمة تبييض األمكاؿ كما سبقت اإلشارة إليو عند تناكلنا لخصائصيا عمى
عنصريف أساسيف ،أال كىما ارتكاب جريمة أصمية كىي التي يتـ منيا الحصكؿ عمى األمكاؿ
يير المشركعة محؿ التبييض ،ثـ استعماؿ طرؽ كأساليب تككف شرعية يبيحيا القانكف
بيدؼ إخفاء الجريمة األصمية كبالتالي إضفاء الشرعية عمى تمؾ األمكاؿ ،كىذه العمميات
تمر بمجمكعة مف المراحؿ كتترتب عمييا مجمكعة مف المخاطر االقتصادية كاالجتماعية
كالسياسية.
القانكف 02/02المؤرخ في 5يشت ،4002المتضمف القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعالـ 1
اإلجراـ المتصؿ بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ كمكافحتو ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،52صادر في 3أكتكبر .4075
أنظر :الصفحة 52كما بعدىا مف ىذه الدراسة. 3
57
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كيتـ ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ بطرؽ كأساليب متعددة كتمر بمراحؿ مختمفة
نتناكليا في المطمب األكؿ ،كما أنيا تنطكم عمى عدة مخاطر كليا آثار سمبية عمى جكانب
كثيرة نتناكليا في المطمب الثاني.
المطمب األوؿ
تبيف لنا مما سبؽ أف اليدؼ مف عمميات تبييض األمكاؿ ىك إخفاء المصدر الحقيقي
لألمكاؿ يير الشرعية ،كحتى تتـ عممية التبييض يمجأ مبيضك األمكاؿ إلى العديد مف
األساليب التي تتـ عادة عبر مراحؿ محددة كذلؾ بحسب ظركؼ كطبيعة العممية ،كما أف
اختيار أسمكب دكف آخر يتكقؼ إلى حد كبير عمى فطنة كخبرة مبيضك األمكاؿ كمناكرة
المكمفيف بعممية التحرم.1
كسنتناكؿ آليات تبييض األمكاؿ مف خالؿ التطرؽ إلى األساليب المستعممة في
تبييض األمكاؿ (الفرع األكؿ) ،ثـ مراحؿ تبييض األمكاؿ (الفرع الثاني).
الفرع األوؿ
يقصد بأساليب تبييض األمكاؿ طرؽ التبييض التي يستخدميا مرتكبك الجريمة في
تحكيؿ إيرادات كعكائد الجرائـ إلى أصكؿ كممتمكات تبدك في صكرة مشركعة ،أك بعبارة
أخرل ىي النيج المتبع في عمميات تبييض األمكاؿ كالذم يمجأ إليو مبيضك األمكاؿ لتنفيذ
الجريمة.2
كمف األساليب التي يستخدميا مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ تمؾ المتعمقة بالمجاؿ
المصرفي مف تحكيالت كايداعات لألمكاؿ ،ثـ بعد ذلؾ استثمارىا بيدؼ التمكيو كاخفاء
ىشاـ بشير ،إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ ،مرجع سابؽ ،ص.40 2
58
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المصدر يير المشركع ،كما يستخدـ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ أيضا أساليب أخرل ال
تتعمؽ بالمجاؿ المصرفي كالشركات الكىمية كشراء العقارات كالتجارة كييرىا مف الطرؽ.
تعتبر المصارؼ الكسيمة األكثر استخداما مف طرؼ مبيضك األمكاؿ كأكثرىا انتشا ار
حيث تكدع األمكاؿ في حساب جارم لدل أحد المصارؼ ،ثـ تجرل عميو العديد مف
العمميات بحيث يصعب التمييز بيف األمكاؿ النظيفة كالمشبكىة.
كيقصد بأساليب تبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي اعتبار البنؾ طرؼ في ارتكاب
جريمة تبييض األمكاؿ سكاء عف عمـ أك عف يير عمـ بمصدر األمكاؿ المكدعة فيو،
فاألساليب المصرفية يقدميا كيقكـ بيا البنؾ ،فيبقى ىذا األخير آلية فعالة كىامة لمتخمص
مف عائدات األنشطة اإلجرامية كتصريفيا.
-1األساليب التقميدية :إف األساليب التقميدية لتبييض األمكاؿ في المجاؿ المصرفي متعددة
حيث يمكف تعداد ما قد يمجأ إليو مبيضك األمكاؿ عمى سبيؿ الذكر.
أ -اإليداع والتحويؿ عف طريؽ البنؾ :تتمثؿ عممية اإليداع في اختيار المكاف الذم ستتـ
فيو عممية التكظيؼ ،فعادة ما يقكـ تجار المخدرات أك مرتكبكا الجرائـ بإيداع األمكاؿ
المحصمة مف الجريمة في بنكؾ بمداف مختمفة كالمراكز المالية خارج الحدكد ،كىذا مف خالؿ
البحث عف شريؾ في البنؾ ،أك سمسار أكراؽ مالية أك كسيط لمساعدتيـ في التخمص مف
ىذه النقكد السائمة ،كذلؾ بإيداعيا في إحدل الحسابات البنكية مف خالؿ فتح حساب في
بنكؾ مختمفة بمراكز مالية خارج الحدكد.
كيشير البعض إلى أف عممية اإليداع كالتحكيؿ عف طريؽ البنؾ تعتبر مف أكثر
العمميات المصرفية شيكعا في ارتكاب جرائـ تبييض األمكاؿ ،حيث يقكـ مبيضك األمكاؿ
59
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كما يعتبر قياـ مبيضك األمكاؿ بكضع كدائعيـ بالبنكؾ الخطكة األكلى لعمميات
تبييض األمكاؿ مف خالؿ فتح حساب في البنؾ كالحصكؿ عمى العديد مف الشيكات أك
الحكاالت المصرفية مقبكلة الدفع لحامميا ،كيتـ بعد ذلؾ تداكؿ ىذه الشيكات كالحكاالت
بسيكلة في عمميات كىمية أك مشركعات داخمية أك خارجية.2
كتتميز عممية اإليداع كالتحكيؿ عف طريؽ البنؾ بككنيا عمى قدر كبير مف السيكلة
كمؤداىا التخمص المادم مف الكميات الضخمة لمنقكد السائمة ،3حيث تمكف البنكؾ مبيضك
األمكاؿ مف فتح حسابات بنكية في بمداف مختمفة سكاء ألنيا تسمح بذلؾ أك ألف تمؾ البنكؾ
تحترـ السر المصرفي ،كبيذا يككف البنؾ قد ساىـ في عممية تبييض األمكاؿ كاظيارىا
بمظير شرعي.4
ب -التواطؤ البنكي :يقصد بالتكاطؤ البنكي قياـ العامميف في المصارؼ بتسييؿ عممية إيداع
األمكاؿ يير المشركعة في المصارؼ دكف مكاجية أية صعكبات في مجاؿ اإليداع أك
التحقيؽ مقابؿ انتفاع شخصي ليـ ،كتككف ىذه العممية أخطر عندما تككف بنكؾ بكامميا
مممككة مف طرؼ منظمي ىذه األعماؿ اإلجرامية ،مما يجعؿ ىذه المصارؼ تمجأ إلى
عمميات تبييض األمكاؿ بكؿ سيكلة.
كما يمكف أف يتـ التكاطؤ البنكي مف خالؿ قياـ البنكؾ بإصدار سندات شرعية تدؿ
عمى قانكنية الصفقة التي يقكـ بيا مبيضك األمكاؿ ،مما يسيؿ عممية إخفاء المصدر
اإلجرامي لتمؾ األمكاؿ.
ىدم حامد فشقكش ،جريمة يسيؿ األمكاؿ في نطاؽ التعاكف الدكلي ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،4004 ،ص.51 1
نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة ،المسؤكلية الدكلية عف جرائـ يسؿ األمكاؿ في ضكء أحكاـ القانكف الدكلي العاـ ،دار 2
60
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كتشترؾ البنكؾ في بعض الدكؿ المتقدمة في عممية تبييض األمكاؿ عمى نطاؽ كاسع
مف خالؿ إنشاء أقساـ خاصة إليراء المستثمريف األثرياء ،كمف أشير البنكؾ التي لعبت دك ار
في ذلؾ نجد بنؾ االعتماد كالتجارة ،سيتي بنؾ ،بنؾ ناشيكنؿ دم باريس.
ج -إعادة االقتراض :كىنا يتـ إيداع األمكاؿ يير المشركعة لدل بنؾ في أم بمد أجنبي
تتكافر فيو مزايا معينة ،كعدـ كجكد ضرائب عمى الدخؿ أك انعداـ الرقابة عمى البنكؾ ،عندئذ
يطمب أحد األشخاص تابع لصاحب األمكاؿ قرضا مف أحد البنكؾ المحمية في بمد آخر
بضماف تمؾ األمكاؿ المكدعة في بنؾ البمد األجنبي كيعني ىذا مف الكجية العممية ،الحصكؿ
عمى أمكاؿ نظيفة في مظيرىا كبالتالي يمكف التعامؿ بيا في شراء ممتمكات أك عقد صفقات
تجارية أك ييرىا مف األنشطة األخرل.
د -استغالؿ خدمات القطاع المالي :بالريـ مف أف البنكؾ ىي األكثر استيدافا لمقياـ
بعمميات تبييض األمكاؿ ،إال أنو ظير اتجاه نحك تبييض األمكاؿ لدل المؤسسات المالية
يير البنكية عف طريؽ استغالؿ خدمات القطاع المالي ،لككف البنكؾ مف المؤسسات األكثر
تنظيما كاألكثر خضكعا لمرقابة ،كلذلؾ كقصد اإلفالت مف تمؾ القيكد الرقابية كالتمكف مف
تبييض األمكاؿ يير المشركعة ،يتـ المجكء إلى سكؽ األكراؽ المالية مف خالؿ القياـ
بعمميات مالية عف طريؽ الشركات العاممة في ذلؾ المجاؿ ،بيدؼ إدخاؿ األمكاؿ يير
المشركعة إلى حركة التداكؿ المشركع لرأس الماؿ.2
كما تتـ عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ شركات التأميف باالعتماد عمى أساليب
متعددة كالقياـ بشراء كثائؽ تأميف ذات قيمة عالية باألمكاؿ يير المشركعة ،ثـ يتـ إلغاؤىا
السيد أحمد عبد الخالؽ" ،اآلثار االقتصادية كاالجتماعية لغسيؿ األمكاؿ" ،مجمة البحكث القانكنية كاالقتصادية ،كمية 1
61
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
بخصـ خالؿ الفترة القانكنية لإللغاء ،كمف تـ يحصؿ عمى شيؾ مف شركة التأميف ،يضفي
بو الصفة المشركعة عمى تمؾ األمكاؿ.1
كفي سبيؿ إضفاء الطابع الشرعي عمى األمكاؿ ذات المصدر اإلجرامي ،يمجأ مرتكبك
جريمة تبييض األمكاؿ إلى القياـ بعمميات االعتماد المستندم ،2كىك عممية خاصة بالتجارة
الدكلية ،يتـ فييا تسييا ميمة إرساؿ البضائع بيف المستكرد كالمصدر ،كتسديد القيمة إلى
المصدر مف خالؿ كساطة البنؾ الذم يعتمد بدفع قيمة الصفقة إلى المصدر إما عف طريؽ
تحكيالت رأس الماؿ أك باعتبار يمؾ القيمة قرضا بفكائد.3
-2األساليب الحديثة :تمجأ الكثير مف المصارؼ إلى تقديـ خدماتيا المالية كالمصرفية مف
خالؿ كسائؿ إلكتركنية حديثة بسبب التطكرات التكنكلكجية ،كىذا ما ساعد في االستفادة مف
ىذه التقنيات كتطكير أساليب تبييض األمكاؿ كىجر األساليب التقميدية قدر اإلمكاف لتفادم
الرقابة المصرفية كاستحالة تتبع مصادر األمكاؿ يير المشركعة ،كمف بيف ىذه األساليب
ما يمي:
أ -بطاقات االئتماف ( :)CREDIT CARDتعد بطاقات االئتماف مف كسائؿ الدفع المعاصرة
المحدثة في مجاؿ المعامالت المالية ،حيث ظيرت أكؿ شركة متخصصة في إصدار
بطاقات االئتماف في سنة 1949كىي شركة داينرز كمكب ( ،)DINERS CLUBكقد
اقتصرت في البداية عمى إصدار بطاقة خاصة بركاد المطاعـ كفي سنة 1951انتقمت
عممية إصدار البطاقات إلى البنكؾ حيث بدأ بنؾ "فرانكميف" في نيكيكرؾ بإصدار البطاقة،
كرس المشرع الجزائرم عممية االعتماد المستندم كآلية لتمكيؿ التجارة الخارجية بمكجب األمر 07/02المؤرخ في 44 2
يكليك 4002المتضمف قانكف المالية التكميمي لسنة ،4002ج.ر.ج.ج ،عدد ،22صادر في 43يكليك .4002حيث
نصت المادة 32عمى أنو" :ال يتـ دفع مقابؿ الكاردات المكجية لمبيع عمى حاليا بكاسطة االعتماد المستندم أك التسميـ
المستندم".
نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة ،مرجع سابؽ ،ص.722 3
62
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كفي ظرؼ سنتيف زاد عدد البنكؾ المصدرة لمبطاقات في الكاليات المتحدة األمريكية عف مئة
بنؾ.1
كما تمكف البطاقات االئتمانية أصحابيا مف استخداميا كأحد كسائؿ الدفع في عدة
دكؿ دكف الحاجة لتحمؿ مخاطر حمؿ النقكد ،كتتمثؿ ىذه الطريقة في إيداع أمكاؿ طائمة في
حساب البطاقة ،بحيث يظؿ الحساب دائنا كيتمكف مبيض األمكاؿ مف سحب األمكاؿ النقدية
أينما كجد في العالـ.3
كأكثر عمميات تبييض األمكاؿ خطكرة كالتي تمت باستخداـ البطاقة االئتمانية ،تمؾ
التي قاـ بيا مرتكبك التبييض في الكاليات المتحدة األمريكية ،حيث قاـ المجرمكف ببناء ماكنة
صرؼ مزكرة استطاعكا عف طريقيا معرفة األرقاـ السرية لمزبائف الذيف استخدمكىا ثـ قامكا
بتزكير ىذه البطاقات كاستخداميا في السحب عف طريؽ المنافذ الحقيقية لمسحب اآللي
كبالتالي االستيالء عمى مبالغ ىؤالء الزبائف ،ليقكمكا بعدىا بإيداعيا في حسابات متعددة
إبراىيـ محمد شاشك" ،بطاقة االئتماف حقيقتيا كتكييفيا الشرعي" ،مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية ،المجمد 1
،4004ص.745
نعيـ سالمة القاضي كآخركف" ،البنكؾ كعمميات يسيؿ األمكاؿ" ،مجمة كمية بغداد لمعمكـ االقتصادية ،العدد،4074 ،22 3
ص.253
63
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
بالبنكؾ ثـ تحكيميا عمى عدة فركع في بمداف مختمفة ،بحيث يتـ التمكيو عف مصدر ىذه
األمكاؿ يير المشركعة.
ب -البطاقات الذكية :البطاقات الذكية ىي كسيمة مف كسائؿ الدفع ،كقد بدأ العمؿ بيا في
بريطانيا سنة 1990كامتد إلى الكاليات المتحدة األمريكية ،تتسـ بأنيا قكية كمتينة كتقاكـ
عكامؿ التمؼ ،حيث تقكـ البطاقة الذكية بصرؼ النقكد التي سبؽ تحميميا مف العميؿ مباشرة
إلى القرص المغناطيسي عف طريؽ ماكنة تحكيؿ آلية 1ATMأك أم تمفكف معد ليذا
الغرض.
كتتميز البطاقات الذكية بمجمكعة مف الخصائص كالسمات التي تنفرد بيا عف بطاقة
االئتماف األخرل ،األمر الذم يغرم مرتكبي جريمة تبييض األمكاؿ ،فيي تمكف مستخدمييا
مف االستغناء عف األكراؽ النقدية كذلؾ بإضافة القيمة النقدية عمى رقائؽ إلكتركنية مكجكدة
عمى البطاقات.
كيمكف لمبطاقات الذكية أف تقكـ بدكر الشيؾ ،ذلؾ أف المصارؼ ليست ىي المستفيدة
مف ىذه البطاقات ،بؿ ىناؾ المستيمؾ الذم يمكنو التعامؿ بيذه البطاقات بكصفيا نقدا أك
شيكات ،لذلؾ فيذه السمة تقرر دكر البطاقات الذكية في جريمة تبييض األمكاؿ مف خالؿ
ت حرير شيكات مسحكبة عمى ىذه البطاقة ثـ سحب قيمة الشيؾ مف النقكد المخزنة في
البطاقة كاعادة شحنيا مرة أخرل مف قبؿ المصرؼ اإللكتركني الخاص بصاحب البطاقة،
كذلؾ بأمكاؿ يريب حامؿ البطاقة في تبييضيا أك تدكيرىا كجعميا أمكاؿ مشركعة بعدما
كانت محصمة مف مصدر يير مشركع.
ج -استخداـ شبكة اإلنترنت :لقد رافؽ تطكر شبكات االتصاالت العالمية (اإلنترنت)
مجمكعة مف التغيرات في األطر الكالسيكية لمتعامالت التجارية كظيكر النقكد اإللكتركنية
حيث أصبح مف السيؿ تبادؿ القيـ النقدية عبر اإلنترنت ،كأصبح قطاع البنكؾ كأم قطاع
تجارم يتداكؿ األمكاؿ مف خالؿ الكسائؿ التكنكلكجية الحديثة ،مما جعؿ عصابات تبييض
ATMاختصار لػ Automated Teller Machineكالتي تعني جياز الصراؼ اآللي ،حيث يمكف لمعمالء الكصكؿ 1
64
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
األمكاؿ تستفيد مف مزايا ىذه التكنكلكجيا ،كبالمقابؿ تغيرت أساليب ككسائؿ تبييض األمكاؿ
كأصبحت تبتعد تدريجيا عف األساليب التقميدية.
كما جعمت شبكة اإلنترنت ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ ميسكرة ،حيث برز ما
يسمى بالتبييض الرقمي أم تحكيؿ األمكاؿ أك تكظيفيا كالتعامؿ مع البنكؾ عبر اإلنترنت أك
إجراء عمميات معقدة مف التحكيالت النقدية مف حساب آلخر كمف بمد آلخر إلخفاء الصفة
يير المشركعة لمصدر األمكاؿ المراد تبييضيا.
كمف بيف الكسائؿ التي يمجأ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ نذكر:
-البنوؾ اإللكترونية (بنوؾ اإلنترنت) :أدل التطكر االقتصادم كالتكجو نحك الرقمنة كزيادة
المنافسة بيف المصارؼ ،إلى استخداـ أحسف كأفضؿ ما تكصمت إليو التكنكلكجيات المتقدمة
فبعد أف تطكرت الخدمات المصرفية مف التقميدية إلى اإللكتركنية ،أصبحت ىناؾ مصارؼ
افتراضية تعمؿ عف بعد مف خالؿ شبكات االتصاؿ المختمفة.
كما أتاحت شبكة اإلنترنت كتقنيات الحاسكب كالبرمجيات المتخصصة لمبنكؾ العاممة
عمى ىذه الشبكة أف تقدـ إلى جكار الخدمات المصرفية التقميدية طائفة مف المعمكمات
كالخدمات التسكيقية ،التي تعد حديثة العيد بالعمؿ المصرفي.1
عالء التميمي ،التنظيـ القانكني لمبنؾ اإللكتركني عمى شبكة اإلنترنت ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،4074 ، 1
ص.22
65
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
البنؾ بتزكيد جياز الكمبيكتر لمعميؿ بحزمة مف البرمجيات ،إما مجانا أك لقاء رسكـ مالية.1
كفي ظؿ التقدـ اليائؿ ككجكد شبكة اإلنترنت كما يترتب عف ذلؾ مف سرعة تبادؿ
كتدفؽ البيانات عبر شبكة اإلنترنت ،تطكر مفيكـ الخدمات المالية عف بعد ،لتتحكؿ الفكرة
مف مجرد تنفيذ أعماؿ عبر خط خاص ،كمف خالؿ برمجيات بنؾ الزبكف إلى بنؾ لو كجكد
كامؿ عمى الشبكة ،كأصبحت البنكؾ اإللكتركنية يير ممزمة بإرساؿ اإلصدارات الجديدة مف
البرمجيات ألنو يمكف لمزبكف أف يدخؿ إلى حساباتو كالى مكقع البنؾ كخدماتو مف أم نظاـ
آخر كفي أم مكاف كأم كقت ،كليس فقط مف كمبيكتره الخاص.
كتسمح البنكؾ اإللكتركنية لمبيضي األمكاؿ بتحكيؿ كنقؿ كميات كبيرة مف األمكاؿ
بسرعة كأماف ،فيذه البنكؾ تعمؿ في محيط مف السرية الشاممة ،إذ ال يككف المتعاممكف فييا
معمكميف اليكية ،باإلضافة إلى أف ىذا النكع مف البنكؾ يير خاضع ألية لكائح أك قكانيف
رقابية ،األمر الذم يمكف كذلؾ مبيضك األمكاؿ مف تحكيؿ أرصدتيـ عدة مرات يكميا في
أكثر بنؾ عبر العالـ كمع ذلؾ يككف أمر تعقبيـ ككشؼ أمرىـ شيئا مستحيال.
-النقود اإللكترونية :أصبحت النقكد اإللكتركنية مف األدكات اليامة التي يستعمميا مرتكبك
جريمة تبييض األمكاؿ إلضفاء المشركعية عمى العكائد اإلجرامية المتأتية مف تجارة
المخدرات كييرىا مف الجرائـ ،كالتي كاف يصعب إخفاؤىا لضخامتيا ،فضال عف عرقمة
اكتشاؼ الجرائـ األصمية التي تحصمت منيا.
ليس لمنقكد اإللكتركنية تعريؼ ثابت ،فقد ظيرت العديد مف التعريفات التي تختمؼ
مف حيث الشكؿ كالصياية ،كتتفؽ في المضمكف عمى أنيا المعالجة الرقمية لممدفكعات عبر
تعددت االتجاىات التي تناكلت تعريؼ البنكؾ اإللكتركنية ،حيث نظر كؿ اتجاه مف زاكية معينة ،كذلؾ عمى النحك 1
التالي:
-تقديـ بعض الخدمات المصرفية عمى اإلنترنت :البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم يقدـ الخدمات المصرفية عبر المكقع
اإللكتركني لو عمى شبكة اإلنترنت.
-التكاجد عمى شبكة اإلنترنت :البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم يكجد فقط عمى شبكة اإلنترنت مف خالؿ شبكة داخمية
متصمة بشبكة اإلنترنت.
-عدـ الكجكد المادم :البنؾ اإللكتركني ىك البنؾ الذم ليس لو فركع مادية كيؤدم خدماتو عبر شبكة اإلنترنت كجياز
الصراؼ اآللي.
66
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
اإلنترنت ،حيث تحؿ قيمة النقد محؿ السيكلة النقدية ،كيتـ ذلؾ مف خالؿ الحكسبة كالرقمنة
بأشكاليا المختمفة.1
كتتجمى العالقة بيف النقكد اإللكتركنية كجريمة تبييض األمكاؿ في استغالؿ مبيضكا
األمكاؿ ليذه النقكد ككسيمة الرتكاب الجريمة .فمما ال شؾ فيو أف النقكد اإللكتركنية تعد
كسيمة مثالية الختزاف القيمة النقدية لألمكاؿ المحصمة مف مصدر يير مشركع تمييدا
لتبيي ض ىذه األمكاؿ كىنا يبرز الجانب السمبي ليذه الكسيمة المتطكرة مف كسائؿ الدفع،
بحيث تتحكؿ إلى كسيمة الرتكاب جريمة تبييض األمكاؿ عمى اعتبار أف مراقبتيا مسألة في
ياية الصعكبة ،فيي ليست مادية محسكسة يمكف مراقبة حركتيا كال تظير اليكية الحقيقية
لممتعامميف بيا.2
كما تساعد طبيعة النقكد اإللكتركنية الخاصة في تأميف األمكاؿ يير المشركعة التي
تحتاج لمتبييض ،إذ مف الصعب التحقؽ مف صحتيا عند إبراـ الصفقات ،فقد يكتشؼ بعد
إتماـ الصفقة أف النقكد اإللكتركنية التي سكيت بيا الصفقة مزكرة ،كمف جية أخرل يؤدم
استخداـ النقكد اإللكتركنية إلى زيادة حاالت التيرب الضريبي حيث يصعب عمى الجيات
المكمفة بتحصيؿ الضرائب مراقبة الصفقات التي تتـ عبر شبكة اإلنترنت باستخداـ ىذه
النقكد.
كيستخدـ مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ النقكد اإللكتركنية خالؿ مرحمتي اإليداع
كالدمج ،ففي المرحمة األكلى يبدأ حائز الماؿ المراد تبييضو بتدكير ىذا الماؿ عف طريؽ
إيداعو في المؤسسة المالية بطريقة اإليداع الرقمي ،كبذلؾ يتفادل القيكد المحاسبية الكرقية.
كفي مرحمة الدمج يقكـ بإجراء تحكيالت رقمية إلى دكؿ أخرل كادخاليا في حركة االقتصاد
العالمي دكف أف تتعرض لخطر كشؼ مصدرىا الحقيقي.
بساـ أحمد الزلمي" ،دكر النقكد اإللكتركنية في عمميات يسؿ األمكاؿ" ،مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية، 1
67
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
يعتبر تبييض األمكاؿ في المجاؿ يير المصرفي مف األساليب الشائعة التي ظيرت
كاستخدمت في المراحؿ األكلى لتطكر جريمة تبييض األمكاؿ فيي تقميدية ،يير أف القكؿ
بأنيا تقميدية ال يعني عدـ استخداميا في الكقت الحاضر مف طرؼ مرتكبك جريمة تبييض
األمكاؿ كانما لككنيا ال تعتمد كثي ار عمى التطكر التكنكلكجي.
-1إنشاء الشركات :تمجأ عصابات تبييض األمكاؿ إلى إنشاء شركات شرعية كتقكـ
بتشغيميا كادارتيا كتكحي مف كراء ذلؾ بصكرة طبيعية لعمميات نقدية كبيرة فيخمطكف أمكاليـ
الغير المشركع ة بأمكاؿ الشركات الشرعية ،كيعتبر تبييض األمكاؿ عف طريؽ إنشاء الشركات
أسمكب مكجكد في أيمب دكؿ العالـ.
كتكفر الشركات يطاء لمذم يقكـ بتبييض األمكاؿ ،حيث تمارس ىذه الشركات أنشطة
تجارية كيير تجارية ،تعمؿ مف خالليا دكر الكسيط بيف أصحاب رؤكس األمكاؿ يير
المشركعة مف أجؿ إصباغ صفة المشركعية عمييا مقابؿ الحصكؿ عمى عمكالت ،كمف ىذه
الشركات نذكر:
أ -الشركات الوهمية :يطمؽ عمى الشركات الكىمية أيضا تسمية شركات الدمى أك الشركات
الصكرية ،ألنيا ال تقكـ باأليراض المنصكص عمييا في العقد التأسيسي ،كلكف تقكـ
بالكساطة في عمميات تبييض األمكاؿ.
فالشركات الكىمية ىي شركات أجنبية مستترة يصعب عمى الحككمات االطالع عمى
مستنداتيا المالية ،كيتـ إنشاؤىا في الدكؿ التي تفرض نظاـ سرية الحسابات المصرفية ،حيث
ال يسمح بالكشؼ عف مصدر الدخؿ أك تتبع حركتو داخؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية.
كتكظؼ الش ركات الكىمية في عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ استخداـ ذمتيا في
عقد الصفقات المشبكىة كشراء الشركات الخاسرة أك التي في مرحمة التصفية ،كال تكجد أية
صعكبة لدل بعض الدكؿ في تأسيس مثؿ ىذه الشركات.
68
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كما تقكـ الشركات الكىمية بدكر الكسيط بيف أصحاب رؤكس األمكاؿ يير المشركعة
مقابؿ الحصكؿ عمى عمالت كبيرة ،كما تقكـ ىذه الشركات بصكرة أخرل مف صكر تبييض
األمكاؿ عف طريؽ إنشاء فرع داخؿ دكلة مركزىا الرئيسي خارج ىذه الدكلة كتطمب استيراد
سمع مف الخارج كتحدد أسعار ىذه السمع بمبالغ أكبر مف قيمتيا الحقيقية ثـ تمزـ فركعيا في
الخارج بإيداع ىذا الفرؽ في حسابات سرية ليا في دكؿ أجنبية أخرل.
ب -الشركات الورقية :تكجد في بعض الدكؿ شركات تعرؼ باسـ الشركات الكرقية ،كيتـ
إنشاء ىذا النكع مف الشركات عمى الكرؽ مف خالؿ تسجيميا في السجالت الرسمية كدكف أف
يعمـ بيا أحد ،حيث ال يكضع اسـ رئيس مجمس اإلدارة أك حتى اسـ مالكيا ،كعندما تعمؿ
ىذه الشركات فإنيا تقكـ بنقؿ األمكاؿ مف بعض الدكؿ كايداعيا في حسابات الشركات
الكرقية.1
ج -شركات الواجهة :ىي شركات أجنبية ال تكتفي بالغرض المنصكص عميو في العقد
التأسيسي ليا ،بؿ تقكـ بالكساطة في عمميات تبييض األمكاؿ يير المشركعة ،كذلؾ مف
خالؿ القياـ بالتحكيالت النقدية كاستبداؿ العمالت بمساعدة المؤسسات المالية أك بمساعدة
شركات السمسرة في سكؽ األكراؽ المالية.
كيستخدـ المجرمكف شركات الكاجية بيدؼ تبييض األمكاؿ يير المشركعة مف خالؿ
فتح حسابات باسـ الشركة داخمية كخارجية كتككف بالتالي المالذ القانكني لعمميات تبييض
األمكاؿ ،كتككف ىذه الشركات منتشرة بصكرة فعمية في الدكؿ التي تفتقر إلى الرقابة المحكمة
كتمتاز بمنظكمة سرية المعامالت المصرفية كسيكلة الدخكؿ كالخركج منيا كسيكلة
اإلجراءات المتبعة في تأسيس الشركات أك شرائيا.
كما يتـ تبييض ا ألمكاؿ عف طريؽ ىذا النكع مف الشركات بأساليب متعددة منيا خمؽ
نزاع كىمي بيف شركتيف ،حيث ينتيي بالحكـ إلحدل الشركتيف بدفع مبمغ ىك في األصؿ مف
األمكاؿ يير المشركعة التي تـ إيداعيا في حساب الشركة.
69
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-2التهريب :أخذت مسألة التيريب أبعادا خطيرة مف خالؿ ظيكر شركات متخصصة
عمميا الرئيسي ىك التيريب تعرؼ باسـ .GHOST COMPANIE
كيعتبر التيريب مف أشير األساليب التي كاف يستخدميا مرتكبك جريمة تبييض
األمكاؿ في نقؿ العكائد يير المشركعة خارج البالد ،كيرجع السبب في ذلؾ إلى سيكلة نقؿ
األمكاؿ إلى الخارج.
كيتـ تيريب األمكاؿ كاستعماليا في عمميات تبييض األمكاؿ مف خالؿ عدة أساليب
كحيؿ مف أىميا:
أ -تهريب النقود الورقية :تعتبر عمميات تيريب األمكاؿ إحدل أىـ المشاكؿ التي تكاجو
الدكؿ كاف كانت ليا الجذكر التاريخية التي ترقى إلى عمؽ التاريخ ،إال أف األمر أخد يزداد
خطكرة بتطكر أساليب النقؿ كسيكلة االنتقاؿ.1
كتتـ عممية تيريب الم حصالت النقدية يير المشركعة كالناتجة عف عمميات يير
مشركعة عف طريؽ النقؿ المادم حيث يقكـ المتكرطكف بأنفسيـ بالعممية أك عف طريؽ
أشخاص آخريف بالكسائؿ البسيطة كإخفائيا في الجيكب السرية لمحقائب كداخؿ األجيزة
المنزلية كفي ألعاب األطفاؿ ،أك مف خالؿ تكاطؤ بعض العامميف في المطارات كالمكانئ ...
إلى يير ذلؾ مف الطرؽ التي تساعد في تيريب النقكد إلى الخارج.
كقد تضمف التقرير السنكم الذم أعدتو مجمكعة العمؿ المالي الدكلية لسنة
1996/1995أف تيريب العممة عبر الحدكد الدكلية مازاؿ يشكؿ أحد األساليب الرئيسية في
تبييض األمكاؿ ،كىك ما دفع بالمجمكعة إلى إصدار تكصية خاصة في ىذا الشأف ضمف
التكصيات األربعيف المتعمقة بمكافحة تبييض األمكاؿ تدعك إلى ضركرة اتخاذ تدابير عممية
الكتشاؼ كمراقبة النقؿ المادم لمنقكد دكف المساس بحرية انتقاؿ رؤكس األمكاؿ ،كلتسييؿ
تحقيؽ ىذا اليدؼ اقترحت المجمكعة ضركرة اإلعالف لمسمطات الجمركية عف المبالغ التي
تتجاكز حد معيف عند دخكؿ الدكلة أك الخركج منيا.
نعيـ مغبغب ،تيريب كتبييض األمكاؿ (دراسة في القانكف المقارف) ،الطبعة األكلى ،د.د.ف ،بيركت ،4005 ،ص.77 1
70
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كحرصا مف الدكؿ عمى مكافحة تيريب العممة كأسمكب لتبييض األمكاؿ عممت عمى
تعزيز الرقابة الجمركية كتجريـ كؿ فعؿ مف شأنو التستر عما يحممو المسافر مف نقكد إذا
تجاكزت حد معيف ،ففي الكاليات المتحدة األمريكية يفرض عمى المسافر مأل إقرار بمبمغ
النقكد التي يحمميا إلى البالد إذا تجاكزت قيمة عشرة آالؼ دكالر أمريكي.
أما في الجزائر ،فقد ألزـ بنؾ الجزائر المسافريف المقيميف كيير المقيميف القادميف
مف الخارج أك المتكجييف إلى الخارج بالتصريح لدل مكتب الجمارؾ ،عند الدخكؿ إلى
التراب الكطني كعند الخركج منو ،باألكراؽ النقدية ك/أك كؿ أداة أخرل قابمة لمتداكؿ محررة
بالعمالت األجنبية قابمة لمتحكيؿ بصفة حرة التي يستكردكنيا أك يصدركنيا إذا كاف مبمغيا
يساكم أك يفكؽ قيمة ألؼ ( )1.000يكرك.1
ب -تهريب الذهب واألحجار الكريمة :يعتبر تيريب الذىب كاألحجار الكريمة مف األساليب
التي تمجأ إلييا جماعات الجريمة المنظمة في تبييض األمكاؿ لما لمذىب مف قيمة معترؼ
بيا عالميا كقابؿ لمتحكيؿ في أم مكاف في العالـ ،حيث يمجأ مبيضك األمكاؿ إلى شراء
الذىب كاأللماس كتيريبو كذلؾ لغالء ثمنو كصغر حجمو ،كبعد أف ينجح الميرب في نقؿ
الذىب كاأللماس خارج البالد قد يعكد بيا مرة أخرل إلى البمد الذم خرجت منو ،كلكنو يعمف
لمسمطات الجمركية عف المبمغ المالي الذم بحكزتو حتى يككف إدخاؿ األمكاؿ إلى البالد قد
تـ بطريقة قانكنية كشرعية.
-3المكاسب الوهمية مف ألعاب القمار :يتـ تبييض األمكاؿ بكاسطة ىذا األسمكب ،كذلؾ
بأف يككف ىناؾ تكاطؤ بيف الالعبيف ،حيث يتعمد كافة الالعبيف الخسارة حتى يربح أحدىـ
كتككف النقكد التي يربحيا ىي مجمؿ األمكاؿ يير المشركعة ،كقد يقكـ مبيضك األمكاؿ
بشراء كميات كبيرة مف الفيش كتسديد قيمتيا نقدا أك إيداع النقكد لدل الكازينك عمى أمؿ
المادة 02مف النظاـ 04/73المؤرخ في 47أبريؿ 4073يحدد سقؼ التصريح باستيراد كتصدير األكراؽ النقدية ك/أك 1
األدكات القابمة لمتداكؿ المحررة بالعمالت األجنبية القابمة لمتحكيؿ بصفة حرة مف طرؼ المقيميف كيير المقيميف،
ج.ر.ج.ج ،عدد ،45صادر في 43أبريؿ .4073
71
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المغامرة الحقا ،ثـ يغامر بمبمغ زىيد أك ال يغامر ليقكـ بعد ذلؾ بإعادة الفيش مقابؿ شيؾ
باسمو أك بسـ شخص آخر حيث يبدك ككأنو تحصؿ عمى المبمغ مما اكتسبو في المغامرة.1
-4إبراـ الصفقات الوهمية :يعتبر إبراـ الصفقات الكىمية مف األنشطة الشائعة االستخداـ
في عمميات تبييض األمكاؿ .فبتضخيـ األسعار يككف بمقدكر مبيضك األمكاؿ نقؿ األمكاؿ
إلى الخارج باختالؽ فكاتير مزكرة كميا تتضمف أسعار مضاعفة عف تمؾ التي تـ دفعيا ثمنا
لمبضاعة إف كانت ىناؾ بضاعة تـ شراؤىا فعال.2
كما يقكـ أصحاب األمكاؿ المراد تبييضيا بعمميات استيراد سمع مف بمد ما يكدع
أمكالو بيا ،كيقدـ مستندات صكرية لمجيات الحككمية باالتفاؽ مع المصدر األجنبي كيذكر
ثمنا أقؿ مف قيمتيا ،ثـ يقكـ المستكرد (الجاني) س ار بإيداع الفرؽ بيف القيمتيف لحساب في
أحد البنؾ بالخارج خصما مف أمكالو ،فيتحقؽ لممستكرد ربح كبير مف عممية االستيراد ،كىك
مصدر مشركع يعطي الشرعية ألمكالو.3
كذلؾ قد يقكـ صاحب الماؿ يير المشركع بنفس العممية عند تصدير سمعة لمخارج
بقيمة صكرية أكبر مف قيمتيا الحقيقية ،كيمكؿ الفرؽ مف أمكاؿ قذرة بالخارج محققا ربح كبير
مف عممية التصدير ،كيظير ذلؾ بكضكح إذا كاف صاحب األمكاؿ يير المشركعة ىك
المصدر كالمستكرد في نفس الكقت.4
-5دور السمسرة :تستغؿ دكر السمسرة في عمميات تبييض األمكاؿ بسيكلة مف خالؿ
تحكيؿ مبمغ كبير مف األمكاؿ إلى سماسرة متعاكنيف في إحدل الدكؿ لشراء كميات كبيرة مف
األسيـ كالسندات بأسمائيـ أك بسـ شخص آخر أك بسـ شركة كىمية .كاذا كانت األسيـ يير
اسمية فإف ىذا يزيد مف سيكلة عممية تبييض األمكاؿ فيككف تسجيؿ ىذه السندات يير
ضركرم.5
عبد الكىاب عرفة ،الشامؿ في جريمة يسؿ األمكاؿ ،المكتب الفني لممكسكعات القانكنية ،اإلسكندرية ،د.ت.ف ،ص.44 3
72
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كما أدل انفتاح األسكاؽ المالية الدكلية عمى بعضيا البعض ،كمع إلغاء القيكد عمى
حركة رؤكس األمكاؿ فيما بينيا ،إلى تشجيع المضاربيف عمى القياـ بعمميات لتبييض أمكاليـ
الناتجة عف أعماؿ يير مشركعة عف طريؽ تحكيؿ ىذه األمكاؿ مف الداخؿ إلى الخارج ،ثـ
يقكـ بإعادتيا مرة أخرل إلى الداخؿ في صكرة قانكنية مستغميف في ذلؾ االتجاه المتسارع
نحك تنشيط بكرصة األكراؽ المالية ،كتتـ ىذه العمميات م ار ار كتك ار ار مما ينطكم عمى عمميات
تبييض لألمكاؿ.1
مف خالؿ تناكلنا ألساليب تبييض األمكاؿ ،يمكننا القكؿ بأنيا تختمؼ كتتعدد ،لكف
اليدؼ منيا كاحد كىك إضفاء صفة المشركعية عمى األمكاؿ المحصمة مف ارتكاب الجرائـ
كأف ىذه األساليب يير محصكرة في بقعة جغرافية محددة ،إذ تمتد إلى دكؿ عدة كقد تسمؾ
مسالؾ طكيمة إلخفاء المصدر يير الحقيقي لألمكاؿ كمف ثـ تعكد إلييا عمى أنيا أمكاؿ
مشركعة.
الفرع الثاني
تمر جريمة تبييض األمكاؿ بعدة مراحؿ ىدفيا الرئيسي إخفاء المصدر يير المشركع
لألمكاؿ كادماجيا في االقتصاد المشركع كمحاكلة قطع الصمة بيف الماؿ كمصدره األصمي
المستمد منو ،كالذم يشكؿ جريمة أصمية تدر ربحا ىك أساس تبييض األمكاؿ ،مما يؤدم
إلى صعكبة مالحقتيا أمنيا كجمع األدلة التي تثبت ارتكاب الجريمة.
كمما ال شؾ فيو ،أف ىناؾ صعكبة في تحديد المراحؿ التي تمر بيا عمميات تبييض
األمكاؿ ،فيي مسألة معقدة يساىـ فييا العديد مف األشخاص الطبيعييف كاالعتبارييف ،كؿ
كاحد لو دكر في سبيؿ إخفاء المصدر يير المشركع لألمكاؿ كالقياـ بعدة أنشطة مشركعة
لتحكيميا مف أمكاؿ قذرة إلى أمكاؿ نظيفة.
نسريف عبد الحميد ،الجرائـ االقتصادية (التقميدية – المستحدثة) ،المكتب الجامعي الحديث ،مصر ،4002 ،ص.202 1
73
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
فبالريـ مف مسايرة أيمب الفقو 1لرأم خبراء مجمكعة العمؿ المالي الدكلية القائؿ بأف
جريمة تبييض األمكاؿ تمر بثالثة مراحؿ أساسية ،إال أف ىذا التقسيـ أصبح ينظر إليو عمى
أنو تقميدم ،كظير تقسيـ حديث يقكـ عمى أساس التمييز بيف ثالثة أنكاع مف التبييض تتمثؿ
في التبييض البسيط ،ثـ التبييض المدعـ ،فالتبييض المقنف.
يقكـ التقسيـ التقميدم عمى اعتبار أف جريمة تبييض األمكاؿ تمر بثالثة مراحؿ
أساسية كمترابطة ،كؿ مرحمة تميد لممرحمة الالحقة إلى ياية المرحمة األخيرة التي يككف فييا
الماؿ قد انقطعت صمتو عف أصمو اإلجرامي ،كيمكف التعرض ليذه المراحؿ كالتالي:
-1مرحمة التوظيؼ (اإليداع) :مرحمة التكظيؼ ىي العممية األكلى التي يبدأ بيا مرتكبكا
جريمة تبييض األمكاؿ لمتخمص مف األمكاؿ المتحصؿ عمييا مف النشاط اإلجرامي
األصمي ،2حيث يتمثؿ جكىرىا في اختيار المكاف الذم ستتـ فيو عممية تبييض األمكاؿ إما
مف خالؿ إدخاليا في النظاـ المصرفي أك في تجارة قانكنية أك يير ذلؾ مف األساليب.3
كما تعني ىذه المرحمة إيداع األمكاؿ الناتجة عف أنشطة يير مشركعة في شركات
مالية أك مصارؼ أك مؤسسات ادخار محمية أك خارجية ،األمر الذم يعني تكظيؼ األمكاؿ
يير المشركعة في صكرة إيداعات بالمؤسسات المالية أك المصارؼ أك شراء أسيـ مؤسسة
مالية أك تجارية أك ييرىا.4
كتعد مرحمة التكظيؼ األقؿ تعقيدا عمى اعتبار أنيا البداية لعممية تبييض األمكاؿ
كفييا يستطيع مبيضكا األمكاؿ التخمص مف عائداتيـ اإلجرامية ،كادخاليا في إحدل آليات
محمد صادؽ إسماعيؿ ،عبد العاؿ الديربى ،جرائـ الفساد بيف آليات المكافحة الكطنية كالدكلية ،المركز القكمي 1
لإلصدارات القانكنية ،القاىرة ،4074 ،ص32؛ نبيؿ محمد عبد الحميـ عكاجة ،مرجع سابؽ ،ص32؛ باسؿ عبد اهلل
الضمكر ،مرجع سابؽ ،ص41؛ عمي لعشب ،مرجع سابؽ ،ص .42أنظر كذلؾ:
Geert Delrue, Le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme, 2eme édition,
édition MAKLU, 2014, p147.
2
Sophie Petrini - Jonquet, Politique criminelle en matière de blanchiment de la lutte national
aux obstacles internationaux, Thèse de doctorat, 1997, p139.
3عبد الحكيـ مصطفى الشرقاكم ،العكلمة المالية كتبييض األمكاؿ ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،4003 ،ص.20
محمد صادؽ إسماعيؿ ،عبد العاؿ الديربى ،مرجع سابؽ ،ص.20 4
74
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
االقتصاد الرسمي .ككذلؾ األكثر خطكرة السيما عندما تتـ عف طريؽ البنكؾ أيف تخرج
األمكاؿ يير المشركعة مف دائرة اإلخفاء لتدخؿ دائرة التعامؿ المادم ،كبالتالي تككف عرضة
الفتضاح أمرىا ،فيي أضعؼ حمقات مراحؿ تبييض األمكاؿ نظ ار لما تقكـ بو األجيزة
المكمفة بمكافحة تبييض األمكاؿ مف تركيز محاكلة الكشؼ عف ىذه األمكاؿ قبؿ أف تدخؿ
نطاؽ التداكؿ.
تجدر اإلشارة أف مرتكبك جريمة تبييض األمكاؿ ال يقكمكف بإيداع مبالغ كبيرة في
البنكؾ دفعة كاحدة ،فيعمدكف لتجنيد العديد مف األشخاص بتجزئة الماؿ إلى مبالغ ال تزيد
عف حد معيف بقدر ما يسمح بو البنؾ دكف أف يتحرل عف مصدر الماؿ ،ليتـ اإليداع في
بنكؾ مختمفة كبحسابات متعددة مف عدة أشخاص محترفيف كليست لدييـ أية سكابؽ أك
شبيات.
-2مرحمة التغطية (التمويه) :تعتمد مرحمة التغطية عمى إخفاء عالقة األمكاؿ يير
المشركعة بعد دخكليا قنكات النظاـ المصرفي عف مصدرىا يير المشركع مف خالؿ القياـ
بالعديد مف العمميات المالية المتتالية ،الكبيرة الحجـ ،مع تكفير التغطية القانكنية كبالتالي
إعطاؤىا يطاء شرعي.1
كتتصؼ مرحمة التغطية بككنيا أصعب مراحؿ تبييض األمكاؿ مقارنة بمرحمة اإليداع
بالنسبة لمج يات المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ ،حيث يصعب كشؼ حقيقة كطبيعة
األمكاؿ يير المشركعة بسبب الصفقات المالية المتعددة ،كاعتبار أف األمكاؿ يير المشركعة
تككف قد خضعت لعدة مستكيات مف التدكير.
كما تتميز ىذه المرحمة بتعدد األساليب المستخدمة في التعتيـ عمى مصدر األمكاؿ
يير المشركعة ،كإبراـ الصفقات المتعاقبة التي تجعؿ العكدة إلى ممفات المحاسبة صعبة
حيث يستحيؿ عمى أم محاسب العكدة إلى أصؿ الكدائع التي تمت بصفقات كىمية ،ككذلؾ
التحكيؿ عبر الرسائؿ اإللكتركنية باإلضافة إلى تكرار التحكيؿ مف حساب بنكي إلى حساب
بنكي آخر .كليذا الغرض يستعاف بالكسائؿ الفنية المتطكرة لضماف سرعة التحكيؿ ،كيتـ
المجكء بصفة خاصة إلى شركات متخصصة في إجراء ىذه التحكيالت السريعة ،أك طمب
1
Sophie Petrini – Jonquet, Op.Cit, p140.
75
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
القركض بضماف األمكاؿ المكدعة ،كتكظيؼ حصيمة القرض في شراء األصكؿ أك األسيـ
كالسندات ثـ إعادة بيعيا كتسديد القركض.1
ف األمكاؿ يير المشركعة التي يتـ تبييضيا قد تظير في أم مكاف في العالـ خاصة
في ظؿ الجيكد الدكلية الرامية إلى مكافحة الجريمة ،ما يحتـ عمى مرتكبكا جريمة تبييض
األمكاؿ اليركب إلى أماكف ال تخطر بباؿ ،في سبيؿ التخمص مف الرقابة كالمالحقة ،أك
سعيا كراء تحقيؽ نسب أكبر مف األرباح.
كتجرل يكميا عبر العالـ عمميات مصرفية إلكتركنية أك يدكية ،يتـ مف خالليا تبييض
المالييف مف الدكالرات المتصمة باألنشطة يير المشركعة دكف حكاجز جغرافية ،كقد أصبح
بإمكاف مبيضكا األمكاؿ تحريؾ كنقؿ األصكؿ النقدية ميما كاف حجميا مف كالى أم منطقة
في العالـ.2
-3مرحمة الدمج :تعتبر مرحمة الدمج مف أىـ مراحؿ عممية تبييض األمكاؿ ،كفييا يقكـ
المبيضكف بجمع األمكاؿ مف مختمؼ مكاقعيا لتككيف رأس الماؿ ،كمف تـ إعادة األمكاؿ
المبيضة مرة أخرل إلى االقتصاد ،بحيث يعاد دمجيا في النظاـ المصرفي كتبدك في نياية
األمر ككأنيا عكائد طبيعية لعمميات تجارية مما يرسخ القناعة لدل اآلخريف بأف األمكاؿ
المبيضة ليا مصادر مشركعة.
كما تعتبر مرحمة الدمج المرحمة النيائية كاألكثر عالنية كمف شأنيا إضفاء صفة
المشركعية عمى األمكاؿ المبيضة ذات المصدر يير المشركع ،كبالتالي يحدث التكامؿ
الفعمي لمعكائد اإلجرامية بإعادة استثمارىا.3
فإذا كاف مف السيؿ إثبات أثر العائدات يير المشركعة في مرحمتي اإليداع كالتمكيو
فإنو مف الصعب التمييز بيف العكائد المشركعة كنظيرتيا يير المشركعة في مرحمة الدمج
حيث يقؿ في ىذه المرحمة خطر اكتشاؼ مصدر ىذه العكائد ،بعد أف تككف قد أخذت
محمكد كبيش ،السياسة الجنائية في مكاجية يسؿ األمكاؿ ،الطبعة الثانية ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،4007 ،ص.21 1
فريد عمكاش" ،جريمة يسؿ األمكاؿ :المراحؿ كاألساليب" ،مجمة العمكـ اإلنسانية ،جامعة بسكرة ،الجزائر،العدد ،74ص.2 2
ىشاـ بشير ،إبراىيـ عبد ربو إبراىيـ ،مرجع سابؽ ،ص.73 3
76
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المراحؿ السابقة سنكات عديدة ،1كيرجع ذلؾ لألساليب المتبعة في ىذه المرحمة خاصة المجكء
إلى المضاربة في األسكاؽ المالية المنتشرة في جميع أنحاء العالـ ،إضافة إلى التسييالت
االئتمانية (القركض) كفتح االعتماد الالزمة لمقياـ بعمميات التصدير كاالستيراد.
يقكـ التقسيـ الحديث لعمميات تبييض األمكاؿ عمى أف اعتبار كجكد نمكذج مكحد
لعمميات تبييض األمكاؿ يتـ بترتيب مرحمي حسب التقسيـ التقميدم ىك أمر يير كاقعي ،نظ ار
الختالؼ ظركؼ تبييض األمكاؿ ككمياتيا ،ككذلؾ اختالؼ األنظمة القانكنية التي في ظميا
تجرم عمميات تبييض األمكاؿ ،فقد تتـ عممية تبييض األمكاؿ في مرحمة كاحدة أك عمى
مرحمتيف لتعمقيا باالعتبارات الشخصية لمقائميف بالتبييض ،كيعتبر ىذا االتجاه السائد في
عمميات تبييض األمكاؿ المختمفة خاصة تمؾ التي تتـ باألساليب الحديثة كىذا لسيكلة
الطريقة.
-1التبييض البسيط :تستخدـ في ىذا النكع مف عمميات التبييض أقصر الدكرات ،ككذلؾ
أساليب قميمة التعقيد في سبيؿ تحكيؿ العكائد يير المشركعة إلى أمكاؿ شرعية كيستعمؿ
التبييض البسيط إذا تعمؽ األمر بعمميات قميمة األىمية تيدؼ لالستيالؾ السريع لألمكاؿ
محؿ التبييض أك استثمارىا في مشاريع صغيرة .كيتـ التبييض البسيط عادة في الدكؿ
كالمناطؽ التي ال تكجد فييا قيكد عمى عمميات تبييض األمكاؿ ،أك تككف القيكد فييا
محدكدة.2
كاألمثمة عف التبييض البسيط لألمكاؿ كثيرة ،منيا ألعاب القمار كاستثمار األمكاؿ يير
المشركعة في أنكاع مف التجارة التي تتميز بككف التعامؿ فييا يتـ عادة بالسيكلة النقدية.
نادية قاسـ بيضكف ،مف جرائـ أصحاب الياقات البيضاء (الرشكة كتبييض األمكاؿ) ،منشكرات الحمبي الحقكقية ،بيركت، 1
،4003ص.704
باخكية ادريس ،باخكية دريس ،جريمة يسؿ األمكاؿ كمكافحتيا في القانكف الجزائرم ،رسالة دكتكراه في القانكف ،كمية 2
الحقكؽ كالعمكـ السياسية ،جامعة أبك بكر بمقايد بتممساف ،الجزائر ،4074/4077 ،ص.54
77
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-2التبييض المدعـ :ييدؼ التبييض المدعـ إلى إعادة استثمار العكائد اإلجرامية في
أنشطة شرعية أكبر مف المشاريع االستثمارية المتبعة التبييض البسيط.1
كيشمؿ التبييض المدعـ مبالغ مالية سبؽ كاف خضعت لمتبييض البسيط ،كمثاؿ ذلؾ
أف تككف لدل تاجر المخدرات أمكاؿ كبيرة كيجد صعكبة في إضفاء الشرعية عمييا ،فيقكـ
بداية بعممية التبييض البسيط لجزء مف أمكالو عف طريؽ ألعاب القمار كالجزء اآلخر يخمطو
مع عائد احد المشركعات االستثمارية الصغيرة ،ثـ يقكـ بتجميع األمكاؿ المحصمة إلى باقي
الماؿ المحصؿ مف الجريمة كيستخدميا في استثمارات أكبر مف المشركعات االستيالكية
كالمضاربة العقارية كانشاء الشركات الكىمية كفتح حسابات ليا لدل البنكؾ.
كما أف التبييض المدعـ عادة ما ينجز في دكؿ كمناطؽ ذات رقابة كقيكد متكسطة
في مكاجية جريمة تبييض األمكاؿ كيستعاف فيو بأساليب معقدة كف خالؿ فنييف كمستشاريف.
-3التبييض المقنف :تستخدـ في ىذا النكع مف عمميات تبييض األمكاؿ أساليب متعددة
بالغة الدقة كاإلتقاف تجعؿ تتبع مصدر األمكاؿ المستثمرة مستحيؿ ،كيقكـ يالبا بيذه
العمميات عصابات إجرامية ،كما تتـ عممية تبييض األمكاؿ في أكثر مف دكلة اعتمادا عمى
مجمكعة مف الشركات المكزعة في دكؿ العالـ كشركات التصدير كاالستيراد ،كاالستعانة
بخبراء مصرفييف كمستشاريف قانكنييف عمى درجة عالية مف الخبرة كالكفاءة.2
كيحتاج مبيضكا األمكاؿ في ىذا النكع إلى كميات كبيرة مف األمكاؿ ،كالتي يتـ نقميا
بيف الشركات بطريقة سريعة كباستخداـ أحدث الكسائؿ التكنكلكجية بيدؼ إخفاء المصدر
الحقيقي ليا.
كنالحظ أف االتجاه الحديث في تقسيـ عمميات تبييض األمكاؿ لـ يقدـ الجديد ،كانما
ركز عمى بعض الطرؽ كاألساليب المتبعة في ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ ،كذلؾ بالنظر
لجسامة كتعقد عممية تبييض األمكاؿ كحجـ األمكاؿ ذات المصدر يير المشركع محؿ
التبييض.
78
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
المطمب الثاني
قد يتراءل لمبعض بأف لجريمة تبييض األمكاؿ آثار إيجابية خاصة في حالة اتخاذ
عمميات التبييض الصكر العينية ،مثؿ إقامة شركات استثمار كتكفير العديد مف مناصب
الشغؿ كالمساىمة في الحد مف البطالة ،كتكفير قدر إضافي مف السمع يسمح باستقرار
األسعار المحمية ،إال أف ذلؾ يمكف الرد عميو ببساطة بأف عدـ مشركعية الدخؿ الذم تجرم
عمميات تبييض األمكاؿ عميو يمثؿ قكة شرائية يير ناتجة عف نشاط اقتصادم حقيقي ،مما
يؤدم إلى آثار سمبية عمى األسعار المحمية ،كيساىـ في حدكث ضغكط تضخمية ،تيدد
مستقبؿ التنمية االقتصادية كاالجتماعية.
إف بعض اإليجابيات التي تتحقؽ مف استخداـ األمكاؿ المبيضة ،ال يمكف أف تبرر أك
تعادؿ فداحة اآلثار السمبية الناتجة عنيا ،خاصة مف الناحية االقتصادية كاالجتماعية
كالسياسية.
الفرع األوؿ
تتجمى المخاطر االقتصادية كاالجتماعية التي تتكلد عف جريمة تبييض األمكاؿ مف
خالؿ اإلضرار ببنية االقتصاد الكطني ككذا الدكلي ،سكاء فيما يتعمؽ بالدكؿ التي تكلدت
فييا األمكاؿ يير المشركعة ،أـ فيما يتعمؽ بالدكؿ التي تتـ فييا عممية تبييض األمكاؿ.1
حيث ال ييتـ مبيضي األمكاؿ بمكضكع الجدكل االقتصادية لالستثمار بقدر اىتماميـ
بالتكظيؼ الذم يسمح بإعادة تدكير األمكاؿ.2
محمد عبد أبكسمرة ،جريمة يسيؿ األمكاؿ ،الطبعة األكلى ،دار الراية لمنشر كالتكزيع ،األردف ،4070 ،ص.57 2
79
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
تعددت المخاطر المترتبة عف عمميات تبييض األمكاؿ خاصة تمؾ المتعمقة بالمجاؿ
االقتصادم ،كذلؾ باعتبار أف األمكاؿ المبيضة ال تخضع لمقكاعد االقتصادية كالمالية مما
يتسبب في الكثير مف المخاطر التي تناكليا بنكع مف التفصيؿ فيما يمي:
-1انخفاض الدخؿ الوطني :تؤدم جريمة تبييض األمكاؿ إلى تيريب األمكاؿ كصكرة مف
صكر التبييض كبالتالي استقطاع األمكاؿ الميربة إلى الخارج مف الدخؿ الكطني ،كبذلؾ تفقد
عممية اإلنتاج مقكما أساسيا أال كىك رأس الماؿ مما يعيؽ إنتاج السمع كالخدمات فينعكس
سمبا عمى الدخؿ الكطني باالنخفاض.1
كقد يتأتى األثر عمى الدخؿ الكطني مف انخفاض إنتاجية االستثمارات يير
المشركعة ،حيث إف ىذه االستثمارات ال تستيدؼ تعظيـ األرباح كيترتب عمى ذلؾ انخفاض
حصيمة الضرائب عمى الدخؿ مما يؤدم إلى انخفاض اإلنفاؽ العاـ كبالتالي انخفاض الدخؿ
الكطني.
كاف كانت جريمة تبييض األمكاؿ تؤثر سمبيا عمى الدخؿ الكطني ،فإف ليا تأثير عمى
تكزيع الدخؿ ،كذلؾ أف مصدر األمكاؿ يير مشركع ،كاألمكاؿ المبيضة ىي في األصؿ
منتزعة مف فئات المجتمع الكادحة ،كبناء عمى ذلؾ يحدث تحكيؿ لمدخؿ مف فئات كادحة
تحصؿ عمى دخكؿ مشركعة إلى فئات يير منتجة تحصؿ عمى دخكؿ يير مشركعة ،كبذلؾ
يحدث تكزيع عشكائي لمدخؿ الكطني ،فتزيد الفجكة بيف األينياء كالفقراء في المجتمع.2
كما يمكف لجريمة تبييض األمكاؿ أف تؤدم إلى إعادة تكزيع الدخؿ الكطني مف خالؿ
بركز رجاؿ أعماؿ جدد ليـ قدرات كبيرة في مجالي االدخار كاالستثمار ،كالجرأة عمى كلكج
مجاالت االستثمار المحفكفة بالمخاطر ،مما ينعكس سمبا عمى باقي رجاؿ األعماؿ
كالمستثمريف مف جية كعمى النمك االقتصادم مف جية أخرل.3
عبد اهلل خبابة" ،انعكاسات يسؿ األمكاؿ عمى تمكيؿ التنمية في الدكؿ النامية" ،مجمة كمية بغداد لمعمكـ االقتصادية 1
80
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-2ارتفاع معدؿ التضخـ وتدهور قيمة العممة :تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ سكاء تمت
في صكرة نقدية عبر البنكؾ كالمؤسسات المالية ،أك في صكرة عينية عف طريؽ شراء
العقارات كالتحؼ كالشركات المفمسة ...الخ في رفع معدؿ التضخـ بسبب زيادة الكتمة النقدية
المعركضة التي تجد طريقيا إلى اإلنفاؽ االستيالكي مف مبيضي األمكاؿ ،كىي فئات تمتاز
بعدـ الرشد في اإلنفاؽ ،مما يؤدم إلى زيادة حجـ الطمب الكمي في المجتمع مصحكبا
بتدىكر القكة الشرائية لمنقكد.
كذلؾ فإف جريمة تبييض األمكاؿ تؤثر سمبا عمى قيمة العممة الكطنية نظ ار لالرتباط
الكثيؽ بيف ىذه العممية كتيريب األمكاؿ إلى الخارج ،كما يعنيو ذلؾ مف زيادة الطمب عمى
العمالت األجنبية التي يتـ تحكيؿ األمكاؿ الميربة إلييا بيدؼ اإليداع في البنكؾ الخارجية
أك اال ستثمار في الخارج ،كال شؾ بأف النتيجة الحتمية لذلؾ ىي انخفاض قيمة العممة
الكطنية مقابؿ العمالت األجنبية.1
-3انخفاض معدؿ االدخار واالستثمار :يعتبر تبييض األمكاؿ دربا مف دركب الفساد المالي
كاالقتصادم ،لذلؾ فإف تأثيره عمى انخفاض معدؿ االدخار ،يظير في الدكؿ النامية التي
تشيع فييا الرشاكل كالتيرب الضريبي ،كىي الدكؿ التي يمكف كصفيا بالدكؿ الرخكة كما
أسماىا االقتصادم ميرداؿ (.2 )Myrdal
كتكجد عالقة عكسية بيف جريمة تبييض األمكاؿ كاالدخار ،فكمما زادت عمميات
تبييض األمكاؿ قؿ معدؿ االدخار ،كذلؾ بسبب تيريب رؤكس األمكاؿ إلى الخارج ،كبالتالي
ينتج عنيا تناقص المدخرات التي يمكف أف تكجو إلى االستثمار ،كيتسع نطاؽ الفجكة
التمكيمية ،حيث يتـ إيداع المدخرات في البنكؾ الخارجية دكف أف تكجو إلى قنكات االستثمار
داخؿ البمد.
كما تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ عمى االستثمار مف خالؿ إفساد مناخ االستثمار
ذاتو ،إذ أف مناخ االستثمار عبارة عف تكليفة مف مجمكعة العكامؿ االقتصادية كاالجتماعية
رمزم نجيب القسكس ،يسؿ األمكاؿ جريمة العصر ،الطبعة األكلى ،دار كائؿ لمنشر ،عماف ،4004 ،ص.52 1
عبد العزيز عياد ،تبييض األمكاؿ القكانيف كاإلجراءات المتعمقة بالكقاية منيا كمكافحتيا في الجزائر ،الطبعة األكلى ،دار 2
81
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
كالسياسية كالقانكنية تعمؿ عمى خمؽ الثقة كاالستقرار الذم يشجع االستثمار ،كتبييض
األمكاؿ ينخر في كؿ ذلؾ مف خالؿ زعزعة االستقرار ما يدفع الحككمات إلى تغييره كالتشديد
فيو مما يشكش عمى مناخ االستثمار.
-4تراجع التحصيؿ الضريبي :تكجد عالقة كثيقة بيف التيرب الضريبي كجريمة تبييض
األمكاؿ ،حيث يتجو المتيربكف مف دفع الضرائب إلى إيداع أمكاليـ في بنكؾ خارج دكلتيـ
تككف بعيدة عف أعيف السمطات المختصة ،كبمنأل عف إمكانية مالحقتيا كتجريميا
كمصادرتيا ما يحدث خسائر في اإليرادات الضريبية.
فاألمكاؿ التي تخرج مف أم بمد لتستقر في البنكؾ األجنبية نتيجة لعمميات تبييض
األمكاؿ تشكؿ إليرادات الدكلة ،مما يجعؿ الحككمات تضطر إلى رفع سقؼ الضرائب
المقررة ،كفرض ضرائب جديدة عمى أصحاب الدخكؿ المشركعة ما يؤدم إلى زيادة العبء
الضريبي كانخفاض المدخرات.
-5التأثير عمى السياسات االقتصادية :تؤثر جريمة تبييض األمكاؿ سمبا عمى صياية
السياسات االقتصادية سكاء مف الناحية المالية أك النقدية أك التجارية ،كذلؾ لعدـ دقة
البيانات كالمعمكمات الالزمة لصياية ىذه السياسات ،كمف ثمة تحد مف كفاءتيا كفعاليتيا في
تحقيؽ االستقرار االقتصادم ،فاعتماد تخطيط كادارة السياسات االقتصادية في الدكلة عمى
السيكلة المتكفرة لدل البنكؾ ،كلما كانت األمكاؿ المراد تبييضيا تنتقؿ مف دكلة إلى أخرل
بمبالغ كبيرة كبشكؿ مفاجئ ،األمر الذم يؤدم إلى انخفاض مقدار السيكلة في الدكلة
المحكؿ منيا األمكاؿ ،فيؤدم ىذا التحكؿ إلى خمؿ في المخطط االقتصادم لمدكلة ،كما
يخمؽ في الدكلة المحكؿ إلييا اعتقادا خاطئا بأف ىناؾ كفرة في السيكلة بسبب التكسع
االقتصادم المصاحب لدخكؿ األمكاؿ المراد تبييضيا ،مما يدفع السمطات النقدية إلى إتباع
سياسة نقدية كائتمانية تقكـ عمى الحد مف التكسع االقتصادم ،ثـ تفاجأ بالحركة العكسية ليذه
األمكاؿ كتحكيميا مرة أخرل إلى الخارج كىنا تكتشؼ أنيا اتبعت سياسة اقتصادية خاطئة ال
تعبر عف حاجة االقتصاد الفعمية.
82
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-6اإلضرار بالنظاـ المصرفي :تؤدم عمميات تبييض األمكاؿ إلى المساس بثقة المستثمريف
في النظاـ المصرفي ،كقد تؤدم إلى انييار المصارؼ المتكرطة في عمميات التبييض ،كقد
تمكف ىذه األمكاؿ المصارؼ المتعثرة مف البقاء ضمف القطاع المصرفي.1
كما تؤدم عمميات تبييض األمكاؿ إلى انييار البكرصات التي تستقبؿ األمكاؿ يير
ا لمشركعة حيث يككف اليدؼ مف شراء األكراؽ المالية إتماـ مرحمة مف مراحؿ تبييض
األمكاؿ كليس االستثمار ،مما يؤدم إلى حدكث انخفاض في أسعار األكراؽ المالية في
البكرصة ثـ انييارىا.2
باإلضافة إلى ذلؾ ،تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ في فقداف السيكلة النقدية سكاء
بالعممة المحمية أك بالعمالت األجنبية ،مما بتسبب في تآكؿ احتياطي الصرؼ مع كؿ عممية
تبييض دكلي.
ال تقتصر مخاطر جريمة تبييض األمكاؿ عمى الجانب االقتصادم لمدكؿ فحسب
كانما تمتد إلى الجكانب االجتماعية ،فيي تعمؿ عمى انتشار الجريمة في المجتمع ،كما
تساعد في ارتفاع معدالت البطالة كاحداث خمؿ في البنياف االجتماعي في الدكؿ التي يتـ
تيريب األمكاؿ منيا.
-1زيادة انتشار الجريمة :إف نجاح أصحاب األمكاؿ يير المشركعة المحصمة مف جرائـ
تجارة المخدرات كالرشكة كالتيريب كييرىا مف الجرائـ في اإلفالت مف مالحقة السمطات
المختصة ،كاستخداـ تمؾ األمكاؿ في تصرفات عينية كنقدية يشجع ييرىـ عمى سمكؾ طريؽ
الجريمة ،فجريمة تبييض األمكاؿ تساعد عمى زيادة معدؿ الجريمة المنظمة كيير المنظمة.
كتعتبر جرائـ اإلرىاب مف أكثر الجرائـ ارتباطا بعمميات تبييض األمكاؿ ،فالكثير مف
األمكاؿ يير المشركعة أصبحت تستخدـ في تمكيؿ اإلرىاب كالتطرؼ ،كىك ما جعؿ ىيئة
صالح جزكؿ ،جريمة تبييض األمكاؿ في قانكف العقكبات الجزائرم كالشريعة اإلسالمية ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،كمية 1
83
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
األمـ المتحدة تسارع إلى تجريـ كؿ عمؿ يرمي إلى تمكيؿ اإلرىاب مف خالؿ االتفاقية
الدكلية لقمع تمكيؿ اإلرىاب ،1التي حثت الدكؿ األطراؼ عمى ضركرة سف تشريعات تجرـ
األفعاؿ التي مف شأنيا تمكيؿ اإلرىاب ،كبناء عمى ذلؾ بادرت العديد مف الدكؿ إلى سف
تشريعات تتعمؽ بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،كمف بيف ىذه الدكؿ الجزائر كذلؾ
مف خالؿ القانكف 01/05المتضمف الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمكافحتيما.2
-2زيادة معدؿ البطالة :ال يمكف الفصؿ بيف عمميات تبييض األمكاؿ كمعدالت البطالة
سكاء في الدكؿ النامية أـ في الدكؿ المتقدمة ،حيث أف تيريب األمكاؿ مف داخؿ البالد إلى
الخارج عبر القنكات المصرفية كييرىا ،يؤدم إلى نقؿ جزء مف الدخؿ القكمي إلى الدكؿ
األخرل ،كمف تـ تعجز الدكؿ التي ىرب منيا رأس الماؿ عمى اإلنفاؽ عمى االستثمارات
الالزمة لتكفير مناصب الشغؿ لممكاطنيف كمف تـ مكاجية خطر البطالة في ظؿ الزيادة
السنكية الذم يعرفو العرض في سكؽ العمؿ.3
كيبمغ تأثير خركج األمكاؿ يير المشركعة أضعاؼ خركج األمكاؿ المحصمة مف
أنشطة اقتصادية مشركعة ،فاألخيرة تعني أنيا كظفت في خدمة االقتصاد ،كساىمت في
إشباع جزء مف حاجات المجتمع ،كخمقت فرص عمؿ مف مستكيات مختمفة ،إال أف األمكاؿ
المحصمة مف الرشكة كالفساد اإلدارم تعني أنيا محصمة مف أنشطة أضرت بالمجتمع
كحرمتو مف تكظيؼ رأسمالو تكظيفا سميما.4
اعتمدت االتفاقية الدكلية لقمع تمكيؿ اإلرىاب كعرضت لمتكقيع كالتصديؽ بمكجب قرار الجمعية العامة لألمـ المتحدة رقـ 1
شخص بأية كسيمة كانت ،مباشرة أك يير مباشرة ،كبشكؿ يير مشركع كبإرادة الفاعؿ ،مف خالؿ تقديـ أك جمع المعمكمات
بنية استخداميا كميا أك جزئيا ،مف خالؿ ارتكاب الجرائـ المكصكفة بأفعاؿ إرىابية أك تخريبية ،المنصكص كالمعاقب عمييا
بالمكاد مف 31مكرر إلى 31مكرر 70مف قانكف العقكبات".
بابكر الشيخ ،يسيؿ األمكاؿ( آليات المجتمع في التصدم لظاىرة يسيؿ األمكاؿ) ،دار كمكتبة الحامد لمنشر كالتكزيع، 3
84
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
-3إحداث خمؿ في البنياف االجتماعي :تتيح جريمة تبييض األمكاؿ لمقائميف بيا الحصكؿ
عمى مكاسب كبيرة بما يمكف أف يعيد الترتيب الطبقي في المجتمع ،فنجاح أصحاب الدخؿ
يير المشركع في االنتفاع بحصيمة الجريمة يؤدم إلى صعكد ىؤالء المجرميف إلى قمة اليرـ
االجتماعي في الكقت الذم يتراجع فيو مركز أصحاب الكفاءات ،كيصبح الماؿ ىك معيار
القيمة لألفراد في المجتمع بصرؼ النظر عف مصدره مما يؤدم إلى شعكر شريحة كاسعة
خاصة مف الشباب باإلحباط كالرككف إلى السمبية كىك ما يتسبب في اىتزاز القيـ االجتماعية
كتيديد السمـ االجتماعي.1
كذلؾ ،تساىـ جريمة تبييض األمكاؿ في زيادة الفجكة بيف األينياء كالفقراء في
المجتمع كيتمثؿ ذلؾ في سكء تكزيع الدخؿ الكطني ،إذ يتـ تحكيؿ الدخكؿ مف الطبقات
المنتجة التي تزداد فق ار إلى الطبقات يير المنتجة التي تزداد ثراء.
-4الحيمولة دوف تبوء أصحاب الكفاءات مجاالت العمؿ :إف جريمة تبييض األمكاؿ كما
ينتج عنيا مف كجكد أشخاص يممككف رؤكس أمكاؿ ضخمة يير مشركعة ،يؤدم إلى سيطرة
ىذه الفئة عمى المراكز االقتصادية كالسياسية ،كيمنعكف بالتالي أصحاب الكفاءات مف تبكء
مجاالت العمؿ التي تتالءـ مع إمكانياتيـ كمؤىالتيـ خكفا مف اكتشاؼ حقيقة أمكاليـ يير
المشركعة ،كاما خكفا عمى فقدانيـ المراكز التي كصمكا إلييا بفضؿ تمؾ األمكاؿ يير
المشركعة.
الفرع الثاني
تؤدم جريمة تبييض األمكاؿ إلى العديد مف المخاطر السياسية التي تؤثر بشكؿ
سمبي عمى كياف الدكلة كاستقرارىا ،نذكر منيا:
85
ماهية جريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل األول :
يؤدم انتشار جريمة تبييض األمكاؿ إلى اإلضرار بنزاىة الحكـ ،مف خالؿ محاكلة
فرض ىيمنة كسطكة الماؿ يير المشركع عمى مختمؼ دكاليب الحكـ ،إذ أف تراكـ الثركة في
يد أصحاب ىذه الجريمة يدفعيـ إلى ممارسة تأثير عمى المسئكليف في الدكلة مف أجؿ
إصدار الق اررات السياسية كاالقتصادية التي تخدـ مصالحيـ.
كما يحاكلكف بطرؽ عدة كالرشكة كالفساد الكصكؿ إلى الحكـ بتعبئة القكل كاألصكات
بكاسطة كسائؿ اإلعالـ المختمفة أك شراء أك خمؽ كسائؿ إعالـ مقركءة أك مسمكعة كحتى
بصرية خاصة بيـ ،كقد يتمكف أصحاب األمكاؿ يير المشركعة مف اختراؽ بعض أجيزة
الدكلة السياسية كالقضائية كالكصكؿ إلى مركز صنع القرار كالبرلماف كالك ازرات ،األمر الذم
يفضي إلى تمتع ىؤالء بالحصانة كاالشتراؾ في كضع تشريعات الدكلة.
يقكـ مبيضكا األمكاؿ بتمكيؿ مختمؼ النزاعات العرقية كالطائفية في مختمؼ مناطؽ
العالـ ،بكاسطة السالح كالماؿ ،حيث أشارت األمـ المتحدة إلى أف األرباح الناتجة عف
تبييض األمكاؿ تمكؿ بعض أقدـ النزاعات الدينية كالرقية مف خالؿ بث الخالفات الداخمية
كاشعاؿ الفتف الطائفية كتمكيميا بالسالح كالمساعدات.
كىناؾ عالقة كثيقة بيف أنشطة عصابات الجريمة المنظمة كحدكث الصراعات
الداخمية مف خالؿ تمكيؿ صفقات األسمحة ،حيث يقدر عدد الصراعات التي نشبت في
العالـ بعد الحرب العالمية الثانية بحكالي مائتيف كخمسيف صراعا ،أيمبيا داخمي ككثير منيا
صراع عرقي أك ديني.
86
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفصل الثاني
ورغم اختالف التشريعات المقارنة في حصر الجريمة األصمية التي تكون سابقة عن
جريمة تبييض األموال ،إال أنيا وضعت ليذه األخيرة إطار قانوني خاص بيا وىذا بعد
التنصيص عمييا في قانونيا الداخمي ،وذلك من خالل تحديد القواعد القانونية التي تحكميا
ووضع وصف قانوني خاص بيا يجعل منيا جريمة مستقمة قائمة بأركانيا.
وسوف نتناول اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال من خالل التطرق إلى التكييف
القانوني لنشاط تبييض األموال (المبحث األول) ،ثم األحكام القانونية العامة لجريمة تبييض
األموال (المبحث الثاني).
المبحث األول
التكييف القانوني لنشاط تبييض األموال
ال يختمف الرأي عمى عدم مشروعية نشاط تبييض األموال ،لكن ىذا ال يكفي لوصف
تبييض األموال بجريمة ،وانما يجب أن يكون نشاط التبييض مطابق لمنموذج القانوني الذي
نص عميو المشرع.2
المادة 20من القانون رقم =2لسنة 0220المتعمق بمكافحة غسل األموال ،مرجع سابق؛ المادة 20من القانون رقم 1
87
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
إن ف كرة التكييف القانوني ىي عممية تيدف إعطاء الفعل المرتكب الوصف الذي
ينطبق عميو من بين كافة األوصاف التي يتضمنيا التشريع الجنائي.
ونظ ار لخصوصية جريمة تبييض األموال وتميزىا عن سائر الجرائم فقد ثار جدال
عما إذا كانت ىناك حاجة ماسة إلى إفراد جريمة تبييض األموال بتشريع خاص أم ال ،حيث
يرى بعض الفقو أن ىناك نصوص في قانون العقوبات تكفي لتجريم نشاط تبييض األموال
دون الحاجة إلى تدخل تشريعي لتجريم ىذا النشاط بمقتضى نصوص خاصة وذلك عمى
أساس أن غياب التجريم الخاص لجريمة تبييض األموال ال يعني عدم مسؤولية القائم
بالتبييض ،إ ذ يمكن معاقبتو إما عمى أساس قواعد المساىمة الجنائية التبعية ،أو بوصف
جريمتو المرتكبة عمى أنيا جريمة إخفاء محصالت جناية أو جنحة.
وعمى ذلك انقسم الفقو في تأصيل التكييف القانوني لنشاط تبييض األموال إلى
اتجاىين :استند االتجاه األول لألوصاف التقميدية (المطمب األول) ،بينما استند االتجاه
الثاني إلى اعتبار نشاط تبييض األموال جريمة قائمة بذاتيا بمقتضى نص قانوني خاص
(المطمب الثاني).
المطمب األول
يعد نشاط تبييض األموال صنفا جديدا من األنشطة اإلجرامية المستحدثة ،وىو كأي
نشاط إجرامي مستحدث يستعصي في البداية عمى التكييف ،وبالرغم من ذلك حاول جانب
من الفقو تكييف نشاط تبييض األموال باعتباره مساىمة جنائية تبعية (الفرع األول) ،بينما
ذىب جانب آخر إلى اعتبار نشاط تبييض األموال صورة من صور إخفاء األشياء المحصمة
من جناية أو جنحة (الفرع الثاني).
88
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع األول
أطمق الفقو عمى أحوال االشتراك في الجريمة تسمية "المساىمة التبعية" عمى اعتبار
أنو ال يتصور قانونا وجود شريك دون فاعل ،ومن ثم يسمى "بالمساىم التبعي في الجريمة".
فنشاط المساىم التبعي يستمد صفتو اإلجرامية من الفعل األصمي ،ويقصد بذلك أن
فعل المتدخل (المساىمة التبعية) ال يشكل بذاتو جريمة مستقمة وال يكتسب صفة اإلجرامية
إال بوقوع الجريمة األصمية.1
ويقصد بالمساىمة الجنائية حالة تعدد الجناة ووحدة الجريمة التي يرتبطون بيا ماديا
ومعنويا ،أي تفترض تدخل أكثر من شخص (جاني) يتعاونون فيما بينيم فيصدر عن كل
واحد منيم فعال أو أفعاال تتجو إلى تحقيقيا ،فيي مشروعيم اإلجرامي ،ويسأل جنائيا تبعا
لذلك كل مساىم في تمك الجريمة.2
وىذا يعني أن حالة المساىمة الجنائية ال تقوم إال إذا توافرت شروط تعدد الجناة
وضابط ذلك أن يكون ىناك شخصان عمى األقل ووحدة الجريمة التي تقتضي أن تجتمع
األفعال المتعددة عمى تحقيق نتيجة واحدة ،فيقوم الركن المادي ،وينبغي أن تجتمع اإلرادات
المتعددة برابطة واحدة ،فيقوم الركن المعنوي.3
تعددت اآلراء حول األساس الذي يستمد منو نشاط المتدخل الصفة اإلجرامية من نشاط الفاعل .إذ ظيرت نظرية 1
االستعارة التي تقرر أن المتدخل يستعير إجرامو من الفاعل األصمي ،فمصير المتدخل ومسؤوليتو مرتبطة دائما بمصير
ومسؤولية الفاعل لكن ىذه النظرية أدت إلى نتائج شاذة ألن تعمق معاقبة المتدخل عمة معاقبة الفاعل ،فإذا لم يكن معاقبا
لجنونو أو عدم توافر الركن المعنوي فمن يعاقب المتدخل ،كما أن نشاط المتدخل قد يكون في بعض الحاالت أكثر خطورة
من نشاط الفاعل .ليذا ظيرت نظرية أخرى ىي نظرية التبعية التي ترى أن تجريم نشاط المتدخل تابع لتجريم نشاط الفاعل
إذا ارتكب الفاعل جريمة متكاممة األركان.
عمي عبد القادر القيوجي ،قانون العقوبات :القسم العام (نظرية الجريمة-المسؤولية الجنائية) ،الدار الجامعية لمطباعة 2
89
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وبناء عمى ذلك تنقسم المساىمة الجنائية إلى قسمين؛ مساىمة أصمية 1والتي تتطمب
وجود أثر من فاعل وشريك ووحدة الجريمة ماديا ومعنويا ،ومساىمة تبعية والتي تفترض قيام
الشخص بنشاط تبعي أو التدخل في نشاط إجرامي ،فنشاط المساىم التبعي سبب لنشاط
المساىم األصمي ونشاط كالىما سببا لوقوع النتيجة اإلجرامية في المساىمة الجنائية.2
يقصد بالمساىمة الجنائية التبعية تعدد الجناة في مرحمة سابقة عمى تنفيذ الجريمة أال
وىي مرحمة التفكير في ارتكاب الجريمة واإلعداد ليا ،فالمساىمة التبعية إذن ال تعني القيام
بدور رئيسي أو أصمي في تنفيذ الجريمة ،وا نما تفيد القيام بدور ثانوي أو تبعي ،مثل إرشاد
الفاعل األصمي لمجريمة أو الشد من عزيمتو...الخ.3
وقد تناول المشرع الجزائري المساىمة التبعية (االشتراك) من خالل المادة 42من
قانون العقوبات التي نصت عمى ما يمي" :يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشت اركا
حددت المادة 90من قانون العقوبات صفة الفاعل األصمي في الجريمة ،فاعتبرت الفاعل كل من ساىم مساىمة مباشرة 1
في تنفيذ الجريمة أو حرض عمى ارتكاب الفعل باليبة أو الوعد أو التيديد أو إساءة استعمال السمطة أو الوالية أو التحايل
أو التدليس اإلجرامي.
خثير مسعود" ،المساىمة الجنائية في جرائم االمتناع" ،مجمة دفاتر السياسة والقانون ،جامعة أدرار ،الجزائر ،العدد،02 2
،0209ص==.0
عوض محمد عوض ،سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لمقانون الجزائي ،الطبعة األولى ،المؤسسة الجامعية لمدراسات 3
90
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
مباش ار ولكنو ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعمين عمى ارتكاب األفعال
التحضيرية ،أو المسيمة أو المنفذة ليا مع عممو بذلك".
وكذلك المادة 43من نفس القانون التي نصت عمى أن "يأخذ الحكم الشريك من
اعتاد أن يقدم مسكنا أو ممجأ أو مكان لالجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون
المصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع عممو
بسموكيم اإلجرامي".
فال يمكن اعتبار شخص ما شريكا في جناية أو جنحة ،إال إذا وقعت مساىمتو بفعل
من األفعال المنصوص عمييا في المادتين 42و 43السابقتين الذكر ،والتي تمثل الركن
المادي في المساىمة التبعية مع توافر القصد الجنائي ،بحيث أنو ال بد أن يكون المتيم الذي
يساىم في الجناية أو الجنحة عمى عمم بيا ويشترك فييا بمحض إرادتو.1
ثانيا :مدى إمكانية اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية التبعية
تفترض المساىمة الجنائية تعدد الجناة ووحدة الجريمة المرتكبة حيث تصبح ىذه
األخيرة ثمرة تعاون ما بين عدة أشخاص ،وان كان األصل أن يقوم شخص واحد بارتكاب
كافة العناصر المكونة لمنشاط اإلجرامي ،فإن ذلك ال يمنع من أن يشترك آخرون في
الوصول بيذا النشاط إلى غايتو عن طريق التحريض أو االتفاق أو المساعدة.
وبالعودة إلى نشاط تبييض األموال ،فإن المشكمة ال تثار إذا كان القائم بتبييض
األموال ىو نفسو الشخص الذي ارتكب الجريمة األصمية مصدر األموال غير المشروعة
كالشخص الذي يقوم بتأسيس شركة من مال غير مشروع متحصل من االتجار غير
المشروع بالمخدرات فالجاني يعاقب عمى ما ارتكبو من نشاط حسب قانون مكافحة المخدرات
والمؤثرات العقمية وذلك كون تبييض األموال بالنسبة لممساىمين األصميين بمثابة إخفاء آلثار
جريمتيم ،وبالتالي ال يعاقبون عمييا بصفة مستقمة.2
بمعميات إبراىيم ،أركان الجريمة وطرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري ،الطبعة األولى ،دار الخمدونية ،الجزائر، 1
< ،022ص.=:
أمجد سعود الخريشة ،مرجع سابق ،ص=.00 2
91
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
فالمشكمة تثار إذا كان مبيض األموال من غير المساىمين األصميين في الجريمة
التي تحصل منيا عمى األموال غير المشروعة أي مساىم تبعي ،فمبيض األموال لم يقم
بارتكاب الجريمة األصمية بل تمثل نشاطو في تبييض األموال المحصمة من جريمة.1
واذا كانت المساىمة الجنائية التبعية تقتضي إحدى الصور السموكية الثالث
(التحريض أو االتفاق أو المساعدة) ،فإن نشاط تبييض األموال سواء تم عن طريق الجياز
المصرفي أو خارجو ال يقع إال عن طريق المساعدة ،فالمصارف أو المؤسسات المالية غير
المصرفية ،إنما تمد عميميا بالوسيمة التي تضمن لو حصد ثمار مشروعو اإلجرامي
والمساعدة كصورة من صور االشتراك تشمل كافة األعمال المجيزة والمسيمة والمتممة
الرتكاب الجريمة.2
إن اعتبار المساىمة الجنائية التبعية ولو من الناحية النظرية وصفا جنائيا يمكن
تطبيقو عمى نشاط تبييض األموال ،يستمزم أركان وضوابط يتعين توافرىا وااللتزام بيا حتى
يمكن القول بإمكان انطباق وصف المساعدة عمى نشاط تبييض األموال ،وىي ذات األركان
والضوابط التي يجري العمل بيا في نطاق المساىمة الجنائية بصفة عامة ،سواء ما تعمق
منيا بنشاط الشريك من وجوب كونو نشاطا إيجابيا أو من حيث الوقت الذي يشترط فيو
إتيان الشريك لنشاطو أو ما تعمق بتوافر رابطة السببية بين فعل الشريك والجريمة.3
-1أن تتمثل المساىمة في عمل إيجابي :ينبغي أن يتمثل نشاط الشريك في عمل إيجابي
وأن ال يتوقف عند مجرد االمتناع عن تنفيذ التزام ما ،فاالمتناع كقاعدة عامة ال يصمح ألن
يكون بديال عن الفعل اإليجابي لقيام الجريمة قانونا ،4فيما عدا بعض الحاالت االستثنائية
مفيد نايف الدليمي ،غسيل األموال في القانون الجنائي :دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،عمان، 2
; ،022ص==.
نفس المرجع ،ص>=. 3
إن األخذ بتصور بإمكانية وقوع المساىمة بالمساعدة عن طريق االمتناع في نشاط تبييض األموال محل نظر من 4
وجيتين :األولى أن المساعدة ال يمكن أن تقع بطريق االمتناع إال بمقتضى نص خاص يعاقب عميو وىو األمر المفتقد في
نشاط تبييض األموال ،أما الثانية فإن االمتناع الذي يتمثل في التقاعس عن واجب الرقابة والتحري عن مصدر األموال غير
المشروعة محل التبييض يأتي في وقت الحق عمى قيام الجريمة األصمية وأفعال االشتراك سواء كانت إيجابية أو بطريق
االمتناع إنما تكون سابقة أو معاصرة الرتكاب الجريمة األصمية.
92
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
المنصوص عمييا قانونا ،وليس لمقضاء أن يدين أي شخص عن محض امتناع في غير تمك
الحاالت الخاصة.1
ومثال ذلك أن المصرف الذي يقدم لمعميل الذي يريد تبييض أموالو التأمين والحصانة
ألموالو مع عممو بمصدرىا غير المشروع ،واتخاذ موقف سمبي تجاه التبميغ عنيا لمسمطات
المعنية ،فيكون بذلك قد قدم عمال إيجابيا لمعميل الذي ارتكب الجرائم التي يريد تبييض
عائداتيا ،وعميو يقوم عنصر االشتراك مع الفاعل مبيض األموال في الجريمة ،وذلك في
حالة توافر القصد لدى البنك من خالل عممو بمصدر األموال وبغاية تبييضيا.2
ونشير في ىذا الصدد إلى أنو ال يشترط أن يكون البنك يعمم مباشرة بعدم مشروعية
مصدر األموال المشبوىة ،بل يكفي لتحقيق ىذا العمم أن يكون من الممكن استخالصو من
مجموع الظروف الموضوعية التي تحيط بالواقعة نفسيا وذلك فيما إذا كانت العممية
المصرفية مثيرة لمريبة بصورة جمية من خالل ظروف الحال.3
-2أن يكون فعل المساىمة سابقا أو عمى األقل معاص ار لمجريمة األصمية :إن إتيان
ا لمساىم لسموكو اإليجابي ال يكفيو لوصفو بالشريك ،فمساءلة الشخص طبيعيا كان أو معنويا
عن نشاط تبييض األموال ينبغي أن يكون نشاطو سابقا أو عمى األقل معاص ار الرتكاب
الجريمة األصمية إذ وفقا لمقواعد العامة في ىذا الشأن ،ال يجوز معاقبة الشريك بيذا
الوصف ،ما لم يكن س موكو سابقا أو معاص ار لمسموك المكون لمجريمة التي ارتكبيا الفاعل
األصمي.4
-3أن تتوافر رابطة السببية بين فعل الشريك والجريمة :ال يكفي لقيام الركن المادي
لممساىمة الجنائية التبعية وقوع فعل االشتراك ووقوع الفعل األصمي ،بل ال بد أن تتوافر
بينيما رابطة السببية بمعنى أن يكون فعل االشتراك سببا لتحقق النتيجة اإلجرامية ،إذ أن
أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون العقوبات :القسم العام ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،0>>0 ،ص;.09 1
جالل وفاء محمدين ،دور البنوك في مكافحة غسيل األموال ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية ،0220 ،ص.92 2
محمد حسن عمر برواري ،غسيل األموال وعالقتو بالمصارف والبنوك ،الطبعة األولى ،دار قنديل لمنشر والتوزيع ،عمان، 3
،0200ص.0;9
مفيد نايف الدليمي ،مرجع سابق ،ص.>0 4
93
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
انعداميا يعني أن فعل الشريك لم يكن لو أي دور في تحقيق الجريمة أو لكانت تحققت
بشكل مختمف عن الشكل الذي تمت بو.1
إن األخذ بوصف المساىمة الجنائية التبعية في مجال تبييض األموال أمر منتقد
العتبارات عديدة ،فتبييض األموال نشاط إجرامي لو خصوصية من ناحية انو نشاط فني
بطبيعتو تحكمو قواعد وآليات معقدة ومتنوعة كميا تصعب من األخذ بيذا الوصف التقميدي.
ويظير قصور وصف المساىمة الجنائية التبعية في مجال تبييض األموال في
نقائص موضوعية وأخرى إجرائية.
-1أوجو القصور الموضوعية :من المعموم أن عدم مشروعية تبييض األموال يتأتى من
كون األموال المراد تبييضيا سواء عن طريق اإليداع أو التحويل أو االستثمار نتاجا لجرائم
ارتكبيا أشخاص آخرون ،واذا كانت صور االشتراك تنحصر في التحريض واالتفاق
والمساعدة متى كان وقوع الجريمة ثمرة ألحد ىذه األفعال ،فإن التساؤل الذي يطرح ىو ىل
أن مرتكب فعل تبييض األموال ىو السبب في وقوع الجريمة األصمية مصدر ىذه األموال؟
والواقع أن عمميات تبييض األموال تأتي عقب ارتكاب الجريمة التي تحصمت منيا
األموال ،في حين أن سموك المساعدة يتطمب لقيامو أن يقع قبل البدء في تنفيذ الجريمة أو
عمى األقل معاص ار ليا ،أي أن نشاط تبييض األموال والذي يقع الحقا عمى الجريمة
األصمية ال يمكن اعتباره بحال من األحوال سببا في وقوع الجريمة األصمية ،مما يؤدي إلى
تخمف العال قة السببية بين نشاط الشريك والنتيجة (الجريمة المرتكبة التي تحصمت منيا
األموال غير المشروعة) باعتبارىا أحد عناصر الركن المادي لممساىمة التبعية.2
وأخي ار فإن وقوع االشتراك بالمساعدة عن طريق االمتناع ال يمكن تطبيقو عمى نشاط
تبييض األموال ،فامتناع المصرف عن القيام بواجب التحري عن مصدر األموال المراد
إيداعيا أو تحويميا ال يكفي ألن يعد شريكا في الجريمة التي تحصمت منيا األموال ألن
94
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
المساعدة بطريق االمتناع ال تقع إال بنص قانوني يعاقب عميو كما أن االمتناع الحقا عمى
ارتكاب الجريمة األصمية بما يتناقض مع مفيوم المساعدة بأن تكون سابقة عمى تنفيذ
الجريمة أو عمى األقل معاص ار لتنفيذىا.1
-2أوجو القصور اإلجرائية :إن تبييض األموال غالبا ما يتخذ صفة الجريمة المنظمة
الدولية ،لذا فإن وصف المساىمة التبعية يكون عاج از إلى حد كبير عن ضمان مالحقة
جنائية فعالة في حالة تدويل نشاط تبييض األموال وانتقالو عبر أكثر من دولة.2
إذ أن الدولة التي تم فييا تبييض األموال أو استخدام عائدات الجريمة قد ال يمنحيا
قانونيا االختصاص بنظر الجريمة لكونيا مجرد فعل من أفعال المساىمة التبعية وىي بيذا
الوصف تتبع الجريمة األصمية ،وفي نفس الوقت فإن الدولة التي وقعت عمى إقميميا الجريمة
األصمية ال تختص محاكميا بالنظر في جريمة تبييض األموال كونيا واقعة خارج حدود
إقميميا.3
كما يضاف إلى أسباب قصور ىذا الوصف أن إفالت مرتكبي الجريمة األصمية من
العقاب لسبب من األسباب كانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم عن الجريمة األصمية التي
تحصمت منيا األموال غير المشروعة ونفس الشيء إذا استفاد فاعل الجريمة األصمية من
أسباب اإلباحة وكذا العفو مما يؤدي إلى إفالت من قاموا بعمميات تبييض األموال أو
استخدام عائدات الجريمة بوصفيا فعل من أفعال االشتراك الجرمي.4
من خالل كل ما تقدم يبدو لنا أن وصف المساىمة الجنائية التبعية قاصر سواء من
الناحية الموضوعية أو اإلجرائية عن استيعاب خصوصية جريمة تبييض األموال.
سمر فايز إسماعيل ،تبييض األموال :دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،منشورات زين الحقوقية واألدبية ،لبنان،0202 ، 1
ص.02:
منيف نايف الدليمي ،مرجع سابق ،ص;>. 2
95
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع الثاني
إذا كان تكييف تبييض األموال باعتباره من قبيل المساىمة الجنائية التبعية لم يصمد
أمام خصوصية وتعقد نشاط تبييض األموال ،فإن تكييفا جنائيا تقميديا أخر قدم ليكون أساسا
قانونيا لمساءلة جنائية محتممة ،أال وىو اعتبار تبييض األموال من قبيل إخفاء أشياء
محصمة من جناية أو جنحة وىي الجريمة المنصوص عمييا في المادة 387من قانون
العقوبات الجزائري
تجدر اإلشارة في البداية إلى أن جريمة إخفاء األشياء كانت تعتبر فعال من أفعال
المساىمة التبعية في الجريمة األصمية 1حتى تدخل المشرع سنة 1904في مصر و1915
في فرنسا نتيجة لالنتقادات التي وجيت لمفيوم اإلخفاء كصورة من صور المساىمة التبعية
جاعال من سموك اإلخفاء جريمة مستقمة.
وتناول المشرع الجزائري جريمة اإلخفاء ضمن أحكام القسم السادس من قانون
العقوبات ،حيث ي عاقب كل من أخفى عمدا أشياء مختمسة أو مبددة أو متحصمو من جناية
أو جنحة في مجموعيا أو في جزء منيا بالحبس من سنة عمى األقل إلى خمس سنوات عمى
األكثر وبغرامة من 500إلى 20.000دينار ،ويجوز أن تتجاوز الغرامة 20.000دينار
لتصل إلى ضعف قيمة األشياء المخفية.2
ن ستنتج مما سبق أن جريمة إخفاء األشياء ىي جريمة عمديو تتطمب توافر القصد
الجنائي العام ،أي انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العمم بأركانيا كما يتطمبيا
القانون ،كما أنيا تشمل كل الجرائم التي نص عمييا قانون العقوبات ما دامت ىذه الجرائم
تحت وصف الجناية أو الجنحة.
المادة ;8من قانون العقوبات المصري لسنة 0==8والمادتين ;0و ;8من قانون العقوبات الفرنسي لسنة .0=02 1
المادة <= 8من األمر ;; ،0:;/المعدل والمتمم ،مرجع سابق. 2
96
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ثانيا :مبررات اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء األشياء
يتضح من خالل أحكام جريمة إخفاء األشياء المنصوص عمييا في المادة 387من
قانون العقوبات الجزائري السابقة الذكر ،بأنيا جريمة تبعية تفترض وقوع جريمة سابقة ،وىو
ما أدى إلى وجود تشابو بين الجريمتين إلى درجة أنو يكاد أن يكون ىناك خمط في التكييف
القانوني الحاصل بينيما.
وعمى الرغم من ىذا التشابو ،فإن ذلك لم يكن المبرر الوحيد الذي بمقتضاه تم إسقاط
وصف جريمة إخفاء األشياء عمى نشاط تبييض األموال ،بل ىناك مبررات أخرى سنحاول
التطرق ليا من خالل دراستنا ألركان وعناصر جريمة اإلخفاء خاصة فيما يتعمق بالسموك
المكون لركنيا المادي (فعل اإلخفاء) ومحل اإلخفاء (متحصالت اإلخفاء) ومصدر محل
اإلخفاء (الجريمة األصمية).
-1فعل اإلخفاء :عمى الرغم من استخدام المشرع الجنائي الفرنسي وكذا المصري واألردني
لمصطمح اإلخفاء لمداللة عمى السموك المكون لمركن المادي لمجريمة ،فالفقو والقضاء في كل
ىذه الدول مستقر عمى أن التقيد بالمعنى المغوي لمصطمح اإلخفاء من شأنو أن يضيق من
دائرة العقاب عمى نحو ال يحقق المصمحة العامة.1
وليذا يجب فيم اإلخفاء عمى أنو حيازة الشيء بأي شكل كان ،ويستوي في ذلك أن
تكون الحيازة مستمرة أو ال تكون كذلك ،إذ ال يشترط في الجاني أن يكون قد أخفى األشياء
فعال وانما يتحقق اإلخفاء حتى ولو كان الجاني يحوز األشياء حيازة ظاىرة غير مستترة.2
وقد تطور مفيوم اإلخفاء حيث أصبح يشمل إتيان الجاني ألي سموك يتحقق فيو
االتصال بالشيء المتحصل من ارتكاب الجريمة ،باإلضافة إلى حيازة الشيء المحصل عميو
من الجريمة بأي شكل من أشكال الحيازة سواء تمت بصفة سرية أو عمنية عمى مرأى من
الكافة ،وميما كان سبب اكتساب الحيازة ،حتى ولو كانت بطريق مشروع ،كما ال يشترط أن
تكون الحيازة بنية التممك بل يكفي أن تتصل يد الشخص بالشيء المتحصل من الجريمة
فخري الحديثي ،شرح قانون العقوبات :القسم الخاص ،مطبعة الزمان ،بغداد ،0>>; ،ص ص=.98>-98 2
97
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
العتباره "مخفيا" وأن يكون سمطان الشخص مبسوطا عمى ذلك الشيء ،ولو لم يكن في
حوزتو الفعمية.
وقد قطع القضاء الفرنسي مدى أطول مما وصل إليو القضاء المصري من حيث
التوسع في مفيوم اإلخفاء كجوىر لقيام الركن المادي لمجريمة ،إذ يستوعب فعل اإلخفاء أو
الحيازة مجرد التوسط في تداول أو بيع الشيء المتحصل عميو من جريمة حتى ولو لم يكن
ىذا التوس ط مصحوبا بالحيازة المادية لمشيء ،بل وصل القضاء الفرنسي في سعيو إلى
توسيع مجال تطبيق جريمة اإلخفاء إلى حد أن يعتبر الشخص الذي لم تثبت حيازتو الفعمية
وال الشخصية لمشيء المتحصل من جريمة مرتكبا لجريمة اإلخفاء متى كان ىذا الشخص
يقطن سكنا تودع فيو األشياء المسروقة.1
وفي ضوء ما سبق نالحظ أن التطور الذي لحق السموك المكون لمركن المادي
لجريمة إخفاء األشياء بحيث أصبح يستوعب صو ار جديدة وعديدة إذ لم يعد ىناك ما يحول
دون تطبيق وصف اإلخفاء عمى العديد من صور وأنشطة تبييض األموال سواء تمثمت ىذه
األنشطة في القبول ،اإليداع ،التحويل ،أو االستثمار أو االنتفاع بيا بأي وجو كان مع العمم
بأن مصدرىا غير مشروع وسواء ارتكبت من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين
كالمصارف والمؤسسات المالية.2
-2محل اإلخفاء :محل اإلخفاء كما تقتضي المادة 387من قانون العقوبات الجزائري ىو
أي شي ء 3تم الحصول عمية بارتكاب جناية أو جنحة ،وكدا الحال بالنسبة لمتشريعات
طبقا لما أقرتو أغمب التشريعات ومنيا التشريع الجزائري الذي أقر صراحة بتسميط العقوبات عمى األشخاص المعنوية 2
بموجب القانون 0:/29المؤرخ في 02نوفمبر 0229المعدل والمتمم لقانون العقوبات ،مرجع سابق.
استعمل المشرع الجزائري كممة "شيء" بدال عن كممة "مال" ألن ليا مدلول أوسع يشمل كل األشياء المادية وغير المادية 3
التي تدخل في التعامل ،ذلك أن الشيء من الناحية القانونية ىو كل ما يصمح ألن يكون محال لحق من الحقوق المالية
وىو ما نصت عميو المادة ;=0من القانون المدني بقوليا" :كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعتو أو بحكم القانون
يصمح ألن يكون محال لمحقوق المالية.
واألشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتيا ىي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتيا وأما الخارجة بحكم القانون فيي
التي ال يجيز القانون أن تكون محال لمحقوق المالية" .أنظر :نبيل صقر ،الوسيط في شرح جرائم األموال ،دار اليدى
لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،0200 ،ص 02وما بعدىا.
98
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
األردنية ،المصرية والفرنسية التي اتفقت عمى أن الموضوع الذي تنصب عميو جريمة اإلخفاء
ىو األشياء المحصمة من جناية أو جنحة ،القصد منو إضفاء الحماية القانونية عمى ما
يمتمكو األفراد من أشياء.
وتوسع القضاء الفرنسي في مفيوم محل اإلخفاء فمم يعد قانون العقوبات مقصو ار
عمى حماية ممتمكات األفراد المادية فقط بل أصبح يحمي صو ار أخرى ليا قيمة معنوية أو
أدبية أو اقتصادية ،كاعتبار جريمة اإلخفاء واردة عمى المعمومات التي يتضمنيا أحد
المستندات أو البرامج .كما تطور مفيوم محل اإلخفاء نتيجة لفكرة الحمول العيني ،والتي
تعني تتبع المال المتحصل من أي جريمة في أية صورة يؤول إلييا ،كقيام المتيم ببناء عقار
من مال متحصل من جناية سرقة إذ يعد ذلك الفعل إخفاء لمنقول متحصل عميو من جريمة
وىو النقود عمى الرغم أنيا أصبحت بعد ذلك بصورة عقار.
وىذا التوسع في مفيوم محل اإلخفاء يعطي نطاق أوسع في التطبيق ،السيما فيما
يتعمق بأنشطة تبييض األموال بحيث يمكن مالحقة وتتبع العوائد اإلجرامية سواء كانت في
صورتيا المباشرة أو أي صورة تتحول إلييا ،بحيث ال يكون أمام الشخص محل المساءلة
القانونية عن تبييض األموال أن يدفع عن نفسو جريمة إخفاء األشياء بحجة اختالف الشيء
المتحصل من الجريمة عن الشيء الذي ضبط بحوزتو ،وبالتالي التخمص من العقاب
والمالحقة.1
-3الجريمة األصمية مصدر اإلخفاء :تعتبر جريمة إخفاء األشياء جريمة تبعية تفترض
بالضرورة وقوع جريمة سابقة عمييا ىي المصدر غير المشروع لألشياء التي يشترط فييا أن
تكون متحصمو من جناية أو جنحة.
والجريمة األصمية تضم كل جريمة معاقب عمييا في قانون العقوبات والقوانين األخرى
واذا كان الغالب أن تتمثل الجريمة األصمية السابقة عمى اإلخفاء في جريمة السرقة أو إحدى
جرائم األموال كاالحتيال وخيانة األمانة ،فإن األمر تطور وأصبح من المتصور أن يرد
اإلخفاء عمى أي شيء تحصل من جريمة كجريمة إفشاء سرية المراسالت أو السر الميني
أو االعتداء عمى برامج الحاسوب.
99
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
والمشرع الجزائري لم يحدد طبيعة الجريمة التي تكون مصد ار لفعل اإلخفاء إذ وبعد أن
لمح إلى جريمة السرقة والتبديد فتح المجال واسعا أمام القضاء بإضافة عبارة أو محصمو من
جناية أو جنحة التي قد تكون اختالسا ألموال عمومية أو تزوير أو خيانة أمانة أو إصدار
شيك بدون رصيد.1 ...
ثالثا :تقدير اعتبار تبييض األموال صورة من صور جريمة إخفاء األشياء
عمى الرغم من إمكاني ة اعتبار بعض أفعال التبييض صورة من صور اإلخفاء استنادا
إلى عمومية نص المادة 387من قانون العقوبات الجزائري إال أن التحميل الدقيق يبين
صعوبة إدراج جميع صور تبييض األموال تحت مسمى اإلخفاء وذلك من عدة أوجو:
-1قصور السموك المادي المكون لمركن المادي :تتطمب جريمة إخفاء األشياء المحصمة
من جناية أو جنحة وقوع سموك إجرامي إيجابي يتمثل في إخفاء الجاني الشيء المتحصل
عميو من مصدر غير مشروع ،2كما أن االمتناع كقاعدة عامة ال يصمح بديال عن الفعل
اإليجابي لقيام الجريمة إال في ظل وجود نص خاص يجرم ىذا االمتناع.3
من ىنا فإن س موك المصرفي ينبغي أن يتمثل بفعل إيجابي وال يتوقف عند مجرد
االمتناع عن اتخاذ إجراءات في مواجية صاحب األموال ذات المصدر غير المشروع قام
بإيداعيا بيذا المصرف إلمكان مساءلتو عن جريمة إخفاء أشياء متحصمو من جناية أو
جنحة ،في حين أن جريمة تبييض األموال يمكن أن تقع عن طريق امتناع المصرفي عن
اتخاذ ما يمزم لمتحري عن مصدر األموال غير المشروعة.
كما يتمثل قصور السموك المادي المكون لمركن المادي في صعوبة اعتبار المصرف
الذي يقبل إيداع أموال حائ از ليذه األموال ،إذ أن حيازتو ىي في الواقع لصالح العميل ويظل
التصرف في المال أو توجيو حركة الحساب قاص ار عميو ،أما البنك فال يتجاوز دوره تسجيل
العمميات المصرفية لمعميل.4
مكي دردوس ،القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري ،الجزء األول ،د .د .ن ،0202 ،ص:0 1
منصور رحماني ،القانون الجنائي لممال واألعمال ،ج ،0دار العموم لمنشر والتوزيع ،الجزائر ،0200 ،ص<.9 2
100
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ولعل ىذا المفيوم المزدوج لمدور الذي يقوم بو المصرف ىو ما دعا البعض إلى
إعطاء تكييف مزدوج ليذا الدور ،فالمصرف إذ يقبل الودائع ،فإنو يعد حائ از لألموال المودعة
في مواجية عميمو بموجب عقد أشبو بعقد الوديعة ،وان ىو خالف التزاماتو العقدية أمكن
اعتباره مرتكبا لجريمة خيانة األمانة .لكن المصرف في نفس الوقت ال يعد حائ از في مواجية
الغير ،كالمجني عميو في الجريمة التي تحصمت منيا األموال المودعة لديو.
وأمام ىذا الوضع يتخمف السموك المكون لمركن المادي لجريمة اإلخفاء ،والذي بدونو
ال تقوم الجريمة ماديا ،وبالتالي قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى السموك المكون لمركن
المادي لمجريمة.
-2قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى محل الجريمة :كشف التطور القضائي عن توسع
كبير في تفسير محل جريمة اإلخفاء ،المتمثل في اعتبار األموال المعنوية ضمن مفيوم
الشيء الذي يرد عميو اإلخفاء من ناحية ،وفي الشيء المتحصل من الجريمة في كافة
صوره تطبيقا لفكرة الحمول العيني من ناحية أخرى.
غير أن العمل بيذا المفيوم المرن لألموال المحصمة من جريمة يصطدم بمبدأ عدم
قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة ( ،)L’indivisibilité du compte courantالذي يعتبر من
المبادئ التي يقوم عمييا النظام القانوني لمحساب المصرفي ،كما استقر عميو العرف
المصرفي وطبقو القضاء وأيده الفقو.1
ويقصد بمبدأ عدم قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة أن الحق (المدفوع) عندما يقيد
كمفرد في الحساب يتداخل ويرتبط مع القيود األخرى ،وال يمكن فصميا عن بعضيا البعض
ودون النظر إلى ذاتيتيا أو خصوصيتيا قبل القيد في الحساب ،وبالتالي تندمج بنود الحساب
في كل غير قابل لمتجزئة ،2وال يجوز كقاعدة عامة استخراج أحد بنود الحساب عمى نحو
يصعب معو فصل األموال المشبوىة عن األموال النظيفة.3
عبد الرحمان السيد قرمان ،العقود التجارية وعمميات البنوك طبقا لألنظمة القانونية بالمممكة العربية السعودية ،الطبعة 1
101
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
إن التطبيق المجرد لمبدأ عدم قابمية الحساب المصرفي لمتجزئة أدى إلى صعوبات
ومشكالت كادت تعصف بالغرض الذي وجد من أجمو ،حيث من شأن ذلك تعطيل مصمحة
طرفي الحساب واإلضرار بالغير الذي يريد الحجز عمى أي منيم ،ألن مركز الطرفين ال
يتحدد إال عند قفل الحساب واستخالص الرصيد ،وال يمكن الجزم قبل ىذا الوقت بما إذا كان
أحدىما دائنا أو مدينا ،إذ أن مركز الطرفين يظل يتراوح بين الدائنية والمديونية حتى يتم قفل
الحساب واستخالص الرصيد.1
وترتيبا عمى ما تقدم ،تصعب مالحقة المصارف والمؤسسات المالية استنادا لوصف
إخفاء أشياء متحصمو من جناية أو جنحة ،ويرجع السبب في ذلك إلى اختالط األموال غير
المشروعة باألموال المشروعة عمى نحو يؤدي إلى صعوبة التمييز بينيما من جية ،والى
2
عدم إمكانية استخراج محل جريمة اإلخفاء من جية ثانية .
-3قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى الجريمة األصمية :يشترط في جريمة اإلخفاء أن
يرد فعل اإلخفاء عمى شيء تم الحصول عميو من جناية أو جنحة ،وىذا ما تقرره المادة
387من قانون العقوبات الجزائري.3
ونظ ار ألن التشريعات لم تحدد عمى وجو الدقة نوع الجريمة األصمية السابقة لسموك
اإلخفاء ،فقد حفز ذلك القضاء عمى أن يتولى ىذه الميمة مستغال عمومية النص التشريعي
الذي يتناول إخفاء األشياء المحصمة من جناية أو جنحة ،بتطبيق مفيوم الجريمة األصمية
السابقة لفعل اإلخفاء إلى حد يمكن القول معو أن كل جريمة في قانون العقوبات تصمح أن
تكون مصد ار لألشياء محل اإلخفاء ،بشرط أن تأخذ وصف جناية أو جنحة.4
والواقع أن التفسير الموسع لفكرة الجريمة األصمية يصعب األخذ بو عمى إطالقو
بالنسبة لكافة أنواع الجريمة ،والقول بغير ذلك يعد مساسا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
محسن حسن الجبر ،العقود التجارية وعمميات البنوك في المممكة العربية السعودية ،الطبعة الثانية ،جامعة الممك سعود، 1
أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء األول ،الطبعة السادسة عشر ،دار ىومة لمطباعة والنشر 3
102
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الذي يعد من المبادئ الدستورية ، 1حيث أن التوسع في مفيوم الجريمة األصمية السابقة
ل جريمة اإلخفاء أصبح يشكل انتياكا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي يقتضي أال جريمة وال
عقوبة أو تدابير أمن إال بنص قانوني يضبط عمى وجو الدقة كافة األركان والعناصر التي
تقوم عمييا الجريمة.2
إن نشاط تبييض األموال المحصمة من االتجار غير المشروع في المخدرات ،أو
غيرى ا من األنشطة اإلجرامية ال يندرج تمقائيا تحت وصف جريمة اإلخفاء المحدد في المادة
387من قانون العقوبات الجزائري والمادة 44مكرر من قانون العقوبات المصري والمادة
1-321وما بعدىا من قانون العقوبات الفرنسي ،نظ ار لخصوصية ىذا النشاط الذي يختمف
عن طبيعة نشاط إخفاء أشياء محصمة من جناية أو جنحة ،خاصة إذا أخدنا في االعتبار
أنو عند صياغة النصوص المذكورة لم تكن قد برزت إلى السطح ظاىرة تبييض األموال
وبالتالي يكون تفسير ىذه النصوص بأنيا تستوعب نشاط تبييض األموال ليس (كاشفا) عن
قصد الشارع من صياغتيا.3
ويوافق ذلك ،أنو لو ك انت النصوص العقابية العامة تكفي الستيعاب نشاط تبييض
األموال لما كانت ىناك حاجة لتجريم ىذا النشاط بتشريعات خاصة ،عمى الرغم من وجود
النصوص التي تعاقب عمى إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة.4
-4قصور وصف اإلخفاء عمى مستوى الركن المعنوي :حسب نص المادة 387من قانون
العقوبات الجزائري ،فإن جريمة إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة تعتبر من
الجرائم العمدية التي يتخذ الركن المعنوي فييا صورة القصد أو العمد ،فيي تقوم عمى ضرورة
توافر القصد الجنائي لدى الفاعل الذي تنصرف إرادتو إلى ارتكاب فعل اإلخفاء مع عممو
بكا فة أركان الجريمة بحيث يعمم أن ما يخفيو متحصل من جناية أو جنحة.
نصت المادة = :من دستور الجزائر لسنة ;>> 0المعدل بالقانون ; 20/0المؤرخ في ; 2مارس ; 020عمى أنو" :ال 1
103
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وعمى خالف ذلك ،فإن جريمة تبييض األموال لما ليا من خصوصية يمكن أن تقع
عن طريق العمد والخطأ بحسب األحوال ،حيث أن البنوك والمؤسسات المالية التي ال تتحرى
في البحث عن مصدر األموال المودعة إذا تجاوزت حد معين أو التي تيمل في الكشف عن
حقيقة بعض العمميات المشبوىة تعتبر مرتكبة لجريمة تبييض األموال بطريق اإلىمال.1
وبالنتيجة ومن خالل أوجو القصور السابقة الذكر ،فإن وصف اإلخفاء ،وعمى الرغم
من السعة التي يتسم بيا ،إال أنو ال يعتبر الوصف األكثر عمى جريمة تبييض األموال ،لذا
أصبح من الضروري سن نصوص قانونية خاصة لتجريم نشاط تبييض األموال الذي
استعصى كما سبق أن بينا عمى األوصاف الجنائية التقميدية.
المطمب الثاني
إن األوصاف الجنائية التقميدية لجريمة تبييض األموال باعتبارىا أحيانا فعل من أفعال
المساىمة الجنائية التبعية ،وأحيانا أخرى تكييفيا عمى أساس أنيا صورة من صور جريمة
إخفاء األشياء المتحصمة من جناية أو جنحة رغم مالءمتيا من الناحية النظرية تبقى غير
قادرة عمى احتواء كل نشاطات تبييض األموال ،ونظ ار لمقصور الذي اعترى ىذين الوصفين
والذي سبق وأن تطرقنا إليو بنوع من التفصيل ،سارع المشرع الجنائي الدولي وحتى الوطني
إلى سن تشريع خاص يجرم عمميات تبييض األموال بجميع صورىا مع تحديد أركانيا
وعناصرىا عمى وجو الدقة بما يتالءم والمبادئ األساسية التي يقوم عمييا التشريع الجنائي.
الفرع األول
إن التدخل التشريعي لتجريم وعقاب تبييض األموال واعتباره جريمة قائمة بذاتيا يعود
في الواقع لعدة عوامل ،أىميا تمك المتعمقة بطبيعة ظاىرة تبييض األموال باعتبارىا ظاىرة
اقتصادية مصرفية في المقام األول ،وعمى ىذا األساس وجب مواجيتيا بنصوص خاصة
104
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
تترجم وتستوعب فروضيا المختمفة ،باإلضافة إلى العوامل المتعمقة بقصور األوصاف
الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال من الناحية العممية ،وعدم كفاية التشريعات الجنائية
العادية السارية المفعول لمكافحة تبييض األموال.
أوال :اآلراء المختمفة المعارضة والمؤيدة لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص
تباينت آراء الفقياء بين مؤيد ومعارض لتجريم نشاط تبييض األموال بنص خاص
ولكل اتجاه حجج وأسباب يرتكز عمييا في توضيح وجية نظره تجاه ىذا الموضوع.
ففي حين يرى اتجاه أن الوسائل اإلدارية ليا القدرة الكافية لمكافحة نشاط تبييض
األموال وال داعي لتجريمو بنص تشريعي خاص ،باعتبار أن السياسة الجنائية الحديثة تنادي
بالحد من سياسة التجريم والعقاب والعودة مرة أخرى إلى الجزاءات غير الجنائية.
يرى االتجاه اآلخر أن الحاجة لتجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص
تبدو ضرورية وممحة ،عمى أساس أن إتباع سياسة التجريم يعكس ظيور قيمة اجتماعية،
قدر المشرع أنيا جوىرية تتعمق بمكافحة جرائم خطيرة وباألخص عمى المستوى الدولي.
-1االتجاه الرافض لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص :يرى أصحاب ىذا
االتجاه أنو ال توجد ضرورة تستوجب التدخل التشريعي لتجريم تبييض األموال بنص خاص
بل تكفي الوسائل اإلدارية لمكافحة ىذه الظاىرة ،وذلك اعتمادا عمى األسباب والحجج التالية:
-يرى المعارضون إلجراءات مكافحة تبييض األموال أن ىذه المكافحة ستحد من جدب
وتدفق االستثمارات األجنبية الالزمة لمتنمية االقتصادية ،كما تؤدي إلى ىروب رؤوس
األموال وعزوف المستثمرين المحميين عن إقامة مشاريعيم داخل بمدانيم األصمية مما يمحق
األضرار باالقتصاد الوطني.
-إن التوسع في سياسة التجريم والعقاب تتطمب المزيد من القيود التشريعية والتنظيمية
خاصة بالنسبة لمقطاع المالي ،وى و ما يتعارض مع االتجاه العالمي لتحرير االقتصاد
والمعامالت المالية ،باإلضافة إلى أن إجراءات المكافحة تستمزم قيام السمطات المعنية
بالكشف عن سرية الحسابات المصرفية لمبحث عن مصادر األموال والتحقق من
105
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
مشروعيتيا ،وىذا ما يمحق الضرر بالنشاط االقتصادي ،حيث ال يؤمن األشخاص من
مالحقة السمطات ليا.
-يؤدي تشريع نص خاص بتجريم تبييض األموال إلى اإلخالل بأصل المحاكمات الجنائية
والذي يقضي بعدم جواز محاكمة الشخص عن جريمة واحدة أكثر من مرة ،1إذ من غير
العدل واإلنصاف أن يحاكم شخص بأي جريمة كانت عن فعل واحد مرتين.2
فالمال غير ا لمشروع موضوع التبييض متحصل أصال من جريمة أولية ،لذا ال يجوز عقاب
الشخص عن تمك الجريمة مصدر المال غير المشروع ،ثم عقابو مرة ثانية عمى جريمة
تبييض ىذه األموال.
-أن المال ىو المال سواء كان مصدره مشروع أو غير مشروع ،إذ ال تسبب عمميات
تبييض األموال أي ضرر لممؤسسات المالية طالما كانت الجرائم األولية أو األصمية قد
ارتكبت في دولة أخرى.
-2االتجاه المؤيد لتجريم تبييض األموال بنص تشريعي خاص :يرى أنصار ىذا االتجاه
أنو من الضروري تجريم تبييض نشاط األموال بنص خاص ،وحجتيم في ذلك تقوم عمى
أساس دحض حجج المعارضين لتجريم نشاط تبييض األموال ألنيا ليست في مجموعيا
حاسمة من جية ،ومن جية أخرى تؤثر الجيود المبذولة في مكافحة تبييض األموال إيجابا
في تحقيق االستقرار واألمن في المجتمع والحد من ارتكاب الجرائم األصمية مصدر األموال
غير المشروعة ،فضال عن حماية االقتصاد الوطني ودعم جيود التنمية.
يعتبر من أىم المبادئ التي تمثل ضمانة أساسية عند محاكمة الشخص المطموب وقد أدرج ىذا المبدأ ضمن أحكام قانون 1
اإلجراءات الجزائية بموجب التعديل الذي جاء بو القانون < ،2</0وكذلك في جميع االتفاقيات الدولية التي ترتبط فييا
الجزائر في مجال تسميم المجرمين حيث نصت المادة الثانية من اتفاقية التعاون القضائي في المجال الجزائي الموقعة بين
الجزائر وايطاليا في 00يوليو 0228عمى أنو" :يجوز رفض التعاون ..... :إذا كان الشخص المتابع من جانب الطرف
الطالب صدر ضده حكم نيائي من جانب الطرف المطموب من أجل نفس الفعل بشرط خضوع الشخص المتابع لتنفيذ
العقوبة ."....أنظر :القانون < 2</0المؤرخ في < 0مارس < ،020ج.ر.ج.ج ،عدد ،02صادر في > 0مارس <020
والمرسوم الرئاسي <0-2:المؤرخ في 08فيفري ،022:ج.ر.ج.ج ،عدد ،08صادر في ; 0فبراير .022:
يوسف دالندة ،الوجيز في ضمانات محاكمة عادلة ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،022: ،ص.90 2
106
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
-تؤدي إجراءات مكافحة تبييض األموال إلى ضبط وتجميد األموال غير المشروعة كإجراء
تحفظي عاجل ،مما يؤدي إلى حرمان أصحابيا من متحصالت نشاطيم اإلجرامي .كما
يؤدي نجاح إجياض عمميات تبييض األموال إلى تقويض قدرة المنظمات اإلجرامية عمى
استخدام عائدات نشاطاتيا في ارتكاب المزيد من الجرائم أو تمويل أنشطة أخرى غير
مشروعة.
-القول أن المجتمع بحاجة إلى رؤوس األموال لمتنمية ومن شأن تجريم تبييض األموال
إعاقة االستثمار ىو قول يجانب النظرة الشمولية لمتنمية ،باعتبارىا عممية مستمرة ،إذ أن
قبول أموال الجريمة لالستثمار ،فضال عن أنو يؤدي إلى تشويو مناخ االستثمار وظيور
منافسة غير مشروعة مع المشروعات التي ال ترتبط بالجريمة فإن تغمغل أموال الجريمة في
القطاعات االقتصادية بما يخمفو من عنف وتيديد ورشوة كفيل بإبعاد المستثمر األجنبي
المباشر ،بل والمستثمر المحمي أيضا الذي ال يستطيع التعايش مع المناخ المذكور.1
ومن ثم تساىم جيود مكافحة تبييض األموال في إتاحة فرص المنافسة الشريفة
والمتكافئة أمام كافة أنواع االستثمارات المشروعة سواء كانت محمية أو أجنبية ،وانقاذ
وتطيير االقتصاد من األموال غير المشروعة.2
كما تتضمن إجراءات مكافحة تبييض األموال مصادرة األموال المبيضة ،األمر الذي
يمكن الدولة من استعادة األموال الميربة والمودعة في المصارف األجنبية ،وبذلك تساىم
ىذه األموال المستعادة في جيود التنمية ،وىذا األمر ىو الذي دفع بأغمب الدول إلى
استصدار قوانين خاصة تكفل ليا استعادة األموال الميربة والمودعة بالخارج.
إن تجريم عمميات تبييض األموال بنص خاص تفرضو عدة اعتبارات منيا:3
-إن تجريم نشاط تبييض األموال بنص خاص لم يعد شأنا داخميا لمدول وانما أضحى مطمبا
دوليا ،وذلك بعد صدور العديد من االتفاقيات الدولية واإلقميمية ذات الصمة بمكافحة تبييض
األموال كات فاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية
دليمة مباركي ،غسيل األموال ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،جامعة الحاج لخضر باتنة ،الجزائر ،022=/022< ،ص=.0: 1
107
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
لسنة ، 1988وكذا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة
، 2000واالتفاقية العربية لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة
.1994
-أن اإلج راءات الجنائية ذات الطبيعة اإلدارية والمالية ال تكفي لمواجية أنشطة تبييض
األموال حيث أن الجزاء الجنائي لو ذاتية فعالة بخالف الجزاءات األخرى.
-أن النصوص القانونية التقميدية لم كافية لمواجية ظاىرة تبييض األموال ،نظ ار لما تتميز
بو عمميات تبييض األموال من تنوع وتعدد.
تكمن أىمية التدخل التشريعي لتجريم نشاط تبييض األموال واعتباره جريمة قائمة
بذاتيا في تحقيق عدة نتائج منيا:1
-حسم الخالف بشأن األوصاف الجنائية التقميدية :فاعتبار نشاط تبييض األموال بمثابة
جريمة قائمة بذاتيا وتحديد عناصرىا بموجب تشريع خاص من شأنو حسم الخالف الذي قد
يثور بمناسبة تفسير النصوص الجنائية التقميدية التي وجدت قبل ظيور عمميات تبييض
األموال ،وىو الخالف الذي يدور حول إمكانية إخضاع نشاط تبييض األموال لوصف جنائي
محدد من بين األوصاف الجنائية التي يمكن أن تنطبق عمى ىذا النشاط.
-ضمان توقيع الجزاءات عمى مرتكبي نشاط تبييض األموال :إن وصف نشاط تبييض
األموال بأنو جريمة خاصة من شأنو أن يضمن التغمب عمى العقبات المحتممة وأوجو
القصور الموضوعية أو اإلجرائية عمى الصعيدين الوطني والدولي التي تحول دون تحقيق
الحماية الجزائية المرجوة ،ويضمن عدم إفالت الجناة من العقاب ،وذلك من خالل ضمان
تقرير جزاءات جنائية أكثر نفوذا أو خصوصية لمرتكبي أفعال تبييض األموال.
108
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع الثاني
عمى الرغم من المبررات التي جاء بيا المعارضون لفكرة سن تشريع خاص لتجريم
نشاط تبييض األموال ،إال أنيا لم ترقى إلى درجة القصور الذي اعترى التكييف الجنائي
لمعمميات التي يقوم بيا المجرمون إلضفاء صفة المشروعية عمى األموال التي مصدرىا غير
شرعي ،فال اعتبار نشاط تبييض األموال صورة من صور المساىمة الجنائية التبعية جاء
مقنعا ،وال اعتباره صورة من صور إخفاء األشياء جاء منطقيا.
وبالتالي أصبح اعتباره جريمة مستقمة ضرورة ال مفر منيا ويتحتم تدخل المشرع
بنص خاص لتجريم ومواجية ىذا النشاط األمر الذي دفع بالمجتمع الدولي إلى تجريمو،
وذلك عن طريق العديد من االتفاقيات واإلعالنات والبيانات الدولية واإلقميمية التي تدعوا
كميا الدول إلى تجريم عمميات تبييض األموال في تشريعاتيا الداخمية وسن تشريعات وقائية
من آثارىا.
جرم المجتمع الدولي عمميات تبييض األموال الناتجة عن أنشطة إجرامية غير
مشروعة قناعة منو بأن السيطرة عمى ىذه الظاىرة ال يكون إال عن طريق التعاون بين
أعضاء المجتمع الدولي وتكثيف الجيود ،سواء عن طريق االتفاقيات الدولية واإلقميمية
المعدة في ىذا الشأن ،أو عن طريق مجموعة المبادئ اإلجرائية المنبثقة عنيا.1
-1اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية:
تعتبر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة
1988تتويجا لمجيود التي ما فتأت تبدليا ىيئة األمم المتحدة في مجال مكافحة االتجار
109
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي بدأت بإبرام االتفاقية الوحيدة المتعمقة
بموضوع المخدرات لسنة .1961
كما تمثل اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات
العقمية أول وثيقة قانونية دولية تعتمد تدابير وأحكام محددة لتجريم ومكافحة تبييض األموال
المستخدمة في أو الم حصمة من االتجار غير المشروع بالمخدرات ،وىي بذلك تعد مرجعا
لكافة النصوص الالحقة في مجال مكافحة تبييض األموال لما تضمنتو من سياسة جنائية
واضحة بخصوص مكافحة جريمة تبييض األموال والوقاية منيا.1
وقد حثت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات الدول
األطراف عمى اتخاذ إجراءات مشددة ،تتالءم مع جسامة ىذه الجرائم وخطورتيا ،حيث نصت
المادة الثالثة الفقرة /4أ عمى أنو" :عمى كل طرف أن يخضع ارتكاب الجرائم المنصوص
عمييا في الفقرة 1من ىذه المادة لجزاءات تراعي فييا جسامة ىذه الجرائم ،كالسجن أو غيره
من العقوبات السالبة لمحرية والغرامة والمصادرة".
كما اتجيت اتفاقية األمم المتحدة نحو تشديد العقاب من خالل التشدد في بعض
الظروف المشددة لمعقوبة ،حيث نصت االتفاقية عمى ضرورة أن تأخذ الدول بعين االعتبار
خطورة ىذه الجريمة وذلك بتضييق حاالت االستفادة من اإلفراج المشروط وتقرير مدة طويمة
لتقادم العقوبات المقررة ليذه الجرائم.
ومما يؤخذ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات ،أنيا
حصرت نطاق التجريم في مجال جرائم المخدرات فقط ،2وان كان ذلك يفسر بأن وقت توقيع
االتفاقية كانت معظم التنظيمات اإلجرامية تتمثل في عصابات االتجار بالمخدرات التي
كانت تشكل في ذلك في الوقت قوة اقتصادية ضخمة ،وأن حجم األموال الناتجة عن جرائم
المخدرات تشكل أعمى نسب األموال التي يتم تبييضيا.3
1
Djazira MEHDI, Les instruments de lutte contre le blanchiment d’argent en Algérie, thèse
de doctorat en Droit, faculté de Droit (Ecole doctorale DESPEG), Université NICE SOPHIA
ANTIPOLIS, France, 2015, p29.
2المادة 28فقرة 0من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع سابق.
محمد حسن عمر برواري ،مرجع سابق ،ص>.8: 3
110
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
كما يؤخذ عمى ىذه االتفاقية كذلك اعتبارىا جريمة تبييض األموال من الجرائم العمدية
فال يتصور وفقا لالتفاقية وقوعيا بطريق اإلىمال أو الخطأ ،إذ يتعين أن يكون إخفاء أو
تمويو حقيقة األموال أو مصدرىا ،مع العمم بأنيا مستمدة من إحدى الجرائم المنصوص عمييا
في االتفاقية ،1وىو األمر الذي من شأنو أن يؤدي إلى إفالت مرتكب الجريمة من العقاب
نظ ار لصعوبة إثبات عممو بحقيقة المال ومصدره غير المشروع السيما بعد المرور بعدة
عمميات معقدة ومتتابعة إلخفاء المصدر غير المشروع ليذا المال.2
كما يالحظ أن االتفاقية اتجيت نحو التوسع في نطاق تجريم عمميات تبييض األموال
الناتجة عن االتجار غير المشروع بالمخدرات من حيث األشخاص ،إذ يشمل التجريم الذين
عمموا بالمصدر غير المشروع لألموال سواء شارك مثل ىؤالء األشخاص في الجريمة
األصمية أم لم يشاركوا ،وىنا يمتد التجريم ليشمل كل الممثمين والوسطاء والبنوك والمؤسسات
المالية إذا توافر لدى أي منيم العمم باألصل غير المشروع ليذه األموال.3
-2التوصيات األربعون لفريق العمل المالي الدولي :إلى جانب جيود األمم المتحدة ،وبعد
عام واحد تقريبا تأسس إطار دولي لمكافحة تبييض األموال وىو فريق العمل المالي أو ما
يسمى بالمجموعة الدولية لمعمل المالي ،والتي انبثقت عن اجتماع لمدول الصناعية الكبرى
في باريس سنة .1989
وفي سنة 1990أصدر فريق العمل المالي تقري ار يحتوي عمى أربعين توصية 4تكون
في مجمميا دليال ارشادي ا عمى مستوى الدول في مجال مكافحة تبييض األموال ،وىي تعد
بمثابة مبادئ عمل تتسم بالمرونة والعمومية بحيث تستطيع أي دولة عضو أن تطبق ىذه
المبادئ وفقا لنظميا القانونية وقد وافقت أكثر من 130دولة عمى التوصيات األربعون بعد
مراجعتيا سنة .1996
المادة 28الفقرة األولى (ب )0/من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع سابق. 1
سمير الخطيب ،مكافحة عمميات تبييض األموال ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،022: ،ص.:0 3
وزعت التوصيات األربعون عمى أربعة أقسام ىي :اإلطار العام لمتوصيات (من 20إلى ،)28الترتيبات القانونية الواجب 4
اتخاذىا ضمن كل دولة لمكافحة تبييض األموال (من 29إلى = ،)2تعزيز الجياز المالي (من > 2إلى > ،)0تعزيز
التعاون الدولي (من 82إلى .)92
111
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ويمكن تحديد دور مجموعة العمل المالي في إطارين؛ يتمثل اإلطار األول في وضع
المعايير والتوصيات المتعمقة بإجراءات مكافحة عمميات تبييض األموال (التوصيات
األربعون) ويقوم اإلطار الثاني عمى تقييم مدى التزام الدول بتطبيق ىذه المعايير والتوصيات
في إطار أنظمتيا الوطنية ،وتقوم ىذه المجموعة بيذه األدوار بالتعاون مع العديد من
المنظمات والييئات الدولية واإلقميمية.1
ومن أىم توصيات مجموعة العمل المالي حول تبييض األموال ما يمي:3
-تجريم عمميات تبييض األموال :لقد جرمت حكومات مجموعة العمل المالي تبييض
األموال بانضماميا إ لى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات
والمؤثرات العقمية.
-رفع السرية عن أعمال البنوك :إذ يجب التعاون بين السمطات المكمفة بإصدار القوانين
والتنظيمات من جية والبنوك والمؤسسات المالية من جية أخرى.
تتوزع المعايير الخمسة والعشرون عمى أربعة محاور ىي :الثغرات والنواقص في التشريعات المالية ،العقبات التشريعية، 2
العقبات أمام التعاون الدولي ،نقص الموارد المتاحة لمكافحة تبييض األموال .أنظر :خالد سميمان ،مرجع سابق ،ص.02:
3حورية يسعد" ،المبادرات الدولية من أجل مكافحة الجريمة المنظمة وغسل األموال" ،المجمة النقدية لمقانون والعموم
السياسية ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ،ع ،0200 ،20ص.>0
112
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
-المساعدة المتبادلة بين الدول في مكافحة تبييض األموال :باعتبار أن تبييض األموال
جريمة دولية والجدير أن يكون التعاون لمقضاء عمييا دوليا .ويتمثل التعاون المتبادل ،في
وجود إجراءات فيما يتعمق بمكافحة العمميات اإلجرامية ،وذلك بإلزام البنوك والمؤسسات
المالية وسائر األشخاص المعنيين بتنظيم سجالت واستخدام وسائل إلزامية لمبحث عن
األ شخاص أو مقر المنشتت والحصول عمى الدالئل عن إجراء عمميات تبييض األموال
والقيام بكل اإلجراءات المماثمة في الدول األخرى كالتحري والتنفيذ.
-3توصيات لجنة بازل حول تبييض األموال :تضمن البيان الصادر في ديسمبر 1988
حول منع استخدام النظام المصرفي ألغراض تبييض األموال ،العديد من المبادئ التي يتعين
عمى المصارف في الدول المعنية االلتزام بيا ،لكي يتم منع استخدام النظام المصرفي في
إيداع األموال المتولدة عن األنشطة غير المشروعة أو تحويميا أو إخفائيا من خالل تبني
إجراءات فعالة لمتعرف عمى العمالء ،وااللتزام بالقوانين والمعايير الرقابية الموضوعة.1
ومما ال شك فيو أن إعالن لجنة بازل وضع مبادئ أخالقية وقانونية تتعمق بالقطاع
المصرفي والمالي ،ومنع استخدام البنوك والمؤسسات المالية في أغراض تبييض األموال ،إال
أن ما يعاب عمى ىذا البيان افتقاده لمقوة اإللزامية ،وعدم تقريره أية ج ازءات عمى مخالفة
قواعده ،وعمى الرغم من ذلك ال يمكن إغفال الدور اليام لإلعالن في تجريم ومكافحة تبييض
األموال.2
-4اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية :ترجع فكرة إبرام اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية إلى سنة ،1994خالل أشغال
المؤتمر الوزاري العالمي حول الجريمة المنظمة عبر الدول الذي نظمتو األمم المتحدة في
مدينة نابولي بإيطاليا من 21إلى 23نوفمبر ،1994وقد وافق ممثمون عن 142دولة
عمى الخطوط العريضة لمتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول.3
3
Djazira MEHDI, Op.Cit, p29.
113
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وتعتبر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المصادق عمييا
في ديسمبر 2000اإلطار األمثل واألحدث لمكافحة اإلجرام المنظم ،1فقد رحبت العديد من
الدول والجيات العالمية بيذه االتفاقية ،التي رأت فييا المنقذ من براثن عصابات اإلجرام
المنظم التي تنخر اقتصاديات دول العالم.
ومن جانب آخر ،فقد أولت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر
الوطنية لسنة 2000عناية خاصة لتجريم أفعال تبييض األموال ،وحثت الدول األطراف
عمى تجريم ىذه األفعال ، 2وأوردت مجموعة من التدابير الوقائية والقمعية ،فأوجبت عمى
الدول األطراف إنشاء نظام رقابة داخمي لمراقبة نشاط المصارف والمؤسسات المالية وسائر
الييئات المعرضة لتبييض األموال بيدف ردع وكشف جميع أشكال تبييض األموال ،والسعي
إلى تطوير وتعزيز التعاون الدولي واإلقميمي والثنائي بين األجيزة القضائية وأجيزة تنفيذ
القوانين وأجيزة الرقابة المالية من أجل مكافحة تبييض األموال.3
تجدر اإلشارة في ما يتعمق بيذه االتفاقية ،أنيا تداركت النقائص التي تضمنتيا اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة 1988
حيث برزت جريمة تبييض األموال كإحدى الجرائم المنظمة والخطيرة ،وقد حددت االتفاقية
اإلطار القانوني ليذه الجريمة ،ووسعت من نطاق الجرائم األصمية لتشمل كل الجرائم
الخطيرة ،أما في مجال التعاون الدولي فقد أكدت االتفاقية عمى ضرورة تبادل المعمومات بين
الدول والتعاون في مجال المساعدة التقنية ،كما جاءت معظم أحكام االتفاقية عمى نحو يكفل
األخذ في االعتبار خصوصية النظام القانوني لكل دولة.
أنظر إعالن فيينا بشأن الجريمة والعدالة الصادر عن مؤتمر األمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاممة المجرمين 1
المادة < 2من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،نفس المرجع. 3
114
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
-5اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد :1تم اعتماد اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد
من طرف الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك في 31أكتوبر ،2003وذلك بيدف تحقيق
التعاون القضائي بين الدول األطراف عمى جميع األصعدة لمكافحة ظاىرة الفساد ،2حيث
يعتبر تبييض األموال من أخطر صور الفساد.
وقد عددت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد األفعال التي تدخل في إطار أنشطة
تبييض األموال ،وفي ىذا اإلطار دعت الدول األطراف إلى ضرورة تجريم تمك األفعال من
خال ل وضع أنظمة داخمية شاممة لمرقابة واإلشراف عمى البنوك والمؤسسات المالية ،وتبادل
المعمومات عمى الصعيد الوطني والدولي ،وتعزيز التعاون بين السمطات القضائية وأجيزة
الرقابة المالية لمكافحة جرائم تبييض األموال ،ناىيك عن مصادرة العوائد المتأتية من أفعال
إجرامية وفقا ليذه االتفاقية.3
كما تناولت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد جريمة تبييض األموال من عدة زوايا
حيث جرمت تبييض األموال الناتجة عن الفساد ،كما حثت الدول األطراف عمى ضرورة
إيجاد السبل الكفيمة بالتوفيق بين القيام بالتحقيقات الجنائية المتعمقة بأنشطة تبييض األموال
وبين السرية المصرفية وتدليل العقبات الناشئة عن تطبيقيا.4
-6اتفاقية ستراسبورغ :تعد اتفاقية ستراسبورغ من أبرز الجيود التي بدليا المجمس
األوروبي لمكافحة تبييض األموال والتي ميدت الطريق أمام التشريعات الوطنية األوروبية
لتجريم عمميات تبييض األموال واتخاذ السبل الكفيمة لمكافحت و ، 5حيث تعيدت الدول
صادقت الجزائر بتحفظ عمى اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب المرسوم الرئاسي 00=/29المؤرخ في >0 1
-ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ وأنجع.
-ترويج وتسيير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد ،بما في ذلك مجال استرداد
الموجودات.
-تعزيز النزاىة والشفافية والمساءلة واإلدارة السميمة لمشؤون العمومية والممتمكات العمومية.
المادة 08من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،مرجع سابق. 3
المادة 92من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،نفس المرجع . 4
115
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
األطراف بموجبيا بتجريم ومعاقبة تبييض األموال وخمق ديناميكية تعاونية في مجال
التحقيقات من خالل تبادل المعمومات ،ورفع السرية عن الحسابات المصرفية المشبوىة
وتسميم المجرمين.
ولضمان الحماية الفعالة لمنظام المالي من عمميات تبييض األموال ،أصدر المجمس
بخصوص الوقاية من استخدام النظام المصرفي التوجيو رقم 60لسنة ، 12005والذي
تضمن العديد من التوصيات أىميا:
-حظر تبييض األموال مع ضرورة تضمين التشريعات الوطنية لمدول األعضاء تجريم ىذا
الفعل وفقا التفاقية فيينا وىذا التوجيو.
-التحقق من شخصية العمالء ،وذلك عند إبرام الصفقات التجارية التي يتجاوز مقدارىا حدا
معينا.
-االحتفاظ بالسجالت المالية باإلضافة إلى حفظ جميع الوثائق المتعمقة بتحديد شخصية
العمالء والصفقات لمدة خمس سنوات.
-التعاون بين السمطات المختصة (المؤسسات المالية والسمطات القضائية وسمطات تنفيذ
القانون).
لم يقتصر تجريم عمميات تبييض األموال عمى االتفاقيات الدولية واإلقميمية فقط ،بل
اتجيت الكثير من الدول إلى تجريم تبييض األموال في تشريعاتيا الوطنية بيدف تحقيق
االنسجام بين األحكام الواردة فييا وما نصت عميو ىذه االتفاقيات ،فأصبحت أنشطة تبييض
األموال جريمة قائمة بذاتيا ،ليا أركانيا وعقوباتيا.
1
Directive 2005/60/CE du parlement européen et du conseil du 26 octobre 2005 relative à la
prévention de l’utilisation du système financier aux fins du blanchiment et du financement du
terrorisme. www.eur-lex.europa.eu
116
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وال شك في أن ىذه خطوة جريئة وىامة في سبيل مكافحة جريمة تبييض األموال
باعتبارىا من األنشطة الخطيرة والمدمرة القتصاديات الدول.1
وسنتطرق ألوجو تجريم نشاط تبييض األموال في التشريعات الوطنية بداية بالتشريع
الجزائري ،ثم بعض النماذج الغربية والعربية.
-1التشريع الجزائري :عمى الرغم من أن الجزائر تعد من الدول السباقة إلى المصادقة عمى
االتفاقيات الدولية واإلقميمية ذات الصمة بتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال إدراكا منيا
بخطورة ىذه الجريمة ،إال أن المشرع قد تأخر في إصدار قانون لمواجية ىذه الظاىرة مكتفيا
بإصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية التي لم تستوعب في حقيقة األمر
خطورة نشاط تبييض األموال نذكر أىميا:
117
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
كما تعزز النظام القانوني الجزائري لمكافحة جريمة تبييض األموال بصدور القانون
01/06المؤرخ في 20فيفري 2006المتضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو ،الذي
جسد من خاللو المشرع المبادئ المنصوص عمييا في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد
وكذلك االتفاقية العربية لمكافحة الفساد .1كما صدر المرسوم التنفيذي 153/15المؤرخ في
16يونيو 2015المحدد لمحد األدنى المطبق عمى عمميات الدفع التي يجب أن تتم بوسائل
الدفع الكتابية وعن طريق القنوات البنكية والمالية .إضافة إلى نظام بنك الجزائر 03/12
المؤرخ في 28نوفمبر 2012المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب
ومكافحتيما.2
-2التشريع الفرنسي :تعتبر فرنسا من أولى الدول التي بادرت بعد انضماميا إلى اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية بتاريخ 13يناير
1989وتبنييا توصيات مجموعة العمل المالي الدولي إلى سن مجموعة من القوانين وانشاء
المرسوم الرئاسي 0:0/09المؤرخ في = 2سبتمبر ،0209المتضمن المصادقة عمى االتفاقية العربية لمكافحة الجريمة 1
118
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ىيئات تعنى بمكافحة نشاط تبييض األموال ،ومن أبرز تمك القوانين ،القانون 1157/87
المتعمق بمكافحة تيريب المخدرات وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات ،والذي جرم نشاط
تبييض األموال وعاقب عميو كجريمة قائمة بذاتيا بنص المادة الثانية الفقرة األولى التي تتمم
المادة 627من قانون الصحة العمومية عمى " :تعاقب بالسجن لمدة تتراوح من سنتين إلى
عشر سنوات ،وبغرامة مالية من 5000فرنك إلى 500000فرنك أو بإحدى العقوبتين كل
من استعمل أي وسيمة تزوير أو ساعد في تبرير المصدر غير المشروع لألموال والممتمكات
المحصمة من إحدى الجرائم المنصوص عمييا في الفقرة األولى أو تعمد المساعدة في أي
عممية توظيف ،إخفاء ،أو تحويل عائدات ىذه الجرائم".1
وبعد ذلك أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية باإلجماع القانون 614/90بتاريخ 12
يونيو 1990المتعمق بمساىمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األموال المتأتية من
تجارة المخدرات ،والذي تضمنت أحكامو إلزام كل المؤسسات المالية الفرنسية باالشتراك في
التصدي لعمميات تبييض األموال المتأتية من تجارة المخدرات ،وحرمان تجار المخدرات من
عائدات أنشطتيم اإلج ارمية.2
1
Article 2-I de la loi n°87/1157 « Seront punis d’une emprisonnement de deux à dix ans et
d’une amande de 5000F à 500000F ou de l’une de ces deux peines seulement ceux qui, par
tout moyen frauduleux, auront facilité ou tenté de facilité la justification mensongère de
l’origine des ressources ou des biens de l’une des infractions mentionnées au premier alinéa
du présent article ou ceux qui auront sciemment apporté leur concours à toute opération de
» placement, de dissimulation ou de conversion du produit d’une telle infraction
2
Article 3 de 90/614, Op.Cit.
3سمر فايز إسماعيل ،مرجع سابق ،ص.008
119
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وفي إطار مكافحة جريمة تبييض األموال ،أنشأت الحكومة الفرنسية إدارة تجميع
المعمومات والعمل ضد الدوائر المالية السرية ( ،2)TRACFINوىي ىيئة تحت سمطة و ازرة
االقتصاد والمالية والموازنة ،ميمتيا جمع المعمومات عن العمميات المشبوىة بالتعاون مع
البنوك والمؤسسات المالية ومصمحة الجمارك الفرنسية.3
كما أنشأ المشرع الفرنسي ما يعرف بالمكتب المركزي لقمع االنحراف المالي الكبير
( ، 4 )OCRGDFوىذا المكتب عالوة عمى ميامو ذات الطبيعة القضائية ،فإنو يؤدي عمى
المستوى الداخمي دو ار مركزيا في تجميع المعمومات وتنسيق الجيود بين أجيزة الشرطة
الفرنسية واألجنبية ضد مختمف أنواع الجريمة المنظمة العابرة لمحدود ،وفي مقدمتيا عمميات
تبييض األموال الناتجة عن االتجار غير المشروع بالمخدرات.5
-3التشريع المصري :تعتبر مصر من الدول التي تجاوبت مع الجيود الدولية المبذولة في
إطار سن تشريعات لتجريم ومكافحة عمميات تبييض األموال ،فقد وقعت عمى اتفاقية األمم
المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة 1988واتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة .2000
2
Traitement de Renseignement et Action contre les circuits financiers clandestins.
3
Ahmed Farouk ZAHAR, op.Cit, pp178-179.
4
Office Contre la Répression de la Grande Délinquance Financière.
سمر فايز إسماعيل ،مرجع سابق ،ص;.00 5
120
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وادراكا من المشرع المصري بعدم كفاية النصوص التشريعية السارية المفعول في
مكافحة عمميات تبييض األموال ،كان ال بد من إصدار تشريع خاص يجرم تبييض األموال،
وىو ما تم بصدور القانون 80لسنة 2002
-4التشريع األمريكي :تعتبر الواليات المتحدة األمريكية من أولى الدول التي تصدرت
مجال مكافحة جريمة تبييض األموال ،خاصة بعد إصدارىا لمعديد من التشريعات التي من
أىميا قانون سرية البنوك والحسابات لسنة 1970وتعديالتو المتالحقة ،وذلك بيدف تعقب
العمميات النقدية لمنع تبييض األموال سواء الناتجة عن االتجار بالمخدرات أو غيرىا من
الجرائم ،حيث منح ىذا القانون صالحيات واسعة لو ازرة الخزانة األمريكية ،تسمح ليا بإلزام
المؤسسات المالية واألشخاص اآلخرين بمسك سجالت خاصة يستفاد منيا في التحقيقات
الجنائية في جرائم تبييض األموال ،وتوفير األدلة الموثقة الكافية إلدانة مرتكبي ىذه الجرائم
فعمى المصارف بموجب ىذا القانون إصدار العديد من التقارير ومنيا (تقرير السندات
المالية ،تقرير الحسابات المصرفية األجنبية ،سجل البيوع الفورية لمسندات المالية ،سجل
األخطار والتعميمات).1
ولما كانت مسألة إعداد التقارير واإلبالغ عن جميع العمميات المالية التي تزيد قيمتيا
عن عشرة آالف دوالر أمريكي مكمفة وتستغرق بعض الوقت ،خاصة بالنظر إلى حجم
التعامالت اليائل في البنوك األمريكية ،فقد رأى مجمس الكونجرس األمريكي إصدار قانون
مستقل لتجريم ومكافحة تبييض األموال وىو ما يعرف بقانون السيطرة عمى تبييض األموال
لسنة ،1986ويعتبر ىذا القانون أقوى وأشمل قانون لمكافحة تبييض األموال في الواليات
المتحدة األمريكية.2
وفي سنة ،1994أصدر الرئيس األمريكي كمينتون عمى قانون قمع تبييض األموال
والذي أدخل بعض التعديالت عمى قانون سرية البنوك من أجل تخفيف الواجبات عمى
البنوك وذلك بإعفاء بعض العمالء والمعامالت التي تزيد عن عشرة آالف دوالر من ىذا
121
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
االلتزام ،ودعم قدرة الحكومة الفيدرالية في الرقابة عمى عمميات تحويل النقود بصورة أكثر
مرونة.1
وفي األخير ،صدر القانون المعروف بالقانون الوطني األمريكي والذي وقعة الرئيس
األمريكي في 26أكتوبر ،2001كرد فعل عمى اليجمات التي تعرضت ليا الواليات
المتحدة األمريكية في الحادي عشر من سبتمبر من نفس السنة ،حيث أولى اىتماما كبي ار
لمشكمة تبييض األموال باعتبارىا من مصادر التمويل التي يعتمد عمييا اإلرىاب الدولي في
تنفيذ جرائمو.2
المبحث الثاني
تتميز جريمة تبييض األموال بذاتية خاصة تميزىا عن غيرىا من الجرائم األخرى
األمر الذي دفع بالمشرع الوطني في الكثير من الدول إلى االستجابة لما جاءت بو اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات لسنة ،1988وذلك من خالل وضع تشريعات
مستقمة لمكافحتيا وعدم االكتفاء بما ىو موجود في قانون العقوبات.
وانطالقا مما سبق ذكره ،سينصب اىتمامنا في ىذا المبحث عمى استعراض األحكام
القانونية العامة لجريمة تبييض األموال ،مع بيان موقف المشرع الجزائري ،وذلك من خالل
دراسة البنيان القانوني لجريمة تبييض األموال (المطمب األول) ،ثم العقوبات المقررة ليا
(المطمب الثاني).
المطمب األول
إذا كانت الجريمة بصفة عامة ،تتمثل في عدوان عمى مصمحة يحمييا القانون
ويختص القانون الجنائي بالنص عمييا وبيان أركانيا والعقوبة المقررة لمرتكبيا ،فإن األمر ال
122
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
يختمف في جوىره بالنسبة لجريمة تبييض األموال ،فيي بدورىا تنطوي عمى عدوان عمى
مصالح اقتصادية واجتماعية جديرة بالحماية القانونية.1
اختمف الفقو حول تحديد األركان العامة لمجريمة ،فقد ذىب البعض إلى القول بأن
لمجريمة ثالثة أركان ىي الركن الشرعي و الركن المادي والركن المعنوي .2وذىب البعض
اآلخر إلى حصر أركان الجريمة في ركنين ىما الركن المادي والركن المعنوي ، 3وذلك
باعتبار أن الركن الشرعي صفة تالزم كال من ىذين الركنين ،والحديث في أي من الركن
المادي أو المعنوي ىو بالضرورة حديث في حكم القانون فييما .4وذىب البعض اآلخر إلى
إدراج ركن آخر ىو الركن المفترض.5
وجريمة تبييض األموال ككل الجرائم ،كي تتحقق البد من توافر أفعال مادية قام بيا
الجاني ،وىي تمثل حقيقة الركن المادي ،ثم توافر قصد جنائي بما يقتضيو من عمم وارادة
لدى الجاني ،وىو ما يمثل حقيقة الركن المعنوي ،إضافة إلى ضرورة وجود جريمة أصمية
سابقة لنشاط تبييض األموال ،وىي الجريمة مصدر األموال غير المشروعة محل التبييض،
وتمثل حقيقة الركن المفترض.
مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات (القسم العام) ،الطبعة الرابعة ،دار الفكر العربي ،القاىرة ،0>=9 ،ص>02؛ 2
محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات (القسم العام) ،الطبعة الخامسة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،0>=< ،ص;.9
رمسيس بيمام ،النظرية العامة لمقانون الجنائي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،0>>< ،ص><9؛ رؤوف عبيد ،مبادئ 3
القسم العام من التشريع الجنائي ،دار الفكر العربي ،القاىرة ،0><> ،ص< .00أنظر كذلك:
Gaston Stefani, Georges Levasseur, Bernard Bouloc, Droit pénal général, 16eme édition,
Dalloz, 1997, p182.
4عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري (القسم العام) ،الطبعة الثانية ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع،
الجزائر ،0208 ،ص.80
اختمف فقياء القانون حول ما إذا كان نص التجريم ركنا من األركان العامة لمجريمة ،أم مجرد شرط أو صفة لمسموك 5
المجرم.
ونحن نرى بأن نص التجريم ليس ركنا يضاف إلى الركنين المادي والمعنوي ،حيث أن اعتبار الركن الشرعي ىو نص
التجريم الواجب التطبيق عمى السموك معناه أن نص التجريم ىو الذي ينشئ الجريمة ويرسم حدودىا ،فيو بمثابة الوعاء
الذي يحتوي عمى نموذجو ،وليس من المنطق القول أن وعاء الشيء يدخل في الشيء عند تحميمو إلى عناصره.
123
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وعمى ضوء ما سبق ذكره ،سنتطرق في ىذا المطمب لمبنيان القانوني لجريمة تبييض
األموال من خالل بيان الشرط المفترض (الفرع األول) ،ثم نبين الركن المادي (الفرع الثاني)
وصوال لمركن المعنوي (الفرع الثالث).
الفرع األول
وقد يتمثل الشرط المفترض أو الركن المفترض ،كما ي اره البعض ،في صفة الجاني
كالموظف العام في جريمة الرشوة ،أو صفة المجني عميو كما في جريمة االعتداء عمى
قاصر أو صفة في مكان أو زمان ارتكاب الجريمة.3
واذا كانت جريمة تبييض األموال تعتبر من الجرائم التبعية ،فذلك يقتضي القول أن
ليذه الجريمة ركن مفترض يتمثل في وقوع جريمة أصمية سابقة عمييا ،ينتج عنيا المال غير
المشروع المراد تبييضو إلضفاء الصفة الشرعية عميو.4
اختمفت التشريعات التي تناولت جريمة تبييض األموال حول ضابط أو معيار تستند
إليو في تحديد نطاق الجريمة األصمية التي يتم الحصول منيا عمى األموال غير المشروعة
وىو ما أدى إلى ظيور ثالث اتجاىات في ذلك:
سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية ،0222 ،ص=.00 1
سميمان عبد المنعم ،مرجع سابق ،ص>00؛ عبد القادر عدو ،مرجع سابق ،ص.88 3
124
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
االتجاه األول :يقصر الجريمة األصمية عمى جرائم االتجار غير المشروع بالمخدرات ،وىو
ما أخذت بو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات لسنة .1988
االتجاه الثاني :يقوم عمى تجريم وعقاب تبييض األموال المحصمة من الجريمة بوجو عام
بحيث ال يتم مسبقا وضع تحديد لمجرائم األصمية ،ومن التشريعات التي أخذت بو التشريع
الفرنسي.
االتجاه الثالث :يقوم عمى األخذ بنوع معين من الجرائم دون تحديد لما تشتمل عميو كتحديد
الجنايات بشكل عام ،ومن التشريعات التي أخذت بيذا االتجاه التشريع المصري والتشريع.
أما في التشريع الجزائري ،وعمى الرغم من مصادقة الجزائر عمى اتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات ،والتي حددت الجرائم األصمية ذات العائد
اإلجرامي الذي يكون محال لجريمة تبييض األموال في جريمة االتجار غير المشروع
بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،إال أن أحكام القانون 01/05المتعمق بالوقاية من تبييض
األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما وقبمو المادة 389مكرر من قانون العقوبات جاءت
خالية من تحديد الجريمة األصمية المتأتية منيا األموال غير المشروعة.
من خالل ما سبق يتبين لنا أن المشرع الجزائري أخذ بالمنظور الواسع بالنسبة لمشرط
المفترض في جريمة تبييض األموال ،إذ يعتبر الجريمة األصمية أية جريمة حتى ولو ارتكبت
في الخارج وسمحت لمرتكبيا بالحصول عمى األموال حسب ما نص عميو ىذا القانون.1
وبذلك يكون المشرع الجزائري قد تفادى االنتقادات الموجية لمتشريعات التي اتبعت
أسموب الحصر في تحديد الجريمة األصمية مصدر المال غير المشروع ،مما يؤدي إلى
إخراج جرائم عديدة من نطاق جرائم تبييض األموال.
تظير العالقة بين جريمة تبييض األموال والجريمة األصمية في أن ىذه األخيرة تعتبر
العنصر المفترض لجريمة تبييض األموال ،وكذلك في عالقة السببية بأن األموال غير
125
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
المشروعة المحصمة من الجريمة األصمية ىي محل جريمة تبييض األموال ويكون ىناك
استقالل في باقي العناصر األخرى ،وازاء ىذا االستقالل لمجريمة األصمية ،فإنو ال بد ولقيام
الجريمة الثانية (جريمة تبييض األموال) من توافر الجريمة األصمية بجميع أركانيا التي نص
عمييا القانون ،وىذا يتطمب إثبات وجودىا كما ىو محدد في النص القانوني.
وليذا فإن الحكم الصادر بعدم المسؤولية في الجريمة األصمية سواء بسبب انتفاء أحد
أركان الجريمة ،أو لعدم وجود نص تجريمي ،أو لوجود مانع من موانع المسؤولية الجنائية
ىذه األسباب تؤدي إلى عدم توافر جريمة تبييض األموال.
أما في حالة صدور الحكم بالبراءة لعدم كفاية األدلة ،فإن ىذا الحكم ال يمنع من قيام
جريمة تبييض األموال ألن الجريمة األصمية من الممكن أن يكون ارتكبيا شخص آخر.1
وفي حالة صدور الحكم باإلدانة في الجريمة األصمية ،وعمى اعتبار أن المشرع
الجزائري لم يحدد الجريمة األصمية ،إنما أراد بذلك جعل جريمة تبييض األموال جريمة
مستقمة بذاتيا ،لذلك ال يشترط لتوافر جريمة تبييض األموال صدور حكم باإلدانة في الجريمة
األصمية وانما يكفي وجود األدلة عمى أن األموال التي تم تبييضيا ناتجة عن جريمة بصفة
عامة .2
ويثور التساؤل في ظل استقالل الجريمة األصمية عن جريمة تبييض األموال فيما إذا
كان من الممكن اتحاد صفة الجاني في الجريمة األصمية وجريمة تبييض األموال ،حيث
ظير في ىذا الصدد اتجاىين:
االتجاه األول :وفقا ليذا االتجاه فإنو ليس ىناك ما يمنع من اتحاد صفة الجاني في
الجريمتين ذلك أن اتحاد صفة في الجريمة من شأنو ضمان مالحقة ومعاقبة الجاني ،إذا أراد
اإلفالت من العقاب ألي سبب كان كصدور العفو الشامل ففي ىذه الحالة يمكن معاقبتو
عمى أساس جريمة تبييض األموال.3
126
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
االتجاه الثاني :استنادا إلى ىذا االتجاه فإنو ال يجوز اتحاد صفة الجاني في الجريمتين ،وقد
تبنى ىذا االتجاه الفقو والقضاء الفرنسيين تحت تأثير جريمة إخفاء األشياء ،والتي تقضي
بأنو ال يمكن أن يكون الجاني في الجناية أو الجنحة التي تحصل منيا عمى الشيء محل
اإلخفاء ىو نفسو الجاني في جريمة اإلخفاء ،اعتمادا عمى أن نشاط الجاني في الجريمة
األخيرة ىو امتداد لمجريمة األصمية.1
من جانبنا ،نرى بسالمة االتجاه األول والذي يجيز اتحاد صفة الجاني في الجريمة
األصمية وجريمة تبييض األموال ،بحيث يعاقب الجاني اعتمادا عمى المادة 32من قانون
العقوبات الجزائري بشأن تعدد الجرائم التي نصت عمى وصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة
أوصاف بالوصف األشد من بينيا.
وال يمزم أن تقع الجريمة األصمية في نفس الدولة التي يرتكب فييا نشاط تبييض
األموال حيث أن الجريمة األصمية ىي الركن المفترض لجريمة تبييض األموال ،وبالتالي
فالعبرة في القانون الواجب التطبيق واالختصاص القضائي عند المحاكمة ىو بالجريمة التي
يحاكم الجاني من أجميا وىي جريمة تبييض األموال وليس بالجريمة التي تحصل منيا المال
غير المشروع.2
وتأكيدا لما سبق ذكره ،نصت المادة 05من القانون 01/05المعدل والمتمم عمى أنو
ال يمكن اتخاذ إجراءات المتابعة الجزائية من أجل جريمة تبييض األموال ،إال إذا كانت
األفعال األصمية المرتكبة في الخارج تكتسي طابعا إجراميا في قانون البمد الذي ارتكبت فيو
وفي الق انون الجزائري ،ولتطبيق ذلك نرجع إلى القواعد العامة الواردة في المادتين 582
و 583من قانون اإلجراءات الجزائية بشأن الجنايات والجنح التي ترتكب في الخارج.3
حسام الدين محمد أحمد ،شرح القانون =2لسنة 0220بشأن مكافحة غسل األموال ،الطبعة الثانية ،دار النيضة 1
األمر ;; 0::/المؤرخ في = 2يونيو ;;> 0المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ،ج.ر.ج.ج ،عدد= ،9صادر في 02 3
127
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع الثاني
إن النشاط الذي يصدر عن الجاني متخذا مظي ار خارجيا ممموسا يتدخل من أجمو
القانون تجريما وعقابا ،وىو ما اصطمح الفقو الجنائي عمى تسميتو بالركن المادي لمجريمة،
أي ما يدخل في كيانيا وتكون لو طبيعة مادية تدركيا الحواس.
ومن المعموم أن الركن المادي عامة ،وحسب االتجاه السائد في الفقو يتكون من ثالثة
عناصر رئيسية ،وىي السموك اإلجرامي والنتيجة والعالقة السببية التي تربط السموك
اإلجرامي بالنتيجة ، 1وجريمة تبييض األموال شأنيا في ذلك شأن كل الجرائم ،يقوم ركنيا
المادي عمى توافر ىذه العناصر ،فيي تتطمب من حيث األصل وقوع فعل إجرامي معين
وتحقق نتيجة إجرامية معينة وعالقة سببية بين الفعل والنتيجة.2
السموك المجرم قانونا ىو كل سموك خارجي واع وموجو يأتيو اإلنسان بغرض إحداث
تغيير في العالم الخارجي ،فيظير مكونا ماديات الجريمة التي نص القانون عمى تجريميا
ويقرر ليا العقاب المناسب.
ويعتبر السموك اإلجرامي من أىم العناصر المكونة لمركن المادي لجريمة تبييض
األموال ،ألنو يبين نشاط مبيض األموال في التعامل بأموال غير مشروعة ،كما يدل عمى
الغاية المؤدية لنتيجة إجرامية معاقب عمييا قانونا.3
عبد اهلل محمد الحمو ،الجيود الدولية والعربية لمكافحة جريمة تبييض األموال(دراسة مقارنة) ،الطبعة األولى ،منشورات 1
باخوية دريس ،مرجع سابق ،ص ،0::نقال عن :خالد حامد مصطفى ،جريمة غسل األموال(دراسة مقارنة) ،رسالة 3
128
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ونظ ار لتمك األىمية ،سنتناول السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال من خالل
التطرق لصور السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال بشكل عام ،ثم صور ىذا
السموك اإلجرامي في التشريع.
-1صور السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال :يتحقق السموك اإلجرامي في جريمة
تبييض األموال بإحدى الصورتين :األولى بالتصرف اإليجابي ،واألخرى بالتصرف السمبي
ومعنى ذلك أن الجريمة تتحقق في التصرف اإليجابي نتيجة المتزاج إرادة اإلنسان بحركاتو
العضوية منتجة بذلك عمال يحضره القانون ،أي وقوع سموك بشري بصورة إرادية وأن تترك
ىذه اإلرادة الحرة مظي ار ليا في العالم الخارجي الذي تتمكن الحواس من إدراكو.1
فجريمة تبييض األموال ،شأنيا شأن معظم الجرائم ،تتحقق بكل نشاط مادي يأتيو
الجاني سواء اتخذ ىذا النشاط صورة إيجابية عن طريق إتيان فعل ينيى عنو القانون ،أو
عن طريق االمتناع عن القيام بفعل أمر بو القانون.2
أ -السموك اإليجابي في جريمة تبييض األموال :يتمثل السموك اإلجرامي اإليجابي في
سموك إرادي محسوس يأتيو الفاعل باستعمال أي عضو من أعضاء جسمو في ارتكاب
الجريمة ،وىذا يعني أن السموك اإلجرامي اإليجابي سموك إرادي ،أي يتطمب فيو القانون أن
يكون صاد ار عن إرادة واعية وحرة.3
وقد أورد المشرع الجزائري مجموعة من صور السموك اإليجابي لجريمة تبييض
األموال في القانون 01/05المعدل والمتمم باألمر 02/12المتعمق بالوقاية من تبييض
األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما ،حيث نصت المادة الثانية منو عمى أنو يعتبر تبييضا
لألموال:
-تحويل األموال أو نقميا مع عمم الفاعل بأنيا عائدات مباشرة أو غير مباشرة من جريمة،
بغرض إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال أو مساعدة أي شخص متورط
يوسف حسن يوسف ،الجريمة المنظمة الدولية واإلرىاب الدولي ،الطبعة األولى ،القومي لإلصدارات القانونية،0202 ، 1
ص;.0
منيف نايف الدليمي ،مرجع سابق ،ص.009 2
عبد اهلل أوىايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،موفم لمنشر ،الجزائر ،0200 ،ص ص;.00<-00 3
129
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال ،عمى اإلفالت من اآلثار
القانونية ألفعالو.
-إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو
حركتيا أو الحقوق المتعمقة بيا ،مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية.
-اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا
تشكل عائدات إجرامية.
-المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا ليذه المادة أو التواطؤ أو التتمر عمى
ارتكابيا ،أو محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو واسداء المشورة
بشأنو.
ب -السموك السمبي في جريمة تبييض األموال :السموك السمبي ىو امتناع عن القيام بعمل
يفرضو القانون ،ويقتضي السموك السمبي بداىة كعنصر في الركن المادي أن يكون ىناك
الت زام بعمل ،فال يوصف مسمك إنسان بأنو امتناع إال إذا وجدت قاعدة جنائية تفرض عميو
واجب إتيان فعل أيا كانت طبيعتو.1
أما إذا ثبت أن االمتناع عن القيام بعمل يأمر بو القانون لم يكن إراديا وانما كان
نتيجة لوجود إكراه مادي ،فالشخص ال يسأل عن امتناعو ألن االمتناع في ىذه الحالة يتجرد
من الصفة اإلرادية ويصبح مستحيال.2
و يحتل االمتناع مكانة ىامة في جريمة تبييض األموال ،ال سيما إذا ما تمت من
خالل الجياز المصرفي والمالي الذي يفرض عميو القانون التزامات لمقيام بأعمال معينة أو
اتخاذ احتياطات محددة تتطمبيا مقتضيات حماية األمن االقتصادي واالجتماعي الذي تخل
بو جريمة تبييض األموال.3
130
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
لذلك نرى بإمكانية وقوع جريمة تبييض األموال في صورة سمبية ،تتمثل في االمتناع
عن القيام بما أمر بو القانون ،والسيما في ظل كثرة التشريعات والتعميمات والتوجييات عمى
مستوى التشريع الدولي والوطني لمواجية جريمة تبييض األموال ،فالموظف المصرفي الذي
يمتنع عن القيام باإلجراءات الالزمة لمتعرف عمى ىوية العميل يعد مرتكبا لجريمة تبييض
األموال ،وكذلك الحال بالنسبة المتناع المصرف عن القيام بحفظ سجالت تحديد ىوية
العميل لمدة محددة من تاريخ إغالق الحسا ب ، 1ومن قبيل ذلك ما نص عميو القانون
01/05المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما ،حيث فرض
مجموعة من االلتزامات عمى مسيري وأعوان البنوك والمؤسسات المالية ،ومن ىذه االلتزامات
ما نصت عميو المادة 19من القانون المذكور من ضرورة خضوع البنوك والمؤسسات المالية
وا لمصالح المالية لبريد الجزائر ،والمؤسسات المالية المشابية ،وشركات التأمين ،ومكاتب
الصرف والتعاضديات ،وغيرىا من الجيات لواجب اإلخطار بالشبية.
-2صور السموك اإلجرامي لجريمة تبييض األموال في التشريع :يتمثل السموك المكون
لجوىر الركن المادي في جريمة تبييض األموال في كل فعل يستيدف إضفاء صفة مظير
مشروع عمى األموال والعائدات المحصمة من الجريمة ،وىو ما عنيت االتفاقيات الدولية ذات
العالقة بتجريمو وعقابو وسايرتيا في ذلك تشريعات الدول مع بعض االختالف المغوي في
التعبير والتباين الموضوعي في النطاق.
وتبرز أىم مظاىر السموك المكون لمركن المادي لجريمة تبييض األموال في مختمف
الوسائل التي يتيحيا النشاط المصرفي ،ولو كانت في ذاتيا مشروعة ،أو حيل التمويو
المصرفي األخرى غير المشروعة ،وبصفة عامة باستخدام أي وسيمة كانت حيث يصعب
حصر الطرق التي يتم بيا تبييض األموال.2
وقد نص المشرع الجزائري في المادة 02من القانون 01/05السالف الذكر عمى أن
السموك اإلجرامي في جريمة تبييض األموال يأخذ أربعة صور ىي:
عبد المنعم سميمان ،مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة(ظاىرة غسل األموال) ،دار الجامعة الجديدة 2
131
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
أ -تحويل األموال أو نقميا :وىي الصورة التي جاءت بيا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ، 1بحيث تبنى المشرع الجزائري ىذه
الصورة والسيما بعد تعديل قانون الوقاية من تبييض األموال باألمر 02/12الذي استعمل
مصطمح األموال عوض الممتمكات ،وىو المصطمح الوارد في االتفاقية.
يقصد بتحويل األموال إجراء عمميات مصرفية أو غير مصرفية يكون الغرض منيا
تحويل األموال المحصمة من جريمة إلى شكل آخر ،والتحويل يعني تغيير شكل األموال أو
العممة ،ومثال ذلك تحويل العممة المحمية المتحصل عمييا من جريمة إلى مجوىرات أو
لوحات فنية نادرة تم بيعيا مقابل عمالت أجنبية.2
وقد يتخذ التحويل صورة تحويل األموال عن طريق بطاقات ائتمان مزورة والسحب بيا
من حساب العمالء ثم إيداع األموال التي تم الحصول عمييا بالتحايل في حسابات عادية في
البنوك أو تحويميا إلى عدة فروع بحيث تنقطع الصمة بين المصدر غير المشروع لألموال
واستخداميا بعد ذلك في التعامل.3
التحويالت المصرفية :ىي عمميات يقوم بيا البنك لنقل مبمغ نقدي معين ،من حساب أحد
العمالء(اآلمر) ،وقيده في حساب آخر لنفس العميل ،أو لعميل آخر (المستفيد).4
المادة ،28الفقرة (ب )0/من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع 1
سابق.
منيف نايف الدليمي ،مرجع سابق ،ص<.00 2
طاىر مصطفى ،المواجية التشريعية لظاىرة غسل األموال المتحصمة من جرائم المخدرات ،مطابع الشرطة لمطباعة 4
132
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وتعد التحويالت المصرفية اإللكترونية التي تتم بسرية تامة وسرعة فائقة من أىم
الوسائل التي يمجأ إلييا مبيضو األموال مما يصعب تتبع أصل األموال المحولة عدة مرات
خاصة إذا كان التحويل خارجيا أو إلى بنوك مشبوىة.
ومن الطرق المصرفية األكثر شيوعا التي يمجأ إلييا تجار المخدرات ومرتكبو الجرائم
لتبييض األموال نذكر:
-استبدال العمالت النقدية بعمالت أخرى أكثر قبوال وأكثر سيولة في التعامل.
-تحويل األموال الم حصمة من االتجار بالمخدرات والجرائم األخرى إلى أدوات وفائية
كالشيكات والحواالت المصرفية ...الخ.
-إيداع شحنات كبيرة من النقود بصفة شبو يومية في عدد من الحسابات المصرفية ثم
تصرف عمى الفور بإصدار شيكات واجبة الدفع ألشخاص حقيقيين أو وىميين.
-استخدام مكاتب صرافة النقود أو بيوت السمسرة لنقل األموال إلى جيات خارجية آمنة
ودون المجوء إلى المصارف التقميدية.
التحويالت غير المصرفية :تشمل التحويالت المصرفية القيام بإحدى العمميات التالية:
-استبدال األوراق النقدية الصغيرة بأوراق نقدية من فئات أخرى ،ويسمى ىذا النوع بالتحويل
المالي.
-استبدال العممة المحمية الضعيفة الناتجة عن الجريمة إلى مقتضيات مادية كالمجوىرات
والموحات الفنية النادرة تم إعادة بيعيا والحصول عمى عمالت أجنبية ويسمى ىدا النوع
بالتحويل العيني ،فتحويل األموال يعني تغيير شكميا أو تغيير شكل العممة.
أما نقل األموال ( )Transfert des biensفيتضمن معنى يختمف عن معنى تحويل
األموال الذي نصت عميو اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات
والمؤثرات العقمية لسنة ،1988فال يتصور أن يستخدم المشرع الدولي اصطالحين مختمفين
133
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
لمجرد زيادة المصطمحات وبدون أن يضيف االصطالح الثاني معنى مختمفا عن االصطالح
األول.1
ويقصد بالنقل عممية انتقال األموال من مكان إلى آخر ،وعمى الرغم من أن النقل
المادي لألموال ال يعد تبييضا في حد ذاتو ،إال أن الكثير من مرتكبي الجريمة يستعممون
ىذه التقنية لتبييض أمواليم حيت يعد تيريب العمالت من أكثر الطرق شيوعا لنقل األموال
ألنو ال يترك أث ار مستنديا ،ويتم تيريب األموال بوسائل مماثمة لتمك المستخدمة في تيريب
المخدرات أو بواسطة السفن والطائرات التجارية.2
إن الغرض من نقل األموال ىو المباعدة بين المال القذر ومصدره غير المشروع
وقطع الصمة بو والتغطية عميو وعمى مكان الحصول عميو وعمى صاحبو حيث يثير النقل
بيذا المعنى مشكمة األموال الميربة التي تنتقل من بمد آلخر ،ويقصد بيروب األموال
التدفقات النقدية قصيرة األجل التي تيرب إلى الخارج ألغراض المضاربة ،أو بسبب سوء
األحوال االقتصادية والسياسية أو وجود أنظمة صارمة لمرقابة عمى التعامل بالنقد األجنبي.3
ب -إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا :وىذه الصورة من الصور التي
جاءت بيا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية.
كما يعني اإلخفاء في جريمة تبييض األموال الحيازة المستمرة لألموال حتى ال يدرك
الغير حقيقة مصدرىا أو مكانيا أو طريقة التصرف فييا أو حركتيا.5
أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،مرجع سابق ،ص.99: 4
134
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
أما التمويو فيتمثل في فصل العائدات ذات المصدر اإلجرامي عن مصدرىا الحقيقي
غير المشروع ،من خالل مجموعة عمميات مالية معقدة ومتتابعة لتمويو الصفة غير
المشروعة لألموال ،1فيو يشمل كل عمل من شأنو منع كشف حقيقة المصدر غير المشروع
وبأي شكل كان ،وبأي وسيمة ،وسواء كان ىذا اإلخفاء مستو ار أو عمنيا.2
فالتمويو مرحمة من مراحل تبييض األموال ،وتيدف إلى قطع الصمة بين األموال
القذرة ومصدرىا غير المشروع وتوفير التغطية القانونية ذات الصبغة المشروعة من خالل
القيام بسمسمة من العمميات المصرفية ،واليدف من ىذه العممية جعل تعقب األموال المبيضة
ومتابعتيا إلى مصدرىا غير المشروع مستحيال أو صعبا عمى األقل ،3ويتمثل التمويو في
تشتيت القيم وتوزيعيا في عمميات متعددة ،التي تم تحويميا خالل المرحمة األولى ،وىي
مرحمة التوظيف ،التي تيدف إلى إدخال األموال غير المشروعة في نطاق الدورة المالية ويتم
4
ذلك عن طريق نقل تمك األموال وتجميعيا تمييدا إلضفاء الشرعية عمييا
ويالحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد األفعال والوسائل التي يتم من خالليا تمويو
حقيقة األموال أو مصدرىا ،وىكذا يبدو الركن المادي لجريمة تبييض األموال في ظل ىذه
الصورة من صور السموك اإلجرامي المكون ليا أقرب ما يكون إلى جرائم القالب الحر ذات
الصياغة الفضفاضة ،ويبدو ذلك من ناحيتين:5
الناحية األولى :عدم تحديد طبيعة أفعال التمويو أو نوعيا أو حتى الوسائل التي تتم بيا
ولعل السبب في ذلك راجع إلى خصوصية النشاط المالي والمصرفي ،وامكانية تدوير األموال
غير النظيفة وسيولة إحالليا في صور أخرى جديدة ومتتابعة.
الناحية لثانية :عدم تحديد الجريمة األصمية التي تحصمت منيا األموال غير النظيفة ،حيث
أن تبييض األموال لم يعد يقتصر فقط عمى أموال المخدرات ،بل يشمل جميع األموال
المحصمة من ارتكاب الجرائم.
نادر عبد العزيز ،تبييض األموال (دراسة مقارنة) ،منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت ،0220 ،ص.09 2
نبيل صقر ،تبييض األموال في التشريع الجزائري ،مرجع سابق ،ص.09 4
سميمان عبد المنعم ،مسؤولية المصرف عن األموال غير النظيفة ،مرجع سابق ،ص<.00 5
135
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ج -اكتساب أو حيازة أو استخدام األموال :1وىذه الصورة تنطبق باألخص عمى البنوك
والمؤسسات المالية ،أين يتم وضع الودائع والمبالغ المالية غير المشروعة.
اكتساب األموال ىو تمقييا عمى سبيل التكسب ،واالكتساب قد يكون بطريق مباشر أو
غير مباشر ،أي ىو الحصول عمى الممتمكات ميما كانت الطريقة (الشراء ،اليبة ،المبادلة
اإلرث... ،الخ).
حيازة األموال ،يقصد بيا السيطرة الفعمية عمى الممتمكات من خالل مباشرة األعمال
المادية التي يقوم بيا المالك في العادة ،وذلك دون االستيالء المادي عمى ىذا المال ويستوي
في الحيازة أن يحوز الشخص المال أو الممتمكات بنفسو أو يحوزىا نائبو ،فال يشترط في
الحيازة االستيالء بمفيومو المادي.
استخدام األموال ،يقصد بو استعمال الممتمكات والتصرف فييا ،واستخدام األموال مع
عمم القائم بذلك ،وقت تمقييا ،أنيا تشكل عائدات إجرامية ىو شكل من أشكال اإلخفاء.2
وقد نص المشرع الجزائري عمى اكتساب األموال المحصمة من جريمة أو حيازة ىذه
األموال أو استخداميا ليكون بذلك في توافق واضح مع اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية التي اعتبرت استخدام األموال عندما تكون ىذه األخيرة
محصمة من االتجار غير المشروع بالمخدرات بمثابة سموك مكون لمركن المادي لجريمة
تبييض األموال غير أن المشرع الجزائري لم يحصر ىذه التصرفات في االتجار بالمخدرات
فحسب ،وانما في كل جريمة (جنحة أو جناية) ،حيث نصت المادة 04من القانون 01/05
المعدل والمتمم عمى أن األموال تشمل أي نوع من الممتمكات المادية أو غير المادية ،ال
سيما المنقولة وغير المنقولة التي يحصل عمييا بأية وسيمة كانت مباشرة أو غير مباشرة
والوثائق أو السندات القانونية أيا كان شكميا والتي تدل عمى ممكية تمك األموال.
د -المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا ليذه المادة :يالحظ أن المشرع
استعمل في المادة 02من القانون 01/05المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل
وىي من الصور التي وردت في المادة 28الفقرة (ج )0/من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع 1
136
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
اإلرىاب ومكافحتيما عبارة "المشاركة" في حين أن عبارة "المساىمة" أنسب منيا لسببين عمى
األقل ،أوليما كون عبارة "المساىمة" تؤدي معنى ،participationالتي استعممت في النص
بالمغة الفرنسية ،1وثانييما أن عبارة "المساىمة" أوسع وأشمل من "المشاركة" وىو ما يتفق مع
قصد المشرع ،كما يتجمى ذلك من العبارات المستعممة في الفقرة د " :المشاركة ...أو التواطؤ
أو التتمر عمى ارتكابيا أو محاولة ارتكابيا والمساعدة أو التحريض عمى ذلك وتسييمو
واسداء المشورة بشأنو".
-المساىمة في ارتكاب إحدى الجرائم الواردة في الفقرات أ ،ب ،ج من المادة الثانية ،أي
المساىمة في تحويل الممتمكات أو نقميا أو في إخفاء طبيعتيا أو تمويييا أو في اكتسابيا أو
حيازتيا أو استخداميا.
-المساىمة في جمعية أو اتفاق الرتكاب إحدى الجرائم الواردة في الفقرات أ ،ب ،ج من
المادة الثانية ،ويتعمق األمر ىنا بالمساىمة في صورة من صور جمعية األشرار المنصوص
عمييا في المادتين 176و 177و 177مكرر من قانون العقوبات.
-المساىمة في أي محاولة الرتكاب إحدى الجرائم المقررة في الفقرات أ ،ب ،ج من المادة
الثانية ،بالمساعدة أو بالمحاولة أو بإسداء المشورة ،وىي إحدى صور االشتراك المنصوص
عمييا في المادة 42من قانون العقوبات ،مع توسيع مضمونو إلسداء المشورة.2
وفي القانون المقارن ،والقانون الفرنسي تحديدا ،حصر المشرع السموك المكون لمركن
المادي لجريمة تبييض األموال في صورتين ىما:3
137
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الصورة األولى :تسييل التبرير الكاذب لمصدر األموال أو الدخول غير الشرعية
يشمل األفعال التي تستعمل في التبرير الكاذب لمصدر األموال أو الدخول المتحصمة
من جناية أو جنحة (لم يحدد المشرع الفرنسي ىذه األفعال والوسائل التي يتم بيا التبرير
الكاذب) ،ويرجع ذلك إلى أن المشرع الفرنسي أراد بذلك توسيع مجال تفسير النص ليشمل
كل صور التبرير الكاذب لمصدر األموال ،إذ يكفي لتحقق عنصر السموك المكون لمركن
المادي لمجريمة إثبات أن التبرير لمصدر األموال كاذب ،والكذب في ىذه الحالة ينصب
عمى مصدر عائدات الجريمة ومصدر األموال.1
تجدر اإلشارة إلى أن القضاء الفرنسي جرى عمى أن جريمة تبييض األموال عن
طريق تسييل التبرير الكاذب تتطمب فعال إيجابيا ،فال يمكن القول بقيام الجريمة إذا تم
التسييل من خالل االمتناع عن فعل ،أي أن التسييل الذي يشترط لقيام جريمة تبييض
األموال يجب أن يكون التبرير الذي يتم تسييمو ينطوي عمى كذب أي يتضمن مجافاة
لمحقيقة سواء كان كميا أو جزئيا.2
الصورة الثانية :المساعدة في عمميات إيداع أو إخفاء أو تحويل األموال غير المشروعة
نصت عمى ىذه الصورة المادة 1-324الفقرة 02من قانون العقوبات الفرنسي ،وقد
ضمن المشرع الفرنسي ىذه الصورة أكثر الوسائل شيوعا في مجال تبييض األموال والمتمثمة
في أفعال اإليداع واإلخفاء والتحويل سواء تمت من جانب األشخاص الطبيعيين المتورطين
بذاتيم أو من جانب المصارف والمؤسسات المالية ،أو من بعض مستخدمييا أو مسئولييا.
وتبدو ىذه الصورة متداخمة مع سابقتيا المتمثمة في تسييل التبرير الكاذب لمصدر
األموال ،ال سيما وأنيا تشمل كل فعل يبرر بأي وسيمة كانت عمى نحو كاذب المصدر غير
المشروع لألموال والدخول المحصمة من ارتكاب جناية أو جنحة.3
ىذا ويثار التساؤل حول مدى اعتبار فعل المساعدة في عمميات إيداع أو إخفاء أو
تحويل األموال مكونا لجريمة أصمية أو لصورة من صور المساىمة الجنائية فييا.
ىدى حامد قشقوش ،الجريمة المنظمة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،0220 ،ص.00 1
138
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ويبدو أن المساعدة ىنا تشكل بحسب األصل صورة من صور المساىمة الجنائية لكن
المشرع آثر أن يرتقي بالصفة الجرمية ليذه الصورة ويعاقب عمييا باعتبارىا جريمة أصمية
وليست محض فعل من أفعال المساىمة ،1ويترتب عمى اعتبار فعل المساىمة ىنا جريمة
أصمية إمكانية المالحقة عمى الشروع في ىذه الجريمة ،بينما كان األصل ىو امتناع ىذه
المالحقة حال اعتبار السموك صورة لممساىمة الجنائية استنادا لقاعدة عدم العقاب عمى
الشروع في المساىمة.2
يتعين لتحق ق جريمة تبييض األموال أن يرتكب الشخص جريمة ينتج عنيا مال غير
مشروع يقع عميو السموك اإلجرامي المكون ليذه الجريمة ،وعميو فإذا تحقق ارتكاب الجريمة
األصمية ولم ينتج عنيا ،سواء بطريقة مباشرة ،أو غير مباشرة مال فال نكون بصدد جريمة
تبييض األموال.
وباستعراض خطة التشريعات المقارنة نجد أنيا قد اختمفت فيما بينيا في المصطمح
الذي تستخدمو لمداللة عمى محل جريمة تبييض األموال ،إال أن ذلك ال ينفي وحدة المعنى
أال وىو المال المحصل من مصدر غير مشروع بمختمف صوره ،وفي سائر األشكال التي
يندمج فييا أو يتحول إلييا أو يتبدل عمى شاكمتيا.3
وقد استخدم المشرع الجزائري مصطمح "الممتمكات" لمداللة عمى محل جريمة تبييض
األموال في القانون 15/04المتضمن تعديل قانون العقوبات ،حيث نصت المادة 389
مكرر عمى أنو" :يعتبر تبييضا لألموال:
وفي ىذا يقترب المشرع الفرنسي مما نصت عمية التوصيات األربعون لمجموعة العمل المالي. 1
محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات(القسم العام) ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،0>=> ،ص.980 2
139
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
فقد شمل ىذا التعريف لألموال الممتمكات ،التي يقصد بيا في مفيوم القانون 01/06
المتعمق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،الموجودات بكل أنواعيا سواء مادية أو غير مادية
منقولة أو غير منقولة ،ممموسة أو غير ممموسة ،أو المستندات التي تثبت ممكية تمك
الموجودات أو وجود الحقوق المتصمة بيا.2
أما تعريف العائدات اإلجرامية في قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو ،فيي كل
الممتمكات المتأتية أو المتحصل عمييا بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب جريمة.3
ويالحظ من التعريفات التي جاء بيا المشرع الجزائري لمحل جريمة تبييض األموال
أنو قد وسع من مفيومو ،وذلك ليستوعب جميع الصور التي يتشكل منيا المال والمحصل
من نشاطات إجرامية ،سواء تم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بغية ردع الجرم األصمي
وحرمان مرتكب الجريمة من اإلفالت من سمطات الضبط والتحري والتمتع بعوائدىا ،وىو
منيج س ميم يشمل كافة األموال المحصمة من الجرائم التي تيدد وتضر بالمصالح الحيوية
لممجتمع.
المادة 29من القانون 20/2:المتعمق بالوقاية من تبييض األموال ،المعدلة والمتممة بالمادة 29من األمر ،20/00 1
مرجع سابق.
المادة ،20الفقرة (و) من القانون ; 20/2المعدل والمتمم ،مرجع سابق. 2
140
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
كما احتوت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات
العقمية لسنة 1988في مادتيا األولى عمى تعريفات لبعض المفاىيم التي وردت فييا ومنيا
مصطمحا "المتحصالت" و"األموال".
أما مصطمح األموال فيقصد بو "األصول أيا كان نوعيا ،مادية كانت أو غير مادية
منقولة أ و ثابتة والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تممك ىذه األموال أو أي حق
متعمق بيا".2
وفي التشريع الفرنسي ،فإن محل جريمة تبييض األموال وفقا لمقانون 614/90
المتعمق بمشاركة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض األموال الناتجة عن االتجار
بالمخدرات ىو األموال الناتجة عن تجارة المخدرات فقط ،لكن بعد صدور القانون 392/96
المتعمق بمكافحة تبييض األموال ،وسع المشرع الفرنسي من نطاق الجرائم التي تكون
عوائدىا محال لجريمة تبييض األموال مستخدما في ذلك مصطمحي "األموال" و "الدخول".
وقد نص المشرع المصري في المادة األولى فقرة (أ) من قانون مكافحة تبييض
األموال رقم 80لسنة 2002السمف الذكر عمى أن المقصود باألموال ،العممة الوطنية
والعمالت األجنبية واألوراق المالية واألوراق التجارية ،وكل ذي قيمة من عقار أو منقول
مادي أو معنوي ،وجميع الحقوق المتعمقة بأي منيا ،والصكوك والمحررات المثبتة لكل من
تقدم بيا.
وحسب الفقرة (د) من نفس المادة ،فإن محل جريمة تبييض األموال ىي محصالت
الجرائم الواردة في ىذا القانون عمى سبيل الحصر ،والتي يقصد بيا األموال الناتجة أو
المادة األولى ،الفقرة (ع) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع 1
سابق.
المادة األولى ،الفقرة (ف) من نفس اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية، 2
141
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عمييا
في المادة الثانية من ىذا القانون.1
ويظير من خالل التحديد الذي أورده المشرع المصري لممال ،بأنو عمى قدر كبير من
االتساع بحيث يمكن أن يشمل كل ما يتم الحصول عميو من ارتكاب جريمة من الجرائم
المنصوص عمييا في القانون ،سواء تم الحصول عمييا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،كما
أنو ال عبرة بطبيعة ىذه األموال سواء كانت مادية أو غير مادية أو عقارات أو منقوالت.2
األصل في جريمة تبييض األموال أن يرتب السموك المكون ليا نتيجة ضارة ،وأن
يكون بين النتيجة والسموك اإلجرامي عالقة تربط بينيما وىي العالقة السببية ،إذ ىي التي
تحدد نسبة النتيجة إلى سموك الشخص اإلجرامي من عدمو.3
-1النتيجة اإلجرامية :تتمثل النتيجة اإلجرامية في األثر الذي يحدثو السموك اإلجرامي
سواء كان أث ار إيجابيا أو سمبيا ،وىي تتضمن في مدلول قانون العقوبات مفيومين ،واحد
مادي وآخر قانوني ،فاألول ىو األثر المادي الذي ترتبو الجريمة ويتحقق في العالم الخارجي
ويعتد بو القانون ،فيغير فيو عما كان قبل ارتكاب الجريمة ،أما المفيوم القانوني فيو مجرد
فكرة قانونية ليس ليا وجود مادي ممموس ،تتمثل في صورة ضرر معنوي ،باالعتداء عمى
حق أو مصمحة محمية قانونا.4
نصت المادة 20من القانون =2لسنة 0220عمى أنو" :يحضر تبييض األموال المتحصمة من جرائم زراعة وتصنيع 1
النباتات والجواىر والمواد المخدرة وجمبيا وتصديرىا واالتجار فييا ،وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز األشخاص،
والجرائم التي يكون اإلرىاب أو تمويمو من بين أغراضيا أو من وسائل تنفيذىا ،وجرائم استيراد األسمحة والذخائر والمفرقعات
واالتجار فييا وصنعيا بغير ترخيص ،والجرائم المنصوص عمييا في األبواب األول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر
والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وجرائم سرقة األموال واغتصابيا ،وجرائم الفجور والدعارة ،والجرائم
الواقعة عمى اآلثار ،والجرائم البيئية المتعمقة بالمواد والنفايات الخطرة ،والجرائم المنظمة التي يشار إلييا في االتفاقيات
الدولية التي تكون مصر طرفا فييا ،وذلك كمو سواء وقعت جريمة تبييض األموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج
بشرط أن يكون معاقب عمييا في كال القانونين المصري واألجنبي".
إبراىيم طنطاوي ،مرجع سابق ،ص<;. 2
142
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وعمى ىذا األساس ،قسم الفقو الجرائم وفقا لمعيار النتيجة إلى جرائم مادية ،أو ما
يسمى بجرائم الضرر ،وجرائم شكمية ،أو ما يسمى بجرائم الخطر ، 1ونتيجة ليذا التقسيم
اختمف الفقو حول طبيعة جريمة تبييض األموال بخصوص ما إذا كانت جريمة شكمية ال
يشترط لقياميا حدوث نتيجة أو ضرر مادي ،أو إذا ما كانت جريمة مادية ذات نتيجة
إجرامية.
ومن استقراء نصوص التجريم الخاص بتبييض األموال ،نالحظ أن المشرع يشترط
لتوقيع الجزاء عن جريمة تبييض األموال ،أن يؤدي السموك اإلجرامي إلى إحداث نتيجة
مادية محددة أي تحقق ضرر معين ،2وفي بعض األحيان ال يشترط لتوافر جريمة تبييض
األموال تحقق نتيجة مادية معينة ،حيث ينصب التجريم عمى السموك اإلجرامي لمجاني وذلك
بصرف النظر عن أية نتيجة مستقمة يؤدي إلييا ىذا السموك.3
المشرع الجزائري ،ومن خالل نصوص التجريم الخاصة تبييض األموال ،نجده قد
جمع بين جرائم ال ضرر وجرائم الخطر ،حيث يتطمب لتوقيع الجزاء عن جريمة تبييض
األموال أن يؤدي السموك اإلجرامي إلى إحداث نتيجة مادية محددة ،تتمثل في إخفاء أو
تمويو المصدر غير المشروع لألموال ،4في حين اعتبر مجرد المشاركة في ارتكاب الجرائم
المنصوص عمييا في المادة الثانية الفقرة (أ)( ،ب) و(ج) من القانون 01/05أو محاولة
تفترض جرائم الضرر سموكا إجراميا ترتبت عميو آثار يتمثل فييا االعتداء الفعمي الحال عمى الحق الذي يحميو القانون، 1
فالجرائم المادية أو ما يطمق عمية بجرائم النتيجة ىي التي يتطمب نموذجيا القانوني تحقق نتيجة إجرامية معينة كجريمة
القتل التي ال تقوم إال بإزىاق روح المجني عميو.
أما الجرائم الشكمية فال يعتد المشرع في تجريميا والعقاب عمييا عمى حصول نتيجة إجرامية معينة ،بحيث أن المشرع يجرم
ويعاقب عمى السموك مجردا من أي نتيجة إجرامية كحمل السالح من دون ترخيص(المادة <= مكرر< 2من قانون العقوبات
الجزائري) .أنظر :عبد اهلل أوىايبية ،مرجع سابق ،ص.0:2
- Franklin kuty, Principes généraux du Droit pénal belge, Tome 02, Edition LARCIER,
Bruxelles, 2010,p76.
2وىذا حال ال مشرع المصري الذي اعتبر جريمة تبييض األموال من الجرائم ذات النتيجة المادية التي تتطمب تحقيق نتيجة
معينة ،وىي إحداث التغيير عمى جوىر المال المتحصل من الجريمة األولية سواء كان ذلك بالتمويو أو اإلخفاء .أنظر:
إبراىيم طنطاوي ،مرجع سابق ،ص.02
وىذا حال كل من ات فاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية (المادة الثالثة الفقرة 3
143
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ارتكابيا أو التواطؤ أو إسداء المشورة بشأنيا جريمة من جرائم تبييض األموال حتى ولو لم
تتحقق النتيجة المادية من السموك والمتمثمة في إخفاء ،أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك
األموال.1
ونرى في منظورنا الخاص ،أن المشرع الجزائري قد وفق في تجريم تبييض األموال
من خالل جمعو بين حاتي تحقق النتيجة اإلجرامية أو عدم تحققيا ،ألن ىذا الجمع يعكس
مدى خطورة ىذه الجريمة واآلثار السمبية التي تترتب عمييا فيما لو تمت بشكل كامل ،كما
من شأن ىذا األمر أن يسيل مجال إثبات المسؤولية الجنائية عن جرائم تبييض األموال
والتي تتميز أحيانا بصعوبة إثبات الضرر.
إن السؤال الذي يطرح بعد استعراض النتيجة اإلجرامية في جريمة تبييض األموال
عن مدى المساءلة عن الشروع في حالة عدم تحقق النتيجة اإلجرامية.2
وفي ضوء ما تقدم ،فإن الشروع في جريمة تبييض األموال يعتبر متحققا بمجرد القيام
بعمميات مالية تمييدا الرتكاب جريمة تبييض األموال بشرط التحقق من أن العممية المالية
محل البحث والتحقيق قد تمت بيدف إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لألموال الناتجة
عن أعمال غير شرعية ،ومن تم الكشف عنيا قبل إتمام عممية تبييض األموال.3
ويترتب عمى ذلك ،أن إدخال األموال في الدورة المالية (مرحمة التوظيف) من أجل
إخفاء مصدرىا غير المشروع (مرحمة التجميع) ،دون الوصول إلى مرحمة مشروعية تمك
األموال (مرحمة الدمج) لسبب خارج عن إرادة الفاعل ،يعتبر شروعا في جريمة تبييض
األموال.
أنظر المادة ،0الفقرة (د) من القانون 20/2:المعدل والمتمم ،مرجع سابق. 1
يطمق المشرع الجزائري عمى الشروع في الجريمة مصطمح "المحاولة" حيث نصت المادة 82من قانون العقوبات عمى" : 2
كل محاولة الرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال ال لبس فييا تؤدي مباشرة إلى ارتكابيا تعتبر كالجناية نفسيا
إذا لم توقف أو لم يخب أثرىا إال نتيجة لظروف مستقمة عن إرادة مرتكبيا حتى ولو لم يمكن بموغ اليدف المقصود بسبب
ظرف مادي يجيمو مرتكبيا".
رمزي نجيب القسوس ،مرجع سابق ،ص<.0 3
144
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
-2العالقة السببية :لكي يس أل الجاني عن النتيجة التي يعتد بيا القانون لقيام الركن
المادي لمجريمة ،ال بد أن يكون فعل الجاني قد تسبب في إحداثيا ،بمعنى أن تكون النتيجة
مرتبطة بفعمو وناتجة عنو ، 1وعمى ذلك فإن عالقة السببية ىي الرابطة أو العالقة بين
السموك اإلجرامي والنتيجة ،بحيث يكون السموك ىو سبب حصول النتيجة ،فإذا انتفت ىذه
العالقة بأن وقعت النتيجة بسبب سموك آخر ،انتفت العالقة السببية بينيما ،وبالتالي عدم
اكتمال الركن المادي وعدم قيام الجريمة من الناحية القانونية.2
إن تدخل األسباب المختمفة في وقوع النتيجة ،أدى إلى ظيور مجموعة نظريات
ح اولت كل منيا أن تضع المعيار المناسب الذي بو نستطيع تقرير مدى وجود العالقة
السببية بين السموك والنتيجة والمتمثمة في:
أ -نظرية السبب األقوى :ومضمونيا أن الجاني ال يسأل عن النتيجة التي تحققت إال إذا
كانت متصمة اتصاال مباش ار بسموكو اإلجرامي مقارنة مع األسباب األخرى التي ساىمت في
حدوث النتيجة اإلجرامية .3وال يسأل الجاني عن سموكو إذا كانت النتيجة الضارة واقعة ال
محالة بصرف النظر عن فعمتو.
ويؤخذ عمى ىذه النظرية أنيا قد تؤدي إلى التضييق من نطاق العالقة السببية
وبالتالي نطاق المسؤولية الجنائية ،مما يساعد الجاني عمى االفالت من العقاب في حالة ما
إذا تدخل مع سموكو عامل أساسي في إحداث النتيجة اإلجرامية.
كما أخذ الفقو عمى ىذه النظرية عدم تقديميا معيار واضخ لمتمييز بين السبب األقوى
والسبب غير األقوى ،أي متى يعتبر السبب أقوى مقارنة بالسبب أو األسباب األخرى؟.
ب -نظرية تعادل األسباب :تقوم ىذه النظرية عمى أساس أن تأثير السموك اإلجرامي في
إحداث النتيجة يتحقق بمجرد إثبات مساىمتو في ذلك وال أىمية إن كان مباش ار أو غير
مباشر وال أىمية أيضا إن شاركت معو عوامل وظروف أخرى ،بل تصبح كميا متعادلة وال
عبد اهلل سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم العام) ،الجزء األول ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 1
; ،020ص.0:0
عبد اهلل أوىايبية ،مرجع سابق ،ص.088 2
145
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
يجب التمييز بين العامل القوي والعامل الذي لم يمعب إال دو ار ىينا ،وىي تعتمد أسموبا
موضوعيا وماديا بحتا من دون تدخل لمعناصر النفسية في إقامة عالقة السببية.1
وقد استندت ىذه النظرية إلى أفكار الفيمسوف االنجميزي John Stuart Mill2في
السبب باعتباره مجموعة من الظروف الالزمة لتحقق النتيجة وعدم التمييز في محيط تمك
الظروف بين ظرف وآخر .وانتيت النظرية إلى أن السبب ىو كل ظرف ساىم في إحداث
النتيجة ولواله لما وقعت ىذه األخيرة.3
-ال يمكن استبعاد رابطة السببية بين سموك الجاني والعوامل السابقة أو الالحقة أو
المعاصرة لفعل الجاني بالرغم من أنيا خارجة عن إرادتو.
-ال تنتفي رابطة السببية بين سموك الجاني والنتيجة حتى ولو كانت األخيرة ستتحقق حتما
إال أن السموك ق عجل في حدوثيا أو ساىم في حجميا أو في الصورة التي وقعت عمييا
فعال.
-ال تقوم رابطة السببية إذا كان انتفاء السموك ال تأثير لو عمى تحقيق النتيجة ،ويتوافر ىذا
في الفروض التي تكون النتيجة فييا قد حدثت بتداخل عوامل أخرى مستقمة عن السموك
وكانت كافية وحدىا إلحداث النتيجة.
وواضح وفق ىذه النظرية ،أنو يكفي لتحميل الجاني المسؤولية الجنائية عن النتيجة
اإلجرامية أن يكون سموكو أحد ىذه العوامل حتى ولو كان أثره في حدوث ىذه النتيجة
محدودا وحتى لو كانت العوامل األخرة شاذة وغير معروفة.
محمود أبو عالء عقيدة ،عالقة السببية في مجال الجرائم غير العمدية ،كمية الحقوق ،جامعة عين الشمس ،القاىرة، 1
،0>=:ص.02
RASSAT Michèle laure, droit pénal spécial, 3eme édition, Dalloz, Paris, 2001, p283.
2فيمسوف واقتصادي انجميزي ولد سنة ; ، 0=2بنى قناعاتو الفمسفية عمى أفكار المذىب النفعي ،وىو مذىب في فمسفة
األخالق يبني فكرة الخير والشر والتمييز بين الصواب والخطأ انطالقا من مأالت األفعال وعواقبيا من حيث المنفعة والمتعة
التي يحققانيا ،ومن أىم مؤلفاتو "نظام المنطق" ( )0=98و"مبادئ االقتصاد السياسي" (= )0=9و"المذىب النفعي"
(.)0=;8
مأمون سالمة ،مرجع سابق ،ص.0:2 3
146
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ولم تمقى ىذه النظرية تأييدا كبي ار من قبل معظم فقياء القانون الجنائي ،وذلك راجع
إلى أنيا تجافي العدالة في كثير من األوجو ،فيي تنظر إلى السموك اإلنساني عمى أنو قوة
من قوى الطبيعة الذي تتحكم فيو ىي كيفما تشاء .1كما أن اجتماع عدة أسباب في حدوث
النتيجة اإلجرامية ال يعني تعادليا ،إذ من األسباب ما يكون قويا ومنيا ما يكون ضعيف
2
التأثير
ج -نظرية السبب المالئم :تعد ىذه النظرية من أحدث النظريات التي ظيرت في ألمانيا
عمي يد الفقيو ،Von Kreisوىي تقوم عمى نفس األسس التي قامت عمييا نظرية تعادل
األسباب إال أنيا تختمف عنيا في أنيا تأخذ بالسبب األكثر مالءمة في تحقيق النتيجة.
ويرى أنصار ىذه النظرية أن تقرير المسؤولية الجنائية لمجاني يتوقف عمى ما إذا كان
السموك اإلج ارمي الذي أتاه يصمح وفقا لممجرى العادي لألمور بأن يكون سببا مالئما أو
مناسبا إلحداث النتيجة اإلجرامية.
فإذا كانت العوامل التي ساىمت في إحداث النتيجة اإلجرامية بإمكان أي شخص
عادي في مثل ظروف الجاني أن يعمم بيا أو أن يتوقعيا ،فإن عالقة السببية تتوافر .وتعرف
ى ذه العوامل بالعوامل المألوفة ،وىي العوامل التي يمكن لشخص عادي توقع ترتيب النتيجة
المحققة كأثر ليا وفق المجرى العادي لألمور.
أما إذا تدخمت عوامل شاذة أو غير مألوفة في إحداث النتيجة اإلجرامية ،فإن العالقة
السببية بين السموك اإلجرامي والنتيجة تنتفي ،وال تقوم المسؤولية الجنائية لمجاني ألنو ال
يسأل عن العوامل األجنبية التي تتوسط بين فعمو أو سموكو اإلجرامي وبين النتيجة.
وبالنسبة لممشرع الجزائري ،فالمالحظ أنو لم يعرف العالقة السببية ،ولم يحدد أي
النظريات أولى باإلتباع ،وقد تولى القضاء تحديدىا ،حيث يستخمص من األحكام التي
ختير مسعود ،النظرية العامة لجرائم االمتناع ،رسالة دكتوراه في القانون ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تممسان، 1
147
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
يصدرىا أنو يميل إلى األخذ بنظرية السبب األقوى في تأسيس المسؤولية الجنائية ،ونظرية
تعادل األسباب في المسؤولية المدنية.1
وفي مجال تبييض األموال ،فإن عالقة السببية تتوافر بارتباط السموك اإلجرامي الذي
انصب عمى مال غير مشروع محصل من جريمة من الجرائم التي نص عمييا القانون،
والذي ينسب إلى الجاني بالنتيجة اإلجرامية المتمثمة في إخفاء أو تمويو طبيعة المصدر غير
المشروع لممال ،وتغيير طبيعتو أو حقيقتو والحيمولة دون اكتشافو بأي صورة كانت من خالل
إضفاء الصفة الشرعية عمى األموال غير المشروعة.2
الفرع الثالث
ال يكفي لقيام الجريمة ارتكاب الجاني لسموك معين سواء كان فعال أو مجرد امتناع
وانما يجب فضال عن ىذا السموك توافر الركن المعنوي ،3الذي يعرف عمى أنو" :الصمة
النفسية التي تربط النشاط اإلجرامي ونتائجو من جية وبين الفاعل الذي صدر منو ىذا
النشاط ،بحيث يمكن القول أن السموك ىو بسبب إرادة الفاعل".4
كما يقصد بالركن المعنوي الحالة النفسية التي كان عمييا الجاني أثناء ارتكابو
لمجريمة فيي تمثل الجانب الشخصي ليا ،إذ ال بد أن تصدر الجريمة عن إرادة صاحبيا
وترتبط بيا ارتباطا وثيقا.
-المحكمة العميا ،الغرفة الحنائية ،قرار بتاريخ 02ديسمبر ==> ،0قضية رقم ( ;08=2د م ومن معو ضد فريق س)،
المجمة القضائية ،عدد ،0>>8 ،8ص>.00
-المحكمة العميا ،الغرفة الجنائية ،قرار بتاريخ ; 0ديسمبر ،0>>:قضية رقم ( 00==>0ح ث ضد ب ب ) ،المجمة
القضائية ،عدد ،20سنة ;>> ،0ص.0=0
أمجد سعود الخريشة ،مرجع سابق ،ص.000 2
3 em
Béatrice GENINET, l’indispensable du droit pénal, 2 édition, Studyrama, France, p50.
عبد القادر عدو ،مرجع سابق ،ص<.08 4
148
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ويتحقق الركن المعنوي بموقف اإلرادة من الفعل المادي ،ىذا الموقف الذي يتخذ
إحدى الصورتين :صورة القصد الجنائي فتكون الجريمة عمدية ،أو صورة الخطأ الجنائي
(الناتج عن اإلىمال أو عدم االحتياط) فتكون الجريمة غير عمدية .1
أما القصد الجنائي ،فإنو يقتضي اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق الواقعة اإلجرامية مع
العمم بعناصرىا المكونة ليا ،أو ىو عمم الجاني بأنو يقوم مختا ار بارتكاب الفعل الموصوف
جريمة في القانون ،وعممو بذلك أنو يخالف أوامره ونواىيو.2
وعميو ،فإن القصد الجنائي يبنى عمى عنصرين وىما عمم الجاني بجميع العناصر
الالزمة لقيام الجريمة كما ىي محددة في نص التجريم ،3وانصراف إرادة الجاني إلى السموك
والى النتيجة اإلجرامية إذا كان القانون يشترط لقيام الجريمة حدوث نتيجة معينة.4
أما الخطأ الجنائي ،فيو انصراف إرادة الشخص إلى ارتكاب السموك مع اإلخالل
بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضيا القانون دون أن يقصد حدوث النتيجة ،5أي اتجاه
اإلرادة إلى ارتكاب السموك دون النتيجة اإلجرامية.
وبناء عمى ما تم قولو ،فإن جريمة تبييض األموال شأنيا شأن أي جريمة أخرى ال
يكفي تحقق الركن المادي لقياميا والمتمثل في إحدى الصور المجرمة في القانون ،إنما ال بد
من توافر ا لركن المعنوي ،وباعتبار أن ىذا األخير يتجسد في صورتي القصد الجنائي
والخطأ الجنائي ،فإن ىذا األمر يقتضي البحث في ما إذا كانت جريمة تبييض األموال
جريمة تعتبر من الجرائم العمدية وىل يتصور الخطأ فييا ،أي يمكن أن ترتكب عن طريق
الخطأ ؟
ىذا ما سنتطرق إليو من خالل تناول طبيعة الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال
(أوال) ،ثم عناصر الركن المعنوي ليذه الجريمة (ثانيا).
تصنف الجرائم حسب الركن المعنوي إلى جرائم عمدية وجرائم غير عمدية .أنظر: 1
يقصد بعناصر الجريمة كل ما يتطمبو القانون إلعطاء الواقعة المرتكبة وصفيا القانوني الذي يميزىا عن الوقائع األخرى. 3
149
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
يتحقق الركن المعنوي في جريمة تبييض األموال بتوافر القصد الجنائي لدى الجاني
الذي يعتبر أخطر صورة لمركن المعنوي ألنو ينطوي عمى معنى العدوان المتعمد عمى
الحقوق والقيم.1
كما يتطمب المشرع الجزائري إضافة إلى القصد الجنائي العام ،3ضرورة توافر القصد
الجنائي الخاص حتى تتحقق الصورة األولى من صور جريمة تبييض األموال ،ويبدو ذلك
من خالل نصو في الفقرة (أ) عمى توافر الغرض من ارتكاب فعل التحويل أو النقل لألموال
أال وىو إخفاء أو تمويو المصدر غير المشروع لتمك األموال ،أو مساعدة أي شخص متورط
في ارتكاب الجريمة األصمية التي تحصمت منيا ىذه األموال ،عمى اإلفالت من اآلثار
القانونية ألفعالو.
نبيل صقر ،تبييض األموال في التشريع الجزائري ،مرجع سابق ،ص.;0 2
يتمثل القصد الجنائي العام لجريمة تبييض األموال في عمم الجاني بأن المال موضوع التبييض متحصل من نشاط 3
150
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وبذلك يكون المشرع الجزائري قد سمك نفس المنيج الذي جاءت بو اتفاقية األمم
المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية في المعاقبة عمى جريمة
تبييض األموال أو االشتراك فييا باعتبارىا جريمة عمدية ،حيث نصت عمى ضرورة وجود
القصد الجنائي أو العمد حتى تتحقق جريمة تبييض األموال ،ومنو ال يمكن تصور قيام ىذه
الجريمة قانونا بطريق الخطأ.1
أما المشرع الفرنسي ،فمم يفصح صراحة عن طبيعة الركن المعنوي المطموب توافره
في جريمة تبييض األموال في المادة 1-324من قانون العقوبات ،2سواء بالنسبة لسموك
تسييل التبرير الكاذب لمصدر األموال أو عائدات مرتكب جناية أو جنحة تحصل منيا عمى
فائدة ،أو بالنسبة لسموك المساعدة في توظيف أو إخفاء أو تحويل العائد المباشر أو غير
المباشر من جناية أو جنحة ،ويمكن الوصول لمطبيعة العمدية لجريمة تبييض األموال من
خالل القواعد العامة في التشريع الفرنسي التي تقضي بأنو "ال جناية وال جنحة دون قصد
ارتكابيا".
أما المشرع المصري ،فقد اعتبر جريمة تبييض األموال جريمة عمدية تتطمب القصد
الجنائي العام باإلضافة إلى توافر القصد الجنائي الخاص في حالة ما إذا كان الفاعل قد
قصد من نشاطو إخفاء المال أو تمويو طبيعتو أو مصدره أو مكانو أو صاحب الحق فيو
وتغيير حقيقتو أو الحيمولة دون اكتشاف ذلك أو عرقمة التوصل إلى شخص من ارتكب
الجريمة األولية.3
وتختمف التشريعات فيما بينيا ،حيث يتطمب البعض منيا توافر القصد الجنائي في
جميع صور السموك اإلجرامي الذي يندرج في إطار تبييض األموال كالمشرع الفرنسي
والبعض اآلخر يشترط باإلضافة إلى القصد الجنائي العام القصد الجنائي الخاص بمعنى
انصراف إرادة الجاني إلى تحقيق غايات معينة كالمشرع المصري.
المادة 28الفقرة 20من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع سابق. 1
عمى خالف ما فعمو في النص القديم الذي كان يستوجب أن تقع جريمة تبييض األموال المحصمة من إحدى جرائم 2
المخدرات عمدا.
يظير ذلك من تعريف تبييض األموال الوارد في المادة األولى الفقرة (ب) من قانون مكافحة تبييض األموال رقم =2لسنة 3
،0220مرجع سابق.
151
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
جريمة تبييض األموال جريمة عمدية ،يستمزم القول بوقوعيا توفر القصد الجنائي
العام لدى الجاني بعنصريو ا لعمم واإلرادة ،فيجب أن يعمم الجاني بأن المال محل جريمة
التبييض متحصال من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع ويجب أن تتجو إرادتو إلى
ارتكاب الفعل المكون لمركن المادي لمجريمة وأن تتحقق تمك النتيجة.
-1العمم بالمصدر غير المشروع لألموال :العمم ىو حالة نفسية تعني نشوء عالقة بين أمر
ما وبين النشاط الذىني لمشخص ،فتصبح ىذه الواقعة عنصر من عناصر الخبرة الذىنية
التي يختزنيا الشخص ،بحيث يستطيع االستعانة بيا في الحكم عمى األشياء وفي تحديد
طريقة تعاممو مع الظروف المحيطة بو.1
والمقصود بالعمم في نشاط تبييض األموال ليس العمم بالقانون ،وانما العمم بالوقائع
باعتباره عنصر ضروري ال بد من توافره حقيقة ال افتراضا لقيام الركن المعنوي لمجريمة
فالعمم بعناصر الواقعة اإلجرامية ىو العنصر المميز لركن القصد ،وينصرف العمم إلى سائر
عناصر ىذه الواقعة كما يحدده القانون صراحة ال حكما.2
فال بد أن يتوفر لدى مبيض األموال عنصر العمم بحقيقة المصدر غير المشروع
لألموال ،أي العمم الواقعي بكون ىذه األموال محصمة من جريمة أصمية ،فال يكفي اعتقاد
الشخص خطأ وعمى خالف الواقع بالمصدر غير المشروع لألموال.
ويثير عنصر العمم بالوقائع في الركن المعنوي لجريمة تبييض األموال مسألة الوقت
الذي ينبغي فيو توافر عمم الجاني بعدم مشروعية المال محل التبييض إذا أخدنا بالطابع
الوقتي لجريمة تبييض األموال أو الطابع المستمر ليا ،فإذا كانت الجريمة وقتية تعين توافر
العمم بحقيقة المال محل التبييض لحظة السموك المادي لجريمة تبييض األموال أي تعاصر
ركنييا المادي والمعنوي لحظة بدأ النشاط أو السموك المجرم أيا كانت صورتو ،أما إذا كانت
الجريمة مستمرة يتواصل فييا االعتداء عمى المصمحة محل الحماية زمنا ممتدا بفعل الموقف
سميمان عبد الفتاح ،مكافحة غسل األموال ،دار الكتب القانونية ،مصر ،022: ،ص.;: 1
سميمان عبد المنعم ،مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة ،مرجع سابق ،ص.0:0 2
152
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
اإلرادي لمجاني فإنو يشترط لقيام الركن المعنوي أن يتوافر العمم بالمصدر غير المشروع
لألموال في أية لحظة تمي ارتكاب السموك المادي لمجريمة.1
-إخفاء أو تمويو الطبيعة الحقيقية لألموال أو مصدرىا أو مكانيا أو كيفية التصرف فييا أو
حركتيا أو الحقوق المتعمقة بيا ،مع عمم الفاعل أنيا عائدات إجرامية.
-اكتساب األموال أو حيازتيا أو استخداميا مع عمم الشخص القائم بذلك وقت تمقييا أنيا
تشكل عائدات إجرامية.
فإنو يفيم من ذلك أن عمم الجاني بالمصدر غير المشروع لألموال ال يشترط أن يكون لحظة
ارتكاب السموك المادي الوارد في الحالتين المنصوص عمييما في الفقرتين (أ) ،و(ب)
المتمثل في النقل ،أو التحويل ،أو اإلخفاء وبالتالي فإن جريمة تبييض األموال من الجرائم
المست مرة باعتبار أن السموك المجرم يقبل االستمرار ويتراخى فيو تحقق الركن المعنوي من
حيث العمم بالمصدر غير المشروع لممال محل التبييض إلى وقت الحق لتحقق الركن
المادي ، 2في حين أنيا جريمة وقتية في الحالة المنصوص عمييا في الفقرة (ج) باعتبار
تحديد وقت عمم الجاني بالمصدر غير المشروع لألموال كان من قبل المشرع بقولو "وقت
تمقييا أنيا عائدات إجرامية".
يترتب عمى اعتبار جريمة تبييض األموال جريمة مستمرة العديد من النتائج أىميا: 1
-من حيث سريان النص الجنائي :ال تخضع الجريمة لمبدأ عدم رجعية النص الجنائي ،حيث يسري النص الجنائي الجديد
عمى المتيم حتى ولو كان األسوأ لو.
-من حيث التقادم المنيي لمدعوى الجنائية :فال يبدأ سريان التقادم في الدعوى الجنائية بخصوص جريمة تبييض األموال
إال من اليوم التالي النتياء حالة االستمرار.
-من حيث االختصاص اإلقميمي :ينعقد االختصاص بمالحقة نشاط تبييض األموال لكافة الدول التي وقع عمى إقميميا
النشاط كمو أو جزء منو.
صالح جزول ،مرجع سابق ،ص=.09 2
153
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
-2إرادة السموك المكون لنشاط تبييض األموال :اإلرادة ىي جوىر القصد وىي التي تشكل
مع العمم فحواه واإلرادة ىي المحرك لمسموك وان كانت تعبير عن قوة نفسية إال أنيا تترجم
في صورة ممموسة مما حدوث سموك معين عن وعي وارادة .1وال ينبغي الخمط بين في ىذا
الشأن بين إرادة السموك بوصفيا عنص ار في القصد أي الركن المعنوي وبين إرادية السموك
بوصفيا عنص ار في الركن المادي سواء كان فعال أو امتناعا.2
وقد استقر القضاء مند زمن بعيد عمى استبعاد وصف الجريمة إذا كان النشاط الذي
قام بو المتيم غير إرادي ،أي ال يعبر في مواجيتو عن إرادة مطمقة ،أو يعبر عن إرادة غير
واعية ،فانتفاء إرادة النشاط المخالف لمقانون يحول دون قيام الجريمة ويمنع بالتالي من
عقاب المتيم ،كما ينفي الوصف القانوني لمجريمة ولو كان نشاط الفاعل إراديا متى ثبت أن
إرادتو لم تكن واعية كما في حالة السكر غير االختياري أو التنويم المغناطيسي.3
و تعتبر اإلرادة العنصر الثاني لمقصد الجنائي المكون لمركن المعنوي لجريمة تبييض
األموال ،إذ ال يكفي لقيام الجريمة توافر عنصر العمم بالنشاط المجرم والنتيجة المترتبة عنو،
وانما يجب فوق ذلك أن تنصب إرادة الجاني عمى السموك المكون لمجريمة وعمى النتيجة
المترتبة عمى ىذا السموك.
غير أن إثبات اإلرادة ليس باألمر السيل ،حيث أن ىناك صعوبات كثيرة تعوق ذلك
سواء من ناحية بعض صور جريمة تبييض األموال ،أو من ناحية صعوبة التذرع ببعض
األسباب التقميدية النتفاء أو نقصان اإلرادة في ارتكاب جريمة تبييض األموال.
فمن ناحية إثبات اإلرادة في بعض صور جريمة تبييض األموال ،فإن من ىذه
الصور ما ىو معقد جدا خاصة تمك التي تتشكل في إيداع ،أو تمقي ،أو تحويل األموال
وذلك في ظل العمميات التكنولوجية المتعددة والمتنوعة ،والتي تتم بيا ىذه األنشطة من خالل
البنوك والمؤسسات المالية.
إبراىيم الشباسي ،شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم العام) ،دار الكتاب المبناني ،بيروت ،د.ت.ن ،ص.>0 1
عوض محمد عوض ،سميمان عبد المنعم ،مرجع سابق ،ص.020 2
154
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
أما من ناحية الصعوبة التي تعرض إثبات اإلرادة بسبب التذرع ببعض األسباب
التقميدية النتفاء ،أو نقصان اإلرادة ليست تمك التي تتمثل في صغر السن ،أو الجنون ،وانما
في حالتي اإلكراه والضرورة ،1بحيث ىما الحالتان المتان يمكن أن يتذرع بيما الشخص سواء
كان طبيعيا أو معنويا في انتفاء إرادتو ،وان كان ال يمكن قبول االحتجاج باإلكراه األدبي ،أو
الدفع بانعدام اإلرادة الناشئ عن ضرورة طاعة أوامر الرؤساء ،متى كان عدم المشروعية
ظاى ار في النشاط المكون لتبييض األموال ،وىو ما يمكن استخالصو من مجمل التعميمات
والموائح المنظمة لمعمل المصرفي التي تدعو إلى ضرورة توخي اليقظة ،والتأكد من ىوية
العمالء ،والتحقق من مشروعية مصدر األموال المطموب إيداعيا ،أو تحويميا ...إذا بمغت
ىذه األموال حدا معينا أو تمت في ظروف مثيرة لمشبيات.2
خالصة القول ،أن القصد الجنائي ال يتحقق في جريمة تبييض األموال طالما لم تتجو
إرادة الفاعل الحرة والواعية إلى ارتكاب إحدى صور السموك في الجريمة ،تم تحقيق النتيجة
فضال عن عمم الفاعل بالمصدر غير المشروع لألموال محل التبييض.
المطمب الثاني
حرصت الدول عمى النص في تشريعاتيا عمى العقوبات المقررة لمرتكبي جريمة
تبييض األموال ،ومنيا المشرع الجزائري الذي ميز بين العقوبات الخاصة بالشخص الطبيعي
وتمك المقررة لمشخص المعنوي السيما بعد إقرار المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية
بالشروط الواردة في القانون 15/04المؤرخ في 10نوفمبر 2004المعدل والمتمم لقانون
العقوبات ونظ ار ألن ىذه العقوبات تتماشى وطبيعة مرتكب جريمة تبييض األموال ،فإننا
سنتطرق لمعقوبات المقررة لمشخص الطبيعي (الفرع األول) ،ثم نتطرق لمعقوبات المقررة
لمشخص المعنوي (الفرع الثاني).
يعتبر اإلكراه وحالة الضرورة من موانع المسؤولية الراجعة إلى انعدام االختيار ،فقد يتوافر لدى الشخص فاعل الجريمة قوة 1
الوعي والتمييز ورغم ذلك تنعدم لديو القدرة عمى االختيار ،أي تنعدم إرادتو .أنظر :محمد عوض محمد ،سميمان عبد
المنعم ،مرجع سابق ،ص 8:2وما بعدىا.
طاىر مصطفى ،مرجع سابق ،ص ص.009-008 2
155
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع األول
وقد تناول المشرع الجزائري العقوبات المقررة لمشخص الطبيعي ضمن الباب األول
من الكتاب األول من قانون العقوبات ،وذلك تحت عنوان "العقوبات المطبقة عمى األشخاص
الطبيعية" ،وتتمثل في عقوبات أصمية وأخرى تكميمية.
2
أوال :العقوبات األصمية
العقوبة األصمية ىي العقوبات التي فرضيا المشرع باعتبارىا الجزء األساسي ،أو
التي بيا يتحقق الجزاء المقابل لمجريمة ،وقد عرفيا المشرع الجزائري عمى أنيا تمك التي
يجوز الحكم بيا دون أن تقترن بيا أي عقوبة أخرى.3
-1العقوبات السالبة لمحرية :يعتبر الحبس والسجن من العقوبات السالبة لمحرية التي
تيدف في جوىرىا إلى حجز حرية المحكوم عميو طوال المدة التي يقررىا الحكم ،والتي
تقررت في المجتمعات القديمة واتخذت طابع القسوة في التنفيذ ،ولم تتالشى حدة ىذه الظاىرة
منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العموم لمنشر والتوزيع ،الجزائر ،022; ،ص=.02 1
نصت المادة 2:من قانون العقوبات أن العقوبات األصمية في الجنايات ىي :اإلعدام -السجن المؤبد -السجن المؤقت 2
لمدة تتراوح بين خمس ()2:سنوات وعشرين ( )02سنة ،أما العقوبات األصمية في الجنح فيي :الغرامة التي تتجاوز
020222دج ،أما العقوبات األصمية في المخالفات فيي :الحبس من يوم واحد عمى األقل إلى شيرين عمى األكثر – الغرامة
من 00222دج إلى 020222دج.
المادة 29من األمر ;; 0:;/المعدل والمتمم ،مرجع سابق. 3
156
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
إال بروز االتجاىات اإلصالحية التي حققت بالتدرج دمج العقوبة الردعية مع غايتيا
التأىيمية.1
ويعاقب المشرع الجزائري بموجب المادة 389مكرر 1عمى ارتكاب جريمة تبييض
األموال في صورتيا البسيطة بالحبس من خمس ( )05سنوات إلى عشر ( )10سنوات
وتطبق أحكام المادة 60مكرر من قانون العقوبات المتعمقة بالفترة األمنية والتي تساوي
نصف العقوبة المحكوم بيا عمى جريمة تبييض األموال.2
أما في حالة اقتران الجريمة بظرف مشدد فترتفع العقوبة السالبة لمحرية من
عشر( )10سنوات إلى عشرين ( )20سنة ،وذلك طبقا لممادة 389مكرر 2التي شددت
عمى مرتكب جريمة تبييض األموال إذا صاحبتيا الظروف التالية:
أ -ارتكاب الجريمة بصورة اعتيادية :يقصد باالعتياد ارتكاب الشخص فعل من أفعال
تبييض األموال أكثر من مرة كأن يقوم بعدة تحويالت مالية ،وذلك قبل أن تتم متابعتو من
أجل جريمة تبييض األموال ،وذلك بخالف ما لو ارتكب جريمة تبييض األموال تم حكم عميو
من أجميا ثم قام بارتكاب نفس الجريمة فإنو في ىذه الحالة يعتبر عائدا إلى الجريمة ال
معتادا وتطبق عميو أحكام العود الواردة في قانون العقوبات.3
ب -استغالل الجاني لنشاطو الميني :وىذا ما ينطبق عمى العاممين بالبنوك والمؤسسات
المالية حينما يقومون بعمميات تبييض األموال مستغمين التسييالت ،أو الوسائل التي يمنحيا
مركزىم الوظيفي.
عمي محمد جعفر ،العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذىا ،المؤسسة الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت،0>== ، 1
ص<.8=-8
نصت المادة ;2مكرر من قانون العقوبات المستحدثة بموجب القانون ; 08/2المعدل والمتمم لقانون العقوبات عمى أنو: 2
"يقصد بالفترة األمنية حرمان المحكوم عميو من تدابير التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ،والوضع في الورشات الخارجية أو
البيئة المفتوحة ،واجازات الخروج ،والحرية النصفية واإلفراج المشروط".
نصت المادة :9مكرر من قانون العقوبات عمى أنو ..." :ويرفع الحد األقصى لمعقوبة السالبة لمحرية إلى الضعف ،إذا 3
كان الحد األقصى لمعقوبة المقررة قانونا ليذه الجناية ،يساوي أو يقل عن عشر ( )02سنوات سجنا ."...
157
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ج -ارتكاب الجريمة في إطار منظم :أي ارتكاب جريمة تبييض األموال من طرف عصابة
إجرامية منظمة ،كعصابات االتجار بالمخدرات ،أو الجماعات اإلرىابية التي تمول عممياتيا
اإلرىابية من خالل القيام بعمميات تبييض األموال.
ولئن شدد المشرع الجزائري في مدة عقوبة جريمة تبييض األموال في حال اقترانيا
بظرف من ظروف التشديد السابق الذكر ،إال أنو أطمق وصف الجنحة عمى جريمة تبييض
األموال عمى خالف المشرع الفرنسي الذي فرق بين جريمة تبييض األموال في صورتيا
البسيطة والمشددة .1كما سوى بين الجريمة التامة والشروع فييا بالنص عمى نفس العقوبة في
المادة 389مكرر 3من قانون العقوبات.
-2الغرامات المالية :يقصد بالغرامة إلزام المحكوم عميو بأن يدفع إلى خزينة الدولة المبالغ
المقررة في الحكم ،وىي بذلك تختمف عن التعويض المدني الذي يشكل تعويضا لممجني
عميو لما لحقو من خسارة وما فاتو من كسب.2
وتعتبر الغرامة عقوبة أصمية في معظم التشريعات المقارنة عمى سبيل الوجوب تتقرر
عادة ضمن حدين ،حد أدنى وحد أقصى ،وال يختمف الوضع في التشريع الجزائري عما
جاري العمل بو في باقي التشريعات ،إذ حددت المادة 389مكرر 1الغرامة المقررة لمرتكب
جريمة تبييض األموال من 1.000.000دج إلى 3.000.000دج ،وفي حالة اقترانيا
بظرف مشدد ترفع قيمة الغرامة لتكون من 4.000.000دج إلى 8.000.000دج.
ونالحظ أن المشرع الجزائري من خالل المادة 389مكرر 3قد سوى بين حالة إتمام
جريمة تبييض األموال ومجرد الشروع فييا ،كما جرم وعاقب عمى مختمف صور تبييض
األموال المحصمة من أية جناية أو جنحة.
اعتبر المشرع الفرنسي بمقتضى المادة 0-089من قانون العقوبات جريمة تبييض األموال في صورتيا البسيطة جنحة 1
يعاقب عمييا بالحبس خمس سنوات ،أما جريمة تبييض األموال المحصمة من جرائم االتجار بالمخدرات فقد أفرد ليا عقوبة
الحبس مدة عشر سنوات حسب ما جاء في المادة 8=-000من ىذا القانون.
عمي محمد جعفر ،مرجع سابق ،ص ص=.9>-9 2
158
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
فالعقوبات التكميمية تمحق المدان إذا صدرت ضده عقوبة أصمية ،ويجب عمى
القاضي أن ينص عمييا في الحكم بخالف العقوبات التبعية التي تمحق المدان بقوة القانون
بمجرد أن ينطق القاضي بالعقوبة األصمية ،ودون حاجة ألن ينص عمييا في حكم اإلدانة.1
كما فرض عقوبات تكميمية إلزامية نصت عمييا المادة 09من قانون العقوبات بقوليا:
"العقوبات التكميمية ىي:
-الحجر القانوني،
-تحديد اإلقامة،
-المنع من اإلقامة،
-إغالق المؤسسة،
قادري أعمر ،التعامل مع األفعال في القانون الجزائي العام ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر،0200 ، 1
ص.0:0
159
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
وقد نصت المادة 389مكرر 5من قانون العقوبات عمى أنو " :يطبق عمى الشخص
الطبيعي المحكوم عميو الرتكاب الجرائم المنصوص عمييا في المادتين 389مكرر 1و389
مكرر 2عقوبة واحدة أو أكثر من العقوبات التكميمية المنصوص عمييا في المادة 9من ىذا
القانون".
واعتبر المشرع الجزائري المصادرة بمثابة عقوبة تكميمية ترد عمى مال معين تضاف
ممكيتو لمدولة ، 1كما استوجبت المادة 389مكرر 5من قانون العقوبات مصادرة األمالك
محل الجريمة ،بما في ذلك جميع العائدات والفوائد المترتبة عن ذلك في أي يد كانت ،إال إذا
أثبت مالكيا أنو يحوزىا بسند شرعي ،أو لم يعمم بمصدرىا غير المشروع.
وفي حالة ما إذا كان إذا كان مرتكب جريمة تبييض األموال مجيول أو اندمجت
عائدات جناية أو جنحة مع األموال المتحصل عمييا بطريقة شرعية وجب مصادرة األموال
إضافة إلى الوسائل والمعدات المستعممة في ارتكاب جريمة تبييض األموال ،وفي حالة تعذر
حجز ىذه الممتمكات تحكم الجية القضائية المختصة بعقوبة مالية تكون بمقدار ىذه
الممتمكات.2
وفي منظورنا تعتبر المصادرة من أىم أنواع العقوبات التكميمية الواردة في المادة 9
السالفة الذكر بالن سبة لمكافحة جريمة تبييض األموال ،بدليل أن اىتمام المشرع الدولي بيا
في االتفاقيات الدولية ،وحثو الدول األطراف عمى التركيز عمييا كعقوبة رادعة لمن يقوم
بتحويل األموال أو نقميا بقصد إخفائيا عن أعين السمطات ،وبالتالي إضفاء صفة المشروعية
عمييا والتغطية عمى الج ارئم المتأتية منيا تمك األموال.
نصت المادة 0:من األمر ;; 0:;/المتضمن قانون العقوبات عمى أن" :المصادرة ىي األيمولة النيائية إلى الدولة لمال 1
160
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الفرع الثاني
مند نشأة الدولة وظيور فكرة الشخص المعنوي ،والخالف قائم حول مدى جواز
مساءلة الشخص المعنوي عمى ما يقع باسمو ولمصمحتو ويمثل جريمة ،لما فيو من اعتداء
عمى المصالح والحقوق المحمية بنصوص التجريم والعقاب ،فذىب جانب الفقو التقميدي إلى
إنكار المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ،عمى اعتبار أن الشخص المعنوي مجرد افتراض
اقتضتو الضرورة ،وال يمكن إسناد الجريمة إليو ماديا أو معنويا.1
وبالرغم من األسانيد واألسباب التي يحمل عمييا رفض المسؤولية الجنائية لمشخص
المعنوي ،2إال أن االتجاه الحديث من الفقو الجنائي أقر ىذه المسؤولية ،مستندا في ذلك إلى
أن الشخص المعنوي حقيقة قانونية معترف بيا في القانون ويحدد مجال نشاطيا ،وىو بذلك
يتمتع بشخصية قانونية متميزة عن شخصيات من يكونوه ولو إرادة ومصالح وذمة مالية
مستقمة ،3وأن مبدأ التخصص 4ال يحول دون مساءلة الشخص المعنوي جزائيا ألنو محدودا
بدائرة العمل المبينة في وثيق إنشائو ،فإذا خرج عنيا واتجو الرتكاب الجريمة فإنو يسأل
عبد الفتاح خضر ،الجريمة أحكاميا العامة في االتجاىات المعاصرة والفقو اإلسالمي ،معيد اإلدارة العامة ،المممكة 1
العربية السعودية ،0>=: ،ص ص;0:<-0:؛ إبراىيم عمي صالح ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دار
المعارف ،القاىرة ،0>>2 ،ص.020
تتمثل حجج المعارضين لممسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي في-0 :طبيعة الشخص المعنوي تجعل من المستحيل إسناد 2
الجريمة إليو-0 .مسؤولية الشخص المعنوي تتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة-8 .عدم قابمية تطبيق العقوبات الجزائية
عمى الشخص المعنوي-9 .قاعدة تخصص الشخص المعنوي تحول دون إمكانية ارتكاب الجريمة-: .معاقبة الشخص
المعنوي ال تحقق األغراض المستيدفة من العقوبة .أنظر :منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،مرجع سابق،
ص ص.000-002
مبروك بوخزنة ،المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي في التشريع الجزائري ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية،0202 ، 3
ص.<8
يقصد بمبدأ التخصص أن وجود الشخص المعنوي من الناحية القانونية محددا بالغرض الذي أنشأ من أجمو ،وأن األىمية 4
المعترف بيا لمشخص المعنوي ىي أىمية ناقصة ذلك ألن أىميتو القانونية إنما تقررت بغية صالحيتو لمقيام بأنشطة معينة
ومن ثم فإن مشروعية نشاطو مشروطة بجريانو في نطاق الحدود المرسومة لنشاطو الخاص .أنظر :إبراىيم عمي صالح،
مرجع سابق ،ص02:؛ مبروك بوخزنة ،مرجع سابق ،ص<=.
161
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
عنيا 1كما أن التشريعات الحديثة التي قررت المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي وضعت
من العقوبات ما يتالءم مع طبيعة الشخص المعنوي كالغرامة والمصادرة وايقاف النشاط.2
وقد كرس المشرع الجزائري صراحة مبدأ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية
بموجب القانون 15/04المؤرخ في 10نوفمبر 2004من خالل المادة 51مكرر .حيث
يعد إقرار ىذا المبدأ عمى النحو الوارد في ىذه المادة من أىم القواعد التي استحدثيا المشرع
الجزائري في قانون العقوبات ،باعتبار أن إقرار ىذه المسؤولية في وقت من األوقات كان أم ار
غير مقبول.3
من خالل المادة 51مكرر من قانون العقوبات الجزائري التي نصت عمى أنو
باستثناء الدولة والجماعات المحمية واألشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام ،يكون
الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابو من طرف أجيزتو أو ممثميو
الشرعيين عندما ينص القانون عمى ذلك ،تتبين شروط قيام المسؤولية الجنائية لمشخص
المعن وي ،والتي يمكن تناوليا من ناحية في تحديد األشخاص المعنوية المعنية بالمسؤولية
الجنائية ،ومن ناحية أخرى في تحديد الجرائم التي تكون محال لمساءلة الشخص المعنوي
والتي ارتكبت من طرف ممثميو ولحساب الشخصي.
صمودي سميم ،المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي (دراسة مقارنة بين التشريع الج ازئري والفرنسي) ،دار اليدى لمطباعة 1
أحمد مجحودة ،أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن ،ج ،0دار ىومة لمطباعة والنشر 3
162
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
فال تسأل جنائيا في التشريع الجزائري الدولة ممثمة في اإلدارات المركزية لرئاسة
الجميورية ،الو ازرة األولى ،الو ازرات ومصالحيا الخارجية والمديريات الوالئية ومصالحيا.
كما ال تسأل جنائيا الجماعات المحمية ممثمة في الوالية والبمدية ،بخالف ما جاء بو
المشرع الفرنسي حيث أقر المسؤولية الجنائية لمجماعات المحمية عمى الجرائم التي ترتكب
بمناسبة مباشرتيا لنشاط مرفق عام يمكن تفويض تسييره وادارتو إلى الغير عن طريق
االتفاق.1
كما ال تسأل جنائيا األشخاص المعنوية الخاضعة لمقانون العام ،ويقصد بيا
المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي
والتجاري والمؤسسات العمومية ذات الطابع العممي ،والتكنولوجي والثقافي ... ،الخ.
-2الج ارئم التي يسأل عنيا الشخص المعنوي :خالفا لمشخص الطبيعي ،فإنو ال يجوز
متابعة الشخص المعنوي ومساءلتو جنائيا إال إذا وجد نص يفيد بذلك صراحة ،ألن مسؤوليتو
خاصة ومتميزة وتخضع لقاعدة ال جريمة وال عقوبة وال تدابير أمن إال بنص ،وتنحصر في
الجرائم محل المساءلة سواء الواقعة عمى األشخاص أو الواقعة عمى األموال ،ويمكن تمخيص
الجرائم كالتالي:
-الجرائم الواردة في الفصل الخامس من قانون العقوبات المتعمقة بالجنايات والجنح التي
يرتكبيا األشخاص ضد النظام العمومي ،وقد نصت عمييا المادة 175مكرر المستحدثة
بالقانون 06/23المعدل والمتمم لقانون العقوبات ،وبمقتضاىا يكون الشخص المعنوي
1
Art 121-2 du code pénal : « Toutefois les collectivités territoriales et leur groupements ne
sont responsables pénalement que des infractions commises dans l’exercice d’activités
susceptibles de faire l’objet de conventions de délégation de service public ».
163
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
مسئوال جزائيا عمى الجرائم المحددة في ىذا الفصل ،1وذلك طبقا لمشروط المنصوص عمييا
في المادة 51مكرر.
-الجرائم المحددة في الفصل السابع الخاص بجرائم التزوير 2طبقا لممادة 253مكرر.
-الجرائم الواردة في األقسام 3و 4و 5من الفصل المتعمق بالجنايات والجنح ضد
األشخاص.3
-الجرائم المتعمقة بالحيمولة دون التحقق من شخصية الطفل بالنقل العمدي أو اإلخفاء أو
استبدال طفل أو تقديمو عمى أنو المرأة لم تضعو ،وحالة كونو ولد حيا أو ميتا طبقا لممادة
321من قانون العقوبات.
تشمل الجنايات والجنح الواردة في الفصل الخامس من قانون العقوبات الجزائري في: 1
-اإلىانة والتعدي عمى الموظفين ومؤسسات الدولة المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 099إلى >.09
-الجرائم المتعمقة بالمدافن وحرمة الموتى المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 0:2إلى .0:9
-كسر األختام وسرقة األوراق من المستودعات العمومية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 0::إلى >.0:
-التدنيس والتخريب المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 0;2إلى 0;2مكرر=.
-جنايات وجنح متعيدي تموين الجيش المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 0;0إلى .0;9
-الجرائم المرتكبة ضد النظم المقررة لدور القمار واليناصيب وبيوت التسميف عمى الرىون المحددة والمعاقب عمييا بالمواد
من 0;:إلى >;.0
-الجرائم المتعمقة بالصناعة والتجارة والمزايدات العمومية المحددة والمعاقب عمييا بالمواد من 0<2إلى .0<:
-الجرائم المرتكبة ضد القوانين واألنظمة المتعمقة بمغادرة التراب الوطني المحددة والمعاقب عمييا بالمادة 0<:مكرر.0
تشمل جرائم التزوير الواردة في الفصل السابع: 2
-القتل الخطأ والجرح الخطأ المحدد والمعاقب عميو بالمواد من == 0إلى .0>2
-االعتداء الواقع عمى الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف المحدد والمعاقب عميو بالمواد من 0>0إلى .0>:
-االعتداء عمى شرف واعتبار األشخاص وعمى حياتيم الخاصة وافشاء األسرار المحدد والمعاقب عميو بالمواد من ;>0
إلى .828
164
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
1
-الجرائم الواردة في األقسام 1و 2و 3من الفصل المتعمق بالجنح والجنايات ضد األموال
المنصوص عمييا في المادة 382مكرر.1
-الجرائم المتعمقة بالمساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات طبقا لممادة 394مكرر.
2
-الجرائم الواردة في األقسام 3و 5و 6من الفصل المتعمق بالجنايات والجنح ضد األموال
المنصوص عمييا في المادة 417مكرر.3
-جرائم الصرف وحركة رؤوس األموال من والى الخارج المنظمة باألمر 22/96المؤرخ في
09يوليو 1996المعدل والمتمم باألمر 01/03المؤرخ في 19فيفري 2003واألمر
03/10المؤرخ في 26غشت ،2010وبمقتضى تعديل المادة 5التي نصت عمى أن
الشخص المعنوي الخاضع لمقانون الخاص مسئول عن المخالفات المنصوص عمييا في
المادتين األولى والثانية من ىذا األمر والمرتكبة لحسابو من قبل أجيزتو أو ممثميو
الشرعيين.
-الجرائم المعرفة بالباب المتعمق بالغش في بيع السمع والتدليس في المواد الغذائية والطبية
المحددة والمعاقب عمييا بالمواد 429إلى 439من قانون العقوبات.
165
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الشخص المعنوي إذا قامت مسؤوليتو عمى األفعال المجرمة في ىذا األمر بغرامة قيمتيا
ثالثة أضعاف الغرامة المقررة لمشخص الطبيعي.
وتجدر اإلش ارة إلى أن المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي تختمف فيما يتعمق بقواعد
اإلسناد عن المسؤولية الجنائية لمشخص الطبيعي ،مما يتطمب توافر شروط أساسية حتى
تقوم مسؤولية الشخص االعتباري الجنائية ،وىي مستمدة أصال من طبيعة الشخص
المعنوي:
أ -وقوع الجريمة من قبل أجيزة الشخص المعنوي أو الممثل الشرعي لو :نصت المادة
51من قانون العقوبات عمى أنو ..." :يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم
التي ترتكب لحسابو من طرف أجيزتو أو ممثميو الشرعيين عندما ينص القانون عمى ذلك".
يتبين من خالل النص المذكور أعاله أن المشرع الجزائري يقتصر في شروط مساءلة
الشخص المعنوي جنائيا أن يتم ارتكاب الفعل اإلجرامي من طرف أجيزتو أو ممثميو
الشرعيين .وتتكون أجيزة الشخص المعنوي من شخص طبيعي أو أكثر ليم الصالحية
القانونية لمتصرف باسم الشخص المعنوي وادارتو مثل الرئيس أو المدير ،ومجمس اإلدارة ،أو
الجمعية العامة لممساىمين .أما المقصود بالممثل الشرعي لمشخص المعنوي فيو الممثل
166
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
القانوني مثل رئيس مجمس اإلدارة والمدير العام ،والممثمين القضائيين الذين يوكل إلييم
القضاء ميمة القيام بإجراءات التصفية في حالة حل الشخص المعنوي.
كما أن قيام المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي ال تمنع قيام مسؤولية الشخص
الطبيعي ،وذلك بنص الفقرة الثانية من المادة 51مكرر التي نصت عمى أن المسؤولية
الجزائية لمشخص المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصمي أو شريك في
نفس الفعل.1
ب -ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي :وىذا يعني أن ال مسؤولية عمى الشخص
المعنوي إذا ارتكب ممثمو الشرعي الجريمة لحسابو الشخصي أو لحساب شخص آخر ،أو
ارتكبيا من أجل اإلضرار بالشخص المعنوي الذي يمثمو.
ويشترط المشرع الجزائري صراحة لقيام مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا ،أن يقوم
الشخص الطبيعي بارتكاب الفعل لحساب الشخص المعنوي الذي يمثمو ،إال أنو ال يشترط أن
يحترم في ذلك الشخص الطبيعي حدود االختصاصات المخولة لو قانونا ،فإن فعمو ىذا إن
تم لحساب الشخص المعنوي فإن المسؤولية الجنائية يتحمميا ىذا األخير ،وىذا يتوافق مع
التوصية الصادرة عن المجمس الوزاري لمدول األعضاء في الوحدة األوروبية لسنة 1988
التي نصت عمى مساءلة الشخص المعنوي جنائيا حتى ولو كانت الجريمة المرتكبة ال تدخل
في نطاق تخصصو.2
ج -أن يكون الفعل المرتكب مما يتصور إسناده لمشخص المعنوي :ذلك أن الجرائم
المنصوص عمييا في قانون العقوبات ال يمكن تصور قيام الشخص المعنوي بارتكابيا جميعا
سواء بصفتو فاعال أصميا أو مجرد شريك ،ألنو قد تكون جرائم تتطمب العنف أو االحتكاك
وىذا ما يعرف بازدواج المسؤولية الجزائية بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي عن ذات الجريمة ،وتبرير ىذا 1
االزدواج يرجع إلى عدم تمكين الشخص الطبيعي من جعل مسؤولية الشخص المعنوي كستار تستخدم لحجب مسؤوليتو،
ومن جية أخرى ال يمكن ترك الشخص الطبيعي مرتكب الجريمة طميقا دون مساءلة عن فعل اقترفو بيده طالما كان أىال
لممساءلة الجنائية .أنظر :عبد الرحمن خمفي" ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن جرائم تبييض األموال :دراسة في
التشريع الجزائري مع اإلشارة إلى الفقو والتشريع المقارن" ،المجمة األكاديمية لمبحث القانوني ،جامعة عبد الرحمن ميرة،
بجاية ،الجزائر ،العدد ،0200 ،20ص;.0
نفس المرجع ،ص=.0 2
167
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
الجسدي ،أو تكون جرائم ال أخالقية ،باإلضافة إلى طائفة أخرى من الجرائم التي ال يسأل
عنيا الشخص المعنوي ،ألنيا ذات وضعية خاصة مثل جرائم شيادة الزور واليمين الكاذبة
ألنيا ال تصدر إال من إنسان.1
نص المشرع الجزائري في المادة 389مكرر 7من قانون العقوبات عمى معاقبة
الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المنصوص عمييا في المادتين 389مكرر 1و389
مكرر( 2جريمة تبييض األموال) بالعقوبات التالية:
-1العقوبات األصمية :حصر المشرع الجزائري العقوبات األصمية المطبقة عمى األشخاص
المعنوية ،مند تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في 20ديسمبر ،2006في
الغرامة وحدىا في مواد الجنايات والجنح.2
أما العقوبات األصمية المطبقة عمى األشخاص المعنوية في حال ارتكاب جريمة
تبييض األموال ،فتتمثل طبقا لمفقرة األولى من المادة 389مكرر 7في الغرامة المالية (أ)
والمصادرة (ب).
أ -الغرامة المالية :يعاقب الشخص المعنوي الرتكابو جريمة تبييض األموال بغرامة مالية ال
تقل عن أربع ( )4مرات الحد األقصى لمغرامة المنصوص عمييا في المادتين 389مكرر1
و 389مكرر ،2أي الغرامة المسمطة عمى الشخص الطبيعي الرتكابو جريمة تبييض األموال
البسيطة المتمثمة في 300.000دج كحد أقصى ،و 800.000دج كحد أقصى لجريمة
تبييض األموال المصحوبة بظرف مشدد .مما يعني أن العقوبة المقررة لمشخص المعنوي ال
تقل عن 12.000.000دج في حالة التبييض البسيط ،وال عن 32.000.000دج في
حالة التبييض المشدد.
محمود سميمان موسى ،المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي ،الدار الجماىرية لمنشر ،ليبيا ،0>=: ،ص.09: 1
168
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
ويرجع سبب رفع الغرامة المقررة لمشخص المعنوي ومضاعفتيا عدة مرات عن تمك
المقررة لمشخص الطبيعي إلى أن ىذا األخير ال يمكن أن توقع عميو عقوبة الحبس ،كما أن
الغرامة تعد من أنسب العقوبات التي يمكن توقيعيا عمى الشخص المعنوي نظ ار لسيولة
تحصيميا.
ب -المصادرة :تعتبر المصادرة من العقوبات ذات الطبيعة العينية ،وتقع عمى األشياء التي
كانت محال لمجريمة.1
جاء النص عمى عقوبة المصادرة في التشريع الجزائري بشأن الشخص المعنوي ضمن
المادة 389مكرر 7التي نصت عمى:
-إذا تعذر تقديم أو حجز الممتمكات محل المصادرة ،تحكم الجية القضائية المختصة
بعقوبة مالية تساوي قيمة ىذه الممتمكات.
إن عقوبة المصادرة في جريمة تبييض األموال ال تطبق بقوة القانون ،بل البد من
التنصيص عمييا صراحة في منطوق الحكم أو القرار القضائي القاضي باإلدانة ، 2وعمى
القاضي أن يراعي في ذلك حقوق الغير حسن النية.
-2العقوبات التكميمية :نص المشرع الجزائري عمى عقوبات تكميمية ذات طابع اختياري في
الفقرة الثانية من المادة 389مكرر 7من قانون العقوبات ،التي تتمثل في المنع من مزاولة
نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز خمس سنوات (أ) ،أو حل الشخص المعنوي (ب).
أ -المنع من مزاولة نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز 5سنوات :تعتبر ىذه
العقوبة من أكثر العقوب ات التي نص عمييا المشرع كجزاء لمشخص المعنوي سواء في قانون
العقوبات أو القوانين الخاصة األخرى كقانون الممكية الصناعية وقانون المناجم.
يحي أحمد موافي ،الشخص المعنوي ومسؤولياتو (مدنيا واداريا وجنائيا) ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،0>=< ،ص><.0 1
لحسين بن الشيخ آث ممويا ،دروس في القانون الجزائي العام ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر،0200 ، 2
ص<<.0
169
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
كما تعتبر عقوبة المنع من مزاولة نشاط ميني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز خمس
سنوات من طائفة العقوبات ذات الطبيعة الشخصية ،إذ أنيا تنصب عمى منع قيام الشخص
المعنوي بيذه األنشطة ،ولم يحدد المشرع الجزائري أساس ىذا المنع ،أي ىل يكون بسبب
االرتباط بين النشاط وبين الجريمة التي ارتكبت.
ون الحظ غياب التنسيق بين القاعدة العامة والنصوص الخاصة بالجرائم محل
المساءلة الجنائية ،إذ جاء نص المادة 177مكرر 1من قانون العقوبات بصيغة اإللزام
بالحكم لمدة 5سنوات مع التوسع في تحديد مجال النشاط الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة
عمى خالف نص المادة 389مكرر 7التي تركت المجال مفتوح إلعمال سمطة القاضي عند
الحكم بمدة ال تتجاوز 5سنوات دون تحديد مجال النشاط.1
ب -حل الشخص المعنوي :يقصد بحل الشخص المعنوي منعو من االستمرار في ممارسة
نشاطو حتى ولو كان تحت اسم آخر ،أو مع مديرين أو أعضاء مجمس إدارة آخرين ،ويترتب
عمى ذلك تصفية أموالو ،مع المحافظة عمى أموال الغير حسن النية ،2وال شك أن عقوبة
الحل تعتبر من أشد أنواع العقوبات التي توقع عمى الشخص المعنوي عندما يكون قد أنشئ
بيدف ارتكاب الجريمة ،أو إذا انحرف عن ىدفو وسعى إلى ارتكابيا.3
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري جعل عقوبة حل الشخص المعنوي جوازية
صراحة في نص المادة 18مكرر من قانون العقوبات المحددة لمعقوبات المطبقة عمى
األشخاص المعنوية كقاعدة عامة وأكدىا في نص المادة 389مكرر 7الخاصة بجريمة
تبييض األموال.
وذلك عكس ما اتجو إليو المشرع الفرنسي في تعريفو لمفيوم النشاط الميني أو االجتماعي في المادة 0=/080من قانون 1
العقوبات الفرنسي.
المادة < 0من األمر ;; 0:;/المعدل والمتمم ،مرجع سابق. 2
170
اإلطار القانوني لجريمة تبييض األموال الباب األول-الفصل الثاني ?
نصت المادة :0من قانون العقوبات عمى أن" :األعذار ىي حاالت محددة في القانون عمى سبيل الحصر يترتب عمييا 1
مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتيم إذا كانت أعذار معفية واما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة".
171
آليات مكافحة جريمة تبييض األمىال ومعىقاتها الباب الثاني:
الباب الثاني
وسنتطرق في هذا الباب آلليات مكافحة جريمة تبييض األموال (الفصل األول) ،ثم
نتعرض لمعوقات مكافحة هذه الجريمة (الفصل الثاني).
172
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الفصل األول
المبحث األول
تعتبر البنكؾ كالمؤسسات المالية بما تممكو مف تقنيات متطكرة كآليات مف أىـ القنكات
التي تساىـ في انتشار عمميات تبييض األمكاؿ ،كحتى يتـ إغبلؽ ىذه المنافذ ،فرض عمى
ا لبنكؾ كالمؤسسات المالية اتخاذ اإلجراءات الكفيمة بمنع استغبلؿ النظاـ المصرفي في
ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ.
173
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
مف تبييض األمكاؿ ،سكاء تعمؽ األمر بضركرة االلتزاـ بتكخي الحيطة كالحذر (المطمب
األكؿ) ،أك بالرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية كحركة األمكاؿ (المطمب الثاني).
المطمب األول
أكدت معظـ المكاثيؽ الدكلية كالتشريعات الداخمية ذات الصمة بمكافحة جريمة تبييض
األمكاؿ عمى ضركرة مساىمة البنكؾ كالمؤسسات المالية في الكقاية مف تبييض األمكاؿ
كمكافحتو بتكخي اليقظة ،كىك ما كرد في بياف لجنة بازؿ المتعمؽ بمنع استخداـ األنظمة
المصرفية ألغراض تبييض األمكاؿ ،الذم أكد عمى أىمية دكر القطاع المصرفي في
النيكض بمنع عمميات تبييض األمكاؿ بااللتزاـ بتكخي اليقظة كالحذر.1
كتندرج ضمف مبدأ االلتزاـ بتكخي اليقظة مجمكعة مف القكاعد كاإلجراءات الكقائية
التي يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية تطبيقيا كصبلحيات يرجع إلييا أمر تقدير
ممارستيا 2كتتمثؿ أىـ ىذه االلتزامات في ضركرة تكخي الحذر (الفرع األكؿ) ،كااللتزاـ بحفظ
كثائؽ كالمستندات (الفرع الثاني) ،باإلضافة إلى االلتزاـ بكضع كتطكير الضكابط الداخمية
(الفرع الثالث).
الفرع األول
فضيمة ممياؽ ،كقاية النظاـ البنكي الجزائرم مف تبييض األمكاؿ ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،الجزائر،3108 ، 2
ص.333
174
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
مكاجية العمبلء (أكال) ،أك في مكاجية العمميات التي تنجزىا كالتي تتطمب تدابير عناية
مشددة (ثانيا).
يعتبر االلتزاـ بالتحقؽ مف ىكية العمبلء مف المبادئ التي تحكـ نشاط البنكؾ
كالمؤسسات المالية ،كىك ما جاء في تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية ( )GAFIالتي
تمزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بالتحقؽ مف ىكية عمبلئيا مف خبلؿ المستندات الرسمية
المبلئمة ،كعدـ االحتفاظ بأم حسابات لشخصيات مجيكلة اليكية أك بأسماء كىمية.1
كما يعتبر تطبيؽ قاعدة "اعرؼ عميمؾ" مف االلتزامات التي تقع عمى البنكؾ
كالمؤسسات المالية ،ككنو مف القكاعد األساسية كاإلجراءات البلزمة إلنشاء ما يسمى بسياسة
قبكؿ العمبلء كالتعرؼ عمييـ كالمراقبة المستمرة لمحسابات ذات المخاطر العالي ة. 2
فالسياسات كاإلجراءات المطبقة بشأف قاعدة "اعرؼ عميمؾ" ال يقتصر أثرىا اإليجابي عمى
المساىمة في األمف كالسبلمة الشامميف لمبنؾ أك المؤسسة المالية ،بؿ يمتد إلى حماية سبلمة
النظاـ المصرفي مف خبلؿ تقميص احتماؿ تحكيؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية إلى أداة
لتبييض األمكاؿ.
-البحث عف األدلة كالمعمكمات الخاصة بيكية العميؿ كعنكانو كالتأكد مف جميع المستندات
التي تبيف طبيعة األعماؿ التي يقكـ بيا كأنيا مكجكدة قبؿ البدء بالتعامؿ معو.
-البحث عف المعمكمات كالمستندات التي تساعد في التعرؼ عمى مصادر الدخؿ كاألنماط
المتكقعة لممعامبلت التي يمكف القياـ بيا ،كالعمؿ عمى تحديث ىذه المعمكمات أكال بأكؿ
لمعرفة ما ىك النشاط الذم يعتبر طبيعيا كفقا لمنشاط الرئيسي لمعميؿ.
1التكصية رقـ 01لمجمكعة العمؿ المالي الدكلية التي جاءت عمى النحك اآلتي:
« il devrait être interdit aux institutions financières de tenir des comptes anonymes et des
comptes sous des noms manifestement fictifs ». GAFI, les quarante recommandations du
GAFI, Février 2012.
متاحة عمى المكقع www.fatf-gafi.ord
إبراىيـ سيد أحمد ،مكافحة غسيؿ األمكاؿ ،المكتبة العصرية لمنشر كالتكزيع ،مصر ،3101 ،ص.55 2
175
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كفي ىذا اإلطار ،أكجب المشرع الجزائرم عمى الخاضعيف ضركرة التأكد مف ىكية
كعنكاف عمبلئيا قبؿ فتح حساب أك دفتر ،أك حفظ سندات أك قيـ أك إيصاالت ،أك تأجير
صندكؽ أك القياـ بأم عممية أك ربط أية عبلقة أعماؿ أخرل.1
-1الوثائق المطموبة لمتحقق من ىوية العميل :يتـ التأكد مف ىكية الشخص الطبيعي
بتقديـ كثيقة رسمية أصمية ،سارية الصبلحية متضمنة لمصكرة ،كمف عنكانو بتقديـ كثيقة
رسمية تثبت ذلؾ.2
عمى البنؾ أك المؤسسة المالية لمتحقؽ مف ىكية كقد أكجب المشرع الجزائرم
الشخص الطبيعي تقديـ العميؿ ما يدؿ عمييا مف مستندات رسمية أصمية سارية الصبلحية
كتحمؿ صكرتو الفكتكغرافية ،كيجب إلثبات صحة العنكاف تقديـ المستندات الرسمية كشيادة
اإلقامة سارية المفعكؿ أك فاتكرة الكيرباء كالماء لؤلشير الثبلثة األخيرة.
أما بالنسبة لؤلشخاص المعنكية كالشركات كالمؤسسات التي تمارس نشاطا قد ينتج
عنو ارتكاب عمميات تبييض األمكاؿ ،فيجب عمييا تقديـ المستندات السارية الصبلحية التي
تثبت ىكيتيا ،كعميو يتـ التأكد مف ىكية الشخص المعنكم بتقديـ قانكنو األساسي كأية كثيقة
تسجيمو أك اعتماده كبأف لو كجكدا فعميا أثناء إثبات شخصيتو .3كقد أكد المنظـ البنكي عمى
ىذا في المادة 5مف النظاـ 03/12المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمكافحتيما 4التي نصت عمى أف التأكد مف ىكية الشخص المعنكم يتـ مف خبلؿ تقديـ
قانكنو األساسي األصمي.
كما يتعيف التحقؽ مف ىكية الشخص المتعامؿ مع البنؾ أك المؤسسة المالية كالذم
يعمؿ لحساب الغير ،كذلؾ بأف يقدـ فضبل عف الكثائؽ التي يتـ التأكد بيا مف ىكية
النظاـ رقـ 18/03المؤرخ في 33نكفمبر ،3103يتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما، 4
176
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الشخص الطبيعي ،التفكيض بالسمطات المخكلة لو إضافة إلى الكثائؽ التي تثبت شخصية
كعنكاف أصحاب األمكاؿ الحقيقييف.1
كفي نفس السياؽ ،ألزـ النظاـ رقـ 03/12مؤرخ في 28نكفمبر 2012الصادر عف
بنؾ الجزائر السابؽ الذكر ،البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر لتفادم
التعرض إلى مخاطر مرتبطة بعمبلئيا كأطرافيا المقابمة ،السير عمى كجكد معايير داخمية
لمعرفة الزبائف كمطابقتيا باستمرار ،باإلضافة إلى كاجب الرعاية الصارمة فيما يخص
الحسابات كالعمميات التي قد تشكؿ خط ار كمراقبة حذرة لمنشاطات كالعمميات التي قد تككف
محؿ الشبية.2
كفي إطار تحديد ىكية اآلمر بالعممية الحقيقي ،أكدت تكصيات مجمكعة العمؿ
المالي عمى أىمية فرض ىذا االلتزاـ ،فنصت عمى إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية ،بالتحقؽ
مف ىكية المستفيد الحقيقي كحثيا عمى اتخاذ تدابير معقكلة لمتحقؽ مف اليكية حتى يككف ليا
معرفة كافية عنو.3
كلـ يتضمف القانكف 01/05قبؿ تعديمو ،أم تحديد لعبارة المستفيد الحقيقي ،لكف
يستنتج مف أحكامو أنو فرض ىذا االلتزاـ عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية ،كىك ما يتضح
مف نص المادة 09منو ،التي جاء فييا " :في حالة عدـ تأكد البنكؾ كالمؤسسات المالية
كالمؤسسات المالية المشابية األخرل ،مف أف الزبكف يتصرؼ لحسابو الخاص ،يتعيف عمييا
أف تستعمـ بكؿ الطرؽ القانكنية مف ىكية اآلمر بالعممية الحقيقي أك الذم يتـ التصرؼ
لحسابو".
كقد عمد المشرع إلى إدراج تحديد المستفيد الحقيقي ضمف أحكاـ القانكف 01/05
بمكجب التعديؿ الذم جاء بو األمر ،02/12بتعديمو لنص المادة 04التي عرفت المستفيد
الحقيقي بأنو" :الشخص أك مجمكعة األشخاص الطبيعيكف الذيف يممككف أك يمارسكف سيطرة
177
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
فعمية في النياية عمى الزبكف ك /أك الشخص الذم تتـ العمميات نيابة عنو ،كما يتضمف
أيضا األشخاص الذيف يمارسكف سيطرة فعمية نيائية عمى شخص معنكم".
كاذا كانت البنكؾ كالمؤسسات المالية تممؾ الحرية في تحديد كحصر طرؽ التحقؽ مف
ىكية الزبائف ،إال أنيا عند اإلثبات عمييا أف تتقيد بكسائؿ اإلثبات الرسمية المقبكلة ،كنرل أف
المشرع الجزائرم قد أصاب بنصو ىذا.
-2ميعاد التحقق من ىوية العمالء :حدد المشرع الجزائرم ميعاد التحقؽ مف ىكية العمبلء
في نص الفقرة األكلى مف المادة 07مف القانكف 01/05كالمادة 04مف النظاـ رقـ
03/12كبذلؾ تككف ا لبنكؾ كالمؤسسات المالية كغير المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم
ممزمة بالتأكد مف ىكية العمبلء عند "إقامة عبلقة العمؿ" ،كىك ما يخالؼ تكصيات مجمكعة
العمؿ المالي الدكلية التي تسمح لمبنكؾ كالمؤسسات المالية القياـ بعممية التحقؽ مف ىكية
العمبلء قبؿ أك أثناء إقامة عبلقة العمؿ أك تنفيذ العمميات لمعمبلء االعتيادييف ،بؿ كحتى في
كقت الحؽ إلقامة عبلقة التعامؿ.
كيشترط لمقياـ بالتحقؽ مف ىكية العمبلء بعد إقامة عبلقة العمؿ ما يمي:1
-أف يحدث ىذه في أسرع كقت ممكف عمميا عقب إقامة العبلقة.
178
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كؿ معاممة ميمة كالقياـ بتعديؿ جكىرم لممعايير الخاصة بالتزكيد بالكثائؽ المتعمقة بالعمبلء
أك في منيج تسيير الحسابات .غير أنو في حالة ما إذا تبييف لبنؾ أك مؤسسة مالية أك
المصالح المالية لبريد الجزائر ،في كقت ما أف المعمكمات المتكفرة لدييا بخصكص عميؿ
غير كافية يتعيف عمييا اتخاذ اإلجراءات البلزمة لمحصكؿ عمى جميع المعمكمات المفيدة في
أقرب اآلجاؿ.1
كبذلؾ يككف المشرع الجزائرم قد استجاب لتكصيات فريؽ خبراء مجمكعة العمؿ
المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا الذم تكلى تقييـ مدل التزاـ الجزائر بالتكصيات
األربعيف سنة ،2010الذم طمب مف السمطات الجزائرية بضركرة سد مثؿ ىذه الثغرات
قصد الكفاء بمقتضيات تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية التي تفرض ىذا االلتزاـ.
لـ يكتفي المشرع الجزائرم بإلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بالتحقؽ مف ىكية العمبلء
عمى النحك السابؽ بيانو فقط ،بؿ ألزميا بضركرة االلتزاـ بتدابير العناية المشددة تجاه بعض
العمميات ذات الطابع غير االعتيادم الكتشاؼ إمكانية ارتباطيا بنشاط تبييض األمكاؿ
كأيضا تدابير مشددة تجاه فئة معينة مف العمبلء.
-1تدابير العناية المشددة تجاه بعض العمميات :تستكجب بعض العمميات نظ ار لمطابع
الخاص الذم يميزىا ،عناية خاصة مف البنكؾ كالمؤسسات المالية ،كىي العمميات ذات
الطابع غير االعتيادم ،ككذلؾ عمميات التحكيؿ االلكتركني لؤلمكاؿ.
أ -التدابير تجاه العمميات ذات الطابع غير االعتيادي :نصت المادة 10مف القانكف
01/05المعدؿ كالمتمـ ،عمى أنو" :إذا تمت عممية ما في ظركؼ مف التعقيد غير العادية
179
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أك غير مبررة أك تبدك أنيا ال تستند إلى مبرر اقتصادم أك إلى محؿ مشركع أك في الحاالت
التي يفكؽ مبمغ العممية حدا يتـ تحديده عف طريؽ التنظيـ ،يتعيف عمى الخاضعيف أف يكلكىا
عنا ية خاصة كاالستعبلـ عف مصدر األمكاؿ ككجيتيا ككذلؾ محؿ العممية كىكية المتعامميف
االقتصادييف.
يحرر تقرير سرم كيحفظ دكف اإلخبلؿ بتطبيؽ المكاد مف 15إلى 22مف ىذا القانكف".
نبلحظ مف نص الفقرة األكلى مف المادة السابقة الذكر ،أف المشرع حدد العمميات
غير االعتيادية التي تتطمب عناية مشددة عمى سبيؿ الحصر كىي:
كفي تقديرنا الخاص ،نرل أف ىذا التحديد يكتنفو الكثير مف الغمكض كعدـ الكضكح
بالرغـ مف المؤشرات التي كضعيا المنظـ البنكي بمكجب المادة 10مف النظاـ 03/12
لمساعدة البنكؾ كالمؤسسات المالية عمى النظر بعيف الحذر لبعض العمميات ذات الطابع
غير االعتيادم كالمعقدة التي يمكف أف ترتبط بتبييض األمكاؿ ،1ذلؾ أف تقدير الظركؼ غير
العادية كالمعقدة لعممية ،أك عدـ استنادىا إلى مبرر اقتصادم أك محؿ مشركع ىك أمر
صعب ،ألنو يستند إلى المعمكمات التي يتكفر عمييا البنؾ حكؿ العميؿ.
نصت المادة 01مف النظاـ 18/03عمى أنو" :يتعيف عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر 1
أف تتكفر عمى أنظمة مراقبة المعامبلت ،تسمح بالنسبة لجميع الحسابات ،بإبراز النشاطات ذات طابع غير اعتيادم أك
مشتبو فييا.
تغطي أنكاع العمميات التي يجب أف تككف محؿ اىتماـ خاص ،عمى الخصكص العمميات اآلتية:
-التي ال تبدك أنيا تستند إلى مبرر اقتصادم أك تجارم ممكف إدراكو،
-التي تمثؿ حركات رؤكس األمكاؿ بشكؿ مفرط بالمقارنة مع رصيد الحساب،
-التي تتعمؽ بمبالغ ،السيما نقدية ليس ليا عبلقة مع العمميات العادية أك المحتممة لمزبكف،
-المعقدة بشكؿ غير عادم كغير مبررة،
-التي ال تبدك أف ليا ىدفا شرعيا،
-التي تفكؽ ،عند االقتضاء ،السقؼ المحدد بالتنظيـ المعمكؿ بو".
180
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كتتمثؿ تدابير العناية التي يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية اتخاذىا في حالة ما
إذا كانت العممية المطمكب إنجازىا ذات طابع غير اعتيادم في االستعبلـ لدل العميؿ عف
مصدر األمكاؿ كغايتيا ،ككذلؾ عف ىكية الجية المستفيدة منيا مف جية ،كتحرير محضر
سرم بشأنيا كحفظو مف جية أخرل .لكف إذا اكتشؼ ارتباط العممية بنشاط تبييض األمكاؿ
فإنو يتكلى فضبل عف ذلؾ القياـ باإلخطار بالشبية عنيا إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي
التي يمكنيا االعتراض بصفة تحفظية لمدة أقصاىا 72ساعة عمى تنفيذ العممية في حاؿ
انطكائيا عمى شبيات قكية لتبييض األمكاؿ أك تمكيؿ اإلرىاب.
كتتكلى المجنة المصرفية في إطار ممارستيا لمياـ الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات
كعند اكتشافيا انطكا ء عممية ما لممكاصفات المتعمقة بالعمميات ذات الطابع غير االعتيادم
مباشرة اإلجراءات التأديبية ضدىا في حالة عدـ التزاميا بتحرير التقرير السرم كحفظو ،عمى
اعتبار أف ذلؾ يشكؿ إخبلال بكاجب قانكني.1
ب -التدابير تجاه عمميات التحويل اإللكتروني :نصت المادة 17مف النظاـ 03/12عمى
أنو" :يتعيف عمى المصارؼ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر في إطار
التحكيبلت اإللكتركنية ميما كانت الكسيمة المستعممة ( ... SWIFT, ARTS, ATCIالخ )
ك/أك كضع األمكاؿ تحت التصرؼ أف تسير عمى التحقؽ بدقة مف ىكية اآلمر بالعممية
كالمستفيد باإلضافة إلى عناكينيما".
لقد كرس المنظـ البنكي مف خبلؿ النصيف المذككريف التزاما عمى عاتؽ البنكؾ
كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر بضركرة إيبلء عناية مشددة لعمميات
التحكيؿ االلكتركني ،مف خبلؿ السير عمى التحديد الدقيؽ ليكية اآلمر بالعممية كالمستفيد
181
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
منيا كعناكينيما ،كذلؾ بالنظر إلى دقة كتعقيد الكسائؿ المستعممة في عمميات التحكيؿ
اإللكتركني.
-2تدابير العناية المشددة اتجاه فئة معينة من العمالء :فضبل عف إجراءات اليقظة تجاه
العمبلء العادييف ،يقع عمى عاتؽ البنكؾ كالمؤسسات المالية تطبيؽ إجراءات أخرل أكثر
تشددا تجاه فئة أخرل مف العمبلء يطمؽ عمييا "األشخاص السياسييف ممثمي المخاطر".
مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا ،األشخاص السياسيكف ممثمك المخاطر في مجاؿ غسؿ 1
182
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
األكسط كشماؿ إفريقيا يعتبر الجزائر غير ممتزمة بيذا المعيار الدكلي ،كقد حثيا عمى
ضركرة مطالبة المؤسسات المالية بكضع نظـ مناسبة إلدارة المخاطر لتحديد ما إذا كاف
العميؿ المستقبمي أك العميؿ أك المستفيد الحقيقي شخصا سياسيا ممثبل لممخاطر.1
كعمى ىذا األساس ،استجاب المشرع الجزائرم ليذه المتطمبات الدكلية بمكجب األمر
02/12المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ،01/05حيث استحدثت المادة 07مكرر التي جاء فييا:
"يتعيف عمى الخاضعيف أف يتكفركا ع مى منظكمة مناسبة لتسيير المخاطر قادرة عمى تحديد
ما إذا كاف الزبكف المحتمؿ أك الزبكف أك المستفيد الحقيقي شخصا معرضا سياسيا ،كاتخاذ
كؿ اإلجراءات البلزمة لتحديد أصؿ األمكاؿ كالحرص عمى ضماف مراقبة مشددة كمستمرة
لعبلقة األعماؿ".
كما تـ إدراج ضمف أحكاـ القانكف 01/05بمكجب األمر السابؽ الذكر ،تعريؼ
األشخاص السياسييف ممثمي المخاطر ،حيث نصت المادة 4منو عمى المقصكد بيـ" :كؿ
أجنبي معيف أك منتخب ،مارس أك يمارس في الجزائر أك في الخارج كظائؼ ىامة ،تشريعية
أك تنفيذية أك إدارية أك قضائية".
مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا ،تقرير التقييـ المشترؾ حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ 1
183
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الفرع الثاني
يتكجب عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية حفظ الكثائؽ المتعمقة بعممياتيا المالية
كالمعامبلت الخاصة بالعمبلء ،كذلؾ حتى يتسنى ليا الرجكع إلييا عند الحاجة مف قبؿ
كمرجعي الحسابات أك مف قبؿ
سمطات البنؾ أك المؤسسة المالية ،ككذلؾ مف قبؿ مدققي ا
البنؾ المركزم كالسمطات المختصة األخرل.1
كينطكم االلتزاـ بحفظ الكثائؽ عمى أىمية كبيرة في الكقاية مف جريمة تبييض األمكاؿ
لذلؾ تـ إقرار ىذا االلتزاـ ضمف أحكاـ القانكف 01/05المعدؿ كالمتمـ كالنظاـ 03/12
المذاف يفرضاف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية االحتفاظ بنكع معيف مف الكثائؽ.
أوال :أىمية حفظ الوثائق
حثت مجمكعة العمؿ المالي الدكلية البنكؾ كالمؤسسات المالية عمى االلتزاـ بضركرة
االحتفاظ بالكثائؽ المثبتة ليكية العمبلء ككؿ السجبلت الخاصة بالعمميات التي أجراىا مع
البنؾ أك المؤسسة المالية لمدة 05سنكات عمى األقؿ ،كذلؾ قصد تقديميا لمسمطات
المختصة.2
كيتـ االحتفاظ بالكثائؽ التي تتضمف المعمكمات الخاصة بالعمبلء كمعامبلتيـ مع
البنكؾ أك المؤسسات المالية قصد التمكف مف معرفة العميؿ كمراقبة نشاطو ،ككذلؾ استعماؿ
2التكصية 01لمجمكعة العمؿ المالي الدكلي التي جاءت عمى النحك اآلتي:
« Les institutions financières devraient être obligées de conserver, pendant au moins cinq ans,
tous les documents nécessaires relatifs aux opérations, nationales et internationales, afin de
leur permettre de répondre rapidement aux demandes d’information des autorités
…compétentes
Les institutions financière devraient être obligées de conserver tous les documents obtenus
dans le cadre des mesures de vigilance relatives à la clientèle ( par exemple, la copie des
documents officiels d’identification tels que les passeport, les cartes d’identité, les permis de
conduire ou d’autre document similaire, ou les informations figurant dans ces documents), les
livre de compte et la correspondance commerciale, y compris les résultats de toute analyse
réalisée pendant au moins cinq ans à compter de la fin de la relation d’affaires ou de la date
l’opération occasionnelle.
Les institutions financières devraient être obligées par la loi de conserver les documents sur
les opérations et les informations obtenues dans le cadre des mesures de vigilance relatives à
la clientèle ». GAFI, Les quarante recommandations, Op. Cit.
184
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ىذه الكثائؽ ككسيمة إثبات إذا تطمب األمر ذلؾ ،إذ يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية
كالمصالح المالية لبريد الجزائر إعداد إجراءات لفائدة ىيئاتيا العممياتية ،تحدد بمكجبيا
المعطيات التي ينبغي االحتفاظ بيا بخصكص إثبات ىكية العمبلء كالمعامبلت الفردية كالمدة
القانكنية كالنظامية لعممية االحتفاظ .1
كيسمح االلتزاـ بحفظ الكثائؽ المتعمقة بالعمبلء كالعمميات بتقييـ مدل امتثاؿ البنكؾ
كالمؤسسات المالية لمقكاعد التشريعية كالتنظيمية ذات الصمة بااللتزامات المتعمقة بمنع
استخداميا في عمميات تبييض األمكاؿ ،ذلؾ أف فعالية تنفيذ التزامات تكخي اليقظة تجاه
العمبلء كالعمميات لف تتحقؽ ما لـ تخضع البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمؤسسات كالميف
غير المالية اللتزاـ آخر يتمثؿ في ضركرة مسؾ كحفظ السجبلت كالمستندات التي تحققت
عف طريقيا مف ىكية العمبلء كمف العمميات.2
كادراكا مف المشرع الجزائرم بأىمية االحتفاظ بالكثائؽ في المساىمة الفعالة لمبنكؾ
كالمؤسسات المالية كالمؤسسات كالميف غير المالية الممزمة باإلخطار بالشبية في مكافحة
جريمة تبييض األمكاؿ ،عمد إلى إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باالحتفاظ بالكثائؽ ككضعيا
تحت تصرؼ السمطات المختصة ،كىك ما يظير في نص الفقرة األكلى مف المادة 14مف
القانكف 01/05المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى أنو" :يتعيف عمى الخاضعيف االحتفاظ
بالكثائؽ ...كجعميا في متناكؿ السمطات المختصة."3
فااللتزاـ بحفظ الكثائؽ ،يسمح لمبنكؾ كالمؤسسات المالية بتحقيؽ التعاكف مع
السمطات المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ ،كذلؾ مف خبلؿ تمكيف ىذه األخيرة مف
االطبلع عمى المعمكمات الخاصة بالعمبلء كالعمميات المتضمنة في الكثائؽ عند طمبيا
لتتكلى تحميميا بيدؼ كشؼ إمكانية ارتباط تمؾ العمميات بنشاط تبييض األمكاؿ.
نصت المادة 15مف القانكف 10/15المعدؿ كالمتمـ ،عمى أنو" :يقصد بالسمطات المختصة السمطات اإلدارية كالسمطات 3
المكمفة بتطبيؽ القانكف كالسمطات المكمفة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،بما فييا سمطات الرقابة".
185
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
النظاـ رقـ 13/00المؤرخ في 33نكفمبر ،3100المتعمؽ بالرقابة الداخمية لمبنكؾ كالمؤسسات المالية ،ج.ر.ج.ج، 1
186
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
غير أف استقراء الفقرة الثالثة مف نفس المادة "كيتعيف االحتفاظ بنسخة مف كؿ كثيقة"
يتبيف أف الكثائؽ التي يتعيف عمى العميؿ تقديميا عند إعماؿ إجراءات التحقؽ مف ىكيتو
كعنكانو ،يجب أف تككف كثائؽ رسمية أصمية كسارية الصبلحية ،لكف تمؾ التي يتـ االحتفاظ
بيا المثبتة لقياـ البنؾ أك المؤسسة المالية بيذا االلتزاـ تككف نسخة عف كؿ كثيقة.
أما بالنسبة لمدة االحتفاظ بيذه الكثائؽ ،فقد فرض المشرع الجزائرم االحتفاظ بيا لمدة
خمس سنكات ،تبدأ مف تاريخ إقفاؿ الحساب أك مف تاريخ كقؼ عبلقة التعامؿ بالنسبة
لمزبائف الذيف ليس ليـ حسابات ،كىك ما يتكافؽ مع تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية.
-2الوثائق المتعمقة بالعمميات :ألزـ المشرع الجزائرم البنكؾ كالمؤسسات المالية إلى جانب
االلت ازـ بحفظ الكثائؽ المتعمقة بالعمبلء حفظ الكثائؽ كالمستندات المتعمقة بالعمميات التي
أجراىا العمبلء خبلؿ فترة خمس ( )5سنكات عمى األقؿ ،بعد تنفيذ العممية ،1بما في ذلؾ
التقارير السرية.2
كيراعى عند االحتفاظ بالكثائؽ المتعمقة بالعمميات التي تجرييا البنكؾ كالمؤسسات
المالية أف تتضمف تمؾ الكثائؽ البيانات كالمعمكمات الجكىرية عف العممية ،فاالحتفاظ بيا
يعني كجكدىا في حكزة البنؾ أك المؤسسة المالية سميمة كصالحة ،بحيث يمكف عند االطبلع
عمييا مف معرفة المعمكمات التي تكفي لئلحاطة بالعمميات المالية كأطرافيا كالمستفيديف
منيا.3
الفرع الثالث
اىتمت العديد مف الكثائؽ الدكلية األساسية ،السيما تكصيات مجمكعة العمؿ المالي
الدكلية بإلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بضركرة كضع كتطكير الضكابط الداخمية الخاصة
محمد محمكد سعيد ،جرائـ غسؿ األمكاؿ (أحكاميا المكضكعية كاجراءات مبلحقتيا) ،الطبعة األكلى ،دار الفكر العربي، 3
187
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
بمنع جرائـ تبييض األمكاؿ ،كتطكير السياسات كاإلجراءات بما يكفؿ تعييف مستخدميف
أكفاء ،كتبني برامج متطكرة لتكفير التدريب المتكاصؿ لمعنصر البشرم.1
كما عمد المشرع الجزائرم في سبيؿ منع استخداـ البنكؾ كالمؤسسات المالية في
عمميات تبييض األمكاؿ إلى إلزاميا بكضع كتنفيذ برامج تضمف الرقابة الداخمية (أكال)
كتطبيؽ إجراءات خاصة بالمستخدميف التابعيف ليا (ثانيا).
نصت المادة 97مكرر مف األمر 11/03المتضمف قانكف النقد كالقرض عمى أنو:
"تمتزـ البنكؾ كالمؤسس ات المالية ،ضمف الشركط التي المحددة بمكجب نظاـ يصدره
المجمس 2بكضع نظاـ رقابة داخمي ناجع ،ييدؼ إلى التأكد عمى الخصكص مف:
-السير الحسف لممسارات الداخمية ،كالسيما تمؾ التي تساعد عمى المحافظة عمى مبالغيا
كتضمف شفافية العمميات المصرفية كمصادرىا كتتبعيا،
-األخذ بعيف االعتبار ،بصفة مبلئمة ،مجمؿ المخاطر بما في ذلؾ المخاطر العممية".
-1وضع برامج داخمية لمكافحة تبييض األموال :نصت المادة 12مف القانكف 01/05
المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :تباشر المجنة المصرفية فيما يخصيا ،إجراء تأديبيا طبقا لمقانكف
1التكصية 05مف تكصيات مجمكعة العمؿ المالي الدكلية لسنة 3118التي جاء فييا:
« Les institutions financières devraient mettre au point des programmes de lutte contre le
blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme. Ces programmes devraient
comprendre :
a) Des politiques, des procédures et des contrôles internes, y compris des dispositifs de
contrôle de la conformité et des procédures appropriées lors de l'embauche des employés, de
façon à s’assurer qu’elle s’effectue selon des critères exigeants.
b) Un programme de formation continue des employés.
c) Un dispositif de contrôle interne pour vérifier l'efficacité du système ». GAFI, Les
quarante recommandations du GAFI, Octobre 2003.
2يقصد بالمجمس مجمس النقد كالقرض.
188
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ضد البنؾ أك المؤسسة المالية التي تثبت عج از في إجراءاتيا الداخمية الخاصة بالرقابة في
مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما."... ،
كيتضح مف خبلؿ نص المادة 12المذككر أعبله ،أنو يتعيف عمى البنكؾ كالمؤسسات
المالية كضع كاعداد إجراءات داخمية خاصة بالرقابة في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ
كأف أم تقصير مف البنكؾ أك المؤسسات المالية يجعميا عرضة لممساءلة التأديبية أماـ
المجنة المصرفية.
باإلضافة إلى ىذا النص التشريعي ،أقر المنظـ البنكي ضمف أحكاـ النظاـ رقـ
11/08المتعمؽ بالرقابة الداخمية لدل البنكؾ كالمؤسسات المالية أحكاما خاصة بالرقابة في
مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ مف خبلؿ كضع برنامج داخمي لمرقابة في ىذا المجاؿ.
كقد الحظ فريؽ التقييـ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا
أف بعضا مف البنكؾ كالمؤسسات المالية الخاضعة إلشراؼ لبنؾ الجزائر قد قامت بإعداد
برامج خاصة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،غير أف ىذه البرامج اختمفت في
محتكاىا كفي المتطمبات التي احتكت عمييا كفي الجية التي أقرتيا ،حيث التزمت بعض
البرامج بالمتطمبات الكاردة في التشريع الجزائرم فقط أك بعضيا ،فيما التزمت مؤسسات
أخرل بمتطمبات أكسع مف التي فرضيا المشرع الج ازئرم كتتفؽ مع متطمبات المعايير
الدكلية ،نظ ار لككنيا فركع لمؤسسات مالية دكلية.2
تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ 2
189
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كأماـ ىذا النقد ،لـ يجد المشرع الجزائرم مناص مف إدراج ىذا االلتزاـ ضمف أحكاـ
األمر 02/12المعدؿ كالمتمـ لمقانكف ،01/05كصياغة المادة 12منو عمى النحك
المذككر أعبله.
كلـ يعطي النظاـ رقـ 03/12أك أم نص قانكني أك تنظيمي آخر ليذا اإلطار
الحؽ في االطبلع في الكقت المناسب عمى بيانات ىكية الزبائف كمعمكمات العناية الكاجبة
كعمى سجؿ العمميات كالمعمكمات األخرل ذات الصمة.2
أما فيما يخص المؤسسات المالية غير الخاضعة لبنؾ الجزائر مثؿ شركات التأميف
كالكسطاء في عمميات البكرصة ،فمـ يطالبيـ أم نص قانكني أك تنظيمي بتعييف مسئكؿ عف
االلتزاـ بالمطابقة في مجاؿ إجراءات مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب.
ىذا ،كحتى يككف ىذا المسئكؿ قاد ار عمى القياـ بميامو في رقابة المطابقة في مجاؿ
مكافحة تبييض ،يجب أف يككف عمى دراية تامة بمتطمبات ىذه المكافحة كجميع القكانيف
كالتنظيمات ذات الصمة كيفيـ مخاطر تبييض األمكاؿ ،كال يجكز لو القياـ بأم عممية تجارية
أك مالية أك محاسبية ،إال إذا تعمؽ األمر بعضك مف الجياز التنفيذم ،كأف يككف تابعا
لممسئكؿ عف رقابة المطابقة إف لـ يكف ،في نفس الكقت ،المسئكؿ عف المطابقة.3
تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ 2
190
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
تمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بتطبيؽ إج ارءات تسمح ليا بضماف اختيار
مستخدميف كمسيريف ذكك كفاءة عالية عند التكظيؼ ( ،)1ككضع برامج تدريب مستمرة ليـ
(.)2
ككذلؾ إذا حكـ عميو مف قبؿ جية قضائية أجنبية بحكـ يتمتع بقكة الشيء المقضي
فيو يشكؿ حسب القانكف الجزائرم إحدل الجنايات أك الجنح المنصكص عمييا في ىذه
المادة ،أك أعمف إفبلسو أك ألحؽ بإفبلس أك حكـ بمسؤكلية مدنية كعضك في شخص معنكم
مفمس سكاء في الجزائر أك في الخارج ما لـ يرد لو االعتبار.
-جناية،
-اختبلس أك غدر أك سرقة أك نصب أك إصدار شيؾ دكف رصيد أك خيانة األمانة،
-حجز عمدم بدكف كجو حؽ ارتكب مف مؤتمنيف عمكمييف أك ابتزاز أمكاؿ أك قيـ،
-اإلفبلس،
-مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ،
-التزكير في المحررات أك التزكير في المحررات الخاصة التجارية أك المصرفية،
-مخالفة قكانيف الشركات،
-إخفاء أمكاؿ استمميا إثر إحدل ىذه المخالفات،
-كؿ مخالفة ترتبط باإلتجار بالمخدرات كالفساد كتبييض األمكاؿ كاإلرىاب.
191
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-2وضع برامج تدريب مستمرة لممستخدمين :يكتسي التدريب المستمر لممستخدميف في
البنكؾ كالمؤسسات المالية أىمية كبيرة في الكقاية مف تبييض األمكاؿ ،لذا نجد في بعض
بنكؾ الدكؿ مزيدا مف االىتماـ بيذا المجاؿ عمى غرار ما تتطمبو تكصيات مجمكعة العمؿ
المالي الدكلية.
كقد تنبو المشرع الجزائرم ألىمية تدريب المستخدميف بعد صدكر تقرير التقييـ
المشترؾ لفريؽ خبراء مجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا لسنة
،2010كالذم أكصى السمطات الجزائرية بضركرة إعطاء أىمية خاصة لتدريب المستخدميف
مف خبلؿ نصكص تمزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية بكضع برامج تككيف دائمة في مجاؿ
مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب ،1بأف استحدث المادة 10مكرر 1بمكجب األمر
02/12المعدؿ كالمتمـ لمقانكف 01/05المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب كمكافحتيما ،التي ألزمت الخاضعيف في إطار الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب كمكافحتيما بكضع كتنفيذ برامج تضمف الرقابة الداخمية كالتككيف المستمر
لمستخدمييـ.
كما أكد النظاـ رقـ 08/11عمى أىمية تبني البنكؾ كالمؤسسات المالية لبرنامج
تككيف دائـ ،يسمح بتحضير مستخدمييـ عمى معرفة أجيزة مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب كاطبلعيـ باإلجراءات المتخذة لمسماح لكؿ عكف باإلببلغ عف كؿ عممية مشتبو فييا
تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ 1
192
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
إلى المسئكؿ المكمؼ بالمطابقة في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمعايير أخبلقيات المينة كاالحترافية في مجاؿ اإلخطار بالشبية.1
لكف تطبيؽ ىذه األحكاـ في الكاقع تبقى أقرب إلى ككنيا تكصيات في غياب رؤيا
تشريعية صارمة تحدد األطر اإللزامية لتككيف المستخدميف في القطاع البنكي كالمالي ،كتحدد
اآلليات المثمى لتجسيدىا عمميا بالتنسيؽ مع كافة الجيات المعنية ،مما يجعؿ مستكل تأىيؿ
المستخدميف بالبنكؾ كالمؤسسات المالية في الجزائر لمتصدم لجريمة تبييض األمكاؿ يعرؼ
تدبدبا كتباينا مف مؤسسة ألخرل.2
المطمب الثاني
مف أىـ الجيكد الدكلية في مجاؿ مكافحة جريمة تبييض األمكاؿ ،إلزاـ الدكؿ باتخاذ
اإلجراءات الرقابية البلزمة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية كحركة األمكاؿ لمنع استخداميا
في ارتكاب جرائـ تبييض األمكاؿ المحصمة مف مصادر غير مشركعة.
كقد اىتـ المشرع الجزائرم في قانكف الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمكافحتيما كالقانكف المتعمؽ بالنقد كالقرض ،بفرض الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية
كحركة األمكاؿ باعتبارىا مف أبرز اآلليات لمنع جرائـ تبييض األمكاؿ ،كذلؾ مف خبلؿ
إرساء قكاعد ممارسة النشاط البنكي كالمالي.
كمف أجؿ ذلؾ ،سكؼ نتطرؽ في ىذا المطمب لمجكانب المتعمقة بالرقابة عمى البنكؾ
كالمؤسسات المالية (الفرع األكؿ) ،كلمرقابة عمى حركة األمكاؿ (الفرع الثاني).
الفقرات (ح) (ط) (م) ،المادة 32مف النظاـ رقـ ،13/00مرجع سابؽ. 1
193
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كخكؿ مجمكعة مف اليياكؿ التي تعمؿ تحت سمطة بنؾ الجزائر سمطة إصدار تنظيمات
كمنح ليا صبلحية مراقبة مدل التزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باألحكاـ التشريعية
كالتنظيمية المطبقة عمييا ،سكاء عند إنشائيا أك أثناء ممارستيا لنشاطيا.
كتؤدم الرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية في بعض جكانبيا إلى تحقيؽ أىداؼ
كقاية النظاـ البنكي كالمالي مف جريمة تبييض األمكاؿ كىك ما سنحاكؿ إب ارزه مف خبلؿ
التطرؽ لمرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية (أكال) ،كالرقابة عمى نشاط البنكؾ
كالمؤسسات المالية (ثانيا).
تخضع البنكؾ كالمؤسسات المالية لرقابة تسبؽ ممارستيا لؤلعماؿ المصرفية تسمى
برقابة اإلنشاء ،كقد خكؿ قانكف النقد كالقرض مياـ القياـ بيا لييئات مستحدثة عمى مستكل
بنؾ الجزائر باعتباره منظـ السياسة النقدية في الببلد ،تتمثؿ في كؿ مف محافظ بنؾ الجزائر
كمجمس النقد كالقرض.1
-1شروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية :نظ ار لمدكر الفعاؿ لمنشاط المصرفي في
تدعيـ االقتصاد الكطني ،عمد المشرع الجزائرم إلى كضع شركط خاصة لتأسيس بنؾ أك
مؤسسة مالية كاقامة فرع أجنبي في الجزائر بمكجب النظاـ 202 /06بعد إخضاع الطمب
إلجرائي الترخيص كاالعتماد.
أ -الترخيص :يعتبر الحصكؿ عمى ترخيص مجمس النقد كالقرض إجراء أكلي إلزامي ألجؿ
إنشاء بنؾ أك مؤسسة مالية يحكميا القانكف الجزائرم ،مع مراعاة أحكاـ المادة 80مف قانكف
النقد كالقرض.3
النظاـ 13/10المؤرخ في 35سبتمبر 3110المحدد لشركط تأسيس بنؾ كمؤسسة مالية أك إقامة فرع بنؾ كمؤسسة 2
يحكميا القانكف الجزائرم ،عمى أساس ممؼ يحتكم خصكصا ،عمى نتائج تحقيؽ يتعمؽ بمراعاة أحكاـ المادة 31أعبله".
194
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كيكجو طمب الترخيص بإنشاء البنؾ ك المؤسسة المالية أك فرع البنؾ كالمؤسسة
المالية إلى رئيس مجمس النقد كالقرض 1كيجب أف يتضمف ممؼ طمب الترخيص المقدـ مف
طرؼ الطالبيف ،عمى كجو الخصكص العناصر كالمعطيات المتعمقة ببرنامج النشاط
كاستراتيجية تنمية الشبكة كالكسائؿ المادية كالمالية المسخرة لذلؾ ،باإلضافة إلى قائمة
المسيريف الرئيسييف كالقكانيف األساسية لمبنؾ أك المؤسسة المالية كالتنظيـ الداخمي مع اإلشارة
إلى عدد المكظفيف ككذا الصبلحيات المخكلة لكؿ مصمحة.2
كيشترط لمحصكؿ عمى الترخيص بإنشاء البنؾ أك المؤسسة المالية تكفر الشركط
كاإلجراءات المنصكص عمييا في النظاـ رقـ 02/06كالمتمثمة في:
استفاء الشكل القانوني لمبنك أو المؤسسة المالية :نصت الفقرة األكلى مف المادة 83مف
األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،المتضمف قانكف النقد كالقرض عمى أف تأسيس البنكؾ
كالمؤسسات المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم يككف في شكؿ شركات مساىمة كيمكف أف
يدرس مجمس النقد كالقرض جدكل اتخاذ بنؾ أك مؤسسة مالية شكؿ تعاضدية ،كال يمكف
الترخيص بالمساىمات الخارجية إال في إطار شراكة تمثؿ المساىمة الكطنية المقيمة 51
بالمائة عمى األقؿ مف رأس الماؿ.3
كعميو ،يشترط أف تستكفي البنكؾ كالمؤسسات المالية عند إنشائيا كافة الشركط
4
الشكمية طبقا ألحكاـ القانكف التجارم (االنعقاد في شكؿ رسمي ،القيد في السجؿ التجارم)
كالمكضكعية العامة (الرضا ،المحؿ كالسبب) 5كالمكضكعية الخاصة (تعدد الشركاء ،تقديـ
المكاد ،553 ،555ك 552مف األمر 52/05المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 4
المادة 52مف األمر 53/05المؤرخ في 30سبتمبر 0205المتضمف القانكف المدني المعدؿ كالمتمـ ،ج.ر.ج.ج، 5
195
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الحصص ،نية االشت ارؾ ،تقاسـ األرباح كالخسائر) الكاجب تكفرىا عند إنشاء شركة
المساىمة.1
لكف المشرع الجزائرم ،كمف خبلؿ الفقرة األكلى مف المادة المذككرة أعبله ،يككف قد
استبعد فركع البنكؾ كالمؤسسات المالية األجنبية المراد إقامتيا في الجزائر مف مجاؿ تطبيؽ
ىذه المادة ،كبالتالي فإف ىذه الفركع غير ممزمة باتخاذ شكؿ شركة مساىمة.
كما أعطى المشرع الجزائرم لمجمس النقد كالقرض صبلحية دراسة جدكل اتخاذ بنؾ
أك مؤسسة مالية شكؿ تعاضدية ،كذلؾ مراعاة لبعض الكضعيات التي أفرزىا الكاقع العممي
كما ىك الشأف بالنسبة لمصندكؽ الكطني لمتعاضد الفبلحي الذم رخص لو بممارسة األعماؿ
المصرفية بمكجب النظاـ 01/95المؤرخ في 28فيفرم .1995
كلقد خكؿ األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،المتعمؽ بالنقد كالقرض البنكؾ كالمؤسسات
المالية القياـ بالعمميات المصرفية كالمتمثمة أساسا في تمقي األمكاؿ 2مف الجميكر كعمميات
القرض ،ككضع كسائؿ الدفع تحت تصرؼ العمبلء كادارتيا إضافة إلى قياميا بجميع
العمميات ذات العبلقة بنشاطيا.
شرط رأس المال األدنى المطموب :تطبيقا لممادة 88مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد
كالقرض التي ألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية بأف تتكفر عمى رأس ماؿ مب أر كميا كنقدا
يساكم عمى األقؿ المبمغ الذم يحدده مجمس النقد كالقرض ،أصدر بنؾ الجزائر النظاـ رقـ
03/18المؤرخ في 4نكفمبر 2018كالمتعمؽ بالحد األدنى لرأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات
عكس المشرع الفرنسي الذم يسمح بممارسة المينة المصرفية إضافة لشركات المساىمة ،لكؿ مف شركة التكصية 1
196
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
المالية العاممة في الجزائر ،حيث ألزمت المادة 02مف ىذا النظاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية
المؤسسة في شكؿ شركة مساىمة الخاضعة لمقانكف الجزائرم أف تمتمؾ ،عند تأسيسيا رأس
ماؿ محر ار كميا كنقدا يساكم عمى األقؿ:
كما ألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية التي يتكاجد مقرىا الرئيسي في الخارج ،بأف
تمنح لفركعيا التي رخص ليا مجمس النقد كالقرض بالقياـ بعمميات مصرفية في الجزائر
تخصيصا يساكم عمى األقؿ الحد األدنى لرأس الماؿ المطمكب لتأسيس البنكؾ كالمؤسسات
المالية الخاضعة لمقانكف الجزائرم.1
المادة 18مف النظاـ 18/03المؤرخ في 5نكفمبر ،3103يتعمؽ بالحد األدنى لرأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية 1
197
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الشروط المتعمقة بالمسيرين :إف كعي المشرع بالدكر الياـ كالفعمي لممسيريف في تحديد
مسار نشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية جعمو يكلي اعتبا ار كبي ار لشخصيـ ،بدءا مف الحرص
عمى تكفر األىمية القانكنية كالكفاءة كالخبرة كالنزاىة.
كما نص المشرع عمى منع بعض الفئات التي ثبت الحكـ عمييا قضائيا نتيجة
الرتكابيـ بعض األفعاؿ ،حيث جاء في المادة 80مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ أنو:
"ال يجكز ألم كاف أف يككف مؤسسا لبنؾ أك مؤسسة مالية أك عضكا في مجمس إدارتيا كأف
يتكلى مباشرة أك بكاسطة شخص آخر ،إدارة بنؾ أك مؤسسة مالية أك تسييرىا أك تمثيميا بأم
صفة كانت ،أك أف يخكؿ حؽ التكقيع عنيا ،كذلؾ دكف اإلخبلؿ بالشركط التي يحددىا
المجمس عف طريؽ األنظمة ،لعماؿ تأطير ىذه المؤسسات:
أ -جناية،
ب -اختبلس أك غدر أك سرقة أك نصب أك إصدار شيؾ دكف رصيد أك خيانة األمانة،
ج -حجز عمدم بدكف كجو حؽ ارتكب مف مؤتمنيف عمكمييف أك ابتزاز أمكاؿ أك قيـ،
د -اإلفبلس،
-إذا حكـ عميو مف قبؿ جية قضائية أجنبية بحكـ يتمتع بقكة الشيء المقضي فيو يشكؿ
حسب القانكف الجزائرم إحدل الجنايات أك الجنح المنصكص عمييا في ىذه المادة.
198
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري : انفصم األول-انباب انثاني
إذا أعمف إفبلسو أك ألحؽ بإفبلس أك حكـ بمسؤكلية مدنية كعضك في شخص معنكم-
." مفمس سكاء في الجزائر أك في الخارج لـ ما يرد لو االعتبار
أف يقدمكا لبنؾ، يتعيف عمى مؤسسي البنؾ أك المؤسسة المالية،كفي ىذا الصدد
بالخبرة1الجزائر ممفا يحتكم عمى المعمكمات التي تمكف المحافظ التأكد مف تمتع المسيريف
.2 مف خبلؿ اطبلعو عمى مسارىـ الميني،كالكفاءة البلزمتيف
المتعمؽ بالشركط الكاجب أف تتكفر في مؤسسي،0223 مارس33 المؤرخ في15/23 عرفت المادة الثانية مف النظاـ 1
"كؿ شخص: المسير بأنو0228 فبراير0 صادر في،3 عدد،ج.ج.ر. ج،البنكؾ كالمؤسسات المالية كمسيرييا كممثمييا
طبيعي لو دكر تسييرم في مؤسسة كالمدير العاـ أك المدير أك إطار مسئكؿ يتمتع بسمطة اتخاذ باسـ المؤسسة التزامات
."تصؿ إلى صرؼ األمكاؿ أك المجازفة أك األكامر بالصرؼ نحك الخارج
. نفس المرجع،15/23 مف النظاـ12 إلى15 المكاد مف2
3
Banque d’Algérie, Instruction 2000/05 du 30 avril 2000 portant conditions pour l’exercice
des fonctions des dirigeants des banques et des établissements financiers ainsi due des
représentations et succursales des banques et des établissements financiers étrangers.
4
Article 4 de l’instruction 2000/05 « Les dirigeants visés à l'article 1er ci-dessus doivent,
préalablement à l'installation dans leur fonction, obtenir l'agrément exprès du Gouverneur de
la Banque d'Algérie.
Les dirigeants soumis à l'agrément du Gouverneur de la Banque d'Algérie, au sens de la
présente Instruction, sont :
a- les membres, selon le cas, du Conseil d'Administration ou du Conseil de Surveillance;
b- outre le Président du Conseil d'administration, au moins une personne parmi celles ayant la
responsabilité la plus élevée au sein de la banque ou de l'établissement financier ;
c- les membres du Directoire dont le Président, pris en cette qualité, dans le cas des banques et
des établissements financiers dotés d'un Conseil de Surveillance ;
d- le Directeur Général et au moins une personne parmi celles ayant la responsabilité la plus
élevée désignée par l'organe habilité de la maison mère pour les succursales des banques et
des établissements financiers étrangers ;
e- au moins deux personnes désignées parmi celles ayant la responsabilité la plus élevée dans
la Direction des représentations des Banques et établissements financiers étrangers ».
199
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
شرط اإلمكانيات التقنية والمالية المستعممة : 1يتعمؽ ىذا الشرط بضركرة تكفر البنكؾ
كالمؤسسات المالية عمى كسائؿ اتصاؿ كانتقاؿ المعمكمات بيف مختمؼ البنكؾ كربطيا مع
بنؾ الجزائر ،ككذلؾ مراعاة إمكانية تطكير استعماؿ اإلعبلـ اآللي ككسائؿ الدفع الحديثة
كالنقكد اإللكتركنية.
كقد خكؿ المشرع مجمس النقد كالقرض بصفتو سمطة نقدية صبلحية كضع الشركط
التقنية لممارسة المينة المصرفية ،ككذا ممارسة مياـ االستشارة كالكساطة في المجاليف
المصرفي كالمالي.2
كما نصت المادة 06مف النظاـ رقـ 02/06المتعمؽ بشركط تأسيس بنؾ كمؤسسة
مالية كشركط إقامة فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية عمى أنو "يدخؿ الترخيص الممنكح
كالمتعمؽ بتأسيس بنؾ كمؤسسة مالية ككذا الترخيص بإقامة فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية
حيز التنفيذ اعتبا ار مف تاريخ تبميغو".
نصت المادة 20مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :مف أجؿ الحصكؿ عمى الترخيص المنصكص عميو في 1
المادة 33أك في المادة 35أعبله ،يقدـ الممتمسكف برنامج النشاط كاإلمكانيات المالية كالتقنية التي يعتزمكف استخداميا
ككذا صفة األشخاص الذيف يقدمكف األمكاؿ".
المادة 03مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،نفس المرجع. 2
نصت المادة 302مف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية عمى" :يجب أف يرفؽ مع العريضة الرامية إلى إلغاء أك تفسير 3
أك تقدير مدل مشركعية القرار اإلدارم ،تحت طائمة عدـ القبكؿ ،القرار اإلدارم المطعكف فيو ،ما لـ يكجد مانع مبرر.
كاذا ثبت أف ىذا المانع يعكد إلى امتناع اإلدارة مف تمكيف المدعي مف القرار المطعكف فيو ،أمرىا القاضي المقرر بتقديمو
في أكؿ جمسة ،كيستخمص النتائج القانكنية المترتبة عمى ىذا االمتناع" .أنظر :القانكف 12/13المؤرخ في 35فيفرم
3113يتضمف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،30صادر في 38أبريؿ .3113
200
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
األمر ،إال بعد ق ارريف بالرفض ،كال يجكز تقديـ الطمب الثاني إال بعد مضي أكثر مف عشرة
أشير مف تبميغ رفض الطمب األكؿ ،فيذا يدؿ عمى كجكب تبميغ قرار الرفض لطالب
الترخيص.
ب -االعتماد :يعد الحصكؿ عمى الترخيص بتأسيس البنؾ أك المؤسسة المالية أك إقامة فرع
لبنؾ أجنبي في الجزائر غير كاؼ لمبدء في ممارسة النشاط البنكي كالمالي ،فقد اشترط
المشرع بعد الحصكؿ عمى الترخيص طمب االعتماد كبنؾ أك مؤسسة مالية حسب الحالة بعد
استفاء جميع الشركط المحددة في األمر 11/03كجميع األنظمة المتخذة لتطبيقو.1
كقد حدد النظاـ رقـ 02/06في المادة الثامنة منو اإلجراءات المتبعة لمحصكؿ عمى
االعتماد ،حيث أنو كبعد الحصكؿ عمى الترخيص ،يجب عمى البنؾ أك المؤسسة المالية
تقديـ طمب االعتماد إلى محافظ بنؾ الجزائر مرفقا بالمستندات كالمعمكمات المطالب بيا كفقا
لممادة الثانية مف التعميمة رقـ 04/2000الصادرة عف محافظ بنؾ الجزائر 2في أجؿ أقصاه
اثنا عشر شي ار ،كذلؾ ابتداء مف تاريخ تبميغ الترخيص كالمتمثمة في:
-رسالة تعيد مصادؽ عمييا مف قبؿ الجمعية العامة لممساىميف ،مكقع عمييا مف قبؿ رئيس
مجمس إدارة البنؾ أك المؤسسة المالية.
-النسخة األصمية لمقكانيف األساسية المحررة بمكجب عقد تكثيقي أك نسخة طبؽ األصؿ
مصادؽ عمييا لمقكانيف األساسية لممؤسسة األـ.
-نسخة طبؽ األصؿ مصادؽ عمييا لمتصريح بالكجكد محررة لدل قباضة الضرائب في
مكاف تكاجد المقر االجتماعي.
-شيادة تحرير جزء مف رأس الماؿ أك التخصيص المكتتب لدل مكثؽ ،كصكرة مصادؽ
عمييا اإليصاؿ بالمبمغ المدفكعة فعميا في الحساب البنكي.
201
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-محضر الجمعية العامة التأسيسية يتضمف ،كالسيما انتخاب الرئيس ،أك محضر مجمس
المراقبة المتضمف تعييف أعضاء مجمس المديريف كرئيسو ،أك محضر مجمس اإلدارة لمبنؾ
األجنبي المتعمؽ بالسمطات الممنكحة لمسيرم الفرع.
-محضر الجمعية العامة العادية المتضمف تعييف أعضاء مجمس اإلدارة أك مجمس المراقبة
-محضر مجمس المراقبة لممؤسسة األـ المعيف عمى األقؿ لشخصيف مكمفيف بنشاط كادارة
الفرع.
-مصادقة محافظ بنؾ الجزائر عمى أعضاء مجمس اإلدارة أك المديريف العاميف ،أك
األشخاص المكمفيف بالنشاط كادارة الفرع حسب الحالة.
-محضر اجتماع مجمس اإلدارة المتضمف انتخاب رئيس مجمس اإلدارة كتعييف المدير العاـ
أك المديريف العاميف.
-نسخة مصادؽ عمييا لسند الممكية أك عقد اإليجار لممقرات أيف سيتكاجد البنؾ مع العنكاف
كرقـ الياتؼ.
كيتـ منح االعتماد بمكجب مقرر مف محافظ بنؾ الجزائر ،إذا استكفى طالب االعتماد
كؿ شركط التأسيس المنصكص عمييا في التشريع كالتنظيـ المعمكؿ بيما ،كينشر في الجريدة
الرسمية لمجميكرية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
كنبلحظ أف المشرع الجزائرم لـ يتناكؿ مسألة رفض االعتماد ،إف كاف بمكجب مقرر
أـ ال ،كما لـ يحدد طرؽ الطعف في ىذا الرفض ،كذلؾ عمى خبلؼ الترخيص الذم أكضح
المشرع طرؽ الطعف فيو كالمكاعيد المقررة لذلؾ ،لكف باعتبار ق اررات محافظ بنؾ الجزائر
قرر مجمس الدكلة
ق اررات إدارية ،فإنو يمكف الطعف في قرار رفض االعتماد استنادا إلى ا
202
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
القاضي ب أف كؿ الق اررات ذات الطابع اإلدارم قابمة لمطعف فييا عندما تتخذ مخالفة لمقانكف
أك عندما تككف مشكبة بتجاكز السمطة.1
كيترتب عمى منح البنؾ أك المؤسسة المالية االعتماد كنشره في الجريدة الرسمية
كتسجيمو في قائمة البنكؾ كالمؤسسات المالية ،2تمتع البنؾ أك المؤسسة المالية بحؽ ممارسة
األعماؿ المصرفية المنصكص عمييا في المكاد 69 ،68 ،67 ،66مف األمر 11/03
المعدؿ كالمتمـ في كامؿ التراب الكطني ،لكف يخضع فتح شبابيؾ تابعة لو أك فركع لصدكر
ترخيص مف بنؾ الجزائر.
كتجدر اإلشارة إلى أف التعديبلت التي تط أر عمى القكانيف األساسية كالمتعمقة بغرض
أك رأس ماؿ البنكؾ كالمؤسسات المالية يتـ عرضيا ،سكاء قبؿ أك بعد منح االعتماد عمى
مجمس النقد كالقرض ،كفؽ الشركط المنصكص عمييا في المادتيف 02ك 03مف النظاـ رقـ
3
02/06كال تصبح قابمة لمتنفيذ إال بعد المصادقة عمييا مف طرؼ مجمس النقد كالقرض
كبذلؾ فإف أم تغيير جكىرم في البنؾ أك المؤسسة المالية يستكجب الحصكؿ عمى اعتماد
جديد ،خاصة كأف المادة 95مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ تمنح لمجمس النقد كالقرض
صبلحية سحب االعتماد تمقائيا إف لـ تصبح الشركط التي يخضع ليا االعتماد متكفرة.
-2الييئات المكمفة بالرقابة عمى إنشاء البنوك والمؤسسات المالية :أككؿ المشرع
الجزائرم مياـ الرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية لييئتيف تعمبلف تحت سمطة بنؾ
الجزائر ىما :محافظ بنؾ الجزائر كمجمس النقد كالقرض.
أ -محافظ بنك الجزائر :يتكلى محافظ بنؾ الجزائر مياـ إدارة بنؾ الجزائر كيساعده في ذلؾ
ثبلثة نكاب محافظ ،كما يتكلى رئاسة مجمس النقد كالقرض ،4فيك يضطمع بدكر ىاـ في
مجمس الدكلة ،قرار بتاريخ 30يكليك ،0223مجمة مجمس الدكلة ،عدد ،3113 ،10ص.35 1
نصت المادة 28مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ عمى" :يمسؾ المحافظ قائمة لمبنكؾ كقائمة لممؤسسات المالية 2
محينتيف .كتنشر ىاتاف القائمتاف كؿ سنة في الجريدة الرسمية لمجميكرية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .كما ينشر كؿ تعديؿ
حسب األشكاؿ نفسيا".
المادة 01مف النظاـ رقـ ،13/10مرجع سابؽ. 3
203
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الرقابة عمى إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية مف خبلؿ المساىمة في منح الترخيص
كاالعتماد.
كيعيف محافظ بنؾ الجزائر كنكابو بمكجب مرسكـ رئاسي ،1عمى أنو تتنافى كظيفة
المحافظ مع كؿ عيدة انتخابية ككؿ كظيفة حككمية ككؿ كظيفة عمكمية ،ككذلؾ األمر
بالنسبة لكظيفة نائب المحافظ ،كال يمكف المحافظ كنكابو أف يمارسكا أم مينة أك نشاط أك
كظيفة أثناء عيدتيـ ،ما عدا تمثيؿ الدكلة لدل المؤسسات العمكمية الدكلية ذات الطابع
النقدم أك المالي أك االقتصادم.2
كيتكلى محافظ بنؾ الجزائر اتخاذ جميع تدابير التنفيذ ،كيقكـ بجميع األعماؿ في
إطار القانكف السيما:
-يكقع باسـ بنؾ الجزائر جميع االتف اقيات كالمحاضر المتعمقة بالسنكات المالية كالحصائؿ
كحسابات النتائج.
-يمثؿ بنؾ الجزائر لدل السمطات العمكمية في الجزائر كلدل البنكؾ المركزية األجنبية
كلدل الييئات المالية الدكلية كلدل الغير بشكؿ عاـ.
-يرفع الدعاكل القضائية كيدافع عنيا بناء عمى متابعتو كتعجيمو ،كيتخذ جميع اإلجراءات
التحفظية التي يراىا مناسبة.
-يقكـ بكؿ شراء لؤلمبلؾ العقارية المرخص بيا قانكنا كالتصرؼ فييا ،كينظـ مصالح بنؾ
الجزائر كيحدد مياميا.
-يكظؼ أعكاف بنؾ الجزائر كفقا لمشركط المنصكص عمييا في القانكف األساسي
لممستخدميف كيعينيـ في مناصبيـ كيرقييـ كيعزليـ كيفصميـ.
-يعيف ممثمي بنؾ الجزائر في مجالس المؤسسات األخرل ،عندما يككف ىذا التمثيؿ مقررا.
204
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كما يتكلى محافظ بنؾ الجزائر تحديد صبلحيات كؿ نائب مف نكابو ،كيكضح سمطاتو
كيمكنو تفكيض إمضاءه إلى أعكاف مف بنؾ الجزائر.1
كقد تكخ المشرع الجزائرم إدراج عدة شركط لتكلي مياـ محافظ بنؾ الجزائر كنكابو
بيدؼ تحصينيـ ماديا كمعنكيا مف إمكانية ضمكعيـ أك تكريطيـ في ارتكاب الجرائـ التي تتـ
عف طريؽ النظاـ البنكي كالمالي ،بما فييا جريمة تبييض األمكاؿ ،أىميا:2
-عدـ ممارسة أم نشاط أك مينة أك تكلي أم منصب خبلؿ مدة كاليتيـ ،ما عدا تمثيؿ
الدكلة لدل المؤسسات العمكمية الدكلية ذات الطابع البنكي أك المالي أك االقتصادم.
-عدـ المجكء إلى اقتراض مبالغ مالية مف أية مؤسسة جزائرية أك أجنبية.
-عدـ قبكؿ أم تعيد عميو تكقيع أحدىـ في محفظة البنؾ المركزم أك محفظة أم مؤسسة
عاممة في الجزائر.
-عدـ جكاز قياميـ خبلؿ السنتيف التاليتيف لنياية مدة كاليتيـ بإدارتيـ أك العمؿ في مؤسسة
خاضعة لسمطة أك رقابة بنؾ الجزائر أك شركة تسيطر عمييا ىذه المؤسسة ،أك قياميـ
بالعمؿ كككبلء أك مستشاريف لدل مؤسسات أك شركات مماثمة.
ب -مجمس النقد والقرض :يعتبر إنشاء مجمس النقد كالقرض مف أىـ اإلصبلحات الجديدة
التي حمميا القانكف 10/90المتعمؽ بالنقد كالقرض 3الذم يمثؿ بمكجب ىذا القانكف مجمس
إدارة بنؾ الجزائر كيمثؿ أيضا السمطة النقدية في الدكلة.4
القانكف 01/21المؤرخ في 05أبريؿ 0221المتعمؽ بالنقد كالقرض ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،00صادر في 05أبريؿ 0221 3
(ممغى).
قبؿ صدكر القانكف 01/21كانشاء مجمس النقد كالقرض كاف ىناؾ ما يعرؼ بالمجمس الكطني لمقرض الذم كمؼ بدكر 4
205
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ممارستو لرقابة فعمية عمى النظاـ المصرفي ،فيك سمطة بمعنى الكممة ،ينشئ ،ينظـ كيراقب
المراكز القانكنية لممتدخميف في النشاط المصرفي.1
كيجتمع مجمس النقد كالقرض باعتباره مجمس بنؾ الجزائر الذم يرأسو محافظ بنؾ
الجزائر كيستدعيو لبلجتماع 2كيحدد جدكؿ أعمالو .يتككف مجمس النقد كالقرض مف:3
كقد خكلت أحكاـ األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،مجمس النقد كالقرض مراقبة الدخكؿ
إلى ممارسة النشاط المصرفي مف خبلؿ الترخيص باإلنشاء ،ككذلؾ الترخيص بالتعديؿ الذم
يمس القكانيف األساسية لمبنكؾ كالمؤسسات المالية قبؿ أك بعد الحصكؿ عمى االعتماد طبقا
لنص المادة 62منو.
كما كسع المشرع مف صبلحيات مجمس النقد كالقرض في مجاؿ الرقابة لتمتد إلى
جكانب متعمقة بالمينة المصرفية ،كيمكنيا أف تشكؿ مكضكع سحب االعتماد حسب نص
المادة 95مف األمر 11/03الذم جاء فيو" :دكف اإلخبلؿ بالعقكبات التي تقررىا المجنة
المصرفية في إطار صبلحياتيا ،يقرر المجمس سحب االعتماد:
آيت كازك زاينة ،مسؤكلية البنؾ المركزم في مكاجية األخطار المصرفية في القانكف الجزائرم ،رسالة دكتكراه في القانكف، 1
بمبادرة مف رئيسو أك مف عضكيف منو .أنظر المادة 01مف األمر 10/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ.
المادة 53مف األمر ،00/18نفس المرجع. 3
نصت المادة 03مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ عمى" :يتككف مجمس اإلدارة مف: 4
-المحافظ ،رئيسا،
-نكاب المحافظ الثبلثة،
-ثبلثة مكظفيف ذكم أعمى درجة معينيف بمكجب مرسكـ مف رئيس الجميكرية بحكـ كفاءتيـ في المجاليف االقتصادم
كالمالي".
تعيف الشخصيتاف عضكيف في المجمس بمكجب مرسكـ مف رئيس الجميكرية .أنظر :المادة 52مف األمر 00/18المعدؿ 5
206
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ب -تمقائيا:
كيطمع مجمس النقد كالقرض بصبلحياتو التنظيمية كسمطة نقدية في إطار القانكف،
كذلؾ بإمبلء التشريعات البنكية كالمالية التالية:1
-أسس كشركط عمميات بنؾ الجزائر ،كالسيما فيما يخص الخصـ كالسندات تحت نظاـ
األمانة كرىف السندات العامة كالخاصة ،كالعمميات لقاء معادف ثمينة كعمبلت أجنبية.
-تحديد السياسة النقدية كاإلشراؼ عمييا كمتابعتيا كتقييميا ،مف خبلؿ تحديد األىداؼ
المتعمقة بتطكير مختمؼ مككنات الكتمة النقدية كحجـ القركض.
-غرفة المقاصة.
-شركط إنشاء البنكؾ كالمؤسسات المالية ،السيما تحديد الحد األدنى مف رأس الماؿ.
-المعايير كالنسب المطبقة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية ،كخاصة فيما يتعمؽ بتغطية
كتكزيع المخاطر كالسيكلة.
-حماية زبائف البنكؾ كالمؤسسات المالية ،السيما فيما يخص شركط العمميات المعمكؿ بيا.
207
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-النظاـ كالقكاعد المحاسبية التي تطبؽ عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية ،ككيفيات كميؿ
تسميـ الحسابات كالبيانات كاإلحصائيات ،كسائر البيانات لكؿ ذكم الحقكؽ كالسيما بنؾ
الجزائر.
-مراقبة الصرؼ كتنظيـ سكقو ،كتحديد أىداؼ سياسة سعر الصرؼ ،كتسيير احتياطات
الصرؼ.
-قكاعد السير الحسف كأخبلقيات المينة المطبقة عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية.
كما يستمع مجمس النقد كالقرض إلى الكزير المكمؼ بالمالية بناء عمى طمب مف ىذا
األخير ،كتستشيره الحككمة أيضا كمما تداكلت في المسائؿ المتعمقة بالنقد أك القرض أك
المسائؿ التي يمكف أف تنعكس عمى الكضع النقدم.
أسند األمر 11/03المتعمؽ بالنقد كالقرض ،المعدؿ كالمتمـ مياـ الرقابة عمى البنكؾ
كالمؤسسات المالية إلى ىيئات ليا دكر في تدعيـ النظاـ البنكي كالمالي:
-1المجنة المصرفية :أسست المجنة المصرفية بمكجب المادة 143مف القانكف 10/90
المتعمؽ بالنقد كالقرض ،كرغـ إلغاء القانكف 10/90باألمر 11/03المتعمؽ بالنقد كالقرض
إال أنو أبقى عمى كجكد ىذه المجنة بمكجب نص المادة ،105الذم اعترؼ لمجنة المصرفية
باختصاصات ضبط كاسعة في المجاالت المرتبطة بيا ،ككذلؾ بسمطات كاسعة فيما يخص
تكقيع العقكبات في حالة مخالفة القكانيف كاألنظمة التي تحدد قكاعد السير الحسف لممينة.1
-المحافظ ،رئيسا.
1
ZOUAIMIA Rachid, les autorités de régulation indépendantes dans le secteur financier en
Algérie, édition Houma, Alger, 2005, p46.
المادة 010مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 2
208
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-قا ضياف ينتدب األكؿ مف المحكمة العميا كيختاره رئيسيا األكؿ كينتدب الثاني مف مجمس
الدكلة كيختاره رئيس المجمس ،بعد استشارة المجمس األعمى لمقضاء.
-ممثؿ عف مجمس المحاسبة يختاره رئيس ىذا المجمس مف بيف المستشاريف األكليف.
كيتـ تعييف أعضاء المجنة المصرفية مف طرؼ رئيس الجميكرية لعيدة مدتيا خمس
سنكات 1بمكجب مرسكـ رئاسي ،كتطبؽ عمى رئيس المجنة المصرفية كأعضاؤىا أحكاـ المادة
25مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،إذ ال يجكز ليـ أف يفشكا بصفة مباشرة أك غير
مباشرة ،كقائع أك معمكمات اطمعكا عمييا في إطار عيدتيـ ،كذلؾ دكف المساس بااللتزامات
المفركضة عمييـ بمكجب القانكف ،كما عدا الحاالت التي يدعكف فييا لئلدالء بشيادة في
دعكل جزائية.2
أ -الطبيعة القانونية لمجنة المصرفية :إف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ مثمو مثؿ سابقو ،لـ
يشر صراحة في ظؿ أحكامو إلى الطبيعة القانكنية لمجنة المصرفية ،إف كانت ذات طبيعة
إدارية أـ قضائية.3
كيعتبر األستاذ رشيد زكايمية المجنة المصرفية سمطة إدارية مستقمة ،ذلؾ أف اليدؼ
مف إنشاء ىذه الييئات ىك الحفاظ عمى تطبيؽ القانكف في مجاؿ االختصاص المحدد ليا
إلى جانب أف األعماؿ الصادرة عنيا بمثابة أعماؿ اإلدارة ،فالق اررات النافدة مف صبلحيات
لـ يبيف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،إف كانت العيدة قابمة لمتجديد أـ ال ،كذلؾ عمى خبلؼ القانكف 01/21المتعمؽ 1
بالنقد كالقرض (الممغى) الذم نصت المادة 055عمى إمكانية تجديد عيدة أعضاء المجنة المصرفية .
الفقرة 3مف المادة 010مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،نفس المرجع. 2
اعتبر المشرع الفرنسي المجنة المصرفية الفرنسية ىيئة قضائية عندما تقضي بتطبيؽ العقكبات التأديبية ،بمكجب المادة 3
0/53مف قانكف النقد الفرنسي ،كفي نفس الكقت ىيئة إدارية ،حيث تؤدم مصمحة عمكمية .أنظر :فضيمة ممياؽ ،مرجع
سابؽ ،ص022؛
- DIB Said, la nature du contrôle juridictionnel des actes de la commission bancaire en
Algérie, Revue banque et Droit, n°80, novembre-décembre, 2001, p21.
209
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
السمطة العامة تقميديا معترؼ بيا لمسمطات اإلدارية ، 1فينتقد بذلؾ الرأم القائؿ بإضفاء
الطابع القضائي عمى المجنة المصرفية عمى النحك التالي:2
-حضكر قاضييف ضمف تشكيمة المجنة المصرفية ال يعتبر دليبل قاطعا عمى الطابع
القضائي ،ذلؾ أف بعض السمطات اإلدارية المستقمة تضـ قضاة دكف أف تستفيد مف التكييؼ
القضائي كما ىك الحاؿ بالنسبة لمجنة تنظيـ كمراقبة عمميات البكرصة.
-فيما يخص إجراء المكاجية كدليؿ عمى الطابع القضائي ،يرل أف مثؿ ىذه القاعدة لـ تنتج
عف تطبيؽ نص تشريعي بؿ عف النظاـ الداخمي الذم تصدره المجنة نفسيا.
-التسبيب ال يقتصر فقط عمى القضاء ،فرغـ أف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ (كقبمو
القانكف ) 10/90لـ يشر إلى مسألة تسبيب المجنة المصرفية لق ارراتيا ،حيث تعتمد ىذه
األخيرة عمى نظاميا الداخمي ،غير أنيا ممزمة بذلؾ باعتبار أف الق اررات الفردية تمس بحقكؽ
األفراد.
-إف استبداؿ مصطمح الطعف اإلدارم بمصطمح الطعف القضائي ال يضيؼ شيئا فيما
يخص تكييؼ المجنة المصرفية ،فالطعف بسبب التعسؼ في استعماؿ السمطة كالمكجو ضد
الييئات اإلدارية يعتبر طعف قضائي عمى غرار الطعف بالنقض ضد قرار نيائي صادر عف
ىيئة قضائية .فيذا المصطمح يؤكد عمى أف الطعف يككف أماـ الييئات القضائية بمعنى أنو
ال مجاؿ لمتظمـ.
-أخي ار فيما يخص تكييؼ المجنة المصرفية كييئة إدارية يقكدنا إلى إقصاء اإلجراءات
اإلدارية مف مجاؿ المنازعات ،أمر غير معقكؿ حيث انو كطبقا لمدستكر فإف القضاء ينظر
في الطعف في ق اررات السمطات اإلدارية.
أما مجمس الدكلة الجزائرم ،فقد اعتمد معيار قابمية الق اررات لمطعف باإللغاء في قضية
" " union bankفي تكييفو لمجنة المصرفية ،أيف تكصؿ في القرار الصادر عنو إلى اعتبار
1
ZOUAIMIA Rachid, Op.Cit, p14.
2
Ibid, pp 51-55.
210
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ىذه األخيرة سمطة إدارية مستقمة ،1رغـ غياب أم نص صريح ضمف قانكف النقد كالقرض
يجيز الطعف باإللغاء في الق اررات الصادرة عف المجنة المصرفية ،كما أنيا ال تتمتع
باالستقبللية كالشخصية المعنكية.
في األخير ،يمكننا القكؿ أف تكييؼ المجنة المصرفية كسمطة إدارية أقرب إلى
الصكاب ذلؾ أف الييئات القضائية ال تمثؿ أماـ ىيئات قضائية أخرل لتبرير أحكاميا ،2كما
أف المجنة المصرفية ال تصدر أحكاميا باسـ الشعب.3
ب -مجال رقابة المجنة المصرفية :نصت المادة 105مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ
عمى أف المجنة المصرفية تكمؼ بمراقبة مدل احتراـ البنكؾ كالمؤسسات المالية لؤلحكاـ
التشريعية كالتنظيمية المطبقة عمييا ،كبفحص شركط استغبلليا كالسير عمى نكعية
كضعياتيا المالية كالمعاقبة عمى االختبلالت التي تتـ معاينتيا.
كما تعايف عند االقتضاء المخالفات التي يرتكبيا أشخاص يمارسكف نشاط البنؾ أك
المؤسسة المالية دكف أف يتـ اعتمادىـ ،كتطبؽ عمييـ العقكبات التأديبية المنصكص عمييا
في ىذا األمر دكف المساس بالمبلحقات األخرل ،الجزائية كالمدنية.
كيمكف المجنة المصرفية تكسيع تحرياتيا إلى المساىمات كالعبلقات المالية بيف
األشخاص المعنكييف الذيف يسيطركف بصفة مباشرة أك غير مباشرة عمى بنؾ أك مؤسسة
قرار مجمس الدكلة رقـ ،3032مؤرخ في 13مايك 3111بيف يكنيف بنؾ كبنؾ الجزائر ،الذم جاء فيو" :حيث أنو مف 1
الثابت أف القرار المطعكف فيو يذكر أف رئيسيا صرح قبؿ مناقشة المكضكع أنيا تشكؿ جية قضائية مختصة ،حيث أف
الجيات القضائية تفصؿ بيف األطراؼ في حيف أف المجنة المصرفية تشكؿ ىيئة رقابية كىيئة مينية...
حيث أنو مف جية أخ رل فإف اإلجراءات المطبقة أماـ الجيات القضائية تحدد عف طريؽ القانكف ،في حيف أف أغمبية
اإلجراءات المطبقة أماـ المجنة المصرفية قد تـ تحديدىا عف طريؽ نظاـ داخمي ،حيث أنو في األخير ،كما استقر عميو
الفقو ،المجنة المصرفية تشكؿ سمطة إدارية مستقمة" (غير منشكر).
نصت المادة 051مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،عمى أنو" :يمكف المحافظ أف يككف طرفا مدنيا ،بحكـ صفتو ،في 2
أم إجراء.
يمكف المحكمة في جميع مراحؿ المحاكمة ،أف تطمب مف المجنة المصرفية كؿ رأم ككؿ معمكمة مفيدة".
نصت المادة 052مف الدستكر عمى أنو" :يصدر القضاء أحكامو باسـ الشعب". 3
211
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
مالية كالى الفركع التابعة ليما ،1كيمكف تكسيع مراقبة المجنة المصرفية في إطار اتفاقيات
دكلية إلى فركع الشركات الجزائرية في الخارج.2
كتمجأ المجنة المصرفية لمقياـ بمياميا في إطار الرقابة عمى نشاط البنكؾ كالمؤسسات
المالية إلى نكعيف مف التحقيؽ ىما:3
الرقابة عمى الوثائق والمستندات) :(le contrôle sur pièceخكؿ األمر 11/03
المتعمؽ بالنقد كالقرض المجنة المصرفية سمطة مراقبة البنكؾ كالمؤسسات المالية بناء عمى
الكثائؽ كالمستندات قصد التحقؽ مف االحتراـ الظاىر لمتشريعات كاألنظمة السارية المفعكؿ،
ككذا مدل احتراـ قكاعد الحيطة كالحذر في التسيير لمبنكؾ كالمؤسسات المالية الخاضعة
لرقابتيا ،مف أجؿ البحث عف مدل كجكد اختبلالت في التكازف المالي مف عدمو.
كقد منح المشرع الجزائرم المجنة المصرفية ميمة تنظيـ برنامج عمميات المراقبة التي
تقكـ بيا ،كتحديد قائمة الكثائؽ كالمستندات كمدة تسميميا ،كما خكؿ ليا أف تطمب مف البنكؾ
كالمؤسسات المالية جميع المعمكمات كاإليضاحات كاإلثباتات البلزمة لممارسة مياميا.4
-الرقابة في عين المكان ( :)Le contrôle sur placeبناء عمى نتائج الرقابة عمى
الكثائؽ كالمستندات ،قد تبلحظ المجنة ضركرة االنتقاؿ إلى عيف المكاف مف أجؿ معاينتيا
كالتأكد مف صحة المعمكمات التي بمغت بيا ،أك حتى بمبادرة منيا متى رأت ذلؾ ضركريا.
كقد خكؿ األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،المتعمؽ بالنقد كالقرض المجنة المصرفية
سمطة مراقبة البنكؾ كالمؤسسات المالية في عيف المكاف ،كما يمكف لبنؾ الجزائر أف يقكـ
بإجراء التفتيش لحساب المجنة المصرفية ،كيمكف ليذه األخيرة أف تأمر أم شخص يقع عميو
اختيارىا القياـ بيذه الرقابة.
الفقرة األكلى مف المادة 001مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 1
212
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كتدعيما ليذا الدكر ،جاءت قكانيف خاصة تكرس دكر المجنة المصرفية في معاينة
الجرائـ مف خبلؿ أعكاف بنؾ الجزائر ،فنجد القانكف 22/96المتعمؽ بمخالفة التشريع
كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى الخارج ،المعدؿ كالمتمـ ،قد
نص عمى مساىمة ىؤالء األعكاف في التقصي عف الجرائـ عف طريؽ المعاينة كتقديـ
المعمكمات ،1كما أف القانكف 01/05المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمكافحتيما نص صراحة عمى الدكر المباشر الذم تطمع بو المجنة المصرفية في الرقابة
عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية مف خبلؿ التقرير السرم الذم يعده مفتشك بنؾ الجزائر
المفكضيف مف قبؿ المجنة المصرفية في إطار المراقبة في عيف المكاف.2
كما يمكف المجنة المصرفية ممارسة الرقابة عمى تقارير كأعماؿ محافظك حسابات
البنكؾ كالمؤسسات المالية التي يمكنيا أف تسمط عمييـ المنصكص عمييا في المادة 102
مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ.
كقد أقر قانكف النقد كالقرض مبدأ جكىرم يعزز دكر المجنة في مجاؿ الرقابة عمى
البنكؾ كالمؤسسات المالية يتمثؿ في عدـ التمسؾ بالسر الميني في مكاجيتيا.3
ج -التدابير والعقوبات الصادرة عن المجنة المصرفية :تبعا لنتائج التحقيؽ حسب الكثائؽ
كالمستندات كفي مراكز البنكؾ كالمؤسسات المالية كمدل احتراـ ىذه األخيرة لقكاعد الحيطة
كالحذر في التسيير ،قد تبلحظ المجنة المصرفية كجكد مخالفات لؤلحكاـ القانكنية كالتنظيمية
المتعمقة بممارسة النشاط المصرفي كأخبلقيات المينة ،أك التدابير التي يفرضيا بنؾ الجزائر
بمقتضى صبلحياتو القانكنية أك تقديـ بيانات كمعمكمات خاطئة أك ناقصة كغير مطابقة
لمحقيقة ،فإف المجنة المصرفية كفي إطار صبلحياتيا الرقابية كالتأديبية تقكـ باتخاذ التدابير
البلزمة ل مكاجية أية مخالفات تكتشفيا مف خبلؿ رقابتيا المستندية كالميدانية لمبنكؾ
كالمؤسسات المالية.4
213
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
التدابير واإلجراءات اإلدارية :طبقا لممكاد 113 ،112 ،111ك 115مف األمر 11/03
المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض ،إذا أخمت البنكؾ كالمؤسسات المالية بقكاعد حسف
سير المينة المصرفية تقكـ المجنة المصرفية باتخاذ تدابير كاجراءات إدارية كىي كقائية
غرضيا ضماف حسف سير البنكؾ كالمؤسسات المالية كحماية أمكاؿ المكدعيف مف جية كمف
جية أخرل حماية النظاـ المالي بشكؿ عاـ ،فيي ال تيدؼ إلى تكقيع العقاب بؿ ىي
إجراءات تيدؼ إلى التصحيح كالنيكض بكضعية البنؾ أك المؤسسة المالية.1
-تكجيو المجنة المصرفية تحذي ار ألحد البنكؾ أك المؤسسات المالية الخاضعة لرقابتيا إذا
أخمت بقكاعد السير الحسف لممينة المصرفية ،كذلؾ بعد إتاحة الفرصة لمسيرم ىذه المؤسسة
بتقديـ تفسيراتيـ طبقا لممادة 111مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى ما
يمي" :إذا أخمت إحدل المؤسسات الخاضعة لرقابة المجنة بقكاعد حسف سير المينة ،يمكف
المجنة أف تكجو ليا تحذيرا ،بعد إتاحة الفرصة لمسيرم ىذه المؤسسة لتقديـ تفسيراتيـ".2
كاذا لـ ي ارع ىذا التحذير مف قبؿ البنؾ أك المؤسسة المالية يمكف المجنة المصرفية
اتخاذ العقكبات المنصكص عمييا في المادة 114مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ.3
-تقديـ األكامر لمبنؾ أك المؤسسة المالية عندما تبرر كضعيتو المالية ذلؾ ،كفي ىذا اإلطار
كطبؽ لممادة 112مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ يمكف لمجنة المصرفية أف تدعك أم
بنؾ التخاذ ضمف ميمة معينة جميع التدابير التي مف شأنيا أف تعيد أك تدعـ تكازنو المالي
أك تصحح األساليب اإلدارية المطبقة في التسيير.4
بف لطرش منى" ،السمطات اإلدارية المستقمة في المجاؿ المصرفي :كجو جديد لدكر الدكلة" ،مجمة إدارة ،العدد،35 1
،3113ص.08
لكف مف خبلؿ ىذه المادة نبلحظ أف العبارة الكاردة فييا 'قكاعد حسف سير المينة' نطاقيا كاسع جدا ،فإف المجنة المصرفية 2
تتمتع بسمطة كاسعة في ىذا المجاؿ لتقدير ىذا النطاؽ لقمع كؿ الممارسات المخمة بقكاعد حسف سير المينة المصرفية.
أنظر المادة 005مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 3
أعطى المشرع الجزائرم الفرصة لممساىميف لتحسيف تسيير الكضعية المالية مف خبلؿ دعكة محافظ بنؾ الجزائر 4
المساىميف الرئيسييف في البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية لتقديـ الدعـ الضركرم مف حيث المكارد المالية .أنظر :المادة
22مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ.
214
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا ،فطبقا لممادة 113مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،يمكف
لمجنة المصرفية أف تعيف قائـ باإلدارة مؤقتا تخكؿ لو الصبلحيات البلزمة إلدارة كتسيير
البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية أك فركعيا في الجزائر بما في ذلؾ حؽ إعبلف التكقؼ عف
الدفع.
كما يمكف أف يتـ تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا بناء عمى طمب مف مسيرم البنؾ أك
المؤسسة المالية المعنية ،عندما يركا بأنيـ لـ يعد باستطاعتيـ أف يمارسكا مياميـ بشكؿ
عادم كعدـ قدرتيـ عمى استرداد ديكنيـ ،كاما مباشرة مف قبؿ المجنة المصرفية 1عندما تتيقف
أنو لـ يعد باإلمكاف إدارة البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية في ظركؼ عادية أك عندما تقرر
ذل ؾ إحدل العقكبات التأديبية المنصكص عمييا في الفقرتيف الرابعة كالخامسة مف المادة
114مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد كالقرض كالمتمثمة في:
-التكقيؼ المؤقت لمسير أك أكثر مع تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا أك عدـ تعيينو.
-إنياء مياـ شخص أك أكثر مف ىؤالء األشخاص مع تعييف قائـ باإلدارة مؤقتا أك عدـ
تعيينو.
-تعييف مصفي ،فحسب المادة 115مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ فإنو يصبح قيد
التصفية كؿ بنؾ أك مؤسسة مالية خاضعة لمقانكف الجزائرم تقرر سحب االعتماد منيا ،ككذا
كؿ فرع بنؾ كمؤسسة مالية أجنبية عاممة في الجزائر تـ سحب االعتماد منيا.
كيمكف لمجنة المصرفية أف تضع قيد التصفية كتعيف مصفيا لكؿ مؤسسة تمارس
بطريقة غير قانكنية العمميات المخكلة لممؤسسات المصرفية ،أك التي تخؿ بإحدل الممنكعات
المنصكص عمييا في المادة 81مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض.
تـ اتخاذ إجراء تعييف مدير مؤقت ضد بنؾ الخميفة ،حيث قررت المجنة المصرفية بتاريخ 10مارس ،3118كضع ىذا 1
البنؾ تحت اإلدارة المؤقتة كتعييف السيد "محمد جبلب" كمدير مؤقت خكلت لو الصبلحيات البلزمة باعتباره رئيس أعماؿ
البنؾ المعني ،يحؽ لو إعبلف التكقؼ عف الدفع إذا اقتضى األمر ذلؾ.
-Banque d’Algérie, rapport 2003, Evaluation économique et monétaire en Algérie, Avril
2004, p85.
215
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
اإلجراءات التأديبية :تتمتع المجنة المصرفية بصبلحيات كاسعة في تكقيع العقكبات عمى
البنكؾ كالمؤسسات المالية التي ال تتقيد في نشاطيا باألحكاـ التشريعية كالتنظيمية ،أك لـ
تستجيب ألمر ككذا في حالة تجاىميا لمتحذير المكجو ليا.
كفي إطار العقكبات التأديبية يخكؿ قانكف النقد كالقرض المجنة المصرفية سمطة
سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية إذا ما عاينت أثناء قياميا بالرقابة كجكد
مخالفة تستدعي سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية.1
كفضبل عف ذلؾ ،يمكف المجنة المصرفية أف تقضي إما بدال عف العقكبات السابقة
الذكر كاما إضافة إلييا بعقكبة مالية ال تتجاكز بأم حاؿ مف األحكاؿ الرأس ماؿ األدنى
المطمكب تكافره لدل البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية ،كتقكـ الخزينة العمكمية بتحصيؿ ىذا
المبمغ الذم يدخؿ في ميزانية الدكلة.2
مف خبلؿ ما سبؽ ذكره حكؿ العقكبات التأديبية الصادرة عف المجنة المصرفية الكاردة
في المادة 114مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ ،نبلحظ أف ىذه العقكبات لـ تقترف
بطبيعة المخالفة المرتكبة مف طرؼ البنؾ أك المؤسسة المالية كبالتالي فإف المجنة المصرفية
ليا كامؿ السمطة في تكقيع العقكبات ككذا الحاؿ بالنسبة الستبداؿ العقكبات التأديبية
تتكزع صبلحية سحب االعتماد مف البنؾ أك المؤسسة المالية المعنية بيف مجمس النقد كالقرض كالمجنة المصرفية ،ككاف 1
مف األفضؿ تكحيد مصدر سحب االعتماد سكاء تعمؽ األمر بعدـ تكفر شركط اعتماد البنؾ أك المؤسسة المالية(المادة 25
مف األمر ،)00/18أك نتيجة اإلخبلؿ باألحكاـ التشريعية كالتنظيمية المتعمقة بممارسة النشاط المصرفي.
المادة 005مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 2
216
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
بالعقكبات المالية أك باإلضافة إلييا ،ففي كؿ الحاالت لـ يحدد القانكف طبيعة المخالفة كيبقى
عمى عاتؽ أعضاء المجنة تحديد العقكبات المناسبة بحسب طبيعة المخالفة المرتكبة.
-2المصالح المشتركة لبنك الجزائر :تمثؿ المصالح المشتركة لبنؾ الجزائر الدعـ الحقيقي
لمبنكؾ كالمؤسسات المالية بالمعمكمات ،كتعتبر ككسيمة لمرقابة كتقدير أعماليا كتحقيؽ السير
الحسف لمجياز المصرفي.
أ -مركزية المخاطر ( :)la centrale des risquesتـ إنشاء مركزية المخاطر بمكجب
المادة 160مف القانكف 10/90المتعمؽ بالنقد كالقرض التي تقابميا المادة 98مف األمر
11/03المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ بالنقد كالقرض ،التي نصت عمى أنو" :ينظـ بنؾ الجزائر
كيسير مصمحة لمركزة المخاطر تدعى "مركزية المخاطر" تكمؼ يجمع أسماء المستفيديف مف
القركض كطبيعة القركض الممنكحة كسقفيا كالمبالغ المسحكبة كالضمانات المعطاة لكؿ
قرض مف جميع البنكؾ كالمؤسسات المالية.
يتعيف عمى جميع البنكؾ كالمؤسسات المالية االنخراط في مركزية المخاطر ،كيجب أف تزكد
مركزية المخاطر ،بالمعمكمات المذككرة في الفقرة األكلى مف ىذه المادة ."...
كتمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية باالنخراط في ىذه المصمحة كتحترـ قكاعد عمميا
احتراما دقيقا طبقا لممادة 03مف النظاـ رقـ 01/92المؤرخ في 22مارس 1992
المتضمف تنظيـ مركزية األخطار كعمميا ،كقد تمى ىذا النظاـ صدكر التعميمة رقـ 70/92
المؤرخة في 24نكفمبر 1992التي نصت المادة 15منيا عمى كيفية تنظيـ كتمكيؿ
مركزية المخاطر.1
1
Banque d’Algérie, Instruction 92/70 du 24 novembre 1992 relative à la centralisation des
risques bancaires et des opérations des crédit-bail.
217
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-تركيز المعمكمات المرتبطة بالقركض ذات المخاطر في مصمحة كاحدة ببنؾ الجزائر مما
يسمح بتسيير أفضؿ لسياسة القرض.
-مراقبة كمتابعة نشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية ،كمعرفة مدل العمؿ الذم تقكـ بو في
مجاؿ الخضكع لمعايير كقكاعد العمؿ التي يحددىا بنؾ الجزائر.
-منح البنكؾ كالمؤسسات المالية فرصة المفاضمة بيف القركض المتاحة بناء عمى معطيات
سميمة نسبيا.
إف دكر مركزية المخاطر ال يتكقؼ عند عممية جمع المعمكمات الخاصة بالقركض
عمى مستكل التراب الكطني ،كاالستعانة بيذه المعمكمات في كضع برامج كتسطير أىداؼ
تساعد في تكجيو السياسة النقدية فحسب ،بؿ يمتد لممساىمة بقسط كبير في جمع المعمكمات
التي يمكف استخداميا في كقاية النظاـ المالي مف جريمة تبييض األمكاؿ.2
ب -مركزية المستحقات غير المدفوعة ( :)La centrale des impayésتـ إنشاء مركزية
المستحقات غير المدفكعة بمكجب النظاـ 02/92المؤرخ في 22مارس 1992المتضمف
تنظيـ مركزية المبالغ غير المدفكعة كعمميا ،3حيث نصت المادة األكلى منو عمى إحداث
ضمف ىياكؿ بنؾ الجزائر مركزية المبالغ غير المدفكعة ينظـ إلييا الكسطاء كالمالييف
المتمثميف في كؿ مف البنكؾ كالمؤسسات المالية كالخزينة العامة كالمصالح المالية التابعة
لطرش الطاىر ،مكانة السياسة النقدية كدكرىا في المرحمة االنتقالية إلى اقتصاد السكؽ ،رسالة دكتكراه في عمكـ التسيير، 1
النظاـ رقـ 13/23المؤرخ في 33مارس ،0223يتضمف تنظيـ مركزية المبالغ غير المدفكعة كعمميا ،ج.ر.ج.ج، 3
218
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
لمبريد كالمكاصبلت كأم مؤسسة أخرل تضع تحت تصرؼ الزبائف كسائؿ الدفع كتتكلى
تسييرىا.1
كتظير أىمية مركزية المستحقات غير المدفكعة في الدكر الياـ الذم تمعبو في
ممارستيا لكظائفيا بالنسبة لكؿ كسيمة دفع ك/أك قرض مف حيث:
-تنظيـ فيرس مركزم لعكائؽ الدفع كما قد يترتب عمييا مف متابعات ،ثـ تسيير ىذا الفيرس
كتنظيمو.
-تبميغ الكسطاء المالييف ككؿ سمطة أخرل معنية دكريا قائمة عكائؽ الدفع زما قد بترتب
عمييا مف متابعات.
كتعمؿ ىذه المصمحة بالتنسيؽ مع المجنة المصرفية ،باعتبار أف ليذه األخيرة جميع
الصبلحيات في الحصكؿ عمى المعمكمات التي تصؿ إلى ىذه المصمحة ،كالنظر فيما تتخذه
بشأف أم مخالفة مف النظاـ الخاص بمركزية المستحقات غير المدفكعة.
ج -مركزية مكافحة إصدار الشيكات بدون رصيد :تـ إنشاء مركزية مكافحة إصدار
الشيكات بدكف رصيد بمكجب النظاـ رقـ 03/92المؤرخ في 22مارس ،1992كيعمؿ ىذا
الجياز عمى تجميع كمركزة المعمكمات المتعمقة بعكارض دفع الشيكات لعدـ كجكد رصيد أك
عدـ كفايتو ،كالقياـ بتبميغ ىذه المعمكمات إلى الكسطاء المالييف المعنييف بما فييـ البنكؾ
كالمؤسسات المالية بغرض االطبلع عمييا كاستغبلليا السيما عند تسميـ دفتر الشيكات األكؿ
لزبائنيـ.2
كما أصدر بنؾ الجزائر النظاـ رقـ 01/08المتعمؽ بترتيبات الكقاية مف إصدار
الشيكات بدكف رصيد كمكافحتيا ،المعدؿ كالمتمـ بالنظاـ رقـ 07/11المؤرخ في 19أكتكبر
،2011حيث نصت المادة 11منو عمى ضركرة أف يبمغ بنؾ الجزائر بانتظاـ البنكؾ
كالخ زينة العمكمية كالمصالح المالية لبريد الجزائر القائمة المحينة لمممنكعيف مف استعماؿ
دفتر الشيكات.
219
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
د -مركزية الموازنات ( :)la centrale des bilansتـ إنشاء مركزية المكازنات بتاريخ
03يكنيك ،1996كىي عبارة عف نظاـ جمع كتبادؿ المعمكمات حكؿ الكضعية المالية لمبنكؾ
كالمؤسسات المالية ،كذلؾ لتسييؿ اتخاذ الق اررات المالية عف طريؽ فحص جداكؿ المكارد
كاالستخدامات الخاصة بالبنؾ كاالطبلع عمى حالتيا.
كتتمثؿ مياـ مركزية المكازنات في مراقبة تكزيع القركض التي تمنحيا البنكؾ
كالمؤسسات المالية قصد تعميـ استعماؿ طرؽ مكحدة في التحميؿ المالي الخاص بالمؤسسات
ضمف النظاـ المصرفي.
كيساىـ الدكر الذم تؤديو مركزية المكازنات في الكقاية مف تبييض األمكاؿ ،السيما
مف خبلؿ متابعتيا لنشاط البنكؾ كالمؤسسات المالية كمختمؼ المؤسسات القطاعية األخرل
المتصمة بيا.
ه -المديرية العامة لممفتشية العامة لبنك الجزائر تتمثؿ ميمة المديرية العامة لممفتشية
العامة لبنؾ الجزائر في القياـ نيابة عف المجنة المصرفية بالرقابة عمى البنكؾ كالمؤسسات
المالية الخاضعة لبنؾ الجزائر ،كتعمؿ المفتشية العامة تحت سمطة األميف العاـ لبنؾ
الجزائر .كتتككف المفتشية العامة مف:
المفتشية الداخمية :كتتمثؿ الميمة الرئيسية لممفتشية الداخمية في مراجعة كمراقبة كؿ أنشطة
كعمميات ىياكؿ بنؾ الجزائر مف جية ،كمراقبة العمميات المصرفية كالمالية لمبنكؾ
كالمؤسسات المالية مف جية أخرل.
المفتشية الخارجية :تمثؿ المفتشية الخارجية ىيكؿ بنؾ الجزائر المكمؼ بتنظيـ الرقابة
المستندية كممارسة الرقابة الميدانية ،كذلؾ لحساب المجنة المصرفية.
كقد خضع معظـ العامميف في المفتشية العامة لبنؾ الجزائر لمعديد مف الدكرات
التككينية الخاصة بمكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب في الفترة الممتدة مف 2005إلى
،2009حيث تمت دعكة خبراء مف البنكؾ المركزية كالبنؾ الدكلي إلنجاز ىذا التككيف.1
تقرير التقييـ المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا حكؿ مكافحة غسؿ األمكاؿ كتمكيؿ 1
220
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-3محافظو الحسابات :1تمتزـ البنكؾ كالمؤسسات المالية كفركع البنكؾ األجنبية بتعييف
محافظيف اثنيف لمحسابات عمى األقؿ ، 2كيخضعاف لرقابة المجنة المصرفية التي يمكنيا
تسميط العقكبات عمى محافظ الحسابات دكف اإلخبلؿ بالمبلحقات التأديبية كالجزائية:3
-التكبيخ.
كتتمثؿ ميمة محافظ الحسابات في التحقؽ مف الدفاتر كاألكراؽ المالية كفي مراقبة
انتظاـ حسابات الشركة كصحتيا ،كما يدقؽ في صحة المعمكمات المقدمة في تقرير مجمس
اإلدارة أك مجمس المديريف حسب الحالة كفي الكثائؽ المرسمة إلى المساىميف حكؿ الكضعية
المالية لمشركة كحساباتيا ،كيجكز لو االطبلع في أم كقت كفي عيف المكاف عمى السجبلت
المحاسبية كالمكازنات كالمراسبلت كالمحاضر كأف يقكـ بالتفتيشات التي يراىا مناسبة.4
كما يتعيف عمى محافظي حسابات البنكؾ كالمؤسسات المالية ،زيادة عمى التزاماتيـ
القانكنية القياـ بالمياـ التالية:5
-إعبلـ محافظ بنؾ الجزائر فك ار بكؿ مخالفة ترتكبيا المؤسسة الخاضعة لرقابتيـ طبقا
ألحكاـ قانكف النقد كالقرض كالنصكص التنظيمية المتخذة بمكجب أحكامو.
-أف يقدمكا لمحافظ بنؾ الجزائر تقري ار خاصا حكؿ المراقبة التي قامكا بيا في أجؿ أربعة
أشير ابتداء مف تاريخ قفؿ كؿ السنة المالية.
أنظر المرسكـ التنفيذم 81/00المؤرخ في 30يناير ،3100يحدد شركط ككيفيات االعتماد لممارسة مينة الخبير 1
المحاسب كمحافظ الحسابات كالمحاسب المعتمد ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،0صادر في 3فب ارير .3100
المادة 011مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 2
المادة 005مف األمر 52/05المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ؛ المادة 80مف القانكف 10/01المؤرخ في 32جكاف 3101 4
يتعمؽ بمينة الخبير المحاسب كمحافظ الحسابات كالمحاسب المعتمد ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،53صادر في 00يكليك .3101
المادة 010مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 5
221
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-أف يقدمكا لمجمعية العامة خاصا حكؿ منح المؤسسة أية تسييبلت ألحد األشخاص
المعنكييف أك الطبيعييف المذككريف في المادة 104مف قانكف النقد كالقرض .1كفيما يخص
فركع البنكؾ كالمؤسسات المالية األجنبية فيقدـ ىذا التقرير لممثمييا في الجزائر.
-أف يرسمكا إلى محافظ بنؾ الجزائر نسخة مف تقاريرىـ المكجية لمجمعية العامة لممؤسسة.
مف جية أخرل ،فقد ألزـ النظاـ رقـ 03/12المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ
كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما محافظك الحسابات بتقييـ مطابقة اإلجراءات الداخمية الخاصة
بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما ،لكؿ مف المصارؼ كالمؤسسات
المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر مقارنة مع الممارسات المطابقة لممعايير كممارسات
الحذر السارية المفعكؿ كارساؿ تقرير سنكم إلى المجنة المصرفية.
-4لجنة تنظيم عمميات البورصة ومراقبتيا ( :)COSOBتـ إنشاء لجنة تنظيـ كمراقبة
عمميات البكرصة قصد حماية االدخار المستثمر في القيـ المنقكلة كالسير الحسف لمسكؽ
كشفافيتيا .فقد منح المشرع الجزائرم لمجنة بمكجب أحكاـ المرسكـ التشريعي 10/93المؤرخ
في 23مايك 1993كالمتعمؽ ببكرصة القيـ المنقكلة ،المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 04/03
المؤرخ في 17فيفرم 2003لمجنة سمطة تنظيـ سكؽ القيـ المنقكلة 2عف طريؽ سف أنظمة
كما خكليا سمطة الرقابة كالمراقبة مف أجؿ احتراـ التنظيـ السارم المفعكؿ ،كتعتبر بذلؾ
المجنة "سمطة السكؽ".3
نصت المادة 015مف األمر 00/18المعدؿ كالمتمـ عمى" :يمنع عمى كؿ بنؾ أك مؤسسة مالية أف تمنح قركضا 1
لمسيرييا كلممساىميف فييا أك لممؤسسات التابعة لمجمكعة البنؾ أك المؤسسة المالية ...ككذلؾ األمر بالنسبة ألزكاج
المسيريف كالمساىميف كأقاربيـ مف الدرجة األكلى".
القيـ المنقكلة ىي سند مالي قابؿ لمتداكؿ يصدره كياف قانكني(شركة ،ىيئة عمكمية أك خاصة )... ،يرغب في الحصكؿ 2
عمى تمكيؿ يكجو إلنجاز مشاريع استثمارية .أنظر :لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا ،االستعبلـ عف القيـ المنقكلة،
،3115ص .13متاح عمى المكقع www.cosob.org
آيت مكلكد فاتح ،حماية االدخار المستثمر في القيـ المنقكلة في القانكف الجزائرم ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،جامعة تيزم 3
222
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كتمارس لجنة تنظيـ كمراقبة عمميات البكرصة رقابتيا عمى األعكاف االقتصادييف قبؿ
دخكليـ في السكؽ المالية عف طريؽ إجراء االعتماد المسبؽ .1كما تمارس رقابة الحقة عمى
المتدخميف في السكؽ قصد التحقؽ مف مدل التزاميـ بالنصكص القانكنية كالقكاعد التنظيمية
التي تحكـ نشاطيـ ،ككذا احتراميـ لحدكد اعتمادىـ كاللتزاماتيـ تجاه المجنة كتجاه الزبائف.2
كنزكال عند مقتضيات المادة 06مف المرسكـ التشريعي رقـ 10/93المعدؿ كالمتمـ
يمكف أف يككف الكسطاء في عمميات البكرصة بنككا أك مؤسسات مالية معتمدة مف قبؿ
مجمس النقد كالقرض ،كالتي تمارس النشاط المصرفي كنشاط أصمي كتمارس الكساطة في
سكؽ القيـ المنقكلة كنشاط تبعي بعد الحصكؿ عمى اعتماد لجنة تنظيـ عمميات البكرصة
كمراقبتيا.3
كيجب عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية عندما تمارس نشاط الكسيط في عمميات
البكرصة باعتباره نشاطا مكمبل لمنشاط المصرفي 4احتراـ القكاعد التشريعية كالتنظيمية كتككف
الغرفة التأديبية 5مختصة بدراسة أم إخبلؿ بالكاجبات المينية كأخبلقيات المينة مف جانب
الكسطاء في عمميات البكرصة ،ككؿ مخالفة لؤلحكاـ التشريعية كالتنظيمية المطبقة عمييـ.6
كما يجكز لرئيس لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا في حالة كقكع عمؿ يخالؼ
األحكاـ التشريعية أك التنظيمية ،كمف شأنو إلحاؽ الضرر بحقكؽ المستثمريف في القيـ
خكؿ المرسكـ التشريعي 01/28المعدؿ كالمتمـ المجنة صبلحية تحديد الشركط التي يجب أف تتكفر في كؿ مف يرغب 1
في الحصكؿ عمى اعتماد المجنة حيث نصت المادة 12عمى" :تعتمد لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا ،الكسطاء في
عمميات البكرصة حسب الشركط التي تحددىا البلئحة المذككرة في المادة 80مف المرسكـ التشريعي رقـ ."... 01/28
حمميؿ نكرة ،النظاـ القانكني لمسكؽ المالية الجزائرية ،رسالة دكتكراه في الحقكؽ ،جامعة تيزم كزك ،الجزائر ،ص.35 2
نصت المادة 03مف األمر 00/18المتعمؽ بالنقد كالقرض عمى أنو" :يمكف لمبنكؾ كالمؤسسات المالية أف تجرم جميع 4
العمميات ذات العبلقة بنشاطيا كالعمميات التالية ... :تكظيؼ القيـ المنقكلة ككؿ منتكج مالي ،كاكتتابيا كشرائيا كتسييرىا
كحفظيا كبيعيا."...
المادة 50مف المرسكـ التشريعي 01/28المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ. 5
223
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
المنقكلة أف يطمب مف المحكمة إصدار أمر لممسئكليف باالمتثاؿ ليذه األحكاـ ،كيحيؿ نسخة
مف طمبو عمى المجمس القضائي لمغرض الذم يقتضيو القانكف.1
كتسمح الرقابة التي تقكـ بيا لجنة تنظيـ عمميات البكرصة كمراقبتيا مف خبلؿ إجراء
التحقيقات لدل الشركات التي تمجأ إلى التكفير كالبنكؾ كالمؤسسات المالية كالكسطاء في
عمميات البكرصة ،كلدل األشخاص الذيف يقدمكف نظ ار لنشاطيـ الميني مساىمتيـ في
العمميات الخاصة بالقيـ المنقكلة أك في المنتكجات المالية المسعرة أك يتكلكف إدارة سندات
مالية بتتبع مسار كمصادر األمكاؿ التي تساىـ بيا البنكؾ كالمؤسسات المالية في البكرصة
كتقدير إمكانية ارتباطيا بأىداؼ عمميات تبييض األمكاؿ ،كىك ما نصت عميو المادة 37مف
المرسكـ التشريعي 10/93السالؼ الذكر.
-5لجنة اإلشراف عمى التأمينات :في إطار الرقابة عمى المؤسسات المالية غير الخاضعة
لبنؾ الجزائر ،تعكد سمطة رقابة قطاع التأميف إلى لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات التي
تتصرؼ كإدارة رقابة بكاسطة الييكؿ المكمؼ بالتأمينات لدل ك ازرة المالية.
كتتككف لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات مف قاضييف تقترحيما المحكمة العميا ،كخبير
في مجاؿ التأمينات يقترحو كزير المالية باإلضافة إلى ممثؿ عف ىذا األخير ،كذلؾ بمكجب
مرسكـ رئاسي بناء عمى اقتراح مف الكزير المكمؼ بالمالية.
-السير عمى احتراـ شركات ككسطاء التأميف المعتمديف األحكاـ التشريعية كالتنظيمية
المتعمقة بالتأميف كاعادة التأميف.
-التأكد مف أف الشركات تفي بالتزاماتيا التي تعاقدت عمييا اتجاه المؤمف ليـ كالزالت قادرة
عمى الكفاء.
المادة 301مف األمر ،10/25المؤرخ في 35يناير 0225كالمتعمؽ بالتأمينات ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،08صادر في 3 2
مارس ،0225المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 15/10المؤرخ في 31فيفرم ،3110 ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،05صادر في 03
مارس .3110
224
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-التحقؽ مف المعمكمات حكؿ مصدر األمكاؿ المستخدمة في إنشاء أك زيادة رأس ماؿ
شركة التأميف ك/أك إعادة التأميف.
كقد كضح المرسكـ التنفيذم 113/08مياـ لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات ،1خاصة
ما تعمؽ بمجاؿ التحقؽ مف المكارد المالية ،إذ يمكف لمجنة أف تطمب مف شركات التأميف
ك/أك إعادة التأميف كفركع شركات التأميف األجنبية ،في إطار جياز المراقبة الداخمية برنامجا
خاصا لمكقاية كاستكشاؼ كمكافحة تبييض األمكاؿ.2
كتتكلى الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو العديد مف المياـ ،السيما جمع
كمركزة كاستغبلؿ كؿ المعمكمات التي مف شأنيا المساىمة في البحث عف أعماؿ الفساد
كالكقاية منيا.
كيمكف لمييئة في إطار المياـ المخكلة ليا ،أف تطمب مف اإلدارات كالمؤسسات
كالييئات التابعة لمقطاع العاـ أك الخاص أك مف كؿ شخص طبيعي أك معنكم آخر أم كثيقة
أك معمكمات تراىا مفيدة في الكشؼ عف أفعاؿ الفساد ،ككؿ رفض متعمد كغير مبرر لتزكيد
الييئة بالمعمكمات ك/أك الكثائؽ المطمكبة يشكؿ إعاقة السير الحسف لمعدالة في مفيكـ ىذا
القانكف.4
المرسكـ التنفيذم 008/13المؤرخ في 2أبريؿ 3113المتضمف تكضيح مياـ لجنة اإلشراؼ عمى التأمينات، 1
225
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
بشأف الطبيعييف أك االعتبارييف الذيف يتعيف أف تطبؽ عمييا المؤسسات المالية الفحص
الدقيؽ عمى حساباتيا ،ككذا أنكاع الحسابات كالعمميات التي تتطمب متابعة خاصة السيما
مف خبلؿ إمساؾ كشكؼ كافية عنيا لفترة خمس سنكات كحد أدنى مف تاريخ آخر عممية
مدكنة فييا.1
إف إقرار المشرع الجزائرم لمبدأ الرقابة ،بمختمؼ صكرىا ،عمى نشاط البنكؾ
كالمؤسسات المالية مف شأنو إيجاد آلية لمكقاية مف استخداـ ىذه األخيرة في عمميات تبييض
األمكاؿ ،لكف ىذه اآللية مازالت تفتقد لمفعالية المطمكبة كتحتاج لمدعـ كاعادة النظر في
طريقة تطبيقيا.
الفرع الثاني
عادة ما يمجأ القائمكف بعمميات تبييض األمكاؿ إلى نقؿ أمكاليـ إلى الخارج مف خبلؿ
كضع األمكاؿ المشبكىة في حساب في أحد البنكؾ ،كمف ثـ تحكيميا ،أك نقميا إلى حساب
آخر ،كبذلؾ تعتبر البنكؾ مف أىـ الحمقات التي تدكر فييا األمكاؿ غير المشركعة لما تتمتع
بو مف تشعب العمميات المصرفية كسرعتيا كتداكليا ،2األمر الذم دفع بالدكؿ إلى إعطاء
أىمية لفرض الرقابة عمى حركة األمكاؿ ،كذلؾ بفرض العديد مف القيكد كالضكابط عمى
العمميات المالية التي تتـ مف خبلؿ القنكات البنكية.
كنتناكؿ في ىذا الفرع الرقابة عمى حركة األمكاؿ بالتطرؽ لمختمؼ الضكابط كالقيكد
التي يفرضيا التشريع الجزائرم عمى حركة األمكاؿ سكاء تعمؽ األمر بإلزامية الدفع عف
طريؽ كسائؿ الدفع كعف طريؽ القنكات البنكية كالمالية (أكال) ،أك التصريح الجمركي عف
المبالغ كالبضائع التي يتـ إدخاليا أك إخراجيا مف الجزائر (ثانيا).
226
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-1الحد المطبق عمى عمميات الدفع :يتـ دفع كؿ المبادالت التي تساكم أك تفكؽ المبالغ
المحددة أسفمو ،بكسائؿ الدفع الكتابية عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية:2
-اليخكت كسفف النزىة ،شراعية كانت أـ ال ،مزكدة بمحرؾ مساعد أـ ال.
-معدات متحركة جديدة كتجييزات صناعية جديدة كسيارات جديدة كدرجات نارية
كدرجات مزكدة بمحرؾ خاضعة لمترقيـ لدل ككبلء السيارات أك مكزعيف آخريف
كمعيدم البيع المعتمديف.
-سمع قيمة لدل تجار األحجار كالمعادف الثمينة.
-السمع العتيقة كالتحؼ الفنية.
-شراء في المزاد العمني ألثاث كمنقكالت مادية.
كما نصت المادة 03مف نفس المرسكـ التنفيذم عمى كجكب أف تتـ كؿ عممية دفع
تساكم أك تفكؽ مبمغ كاحد مميكف دينار ( 1.000.000دج) التي تقدميا المؤسسات
المادة 13مف المرسكـ التنفيذم 058 /05المؤرخ في 00يكنيك ،3105يحدد الحد المطبؽ عمى عمميات الدفع التي 2
يجب أف تتـ بكسائؿ الدفع الكتابية عف طريؽ القنكات البنكية ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،88صادر في 33يكنيك .3105
227
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كالميف غير المالية 1المذككرة في المادة 04مف القانكف 01/05المعدؿ كالمتمـ عف
طريؽ كسائؿ الدفع الكتابية.2
كيترتب عمى مخالفة أحكاـ المرسكـ التنفيذم 153/15السابؽ الذكر دفع غرامة
مالية مف 50.000دج إلى 500.000دج ،كذلؾ حسب المادة 7التي نصت عمى
تطبيؽ أحكاـ المادة 31مف القانكف 01/05المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب كمكافحتيما.
-2المقصود بوسائل الدفع الكتابية :يقصد بكسائؿ الدفع الكتابية كؿ كسائؿ الدفع التي
تسمح بتحكيؿ األمكاؿ عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية السيما:3
أ -الصك (الشيك) :لـ يعرؼ المشرع الجزائرم الشيؾ بؿ اكتفى بتحديد البيانات األساسية
إلنشائو في نص المادة 472مف القانكف التجارم بقكليا" :يحتكم الشيؾ عمى البيانات
اآلتية:
-ذكر كممة شيؾ مدرجة في نص السند نفسو بالمغة التي كتب بيا،
أما عمى مستكل الفقو ،فقد تعددت تعريفات الشيؾ ،فمنيـ مف عرفو بقكلو" :الشيؾ
محرر مكتكب كفقا ألكضاع شكمية استقر عمييا العرؼ ،يتضمف أم ار مف الساحب إلى
يق صد بالمؤسسات كالميف غير المالية كؿ شخص طبيعي أك معنكم يمارس نشاطات غير تمؾ التي تمارسيا المؤسسات 1
المالية كيترتب عمييا إيداع أك مبادالت أك تكظيفات أك تحكيبلت أك أم حركة أخرل لؤلمكاؿ.
المادة 18مف المرسكـ التنفيذم ،058/05مرجع سابؽ. 2
228
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
المسحكب عميو كيككف غالبا أحد البنكؾ ،بأف يدفع لممستفيد أك ألمره ،أك لحامؿ الصؾ
مبمغ معيف مف النقكد لمجرد االطبلع".1
كىناؾ مف يعرفو عمى أنو" :كرقة تجارية يأمر فييا الساحب كىك صاحب الحساب
المسحكب عميو كىك البنؾ ،بدفع مبمغ معيف بمجرد االطبلع كألمر الساحب أك لحاممو أك
لشخص آخر".2
كيؤدم الشيؾ كظيفة مالية باعتباره يمثؿ قيمة مالية بدؿ النقكد عند التعامؿ بو في
شتى المجاالت كالمعامبلت المالية سكاء كانت مدنية أك تجارية ،كىذا السند تعتبر حياتو
قصيرة نتيجة إلحبللو محؿ النقكد في الكفاء.
كما يعتبر الشيؾ مف أشير كسائؿ الدفع كأكثرىا شيكعا ،كنظ ار لككنو أداة كفاء فيك
يحقؽ فكائد متعددة ،مف بينيا تشجيع كؿ المتعامميف االقتصادييف بإيداع النقكد في البنكؾ
مما يسمح باستثمار السيكلة النقدية.
كالشيؾ ككرقة تجارية ال يعد تصرفا تجاريا بحسب الشكؿ طبقا لنص المادة 03مف
القانكف التجارم ،كىك ما يدؿ بأف الشيؾ ال يكتسي الطبيعة التجارية إال إذا صدر مف طرؼ
تاجر بغرض تمبية حاجيات تجارتو.
ب -التحويل :يعتبر التحكيؿ المصرفي عممية شكمية تقكـ عمى فكرة القيد المزدكج في
الجانب المديف مف حساب اآلمر كفي الجانب الدائف مف حساب المستفيد ،كاعتبر بناء عمى
ذلؾ أف التزاـ البنؾ تجاه المستفيد ال يجد سببو في أمر التحكيؿ ،كانما يجد سببو في ىذا
القيد الذم يجعؿ البنؾ مدينا لممستفيد بالمبمغ الذم تـ قيده في حساب األخير.3
فالتحكيؿ المصرفي عممية مصرفية يتـ بمكجبيا نقؿ مبمغ معيف مف حساب مصرفي
إلى حساب آخر ،حيث يقيد المبمغ مرة في الجانب المديف مف حساب الزبكف اآلمر بالنقؿ أك
التحكيؿ كمرة في الجانب الدائف لمحساب اآلخر ،كقد يجرم التحكيؿ بيف حسابيف في نفس
حسيف مصطفى ،جريمة إصدار الشيؾ بدكف رصيد ،منشأة المعارؼ ،اإلسكندرية ،3111 ،ص.12 1
مصطفى عزيؿ ،المفيد في شرح القانكف التجارم الجزائرم ،دار المفيد لمنشر كالتكزيع ،الجزائر ،3100 ،ص.35 2
قدة حبيبة" ،مفيكـ عممية التحكيؿ المصرفي كطبيعتيا القانكنية" ،مجمة دفاتر السياسة كالقانكف ،العدد ،01يناير ،3105 3
ص.32
229
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
البنؾ أك بيف حسابيف في بنكيف مختمفيف ،كيستكم في الحالتيف أف يككف الحسابيف لزبكنيف
مختمفيف أك لذات الزبكف.1
تجدر اإلشارة إلى أف القانكف التجارم الجزائرم قد خبل مف تنظيـ أمر التحكيؿ
باستثناء البيانات الكاجب تكافرىا فيو ، 2كذلؾ عمى خبلؼ القانكف المصرم حيث نصت
المادة 01/329مف قانكف التجارة عمى أف" :النقؿ المصرفي عممية يقيد البنؾ بمقتضاىا
مبمغا معينا في الجانب المديف مف حساب اآلمر بالنقؿ بناء عمى أمر كتابي منو كفي
الجانب الدائف مف حساب آخر ."...
-قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف لنفس العميؿ في ذات البنؾ ،كفي ىذه الحالة يقكـ
البنؾ بمجرد خصـ المبمغ مف الحساب األكؿ كاضافتو في الحساب الثاني.
-قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف لعميميف مختمفيف في ذات البنؾ ،كفي ىذه الحالة
يقكـ البنؾ بخصـ مبمغ مف حساب العميؿ اآلمر كاضافتو إلى حساب العميؿ المستفيد
كيترتب عمى ذلؾ نقص جانب أصكؿ العميؿ اآلمر ليزيد بنفس القدر حساب العميؿ
المستفيد ،مع ثبات مجمكع أرصدة البنؾ.
-قد يتـ التحكيؿ المصرفي بيف حسابيف في بنكيف مختمفيف لنفس العميؿ أك لعميميف
مختمفيف كفي ىذه الحالة يقكـ بنؾ العميؿ اآلمر بخصـ المبمغ مف حساب ىذا األخير ،ثـ
يعيده في الحساب الدائف لبنؾ العميؿ المستفيد كيخطر البنؾ األخير بالقيد كالتحكيؿ ،ثـ
يجرم بنؾ العميؿ المستفيد قيدا بإضافة المبمغ إلى حساب العميؿ المستفيد.
ج -بطاقات الدفع :كىي البطاقات التي يتـ إصدارىا إما عف طريؽ البنكؾ أك المؤسسات
المالية لمتعامؿ بيا بدؿ النقكد.3
محمد تكفيؽ سعكدم ،بطاقات االئتماف ،دار األميف لمنشر كالتكزيع ،مصر ،3110 ،ص.00 3
230
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ىذا كقد نص المشرع الجزائرم في بداية األمر عمى بطاقات الدفع مف خبلؿ القانكف
10/90المتعمؽ بالنقد كالقرض الممغى باألمر ،11/03كبذلؾ يككف قد تبنى العمؿ بنظاـ
بطاقات الدفع بشكؿ ضمني مف خبلؿ المادتيف 66ك 69مف األمر .11/03كقد نصت
المادة 66عمى أنو" :تتضمف العمميات المصرفية تمقي األمكاؿ مف الجميكر كعمميات
القرض ككذلؾ كضع كسائؿ الدفع تحت تصرؼ الزبائف كادارة ىذه الكسائؿ".
كما نصت المادة 69عمى أنو" :تعتبر كسائؿ الدفع كؿ األدكات التي تمكف مف
تحكيؿ األمكاؿ ميما يكف السند أك األسمكب التقني المستعمؿ".
أما التدخؿ الثاني لممشرع الجزائرم ،فقد كاف مف خبلؿ التعديؿ الذم مس أحكاـ
القانكف بمكجب القانكف ،102/05حيث تمـ القانكف التجارم بباب مكرر تحت عنكاف " في
بعض كسائؿ كطرؽ الدفع" كيشمؿ المكاد مف 543مكرر 19إلى 543مكرر.24
كقد عرؼ المشرع الجزائرم بطاقات الدفع مف خبلؿ المادة 543مكرر 23مف األمر
59/75المتضمف القانكف التجارم ،التي نصت عمى أنو" :تعتبر بطاقة دفع كؿ بطاقة
صادرة عف البنكؾ كالييئات المالية المؤىمة قانكنا كتسمح لصاحبيا بسحب أك تحكيؿ
األمكاؿ".
كيبلحظ أف المشرع الجزائرم اكتفى بتحديد جية كاحدة مخكلة إلصدار بطاقة الدفع
كىي البنكؾ ،كىذا ما نصت عميو المادة 71مف األمر 11/03المعدؿ كالمتمـ المتعمؽ
بالنقد كالقرض بقكليا" :ال يمكف المؤسسات المالية تمقي األمكاؿ مف العمكـ ،كال إدارة
كسائؿ الدفع أك كضعيا تحت تصرؼ زبائنيا .كبإمكانيا القياـ بسائر العمميات األخرل".
كبطاقات الدفع تقكـ عمى عبلقة ثبلثية األطراؼ ىـ مصدر البطاقة كحامميا كالتاجر
كتنشأ عنيا عبلقات قانكنية ثبلثية .كما أف بطاقات الدفع خاضعة لمتطكر كالتجديد حيث
أنشأت في بدايتيا في شكؿ بطاقة ببلستيكية بسيطة ،ثـ زكدت بأشرطة ممغنطة ثـ جاءت
القانكف 13/15المؤرخ في 10فيفرم ،3115ج.ر.ج.ج ،عدد ،00صادر في 12فبراير .3115المعدؿ كالمتمـ لؤلمر 1
231
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
البطاقات ذات الدكائر االلكتركنية ،كقد صاحب ىذا التطكر في البطاقات تطكر في آالت
البيع لدل التجار ككذلؾ تطكر آالت الصرؼ.
د -االقتطاع :ىك كسيمة دفع تمكف مف االستخبلص اآللي لمديكف ذات الطابع المتكرر.
كيحتكم أمر االقتطاع عمى البيانات التالية:1
-اسـ مرسؿ اإلشعار باالقتطاع كبياناتو المصرفية ،ككذا رقمو كمرسؿ الممنكح مف قبؿ بنؾ
الجزائر.
كيترتب عمى أمر االقتطاع نقؿ ممكية األمكاؿ أك القيـ أك السندات بقكة القانكف
بمجرد الخصـ مف الحساب ،لفائدة المرسؿ لئلشعار باالقتطاع.2
ه -السفتجة (الكمبيالة) :السفتجة ىي كرقة تجارية تتضمف أم ار صاد ار مف شخص يسمى
الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحكب عميو ،كذلؾ بأف يدفع مبمغا معينا مف النقكد إلى
شخص آخر ىك المستفيد أك الحامؿ بعد التظيير في مكاف معيف كفي زماف محدد أك لدل
االطبلع.3
كتعتبر السفتجة عمبل تجاريا ميما كاف األشخاص .4كيشترط أف تشتمؿ عمى البيانات
التالية:5
سميـ سعداكم ،السندات التجارية في القانكف الجزائرم ،دار الحديث لمكتاب ،الجزائر ،3113 ،ص.5 3
232
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-تاريخ االستحقاؽ.
كيؤدم استعماؿ السفتجة إلى التقميؿ مف استخداـ النقكد في المعامبلت بيف التجار إذ
تقكـ مقاـ النقكد في اقتضاء الديف بيف المتعامميف بيا ،فيي تحقؽ ىدؼ يتمثؿ في
االستغناء عف صعكبة التنقؿ بمبالغ مالية كبيرة ،كما أنو كبكاسطة السفتجة يمكف تسكية
الكثير مف المعامبلت التي تمت بيف أشخاص مختمفيف.
كالى جانب ككف السفتجة أداة لمكفاء ،فإنيا تعد أداة لبلئتماف فيي تتضمف عادة أجبل
لبلستحقاؽ ،فقد يحصؿ الشخص عمى البضاعة كال يتمكف مف الكفاء بثمنيا في الحاؿ
فيحرر لمبائع سندا يمتزـ فيو بالكفاء بعد أجؿ معيف ،أك يسحب سفتجة عمى مديف لو ليقكـ
ىك بالكفاء ،كيستفيد المديف مف ىذا االئتماف ،إذ أنو ال يمزـ بالكفاء إال في ميعاد
االستحقاؽ ،كما أف لمدائف أف يخصـ الكرقة التجارية إذا احتاج إلى نقكد عاجمة ،كما أنو
يستطيع تظييرىا إلى دائنو مباشرة.
و -السند ألمر :السند ألمر ىك محرر يمتزـ بمقتضاه شخص يسمى الساحب بأداء مبمغ
محدد لشخص ثاني ىك المستفيد بمجرد االطبلع أك في ميعاد معيف.1
233
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كيختمؼ السند ألمر عف السفتجة ألنو ال يشتمؿ عمى ثبلثة أشخاص ،فمحرر السند ألمر
ىك في آف كاحد ساحب كمسحكب عميو ،كىك يعد باألداء كال يدعك غيره لمقياـ بذلؾ مثمما
ىك الحاؿ في السفتجة.1
كقد نصت المادة 465مف القانكف التجارم عمى البيانات الكاجب ذكرىا في السند ألمر
كاال فقد السند صفتو المصرفية كاعتبر سندا عاديا كىي:
-شرط األمر أك تسمية السند مكتكبا عمى السند نفسو ،كبالمغة المستعممة في تحريره.
كتطبؽ عمى السند ألمر األحكاـ المتعمقة بالسفتجة فيما ال يتعارض مع طبيعتو ،كذلؾ في
األحكاؿ المبينة في المادة 467مف القانكف التجارم.
تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم قد ترؾ المجاؿ مفتكحا عند ذكره لممقصكد بكسائؿ
الدفع الكتابية التي تسمح بتحكيؿ األمكاؿ عف طريؽ القنكات البنكية كالمالية ،كذلؾ بنصو في
الفقرة األخيرة مف المادة 04مف المرسكـ التنفيذم 153/15السابؽ الذكر عمى كؿ كسيمة
دفع كتابية أخرل ينص عمييا القانكف.
راشد راشد ،األكراؽ التجارية (اإلفبلس كالتسكية القضائية) في القانكف التجارم الجزائرم ،ديكاف المطبكعات الجامعية، 1
234
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
إف التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ يخضعاف عممية استيراد كتصدير البضاعة
عامة كاالستيراد كالتصدير المادم لمعممة خاصة لمتصريح الذم ال بد أف يككف جديا.1
-1االستيراد والتصدير المادي لمعممة :يخضع استيراد كتصدير العممة إلى إجراءات معينة
إذ ينبغي عمى كؿ الكافديف إلى الجزائر أك المغادريف التصريح بالمبالغ النقدية التي بحكزتيـ
كىي الحالة التي يحكميا النظاـ رقـ 01/07المتعمؽ بالقكاعد المطبقة عمى المعامبلت
الجارية مع الخارج كالحسابات بالعممة الصعبة.2
أ -بالنسبة لعممية االستيراد :تتمثؿ عممية استيراد العممة في كؿ اقتناء لمحؿ معيف كبحسب
الحالة ،كذلؾ مف الخارج إلى داخؿ اإلقميـ الجمركي بكاسطة عممة أجنبية قابمة لمتحكيؿ بكؿ
حرية.3
كقد نصت المادة 19مف النظاـ 01/07السالؼ الذكر عمى أنو" :يرخص لكؿ
مسافر يدخؿ التراب الكطني باستيراد أكراؽ نقدية أجنبية كصككؾ سياحية بشرط تقديـ
تصريح لدل جمارؾ الحدكد يخص كؿ مبمغ يفكؽ الحد الذم يحدده بنؾ الجزائر عف طريؽ
تعميمة".
كنستنتج مف نص المادة المذككرة أعبله ،أنو يجكز لكؿ شخص يدخؿ اإلقميـ
الجمركي الجزائرم أف يقكـ بعممية استيراد لمنقكد شريطة التصريح بيا لدل مصالح الجمارؾ
كأف يككف تصريحا صادقا.
كما نستنتج أنو ال تكجد تفرقة بيف القادميف إلى الببلد (المسافريف) فسكاء كانكا مف
جزائرييف أك األجانب المقيميف أك غير المقيميف ،فكؿ قادـ إلى الجزائر يستطيع أف يحمؿ
معو أكراقا نقدية أجنبية أك شيكات سياحية كما عميو سكل التصريح بقيمتيا لدل مصالح
1
BOUSKIA Ahcène, L’infraction du change en Droit algérien, édition DAR EL HIKMA,
Algerie, 1999, p28.
2النظاـ رقـ 10/10المؤرخ في 18فبراير ،3110يتعمؽ بالقكاعد المطبقة عمى المعامبلت الجارية مع الخارج كالحسابات
بالعممة الصعبة ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،80صادر في 08مايك .3110
شيخ ناجية ،خصكصيات جريمة الصرؼ في القانكف الجزائرم ،رسالة دكتكراه في القانكف ،جامعة تيزم كزك ،الجزائر، 3
،3103ص.03
235
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الجمارؾ فكر كصكلو .كتبعا لذلؾ يقع عمى كؿ مستكرد لؤلكراؽ النقدية أك الشيكات السياحية
التزاـ التصريح بالعممة المستكردة كالتزاـ الصدؽ في التصريح كيعد أم إخبلؿ بأحدىما فعبل
مككنا لمركف المادم لجريمة الصرؼ.
كال يعد فعبل مككنا لمركف المادم لجريمة الصرؼ أم استيراد لباقي كسائؿ الدفع
المنصكص عمييا في المادة 18مف النظاـ ،01/07ما يعني استبعاد استيراد كسائؿ الدفع
األخرل المتمثمة في النقكد المعدنية ،بطاقات االئتماف ،الشيكات المصرفية ،األكراؽ التجارية
...الخ.1
كنتيجة لذلؾ فإف أعكاف مصالح الجمارؾ عمميا أثناء قياميـ بمياـ مراقبة المسافريف
القادميف إلى الجزائر ،إذا ضبطكا أكراؽ نقدية مف العممة األجنبية أك شيكات سياحية لدل
أحد المسافريف ،بعد أف يككف ىذا األخير قد صرح بعدـ حيازتو ليا ،يبادركف بتحرير محضر
معاينة عف جريمة الصرؼ المتمثمة في عدـ التصريح ،كذلؾ ميما كانت قيمة ىذه األكراؽ.2
ب -بالنسبة لعممية التصدير :أجاز النظاـ 01/07في المادة 20لكؿ مسافر يغادر
الجزائر تصدير مبمغ باألكراؽ النقدية األجنبية أك الشيكات السياحية بنصيا عمى أنو:
"يرخص لكؿ مسافر يغادر الجزائر بتصدير كؿ مبمغ يأخذ شكؿ أكراؽ نقدية أجنبية أك
صككؾ سياحية بمقدار:
-بالنسبة لغير ال مقيميف ،المبمغ المصرح بو لدل الدخكؿ كتطرح منو المبالغ التي تـ التنازؿ
عنيا قانكنا لمكسطاء المعتمديف كمكاتب الصرؼ،
-بالنسبة لممقيميف ،المبالغ المسحكبة مف الحسابات بالعممة الصعبة في حدكد السقؼ الذم
تحدده تعميمة يصدرىا بنؾ الجزائر ك/أك المبالغ التي يغطييا ترخيص بالصرؼ".
كيمتزـ المسافركف بالتصريح لدل مكتب الجمارؾ ،عند الدخكؿ إلى التراب الكطني
كعند الخركج منو باألكراؽ النقدية ك/أك كؿ أداة أخرل قابمة لمتداكؿ محررة بالعمبلت األجنبية
نبيؿ صقر ،الكجيز في شرح جرائـ األمكاؿ ،مرجع سابؽ ،ص.352 2
236
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
قابمة لمتحكيؿ بصفة حرة التي يستكردكنيا أك يصدركنيا إذا كاف مبمغيا يساكم أك يفكؽ ما
يعادؿ قيمة ألؼ ( )1.000يكرك.1
تجدر اإلشارة إلى أنو في حالة اكتشاؼ شبية ارتكاب جريمة تبييض األمكاؿ ،فإنو
يتـ إرساؿ تقرير سرم محرر مف قبؿ مصالح الجمارؾ إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي
يتعمؽ بكؿ اكتشاؼ لحركة األمكاؿ أك صفقات مشبكىة قد تككف ناشئة عف جرائـ أك يبدك
أنيا مكجية لتبييض األمكاؿ أك تمكيؿ اإلرىاب.2
كفي مجاؿ الصرؼ كبالرجكع إلى األمر 22/96المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع
كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ المعدؿ كالمتمـ ،فقد تـ تكسيع مجاؿ
تطبيؽ جرائـ الصرؼ ليشمؿ جرائـ كسائؿ الدفع كالقيـ المنقكلة كالسندات المالية كسبائؾ
الذىب كالقطع النقدية الذىبية كاألحجار الكريمة كالمعادف النفيسة.3
كيترتب عمى مخالفة االلتزامات المتعمقة بالتصريح عند تصدير أك استيراد العممة قياـ
جريمة الصرؼ بمفيكـ األمر 22/96المعدؿ كالمتمـ باألمر ،01/03التي يعاقب عمييا
بالسجف مف سنتيف إلى سبع سنكات كبمصادرة محؿ الجنحة كمصادرة كسائؿ النقؿ
المستعممة في الغش كبغرامة مالية ال يمكف أف تقؿ عف ضعؼ قيمة محؿ المخالفة أك
محاكلة المخالفة.4
المادة 13مف األمر 33/20المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى 3
الخارج ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،58صادر في 01يكليك ،0220المعدؿ كالمتمـ باألمر 18/01المؤرخ في 30غشت ،3101
ج.ر.ج.ج ،عدد ،51صادر في 10سبتمبر .3101
المادة األكلى مكرر مف األمر 33/20المعدؿ كالمتمـ ،نفس المرجع. 4
237
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كيشكؿ نفس الفعؿ جريمة مف جرائـ الصرؼ متى كاف اليدؼ منيا مخالفة التشريع
كالتنظيـ المتعمقيف بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ مف كالى الخارج ،سكاء بعدـ التصريح أك
بالتصريح الكاذب.
أ -بالنسبة الستيراد البضاعة :يخضع نشاط استيراد البضاعة لقيكد كأم إخبلؿ بيا يعد
خرقا لمقانكف ،إذ نصت المادة األكلى مف النظاـ 03/91المؤرخ في 20فيفرم 1991عمى
أ نو" :يجكز لكؿ شخص طبيعي أك معنكم مسجؿ في السجؿ التجارم أف يقكـ بعممية استيراد
أية منتكجات أك بضائع ليست ممنكعة كال مقيدة ،كذلؾ بمجرد أف يككف لو إقامة مصرفية
كدكف أية رخصة أك مكافقة مسبقة".
تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم لـ يحدد البضائع التي تككف محبل لبلستيراد
نحك الداخؿ عمى الرغـ مف تكرار مصطمح "استيراد البضائع" في العديد مف النصكص
القانكنية كعميو يمكننا القكؿ أف ا لبضاعة ىي كؿ سمعة قابمة لمتداكؿ ،كيمكف استيرادىا سكاء
كانت مصنعة أك نصؼ مصنعة ،زراعية ،مصنعة في الداخؿ أك في الخارج بشرط أف ال
تتعمؽ بالمحركقات ،1مع استثناء تمؾ التي تشكؿ إخبلال باألمف كالنظاـ العاـ كاألخبلؽ.2
ب -بالنسبة لتصدير البضاعة :يعد التصريح بتصدير البضاعة لمصالح الجمارؾ أم ار
ضركريا ،فيك نظاـ يسعى إلى تنظيـ عمميات المبادلة ،إذ ال يمكف لممصدريف التصدير
الفعمي لمبضاعة إال بعد إجراء ىذه التصريحات التي يشترط أف تككف صائبة ،كلعؿ الغاية
مف اشتراط ىذه األخيرة تكمف في رفع عكائدىا خاصة في حاالت السمع التصديرية التي
ينظـ قطاع المحركقات القانكف 10/15المؤرخ في 33أبريؿ 3115المتعمؽ بالمحركقات ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،51صادر 1
في 02يكليك ،3115المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 10/08المؤرخ في 31فيفرم ،3108ج.ر.ج.ج ،عدد ،00صادر في 35
فبراير .3108
إرزيؿ الكاىنة ،التعميؽ عمى األمر 15/18المتعمؽ بالقكاعد العامة المطبقة عمى عمميات استيراد كتصدير البضائع، 2
المجمة النقدية لمقانكف ك العمكـ السياسية ،عدد ،13جامعة تيزم كزك ،الجزائر ،3110 ،ص.23
238
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ينقص الطمب العالمي بشأنيا ،أك في حالة رغبة الدكلة في تكسيع إنتاجيا الداخمي مف
تصديرىا لمادة خاصة ،أك سمعة أساسية الزمة الحتياجات المجتمع.1
كتمزـ أنظمة بنؾ الجزائر جميع المصدريف لمبضائع المقيميف في الجزائر باسترداد
اإليرادات المتأتية مف الصادرات ،ككؿ مخالفة ليذا االلتزاـ تشكؿ جريمة صرؼ ،كيعد أساس
تجريـ ىذا الفعؿ ىك أف حصيمة الصادرات تعتبر المكرد األكؿ لمعممة الصعبة.
فقد نصت المادة األكلى مف النظاـ 04/91المتعمؽ بتحصيؿ إيرادات الصادرات مف
المحركقات عمى أنو" :يجب عمى شركات التصدير صاحبة االمتياز أف تستكطف لدل بنؾ
الجزائر تحصيؿ اإليرادات بالعممة الصعبة التي تحققيا في إطار تصديرىا لممحركقات".
كما نصت المادة 11مف النظاـ 01/07عمى أنو" :يجب عمى المصدريف ترحيؿ
ناتج صادراتيـ".
كذلؾ نصت المادة 65مف نفس النظاـ عمى أنو :ال يمكف تحصيؿ اإليرادات الناجمة
عف الصادرات مف غير المحركقات كالصادرات مف غير المنتجات المنجمية إال عف طريؽ
الكسيط المعتمد المكطف لمعقد" ،كأضافت الفقرة الثانية مف نفس المادة أنو" :يجب عمى
المصدر أف يقكـ بترحيؿ ناتج التصدير في اآلجاؿ المحددة 2كيجب عمية تبرير أم تأخير
في الترحيؿ".
كيتـ ترحيؿ كؿ المبمغ المسجؿ في الفاتكرة كمبمغ المصاريؼ اإلضافية عندما ال تدرج
ىذه األخيرة في سعر البيع.3
شيخ ناجية ،مرجع سابؽ ،ص .05نقال عن :عبد الباسط الكفا ،دراسات في مشكبلت التجارة الخارجية ،دار النيضة 1
اإلرساؿ أك تاريخ اإلنجاز بالنسبة لمخدمات ،فبل يتـ التصدير بعدىا إال بعد الحصكؿ عمى ترخيص مف بنؾ الجزائر.
المادة 00مف النظاـ ،10/10نفس المرجع. 3
239
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
االلتزاـ القانكني كؿ مصدر غير مقيـ كىك ما يفيـ مف نص المادة 04مف النظاـ 13/91
المؤرخ في 14أكث 1991الممغى بالنظاـ .01/07
المبحث الثاني
قصد تحقيؽ الفعالية المرجكة لمكافحة جريمة تبييض األمكاؿ ،سارع المشرع الجزائرم
إلى تبني آليات مستحدثة في التشريع خاصة بالبحث كالتحقيؽ في بعض الجرائـ كمنيا
جريمة تبييض األمكاؿ ،كيتجمى ذلؾ في التعديبلت المتتالية ألحكاـ قانكف اإلجراءات
الجزائية بيدؼ جعميا أكثر مبلئمة كاستجابة لخصكصيات الظاىرة اإلجرامية في مكافحتيا
مف جية ،كأ يضا مطابقتيا مع ما جاءت بو المكاثيؽ كاالتفاقيات الدكلية المتعمقة بحقكؽ
اإلنساف التي صادقت عمييا الجزائر مف جية أخرل مف خبلؿ إنشاء محاكـ متخصصة
تعتمد عمى كسائؿ بحث كتحقيؽ مستحدثة.
المطمب األول
تعتبر الجزائر مف الدكؿ المعنية بظاىرة تبييض األمكاؿ ،كتداركا لخطكرة ىذه الظاىرة
فقد كضعيا المشرع الجزائرم مكضع التجريـ بالنص الصريح كما أعطى ليا أىمية الرتباطيا
بالجريمة المنظمة ،بؿ عمؿ عمى استحداث محاكـ ذات اختصاص مكسع في خطكة اعتبرت
سابقة مف نكعيا في القانكف الجزائرم ،خطى بمكجبيا القضاء نحك التخصص في المعالجة
القضائية لطائفة مف الجرائـ.1
كقد ظيرت فكرة إنشاء محاكـ ذات اختصاص مكسع كنتيجة التجاه المشرع الجزائرم
نحك سياسة تجريـ قصد الحد مف أفعاؿ أصبحت تضر بالمصالح الحيكية لممجتمع ،كتصب
في اتجاه التزامات الدكلة في مجاؿ مكافحة الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية كالجرائـ
محمد بكرارشكش" ،االختصاص اإلقميمي المكسع في المادة الجزائية في التشريع الجزائرم" ،مجمة دفاتر السياسة كالقانكف، 1
240
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الماسة بالمعالجة االلكتركنية لممعمكمات كجريمة تبييض األمكاؿ كغيرىا مف الجرائـ التي
تستكجب كفاءة مينية عالية كتقنيات تحرم خاصة تتطمب كسائؿ مادية كبشرية ذات نكعية.
1
كعمى ىذا األساس صدر القانكف 14/04المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائية
حيث أسس إلمكانية تكسيع االختصاص المحمي لكؿ مف ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ
كضباط الشرطة القضائية إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل تحدد عف طريؽ التنظيـ.2
الفرع األول
خكؿ المشرع الجزائرم المحاكـ ذات االختصاص المكسع صبلحية النظر في بعض
الجرائـ الخطيرة ،كذلؾ بمكجب المكاد 329 ،40 ،37مف قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ
كالمتمـ التي نصت عمى تمديد االختصاص المحمي لممحكمة كلككيؿ الجميكرية كقاضي
التحقيؽ المعينيف بيا إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل.
إف تكجو الدكؿ نحك التخصص القضائي ييدؼ إلى إنشاء تشكيبلت قضائية مف
قضاة متخصصيف عمى مستكل النيابة ،التحقيؽ كالمحاكمة ،تستأثر باالختصاص في
القانكف 05/15المؤرخ في 01نكفمبر 3115يعدؿ كيتمـ األمر 055/00المؤرخ في 3يكنيك 0200المتضمف قانكف 1
الجميكرية كقضاة التحقيؽ ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،08صادر في 3أكتكبر ،3110المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم 300/00
المؤرخ في 00أككبر ،3100ج.ر.ج.ج ،عدد ،03صادر في 38أكتكبر .3100
241
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ال قضايا ذات الصمة بالجرائـ الخطيرة عمى غرار الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية
كجريمة تبييض األمكاؿ ...الخ ،في شكؿ أقطاب متخصصة تكضع لدل بعض المحاكـ التي
يتـ تكسيع اختصاصيا المحمي ليشمؿ اختصاص محمي لمحاكـ أخرل عمى امتداد مناطؽ
ذات بعد جغرافي.1
-1محكمة سيدي أمحمد (الجزائر) :تقع محكمة سيدم أمحمد بالجزائر العاصمة كيمتد
اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس
القضائية لػكؿ مف الجزائر ،الشمؼ ،األغكاط ،البميدة ،البكيرة ،تيزم كزك ،الجمفة ،المدية
المسيمة ،بكمرداس ،تيبازة كعيف الدفمى.3
-2محكمة قسنطينة :تقع بمدينة قسنطينة كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ
الجميكرية كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف قسنطينة ،أـ البكاقي
باتنة ،بجاية ،بسكرة ،تبسة ،جيجؿ ،سطيؼ ،سكيكدة ،عنابة ،قالمة كبرج بكعريريج،
الطارؼ ،خنشمة ،سكؽ أىراس ،ميمة.4
242
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-3محكمة ورقمة :تقع بمدينة كرقمة كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية
كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف كرقمة ،أدرار ،تمنراست ،إيميزم،
بسكرة ،الكادم كغرداية.1
-4محكمة وىران :تقع بمدينة كىراف كيمتد اختصاصيا المحمي بأجيزتيا ككيؿ الجميكرية
كقاضي التحقيؽ إلى محاكـ المجالس القضائية لكؿ مف كىراف ،بشار ،تممساف ،تيارت،
تندكؼ ،سعيدة ،سيدم بمعباس ،مستغانـ ،معسكر ،البيض ،تيسمسيمت ،النعامة ،عيف
تيمكشنت كغميزاف.2
كما حرص المشرع الجزائرم عمى تكفير الضمانات القانكنية مف أجؿ أف ال تتحكؿ
ىذه المحاكـ إلى ما يشبو المحاكـ الخاصة أك االستثنائية ،السيما في المادة الجزائية ،األمر
الذم يمكف معو أف يمس بمبدأ الحؽ في محاكمة عادلة المكرس دستكريا ،كذلؾ بحصر
مسألة تحديد تشكيمة ىذه األقطاب المتخصصة كاحالة االختصاص النكعي ليا كاجراءات
التقاضي أماميا مع كؿ ما تكفره مف ضمانات في نصكص قانكف اإلجراءات المدنية
كاإلدارية كنصكص قانكف اإلجراءات الجزائية.3
يقصد باالختصاص النكعي لممحاكـ بصفة عامة الكالية القضائية لجية معينة لمنظر
في قضايا محددة ،أك جرائـ معينة بنص القانكف.
كفيما يتعمؽ باالختصاص النكعي لممحاكـ ذات االختصاص المكسع ،فقد حصره
المشرع الجزائرم في مجمكعة مف الجرائـ الحديثة نكعا ما ،كالتي تشكؿ تيديدا خطي ار عمى
األمف كاالقتصاد الكطني ،4كيتعمؽ األمر بجرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة عبر الحدكد
عبد السبلـ ذيب ،قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ترجمة لممحاكمة العادلة ،الطبعة الثالثة ،إيتاؾ ،الجزائر،3103 ، 3
ص.80
جبارم عبد المجيد ،دراسات قانكنية في المادة الجزائية عمى ضكء أىـ التعديبلت الجديدة ،الطبعة الثانية ،دار ىكمة 4
243
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الكطنية كالجرائـ الماسة بأنشطة المعالجة اآللية لممعطيات كالجرائـ المتعمقة بمخالفة التشريع
الخاص بالصرؼ كحركة رؤكس األمكاؿ كجريمة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب.
إف جريمة تبييض األمكاؿ كالتي ىي مكضكع دراستنا الحالية ،قد حصرىا المشرع
الجزائرم ضمف الجرائـ النكعية كالخطيرة التي كلى اختصاص البحث كالتحقيؽ فييا إلى
المحاكـ ذات االختصاص المكسع ،إال أف المشرع خصيا بكصؼ الجنحة كذلؾ مف خبلؿ
طبيعة العقكبات المقررة ليا التي تراكحت ما بيف التبييض البسيط كالتبييض المشدد.
كتككف المتابعة في جريمة تبييض األمكاؿ كفؽ إجراءات خاصة نصت عمييا المكاد
مف 40مكرر 1إلى 40مكرر 5مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،حيث يتعيف عمى ضابط
الشرطة القضائية متى رأل أف الممؼ المككف مف طرفو في مرحمة البحث كالتحرم يشكؿ
جريمة تبييض أمكاؿ أف يخبر فك ار ككيؿ الجميكرية لدل المحكمة الكائف بيا مقر ارتكاب
الجريمة كيقدـ لو أصؿ الممؼ مرفؽ بنسختيف ،ثـ يقكـ ككيؿ الجميكرية فك ار بإرساؿ النسخة
الثانية إلى النائب العاـ لدل المحكمة المختصة ذات االختصاص المكسع ،كبعد اطبلع
النائب العاـ عمى الممؼ كاعتباره ضمف اختصاص المحكمة ذات االختصاص المكسع (أم
ضم ف الجرائـ السالؼ ذكرىا) يحيمو إلى ىذه األخيرة ليتمقى ضباط الشرطة القضائية
التعميمات المباشرة مف ككيؿ الجميكرية لممحكمة ذات االختصاص المكسع بمباشرة
التحريات.
الفرع الثاني
إف التعديبلت الكاردة عمى قانكف اإلجراءات الجزائية بمكجب القانكف 14/04المؤرخ
في 10نكفمبر ، 2004تقترح جممة مف األحكاـ التي تحدد قكاعد االختصاص المحمي لكؿ
مف ككيؿ الجميكرية ،قاضي التحقيؽ كضباط الشرطة القضائية ليشمؿ اختصاص محمي
لجيات قضائية أخرل عندما يتعمؽ األمر بجرائـ مذككرة عمى سبيؿ الحصر.1
244
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
يمثؿ ككيؿ الجميكرية النيابة العامة عمى مستكل المحكمة ،كيمارس ميامو في إطار
إقميـ اختصاصو 1الذم ينعقد طبقا لممادة 37مف قانكف اإلجراءات الجزائية بتكافر أحد
العناصر التالية:
-أف تقع الجريمة مكضكع البحث في دائرة اختصاص المحكمة المعيف بيا.
-أف يككف محؿ إقامة المشتبو فيو أك المتيـ مكجكدا بدائرة اختصاص المحكمة.
كقد كسع المشرع الجزائرم االختصاص المحمي لككيؿ الجميكرية ليشمؿ اختصاص
محاكـ أخرل عمى أف يككف ذلؾ بمكجب التنظيـ ،كيككف ذلؾ كمما تعمؽ األمر بالتحرم
كالتحقيؽ بشأف الجرائـ المحددة في قانكف اإلجراءات الجزائية حيث نصت الفقرة الثانية مف
المادة 37مف ىذا األخير عمى" :يجكز تمديد االختصاص المحمي لككيؿ الجميكرية إلى
دائرة اختصاص محاكـ أخرل ،عف طريؽ التنظيـ ،في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة
عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض
األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ".
كلتفادم انتشار معمكمات غير كاممة أك غير صحيحة أك لكضع حد لئلخبلؿ بالنظاـ
العاـ ،أعطى المشرع لمنيابة العامة ميمة إعبلـ الرأم العاـ عف التحريات كالتحقيقات الجارية
بشرط أف تخضع ىذه التصريحات لممكضكعية كأف تحترـ مبدأ سرية التحقيؽ.2
إف قاضي التحقيؽ مختص بالتحقيؽ في الجرائـ التي يعاقب عمييا طبقا لقكاعد قانكف
العقكبات كالقكانيف المكممة لو ،كأف التحقيؽ في الجرائـ المكصكفة كجناية يككف إلزاميا ،فبل
245
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
يجكز إحالة المتيـ بارتكابيا مباشرة لممحاكمة ،أما في مكاد الجنح كالمخالفات فيك اختيارم
يخضع لتقدير النيابة العامة في طمب التحقيؽ أك إحالة القضية مباشرة إلى المحاكمة.1
كاذا كانت الجريمة مف نكع إحدل الجرائـ المنصكص عمييا في الفقرة الثانية مف
المادة 40مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،ال يمنع قاضي التحقيؽ مف إجراء التحقيؽ فييا ما
لـ يطمب منو كتابيا النائب العاـ لدل المجمس القضائي التابعة لو المحكمة ذات االختصاص
المكسع بالتخمي عنيا لفائدة زميمو قاضي التحقيؽ بالقطب الجزائي المختص.2
كقد حدد المشرع الجزائرم في المادة 40ك 65مكرر 1مف قانكف اإلجراءات الجزائية
قكاعد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ ،حيث يتبيف مف ىذيف النصيف أف االختصاص
المحمي لقاضي التحقيؽ يتحدد بمكاف ارتكاب الجريمة أك المكاف الذم يقيـ فيو المتيـ أك
المكاف الذم ألقي القبض فيو عميو كلك حصؿ ىذا القبض لسبب آخر.
-1تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمكان ارتكاب الجريمة :رسخ المشرع
الجزائرم مكاف كقكع الجريمة كاختصاص محمي لقاضي التحقيؽ سكاء كاف المسئكؿ جنائيا
شخصا طبيعيا أك معنكيا.3
كيختم ؼ تحديد مكاف ارتكاب الجريمة تبعا الختبلؼ الجرائـ ،كيتعيف لتحديد ىذا
المكاف أخذ بعيف االعتبار األعماؿ المككنة لمجريمة ،أم أعماؿ التنفيذ كالبدء بالتنفيذ بصرؼ
النظر عف األعماؿ التحضيرية السابقة عمييا كالنتائج التالية ليا ،فالمكاف الذم ارتكب فيو
الفعؿ أك الترؾ المعاقب عميو ىك الذم يحدد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ في
الجرائـ الكقتية الكاقعة دفعة كاحدة.4
محمد حزيط ،مذكرات في قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم ،الطبعة التاسعة ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع، 1
عمارة فكزم ،قاضي التحقيؽ ،رسالة دكتكراه في القانكف ،كمية الحقكؽ بجامعة قسنطينة ،الجزائر،3101/3112 ، 3
ص.53
نصت الفقرة 3مف المادة 05مكرر 0مف األمر 055/00المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :غير أنو إذا تمت متابعة أشخاص 4
طبيعية في الكقت ذاتو مع الشخص المعنكم ،تختص الجيات القضائية المرفكعة أماميا دعكل األشخاص الطبيعية بمتابعة
الشخص المعنكم".
246
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أما إذا تككنت ىذه األخير مف جممة أفعاؿ ككقعت في أكثر مف مكاف ،كاف جميع
قضاة التحقيؽ التي كقعت في دائرتيـ أفعاؿ التنفيذ مختصيف محميا بالنظر في الدعكل ،كفي
حاؿ أف الجريمة مف الجرائـ المستمرة فيعد مكاف ارتكاب الجريمة كؿ مكاف تككف فيو حالة
االستمرار.1
-2تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمحل إقامة الشخص الطبيعي ووجود
المقر االجتماعي لمشخص المعنوي :جعؿ المشرع الجزائرم مف محؿ إقامة الشخص
الطبيعي كالمقر االجتماعي لمشخص المعنكم أماكف صالحة قانكنا لقياـ االختصاص المحمي
لقاضي التحقيؽ.
إال أنو بمقتضى الفقرة 2مف المادة 65مكرر 1السابقة الذكر ،يؤكؿ االختصاص
المحمي إ ذا تمت متابعة الشخص الطبيعي في الكقت ذاتو مع الشخص المعنكم بقكة القانكف
إلى قاضي التحقيؽ المتكاجد بدائرة اختصاصو محؿ إقامة الشخص الطبيعي.
-3تحديد االختصاص المحمي لقاضي التحقيق تبعا لمكان القبض عمى المشتبو فيو:
يقصد بمحؿ القبض عمى المشتبو فيو ،المكاف الذم تمت في دائرتو تكقيؼ المتيـ أك إلقاء
القبض عمى الشخص المشتبو فيو في ارتكاب الجريمة ،سكاء كاف ىذا الشخص فاعبل أك
شريكا ،كحتى لك حصؿ ىذا القبض لسبب آخر.
فمكاف إلقاء القبض عمى المشتبو فيو ال يفرض نفسو بنفس قكة عاممي مكاف كقكع
الجريمة كمحؿ اإلقامة أك تكاجد المقر االجتماعي ،ألف ىذا المكاف ال يكفر الظركؼ
الطبيعية التي تخدـ القضية فيك المكاف غير المناسب لمتحقيؽ في الكاقعة.
247
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كرغـ االنتقادات المكجية العتبار مكاف القبض عمى المشتبو فيو كمكاف يترتب عميو
انعقاد االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ ،إال أنو يحد ما يبرر اعتماده مف طرؼ المشرع
كأحد األمكنة التي تجعؿ مف قاضي التحقيؽ الذم تـ إلقاء القبض عمى المشتبو فيو في
دائرتو مختصا محميا لمنظر في الدعكل ،كمف ىذا نجد أف الكقائع قد تككف بسيطة ككاضحة
ال تستدعي نقؿ المشتبو فيو إلى مكاف آخر قد يككف بعيد جدا ،أك أف تتكاجد في مكاف
القبض بعض المعالـ التي تسيؿ التحقيؽ في الكاقعة.1
كبمكجب التعديؿ الذم أجرم عمى قانكف اإلجراءات الجزائية بمقتضى القانكف
14/04المؤرخ في 10نكفمبر ،2004قاـ المشرع الجزائرم بتكسيع االختصاص المحمي
لقاضي التحقيؽ المعيف بالمحكمة ذات االختصاص المكسع إلى اختصاص محاكـ مجالس
قضائية أخرل مف خبلؿ الفقرة الثانية مف المادة 40التي نصت عمى" :يجكز تمديد
االختصاص المحمي لقاضي التحقيؽ إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل ،عف طريؽ التنظيـ
في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة
اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص
بالصرؼ".
غير أنو إذا سبؽ لقاضي التحقيؽ لدل محكمة مكاف ارتكاب الجريمة إصدار أمر
بالقبض أك أمر بالحبس المؤقت ثـ أحيؿ الممؼ عمى قاضي التحقيؽ لدل المحكمة ذات
االختصاص المكسع فإف ىذه األكامر تحفظ بقكتيا التنفيذية إلى أف تفصؿ فييا المحكمة
ذات االختصاص المكسع.
248
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ .1عمى أف يعمؿ تحت إشراؼ النائب
ال عاـ لدل المجمس القضائي المختص إقميميا كيعمـ ككيؿ الجميكرية المختص إقميميا بذلؾ
في جميع الحاالت.2
-1تحديد ضباط الشرطة القضائية :جاءت المادة 15مف قانكف اإلجراءات الجزائية لتحدد
األشخاص الذيف يتمتعكف بصفة ضباط الشرطة القضائية ،حيث نصت عمى أنو" :يتمتع
بصفة ضابط الشرطة القضائية:
-محافظك الشرطة،
-ذكك الرتب في الدرؾ كرجاؿ الدرؾ الذيف أمضكا في سمؾ الدرؾ ثبلث سنكات عمى األقؿ
كالذيف تـ تعيينيـ بمكجب قرار مشترؾ صادر عف كزير العدؿ ككزير الدفاع الكطني ،بعد
مكافقة لجنة خاصة،
-مفتشك األمف الكطني الذيف قضكا في خدمتيـ بيذه الصفة ثبلث سنكات عمى األقؿ كعينكا
بمكجب قرار مشترؾ صادر عف كزير العدؿ ككزير الداخمية كالجماعات المحمية ،بعد مكافقة
لجنة خاصة،
-ضباط كضباط الصؼ التابعيف لممصالح العسكرية لؤلمف الذيف تـ تعيينيـ خصيصا
بمكجب قرار مشترؾ صادر بيف كزير الدفاع ككزير العدؿ".
مف خبلؿ دراسة نص المادة 15السابقة الذكر ،يتضح أنيا تتضمف فئتيف مف
األشخاص الذيف منح ليـ القانكف صفة ضباط الشرطة القضائية ،فئة تعيف بقكة القانكف
مباشرة (فئة الضباط المعينة بقكة القانكف) ،كفئة تعيف بمكجب قرار كزارم مشترؾ (فئة
الضباط المعينة بقرار كزارم مشترؾ).
249
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أ -ضباط الشرطة القضائية بقوة القانون :يتمتع بيذه الصفة فئة محددة في المادة 15مف
قانكف اإلجراءات الجزائية كىـ :رؤساء المجالس الشعبية البمدية ،ضباط الدرؾ الكطني
محافظك الشرطة ،ضباط الشرطة.
كلكي يت متع الشخص بصفة ضابط الشرطة القضائية بمكجب القانكف البد مف تكافر
مجمكعة مف الشركط ،غير أنيا ليست مكحدة عند كؿ مف رؤساء المجالس الشعبية البمدية
كرجاؿ األمف.
كما ال يتمتع رئيس المجمس الشعبي البمدم بصفة ضابط الشرطة القضائية كيباشر
اختصاصاتو إال إذا كاف عضكا منتخبا ،حيث ال تمنح ىذه الصفة لرؤساء المجاف الخاصة
المعينيف بمراسيـ ،ككذلؾ األمر بالنسبة لنكاب الرئيس إذا حمكا محمو ،إذ نصت المادة 92
مف القانكف 10/11المؤرخ في 22يكنيك 2011المتعمؽ بالبمدية عمى أنو" :لرئيس المجمس
الشعبي البمدم صفة ضابط الشرطة القضائية".
ب -ضباط الشرطة القضائية المعينون :ال يكتسب أشخاص ىذه الفئة صفة ضابط الشرطة
القضائية بقكة القانكف مباشرة ،بؿ يجب أف ترشح لذلؾ كتعيف بناء عمى قرار كزارم مشترؾ
بيف كزير العدؿ ككزير الداخمية ككزير الدفاع ،كىـ األشخاص الكاردة في البند 6 ،5ك 7مف
المادة 15مف قانكف اإلجراءات الجزائية.
كيشترط حتى تمنح صفة ضابط الشرطة القضائية في مصالح األمف ،أف يتمتع
الشخص عمى المؤىبلت التالية:
-أف يككف مف ذكم الرتب في الدرؾ أك مفتشي األمف الذيف أمضكا ثبلث سنكات عمى
األقؿ بيذه الصفة.
-الحصكؿ عمى مكافقة لجنة خاصة كمشتركة مككنة مف ثبلثة أعضاء ،عضك يمثؿ ك ازرة
العدؿ رئيسا ،عضك يمثؿ ك ازرة الدفاع كعضك يمثؿ ك ازرة الداخمية كالجماعات المحمية.
-إصدار قرار مشترؾ مف طرؼ الكزيريف المختصيف لمنح صفة ضابط الشرطة القضائية
لممترشح.
250
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-أما بالنسبة لضباط كضباط الصؼ التابعيف لمصالح األمف العسكرم ،فيشترط أف يككف
المرشح منتسبا لمصالح األمف العسكرم كأف يصدر قرار مشترؾ بيف كزير العدؿ ككزير
الدفاع.
كيمكف لمنائب العاـ ،بناء عمى نتائج التقييـ السنكم لضابط الشرطة القضائية أك
متطمبات حسف سير الشرطة القضائية ،أف يقرر السحب المؤقت أك النيائي لمتأىيؿ ،كيجكز
لضابط الشرطة المعني رفع التظمـ أماـ النائب العاـ ،كفي حالة رفض التظمـ أك عدـ الرد
عميو خبلؿ أجؿ ثبلثيف يكـ يمكف لممعني الطعف في قرار سحب التأىيؿ أماـ لحنة خاصة
تتشكؿ مف ثبلثة قضاة حكـ مف المحكمة العميا يعينيـ الرئيس األكؿ.2
القانكف 10/00المؤرخ في 30مارس ،3100المعدؿ كالمتمـ لؤلمر 055/00المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية، 1
نصر الديف ىنكني ،الضبطية القضائية في القانكف الجزائرم ،الطبعة الثانية ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع، 3
251
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كيتحدد االختصاص المحمي ل ضباط الشرطة القضائية تحت سمطة ككيؿ الجميكرية
الذم يدير عمميـ في مرحمة جمع االستدالالت ، 1بمكاف ارتكاب الجريمة أك مكاف تكقيؼ
المشتبو فييـ أك مكاف إقامتيـ ،2غير أنو كبناء عمى المكاد 16ك 16مكرر ك 40مكرر1
ك 40مكرر 2ك 40مكرر 3مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،فإف االختصاص المحمي لضباط
الشرطة القضائية ،يتسع ليشمؿ اختصاص محمي لمحاكـ أخرل غير المحكمة التي يباشركف
ميمتيـ في دائرة اختصاصيا ليشمؿ دائرة اختصاص المحكمة المختصة المكسع
اختصاصيا المحمي كفقا ألحكاـ المرسكـ التنفيذم 348/06السابؽ الذكر.
كما قد يمتد اختصاصيـ إلى كامؿ التراب الكطني ،كىذا في حالة ما إذا تعمؽ األمر
بالتحريات في جرائـ معينة ،حصرتيا المادة الفقرة 7مف المادة 16في جرائـ المخدرات
كالجريمة المنظمة عبر الحدكد الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات
3
كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب كالجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ كجرائـ الفساد
باإلضافة إلى ذلؾ أشارت المادة 16في الفقرة 6إلى االختصاص المحمي لضباط الشرطة
الق ضائية التابعيف لمصالح األمف العسكرم ،إذ يمتد اختصاصيـ المحمي إلى كافة اإلقميـ
الكطني في جميع األحكاؿ.4
كقد كرد في المادة 24مكرر 1فقرة 2مف القانكف 01/06المتعمؽ بالكقاية مف
الفساد كمكافحتو ،المعدؿ كالمتمـ ،أف ضباط الشرطة القضائية التابعيف لمديكاف المركزم لقمع
نصت المادة 03مف األمر 055/00المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :يقكـ بميمة الشرطة القضائية ،القضاة كالضباط كاألعكاف 1
بعد صدكر القانكف 15/01المؤرخ في 30غشت 3101المعدؿ كالمتمـ لمقانكف 10/10المتعمؽ بالكقاية مف الفساد 3
كمكافحتو أصبحت جرائـ الفساد تخضع الختصاص المحاكـ ذات االختصاص المكسع بمكجب المادة 35مكرر.0
أنشأ المشرع الجزائرم في سنة 3105كبمكجب المرسكـ الرئاسي 038/05مصمحة التحقيؽ القضائي لمديرية األمف 4
الداخمي بدائرة االستعبلـ كاألمف ،حيث حددت مياميا في ضبط اإلجراءات البلزمة لجمع األدلة المرتبطة بالجنح كالجرائـ
المتصمة بأمف اإلقميـ ،اإلرىاب ،التخريب كالجريمة المنظمة .أنظر :المكاد 0 ،5 ،5ك 3مف المرسكـ الرئاسي 038/05
المؤرخ في 00يكنيك 3105يتضمف إنشاء مصمحة التحقيؽ القضائي لمديرية األمف الداخمي بدائرة االستعبلـ كاألمف
كمياميا كتنظيميا ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،83صادر في 03يكنيك .3105
252
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الفساد 1يمتد اختصاصيـ المحمي في جرائـ الفساد كالجرائـ المرتبطة بيا إلى كامؿ التراب
الكطني.
المطمب الثاني
إف جريمة تبييض األمكاؿ كغيرىا مف الجرائـ النكعية ذات الخطكرة كالتعقيد التي
ارتبطت بالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية ،كمف ثـ تستدعي مبلحقتيا عف طريؽ
است حداث كسائؿ جديدة لمبحث كالتحقيؽ تتعدل فعاليتيا األساليب المعيكدة ،كىك األمر الذم
تبناه المشرع الجزائرم مف خبلؿ نص قانكف اإلجراءات الجزائية الذم تضمف أساليب جديدة
لـ تكف معركفة مف قبؿ عمى مستكل البحث كالتحقيؽ القضائي.
لذا سكؼ نتناكؿ في ىذا المطمب أساليب البحث كالتحقيؽ في جريمة تبييض األمكاؿ
مف خبلؿ التدابير الخاصة في مجاؿ االستخبار المالي (الفرع األكؿ) ،ثـ األساليب الخاصة
المستحدثة لمبحث كالتحقيؽ في جريمة تبييض األمكاؿ (الفرع الثاني).
الفرع األول
عمدت الجزائر إلى تأكيد التزاميا بالجيكد الدكلية في الكقاية مف جريمة تبييض
األمكاؿ بتبنييا لمجمكعة مف التدابير بيدؼ الكشؼ كالتحرم عف عمميات تبييض األمكاؿ،
السيما مف خبلؿ إنشاء كحدة التحريات المالية ،2المتمثمة في خمية معالجة االستعبلـ المالي
تـ إنشاء الديكاف المركزم لقمع الفساد بمكجب المادة 18مف القانكف 10/10المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو، 1
المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 15/01بغرض إضفاء المزيد مف الفعالية في قمع الفساد .يعتبر مصمحة مركزية عممياتية لمشرطة
القضائية ،تكمؼ بالبحث عف الجرائـ كمكافحتيا في إطار مكافحة كاحالة مرتكبييا عمى الجيات القضائية المختصة .أنظر:
المرسكـ الرئاسي 350/00المؤرخ في 13ديسمبر ،3100يحدد تشكيمة الديكاف المركزم لقمع الفساد كتنظيمو ككيفية
عممو ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،03صادر في 05ديسمبر .3100
كحدات التحريات المالية جيات مك مفة بمكافحة تبييض األمكاؿ ،منصكص عمييا في الكثائؽ الدكلية ذات الصمة بمكضكع 2
تبييض األمكاؿ ،كيعتبر ىذا المصطمح ترجمة مقابمة لػ.Financial Intelligence Units (FIU) :
253
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
(أكال ) ،مع إلزاـ البنكؾ كالمؤسسات المالية كجيات أخرل باإلخطار عف العمميات المالية
المشتبو في ارتباطيا بتبييض األمكاؿ (ثانيا).
في إطار تنفيذ االلتزامات الدكلية التي انضمت إلييا الجزائر ،تـ إنشاء خمية معالجة
االستعبلـ المالي بمكجب المرسكـ التنفيذم 127/02المؤرخ في 07أبريؿ 2002المعدؿ
كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم 275/08كالمرسكـ التنفيذم .1157/13
كتتميز خمية معالجة االستعبلـ المالي بالصبغة المختمطة ،إذ جمع المشرع الجزائرم
بيف نمكذج الييئة اإلدارية كنمكذج ىيئة المبلحقة ، 2فيي تتكلى مكافحة جريمتي تبييض
األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب فقط عمى خبلؼ بعض كحدات االستعبلـ المالي األجنبية كالفرنسية
مثبل ،التي تيدؼ إلى مكافحة جميع الجرائـ المالية دكف استثناء.3
كما يبلحظ عمى المشرع الجزائرم ،أنو سارع إلى إنشاء خمية معالجة االستعبلـ
المالي سنة 2002قبؿ تجريـ فعؿ تبييض األمكاؿ سنة 2004بمكجب القانكف 14/04
حيث تـ تعديؿ قانكف العقكبات بإدراج القسـ السادس مكرر بعنكاف "تبييض األمكاؿ" ضمف
الفصؿ الثالث مف قانكف العقكبات ،المتعمؽ بالجنايات كالجنح ضد األمكاؿ.4
المرسكـ التنفيذم 030/13المؤرخ في 10فبراير ،3113المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كتنظيميا 1
كعمميا ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،38صادر في 0أبريؿ ،3113المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم 305/13المؤرخ في 10
سبتمبر ،3113ج.ر.ج.ج ،عدد ،51صادر في 0سبتمبر 3113كبالمرسكـ التنفيذم 050/08المؤرخ في 05أبريؿ
،3108ج.ر.ج.ج ،عدد ،38صادر في 33أبريؿ .3108
اخت مفت التشريعات الكطنية لمدكؿ عند إنشائيا لكحدة االستعبلـ المالي في األخذ بالنمكذج الذم يتفؽ مع األكضاع 2
254
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-1تشكيمة خمية معالجة االستعالم المالي وتنظيميا :طبقا لممرسكـ التنفيذم 157/13
المعدؿ كالمتمـ لممرسكـ التنفيذم 127/02المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي
كتنظيميا كعمميا ،تعتبر الخمية سمطة إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية المعنكية كاالستقبلؿ
المالي كتكضع لدل الكزير المكمؼ بالمالية.1
أ -تشكيمة خمية معالجة االستعالم المالي :يتككف مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي
طبقا لنص المادة 10مف المرسكـ التنفيذم 127/02المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم
275/08مف سبعة أعضاء منيـ:2
-الرئيس.
-قاضييف اثنيف يعينيما كزير العدؿ ،حافظ األختاـ ،بعد رأم المجمس األعمى لمقضاء.
فإضافة المجاؿ البنكي مف شأنو أف يككف عامبل محسنا ألداء خمية معالجة االستعبلـ
المالي ،كضماف فعاليتيا في معالجة اإلخطار بالشبية باعتبار أف البنكؾ كالمؤسسات المالية
األكثر استيدافا مف أجؿ تنفيذ عمميات تبييض األمكاؿ.
كما أف إضافة المجاؿ األمني مف شأنو اف يعزز دكر خمية معالجة االستعبلـ المالي
التي تككف دكما في حاجة إلى معمكمات أمنية ،كشخص ذك كفاءة في المجاؿ األمني لتقدير
كتحميؿ تمؾ المعمكمات.
المادة 13مف المرسكـ التنفيذم ،030/13المعدلة بالمادة 13مف المرسكـ التنفيذم ،050/08مرجع سابؽ. 1
حددت تشكيمة مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي قبؿ تعديؿ المادة 01مف المرسكـ التنفيذم 030/13بستة أعضاء 2
مف بينيـ رئيس ،يختاركف بسبب كفاءتيـ األكيدة في المجاليف القانكني كالمالي.
255
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أما بالنسبة لطريقة تعييف أعضاء مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي ،فالمبلحظ
أنو يكتنفيا الغمكض بالنسبة لؤلعضاء األربعة الذيف يتـ اختيارىـ بالنظر إلى كفاءتيـ في
المجاالت المالية كالبنكية كاألمنية ،حيث أف معيار تقدير تمؾ الكفاءة غير كارد في نص
المادة 10مف المرسكـ التنفيذم 127/02المعدؿ كالمتمـ بالمرسكـ التنفيذم ،275/08
باإلضافة إلى عدـ تحديد الجية التي تقترحيـ عمى خبلؼ القاضييف الذم أقر النص بأف
اختيارىـ يتـ مف طرؼ كزير العدؿ حافظ األختاـ.
كيتـ تعيف رئيس كأعضاء مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي بمكجب مرسكـ
رئاسي لمدة أربع سنكات قابمة لمتجديد مرة كاحدة.
كيمتزـ أعضاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كاألشخاص الذيف تستعيف بيـ بالسر
الميني ،بما في ذلؾ تجاه إداراتيـ األصمية ،ككذا باحتراـ كاجب التحفظ طبقا لمتشريع
المعمكؿ ب و . 1كما يستفيد أعضاء الخمية مف حماية الدكلة مف التيديدات كاإلىانات
كاليجمات مف أم طبيعة كانت ،التي يمكف أف تعرضكا ليا بسبب أك بمناسبة إنجاز
مياميـ.2
أما فيما يتعمؽ باألميف العاـ ،كطبقا لممادة 16مف المرسكـ التنفيذم 127/02
المعدؿ كالمتمـ فإنو يتكلى تسيير الشؤكف اإلدارية كالكسائؿ البشرية كالمادية لمخمية ،حيث يتـ
تعيينو بمقرر مف رئيس الخمية بعد مكافقة مجمسيا.
كقد استحدثت المادة 4مكرر 1مف القانكف 01/05المعدؿ كالمتمـ إجراء جديد لـ
بنص عميو المرسكـ التنفيذم 127/02المعدؿ كالمتمـ ،كىك تأدية اليميف القانكنية ألعضاء
خمية معالجة االستعبلـ المالي الذيف لـ يسبؽ ليـ تأدية اليميف في إطار ممارسة مياميـ
كالمستخدمكف المؤىمكف لبلطبلع عمى المعمكمات ذات الطابع السرم أماـ المجمس القضائي
قبؿ تنصيبيـ بالعبارات اآلتية " :أقسـ باهلل العمي العظيـ أف أقكـ بميامي أحسف قياـ كأف
أخمص في تأديتيا كأكتـ سرىا كأسمؾ في كؿ الظركؼ سمككا شريفا".3
256
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ب -تنظيم خمية معالجة االستعالم المالي :تتككف خمية معالجة االستعبلـ المالي مف
مصالح تقنية يتـ تحديدىا بمكجب قرار كزارم مشترؾ بيف الكزير المكمؼ بالمالية كالسمطة
المكمفة بالكظيفة العمكمية بناء عمى اقتراح مجمسيا . 1كقد صدر في ذلؾ القرار الكزارم
المشترؾ المؤرخ في أكؿ فبراير 2005الممغى بالقرار الكزارم المشترؾ المؤرخ في 28مايك
2007المتضمف تنظيـ المصالح التقنية لخمية معالجة االستعبلـ المالي 2الذم حددىا في
المصالح التالية:3
كتتمقى مصمحة التحريات اإلخطارات بالشبية التي ترد إلى خمية معالجة االستعبلـ
المالي ،ككذا كؿ التقارير كالمعمكمات ،كتقكـ بتفحصيا كفقا لممعايير المكضكعة مسبقا ،كيتـ
مقارنتيا بإخطارات أخرل مف نشاط مماثؿ كي يتـ تحديد العمميات غير العادية باستعماؿ
منيج منتظـ لمقارنة المعمكمات الكاردة باإلخطارات بالشبية.
مصمحة الوثائق وقاعدة البيانات :تكمؼ ىذه المصمحة بجمع المعمكمات كتشكيؿ بنؾ
المعمكمات الضركرم لحسف سير خمية معالجة االستعبلـ المالي.
كما تقكـ بجمع كحفظ كؿ الكثائؽ كالدراسات كاألدكات البيداغكجية لمتدريب ،كتسعى
لبلطبلع عمى كؿ ما يستجد في العالـ في مجاؿ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كمكافحتو.
القرار الكزارم المشترؾ المؤرخ في 33مايك ،3110يتضمف تنظيـ المصالح التقنية لخمية معالجة االستعبلـ المالي، 2
257
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كباعتبار الطابع الدكلي لجريمة تبييض األمكاؿ ،فإف التحريات تستدعي في الكثير
مف األحياف طمب معمكمات مف دكؿ أجنبية ،كىذه ىي ميمة مصمحة التعاكف حيث تقكـ
بجمع كؿ البيانات الخاصة بكحدات االستعبلـ المالي في العالـ كالقكانيف المتعمقة بالتعاكف
الدكلي ،كأيضا كؿ ما يتعمؽ بنشاط خمية معالجة االستعبلـ المالي عمى المستكل الدكلي.
-2ميام خمية معالجة االستعالم المالي :استنادا ألحكاـ المرسكـ التنفيذم 127/02
المعدؿ كالمتمـ ،المتضمف إنشاء خمية معالجة االستعبلـ المالي كتنظيميا كعمميا ،تكمؼ ىذه
الييئة بمياـ الكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب كمكافحتيما عمى المستكييف الكطني
كالدكلي.
أ -ميام خمية معالجة االستعالم المالي عمى المستوى الوطني :تتكلى خمية معالجة
االستعبلـ المالي بيذه الصفة المياـ التالية:1
-ترسؿ عند االقتضاء الممؼ إلى ككيؿ الجميكرية المختص إقميميا ،كمما كانت الكقائع
المعاينة قابمة لممتابعة الجزائية.
بمغ عدد اإلخطارات بالشبية التي تمقتيا خمية معالجة االستعبلـ المالي سنة 3103مف األشخاص الخاضعيف 0808 2
258
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كمف أجؿ القياـ بيذه المياـ يمكف لخمية معالجة االستعبلـ المالي أف تتكلى:
-طمب كؿ كثيقة أك معمكمة ضركرية إلنجاز المياـ المسندة إلييا مف الييئات كاألشخاص
الذيف يعينيـ القانكف.2
-اتخاذ إجراءات تحفظية كلمدة أقصاىا 72ساعة عمى تنفيذ أم عممية بنكية ألم شخص
طبيعي أك معنكم يشتبو في قيامو بعممية تبييض األمكاؿ ،4كليا أف تطمب التمديد مف رئيس
محكمة الجزائر.
-التكقيع عمى بركتكككالت اتفاؽ كتبادؿ المعمكمات مع السمطات المختصة كما ىي محددة
في المادة 04مف القانكف 05/01المتعمؽ بالكقاية مف تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب
كمكافحتيما.5
ب -ميام خمية معالجة االستعالم المالي عمى المستوى الدولي :تقكـ خمية معالجة
االستعبلـ المالي عمى غرار باقي كحدات التحريات المالية بمياـ عمى المستكل الدكلي فيما
يتعمؽ بتبادؿ المعمكمات مع الييئات األجنبية التي تمارس مياـ مماثمة ،مع مراعاة مبدأ
المعاممة بالمث ؿ ، 6عمى أف يتـ ىذا التعاكف كتبادؿ المعمكمات مع مراعاة كاجب السر
المادة 15مف المرسكـ التنفيذم 030/13المعدؿ كالمتمـ ،مرجع سابؽ؛ المادة 05مف القانكف 10/15المعدؿ كالمتمـ، 2
مرجع سابؽ.
المادة 10مف المرسكـ التنفيذم 030/13المعدؿ كالمتمـ ،نفس المرجع. 3
المادة 13مف المرسكـ التنفيذم 030/13المعدؿ كالمتمـ ،نفس المرجع؛ المادة 35مف القانكف 10/15المعدؿ كالمتمـ، 6
مرجع سابؽ.
259
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الميني 1كأف ال يمس بالسيادة كاألمف الكطنييف أك النظاـ العاـ كالمصالح األساسية لمجزائر.2
كفي نفس اإلطار ،كسعيا مف الجزائر إلى تعزيز التعاكف مع كحدات التحريات المالية
عبر العالـ ،تـ إبراـ عدة اتفاقيات دكلية مف قبؿ خمية معالجة االستعبلـ المالي منيا اتفاقية
التعاكف بيف خمية معالجة االستعبلـ المالي ككحدة مكافحة تبييض األمكاؿ كالحاالت
المشبكىة بدكلة اإلمارات العربية المتحدة بتاريخ 19مايك ،2010كاتفاقية التعاكف مع خمية
معالجة االستعبلـ المالي كمكافحة الدكرات المالية غير الشرعية بفرنسا بتاريخ 28مارس
.2012
ك ما سعت الجزائر إلى خمؽ قنكات اتصاؿ عمى المستكل اإلقميمي كالدكلي ،إذ تعتبر
الجزائر عضكا مؤسسا لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا مند سنة
،2004كقد شاركت في جميع االجتماعات العامة لممجمكعة .3أما عمى المستكل الدكلي فقد
حققت الجزائر انضماميا إلى مجمكعة "إيجمكنت" 4في اجتماعيا المنعقد مف 01إلى 05
يكليك 2013بدكلة جنكب إفريقيا ،كالذم مف شأنو أف يساىـ في تدعيـ الخمية لمقياـ بالمياـ
المككمة ليا السيما ما تعمؽ منيا بالجكانب التقنية.
كعمى الرغـ مف التزاـ الجزائر بالتكصيات كاالقتراحات الدكلية بخصكص إنشاء كحدة
لمتحريات المالية كمركز كطني لجمع المعمكمات كالبيانات الخاصة بعمميات تبييض األمكاؿ
كمعالجتيا كتحميميا ،إال أف أداء الخمية ظؿ محؿ عدة انتقادات كىك ما عكسو تقرير التقييـ
المشترؾ لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا لسنة ،2010األمر
احتضنت الجزائر االجتماع العاـ الرابع عشر لمجمكعة العمؿ المالي لمنطقة الشرؽ األكسط كشماؿ إفريقيا المنعقد مف 3
مدينة برككسؿ سنة 0225كعقدت اجتماعيا في قصر egmontبمبادرة مف كحدات مكافحة تبييض األمكاؿ في بمجيكا
( )ctifكالكاليات المتحدة األمريكية ( .)finenceأنظر :نبيؿ صقر ،تبييض األمكاؿ في التشريع الجزائرم ،مرجع سابؽ،
ص ص002-003؛ بف قمى ليم ى ،كحدات المخابرات المالية كدكرىا في مكافحة تبييض األمكاؿ ،رسالة دكتكراه في القانكف
الخاص ،كمية الحقكؽ ،جامعة أبي بكر بمقايد بتممساف ،الجزائر ،3100/3105 ،ص.030
260
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الذم دفع بالمشرع الجزائرم إلى تعزيز استقبللية كصبلحيات خمية معالجة االستعبلـ المالي
في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ اإلرىاب مف خبلؿ:
-تغيير الطبيعة القانكنية لمخمية مف مؤسسة عمكمية إلى سمطة إدارية مستقمة.
-تمكيف الخمية الحصكؿ عمى معمكمات مف الخاضعيف كمف السمطات المختصة بعد تمقي
طمبات مف ىيئات الدكؿ األخرل التي تمارس مياـ مماثمة.1
-رفع السر الميني أك السر البنكي في مكاجية خمية معالجة االستعبلـ المالي.2
-تعزيز استقبللية أعضاء الخمية مف خبلؿ تصنيؼ كدفع راتب رئيس كأعضاء مجمس
الخمية استنادا إلى كظيفة مدير عاـ في اإلدارة المركزية كرئيس قسـ في اإلدارة المركزية عمى
التكالي.3
-إخضاع العنصر البشرم بالخمية لمتككيف في مجاؿ مكافحة تبييض األمكاؿ كتمكيؿ
اإلرىاب.
أكلت الكثائؽ الدكلية اىتماما بالغا بكاجب اإلخطار ،مف خبل تحديد الجيات التي يقع
عمييا ىذا االلتزاـ ،كاآلثار القانكنية المترتبة عنو ،4فأكصت مجمكعة العمؿ المالي الدكلية
ضركرة اإلخطار عف المعامبلت المشتبو فييا ،كما فرضت عمى البنكؾ كالمؤسسات المالية
ضركرة االنتباه لمعمميات غير العادية ،كالتي ال يككف ليا غرض اقتصادم كاضح.
261
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كعمى ذات النيج سارت التشريعات الداخمية لمدكؿ ،فألزمت البنكؾ كالمؤسسات المالية
كغيرىا مف المؤسسات المعرضة بشكؿ خاص لعمميات تبييض األمكاؿ اإلخطار عف
العمميات المشبكىة التي تثير الشؾ في عبلقتيا بنشاط تبييض األمكاؿ.
كيحتكم اإلخطار بالشبية عمى البيانات اإللزامية الكاردة في المادة 5مف المرسكـ
التنفيذم 05/06السالؼ الذكر كالمتعمقة بالمخطر ،الزبكف ،العمميات محؿ االشتباه ،دكاعي
االشتباه مع ضركرة إرفاقو بكؿ الكثائؽ الجازمة المتعمقة بالعممية المعنية.2
المرسكـ التنفيذم 15/10المؤرخ في 2يناير ،3110يتضمف شكؿ اإلخطار بالشبية كنمكذجو كمحتكاه ككصؿ استبلمو، 1
262
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أما بخصكص الطبيعة القانكنية لئلخطار بالشبية ،فقد تباينت اتجاىات الفقياء بيف
مف يعتبره سببا مف أسباب اإلباحة ،بينما اعتبره البعض اآلخر مانع مف مكانع العقاب ،في
حيف اعتبره جاني آخر مف الفقو مانعا مف مكانع المسؤكلية.
كذىب الرأم القائؿ بأف اإلخطار بالشبية سبب مف أسباب اإلباحة إلى أف األصؿ
العاـ ىك اعتبار إفشاء المعمكمات جريمة ،كمف ثـ فإف إباحة اإلخطار بالشبية يعد سببا مف
أسباب إباحة جريمة اإلفشاء طبقا لمقكاعد العامة ،التي تعتبر أداء الكاجب سببا عاما
لئلباحة ،فمف يقكـ باإلخطار عف العمميات المالية المشبكىة يعد مرتكبا لفعؿ مشركع ،كعميو
يخرج الفعؿ مف نطاؽ التجريـ إلى نطاؽ اإلباحة ألسباب مكضكعية كليست شخصية.1
أما جانب الفقو القائؿ بأف اإلخطار بالشبية مانعا مف مكانع العقاب ،فيرل أف أغمب
تشريعات مكافحة تبييض األمكاؿ قررت صراحة إعفاء كؿ مف قاـ باإلخطار بالشبية أك
تقديـ معمكمات عف ىذه األنشطة ،شريطة تكافر حسف النية لدل القائـ باإلخطار ،كمف ىنا
يعفى ىذا األخير مف العقاب ألسباب شخصية يستفيد منيا.
أما الجانب الثالث مف الفقو القائؿ بأف اإلخطار بالشبية مانعا مف مكانع المسؤكلية
فيرل أف المسؤكلية الجنائية تنتفي بغياب القصد الجنائي لدل الفاعؿ ،فالمكظؼ الذم يخطر
بحسف النية ينتفي لديو القصد الجنائي ،كمف تـ تنتفي المسؤكلية الجنائية.
263
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كفي منظكرنا ،فإف المشرع الجزائرم قد أحسف فعبل عند اعتبار اإلخطار بالشبية
مانعا مف مكانع العقاب ،ذلؾ أف المسؤكلية تبنى عمى أسباب شخصية كليس مكضكعية
أضؼ إلى ذلؾ أف مكانع المسؤكلية محددة عمى سبيؿ الحصر كال يدخؿ اإلخطار في
إطارىا.1
-2األشخاص المكمفون بواجب اإلخطار بالشبية :ألزمت المادة 19مف القانكف 01/05
المعدؿ كالمتمـ ،جممة مف الييئات كاألشخاص بكاجب اإلخطار بالشبية كىي:
-البنكؾ كالمؤسسات المالية كالمصالح المالية لبريد الجزائر كالمؤسسات المشابية األخرل
كشركات التأميف كمكاتب الصرؼ كالتعاضديات كالرىانات كاأللعاب كالكازينكىات.
-كؿ شخص طبيعي أك معنكم يقكـ في إطار مينتو باالستشارة ك/أك إجراء عمميات إيداع
أك مبادالت أك تكظيفات أك تحكيبلت أك أية حركة لرؤكس األمكاؿ ،السيما عمى مستكل
الميف الحرة المنظمة كخصكصا ميف المحاميف كالمكثقيف كمحافظي البيع بالمزايدة كخبراء
المحاسبة كمحافظي الحسابات كالسماسرة كالككبلء الجمركييف كأعكاف الصرؼ كالكسطاء في
عمميات البكرصة كاألعكاف العقارييف كمؤسسات الفكترة ،ككذا تجار األحجار الكريمة
كالمعادف الثمينة كاألشياء األثرية كالتحؼ الفنية.
-كما ألزمت المادة 21مف القانكف 01/05السالؼ الذكر ،المفتشية العامة لممالية
كمصالح الضرائب كالجمارؾ كأمبلؾ الدكلة كالخزينة العمكمية ،كبنؾ الجزائر ،بصفة عاجمة
إرساؿ تقرير سرم إلى خمية معالجة االستعبلـ المالي فكر اكتشافيا ،خبلؿ قياميا بمياميا
الخاصة بالمراقبة كالتحقيؽ ،كجكد أمكاؿ أك عمميات يشتبو أنيا متحصؿ عمييا مف جريمة أك
يبدك أنيا مكجية لتبييض األمكاؿ ك/أك تمكيؿ اإلرىاب.
كردت مكانع المسؤكلية الجزائية في المكاد 53 ،50ك 52مف األمر 050/00المتضمف قانكف العقكبات المعدؿ كالمتمـ، 1
فالمادة 50نصت عمى أف" :ال عقكبة عمى مف كاف في حالة جنكف كقت ارتكاب الجريمة كذلؾ دكف اإلخبلؿ بأحكاـ الفقرة
3مف المادة ."30أما المادة 53فنصت عمى أنو" :ال عقكبة عمى مف اضطرتو إلى ارتكاب الجريمة قكة ال قبؿ لو بدفعيا"
كالمادة 52بنصيا عمى أنو" :ال تكقع عمى القاصر الذم ال يكمؿ الثالثة عشر إال تدابير الحماية أك التربية .كمع ذلؾ فإنو
في مكاد المخالفات ال يككف محبل إال لمتكبيخ".
264
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كفي حالة عدـ إببلغ خمية معالجة االستعبلـ المالي أك إرساؿ اإلخطار بالشبية
كاالمتناع عمدا عف تحرير اإلخطار ،يعاقب كؿ خاضع بغرامة مف 1.000.000دج إلى
10.000.000دج دكف اإلخبلؿ بعقكبات أشد كبأية عقكبة تأديبية أخرل.1
كما يعاقب مسيرك كأعكاف المؤسسات المالية كالخاضعكف ،الذيف يبمغكا عمدا صاحب
األمكاؿ أك العممية مكضكع اإلخطار بالشبية بكجكد ىذا اإلخطار ،أك أطمعكه عمى
المعمكمات حكؿ النتائج التي تخصو بغرامة مف 2.000.000دج إلى 20.000.000دج
دكف اإلخبلؿ بعقكبات أشد كبأية عقكبة تأديبية أخرل.2
-3إجراءات اإلخطار بالشبية :يتـ تحرير اإلخطار بالشبية كفؽ النمكذج المحدد في
المرسكـ التنفيذم 05/06المتضمف تحديد شكؿ اإلخطار بالشبية كنمكذجو كمحتكاه ككصؿ
استبلمو حيث نصت المادة الثانية منو عمى أف ينشأ نمكذج كحيد لئلخطار بالشبية ،كيحرر
بخط كاضح ،دكف حشك أك إضافة عف طريؽ الرقف أك آليا.3
كعمى إثر ذلؾ يقكـ مجمس خمية معالجة االستعبلـ المالي بتحميؿ المعمكمات كيعالج
اإلخطار بالشبية بكؿ الطرؽ كالكسائؿ الممكنة ،كجمع كؿ البيانات كتحميميا عمى ضكء
المعطيات المتضمنة في اإلخطار بالشبية التي تسمح باكتشاؼ مصدر األمكاؿ المشبكىة
كالطبيعة الحقيقية لمعمميات مكضكع اإلخطار ،كذلؾ بمكجب المادة 10مكرر مف المرسكـ
التنفيذم 127/02المعدؿ كالمتمـ التي أقرت المكضكعات التي يتداكؿ بشأنيا مجمس الخمية
كالمرتبطة بالتصريحات بالشبية مف خبلؿ تنظيـ اإلجراءات المخصصة الستغبلؿ كمعالجة
تصريحات االشتباه كتقارير التحقيقات كالتحريات.
265
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كعمى إثر تحميؿ المعطيات كالمعمكمات حسب أحكاـ المادة 4مف المرسكـ التنفيذم
127/02المعدؿ كالمتمـ كالمادة 6مف القانكف 01/05المعدؿ كالمتمـ ،إذا رأت خمية
معالجة االستعبلـ المالي إرساؿ الممؼ لككيؿ الجميكرية المختص إقميميا كمما كانت الكقائع
المعاينة قابمة لممتابعة الجزائية ،فإف اإلخطار بالشبية يسحب مف الممؼ كي ال تعرؼ الجية
التي أخطرت الخمية ،تبعا لمسرية التي تتـ بيا إجراءات التحقيؽ التي تضطمع بيا خمية
معالجة االستعبلـ المالي.
كلخمية معالجة االستعبلـ المالي الحؽ في االعتراض بمكجب تدابير تحفظية عمى
العمميات محؿ الشبية ألم شخص معنكم أك طبيعي كذلؾ لمدة ال تتجاكز 72ساعة ،كال
يمكف تجاكزىا بأم حاؿ مف األحكاؿ إال بمكجب قرار قضائي مف رئيس محكمة سيدم
أمحمد بالجزائر العاصمة بطمب مف رئيس الخمية كبعد االطبلع عمى رأم ككيؿ الجميكرية
لتمديد آجاؿ اإلجراءات التحفظية أك األمر بالحراسة القضائية المؤقتة عمى األمكاؿ
كالحسابات أك السندات مكضكع اإلخطار بالشبية.1
كعند فتح التحقيؽ سكاء االبتدائي أك القضائي يجب التحقيؽ في الجريمة األصمية
كالتبعية كعبلقتيما ،فإذا كانت القضية أماـ الشرطة القضائية فعمييـ التحقيؽ في الجريمة
األصمية كاثباتيا لمنيابة العامة ،كاذا كانت القضية أماـ قاضي التحقيؽ فإف ىذا األخير يحقؽ
في الكقائع األكلى لمجريمة األصمية كاثبات عبلقتيا بالجريمة التبعية كىي جريمة تبييض
األمكاؿ قبؿ إصدار أمر اإلحالة عمى قسـ الجنح ألف جريمة تبييض األمكاؿ جنحة كاذا
كانت الجريمة األصمية جناية فإنو يصدر أمر بإرساؿ مستندات القضية لمسيد النائب العاـ
المختص ليقكـ بتحكيؿ الممؼ إلى غرفة االتياـ كىذه األخيرة تصدر أمر اإلحالة عمى
محكمة الجنايات.
266
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الفرع الثاني
يعتبر تبييض األمكاؿ مف الظكاىر التي ارتبط كجكدىا بظيكر الجريمة ،إال أف
التطكر في مجاؿ المعمكمات كاالتصاالت ضاعؼ مف تعقيدىا كخطكرتيا حتى تـ إدراجيا
ضمف قائمة األنماط المستحدثة مف الجرائـ لما تتسبب فيو مف أضرار ،ينبغي التصدم ليا
بمختمؼ الكسائؿ القانكنية كالفنية كالتدابير البلزمة لعممية البحث كالتحرم في ظؿ الكسائؿ
المتاحة رغـ ما يكاجو ذلؾ مف عراقيؿ.
كقد أدل االنتقاؿ مف الجرائـ التقميدية إلى الجرائـ النكعية إلى جعؿ التعامؿ معيا
محفكفا با لمخاطر ،كما جعؿ عمؿ الشرطة القضائية لمبحث كجمع األدلة ضد مرتكبي ىذه
الجرائـ أصعب مما سبؽ ،كىك ما استمزـ تدخؿ المشرع الجزائرم باستحداث أساليب تحرم
كتحقيؽ ليا مف الخصكصية ما يتناسب مع متطمبات ضبط الكجو الجديد لئلجراـ كلـ يستثني
مف ذلؾ جريمة تبييض األمكاؿ.
كتتمثؿ أساليب التحرم كالتحقيؽ الخاصة لجمع األدلة الخاصة بالشرطة القضائية في
عمميات التسرب ،كاعتراض المراسبلت ،كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر ،كالتسميـ المراقب
لمعائدات اإلجرامية ،كىي أساليب لـ تكف معيكدة مف قبؿ تـ استحداثيا في التشريع الجزائرم
إذا تعمؽ األمر بجرائـ المخدرات كجرائـ اإلرىاب كالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد كجرائـ
الفساد كجرائـ مخالفة التشريع كالتنظيـ الخاصيف بالصرؼ كجريمة تبييض األمكاؿ.
تعتبر عممية التسرب تقنية مف تقنيات التحرم كالتحقيؽ الخاصة التي تسمح لضابط
أك أعكاف الشرطة القضائية بالتكغؿ داخؿ جماعة إجرامية ،كذلؾ تحت مسؤكلية ضابط
شرطة قضائية آخر مكمؼ بتنسيؽ عممية التسرب بيدؼ مراقبة شخص أك أشخاص مشتبو
267
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
فييـ ككشؼ أنشطتيـ اإلجرامية ،كذلؾ بإخفاء اليكية الحقيقية كيقدـ المتسرب نفسو عمى أنو
فاعؿ أك شريؾ.1
كقد أعطى المشرع الجزائرم بمكجب المادة 65مكرر 11مف قانكف اإلجراءات
الجزائية لككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ بعد إخطار ككيؿ الجميكرية الصبلحية بأف
يأذف تحت رقابتو حسب الحالة بمباشرة عممية التسرب ،عندما تقتضي ضركرات التحرم أك
التحقيؽ في إحدل الجرائـ المنصكص عمييا في المادة 65مكرر 5مف نفس القانكف.2
-1تعريف عممية التسرب :عرؼ المشرع الجزائرم عممية التسرب بأنيا قياـ ضابط أك عكف
الشرطة القضائية تحت مسؤكلية ضابط الشرطة القضائية المكمؼ بتنسيؽ العممية بمراقبة
األشخاص المشتبو في ارتكاب جناية أك جنحة ،كذلؾ بإيياميـ أنو فاعؿ معيـ أك شريؾ ليـ
أك خاؼ.3
فالتسرب ىك إجراء يقكـ بو ضابط الشرطة القضائية أك أحد أعكانو تحت مسؤكلية
الضابط يكىـ األشخاص المشتبو في ارتكابيـ لجريمة مف الجرائـ التي تعتبر جناية أك جنحة
بأنو كاحد منيـ ليتمكف مف مراقبتيـ قصد الكشؼ عف مبلبسات ىذه الجريمة كاإلطاحة
بمرتكبييا.4
كليذا الغرض أجازت المادة 65مكرر 14لضباط كأعكاف الشرطة القضائية المرخص
ليـ بإجراء عممية التسرب كاألشخاص الذيف يسخركنيـ ليذا الغرض ،دكف أف يككنكا
مسئ كليف جزائيا ،القياـ باقتناء أك حيازة أك نقؿ أك تسميـ أك إعطاء مكاد أك أمكاؿ أك
منتكجات أك كثائؽ أك معمكمات متحصؿ عمييا مف ارتكاب الجرائـ أك مستعممة في ارتكابيا
سياكم قدرم عبد الفتاح ،مناط كتحريات :االستدالالت كاالستخبارات ،منشأة المعارؼ ،مصر ،0223 ،ص.020 1
تتمثؿ الجرائـ الكاردة في المادة 05مكرر 5مف األمر 055/00المعدؿ كالمتمـ في جرائـ المخدرات أك الجريمة المنظمة 2
العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات أك جرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب أك الجرائـ
المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ أك جرائـ الفساد.
مجراب الدكادم ،األساليب الحديثة لمبحث كالتحرم في الجريمة المنظمة ،رسالة دكتكراه في القانكف العاـ ،كمية الحقكؽ، 3
268
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كاستعماؿ أك كضع تحت تصرؼ مرتكبي ىذه الجرائـ الكسائؿ ذات الطابع القانكني أك
المالي ،ككذلؾ كسائؿ النقؿ أك التخزيف أك اإليكاء أك الحفظ أك االتصاؿ.
-2شروط التسرب :يعد التسرب طريقة مف الطرؽ األمنية الحساسة كالخطيرة في نفس
الكقت ،كتستكجب العممية تحضي ار دقيقا كتنظيما متناىي الدقة مف الناحية المادية كالمعنكية
لمتكغؿ ضمف الكسط اإلجرامي المستيدؼ ،لمتعرؼ عمى الجريمة كعناصرىا ،كتحديد دكر
كؿ كاحد مف المجمكعة البشرية ،كالكقكؼ عمى نكاياىـ كأىدافيـ اإلجرامية ،عف طريؽ
المبلحظة كالتسجيؿ ألدؽ التفاصيؿ.1
كنظ ار لخطكرة إجراء التسرب ،فقد أخضعو المشرع الجزائرم لشركط كضكابط ،فبل
يمكف القياـ بعممية التسرب إال عندما تقتضي ضركرات التحرم أك البحث في بعض الجرائـ
كبمفيكـ المخالفة فإف كجكد أدلة كافية تعزز االشتباه أك االتياـ فأنو ال داعي لممخاطرة
بإجراء عممية التسرب . 2كما أكجبت المادة 65مكرر 15مف قانكف اإلجراءات الجزائية
تحت طائمة البطبلف أف يككف اإلذف بعممية التسرب مكتكبا كمسببا ،عمى أف ال تتجاكز مدة
عممية التسرب أربعة أشير مع إمكانية تجديدىا حسب مقتضيات التحرم أك التحقيؽ ضمف
نفس الشركط الشكمية كالزمنية.
كيجكز لضباط كأعكاف الشرطة القضائية المتسربيف أف يستعممكا ىكية مستعارة تمكنيـ
مف االحتكاؾ باألشخاص مرتكبي الجريمة ،3كيحظر عمييـ الكشؼ عف ىكيتيـ الحقيقية في
جميع مراحؿ اإلجراءات ،سكاء كانت ىذه اإلجراءات في مرحمة جمع االستدالالت أك كانت
في مرحمة التحقيؽ أك مرحمة المحاكمة ،كقد أكدت عمى ذلؾ المادة 65مكرر 16مف قانكف
اإلجراءات الجزائية بنصيا عمى أنو" :ال يجكز إظيار اليكية الحقيقية لضابط أك أعكاف
الشرطة القضائية الذيف يباشركف عممية التسرب تحت ىكية مستعارة في أم مرحمة مف
مراحؿ اإلجراءات".
زكزك ىدل" ،التسرب كأسمكب مف أساليب التحرم في قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم" ،مجمة دفاتر السياسة كالقانكف، 2
269
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كقد قرر المشرع عقكبات جزائية لكؿ شخص يكشؼ عف ىكية ضباط أك أعكاف
الشرطة القضائية الذيف يباشركف عممية التسرب بالحبس مف سنتيف إلى خمس سنكات
كبغرامة مالية مف 50000دج إلى 200000دج ،كاذا تسبب الكشؼ عف اليكية في
أعماؿ عنؼ أك ضرب أك جرح عمى المتسربيف أك أزكاجيـ أك أبنائيـ أك أصكليـ المباشريف
تككف العقكبة الحبس مف خمس سنكات إلى عشر سنكات كالغرامة مف 200000دج إلى
500000دج.
-3أثر عممية التسرب :إذا تطمب األمر القياـ بعممية التسرب كتكافرت جميع شركطو يباشر
عنصر الضبطية القضائية ميامو مف أجؿ الكشؼ عف مبلبسات الجريمة ،كيترتب عمى ذلؾ
جكاز سماع ضابط الشرطة القضائية دكف غيره عف العممية التي أجراىا بنفسو أك بالتنسيؽ
مع أحد معاكنيو بكصفو شاىدا طبقا لما جاءت بو المادة 65مكرر 18مف قانكف اإلجراءات
الجزائية التي نصت عمى أنو" :يجكز سماع ضابط الشرطة القضائية الذم تجرل عممية
التسرب تحت مسؤكليتو دكف سكاه بكصفو شاىدا عف العممية".
كيبلحظ أف نص المادة السابقة الذكر مبيـ كغير كاضح لعدـ معرفة ىدؼ المشرع
مف سماع ضابط الشرطة القضائية المنسؽ لعممية التسرب "دكف سكاه" ،ىؿ يعني مف خبلليا
سماع ضابط الشرطة القضائية الذم تجرل عممية التسرب تحت مسؤكليتو دكف سماع ضابط
أك عكف الشرطة القضائية المتسرب في العممية؟ ،أـ يقصد مف خبلليا عدـ سماع بقية
أطراؼ الدعكل ،مف شيكد كضحايا كخبراء كغيرىـ؟.
إف ىذه التساؤالت تبقى قائمة في ظؿ الصياغة الحالية لنص المادة 65مكرر 18مف
قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ كالمتمـ بالقانكف ،22/06مما يستكجب إعادة النظر في
صياغتيا كتعديميا لرفع المبس بإعفاء العامميف معو ،أك فسح المجاؿ أماـ القضاء لسماع
ضابط الشرطة القضائية التي تجرل عممية التسرب تحت مسؤكليتو كعكف الشرطة القضائية
المتسرب لئلدالء بشيادتو.
كما حدد المشرع الجزائرم ثبلثة صكر تتـ بيا عممية التسرب كفقا لنص المادة 65
مكرر 12مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،المعدؿ كالمتمـ التي نصت عمى أنو" :يقصد
بالتسرب قياـ ضابط أك عكف الشرطة القضائية ،تحت مسؤكلية ضابط الشرطة القضائية
270
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
المكمؼ بتنسيؽ العممية بمراقبة األشخاص المشتبو في ارتكابيـ جناية أك جنحة أك إيياميـ
أنو فاعؿ معيـ أك شريؾ أك خاؼ" ،كىذه الصكر ىي:
أ -ضابط أو عون الشرطة القضائية المتسرب فاعل :يحتؿ ضابط أك عكف الشرطة
القضائية المتسرب مرك از مباش ار في تنفيذ العمؿ اإلجرامي حيث يتصرؼ مع المشتبو فييـ
كأنو عنص ار منيـ ،كفاعبل في الجريم ة مف أجؿ كسب ثقتيـ لمحصكؿ عمى الدليؿ المادم
إليقاع المشتبو فييـ كليس لتحريضيـ عمى ارتكاب الجريمة.
كعميو ،ال يجكز لضابط أك عكف الشرطة القضائية المأذكف لو بعممية التسرب خارج
األعماؿ المحددة عمى سبيؿ الحصر بمخالفات قانكنية أخرل كأف يقكـ بالسرقة ،أك يقتؿ أك
ينتيؾ الحرمات أك يقكـ بتزكير الكثائؽ كالمحررات كأم فعؿ مجرـ كيتيـ كيحاكـ كينقمب دكره
مف متسرب إلى مجرـ.1
ب -ضابط أو عون الشرطة القضائية شريك :يعتبر ضابط أك عكف الشرطة القضائية
المأذكف لو بعممية التسرب شريكا في نظر المشتبو فييـ ،بالنظر إلى المساعدة المادية
كالمعنكية التي يقدميا ليـ إلنجاز كتنفيذ مخططاتيـ اإلجرامية ،لكف في نظر المشرع يعتبر
غير مسئكؿ جزائيا عف تمؾ األفعاؿ.2
ج -ضابط أو عون الشرطة القضائية خاف :يعتبر اإلخفاء مف الصكر التي قد يتـ مف
خبلليا التسرب ،بحيث يجكز لضابط أك عكف الشرطة القضائية المأذكف لو بعممية التسرب
كالمسخر لمعم مية أف يمجأ إلخفاء األشياء المتحصؿ عمييا مف الجرائـ المنصكص عمييا في
المادة 65مكرر 14مف قانكف اإلجراءات الجزائية في مجمكعيا أك متفرقة ،لتأكيد انتمائو
إلى المجمكعة اإلجرامية كايياميـ بأنو عنصر يمكف االعتماد عميو لتحقيؽ أىدافيـ
ا إلجرامية ،كبالمقابؿ يمكنو جمع المعمكمات المفيدة كالمؤدية إلثبات الجريمة باألدلة دكف أف
يككف مسئكؿ مسئكلية جزائية في ىذا اإلطار ،كبالتالي ال يقع تحت طائمة العقكبات
نصت المادة 05مكرر 05مف األمر 055/00المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :يمكف ضباط كأعكاف الشرطة القضائية 2
المرخص ليـ بإجراء عممية التسرب كاألشخاص الذيف يسخركف ليذا الغرض ،دكف أف يككنكا مسئكليف جزائيا ،القياـ بما
يأتي."... :
271
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
المنصكص عمييا في المادة 387مف قانكف العقكبات التي تعاقب عمى اإلخفاء ،طالما أف
المشرع أضفى عمى عممو طابع الشرعية كاستثناء عف القكاعد العامة.
كبيذا تمكف عممية التسرب جيات البحث كالتحرم في جريمة تبييض األمكاؿ كعمى
رأسيا ككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ مف الكقكؼ عمى التفاصيؿ األساسية الرتكاب
الجريمة ككذا تحرير محاضر تشكؿ أدلة تخدـ الدعكل كتعطي نظرة عميقة حكؿ ما يحدث
داخؿ العصابات اإلجرامية ،كما تطرح أماـ جيات الحكـ بما لدييا مف حرية في تقدير ما
يعرض عمييا مف أدلة مختمؼ المحاضر المحررة بطرؽ احترمت فييا الشركط الشكمية
كالمكضكعية.
تـ إدراج اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كأسمكب لمتحرم إذا
تعمقت الكقائع المعركضة أماـ قاضي التحقيؽ بإحدل أنكاع الجرائـ التالية :جرائـ المخدرات
كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب كالجرائـ
المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ كجرائـ الفساد المنصكص كالمعاقب عمييا في القانكف
01/06المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ،ضمف الفصؿ الرابع المتمـ لمباب الثاني مف الكتاب
األكؿ بمقتضى القانكف 22/06المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية ،كيشمؿ المكاد مف
65مكرر 5إلى 65مكرر.10
-1المقصود باعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور :نصت المادة 65
مكرر 5مف قانكف اإلجراءات الجزائية المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 22/06عمى أنو" :إذا
اقتضت ضركرات التحرم في الجريمة المتمبس بيا أك التحقيؽ االبتدائي في جرائـ المخدرات
أك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية
لممعطيات أك جرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب أك الجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص
بالصرؼ ككذا جرائـ الفساد يجكز لككيؿ الجميكرية المختص أف يأذف بما يأتي:
272
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-كضع الترتيبات التقنية ،دكف مكافقة المعنييف مف أجؿ التقاط كتثبيت كبث كتسجيؿ الكبلـ
المتفكه بو بصفة خاصة أك سرية مف طرؼ شخص أك عدة أشخاص في أماكف خاصة أك
عمكمية أك التقاط صكر لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف خاص".
أ -اعتراض المراسالت :خص المشرع الجزائرم في المادة 65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات
الجزائية بالذكر المراسبلت التي تتـ عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السمكية كالبلسمكية دكف
الرسائؿ كالخطابات كالمطبكعات كالطركد لدل مكاتب البريد.1
كنظ ار لمتطكر الذم عرفو مجاؿ االتصاؿ ،فإف نص المادة 65مكرر 5السالؼ الذكر
جاء مكسعا ،أم لـ يقصر االعتراض عمى المكالمات الياتفية بؿ كسعو لمختمؼ كسائؿ
االتصاؿ السمكية كالبلسمكية.2
أما المراسبلت الع ادية ،فيي رسالة يرسميا شخص ما إلى شخص آخر أك عدة
أشخاص ،يخبره مف خبلليا بخبر أك فكرة أك رأم أك مكقؼ معيف ،ترسؿ عف طريؽ البريد
فكزم عمارة" ،اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد 1
الجزائية" ،مجمة العمكـ اإلنسانية ،كمية الحقكؽ قسنطينة ،الجزائر ،العدد ،88جكاف ،3101ص.380
نصت المادة 13فقرة 30مف القانكف 18/3111المحدد لمقكاعد العامة المتعمقة بالبريد كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية 2
عمى أنو يقصد بالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية" :كؿ تراسؿ أك إرساؿ أك استقباؿ عبلمات أك إشارات أك كتابات أك صكر
أك أصكات أك معمكمات مختمفة عف طريؽ األسبلؾ أك البصريات أك البلسمكي الكيربائي أك أجيزة أخرل كيربائية
مغناطسية".
مجراب الدكادم ،مرجع سابؽ ،ص.318 3
273
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أك تنقؿ بكاسطة رسكؿ ،أك تسمـ مباشرة إلى الشخص المعني ذاتو ،أك تسمـ بأم كسيمة
أخرل.1
كما أضفى المشرع حماية خاصة عمى مكاتب المكثقيف بمكجب المادة 04مف
القانكف 02/06المؤرخ في 20فبراير 2006المتضمف تنظيـ مينة التكثيؽ التي جاء فييا:
"يتمتع مكتب التكثيؽ بالحماية القانكنية ،فبل يجكز تفتيشو أك حجز الكثائؽ المكدعة بو إال
بناء عمى أمر قضائي مكتكب كبحضكر رئيس الغرفة الجيكية لممكثقيف ،أك المكثؽ الذم
يمثمو ،أك بعد إخطاره مباشرة".
كال تقتصر ىذه الحماية عمى مكاتب التكثيؽ فقط ،بؿ تمتد لتشمؿ مكاتب المحضريف
القضائييف بمكجب المادة 07مف القانكف 03/06المؤرخ في 20فبراير 2006المتعمؽ
بتنظيـ مينة المحضر القضائي التي نصت عمى أنو" :يتمتع مكتب المحضر القضائي
بالحماية القانكنية ،فبل يجكز تفتيشو أك حجز الكثائؽ المكدعة فيو ،إال بناء عمى أمر قضائي
مكتكب كبحضكر رئيس الغرفة الكطنية لممحضريف القضائييف أك المحضر الذم يمثمو أك
بعد إخطاره قانكنا".
كقد كرس المشرع الجزائرم ىذا اإلجراء بنص القانكف بالنسبة لممكثقيف كالمحضريف
القضائييف كالمحاميف لممحافظة عمى أسرار الناس المحمية بقكة القانكف.
ب -تسجيل األصوات :يطمؽ عمى تسجيؿ األصكات لفظ التصنت الذم يعبر عف اإلصغاء
كاالستماع إلى محادثات بشتى الكسائؿ.2
274
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كقد تناكؿ المشرع الجزائرم التصنت في نص الفقرة الثالثة مف المادة 65مكرر 5مف
قانكف اإلجراءات الجزائية التي خكلت ضباط الشرطة القضائية تحت المراقبة لككيؿ
الجميكرية صبلحية كضع الترتيبات التقنية دكف مكافقة المعنييف ،مف أجؿ التقاط كتثبيت
كبث كتسجيؿ الكبلـ المتفكه بو بصفة خاصة أك سرية مف طرؼ شخص أك عدة أشخاص
في أماكف خاصة أك عمكمية.
كيأخذ حكـ الحديث الخاص كالسرم الحديث الذم يتمؼ ضبو الشخص كتككف لو
داللة كال يشترط في ىذه الداللة أف تككف مفيكمة لدل عامة الناس ،كانما يكفي أف تككف
مفيكمة لدل فئة منيـ ،كسكاء كانت لغة المتحدث مفيكمة في حينيا أك بعد ترجمتيا الحقا
كسكاء كاف الحديث المتفكه بو صريحا أك كاف مشفرا.
كيفيـ مف نص المادة 65مكرر 5السالؼ الذكر ،أف الحديث الفردم الذم ينطبؽ بو
الشخص مع نفسو يمكف أف يككف محبل لمتجريـ ،طالما أف المشرع استخدـ عبارة "تسجيؿ
الكبلـ الذم يتفكه بو المشتبو فيو" ،كلـ يستثني الحديث الذم يتمفظ بو الشخص مع نفسو مف
النص القانكني.
كلـ يشترط المشرع كسيمة معينة لمتصنت كالتسجيؿ ،بؿ ترؾ اختيارىا لمشرطة
القضائية كأجاز لمقائميف بالبحث كالتحرم تسجيؿ حديث المشتبو فييـ كارسالو إلى الجية
المختصة لمكشؼ عف الجريمة كمرتكبييا كالمشاركيف فييا ،أك لمنع كقكعيا مف خبلؿ ىذه
التقنية التي أصبحت كسيمة مف كسائؿ التحقيؽ كجمع القرائف كاألدلة عف الجرائـ المحددة في
نفس المادة القانكنية المذككرة أعبله.
ج -التقاط الصور : 1أجازت الفقرة الثالثة مف المادة 65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات
الجزائية المعدؿ كالمتمـ ،لمشرطة القضائية لضركرات التحقيؽ في الجرائـ المنصكص عمييا
في نفس المادة التقاط صكر لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف خاص.
تعرؼ الصكرة بأنيا تشابو أك تطابؽ لمجسـ ناجـ عف انعكاس األشعة الضكئية المنبعثة منو عمى عدسة أك مرآة .أنظر: 1
محمد الشيمكم ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،3115 ،ص.300
275
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كما اعتبر المشرع التقاط أك نقؿ صكرة لشخص أك عدة أشخاص يتكاجدكف في مكاف
خاص بغير عمـ صاحبو أك رضاه جريمة يعاقب عمييا القانكف ،1كالعمة مف التجريـ أف لكؿ
شخص الحؽ في حماية حياتو الخاصة.
كقد عالج المشرع الحاالت التي يمكف فييا التقاط الصكرة كىي:
-أف يككف التقاط الصكرة متعمؽ بالجرائـ المنصكص عمييا عمى سبيؿ الحصر في المادة
65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات الجزائية.
-أف تمتقط الشرطة القضائية صكرة الشخص المشتبو فيو بناء عمى إذف كتابي صادر عف
السمطات القضائية المختصة ممثمة في ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ.
-أف يككف التقاط الصكرة برضا المجني عميو ،طالما أف األساس الذم اعتمده المشرع
لئلباحة ىك الرضا الذم يزيؿ صفة السرية التي أحاط بيا المشرع حماية الحياة الخاصة مف
االعتداء عمييا.
األصؿ أنو ال يجكز اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر بدكف
مكافقة كعمـ مسبؽ ممف يككف محبل ليا ،غير أف مصمحة التحقيؽ كضركراتو قد تستمزـ
القياـ بمثؿ ىذه العمميات عندما يتعمؽ األمر بالتحرم عف الجرائـ المنصكص عمييا في
المادة 65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،أيف تككف ىذه المصمحة أكلى بالرعاية مف
الحفاظ عمى أسرار الحياة الخاصة.2
أ -السمطة المختصة بإجراء عممية اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور:
منح المشرع الجزائرم لضباط الشرطة القضائية رخصة إجراء عممية اعتراض المراسبلت
نصت 818مكرر مف قانكف العقكبات عمى أنو" :يعاقب بالحبس مف ستة أشير إلى ثبلث سنكات كبغرامة مالية مف 1
51111دج إلى 811111دج ،كؿ مف تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لؤلشخاص ،بأية تقنية كانت كذلؾ... :
بالتقاط أك تسجيؿ أك نقؿ صكرة لشخص في مكاف خاص ،بغير إذف صاحبيا أك رضاه".
فكزم عمارة ،اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد 2
276
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
التي تتـ عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السمكية كالبلسمكية ،ككضع الترتيبات التقنية التي تسمح
بتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر دكف مكافقة المعنييف ،بمكجب إذف مف ككيؿ الجميكرية أك
قاضي التحقيؽ في مرحمة التحقيؽ االبتدائي في جرائـ المخدرات ،أك الجرائـ الماسة بأنظمة
المعالجة اآللية لممعطيات ،أك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية ،أك جريمة تبييض
األمكاؿ ،أك اإلرىاب ،أك جرائـ الصرؼ كجرائـ الفساد.
كبناء عمى مقتضيات المادة 65مكرر 4ك 65مكرر 5يتـ تنفيذ العمميات المأذكف بيا
تحت الرقابة المباشرة لككيؿ الجميكرية المختص ،كفي حالة فتح تحقيؽ قضائي تتـ العمميات
المأذكف بيا تحت الرقابة المباشرة لقاضي التحقيؽ.
كيراقب القضاء عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر مف
زاكيتيف ىما رقابة المشركعية ،كالرقابة المكضكعية.1
كتعني رقابة المشركعية مراقبة مدل مطابقة عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ
األصكات كالتقاط الصكر لمقانكف ،ككجكب حصكؿ ضابط أك عكف الشرطة القضائية عمى
إذف ،كعدـ تجاكزه مدة اإلذف كعدـ المساس بالسر الميني كغيرىا مف الجكانب اليامة.
أما الرقابة المكضكعية ،فتعني تقدير مدل قيمة ككفاية أدلة اإلثبات المكجكدة في
محاضر الضبطية القضائية.
كتمعب الرقابة القضائية دك ار ميما في تبصير ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ فإذا
تشكمت لو صكرة كاضحة يمكنو اتخاذ اإلجراءات الضركرية كالمناسبة إلظيار الحقيقة ،كما
ليا دكر في الحفاظ عمى المشركعية كحماية حقكؽ كحريات األفراد.2
ب -ميقات ومكان إجراء عممية اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور :لـ
يضع المشرع الجزائرم في قانكف اإلجراءات الجزائية قيكدا زمنية كال مكانية إلجراء عممية
اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر ،بحيث أجاز إجراؤىا في أية ساعة
نصر الديف مركؾ ،شرح قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم :التحرم كالتحقيؽ ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع، 1
األكاديمية لمبحث القانكني ،كمية الحقكؽ بجامعة بجاية ،الجزائر ،العدد ،3101 ،13ص.00
277
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
مف ساعات النيار كالميؿ حتى خارج األكقات المحددة في المادة 47مف قانكف اإلجراءات
الجزائية ، 1كفي كؿ مكاف خاص أك عاـ ،كاالستثناء الكحيد الذم نص عميو صراحة ىك
المتعمؽ باتخاذ اإلجراءات البلزمة لضماف احتراـ كتماف السر الميني.2
كيرد قيد آخر عمى ىذه العمميات كلك لـ يشر إليو المشرع ،فبل يمكف أف يخضع
الرؤساء كمقرات السفارات كالقنصميات األجنبية لعممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ أصكات
كالتقاط صكر .ف قد أضفى المشرع األممي حماية مطمقة عمى المحادثات التي يجرييا رؤساء
الدكؿ األجنبية ،كال يجكز تسجيؿ أحاديثيـ سكاء كاف ذلؾ داخؿ الغرفة أك يجرييا مف خبلؿ
المكالمات الياتفية ،كىي حماية مطمقة ال تحمؿ أم استثناء.3
كما تشمؿ ىذه الحماية المبعكثيف الدبمكماسييف كتمتد إلى مقر البعثة كمساكنيـ
كمحادثاتيـ كمراسبلتيـ ،فبل يجكز مراقبة أحاديثيـ أك تسجيميا حتى ال تككف مخالفة ألحكاـ
اتفاقية "فيينا" لمعبلقات الدبمكماسية لسنة ،1961حيث نصت المادة 24منيا عمى أنو:
"تككف محفكظات البعثة ككثائقيا مصكنة دائما أيا كاف مكانيا" .كلضماف حرمة جميع
المراسبلت الرسمية لمبعثة الدبمكماسية ،فإنو يسمح باستخداـ طركد بريدية خاصة جرت العادة
عمى تسميتيا بالحقيبة الدبمكماسية ،ككردت اإلشارة إلييا في الفقرة 3مف المادة 27التي
نصت عمى أنو" :ال يجكز فتح الحقيبة الدبمكماسية أك حجزىا".
ج -عدم مسؤولية القائم والمشرف عمى اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط
الصور :إف االعتداء عمى الحياة الخاصة بتسجيؿ أصكات األشخاص أك التقاط صكر ليـ
نصت المادة 50مف األمر 055/00المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :ال يجكز البدء في تفتيش المساكف كمعاينتيا قبؿ الساعة 1
الخامسة ( )5صباحا ،كال بعد الساعة الثامنة ( )3مساء إال إذا طمب صاحب المنزؿ ذلؾ أك كجيت نداءات مف الداخؿ أك
األحكاؿ االستثنائية المقررة قانكنا.
غير أنو يجكز إجراء المعاينة كالتفتيش كالحجز في كؿ ساعة مف ساعات النيار أك الميؿ قصد التحقؽ في جميع الجرائـ
المعاقب عمييا في المكاد 853إلى 853مف قانكف العقكبات ...كعندما يتعمؽ األمر بجرائـ المخدرات أك الجريمة المنظمة
العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب ككذا الجرائـ
المتعمقة بالتشريع الخاص بالصرؼ ."...
فكزم عمارة ،اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كالتسرب كإجراءات تحقيؽ قضائي في المكاد 2
278
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
خمسة كدخكؿ مساكنيـ دكف رضاىـ كمكافقتيـ ،في كؿ ساعة مف ساعات الميؿ كالنيار
بالكسر كتسمؽ الجدراف كفتح األقفاؿ ،كالمجكء إلى أساليب الخداع كافشاء السر الميني ،كميا
جرائـ ال يتحمؿ القائمكف بيا المسؤكلية الجنائية بسببيا إذا تمت أثناء أداء عممية اعتراض
المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر بمكجب إذف مف ككيؿ الجميكرية أك قاضي
التحقيؽ في إطار التحرم أك تحقيؽ قضائي يتعمؽ بالجرائـ الكاردة عمى سبيؿ الحصر في
نص المادة 65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات الجزائية.
أ -اإلذن القضائي :جعؿ المشرع الجزائرم بمكجب المادة 65مكرر 5مف قانكف اإلجراءات
الجزائية االختصاص باإلذف بإجراء عممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط
الصكر لككيؿ الجميكرية ،كفي حالة فتح تحقيؽ قضائي تتـ العممية المذككرة بناء عمى إذف
مف قاضي التحقيؽ كتحت مراقبتو المباشرة.
-أف يتضمف كؿ العناصر التي تسمح بالتعرؼ عمى االتصاالت المطمكب التقاطيا
كاألماكف السكنية المقصكدة أك غيرىا ،كالجريمة التي تبرر المجكء إلى ىذه التدابير كمدتيا.
-أف يككف مكتكبا تحت طائمة البطبلف ،ذلؾ أف األصؿ في العمؿ اإلجرائي الكتابة.
-أف يسمـ لمدة أقصاىا أربعة أشير قابمة لمتجديد حسب مقتضيات التحرم أك التحقيؽ
ضمف نفس الشركط الشكمية كالزمنية.
279
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-أف يتمتع مصدره باالختصاص النكعي كالمكاني بالبحث أك التحقيؽ القضائي في الجريمة
التي صدر اإلذف بشأنيا ،ككفق ا لمقكاعد العامة يتحدد االختصاص النكعي بحسب نكعية
الجريمة ،أما االختصاص المكاني بمحؿ الكاقعة ،أك ضبط المتيـ ،أك محؿ إقامتو.1
كالمبلحظ أف المشرع الجزائرم لـ يراع العامؿ الزمني ،إذ لـ يحدد عدد مرات قابمية
ىذا اإلذف إلى التجديد ،كما لـ ينص صراحة عمى ما إذا كاف يجكز لككيؿ الجميكرية أك
قاضي التحقيؽ الذم أذف بعممية اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر
تكقيفيا قبؿ المكعد المحدد في اإلذف.
ب -محضر اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور :أكجب المشرع الجزائرم
بمكجب المادة 65مكرر 9مف قانكف اإلجراءات الجزائية عمى ضابط الشرطة القضائية
المأذكف لو مف طرؼ ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ المختص أف يحرر محض ار عف
كؿ عممية اعتراض المراسبلت ككذا عف عمميات كضع الترتيبات التقنية كعمميات التقاط
الصكر كالتسجيؿ الصكتي ،كيذكر في المحضر تاريخ كساعة بداية ىذه العمميات كاالنتياء
منيا.
كما أكجب عمى ضابط الشرطة القضائية في المادة 65مكرر 10مف القانكف
المذككر أعبله كصؼ كنسخ المراسبلت كالصكر أك المحادثات المسجمة كالمفيدة في إظيار
الحقيقة كمرفقات تكدع بالممؼ ،كتنسخ كتترجـ المكالمات التي تتـ بالغة األجنبية عند
االقتضاء بمساعدة مترجـ يسخر ليذا الغرض.2
ىذا كلـ يبيف المشرع الجزائرم في النصكص المنظمة ليذه التدابير كيفية حفظ
التسجيبلت كالنسخ كالصكر التي تكدع بالممؼ ،ىؿ يتـ االحتفاظ بيا في أحراز مغمقة
كمختكمة بختـ ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ كما ىك الشأف عند حجز األشياء في
عبد اهلل أكى ابية ،شرح قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم :التحرم كالتحقيؽ ،دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع، 1
المادة الثالثة مف الدستكر التي نصت عمى أف" :المغة العربية ىي المغة الكطنية كالرسمية" كالمادة 13مف قانكف اإلجراءات
الجزائية التي نصت عمى أنو" :يجب أف تتـ اإلجراءات كالعقكد القضائية مف عرائض كمذكرات بالمغة العربية ،تحت طائمة
عدـ القبكؿ".
280
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
الحاالت العادية؟ أـ أنيا تترؾ بدكف حماية؟ كىك ما قد يعرضيا إلمكانية التبلعب بيا .كما
لـ يبيف المصير النيائي ليذه التسجيبلت كالنسخ كالصكر التي ترفؽ بالمحاضر.
كال يككف ليذه المحاضر قكة في اإلثبات ،إال إذا كانت صحيحة في الشكؿ طبقا
لممادة 214مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،كاألدلة الكاردة بيا ليا حجية نسبية ،أم صحيحة
ما لـ يقدـ ما يخالفيا.1
خبلفا لمقكاعد العامة التي تقتضي أف كؿ ما يقع عمى إقميـ الدكلة مف جرائـ يخضع
ألحكاـ قانكف العقكبات الكطني ، 2األمر الذم يقتضي مف السمطات المختصة أف تقكـ
بضبط كؿ جريمة تقع في إقميـ الدكلة كتخضعيا لتشريعيا الجنائي أيا كانت جنسية الفاعؿ
باإلضافة لضبط األشياء المتعمقة بالجريمة ،إال أنو استثناء كفي بعض الحاالت يتـ تأجيؿ
عممية ضبط األشياء المتعمقة بالجريمة إلى كقت الحؽ ،حيث يتـ السماح بدخكليا أك
خ ركجيا مف إقميـ دكلة أك المركر عبرىا إلى إقميـ دكلة أخرل ألجؿ التعرؼ عمى المقصد
النيائي ليذه األشياء كضبط الشبكة اإلجرامية ،كىذا ما يسمى بالتسميـ المراقب لمعائدات
اإلجرامية.
-1مفيوم التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :إف الكقكؼ عمى مفيكـ التسميـ المراقب
لمعائدات اإلجرامية كأسمكب خاص لمتحرم عف الجرائـ الكاردة في نص المادة 16مف قانكف
اإلجراءات الجزائية كمنيا جريمة تبييض األمكاؿ ،يتطمب بالضركرة التعرض لتعريفو (أ) ،ثـ
لخصائصو (ب).
نصت المادة 18فقرة 0مف قانكف العقكبات 050/00المعدؿ كالمتمـ عمى أنو" :يطبؽ قانكف العقكبات عمى كافة الجرائـ 2
281
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
أ -تعريف التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية
مف المصطمحات الحديثة نسبيا التي عرفتيا الدكؿ ،1كاتجيت إليو بعد التزايد الممحكظ في
نشاط اإلجراـ الدكلي.
كما يعرؼ بأنو السماح بالنقؿ غير المشركع لؤلشياء بعمـ مف السمطات كتحت رقابتيا
الدائمة ،بيدؼ التعرؼ عمى المقصد النيائي ليا كضبط جميع المتكرطيف.3
لقد اىتـ المشرع الجزائرم بكضع تعريؼ ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية
بمكجب المادة الثانية الفقرة (ؾ) مف القانكف 01/06المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو
التي عرفتو ب أنو" :اإلجراء الذم يسمح لشحنات غير مشركعة أك مشبكىة بالخركج مف اإلقميـ
الكطني أك ا لمركر عبره أك دخكلو بعمـ السمطات المختصة كتحت مراقبتيا ،بغية التحرم عف
جرـ ما ككشؼ ىكية األشخاص الضالعيف في ارتكابو".4
كيتضح مف خبلؿ ىذا التعريؼ أنو لمباشرة أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات
اإلجرامية يفترض تكافر معمكمات مسبقة لدل السمطات المختصة كأجيزة مكافحة الجريمة
حكؿ شحنة مشبكىة يجرم اإلعداد لتيريبيا أك نقميا مف مكاف آلخر سكاء داخؿ الدكلة أك
تمت اإلشارة ألسمكب التسميـ المراقب ألكؿ مرة في المادة األكلى فقرة (ز) مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير 1
282
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
خارجيا ،كمف تـ اتخاذ التدابير البلزمة لمقياـ بتعقب األمكاؿ غير المشركعة مف خبلؿ تحرم
مصدرىا كضبطيا كالحيمكلة دكف إمكانية التصرؼ فييا أك مباشرة أم سمطة عمييا.
كما أشار المشرع الجزائرم ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية في المادة 40
مف األمر 06/05المتعمؽ بمكافحة التيريب ،حيث نصت عمى أنو" :يمكف لمسمطات
المختصة بمكافحة التيريب أف ترخص بعمميا كتحت رقابتيا حركة البضائع غير المشركعة
أك المشبكىة لمخركج أك المركر أك الدخكؿ إلى اإلقميـ الجزائرم بغرض البحث عف أفعاؿ
التيريب كمحاربتيا بناء عمى إذف ككيؿ الجميكرية المختص".
أما في قانكف اإلجراءات الجزائية ،فمـ يعرؼ المشرع الجزائرم التسميـ المراقب
لمعائدات اإلجرامية بنص صريح ،لكنو أشار إليو في نص المادة 16مكرر بطريقة ضمنية
مف خبلؿ ذكر عبارة " ...أك مراقبة كجية أك نقؿ األشياء أك األمكاؿ أك متحصبلت مف
ارتكاب ىذه الجرائـ أك قد تستعمؿ في ارتكابيا".
لكف بالرجكع لممادة 16مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية نجدىا نصت عمى أنو
يتـ المجكء ألسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية في حالة ارتكاب الجرائـ المبينة في
المادة 16مف نفس القانكف كالمتمثمة في جرائـ المخدرات كالجريمة المنظمة العابرة لمحدكد
الكطنية كالجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات كجرائـ تبييض األمكاؿ كاإلرىاب
كالجرائـ المتعمقة بمحالفة التشريع الخاص بالصرؼ.
ب -خصائص التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :يتميز أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات
اإلجرامية بكجكد عدد مف الخصائص كالتي تتمثؿ فيما يأتي:
-التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية ىك أسمكب يقع عمى األشياء التي تعد حيازتيا جريمة
أك محصمة مف جريمة أك كانت أداة في ارتكابيا ،فمف خبللو يتـ مراقبة كجية العائدات
المستمدة مف ارتكاب إحدل الجرائـ الكاردة في المادة 16مف قانكف اإلجراءات الجزائية.1
كبذلؾ يختمؼ التسميـ المراقب عف تسميـ المجرميف الذم يقع عمى األشخاص ،كالذم يعتبر بمثابة إجراء تقكـ بو الدكلة 1
التي لجأ إلى أراضييا شخص متيـ أك محككـ عميو في جريمة فتسممو الدكلة المختصة لمحاكمتو أك تنفيذ العقكبة عميو.
283
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-يعتمد أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلج ارمية عمى المراقبة المستمرة كالسرية في تنفيذه
كىذا مف أجؿ تحديد الكقت المناسب لمتدخؿ كمنع الجاني مف إحداث أثر ضار بالماؿ العاـ
كبالتالي ضبطو متمبسا بالجريمة حتى ال يبقى لو المجاؿ لئلنكار أك محاكلة التيرب مف
المسؤكلية.
-كما يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية إجراء مف إجراءات الضبط التي تستعيف بيا
الدكلة لمتكصؿ إلى أكبر عدد ممكف مف الجناة.1
-كما يتميز التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية بأنو مف أحد التدابير الكقائية الفعالة التي
تساعد عمى رصد كاكتشاؼ زعماء الجماعات اإلجرامية ،كتتبع حركاتيا ،كأساليب عمميا
كبنيتيا التنظيمية كالقاء القبض عمييـ.
-يتميز التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية بإجازة استخدامو دكليا كداخميا ،أم أنو أسمكب
صالح لبلستخداـ في الجرائـ التي تتضمف شحنات أك صفقات أمكاؿ يشتبو في ككنيا
عائدات إجرامية ،سكاء عمى المستكل الكطني حيث تمجأ إليو السمطات المحمية أك عمى
المستكل الدكلي بيف دكلتيف أك أكثر.
-2أنواع التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :يعتبر التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية
سبلحا فعاال ضد الميربيف المحمييف كالدكلييف ،كاجراء مضاد لعمميات تيريب العائدات
المحصمة مف ارتكاب الجرائـ ،كبالتالي فقد يككف التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية محميا
كما قد يككف دكليا.
أ -التسميم المراقب المحمي :يقصد بيذا النكع مف التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية أف يتـ
اكتشاؼ كجكد شحنة تحمؿ أمكاؿ غير مشركعة كتتـ متابعة نقميا مف مكاف ما إلى مقصدىا
النيائي داخؿ إقميـ الدكلة.2
1
Hartmut EDEN, Les effets au niveau national et régional de la coopération internationale
des polices : un système spécifique de multi-level gouvernance, Approche comparées des
polices en Europe, L’Harmattan, paris, 2003, p24.
2دليمة مباركي ،مرجع سابؽ ،ص.320
284
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كيسمح التسميـ المراقب المحمي بمعرفة ما إذا كاف تسميـ الشحنة المشبكىة سيتـ داخؿ
إقميميا الذم ارتكبت فيو الجريمة أك سيتـ إرساؿ تمؾ الشحنة إلى دكلة أخرل خارج اإلقميـ
الكطني ،فإذا تـ تسميـ الشحنة المشبكىة داخؿ التراب الكطني إلى العنصر الرئيسي المرسؿ
إليو ،حينيا يتـ القبض عميو كعمى جميع المشاركيف بمختمؼ أدكارىـ متمبسيف أك حائزيف
لتمؾ الشحنة.
كقد أشار المشرع الجزائرم لمتسميـ المراقب المحمي في نص المادة الثانية الفقرة (ؾ)
مف قانكف الكقاية مف الفساد كمكافحتو كالمادة 16مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية
المعدؿ كالمتمـ بالقانكف 22/06السالفة الذكر ،كالتي منحت لضباط الشرطة القضائية
كتحت سمطتيـ أعكاف الشرطة القضائية بمراقبة كجية أك نقؿ األشياء كاألمكاؿ أك
المتحصبلت مف ارتكاب الجرائـ المنصكص عمييا في المادة 16أك التي قد تستعمؿ في
ارتكابيا عبر كامؿ اإلقميـ الكطني.
ب -التسميم المراقب الدولي :يقصد بالتسميـ المراقب الدكلي السماح لشحنة غير مشركعة
بعد أف ي تـ اكتشاؼ أمرىا ،بالمركر مف دكلة معينة إلى دكلة أخرل ،أك عبر دكلة ثالثة أك
أكثر .كيتـ تنفيذ ىذا األسمكب مف خبلؿ التنسيؽ كاالتفاؽ المسبؽ بيف السمطات المختصة
في ىذه الدكؿ ،حيث يسمح بتسميـ الشحنة كمركر الميربيف بيف بمد االنطبلؽ كبمد المركر
كالبمد المرسمة إليو الحمكلة.
كتمجأ الدكؿ إلى أسمكب التسميـ المراقب الدكلي لمسماح لمبيضي األمكاؿ في الدكلة
التي تكلدت فييا األمكاؿ غير المشركعة ،قاصديف الدكلة التي يتـ فييا القياـ بعمميات
تبييض األمكاؿ بيدؼ إخفاء األصؿ اإلجرامي ليا كاضفاء صفة المشركعية عمييا كمف تـ
ضبط كافة عناصر المنظمة اإلجرامية المتكرطيف في عمميات تبييض األمكاؿ مف بدايتيا
إلى نيايتيا.1
-3ضوابط التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :إف الجية المخكؿ كالمرخص ليا قانكنا
القياـ بعممية التسميـ المراقب حسب نص المادة 16مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية ىي
ضباط الشرطة القضائية ،بمساعدة أعكاف الشرطة القضائية ،فيؤالء ىـ األشخاص المخكؿ
285
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
ليـ قانكنا لمبحث كاالستدالؿ عف الجرائـ المحددة في المادة 16مف نفس القانكف التي كقعت
فعبل أك في طكر التنفيذ لضبط كقائعيا كفاعمييا.1
كنظ ار لككف أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية يتسـ بحساسية عممياتو كدقتيا
البالغة ،ككنيا تخضع لتدابير متعددة كمراحؿ مختمفة ،كتعبر عدة حدكد طبيعية ،كتشارؾ فيو
جيات مختمفة ،فبلبد مف كجكد ضكابط تحكـ ىذه العممية ،كالتي تتمثؿ فيما يأتي:
-التسميـ المراقب أسمكب استثنائي ال تعطى المكافقة بو إال عندما ينتظر منو تحقيؽ فائدة
كاضحة كأكيدة تتمثؿ في كشؼ كضبط جماعات التيريب كاالتجار كالمنظميف كالممكليف
كالمخططيف.
-ضركرة التنسيؽ كالحصكؿ عمى مكافقة مف أجيزة السمطة في الدكلة الكجية النيائية حكؿ
القياـ بعممية التسميـ المراقب بالتعاكف مع السمطات المختصة في دكلة كشؼ الجريمة.
-يجب عدـ إعطاء المكافقة عمى القياـ بالتسميـ المراقب إال بعد التأكد مف إمكانية تكقيع
كتنفيذ عقكبة مناسبة لمجيد المبذكؿ.
-دراسة خط سير الشحنة ككقت التنفيذ دراسة كافية كمتأنية حتى يمكف السيطرة كاحكاـ
الرقابة عمى العممية ابتداء مف نقطة االكتشاؼ حتى نقطة التسميـ.
-يجب أف تتمتع الخطة بالمركنة التي تسمح بالتدخؿ الفكرم ا تغير خط السير فجأة أك
احتماؿ فقداف الشحنة.
-أف يككف ىناؾ اتصاؿ مباشر بيف اإلدارات المختصة في الدكؿ المختمفة أثناء تنفيذ عممية
التسميـ المراقب لمكاجية أم طارئ كيجب تحديد سمطة اتخاذ القرار.
-كضع مكاف التسميـ تحت المراقبة السرية كمما كاف ذلؾ ممكنا قبؿ تنفيذ خطة التسميـ
المراقب مف أجؿ معرفة األشخاص الذيف يترددكف عميو كاكتشاؼ شركائيـ كمدل خطكرتيـ
كتسمحييـ.
فضيؿ العيش ،شرح قانكف اإلجراءات الجزائية بيف النظرم كالعممي ،مطبعة البدر ،الجزائر ،د .ت .ف ،ص.23 1
286
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
-عمى المراقبيف إثبات عممية التسميـ المراقب بكؿ الطرؽ كالكسائؿ باليكـ كالشير كالسنة
كمند الم حظة التي تنطمؽ فييا الميمة إلى غاية تنفيذىا ،كالمحافظة عمى األدلة كالقرائف
المتحصؿ عمييا مف خبلؿ ىذه المراقبة ،كالسير عمى حمايتيا مف الضياع أك التمؼ.1
-4معوقات التسميم المراقب لمعائدات اإلجرامية :تعترض عمميات التسميـ المراقب أثناء
التنفيذ عمى أرض الكاقع بعض المعكقات منيا:
أ -المعوقات التنفيذية :إف قكانيف بعض الدكؿ تسمح بدخكؿ المخدرات إلى ترابيا اإلقميمي
مف أجؿ ضبط الرؤكس المدبرة لعممية التيريب كأفراد العصابات اإلجرامية في داخؿ الدكلة
نفسيا حاؿ استبلميـ لممادة المحظكرة ،لكف بعض الدكؿ ال تسمح بخركج البضاعة المحظكرة
مف أراضييا ،كبعضيا تسمح بعمميات الدخكؿ كالخركج لكف بشركط معينة ،ككمما تعددت
الدكؿ المشتركة في عممية التسميـ المراقب كمما تعددت المشاكؿ في تنفيذ ىذا األسمكب عمى
أرض الكاقع كنجاحو.
ب -المعوقات القانونية والقضائية :مف بيف المعكقات التي تعترض أسمكب التسميـ المراقب
إشكالية التكييؼ القانكني لمجريمة الكاحدة ،إذ تختمؼ مف دكلة ألخرل ،كيرجع ىذا التبايف
إلى اختبلؼ كصؼ الجريمة كالعقكبة المقررة ليا في قانكف كؿ دكلة مف الدكؿ المشاركة كأف
تعتبر الجريمة جنحة في الدكلة التي تـ اكتشاؼ المخدرات فكؽ أراضييا كتطبؽ عمييا عقكبة
الجنحة ،بينما الدكلة التي انطمقت منيا الشحنة أك مرت عمى ترابيا ،تعتبرىا جناية كتطبؽ
عمييا عقكبة الجناية ،كيصبح الكصؼ الجنائي يختمؼ مف دكلة إلى أخرل كالعقكبة كذلؾ
تختمؼ.
لذلؾ تطرح مسألة تنازع االختصاص القضائي بيف الدكؿ المشتركة في العممية ،حكؿ
الب مد المختص بالنظر في قضية التسميـ المراقب ،بسبب أركاف الجريمة التي يتـ ارتكابيا في
في كؿ دكلة مف الدكؿ المشاركة في العممية.
ج -المعوقات الفنية والمالية :يتطمب تنفيذ أسمكب التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية تكفير
عناصر بشرية عمى درجة عالية مف التدريب كالخبرة ،كفي بعض األحياف يكاجو القائميف
287
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
عمى تخطيط مثؿ ىذه العمميات عدـ كضكح معالـ مسؤكلية الرقابة كعدـ دقتيا في بعض
الدكؿ المشتركة في تنفيذ العممية األمر الذم يؤدم إلى ضياع الشحنة أك تسريبيا لعدـ تكفر
األفراد المدربيف لتنفيذ ىذا األسمكب بكفاءة.
كما يتطمب تنفيذ عمميات التسميـ المراقب لمعائدات اإلجرامية أمكاال باىظة التكاليؼ،
كخاصة عندما تشارؾ عدة دكؿ في تنفيذ العممية ،كىنا تطرح اإلشكالية حكؿ الدكلة التي
تتحمؿ المصاريؼ ،فيؿ تشارؾ جميع الدكؿ المشتركة بمبالغ مالية متساكية في تنفيذ
العممية؟ .أـ تشارؾ الدكؿ التي مرت عمييا الشحنة دكف التكقؼ عمى أراضييا بمبالغ أقؿ مف
غيرىا؟.
كعمى ضكء ما تقدـ تبرز أىمية استخداـ أسمكب التسميـ المراقب في تعقب حركة
األمكاؿ أك العائدات اإلجرامية بكجو عاـ كالمحصمة مف االتجار غير المشركع بالمخدرات
بكجو خاص حاؿ نقميا أك تحكيميا مف دكلة إلى أخرل ،كذلؾ بقصد اقتفاء أثرىا كامكانية
التعرؼ عمى المتكرطيف فييا ،كجمع المزيد مف األدلة إلدانتيـ .كفي ىذا اإلطار دعت فرقة
العمؿ المعنية باإلجراءات المالية في مجمكعة العمؿ المالي الدكلية إلى تشجيع الدكؿ
األعضاء كغيرىا عمى استخداـ أسمكب التسميـ المراقب في تعقب العائدات اإلجرامية ككشؼ
عمميات تبييض األمكاؿ حيث حثت في تقريرىا الثالث لمعاـ 11992 /1991الدكؿ عمى
دراسة اتخاذ اإلجراءات الضركرية لمسماح لسمطاتيا المختصة بإجراء التحريات في قضايا
تبييض األمكاؿ تأجيؿ القبض عمى األشخاص المشتبو فييـ ،ككذا األمكاؿ المشتبو في ككنيا
عائدات إجرامية بغرض التعرؼ عمى األشخاص المتكرطيف في ىذه األنشطة كجمع األدلة
الكافية إلدانتيـ.
كفي األخير ،نبلحظ حرص المشرع الجزائرم عمى مكافحة جريمة تبييض األمكاؿ مف
خبلؿ الجيكد المبذكلة لتكفير أدكات قانكنية تضاؼ إلى النصكص الجزائية ،باعتبار ىذه
األخيرة غير كافية لتأدية الغرض ،كذلؾ بيدؼ تمكيف السمطات المختصة مف الحد مف تأثير
جريمة تبييض األمكاؿ.
1
Groupe d’Action Financière, Rapport annuel sur le blanchiment des capitaux 1991/1992, 25
juin 1992.
288
مكافحة جريمة تبييض األموال في انتشريع انجزائري انباب انثاني-انفصم األول :
كما نبلحظ بأف االتجاه الجديد لمسياسة الجنائية التي جاء بيا المشرع الجزائرم
بمكجب القانكف 22/06المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية لـ يكازف مف خبلليا بيف
حماية المصمحة العامة كحؽ األفراد في احتراـ كحماية حياتيـ الخاصة ،كىذا ما جسدتو
السمطات الكاسعة لمممنكحة لضباط الشرطة القضائية تحت غطاء مقتضيات التحرم
كالتحقيؽ في الجرائـ المنصكص عمييا في المادة 65مكرر السابقة الذكر ،فالمشرع تكفؿ
بجميع األعماؿ كاإلجراءات التي تضمف القياـ بميمة التحرم كالتحقيؽ عمى أكمؿ كجو ،لكنو
لـ ينص عمى تعكيض يتناسب كحجـ الضرر الذم يمحؽ بالفرد بعد أف تتضح براءتو.
289
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
الفصل الثاني
وسنتناوؿ بالدراسة في ىذا الفصؿ أىـ المعوقات التي تقؼ في وجو الجيود الرامية
إلى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ ،بدءا بالمعوقات المرتبطة بنشاط البنوؾ والمؤسسات
المالية باعتبارىا تشكؿ مانعا مف االطبلع عمى الودائع المصرفية وممجأ لؤلمواؿ المشبوىة
(المبحث األوؿ) ،ثـ نتطرؽ لمعوقات مرتبطة باإلشكاالت التي تعترض التعاوف القضائي
الدولي (المبحث الثاني).
المبحث األول
تعتبر البنوؾ والمؤسسات المالية الحمقة الرئيسية التي تدور فييا األمواؿ المحصمة مف
مصادر غير مشروعة ،ويرجع السبب في ذلؾ إلى طبيعة العمؿ المصرفي وتشعب العمميات
المالية التي تمارسيا.
وتفعيبل لدور البنوؾ والمؤسسات المالية في مكافحة جريمة تبييض األمواؿ ،فرض
عمييا المشرع الجزائري بموجب القانوف 01/05المعدؿ والمتمـ القياـ بدور إيجابي لمكشؼ
عف عمميات تبييض األمواؿ.
290
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
وعمى الرغـ مف كؿ ذلؾ ،تبقى البنوؾ والمؤسسات المالية الجزائرية تفتقر لرؤية
واضحة عف آليات مكافحة جريمة تبييض األمواؿ تمكنيا مف القياـ بدور فعاؿ في ىذا
المجاؿ نتيجة الصعوبات التي تواجييا في كشؼ العمميات المشتبو في ارتباطيا بأنشطة
تبييض األمواؿ
المطمب األول
تعد سرية الحسابات المصرفية مف أىـ سمات أعماؿ المصارؼ ،وىي متوافرة مند
نشأتيا ،إذ أصبحت مف االلتزامات الجوىرية التي يمتزـ بيا جميع العامميف بالمصارؼ سواء
وفقا لما استقر عميو العرؼ أو ما نصت عميو لوائح ونظـ العامميف بالمصارؼ.1
كما تعتبر ال سرية المصرفية مف العناصر األساسية التي يجب توفرىا لقياـ وضع
اقتصادي ومالي ومصرفي في ظؿ وجود دولة تؤمف االستقرار والعدؿ واألمف السياسي
واالجتماعي ،وىدفيا مف كؿ ىذا جذب رؤوس األمواؿ األجنبية ،غير أف ىذه السرية بعد
تكاثر عمميات التيريب واالتجار بالمخدرات التي جنت منيا عناصر المنظمات اإلجرامية
أمواال طائمة ،أصبحت مبلذا ليذه األمواؿ غير المشروعة والحصف المنيع لعمميات تبييض
األمواؿ.2
وبما أف لمبنوؾ دور كبير في الحفاظ عمى مدخرات المستثمريف ودعـ المشاريع
بواسطة القروض ،فإف مف أىـ ما يحقؽ المصالح االقتصادية التزاـ البنوؾ بكتماف العمميات
صبلح الديف حسف السيسي ،غسيؿ األمواؿ :الجريمة التي تيدد استقرار االقتصاد الدولي ،دار الفكر العربي ،القاىرة، 1
> ،800ص.4:
زياد ندير حمادة ،تبييض األمواؿ والسرية المصرفية ،بحث مقدـ خبلؿ أعماؿ المؤتمر السنوي لكمية الحقوؽ جامعة 2
291
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
المصرفية والتقيد بالقوانيف الممزمة لمسرية المصرفية ،وأف تكوف االستثناءات الواردة عمى
السرية المصرفية في حدود ضيقة لتحقيؽ أكبر قدر مف المصالح االقتصادية سواء لمزبائف
أو لمبنؾ مع فرض جزاءات قانونية حاؿ إفشاء السر المصرفي.1
ويندرج موضوع السرية المصرفية تحت لواء سر المينة ،وىو مف المواضيع المتصمة
بالنظـ االقتصادية الحديثة ،إذ تعتبر مف القواعد المستقرة ذات الصمة بعمؿ البنوؾ
والمصارؼ ،2ذلؾ أف البنؾ يتمقى وىو بصدد أداء نشاطو العديد مف المعمومات التي تخص
زبائنو باعتباره تاج ار ولو الحؽ في اختيار المتعامميف معو ،بؿ إف البنؾ في العديد مف
األوقات يمعب دور المستشار االقتصادي والتجاري لمزبوف ،لكف يكوف ذلؾ مقابؿ أف يبقى
كؿ ما توصؿ إليو في طي الكتماف وعدـ الكشؼ عف أية معمومة تتعمؽ بالعميؿ إلى طرؼ
ثالث.
ولقد أثار موضوع التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بمبدأ السرية المصرفية مناقشات
واشكاالت عديدة في الفكر يتسع مدلوليا مف الناحية القانونية والعممية ،فقد اختمؼ الفقو
والقضاء المقارف حوؿ مفيوميا ،وقد كاف مف نتائج ذلؾ اختبلفيـ حوؿ طبيعتيا القانونية
لذلؾ سوؼ نتعرض في ىذا المطمب لمفيوـ السرية المصرفية (الفرع األوؿ) ،ثـ نتعرض بعد
ذلؾ لتأثير السرية المصرفية عمى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ (الفرع الثاني).
الفرع األول
إف عممية تحديد مفيوـ السرية المصرفية تقتضي منا التعرؼ عمى المقصود بيا
خاصة وأف جؿ التشريعات فرضت االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية عمى البنوؾ والمؤسسات
المالية دوف تحديد أو توضيح مدلوليا ،ليذا سنتطرؽ إلى تعريؼ السرية المصرفية (أوال) ،ثـ
محمد عمي السرىيد ،الجوانب القانونية لمسرية المصرفية (دراسة مقارنة) ،دار جميس الزماف لمنشر والتوزيع ،األردف، 1
،8040ص;.
ىياـ الجرد ،مرجع سابؽ ،ص.:4 2
292
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
نتناوؿ بعد ذلؾ نطاؽ االلتزاـ بالسرية المصرفية (ثانيا) واألساس القانوني لبللتزاـ بالسرية
المصرفية (ثالثا).
يعود تاريخ السرية المصرفية إلى نشأة البنوؾ ،حيث تجمت فييا فكرة إيداع األمواؿ
بسرية مطمقة عمى أساس أف المودع يميؿ بطبيعتو إلى إخفاء ما يممؾ مف ماؿ ،لتتخذ فيما
بعد أشكاال قانونية والت ازمات يتعيد بيا أصحاب البنوؾ بعدـ إفشاء أسرار زبائنيـ.1
ورغـ تكريس جؿ التشريعات لمبدأ التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى
أسرار زبائنيا ،إال أنيا أحجمت عف تحديد مدلولو مما أدى إلى اختبلؼ الفقو والقضاء حوؿ
تعريؼ السر المصرفي ،فنجد البعض يعرفيا بأنيا" :ضماف عدـ اإلدالء بالمعمومات التي
بحوزة البنوؾ عف زبائنيا ألي شخص كاف طبيعي أو معنوي".2
كما عرؼ البعض اآلخر السرية المصرفية بأنيا" :التزاـ موظفي المصارؼ بالمحافظة
عمى أسرار زبائنيـ وعدـ اإلفضاء بيا لمغير ،باعتبار المصرؼ مؤتمنا عمييا بحكـ مينتو
خاصة وأف عبلقة المصرؼ مع زبائنو تقوـ عمى الثقة ،التي يكوف عمادىا كتماف المصرؼ
ألسرارىـ المالية".3
أما البعض اآلخر فعرؼ السرية المصرفية بأنيا" :التزاـ البنوؾ بموجب القواعد التي
العامة في القانوف واألعراؼ المصرفية بحفظ أسرار العمبلء وعممياتيـ المصرفية ،ما لـ يكف
ىناؾ نص في القانوف أو في االتفاؽ يقضي بغير ذلؾ".4
ليندا بف طالب ،غسؿ األمواؿ وعبلقتو بمكافحة اإلرىاب (دراسة مقارنة) ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،8044 ، 2
ص<;.9
عبد القادر العطير ،سر المينة المصرفية في التشريع األردني (دراسة مقارنة) ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،عماف، 3
<?? ،4ص.4:0
عمي جماؿ الديف عوض ،عمميات البنوؾ مف الوجية القانونية ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،4?>4 ،ص?.?8 4
293
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
كما عرفت السرية المصرفية بأنيا" :مبدأ يقتضي مف البنوؾ المحافظة عمى سرية
المعمومات التي تتحصؿ عمييا مف زبائنيا في إطار نشاطيا الميني".1
وفي منظورنا ،فإف ىذه التعريفات منتقدة ،نظ ار ألف البنؾ أحيانا قد ترد إلى عممو
معمومات شخصية خاصة بالزبوف خارج إطار العبلقة التعاقدية بيف الطرفيف ،ويكوف البنؾ
مجب ار عمى االلتزاـ بالمحافظة عمى سريتيا ،كذلؾ يعاب عمييا عدـ تحديد طبيعة ومصدر
األسرار الواجب عمى البنؾ كتمانيا.
وعميو يمكننا تعريؼ السرية المصرفية بأنيا" :التزاـ قانوني وأخبلقي يقع عمى البنوؾ
والمؤسسات المالية ،وذلؾ بحفظ أسرار الزبائف وعممياتيـ المصرفية التي ترد إلييا بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة وعدـ إفشائيا لمغير سواء عف عمد أو بإىماؿ".
إف دراسة نطاؽ السرية المصرفية يستمزـ منا التطرؽ لمنطاؽ الشخصي ليذه السرية
أي تحديد األشخاص الذيف يعتبروف طرفا في ىذا االلتزاـ ( ،)1ثـ التطرؽ لمنطاؽ
الموضوعي ليا وذلؾ بتحديد المعمومات التي يمتزـ البنؾ بعدـ إفشائيا ( ،)2وأخي ار تحديد
النطاؽ الزمني والمكاني ليذه السرية أي المدى الزمني الذي يظؿ فيو ىذا االلتزاـ ساريا
واإلطار الجغرافي الذي تطبؽ فيو القواعد القانونية المنظمة لو (.)3
-1النطاق الشخصي لمسرية المصرفية :يتحدد النطاؽ الشخصي لمسرية المصرفية مف
خبلؿ التعرؼ عمى أطرافو عمى اعتبار أف السرية المصرفية التزاـ ،فبل بد مف وجود ممتزـ
ومستفيد فالممتزـ ىو المديف بيذا االلتزاـ وىو البنؾ .أما المستفيد منو فيو الدائف بو وىو
العميؿ الذي لو مصمحة في بقاء معموماتو في نطاؽ سري ،ليذا تقتضي منا الدراسة التعرؼ
عمى المقصود بالبنؾ واألشخاص الممتزميف بالسرية المصرفية داخمو ،ثـ التعرؼ عمى
المقصود بالعميؿ.
أ -البنوك :تعتبر ال بنوؾ إحدى الدعامات الكبرى واألساسية في بناء الييكؿ االقتصادي
لمدولة وتمويؿ المشاريع االستثمارية بما تحتاجو مف أمواؿ ،ولقد ازدادت أىميتيا في العصر
1
GEERT Delrue, Le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme, 2eme édition,
éditions Maklu, 2014, p177.
294
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
الحديث حيث أصبحت تعد أداة فعالة مف أدوات االستثمار ،وتمعب دو ار ىاما وحيويا في
تطوير االقتصاد الوطني وازدىاره.
-تعريف البنوك :يرجع أصؿ مصطمح "البنؾ" إلى الكممة اإليطالية " "BANCOالتي تعني
الطاولة أو المصطبة التي يجمس عمييا الصرافوف لتمويؿ العممة ،ثـ تطور المعنى فيما بعد
فأصبح يطمؽ عمى المكاف الذي تجرى فيو عممية تحويؿ العممة وتبادليا ،ثـ ترجمت إلى
االنجميزية" "BANCثـ إلى الفرنسية "."BANQUE
أما مف الناحية االصطبلحية فيعتبر البنؾ وحدة خدمية تختص بالخدمات المالية
والنقدية ،وتقدـ خدمات متنوعة لزبائنيا وتحصؿ عمى عوائد ىذه الخدمات مف خبلؿ
العموالت والفوائد.1
كما عرفت البنوؾ بأنيا تمؾ األشخاص المعنوية التي يتمثؿ نشاطيا في إجراء
العمميات المصرفية بصفة مينة معتادة ،رئيسية ،وعميو ال يمكف إضفاء صفة البنؾ عمى مف
يمارس ىذه العمميات بصفة عرضية.2
ورغـ عدـ تعريؼ المشرع الجزائري لمبنؾ ضمف أحكاـ األمر 11/03المتعمؽ بالنقد
والقرض وكذلؾ القانوف 01/05المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ،إال
أف الوضع مختمؼ بالنسبة لبنؾ الجزائر ،فقد عرفو في نص المادة 09مف األمر 11/03
بأنو " :مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقبلؿ المالي ،ويعد تاج ار في عبلقتو
مع الغير."... ،
أما المادة 114مف القانوف 10/90المتعمؽ بالنقد والقرض (الممغى) ،فقد عرفت
البنوؾ بأنيا" :أشخاص معنوية ميمتي ا 3العادية والرئيسية إجراء العمميات المصرفية
الموصوفة في مف 110إلى 113مف ىذا القانوف".
مصطفى رشدي شيحة ،النقود والمصارؼ واالئتماف ،الدار الجامعية الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية ،4??? ،ص.=8 2
ورد في نص المادة 44:مف القانوف 40/?0المتعمؽ بالنقد والقرض كممة "ميمتيا" بدال مف كممة "مينتيا" واألصح 3
الكممة األخيرة ،وىذا باالستناد إلى النص الفرنسي لنفس المادة التي جاءت كما يمي:
« Les banques sont des personne morales qui effectuent à titre de profession habituelle et
principalement, les opérations décrites aux articles 110 à 113 de la présente loi ».
295
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
ويختمؼ األمر بالنسبة لتعريؼ المؤسسات المالية حيث عرفتيا المادة 04مف القانوف
01/05المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما عمى أنيا" :كؿ
شخص طبيعي أو معنوي يمارس ألغراض تجارية نشاطا أو أكثر مف األنشطة أو العمميات
اآلتية باسـ أو لحساب زبوف:
-القروض أو السمفيات،
-القرض اإليجاري،
-سوؽ الصرؼ،
-القيـ المنقولة،
296
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-اكتتاب وتوظيؼ تأمينات عف الحياة ومواد استثمارية أخرى ذات صمة بالتأميف،
مف خبلؿ ما سبؽ ،يعد البنؾ وفقا لمتشريع البنكي الجزائري المخوؿ دوف سواه لمقياـ
بعمميات تمقي األمواؿ مف الجميور ومنح القروض ،وكذا وضع وسائؿ الدفع تحت تصرؼ
الزبائف وادارتيا ،وىو ما يميز البنوؾ عف المؤسسات المالية التي لـ يخوليا المشرع تمقي
األمواؿ مف الجميور 2وال وضع وسائؿ الدفع تحت تصرؼ زبائنيا.3
وتعتبر أمواال متمقاة مف الجميور ،األمواؿ التي يتـ تمقييا مف الغير ،السيما في شكؿ
ودائع ،مع حؽ استعماليا لحساب مف تمقاىا (البنؾ) ،بشرط إعادتيا .4وتمثؿ الودائع مف أىـ
مصادر تمويؿ البنوؾ التجارية لذلؾ فيي تحرص دائما عمى تنميتيا وتعمؿ عمى نشر الثقافة
المصرفية في أوساط المواطنيف مف خبلؿ تبسيط إجراءات التعامؿ وكذا رفع أسعار الفائدة
عمى الودائع لدييا.
ومف صور االئتماف العديدة التي يقوـ بيا البنؾ عممية إقراض النقود لمزبائف ،حيث
نصت المادة 68مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أف" :يشكؿ عممية قرض
في مفيوـ ىذا األمر ،كؿ عمؿ لقاء عوض يضع بموجبو شخص ما أو يعد بوضع أمواؿ
تحت تصرؼ شخص آخر ،أو يأخذ بموجبو لصالح الشخص اآلخر التزاما بالتوقيع
كالضماف االحتياطي أو الكفالة أو الضماف .تعتبر بمثابة قرض عمميات اإليجار المقرونة
بحؽ خيار بالشراء السيما عمميات القرض اإليجاري ،وتمارس صبلحيات المجمس إزاء
العمميات المنصوص عمييا في ىذه المادة".5
المعدلة بمقتضى المادة 08مف األمر 08/48المتضمف قانوف الوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما، 1
مرجع سابؽ.
مع مراعاة االستثناء الوارد في المادة =9مف األمر 44/09المعدؿ والمتمـ ،الذي يسمح لممؤسسات المالية بأف تتمقى مف 2
الجميور أمواال لمتوظيؼ في شكؿ مساىمات لدى مؤسسة ،وذلؾ وفقا لكؿ الكيفيات القانونية كما في األسيـ وسندات
االستثمار وحصص الشركات والموصيف في شركات التوصية أو سواىا.
المادة =4مف األمر 44/09المعدؿ والمتمـ ،مرجع سابؽ. 3
297
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-األشخاص الممزمون بالسرية المصرفية في البنوك :لما كاف البنؾ كشخص معنوي لو
شخص يتو القانونية المستقمة عف كؿ شريؾ فيو ،وتكوف لو ذمة مالية مستقمة عف ذمة كؿ
شريؾ ولو أىمية في الحدود التي يقررىا القانوف األساسي عند إنشائو طبقا لما يقتضيو
القانوف ولو مف يمثمو في التعبير عف إرادتو ،فإف عميو تنفيذ التزامو بحفظ أسرار عمبلئو
وذلؾ مف خبلؿ األشخاص الممتزميف بيذا السر.
أولى المشرع الجزائري أىمية خاصة لمسرية المصرفية وذلؾ بمقتضى المادة 117
مف األمر ،11/03والتي ألزمت أعضاء مجمس إدارة البنوؾ والمؤسسات المالية ومحافظي
الحسابات فييا ،ومسيرييا وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ في رقابتيا وفقا لمشروط المنصوص
عمي يا ضرورة االلتزاـ بالسر المصرفي ،تحت طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف
العقوبات.
إف الذيف يجب عمييـ االلتزاـ بالمحافظة عمى سرية حسابات العمبلء لدى البنوؾ ىـ
أشخاص البنؾ ومف يرتبطوف معو بعبلقة وظيفية:
موظفو البنوك :يعتبر موظفو البنوؾ مف الموظفيف العمومييف المتصميف عف قرب بتنفيذ
السياسة االقتصادية واالجتماعية لمدولة.
ويقصد بموظفي البنوؾ جميع المستخدميف والعماؿ الذيف يسأؿ عنيـ البنؾ مسؤولية
المتبوع والذيف يفشوف معمومات وصمت إلييـ بمناسبة أعماليـ في البنؾ ولو لـ يكف مف
اختصاصو االطبلع عمى ىذه ما دامت وصمتيـ بمناسبة مباشرة أعماليـ كموظفيف أو
تابعيف أيا كانت درجتيـ الوظيفية فبل يشترط حتى يمتزـ الموظؼ بحفظ السر المصرفي أف
يكوف ىو المكمؼ بحفظ البيانات أو المعمومات ،وانما يقع االلتزاـ عمى الموظؼ بمجرد وجود
العبلقة الوظيفية التي تربطو بالبنؾ التي توجد فيو العمميات التي يغطي السر المصرفي
جميع البيانات والمعمومات المتعمقة بيا.
أعضاء مجمس اإلدارة :يدير البنؾ باعتباره شركة مساىمة مجمس إدارة يتكوف وفقا لممادة
610مف القانوف التجاري مف ثبلثة أعضاء عمى األقؿ ،واثني عشر عمى األكثر ،تنتخبيـ
298
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة حسب األحواؿ ،وتحدد مدة عضويتيـ في
القانوف األساسي دوف أف تتجاوز ست سنوات.
وينتخب مجمس اإلدارة مف بيف أعضائو رئيسا لو شريطة أف يكوف شخصا طبيعيا
وذلؾ تحت طائمة بطبلف التعييف عمبل بالمادة 635مف القانوف التجاري.
ونصت المادة 627مف القانوف التجاري عمى إلزامية كتماف القائميف باإلدارة ومجموع
األشخاص المدعويف لحضور اجتماعات مجمس اإلدارة لممعمومات ذات الطابع السري أو
التي تعتبر كذلؾ.
تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائري فرض كذلؾ االلتزاـ بالسر المصرفي عمى
أعضاء مجمس إدارة بنؾ الجزائر ،حيث نصت المادة 25مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد
والقرض عمى أنو" :ال يجوز ألعضاء مجمس اإلدارة أف يفشوا بصفة مباشرة أو غير مباشرة
وقائع أو معمومات اطمعوا عمييا في إطار عيدتيـ."...
المكمفون برقابة البنوك والمؤسسات المالية :وىـ األشخاص الذيف يشاركوف أو شاركوا في
الرقابة عم ى البنوؾ والمؤسسات المالية كأعضاء المجنة المصرفية ومحافظي الحسابات الذيف
يتـ تعيينيـ مف قبؿ الجمعية العامة أو الجياز المكمؼ بالمداوالت.
ىذا ،ويسري االلتزاـ بحفظ السر المصرفي عمى بعض األشخاص الذيف يعدوف مف
الغير ،لكنيـ يطمعوف عمى أس ارر عمبلء البنوؾ والمؤسسات المالية بحكـ وظائفيـ
كالمحاميف والمستشاريف القانونييف والمستشاريف المالييف ،القضاة والخبراء الذيف يطمعوف عمى
بعض العمميات المصرفية بسبب عرض المنازعات بيف البنؾ أو المؤسسة المالية وعمبلئيـ
عمييـ.1
299
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
ب -العميل :يعتبر البنؾ حريصا عمى حفظ المعمومات التي تصؿ إليو وىذا ما يدعـ الثقة
ويؤدي إلى ازدىار نشاطو عف طريؽ زيادة عدد المتعامميف معو ،ألف العميؿ ىو المستفيد
األوؿ مف الكتماف المقرر لمصمحتو.1
ويعرؼ العميؿ بأنو" :الشخص الذي وافؽ المصرؼ عمى تحصيؿ حقوؽ لصالحو،
ويشمؿ ذلؾ األشخاص الطبيعييف والمعنوييف".2
أما المشرع الجزائري فعرؼ العميؿ بموجب المادة 04مف النظاـ رقـ 03/12
المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما التي نصت عمى أنو:
"يقصد في مفيوـ ىذا النظاـ بمصطمح زبوف ما يأتي:
-كؿ شخص طبيعي أو ىيئة تمتمؾ حسابا لدى مصرؼ أو المصالح المالية لبريد الجزائر
أو يتـ فتح حساب باسمو (الصاحب الفعمي لمحساب)،
-كؿ شخص أو ىيئة شريكة في معاممة مالية تنفذ بواسطة مصرؼ أو مؤسسة مالية أو
المصالح المالية لبريد الجزائر".
ونبلحظ أف المشرع الجزائري استخدـ مصطمح "الزبوف" لمداللة عمى العميؿ المتعامؿ
معو ،واف كاف مصطمح "العميؿ" مف وجية نظرنا أكثر داللة ودقة مف مصطمح الزبوف الذي
يستعمؿ عادة في البيوع التجارية ،وذلؾ عمى خبلؼ المشرع المصري الذي استعمؿ مصطمح
أرتباس ندير ،العبلقة بيف السر المصرفي وعمميات تبييض األمواؿ (دراسة مقارنة) ،رسالة دكتوراه في القانوف ،جامعة 1
300
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
العميؿ وعرفو عمى أنو" :الشخص الطبيعي أو االعتباري الذي تفتح المؤسسة المالية حساب
باسمو ،أو تنفذ عممية لحسابو ،أو تقدـ لو خدمة".1
تجدر اإلشارة إلى أف الفقو والقضاء انقسـ في تحديد مفيوـ العميؿ إلى اتجاىيف:
االتجاه األوؿ يعتمد معيا ار واسعا لمفيوـ العميؿ وأعطى ىذه الصفة لكؿ شخص يتعامؿ مع
البنؾ ولو بصورة غير مباشرة وميما كاف نوع وظروؼ ىذا التعامؿ ،حيث يعتبر عميبل
يستفيد مف السرية المصرفية كؿ شخص يتعامؿ مع البنؾ ولو لممرة األولى ،إذ ال يشترط
التكرار واالستم اررية.
أما االتجاه الثاني يعتمد معيا ار ضيقا لمفيوـ العميؿ مفاده أف الشخص ال يكسب
صفة العميؿ إال إذا كاف يتعامؿ بصفة مستمرة ودائمة مع البنؾ ،فاكتساب ىذه الصفة يبقى
مقتص ار عمى مف يعرفو البنؾ وسبؽ لو أف تعامؿ معو ،ليذا ال يعتبر مف العمبلء السائح
الذي يتجو لمبنؾ مف أجؿ تبديؿ النقد ألف إرادتو لـ تتجو لمدخوؿ في عبلقة مع البنؾ.
المادة األولى مف القرار ?;4لسنة ،8009المتضمف البلئحة التنفيذية لقانوف مكافحة غسؿ األمواؿ رقـ >0لسنة 1
301
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
وفي منظورنا الخاص ،فإننا نرجح االتجاه الضيؽ لمفيوـ العميؿ ،إذ أنو مف غير
المنطقي اعتبار كؿ شخص سواء كاف طبيعيا أو معنويا يتعامؿ مع البنؾ بصورة عارضة
عميبل طالما لـ تتجو إرادتو إلى إقامة عبلقة معو ،بؿ كاف يسعى فقط لمحصوؿ عمى
الخدمة.
-2النطاق الموضوعي لمسرية المصرفية :يتعمؽ األمر بالمعمومات التي تكوف مشمولة
بالسرية المصرفية ،ذلؾ أف اللتزاـ البنؾ بحفظ أسرار عمبلئو شأنو شأف كؿ التزاـ قانوني
آخر المعمومة محبل يتمثؿ في المعمومة المشمولة بالسر باعتبار أف ىذه األخيرة تتخذ
موضعا ميما في العمؿ المصرفي.1
وعميو فإف التزاـ ا لبنؾ بحفظ السر المصرفي محمو المعمومات ذات الطابع السري
التي وصمت إلى عمـ البنؾ بمناسبة دخولو في عبلقة مع الزبوف أو إجراء عممية مالية.
أ -الطابع السري لممعمومات :المعمومات السرية بطبيعتيا ىي المعمومات التي ال تعتبر أم ار
معروفا أو ظاى ار لمكافة ،وأف يكوف مف شأف اطبلع الغير عمييا إعطاء المطمع اطمئنانا أو
تأكيدا لـ يكف لديو مف قبؿ.3
والواقع أف ليس مف السيؿ عمى البنوؾ والمؤسسات المالية التمييز بيف المعمومات
السرية بطبيعتيا عف غيرىا مف المعمومات خاصة في غياب نص قانوني يتولى تحديد ما
يعتبر س ار يجب حفظو .حيث تعتمد المحاكـ في الواليات المتحدة األمريكية في تحديدىا
لنطاؽ المعمومات السرية الواجب حمايتيا وعدـ إطبلع الغير عمييا عمى فكرة حماية
1
Richard ROUTIER, obligations et responsabilités du banquier, 3eme édition, Dalloz,
France, 2011, p627.
2
Stéphane PIEDELIEVRE, Emmanuel PUTMAN, Droit bancaire, Economica, France, 2011,
p198.
3محي الديف إسماعيؿ عمـ الديف ،موسوعة أعماؿ البنوؾ مف الناحيتيف القانونية والعممية ،الجزء األوؿ ،النسر الذىبي،
القاىرة ،8004 ،ص<.89
302
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
التوقعات المعقولة لمزبائف التي يتضمنيا عقد ضمني بيف البنؾ والعميؿ ،ويتولى القضاة
تحميميا إلى عناصر حتى يمكف تقرير ما إذا كانت لمعميؿ رغبة في حماية المعمومات السرية
مف عدميا.1
وقد اعتبر الفقو مف جيتو أف المعمومات تكوف ذات طابع سري عندما تتعمؽ ببيانات
محددة وغير معمومة لمجميور ،السيما تمؾ المتعمقة بالحياة الخاصة لمعميؿ وأعمالو ،ذلؾ أف
االلتزاـ بحفظ السر ضروري لحماية الحياة الخاصة لمعميؿ وسرية أعمالو.2
أما المعمومات ذات الطابع العاـ التي يمكف لمبنؾ أف يتوصؿ إلييا مف تمقاء نفسو ،أو
يمكف الحصوؿ عمييا بسيولة مف جيات أخرى غير البنؾ باعتبارىا متداولة في الوسط العاـ
كتمؾ التي كانت محبل لمنشر في الصحؼ أو المجبلت االقتصادية ،فإنيا تستبعد مف نطاؽ
المعمومات ذات الطابع السري عمى الرغـ مف ارتباطيا بالعميؿ وتخصو لكف بإمكاف الغير
معرفتيا.3
ب -العمم بالمعمومات بحكم الوظيفة :يتطمب السر المصرفي أف يتـ العمـ بالمعمومات التي
تخص العميؿ بمناسبة الوظيفة ،وىو ما يستفاد مف نص المادة 301مف قانوف العقوبات
التي جاء في نصيا عبارة " ...األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة
الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي بيا إلييـ ،"...وىو ما يستفاد كذلؾ مف المادتيف 25
و 117مف األمر 11/03المتضمف قانوف النقد والقرض.
ويتوصؿ البنؾ إلى المعمومات ذات الطابع السري بأحد الطريقتيف ،إما مباشرة سواء
مف العميؿ ذاتو أو بمناسبة إجراء التحقيؽ الذي يقوـ بو عند تنفيذ العمميات أو الخدمات التي
يقدميا لمعميؿ تطبيقا لواجب االستعبلـ عف العميؿ لمتأكد مف صحة البيانات التي يقدميا
خاصة ما تعمؽ بسمعتو ومؤلتو المالية تفاديا مف تعرض البنؾ لممخاطر ،وىو األمر الذي
يجعمو يحصؿ عمى معمومات تخص ذمتو المالية.
1ماجد عبد الحميد عمار ،مشكمة غسؿ األمواؿ وسرية الحسابات البنكية ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،8008 ،ص=.8
2
Stéphane PIEDELIEVRE, Emmanuel PUTMAN, Op. Cit, p193.
3قريمس عبد الحؽ ،المسؤولية المدنية لمبنوؾ في مجاؿ الحسابات ،رسالة دكتوراه في الحقوؽ ،كمية الحقوؽ والعموـ
السياسية ،جامعة قسنطينة ،الجزائر ،8044-8040،ص><.4
303
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
كما يتحصؿ البنؾ عمى المعمومات التي تخص طالب خدماتيا مف خبلؿ ما يتمقاه
مف الوسط البنكي كالمعمومات الواردة في فيارس بنؾ الجزائر وتكوف مقتصرة لبلستعماؿ
الميني دوف إعبلـ الغير بيا تحت طائمة مسؤولياتو القانونية المختمفة الجزائية منيا ،المدنية
والمينية ،1أو مف البنوؾ األخرى في إطار التبادؿ األفقي لممعمومات فيما بينيا خاصة تمؾ
المتعمقة بحسابات العمبلء المدينة.2
وعموما يعد داخبل في نطاؽ السر المصرفي اسـ العميؿ ،المعطيات الخاصة
بالرصيد وضعية الرصيد (دائف أـ مديف) ،العمميات التي تط أر عمى الرصيد ،عمميات إيداع
المبالغ المالية أو القيـ المنقولة ،المعمومات المقدمة مف قبؿ العميؿ المتعمقة بالوضعية
االقتصادية عند فتح الحساب أو الحصوؿ عمى قرض ،البيانات الخاصة بالميزانية ورقـ
األعماؿ ،قيمة ونوع األوراؽ التجارية المودعة لمخصـ والمخالصة ،تأجير صندوؽ الودائع
األوامر التي يصدرىا العميؿ المتعمقة بالتحويبلت ،عمميات الدفع ،الضمانات العينية
والشخصية المقدمة ،أسماء الغير الذيف تعامؿ معيـ العميؿ ،3ويستوي األمر في ذلؾ أف
يكوف العميؿ قد أفضى بيا بنفسو إلى البنؾ ،أو أف يكوف قد اتصؿ عمـ البنؾ بيا مف
الغير.4
كما يسري نطاؽ السرية المصرفية عمى المراسبلت المصرفية ،وأيضا عمى المصالح
األدبية والمعنوية لمعميؿ وليس فقط المصالح المالية مثؿ تمؾ المتعمقة بشرفيـ وسمعتيـ
وسموكيـ الشخصي ومعتقداتيـ.
-3النطاق الزمني والمكاني لمسر المصرفي :طالما أف االلتزاـ بحفظ السر المصرفي ىو
واجب يقع عمى البنؾ فإف لو فترة زمنية يسري فييا ونطاؽ جغرافي تطبؽ فيو أحكامو.
أ -النطاق الزمني لمسر المصرفي :يقصد بالنطاؽ الزمني لمسر المصرفي الفترة الزمنية التي
يمتزـ البنؾ فييا ومف في حكمو بالحفاظ عمى أسرار عمبلئو وكتمانيا.
لعشب محفوظ ،سمسمة القانوف االقتصادي (القانوف المصرفي) ،المطبعة الحديثة لمفنوف المطبعية ،الجزائر،8049 ، 3
ص76؛ سميحة القميوني ،األسس القانونية لعمميات البنوؾ ،مكتبة عيف الشمس ،القاىرة ،4??8 ،ص;.88
رمزي نجيب القسوس ،مرجع سابؽ ،ص;>. 4
304
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
وتظؿ البنوؾ ممتزمة بالسر المصرفي لعمبلئيا طالما أف الوقائع السرية تحقؽ
مصمحة مادية أو معنوية لمعميؿ ،وىو ما سار عميو المشرع الجزائري حيث نصت المادة
117مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أنو" :يخضع لمسر الميني تحت طائمة
العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات - :كؿ عضو في مجمس اإلدارة ،وكؿ
محافظ حسابات وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ بأي طريقة كانت في تسيير بنؾ أو مؤسسة
مالية أو كاف أحد مستخدمييا."...
فعبارة "يشارؾ أو شارؾ" الواردة في المادة السابقة الذكر يفيـ منيا أف التزاـ البنوؾ
والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى أسرار عمبلئيـ يظؿ مستم ار ولو توقؼ الموظؼ عف
ممارسة ميامو ،وىو ما يتفؽ مع الغاية مف حماية السر المصرفي لمعميؿ تحقيقا لممصمحة
العامة والخاصة.1
أما المشرع الجزائري فمـ ينص عمى تجريـ إفشاء السر المصرفي بعد انتياء عبلقة
العميؿ بالبنؾ ،وىو مف وجية نظرنا أمر يعاب عميو خاصة وأنو أخذ بالمفيوـ الواسع لمعميؿ
كما ألزـ البنوؾ والمؤسسات المالية بضرورة االحتفاظ بالوثائؽ المتعمقة بيوية العمبلء
وبالعمميات التي أجراىا خبلؿ فترة خمس سنوات عمى األقؿ بعد غمؽ الحساب أو وقؼ
عبلقة التعامؿ مع العميؿ.
ب -النطاق المكاني لمسر المصرفي :يقصد بالنطاؽ المكاني تحديد الرقعة الجغرافية التي
يظؿ فييا ىذا االلتزاـ ساري المفعوؿ.
سعيد عبد المطيؼ حسف ،الحماية الجنائية لمسرية المصرفية ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،800: ،ص;.88 1
305
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
فمف خبلؿ استقراء نص المادة 117مف األمر 11/03السابقة الذكر ،نستنتج أف
التزاـ بالمحافظة عمى السر المصرفي لمعميؿ يسري عمى جميع البنوؾ والمؤسسات المالية
المتواجدة في التراب الجزائري ،سواء كانت وطنية أو أجنبية المنشأة طبقا لممادتيف 82و83
مف القانوف المتعمؽ بالنقد والقرض.
اختمؼ الفقو في معالجة األساس القانوني لبللتزاـ بالسرية المصرفية ،األمر الذي
كانت لو انعكاساتو الواضحة عمى القواعد المنظمة ليذه السرية ،فمنو مف يرى أف أساس
االلتزاـ ىو العقد المبرـ بيف البنؾ والعميؿ ،وجانب آخر يرى بأف أساسو ىو القانوف باعتبار
أف التزاـ البنؾ بالسر المصرفي مقرر لحماية االئتماف باعتباره مصمحة اقتصادية عامة وأف
حماية المصالح العامة أولى مف المصالح الشخصية.
-1االلتزام بالسرية المصرفية التزام تعاقدي :وفقا ليذا االتجاه يقوـ االلتزاـ بالسرية
المصرفية عمى أساس تعاقدي يفترض اتجاه إرادة العميؿ إلى األخذ بما جرى عميو العرؼ
المصرفي في مجاؿ كتماف األسرار المصرفية والذي يترتب عمى اإلخبلؿ بو قياـ المسؤولية
المدنية العقدية دوف ترتيب أية مسؤولية جنائية.1
وي ذىب الرأي الراجح إلى أف إلزاـ البنؾ بالمحافظة عمى السر المصرفي ىو التزاـ
ضمني يقع عمى البنوؾ في عبلقتيا بالعمبلء لما تقتضيو طبيعة العبلقة المصرفية مف ثقة
متبادلة وحيطة وحذر ،ومع ىذا يذىب البعض إلى أنو يمزـ وجود شرط صريح في العقد مع
الزبوف بإلزاـ البنؾ بكتماف السر المصرفي ،وبحيث ال تقوـ مسؤولية البنؾ إذا تخمؼ ىذا
الشرط.2
ويعد العقد مصد ار مف مصادر االلتزاـ بالسرية المصرفية ،إذ أف جميع عمميات
البنوؾ يتـ إبراميا مف خبلؿ العقود وبإرادة العميؿ والبنؾ ،حيث تتجو اإلرادة إلى إحداث
األثر القانوني .ولقد عرؼ المشرع الجزائري العقد في المادة 54مف القانوف المدني بأنو:3
306
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
"اتفاؽ يمتزـ بم وجبو شخص أو عدة أشخاص آخريف بمنح أو فعؿ أو عدـ فعؿ شيء ما".
كما نصت المادة 55مف نفس القانوف عمى أنو" :يكوف العقد ممزما لمطرفيف متى تبادؿ
المتعاقداف االلتزاـ بعضيما بعضا".
ولذلؾ يعتبر العقد المبرـ بيف الطرفيف (البنؾ والعميؿ) مصدر التزاـ البنؾ بحفظ
أسرار العميؿ ،وكتماف حساباتو المصرفية ،وتقديـ الخدمات المنصوص عمييا في ىذا العقد
كما يفرض عمى العميؿ بالمقابؿ الوفاء بالتزاماتو تجاه البنؾ ،والتي مف بينيا التزامو كذلؾ
بالمحافظة عمى أس ارره المصرفية كذلؾ ،1استنادا لما ورد في المادة 57مف القانوف المدني
التي نصت عمى أف" :يكوف العقد تبادليا متى التزـ أحد الطرفيف بمنح أو فعؿ شيء يعتبر
معادال لما يمنح أو يفعؿ لو".
ومف النتائج التي تترتب عمى اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية ىي أف
االلتزاـ بالسرية المصرفية يعد التزاما نسبيا وال يعد التزاما مطمقا بالكتماف ،وأف رضا صاحب
السر باإلفشاء يعد سببا إلباحة اإلفشاء فيستطيع أف يعفي البنؾ منو أو يسقطو عنو ولو
الحؽ في إعطائو الحرية الكاممة في إفشائو.
ولـ يسمـ اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية مف االنتقادات التي وجيت لو
مف جانب الفقياء ألنو يقوـ عمى افتراض عقد ضمني بيف البنؾ والعميؿ وىو ما ال يتفؽ مع
الواقع.
وفي منظورنا ،فإف اعتبار العقد أساس االلتزاـ بالسرية المصرفية يصمح لتفسير أساس
االلتزاـ ،ذلؾ أف كؿ عممية مصرفية يقوـ بيا العميؿ تستند إلى عقد يبرـ بينو و بيف البنؾ
سواء كانت عممية فتح حساب بنكي أو وديعة أو قرض ،وتتجو إرادة العميؿ إلى كتماف
المعمومات التي تتصؿ بيذه العمميات.
-2االلتزام بالسرية المصرفية التزام قانوني :ذىب جانب مف الفقو إلى تأسيس السرية
المصرفية عمى فكرة المصمحة العامة ،لذلؾ قاـ المشرع بوضع نصوص تشريعية جاءت
307
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
بقواعد عامة لحماية السر الميني وقواعد خاصة لحماية السر المصرفي مف خبلؿ قواعد
قانونية محددة في التشريعات التي عالجت األعماؿ المالية والمصرفية.1
وعمى خ بلؼ بعض التشريعات المقارنة التي خصصت قانونا مستقبل ألحكاـ السرية
المصرفية كسويس ار ولبناف ومصر ،اكتفى المشرع الجزائري ببعض المواد في الدستور وبعض
النصوص التشريعية األخرى التي تنظـ السر الميني بصفة عامة وتعاقب عمى إفشائو
كأساس قانوني لبللتزاـ بالسرية المصرفية ،لكنو أورد مادة واحدة بخصوص السر البنكي
ضمف القانوف المتعمؽ بالنقد والقرض.
أ -الدستور :كفؿ دستور الجزائر لسنة 1996في الفصؿ الرابع المتضمف الحقوؽ والحريات
العديد مف الحقوؽ الدستورية ،أىميا ما ورد في المادة 38والتي نصت عمى أف" :الحريات
األساسية وحقوؽ اإلنساف والمواطف مضمونة" .كما نصت المادة 40عمى أف" :تضمف
الدولة عدـ انتياؾ حرمة اإلنساف" ،والمادة 41التي نصت عمى أف" :يعاقب القانوف عمى
المخال فات المرتكبة ضد الحقوؽ والحريات ،وعمى كؿ مف يمس سبلمة اإلنساف البدنية
والمعنوية".
ب -قانون العقوبات :جرـ المشرع الجزائري إفشاء السر باعتباره مف الواجبات األخبلقية
التي تقتضييا مبادئ الحكمة والشرؼ في العبلقات االجتماعية .وقد عالج قانوف العقوبات
إفشاء السر بموجب المادة 301التي تعاقب األطباء والجراحوف والصيادلة والقاببلت وجميع
األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى إفشاء أسرار
أدلي بيا إلييـ بالحبس مف شير إلى ستة أشير وبغرامة مف 500إلى 5.000دج في غير
الحاالت التي يوجب عمييـ فييا القانوف .
كما نصت المادة 302مف نفس القانوف عمى معاقبة كؿ مف يعمؿ بأية صفة كانت
في مؤسسة وأدلى أو شرع في اإلدالء إلى أجانب أو إلى جزائرييف يقيموف في ببلد أجنبية
بأسرار المؤسسة التي يعمؿ فييا دوف أف يكوف مخوال لو ذلؾ بالحبس مف سنتيف إلى خمس
إياد خمؼ محمد جويعد" ،المسؤولية الجزائية عف إفشاء السرية المصرفية" ،مجمة كمية بغداد لمعموـ االقتصادية الجامعة، 1
308
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
سنوات وبغرامة مف 500إلى 10.000دج .واذا أدلى جزائريوف يقيموف في الجزائر فتكوف
العقوبة الحبس مف ثبلثة أشير إلى سنتيف وبغرامة مف 500إلى 1.500دج.
ولـ تحدد المادتيف السابقتيف الذكر األشخاص الممزميف بالسر الميني عمى سبيؿ
الحصر ،بؿ ذكرت بعض المينييف عمى سبيؿ المثاؿ ولـ تنص صراحة عمى اعتبار موظفوا
البنوؾ ضمف ىذه الطائفة مف المينييف إال أف عمومية النصيف تجعميا تنطبؽ عمى كؿ
ميني يفشي أسرار عمبلئو دوف سبب مشروع ،وىو ما يمكننا استنتاجو مف عبارة "وجميع
األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة ،أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي
بيا إلييـ "...و "كؿ مف يعمؿ بأية صفة كانت في مؤسسة".
ج -قانون العمل :تظير أىمية أحكاـ قانوف العمؿ في نشاط البنوؾ والمؤسسات المالية
وذلؾ كونو يعالج عبلقة العامؿ بصاحب العمؿ ،1وقد نصت المادة 02مف قانوف العمؿ
الجزائري 2عمى أنو" :يعتبر عماال أجراء في مفيوـ ىذا القانوف ،كؿ األشخاص الذيف يؤدوف
عمبل يدويا أو فكريا ،مقابؿ مرتب في إطار التنظيـ ،ولحساب شخص آخر طبيعي أو
معنوي عمومي أو خاص يدعى المستخدـ".
ومف جانب آخر ،ورد في أحكاـ ىذا القانوف أنو يحتمؿ أف ينجر عف ارتكاب العامؿ
أخطاء جسيمة مف قبيؿ إفضاء معمومات مينية تتعمؽ بالتقنيات التكنولوجية وطرؽ الصناعة
والتنظيـ أو وثائؽ داخمية لمييئة المستخدمة التسريح بدوف ميمة العطمة وبدوف عبلوات ،إال
إذا أذنت السمطة السممية بيا أو أجازىا القانوف.3
القانوف 44/?0المؤرخ في 84أبريؿ ،4??0المتعمؽ بعبلقات العمؿ ،ج.ر.ج.ج ،عدد = ،4صادر في ; 8أبريؿ 2
.4??0
المادة =9مف القانوف ،44/?0مرجع سابؽ. 3
309
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
د -قانون الوظيفة العمومية :نصت المادة 02مف القانوف األساسي لموظيفة العمومية عمى
أنو" :1يطبؽ ىذا القانوف األساسي عمى الموظفيف الذيف يمارسوف نشاطاتيـ في المؤسسات
واإلدارات العمومية".
كما تضمف الفصؿ الثاني مف الباب الثاني واجبات الموظؼ ،والتي مف أىميا االلتزاـ
بالسر الميني حيث نصت المادة 48عمى أنو" :يجب عمى الموظؼ االلتزاـ بالسر الميني.
ويمنع عميو أف يكشؼ محتوى أية وثيقة بحوزتو أو أي حدث أو خبر عمـ بو أو اضطمع
عميو بمناسبة ممارسة ميامو ،ما عدا ما تقتضيو ضرورة المصمحة."...
ه -قانون النقد والقرض :ألزمت أحكاـ األمر 11/03المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالنقد
والقرض البنوؾ والمؤسسات المالية ،وأعضاء مجمس إدارتيا ومحافظي الحسابات فييا
ومسيرييا وكؿ شخص يشارؾ أو شارؾ في رقابتيا وفقا لمشروط المنصوص عمييا ،أف يمتزـ
بالسر المصرفي.2
ويؤكد ىذا النص وجوب التزاـ موظفي البنوؾ بكتماف األسرار التي يطمعوف عمييا في
قيود البنؾ وسجبلتو وعدـ إفشائيا ،كما أف ىذه المادة تنص عمى وجوب احتراـ السرية
المصرفية وذلؾ في مختمؼ المياـ التي يقوـ بيا البنؾ السيما تمؾ المتعمقة بالمياـ الرئيسية
مف حيث التفتيش والرقابة عمى أعماؿ البنوؾ والمؤسسات المالية المرخصة بيا.
ويتأسس التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالسر المصرفي عمى مبدأ ىاـ ىو حماية
الحؽ في الخصوصية ،إذ لكؿ شخص الحؽ في حماية حرمة حياتو الخاصة الذي يعطي لو
حؽ إضفاء طابع السرية عمى المعمومات المتولدة عف ممارسة الحياة الخاصة.3
األمر < 09/0المؤرخ في ; 4يوليو < ،800يتضمف القانوف األساسي لموظيفة العمومية ،ج.ر.ج.ج ،عدد< ،:صادر في 1
أحمد فتحي سرور ،القانوف الجنائي الدستوري (الشرعية الدستورية في قانوف العقوبات .الشرعية الدستورية في قانوف 3
310
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
و -القوانين المنظمة لممهن الحرة :نصت القوانيف المنظمة لبعض الميف الحرة الخاضعة
لوا جب اإلخطار بالشبية كالمحاماة والتوثيؽ عمى إلزاـ األشخاص الممارسيف ليا بالحفاظ
عمى السر الميني لزبائنيـ.
فبموجب المادة 14مف القانوف 07/13المتضمف تنظيـ مينة المحاماة ،1يمنع عمى
المحامي إببلغ الغير بمعمومات أو وثائؽ تتعمؽ بقضية أسندت إليو ويجب عميو في كؿ
ا لحاالت أف يحافظ عمى أسرار موكمو وأف يكتـ السر الميني .كما يمزـ المحامي بالحفاظ
عمى سرية التحقيؽ.
الفرع الثاني
تحرص البنوؾ عمى تحقيؽ قدر مف السرية في معامبلتيا مع العمبلء وعدـ تقديـ أي
معمومات عنيـ إال لم ف تحددىـ القوانيف والموائح بحكـ طبيعة أعماليـ ،وىكذا تمتزـ البنوؾ
بحفظ أسرار العمبلء وعممياتيـ المصرفية ،ما لـ يكف ىناؾ نص في القانوف أو اتفاؽ يقضي
بغير ذلؾ.2
وسنتطرؽ في ىذا المطمب لمعبلقة بيف السرية المصرفية وعمميات تبييض األمواؿ
(أوال) ،ثـ لآلثار المترتبة عمى إفشاء السر المصرفي (ثانيا).
القانوف 0=/49المؤرخ في ? 8أكتوبر ،8049المتضمف تنظيـ مينة المحاماة ،ج.ر.ج.ج ،عدد;; ،صادر في 1
90أكتوبر .8049
سميحة القميوبي ،مرجع سابؽ ،ص.88: 2
311
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
يعتمد القائموف بعمميات تبييض األمواؿ عمى خدمات البنوؾ والمؤسسات المالية
بصفة أساسية في تبييض األمواؿ غير المشروعة ،ولذلؾ يعد دور القطاع المصرفي ميما
وحيويا في مكافحة ىذه العمميات ،إذ ال يمكف لمبيضي األمواؿ القياـ بيا دوف استخداـ
الخدمات التي تقدميا البنوؾ ،نظ ار لما يوفره غطاء السرية المصرفية مف حماية ليذه األمواؿ
غير المشروعة.
وعميو توجد عبلقة بيف السرية المصرفية وعمميات تبييض األمواؿ ،حيث أف التزاـ
البنوؾ بالمحافظة عمى السر المصرفي وعدـ إفشاء أسرار العمبلء يقابمو التزاـ تفرضو عمييا
التشريعات المتعمقة بمكافحة عمميات تبييض األمواؿ بالتبميغ عف العمميات المشبوىة ،األمر
الذي أدى إلى ظيور إشكالية تتعمؽ بمدى إمكانية استبعاد مبدأ السرية المصرفية في ىذه
الحالة.
لقد أفرز ىذا اإلشكاؿ تباينا تشريعيا بيف الدوؿ ،تبعا لنظاـ السرية المصرفية الذي
تبنتو كؿ دولة ،إذ توجد تشريعات ترفض الخروج عف مبدأ السرية المصرفية حتى في حاالت
تبييض األمواؿ (نظرية السرية المصرفية المطمقة) ،كما توجد تشريعات حديثة خففت مف
ىذا المبدأ بالسماح لمبنوؾ باإلخطار عف العمميات المشبوىة (نظرية السرية المصرفية
النسبية).
-1نظرية السرية المصرفية المطمقة :وفقا ليذه النظرية فإف مبدأ السرية المصرفية يعد مف
النظاـ العاـ ،وال يخضع ألي استثناءات عمى اعتبار أف المشرع ىو الذي يحدد القواعد التي
تضمف احترامو ،وبيذا ال يمكف ألي اتفاقات أو اعتبارات أف تؤثر في ىذا االلتزاـ باستثناء
القانوف إذا كاف ييدؼ إلى تحقيؽ مصالح أسمى.1
1
Pierre LAMBERT , Secret Professionnel, Bruylant, Bruxelles, 2005, p34.
312
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
أ -مضمون نظرية السرية المصرفية المطمقة :حسب نظرية السرية المصرفية المطمقة ،فإف
السر المصرفي يؤسس فقط لحماية المصمحة الخاصة لمعميؿ ألف لكؿ شخص الحؽ في
حماية حياتو الخاصة بما في ذلؾ شؤونو المالية واالقتصادية كمعامبلتو مع البنوؾ.1
وقدـ أنصار نظرية السرية المصرفية المطمقة حججا لتأييد وجية نظرىـ في التصور
المطمؽ لمسرية المصرفية تمثمت أساسا في:
-ضرورة توافر الثقة التي ال غنى عنيا في الممارسة السميمة لممينة المصرفية ،فااللتزاـ
المطمؽ بالسرية المصرفية تبرره ضرورة حماية ثقة العميؿ في البنؾ.
-يعتبر التصور المطمؽ لمسرية المصرفية سياجا يحمي ىذا المبدأ مف االنييار الذي
يحصؿ نتيجة االستثناءات التي ترد عميو.
-يؤدي قبوؿ ىذه النظرية بالبنؾ في كؿ الظروؼ إلى الدفع بالسرية دوف قيد أو شرط وبيذا
تتحقؽ البساطة واليقيف ،وىذا ما ال تسمح بو نظرية السرية المصرفية النسبية ،وعمى ىذا
األساس ال يمكف ألي موظؼ بالبنؾ التحمؿ مف ىذا االلتزاـ تحت أي ظرؼ مف الظروؼ.
وتعتبر سويس ار مف أبرز الدوؿ التي تطبؽ نظرية السرية المصرفية المطمقة بص ارمة
شديدة ،إذ يفرض ىذا االلتزاـ عمى البنؾ المركزي وعمى معامبلت البنوؾ فيما بينيا ،كما أقر
ىذا النظاـ صراحة المشرع المبناني حيث أجاز قانوف سرية المصارؼ لمبنوؾ أف تفتح
لعمبلئيا حسابات ودائع رقمية ،وأف تأجر ليـ خزائف حديدية ال يعرؼ ىوية صاحبيا إال
مدير البنؾ ونائبو ،وال تسمح بالكشؼ عنيا إال في حاالت قميمة.
وقد تبنى القضاء ىذه النظرية في العديد مف أحكامو ،واعتبر بذلؾ أف السرية
المصرفية مطمقة يتقيد بيا البنؾ ،وال يحؽ لو إفشاء أسرار عمبلئو لمغير إال بناء عمى إذف
مف العميؿ نفسو أو لحماية مصمحة أسمى.
ب -نتائج نظرية السرية المصرفية المطمقة :يؤدي األخذ بنظرية السرية المصرفية المطمقة
إلى ترتيب النتائج التالية:
313
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-اتساع النطاؽ الموضوعي لمسرية المصرفية ،حيث أف األخذ بيذه النظرية يجعؿ السر
المصرفي ال يقتصر عمى ما يودعو العميؿ بنفسو مف معمومات لدى البنؾ ،بؿ يشمؿ كذلؾ
كؿ ما يصؿ إلى عمـ البنؾ بحكـ مينتو وبغض النظر إذا كاف العميؿ قد طمب مف البنؾ
كتمانو أـ ال.1
-اتساع النطاؽ الزمني لمسرية المصرفية ،حيث ذىب أنصار ىذه النظرية إلى تمديد مدة
تقيد البنؾ بالسرية المصرفية إلى ما بعد انتياء العبلقة التي تربطو بالعميؿ ،وبالتالي يمنع
عمى البنؾ االحتجاج بانقضاء العبلقة أو زواؿ العقد الذي يربطو بالعميؿ ليتحمؿ مف ىذا
االلتزاـ.
-اتساع النطاؽ الشخصي لمسرية المصرفية ،حيث تتسع دائرة األشخاص الممزميف بكتماف
أسرار عمبلء البنؾ مدراء البنوؾ ومساعدييـ ،والموظفيف والمستخدميف ميما كانت رتبتيـ
ووظي فتيـ ،وكؿ مف اطمع عمى المعمومات البنكية بحكـ مينتو كالمستشاريف القانونييف
والمالييف وأعضاء مجمس اإلدارة ...الخ.
ج -تقييم نظرية السرية المصرفية المطمقة :وجيت لنظرية السرية المصرفية المطمقة العديد
مف االنتقادات عمى اعتبار أنيا تجاىمت أف السرية المصرفية خصصت ليس لحماية
المصمحة الخاصة لمعميؿ فقط ،بؿ كذلؾ لحماية المصمحة العامة .كما أف نظرية السرية
المصرفية المطمقة تيدد العديد مف المصالح تحت غطاء االلتزاـ بالسرية المصرفية ،وال
تستجيب لمشاكؿ الواقع وال تواكب التطور الحاصؿ في مجاؿ التعاوف الدولي لمتصدي
لجريمة تبييض األمواؿ.
-2نظرية السرية المصرفية النسبية :ظيرت ىذه النظرية أواخر القرف ، 19وفقا ليا ترد
العديد مف االستثناءات عمى مبدأ السرية المصرفية ،وبيذا يمكف رفع الكتماف الذي تمتزـ بو
البنوؾ كمما دعت المصمحة العامة أو الخاصة.
أ -مضمون نظرية السرية المصرفية النسبية :يرى أنصار ىذه النظرية وعمى رأسيـ الفقيو"
"Faureأف المصمحة االجتماعية تطمبت وجود السرية بصفة عامة وىي التي تفرض رفعيا
314
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
في نفس الوقت ،فالطبيعة النسبية لمسرية المصرفية تجعؿ مف المصمحة العامة عامبل لمحد
مف قوتيا ،وبيذا يسمح القانوف لبعض السمطات اإلدارية والمالية باالطبلع عمى بعض
المعمومات المحمية أساسا تحت غطاء السرية.
ويقدـ أنصار نظرية السرية المصرفية النسبية مف أجؿ تدعيـ موقفيـ الحجج التالية:
-إف التصور المطمؽ لمسرية المصرفية قد يضر بمصمحة العميؿ إذا اقتضت ىذه األخيرة
أف يفضي البنؾ بما ائتمف عميو مف وقائع ،فعمى عكس النظرية السابقة تراعي نظرية السرية
المصرفية النسبية إرادة صاحب السر وتسمح لو باإلفصاح متى اقتضت مصمحتو ذلؾ.
-تسمح نظرية السرية المصرفية النسبية بالتوفيؽ بيف الحماية القانونية لمسرية المصرفية
والمصمحة االجتماعية األسمى ،وال تتحقؽ ىذه النتيجة إال بقبوؿ إمكانية رفع السرية
المصرفية كمما وجدت مصمحة أعمى مف تمؾ التي يحققيا االلتزاـ بالكتماف.
وقد أخذت بيذه النظرية معظـ التشريعات التي لـ تخصص تنظيما قانونيا مستقبل
لمسرية المصرفية ،وأبقت ىذه األخيرة خاضعة لمقواعد العامة التي تحكـ السر الميني مع
استقبللي تيا بقواعد معينة تتوافؽ مع الطابع المالي ليا ،ومف بيف التشريعات التي أخذت بيذا
التصور الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وفرنسا.
ب -نتائج نظرية السرية المصرفية النسبية :يرى أنصار نظرية السرية المصرفية النسبية
أف األخذ بيا يؤدي إلى تحقيؽ النتائج التالية:
-عدـ االحتجاج بالسرية المصرفية عمى العميؿ ،حيث يمكف لمعميؿ االطبلع عمى جميع
عناصر المعمومات التي تخصو طالما أف االلتزاـ بالسرية المصرفية تقرر لمصمحتو ،كما لو
أف يأذف لمبنؾ بإفشاء أس ارره.
-إف نظرية السرية المصرفية النسبية تجعؿ مف السر المصرفي قاببل لئلفشاء مف خبلؿ
االستثناءات التي نص عمييا القانوف والتي تنتفي بموجبيا مسؤولية البنؾ عف فعؿ اإلفشاء.
ج -تقييم نظرية السرية المصرفية النسبية :إف خاصية النسبية لمسرية المصرفية تتماشى
مع مقتضيات العدالة ،فعمى الرغـ مف أف التزاـ البنؾ بالحفاظ عمى األسرار المصرفية يحقؽ
315
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
مصمحة خاصة لمعميؿ ،إال أنو في حالة تعارض ىذه المصمحة الخاصة مع مصمحة عامة
فترجح ىذه األخيرة ،ويتـ التضحية باألولى طالما أف الفرد جزء مف الكؿ .وىو ما جعؿ
العديد مف التشريعات تأخذ بيذه النظرية لتوافقيا مع غاية القانوف في تحقيؽ التوازف بيف
المصالح العامة والمصالح الخاصة لؤلفراد.
-3موقف المشرع الجزائري من النظريتين :مف خبلؿ تتبع التعديبلت التي مست قانوف
النقد والقرض سواء تعمؽ األمر بالقانوف 10/90الممغى أو األمر 11/03المعدؿ والمتمـ
يتبيف لنا أف المشرع الجزائري حاوؿ التوفيؽ بيف النظريتيف السابقتيف ،حيث أخذ ببعض نتائج
نظرية السرية المصرفية المطمقة لما وسع مف النطاؽ الشخصي حسب ما ورد في الفقرة
األولى مف المادة 117التي جاء فييا " ...كؿ شخص يشارؾ أو شارؾ بأي طريقة كانت
،"...كما وسع مف النطاؽ الزمني لمسرية المصرفية وجعمو التزاما يسري حتى بعد انتياء
العبلقة التي تربط الموظؼ بالبنؾ.
أما ما يدؿ عمى تبني المشرع الجزائري لنظرية السرية المصرفية النسبية إدراجو لجممة
مف االستثناءات التي تنتفي مف خبلليا مسؤولية البنؾ عف إفشاء األسرار المصرفية لمعميؿ
ومنعة االحتجاج بالسر الميني أماـ بعض السمطات والييئات اإلدارية والقضائية تحقيقا
لشفافية المعامبلت وحماية لبلقتصاد الوطني.
وبناء عمى ما سبؽ ذكره ،يمكننا القوؿ بأف المشرع الجزائري قد وفؽ في تحقيؽ
التوازف بيف التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بالحفاظ عمى األسرار المصرفية لمعميؿ
ومقتضيات مكافحة عمميات تبييض األمواؿ مف خبلؿ االستثناءات التي تسمح بالتبميغ عف
العمميات المشبوىة وكشؼ المعمومات التي تخص العمبلء.
يترتب عمى إفشاء السر المصرفي قياـ مسؤولية البنؾ الجزائية ،باعتباره شخصا
معنويا حيث يعبر عف إرادتو مف خبلؿ وكبلئو وممثميو وموظفيو الذيف يعمموف باسمو
ولحسابو ،حيث أف جريمة إفشاء السر المصرفي مف الجرائـ التي يمكف تصور ارتكابيا مف
طرؼ البنوؾ ىذا مف جية ،ومف جية أخرى ىناؾ استثناءات عمى مبدأ االلتزاـ بالسرية
316
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
المصرفية حيث تزوؿ األسباب الموجبة لمحفاظ عمييا ،ذلؾ أف التزاـ البنؾ بالحفاظ عمى
السرية المصرفية ليس مطمقا فقد تتعارض مع مصالح عامة أو خاصة تبرر الخروج عمييا
العتبارات تفوؽ في أىميتيا مصمحة العميؿ ،ويعفى البنؾ مف أية مساءلة جزائية.
-1جريمة إفشاء السر المصرفي :جرـ المشرع الجزائري إفشاء السر المصرفي ورتب عمى
ارتكابيا عقوبات جنائية باعتبار أف ىذه الجريمة األكثر إساءة لمشخص مف كؿ صور
االعتداءات عمى الحياة الخاصة األخرى.
وعميو ،سوؼ نتناوؿ جريمة إفشاء السر المصرفي مف خبلؿ التطرؽ ألركانيا (أ) ،ثـ
العقوبات المقررة ليا (ب).
أ -أركان جريمة إفشاء السر المصرفي :تستمزـ جريمة إفشاء السر المصرفي لقياميا
باإلضافة إلى الركف المادي والمعنوي توافر صفة خاصة في الجاني ،وىي أف يكوف
الشخص أمينا عمى السر المصرفي وتستمد ىذه الصفة مف طبيعة المينة التي تمارسيا
البنوؾ.
-الركن المادي :يقوـ الركف المادي لجريمة إفشاء السر المصرفي مف خبلؿ تحقؽ السموؾ
اإلجرامي المتمثؿ في فعؿ اإلفشاء.
ويقصد باإلفشاء كشؼ السر واطبلع الغير عميو بأية طريق ة ،1ولكف العمنية ليست
شرطا لتحقؽ الجريمة ،إذ يكفي أف يقع اإلفشاء لشخص واحد وال يمزـ إفشاء السر كامبل
وانما يكفي لوقوع الجريمة إفشاء جزء منو فقط .2ويتحقؽ اإلفشاء بطريقة مباشرة أو غير
مباشرة ،شفاىة أو كتابة ،صراحة أو ضمنيا.3
ويفترض اإلفشاء وفقا لما سبؽ ذكره أف يتـ مع الغير ،ويقصد بالغير ىنا أي شخص
خارج عف العبلقة وال تخصو المعمومات السرية بالتحديد ،وتطبيقا لذلؾ ال يعد إفشاء لمسر
المصرفي قياـ البنؾ بتزويد بنؾ الجزائر بالمعمومات عف العمميات المصرفية التي تتعمؽ
أحسف بوسقيعة ،الوجيز في القانوف الجزائي الخاص ،مرجع سابؽ ،ص.8:: 2
317
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
بالعميؿ ،ألف موظفي بنؾ الجزائر ممف ليـ الصفة لبلطبلع عمى السر وعييـ واجب الكتماف
أيضا .كما ال تتحقؽ جريمة اإلفشاء إذا تـ اإلفضاء بالمعمومات مف قبؿ أحد موظفي البنؾ
إلى موظؼ آخر مف نفس البنؾ تقتضي طبيعة عممو العمـ بيذه المعمومات إذ يعد ىؤالء
أمناء عمى نفس السر وال يعدوف مف الغير.
-الركن المفترض (صفة الفاعل) :تعتبر جريمة إفشاء السر المصرفي مف جرائـ ذوي
الصفة الخاصة ،التي ال يرتكبيا إال شخص ذوي صفة معينة مستمدة مف نوع المينة التي
يمارسيا بمعنى أنو يجب أف يكوف الجاني ممزما بكتماف السر المصرفي ألف جوىر الجريمة
ىو اإلخبلؿ بالتزاـ ناشئ عف المينة وما يتفرع عنيا مف واجبات.
فبل تطبؽ أحكاـ المادة 301مف قانوف العقوبات إال عمى طائفة معينة مف األمناء
عمى األسرار بحكـ ممارسة المينة أي مف تقضي وظيفتو أو مينتو بتمقي األسرار ،ولـ يشأ
المشرع ال جزائري حصرىـ بؿ اكتفى بذكر البعض منيـ ثـ أردؼ بقولو " ...وجميع
األشخاص المؤتمنيف بحكـ الواقع أو المينة أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة عمى أسرار أدلي
بيا إلييـ "...ولذلؾ يظير أف المشرع الجزائري قد أخذ بالمعنى الواسع لؤلميف عمى السر.
-الركن المعنوي :يقوـ الركف المعنوي لجريمة إفشاء السر المصرفي بتوافر القصد الجنائي
فبل يكفي لقياـ الجريمة ارتكاب عمؿ مادي يعاقب عميو القانوف ،بؿ ال بد أف يصدر ىذا
الفعؿ المادي عف إرادة ووعي مف الجاني ،فيجب أف يعمـ المتيـ بأف لمواقعة صفة السرية
وتتعمؽ بكتماف السر المصرفي ،وأف يعمـ أف فعؿ اإلفشاء قد تـ في غير الحاالت التي
يرخص بيا القانوف .كما بجب أف تتجو إرادة المتيـ إلى إتياف فعؿ اإلفشاء والى النتيجة التي
تترتب عمييا ،وىي عمـ الغير بالواقعة التي ليا وصؼ السرية ،فإذا لـ تتجو إرادتو إلى ذلؾ
فبل يتوافر القصد الجنائي لديو.1
غير أف المشرع الجزائري لـ ينص صراحة في المادة 301مف قانوف العقوبات عمى
توافر القصد الجنائي كشرط لقياـ المسؤولية الجنائية عف إفشاء السر المصرفي .إال أف
القصد الجنائي ىو ركف أساسي في أية جريمة وفقا لمقواعد العامة ألف األصؿ في الجرائـ أف
تكوف عمدية واالستثناء أف تكوف غير عمدية ،ومف تـ كانت القاعدة إذا صمت المشرع عف
318
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
بياف صورة الركف المعنوي في جريمة مف الجرائـ كاف المقصود بذلؾ أنو يتطمب القصد
الجنائي فييا ،أما إذا قدر االكتفاء بالخطأ غير العمدي وجب عميو اإلفصاح عف ذلؾ.
ب -العقوبة المقررة لجريمة إفشاء السر المصرفي :حدد المشرع الجزائري عقوبة خاصة
لجريمة إفشاء السر الميني بموجب المادة 301مف قانوف العقوبات التي جاء فييا ما يمي:
"يعاقب بالحبس مف شير إلى ستة أشير وبغرامة مف 500إلى 5.000دج ،"...غير أنو
لـ ينص عمى عقوبة خاصة لجريمة إفشاء السر المصرفي عمى خبلؼ ما فعمت بعض
التشريعات ،حيث أحالت المادة 117مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد والقرض إلى نص
المادة 301مف قانوف العقوبات وىذا ما يتضح مف خبلؿ عبارة "يخضع لمسر الميني تحت
طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات ."...
أما العقوبات المقررة لؤلشخاص المعنوية عف جريمة إفشاء السر المصرفي ،فيي
الغرامة وفقا لما جاء في المادة 303مكرر 3مف قانوف العقوبات حسب الكيفيات
المنصوص عمييا في المادة 18مكرر والمادة 18مكرر ،2باإلضافة إلى واحدة أو أكثر
مف العقوبات التكميمية المنصوص عمييا في المادة 18مكرر كحؿ الشخص المعنوي ،غمؽ
المؤسسة ،المنع مف مزاولة نشاط أو أكثر ...الخ.1
-2االستثناءات الواردة عمى مبدأ السرية المصرفية :األصؿ أف تمتزـ البنوؾ والمؤسسات
المالية باحتراـ السرية المصرفية لزبائنيا ،وجميع البيانات التي تصؿ إلى عمـ موظفي البنوؾ
بمناسبة أدائيـ لمياميـ المصرفية ،إال أف االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية يجب أف ال يكوف
عائقا أماـ معرفة مصادر األمواؿ والتحري عف عمميات تبييض األمواؿ حتى ال يبقى أي
أنظر المادة >4مكرر 8مف قانوف األمر << 4;</المعدؿ والمتمـ بالقانوف < ،89/0مرجع سابؽ. 1
319
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
منفذ أماـ العصابات اإلجرامية مف تجار المخدرات واألسمحة أو أعماؿ االحتياؿ والتزوير مف
تبييض أمواليـ تحت حماية قوانيف السرية المصرفية.
لقد أصبح تقييد السرية المصرفية مطمبا ممحا مف قبؿ عديد الوثائؽ الدولية ذات
الصمة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ ،1والذي تبنتو كثير مف الدوؿ في قوانينيا الجديدة ،أو
قامت بتعديؿ قوانينيا بما يؤدي إلى تقييد السرية المصرفية وزيادة شفافية المعامبلت المالية.
لذا تعمد العديد مف الدوؿ ،ومف بينيا الجزائر إلى النص عمى حاالت استثنائية يجوز
فييا التخمي عف مبدأ السرية المصرفية ،حيث أجاز المشرع الجزائري رفع السرية المصرفية
مف خبلؿ نص المادة 22مف القانوف 01/05المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ
اإلرىاب ومكافحتيما والمادة 117مف األمر 11/03المتعمؽ بالنقد والقرض.
أ -رفع السرية المصرفية أمام السمطة القضائية :نصت المادة 117مف األمر 11/03
المتعمؽ بالنقد والقرض عمى أنو يستثنى مف االلتزاـ بمبدأ السرية المصرفية السمطة القضائية
التي تعمؿ في إطار إجراء جزائي ،لذلؾ ال يعتد بالسر المصرفي أماـ النيابة العامة ،حيث
خولت المادة 36مف قانوف اإلجراءات الجزائية لوكيؿ الجميورية صبلحية مباشرة أو األمر
باتخاذ جميع اإلجراءات البلزمة لمبحث والتحري عف الجرائـ المتعمقة بالقانوف الجزائي.
كما ال يمكف االعتداد بالسرية المصرفية أماـ جية التحقيؽ ،تطبيقا لنص المادة 68
مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي تخوؿ قاضي التحقيؽ وفقا لمقانوف اتخاذ جميع إجراءات
التحقيؽ التي يراىا ضرورية لمكشؼ عف الحقيقة بالتحري عف أدلة االتياـ وأدلة النفي.
ب -رفع السرية المصرفية أمام الهيئات اإلدارية والرقابية :خوؿ المشرع الجزائري بعض
الييئات اإلدارية والرقابية صبلحية االطبلع عمى المعمومات البنكية ،حتى ولو اتسمت
بالسرية .ويتعمؽ األمر بالمؤسسات والييئات اآلتية:
-إدارة الجمارك :أعطى قانوف الجمارؾ ألعواف الجمارؾ امتيازات مف أجؿ أف تكوف
مساىما فعاال في مجاؿ مكافحة جريمة تبييض األمواؿ ،فتطبيقا لنص المادة 48مف قانوف
المادة ; 0مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع سابؽ؛ المواد 09 ،08و0: 1
مف اتفاقية استراسبورغ ،مرجع سابؽ؛ المادة ; 4مف االتفاقية العربية لمكافحة غسؿ األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ،مرجع سابؽ.
320
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
الجمارؾ ،يمكف ألعواف الجمارؾ الذيف ليـ رتبة ضابط مراقبة عمى األقؿ واألعواف المكمفيف
بمياـ القابض ،أف يطالبوا في أي وقت ،باالطبلع عمى كؿ أنواع الوثائؽ المتعمقة بالعمميات
التي تيـ مصمحتيـ كالفواتير وسندات التسميـ وجداوؿ اإلرساؿ وعقود النقؿ والدفاتر
والسجبلت.
-إدارة الضرائب :منح قانوف اإلجراءات الجبائية 1ألعواف مصمحة الضرائب الذيف ليـ رتبة
مراقب عمى األقؿ بمساعدة ذوي رتبة أقؿ حؽ االطبلع عمى الوثائؽ والمعمومات لدى
اإلدارات العمومية ،أو المؤسسات أو الييئة الخاضعة لمراقبة السمطات اإلدارية ،وكذا
المؤسسات الخاصة مف أجؿ استعمالو في تأسيس الوعاء الضريبي.2
ويعتبر مبدأ حؽ االطبلع عمى الوثائؽ تقييدا لمبدأ السر الميني ،3إذ ال يمكف بأي
حاؿ مف األحواؿ ،إلدارات الدولة والواليات والبمديات والمؤسسات الخاصة وكذا المؤسسات
الخاضعة لمراقبة الدولة والواليات والبمديات وكذلؾ كؿ المؤسسات أو الييئات ،أيا كاف نوعيا
والخاضعة لمراقبة السمطة اإلدارية ،أف تحتج بالسر الميني في مواجية أعواف اإلدارة المالية
الذيف يطمبوف منيا االطبلع عمى وثائؽ المصمحة التي توجد في حوزتيا.4
وفي حالة رفض حؽ االطبلع ،يعاقب كؿ شخص أو شركة ترفض منح حؽ االطبلع
عمى الدفاتر والمستندات والوثائؽ التي يتعيف تقديميا وفقا لمتشريع بغرامة جبائية يتراوح
مبمغيا مف 5.000إلى 50.000دج.5
-خمية معالجة االستعالم المالي :تضمف القانوف 01/05المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالوقاية
مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما مجموعة مف المواد التي تمس بمبدأ السرية
القانوف 84/04المؤرخ في 88ديسمبر ،8004المتضمف قانوف المالية لسنة ،8008ج.ر.ج.ج ،عدد?= ،صادر في 1
89ديسمبر .8004
المادة ; :و< :مكرر 4مف القانوف ،84/04نفس المرجع. 2
العيد صالحي ،الوجيز في شرح قانوف اإلجراءات الجبائية ،الطبعة الثالثة ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر، 3
> ،800ص.<8
المادة < :مف القانوف ،84/04مرجع سابؽ. 4
321
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
المصرفية في حدود معينة ،إذ نصت المادة 22عمى أف" :ال يمكف االعتداد بالسر الميني
أو السر البنكي في مواجية الييئة المتخصصة".
كما نصت المادة 23مف نفس القانوف عمى أف" :ال يمكف اتخاذ أية متابعة مف أجؿ
انتياؾ السر البنكي أو الميني ضد األشخاص أو المسيريف واألعواف الخاضعيف لئلخطار
بالشبية الذيف أرسموا بحسف نية ،المعمومات أو قاموا باإلخطارات المنصوص عمييا في ىذا
القانوف".
وقبميا نصت المادة 104مف قانوف المالية لسنة 2013الممغاة بموجب المادة 35
مف القانوف 01/05عمى أف" :ال يحتج بالسر البنكي والسر الميني عمى خمية معالجة
االستعبلـ المالي".1
-المجنة المصرفية :ألزمت الفقرة األولى مف المادة 117مف األمر 11/03المعدؿ والمتمـ
المتعمؽ بالنقد والقرض كؿ عضو في مجمس إدارة ،وكؿ محافظ حسابات وكؿ شخص
يشارؾ أو شارؾ في تسيير أو رقابة البنوؾ والمؤسسات المالية بأف يخضع لمسر الميني
تحت طائمة العقوبات المنصوص عمييا في قانوف العقوبات.
أ ما الفقرة الثانية مف نفس المادة فنصت عمى أف" :تمزـ بالسر ،مع مراعاة األحكاـ
الصريحة لمقوانيف ،جميع السمطات ما عدا:
..... -المجنة المصرفية أو بنؾ الجزائر الذي يعمؿ لحساب ىذه األخيرة طبقا ألحكاـ المادة
108أعبله ."...
ج -رفع السرية المصرفية في إطار التعاون الدولي :في إطار مكافحة جريمة تبييض
األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ال يعتد بالسر المصرفي في مواجية الييئات الدولية المؤىمة التي
تتولى السمطات الجزائرية إببلغيا بالمعمومات الخاصة بيذه الجرائـ ،وفقا لممادة 117مف
قانوف النقد والقرض والمادة 27مف القانوف المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ
اإلرىاب التي خولت كؿ مف بنؾ الجزائر والمجنة المصرفية صبلحية تبميغ المعمومات إلى
القانوف 44/08المؤرخ في 8:ديسمبر ،8008المتضمف قانوف المالية لسنة ،8009ج.ر.ج.ج ،عدد<> ،صادر في 1
322
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
السمطات المكمفة بحراسة البنوؾ والمؤسسات في بمداف أخرى مع مراعاة المعاممة بالمثؿ
وبشرط أف تكوف ىذه السمطات في حد ذاتيا خاضعة لمسر الميني بنفس الضمانات
الموجودة في الجزائر.
كما يمكف لخمية معالجة االستعبلـ المالي أف تطمع ىيئات الدوؿ األخرى التي تمارس
مياـ مماثمة ،عمى المعمومات التي تتوفر لدييا حوؿ العمميات التي يبدو أنيا تيدؼ إلى
تبييض األمواؿ أو تمويؿ اإلرىاب مع مراعاة المعاممة بالمثؿ ،وفي إطار احتراـ االتفاقيات
الدولية واألحكاـ القانونية الداخمية المطبقة في مجاؿ الحياة الخاصة وتبميغ المعطيات
الشخصية.1
المطمب الثاني
يعود الدور األوؿ في مكافحة تبييض األمواؿ إلى البنوؾ والمؤسسات المالية ،التي
تستطيع مراقبة كؿ العمميات المصرفية التي تتـ عبر قنواتيا.
إف مرتكب جريمة تبييض األمواؿ ليس بالمجرـ العادي ،إنما ىو محترؼ ومتطور مف
حيث أساليبو ووسائمو المعقدة التي يصعب عمى البنوؾ والمؤسسات المالية اكتشافيا ما
يستوجب إنشاء نظاـ لمراقبة الصفقات المشبوىة ومكافحة عمميات تبييض األمواؿ.
وبالرغـ مف ذلؾ ،ال تزاؿ األجيزة المكمفة بالرقابة والتحقيؽ عمى مستوى البنوؾ
والمؤسسات المالية تعاني العديد مف النقائص في ظؿ محدودية الصبلحيات الممنوحة ليا
وضعؼ التنسيؽ بيف األجيزة المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ.
وقد احتؿ القطاع المصرفي الصؼ األوؿ في ما يخص تقديـ المعمومات إلى خمية
معالجة االستعبلـ المالي حيث ارتفع عدد التصاريح بالشبية في سنة 2015إلى 1290
323
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
إخطار ،إال أف أكثرىا ليست ليا أية صمة بعمميات تبييض األمواؿ وتفسر بانشغاؿ بعض
البنوؾ والمؤسسات المالية بالبحث عف العدد بدال مف الجودة.1
وتتطمب شروط نجاح مكافحة تبييض األمواؿ التزاما قويا مف طرؼ البنوؾ
والمؤسسات المالية ،والتي يقع عمييا واجب اعتماد نظاـ يسمح ليا بتجاوز المعوقات التي
تحوؿ دوف تحقيؽ ىذا النجاح السيما ما تعمؽ بضعؼ برنامج لتدريب الموظفيف (الفرع
األوؿ) ،مما يؤدي إلى عجزىا عف مراقبة كؿ العمميات المصرفية بسبب عدـ وجود نظاـ
معموماتي متطور (الفرع الثاني).
الفرع األول
إف انعداـ الخبرة بطرؽ كشؼ عمميات تبييض األمواؿ لدى الموظفيف بالقطاع البنكي
بشكؿ خاص والقطاع المالي بشكؿ عاـ ،يشكؿ عقبة كبرى في وجو مكافحة تبييض
األمواؿ.2
كما أف عدـ التزاـ البنوؾ والمؤسسات المالية بوضع برامج لتدريب الموظفيف عمى
األساليب البلزمة لكشؼ عمميات تبييض األمواؿ مف شأنو أف يؤدي إلى إجراء العمميات
المصرفية التي تيدؼ إلى إخفاء المصدر غير المشروع لؤلمواؿ بسيولة وحرية نظ ار لضعؼ
قد رات الموظفيف وانعداـ الخبرة لدييـ في التعرؼ عمى الصفقات التي يتبعيا مبيضو األمواؿ
في إنجاز عممياتيـ.
ويسمح التدريب المستمر لمموظفيف بالبنوؾ المختمفة وجميع العامميف بالقطاع المالي
بتنمية القدرات لدييـ في التعرؼ عمى الصفقات المشبوىة واألساليب والحيؿ المختمفة التي
يمجأ إلييا أصحاب األمواؿ غير المشروعة إلخفاء حقيقة مصدرىا ،وتضميؿ السمطات
المكمفة بكشؼ عمميات تبييض األمواؿ .كما يسمح تدريب الموظفيف في المجاؿ البنكي
والمالي خاصة فيما يتعمؽ بالموضوعات القانونية في تنمية مياراتيـ عمى إتباع اإلجراءات
خمية معالجة االستعبلـ المالي ،محمؽ التقرير السنوي ; ،804ص .8متاح عمى الموقعwww.mf-ctrf.org.dz : 1
324
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
القانونية المشروعة في التعامؿ لمواجية المعامبلت التي تثير الشبيات خاصة تمؾ التي
ترتبط بعمميات تبييض األمواؿ.
وادراكا مف المشرع الجزائري بأىمية تدريب موظفي البنوؾ والمؤسسات المالية ،ألزـ
النظاـ 11/08البنوؾ والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر بوضع برنامج
تكويف دائـ ،يسمح بتحضير موظفييـ بصفة مبلئمة عمى معرفة اإلجراءات المتعمقة بمكافحة
تبييض األمواؿ ،وكذا اطبلعيـ بج ميع التدابير المتخذة لمسماح لكؿ عوف باإلببلغ عف كؿ
عممية مشتبو فييا.1
أما فيما يتعمؽ بالمؤسسات المالية غير الخاضعة لبنؾ الجزائر ،فمـ يمزميا المشرع
بوضع برنامج تدريبي لمموظفيف لضماف اطبلعيـ عمى التطورات الجديدة فيما يتعمؽ
بمكافحة تبييض األمواؿ ،وىو األمر الذي قامت خمية معالجة االستعبلـ المالي بتداركو مف
خبلؿ إصدارىا الخطوط التوجييية حوؿ تدابير العناية تجاه زبائف الشركات والميف غير
المالية وبعض المؤسسات المالية التي ال تخضع لبنؾ الجزائر ، 2بمثابة دليؿ استرشادي
لمتحقؽ مف ىوية الزبائف واتخاذ إجراءات العناية المشددة تجاىيـ قبؿ إتماـ العممية عند وجود
شبية تبييض األمواؿ أو شؾ في صحة البيانات التي تـ الحصوؿ عمييا مسبقا بشأف ىوية
الزبوف.
تجدر اإلشارة إلى أف خمية معالجة االستعبلـ المالي قامت بعدة دورات تكوينية لفائدة
أعضاء المجمس ،موظفي الخمية ،الخاضعيف لواجب اإلخطار بالشبية (البنوؾ ،الموثقيف
)...وشركائيا في مكافحة تبييض األمواؿ (القضاة ،ضباط الشرطة القضائية) ،وىو ما
يفسر ارتفاع الميزانية المخصصة لمتكويف مقارنة بسنة 2002تاريخ إنشائيا.3
الفقرة (ط) ،المادة ? 8مف النظاـ رقـ > ،44/0مرجع سابؽ. 1
الخطوط التوجييية لخمية معالجة االستعبلـ المالي رقـ >=;/خ ـ إ ـ 804;/الصادرة بتاريخ 89أبريؿ ; .804متاح 2
325
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
الفرع الثاني
إف تفعيؿ دور أجيزة الرقابة يتطمب توفير نظاـ معموماتي متطور يساعد في كشؼ
المعمومات وتحميميا لموصوؿ إلى اليدؼ المنشود وىو مكافحة تبييض األمواؿ ،ىذا النظاـ
يجب أف يكوف حديثا يسمح بمراقبة حركة األمواؿ ومعرفة مشروعية مصدرىا ،ثـ تتبع
مسارىا وكيفية استعماليا والمجاالت التي تستثمر فييا.
فميمة تقديـ البيانات والمعمومات البلزمة إلثبات وقوع جريمة تبييض األمواؿ ونسبيا
لمرتكبيا تعتبر مف أكثر الميمات مشقة وصعوبة بالنسبة لجيات التحقيؽ ،األمر الذي
ي قتضي نظاـ معمومات متطور ،خاصة وأنو قد يصعب جمع المستندات التي توفر
المعمومات البلزمة لمتحقؽ مف مصدر األمواؿ لدى عصابات تبييض األمواؿ ،كما أف ىذه
األخيرة درجت عمى تقديـ مستندات مزورة مثؿ سندات البيع المراد منيا إخفاء المصدر
الحقيقي لؤلمواؿ غير المشروعة.1
مف ىنا ،تقتضي الضرورة وجود مركز رئيسي يكوف عمى درجة عالية مف التطور
باإلضافة إلى مراعاة كفاءة العنصر البشري الذي يمعب دو ار كبي ار في التحميؿ والمراقبة
ليتولى ميمة تأميف االتصاؿ الوثيؽ والسري مع المؤسسات المالية ،وكذلؾ تجميع وتحميؿ
المعمومات ومراقبة تحرؾ األمواؿ.2
أحمد محمد العمري ،جريمة غسؿ األمواؿ (نظرة دولية لجوانبيا االجتماعية والنظامية واالقتصادية) ،مكتبة العبيكاف، 1
326
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
المبحث الثاني
عمى الرغـ مف الجيود المبذولة ال تزاؿ مكافحة جريمة تبييض األمواؿ تواجو العديد
مف العقبات التي تحوؿ دوف القضاء عمييا ،فإلى جانب السرية المصرفية وعدـ التزاـ البنوؾ
والمؤسسات المالية بالرقابة والتحقيؽ (سبؽ اإلشارة إلييا في المبحث األوؿ مف ىذا الفصؿ)
ىناؾ عقبات أخرى مرتبطة بإشكاالت التعاوف القضائي الدولي والتي تقؼ حائبل أماـ
الجيات المكمفة بالتحري والتحقيؽ ومكافحة جريمة تبييض األمواؿ.
فالتعاوف القضائي الدولي تعترضو إشكالية ىامة تتمثؿ في تداخؿ وتعدد االختصاص
بالنسبة لمتحقيؽ والمبلحقة في جريمة تبييض األمواؿ ،وتوقيع العقوبات عمى مرتكبييا نظ ار
لمطابع الدولي ليذه الجريمة ،لذلؾ نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير
المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة 1988عمى النيوض بالتعاوف فيما بيف األطراؼ
الموقعة حتى تتمكف مف التصدي بمزيد مف الفعالية لمختمؼ مظاىر االتجار غير المشروع
بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،1ومنيا جريمة تبييض األمواؿ باعتبارىا إحدى تمؾ المظاىر.
المطمب األول
المادة 08مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية ،مرجع سابؽ. 1
327
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
وبالرغـ مف األىمية التي يكتسييا التعاوف القضائي الدولي مف خبلؿ تسميـ المجرميف
ومصادرة المحصبلت اإلجرامية ،إال أف جيود الدوؿ التي تسعى إلى تتبع مرتكبي األنشطة
اإلجرامية غالبا ما تصطدـ بعوائؽ الحدود الوطنية لمدوؿ االخرى وسيادتيا الوطنية ونطاؽ
اختصاصيا.
الفرع األول
تسميم المجرمين
تعتبر إشكالية تسميـ المجرميف مف اآلثار المترتبة عمى مبدأ السيادة ،1حيث تتمتع
الدوؿ بالحقوؽ والمميزات الكامنة في سيادتيا كميا ،سواء عمى الصعيد الدولي كإبراـ
المعاىدات الدولية واثارة المسؤولية الدولية لممطالبة بالتعويض عف األضرار التي تصيبيا أو
تصيب رعاياىا ،أو عمى الصعيد الداخمي فممدولة الحؽ في اتخاذ ما تراه مناسبا مف التدابير
تجاه األفراد الموجوديف عمى إقميميا سواء كانوا مواطنيف أو أجانب.2
وقد أكد القانوف 01/05المعدؿ والمتمـ المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ
اإلرىاب عمى نظاـ تسميـ المجرميف ،حيث نصت المادة 30منو عمى أنو" :يمكف أف
يتضمف التعاوف القضائي ،طمبات التحقيؽ واإلنابة القضائية الدولية وتسميـ المجرميف
المطموبيف طبقا لمقانوف."... ،
وتولى المشرع الجزائري تنظيـ إجراءات تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ قانوف
اإلجراءات الجزائية تحت عنواف "في العبلقات بيف السمطات القضائية األجنبية" ،وذلؾ
استنادا إلى نص المادة 82مف الدستور التي نصت عمى أف" :ال يسمـ أحد خارج التراب
الوطني إال بناء عمى قانوف تسميـ المجرميف وتطبيقا لو".
طبلؿ ياسيف العيسى" ،السيادة بيف مفيوميا التقميدي والمعاصر :دراسة في مدى تدويؿ السيادة في العصر الحاضر"، 2
مجمة جامعة دمشؽ لمعموـ االقتصادية والقانونية ،العدد األوؿ ،8040 ،ص.;9
328
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
يقصد بتسميـ المجرميف تخمي دولة عف شخص موجود في إقميميا إلى دولة أخرى
بناء عمى طمبيا لتحاكمو عف جريمة يعاقب عمييا القانوف الدولي ،أو لتنفيذ فيو حكما صادر
عميو مف محاكميا .
وعرؼ النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998التسميـ في المادة 102
تحت عنواف المصطمحات عمى أنو" :نقؿ دولة ما لشخص إلى دولة أخرى بموجب معاىدة
أو اتفاقية أو تشريع وطني".
وتكمؿ أىمية ت سميـ المجرميف باعتباره آلية لممتابعة الجزائية عبر الوطنية تسد الطريؽ
عمى المتيميف بارتكاب الجرائـ أو المحكوـ عمييـ باإلدانة ،إذ يموذوف بالفرار مف الدولة التي
ارتكبوا فييا جرائميـ إلى دولة أخرى.
-1األساس القانوني لتسميم المجرمين :يقصد باألساس القانوني لتسميـ المجرميف بصفة
عامة األحكاـ التشريعية والتعاقدية التي تمبي بيا الدولة حاجاتيا لمتسميـ ،ألنيا المبرر الذي
يجعؿ دولة ما تطالب بتسميـ شخص مقيـ عمى إقميـ دولة أخرى.
أ -االتفاقيات الدولية :نصت المادة 694مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أف" :تحدد
األحكاـ الواردة في ىذا الباب شروط تسميـ المجرميف واجراءاتو وآثاره ،وذلؾ ما لـ تنص
المعاىدات أو االتفاقيات السياسية عمى خبلؼ ذلؾ".
وترتبط الجزائر كغيرىا مف الدوؿ بالعديد مف اتفاقيات تسميـ المجرميف ،وتختمؼ ىذه
االتفاقيات مف حيث أطرافيا ،فمعظميا اتفاقيات ثنائية ،كما تتفاوت ىذه االتفاقيات في
مضمونيا ،فمنيا اتفاقيات تقتصر فقط عمى تسميـ المجرميف دوف سواه ،ومنيا اتفاقيات أكثر
329
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
شموال تنظـ مختمؼ جوانب التعاوف القضائي والقانوني بما في ذلؾ تسميـ المجرميف.1
ورغـ أىمية االتفاقيات الدولية باعتبارىا المصدر األوؿ لمتسميـ ،فإف ىناؾ عدة
صعوبات تقؼ حائبل دوف فعاليتيا ،منيا التحفظ عمى المعاىدة الذي يعد مف أىـ المعوقات
إذ يعبر عف نية الدولة الصريحة في عدـ قبوليا لنص معيف ،كما أف الدوؿ ليست عمى نفس
الدرجة مف االىتماـ بالدخوؿ في اتفاقية دولية لتنظيـ تسميـ المجرميف وذلؾ نتيجة تفاوت
المصالح األمنية والسياسية واالقتصادية.2
ب -التشريعات الداخمية :تعتبر التشريعات الداخمية لمدوؿ مصد ار ألحكاـ التسميـ إلى جانب
االتفاقيات الدولية ،واذا كانت التشريعات في السابؽ ترفض طمب التسميـ إذا لـ تكف ىناؾ
اتفاقية ،فإف التشريعات الحديثة تعتمد كثير مف الدوؿ فيو عمى التشريع الوطني كمصدر
أساسي لتسميـ المجرميف.
ومف الدوؿ التي تعتمد عمى التشريع كمصدر لمتسميـ إلى جانب المعاىدات نجد قانوف
إنجمت ار التي تعتمد عمى قانوف التسميـ الصادر سنة 1989وكذا التشريع الفرنسي الصادر
مف بيف االتفاقيات المتعمقة بتسميـ المجرميف التي وقعتيا الجزائر نذكر: 1
-اتفاقية قضائية بيف الجزائر وليبيا :المرسوـ الرئاسي ;? 9?=/المؤرخ في 48نوفمبر ;?? ،4يتضمف المصادقة عمى
اتفاقية التعاوف القضائي بيف الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجماىيرية العربية الميبية ،الموقعة في مدينة بنغازي.
-اتفاقية قضائية بيف الجزائر واألردف :المرسوـ الرئاسي 49?/09المؤرخ في ; 8مارس ،8009يتضمف المصادقة عمى
اتفاقية التعاوف القضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة المممكة األردنية الياشمية ،الموقعة
بالجزائر ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،88صادر في 90مارس .8009
-اتفاقية قضائية بيف الجزائر وايراف :المرسوـ الرئاسي < 449/800المؤرخ في 44مارس < ،800يتضمف المصادقة عمى
اتفاقية التعاوف القضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجميورية اإلسبلمية اإليرانية،
الموقعة بطيراف ،ج.ر.ج.ج ،عدد< ،4صادر في ; 4مارس <.800
-اتفاقية لتسميـ المجرميف بيف الجزائر والصيف :المرسوـ الرئاسي = 4=;/0المؤرخ في < يونيو = ،800يتضمف التصديؽ
عمى االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجميورية الصيف الشعبية،
الموقعة ببكيف ،ج.ر.ج.ج ،عدد> ،9صادر في 40يونيو =.800
-اتفاقية لتسميـ المجرميف بيف الجزائر ونيجيريا :المرسوـ الرئاسي ; 4?9/0المؤرخ في > 8مايو ; ،800يتضمف التصديؽ
عمى االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجميورية الفدرالية
النيجيرية ،الموقعة بالجزائر ،ج.ر.ج.ج ،عدد> ،9صادر في 4يونيو ;.800
بف زحاؼ فيصؿ ،تسميـ مرتكبي الجرائـ الدولية ،رسالة دكتوراه في القانوف الدولي والعبلقات السياسية الدولية ،جامعة 2
330
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
في مارس ،1927أما الجزائر فمقد تناوؿ المشرع موضوع تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ
األمر 155/66المؤرخ في 08جواف 1966المتضمف قانوف اإلجراءات الجزائية.
باإلضافة إلى الدور الذي يمعبو التشريع الداخمي ،فإف الدستور يعتبر مصد ار غير
مباشر لمتسميـ ،إذ نص الدستور الجزائري عمى مبدأيف أساسييف في مجاؿ تسميـ المجرميف
وىما "مبدأ جواز تسميـ شخص بناء عمى قانوف تسميـ المجرميف وتطبيقا لو" و "مبدأ عدـ
أمكانية تسميـ أو طرد الجئ سياسي يتمتع قانونا بحؽ المجوء.1
تجدر اإلشارة أنو في حالة نشأ تعارض بيف اتفاقية دولية ونص في قانوف اإلجراءات
الجزائية بشأف مسألة مف مسائؿ التسميـ ،فقد تبنى المؤسس الدستوري مبدأ سمو المعاىدات
عمى القانوف ،حيث نصت المادة 150مف الدستور عمى أف" :المعاىدات التي يصادؽ
عمييا رئيس الجميورية ،حسب الشروط المنصوص عمييا في الدستور ،تسمو عمى
القانوف".2
ج -مبدأ المعاممة بالمثل :يعتبر مبدأ المعاممة بالمثؿ مبدأ دولي أساسو السابقة في التعامؿ
عند غياب اتفاقية مع الدولة الطالبة تنظـ إجراءات التسميـ وشروطو.
وتتعامؿ الجزائر مع الدوؿ األخرى وفقا لممبادئ الدستورية المعموؿ بيا في ىذا
المجاؿ مف أجؿ دعـ التعاوف الدولي وتنمية العبلقات الودية بيف الدوؿ عمى أساس المساواة
والمصمحة المتبادلة وعدـ التدخؿ في الشؤوف الداخمية لمدوؿ وتبني مبادئ ميثاؽ األمـ
المتحدة.
وذلؾ إعماال لممادة = 8مف اتفاقية فيينا لقانوف المعاىدات لسنة ?<? ،4التي تقضي بأف الغمبة في حالة تنازع بيف أحكاـ 2
االتفاقية الدولية والقانوف الوطني تكوف لقواعد االتفاقية وانو ال يجوز لمدولة أف تتحمؿ مف المعاىدة عف طريؽ إصدار
تشريعات تسمح ليا بالتحمؿ مف آثار المعاىدة أو تضيؽ مف نطاؽ تطبيقيا.
331
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
ولـ تخرج الجزائر عف تمؾ المبادئ في مجاؿ تسميـ المجرميف ،إذ أنيا تسيؿ عممية
التسميـ متى تمقت طمب التسميـ وتوفرت شروطو القانونية ،ومع ذلؾ تأخذ بمبدأ المعاممة
بالمثؿ متى توفرت شروط األخذ بو.1
-2شروط تسميم المجرمين :تعتبر شروط التسميـ مف األىمية بما كاف في ما يتعمؽ
بموضوع تسميـ المجرميف ،لكونيا تفصؿ حدود العبلقة بيف الدوؿ األطراؼ في التسميـ
وتضع األحكاـ العامة التي عمى أساسيا يتـ التسميـ مف عدمو ،وذلؾ متى توافرت ىذه
الشروط حاؿ الفصؿ في قرار التسميـ.
وقد حدد المشرع الجزائري ىذه الشروط مف خبلؿ األحكاـ المتعمقة بتسميـ المجرميف
الواردة ضمف المواد مف 694إلى 701مف قانوف اإلجراءات الجزائية ،وكذا المادة 29
و 30مف القانوف 01/05المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما.
أ -الشروط المتعمقة بالشخص المطموب تسميمو :يعتبر الشخص المطموب تسميمو محور
إجراء التسميـ ،لكف ولعدة اعتبارات ليس كؿ مطموب يجوز تسميمو ،وىي اعتبارات تتعمؽ في
مجمميا بالجنسية والحالة الخاصة بالشخص المطموب تسميمو.
-الشروط المتعمقة بالجنسية :2تعتبر الجنسية بشكؿ عاـ تمؾ العبلقة القانونية بيف الفرد
والدولة يصير الفرد بمقتضاىا عضوا في شعب الدولة.3
واذا كاف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية الدولة الطالبة ،فإف االتجاىات
الدولية والتشريعات الداخمية تكاد تتفؽ عمى أف األمر ال يثير أي مشكبلت لمتسميـ ،طالما أنو
ومثاؿ ذلؾ رفضيا تسميـ المدعو "دحوماف عبد المجيد" إلى الواليات المتحدة األمريكية لسبؽ ىذه األخيرة تسميـ المدعو 1
"أنور ىداـ" ،حيث طالبت بو الجزائر لضموعو في المشاركة في تفجيرات مطار الجزائر الدولي بعد أف صدر حكما باإلعداـ
في حقو.
نظـ المشرع الجزائري أحكاـ الجنسية بموجب األمر ></=0المؤرخ في ; 4ديسمبر 4?=0المتضمف قانوف الجنسية، 2
ج.ر.ج.ج ،عدد ; ،40صادر في > 4ديسمبر 4?=0المعدؿ والمتمـ باألمر ; 04/0المؤرخ في = 8فبراير ;،800
ج.ر.ج.ج ،عدد ; ،4صادر في = 8فبراير ;.800
حفيظة السيد الحداد ،مدخؿ إلى الجنسية ومركز األجانب ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،800= ،ص.44 3
332
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
ارتكب الجري مة عمى إقميـ الدولة الطالبة ،واتخذت في حقو إجراءات المتابعة أو صدر حكـ
في حقو ،وىو ما نصت عميو المادة 396مف قانوف اإلجراءات الجزائية.1
أما إذا كاف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية الدولة المطموب منيا التسميـ فقد
أخذ المشرع الجزائري بمبدأ حضر تسميـ الرعايا ،وذلؾ عمى غرار ما أخذت بو الغالبية مف
التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية التي اعتبرت انتماء الشخص المطموب تسميمو إلى
جنسية الدولة المطموب منيا التسميـ يعتبر عائقا يحوؿ دوف التسميـ ،حيث نصت الفقرة
األولى مف المادة 698مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو ال يقبؿ التسميـ في حالة ما
إذا كاف الشخص المطموب تسميمو جزائري الجنسية .وىنا يتـ تطبيؽ مبدأ التسميـ أو
المحاكمة ،2أي أنو إذا لـ تقـ الدولة المطموب منيا التسميـ بتسميـ الشخص المطموب بسبب
كونو أحد رعاياىا يكوف عمييا أف تتولى بديبل عف ذلؾ وىذا عف طريؽ مباشرة إجراءات
مبلحقتو بيدؼ محاكمتو عف الجريمة التي كاف التسميـ مطموبا ألجميا ،وىو ما نصت عميو
اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2001حيث ألزمت
الدولة الطرؼ التي يوجد الجاني المزعوـ في إقميميا ولـ تقـ بتسميمو بسبب كونو مف رعاياىا
بأف تحيؿ القضية دوف إبطاء ال مبرر إلى سمطاتيا المختصة بقصد المبلحقة.3
نصت المادة <?< مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو" :يجوز لمحكومة الجزائرية أف تسمـ شخصا غير جزائري إلى 1
حكومة أجنبية بناء عمى طمبيا إذا وجد في أراضي الجميورية وكانت قد اتخذت في شأنو إجراءات متابعة باسـ الدولة
الطالبة أو صدر حكـ ضده مف محاكميا.
ومع ذلؾ ال يجوز التسميـ إال إذا كانت الجريمة موضوع الطمب قد ارتكبت:
-إما في أراضي الدولة الطالبة مف أحد رعاياىا أو مف أحد األجانب،
-واما خارج أراضييا مف أحد رعايا ىذه الدولة،
-واما خارج أراضييا مف أحد األجانب عف ىذه الدولة إذا كانت الجريمة مف عداد الجرائـ التي يجيز القانوف الجزائري
المتابعة فييا في الجزائر حتى ولو ارتكبت مف أجنبي في الخارج".
تـ إدراج مبدأ التسميـ أو المحاكمة مف قبؿ لجنة القانوف الدولي في مشروع قانوف الجرائـ المخمة بسمـ اإلنسانية وأمنيا 2
لسنة <?? ،4التي اعتبرت أف االلتزاـ بالتسميـ أو المحاكمة مفروض عمى الدولة التي يوجد عمى إقميميا فرد يدعى عمى أنو
ارتكب جريمة ،وىذه الدولة ممزمة باتخاذ اإلجراءات الضرورية لضماف محاكمة ىذا الفرد إما مف قبؿ لسمطات الوطنية لتمؾ
الدولة أو مف قبؿ دولة أخرى تعمف عف رغبتيا في نظر القضية مف خبلؿ تقديـ طمب التسميـ.
المادة < 4مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،مرجع سابؽ. 3
333
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
وفي حاؿ كوف الشخص المطموب تسميمو يحمؿ جنسية دولة ثالثة ،فقد نص المشرع
الجزائري عمى إمكانية أف يتـ تسميـ الشخص األجنبي إلى الدولة الطالبة ،إذا ارتكب الجريمة
عمى أراضييا ،وىو ما ورد في الفقرة الثانية مف المادة 696مف قانوف اإلجراءات الجزائية.
أما إذا كاف لمشخص المطموب تسميمو أكثر مف جنسية واحدة ،في ىذه الحالة المشرع
الجزائري يميز بيف حالتيف :األولى أف تكوف كؿ الجنسيات التي تثبت لمشخص أجنبية في
ىذه الحالة يطبؽ قانوف الجنسية الفعمية ،وىي تمؾ التي يرتبط بيا الشخص أكثر مف غيرىا.
والحالة الثانية أف تكوف مف بيف الجنسيات التي تثبت لمشخص الجنسية الجزائرية ،وفي ىذه
الحالة القانوف الجزائري ىو الذي يطبؽ استنادا لنص المادة 22مف القانوف المدني.1
-الحالة الخاصة بالشخص المطموب تسميمو :فيما يتعمؽ بالوضع الشخصي لممطموب
تسميمو مف حيث صحتو وسنو وغير ذلؾ مف األسباب الشخصية ،فإف القانوف الجزائري
وبعض االتفاقيات التي ترتبط بيا الجزائر لـ تشر لمموقؼ الواجب إتباعو في ىذا الشأف.
الحدث :2لـ يتعرض القانوف الجزائري إلى مدى جواز تسميـ الحدث ،ولكف أغمب العقوبات
التي تطبؽ عمى الحدث ال تكوف سالبة لمحرية حيث تكتفي بتطبيؽ بعض تدابير الحماية
والتيذيب طبقا لممادة 444مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو" :ال يجوز في
مواد الجنايات والجنح أف يتخذ ضد الحدث الذي لـ يبمغ الثامنة عشر إال تدبير أو أكثر مف
تدابير الحماية والتيذيب اآلتي بيانيا:
نصت المادة 88مف األمر ;= ;>/المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ بالقانوف ; 40/0المؤرخ في 80يونيو 1
; 800عمى أنو" :في حالة تعدد الجنسيات يطبؽ القاضي الجنسية الحقيقية.
غير أف القانوف الجزائري ىو الذي يطبؽ إذا كاف لمشخص في وقت واحد ،بالنسبة إلى الجزائر الجنسية الجزائرية ،وبالنسبة
إلى دولة أو عدة دوؿ أجنبية جنسية تمؾ الدوؿ.
وفي حالة انعداـ الجنسية يطبؽ القاضي قانوف الموطف أو قانوف محؿ اإلقامة".
الحدث ىو الشخص الذي لـ يبمغ سف الرشد القانوني .يكوف بموغ سف الرشد الجزائي في تماـ الثامنة عشر (> )4طبقا 2
لممادة ::8مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو" :يكوف بموغ سف الرشد الجزائي في تماـ الثامنة عشر".
334
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-وضعو في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة لمتيذيب أو التكويف الميني مؤىمة
ليذا الغرض.
-وضعو في مدرسة داخمية صالحة إليواء األحداث المجرميف في سف الدراسة ،غير أنو
يجوز أف يتخذ كذلؾ في شأف الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشرة تدبير يرمي إلى
وضعو في مؤسسة عامة لمتيذيب تحت المراقبة أو لمتربية اإلصبلحية.
ويتعيف في جميع األحواؿ أف يكوف الحكـ بالتدابير المذكورة آنفا لمدة معينة ال يجوز أف
تتجاوز التاريخ الذي يبمغ فيو القاصر سف الرشد المدني".
فإذا كاف الحدث مف المواطنيف فبل يمكف تسميمو ألنو يحمؿ الجنسية الجزائرية وىنا
يدخؿ في إطار مبدأ التسميـ أو المحاكمة ،1لكف إذا كاف مف رعايا الدولة الطالبة وتوافرت
فيو شروط الحد األدنى لمعقوبة فينا يمكف تسميمو إذا لـ تكف ىناؾ اتفاقية تمنع تسميـ
األحداث كما ىو الشأف في االتفاقية المتعمقة بتسميـ المجرميف الموقعة بيف حكومة
الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة جميورية إيطاليا التي نصت عمى عدـ
جواز تسميـ الشخص المطموب إذا كاف عند ارتكابو الجريمة حدثا حسب قانوف الدولة
المطموب منيا التسميـ.2
الحالة الصحية لمشخص المطموب تسميمو :أجازت بعض االتفاقيات رفض التسميـ في
بعض الحاالت التي يكوف فييا الشخص المطموب تسميمو في حالة مرض مزمف أو طاعف
في السف كاالتفاقية المتعمقة بالتعاوف القضائي في المجاؿ الجزائي وتسميـ األشخاص
الموقعة بيف الجزائر والصيف ،حيث نصت المادة 04منيا تحت عنواف األسباب التقديرية
يقصد بمبدأ التسميـ أو المحاكمة أنو إذا لـ تقـ الدولة المطموب منيا التسميـ بتسميـ الشخص المطموب بسبب كونو أحد 1
رعاياىا يكوف عمييا أف تتولى بديبل عف ذلؾ وىذا عف طريؽ مباشرة إجراءات مبلحقتو بيدؼ محاكمتو عف الجريمة التي
كاف التسميـ مطموبا ألجميا.
نصت المادة 09الفقرة (ج) مف اتفاقية تسميـ المجرميف بيف الجزائر وايطاليا عمى أنو" :يرفض التسميـ في الحاالت 2
اآلتية ... :إذا كاف الشخص المطموب ،عند ارتكاب الجريمة ،حدثا حسب قانوف الطرؼ المطموب منو ."...
335
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
لمرفض عمى أنو يجوز رفض التسميـ إذا كاف يتنافى مع االعتبارات اإلنسانية بسبب سف
الشخص أو حالتو الصحية أو لظروؼ أخرى لمشخص المطموب.
رفض التسميم بسبب الدين أو الجنس أو العرق :يمكف لمدولة المطموب منيا التسميـ أف
ترفض طمب التسميـ إذا رأت أنو قدـ مف أجؿ متابعة أو محاكمة الشخص المطموب بسبب
أصمو أو جنسو أو عقيدتو أو جنسيتو أو أنو يمكف المساس بمركزه خبلؿ اإلجراءات
القضائية ألحد ىذه االعتبارات ،وكما يمكف رفض التسميـ إذا كاف يشكؿ خرقا لممبادئ
الدولية لحقوؽ اإلنساف السيما تمؾ المنصوص عمييا في العيد الدولي المتعمؽ بالحقوؽ
المدنية والسياسية.1
الحصانة :يقصد بالحصانة في القانوف الجنائي المميزات التي تمنح لبعض األشخاص بقصد
إخراجيـ مف االختصاص القضائي لمدولة المضيفة كميا أو جزئيا بحسب نوع وطبيعة
الحصانة الممنوحة لكؿ منيـ.2
ومف أىـ الفئات التي تتمتع بالحصانة نذكر رؤساء الدوؿ األجنبية ،رجاؿ السمؾ
الدبموماسي ،حيث يتمتع رؤساء الدوؿ األجنبية داخؿ أقاليـ الدوؿ التي يتواجدوف فييا
بحصانة فبل يسألوف عما يرتكبونو مف جرائـ عمى ىذه األقاليـ ،غير أف ىذه الحصانة تسقط
في حالة ارتكابيـ لجريمة دولية تدخؿ في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،وىو ما
نصت عميو المادة 27مف نظاـ روما األساسي لممحكمة الجنائية الدولية 3بقوليا" :يطبؽ ىذا
النظ اـ األساسي عمى جميع األشخاص بصورة متساوية دوف أي تمييز بسبب الصفة
الرسمية .وبوجو خاص ،فإف الصفة الرسمية لمشخص ،سواء كاف رئيسا لدولة أو حكومة
،...ال تعفيو بأي حاؿ مف األحواؿ مف المسؤولية الجنائية بموجب ىذا النظاـ األساسي كما
أنيا ال تشكؿ ،في حد ذاتيا ،سببا لتخفيؼ العقوبة".
المادة 0:مف اتفاقية تسميـ المجرميف الموقعة بيف الجزائر والبرتغاؿ بتاريخ 88يناير = .800أنظر :المرسوـ الرئاسي 1
نظاـ روما األساسي لممحكمة الجنائية الدولية المعتمد في = 4يونيو >?? 4بروما .ودخؿ النظاـ األساسي حيز النفاذ في 3
04يونيو .8008
336
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
كما يتمتع المبعوث الدبموماسي بالحصانة الجنائية ،فبل يخضع لمقضاء الجنائي في
الدولة المعتمد لدييا بالنسبة لما يرتكبو مف جرائـ أيا كاف نوعيا ،وعدـ خضوع المبعوث
الدبموماسي لمقضاء الجنائي لمدولة المعتمد لدييا يعتبر مف قواعد النظاـ العاـ الذي ال يجوز
مخالفتيا لممحافظة عمى العبلقات السممية بيف الدوؿ.1
وتمتع المبعوث الدبموماسي بيذه الحصانة ال تقتصر عمى إجراءات التقاضي فحسب
وانما تشمؿ حماية وصيانة شخصو مف جميع اإلجراءات األخرى ،فبل تباشر ضده التعقيبات
القانونية التي تتخذ عادة عند انتياؾ الوطني أو األجنبي أحكاـ القوانيف الداخمية ،كالتفتيش
والقبض والتحقيؽ والمحاكمة وغيرىا مف اإلجراءات وىو ما نصت عميو المادة 31مف
اتفاقية فيينا لمعبلقات الدبموماسية لسنة 1961بقوليا" :يتمتع الممثؿ الدبموماسي بالحصانة
القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لدييا.2"...
ب -الشروط المتعمقة بالجريمة سبب التسميم :ال يكفي أف يكوف الفعؿ المنسوب إلى
الشخص المطموب جريمة معاقب عمييا في قوانيف الدولتيف طالبة التسميـ والمطموب إلييا
التسميـ ،وانما يجب أيضا أف تكوف ىذه الجريمة عمى قدر معيف مف الخطورة واألىمية.
وبالرجوع إلى نص المادة 697مف قانوف اإلجراءات الجزائية ،نجد المشرع الجزائري
قد نص عمى األفعاؿ التي تجيز التسميـ سواء كاف مطموبا أو مقبوال والمتمثمة في:
-الجنايات :يجوز تسميـ الشخص الذي ارتكب فعؿ يعد جناية في قانوف الدولة الطالبة أو
المطموب إلييا ،حيث نصت الفقرة األولى مف المادة 697مف قانوف اإلجراءات الجزائية
عمى أف األفعاؿ التي تجيز التسميـ سواء كاف مطموبا أو مقبوال تشمؿ جميع األفعاؿ التي
يعاقب عمييا قانوف الدولة الطالبة بعقوبة جناية.
عبد الفتاح شبانة ،الدبموماسية (القواعد القانونية ،الممارسة العممية ،المشكبلت الفعمية) ،مكتبة مدبولي ،مصر،8008 ، 1
ص.;8
اتفاقية فيينا لمعبلقات الدبموماسية لسنة 4?<4ىي اتفاقية دولية تحدد اإلجراءات والضوابط الخاصة بالعمؿ الدبموماسي 2
بيف الدوؿ وتبيف الحقوؽ والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبموماسية ،كما تضمنت تحديد عدة مفاىيـ كالحصانة
الدبموماسية وقطع العبلقات.
337
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-الجنح :يجوز التسميـ في الجنح وذلؾ في حالة ارتكاب شخص لجنحة في قانوف الدولة
الطالبة ،وكاف ا لحد األقصى المقرر لمعقوبة ىي الحبس لمدة سنتيف أو أقؿ ،وكذلؾ في حالة
ما إذا كاف مرتكب الجنحة قد حكـ عميو بعقوبة تساوي أو تتجاوز الحبس لمدة شيريف.
ونبلحظ أف المشرع الجزائري مف خبلؿ قانوف اإلجراءات الجزائية ميز بيف ما إذا كاف
الغرض مف طمب التسميـ ىو محاكمة الشخص المطموب تسميمو فاشترط أف يكوف الفعؿ
المطالب التسميـ مف أجمو معاقب عميو في الدولة الطالبة بعقوبة سالبة لمحرية لمدة سنتيف أو
أقؿ ،وبيف إذا ما كاف الغرض مف طمب التسميـ ىو تنفيذ العقوبة المحكوـ بيا عمى الشخص
المطموب تسميمو فاشترط أف يكوف قد صدر عميو حكـ بعقوبة تساوي أو تتجاوز الحبس لمدة
شيريف.
ويجد التمييز بيف ما إذا كاف الغرض مف طمب التسميـ ىو محاكمة الشخص
المطموب تسميمو أو تنفيذ الحكـ الصادر عميو ما يبرره مف الناحية العممية ،ألنو لو لـ
يشترط أف تكوف العقوبة السالبة لمحرية لمدة سنتيف عمى األقؿ ،أو أف يكوف الحكـ الذي
صدر عمى الشخص المطموب تسميمو تساوي أو تتجاوز مدة شيريف ،لوجب قبوؿ طمب
التسميـ حتى ولو كانت العقوبة المحكوـ بيا بسيطة وال تتطمب اتخاذ إجراءات التسميـ وما
يترتب عمييا مف تكاليؼ.
كما أجاز المشرع الجزائري التسميـ في حالتي الشروع واالشتراؾ ،حيث نصت الفقرة
الثالثة مف المادة 697مف قانوف اإلجراءات الجزائية عمى أنو" :تخضع األفعاؿ المكونة
لمشروع أو االستمرار لمقواعد السابقة شرط أف يكوف معاقب عميو طبقا لقانوف كؿ مف الدولة
طالبة التسميـ والمطموب منيا إلييا التسميـ".
غير أف ىناؾ أنواع مف الجرائـ ال يجوز التسميـ فييا ميما كانت خطورة الوقائع فييا
كالجرائـ السياسية والجرائـ العسكرية ،وقد نصت عمى ىذا االستثناء المعاىدات واالتفاقيات
الثنائية والمتعددة األطراؼ سواء المتعمقة بالتعاوف القضائي والقانوني أو المعاىدات الدولية
لمكافحة جريمة معينة ،كما ىو الحاؿ في االتفاقية العربية لمكافحة اإلرىاب في المادة
السادسة التي نصت عمى أنو" :ال يجوز التسميـ في أي حالة مف الحاالت التالية:
338
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-إذا كانت الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ معتبرة ،بمقتضى القواعد القانونية النافدة
لدى الدولة المتعاقدة المطموب إلييا التسميـ ،جريمة ليا صبغة سياسية.
-إذا كانت الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ تنحصر في اإلخبلؿ بواجبات عسكرية".
وكذلؾ المادة 698مف قانوف اإلجراءات الجزائية بقوليا" :ال يقبؿ التسميـ في الحاالت
اآلتية ... :إذا كانت لمجناية أو الجنحة صبغة سياسية أو إذا تبيف مف الظروؼ أف التسميـ
مطموب لغرض سياسي".
أما فيما يتعمؽ بجريمة تبييض األمواؿ ،فقد نصت المادة 389مكرر 1مف قانوف
العقوبات عمى معاقبة كؿ مف قاـ بتبييض األمواؿ بالحبس مف خمس سنوات إلى عشر
سنوات وبغرامة مف 1.000.000إلى 3.000.000دج ،وبالتالي تعتبر جريمة تبييض
األمواؿ مف الج رائـ التي يجوز فييا التسميـ حيث أف المشرع الجزائري وضع الحد األدنى
لعقوبة جريمة تبييض األمواؿ ،وىو الحبس لمدة خمس سنوات.
كما نصت الفقرة الثانية مف المادة 06مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير
المشروع بالمخدرات لسنة 1988عمى أنو" :تطبؽ ىذه المادة (التي تنظـ تسميـ المجرميف)
عمى الجرائـ التي تقررىا األطراؼ وفقا لمفقرة األولى مف المادة الثالثة مف االتفاقية".1
إف الجزائر وعمى غرار باقي دوؿ العالـ ولتنظيـ تسميـ المجرميف فقد أبرمت العديد
مف االتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراؼ ،كما أنيا وفي إطار تكييؼ قوانينيا الداخمية مع
االتفاقيات الدولية فقد كرست نظاـ تسميـ المجرميف ضمف أحكاـ قانوف اإلجراءات الجزائية
السيما المواد مف 702إلى 718منو.
-1إجراءات تسميم المجرمين وآثاره :إذا كاف مف حؽ كؿ دولة أف تتبع المجرـ الذي فر
مف العقاب بعد ارتكابو أفعاال مجرمة ألحقت ضر ار بنظاميا وأف تطمب تسميمو ليا ،فإف ىذا
التسميـ يخضع لجممة مف اإلجراءات القانونية التي تشترؾ في تطبيقيا الدولة طالبة التسميـ
نصت الفقرة األولى مف المادة 09عمى تجريـ تبييض األمواؿ بجميع صوره مف تحويؿ األمواؿ أو نقميا ،إخفاء أو تمويو 1
339
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
والدولة المطموب منيا وىذا عمى مستوى السمطتيف التنفيذية والقضائية بشكؿ يضمف نجاعة
نظاـ التسميـ ويحقؽ أىدافو ويرتب آثاره الصحيحة في حؽ كؿ مف الدولتيف الطالبة
والمطموب منيا التسميـ.
أ -إجراءات تسميم المجرمين :حددت المواد مف 702إلى 713مف قانوف اإلجراءات
الجزائية إجراءات تسميـ األجنبي المقيـ في الجزائر إلى الدولة الطالبة والتي تتمثؿ في:
تت مقى الحكومة الجزائرية طمب التسميـ بالطريؽ الدبموماسي ويرفؽ بو إما الحكـ
الصادر بالعقوبة سواء كاف حضوريا أو غيابيا واما أوراؽ اإلجراءات الجزائية التي صدر بيا
األمر رسميا بإحالة المتيـ إلى جية القضاء الجزائي والتي تتضمف بياف األفعاؿ المرتكبة
وتاريخ ارتكابيا.1
وبعد فحص المسندات يتولى وزير الشؤوف الخارجية تحويؿ طمب التسميـ إلى وزير
العدؿ الذي يتحقؽ ىو بدوره مف سبلمة الطمب ، 2بعدىا يستجوب الشخص األجنبي مف
طرؼ النائب العاـ بالمحكمة العميا ويبمغو المستند الذي قبض مف أجمو ،ويحرر محضر
بيذه اإلجراءات خبلؿ 24ساعة ،بعدىا ينقؿ األجنبي المقبوض عميو في أقصر أجؿ
ويسجف في سجف العاصمة.
وفي نفس الوقت ترفع المحاضر مرفقة بجميع المستندات إلى الغرفة الجنائية
بالمحكمة العميا ،التي يمثؿ أماميا األجنبي خبلؿ مدة أقصاىا 08أياـ مف تبدأ مف تاريخ
تبميغ المستندات ،ويجوز أف يمنح األجنبي مدة 08أياـ قبؿ المرافعات وذلؾ بناء عمى طمب
مف النيابة العامة أو بطمب منو لتمكينو مف االستعانة بمحاـ أو مترجـ ،ثـ يجري بعد ذلؾ
استجوابو بحضور النيابة العامة والدفاع في جمسة عمنية ما لـ يتقرر خبلؼ ذلؾ بناء عمى
طمب مف النيابة العامة ،ويحرر محض ار بيذا االستجواب.
340
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
فإذا قرر األجنبي عند مثولو قبوؿ طمب تسميمو إلى سمطات الدولة الطالبة ،ىنا تثبت
المحكمة ىذا اإلقرار وتحوؿ نسخة منو مف غير تأخير بواسطة النائب العاـ إلى وزير العدؿ
التخاذ اإلجراءات البلزمة في ىذا الشأف.
أما في حالة عدـ قبوؿ األجنبي لطمب التسميـ فيجب عمى المحكمة العميا إبداء رأييا
في طمب التسميـ فإذا تبيف ليا أف ىذا األخير مشوب بخطأ أو غير مستوؼ الشروط
القانونية ،وىنا يجب إعادة الممؼ إلى وزير العدؿ خبلؿ مدة 08أياـ تبدأ مف تاريخ انقضاء
المواعيد المنصوص عمييا في المادة 707مف قانوف اإلجراءات الجزائية ،فإذا أصدرت
المحكمة العميا رأيا مسببا برفض طمب التسميـ فإف ىذا الرأي يكوف نيائيا وال يجوز قبوؿ
التسميـ.
وفي حالة ما إذا تبيف لممحكمة العميا خبلؿ دراستيا وفحصيا لطمب التسميـ والوثائؽ
المرفقة بو ،أف الطمب مستوفي لمشروط القانونية التي تنظـ تسميـ األجنبي ،فعمييا أف تحوؿ
الممؼ إلى وزير العدؿ واعبلمو أف األمر يتطمب التسميـ فإنو يعرض لمتوقيع مرسوما باإلذف
بالتسميـ وعميو أف يبمغ الدولة الطالبة بيذا المرسوـ ،واذا انقضى ميعاد شير مف تاريخ تبميغ
ىذا المرسوـ دوف أف يقوـ ممثمو تمؾ الدولة باستبلـ الشخص المقرر تسميمو فيفرج عنو فو ار
وال يجوز لمدولة الطالبة أف تعيد طمب التسميـ مرة أخرى لنفس األسباب.1
ب -آثار تسميم المجرمين :يترتب عمى تسميـ المجرميف عدة آثار نصت عمييا المواد مف
714إلى 718مف قانوف اإلجراءات الجزائية وتتمثؿ في:
-يكوف التسميـ باطبل إذا خالؼ اإلجراءات السابؽ بيانيا ،ويصدر حكـ بالبطبلف إما مف
الجية القضائية الخاصة بالتحقيؽ أو بالحكـ التي يتبعيا الشخص المسمـ مف تمقاء نفسيا
وفي حالة ما إذا أصدرت ىذه الجية قبوليا التسميـ ،يتعيف الغرفة الجزائية بالمحكمة العميا
ببطبلف التسميـ.2
نصت الفقرة 04مف المادة =4:مف األمر << 4;;/المعدؿ والمتمـ عمى أنو" :يكوف باطبل التسميـ الذي تحصؿ عميو 2
الحكومة الجزائرية إذا حصؿ في غير الحاالت المنصوص عمييا في ىذا الباب.
وتقضي الجية القضائية الخاصة بالتحقيؽ أو بالحكـ التي يتبعيا الشخص المسمـ ،بالبطبلف مف تمقاء نفسو بعد تسميمو".
341
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-لمشخص المسمـ حؽ تعييف محاـ عنو ،كما يجوز لو حؽ طمب البطبلف وذلؾ خبلؿ مدة
ثبلثة أياـ تبدأ مف تاريخ توجيو اإلنذار إليو مف طرؼ النائب العاـ عقب القبض عميو.1
-يفرج عمى الشخص المسمـ في حالة إبطاؿ التسميـ إذا لـ تطالب بو الحكومة التي سممتو
تطالب بو ،كما ال يجوز إعادة القبض عميو مرة أخرى سواء عف تمؾ األفعاؿ المذكورة في
طمب التسميـ أو أفعاؿ أخرى سابقة إال إذا قبض عميو في األراضي الجزائرية في مدة ثبلثيف
يوما مف تاريخ اإلفراج عميو.2
-يخضع الشخص المفرج عنو لقوانيف الدولة الطالبة إذا لـ يغادر أراضي تمؾ الدولة في
مدة أقصاىا ثبلثيف يوما مف اإلفراج عميو يبدأ سريانيا مف يوـ اإلفراج عنو عف األفعاؿ التي
ارتكبيا ىذا الشخص قبؿ التسميـ شريطة أف تكوف مختمفة عف األفعاؿ المطموب التسميـ مف
أجميا.3
-تسميـ األشياء المضبوطة وذلؾ بقرار مف الجية القضائية التي فصمت في قرار التسميـ
وىذه بقرار غير قابؿ لمطعف ،ويجوز إرساؿ ىذه المحجوزات إلى الدولة الطالبة حتى ولو
تعذر التسميـ بسبب ىروب الشخص المطموب أو وفاتو.
-تحمؿ كؿ دولة المصاريؼ بخصوص اإلجراءات التي تمت بداخؿ حدودىا في حيف أف
تكاليؼ العبور تكوف عمى عاتؽ الدولة الطالبة وفقا لما جاءت بو االتفاقية األوروبية لتسميـ
المجرميف إال أف ىذه المسألة لـ يتطرؽ إلييا المشرع الجزائري.
-يكوف تسمـ الشخص المطموب في المكاف والزماف المتفؽ عمييما مف قبؿ كؿ مف الدولتيف
الطالبة والمطموب منيا التسميـ ،فيأخذ الشخص المعني إلى مصمحة السجوف لمدولة الطالبة
إذا كاف قد صدر ضده حكـ ،أما إذا كاف التسميـ مف أجؿ المحاكمة فيأخذ المعني إلى
السجف التابع لممحكمة التي يكوف وكيؿ الجميورية المختص قد باشر إجراءات التسميـ بيا.
نصت الفقرة 09مف المادة =4:مف األمر << 4;;/المعدؿ والمتمـ عمى أنو" :وال يقبؿ طمب البطبلف الذي يقدمو 1
الشخص المسمـ إال إذا قدـ خبلؿ ثبلثة أياـ تبدأ مف تاريخ اإلنذار الذي يوجيو إليو النائب العاـ عقب القبض عميو .ويحاط
الشخص المسمـ عمما في الوقت ذاتو بالحؽ المخوؿ لو في اختيار أو طمب تعييف مدافع عنو".
المادة < =4مف األمر << ،4;;/نفس المرجع. 2
342
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
أما نقطة الحبس المؤقت يبدأ حسابو مف اليوـ الذي حبس فيو المجرـ في أراضي الدولة
الطالبة ،أما إذا كاف المحبوس سمـ مف أجؿ تنفيذ العقوبة المحكوـ بيا عميو فإف الفترة التي
قضاىا في سجف الدولة التي سممتو تخصـ مف المدة المحكوـ بيا عميو.1
-أما فيما يخص محاكمة الشخص المطموب لمتسميـ أو معاقبتو فإنو ال يمكف بأي حاؿ مف
األحواؿ محاكمتو أو معاقبتو عف جرائـ لـ تكف مذكورة كسبب في طمب التسميـ ولكف الدولة
الطالبة ليا الحؽ في تغيير الوصؼ القانوني واعادة تكييؼ الجريمة كما يجوز ليا تطبيؽ
الظروؼ المشددة أو األعذار القانونية.
-2تعدد الطمبات المتعمقة بتسميم المجرمين :تناوؿ المشرع الجزائري حالة تعدد الطمبات
المتعمقة بتسميـ نفس الشخص مف خبلؿ المادة 699مف قانوف اإلجراءات الجزائية التي
أعطت األفضمية في التسميـ في حاؿ استقباؿ طمبات مف أكثر مف دولة حوؿ جريمة واحدة
لمدولة التي ارتكبت الجريمة إض ار ار بمصالحيا أو لمدولة التي ارتكبت في أراضييا.
أما إذا كانت طمبات التسميـ متعمقة بجرائـ متعددة ،نصت نفس المادة عمى أف يؤخذ
في االعتبار عند تحديد األفضمية جميع الظروؼ الواقعة وعمى األخص خطورتيا ،ومكاف
ارتكاب الجرائـ والتاريخ الخاص بكؿ طمب ،والتعيد الذي قد تمتزـ بو إحدى الدوؿ المطالبة
بالتسميـ.
ون بلحظ أف المشرع الجزائري ،فيما يخص حالة تعدد الطمبات المتعمقة بالتسميـ ميز
بيف حالتيف ىما:
الحالة األولى :التي تتعدد فييا الطمبات حوؿ نفس الجريمة ،وىنا تكوف األولية في التسميـ
لمدولة التي لحقيا أكبر ضرر مف الجريمة المرتكبة أما في حالة تقارب األضرار تكوف
األولية في التسميـ لمدولة التي ارتكبت الجريمة عمى أراضييا.
الحالة الثانية :التي تتعدد فييا الجرائـ محؿ التسميـ ،وفي ىذه الحالة ينظر إلى خطورة
الجريمة فيكوف التسميـ لمدولة التي ارتكبت فييا الجريمة األكثر خطورة ،كما يؤخذ بعيف
جباري عبد المجيد ،األمر بالقبض الدولي واشكاالتو ،مرجع سابؽ ،ص.>9 1
343
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-3انقضاء التسميم :يسقط حؽ الدولة طالبة التسميـ متى توافرت األسباب التي يرد اإلشارة
إلييا في االتفاقيات والتشريعات الوطنية كمبرر النقضاء التسميـ ،وىذه األسباب قد تتصؿ
بالدعوى الجنائية التي سيحاكـ بموجبيا أو بالعقوبة التي مف المقرر أف يسمـ لتنفيذىا في
الدولة الطالبة ،أو بالشخص المطموب ذاتو.
وتتمثؿ حاالت انقضاء التسميـ فيما يمي :التقادـ (أ) ،العفو (ب) ،وفاة الشخص
المطموب (ج).
أ -التقادم ( :)La prescriptionيعتبر التقادـ الجنائي وسيمة لمتخمص مف آثار الجريمة أو
مف اإلدانة الجنائية بتأثير مرور الزمف وىو ما سيمثؿ وسيمة النقضاء الحؽ في المبلحقة
الجنائية ولمحؽ في تنفيذ الحكـ الجنائي الصادر باإلدانة ،وتبدأ مدة سرياف التقادـ في الدعوى
الجنائية بمجرد صدور الحكـ النيائي واستنفاذ جميع طرؽ الطعف.
وقد حرصت جميع االتفاقيات الدولية والثنائية عمى جعؿ التقادـ سببا لرفض التسميـ
منيا اتفاقية التعاوف القانوني والقضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وحكومة المممكة األردنية الياشمية التي نصت عمى عدـ جواز التسميـ إذا كانت الدعوى عند
وصوؿ طمب التسميـ قد انقضت ،أو سقطت العقوبة بالتقادـ طبقا لمقوانيف النافذة في البمديف
أو في قانوف الدولة التي اقترفت في إقميميا الجريمة المطموب مف أجميا التسميـ ،2كما نصت
نصت المادة ??< مف األمر << 4;;/المعدؿ والمتمـ عمى أنو" :إذا طمب التسميـ في وقت واحد مف عدة دوؿ عف 1
جريمة واحدة فتكوف األفضمية في التسميـ لمدولة التي ارتكبت الجريمة إض ار ار بمصالحيا أو لمدولة التي ارتكبت في
أرضييا".
واذا كانت طمبات التسميـ المتعارضة متعمقة بجرائـ مختمفة فإنو يؤخذ في االعتبار عند تحديد األفضمية بينيا جميع الظروؼ
الواقعة وعمى األخص خطورت يا النسبية ومكاف ارتكاب الجرائـ والتاريخ الخاص بكؿ طمب والتعيد الذي قد تمتزـ بو إحدى
الدوؿ الطالبة بإعادة التسميـ".
المادة :0مف اتفاقية التعاوف القانوني والقضائي بيف حكومة الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة المممكة 2
األردنية الياشمية الموقعة بالجزائر بتاريخ ; 8يونيو .8004أنظر :المرسوـ الرئاسي 49?/09المؤرخ في ; 8مارس
، 8009المتضمف المصادقة عمى اتفاقية التعاوف القضائي بيف الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمممكة األردنية
الياشمية الموقعة بالجزائر ،ج.ر.ج.ج ،عدد ،88صادر في 90مارس .8009
344
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
االتفاقية النموذجية لمتسميـ 1عمى جعؿ التقادـ سبب إلزامي لرفض التسميـ وفقا لنص المادة
/3ىػ التي جاء فييا " :ال يجوز التسميـ في أي مف الظروؼ التالية ... :إذا كاف الشخص
المطموب تسميمو قد أصبح ،وفؽ قانوف أي مف الطرفيف ،متمتعا بالحصانة مف المقاضاة
والعقاب ألي سبب ،بما في ذلؾ التقادـ والعفو ."...
أما عمى مستوى التشريعات فقد نصت الفقرة الرابعة مف المادة 698مف قانوف
اإلجراءات الجزائية عمى رفض التسميـ إذا كانت الدعوى العمومية قد سقطت بالتقادـ قبؿ
تقديـ طمب التسميـ أو كانت العقوبة قد انقضت بالتقادـ قبؿ القبض عمى الشخص المطموب
تسميمو .وتتقادـ العقوبة الصادرة في الجنايات بمضي مدة عشريف سنة تبدأ مف تاريخ صدور
الحكـ نيائيا وفقا لما نصت عميو المادة 613مف قانوف اإلجراءات الجزائية.
وقد خرج المشرع الجزائري عف األصؿ المقرر في المادة 613السابقة الذكر ،حيث
استثنى طائفة مف الجرائـ ال تسقط العقوبة فييا بالتقادـ بموجب المادة 612مكرر مف قانوف
اإلجراءات الجزائية التي نصت عمى أنو" :ال تتقادـ العقوبات المحكوـ بيا في الجنايات
والجنح الموصوفة بأفعاؿ إرىابية وتخريبية وتمؾ المتعمقة بالجريمة المنظمة العابرة لمحدود
الوطنية والرشوة".2
وفي تقديرنا الخاص ،فقد أحسف المشرع الجزائري فعبل باستثنائو العقوبات المحكوـ
بيا في الجنح والجنايات الموصوفة بأفعاؿ إرىابية وتمؾ المتعمقة بالجريمة المنظمة العابرة
لمحدود الوطنية والرشوة مف التقادـ وبالتالي عدـ جواز رفض طمب تسميـ األشخاص
المتورطيف فييا الرتباطيا بجريمة تبييض األمواؿ ،وىو ما ينعكس باإليجاب عمى الجيود
الرامية إلى مكافحة جريمة تبييض األمواؿ وضماف عدـ إفبلت أفراد الجماعات اإلجرامية مف
العقاب.
ب -العفو :يعتبر العفو حؽ مقرر لرئيس الجميورية طبقا لممادة 7/91مف دستور الجزائر
لسنة 1996التي نصت عمى أف رئيس الجميورية لو حؽ إصدار العفو وحؽ تخفيض
المعاىدة النموذجية لتسميـ المجرميف رقـ ; 44</:المصادؽ عمييا مف طرؼ الجمعية العامة لؤلمـ المتحدة بتاريخ 4: 1
345
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
العقوبات أو استبداليا ،لذلؾ عرؼ البعض العفو بأنو" :سمطة تقميدية لرئيس الدولة ،يحؽ لو
بموجبو أف يصدر عفوا عف أي مجرـ بعد أف تثبت إدانتو نيائيا بإسقاط العقوبة كميا أو
بعضيا".1
وفي األخير يمكف القوؿ أف المشرع الجزائري قد استطاع أف يمـ بمختمؼ الجوانب
القانونية لنظاـ تسميـ المجرميف ،كما أنو لـ يشترط وجود اتفاقية لتسميـ المجرميف حيث يمكف
لمقانوف الداخمي أف يكوف أساسا لمتسميـ في غياب االتفاقية.
الفرع الثاني
نص المشرع الجزائري عمى مبدأ التعاوف الدولي في مجاؿ حجز ومصادرة العائدات
اإلجرامية المحصمة مف تبييض األمواؿ في القانوف 01/05المتعمؽ بالوقاية مف تبييض
األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ،حيث نصت المادة 30منو عمى إمكانية حجز العائدات المحصمة
مف تبييض األمواؿ وتمؾ الموجية إلى تمويؿ اإلرىاب قصد مصادرتيا وذلؾ دوف اإلخبلؿ
بحقوؽ الغير حسف النية.
وسنحاوؿ مف خبلؿ ىذا المطمب تحديد موقؼ المشرع الجزائري بشأف مصادرة
المتحصبلت اإلجرامية مف خبلؿ تناوؿ إجراءات مصادرة المحصبلت اإلجرامية (أوال) ،ثـ
تنفيذ طمب مصادرة المحصبلت اإلجرامية (ثانيا).
عبد اهلل سميماف ،النظرية العامة لمتدابير االحت ارزية ،المؤسسة الوطنية لمكتاب ،الجزائر ،4??0 ،ص.9>4 1
346
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
تناوؿ المشرع الجزائري إجراءات طمب المصادرة المقدـ مف طرؼ دولة أجنبية ضمف
أحكاـ الباب الخامس مف القانوف 01/06المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو تحت عنواف
"التعاوف الدولي واسترداد الموجودات" ،حيث يشترط لمتعاوف في مجاؿ مصادرة العائدات
اإلجرامية أف تكوف الدولة طرؼ في اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد.
-1طمب التعاون الدولي بغرض المصادرة :نصت المادة 66مف القانوف 01/06عمى
ضرورة أف ترفؽ الطمبات المقدمة مف إحدى الدوؿ األطراؼ في االتفاقية ألجؿ الحكـ
بالمصادرة أو تنفيذىا ،فضبل عف الوثائؽ والمعمومات التي يجب أف تتطمبيا طمبات التعاوف
القضائي المقررة في االتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراؼ وما يقتضيو القانوف ،حسب
الحاالت بما يأتي:1
-بياف بالوقائع التي استندت إلييا الدولة الطالبة ،ووصؼ اإلجراءات المطموبة ،إضافة إلى
نسخة مف مصادؽ عمى مطابقتيا لؤلصؿ مف األمر الذي استند إليو الطمب ،حيثما كاف
متاحا وذلؾ إذا تعمؽ األمر باتخاذ إجراءات التجميد أو الحجز أو بإجراءات تحفظية.
-وصؼ الممتمكات المراد مصادرتيا وتحديد مكانيا وقيمتيا متى أمكف ذلؾ ،مع بياف
بالوقائع التي استندت إلييا الدولة الطالبة ،والذي يكوف مفصبل بالقدر الذي يسمح لمجيات
القضائية الوطنية باتخاذ قرار المصادرة وفقا لئلجراءات المعموؿ بيا ،وذلؾ في حالة الطمب
الرامي إلى استصدار حكـ بالمصادرة.
-بياف يتضمف الوقائع والمعمومات التي تحدد نطاؽ تنفيذ أمر المصادرة الوارد مف الدولة
الطالبة ،إلى جانب تقديـ ىذه األخيرة لتصريح يحدد التدابير التي اتخذتيا إلشعار الدوؿ
األطراؼ حسنة النية ،بشكؿ مناسب ،وكذا ضماف مراعاة األصوؿ القانونية والتصريح بأف
حكـ المصادرة نيائي ،وذلؾ إذا تعمؽ األمر بتنفيذ حكـ المصادرة.
يبلحظ أف المشرع الجزائري ميز بيف الطمب الرامي إلى تنفيذ إجراءات تحفظية وبيف الطمب الرامي إلى تنفيذ حكـ 1
المصادرة والطمب الرامي إلى استصدار الحكـ بالمصادرة ،حيث اشترط لكؿ نوع مف ىذه الطمبات وثائؽ خاصة بو.
347
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
يتـ توجيو الطمب الذي تتقدـ بو إحدى الدوؿ األطراؼ في االتفاقية لمصادرة العائدات
اإلجرامية أو الممتمكات أو المعدات أو الوسائؿ المذكورة في المادة 64مف القانوف 01/06
والمتواجدة عمى إقميـ التراب الوطني مباشرة إلى و ازرة العدؿ التي تحولو لمنائب العاـ عمى
مستوى الجية القضائية المختصة ترسؿ النيابة العامة طمب المصادرة إلى المحكمة
المختصة مرفقا بطمباتيا ،ويكوف حكـ المحكمة قاببل لبلستئناؼ والطعف بالنقض وفقا
لمقانوف.1
-2اإلجراءات التحفظية :نصت معظـ االتفاقيات ذات الصمة بموضوع تجريـ ومكافحة
جريمة تبييض األمواؿ عمى ضرورة تعاوف الدوؿ األطراؼ فيما بينيا بشأف اتخاذ اإلجراءات
التحفظية مثؿ التجميد أو الضبط لمنع أي تصرؼ في األمواؿ التي قد تصبح في مرحمة
تالية موضوعا لطمب المصادرة.2
وقد كرس المشرع الجزائري التزاـ اتخاذ اإلجراءات التحفظية ضمف أحكاـ القانوف
01/06المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو ،حيث نصت المادة 64عمى إمكانية أف تأمر
الجيات القضائية الوطنية بتجميد أو حجز العائدات المتأتية مف إحدى الجرائـ المنصوص
عمييا في ىذا القانوف بما في ذلؾ تبييض العائدات اإلجرامية ،أو الممتمكات أو المعدات أو
األدوات التي استخدمت أو كانت معدة لبلستخداـ في ارتكاب ىذه الجرائـ ،وذلؾ بشرط وجود
أسباب كافية تبرر اتخاذ مثؿ ىذه اإلجراءات ،ووجود ما يدؿ عمى أف مآؿ تمؾ الممتمكات
ىو المصادرة.
تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائري عرؼ "التجميد" أو "الحجز" عمى أنو" :فرض
حضر مؤقت عمى تحويؿ الممتمكات أو استبداليا أو التصرؼ فييا أو نقميا ،أو تولي عيدة
الممتمكات أو السيطرة عمييا مؤقتا بناء عمى أمر صادر عف محكمة أو سمطة مختصة
3
أخرى".
348
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
ي ثير تنفيذ األحكاـ الجنائية األجنبية عمى التراب الوطني ،عدة إشكاالت نظ ار
لخصوصية ىذا النوع مف األحكاـ ،مف حيث تعمقيا بسيادة الدولة واستقبلؿ قضائيا مف جية
ومساسيا بالحرية الشخصية لؤلفراد مف جية أخرى ،إال أف حتمية التعاوف الدولي فرضت
عدـ التشدد في تطبيؽ مبدأ السيادة واالعتراؼ بحجية الحكـ الجنائي األجنبي بشروط يحددىا
القانوف الداخمي لكؿ دولة ،وىو ما أخد بو المشرع الجزائري فيما يتعمؽ بتنفيذ حكـ المصادرة
حيث نصت الفقرة الثانية مف المادة 63مف القانوف 01/06المتعمؽ بالوقاية مف الفساد
ومكافحتو عمى أنو" :يمكف الجيات القضائية أثناء النظر في جرائـ تبييض األمواؿ أو جريمة
أخرى مف اختصاصيا وفقا لمتشريع الجاري بو العمؿ ،أف تأمر بمصادرة الممتمكات ذات
المنشأ األجنبي والمكتسبة عف طريؽ إحدى الجرائـ المنصوص عمييا في ىذا القانوف ،أو
تمؾ المستخدمة في ارتكابيا".
-1سمطة تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية :تركت معظـ االتفاقيات الدولية ذات
الصمة بموضوع تبييض األمواؿ ،لمدولة متمقية طمب المصادرة لتحديد سمطة معينة لتنفيذ
طمبات المصادرة األجنبية وفقا لقانونيا الداخمي.
وتقوـ النيابة العامة بإرساؿ ىذا الطمب إلى الجية القضائية المختصة مرفقا بطمباتيا
عمى أف يكوف حكـ المحكمة قاببل لبلستئناؼ والطعف بالنقض وفقا لمقانوف .وعندما يصدر
349
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
قرار المصادرة ،يتـ التصرؼ في الممتمكات المصادرة وفقا لممعاىدات الدولية ذات الصمة
والتشريع المعموؿ بو.1
ويثير طمب تنفيذ الحكـ األجنبي المتضمف المصادرة إشكاال في تنفيذه ،إذ يفترض
في القاضي الوطني أف يكوف عمى دراية بقانوف الدولة األجنبية حتى يتمكف مف معرفة مدى
احتراـ الحكـ ليذا القانوف ومدى احتراـ حقوؽ الغير حسني النية.
-2رفض تنفيذ طمب مصادرة المحصالت اإلجرامية :نص المشرع الجزائري في المادة 65
مف القانوف 01/06السالؼ الذكر عمى أنو يجوز رفض التعاوف الرامي إلى المصادرة أو
إلغاء التدابير التحفظية ،إذا لـ تقـ الدولة طالبة المصادرة بتقديـ األدلة الكافية في وقت
معقوؿ ،أو إذا كانت الممتمكات موضوع طمب المصادرة ذات قيمة زىيدة.
ويمكف لنا أف نستنتج جممة مف الحاالت التي يفترض في حاؿ توافرىا رفض تنفيذ
طمب المصادرة وفقا لمقواعد العامة التي تضبط شروط تنفيذ األحكاـ األجنبية عمى اإلقميـ
الجزائري:
-إذا كانت الوقائع التي استند عمييا في الحكـ بالمصادرة محبل لدعوى جزائية أماـ القضاء
الجزائري.
-إذا لـ يكف الحكـ القضائي األجنبي باتا ،أي حائ از لقوة الشيء المقضي بو بأف يكوف قد
استنفد كافة طرؽ الطعف.
-إذا كانت الممتمكات أو األمواؿ المحكوـ بمصادرتيا ،ال يجوز إخضاعيا لممصادرة وفقا
لمقانوف الجزائري.
-إذا كانت األدلة المقدمة مف طرؼ الدولة الطالبة غير كافية ،بمعنى أنو يجب أف تقتنع
السمطات الجزائرية المختصة بالحكـ األجنبي اآلمر بالمصادرة.
350
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
المطمب الثاني
تتطمب المكافحة الفعالة لجريمة تبييض األمواؿ توافر أساليب تتوافؽ مع أساليب
ارتكاب الجريمة وتتناسب مع طبيعتيا واستفادة المجرميف مف التطورات التكنولوجية ،ومف
ىذه األساليب اإلنابة القضائية الدولية ،حيث أدرجت االتفاقيات الدولية ذات الصمة بمكافحة
جريمة تبييض األمواؿ اإلنابة القضائية مف خبلؿ حثيا لمدوؿ األطراؼ عمى إحالة الدعاوى
القضائية مف دولة إلى أخرى في حاؿ تقديرىا لضرورة مثؿ ىذا اإلجراء.1
ويقصد باإلنابة القضائية الدولية ذلؾ التفويض الذي يصدر مف سمطة قضائية جنائية
لسمطة قضائية أجنبية في القياـ نيابة عنيا بالتحقيؽ في واقعة إجرامية معينة ،ومحاولة
الكشؼ عف أدلة ارتكابيا ونسبيا إلى فاعميا.
كما يقص د باإلنابة القضائية الدولية قياـ الجية القضائية المختصة بتفويض جية
أخرى لمقياـ مكانيا وفي دائرة اختصاصيا ،بأحد أو بعض إجراءات التحقيؽ أو اإلجراءات
القضائية األخرى ،والتي تعذر عمييا مباشرتيا بنفسيا بسبب بعد المسافة أو أي مانع آخر.2
وقد تناوؿ المشرع الجزائري اإلنابة القضائية ضمف أحكاـ قانوف اإلجراءات الجزائية
حيث نصت المادة 721منو عمى أنو " :في حالة المتابعات الجزائية غير السياسية في بمد
أجنبي تسمـ اإلنابة القضائية الصادرة مف السمطة األجنبية بالطريؽ الدبموماسي وترسؿ إلى
نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية في المادة الثامنة عمى أنو: 1
"تنظر األطراؼ في إمكانية إحالة دعاوى المبلحقة الجنائية مف طرؼ إلى آخر ،بشأف الجرائـ المنصوص عمييا في الفقرة
04مف المادة الثالثة ،في الحاالت التي يرى فييا أف ىذه اإلحالة ليا فائدة في إقامة العدؿ".
كما نصت اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 8000في المادة 84عمى أنو" :تنظر
األطراؼ في إمكانية أف تنقؿ إحداىا إلى األخرى إجراءات المبلحقة المتعمقة بجرـ مشموؿ بيذه االتفاقية في الحاالت التي
يعتبر فييا ذلؾ النقؿ في صال ح سبلمة إقامة العدؿ ،وخصوصا عندما يتعمؽ األمر بعدة واليات قضائية ،وذلؾ بيدؼ
تركيز المبلحقة".
عكاشة محمد عبد العالي ،اإلنابة القضائية في نطاؽ العبلقات الخاصة الدولية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية، 2
= ،800ص?.0
351
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
و ازرة العدؿ باألوضاع المنصوص عمييا في المادة 703وتنفذ اإلنابة القضائية إذا كاف ليا
محؿ وفقا لمقانوف الجزائري بشرط المعاممة بالمثؿ".
الفرع األول
يتعمؽ طمب اإلنابة القضائية الدولية باتخاذ إجراء قضائي مف إجراءات الدعوى
الجنائية التي تتجاوز االختصاص اإلقميمي لقضاة الحكـ تتقدـ بيا الدولة الطالبة إلى الدولة
المطالبة بخصوص فعؿ يجرمو قانوف الدولة الطالبة ويتعمؽ بشخص ىو مف رعاياىا.
وتتـ اإلنابة القضائية الدولية طبقا لمبدأ المعاممة بالمثؿ إذا وجدت اتفاقيات دولية بيف
البمديف أو عف طريؽ التعامؿ الدبموماسي خارج ذلؾ ،ومف الضوابط التي تحكـ تنفيذ مثؿ
ىذه اإلنابات في حالة عدـ وجود اتفاقية بيف الدوؿ:1
-خبل فا لما ىو عميو في جرائـ القانوف العاـ ،وبغض النظر عف خطورة الجريمة ،فإف
اإلنابات القضائية الدولية ال تنصب عمى الجرائـ السياسية.2
-جميع إجراءات التحقيؽ يمكف أف تكوف محبل لئلنابة القضائية الدولية ،بشرط أف ال يكوف
اإلجراء موضوع اإلنابة القضائية غير معروؼ أو معموؿ بو في البمد المطموب منو تنفيذ
اإلنابة فيو.
-مبدأ السيادة يمنع عمى قاضي التحقيؽ االنتقاؿ إلى بمد أجنبي ليقوـ بنفسو بإجراءات
التحقيؽ كاستجواب واستماع شيادة الشيود والتفتيش وغيرىا ،وعميو فاإلجراءات موضوع
اإلنابة القضائية تنفذ وفقا لمتشريع المعموؿ بو في الدولة المطموب منيا تنفيذ اإلنابة
القضائية.
352
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-الجية القضائية المطموب منيا تنفيذ اإلنابة القضائية غير ممزمة بتنفيذ موضوع أمر
اإلنابة اعتبا ار لمبدئي السيادة واالستقبللية ،وىنا يطرح تساؤؿ ىؿ في مثؿ ىذا الوضع يمكف
الكبلـ عف إنابة قضائية بالمعنى الحقيقي لممصطمح؟.
وعميو فإف أمر اإلنابة القضائية الصادر عف قاضي التحقيؽ يرسؿ إلى الدولة
المطالبة بالقياـ بيذا اإلجراء إما عف طريؽ وزيري العدؿ في كبل الدولتيف أو عبر الطريؽ
الدبموماسي وذلؾ بأف ترسؿ الجية القضائية المنيبة الطمب عبر وزير العدؿ ومنو إلى و ازرة
الخارجية التي يتولى ممثميا الدبموماسي في الخارج تبميغ و ازرة الخارجية في الدولة المنابة
فترسميا بدورىا إلى و ازرة العدؿ التي تحدد الجية القضائية المختصة والتي سوؼ تتولى تنفيذ
طمب اإلنابة القضائية وىو الطريؽ الذي أخذ بو المشرع الجزائري مف خبلؿ نص المادتيف
702و 703مف قانوف اإلجراءات الجزائية.
ويخضع طمب اإلنابة القضائية الذي يتـ عبر الطريؽ الدبموماسي لرقابة كؿ مف و ازرة
الخارجية وو ازرة العدؿ ثـ الجية القضائية المختصة بتنفيذ طمب اإلنابة القضائية ،فيكوف لكؿ
مف الجيتيف األولى والثانية التأكد مف استفاء طمب اإلنابة القضائية لمبيانات الشكمية المتعمقة
بتحريره مف حيث:
-وصؼ الفعؿ المطموب نقؿ اإلجراءات بشأنو بما في ذلؾ تحديد زماف ومكاف ارتكاب
الجريمة.
-األحكاـ القانونية لمدولة الطالبة التي بموجبيا يعتبر الفعؿ المرتكب جريمة.
كما يكوف ليما التحقؽ مف أف موضوع طمب اإلنابة القضائية ال يمس بالمصالح الجزائرية ثـ
يخضع الطمب لرقابة الجية القضائية المختصة بتنفيذه مف حيث االختصاص ،وقابمية
353
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
موضوع اإلنابة لمتنفيذ حسب الشروط المنصوص عمييا في القانوف الداخمي ،ويكوف لمقضاء
القوؿ الفصؿ فيما يؤخذ عمى طمب اإلنابة عمبل بمبدأ استقبللية القضاء.
أما في حالة اإلنابة القضائية الصادرة فقد أجازت المادة 112مف قانوف اإلجراءات
المدنية واإلدارية لمقاضي أف يطمب اتخاذ أي إجراء مف إجراءات التحقيؽ أو أي إجراء
قضائي آخر يراه ضروريا في دولة أجنبية ،بإصدار إنابة قضائية إلى السمطة القضائية
المختصة لمدولة المعنية أو إلى السمطات الدبموماسية أو القنصمية الجزائرية.
ويقوـ النائب العاـ بعد تمقيو الحكـ القضائي بإجراء اإلنابة القضائية مف طرؼ أميف
ضبط الجية القضائية المنيبة ،بإرساؿ اإلنابة القضائية حاال إلى وزير العدؿ قصد إرساليا
ما لـ توجد اتفاقية قضائية تسمح بإرساليا مباشرة إلى السمطة القضائية األجنبية.1
الفرع الثاني
يترتب عمى قبوؿ الدولة المطالبة تنفيذ طمب اإلنابة أثر بالنسبة لمدولة الطالبة
والدولة المطالبة.
متى قبمت الدولة المطالبة بتنفيذ طمب اإلنابة القضائية ضد الشخص المتيـ بارتكاب
الجريمة فيجب عمى الدولة الطالبة وقؼ إجراءات المبلحقة القضائية مؤقتا ،وال يستثنى مف
ذلؾ إال التحقيقات الضرورية بما فييا تقديـ المساعدة القضائية إلى الدولة المطالبة ،إلى أف
تخطرىا ىذه األخيرة بأف القضية تـ التصرؼ فييا بصفة نيائية ،وعمى الدولة الطالبة أف
تتوقؼ مند ذلؾ التاريخ عف المضي في المبلحقة القضائية بشأف الفعؿ المرتكب ذاتو.
يترتب عمى موافقة الدولة المطالبة بتنفيذ اإلنابة القضائية اتخاذ جممة مف اإلجراءات
القضائية المنصوص عمييا في القانوف والمتمثمة في:
المادة 449و 44:مف القانوف > 0?/0المعدؿ والمتمـ ،مرجع سابؽ. 1
354
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
-خضوع اإلجراءات المنقولة لقانوف الدولة المطالبة ،وعمى ىذه األخيرة عند توجيييا االتياـ
بموجب قانونيا إلى الشخص المتيـ أف تجري التعديبلت البلزمة فيما يتعمؽ بعناصر معينة
مف التوصيؼ القانوف لمفعؿ المرتكب .حيث نصت المادة 118مف قانوف اإلجراءات المدنية
واإلدارية عم ى أف اإلنابة القضائية تنفذ حسب القانوف الجزائري ما لـ تطمب الجية القضائية
األجنبية تنفيذىا في شكؿ خاص بشرط أف ال يتعارض مع التشريع الوطني.
-إذا كانت اإلنابة القضائية تتعمؽ بنقؿ إجراءات المحاكمة فإف العقوبة التي يحكـ بيا يجب
أال تكوف أشد مف العقوبة المنصوص عمييا في قانوف الدولة الطالبة.
-يكوف أي إجراء اتخذ في الدولة الطالبة وفقا لقانونيا نفس الشرعية في الدولة المطموب
منيا التنفيذ كما لو كاف ىذا اإلجراء قد اتخذ في ىذه الدولة أو مف قبؿ سمطاتيا ،طالما كاف
متفقا مع أحكاـ قانونيا.
-عمى الدولة المطموب منيا تنفي ذ اإلنابة القضائية إببلغ الدولة الطالبة بالقرار الذي اتخذ
نتيجة لئلجراءات.
-عمى الدولة المطالبة أف تحافظ عمى سرية الطمب ومحتوياتو والمستندات المعززة لو ،ما
عدا الحاالت التي يجيزىا القانوف.
-ال يجوز لمسمطات المختصة بالدولة المطالبة القياـ بإجراءات لـ تطمب منيا.
مف خبلؿ تناولنا اإلنابة القضائية الدولية ،كصورة مف صور التعاوف القضائي الدولي
التي نصت عمييا االتفاقيات الدولية ذات الصمة بمكافحة جريمة تبييض األمواؿ ،والمكرسة
ضمف أحكاـ القانوف المتعمؽ بالوقاية مف تبييض األمواؿ وتمويؿ اإلرىاب ومكافحتيما
نبلحظ أف المشرع الجزائري قد أحاط طمب اإلنابة بشيء مف الحذر خاصة في حاؿ عدـ
وجود اتفاقية بيف الطرفيف ،حيث يشترط في ىذه الحالة المجوء إلى الطريؽ الدبموماسي وىي
إجراءات مف شأنيا أف تفقد اإلنابة القضائية جدواىا خاصة أف إجراءات التحقيؽ يمعب فييا
عامؿ الوقت دو ار ىاما.
وع ميو نخمص إلى أنو عمى المشرع الجزائري إعادة النظر فيما يتعمؽ بالنصوص
المنظمة لئلنابة القضائية الدولية مف خبلؿ تبسيط إجراءات تمقي طمبات اإلنابة ،خاصة إذا
355
معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال انباب انثاني-انفصم انثاني @
كانت مستوفية لمشروط القانونية المطموبة ،وىو ما مف شأنو أف يساىـ في تفعيؿ جيود
مكافحة جريمة تبييض األمواؿ.
356
الخاتمة
الخاتمة:
تناولنا عند دراستنا لموضوع جريمة تبييض األموال وآليات مكافحتيا في التشريع
الجزائري مفيوم جريمة تبييض األموال وخصائصيا ،والمراحل التي تمر بيا عممية تبييض
األموال ،واألساليب المتبعة من طرف المنظمات اإلجرامية إلنجاز ىذه العمميات واألسباب
التي ساعدت عمى استفحاليا ،وما يترتب عنيا من مخاطر اقتصادية واجتماعية وسياسية.
كما تناولنا اإلطار القانون لجريمة تبييض األموال من خالل بيان أوجو القصور التي
ميزت األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال وضرورة وجود نص جنائي خاص
لتجريم ىذا النوع من النشاط ،وبينا كذلك األحكام العامة لجريمة تبييض األموال بدأ بتحديد
أركان جريمة تبييض األموال إضافة إلى العقوبات المقررة ليا في حال ارتكابيا سواء من
طرف شخص طبيعي أو معنوي.
وفي األخير تطرقنا لآلليات المتعمقة بمكافحة جريمة تبييض األموال ،حيث بينا
مختمف اإلجراءات القانونية الرامية إلى الوقاية من جريمة تبييض األموال خاصة عمى
مستوى البنوك والمؤسسات المالية بالنظر إلى الدور الكبير الذي تقوم بو في تقديم الخدمات
المالية والمصرفية ،باإلضافة إلى المعوقات التي تعترض جيود مكافحة جريمة تبييض
األموال خاصة ما يتعمق بالتزام البنوك والمؤسسات المالية بالمحافظة عمى السر المصرفي
واإلشكاالت التي تعترض تفعيل التعاون الدولي في إطار مكافحة ىذه الجريمة من حيث
تسميم المجرمين ومصادرة العائدات اإلجرامية وتنفيذ طمبات اإلنابة القضائية الدولية.
وقد توصمنا من خالل ذلك إلى رصد مدى استجابة المشرع الجزائري لممتطمبات
الدولية ،حيث اتبع في تجريمو لعمميات تبييض األموال النيج الذي أقرتو التوصيات الدولية
ذات الصمة بمكافحة ىذه الجريمة الخطيرة ،فجرم تبييض األموال بموجب القانون 01/05
المؤرخ في 06فبراير 2006المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب
ومكافحتيما الذي عرف جريمة تبييض األموال من خالل ذكر األفعال التي تشكل السموك
357
الخاتمة
المادي ليذه الجريمة ،وبذلك يكون قد استبعد األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض
األموال.
كما تبنى المشرع الجزائري المفيوم الواسع لتبييض األموال ،حيث لم يحصر
النشاطات مصدر األموال محل عممية التبييض في االتجار بالمخدرات كما في اتفاقية األمم
المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ،1988وانما جرم
تبييض عائدات كل جريمة أو جناية ،وحسنا فعل المشرع ألنو من شأن عدم تحديد الجرائم
التي تشكل عائداتيا مصد ار لتبييض األموال أن يمنع المجرمين من اإلفالت من العقاب
القانوني عمى أفعاليم.
-1اعتبار نشاط تبييض األموال من الجرائم التي تتطمب العمم بالمصدر غير المشروع
لؤلموال محل التبييض ،وىو ما نصت عميو المادة الثانية من القانون 01/05المتعمق
بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب في الفقرة (ج) ،وبذلك تعتبر جريمة تبييض
األموال من الجرائم المستمرة.
-2الخروج عن بعض القواعد العامة تماشيا مع طبيعة جريمة تبييض األموال ،السيما فيما
يتعمق باالشتراك ،وتقديم المساعدة كفعل أصمي وليس كإحدى صور المشاركة المنصوص
عمييا في المادة 43من قانون العقوبات ،مع تبني تشديد العقوبة عمى ارتكاب تبييض
األموال من طرف العصابات اإلجرامية المنظمة.
358
الخاتمة
-3فرض مجموعة من االلتزامات عمى عاتق البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية
لبريد الجزائر في سبيل إسياميا في مكافحة جريمة تبييض األموال ،كااللتزام بالتحقق من
العمالء ومن العمميات التي تنجزىا ،االلتزام بوضع واعداد أنظمة وبرامج داخمية خاصة
األموال ،ورتب عمى عاتقيا مسؤولية جزائية وأخرى بالرقابة في مجال مكافحة تبييض
تأديبية في حالة اإلخالل بيذه االلتزامات.
-4إقرار واجب اإلخطار بالشبية عن العمميات التي يشتبو في ارتباطيا بأنشطة لتبييض
األموال ،لدى خمية معالجة االستعالم المالي المنشأة ليذا الغرض.
-5استثناء مبدأ االلتزام بالسر المصرفي من الحماية القانونية ،كمما تعمق األمر بالعمميات
المالية المشبوىة والتي ترتبط بأنشطة تبييض األموال ،حيث نص المشرع عمى إباحة إفشاء
السر المصرفي في حاالت مكافحة تبييض األموال في مواجية خمية معالجة االستعالم
المالي وعمى اإلعفاء من المسؤولية القانونية المترتبة عن ىذا اإلفشاء.
-6توفير إطار مؤسساتي يسير عمى مكافحة تبييض األموال ،وذلك من خالل إلزام
األشخاص الخاضعين لواجب اإلخطار بالشبية بضرورة التعاون مع خمية معالجة االستعالم
المالي ،والتي تأكد دورىا بالفصل في طبيعتيا القانونية كسمطة إدارية مستقمة ،فضال عن
تعزيز صالحياتيا في طمب الحصول عمى المعمومات من السمطات المختصة والسمطات
المكمفة بمكافحة جريمة تبييض األموال.
باإلضافة إلى خمية معالجة االستعالم المالي ،وسع القانون 01/05المعدل والمتمم
من صالحيات المجنة المصرفية باعتبارىا الجية التي تتولى الرقابة عمى البنوك والمؤسسات
المالية طبقا ألحكام األمر 11/03المتعمق بالنقد والقرض ،لتشمل رقابة مدى تقيد البنوك
والمؤسسات المالية بااللتزامات المفروضة عمييا في مجال مكافحة جريمة تبييض األموال.
كما أدرج المشرع الجزائري ضمن أحكام القانون 01/05المعدل والمتمم نص المادة
10مكرر 3الذي عزز بموجبو صالحيات مجمس النقد والقرض باعتباره السمطة التي ليا
صالحية إصدار األنظمة في المجال المصرفي ،وأكد عمى أن ىذا المجمس لو تمك
الصالحيات حتى في مجال مكافحة تبييض األموال.
359
الخاتمة
-7تعزيز وتفعيل أساليب التعاون الدولي خاصة في شقة القانوني من خالل التصديق عمى
مختمف االتفاقيات اإلقميمية والدولية ذات الصمة بتجريم ومكافحة تبييض األموال وابرام
اتفاقيات لمتعاون القضائي وتسميم المجرمين ،وتشجيع الييئات المكمفة بمكافحة تبييض
األموال عمى تبادل المعمومات مع الييئات المشابية في الدول األجنبية في ظل احترام مبدأ
المعاممة بالمثل.
-8استحداث أساليب جديدة في مجال البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال تتعدى
فعاليتيا األساليب المعيودة من خالل اتخاذ تدابير خاصة في مجال االستخبار المالي إلى
جانب أساليب البحث والتحقيق الخاصة بجريمة تبييض األموال ،والمتمثمة في عممية التسرب
واعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور وكذا عممية التفتيش ،وذلك بموجب
القانون 14/04المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية.
وعمى الرغم من الجيود المبذولة تبقى المنظومة القانونية الجزائرية المكرسة في سبيل
مكافحة جريمة تبييض األموال مشوبة بالعديد من مواطن القصور التي تعترض تمك الجيود
ومن أبرز ىذه النقائص نذكر:
-1عدم التوسع في تجريم سموك تبييض األموال ليشمل حالة الخطأ غير المتعمد المتمثل
في تقاعس موظفي البنوك والمؤسسات المالية في كشف العمميات المالية المشبوىة التي
يحتمل ارتباطيا بأنشطة تبييض األموال ،ألن اعتبار جريمة تبييض األموال من الجرائم
العمدية يتعارض مع الجيود الرامية إلى مكافحتيا ،ويؤدي في نفس الوقت إلى إفالت الكثير
من حاالت تبييض األموال من العقاب.
360
الخاتمة
-2نسبية االستقاللية الممنوحة لخمية معالجة االستعالم المالي تجاه السمطة التنفيذية من
الناحية العضوية واإلدارية بالرغم من كونيا سمطة إدارية مستقمة ،وىو ما يؤثر سمبا عمى
أداء الدور الموكل إلييا في مجال بعيدا عن أي تأثير.
-3عدم استقرار النصوص التشريعية والتنظيمية ذات العالقة بمجال مكافحة جريمة تبييض
األموال ،وىو ما يظير في التعديالت المتتالية التي طرأت عمى القانون 01/05المتعمق
بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما ،والمرسوم التنفيذي 127/02
المتضمن إنشاء خمية معالجة االستعالم المالي وتنظيميا وعمميا.
-4افتقار البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية لرؤية واضحة عن آليات مكافحة جريمة
تبييض األموال وكيفية إعماليا لمتوصيات المفروضة عمييا في ىذا المجال.
-5عدم امتالك غالبية البنوك والمؤسسات المالية الوطنية لبرامج تضمن الرقابة الداخمية في
مجال الوقاية وكشف جريمة تبييض األموال ،باإلضافة إلى عدم التزاميا بوضع وتنفيذ برامج
تضمن التكوين المستمر لمستخدمييا في مجال مكافحة جريمة تبييض األموال.
وفي األخير ،يمكننا القول أن الجيود المكرسة لمكافحة جريمة تبييض األموال تبقى
دون فاعمية كبيرة ،ألن الفاعمية ال تستأثرىا التشريعات والتنظيمات بقدر ما تستوقفيا الفاعمية
في أداء الييئات والسمطات المكمفة بمكافحة ىذه الجريمة ،لذلك نحاول تقديم مجموعة من
االقتراحات التي نأمل أن تساىم ولو بقدر ضئيل في تعزيز مكافحة جريمة تبييض األموال
نتناوليا عمى الشكل التالي:
-1تضافر جيود المشرع والمنظم البنكي وجميع السمطات التي أسند ليا دور وضع آليات
مكافحة تبييض األموال بيدف فيم ىذه اآلليات ومن ثم إزالة أي غموض قد يعتري ىذا
الفيم ،ومحاولة سد كل الثغرات التي يمكن استغالليا من طرف مرتكبي جريمة تبييض
األموال في تنفيذ عممياتيم الرامية إلضفاء الشرعية عمى العوائد ذات المصدر اإلجرامي.
-2إقامة نظام رقابة داخمية من شأنو مراقبة وتقييم مدى التزام البنوك والمؤسسات المالية
بالتعميمات والتوجييات الصادرة عن الجيات المختصة بصدد التصدي لجريمة تبييض
األموال ،وتعزيز وسائل تبادل المعمومات بين الجيات ذات العالقة بمكافحة تبييض األموال.
361
الخاتمة
-3تفعيل القوانين وتطبيقيا عمى المتورطين في ارتكاب الجرائم ،وتكريس مبادئ الشفافية
والمساءلة والمحاسبة ،وحماية المال العام ،ومكافحة الرشوة والفساد ،باعتبار ذلك من
المقومات األساسية والفعالة في مكافحة جريمة تبييض األموال ،فعادة ما يتم تبييض األموال
الفاسدة إلضفاء الطابع الشرعي عمييا واخفاء مصدرىا غير المشروع.
-6تفعيل دور خمية معالجة االستعالم المالي وتدعيم تشكيمتيا البشرية بذوي الخبرات
والكفاءات ،وزيادة الدعم المادي الممنوح ليا ،وتمكين أعضائيا من االطالع عمى األساليب
الحديثة المتبعة في ارتكاب جريمة تبييض األموال من خالل الدورات التكوينية ،باإلضافة
إلى تعزيز التعاون بينيا وبين الجيات اإلدارية األخرى التي تضطمع بدور ىام في كشف
عمميات تبييض األموال كالمجنة المصرفية وادارة الجمارك وادارة الضرائب ومصالح المركز
الوطني لمسجل لمتجاري ...الخ.
-8االلتزام بالتطبيق السميم لمبدأ السرية المصرفية حتى ال تكون قوانين السر المصرفي في
البنوك عائقا أمام الرقابة الالزمة عمى العمميات المالية المشبوىة ،خاصة وأن الجزائر لم
تضع استثناءات عمى إمكانية إفشاء السر المصرفي إال سنة 2003بموجب أحكام المادة
117من األمر 11/03المعدل والمتمم المتضمن قانون النقد والقرض ،رغم أنيا صادقت
قبل ذل ك عمى الكثير من االتفاقيات الدولية واإلقميمية في مجال مكافحة جريمة تبييض
األموال.
-9تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي من خالل إبرام االتفاقيات الثنائية والمتعددة
األطراف ،بما يسمح بتبسيط إجراءات طمبات اإلنابة القضائية الدولية وتنفيذىا بسرعة بما
يضمن االستفادة منيا في التحقيقات والمالحقات القضائية ،وتفعيل إجراءات مصادرة
362
الخاتمة
المتحصالت اإلجرامية بمجرد أن تثبت الدولة المتضررة من ىذه الجرائم حقيا في ىذه
األموال وتعزيز التعاون في مجال تسميم المجرمين الذين يثبت تورطيم في ارتكاب جريمة
تبييض األموال ،والعمل عمى تدليل العقبات التي تعرض ىذه اإلجراءات.
363
قائمة المراجع
قائمــة المراجــع
-1الكتـــب
) 1إبراىيم الشباسي ،شرح قانون العقوبات الجزائري :القسم العام ،دار الكتاب المبناني،
بيروت ،دون سنة نشر.
)2إبراىيم بمعميات ،أركان الجريمة وطرق إثباتيا في قانون العقوبات الجزائري ،دار
الخمدونية ،الجزائر.2007 ،
)3إبراىيم سيد أحمد ،مكافحة غسيل األموال ،المكتبة العصرية لمنشر والتوزيع ،مصر،
.2010
)4إبراىيم طنطاوي ،المواجية التشريعية لغسيل األموال في مصر ،دار النيضة العربية،
القاىرة.2003 ،
) 5أحسن بوسقيعة ،المنازعات الجمركية ،الطبعة الخامسة ،دار ىومة لمنشر والتوزيع،
الجزائر.2011 ،
) 6أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،دار ىومة لمطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر.2003 ،
)7أحسن بوسقي عة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الطبعة السادسة عشر ،دار ىومة
لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.2013 ،
) 8أحمد إبراىيم مصطفى سميمان ،اإلرىاب والجريمة المنظمة ،دار الطالئع لمنشر والتوزيع
والتصدير ،القاىرة.2006 ،
364
قائمة المراجع
)9أحمد فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري :الشرعية الدستورية في قانون العقوبات.
الشرعية الدستورية في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار الشروق ،القاىرة.2002 ،
) 10أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون العقوبات :القسم العام ،دار النيضة
العربية ،القاىرة.1991 ،
)11أحمد مجحودة ،أزمة الوضوح في اإلثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن،
دار ىومة ،الجزائر ،دون سنة نشر.
) 12أحمد محمد العمري ،جريمة غسل األموال :نظرة دولية لجوانبيا االجتماعية والنظامية
واالقتصادية ،الطبعة األولى ،مكتبة العبيكان ،الرياض.2000 ،
)13أديبة محمد صالح ،الجريمة المنظمة :دراسة قانونية مقارنة ،منشورات مركز كردستان
لمدراسات اإلستراتيجية ،السميمانية.2009 ،
) 14أسامة عبد المنعم ،عمي إبراىيم ،خطر ومكافحة غسل األموال ومكافحة تمويل اإلرىاب
والنقل غير المشروع لألموال عبر الحدود في التشريعات العربية ،المركز القومي لإلصدارات
القانونية ،مصر.2009 ،
) 15إسماعيل الطراد ،جمعة عباد ،التشريعات المالية والمصرفية في األردن ،الطبعة الثانية،
دار وائل لمنشر والتوزيع ،عمان.2002 ،
)16أشرف توفيق شمس الدين ،دراسة نقدية لقانون غسيل األموال ،دار النيضة العربية،
القاىرة.2003 ،
)17أمجد سعود الخريشة ،جريمة غسل :دراسة مقارنة ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن،
.2006
) 18باسل عبد اهلل الضمور ،غسل األموال في المصارف ،مكتبة االقتصاد والقانون،
الرياض.2013 ،
)19باكر الشيخ ،غسيل األموال ،دار مكتبة الحامد لمنشر والتوزيع ،األردن.2003 ،
365
قائمة المراجع
)20جالل وفاء حمدين ،دور البنوك في مكافحة غسيل األموال ،دار الجامعة الجديدة
لمنشر ،اإلسكندرية.2001 ،
) 21جمال عبد المجيد التركي ،المساىمة التبعية في قانون العقوبات ،المكتب الجامعي
الحديث ،اإلسكندرية.2006 ،
)22حسام الدين محمد أحمد ،شرح القانون 80لسنة 2002بشأن مكافحة غسل األموال،
الطبعة الثانية ،دار النيضة العربية ،القاىرة.2003 ،
) 23حسين مصطفى ،جريمة إصدار شيك بدون رصيد ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية،
.2000
) 24حفيظة السيد الحداد ،مدخل إلى الجنسية ومركز األجانب ،دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية.2007 ،
)25حمدي عبد العظيم ،غسيل األموال في مصر والعالم ،دار النيضة العربية ،القاىرة،
.1997
)26حميد بوزيدة ،جباية المؤسسات ،الطبعة الثالثة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.2010
) 27خالد سميمان ،تبييض األموال :جريمة بال حدود ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،لبنان،
.2004
)28راشد راشد ،األوراق التجارية :اإلفالس والتسوية القضائية في التشريع الجزائري ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2002 ،
) 29رامية محمد شاعر ،االتجار بالبشر :قراءة قانونية اجتماعية ،الطبعة األولى ،منشورات
الحمبي الحقوقية ،بيروت.2012 ،
)30رمزي نجيب القسوس ،غسل األموال جريمة العصر ،الطبعة األولى ،دار وائل لمنشر،
عمان.2002 ،
366
قائمة المراجع
)31رمسيس بيمام ،النظرية العامة لمقانون الجنائي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.1997 ،
) 32رؤوف عبيد ،مبادئ القسم العام في التشريع الجنائي ،دار الفكر العربي ،القاىرة،
.1979
)33ريتا سيدة ،تبييض األموال الناتجة عن االتجار بالمخدرات ،الطبعة الثانية ،دار
الحديث ،لبنان.2010 ،
) 34زياد ندير حمادة ،تبييض األموال والسرية المصرفية ،منشورات الحمبي الحقوقية،
بيروت.2002 ،
) 35سميم سعداوي ،السندات التجارية في القانون الجزائري ،دار الحديث لمكتاب ،الجزائر،
.2008
)36سميمان عبد الفتاح ،مكافحة غسل األموال ،دار الكتب القانونية ،مصر.2005 ،
) 37سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات ،الطبعة الثانية ،دار وائل لمنشر
والتوزيع ،عمان.2000 ،
)38سمر فايز إسماعيل ،تبييض األموال :دراسة مقارنة ،منشورات زين الحقوقية واألدبية،
لبنان.2010 ،
) 39سميحة القميوني ،األسس القانونية لعمميات البنوك ،مكتبة عين الشمس ،القاىرة،
.1992
)41سياوي قدري عبد الفتاح ،مناط وتحريات :االستدالالت واالستخبارات ،منشأة المعارف،
مصر.1998 ،
) 42شريف سيد كمال ،الجريمة المنظمة في القانون المقارن ،دار النيضة العربية ،القاىرة،
.2001
367
قائمة المراجع
)43صفوت عبد السالم عوض اهلل ،االقتصاد السري :دراسة في آليات االقتصاد الخفي
وطرق عالجو ،دار النيضة العربية ،القاىرة.2002 ،
) 44صالح الدين حسن السيسي ،غسيل األموال :الجريمة التي تيدد استقرار االقتصاد
الدولي ،دار الفكر العربي ،القاىرة.2008 ،
) 45صالح الدين حسن السيسي ،نظام المحاسبة والرقابة وتقييم األداء في المصارف
والمؤسسات المالية ،دار الوسام لمطباعة والنشر ،لبنان.1998 ،
)46صمودي سميم ،المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي :دراسة مقارنة بين التشريع
الجزائري والفرنسي) ،دار اليدى ،الجزائر.2006 ،
)48عباس أبو شامة عبد المحمود ،عولمة الجريمة االقتصادية ،منشورات جامعة نايف
العربية لمعموم األمنية ،الرياض.2008 ،
)49عبد الحكيم مصطفى الشرقاوي ،العولمة المالية وتبييض األموال ،الدار الجامعة
الجديدة ،مصر.2008 ،
)50عبد الرحمن السيد قرمان ،العقود التجارية وعمميات البنوك طبقا لألنظمة القانونية
بالمممكة العربية السعودية ،الطبعة الثانية ،مكتبة الشقري ،الرياض.2010 ،
)51عبد السالم ذيب ،قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ترجمة لممحاكمة العادلة ،الطبعة
الثالثة ،إيتاك ،الجزائر.2012 ،
)52عبد العزيز عياد ،تبييض األموال واإلجراءات المتعمقة بالوقاية منيا ومكافحتيا في
الجزائر ،دار الخمدونية لمنشر والتوزيع ،الجزائر.2007 ،
)53عبد العزيز نادر ،تبييض األموال :دراسة مقارنة ،منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت،
.2001
368
قائمة المراجع
)55عبد القادر البقيرات ،العدالة الجنائية الدولية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.2005
)56عبد القادر العطير ،سر المينة المصرفية في التشريع األردني :دراسة مقارنة ،دار
الثقافة لمنشر والتوزيع عمان.1996 ،
)57عبد القادر خضر ،الجريمة أحكاميا العامة في االتجاىات المعاصرة والفقو اإلسالمي،
معيد اإلدارة العامة ،المممكة العربية السعودية.1985 ،
)58عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع،
الجزائر.2013 ،
)59عبد اهلل أوىابية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري :التحري والتحقيق ،دار ىومة
لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.2004 ،
)60عبد اهلل أوىايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،موفم لمنشر ،الجزائر.2011 ،
)61عبد اهلل بن جييم ،غسل األموال في المممكة العربية السعودية ،مكتبة االقتصاد
والقانون ،الرياض.2010 ،
)62عبد اهلل سميمان ،النظرية العامة لمتدابير االحت ارزية ،المؤسسة الوطنية لمكتاب ،الجزائر،
.1990
)63عبد اهلل سميمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري :القسم العام ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الج ازئر.2016 ،
)64عبد اهلل سيد حسن ،نخبة األقوال في مكافحة غسيل األموال ،المركز القومي
لإلصدارات القانونية ،مصر.2010 ،
)65عبد المطمب عبد الحميد ،العولمة االقتصادية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.2003 ،
369
قائمة المراجع
)66عبد المنعم سميمان ،مسؤولية المصرف الجنائية عن األموال غير النظيفة ،دار الجامعة
الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية.1999 ،
)67عبد المولى سيد شورجي ،مواجية الجرائم االقتصادية في الدول العربية ،الطبعة
األولى ،منشورات جامعة نايف العربية لمعموم األمنية ،الرياض.2006 ،
)68عبد الوىاب عرفة ،الشامل في جريمة غسل األموال ،المكتب الفني لمموسوعات
القانونية ،اإلسكندرية ،دون سنة نشر.
)69عكاشة محمد عبد العال ،اإلنابة القضائية في نطاق العالقات الخاصة الدولية ،دار
الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية.2007 ،
)70عالء التميمي ،التنظيم القانوني لمبنوك اإللكتروني عمى شبكة اإلنترنت ،دار الجامعة
الجديدة ،اإلسكندرية.2012 ،
)71عمي جمال الدين عوض ،عمميات البنوك من الوجية القانونية ،دار النيضة العربية،
القاىرة.1981 ،
)72عمي عبد القادر القيوجي ،قانون العقوبات :القسم العام ،الدار الجامعية لمطباعة
والنشر ،بيروت.2000 ،
)73عمي لعشب ،اإلطار القانوني لمكافحة غسل األموال ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر.2009 ،
)74عمي محمد جعفر ،العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذىا ،المؤسسة الجامعية لمدراسات
والنشر والتوزيع ،بيروت.1988 ،
)75عمر سالم ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،الطبعة األولى ،دار النيضة
العربية ،القاىرة ،دون سنة نشر.
)76عوض محمد عوض ،سميمان عبد المنعم ،النظرية العامة لمقانون الجزائي ،المؤسسة
الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع ،لبنان.1999 ،
370
قائمة المراجع
)77العيد صالحي ،الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجبائية ،دار ىومة لمطباعة والنشر
والتوزيع ،الجزائر.2008 ،
)78غسان رباح ،جريمة تبييض األموال ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،لبنان.2005 ،
)79فخري الحديثي ،شرح قانون العقوبات :القسم الخاص ،مطبعة الزمان ،بغداد.1996 ،
)80فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعممي ،مطبعة البدر،
الجزائر ،دون سنة.
)81فضيمة ممياق ،وقاية النظام البنكي الجزائري من تبييض األموال ،دار ىومة لمطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر.2013 ،
)82لحسن بن الشيخ آث موليا ،دروس في القانون الجزائي العام ،دار ىومة لمطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر.2012 ،
)83ليندا بن طالب ،غسيل األموال وعالقتو بمكافحة اإلرىاب :دراسة مقارنة ،دار الجامعة
الجديدة ،اإلسكندرية.2011 ،
)84ماجد عبد الحميد عمار ،مشكمة غسل األموال وسرية الحسابات البنكية ،دار النيضة
العربية ،القاىرة.2002 ،
)85مأمون سالمة ،قانون العقوبات :القسم العام (الجريمة) ،دار الفكر العربي ،القاىرة،
.1976
)86مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات :القسم العام ،الطبعة الرابعة ،دار الفكر العربي،
القاىرة.1984 ،
)87ماىر عبد شويش ،شرح قانون العقوبات :القسم الخاص ،المكتبة القانونية ،بغداد ،دون
سنة نشر.
371
قائمة المراجع
)89محسن حسن الجبر ،العقود التجارية والعمميات البنكية في المممكة العربية السعودية،
الطبعة الثانية ،جامعة الممك سعود ،الرياض.1997 ،
)91محمد الشيموي ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،دار النيضة العربية ،القاىرة،
.2005
)92محمد توفيق سعودي ،بطاقات االئتمان ،دار األمين لمنشر والتوزيع ،مصر.2001 ،
)93محمد جياد بريزات ،الجريمة المنظمة ،الطبعة األولى ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع،
عمان.2005 ،
)94محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،الطبعة التاسعة ،دار
ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،الجزائر.2014 ،
)95محمد حسن عمر برواري ،غسيل األموال وعالقتو بالمصارف والبنوك ،دار قنديل
لمنشر والتوزيع ،عمان.2011 ،
)96محمد رشدي شيمة ،النقود والمصارف واالئتمان ،الدار الجامعة الجديدة لمنشر،
اإلسكندرية.1999 ،
)97محمد سميمان حسين المحاسنة ،التصالح وأثره عمى الجريمة االقتصادية ،الطبعة
األولى ،دار وائل لمنشر ،عمان.2011 ،
)98محمد صادق إسماعيل ،عبد العال الديربى ،جرائم الفساد بين آليات المكافحة الوطنية
والدولية ،المركز القومي لإلصدارات القانونية ،القاىرة.2012 ،
)99محمد عباس محرزي ،اقتصاديات المالية العامة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.2005
372
قائمة المراجع
)100محمد عبد أبو سمرة ،جريمة غسيل األموال ،الطبعة األولى ،دار الراية لمنشر
والتوزيع ،األردن.2010 ،
)101محمد عبد اهلل حسين العاقل ،النظام القانوني الدولي لمجريمة المنظمة ،دار النيضة
العربية ،القاىرة.2010 ،
)102محمد عمي السرىدي ،الجوانب القانونية لمسرية المصرفية :دراسة مقارنة ،دار جميس
الزمان لمنشر والتوزيع ،األردن.2010 ،
)103محمد عمي العريان ،عمميات تبييض األموال وآليات مكافحتيا ،دار الجامعة الجديدة
لمنشر ،اإلسكندرية.2009 ،
)104محمد عمي سويمم ،األحكام الموضوعية واإلجرائية لمجريمة المنظمة في ضوء السياسة
الجنائية المعاصرة :دراسة مقارنة ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر.2009 ،
)105محمد محمود سعيد ،جرائم غسل األموال :أحكاميا الموضوعية واجراءات مالحقتيا،
الطبعة األولى ،دار الفكر العربي ،القاىرة.2007 ،
)106محمود أبو عالء عقيدة ،عالقة السببية في مجال الجرائم غير العمدية ،كمية الحقوق،
جامعة عين الشمس ،القاىرة.1985 ،
)108محمود كبيش ،السياسة الجنائية في مواجية غسل األموال ،الطبعة الثانية ،دار
النيضة العربية ،القاىرة.2001 ،
)109محمود محمد سعيفان ،تحميل وتقييم دور البنوك في مكافحة عمميات غسيل األموال،
دار الثقافة لمنشر والتوزيع.2008 ،
)110محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات :القسم العام ،الطبعة الخامسة ،دار
النيضة العربية ،القاىرة.1987 ،
373
قائمة المراجع
)111محي الدين إسماعيل عمم الدين ،موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية
والعممية ،الجزء األول ،النسر الذىبي ،القاىرة.2001 ،
)112مختار حسين شبيمي ،اإلجرام االقتصادي والمالي الدولي وسبل مكافحتو ،منشورات
جامعة نايف العربية لمعموم األمنية ،الرياض.2007 ،
)113مصطفى عزيل ،المفيد في شرح القانون التجاري الجزائري ،دار المفيد لمنشر والتوزيع،
مصر.2001 ،
)114مصطفى يوسف كافي ،جرائم الفساد :تبييض األموال ،مكتبة المجتمع العربي لمنشر
والتوزيع ،عمان.2014 ،
)115مكي دردوس ،القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري ،الجزء األول ،دون دار
نشر.2010 ،
)116منصور رحماني ،القانون الجنائي لممال واألعمال ،الجزء األول ،دار العموم لمنشر
والتوزيع ،الجزائر.2012 ،
)117منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العموم ،الجزائر.2006 ،
)118منى األشقر جبور ،محمود جبور ،تبييض األموال واإلرىاب ،إيدرال ،بيروت،
.2003
)119منيف نايف الدليمي ،غسيل األموال في القانون الجنائي ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع،
عمان.2006 ،
)120نادية قاسم بيضون ،من جرائم أصحاب الياقات البيضاء :الرشوة وتبييض األموال،
منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت.2008 ،
)121نبيل صقر ،الوسيط في شرح جرائم األموال ،دار اليدى ،الجزائر.2012 ،
)122نبيل صقر ،تبييض األموال في التشريع الجزائري ،دار اليدى ،الجزائر.2008 ،
374
قائمة المراجع
)123نبيل محمد عبد الحميم عواجة ،المسؤولية الدولية عن جرائم غسل األموال في ضوء
أحكام القانون الدولي العام ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،دون سنة نشر.
)124نبيو صالح ،جريمة غسل األموال في ضوء اإلجرام المنظم والمخاطر المترتبة عمييا،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية.2006 ،
)126نصر الدين ميروك ،جريمة المخدرات في ظل القوانين واالتفاقيات الدولية ،دار ىومة
لمنشر والتوزيع ،الجزائر.2010 ،
)127نصر الدين ميروك ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري :التحري والتحقيق ،دار
ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.2003 ،
)128نصر الدين ىنوني ،الضبطية القضائية في القانون الجزائري ،الطبعة الثانية ،دار
ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.2011 ،
)129نعيم مغبغب ،تيريب وتبييض األموال :دراسة في القانون المقارن ،دون دار نشر،
بيروت.2005 ،
)130ىدى حامد قشقوش ،الجريمة المنظمة ،دار النيضة العربية ،القاىرة.2001 ،
)131ىدى حامد قشقوش ،جريمة غسيل األموال في نطاق التعاون الدولي ،دار النيضة
العربية ،القاىرة.2002 ،
)132ىشام بشير ،إبراىيم عبد ربو إبراىيم ،غسل األموال بين النظرية والتطبيق ،الطبعة
األولى ،المركز القومي لإلصدارات القانونية ،مصر.2011 ،
)133ىيام الجرد ،المد والجزر بين السرية المصرفية وتبييض األموال ،منشورات الحمبي
الحقوقية ،بيروت.2004 ،
375
قائمة المراجع
)134يحيى أحمد موافي ،الشخص المعنوي ومسؤولياتو :مدنيا واداريا وجنائيا ،منشأة
المعارف ،اإلسكندرية.1987 ،
)135يوسف حسن يوسف ،الجريمة المنظمة الدولية واإلرىاب الدولي ،الطبعة األولى،
القومي لإلصدارات القانونية ،مصر.2010 ،
)136يوسف دالندة ،الوجيز في ضمانات محاكمة عادلة ،دار ىومة لمطباعة والنشر
والتوزيع ،الجزائر.2005 ،
-2الـرسائــل الجامعية:
)1ارتباس ندير ،العالقة بين السر المصرفي وعمميات تبييض األموال ،رسالة دكتوراه في
الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر ،دون سنة.
) 2الطاىر لطرش ،مكانة السياسة النقدية ودورىا في المرحمة االنتقالية إلى اقتصاد السوق،
رسالة دكتوراه في عموم التسيير ،المدرسة العميا لمتجارة ،الجزائر.2004 ،
)3العمري عزت محمد السيد ،جريمة غسل األموال :دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه في
الحقوق ،كمية الحقوق ،جامعة المنصورة ،مصر.2005 ،
) 4آيت مولود فاتح ،حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة في القانون الجزائري ،رسالة
دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.2012 ،
) 5آيت وازو زاينة ،مسؤولية البنك المركزي في مواجية األخطار المصرفية في القانون
الجزائري ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو،
الجزائر ،الجزائر.2012 ،
)6باخوية دريس ،جريمة غسيل األموال ومكافحتيا في التشريع الجزائري :دراسة مقارنة،
رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تممسان ،الجزائر-2011 ،
.2012
376
قائمة المراجع
)7بدر الدين خالف ،جريمة تبييض األموال في التشريع الجزائري :دراسة مقارنة ،رسالة
دكتوراه في الحقوق ،جامعة باتنة ،الجزائر.،2011-2010 ،
) 9بن زحاف فيصل ،تسميم مرتكبي الجرائم الدولية ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق
والعموم السياسية ،جامعة وىران ،الجزائر.2012-2011 ،
) 10حمميل نورة ،النظام القانوني لمسوق المالية الجزائرية ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية
الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.
)11خثير مسعود ،النظرية العامة لجرائم االمتناع ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق
والعموم السياسية ،جامعة تممسان ،الجزائر.2014-2013 ،
) 12دليمة مباركي ،غسيل األموال ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية الحقوق والعموم
السياسية ،جامعة باتنة ،الجزائر.2008-2007 ،
) 13صالح حزول ،جريمة تبييض األموال في قانون العقوبات الجزائري والشريعة اإلسالمية،
رسالة دكتوراه في الشريعة والقانون ،كمية العموم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية ،جامعة
وىران ،الجزائر.2015-2014 ،
)14صفية بشاتن ،الحماية القانونية لمحياة الخاصة :دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه في
الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.2012 ،
) 15عبد العالي حاحة ،اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر ،رسالة دكتوراه
في الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة باتنة ،الجزائر.2010 ،
) 16عمارة فوزي ،قاضي التحقيق ،رسالة دكتوراه في القانون ،كمية الحقوق بجامعة
قسنطينة ،الجزائر.2010/2009 ،
377
قائمة المراجع
)17قارة مالك ،إشكالية االقتصاد غير الرسمي في الجزائر مع عرض ومقارنة تجارب
المكسيك ،تونس والسنغال ،رسالة دكتوراه في العموم االقتصادية ،كمية العموم االقتصادية
وعموم التسيير ،جامعة قسنطينة ،الجزائر.2010/2009 ،
)18قريمس عبد الحق ،المسؤولية المدنية لمبنوك في مجال الحسابات ،رسالة دكتوراه في
الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة قسنطينة ،الجزائر.2011-2010 ،
) 19كريمة تدريست ،دور البنوك في مكافحة تبييض األموال ،رسالة دكتوراه في الحقوق،
كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.2014 ،
)20لعيد مفتاح ،الجرائم الجمركية في القانون الجزائري ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،كمية
الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تممسان ،الجزائر.2012-2011 ،
) 22ناجية شيخ ،خصوصيات جريمة الصرف في القانون الجزائري ،رسالة دكتوراه في
الحقوق ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.2012 ،
-3المقـاالت:
)1إبراىيم محمد شاشو" ،بطاقة االئتمان :حقيقتيا وتكييفيا الشرعي" ،مجمة جامعة دمشق
لمعموم االقتصادية والقانونية ،دمشق ،العدد.2011 ،27
)2أحمد حسين الييتي" ،ظاىرة االقتصاد الخفي وغسيل األموال :المصادر واآلثار" ،مجمة
اإلدارة واالقتصاد ،كمية اإلدارة واالقتصاد ،جامعة المستنصرية ،العراق ،العدد.2010 ،81
)3إرزيل الكاىنة" ،التعميق عمى األمر 04/03المتعمق بالقواعد العامة المطبقة عمى
عمميات استيراد البضائع وتصديرىا" ،المجمة النقدية لمقانون والعموم السياسية ،جامعة تيزي
وزو ،العدد.2006 ،02
378
قائمة المراجع
)4األخضر عزي" ،دراسة ظاىرة تبييض األموال عبر البنوك" ،مجمة دراسات اقتصادية،
الجزائر ،العدد.2006 ،08
)5إياد خمف محمد جويعد" ،المسؤولية الجزائية عن إفشاء السرية المصرفية" ،مجمة كمية
بغداد لمعموم االقتصادية الجامعة ،بغداد ،العدد.2010 ،23
)6بسام أحمد الزلمي" ،دور النقود اإللكترونية في غسل األموال" ،مجمة جامعة دمشق لمعموم
االقتصادية والقانونية ،دمشق ،العدد.2010 ،01
)7بن لطرش منى" ،السمطات اإلدارية المستقمة :دور جديد لمدولة" ،مجمة إدارة ،المدرسة
الوطنية لإلدارة ،الجزائر ،العدد.2002 ،24
)8حورية يسعد" ،المبادرات الدولية من أجل مكافحة الجريمة المنظمة وغسل األموال"،
المجمة النقدية لمقانون والعموم السياسية ،جامعة تيزي وزو ،العدد.2011 ،02
)9خثير مسعود" ،المساىمة الجنائية في جرائم االمتناع" ،مجمة دفاتر السياسة والقانون،
جامعة أدرار ،الجزائر ،العدد.2014 ،10
)10دموس حكيمة" ،التكييف القانوني لجريمة تبييض األموال" ،المجمة األكاديمية لمبحث
القانوني ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة بجاية ،الجزائر ،العدد.2011 ،02
)11زوزو ىدى " ،التسرب كأسموب من أساليب التحري في قانون اإلجراءات الجزائية
الجزائري" ،مجمة دفاتر السياسة والقانون ،جامعة أدرار ،الجزائر ،العدد.2014 ،11
)12سميمان ناصر" ،استعادة األموال الموازية ضروري لتطوير االقتصاد" ،جريدة الخبر،
العدد 23يوليو .2016
)13شاىر إسماعيل شاىر" ،غسيل األموال وأثره عمى اقتصاديات الدول النامية" ،مجمة
تنمية الرافدين ،كمية اإلدارة واالقتصاد ،جامعة الموصل ،العدد.2009 ،94
379
قائمة المراجع
)14طالل ياسين العيسى" ،السيادة بين مفيوميا التقميدي والمعاصر :دراسة في مدى تدويل
السيادة في العصر الحالي" ،مجمة جامعة دمشق لمعموم االقتصادية والقانونية ،دمشق،
العدد.2010 ،01
)15عبد الرحمن خمفي " ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن جرائم تبييض األموال:
دراسة في التشريع الجزائري مع اإلشارة إلى الفقو والتشريع المقارن" ،المجمة األكاديمية لمبحث
القانوني ،كمية الحقوق والعموم السياسية ،جامعة بجاية ،الجزائر ،العدد.2011 ،02
)16عبد اهلل خبابة" ،انعكاسات غسل األموال عمى تمويل التنمية في الدول النامية" ،مجمة
كمية بغداد لمعموم االقتصادية الجامعة ،بغداد ،العدد.2012 ،36
)18فريد عمواش" ،جريمة تبييض األموال :المراحل واألساليب" ،مجمة العموم اإلنسانية،
جامعة بسكرة ،الجزائر ،العدد.12
)19قدة حبيبة" ،مفيوم عممية التحويل المصرفي وطبيعتيا القانونية" ،مجمة دفاتر السياسة
والقانون ،جامعة أدرار ،الجزائر ،العدد.2014 ،10
)21محمد عباس منصور" ،سرية الحسابات المصرفية المالذ لغسيل األموال" ،المجمة
العربية لعموم الشرطة ،العدد 1996 ،153
)22نعيم سالمة القاضي وآخرون" ،البنوك وعمميات غسيل األموال" ،مجمة كمية بغداد
لمعموم االقتصادية والقانونية ،بغداد ،العدد.2012 ،33
380
قائمة المراجع
-4التقارير:
)1مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،األشخاص السياسيون
ممثمو المخاطر في مجال غسل األموال وتمويل اإلرىاب ،نوفمبر .2008
)2مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،تقرير التقييم المشترك حول
مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرىاب بالجزائر.2010 ،
)3مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،تقرير التطبيقات عن
االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية وغسل األموال.2011 ،
)6الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وادمانيا ،نشاطات مكافحة المخدرات واإلدمان عمييا:
الحصيمة السنوية .2018
381
قائمة المراجع
382
قائمة المراجع
383
قائمة المراجع
384
قائمة المراجع
385
قائمة المراجع
386
قائمة المراجع
387
قائمة المراجع
388
قائمة المراجع
)2قرار رئيس جميورية مصر العربية رقم 568لسنة 1990بشأن الموافقة عمى اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقمية لسنة ،1988
ج.ر.ج.م ،عدد ،26صادر في 27يونيو .1991
389
قائمة المراجع
)3قرار رئيس جميورية مصر العربية رقم 294لسنة 2003بشأن الموافقة عمى اتفاقية
األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة ،2000ج.ر.ج.م ،عدد،37
صادر في 9سبتمبر .2004
)4قرار رئيس مجمس الوزراء رقم 951لسنة ،2003المتضمن الالئحة التنفيذية لمقانون
رقم 80لسنة ،2002ج.ر.ج.م ،عدد 23مكرر (أ) ،صادر في 9يونيو .2003
-6االجتهادات القضائية:
-المحكمة العميا ،الغرفة الحنائية ،قرار بتاريخ 20ديسمبر ،1988قضية رقم 61380
( د م ومن معو ضد فريق س) ،المجمة القضائية ،عدد ،1993 ،3ص.229
-المحكمة العميا ،الغرفة الجنائية ،قرار بتاريخ 26ديسمبر ،1995قضية رقم 128892
( ح ث ضد ب ب ) ،المجمة القضائية ،عدد ،02سنة ،1996ص.182
-مجمس الدولة ،قرار بتاريخ 27يوليو ،1998مجمة مجمس الدولة ،عدد،2002 ،01
ص.84
-مجمس الدولة ،قرار رقم 2129مؤرخ في 08مايو 2000بين يونين بنك وبنك الجزائر
(غير منشور)
1) Ahcène BOUSKIA, L’infraction du change en Droit algérien, édition Dar el
hikma, Algérie, 1999.
390
قائمة المراجع
11) Louis CARTOU, Droit fiscal international et européen, 2eme édition, précis
Dalloz, paris, 1991.
391
قائمة المراجع
2- THESES:
3- LES REVUES:
1) Chantal CUTAJAR, L’ordre juridique français face aux sociétés écrans des
paris fiscaux, Institue Européen d’Etudes Commerciales Supérieurs,
Strasbourg, 2000.
4- TEXTES JURIDIQUES:
392
قائمة المراجع
5- DOCUMENTS :
393
قائمة المراجع
394
الفهرس
الفهــــرس
أوال 9تعريف جريمة تبييض األموال في االتفاقيات الدولية واإلقميمية 05 ....
395
الفهرس
المبحث الثاني 9آليات تبييض األموال والمخاطر المترتبة عنيا 46 .....................
الفرع األول 9المخاطر االقتصادية واالجتماعية لجريمة تبييض األموال 68 .....
396
الفهرس
أوال 9السيطرة عمى النظام السياسي وافساد اليياكل الحكومية 75 ...........
المطمب األول 9األوصاف الجنائية التقميدية لنشاط تبييض األموال 77 .............
الفرع األول 9المساىمة الجنائية التبعية كوصف لنشاط تبييض األموال 78 .....
التبعية80 ........................................................
ثالثا 9تقدير اعتبار تبييض األموال من قبيل المساىمة الجنائية التبعية 83 .
األشياء86 ........................................................
مستقمة013 .....................................................
397
الفهرس
الفرع األول 9ضرورة تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص 013 ...
ثانيا 9أىمية تجريم نشاط تبييض األموال بنص تشريعي خاص 017 ......
أوال 9تجريم نشاط تبييض األموال في االتفاقيات الدولية واإلقميمية 018 ....
المبحث الثاني 9األحكام القانونية العامة لجريمة تبييض األموال 011 ..................
ثانيا 9العالقة بين جريمة تبييض األموال والجريمة األصمية 014 ..........
398
الفهرس
الجزائري051 ......................................................
399
الفهرس
المطمب الثاني 9الرقابة عمى البنوك والمؤسسات المالية وحركة األموال 082 .......
أوال 9الدفع بوسائل الدفع وعن طريق القنوات البنكية والمالية 115 .........
المبحث الثاني 9اآلليات المتعمقة بالبحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال 131 ......
المطمب األول 9جيات البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال 131 ...........
ثانيا 9تحديد االختصاص النوعي لممحاكم ذات االختصاص الموسع 132 .
المطمب الثاني 9أساليب البحث والتحقيق في جريمة تبييض األموال 142 ..........
400
الفهرس
الفرع األول 9اتخاذ تدابير خاصة في مجال االستخبار المالي 142 ............
الفصل الثاني :معوقات جهود مكافحة جريمة تبييض األموال 181 ................
المبحث األول 9معوقات مرتبطة بنشاط البنوك والمؤسسات المالية 181 ................
الفرع الثاني 9تأثير السرية المصرفية عمى مكافحة جريمة تبييض األموال 200 .
أوال 9العالقة بين السرية المصرفية وعمميات تبييض األموال 201 .........
ثانيا 9اآلثار القانونية المترتبة عمى إفشاء السر المصرفي 205 ............
المطمب الثاني 9عدم التزام البنوك والمؤسسات المالية بالرقابة والتحقيق 212 .......
401
الفهرس
المبحث الثاني 9اإلشكاالت التي تعترض التعاون القضائي الدولي 216 ................
الفهرس284 ...........................................................................
المخمص
402
الملخص
باعتبارىا من،يتناول ىذا البحث وييتم بتشخيص جريمة تبييض األموال بالتعرف عمى ماىيتيا وآثارىا
. والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالنشاطات غير المشروعة،أخطر الجرائم المنظمة التي عرفتيا الدول
كما يسعى ىذا الموضوع إلى الكشف عن اآلليات التي تبناىا المشرع الجزائري وبالخصوص ما تضمنو
المتعمق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرىاب ومكافحتيما2000 فبراير00 المؤرخ في01/00 القانون
المؤرخ في11/03 والقوانين األخرى السيما األمر2012 فبراير13 المؤرخ في02/12 المعدل والمتمم باألمر
المتضمن قانون النقد والقرض فيما يتعمق باآلليات الوقائية والجزائية لمواجية جريمة تبييض2003 غشت20
األموال المحصمة بطريقة غير شرعية من خالل واجب إخطار البنوك والمؤسسات المالية لممصالح المعنية عن
.كل عممية مشبوىة وىو ما يتعارض مع واجبيا في المحافظة عمى السر الميني تجاه زبائنيا
Résumé
La présente recherche diagnostique et traite l’infraction du blanchiment d’argent, et ce
que pour mieux connaitre son essence, ces causes et ces effets, car le blanchiment d’argent
est un des crimes les plus grave connus par les Etats, il est étroitement lié aux activités
illégale.
Ce sujet essaye de relever les méthodes adopté par le législateur algérien, notamment
les dispositifs contenus dans la loi 05/01 du 06 février 2005 relative à la prévention et à la
lutte contre le blanchiment d’argent et le financement du terrorisme modifier et compléter
par l’ordonnance 12/02 du 12 février 2012, ainsi que certaines loi en rapport notamment
l’ordonnance 03/11 du 26 aout 2003 portant la loi relative à la monnaie et au crédit
concernant les mécanismes de prévention, de contrôle et l’information des services concerné
de tout opération de blanchiment d’argent ce qui va à l’encontre du devoir des banques et
des établissements financiers de garder le secret professionnel concernant ces clients.
Summary
Through this research, a diagnosis of money laundering is to be attempted by
identifying its causes and effects. In fact, Money Laundering is said to be one of the most
serious worldwide organized crimes, as it is closely related to illicit and illegal financial
activities.
This research also seeks to reveal the mechanisms generally adopted by the
Algerian legislator, and particularly, the contents of the Law 05/01 of February 06, 2005 -
dealing with preventing, combating money laundering and financing terrorism, as amended
and supplemented by Order No. 12/02 of 13 February 2012. In addition to some other
relevant laws, in particular Order No. 03/11 of August 26, 2003 –containing the Law of
Monetary and Loan - which is concerned with preventive and penal mechanisms to counter
the illegal Money Laundering, through the duty to notify banks and financial institutions of
any suspicious transaction; yet, the latter law is inconsistent with the financial institutions’
duty to keep professional secrecy towards its customers.