Professional Documents
Culture Documents
مـــــقدمة :يعد الفساد عائق التقدم والتنمية عبر العصور،ـ حيث كانت أساليبه تتطورـ طــــرديا مـــع
التقدم الحضاري لألمم ،األمر الذي دفع بالمجتمع الدولي إلى بدل جهود وقائية وعــالجــــية لمــــــواجهة
مخاطرـ هذه الظاهرة وآثارها .تجسدت من خــــالل إبرام العديد من االتفاقيات ووضعـ آليات قانونيــــة و
تنــظيميـةُ ،توجت سنة " "2003بــاتفاقية األمم المتحدة لــ " مكافحة الفســـاد".
هـذا ما أدى بالدول إلى تعديل قوانــينها الوطنية بما يتـــماشىـ مع هذه االتفاقية بصــــفة مستمرة ،
الســيما من خالل التقارير الدورية المنجزة حولها .وقـــد صادقت الجزائر على هذه االتفاقــية بموجب
توضيحً اـ لذلك ســ ُتقسم هـذه الدراسة إلى ثالث فقرات ،سنتناول في أولها القوانين الدولية لمــــكافحة
الفساد،و في الثاني التشريعاتـ الجزائرية(القوانين الوطنية) المتعلقة بالفســـــاد ،وخصصنا الثالث آلليات
مـــقـــدمة :سعيا ً منها للحد من ظاهرة الفساد التي عرفت انــتشارا واسعا على المستويــين الوطني و
الدولي ،بادرت مختلف الدول بإصدارـ اتفاقيات بعضها " :إقـــليمية ،وأخــرى دولية " ،بل أن ظــاهرة
الفساد كانت محل اهتمام المؤسسات المالية الدولية،وهذا من خالل تأثيرهاـ على الدول من أجل مــكافحة
الفساد .وعليه ارتأينا أن نخصص الفقرة األولى من هذه الدراسة لـجهود المؤسساتـ المالية ،ثم نــتـــولى
مقــدمــة :شهد منتصفـ التسعينات وبداية األلفية ظهورـ عدة نصوص قانونية في شكل اتفاقيات إقليمية
ترمي إلى محاربة ظاهرة الفساد والوقاية منه ،ومن أهـمـــها :
-1االتفــاقية األمريكية ضد الفساد :والتي أبرمت في إطار منظمة الدول األمريكية ،وذلك بتـاريخ 29
مارس . 1996والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ، 06/03/1997 :وقدـ نصت هذه االتفــاقيـة أساسا
على
ضرورة تجريم الرشوة االيجابية والسلبية للموظفين العموميين الوطــنيين واألجـنبــيين .كما دعت هذه
االتفاقية الدول المصادقة إلى تجريمـ أفعال أخرى مثل اإلثـــراء غير المــشروع .
– 2اتـفاقـــية االتحاد األوربي :أصدر هذا األخير بتاريخ 26/05/1997اتفــاقية متعلقة بمكافحـة
الفساد
ْـ
)،وموظــفي دول ،والـــتي خصت أساسا ً موظفـــيْ الدول األوربـية (communautés Européens
األعضاء في االتحاد األوربي .إذ ألزمت هذه االتفاقية الدول األعضاء بتجريم الرشوة السلبية واإليجابية
- 3اتفـــاقــية االتـــحاد اإلفــريقي :يضاف إلى ما تقدم ،هناك اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفســاد و
يضاف إلى هذه االتفاقيات ،االتفاقية العربية لمكافحة الفساد المعتمدة بالقاهرة بتاريخ:
،21/12/2010
والتي صادقت عليها الجزائرـ بموجب المرسومـ الرئاسي رقم 14/249المؤرخ في. 08/09/2014 :
هـــذه االتفاقية تهدف أساسا ً إلى تعزيزـ التـدابيـر الرامية إلى الوقاية من الفساد و مكافحته وكــشــفه
بكل أشكاله ،و سائر الجرائم المتصلة به ومــــالحقة مرتكـبيهــا .إلى جانــب تشـــجيع األفرادـ ومؤسسات
المـــجتمــع المدني على المشاركة الفعالة في منع ومــكافحة الفـــساد...إلخ.
ثانيا :اتفــــاقية األمم المــتحدة لمكافــحة الفساد.
مــقــدمة :ت ّم اعتمادها بموجب قرارـ الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 4/58بتاريخ 31أكتوبر2003
(الدورة .)58التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ،09/12/2005 :والتي صادقتـ عليها الجزائر بتحــفــظ
-الجــزائر ال توافق على عرض النزاع التي تكون طرفاًـ فيه على مــحكمة العدل الدولية وفي حــــال
وبالرجوعـ إلى محتوى االتفاقية يالحظ أنها اعتمدت مقاربة شاملة تناولت من خالل ( )71مــادة ،
وهذه األحكام في مجملها ،تسعى لتجسيد وتنفيذ الغرض من االتفاقية ،المنصوص عليها في المــــــادة
ـ ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته بصورة أنجع.
ـ ترويج ودعم التعاون الــدولي والمساعدة التقـــنية في مجال الوقاية من الفـــساد ومكافحته بما في ذلك
مــــــقدمة :كانت الجزائر من الدول السباقة إلصدارـ نص وطنيـ لمكافحة الفساد يتماشى مع اتفــاقية
-قانون رقمـ 01-05المؤرخ في 06فبرايرـ سنة ،2005يتعلق بالوقاية من تبيض األموال وتمويلـ
اإلرهاب ومكافحتها،ـ المعدل والمتمم باألمر رقمـ 02-12المؤرخ في. 13/02/2012 :
-المرسوم الرئاسيـ رقم 413-06المؤرخ في 22نوفمبر 2006يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية
من
الفساد ومكافحته ،المعدل والـمتمم بالمرسوم الرئاسيـ رقم 64-12المؤرخ في .2012 /02/ 07
بالنسبـة للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في المادة 6من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكــافحته.
-المرسومـ الرئاسي رقم 426 -11المؤرخ في 08/11/2011يحدد تشكيلة الديوان المركزيـ لقمع
الفساد
وتنظـيمه وكــيفيات سيره.
-مرسوم تنـفيذي رقم 127-02المؤرخ في ، 07/04/2002يتضمن إنشاء خلية معالجة االستعالم المالي
و
تنظيمها وعملها .المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 157 -13المؤرخ في . 2013 /15/04
-قــرار مؤرخ في 10/02/2013يحدد التــنظيم الـداخلي للديوان المركزيـ لقمع الفساد .
-قرار المؤرخ في 31مارس ،2016يتضمن تفويض اإلمضاء إلى المدير العام للديــوان المركزيـ
لقمع
الفساد .
-التعلـــيمة الرئاسية رقم 03الصادرة عن رئيس الجمهورية التي تتضمن تفعيل نشاطات مكافحة الفساد.
مـــــقدمـــة :تــختـلف آليات مكـافحة الفساد من دولة إلى أخرى ،ومن قطاعـ إلى آخر ،تبعًـــا الـظروف
السياسية واالجتماعية واالقتصادية السائدة لدى كل مــجتمع ،وللوقوفـ على أفضل الــمتطلبات الواجب
توافرها،ارتـأيــناـ أن نقــسم هذا المقطع إلى فــقرتــين .سنـتطرقـ في أولـهما لآلليات الـــــــدولية ،بــيــنما
سـنخصص الثــانية للتـــجربة الجزائرية في الوقاية من الفـــساد ومــكافحته.
أوال :اآللـــيات الدولية :
ْ
رست من جوانب عدة ،نساير اآلراء التي صنـفتها إلى :اآلليات التشريعية ،واآلليات المؤسساتية:ُد
– 1اآلليــات التشريعية :وت ــتمثل في مختلف االتفـاقيات الدولية واإلقليمية ،والتي سبق اإلشارة
إليــها كاتفاقية األمم المتحدة ،واالتفاقية العربية ،واألوروبية ،واتفاقية االتحاد اإلفريقي ،وغيرها من
االتفاقيات األخرى التي أبرمت بين الدول على المستويــين الدولي واإلقــليمي.
-2اآلليات المؤسساتية :أولت العديد من المؤسسات والهيئات الــدولية واإلقليمية اهتماما بالغا
لظاهرة الفساد ،أه ــمها :
أ-البــنك الدولي :مؤسسة عالمية تحاول دعم الدول من خالل مشاريع التنمية ،والذي تبنى خطة
منذ عام 1996لمساعدة الدول في مواجهة الفساد ،تتضمن ثالث( )3عناصر :أولهما تشخيص
ظـ ــاهرة الفساد وأسبابها وعواقبها والثاني إدخال إصالحات على أنظمة الدولة من النواحي التشريعية
واإلدارية و االقتصادية وثالثا إشراك المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ووسائل اإلعالم في
مكافحة الفساد.
صندوق النقد الدولي :تعتبر الضوابط المتعلقة بتقديم قروض ومساعدات صندوق النقد الدولي أ-
أعلن عنها سنة 1997أكثر تشددا من تلك الضوابط الموضوعة من الـبنك الدولي ،إذ التي
أك ــد أـنه سيوقف أو يعلق مساعداته المالية ألية دولة ُيثبت أن الفساد الحكومي فيها يعيق الجهود
الخاصة بتجاوز مشاكلها االقتصادية ،وطــرح بــمقابل ذلك مجالين رئيسين للمساهمة في مكافحة
الفساد.
م ــنظمة الشفافية الدولية :هي مؤسسة عالمية غير حكومية مقرها في لندن ،تأسست سنة 1993 ب-
من قبل " بيــتراجــيت " ،هدفها هو العمل على مكافحة الفساد ،والحد منه من خالل وضع
التشريعات و اإلجراءات ،وتملك هذه المنظمة فروعا في أكثر من 100دولة ،وتعد " الجمعية
الجزائرية لمكافحة الفساد " الفرع الوطني لهذه المنظمة.
مــنظمة التعاون والتنمية االقتصادية :وهي منظمة دولية اضطلعت بدور قيادي من الناحية الدولية ت-
في نطاق مكافحة الرشوة والفساد منذ .1989
أولت الجــزائر -خاصة في السنوات األخيرة – أهمية بالــغة لظاهرة الـفساد ،فــإلى جــانب مـــقــدمـــة :
مصادقتها على اتفاقية األمم المتحدة ،واالتــفاقـية العربية واإلفريـقية لمكــافحة الفساد ،تـ ّم إصـدار جملة
من القوانــين الوطـنية بنوعيها -التشريعية والتنــظيمية -والتي تضــمّن بعضهاـ اإلطار المؤسسي للوقاية
من الفساد ومحاربته ،أو ما يُصطلح عليه بــ " المؤسسات أو الهــيئات الوطنية المكلفـــة بـــمكافحة الفــساد" ،و
1ـ الـهيــئة الـوطنية للوقاية من الفــساد ومـــــكافحته :والتي أنــشئت تطبيـقا ً ألحكام المادة 17مـــــن
القانون رقمـ (01-06المعدل والمتمم) ،وقد حدد المرسوم الرئاسي رقمـ ،413-06تشـــكيل هذه الهيئة،
وتنــظيمها وكــيفيات سيــرها ،المعدل والمتمـــــم بمــــوجب المرسومـ الرئاسي رقم . 64 -12
2ـ الــديوان الــمركزي لـقمع الــفساد :ت ّم إنشاءه بموجب القانون رقم ،05-10الذي جاء مــتممًا للقانون
06-01المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،للمزيد أنظر الجريدة الرسمية .50/2010وقــد حــــدد
المرسوم الرئاسي رقمـ ،426-11المعدل بموجب المرسوم الرئاسيـ رقم، 209-14تــشكيلته وتــنظــيمه
من تبيض األموال وتميل اإلرهاب ومكافحتهمــا ،إضافة إلى المرسومــين الــتنـفيذيين رقمـ ،318-13
4ـ هـــيئات أخرى :المفــتشية العامة للمالية ،القضاء ،الدرك الوطني ،األمن الــوطني .
ويضافـ إلى هذه الهيئات ،هــيئات أخرى منصوص عليها دستوريا ،مثل مجلس المحاسبة ،والمجلس
الوطنيـ االقتصاديـ واالجتماعي،المطالب بتقديم تقريره السنوي ،يضع فيه الحكومة أمــــام مسؤوليتها.