You are on page 1of 49

‫و ازرة التعليم العـالي والبحـث العـلمي‬

‫جـامعـة محمـد بوضيـاف المسيلـة‬

‫كلية العلوم االقتصادية و التجارية وعلوم التسيري‬


‫قسم العلوم االقتصادية‬

‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬


‫مقدمة لطلبة السنة الثانية ماستر‬
‫تخصص ‪:‬اقتصاد نقدي وبنكي‬

‫من إعداد األستاذ‬


‫سنوسي علي‬

‫السنة اجلامعية ‪2021/2020‬‬


‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫مقدمة‬
‫لعبت سياسة الصفقات العمومية أدورا ابرزة يف االقتصاد الوطين للدول عرب مسامهتها يف حتديثه ‪ ،‬وكذا‬
‫التقليص من كلفة اإلنتاج ‪ ،‬وهو ما يفسر جلوء الدولة إىل البحث عن سبل دائمة التطوير لنظام الصفقات‬
‫العمومية ‪ ،‬ويتجلى الدور االقتصادي للصفقات العمومية ابألساس يف إشراك املقاوالت اخلاصة ‪ ،‬كوحدة إنتاجية‬
‫لتوفري خدمات ‪ ،‬والقيام أبشغال أساسية تساعد على الرقي االقتصادي واالجتماعية ‪ ،‬وتسهم يف اجلهود الرامية‬
‫إىل حتقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية وكذا توفري البنيات التحتية الضرورية وهتيئة الظروف املالئمة إلنعاش‬
‫وجلب االستثمار الوطين واألجنيب ‪ ،‬وهو ما يسمح كذلك بتقدمي اخلدمة العمومية بنوع من اجلودة والفعالية ‪.‬‬
‫لذلك ابتت الصفقات العمومية بشكل عام ‪ ،‬واحمللية على اخلصوص تستأثر ابهتمام متزايد من طرف‬
‫كل الفعاليات االقتصادية الوطنية واألجنبية ‪ ،‬وكذا يف أوساط خمتلف الدول احلكومية ‪ ،‬بفعل دورها اهلام يف‬
‫إنعاش النسيج االقتصادي للبالد ‪ ،‬وتقوية وتوفري السيولة الالزمة للمقاوالت املتعاقدة مع الدولة و اجلماعات‬
‫الرتابية ‪ ،‬ذلك أن إجناز املشاريع التنموية على الصعيد الوطين أو احمللي ال يتم إال عرب تكامل اجلهود لكل من‬
‫القطاعني العام واخلاص‪.‬‬
‫ومنه تعترب الصفقات العمومية من أشهر العقود اليت تربمها اإلدارة العامة مع املتعاملني معها‪،‬‬
‫وتصنف ضمن أهم الوسائل القانونية اليت تستخدمها لتنفيذ الربامج االقتصادية‪ ،‬كما تعد من أبرز‬
‫أوجه إنفاق املال العام ‪ ،‬على اعتبار أن هذا النوع من العقود عادة ما يتطلب اعتمادات مالية‬
‫ضخمة‪ ،‬لذا أوالها املشرع اجلزائري عناية كبرية منذ ستينيات القرن املاضي واىل غاية يومنا هذا‪.‬‬
‫وعليه تعتمد اإلدارة العامة يف مباشرة وظائفها على وسائل خمتلفة يف طبيعتها ووصفها القانوين‪ ،‬فقد‬
‫تكون هذه األخرية تصرفات مادية أو أعماال قانونية‪ ،‬وأعمال اإلدارة ليست من صنف واحد فهي أحياان تقوم‬
‫ابلعمل إبرادهتا املنفردة دون مشاركة من الطرف املعين وأحياان أخرى بتحريك من هذا األخري‪ ،‬وتتجلى صورة‬
‫ذلك يف القرار اإلداري‪ ،‬واىل جانب تدخل اإلدارة يف روابط عقدية كثرية هبدف قيامها بنشاطها واضطالعها‬
‫أبعباء اخلدمة العامة‪ ،‬وتلبية حاجات اجلمهور وهي وسيلة ال تقل أمهية عن القرارات اإلدارية ‪.‬‬
‫وتلك الروابط العقدية تتجلى يف صورة صفقات عمومية ختضع لتنظيم متميز ومستقل هو تنظيم‬
‫الصفقات العم ومية وذلك الرتباطها ابخلزينة العمومية‪ ،‬فقد كان ومازال التنظيم الذي حيكمها من بني أكثر‬
‫النصوص القانونية عرضة لإللغاء والتعديل‪.‬‬
‫تعد الصفقات العمومية مبثابة وسيلة يف يد الدولة احلديثة للنهوض أبعباء اخلدمة العامة وإلشباع‬
‫حاجيات وضرورايت اجملتمع املتشعبة‪ ،‬يعتمد عليها يف وضع برامج واسرتاتيجيات ملواكبة العصرنة يف جمال خمتلف‬

‫‪2‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫الربامج االستثمارية املسطرة من طرف األجهزة اإلدارية املختصة يف الدولة‪ ،‬بغية حتقيق التنمية والرفاهية واالزدهار‪،‬‬
‫وكل هذا من أجل حتقيق تنمية اقتصادية فعالة‪.‬‬
‫فتلك املبالغ الضخمة من النفقات ‪ ،‬واليت تصرف بعنوان عقود الصفقات العمومية‪ ،‬جلميع املرافق‬
‫العمومية املوزعة عرب كافة أحناء الرتاب الوطين ‪ ،‬تتحمل نفقاهتا املالية اخلزينة العمومية‪ ،‬لذلك كان واجبا على‬
‫الدولة ختص طلباهتا العمومية بقانون خاص مستقل ومتميز ‪ ،‬ينظم تسيري تلك األموال العمومية‪.‬‬
‫ترتكز عملية إبرام الصفقات على أسس ومبادئ ‪ ،‬تساهم يف تبسيط هذه العملية املركبة‪ ،‬فهي تتسم‬
‫ابملساواة والشفافية والنزاهة والتنافس بني املرتشحني ‪.‬‬
‫جند يف هذا الصدد أن املصلحة املتعاقدة ‪ ،‬ليست حرة يف اختيار املتعاقد معها‪ ،‬يف جمال الصفقات‬
‫العمومية ‪ ،‬بل ختضع ألحكام متميزة ‪ ،‬ت تقيد فيها اإلدارة مبجموعة من الشروط والضوابط الالزمة‪ ،‬اليت يفرضها‬
‫عليها القانون يف اختيار املتعامل املتعاقد معها‪ ،‬واليت ختتلف متاما عن تلك اليت خيضع هلا األفراد يف القوانني‬
‫اخلاصة‪ ،‬كالقانون املدين والتجاري‪.‬‬
‫يظهر ذلك جليا من حيث أساليب وطرق اإلبرام واإلجراءات املتبعة يف خمتلف املراحل اليت متر هبا عملية‬
‫إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وأمناط الرقابة أبشكاهلا املختلفة واملتعددة‪ ،‬وصوال إىل مرحلة هامة واملتمثلة يف تنفيذ‬
‫موضوع الصفقات العمومية‪ ،‬أين تظهر فيها اإلدارة املتعاقدة تتمتع ببعض امتيازات السلطة العامة‪ ،‬من حيث‬
‫ت دخلها املباشر‪ ،‬من حني آلخر يف تسيري الصفقة‪ ،‬وفق متطلبات الصاحل العام‪ ،‬تظهر أيضا أثناء مباشرة تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬بعض املنازعات املتعلقة مبوضوع الصفقة‪ ،‬وحينها تبحث األطراف املتعاقدة عن اآلليات‬
‫القانونية الالزمة يف فض تلك املنازعات اليت حتدث بني املصلحة املتعاقدة صاحبة الصفقة ‪ ،‬واملتعامل املتعاقد معها‬
‫‪ ،‬إلجياد حل يرضي كل األطراف‪.‬‬
‫إن األمهية اليت تتمتع هبا الصفقات العمومية تكمن يف املبالغ املعتربة املخصصة هلا من اخلزينة العمومية ‪،‬‬
‫ما جعل من الضروري التحرك يف اجتاه التحوالت الدولية الرامية اىل محاية املال العام وحماربة الفساد‪ ،‬حيث عمل‬
‫املشرع اجلزائري على إرساء مبادئ أساسية أثناء عملية إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية ‪ ،‬متماشيا يف ذلك مع‬
‫التوجه الدويل اجل ديد الذي يهدف إىل حماربة إضفاء املزيد من الشفافية وتكريس الضماانت للسري احلسن يف‬
‫عملية اإلنفاق العام ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أمهية املوضوع‪:‬‬
‫تكمن أمهية املوضوع يف أن للصفقات العمومية صلة وثيقة ابخلزينة العمومية ‪ ،‬وهي تكلفها اعتمادات‬
‫مالية ضخمة كل سنة وذلك حبكم تعدد وتنوع اهليئات اإلدارية ) دولة‪ ،‬والية‪ ،‬بلدية‪ (...‬مما يربز أمهية يربر أمهية‬
‫إخضاع هذه األخرية ملبدأ املساواة بغرض احلد من الفساد وحماولة احتوائه‪ ،‬زايدة على ترشيد النفقات العامة‪ ،‬كل‬
‫ذلك يف ظل ما يثار حول تنظيم الصفقات العمومية وعدم شفافيتها‪.‬‬

‫األهداف املتواخاة من تدريس مقياس الصفقات العمومية‬


‫نسعى من خالل تدريسنا هلذا املقياس حتقيق عدة أهاتف نذكر أمهها فيما يلي‪:‬‬
‫اإلحاطة ابإلطار النظري العام لقانون الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إبراز أهم التغريات اليت طرأت على قانون الصفقات العمومية يف اجلزائر‪.‬‬
‫التعريف حباالت إهناء الصفقات العمومية‬

‫حماور مقياس قانون الصفقات العمومية‬


‫احملور األول‪ :‬نشأة والتطور القانوين للصفقات العمومية ‪.‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬تعريف الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫احملور الثالث‪ :‬معايري حتديد الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫احملور الرابع‪ :‬أنواع الصفقات العمومية‪.‬‬
‫احملور اخلامس‪ :‬املبادئ اليت تقوم عليها إجراءات إبرام الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫احملور السادس‪ :‬طرق إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫احملور السابع‪ :‬الرقابة على الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫احملور الثامن‪ :‬حقوق والتزامات طريف الصفقات العمومية‬
‫املوضوع التاسع‪ :‬حاالت إهناء الصفقة العمومية‬

‫‪4‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫احملور األول‪ :‬نشأة والتطور القانوين للصفقات العمومية يف اجلزائر‬


‫أبقت السلطات العمومية يف اجلزائر بعد االستقالل على سراين املرسوم الفرنسي رقم ‪ 47-57‬املؤرخ يف‬
‫‪ 08‬جانفي ‪ 1957‬واملتعلق ابلصفقات العمومية املربمة يف اجلزائري‪ ، 1‬واستمر العمل به اىل غاية صدور املرسوم‬
‫رقم ‪ ،103-64‬املؤرخ يف ‪ 26‬مارس ‪ 1964‬املتعلق إبنشاء اللجنة املركزية للصفقات العمومية اليت أنيط هبا‬
‫صالحية اختاذ األحكام القانونية وإجراءات تنفيذ الصفقات العمومية‪ ،‬قبل أن يتم وضع أول تنظيم متكامل خاص‬
‫ابلعقود اليت تربمها األشخاص املعنوية العامة اإلدارية واالقتصادية على السواء‪ ،‬وكان ذلك مبوجب األمر رقم ‪-67‬‬
‫‪ 90‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،2‬ومن مث توالت املساعي االجيابية يف هذا اجملال منذ تلك الفرتة اىل غاية‬
‫سنة ‪ ، 2015‬ويتجلى ذلك من خالل صدور عدة مراسيم رائسية‬
‫خمتلفة تعددت وتباينت سواء من حيث مضموهنا وأحكامها‪ ،‬أو من حيث طبيعتها وشكلها‪،‬متاشيا مع‬
‫التطورات االجتماعية واالقتصادية والسياسية اليت شهدهتا البالد‪.‬‬
‫‪ .1‬مرحلة ما قبل الستينيات‪:3‬‬
‫وهي الفرتة املمتدة من سنة ‪ 1830‬اىل غاية سنة ‪ ،1962‬وقد شهدت هذه املرحلة تطبيق القوانني‬
‫الفرنسية املتعلقة ابلصفقات العمومية يف اجلزائر‪ ،‬وكان آخرها املرسوم الفرنسي رقم ‪ 24-57‬املؤرخ يف ‪08‬‬
‫جانفي ‪ ،1957‬لذلك ال ميكن احلديث عن وجود قانون ينظم الصفقات العمومية يف اجلزائر خالل هذه املرحلة‪.‬‬
‫‪ .2‬المرحلة االنتقالية ‪: 1967-1962‬‬
‫عندما حصلت الدولة على استقالهلا اضطرت حتت دوافع وأسباب موضوعية لالحتفاظ ابلتشريع‬
‫والتنظيم الفرنسي املتعلق ابلصفقات العمومية ‪،‬إذ من غري املمكن على اإلطالق أن يتم اإلعالن الرمسي عن‬
‫التشريع اجلديد الذي سيحل حمل التشريع امللغى)تشريع اإلدارة االستعمارية( وملا كان هذا التشريع غري متوفر ومل‬
‫يتم حتضريه ‪،‬وكان جيب أيضا أن تستمر الدولة واجلماعات احمللية واملؤسسات اإلدارية يف إبرام صفقاهتا ملا‬
‫للصفقات من دور ابرز ومهم يف العملية التنموية‪ ،‬اضطرت الدولة أن تعلن عن احتفاظها مؤقتا ابلتشريع الفرنسي‬
‫مونه يتناىف والسيادة الوطنية وهو ما ت اإلعالن عنه بصورة شاملة يف شهر ديسمرب ‪ 1962‬حيث‬ ‫مض ُ‬
‫إذا مل يكن ْ‬
‫أعلنت الدولة اجلزائرية املستقلة متديد سراين القوانني الفرنسية وتطبيقها يف جلزائر يف املرحلة التالية لالستقالل‪،‬‬
‫فطبقت خالل السنوات األوىل لالستقالل اليت عقبت مغادرة فرنسا أرض اجلزائر‪ .‬غري أن احتفاظ الدولة اجلزائرية‬
‫ابلتشريع الفرنسي يف املرحلة االنتقالية مل مينعها على اإلطالق من إصدار بعض التنظيمات نذكر منها خاصة‪:‬‬

‫‪ . 1‬فاتح خالف‪ ،‬حماضرات يف قانون القانون الصفقات العمومية ‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جبامعة جيجل‪ ،2016/2015 ،‬ص ‪03‬‬
‫‪ . 2‬األمر رقم ‪ ،90 -67‬املؤرخ يف ‪ 17‬جوان ‪ ،1967‬واملتعلق بنظام الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،52‬بتاريخ ‪ 27‬جوان ‪ – 1967‬ملغى‪.-‬‬
‫‪ . 3‬فاتح خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪03‬‬
‫‪5‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ املرسوم رقم ‪ ،108-64‬والذي يعد أول تنظيم يف الصفقات العمومية للجزائر املستقلة‪ ،‬إذ مل ميضي عهد على‬
‫هذا املرسوم حىت الغي وخلفته جمموعة من املراسم منها‪:‬‬
‫املرسوم رقم ‪ 103-64‬املؤرخ يف ‪ 26‬مارس ‪ 1964‬املتضمن إحداث اللجنة املركزية للصفقات العمومية‬
‫املرسوم رقم ‪ 287-64‬املؤرخ يف ‪ 04‬سبتمرب ‪ ،1964‬املتعلق ابلتسبيقات االستثنائية‬
‫القرار املؤرخ يف ‪ 21‬نوفمرب ‪ ،1964‬يتضمن املصادقة على دفرت الشروط اإلدارية العامة املطبقة على صفقات‬
‫األشغال اخلاصة بوزارة جتديد البناء واألشغال العمومية والنقل‪. 1‬‬
‫حيث ت إصدار أول نص تشريعي ‪ ،‬ينظم جمال الصفقات العمومية ‪ ،‬يتمثل يف األمر رقم ‪،90- 67‬‬
‫املتضمن تنظيم الصفقات العمومية ‪ .‬وجاء هذا األمر لسد الفراغ التشريعي ‪ ،‬الذي كانت تعاين منه املنظومة‬
‫التشريعية للدولة اجلزائرية‪ ،‬نتيجة االستقالل احلديث هلا‪ .‬فلقد ت تعديله يف سنة ‪ 1974‬ابألمر رقم ‪، 09-74‬‬
‫الذي يتضمن مراجعة األمر السالف الذكر‪.2‬‬
‫‪.3‬مرحلة الثمانينات‪:‬‬
‫متتد من سنة ‪ 1982‬إىل غاية ‪ ،1991‬حيث عرفت هذه الفرتة صدور املرسوم الرائسي رقم ‪-82‬‬
‫‪ 145‬املؤرخ يف ‪ 10‬أفريل ‪ 1982‬املنظم للصفقات العمومية اليت يربمها املتعامل العمومي‪ ،3‬أتى هذا املرسوم‬
‫ليدعم الركائز األساسية اليت تتماشى مع التوجه االشرتاكي للدولة‪ ،‬املتخذ من طرف النظام احلاكم يف تلك الفرتة‪.‬‬
‫وظلت أحكامه سارية املفعول اىل غاية بداية التسعينيات‪.‬‬
‫‪ .4‬مرحلة التسعينيات‪ :‬بعد دخول اجلزائر حمطة جديدة يف اترخيها ‪ ،‬وذلك بعد اإلصالحات اليت أقرهتا‬
‫السلطات العمومية يف هناية الثمانينات‪ ، ،‬فقد اجتهت حنو تكييف املنظومة القانونية مع التطورات احلاصلة ‪ ،‬األمر‬
‫الذي استوجب استحداث وحتيني النصوص التشريعية والتنظيمية يف جمال الصفقات العمومية‪ ،‬متاشيا مع املرحلة ‪،‬‬
‫حيث ت إصدار املرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 4434 -91‬املتضمن الصفقات العمومية ‪ ،‬املعدل واملتمم إىل غاية‬
‫‪.1998‬‬

‫‪ . 1‬عمار بوضياف ‪ ،‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬حبور للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الطبعة ‪ ،2011 ،03‬ص‪13‬‬
‫‪ . 2‬أمر ‪ 09 -74‬املؤرخ يف ‪ 30‬جانفي ‪ ،1974‬يتضمن مراجعة قانون الصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪ -‬ر ‪ ،‬العدد ‪ ،13‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬فيفري‬
‫‪.1974‬‬
‫‪ . 3‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 145 -82‬املؤرخ يف ‪ 10‬أفريل ‪ 1982‬املنظم للصفقات العمومية اليت يربمها املتعامل العمومي‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬العدد ‪،15‬‬
‫الصادر يف ‪ 13‬أفريل ‪.1982‬‬
‫‪ 4‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 434 -91‬املؤرخ يف ‪ 1991/11/9‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر العدد‪ ، 57‬الصادرة يف‬
‫‪4‬‬

‫‪ – 1991/11/13‬ملغى‪-‬‬
‫‪6‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫استمر املش رع اجلزائري ‪ ،‬يف تعديل القوانني املنظمة للصفقات العمومية ‪ ،‬خاصة بعد تداركه التام دخوله‬
‫آفة الفساد إىل دواليب السلطة ‪ ،‬وقصد تكييف إجراءات إبرام الصفقات العمومية ‪ ،‬مع املتطلبات النامجة عن‬
‫خمتلف الربامج التنموية اليت عرفتها البالد ‪ ،‬وبعد االرتفاع احملسوس يف عائدات البرتول‪.‬‬
‫‪ .5‬مرحلة األلفية الثالثة‪:‬‬
‫تعترب هذه املرحلة حسب املهتمني مبوضوع الصفقات العمومية املرحلة احلامسة يف جمال الصفقات‬
‫العمومية يف اجلزائر‪ ،‬ابلنظر إىل الكم اهلائل من النصوص التنظيمية و التشريعية اليت شهدهتا والتعديالت اليت‬
‫أدخلت عليه‪ ،‬هذا من ج هة وابلنظر اىل حمتواها من جهة أخرى‪ ،‬واليت كان مجيعها يصبوا إىل حتقيق النجاعة‬
‫للصفقات العمومية كأداة لتحقيق التنمية االقتصادية الوطنية وصيانة املال العام ومحايته من التبديد‪ ،‬وأهم القوانني‬
‫اليت ت إصدارها يف هذه املرحلة هي‪:‬‬
‫▪ صدور املرسوم الرائسي رقم ‪ 250 -02‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪،1‬وت تعديله مرتني ‪ ،‬فالتعديل‬
‫األول كان سنة ‪ ،2003‬أما الثاين فتم يف سنة ‪ 2008‬قصد تعزيز فعالية الطلبات العمومية‪.‬‬
‫▪ بعد إلغاء أحكام املرسوم الرائسي ‪ 250-02‬أصدر املشرع اجلزائري املرسوم الرائسي‬
‫رقم ‪36 -10‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ، 2‬بغية حتسني املردودية وحسن األداء يف جمال الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬ت هو اآلخر تعديله عدة مرات استهله املشرع بتعديله ابملرسوم الرائسي رقم ‪ 98 -11‬املتعلق بتنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،3‬وعدل مرة أخرى ابملرسوم الرائسي رقم ‪ 23 -12‬املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،4‬مث‬
‫‪5‬‬
‫جاء بعده التعديل األخري يف سنة ‪ 2013‬ابملرسوم الرائسي رقم ‪ 03-13‬و املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‬
‫ويف هذا املراسيم ت وضع آليات للتصدي ملكافحة جرائم الفساد يف جمال الصفقات العمومية‪.‬‬
‫▪ من أجل تدارك النقائصوالثغرات ‪ ،‬اليت عرفتها املنظومة القانونية للصفقات العمومية السابقة‪ ،‬أصدر املشرع‬
‫اجلزائري املرسوم الرائسي رقم ‪ ،247-15‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‪ 6‬وهو‬

‫‪ . 1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 250-02‬مؤرخ في ‪ /24‬جوان ‪ ،2002‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،52‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬جوان‬
‫‪2002‬‬
‫‪ . 2‬املرسوم الرائسي رقم ‪236 -10‬املؤرخ يف ‪2010 /10 /07/‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،58‬بتاريخ ‪2010/10/07‬‬
‫‪ . 3‬املرسوم الرائسي رقم ‪ 98 -11‬املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬املؤرخ يف ‪ 01‬مارس ‪ ،2011‬يعدل ويتمم املرسوم الرائسي رقة ‪،236-10‬‬
‫املؤرخ يف ‪ ،2010/10/07‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،14‬الصادرة يف ‪ – 2011 /03/ 06‬ملغى ‪-‬‬
‫‪ . 4‬مرسوم رائسي رقم ‪ ، 23-21‬مؤرخ يف ‪ 18‬جانفي ‪ ،2012‬يعدل ويتمم املرسوم الرائسي رقم ‪ 236-10‬املرخ يف ‪ 07‬أكتوبر‬
‫‪2010‬واملتضمن تنظيم الصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ، 04‬الصادرة يف اتريخ ‪ 26‬جانفي ‪ – 2012‬ملغى‪-‬‬
‫‪ . 5‬مرسوم رائسي رقم ‪ ، 03-13‬مؤرخ يف ‪ 13‬جانفي ‪ ،203‬يعدل ويتمم املرسوم الرائسي رقم ‪ 236-10‬املرخ يف ‪ 07‬أكتوبر ‪2010‬واملتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ، 02‬الصادرة يف اتريخ ‪ 13‬جانفي ‪ – 2013‬ملغى‪-‬‬
‫‪ . 6‬مرسوم رائسي رقم ‪ ،247-15‬مؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ ،2015‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪،50‬‬
‫الصادرة يف اتريخ ‪ 20‬سبتمرب ‪.2015‬‬
‫‪7‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫الساري املفعول حاليا ‪ .‬حيمل صبغة جديدة ‪ ،‬حبيث غري خريطة الطريق يف جمال طرق اإلبرام ‪ ،‬وأحل على شفافية‬
‫اإلجراءات ‪ ،‬وكثف من وسائل الرقابة على الصفقات العمومية ‪..‬اخل‪ ،‬ويستمد هذا املرسوم أمهيته من التدابري اليت‬
‫أقرها ‪ ،‬وال سيما يف املسائل التالية‪:‬‬
‫إصالح أتطري ومراقبة إبرام الصفقات العمومية هبدف التحكم يف تسيري الصفقات العمومية مع إلغاء اللجان‬
‫الوطنية اليت ت حتويل صالحياهتا إىل اللجان القطاعية اليت تنصب على مستوى كل وزارة وجلان جهوية ابلنسبة‬
‫لبعض املهيآت ‪ ،‬وكذا إنشاء سلطة لضبط الصفقات العمومية تعزز مبرصد للطلبات العمومية وهيئة وطنية لتسوية‬
‫النزاعات؛‬
‫تعزيز أخالقيات املهنة لدى إبرام الصفقات العمومية مع وضع مدونة لقواعد السلوك لألعوان العموميني‬
‫املتدخلني يف مراقبة إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية يعدها مرصد ضبط الصفقات العمومية وتفويض اخلدمة‬
‫العمومية؛‬
‫إقرار مسؤولية أكرب لألطراف الفاعلة يف الصفقات العمومية املتمثلة يف املصاحل املتعاقدة وجلان الصفقات يف‬
‫إطار احرتام مبادئ حرية احلصول على الطلب العمومي واملساواة يف معاملة املرتشحني وشفافية اإلجراءات؛‬
‫تعزيز األمن القانوين لألطراف الفاعلة املتدخلة يف الصفقات العمومية‪ ،‬من خالل التصنيف والدقة وتسهيل‬
‫اإلجراءات؛‬
‫ترقية مكانة اإلنتاج الوطين واملؤسسة احمللية لإلنتاج يف اجناز الصفقات العمومية مع أتسيس بند يف دفرت‬
‫الشروط ال يرخص اللجوء إىل املواد املستوردة إال إذا كان املنتج الوطين املعادل غري متوفر؛‬
‫اقرار مفهوم تفويض اخلدمة العمومية الذي بفضله ميكن للدولة ‪ ،‬يف القطاعات اليت يسمح هبا القانون التفكري‬
‫يف فسح اجملال للقطاع اخلاص ليساهم يف بناء احلركة التنموية من خالل اجناز منشآت أو اقتناء املمتلكات‬
‫الضرورية لسري اخلدمة العمومية‪.‬‬
‫واملالحظ من خالل مضامني مجيع املراسيم السابقة ‪ ،‬جند أن املشرع اجلزائري قد أتثر بنظرية العقد‬
‫اإلداري ابملفهوم الفرنسي‪ ،‬حيث أقر خضوع الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام لنظام تعاقدي خصوصي‬
‫يت الءم مع طبيعتها اخلاصة‪ ،‬خيتلف عن القواعد اليت حتكم عقود القانون اخلاص ‪ ،‬ويعود ذلك إىل وجود اإلدارة‬
‫العامة طرفا فيها وتعلقها ابملرفق العام‪ ،‬األمر الذي يستدعي إخراجها من قواعد القانون املدين والتجاري‬
‫وإخضاعها إىل قواعد وأحكام خاصة‪ ،1‬على اعتبار أن هذه األخرية أكثر فاعلية يف محاية املال العام وحتقيق‬
‫املصلحة العامة‪.‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬تعريف الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪. 1‬عليوات ايقوتة ‪ ،‬تطبيقات النظرية العامة للعقد االداري‪ ،‬الصفقات العمومية‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون العام‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2009/008 ،‬ص‬
‫‪05‬‬
‫‪8‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫إن كلمة "صفقة" لغة هي العقد أو البيعة‪ ،‬ويقال‪ :‬صفقة راحبة أو خاسرة‪ ،‬وكلمة صفقة بفتح فسكون‬
‫مأخوذة من "صفق" مبعىن ضرب اليد على اليد يف البيع وهي عالمة إجرائه وإمتامه‪ ، 1‬أما يف االصطالح فكلمة‬
‫صفقة داللة على نقل السلع أو اخلدمات من شخص آلخر‪ ،‬كما يتضمن املفهوم أيضا صيغة جتارية حبتة احتكرهتا‬
‫اللغة االقتصادية وتداولنه مصطلحا خاصا بعامل املال واألعمال‪. 2‬‬
‫إن التعريف التشريعي له حق الصدارة على بقية التعريفات األخرى‪ ،‬لذلك كان التعريف التشريعي‬
‫للصفقة العمومية هو املبتدأ به‪ ،‬متبوعا ابلتعريف القضائي ملا للقضاء اإلداري من فضل ودور كبري يف إجياد قواعد‬
‫القانون اإلداري وتنظيمها‪ ،‬مث خنتم هذه التعريفات ونتوجها ابلتعر يف الفقهي وبيان جهود الفقهاء يف تعريف‬
‫الصفقة العمومية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف التشريعي‪:‬‬
‫سنقوم بعرض تعريف املشرع اجلزائري تعريفه الصفقات العمومية عرب قوانني الصفقات املختلفة‪ .‬وذلك‬
‫حسب التدرج الزمين‪.‬‬
‫‪ .1‬قانون الصفقات حسب األمر رقم ‪ : 90-76‬عرفت املادة األوىل من األمر رقم ‪ 390-76‬للصفقات‬
‫العمومية ‪ ،‬على أن "الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة تربمها الدولة أو العماالت أو البلدايت أو املؤسسات‬
‫واملكاتب العمومية قصد إجناز أشغال أو توريدات أو خدمات ضمن الشروط املنصوص عليها يف هذا القانون"‪،‬‬
‫واملقصود ابلعماالت الوالايت‬
‫‪ .2‬املرسوم املتعلّق بصفقات املتعامل العمومي رقم ‪ :145-82‬عرفت املادة الرابعة من املرسوم‬
‫رقم ‪145-82‬املؤرخ يف‪ 10‬أفريل ‪ 1982‬املتعلق ابلصفقات اليت يربمها املتعامل العمومي على أن" صفقات‬
‫املتعامل العمومي عقود مكتوبة حسب مفهوم التشريع الساري على العقود‪ ،‬ومربمة وفق الشروط الواردة يف هذا‬
‫املرسوم قصد إجناز األشغال أو اقتناء املواد واخلدمات‪".‬‬
‫‪ .3‬املرسوم التنفيذي املتضمن تنظيم الصفقات العمومية رقم ‪:343-91‬مل يبتعد املرسوم التنفيذي رقم‪-91‬‬
‫‪ 343‬املؤرخ يف ‪ 09‬نوفمرب ‪ 1991‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية عن سابقيه كثريا وقدمت املادة الثالثة منه‬
‫تعريفا للصفقات العمومية على أن‪ " :‬الصفقات العمومية عقود مكتوبة حسب التشريع الساري على العقود‬
‫ومربمة وفق الشروط الواردة يف هذا املرسوم قصد إجناز األشغال واقتناء املواد واخلدمات حلساب املصلحة املتعاقدة‬
‫‪".‬‬

‫‪ . 1‬لقاموس احمليط‪ ،‬الفريوز آابدي‪ ،‬ابب القاف‪ ،‬فصل الصاد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1993 ،‬ص ‪.1163‬‬
‫‪ . 2‬فاروق حجي مصطفى‪ ،‬مفهوم الصفقة يف لغة الشرع والسياسة‪ ،‬موقع األوان‪،www. Alawma. Org.2006 :‬‬
‫‪ . 3‬األمر رقم ‪ ،90 -67‬املؤرخ يف ‪ 17‬جوان ‪ ،1967‬واملتعلق بنظام الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،52‬لعام ‪.1967‬‬
‫‪9‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫‪.4‬املرسوم الرائسي ‪ 250-02‬املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية املؤرخ يف ‪ 24‬يوليو ‪ :2002‬قدمت املادة‬
‫الثالثة من املرسوم الرائسي رقم ‪ 250-02‬تعريفا للصفقات العمومية على أهنا " ‪:‬الصفقات العمومية عقود‬
‫مكتوبة يف مفهوم التشريع املعمول به‪ .‬تربم وفق الشروط املنصوص عليها يف هذا املرسوم قصد إجناز األشغال‬
‫واقتناء املواد واخلدمات والدراسات حلساب املصلحة املتعاقدة ‪".‬‬
‫ويبدو من خالل النصوص السابقة واليت صدرت يف حقب زمنية خمتلفة بل و يف مراحل اقتصادية‬
‫وسياسية خمتلفة ‪ ،‬مدى إصرار املشرع اجلزائري على إعطاء تعريف للصفقات العمومية وان اختلفت صياغته بني‬
‫مرحلة وأخرى ‪.‬‬
‫ولعل إصرار املشرع اجلزائري على إعطاء تعريف للصفقات العمومية‪ ،‬يعود ابألساس لألسباب التالية‪:‬‬
‫▪ الصفقات العمومية ختضع لطرق ابرام خاصة واجراءات يف غاية من التعقيد ‪ ،‬لذا وجب إعطاء تعريف هلا‬
‫لتمييزها عن ابقي العقود األخرى؛ ّ‬
‫▪ الصفقات العمومية ختضع ألطر رقابية خاصة داخلية وخارجية ؛‬
‫▪ الصفقات العمومية ختول جهة اإلدارة جمموعة من السلطات االستثنائية غري املألوفة يف عقود أخرى‪.‬‬
‫وملا كانت الصفقات العمومية تربم بطرق خاصة وحتكمها إجراءات معقدة وختضع جلهة أنواع كثرية من‬
‫الرقابة‪ ،‬وأنه تتيح جلهة اإلدارة ممارسة مجلة من االمتيازات أو السلطات ‪ ،‬وجب حينئذ وابلنظر هلذه األسباب‬
‫خاصة إعطاء تعريف للصفقات العمومية‪ ،‬حىت يتسىن لنا معرفة العقود‬
‫اليت تربمها جهة اإلدارة واملعنية بطرق اإلبرام وإبجراءاته احملددة تنظيميا واملعنية ابلرقابة احملددة يف قانون الصفقات‬
‫العمومية أبنواعها املختلفة‪ .‬وكذلك معرفة العقود اليت متارس فيها اإلدارة جمموعة من السلطات واالمتيازات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .4‬املرسوم الرائسي رقم ‪ 236-10‬املؤرخ يف ‪ 17‬أكتوبر ‪ :2010‬وعرفها املرسوم الرائسي رقم ‪236 -10‬‬
‫‪ ،‬يف مادته الرابعة على أهنا ‪ " :‬عقود مكتوبة يف مفهوم التشريع املعمول به‪ ،‬تربم وفق الشروط املنصوص عليها يف‬
‫هذا املرسوم قصد إجناز األشغال واقتناء اللوازم واخلدمات والدراسات حلساب املصلحة املتعاقدة‪".‬‬
‫‪ .5‬املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪2015‬‬
‫مث عرفها يف آخر تنظيم للصفقات العمومية مبوجب املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 2 247 -15‬يف مادته الثانية على‬
‫أهنا " عقود مكتوبة يف مفهوم التشريع املعمول به‪ ،‬تربم مبقابل مع متعاملني اقتصاديني وفق الشروط املنصوص‬
‫عليها يف هذا املرسوم‪ ،‬لتلبية حاجات املصلحة املتعاقدة يف جمال األشغال واقتناء اللوازم واخلدمات‬
‫والدراسات "‪.‬‬
‫فباملقارنة بني التعريفات جند أن املرسوم اجلديد قد محل بعض اإلضافات جنملها يف أن ‪:‬‬

‫‪ . 1‬املرسوم الرائسي رقم ‪ ،236 -10‬بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪ ،2010‬املتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد رقم ‪ ،58‬لعام ‪2010‬‬
‫‪ . 2‬مرسوم الرائسي رقم ‪ ،247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ ،2015‬واملتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر العدد ‪ ،50‬لعام ‪.2015‬‬
‫‪10‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ الصفقات العمومية تتم مبقابل‪،‬‬


‫▪ فهي من عقود املعاوضة وامللزمة جلانبني؛‬
‫▪ ذكر التعريف املتعاملني االقتصاديني‪ ،‬وهو ما مل تشر له التعريفات السابقة‪ ،‬فهي إضافة خبصوص اجلانب‬
‫العضوي؛‬
‫كما ثبت عناصر قدمية وردت يف التعريفات الواردة يف تنظيمات الصفقات العمومية السابقة تتمثل يف ‪:‬‬
‫عقود مكت وبة‪ :‬والكتابة هنا ليست التوثيقية اليت تتم عند املوثقني‪ ،‬بل الكتابة اإلدارية املثبتة بواثئق وحمررات‬
‫إدارية موقعة وخمتومة من طرف اجلهة اإلدارية املتعاقدة واملتعامل االقتصادي‪.‬‬
‫أن موضوع الصفقة حمدد يف أنواع أربعة‪ :‬فهو ال خيرج عن صفقة األشغال العمومية واقتناء الوازم واخلدمات‬
‫والدراسات؛‬
‫للصفقة شروط وإجراءات حمددة تتم هبا‪ :‬وذلك يف املرسوم الرائسي‪ ،‬وسنشرحها الحقا ابلتفصيل ‪.‬ولكن‬
‫يعاتب املشرع يف هذا املرسوم على إغفاله للطرف األول يف الصفقة وهي املصلحة املتعاقدة فلم يشر هلا‪ ،‬مع العلم‬
‫أن املادة السادسة من نفس املرسوم الرائسي رقم ‪ ،247 -15‬أشارت للمتعامل العمومي ومل تذكر املؤسسات‬
‫العمومية اخلصوصية إن صح التعبري؛ كاملؤسسات العامة ذات الطابع العلمي والتكنولوجي‪ ،‬واملؤسسات ذات‬
‫الطابع املهين‪ ،‬مما يعين أن هناك عدم توافق وتذبذب بني القانون مبعناه العام وهذا املرسوم‪.‬‬
‫كما أن إصرار املشرع من خالل النصوص اليت صدرت يف فرتات زمنية خمتلفة على تعريف عقد الصفقة‬
‫العامة‪ ،‬يرجع رمبا ذلك لألسباب التالية ‪: -‬‬
‫ابلنظر للطرق اخلاصة يف إبرام الصفقات العمومية وإجراءاهتا املعقدة‪ ،‬ذهب املشرع لتعريفها من أجل متييزها عن‬
‫ابقي العقود األخرى اليت يربمها األشخاص العامون؛‬
‫الطرق الرقابية اخلاصة من الناحية الداخلية واخلارجية؛‬
‫سلطات الشخص العام االستثنائية عندما يربم الصفقة العمومية‪ ،‬واليت ال جندها يف عقود أخرى؛‬
‫عالقة الصفقة العمومية ابملال العام واخلزينة العمومية‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬التعريف القضائي ‪.‬‬
‫إن االجتهاد القض ائي اإلداري يعد مصدرا قانونيا مهما ضمن قائمة املصادر القانونية‪ ،‬حيث أييت بعد‬
‫املصدر التشريعي‪ ،‬فالقاضي اإلداري يلعب دورا ابرزا يف سد ثغرات التشريع مبا يصدره من قرارات قضائية تكون‬
‫حلوال للنزاعات املعروضة عليه ‪.‬‬

‫‪ . 1‬عمار بوضياف‪ ،‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ ،‬دار جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر العاصمة ‪ ،2017،‬ص ص ‪77-76‬‬
‫‪11‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وبناء على ذلك جند أن نظرية العقد اإلداري تعترب نظرية حديثة النشأة نسبيا‪ ،‬ويرجع الفضل يف ذلك إىل‬
‫الدور الرئيسي الذي لعبه القضاء اإلداري الفرنسي ممثال يف جملس الدولة الفرنسي واجتهاداته الكربى ‪ .‬وكما‬
‫ذكران سابقا أن املشرع اجلزائري قد عرف الصفقات العمومية يف خمتلف القوانني املتعلقة هبا‪ ،‬جند القضاء اإلداري‬
‫اجلزائري وهو ينظر يف املنازعات املعروضة عليه تطرق أيضا لتعريف الصفقات العمومية‪ ،‬وإن كان يف احلقيقة ملزما‬
‫ابلتعريف الوارد يف التشريع‪ ،‬إال أن الوظيفة القضائية وخاصة يف القضاء اإلداري تفرض عليه إعطاء تفسري وتوضيح‬
‫عند الغموض لبعض املصطلحات وربطها ابلواقع حمل املنازعة ‪.‬‬
‫وقد ذهب جملس الدولة اجلزائري يف قرار له سنة ‪ ،2002‬إىل القول‪ .... " :‬أن الصفقة العمومية أبهنا‬
‫عقد يربط الدولة ابخلواص حول مقاولة أو إجناز مشروع أو أداء خدمة‪ ،"...‬حيث يبدوا من خالل هذا التعريف‬
‫املقدم من جملس الدولة اجلزائري‪ ،‬أن الصفقة العمومية عالقة عقدية تربط بني الدولة وأحد اخلواص‪ ،‬يف حني أن‬
‫الصفقة العمومية ال يكون أحد أطرافها الدولة فقط‪ ،‬بل قد يكون شخص من أشخاص القانون العام وهذا من‬
‫جهة‪ ،‬ومن جهة اثنية جند أن الصفقة العمومية قد جتمع بني أشخاص القانون العام أو بني شخص من أشخاص‬
‫القانون العام وشخص من أشخاص القانون اخلاص ‪.‬‬
‫وتعود احلكمة يف متتع اإلدارة ابمتيازات وأساليب القانون العام ابألساس إىل اختالف مكانة األطراف‬
‫مقارنة بعقود القانون اخلاص أين يتم التعاقد بني طرفني متساويني يهدف كل منهما حتقيق مصلحة شخصية ‪.‬‬
‫ويؤخذ على هذا التعريف القضائي أنه مل ي شر لعنصر الشكل‪ ،‬مع أن الصفقة العمومية تتم وفق أشكال وإجراءات‬
‫خاصة وحمددة قانوان‪ ،‬ابإلضافة الستعماله مصطلح مقاولة والذي يعترب مصطلح ذو مدلول مدين‪ ،‬يف حني أن‬
‫املشرع عرب عنه مبصطلح األشغال؛ وهو يقصد األشغال العمومية وهي عقد إداري ‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التعريف الفقهي‪:‬‬
‫اب لرغم من الطابع القضائي لنظرية العقد اإلداري‪ ،‬وتقنني املشرع لغالب قواعده‪ ،‬يبقى للفقه دور واضح‬
‫يف تفكيك أجزاء هذه النظرية‪ ،‬ودراسة جوانبها دراسة املتفحص الكاشف للمزااي والعيوب املتعلقة هبا ‪.‬‬
‫كما ال ميكننا أن ننكر العالقة بني العقد اإلداري والعقد املدين من حيث التقائهما يف أن كالمها يعرب‬
‫عن توافق إرادتني هتدفان إىل إحداث أثر قانوين‪ ،‬وهنا كان للفقه دور ابرز يف التفريق بينهما يف كثري من‬
‫اجلوانب واألجزاء ابلتحليل والبيان‪.‬‬
‫ولقد ذكرت تعريفات فقهية عديدة للعقد اإلداري‪ ،‬كان جمملها يعرفه على أنه " ‪:‬العقد الذي يربمه‬
‫شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو مبناسبة تسيريه وتظهر نيته يف األخذ أبسلوب‬
‫القانون العام‪ ،‬وذلك بتضمني العقد شرطا أو شروطا غري مألوفة يف عقود القانون اخلاص وأتسيسا على ذلك‬
‫اعتمد الفقه يف وضع معايري للعقد اإلداري متثلت يف‪:‬‬
‫▪ املعيار العضوي ‪ :‬أن يكون أحد أطراف العالقة العقدية شخص من أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ املعيار املوضوعي ‪ :‬أن يكون موضوع العقد متعلق إبدارة وتسيري مرفق عام ‪.‬‬
‫▪ معيار إتباع أساليب القانون العام ‪ :‬ال يكفي وجود أحد أشخاص القانون العام طرفا يف العقد‪ ،‬بل‬
‫ينبغي أيضا أن يكشف هذا الشخص العام عن رغبته يف استخدام وسائل وأساليب القانون العام عند تعاقده‬
‫‪ ،‬كأن ينص يف العقد على حقه يف التعديل املنفرد لبنوده‪ ،‬أو يف الفسخ ابإلرادة املنفردة أو غريها من البنود‬
‫الغري مألوفة يف قواعد القانون اخلاص‪.‬‬
‫وبتوافر هذه املعايري ينبغي اعتبار الرابطة العقدية عقدا إداراي‪.‬وهي املعايري ذاهتا أيضا العتبار العقد‬
‫صفقة عمومية‪ ،‬مع فارق يتمثل يف أن الصفقات العمومية حمددة من حيث أنواعها يف قانون الصفقات‬
‫العمومية على سبيل احلصر‪ ،‬وما خرج عن ذلك يعد عقدا إداراي‪ ،‬وابلتايل فكل صفقة هي عقد إداري‬
‫وليس كل عقد إداري هو صفقة عمومية‪.‬‬

‫احملور الثالث‪ :‬معايري حتديد الصفقات العمومية‪:‬‬


‫ليست مجيع العقود اليت تربمها اإلدارة العامة تدخل ضمن دائرة الصفقات العمومية ‪ ،‬لذا من األمهية‬
‫مبكان حتديد املعايري اليت على أساسها ميكن تكييف عقد اإلدارة العامة على أنه صفقة عمومية‪ ،‬وعليه تتمثل‬
‫معايري حتديد الصفقة العمومية يف عدة معايري تتمثل يف‪:‬‬
‫أوال‪:‬املعيار العضوي‪ :‬يعترب من أبرز املعايري اليت أخذ هبا القضاء اإلداري الفرنسي يف حتديد الصفقات العمومية‪،‬‬
‫ومبوجبه يتم النظر إىل أطراف العقد دون االعتداد مبوضوعه ‪ ،‬فان كان أحدمها من األشخاص املعنوية العامة اليت‬
‫حددها املشرع صراحة يف صلب املرسوم الرائسي رقم ‪ ،247-15‬فانه يتعني إبرامه عن طريق عقود الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وهذا ما نصت علية املادة السادسة ‪ ،‬حيث حددت على سبيل احلصر اجلهات اليت تربم عقودها مع‬
‫املتعاملني االقتصاديني عن طريق الصفقات العمومية وهي‪:‬‬
‫▪ الدولة؛‬
‫▪ اجلماعات اإلقليمية؛‬

‫‪13‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ املؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري؛‬


‫▪ املؤسسات العمومية اخلاضعة للتشريع الذي حيكم النشاط التجاري عندما تكلف ابجناز عملية ممولك كليا أو‬
‫جزئيا مبسامهة مؤقتة أو هنائية من الدولة أو من اجلماعات اإلقليمية؛‬
‫▪ كما أضافت املادة العاشرة من املرسوم نفسه‪ ،‬الصفقات العمومية املربمة من طرف صاحب مشروع منتدب‬
‫ابسم وحلساب صاحب مشروع تطبيقا التفاقية إشراف منتدب ‪ ،‬وأدرجتها ضمن طائفة العقود اليت ختضع‬
‫ألحكام هذا القانون‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن املشرع قد استبعد صراحة طائفة من العقود من جمال تطبيق أحكام الباب األول من املرسوم‬
‫الرائسي رقم ‪ 247-15‬السالف الذكر ‪ ،‬واملتمثلة يف‪:‬‬
‫▪ العقود املربمة من طرف اهليئات واإلدارات العمومية واملؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري فيما بينها‪.‬‬
‫▪ العقود املربمة مع املؤسسات العمومية اخلاضعة للتشريع الذي حيكم النشاط التجاري عندما تزاول هذه‬
‫املؤسسات نشاطا ال يكون خاضعا للمنافسة‪.‬‬
‫▪ العقود املتعلقة ابإلشراف املنتدب على املشاريع‪.‬‬
‫▪ العقود املتعلقة ابقتناء أو أتجري أراض أو عقارات‪.‬‬
‫▪ العقود املربمة مع بنك اجلزائر‪.‬‬
‫▪ العقود املتعلقة خبدمات الصلح والتحكيم‬
‫▪ العقود املربمة مبوجب إجراءات املنظمات واهليآت الدولية أو مبوجب االتفاقات الدولية ‪ ،‬عندما يكون ذلك‬
‫مطلواب‬
‫▪ العقود املتعلقة خبدمات الصلح والتحكيم‬
‫▪ العقود املربمة مع حمامني ابلنسبة لعقود املساعدة والتمثيل‬
‫▪ العقود املربمة مع هيآت مركزية للشراء خاضعة لقانون الصفقات ‪ ،‬وتتصرف حلساب املصاحل املتعاقدة‬
‫مالحظة‬
‫إن ما ميز املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬السالف الذكر أنه قام من خالل املادة ‪06‬منه‬
‫ابستبدال عبارة اإلدارات العمومية اليت كان منصوص عليها يف املادة ‪ 02‬من املرسوم الرائسي رقم ‪-10‬‬
‫‪ 236‬بعبارة " الدولة ‪". -‬‬
‫▪ استبدال عبارة الوالية والبلدية بعبارة " اجلماعات اإلقليمية‪".‬‬
‫▪ حذف اهليئات الوطنية املستقلة‪ ،‬مراكز البحث والتنمية‪ ،‬املؤسسات ذات الطابع العلمي‬
‫والتكنولوجي‪....‬‬

‫‪14‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ إضافة عبارة ممولة من الدولة واجلماعات اإلقليمية يف حني كان يقتصر سابقا على التمويل من لدولة‬
‫فقط‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬املعيار الشكلي‬
‫إن املشرع اجلزائري من خالل املادة ‪ 02‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬ثبت على مبدأ واحد‬
‫وهو" أن الصفقات العمومية عقود مكتوبة يف مفهوم التشريع املعمول به‪ ،‬تربم مبقابل مع املتعاملني االقتصاديني‬
‫وفق الشروط املنصوص عليها يف هذا املرسوم‪ ، "...‬ولعل سبب اشرتاط الكتابة والتأكيد عليها يف خمتلف قوانني‬
‫الصفقات العمومية يرجع لكون الصفقات العمومية أداة لتنفيذ خمططات التنمية الوطنية واحمللية وأداة لتنفيذ‬
‫خمتلف الربامج االستثمارية‪ ،‬وعليه فان الكتابة شرط الزم النعقاد الصفقات العمومية‪ ،‬على اعتبار أن ذلك‬
‫يتماشى مع مقتضيات العمل اإلداري‪ ،‬ويكتسي أمهية ابلغة يف اإلثبات ‪ ،‬كما أن النفقات الضخمة اليت تصرف‬
‫يف الصفقات العمومية تستدعي الكتابة ‪.‬كما ال يفوتنا أن ننوه هنا إىل أن الكتابة تتعلق ابلعقد اإلداري الذي‬
‫يثبت العقد املربم بني املصلحة املتعاقدة واملتعامل االقتصادي‪.‬‬
‫اثلثا‪:‬املعيار املوضوعي‪:‬‬
‫ونقصد به حمل العقد أو موضوع اخلدمة أو الصفقة اليت يقدمها املتعاقد مع اإلدارة‪.‬‬
‫يتمثل يف موضوع الصفقات العمومية حسب املادة ‪ 29‬يف‪:‬‬
‫▪ إجناز األشغال ‪ :‬حيث تلجأ املصلحة املتعاقدة إىل إبرام عقودها عن طريق الصفقات العمومية اذا تعلق األمر‬
‫ابجناز منشأة أشغال‪ ،‬أو أشغال بناء أو هندسة مدنية من طرف املقاول‪ ،‬كما تشمل بناء أو جتديد أو صيانة أو‬
‫أتهيل أو هتيئة‪ ،‬أو ترميم أو إصالح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها ‪ ،‬مبا يف ذلك التجهيزات املرتبطة هبا‬
‫الضرورية الستغالهلا‬
‫▪ اقتناء اللوازم‪ :‬تلجأ املصلحة املتعاقدة إىل إبرام النوع ذاته من العقود عندما يتعلق موضوع العقد ابقتناء أو إجيار‬
‫أو بيع ابإلجيار خبيار أو بدو خيار الشراء‪ ،‬من طرفها لعتاد أو مواد مهما كان شكلها‪ ،‬موجهة لتلبية احلاجات‬
‫املتصلة بنشاطها لدى مورد‪ ،‬مبا يف ذلك أشغال وضع وتنصيب اللوازم شريطة عدم جتاوز مبالغ تلك األشغال قيمة‬
‫هذه اللوازم‪.‬‬
‫▪ إجناز الدراسات‪ :‬ويف هذا الصدد حدد املشرع اجلزائري موضوع صفقة اجناز الدراسات ‪ ،‬حيث أشارت الفقرة‬
‫العاشرة من املادة ‪ 29‬من قانون الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام ’ على أهنا" عقود تنصب على اجناز‬
‫خدمات فكرية‪ ،‬أو اجناز مهمات املراقبة التقنية أو اجليو التقنية واإلشراف ومساعدة صاحب املشروع املرتبطة‬
‫بصفقات األشغال العامة‪ ،‬عن طريق صفقات اجناز الدراسات‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ تقدمي اخلدمات‪ :‬تعد صفقة اخلدمات من الصفقات العمومية احملددة بنص القانون ‪ ،‬حيث تربمها املصلحة‬
‫املتعاقدة مع أحد املتعاملني االقتصاديني من أجل تقدمي خدمات حمددة يف دفرت الشروط‪ ،‬كما اعترب املشرع أن كل‬
‫صفقة ختتلف عن صفقات األشغال واقتناء اللوازم واجناز الدراسات هي صفقة عمومية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املعيار املايل‪ :‬لن ختضع اإلدارة ألحكام تنظيم الصفقات إذا تعلق األمر مببلغ بسيط‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫العقود اإلدارية اليت تربمها اإلدارة العامة ليست كلها صفقات عمومية‪ ،‬حيث جاء يف املادة ‪ 13‬من املرسوم‬
‫الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬أن كل صفقة عمومية يساوي فيها املبلغ التقديري حلاجات املصلحة املتعاقدة هو‬
‫العقود اخلاصة ابألشغال واللوازم ‪:‬إذا كانت الصفقة العمومية يساوي فيها املبلغ التقديري حلاجات املصلحة‬
‫املتعاقدة" ‪ " 12.000.000‬دج‪.‬‬
‫▪ العقود اخلاصة ابلدراسات واخلدمات ‪:‬إذا كانت الصفقة العمومية يساوي فيها املبلغ‬
‫▪ التقديري حلاجات املصلحة املتعاقد" ‪ 6000.000‬دج" ‪.‬‬
‫▪ إن املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬قد رفع احلد املايل للصفقة العمومية بشكل كبري مقارنة مع املرسوم‬
‫الرائسي رقم‪236 - 10‬من خالل املادة ‪ 06‬منه الذي كان حيدد املبلغ ب ‪ 8000.000‬دج ابلنسبة‬
‫لصفقات األشغال واللوازم‪ ،‬و ‪ 4000.000‬دج لصفقات الدراسات واخلدمات‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬معيار البند غري املألوف‪ :‬لكي نعترب العقد الذي تربمه اإلدارة عقدا إداراي عموما‪ ،‬أو صفقة عمومية‬
‫خصوصا‪ ،‬البد من تضمينه شروطا استثنائية غري مألوفة يف عقود القانون اخلاص‪ ،‬ويرجع سببها إىل متكني‬
‫اإلدارة من حتقيق األهداف املرجوة من وراء تعاقدها تلبية حلاجيات عامة لألفراد وحتقيقا ملصلحة عامة‪.‬‬
‫واملتمعن يف تنظيمات الصفقات العمومية املختلفة‪ ،‬جيد أن املشرع قد ضمنها بعض هذه البنود الغري‬
‫مألوفة‪،‬واليت تعترب امتيازات وسلطات متنح لإلدارة يف مواجهة املتعامل املتعاقد معها‪.‬‬
‫ومن هذه االمتيازات والسلطات؛ سلطة الفسخ ابإلرادة املنفردة لإلدارة‪ ،‬فنجد املرسوم الرائسي رقم‬
‫‪ 247-15‬يف مادته ‪ 149‬قد نص على " ‪:‬إذا مل ينفذ املتعاقد التزاماته توجه له املصلحة املتعاقدة اعذارا‬
‫ليفي ابلتزاماته التعاقدية يف أجل حمدد وإذا مل يتدارك املتعاقد تقصريه يف األجل الذي حدده اإلعذار املنصوص‬
‫عليه أعاله فإن املصلحة املتعاقدة ميكنها أن تقوم بفسخ الصفقة العمومية من جانب واجد وميكنها كذلك‬
‫القيام بفسخ جزئي للصفقة‪".‬‬
‫ونصت املادة ‪ 150‬من نفس املرسوم على أنه " ‪:‬ميكن للمصلحة املتعاقدة القيام بفسخ الصفقة من‬
‫جانب واحد عندما يكون مربرا بسبب املصلحة العامة حىت بدون خطأ املتعامل املتعاقد‪".‬‬
‫فنالحظ أن املصلحة املتعاقدة ميكنها فسخ العقد إبرادهتا املنفردة ودون تقصري من املتعامل معها إذا‬

‫‪16‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫دعت املصلحة العامة ذلك‪.1‬‬


‫احملور الرابع‪ :‬أنواع الصفقات العمومية‪.‬‬
‫تتمثل أنواع الصفقات العمومية حسب املادة ‪ 29‬يف صفقة إجناز األشغال العامة‬
‫وصفقة إقتناء اللوازم‪ ،‬وصفقة إجناز الدراسات وصفقة تقدمي اخلدمات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬صفقة إجناز األشغال العامة‪:‬‬
‫هتدف إىل إجناز منشآت أو أشغال بناء أو هندسة مدنية من طرف مقاول يف ظل احرتام احلاجيات‬
‫اليت حتددها املصلحة املتعاقدة صاحبة املشروع‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬صفقة إقتناء اللوازم‪:‬‬
‫على غرار عقد التوريد فاإلدارة اجلامعية تقوم مثال بعقد توريد بينها وبني أحد اخلبازين أو ابئعي اخلضر‬
‫أو ابئعي اللحوم‪ ،‬فاملتعهد أو الطرف الذي أبرمت معه اجلامعة العقد ملزم أبن يضع حتت تصرفها املادة حمل‬
‫التعاقد حىت تقوم مبهمتها يف إطعام الطلبة‪.‬‬
‫فعقد التوريد أتفاق بني اإلدارة وأحد األشخاص بقصد متوينها وتزويدها ابحتياجاهتا من املنقوالت‬
‫وذلك مبقابل تلزم بدفعه بقصد حتقيق مصلحة عامة‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬صفقة إجناز الدراسات‪:‬‬


‫اتفاق بني اإلدارة املتعاقدة وشخص آخر يلزم مبقتضاه إبجناز دراسات حمددة يف العقد لقاء مقابل تلزم اإلدارة‬
‫بدفعه لتحقيق مصلحة عامة كأن يتعلق األمر بعقد جيمع بني مديرية السكن ومكتب دراسات هندسة بغرض‬
‫إجناز تصاميم هندسة جملموعات سكنية تريد اإلدارة املعنية إقامتها‬
‫رابعا‪ :‬صفقة تقدمي اخلدمات‪:‬‬
‫إنفاق بني اإلدارة املتعاقدة وشخص آخر بقصد توفري خدمة معينة لإلدارة املتعاقدة تتعلق بتسيري املرفق‬
‫لقاء مقابل مايل‪.‬‬
‫احملور اخلامس ‪:‬املبادئ اليت تقوم عليها إجراءات إبرام الصفقات العمومية‬
‫خيضع إبرام الصفقات العمومية إىل جمموعة من املبادئ العامة اليت يفرضها تنظيم الصفقات العمومية‪،‬‬
‫حيث تتمثل هذه املبادئ يف مبدأ حرية املنافسة ومبدأ املساواة بني املتنافسني‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياف‪ ،‬شرح تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪138‬‬


‫‪17‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أوال‪ :‬مبدأ حرية املنافسة‪:‬‬


‫يقصد به فتح اجملال لألشخاص الطبيعية واملعنوية الذين تتحقق فيهم الشروط‬
‫املطلوبة التقدم بعروضهم أمام إحدى اهليئات املؤهلة قانوان إلبرام الصفقات العمومية وفق الشروط اليت تضعها‬
‫وحتددها مسبقا‪ ،‬فقد جاء املبدأ متماشيا مع مبدأ حرية الصناعة والتجارة‪ ،‬ويتجسد مبدأ حرية املنافسة من‬
‫خالل آلية اإلعالن‪ ،‬ويتم اإلعالن عن طريق‪:‬‬
‫▪ اإلشهار الصحفي الذي ورد بصيغة اإللزام من خالل املرسوم الرائسي رقم ‪.247-15‬‬
‫▪ إن القانون قد مينع بعض األشخاص من املشاركة يف طلبات تقدمي العروض للمناقصات العمومية مما جيعل‬
‫من ذلك استثناء من مبدأ حرية املنافسة‪ ،‬وهي قيود يفرضها املشرع ويرتتب على تطبيقها منع املعنيني هبا من‬
‫املشاركة يف الصفقات العمومية‪ ،‬حيث منعت املادة ‪ 75‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15-‬جمموعة من‬
‫األشخاص من املشاركة بسبب خمالفة ارتكبوها حيث نصت " يقصى بشكل مؤقت أو هنائي من املشاركة يف‬
‫الصفقات العمومية املتعاملون االقتصاديون الذين‪:‬‬
‫▪ رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ آجال صالحية العروض‪.‬‬
‫▪ الذين هم يف حالة إفالس أو تصفية أو توقف عن النشاط أو التسوية القضائية أو الصلح‪.‬‬
‫الذين كانوا حمل حكم قضائي حاز قوة الشيء املقضي فيه بسبب خمالفة متس بنزاهتهم املهنية‪.‬‬ ‫▪‬
‫الذين ال يستوفون واجباهتم اجلبائية‪.‬‬ ‫▪‬
‫الذين قاموا بتصريح كاذب‪.‬‬ ‫▪‬
‫الذين كانوا حمل إدانة بسبب خمالفة خطرية للتشريع والعمل والضمان االجتماعي‪.‬‬ ‫▪‬

‫اثنيا‪ :‬مبدأ املساواة بني املتنافسني‪:‬‬


‫يقتضي هذا املبدأ أبن كل من ميلك حق املشاركة يف الصفقات املعلن عنها أن يتقدم على قدم املساواة‬
‫مع ابقي املتنافسني‪.‬‬
‫والنتيجة املرتتبة عن هذا املبدأ أنه ال جيوز للمصلحة املتعاقدة أن تلجأ إىل وسائل للتمييز بني‬
‫املتقدمني‪ ،‬كما ال جيوز هلا أن متنح امتيازات أو تضع عقبات عملية أمام املتنافسني سواء كانت وسائل التمييز‬
‫إجرائية أو واقعية‪.‬‬
‫إن املشرع اجلزائري قد خرج عن هذا املبدأ وأورد عليه استثناء مفاده التمييز بني املتسابقني الوطنيني‬
‫واحملليني حبيث جعل األفضلية يف بعض احلاالت للمشاركني الوطنيني‪ ،‬وذلك ما نصت عليه املادة ‪ 83‬من‬
‫املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬واليت نصت " مينح ‪ -‬هامش األفضلية بنسبة ‪ %25‬للمنتجات ذات‬

‫‪18‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫املنشأ اجلزائري أو للمؤسسات اخلاضعة للقانون اجلزائري اليت حيوز أغلبية رأس ماهلا جزائريون مقيمون فيما خيص‬
‫مجيع أنواع الصفقات‪".‬‬
‫إن هذا احلكم مستحدث يف املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬ومل يعرف يف املرسوم الرائسي رقم ‪-10‬‬
‫‪ 236‬حيث أن هذا األخري ألزم يف املادة ‪ 54‬منه املصلحة املتعاقدة ابللجوء إىل املناقصة الوطنية عندما يكون‬
‫املنتج الوطين قادرا على االستجابة خلدماهتا‪ ،‬وهبذا تغنيه عن املنافسة األجنبية‪.‬‬
‫إن املادة ‪ 87‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬قد منحت األفضلية للمؤسسات الصغرية‬
‫واملتوسطة يف حاالت حمددة وهو نص مستحدث مل يعرف من قبل‪.‬‬
‫إن املادة ‪ 54‬من املرسوم الرائسي رقم‪ 247-15‬حينما حددت معايري انتقاء املرتشحني واليت تقابلها‬
‫املادة ‪ 36‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ،236-10‬فان املرسوم الرائسي رقم‪ 247-15‬أضاف فقرة مستحدثة‬
‫مفادها أال يتم وضع معايري انتقاء املرتشحني على أساس متييزي ويف ذلك تكريس ملبدأ املساواة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬مبدأ شفافية اإلجراءات‪:‬‬
‫إن مفهوم الشفافية من املفاهيم املتطورة واحلديثة يف اجملال اإلداري‪ ،‬وقد أخذت هبا املنظمات اإلدارية يف‬
‫العامل ملا هلا من دور يف معاجلة املشاكل اإلدارية املتعددة من جهة‪ ،‬ولديناميكيتها يف إحداث تنمية إدارية شاملة‬
‫تهدف لقيام إدارة ناجحة ومتطورة من جهة ثانية‪.‬‬
‫إن الشفافية عكس السرية والغموض؛ وهي وسيلة فعالة ملكافحة الفساد وحتقيق التنمية والتطور واحلكم‬
‫الراشد‪.‬‬
‫الشفافية لغة؛ هي من الفعل" شف " كقوهلم ‪:‬شف الثوب إذا رق حىت يصف جلد البسه‪ ،‬والشف‬
‫والشف ‪:‬الثوب الرقيق ما يرى وراءه‪. 1‬‬
‫وإذا أردان تعريفها اصطالحا نظران للمجال املراد تعريف الشفافية فيه‪ ،‬وقد كانت هلا تعريفات عديدة‬
‫يف جمالنا ومنها " ‪:‬هي عملية وضوح ما تقوم به املؤسسات العامة‪ ،‬ووضوح عالقاهتا مع املواطنني‪ ،‬أبن تكون‬
‫إجراءاهتا تتميز ابلعالنية املؤدية لتحقيق الغاايت واألهداف املرجوة‪ ،‬سواء كان ذلك يف املؤسسات احلكومية أو‬
‫غري احلكومية‪ ،" 2‬فمن حق املواطنني أن يعرفوا كل املسائل املتعلقة مبراكزهم القانونية‪ ،‬وعلى اإلدارة أن تكون‬
‫معهم صرحية يف املعلومات اليت ختصهم‪ ،‬وال تتذرع حبجة السر املهين إال يف احلدود اليت رمسها القانون‪.‬‬
‫إن أمهية مبدأ الشفافية يف التنظيم الصفقات العمومية ال ميكن حصره يف جانب أو مظهر واحد متعلق‬
‫ابلصفقة العمومية‪ ،‬ذلك أنه أحد آليات مكافحة الفساد‪ ،‬وهو أهم الدعائم اليت تقوم عليها التنمية الشاملة‬

‫‪ . 1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار املعار‪ ،‬القاهرة‪ ، 1982 ،‬ص‪101.‬‬


‫‪. 2‬أنظر‪:‬‬
‫سعيد علي الراشدي‪ ،‬اإلدارة ابلشفافية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار كنوز للمعرفة‪ ،‬عمان ‪ ، . 2008‬ص ‪، 15‬‬ ‫‪-‬‬
‫فايزةعمايدية‪ ،‬مبدأ الشفافية يف الصفقات العمومية‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ، 2013 ،‬ص‪13‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪19‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫واملستدامة لذلك حرص املشرع على تثبيت مبدأ الشفافية ضمن املبادئ العامة لتنظيم الصفقات العمومية يف‬
‫املرسوم رائسي رقم ‪ ،247-15‬وليبني لنا أن مبدأ الشفافية يدعم املبادئ العامة األخرى لتنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬سواء من حيث مبدأ حرية الوصول للطلبات العمومية) حرية املنافسة(‪ ،‬أو مبدأ املساواة يف معاملة‬
‫املرتشح ين العارضني‪.‬‬

‫احملور السادس‪ :‬طرق إبرام الصفقات العمومية‬


‫إن إبرام الصفقة العمومية مرحلة مهمة يف مسار انعقادها‪ ،‬لذلك فإهنا تكون وفق آليات معينة وحمددة‪،‬‬
‫سواء متت إبجراءات طويلة ومعقدة كما هو احلال يف أسلوب طلب العروض‪ ،‬أو متت وفق إجراءات بسيطة‬
‫ومباشرة كما هو احلال يف أسلوب الرتاضي‪.‬‬
‫و ابلرجوع لنص املادة التاسعة والثالثون من املرسوم الرائسي رقم‪ ، 247-15‬وحتديدا القسم األول من‬
‫الفصل الثالث‪ ،‬جند أن املشرع قد بني كيفيات إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬حيث حصرها يف قوله " ‪:‬تربم الصفقات‬
‫العمومية وفقا إلجراء طلب العروض الذي يشكل القاعدة العامة‪ ،‬أو وفق إجراء الرتاضي‪".‬‬
‫فاملصلحة املتعاقدة إذن مقيدة هباذين األسلوبني؛ أسلوب طلب العروض وهو القاعدة العامة واألصل الذي‬
‫يعد مبثابة الدعوة للمنافسة‪ ،‬وكذلك جتسيدا ملبدأ الشفافية واملساواة بني العارضني‪ ،‬وأسلوب الرتاضي‬
‫وهو االستثناء على القاعدة‪ ،‬الذي يؤكدها وال ينفيها‪.‬‬

‫أوال ‪:‬طلب العروض " املناقصة"‪:‬‬


‫أوىل املشرع ألسلوب طلب العروض أمهية خاصة يف قانون الصفقات العمومية‪ ،‬فخصص له كما معتربا من‬
‫املواد‪ ،‬ساعيا فيها على حتقيق التوفيق بني االعتبارين املايل والفين‪.‬‬
‫واملتتبع لتشريعات الصفقات العمومية يالحظ أن املشرع مل يثبت على استعمال مصطلح واحد فيما‬
‫يتعلق أبسلوب التعبري األهم والقاعدة العامة يف كيفية إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬حيث جاءت أحياان‬
‫مستعملة ملصطلح" املناقصة"‪ ،‬وأحياان أخرى مصطلح" طلب العروض"‪ ،‬وأحياان مصطلح" دعوة للمنافسة‪".‬‬
‫واستعمال املشرع ملصطلح "املناقصة "يوحي أبن معيار املفاضلة بني املتنافسني يكون على أساس املعيار‬
‫املايل وحده؛ أي الذي يقدم أقل مثن‪ ،‬وهو ما كرسه األمر ‪ ، 90-67‬والذي جعل املناقصة تقوم على املعيار‬
‫املايل دون سواه‪ ،‬وكانت غالب تنظيمات الصفقات العمومية تعرب مبصطلح " املناقصة"‪ ،‬إال املرسوم ‪- 82‬‬
‫‪145‬والذي عرب فيه املشرع مبصطلح " دعوة للمنافسة "وهو مصطلح دقيق ومعرب على الصفقة العمومية‪ ،‬إىل‬

‫‪20‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أن جاء املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬والذي نص يف املادة ‪ 39‬منه مبصطلح " طلب العروض"‪ ،‬وهو‬
‫أيضا مصطلح دقيق ومعرب أكثر من مصطلح "املناقصة‪".‬‬
‫‪ .1‬تعريف طلب العروض‪:‬طبقا ألحكام املادة ‪ 93‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 15 - 247‬فإن طلب‬
‫العروض أهم طريق الختيار املتعامل املتعاقد مع املصلحة املتعاقدة على أساس أنه القاعدة العامة واألصل‪،‬‬
‫وابلرجوع للنص الفرنسي يف املرسوم جنده ينص على‪:‬‬
‫‪« Les marches publics sont passés selon la procédure d’appel‬‬
‫» ‪d’offres‬‬
‫أي أن املصطلح هو "‪ "L’appel d’offres‬والذي يعين " طلب العروض " مما جيعل هذه الرتمجة‬
‫تستقيم واملصطلح ابللغة العربية‪ ،‬والذي يتمثل يف أسلوب من أساليب التعاقد اإلداري يتيح للمصلحة املتعاقدة‬
‫حرية اختيار املتعاقد معها يف إطار من املنافسة دون التزامها مببدأ آلية اإلرساء‪ ، 1‬يف حني أن املبدأ الذي مييز‬
‫مصطلح "املناقصة " املستعمل سابقا‪ ،‬يتمثل يف أنه وسيلة أو آلية لإلرساء على العطاء األقل مثنا‪ 2‬وجاءت‬
‫املادة األربعون من املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬مبينة اهلدف من طلب العروض‪ ،‬وأن مبدأ "العرض األفضل "‬
‫هو املعيار املعتمد لالنتقاء بقوهلا " ‪:‬طلب العروض هو إجراء يستهدف احلصول على عروض من عدة متعهدين‬
‫متنافسني مع ختصيص الصفقة دون مفاوضات للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من حيث املزااي االقتصادية‬
‫استنادا ملعايري اختيار موضوعية تعُد قبل إطالق اإلجراء‪ ".‬ليكون املشرع بذلك قد ضبط مصطلح العروض‬
‫ضبطا دقيقا‪ ،‬حبيث جعل املعيار املعتمد يف إسناد الصفقة‪ ،‬هو " العرض األفضل " ‪ ،‬ولذلك منح للمصلحة‬
‫املتعاقدة سلطة تقديرية يف اجلمع بني أكثر من معيار لالنتقاء‪ ،‬فليس ابلضرورة أن يكون األقل مثنا‪.‬‬
‫‪ .2‬أشكال طلب العروض‪ :‬ابلنظر إىل أن الصفقات العمومية عقد من العقود اإلدارية املرتبطة ابخلزينة العمومية‬
‫وخمططات التنمية‪ ،‬فإن المشرع قد خصها بقواعد وطرق خاصة إلبرامها‪ ،‬وجعل الغدارة ملزمة بشرط‬
‫الصفقة إذا توافرت شروطها ‪.‬‬
‫إال أن املشرع وإن كان قد وضع قواعد خاصة‪ ،‬مث حدد أساليب لإلبرام كما ذكرت سابقا‪ ،‬فإنه قد‬
‫أعطى جماال من احلرية للمصلحة املتعاقدة يف اختيار األسلوب والطريقة اليت تراها مناسبة هلا حبسب طبيعة العقد‬
‫ومالبساته‪ ،‬وتكون بذلك مسؤولة عن اختياراهتا حني ختتار طريقة دون أخر‪ ،‬وخاصة عند اختيار األسلوب‬
‫االستثنائي واملتمثل يف الرتاضي على أسلوب طلب العروض‪.‬‬
‫ولقد بينت املادة ‪ 42‬من املرسوم الرائسي ‪ 247-15‬أشكال طلب العروض بقوهلا " ‪:‬ميكن أن يكون‬
‫طلب العروض وطنيا أو ‪ /‬دوليا‪ ،‬وميكن أن يتم حسب أحد األشكال اآلتية‪:‬‬

‫‪ . 1‬واملقصود هبذا املبدأ؛هو التزام املصلحة املتعاقدة مبنح الصفقة للمتعامل الذي يقدم أقل عطاء‪ ،‬أي أقل سعر‪.‬‬
‫‪ . 2‬لباد انصر‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬لباد ‪ ، Editeur‬سطيف‪ ، 2004 ،‬ص‪434‬‬
‫‪21‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫طلب العروض املفتوح‪.‬‬


‫طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا‪.‬‬
‫طلب العروض احملدود‪.‬‬
‫املسابقة‬
‫طلب العروض املفتوح"‪:'appel d'offres ouvert " :‬‬
‫وقد ذهبت املادة ‪ 43‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬إىل تعريفه بقوهلا "‪:‬طلب العروض املفتوح‬
‫هو إجراء ميكن من خالله أي مرتشح مؤهل أن يقدم تعهدا ‪".‬وهو تقريبا نفس التعريف يف املرسوم الرائسي رقم‬
‫‪ 236-10‬يف مادته التاسعة والعشرون‪.‬‬
‫فطلب العروض املفتوح يكفل لكل عارض توفر فيه الشروط اليت حتددها املصلحة املتعاقدة من خالل‬
‫إعالن الصفقة‪ ،‬مما يعين العارض املؤهل ال كما توحي عبارة مفتوح‪ ،‬فتكون املنافسة مفتوحة بني العارضني‬
‫املؤهلني الذين تتوفر فيهم الشروط‪ ،‬دون إقصاء أو متييز أو انتقاء‪.‬‬
‫كأن تعلن الوالية عن إجناز مساكن لصاحل أساتذة اجلامعة يف الوالية‪ ،‬وجعلت شروطا عامة لكل‬
‫متعامل قادر ومشتغل مبجال البناء واألعمار‪ ،‬وحاصل على تصنيف الدرجة األوىل‪ ،‬مما يتضح لنا من هذه‬
‫الشروط أن طلب العروض مفتوح‪ ،‬حبيث مل تشرتط فيه شروط خاصة‪.‬‬
‫طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا‪.‬‬
‫‪L'appel d'offres ouvert avec exigence de capacités minimale‬‬
‫املتتبع لتنظيمات الصفقات العمومية سيجد أن هذا املصطلح قد استعمله املشرع ألول مرة يف هذا‬
‫املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬ومل يذكر قبلها يف التشريعات املتالحقة للصفقات العمومية‪ ،‬وقد عرفتها‬
‫املادة ‪ 44‬من هذا املرسوم بقوهلا " ‪:‬طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا هو إجراء يسمح فيه‬
‫لكل املرتشحني الذين تتوافر فيهم بعض الشروط الدنيا املؤهلة اليت حتددها املصلحة املتعاقدة مسبقا قبل إطالق‬
‫اإلجراء بتقدمي تعهد وال يتم انتقاء قبلي للمرتشح ين من طرف املصلحة املتعاقدة‪".‬‬
‫وذهبت الفقرة الثانية من نفس املادة إىل بيان طبيعة الشروط اليت تشرتطها املصلحة املتعاقدة‪ ،‬وصنفتها‬
‫إىل ثالثة أصناف متعلقة بقدرات كالتايل‪:‬‬
‫‪-‬قدرات تقنية ‪:‬وتتمثل يف الوسائل اليت ميلكها املتعامل واليت ستخصص لتنفيذ موضوع الصفقة‪ ،‬واليت‬
‫تتناسب والشروط التقنية احملددة يف إعالهنا‪ ،‬كطلب نسخة من التسجيل اجلبائي‪.‬‬
‫‪-‬قدرات مالية ‪:‬واليت قد تكون مادية وبشرية طلبتها املصلحة املتعاقدة يف إعالهنا‪ ،‬كعدد اآلليات‬
‫املتوفرة يف صفقة أشغال مثال‪.‬‬
‫‪-‬قدرات مهنية ‪:‬كالواثئق اليت تثبت ال كفاءة والقدرة املهنية للعارض‪ ،‬كطلب شهادة حسن اإلجناز‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أو شهادات التأهيل املتنوعة‪.‬‬


‫وجتدر اإلشارة إىل أن طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا يقابله يف املرسوم الرائسي رقم‬
‫‪ ،236-10‬املناقصة احملدودة‪ ،‬واليت عرفها املشرع يف املادة ‪ 30‬منه على أهنا ‪ ":‬إجراء ال مسح فيه بتقدمي‬
‫تعهد إال للمرتشحني الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا املؤهلة اليت حتددها املصلحة املتعاقدة مسب ًقا ( "‬
‫ومن خالل اسم" طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا" يتبني أن هناك قدرات ومؤهالت خاصة‬
‫تطلب يف العارض أو املرتشح‪ ،‬مما يؤكد أن هذه العمليات تتميز بتعقيد‪ ،‬لذلك منح املشرع للمصلحة‬
‫املتعاقدة أن حتدد من املعايري ما تراه مناسبا خلدمة الصفقة وحتقيقها‪ ،‬وتعلن عن ذلك يف إعالن طلب‬
‫العروض ‪.‬ومن أمثلة ذلك أن تعلن بلدية من البلدايت عن طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات‬
‫دنيا إلجناز أشغال تتعلق بتهيئة شبكات الغاز أو املاء يف البلدية‪ ،‬وفتحت املنافسة للمتعاملني احلائزين على‬
‫الدرجة الثالثة يف جمال األشغال العامة‪ ،‬أو حيازة شهادة التخصص والتصنيف املهنيني كأصل عام‪ ،‬وعادة‬
‫ما تدخل ضمن الفئة ب و ج احملددة يف القرار الوزاري املشرتك املؤرخ يف ‪ 15‬ماي ‪.11985‬‬

‫طلب العروض احملدود"‪" L'appel d'offres restreint :‬‬


‫عرف املشرع طلب العروض احملدود يف املادة ‪ 45‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬بقوله " ‪:‬طلب‬
‫العروض احملدود هو إجراء الستشارة انتقائية يكون املرشحون الذين ت انتقاؤهم األويل من قبل مدعوين‬
‫وحدهم لتقدمي تعهد‪.‬‬
‫ميكن للمصلحة املتعاقدة أن حتدد يف دفرت الشروط العدد األقصى للمرشح ين الذين ستتم دعوهتم‬
‫لتقدمي تعهد بعد انتقاء أويل خلمسة منهم"‪ ،‬ويف احلقيقة أن هذه الطريقة كانت تسمى من قبل " استشارة‬
‫انتقائية"‪ ،‬ولكن املشرع يف املرسوم ‪ 247-15‬غي ر تسميتها" بطلب العروض احملدود"‪ ،‬بل حىت تعريفها‬
‫يشبه إىل حد كبري تعريف االستشارة االنتقائية واليت عرفها املشرع يف املرسوم الرائسي رقم ‪ 236-10‬يف املادة‬
‫‪31‬منه بقوله ‪ ":‬االستشارة االنتقائية هي إجراء يكون املرتشحون املرخص هلم بتقدمي عرض فيه هم املدعون‬
‫خصيصا للقيام بذلك بعد انتقاء أويل‪".‬‬

‫‪ . 1‬قرار وزاري مشرتك‪ ،‬مؤرخ يف ‪ 15‬مايو ‪، 1988‬و املتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال يف ميدان البناء ‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد رقم ‪، 43‬‬
‫لعام‪.198‬‬
‫‪23‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وتلجأ املصلحة املتعاقدة هلذا الشكل من أشكال طلبات العروض حسب ما تنص عليه املادة ‪45‬‬
‫سابقة الذكر‪ ،‬عندما يتعلق األمر ابلدراسات أو ابلعمليات املعقدة أو ذات أمهية خاصة‪ ،‬وجيوز هلا أن تشرتط‬
‫مواصفات تقنية يف العمل أو املادة حمل التعاقد أو جناعة وفاعلية معينة‪ ،‬األمر الذي جييز هلا أن حتدد العدد‬
‫األقصى للمرشحني الذين سيتم دعوهتم لتقدمي تعهد بعد انتقاء أويل خلمسة منهم‪.‬‬
‫ومنه فان طلب العروض احملدود آلية إلبرام الصفقات العمومية هتدف إىل حتقيق املنافسة بني جمموعة‬
‫حمددة من املرشح ين املدعوين خصيصا لتقدمي عروضهم‪ ،‬وذلك بعد أن يتم انتقائهم بصفة أولية اعتمادا على‬
‫معطيات مسجلة لدى املصلحة املتعاقدة تتعلق بكل املتعاملني املتعاقدين معها‪ ،‬مبا ميكنها من التعرف بصورة‬
‫أولية على املرتشحني املؤهلني مبدئيا إىل عملية االنتقاء واالختيار‪.1‬‬
‫وملا كان طلب العروض احملدود متعلق بعمليات معقدة وذات أمهية‪ ،‬جعل املشرع له إجراءات‬
‫خاصةبينتها كل من املادتني ‪ 45‬و ‪ 46‬من املرسوم الرائسي ‪ ،247-15‬فأوضحت املادة ‪ 45‬يف فقرهتا‬
‫الرابعة أهنا متر إما مبرحلة واحدة‪ ،‬أو مبرحلتني حسب ما تقتضيه احلاجة بقوهلا " ‪:‬وجيري اللجوء إىل طلب‬
‫العروض احملدود عند تسلم العروض التقنية إما على مرحلتني طبقا للمادة ‪ 46‬أدانه‪ ،‬وإما على مرحلة واحدة‪".‬‬

‫املسابقة ‪:Le concours‬‬


‫تعترب املسابقة شكل اً من أشكال طلبات العروض‪ ،‬يتم اللجوء إليها إذا اقتضت ذلك اعتبارات فنية أو مجالية من‬
‫أجل حصوهلا على أحسن العروض من طرف املتنافسني من رجال الفن واإلبداع و ابلرجوع إىل خمتلف تشريعات‬
‫الصفقات العمومية جندها قد تعرضت ألسلوب املسابقة‪ ،‬ابتداء من األمر‪90-67‬حيث كانت تسمى‬
‫ابملباراة‪ ،‬مث إىل املرسوم ‪ 82 - 145‬الذي زادها دقة ووضوحا‪ ،‬وهكذا يف التنظيمات املتعلقة ابلصفقات‬
‫العمومية وصوال للمرسوم الرائسي ‪ 247-15‬فقد عرفتها املادة ‪ 47‬من نفس املرسوم الرائسي بقوهلا " ‪:‬‬
‫املسابقة هي إجراء يضع رجال الفن يف منافسة الختيار‪ ،‬بعد رأي جلنة التحكيم املذكورة يف املادة ‪ 48‬أدانه‪،‬‬
‫خمطط أو مشروع مصمم استجابة لربانمج أعده صاحب املشروع‪ ،‬قصد إجناز عملية تشتمل على جوانب تقنية‬
‫أو اقتصادية أو مجالية أو فنية خاصة قبل منح الصفقة ألحد الفائزين ابملسابقة‪ ".‬تلجأ املصلحة املتعاقدة إىل‬
‫إجراء املسابقة لتشمل جمال هتيئة اإلقليم والتعمري واهلندسة ومعاجلة املعلومات حسبما نص عليه املرسوم ‪-15‬‬
‫‪ ،247‬حيث ال ميكن مثال تصور أن املصلحة املتعاقدة فيما خيص صفقة جتهيز تتبع أسلوب املسابقة‪ ،‬بسبب‬

‫‪ . 1‬صالح الدين فوزي‪ ،‬قانون املناقصات واملزايدات رقم ‪ 89‬لسنة ‪ ، 1998‬املشاكل العملية واحللول القانونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪287‬‬
‫‪24‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أن هذا األسلوب يعرب عن منافسة تتعلق ابلفكر واملخططات اهلندسية واملعلومات‪ ،‬على خالف املرسوم ‪-10‬‬
‫‪ ، 236‬والذي ركز على اجلوانب الفنية اخلاصة‪ ،‬أو التقنية أو االقتصادية أو اجلمالية فقط هلذا األسلوب‪.‬‬
‫كما جتدر اإلشارة إىل أن املشرع مل حيسن استخدام مصطلح " رجال الفن"‪ ،‬حيث أومهنا أبن املنافسة‬
‫قاصرة على األشخاص الطبيعيني فقط‪ ،‬يف حني أن األشخاص املعنوية أيضا متتلك قدرات بشرية وخربات جتعلها‬
‫مبدعة يف موضوع املسابقة‪.‬‬
‫و قسمت املادة ‪ 48‬يف فقرهتا األوىل من املرسوم ‪ 247-15‬املسابقة إىل؛ مسابقة مفتوحة مع اشرتاط قدرات‬
‫دنيا‪ ،‬ومسابقة حمدودة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬الرتاضي كأسلوب استثنائي يف كيفيات إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إن املصلحة املتعاقدة ختضع كقاعدة عامة ل كيفية طلب العروض أبشكاله املختلفة واملتعلقة بتنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬سواء كان األمر متعلق جبوانب فنية وتقنية أو ذات طابع متميز‪ ،‬أو تلك اليت يتطلب‬
‫تنفيذها خربة واختصاص دقيق‪ ،‬فهذا األسلوب يتسم بدعوة املتعاملني االقتصاديني للتعاقد معها بطابع معقد غري‬
‫مرن‪ ،‬حيث ليس هلا حرية كبرية يف اختيار الطريقة اليت تعلن هبا عن رغبتها يف إبرام صفقة للمتعاملني‬
‫االقتصاديني ابعتبارها مقيدة ابإلشهار الصحفي الذي فرضه املشرع عليها كطريقة مادية تعكس هبا دعوهتا‬
‫للتعاقد‪ ،‬وحدد هلا بياانته اجلوهرية واإلجراءات الواجبة فيه‪ ،‬جاعال إايها يف إطار ضيق معقد هو من ضبطه‬
‫ونظمه بذلك الشكل‪ ،‬حىت يكون طلب العروض وسيلة مرتكز عليها لتكريس مبادئ شفافية الصفقة‪.‬‬
‫غري أن املصلحة املتعاقدة وألسباب موضوعية واستثناء‪ ،‬تضطر يف بعض األحيان أن خترج عن‬
‫اإلجراءات املعروفة يف قانون الصفقات العمومية كاإلشهار والنشر‪ ،‬وأن تسلك أسلواب أكثر مرونة‪ ،‬وذلك‬
‫‪1‬‬
‫نتيجة وجود حاالت تستدعي السرعة لتلبية احلاجات العامة للجمهور‪ ،‬ويتمثل هذا األسلوب يف الرتاضي‬
‫إن هذا األسلوب قد ظهر عند املشرع اجلزائري بصفة دائمة يف خمتلف تشريعات تنظيم الصفقات العمومية منذ‬
‫األمر ‪ ، 90-67‬وصوال للمرسوم الرائسي ‪. 247-15‬‬
‫‪.1‬تعريفه‪:‬‬
‫عرفت املادة ‪ 41‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬واملتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويض‬
‫املرفق العام الرتاضي أبنه " ‪:‬الرتاضي هو إجراء ختصيص صفقة ملتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية‬
‫إىل املنافسة"‪ ،..‬فذهب املشرع اجلزائري إىل أن الرتاضي هو إجراء يتضمن منح الصفقة ملتعامل اقتصادي‬
‫دون حاجة ألن يتضمن هذا املنح اإلجراءات املطلوبة يف طلب العروض أبشكاله املختلفة‪ ،‬أو هو إجراء‬

‫‪ . 1‬الرتاضي أسلوب متبع يف التشريعات املقارنة‪ ،‬فنجده يف التشريع املصري يسمى ابالتفاق املباشر‪ ،‬أما عند املشرع الفرنسي فقد كان يسمى‬
‫"‪"gré à gré‬ومتداول اً إىل غاية صدور مرسوم ‪ ، 21 // 01 / 1976‬حيث ت استبداله مبصطلح " "‪،les marches Négocier‬‬
‫أي؛ التعاقد بناء على مفاوضة‬
‫‪25‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫خاص يتعلق إب برام الصفقات العمومية يتضمن ختصيص صفقة ملتعامل واحد دون الدعوة الشكلية إىل‬
‫املنافسة‪ ، 1‬ملا يف ذلك من تسهيل األمر على املصلحة املتعاقدة أبن ال تتقيد بعنصر الزمن‪ ،‬الذي يكون عائقا‬
‫يف حاالت معينة كاالستعجال‪ ،‬وهذه احلاالت كان على املشرع يف احلقيقة أن يشري إليها يف التعريف ولو‬
‫إبشارة عامة‪ ،‬بسبب أهنا هي السبب يف وجود االستثناء وهو الرتاضي‪ ،‬فالتعريف الوارد يف املادة ‪ 47‬اهتم‬
‫بعنصر الشكل يف التصريح إبعفاء املصلحة املتعاقدة من جانب التقيد ابإلجراءات‪ ،‬ومل يذكر أبدا احلاالت‬
‫املتعلقة ابلرتاضي يف هذا التعريف ‪ ،‬وهبذا جيب أن يكون الرتاضي معرفا حباالته احملددة حصرا‪.‬‬
‫‪ .2‬أشكال الرتاضي وحاالته‪.‬‬
‫إن من املظاهر اليت تعكس الطابع اخلاص ألسلوب الرتاضي أن املشرع اجلزائري قد حدد م جال إعماله‬
‫ليكرس طابعه االستثنائي وحيدد للمصلحة املتعاقدة احلاالت اليت تستطيع فيها اللجوء ألسلوب الرتاضي‪،‬‬
‫فبالرجوع لنص املادة ‪ 47‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬واملتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويض‬
‫املرفق العام جندها تنص على " ‪:‬ميكن أن يكتسي الرتاضي شكل الرتاضي البسيط أو شكل الرتاضي بعدا‬
‫الستشارة وتنظم هذه االستشارة بكل الوسائل املكتوبة املالئمة‪".‬‬
‫فاملشرع قسم الرتاضي إىل شكلني؛ تراضي بسيط‪ ،‬وتراضي بعد االستشارة‪.‬‬

‫الرتاضي البسيط‪:‬‬
‫الرتاضي البسيط هو أحد أشكال الرتاضي‪ ،‬بتوافر حاالته تصبح املصلحة املتعاقدة حرة يف أن تستبعد‬
‫مبدأ التنافس‪ ،‬لتقوم مباشرة ابختيار املتعامل املتعاقد بعد أن تتفاوض معه‪،‬وبصدور املرسوم الرائسي رقم ‪236-‬‬
‫‪ 10‬أزيل كل الغموض الذي شاب هذا النوع من الرتاضي بتوضيح أدق جوانبه بدء من جعله إجراء استثنائيا‪،‬‬
‫إذ نصت املادة ‪ 27‬فقرة ‪ 2‬على " ‪:‬إن إجراء الرتاضي البسيط قاعدة استثنائية إلبرام العقود ال ميكن اعتمادها‬
‫إال يف احلاالت الواردة يف املادة ‪ 43‬من هذا املرسوم‪" .‬‬
‫يالحظ ‪ :‬إعادة وأتكيد من املشرع على الطابع االستثنائي للرتاضي البسيط‪ ،‬رغم أنه قد سبق وجعل من‬
‫الرتاضي قاعدة استثنائية يف اإلبرام يف نص املادة ‪ 25‬فهذه اإلعادة مل تكن لرغبة املشرع يف التكرار‪ ،‬وإمنا‬
‫أراد التأكيد على أن الرتاضي يف صورته البسيطة يعد استثناء على استثنائية الرتاضي بصفة عامة‪ ،‬مبا يؤدي‬
‫إىل تقييد سلطة املصلحة املتعاقدة يف اعتماده‪.‬‬

‫‪ . 1‬بوزيد بن حممود‪ ،‬تقدير مبدأ املنافسة يف الصفقات العمومية املربمة أبسلوب الرتاضي بعد االستشارة‪ ،‬جملة االجتهاد‬
‫للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد‪ ، 6‬اجمللد‪ ، 7‬املركز اجلامعي اتمنغست‪ ، 2018 ،‬ص‪19‬‬
‫‪26‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫ولكن تفطن املشرع خلطورة اإلجراء وما يتمخض عنه من نتائج سلبية قد تؤثر على املال العام وكذا‬
‫على حظوظ املتعاملني املتنافسني الراغبني يف التعاقد‪ ،‬جعله حيدده حباالت حصرية ت ذكرها ضمن أحكام املادة‬
‫‪49‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬فنصت على " تلجأ املصلحة املتعاقدة إىل الرتاضي البسيط يف‬
‫احلاالت اآلتية فقط " ‪ ،...‬وتتمثل هذه احلاالت يف‪:‬‬
‫✓ حالة املتعامل احملتكر الوحيد‪ :‬وهي احلالة اليت ال ميكن ف يها تنفيذ اخلدمات إال على يد متعامل‬
‫اقتصادي وحيد‪ ،‬إما الحتالله وضعية احتكارية‪ ، 1‬وإما بكونه املتعامل الوحيد الذي ميتلك الطريقة التكنولوجية‬
‫اليت اختارهتا املصلحة املتعاقدة‪ ،‬أو العتبارات ثقافية وفنية تربر اللجوء ملتعامل متعاقد وحيد‪.‬‬
‫فاألصل هنا عندما تواجه املصلحة املتعاقدة هذه احلاالت فما فائدة اإلعالن أو اخلضوع إلجراءات طلب‬
‫العروض‪ ،‬وهناك متعامل وحيد يستجيب لشروط التعاقد ويليب اخلدمة‪ ،‬على أن املشرع قدوضح أن اخلدمات‬
‫املعنية هبذه االعتبارات ستكون حمددة مبوجب قرار مشرتك بني الوزير املكلف ابلثقافة والوزير املكلف ابملالية‪.‬‬
‫وقد أحسن املشرع ببيان ذلك على أساس أن االعتبارات الثقافية والفنية مصطلح مرن يؤدي وجودها كحالة من‬
‫حاالت الرتاضي البسيط إىل توسيع دائرة إعماله‪.‬‬
‫✓ حالة االستعجال امللح‪ :‬وهي حالة من احلاالت اليت تربر اللجوء إىل إبرام الصفقة بطريق الرتاضي البسيط‪،2‬‬
‫وقد قيدها املشرع بشروط تتمثل يف‪:-‬‬
‫▪ أن يتعلق االستعجال خبطر يهدد ملكا أو استثمارا للمصلحة املتعاقدة أو األمن العمومي‪ ،‬مع ضرورة بيان‬
‫حالة الضرورة واالستعجال‪ ،‬وتقدمي التربير الكايف وهو ما عرب عنه املشرع ابالستعجال امللح " املعلل " مع أن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية أورد العبارة بصيغة عامة مما يفتح اجملال واسعا أمام التأويل‪ ،‬وكان األوىل أن يضبط‬
‫املشرع حاالت االستعجال امللح وحتديدها على سبيل احلصر من أجل احلفاظ على الطابع االستثنائي هلذا‬
‫األسلوب‪.‬‬
‫▪ أن يتجسد ذلك اخلطر يف امليدان‪ ،‬وال يسعنا التكيف مع آجال إجراءات إبرام الصفقات العمومية‬
‫لدفعه‪ ،‬ابلنظر ملا تتميز به من إجراءات شكلية طويلة ومعقدة‪.‬‬
‫▪ أن تكون الظروف املسببة حلاالت االستعجال غري متوقعة من طرف املصلحة املتعاقدة‪.‬‬

‫‪ . 1‬األمر رقم ‪ ، 03-03‬املؤرخ يف ‪ 19‬مجادى األوىل ‪ 1425‬املوافق ‪ 19‬يوليو ‪ ، 2003‬واملتعلق ابملنافسة‪ ،‬عرفت املادة‬
‫الثالثة منه املقصود ابالحتكار أبنه " ‪:‬الوضعية اليت متكن مؤسسة ما من احلصول على مركز قوة اقتصادية يف السوق املعنية من‬
‫شأهنا عرقلة قيام منافسة فعلية فيه وتعطيها إمكانية القيام بتصرفات منفردة إىل حد معترب إزاء منافسيها أو ز ابئنها أو ممونيها‬
‫‪ . 2‬جتسيدا هلذه احلالة‪ ،‬ذهب جملس الوزراء املنعقد يف ‪ 2003/12/28‬إىل اعتماد صيغة الرتاضي البسيط لتحقيق الربانمج‬
‫الذي يهدف إىل إجناز ‪ 20‬ألف سكن اجتماعي لفائدة منكويب زلزال والييت اجلزائر وبومرداس‪ ،‬وذلك تطبي ًقا للمادة‪37‬‬
‫من املرسوم الرائسي رقم ‪.250-02‬‬
‫‪27‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫▪ أال تكون وسيلة ومناورة من طرف املصلحة املتعاقدة ابملماطلة‪ ،‬أي أبن تتماطل املصلحة املتعاقدة إىل حني‬
‫تعرض امللك أو االستثمار إىل خطر داهم لتلجأ إىل املتعاقد الذي ترغب فيه‪.‬‬
‫وعند عدم وجود أحد الشروط السابقة تنتفي حالة االستعجال امللح اليت جتيز للمصلحة املتعاقدة إبرام الصفقة‬
‫وفقا إلجراء الرتاضي البسيط‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬على املصلحة املتعاقدة تقدمي التربيرات الالزمة وكل ما يثبت حتقق هذه الشروط عند كل رقابة متارس‬
‫على الصفقة العمومية‪.‬‬
‫✓ حالة متوين مستعجل خمصص بشروط‪:‬‬
‫هذه احلالة مستقلة عن احلاالت السابقة‪ ،‬بسبب أهنا تتطلب شروطا خاصة وتطبق يف جمال حمدد ودقيق‬
‫يتعلق ابلتموين؛ حيث تكون فيه املصلحة املتعاقدة يف حاجة سريعة خلدمة ما يتوقف عليها نشاطها‪ ،‬ولو‬
‫ألزمناها ابخلضوع لشرط الصفقة العمومية‪ ،‬وما يستلزمه من نشر وآجال وإجراءات لتوقفت احلركة ويف ذلك‬
‫إضرار ابلسوق وحاجيات السكان‪ ،‬لذا وجب متكينها من التعاقد أبسلوب الرتاضي البسيط ‪.‬‬
‫وبناء عليه إذا فإذا تعلق األمر بتوفري حاجيات السكان األساسية‪ ،‬وكان على املصلحة املتعاقدة أن‬
‫تتحرك بسرعة لضمان سلعة معينة أو حاجة للجمهور‪ ،‬وضمان وجودها وحسن توزيعها بشكل مستمر ومنظم‬
‫كمادة الدقيق أو احلليب مثال يف ظل ال كوارث الطبيعية اليت تفرض على الدولة مبختلف أجهزهتا السرعة يف‬
‫اختاذ القرارات من أجل تغطية حاجات املنكوبني اليت تربز دفعة واحدة‪ ،‬مما حيتم على املصلحة املتعاقدة اللجوء‬
‫مباشر ةً ملمون أو جمموعة ممونني لتزويدها ابملواد حمل التعاقد‪ ،‬ولن يكون ذلك إال وفق أسلوب الرتاضي‬
‫البسيط‪.‬‬
‫إال أن املشرع قد ضبط هذه احلالة من حاالت الرتاضي البسيط بشرطني ومها‪:‬‬
‫▪ عدم توقع الظروف املسببة هلذه احلالة‪.‬‬
‫▪ أال تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرف املصلحة املتعاقدة ‪.‬‬
‫✓ حالة مشروع ذي أمهية وطنية‪:‬‬
‫إذا كان هناك مشروع سينتج عنه أثر إجيايب تعم فائدته على كامل إقليم الدولة‪ ،‬وسيتطلب إبرامه أعباء‬
‫مالية ضخمة جدا‪ ،‬فإن املشرع وصفه يف املادة ‪ 43‬الفقرة الرابعة من املرسوم الرائسي ‪ 15 - 247‬بقوله ‪:‬ذو‬
‫أولوية وذو أمهية وطنية يكتسي طابعا استعجاليا‪ ،‬فيمكن للمصلحة املتعاقد أن تربمه وفق أسلوب الرتاضي‬
‫البسيط‪.‬‬
‫ولكن املشرع اشرتط أن تكون هذه الظروف اليت استوجبت هذا االستعجال غري متوقعة من طرف‬
‫املصلحة املتعاقدة‪ ،‬وأيضا أال تكون نتيجة ملناورات للمماطلة من طرفها‪ ،‬وإذا حتقق ذلك تبقى املوافقة املسبقة‬

‫‪28‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫من جملس الوزراء يف حالة أن كان املبلغ يساوي أو يفوق عشرة ماليري دينار ‪10.000.000.000‬دج‪،‬وإن‬
‫قل عن ذلك إلذن مسبق عند اجتماع احلكومة‪.‬‬
‫✓ عندما يتعلق األمر برتقية اإلنتاج أو األداة الوطنية العمومية لإلنتاج‪:‬‬
‫وهي من احلاالت اليت ذكرها املرسوم الرائسي ‪ ، 15 - 247‬ولعل هدف املشرع من ذلك هو متكني املصلحة‬
‫املتعاقدة من إبرام الصفقة يف وقت وجيز من أجل حتقيق الرتقية لألداة الوطنية لإلنتاج‪ ،‬مع أن‬
‫املشرع جعل العبارة عامة ومطلقة مما يفتح الباب واسعا للتفسري والتأويل‪.‬‬
‫ونظرا ألمهيتها فقد أخضعها املشرع كسابقتها للموافقة املسبقة جمللس الوزراء‪ ،‬إذا كان مبلغ الصفقة‬
‫يساوي أو يفوق عشرة ماليري دينار ‪ 10.000.000.000‬دج‪ ،‬وللموافقة املسبقة جمللس احلكومة إذا كاان‬
‫ملبلغ يقل عن القيمة السالف ذكرها‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬عندما تكون املصلحة املتعاقدة أمام إحدى حاالت الرتاضي البسيط جيب عليها أال تلجأ إىل‬
‫صفقات دولية‪ ،‬وذلك حسب نظري من الناحية الواقعية العملية‪ ،‬حيث يعود سبب ذلك إىل أن الرتاضي‬
‫البسيط عندما يتم يف شكل صفقة دولية يكون جماال لرتعرع الفساد‪ ،‬ولعل فضائح سوانطراك كانت‬
‫بسبب صفقات الرتاضي اليت متت مع متعاملني أجانب ‪.‬‬
‫✓ عندما مينح نص تشريعي أو تنظيمي مؤسسة عمومية اقتصادية حقًا حصراي القيام مبهمة اخلدمة‬
‫العمومية‪ ،‬أو عندما تنجز هذه املؤسسة كل نشاطها مع هيئات وإدارات عمومية ذات طابع إداري‬

‫احملور السابع ‪ :‬الرقابة على عملية إبرام الصفقات العمومية‬


‫للرقابة مكانة ابرزة يف جمال الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك لصلتها وارتباطها ابخلزينة العامة وأكثر اجملاالت‬
‫صرفا للمال العام‪ ،1‬األمر الذي فرض إخضاعها لنظام رقايب فعال يالزمها يف خمتلف مراحل سريها‬
‫وإجراءات إبرامها‪.‬‬
‫إن املتصفح واملدقق للنصوص املنظمة للصفقات العمومية يلمس اهتمام املشرع وحرصه األكيد على‬
‫رقابة املال العام‪ ،‬وذلك بتنظيمه ملختلف أشكال الرقابة فتنص املادة ‪ 156‬من املرسوم الرائسي رقم‪15 -‬‬
‫‪247‬على " ‪:‬ختضع الصفقات اليت تربمها املصاحل املتعاقدة للرقابة قبل دخوهلا حيز التنفيذ وقبل تنفيذها‬

‫‪ . 1‬قد خصص املشرع اجلزائري يف املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬اباب أبكمله للرقابة) الباب اخلامس(‪ ،‬وأدرج فيه جمموعة من األقسام‪ ،‬وفصل‬
‫يف أحكام الرقابة مبا مل يفعله مع أحكام أخرى‪ ،‬حيث خصص هلا ‪ 47‬مادة) من املادة ‪ 156‬إىل املادة ) ‪ 202‬مبا يعكس أمهية الرقابة على‬
‫مستوى تنظيم الصفقات العمومية‬
‫‪29‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وبعده " ‪ ،‬كما أكدت املادة ‪ 157‬على هذه الرقابة فنصت على " ‪:‬متارس على الصفقات خمتلف أنواع‬
‫الرقابة املنصوص عليها يف هذا املرسوم كيفما كان نوعها ويف حدود معينة دون املساس ابألحكام القانونية‬
‫األخرى اليت تطبق عليها‪".‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة اإلدارية‪:‬‬
‫امتدادا إىل سلسلة القيود اليت تضبط عمل املصاحل املتعاقدة يف إبرامها للصفقات العمومية وضماان‬
‫لتحقيق احرتام قواعد إبرام الصفقات ومبادئها‪ ،‬حرص املشرع على فرض ضوابط وجب التصرف يف‬
‫حدودها حتقيقا للمصلحة العامة اليت تسعى هلا املصلحة املتعاقدة من خالل صفقاهتا‪.‬‬
‫جتسيدا هلذا الغرض نص املشرع يف قانون الصفقات العمومية على إخضاع عملية إبرام الصفقات‬
‫العمومية للرقابة‪ ،‬ولقد جاءت املادة ‪ 156‬من املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬مبينة أن الرقابة على الصفقات‬
‫تشمل خمتلف مراحل الصفقة‪.‬‬
‫إن الرقابة اإلدارية إحدى الوظائف اإلدارية املهمة‪ ،‬واليت تتعلق مبتابعة النشاطات من أجل مطابقتها‬
‫للخطط املرسومة‪ ، 1‬وتضطلع هبذه املهمة جلان يتم إحداثها على مستوى كل مصلحة متعاقدة وخارجها‪،‬‬
‫وأيضا هيئات حددها تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬وابلتايل فهي متنوعة‪.‬‬
‫‪ .1‬الرقابة الداخلية) الرقابة الذاتية‪:‬إن الرقابة الداخلية رقابة تقوم هبا املصلحة املتعاقدة على يد موظفيها أو‬
‫املصاحل التابعة هلا؛ فهي نوع من الرقابة الذاتية‪ ،‬تتجلى أمهيتها يف ال كشف عن االحنرافات والتجاوزات مبراجعة‬
‫وفحص خمتلف اإلجراءات ألجل التحقق من صحتها وسالمتها‪.‬‬
‫وابلرجوع إىل األحكام املنظمة للصفقات العمومية يقوم ابلرقابة الداخلية للجنة واحدة تسمى " جلنة‬
‫فتح األظرفة وتقييم العروض‪" 2‬ليكون بذلك قد وضع هيكلة جديدة وجذرية ألحكام الرقابة الداخلية يف‬
‫املرسوم الرائسي رقم ‪ ،247-15‬من خالل نص املادة ‪ 159‬من املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬يتبني لنا‬
‫أن املشرع اجلزائري قد فرض على املصلحة املتعاقدة وسلطتها الوصية أن تنشئ هيئة للممارسة الرقابة على‬
‫الصفقات‪ ،‬مساها يف املادة ‪ 160‬من املرسوم بلجنة فتح األظرفة وتقييم العروض سعيا منه لتبسيط اإلجراءات‬
‫وتيسريها‪ ،‬وضبطها املشرع أبن تعمل يف إطار القوانني والتنظيمات املعمول هبا‪ ،‬و ابلرجوع للنصوص املنظمة هلا‬
‫‪.‬‬
‫تشكيلة اللجنة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ROBBINS Stephen, DECENZO David, Management l’essentiel des concepts et des pratiques, 4éme édition,‬‬
‫‪Persan Education, France, 2004, P434.‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ ، 161‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬واملتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬مصدر سابق‬
‫‪30‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫نصت املادة ‪ 160‬من املرسوم الرائسي ‪ 247-15‬على ‪ ":‬حتدث املصلحة املتعاقدة يف إطار‬
‫الرقابة الداخلية جلنة دائمة واحدة أو أكثر مكلفة بفتح األظرفة وحتليل العروض والبدائل واألسعار‬
‫االختيارية عند االقتضاء تدعى يف صلب النص" جلنة فتح األظرفة وتقييم العروض "وتتشكل هذه اللجنة‬
‫من موظفني مؤهلني اتبعني للمصلحة املتعاقدة خيتارون لكفاءهتم‪.‬‬
‫ميكن للمصلحة املتعاقدة وحتت مسؤوليتها أن تنشئ جلنة تقنية تكلف إبعداد تقرير حتليل العروض‬
‫حلاجات جلنة فتح األظرفة وتقييم العروض‪".‬‬
‫وبذلك يكون املشرع قد منح املصلحة املتعاقدة حرية تشكيل واختيار أعضاء جلنة فتح األظرفة من بني‬
‫موظفيها‪ ،‬مما يعين أن هذه التشكيلة ستختلف حبسب طبيعة املصلحة املتعاقدة‪ ،‬ويكون املشرع اجلزائري‬
‫بذلك قد أحسن صنعا‪ ،‬بسبب أن ما يصلح هليئة قد ال يصلح هليئة أخرى‪..‬‬
‫وطبقا لنص املادة ‪ 162‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬فإن مسؤول املصلحة املتعاقدة‬
‫مبوجب مقررة حيدد تشكيلة هذه اللجنة الدائمة وقواعد سريها ونصاهبا يف إطار اإلجراءات القانونية والتنظيمية‬
‫املعمول هبا‪.‬‬
‫كما أن املشرع وسعيا منه لتبسيط اإلجراءات ومراعاة خصوصية وطبيعة بعض الصفقات العمومية‪،‬‬
‫أجاز للمصلحة املتعاقدة إمكانية إنشاء جلنة تقنية تكلف إبعداد تقرير حتليل العروض‪ ،‬ملساعدة جلنة فتح‬
‫األظرفة وتقييم العروض يف أداء مهمتها‪.‬‬
‫مهام جلنة فتح األظرفة‪:‬‬
‫جاء حتديد مهام جلنة فتح األظرفة وتقييم العروض يف صلب املادة ‪ 71‬من املرسوم الرائسي رقم ‪-15‬‬
‫‪ ،247‬وحصرهتا يف مايلي‪:‬‬
‫▪ تثبت صحة تسجيل العروض؛ أبن تثبت العروض وتسجلها يف سجل خاص ؛‬
‫▪ تعد قائمة املرشحني أو املتعهدين حسب ترتيب اتريخ وصول أظرفة ملفات ترشحهم أو عروضهم‪ ،‬مع توضيح‬
‫حمتوى واملبالغ املقرتحة يف كل تعهد والتخفيضات احملتملة؛‬
‫▪ تعد قائمة تتعلق ابلواثئق اليت يتكون منها كل عرض‪.‬‬
‫▪ التوقيع ابألحرف األوىل على واثئق األظرفة املفتوحة اليت ال تكون حمل طلب استكمال‪.‬‬
‫▪ حترير احملضر أثناء انعقاد اجللسة‪ ،‬والذي يوقعه مجيع أعضاء اللجنة احلاضرين‪ ،‬والذي جيب أن يتضمن عند‬
‫االقتضاء التحفظات احملتملة اليت يقدمها أعضاء اللجنة عند الفتح؛‬
‫▪ تدعو املرشحني أو املتعهدين عند اللزوم كتابيا عن طريق املصلحة املتعاقدة الستكمال عروضهم التقنية‬

‫‪31‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫إذا كان هناك نقص يف الواثئق حتت طائلة رفض عروضهم يف أجل أقصاه عشرة أايم ابتداء من اتريخ فتح‬
‫األظرفة‪ ،‬وهذا ابستثناء التصريح ابالكتتاب وكفالة التعهد واملذكرة التقنية التربيرية‪ ،‬ومهما يكن من أمر تستثىن‬
‫من طلب االستكمال كل الواثئق الصادرة عن املتعهد واملتعلقة بتقييم العروض‪.‬‬
‫▪ تقرتح اللجنة على املصلحة املتعاقدة عند اللزوم يف حمضر إعالن عدم جدوى طلب العروض حسب الشروط‬
‫املنصوص عليها يف املادة ‪ 40‬من هذا املرسوم‪ ،‬واليت بينت أنه يف حالة عدم استالم أي‬
‫عرض‪ ،‬أو عندما ال يتم اإلعالن بعد تقييم العروض عن مطابقة أي عرض ملوضوع الصفقة مع حمتوى‬
‫دفرت الشروط‪ ،‬أو عندما ال ميكن ضمان متويل احلاجات‪.‬‬
‫▪ ترجع اللجنة عن طريق املصلحة املتعاقدة األظرفة اليت مل يتم فتحها إىل أصحاهبا من املتعاملني‬
‫االقتصاديني عند اللزوم‪ ،‬على أساس أهنا جلنة داخلية ال جيوز هلا التعامل املباشر مع املتعاملني بل عن طريق‬
‫املصلحة املتعاقدة‪ ،‬حسب الشروط املنصوص عليها يف هذا املرسوم‪.‬‬
‫كما أن املشرع اجلزائري قد وضع بعض األحكام اخلاصة ببعض الصفقات يف املرسوم الرائسي رقم‬
‫‪، - 247‬فطبقا للمادة ‪ 70‬يف فقرهتا الثالثة من هذا املرسوم‪ ،‬ويف حالة طلب العروض احملدود يتم فتح‬
‫عروض املتنافسني التقنية أو التقنية النهائية والعروض املالية فيه على مرحلتني‪.‬‬
‫كما أشارت املادة الفقرة الرابعة من نفس املادة إىل أن حالة املسابقة يتم فتح عروض املتنافسني التقنية‬
‫وعروض اخلدمات والعروض املالية فيها على ثالث مراحل‪ ،‬وفتح أظرفة اخلدمات ال تتم يف جلسة علنية‪ ،‬وقد‬
‫محل املشرع املصلحة املتعاقدة املسؤولية كاملة فيما يتعلق ابلعروض املالية ووضعها يف مكان آمن‬
‫وطبقا للمادة ‪ 72‬من املرسوم الرائسي ‪ ،247-15‬وبعد انتهاء املرحلة األوىل من مهمة اللجنة‬
‫الكشف عن قائمة املرشح ين املتنافسني‪ ،‬تتوىل اللجنة يف إطار التقييم املهام التالية‪:‬‬
‫▪ إقصاء الرتشيحات والعروض الغري املطابقة حملتوى دفرت الشروط املعد طبقا ألحكام هذا املرسوم أو ملوضوع‬
‫الصفقة‪ ،‬ويف حالة اإلجراءات اليت ال حتتوي على مرحلة انتقاء أويل ال تفتح أظرفة العروض التقنية واملالية‬
‫واخلدمات عند االقتضاء املتعلقة ابلرتشيحات املقصاة‪.‬‬
‫▪ تعمل اللجنة على حتليل العروض املتبقية بعد عملية اإلقصاء على مرحلتني‪ ،‬ويكون ذلك على أساس‬
‫املعايري واملنهجية املنصوص عليها يف دفرت الشروط‪ ،‬وتكون املرحلة األوىل للرتتيب التقين للعروض مع إقصاء‬
‫العروض اليت مل تتحصل على العالمة الدنيا الالزمة املنصوص عليها يف دفرت الشروط‪،‬‬
‫مث مرحلة اثنية تتعلق بدراسة العروض املال املالية للمتعهدين الذين ت أتهيلهم األويل تقنيا مع مراعاة التخفيضات‬
‫احملتملة يف عروضهم‪.‬‬
‫▪ تقوم اللجنة طبقا لدفرت الشروط ابنتقاء أحسن عرض من حيث املزااي االقتصادية واملتمثلة يف‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫✓ األقل مثنا من بني العروض املالية املرشحني املختارين عندما يسمح موضوع الصفقة بذلك‪ .‬ويف هذه احلالة‬
‫يستند تقييم العروض إىل معيار السعر فقط؛ أي العرض األقل سعرا‪.‬‬
‫✓ األقل مثنا من بني العروض املؤهلة تقنيا إذا تعلق األمر ابخلدمات العادية‪ ،‬ويف هذه احلالة يستند تقييم‬
‫العروض إىل عدة معايري من بينها معيار السعر‪.‬‬
‫✓ املرشح الذي حيصل على أعلى نقطة استنادا إىل ترجيح عدة معايري من بينها معيار السعر إذا كان االختيار‬
‫يستند ويعتمد أساسا على اجلانب التقين للخدمات‪.‬‬
‫▪ تقرتح اللجنة على املصلحة املتعاقدة رفض العرض املقبول إذا ثبت أن بعض ممارسات املتعهد املعين تشكل‬
‫تعسفا يف وضعية هيمنة على السوق‪ ،‬أو قد تتسبب يف اختالل املنافسة يف القطاع املعين ولكن بشروط أن‬
‫يوضح ويبني هذا احلكم يف دفرت الشروط‪.‬‬
‫▪ تستطيع اللجنة إذا الحظت أن العرض املايل اإلمجايل للمتعامل االقتصادي املختار‪ ،‬أو كان سعر‬
‫▪ واحد أو أكثر من عرضه املايل يبدو منخفضا بشكل غري عادي أو ملفت للنظر‪ ،‬أن تطلب منه عن طريق‬
‫املصلحة املتعاقدة كتابيا التربيرات والتوضيحات اليت تراها الزمة ومالئمة‪ ،‬وبعد التثبت والتحقق من التربيرات‬
‫والتوضيحات املقدمة‪ ،‬ميكنها أن تقرتح على املصلحة املتعاقدة أن ترفض هذا العرض إذا مل تقتنع ابجلواب املقدم‬
‫من املتعهد‪ ،‬ورأته غري مربر من الناحية االقتصادية‪ ،‬فرتفض املصلحة املتعاقدة هذا العرض مبوجب مقرر معلل‬
‫ومربر‪ ،‬وذلك كضمانة لصاحب العرض املايل‪.‬‬
‫▪ إذا أقرت اللجنة أن العرض املايل للمتعامل االقتصادي املختار مؤقتا مبالغ فيه‪ ،‬تقرتح أيضا رفض‬
‫▪ هذا العرض على املصلحة املتعاقدة‪ ،‬فرتفضه هذه األخرية مبوجب مقرر معلل ومربر‪ ،‬وذلك كضمانة‬
‫لصاحب العرض املبعد‪.‬‬
‫▪ ويف حالة طلب العروض احملدود يتم انتقاء أحسن عرض من حيث املزااي االقتصادية‪ ،‬وذلك استنادا إىل‬
‫ترجيح عدة معايري‪.‬‬
‫كما تقرتح اللجنة يف حالة إجراء املسابقة على املصلحة املتعاقدة قائمة ابلفائزين املعتمدين‪ ،‬وتقوم‬ ‫▪‬
‫بدراسة عروضهم املالية بعد ذلك النتقاء أحسن عرض من حيث املزااي االقتصادية استنادا إىل ترجيح عدة‬
‫معايري‪.‬‬
‫‪ .2‬الرقابة اخلارجية)القبلية(‬
‫إن الرقابة اخلارجية على الصفقات العمومية متارسها أجهزة كثرية ومتعددة‪ ،‬منها الوزارة الوصية ورقابة‬
‫الوصاية‪ ،‬ومنها جملس احملاسبة الذي يقوم على محاية املال العام واحلقوق اخلزينة العمومية‪ ،‬ومنها الرقابة القضائية‬
‫واملتعلقة مبنازعات الصفقات العمومية‪ ،‬ومنها أجهزة أخرى ذات طابع مايل‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫رقابة جلان الصفقات العمومية للمصلحة املتعاقدة) التشكيلة‪-‬االختصاصات‪(.‬‬


‫أمهية الرقابة على الصفقات العمومية أدى ابملشرع إىل إقرارها على ك ل املستوايت بدء ابملصاحل‬
‫املتعاقدة املؤهلة قانوانً إلبرام الصفقات العمومية إىل املستوى البلدي وصول إىل املستوى الوالئي‬
‫▪ اللجنة اجلهوية للصفقات العمومية‪.‬‬
‫تعد اللجنة اجلهوية للصفقات العمومية جلنة جديدة من حيث التسمية تضمنها املرسوم الرائسي ‪15 -‬‬
‫‪247‬يف مادته ‪ ، 171‬حيث نصت على تشكيلها ومهامها‪ ،‬فنجدها تتشكل من‪:‬‬
‫‪-‬الوزير املعين أو ممثله وتكون له رائسة اللجنة‪ ،‬وهو أمر منطقي على أساس أن األمر متعلق إبدارة‬
‫جهوية اتبعة وصائيا لوزارة ما‪.‬‬
‫‪-‬ممثل عن املصلحة املتعاقدة‪ ،‬ألهنا هي اجلهة املعنية ابلتعاقد‪ ،‬وملعرفتها املباشرة مبتعلقات الصفقة‪.‬‬
‫‪-‬ممثلني للوزير املكلف ابملالية) مصلحة امليزانية‪ ،‬ومصلحة احملاسبة(‪ ،‬للتأكيد على صلة الصفقات‬
‫العمومية ابخلزينة العمومية واملال العام‪ ،‬خاصة إذا كان مبلغ الصفقة كبري‪.‬‬
‫‪-‬ممثل الوزير املعين ابخلدمة‪ ،‬وذلك حسب موضوع الصفقة‪.‬‬
‫‪-‬ممثل عن الوزير املكلف ابلتجارة‪ ،‬لعالقة الصفقات ابحلركة التجارية وتفاعلها معها‪.‬‬
‫يتضح من التشكيلة السابقة هلذه اللجنة أهنا جلنة تقنية حمضة‪ ،‬ولذلك مل يرد يف تشكيلتها ذكر للعنصر‬
‫املنتخب‪.‬‬
‫وابلنسبة الختصاصات هذه اللجنة فقد حددهتا املادة ‪ 171‬من املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬وضمن‬
‫حدود املستوايت احملددة يف املطات ‪ 1‬إىل ‪ 4‬من املادة ‪ 184‬ويف املادة ‪ 139‬من هذا املرسوم حبسب‬
‫احلالة بدراسة مشاريع دفاتر الشروط والصفقات واملالحق اخلاصة ابملصاحل اخلارجية اجلهوية لإلدارات‬
‫املركزية‪.‬‬
‫فاللجنة اجلهوية للصفقات تتوىل دراسة مشروع دفرت شروط الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض قبل‬
‫اإلعالن عنها‪ ،‬بل وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها‪. 1‬‬
‫كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من‬
‫املرسوم‪ 247-15‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت ينبغي عرض‬
‫الطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر ‪:‬املادة‪ ، 51 / 2 - 3‬من املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬واملتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬مصدر سابق‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫كما تدرس مشاريع املالحق ولكن ضمن احلد املايل املطلوب يف املرسوم ‪ ،‬حيث ال خيضع ‪-15‬‬
‫‪247‬هذا امللحق لرقابة اللجنة اجلهوية للصفقات مىت ت ضمن ‪ 10%‬من املبلغ األصلي للصفقة األصلية‪ ،‬مما‬
‫يعين ان االختصاص يعقد للجنة مىت توفر املعيار العضوي واملعيار املايل ‪.‬‬
‫▪ رقابة جلنة الصفقات للمؤسسة الوطنية العمومية واهليكل غري املمركز للمؤسسة الوطنية‬
‫العمومية ذات الطابع اإلداري‪.‬‬
‫إن هذه اللجنة قد ت استحداثها يف املرسوم الرائسي ‪ 247-15‬يف مادته ‪ ، 172‬حيث نصت‬
‫على تشكيلها ومهامها‪ ،‬فنجدها تتشكل من‪:‬‬
‫* ممثل عن السلطة الوصية رئيسا‪.‬‬
‫* املدير العام أو مدير املؤسسة أو ممثله‪.‬‬
‫* ممثلني اثنني عن الوزير املكلف ابملالية) أحدمها عن املديرية العامة للميزانية‪ ،‬واألخر عن املديرية‬
‫العامة للمحاسبة‪(.‬‬
‫* ممثل عن الوزير املعين ابخلدمة موضوع الصفقة‪.‬‬
‫*ممثل عن وزير التجارة‪.‬‬

‫وابلنسبة الختصاصات هذه اللجنة فقد حددهتا املادة ‪ 172‬من املرسوم الرائسي ‪ ،247-15‬حيث‬
‫تتوىل هذه اللجنة دراسة مشروع دفرت شروط الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض قبل اإلعالن عنها‪ ،‬بل‬
‫وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها( ‪ ، ) 1‬فكأن هذه اللجنة متارس دور السلطة التشريعية عندما‬
‫تدرس مشاريع القوانني وتصادق عليها‪ ،‬وذلك دليل على أن املشرع يسعى إىل أن تدار الصفقة العمومية وتسري‬
‫بكيفية مجاعية من أجل عدم الوقوع يف الفساد‪.‬‬
‫كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من‬
‫املرسوم ‪ 247-15‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت ينبغي عرض‬
‫الطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪ ،‬وذلك جتسيدا من املشرع لآلليات املكرسة ملبدأ‬
‫الشفافية‪ .‬كما تدرس مشاريع املالحق ولكن ضمن احلد املايل املطلوب يف املرسوم( ‪، 15 - 247 ( 2‬‬
‫حيث ال خيضع‬
‫هذا امللحق لرقابة اللجنة اجلهوية للصفقات مىت ت ضمن ‪ 10%‬من املبلغ األصلي للصفقة األصلية‪ ،‬مما يعين‬
‫ان االختصاص يعقد للجنة مىت توفر املعيار العضوي واملعيار املايل ‪.‬فعقد االختصاص هلذه اللجنة مرهون بتوافر‬
‫املعيار املايل املتمثل يف احلد املايل املطلوب واملتمثل يف‪:‬‬
‫‪-‬ابلنسبة لصفقة االشغال جيب أن يساوي السقف املايل للصفقة أو يقل عن‪1.000.000.000‬‬
‫‪35‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫مليار دينار فإهنا ختضع للجنة اجلهوية للصفقات وما زاد فإنه خيضع للجنة القطاعية للصفقات‪.‬‬
‫‪-‬ابلنسبة لصفقة اقتناء اللوازم جيب أن يساوي السقف املايل للصفقة أو أقل ‪ 300.000.000‬دج‬
‫ثالمثائة مليون دينار‪ ،‬فإهنا ختضع للجنة اجلهوية للصفقات وما زاد فإنه خيضع للجنة القطاعية للصفقات‪.‬‬
‫‪-‬ابلنسبة لصفقات اخلدمات جيب أن يساوي السقف املايل للصفقة أو يقل عن ‪ 200.000.000‬دج‬
‫مائيت مليون دينار‪ ،‬فإهنا ختضع للجنة اجلهوية للصفقات وما زاد فإنه خيضع للجنة القطاعية للصفقات‪.‬‬

‫▪ رقابة اللجنة الوالئية للصفقات‪.‬‬


‫إن اللجنة الوالئية للصفقات تستمد أساسها التنظيمي من نص املادة ‪ 173‬من املرسوم الرائسي ‪15 - 247‬‬
‫‪،‬اليت نصت على تشكيلها ومهامها‪ ،‬فنجدها تتشكل من‪:‬‬
‫‪-‬الوايل أو ممثله رئيسا‪.‬‬
‫‪-‬ممثل املصلحة املتعاقدة‪.‬‬
‫‪-‬ثالثة ممثلني عن اجمللس الشعيب الوالئي) حيث مل حيدد املشرع كيفية اختيارهم وال من خيتارهم‪(.‬‬
‫‪-‬ممثلني اثنني عن الوزير املكلف ابملالية) أحدمها عن املديرية العامة للميزانية‪ ،‬واألخر عن املديرية‬
‫العامة للمحاسبة(‪ ،‬وهذا األمر مدعاة للتناقض‪ ،‬حيث أن املراقب املايل عضو يف جلنة الصفقات من جهة‪،‬‬
‫وهو من يتوىل عملية الرقابة على تنفيذ النفقات العمومية من جهة أخرى‪ ،‬األمر الذي قد يفقد املراقب املايل‬
‫احلياد‪.‬‬
‫‪-‬مدير املصلحة التقنية املعنية ابخلدمة ابلوالية حسب موضوع الصفقة‪.‬‬
‫‪-‬املدير الوالئي للتجارة‪.‬‬
‫وما يالحظ على هذه التشكيلة أهنا ضمت أشخاصا ينتمون إىل جهات خمتلفة) التجارة واملالية واألشغال‬
‫العمومية وهتيئة اإلقليم(‪ ،‬مما يعطي هلذه اللجنة مشولية من حيث أعماهلا‪ ،‬إضافة النتماء أعضاء منتخبني من‬
‫طرف الشعب هلذه اللجنة‪.‬‬
‫أانط املشرع إىل اللجنة الوالئية رقابة الصفقات على املستوى الوالئي وبني اختصاصاهتا ‪ ،‬فعهد إليها‬
‫دراسة مشاريع دفاتر الشروط اخلاصة ابلصفقات واملالحق واملصادقة عليها‪ ،‬ودراسة الطعون الناجتة عن املنح‬
‫املؤقت‪.‬‬
‫حيث تتوىل اللجنة الوالئية للصفقات دراسة مشروع دفرت شروط الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض‬
‫قبل اإلعالن عنها‪ ،‬بل وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها‪.‬‬
‫كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من املرسوم‬

‫‪36‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫الرائسي ‪ ، 15 - 247‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت ينبغي‬
‫عرض الطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪.‬‬
‫▪ رقابة اللجنة البلدية للصفقات‪.‬‬
‫إن املشرع اجلزائري يف قانون البلدية الصادر مبوجب القانون رقم ‪ ، 10-11‬نص يف املادة ‪ 189‬منه على‬
‫أن إبرام صفقات األشغال واقتناء اللوازم واخلدمات والدراسات ختضع لنظيم الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إن الرقابة على عملية إبرام الصفقات العمومية على املستوى البلدي موكلة لك ل من رئيس اجمللس الشعيب‬
‫البلدي‪ ،‬وكذا ال جلنة البلدية للصفقات‪.‬‬
‫فلقد نصت املادة ‪ 82‬من القانون رقم ‪ 10-11‬واملتعلق ابلبلدية على أن " ‪:‬إن رئيس اجمللس الشعيب‬
‫البلدي يقوم ابسم البلدية‪ ،‬وحتت مراقبة اجمللس جبميع األعمال اخلاصة ابحملافظة على األموال واحلقوق اليت‬
‫تتكون منها ثروة البلدية السيما ما أييت ‪ - :‬إبرام املناقصات أو املزايدات اخلاصة أبشغال البلدية ومراقبة‬
‫حسن تنفيذها‪....".‬‬
‫كما نص املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬يف نص املادة ‪ 174‬على تشكيلة واختصاصات هذه اللجنة‪،‬‬
‫فنجدها تتشكل من‪:‬‬
‫‪-‬رئيس اجمللس الشعيب البلدي أو ممثله رئيسا‪.‬‬
‫‪-‬ممثل عن املصلحة املتعاقدة‪.‬‬
‫‪-‬منتخبني اثنني ميثالن اجمللس الشعيب البلدي‪.‬‬
‫‪-‬ممثلني اثنني عن الوزير املكلف ابملالية) أحدمها عن املديرية العامة للميزانية‪ ،‬واألخر عن املديرية العامة‬
‫للمحاسبة‪(.‬‬
‫‪-‬ممثل املصلحة التقنية املعنية ابخلدمة‪ ،‬والذي يتوىل تزويد أعضاء اجللسة بكل املعلومات املتعلقة ابلصفقة‪.‬‬
‫ولقد أانط املشرع إىل هذه اللجنة البلدية رقابة الصفقات على املستوى البلدي وب ي ن اختصاصاهتا يف املادة‬
‫‪174‬من املرسوم الرائسي ‪ .247-15‬حيث تتوىل اللجنة البلدية للصفقات دراسة مشروع دفرت شروط‬
‫الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض قبل اإلعالن عنها‪ ،‬بل وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها‪.‬‬
‫كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من‬
‫املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت‬
‫ينبغي عرضا لطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪.‬‬
‫▪ جلنة الصفقات للمؤسسات العمومية الوطنية واهليكل غري املمركز للمؤسسات العمومية الوطنية ذات‬
‫الطابع اإلداري‪ّّ .‬‬

‫‪37‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫نصت املادة ‪ 175‬من املرسوم الرائسي ‪ 247-15‬على تشكيلة هذه اللجنة واختصاصاهتا‪،‬‬
‫فتتشكل من‪:‬‬
‫‪-‬ممثل السلطة الوصية رئيسا‪.‬‬
‫‪-‬املدير العام أو مدير املؤسسة حسب احلال مؤسسة وطنية‪ ،‬بلدية‪ ،‬والئية‪.‬‬
‫‪-‬ممثالن عن الوزير املكلف ابملالية) أحدمها عن املديرية العامة للميزانية‪ ،‬واألخر عن املديرية العامة‬
‫للمحاسبة‪(.‬‬
‫‪-‬ممثل عن املصلحة التقنية املعنية ابخلدمة للوالية حسب موضوع الصفقة‪.‬‬
‫‪-‬ممثل عن املصلحة التقنية املعنية ابخلدمة‪.‬‬
‫ومتارس هذه اللجنة االختصاصات التالية‪:‬‬
‫تتوىل هذه اللجنة دراسة مشروع دفرت شروط الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض قبل اإلعالن‬
‫عنها‪ ،‬بل وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها كما بيناه سابقا‪.‬‬
‫كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من‬
‫املرسوم الرائسي ‪ ، 247-15‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت‬
‫ينبغي عرض الطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪.‬‬
‫اللجنة القطاعية للصفقات العمومية‪.‬‬
‫أعلنت املادة ‪ 179‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬عن إحداث جلنة قطاعية للصفقات على‬
‫مستوى كل دائرة وزارية‪ ،‬مهمتها الرقابة على الصفقات العمومية ضمن النطاق احملدد يف املادة‪184 .‬‬
‫وذهبت املادة ‪ 185‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬لبيان تشكيلة هذه اللجنة‪ ،‬فهي تتشكل من‪:‬‬
‫‪-‬الوزير املعين أو ممثله رئيسا‪.‬‬
‫‪-‬ممثل الوزير املعين انئب الرئيس‪.‬‬
‫‪-‬ممثل املصلحة املتعاقدة‪.‬‬
‫‪-‬ممثالن عن القطاع املعين‪.‬‬
‫‪-‬ممثالن عن الوزير املكلف ابملالية )أحدمها عن املديرية العامة للميزانية‪ ،‬واألخر عن املديرية العامة‬
‫للمحاسبة(‬
‫‪-‬ممثل عن الوزير املكلف ابلتجارة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫ولقد صدر قرار عن وزارة املالية بتاريخ ‪ 12016‬حمددا ألعضاء اللجنة القطاعية للصفقات العمومية‪،‬‬
‫حيث أشار لألعضاء الدائمني واإلضافيني‪.‬‬
‫واشرتطت املادة ‪ 187‬من املرسوم ‪ 15 - 247‬شرط ال كفاءة يف أعضاء هذه اللجنة‪ ،‬مث حددت‬
‫مدة العضوية فيها بثالث سنوات‪ ،‬متارس خالهلا اللجنة أعماهلا انطالقا من نظام داخلي تصادق عليه‪ ،‬مث يصدر‬
‫مبوجب مرسوم تنفيذي‪.2‬‬
‫وذهبت املادة ‪ 175‬وما يليها من املرسوم ‪ 247-15‬إىل بيان اختصاصات هذه اللجنة‪، 3‬حيث متارس‬
‫االختصاصات التالية‪:‬‬
‫‪-‬تتوىل هذه اللجنة دراسة مشروع دفرت شروط الصفقة يف كل أشكال طلبات العروض قبل اإلعالن عنها‪ ،‬بل‬
‫وحىت يف بعض حاالت الرتاضي يؤخذ رأيها كما بيناه سابقا‪.‬‬
‫‪-‬كما ختتص اللجنة بدراسة الطعون الناجتة عن املنح املؤقت للصفقة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 82‬من املرسوم‬
‫الرائسي ‪ ، 247-15‬يف فقرهتا الثانية على أنه يشار يف إعالن املنح املؤقت للجنة الصفقات اليت ينبغي‬
‫عرض الطعن أمامها يف مدة ‪ 10‬أايم يتم خالهلا تقدمي طعوهنم‪.‬‬

‫الوصاية أسلوب رقايب تكميلي على الصفقات العمومية ‪ -‬الرقابة الوصائية‪-‬‬


‫إضافة إىل الرقابة الداخلية واخلارجية هناك أمناط رقابية أخرى محاية للمال العام ولتقرير شفافية أكرب‬
‫على عملية إبرام الصفقات العمومية ومن بني هذه األساليب الرقابية جند رقابة الوصاية‪.4‬‬
‫تعددت التعاريف اليت قيلت بشأن الرقابة الوصائية‪ ،‬و تتعلق يف جمملها ابلرقابة اليت متارسها الدولة على‬
‫اهليئات واجلهات الالمركزية‪ ،‬أو هي رقابة املشروعية واملالئمة على تصرفات وأعمال اجلهات الالمركزية اإلقليمية أ‬
‫املصلحية بواسطة اجلهات املركزية بغية احلفاظ على كيان الدولة السياسي واالقتصادي‬
‫واالجتماعي وال ميكن ممارستها إال يف حدود ما هو منصوص عليه يف القوانني‪.5‬‬
‫مالحظة ‪ :‬إذا كانت الغاية من الرقابة اخلارجية هو التأكد من احرتام قواعد وإجراءات إبرام الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬فإن الغاية من الرقابة الوصائية يتمثل أساسا يف التأكد من مالئمة الصفقات العمومية ألهداف‬

‫‪ 1‬القرار الوزاري الصادر بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ، 2016‬واملتضمن تعيني أعضاء اللجنة القطاعية للصفقات العمومية لوزارة املالية‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد‬
‫رقم ‪ ، 17‬لعام ‪ ، 2016‬مث توالت بعدها القرارات الوزارية املتعلقة بتعيني أعضاء هذه اللجنة حسب كل قطاع‬
‫‪ 2‬أنظر ‪:‬املادة ‪ 190‬من املرسوم الرائسي ‪ ، 15 - 247‬مصدر سابق‬
‫‪ 3‬أنظر ‪:‬املادة ‪ 175‬وما يليها من املرسوم الرائسي ‪ ، 15 - 247‬املصدر نفسه‬
‫‪ 4‬يعود إدراج الرقابة الوصائية يف إطار الرقابة اإلدارية اخلارجية لسببني‪:‬‬
‫‪-‬فهي رقابة خارجية ألهنا متارس خارج املصلحة املتعاقدة‪،‬‬
‫‪-‬وهي رقابة إدارية ألهنا متارس من هيئات إدارية‬
‫‪5‬‬
‫‪LOMBARD Martine et DUMONT Grilles, Droit administratif, 6éme édition, DALLOZ, Paris, 2005, P 144.‬‬
‫‪39‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫الفعالية واالقتصاد‪ ،‬وفيما إذا كان يدخل موضوع الصفقة يف إطار الربانمج واألسبقيات املرسومة‪ ،‬وهي‬
‫الرقابة اليت تقوم هبا الوصاية قبل البدء يف تنفيذ الصفقة حفاظا على املال العام وحتقيقا للدميقراطية احمللية‪.‬‬
‫وإذا أخذان مثاال عن الرقابة الوصائية فيجب على البلدية إرسال امللف الكامل للصفقة إىل الوايل‪ ،‬بدء‬
‫من حمضر التأشري على دفرت الشروط واإلعالن عن املناقصة يف اجلرائد الوطنية والنشرة الرمسية لصفقات‬
‫‪1‬‬
‫املتعامل العمومي‪ ،‬وصول اً إىل التأشرية املمنوحة من هيئات الرقابة اخلارجية‪ ،‬واملداولة اخلاصة ابلصفقة‬
‫تتضمن املداولة خمتلف املراحل اليت مرت هبا الصفقة‪ ،‬فيتم التأكد من وجود النفقة‪ ،‬وفيما إذا ت منح‬
‫املشروع للعارض الذي قدم أحسن أو أقل عرض حسب احلالة‪ ،‬وللوايل مهلة ‪ 30‬يوما للمصادقة عليها‬
‫والتقرير يف شرعيتها وصحتها‪ ،‬كما له حق املطالبة بتصحيح األخطاء وحىت إبطال املداولة‬

‫سؤال‪ :‬كيف منيز بني اختصاص اللجان الوطنية واللجان القطاعية ؟‬


‫الفاصل بني اختصاص هذه اللجان هو املعيار العضوي‪ ،‬أي عندما تكون الصفقة مربمة من طرف مؤسسة‬
‫عمومية ذات طابع صناعي وجتاري تكون اللجان القطاعية هي املختصة‪ ،‬وختتص اللجان الوطنية عندما‬
‫تربم الصفقة من إدارة مركزية أو حملية فاق سقفها املايل حدود اختصاص اللجنة الوالئية للصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫كما ميكن أن متارس رقابة الوصاية عند االنتهاء من تنفيذ الصفقة بعد التسليم النهائي للمشروع‪ ،‬حيث‬
‫تقوم املصلحة املتعاقدة إبعداد تقرير تقييمي عن ظروف إجناز املشروع وكلفته اإلمجالية‪ ،‬يرسل التقرير‬
‫حسب نوعية النفقة امللتزم هبا إىل الوزير أو الوايل أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي وكذلك إىل هيئة الرقابة‬
‫اخلارجية ‪.‬‬

‫احملور الثامن‪ :‬حقوق والتزامات طريف الصفقات العمومية‬


‫مما ال شك فيه هو أ ن املتعاقد مع اإلدارة يسعى من وراء تعاقده إىل حتقيق الربح‪ ،‬خاصة إذا كان‬
‫شخصا من أشخاص القانون اخلاص وهو الغالب‪.‬يقيم العقد اإلداري نوعا من التوازن املايل بني مصاحل طرفيه‪،‬‬
‫ومن حق املتعاقد مع اإلدارة إذا اختل هذا التوازن أن يطالب ابلتعويض إلعادته إىل ما كان عليه‪ ،‬حىت يستطيع‬
‫مواصلة تتنفيذ العقد بطريقة الئقة‪ ،‬وهذا احلق معرتف به دون حاجة إىل النص عليه صراحة يف العقد وإذا‬
‫أصاب املتعامل املتعاقد ضررا جراء عمل قامت به اإلدارة جاز له املطالبة ابلتعويض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪MARCEAU Anne et VERPEAUX Michel, "Qui exerce le contrôle de légalité sur les actes descollectivités‬‬
‫‪locale ?", Revue Française de Droit Administratif, N°1, Paris, 2001, P 129.‬‬
‫‪40‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫أوال‪ :‬حقوق والتزامات املصلحة املتعاقدة‬


‫تتمتع املصلحة املتعاقدة بسلطات واسعة اجتاه املتعامل املتعاقد معها‪ ،‬ومبركز تعاقدي أمسى ال جنده يف‬
‫عقود القانون اخلاص‪ ،‬ويف املقابل ختضع إىل مجلة من االلتزامات تشكل حقوقا ابلنسبة للمتعاقد معها‪ .‬ومل‬
‫تقتصر هذه السلطات يف مواجهة املتعامل الوطين وإمنا خول هلا سلطات حىت يف مواجهة املتعامل‬
‫املتعاقد األجنيب‪ ،1‬رغبة يف حتقيق املصلحة العامة وحفاظا على سري املرافق العمومية‪.‬‬
‫يقصد هبذه السلطات الوسائل القانونية اليت متلكها املصلحة املتعاقدة عند تنفيذ الصفقة العمومية‪.‬‬
‫من هذا املنطلق حيق للمصلحة املتعاقدة متابعة مراحل تنفيذ الصفقة العمومية من خالل سلطة الرقابة‬
‫اليت يباشرها مهندسيها‪ ،‬لضمان سري تنفيذها على النحو املتفق عليه ‪ ،‬كما ميكنها أن تتدخل هبدف متابعة‬
‫التنفيذ من خالل سلطتها يف تعديل شروط الصفقة ‪.‬‬
‫‪ .1‬سلطة املصلحة املتعاقدة يف األشراف والرقابة على تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫ينشأ عند ابرام الصفقة العمومية ودخوهلا حيز التنفيذ حقوقا والتزامات يتعني على اإلطراف احرتامها ‪،‬‬
‫ويف الوقت نفسه تتمتع املصلحة املتعاقدة بسلطات واسعة جتاه املتعامل املتعاقد معها ومبركز تعاقدي ال مثيل له‬
‫يف عقود القانون اخلاص‪ ،‬حيث تتمتع فيما تربمه من صفقات مبركز متميز يف مواجهة املتعاقد معها‪ ،‬وذلك رغبة‬
‫يف حتقيق املصلحة العامة من خالل احلفاظ على سري املرافق العامة‪.‬‬
‫ويف سبيل حتقيق تلك الغاية يتم تغليب املصلحة العامة على املصلحة الفردية اخلاصة للمتعاقد‪ ،‬وٕإن كان‬
‫ذلك ال يسوغ للمصلحة املتعاقدة التضحية بتلك املصلحة الفردية كليا‪.2‬‬
‫فاإلدارة ال تستطيع أن تتخلى عن مسؤوليتها إزاء املرافق حىت وان أشركت معها بعض أشخاص القانون‬
‫اخلاص يف تنفيذها أو إدارهتا ملشاريعها‪ ،‬وابلتايل فان القانون منحها عدة حقوق وسلطات تتمكن بواسطتها من‬
‫االضطالع مبهامها املتصلة ابملرافق العامة‪.‬‬
‫سلطات املصلحة املتعاقدة يف جمال تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫تتمتع اإلدارة عند تنفيذ الصفقات العمومية بسلطتني يف مواجهة املتعاقد معها حىت وان مل يتم إدراجهما‬
‫ضمن بنود الصفقة ومها‪ :‬سلطة اإلشراف واملراقبة وكذا سلطة التعديل‬
‫▪ سلطة اإلشراف واملراقبة‬

‫‪ 1‬أنظر ‪ :‬املادة ‪ 24‬من أحكام املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 236-10‬املعدلة واملتممة مبوجب املادة مخسة من املرسوم الرائسي رقم ‪.23-12‬‬
‫‪ 2‬سبكي ربيحة‪ ،‬سلطات املصلحة املتعاقدة اجتاه املتعامل املتعاقد معها يف جمال الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة لنيلّ ‪. .‬شهادة املاجستري يف القانون‪،‬‬
‫فرع قانون اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬جامعة تتيزي وزو وزو‪ ، ّ 2013،‬ص‪10‬‬
‫‪41‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫تعترب سلطة اإلشراف امتياز خيول لإلدارة مرافقة املتعاقد معها وتوجيهه وذلك من أجل ضمان حسن‬
‫تنفيذ الصفقة على الشروط املتفق علها‪ 1‬والرقابة هبذا املعىن الضيق املتمثل يف حق اإلشراف متثل احلد األدىن ملا‬
‫ميكن االعرتاف به للمصلحة املتعاقدة يف جمال رقابتها على تنفيذ الصفقات العمومية‪ ،‬إذ من‬
‫واجبها أن تتوىل األشراف على املتعاقد معها حىت تتأكد من قيامه بتنفيذ العقد طبقا للبنود والشروط املتفق‬
‫عليها‪ 2‬تظهر هذه السلطة خاصة يف صفقات اإلجناز ومتارس عادة ابلتنسيق مع مكتب الدراسات املعهود إليه‬
‫متابعة تنفيذ الصفقة وهذا ما أشارت إليه املادة ‪ 36‬فقرة ‪ 03‬من املرسوم الرائسي ‪ ،247-15‬بنصها "‪..‬كل‬
‫مصلحة متعاقدة مسؤولة عن حسن تنفيذ اجلزء من الصفقة اليت يعنيها‪"3...‬‬
‫متارس سلطة الرقابة مبعىن اإلشراف عن طريق األعمال املادية اليت تباشرها املصلحة املتعاقدة‪ ،‬كزايرة‬
‫ورشات العمل والتحقق من سالمة املواد املستعملة وجودهتا بواسطة الفحص واالختبار‪ ،‬أو استالم بعض الواثئق‬
‫لإلطالع عليها وفحصها ‪ ،‬أو مراقبة نوعية املستخدمني من حيث اخلربة والتخصص يف اجناز بعض األشغال‬
‫اليت تتطلب وجود أشخاص هلم دراية وخربة معينة تتطلبها طبيعة األعمال موضوع الصفقة‪ ،‬كما‬
‫متارس أيضا عن طريق أعمال قانونية‪ ،‬كأن تصور اإلدارة أوامر تنفيذية أو تعليمات أو انذارات للمتعاقد معها‬
‫‪.4‬‬
‫متلك املصلحة املتعاقدة يف مواجهة املتعاقد معها ابعتبارها صاحبة الصفقة حق مراقبة تنفيذ صفقاهتا‬
‫وذلك بقصد الوصول إىل الغاايت اليت من أجلها تربم الصفقة وحيث أن هذه األخرية يتم تنفيذها عرب جمموعة‬
‫من الشروط اليت يتم االتفاق عليها‪ ،‬سواء من الناحية الفنية أو التقنية أو املالية‪ ،‬فإن املصلحة املتعاقدة متارس‬
‫سلطاهتا من خالل الرقابة أثناء اجناز األعمال وتنفيذ الشروط املتفق عليها‪ ،‬فهي تعمل دوما على مراقبة‬
‫‪.‬التعاقد معها والتحقق من مدى التزامه بتنفيذ شروط الصفقة ‪.‬‬
‫فال ميكن لإلدارة انتظار انتهاء الصفقة حىت متارس سلطة املراقبة عليها وإمنا تتزامن هذه املراقبة مع‬
‫التنفيذ وتتم سواء عن طريق التقارير اليت يرسلها كل من املتعاقد ومكتب الدراسات إىل اإلدارة واليت تتعرض‬
‫لنسبة تقدم األشغال والعراقيل املادية والتقنية اليت تعوق السري احلسن لألشغال‪ ،‬وٕا ما عن طريق اخلرجات‬
‫امليدانية اليت تقوم هبا فرق إدارية متخصصة من أجل معاينة التنفيذ‬

‫‪ 1‬سليمان حممد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود االدارية‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1991 ، 5‬ص ‪257‬‬
‫‪ 2‬حممود أبو السعود‪ ،‬سلطة االدارة يف الرقابة على تنفيذ العقد االداري‪ ،‬جملة العلوم القانونية واالقتصادية‪ ،‬جامعة عني مشس‪،‬مصر‪ ،1997 ،‬ص ‪20‬‬
‫‪ . 3‬املادة ‪ 36‬من املرسوم الرائسي ‪247-15‬‬
‫‪ 4‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬اإلبرام والتنفيذ يف ضوء أحكام جملس الدولة وفقا لقانون املناقصات‬
‫واملزايدات مناة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪256‬‬
‫‪42‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وال تقتصر املراقبة على طريقة التنفيذ وآجاهلا فحسب وإمنات مشل أيضا الوسائل واملواد واملنتجات‬
‫املستعملة لتنفيذ الصفقة‪ ،‬وكذا التأكد من أن املصلحة املتعاقدة قادرة على تنفيذ الصفقة وكذا التأكد من‬
‫قدرات املرشحني واملتعهدين التقنية واملهنية واملالية‬
‫قبل القيام بتقييم العروض وهذا ما جاء يف املادتني ‪ 53‬و ‪ 54‬من املرسوم ‪. 247-15‬‬
‫ابلرجوع إىل املرسوم الرائسي رقم ‪ 236-10‬يف املادة ‪ 92‬منه‪ ،‬على أنه جيب على املصلحة املتعاقدة‬
‫أن حترص على إجياد الضماانت الضرورية اليت تتيح أحسن العروض وأحسن الشروط لتنفيذ الصفقة‪.‬‬
‫▪ سلطة التعديل‬
‫ان لإلدارة وعلى خالف مبادئ القانون اخلاص اليت تقتضي أبن العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬حق تعديل‬
‫بعض شروط العقد ابرادهتا املنفردة دون احلاجة إىل موافقة الطرف اآلخر‪ ،‬فهو ليس له احلق أن حيتج أو يعرتض‬
‫طاملا كان التعديل ضمن اإلطار ‪.‬العام للصفقة وإسرتاتيجية املصلحة العامة وحسن تسيري املرفق العام‪.‬‬
‫سلطات املصلحة املتعاقدة يف جمال توقيع اجلزاء‬
‫وهي سلطة إهناء الصفقة) فسخ العقد (وكذا سلطة توقيع العقوابت املالية على املتعامل املتعاقد‪ّ.‬‬
‫▪ سلطة إهناء الصفقة) فسخ العقد(‬
‫لإلدارة حق إهناء الرابطة التعاقدية وقطع العالقة بينها وبني املتعامل املتعاقد على ارتكاب خطأ جسيم‬
‫خيول لإلدارة ممارسة هذه السلطة‪.‬‬
‫غري أن سلطة فسخ العقد‪ ،‬وابلنظر خلطورهتا وآاثرها فإن اإلدارة قبل ممارستها تلزم ابعذارها املعين‬
‫ابألمر ‪.1‬‬
‫فاألصل أ ن الصفقات العمومية تنقضي ابلطرق الطبيعية‪ ،‬سواء بتنفيذ االلتزامات التعاقدية القائمة‪ ،‬أو ابنتهاء‬
‫مدهتا القانونية إال أهنا قد تنتهي هناية مبتسرة يف حالة الفسخ كأحد اجلزاءات اليت توقعها املصلحة املتعاقدة‬
‫بنفسها استنادا إىل النصوص املنظمة للصفقات العمومية ودفرت الشروط اإلدارية العامة‪. 2‬‬
‫وابلرجوع إىل املرسوم الرائسي‪ 247-15‬وابلتحديد املادة ‪ 149‬منه جندها تنص‬
‫على ما يلي‪" :‬إذا مل ينفذ املتعاقد التزاماته التعاقدية ‪ ،‬توجه له املصلحة املتعاقدة اعذارا ‪.‬ليفي ابلتزاماته التعاقدية‬
‫يف أجل حمدد‪"..‬‬
‫وإذا مل يتدارك املتعاقد تقصريه يف األجل الذي حدده اإلعذار املنصوص عليه أعاله‪،‬فان املصلحة‬
‫التعاقدية ميكنها أن تقوم بفسخ الصفقة العمومية من جانب واحد‪ ،‬وميكنها كذلك القيام بفسخ جزئي للصفقة‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياف‪ ،‬الوجيز يف القانون اإلداري‪ ،‬دار رحيانة للنشر والتوزيع‪ ،‬ال ا زئر‪ ، 2003 ،‬ص‪1‬‬
‫‪ 2‬سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪140‬‬
‫‪43‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وال ميكن االعرتاض على قرار املصلحة املتعاقدة بفسخ الصفقة عند تطبيقها البنود التعاقدية يف الضمان‪،‬‬
‫واملتابعات الرامية اىل إصالح الضرر الذي حلقها بسبب خطأ املتعاقد معها‪.‬‬
‫وابلتايل فاملرسوم الرائسي ‪ 247-15‬أعطى لإلدارة سلطة الفسخ اجلزئي للصفقة‪ ،‬كما أعطى هلا‬
‫السلطة التقديرية يف اختاذ قرار فسخ الصفقة‪ ،‬حىت من دون خطأ من املتعامل بشرط تربير ذلك‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه املادة ‪ 150‬من املرسوم الرائسي ‪.247-15‬‬

‫▪ سلطة توقيع العقوابت املالية على املتعامل املتعاقد‬


‫إن اجلزاءات املالية يف الصفقات العمومية تتمتع كما يف مجيع العقود اإلدارية خبصوصية ت متيزها عن‬
‫مثيلتها من اجلزاءات املالية املعروفة يف قواعد القانون اخلاص‪ ،‬اليت تطبق يف جمال العقود املدنية‪ ،‬فمن مظاهر هذا‬
‫االختالف الغرامات املالية اليت متلك اإلدارة إيقاعها حبق املتعاقد معها إذا خالف أحد الشروط التعاقدية‪ ،‬وعليه‬
‫متنح لإلدارة صالحية فرض عقوابت مالية حبق املتعاقد معها بغية ضمان تنفيذ عقودها اإلدارية وفق الشروط‬
‫واملواعد املتفق عليها يف العقد‪.‬‬
‫حقوق والتزامات املتعامل املتعاقد‬

‫ما ال شك فيه هو أن املتعاقد مع اإلدارة يسعى من وراء تعاقده إىل حتقيق الربح‪ ،‬خاصة إذا كان‬
‫شخصا من أشخاص القانون اخلاص وهو الغالب‪.‬‬
‫يقيم العقد اإلداري نوعا من التوازن املايل بني مصاحل طرفيه‪ ،‬ومن حق املتعاقد مع اإلدارة إذا اختل هذا التوازن‬
‫أن يطالب ابلتعويض إلعادته إىل ما كان عليه‪ ،‬حىت يستطيع مواصلة تنفيذ العقد بطريقة الئقة‪ ،‬وهذا احلق‬
‫معرتف به دون حاجة إىل النص عليه صراحة يف العقد وإذا أصاب املتعامل املتعاقد ضررا جراء عمل قامت به‬
‫اإلدارة ‪.‬جاز له املطالبة ابلتعويض‬
‫▪ حقوق املتعامل املتعاقد‬
‫يتمتع املتعامل املتعاقد جبملة من احلقوق مع املصلحة املتعاقدة مقابل تنفيذ التزاماته وهي كالتايل‪:‬‬
‫* احلق يف اقتضاء املقابل املايل‬
‫ان احلق األول واألساسي للمتعامل املتعاقد مع اإلدارة هو احلصول على املقابل املايل املتفق عليه يف‬
‫العقد وختتلف صورة هذا املقابل حسب نوع العقد اإلداري‪..‬‬
‫* احلق يف التوازن املايل‬
‫من حق املتعامل املتعاقد مع اإلدارة أن يطالب ابلتعويض وذلك إذا اختل التوازن املايل للعقد ويرجع‬
‫اختالل التوازن املايل للعقد وزايدة أعباء للمتعاقد املالية إىل أسباب متعددة اليت قد حتدث أثناء تنفيذ العقد‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫فقد ترجع زايدة األعباء إىل فعل املتعاقد نفسه لقيامه أبداء خدمات غري متفق عليها يف العقد لكنها‬
‫ضرورية أو مفيدة يف تنفيذه‪ ،‬وحيدث ذلك على وجه اخلصوص يف عقود األشغال العامة‪.‬‬
‫وقد يكون هناك خطأ عمدي لإلدارة يف عدم قيامها بتنفيذ التزاماهتا الناشئة عن العقد عمدا أو إمهاال‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فإذا مل تقم اإلدارة بتنفيذ التزاماهتا تكون قد ارتكبت خطأ عمدي وهنا حيق للمتعامل طلب التعويض‬
‫▪ احلق يف التعويض‬
‫طبقا للقواعد املقررة يف القانون املدين فإن اإلدارة إذا تسببت يف إحداث ضرر للمتعامل املتعاقد جاز‬
‫هلذا األخري مطالبتها ابلتعويض‪ ،‬وكذلك يف حالة إخالهلا ابلتزاماهتا التعاقدية ويف كل احلاالت ويف اللجوء إىل‬
‫القضاء املختص أن يثبت املتعامل املتعاقد إ ما خطأ اإلدارة أو جتاوزها ألحد البنود املنصوص عليها يف العقد‬
‫‪.‬للمطالبة ابلتعويض أو حىت عند القيام أبعمال اثنوية أو حتمل أعباء إضافية‪.2‬‬

‫التزامات املتعامل املتعاقد‬


‫أعطى املشرع اجلزائري للمتعامل املتعاقد يف املرسوم الرائسي ‪ 247-15‬العديد من احلقوق ويف‬
‫املقابل وحرصا على سري ودميومة املرافق العامة وحفاظا على املال العام فقد قيده جبملة من االلتزامات‪ ،‬نذكر‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫▪ األداء الشخصي للخدمة‬
‫إن األصل هو أ ن تنفيذ الصفقة العمومية يكون من قبل املتعامل املتعاقد الذي ت إجراء العقد معه‪،‬‬
‫ولكن هناك حاالت ترخص فيها اإلدارة له أبن يلجأ لالستعانة ابلغري يف إطار ما يسمى ابلتعاون الثانوي‬
‫حسب واملرسوم الرائسي رقم ‪ 247-15‬مساه ابملناولة وذلك حسبا ملادة ‪ 140‬منه فبإمكانية املتعامل املتعاقد‬
‫للمصلحة املتعاقدة منح تنفيذ جزء من الصفقة ملناول بواسطة عقد املناولة‪ ،‬ومهما يكن من أمر‪ ،‬فال ميكن أن‬
‫تتجاوز املناولة ‪ %40‬من املبلغ اإلمجايل للصفقة‪ ،‬كما ال ميكن أن تكون صفقات اللوازم العادية حمل مناولة‬
‫ويف كل األحوال فاملتعامل املتعاقد هو املسؤول الوحيد جتاه املصلحة املتعاقدة عن تنفيذ جزء الصفقة املتعامل‬
‫فيها ابملناولة‪.‬‬
‫▪ أداء اخلدمة حسب الكيفيات املتفق عليها يف العقد‬
‫إذا اتفق املتعامل املتعاقد مع اإلدارة على شروط معينة يف العقد‪ ،‬كان ملزما أبداء هذه اخلدمة حسب‬
‫الشروط والكيفيات املتفق عليها‪ ،‬ألن اإلدارة تكون حمايدة على وضع دفرت شروط وميكن للمتعهد من االطالع‬
‫عليها‪ ،‬ومن هذا املنطق وجب عليه أن يتحمل نتيجة تعهده والتزامه أبن ينفذ موضوع الصفقة حسب ما ت‬

‫‪ 1‬مال هللا جعفر عبد املالك احلمادي‪ ،‬ضماانت العقد اإلداري‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ّّ 2010.،‬ص‪ّ 354‬‬
‫‪. 2‬أنظر املادة ‪ 140‬من املرسوم الرائسي ‪247-15‬‬
‫‪45‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫التعاقد عليه‪ ،‬فإن كان األمر يتعلق بتوريد أو جتهيز أو عتاد فوجب أن يكون حسب األوصاف واملقاييس املتفق‬
‫عليها‪ ،‬وهو األمر كذلك اذا تعلق موضوع الصفقة ابألشغال‪.‬‬
‫▪ االلتزام ابحرتام الوقت املتفق عليه ألداء اخلدمة‬
‫ان اهلدف األساسي من ابرام الصفقات العمومية هو ضمان السري احلسن واملستمر للمرافق العامة‬
‫العامة‪ ،‬وتقدمي اخلدمات للجمهور‪ ،‬ومن هذا املنطق فإن املتعامل املتعاقد جمرب وملزم ابحرتام اآلجال املتفق عليها‬
‫إلجناز املشاريع أو الصفقة موضوع العقد‪.‬‬
‫احملور التاسع ‪:‬حاالت اهناء الصفقات العمومية‬
‫ابعتبار الصفقة العمومية من العقود الزمنية فالبد من مآل ساعة زواهلا الذي قد يتم ابلطرق العادية‬
‫وهي النهاية الطبيعية ألي صفقة عمومية‪ .‬كما قد تكون ضحية خالفات بني األطراف نظرا لعدم احرتام أي‬
‫منهما اللتزاماته املفروضة فيؤدي إىل هنايتها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النهاية الطبيعية للصفقات العمومية‪:‬‬
‫تعرب الصفقة العمومية عن عالقة قانونية بني طرفني يعترب الزمن فيها عنصرا جوهراي‪ ،‬وابلتايل فانقضاء‬
‫املدة الزمنية لنفاذه يؤدي حتما إىل انقضائه‪ ،‬ويبدأ سراين املدة من اتريخ املصادقة النهائية على العقد‪.‬‬
‫وقد حيدث وأن يغفل ذكر املدة يف العقد وهو أمر اندر الوقوع فنستعني ابملدة القصوى احملددة قانوان لتمثل‬
‫اتريخ هنايته حسب طبيعة كل صفقة‪. 1‬‬
‫واجلدير ابإلشارة أن قانون الصفقات العمومية مل خيصص أحكاما خاصة لكل نوع من الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬بل مجيع أحكام الصفقات مبختلف أنواعها وترك للمصاحل املتعاقدة ابختالف أنواعها حرية حتديد‬
‫اتريخ هناية الصفقة العمومية حسب طبيعة كل صفقة‪ ،‬كما تنتهي الصفقة العمومية هناية طبيعية بتنفيذ‬
‫موضوعها فتنحل الرابطة العقدية بوفاء كل طرف ابلتزاماته التعاقدية‪ ،‬ففي عقد اخلدمات ينتهي العقد بوفاء‬
‫كل طرف مبا يف ذمته من التزام‪ ،‬فيقوم املتعهد بتنفيذ اخلدمة موضوع العقد وتقوم املصلحة املتعاقدة‬
‫ابلتسوية املالية للصفقة أو أن يقوم املتعامل املتعاقد يف عقد الدراسات إبجناز الدراسة وتبادر املصلحة املتعاقدة‬
‫إىل الوفاء ابلتزامها أيضا وغريها‪.‬‬
‫الواضح أن الصفقة العمومية يف هذه الصورة تقرتب من هناية العقد املدين‪ ،‬الذي ينتهي بتنفيذ موضوع‬
‫العقد وبوفاء كل طرف مبا عليه من التزامات‪ ، 2‬رغم ذلك تظل الصفقة العمومية متميزة أبحكامها‬
‫اخلاصة السيما يف عقد األشغال العامة؛ فبعد وفاء املتعامل املتعاقد ابلتزاماته كاملة يف املوعد احملدد وتسليمه‬

‫‪ 1‬أكلي نعيمة‪ ،‬النظام القانوين لعقد االمتياز اإلداري يف اجلزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري يف القانون‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي‬
‫وزو‪ ، 2013 ،‬ص‪. 15‬‬
‫‪ 2‬بوضياف عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪35‬‬
‫‪46‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫املشروع تظل مسؤوليته قائمة فهذا النوع من الصفقات يعرف نوعني من التسليم‪.‬‬
‫* التسليم املؤقت عند إمتام األشغال موضوع الصفقة‪ ،‬يتوىل املتعامل املتعاقد تسليم املشروع لإلدارة املعنية‬
‫وتبادر إىل االحتفاظ مببلغ الضمان للتأكد من حسن تنفيذ الصفقة طبقا ملا ت االتفاق عليه‪ ،‬كما تقتطع‬
‫الغرامات املالية والدفعات بعنوان التسبيقات‪.1‬‬
‫*التسليم النهائي عند تسجيل حتفظات على كيفية التنفيذ‪ ،‬يلزم املتعامل املتعاقد مبحاولة رفعها واالستجابة‬
‫ملضموهنا وحال إمتام ذلك يتم تسليم املشروع هنائيا وعندها تقوم املصلحة املتعاقدة برد اقتطاعات الضمان‬
‫وشطب الكافالت‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬النهاية غري الطبيعية للصفقات العمومية – النهاية املبسرتة‪:‬‬
‫تنتهي الصفقة العمومية كأصل عام بتنفيذ موضوعها وهو الوضع الطبيعي واملألوف‪ ،‬وقد تنتهي قبل‬
‫إمتام عملية التنفيذ‪ ،‬حال ارتكاب خطأ جسيم أثناء تنفيذ العقد أو بتقاعس أحد طريف العقد يف الوفاء السليم‬
‫ابلتزاماته‪ ،‬وهو ما يؤدي إىل وضع حد هلذا العقد قبل حلول أجله يف صورة هناية مبسرتة‪ ،‬وهذه احلالة أتخذ‬
‫أشكاال متعددة حسب نوع وطبيعة كل صفقة‪ ،‬ل كننا يف هذا املقام نتعرض إىل الفسخ ابعتباره النهاية غري‬
‫الطبيعية املشرتكة جلل الصفقات على اختالف أنواعها وطبيعتها‪.‬‬
‫يعترب الفسخ هناية الصفقة وجزاء أو عقوبة توقع على الطرف الذي تراخى يف تنفيذ التزاماته التعاقدية‪،‬‬
‫بعد أن خابت كافة الوسائل يف إصالحه؛ مما يفقد املصلحة املتعاقدة الثقة يف التعامل معه‪.‬أيخذ الفسخ صورا‬
‫خمتلفة فقد يكون استجابة لرغبة طرفيه أو خضوعا واحرتاما للقانون أو تطبيقا حلكم قضائي‪.‬‬
‫اثلثا‪:‬الفسخ االتفاقي‪:‬‬
‫وهو ذلك الفسخ الذي يتم ابتفاق الطرفني قبل هناية مدة الصفقة ومبقتضاه يتوىل الطرفان تقدير‬
‫التعويض املستحق وكيفية دفعه دون حاجة اللجوء إىل القضاء‪ ، 3‬وجيد هذا الفسخ أساسه يف أحكام املادة‬
‫‪113‬من املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 236-10‬اليت جاء فيها " ‪:‬زايدة على الفسخ من جانب واحد املنصوص‬
‫عليه يف املادة ‪ 112‬أعاله ميكن القيام ابلفسخ التعاقدي للصفقة حسب الشروط املنصوص عليها صراحة‬
‫هلذاالغرض‪" .‬‬

‫‪ 1‬أنظر ‪:‬املادة ‪ 86‬من أحكام املرسوم الرائسي‪10 - 236 .‬‬


‫‪ 2‬أنظر ‪:‬املادة ‪ 86‬من أحكام املرسوم الرائسي‪10 - 2‬‬
‫‪ 3‬أكلي نعيمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 15‬‬
‫‪47‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫وملا كان للفسخ االتفاقي الطابع الرضائي‪ ،‬فإن نص املادة ‪ 113‬املذكورة أعاله أوجبت توقيع اتفاقية‬
‫أو وثيقة الفسخ من قبل املمثل القانوين للمصلحة املعنية واملتعامل املتعاقد‪ ،‬تتضمن التسوية املالية لألشغال‬
‫املنجزة حفاظا على حقوق املتعامل املتعاقد خاصة وأنه مل يثبت اخلطأ من جانبه‪. 1‬‬
‫رابعا‪:‬الفسخ بقوة القانون‪:‬‬
‫خالفا للفسخ االتفاقي قد ينفسخ العقد بقوة القانون دون الوقوف على رغبة أحد أطرافه كما لو هلك‬
‫حمل الصفقة العمومية بسبب قوة قاهرة‪ ،‬أو إذا تضمنت الصفقة شرطا فاسخا جيعل الصفقة مفسوخة‬
‫بتحققه ‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الفسخ اإلداري‪:‬‬
‫من أهم سلطات املصلحة املتعاقدة يف مواجهة املتعامل املتعاقد الفسخ االنفرادي أو اإلداري للصفقة‬
‫العمومية وهو ما جاء صراحة يف أحكام املادة ‪ 99‬من املرسوم الرائسي رقم‪.236-10‬‬
‫واضح من نص املادة أن املشرع اجلزائري اعرتف صراحة للمصلحة املتعاقدة ممارسة هذه السلطة‪ ،‬أال‬
‫أن ممارستها معلقة على إجراء جوهري يتمثل يف اإلعذار وهو إجراء شكلي جوهري قبل توقيع الفسخ‪ ، 2‬إذ‬
‫يشكل اإلعذار محاية للمتعامل املتعاقد من تعسف املصاحل املتعاقدة وخروجها عن مبدأ املشروعية‪ ،‬وابلتايل‬
‫ال فسخ دون إعذار‪ ،‬وما نسجله على نص املادة ‪ 112‬أهنا مل حتدد أجال بعد توجيه اإلعذار يسمح بعد‬
‫انتهائه ممارسة سلطة الفسخ‪ ،‬ولرمبا تعمد املشرع ذلك ليمنح املصاحل املتعاقدة سلطة تقديرية حسب طبيعة‬
‫كل صفقة‪.‬‬
‫وابلرجوع إىل قرار وزير املالية بتاريخ ‪ 28‬مارس ‪ 2011‬نصت املادة ‪ 2‬منه أن الفسخ ال يتم من‬
‫جانباملصلحة املتعاقدة إال بعد توجيه إعذارين للمتعامل املتعاقد العاجز كما وصفته املادة املذكورة‪ ،‬كما بينت‬
‫املادةالثالثة من ذات القرار مضمون اإلعذار‪ ،‬وأوجبت ذكر البياانت التالية‪:‬‬
‫* تعيني املصلحة املتعاقدة وعنواهنا‪ ،‬تعيني العامل املتعاقد وعنوانه‪ ،‬التعيني الدقيق للصفقة ومراجعها‪ ،‬توضيح‬
‫إن كان أول أو اثين إعذار‪ ،‬موضوع اإلعذار‪ ،‬األجل املمنوح لتنفيذ موضوع اإلعذار‪ ،‬العقوابت املنصوص‬
‫عليها يف حال رفض التنفيذ‪.‬‬
‫أما عن شكل اإلعذار فبينته املادة الرابعة‪ ،‬إذ يتم برسالة موصى عليها ترسل إىل املتعامل املتعاقد مع إشعار‬
‫ابالستالم ونشره وجواب يف النشرة الرمسية لصفقات املتعامل العمومي‪.‬‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪354‬‬


‫‪ 2‬وذلك ما جاء عن الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا يف قضية توهامي طاهر ضد وايل والية عنابة‪ ،‬الذي جاء يف مضمونه أن اإلدارة مل توجه إنذار‬
‫للمتعامل املتعاقد معها قبل توقيع جزاء الفسخ السيما وأن املادة ‪ 6‬واملادة ‪ 35‬من العقد تقتضيان ضرورة اإلعذار املسبق قبل توقيع جزاء الفسخ‪،‬‬
‫احملكمة العليا‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار مؤرخ يف ‪ ، 28 / 07 / 1990‬قضية توهاميطاهر ضد وايل والية عنابة‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫األستاذ سنوسي علي‬ ‫ماستر ‪ 2‬اقتصاد نقدي وبنكي‬ ‫محاضرات في مقياس الصفقات العمومية‬

‫على خالف الفسخ االتفاقي فإن الفسخ االنفرادي أو اإلرادي يشكل أهم صورة لسلطات املصلحة‬
‫املتعاقدة اجتاه املتعامل املتعاقد ميارس جراء تقصريه أو إخالله اجلسيم ابلتزاماته العقدية مبا يضمن السري احلسن‬
‫للمشروعات حمل الصفقات العمومية‪ ،‬مبا جيسد فكرة استمرارية املرافق العامة لذا يسمى أيضا ابلفسخ‬
‫اجلزائي‪ .‬كما جيوز للمصلحة املتعاقدة فسخ العقد إبرادهتا املنفردة حىت ولو مل يرتكب املتعامل املتعاقد أي خطأ‬
‫مراعاة ملبدأ املالئمة‪ ،‬غري أن هذا األمر يعطي املصاحل املتعاقدة سلطة تقديرية واسعة يف وضع حد للرابطة‬
‫العقدية‪ ،‬وتلزم املصلحة املعنية تربير موقفها عند ممارسة الرقابة من اجلهات املخولة قانوان‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬الفسخ القضائي‪:‬‬
‫من منطلق أن حق التقاضي مكفول للجميع‪ ،‬فيجوز لطريف الرابطة العقدية اللجوء إىل القضاء اإلداري‬
‫ممثال يف احملاكم اإلدارية املختصة إقليميا‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن يستند رافع الدعوى لسبب جدي يوجب الفسخ القضائي ويربر استجابة القاضي‬
‫اإلداري ملوضوع الدعوى‪.1‬‬
‫تلك هي حاالت هناية الصفقة العمومية مبعىن هناية حياهتا أو مسارها القانوين‬

‫ويف األخري حتتل الصفقات العمومية جانبا هاما من أعمال الدولة وذلك ابلنظر إىل مكانتها إذ متثل‬
‫الشراين الذي يدعم عملية التنمية الوطنية‪ ،‬لذا حرص املشرع اجلزائري على توفري منظومة قانونية متكاملة عرب‬
‫كم هائل من النصوص بدءا ابألمر رقم ‪ ، 90-67‬إىل املرسوم الرائسي رقم ‪ ، 247-15‬وتعديالهتا‬
‫املتالحقة‪ ،‬ليضمنها ميكانيزمات وتدابري جذابة حملاربة الصفقات املشبوهة‪ ،‬ابلرغم مما يعرتيها من نقائص يعرب عن‬
‫إرادة الدولة الصادقة يف مواجهة الفساد أو على األقل التقليل من آاثره‪.‬‬
‫كما عمل املشرع اجلزائري على تعديل تنظيم الصفقات العمومية يف كثري من املرات وذلك من اجل‬
‫االستجابة للمتطلبات االقتصادية الراهنة‪ ،‬واحلفاظ على املال العام وترشيد النفقات العامة‪ ،‬وتكريس احلكم‬
‫الراشد‪.‬‬

‫‪ 1‬بعلي حممد الصغري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬


‫‪49‬‬

You might also like