You are on page 1of 13

‫دحماني محمد‬

247-15 ‫طرق إبرام الصفقات العمومية يف ظل املرسوم الرئايس رقم‬


1
‫دحماني محمد‬
:‫امللخص‬
‫إن املرشع الجزائري أعطى أهمية قصوى للصفقات العمومية ألنها وسيلة من الوسائل‬
‫ ولقد جاء‬.‫التي تجسد فكرة استمرار املؤسسات العمومية وهي تخضع لطرق إبرام خاصة‬
‫ املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‬247-15 ‫املرسوم الرئايس رقم‬
‫ بدءا بتحديد رشوط وطرق‬،‫بصيغة مخالفة للنصوص السابقة السيام منها مرحلة اإلبرام‬
‫اإلبرام وصوال بضبط اآلليات الكفيلة بتجسيد تلك الجهود الرامية إىل محاربة الفساد وحامية‬
.‫املال العام‬
.‫ مال عام‬،‫ مصلحة مساواة‬،‫ شفافية‬،‫ إبرام‬،‫ طلب العروض‬،‫ صفقات عمومية‬:‫الكلامت املفتاحية‬
Résumé:
Le législateur algérien a accordé une plus grande importance aux marchés
publics, étant un des moyens incarnant l’idée de continuité des établissements
publics et, par conséquent, ils sont soumis à des conditions de passation
particulières. A cette fin, le décret présidentiel n°15247- portant organisation
des marchés publics et délégation des services publics prévoit, contrairement
aux textes antérieurs, les différentes phases imposées aux contractants d’une
manière explicite, en particulier au stade de conclusion, en commençant par
la détermination des conditions et des modalités de la conclusion jusqu’à
la régulation des mécanismes permettant de concrétiser les efforts de lutte
contre la corruption et de protection des biens publics.
Mots clés : Marchés publics, conclusion, transparence, égalité, conditions,
biens publics.
Abstracts:
The Algerian legislator has given greater importance to public
transactions, being one of the means embodying the idea of continuity of

.‫ جامعة تلمسان‬،‫ كلية الحقوق والعلوم السياسية‬،‫ قانون عام‬،‫د‬.‫م‬.‫ طالب يف سلك الدكتوراه سنة ثانية ل‬1
96
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫‪public institutions and, consequently, they are subject to special conditions‬‬


‫‪of award. To this end, Presidential Decree No. 15247- on the organization of‬‬
‫‪public procurement and the delegation of public services provides, contrary‬‬
‫‪to earlier texts, for the different phases imposed on contractors in an explicit‬‬
‫‪manner, in particular at the conclusion stage, starting with the determination‬‬
‫‪of the conditions and modalities of the conclusion until the regulation of the‬‬
‫‪mechanisms to concretize the efforts to fight corruption and protect public‬‬
‫‪property.‬‬
‫‪Keywords: public transactions, conclusion, transparency, equality,‬‬
‫‪conditions, public goods‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫نظرا للظروف الراهنة و التطورات الحاصلة عىل املستوى الوطني و الدويل خاصة يف ظل‬
‫أزمة املحروقات وما انجر عنها من انخفاض ألسعار النفط‪ ،‬كان لزاما عىل الدولة إعادة النظر‬
‫يف الرتسانة القانونية املنظمة للصفقات العمومية باعتبارها ترتبط ارتباطا وثيقا بالخزينة‬
‫العمومية و تكلفها اعتامدات مالية ضخمة‪ ،‬مع إرفاقها بجملة من اإلجراءات التنظيمية‪ ،‬بدءا‬
‫بتحديد رشوط و طرق اإلبرام وصوال بضبط اآلليات الكفيلة بتجسيد تلك الجهود الرامية‬
‫إىل محاربة الفساد و حامية املال العام حتى يتم خلق التوازن بني متطلبات توفري الحاجات‬
‫العامة للجمهور و تلبية الطلبات العمومية‪.‬‬
‫ولعل تعدد صور وأساليب إبرام الصفقات العمومية عىل مختلف الترشيعات السابقة‬
‫والتي نتج عنها وجود جملة من االختالالت واالثغرات‪ ،‬حيث أتاح الفرصة ملستهديف املال‬
‫العام إلستغاللها يف مامرسة الفساد اإلداري بأشكاله املختلفة‪ ،‬مام فرض عىل الدولة التفكري‬
‫جديا يف وضع إطار قانوين خصويص مستقل بذاته ومتميز يف أحكامه عن قواعد القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وهو ما استجاب له املرشع بإصدار املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬ملغيا بذلك أحكام‬
‫القانون رقم ‪ 236-10‬املعدل واملتمم‪ ،‬الذي جاء بصيغة مخالفة للنصوص السابقة ال سيام منها‬
‫مرحلة اإلبرام‪ ،‬التي تعترب أهم مرحلة للصفقة العمومية إذ أن غالبية التجاوزات املاسة مببادئ‬
‫الصفقات العمومية يتم ارتكابها أثناء هذه املرحلة‪ ،‬مع إضافة عقود تفويضات املرفق العام‪،‬‬
‫حيث تطبق أحكامه عىل الصفقات العمومية محل نفقات الدولة و الجامعات اإلقليمية‬
‫واملؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري و املؤسسات العمومية الخاضعة للترشيع الذي‬
‫يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا مبساهمة مؤقتة أو‬
‫‪97‬‬
‫دحماني محمد‬

‫نهائية من الدولة مام يتيح لها البحث عن مصادر متويل غري عمومية و تفويض تسيري مرافقها‬
‫للخواص للتقليل من العبء املايل عىل ميزانية الدولة لتحريك دواليب التنمية و دفعها إىل األمام‪.‬‬
‫إن الهدف الرئييس من وراء هذا اإلصالح القانوين هو ترشيد وحامية النفقات العمومية‬
‫مع السامح للمصالح املتعاقدة تلبية احتياجاتها يف شفافية وفعالية طبقا للمعايري الدولية‪.‬‬
‫وانطالقا من هذا‪ ،‬ما هي أهم املستجدات التي جاء بها هذا املرسوم فيام يخص عملية إبرام‬
‫الصفقات العمومية؟ وما مدى فعاليته يف معالجة النقائص املوجودة يف القوانني السابقة ؟‬
‫وهذا ما سوف نتطرق إليه من خالل محاولة الكشف عن طرق و أساليب إبرام الصفقات‬
‫العمومية (طلب العروض‪-‬إشكالية الرتايض) مع تسليط الضوء عىل الجوانب املستحدثة يف‬
‫هذا املجال‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬سنتعرض عىل التوايل من خالل هذه الدراسة إىل أسلوب إبرام الصفقات العمومية‬
‫عن طريق طلب العروض‪ ،‬ثم إىل أسلوب إبرام الصفقات العمومية عن طريق الرتايض‪.1‬‬
‫املطلب األول ‪:‬أسلوب إبرام الصفقات العمومية عن طريق طلب العروض‪.‬‬
‫يف ظل محاولة إبراز أهم التعديالت الجديدة املتعلقة بالصفقات العمومية عن طريق‬
‫طلب العروض‪ ،‬سيتم الحديث عن مفهوم طلب العروض ثم التطرق إىل أشكال طلب العروض‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم طلب العروض‪.‬‬
‫لقد أعطى قانون الصفقات العمومية الجديد تعريفا أوسع لطلب العروض متداركا‬
‫التناقض الذي تضمنته مختلف الترشيعات السابقة املتعلقة بالصفقات العمومية يف الجزائر‪،‬‬
‫فنجد مثال أن املرسوم الرئايس السابق رقم ‪ 236-10‬املؤرخ يف ‪ 07‬أكتوبر ‪ 2010‬يطلق عىل‬
‫تسمية طلب العروض باملناقصة و هو ما يشكل خطا يف التسمية أو الرتجمة‪ ،‬هذا و قد‬
‫عرف املرشع الجزائري طلب العروض يف املادة ‪ 40‬من القانون الجديد كاآليت ‪»:‬طلب العروض‬
‫هو إجراء يستهدف الحصول عىل عروض من عدة متعهدين متنافسني مع تخصيص الصفقة‬
‫دون مفاوضات للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من حيث املزايا االقتصادية‪ ،‬استنادا إىل‬
‫معايري اختيار موضوعية‪ ،‬تعد قبل إطالق اإلجراء‪».‬‬
‫أما عن حاالت عدم جدوى إجراء طلب العروض هي ‪:‬‬
‫‪ -‬عندما ال يتم استالم أي عرض‪.‬‬
‫‪ -‬عندما ال يتم اإلعالن بعد تقييم العروض عن مطابقة أي عرض ملوضوع الصفقة و‬
‫ملحتوى دفرت الرشوط‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪.‬محمد الصغري بعيل ‪ ،‬القرارات و العقود اإلدارية ‪ ،‬دار العلوم للنرش و التوزيع ‪ ،‬عنابة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2017 ،‬ص‪.2019‬‬
‫‪98‬‬
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫‪ -‬عندما ال ميكن ضامن متويل الحاجات‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫مام يعني أنه ميكن تقييم العرض الوحيد بعدما كانت تعلن حاالت عدم الجدوى عند‬
‫استالم عرض وحيد يف القانون السابق‪.‬‬
‫فتعريف طلب العروض مقارنة بتعريف املناقصة سابقا توسع من جهة املعايري التي‬
‫ينبغي االعتامد عليها يف منح الصفقات العمومية‪ ،‬خصوصا تلك املتعلقة باملزايا االقتصادية‪،‬‬
‫مع استبعاد كل أشكال املفاوضات‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإن طريقة طلب العروض تستند إىل‪:‬‬
‫‪ -‬املنافسة بني عدة عارضني‪.‬‬
‫‪ -‬مراعاة أحسن و أفضل عرض‪.‬‬
‫ومن خالل استقراءنا لنص املادة نضيف أن املرشع الجزائري أخذ طلب العروض كأصل‬
‫عام بصورة ضمنية ال رصيحة‪ ،‬كام انتقل من مصطلح أفضل العروض إىل مصطلح أحسن‬
‫العروض‪ .‬وبهذه األحكام التي حملها املرسوم الجديد يكون املرشع قد ضبط مصطلح طلب‬
‫العروض تفاديا ألي إشكالية يف فهم معناه الحقيقي لو أدرج بعنوان مناقصة‪ ،‬وحسنا فعل‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى ترك للجهة املعنية مجاال الختيار املتعاقد معها ال عىل أساس العرض املايل‬
‫لوحده‪ ،‬بل وعىل أسس موضوعية أخرى‪ .‬ومن هنا اعرتف لها بسلطة التقدير واالختيار‪،‬‬
‫والجمع بني أكرب من معيار بحثا عن العرض األفضل‪ ،‬وليس األقل مثنا بالرضورة كام كان الوضع‬
‫‪2‬‬
‫يف مرحلة سابقة‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أشكال طلب العروض‪.‬‬
‫إن املرشع وإن جاء محددا لطرق التعاقد‪ ،‬فإنه من جهة أخرى ذكر أكرث من أسلوب أو‬
‫طريقة للتعاقد مبا يعني أنه فسح مجال الحرية لإلدارة الختيار األسلوب والنمط الذي يليق‬
‫بها حسب ظروف كل عملية تعاقدية‪ ،‬مع إلزامها بتحمل املسؤولية كاملة يف حال اختيار‬
‫طريقة من التعاقد دون األخرى خاصة حني يتم تفضيل أسلوب الرتايض عىل طلب العروض‪.‬‬
‫هذا و نصت املادة ‪ 42‬من املرسوم الرئايس ‪ 247-15‬عىل أنه‪ »:‬ميكن أن يكون طلب‬
‫العروض وطنيا و‪ /‬أو دوليا‪ ،‬وميكن أن يتم حسب أحد األشكال اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬طلب العروض املفتوح‪.‬‬
‫‪ -‬طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا‪.‬‬
‫‪ 1‬أ‪.‬مونية جليل‪ ،‬التدابري الجديدة لتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‪ ،‬دار بلقيس للنرش‪ ،‬الجزائر‪، 2017 ،‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬عامر بوضياف‪ ،‬رشح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم الرئايس ‪ ، 2047-15‬جسور للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،‬‬
‫القسم األول‪ ،‬الجزائر‪ ، 2017 ،‬ص‪ .196‬أ‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫دحماني محمد‬

‫‪ -‬طلب العروض املحدود‪.‬‬


‫‪ -‬املسابقة‪.1‬‬
‫ورجوعا لنفس املادة نجدها أنها قد بينت بوضوح أشكال طلب العروض‪ ،‬وأشارت أنه‬
‫ميكن أن يكون وطنيا و‪ /‬أو دوليا‪.‬‬
‫وهو ما يتيح الفرصة للمنافسة التي قد تتسع أو تضيق عىل حسب إذا كان طلب‬
‫العروض وطنيا ودوليا‪ ،‬فمنطوق اإلعالن املتضمن طلب العروض هو من يتحكم يف مجال‬
‫املنافسة واملشاركة‪ ،‬ولكل صفقة خصوصياتها‪ ،‬فال يعقل يف صفقات األشغال العادية والتي‬
‫تتطلب إمكانات بسيطة أن يكون طلب العروض دوليا والعكس صحيح‪ ،‬فاألمر كله يتوقف‬
‫عىل طبيعة الصفقة‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬طلب العروض املفتوح‪:‬‬
‫لقد عرفته املادة ‪ 43‬من القانون الجديد رقم ‪ 247-15‬عىل أنه ‪»:‬طلب العروض املفتوح‬
‫‪3‬‬
‫هو إجراء ميكن من خالله أي مرتشح مؤهل أن يقدم تعهدا‪».‬‬
‫ويضمن هذا الشكل بسبب عدم محدوديته أكرب قدر من املشاركة ‪ ،‬فيضمن بالتايل احرتام‬
‫املبادئ العامة املتعلقة بالشفافية وحرية املنافسة وسعتها وسهولة املشاركة للوصول إىل‬
‫الطلبية العامة‪.‬‬
‫وجاء تعريف طلب العروض املفتوح كذلك مشابها ملا أورده قانون الصفقات العمومية‬
‫الوضعي الفرنيس‪ .‬إال أنه باملقابل‪ ،‬فإن ما تضمنه هذه الصيغة من سعة مشاركة ال يؤدي‬
‫بالرضورة إىل أكرب قدر من املنافسة‪ ،‬ذلك أن هذه العروض قد ال تكون كلها مطابقة أو‬
‫تستجيب كلية ملتطلبات املرشوع‪ ،‬أو صادرة عن مؤسسات متلك القدرات التقنية واملالية‬
‫‪4‬‬
‫الرضورية إلنجاز املرشوع‪.‬‬
‫إن الرتشح لطلب العروض املفتوح يتوقف عىل االستجابة للرشوط والكيفيات التي‬
‫تحددها اإلدارة من خالل اإلعالن املنشور طبقا للتنظيم الجاري العمل به‪ .‬فعبارة العرض‬
‫املفتوح ال تعن أبدا أن مجال املنافسة واملشاركة يفتح لكل عارض‪ ،‬بل فقط العارض املؤهل‬

‫‪ 116‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ .2015 ،50‬املرسوم‬
‫الرئايس رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف‬
‫‪ 2‬ا‪.‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 43‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات‬
‫املرفق العام‪.‬‬
‫‪ 4‬خالد خليفة ‪ ،‬طرق واجراءات ابرام الصفقات العمومية يف القانون الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ، 2017 ،‬ص‪ 08‬و ‪.09‬‬
‫‪100‬‬
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫التي تنطبق عليه األوصاف والرشوط املحددة يف اإلعالن‪.‬‬


‫ثانيا ‪ :‬طلب العروض املفتوح مع اشرتاط قدرات دنيا‪.‬‬
‫وهو ما جاءت به نص املادة ‪ 44‬من املرسوم رقم ‪ 247-15‬بقولها ‪»:‬هو إجراء يسمح‬
‫فيه لكل املرتشحني الذين تتوفر فيهم بعض الرشوط الدنيا املؤهلة التي تحددها املصلحة‬
‫املتعاقدة مسبقا قبل إطالق اإلجراء بتقديم تعهد وال يتم انتقاء قبيل من طرف املصلحة‬
‫املتعاقدة‪.‬‬
‫تخص الرشوط املؤهلة القدرات التقنية واملالية و املهنية الرضورية لتنفيذ الصفقة وتكون‬
‫متناسبة مع طبيعة و تعقيد و أهمية املرشوع»‪.1‬‬
‫وما يالحظ أن هذا املصطلح مل يسبق التطرق فيه ومل ترش إليه مختلف التنظيامت‬
‫السابقة‪ ،‬هذا وقد تضمن هذا الشكل من أشكال طلب العروض رضورة إدراج بعض املؤهالت‬
‫والرشوط املسبقة حتى يقدم املتعهد عرضه إلبرام الصفقة العمومية‪.2‬‬
‫وحددت الفقرة الثانية من نفس املادة ‪ 44‬طبيعة الرشوط املفروضة من قبل املصلحة‬
‫املتعاقدة‪ ،‬من قدرات تقنية تتعلق بالوسائل املخصصة لتنفيذ موضوع الصفقة فال يقدم أي‬
‫عرض إال من توفرت فيه الرشوط التقنية املحددة يف اإلعالن‪ ،‬وكذا قدرات مالية تفرضها‬
‫اإلدارة عىل املرتشح من وسائل مادية وبرشية يتطلبها املرشوع‪ ،‬وقدرات مهنية من شهادات‬
‫تأهيل أو أي شهادات أخرى‪.‬‬
‫وقد أعرتف املرشع الجزائري للمصلحة املتعاقدة مبوجب املادة ‪ 44‬من املرسوم الرئايس‬
‫رقم ‪ 247-44‬بقدر من الحرية يف وضع وتحديد رشوط املنافسة‪ ،‬مع وضع معايري خاصة بغية‬
‫تحقيق الغرض من العملية التعاقدية‪ ،‬فأسلوب التعاقد عن طريق طلب العروض املفتوح مع‬
‫اشرتاط قدرات دنيا يف املرتشح يؤكد الطابع املعقد لبعض العمليات محل طلب العروض‪ .‬لذا‬
‫يكون من حق اإلدارة ومن سلطاتها أيضا أن تقدر ما تراه صالحا لها من رشوط خاصة و تعلن‬
‫عرب إعالن طلب العروض ما تطلبه وما تشرتطه يف املتعاقد معها‪.3‬‬
‫ثالثا ‪ :‬طلب العروض املحدود ‪:‬‬
‫تلجأ اإلدارة إىل طلب العروض املفتوح ( االستشارة االنتقائية ) يف العمليات املعقدة وذات‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 44‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات‬
‫املرفق العام‪ ،.‬نفس املرجع‪.‬‬
‫‪ 2‬خالد خليفة‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ 3‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪101‬‬
‫دحماني محمد‬

‫األهمية الخاصة واملتميزة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 45‬من املرسوم الرئايس رقم ‪.2471-15‬‬
‫ففي هذا األسلوب يقوم عىل انتقاء أويل يقترص فيه تقديم التعهدات واملعطاءات والرتشح‬
‫عىل من تتوافر فيهم رشوط ومواصفات محددة تضعها املصلحة املتعاقدة مسبقا وذلك‬
‫نظرا ألهمية وصعوبة العملية التي تتطلب مبدئيا الخربة واإلمكانيات الالزمة ضامنا لحسن‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫ووفقا لهذا فإن هذا الشكل مخصص إلجراء استشارة انتقائية‪ ،‬بحيث يكون املرتشحون‬
‫الذين تم انتقائهم األويل من قبل مدعوين وحدهم لتقديم تعهد‪ ،‬حيث يتم وضع قامئة‬
‫معينة ملؤسسات مؤهلة بني يدي املصلحة املتعاقدة للمشاركة يف استشارة انتقائية‪.‬‬
‫تنفذ املصلحة املتعاقدة االنتقاء األويل الختيار املرتشحني إلجراء املنافسة عندما يتعلق‬
‫األمر بالدراسات أو العمليات املعقدة و ‪ /‬أو ذات األهمية الخاصة‪.‬‬
‫واللجوء إىل طلب العروض املحدود محدد عىل سبيل الحرص إذ تحدد قامئة املشاريع التي‬
‫ميكن أن تكون موضوع طلب العروض املحدود مبوجب مقرر من مسؤول الهيئة العمومية‬
‫أو الوزير املعني بعد أخذ رأي لجنة الصفقات للهيئة العمومية أو اللجنة القطاعية للصفقات‬
‫حسب الحالة‪.2‬‬
‫وما يالحظ من خالل نص املادتني ‪ 45‬و ‪ 46‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬أن املرشع‬
‫الجزائري قد منح لإلدارة قدر واسع من الحرية بالسامح لها باالتصال باملتعاملني وانتقائهم‬
‫بكل حرية مع التأكيد عىل رضورة احرتام مبادئ الصفقة العمومية‪ ،‬كام أعطى الحيز القانوين‬
‫للعملية اإلجرائية من خالل بيان اللجوء إليها إما عىل مرحلتني أو عىل مرحلة واحدة مع بيان‬
‫املتطلبات وكيفيات االنتقاء األويل بصورة تبعد اإلدارة عن التهم و الشكوك ‪ ،‬إضافة إىل ذلك‬
‫حدد املجال املغلق لالستشارة ببيانه لعدد املنافسني و مل يحدد العدد األدىن للعارضني‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املسابقة‪:‬‬
‫وهو ما نصت عليه املادة ‪ 47‬من القانون الجديد عىل أنها ‪»:‬إجراء يضع رجال الفن‬
‫يف منافسة الختيار‪ ،‬بعد رأي لجنة التحكيم املذكورة يف املادة ‪ 48‬أدناه مخطط أو مرشوع‬
‫مصمم استجابة لربنامج أعده صاحب املرشوع قصد إنجاز عملية تشمل عىل جوانب تقنية أو‬
‫اقتصادية أو جاملية أو فنية خاصة قبل منح الصفقة ألحد الفائزين باملسابقة»‪.3‬‬
‫‪ 1‬املادة ‪ 45‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات‬
‫املرفق العام‪.‬‬
‫‪ 2‬ا‪.‬خالد خليفة ‪ ،‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 47‬من املرسوم الرئايس رقم ‪. 247-15‬‬
‫‪102‬‬
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫كوضع لحن لنشيد ملناسبة وطنية معينة أو تصميم و إعداد أوراق نقدية أو إعداد شارات‬
‫و رموز فنية‪.‬الخ‪،‬لخ ‪ ،‬ألن املسابقة عبارة عن منافسة تتعلق بالفكر و املعلومات واملخططات‬
‫وكذا الهندسة و متنح الصفقة للفائز باملسابقة الذي قدم أحسن عرض‪.‬‬
‫وتلجأ املصلحة املتعاقدة إىل إجراء املسابقة ال سيام يف مجال تهيئة اإلقليم والتعمري‬
‫والهندسة املعامرية والهندسة أو معالجة املعلومات وهذا ماحددته الفقرة الثانية من املادة‬
‫‪ 47‬من نفس املرسوم الجديد‪.‬‬
‫أما عن أسلوب املسابقة فقد فصلت فيه الفقرة األوىل من نص املادة ‪ 48‬من املرسوم‬
‫الرئايس الجديد فقد أعطى لها طريقتني أسلوب املسابقة املحدودة وأسلوب املسابقة‬
‫املحدودة مع اشرتاط قدرات دنيا‪.‬‬
‫وما يالحظ‪ ،‬فإن املسابقة فهي إجراء مخصص لألشخاص الطبيعيني دون املعنويني ألنها تركز‬
‫عىل الجوانب الفنية والجاملية مام يجعل املادة مفيدة جدا مقارنة بالغرض املرجو اإلجراء‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن تنظبم الصفقات العمومية الجديد ألغى شكل املزايدة الذي تضمنته‬
‫بعض القوانني السابقة الخاصة بالصفقات العمومية عىل غرار املرسوم الرئايس رقم ‪.263-10‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬أسلوب إبرام الصفقات العمومية عن طريق الرتايض‪.‬‬
‫لقد جعل املرشع الجزائري أسلوب طلب العروض هو القاعدة العامة مبا كفل به حق‬
‫املشاركة لكل العارضني و ضامنا لشفافية الصفقة و نزاهتها مام يحد من مظاهر الفساد‬
‫وتبديد املال العام‪ .‬غري أنه استثناء وألسباب موضوعية ميكن لإلدارة باختيار املتعاقد معها يف‬
‫ظروف و حاالت محددة ومبينة يف النص دون الحاجة إلجراءات اإلشهار والنرش ودون أدىن‬
‫‪1‬‬
‫داع إلعالم الغري وهو ما أطلق عليه بأسلوب الرتايض يف إبرام الصفقة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الرتايض‪.‬‬
‫وهو ما جاءت به نص املادة ‪ 41‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬عىل أنه ‪»:‬هو إجراء‬
‫تخصيص صفقة ملتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إىل املنافسة‪ ،‬وميكن أن يكتيس‬
‫الرتايض شكل الرتايض البسيط أو شكل الرتايض بعد االستشارة وتنظم هذه االستشارة بكل‬
‫‪2‬‬
‫الوسائل املكتوبة املالمئة‪».‬‬
‫هذا وقد اكتفى املرشع بتعريف الرتايض عىل أنه إجراء يتضمن منح صفقة ملتعامل‬
‫متعاقد دون الحاجة إلتباع تلك اإلجراءات الشكلية‪ ،‬حيث أهتم بعنرص الشكل من خالل‬
‫‪ - 1‬عامر بوضياف ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 41‬من املرسوم الرئايس رقم ‪. 247-15‬‬
‫‪103‬‬
‫دحماني محمد‬

‫الترصيح بإعفاء املصلحة املتعاقدة من جانب التقيد باإلجراءات‪ ،‬وهو عبارة عن طريق‬
‫استثنايئ إلبرام الصفقات العمومية دون الدعوة الشكلية للمنافسة مختفا بذلك اختالفا جذريا‬
‫عن أسلوب طلب العروض الذي يشكل القاعدة العامة يف إبرام الصفقات العمومية مستندا‬
‫يف ذلك إىل مبدأ املنافسة‪.1‬‬
‫ولعل القصد من إطالق تسمية الرتايض كطريقة من طرق التعاقد يف مجال القانون العام‬
‫أن اإلدارة مبوجبه تتحرر من الخضوع للقواعد اإلجرائية املتبعة يف أسلوب طلب العروض‬
‫بأشكاله املختلفة من خالل حرية اختيار املتعاقد معها دون التقيد بهذه اإلجراءات كام سبق‬
‫و ذكرنا‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أنواع الرتايض‬
‫بالرجوع لنص املادة ‪ 41‬من القانون الجديد نجد أن املرشع الجزائري قسم الرتايض إىل‬
‫نوعني أو شكلني‪ ،‬هام‪:‬‬
‫‪ -‬الرتايض البسيط‪.‬‬
‫‪ -‬الرتايض بعد االستشارة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الرتايض البسيط‪:‬‬
‫وهو ما جاءت به املادة ‪ 49‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ ، 247-15‬يشكل الرتايض البسيط‬
‫‪2‬‬

‫طريقا استثنائيا إلبرام الصفقات العمومية حينام تكون مراعاة مبدأ املنافسة غري مجدية و‬
‫ال طائل من ورائها وغري متعارضة مع مقتضيات املصلحة العامة‪ ،‬ويتم وفق نسق تنظيمي‬
‫دقيق‪ ،‬وتتوفر هذه الصيغة عىل بساطة اإلجراءات ورسعة تلبية الحاجات مع ربح الوقت ملا‬
‫لعامل الزمن من أهمية قصوى يف هذا النمط‪ ،‬وتستدعي هذه الصيغة لرقابة أكرب وأخالقيات‬
‫أعمق‪ ،‬ويالحظ أنه يف حالة الرتايض البسيط تلجأ املصلحة املتعاقدة إىل املتعامل املتعاقد‬
‫مبارشة مام يوحي بتحررها من بعض اإلجراءات املتبعة ‪ ،‬إال أن هذا ال يعني ترصف اإلدارة‬
‫كام تشاء يف هذا النوع من صيغ اإلبرام‪ ،‬إذ ينبغي أن تربر سبب لجوءها إىل إبرام صفقاتها‬
‫العمومية عن طريق الرتايض البسيط‪.3‬‬
‫وقد فرض املرشع الجزائري تقييد اإلدارة بحاالت اللجوء للرتايض البسيط‪ ،‬أين تم تأطري‬
‫وتحديد حاالت هذه الصيغة بدقة و وضوح أكرث‪ ،‬ولذا نجد الحاالت التي تلجأ فيها اإلدارة‬
‫إليه مقيدة برشوط‪ ،‬وقد حددتها املادة ‪ 49‬من املرسوم الرئايس الجديد حرصيا يف ست (‪)06‬‬

‫‪ 1‬محمد الصغري بعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.223‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 49‬من املرسوم الرئايس رقم ‪. 247-15‬‬
‫‪ 3‬خالد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪104‬‬
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫حاالت ‪ ،1‬وهي‪:‬‬
‫أ‪-‬حالة االحتكار أو حالة املتعامل املحتكر‪:‬‬
‫عندما ال ميكن تنفيذ الخدمات إال عىل يد متعامل متعاقد وحيد يحتل وضعية احتكارية‬
‫أو ينفرد بامتالك الطريقة التكنولوجية التي اختارتها املصلحة املتعاقدة ‪ ،‬فالطابع االحتكاري‬
‫هو مربر بذاته للجوء للرتايض فالخدمة املطلوبة ال تلبى إال من طرف متعامل احتكاري وحيد‬
‫تتوفر فيه الرشوط املطلوبة والقدرات التقنية التي تشرتطها املصلحة املتعاقدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الخطر الداهم أو االستعجال امللح ‪:‬‬
‫وهي تلك الحالة التي تربر الخروج عن القواعد العامة الواجب إتباعها يف األحوال‬
‫العادية أو يف حاالت االستعجال امللح املعلل بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثامر أو األمن‬
‫العمومي قد يتجسد يف امليدان وال يسعه التكيف مع آجال طلب العروض‪ ،‬و يشرتط يف‬
‫االستعجال عدم إمكانية توقع املصلحة املتعاقدة الظروف املسببة لحاالت االستعجال وإال‬
‫تكون نتيجة ملناورات للمامطلة من طرفها أي تكون خارجة عن نطاقها‪.2‬‬
‫ج‪-‬التموين املستعجل أو التموين املستعجل برشوط‪:‬‬
‫ويف هذه الحالة ميكن للمصلحة املتعاقدة اللجوء إىل الرتايض البسيط و ذلك لضامن‬
‫توفري الحاجيات األساسية كاألدوية مثال أو لضامن سري االقتصاد فلو ألزمت املصلحة املتعاقدة‬
‫بالخضوع إلجراءات اإلبرام ألثر ذلك سلبا‪ ،‬ويشرتط يف هذه الحالة‪ ،‬أن تكون الظروف التي‬
‫استوجبت هذا االستعجال مل تكن متوقعة وأال تكون نتيجة مناورات للمامطلة من طرفها‪.3‬‬
‫د‪-‬مرشوع ذو أهمية وطنية‪:‬‬
‫وذلك عندما يتعلق األمر مبشاريع ذات أولوية وأهمية وطنية كأن يتعلق مبرشوع بناء‬
‫السكنات‪ ،‬ويشرتط يف هذه الحالة املوافقة املسبقة من قبل مجلس الوزراء برئاسة رئيس‬
‫الجمهورية إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عرشة ماليري دينار جزائري وإىل املوافقة‬
‫املسبقة أثناء اجتامع الحكومة برئاسة الوزير األول إذا كان مبلغ الصفقة يقل عن املبلغ‬
‫السالف الذكر‪.‬‬
‫ه‪ -‬ترقية اإلنتاج الوطني‪:‬‬
‫أو األداة الوطنية لإلنتاج ‪ ،‬وتربم الصفقات العمومية من أجل دعم املنتوج املحيل أو إنقاذ‬
‫بعض املؤسسات التي تعاين عجزا ماليا ‪ ،‬و يشرتط فيها الحصول عىل املوافقة املسبقة من‬
‫‪ 1‬املرسوم الرئايس رقم ‪.247-15‬‬
‫‪ 2‬محمد الصغري بعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.224‬‬
‫‪ 3‬خالد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪105‬‬
‫دحماني محمد‬

‫مجلس الوزراء أو اجتامع مجلس الحكومة حسب الحد املايل للصفقة ‪ ،‬مثلام جاء ذكره يف‬
‫الفقرة الرابعة و بنفس الرشوط‪.‬‬
‫وعندما يتعلق األمر بنص ترشيعي أو تنظيمي مينح مؤسسة عمومي ذات طابع صناعي‬
‫وتجاري حقا حرصيا للقيام بالخدمة أو عندما تنجز هذه املؤسسة كل نشاطها مع الهيئات‬
‫واإلدارات العمومية و املؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ ،‬فاملرشع أراد من خالل هذه‬
‫الفقرة إعطاء األولوية يف مجال التعاقد لبعض املؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري ويكون مصدرها نص ترشيعي أو تنظيمي ‪ 1‬ومن بني األمثلة عىل ذلك منح معهد‬
‫باستور والصيدلية املركزية للمستشفيات حقا حرصيا لتموين املؤسسات اإلستشفائية‬
‫باملنتجات الصيدالنية مثل اللقاحات واألمصال‪.‬‬
‫وإذا ما رجعنا للامدة ‪ 51‬من املرسوم الرئايس ‪ 247-15‬نالحظ أنها وضعت األطر والضوابط‬
‫‪.‬‬
‫الواجب احرتامها من طرف املصلحة املتعاقدة يف إطار إجراء الرتايض البسيط‬
‫ثانيا ‪ :‬الرتايض بعد االستشارة ‪:‬‬
‫ميكن لإلدارة املتعاقدة أن تسند الصفقة أيضا إىل متعامل واحد وهذا ماجاء يف نص املادة ‪51‬‬
‫من املرسوم الرئايس ‪ ،247-15‬حيث تلجأ اإلدارة إىل الرتايض بعد االستشارة يف الحاالت التالية‪:‬‬
‫*الحالة األوىل‪ :‬عندما يعلن عدم جدوى طلب العروض للمرة الثانية‪ ،‬عندما ال يتم استالم‬
‫أي عرض فال يوجد أي مرتشح أو متعامل تقدم لطلب العروض‪ ،‬وكذا عندما ال يتم اإلعالن‬
‫بعد تقييم العروض عن مطابقة أي عرض ملوضوع الصفقة من خالل إقصاء العروض التي‬
‫مل تحرتم دفرت الرشوط وجاءت غري مطابقة‪ ،‬وعندما ال ميكن ضامن متويل الحاجات حيث ال‬
‫تتوفر املصلحة املتعاقدة عىل اإلعتامدات املالية الالزمة لدفع املقابل املايل لتنفيذ الصفقة‪.‬‬
‫*الحالة الثانية‪ :‬يف حالة صفقات الدراسات و اللوازم والخدمات الخاصة التي ال تستلزم‬
‫طبيعتها اللجوء إىل طلب العروض‪ ،‬وقد حددت جميع العمليات ما عدا عملية إنجاز األشغال‪،‬‬
‫وتحدد خصوصية هذه الصفقات مبوضوعها أو بضعف مستوى املنافسة أو بالطابع الرسب‬
‫للخدمات‪.2‬‬
‫*الحالة الثالثة‪ :‬يف حالة صفقات األشغال التابعة مبارشة للمؤسسات العمومية السيادية يف‬
‫الدولة‪ ،‬حيث يسمح فقط بإبرام صفقات األشغال وفق هذا اإلجراء دون غريها من الصفقات‬
‫ويرجع ذلك إىل أهمية هذا النوع من الصفقات يف الحفاظ عىل أرسار الدولة بحيث مينح‬

‫‪ 1‬عامر بوضياف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪230‬‬


‫‪ 2‬خالد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 24‬و‪.25‬‬
‫‪106‬‬
‫طرق إبرام الصفقات العمومية في ظل املرسوم الرئا�سي رقم ‪247-15‬‬

‫للمصلحة املتعاقدة حرية استشارة من تتوفر فيهم الثقة من املتعاملني االقتصاديني السيام‬
‫املؤسسات العمومية‪.‬‬
‫*الحالة الرابعة‪ :‬يف حالة الصفقات املمنوحة التي كانت محل فسخ و كانت طبيعتها ال‬
‫تتالءم مع آجال طلب عروض جديد‪ ،‬يف ظل القانون الجديد للصفقات العمومية و تفويضات‬
‫املرفق العام ميكن إبرام صفقة عمومية عن طريق الرتايض بعد االستشارة إذا كانت محل‬
‫فسخ وكانت طبيعتها ال تتالءم مع آجال طلب عروض جديد و يتعلق فقط بصفقة األشغال‪.‬‬
‫*الحالة الخامسة‪ :‬يف حالة العمليات املنجزة يف إطار إسرتاتيجية التعاون الحكومي أو يف‬
‫إطار اتفاقات ثنائية تتعلق بالتمويالت اإلمتيازية و تحويل الديون إىل مشاريع تنموية أو‬
‫هبات وتتجىل الحكمة من ذكر هذه الحالة من حاالت اللجوء إىل الرتايض تكريس واحرتام‬
‫التزامات الدولة ذات الطابع الخارجي‪.1‬‬
‫* هذا وحسب نص املادة ‪ 52‬من املرسوم الرئايس رقم ‪ 2 247-15‬يجب أن يكون املنح‬
‫املؤقت للصفقة عن طريق الرتايض بعد االستشارة محل نرش ويف ذلك تكريس ملبدأ الشفافية‪،‬‬
‫أما يف الرتايض البسيط فال تلزم املصلحة املتعاقدة بنرش إعالن املنح املؤقت نظرا للطابع‬
‫الخاص ألسلوب الرتايض البسيط‪.‬‬
‫الخامتة‪.‬‬
‫لقد حاول املرشع الجزائري من خالل املستجدات التي جاء بها والتغيريات التي أحدثها‬
‫فيام يتعلق بعملية إبرام الصفقات العمومية مسايرة ألهم التطورات وذلك بتكريس املحافظة‬
‫عىل املال العام وفرض الرقابة عىل أعامل اإلدارة لتجسيد الجهود الرامية إىل محاربة الفساد‬
‫والتبذير‪ ،‬ولعل صدور املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-15‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن‬
‫قانون الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام ساهم بشكل كبري يف وضع اآلليات الكفيلة‬
‫بضامن الشفافية وإقرار مبدأ املساواة يف التعامل مع املتعهدين باعتامده معايري موضوعية‬
‫النتقاء املتعاملني االقتصاديني‪ ،‬حيث ارتقى بتنظيم الصفقات العمومية و رسخ هذه القيم‬
‫مع تعزيزه آلليات املنافسة من خالل تفعيل هذا املرسوم للمبادئ األساسية املحفزة لنجاعة‬
‫الطلبات العمومية و النهوض باالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫إن أهمية الصفقات العمومية تربز من حيث اعتبارها أداة لتنفيذ مخططات التنمية‬
‫الوطنية واملحلية عىل حد السواء فتنفيذ الربامج التنموية والخطط االستثامرية التي تضعها‬

‫‪ 1‬عامر بوضياف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.236‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 52‬من املرسوم الرئايس ‪.247-15‬‬
‫‪107‬‬
‫دحماني محمد‬

‫السلطات املركزية املختصة يقع من قبل اإلدارة املعنية يف جزء كبري منها عن طريق الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وملا كان للصفقات العمومية عالقة وطيدة بالخزينة العمومية‪ ،‬وجب إخضاع‬
‫اإلدارة لطرق خاصة تتعلق بإبرام هذه الصفقات حددها املرسوم الرئايس الجديد بأسلوبني‪،‬‬
‫عن طريق طلب العروض كقاعدة عامة و كذا طريقة الرتايض مع وضع إطار رقايب محدد‬
‫ومتنوع بهدف ترشيد النفقات العامة والحد قدر اإلمكان من املامرسات السلبية‪.‬‬
‫إن الهدف من قانون الصفقات العمومية هو تأكيد قاعدة اختيار األحسن للتعاقد و ال‬
‫يأيت إال بإلزام اإلدارة باختيار املتعاقد معها من خالل آليات معينة تعمل عىل كفالة مبادئ‬
‫املنافسة غري أن تقيد اإلدارة باآلليات السابقة يف اختيارها للمتعاقد معها قد ال يكون واقعيا‬
‫يف كل األحوال‪ ،‬فاعتبارات الرضورة واالستعجال متيل السامح لإلدارة بقدر أكرب من الحرية يف‬
‫االختيار عند األحوال التي تتحقق فيها الرضورة أين يسمح القانون لإلدارة بالتعاقد مبارشة‬
‫و دون املرور بأية إجراءات‪.‬‬
‫املراجع ‪:‬‬
‫‪ 1-‬أمين فتحي محمد عفيفي‪ ،‬الوجيز يف العقود اإلدارية‪ ،‬اإلسكندرية (مرص)‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪.2017 ،‬‬
‫‪2-‬خالد خليفة ‪،‬طرق وإجراءات إبرام الصفقات العمومية يف القانون الجزائري‪ ،‬منشورات‬
‫دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السدايس األول‪.2017 ،‬‬
‫‪ 3-‬خالد خليفة‪ ،‬مبادئ إبرام الصفقات العمومية يف ظل قانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬دار الخلدونية للنرش‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السدايس األول‪.2017 ،‬‬
‫‪ 4-‬عامر بوضياف‪ ،‬رشح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم الرئايس ‪ 247-15‬جسور‬
‫للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬القسم األول‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السدايس األول ‪.2017‬‬
‫‪ 5-‬مازن لياو رايض‪ ،‬النظرية العامة للقرارات والعقود اإلدارية‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‬
‫‪ ،‬اإلسكندرية (مرص)‪. 2016 ،‬‬
‫‪ 6-‬محمد الصغري بعيل‪ ،‬القرارات والعقود اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنرش والتوزيع‪ ،‬عنابة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬السدايس األول ‪.2017‬‬
‫‪ 7-‬مونية جليل‪ ،‬التدابري الجديدة لتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام‬
‫‪،‬دار بلقيس للنرش‪،‬الجزائر‪ ،‬السدايس األول ‪.2017‬‬
‫‪ 8-‬املرسوم الرئايس رقم ‪ 247-16‬املؤرخ يف ‪ 16‬سبتمرب ‪ 2015‬املتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية و تفويضات املرفق العام‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪.2015 ،50‬‬

‫‪108‬‬

You might also like