You are on page 1of 359

‫جـــــــــــــــامعة الجزائر‪1‬‬

‫كليــــــة الحـــــقـوق‬

‫النظام القانوني لتسوية منازعات‬


‫الصفقات العمومية‬
‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ل م د في الحقوق‬

‫تخصص‪ :‬إدارة ومالية‬

‫إشراف الــــدكتــــــور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫أحميداتو محمد‬ ‫رحماني راضية‬

‫لجنة المناقشة‬

‫أ‪/‬د غوثي سعاد‪.................................................................‬رئيسا‬

‫د‪ /‬أحميداتو محمد ‪.............................................................‬مقر ار‬

‫أ‪/‬د‪.‬بوحميدة عطاءاهلل‪..........................................................‬عضوا‬

‫أ‪/‬د معاشو عمار‪...............................................................‬عضوا‬

‫د‪ /‬عكة عبد الغني‪ ............................................................‬عضوا‬

‫د‪ /‬طيبي سعاد‪ .................................................................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‪1017-1016 :‬‬


‫اإلهـداء‬

‫إلى من عرفت الفضل فيهم‪. . . .‬‬

‫أبي وأمي وزوجي وأساتذتي الذين أدين لهم‪.‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫أمام تعدد الحاجيات األساسية للمنتفعين من خدمات المرافق العامة‪ ،‬أصبحت تقنية‬
‫التعاقد تطغى على مختلف األنشطة التي تقوم بها اإلدارات لدرجة أنها لم تعد قادرة على‬
‫تدبير حاجياتها بدون االلتجاء إلى ربط عالقات تعاقدية مع الغير‪ ،‬وتعتبر عقود الصفقات‬
‫العمومية من أكثر صور هذه العالقات التعاقدية إستعماال من طرف اإلدارات‪.1‬‬
‫تعد الصفقات العمومية األداة اإلستراتيجية الموضوعة في أيدي السلطة العامة إلنجاز‬
‫العمليات المالية المتعلقة بالمرافق العامة‪ ،‬إذ أن االقتصاد الجزائري يعتمد بصفة أساسية على‬
‫ضخ األموال العامة من أجل تنشيط العجلة االقتصادية‪ ،‬وذلك بزيادة حجم النفقات العمومية‬
‫ومنه فنظام الصفقات يعد الوسيلة األمثل الستغالل وتسيير األموال العامة‪.‬‬
‫إن أهمية األموال المنصبة على الصفقات العمومية تؤدي بالنتيجة إلى ضرورة‬
‫إحاطتها بحماية قانونية عن طريق إيجاد قانون خاص بالصفقات العمومية يحقق المصلحة‬
‫العامة ويحترم الحرية اإلقتصادية‪ ،2‬ولهذا الغرض قام المنظم الجزائري بتنظيم الصفقات‬
‫العمومية بموجب نص خاص بها‪.‬‬
‫إن الحديث عن الصفقات العمومية في الجزائر يدفع حتما إلى التطرق لتنظيمها في‬
‫فرنسا بإعتبار ظهور قانون الصفقات العمومية مرتبط بإحتالل فرنسا للجزائر‪ ،‬ذلك أن و ازرة‬
‫الحرب أنذاك قامت بإبرام العديد من الصفقات العمومية بغرض تجهيز الجيش‪ ،‬وعند قيام‬
‫البرلمان بتقييم األموال المنفقة إكتشف وجود عدة إختالسات‪ ،‬وبالنتيجة توصل إلى ضرورة‬
‫إيجاد تنظيم للصفقات العمومية يهدف إلى حماية المال العام‪ ،‬وقد ظهرت أول القواعد‬

‫شقروني أنوار‪ ،‬الحماية القضائية للمتعاقدين مع اإلدارة في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة المعيار المغربية‪ ،‬العدد‪،04‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ ،1422‬ص‬ ‫‪.244‬‬


‫‪2‬‬
‫‪BRACONNIER Stéphane, précis du droit des marchés publics, 2 ème édition, édition du‬‬
‫‪MONITEUR, France, 2007, p10.‬‬

‫‪1‬‬
‫المنظمة للصفقات العمومية في قانون المحاسبة العمومية وقانون المالية إلى غاية سنة‬
‫‪ 4691‬أين صدر أول قانون للصفقات العمومية في فرنسا‪.1‬‬
‫نظ ار لما للصفقات العمومية من دور أساسي على السياسة االقتصادية باعتبارها وسيلة‬
‫لترشيد نفقات التسيير العمومي ومنفذ هام للقطاع الخاص من أجل تحقيق التنمية‬
‫اإلقتصادية‪ ،2‬قامت الجزائر بتنظيمها منذ اإلستقالل بعدة نصوص قانونية وتنظيمية‪ ،‬إذ يعد‬
‫أول نص صدر في مجال الصفقات العمومية هو المرسوم رقم ‪ 401-91‬بتاريخ ‪ 69‬مارس‬
‫‪ 4691‬الذي تضمن إنشاء اللجنة المركزية للصفقات العمومية وفي نفس السنة صدر بتاريخ‬
‫‪ 64‬نوفمبر ‪ 4691‬القرار الوزاري المتضمن المصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة‬
‫المطبقة على صفقات األشغال الخاصة بو ازرة تجديد البناء واألشغال العمومية والنقل‪ ،‬والذي‬
‫ال يزال مطبقا إلى يومنا هذا‪.3‬‬
‫إن األهمية اإلقتصادية للصفقات العمومية ودورها في ضمان ديناميكية إقتصادية تؤدي‬
‫إلى التنمية‪ ،‬يجعل من تنظيم الصفقات العمومية آلية مهمة في يد السلطات العمومية وادراكا‬
‫منها لهذه المتطلبات‪ ،‬لم تتوقف الجزائر عن إصالح المنظومة القانونية للصفقات العمومية‬
‫بهدف تغطية النقائص والفراغات التي تضمنتها النصوص القانونية التي رصدت أثناء‬
‫تطبيقها‪ ،‬ولتكييف التنظيم الداخلي مع المعايير الدولية والتزامات الجزائر الدولية‪.4‬‬
‫لقد عرف النظام المتعلق بإبرام الصفقات العمومية بالجزائر إصالحا مهما ألجل مسايرة‬
‫التطورات التي عرفتها البالد وقد خطا هذا اإلصالح مرحلته األولى بصدور األمر ‪04-76‬‬

‫فرقان فاطمة الزهراء‪ ،‬رقابة الصفقات العمومية الوطنية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬فرع دولة و مؤسسات‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6002/6009‬ص‪.1‬‬


‫‪2‬‬
‫‪BRISSON Jean François, Les fondements juridiques du droit des marchés publics,‬‬
‫‪Imprimerie Nationale, France, 2004, p7.‬‬
‫‪ 3‬زمام عبد الغني‪ ،‬تمويل الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪،4‬‬
‫ص‪.5‬‬ ‫كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪،6002/6002‬‬
‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪2‬‬ ‫‪4‬‬

‫كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1422-1420‬ص ‪.3‬‬

‫‪2‬‬
‫المؤرخ في‪ 2076/47/26‬المتضمن قانون الصفقات العمومية‪ 1‬والذي يعتبر أول لبنة قانونية‬
‫في هذا المجال‪ 2‬بعد مرحلة االستقالل‪ ،‬وقد كان معموال بصفة مؤقتة بالتشريع الفرنسي إال ما‬
‫تعارض منه مع السيادة الوطنية بموجب القانون رقم ‪ 226-71‬المؤرخ في‬
‫‪.32071/21/32‬‬
‫كان الهدف من إصدار هذا النص في ظل النظام االشتراكي السائد آنذاك يتمثل أساسا‬
‫في االعتماد على الصفقات العمومية كآلية لتنفيذ المخطط الوطني في إطار سياسة التخطيط‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫الجريدة الرسمية العدد ‪ 21‬المؤرخة في ‪ 16‬جوان ‪ ،2076‬صفحة ‪.634-627‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدل وتمم األمر رقم ‪ 04-76‬عدة مرات بموجب األوامرالتالية‪:‬‬


‫*األمر رقم ‪ 31-70‬المؤرخ في ‪ 11‬مايو ‪ ،2070‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،07‬المؤرخة في ‪ 16‬ماي ‪ ،2070‬ص ‪.273‬‬
‫*األمر رقم ‪ 26-64‬المؤرخ في ‪ 47‬غشت ‪ ،2064‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،64‬المؤرخة في ‪ 27‬أوت ‪ ،2064‬ص ‪.2431‬‬
‫*األمر ‪ 70-62‬المؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر‪ ،2062‬الجريدة الرسمية رقم ‪،246‬المؤرخة في ‪ 34‬ديسمبر ‪،2062‬‬
‫ص ‪.2720-2727‬‬
‫*األمر رقم ‪ 21-61‬المؤرخ في ‪ 27‬أفريل ‪ ،2061‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،31‬المؤرخة في ‪ 12‬أفريل ‪ ،2061‬ص‪.077‬‬
‫*األمر رقم ‪ 40-60‬المؤرخ في ‪ 34‬جويلية ‪ ،2060‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،23‬المؤرخة في فبراير ‪ ،2060‬ص‪-207‬‬
‫ص‪.143‬‬
‫*األمر رقم ‪ 22-67‬المؤرخ في ‪ 14‬فبراير ‪ ،2067‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،14‬المؤرخة في ‪ 40‬مارس‪ ،2067‬ص‪-162‬‬
‫ص‪.167‬‬
‫‪2‬‬
‫‪KOBTANE Mohamed, Introduction au Droit des Marchés Publics, revue du conseil d’Etat,‬‬
‫‪N3, 2003, P28.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SABRI Mouloud, le droit des marchés publics en Algérie : réalité et perspectives, revue‬‬
‫‪Idara, N35, 2008, P8.‬‬
‫ومع ذلك فإن القول بتمديد تطبيق القانون الفرنسي بعد اإلستقالل كان بموجب القانون رقم ‪ 226-71‬المؤرخ في ‪32‬‬
‫ديسمبر ‪ 2071‬يطرح تساؤالت حول القانون المطبق بين تاريخ ‪ 43‬جويلية ‪ 2071‬وهو التاريخ الفعلي لإلستقالل و تاريخ‬
‫‪ 32‬ديسمبر ‪ 2071‬المصادف لتاريخ صدور القانون رقم ‪ 226-71‬و هو التساؤل الذي أوصل الدكتور بن ناجي الشريف‬
‫إلى القول أن األساس القانوني لتمديد تطبيق القانون الفرنسي في الجزائر يعود إلى ق اررات الحكومة المؤقتة‪.‬‬
‫خضري حمزة‪ ،‬آليات حماية المال العام في إطار الصفقات العمومية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬تخصص‬
‫قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1422-1420‬ص ‪.0‬‬

‫‪3‬‬
‫تال هذه المرحلة صدور المرسوم رقم ‪ 202-71‬المؤرخ في ‪ 2071/40/24‬المتعلق‬
‫بصفقات المتعامل العمومي‪ ،1‬والذي جاء تماشيا مع االختيار االشتراكي بهدف شمولية‬
‫تطبيقه على كافة المؤسسات العمومية بغض النظر عن طبيعتها سواء كانت مركزية أو‬
‫المركزية إدارية أو اقتصادية‪ ،‬اجتماعية أو ثقافية في سياق توحيد النظام القانوني لصفقات‬
‫اإلدارة أو المؤسسات العامة‪.2‬‬
‫بعد صدور دستور ‪ 2070‬والتخلي عن النظام االشتراكي‪ ،‬كان البد من سن ووضع‬
‫نظام قانوني يتكيف مع المعطيات السياسية واالقتصادية الجديدة‪ ،‬من خالل األخذ‬
‫باالزدواجية والثنائية القانونية عن طريق التمييز بين القانون العام والقانون الخاص كما هو‬
‫سائد في النظام الليبرالي الرأسمالي‪.‬‬
‫لهذا فقد تم إصدار المرسوم التنفيذي رقم‪ 3030-02‬ليقتصر تطبيقه على القطاع‬
‫اإلداري بالدولة دون قطاعها االقتصادي الذي أصبح خاضعا للقانون الخاص‪ ،‬ذلك أن‬

‫المرسوم رقم ‪ 202-71‬المؤرخ في ‪ 2071/40/24‬المتعلق بصفقات المتعامل العمومي الجريدة الرسمية العدد‪،22‬‬ ‫‪1‬‬

‫المؤرخة في ‪ 23‬أفريل ‪ ،2071‬ص ‪.674-604‬‬


‫عدل المرسوم رقم ‪ 202-71‬عدة مرات بموجب المراسيم التالية‪:‬‬
‫*المرسوم رقم‪ 22-70‬المؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪ ،2070‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1‬المؤرخة في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2070‬ص‪-162‬‬
‫ص‪.167‬‬
‫*المرسوم رقم ‪ 217-77‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي‪ ،2077‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،14‬المؤرخة في‪ 20‬ماي‪ ،2077‬ص ‪.673‬‬
‫*المرسوم رقم ‪ 61-77‬المؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪ ،2077‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،23‬المؤرخة في ‪ 34‬مارس‪،2077‬‬
‫ص‪.201-202‬‬
‫*المرسوم التنفيذي رقم ‪ 314-02‬المؤرخ في ‪ 20‬سبتمبر‪ ،2002‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،00‬المؤرخة في ‪12‬سبتمبر‪،2002‬‬
‫ص‪.2763-2761‬‬
‫د‪ .‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،1442 ،‬ص‪.0‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 030-02‬المؤرخ في ‪ 40‬نوفمبر ‪ 2002‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.1117-1122‬‬ ‫عدد‪ ،26‬المؤرخة في ‪ 23‬نوفمبر ‪،2002‬‬


‫عدل المرسوم المذكور أعاله بموجب عدة مراسيم الحقة‪:‬‬
‫*المرسوم التنفيذي رقم‪ 267-00‬المؤرخ في ‪ 17‬جوان ‪ ،2000‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،01‬المؤرخة في ‪ 10‬يونيو‪،2000‬‬
‫ص‪.6-7‬‬

‫‪4‬‬
‫المادة(‪ )1‬منه نصت على ما يأتي‪ ":‬التطبق أحكام هذا المرسوم إال على الصفقات‬
‫المتضمنة مصاريف اإلدارات العمومية والهيئات الوطنية المستقلة والواليات والبلديات‬
‫والمؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري المسماة أدناه "المصلحة المتعاقدة"‪.‬‬
‫على إثر التحول االقتصادي الذي عرفته الجزائر في التسعينيات بتخليها عن نظام‬
‫االقتصاد الموجه وتبنيها نظام اقتصاد السوق‪ ،‬والمترجم في صدور األمر رقم ‪47-02‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2002/42/12‬الذي قام بتنظيم المنافسة الحرة بين المتعاملين االقتصاديين‪،‬‬
‫وتدعيم هذا النص عاما من بعد بالمراجعة الدستورية لسنة ‪ 2007‬وذلك بتكريس مبدأ حرية‬
‫التجارة والصناعة‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 03‬منه على "حرية اإلستثمار والتجارة معترف بها‪،‬‬
‫وتمارس في إطار القانون"‪.1‬‬
‫تماشيا مع تطور المرحلة االقتصادية الجديدة القائمة على فتح المجال أمام المتعاملين‬
‫االقتصاديين سواء الوطنيين أو األجانب‪ ،‬للمساهمة في بناء االقتصاد الوطني وتطبيق‬
‫السياسات االقتصادية الجديدة‪ ،‬والتي من بين أهمها توقيع اتفاق الشراكة بين الجزائر‬
‫واالتحاد األوروبي في ‪ 1441/40/12‬بفالنسيا ‪( Valence‬إسبانيا) في إطار خلق منطقة‬
‫التبادل الحر بين الطرفين‪ ،‬وكذا تأثير مفاوضات الجزائر من أجل االنضمام إلى منظمة‬
‫التجارة العالمية وما انجر عنه من نتائج مؤدية في اتجاه النصوص الوطنية نحو مرونتها مع‬
‫القواعد المتضمنة في اتفاقية منظمة التجارة العالمية السيما اتفاق مراكش المتعلق بالصفقات‬
‫العمومية في ‪.22000/40/22‬‬

‫*المرسوم التنفيذي رقم ‪ 20-07‬المؤرخ في ‪ 11‬يناير‪ ،2007‬الجريدة الرسمية رقم‪ ،7‬المؤرخة في ‪ 10‬يناير‪،2007‬‬
‫ص‪.27-23‬‬
‫*المرسوم التنفيذي رقم ‪ 76-07‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس‪ ،2007‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،23‬المؤرخة في ‪22‬مارس‪،2007‬‬
‫ص‪.23-0‬‬
‫‪1‬‬
‫‪BENNADJI Cherif, Le droit de la concurrence en Algérie, Revue Algérienne des Sciences‬‬
‫‪Juridiques Economiques et Politiques, Université d’Alger, faculté de droit, N3, 2000, P151.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪SABRI Mouloud, op.cit, P17.‬‬

‫‪5‬‬
‫كل هذه األسباب كانت كافية لصدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 124-41‬المؤرخ في‬
‫‪ 11441/47/10‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬وقد جاء هذااألخير لتغطية نقائص‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 030-02‬وتصحيح مسار الصفقات العمومية بوضع قواعد قانونية‬
‫تتوافق مع القواعد العالمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬والمؤدية لنجاعة الطلبات‬
‫العمومية‪ ،2‬وقد عدل هذا التنظيم بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 342-43‬المؤرخ في‬
‫‪22‬سبتمبر ‪ 31443‬وكذا المرسوم الرئاسي رقم ‪ 337-47‬المؤرخ في‪17‬أكتوبر ‪ 41447‬وقد‬
‫تميز هذا التنظيم بتوسيع نطاق تطبيقه إلى المؤسسات العمومية االقتصادية والمؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري الممولة كليا أو جزئيا من خزينة الدولة‪.‬‬
‫تحت تأثير التزايد المذهل لجرائم الفساد التي عرفتها بالدنا خالل العقدين األخيرين‬
‫والتي مست أكبر المؤسسات العمومية ذات االرتباط الوثيق بأكبر مصدر للعائدات المالية‬
‫الجزائرية فيما يسمى بقضية سونطراك‪ 2‬و سونطراك‪ 1‬والتي هزت سمعة الشركة في السوق‬
‫العالمية زيادة على عدة قضايا أخرى مرتبطة بالطريق السيار شرق غرب‪ ،5‬اضطرت الجزائر‬
‫إلى مسايرة السياسة الدولية الرامية لمكافحة الفساد فصدر في الجزائر قانون رقم ‪04-09‬‬
‫المؤرخ في ‪ 6009/06/60‬والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ 6‬والذي جاء نتيجة‬
‫لمصادقة الجزائر على اتفاقية األمم المتحدة بتاريخ ‪ 6001/01/46‬بواسطة المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ ،7462-01‬هذه االتفاقية تدور حول مكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،21‬المؤرخة في ‪ 17‬يوليو‪ ،1441‬ص‪.13-3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪SABRI Mouloud, op.cit, P18.‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ ،22‬المؤرخة في ‪ 20‬سبتمبر‪ ،1443‬ص‪.0-7‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد‪ ،71‬المؤرخة في ‪40‬نوفمبر‪ ،1447‬ص‪.22-7‬‬ ‫‪4‬‬

‫خضري حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪.22-0‬‬ ‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،20‬المؤرخة في ‪47‬مارس‪،1447‬‬ ‫‪6‬‬

‫عدل القانون المذكور أعاله و تمم بواسطة ما يلي‪:‬‬


‫*أمر رقم ‪ 42-24‬المؤرخ في‪ 17‬أوت‪ ،1424‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،24‬المؤرخة في ‪ 42‬سبتمبر‪ ،1424‬ص‪.2‬‬
‫*قانون رقم ‪ 22-22‬المؤرخ في ‪ 41‬أوت ‪ ،1422‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،00‬المؤرخة في‪ 24‬أوت‪ ،1422‬ص‪.2-0‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،17‬المؤرخة في ‪12‬أفريل‪ ،1440‬ص‪.30-21‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪6‬‬
‫لألمم المتحدة بنيويورك‪ New York‬في ‪ ،6001/40/14‬وكذا المصادقة على اتفاقية االتحاد‬
‫اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته بواسطة المرسوم الرئاسي رقم ‪ 412-09‬المؤرخ في‬
‫‪ ،6009/01/40‬والمعتمدة في مابوتو ‪ Maputo‬بـ ‪.16001/02/44‬‬
‫كل هذه المعطيات والتغيرات أثرت بشكل مباشر على تنظيم الصفقات العمومية‬
‫وجسدتها في شكل صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬المؤرخ في ‪6040/40/02‬‬
‫والمتعلق بتنظيم الصفقات العمومية‪ 2‬الذي عرف هو اآلخر عدة تعديالت من خالل كل من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 07-22‬المؤرخ في ‪2‬مارس‪ 31422‬والمرسوم الرئاسي رقم ‪111-22‬‬
‫‪5‬‬
‫المؤرخ في ‪ 27‬جوان‪ 41422‬والمرسوم الرئاسي رقم ‪ 13-21‬المؤرخ في ‪27‬يناير‪1421‬‬
‫والمرسوم الرئاسي رقم ‪ 43-23‬المؤرخ في ‪ 23‬يناير‪.61423‬‬
‫في سنة ‪ 1422‬وبعد ما عرفته األسواق العالمية من انخفاض مفاجئ ألسعار البترول‬
‫اضطرت الحكومة الجزائرية لوضع سياسة مالية تتالءم مع المقتضيات الجديدة‪ ،‬السيما وأن‬
‫االقتصاد الجزائري يعتمد بصفة رئيسية على العائدات البترولية فصدر بذلك المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 106 -22‬المؤرخ في ‪ 27‬سبتمبر‪ 1422‬والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام‪ 7‬والذي بموجب المادة‪ 122‬منه ألغى المرسوم الرئاسي رقم ‪-24‬‬
‫‪.137‬‬
‫وأهم ما ميز تنظيم الصفقات العمومية الحالي هو تضمينه لعدة إجراءات تهدف‬
‫باألساس إلى وضع معالم إستراتيجية للشراء العمومي‪ ،‬من أولوياتها التوجه إلى قطاعات‬

‫د‪ .‬رشيد زوايمية‪ ،‬مالحظات حول المركز القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬المجلة النقدية للقانون‬ ‫‪1‬‬

‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬عدد‪ ،1447 ،2‬ص‪.7‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،27‬المؤرخة في ‪6‬أكتوبر‪ ،1424‬ص‪.30-3‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،20‬المؤرخة في ‪7‬مارس‪ ،1422‬ص‪.22-20‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،30‬المؤرخة في ‪20‬يونيو‪ ،1422‬ص‪.0‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،40‬المؤرخة في‪17‬يناير‪ ،1421‬ص‪.10-0‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،41‬المؤرخة في ‪23‬يناير‪ ،1423‬ص‪.6-2‬‬ ‫‪6‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،24‬المؤرخة في ‪14‬سبتمبر‪ ،1422‬ص‪.07-3‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪7‬‬
‫بديلة عن قطاع المحروقات في تحقيق التنمية المنشودة عن طريق اإلستثمار المنتج الذي‬
‫يعمل على توفير مناصب الشغل والتقليل من الضغوط اإلجتماعية‪.1‬‬
‫إن عقود الصفقات العمومية هي باألساس عقود مكتوبة تبرم وفق الشروط المنصوص‬
‫عليها في التشريع‪ ،‬قصد إنجاز األشغال واقتناء اللوازم والخدمات والدراسات لحساب‬
‫المصلحة المتعاقدة‪.2‬‬
‫ما يميز الصفقات العمومية عن باقي العقود األخرى هو المبلغ المالي القائمة عليه‪،‬‬
‫فنظ ار ألهمية األموال المنصبة على الصفقات العمومية وصلتها الوثيقة بالمالية العامة وما‬
‫تكلفه من إعتمادات مالية ضخمة تجعلها مجاال حيويا لمختلف النزاعات التي تثار بشأنها‪،‬‬
‫وهو ما أدى إلى البحث عن طرق كفيلة بتسوية منازعات الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫لقد عالج المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬تسوية نزاعات الصفقات العمومية ضمن‬
‫القسم السادس المعنون ب "الطعون" في المادة ‪ 71‬منه الموجودة في الفصل الثالث من‬
‫الباب األول وقد تعلقت هذه المادة بنزاعات اإلبرام أما تسوية نزاعات التنفيذ فقد نظمها القسم‬
‫الحادي عشر المعنون ب "التسوية الودية للنزاعات" من الفصل الخامس من خالل المواد‬
‫‪ 223‬و‪ 220‬و ‪.222‬‬
‫من المالحظ أن المواد المذكورة أعاله اكتفت بذكر الحلول اإلدارية مقتصرة أساسا على‬
‫لجان الصفقات العمومية المختصة ولجان تسوية نزاعات تنفيذ الصفقات العمومية دون ذكر‬
‫الجهات القضائية المختصة بالفصل في نزاعات الصفقات العمومية أو مختلف الحلول‬
‫األخرى من غير لجان الصفقات العمومية‪ ،‬وقد أحالت المواد أعاله إلى القواعد العامة أي‬
‫في ظل األحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها ‪.‬‬

‫عياد دالل‪ ،‬المؤسسة الصغيرة الخاصة في قانون الصفقات العمومية الجديد‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041/6046‬ص‪.6‬‬


‫المادة ‪ ،41‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫أمر هاما‬
‫لقد أصبحت مسألة تعريف منازعات الصفقات العمومية في الوقت الحالي‪ ،‬ا‬
‫وضروريا وهذا نظ ار لدقة المصطلح من جهة وتشابهه ببعض المنازعات األخرى على غرار‬
‫مصطلح المنازعات اإلدارية‪ ،‬وأن المشرع الجزائري إكتفى باإلشارة إلى طرق تسوية نزاعات‬
‫الصفقات العمومية دون وضع تعريف لها‪ ،‬وكذلك فعل القضاء الجزائري حينما أشار إلى‬
‫المعايير التي إعتمدها في حل بعض النزاعات التي تخص الصفقات العمومية‪ ،‬كما لم يهتم‬
‫الفقه الجزائري بتعريف منازعات الصفقات العمومية وان كان هناك بعض الفقه اإلداري‬
‫الفرنسي قد عرفها‪. 1‬‬
‫يعرف األستاذ ‪ FREDERIC Julien‬منازعات الصفقات العمومية بأنها نتيجة نابعة‬
‫عن مخالفة القواعد القانونية‪ ،‬وفشل كل وسائل الوقاية التي تحمي من الوقوع في النزاع‪،2‬‬
‫فهذا التعريف يرتكز على أساسين لقيام النزاع فبالنسبة لألساس األول فإن مخالفة القواعد‬
‫القانونية المتعلقة بالصفقات العمومية تندرج في إطار مساس المصلحة المتعاقدة بااللتزامات‬
‫المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية‪ ،‬فهي مجبرة على احترام مبادئ الشفافية وحرية الوصول‬
‫إلى الطلبات العمومية والمساواة بين المترشحين من أجل تحقيق نجاعة الطلبات العمومية‬
‫وحماية المال العام‪ ،‬باإلضافة إلى هذا تدخل في إطار منازعات الصفقات العمومية‬
‫المنازعات المتعلقة بالحقوق والواجبات المترتبة على أطراف العالقة التعاقدية أثناء تنفيذ‬
‫الصفقة العمومية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألساس الثاني لتعريف منازعات الصفقات العمومية فيقوم على فشل‬
‫الحلول الودية الموضوعة من قبل المشرع في تفادي النزاع وانتقال النزاع إلى المرحلة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫طيبون حكيم‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه‪ ،‬تخصص دولة‬ ‫‪1‬‬

‫ومؤسسات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،6041-6046‬ص‪ 6‬و ص ‪ 41‬وص‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫‪FREDERIC Julien, Guide pratique et juridique du contentieux des marchés publics, edition‬‬
‫‪du PUITS FLEURI, France, 2011, p12.‬‬

‫‪9‬‬
‫تبرز األهمية من دراسة موضوع تسوية منازعات الصفقات العمومية في أن الصفقات‬
‫العمومية تحتل جانبا هاما من اإلنفاق العمومي‪ ،‬فإنه قد يصادف إبرامها مشاكل جمة يمكن‬
‫أن ترهن تنفيذ المشاريع الهامة و تؤثر في نجاعة الطلبات العمومية و بالتالي تؤدي إلى‬
‫تعطيل قيام اإلدارة بنشاطاتها على أكمل وجه و إضطالعها بمهامها المختلفة لخدمة مصالح‬
‫المواطنين وسير المرافق العامة‪ 1‬ولهذا كان من الضروري إيجاد نظام قانوني يكفل حل‬
‫المنازعات التي تعوق إبرام و تنفيذ الصفقات العمومية ويحمي حقوق األطراف المتعاقدة‬
‫ويحافظ على األموال العامة‪.‬‬
‫يكتسي إذن موضوع تسوية منازعات الصفقات العمومية أهمية بالغة تجعله جدي ار‬
‫باالهتمام والدراسة نظ ار لعدة أسباب‪ ،‬لعل أهمها يتمحور حول‪:‬‬
‫*نقص الدراسات القانونية الدقيقة التي تناولت الموضوع‪ ،‬خصوصا في ظل المرسوم‬
‫الرئاسي رقم‪ 612-45‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫*كثرة التعديالت واإلصالحات المتعلقة باألحكام القانونية المرتبطة بالصفقات العمومية‬
‫من بينها تمديد تطبيق قانون المنافسة على مادة الصفقات العمومية كإجراء له تأثير على‬
‫منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫*اكتفاء المواد ‪ 71‬و‪ 223‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بذكر الحلول الودية التي تحمي من منازعات‬
‫الصفقات العمومية واقتصارها على بيان دور لجان الصفقات العمومية ولجان التسوية الودية‬
‫لنزاعات التنفيذ مع اإلحالة إلى التشريع والتنظيم المعمول به‪ ،‬الشيء الذي يثير مسألة البحث‬
‫عن مختلف النصوص القانونية األخرى التي عالجت موضوع منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫*عدم تحديد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام للطبيعة القانونية لعقد الصفقات العمومية السيما تمديده لمجال‬

‫بحري إسماعيل‪ ،‬الضمانات في مجال الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير‬ ‫‪1‬‬

‫في الحقوق‪ ،‬فرع دولة ومؤسسات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،1440-1447 ،‬ص‪.3‬‬

‫‪10‬‬
‫تطبيقه إلى مؤسسات تطبق عليها قواعد القانون الخاص‪ ،‬ما يطرح مشكل االختصاص‬
‫القضائي‪.‬‬
‫* االهتمام بمجال الصفقات العمومية والرغبة النفسية الملحة في معالجة الموضوع‪،‬‬
‫وتقديم إضافة إلى مجال البحث العلمي‪.‬‬
‫تحاول هذه الدراسة الوقوف على مختلف النصوص القانونية التي تناولت موضوع‬
‫تسوية منازعات الصفقات العمومية وكذا اإلشكاالت القانونية التي تثيرها الصفقات العمومية‬
‫باعتبارها أهم مجال اقتصادي‪.‬‬
‫من هنا تجدر اإلشارة إلى أن موضوع النظام القانوني لتسوية منازعات الصفقات‬
‫العمومية يعتبر واسعا ولهذا سيتم حصر مجال الدراسة على الجانب اإلداري توافقا مع‬
‫التخصص المدروس و المتمثل في تخصص إدارة و مالية‪ ،‬وعليه فإن المنازعات الجزائية‬
‫تخرج عن نطاق هذا البحث الرتباطها بتخصص القانون الجنائي‪.‬‬
‫كذلك يخرج عن مجال الدراسة رقابة مجلس المحاسبة لشروط إبرام الصفقات العمومية‬
‫ألن هذا الموضوع يرتكز على النزاعات التي تثار بين أطراف الصفقة العمومية فقط‪.‬‬
‫إن مختلف التعديالت التي مست تنظيم الصفقات العمومية كانت تهدف إلى الوصول‬
‫إلى منهج قانوني مثالي يؤمن شفافية تدبير الصفقات العمومية وضمان حرية المنافسة‬
‫وتخليق الممارسات المتعلقة بالصفقات العمومية وضمان فعالية النفقات العمومية لتنمية‬
‫االقتصاد الوطني وكذا ضمان نوع من التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة‪،1‬‬
‫وهو مايفرض اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما مدى توفيق المشرع في إيجاد أحسن السبل واآلليات لتسوية منازعات الصفقات‬
‫العمومية ؟‬

‫الزياتي محمد ‪ ،‬القاضي اإلداري و الصفقات العمومية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1447 ،60-67‬ص‪.21‬‬

‫‪11‬‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكالية فقد تم إتباع المنهج القانوني التحليلي وذلك بإجراء دراسة‬
‫تحليلية لمختلف النصوص القانونية التي تناولت موضوع تسوية منازعات الصفقات العمومية‬
‫وتطبيقات االجتهاد القضائي الجزائري بشأنها مع تدعيم ذلك بآراء الفقه‪.‬‬
‫كما تم االعتماد على المنهج المقارن نظ ار لما عرفته مختلف األنظمة القانونية من‬
‫تطور‪ ،‬السيما القانون الوضعي الفرنسي‪ ،‬وكذا االجتهادات القضائية الحديثة التي ابتكرها‬
‫مجلس الدولة الفرنسي بغية االستفادة منها‪ ،‬وال يخفى في هذا المجال بأن سبب االعتماد‬
‫على ا لمنهج المقارن كان نتيجة حتمية للصعوبات التي تم مواجهتها من ندرة المراجع‬
‫المتخصصة‪ ،‬السيما العربية التي إكتفت أغلبها بتناول النظرية العامة للعقود اإلدارية و بات‬
‫اللجوء إلى المراجع الفرنسية أم ار ضروريا رغم ما تستغرقه الترجمة القانونية السليمة من وقت‬
‫إال أن فائدتها كانت كبيرة ‪.‬‬
‫يبرز أيضا في هذا المجال ضرورة المنهج التاريخي لتعرض تنظيم الصفقات العمومية‬
‫لعدة تعديالت فكان من الواجب الرجوع من حين آلخر إلى هذا المنهج لمقارنة النصوص‬
‫الحالية مع النصوص السابقة الكتشاف التطور الحاصل‪.‬‬
‫ألجل إعطاء صورة واضحة للموضوع فقد تم وضع تصميم يقوم على دراسة اآلليات‬
‫اإلدارية للحد من نزاعات الصفقات العمومية في باب أول‪ ،‬بينما يتم تناول تسوية النزاعات‬
‫القضائية للصفقات العمومية في باب الثاني‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الباب األول‬
‫اآلليات اإلدارية لتسوية منازعات الصفقات العمومية‬
‫لقد بات اللجوء إلى القضاء ليس هو الطريق الوحيد بشأن كل النزاعات التي تثار بين‬
‫أشخاص القانون‪ ،‬وبالتالي أصبح من الضروري تقديم إجراءات ووسائل بديلة لتسوية‬
‫النزاعات وحلها خارج الدعاوى القضائية توفي ار للجهد والوقت وتقليصا لحجمها في المستقبل‬
‫خاصة وأن القضاء يتميز بإطالة عمر النزاع بسبب ثقل اإلجراءات وكثرة الطعون التي‬
‫رسمتها القوانين وألجل مسايرة التطورات الحديثة والبحث عن حلول بديلة للنزاعات‪ ،1‬فقد‬
‫أولى تنظيم الصفقات العمومية أهمية بالغة لآلليات اإلدارية المخصصة لحماية المال العام‪،2‬‬
‫بحيث قيد سلطة المصلحة المتعاقدة في إبرام الصفقات العمومية وذلك بوضع إجراءات تلزم‬
‫هذه األخيرة بإتباعها على طول عمر الصفقة‪ ،‬وفي نفس الوقت فإن كل إخالل بإجراءات‬
‫إبرام الصفقة العمومية أو أي حدوث لنزاع بين أطراف الصفقة العمومية يكون حله موضوعا‬
‫أمام اللجان المختصة بذلك‪.‬‬
‫لتحقيق حماية فعالة فقد أحال تنظيم الصفقات العمومية إلى التشريع تنظيم آليات أسند‬
‫بمقتضاها ألجهزة أخرى القيام بالدور التكميلي في إيجاد الحل الودي للنزاعات التي يمكن أن‬
‫تطفو على السطح حيث أصبح لكل من مجلس المنافسة و هيئات التحكيم الدور اإليجابي‬
‫في التدخل من أجل التسوية الودية للنزاع‪.‬‬
‫لقد حرص النظام القانوني للصفقات العمومية أن تتوافر اآلليات اإلدارية لتسوية‬
‫منازعات الصفقات العمومية في كل مراحل الصفقة العمومية‪ ،‬إبتداءا من إبرامها (الفصل‬
‫األول) إلى غاية تنفيذها(الفصل الثاني)‪.‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬ ‫‪1‬‬

‫العام‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،4‬كليةالحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041-6046‬ص‪.2‬‬


‫خضري حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‬
‫التسوية اإلدارية لمنازعات الصفقات العمومية في مرحلة اإلبرام‬
‫تمتاز مرحلة إبرام الصفقة العمومية بفتحها لمجال المشاركة لجميع المرشحين للتقدم‬
‫بعطاءاتهم من أجل نيل الصفقة العمومية‪ ،‬فهي بالتالي تقوم على مبدأ هام أال وهو مبدأ‬
‫المنافسة‪.‬‬
‫أن هذا األخير عرف تطو ار ذا مفهوم حديث‬
‫يثير مبدأ المنافسة اهتماما كبيرا‪ ،‬خاصة و ّ‬
‫في مجال القانون العام‪ ،‬ففي فترة غير بعيدة كان يقتصر مبدأ المنافسة على مجال القانون‬
‫وحرية األعوان االقتصاديين في الدخول إلى‬
‫الخاص وكان يرتبط كثي ار بمجال حماية السوق ّ‬
‫السوق دون تقييد أو وضع حواجز وما لبثت هذه النظرية أن تتطور لتدخل في مجال القانون‬
‫العام عن طريق التفسيرات الحديثة التي بلورت تعريف المنافسة‪.‬‬
‫يجد هذا المبدأ ركيزته في أحكام القضاء اإلداري الفرنسي الذي يشكل المصدر‬
‫األساسي للقانون اإلداري‪ ،‬في هذا المقام يذكر ما أقرت به محكمة النقض الفرنسية في قرارها‬
‫إن المقصود بحرية‬‫الصادر في ‪ 4662/05/61‬التي ّبينت مغزى هذا المبدأ بقولها‪ّ '' :‬‬
‫المنافسة هو حق األفراد في التقدم إلى المنافسة العامة دون منع اإلدارة ألحد منهم أو‬
‫حرمانه من حقّه في التنافس للوصول إلى إرساء العطاء عليه بأي إجراء سواء كان عاما‬
‫أو خاصا"‪.1‬‬
‫يعرف األستاذ الدكتور محمد شريف كتو المنافسة في قانون الصفقات العمومية من‬
‫زاويتين قانونية واقتصادية‪ ،‬فبالنسبة للزاوية القانونية فهي تعني جملة من القواعد واإلجراءات‬
‫اإلدارية التي يجب على اإلدارة إتباعها من أجل إيجاد المقاول أو المورد أو مقدم الخدمات‬
‫جيد‪ ،‬ومن الزاوية االقتصادية فهي نظام مبني‬
‫الذي يستطيع تأمين الحاجات العامة بشكل ّ‬

‫نادية تياب‪ ،‬تكريس مبدأ حرية المنافسة في مجال الصفقات العمومية حماية للمال العام‪ ،‬الملتقى السادس حول" دور‬ ‫‪1‬‬

‫قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬جامعة الدكتور يحي فارس المدية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬يوم‪14‬ماي ‪،1423‬‬
‫ص‪.0‬‬

‫‪14‬‬
‫أن لكل شخص الحرية في ممارسة التجارة‬
‫على الحرية الصناعية والتجارية على اعتبار ّ‬
‫واختيار نوع النشاط الذي يريده‪.1‬‬
‫إن ضرورة تحقيق المنافسة بين الراغبين في التعاقد مع المصلحة المتعاقدة يقتضي في‬
‫ّ‬
‫مرحلة أولية التطرق إلى اآلليات التي وضعها تنظيم الصفقات العمومية من أجل تسوية‬
‫منازعات الصفقات العمومية (المبحث األول) وتحقيقا لنزاهة العملية التعاقدية فقد مدد‬
‫المشرع الجزائري مجال تطبيق قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬الشيئ الذي يستدعي‬
‫استكشاف اآلليات التي وضعها قانون المنافسة لحماية المنافسة في مادة الصفقات العمومية‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد الشريف كتو‪ ،‬حماية المنافسة في الصفقات العمومية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،1424 ،41‬ص‪.67‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث األول‬
‫تسوية منازعات الصفقات العمومية في ظل التنظيم الخاص بالصفقات العمومية‬
‫األصل في اإلدارة أنها حرة عند اختيارها للمتعامل المتعاقد معها‪ ،1‬غير أن الطابع‬
‫اإللزامي للشفافية يقتضي وجوب احترام واتباع اإلجراءات القانونية المتعلقة بالصفقات‬
‫العمومية حين قيام المصلحة المتعاقدة بهذه الصفقات‪ ،2‬وفي سبيل ذلك فقد فرض المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 612-45‬جملة من القواعد اإلجرائية التي يتعين على المصلحة المتعاقدة‬
‫إتباعها حين إبرام الصفقات العمومية (مطلب أول)‪.‬‬
‫غير أن هذا الحد من الحرية في التعاقد يبقى مرنا‪ ،3‬إذ يترك لإلدارة من الناحية‬
‫الداخلية حين اتخاذها لقرار منح الصفقة العمومية أن تستند على أسس موضوعية تبرر هذا‬
‫المنح‪ ،‬آخذين بعين االعتبار طبيعة الصفقة وأهميتها والشروط التي البد أن تتوفر‬
‫لدى المتعامل المستقبلي مع اإلدارة ألجل تنفيذ الصفقة‪ ،‬وألجل هذا الغرض فقد منح المرسوم‬
‫الرئاسي رقم‪ 615-45‬لكل متعهد إمكانية ممارسة حق الطعن اإلداري في إختيار المصلحة‬
‫المتعاقدة (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫التزام المصلحة المتعاقدة بإتباع القواعد اإلجرائية المنظمة لمرحلة إبرام الصفقة العمومية‬
‫نظ ار ألهمية الصفقات العمومية وارتباطها الوثيق بالمنافسة‪ ،‬حدد المنظم الجزائري‬
‫إجراءات إبرام هذه الصفقات و ذلك بفتح المجال أمام المتنافسين لتقديم عروضهم و تمكينهم‬
‫من اإلطالع على كل المعلومات المتعلقة بالصفقة المراد إبرامها‪ ،‬مراعيا في ذلك جملة من‬
‫المبادئ األساسية‪ 4‬التي عرفت تكريسها بموجب المادة ‪ 5‬من المرسوم الرئاسي رقم‪612-45‬‬
‫المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام كما يلي‪ ":‬لضمان نجاعة‬

‫‪1‬‬
‫‪CHAPUS René, Droit administratif général, Montchrestien, tome1, 9 édition, France, 1995,‬‬
‫‪P 1045.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪TOUSCOZ Jean, réflexions sur la transparence en droit international economique, Colloque‬‬
‫‪sur la transparence dans l’Union européenne : mythe ou principe juridique ?, Université de‬‬
‫‪Nice Sophia Antipolis, institut de droit de la paix et du développement, LGDJ, France, 1999,‬‬
‫‪P232.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CHAPUS René, op.cit, P1049.‬‬
‫‪ 4‬صياد ميلود‪ ،‬إمتداد قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1422‬ص‪.27‬‬

‫‪16‬‬
‫الطلبات العمومية و االستعمال الحسن للمال العام‪ ،‬يجب أن تراعى في الصفقات العمومية‬
‫مبادئ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية و المساواة في معاملة المرشحين وشفافية‬
‫اإلجراءات‪ ،‬ضمن إحترام أحكام هذا المرسوم" ‪.‬‬
‫من خالل النص أعاله‪ ،‬فإن مبدأ المنافسة المكرس في تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬قد‬
‫إنتقل مفهومه من مجرد إلزامية إحترام إجراءات اإلبرام إلى ضرورة تحقيق نتيجة وذلك بخلق‬
‫الشروط المالئمة لتوفير المساواة بين المترشحين للطلبات العمومية‪.1‬‬
‫في هذا الجانب تلتزم المصلحة المتعاقدة باحترام قواعد المنافسة عن طريق إلتزامها‬
‫بعدم خلق ممارسات مقيدة للمنافسة‪ 2‬وذلك بتحقيقها لمبدأ شفافية إجراءات الصفقة العمومية‬
‫وحرية الوصول للطلبات العمومية‬
‫(فرع أول) والمساواة في معاملة المترشحين (فرع ثاني) ّ‬
‫(فرع ثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة باحترام مبدأ الشفافية في إبرام الصفقات العمومية‬
‫يقصد بمبدأ الشفافية هو قيام إجراءات إبرام الصفقات العمومية على الوضوح وابتعادها‬
‫فإن إجراءات الصفقات العمومية البد أن تبتعد عن‬
‫عن كل غموض يمكن أن يعتريها‪ ،‬وعليه ّ‬
‫كل تمييز وترتكز على إعطاء أهمية للمعلومة‪ ،‬والمنافسة الشريفة بين المرشحين للصفقة‬
‫العمومية‪.3‬‬
‫بالعودة إلى أحكام المادة ‪ 6‬من القانون رقم‪ 04-09‬المتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته فإن أ ول التزام يقع على عاتق اإلدارة في سبيل تحقيق شفافية الصفقة العمومية‬
‫يتمثل في عالنية المعلوما ت المتعلقة بالصفقة العمومية حيث جاء في المادة المذكورة أعاله‬
‫مايلي‪:‬‬
‫'' يجب أن تؤسس اإلجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية على قواعد‬
‫الشفافية والمنافسة الشريفة وعلى معايير موضوعية‪ ،‬ويجب أن تكرس هذه القواعد على‬
‫وجه الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬عالنية المعلومات المتعلقة بإجراءات إبرام الصفقات العمومية‪.''...‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LINDITCH Florian, Le droit des marchés publics, 6 édition, Dalloz, Paris, 2015, p28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪REIS Patrice, la concurrence et les marchés publics, Thèse de doctorat, Université de Nice‬‬
‫‪Sophia Antipolis, 1999, P02.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, Droit des marchés publics, édition BERTI, Alger, 2007, P 62.‬‬

‫‪17‬‬
‫عنصر جوهريا في الطلبات العمومية وهي وسيلة لتجسيد مبدأ الشفافية‬
‫ا‬ ‫تشكل العالنية‬
‫في المعامالت و ضمانها يقاس بمدى نجاعة الوسائل والطرق المستعملة إليصال المعلومات‬
‫‪1‬‬
‫المدة التي تمر بها عملية إجراءات إبرام الصفقة‬
‫إلى كافة المتعاملين المفترضين على طول ّ‬
‫العمومية‪ ،‬ابتداء من اإلشهار(أوال) مرو ار بفتح األظرفة(ثانيا) إلى غاية اختيار المتعامل‬
‫المتعاقد(ثالثا)‪ 2‬واالّ ترتّب عن ذلك بطالن إجراءات الصفقة العمومية‪.‬‬
‫أوال‪-‬اإلشهار في إعداد الصفقات العمومية‬
‫إن أول وسيلة تؤكد على احترام المصلحة المتعاقدة لمبدأ الشفافية تكمن في استعمالها‬
‫ّ‬
‫لإلشهار من أجل كل صفقة عمومية فاإلشهار أداة تعبير عن إجراء المنافسة‪ ،‬والعالقة بين‬
‫اإلشهار والمنافسة وطيدة ال يمكن الفصل بينهما‪ ،‬وهذا ما اتجه إليه تنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 10‬من المرسوم الرئاسي رقم‪612-45‬على ما يلي‪:‬‬
‫لقد ّ‬
‫عدة متعهدين‬
‫'' طلب العروض هو إجراء يستهدف الحصول على عروض من ّ‬
‫متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات‪ ،‬للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من‬
‫حيث المزايا االقتصادية‪ ،‬استنادا إلى معايير اختيار موضوعية‪ ،‬تعد قبل إطالق اإلجراء‪".‬‬
‫أ ّكدت المادة ‪ 94‬من نفس التنظيم على أن يكون اللجوء إلى اإلشهار الصحفي إلزاميا‬
‫في الحاالت اآلتية‪ :‬طلب العروض المفتوح‪ ،‬طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا‪،‬‬
‫طلب العروض المحدود‪ ،‬المسابقة‪ ،‬التراضي بعداإلستشارة‪.‬‬
‫فإن اإلشهار هو نتيجة حتمية إلجراء المنافسة والتي يمكن تبريرها في األفكار‬
‫ومن ت ّم ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫المشرع بلوغ أحسن الشروط التي تبرم وفقها الصفقات العمومية‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬األولى يكمن في رغبة‬
‫يقدم‬
‫خاصة ما يتعلق بالنوعية والسعر‪ ،‬والعتبارات مالية ما يستوجب اختيار المتعاقد الذي ّ‬

‫‪ 1‬خويضر طاهر‪ ،‬المبادئ األساسية المعتمدة في إبرام الصفقات العمومية في الجزائر في ظل القانون الجديد‪ ،‬مجلة الفكر‬
‫البرلماني‪ ،‬العدد ‪ ،16‬سنة‪ ،1422‬ص‪.04‬‬
‫‪2‬‬
‫‪BETH Elodie et HRUBI Aniko, Renforcer l’intégrité dans les marchés publics, étude‬‬
‫‪d’apprentissage mutuel au Maroc, OCDE, 2007, p 13.‬‬

‫‪18‬‬
‫فنية التي تلزم اإلدارة اختيار‬
‫أفضل الشروط المالية بالنسبة للخزينة العامة للدولة‪ ،‬والعتبارات ّ‬
‫األكفاء واألقدر على الصفقات العمومية‪.1‬‬
‫‪ -‬الثانية يكمن في التعامل بالتساوي مع كل المتعاملين المتعاقدين مع اإلدارة‪ ،‬وهذا عن‬
‫‪2‬‬
‫وحرية الوصول إلى الطلبات العمومية‪.‬‬
‫طريق المنافسة ‪ ،‬تجسيدا لمبدأي العدالة القانونية ّ‬
‫تمت سنة ‪ 4662‬والمنصبة حول استحداث اتفاق مستقبلي الذي‬ ‫في إطار أعمالها التي ّ‬
‫أهم العناصر المكونة لشفافية الصفقات العمومية‪ ،‬قامت مجموعة العمل المتعلقة‬
‫يضع ّ‬
‫بشفافية الصفقات العمومية ‪groupe de travail de la transparence des marchés publics‬‬
‫التابعة لمنظمة التجارة العالمية‪ ،‬بتحديد العلنية في معنيين‪ ،‬تمثلت في كل من المكان الذي‬
‫يمكن أن تتواجد فيه المعلومة‪ ،‬ومضمون المعلومة من جهة ثانية‪ .3‬هذا ما يؤدي إلى القول‬
‫أن علنية المعلومات المتعلقة بالصفقة العمومية تقوم على جانبين ‪ ،‬جانب شكلي (‪ )4‬وجانب‬
‫ّ‬
‫موضوعي (‪.)6‬‬
‫‪ -1‬الشروط الشكلية لإلشهار‬
‫إن إلزامية اإلشهار المنصوص عليه في المادة ‪ 94‬من المرسوم الرئاسي رقم‪612-45‬‬
‫ّ‬
‫تظهر اشتراكه من حيث الوسائل المتبعة فيه مع ما حملته تنظيمات الصفقات العمومية‬
‫للمؤسسات العالمية‪ ،‬خاصة منها منظمة التجارة العالمية‪ ،‬البنك األوروبي لالستثمار‪ ،‬البنك‬
‫العالمي من أجل اإلنشاء والتعمير‪.‬‬
‫وهي في المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬تتراوح ما بين وسائل تقليدية كالسيكية(أ)‬
‫ووسائل حديثة تتالءم مع التطور التكنولوجي (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬الوسائل الكالسيكية إلشهار الصفقات العمومية‬
‫أن اإلشهار في هذا النوع من الوسائل البد أن يتوافق مع‬
‫األصل في القانون الفرنسي ّ‬
‫تحقيق نجاعة الطلبات العمومية ‪ l’efficacité des commandes publics‬ويتناسب معها‬

‫عوابدي عمار ‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص ‪.121‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬أحميد اتو محمد‪ ،‬اإلجراءات القانونية للشفافية في التسيير العمومي في النشاطات التجارية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬ ‫‪2‬‬

‫القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،1440 ،‬ص ‪.271‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Organisation Mondiale du Commerce, chapitre 24, « Transparence des Marchés Publics »,‬‬
‫‪www. Jurisint.Org, p 321.‬‬

‫‪19‬‬
‫أن يقف إشهار الصفقات العمومية على حجم وأهمية‬
‫‪ principe de proportionnalité‬أي ّ‬
‫‪1‬‬
‫هذه الصفقات‬
‫للمشرع الجزائري يكون مبدأ التناسب طبقا للمادة ‪ 41‬و‪ 95‬و‪ 94‬من المرسوم‬
‫ّ‬ ‫بالنسبة‬
‫الرئاسي رقم‪ 612-45‬كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الصفقات التي تفوق مبلغ ‪46.000.000‬دج بالنسبة لألشغال أو اللوازم‬
‫و‪ 9.000.000‬دج بالنسبة لصفقات الدراسات أو الخدمات تقتضي وجوبا نشر إعالن طلب‬
‫العروض في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي ن ر ص م ع ‪ BOMOP‬وعلى‬
‫األقل في جريدتين وطنيتين يوميتين موزعتين على المستوى الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن إعالن طلب العروض للواليات والبلديات والمؤسسات العمومية الموضوعة‬
‫تحت وصايتها والتي تتضمن صفقات أشغال أو لوازم ودراسات أو خدمات يساوي مبلغها‬
‫تبعا لتقدير إداري على التوالي‪400.000.000 ،‬دج أو يقل عنها و ‪ 50.000.000‬دج أو‬
‫يقل عنها وأن تكون محل إشهار محلي حسب الكيفيات اآلتية‪:‬‬
‫*إعالن المناقصة في يوميتين محليتين أو جهويتين‪.‬‬
‫*إلصاق إعالن طلب العروض بالمقرات المعنية للوالية‪ ،‬لكافة بلديات الوالية‪ ،‬لغرف‬
‫التجارة والصناعة والحرف والفالحة للوالية وللمديرية التقنية المعنية في الوالية‪.‬‬
‫فإن تنظيم الصفقات العمومية يحمل ضمن قواعده مرونة فيما يخص إجراء‬
‫ثم ّ‬
‫من ّ‬
‫اإلشهار‪ ،‬خاصة على المستوى المحلي‪ ،‬بحيث يعتبر المرسوم الرئاسي رقم ‪ 650-06‬أول‬
‫‪2‬‬
‫تنظيم للصفقات العمومية ينظّم هذا الوضع‪.‬‬
‫أما من حيث اللغة المستعملة لتحرير طلب العروض بكافة أنواعه‪ ،‬فقد ألزم المشرع‬
‫ّ‬
‫يتم تحريرها باللغة العربية‬
‫الجزائري المصلحة المتعاقدة حين إعالنها لطلبات العروض أن ّ‬
‫وبلغة أجنبية واحدة على األقل‪ 3‬وهذا حتى يتسنى فتح المجال ألكبر عدد من الراغبين في‬
‫التعاقد مع المصلحة المتعاقدة سواء كان هؤالء المتعاملين وطنيين أو أجانب بما يسمح لهم‬
‫من الوصول إلى الطلبات العمومية وتحقيق نجاعة الطلبات العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪BETH Elodie et HRUBI Aniko, op.cit, p 16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪SABRI Mouloud, op.cit, p22.‬‬
‫سابق‪.‬‬ ‫المادة ‪ ،95‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،615-45‬مرجع‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫إن الجديد الذي جاء به المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬مقارنة بالمرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 619-40‬هو إدراجه للتراضي بعد اإلستشارة في نفس المادة التي أخضعت طلب العروض‬
‫إلى اإلشهار الصحفي أي أن إجراء التراضي بعد االستشارة يخضع لإلشهار الصحفي‬
‫اإللزامي المتعلق بطلب العروض‪ ،1‬لكن بالعودة إلى أحكام المادة ‪ 95‬من المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 612-45‬و التي حددت كيفية القيام باإلشهار فإن هذه االخيرة اقتصرت فقط على ذكر‬
‫إعالن طلب العروض الشيء الذي يطرح تساؤال حول الكيفية التي يتم بها إعالن إجراء‬
‫التراضي بعد االستشارة؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل البد من العودة إلى األحكام التي نظمت التراضي بعد‬
‫االستشارة‪ ،‬و في هذا اإلطار فقد ألزمت المادة ‪ 14‬من المرسوم المذكور أعاله حين بيانها‬
‫ألشكال التراضي بأن ينظم التراضي بعد االستشارة بكل الوسائل المكتوبة المالئمة أما‬
‫المادة‪ 56‬فقد وضحت الكيفية التي يتم بها إعالم المترشحين للصفقة العمومية والتي تكون‬
‫باستشارة المصلحة المتعاقدة المؤسسات التي شاركت في طلب العروض برسالة استشارة‪.‬‬
‫إذا قررت المصلحة المتعاقدة استشارة مؤسسات لم تشارك في طلب العروض‪ ،‬فإنه‬
‫يجب عليها نشر إعالن االستشارة حسب األشكال المنصوص عليها في هذا المرسوم‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوسائل اإللكترونية إلشهار الصفقات العمومية‬
‫في خطوة جديدة أتى بها ألول مرة المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬تمت إتاحة وسيلة‬
‫اإلشهار بالطريقة اإللكترونية‪ ،‬وقد اهتم المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬بهذا النوع من‬
‫اإلشهار بحيث ألزم المصالح المتعاقدة بأن تضع وثائق الدعوة إلى المنافسة تحت تصرف‬
‫المتعهدين أو المرشحين للصفقات العمومية بالطريقة اإللكترونية حسب جدول زمني يحدد‬

‫تنص المادة ‪ 94‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬على ما يلي‪ ":‬يكون اللجوء إلى اإلشهار الصحفي إلزاميا في‬ ‫‪1‬‬

‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬طلب العروض المفتوح‬
‫‪-‬طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا‬
‫‪-‬طلب العروض المحدود‬
‫‪-‬المسابقة‬
‫‪-‬التراضي بعد االستشارة‪ ،‬عند االقتضاء"‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫بموجب قرار من الوزير المكلف بالمالية و يرد المتعهدون أو المرشحون للصفقات العمومية‬
‫على الدعوة إلى المنافسة بالطريقة اإللكترونية حسب الجدول الزمني المذكور سابقا‪.1‬‬
‫أما المادة ‪ 601‬من نفس المرسوم فهي تؤسس لبوابة إلكترونية للصفقات العمومية‬ ‫ّ‬
‫الوزرة المكلفة بالمالية و الو ازرة المكلفة بتكنولوجيات اإلعالم و االتصال‪ ،‬و‬
‫تسير من طرف ا‬
‫يحدد في هذا المجال قرار مشترك بين الوزير المكلف بالمالية و الوزير المكلف بتكنولوجيات‬
‫اإلعالم و االتصال صالحيات كل دائرة و ازرية‪ ،‬يحدد محتوى البوابة وكيفية تسييرها بموجب‬
‫قرار من الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬
‫يعتد بالتكنولوجيا المستعملة في اإلعالم بالنسبة للصفقات‬
‫ّ‬ ‫لقد أصبح العالم اليوم‬
‫العمومية لقياس درجة شفافيتها وهو ما تضمنته أعمال مجموعة العمل المتعلقة بشفافية‬
‫الصفقات العمومية التابعة لمنظمة التجارة العالمية من بين ‪ 46‬سؤاال اعتبر مهما في هذا‬
‫‪3‬‬
‫عدة دول خبرتها‪ ،2‬فاإلشهار االلكتروني يؤدي إلى‪:‬‬
‫المجال أين عرضت ّ‬
‫‪ -‬تخفيض تكاليف الصفقات العمومية على المتعاملين المتعاقدين‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية نجاعة الطلب العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬توفير الوقت على المتعهدين بطريقة آنية وسريعة النتقال المعلومة وتلقّيها‪.‬‬
‫أن الولوج للمشاركة في‬‫‪ -‬ضمان مشاركة أوسع أو أكبر للمتعاملين المتعاقدين‪ ،‬إذ ّ‬
‫يتم ببساطة وبنقرة واحدة‪.‬‬
‫الصفقة العمومية ّ‬
‫إن الجديد الذي حمله المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬هو توجهه نحو إلزامية اإلشهار‬
‫يبين‬
‫اإللكتروني بعدما كان مجرد إمكانية بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،619-40‬وهو ما ّ‬
‫أن اتجاهه نحو االهتمام بهذا النوع من اإلشهار ومسايرته التطور التكنولوجي جاء من أجل‬
‫إضفاء نوع م ن الشفافية على الصفقات العمومية هذا من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى فإن‬
‫اإلشهار اإللكتروني سوف يخفف على اإلدارات تكاليف الصفقات العمومية وهو ما يبرر‬
‫سعي الحكومة الجزائرية لتعميم اإلدارة اإللكترونية في جميع القطاعات و على جميع‬
‫المستويات‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،140‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Organisation Mondiale du Commerce, conférence ministérielles Doha, note d’information :‬‬
‫‪Transparence des Marchés Publics, 2011, www.wfo.org.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SABRI Mouloud, op.cit, P 46.‬‬

‫‪22‬‬
‫فإن تصفح البوابة االلكترونية لو ازرة‬
‫بالعودة إلى تطبيقات اإلشهار االلكتروني بالجزائر‪ّ ،‬‬
‫المالية تدل على وجود صفحة متعلقة بإعالنات طلبات العروض أنشأت سنة ‪ 6040‬ومؤخ ار‬
‫تم تفعيلها( أي بداية من سنة ‪ )6049‬بنشر عدد قليل من اإلعالنات بعدما كان من‬
‫المستحيل الولوج إليها وربما يعود ذلك لحداثة هذا اإلجراء وصعوبة تطبيقه السيما وأن‬
‫الصفقات العمومية تنصب على أموال ضخمة يمكن أن تفسح المجال للقرصنة اإللكترونية‬
‫وهو ما يبرر حذر و ازرة المالية في وضع هذا النوع من اإلجراء حيز التطبيق‪.‬‬
‫أن البنك الدولي لإلنشاء والتعمير يشترط في اإلشهار االلكتروني للصفقات‬
‫ولهذا نجد ّ‬
‫العمومية أن يكون محميا بنظام إلكتروني من أجل تفادي كافة التعديالت في محتويات‬
‫العروض التي تهدف إلى تحديد أو منع المترشحين من المشاركة في الصفقة العمومية‪،1‬‬
‫لعدة مخالفات التي‬
‫خاصة وأ ّن هذا المجال االلكتروني يمتاز باتساع نطاقه ما يجعله مرتعا ّ‬
‫يمكن أن تؤدي إلى تعديل بيانات إعالنات الصفقات العمومية لفائدة أصحاب هذه‬
‫الممارسات‪.‬‬
‫‪ -6‬الشروط الموضوعية لإلشهار‬
‫أن المعلومة البد‬
‫يعد نظام المعلومات في الصفقات العموميةّ قاعدة الشفافية‪ ،‬بحيث ّ‬
‫أن تكون في متناول المتعاملين المتعاقدين بطريقة تؤدي بهم إلى تحضير وتقديم عروضهم‬
‫المحددة حسب إعالن المناقصة العمومية‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫في األوقات‬
‫حدد تنظيم الصفقات العمومية‪ 3‬المحتويات التي البد أن‬ ‫ألجل تحقيق ذلك فقد ّ‬
‫يتضمنها إعالن طلب العروض‪ ،‬إذ تشتمل بيانات هذا اإلعالن حسب المادة ‪ 96‬منه إلزاميا‬
‫ّ‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تسمية المصلحة المتعاقدة‪ ،‬وعنوانها‪ ،‬ورقم تعريفها الجبائي‪.‬‬
‫‪ -‬كيفية طلب العروض‪.‬‬
‫‪ -‬شروط التأهيل أو االنتقاء األولي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪direction passation des marchés publics de fourniture de travaux et de services par les‬‬
‫‪Emprunteurs de la Banque Mondiale dans le cadre des prêts de la BIRD et des crédits et de‬‬
‫‪l’AID, janvier 2011, P 14.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Organisation Mondiale du Commerce, transparence des marchés publics, Chapitre 24,‬‬
‫‪op.cit, p 322.‬‬
‫‪ 3‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬موضوع العملية‪.‬‬
‫المفصلة إلى أحكام دفتر الشروط‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬قائمة موجزة بالمستندات المطلوبة مع إحالة القائمة‬
‫ذات الصلة‪.‬‬
‫مدة تحضير العروض ومكان إيداع العروض‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫مدة صالحية العروض‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬إلزامية كفالة التعهد إذا اقتضى األمر‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم العروض في ظرف مغلق بإحكام‪ ،‬تكتب عليه عبارة ''ال يفتح إال من طرف لجنة‬
‫فتح األظرفة و تقييم العروض" ومراجع طلب العروض‪.‬‬
‫‪ -‬ثمن الوثائق عند االقتضاء‪.‬‬
‫يحدد إعالن طلب العروض بصفة واضحة ودقيقة كل المعلومات‬ ‫ومهما يكن فالبد أن ّ‬
‫المتعلقة بالصفقة العمومية بصفة تؤدي إلى تحقيق المنافسة على النحو الواسع‪.1‬‬
‫فمتى التزمت المصلحة المتعاقدة بهذه اإلجراءات الجوهرية تمت حماية المراكز‬
‫يخول‬
‫أما إن خالفتها أصبحت الصفقة العمومية غير مشروعة ما ّ‬ ‫القانونية للمتعهدين‪ّ ،‬‬
‫للمتعهد المتضرر‪ ،‬حق المطالبة بإلغاء إعالن الصفقة العمومية‪.2‬‬
‫ثانيا‪ -‬العلنية أثناء فتح األظرفة‬
‫تجسيدا للشفافية وبعد مرحلة إشهار الصفقة وايداع المتعهدين لعروضهم في اآلجال‬
‫المحددة‪ ،‬تأتي مرحلة فتح األظرفة المتعلقة بملف الترشح و العروض التقنية والمالية‪ ،‬تتم‬
‫ّ‬
‫هذه العملية في جلسة علنية‪ ،‬و تدعو المصلحة المتعاقدة كل المترشحين أو المتعهدين‬
‫لحضور جلسة فتح األظرفة‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬في إعالن المنافسة أو عن طريق رسالة موجهة‬
‫للمرشحين أو المتعهدين المعنيين‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪direction passation des marchés de fourniture de travaux et de services par les Emprunteurs‬‬
‫‪de la Banque Mondiale, op.cit, p 16.‬‬
‫‪ 2‬طباع نجاة‪ ،‬الحماية القانونية للمال العام من جانب اختيار المتعامل المتعاقد في تنظيم الصفقات العمومية بين االمتيازات‬
‫والعراقيل‪ ،‬الملتقى السادس حول ""دور قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬جامعة د‪ .‬يحي فارس بالمدية‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬يوم ‪ ،1423/42/14‬ص‪.7‬‬
‫المادة ‪ ،20‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪24‬‬
‫حددت المادة ‪ 99‬تاريخ فتح األظرفة بآخر يوم من أجل تحضير العروض‪ ،‬و إذا‬
‫صادف هذا اليوم يوم عطلة أو يوم راحة قانونية‪ ،‬فإن مدة تحضير العروض تمدد إلى غاية‬
‫يوم العمل الموالي‪.‬‬
‫إن هذا اإلجراء أي العلنية تم النص عليه ألول مرة بموجب المرسوم التنفيذي رقم‪111-64‬‬
‫المؤرخ في ‪ 4664/44/06‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية بواسطة المادة ‪ 402‬منه‪،‬‬
‫على عكس المرسوم رقم ‪ 415-26‬الذي لم يحدد ما إذا كانت الجلسة علنية أو غير علنية‪،‬‬
‫أما األمر ‪ 60-92‬فقد جعل جلسات لجنة فتح األظرفة غير عمومية بمقتضى المادة ‪12‬‬
‫منه‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته بالنسبة لهذه العملية‪ ،‬أن عدم علنية جلسات لجنة فتح األظرفة‬
‫يؤدي إلى عدم شفافية القواعد المنظمة لعملية اختيار العارض في هذا اإلجراء‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إلى االنحراف في تطبيق مبدأ المساواة بين العارضين‪.1‬‬
‫يبقى إجراء العلنية في فتح األظرفة يشكل قاعدة عامة ماعدا االستثناءات التي وضعها‬
‫خصها المشرع بطابع السرية وهو مانصت‬‫القانون ويتعلق األمر هنا بأظرفة الخدمات التي ّ‬
‫عليه المادة ‪ 20‬في فقرتها الرابعة التي جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫'' وفي حالة إجراء المسابقة‪ ،‬يتم فتح األظرفة المتعلقة بالعروض التقنية و الخدمات‬
‫و العروض المالية على ثالثة ‪ 30‬مراحل‪ ،‬وال يتم فتح أظرفة الخدمات في جلسة علنية"‬
‫ثالثا‪ -‬اإلعالن عن نتائج العروض‬
‫بعد فتح األظرفة التقنية والمالية وتقييمها من قبل اللجنة الدائمة لفتح األظرفة و تقييم‬
‫العروض‪ ،‬تأتي المرحلة الشبه نهائية من عملية ما قبل إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬حيث ألزمت‬
‫من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬المصلحة المتعاقدة باإلعالن عن نتائج‬ ‫المادة ‪26‬‬
‫العروض وفق الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬يتم اإلعالن عن الفائز بالصفقة العمومية في إعالن المنح المؤقت للصفقة‪.‬‬
‫‪ -‬يشتمل هذا اإلعالن إالّ على نتائج تقييم العروض التقنية لمن منحت له الصفقة مؤقتا‬
‫و رقم تعريفه الجبائي‬

‫قدوج حمامة‪ ،‬عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،6001 ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬تشير المصلحة المتعاقدة إلى لجنة الصفقات المختصة بدراسة الطعن في المنح‬
‫المؤقت للصفقة العمومية و رقم التعريف الجبائي للمصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المصلحة المتعاقدة أن تدعو في إعالن المنح المؤقت للصفقة المرشحين‬
‫والمتعهدين الراغبين في اإلطالع على النتائج المفصلة لتقييم ترشيحاتهم وعروضهم‬
‫التقنية والمالية االتصال بمصالحها في أجل أقصاه ‪ 01‬أيام ابتداء من اليوم األول‬
‫لنشر إعالن المنح المؤقت للصفقة لتبليغهم هذه النتائج كتابيا‪.‬‬
‫كما أشارت المادة ‪ 95‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬إلى نشر إعالن المنح‬
‫المؤقت للصفقة في الجرائد التي نشر فيها إعالن طلب العروض‪ ،‬عندما يكون ذلك ممكنا‪،‬‬
‫مع تحديد السعر وآجال اإلنجاز وكل العناصر التي سمحت باختيار حائز الصفقة العمومية‪.‬‬
‫إن الهدف من هذا اإلعالن هو اعتباره وثيقة كاشفة تتيح للمتعهدين غير المقبولين من‬
‫ّ‬
‫مراجعة مدى ما إذا تمت معالجة عروضهم بعدالة تبعا للمواصفات والمعايير المعلن عنها‬
‫في إعالن طلب العروض وكذا مدى احترام اإلدارة لإلجراءات القانونية المتعلقة بهذا الصنف‬
‫من الصفقات‪.1‬‬
‫فإن هذا اإلجراء يعتبر إلزاميا على المصلحة المتعاقدة وال يجوز لها إغفاله أو‬
‫وعليه ّ‬
‫تجاهل بياناته ذلك ّأنه شرع لحماية حقوق المتعهدين وهو ما يستشف من نص المادة ‪26‬‬
‫من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬التي تعتبر وثيقة إعالن المنح المؤقت للصفقة وسيلة‬
‫للطعن في يد المتعهدين المتضررين من نتائج االختيار‪.‬‬
‫في حاالت إعالن عدم الجدوى و إلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت‪،‬‬
‫يجب على المصلحة المتعاقدة أن تعلم برسالة موصى عليها مع وصل استالم المرشحين أو‬
‫المتعهدين بق ارراتها‪ ،‬ودعوة أولئك الراغبين منهم في اإلطالع على مبررات ق ارراتها‪ ،‬اإلتصال‬
‫بمصالحها في أجل ثالثة أيام‪ ،‬إبتداء من تاريخ استالم الرسالة المذكورة أعاله‪ ،‬لتبليغهم هذه‬
‫النتائج كتابيا‪ ،‬وعندما تطلق المصلحة المتعاقدة اإلجراء من جديد‪ ،‬توضح في إعالن‬
‫المنافسة أو في رسالة االستشارة‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬إذا كان األمر يتعلق بإطالق اإلجراء بعد‬
‫‪2‬‬
‫إلغاء اإلجراء أو بعد إعالن عدم جدواه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Organisation Mondiale du Commerce, transparence des marchés publics, Chapitre 24,‬‬
‫‪op.cit, p 322.‬‬
‫المادة ‪ 26‬فقرة‪ ،5‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة بالمساواة في معاملة المترشحين‬
‫يستمد هذا المبدأ مصدره المباشر من المادة ‪ 32‬من الدستور الجزائري لسنة ‪6049‬‬
‫و التي تقضي بالمساواة أمام القانون‪.‬‬
‫كرسه مجلس‬‫وقبل أن يكون هذا المبدأ ذا مصدر دستوري فهو مبدأ عام في القانون ّ‬
‫يتم معاملته بنفس‬
‫أن كل شخص البد أن ّ‬ ‫الدولة الفرنسي و مضمون هذا المبدأ يدل على ّ‬
‫‪1‬‬
‫فإن مبدأ‬
‫الطريقة التي يعامل بها شخص آخر يكون في نفس الوضعية القانونية ‪ ،‬وعليه ّ‬
‫المساواة أمام القانون المكرس دستوريا ينتقل معناه إلى قانون الصفقات العمومية على أساس‬
‫المساواة في معاملة المترشحين للصفقات العمومية‪.‬‬
‫ينصرف تعريف مبدأ المساواة في معاملة المترشحين على ّأنه التزام يقع على‬
‫المصلحة المتعاقدة يقضي بمعاملتها للمترشحين على قدم المساواة‪ ،‬فهي بذلك ال تستطيع أن‬
‫تخلق وضعيات قانونية تمييزية مثل إعفاء متنافسين من بعض الشروط المطلوبة في غيرهم‪،‬‬
‫المحددة قانونا‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫أو إقصاء بعض المتنافسين خارج األطر الشرعية‬
‫إن الهدف الذي تسعى إليه المصلحة المتعاقدة يرتكز على ضرورة تحقيق نجاعة‬ ‫ّ‬
‫الجيد للمال العام ولهذا فهي تعتمد على قاعدة أحسن عرض‬
‫الطلب العمومي واالستعمال ّ‬
‫أن هذه القاعدة ال تأخذ على إطالقها بل ترد عليها‬
‫كأساس لنيل الصفقة (أوال)‪ ،‬غير ّ‬
‫استثناءات نظمها المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬من أجل حماية االقتصاد الوطني (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬احترام المصلحة المتعاقدة لقاعدة أحسن عرض عند تقييم العروض‬
‫أن طلب العروض هو إجراء يهدف إلى حماية المنافسة عن طريق فسح‬ ‫على اعتبار ّ‬
‫فإن مفهوم المنافسة هنا‬
‫المجال للمتنافسين من أجل التباري للحصول على الصفقة العمومية ّ‬
‫يقتضي أن ينصب االختيار على أحسن عرض اقتصادي‪.3‬‬
‫تقتضي الدراسة في مرحلة أولية تحديد معنى قاعدة أحسن عرض اقتصادي (‪)4‬‬
‫وللوصول لهذا االلتزام البد على المصلحة المتعاقدة أن تأخذ بعين االعتبار عوامل أخرى‬

‫‪1‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 61.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DELAUBADERE André, Traités Théoriques et Pratiques des Contrats Administratif,‬‬
‫‪volume1, LGDJ, France, 1959, p279.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ZOUAIMIA Rachid, Droit Administratif, edition BERTI, Alger, 2009, p 79.‬‬

‫‪27‬‬
‫لتحقيقه من خالل تحديد حاجيات المصلحة المتعاقدة (‪ ،)6‬لتستطيع إختيار المتعامل‬
‫المتعاقد معها (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬تحديد معنى قاعدة أحسن عرض‬
‫تم النص على قاعدة أحسن عرض بموجب المادة ‪ 10‬من المرسوم الرئاسي رقم‪-45‬‬ ‫ّ‬
‫‪ 612‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام كما يلي‪:‬‬
‫عدة متعهدين‬
‫''طلب العروض هو إجراء يستهدف الحصول على عروض من ّ‬
‫يقدم أحسن عرض من‬
‫متنافسين مع تخصيص الصفقة من دون مفاوضات للمتعهد الذي ّ‬
‫حيث المزايا االقتصادية‪ ،‬استنادا إلى معايير اختيار موضوعية‪ ،‬تعد قبل إطالق اإلجراء‪.".‬‬
‫إن الوقوف عند تحليل المادة أعاله و مقارنتها بسابقتها في المرسوم الرئاسي رقم ‪-40‬‬
‫‪ 619‬يؤدي بالقول أن تنظيم الصفقات العمومية الحالي كان أكثر دقة في انتقاء مصطلحاته‬
‫و معالجته لالنتقادات التي وجهت للمادة ‪ 69‬التي تستعمل مصطلح قاعدة أفضل عرض‬
‫من أجل تعريف المناقصة و المادة ‪ 465‬التي كانت تستعمل مصطلح أحسن عرض حين‬
‫شرحها للمراحل التي يتم من خاللها تقييم عروض إجراء المناقصة‪ ،‬مع أن كلي المصطلحين‬
‫يحمالن معنيين مختلفين‪ ،‬فمصطلح أفضل في اللغة العربية أقوى من مصطلح أحسن والذي‬
‫يراد به الشيء الجيد‪ ،‬فتطبيق المفهوم الحرفي للمادة ‪ 69‬على المادة ‪ 465‬يؤدي بالقول‬
‫فرضا لعدم جدوى تفصيل المادة ‪ 465‬حول كيفية اختيار العرض المالي‪ ،‬ذلك أن أفضل‬
‫عرض يستلزم الجمع بين العرض التقني الجيد و العرض المالي الجيد حتى ولو كان‬
‫باهضا‪ ،‬إذن فإن المادة ‪ 465‬ال تحقق هدف المادة ‪ 69‬بل تأخذ في الحسبان مقتضيات‬
‫المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬و التي تجمع بين نجاعة الطلب العمومي‬
‫والحفاظ على المال العام‪ ،‬الشيء الذي يستدعي القول بأن األخذ بقاعدة أفضل عرض‬
‫يتالءم مع إجراء التراضي هذا من جهة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يالحظ بأن المادة ‪ 62‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬عددت‬
‫أشكال المناقصة و التي من بينها المزايدة‪ ،‬هذه األخيرة عرفتها المادة ‪ 11‬على أنها اإلجراء‬
‫الذي تمنح الصفقة بموجبه للمتعهد الذي يقدم العرض األقل ثمنا وتشمل العمليات البسيطة‬
‫من النمط العادي و ال تخص إال المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري‪ ،‬وبالتالي يستنتج‬
‫بأن قاعدة أفضل عرض ال تتالءم مع تعريف المزايدة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫من خالل ال تحليل السابق نصل بأن تنظيم الصفقات العمومية السابق ساده خلط كبير‬
‫وعدم توحيد في استعمال المصطلحات‪ ،‬السيما ما اعترى المفاهيم من خطأ و التي لطالما‬
‫نادى الفقهاء لسوء استعمال مصطلح المناقصة في تعريف المنافسة‪ ،‬وكذا في جعل المزايدة‬
‫شكال من أشكال المناقصة‪ ،‬وحسنا ما فعل المشرع حينما ألغى المرسوم السابق وصحح‬
‫المفاهيم بتعويض مصطلح المناقصة بإجراء طلب العروض واعتماده على مصطلح أحسن‬
‫عرض في تعريفه إلجراء طلب العروض مع ثبوته في استعمال المصطلح في باقي أحكام‬
‫تنظيم الصفقات العمومية و كذا إلغائه إلجراء المزايدة‪.‬‬
‫لقد عرف المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬قاعدة أحسن عرض بموجب المادة ‪ 26‬منه‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫"‪....‬تقوم طبقا لدفتر الشروط‪ ،‬بانتقاء أحسن عرض من حيث المزايا االقتصادية‪،‬‬
‫المتمثل في العرض‪:‬‬
‫‪ /1‬األقل ثمنا من بين العروض المالية للمرشحين المختارين‪ ،‬عندما يسمح موضوع‬
‫الصفقة بذلك‪ ،‬وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى معيار السعر فقط‪.‬‬
‫‪ /2‬األقل ثمنا من بين العروض المؤهلة تقنيا‪ ،‬إذا تعلق األمر بالخدمات العادية‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى عدة معايير من بينها معيار السعر‪.‬‬
‫‪ /0‬الذي تحصل على أعلى نقطة استنادا إلى ترجيح عدة معايير من بينها معيار‬
‫السعر‪ ،‬إذا كان االختيار قائما أساسا على الجانب التقني للخدمات‪".‬‬
‫إن المالحظ لتعريف المادة أعاله لقاعدة أحسن عرض هو ارتكازها على معيار السعر‬
‫وهو ما يستدعي التوقف عند ذلك‪.‬‬
‫فالواقع الحالي والعملي يبرز قيام بعض المؤسسات في سبيل الظفر بالصفقات‬
‫العمومية بتخفيض األسعار‪ ،‬غير ّأنه البد على المصلحة المتعاقدة أن تحذر من منح‬
‫أن تخفيض األسعار من أجل الظفر‬‫الصفقات العمومية لهذا النوع من المترشحين‪ ،‬ذلك ّ‬
‫بالصفقات العمومية يمكن أن ينجر عنه االنعكاسات السلبية اآلتية‪:1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LE PERRON Emmanuèle et le VERGER Karine, le mieux disant dans la commande‬‬
‫‪publique, Livre Blanc de MEDEF, France, janvier 2010, P 9.‬‬

‫‪29‬‬
‫المقدمة يمكن أن ال تتوافق والتطلعات التي تهدف إليها المصلحة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬نوعية الخدمات‬
‫المتعاقدة‪ ،‬كما يمكن أن تظهر إلى العلن عيوب تتعلق بتنفيذ الصفقة وفي أغلب الحاالت‬
‫معينة‪.‬‬
‫فإن الصفقات يمكن أن تبقى غير منف ّذة في أجزاء ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬يمكن أيضا أن ينجر عن الظفر بهذه الصفقات على أساس األسعار المنخفضة‬
‫اإلخالل بمبدأ المنافسة‪ ،‬كما تجد المؤسسات المتضررة من هذه المنافسة والتي ربما كان‬
‫بإمكانها تقديم خدمات ذات نوعية عالية وبأسعار متناسبة مع نوعية الخدمات نفسها مقصاة‬
‫بسبب هذه األسعار المنخفضة‪.‬‬
‫وألجل حماية المنافسة من األسعار المنخفضة التي تصبو إلى نيل الصفقة العمومية‬
‫على حساب جودة هذه األخيرة فقد سمحت المادة ‪ 26‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪612-45‬‬
‫للجنة فتح األظرفة و تقييم العروض أن تطلب من المتعامل المختار مؤقتا عن طريق‬
‫المصلحة المتعاقدة‪ ،‬إذا كان عرضه المالي اإلجمالي أو كان سعر واحد أو أكثر من عرضه‬
‫المالي يبدو منخفضا بشكل غير عادي بالنسبة لمرجع األسعار‪ ،‬تقديم التبريرات و‬
‫التوضيحات التي تراها مالئمة وبعد التحقق من التبريرات المقدمة تقترح على المصلحة‬
‫المتعاقدة أن ترفض هذا العرض إذا أقرت أن جواب المتعهد غير مبرر من الناحية‬
‫االقتصادية و ترفض المصلحة المتعاقدة هذا العرض بمقرر معلل‪.‬‬
‫فتكريس قاعدة أحسن عرض ال تقتصر على ضمان حماية المشتري العمومي من‬
‫اتجاهات المنادية بأقل عرض‪ ،‬بل تتعداه إلى تطوير وحماية العمل التنافسي‪ ،‬فمنح الصفقة‬
‫العمومية على أساس معايير قائمة على النوعية تشجع على التنافس من أجل نيل الصفقة‬
‫وذلك للوصول إلى اختيار قائم على عرض حقيقي ومتنوع‪.1‬‬
‫تجدر اإلشارة بأن تحديد أحسن عرض البد أن يسبق بعملية تحضير المصلحة‬
‫المتعاقدة لحاجياتها و التي سوف يتم التعرض إليها من خالل النقطة (‪.)6‬‬
‫‪ -2‬حاجيات المصلحة المتعاقدة‬
‫أن‬
‫من أجل الوصول إلى احترام قاعدة أحسن عرض البد على المصلحة المتعاقدة ّ‬
‫تحدد حاجياتها تحديدا دقيقا (أ) كما يجب عليها أن تكون على دراية بالقطاع الذي تريد أن‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫‪RIES Patrice, Marchés publics et ordre concurrentiel : ordre concurrentiel et logique social‬‬
‫‪et environnementale dans la passation des marchés publics, http://hal.archives-‬‬
‫‪ouvertes.fr/halshs-00730876/document, p2.‬‬

‫‪30‬‬
‫تتعامل فيه (ب) و تسهر على ضمان المساواة عند منح الصفقة عن طريق استحداث‬
‫مجموعة طلبات (ج)‪.‬‬
‫أ‪ -‬تحديد حاجيات المصلحة المتعاقدة‬
‫عرفت الج ازئر إنجاز عدة مشاريع عمومية لم تحقق أية أهداف تنموية‪ ،‬ما أدى إلى‬
‫إهدار الماليير من الدوالرات و يرجع ذلك لضعف اإلجراءات المتعلقة بتحديد الحاجات ولهذا‬
‫الغرض فقد أكدت الندوة المنظمة بتاريخ ‪ 44،46،41‬جانفي ‪ 6001‬من طرف مجموعة‬
‫‪ Vip Groupe‬تحت عنوان "دفاتر الشروط الوظيفية و التقنية وتحديد الحاجات العمومية‬
‫عند كتابتها و إعدادها" أن تحديد الحاجات قبل الدعوة إلى المنافسة هو وسيلة تضمن‬
‫لإلدارة ترشيد نفقاتها ألن اإلدارة بعد قيامها بعملية التحديد لن تشتري سلع ولوازم أكثر من‬
‫حاجياتها كما أنها سوف تختار األجود و األحسن مع السعي للتعاقد مع من يقدم أحسن و‬
‫أفضل األسعار‪.1‬‬
‫نظم المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬ألول مرة تحديد الحاجات‪ ،‬وتم تأكيد ذلك بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬وقد أعاب الباحث خضري حمزة على تنظيم الصفقات‬
‫العمومية السابق‪ ،2‬أنه بالرغم من النص على تحديد الحاجات إال أن المنظم أعطى‬
‫للمصلحة المتعاقدة كامل السلطة التقديرية في تحديد الحاجات وهو ما يفتح بابا واسعا أمام‬
‫الرشوة و المحسوبية‪ ،‬إذ قد تعمد بعض المصالح المتعاقدة إلى تحديد مواصفات تتفق مع‬
‫إمكانيات و خصائص متعامل معين لتسهيل إرساء الصفقة عليه‪.3‬‬
‫بصدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬تم تدارك النقائص التي وجهت إلى المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 619-40‬حيث تناولت المادة ‪ 62‬عملية تحديد حاجات المصلحة المتعاقدة‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫"تحدد حاجات المصالح المتعاقدة الواجب تلبيتها مسبقا‪ ،‬قبل الشروع في أي إجراء‬
‫إلبرام صفقة عمومية‪.‬‬

‫خضري حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 46‬و ص‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫سابق‪.‬‬ ‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،619-40‬مرجع‬ ‫‪2‬‬

‫خضري حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 61‬و‪.61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪31‬‬
‫يحدد مبلغ حاجات المصالح المتعاقدة استنادا إلى تقدير إداري صادق و عقالني‪،‬‬
‫حسب الشروط المحددة في هذه المادة‪.‬‬
‫ويجب إعداد الحاجات من حيث طبيعتها و مداها بدقة‪ ،‬استنادا إلى مواصفات تقنية‬
‫مفصلة تعد على أساس مقاييس و‪ /‬أو نجاعة يتعين بلوغها آو متطلبات وظيفية‪ .‬و يجب‬
‫‪1‬‬
‫أال تكون هذه المواصفات التقنية موجهة نحو منتوج أو متعامل اقتصادي محدد‪."......‬‬
‫وحتى ال يترك المجال مفتوحا أمام اإلدارة إلعمال سلطتها التقديرية في تحديد‬
‫المواصفات التقنية فقد أحالت الفقرة األخيرة من المادة المذكورة أعاله لوزير المالية إصدار‬
‫قرار من أجل تحديد كيفيات تطبيق عملية تحديد الحاجيات‪.‬‬
‫يتّضح إذن أن الهدف من تحديد الحاجات من قبل المصلحة المتعاقدة ال يشكل إلتزاما‬
‫بجدية وبصفة‬
‫قانونيا قائما بحد ذاته بقدر ما يشكل ضرورة إقتصادية فإجتياز هذه المرحلة ّ‬
‫منهجية يؤدي إلى الوصول إلى تحديد النوعية المراد تحقيقها و بالتالي إختيار أحسن‬
‫عرض‪،2‬‬
‫ب‪ -‬التزام المصلحة المتعاقدة بأن يكون لها دراية كافية بالقطاع‬
‫دائما في إطار قاعدة أحسن عرض البد أن تكون للمصلحة المتعاقدة دراية كافية‬
‫بالقطاع الذي تعتزم فيه إبرام صفقة عمومية‪ ،‬وهذا مايؤدي إلى تحديدها الجيد لحاجياتها‬
‫المحددة لذلك‪ ،‬وألجل هذا الغرض‬
‫ّ‬ ‫وبالتالي استبعاد االختيارات التي ال تتالءم مع المعايير‬
‫فهي تقوم بدراسات عميقة في القطاعات التي تعتزم أن تقوم فيها بطلبات عمومية قبل أن‬
‫‪3‬‬
‫تقوم بتحديد طبيعة حاجياتها‬
‫تحقيقا لهذا المبتغى فقد أنشىء لدى الوزير المكلف بالمالية بموجب المادة ‪ 641‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪،‬‬
‫تتمتع باستقاللية التسيير‪ ،‬وتشمل مرصدا للطلب العمومي و هيئة وطنية لتسوية النزاعات‬
‫ومن بين أهم الصالحيات التي تتمتع بها هذه السلطة والتي تساعد المصلحة المتعاقدة من‬
‫معرفة القطاع المعتزم القيام فيه بصفقات عمومية ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،62‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ALONSON GARCIA Antoine, la passation des marchés publics locaux, edition le‬‬
‫‪MONITEUR, Paris, 2004, p16.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪le PERRON Emanuele et le VERGER Karine, op.cit, P 12.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬إعالم و نشر و تعميم كل الوثائق والمعلومات المتعلقة بالصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء إحصاء اقتصادي للطلب العمومي سنويا‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل المعطيات المتعلقة بالجانبين االقتصادي و التقني للطلب العمومي ‪.‬‬
‫‪ -‬تشكيل مكان للتشاور في إطار مرصد الطلب العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬تسيير و استغالل نظام المعلوماتية للصفقات العمومية‪.‬‬
‫لتمكين سلطة ضبط الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام من القيام باإلحصاء‬
‫االقتصادي تعد المصالح المتعاقدة بطاقات إحصائية و ترسلها إليها‪ 1‬ومن جانب آخر وألجل‬
‫تسهيل التّعرف على القطاعات التي تعتزم المصلحة المتعاقدة فيها إبرام صفقات عمومية فقد‬
‫أوجبت المادة ‪ 452‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬ما يلي‪:‬‬
‫تعد في بداية كل سنة مالية‪:‬‬
‫'' يجب على المصلحة المتعاقدة أن ّ‬
‫‪ -‬قائمة بكل الصفقات المبرمة خالل السنة المالية السابقة وكذا أسماء المؤسسات أو‬
‫تجمعات المؤسسات الحائزة عليها‪.‬‬
‫يتعين االنطالق فيها خالل السنة المالية المعنية‬
‫‪ -‬البرنامج التقديري للمشاريع التي ّ‬
‫يعدل إذا اقتضى األمر ذلك‪ ،‬أثناء نفس السنة المالية‬
‫الذي يمكن أن ّ‬
‫ويجب أن تنشر المعلومات السالفة الذكر إجباريا في النشرة الرسمية للصفقات المتعامل‬
‫العمومي و‪/‬أو في الموقع االلكتروني للمصلحة المتعاقدة‪"..‬‬
‫تتيح هذه المعلومات للمصلحة المتعاقدة التعرف على معلومات مصالح متعاقدة‬
‫مما يؤدي بها إلى توضيح نظرتها على مستوى القطاع الذي تعتزم إبرام الصفقات‬
‫أخرى‪ّ ،‬‬
‫العمومية فيه‪.‬‬
‫من جهة أخرى تظهر األهمية من ضرورة معرفة المصلحة المتعاقدة للقطاعات والدراية‬
‫الكافية بها من خالل إنشاء المنظم الجزائري للجان القطاعية التي تساهم بشكل كبير في‬
‫إضفاء الدراية الكافية للقطاعات أمام المصلحة المتعاقدة وهو ما أكدته المادة ‪ 420‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪.612-45‬‬

‫المادة ‪ ،120‬المرسوم الرئاسي ‪ ،106-22‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪33‬‬
‫ج‪ -‬استحداث مجموع الطلبات‬
‫تم استحداث بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬بهدف ضمان النجاعة والسير‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫الحسن للمال العام مجموعة الطلبات وقد نصت المادة ‪ 19‬من المرسوم الحالي على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫'' يمكن المصالح المتعاقدة أن تنسق إبرام صفقاتها عبر تشكيل مجموعات طلبات‬
‫فيما بينها‪.‬‬
‫تنسق إبرام صفقاتها أن تكلّف واحدة منها‪ ،‬بصفتها‬
‫ويمكن للمصالح المتعاقدة التي ّ‬
‫منسقة‪ ،‬بالتوقيع على الصفقة وتبليغها‪.‬‬
‫مصلحة متعاقدة ّ‬
‫كل مصلحة متعاقدة مسؤولة عن حسن تنفيذ الجزء من الصفقة التي يعنيها ويوقّع‬
‫تحدد كيفيات سيرها‪.‬‬
‫األعضاء اتفاقية تشكيل مجموعات الطلبات التي ّ‬
‫توضح كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة بموجب قرار من الوزير المكلّف بالمالية‪".‬‬
‫مهمة تتمثل أساسا إلى تلبية حاجات‬
‫فإن مجموعة الطلبات تهدف إلى نتائج ّ‬ ‫وبالتالي ّ‬
‫معينة‬
‫المصلحة المتعاقدة بأقل تكلفة وبنوعية عالية يبقى اللجوء إلى هذا اإلجراء في حاالت ّ‬
‫محددة‪.3‬‬
‫و ّ‬
‫‪ -0‬اختيار المصلحة المتعاقدة المتعامل معها‬
‫ال يمكن أن تخصص المصلحة المتعاقدة الصفقة إالّ لمؤسسة يعتقد ّأنها قادرة على‬
‫تنفيذها كيفما كانت كيفية اإلبرام‪ ،4‬وهي في سبيل تحقيق ذلك تقوم بتحديد المعايير التي البد‬
‫أن تتوافر في المتعامل المتعاقد معها (أ) فتقوم بتأهيله في مرحلة أولية (ب) كما يمكن لها‬
‫النص عليها في دفتر الشروط (ج)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تم‬
‫أن تأخذ بالبدائل التي يقترحها هذا المتعامل إذا ّ‬
‫أ‪ -‬معايير اختيار المتعامل المتعاقد‬
‫تقوم المصلحة المتعاقدة بعد تحديد حاجياتها بتحديد المعايير التي البد أن تحقق هذه‬
‫الحاجيات إذ يجب أن تكون معايير اختيار المتعامل المتعاقد ووزن ك ّل منهما مرتبطة‬

‫عياد دالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪3‬‬
‫‪LE PERRON Emanuele et LE VERGER Karine, op.cit, P 12.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ ،23‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫بموضوع الصفقة وغير تمييزية‪ ،‬مذكورة إجباريا في دفتر الشروط الخاص بالدعوة للمنافسة‪،‬‬
‫ويجب أن تستند المصلحة المتعاقدة الختيار أحسن عرض من حيث المزايا االقتصادية على‬
‫‪1‬‬
‫نظام مؤسس السيما على ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬إماعلى عدة معايير‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬النوعية‬
‫‪ -‬آجال التنفيذ أو التسليم‬
‫‪ -‬السعر و الكلفة اإلجمالية لالقتناء و االستعمال‬
‫‪ -‬الطابع اإلجمالي و الوظيفي‬
‫‪ -‬النجاعة المتعلقة بالجانب االجتماعي لترقية اإلدماج المهني لألشخاص المحرومين‬
‫من سوق الشغل و المعوقين و النجاعة المتعلقة بالتنمية المستدامة‬
‫‪ -‬القيمة التقنية‬
‫‪ -‬الخدمة بعد البيع و المساعدة التقنية‪.‬‬
‫الحصة القابلة للتحويل التي تمنحها‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬شروط التمويل‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬وتقليص‬
‫المؤسسات األجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬إما إلى معيار السعر وحده‪ ،‬إذا سمح موضوع الصفقة بذلك‪.‬‬
‫أضافت المادة ‪ 22‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬بأنه ال يمكن أن تكون قدرات‬
‫المؤسسة موضوع معيار اختيار‪ ،‬وتطبق نفس القاعدة على المناولة‪ ،‬إال أنه يمكن أن تكون‬
‫الوسائل البشرية و المادية الموضوعة تحت تصرف المشروع موضوع معايير اختيار‪ ،‬و في‬
‫إطار الصفقات العمومية للدراسات يستند اختيار المتعاملين المتعاقدين أساسا إلى الطابع‬
‫التقني لالقتراحات‪.‬‬
‫كما يمكن أن تستخدم معايير أخرى بشرط أن تكون مدرجة في دفتر الشروط الخاص‬
‫بالدعوة للمنافسة‪.‬‬
‫لع ّل من أهم المعايير الجديدة التي أصبحت تساهم في تحقيق فكرة وقاعدة ''أحسن‬
‫‪1‬‬
‫عرض''إعتماد المعايير المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة عند تحرير دفاتر الشروط‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،67‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫لقد أصبحت التطورات الحديثة تجعل من الصفقات العمومية وسيلة لتحقيق التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬فالتنمية المستدامة تساهم في تحقيق النمو االقتصادي عن طريق احترام البيئة‬
‫إن هذا المدخل لهذه المعايير يمكن تبريره بالقيمة‬
‫وايالء أهمية خاصة بالجانب االجتماعي‪ّ ،‬‬
‫المثالية التي تقتضيها العملية التنافسية في الصفقات العمومية من أجل التسيير واالستعمال‬
‫‪2‬‬
‫الحسن للمال العام‪.‬‬
‫لقد أ ّكدت على هذا المعيار محكمة العدل األوروبية بموجب قرار لها في‬
‫‪ 4622/06/60‬والمتعلق بـقضية ''‪ ''BEENTYES‬حيث سمحت باألخذ بالمعايير‬
‫أن هذه المحكمة من خالل قرارها سمحت‬ ‫االجتماعية ضمن شروط الصفقة العمومية‪ ،‬كما ّ‬
‫لمدة‬
‫بتحقيق شرط يجبر المتعامل على توظيف ‪ % 20‬من اليد المستخدمة من بين البطالين ّ‬
‫طويلة‪.3‬‬
‫ب‪ -‬تأهيل المتعهدين‬
‫تحمل فكرة اختيار المتعامل المتعاقد مع اإلدارة وفق معايير تحددها دفاتر شروط طلب‬
‫العروض معنيين‪ ،‬أما فيما يخص المعني األول‪ ،‬فيقصد بهذه المعايير كل من تنطبق فيه‬
‫المواصفات التي تخوله الظفر بالصفقة‪ ،‬وهي بالتالي تشمل كافة المترشحين الذين تتوفر‬
‫فيهم شروط التنافس من أجل أن يكون عرضه هو األحسن‪ ،‬في حين أن المعني الثاني‬
‫فيقصد به تناسب شروط تنفيذ الصفقة مع مؤهالت المتعامل المتعاقد وعليه فإن المعني‬
‫الثاني يحمل فكرة تأهيل المترشحين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪FROT Olivier, Marchés Publics : Comment choisir le Mieux disant, AFNOR, Paris, 2006,‬‬
‫‪p147.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪REIS Patrice, Marchés publics et ordre concurrentiel, op.cit, P 3.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, P22.‬‬
‫لقد أكدت المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬على المعايير البيئية و اإلجتماعية على النحو التالي‪:‬‬
‫" يجب أن تشير كل صفقة عمومية إلى التشريع و التنظيم المعمول بهما و إلى هذا المرسوم ‪.‬‬
‫ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات التالية‪:‬‬
‫‪ -.....‬البنود المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪-‬البنود المتعلقة بإستعمال اليد العاملة المحلية‪ ،‬وباإلدماج المهني لألشخاص المحرومين من سوق الشغل‬
‫والمعوقين‪"....‬‬

‫‪36‬‬
‫ال يمكن أن تخصص المصلحة المتعاقدة الصفقة إال لمؤسسة يعتقد أنها قادرة على‬
‫تنفيذها كيفما كانت كيفية اإلبرام المقررة‪ ،1‬ويتعين على المصلحة المتعاقدة أن تتأكد من‬
‫قدرات المترشحين و المتعهدين التقنية و المهنية و المالية قبل القيام بتقييم العروض التقنية‬
‫ويجب أن يستند تقييم الترشيحات إلى معايير غير تميزيية‪ ،‬لها عالقة بموضوع الصفقة‬
‫ومتناسبة مع مداها‪ ،2‬وفي هذا اإلطار تستعلم المصلحة المتعاقدة‪ ،‬أثناء تقييم الترشيحات‬
‫عند االقتضاء‪ ،‬عن قدرات المتعهدين حتى يكون اختيارها لهم اختيا ار سديدا مستعملة في‬
‫ذلك كل وسيلة قانونية‪ ،‬وال سيما لدى مصالح متعاقدة أخرى‪ ،‬وادارات وهيئات مكلفة بمهمة‬
‫المرفق العمومي‪ ،‬ولدى البنوك و الممثليات الجزائرية في الخارج‪. 3‬‬
‫استنادا إلى هذه المعلومات يمكن المصلحة المتعاقدة أن تكون لها رؤية واضحة تبعدها‬
‫عن كل شبهة أو غموض تؤهلها التخاذ القرار السديد وتجنب كل النزاعات التي تنجم عن‬
‫عدم اإلختيار السديد‪.‬‬
‫ألجل الوصول إلى اختيار أحسن عرض فقد ألزم المنظم الجزائري إمساك بطاقية‬
‫وطنية للمتعاملين االقتصاديين وبطاقيات قطاعية وبطاقية على مستوى كل مصلحة متعاقدة‬
‫وتحين بانتظام‪.4‬‬
‫ج‪ -‬البدائل المقدمة من طرف المتعهدين‬
‫بالعودة إلى أحكام المادة ‪ 20‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية فإنها تمنع على المصلحة المتعاقدة التفاوض مع المتعهدين في إجراء‬
‫طلب العروض‪ ،‬ألن ذلك يؤدي إلى اإلخالل بقواعد المنافسة وبالتالي اإلخالل بمبدأ‬
‫المساواة‪ ،‬غير أن نفس المادة تستثني بعض الحاالت المنصوص عليها بموجب أحكام هذا‬
‫المرسوم‪ ،‬وفي هذا المجال تطفو إلى السطح فكرة البدائل التي استثنتها المادة ‪ 62‬من نفس‬
‫المرسوم المحددة لحاجيات المصلحة المتعاقدة‪ ،‬والتي ترخص للمصلحة المتعاقدة فيما يخص‬
‫الخدمات المعقدة تقنيا‪ ،‬بالسماح للمتعهدين بتقديم بديل أو عدة بدائل للمواصفات التقنية‪،‬‬

‫المادة ‪ ،51‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة‪ ،51‬نفس المرجع أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أعاله‪.‬‬ ‫المادة ‪ ،59‬نفس المرجع‬ ‫‪3‬‬

‫أعاله‪.‬‬ ‫المادة ‪ ،52‬مرجع سابق‬ ‫‪4‬‬

‫‪37‬‬
‫وفق الشروط المحددة والمضبوطة في دفتر الشروط‪ ،‬وتلتزم في هذه الحالة أن تنص‬
‫المصلحة المتعاقدة على كيفية تقييم وتقديم بدائل المواصفات التقنية في دفتر الشروط‪ ،‬كما‬
‫يجب عليها تقييم كل البدائل المقترحة وال يلزم المتعهدون الذين يقترحون بدائل للمواصفات‬
‫التقنية بتقديم عرض أصلي استنادا إلى المواصفات التقنية المنصوص عليها في دفتر‬
‫الشروط‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬االستثناءات الواردة على قاعدة أحسن عرض‬
‫إن اعتماد مبدأ المنافسة في الصفقات العمومية يعد من بين ركائز النظام االقتصادي‬
‫في الدولة لما يوفره من حماية للمال العام والتسيير العقالني للموارد العمومية غير أن هذا‬
‫المبدأ يصطدم أمام المنافسة القوية التي يمارسها المتعاملون األجانب في مواجهة القطاع‬
‫الوطني العام ما يجعله في مظهر ضعيف مقارنة مع المتعامل األجنبي الذي يتميز بالكفاءة‬
‫وتوفره على اإلمكانيات ا لتي تؤهله إلنجاز المشاريع التي تطرحها المناقصات الدولية على‬
‫‪1‬‬
‫أحسن وجه‪.‬‬
‫أمام هذا األمر وجد المنظم الجزائري نفسه مجب ار على حماية القطاع الوطني العام من‬
‫المنافسة القوية للقطاع الخاص لنهوض باإلنتاج الوطني و ترقيته‪.2‬‬
‫لقد قام المنظم الجزائري في سبيل ذلك إلى رفع هامش األفضلية الوطنية (‪ )4‬كما‬
‫اخضع المتعهدين األجانب إلى االلتزام باالستثمار في إطار شراكة(‪.)6‬‬
‫‪ -1‬األفضلية الوطنية في مواجهة المتعامل األجنبي‬
‫الصفقات‬ ‫تلزم المادة ‪ 21‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612 -45‬المتضمن تنظيم‬
‫العمومية و تفويضات المرفق العام‪ ،‬المصالح المتعاقدة بمنح هامش األفضلية بنسبة ‪%65‬‬
‫للمنتجات ذات المنشأ الجزائري و‪/‬أو المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري‪ ،‬الذي يحوز‬
‫أغلبية رأسمالها جزائريون مقيمون‪ ،‬فيما يخص جميع أنواع الصفقات العمومية المذكورة في‬
‫المادة ‪.66‬‬

‫زمال صالح‪ ،‬المؤسسات األجنبية و تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6044-6040‬ص ‪.21‬‬


‫خصص تنظيم الصفقات العمومية الجديد في الباب األول منه قسما خاص جاء تحت عنوان "ترقية اإلنتاج الوطني و‬ ‫‪2‬‬

‫األداة الوطنية لإلنتاج"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫كما أخضع الم شرع هذه االستفادة من هذا الهامش‪ ،‬في حالة ما إذا كان المتعهد تجمعا‬
‫يتكون من مؤسسات خاضعة للقانون الجزائري ومؤسسات أجنبية إلى تبرير الحصص التي‬
‫تحوزها المؤسسات الخاضعة للقانون والمؤسسات األجنبية من حيث األعمال التي يتعين‬
‫إنجازها ومبالغها‪.‬‬
‫البد أن يحدد ملف استشارة المؤسسات بوضوح األفضلية الممنوحة والطريقة المتبعة‬
‫لتقييم ومقارنة العروض لتطبيق هذه األفضلية‪.‬‬
‫يحدد تطبيق هامش األفضلية بموجب قرار من وزير المالية‪.‬‬
‫شركة‬
‫‪ -2‬االلتزام باالستثمار في إطار ا‬
‫نصت المادة ‪ 11‬من دستور ‪ 4669‬على ما يلي‪:‬‬
‫" حرية اإلستثمار والتجارة معترف بها‪ ،‬و تمارس في إطار القانون"‪.‬‬
‫تم تطبيق هذا المبدأ بموجب األمر رقم ‪ 01/04‬المؤرخ في ‪ 6004/02/60‬المتعلق‬
‫بتطوير االستثمار بموجب المادة ‪ 04‬منه كالتالي‪ " :‬تنجز االستثمارات في حرية تامة مع‬
‫مراعاة التشريع والتنظيمات المتعلقة بالنشاطات المقننة وحماية البيئة"‪ ،‬غير أنه وبمقتضى ما‬
‫جاء به قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 6006‬ومن خالل ما نصت عليه المادة ‪ 06/52‬منه‪،‬‬
‫والذي يفرض شراكة وطنية بمقدار‪ %54‬على األقل من رأس المال االجتماعي للمؤسسة‬
‫الوطنية مقابل ‪ %16‬للشريك األجنبي‪ ،‬تم التراجع عن مبدأ حرية االستثمار الذي كان معتمدا‬
‫مند شروع الجزائر في اعتماد االتجاه الليبرالي واالنفتاح على اقتصاد السوق‪ ،‬لقد انعكست‬
‫هذه التغيرات التي لحقت بقانون االستثمار على مجال الصفقات العمومية وقد أرجعها‬
‫البعض إلى استهداف الدولة ترقية االستثمار الوطني على حساب األجنبي‪.1‬‬
‫ألزمت المادة ‪ 21‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬على المصلحة المتعاقدة بأن‬
‫تنص في دفاتر شروط الدعوات للمنافسة الدولية في إطار السياسات العمومية للتنمية‬
‫بالنسبة للمتعهدين األجانب على االلتزام باالستثمار في إطار شراكة عندما يتعلق األمر‬
‫بالمشاريع التي تحدد قائمتها بموجب مقرر من سلطة الهيئة العمومية أو الوزير المعني‬
‫بالنسبة لمشاريعها و بالنسبة لمشاريع المؤسسات العمومية التابعة لها‪.‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬االستثمار األجنبي و الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس حول ""دور قانون الصفقات العمومية في حماية‬ ‫‪1‬‬

‫المال العام"‪ ،‬جامعة د‪ .‬يحي فارس بالمدية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬يوم ‪ ،1423/42/14‬ص‪.2‬‬

‫‪39‬‬
‫كما أوجبت المادة المذكورة أعاله على المصلحة المتعاقدة تضمين دفتر الشروط‬
‫بضمانات مالية‪ ،‬و إذا عاينت المصلحة المتعاقدة أن االستثمار لم يتجسد طبقا للرزنامة‬
‫الزمنية والمنهجية المذكورة في دفتر الشروط لخطأ من المتعاقد األجنبي فإنها يجب أن تقوم‬
‫باعذاره بضرورة تدارك ذلك في أجل يحدد في اإلعذار‪ ،‬وذلك تحت طائلة تطبيق العقوبات‬
‫المالية وكذا تسجيله في قائمة المتعاملين االقتصاديين المقصيين من المشاركة في الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬و زيادة على ذلك‪ ،‬إذا رأت المصلحة المتعاقدة ضرورة في ذلك يمكن فسخ‬
‫الصفقة تحت مسؤولية المتعامل المتعاقد األجنبي بعد موافقة سلطة الهيئة العمومية أو الوزير‬
‫المعني حسب الحالة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة باحترام مبدأ حرية الوصول للطلبات العمومية‬
‫كما سلف الذكر فلقد كرس دستور سنة ‪ 4669‬مبدأ حرية التجارة واإلستثمار في‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫يتفرع عن المبدأ الدستوري المذكور أعاله‪ ،‬مبدأ حرية الوصول للطلبات العمومية الذي‬
‫مؤداه أن يكون الترشح لنيل الصفقة العمومية ح ار غير مقيد ويجب على المصلحة المتعاقدة‬
‫خلق جو من المنافسة بين المتقدمين للصفقة‪ ،‬حيث ال يجوز لها إقصاء متعهد أو منعه من‬
‫المشاركة في الصفقة العمومية إال على أساس شروط أو اعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة‬
‫أو النظام العام‪.1‬‬
‫تقوم اإلدارة قبل اإلعالن عن النداء للمنافسة بإعداد الشروط و األحكام المتعلقة‬
‫بالصفقة‪ ،‬يسمح هذا اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء في إطار تعزيز المنافسة من‬
‫تمكين المتعهدين من التعرف على ما إذا كانت لهم مصلحة في المشاركة في الصفقة‬
‫العمومية من خالل التعرف ع لى معايير االختيار التي تستند عليها المصلحة المتعاقدة والتي‬
‫تتيح لهم تحضير عروضهم أو عدم التقدم للمشاركة في الصفقة العمومية إذا مارأوا عدم‬
‫مالءمة شروطها لهم‪ ،2‬ومن ثم يعتبر هذا اإلجراء مكرسا لمبدأ حرية المتعهدين للوصول إلى‬
‫الطلبات العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ALLAIRE Frédéric, L’essentiel du Droit des marchés publics, lextenso editions, Paris, 2014,‬‬
‫‪p24.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪OMC, chapitre 24, « transparence des marchés publics », op.cit, P322.‬‬

‫‪40‬‬
‫يقود هذا اإلجراء إلى التزام جديد يقع على عاتق اإلدارة في إطار تحقيق شفافيتها‪،‬‬
‫والمتمثل في حرية المتعهد في اإلطالع أو الحصول على الوثائق المتعلقة بالصفقة‬
‫العمومية‪.1‬‬
‫تنص المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 04-09‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته على ما‬
‫يلي‪ " :‬يجب أن تؤسس اإلجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية على‬
‫قواعد‪..‬المنافسة الشريفة ‪..‬ويجب أن تكرس هذه القواعد على وجه الخصوص‪..:‬اإلعداد‬
‫المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‪".‬‬
‫معيار لتحقيق المنافسة في‬
‫ا‬ ‫يمثل إذن اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‬
‫الصفقات العمومية من حيث أنه يض ع الشروط التي تقوم عليها الصفقات العمومية والتي‬
‫تخول حرية الترشح (أوال)‪ ،‬غير أن هذه الحرية ليست بمطلقة و خالية من كل قيد بل يقع‬
‫عليها االستثناء الذي يضعه القانون حماية للمصلحة العامة(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‬
‫تضع المصلحة المتعاقدة بموجب المادة ‪ 91‬من المرسوم الرئاسي رقم‪612 -45‬‬
‫المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام‪ ،‬تحت تصرف المؤسسات‬
‫الوثائق التي تسمح لها بتقديم تعهداتها‪ ،‬ومن بين هذه الوثائق نجد ما يسمى بدفتر الشروط‪،‬‬
‫والذي تقوم المصلحة المتعاقدة بإعداده قبل اإلعالن عن الصفقة (‪ )4‬و كذا ملف استشارة‬
‫المؤسسات الذي يحتوي على جميع المعلومات الضرورية التي تمكنهم من تقديم عروض‬
‫مقبولة (‪.)6‬‬
‫‪-1‬دفتر الشروط‬
‫تعد دفاتر الشروط أهم العناصر المنشئة للصفقة العمومية‪ ،‬إذ من خاللها يتم تحديد‬
‫الشروط التي تقوم عليها الصفقة العمومية على طول المراحل التي تمر بها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪TCHAKALOFF Marie France Christophe, Les obligations communautaires des Etats‬‬
‫‪membres en matière de transparence, Colloque sur « La transparence dans l’Union‬‬
‫‪européenne :mythe ou principe juridique ? » Université Nice Sophia Antipolis, institut de‬‬
‫‪droit de la paix et du développement, LGDJ, France, 1999, P134.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪GOSSELIN Bernard, les Marchés Publics, LGDJ, Paris, 2004, P21.‬‬
‫وقد ذهب األستاذ "بن ناجي شريف" في نفس االتجاه حيث جاء في رسالته لنيل الدكتوراة المعنونة بـ ‪L’évolution de la‬‬
‫» ‪ ،Réglementation des Marchés Publics en Algérie‬مايلي‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫لقد ورد في المادة ‪ 69‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وتفويضات المرفق العام‪ ،‬تعريف دفتر الشروط وذلك بالنص على ما يلي‪:‬‬
‫" توضح دفاتر الشروط المحينة دوريا‪ ،‬الشروط التي تبرم وتنفذ وفقها الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وهي تشمل على الخصوص‪ ،‬ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬دفاتر البنود اإلدارية العامة المطبقة على الصفقات العمومية لألشغال واللوازم‬
‫والدراسات والخدمات الموافق عليها بموجب مرسوم تنفيذي‪.‬‬
‫‪ -‬دفاتر التعليمات التقنية التي تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على الصفقات العمومية‬
‫المتعلقة بنوع واحد من األشغال أواللوازم أوالدراسات أو خدمات الموافق عليها بقرار من‬
‫الوزير المعني‪.‬‬
‫‪ -‬دفاتر التعليمات الخاصة التي تحدد الشروط الخاصة بكل صفقة عمومية‪".‬‬
‫إن األحكام التي تتضمنها هذه الدفاتر ملزمة لإلدارة‪ ،‬وال يمكن مناقشتها أو التفاوض‬
‫بشأنها‪ ،‬وعموما فالصفقات التي تبرمها اإلدارة البد أن يسبقها دفتر الشروط بالكيفيات‬
‫الموضحة‪ ،‬وهذا من أجل الحفاظ على المال العام والمصلحة العامة وهو ما يؤدي إلى‬
‫نجاعة الصفقة‪.1‬‬
‫إن دور دفتر الشروط في تعزيز مبدأ المنافسة في الصفقات العمومية يبرز من خالل‬
‫إتاحة هذا األخير للراغبين في تقديم تعهداتهم بعد اإلعالن عن المنافسة جميع المعلومات‬
‫التي تمكنهم من تحقيق أهداف الصفقة‪ ،2‬ولهذا تلتزم المصلحة المتعاقدة بأن تكون‬
‫المعلومات المتضمنة في دفاتر الشروط تحقق المنافسة إذ يمنع على الشخص العام خلق‬
‫ممارسة مقيدة للمنافسة بفعل اختياره لتقنية معينة أو إجراء معين إلبرام الصفقة‪.3‬‬

‫‪«En disposant que les cahiers de charges sont des éléments constitutifs des marchés publics, le‬‬
‫‪code des marchés tend à faire de ces documents des éléments de la définition légale de cette‬‬
‫‪catégorie de contrats ».‬‬
‫‪Cherif Bennadji, l’évolution de la Réglementation des Marchés Publics en Algérie, Thèse de‬‬
‫‪Doctorat d’Etat, Université d’Alger, 1991, P508‬‬
‫‪1‬‬
‫‪HANINE Mohamed abd el mouhcine, La procédure de passation des marches publics, étude‬‬
‫‪analytique et réflexions à la lumière du code français des marches publics et des directives‬‬
‫‪européennes et des directives de la banque mondiale, Mémoire de recherche pour obtenir un‬‬
‫‪diplôme du master en administration publique, ENA, république française,session2007/2008,‬‬
‫‪P26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪direction passation des marchés publics de travaux et de services par les Emprunteurs de la‬‬
‫‪Banque Mondiale dans le cadre des prêts de la BIRD et des Crédits et l’AID, op.cit, P21.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪NICINSKI Sophie, Droit Public de la concurrence, LGDJ, Paris, 2004, P59.‬‬

‫‪42‬‬
‫يمكن أن يؤدي اختيار اإلدارة لبعض المعايير المقدمة لنيل الصفقة إلى التقييد التعسفي‬
‫للمنافسة‪ 1‬وذلك يحدث مثال إذا كانت بعض المؤسسات هي التي يمكن أن تتوفر فيها وحدها‬
‫هذه المعايير دون غيرها من المؤسسات أو موجهة نحو منتوج أو متعامل اقتصادي محدد و‬
‫هو ما حظرته المادة ‪ 62‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬المذكور‪.‬‬
‫إذن ال يكفي إعالم المتعاملين المتعاقدين بالمعلومات المتعلقة بالصفقة العمومية‪ ،‬بل‬
‫البد من تفعيل شروط المشاركة بما يؤدي إلى تحقيق المساواة بين المتنافسين‪.2‬‬
‫‪ -2‬ملف االستشارة‬
‫نصت المادة ‪ 91‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬المذكور‪ ،‬على ملف االستشارة‬
‫والذي يحوي جميع المعلومات و الشروط التي تبرم وفقها الصفقات العمومية و التي من‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬الوصف الدقيق لموضوع الخدمات المطلوبة أو كل المتطلبات بما في ذلك المواصفات‬
‫التقنية و إثبات المطابقة‪ ،‬و المقاييس التي يجب أن تتوفر في المنتجات أو الخدمات‪ ،‬وكذلك‬
‫التصاميم و الرسوم و التعليمات الضرورية‪ ،‬إن اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬الشروط ذات الطابع االقتصادي و التقني‪ ،‬والضمانات المالية حسب الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬المعلومات أو الوثائق التكميلية المطلوبة من المتعهدين‪.‬‬
‫‪ -‬اللغة أو اللغات الواجب استعمالها في تقديم التعهدات و الوثائق التي تصاحبها‪.‬‬
‫‪ -‬كيفيات التسديد و عملة العرض‪ ،‬إذا اقتضى األمر‪.‬‬
‫‪ -‬كل الكيفيات األخرى و الشروط التي تحددها المصلحة المتعاقدة و التي يجب أن‬
‫تخضع لها الصفقة‪.‬‬
‫‪ -‬األجل الممنوح لتحضير العروض‪.‬‬
‫‪ -‬أجل صالحية العروض أو األسعار‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ و آخر ساعة إليداع العروض والشكلية الحجية المعتمدة فيه‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ و ساعة فتح األظرفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪NICINSKI Sophie, op-cit, P60.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibrahim Refaat mohamad, Théorie des contrats administratifs et marchés publics‬‬
‫‪internationaux, Thèse pour le Doctorat en Droit, Université de Nice sophia antipolis, mars‬‬
‫‪2004, P165.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬العنوان الدقيق حيث يجب أن تودع التعهدات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬االستثناء عن مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية‬
‫حرية المنافسة من المبادئ الهامة التي يقوم عليها إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وقد حرص‬
‫المشرع على تكريسها في تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬غير أن تطبيق هذا المبدأ‪ ،‬أي حرية‬
‫الوصول إلى الطلبات العمومية‪ ،‬ال يؤخذ على إطالقه‪ ،1‬إذ تجد المصلحة المتعاقدة نفسها‬
‫مجبرة على اإلخالل به‪ ،‬إذا ما تعلق األمر بتطبيق نص قانوني كأن يمنع القانون على‬
‫فئات معينة عدم الترشح لنيل الصفقات العمومية (‪ ،)4‬أو أن يتعلق األمر بحصر مجال‬
‫المنافسة على فئات محددة (‪.)6‬‬
‫‪ -1‬المنع القانوني للترشح لنيل الصفقة العمومية‬
‫لقد حددت المادة ‪ 25‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 612-45‬الحاالت التي يتم فيها إقصاء‬
‫المترشحين من المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬وهي حاالت تتراوح ما بين اإلقصاء‬
‫المؤقت واإلقصاء النهائي ‪.‬‬
‫يطبق اإلقصاء في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الذين رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ آجال‬
‫صالحية العروض‬
‫‪ -‬الذين هم في حالة اإلفالس أو التصفية أو التوقف عن النشاط أو التسوية القضائية أو‬
‫الصلح‪.‬‬
‫‪ -‬الذين كانوا محل حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه بسبب مخالفة تمس‬
‫بنزاهتهم المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬الذين ال يستوفون واجباتهم الجبائية و شبه الجبائية‪.‬‬
‫‪ -‬الذين ال يستوفون اإليداع القانوني لحسابات شركاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬الذين قاموا بتصريح كاذب‪.‬‬
‫‪ -‬المسجلون في قائمة المؤسسات المخلة بالتزاماتها بعدما كانوا محل مقررات الفسخ تحت‬
‫مسؤوليتهم‪ ،‬من أصحاب المشاريع‪.‬‬

‫نادية تياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬


‫‪1‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬المسجلون في قائمة المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬المسجلون في البطاقية الوطنية لمرتكبي الغش و مرتكبي المخالفات الخطيرة للتشريع و‬
‫التنظيم في مجال الجباية و الجمارك و التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬الذين كانوا محل إدانة بسبب مخالفة خطيرة لتشريع العمل و الضمان اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪ -2‬الحصر القانوني لمجال المنافسة على فئات محددة‬
‫دائما وتحت ضغط المؤسسات الخاصة الوطنية‪ ،‬تدخلت الحكومة بشكل أكثر عمقا‬
‫ليس فقط‪ ،‬لمنح هذه األخيرة أفضلية على حساب المؤسسات األجنبية بل تعدي ذلك إلى‬
‫حرمان المؤسسات األجنبية من تقديم تعهداتها في الصفقات العمومية عدت من قبيل‬
‫الصفقات المحجوزة‪.1‬‬
‫يتجلى ذلك من خالل نص المادة ‪ 25‬التي جاءت بما يلي‪ ":‬عندما يكون اإلنتاج‬
‫الوطني أو أداة اإلنتاج الوطني قادرين على االستجابة للحاجات الواجب تلبيتها للمصلحة‬
‫المتعاقدة فإن على هذه األخيرة أن تصدر دعوة للمنافسة وطنية‪ ،‬مع مراعاة حاالت‬
‫االستثناء المنصوص عليها في أحكام هذا المرسوم‪".‬‬
‫أما إذا أصدرت المصلحة المتعاقدة دعوة للمنافسة وطنية و‪/‬أو دولية فإنه يجب عليها‬
‫حسب المادة ‪ 25‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تأخذ بعين االعتبار‪ ،‬عند إعداد شروط التأهيل ونظام تقييم العروض‪ ،‬إمكانيات‬
‫المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري‪ ،‬والسيما منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬للسماح‬
‫لها بالمشاركة في إجراءات إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬في ظل احترام الشروط المثلى المتعلقة‬
‫بالجودة و الكلفة و آجال اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ -‬تعطى األفضلية لالندماج في االقتصاد الوطني وأهمية الحصص أو المنتجات التي‬
‫تكون محل مناولة أو اقتناء في السوق الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬تدرج في دفتر الشروط أحكام تسمح بضمان تكوين ونقل المعرفة ذوي الصلة‬
‫بموضوع الصفقة‪.‬‬

‫زمال صالح‪ ،‬إمتداد قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس ل"دور قانون الصفقات العمومية في حماية‬ ‫‪1‬‬

‫المال العام"‪ ،‬جامعة د‪.‬يحيي فارس بالمدية‪ ،‬يوم ‪ 60‬ماي ‪ ،6041‬ص‪.06‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬تنص في دفتر الشروط‪ ،‬في حالة المؤسسات األجنبية التي تتعهد لوحدها‪ ،‬إال إذا‬
‫استحال ذلك وكان مبر ار كما ينبغي بموجب مناولة ثالثين في المائة على األقل‪ ،‬من مبلغ‬
‫الصفقة األصلي للمؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري‪.‬‬
‫ومهما يكن اإلجراء المختار‪ ،‬فإنه يجب على المصلحة المتعاقدة أن تدرج في دفتر‬
‫الشروط تدابير ال تسمح باللجوء للمنتوج المستورد إال إذا كان المنتوج المحلي الذي يعادله‬
‫غير متوفر أو كانت نوعيته غير مطابقة للمعايير التقنية المطلوبة‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك ال‬
‫تسمح المصلحة المتعاقدة باللجوء للمناولة األجنبية إال إذا لم يكن في إستطاعة المؤسسات‬
‫الخاضعة للقانون الجزائري تلبية حاجاتها‪.‬‬
‫ال يقف حجز الصفقات العمومية فقط في مواجهة المتعامل األجنبي بل يتعداه حتى‬
‫ولو كنا أمام صفقات عمومية وطنية‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بالمؤسسات المصغرة‪.‬‬
‫في هذا الصدد فإن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية وألول مرة وبموجب المادة ‪ 55‬مكرر ‪ 4‬أولى عناية خاصة بالمؤسسات المصغرة‪،‬‬
‫وقد حجز لها بمقتضى ذلك بعض الصفقات العمومية‪.‬‬
‫أكد المرسوم الرئاسي ‪ 612-45‬هذه العناية بموجب المادة ‪ 22‬كما يلي‪:‬‬
‫" عند ما يمكن تلبية بعض حاجات المصالح المتعاقدة من قبل المؤسسات المصغرة‪،‬‬
‫كما هي معرفة في التشريع والتنظيم المعمول بهما‪ ،‬فإنه يجب على المصالح المتعاقدة إال‬
‫في حاالت االستثنائية المبررة قانونا كما ينبغي‪ ،‬تخصيص هذه الخدمات لها حصريا‪ ،‬مع‬
‫مرعاة أحكام هذا المرسوم"‬
‫ا‬
‫في فقرتها الثانية على المصلحة المتعاقدة‪ ،‬تبرير االستثناء‬ ‫اشترطت المادة ‪22‬‬
‫المذكور أعاله حسب الحالة في التقرير التقديمي لمشروع الصفقة‪.‬‬
‫إن سياسة حماية االقتصاد الوطني التي انتهجتها الحكومة وتأكيدها على مبدأ‬
‫الصفقات المحجوزة للمؤسسات المصغرة جعلها تجبر المصالح المتعاقدة أن ال تشترط على‬
‫المؤسسات المصغرة‪ ،‬المنشأة حديثا‪ ،‬التي ال يمكنها أن تقدم على األقل الحصيلة المالية‬
‫للسنة األولى من وجودها‪ ،‬إال وثيقة من البنك أو من الهيئة المالية المعينة‪ ،‬تبرر وضعيتها‬
‫المالية كما ال تشترط عليها المصلحة المتعاقدة المؤهالت المهنية المماثلة للصفقة المعنية‪،‬‬
‫بل تأخذ بعين االعتبار المؤهالت المهنية المثبتة بالشهادات‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫يأتي هذا في إطار سعي الدولة إلى النهوض باالقتصاد الوطني الجزائري وتطوير‬
‫وحماية المنتوج المحلي‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم تتضح أهمية إلتزام اإلدارة بمبادئ إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وأن كل‬
‫إخالل بإجراءات إبرام الصفقات العمومية سوف يمكن المتعهد من ممارسة حق الطعن في‬
‫قررات المصلحة المتعاقدة وهو ما سوف يتم تناوله في المطلب اآلتي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫ممارسة حق الطعن اإلداري أمام لجان الصفقات العمومية المختصة‬
‫إن المبدأ األساسي في تسوية أي نزاع‪ ،‬يقتضي في مقام أول اللجوء إلى الحلول الودية‬
‫و في حالة فشلها تسوى بالطريق القضائي‪.1‬‬
‫تعرضت مختلف تنظيمات الصفقات العمومية إلى التسوية اإلدارية لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية بسبب الخصوصيات التي تتميز بها‪ ،‬السيما حسمها للنزاع في بداياته وسرعة‬
‫إجراءاتها مقارنة بمختلف طرق التسوية األخرى‪ ،‬غير أن هذه التنظيمات عرفت طابعا متباينا‬
‫في معالجتها للتسوية الودية السيما في مرحلة اإلبرام‪.‬‬
‫يعد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 124-41‬أول مرسوم نظم التسوية الودية لمنازعات إبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬لكن الالفت لالنتباه أن هذه التنظيم أشار إلى إستعمال مصطلح آخر‬
‫غير التسوية الودية والمتمثل في الطعن أمام لجان الصفقات العمومية‪.‬‬
‫يشير األستاذ رشيد خلوفي بأن مصطلح الطعن يتعلق بإجراء قانوني أمام جهة قضائية‬
‫ضد مقرر قضائي‪ ،2‬في حين أن تنظيم الصفقات العمومية‪ 3‬استعمل مصطلح الطعن في‬
‫إطار التسوية الودية وكان األجدر به أن يستعمل مصطلح التظلم كونه إج ارء يقوم به‬
‫شخص أمام جهة إدارية وهو ما يتناسب مع لجنة الصفقات العمومية التي تعتبر جهة‬
‫إدارية‪.‬‬

‫طيبون حكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫خلوفي رشيد ‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،6041 ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪2‬وص‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫جاء في المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬في القسم السادس المعنون "في الطعون" من الباب األول منه استعمال المادة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 26‬مصطلح الطعن أمام لجان الصفقات العمومية‪ ،‬نفس الحال ينطبق على المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬بموجب‬
‫المادة‪ 441‬منه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫إن دراسة التسوية الودية التي تقوم بها لجان الصفقات العمومية المختصة‪ ،‬تقتضي‬
‫تناول في مرحلة أولى الطبيعة القانونية للطعون المرفوعة أمام هذه اللجان(فرع أول)‪ ،‬ثم‬
‫االنتقال لدراسة دور لجان الصفقات العمومية المختصة في التسوية الودية لنزاعات إبرام‬
‫الصفقات العمومية(فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية للطعون المرفوعة أمام لجان الصفقات العمومية المختصة‪.‬‬
‫تعرضت المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬إلى الطبيعة القانونية للطعون‬
‫التي ينبغي رفعها أمام لجان الصفقات العمومية من حيث محلها(أوال)‪ ،‬مدى وجوبيتها‬
‫(ثانيا)‪ ،‬واآلجال التي تسري عليها(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬محل الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة‬
‫يعتبر المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬أول مرسوم أعطى فيه الحق لممارسة أربعة‬
‫أنواع من الطعون‪ ،‬تتنوع بحسب نوعية المحل الذي تقوم عليه‪ ،‬و قد تمثلت هذه الطعون‬
‫على التوالي في‪ :‬الطعن في المنح المؤقت للصفقة‪ ،‬الطعن في إلغاء المنح المؤقت للصفقة‪،‬‬
‫الطعن في إعالن عدم الجدوى‪ ،‬الطعن في إلغاء اإلجراء بعدما كان يقتصر في كل من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬و المرسوم الرئاسي‪ 124-41‬على الطعن في المنح‬
‫المؤقت للصفقة ‪.‬‬
‫منح المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬إمكانية ممارسة هذا النوع من الطعون لشخص‬
‫المتعهد أو المرشح‪ ،‬و ال يجوز للغير الذين ال تتوفر فيهم صفة المتعهد أو المرشح ممارسة‬
‫هذا النوع من الطعون‪.‬‬
‫حول طبيعة المحل الذي تقوم عليه هذه الطعون‪ ،‬فإنه يتضح بموجب الفقرة الخامسة‬
‫من المادة ‪ 71‬أعاله وصفها بصفة صريحة محل هذه الطعون بالق اررات اإلدارية كما يلي‪:‬‬
‫" في حاالت إعالن عدم الجدوى والغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت‪،‬‬
‫يجب على المصلحة المتعاقدة أن تعلم برسالة موصى عليها مع وصل استالم المرشحين‬
‫أو المتعهدين بق ارراتها"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫تمثل إذن الق اررات اآلنفة الذكر جزءا من الصفقة العمومية‪ ،‬فال يكون للقرار اإلداري‬
‫وجود بذاته‪ ،‬بل له عالقة بالعملية التعاقدية‪ ،‬وهذا ما اصطلح عليه فقها باألعمال‬
‫المنفصلة‪.1‬‬
‫وهناك من اصطلح عليها بالق اررات اإلدارية المركبة أو المختلطة‪ ،‬إذ أن هذه الق اررات‬
‫ال تصدر قائمة بذاتها ومستقلة عن عمل قانوني آخر‪ ،‬كما في حالة الق اررات اإلدارية‬
‫البسيطة‪ ،‬بل تصدر مرتبطة ومصاحبة ألعمال إدارية أخرى‪ ،‬فقد تأتي هذه الق اررات سابقة‬
‫كما في حالة إعالن المنح المؤقت ل لصفقة أو معاصرة أو الحقة لعمل إداري قانوني آخر‬
‫مرتبطة به‪.2‬‬
‫جدير بالذكر أن المصلحة المتعاقدة تصدر عدة ق اررات إدارية خالل مرحلة اإلبرام غير‬
‫الق اررات اإلدارية التي ذكرتها المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬و مثال ذلك‬
‫قرار إعالن الصفقة العمومية‪ ،‬قرار اإلقصاء المؤقت أو النهائي من المشاركة في الصفقة‬
‫العمومية‪ ،‬قرار المنع من المشاركة في الصفقات العمومية إلى غير ذلك من الق اررات المكونة‬
‫لمرحلة ما قبل إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬إال أن هذه األخيرة لم تحظ بممارسة حق الطعن فيها‬
‫من قبل المتضررين منها رغم ذكرها في نصوص متفرقة من المرسوم األنف الذكر و هو ما‬
‫يطرح تساؤال عن سر إهمالها رغم أثرها الكبير على صحة إبرام الصفقة العمومية؟‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يستدعي العودة إلى الم ارسيم التطبيقية للمرسوم الرئاسي رقم ‪. 106-22‬‬
‫ارن عن وزير‬
‫بالنسبة للنصوص التطبيقية للمرسوم الرئاسي رقم‪ 106-22‬فقد صدر قر ا‬
‫المالية بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر‪ 2015‬يتعلق األول بتحديد كيفيات التسجيل و السحب من قائمة‬
‫المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقة العمومية أما الثاني فيتعلق‬
‫بكيفيات اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية ‪ ،3‬بالنسبة للقرار األول يقتصر األمر‬

‫بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪،1446‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.134‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعة قضائية فقهية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1446 ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.74‬‬
‫قرار مؤرخ في ‪ 46‬ديسمبر ‪ 6045‬يحدد كيفيات التسجيل والسحب من قائمة المتعاملين اإلقتصاديين الممنوعين من‬ ‫‪3‬‬

‫المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم‪ ،42‬الصادرة بتاريخ ‪49‬مارس‪ ،6049‬ص‪.19-15‬‬

‫‪49‬‬
‫على مجرد قيام المصلحة المتعاقدة بدعوة المتعامل االقتصادي عن طريق رسالة موصى‬
‫عليها مع وصل استالم لتقديم جوابه في أجل ‪ 24‬أيام حول األفعال المنسوبة إليه‪ ،‬أما القرار‬
‫الثاني فلم يشر إلمكانية تظلم المتعامل اإلقتصادي حول قرار إقصاءه‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الطعن أمام لجان الصفقات العمومية ما بين الوجوبية والجوازية‬
‫خولت المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬للمتعهد ممارسة حق التظلم أمام‬
‫لجان الصفقات العمومية لكن يبقى هذا الطعن جوازيا على أساس إستعمال المادة أعاله‬
‫لعبارة "يمكن المتعهد"‪ ،‬أي أن المتعهد يستطيع تجاهل مرحلة الطعن اإلداري المسبق لعدم‬
‫إجباريتها‪ ،‬واللجوء إلى القضاء اإلداري لمخاصمة القرارت المتخذة أثناء مرحلة اإلبرام مباشرة‬
‫دون اللجوء إلى اللجان المختصة ‪.‬‬
‫في هذا اإلطار ال بد أن نذكر أن التظلم في مواد الصفقات العمومية قد بدأ إلزاميا في‬
‫ظل أول نص خاص الصفقات العمومية والمتمثل في األمر رقم ‪ 04-76‬المؤرخ في ‪26‬‬
‫جوان ‪ 2076‬بموجب المادة ‪ 221‬منه التي نصت على مايلي ‪:‬‬
‫" تشكل في كل وزارة بقرار لجنة استشارية تكون مهمتها البحث في المنازعات‬
‫المتعلقة بالصفقات العمومية من عناصر عادلة يمكن قبولها من أجل إيجاد تسوية ودية‪.‬‬
‫وأن اإلجراءات أمام هذه اللجنة هو واجب يسبق كل دعوى قضائية "‬
‫بهذا الشأن يشير األستاذ بن ناجي شريف إلى نقطة مهمة تتعلق بمدى تطبيق المادة‬
‫‪ 221‬من األمر‪ 04-76‬على نزاعات اإلبرام‪ ،‬إذ يرى بأنه ال يمكن تعميم مصطلحات المادة‬
‫السابقة على جميع الحاالت ويبرر قوله هذا بالمادة ‪ 222‬من نفس األمر التي أعطت الحق‬
‫بممارسة هذا النوع من الطعن لصاحب الصفقة و المتعهدين الثانويين و الموصين الثانويين‬
‫فقط‪ ،‬كما يواصل األستاذ بن ناجي بالقول بأن القانون الجزائري قد أهمل لفترات طويلة‬
‫‪1‬‬
‫النزاعات المتعلقة بمرحلة اإلبرام‬

‫قرار مؤرخ في ‪ 46‬ديسمبر ‪ 6045‬يحدد كيفيات اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم‪،42‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪49‬مارس‪ ،6049‬ص‪.12-19‬‬
‫‪1‬‬
‫‪BENNADJI Chérif, des comites de reglement amiable au mediateur des marchés publics, les‬‬
‫‪Annales, Université d’Alger1, N3, 2014, p284.‬‬

‫‪50‬‬
‫بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 124-41‬بتاريخ ‪ 1441/46/10‬المتعلق بتنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬أصبح التظلم في مواد الصفقات العمومية جوازيا‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 242‬منه بقولها ‪:‬‬
‫" زيادة على حقوق الطعن المنصوص عليها في التشريع المعمول به يمكن المتعهد‬
‫الذي يحتج على االختيار الذي قامت به المصلحة المتعاقدة في إطار إعالن مناقصة‪ ،‬أن‬
‫يرفع طعنا أمام لجنة الصفقات المختصة في أجل ‪ 01‬أيام إبتداءا من تاريخ أول نشر‬
‫إلعالن المنح المؤقت للصفقة في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي أو في‬
‫الصحافة في حدود المبالغ المحددة في المادتين ‪ ،"... 031 ،020‬وقد سار المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 137-24‬في نفس المنوال بموجب المادة ‪ 220‬منه‪.‬‬
‫إن إتجاه تنظيم الصفقات العمومية األخير إلعتبار التظلم جوازيا يظهر إنسجامه مع‬
‫ما جاء به قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫تعتبر سنة‪ 1447‬مرحلة اإلصالح الشامل‪ ،1‬وذلك بالتخلي عن التظلم اإللزامي في‬
‫المنازعات العامة بجميع أنواعها‪ ،‬وحصره في بعض المنازعات الخاصة‪ ،‬ويظهر هذا التخلي‬
‫ب عدم النص على التظلم ضمن شروط رفع الدعوى المشار إليها في المادة ‪ 722‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية وما بعدها‪ ،‬كما يظهر جليا من خالل النص الصريح على‬
‫الطابع الجوازي للتظلم في المادة ‪ 2/734‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بما يلي‪:‬‬
‫" يجوز للشخص المعني بالقرار اإلداري‪ ،‬تقديم تظلم إلى الجهة اإلدارية مصدرة‬
‫القرار في األجل المنصوص عليه في المادة ‪ 928‬أعاله"‪.‬‬
‫هذا ما يبرز تجاوب تنظيم الصفقات العمومية االخير مع قانون اإلجراءات المدنية‬
‫و اإلدارية‪ ،‬فعدم قيام المتعهد بالطعن اإلداري ال يؤدي إلى عدم قبول الدعوى اإلدارية‪ ،‬ألن‬
‫التظلم ليس شرطا إلزاميا من شروطها‪.‬‬
‫غير أنه عندما يختار المتعهد اللجوء إلى التظلم بمحض إرادته‪ ،‬فعليه التقيد بشروطه‬
‫والتي من أهمها شرط الميعاد‪ ،‬الذي سوف يتم معالجته في العنوان التالي‪.‬‬

‫قانون رقم ‪ 06-02‬المؤرخ في ‪ 65‬فيفري‪ 6002‬و المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.65-1‬‬ ‫رقم‪ ،64‬المؤرخة في‪ 61‬أفريل‪،6002‬‬

‫‪51‬‬
‫ثالثا‪ -‬ميعاد الطعن‬
‫يمكن تعريف الميعاد على أنه تلك الفترة الزمنية المحددة قانونا لرفع الطعن اإلداري‬
‫وقبوله من قبل الجهة اإلدارية المختصة وهذه الفترة الزمنية المحددة قانونا هي تلك المدة‬
‫الواجب مراعاتها لحماية المراكز القانونية و استقرار األوضاع‪.1‬‬
‫يختلف انطالق األجل لحساب ميعاد الطعن بحسب طبيعة القرار اإلداري محل‬
‫الطعن‪ ،‬ففي الق اررات اإلدارية المتعلقة بالمنح المؤقت للصفقة‪ ،‬يبدأ حساب األجل من تاريخ‬
‫أول نشر إلعالن المنح المؤقت للصفقة في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي أو‬
‫في الصحافة‪ ،‬أو في بوابة الصفقات العمومية‪ ،‬و يمدد أجل الطعن إذا تزامن اليوم العاشر‬
‫مع يوم عطلة أو يوم راحة قانونية إلى يوم العمل الموالي‪ ،‬بعد انقضاء هذا األجل فال يجوز‬
‫للشخص اللجوء إلى التظلم‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للق اررات اإلدارية المتعلقة بإلغاء المنح المؤقت للصفقة‪ ،‬أو إعالن عدم‬
‫الجدوى‪ ،‬أو إلغاء اإلجراء‪ ،‬فيجب على المصلحة المتعاقدة أن تعلم برسالة موصى عليها‬
‫مع وصل استالم المرشحين أو المتعهدين بق ارراتها‪ ،‬ودعوة أولئك الراغبين منهم في اإلطالع‬
‫على مبررات ق ارراتها‪ ،‬االتصال بمصالحها في أجل أقصاه ثالثة أيام إبتداء من تاريخ استالم‬
‫الرسالة المذكورة أعاله لتبليغهم هذه النتائج كتابيا‪ ،‬و يرفع الطعن في أجل عشرة أيام‪ ،‬إبتداء‬
‫من تاريخ استالم رسالة إعالم المرشحين أو المتعهدين‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬حمل في طياته تسهيالت جديدة‬
‫في مجال الطعن هذا بالمقارنة مع المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،137- 24‬وقد تجسدت هذه‬
‫التسهيالت في حالة إرسال طعن إلى لجنة الصفقات عن طريق الخطأ‪ ،‬فيجب على رئيس‬
‫هذه اللجنة أن يعيد توجيهه إلى لجنة الصفقات المختصة‪ ،‬ويخبر المتعهد المعني بذلك‬
‫ويأخذ بعين االعتبار عند دراسة الطعن تاريخ استالمه األول‪.‬‬

‫‪ 1‬بوحميدة عطاء هللا‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪،6006-6002‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ ،26‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دور لجان الصفقات العمومية المختصة في التسوية الودية لنزاعات‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫يتحرك اختصاص لجان الصفقات العمومية بعد تقديم المتعهد المتضرر للطعون أمامها‬
‫في إطار إعمال الرقابة الخارجية القبلية للصفقات العمومية‪ ،‬والتي تهدف إلى التحقق من‬
‫مطابقة الصفقات العمومية للتشريع و التنظيم المعمول بهما‪ ،‬ولمعرفة هذا الدور بشكل‬
‫تفصيلي‪ ،‬وجب التطرق إلى تنظيم هذه اللجان(أوال)‪ ،‬ثم االنتقال لبيان األثر الناجم عن‬
‫الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة(ثانيا)‬
‫أوال‪ -‬تنظيم لجان الصفقات العمومية المختصة بنظر الطعون المقدمة في مرحلة اإلبرام‬
‫لصحة الطعن يشترط أن يقدم أمام جهة إدارية مختصة وفي سبيل تحقيق ذلك أوجبت‬
‫المادة ‪ 71‬من تنظيم الصفقات العمومية في فقرتها الثانية اإلشارة إلى لجنة الصفقات‬
‫العمومية المختصة بدراسة الطعن في قرار المنح المؤقت للصفقة فقط‪ ،‬أما بالنسبة لباقي‬
‫الق اررات المنفصلة المذكورة في المادة السابقة فلم تشر إلى كيفية معرفة اللجان التي تختص‬
‫بنظر طعونها‪ ،‬الشيء الذي يؤدي للعودة إلى باقي أحكام تنظيم الصفقات العمومية التي‬
‫نظمت ذلك‪.‬‬
‫تتحدد لجان الصفقات العمومية المختصة بنظر الطعون حسب المادتين ‪ 271‬و ‪270‬‬
‫من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬في كل من اللجنة القطاعية للصفقات العمومية(‪)2‬‬
‫لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة(‪)1‬‬
‫‪ -0‬لجنة القطاعية للصفقات العمومية‬
‫أنشئت هذه اللجنة ألول مرة بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية إلى جانب اللجان الوطنية‪ ،‬بحيث كان إنشاء هذه اللجان القطاعية مانعا‬
‫الختصاص اللجان الوطنية‪ ،‬وبعد تنصيب أغلبية الو ازرات لهذه اللجان تم اإلستغناء عن‬
‫اللجان الوطنية لتحل محلها اللجان القطاعية ‪.‬‬
‫تطرح مسأ لة تشكيل اللجان القطاعية أهمية كبيرة نظ ار للدور المنوط بها‪ ،‬كما أن قيام‬
‫الصفقات العمومية على المال العام يستدعي أن تتشكل من كفاءات تساهم في تحقيق نجاعة‬
‫الطلب العمومي و حماية المال العام‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫لقد حددت المادة ‪ 272‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬تشكيلة اللجنة القطاعية‬
‫للصفقات بحيث أسندت الرئاسة للوزير المعني أو ممثله‪ ،‬وهذا يعد أم ار طبيعيا طالما أن هذه‬
‫اللجان محدثة لدى كل دائرة و ازرية‪ ،‬وقد أجاز تنظيم الصفقات العمومية عقد جلسة اللجنة‬
‫الو ازرية تحت رئاسة ممثل الوزير المعني و هذا بحكم المهام الكثيرة المنوطة بالوزير‪.‬‬
‫عزز دور اللجنة القطاعية بممثل عن المصلحة المتعاقدة الذي يتولى تقديم جميع‬
‫المعلومات الضرورية للجنة من أجل إستيعاب محتوى الصفقة‪ ،1‬وممثلين عن القطاع المعني‬
‫بالمشروع بالتعاقد‪.‬‬
‫دعمت هذه التشكيلة بعضوين يمثالن وزير المالية و ممثل عن الوزير المكلف‬
‫بالتجارة‪ ،‬و في ذلك تأكيد على صلة الصفقات العمومية بالمال العام و الخزينة العمومية‬
‫وبما يضمن ترشيد النفقات العمومية‪.2‬‬
‫يعين الوزير المعني بموجب قرار أعضاء اللجنة القطاعية للصفقات و مستخلفوهم‬
‫بأسمائهم بناء على اقتراح الوزير الذي يخضعون لسلطته و يختارون لذلك نظ ار لكفاءتهم‬
‫‪3‬‬
‫لمدة ثالثة سنوات قابلة للتجديد باستثناء الرئيس و نائب الرئيس‪.‬‬
‫حتى تقوم اللجنة القطاعية بدراسة الطعون التي يرفعها المتعهدون‪ ،‬البد من توافر‬
‫المعيار العضوي والمالي لتحديد اختصاصها‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 260‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 106-22‬و التي جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫" تحدث لدى كل دائرة وزارية لجنة قطاعية للصفقات‪ ،‬تكون مختصة في حدود‬
‫المستويات المحددة في المادة ‪ 091‬أدناه"‪.‬‬
‫تفصل اللجنة القطاعية للصفقات في حدود المستويات المالية المحددة حسب المادة‬
‫‪270‬على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة أشغال يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مليار‬
‫دينار ‪ 2.444.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬

‫المادة ‪ ،422‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.15‬‬ ‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،422‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة لوازم‪ ،‬يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة ثالثمائة‬
‫مليون دينار ‪ 344.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة خدمات‪ ،‬يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مائة‬
‫مليون دينار ‪144.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة دراسات‪ ،‬يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مائة‬
‫مليون دينار ‪ 244.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة أشغال أو لوازم لإلدارة المركزية‪ ،‬يفوق مبلغ التقدير اإلداري‬
‫للحاجات أو الصفقة اثني عشر مليون دينار‪21.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه‬
‫الصفقة في حدود المستوى المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة دراسات أو خدمات لإلدارة المركزية‪ ،‬يفوق مبلغ التقدير اإلداري‬
‫للحاجات أو الصفقة ستة ماليين دينار‪ 7.444.444‬دج‪ ،‬وكذا كل مشروع ملحق بهذه‬
‫الصفقة في حدود المستوى المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬صفقة تحتوي على البند المنصوص عليه في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي ‪-22‬‬
‫‪ 106‬يمكن أن يرفع تطبيقه المبلغ األصلي إلى مقدار المبالغ المحددة أعاله أو أكثر من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ملحق يرفع المبلغ األصلي إلى مقدار المبالغ المحددة أعاله أو أكثر من ذلك في حدود‬
‫المستويات المبينة في المادة ‪ 230‬من هذا المرسوم‪.‬‬
‫أما عن المعيار العضوي‪ ،‬فيعد اختصاص اللجان القطاعية متسعا من ناحية دراسة‬
‫الطعون ليشمل المصالح المتعاقدة‪ ،‬و كذا الصفقات التي تبرمها اإلدارات المركزية‪.‬‬
‫كما تختص اللجنة القطاعية للصفقات بدراسة الملفات التابعة لقطاع آخر عندما‬
‫تتصرف الدائرة الو ازرية المعنية في إطار صالحياتها لحساب دائرة و ازرية أخرى‪. 1‬‬

‫المادة ‪ ،424‬المرسوم الرئاسي رقم‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪55‬‬
‫لعل أهم مالحظة يمكن إثارتها بشأن توسيع صالحيات اللجان القطاعية هي اشتراكها‬
‫في السقف المالي المحدد الختصاصها مع مختلف لجان الصفقات العمومية للمصلحة‬
‫المتعاقدة المختصة بدراسة الطعون التي يرفعها المتعهد‪ ،‬وهو ما يحدث تنازعا إيجابيا بين‬
‫اللجان العمومية المختصة‪ ،‬طالما كانت العتبة المالية واحدة‪ ،‬ولحسن الحظ أن المادة‪ 71‬من‬
‫تنظيم الصفقات العمومية في فقرتها الثانية أوجبت ذكر لجنة الصفقات المعنية بدراسة‬
‫الطعن‪ ،1‬غير أن ذلك يقتصر فقط على إعالن المنح المؤقت للصفقة دون إعالن عدم‬
‫الجدوى‪ ،‬أو إلغاء إجراء إبرام الصفقة أو إلغاء منحها المؤقت‪ ،‬وأمام هذا الوضع استدركت‬
‫المادة ‪ 71‬ذلك من خالل الفقرة السادسة التي أوجبت على رئيس أي لجنة صفقات في حالة‬
‫ما إذا تم إرسال طعن عن طريق الخطأ‪ ،‬إلى لجنة صفقات غير مختصة‪ ،‬أن يعيد توجيهه‬
‫إلى لجنة الصفقات المختصة‪ ،‬و ينطبق األمر أيضا على إعالن المنح المؤقت للصفقة‪.‬‬
‫مع ذلك تبقى المادة ‪ 71‬من تنظيم الصفقات العمومية تثير عدة مخاوف من حيث‬
‫تطبيقها‪ ،2‬السيما ما تعلق منها بتلك القواعد المتعلقة باختصاص لجان الصفقات العمومية‬
‫للمصلحة المتعاقدة التي سوف تظهرها هذه الدراسة في العنوان التالي و تنازعها اإليجابي مع‬
‫إختصاص اللجان القطاعية‪.‬‬
‫‪ -1‬لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة‬
‫أحدث المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬عدة تعديالت فيما يخص لجان الصفقات‬
‫العمومية المختصة بالرقابة على الصفقات العمومية لكن الفقرة ‪ 24‬من المادة ‪ 71‬حددت‬
‫اللجان المخصة بدراسة الطعون التي يرفعها المتعهدون‪ ،‬في كل من اللجان القطاعية وقد‬
‫سبق ذكرها وفي اللجان المحلية وفق حدود إختصاص لجنة الصفقات لسلطة الوصاية‪.‬‬
‫تتمثل الجماعات اإلقليمية للدولة بحسب الدستور الجزائري في كل من الوالية والبلدية‪،‬‬
‫وقد أحال كل من قانوني البلدية و الوالية إبرام صفقات الجماعات اإلقليمية إلى تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬وفي هذا الشأن تختص كل من اللجنة الوالئية للصفقات واللجنة البلدية‬
‫للصفقات بدراسة الطعون التي جاءت بها المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪. 106-22‬‬

‫المادة ‪ ،26‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪56‬‬
‫حددت المادتان ‪ 263‬و‪ 260‬تشكيلة اللجان المحلية‪ ،‬بحيث يرأس كل لجنة ممثل‬
‫الدولة على مستوى الجماعة اإلقليمية‪ ،1‬ويدخل ضمن عضويتها ممثل عن المصلحة‬
‫المتعاقدة الذي يقوم بتزويد لجنة الصفقات بجميع المعلومات الضرورية إلستيعاب محتوى‬
‫الصفقة التي يتولى تقديمها‪. 2‬‬
‫تتعزز تشكيلة اللجان المحلية من أجل القيام بوظائفها بأعضاء منتخبين وآخرين‬
‫معينين‪ ،‬فالفئة األولى تضم ثالثة ممثلين عن المجلس الشعبي الوالئي بالنسبة للجنة الوالئية‬
‫للصفقات‪ ،‬ومنتخبين يمثالن المجلس الشعبي البلدي بالنسبة للجنة البلدية للصفقات‪ ،‬و في‬
‫هذا اإلطار فإن هذا التمثيل يسمح بممارسة الرقابة الشعبية السابقة على إبرام الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬أما الفئة الثانية فتضم مدير المصلحة التقنية المعنية بالخدمة بالوالية أو ممثلها‬
‫حسب موضوع الصفقة (بناء‪ ،‬أشغال عمومية‪ ،‬ري) الذي يعطي رؤية واضحة حول موضوع‬
‫الصفقة‪ ،‬وممثلين عن الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬وهذا لعالقة الصفقة العمومية بالخزينة‬
‫العمومية‪،‬إضافة إلى مدير التجارة بالوالية الذي نجده فقط في اللجنة الوالئية دون اللجنة‬
‫البلدية ‪.‬‬
‫ينعقد اختصاص اللجنة الوالئية للصفقات بتوافر المعيار العضوي و المعيار المالي‬
‫على النحو المبين أدناه‪:‬‬
‫*الصفقات التي تبرمها الوالية و المصالح غير الممركزة للدولة و المصالح الخارجية‬
‫لإلدارات المركزية غير تلك التي تختص بها لجان الصفقات للمؤسسة الوطنية والهيكل‬
‫غير الممركز للمؤسسة العمومية الوطنية ذات الطابع اإلداري‪:‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة أشغال يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مليار‬
‫دينار ‪ 2.444.444.444‬دج‪ ،‬و كذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة لوازم يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة ثالثمائة‬
‫مليون دينار ‪ 344.444.444‬دج‪ ،‬و كذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود‬
‫المستوى المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،422‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة خدمات يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مائة‬
‫مليون دينار ‪144.444.444‬دج‪ ،‬و كذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود المستوى‬
‫المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫‪ -‬دفتر شروط أو صفقة دراسات يفوق مبلغ التقدير اإلداري للحاجات أو الصفقة مائة‬
‫مليون دينار ‪ 244.444.444‬دج‪ ،‬و كذا كل مشروع ملحق بهذه الصفقة في حدود‬
‫المستوى المبين في المادة ‪ 230‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.106-22‬‬
‫*الصفقات التي تبرمها البلدية و المؤسسات العمومية المحلية‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لصفقات األشغال أو اللوازم التي يساوي مبلغها أو يفوق مائتي مليون دينار‬
‫‪ 144.444.444‬دج‬
‫‪ -‬بالنسبة لصفقات الخدمات التي يساوي مبلغها أو يفوق خمسين مليون دينار جزائري‬
‫‪ 24.444.444‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لصفقات الدراسات التي يساوي مبلغها أو يفوق عشرين مليون دينار جزائري‬
‫‪ 14.444.444‬دج‪.‬‬
‫مايجدر لفت اإلنتباه إليه هو أن هذه اللجنة لها إختصاص موسع ذلك أن المادة ‪263‬‬
‫المحددة إلختصاص اللجنة الوالئية تحيل إلى المادة ‪ 270‬التي تحدد إختصاص اللجنة‬
‫القطاعية‪ ،‬الشيىء الذي يؤدي إلى تنازع في إختصاص اللجنتين‪ ،‬و ال يقف األمر عند هذا‬
‫الحد بل يتعداه إلى اللجنة البلدية التي تملك إختصاصا مشتركا مع اللجنة الوالئية و اللجنة‬
‫القطاعية بحسب المادة ‪ 260‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 1‬التي جاءت بصفة عامة على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫" تختص اللجنة البلدية للصفقات بدراسة مشاريع دفاتر الشروط و الصفقات و‬
‫المالحق الخاصة بالبلدية‪ ،‬ضمن حدود المستويات المنصوص عليها‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬في‬
‫المادتين ‪ 038‬و ‪ 073‬من هذا المرسوم"‬
‫فالمادة ‪ 260‬المحددة إلختصاص اللجنة البلدية للصفقات تحيل إلى أحكام المادة‬
‫‪ 263‬التي تحدد إختصاص اللجنة الوالئية للصفقات‪ ،‬هذه األخيرة تحيل أيضا إلى أحكام‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫المادة ‪ 270‬المحددة إلختصاص اللجنة القطاعية للصفقات‪ ،‬الشيء الذي سوف يؤثر على‬
‫ممارسة هذه اللجان إلختصاصاتها ‪.‬‬
‫إذن لم يوفق المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬في ضبط قواعد إختصاص اللجان‬
‫اآلنفة الذكر كسابقه المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬وهو مايدفع إلى التوصية إلى التدقيق‬
‫في ضبط حدود إختصاص لجان الصفقات العمومية من أجل أن ال يحدث تنازع في‬
‫اإلختصاص بين هذه اللجان‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬األثر الناجم عن ممارسة المتعهدين لحقهم في الطعن أمام لجان الصفقات‬
‫العمومية المختصة‬
‫تعد لجان الصفقات العمومية مركز اتخاذ القرار فيما يخص الرقابة على الصفقات‬
‫العمومية الداخلة ضمن اختصاصها‪ ،2‬وهي في سبيل ذلك تنظر في الطعون المرفوعة‬
‫أمامها من قبل المتعهدين ‪.‬‬
‫تسري أعمال هذه اللجان وفق النظام الداخلي النموذجي الذي تصادق عليه اللجنة‬
‫القطاعية‪ ،‬ويتم الموافقة عليه بموجب مرسوم تنفيذي‪ ،3‬ولحد الساعة ال يوجد مرسوم تنفيذي‬
‫محدد لعمل هذه اللجان في ظل تطبيق المرسوم الرئاسي رقم ‪. 106-22‬‬
‫أوضحت المادة ‪ 127‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬بأن النصوص المتخذة‬
‫تطبيقا ألحكام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬تعتبر سارية المفعول إلى غاية صدور‬
‫نصوص جديدة متخذة تطبيقا للمرسوم الحالي‪ ،‬وعليه فإن سير أعمال لجان الصفقات‬
‫العمومية تخضع للمرسوم التنفيذي رقم ‪ 227-22‬المؤرخ في ‪ 1422/43/27‬والمتضمن‬
‫الموافقة على النظام الداخلي النموذجي للجنة الصفقات العمومية‪.4‬‬
‫بعد صدور الق اررات المحددة في المادة ‪ 71‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬يحق‬
‫للمتعهدين الطعن فيها خالل مدة ‪ 24‬أيام من نشرها بالنسبة لقرار المنح المؤقت للصفقة‪،‬‬
‫أو خالل مدة ‪ 24‬أيام من تبليغها برسالة موصى عليها بالنسبة لباقي الق اررات األخرى‪.‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،465‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،204‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد‪ ،49‬المؤرخة في ‪ 41‬مارس‪ ،6044‬ص‪.42-2‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪59‬‬
‫يتم تسجيل الطعن على مستوى الكتابة الدائمة للجنة‪ ،1‬وتقوم هذه اللجنة تحت سلطة‬
‫رئيسها بإستدعاء أعضاء اللجنة مع إرفاق هذا اإلستدعاء بالمذكرة التحليلية والتقرير‬
‫التقديمي‪ ،‬كما يتم إرسال الملفات إلى المقرر المعين من قبل رئيس اللجنة‪.2‬‬
‫يتم إنعقاد اإلجتماع بعد ثمانية أيام من إرسال اإلستدعاء وفي حالة الملفات المستعجلة‬
‫مثل الطعون المتعلقة بمرحلة اإلبرام فيتم تخفيض مدة ثمانية ‪ 7‬أيام و ال يمكن تخفيض‬
‫المدة المذكورة أعاله إلى أقل من يومين‪. 3‬‬
‫تجتمع اللجنة في جلسة غير علنية‪ 4‬و تدرس الطعون خالل مدة أقصاها ‪ 22‬يوما‬
‫إبتداء من تاريخ إنقضاء ‪ 24‬ايام التي يمارس فيها المتعهد حقه في الطعن‪ ،5‬وحسب المادة‬
‫‪ 12‬من النظام الداخلي النموذجي للجنة الصفقات العمومية الصادر تطبيقا للمرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 137-24‬فإنه يتم المصادقة على الرأي المتعلق بملف الطعن بعد عملية تصويت‪،‬‬
‫ويجرى التصويت عن طريق رفع اليد‪ ،‬بحيث تعتمد نتيجة عملية التصويت باألغلبية‬
‫البسيطة لألعضاء الحاضرين‪ ،‬و في حالة تعادل األصوات يكون صوت الرئيس مرجحا ‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن النظام الداخلي المذكور أعاله يبين لنا بأن النتيجة التي يخرج بها‬
‫هذا الطعن هو مجرد رأي يمكن أن تأخذ به المصلحة المتعاقدة كما يمكن أن تتجاهله‪ ،‬فدور‬
‫لجان الصفقات العمومية هو بالتالي استشاري وعليه يطرح تساؤل حول جدوى ممارسة هذا‬
‫النوع من الطعون لعدم فعاليته‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى إفراغ هذه اللجان من دورها الحقيقي‪،‬‬
‫السيما و أنها تضم عدة كفاءات‪.‬‬
‫قام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬بإعادة االعتبار لدور لجان‬ ‫لحسن الحظ‬
‫الصفقات العمومية و تعزيز مكانتها من خالل تفعيل األثر الناجم عن ممارسة المتعهدين‬
‫لحقهم في الطعن عن طريق إصدار لجان الصفقات العمومية لق اررات في أجل خمسة عشر‬

‫المادة ‪ ،46‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،227-22‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 15‬و المادة ‪ ،19‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،12‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ ،41‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ ،49‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪60‬‬
‫يوما إبتداء من تاريخ انقضاء أجل العشرة أيام المتعلقة بالطعن و يبلغ هذا القرار للمصلحة‬
‫المتعاقدة و لصاحب الطعن‪.1‬‬
‫عندما تقرر لجنة الصفقات المختصة بأن طعنا ما مؤسس تأخذ المصلحة المتعاقدة في‬
‫الحسبان قرار اللجنة‪ ،‬وتواصل تقييم العروض في ظل إحترام أحكام تنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪.2‬‬

‫المادة‪ ،26‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،465‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تسوية منازعات إبرام الصفقات العمومية في ظل قانون المنافسة‬
‫عرف قانون الصفقات العمومية الفرنسي عدة تطورات‪ ،‬وقد أشار األستاذ ‪Grégory‬‬
‫‪ Kalflèche‬بأنه تاريخيا كان قانون الصفقات العمومية يمثل قانونا ميزانيا يهدف إلى التقليل‬
‫من نفقات الدولة‪ ،‬و هو ما يظهر من خالل إجراء المناقصة التي تهدف إلى اختيار أقل‬
‫عرض و ليس أفضل عرض‪ ،‬و أن فكرة المنافسة تأخرت في الظهور إال بعد قرار ‪Million‬‬
‫‪ et Marais‬والذي فتح المجال إلدخال القواعد المطبقة على قانون المنافسة في قانون‬
‫الصفقات العمومية‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫تم‬ ‫أما في الجزائر فإنه و بموجب القانون رقم ‪ 21-47‬المؤرخ في ‪ 12‬جوان ‪1447‬‬
‫توسيع نطاق تطبيق قانون المنافسة ليشمل الصفقات العمومية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪1/1‬‬
‫منه على ما يلي‪:‬‬
‫''تطبق أحكام هذا األمر على‪ ...‬الصفقات العمومية ابتداء من اإلعالن عن‬
‫المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة‪".‬‬
‫حسنا ما فعل المشرع بتمديده لتطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية‪ ،‬فإذا‬
‫كانت المصلحة المتعاقدة ملزمة باحترام مبادئ الشفافية والمساواة بين المرشحين وحرية‬
‫‪3‬‬
‫الوصول للطلبات العمومية‪ ،‬فهي أيضا ملزمة بعدم خلق ممارسات منافية للمنافسة‪.‬‬
‫يثير امتداد تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية ضرورة تسليط الضوء على‬
‫صور الممارسات المخلة بالمنافسة ( مطلب أول) ليتم االنتقال بعدها إلى تحديد اختصاص‬
‫مجلس المنافسة بنظر الصفقات العمومية (مطلب ثاني)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas -XAVIER Boissy, les litiges des marchés publics, Berger-Levrault, 2010,‬‬
‫‪France, p156.‬‬
‫‪ 2‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،19‬المؤرخة في‪ ،6002/02/06‬ص‪.45-44‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CROS Nicolas –XAVIER Boissy, op.cit, p156.‬‬

‫‪62‬‬
‫المطلب األول‬
‫صور الممارسات المخلة بالمنافسة‬
‫يمكن أن تجد المصلحة المتعاقدة حين إعالنها للمنافسة في الصفقات العمومية نفسها‬
‫مع مرشحين يهدفون إلى خلق ممارسات منافية للمنافسة‪ ،‬أو بسط القوة االقتصادية لبعض‬
‫المرشحين على حساب آخرين من أجل نيل الصفقة العمومية‪ ،1‬ولهذا فقد وسعت المادة ‪7‬‬
‫من القانون رقم ‪ 21-47‬من نطاق حظر الممارسات المنافية للمنافسة لتشمل الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬حيث جاءت بما يلي‪:‬‬
‫" تحظر الممارسات و األعمال و االتفاقيات و االتفاقات الصريحة أو الضمنية عندما‬
‫تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية المنافسة أو الحد منها أو اإلخالل بها في‬
‫نفس السوق أو في جزء جوهري منه السيما عندما ترمي إلى‪ ..‬السماح بمنح صفقة‬
‫عمومية لفائدة أصحاب هذه الممارسات المقيدة‪".‬‬
‫إن االعتماد والتقيد بمضمون المادة لتحديد االتفاقيات المحظورة لكونها منافية للمنافسة‬
‫هو أمر ال يعد هينا‪ ،‬نظ ار للعبارات العامة التي صيغت بها‪ ،‬وهو ما يؤكد على أن القانون‬
‫الجزائري اعتمد التعريف الواسع‪ ،‬ويكون بذلك قد شمل كل تصرف يتضمن توافق وتطابق‬
‫اإلرادات أيا كان شكلها القانوني الذي تظهر فيه‪ 2‬بشرط أن تؤدي إلى تقييد المنافسة أي أن‬
‫المشرع اعتمد المعيار الموضوعي الذي يرتكز على اآلثار الناجمة عن االتفاقيات‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان اإلجماع حاصال حول عدم مشروعية االتفاق عندما يمس بالمنافسة‪،‬‬
‫فإن نصوص قانون المنافسة لم تحدد درجة هذا اإلخالل‪ ،‬و في هذا الشأن فإن االجتهاد‬
‫الفرنسي قد قرر رفض تطبيق المادة السابعة من قانون المنافسة الفرنسي التي تقابل المادة ‪7‬‬
‫من القانون الجزائري في نزاع يتعلق باتفاق رأت بأنه ال يتضمن سوى تأثير محدود على‬

‫‪1‬‬
‫‪M. Mustapha Abdelkrim, le droit de la concurrence au secours des acheteurs publics,‬‬
‫‪Colloque nationale sur « les marchés publics », Université D.yahia Farés, Media, le 20 mai‬‬
‫‪2013, P19.‬‬
‫‪ 2‬ديباش سهيلة ‪ ،‬إشكالية تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس ل"دور قانون الصفقات العمومية‬
‫في حماية المال العام" جامعة د‪.‬يحيي فارس بالمدية‪ ،‬يوم ‪ 60‬ماي ‪ ،6041‬ص‪.1‬‬

‫‪63‬‬
‫المنافسة‪ ،1‬وبهذا األمر فإن تقدير درجة اإلخالل تبقى من صالحيات مجلس المنافسة الذي‬
‫يملك السلطة التقديرية ‪.‬‬
‫عموما فإن الممارسات المخلة بالمنافسة تتخذ صورتين‪ ،‬فهي تظهر في شكل ممارسات‬
‫‪2‬‬
‫هيكلية (فرع أول) و ممارسات سلوكية (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬الممارسات الهيكلية المنافية للمنافسة‬
‫تتخذ االتفاقات في الغالب إحدى الصيغ القانونية ذات السمة العضوية‪ ،‬فقد يتجسد‬
‫االتفاق المحظور في صورة هيئة مهنية‪،‬أو يظهر في صورة مجموعة ذات مصلحة اقتصادية‬
‫مشتركة‪ ،‬فتتشكل هيئات تتمتع بالشخصية القانونية‪ ،3‬وتظهر الممارسات العضوية في صورة‬
‫التجمعات االقتصادية (أوال) وممارسات تخص تحصيص الصفقات العمومية (ثانيا) و‬
‫ممارسات تخص المناولة (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬التجمع‬
‫تشهد الحياة االقتصادية الجديدة ظاهرة التركيز االقتصادي كضرورة اقتصادية فرضتها‬
‫الصعوبات التي تعيق تقدم المشروعات الصغيرة و المتوسطة‪ ،‬و تحول دون تحقيق أهدافها‬
‫في مواجهة المشروعات الضخمة التي تسيطر على قطاعات عريضة من النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،4‬ولذلك كان من الضروري أن يجد المشرع الجزائري ضمن نصوص قانون‬
‫المنافسة ما يجسد هذا التركيز االقتصادي‪ ،‬بحيث أفرد له فصال كامال تحت عنوان‬
‫"التجميعات االقتصادية" و لقد امتد هذا التطبيق إلى مجال الصفقات العمومية بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق‬
‫العام في المادة ‪ 36‬منه التي جاءت بما يلي‪:‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬إمتداد قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6045‬ص‪.16‬‬


‫تنقسم الممارسات المنافية للمنافسة إلى ممارسات عمودية وأخرى أفقية‪ ،‬يقصد بالممارسة األفقية تلك التي تتم ما بين‬ ‫‪2‬‬

‫المؤسسات المتنافسة لنيل الصفقة العمومية‪ ،‬أما الممارسات العمودية فهي تلك الممارسات التي تكون ما بين المصلحة‬
‫المتنافسة‪.‬‬
‫المتعاقدة و المؤسسات‬
‫‪CYRILLE Emery, Passé un Marche Public, 2 edition, Edition Dalloz, Paris, 2004, p109 et‬‬
‫‪p111.‬‬
‫‪ 3‬ديباش سهيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪64‬‬
‫"يمكن المتعامل المتعاقد أن يكون شخصا أو عدة أشخاص طبيعيين أو معنويين‬
‫يلتزمون بمقتضى الصفقة إما فرادى و إما في إطار تجمع لمؤسسات‪."..‬‬
‫لقد عرف المشرع في نص المادة ‪ 22‬من األمر رقم ‪ 43-43‬التجميع االقتصادي و‬
‫الذي يتحقق في حالة اندماج مؤسستين مستقلتين أو أكثر‪ ،‬أو في حالة الحصول على مراقبة‬
‫مؤسسة أو عدة مؤسسات‪ ،‬و في حالة إنشاء مؤسسة مشتركة‪.‬‬
‫تأثرت المادة ‪ 72‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬بمفهوم التجميع في قانون‬
‫المنافسة‪ ،‬إذ يخضع التجميع في مجال الصفقات العمومية لشكلين يمكن للمترشحين أن‬
‫يتقدموا فيه‪ ،‬إما في إطار تجمع مؤقت لمؤسسات متضامنة‪ ،‬أو تجمع مؤقت لمؤسسات‬
‫متشاركة‪.‬‬
‫عرفت المادة ‪ 72‬التجمع المؤقت لمؤسسات متضامنة وذلك عندما يلتزم كل عضو من‬
‫أعضاء التجمع بتنفيذ الصفقة كاملة‪ ،‬أما التجمع المؤقت لمؤسسات متشاركة فيكون حينما‬
‫يلتزم كل عضو من أعضاء التجمع بتنفيذ الخدمات التي وضعت على عاتقه‪.‬‬
‫إذا كان التجمع يدل على عالقة التعاون والشراكة التي تنشأ بين األشخاص الطبيعية‬
‫أو المعنوية عند تعهدهم في إطار الصفقات‪ ،‬من منطلق إدارة المكونين للتجمع تحقيق‬
‫أهداف اقتصادية مشتركة‪ ،1‬فهي تحمل جانب إيجابي من حيث أنها تضمن حماية المنافسة‬
‫من خالل مشاركة المؤسسات الصغيرة و إتحادها فيما بينها من أجل تحقيق أهداف الصفقة‬
‫في مواجهة المؤسسات الكبرى‪ ،2‬ومن جانب أخر فهي تحمل جانبا سلبيا إذا كان الهدف من‬
‫تشكيل هذا التجمع هو قيام بعض المؤسسات بالتعاون فيما بينها على تشكيل هذا التجمع‬
‫من أجل خلق وضعيات منافية للمنافسة‪ ،‬ولهذا الغرض فقد اشترطت المادة ‪ 72‬في فقرتها‬
‫األولى على كل تجمع مؤقت لمؤسسات أن يحترم القواعد المتعلقة بالمنافسة‪ ،‬لكن يبقى‬
‫التساؤل منصبا حول مدى اعتبار التجميع ماسا بالمنافسة؟‪.‬‬
‫في الواقع فإن عدم مشروعية التجميع تظهر أكثر من خالل المادة ‪ 26‬من األمر رقم‬
‫‪ 43-43‬التي أجمعت على شرط وحيد‪ 3‬بقولها‪:‬‬

‫‪ 1‬عياد دالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.406‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Mostapha Abdelkrim, op.cit, P22.‬‬
‫‪ 3‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،11‬المؤرخة في ‪ 60‬يوليو‪ ،6001‬ص‪.11-65‬‬

‫‪65‬‬
‫" كل تجميع من شانه المساس بالمنافسة‪ ،‬و ال سيما بتعزيز وضعية هيمنة مؤسسة‬
‫على سوق ما ‪."...‬‬
‫كما حددت المادة ‪ 27‬من قانون المنافسة‪ ،‬متى يكون التجمع خطي ار على المنافسة إذا‬
‫كان يهدف إلي تحقيق ما يفوق عن ‪ % 04‬من المبيعات أو المشتريات المنجزة في سوق‬
‫معينة‪.‬‬
‫لقد أوجب المشرع مراقبة التجميعات االقتصادية من قبل مجلس المنافسة تفاديا ألثارها‬
‫السلبية ليبث فيها خالل أجل ثالثة أشهر من تقديمها‪.1‬‬
‫إذا كان المبدأ في قانون المنافسة هو حظر الممارسات المنافية للمنافسة فإن هذه‬
‫القاعدة ال تأخذ على إطالقها إذا تعلق األمر بالمصلحة العامة و لهذا الغرض فقد منحت‬
‫المادة ‪ 12‬من األمر رقم ‪ 43-43‬إمكانية ترخيص الحكومة للتجميع الذي كان محل رفض‬
‫من قبل مجلس المنافسة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك‪.‬‬
‫كما ال يطبق الحد المنصوص عليه في المادة ‪ 27‬إذا ثبت أن هذه التجميعات تساهم‬
‫في تطوير قدراتها التنافسية‪ ،‬أو تساهم في تحسين الشغل‪ ،‬أو من شانها السماح للمؤسسات‬
‫الصغيرة أو المتوسطة بتعزيز وضعيتها التنافسية في السوق ‪.2‬‬
‫إضافة إلى المصلحة العامة فقد رخصت المادة ‪ 12‬مكرر من األمر رقم ‪43-43‬‬
‫بالتجميعات الناجمة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي‪ ،‬وبمقتضى ذلك تتحول التجميعات‬
‫المنافية للمنافسة إلى تجميعات مشروعة تستمد شرعيتها من نص تشريعي أو تنظيمي‪.‬‬
‫يتبين مما سبق بأن قواعد المنافسة لم توضع ألجل احترامها فقط‪ ،‬بل من أجل تحقيق‬
‫تقدم اقتصادي من وراء االلتزام بها وقد فعل المشرع ذلك يشأن التجميعات غير المشروعة‬
‫حيث أجازها و أعتبرها مشروعة بهدف تحقيق المصلحة االقتصادية‪.3‬‬

‫المادة ‪ ،42‬األمر رقم ‪ ،01-01‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪66‬‬
‫ثانيا‪ -‬تحصيص الصفقات العمومية‬
‫مكن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المصلحة المتعاقدة من اللجوء إلى تحصيص‬
‫الصفقات العمومية من أجل تلبية حاجاتها حسب طبيعة و أهمية المشروع و تخصص‬
‫المتعاملين االقتصاديين و المزايا المالية و التقنية التي توفرها العملية‪.1‬‬
‫فالتحصيص يمثل تلك التقنية التي تسمح بتجزئة حاجات الصفقة إلى مجموعات‬
‫منفصلة تدعى الحصص‪ ،‬كل حصة تعبر عن وحدة مستقلة يتم تنفيذها من طرف متعاقد‬
‫واحد على األقل‪.2‬‬
‫لقد أوجبت المادة ‪ 0/32‬من تنظيم الصفقات العمومية‪3‬على وجوب النص على‬
‫التحصيص في دفتر الشروط‪ ،‬حتى يتمكن كل متعهد من تقديم تعهده وحتى يتمكن من‬
‫معرفة الحصص التي يستطيع تنفيذها في المستقبل‪.‬‬
‫يسمح التحصيص على صعيد المنافسة بإشراك عدة مؤسسات صغيرة في إنجاز‬
‫المشاريع المعقدة عن طريق الحصول على صفقات صغيرة –حصص‪ -‬ناتجة عن تجزئة‬
‫الصفقة‪ ،‬بحيث ال تستظهر سوى مؤهالتها المالية والتقنية في مجال الحصة التي ستترشح‬
‫لنيلها‪ ،‬وبالتالي تستطيع المؤسسة الصغيرة من منظور اقتصادي أن تتموضع في سوق‬
‫الصفقات العمومية‪ ،4‬كما أن التحصيص يساهم في تطوير قدرتها التنافسية‪.‬‬
‫إن اللجوء إلى التحصيص يكون في شكل حصة وحيدة أو في شكل حصص منفصلة‪،‬‬
‫بحيث تخصص الحصة الوحيدة إلى متعامل متعاقد و تخصص الحصص المنفصلة إلى‬
‫متعامل متعاقد واحد أو أكثر‪ ،‬ومن أجل د أر الممارسات المنافية للمنافسة فقد أوجبت المادة‬
‫‪ 32‬من تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام على المصلحة المتعاقدة تقييم‬
‫العروض حسب كل حصة‪ ،‬كما يمكنها عندما يكون ذلك مبر ار تحديد عدد الحصص الممكن‬
‫منحها لمتعهد واحد‪ ،‬و في هذا اإلطار البد على المصلحة المتعاقدة أن تتوخى الحذر‪،‬‬

‫المادة ‪ ،6/14‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫عياد دالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 66‬و‪.61‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫عياد دالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.400‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪67‬‬
‫فحصول مؤسسة وحيدة على جميع الحصص من شانه أن يخلق وضعية الهيمنة على سوق‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫لقد عرف األمر رقم ‪ 43-43‬المتعلق بالمنافسة الهيمنة على أنها‪:‬‬
‫"الوضعية التي تمكن مؤسسة ما من الحصول على مركز قوة اقتصادية في السوق‬
‫المعني من شانها عرقلة قيام منافسة فعلية فيه وتعطيها إمكانية القيام بتصرفات منفردة‬
‫إلى حد معتبر إزاء منافسيها أو زبائنها أو ممونيها"‪.‬‬
‫تأسيسا على ذلك فإن منح المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬للمصلحة المتعاقدة‬
‫االختصاص في تحصيص الصفقات العمومية مشروط بتعليل اختيارها عند كل رقابة‬
‫تمارسها أي سلطة‪ 1‬و ألجل ذلك فإن المادة ‪ 61‬من التنظيم المذكور أعاله تخول للجنة فتح‬
‫األظرفة وتقييم العروض أن تقترح على المصلحة المتعاقدة رفض العرض المقبول‪ ،‬إذا ثبت‬
‫أن بعض ممارسات المتعهد تشكل تعسفا في وضعية هيمنة على السوق أو قد تتسبب في‬
‫اختالل المنافسة في القطاع المعني‪ ،‬بأي طريقة كانت ويجب أن يبين هذا الحكم في دفتر‬
‫الشروط‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬المناولة‬
‫تعتبر المناولة من أكثر الوسائل القانونية التي تساعد المتعاملين المتعاقدين على تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية و تساهم في إنجاحها‪ ،‬ولهذا الغرض فإن أغلبية المتعاملين المتعاقدين‬
‫يلجأون إلبرام عقود المناولة ‪.‬‬
‫بالرغم من اإليجابيات التي تقوم عليها عقود المناولة فإن هذه األخيرة قد عرفت انحرافا‬
‫خطي ار لتصبح من أشهر السبل التي ترتكب فيها الممارسات المنافية للمنافسة من قبل‬
‫أصحاب العروض االحتكارية‪.‬‬
‫فصاحب العرض االحتكاري يمكن له تقديم عرض جد مغري لإلدارة‪ ،‬وصعب‬
‫منافسته من طرف العارضين اآلخرين‪ ،‬ومن بين هذه العناصر السعر الذي يكون منخفضا‬
‫بكثير عن السعر الحقيقي‪ ،‬وأمام هذا العرض ال يمكن ألي عون أن يتصدى لمنافسه العنيد‬
‫هذا من جهة ومن غير المنطقي أن يقوم المتعامل المتعاقد بإفالس نفسه‪ ،‬بل أنه سوف يبقى‬
‫لحد كبير في مأمن عن ذلك نظ ار لإلستراتجية المتوقعة منه والتي مفادها استرجاع ما لحقه‬

‫‪ 1‬المادة‪ ،1/14‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫من خسارة عن طريق عقود المناولة التي سيبرمها مع األعوان اآلخرين لتنفيذ أجزاء من‬
‫الصفقة العمومية‪ ،‬والتي ستضمن له استرجاع ما فاته أو تحمله من خسارة من جهة أخرى‪.1‬‬
‫لقد تفطن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬للممارسات المنافية للمنافسة التي تأتي في‬
‫إطار عقود المناولة‪ ،‬و لهذا الغرض فقد حدد المجال التي تقوم عليها هذه العقود والذي البد‬
‫أن ت شتمل على جزء من موضوع الصفقة في إطار التزام تعاقدي يربط المناول مباشرة‬
‫بالمتعامل المتعاقد التابع للمصلحة المتعاقدة‪ ،‬ومهما يكن من أمر ال يمكن أن تتجاوز‬
‫المناولة أربعين في المائة من المبلغ اإلجمالي للصفقة‪ ،‬و اليمكن أن تكون صفقات اللوازم‬
‫العادية محل مناولة‪ ،2‬ويكون في هذه الحالة المتعامل المتعاقد هو المسؤول الوحيد تجاه‬
‫المصلحة المتعاقدة عن تنفيذ جزء الصفقة المتعامل فيها بصفة ثانوية‪.3‬‬
‫لقد أكد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬على حمايته للمنافسة في عقود المناولة‪،‬‬
‫بإجباره للمناول إعالن تواجده للمصلحة المتعاقدة‪ ،‬و في حالة عدم تصريح المتعامل المتعاقد‬
‫بالمناول وعلم المصلحة المتعاقدة بذلك‪ ،‬تقوم بإعذار المتعامل المتعاقد بتدارك الوضع خالل‬
‫‪ 7‬أيام و إال اتخذت تدابير قصرية‪.4‬‬
‫في سياق حماية المنافسة‪ ،‬فقد حدد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬البيانات التي‬
‫يجب أن يتضمنها عقد المناولة في المادة ‪ 200‬منه‪ ،‬كما حدد الشروط التي يخضع لها عقد‬
‫المناولة ضمن المادة ‪ 203‬منه‪ ،‬إذ يجب أن يحدد في الصفقة صراحة المجال الرئيسي‬
‫للجوء إلى المناولة‪ ،‬كما ينبغي أن يحظى اختيار كل مناول وجوبا لموافقة المصلحة المتعاقدة‬
‫وذلك بعد التأكد من قدراته المهنية و التقنية و المالية‪ ،‬إضافة إلى تحديد عرض المتعهد‬
‫المعني مبلغ الخدمات التي يتعين تقديمها في إطار المناولة‪ ،‬مع تسليم نسخة من عقد‬
‫المناولة للمصلحة المتعاقدة من طرف المتعامل المتعاقد حتى تتأكد المصلحة المتعاقدة من‬
‫عدم وجود ممارسات منافية للمنافسة‪.‬‬

‫قايد ياسين‪ ،‬قانون المنافسة واألشخاص العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجيستر في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،4666‬ص‪ 119‬و ص‪.112‬‬


‫المادة ‪ ،410‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،414‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ ،416‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪69‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬الممارسات السلوكية المنافية للمنافسة‬
‫تتمثل أهم الممارسات التي يرتكبها األعوان االقتصاديين لتقييد المنافسة في كل من‬
‫تبادل المعلومات لنيل الصفقات العمومية (أوال) تقديم عروض تضليلية للمنافسة (ثانيا) تقديم‬
‫أسعار منخفضة(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال – تبادل المعلومات لنيل الصفقة العمومية‬
‫كل تبادل للمعلومات أثناء تقديم التعهدات يعتبر مقيدا للمنافسة إذا ما كان يهدف إلى‬
‫تقليص فكرة عدم اليقين بقصد تعرف كل مؤسسة على مؤهالت منافسها‪ ،‬ففكرة عدم اليقين‬
‫في الصفقات العمومية ذات أهمية بالغة‪ ،‬فهي تدفع األعوان االقتصاديين للتنافس وبذل كافة‬
‫جهودهم من حيث النوعية والسعر ألجل نيل الصفقة العمومية‪ ،‬وكل تقليص لفكرة عدم‬
‫اليقين يضعف المنافسة‪. 1‬‬
‫إن الصورة المميزة لتبادل المعلومات بغض النظر عن باقي الصور األخرى‪ ،‬تأتي‬
‫غالبا من طرف الموظف القائم على إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬والذي يعتبر أهم مصدر ألية‬
‫معلومة تتعلق بالمنافسين المترشحين لنيل الصفقة العمومية‪ ،‬ولهذا فقد أولى المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 106-22‬عناية كبيرة بالموظف العمومي الذي تتعارض مصالحه الخاصة مع‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬ويكون من شأن ذلك التأثير على ممارسته لمهامه بشكل عاد‪ ،‬فعليه أن‬
‫يخبر سلطته السلمية بذلك و يتنحى عن مهمة إبرام الصفقة العمومية ‪ ،2‬وفي إطار اآلليات‬
‫الوقائية من حدوث ممارسات منافية للمنافسة‪ ،‬تتنافى العضوية في لجنة التحكيم و العضوية‬
‫و‪/‬أو صفة مقرر في لجنة الصفقات العمومية مع العضوية في لجنة فتح األظرفة وتقييم‬
‫العروض‪ ،‬عندما يتعلق األمر بنفس الملف‪. 3‬‬
‫لقد أكد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬على الطابع الوقائي من الممارسات المنافية‬
‫للمنافسة بمنعه لكل مصلحة متعاقدة و لمدة أربع سنوات أن تمنح صفقة عمومية بأي شكل‬
‫من األشكال لموظفيها السابقين الذين توقفوا عن أداء مهامهم إال في الحاالت المنصوص‬
‫عليها في التشريع و التنظيم المعمول بهما‪.4‬‬
‫‪1‬‬
‫‪M.Mostapha Abdelkrim, op.cit, P28.‬‬
‫المادة ‪ ،04‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،64‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ ،66‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪70‬‬
‫إذا كان الموظف العمومي كما سلف الذكر الصورة البارزة لتبادل المعلومات فهذا ال‬
‫يعني إغفال المتعهدين الذين ساهموا بشكل أو بآخر في تبادل المعلومات حول الصفقة‬
‫العمومية فقد ألزمت المادة ‪ 76‬من تنظيم الصفقات العمومية كل متعهد باكتتاب التصريح‬
‫بالنزاهة الذي يلتزم بمقتضاه بعدم اللجوء إلى أي فعل أو مناورة ترمي إلى تسهيل أو تفضيل‬
‫دراسة عرضه على حساب المنافسة الشريفة‪ ،‬كما يلتزم بعدم اللجوء إلى كل فعل أو مناورة‬
‫من شأنها تقديم وعد لعون عمومي بمنح مكافأة أو امتياز بمناسبة تحضير صفقة أو إبرامها‬
‫أو تنفيذها‪.1‬‬
‫بغض النظر عن اآلليات الوقائية التي وضعها تنظيم الصفقات العمومية‪ 2‬من أجل‬
‫محاربة الممارسات المنافية للمنافسة‪ ،‬فقد عزز هذا األخير أحكامه في حال ثبوت حدوث‬
‫ممارسات منافية للمنافسة‪ ،‬أدت إلى رسو الصفقة على المتعامل المتعاقد الذي ساهم فيها‪،‬‬
‫بفسخ أو إلغاء الصفقة العمومية أو الملحق‪ ،3‬سالكا في ذلك منهج قانون المنافسة الذي‬
‫يبطل بموجب المادة ‪ 23‬منه كل التزام أو اتفاقية أو شرط تعاقدي يتعلق بإحدى الممارسات‬
‫المنافية للمنافسة ‪.‬‬
‫كما يعاقب تنظيم الصفقات العمومية المذكور أعاله المؤسسات المعنية بالممارسات‬
‫المنافية بالمنافسة‪ ،‬بتسجيلها في قائمة المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في‬
‫الصفقات العمومية‪.4‬‬

‫‪1‬جاء تفصيل مضمون التصريح بالنزاهة في القرار المؤرخ في‪ 46‬ديسمبر‪ 6045‬المحدد لنماذج رسالة التعهد و التصريح‬
‫باالكتتاب والتصريح بالنزاهة والتصريح بالترشح‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،42‬المؤرخة في ‪49‬مارس‪ ،6049‬ص‪.11-45‬‬
‫من بين الصور البارزة لتبادل المعلومات التي يلتجأ إليها المترشحين لنيل الصفقة العمومية هي إستعمالهم لوسيلة التجمع‬
‫من أجل جمع المعلومات‪.‬‬
‫لقد أقر مجلس المنافسة الفرنسي في ق ارره رقم ‪ 26-D-42‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬أفريل ‪ 1442‬بأن تبادل المعلومات في‬
‫إطار تجمع تعد مسموحة ما لم تمس بالمنافسة و يتحقق ذلك في حالة ما إذا كانت نية المؤسسات من تكوين مشروع‬
‫التجمع هو مجرد جمع للمعلومات ثم التخلي عن هذا التجمع و تكوين عروض فردية‪.‬‬
‫‪Bernard Michel Bloch, Codes des marchés publics commenté 2015, 14 édition,Berger-Levrault, Paris, 2015, p531.‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ، 612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫سابق‪.‬‬ ‫المادة ‪ ،26‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬مرجع‬ ‫‪3‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪71‬‬
‫ثانيا‪ -‬تقديم عروض تضليلية‬
‫بعد إعالن المنافسة يقوم المترشحون للصفقة العمومية بإيداع عروضهم في اآلجال‬
‫القانونية من أجل تقييمها الختيار المنافس الذي تتوفر فيه شروط تنفيذ الصفقة العمومية‪،‬‬
‫وفي هذا المجال نميز بين نوعين من العروض‪ ،‬فهناك من جهة عروض تهدف إلى التنافس‬
‫من أجل نيل الصفقة‪ ،‬ومن جهة أخرى تظهر لنا عروض تأتي خصيصا من أجل خلق‬
‫ممارسات مقيدة للمنافسة ‪.‬‬
‫من أهم العروض المقيدة للمنافسة توجد كل من العروض المقنعة ‪les offres de‬‬
‫‪ couverture‬والعروض االستكشافية "‪ " les offres de carte visite‬فبالنسبة للعروض‬
‫المقنعة‪ ،‬يقصد بها تلك العروض التي ال تتوفر على الشروط الفعلية للتباري من أجل نيل‬
‫صفقة‪ ،‬فهي تأتي لهدف إيهام المصلحة المتعاقدة بوجود منافسة‪ ،‬فإيداعها ما هو إال مجرد‬
‫إنشاء لتبادل المعلومات بين المؤسسات‪.1‬‬
‫من تم فإن العروض المقنعة تؤكد عدم تقديم المؤسسات المعنية للعرض االقتصادي‬
‫األفضل عن طريق عدم تحقيق إرضاء المصلحة المتعاقدة بعروضها فهدف هذا النوع من‬
‫العروض هو تقديم معلومات خاطئة من أجل خلق ممارسات مقيدة للمنافسة ومن جهة أخرى‬
‫يظهر العرض المقنع في شكل أخر والمتمثل في سحب مؤسسة متنافسة لعرضها ألجل ترك‬
‫المجال لمؤسسة متنافسة أخرى‪ ،‬وفي هذه الحالة تقوم المؤسسة التي فسح لها المجال باتفاق‬
‫مع نظريتها مقابل تعويضها عن ذلك‪.2‬‬
‫لقد عني المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬باالهتمام بهذا األمر بموجب المادة‪212‬‬
‫مكرر منه التي نصت على حالة تنازل متعامل اقتصادي على صفقة منحت قبل تبليغه‬
‫الصفقة أو رفضه استالم اإلشعار بتبليغ الصفقة‪ ،‬فإنه يمكن المصلحة المتعاقدة مواصلة‬
‫تقييم العروض الباقية مع مراعاة مبدأ حرية المنافسة ومتطلبات اختيار أحسن عرض من‬
‫حيث المزايا االقتصادية‪ ،‬ويمكن المصلحة المتعاقدة منع هذا المتعامل االقتصادي من التعهد‬
‫في صفقاتها لمدة ال تتجاوز سنة واحدة‪ ،‬كما يمكنها حجز كفالة التعهد‪ ،‬إذا اقتضى األمر‬

‫‪1‬‬
‫‪Mostapha Abdelkrim, op.cit, P30.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪MARTY Frédéric, Analyse économique du contentieux concurrentiel dans les marchés‬‬
‫‪d’électrification et d’éclairage public, "contrats publics", (CP-ACCP) n109, Avril2011, p8.‬‬

‫‪72‬‬
‫ذلك‪ ،‬بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬يالحظ تراجع المنظم عن معاقبة المتعامل‬
‫االقتصادي الذي تنازل عن الصفقة العمومية‪ ،‬واالكتفاء بإلغاء المنح المؤقت للصفقة مع بقاء‬
‫عرض المتعهد الذي تنازل عن الصفقة العمومية التي منحت له في ترتيب العروض و‬
‫مواصلة تقييم العروض الباقية‪ ،‬الشيء الذي سوف يؤدي إلى تشجيع التنازل عن الصفقات‬
‫من أجل المساس بالمنافسة و هو ما يستدعي تعديل المادة ‪ 60‬من المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 106-22‬و إعادة تشديد العقاب لهذا النوع من الممارسات‪.‬‬
‫تدارك القرار المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ 1422‬المحدد لكيفيات إقصاء المتعاملين‬
‫اإلقتصاديين من المشاركة في الصفقات العمومية بموجب المادة ‪ 0‬منه النقد الذي كان‬
‫موجها للمادة ‪ 60‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬بحيث تم إقرار عقوبة اإلقصاء‬
‫المؤقت والتلقائي لمدة ‪ 7‬أشهر للمتعامل اإلقتصادي المتنازل عن صفقة عمومية قبل نفاذ‬
‫آجال صالحية العروض‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعروض االستكشافية‪ ،‬فهي تلك العروض التي تودعها بعض المؤسسات‪،‬‬
‫والتي ال تهدف من خاللها للتنافس من أجل نيل الصفقة‪ ،‬بل تأتي من أجل التعرف على‬
‫‪1‬‬
‫إستراتيجية المشتري العمومي‪.‬‬
‫إن إيداع مثل هذه العروض يعرضها للرفض ألجل عدم توفرها على الشروط التي‬
‫تقتضيها الصفقة العمومية ويبقى االختيار منصبا على المؤسسات التي تحقق مثل هذه‬
‫الشروط‪ ،‬وعليه فإن إيداع مثل هذه العروض‪ ،‬ال يعاقب عليه إال إذا كان يستهدف تبادل‬
‫المعلومات بين المتنافسين المترشحين ولهذا الغرض فقد شددت المادة ‪ 00‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية على عدم إمكانية صاحب صفقة عمومية اطلع على بعض المعلومات‬
‫التي يمكن أن تمنحه امتيا از عند المشاركة في صفقة عمومية أخرى‪ ،‬المشاركة فيها إال إذا‬
‫أثبت أن المعلومات التي بحوزته ال تخل بمبدأ حرية المنافسة و في هذه الحالة يجب على‬
‫المصلحة المتعاقدة أن تثبت أن المعلومات المبلغة في دفتر الشروط تبقى على المساواة بين‬
‫المترشحين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mostapha Abdelkrim, op.cit, P31.‬‬

‫‪73‬‬
‫وأيا يكن فإن إيداع مثل هذه العروض المقنعة واالستكشافية تصب على إعطاء‬
‫معلومات خا طئة أو استغالل معلومات امتيازية من أجل نيل الصفقة العمومية بطرق منافية‬
‫للمنافسة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬تقديم أسعار منخفضة‬
‫يعتبر السعر العنصر المتحكم في المنافسة والمنسق لتحركات المؤسسات االقتصادية‬
‫لنيل الصفقة العمومية‪ ،‬وذلك بحسب طبيعة الخدمات المقدمة‪ ،‬وهو عملية تقدير قيمة السلعة‬
‫والتعبير عنها بعدد معين من وحدات النقود‪ ،‬ويتحدد الثمن في نظام السوق الحرة طبقا‬
‫لقواعد العرض والطلب‪.1‬‬
‫األصل في تحديد األسعار حريتها‪ ،‬اعتمادا على قواعد المنافسة‪ ،‬غير أن هناك الكثير‬
‫من يعمد إلى تخفيض األسعار من أجل االستحواذ على الصفقة العمومية‪.‬‬
‫تحظر المادة ‪ 21‬من األمر رقم ‪ 43-43‬المعدل و المتمم عرض أسعار أو ممارسة‬
‫أسعار منخفضة بشكل تعسفي مقارنة بتكاليف اإلنتاج والتحويل والتسويق‪ ،‬إذا كانت هذه‬
‫العروض أو الممارسات تهدف أو يمكن أن تؤدي إلى إبعاد مؤسسة أو عرقلة أحد منتوجاتها‬
‫من الدخول إلى السوق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إن تصنيف األسعار على أنها منخفضة تقوم على ثالثة عناصر رئيسية‪:‬‬
‫‪ -‬في مرحلة أولى فإن السعر موضوع النظر ال بد أن يكون سعر بيع المستهلك‪.‬‬
‫‪ -‬في مرحلة ثانية مستوى سعر المنتوج ليس بالحقيقي بالنظر إلى تكاليف اإلنتاج‬
‫والتحويل والتسويق‪.‬‬
‫‪ -‬في مرحلة ثالثة‪ ،‬السعر يعكس إرادة تقييد المنافسة‪.‬‬
‫خولت المادة ‪ 61‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬للجنة فتح األظرفة و تقييم‬
‫العروض‪ ،‬أن تطلب من المتعامل االقتصادي المختار مؤقتا عن طريق المصلحة المتعاقدة‬
‫في حالة ما إذا كان عرضه المالي منخفضا بشكل غير عادي بالنسبة لمرجع األسعار أن‬
‫يقدم التبريرات و التوضيحات التي تراها مالئمة‪ ،‬وبعد التحقق من هذه التبريرات المقدمة‬

‫لطاش نجية‪ ،‬مبدأ الشفافية في قانون المنافسة‪ ،‬مذكرة ماجيستر‪ ،‬فرع قانون أعمال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،04‬كلية الحقوق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫و‪.61‬‬ ‫السنة الجامعية ‪ ،6001-6001‬ص‪66‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Mostapha Abdelkrim, op.cit, P32.‬‬

‫‪74‬‬
‫تقترح على المصلحة المتعاقدة أن ترفض هذا العرض‪ ،‬إذا أقرت أن جواب المتعهد غير‬
‫مبرر من الناحية االقتصادية‪ ،‬و ترفض المصلحة المتعاقدة هذا العرض بمقرر معلل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الصفقات العمومية‬
‫نصت المادة ‪ 00‬من األمر رقم ‪ 43-43‬المعدل و المتمم‪ ،‬على نظر مجلس المنافسة‬
‫في الممارسات و األعمال المرفوعة إليه‪ ،‬والتي تدخل ضمن إطار تطبيق المادة ‪ 7‬من قانون‬
‫المنافسة‪ ،‬هذه األخيرة تمنع الممارسات المقيدة للمنافسة حينما تسمح بمنح صفقة عمومية‬
‫لفائدة أصحاب هذه الممارسات‪.‬‬
‫إن تدخل مجلس المنافسة بوصفه أصبح مختصا في مراقبة سالمة المنافسة في‬
‫الصفقات العمومية من الممارسات المقيدة لها في ظل التعديل الناتج عن القانون رقم ‪-47‬‬
‫‪ 21‬ال يكون بالشكل المطلق‪ ،1‬ذلك أن طبيعة قانون المنافسة الذي هو قانون اقتصادي‬
‫يطبق على نشاطات اإلنتاج والتوزيع والخدمات و االستيراد تتناقض مع طبيعة الصفقة‬
‫العمومية على اعتبارها عقدا إداريا بهدف إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬الشيء الذي يستدعي‬
‫التساؤل حول مجال اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بالصفقات‬
‫العمومية( فرع أول)‪ ،‬ليتم فيما بعد ذلك تحديد اإلجراءات المتبعة أمام هذا األخير في حالة‬
‫اختصاصه بنظر الصفقات العمومية (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مجال اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المقيدة للمنافسة المتعلقة‬
‫بالصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 1/1‬من األمر ‪ 43-43‬المعدل و المتمم الشروط التي ينبني عليها‬
‫اختصاص مجلس المنافسة في مادة الصفقات العمومية‪ ،‬والتي ينبغي أن ترتكز على‬
‫الممارسات المتعلقة بإجراء طلب العروض في مرحلة اإلبرام (أوال)‪ ،‬مع عدم إعاقة هذه‬
‫الممارسات لنشاط المرفق العام و أداء السلطة العامة (ثانيا)‪.‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪75‬‬
‫أوال‪ -‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بإجراء طلب العروض في‬
‫مرحلة اإلبرام‬
‫من المعلوم بأن إجراء طلب العروض جاء بموجب المرسوم الرئاسي رقم‪106-22‬‬
‫بعدما كان المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬ينص على إجراء المناقصة‪ ،‬هذا األخير أتت به‬
‫مقتضيات األمر ‪ 43-43‬المعدل و المتمم حينما نصت على ما يلي‪:‬‬
‫''تطبق أحكام هذا األمر على‪..........‬‬
‫الصفقات العمومية ابتداء من اإلعالن عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة‪.‬‬
‫غير أ ّنه يجب أالّ يعيق تطبيق هذه األحكام أداء مهام المرفق العام أو ممارسة صالحيات‬
‫السلطة العمومية‪".‬‬
‫فامتداد اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بإجراء المناقصة جاء في‬
‫ظل تنظيم الصفقات العمومية السابق‪ ،1‬وهو ما يستدعي تعديل مقتضيات األمر‪ 43-43‬بما‬
‫يتناسب مع تنظيم الصفقات العمومية الحالي‪.2‬‬
‫على كل حال‪ ،‬فالظاهر أن المادة ‪ 1‬من األمر المذكور أعاله قرنت إجراء المناقصة‬
‫أو كما هو مسمى حاليا طلب العروض (‪ )2‬بمرحلة إبرام الصفقة العمومية (‪.)1‬‬
‫‪-0‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بطلب العروض‬
‫إذا كان اختصاص لجان الصفقات العمومية في مرحلة اإلبرام يقوم على إجراء طلب‬
‫العروض و التراضي بعد االستشارة‪ ،‬فإن قانون المنافسة يحصر اختصاص مجلس المنافسة‬
‫في إجراء المناقصة (طلب العروض)‪ ،‬فهل هذا يعني بعدم وجود ممارسات مقيدة للمنافسة‬
‫في إجراء التراضي؟‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل البد من التعرض لتعريف كل إجراء الستطالع مالمح‬
‫المنافسة التي تمنح اختصاص مجلس المنافسة‪.‬‬
‫تطبيقا ألحكام المادة ‪ 30‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬يعد طلب العروض أهم‬
‫إجراء يتم به اختيار المتعامل المتعاقد باعتباره القاعدة العامة‪ ،‬ويبقى إجراء التراضي مجرد‬
‫استثناء عن القاعدة العامة‪.‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،619-40‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪76‬‬
‫جاء تعريف طلب العروض ضمن أحكام المادة ‪ 04‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-22‬‬
‫‪ 106‬كمايلي‪:‬‬
‫" إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص‬
‫الصفقة دون مفاوضات‪ ،‬للمتعهد الذي يقدم أحسن عرض من حيث المزايا االقتصادية‪،‬‬
‫استنادا إلى معايير اختيار موضوعية‪ ،‬تعد قبل إطالق اإلجراء"‪.‬‬
‫من أحكام النص أعاله يالحظ محافظة المنظم على تطبيق مبدأ التنافس بفتح باب‬
‫المشاركة أمام الجميع‪ ،‬وبذلك يكون قد تبنى مفهوم المنافسة الموجود في األمر رقم ‪43-43‬‬
‫بدقة‪ ،‬خاصة بعد استبداله لمصطلح المناقصة الذي كان في ظل المرسوم الرئاسي رقم ‪-24‬‬
‫‪ ،137‬بمصطلح أكثر تعبي ار عن المنافسة في تنظيم الصفقات العمومية الحالي‪ ،‬ذلك أن‬
‫المناقصة في الحقيقة تقوم على إرساء الصفقة على العطاء األقل سع ار‪ ،‬و يبقى فقط على‬
‫المشرع تعديل مصطلح المناقصة الموجود في قانون المنافسة إلى مصطلح طلب العروض‬
‫تماشيا مع المرسوم الرئاسي رقم‪.106-22‬‬
‫بغرض الحصول على أفضل العروض من جميع النواحي الفنية و المالية و التقنية‬
‫وحتى الجمالية‪ ،‬وضع المنظم أشكاال متعددة ألسلوب طلب العروض‪ ،‬كأسلوب أصلي يجب‬
‫على المصلحة المتعاقدة إتباعه الختيار المتعامل المتعاقد‪ ،‬محاوال بذلك إعطائها جانبا من‬
‫الحرية في إتباع الشكل و النمط المناسب لتحديد المتعاقد معها بما يتوافق و متطلبات‬
‫الصفقة المزمع إبرامها‪.1‬‬
‫حددت المادة ‪ 01‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬األشكال التي يتخذها طلب‬
‫العروض والتي تظهر في شكل طلب العروض المفتوح (أ)‪ ،‬أو في شكل طلب العروض‬
‫المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا (ب)‪ ،‬أو في شكل طلب العروض المحدود (ج)‪ ،‬وأخي ار في‬
‫شكل المسابقة(د)‪.‬‬
‫أ‪ -‬طلب العروض المفتوح‬
‫عرفت المادة ‪ 03‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬طلب العروض المفتوح كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫بن بشير وسيلة‪ ،‬ظاهرة الفساد اإلداري والمالي في مجال الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬ ‫‪1‬‬

‫الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041‬ص‪.410‬‬

‫‪77‬‬
‫"إجراء يمكن من خالله أي مترشح مؤهل أن يقدم تعهدا"‪.‬‬
‫إن األخذ بهذا األسلوب يسمح بفتح باب المنافسة‪ ،‬بحيث تتم إتاحة الفرصة لكل من‬
‫تتوافر فيه الشروط أن يتقدم بعطاء‪ ،‬فطلب العروض المفتوح هو الميدان الحقيقي لتطبيق‬
‫مبدأ المنافسة‪. 1‬‬
‫يمكن أن يكون طلب العروض المفتوح وطنيا‪ ،‬يقتصر على المتعاملين الوطنيين فقط‬
‫إذا كانت أداة اإلنتاج الوطنية قادرة على تلبية شروط الصفقة‪ ،‬كما يمكن أن يكون طلب‬
‫العروض المفتوح دوليا‪ ،‬تشارك فيه المؤسسات األجنبية إلى جانب المؤسسات الوطنية إذا‬
‫كانت طبيعة الصفقة تستلزم ذلك‪.2‬‬
‫ب‪ -‬طلب العروض المفتوح مع اشت ارط قدرات دنيا‬
‫يعرف طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا على أنه إجراء يسمح فيه لكل‬
‫المرشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة التي تحددها المصلحة المتعاقدة‬
‫مسبقا قبل إطالق اإلجراء‪ ،‬بتقديم تعهد‪ ،‬وال يتم انتقاء قبلي للمرشحين من طرف المصلحة‬
‫المتعاقدة‪ ،‬بمعنى أنه يجوز لإلدارة إذا تطلبت طبيعة الصفقة و أهميتها و تعقيدها‪ ،‬أن تضع‬
‫شروطا مؤهلة تتعلق بالقدرات التقنية و المالية و المهنية الضرورية لتنفيذ الصفقة‪.3‬‬
‫لعل المالحظ من تعريف المادة ‪ 00‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬والمتعلقة‬
‫بطلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا مؤهلة‪ ،‬أنه نفس التعريف الذي أتى به‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-24‬فيما يخص المناقصة المحدودة‪ ،‬وقد كان تنظيم الصفقات‬
‫العمومية الحالي أكثر دقة في صياغته للمصطلحات‪.‬‬
‫ج‪ -‬طلب العروض المحدود‬
‫هو إجراء الستشارة انتقائية يكون المرشحون الذين تم انتقاؤهم األولي من قبل‪ ،‬مدعوين‬
‫وحدهم لتقديم تعهد‪ ،‬ويجرى اللجوء إلى هذا اإلجراء عندما يتعلق األمر بالدراسات أو‬
‫بالعمليات المعقدة و‪/‬أو ذات األهمية الخاصة وقد حدد المرسوم الرئاسي رقم ‪106-22‬‬

‫بن بشير وسيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.414‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 12‬والمادة ‪ ،25‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،11‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪78‬‬
‫عددا معينا من المترشحين الذي يمكن للمصلحة المتعاقدة دعوتهم للمنافسة بخمسة منهم‬
‫كحد أقصى بعد انتقاء أولي‪ ،1‬مساي ار في ذلك العدد الذي وضعه المشرع الفرنسي‪.2‬‬
‫يفهم مما سبق بأن هذا النوع من المنافسة يكون على مرحلتين‪ ،‬مرحلة االنتقاء األولي‬
‫للمترشحين إذ تفتح المصلحة المتعاقدة المنافسة وهذا بعد أن تعلن عن الدعوة إلى انتقاء‬
‫أولي فتختار أحسن العارضين وأفضلهم‪ ،‬ثم تباشر المرحلة الثانية المتمثلة في االستشارة‬
‫االنتقائية‪ ،‬لتختار أكفأ عرض من بين العارضين الذين تم تأهيلهم‪ ،‬و بالرغم من مرور هذا‬
‫الصنف من المنافسة بمرحلتين إال انه تطبق عليه جميع مراحل إجراء طلب العروض‪.3‬‬
‫د‪-‬المسابقة‬
‫هي إجراء يضع رجال الفن في منافسة‪ ،‬الختيار مخطط أو مشروع مصمم‪ ،‬استجابة‬
‫لبرنامج أعده صاحب المشروع قصد إنجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو‬
‫جمالية أو فنية خاصة‪ ،‬قبل منح الصفقة ألحد الفائزين بالمسابقة‪.4‬‬
‫يثير مصطلح "رجال " الوارد في المادة ‪ 06‬من المرسوم الرئاسي ‪ 106-22‬إشكالية‬
‫مفادها هل قصر النص أسلوب المسابقة على األشخاص الطبيعية دون سواهم؟ فال شك أن‬
‫هذا المفهوم الضيق يتعارض مع عدة أحكام كثيرة من المرسوم ذاته‪ ،‬خاصة المادة ‪ 36‬من‬
‫المرسوم نفسه و التي اعتبرت إمكانية أن يكون المتعامل المتعاقد شخصا أو عدة أشخاص‬
‫طبيعيين أو معنويين‪ ،‬و بالتا لي لما كانت المسابقة شكال من أشكال طلب العروض فلماذا تم‬
‫استبعاد األشخاص المعنوية من المنافسة؟‪.5‬‬
‫وعليه كان البد من تعديل نص المادة ليضم األشخاص المعنوية ضمن مجال تطبيقه‪.‬‬
‫مما تقدم يتضح بأن تنظيم الصفقات العمومية حين اعتباره إلجراء طلب العروض على‬
‫أنه األصل في إبرام الصفقات العمومية نظ ار ألنه إجراء يفتح المنافسة أمام المترشحين لها‬
‫بغض النظر عن األشكال التي يتخذها هذا اإلجراء بحسب طبيعة الصفقة العمومية‪ ،‬ولهذا‬

‫المادة ‪ ،15‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪2‬‬

‫بن بشير وسيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.416‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ ،12‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪.60‬‬ ‫تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪،6041‬‬

‫‪79‬‬
‫يفهم سبب تضمين المادة ‪ 1‬من األمر رقم ‪ 43-43‬في أحكامها إلجراء طلب العروض‬
‫دون إجراء التراضي الذي يبقى االستثناء عن القاعدة العامة و هو ما أكدته المادة ‪ 02‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬في تعريفها إلجراء التراضي على النحو التالي‪:‬‬
‫"التراضي هو إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية إلى‬
‫المنافسة و يمكن أن يكتسي التراضي شكل التراضي البسيط أو شكل التراضي بعد‬
‫االستشارة ‪"..‬‬
‫بالرغم من أن التراضي ال تقيد فيه اإلدارة بإجراء التنافس كما هو الحال عليه بالنسبة‬
‫إلجراء طلب العروض‪ ،‬لكن هل يمكن الجزم بعدم وجود ممارسات مقيدة يمكن أن تمسه؟‬
‫في هذا المجال يجيب األستاذ الدكتور شريف بناجي في مقاله الصادر عن مجلة النقد‬
‫إلى القول بأن التراضي بعد االستشارة يمكن اعتباره شكال من أشكال طلب العروض كونه‬
‫يحتوي على االستشارة‪ ،‬ومن أشكال طلب العروض نجد االستشارة االنتقائية‪ ،‬لذلك يمكن‬
‫اعتباره ‪.1un faux gré a gré‬‬
‫ما يؤكد قول األستاذ الدكتور شريف بناجي أن المادة ‪ 72‬من المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 106-22‬تلزم اللجوء إلى اإلشهار الصحفي في حالة طلب العروض بمختلف أشكاله‪ ،‬وفي‬
‫حالة التراضي بعد االستشارة عند االقتضاء ‪.‬‬
‫من المعلوم أنه في الغالب ما تلجأ المصلحة المتعاقدة للتراضي بعد االستشارة في حالة‬
‫إعالن عدم جدوى طلب العروض للمرة الثانية‪ ،2‬فتستشير المؤسسات التي شاركت في طلب‬
‫العروض برسالة استشارة‪ ،‬وبنفس الشروط باستثناء األحكام الخاصة بطلب العروض‪ ،‬ويكون‬
‫لجؤوها إلى اإلشهار الصحفي اإلزاميا في حالة ما إذا قررت المصلحة المتعاقدة استشارة‬
‫مؤسسات لم تشارك في طلب العروض‪ ،‬فإنه يجب عليها نشر إعالن االستشارة حسب ما‬
‫ينص عليه تنظيم الصفقات العمومية‪ ،3‬وهو ما يؤكد على توسيع مجال المنافسة وفي نفس‬
‫الوقت تطرح فكرة هامة جاءت بها المادة ‪ 7‬من األمر ‪ 43-43‬التي تحظر الممارسات‬
‫المقيدة للمنافسة التي تسمح بمنح صفقة عمومية لفائدة أصحاب هذه الممارسات‪ ،‬بحيث‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،54‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،56‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪80‬‬
‫أن المادة ‪ 7‬لم تحدد طريقة اإلبرام‪ ،‬لكنها أكدت على منعها للممارسات المقيدة للمنافسة أيا‬
‫كانت طريقة اإلبرام‪ ،‬و بعبارة أخرى إمكانية حدوث ممارسات مقيدة للمنافسة بشان إجراء‬
‫التراضي‪ ،‬الشيء الذي يخلق نوعا من الغموض ما بين كل من المادة ‪ 1‬و المادة ‪ 7‬من‬
‫قانون المنافسة‪ ،‬وهو ما يستدعي من المشرع إيالء أهمية أكبر للصفقات العمومية نظ ار‬
‫لخصوصيتها‪ ،‬فإذا كان المشرع أثبت التداخل الموجود بين قانون الصفقات العمومية وقانون‬
‫المنافسة‪ ،‬إال أنه أظهر مشكلة أخرى تتعلق بمجال اختصاص مجلس المنافسة‪ ،‬فمن جهة‬
‫وطبقا للمادة ‪ 00‬من قانون المنافسة يمنح لمجلس المنافسة النظر في الممارسات التي‬
‫تخص المادة ‪ 7‬من نفس القانون‪ ،‬و من جهة أخرى يحد مجال تطبيق قانون المنافسة بإجراء‬
‫المناقصة ( طلب العروض حاليا) من خالل المادة ‪ 1‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪-2‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بمرحلة اإلبرام‬
‫حددت المادة ‪ 1‬من األمر رقم ‪ 43-43‬المجال الزمني الذي يختص مجلس المنافسة‬
‫بنظره في مادة الصفقات العمومية والمتمثل في مرحلة اإلبرام‪ ،‬ويبدو هذا الشرط متعلقا‬
‫بمجال المنافسة الذي يكون متوف ار فقط في هذه المرحلة‪ ،‬و بمجرد نيل الصفقة يتوقف هذا‬
‫التنافس ليشرع المتعامل المتعاقد الفائز بالصفقة بتنفيذها‪.‬‬
‫من المظاهر المكرسة للتنافس في مرحلة اإلبرام نجد عالنية المعلومات المتعلقة‬
‫بالصفقة العمومية على طول المدة التي تمر بها عملية إجراءات إبرام الصفقة العمومية‬
‫ابتداء من اإلشهار مرو ار بفتح األظرف إلى غاية اختيار المتعامل المتعاقد‪ 1‬وهو ما أكدته‬
‫المادة المذكورة أعاله حينما قصرت مجال تطبيقها ما بين إعالن طلب العروض إلى غاية‬
‫المنح النهائي للصفقة‪.‬‬
‫من المعلوم أن عملية إبرام الصفقات العمومية تمر عبر عدة مراحل تتمثل في كل من‪:‬‬
‫*إعداد دفتر الشروط‬
‫*إحالة دفتر الشروط على لجنة الصفقات المعنية للمصادقة عليه‬
‫*مرحلة اإلعالن في الجرائد و نشر الصفقات العمومية‬
‫*مرحلة إيداع العروض‬
‫*مرحلة فتح األظرفة و دراسة العطاءات‬

‫تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪81‬‬
‫*مرحلة اإلعالن عن المنح المؤقت للصفقة‬
‫*مرحلة المنح النهائي للصفقة‬
‫غير أن قانون المنافسة بموجب المادة ‪ 1‬منه حدد مجال تدخل مجلس المنافسة منذ‬
‫اإلعالن على الصفقة إلى غاية المنح النهائي للصفقة‪ ،‬و هنا يطرح السؤال التالي‪ :‬لماذا لم‬
‫تشمل رقابة مجلس المنافسة مرحلة إعداد دفتر الشروط على اعتبار أن هذه المرحلة لها‬
‫وثيق الصلة بمبدأ المنافسة ذلك أنه في بعض الصفقات تستطيع اإلدارة أن تفرض بعض‬
‫الشروط التي من شأنها أن تقصي متعاملين ِخدمة لمتعاملين آخرين و هو ما أكدته المادة‬
‫‪ 67‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬حينما ألزمت المصلحة المتعاقدة أن تكون معايير‬
‫اختيارها للمتعامل المتعاقد غير تمييزية و طبقا للمادة ‪ 16‬من نفس المرسوم فيجب على‬
‫المصلحة المتعاقدة حين تحديدها لحاجياتها أن ال تكون المواصفات موجهة نحو منتوج أو‬
‫متعامل اقتصادي محدد و من هنا كان على المشرع واجب إخضاع مرحلة إعداد دفتر‬
‫الشروط لقانون المنافسة‪ ،‬تكريسا للمبادئ التي تقوم عليها الصفقة العمومية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات التي ال تعيق أداء مهام المرفق العام‬
‫أو ممارسة صالحيات السلطة العامة‬
‫يشترط لخضوع أي نشاط لمجال تطبيق قانون المنافسة أن يتوفر فيه المعيار‬
‫االقتصادي‪ ،‬وفي هذا المجال فإن قراءة تنظيم الصفقات العمومية بتأن يظهر استعمال هذا‬
‫األخير لعدة مصطلحات تفيد المعنى االقتصادي‪ ،‬فالمادة ‪ 67‬تلزم المصلحة المتعاقدة حين‬
‫اختيارها للمتعامل المتعاقد معها بأن يقع على أحسن عرض من حيث المزايا االقتصادية‪،‬‬
‫أما المادة ‪ 32‬فإنها تجبر المصلحة المتعاقدة حين لجوئها للتحصيص أن تراعي المزايا‬
‫االقتصادية التي توفرها العملية‪ ،‬انطالقا من ذلك هل يؤدي هذا األمر للسماح لمجلس‬
‫المنافسة بالنظر في مادة الصفقات العمومية؟‪.‬‬
‫إن اإلجابة على هذا التساؤل يعتمد على العودة إلى قانون المنافسة‪ 1‬لتحديد مدلول‬
‫النشاطات االقتصادية‪ ،‬وبالتالي تحديد مدى خضوع الصفقة العمومية لمراقبة مجلس‬
‫المنافسة‪.‬‬

‫سابق‪.‬‬ ‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 01-01‬المعدل و المتمم‪ ،‬مرجع‬

‫‪82‬‬
‫األصل أن الصفقة العمومية هي عقد إداري يكون أحد طرفيه إدارة ممثلة في شخص‬
‫الشخص العمومي‪ ،‬وهو ما يخيل وألول لحظة بالقول بعدم خضوع الصفقة العمومية لقانون‬
‫المنافسة نظ ار للشخص العمومي الذي يكونها‪ ،‬والذي ال طالما تميز بخصائص تبعده عن‬
‫مجال المنافسة‪ ،‬غير أن تطور قانون المنافسة نظ ار لتطور وظائف الشخص العام نفسه عبر‬
‫السنوات أدى إلى توسيع مجال تطبيق قانون المنافسة ليشمل كل من الشخص الطبيعي و‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬فالمادة ‪ 43‬من األمر ‪ 43-43‬المتضمن قانون المنافسة المعدل و‬
‫المتمم تشير إلى أن األشخاص الخاضعة لقانون المنافسة تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫" المؤسسة كل شخص طبيعي أو معنوي أيا كانت طبيعته يمارس بصفة دائمة‬
‫نشاطات اإلنتاج أو التوزيع أو الخدمات أو االستيراد"‪.‬‬
‫طبقا للمعيار العضوي فإن الممارسات المنافية للمنافسة يمكن أن تصدر من‬
‫المؤسسات المتنافسة المتقدمة لنيل الطلبات العمومية أو تصدر من اإلدارة المتعاقدة صاحبة‬
‫المشروع‪.‬‬
‫غير أن المادة أعاله التكتفي بالمعيار العضوي‪ ،‬بل تكمله بمعيار مادي يحدد النشاط‬
‫االقتصادي والذي يجب أن يكون من ضمن النشاطات المتعلقة باإلنتاج أو التوزيع أو‬
‫الخدمات أو االستيراد‪ ،‬ومنه كل شخص دون إعطاء أهمية لصفته ولنظامه القانوني يخضع‬
‫ألحكام قانون المنافسة بممارسته للنشاط االقتصادي ‪.‬‬
‫أكد مجلس المنافسة الجزائري في قرار صادر له بتاريخ ‪26‬أكتوبر ‪ 2000‬على‬
‫المعيار المادي لخضوع أي نشاط لقانون المنافسة‪ ،‬بحيث رأى أن مسالة تطبيق األمر ‪-02‬‬
‫‪ 47‬السيما المادة ‪ 41‬منه على القرار الذي اتخذه ممثل المصلحة المتعاقدة بعد فتح‬
‫األظرفة‪ ،‬والمتعلق بمنح صفقة عمومية ألحد المتعهدين يعتبر ق ار ار إداريا‪ ،‬ال يخضع لمراقبة‬
‫واختصاص المجلس‪ ،‬ألن اختصاصه يتحدد بطبيعة الممارسات المرتكبة‪ ،‬والتي يجب أن‬
‫تكون طبقا للمادتين ‪ 7‬و‪ 6‬من األمر ‪ 47-02‬معاينة بمناسبة ممارسة نشاطات اإلنتاج‪،‬‬
‫التوزيع والخدمات‪ ،‬وبما أن األمر يتعلق باختيار سلطة عامة لمؤسسة إلنجاز طلبات‬
‫عمومية وتدخلت بصفتها طالبة في سوق إنجاز أشغال البناء‪ ،‬وبالتالي فإن منح الصفقة ال‬

‫‪83‬‬
‫يعد فعل إنتاج‪ ،‬توزيع أو خدمات‪ ،‬واستخلص المجلس بالقول أن تطبيق المادة ‪ 41‬من األمر‬
‫رقم ‪ 47-02‬على األشخاص العامة يتوقف على ممارسة وظيفة اقتصادية‪.1‬‬
‫في الحقيقة فإنه من الصعب تحديد النشاط االقتصادي في حالة ما إذا صدر عن‬
‫المصلحة المتعاقدة التي تستعمل تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬ولهذا يرى مجلس المنافسة‬
‫الفرنسي بأن ال معيار المحدد لخضوع الصفقات العمومية لمجلس المنافسة يتحدد بصفة‬
‫المصلحة المتعاقدة إذا ما تصرفت بوصفها طالبا وسيطا أو طالب اقتصادي نهائي‪ ،‬فقانون‬
‫المنافسة يطبق على الطالب الوسيط‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للممارسات التي تصدر في إطار أداء مهام المرفق العام أو استعمال‬
‫صالحيات السلطة العامة‪ ،‬فيختص القضاء اإلداري طبقا للمادة ‪ 007‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية و التي سوف يتم تبيانها الحقا في الباب الثاني المتعلق بتسوية النزاعات‬
‫القضائية‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم يتضح أنه إذا كان أساس اختصاص مجلس المنافسة منصبا على‬
‫مدى ممارسة الشخص العام لصالحيات السلطة العامة‪ ،‬أو أداء مهام المرفق العام فيفهم من‬
‫ذلك سبب اقتصار مجال تطبيق قانون المنافسة على مرحلة اإلبرام دون مرحلة التنفيذ‪ ،‬ذلك‬
‫أن هذ ه األخيرة تمتاز بإظهار اإلدارة لسلطتها العامة من خالل الفسخ أو التعديل أو توقيع‬
‫العقوبات على المتعامل المتعاقد‪ ،‬زيادة على ذلك فإن عدم اختصاص مجلس المنافسة‬
‫بمرحلة إعداد دفتر الشروط ناجم عن عالقة هذا األخير بممارسة اإلدارة لصالحيات‬
‫السلطةالعامة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام مجلس المنافسة ألجل النظر في الممارسات المقيدة‬
‫للمنافسة في مادة الصفقات العمومية‬
‫يتميز مجلس المنافسة مثله مثل الهيئات القضائية ال سيما مجلس الدولة بحرية اختيار‬
‫أصحاب الشأن في اللجوء إلى رفع المسألة عليه أو عرضها مباشرة على القضاء‪ ،‬إذ ليس‬
‫هناك في قانون المنافسة ما يجبر المتضرر من االلتزام بعرض المشكل أمام مجلس‬
‫المنافسة‪ ،‬و هوما يستنتج من نص المادة ‪ 07‬من األمر ‪ 43/43‬غير أنه إذا اختار الضحية‬

‫محمد الشريف كتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪84‬‬
‫رفع األمر إلى مجلس المنافسة‪ ،‬فإنه يلتزم بـ"اإلخطار"على اختالف صوره وأشكاله‪ ،‬تبعا لمن‬
‫يصدر عنه اإلخطار‪ (1‬أوال)‪ ،‬وفي حالة توفر شروط اإلخطار يتخذ مجلس المنافسة الق اررات‬
‫المناسبة( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬شروط رفع اإلخطار أمام مجلس المنافسة‬
‫إن اإلدعاء أمام مجلس المنافسة ال يختلف عن اإلدعاء أمام الجهات القضائية‪ ،‬على‬
‫األقل في جوهره‪ ،‬حيث يجب أن تتوافر في المدعي أمام المجلس الشروط العامة لرفع‬
‫الدعوى أمام القضاء‪ ،‬خاصة ما يتعلق منها باألهلية و الصفة و المصلحة‪ ،2‬وبالعودة إلى‬
‫المادة ‪ 00‬من األمر ‪ 43-43‬المتعلق بالمنافسة تظهر الكيفية التي يتم بها اإلخطار والتي‬
‫تتنوع بحسب األشخاص التي تقوم به‪ ،‬فإما أن يخطر المجلس من تلقاء نفسه وهو ما يعرف‬
‫باإلخطار التلقائي‪ ،‬أو أن يتم هذا اإلخطار من قبل الوزير المكلف بالتجارة (اإلخطار‬
‫الوزاري)‪ ،‬كما يمكن لكل مؤسسة لحقها ضرر من جراء إخالل مؤسسة أخرى بالمنافسة الحق‬
‫في إخطار مجلس المنافسة‪ ،‬يضاف إلى ذلك تمكين كل من الجماعات المحلية‪ ،‬والهيئات‬
‫االقتصادية والمالية والمؤسسات والجمعيات المهنية والنقابية وكذا جمعيات حماية‬
‫المستهلكين‪ ،‬إذا كانت لها مصلحة في ذلك‪ ،‬من إخطار مجلس المنافسة‪.‬‬
‫إن الوقوف على تحليل المادة ‪ 2/00‬من األمر ‪ 43-43‬يستنتج منه ضرورة توافر‬
‫شرطين رئيسيين لصحة اإلخطار‪ ،‬أال وهما الصفة التي تعد من الشكليات الجوهرية لتحريك‬
‫اإلجراءات وكذا المصلحة التي تتراوح ما بين مصلحة شخصية أو مصلحة عامة بحسب‬
‫طبيعة الشخص المخطر ‪.‬‬
‫حيث يستلزم أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة وكذا مشروعة بالنسبة للمؤسسات‬
‫المتضررة من الممارسات المنافية للمنافسة‪ ،‬فال يمكن ألي شخص‪ ،‬سواء كان طبيعيا أو‬
‫معنويا‪ ،‬أن يتقدم بإخطار أمام مجلس المنافسة محتجا بحماية مصلحة ليست شخصية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وغير مباشرة‪ ،‬وغير مشروعة‪.‬‬

‫ديباش سهيلة‪ ،‬مجلس الدولة و مجلس المنافسة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫الجامعية ‪ ، 6040-6006‬ص‪.624‬‬
‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪2‬‬

‫بن طاوس إيمان‪ ،‬مسؤولية العون االقتصادي في ضوء األمر ‪ 43-43‬المتعلق بالمنافسة‪ ،‬مذكرة ماجيستر فرع قانون‬ ‫‪3‬‬

‫األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،1440 ،‬ص‪ 07‬و‪.00‬‬

‫‪85‬‬
‫أما بالنسبة لباقي الهيئات المذكورة في المادة ‪ 00‬من األمر ‪ ،43-43‬فيتميز اإلخطار‬
‫الذي تقوم عليه بتحقيقه للمصلحة العامة ذلك أنها تعمد في مختلف نشاطاتها إلى استهداف‬
‫ذلك‪ ،1‬غير أن التساؤل الذي يطرح بصدد هذا النوع من اإلخطار يتعلق بكيفية علم الهيئات‬
‫المذكورة أعاله بالممارسات المنافية للمنافسة في مجال الصفقات العمومية؟‪.‬‬
‫لقد أوجد تنظيم الصفقات العمومية اآلليات التي تسمح لكل من الوزير المكلف بالتجارة‬
‫و الجماعات المحلية بإخطار مجلس المنافسة إذ تضم لجان الصفقات العمومية ممثلين عن‬
‫وزير التجارة و كذا الجماعات اإلقليمية‪.2‬‬
‫أما بالنسبة لإلخطار التلقائي لمجلس المنافسة فيكون في حالة وجود معلومات كافية‬
‫حول ممارسة مقيدة للمنافسة تدخل في اختصاص المجلس و لم يتلق إخطار من األطراف‬
‫األخرى ‪ ،‬أو في حالة رفض عريضة قدمت إليه بسبب عدم توفرها على عناصر إثبات مقنعة‬
‫أو ينقصها أحد العناصر الشكلية الواجب توافرها و يخشى أن تفلت من المتابعة فيلجأ إلى‬
‫هذا النوع من اإلخطار‪.3‬‬
‫في حين أن اإلخطار المقدم من قبل الجمعيات المهنية و النقابية و كذا جمعيات‬
‫حماية المستهلكين‪ ،‬ينجم عن لجوء األفراد إليها في حالة ما إذا تم المساس بمصالحهم‪،‬‬
‫فتلعب الجمعيات المذكورة أعاله دور الوسيط‪.‬‬
‫ومهما كانت الهيئة المخطرة لمجلس المنافسة‪ ،‬فإن إخطارها ال يكتمل إن لم يستوف‬
‫اإلجراءات الشكلية المحددة قانونا‪ ،4‬وفي هذا الصدد لم يحدد قانون المنافسة الشكل الذي‬
‫يظهر فيه اإلخطار لكن تم تنظيم هذا األخير بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 00-07‬المحدد‬
‫للنظام الداخلي لمجلس المنافسة ‪.‬‬

‫ديباش سهيلة‪ ،‬مجلس الدولة و مجلس المنافسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪621‬‬ ‫‪1‬‬

‫سابق‪.‬‬ ‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع‬ ‫‪2‬‬

‫متيش نوال‪ ،‬الرقابة في مجال المنافسة في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪،4‬‬ ‫‪3‬‬

‫كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041-6041‬ص‪.25‬‬


‫بوجميل عادل‪ ،‬مسؤولية العون االقتصادي عن الممارسات المقيدة للمنافسة في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬ ‫‪4‬‬

‫القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6046‬ص‪.444‬‬

‫‪86‬‬
‫يتميز شكل اإلخطار المقدم إلى مجلس المنافسة بشبهه الكبير للشكل الذي تقدم فيه‬
‫الدعوى اإلدارية أمام الجهات القضائية اإلدارية‪ ،‬إذ يشترط في اإلخطار أن يكون مكتوبا ‪،1‬‬
‫كما يتعين أن يحمل بيانات تحدد هوية المخطر طبقا لنص المادة المادة ‪ 27‬فقرة ‪ 0‬من‬
‫النظام الداخلي لمجلس المنافسة‪ ،‬حيث جاء فيها ‪« :‬وتبين العريضة عندما يكون العارض‬
‫شخصا طبيعيا‪ ،‬اسمه‪ ،‬لقبه‪ ،‬مهنته وموطنه‪ ،‬وعندما يكون العارض شخصا معنويا‪،‬‬
‫تسميته‪ ،‬وشكله ومقره والجهاز الذي يمثله»‪.‬‬
‫لكن وجه االختالف الذي يميز عريضة اإلخطار عن عريضة الدعوى اإلدارية هو‬
‫اقتصار المادة ‪ 27‬على ضرورة توافر هذه البيانات بالنسبة للمخطر‪ ،‬فكان من األولى‬
‫اشتراط توافر هذه البيانات أيضا فيمن يتهم بالممارسات المنافية للمنافسة‪ ،‬مادام القرار الذي‬
‫يتخذه مجلس المنافسة يصدر في حقه‪.2‬‬
‫إن تخلف الشروط المذكورة أعاله و إن كان سببا لعدم قبول اإلدعاء فهو ليس السبب‬
‫الوحيد‪ ،‬بل هناك أسباب أخرى أشارت إليها أحكام أخرى من األمر رقم ‪ ،43-43‬تنصب‬
‫حول موضوع اإلخطار‪ ،‬جاء بها نص المادة ‪ 00‬من األمر ‪ 43-43‬كما يلي‪:‬‬
‫"يمكن أن يصرح المجلس بموجب قرار معلل بعدم قبول اإلخطار إذا ما ارتأى أن‬
‫الوقائع المذكورة ال تدخل ضمن اختصاصاته أوغير مدعمة بعناصر مقنعة بما فيه‬
‫الكفاية"‪.‬‬
‫كما يمكن لمجلس المنافسة رفض اإلخطار في حالة تقادم الدعوى‪ ،‬أما في حالة ما إذا‬
‫توفرت كافة الشروط المتعلقة باإلخطار يتخذ الق اررات المناسبة ‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬ق اررات مجلس المنافسة‬
‫بموجب المادة ‪ 30‬من األمر رقم ‪ 43-43‬فإن مجلس المنافسة يتمتع بسلطة اتخاذ‬
‫القرار و االقتراح و إبداء الرأي بمبادرة منه بطلب من الوزير المكلف بالتجارة أو كل طرف‬
‫آخر معني في أي مسألة أو أي عمل أو تدبير من شأنه ضمان السير الحسن للمنافسة‬

‫المادة ‪ ،45‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 00-07‬المؤرخ في ‪ 2007/42/26‬المحدد للنظام الداخلي لمجلس المنافسة‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪1‬‬

‫الرسمية عدد‪ ،2‬المؤرخة في ‪ ،2007/42/12‬ص‪.7-0‬‬


‫ديباش سهيلة‪ ،‬مجلس الدولة و مجلس المنافسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.629‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪87‬‬
‫إن أهم القرارات المتخذة من قبل مجلس المنافسة‪ ،‬تتنوع بحسب المادة ‪ 00‬من األمر‬
‫رقم ‪ 43-43‬إلى ق اررات صادرة بشأن الممارسات المقيدة للمنافسة (‪ )0‬وق اررات صادرة بشأن‬
‫التجميعات االقتصادية(‪.)2‬‬
‫‪ – 0‬الق اررات المتخذة بشأن الممارسات المقيدة للمنافسة‬
‫يمكن تصنيفها بحسب المراحل التي تمر بها الممارسات المقيدة للمنافسة إلى ق اررات‬
‫تتخذ بصدد التحقيق في الممارسات المقيدة للمنافسة‪ ،‬وتهدف إلى اتخاذ تدابير مؤقتة (أ)‪،‬‬
‫وق اررات تهدف إلى قمع الممارسات المقيدة للمنافسة في حالة وقوعها وتأتي في صورة‬
‫أوامر(ب)‪ ،‬إلى جانب سلطة مجلس المنافسة في توقيع العقوبات المالية (ج)‪.‬‬
‫أ‪-‬اتخاذ التدابير المؤقتة‬
‫يقوم مجلس المنافسة وهو بصدد إدعاء مقدم إليه بالتحقيق في موضوع اإلدعاء‪ ،‬وهذا‬
‫طبعا بعد الوصول إلى قبول اإلدعاء مبدئيا في حالة عدم توافر سبب من أسباب القبول التي‬
‫تم ذكرها سابقا‪ ،‬غير انه في بعض األحيان تضطر ظروف الحال مجلس المنافسة وقبل‬
‫الوصول إلى اتخاذ القرار المناسب في القضية‪ ،‬اتخاذ بعض التدابير األولية كحل وقائي‬
‫يمنع تفاقم المخالفة‪ ،1‬ولهذا يملك مجلس المنافسة سلطة اتخاذ التدابير المؤقتة‪ ،‬حيث تنص‬
‫المادة ‪ 07‬من األمر ‪ 43-43‬على ما يلي‪:‬‬
‫"يمكن مجلس المنافسة‪ ،‬بطلب من المدعي أو من الوزير المكلف بالتجارة‪ ،‬اتخاذ‬
‫التدابير مؤقتة للحد من الممارسات المقيدة للمنافسة موضوع التحقيق‪ ،‬إذا اقتضت ذلك‬
‫الظروف المستعجلة لتفادي وقوع ضرر محدق غير ممكن إصالحه‪ ،‬لفائدة المؤسسات‬
‫التي تأثرت مصالحها من جراء هذه الممارسات أو عند اإلضرار بالمصلحة االقتصادية‬
‫العامة‪".‬‬
‫يستنج من المادة المذكورة أعاله أن اتخاذ التدابير المؤقتة يكون نتيجة توفر الشروط‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬قبول اإلخطار شكال و موضوعا‪ ،‬باعتبار أن طلب اإلجراءات التحفظية ال يمكن أن‬
‫يقدم إال بصفة تبعية لإلخطار‪ ،‬وهذا يعني أن الطلب مذكور إما في عريضة أو مرفوقا بها‪،‬‬
‫أو أن يتم تقديمه بصفة مستقلة لكن نتيجة لإلخطار المقدم‪.1‬‬
‫‪ -‬توافر حالة االستعجال‪ ،‬و في هذا المجال يتبين بان المشرع أخذ بمعيار الضرر‬
‫المحتمل الذي عبر عنه بالضرر المحدق و ليس بالضرر الواقع‪ ،‬إذ أن هذا األمر يتعلق‬
‫‪2‬‬
‫الذي يصعب فيما بعد إصالحه أو إرجاعه إلى الحالة التي كان‬ ‫بتفادي الضرر الوشيك‬
‫عليها من قبل‪. 3‬‬
‫‪ -‬تأخذ التدابير المتخذة من قبل مجلس المنافسة الطابع المؤقت إلى غاية فصل هذا‬
‫األخير في الموضوع‪.‬‬
‫ب‪-‬إصدار األوامر‬
‫يملك مجلس المنافسة سلطة اتخاذ األوامر المعللة بهدف وقف و قمع الممارسات‬
‫المقيدة للمنافسة‪ ،‬ولهذا الغرض فقد عنيت المادة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ 43-43‬بتنظيم ذلك‪،‬‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫" يتخذ مجلس المنافسة أوامر معللة ترمي إلى وضع حد للممارسات المعاينة المقيدة‬
‫للمنافسة عندما تكون العرائض و الملفات المرفوعة إليه أو التي يبادر هو بها من‬
‫اختصاصه‪".‬‬
‫على عكس التدابير المؤقتة‪ ،‬تتخذ األوامر المعللة الطابع الدائم‪ ،‬بحيث تهدف إلى‬
‫وقف و إزالة األفعال التي ثبت للمجلس تقييدها للمنافسة‪ ،‬وقد تتخذ األوامر الطابع السلبي‬
‫كما تتخذ الطابع اإليجابي‪ ،‬فبالنسبة لألوامر ذات الطابع السلبي تظهر في شكل االمتناع‬
‫عن إتيان ممارسة معينة أو الكف عنها‪ ،‬أما بالنسبة لألوامر ذات الطابع اإليجابي فتأتي في‬
‫صورة اتخاذ إجراءات معينة تتميز بالطابع القهري‪ ،‬كأن يكون موضوعها الطلب من‬
‫األطراف تعديل التصرفات القانونية التي ارتكبت بواسطتها الممارسات المنافية للمنافسة ‪.4‬‬

‫كحال سلمى‪ ،‬مجلس المنافسة وضبط النشاط االقتصادي‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة أحمد بوقرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫بومرداس‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6006‬ص‪.415‬‬


‫صياد ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫بوجميل عادل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.460‬‬ ‫‪3‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.464‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪89‬‬
‫ج‪-‬العقوبات‬
‫خول األمر رقم ‪ 43-43‬لمجلس المنافسة سلطة توقيع العقوبات على المرتكبين‬
‫للممارسات المقيدة للمنافسة‪ ،‬وتتنوع هذه العقوبات ما بين عقوبات ناجمة عن عدم تطبيق‬
‫التدابير المؤقتة و األوامر المتخذة من قبل مجلس المنافسة (ج‪ )2.‬و عقوبات تتعلق بارتكاب‬
‫الممارسات المقيدة للمنافسة(ج‪)1.‬‬
‫ج‪-0.‬العقوبات الناجمة عن عدم تطبيق التدابير المؤقتة و األوامر المتخذة من قبل‬
‫مجلس المنافسة‬
‫بينت المادة ‪ 27‬من األمر رقم ‪ 43-43‬العقوبة الواجبة التطبيق من قبل مجلس‬
‫المنافسة على األشخاص الذين ال ينفذون األوامر‪ ،‬واإلجراءات المؤقتة المنصوص عليها في‬
‫المادتين ‪ 02‬و ‪ 07‬من نفس األمر‪ ،‬وتتمثل هذه العقوبة في غ ارمة تهديدية ال تقل عن مبلغ‬
‫مئة وخمسين ألف دينار جزائري عن كل يوم تأخير‪ ،‬ويتم تبليغ الق اررات الصادرة عن مجلس‬
‫المنافسة طبقا للمادة ‪ 06‬إلى األطراف المعنية بتنفيذها عن طريق محضر قضائي‪ ،‬و‬
‫ترسل إلى الوزير المكلف بالتجارة‪.‬‬
‫إضافة إلى العقوبة المالية‪ ،‬يوجد نوع آخر من العقوبات يظهر في صورة عقوبة معنوية‬
‫و ذلك من خالل نشر مجلس المنافسة للق اررات الصادرة عنه في النشرة الرسمية للمنافسة أو‬
‫في أية وسيلة إعالمية أخرى‪.1‬‬
‫ج‪-2.‬العقوبات المتعلقة بارتكاب الممارسات المنافية للمنافسة‬
‫أسندت المادة ‪ 71‬مكرر من األمر رقم ‪ 43-43‬لمجلس المنافسة مهمة تقرير‬
‫العقوبات و التي تكون على أساس معايير متعلقة السيما بخطورة الممارسة المرتكبة و‬
‫الضرر الذي لحق باالقتصاد والفوائد المجمعة من طرف مرتكبي المخالفة ومدى تعاون‬
‫المؤسسات المتهمة مع مجلس المنافسة خالل التحقيق في القضية وأهمية وضعية المؤسسة‬
‫المعنية في السوق‪.‬‬
‫وعلى أساس ذلك تكون العقوبات على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬طبقا للمادة ‪ 27‬من األمر رقم ‪ 43-43‬فإنه يمكن لمجلس المنافسة أن يعاقب على‬
‫المقيدة للمنافسة كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 20‬من هذا األمر بغرامة ال‬
‫الممارسات ّ‬

‫المادة ‪ ،16‬األمر رقم ‪ ،01-01‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬‬
‫تفوق ‪ % 21‬من مبلغ رقم األعمال من غير الرسوم المحقق في الجزائر خالل آخر سنة‬
‫مالية مختتمة أو بغرامة تساوي على األقل ضعفي الربح المحقق بواسطة هذه الممارسات‪،‬‬
‫على أالّ يتجاوز هذه الغرامة أربعة أضعاف هذا الربح‪ ،‬واذا كان مرتكب المخالفة ال يملك‬
‫رقم أعمال محدد‪ ،‬فالغرامة ال تتجاوز ‪ 7.444.444‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬لم يقتصر األمر رقم ‪ 43-43‬عند إقرار العقوبات على مرتكبي الممارسات المنافية‬
‫للمنافسة بل وسع مجال تطبيق العقوبات ليشمل كل من ساهم في تسهيل العمل المنافي‬
‫للمنافسة وفي هذا اإلطار تنص المادة ‪ 26‬على ما يلي‪:‬‬
‫''يعاقب بغرامة قدرها ‪ 2.111.111‬دج ك ّل شخص طبيعي يساهم شخصيا بصفة‬
‫محددة في هذا‬
‫ّ‬ ‫المقيدة للمنافسة وفي تنفيذها كما هي‬
‫ّ‬ ‫احتيالية في تنظيم الممارسات‬
‫األمر''‬
‫‪ -‬لمجلس المنافسة إقرار غرامة ال تتجاوز مبلغ ‪ 744.444‬دج بناء على تقرير المقرر‬
‫تتعمد تقديم معلومات خاطئة أو غير كاملة بالنسبة للمعلومات‬
‫ّ‬ ‫ضد المؤسسات التي‬‫ّ‬
‫تقدم‬
‫المطلوبة أو تتهاون في تقديمها طبقا ألحكام المادة ‪ 22‬من هذا األمر أو التي ال ّ‬
‫المحددة من قبل المقرر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعلومات المطلوبة في اآلجال‬
‫‪ -2‬الق اررات الصادرة عن مجلس المنافسة المتخذة بشأن التجميعات االقتصادية‬
‫طبقا للمادة ‪ 20‬من األمر رقم ‪ 43-43‬فإنه بإمكان مجلس المنافسة إصدار مقرر‬
‫معلل يرخص أو يرفض التجميع و ذلك بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالتجارة ‪.‬‬
‫يتخذ قرار الرفض إذا كان من شان التجميع المساس بالمنافسة في حين يتخذ قرار‬
‫الترخيص في الحالة العكسية‪.‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 72‬من قانون المنافسة فإنه يعاقب على التجميعات المنجزة بدون ترخيص‬
‫من مجلس المنافسة‪ ،‬بغ ارمة مالية تصل ‪ %6‬من رقم األعمال من غير الرسوم المحققة في‬
‫الجزائر خالل آخر سنة مالية مختتمة‪ ،‬ضد كل مؤسسة هي طرف في التجميع أو ضد‬
‫المؤسسة التي تكونت من عملية التجميع‪.‬‬
‫إن أهمية تسوية نزاعات الصفقات العمومية ال تتوقف عند مرحلة اإلبرام بل تتعداها‬
‫لتشمل مرحلة التنفيذ‪ ،‬وفي هذا الشأن عنى تنظيم الصفقات العمومية بتنظيم التسوية الودية‬
‫لمنازعات تنفيذ الصفقات العمومية وهو ما سوف يتم التطرق إليه في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫التسوية اإلدارية لمنازعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫عند البدأ في تنفيذ الصفقة العمومية تتأسس االلتزامات التعاقدية لكل من طرفي العالقة‬
‫التعاقدية‪ ،‬ومن بين أهم االلتزامات المترتبة على عاتق كل منهما‪ ،‬نجد منها احترام مبدأ‬
‫التنفيذ الشخصي للصفقة و كذا اآلجال التعاقدية من جانب المتعامل المتعاقد هذا من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى التزام المصلحة المتعاقدة بدفع ثمن الخدمات و شفافية العمل اإلداري‪.1‬‬
‫ضمانا لحسن تنفيذ الصفقة العمومية وكذا حفاظا على حقوق كل طرف من األطراف‪،‬‬
‫لم يغفل تنظيم الصفقات العمومية مسألة هامة و هي تسوية المنازعات الناجمة عن عملية‬
‫التنفيذ‪ ،‬مثلما تطرق إلى النزاعات الخاصة بمرحلة اإلبرام‪ ،‬وقد جسدت المادة ‪ 451‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬مبدأ حل النزاعات وتسويتها بالتراضي تفاديا لفكرة اللجوء‬
‫إلى القضاء اإلداري‪ ،‬الذي يكلف أطرافه طول اإلجراءات و ثقلها مما يحدث فرصة إليجاد‬
‫الحل بالطرق التفاوضية‪.2‬‬
‫لقد أحالت المادة ‪ 451‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬تسوية النزاعات الناتجة‬
‫عن تنفيذ الصفقات العمومية إلى األحكام التشريعية و التنظيمية حيث جاءت في فقرتها‬
‫األولى على النحو التالي‪:‬‬
‫"تسوى النزاعات التي تط أر عند تنفيذ الصفقة في إطار األحكام التشريعية و‬
‫التنظيمية المعمول بها‪".‬‬
‫لقد قسمت المادة المذكورة أعاله آليات تسوية منازعات الصفقات العمومية في مرحلة‬
‫التنفيذ إلى آليات التسوية وفق تنظيم الصفقات العمومية (المبحث األول) و آليات التسوية‬
‫وفقا لقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ( مبحث ثاني)‪.‬‬

‫مريان حورية‪ ،‬اآلجال في قانون الصفقات العمومية الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير فرع قانون أعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041-6046‬ص‪.91‬‬


‫بحري اسماعيل‪ ،‬الضمانات في مجال الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع الدولة و‬ ‫‪2‬‬

‫المؤسسات العمومية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6006-6002‬ص‪.414‬‬

‫‪92‬‬
‫المبحث األول‬
‫التسوية اإلدارية لمنازعات تنفيذ الصفقات العمومية طبقا لتنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫لقد أحسن المنظم حينما تبنى مبدأ الحسم الودي لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪،‬‬
‫حتى ال تتعطل المشاريع العمومية‪ ،‬ولكي يتمكن أطراف النزاع من إيجاد حل يناسبهم‬
‫يضعون به حدا لمنازعة طرأت أثناء التنفيذ بما يضمن في النهاية استالم المشروع في‬
‫آجاله‪ ،‬وهو ما يتماشى وهدف خطة الصفقات العمومية في القطاعات المختلفة للدولة‪ ،‬واذا‬
‫كانت التسوية الودية للنزاعات في مرحلة تكوين الصفقة ذات طبيعة اختيارية‪ ،1‬فإن طبيعة‬
‫التسوية الودية للنزاعات في إطار عملية التنفيذ تتراوح ما بين حل ودي ملزم للمصلحة‬
‫المتعاقدة (مطلب أول) و طعن اختياري أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية (مطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫التسوية الودية بمبادرة المصلحة المتعاقدة‬
‫تحرص المصلحة المتعاقدة على تحقيق مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فالمصلحة العامة تتطلب أن يستمر العقد أو الصفقة مهما حصل من تغييرات أثناء تنفيذها‬
‫وألجل ذلك فقد فرض المنظم على المصلحة المتعاقدة أن تبادر بالتسوية الودية لنزاعات‬
‫تنفيذ الصفقات العمومية بموجب المادة ‪ 451‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬معلنة عن‬
‫ضوابط الحل الودي على النحو التالي‪:3‬‬
‫" تسوي النزاعات التي تط أر عند تنفيذ الصفقة في إطار األحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫المعمول بها‪.‬‬

‫بحري اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.414‬‬


‫‪1‬‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬سلطات المصلحة المتعاقدة تجاه المتعامل المتعاقد معها في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬ ‫‪2‬‬

‫الماجستير في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041‬ص‪.59‬‬
‫تم النص ألول مرة على ضرورة إيجاد المصلحة المتعاقد للحل الودي بموجب المرسوم رقم ‪ 415/26‬المؤرخ في‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4626/01/40‬الذي ينظم الصفقات العمومية التي يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬لتواصل باقي المراسيم الالحقة تضمين هذا‬
‫الشرط‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫يجب على المصلحة المتعاقدة‪ ،‬دون المساس بتطبيق أحكام الفقرة أعاله أن تبحث‬
‫عن حل ودي للنزاعات التي تط أر عند تنفيذ صفقاتها كلما سمح هذا الحل بما يأتي ‪:‬‬
‫‪ -‬إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة عن كل طرف من الطرفين ‪.‬‬
‫‪ -‬التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة ‪.‬‬
‫‪ -‬الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة ‪".‬‬
‫تطبيقا ألحكام المادة ‪ 451‬أعاله فقد خول تنظيم الصفقات العمومية للمصلحة‬
‫المتعاقدة سلطة ممارسة التعديل من أجل أن يتأقلم تنفيذ األشغال و الخدمات العمومية مع‬
‫التغيرات و التحوالت التي قد تعرفها الظروف االقتصادية المحيطة بالصفقة العمومية‪،‬‬
‫وتتراوح سلطة مم ارسة التعديل ما بين تعديالت تكون في اإلطار التعاقدي أي بإتفاق‬
‫األطراف عليها (فرع أول)‪ ،‬وتعديالت تكون خارج اإلطار التعاقدي (الفرع الثاني)‪.1‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحل الودي الناجم عن التعديالت االتفاقية‬
‫يمكن لطرفي الصفقة أن يتفقا على إيجاد حل ودي لحسم النزاع الناجم عن تنفيذ‬
‫الصفقة العمومية عن طريق اللجوء إلبرام مالحق للصفقة األصلية (أوال)‪ ،‬أو أن يتم اللجوء‬
‫إلى تعديل أسعار الصفقة العمومية إذا ما تطلب األمر ذلك (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الملحق‬
‫تناول المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬من خالل مواده‪ ،‬تعريف تقنية الملحق(‪ )4‬كما‬
‫بين الشروط التي يخضع لها هذا األخير (‪ )6‬و كذا األنواع التي يظهر من خاللها (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬تعريف الملحق ‪.‬‬
‫تم النص على تقنية الملحق في القسم الخامس المعنون ب " الملحق" من الفصل‬
‫الرابع الموسوم ب "تنفيذ الصفقات العمومية و أحكام و تفويضات تعاقدية " من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم‪ 612-45‬المؤرخ في ‪ 6045/06/49‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و‬
‫تفويضات المرفق العام‪ ،‬حيث جاءت المادة ‪ 419‬منه بما يلي‪:‬‬
‫"يشكل الملحق وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة‪ ،‬و يبرم في جميع الحاالت إذا كان هدفه‬
‫زيادة الخدمات أو تقليلها و‪/‬أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة"‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪94‬‬
‫يقصد بالملحق على أنه إتفاق إضافي للصفقة األولى هدفه تعديل بند أو عدة بنود‬
‫تعاقدية قد تضمنتها الصفقة األصلية‪ ،‬أو زيادة في الخدمات أو تقليلها‪ ،‬كما يعرف أيضا بأنه‬
‫عقد مكتوب يشمل إتفاق إرادة الطرفين في الصفقة‪ ،‬ويتضمن تعديل بند أو عدة بنود لهذه‬
‫األخيرة‪ ،‬وخاصيته التعاقدية تعد من الخصائص األساسية للملحق‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫إن إبرام الملحق مرده أسباب متعددة مثل‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة أو نقص الخدمات المتفق عليها أوليا في العقد‪،‬‬
‫‪ -‬زيادة أو إنقاص اآلجال‪،‬‬
‫‪ -‬تغيير نوعية المواد أو اللوازم المستعملة في تنفيذ األشغال‪،‬‬
‫‪ -‬أحداث طارئة تغير في األشغال المتفق عليها سلفا ‪.‬‬
‫على أن تكون هذه التعديالت في نطاق موضوع الصفقة اإلجمالي وأن ال تغير بصفة‬
‫جوهرية محل الصفقة‪ ،‬ويكون الملحق ذا آثار مالية على الصفقة بتغيير أجر المتعامل‬
‫المتعاقد بالزيادة أو النقصان‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط إبرام الملحق‬
‫إن التعديالت التي تلجأ إليها المصلحة المتعاقدة في سبيل إيجاد حل ودي للمنازعات‬
‫التي تط أر أثناء تنفيذ العقد بموجب إستعمال تقنية الملحق تخضع لشروط من ضمنها مايلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬خضوع الملحق للشرط الكتابي‬
‫من بين أهم شروط إبرام الملحق أن يأتي في صيغة كتابية‪ ،‬مرقم ومؤرخ ومصادق‬
‫عليه من قبل السلطة المختصة‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 419‬عند تعريفها للملحق على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫"يشكل الملحق وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة"‪.‬‬
‫يجد الملحق أساسه الكتابي في تبعيته للصفقة‪ ،‬وفي هذا الشأن حددت المادة ‪ 65‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬البيانات اإللزامية التي يجب أن تشير إليها كل صفقة‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 52‬‬ ‫‪1‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬السعر في الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع دولة ومؤسسات عمومية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية‬ ‫‪2‬‬

‫الحقوق‪ ،6040 ،‬ص ‪.65-61‬‬

‫‪95‬‬
‫عمومي ة‪ ،‬وعليه فإن الطابع الكتابي للصفقة يفرض بالضرورة أن يأتي الملحق في الشكل‬
‫الكتابي مادام يعدل بنود الصفقة األصلية‪.‬‬
‫ب‪ -‬إحترام اآلجال التعاقدية إلبرام الملحق‬
‫ال يمكن إبرام الملحق وعرضه على هيئة الرقابة الخارجية للصفقات المختصة إال في‬
‫‪1‬‬
‫حدود أجال التنفيذ التعاقدية إال في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬عندما يكون الملحق عدي م األثر المالي ويتعلق بإدخال و‪/‬أو تعديل بند تعاقدي أو‬
‫أكثر‪ ،‬غير البنود المتعلقة بآجال التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ترتب على أسباب استثنائية وغير متوقعة وخارجة عن إرادة الطرفين إختالل التوازن‬
‫االقتصادي للعقد اختالال معتب ار و‪/‬أو أدى إلى تأخير األجل التعاقدي األصلي‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يكن من الممكن‪ ،‬وبصفة إستثنائية‪ ،‬إبرام الملحق محل ضبط الكميات النهائية‬
‫للصفقة‪ ،‬في اآلجال التعاقدية‪ ،‬ويمكن إبرام هذا الملحق حتى بعد اإلستالم المؤقت للصفقة‪،‬‬
‫لكن ومهما كان األمر‪ ،‬قبل إمضاء الحساب العام النهائي‪.‬‬
‫ج‪ -‬خضوع الملحق للرقابة التي تخضع لها الصفقة األصلية‬
‫يخضع الملحق كأصل عام للرقابة التي تخضع لها الصفقة األصلية طبقا للمادة‬
‫‪ 6/412‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ، 612-45‬ومع هذا هناك حاالت ال يلزم فيها القانون‬
‫بإخضاع الملحق للرقابة الخارجية‪ ،‬ويتحقق ذلك في حالة ما إذا كان موضوعه ال يعدل‬
‫تسمية األطراف المتعاقدة و الضمانات التقنية و المالية و أجل التعاقد و كان مبلغه أو‬
‫المبلغ اإلجمالي لمختلف المالحق ال يتجاوز زيادة أو نقصانا نسبة ‪ %40‬من المبلغ‬
‫األصلي للصفقة‪.‬‬
‫د‪ -‬خضوع الملحق للشروط اإلقتصادية األساسية للصفقة‬
‫تطبق في الملحق األسعار التعاقدية الموضوعة مسبقا‪ ،‬ولكن في حالة ما إذا تعذر‬
‫على الطرفين أن يطبقا األسعار التعاقدية المحددة في الصفقة على العمليات الجديدة‬
‫أسعار جديدة‪.2‬‬
‫ا‬ ‫المنصوص عليها في الملحق‪ ،‬فإنهما يحددان‬

‫المادة ‪ ،412‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،412‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪96‬‬
‫ه‪ -‬إحترام عتبة إبرام الملحق‬
‫يخضع الملحق طبقا للمادة ‪ 419‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬إلى عتبة مالية‬
‫ال يمكن تجاوزها بالزيادة أو النقصان‪ ،‬و في حالة ماتم تجاوزها فالبد له أن يبرر لدى لجنة‬
‫الصفقات المختصة أنه لم يتم المساس بالشروط األصلية للمنافسة وتحدد هذه النسب كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ %45 -‬من المبلغ األصلي لصفقات اللوازم و الدراسات و الخدمات‪.‬‬
‫‪ % 60 -‬من المبلغ األصلي لصفقات األشغال‪.‬‬
‫و‪ -‬عدم إخالل الملحق بتوازن الصفقة العمومية أو موضوعه‬
‫ال يمكن إبرام ملحق يؤثر بصفة أساسية على توازن الصفقة العمومية‪ ،‬ماعدا في حالة‬
‫ما إذا طرأت تبعات تقنية لم تكن متوقعة و خارجة عن إرادة األطراف‪ ،‬وزيادة على ذلك ال‬
‫يمكن أن يغير الملحق موضوع الصفقة أو مداها‪ ،1‬وأن كل تعديل يمس بشروط الصفقة‬
‫األصلية بصفة جوهرية وذلك أثناء مدة سريانها يؤدي إلى إنشاء صفقة جديدة‪.‬‬
‫‪ -1‬أنواع المالحق الهادفة إليجاد حل ودي لمنازعات التنفيذ‪.‬‬
‫تصنف المالحق إلى ثالثة أنواع رئيسية‪ ،‬فإما أن تأتي في شكل ملحق األشغال‬
‫المضافة أو المنقصة (أ)‪ ،‬أو أن تتخذ شكل ملحق التغيير(ب)‪ ،‬أو أن تتخذ شكل ملحق‬
‫اإلقفال النهائي للصفقة(ج)‪.‬‬
‫أ‪-‬ملحق األشغال المضافة أو المنقصة‬
‫يمكن أن يتخذ هذا الملحق شكلين‪ ،‬إذ يظهر في شكل ملحق األشغال المضافة أو‬
‫المنقصة للبنود المتضمنة في الصفقة األولية‪ ،‬والذي يهدف إلى األخذ في الحسبان زيادة‬
‫األشغال أو تقليلها‪ ،‬وتكون مراجعة األسعار في هذا الملحق بناء على الصيغة المتضمنة في‬
‫الصفقة العمومية‪ ،‬كما يمكن أن يتخذ الملحق المذكور أعاله شكل إدخال أشغال جديدة غير‬
‫متضمنة في الصفقة األولية‪ ،‬وهذا النوع من األشغال تابع و مكمل إلنجاز موضوع‬
‫الصفقة‪.2‬‬

‫المادة ‪ ،419‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.461‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪97‬‬
‫في العديد من الحاالت تثار منازعات حول تسديد ثمن األشغال اإلضافية من طرف‬
‫المصلحة المتعاقدة‪ ،‬والتي يراها المتعامل المتعاقد ضرورية للمشروع‪ ،‬والتي لم تأمره‬
‫المصلحة المتعاقدة بإنجازها‪ ،‬حيث أقر مجلس الدولة الجزائري بهذا الشأن في قرار له أن‬
‫األشغال اإلضافية عندما تكون ضرورية للمشروع ومنجزة وفق القواعد المقررة‪ ،‬فإن صاحب‬
‫المشروع ملزم بتسديدها حتى وان لم يتلق المقاول أي أمر بإنجاز هذه األشغال من طرف‬
‫صاحب المشروع وال صاحب المبنى‪.1‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى و الذي قضى بأن تدفع‬
‫الدولة الممثلة في شخصية وزير األشغال العمومية و البناء‪ ،‬إلى المستأنف عليه المقاول في‬
‫األشغال العمومية مبلغ خمسة عشر ألفا وستة و تسعين دينار‪ ،‬تكملة لقيمة منجزات صفقة‬
‫بناء مساكن‪ ،‬إذ يقول المجلس األعلى في حيثيات حكمه مايلي ‪ ":‬حيث يستنتج من‬
‫الوضعية الفرعية ألهمية هذه األشغال‪ ،‬أنه يتعذر في ظروف مماثلة للمقاول أن يرفض‬
‫أمر كتابيا‪ ،‬وواقعيا أن أهمية هذه األشغال ودفع مبلغ‬
‫إنجاز هذه البناءات بسبب أنه لم يتلق ا‬
‫قيمته غير متنازع عليه"‪. 2‬‬
‫في الحقيقة إذا كانت األشغال اإلضافية التي يقوم بها المتعامل المتعاقد ضرورية لتنفيذ‬
‫الصفقة العمومية‪ ،‬فإن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬قد رفض أن تكون الخدمات التي ال‬
‫تمنح بأوامر خدمة محل تسوية بملحق‪ ،3‬الشيء الذي سوف يؤدي إلى منع المتعامل‬
‫المتعاقد من مواصلة تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬لتبقى األشغال متوقفة وهو ما يؤثر على سير‬
‫المرفق العام‪ ،‬فكان على المنظم أن يقيد سلطة المتعامل المتعاقد بما يتماشى مع تنفيذ‬
‫الصفقة العمومية‪.‬‬
‫ب‪ -‬ملحق اإلقفال النهائي للصفقة‬
‫يسمح هذا الملحق بإيقاف وقفل الصفقة بصفة نهائية بالنسبة للخدمات المنفذة فعال في‬
‫الصفقة‪ ،‬ويتم اللجوء إلى هذا النوع من المالحق بشكل إستثنائي وال بد من تبرير إمكانية‬

‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،66150‬مؤرخ في ‪ ،6005/02/46‬قضية (ص‪.‬ع‪.‬ب) ضد مدير الشباب و الرياضة لوالية‬ ‫‪1‬‬

‫البويرة‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،6005 ،2‬ص ‪.61‬‬


‫قرار الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى الصادر بتاريخ ‪ 4625/09/65‬في قضية وزير األشغال العمومية ضد (أ‪.‬أ)‪ ،‬نشرة‬ ‫‪2‬‬

‫القضاة‪ ،‬العدد ‪ ،4‬سنة ‪ ، ،4622‬ص ‪.16‬‬


‫المادة ‪ ،419‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪98‬‬
‫اللجوء إليه بالتخلي عن المشروع بقرار من اإلدارة أو القوة القاهرة أو التسوية الودية للنزاع‪،‬‬
‫حيث أن هذا الملحق يكفل تحقيق حلول ودية دون اللجوء إلى القضاء كأولوية لضمان‬
‫مواصلة تنفيذ الصفقة العمومية‪.1‬‬
‫ج‪ -‬ملحق التغيير‬
‫يتم اللجوء إليه في حالة تغير أحد أطراف العقد أو تغير إلتزامات التسيير بحيث يرتبط‬
‫‪2‬‬
‫إبرامه بالشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬مراعاة المسائل المتعلقة بالرهن الحيازي والكفالة ‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد قفل الحسابات ومحاضر التسليم مع المتعامل المتعاقد السابق‪.‬‬
‫‪ -‬أهلية المتعامل المتعاقد الجدير إلبرام الصفقات العمومية خصوصا فيما يتعلق‬
‫بالتصنيف المهني و االلتزامات الضريبية و اإلجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تحمل المسؤوليات فيما يخص األشغال المنجزة‪.‬‬
‫‪ -‬النص على مراجعة األسعار‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تعديل أسعار الصفقة العمومية‬
‫يتم اإلتفاق على السعر‪ ،‬وتحديد طبيعته و كيفيات حسابه في البنود التعاقدية‪ ،‬فالسعر‬
‫األولي هو سعر حقيقي و ناتج عن الدعوة للمنافسة‪ ،‬إال أن طبيعة األشغال و تغير الظروف‬
‫اإلقتصادية إلنجازها قد تسمح باللجوء إلى تعديل السعر وهذا يتم إما قبل أي شروع في‬
‫إنجاز األشغال (‪ )4‬أو موازاة مع إنجاز األشغال (‪.3)6‬‬
‫‪ -1‬تحيين األسعار‬
‫يقتضي تحديد مفهوم التحيين التطرق إلى تعريفه (أ) ثم اإلنتقال لتحديد شروطه‬
‫(ب)‪.‬‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.461‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪99‬‬
‫أ‪ -‬تعريف التحيين‬
‫يلجأ طرفا العالقة التعاقدية إلى تحديد طبيعة السعر في الصفقة‪ ،‬فإما أن يكون ثابتا أو‬
‫يكون قابال للتحيين والمراجعة‪ ،‬هذا ماقضت به المادة ‪ 62‬من المرسوم الرئاسي رقم‪612-45‬‬
‫التي نصت على مايلي‪:‬‬
‫"يمكن أن يكون السعر ثابتا او قابال للمراجعة‪ ،...........‬يمكن أن يحين السعر‬
‫حسب الشروط المحددة في المواد ‪ 131 ،133 ،88 ،89‬من هذا المرسوم‪".‬‬
‫يعرف التحيين على أنه تلك العملية التي يتم من خاللها إعادة النظر والتقييم لألسعار‬
‫المتفق عليها في إنجاز الصفقة العمومية‪ ،‬نظ ار للتقلبات اإلقتصادية التي تؤثر إنعكاساتها‬
‫على األسعار و تغطي هذه العملية الفترة الممتدة من نهاية صالحية العرض إلى األمر ببدأ‬
‫األشغال‪.1‬‬
‫لقد كرست المادة ‪ 400‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬الطابع اإلتفاقي لتحيين‬
‫السعر اإلبتدائي والذي يعتبر أحد الشروط الجوهرية إلعمال صيغة التحيين وبعبارة أخرى إذا‬
‫سكتت الصفقة عن إدخال بند التحيين فهذا يعني أن طرفي العقد قد اتفقا على سعر ثابت‪.‬‬
‫يفرض مبدأ ثبوت السعر نفسه على طرفي العالقة التعاقدية‪ ،‬اللذين ال يمكنهما الرجوع‬
‫أثناء سريان الصفقة عن السعر المتفق عليه عند إبرامها‪ ،‬ومادام التزامهما ناتج عن حرية‬
‫إرادتهما فإنه يتعين عليهما تحمل جميع النتائج المرتبطة به‪ ،‬حتى ولو اتضح ارتكابهما لخطأ‬
‫في حساب السعر األولي باستثناء األخطاء المادية‪ ،2‬وعليه فإن تطبيق صيغة تحيين‬
‫األسعار يرتبط بمدى وجود بند ينص عليها في الصفقة العمومية وهو ما أكدته المادة ‪65‬‬
‫من تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام و التي جاء فيها‪:‬‬
‫" يجب أن تشير كل صفقة عمومية إلى التشريع و التنظيم المعمول بهما والى هذا‬
‫المرسوم‪ ،‬ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات اآلتية‪:‬‬
‫‪ ..‬المبلغ المفصل و الموزع بالعملة الصعبة الدينار الجزائري‪ ،‬حسب الحالة‪ ..‬ويجب أن‬
‫تحتوي الصفقة العمومية على البيانات التكميلية اآلتية‪:‬‬
‫‪ -..‬بند التحيين و مراجعة األسعار"‪.‬‬

‫بحري إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪100‬‬
‫إن الصرامة التي أحاط بها تنظيم الصفقات العمومية بند التحيين ال يكمن األخذ بها‬
‫على إطالقها‪ ،‬إذ تضمنت نفس المادة التي نصت على الطابع اإلتفاقي للتحيين إمكانية‬
‫السماح بتحيين األسعار خارج اإلتفاق التعاقدي‪ ،‬وهذا في حالة التأخر في بداية تنفيذ الصفقة‬
‫إذا لم يتسبب في ذلك المتعامل المتعاقد‪.1‬‬
‫ب‪ -‬شروط التحيين‬
‫يتوقف التحيين على ضرورة توفر ثالثة شروط‪:‬‬
‫ب‪ -1.‬حصر مجال تطبيق التحيين ما بين الفترة التي تتراوح بين تاريخ آخر أجل‬
‫لصالحية العرض و تاريخ تبليغ األمر بالشروع في الخدمات التعاقدية‬
‫يرتبط تطبيق التحيين بالفترة التي تسبق تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬و فيما يلي تفصيل‬
‫عناصر هذه األخيرة‪:‬‬
‫*تاريخ آخر اجل لصالحية العرض‬
‫نصت المادة ‪ 96‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬على إجبارية أن يحتوي إعالن‬
‫طلب العروض على مدة صالحية العروض‪ ،‬ولم يحدد تنظيم الصفقات العمومية أجلها بل‬
‫هي متروكة للسلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬غير أن المرسوم الرئاسي المذكور أعاله جعل من‬
‫إنتهاء أجل صالحية العروض نقطة البداية التي من خاللها تنطلق فترة إحتساب تطبيق بند‬
‫التحيين‪ ،‬وقد أكدت المادة ‪ 1/66‬هذا العنصر على النحو التالي‪:‬‬
‫" ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن تجاوز مدة صالحية العروض يعطي للمتعهد المعني‬
‫الحق في تحيين األسعار حسب الشروط المنصوص عليها في المادة ‪133‬أدناه"‪.‬‬
‫*األمر بالشروع في الخدمات التعاقدية‬
‫يشكل هذا التاريخ عنص ار محددا إلعمال قواعد التحيين‪ ،‬فهذا التاريخ ال يكون معلوما‬
‫عند إبرام هذه الصفقة‪ ،‬إذ يتم تحديده و ضبطه الحقا عندما تصدر المصلحة المتعاقدة أم ار‬
‫بالشروع في تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬وقد أكد مجلس الدولة في ق ارره الصادر بتاريخ ‪6‬‬
‫جويلية‪ 6004‬إعمال هذا الشرط كما يلي‪:‬‬

‫المادة ‪ ،6/400‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪101‬‬
‫"عندما اعتمد قاضي الدرجة األولى على تاريخ إبرام الصفقة لرفض الدعوى كان‬
‫على خطأ ألن المقياس القانوني هو تاريخ صالحية العروض و تاريخ األمر بانطالق‬
‫األشغال"‪.1‬‬
‫ب‪ -2.‬مرور فترة تفوق مدة تحضير العرض زائد ثالثة أشهر بين التاريخ المحدد إليداع‬
‫العروض و تاريخ األمر بالشروع في تنفيذ الصفقة‪:‬‬
‫حددت المادة ‪ 62‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬هذا الشرط في ثالثة عناصر‬
‫يمكن تفصيلها كاآلتي‪:‬‬
‫*تحضير العروض‬
‫أوجبت المادة ‪ 96‬من تنظيم الصفقات العمومية ضرورة أن يتضمن طلب العروض‬
‫تحديد مدة تحضير العروض و مكان إيداعها و أشارت المادة ‪ 99‬من نفس التنظيم على أن‬
‫أجل تحضير العروض يحدد تبعا لعناصر معينة مثل تعقيد الصفقة المعتزم طرحها و المدة‬
‫التقديرية الالزمة لتحضير العروض و إيصالها‪ ،‬والبد أن تفتح المدة المحددة لتحضير‬
‫العروض المجال واسعا ألكبر عدد معين من المتنافسين ‪.‬‬
‫*إيداع العرض‬
‫يخضع تاريخ إيداع العرض إلرادة المصلحة المتعاقدة التي يتعين عليها إدراجه في‬
‫الوثائق المتعلقة بالصفقة‪ ،2‬ويوافق تاريخ إيداع العروض‪ ،‬تاريخ و ساعة فتح االظرفة التقنية‬
‫و المالية‪.3‬‬
‫*حدوث تغيير في الظروف اإلقتصادية‬
‫يجب أن تحدث تغييرات و تطورات في المعطيات اإلقتصادية المحيطة بإنجاز الصفقة‬
‫لكي يستطيع المتعامل المتعاقد أن يطلب التحيين‪.‬‬
‫‪ -2‬مراجعة األسعار‬
‫يقوم تحديد مفهوم مراجعة األسعار على ضرورة التعرض إلى تعريفها (أ) ثم التطرق‬
‫لشروط تطبيقها (ب) و تحديد الصيغ التي تقوم عليها المراجعة (ج)‪.‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.404‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،91‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،5/99‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪102‬‬
‫أ‪ -‬تعريف مراجعة األسعار‬
‫إن السعر األولي الناتج عن الدعوة إلى المنافسة هو حصيلة توقعات في فترة معينة و‬
‫وال يمكن أن يظل قائما لفترة طويلة‪ ،‬خاصة في مجاالت ذات تحوالت مختلفة وسريعة‬
‫خاصة في ظل اقتصاد يتسم بالتطور السريع‪ ،‬ولهذا فإن استعماله يجب أن يحاط بحذر‬
‫شديد حتى ال يتحول إلى نقمة على المتعامل المتعاقد‪ ،‬ولهذا الغرض فإن متطلبات تحقيق‬
‫العدالة المالية تقتضي تعديل السعر األولي‪.1‬‬
‫إن مراجعة السعر هو جعل السعر المحدد في العقد متناسبا مع الظروف الجديدة‬
‫والمحددة في العقد‪ ،‬وهي ظروف معروفة قبل وقوعها‪ ،‬لهذا يمكن تنظيمها مسبقا‪ ،‬فاألمر‬
‫يتعلق بتكييف الثمن وفقا لتطور ظروف محددة في العقد‪.2‬‬
‫تمتاز صيغة المراجعة بطابعها اإلتفاقي‪ ،‬أي أن عدم تضمين عقد الصفقة العمومية بند‬
‫صريح ينص على إمكانية تطبيق صيغة المراجعة سوف يؤدي إلى عدم قبول طلبات‬
‫المراجعة حتى ولو تغيرت الظروف االقتصادية‪ ،‬وقد أكدت هذا الشرط المادة‪ 1/404‬التي‬
‫نصت على ما يلي‪:‬‬
‫" الصفقات التي ال يمكن أن تتضمن صيغا لمراجعة األسعار هي الصفقات المبرمة‬
‫بأسعار ثابتة و غير قابلة للمراجعة‪".‬‬
‫لقد قضى مجلس الدولة على أنه‪:‬‬
‫" حيث أن مراجعة األسعار تخضع إلى وجود شروط وهي أن تكون المراجعة‬
‫منصوص عليها فعال في الصفقة وأن هذا الشرط جد ضروري و ال يمكن حتى لملحق‬
‫صفقة أن يشير إليه إذا حررت الصفقة بثمن غير قابل للمراجعة و أن الشرط الثاني يتعلق‬
‫بوجود كيفيات تطبيق هذه المراجعة و حيث أن المستأنف لم يثبت لمجلس الدولة هذين‬
‫الشرطين وبالتالي يتعين إذن القول بأن طلبه المتعلق بالمراجعة طلب غير جدي و ينبغي‬
‫رفضه"‪.3‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.405‬‬ ‫‪1‬‬

‫بحري اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.402‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪103‬‬
‫ب‪ -‬شروط اللجوء إلى المراجعة‬
‫يتوقف تطبيق المراجعة على شرطين‪:‬‬
‫ب‪ -1.‬اتصال المراجعة بمرحلة تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫بالعودة إلى المادة ‪ 6/404‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬نجدها تنص على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫"ال يمكن العمل ببند المراجعة إال بعنوان الخدمات المنفذة فعال دون سواها حسب‬
‫شروط الصفقة"‪.‬‬
‫والمراجعة مبدئيا ال تنصب إال على جزء من الصفقة المنفذة في ظروف جديدة نتيجة‬
‫لطوارئ و تغيرات اقتصادية‪ ،1‬و بالنتيجة فإن الخدمات التي لم تنفذ بعد ال يمكن أن تكون‬
‫محل مراجعة‪.‬‬
‫ب‪ -2.‬الحاالت التي تمنع إعمال بند المراجعة‬
‫حددت المادة ‪ 404‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬الحاالت التي يمكن فيها‬
‫إعمال بند المراجعة و تتمثل هذه الحاالت فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬في الفترة التي تغطيها صالحية العرض‪.‬‬
‫‪ -‬في الفترة التي يغطيها بند تحيين األسعار عند االقتضاء‬
‫‪ -‬أكثر من مرة واحدة كل ثالثة أشهر‪.‬‬
‫ج‪ -‬صيغ مراجعة األسعار‬
‫إن النظام الحالي لمراجعة األسعار في الصفقات العمومية يحمل جانبا سلبيا يكمن في‬
‫كونها معقدة و متقلبة باستمرار‪ ،‬ومن أجل وضع حد لصيغ المراجعة المنافية للمنافسة‬
‫والمشجعة على التضخم‪ ،2‬فقد وضع تنظيم الصفقات العمومية أحكاما تضبط العمل بصيغ‬
‫المراجعة‪ ،‬وبحسب المادة ‪ 406‬من الرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬فإنه يجب أن تراعى في‬
‫صيغ مراجعة األسعار األهمية المتعلقة بطبيعة كل خدمة في الصفقة من خالل تطبيق‬
‫معامالت و أرقام استداللية تخص المواد و األجور و العتاد‪.‬‬

‫بحري اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.402‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪104‬‬
‫تتمثل المعامالت التي يجب مراعاتها في صيغ مراجعة األسعار‪ ،‬فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬المعامالت المحددة مسبقا و الواردة في الوثائق المتعلقة باستشارة المؤسسات‪ ،‬باستثناء‬
‫الحاالت المبررة كما ينبغي‪.‬‬
‫‪ -‬المعامالت المحددة باتفاق مشترك بين األطراف المتعاقدة عندما يتعلق األمر بصفقة‬
‫عمومية مبرمة حسب إجراء التراضي البسيط‪.‬‬
‫يشترط المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬أن تشتمل صيغ المراجعة على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جزء ثابت ال يمكن أن يقل عن النسبة المنصوص عليها في العقد فيما يخص التسبيق‬
‫الجزافي‪ ،‬ومهما يكن من أمر اليمكن أن يقل هذا الجزء عن ‪،%45‬‬
‫‪ -‬حد استقرار التغيير في األجور قدره ‪،%5‬‬
‫‪ -‬األرقام االستداللية " األجور " و "المواد" المطبقة ومعامل التكاليف االجتماعية‪.‬‬
‫األرقام االستداللية المطبقة هي األرقام التي تنشر في الجريدة الرسمية وفي النشرة‬
‫الرسمية لصفقات المتعامل العمومي وفي كل نشرية أخرى مؤهلة الستقبال اإلعالنات‬
‫القانونية و الرسمية‪ ،‬وتطبق المصالح المتعاقدة هذه األرقام االستداللية إبتداء من تاريخ‬
‫التصديق و الموافقة عليها بقرار من الوزير المكلف بالسكن‪ ،‬بالنسبة لقطاع البناء و األشغال‬
‫العمومية و الري‪ ،‬أما بالنسبة لألرقام االستداللية األخرى فتطبق المصالح المتعاقدة األرقام‬
‫االستداللية التي تعدها الهيئات المخولة و في هذه الحالة تطبق األرقام االستداللية إبتداء من‬
‫تاريخ التصديق و الموافقة عليها بقرار من الوزير الذي تتبعه الهيئة المعنية‪.1‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الحل الودي الناجم عن التعديالت غير اإل تفاقية‬
‫يمكن أن يحدث تعديل في شروط الصفقة أثناء تنفيذها‪ ،‬وذلك خارج اإلطار التعاقدي‬
‫واتفاق األطراف المتعاقدة على هذا التعديل‪ ،‬بل يكون نتيجة تدابير متخذة من قبل المصالح‬
‫المتعاقدة والتي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير شروط تنفيذ الصفقة دون أن يكون الهدف‬
‫منها إحداث تعديالت على الصفقة التي أبرمتها‪ 2‬و يعرف ذلك بنظرية األمير (أوال)‪.‬‬
‫كما يمكن أن تحدث تعديالت بسبب ظروف طارئة خارجة عن إرادة الطرفين‪ ،‬تؤدي‬
‫إلى قلب التوازن االقتصادي لصفقة العمومية‪ ،‬والتأثير البالغ على المركز المالي للمتعامل‬

‫المادة ‪ ،401‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 95‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪105‬‬
‫المتعاقد بشكل يجعل استمرار تنفيذ الصفقة العمومية مرهقا ما يؤدي إلى التهديد بالتوقف عن‬
‫تنفيذها وهو الشيء الذي يمس بالمصلحة العامة التي تقتضي استم اررية المرافق العامة‪،‬‬
‫األمر الذي يستلزم تدخل المصلحة المتعاقدة إلعادة التوازن المالي للصفقة العمومية‬
‫واالعتراف للمتعامل المتعاقد بحقوقه المالية من أجل مواصلة تنفيذ التزاماته‪ ،‬ويعرف ذلك‬
‫بنظرية الظروف الطارئة(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬نظرية فعل األمير‬
‫من أجل تحديد مفهوم نظرية فعل األمير يقتضي في مرحلة أولية تعريفها (‪ )4‬و‬
‫التطرق إلى شروط تطبيق هذه النظرية (‪.)6‬‬
‫‪ -1‬تعريف نظرية فعل األمير‬
‫يعود الفضل في إظهار نظرية فعل األمير لمجلس الدولة الفرنسي في قضية " الشركة‬
‫الوطنية الفرنسية لخطوط "الترام " حيث أصدر حكما بتاريخ ‪ ،4640/01/44‬وقد تطرق‬
‫مفوض الدولة (‪ )L.B.LUM‬ليون بالم ‪ ،‬في مذكرة المقدمة إلى المجلس بمناسبة النظر‬
‫في القضية المذكورة‪ ،‬حيث جاء في المذكرة‪ ":‬إذا اختل التوازن االقتصادي‪ ،‬واذا كان‬
‫استعمال السلطة مانحة االلتزام لسلطتها أدى إلى اضطراب في التوازن بين المنافع‬
‫واألعباء بين االلتزامات والحقوق‪ ،‬فليس ثمة ما يمنع الملتزم أن يرفع األمر إلى القاضي‬
‫مدعيا بأن تدخل اإلدارة‪ ،‬رغم كونه مشروعا وملزما له‪ ،‬قد أحدث له ضر ار يجب التعويض‬
‫عنه"‪.1‬‬
‫لقد لخصت محكمة القضاء اإلداري في مصر نظرية عمل األمير في أحكامها‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫" يتعين إلنطباق نظرية عمل األمير أن يصدر من جهة اإلدارة المتعاقدة إجراء غير متوقع‬
‫من شأنه اإلضرار بالمتعاقد معها‪ ،‬ويسوء مركزه و قد يصدر عمل األمير في صورة إجراء‬
‫خاص كقرار فردي أو عمل مادي أوفي صورة إجراء عام كقانون أو الئحة‪ ،‬وقد يؤدي إلى‬
‫المساس بشروط العقد أو إلى التأثير في ظروف تنفيذه‪ ،‬وطبقا لنظرية عمل األمير تلتزم‬

‫د‪ .‬الفياض ابراهيم طه‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي والمقارن مع شرح قانون‬ ‫‪1‬‬

‫المناقصات الكويتي رقم ‪ 62‬لسنة ‪ ،4691‬مكتبة الفالح‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الكويت‪ ،4622 ،‬ص ‪.656‬‬

‫‪106‬‬
‫الجهة اإلدارية بتعويض المتعاقد معها عن جميع األضرار التي تلحقه من جرائها بما يعيد‬
‫‪1‬‬
‫التوازن المالي للعقد‪".‬‬
‫يقصد بفعل األمير جميع األعمال المشروعة الصادرة عن اإلدارة المتعاقدة التي ترتب‬
‫أثار ضارة بالمتعاقد‪ ،‬وتزيد في أعبائه التعاقدية كما هي محددة بالعقد فيؤدي ذلك إلى التزام‬
‫ا‬
‫جهة اإلدارة المتعاقدة بتعويض المتعاقد عن كافة األضرار التي تلحق به جراء ذلك بما يعيد‬
‫التوازن المالي للعقد‪.2‬‬
‫ل قد طبقت نظرية عمل األمير من طرف المحكمة اإلدارية لمدينة الجزائر في حكمها‬
‫الصادر في ‪ 4691/46/44‬في قضية كهرباء وغاز الجزائر لبلدية فوكة‪ ،‬تتمثل وقائع‬
‫القضية أن بلدية فوكة أرادت بناء مدرسة‪ ،‬فطلبت لهذا الغرض من الملتزم نقل الخطوط‬
‫الكهربائية وكانت شروط العقد تسمح بذلك على نفقة الملتزم بدواعي الحفاظ على األمن العام‬
‫أو في سبيل مصلحة الطرق‪ ،‬إال أن حالة بناء المدرسة لم تكن من األسباب التي تسمح‬
‫بالنقل على حساب الملتزم‪ ،‬لذا ال بد من تعويضه نظ ار إلى أن المدرسة لم يكن بناؤها متوقعا‬
‫حين إبرام العقد بين اإلدارة و الملتزم‪ ،‬ترتب على ذلك زيادة أعباء تخل بالتوازن المالي للعقد‬
‫حتى ولو كانت ال تؤثر جذريا على اقتصادياته‪ ،‬فإن على اإلدارة أن تدفع تعويضا كامال‬
‫للمتعاقد‪.3‬‬
‫إن نظرية عمل األمير تم تأكيدها في مختلف االجتهادات القضائية لمختلف الدول وفي‬
‫هذا الص دد نسرد ما قضت به الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بالمغرب من خالل قرارها‬
‫عدد ‪ 465‬الصادر بتاريخ ‪ 6002/06/02‬في الملك اإلداري عدد‪ 4925‬و‬
‫‪ 6005/04/1/4929‬في قضية العيساوي محمد ومن معه ضد الدولة المغربية ومن معها و‬
‫الذي جاء فيه بأن ‪ ":‬الثابت من وثائق الملف أن اإلدارة المستأنفة أبرمت صفقة مع‬
‫المستأنف عليه تحت عدد ‪ 65/4‬موضوعها إنجاز أشغال بناء الطرق والتطهير الخاصة‬
‫بمشروع إشراك دور الصفيح المحادية للطريق الوطنية رقم ‪ 04‬بدوار جربيو إال أنها غيرت‬
‫مكان إنجاز األشغال بأحياء أخرى من مدينة فاس بأوامر بالخدمة صادرة عنها‪ ،‬وأنجزت‬

‫مجدي عمار عبد المالك‪ ،‬العقود اإلدارية و أحكامها‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،6044 ،‬ص ‪.401‬‬ ‫‪1‬‬

‫قصري محمد‪ ،‬القاضي اإلداري ومنازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة المعيار المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬سنة ‪ ،6002‬ص‪.54‬‬ ‫‪2‬‬

‫سبكي ربيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪107‬‬
‫األشغال المطالب بها من خالل المقال اإلصالحي تحت إشرافها و مراقبتها وتسلمتها وأدت‬
‫للمستأنف ما قيمته ‪ 166110‬درهم‪ ،‬كما وافقت اإلدارة على تقييم األثمان والتمتير الوارد‬
‫بفاتورات الطلب‪ ،‬األمر الذي يلزمها بأداء مقابلها‪ ،‬وما تتمسك به من إخالالت شكلية تتعلق‬
‫بإبرام العقد و تغيير مكان تنفيذه ال يعفيها من األداء ألنه خطأ صادر عنها وال يمكنها أن‬
‫تستفيد منه بحجة قبول التنفيذ من طرف المستأنف عليه األمر الذي إنتهى إليه الحكم‬
‫المستأنف عن صواب"‪ ،‬لقد أكد هذا الحكم أحقية المقاولة المتعاقدة في الحصول على‬
‫تعويض كامل عن أي ضرر قد يلحق بها متى ثبت هذا الضرر‪ ،‬وتبين من خالل فحص‬
‫وثائق الملف أن ذلك يعود بدون شك إلى فعل اإلدارة‪.1‬‬
‫‪ - 2‬شروط تطبيق نظرية فعل األمير‬
‫يشترط لتطبيق نظرية فعل األمير أن يصدر العمل عن اإلدارة (أ)‪ ،‬على أن يكون هذا‬
‫العمل مشروعا(ب)‪ ،‬وغير متوقع(ج) ويلحق ضر ار (د)‬
‫أ‪ -‬صدور العمل عن اإلدارة‬
‫ال بد أن يصدر العمل الذي تسبب في الخلل المالي للمتعامل المتعاقد من المصلحة‬
‫المتعاقدة نفسها‪ ،‬أي أنه ال يعتد باألعمال الصادرة عن جهات إدارية أخرى غير المصلحة‬
‫المتعاقدة ‪.‬‬
‫لقد قضت المحكمة اإلدارية العليا المصرية في حكم حديث لها بما يلي‪:‬‬
‫"إن من شروط نظرية عمل األمير أن يكون الفعل الضار صاد ار عن جهة اإلدارة‬
‫المتعاقدة‪ ،‬فإذا صدر هذا الفعل من شخص معنوي عام غير الذي أبرم العقد تخلف أحد‬
‫شروط فعل األمير وامتنع بذلك تطبيق أحكامها لكن ذلك ال يحول دون تطبيق نظرية‬
‫الحوادث الطارئة‪."2‬‬
‫‪3‬‬
‫إن التصرفات الصادرة عن اإلدارة المتعاقدة قد تتجسد وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬كل إجراء فردي متخذ من المصلحة المتعاقدة ويؤثر مباشرة في الصفقة‪.‬‬

‫شقروني أنوار‪ ،‬الحماية القضائية للمتعاقدين مع اإلدارة في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬العدد ‪6002 ،10‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.440‬‬
‫د‪ .‬الفياض إبراهيم طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.659‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬مجدي عماد عبد المالك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.405‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬كل إجراء عام يطبق على المتعاقد وغيره ولكن يصيب المتعاقد بالذات بضرر‬
‫خاص متميز عن غيره من عموم األفراد ‪.‬‬
‫‪ -‬األعمال المادية التي تقوم بها اإلدارة المتعاقدة ويكون من شأنها جعل تنفيذ العقد‬
‫مرهقا أو أكثر تكلفة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مشروعية العمل الصادر عن المصلحة المتعاقدة‬
‫البد أن يكون هذا العمل القانوني الصادر عن المصلحة المتعاقدة مشروعا‪ ،‬فإن صدر‬
‫العمل عنها وكان غير مشروع جاز مساءلتها طبقا لقواعد وأسس المسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫ج‪-‬عدم توقع العمل الصادر عن المصلحة المتعاقدة‬
‫بمعنى أنه وبالرغم من معرفة المتعامل المتعاقد بالسلطة التعديلية التي تملكها المصلحة‬
‫المتعاقدة‪ ،‬إال أنه لم يتم توقع أن يتجاوز التعديل الحدود المعروفة والمثلى لهذه السلطة‪ ،‬أي‬
‫أن يتجاوز القدر المعقول المتوقع عند إبرام الصفقة‪ ،‬فال يستفيد المتعاقد مع اإلدارة من‬
‫نظرية عمل األمير إذا كان يتوقع أو كان من المفروض منطقيا أن يتوقع تلك اإلجراءات‬
‫الضارة به‪.1‬‬
‫د – إلحاق العمل الصادر عن المصلحة المتعاقدة ألضرار‬
‫يجب أن يلحق عمل األمير ضر ار يؤدي إلى قلب إقتصاديات العقد‪ ،‬والتأثير بذلك في‬
‫المركز المالي للمتعامل المتعاقد بشكل يؤدي إلى زيادة في تحمل األعباء المالية بشكل يخل‬
‫بتوازن التكاليف المطبقة على الصفقة‪ ،‬غير أنه يكفي فقط أن يقوم هذا الضرر باإلخالل‬
‫بالتوازن المالي فال يشترط أن يصل الضرر بالمتعاقد إلى حد إنقطاع خطير في التوازن‬
‫المهدد باإلنهيار المالي أو التوقف عن التنفيذ‪. 2‬‬
‫ثانيا‪ -‬نظرية الظروف الطارئة‬
‫من أجل تحديد مفهوم الظروف الطارئة البد من تحديد تعريفها(‪ ،)4‬ثم التطرق‬
‫لشروطها(‪.)6‬‬

‫الفياض طه ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.656‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجدي عمار عبد المالك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.405‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪109‬‬
‫‪-1‬تعريف نظرية الظروف الطارئة‬
‫من أهم األحكام التي أصدرها مجلس الدولة الفرنسي حكمه بتاريخ ‪ 10‬أذار ‪4649‬‬
‫في قضية شركة اإلضاءة "لمدينة بوردو"‪ ،‬تضمن أهم األحكام الرئيسية التي تقوم عليها‬
‫‪1‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة و تتلخص وقائع هذه القضية فيمايلي‪:‬‬
‫تم إبرام عقد امتياز مرفق عام مع بلدية بوردو عام ‪ 4601‬لتزويد المدينة بالغاز‬
‫والكهرباء لمدة ‪ 10‬عاما‪ ،‬وحين نشوب الحرب العالمية األولى (‪ )4642-4641‬ارتفعت‬
‫أسعار الفحم‪ ،‬ولما أيقنت الشركة الملتزمة أنها ال تستطيع االستمرار في تقديم الخدمة‬
‫المرفقية موضوع العقد‪ ،‬إال بتحمل خسائر فادحة تهددها باإلفالس والتوقف عن تقديم‬
‫الخدمة‪ ،‬تقدمت بطلب إلى السلطة مانحة االمتياز ( البلدية) مفاده السماح لها بزيادة أسعار‬
‫الغاز من أجل إعادة التوازن المالي للعقد غير أن بلدية بوردو رفضت هذا الطلب بداعي‬
‫عدم وجود نص في العقد يسمح بذلك‪ ،‬وعند عرض النزاع على مجلس الدولة الفرنسي قضى‬
‫فيه مقر ار بأنه إذا أصبح االستمرار في تنفيذ العقد مرهقا‪ ،‬و ليس مستحيال‪ ،‬فعلى األطراف‬
‫االتفاق وديا على شروط جديدة تعيد التوازن المالي للعقد‪ ،‬بحيث تتمكن الشركة المتعاقدة من‬
‫االستمرار في تسيير المرفق العام‪ ،‬وفي حال فشلها في التوصل إلى مثل هذا االتفاق‪ ،‬يتولى‬
‫مجلس الدولة هذا األمر بنفسه‪ ،‬بحيث يلزم الجهة مانحة االلتزام بدفع تعويض جزئي مناسب‬
‫للشركة المتعاقدة عن الحدث غير المتوقع‪ ،‬وبما يمكنها من تأمين استمرار المرفق العام"‪.‬‬
‫عرفت المحكمة اإلدارية العليا بمصر نظرية الظروف الطارئة كما يلي‪:‬‬
‫"إن نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجودة التي هي قوام القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬فمفاد الظروف الطارئة‪ ،‬أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد اإلداري ظروف أو أحداث‬
‫لم تكن متوقعة عند إبرام العقد فقلبت اقتصادياته أو إذا كان من شأن هذه الظروف أو‬
‫األحداث أنها لم تجعل تنفيذ العقد مستحيال بل أثقل عبئا وأكثر تكلفة مما قدره المتعاقدان‬
‫التقدير المعقول‪ ،‬وكانت الخسارة الناشئة عن ذلك تتجاوز الخسارة المألوفة العادية التي‬
‫يتحملها أي متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائية و غير عادية فإنه من حق المتعاقد المتضرر‬

‫العتوم منصور إبراهيم‪ ،‬أثر الظروف الطارئة على إعادة التوازن المالي للعقد اإلداري‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬العدد الرابع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجلد‪ ،6002 ، 61‬ص‪.46‬‬

‫‪110‬‬
‫أن يطلب من الطرف اآلخر مشاركته في هذه الخسارة التي يتحملها فيعوض عنها تعويضا‬
‫جزئيا‪. "1‬‬
‫تجد نظرية الظروف الطارئة أساسها القانوني في التشريع والتنظيم‪ ،‬فبالنسبة للقانون‬
‫جاءت المادة ‪ 402‬من القانون المدني بمايلي‪:‬‬
‫"يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية‬
‫وال يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب‪ ،‬بل يتناول أيضا ما هو من‬
‫مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة‪ ،‬بحسب طبيعة اإللتزام‪.‬‬
‫غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على‬
‫حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬وان لم يصبح مستحيال‪ ،‬صار مرهقا للمدين بحيث‬
‫يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد‬
‫االلتزام المرهق إلى الحد المعقول‪ ،‬ويقع باطال كل إتفاق على خالف ذلك"‪.‬‬
‫أما في التنظيم فقد سبق بيانه بموجب المادة ‪ 451‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪.612-45‬‬
‫لقد أخذ القضاء الجزائري بتطبيق نظرية الظروف الطارئة في قرار المحكمة العليا في‬
‫قضية (دج) ضد المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الباردة بموجب ق ارراها رقم ‪66961‬‬
‫المؤرخ في ‪ 4661/40/40‬حيث اعتبرت "‪ ...‬من المقرر قانونا أنه إذا طرأت حوادث‬
‫استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها‪ ،‬وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي واذا‬
‫لم يصبح مستحيال صار مرهقا للمدين‪ ،‬بحيث يهدده بخسارة فادحة‪ ،‬جاز للقاضي تبعا‬
‫للظروف وبعد مراعاة مصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول‪ ،‬ولما ثبت‬
‫أن السوق محل العقد المبرم بين المستأنف والمستأنف عليه بقي مغلقا بسبب مرض الحمى‬
‫الذي أصاب المواشي‪ ،‬فإن ذلك يعد حادثا إستثنائيا غير متوقع‪ ،‬يجب األخذ به"‪.‬‬
‫‪ -6‬شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة‬
‫لتطبيق نظرية الظروف الطارئة ال بد من وقوع الظرف في مرحلة تنفيذ العقد(أ)‪ ،‬على‬
‫أن يكون غير متوقع و خارج عن إرادة الطرفين(ب)‪ ،‬و يؤدي إلى إرهاق المتعاقد(ج)غير أنه‬
‫يبقى هذا الظرف مؤقتا(د) ‪.‬‬

‫قصري محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪111‬‬
‫أ‪ -‬وقوع ظرف طارئ في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫أي أن يط أر بعد إبرام العقد و أثناء تنفيذه حادث غير متوقع‪ ،‬ولم يكن من الممكن‬
‫توقعه عند إبرام العقد‪ ،‬ألنه إذا ط أر الظرف قبل إبرام العقد فاألصل أال تطبق النظرية طالما‬
‫يكون الرجوع عن اإليجاب ولم يصدر القبول‪ ،‬واذا كان التنفيذ قد امتد عن المدة المحددة في‬
‫الصفقة بموافقة المصلحة المتعاقدة‪ ،‬فإن الظرف الطارئ الذي يحدث أثناء المدة اإلضافية‬
‫يأخذ نفس حكم وقوعه في خالل المدة األصلية‪.‬‬
‫ب‪ -‬حدوث ظروف استثنائية غير متوقعة خارجة عن إرادة أطراف الصفقةالعمومية‬
‫الظرف الطارئ على هذا النحو يتمثل في حادث استثنائي ذي تأثير عام‪ ،‬أي ال يقع‬
‫تأثيره على المتعاقدين دون سواهما ‪ ،‬وقد يأخذ الظرف الطارئ صو ار عدة تتمثل في أحداث‬
‫سياسية كإعالن الحرب‪...‬الخ‪ ،‬أو ظروف اقتصادية كارتفاع األجور أواألسعار ‪ ....‬الخ‪ ،‬أو‬
‫إجراءات إدارية إذا كانت صادرة من غير الجهة اإلدارية المتعاقدة‪.‬‬
‫لهذا يشترط في الظرف الطارئ أن ال يكون صاد ار من جهة اإلدارة المتعاقدة و إال كنا‬
‫أمام إعمال نظرية األمير‪ ،‬أما إذا كان الظرف الطارئ يعود إلى فعل المتعاقد‪ ،‬فتثار آنذاك‬
‫مسؤولية المتعامل المتعاقد العقدية على أساس الخطأ العقدي ‪.‬‬
‫وعدم التوقع للحدث يعد شرطا أساسيا لتطبيق نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬فتوقع اإلدارة‬
‫مع المتعاقد لهذا الظرف مع إقدامه رغم ذلك على إبرام العقد يعد رضا منه بالنتائج السيئة‬
‫التي قد يتعرض لها مستقبال‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬ينبغي أن يكون الحدث خارجا عن إرادة طرفي‬
‫العقد لحظة إبرامه فال مجال لتطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا كان باإلمكان أن يتنبأ‬
‫لحظة إبرام العقد بوقوع حرب ثم وقعت أثناء التنفيذ وهنا ال بدأ أن نميز بين عدم توقع‬
‫الظرف بذاته أو عدم توقع أثاره لقد درج القضاء اإلداري في فرنسا على تطبيق هذه النظرية‬
‫بتقديم يد العون للمتعاقد مع اإلدارة لتمكينه من االستمرار في تنفيذ العقد تحقيقا للصالح‬
‫العام‪.1‬‬
‫ج‪-‬ال بد أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إرهاق المتعاقد إذا ما استمر في تنفيذه‬
‫أي أن يؤدي إلى قلب التوازن المالي للعقد‪ ،‬بحيث تكون تكلفة ما قدره المتعاقدان أكثر‬
‫إرهاقا من التقدير المعقول‪ ،‬إذ تكون الخسارة الناجمة عنه والتي لحقت المتعاقد فادحة‬

‫عتوم منصور ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 46‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪112‬‬
‫واستثنائية‪ ،‬تتجاوز حدود الخسارة العادية‪ ،‬أما إذا كانت الخسارة بسيطة أو أن أثر الحادث‬
‫كان مقتص ار على تفويت فرصة الربح على المتعاقد فال مجال لتطبيق هذه النظرية‪.1‬‬
‫لقد أكدت المحكمة اإلدارية العليا المصرية هذه المعاني بقولها في حكم لها ‪:‬‬
‫" يجب أن تدخل في الحساب جميع عناصر العقد التي تؤثر في اقتصادياته‪ ،‬واعتبار‬
‫العقد وحدة بحيث يفحص في مجموعها ال أن ينظر إلى أحد عناصره فقط‪ ،‬بل يكون ذلك‬
‫بمراعاة جميع العناصر التي يتألف منها إذ قد يكون بعض هذه العناصر مجديا ومعوضا‬
‫عن العناصر األخرى التي أدت إلى الخسارة‪."2‬‬
‫د‪ -‬ال بد أن يكون الظرف الطارئ مؤقتا و ليس مستحيال واال تحول إلى قوة قاهرة‬
‫أوضح مجلس الدولة الفرنسي سمة التوقيت في حكمه الشهير في قضية شركة‬
‫‪ Cherbourg‬شاربور حيث جاء فيه ‪:‬‬
‫"ومن حيث أنه من شأن الظروف الطارئة أن تؤدي إلى قلب العقد‪ ،‬فإنه بإمكان اإلدارة‬
‫مانحة االلتزام أن تتخذ اإلجراءات الضرورية لمساعدة الملتزم كي تؤمن له االستمرار في‬
‫أداء خدماته في المرفق الذي يديره‪ ،‬و السيما منحه للمساعدات المالية الالزمة لالستعانة بها‬
‫على مواجهة الظرف الطارئ‪ ،‬على أن المساعدة ال تجوز له إال إذا كانت مالبسات قلب‬
‫اقتصاديات العقد مؤقتة ‪ ،‬أما إذا كانت نهائية تعجز عنها قدرة الملتزم لمواجهتها فإن الظروف‬
‫االقتصادية الجديدة تشكل حالة من حاالت القوة القاهرة "‪.3‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الطعن أمام لجنة التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫يقع على المصلحة المتعاقدة االلتزام بإيجاد حل ودي لكل نزاع يطرح إليها وفق‬
‫الشروط التي يحددها القانون‪ ،‬غير أن هذا االلتزام ليس في كل األحوال محققا لغايته‪ ،‬فقد‬
‫يحدث أن ال يتفق الطرفان على الحل الودي‪ ،‬وفي هذه الحالة يرخص تنظيم الصفقات‬
‫العمومية لطرفي العقد اللجوء لعرض النزاع أمام لجنة التسوية الودية للنزاعات‪ ،‬وهوما سوف‬

‫عتوم منصور ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬الفياض ابراهيم طه ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪626‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪113‬‬
‫يتم دراسته من خالل تحديد الطابع القانوني لهذا النوع من الطعون(فرع أول)‪ ،‬ثم االنتقال‬
‫لتحديد اختصاص لجان التسوية الودية بهذه الطعون(فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الطابع القانوني للطعن أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية‬
‫ألجل تحديد الطابع القانوني للطعن أمام لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬يقتضي في بادىء األمر التعرض لمدى إلزامية هذا الطعن(أوال) ثم اإلنتقال‬
‫لتحديد اآلثار الناجمة عن تقديم هذا النوع من الطعن(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مدى إلزامية تقديم الطعن أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية‬
‫خولت المادة ‪ 451‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 1‬لكل من طرفي الصفقة العمومية‬
‫الحق في عرض النزاع أمام لجنة التسوية الودية لنزاعات التنفيذ في حالة عدم االتفاق على‬
‫الحل الودي الذي جاءت به المصلحة المتعاقدة‪ ،‬فقد جاءت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة‬
‫أعاله على النحو التالي‪:‬‬
‫" ‪ ..‬و في حالة عدم اتفاق الطرفين‪ ،‬يعرض النزاع أمام لجنة التسوية الودية‬
‫للنزاعات المختصة‪ ،‬المنشأة بموجب أحكام المادة‪ 111‬أدناه لدراسته‪ ،‬حسب الشروط‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪111‬أدناه‪".‬‬
‫إن اإلحالة التي تضمنتها المادة أعاله إلى الشروط المنصوص عليها في المادة‪455‬‬
‫تبين لنا أن طبيعة الطعن الذي يقدمه المتعامل المتعاقد أو المصلحة المتعاقدة هو جوازي‪،‬‬
‫حيث جاءت المادة ‪ 455‬على النحو التالي‪:‬‬
‫"يمكن المتعامل المتعاقد و المصلحة المتعاقدة عرض النزاع على اللجنة‪"..‬‬
‫غير أنه بالرجوع إلى الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 451‬المذكورة أعاله‪ ،‬فإنه يتبين بأن المصلحة‬
‫المتعاقدة مجبرة على ضرورة إدراج شرط اللجوء إلى إجراء التسوية الودية قبل كل مقاضاة‬
‫أمام العدالة‪ ،2‬بالرغم من أن الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 451‬تحيل إلى المادة ‪ 451‬التي تجعل‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫جاءت الفقرة الرابعة من المادة ‪451‬على النحو التالي‪ ":‬يجب على المصلحة المتعاقدة أن تدرج في دفتر الشروط‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫اللجوء إلجراء التسوية الودية للنزاعات هذا‪ ،‬قبل كل مقاضاة أمام العدالة"‬

‫‪114‬‬
‫الطعن مجرد إمكانية‪ ،‬الشيء الذي يطرح تساؤال حول مدى إعمال إجراء اللجوء إلى التسوية‬
‫الودية؟‬
‫يمكن تفسير التناقض الموجود بين المادتين أعاله بحسب اإلطار الترتيبي الذي جاء‬
‫فيه النص على اللجوء إلى إجراء التسوية الودية‪ ،‬أي أن المادة ‪ 1-451‬أحالت إلى شروط‬
‫المادة‪ 455‬حين عدم إتفاق الطرفين‪ ،‬فيمكنهم بحسب المادة ‪ 455‬عرض النزاع على اللجنة‪،‬‬
‫لكن هذه اإلمكانية تقترن بشرط التنصيص عليها في دفتر الشروط‪ ،‬وهو ما يفسر ماجاءت‬
‫به الفقرة الرابعة من المادة ‪ ،451‬أي أن الطرفين ال يمكنهم اللجوء إلى إجراء التسوية الودية‬
‫إال إذا نص عليها د فتر الشروط‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى القول أن اللجوء إلى تسوية النزاع أمام‬
‫لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات العمومية هو ذو طابع تعاقدي‪ ،‬فالبد من النص عليه‬
‫في دفتر الشروط من أجل تطبيقه‪.‬‬
‫إن التسليم بهذا القول ال يمكن األخذ به على إطالقه‪ ،‬وهو ما يطرح فكرة الفرضية‬
‫الثانية‪ ،‬فمادامت الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 451‬تنص صراحة على وجوب أن تدرج المصلحة‬
‫المتعاقدة شرط اللجوء إلجراء التسوية الودية للنزاعات قبل كل مقاضاة أمام العدالة‪ ،‬ومادام‬
‫قد قبل المتعامل المتعاقد التعاقد معها‪ ،‬فقد سلم بتطبيق هذا الشرط في حالة حدوث نزاع‬
‫أثناء تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬و قد جاءت عبارات الفقرة‪ 1‬من المادة ‪ 451‬واضحة وصريحة‬
‫و ال تحمل أي تأويل بحيث تضمنت ما يلي‪:‬‬
‫" يجب على المصلحة المتعاقدة أن تدرج في دفتر الشروط‪ ،‬اللجوء إلجراء التسوية‬
‫الودية للنزاعات هذا قبل كل مقاضاة أمام العدالة"‪.‬‬
‫يبقى هذا الرأي غير ثابت إلى غاية تأكيده من قبل االجتهاد القضائي اإلداري‬
‫الجزائري‪ ،‬السيما و أن اللجوء إلى لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫نص عليها المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬وهو النص الحالي المعمول به‪ ،‬أي أن االجتهاد‬
‫القضائي لحد الساعة لم يعالج تطبيق نص المادة‪ 451‬من تنظيم الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫في انتظار تطبيقات القضاء اإلداري حول مدى إلزامية اللجوء إلى لجان التسوية‬
‫الودية‪ ،‬فإن هذا اليمنع من التعرض لتطبيقاته قبل صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪.612-45‬‬
‫لقد عرف الطابع القانوني للطعن اإلداري في منازعات تنفيذ الصفقات العمومية عدة‬
‫تطورات‪ ،‬ابتدأت بسريان األمر رقم‪ 60-92‬المؤرخ في ‪ 42‬جوان ‪ 4692‬المتضمن قانون‬

‫‪115‬‬
‫الصفقات العمومية و الذي أمتاز فيه الطعن بإجباريته وفي ذلك تنص المادة ‪ 456‬منه على‬
‫مايلي ‪:‬‬
‫" تشكل في كل وزارة بقرار لجنة استشارية تكون مهمتها البحث في المنازعات‬
‫المتعلقة بالصفقات العمومية عن عناصر عادلة يمكن قبولها من أجل إيجاد تسوية ودية‪،‬‬
‫وأن اإلجراءات أمام هذه اللجنة هو واجب يسبق كل دعوى قضائية "‪.‬‬
‫بعد األمر رقم ‪ 60/92‬صدر المرسوم رقم ‪ 415/26‬المؤرخ في ‪ 4626/01/40‬الذي‬
‫ينظم الصفقات العمومية التي يبرمها المتعامل العمومي والذي قامت المادة ‪ 496‬منه بتمديد‬
‫العمل بأحكام المادة ‪ 456‬من األمر رقم ‪.60/92‬‬
‫لقد أكد المجلس األعلى في ق ارره رقم ‪ 6006‬على الطابع اإلجباري للطعن أمام اللجنة‬
‫اإلستشارية في قضية (س م) ضد (ب م) و (ث ن) بتاريخ ‪4626/46/65‬و الذي جاء فيه‪:‬‬
‫" حيث تجدر اإلشارة أن المادة ‪ 112‬من األمر ‪ 83-76‬الصادر في ‪16‬جوان‪1876‬‬
‫المتضمن قانون الصفقات العمومية تنشأ بقرار في كل قسم وزاري لجنة إستشارية‪،‬‬
‫مهمتها البحث في النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية و تقديم عناصر للحلول العادلة‬
‫المحتمل إتخادها إليجاد تسوية بواسطة حلول ودية ‪.‬‬
‫حيث أن الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 112‬المذكورة تضيف إلى أن القيام بهذا اإلجراء أمام‬
‫اللجنة يكون مسبقا وجوبا قبل رفع كل دعوى في النزاع‪ ،‬وبما أنه ال يتبين من التحقيق أن‬
‫هذ ا اإلجراء قد إتبع مما يستتبع بمقتضاه عدم قبول الدعوى الراهنة على الوضعية‬
‫الموجودة عليه حاليا‪".‬‬
‫استمر التظلم اإللزامي في ظل المرسوم التنفيذي رقم‪ 111-64‬المؤرخ في‪ 6‬نوفمبر‬
‫‪ 4664‬المتضمن إعادة تنظيم الصفقات العمومية وتم النص عليه بموجب المادتين ‪ 400‬و‬
‫‪.404‬‬
‫جاءت المادة ‪ 400‬بما يلي‪:‬‬
‫"يترتب على الطعن السلمي الذي يرفعه المتعامل المتعاقد قبل مفاوضات و خالل ‪71‬‬
‫يوما إبتداءا من رفعه صدور مقرر من الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫حسب نوع النفقات الواجب اإللتزام بها في الصفقة"‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫أما المادة ‪ 404‬من نفس المرسوم نصت على ما يلي‪:‬‬
‫"تحدث لدى الوزير أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب الحالة لجنة‬
‫إستشارية تكون مهمتها البحث في النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية عن العناصر‬
‫المنصفة الممكن إعتمادها أساسا لتسوية ودية‪".‬‬
‫أكد قرار مجلس الدولة رقم‪ 49112‬على الطابع اإللزامي للطعن أمام اللجان‬
‫اإلستشارية في قضية بلدية وهران ضد مؤسسة (ب) الصادر بتاريخ ‪ 6001/46/64‬و الذي‬
‫جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"تطبق هذه المقتضيات عندما يتعلق النزاع بتنفيذ صفقة عمومية‪ ،‬أي صفقة بمفهوم‬
‫المادة ‪ 0‬و ما يليها من المرسوم رقم ‪ 101-81‬أي صفقة ذات مبلغ أعلى من ‪ 1‬ماليين‬
‫دينار‪.‬‬
‫عندما ال يتجاوز الطلب العمومي هذا الحد‪ ،‬ال حاجة إلبرام صفقة و ال تطبق‬
‫مقتضيات المادة ‪ 88‬و ما يليها من المرسوم ‪.101-81‬‬
‫قضية الحال تتعلق بأشغال أنجزت إستنادا إلى مجرد سند طلبية‪ ،‬وينصب النزاع على‬
‫تسديد مبلغ األشغال و من ثم ال حاجة لتقديم طعن مسبق‪".‬‬
‫بصدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 650-06‬المؤرخ في ‪ 6006/02/61‬المتعلق بتنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬فإن الطعن اإلداري أصبح جوازيا‪ ،‬ويتم أمام اللجنة الوطنية للصفقات‬
‫العمومية بمقتضى المادة ‪ 406‬من هذا المرسوم ‪.‬‬
‫أكد القرار رقم ‪ 64421‬الصادر في ‪ 6005/09/02‬في قضية ( م ش ب ) لبلدية تنس‬
‫ضد (ط‪.‬ق) على هذا الطابع الجوازي حيث جاء فيه مايلي ‪:‬‬
‫"الطعن المسبق الذي كان إلزاميا في مقتضيات المواد ‪ 131 ،133 ،88‬من المرسوم‬
‫‪ 101-81‬المؤرخ في ‪ 1881/11/38‬أصبح اختياريا في المقتضيات الجديدة للمرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 213-32‬المعدل والمكمل "‪.‬‬
‫حافظ المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619/40‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية على الطابع‬
‫اإلختياري للطعن في منازعات تنفيذ الصفقات العمومية بموجب المادة ‪ 445‬منه‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫ثانيا‪ -‬تحديد اآلثار الناجمة عن اللجوء إلى لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية‬
‫يترتب عن عرض المصلحة المتعاقدة و المتعامل المتعاقد النزاع أمام لجنة التسوية‬
‫الودية لنزاعات التنفيذ‪ ،‬قيام هذه األخيرة بالبحث عن العناصر المتعلقة بالقانون أو الوقائع‬
‫إليجاد حل ودي ومنصف للنزاعات الناجمة عن تنفيذ الصفقات العمومية المطروحة‬
‫أمامها‪ ، 1‬كلما أدى هذا الحل إليجاد التوازن للتكاليف المترتبة على كل طرف من الطرفين‪،‬‬
‫التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة‪ ،‬الحصول على تسوية نهائية أسرع وبأقل تكلفة‪.‬‬
‫إن تحديد األثر الناجم عن اللجوء إلى لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات العمومية‬
‫يستدعي التطرق إلى مدى إلزامية األخذ بهذا الحل (‪.)4‬‬
‫إن نص المادة ‪ 451‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬على ضرورة الحل الودي‬
‫كطريق أول لتسوية نزاعات التنفيذ‪ ،‬يفهم منه ضمنيا ان المشرع أراد بهذا الحل الودي اإلبقاء‬
‫على مواصلة تنفيذ الصفقة العمومية (‪ )6‬وفي المقابل تعويض المصلحة المتعاقدة للمتعامل‬
‫نتيجة مواصلة تنفيذ الصفقة العمومية (‪.)1‬‬
‫‪ -1‬مدى إلزامية الحل الصادر عن لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية‬
‫حول الطبيعة القانونية لهذا الحل‪ ،‬فهو مجرد رأي يمكن للمصلحة المتعاقدة عدم االخذ‬
‫به وهو ما أكدته الفقرتين ‪ 9‬و‪ 2‬من المادة ‪ 455‬على النحو التالي‪:‬‬
‫" يبلغ رأي اللجنة لطرفي النزاع‪.......‬‬
‫و تبلغ المصلحة المتعاقدة قرارها في رأي اللجنة للمتعامل المتعاقد في أجل أقصاه ‪ 9‬أيام‪،‬‬
‫إبتداءا من تاريخ تبليغها برسالة موصى عليها مع وصل إستالم وتعلم اللجنة بذلك‪".‬‬
‫من خالل المادة المذكورة أعاله يستنتج بأن المصلحة المتعاقدة تملك السلطة التقديرية‬
‫في إيجاد حل للنزاع‪ ،‬فبالرغم من إجبارية تضمين المصلحة المتعاقدة لشرط تسوية الخالفات‬
‫أمام لج نة تسوية النزاعات في دفتر الشروط‪ ،‬فإن هذه األخيرة يصبح دورها مفرغا نتيجة لعدم‬
‫إلزامية حلها على المصلحة المتعاقدة‪ ،‬ويبقى هذا الحل ذا طابع إستشاري‪ ،‬تستأنس به‬
‫اإلدارة‪ ،‬وهو ما يطرح التساؤل حول جدوى ممارسة هذا النوع من الطعن هذا من جهة‪.‬‬

‫المادة ‪ ،5-451‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،612-45‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪118‬‬
‫ومن جهة أخرى فإننا نالحظ بأن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬قد تراجع عن الطابع‬
‫اإللزامي للحل الذي تقدمه لجان الصفقات المختصة بتسوية نزاعات التنفيذ‪ ،‬طبقا لكل من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬و المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،650-06‬ويكون بذلك قد سلك‬
‫مسلك المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-64‬في جعله لحل اللجنة اإلستشارية مجرد رأي‪ ،‬لكن‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬لم يوضح حالة إتفاق أو عدم إتفاق األطراف على حل‬
‫اللجنة‪ ،‬وترك للمصلحة المتعاقدة الحق في إبداء قرارها في رأي اللجنة‪ ،‬أي أن المصلحة‬
‫المتعاقدة هي من تملك سلطة تقرير تأييد هذا الحل أو رفضه من دون الرجوع لمعرفة رأي‬
‫المتعامل المتعاقد‪ ،‬في حين أن المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-64‬يتيح لكل من طرفي النزاع‬
‫إبداء قبولهما أو عدم قبولهما للرأي الصادر عن اللجنة اإلستشارية‪ ،‬وفي حالة إتفاقهما على‬
‫الرأي الصادر من طرف اللجنة يصبح هذا الرأي ملزما لهما‪.‬‬
‫إن أهم مالحظة يمكن إثارتها بشان المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬أنه عزز مكانة‬
‫لجان الصفقات العمومية المختصة في نزاعات اإلبرام حينما جعل حلها ملزما مقارنة مع‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،619-40‬وفي المقابل فإنه تراجع عن الحل اإللزامي الذي تأتي به‬
‫لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية مقارنة مع المرسوم الرئاسي رقم ‪-40‬‬
‫‪ ، 619‬الشيء الذي يطرح تساؤال حول سر هذا التناقض الذي حمله تنظيم الصفقات الحالي‪،‬‬
‫السيما لو علم بأن لجان التسوية الودية لنزاعات التنفيذ نشأت في ظل هذا األخير‪ ،‬وقد‬
‫خصت بنزاعات التنفيذ دون اإلبرام‪ ،‬الشيء الذي يجعلها تمارس إختصاصاتها بفاعلية نتيجة‬
‫تخفيف الضغط عليها بعدما كان المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬يجعل من اللجان القطاعية‬
‫والوطنية ال تقتصر على دراسة نزاعات التنفيذ بل تشمل اإلبرام أيضا‪ ،‬كما أن تشكيلتها تضم‬
‫كفاءات تؤهلها الن يصبح رأيها ملزما! يبقى التساؤل حول الصيغة التي يأتي بها مضمون‬
‫هذا الحل الودي‪.‬‬
‫‪-2‬إلتزام المتعامل المتعاقد باإلستمرار في تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫يهدف المرفق العام إلى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجات العامة‬
‫وهو بهذا الدور يرتكز على عدة مبادئ‪ ،‬من أهمها مبدأ سير المرفق العام بإنتظام واطراد‪ ،‬إذ‬
‫كبير داخل المجتمع أيا كان موضوع نشاطها‪ ،‬وهذا يفرض أن‬
‫دور ا‬‫أن المرافق العامة تؤدي ا‬
‫تقدم خدماتها للجمهور بشكل مستمر ومتواصل‪ ،‬فال يمكن تصور توقفها‪ ،‬إذ أن توقفها‬

‫‪119‬‬
‫سينتج عنه ال شك إلحاق ضرر بالغ بالمصلحة العامة وبحقوق األفراد‪ ،‬لذا تعين على‬
‫المشرع وبغرض تح قيق المقصد العام وهو استم اررية نشاط المرفق وقيامه بالخدمات المنوطة‬
‫به أن يضع من اآلليات القانونية ما يضمن أداء الخدمة وتواترها و إنتظامها وعدم‬
‫إنقطاعها‪. 1‬‬
‫وكما تم بيانه سابقا فيما يخص إعادة التوازن المالي أو في حالة استعمال تقنية‬
‫الملحق‪ ،‬سواء تعلق األمر باإلسراع في تنفيذ الصفقة أو اإلقفال النهائي لها‪ ،‬فإنها ال تجعل‬
‫تنفيذ الصفقة مستحيال‪ ،‬بل مرهقا ولكن يبقى ممكنا‪ ،‬والغاية من ذلك تمكين المتعاقد من‬
‫الوفاء بالتزاماته‪ ،‬خشية إلحاق الضرر بالمنتفعين من الخدمات المرفقية‪ ،‬إال إذا تحول محل‬
‫تنفيذ الصفقة إلى قوة قاهرة تحول دون التنفيذ و ذلك نتيجة تفاقم الظروف والصعوبات التي‬
‫تقود المتعاقد إلى التوقف عن التنفيذ‪.‬‬
‫لذلك واستنادا إلى مبدأ دوام سير المرافق العامة يلتزم المتعاقد بمواصلة تنفيذ الصفقة‬
‫العمومية‪ ،‬فإذا توقف ولم يستمر في تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬تعرض لتوقيع الجزاءات‪ ،‬ال‬
‫سيما عقوبة غرامات التأخير وعدم االستفادة من التعويض ‪.‬‬
‫تبقى القوة القاهرة هي العارض الوحيد الذي يمكن أن يتوقف المتعاقد من خالله عن‬
‫تنفيذ الصفقة العمومية الستحالة التنفيذ‪ ،‬فهو أمر ليس بمؤقت ويستحيل معه مواصلة تنفيذ‬
‫الصفقة‪.‬‬
‫تعتبر القوة القاهرة وليدة قضية وكالة السفر البحرية ‪Messageries Maritimes‬‬
‫والتي صدر أثناءها قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 66‬يناير ‪ 4606‬بحيث وضع‬
‫محافظة الحكومة تارديو ‪ Tardien‬المبادئ المطبقة على حالة القوة القاهرة في العقود‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية‪ ،‬معتب ار بأن اإلضراب يعد حالة من حاالت القوة القاهرة واشترط عناصر لحدوثها‪:‬‬
‫‪ /4‬أن يكون الحادث مستقال عن إرادة المتعاقد‪.‬‬
‫‪ /6‬أن يكون الحادث غير قابل للتوقع وال للدفع ‪.‬‬
‫‪ /1‬أن يجعل من المستحيل إستحالة مطلقة‪ ،‬على المتعاقد الوفاء بالتزاماته ‪.‬‬

‫بوضياف عمار‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،6002،‬ص ‪ 119‬وص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬

‫بن شيخ أيت ملويا‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪،6009 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.22‬‬

‫‪120‬‬
‫هذا الشرط األخير هو ما يميز القوة القاهرة عن الحادث الفجائي‪ ،‬إذ يتمثل هذا األخير‬
‫في صعوبات وقتية وجزئية لتنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬ففي حالة القوة القاهرة ال بد أن تجعل‬
‫من المستحيل على المتعاقد‪-‬إستحالة مطلقة‪ -‬تنفيذ إلتزاماته العقدية‪ ،‬فالمتعاقد ال يتحرر من‬
‫إلتزاماته‪ ،‬إذا كانت في يده وسيلة ما أو طريقة تعويضية لتنفيذ إلتزاماته بطريقة قريبة أو‬
‫شبيهة بتلك المقررة في العقد ‪.‬‬
‫‪-0‬إلتزام المصلحة المتعاقدة بتعويض المتعامل المتعاقد‬
‫يترتب عن إلتزام المتعامل المتعاقد مواصلة تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬في حالة ما إذا ط أر‬
‫نزاع حول مرحلة التنفيذ‪ ،‬حق لهذا األخير الحصول على مساعدة من المصلحة المتعاقدة‪،‬‬
‫تتمثل في إلتزام اإلدارة المتعاقدة بإعادة التوازن المالي للصفقة وذلك عن طريق تعويض‬
‫المتعامل المتعاقد عن األضرار التي لحقت به من جراء اإلرهاق الذي مسه‪ ،‬نتيجة مواصلته‬
‫لتنفيذ الصفقة العمومية ‪.‬‬
‫في هذا المجال‪ ،‬نذكر أن التعويضات التي تدفعها المصلحة المتعاقدة تختلف بحسب‬
‫نوعية الفعل الضار الذي تسبب فيها ‪.‬‬
‫فإذا ما كنا في إطار تطبيق نظرية فعل األمير‪ ،‬فإن التعويض يكون كامال عن الربح‬
‫والخسارة‪ ،‬ومنه ال بد من تصور أن األساس القانوني الذي يدفع بسبب تطبيق هذه النظرية‬
‫قائم على تحمل نتائج نشاط السلطة العامة للمشروع‪ ،‬فهي مسؤولية دون خطأ‪.1‬‬
‫إن نظرية فعل األمير تحقق حق المتعامل المتعاقد في الحصول على جميع‬
‫التعويضات التي من شأنها أن تؤدي إلى التوازن المالي للصفقة‪ ،‬ويشمل التعويض الذي‬
‫يقدره القاضي اإلداري عند المنازعة ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب ‪.‬‬
‫قضت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بالمغرب بالتعويض الكامل للمتعاقد مع اإلدارة‬
‫نتيجة فعل األمير جاء في حكمها ما يلي ‪ ":‬وحيث أن الطلب الرامي إلى الحكم للمدعى‬
‫بالتعويضات عن األضرار التي لحقته‪ ،‬نتيجة عدم استغالله لمرافق السوق من جراء مقاطعة‬
‫التجار والحرفيين للسوق كرد فعل على الزيادة غير المتوقعة في أسعار ورسوم الدخول إلى‬
‫السوق من طرف السلطة المحلية دون سابق إخبار‪ ،‬هو الذي انعكس سلبا على المداخيل‬
‫وحيث مما ال جدال فيه أن التصرف الذي أقدم عليه المجلس يمكن تصنيفه في إطار فعل‬

‫بحري اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪121‬‬
‫األمير‪ ،‬التي هي أفعال تأتيها السلطة العامة ولم تكن متوقعة وقت التعاقد يترتب عليها جعل‬
‫تنفيذ اإللتزامات المتعاقد مرهقة‪ ،‬وحيث مما ال جدال فيه أن المدعى قد لحقه ضرر برفع‬
‫أسعار الرسوم‪ ،‬ومن ثم فإنه من واجبات الجهة المتعاقدة تعويضه تعويضا كامال ‪." 1‬‬
‫إلى جانب هذا األثر الرئيسي أشار بعض الفقهاء إلى آثار فرعية عن تطبيق هذه‬
‫‪2‬‬
‫النظرية تمثلت في‪:‬‬
‫‪ -‬تحرر المتعاقد من االلتزام بالتنفيذ إذا استحال االستمرار في تنفيذ العقد ‪.‬‬
‫حق المتعاقد في المطالبة بعدم فرض للغرامات التأخيرية إال إذا ثبت أن التأخير كان‬ ‫‪-‬‬
‫يرجع إلى فعل األمير ‪.‬‬
‫‪ -‬حق المتعاقد في طلب الفسخ إذا أصبحت أعباء المتعاقد بسبب عمل األمير كبيرة ال‬
‫تتحملها إمكانياته‪.‬‬
‫يستطيع المتعاقد أن يجمع بين اآلثار إذا تعددت األسباب كالحصول على التعويض‬ ‫‪-‬‬
‫الكامل أو فسخ العقد‪ ،‬أو الجمع بين التعويض الكامل وعدم فرض الغرامات التأخيرية‪.‬‬
‫أما التعويض عن نظرية الظروف الطارئة يكون تعويضا جزئيا‪ ،‬بمعنى أن اإلدارة ال‬
‫تتحمل وحدها وكلية كافة األعباء المالية المترتبة عن الظروف الطارئة‪ ،‬ولكنها تشارك فقط‬
‫المتعامل المتعاقد معها في تحملها‪ ،‬فأثر الظروف الطارئة هو إذن توزيع الخسائر مشتركة‬
‫بين اإلدارة والمتعاقد حتى يستطيع هذا األخير االستمرار في تنفيذ العقد‪.3‬‬
‫يشمل التعويض في نظرية الظروف الطارئة إلى جانب الخسارة التي لحقت المتعاقد‬
‫مع اإلدارة‪ ،‬ولهذا فهو جزئي و ليس للمتعامل المتعاقد أن يطالب بما فاته من كسب وقد جاء‬
‫في حكم لمحكمة القضاء اإلداري المصرية قولها ‪ ":‬أن من مقتضي الظروف الطارئة أن‬
‫تقدير معقوال بأن تكون‬
‫ا‬ ‫يكون الظرف الطارئ أثقل عيبا وأشق كلفة مما قدره المتعاقدان‬
‫الخسارة الناشئة عنه فادحة واستثنائية عندما تلحق بالمتعاقد‪ ،‬تتجاوز الخسائر العادية‪ ،‬بمعنى‬
‫أنه إذا لم يترتب على الظرف الطارئ خسارة ما أو كانت الخسارة طفيفة بالنسبة إلى عناصر‬

‫قصري محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 56‬و ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪.‬الفياض ابراهيم طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 696‬و ص ‪.691‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬مجدي عماد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.406‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪122‬‬
‫الضرر في مجموعه أو انحصر كل أثر الظرف الطارئ في تفويت فرصة الربح على‬
‫المتعاقد فإنه ال يكون ثمة مجال ألعمال أثر النظرية"‪.1‬‬
‫وعلى ذلك يجب لتقدير انقالب اقتصاديات العقد وباعتبارها قائمة‪ ،‬أن يدخل في‬
‫الحساب جميع عناصر العقد التي تؤثر على اقتصادياته‪ ،‬واعتبار العقد وحدة واحدة‪،‬‬
‫وبفحص مجموعه ال أن ينظر إلى أحد عناصره فقط‪ ،‬بل يكون ذلك بمراعاة جميع العناصر‬
‫التي يتألف منها و غالبا ما يقدر القاضي مقدار التعويض على هذا األساس مستعينا بأهل‬
‫الخبرة‪.2‬‬
‫البد أن يكون هذا التعويض مؤقتا‪ ،‬وتأقيت التعويض يأتي من طبيعة الظرف الطارئ‬
‫نفسه واال أصبح قوة قاهرة يستتبع وجوب فسخ العقد وانهائه فضال عن ذلك‪ ،‬فإنه قد تضطر‬
‫اإلدارة في بعض الحاالت إلى إتخاذ عدد من اإلجراءات التي يكون من شأنها أن تؤدي إلى‬
‫زيادة أعباء المقاولة المتعاقدة معها‪ ،‬كأن تطلب منها سرعة إنجاز األعمال المتفق عليها‪،‬‬
‫مما قد يؤذي إلى زيادة التكاليف من خالل االضطرار إلى دفع أثمان مرتفعة أو الزيادة في‬
‫أجور اليد العاملة‪ ،‬وهو أمر ال يمكن أن يحول دون حق المقاولة في الحصول على‬
‫التعويض المستحق عن ذلك‪ ،‬وهو ما أكدته الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بالمغرب في‬
‫قرارها عدد ‪ 66‬الصادر بتاريخ ‪ 4622/02/01‬والذي جاء فيه بأن ‪ ":‬حق التعديل االنفرادي‬
‫ال يحول دون حق صاحب االمتياز في رفع دعوى لدى محكمة القضاء الشامل المختصة‬
‫للبث فيها إذا كان له الحق في تعويض يكمل التوازن المالي"‪. 3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪.‬‬
‫يخضع لجوء المصالح المتعاقدة في إطار تسوية النزاعات التي تط أر عند تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية المبرمة مع متعاملين متعاقدين وطنيين إلى لجان التسوية الودية لنزاعات‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬أما بالنسبة للصفقات المبرمة مع متعاملين أجانب فهي تخضع طبقا‬
‫لنص المادة‪ 641‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬إلى سلطة ضبط الصفقات العمومية‬
‫وتفويضات المرفق العام‪ ،‬وقد أوكل تنظيم الصفقات العمومية تحديد تنظيم وكيفيات سير‬

‫د‪ .‬الفياض ابراهيم طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.621‬‬ ‫‪2‬‬

‫شقروني أنوار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.440‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪123‬‬
‫سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموجب مرسوم تنفيذي‪ ،‬ولحد‬
‫الساعة لم يصدر هذا المرسوم التنفيذي‪ ،‬ولهذا تقتصر هذه الدراسة على تحديد تشكيلة لجان‬
‫التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية (أوال) ثم التطرق إلى اإلجراءات المتبعة‬
‫أمامها (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تشكيلة لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 451‬من تنظيم الصفقات العمومية لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬وقد جاءت هذه المادة في فقرتها األولى على النحو التالي‪:‬‬
‫" تنشأ لدى كل وزير و مسؤول هيئة عمومية و كل وال لجنة للتسوية الودية‬
‫للنزاعات الناجمة عن تنفيذ الصفقات العمومية المبرمة مع المتعاملين اإلقتصاديين‬
‫الجزائريين‪"..‬‬
‫ينعقد إختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية بتوافر المعيار‬
‫العضوي‪ ،‬بحيث تختص لجنة التسوية الودية للنزاعات في الو ازرة و الهيئة العمومية بدراسة‬
‫نزاعات اإلدارة المركزية و مصالحها الخارجية أو الهيئة العمومية والمؤسسات العمومية‬
‫الوطنية ال تابعة لها‪ ،‬أما بالنسبة للجان التسوية الودية للنزاعات في الوالية‪ ،‬فتختص بدراسة‬
‫نزاعات الوالية و البلديات و المؤسسات العمومية المحلية التابعة لها و المصالح غير‬
‫الممركزة للدولة‪.‬‬
‫يختلف المعيار المحدد إلختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات التنفيذ عن المعيار‬
‫المحد د إلختصاص لجان الصفقات المختصة بنزاعات اإلبرام‪ ،‬بحيث يتوسع إختصاص‬
‫لجان التسوية الودية لنزاعات التنفيذ في الو ازرة و الهيئة العمومية‪ ،‬ليشمل في المقابل‬
‫إختصاص اللجنة الجهوية للصفقات و اللجنة القطاعية و إختصاص لجنة الصفقات‬
‫للمؤسسة العمومية الوطنية‪.‬‬
‫يبقى إختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية في الوالية‪،‬‬
‫فيالحظ إشتراكه من حيث المعيار العضوي مع إختصاص اللجنة الوالئية للصفقات و مع‬
‫ذلك يبقى التساؤل منصبا حول عدم وجود معيار مالي يحدد إختصاص لجان التسوية الودية‬
‫لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للجان الصفقات المختصة بنزاعات‬
‫اإلبرام‪ ،‬أي أن تنظيم الصفقات العمومية إرتكز في تحديده إلختصاص لجان التسوية الودية‬

‫‪124‬‬
‫لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية على المعيار العضوي أيا كان المعيار المالي الذي تقوم‬
‫عليه الصفقة العمومية‪.‬‬
‫تخضع لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية من حيث تشكيلتها إلى‬
‫طبيعة السلطة القائمة عليها‪ ،‬فهي تشترك في رئاستها من قبل ممثل عن الوزير أو مسؤؤل‬
‫الهيئة العمومية أو ممثل الوالي‪ ،‬كما يدخل ضمن عضويتها ممثل عن المصلحة المتعاقدة‬
‫والذي يقوم بتزويد اللجنة بجميع المعلومات الضرورية إلستيعاب محتوى الصفقة التي يتولى‬
‫تقديمها‪.‬‬
‫دعمت تشكيلة لجان التسوية الودية للنزاعات في الو ازرة و الهيئة العمومية بممثل عن‬
‫المديرية العامة للمحاسبة‪ ،‬و في ذلك تأكيد على صلة الصفقات العمومية بالمال العام‪ ،‬أما‬
‫لجنة التسوية الودية للنزاعات في الوالية فيدخل ضمن عضويتها ممثل عن المحاسب‬
‫العمومي المكلف‪.‬‬
‫أما عن وجه االختالف في تشكيلة لجان التسوية الودية لنزاعات التنفيذ‪ ،‬فتضم اللجان‬
‫المحدثة في الو ازرة أو الهيئة العمومية ممثال عن الو ازرة المعنية بموضوع النزاع‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫للجان المحدثة في الوالية فيمثلها ممثل عن المديرية التقنية للوالية المعنية بموضوع النزاع‪.‬‬
‫يعين أعضاء اللجان المختارون نظ ار لكفاءتهم في الميدان المعني‪ ،‬بموجب مقرر من‬
‫مسؤول الهيئة العمومية أو الوزير أو الوالي المعني‪ ،‬يعين رئيس اللجنة مقر ار من ضمن‬
‫أعضاء اللجنة و يمكن له أن يستعين بكل كفاءة من شأنها توضيح أشغال اللجنة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬اإلجراءات المتبعة أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫قبل صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬كانت اإلجراءات المتبعة أمام اللجان‬
‫الوطنية أو القطاعية للصفقات لتسوية نزاعات تنفيذ الصفقات العمومية تخضع إلى المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 442/44‬المؤرخ في ‪ 6044/01/49‬المتضمن الموافقة على النظام الداخلي‬
‫النموذجي للصفقات العمومية‪ ،‬بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬أنشئت لجان‬
‫للتسوية الودية للنزاعات وبالرغم من ذلك فإن المادة ‪ 642‬أبقت على تطبيق النصوص‬
‫المتخذة تطبيقا ألحكام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 619-40‬حتى نشر نصوص جديدة تطبيقا‬
‫ألحكام المرسوم الحالي‪ ،‬فهل هذا يعني القول بخضوع اإلجراءات المتبعة أمام لجان التسوية‬

‫‪125‬‬
‫الودية للنزاعات ألحكام المرسوم التنفيذي رقم ‪ 442/44‬المؤرخ في ‪ 6044/01/49‬المتضمن‬
‫الموافقة على النظام الداخلي النموذجي للصفقات العمومية إلى غاية صدور نص جديد‪.‬‬
‫في الحقيقة ال يمكن التسليم بهذا القول ذلك أنه بالعودة ألحكام المرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 442/44‬فإنها تحدد بموجب المادة األولى منه مجال تطبيقه الذي يقتصر على اللجان‬
‫المذكورة فقط في المرسوم الرئاسي رقم‪.619-40‬‬
‫ومن جهة أخرى وضحت المادة ‪ 455‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬بصفة‬
‫مباشرة اإلجراءات العامة المتبعة أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪،‬‬
‫الشيء الذي يفيد بالتقيد بمضمون النص إلى غاية صدور نصوص تطبيقية‪.‬‬
‫يوجه الشاكي إلى أمانة اللجنة تقري ار مفصال مرفقا بكل وثيقة ثبوتية برسالة موصى‬
‫عليها مع وصل إستالم‪ ،‬كما يمكنه إيداعه مقابل وصل إستالم‪.‬‬
‫تدعى الجهة الشاكية من طرف رئيس اللجنة برسالة موصى عليها مع وصل إستالم‪،‬‬
‫إلعطاء أريها في النزاع‪ ،‬ويجب عليها أن تبلغ رأيها لرئيس اللجنة برسالة موصى عليها مع‬
‫وصل إستالم‪ ،‬في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ مراسلتها‪.‬‬
‫تؤدى دراسة النزاع‪ ،‬في أجل أقصاه ثالثون يوما‪ ،‬إبتداء من تاريخ جواب الطرف‬
‫الخصم‪ ،‬لرأي مبرر‪.‬‬
‫يمكن اللجنة أن تستمع لطرفي النزاع و‪/‬أو تطلب منهما إبالغها بكل معلومة أو وثيقة‬
‫من شأنها توضيح أعمالها‪ ،‬وتؤخذ أراء اللجنة بأغلبية أصوات أعضائها‪ ،‬وعند تعادل‬
‫األصوات‪ ،‬يكون صوت الرئيس مرجحا‪.‬‬
‫يبلغ رأي اللجنة لطرفي النزاع بإرسال موصى عليه مع وصل إستالم‪ ،‬وترسل نسخة‬
‫من هذا الرأي إلى سلطة ضبط الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام‪.‬‬
‫تبلغ المصلحة المتعاقدة قرارها في رأي اللجنة للمتعامل المتعاقد في أجل أقصاه ثمانية‬
‫أيام‪ ،‬إبتداء من تاريخ تبليغها برسالة موصى عليها مع وصل إستالم‪ ،‬وتعلم اللجنة بذلك‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تسوية منازعات تنفيذ الصفقات العمومية في ظل قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‬
‫زيادة على الطرق التي تضمنها المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام في ما يخص تسوية منازعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬تحيلنا المادة ‪ 223‬إلى التشريع والتنظيم المعمول بهما‪.‬‬
‫بالعودة إلى اإلحالة المذكورة أعاله فإن المقصود بالتشريع المعمول به هو قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫فمن الطرق التي تخرج عن والية القضاء ينظم القانون رقم ‪ 40-47‬المؤرخ في ‪12‬‬
‫فبراير ‪ 1447‬والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية طرقا أخرى بديلة لحل النزاعات‬
‫والتي جاءت في الكتاب الخامس تحت عنوان "في الطرق البديلة لحل النزاعات " من الباب‬
‫الثاني الموسوم ب" في التحكيم "‪ ،‬إذ يعتبر هذا األخير الحل الودي الذي تنصب عليه‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫أما التنظيم المعمول به طبقا للمادة ‪ 223‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬فيقصد‬
‫به تنظيم الصفقات العمومية بحد ذاته‪ ،‬وفي هذا اإلطار فقد نظمت المادة المذكورة أعاله في‬
‫فقرتها األخيرة طريقا وديا آخ ار يمكن للمصالح المتعاقدة اللجوء إليه لحل نزاعاتها‪ ،‬لكنه‬
‫يقتصر فقط على المتعاملين األجانب ويتمثل هذا الحل في عرض النزاع على هيئة تحكيم‬
‫دولية بناء على إقتراح من الوزير المعني‪ ،‬وبالموافقة المسبقة أثناء إجتماع الحكومة‪ ،‬وعليه‬
‫فإن المتعاملين الوطنيين يلجأون إلى التحكيم المنظم طبقا لقانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪.‬‬
‫يبقى التساؤل مطروحا حول كيفية لجوء المصالح المتعاقدة للتحكيم حينما يكون أحد‬
‫أطرافه متعاملون أجانب ذلك أن المادة ‪ 223‬لم توضح اإلجراءات المتبعة أمام هذه الهيئة‬
‫والى أي قانون تخضع هذه الهيئة‪.‬‬
‫أمام سكوت تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام عن تحديد الطبيعة‬
‫القانونية للتحكيم الذي يكون أحد أطرافه متعامل أجنبي فسوف تقتصر الدراسة على تبيان‬
‫التحكيم المنصوص عليه في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫إن اللجوء إلى التحكيم في الوقت المعاصر يعتبر حتمية ال مفر منها نظ ار لما تنصب‬
‫عليه من محاسن تنعكس في رغبة األطراف الذين يفضلون اللجوء إليه لما يحققه لهم من‬
‫سرعة للفصل في المنازعات‪ ،‬السرية‪ ،‬و بساطة اإلجراءات‪ 1‬التي تترك لهم الحرية في اختيار‬
‫المحكمين‪ ،‬والقانون الذي يطبق على موضوع النزاع ومكان ولغة التحكيم‪ ،‬كل ذلك أدى إلى‬
‫نمو التحكيم بطريقة سريعة إلى أن أصبح اآللية والوسيلة الهامة في تسوية المنازعات التي‬
‫تنشأ بين األفراد في معامالتهم‪ ،2‬السيما مع تطور العالقات التجارية الدولية والتي أفرزت‬
‫ضرورة القضاء على كل العراقيل اإلدارية و القانونية التي تفرضها الدول عن طريق اللجوء‬
‫إلى التحكيم ‪.‬‬
‫قدم الفقه تعريفات عديدة للتحكيم‪ ،‬لقد عرف األستاذ بجاوي التحكيم‪ ":‬على أنه نظام‬
‫عدالة خاصة‪ ،‬ومن خاللها ينتزع النزاع من إختصاص المحاكم العادية ليعهد ألشخاص‬
‫خواص يختارون مبدئيا من قبل األطراف أو بمساعدتهم‪ ،"3‬وعرفه الفقيه جون روبرت" على‬
‫أنه نوع من العدالة الخاصة التي يمكن أن ينجر عنها نزع الخالفات من والية القضاء العام‬
‫في الدولة إلى مجموعة أشخاص أو هيئات خصوا بهذه المهمة‪."4‬‬
‫يقوم التحكيم على أساسين‪ ،‬فاللجوء إلى التحكيم يتم بإتفاق الطرفين إعماال لمبدأ‬
‫سلطان إرادتهما و تنفيذا لها‪ ،‬وال يكون التحكيم جائ از إال بإذن المشرع‪ ،‬فال تكفي إرادة‬
‫‪5‬‬
‫الخصوم بل ال بد من إقرار هذه اإلرادة من قبل المشرع‬
‫يتخذ نظام التحكيم عدة صور فينقسم من زاوية النظر لتأثير اإلرادة فيه إلى تحكيم‬
‫إجباري وتحكيم إختياري‪ ،‬ومن زاوية تنظيمه إلى تحكيم حر وتحكيم مؤسسي‪ ،‬أما من زاوية‬

‫لوناس حرزي‪ ،‬دور االتفاقيات الثنائية في مجال االستثمار‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون الدولي‬ ‫‪1‬‬

‫لألعمال‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041‬ص ‪.469 ،465‬‬
‫حدادن طاهر‪ ،‬دور القاضي الوطني في مجال التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير فرع قانون التنمية‬ ‫‪2‬‬

‫الوطنية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6041‬ص ‪.4‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪9‬‬ ‫‪3‬‬

‫عالق عبد الوهاب‪ ،‬الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪4‬‬

‫خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6001-6001‬ص ‪.450‬‬
‫محمد بكر حسين‪ ،‬العقد اإلداري والتحكيم‪ ،‬مكتبة السعادة‪ ،‬طنطا‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،4661‬ص ‪450‬و ‪.416‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪128‬‬
‫خضوعه للقانون فينقسم إلى تحكيم بالصلح والتحكيم بالقانون‪ ،‬أما من ناحية نطاقه االقليمي‬
‫إلى تحكيم داخلي وتحكيم دولي‪.1‬‬
‫مما تقدم ذكره ومهما تعددت تعريفات التحكيم وتحديد أسسه وكذا أنواعه‪ ،‬إال أن‬
‫اإلشكال يطرح حول تطبيق التحكيم على منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫من المعلوم أن منازعات الصفقات العمومية تندرج ضمن المنازعات اإلدارية المحكومة‬
‫بقواعد القانون اإلداري‪ ،‬و االختصاص األصيل يعود للقضاء اإلداري للبث فيها‪ ،‬أي من‬
‫شأن التحكيم أن يطمس معالم وأحكام المنازعات اإلدارية ويؤثر على مقومات القانون العام‬
‫المتوقفة على ضرورة تطبيق قواعد القانون اإلداري التي تقوم على تفضيل المصلحة العامة‬
‫‪.2‬‬
‫والنظام العام‬
‫ففي مرحلة أولى البد من تحديد مدى مشروعية التحكيم في منازعات الصفقات‬
‫العمومية (مطلب أول) ثم التطرق إلى الخصومة التحكيمية في منازعات الصفقات العمومية‬
‫إن وجدت (مطلب ثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫مدى مشروعية التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‬
‫يمكن تعريف التحكيم اإلداري بأنه الوسيلة القانونية التي تلجأ إليها الدولة أو أحد‬
‫األشخاص المعنوية العامة األخرى لتسوية كل أو بعض المنازعات الحالية أو المستقبلية‪،‬‬
‫الناشئة عن عالقات قانونية ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية فيما بينها أو بين إحداها‬
‫وأحد أشخاص القانون الخاص الوطنية أو األجنبية‪ ،‬سواء كان اللجوء إلى التحكيم إختياريا‬
‫أو إجباريا وفقا لقواعد القانون اآلمرة‪.3‬‬
‫ولما كانت الصفقات العمومية تصنف ضمن العقود اإلدارية التي تبرمها أشخاص‬
‫القانون العام بهدف القيام بإنجاز أشغال أواقتناء لوازم أو القيام بخدمات لفائدة مرفق عام من‬
‫أجل تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فهي بالتالي ونظ ار لتضمنها شروطا استثنائية غير مألوفة في‬

‫الحلو ماجد راغب‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،1446 ،‬ص‪.107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬د‪ .‬األعرج محمد ‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد‪ ،6002 ،11‬ص ‪.29‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪. 22‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪129‬‬
‫عقود القانون الخاص تخضع في منازعاتها كأصل عام إلى القضاء اإلداري و تطبق عليها‬
‫قواعد القانون اإلداري ‪.‬‬
‫إن الطبيعة القانونية المتميزة للصفقات العمومية تتنافى مع القواعد التحكيمية التي‬
‫تستمد مصدرها من القانون الخاص‪ ،‬بحيث تنزل األشخاص العامة في مرتبة األفراد وهو ما‬
‫ال يقوم عليه القانون اإلداري أين تظهر فيه اإلدارة بمظهر السلطة العامة على أساس‬
‫تحقيقها المصلحة العامة ال المصلحة الخاصة‪ ،‬إال أن المظهر الجديد الذي طبع الصفقات‬
‫العمومية والتي أصبحت وسيلة للتنمية االقتصادية وسعي الدولة إلى استقطاب االستثمار‬
‫األجنبي وتشجيع االستثمار الداخلي جعل كثي ار من الدول تقوم بالتنصيص على التحكيم‬
‫اإلداري خاصة وأن المستثمرين ينجذبون إلى هذا الطريق تخوفا من بطء إجراءات القضاء‬
‫اإلداري الوطني و كذا تكلفته‪.‬‬
‫لذلك فإنه كأصل عام ومن أجل تحقيق التوافق واإلنسجام بين مقتضيات المحافظة‬
‫على المصلحة العامة والتنمية االقتصادية‪ ،‬ال بد أن تتحدد قدرة الدولة أو أشخاصها العامة‬
‫في تضمين عقودها إتفاق التحكيم التي قد توقعها األشخاص االعتبارية في القانون الذي‬
‫تستمد منه هذه األشخاص وجودها وسلطاتها وصالحياتها األساسية‪ ،‬ومع ذلك يجوز ورود‬
‫الحظر في قوانين أخرى‪ ،‬ولكن في هذه الحالة يجب أن يكون صريحا وواضحا ال يحتمل‬
‫التأويل‪. 1‬‬
‫إن دراسة التحكيم كوسيلة قانونية لتسوية منازعات الصفقات العمومية تقتضي التعرف‬
‫على موقف المشرع الجزائري منها في (فرع أول) تم التطرق إلى كيفية تنظيم إتفاق التحكيم‬
‫في الصفقات العمومية في( فرع ثاني )‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف المشرع الجزائري من التحكيم في الصفقات العمومية‬
‫عرف موقف المشرع الجزائري إزاء التحكيم مع األشخاص المعنوية مرحلتين‪ ،‬تميزت‬
‫المرحلة األولى بتذبذب النظام القانوني المتعلق بالتحكيم في مواجهة األشخاص المعنوية‬
‫(أوال) ليعرف بعد ذلك استق ار ار وحسما فيما يخص التحكيم المتعلق بالصفقات العمومية‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد بكر حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.273‬‬

‫‪130‬‬
‫أوال‪ -‬مرحلة تذبذب النظام القانوني للتحكيم في مواجهة األشخاص المعنوية‬
‫كانت النزاعات المثارة بشأن الصفقات المبرمة من قبل الحكومة الجزائرية وبعض‬
‫الشركات األجنبية تخضع إلى قانون البترول الصحراوي لسنة ‪ 2027‬بموجب األمر رقم‬
‫‪ 2222/27‬الصادر بتاريخ ‪ 2027/22/11‬وذلك بنص المادة ‪ 02‬منه على إخضاع‬
‫المنازعات المتعلقة بتطبيق االتفاقية بين صاحب االمتياز والمنتفع به إلى مجلس الدولة‬
‫‪.1‬‬
‫الفرنسي إبتدائيا نهائيا‬
‫يستند نص المادة ‪ 02‬من هذا األمر على أساس نصي المادتين ‪ 73‬و ‪ 2440‬من‬
‫تقنين اإلجراءات المدنية الفرنسي‪ ،‬الذي يحظر على أشخاص القانون العام اإلعتبارية اللجوء‬
‫للتحكيم‪ 2‬والمادة ‪ 1474‬من القانون المدني الفرنسي‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 2440‬على عدم جواز إبرام إتفاقات التحكيم في المنازعات التي يشترط‬
‫القانون تبليغها للنيابة العامة وحضورها في الدعوى‪ ،‬أما المادة ‪ 73‬فإنها تحدد القضايا التي‬
‫يشترط فيها إخطار النيابة العامة وهي المنازعات التي يكون أحد أطرافها الدولة أو الدومين‬
‫أو البلديات أو المؤسسات العمومية‪.3‬‬
‫كانت الجزائر تعتقد أنها بعد االستقالل تحال هذه النزاعات على القضاء الجزائري‬
‫لتحل محل مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬لكن فرنسا والمتعاملين رفضوا عرض نزاعاتهم على‬
‫القضاء الجزائري‪ ،‬مما دفع بالمفاوضين في إتفاقيات إيفيان و بالضبط في النظام الخاص‬
‫بالمنازعات إلى النص‪ ":‬تحل فرنسا والجزائر المنازعات التي تحدث بينهما بالطرق السلمية‬
‫سواء بالصلح أو التحكيم و تستطيع كل من الدولتين االلتجاء فو ار إلى محكمة العدل‬
‫الدولية إذا لم يتم االتفاق على إجراءات هته المحاكمات‪."4‬‬

‫عمامرية نبيلة‪ ،‬تسوية المنازعات الناجمة عن العقود اإلستثمارية البترولية عن طريق التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪1‬‬

‫ماجستير في فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6046-6044‬ص ‪.452‬‬
‫عالق عبد الوهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪3‬‬

‫بشير سليم‪ ،‬دور القاضي في التحكيم‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة العقيد الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪ ،‬كلية‬ ‫‪4‬‬

‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،6001-6001‬ص‪456‬‬

‫‪131‬‬
‫أما إتفاق ‪ 10‬جويلية ‪ 2072‬المتعلق بالتعاون في مجال استغالل الثروات‬
‫الهيدروكربونية‪ ،‬فقد اشتمل على نظام التوفيق ونظام التحكيم‪.1‬‬
‫ي ستخلص من هذه النصوص أن المحاكم الوطنية الجزائرية في المرحلة بعد اإلستقالل‬
‫لم تكن مختصة في تسوية النزاعات المتعلقة بمختلف العقود التي تمت في مجال‬
‫االستغالالت البترولية و غير البترولية‪. 2‬‬
‫كرس المشرع الجزائري في الكتاب الثامن من قانون اإلجراءات المدنية الجزائري‬
‫الصادر بموجب األمر رقم ‪ 220-77‬المؤرخ في ‪ 47‬جوان ‪ 2077‬متبعا في ذلك القواعد‬
‫المنظمة للتحكيم في فرنسا أنذاك دون االتيان بشيئ جديد‪ ،‬فالمادة ‪ 001‬منه تضع قاعدة‬
‫بمقتضاها يمكن لكل شخص أن يطلب التحكيم دون قيد‪ ،‬سواء تعلق األمر باألشخاص‬
‫الطبيعية أو المعنوية الخاضعة للقانون الخاص‪ ،‬لكن الفقرة الثالثة من نفس المادة أوردت‬
‫استثناء يخص األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام والتي جاء فيها مايلي‪:‬‬
‫‪.3‬‬
‫" وال يجوز لألشخاص المعنويين التابعيين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم"‬
‫فهو بذلك تبنى القاعدة التي أقرها المشرع الفرنسي بموجب المادتين ‪ 73‬و‪ 2440‬من‬
‫تقنين اإلجراءات المدنية الفرنسي القديم والتي تحظر التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬
‫أخذ المشرع بهذا المبدأ في أول قانون ينظم الصفقات العمومية والذي صدر بموجب‬
‫األمر رقم ‪ 04-76‬حيث أشارت المواد ‪ 221‬و ‪ 222‬و ‪ 220‬إلى حل المنازعات التي تنشأ‬
‫عن تنفيذ الصفقات العمومية وذلك بالطرق الودية أمام لجان الصفقات كأصل عام قبل‬
‫عرض األمر على القضاء ‪.‬‬
‫بعد تأميم المحروقات سنة ‪ 2062‬لم تعد الدولة الجزائرية تقبل التحكيم مع أشخاص‬
‫القانون الخاص‪ ،‬إال بطريقة استثنائية مشروطة بوجود إتفاقية دولية تسمح به‪ ،‬وفي نفس‬
‫السنة تدخل المشرع لمراجعة قانون اإلجراءات المدنية عن طريق األمر رقم ‪ 74-62‬المؤرخ‬

‫قدوج حمامة‪ ،‬تصنيف الصفقات العمومية في الجزائر طبقا للمعيار العضوي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقوق فرع قانون‬ ‫‪1‬‬

‫عام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،6040-6006‬ص‪.641‬‬


‫ص‪.645‬‬ ‫مرجع سابق أعاله‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫كمال معروف‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي في ظل المرسوم التشريعي ‪ 06-61‬المؤرخ في ‪ 65‬أفريل‪ ، 4661‬مذكرة ماجستير‬ ‫‪3‬‬

‫في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة الجامعية‪ ،6000-4666‬ص‪.9‬‬

‫‪132‬‬
‫في ‪ 2062/21/10‬والذي أكد على التحكيم وجعله حك ار على النزاعات الناتجة عن‬
‫العالقات فيما بين المؤسسات العمومية‪.1‬‬
‫لقد عرف قانون الصفقات العمومية تعديالت الحقة تميزت ببداية االنفتاح على التحكيم‬
‫في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك بإصدار المرسوم رقم ‪ 202-71‬المؤرخ في‬
‫‪ 2071/40/24‬والمتضمن تنظيم صفقات المتعامل العمومي‪ ،2‬حيث نصت المادة ‪240‬‬
‫منه على أن تسوي الخالفات التي تط أر أثناء تنفيذ الصفقة في إطار األحكام التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫بالعودة إلى األحكام التشريعية نجد نص المادة ‪ 3/001‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫والذي يمنع على األشخاص المعنوية اللجوء إلى التحكيم كأصل عام‪ ،‬وهو ما يفهم من‬
‫اإلحالة إلى التشريع الجاري به العمل‪ ،‬لكنه في المقابل فإنه بالعودة إلى القواعد التنظيمية‬
‫نجد نص المادة ‪ 2/22‬من المرسوم رقم ‪ 202/71‬والتي تنص على أنه ‪ ":‬يجب أن ينص‬
‫في كل صفقة على التشريع المعمول به وعلى هذا المرسوم"‪ ،‬كما يضيف"‪ ..‬يجب أن‬
‫تحتوي الصفقة فضال عن ذلك إن إقتضى األمر البيانات التكميلية التالية‪....‬القانون‬
‫المطبق و شروط تسوية المنازعات"‪ ،‬وهو ما يؤدي بالقول بإمكانية اللجوء للتحكيم‪ ،‬لكن‬
‫حتى ولو قصد المرسوم المذكور أعاله ذلك فإنه يكون هذا النص غير مشروع‪ ،‬ألنه ال‬
‫يتعلق األمر إال بمرسوم في حين أن المادة ‪ 3-001‬تعتبر قانونا‪.3‬‬
‫تعززت بوادر االنفتاح بموجب القانون رقم ‪ 42-77‬المؤرخ في ‪2077/42/21‬‬
‫المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية والتي جاءت المادة ‪ 14‬منه بأن‬
‫أموال وأمالك المؤسسة العمومية االقتصادية يجوز أن تكون محل مصالحة بمفهوم الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 001‬من قانون اإلجراءات المدنية وأن هذه األموال والممتلكات يمكن‬
‫التنازل عنها و هي قابلة للحجز‪.4‬‬

‫كمال معروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.40‬‬ ‫‪2‬‬

‫نور الدين بكلي‪ ،‬إتفاق التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون الدولي‪ ،‬جامعة‬ ‫‪3‬‬

‫الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،4669-4665‬ص‪.12‬‬


‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.51‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪133‬‬
‫جاء بعد ذلك المرسوم التنفيذي رقم‪ 030-02‬الـمؤرخ في ‪ 2002/22/0‬والمتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية وعلى هذا النحو جاءت المادة ‪ 22‬منه في نفس السياق الذي جاء‬
‫به المرسوم رقم ‪ 02/71‬بالنص على إلزامية تبيان القانون الواجب التطبيق وشروط التسوية‬
‫الخالفات في نزاعات تنفيذ الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫بعد هذا المرسوم صدر المرسوم التشريعي رقم ‪ 40-03‬المؤرخ في ‪ 12‬أفريل ‪2003‬‬
‫المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 220-77‬المؤرخ في ‪ 7‬جوان ‪ 2077‬المتضمن قانون اإلجراءات‬
‫المدنية الذي ألغى المادة ‪ 3-001‬من قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬للعلم فإن الفقرة المذكورة‬
‫تنص على ما يلي‪ ":‬وال يجوز لألشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا‬
‫‪1‬‬
‫التحكيم ماعدا في عالقاتهم التجارية الدولية "‬
‫هذا النص جاء تماشيا مع موقف المشرع الفرنسي الذي أخذ بالمعيار االقتصادي في‬
‫بيانه لدولية التحكيم بنص المادة ‪ 2001‬من قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي المعدل سنة‬
‫‪.2 2072‬‬
‫بالتالي فإن هذا المرسوم التشريعي فتح المجال أمام األشخاص المعنوية العامة‬
‫إلمكانية اللجوء إل ى التحكيم عندما يتعلق النزاع بعالقة تجارية دولية وبمفهوم المخالفة يبقى‬
‫الحظر ساريا فيها على النزاعات ذات الطابع الداخلي‪.‬‬
‫جاءت بعد ذلك المادة ‪ 24‬من المرسوم الرئاسي ‪ 124/41‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية متجانسة مع ما ورد في المرسوم التنفيذي ‪ 030/02‬والتي نصت على ضرورة‬
‫تحديد القانون الواجب التطبيق على مستوى كل صفقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مرحلة استقرار وحسم أمر التحكيم في مواجهة األشخاص المعنوية‬
‫فتح القانون لألشخاص المعنوية العامة الباب من أجل اللجوء إلى التحكيم في‬
‫منازعاتهم عن طريق القانون رقم ‪ 40-47‬المؤرخ في ‪ 1447/41/12‬والمتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪.‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫نويوة هدى‪ ،‬التحكيم في منازعات الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في المؤسسات اإلدارية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫جامعة منتوري‪ -‬قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6046-6044‬ص‪.64‬‬

‫‪134‬‬
‫ولقد أورد هذا القانون شروطا للجوء األشخاص المعنوية العامة إلى التحكيم‪ ،‬إذ نميز‬
‫بين حالتين تعرض إليهما المشرع في معالجته للتحكيم‬
‫‪ -0‬الحالة األولى لمشروعية لجوء األشخاص المعنوية للتحكيم‬
‫بالنسبة للحالة األولى المتعلقة بالتحكيم‪ ،‬فقد شملت نوعا من األشخاص المعنوية العامة‬
‫التي يجوز لها التحكيم اإلداري والتي جاءت في الكتاب الرابع تحت عنوان " في اإلجراءات‬
‫المتبعة أمام الجهات القضائية اإلدارية " من الباب الخامس المسمى " في الصلح والتحكيم"‬
‫من الفصل الثاني المعنون " في التحكيم" ‪.‬‬
‫في هذا اإلطار نصت المادة ‪ 062‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على‬
‫مايلي‪:‬‬
‫" ال يجوز لألشخاص المذكورة في المادة ‪ ،911‬أعاله أن تجري تحكيما إال في‬
‫الحاالت الواردة في االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر وفي مادة الصفقات‬
‫العمومية"‪.‬‬
‫إن تحليل المادة ‪ 062‬المذكورة أعاله يظهر المالحظات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬األشخاص المعنوية العامة التي يجوز لها اللجوء إلى التحكيم تمثلت في األشخاص‬
‫المذكورة في المادة ‪ 744‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية والمتمثلة في كل من الدولة‪،‬‬
‫الوالية‪ ،‬البلدية‪ ،‬المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية‪ ،‬حيث جاءت المادة ‪ 744‬على‬
‫النحو التالي ‪ " :‬المحاكم اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات اإلدارية تختص‬
‫بالفصل في أول درجة‪ ،‬بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا‪ ،‬التي تكون الدولة أو‬
‫الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها"‬
‫وعليه فإن األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬المعنية بالتحكيم ال بد أن تكون ذات صبغة‬
‫إدارية‪.‬‬
‫‪ -‬كأصل عام ومن خالل أول عبارة بدأت بها المادة ‪ 062‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية هي ‪ " :‬ال يجوز لألشخاص المذكورة في المادة ‪ 911‬أعاله أن تجري تحكيما"‪،‬‬
‫فقد اعترفت بعدم جواز لجوء األشخاص العامة ذات الصبغة اإلدارية إلى التحكيم كقاعدة‬
‫عامة إال أن هذه المادة أوردت إستثناء على القاعدة العامة بحصر مجال لجوء األشخاص‬
‫المعنوية إلى التحكيم في نقطتين‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫أ‪ -‬جواز لجوء األشخاص المعنوية العامة ذات الصبغة اإلدارية للتحكيم في الحاالت‬
‫الواردة في االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر‬
‫يعتبر هذا النوع من التحكيم بالتحكيم اإللزامي وليس ناشئا عن إرادة أطراف العالقة‬
‫التعاقدية‪ ،‬بل ناشئا عن مصادقة الدولة لالتفاقية الدولية المتضمنة لشرط اللجوء إلى التحكيم‬
‫في حالة نشوب منازعات فإذا ما أغفلت الدولة تضمين عقودها بنودا تحكيمية تكون بذلك‬
‫قد أخلت باإللتزام دولي ناتج عن اإلتفاقيات الدولية التي تضمنت اإلحالة للتحكيم في‬
‫منازعاتها‪ ،‬فتتحمل مسؤوليتها طبقا لقواعد المسؤولية الدولية ‪.1‬‬
‫على هذا األساس ولما كانت المعاهدات الدولية أعلى درجة ومرتبة من القانون‪ ،‬حسب‬
‫دستور ‪ ، 2007‬فإنه ال بد أن يحترم القانون سمو المعاهدات الدولية عليه‪ ،‬وعليه فإن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية في المادة ‪ 062‬أجاز صراحة لجوء األشخاص العامة ذات‬
‫الصبغة اإلدارية إلى التحكيم عندما تبرم عقودا‪ ،‬وهذا تنفيذا لإلتفاقيات الدولية التي صادقت‬
‫عليها الجزائر ‪.‬‬
‫ب‪ -‬جوازية التحكيم بالنسبة لألشخاص العامة ذات الصبغة اإلدارية عندما يتعلق األمر‬
‫بالصفقات العمومية‪.‬‬
‫تعرضت المادة ‪ 062‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية إلى الحالة الثانية التي‬
‫تلجأ فيها األشخاص العامة ذات الصبغة اإلدارية للتحكيم والتي تتمثل في مادة الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫حددت المادة ‪ 47‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفق العام مجال تطبيقه حيث نصت على مايلي‪:‬‬
‫" ال تطبق أحكام هذا الباب إال على الصفقات العمومية محل نفقات‬
‫‪ -‬الدولة‪،‬‬
‫‪ -‬الجماعات اإلقليمية‪،‬‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪".‬‬
‫إنطالقا من المادتين المذكورتين أعاله‪ ،‬فإنه يجوز لألشخاص العامة ذات الصبغة‬
‫اإلدارية أن تلجأ إلى التحكيم في مادة الصفقات العمومية‪ ،‬وال يقتصر ذلك على الصفقات‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪136‬‬
‫العمومية الداخلية بل يتعداه إلى الصفقات العمومية الدولية‪ ،‬وعلى هذا األساس تؤكد المادة‬
‫‪ 37‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات‬
‫المرفق العام على مايلي ‪:‬‬
‫" يمكن المصلحة المتعاقدة من أجل تحقيق أهدافها‪ ،‬أن تلجأ بغية تنفيذ خدماتها‬
‫إلى إبرام صفقات تعقد مع المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري و المؤسسات األجنبية"‬
‫إن اللجوء إلى التحكيم في الصفقات الدولية يعتبر مستقال في حد ذاته‪ ،‬إستنادا لنص‬
‫المادة ‪ 062‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬و ليس إستنادا إلى اإلتفاقيات‬
‫المصادق عليها من قبل الجزائر‪.‬‬
‫يمكن أن تكون الصفقة العمومية الدولية ناجمة عن اإلتفاقية التي صادقت عليها‬
‫الجزائر‪ ،‬لكن التحكيم في الصفقات العمومية الدولية ال يرتكز على البند الذي جاءت به‬
‫اإلتفاقية بل يستند على إقرار المشرع بجواز التحكيم في مادة الصفقات العمومية بصفة‬
‫عامة‪.‬‬
‫إن مسألة لجوء األشخاص المعنوية العامة ذات الصبغة اإلدارية للتحكيم تطرح مسألة‬
‫األشخاص التي تبادر بتمثيل األشخاص المعنوية العامة اإلدارية‪ ،‬والتي تم تأكيدها بموجب‬
‫المادة ‪ 067‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫" تطبق األحكام المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في هذا القانون أمام الجهات‬
‫القضائية اإلدارية‬
‫عندما يكون التحكيم متعلقا بالدولة‪ ،‬يتم اللجوء إلى اإلجراء بمبادرة من الوزير‬
‫المعني أو الوزراء المعنيين‪.‬‬
‫عندما يتعلق التحكيم بالوالية أو البلدية يتم اللجوء إلى هذا اإلجراء على التوالي‬
‫بمبادرة من الوالي أو من رئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫عندما يتعلق التحكيم بمؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية‪ ،‬يتم اللجوء إلى هذا‬
‫اإلجراء بمبادرة من ممثلها القانوني‪ ،‬أو من ممثل السلطة الوصية التي يتبعها‪".‬‬

‫‪137‬‬
‫‪ -1‬الحالة الثانية لمشروعية لجوء األشخاص المعنوية للتحكيم‬
‫بالنسبة للحالة الثانية المتعلقة بالتحكيم‪ ،‬فقد شملت نوعا من األشخاص المعنوية‬
‫العامة التي يجوز لها التحكيم من غير األشخاص المعنوية ذات الصبغة اإلدارية والتي‬
‫وردت في الكتاب الخامس من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية تحت عنوان " في الطرق‬
‫البديلة لحل النزاعات " في الباب الثاني المسمى "في التحكيم" في الفصل األول المعنون ب‬
‫"إتفاقيات التحكيم"‪.‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 2447‬من هذا القانون على مايلي ‪:‬‬
‫" يمكن لكل شخص اللجوء إلى التحكيم في الحقوق التي له مطلق التصرف فيها ال‬
‫يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة األشخاص وأهليتهم‪.‬‬
‫وال يجوز لألشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم‪ ،‬ماعدا في عالقاتها‬
‫االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات العمومية"‪.‬‬
‫إن تحليل المادة ‪ 2447‬تظهر المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ذكرت المادة ‪ 2447‬في الفقرة الثالثة األشخاص التي يجوز لها اللجوء إلى طلب‬
‫التحكيم وقد جاءت بعبارة " األشخاص المعنوية العامة"‪ ،‬حيث أن هذه العبارة قد جاءت في‬
‫األصل على العموم على عكس المادة ‪ 062‬التي حددت مجال تطبيقها في األشخاص‬
‫المذكورة في المادة ‪ 744‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬هل هذا يعني أن المادة‬
‫‪ 2447‬أرادت أن توسع من مجال األشخاص المعنوية العامة لتشمل المؤسسات العمومية‬
‫غير اإلدارية؟‬
‫لقد تضمنت المادة ‪ 2447‬مبدأ هاما و المتمثل في عدم جواز األشخاص المعنوية‬
‫العامة أن تلجأ إلى التحكيم كأصل عام من خالل العبارة األتية ‪:‬‬
‫" وال يجوز لألشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم"‪.‬‬
‫إال أن هذه المادة كسابقتها(المادة‪ )062‬أوردت استثناء على هذه القاعدة‪ ،‬بحصر‬
‫مجال لجوء األشخاص المعنوية العامة إلى التحكيم في نقطتين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬جواز لجوء األشخاص المعنوية العامة للتحكيم في عالقاتها االقتصادية الدولية‪.‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 3-2447‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بصفة صريحة‬
‫على جواز أن تطلب األشخاص المعنوية العامة التحكيم في عالقاتها االقتصادية الدولية‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫إن هذه المادة يظهر ميلها إلى األشخاص المعنوية العامة غير اإلدارية التي لها هدف‬
‫إقتصادي و إال فإن القول بعكس ذلك سوف يوقع المشرع الجزائري في تناقض بين األحكام‪،‬‬
‫فمن جهة يحدده باإلتفاقيات الدولية و من جهة أخرى يحدده بمجال العالقات اإلقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫الدولية‪.‬‬
‫وهناك فرق بينهما‪ ،‬لذلك البد على المشرع أن يتدارك هذا التعارض بتوحيد‬
‫المصطلحات المستعملة و تفادي التخصيص على وجه الحصر من أجل ضمان تكامل‬
‫‪2‬‬
‫النصوص‪.‬‬
‫لكي نكون أمام عالقات اقتصادية دولية تجيز التحكيم بالنسبة لألشخاص المعنوية‬
‫العامة غير اإلدارية ال بد من توافر عنصرين ‪.‬‬
‫أ‪ -0.‬أن يكون النزاع المراد عرضه على التحكيم ناتجا عن عالقة دولية‬
‫يفهم من ذلك كل عالقة تضع إحدى األشخاص العمومية للدولة إزاء وفي مواجهة‬
‫‪3‬‬
‫طرف أجنبي أو أكثر‪.‬‬
‫أوضحت المادة ‪ 2430‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية في بيانها لمفهوم‬
‫الطابع الدولي في التحكيم بعبارتها‪:‬‬
‫" يعد التحكيم دوليا‪ ،‬بمفهوم هذا القانون التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة‬
‫بالمصالح االقتصادية لدولتين على األقل"‪.‬‬
‫أ‪ -2.‬أن يكتسي النزاع الصبغة االقتصادية‬
‫يفهم من مصطلح العالقة االقتصادية‪ ،‬اإلطار الذي ينظم كل تعامل بين طرفين أو‬
‫أكثر‪ ،‬ويكون الهدف منه تركيز الثروة وانماء االقتصاد سواء أخذ شكل االستثمار من خالل‬
‫توظيف المال في المشروعات العامة‪ ،‬أو بالمشاركة في رأسمال إحدى المشروعات أو في‬
‫شكل توظيف المهارة والخبرة أو إبداء المشورة وانجاز الدراسة‪. 4‬‬

‫وعيل حكيم‪ ،‬النظام القانوني للصفقات العمومية الدولية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،6041-6041‬ص‪.461‬‬


‫طيبون حكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪2‬‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬ ‫‪3‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪139‬‬
‫ب‪ -‬جواز لجوء األشخاص المعنوية العامة للتحكيم في الصفقات العمومية‬
‫لقد تعرضت المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية إلى النقطة الثانية‬
‫التي تلجأ فيها األشخاص العامة غير اإلدارية للتحكيم التي تتمثل في الصفقات العمومية‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك جاءت المادة ‪ 7‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في فقرتها الثانية لتوسع مجال تطبيق هذا‬
‫المرسوم على األشخاص المعنوية العامة غير اإلدارية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 7‬منه على‬
‫مايلي‪:‬‬
‫"ال تطبق أحكام هذا الباب إال على الصفقات محل نفقات‪:‬‬
‫‪...‬المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري‪ ،‬عندما تكلف‬
‫بإنجاز عملية ممولة‪ ،‬كليا أو جزئيا‪ ،‬بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو من‬
‫الجماعات اإلقليمية"‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 02‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية و تفويضات المرفق العام‪ ،‬تنص‪":‬يجب أن تشير كل صفقة عمومية إلى التشريع‬
‫و التنظيم المعمول بهما و إلى هذا المرسوم‪.....‬ويجب أن تحتوي على البيانات التكميلية‬
‫اآلتية‪........:‬القانون المطبق وشرط تسوية الخالفات‪."...‬‬
‫بإستقراء نص هاتين المادتين يتضح جليا أن المشرع أراد باألشخاص المعنوية العامة‬
‫تلك المؤسسات العمومية غير اإلدارية‪ ،‬فمادامت الصفقة العمومية أبرمت من هذه األخيرة‪،‬‬
‫فالبد أن تتضمن البيانات المنصوص عليها في المادة ‪ 02‬و التي من بينها شرط التحكيم‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تنظيم المشرع إلتفاق التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‬
‫تكمن صور إتفاقيات التحكيم‪ ،‬في كل من شرط التحكيم واتفاق التحكيم‪ ،‬ومن أجل‬
‫معرفة كيفية تنظيم المشرع إلتفاقيات التحكيم في منازعات الصفقات العمومية يقتضي األمر‬
‫تقسيم هذا الفرع إلى دراسة تعريف كل من صور إتفاقيات التحكيم (أوال)‪ ،‬وشروط صحتها‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ 1‬لقد استثنت المادة‪ 6‬المؤسسات العمومية اإلقتصادية من الخضوع ألحكام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 612-45‬ومع ذلك عليها‬
‫إعداد إجراءات إبرام الصفقات العمومية على أساس مبادئ حرية اإلستفادة من الطلب‪ ،‬و المساواة في التعامل مع‬
‫المترشحين و شفافية اإلجراءات‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫أوال – تعريف صور إتفاقيات التحكيم‬
‫نصت المادة ‪ 2404‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أنه‪:‬‬
‫" تسري إتفاقية التحكيم على النزاعات القائمة والمستقبلية "‪.‬‬
‫تنعقد إتفاقيات التحكيم حسب المادة المذكورة أعاله‪ ،‬بإحدى الصورتين‪ ،‬فإما أن يكون‬
‫التحكيم كشرط في عقد الصفقة العمومية يذكر فيها من بين شروطها ويسمى في هذه الحالة‬
‫بشرط التحكيم (‪ )2‬وقد تنعقد بإتفاق التحكيم الذي يكون الحقا للصفقة (‪.)1‬‬
‫‪-2‬شرط التحكيم‬
‫تنص المادة ‪ 2446‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على مايلي‪:‬‬
‫"شرط التحكيم هو االتفاق الذي يلتزم بموجبه األطراف في عقد متصل بحقوق متاحة‬
‫بمفهوم المادة ‪ 0111‬أعاله لعرض النزاعات التي قد تثار بشأن هذا العقد على التحكيم "‪.‬‬
‫لقد جاء الفقه بعدة تعريفات لشرط التحكيم فهناك من يعرفه على أنه إتفاق باللجوء إلى‬
‫التحكيم بشأن ما قد ينشأ مستقبال بين األطراف من منازعات‪ ،‬ويكون في صورة بند أو شرط‬
‫ضمن بنود أو شروط عقد معين‪ ،‬وهذا االتفاق يتم عند إبرام العقد األصلي‪ ،‬وقبل حدوث‬
‫النزاع‪ ،‬فال ينتظر أطراف العالقة القانونية نشوب النزاع‪ ،‬وانما يسبقون الحوادث‪ ،‬فيتفقون‬
‫على التحكيم مقدما في العقد الذي يبرمونه أو بإتفاق الذي يبرمونه أو بإتفاق مستقل قد يكون‬
‫الحقا للعقد‪ ،‬ولكن في كل الحاالت سابق على قيام النزاع‪.1‬‬
‫كما عرف األستاذ أحمد خورشيد حمدي شرط التحكيم على أنه" إتفاق يرد ضمن‬
‫نصوص عقد معين‪ ،‬يقر به أطراف النزاع اللجوء إليه لتسوية النزاعات التي تنشأ حول العقد‬
‫و تنفيذه و عادة ما يطرح هذا الشرط في العقد األصلي إال أن هذا ال يمنع من اإلتفاق عليه‬
‫في وثيقة مستقلة تعد بمثابة ملحق للعقد األصلي"‪.2‬‬

‫سالمي ميلود‪ ،‬عقد التحكيم في القانون الداخلي الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع قانون العقود والمسؤولية‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر ‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫حمدي أحمد خورشيد‪ ،‬التحكيم في العقود اإلدارية ومدى جواز األخذ به في التشريع العراقي‪ ،‬مجلة جامعة كركوك‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫العراق‪ ،‬العدد‪ ،1440 ،2‬ص‪.07‬‬

‫‪141‬‬
‫نصت المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على مايلي ‪:‬‬
‫" يثبت شرط التحكيم تحت طائلة البطالن بالكتابة في االتفاقية األصلية أو في الوثيقة‬
‫التي تستند إليها"‪ ،‬وعليه وطبقا لنص هذه المادة فإن شرط التحكيم قد يكون في شكل بند‬
‫أو نص من نصوص الصفقة المبرمة والموقعة عليها والموافق عليها فيما بعد‪ ،‬أو قد يحرر‬
‫في وثيقة الحقة ولكنها تابعة لها‪ ،‬وهي جزء من عقد الصفقة بحيث يتم االتفاق فيها على‬
‫الفصل في المنازعات التي قد تنشأ مستقبال عن طريق التحكيم ‪.‬‬
‫الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به تبرم وفق الشروط‬
‫المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬
‫تفويضات المرفق العام‪ ،‬قصد إنجاز األشغال واقتناء اللوازم والخدمات والدراسات لحساب‬
‫المصلحة المتعاقدة‪ ،‬حسب تعريف المادة الثانية منه‪.‬‬
‫ولما كانت عقود الصفقات العمومية تمتاز بالطابع الكتابي فإن شرط التحكيم طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 2447‬يدرج ضمنها‪.‬‬
‫تأكيدا على هذا الشرط في تنظيم الصفقات العمومية فقد عددت المادة ‪ 02‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 106-22‬ا لبيانات التي يجب أن يتضمنها عقد الصفقة العمومية و الذي يهمنا‬
‫في هذا األمر هو إدراج شرط التحكيم في عقد الصفقة العمومية‪.‬‬
‫لقد جاءت المادة ‪ 02‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫" يجب أن تشير كل صفقة إلى التشريع والتنظيم المعمول بهما والى هذا المرسوم‪..‬‬
‫ويجب أن تتضمن الصفقة العمومية فضال عن ذلك البيانات التكميلية اآلتية‪:‬‬
‫‪ ...‬القانون المطبق وشرط تسوية الخالفات "‪.‬‬
‫قد يتفق الطرفان على حل خالفاتهم المستقبلية باللجوء إلى التحكيم و ذلك من خالل‬
‫وضع شرط التحكيم‪.‬‬
‫‪-2‬إتفاق التحكيم‬
‫يعرف إتفاق التحكيم على أنه‪:‬‬
‫" إتفاق يبرمه األطراف منفصال عن العقد األصلي بموجبه يتم اللجوء إلى التحكيم‬
‫للفصل في نزاع قائم فعال بصدد هذا العقد"‪.1‬‬

‫حمدي أحمد خورشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪142‬‬
‫عرفت المادة ‪ 2422‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية إتفاق التحكيم كما يلي‪:‬‬
‫" إتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشؤوه‬
‫على التحكيم" ‪.‬‬
‫فإتفاق التحكيم يعني إتفاق أطراف عقد الصفقة العمومية على اللجوء إلى التحكيم‬
‫للفصل في نزاع نشأ بينهم بالفعل‪ ،‬ويأتي كإتفاق مستقل عن العقد األصلي واتفاق التحكيم‬
‫بالمفهوم السابق يواجه منازعات وقعت بالفعل‪ ،‬لذلك فهو يتميز عن شرط التحكيم الذي‬
‫يقتصر دوره على اإللتجاء إلى التحكيم لحسم ما يقع من منازعات في المستقبل بين‬
‫األطراف‪.‬‬
‫بالنسبة للقانون الفرنسي‪ ،‬لم يكن يعترف إال بإتفاق التحكيم وقد كان لإلجتهاد الفرنسي‬
‫دور في إعطاء نوع من اإلب ارز لشرط التحكيم وكرس اللجوء إليه‪ ،‬أين أصبحت الغالبية‬
‫الساحقة من القضايا التحكيمية تنشأ إستنادا إلى شرط تحكيمي سابق للنزاع وعدد قليل منها‬
‫ينشأ باإلستناد إلى إتفاق تحكيمي ال حق للنزاع‪.1‬‬
‫يعرف إتفاق التحكيم بموجب المرسوم رقم ‪ 244/72‬المؤرخ في ‪ 21‬ماي ‪2072‬‬
‫المتضمن قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي وفقا للمادة ‪ 2006‬كمايلي ‪ ":‬عبارة عن عقد‬
‫يتفق بمقتضاه أطراف نزاع نشأ بالفعل على إحالة هذا النزاع إلى محكم أو عن محكمين‬
‫لكي يتولو الفصل فيه"‪. 2‬‬
‫أما القانون المغربي رقم ‪ 42/47‬المتضمن قانون المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬فقد نص‬
‫في الفصل ‪ 346‬على إتفاق التحكيم كمايلي ‪ ":‬إتفاق التحكيم هو إلتزام األطراف باللجوء‬
‫إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ و‪ /‬أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة تعاقدية أو غير‬
‫تعاقدية"‪.3‬‬
‫وأضافت الفقرة الموالية من نفس الفصل ‪ " :‬أن إتفاق التحكيم يكتسب شكل عقد‬
‫التحكيم أو شرط التحكيم"‪ ،‬وهكذا عرف عقد التحكيم في الفقرة األولى من الفصل ‪ 320‬من‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬ ‫‪1‬‬

‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪143‬‬
‫نفس القانون السابق بمايلي ‪ ":‬عقد التحكيم هو االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ‬
‫بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة تحكيمية " ‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط صحة إتفاقيات التحكيم‬
‫لت رتب إتفاقيات التحكيم في الصفقات العمومية أثارها‪ ،‬يجب توافر جملة من الشروط‬
‫الشكلية (‪ )2‬والموضوعية(‪ )1‬ألن هذا األخير سيؤدي إلى سلب اإلختصاص من قضاء‬
‫الدولة (القضاء اإلداري) وجعل القضاء الخاص المتمثل في التحكيم هو المختص بالفصل‬
‫في المنازعات التي تنشأ و تكون متعلقة بهذا العقد‪.‬‬
‫‪ -0‬الشروط الشكلية‬
‫ميز المشرع الجزائري بشأن الشكل الذي تظهر فيه إتفاقيات التحكيم بين ما إذا كان‬ ‫لقد ّ‬
‫التحكيم داخليا وما إذا كان دوليا ‪.‬‬
‫بالنسبة للتحكيم الداخلي‪2‬وطبقا لنص المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية‪ ،‬يثبت شرط التحكيم بالكتابة‪.‬‬
‫جاءت المادة المذكورة أعاله على النحو التالي‪" :‬يثبت شرط التحكيم تحت طائلة‬
‫البطالن بالكتابة في اإلتفاقية األصلية أوفي الوثيقة التي تستند إليها"‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلتفاق التحكيم‪ ،‬فإنه بموجب المادة ‪ 2421‬يكون على النحو التالي‪:‬‬
‫" يحصل اإلتفاق على التحكيم كتابيا"‪.‬‬
‫طبقا لنص المادتين المذكورتين أعاله يجب على أطراف التحكيم أن يثبتوا إتفاقهم على‬
‫إختيار التحكيم كتابة‪ ،‬وأن يدرج في االتفاق الرئيسي أو في وثيقة أشار إليها هذا اإلتفاق‪،‬‬
‫باعتباره وسيلة حل المنازعات التي تنشأ بينهم‪ ،‬فال يجوز إثبات التحكيم كوسيلة لحل‬
‫النزاعات بشهادة الشهود أو بالقرائن‪ ،‬وذلك لصريح نص المادتين السابقتين‪ ،‬فالمشرع قد حدد‬
‫في هذا الشأن الوسيلة المناسبة لإلثبات في حل النزاع‪ ،‬وهو ضرورة إظهار إرادة األطراف‬
‫صراحة في إختيارهم للتحكيم بطريقة ثابتة حتى يحددوا صراحة محل التحكيم‪. 3‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫التحكيم الداخلي‪ ،‬هو الذي يحكم عالقة وطنية داخلية بعيدة عن المصالح التجارية الدولية‪ ،‬وكذلك يعتبر التحكيم وطنيا‬ ‫‪2‬‬

‫إذا كان جميع أطرافه وعقده ضمن نفس الدولة‪.‬‬


‫محمد بكر حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.450‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪144‬‬
‫بينما في التحكيم الدولي األمر يختلف عنه في التحكيم الداخلي‪ ،‬حيث تشترط المادة‬
‫‪ 2404‬الكتابة أو أي وسيلة أخرى تجيز اإلثبات بالكتابة‪.‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 2404‬على مايلي‪:‬‬
‫" يجب من حيث الشكل وتحت طائلة البطالن أن تبرم اتفاقية التحكيم كتابة‪ ،‬أو بأية‬
‫وسيلة إتصال أخرى تجيز اإلثبات بالكتابة "‪.‬‬
‫ال بد أن تترجم وثيقة التحكيم في وثيقة مكتوبة أو بأية شكلية أخرى من شأنها أن تقبل‬
‫اإلثبات بالكتابة‪ ،‬وأي خروج على هذه الشكلية أو عدم إحترامها يرتب البطالن‪.‬‬
‫غير أنه يثا ر التساؤل حول المقصود بوسائل اإلتصال القابلة لإلثبات بالكتابة خاصة‬
‫وأن المشرع لم يحدد نوع هذه الوسائل‪ ،‬رغم أن بعض التشريعات وعلى رأسها إتفاقية نييورك‬
‫لسنة ‪ 2027‬المادة ‪ 1‬منها و التشريع السويسري في المادة ‪267‬منه قد حددتها على سبيل‬
‫المثال في الخطابات المتبادلة والبرقيات والتيلكس‪.1‬‬
‫لم يكتف المشرع بشرط الكتابة بالنسبة إلتفاقيات التحكيم بل ألزم أن تتضمن هته‬
‫اإلتفاقيات التحكيمية مجموعة من البيانات الرئيسية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 1-2447‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على مايلي ‪:‬‬
‫" يجب أن يتضمن شرط التحكيم تحت طائلة البطالن تعيين المحكم أو المحكمين أو‬
‫تحديد كيفيات تعيينهم "‪.‬‬
‫أما إذا اعترضت صعوبة تشكيل محكمة التحكيم بفعل أحد األطراف أو بمناسبة تنفيذ‬
‫إجراءات تعيين المحكم أو المحكمين‪ ،‬فإنه طبقا لنص المادة ‪ 2440‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية يعين المحكم أوالمحكمون من قبل رئيس المحكمة الواقع في دائرة‬
‫اختصاصها محل إبرام العقد أو محل تنفيذه‪.‬‬
‫أقرت المادة ‪ 1/2421‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بالنسبة إلتفاق التحكيم‬
‫ضرورة تضمينه عدد من البيانات‪ ،‬جاءت على النحو التالي ‪:‬‬
‫" يجب أن يتضمن إتفاق التحكيم‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪ ،‬موضوع النزاع و أسماء‬
‫المحكمين أو كيفية تعيينهم"‪.‬‬

‫عجابي إلياس‪ ،‬النظام القانوني للتحكيم التجاري الدولي في ظل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مجلة المنتدى‬ ‫‪6‬‬

‫القانوني‪ ،‬العدد السابع‪ ،6041 ،‬ص ‪466‬‬

‫‪145‬‬
‫ال بد أن يلتزم أطراف شرط التحكيم بتعيين المحكمين أو تحديد كيفيات تعيينهم‪ ،‬أما‬
‫إتفاق التحكيم و زيادة على تعيين المحكمين ال بد أن يتضمن موضوع النزاع ويعود ذلك إلى‬
‫أن شرط التحكيم يتعلق بمنازعة مستقبلية غير معروفة إذ يمكن أن يحدث هذا النزاع أو ال‬
‫يحدث وهو ما يبرر عدم اشتراط تضمينه لموضوع النزاع لعدم نشوؤه ومعرفته في حين أن‬
‫إتفاق التحكيم يحدث بمجرد نشوء النزاع ما يجعل هذا األخير معروفا‪ ،‬الشيئ الذي يبرر‬
‫ضرورة تضمينه لموضوع النزاع ‪.‬‬
‫بالنسبة للتحكيم الدولي‪ ،‬فإن المشرع لم يقم باشتراط بيانات معينة ألجل تضمينها‬
‫إتفاقيات التحكيم‪ ،‬إذ ال توجد أي مادة تجبر األطراف على ضرورة تضمينها إتفاقيات التحكيم‬
‫لبيانات معينة ما عدا شرط الكتابة‪.‬‬
‫يتضح ذلك أكثر من خالل نص المادة ‪ 2402‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫على جوازية تعيين المحكم أو المحكمين أو تحديد شروط تعيينهم وشروط عزلهم أو‬
‫استبدالهم‪ ،‬حيث جاءت المادة ‪ 2402‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫" يمكن لألطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم‪ ،‬تعيين المحكم أو المحكمين أو‬
‫تحديد شروط تعيينهم وشروط عزلهم أو استبدالهم "‬
‫لقد أكدت المادة ‪ 2402‬على جوازية تعيين المحكمين ضمن بيانات إتفاقية التحكيم‪،‬‬
‫حينما نصت في فقرتها الثانية على مايلي ‪ " :‬في غياب التعيين وفي حالة صعوبة تعيين‬
‫المحكمين أو عزلهم أو استبدالهم يجوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -0‬رفع األمر إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم‪ ،‬إذا كان‬
‫التحكيم يجري في الجزائر‬
‫‪ -1‬رفع األمر إلى رئيس محكمة الجزائر‪ ،‬إذا كان التحكيم يجري في الخارج واختار‬
‫األطراف تطبيق قواعد اإلجراءات المعمول بها في الجزائر "‬
‫‪ -2‬الشروط الموضوعية‬

‫‪146‬‬
‫إلى جانب الشروط الشكلية الضرورية لصحة اتفاقيات التحكيم‪ ،‬البد من توافر جملة‬
‫من الشروط األخرى المتمثلة في الشروط الموضوعية المتعلقة بكل من شرط الرضا(أ)‪،‬‬
‫المحل(ب)‪ ،‬واألهلية(ج)‪.1‬‬
‫أ‪ -‬الرضا‬
‫ال ينعقد اتفاق التحكيم إالّ بتوافر رضا الطرفين لذا يجب أن ال تشوب إرادة الطرفين‬
‫عيوب الرضا ‪ ،‬ويستلزم الرضا في التحكيم أن يكون هناك إيجاب صادر من أحد الطرفين‬
‫يقابله قبول من الطرف اآلخر‪.2‬‬
‫باتفاق الطرفين إعماال لمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬فهو مظهر‬ ‫يتم اللجوء إلى التحكيم‬
‫سلطان إرادتهما وتنفيذا لها‪ ،‬ونقطة االرتكاز التي تدور حولها اتجاه إرادة الطرفين والتي تقوم‬
‫على التزام األطراف بعدم االلتجاء للقضاء‪ ،‬وطرح منازعاتهم على محكم واحد أو أكثر أو‬
‫هيئة مختصة بالتحكيم للفصل فيه بحكم ملزم ألطراف النزاع‪.3‬‬
‫إن األساس القانوني للتحكيم هو اتفاق األطراف على ذلك وحريتهم في االتفاق على‬
‫ّ‬
‫التحكيم تمتد إلى اختيار المحكمين ‪.‬‬
‫يمكن لألطراف رد المحكمين و في هذا تنص المادة ‪ 2422‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية على قابلية رد المحكمين كما يلي‪:‬‬
‫''إذا علم المحكم أ ّنه قابل للرد يخبر األطراف بذلك وال يجوز له القيام بالمهمة إالّ‬
‫بعد موافقتهم''‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 2427‬فقد نصت على الحاالت التي يتم فيها رد المحكمين‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن المصدر اإلتفاقي يتأكد أكثر في المجال الدولي بموجب المادة ‪ 2404‬من قانون‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية التي جاءت بمايلي‪'' :‬تكون اتفاقية التحكيم صحيحة من حيث‬

‫حمدي أحمد خورشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.400‬‬ ‫‪1‬‬

‫بلقواس هناء‪ ،‬الطرق البديلة لحل منازعات العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي التحكيم نموذجا‪ ،‬مذكرة ماجيستر في فرع‬ ‫‪2‬‬

‫القانون اإلداري واإلدارة العامة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪،1424‬‬
‫ص ‪.06‬‬
‫‪ 3‬محمد بكر حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬

‫‪147‬‬
‫إما القانون الذي اتفق األطراف على اختياره‬
‫الموضوع إذا استجابت للشروط التي يضعها ّ‬
‫أو القانون المنظم لموضوع النزاع أو القانون الذي يراه المحكم مالئما''‪.‬‬
‫أن الرضا وان كان ال يثير إشكاال بالنسبة للعقود التي تتم في مجلس‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫فإن الصعوبة تثار في حالة ما إذا اقتصر‬‫العقد من تالقي إيجاب وقبول في نفس الوقت‪ّ ،‬‬
‫اتفاق التحكيم على المراسالت المتبادلة والبرقيات ‪.‬‬
‫أن صاحب الرسالة غير ملزم بالبقاء على إيجابه‪ ،‬بل يمكنه العدول عنه ما‬
‫فاألصل ّ‬
‫مدة معينة‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫دام الموجه إليه لم يقبله‪ ،‬لكن الوضع مختلف في حالة تحديد ّ‬
‫أما‬
‫المدة المتفق عليها‪ّ ،‬‬
‫يتعين عليه البقاء على ايجابه وال يستطيع الرجوع عن ايجابه طوال ّ‬
‫القبول الذي ينعقد به اتفاق التحكيم هو القبول الصادر عن ممن وجه إليه االيجاب ويشترط‬
‫فيه أن يكون مطابقا لإليجاب مطابقة تامة في كل ما تناوله من مسائل جوهرية أو ثانوية‬
‫وأن يصدر القبول خالل األجل المحدد‪.1‬‬
‫ب‪ -‬المحل‬
‫إن محل اتفاق التحكيم هو موضوع النزاع‪ ،‬يشترط القانون في محل العقد أن يكون‬
‫مشروعا‪ ،‬غير مخالف للنظام العام واآلداب العامة‪ ،‬واالّ وقعت اتفاقية التحكيم باطلة‪،‬‬
‫والحكمة من عدم جواز اإلتفاق على التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام كون هذه‬
‫المسائل خاضعة لرقابة السلطة العامة و إشرافها و التي يعنيها أن تسري عليها قواعد محددة‬
‫و هو األمر الذي ال يتحقق في حالة اللجوء للتحكيم بصدد هذه المسائل‪.2‬‬
‫لقد حددت المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية النطاق الذي ال يجوز‬
‫فيه اللجوء إلى التحكيم حيث نصت في الفقرة الثانية منها على ّأنه‪:‬‬
‫''ال يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام''‪.‬‬
‫أن فكرة‬
‫إن فكرة النظام العام هي فكرة مرنة ونسبية‪ ،‬تختلف من دولة إلى أخرى كما ّ‬
‫ألنه ليس كل ما يعتبر من‬
‫النظام العام تختلف في مفهومها الداخلي عن مفهومها الدولي‪ّ ،‬‬
‫أن النظام العام الداخلي يرتبط‬
‫النظام العام الداخلي يعتبر من النظام العام الدولي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫أما النظام‬
‫بالمصلحة العليا االجتماعية واالقتصادية والخلقية لمجتمع معين ودولة معينة‪ّ ،‬‬

‫بلقواس سناء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪148‬‬
‫العام الدولي فهو المصلحة العليا االجتماعية واالقتصادية والخلقية لمجتمع الدولي‪ ،‬من أمثلة‬
‫النظام العام الداخلي والتي تخرج عن نطاق التحكيم االتفاقيات الخاصة ببيع األسلحة دون‬
‫موافقة الدولة المعينة‪ ،‬التوسط لقاء عمولة للحصول على عقد من العقود أو االتفاقيات‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة بتهريب المواد المخدرة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫باعتبار فكرة النظام العام تختلف من دولة إلى أخرى‪ ،‬رفض مؤتمر األمم المتحدة الذي‬
‫وضع اتفاقية نييورك لسنة ‪ 2027‬بشأن االعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية تحديد‬
‫المسائل التي يجوز التحكيم فيها ولهذا يأخذ قضاء التحكيم بفكرة النظام العام الدولي‪،‬‬
‫فالمحكمون مكلفون بحماية المصلحة العليا في المجتمع الدولي‪ ،‬ومتى كان التحكيم مخالفا‬
‫للنظام العام الدولي فقد رأت بعض أحكام التحكيم ببطالن اتفاق التحكيم‪.2‬‬
‫ج‪ -‬األهلية‬
‫طالما كان التحكيم هو إتفاق بين الطرفين‪ ،‬لذا يجب أن تتوافر فيه األهلية الالزمة‬
‫للتعبير عن اإلرادة الحرة‪ ،‬أي يملك الطرفان حق التصرف في حقوقهم سواء كانوا أشخاصا‬
‫طبيعية أو معنوية‪. 3‬‬
‫تنص المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪:‬‬
‫'' يمكن لكل شخص اللجوء إلى التحكيم في الحقوق التي له مطلق التصرف فيها''‬
‫إن األهلية التي يشترطها القانون إلبرام عقد التحكيم هي أهلية التصرف في الحقوق‪،‬‬
‫أن اتفاقية‬
‫والمقصود بأهلية التصرف هو أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه‪ ،‬ذلك ّ‬
‫التحكيم تعني التنازل عن رفع النزاع إلى قضاء الدولة وهو ما قد يعرض الحق المتنازع عليه‬
‫‪4‬‬
‫للخطر‪.‬‬
‫من أولى المشاكل التي يثيرها شرط التحكيم في العقود اإلدارية التي تبرمها الدولة أو‬
‫أحد األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬هي أهلية الدولة أو قدرتها على إبرام اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.99‬‬ ‫بلقواس سناء‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫حمدي أحمد خورشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.400‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالمي ميلود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪149‬‬
‫أن نص المادة ‪ 062‬منه أعطى‬ ‫بالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية نجد ّ‬
‫الدولة والوالية والبلدية والمؤسسات العمومية اإلدارية األهلية للجوء إلى التحكيم في االتفاقيات‬
‫‪1‬‬
‫التي صادقت عليها الجزائر وفي مادة الصفقات العمومية‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فقد منحت لباقي األشخاص‬ ‫ّ‬
‫المعنوية العامة من غير اإلدارية األهلية لطلب التحكيم في عالقاتها االقتصادية الدولية أو‬
‫في الصفقات العمومية‪.‬‬
‫تتمتع الدولة واألشخاص المعنوية العامة باألهلية إلبرام اتفاقية التحكيم نظ ار لقيامها‬
‫بإدارة مشروعات اقتصادية عمالقة ومؤسسات كبيرة ذات نفع عام‪ ،‬فإذا كانت تفتقر إلى‬
‫األهلية لما كانت لها القدرة على إدارتها‪ ،‬فالواقع يثبت تمتع الدولة باألهلية الكاملة في إدارتها‬
‫ألموالها العامة و الخاصة وهو ما يعطيها الحرية التعاقدية في إبرام إتفاقات التحكيم المتعلقة‬
‫‪2‬‬
‫بتلك األموال‪.‬‬
‫أن اللجوء إلى التحكيم يتم من قبل‬ ‫أن المادة ‪ 067‬نصت على ّ‬ ‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الوزير أو الوزراء المعنيين إذا كان متعلقا بالدولة‪ ،‬ويتم اللجوء إلى التحكيم بمبادرة من الوالي‬
‫أو رئيس المجلس الشعبي البلدي إذا كان متعلقا على التوالي بالوالية أو البلدية‪ ،‬ويتم اللجوء‬
‫إلى التحكيم بالنسبة للتحكيم المتعلق بالمؤسسة العمومية ذات الصبغة اإلدارية بمبادرة من‬
‫ممثلها القانوني أو من ممثل السلطة الوصية التي يتبعها‪ ،‬في نفس السياق فقد نصت المادة‬
‫‪ 0‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات‬
‫المرفق العام على قاعدة هامة مفادها عدم صحة الصفقات وعدم نهائيتها إذا لم توافق عليها‬
‫السلطة المختصة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التنظيم اإلجرائي للتحكيم في منازعات الصفقات العمومية‬
‫بعد إبرام شرط التحكيم ونشوء النزاع أوعند نشوبه وابرام اتفاق التحكيم تنعقد الخصومة‬
‫التحكيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬ويتم تشكيل هيئة التحكيم‪ ،‬وتبدأ المهمة المسندة لهذه‬
‫معينة (فرع‬
‫الهيئة‪ ،‬النظر في النزاع القائم بين األطراف المتنازعة وفق إجراءات تحكيمية ّ‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫بلقواس سناء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.404‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪150‬‬
‫أول) وتستمر إجراءات التحكيم إلى غاية الوصول للغاية المنشودة من هيئة التحكيم وهي‬
‫صدور الحكم التحكيمي(فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلجراءات التحكيمية أمام هيئة التحكيم‬
‫يعتبر التحكيم وسيلة قانونية تهدف إلى إعطاء حل لمسألة من قبل هيئة التحكيم‪ ،‬والتي‬
‫تستمد مصدرها من اتفاق األطراف على التحكيم‪ ،‬فتتشكل هذه الهيئة (ثانيا) بمجرد نشوء‬
‫النزاع‪ ،‬بحيث يقوم األطراف باتباع جملة من األعمال اإلجرائية المتوالية‪ 1‬تبتدأ بمجرد إعالن‬
‫أحد األطراف الرغبة في تحريك إجراءات التحكيم (أوال) لتصل العملية إلى سير جلسات‬
‫التحكيم (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تحريك إجراءات التحكيم‬
‫تنقسم اإلجراءات التي تتم بها عملية التحكيم وفقا لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫ميز المشرع فيها بين إجراءات التحكيم‬
‫إلى قسمين وذلك حسب أنواع التحكيم‪ ،‬التي ّ‬
‫الداخلي(‪ )2‬واجراءات التحكيم الدولي(‪.)1‬‬
‫‪ -0‬تحريك إجراءات التحكيم الداخلي‬
‫نصت المادة‬
‫تخضع إجراءات التحكيم الداخلي إلى عدد من القواعد وفي هذا اإلطار ّ‬
‫‪ 2420‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪:‬‬
‫''تطبق على الخصومة التحكيمية اآلجال واألوضاع المقررة أمام الجهات القضائية ما‬
‫لم يتفق األطراف على ذلك''‬
‫أن األصل في تنظيم إجراءات التحكيم يعود بصفة‬‫يفهم من نص المادة المذكورة أعاله ّ‬
‫أساسية لألطراف‪ ،‬أي تخضع إجراءات التحكيم إلى مبدأ سلطان اإلدارة‪ ،‬بمعنى أن تقف كل‬
‫من المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد معها‪ ،‬إما لوضع القواعد المنظمة لعملية وسير‬
‫إجراءات الخصومة الخاصة بنزاعهما حول الصفقة العمومية واما اختيار نظام تحكيمي‬
‫معين واستثناء من المبدأ العام المتمثل في اتفاق األطراف في‬
‫معين أو وفقا لقانون إجرائي ّ‬
‫فإنه تطبق على الخصومة التحكيمية األجال واألوضاع المقررة أمام‬‫حالة عدم حصوله‪ّ ،‬‬
‫‪2‬‬
‫الجهات القضائية‪.‬‬

‫ص‪.405‬‬ ‫‪ 1‬طيبون حكيم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪151‬‬
‫تتميز الجهات القضائية في النظام القانوني الجزائري بازدواجها‪ ،‬في هذا المجال يجب‬
‫التفريق بين القضاء العادي الذي يكون بين أطراف تحكمهم قواعد القانون الخاص وبين‬
‫القضاء اإلداري الذي يكون بين أطراف تحكمهم قواعد القانون العام‪.‬‬
‫أن‬
‫ولما كانت الصفقات العمومية عقودا إدارية تخضع للقانون العام فمن المفروض ّ‬ ‫ّ‬
‫تنتمي في منازعاتها إلى القضاء اإلداري‪ ،‬الشيء الذي يؤدي بالقول ّأنه في حالة وجود شرط‬
‫تحكيمي مدرج ضمن بنود الصفقة العمومية أو اتفاق تحكيم يدور حول الصفقة العمومية‬
‫وهذا تطبيقا لنص المادة ‪ 2420‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تطبق على الخصومة‬
‫التحكيمية األجال واألوضاع المقررة أمام الجهات القضائية اإلدارية ما لم يتفق األطراف‬
‫على خالف ذلك‪.‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 067‬من القانون المذكور أعاله نجدها تنص على ما يلي‪:‬‬
‫''تطبق األحكام المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في هذا القانون أمام الجهات‬
‫القضائية اإلدارية''‪.‬‬
‫إن الوقوف على معنى المادة ‪ 067‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية يثير‬
‫ّ‬
‫نقطتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬بالنسبة لموقع المادة‬
‫فإن هذه األخيرة جاءت في الكتاب الرابع‬‫حسب مفهوم نص المادة المذكورة أعاله ّ‬
‫فإن هذا الكتاب يحكم‬
‫المعنون باإلجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية اإلدارية‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫فقط األشخاص المعنوية العامة اإلدارية‪ ،‬أي يجب إخراج باقي األشخاص المعنوية األخرى‬
‫غير اإلدارية والتي تقوم بإبرام صفقات من الخضوع لنص المادة ‪ 067‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدراية‪.‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة لمحتوى المادة‬
‫فإن نص المادة ‪ 067‬على تطبيق األحكام المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في‬ ‫ّ‬
‫القانون أمام الجهات القضائية اإلدارية يحمل مفهوما غامضا‪.‬‬
‫إذ كان باإلمكان أن يأتي المشرع في نفس السياق الذي جاءت به المادة ‪ 2420‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ويقول بتطبيق على الخصومة التحكيمية اآلجال‬
‫واألوضاع المقررة أمام الجهات القضائية اإلدارية ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫إن ما جاءت به المادة ‪ 067‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية يفتح الباب الواسع‬
‫عدة احتماالت لتفسير ما نصت عليه‪ ،‬وكان يمكن للمشرع أن يستبدل عبارة أمام‬
‫لظهور ّ‬
‫بنصه على األوضاع المقررة أمام الجهات القضائية اإلدارية‪.‬‬
‫فإنه من غير المعقول أن تطبق على نزاعات األشخاص المعنوية‬
‫من الناحية المنطقية ّ‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 744‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تلك األوضاع‬
‫المقررة أمام القضاء العادي‪ ،‬بدليل خضوع األشخاص المذكورة في المادة ‪ 744‬من قانون‬
‫أن نص المادة ‪ 067‬من قانون‬ ‫اإلجراءات المدنية واإلدارية إلى القضاء اإلداري وحتّى ّ‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية جاء في الكتاب الرابع المعنون بـ''اإلجراءات القضائية اإلدارية''‬
‫أن التساؤل المطروح هو ما مصير باقي األشخاص المعنوية العمومية غير اإلدارية في‬
‫غير ّ‬
‫خصومتها التحكيمية‪ ،‬هل تطبق األوضاع المقررة أمام القضاء اإلداري أم تطبق األوضاع‬
‫المقررة أمام القضاء العادي؟‬
‫بالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية نجده اعتمد أساسا في تحديده لوالية‬
‫القضاء اإلداري على المعيار العضوي الذي نصت عليه المادة ‪ 744‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬زد على ذلك فإن كال من المادتين ‪ 062‬و ‪ 067‬أخرجت باقي األشخاص‬
‫فإنه تطبق‬
‫المعنوية العامة غير اإلدارية من مجال تطبيقها‪ ،‬وعليه واعتمادا على هذا المعيار ّ‬
‫على الخصومة التحكيمية المتعلقة باألشخاص المعنوية العامة األوضاع المقررة أمام القضاء‬
‫العادي طبقا لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫أن الطبيعة القانونية لعقود الصفقات العمومية التي تندرج ضمن القانون العام‬
‫غير ّ‬
‫والتي ال تقبل رقابة القضاء العادي عليها‪ ،‬تجعل الخصومة التحكيمية لهذه األشخاص ال‬
‫تندرج ضمن القواعد المقررة أمام القضاء العادي‪.‬‬
‫إن اإلجابة على هذا اإلشكال المتمثل في مدى خضوع الخصومة التحكيمية المتعلقة‬
‫ّ‬
‫باألشخاص المعنوية العامة غير اإلدارية تقتضي معالجة مدى خضوع األشخاص المعنوية‬
‫أن األوضاع المقررة على الخصومة‬ ‫العامة غير اإلدارية لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬أي ّ‬
‫التحكيمية تتحدد بمدى خضوعها لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬أو رقابة القضاء العادي‪ ،‬واليتأتى‬
‫ذلك إالّ بعد دراسة المرحلة القضائية لمنازعات الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫فإن الخصومة التحكيمية‬
‫على كل حال و تطبيقا للقواعد المقررة أمام القضاء اإلداري‪ّ ،‬‬
‫تبتدئ برفع عريضة تحكيمية موقعة من محام‪ ،‬وهذا طبقا لنص المادة ‪ 722‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫البد أن تتضمن العريضة التحكيمية البيانات المنصوص عليها في المادة ‪ 22‬من نفس‬
‫القانون المذكور أعاله ما عدا بيان الجهة القضائية‪ ،‬والتي تعوض ببيان محكمة التحكيم‬
‫المختصة حسب ما هو وارد في شرط التحكيم أو اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫المميزة للتحكيم تجعل الكثير من المسائل ال تقبل التطبيق بشكل مماثل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إن الطبيعة‬
‫ّ‬
‫ففي التحكيم ال توجد هيئة لها مقر وقضاة ثابتون وكتابة ضبط تسجل الدعاوى التحكيمية‪،‬‬
‫فإن‬
‫وبالتالي ال نجد تطبيقا لنص المادة ‪ 27‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وعليه ّ‬
‫الخصومة التحكيمية تبتدئ من خالل قيام أحد األطراف بتوجيه عريضة التحكيم إلى الخصم‬
‫عن طريق محضر قضائي لتبليغه بها طبقا لما تنص عليه المادة ‪ 27‬و ‪ 20‬من قانون‬
‫أن المادة ‪ 20‬في البند ‪ 2‬تتكلم عن تسليم التكليف‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مع اإلشارة ّ‬
‫أن طبيعة‬
‫بالحضور‪ ،‬مرفقا بنسخة من العريضة مؤش ار عليها من أمين ضبط‪ ،‬في حين ّ‬
‫‪1‬‬
‫وهذا‬ ‫التحكيم ال تستدعي أن تكون مؤشرة من قبل أمين ضبط بل تبقى غير مؤشرة‬
‫استجابة لنص المادة ‪ 2424‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية التي جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫يهمه‬
‫''يعرض النزاع على محكمة التحكيم من قبل األطراف معا أو من الطرف الذي ّ‬
‫التعجيل''‬
‫وحول مكان إجراء التحكيم في منازعات الصفقات العمومية وطبقا لنص المادة ‪2420‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية إذا لم يتفق األطراف على اآلجال واألوضاع المطبقة‬
‫فإن اآلجال واألوضاع التي يتم اتباعها هي تلك المقررة أمام‬
‫على الخصومة التحكيمية ّ‬
‫الجهات القضائية ف ّإنه يتم اتباع األوضاع المقررة أمام القضاء اإلداري وهي قواعد‬
‫االختصاص اإلقليمي المنظمة بموجب المواد ‪ 743‬و ‪ 740‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪.‬‬

‫نويوة هدى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬وص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪154‬‬
‫فإن التحكيم البد أن‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 3-740‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ّ‬
‫يتم بصفة وجوبية وفقا لقواعد االختصاص التي ترفع أمام المحاكم اإلدارية‪ ،‬لقد نصت هذه‬
‫المادة على مايلي‪:‬‬
‫'' في مادة العقود اإلدارية مهما كانت طبيعتها أمام المحكمة التي يقع في دائرة‬
‫اختصاصها مكان ابرام العقد أو تنفيذه''‬
‫‪ -2‬تحريك إجراءات التحكيم الدولي‬
‫يستند تحريك إجراءات التحكيم الدولي في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على اتفاق‬
‫األطراف‪ ،‬وفي ذلك تنص المادة ‪ 2403‬على مايلي‪:‬‬
‫''يمكن أن تضبط في اتفاقية التحكيم‪ ،‬اإلجراءات الواجب اتباعها في الخصومة‬
‫مباشرة أو استنادا على نظام تحكيم‪ ،‬كما يمكن إخضاع هذه اإلجراءات إلى قانون‬
‫يحدده األطراف في اتفاقية التحكيم‪.‬‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية الذي ّ‬
‫إذا لم تنص االتفاقية على ذلك‪ ،‬تتولى محكمة التحكيم ضبط اإلجراءات عند الحاجة‬
‫مباشرة أو استنادا إلى قانون أو نظام تحكيم'' ‪.‬‬
‫يتحدد مكان التحكيم هو ايضا حسب ما جاء في االتفاق‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬تشكيل هيئة التحكيم‬
‫يختلف تشكيل محكمة التحكيم في التحكيم الداخلي(‪)2‬عنه في التحكيم الدولي(‪)1‬‬
‫‪ -0‬تشكيل هيئة التحكيم في التحكيم الداخلي‬
‫نصت المادة ‪ 2447‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على تعيين المحكمين في‬
‫شرط التحكيم‪ ،‬بحيث البد من أن يتضمن شرط التحكيم تحت طائلة البطالن تعيين المحكم‬
‫أو المحكمين أو تحديد كيفيات تعيينهم‪.‬‬
‫أن المشرع الجزائري‬
‫أن نص المادة المذكورة أعاله ال يؤخذ على إطالقه‪ ،‬بحيث ّ‬
‫غير ّ‬
‫فتح المجال لألطراف في حالة ما وقع إشكال في تعيين المحكمين أن يرفعوا أمرهم إلى‬
‫رئيس المحكمة المختصة للفصل في أمر التعيين‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫لقد جاءت المادة ‪ 2447‬كما يلي‪:‬‬
‫''إذا اعترضت صعوبة تشكيل محكمة التحكيم بفعل أحد األطراف أو بمناسبة تنفيذ‬
‫إجراءات تعيين المحكمة أو المحكمين يعين المحكم أو المحكمون من قبل رئيس المحكمة‬
‫الواقع في دائرة اختصاصها محل إبرام العقد أو محل تنفيذه"‪.‬‬
‫فإنه طبقا لنص المادة ‪ 067‬من قانون‬
‫أن التحكيم يتعلق بصفقة عمومية ّ‬ ‫وبما ّ‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية والمادة ‪ 740‬يعود اإلختصاص فيها إلى رئيس المحكمة الواقع‬
‫في دائرة اختصاصها محل إبرام الصفقة العمومية أو تنفيذها‪.‬‬
‫أما بالنسبة التفاق التحكيم‪ ،‬فإن تعيين المحكمين ورد في المادتين ‪ 2421‬و‪ 2426‬من‬
‫ّ‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 2421‬بقولها‪:‬‬
‫''يجب أن يتضمن اتفاق التحكيم تحت طائلة البطالن موضوع النزاع وأسماء‬
‫المحكمين أو كيفية تعيينهم‬
‫واذا رفض المحكم المعين القيام بالمهمة المسندة إليه يستبدل بغيره بأمر من طرف‬
‫رئيس المحكمة المختصة"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 2426‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فقد جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫عدة محكمين بعدد فردي''‪.‬‬
‫''تتشكل محكمة التحكيم من محكم أو ّ‬
‫أما إذا‬
‫ال تسند مهمة التحكيم لشخص طبيعي إالّ إذا كان متمتعا بحقوقه المدنية‪ّ ،‬‬
‫عينت اتفاقية التحكيم شخصا معنويا‪ ،‬تولى هذا األخير تعيين عضو أو أكثر من أعضائه‬
‫ّ‬
‫بصفة محكم ‪.1‬‬
‫بالمهمة‬
‫ّ‬ ‫يعد تشكيل محكمة التحكيم صحيحا إالّ إذا قبل المحكم أو المحكمون‬ ‫ال ّ‬
‫المسندة إليهم‪ ،‬فإذا ما علم المحكم ّأنه قابل للرد‪ ،‬يخبر األطراف بذلك وال يجوز له القيام‬
‫بالمهمة إالّ بعد موافقتهم‪.2‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،2422‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪1‬‬
‫يجوز رد المحكم في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-2‬عندما ال تتوفر فيه المؤهالت المتفق عليها بين األطراف‪.‬‬
‫‪-1‬عندما يوجد سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل‬
‫األطراف‪.‬‬
‫يتبين من الظروف شبهة مشروعة في استقالليته‪ ،‬السيما بسبب وجود مصلحة‬
‫‪-3‬عندما ّ‬
‫أو عالقة اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق وسيط‪.‬‬
‫ال يجوز طلب رد المحكم من الطرف الذي كان عينه أو شارك في تعيينه إالّ لسبب‬
‫علم به بعد التعيين‪ ،‬وتبلغ محكمة التحكيم الطرف اآلخر دون تأخير بسبب الرد‪.‬‬
‫وفي حالة النزاع‪ ،‬إذا لم يتضمن نظام التحكيم كيفيات تسويته أو لم يسع األطراف‬
‫يهمه التعجيل وهنا‬
‫لتسوية إجراءات الرد‪ ،‬يفصل القاضي في ذلك بأمر بناء على طلب من ّ‬
‫األمر غير قابل ألي طعن‪.‬‬
‫‪ -2‬تشكيل هيئة التحكيم الخارجي‬
‫نصت المادة ‪ 2402‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على تعيين المحكمين‪،‬‬
‫بحيث لم يشترط المشرع ضرورة تضمينه في شروط أو مشارطة التحكيم‪ ،‬بل ترك إلرادة‬
‫األطراف المتعاقدة‪ ،‬حيث نصت المادة أعاله ما يلي‪:‬‬
‫''يمكن لألطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم تعيين المحكم أو المحكمين أو‬
‫تحديد شروط تعيينهم وشروط عزلهم أو استبدالهم''‬
‫فإن أساس تعيين المحكمين يرتكز على مبدأ سلطان إرادة الطرفين غير ّأنه إذا‬
‫وعليه ّ‬
‫اعترضت صعوبة في تعيين المحكمين يطبق نص المادة ‪ 2402‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية والتي جاءت بما يلي‪:‬‬
‫'' في غياب التعيين وفي حالة صعوبة تعيين المحكمين أو عزلهم أو استبدالهم‪،‬‬
‫يجوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ / 0‬رفع األمر إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم إذا كان‬
‫التحكيم يجري في الجزائر‪.‬‬

‫‪ 3‬المادة ‪ ،2427‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ / 2‬رفع األمر إلى رئيس المحكمة الجزائرية‪ ،‬إذا كان التحكيم يجري في الخارج‬
‫واختار األطراف تطبيق قواعد اإلجراءات المعمول بها في الجزائر‪.‬‬
‫فإنه فصال في خالف يتعلق بإجراءات التعيين يتم اللجوء إلى المحكمة اإلدارية‬
‫وعليه ّ‬
‫على اعتبار العقد هو صفقة عمومية طبقا للقواعد المنصوص عليها في نص المادة‬
‫نصت على أن‬ ‫‪ ،2402‬فيما يخص عدد المحكمين وبخالف ماورد في المادة ‪ 2426‬التي ّ‬
‫فإن األمر متروك لسلطان اإلرادة‬
‫تتكون تشكيلة هيئة التحكيم وت ار في التحكيم الداخلي‪ّ ،‬‬
‫وحرية األطراف في تحديد عدد المحكمين‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثالثا‪ -‬مباشرة إجراءات التحكيم‬
‫بعد توفر شروط التحكيم الشكلية والمتعلقة بالكتابة وكذا الشروط الموضوعية المتمثلة‬
‫فإنه يصبح بإمكان‬
‫في الرضا‪ ،‬األهلية‪ ،‬المحل‪ ،‬وكذا التشكيل الصحيح لهيئة التحكيم‪ّ ،‬‬
‫الخصوم مباشرة إجراءات الخصومة التحكيمية أمام هيئة التحكيم‪ ،‬وعلى هذا األساس تختلف‬
‫إجراءات مباشرة الخصومة التحكيمية في التحكيم الداخلي(‪ )2‬عنها في التحكيم الدولي(‪.1)1‬‬
‫‪ -0‬في التحكيم الداخلي‬
‫تنطلق إجراءات الخصومة التحكيمية بعد عرض النزاع على محكمة التحكيم من قبل‬
‫يهمه التعجيل وفقا ألحكام المادة ‪2224‬‬
‫األطراف المتخاصمة معا أو من قبل الطرف الذي ّ‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وحينها تطبق على هذه اإلجراءات ماهو مقرر‬
‫لإلجراءات المتّبعة أمام الجهات القضائية من آجال وأوضاع‪.2‬‬
‫مهمتهم‬
‫إذا لم يحدد أجل إلنهاء التحكيم فإ ّن المحكمين في هذه الحالة ملزمون بإتمام ّ‬
‫في ظرف ‪ 0‬أشهر‪ ،‬تبدأ من تاريخ تعيينهم أو من تاريخ إخطار محكمة التحكيم‪ ،‬غير ّأنه‬
‫يمكن تحديد هذا األجل بموافقة األطراف‪ ،‬وفي حالة عدم الموافقة عليه يتم التمديد وفقا لنظام‬
‫التحكيم‪ ،‬وفي غياب ذلك يتم من طرف رئيس المحكمة المختصة على ّأنه ال يجوز عزل‬
‫المحكمين خالل هذا األجل إالّ باتفاق جميع األطراف‪.3‬‬

‫‪ 1‬خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.224‬‬


‫زروني محمد‪ ،‬التحكيم في ظل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬محاضرة ألقيت بمجلس قضاء قسنطينة بتاريخ‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪. 44‬‬ ‫‪،6006/09/66‬‬


‫المادة ‪ ،2427‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪158‬‬
‫أما ما تعلق منه بأعمال التحقيق والمحاضر المحررة بمناسبة النظر في الخصومة‬ ‫ّ‬
‫فإن انجازها يتم من قبل جميع المحكمين إالّ إذا أجاز اتفاق التحكيم سواء أكان‬
‫التحكيمية‪ّ ،‬‬
‫شرط أو عقدا مستقال سلطة ندب أحدهم القيام بهذه األعمال‪.1‬‬
‫إ ّن المحكمين وهم بصدد ممارسة مهامهم قد يجدون أنفسهم أمام عارض جنائي أو‬
‫طعن بالتزوير في وثيقة معروضة عليهم‪ ،‬وهي المسائل التي يخرج اختصاص البت فيها‬
‫يتعين عليهم حينئذ إحالة األطراف إلى الجهة القضائية المختصة‬
‫عن صالحياتهم‪ ،‬ومن ثمة ّ‬
‫التي تنظر في المسألة العارضة قبل استئناف سريان أجل التحكيم من جديد من تاريخ‬
‫الفصل في هذه المسألة العرضية‪.2‬‬
‫فإن على كل طرف تقديم‬ ‫إذا كان للخصومة التحكيمية أجل‪ ،‬البد وأن تنتهي بحلوله‪ّ ،‬‬
‫دفاعه ومستنداته قبل انقضاء أجل التحكيم بـ‪ 22‬يوما على األقل‪ ،‬واالّ فصل المحكم بناء‬
‫‪3‬‬
‫مهمة محكمة التحكيم‪.‬‬
‫قدم إليه في هذا األجل بصدور الحكم في النزاع تنتهي ّ‬
‫على ما ّ‬
‫‪ -2‬في التحكيم الخارجي‬
‫إن اإلجراءات الواجب اتباعها في الخصومة التحكيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫ّ‬
‫الدولية تتضمن اتفاقية سواء بعد ضبطها من طرف الخصوم مباشرة أو استنادا إلى نظام‬
‫يحدده األطراف‬
‫تحكيمي أو من خالل إخضاع هذه اإلجراءات إلى قانون اإلجراءات الذي ّ‬
‫أما في حالة ما لم تنص اتفاقية التحكيم على ضبط هذه اإلجراءات من‬
‫في اتفاقية التحكيم‪ّ ،‬‬
‫فإن محكمة التحكيم هي من يتولى ضبطها عند الحاجة سواء مباشرة أو‬‫قبل األطراف‪ّ ،‬‬
‫استنادا إلى قانون أو وفقا لنظام تحكيم‪.4‬‬
‫تتولى محكمة التحكيم الفصل في مدى اختصاصها بنظر النزاع‪ ،‬وكل دفع يتعلق بعدم‬
‫يتعين إثارته قبل أي دفاع في الموضوع‪ ،‬وتفصل محكمة التحكيم في‬ ‫ّ‬ ‫اختصاصها‬
‫اختصاصها بموجب حكم أولي قبل التطرق إلى موضوع النزاع وفقا ألحكام المادة ‪2400‬‬

‫المادة ‪ ،2414‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ ،2412‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ ،4066‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ ،2403‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪159‬‬
‫فإن القاضي لن يكون‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وعند قيام الخصومة التحيكمية ّ‬
‫مختصا عند وجود اتفاقية تحكيم مبرمة شرط إثارة وجودها من قبل أحد األطراف‪.‬‬
‫تقوم محكمة التحكيم بالبحث عن األدلة ولها إذا اقتضت الظروف أن تطلب مساعدة‬
‫السلطة القضائية في تقديم األدلة خاصة و إن كان أحد أطراف الصفقة العمومية محل النزاع‬
‫هو اإلدارة التي قد تمتنع عن تقديم أية وثيقة من الوثائق التي تكون حاسمة في الفصل في‬
‫الدعوى التحكيمية القائمة أو تمديد مهمة المحكمين‪ ،‬أو تثبيت اإلجراءات‪ ،‬أو في حاالت‬
‫يهمه‬
‫أخرى جاز لمحكمة التحكيم أو األطراف باالتفاق مع هذه االخيرة أو الطرف الذي ّ‬
‫التعجيل بعد الترخيص له من طرف محكمة التحكيم أن يطلبوا بموجب عريضة تدخل‬
‫‪1‬‬
‫القاضي المختص ويطبق في هذا الشأن قانون بلد القاضي‪.‬‬
‫فالقاضي المختص يبقى دائما هو المحكمة اإلدارية الواقع في دائرة اختصاصها مكان‬
‫أن المسألة هنا منصوص عليها‬ ‫إجراء التحكيم أو مكان إبرام الصفقة أو تنفيذها لكن وبما ّ‬
‫فإنه يطبق في هذا الشأن قانون بلد القاضي‪ ،‬أي قانون البلد الذي‬
‫حصريا في التحكيم الدولي ّ‬
‫فإن االختصاص يعود للمحكمة‬ ‫يجري فيه التحكيم فإذا كان التحكيم يجري في الجزائر ّ‬
‫اإلدارية التي يجري في دائرة اختصاصها التحكيم‪.‬‬
‫ويمكن لمحكمة التحكيم أن تأمر بتدابير مؤقتة أو تحفظية بناء على طلب أحد‬
‫األطراف ما لم ينص اتفاق التحكيم على خالف ذلك في حالة ما إذا لم يقم الطرف المعني‬
‫بتنفيذ هذا التدبير إداريا‪ ،‬جاز لمحكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي المختص ويطبق في‬
‫هذا الشأن قانون بلد القاضي‪.‬‬
‫فإنه بإمكان القاضي فرض ضمانات مالئمة على الطرف الذي طلب‬
‫في هذا السياق ّ‬
‫‪2‬‬
‫التدابير المؤقتة أو التحفظية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحكم التحكيمي في منازعات الصفقات العمومية‬
‫تنتهي الخصومة التحكيمية بصدور الحكم التحكيمي عن محكمة التحكيم (أوال) ثم يتم‬
‫تنفيذ هذا األخير (ثانيا) كما يمكن الطعن في هذا الحكم (ثالثا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،2407‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫المادة ‪ ،4019‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪160‬‬
‫أوال‪ -‬صدور الحكم التحكيمي‬
‫بعد نهاية المدة التي اتفقا عليها األطراف من أجل الفصل في الخصومة التحكيمية أو‬
‫مدة ‪ 0‬أشهر في حالة عدم االتفاق على المدة‪ ،‬بالنسبة للتحكيم الداخلي‪ ،‬توضع‬
‫نهاية ّ‬
‫سرية طبقا لنص المادة ‪ 2412‬من قانون اإلجراءات‬ ‫القضية في المداولة وتكون هذه األخيرة ّ‬
‫المدنية واإلدارية التي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫سرية''‬
‫''تكون مداوالت المحكمين ّ‬
‫المشرع و‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫بعد انتهاء المداوالت يتم النطق بالحكم التحكيمي‪ ،‬و ما يمكن مالحظته ّ‬
‫فإنه لم ينص على وجوب التصريح بأحكام التحكيم علنية إذ ال‬
‫إن أ ّكد على سرّية المداوالت ّ‬
‫يوجد أي أثر لذلك في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫أن نص المادة‬‫أن األصل في األحكام التحكيمية عدم عالنيتها‪ ،‬خاصة و ّ‬
‫يفهم من هذا ّ‬
‫‪ 2437‬تجعل من أحكام التحكيم غير قابلة لالحتجاج تجاه الغير‪ ،‬حيث جاءت كما يلي‪'' :‬ال‬
‫يحتج بأحكام التحكيم تجاه الغير إالّ إذا اتفق األطراف على خالف ذلك " وهي الطريقة‬
‫المتبعة في أحكام التحكيم حيث تخضع إجراءات الخصومة التحكيمية لمبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫فيما يخص كيفية إتخاذ قرار التحكيم‪ ،‬فإن أحكام التحكيم تصدر بأغلبية األصوات طبقا‬
‫أما في التحكيم الدولي فقد ترك‬
‫لنص المادة ‪ 2417‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ّ ،‬‬
‫األمر التفاق االطراف وفقا لنص المادة ‪ 2403‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫لقد نظّم قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الشروط التي يصدر فيها الحكم التحكيمي‬
‫لصحته‪.‬‬
‫يتعلق األمر بمحتوى الحكم التحكيمي الذي يجب عليه أن يبرز مجموعة من البيانات‬
‫اإللزامية‪ ،‬في هذا السبيل نصت المادة ‪ 2417‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على‬
‫ضرورة تضمين حكم التحكيم للبيانات اآلتية‪ :‬اسم ولقب المحكم أو المحكمين‪ ،‬تاريخ صدور‬
‫الحكم‪ ،‬مكان إصداره‪ ،‬أسماء وألقاب األطراف وموطن كل منهم وتسمية األشخاص المعنوية‬
‫ومقرها االجتماعي وأسماء وألقاب المحامين أو من مثّل أو ساعد األطراف عند االقتضاء‪.‬‬
‫البد أن يكون حكم التحكيم مسببا تسبيبا كافيا حتى تتمكن جهة االستئناف من فرض‬
‫رقابتها وهو ما نصت عليه المادة ‪ 2416‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في الفقرة‬
‫الثانية التي جاء فيها ما يلي‪:‬‬

‫‪161‬‬
‫''يجب أن تكون أحكام التحكيم مسببة''‪.‬‬
‫هذا التسبيب هو إجباري في التحكيم الداخلي كما نجده أيضا في التحكيم الدولي أين‬
‫تنص المادة ‪2427‬على ما يلي‪:‬‬
‫''ال يجوز استئناف األمر القاضي باالعتراف أو بالتنفيذ في الحاالت اآلتية‪.....:‬‬
‫‪ /5‬إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها أو إذا وجد تناقض في األسباب‪''.‬‬
‫كما أوجب المشرع في المادة ‪ 2416‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أن‬
‫موجز إلدعاءات األطراف وأوجه دفاعهم‪.‬‬
‫ا‬ ‫يتضمن الحكم عرضا‬
‫يفرض القانون أن توقع أحكام التحكيم من قبل جميع المحكمين وفي حالة امتناع‬
‫األقلية عن التوقيع يشير بقية المحكمين إلى ذلك ويرتب الحكم أثره باعتباره موقعا من طرف‬
‫جميع المحكمين‪.1‬‬
‫يترتب عن صدور الحكم التحكيمي وفقا للشروط السابقة أن تحوز أحكام التحكيم حجية‬
‫الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما يخص النزاع المفصول فيه‪ ،2‬ويتخلى المحكم عن‬
‫النزاع بمجرد الفصل فيه‪ ،‬بعد صدور الحكم يمكن للمحكم تفسير الحكم أو تصحيح األخطاء‬
‫المادية واإلغفاالت التي تشوبه طبقا لألحكام الواردة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.3‬‬
‫استنادا للمادة ‪ 2420‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية التي تنص على تطبيق‬
‫على الخصومة التحكيمية اآلجال واألوضاع المقررة أمام الجهات القضائية ما لم يتفق‬
‫األطراف على خالف ذلك‪ ،‬وبالعودة إلى القواعد المطبقة في القسم الخاص بالمنازعات‬
‫اإلدارية فإن المادة ‪ 072‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية قامت بتحديد إجراءات‬
‫تفسير حكم التحكيم‪.‬‬
‫جاءت المادة ‪ 072‬بما يلي‪:‬‬
‫''ترفع دعوى تفسير األحكام ويفصل فيها وفقا لألشكال واإلجراءات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 295‬من هذا القانون''‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،2410‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ ،2432‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ ،2434‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫فإن تفسير الحكم بغرض توضيح مدلوله أو تحديد‬
‫بالرجوع للمادة ‪ 172‬من القانون ّ‬
‫مضمونه من اختصاص محكمة التحكيم التي أصدرته‪ ،‬بحيث يقدم طلب تفسير الحكم‬
‫بعريضة من أحد الخصوم أو بعريضة مشتركة‪ ،‬وتفصل محكمة التحكيم بعد سماع الخصوم‬
‫أو بعد صحة تكليفهم بالحضور‪.‬‬
‫يتعين على الطرف الذي يريد‬
‫أن المشرع الجزائري لم يحدد أجال ّ‬ ‫تجدر المالحظة ّ‬
‫تفسير الحكم إحترامه‪ ،‬بل ترك المجال مفتوحا‪ ،‬فكلما ط أر أو تبين غموض أو غيره عند‬
‫التنفيذ جاز للمعني باألمر أن يتقدم بهذا الطلب‪.‬‬
‫أما فيما يخص تصحيح األخطاء المادية واإلغفاالت التي تشوبه فبالرجوع لنص المادة‬
‫ّ‬
‫‪ 073‬نجدها تنص على مايلي‪:‬‬
‫''تطبق أحكام المادتين ‪ 291‬و ‪ 297‬من هذا القانون على تصحيح األخطاء‬
‫المادية''‪.‬‬
‫يجوز لمحكمة التحكيم التي أصدرت الحكم أن تصحح الخطأ المادي أو اإلغفال الذي‬
‫يشوب الحكم‪ ،‬يقدم طلب التصحيح بعريضة من أحد الخصوم أو بعريضة مشتركة في أجل‬
‫شهرين ابتداء من تاريخ تبليغ حكم التحكيم‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تنفيذ أحكام التحكيم‬
‫يطبق المشرع في مجال تنفيذ حكم التحكيم الدولي الصادر بشأن منازعات الصفقات‬
‫أن المادة ‪2420‬‬
‫العمومية الدولية نفس القواعد التي تسري على التحكيم الداخلي‪ ،‬حيث ّ‬
‫جاءت بما يلي‪:‬‬
‫''تطبق أحكام المواد ‪ 0135‬إلى ‪ 0139‬أعاله‪ ،‬فيما يتعلق بتنفيذ أحكام التحكيم‬
‫الدولي''‪.‬‬
‫فإنه وفقا لنصوص المواد المحالة إليها يكون التحكيم النهائي أو الجزئي أو‬
‫ومن ثم ّ‬
‫التحضيري قابال للتنفيذ بأمر صادر من قبل رئيس المحكمة اإلدارية التي صدر في دائرة‬
‫اختصاصها‪.‬‬
‫يودع أصل الحكم في أمانة ضبط المحكمة من طرف الذي يهمه التعجيل ويتحمل‬
‫األطراف نفقات إيداع العرائض‪ ،‬والوثائق‪ ،‬وأصل التحكيم‪ ،‬كما يمكن للخصوم استئناف‬
‫األمر القاضي برفض التنفيذ في أجل ‪ 22‬يوما من تاريخ الرفض أمام مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫يسلم رئيس أمناء الضبط نسخة رسمية ممهورة بالصيغة التنفيذية من حكم التحكيم لمن‬
‫يطلبها من األطراف‪ ،‬وتطبق القواعد المتعلقة بالنفاذ المعجل لألحكام على أحكام التحكيم‬
‫المشمولة بالنفاذ المعجل‪.‬‬
‫أن االختالف الذي يميز التحكيم الدولي عن التحكيم الداخلي هو‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الجهة المختصة باألمر بالتنفيذ‪ ،‬يختص رئيس المحكمة اإلدارية التي صدرت بدائرة‬
‫اختصاصها أحكام التحكيم بالنسبة للتحكيم الوطني‪ ،‬على اعتبار وحدة مكان صدور الحكم‪،‬‬
‫أما أحكام التحكيم الدولي وعلى اعتبار احتمال تعدد مكان صدورها بين اإلقليم الوطني‬
‫وّ‬
‫فإما أن يعود االختصاص إلى رئيس المحكمة التي صدرت هذه األحكام ضمن‬ ‫وخارجه‪ّ ،‬‬
‫اختصاصها‪ ،‬وا ّما أن يعود لرئيس محكمة التنفيذ‪ ،‬إذا كان مقر محكمة التحكيم موجودا‬
‫بخارج اإلقليم الوطني‪.1‬‬
‫فإنه البد من جانب آخر االعتراف‬
‫حجية فور صدوره‪ّ ،‬‬
‫إذا كان التحكيم الدولي يحوز ّ‬
‫به حتّى يتم تنفيذه‪ ،‬وبعبارة أخرى ال يمكن تنفيذ حكم تحكيم دولي متعلق بصفقة عمومية‬
‫دولية إالّ بعد االعتراف به وفقا للمادة ‪ 2422‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬يتم‬
‫االعتراف بأحكام التحكيم الدولي في الجزائر إذا أثبت من تمسك بها وجودها ومكان هذا‬
‫االعتراف غير مخالف للنظام العام الدولي‪.‬‬
‫إن إثبات وجود حكم التحكيم يتم بتقديم األصل مرفقا باتفاقية التحكيم أو بنسخ عنها‬
‫تستوفي شروط صحتها‪ ،‬وتودع هذه الوثائق بأمانة ضبط الجهة القضائية المختصة‪ ،‬أي‬
‫أن كل من االعتراف والتنفيذ‬
‫المحكمة اإلدارية‪ ،‬من الطرف المعني بالتعجيل وعلى اعتبار ّ‬
‫يخضعان لنفس الشروط طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 2424‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫فإن المحكمة المختصة بمسألة االعتراف بأحكام التحكيم هي تلك التي أصدرت‬
‫واإلدارية‪ّ ،‬‬
‫هذه األحكام بدائرة اختصاصها أو محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التحكيم موجود‬
‫خارج اإلقليم الوطني‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الطعن في أحكام التحكيم الصادرة في منازعات الصفقات العمومية‬
‫تنقسم منازعات الصفقات العمومية إلى منازعات الصفقات العمومية الوطنية ومنازعات‬
‫الصفقات العمومية الدولية‪ ،‬وفي سبيل ذلك فرق المشرع في قانون اإلجراءات المدنية‬

‫المادة ‪ ،2422‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪164‬‬
‫واإلدارية ما بين طرق الطعن في أحكام التحكيم الداخلي (‪ )2‬وطرق الطعن في أحكام‬
‫التحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية (‪.)1‬‬
‫‪ -0‬طرق الطعن في أحكام التحكيم الداخلي‬
‫طرق الطعن في أحكام التحكيم تحكمها المادتان ‪ 2420‬و ‪ 066‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية‪ ،‬تنص المادة ‪2420‬على تطبيق األوضاع المقررة أمام الجهات القضائية‬
‫على الخصومة التحكيمية ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك‪ ،‬أما المادة ‪ 066‬من نفس‬
‫القانون فإنها تنص على ما يلي‪:‬‬
‫''تطبق المقتضيات الواردة في هذا القانون المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم وطرق‬
‫الطعن على أحكام التحكيم الصادرة في المادة اإلدارية ''‪.‬‬
‫إن أحكام التحكيم تقبل طريقتين للطعن وهي طريق الطعن العادي (أ) وطريق الطعن‬
‫ّ‬
‫غير العادي (ب) على حكم التحكيم الداخلي‪.‬‬
‫أ‪-‬طرق الطعن العادي في أحكام التحكيم الداخلي‬
‫فإن طرق الطعن العادية تتمثل في كل من‬
‫طبقا ألحكام المواد ‪ 2420‬و ‪ّ 066‬‬
‫المعارضة واالستئناف‪.‬‬
‫فإن الهدف من‬ ‫استنادا لنص المادة ‪ 316‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ّ ،‬‬
‫المعارضة هو مراجعة الحكم الغيابي وذلك بالفصل من جديد من حيث الوقائع والقانون‬
‫ويصبح الحكم المعارض فيه كأن لم يكن‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تنص المادة ‪ 317‬على أن يكون الحكم الغيابي قابال للمعارضة أمام‬
‫فإن‬
‫نفس الجهة القضائية التي أصدرته‪ ،‬واسقاطا لهذه المواد على مادة التحكيم الداخلي ّ‬
‫طبيعة هذا األخير ال تقبل المعارضة على أساس ارتكازه على الطابع االتفاقي ألطراف‬
‫فإن نص المادة ‪ 2434‬تفرض على المحكم التخلي عن النزاع‬ ‫الخصومة‪ ،‬زد على ذلك ّ‬
‫بمجرد الفصل فيه‪ ،‬أي خروج النزاع من والية محكمة التحكيم بمجرد الفصل فيه ماعدا‬
‫ماتعلق بتفسيره وتصحيح األخطاء المادية واإلغفاالت التي تشوبه‪.‬‬
‫إضافة لذلك فإ ّن أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما‬
‫يخص النزاع المفصول فيه طبقا لنص المادة ‪ ،2432‬وعلى أساس ذلك فقد جاءت أحكام‬

‫‪165‬‬
‫المادة ‪ 24 31‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية مؤكدة على ذلك عن طريق نصها‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫''أحكام التحكيم غير قابلة للمعارضة''‪.‬‬
‫أما فيما يخص االستئناف‪ ،‬فقد منح المشرع بموجب كل من المادتين‪ 2433‬و‪2430‬‬ ‫ّ‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحق في استئناف حكم التحكيم في نزاع يتعلق بصفقة‬
‫عمومية ‪.‬‬
‫أما من‬
‫يرفع االستئناف في أحكام التحكيم في أجل شهر واحد من تاريخ النطق بها‪ّ ،‬‬
‫حيث الجهة القضائية التي يرفع أمامها االستئناف‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 2433‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية على استئناف أحكام التحكيم الداخلي أمام المجلس القضائي‬
‫الذي صدرت في دائرة اختصاصه‪.‬‬
‫إن هذه المادة تثير إشكاال إجرائيا نظ ار ألن الصفقات العمومية عقود إدارية وال يصوغ‬
‫استئنافها أمام المجلس القضائي لعدم وجود غرفة إدارية به و ّأنه يندرج ضمن القضاء‬
‫العادي‪.‬‬
‫تطبيقا لنص المادة ‪ 067‬التي تنص على تطبيق األحكام المتعلقة بالتحكيم‬
‫فإنه يستنتج أن أحكام التحكيم‬
‫المنصوص عليها في القانون أمام الجهات القضائية اإلدارية ّ‬
‫الصادرة في منازعات الصفقات العمومية تستأنف أمام مجلس الدولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬طرق الطعن غير العادية في أحكام التحكيم الداخلي‬
‫تتمثل طرق الطعن غير العادية في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في كل من‬
‫اعتراض غير الخارج عن الخصومة والطعن بالنقض‪.‬‬
‫بالنسبة العتراض الغير خارج عن الخصومة‪ ،‬فاألصل ّأنه وطبقا لنص المادة ‪2437‬‬
‫فإنه ال يحتج بأحكام التحكيم تجاه الغير‪ ،‬إالّ ّأنه قد‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ّ ،‬‬
‫يحدث وأن يضر حكم التحكيم بمصلحة الغير‪ ،‬وهو االمر الذي أجازه المشرع بموجب نص‬
‫المادة ‪ 2431‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدراية أمام المحكمة اإلدارية المختصة ويتم‬
‫هذا قبل عرض النزاع على التحكيم ‪.‬‬
‫أما فيما يخص األشخاص المخول لهم رفع هذا الطعن وميعاده‪ ،‬فلم يحددها المشرع‬ ‫ّ‬
‫ضمن أحكام المادة ‪ 2431‬السالفة الذكر‪ ،‬أمام هذا السكوت يتم االستناد لنص المادة ‪072‬‬

‫‪166‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وتطبق القواعد المنصوص عليها أمام القضاء‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫أما بالنسبة للطريق الثاني من طرق الطعن غير العادية المتمثل في الطعن بالنقض‬
‫ّ‬
‫فقد حددت المادة ‪ 2430‬الحالة التي يجوز فيها هذا الطعن وقد جاء نص المادة‬
‫‪2430‬صريحا‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫''تكون الق اررات الفاصلة في االستئناف وحدها قابلة للطعن بالنقض طبقا ألحكام‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون''‪.‬‬
‫وتطبق األحكام المتعلقة بالطعن بالنقض في المادة اإلدارية على أحكام التحكيم‪.‬‬
‫‪ -1‬طرق الطعن في أحكام التحكيم الخارجي‬
‫نص المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ثالثة طرق طعن‬
‫ّ‬
‫في أحكام التحكيم الدولي تتمثل في كل من الطعن باالستئناف (أ) الطعن بالبطالن (ب)‬
‫والطعن بالنقض (ج)‪.‬‬
‫أ‪ -‬الطعن باالستئناف‬
‫يكون األمر القاضي برفض االعتراف أو برفض التنفيذ قابل لالستئناف أمام مجلس‬
‫ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي ألمر رئيس المحكمة اإلدارية‬
‫ً‬ ‫الدولة خالل أجل شهر واحد‬
‫وال يجوز استئناف األمر القاضي باالعتراف أو بالتنفيذ إالّ في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء‬
‫‪ /2‬إذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو ً‬
‫مدة اإلتفاقية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ /1‬إذا كان تشكيل محكمة التحكيم‪ ،‬أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون‪.‬‬
‫‪ /3‬إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها‪.‬‬
‫‪ /0‬إذا لم يراع مبدأ الوجاهية‪.‬‬
‫‪ /2‬إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها أو إذا وجد تناقض في األسباب‪.‬‬
‫‪ /7‬إذا كان حكم التحكيم مخالفا للنظام العام الدولي‪.‬‬
‫ب‪ /‬الطعن بالبطالن‬
‫يشمل الطعن بالبطالن أحكام التحكيم الصادرة في الجزائر بنفس الحاالت التي يتم بها‬
‫أن األمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم‬
‫استئناف االمر القاضي باالعتراف أو بالتنفيذ‪ ،‬إالّ ّ‬

‫‪167‬‬
‫أن الطعن ببطالن حكم التحكيم يرتب‬‫الدولي الصادر في الجزائر ال يقبل أي طعن‪ ،‬غير ّ‬
‫بقوة القانون الطعن في أمر التنفيذ أو تخلي المحكمة اإلدارية عن الفصل في طلب التنفيذ‬
‫إذا لم يتم الفصل فيه‪.‬‬
‫ابتداء من‬
‫ً‬ ‫يرفع الطعن بالبطالن في حكم التحكيم أمام مجلس الدولة ويقبل الطعن‬
‫أن هذا الطعن بالبطالن ال يكون مقبوال بعد شهر واحد من‬‫تاريخ النطق بحكم التحكيم‪ ،‬غير ّ‬
‫تاريخ التبليغ الرسمي لألمر القاضي بالتنفيذ‪.1‬‬
‫يوقف تقديم الطعون‪ ،‬سواء الطعن بالنقض أو االستئناف‪ ،‬وأجل ممارستها تنفيذ أحكام‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫ج‪ -‬الطعن بالنقض‬
‫إن الق اررات الصادرة عن مجلس الدولة نتيجة الطعون المذكورة أعاله تكون قابلة‬
‫ّ‬
‫للطعن فيها بالنقض وهي الق اررات الصادرة بعد استئناف األمر القاضي برفض االعتراف أو‬
‫برفض تنفيذ حكم التحكيم و كذلك تلك الصادرة نتيجة الطعن بالبطالن في حكم محكمة‬
‫التحكيم وهي الطعون المنصوص عليها بالمواد ‪ 2422‬و‪ 2427‬و ‪ 2427‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬
‫أن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لم ينص على طرق الطعن‬
‫ما تجدر اإلشارة إليه ّ‬
‫األخرى المعروفة وهي المعارضة والتماس إعادة النظر واعتراض الغير الخارج عن‬
‫الخصومة رغم نصه على الطعن االخير في مجال التحكيم الوطني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ، 2420‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫خاتمة الباب األول‬
‫وضع المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،106-22‬آليات التسوية الودية لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬تتراوح ما بين آليات منصوص عليها في التنظيم بحد ذاته وآليات أخرى أحال فيها‬
‫للتشريع المعمول به‪.‬‬
‫بالنسبة لآلليات المنصوص عليها لتسوية نزاعات الصفقات العمومية التي جاءت وفقا‬
‫للتنظيم‪ ،‬فقد قام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 106-22‬بإحاطة مرحلة اإلبرام بجملة من اإلجراءات‬
‫التي يتعين على المصلحة المتعاقدة إحترامها من أجل الوقاية من النزاعات التي يمكن أن‬
‫تحول دون إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬وقد أتبع ذلك بإتاحة طريق الطعن للمتعهدين أمام لجان‬
‫الصفقات العمومية المختصة في حالة تضررهم من إخالل المصلحة المتعاقدة بمبادىء‬
‫الشفافية والمساواة وحرية الوصول للطلبات العمومية‪.‬‬
‫تمتد التسوية الودية لنزاعات إبرام الصفقات العمومية إلى قانون المنافسة‪ ،‬أين يختص‬
‫مجلس المنافسة بحماية الصفقات العمومية من الممارسات المنافية للمنافسة‪ ،‬وقد حدد مجال‬
‫إختصاص هذا األخير بمرحلة اإلبرام‪ ،‬ذلك أنها المرحلة التي يتم فيها إعمال مبدأ المنافسة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمنازعات التنفيذ‪ ،‬فقد أرسى تنظيم الصفقات العمومية قاعدة الحل اإلجباري‬
‫الذي البد على المصلحة المتعاقدة أن تسلكه إذا ما حدث أي نزاع‪ ،‬لكن قد يحدث أن اليتفق‬
‫المتعامل المتعاقد مع الحل الذي أتت به المصلحة المتعاقدة‪ ،‬وفي هذا اإلطار يجيز تنظيم‬
‫الصفقات العمومية ألطراف العقد اللجوء إلى لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية قبل كل مقاضاة أمام العدالة‪.‬‬
‫عزز تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام نطاق التسوية الودية لنزاعات‬
‫تنفيذ الصفقات العمومية باإلحالة إلى التشريع أي قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬أين‬
‫يلعب التحكيم دو ار مهما‪ ،‬السيما بعد إمتداد تطبيقه على األشخاص المعنوية وهو ما سوف‬
‫يؤدي إلى حسم النزاع بصفة ودية وتفادي اإلجراءات الطويلة أمام القضاء‪.‬‬
‫قد يحدث أن التؤدي التسوية الودية لمناعات الصفقات العمومية دورها بشكل فعلي‪،‬‬
‫فتنتقل بذلك المنازعة إلى القضاء وهو ما سوف يتم التطرق إليه في الباب الثاني‬

‫‪169‬‬
‫الباب الثاني‬
‫تسوية منازعات الصفقات العمومية أمام الجهات القضائية‪.‬‬
‫تستند اإلدارة حين القيام بنشاطها على ضرورة إحترام مبدأ المشروعية الذي يفرض‬
‫على اإلدارة مطابقة تصرفاتها مع القواعد القانونية التي تحكمها‪ ،‬فإذا ما صدر التصرف‬
‫اإلداري مخالفا لهذه القواعد كان غير مشروع‪ ،‬و حق لذوي الشأن طلب إلغائه و التعويض‬
‫‪1‬‬
‫عنه أمام الجهة القضائية المختصة‬
‫إنطالقا من مبدأ المشروعية المكرس دستوريا‪ ،‬فإن المشرع قد أخضع أعمال اإلدارة إلى‬
‫رقابة القضاء‪ ،‬ومنه كل شخص يرى بأنه متضرر من تصرفات اإلدارة القانونية و المادية‬
‫يمكنه أن يلجأ إلى القضاء لمخاصمة اإلدارة المعنية بموجب دعوى قضائية متبعا إجراءات‬
‫خاصة‪.2‬‬
‫إن إبرام العقود في مجال الصفقات العمومية يلزم اإلدارة بإتباع مبادئ الشرعية و‬
‫حماية حقوق األفراد و حرياتهم‪ ،‬و يقف حاج از أمام تجاوزات السلطة العامة إال أنه و عند‬
‫خرق تلك المبادئ و مخالفة نصوص التشريع تنشب نزاعات مختلفة بين المصلحة المتعاقدة‬
‫و المتعامل المتعاقد أو الغير عبر مختلف المراحل التي تمر بها الصفقة العمومية وعند‬
‫عجز الوسائل الودية لحل تلك النزاعات يكون اللجوء إلى القضاء‪.3‬‬
‫يكتس ي تدخل القضاء أهمية بالغة خاصة في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬ذلك أن‬
‫الصفقات العمومية في الجزائر لم تحدد طبيعتها القانونية عبر مختلف التنظيمات الخاصة‬
‫بها‪ ،‬كما لم يتم تحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاعات المتعلقة بها و لهذا‬
‫فإن تسوية منازعات الصفقات العمومية توجب التطرق إلى مسألة تحديد اإلختصاص‬

‫‪ 1‬سكاكني باية‪ ،‬دور القاضي اإلداري في حماية الحقوق و الحريات األساسية‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111/1111‬ص‪.64‬‬
‫‪ 1‬موري سفيان‪ ،‬مدى فعالية أساليب رقابة الصفقات العمومية على ضوء قانوني الصفقات العمومية و الوقاية من الفساد‬
‫و مكافحته‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع قانون العام لألعمال‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،1111/1111‬ص‪46‬‬
‫‪3‬‬
‫كلوفي عز الدين‪ ،‬نظام المنازعة في مجال الصفقات العمومية على ضوء قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪،‬‬
‫مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111-1111‬ص‪.1‬‬
‫‪170‬‬
‫القضائي بين مختلف الجهات القضائية (فصل أول) وكذا تحديد أنواع الدعاوى المنصبة‬
‫عليها(فصل ثاني)‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫الفصل األول‬
‫االختصاص القضائي بتسوية منازعات الصفقات العمومية‬
‫عرف النظام القضائي الجزائري تطو ار‪ ،‬من نظام الوحدة بعد االستقالل إلى ازدواجية‬
‫القضاء بموجب دستور ‪ ،1994‬أين جاءت المادة ‪ 171‬منه لتؤسس للقضاء اإلداري إلى‬
‫جانب القضاء العادي‪ ،‬فأصبح لكل نوع من القضائيين منازعاته التي ينظر فيها‪ ،‬في حالة‬
‫تنازع اإلختصاص تتولى محكمة التنازع الفصل في حاالت تنازع االختصاص‪.‬‬
‫إذن فمسألة االختصاص تطرح مسألة مدى أهلية الجهة القضائية في الفصل في النزاع‬
‫المطروح أمامها طبقا لما يقرره القانون‪ ،‬فالقاضي ال يخضع إالّ للقانون و السلطة القضائية‬
‫مستقلة وتمارس في إطار القانون‪.1‬‬
‫إن أول إشكال يطرح في إطار البث في نزاع مرتبط بصفقة عمومية يتمثل في تحديد‬
‫ما إذا كانت الجهة القضائية المطروح عليها النزاع مختصة للبث فيه أم ال‪ ،‬و يجد هذا‬
‫اإلشكال أساسه في أن المشرع‪ 2‬الجزائري لم يسند ألي من القضائيين العادي أو اإلداري‬
‫االختصاص للبث في المنازعات الناشئة عن الصفقات العمومية‪ ،‬كما أنه أحجم عن تحديد‬
‫الطبيعة القانونية لعقد الصفقة في إطار تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬وبالتالي فإن حسم‬
‫اإلشكال المرتبط باالختصاص يقتضي في مقام أول التطرق إلى مدى اختصاص كل من‬
‫القضائيين العادي و اإلداري بالفصل في منازعات الصفقات العمومية (مبحث أول) واذا‬
‫كانت الغالبية من الفقه تتجه إلسناد اختصاص القضاء اإلداري بالنظر في منازعات‬
‫الصفقات العمومية إال ما إستثناه اإلجتهاد القضائي‪ ،‬فكيف يتم توزيع هذا االختصاص بين‬
‫جهات القضاء اإلداري (مبحث ثاني)‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ 634-94‬المؤرخ في‪7‬ديسمبر‪ 1994‬المتعلق بإصدار نص تعديل الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،74‬المؤرخة في ‪ 4‬ديسمبر‪ ،1994‬ص‪.31-4‬‬
‫عدل هذا الدستور بموجب‪:‬‬
‫قانون رقم‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ ،1111/16/11‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،14‬المؤرخة في ‪ ،1111/16/16‬ص‪.13‬‬
‫قانون رقم‪19-14‬المؤرخ في ‪ ،1114/11/14‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،43‬المؤرخة في ‪ ،1114/11/14‬ص‪.11-4‬‬
‫قانون رقم ‪ 11-14‬المؤرخ في ‪4‬مارس‪ ،1114‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،16‬المؤرخة في ‪7‬مارس‪ ،1114‬ص‪.37-3‬‬
‫‪2‬‬
‫الزياتي محمد‪ ،‬القضاء اإلداري و الصفقات العمومية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد ‪74‬‬
‫و عدد ‪ ،79‬سنة ‪ ،1114‬ص ‪.13‬‬
‫‪172‬‬
‫المبحث األول‬
‫مدى اختصاص كل من القضائيين العادي و اإلداري بالفصل في منازعات‬
‫الصفقات العمومية‬
‫طبقا للمادة الثانية من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬والمتضمن تنظيم الصفقات‬
‫العمومية و تفويضات المرفق العام‪ ،‬فإنها تعرف الصفقات العمومية كعقود مكتوبة في مفهوم‬
‫التشريع المعمول به‪ ،‬تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم‪.‬‬
‫إن عقود الصفقات العمومية تقتضي في مقام أول تحديد الطبيعة القانونية لها عن‬
‫طريق معرفة أي صنف من العقود تنتمي إليه‪ ،‬فالعقود بصفة عامة تتنوع ما بين عقود إدارية‬
‫تخضع للقانون العام أي القانون اإلداري‪ ،‬و عقود خاصة تخضع للقانون الخاص‪ ،‬و لكل‬
‫نوع من العقود الخصائص التي يتميز بها‪ ،‬وهو ما يستدعي مطابقتها مع عقود الصفقات‬
‫العمومية لمعرفة المجال الذي تنتمي إليه (مطلب أول) ‪.‬‬
‫يخول تحديد الطبيعة القانونية لعقد الصفقة العمومية من معرفة الجهة المختصة‬
‫بالفصل و النظر في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية (مطلب ثاني) فالقضاء اإلداري‬
‫يختص بالنظر في العقود اإلدارية ويطبق أحكام القانون اإلداري‪ ،‬والقضاء العادي يختص‬
‫بالعقود الخاصة و يطبق أحكام القانون الخاص‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫الطبيعة القانونية لعقد الصفقة العمومية‬
‫أقرت محكمة النقض الفرنسية سنة ‪ 1999‬بأن العقود الخاضعة لقانون الصفقات‬
‫العمومية ال يمكن اعتبارها عقودا إدارية‪ ،‬إذ توجد عقود يطبق عليها قانون الصفقات‬
‫العمومية لكنها تعتبر عقودا خاصة‪ ،‬غير أنه انطالقا من سنة ‪ 1111‬أقر المشرع الفرنسي‬
‫بموجب نص صريح بإدارية عقود الصفقات العمومية‪ ،1‬على عكس تنظيم الصفقات‬
‫العمومية الجزائري الذي أحال بموجب المادتين ‪ 41‬و ‪ 2143‬تسوية المنازعات القضائية‬
‫التي تط أر على الصفقات العمومية للقواعد اإلجرائية المعمول بها في التشريع والمنصوص‬
‫عليها في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LICHERE François, Droit des contrats publics, 2 ème édition, Dalloz, France,2014, p7.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫إن تحديد الطبيعة القانونية لعقود الصفقات العمومية في الجزائر تستدعي البحث في‬
‫المعايير القضائية التي أرساها القضاء الفرنسي لتحديد العقد اإلداري (الفرع األول) ثم‬
‫اإلنتقال لتبيان الشروط الخاصة بعقد الصفقة العمومية (الفرع الثاني) ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدى انطباق معايير العقد اإلداري على عقد الصفقة العمومية‬
‫يشترط القضاء الفرنسي العتبار العقد إداريا توفر شخص معنوي عام طرفا فيه (أوال)‬
‫إضافة إلى تضمن العقد لشروط استثنائية ال توجد في عقود القانون الخاص (ثانيا) على أن‬
‫ينصب موضوع العقد على خدمة المرفق العام‪ ،1‬و التساؤل الذي يطرح في هذا المقام هو ما‬
‫مدى توفر تلك المعايير في الصفقات العمومية؟‪.‬‬
‫أوال‪ -‬المعيار العضوي‬
‫ساد هذا المعيار بعد الثورة الفرنسية و مؤداه أن النزاع يكون إداريا‪ ،‬ويعود بالتالي‬
‫اختصاص الفصل فيه إلى القضاء اإلداري إذا كان متعلقا بشخص عام‪ ،‬ويمتاز هذا المعيار‬
‫بسهولة إعماله‪ ،‬حيث يكفي أن يكون شخص من األشخاص العمومية طرفا في النزاع‪ ،‬حتى‬
‫‪2‬‬
‫يصبح النزاع إداريا‪.‬‬
‫فالعقد ال يكتسب السمة اإلدارية إذا كان طرفاه من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬وان كان‬
‫وجود الشخص المعنوي العام كطرف في العقد لينال الصفة اإلدارية‪ ،‬فمن باب أولى أن‬
‫‪3‬‬
‫تضفي هذه الصفة إذا كان طرفا العقد كالهما من األشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫إن العقود اإلدارية طائفة من عقود اإلدارة في الدولة التي أخذت بتقسيم القانون إلى‬
‫قانون عام و قانون خاص‪ ،‬لذلك يكون من البديهي أن يشترط عند إضفاء الصفة اإلدارية‬
‫على العقود أن تكون اإلدارة طرفا فيها‪ ،‬و ذلك على أساس أن القواعد اإلدارية وجدت لتحكم‬
‫نشاطات السلطات اإلدارية دون نشاط األفراد الذي يحكمه القانون الخاص‪ ،4‬بالعودة إلى‬
‫أحكام المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‬

‫‪1‬‬
‫‪LANGELIER Elise, l’office du juge administratif et le contrat administratif, Thèse pour le‬‬
‫‪doctorat en Droit public, Université de Poitiers, 2012, P 38.‬‬
‫‪2‬‬
‫عدو عبد القادر‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ‪.71‬‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫ماهر فيصل صالح‪ ،‬معايير الوصف اإلداري للعقد‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬جامعة المستنصرية‪ ،‬العراق‪ ،‬عدد ‪ ،11‬سنة ‪،1113‬‬
‫ص‪.6‬‬
‫‪4‬‬
‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪174‬‬
‫وتفويضات المرفق العام فيالحظ قيامها بتحديد مجال تطبيق تنظيم الصفقات العمومية على‬
‫العقود التي يكون أحد أطرافها ما يلي ‪ :‬الدولة‪ ،‬الجماعات اإلقليمية‪ ،‬المؤسسات العمومية‬
‫ذات الطابع اإلداري ‪ ،‬أي أن أحد أطراف الصفقة شخص من أشخاص القانون العام وهو ما‬
‫يضفي الطابع اإلداري على عقد الصفقة العمومية‪.‬‬
‫إالّ أن التطورات المعاصرة ومع ازدياد مهام األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬أدت بهذه‬
‫األخيرة إلى تفويض العديد من اإلختصاصات المتعلقة بمهام المرفق العام إلى األشخاص‬
‫المعنوية الخاصة بما فيها إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وهو ما يضفي على العقد الصبغة‬
‫اإلدارية بالرغم من أن القائم به هو شخص معنوي خاص‪ ،‬إذ من المقرر قضاءا أنه متى‬
‫ظهر أن تعاقد الفرد أو الهيئات الخاصة كان في الحقيقة لحساب الشخص المعنوي العام‬
‫ومصلحته‪ ،‬فإن هذا التعاقد يكتسب صفة العقد اإلداري‪ ،1‬وهو ما يستشف من خالل ما‬
‫أضافته المادة ‪ 4‬خالفا لألشخاص المعنوية العامة التقليدية‪ ،‬فزيادة على ذلك تندرج ضمن‬
‫تطبيقها المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع التجاري‪ ،‬عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة‬
‫كليا أو جزئيا‪ ،‬بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة‪ ،‬فسبب إدراج هذه المؤسسات يعود إلى‬
‫أن إبرام الصفقة العمومية كان لحساب الدولة‪ ،‬ذلك أن خزينة الدولة هي من قامت بتمويل‬
‫المشروع‪ ،‬أما إذا كان التمويل من قبل المؤسسة نفسها ولحسابها فهي تخرج من دائرة العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫على خالف العقد اإلداري الذي يكتفي بأن يكون إحدى طرفي العقد شخصا عاما أو‬
‫كال طرفي العالقة التعاقدية شخصا عاما‪ ،‬فإن الصفقة العمومية تخرج العقود المبرمة بين‬
‫إدارتين من مجال تطبيقها‪ 2‬ويرى األستاذ عمار بوضياف الذي جاء رأيه استنادا على‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 134-11‬بأن سبب استبعاد تنظيم الصفقات العمومية تعاقد اإلدارات‬
‫فيما بينها من مجال تطبيقها يعود إلى أن اإلدارات العمومية ال تثير إشكالية الفساد المالي‬
‫إذا جمع العقد بين هيئتين عموميتين‪ ،‬لكنه في نفس الوقت يثير إشكالية تتعلق بحدود تفسير‬
‫عبارة إدارة عمومية فهل تقتصر بذلك على أشخاص القانون العام التقليدية أم أنها تمتد لباقي‬

‫‪1‬‬
‫األعرج محمد‪ ،‬أطراف الصفقة العمومية من األشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،71‬سنة ‪ ،1114‬ص ‪.147‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،7‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫المؤسسات األخرى الواردة بالمادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،134-11‬األمر الذي‬
‫يستدعي ضبط و تدقيق بشأن تفسير النص؟‪. 1‬‬
‫لقد قام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬بتدارك اإلشكال الذي كان متعلقا بحدود تطبيق‬
‫مصطلح "اإلدارات العمومية" في المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،134-11‬وذلك بتحديده لقائمة‬
‫العقود التي تخرج من دائرة تطبيق تنظيم الصفقات العمومية بشكل صريح‪ ،‬إذ جاءت المادة‪7‬‬
‫منه بما يلي‪:‬‬
‫"التخضع ألحكام هذا الباب‪ ،‬العقود اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬المبرمة من طرف الهيئات و اإلدارات العمومية و المؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫اإلداري فيما بينها‪،‬‬
‫‪ -‬المبرمة مع المؤسسات العمومية المنصوص عليها في المطة االخيرة من المادة ‪6‬‬
‫أعاله‪ ،‬عندما تزاول هذه المؤسسات نشاطا ال يكون خاضعا للمنافسة‪،‬‬
‫‪ -‬المتعلقة باإلشراف المنتدب على المشاريع‪،‬‬
‫‪ -‬المتعلقة بإقتناء أو تأجير أراض أو عقارات‪،‬‬
‫‪ -‬المبرمة مع بنك الجزائر‪،‬‬
‫‪ -‬المبرمة بموجب إجراءات المنظمات و الهيئات الدولية أو بموجب اإلتفاقات الدولية‪،‬‬
‫عندما يكون ذلك مطلوبا‪،‬‬
‫‪ -‬المتعلقة بخدمات الصلح و التحكيم‪،‬‬
‫‪ -‬المبرمة مع محامين بالنسبة لخدمات المساعدة و التمثيل‪،‬‬
‫‪ -‬المبرمة مع هيئة مركزية للشراء خاضعة ألحكام هذا الباب‪ ،‬وتتصرف لحساب‬
‫المصالح المتعاقدة‪".‬‬
‫يطرح إشكال آخر يتعلق بالهدف الذي يقوم عليه تنظيم الصفقات العمومية والمحدد‬
‫بموجب المادة ‪ 4‬منه‪ 2‬المتعلق بضرورة احترام مبادئ الشفافية والمساواة في معاملة‬
‫المترشحين وحرية الوصول إلى الطلبات العمومية‪ ،‬فإذا أخرجنا العقود المبرمة بين إدارتين‬

‫‪1‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬معايير تحديد الصفقة العمومية في التشريع الجزائري و موقف القضاء اإلداري منها‪ ،‬مجلة الفقه‬
‫والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،11‬سنة ‪ ،1116‬ص ‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،4‬المرسوم الرئاسي ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪176‬‬
‫عموميتين من مجال تطبيق تنظيم الصفقات العمومية فهذا يعني عدم احترام هذه األخيرة‬
‫للمبادئ المذكورة آنفا وهو ما يتنافى مع الهدف من تحقيق المصلحة العامة وحماية المال‬
‫العام للدولة ولهذا فقد أولى تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام عناية بهذه‬
‫المسألة في الباب الثاني المتعلق باألحكام المطبقة على تفويضات المرفق العام وذلك‬
‫بالتنصيص على إحترام مبادىء الشفافية والمساواة بين المترشحين وحرية الوصول إلى‬
‫الطلبات العمومية بموجب المادة ‪119‬منه ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬معيار المرفق العام‬
‫يستند هذا المعيار إلى قرار ‪ Blanco‬في ‪ ،2288/28/82‬عن محكمة التنازع الفرنسية‪،‬‬
‫وقد تقرر فيه أن المنازعات الناشئة بسبب المرافق العامة تعود إلى القضاء اإلداري‪ ،‬ويطبق‬
‫عليها قواعد القانون العام و ليس قواعد القانون المدني‪ ، 1‬فقد جاء في قرار مجلس الدولة‬
‫الفرنسي الصادر بتاريخ ‪ 2918/20/28‬تعريف المرفق العام على النحو اآلتي ‪:‬‬
‫" إن المرفق العام هو كل مشروع تنشئه الدولة أو تشرف على إدارته و يعمل بانتظام‬
‫واستمرار‪ ،‬ويستعين بسلطات اإلدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها ال بقصد‬
‫الربح بل بقصد المساهمة في صيانة النظام وخدمة المصالح العامة في الدولة والصفات‬
‫المميزة للمرفق العام هي أن يكون المشروع من المشروعات ذات النفع العام‪ ،‬أي أن يكون‬
‫سد حاجات مشتركة أو تقديم خدمات عامة" ‪ ،2‬و على هذا األساس فإن الصفقات‬ ‫غرضه ّ‬
‫العمومية تعتبر عقودا إدارية التصالها المباشر بنشاط المرافق العمومية‪.‬‬
‫فإذا كان العقد اإلداري أحد وسائل إدارة المرفق العام فيجب أن يحترم مبادئ سير‬
‫المرفق العام الذي أبرم من أجله‪ ،3‬وهو ما كرسته العديد من أحكام المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 848-21‬لعل أهمها إقرار مسألة الحل الودي في النزاعات التي تط أر عند تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية تطبيقا لمبدأ سير المرفق العام بانتظام و إطراد‪ 4‬واعتبار هذا التنظيم تم وضعه‬
‫لترشيد المال العام و المحافظة عليه عن طريق إبرام عقود الصفقات العمومية التي‬

‫‪ 1‬د‪ .‬عدو عبد القادر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪ 2‬العبادي محمد وليد‪ ،‬االختصاص القضائي لمنازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مجلة المنارة‪ ،‬عدد ‪ ،3‬المغرب‪ ،‬سنة‪،1111‬‬
‫ص ‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫األعرج محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ ،143‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫موضوعها أساسا نفقات اإلدارة العمومية التي أموالها أموال عمومية تصرف في خدمة النفع‬
‫‪.1‬‬
‫العام و المصلحة العامة‬
‫لقد اعتبر القضاء المغربي الصفقات العمومية متصلة بمرفق عام‪ ،‬إذ قضت الغرفة‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارية بالمجلس األعلى في قرار لها بتاريخ ‪ 8222/22/29‬ما يلي‪:‬‬
‫"إذا كانت الصفقة المتنازع حول طبيعتها القانونية قد أبرمت من أجل إيصال الماء‬
‫الشروب في إطار مرفق عام‪ ،‬و في نطاق المرسوم المتعلق بصفقات األشغال المبرمة‬
‫لحساب الدولة ولو كان طرفاها أشخاص القانون الخاص‪ ،‬مادامت الشركة صاحبة المشروع‬
‫في مركز المفوض له من قبل السلطات العامة المختصة ‪ ...‬كل هذه العناصر مجتمعة‬
‫تجعل منها صفقة عمومية وعقدا إداريا تخضع المنازعة المتعلقة بها إلى المحكمة اإلدارية "‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬معيار الشرط غير المألوف‬
‫يقصد بالشرط االستثنائي الغير مألوف‪ ،‬إدراج بند أو قاعدة في العقد‪ ،‬يعطي الطرفين‬
‫أو أحدهما حقوقا أو يحملهما التزامات ال يمكن أن يسلم بها بحرية واراديا المتعاقد في ظل‬
‫القانون الخاص‪ ،‬أي أن العقد ال يعتبر إداريا رغم إبرامه من طرف شخص معنوي عام‬
‫واتصاله بمرفق عام‪ ،‬إالّ إذا تضمن شرطا أو شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون‬
‫تعبير‬
‫ا‬ ‫الخاص‪ ،3‬ومهما كان الوصف الذي أعطي لهذه الشروط‪ ،‬إالّ أنها ال تخرج عن كونها‬
‫عن تطبيق لفكرة السلطة العامة‪ ،‬إذ تظهر اإلدارة كطرف آمر في العقد‪ ،‬وهو ما ال يمكن‬
‫تصوره في العقود الخاصة القائمة على مبدأ المساواة‪ ،‬ويبرر وجود هذه البنود مقتضيات‬
‫المصلحة العامة‪.‬‬
‫في دراسة لهما تحت عنوان " مفهوم الصفقات العمومية"‪ ،‬أكد كل من األستاذ‬
‫‪ RICHER‬و األستاذ ‪ KAHN‬بأن الصفقات العمومية مادامت ترتكز على دفاتر شروط ‪،‬‬
‫فإن هذه األخيرة تحمل شروطا إستثنائية غير مألوفة في القانون الخاص وهو ما يؤهل‬
‫الصفقة العمومية على أن تكتسب صفة العقد اإلداري‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األعرج محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪3‬‬
‫بعلي محمد الصغير‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SCHULTZ Patrick, Elément du droit des marchés publics, 2 eme édition, L G D J, France,‬‬
‫‪2002, p31.‬‬
‫‪178‬‬
‫من جملة ما يتميز به تنظيم الصفقات العمومية عن غيره من التنظيمات‪ ،‬هو تخويله‬
‫لجهة اإلدارة جملة من االمتيازات و السلطات في مواجهة المتعاقد‪ ،‬تتمثل أهمها في كل من‬
‫سلطة اإلشراف والرقابة(‪ ،)2‬سلطة التعديل(‪ ،)8‬سلطة توقيع الجزاء(‪ )2‬وسلطة فسخ‬
‫العقد(‪.)4‬‬
‫‪ -1‬سلطة اإلشراف و الرقابة‬
‫جاء بموجب المادة ‪ 210‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ما يلي‪:‬‬
‫حيز التنفيذ‬
‫" تخضع الصفقات التي تبرمها المصالح المتعاقدة للرقابة قبل دخولها ّ‬
‫وقبل تنفيذها وبعده ‪.‬‬
‫تمارس عمليات الرقابة التي تخضع لها الصفقات في شكل رقابة داخلية ورقابة‬
‫خارجية ورقابة الوصاية"‪.‬‬
‫‪ -2‬سلطة التعديل‬
‫تعد سلطة التعديل أهم المظاهر التي يتميز بها العقد اإلداري عن غيره من عقود‬
‫القانون الخاص‪ ،‬هذه األخيرة تقوم على مبدأ تساوي األطراف‪ ،‬بحيث ال يجوز تعديل أحكام‬
‫العقد إالّ باتفاق األطراف‪ ،‬في حين أن لإلدارة سلطة التعديل بإرادتها المنفردة‪ ،‬بهدف إحقاق‬
‫المصلحة العامة وهو ما أكدته المادة ‪ 221‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 1‬بمنحها إلمكانية‬
‫المصلحة المتعاقدة إبرام مالحق بهدف زيادة الخدمات أو تقليلها ‪.‬‬
‫‪ -3‬سلطة توقيع الجزاء‬
‫تملك المصلحة المتعاقدة سلطة توقيع الجزاءات على المخالفين لشروط الصفقة‬
‫العمومية دون حاجة للجوء إلى القضاء‪ ،‬و كل ذلك في إطار تأمين سير المرفق العام‬
‫‪2‬‬
‫بانتظام واطراد وفي هذا المجال تنص المادة ‪ 248‬من تنظيم الصفقات العمومية على أنه‪:‬‬
‫" يمكن أن ينجر عن عدم تنفيذ االلتزامات التعاقدية من قبل المتعاقد في اآلجال‬
‫المقررة أو تنفيذها غير المطابق‪ ،‬فرض عقوبات مالية‪ ،‬دون اإلخالل بتطبيق العقوبات‬
‫المنصوص عليها في التشريع المعمول به"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نفس المرجع أعاله‪.‬‬
‫‪179‬‬
‫‪ -4‬سلطة فسخ العقد‬
‫يستهدف هذا االمتياز أو السلطة المخولة لإلدارة إنهاء الرابطة التعاقدية وقطع العالقة‬
‫بينها و بين المتعامل المتعاقد‪ ،‬و يفترض هنا أن يقدم المتعامل المتعاقد على ارتكاب خطأ‬
‫‪1‬‬
‫جسيم يخول لإلدارة ممارسة هذه السلطة‪.‬‬
‫ولما كانت سلطة الفسخ ذات أثر خطير‪ ،‬فقد تم إقرار سلطة اإلدارة في إعذار‬
‫المتعامل المتعاقد قبل ممارسة حقها في فسخ العقد‪ ،‬و لهذا فقد جاءت المادة ‪ 169‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ 2‬على النحو التالي‪:‬‬
‫" إذا لم ينفذ المتعاقد التزاماته‪ ،‬توجه له المصلحة المتعاقدة إعذا ار ليفي بالتزاماته‬
‫التعاقدية في أجل م حدد و إن لم يتدارك المتعاقد تقصيره في األجل الذي حدده اإلعذار‬
‫المنصوص عليه أعاله‪ ،‬يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تفسخ الصفقة من جانب واحد" ‪.‬‬
‫مما تقدم يتبين بأن الصفقات العمومية تندرج ضمن العقود اإلدارية‪ ،‬لكن ذلك ال يعني‬
‫إهمال ذكر الشروط الخاصة التي تتميز بها عن العقد اإلداري‪ ،‬وهو ما سوف يتم التطرق‬
‫إليه في المطلب الثاني‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الخاصة بالصفقة العمومية‬
‫تنفرد الصفقات العمومية بشروط تميزها عن غيرها من العقود‪ ،‬تنحصر هذه الشروط‬
‫في كل من الكتابة(أوال)‪ ،‬الحد المالي(ثانيا)‪ ،‬وموضوع الصفقة العمومية (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الكتابة‬
‫جاءت كل من المادة األولى من األمر رقم ‪ 91-47‬و المادة الرابعة من المرسوم‬
‫رقم ‪ 164 -41‬و المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 636-91‬والمادة ‪ 3‬من المـرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 141-11‬والمادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 134-11‬وأخي ار المادة ‪1‬‬
‫من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬في تعريفها للصفقات العمومية بنفس الشرط و المتمثل‬
‫في أن الصفقات العمومية هي " عقود مكتوبة " فال يجوز إبرام صفقة عمومية دون عنصر‬
‫الكتابة و الذي يعتبر الطابع الرسمي الذي يميزها مقارنة بباقي العقود األخرى ‪.‬‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬


‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪180‬‬
‫على هذا األساس فقد أكدت المادة ‪ 94‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬على شرط‬
‫الكتابة حينما حددت البيانات التي البد على عقد الصفقة العمومية أن يتضمنها‪ ،‬ويعود ذلك‬
‫لما للصفقة العمومية من أهمية على التنمية االقتصادية الوطنية‪ ،‬وقيامها على أموال ضخمة‬
‫تعد وسيلة إثبات تميز‬
‫ممولة من قبل الدولة تقتضي بالضرورة إحاطتها بضمانة الكتابة التي ّ‬
‫عقد الصفقة العمومية بالطابع الرسمي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الشيء‬ ‫فالحماية القانونية لتصرفات اإلدارة ال يمكن تحقيقها في غياب عنصر الكتابة‬
‫الذي يبرر عناية مختلف تنظيمات الصفقات العمومية بهذا العنصر‪.‬‬
‫غير أن قاعدة الكتابة ليست بمطلقة بل يرد عليها استثناء أوردته المادة ‪ 11‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ، 167-14‬وذلك في حالة وجود خطر يهدد االستثمار أو ملكا‬
‫للمصلحة المتعاقدة‪ ،‬فإن المصلحة من تنفيذ الصفقة وحالة االستعجال تبرر اللجوء إلى‬
‫ترخيص بالشروع في التنفيذ نظ ار لما يتميز به عقد الصفقة العمومية من طول اإلجراءات في‬
‫إبرامه‪ ،‬وعليه فإن أساس التبرير للجوء إلى الترخيص هو الظرف المنصب عليه في الصفقة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫يبقى االستثناء المنصب على شرط الكتابة نسبيا ذلك وأنه بموجب الفقرة األخيرة من‬
‫تعد صفقة‬
‫المادة ‪ 11‬من المرسوم األنف الذكر فإنه يستوجب على المصلحة المتعاقدة أن ّ‬
‫تسوية خالل ستة أشهر ابتداء من تاريخ التوقيع على المقرر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الشرط المالي‬
‫تتميز الصفقات العمومية عن غيرها من العقود بتحديد العتبة المالية التي تقوم عليها‪،‬‬
‫خص لها تنظيم ينظمها‪ ،‬وقد حددت المادة ‪ 13‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-14‬‬ ‫ولهذا فقد ّ‬
‫‪ 167‬العتبة المالية على النحو التالي‪:‬‬
‫" كل صفقة عمومية يساوي فيها المبلغ التقديري لحاجات المصلحة المتعاقدة إثني‬
‫عشر مليون دينار ‪ 21........‬دج أو يقل عنه لألشغال أو اللوازم‪ ،‬وستة ماليين‬
‫دينار ‪ 6........‬دج لخدمات الدراسات أو الخدمات ال يقتضي وجوبا إبرام صفقة‬
‫عمومية وفق اإلجراءات الشكلية المنصوص عليها في هذا الباب " ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪GOSSELIN Bernard, les marchés publics, L G D J, Paris, France, 1998, p19.‬‬
‫‪181‬‬
‫كل العقود التي تقل عن المبالغ المحددة أنفا أو تساويها تعتبر عقودا خارجة من نطاق‬
‫الصفقات العمومية و بالنتيجة إعفاؤها من الخضوع ألحكام تنظيم الصفقات العمومية المتميز‬
‫بطول إجراءاته و تعقيداته‪ ،‬ولعل الهدف من ذلك هو أن األموال التي تقوم عليها الصفقات‬
‫العمومية هي أموال ضخمة تمولها الخزينة العامة للدولة نظ ار لحجم االستثمارات القائمة‬
‫عليها‪ ،‬وألجل الحفاظ على المال العام من مختلف أوجه الفساد كان البد من التشدد من‬
‫حيث اإلجراءات التي تحكم إبرام الصفقات العمومية لبسط الرقابة عليها وحمايتها‪.‬‬
‫على عكس العقود األخرى التي تنصب على مبالغ بسيطة تعكس المستلزمات البسيطة‬
‫التي تحتاجها اإلدارة ألجل السير العادي والمنتظم لخدماتها‪ ،‬والتي ال تستلزم إتباع إجراءات‬
‫تنظيم الصفقات العمومية حتى ال ترهق اإلدارات بشكل يؤدي إلى التأثير على تحقيق‬
‫المصلحة العامة ‪.‬‬
‫من المعلوم أن عالقة الصفقات العمومية باالقتصاد الوطني تجعلها تتأثر بمؤثراته‪ ،‬فال‬
‫يمكن التسليم بثبات العتبة المالية المحددة لعقود الصفقات العمومية مع التغيرات االقتصادية‪،‬‬
‫فإذا كان قانون المالية يتغير كل سنة بالزيادة أو النقصان في حجم النفقات واإليرادات‪ ،‬كان‬
‫البد على تنظيم الصفقات العمومية أن يساير العوامل المتدخلة في السوق من ارتفاع‬
‫األسعار وتغير نسب التضخم والعجز‪ ،‬ولهذا فقد عرفت العتبة المالية لعقود الصفقات‬
‫العمومية في الجزائر عدة تغيرات عبر مختلف تعديالت قانون الصفقات العمومية الجزائري‪،‬‬
‫ولهذا نجد بأن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬أعطى لوزير المالية سلطة تحيين مبالغ‬
‫الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫إن الرخصة الممنوحة بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬لوزير المالية من‬
‫تحيين العتبة المالية المحددة إلبرام الصفقات العمومية بصفة دورية تكون بموجب قرار وفق‬
‫معدل التضخم المسجل رسميا‪ ،‬ويعود ذلك لما لو ازرة المالية من دور في إعداد قانون المالية‬
‫ومعرفتها للشأن المالي لمختلف قطاعات الدولة‪ ،‬خاصة وأن أموال الصفقات العمومية هي‬
‫من تمويل الخزينة العمومية‪ ،‬ومن ثم فإن و ازرة المالية أدرى بشأن الصفقات العمومية والدليل‬
‫على ذلك إعدادها للتقرير العام المتعلق بمشروع تنظيم الصفقات العمومية و يستدل في ذلك‬
‫على ديباجة المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬والتي جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫" إن رئيس الجمهورية ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫بناء على تقرير وزير المالية ‪" ...‬‬
‫إن القول بتحيين وزير المالية للمبالغ المتعلقة بعقود الصفقات العمومية بموجب قرار‪،‬‬
‫يعد خرقا للقواعد الدستورية التي تفرض ضرورة التدرج الهرمي في‬
‫أمر مناقض للصواب و ّ‬
‫احترام القانون‪ ،‬فال يعقل أن يغير قرار مرسوما رئاسيا بل البد أن يوازيه في الشكل بحيث‬
‫يعد خرقا‬
‫يغير مرسوم رئاسي مرسوما رئاسيا أخر‪ ،‬وعليه فإن ما أتت به المادة ‪ّ 3-13‬‬
‫دستوريا يستدعي النظر فيه ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬موضوع الصفقة العمومية‬
‫تتميز الصفقات العمومية عن غيرها من العقود بمعالجتها ألربعة أنواع من العمليات‬
‫حددتها المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪،‬‬
‫وهي تشتمل على كل من‪ :‬إنجاز األشغال‪ ،‬اقتناء اللوازم‪ ،‬إنجاز الدراسات وتقديم الخدمات‪.‬‬
‫تعد صفقة أشغال عمومية كل عقد يهدف إلى قيام المقاول ببناء أو تجديد أو صيانة‬
‫أو تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصالح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها بما في ذلك‬
‫التجهيزات المشتركة الضرورية الستغاللها‪.1‬‬
‫هنا البد من اإلشارة بأن المادة ‪ 19‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬حين تعدادها‬
‫ألنواع الصفقات العمومية ابتدأت كما يلي ‪ ":‬تشمل الصفقات العمومية إحدى العمليات‬
‫اآلتية أو أكثر ‪ "...‬و عليه فإن العبارة التي أعقبت " إحدى العمليات " كانت " أو أكثر" وهو‬
‫ما يدل على إمكانية أن يتضمن عقد الصفقة العمومية الواحد نوعين من العمليات‪.‬‬
‫في هذا اإلطار توضح الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعاله هذه اإلمكانية بقولها‪:‬‬
‫"‪ ...‬عندما تشمل الصفقة العمومية عدة عمليات من تلك المذكورة أعاله‪ ،‬تبرم المصلحة‬
‫المتعاقدة صفقة إجمالية‪." "...‬‬
‫في تعريفها لصفقة الخدمات جاءت المادة ‪ 19‬في فقرتها االخيرة بما يلي‪:‬‬
‫" تهدف الصفقة العمومية للخدمات المبرمة مع متعهد خدمات إلى إنجاز تقديم‬
‫خدمات‪.‬‬
‫وهي صفقة عمومية تختلف عن صفقات األشغال أو اللوازم أو الدراسات "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،19‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪183‬‬
‫تعد صفقة اللوازم كل عقد يهدف إلى اقتناء المصلحة المتعاقدة أو إيجار عتاد أو مواد‬
‫موجهة لتلبية الحاجات المتصلة بنشاطها لدى مورد‪ ،‬واذا كانت أشغال وضع و تنصيب‬
‫اللوازم مدرجة ضمن الصفقة و ال تتجاوز مبالغها قيمة هذه اللوازم‪ ،‬فإن الصفقة تكون صفقة‬
‫لوازم‪ ،‬و يمكن أن تشمل الصفقة المتضمنة اقتناء اللوازم‪ ،‬مواد تجهيز أو منشآت كاملة غير‬
‫جديدة و التي تكون مدة عملها مضمونة أو مجددة بضمان‪.1‬‬
‫أما صفقة الدراسات فهي تهدف إلى إنجاز خدمات فكرية‪ ،‬السيما مهمات المراقبة‬
‫التقنية أو الجيوتقنية واإلشراف على إنجاز األشغال و مساعدة صاحب المشروع‪.2‬‬
‫عرف عقد الدراسات تذبذبا في النظام القانوني للصفقات العمومية‪ ،‬وهو ما يبرر‬
‫الخصوصية التي ينفرد بها فرجوعا لألمر رقم ‪ 91-47‬و تحديدا المادة األولى منه‪ ،‬يتضح‬
‫لعدم إشارتها إليه بل تذكر فقط عقود إنجاز األشغال أو التوريدات أو الخدمات كأصل عام‬
‫خص عقد الدراسات بفصل لوحده وهو‬
‫ولكنه بالرجوع إلى المادة ‪ 46‬من نفس األمر‪ ،‬فقد ّ‬
‫الفصل السادس المعنون بـ " أحكام خاصة بصفقات الدراسات" و في ذلك تنص المادة ‪46‬‬
‫منه على ما يلي‪:‬‬
‫" تلتجئ اإلدارة إلى صفقات الدراسات عندما تكون غير قادرة على أن تنجز في‬
‫اآلجال المحددة الدراسات الالزمة للوصول مباشرة إلى إنجازات "‪.‬‬
‫ما يفهم من المادة المذكورة أعاله أن المشرع أراد من صفقات الدراسات أن تكون‬
‫استثناء و لهذا لم يدرجها في المادة األولى كأصل عام يلتجأ إليه‪ ،‬فقد حددت الحالة التي‬
‫تقتضي اللجوء إلى هذا النوع من الصفقات‪ ،‬ذلك أن الدراسات في هذه الفترة كانت اإلدارات‬
‫تقوم بها بنفسها و لكن استثناء وفي حالة عدم قدرتها على القيام بإنجازها في اآلجال المحددة‬
‫وبهدف تحقيق المصلحة العامة كانت تسند ألشخاص خاصة‪ ،‬تقوم باإلسراع للقيام بها ذلك‬
‫أنه في هذه الفترة وفي إطار السياسة اإلشتراكية التي كانت تهدف إلى بناء البنى القاعدية‬
‫لالقتصاد الجزائري‪ ،‬استدعت الضرورة التركيز بصفة أساسية على اإلس ارع في تحقيق‬
‫الهدف من هذه السياسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،19‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نفس المرجع أعاله‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫بعد ذلك جاء المرسوم رقم ‪ 164-41‬خاليا من اإلشارة بالنص الصريح لعقد الدراسات‬
‫واكتفت المادة ‪ 6‬منه باإلشارة لنفس العقود المذكورة في األمر رقم ‪ 91-47‬دون عقد‬
‫الدراسات‪ ،‬وذهب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 636-91‬في نفس اإلطار حينما أوردت المادة ‪3‬‬
‫منه نفس العقود الكالسيكية (عقد األشغال‪ ،‬عقد التوريد و عقد الخدمات) خاصة وأن األزمة‬
‫االقتصادية في تلك الفترة استدعت ضرورة ترشيد النفقات العمومية وبقيت اإلدارات تقوم‬
‫بنفسها بإنجاز الدراسات دون أن ترقى إلى صفقة عمومية منفصلة‪ ،‬لكن هذا الوضع ما لبث‬
‫أن تغير بموجب المادة ‪ 3‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 141-11‬بإدراج عقد الدراسات كنوع‬
‫من العمليات التي تنصب عليها الصفقة العمومية‪ ،‬ليستمر الحال على وضعه بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 134-11‬و المرسوم الرئاسي رقم ‪.167-14‬‬
‫بعد التعرف على المعايير المتبعة في تحديد إدارية عقد الصفقة العمومية وكذا‬
‫الشروط الخاصة بعقد الصفقة العمومية‪ ،‬فإن التساؤل الذي يطرح في هذا المقام يتعلق بمدى‬
‫اختصاص القضائين العادي واإلداري في مادة الصفقات العمومية‪ ،‬السيما وأن المشرع‬
‫الجزائري لم يحدد الجهة القضائية المختصة وهو ما سيتم تناوله في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫حسم مسألة االختصاص بين جهة القضاء اإلداري والقضاء العادي في منازعات الصفقات‬
‫العمومية‬
‫درج الفقه و القضاء على التمييز بين عقود اإلدارة‪ ،‬فمنها ما تتعامل فيها كما يتعامل‬
‫األفراد‪ ،‬مستعملة قواعد القانون الخاص‪ ،‬ومنها ما تتعامل به كوصفها سلطة عامة تتمتع‬
‫بامتيازات وسلطات استثنائية غريبة عن قواعد القانون الخاص وتسمى حينئذ عقودها بالعقود‬
‫اإلدارية‪ ،‬وعلى ضوء ذلك يتحدد االختصاص القضائي باعتبار أن المنازعات الناشئة عن‬
‫عقود اإلدارة الخاصة آيلة للقضاء العادي‪ ،‬بينما تؤول المنازعات المترتبة عن العقود اإلدارية‬
‫للقضاء اإلداري‪ ،1‬هل هاته النتيجة تنطبق على القضاء والقانون الجزائري وبصفة أدق ما‬
‫محل منازعات الصفقات العمومية من ذلك ؟‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬بودريوه عبد الكريم‪ ،‬أساس و مجال اختصاص القضاء اإلداري في منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة جياللي ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬سنة ‪ ،1114‬ص ‪.114‬‬
‫‪185‬‬
‫لم يحدد المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬الجهة القضائية المختصة بالفصل في‬
‫نزاعات الصفقات العمومية‪ ،‬فالمادتان ‪ 41‬و‪ 143‬من هذا المرسوم لم تشر إلى ذلك‪ ،‬كما أن‬
‫المادة ‪ 143‬في فقرتها الرابعة اقتصرت على عبارة اللجوء إلى "العدالة " بعد رفع الطعن‬
‫أمام لجنة التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪ ،‬فهاته العبارة جاءت عامة الشيء‬
‫الذي يحيل للجوء إلى القواعد العامة ‪.‬‬
‫إن اإلحالة على القواعد العامة يظهر إصرار المشرع الجزائري على تكريس المعيار‬
‫العضوي كأساس لتحديد جهة اختصاص القضاء اإلداري (الفرع األول) إال أن ذلك ال يعني‬
‫األخذ بهذا المعيار بصفة مطلقة بل هناك اتجاه نحو اعتماد المعيار المادي (الفرع الثاني )‬
‫في حاالت معينة ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إصرار المشرع على تكريس المعيار العضوي في تحديد جهة اختصاص‬
‫القضاء اإلداري‬
‫كرس المشرع الجزائري وألول مرة بموجب األمر رقم ‪ 146-44‬الموافق لـ ‪ 4‬يونيو‬
‫‪ 1944‬والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية المعيار العضوي حيث جاءت المادة السابعة منه‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫" تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل لإلستئناف أمام المحكمة‬
‫العليا‪ ،‬في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها التي تكون الدولة أو الواليات أو إحدى‬
‫المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها وذلك حسب قواعد اإلختصاص‪"....‬‬
‫ارتكز المشرع الجزائري على األطراف القائمة بالعمل المؤدي للن ازع‪ ،‬فيختص القاضي‬
‫اإلداري بالنزاع متى كان أحد أطرافه شخصا معنويا ومن ثم فإن القاضي اإلداري ال يأخذ‬
‫بطبيعة النشاط‪ ،‬فمتى توفرت األشخاص المذكورة في المادة ‪ 7‬أعاله بغض النظر عن‬
‫تعامل اإلدارة‪ ،‬و لو كان نشاطها خاصا و يخضع للقانون الخاص‪ ،‬يختص القاضي اإلداري‬
‫بالنظر إليه‪ ،‬وفي هذا االتجاه المكرس للمعيار العضوي‪ ،‬ساير المجلس األعلى موقف‬
‫المشرع الجزائري في ق ارره الصادر في ‪ 13‬جانفي ‪ 1971‬قضية السيد (ب) والتعاونية‬
‫الجزائرية لتأمين عمال التربية والثقافة (‪ )MAATEC‬ضد وزير الدفاع الوطني الذي جاء في‬
‫تسبيبه " حيث أن المادة ‪ 7‬من ق‪ .‬ا‪.‬م‪ ،‬قد استبدلت المعيار المادي القديم المرتكز على‬
‫طبيعة النشاط اإلداري المعتبر بمعيار عضوي‪ ،‬لم يأخذ بعين االعتبار سوى صفات‬

‫‪186‬‬
‫األشخاص المعنيين‪ ،‬وأنه يجب ويكفي أن يكون شخص معنوي إداري طرفا في الدعوى‬
‫‪1‬‬
‫لكي يعتبر القاضي الفاصل في المواد اإلدارية مختصا‪ ،‬وهذا مهما كانت طبيعة القضية"‪.‬‬
‫إن تحليل هذا القرار يبين نقطة مهمة وهي إق ارره بأن المعيار المادي كان مستعمال قبل‬
‫صدور قانون اإلجراءات المدنية الذي يعتبر نقطة تحول نحو االتجاه الستعمال المعيار‬
‫العضوي‪ ،‬فكما هو معروف فإن الجزائر بعد االستقالل أصدرت قانونا يجيز مواصلة العمل‬
‫بالتشريع الفرنسي ما عدا ما تعلق منه بالسيادة الوطنية‪ ،‬فأثناء هذه الفترة كان معموال‬
‫بالمعيار المادي الموروث عن االستعمار الفرنسي‪ ،‬إال أن هذا ال يعني عدم العمل بالمعيار‬
‫العضوي في نفس الفترة ‪.‬‬
‫عودة إلى أصل المعايير المعتمدة لتحديد النزاع اإلداري والتي كان الجتهاد مجلس‬
‫الدولة الفرنسي الفضل في إنشائها‪ ،‬تم البدأ في مرحلة أولى بتحديد المجال الذي يعود‬
‫اختصاص الفصل فيه للقاضي اإلداري‪ ،‬على أساس المعيار العضوي أي وجود شخص‬
‫معنوي عام في ظل الدولة الحارسة‪ ،‬وبعد الحربين العالميتين و األزمة المالية لسنة ‪2989‬‬
‫في ظل الد ولة المتدخلة تبنى القاضي اإلداري الفرنسي المعيار المادي في وصفه للنزاع‬
‫اإلداري مع استعماله للمعيار العضوي أحيانا‪ ،‬فتارة يستعملها مجتمعين وأخرى يستعملهما‬
‫منفصلين و هو نفس المعيار الذي كان معتمدا في تحديد مجال اختصاص المحاكم اإلدارية‬
‫الثالثة الموروثة عن النظام الفرنسي السابق خالل المرحلة االنتقالية الممتدة من ‪ 1‬جويلية‬
‫‪ 2908‬إلى غاية ‪ 2‬يونيو ‪ 2900‬تاريخ صدور األمر رقم ‪ 214-00‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية‪. 2‬‬
‫وعليه فإن قانون اإلجراءات المدنية بموجب المادة ‪ 8‬منه يكرس القطيعة مع المعيار‬
‫المادي والتحول نحو اعتماد المعيار العضوي كأساس وحيد لتحديد اختصاص القاضي‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫يرى األستاذ رشيد خلوفي أن اإلرث القضائي الفرنسي أدى إلى تعقيد في اإلجراءات‬
‫بصورة أصعب‪ ،‬نظ ار للوضع القائم بعد االستقالل المتميز بمغادرة الوسائل البشرية القضائية‬

‫‪1‬‬
‫سالمي عمور‪ ،‬سلطات القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في فرع القانون العام‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111/1111‬ص ‪.43‬‬
‫‪2‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪187‬‬
‫واستحالة تغطية هذا الفراغ وأمام هذا الوضع فضلت السلطات العمومية وفي سنة ‪2900‬‬
‫استعمال المعيار العضوي لتحديد اختصاص الغرف اإلدارية للفصل في النزاعات التي تكون‬
‫السلطات اإلدارية طرفا فيها‪ ،‬وتم هذا االختيار لصعوبة استعمال المعيار المادي قبل هذا‬
‫التاريخ‪.1‬‬
‫فقد عمل المشرع منذ ‪ 2900‬على تبني معيار بسيط لسهولة استعماله بحيث يمكن‬
‫المتقاضي وبصفة قبلية من تحديد اختصاص الجهة القضائية اإلدارية بمجرد أن يكون أحد‬
‫أطراف النزاع شخص إداري‪.‬‬
‫إن تكريس المشرع للمعيار العضوي قد تواصل حتى بصدور القانون رقم ‪29-22‬‬
‫والمؤرخ في ‪ 8222/28/81‬والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬والذي أصر في‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 222‬منه على استعمال هذا المعيار‪ ،‬رغم التحوالت التي عرفتها‬
‫الدولة خاصة مع التوجه الليبرالي المكرس في دستور ‪ 2929‬و ازدواجية القضاء في دستور‬
‫‪ ،2990‬و التحوالت السياسية و االجتماعية و االقتصادية التي يعرفها المجتمع‪ ،‬فقد جاءت‬
‫المادة ‪ 8/222‬و المتضمنة اختصاص المحاكم اإلدارية كالتالي‪:‬‬
‫" تختص بالفصل في أول درجة‪ ،‬بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا التي تكون‬
‫الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها"‬
‫إذن فالمعيار العضوي في الجزائر هو معيار تشريعي يلزم القاضي بضرورة تطبيقه‪،‬‬
‫فقد جاءت المادة ‪ 201‬من الدستور بالنص على‪ ":‬ال يخضع القاضي إال للقانون"‪ ،‬فال‬
‫مجال الجتهاد القاضي‪ ،‬فيطبق القاضي المعيار العضوي حرفيا حتى و لو كانت السلطات‬
‫اإلدارية تنزل في عالقاتها منزلة األفراد‪ ،‬وهو األمر الذي يؤدي إلى توسيع اختصاص‬
‫القاضي ليشمل مجاالت هي في األصل من صميم قواعد القانون الخاص‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يؤدي بالمساس بقواعد االختصاص وهدم الركائز التي بني عليها القضاء اإلداري‪.‬‬
‫عودة إلى الصفقات العمومية ومدى تأثرها بالمعيار العضوي‪ ،‬فإننا نجد أول قانون‬
‫للصفقات العمومية كان بموجب األمر رقم ‪ 92-08‬المؤرخ في ‪ 28‬يونيو ‪ ،2908‬حيث‬
‫جاءت المادة األولى منه كما يلي ‪ ":‬إن الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة تبرمها الدولة‬
‫أو العماالت أو البلديات أو المؤسسات والمكاتب العمومية‪ ،‬قصد إنجاز أشغال أو توريدات‬

‫‪ 1‬رشيد خلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.822‬‬


‫‪188‬‬
‫أو خدمات ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون"‪ ،‬إذ حملت هذه المادة نفس‬
‫األشخاص المذكورين في المادة ‪ 8‬من قانون اإلجراءات المدنية ولم تحد في ذلك عن‬
‫المعيار العضوي ‪.‬‬
‫إن األمر رقم ‪ 92-08‬والمتضمن قانون الصفقات العمومية في تلك الفترة لم يكن‬
‫يطرح أي إشكال بسبب تطابقه مع ما جاء في المادة ‪ 8‬من قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬إال أن‬
‫األمر ما لبث أن تغير بصدور األمر رقم ‪ 29-84‬المؤرخ في ‪ 22‬جانفي ‪ 2984‬المعدل‬
‫لألمر رقم ‪ 92-08‬حيث تم تمديد تطبيق هذا األخير إلى صفقات المؤسسات الوطنية‬
‫االقتصادية وفي هذا المجال جاءت المادة ‪ 8‬منه على النحو التالي ‪ ":‬يسري التنظيم‬
‫المن صوص عليه في قانون الصفقات العمومية على عقود التجهيز المتعلقة بالمؤسسات‬
‫االشتراكية ذات الطابع االقتصادي‪ ،‬مع مراعاة أحكام هذا األمر "‪.‬‬
‫إن هذا التمديد قد القى عدة احتجاجات في القطاع االقتصادي‪ ،‬إذ كان المتعاملون‬
‫االقتصاديون ينادون بالتخفيف من القواعد المنظمة لنشاطاتهم‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى وضع‬
‫لجنة و ازرية ترمي إلى مراجعة قانون الصفقات العمومية‪ ،‬وكان من بين التوصيات التي‬
‫أخرجتها هو وضع قانونين للصفقات‪ ،‬قانون خاص بصفقات المؤسسات الوطنية وقانون‬
‫متعلق بصفقات اإلدارة العمومية‪ ،1‬فسادت آنذاك فكرة ازدواجية القانونين‪ ،‬ومهما يكن وبعد‬
‫هيمنة فكرة ازدواجية القانون المتعلق بالصفقات العمومية‪ ،‬فإنه وفي األخير قرر التراجع عن‬
‫ذلك وتم وضع قانون واحد ينظم الصفقات العمومية بعد أن نادى بعضهم إلى مخالفة هذه‬
‫اإلزدواجية للنظام االشتراكي‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني انتصار ألصحاب هذا االتجاه‪ ،‬ذلك أنه‬
‫من حيث الموضوع فإن القانون الثاني الذي كان موجها للشركات االقتصادية هو الذي أخذ‬
‫به ثم عمم من بعد ذلك على كل المتعاملين بما فيهم اإلدارات العمومية‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫غير عنوان قانون الصفقات العمومية بقانون صفقات المتعامل العمومي‪ ،‬ألنه في واقع األمر‬
‫فإن المرسوم رقم ‪ 242-28‬المؤرخ في ‪ 2928/22/22‬ليس في الحقيقة إال قانون المؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫بن خريف كمال‪ ،‬تجربة سوناطراك في مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص ‪ 11‬و ص ‪. 13‬‬
‫‪189‬‬
‫االقتصادية اإلشتراكية‪ ،1‬وقد حددت المادة ‪ 1‬من هذا المرسوم األشخاص الذين يخضعون‬
‫إلى تنظيم صفقات المتعامل العمومي والتي جاءت كما يلي ‪:‬‬
‫" يقصد بالمتعامل العمومي في مفهوم هذا المرسوم‪ ،‬ما يأتي ‪:‬‬
‫‪ -‬جميع اإلدارات العمومية ‪،‬‬
‫‪ -‬جميع المؤسسات والهيئات العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬جميع المؤسسات االشتراكية‪،‬‬
‫أي وحدة تابعة لمؤسسة اشتراكية‪ ،‬يتلقى مديرها تفويضا لعقد الصفقات ‪.‬‬
‫تطبق أحكام هذا المرسوم على الصفقات التي تبرمها المؤسسات التي يكون جل‬
‫رأسمالها عموميا"‪.‬‬
‫يطرح تمديد قانون الصفقات العمومية على المؤسسات االقتصادية اإلشتراكية أمر مهما‬
‫وهي مسألة مدى خضوع هذه المؤسسات إلى إختصاص الجهات القضائية اإلدارية ‪.‬‬
‫أمام غياب أي إشارة في قانون الصفقات العمومية تفيد بذلك‪ ،‬يبقى المعيار العضوي‬
‫المكرس بموجب قانون اإلجراءات المدنية هو األساس الوحيد الذي يمكن اعتماده‪ ،‬هل يعني‬
‫ذلك خضوع المؤسسات االقتصادية االشتراكية إلى القضاء العادي؟‪.‬‬
‫أمام هذا اإلشكال كان على االجتهاد القضائي الجزائري الفصل في هذه المسألة فأثناء‬
‫هذه الفترة أي منذ تمديد قانون الصفقات العمومية على الشركات االقتصادية االشتراكية‬
‫صدر قرار وحيد عن القضاء اإلداري الجزائري اعتبر فيه بعض الق اررات الصادرة عن‬
‫أشخاص القانون مثل المؤسسات والشركات العمومية‪ ،‬ذات الطابع االقتصادي بمثابة ق اررات‬
‫إدارية‪ ،‬ويتجلى هذا الموقف خاصة في قضية الشركة الوطنية سامباك ضد الديوان الوطني‬
‫ما بين المهنيين للحبوب أين استعملت فيها الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى المعيار المادي‬
‫لتحديد اختصاصها النوعي في قضية » ‪.2« SEMPAC‬‬
‫بحيث أصدرت شركة سمباك والتي هي مؤسسة عمومية تجارية بواسطة مديرها العام‬
‫منشور تحت رقم ‪ 82012‬في ‪ 2980/28/22‬قرر فيه تطبيقا لألهداف المحددة من طرف‬

‫‪1‬‬
‫بن خريف كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 14‬و ص ‪.14‬‬
‫‪2‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقهية‪ ،‬جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪،1117‬‬
‫ص ‪.36‬‬
‫‪190‬‬
‫السلطة الثورية وفي إطار معركة اإلنتاج‪ ،‬تحرير نسب استخراج السميد والفرينة‪ ،‬حيث أن‬
‫المدير العام للشركة الوطنية " سمباك" لم يكتف بتفسير النصوص السارية المفعول‪ ،‬بل‬
‫أضاف قواعد جديدة بواسطة التدبير محل النزاع ما جعل حسب رأي المجلس األعلى‬
‫المنشور يتخذ طابعا تنظيميا‪ ،‬ويكون نتيجة لذلك قابال ألن يهاجم بواسطة دعوى أمام الغرفة‬
‫اإلدارية للمجلس األعلى‪.‬‬
‫يفهم من المنشور المذكور أعاله بأنه يهدف إلى تحقيق الصالح العام في إطار معركة‬
‫اإلنتاج كما أن المنشور يكتسي طابعا تنظيميا نظ ار ألنه جاء بقواعد جديدة فهو ال يكتفي‬
‫بتفسير القوانين و الق اررات اإلدارية‪ ،‬فإنه إذا يحقق مظاهر المعيار المادي بعنصريه المرفق‬
‫العام و السلطة العامة ‪.‬‬
‫إذا هل يسمح قرار المجلس األعلى في قضية » ‪ « SEMPAC‬بمطابقته على الشركات‬
‫االقتصادية واالشتراكية الخاضعة لقانون الصفقات العمومية‪ ،‬والتي هي أيضا تساهم في‬
‫تحقيق أهداف الدولة االشت اركية المنصوص عليها في دستور ‪.2980‬‬
‫إن اإلجابة على هذا اإلشكال صعب في غياب اجتهاد قضائي متعلق بالصفقات‬
‫العمومية التي تكون فيه المؤسسات االقتصادية االشتراكية طرفا في النزاع‪ ،‬إالّ أنه يوجد رأي‬
‫خاص لألستاذ الدكتور رشيد خلوفي حول قضية ‪ SEMPAC‬تظهر لنا نوعا ما اإلجابة على‬
‫التساؤل المطروح حول الصفقات العمومية‪.‬‬
‫حيث يرى األستاذ رشيد خلوفي أن الوصول إلى نتيجة اعتبار أن المجلس األعلى‬
‫طبق المعيار المادي‪ ،‬غير مجد وذلك لسببين‪ ،‬إذ الحظ أن محتوى الحيثية الثانية من القرار‬
‫لم تصرح بوضوح القضاء الفاصل في النزاعات اإلدارية‪ ،‬فالمجلس األعلى لم يستعمل‬
‫المعيار المادي بل أشار إلى أن األهداف تتمثل في تحقيق معركة اإلنتاج‪ ،‬أما السبب الثاني‬
‫فيالحظ الموقف الغريب للقاضي اإلداري بحيث نص قانون اإلجراءات المدنية على أن‬
‫إختصاص القضاء الفاصل في النزاعات اإلدارية يتم عندما يكون أحد أطراف النزاع كمدعي‬
‫أو مدعى عليه سلطة إدارية أو مؤسسة عمومية ذا طابع إداري وهو طابع يتميز به الديوان‬
‫الجزائري المهني للحبوب » ‪ « OAIC‬و بالتالي فإن وجود هذا األخير كاف النعقاد‬
‫اختصاص القاضي اإلداري‪ ،‬وفي األخير يتساءل األستاذ رشيد خلوفي‪ ،‬هل قضية‬
‫» ‪ « SEMPAC‬فتحت المجال إلى العمل بالمعيار المادي لتحديد اختصاص القاضي‬

‫‪191‬‬
‫اإلداري ؟ ويجيب عن هذا التساؤل بعدم اعتقاده أن وضعية االجتهاد القضائي اإلداري تبقى‬
‫في قضية ‪ SEMPAC‬قضية يتيمة ال تمثل موقفا قضائيا للعمل بالمعيار المادي‪.1‬‬
‫إن التساؤل الذي طرحه األستاذ رشيد خلوفي يعتبر جوهر اإلجابة عن إشكاليتنا فقرار‬
‫المجلس األعلى مأخوذ في ظرف معين هي مرحلة االشتراكية فال هو معيار قانوني و ال‬
‫قضائي بل معيار سياسي يخضع لإليديولوجية السائدة آنذاك‪ ،‬فبالرجوع إلى الباب الثاني من‬
‫دستور ‪ 22980‬و تحديدا الفصل الرابع المعنون بـ " الوظيفة القضائية " نجد المادة ‪ 200‬منه‬
‫تنص على مايلي‪ ":‬يساهم القضاء في الدفاع عن مكتسبات الثورة االشتراكية و حماية‬
‫مصالحها "‪ ،‬أما المادة ‪ 282‬فنصت على ما يلي ‪ ":‬يساهم القاضي في الدفاع عن الثورة‬
‫االشتراكية و حمايتها"‪ ،‬إذن ففكرة االشتراكية البد أن تحترم من قبل القاضيين سواء كان‬
‫قاضي عادي أو إداري‪ ،‬والمؤسسات االقتصادية االشتراكية حين إدراجها في قانون الصفقات‬
‫العمومية كانت بهدف تحقيق أهداف االشتراكية في التنمية و تطوير القطاع االقتصادي‪،‬‬
‫وعبارة " القاضي" و " القضاء" في كلتا المادتين أعاله جاءتا عامتين أي تشمل كال الجهتين‬
‫اإلدارية والعادية‪ ،‬كما أن المادة ‪ 288‬من دستور ‪ 2980‬نصت أيضا على ما يلي ‪ ":‬ال‬
‫يخضع القاضي إال للقانون"‪ ،‬وأمام هذا الوضع ال يبقى إال القول أنه وفي ظل غياب مادة‬
‫تنظم النزاعات القضائية المتعلقة بصفقات المؤسسات االشتراكية وعدم وجود اجتهاد قضائي‬
‫ينظم ذلك‪ ،‬يبقى القاضي ملزما بتطبيق المعيار العضوي المحدد في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية‪.‬‬
‫انطالقا من الميثاق الوطني لسنة ‪ 2920‬وتماشيا مع التحوالت االقتصادية‬
‫واإليديولوجية في العالم‪ ،‬كان من الضروري التأقلم مع طلبات مسيري القطاع االقتصادي‬
‫بإخراج المؤسسات العمومية االقتصادية من مجال تطبيق القانون اإلداري و المتسم بتعقيد‬
‫إجراءاته من خالل إحياء هوية و شخصية المؤسسات العمومية االقتصادية و ذلك بمنحها‬

‫‪ 1‬رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1113 ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪،191‬‬
‫ص‪.191‬‬
‫‪2‬‬
‫أمر رقم ‪ 97-74‬المؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر‪ 1974‬المتضمن دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،96‬المؤرخة في ‪ 16‬نوفمبر‪ ،1974‬ص‪.1314-1191‬‬
‫عدل هذا األمر بموجب القانون رقم ‪ 14-79‬المؤرخ في ‪7‬يوليو‪ ،1979‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،14‬المؤرخة في‬
‫‪11‬يوليو‪ ،1979‬ص‪.439-437‬‬
‫‪192‬‬
‫حق التكفل المباشر بأعمالها و تنظيم عالقاتها االقتصادية أي حريتها في التعاقد عمال‬
‫بأحكام و مبادئ التجارة القائمة على أساس السرعة و االئتمان‪.1‬‬
‫إن هذا المطلب قد تحقق بموجب اإلصالحات القانونية آنذاك بميالد القانون رقم ‪-22‬‬
‫‪ 22‬المؤرخ في ‪ 28‬يناير ‪ 2922‬والمتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‪ 2‬أين‬
‫ظهرت فكرة استقاللية المؤسسات العمومية االقتصادية وتمتعها بالشخصية المعنوية‪ ،‬فالمادة‬
‫الثالثة من هذا القانون تضع تعريفا للمؤسسات االقتصادية على النحو التالي‪:‬‬
‫"تشكل المؤسسة العمومية االقتصادية في إطار عملية التنمية الوسيلة المفضلة‬
‫إلنتاج المواد والخدمات و تراكم رأس المال ‪.‬‬
‫وتعمل هذه المؤسسة في خدمة األمة و التنمية وفق الدور و المهام المنوطة بها ‪.‬‬
‫وتتمتع بالشخصية المعنوية التي تسري عليها قواعد القانون التجاري إال إذا نص‬
‫صراحة على أحكام قانونية خاصة "‪.‬‬
‫في تأكيدها على استقاللية المؤسسات العمومية االقتصادية وخضوعها للقانون التجاري‬
‫تميز المادة ‪ 4‬من القانون التوجيهي المؤسسات اإلقتصادية عن غيرها من‬‫كمبدأ عام‪ّ ،‬‬
‫اله يئات العمومية بصفتها أشخاصا معنوية خاضعة للقانون العام و مكلفة بتسيير الخدمات‬
‫العمومية‬
‫في حين أن المادة ‪ 8‬من نفس القانون المذكور أعاله تنص على تمتع المؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية باألهلية القانونية الكاملة‪ ،‬فتشترط وتلتزم وتتعاقد بكيفية مستقلة بواسطة‬
‫أجهزتها المؤهلة لهذا الغرض بمقتضى قانونها األساسي‪ ،‬طبقا لقواعد التجارة واألحكام‬
‫التشريعية المعمول بها في مجال االلتزامات المدنية والتجارية‪.‬‬
‫فالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية يخضع كمبدأ عام المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬نتيجة تمتعها باالستقاللية وحرية التعاقد إلى القانون التجاري‪ ،‬ومن ثم القول‬

‫‪ 1‬حريتي عائشة‪ ،‬النظام القانوني لعقود المؤسسات العمومية االقتصادية في ظل اإلصالحات‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪،‬‬
‫فرع إدارة مالية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111 / 1111‬ص ‪ 14‬و ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫القانون رقم ‪ 11-44‬المؤرخ بـ ‪ 1944/11/11‬المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،1‬الصادرة في ‪ ،1944/11/13‬ص‪.34-31‬‬

‫‪193‬‬
‫ببداية انتهاء مشكلة تمديد قانون الصفقات العمومية على المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫وكذا االختصاص القضائي المتعلق بها‪.‬‬
‫إن هذا األمر ال يتوقف عند المؤسسات العمومية االقتصادية بل يتعداها إلى‬
‫المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري المحددة طبيعتها بموجب عقد اإلنشاء‬
‫أو القانون المنظم لها‪ ،1‬وقد جاءت المادة ‪ 44‬من القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫بتعريف المؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري على النحو التالي‪:‬‬
‫"عندما تتمكن هيئة عمومية من تمويل أعبائها االستغاللية جزئيا أو كليا عن طريق‬
‫بيع عائد إنتاج تجاري ينجر طبقا لتعريفه معدة مسبقا و لدفتر الشروط العامة الذي يحدد‬
‫األعباء والتقيدات التي تعود على عاتق الهيئة و الحقوق و الصالحيات المرتبطة بها و‬
‫كذا عند االقتضاء حقوق و واجبات المستعملين‪ ،‬فإنها تأخذ تسمية " هيئة عمومية ذات‬
‫طابع صناعي و تجاري" ‪.‬‬
‫إن انتهاء مشكلة تمديد قانون الصفقات العمومية تأكدت بشكل قطعي بموجب المادة‬
‫‪ 19‬من القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية و التي نصت على ما يلي‪:‬‬
‫"ال تخضع المؤسسات العمومية االقتصادية والهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري التي تحكمها قواعد القانون التجاري ألحكام األمر رقم ‪ 09-77‬المؤرخ في‬
‫‪."1077/97/17‬‬
‫على إثر ذلك تم تعديل المادة ‪ 1‬من المرسوم رقم ‪ 241-28‬المتضمن تنظيم صفقات‬
‫المتعامل العمومي بموجب المرسوم رقم ‪ 88-22‬المؤرخ في ‪ 22922/22/89‬أين نصت‬
‫المادة األولى منه على ما يلي‪ ":‬تطبق أحكام هذا المرسوم على الصفقات التي تبرمها‬
‫اإلدارات العمومية و المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري فقط و المسماة أدناه‬
‫" المتعامل العمومي"‪.‬‬
‫إن انتهاء مشكلة تمديد قانون الصفقات العمومية بالنسبة للمؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية والمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تنهي مشكلة تحديد‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،64‬القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 71-44‬المؤرخ في ‪ 1944/13/19‬يعدل و يتمم المرسوم رقم ‪164 -41‬المؤرخ في ‪11‬أبريل‪،1941‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ ،13‬المؤرخة في‪31‬مارس‪ ،1944‬ص ‪.461-461‬‬

‫‪194‬‬
‫االختصاص القضائي بالنسبة لهذه المؤسسات‪ ،‬أين يصبح القضاء العادي مختصا‪ ،‬وذلك‬
‫لخضوع هذه المؤسسات للحرية التعاقدية المنظمة بموجب قواعد القانون التجاري‪ ،‬والتخلص‬
‫بالتالي من القيود اإلدارية التي كان يفرضها قانون الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مالمح اتجاه المشرع نحو اعتناق المعيار المادي‬
‫إن مسألة استقاللية المؤسسات العمومية االقتصادية وتمتعها بالشخصية المعنوية‬
‫وحريتها في التعاقد هي القاعدة التي ينبني عليها القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‪ ،‬فهو‬
‫لم يأت إال لتأكيد ذلك و إخراج المؤسسات العمومية االقتصادية من تطبيق قانون الصفقات‬
‫العمومية الذي هو في الحقيقة قانون إداري‪ ،‬لكن هل فكرة االستقاللية تؤدي بالقول‬
‫بإطالقها؟‪.‬‬
‫يقوم الهدف الذي أنشئت من أجله المؤسسات العمومية االقتصادية طبقا للمادة األولى‬
‫من القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية في ضمان التنمية المستمرة طبقا للمبادئ الرئيسية‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون و بناءا على أداء مخطط االقتصاد الوطني‪ ،‬وعودة إلى‬
‫المبادئ الرئيسية المنصوص عليها في هذا القانون فإنه طبقا للمادة ‪ 1‬منه‪ ،‬فإن الدولة و‪ /‬أو‬
‫الجماعات المحلية تملك فيها مباشرة أو بصفة غير مباشرة جميع األسهم و‪/‬أو الحصص‪،1‬‬
‫فالمؤسسة العمومية االقتصادية حسب المادة ‪ 2‬تشكل في إطار عملية التنمية‪ ،‬الوسيلة‬
‫المفضلة إلنتاج المواد و الخدمات وتراكم رأس المال‪ ،‬و تعمل هذه المؤسسة في خدمة األمة‬
‫و التنمية وفق الدور و المهام المنوطة بها‪.2‬‬
‫إن الهدف الذي أنشئت من أجله المؤسسات العمومية االقتصادية هو في الواقع تحقيق‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬والتي ال طالما نادى بها الفقه كمعيار و أساس لتحديد نطاق اختصاص‬
‫القضاء اإلداري نظ ار لألزمة التي عرفها معيار المرفق العام ‪.‬‬
‫من أنصار هذه الفكرة الفقيه " فالين" الذي دعا إلى ضرورة األخذ بفكرة المنفعة العامة‬
‫كأساس لتحديد اختصاص القضاء اإلداري وبالمقابل رفض فكرة المرفق العام كمعيار لتحديد‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،4‬القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ ،3‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫هذا االختصاص‪ ،‬حيث يرى بأن المرفق العام ما هو إال أداة من األدوات القائمة في خدمة‬
‫المنفعة العامة‪.1‬‬
‫إن هذا التحليل يقود إلى التساؤل حول فكرة االستقاللية التي يريدها المشرع‪ ،‬هل هي‬
‫حقيقة تعبر عن مفهومها المطلق أم هي تلك االستقاللية المراد بها أهدافا أخرى؟ وان كانت‬
‫تحمل أهدافا أخرى‪ ،‬فما هي هاته األهداف التي تعبر عن مفهوم االستقاللية التي أرادها‬
‫المشرع؟ وعليه فإن مفهوم االستقاللية في القانون التوجيهي هو مفهوم غامض البد من‬
‫استكشافه عن طريق البحث في قواعده لمعرفة نية المشرع‪.‬‬
‫إن تعريف المؤسسة العمومية االقتصادية في المادة ‪ 2‬من القانون التوجيهي للمؤسسات‬
‫العمومية يحدد هدف هذه األخيرة في الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعاله على أساس‬
‫خدمة األمة والتنمية‪ ،‬هذا الهدف الذي يصب في إطار تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬إذن‬
‫فالمشرع رغم منح االستقاللية للمؤسسة العمومية االقتصادية وخضوعها للقانون التجاري‪ ،‬ال‬
‫يزال يتمسك بإمكانية خضوع هذه األخيرة للقانون العام و الدليل على ذلك نص الفقرة الثالثة‬
‫من المادة ‪ 2‬من القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية والتي أقرت للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية الشخصية المعنوية التي تسري عليها قواعد القانون التجاري‪ ،‬إالّ إذا نص صراحة‬
‫على أحكام قانونية خاصة‪ ،‬أي أنه تم وضع استثناء على المبدأ العام والذي يمكن أن تطبق‬
‫فيها أحكام أخرى غير قواعد القانون التجاري ‪.‬‬
‫نفس الحال يتعلق بالمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري فالمادة ‪41‬‬
‫تخضع الهيئة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري للقواعد المطبقة على اإلدارات في‬
‫عالقاتها مع الدولة و تعد تاجرة في عالقتها مع الغير و تخضع لقواعد القانون التجاري‪.‬‬
‫لقد أسست كل من المواد ‪ 2‬و‪ 41‬من القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية للمعيار المادي‪ ،‬وقد أكدت المادة ‪ 11‬على هذا المعيار على النحو التالي‪:‬‬
‫"عندما تكون المؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا لتسيير مباني عامة أو‬
‫جزء من األمالك العامة االصطناعية و ذلك في إطار المهمة المتوسطة بها‪ ،‬يضمن تسيير‬
‫األمالك العامة طبقا للتشريع الذي يحكم األمالك العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ملوك صالح‪ ،‬النظام القانوني للمحاكم اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬فرع قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،1111 -1111‬ص ‪.117‬‬
‫‪196‬‬
‫وفي هذا اإلطار يتم التسيير طبقا لعقد إداري لالمتياز و دفتر الشروط العامة وتكون‬
‫المنازعة المتعلقة بملحقات األمالك العامة من طبيعة إدارية"‬
‫كما جاء نص المادة ‪ 10‬من نفس القانون بما يلي ‪:‬‬
‫"عندما تكون المؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا لممارسة صالحيات‬
‫السلطة العامة و تسلم بموجب ذلك وباسم الدولة و لحسابها ترخيصات واجازات وعقود‬
‫إدارية أخرى‪ ،‬فإن كيفيات و شروط ممارسة هذه الصالحيات وكذلك تلك المتعلقة بالمراقبة‬
‫الخاصة بها تكون مسبقا موضوع نظام مصلحة يعد طبقا للتشريع و التنظيم المعمول‬
‫بهما‪.‬‬
‫تخضع المنازعة المتعلقة بهذا المجال للقواعد المطبقة على اإلدارة "‪.‬‬
‫مما تقدم يظهر أن المشرع أخضع المؤسسة العمومية اإلقتصادية و المؤسسة العمومية‬
‫ذات الطابع الصناعي والتجاري لنظام مزدوج‪ ،‬إذ اعترف بخضوعها للقانون التجاري للوهلة‬
‫األولى لكنه لم يستبعد خضوعها للقانون اإلداري ‪.‬‬
‫بعد صدور القانون رقم ‪ 22-22‬و المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية جاء دستور ‪ 12929‬وظهر توجه اقتصادي و سياسي جديد يختلف اختالفا كبي ار‬
‫عن التوجه السابق و اعتبرت مرحلة نحو العبور للرأسمالية و تكريس دولة القانون و ما ينتج‬
‫عنها من مبدأ الفصل بين السلطات وضمان سمو الدستور عن طريق رقابة المجلس‬
‫الدستوري وكذا ضمان القضاء لتطبيق القانون ‪.‬‬
‫تبرز مالمح المعيار المادي في دستور ‪ 2929‬عن طريق المادة ‪ 284‬والتي نصت‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫" ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطات العمومية " ‪.‬‬
‫إن الوقوف عند تحليل هذه المادة يجعل الدارس لها يقف عند كل من العبارات اآلتية‬
‫"القضاء"‪" ،‬الق اررات"‪ " ،‬السلطات العمومية "‪.‬‬
‫بالنسبة لعبارة القضاء فقد جاءت عامة أي يمكن أن يندرج ضمنها القضاء العادي أو‬
‫القضاء اإلداري أما بالنسبة لعبارات " الق اررات" فيقصد بها كل عمل قانوني يصدر عن‬

‫‪ 1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 14-49‬المؤرخ في ‪ 14‬فيفري‪ 1949‬المتضمن تعديل الدستور الج ازئري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪،9‬‬
‫المؤرخة في ‪1‬مارس‪ ،1949‬ص‪.144-136‬‬
‫‪197‬‬
‫سلطة إدارية بإرادتها المنفردة قصد إحداث أثر قانوني‪ ،‬وعليه فإن فكرة القرار ترتبط باإلدارة‪،‬‬
‫األمر الذي يستدعي اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬الشيء الذي يطرح تساؤال لماذا لم تأتي‬
‫المادة ‪ 224‬من دستور ‪ 2929‬بنصها مباشرة على أن يختص القضاء اإلداري بق اررات‬
‫السلطات العمومية‪ ،‬ما دامت فكرة القرار اإلداري مرتبطة بالقضاء اإلداري‪ ،‬أي بعبارة أخرى‬
‫سر استعمال عبارة القضاء بشكل مطلق دون تحديدها ؟‬ ‫ما ّ‬
‫قد يتطلب األمر الرجوع للنص الفرنسي للمادة ‪ 224‬لتحديد المقصود الذي أرادت المادة‬
‫‪ 224‬إيصاله‪.‬‬
‫لقد جاء النص الفرنسي للمادة ‪ 224‬من دستور ‪ 2929‬كاآلتي ‪:‬‬
‫‪« La justice connaît des recours a l’encontre des actes des‬‬
‫» ‪pouvoirs publics‬‬
‫ررات الموجودة في النص العربي هو عبارة ‪« Les‬‬
‫إن المصطلح الذي يترجم عبارة الق ا‬
‫ررات هي ‪« Les‬‬
‫» ‪ actes‬في النص الفرنسي‪ ،‬في حين أن الترجمة الصحيحة لعبارة الق ا‬
‫» ‪ ،décisions‬فعبارة » ‪ « les actes‬تندرج فيها كل التصرفات الصادرة عن اإلدارة سواء‬
‫كانت ق اررات أم عقود إدارية وهو ما قصده المؤسس الدستوري ‪.‬‬
‫إن المراد من العودة إلى النص الفرنسي للمادة ‪ 224‬هو القول بأنه إذا ما تم اعتبار‬
‫القضاء ينظر في تصرفات السلطات العمومية‪ ،‬فإن هذه التصرفات يمكن أن تكون خاضعة‬
‫للقانون العام كما يمكن أن تكون خاضعة للقانون الخاص أي أن طبيعة نشاطها هي من‬
‫تحدد الجهة القضائية المختصة‪ ،‬أي خضوع التصرفات الخاضعة للقانون الخاص والتي‬
‫تبرمها الو ازرة إلى القضاء العادي‪ ،‬أما التصرفات الخاضعة للقانون العام فتندرج في‬
‫اختصاص القضاء اإلداري‪.‬‬
‫إن الفترة التي تلت دستور ‪ 2929‬هي فترة التسعينات أين دخلت اإلصالحات حيز‬
‫التنفيذ باالعتماد على قوانين االستقاللية آنذاك بسبب التوجه االقتصادي الجديد الذي أدى‬
‫إلى صدور المرسوم التنفيذي رقم ‪ 424-92‬المؤرخ في ‪ 9‬نوفمبر ‪ 2992‬والمتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية أين حددت المادة الثانية منه األشخاص المعنيين بهذا المرسوم والتي‬
‫جاءت على النحو التالي ‪:‬‬
‫" ال تطبق أحكام هذا المرسوم إال على الصفقات مصاريف اإلدارات العمومية‬
‫والهيئات الوطنية المستقلة والواليات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‬

‫‪198‬‬
‫المسماة أدناه المصلحة المتعاقدة"‪ ،‬فقد أخرجت هذه المادة من مجال تطبيقها صفقات‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية وكذا ذات الطابع الصناعي و التجاري ‪.‬‬
‫أصدر مجلس الدولة ق ار ار بتاريخ ‪ 8228/22/21‬في قضية (ز‪.‬ش) ضد المدير العام‬
‫لمؤسسة التسيير السياحي للشرق– قسنطينة‪ ،‬حيث قضى فيه بعدم اختصاص القاضي‬
‫اإلداري للبث في النزاع القائم بخصوص إبرام مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري‬
‫صفقة عمومية على أساس أنها ال تخضع لقانون الصفقات العمومية‪ ،‬إن هذه القضية‬
‫عولجت في إطار المرسوم التنفيذي رقم ‪ 424-92‬وقد طبق القضاة آنذاك المادة ‪ 19‬من‬
‫القانون رقم ‪ 22-22‬التي نصت على أن المؤسسات العمومية االقتصادية والمؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تخضع إلى القانون التجاري‪.‬‬
‫كما اتخذ نفس الموقف عندما صرح في قضية أخرى بين (أ‪،‬ج) و الوكاالت المحلية‬
‫للتسيير والتنظيم العقاري الحضري بأن هذه األخيرة هي مؤسسات ذات طابع صناعي‬
‫وتجاري وبالتالي ال تكون نزاعاتها القائمة مع متقاضين خاضعين للقانون الخاص من‬
‫اختصاص الجهة القضائية اإلدارية‪.2‬‬
‫وفي قرار آخر لمجلس الدولة المؤرخ في ‪ 1‬مايو ‪ 2990‬في قضية ديوان الترقية‬
‫والتسيير العقاري ض د الشركة الجزائرية لألشغال والبناء بخصوص صفقة عمومية مبرمة‬
‫بينهما‪ ،‬إذ اعتبر القضاء الجزائري هذه الصفقة عقدا مدنيا على أساس المادة ‪ 8‬من المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 424/92‬المتعلق بالصفقات العمومية والمادة ‪ 8‬من ق‪.‬ا‪.‬م‪.3‬‬
‫وعليه ال يجوز للمؤسسات العمومية االقتصادية أو ذات الطابع الصناعي والتجاري‬
‫مخالفة أحكام المادة ‪ 8‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 424-92‬كونها قاعدة أمرة‪ ،‬ال تطبق إال‬
‫على القطاع اإلداري‪ ،‬ومن ثم استبعاد القطاع االقتصادي‪.‬‬
‫إن مجال تطبيق المادة ‪ 8‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 424-92‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية أخذ بالمبدأ األساسي الذي يقوم عليه القانون التوجيهي رقم ‪22-22‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،649‬الصادر في ‪ ،1111/11/14‬قضية (ز‪.‬ش) ضد المدير العام لمؤسسة التسيير السياحي‬
‫للشرق– قسنطينة‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬عدد ‪ ،1113 ،3‬ص ‪.119‬‬
‫‪2‬‬
‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪199‬‬
‫والمتمثل في استقاللية هذه المؤسسات وخضوعها للقانون التجاري ولكن هل هذا يعني إغفال‬
‫االستثناءات التي أوردها القانون رقم ‪ 22-22‬حول الطبيعة المزدوجة لهذه المؤسسات؟‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬البد من اإلشارة إلى الرأي القائل بأن المادة ‪ 28‬من‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 424-92‬ال تمنع أبدا المؤسسات االقتصادية من تطبيق تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬بل العكس فهي موضوعة لهذا الغرض‪ ،‬ويستدل أصحاب هذا الرأي‬
‫بقولهم أن المادة ‪ 220‬من القانون المدني تنص على " أن العقد شريعة المتعاقدين " وعليه‬
‫فإن أطراف العقد أحرار في اختيار القانون األصلح لهم‪ ،‬والذي يمنح لهم أكثر الضمانات‪.1‬‬
‫استنادا إلى هذا القول وتطبيقا للمعيار العضوي السائد آنذاك‪ ،‬فإن المؤسسات التي‬
‫اختارت تطبيق قانون الصفقات العمومية سوف تضرب بقاعدة تساوي األطراف في العقود‬
‫التجارية والخاصة‪ ،‬ومن تم يمكن الدفع بعدم االختصاص أمام القاضي التجاري أو المدني‬
‫بالقول أن موضوع النزاع هو عقد إداري‪ ،‬الحتواء قانون الصفقات العمومية على خصائص‬
‫القانون اإلداري من امتيازات السلطة العامة‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 10‬من القانون التوجيهي‬
‫‪ 22-22‬حينما نصت على أنه عندما تكون المؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا‬
‫لممارسة صالحيات السلطة العامة‪ ،‬تخضع المنازعة المتعلقة بهذا المجال للقواعد المطبقة‬
‫على اإلدارة ‪.‬‬
‫تعززت مالمح المعيار المادي في دستور ‪ 2990‬بشكل واضح السيما بعد تكريس‬
‫االزدواجية القضائية‪ ،‬فالمادة ‪ 202‬منه جاءت في نفس اإلطار الذي تناولته المادة ‪ 224‬من‬
‫دستور ‪ 2929‬كما يلي‪ " :‬ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطات اإلدارية"‪.‬‬
‫أعقب صدور دستور ‪ ،2990‬عدة قوانين كرست االزدواجية القضائية‪ ،‬لعل أهمها‬
‫القانون ‪ 22-92‬المؤرخ في ‪ 2992/21/22‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية والذي نص على‬
‫مايلي‪:‬‬
‫" تنشأ محاكم إدارية كجهات قضائية للقانون العام في المادة اإلدارية "‪.‬‬
‫سي ار على منهاج االزدواجية القضائية الذي يفرض ضرورة األخذ بالمعيارين العضوي‬
‫والمادي‪ ،‬وتجسيدا للمادتين ‪ 11‬و‪ 10‬من القانون التوجيهي ‪ 22-22‬المتعلق بالمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬تم إلغاء المرسوم التنفيذي ‪ 42-92‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬وحل‬

‫‪ 1‬بن خريف كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪200‬‬
‫محله المرسوم الرئاسي رقم ‪ 812-28‬المؤرخ في ‪ 84‬يوليو ‪ 8228‬والمتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية الذي قام بتمديد مجال تطبيقه ليشمل مراكز البحث والتنمية والمؤسسات‬
‫العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي و التكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫العلمي والثقافي والمهني‪ ،‬والمؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات‬
‫االقتصادية وذلك بشرط أن تكلف هذه األخيرة بإنجاز مشاريع استثمارات عمومية بمساهمة‬
‫نهائية أو مؤقتة لميزانية الدولة‪.‬‬
‫جاء المرسوم الرئاسي رقم ‪ 812-28‬بفكرتين رئيستين من أجل تمديد نطاق تطبيقه‬
‫على المؤسسات المذكورة أعاله‪ ،‬تتعلق الفكرة األولى بالشرط االستثنائي الذي يمكن استنباطه‬
‫من خالل عبارة عندما تكلف هذه المؤسسات الواردة في نص المادة ‪ 28‬ذلك أن التكليف‬
‫إقرار ضمني باالحتفاظ بالمعيار العضوي بموجب معيار الوكالة‪.‬‬
‫إذا كان وجود اإلدارة طرفا في العقد اإلداري يعد أم ار بديهيا‪ ،‬فإن القضاء اإلداري لم‬
‫يعد يتشدد في شرط إبرام الشخص العام للعقد ذاته‪ ،‬وأخذ يقر بإمكان إبرامه من قبل شخص‬
‫آخر بالوكالة‪.1‬‬
‫ذهبت محكمة التنازع في فرنسا إلى هذا االتجاه في حكم لها بشأن عقد أبرمته إحدى‬
‫شركات القطاع المختلط مع منشأة خاصة‪ ،‬حيث تتلخص وقائع القضية في أن هذه الشركة‬
‫كانت ملتزمة بتسوية وتمهيد لقريتي ماسي وأنتوني‪ ،‬وقد قامت بالتعاقد مع هذه المنشأة‬
‫الخاصة لمعاونتها في القيام بهذه األشغال‪ ،‬حيث اعتبرت المحكمة في قرارها بأن هذا العقد‬
‫إداري على اعتبار أن شركة االقتصاد المختلط لم تتصرف إال باسم ولحساب قريتي ماسي و‬
‫أنتوني‪.2‬‬
‫أما الفكرة الثانية فتتعلق بالمعيار الموضوعي المستنبط من عبارة " إنجاز عملية ممولة‬
‫كليا أو جزئيا‪ ،‬بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة"‪.‬‬
‫وهنا يتضح أن المشرع خرج عن المعيار العضوي وأخذ بمعيار األموال العامة‪ ،‬فعلى‬
‫الرغم من أن المعيار العضوي غير متوفر في المؤسسات األنفة الذكر إال أنه اعتبر عقودها‬

‫‪1‬‬
‫لؤي عبد كريم‪ ،‬األسس القانونية الالزمة لمشروعية العقد اإلداري و أهميتها في أداء السلطة العامة لواجباتها‪ ،‬مجلة‬
‫ديالي‪ ،‬العدد ‪ ،43‬العراق‪ ،1111 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫ماهر فيصل صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪201‬‬
‫إدارية‪ ،‬مما يرتب بالتالي اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬ولكن شريطة أن تكون العمليات‬
‫التعاقدية محل النزاع ممولة بأموال عمومية‪.1‬‬
‫من التطبيقات القضائية في هذا المجال توجد عدة اجتهادات قضائية تؤكد المعيار‬
‫المادي من أجل الفصل في نزاعات الصفقة العمومية جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 24820‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬ماي ‪ 8228‬في قضية المؤسسة‬
‫ذات المسؤولية المحدودة أشغال الغرب‪ ،‬ضد ديوان الترقية و التسيير العقاري ببشار حيث‬
‫‪2‬‬
‫جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"‪..‬بناءا على نص المادة ‪ 8‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 812/28‬المؤرخ في‬
‫‪ 8228/28/84‬فإن الصفقات التي تبرمها المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي‬
‫والتجاري‪ ،‬عندما تكلف هذه األخيرة بإنجاز مشاريع عمومية بمساهمة نهائية بميزانية الدولة‪،‬‬
‫فإن االختصاص يؤول للقضاء اإلداري وحيث يستخلص من الوثائق المودعة بالملف‪ ،‬فإن‬
‫ديوان الترقية و التسيير العقاري‪ ،‬لما أبرم الصفقة العمومية بمساهمة نهائية لميزانية الدولة‪،‬‬
‫فإن االختصاص للبث في النزاع يكون من اختصاص القضاء اإلداري ‪. " ...‬‬
‫‪ -‬جاء القرار رقم ‪ 48‬الصادر من محكمة التنازع بتاريخ ‪ ،3 8228/22/22‬في قضية‬
‫مؤسسة البناء ( ق‪.‬ج)‪ ،‬ضد الشركة الوطنية للتأمين ‪ ،SAA‬حيث جاء في حيثياته ما يلي ‪:‬‬
‫" حيث إنه و إذا كان هناك فعال في قضية الحال عقد صفقة عمومية مبرم بين السيد‬
‫(ق ج) ومدير مؤسسة البناء و الشركة الجزائرية للتأمين (‪ )SAA‬وحدة بشار‪ ،‬فإن الشركة‬
‫الوطنية للتأمين ليست شخصا من أشخاص القانون العام وانما مؤسسة عمومية ذات طابع‬
‫صناعي و تجاري و غير مكلفة في النزاع الحالي بإنجاز مشاريع عمومية بمساهمات نهائية‬
‫من ميزانية الدولة ( المادة ‪ 8‬من المرسوم الرئاسي ‪ 812-28‬المؤرخ في ‪8228/28/84‬‬
‫المعدل و المتمم و المتضمن الصفقات العمومية ‪. ")...‬‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1119 ،‬‬
‫ص ‪.47‬‬
‫‪ 2‬طيبون حكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪202‬‬
‫‪ -‬كما أن هناك اجتهاد آخر صادر عن المحكمة العليا في قرارها رقم ‪ 402844‬الصادر‬
‫عن الغرفة التجارية و البحرية بتاريخ ‪ 24‬جوان ‪ 8222‬في قضية ديوان الترقية و التسيير‬
‫العقاري ضد مقاولة أشغال البناء حيث جاء في حيثياته‪:‬‬
‫" حيث أنه بالفعل نصت المادة ‪ 8‬من المرسوم الرئاسي المؤرخ في ‪8228/28/84‬‬
‫المتضمن تنظيم الصفقات العمومية أن تدابير هذا المرسوم تطبق على المؤسسات العمومية‬
‫وحتى على المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري إذا كانت مكلفة بإنجاز مشاريع‬
‫استثمارية بالمشاركة الكاملة لميزانية الدولة‪ ،‬وحيث أن بناء مساكن اجتماعية تتم حسب‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 48/92‬المؤرخ في ‪ 2‬فبراير ‪ 2992‬المتضمن طرق توزيع السكنات‬
‫االجتماعية وحسب المادة ‪ 8‬منه بالتمويل الكامل من الخزينة العمومية‪ ،‬وحيث أن الطاعن‬
‫بصفته مؤسسة ذات الطابع التجاري ‪ ،‬أبرم صفقة مع المطعون ضده من أجل إنجاز ستة‬
‫سكنات ذات الطابع االجتماعي كما هو ثابت من الصفقة المبرمة بين الطرفين و منه فإن‬
‫النزاعات الناشئة بين الطرفين تؤول إلى القضاء اإلداري ‪." ..‬‬
‫‪ -‬وفي قرار آخر للمحكمة العليا الصادر عن الغرفة التجارية والبحرية بتاريخ‬
‫‪ 8222/28/20‬ملف رقم ‪ ،424008‬قضية الصندوق الوطني للتأمينات االجتماعية ضد‬
‫مؤسسة أشغال البناء حيث جاءت حيثياته ‪:‬‬
‫" حيث يتبين من القرار المطعون فيه أنه اعتبر الطاعن مؤسسة عمومية ذات طابع‬
‫تجاري‪ ،‬كلفت بإنجاز استثمارات عمومية تتمثل في بناء مركز وسكنين بموجب صفقة‬
‫عمومية‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 28‬من قانون الصفقات العمومية فإن النزاع من اختصاص القضاء‬
‫اإلداري ‪.‬‬
‫حيث ومن المقرر قانونا عمال بأحكام المادة ‪ 28‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪28/812‬‬
‫المؤرخ في ‪ 8228/20/84‬أن النزاع يكون البت فيه من اختصاص القضاء اإلداري متى‬
‫كلفت مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري‪ ،‬بموجب صفقة عمومية بإنجاز مشروع استثماري‬
‫بمساهمة نهائية من ميزانية الدولة وتدعى في صلب النص المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫حيث كان على القضاة أن يتأكدوا من المساهمة النهائية من ميزانية الدولة ليأخذوا‪،‬‬
‫كما فعلوا بالعنصر الموضوعي و ليس العضوي‪. "..‬‬

‫‪203‬‬
‫وما يؤكد ا لعمل بمعيار الوكالة ما ذهب إليه القضاء الجزائري في هذه المسألة وذلك‬
‫في القرار الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ ‪ 8222/21/24‬ملف رقم ‪ 228‬فهرس رقم ‪881‬‬
‫بين ديوان الترقية و التسيير العقاري لوهران ضد مؤسسة األشغال لعين تموشنت‪ ،‬المنازعة‬
‫حول صفقة عمومية متضمنة إنجاز ‪ 2222‬مسكنا بوهران وذلك باستعمال صريح العبارة "‬
‫نيابة عن "‪.1‬‬
‫بعد إلغاء المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،812/28‬صدر المرسوم الرئاسي رقم ‪820/22‬‬
‫المؤرخ في ‪ 8222/22/28‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬والذي حمل عدة إجراءات‬
‫جديدة بموجب آخر تعديل له سنة ‪ 8222‬لعل أهمها إخراج المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫من شرط التمويل الكلي أو الجزئي ألموال الخزينة العمومية واقحامها ضمن مجال الصفقات‬
‫العمومية ‪ ،‬بحيث جاءت كل من الفقرتين السادسة والسابعة من المادة الثانية على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫" وال تخضع المؤسسات العمومية االقتصادية ألحكام إبرام الصفقات المنصوص‬
‫عليها في هذا المرسوم‪ ،‬ومع ذلك يتعين عليها إعداد إجراءات إبرام الصفقات حسب‬
‫خصوصيتها‪ ،‬على أساس مبادئ حرية االستفادة من الطلب والمساواة في التعامل مع‬
‫المترشحين والشفافية والعمل على اعتمادها من طرف هيئاتها االجتماعية ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ستظل المؤسسات العمومية االقتصادية خاضعة للمراقبة الخارجية‬
‫المنصوص عليها في القانون بعنوان الصالحيات المخولة لمحافظي الحسابات ومجلس‬
‫المحاسبة و المفتشية العامة المالية " ‪.‬‬
‫كما حملت المادة الثانية من المرسوم المذكور أعاله تناقضا في مضمونها‪ ،‬فبعد أن‬
‫أدرجت مراكز البحث والتنمية والمؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي‬
‫والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية‬
‫ذات الطابع العلمي والتقني والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري بشرط‬
‫التمويل الكلي أو الجزئي بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة‪ ،‬إال أنها وبموجب الفقرة الرابعة‬
‫من نفس المادة مكنت نفس المؤسسات من تكييف إجرائتها الخاصة مع تنظيم الصفقات‬

‫‪1‬‬
‫كلوفي عز الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪204‬‬
‫العمومية حتى و لو أنجزت عملية غير ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من‬
‫الدولة‪.‬‬
‫إن القول بتكييف المؤسسات العمومية ذات الطابع غير اإلداري وغير الممولة من‬
‫خزينة الدولة إجراءاتها مع تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬يطرح إشكاال مهما فيما يخص الجهة‬
‫القضائية المختصة بالفصل في نزاعاتها‪ ،‬فاألمر يتعلق هنا بعقود مبرمة بين أشخاص‬
‫خاصة وال تهدف إلى خدمة مرفق عام ألجل تحقيق المنفعة العامة النعدام المعيار المادي‪،‬‬
‫وعليه فإن نزاعات هذه األخيرة تندرج ضمن اختصاص القضاء العادي ‪.‬‬
‫لقد أكد االجتهاد القضائي لمحكمة التنازع اختصاص القضاء العادي بنزاع منصب‬
‫على صفقة عمومة مبرمة بين شخصين خاضعين للقانون الخاص‪ ،‬وغير ممولة بمساهمة‬
‫‪1‬‬
‫نهائية بميزانية الدولة‪.‬‬
‫لعل الغاية التي تستشف من إدراج المؤسسات العمومية غير اإلدارية دون شرط‬
‫التمويل من خزينة الدولة في تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬هو محاولة مسايرة هذا األخير لما‬
‫جاء به قانون الوقاية من الفساد و مكافحته في مادته ‪ 80‬الذي يعاقب كل شخص يقوم‬
‫بإبرام صفقة مع المؤسسات العمومية اإلقتصادية والمؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫الصناعي و التجاري‪ ،‬ويستفيد من سلطة أعوانها بإمتيازات غير مبررة في مجال الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬أي أن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته مازال يعترف للمؤسسات المذكورة أعاله‬
‫بسلطة إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬والظاهر أن المشرع أراد إضفاء الن ازهة على إبرام الصفقات‬
‫العمومية لهذه المؤسسات رغم عدم خضوعها لتنظيم الصفقات العمومية ولهذا يفهم سر‬
‫مسايرة تنظيم الصفقات العمومية لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬
‫تعرض المرسوم الرئاسي رقم‪ 820-22‬لإللغاء بموجب المرسوم الرئاسي رقم‪،848-21‬‬
‫وحدد مجال تطبيقه بموجب المادة ‪ 0‬منه في كل من الدولة‪ ،‬الجماعات اإلقليمية والمؤسسات‬
‫العمومية اإلدارية كما يدخل ضمن مجال تطبيقه المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع‬
‫التجاري بشرط تكليفها بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا من طرف الدولة بمساهمة مؤقتة أو‬
‫نهائية من الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار رقم ‪ ،61‬المؤرخ في ‪ ،1117/11/13‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬عدد ‪ ،1119 ،9‬ص ‪.167‬‬
‫‪205‬‬
‫إن الجديد الذي حمله المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬هو عدم إف ارطه في تعداد‬
‫المؤسسات العمومية غير اإلدارية الخاضعة له واكتفاؤه بالمؤسسات التي تخضع للتشريع‬
‫التجاري بشرط توافر المعيار المادي‪ ،‬لكن اإلشكال الذي يطرح حول مصير مراكز البحث‬
‫والتنمية والمؤسسات العمومية والمؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي‬
‫والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية‬
‫ذات الطابع العلمي والتقني من تطبيق تنظيم الصفقات العمومية عليها‪.‬‬
‫إن اإلجابة على هذا التساؤل تقتضي الغوص في دراسة النظام القانوني للمؤسسات‬
‫المذكورة أعاله والعودة للنصوص المنشأة لها من أجل تحديد القضاء الذي يختص بنظر‬
‫الصفقات التي تبرمها‪ ،‬السيما وأن كثي ار من الفقهاء إختلفوا حول الطبيعة القانونية لهذه‬
‫المؤسسات‪ ،‬فمنهم من يقول بإداريتها ومنهم من ينكر ذلك‪ ،‬ويقول بخضوعها لنظام‬
‫متخصص‪ ،‬فال هي تنتمي إلى المؤسسات اإلدارية والهي تنتمي إلى المؤسسات التجارية‪.‬‬
‫حافظ المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬على ما جاء به المرسوم الرئاسي رقم ‪-22‬‬
‫‪ 820‬بشأن المؤسسات العمومية اإلقتصادية والمؤسسات الخاضعة للتشريع التجاري وغير‬
‫ممولة كليا أو جزئيا من طرف الدولة‪.‬‬
‫في الختام‪ ،‬وبعد إستعراض مسألة مدى إختصاص كل من جهتي القضاء العادي‬
‫واإلداري في منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬فإن طبيعة التخصص اإلداري تستدعي التركيز‬
‫على تحديد اإلختصاص بين الجهات القضائية اإلدارية في منازعات الصفقات العمومية‬
‫والذي سوف يتم معالجته في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تحديد اختصاص الجهات القضائية اإلدارية بالنظر في منازعات الصفقات‬
‫العمومية‬
‫تم تبني نظام ازدواجية القضاء بموجب التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2990‬والذي نجم عنه‬
‫إنشاء مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية بموجب القانون العضوي ‪ 122-92‬والقانون رقم ‪-92‬‬
‫‪2‬‬
‫على التوالي وقد خول هذان القانونان المذكو ارن أعاله إلى جانب قانون اإلجراءات‬ ‫‪28‬‬
‫المدنية واإلدارية ‪ ،29-22‬صالحية تحديد االختصاص لكل من هذه الجهات القضائية‬
‫اإلدارية‪ ،‬وعليه فإن منازعات الصفقات العمومية تطرح في هذا المجال ضرورة إبراز‬
‫االختصاص النوعي لكل من مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية في (المطلب األول) ثم يعرج‬
‫لتناول االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية في (المطلب الثاني) ‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫االختصاص النوعي لجهات القضاء اإلداري في منازعات الصفقات العمومية‬
‫يعرف األستاذ رشيد خلوفي اإلختصاص النوعي على أنه "أهلية القاضي القانونية‬
‫للنظر في نوع معين من النزاعات‪ ،‬وبالتالي فإن اإلختصاص النوعي للقاضي محصور في‬
‫قضايا متميزة بحكم طبيعة أحد أطراف النزاع أو بحكم طبيعة النشاط‪ ،3‬وقد عمدت محكمة‬
‫التنازع الجزائري إلى إعطاء تعريف لالختصاص على أنه‪" :‬أهلية جهة قضائية بالفصل في‬
‫إدعاء معين ماديا واقليميا‪ ،‬وان الدفع بعدم االختصاص هو الوسيلة المنازعة في‬
‫اإلختصاص المادي أو اإلقليمي للجهة المعروضة عليها القضية لفائدة جهة قضائية‬
‫أخرى"‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫قانون عضوي رقم ‪ 11-94‬مؤرخ في ‪ ،1994/14/31‬يتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ ،37‬المؤرخة في ‪1‬يونيو‪ ،1994‬ص‪.9-3‬‬
‫عدل هذا القانون بالقانون رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ ،1111/17/14‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،63‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ ،1111/14/13‬ص ‪.11-7‬‬
‫‪ 2‬قانون رقم ‪ 11-94‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1994‬يتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،37‬الصادرة بـ‬
‫‪ ،1994/14/11‬ص ‪.9-4‬‬
‫‪3‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1113 ،‬ص‪. 136‬‬
‫‪4‬‬
‫كلوفي عز الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪207‬‬
‫إن تحديد اإلختصاص النوعي بين جهات القضاء اإلداري يقضي في مقام أول التطرق‬
‫إلى إختصاص مجلس الدولة في (فرع أول) ثم تناول اإلختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‬
‫في (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االختصاص النوعي لمجلس الدولة‬
‫استنادا لنصوص التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2990‬فإن مجلس الدولة يعتبر كقاعدة‬
‫عامة جهة قضائية إدارية‪ ،‬يتولى الفصل في المنازعات اإلدارية من خالل الرقابة على‬
‫أعمال اإلدارة العامة‪ ،‬إضافة إلى كونه هيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية‪ ،‬وقد‬
‫عهد المشرع الجزائري لمجلس الدولة بموجب القانون العضوي ‪ 22-92‬السيما المواد ‪22 ،9‬‬
‫و‪ 22‬منه بوظائف قضائية‪ ،‬فإلى جانب المهمة األساسية وهي النقض (ثالثا) فهو قاضي‬
‫اختصاص أول وآخر درجة (أوال) وقاضي استئناف (ثانيا) وهو ما يتم التعرض إليه على‬
‫النحو التالي ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي أول و آخر درجة‬
‫يتشكل اإلطار القانوني الذي يحدد مجال اختصاص مجلس الدولة كقاضي أول وآخر‬
‫درجة من المادة ‪ 29‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬والتي جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة بالفصل في دعاوى اإللغاء والتفسير‬
‫وتقدير المشروعية في الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية المركزية والهيئات العمومية‬
‫الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية‪.‬‬
‫ويختص أيضا بالفصل في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 922‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على أن ‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة‪ ،‬بالفصل في دعاوى اإللغاء والتفسير‬
‫وتقدير المشروعية في الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية المركزية‪.‬‬
‫كما يختص بالفصل في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬
‫من خالل المادتين أعاله يالحظ ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إن المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬وضحت االختصاص االبتدائي‬
‫والنهائي لمجلس الدولة بشيء من التفصيل‪ ،‬حيث خولت لهذا األخير النظر في دعاوى‬
‫اإللغاء وتفسير وفحص المشروعية الصادرة ضد ق اررات السلطات اإلدارية المركزية والهيئات‬

‫‪208‬‬
‫العمومية الوطنية والمنظمات العمومية الوطنية وعليه أخرج المشرع من والية مجلس الدولة‬
‫كجهة للقضاء االبتدائي والنهائي دعاوى القضاء الكامل التي ترفع أمام المحاكم اإلدارية كما‬
‫سيأتي ذكر ذلك الحقا ‪.‬‬
‫ولعل سر إخراج القضاء الكامل من إختصاص مجلس الدولة حسب األستاذ عمار‬
‫بوضياف يعود إلى طبيعة النزاع في حد ذاته‪ ،‬كون الفصل في قضايا القضاء الكامل ال‬
‫ينطوي على مخاطر وال يحتاج إلى خبرة ومؤهالت قضائية عالية‪ ،‬كقضاء اإللغاء أو فحص‬
‫المشروعية أو التفسير‪ ،‬ولذا عهد المشرع للبنية القضائية التحتية الممثلة في المحاكم اإلدارية‬
‫القضاء الكامل ولو تعلق بأحد األشخاص المذكورين أعاله‪.1‬‬
‫بالنتيجة فإن دعاوى القضاء الكامل المندرجة ضمن الصفقات العمومية بغض النظر‬
‫عن أطرافها تختص المحاكم اإلدارية بالنظر فيها‪.‬‬
‫‪ -‬بالرجوع للمادة ‪ 922‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬يالحظ على هاته األخيرة‬
‫تضييقها من نطاق اختصاص المجلس وحصره في الق اررات الصادرة عن السلطات اإلدارية‬
‫المركزية على عكس المادة ‪ 9‬من القانون العضوي ‪ ،22-92‬التي وسعت من نطاق المنازعة‬
‫اإلدارية الواجب عرضها على مجلس الدولة لتشمل إلى جانب ق اررات السلطات المركزية‪،‬‬
‫الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية‪ ،‬غير أنه وبقراءة متأنية لنص المادة‬
‫‪ 922‬السيما الفقرة الثانية منها فإنها تحيل إلى النصوص الخاصة و التي من بينها القانون‬
‫العضوي ‪ 22-92‬المعدل و المتمم وهو نص خاص يقيد النص العام ( قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية)‪.‬‬
‫أما في مجال الصفقات العمومية فإن مطابقة كل من المواد ‪ 9‬من القانون العضوي‬
‫‪ 22-92‬والمادة ‪ 922‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية مع المادة ‪ 0‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام تجعل‬
‫مجلس الدولة يختص كدرجة أولى وأخيرة بالفصل في دعاوى اإللغاء وفحص المشروعية‬
‫وتفسيرها في الق اررات اإلدارية المنفصلة المتعلقة بالصفقات العمومية الصادرة عن السلطات‬

‫‪1‬‬
‫عمار بوضياف‪ ،‬المعيار العضوي واشكاالته القانونية‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،4‬جوان ‪،1111‬‬
‫ص ‪.11‬‬
‫‪209‬‬
‫اإلدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية ومن ثم إخراج المنظمات المهنية ألنها ال تندرج‬
‫في تطبيق قانون الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫إن التطرق الختصاص مجلس الدولة كقاضي أول وآخر درجة بالنظر في الق اررات‬
‫المنفصلة المتعلقة بالصفقات العمومية يؤدي إلى الوقوف على الهيئات المشمولة بهذا النظر‪،‬‬
‫خاصة إذا ما علم أن المادة ‪ 0‬من تنظيم الصفقات العمومية لم تحمل نفس االستعمال‬
‫االصطالحي الذي شملته كل من المادتين‪ 9‬و‪ 922‬المذكورين أعاله‪ ،‬باإلضافة إلى أن كال‬
‫من المادتين ‪ 9‬و ‪ 922‬تضمنتا على فقرة ثانية جاءتا في نفس السياق كاآلتي‪:‬‬
‫"ويختص أيضا بالفصل في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬
‫الشيء الذي يستدعي استعراض وتحديد هذه الهيئات حسب ما جاءت به المادة ‪0‬‬
‫أعاله والتي يمكن إجمالها في كل من اإلدارات العمومية (‪ ،)2‬الهيئات الوطنية المستقلة(‪،)8‬‬
‫والمؤسسات العمومية (‪.)2‬‬
‫‪ - 1‬اإلدارات العمومية‬
‫لقد عرفت اإلدارة العمومية في العديد من النصوص القانونية من بينها المرسوم‬
‫‪ 28/92‬المؤرخ في ‪ 2992/28/20‬المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل‬
‫وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪ 1‬وذلك في نص المادة ‪ 24‬منه كما يلي ‪ ":‬تعد مؤسسات‬
‫وادارات عمومية في مفهوم هذا القانون المؤسسات و الهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري‬
‫وكذلك اإلدارات المركزية التابعة للدولة ‪. " ...‬‬
‫من خالل التعريف أعاله و بالمطابقة بين كل من المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 22-92‬المحـددة الختصاص مجلـس الـدولة و كذا المادة ‪ 0‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-21‬‬
‫‪ 848‬نستنتج أن اإلدارات المركزية هي جزء من الدولة التي شملتها المادة ‪ 0‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية و التي يمكن تعريفها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 16‬من المرسوم رقم ‪ 11-91‬المؤرخ في ‪ 1991/11/14‬المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل‬
‫وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4‬الصادرة في ‪ 7‬فيفري ‪ ،1991‬ص‪.161-131‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 17-91‬المؤرخ في ‪11‬ديسمبر‪ ،1991‬يعدل و يتمم القانون رقم‪ 11-91‬المتعلق بالوقاية من النزاعات‬
‫الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،44‬مؤرخة في ‪14‬ديسمبر‪،1991‬‬
‫ص‪. 1446-1441‬‬
‫‪210‬‬
‫" هي جميع الهيئات اإلدارية العليا المشكلة للسلطة التنفيذية أثناء ممارسة المهام‬
‫اإلدارية‪ ،‬تضطلع هذه السلطات بوظائف سياسية و وظائف إدارية بغية تحقيق المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وفي سبيل تحقيق هذه األخيرة‪ ،‬فقد منحها الدستور سلطات وامتيازات كسلطة إصدار‬
‫الق اررات اإلدارية‪ ،‬إال أنه و حتى ال تنحرف بالسلطة‪ ،‬فقد أخضعها لرقابة مجلس الدولة‬
‫باعتباره محكمة أول وأخر درجة‪ ،1‬وتتمثل هذه اإلدارات العمومية التي تتشكل منها الدولة‬
‫بمعناها الدقيق في كل من ‪ :‬مصالح رئاسة الجمهورية‪ ،‬مصالح رئاسة الحكومة‪ ،‬الو ازرات‬
‫وما يرتبط بها من أجهزة وتنظيمات وتفريعات إدارية غير متمتعة بالشخصية المعنوية سواء‬
‫كانت قائمة بالعاصمة أو موجودة عبر الواليات أو الجهات مثل المديريات‪ ،‬إذ أنها تمثل‬
‫عدم تركيز إداري كإحدى صور النظام المركزي‪ ،‬وليست تطبيقا لنظام الالمركزية بكل ما‬
‫يترتب على التفرقة بين النظامين من نتائج‪.2‬‬
‫‪ - 2‬الهيئات الوطنية المستقلة‬
‫تتمثل الهيئات الوطنية المستقلة فيما يسمى حسب المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 22-92‬بـ" الهيئات العمومية الوطنية "‪ ،‬حيث يتعلق األمر بـالسلطات األخرى غير السلطة‬
‫التنفيذية (أ) و األجهزة والهيئات القائمة في إطار السلطة التنفيذية (ب)‪.‬‬
‫أ ‪ -‬السلطات األخرى غير السلطة التنفيذية‬
‫وتتمثل في السلطة التشريعية والسلطة القضائية والمجلس الدستوري في حالة‬
‫اضطالعهم بأعمال و تصرفات ذات صبغة إدارية فتقوم بإبرام صفقات تتصل بتوريدات‬
‫خاصة أو ترميمات خاصة ببناءاتها‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أجهزة وهيئات قائمة في إطار السلطة التنفيذية‬
‫هي أجهزة وهيئات ذات طابع إداري متمتعة بالشخصية المعنوية‪ ،‬يشمل نشاطها جميع‬
‫أنحاء الوطن ومن بين هذه الهيئات‪ ،‬هيئات استشارية أنيطت بها مهمة حث السلطات‬
‫المختصة باتخاذ أي نص تشريعي أو تنظيمي منها المجلس األعلى للتربية‪ ،‬المجلس‬
‫االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬المجلس اإلسالمي األعلى‪ ،‬وكذا سلطات اإلدارية المستقلة المكلفة‬

‫‪1‬‬
‫نصيبي الزهرة‪ ،‬االختصاص النوعي بين مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير فرع قانون إداري‬
‫وادارة عامة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬سنة ‪ ،1111/1111‬ص‪.93‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 11‬و‪.13‬‬
‫‪211‬‬
‫بمهمة ضبط النشاط االقتصادي من خالل مراقبة نشاط معين في المجال االقتصادي تحقيقا‬
‫للتوازن ومن بينها نذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬سلطة ضبط البريد و المواصالت‪.1‬‬
‫‪ -‬لجنة ضبط الكهرباء و الغاز ‪.‬‬
‫‪ -‬لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ‪.‬‬
‫إن السلطات اإلدا رية المستقلة ال تخضع لنظام قانوني موحد بحيث أن من بينها من‬
‫يتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬ومنها من ال يتمتع بها كمجلس النقد والقرض‪ ،‬اللجنة المصرفية‪،‬‬
‫لجنة اإلشراف على التأمينات‪.2‬‬
‫‪ -3‬المؤسسات العمومية الوطنية‬
‫هي عبارة عن مرافق حدد اختصاصها على أساس موضوعي أو إقليمي تدار بواسطة‬
‫منظمة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬تقوم بمساعدة الدولة لقيامها‬
‫بوظائفها المتعددة‪ ،3‬تنقسم المؤسسات العمومية استنادا إلى المعيار الموضوعي إلى‬
‫مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية ومؤسسات عمومية صناعية وتجارية واقتصادية بشرط‬
‫أن تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة ‪.‬‬
‫كما تنقسم المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية إلى مؤسسات عمومية وطنية‬
‫وأخرى محلية واستنادا إلى نص المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فقد‬
‫منحت للمحاكم اإلدارية اإلختصاص بالنظر في الق اررات الصادرة عن المؤسسات العمومية‬
‫ذات الصبغة اإلدارية المحلية فقط‪ ،‬و بمفهوم المخالفة لهذه المادة فإن الق اررات الصادرة عن‬
‫المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية الوطنية تكون محل طعن إلغاءا وتفسي ار و فحصا‬
‫للمشروعية أمام مجلس الدولة‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم فإن نزاعات الصفقات العمومية المشمولة بنظر مجلس الدولة في‬
‫مجال الصفقات العمومية‪ ،‬تتمثل أساسا في النزاعات المتعلقة بدعاوى إلغاء الق اررات‬

‫‪1‬‬
‫نصيبي زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪2‬‬
‫بوجادي عمر‪ ،‬اختصاص القضاء اإلداري في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1111‬ص ‪.141‬‬
‫‪ 3‬نصيبي زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪212‬‬
‫المنفص لة بالصفقات العمومية الصادرة عن اإلدارات العمومية ممثلة في سلطات اإلدارية‬
‫المركزية‪ ،‬الهيئات اإلدارية المستقلة و المؤسسات العمومية الوطنية ‪.‬‬
‫إن اعتبار مجلس الدولة يختص بالفصل في الق اررات المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫والتي تصدر عن السلطات المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمؤسسات العمومية‬
‫الوطنية كدرجة ابتدائية و نهائية يطرح جملة من اإلشكاالت السيما أهمية هذه الن ازعات‪.‬‬
‫يأتي على رأسها انتهاك مبدأ التقاضي على درجتين إلى جانب إحداث نوع من عدم‬
‫التجانس بين النظام القضائي العادي و النظام القضائي اإلداري و عليه فإن االعتراف بهذا‬
‫االختصاص سيؤدي إلى حجب طريق عادي من طرق الطعن المكرس في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية هو طريق اإلستئناف ما يطرح تساؤال حول سبب عدم اختصاص المحاكم‬
‫اإلدارية بالدعاوى المذكورة في المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم‪ 22-92‬؟‪ ،‬حتى وان يرد‬
‫بعض الفقهاء سبب نظر مجلس الدولة في هذا النوع من الدعاوى يعود إلى خبرة مستشاريها‬
‫وأهمية الق اررات المتعلقة بها‪ ،‬إال أن البعض يعتبر هذا المبرر قد زال مع الوقت باعتبار أن‬
‫قضاة المحاكم اإلدارية ال تقل تجربتهم عن ‪ 22‬سنوات من العمل القضائي‪ ،1‬ومن ثم فإن‬
‫امتثال الهيئات المبينة في المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬أمام المحاكم اإلدارية‬
‫ال يمس بمكانتها وانما سيضمن للمتقاضي التقاضي على درجتين كما سيقرب القضاء من‬
‫المتقاضين‬
‫بهذا الدور الحالي لمجلس الدولة باعتباره جهة للقضاء االبتدائي والنهائي نكون قد‬
‫أثقلنا المهمة على قضاة هذه الهيئة وأغرقناهم في مجال كان من األحرى إبعادهم عنه‬
‫ليتفرغوا للمهمة األصلية المنصوص عليها في المادة ‪ 282‬من الدستور و المتمثلة في مهمة‬
‫النقض و اإلجتهاد‪.2‬‬
‫ثانيا‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي استئناف في منازعات الصفقات العمومية‬
‫االستئناف هو وسيلة قضائية نظمها المشرع يكفل بمقتضاها للمحكوم عليه أو المحكوم‬
‫له إعادة طرح النزاع من جديد أمام محكمة أعلى درجة من تلك التي أصدرت الحكم‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وقد يكون الغرض من الطعن باالستئناف إلغاء الحكم المطعون فيه أو‬

‫‪1‬‬
‫نصيبي الزهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪2‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬المعيار العضوي و إشكاالته القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪213‬‬
‫استبداله بحكم جديد أو تعديله‪ ،‬والطعن باالستئناف يحقق مبدأ التقاضي على درجتين هذا‬
‫المبدأ الذي يوفر ضمانة هامة من ضمانات العدالة بحيث يؤدي إلى تدارك أخطاء القضاة‪،‬‬
‫كما يؤدي إلى استدراك الخصوم لما فاتهم تقديمه من دفاع و أدلة أمام المحاكم اإلبتدائية‪.1‬‬
‫يعد مجلس الدولة في القضاء اإلداري الجزائري الجهة القضائية االستئنافية بالنسبة‬
‫ّ‬
‫لكافة األحكام القضائية المتعلقة بالصفقات العمومية الصادرة عن المحاكم اإلدارية طبقا‬
‫للمادة ‪ 22‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬المتعلق بمجلس الدولة والتي تنص على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف األحكام و األوامر الصادرة عن الجهات‬
‫القضائية اإلدارية " ‪.‬‬
‫ويختص أيضا كجهة استئناف في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪ 28-92‬على مايلي ‪:‬‬
‫" أحكام المحاكم اإلدارية قابلة لالستئناف أمام مجلس الدولة ما لم ينص القانون‬
‫على خالف ذلك"‪.‬‬
‫يتأكد هذا االختصاص بموجب المادة ‪ 928‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫والتي نصت على ما يلي ‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف األحكام و األوامر الصادرة عن المحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬كما يختص أيضا كجهة استئناف بالقضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‬
‫تكرس المواد المذكورة أعاله العناصر المحددة الختصاص مجلس الدولة كدرجة‬
‫استئناف قضائية‪ ،‬بالجمع بين مقتضيات هذه المواد نسجل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إن الطعن باالستئناف أمام مجلس الدولة في مجال الصفقات العمومية تسوده قاعدة‬
‫عامة‪ ،‬يكون فيها مجلس الدولة مختصا بنظر الطعن باالستئناف ضد كل األحكام الصادرة‬
‫عن المحاكم اإلدارية بصفة ابتدائية هذا هو المبدأ العام‪ ،‬وعليه فإن محل االستئناف الذي‬
‫تنعقد به والية مجل س الدولة كقاضي استئناف يقتضي توافر ثالثة شروط تتمثل في ضرورة‬

‫‪1‬‬
‫صاش جازية‪ ،‬نظام مجلس الدولة في القضاء الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة في الحقوق‪ ،‬فرع قانون عام‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة ‪ ،1114/1117‬ص ‪. 364‬‬
‫‪214‬‬
‫أن يقوم اإلستئناف على حكم قضائي (‪ ،)2‬وأن يكون هذا الحكم صاد ار عن محكمة إدارية‬
‫(‪ )8‬وأن يتعلق محل اإلستئناف بحكم ابتدائي (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬أن يكون محل االستئناف حكما قضائيا‬
‫يشترط في محل الطعن باالستئناف في مادة الصفقات العمومية أمام مجلس الدولة أن‬
‫يكون من قبيل األحكام القضائية‪ ،‬ذلك أن الهيئات القضائية يمكنها أيضا القيام بأعمال من‬
‫طبيعة إدارية‪ ،1‬فكل األعمال التي يقوم بها أعضاء المحاكم اإلدارية أو رئيسها والمتعلقة‬
‫باإلشراف على السير المنتظم للمحكمة اإلدارية وتنظيمها ال تعد من قبيل األحكام القضائية‪،‬‬
‫إنما هي أعمال إدارية بحتة ال يقبل الطعن فيها باالستئناف أمام مجلس الدولة‪.2‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الحكم محل االستئناف صاد ار عن جهة قضائية إدارية‬
‫يشترط لقبول االستئناف أن يكون الحكم المستأنف صاد ار عن جهة قضائية إدارية‪،‬‬
‫تعد المحاكم اإلدارية هي صاحبة االختصاص العام و الوالية‬ ‫وفي النظام القضائي الجزائري ّ‬
‫العامة للنظر والفصل في كافة المنازعات اإلدارية كجهة قضائية ابتدائية تكون أحكامها قابلة‬
‫لالستئناف أمام مجلس الدولة‪ ،‬أي الهيئة القضائية الخاضعة أساسا للقانون رقم ‪28-92‬‬
‫المتعلق بالمحاكم اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون الحكم محل االستئناف ابتدائيا‬
‫ال ينصب الطعن باالستئناف إال على األحكام القضائية االبتدائية‪ ،‬والحكم االبتدائي‬
‫هو الحكم الصادر عن محكمة الدرجة األولى و القابل للطعن فيه باالستئناف خالفا للحكم‬
‫النهائي غير قابل للطعن‪ ،‬وبناء عليه فالقرارات الصادرة عن الجهات القضائية اإلدارية‬
‫ابتدائيا و نهائيا غير قابلة للطعن باالستئناف كالق اررات الصادرة عن مجلس الدولة في مادة‬
‫الصفقات العمومية بصفته محكمة أول وأخر درجة ‪.‬‬
‫إذا كانت القاعدة العامة هو استئناف األحكام الصادرة عن المحاكم اإلدارية أمام‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬فإن كل من المادتين ‪ 22‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬المتعلق بمجلس‬
‫الدولة و كذا المادة ‪ 928‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أوردت استثناء للمبدأ العام‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫خراز لمياء‪ ،‬دور مجلس الدولة في المنازعات اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص قانون إداري وادارة عامة‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬سنة ‪ ،1111/1111‬ص ‪.41 - 41‬‬
‫‪2‬‬
‫صاش جازية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.369‬‬
‫‪215‬‬
‫حيث نصت كليهما على إمكانية مجلس الدولة أن يختص كجهة استئناف في القضايا‬
‫المخولة له بموجب نصوص خاصة‪ ،‬ومن ثم ال يقتصر اختصاص مجلس الدولة على‬
‫استئناف أحكام المحاكم اإلدارية بل يتعداه في حالة ما إذا نص المشرع الجزائري على قابلية‬
‫جهة أخرى استئناف ق ارراتها أمام مجلس الدولة ‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك فإنه وبحسب نص الفقرة الثانية للمادة الثانية من القانون رقم ‪28-92‬‬
‫المتعلق بالمحاكم اإلدارية والتي جاءت بأن أحكام المحاكم اإلدارية قابلة لالستئناف أمام‬
‫مجلس الدولة مالم ينص القانون على خالف ذلك‪ ،‬يترتب على هذا األمر أنه ال يمكن تقرير‬
‫استثناء إال بموجب قانون صادر من السلطة التشريعية‪ ،‬وبعبارة أخرى إمكانية صدور قانون‬
‫يحدد هذا االستثناء‪.‬‬
‫إن القراءة المتأنية لما جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪28-92‬‬
‫المتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬تظهر لنا أبعاد أخرى لالستثناء السابق تبيانه يمكن أن تنصرف‬
‫إلى حالة وجود أحكام إدارية ابتدائية صادرة من المحاكم اإلدارية يمكن استئنافها أمام جهة‬
‫يقر بهذا‬
‫أخرى غير مجلس الدولة‪ ،‬وهذا في حالة ما إذا صدر عن السلطة التشريعية قانون ّ‬
‫االستثناء‪ ،‬غير أنه وبالرجوع إلى القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي اإلداري الحالي‪ ،‬فال نجد‬
‫سوى مجلس الدولة هو الجهة االستئنافية الوحيدة الخاصة بنظر استئناف أحكام المحاكم‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫إن اختصاص مجلس الدولة بالنظر في استئناف أحكام المحاكم اإلدارية وما يوفره من‬
‫ضمانات لتجسيد مبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬تعترضه عدة إشكاالت قانونية‪ ،‬فالوظيفة‬
‫األصلية المعهودة لمجلس الدولة بموجب المادة ‪ 282‬من الدستور تتمثل في تقويم أعمال‬
‫الجهات القضائية اإل دارية و توحيد االجتهاد القضائي اإلداري‪ ،‬غير أن المشرع منحه‬
‫الوظيفة االستئنافية بموجب المادة ‪ 22‬من القانون العضوي ‪ 22-92‬والمادة ‪ 8‬من القانون‬
‫‪ 28/92‬و المادة ‪ 928‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ما أحدث تغي ار وظيفيا في‬
‫اختصاصه وذلك بتحويله من محكمة قانون إلى محكمة وقائع األمر الذي من شأنه إغراق‬
‫قضاة الموضوع في بحر الوقائع ويلهيهم عن االضطالع بمهامهم األصلية وهي المساهمة‬
‫في تطوير قواعد القانون اإلداري السيما منها الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫زيادة على ذلك فإن الصفقات العمومية تمتاز بطابعها المتشعب والمعقد‪ ،‬وكذا‬
‫صعوبت ها نظ ار لألموال الضخمة المنصبة عليها والتي تقتضي التفرغ الجيد لدراستها الشيء‬
‫الذي سوف يؤدي إلى إرهاق قضاة مجلس الدولة وزيادة الضغط عليهم وانهاكهم بكثرة‬
‫القضايا المرفوعة إليهم خاصة مع محدودية عدد أعضاء مجلس الدولة مقارنة مع كثافة‬
‫االختصاصات الموكلة إليهم مما سينعكس سلبا على سرعة البث فيها وما يصاحب ذلك من‬
‫أثر على حقوق المتقاضين‪.‬‬
‫لهذا كان من األفضل إسناد المشرع االستئناف لجهة قضائية مستقلة تطبيقا لنص‬
‫المادة ‪ 282‬من الدستور الذي يجعل مجلس الدولة جهة تختص بتقويم أعمال الجهات‬
‫القضائية اإلدارية و من ثم إنشاء محكمة استئناف إلى جانب المحاكم اإلدارية تقوم بالتخفيف‬
‫على مجلس الدولة بإخراج اختصاص النظر في الطعون باالستئناف‪ ،‬واحداث نسق واحد‬
‫على مستوى جهات القضاء اإلداري والعادي معا‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي نقض في نزاعات الصفقات العمومية‬
‫منح المؤسس الدستوري بموجب المادة ‪ 282‬من دستور ‪ 2990‬لمجلس الدولة مهمة‬
‫االجتهاد القضائي وتقويم أعمال الجهات القضائية اإلدارية‪ ،‬كما واله هذا االختصاص‬
‫المشرع الجزائري‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 22‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬على ما يلي‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في األحكام الصادرة في آخر‬
‫درجة عن الجهات القضائية اإلدارية ‪.‬‬
‫و يختص أيضا بالنظر في الطعون بالنقض المخول له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك نص المادة ‪ 922‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬حيث قضت‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫" يختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في الق اررات الصادرة في آخر‬
‫درجة عن الجهات القضائية اإلدارية ‪.‬‬
‫يختص مجلس الدولة كذلك في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص‬
‫خاصة"‪.‬‬
‫استنادا لنصي المادتين المذكورتين أعاله‪ ،‬فإن اختصاص مجلس الدولة بقضاء النقض‬
‫في مادة الصفقات العمومية يستدعي إبداء المالحظة اآلتية‪:‬‬

‫‪217‬‬
‫انطالقا من النص أعاله اعترف المشرع لمجلس الدولة بسلطة النظر في الطعون‬
‫بالنقض الموجهة ضد الق اررات القضائية النهائية في المادة اإلدارية و عودة إلى التدقيق في‬
‫مصدر هذه الق اررات نجد أن الهرم القضائي اإلداري الجزائري يتكون من هيئتين تتمثال في‬
‫كل من مجلس الدولة و المحاكم اإلدارية‪ ،‬فبالنسبة للمحاكم اإلدارية وحتى تكون أحكامها‬
‫قابلة للطعن بالنقض أمام مجلس الدولة‪ ،‬البد أن تصدر نهائية وكأصل عام فإن المحاكم‬
‫اإلدارية ال تصدر أحكاما نهائية بل ق ارراتها تعد ابتدائية طبقا للمادة ‪ 8‬من القانون ‪28-92‬‬
‫قررات نهائية محددة على سبيل الحصر كبعض‬
‫واستثناءا من ذلك فقد تصدر عنها ا‬
‫المنازعات االنتخابية‪ ،‬وبالتالي في مادة الصفقات العمومية ال تصدر المحاكم اإلدارية إال‬
‫أحكاما ابتدائية‪.‬‬
‫هكذا يتبقى لنا الهيئة الوحيدة والمتمثلة في مجلس الدولة المعنية بإصدار ق اررات نهائية‬
‫والتي توجد في الوضع الغالب‪ ،‬تأتي باعتبار مجلس الدولة قاضي اختصاص بالفصل في‬
‫الملف المعروض عليه ابتدائيا و نهائيا وهكذا فإن نص المادتين ‪ 22‬من القانون العضوي‬
‫رقم ‪ 22-92‬والمادة ‪ 922‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية قصدت الق اررات النهائية‬
‫الصادرة عن مجلس الدولة باعتباره قاضي اختصاص‪.‬‬
‫إال أن مجلس الدولة في ق ارره الصادر عن الغرفة األولى بتاريخ ‪ 8228/29/82‬أقر‬
‫مبدأ عدم قابلية ق ارراته النهائية للطعن بالنقض بقوله " ال يمكن لمجلس الدولة الفصل بطريق‬
‫الطعن بالنقض في قرار صادر عنه عمال بأحكام القانون ‪ 22-92‬و كذا انطالقا من أحكام‬
‫قانون اإلجراءات المدنية‪.1‬‬
‫ومن ثم فإن هذا االجتهاد قد حجب طريقا من طرق الطعن غير العادية وانتهك‬
‫مقتضيات ومضمون المادة ‪ 22‬من القانون ‪ ،22-92‬ما يؤدي إلى تضييع فرصة على‬
‫المتقاضين الستيفاء حقوقهم خاصة في مادة الصفقات العمومية التي تنصب على أهمية‬
‫بالغة تستدعي ضرورة اللجوء إلى هذا النوع من الطعون ‪.‬‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬المعيار العضوي و إشكاالته القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫‪218‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية بالنظر في منازعات الصفقات العمومية‬
‫تستمد المحاكم اإلدارية وجودها القانوني من نص المادة ‪ 282‬من الدستور التي لم‬
‫تنص صراحة على المحاكم اإلدارية بل اكتفت باإلشارة إليها عندما حددت دور مجلس‬
‫الدولة كمقوم ألعمال الجهات القضائية اإلدارية‪.‬‬
‫فمصطلح الجهات القضائية اإلدارية اشتمل كل الجهات القضائية التي تخضع لرقابة‬
‫مجلس الدولة و منها المحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 2992‬و بموجب القانون رقم ‪ 22-92‬صدر أول قانون خاص‬
‫بالمحاكم اإلدارية والذي تنص المادة األولى منه‪:‬‬
‫" تنشأ محاكم إدارية كجهات قضائية للقانون العام في المادة اإلدارية يحدد عددها‬
‫و اختصاصها اإلقليمي عن طريق التنظيم "‪.‬‬
‫يتضح من المادة المذكورة أعاله أن المشرع قد أطلق االختصاص النوعي للمحاكم‬
‫اإلدارية وجعلها تختص بالنظر في كل النزاعات اإلدارية إال ما استثنى بنص خاص كما هو‬
‫عليه الحال بالنسبة للنزاعات التي أسندها المشرع على سبيل الحصر لمجلس الدولة في‬
‫المادتين ‪ 9‬و ‪ 22‬من القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬المتعلق بمجلس الدولة‪.‬‬
‫فعند مقابلة قواعد االختصاص النوعي لكل من مجلس الدولة و المحاكم اإلدارية يتبين‬
‫أن اخ تصاص مجلس الدولة في مجال القضاء االبتدائي و النهائي هو اختصاص مقيد أي‬
‫يقتصر على نوع معين من المنازعات المتعلقة بدعاوى اإللغاء أو فحص المشروعية أو‬
‫التفسير المرفوعة ضد ق اررات السلطات المركزية والهيئات العمومية الوطنية بينما اختصاص‬
‫المحاكم اإلدارية نوعيا حدد بشكل مطلق وعام ولها أن تنظر في كل منازعة إدارية عدا‬
‫المنازعات التي أحال المشرع النظر فيها لمجلس الدولة‪ ،1‬الشيء الذي يقود لتحديد مجال‬
‫اختصاص المحاكم اإلدارية (أوال) ليتم اإلنتقال بعدها لتبيان مسألة تداخل االختصاص ما‬
‫بين الجهات القضائية اإلدارية ( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مجال االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية في نزاعات الصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية االختصاص النوعي للمحاكم‬
‫اإلدارية كمايلي‪:‬‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬المعيار العضوي و إشكاالته القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪219‬‬
‫" تختص بالفصل في أول درجة بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا التي تكون‬
‫الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا‬
‫فيها"‪.‬‬
‫لقد أشار النص أعاله إلى االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية الذي يرتكز على‬
‫أساس المعيار العضوي والذي يستند إلى وجود أحد أشخاص القانون العام طرفا في النزاع‪،‬‬
‫غير أن أحكام القانون العضوي رقم ‪ 22-92‬أوردت قيدا على نطاق االختصاص والتي ترد‬
‫لصالح مجلس الدولة أين يتمتع باختصاصه االبتدائي والنهائي بالنسبة لق اررات السلطات‬
‫المركزية‪ ،‬الشيء الذي يستدعي التساؤل عن مدى تطبيق مبدأ االختصاص العام ضمن‬
‫التنظيم القضائي اإلداري الجزائري‪.‬‬
‫إن اإلجابة عن هذا التساؤل تستدعي تحديد وتوضيح أطراف النزاع التي ينعقد بها‬
‫اختصاص المحاكم اإلدارية والممثلة في كل من الدولة (‪ ،)2‬الجماعات اإلقليمية (‪)8‬‬
‫والمؤسسات العمومية (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬الدولة‬
‫يقصد بالدولة بالمفهوم الضيق مجموع السلطات اإلدارية المركزية و الهيئات العمومية‬
‫الوطنية‪ ،‬التي سبق ذكرها أثناء التطرق لالختصاص النوعي لمجلس الدولة‪ ،‬إال أن اإلشكال‬
‫المطروح هو إذا كانت هذه الهيئات و السلطات أساس اختصاص مجلس الدولة فكيف يمكن‬
‫اعتبارها أساسا الختصاص المحاكم اإلدارية ؟‬
‫إن اإلجابة عن هذا اإلشكال يتواجد في المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية التي تأتي لتفصل حدود اختصاص المحاكم اإلدارية الموجودة في المادة ‪ 222‬على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫" تختص المحاكم اإلدارية كذلك بالفصل في ‪:‬‬
‫‪ -2‬دعاوى إلغاء الق اررات اإلدارية والدعاوى فحص المشروعية للق اررات الصادرة عن‬
‫الوالية والمصالح غير المركزة للدولة على مستوى الوالية‪ ،‬للبلدية والمصالح اإلدارية‬
‫األخرى للبلدية‪ ،‬المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -2‬دعاوى القضاء الكامل ‪.‬‬
‫‪ -3‬القضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫توضح المادة ‪ 222‬أعاله معالم اختصاص المحاكم اإلدارية بالنظر في النزاعات التي‬
‫تكون الدولة طرفا فيها‪ ،‬ويحدث ذلك إذا ما انصب النزاع على دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬أي‬
‫أن اختصاصها في دعاوى القضاء الكامل مطلق‪ ،‬حتى لو كانت الجهة التي هي طرف في‬
‫نزاع إدارة مركزية بعكس اختصاصها في قضاء اإللغاء الذي ينعقد فقط على الق اررات‬
‫ارت السلطات المركزية فهو يندرج ضمن إختصاص‬
‫الصادرة عن الهيئات المحلية أما قر ا‬
‫مجلس الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجماعات اإلقليمية‬
‫استنادا للمادة ‪ 20‬من دستور ‪ 2990‬و التي تنص على ما يلي ‪ ":‬الجماعات اإلقليمية‬
‫للدولة هي الوالية و البلدية " وبالمطابقة مع المادة ‪ 0‬من تنظيم الصفقات العمومية فإنه‬
‫يمكن حصر الجماعات ا إلقليمية التي خولها تنظيم الصفقات العمومية إمكانية إبرام صفقات‬
‫عمومية في الوالية (أ) و البلدية (ب)‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الوالية‬
‫تعتبر الوالية الجماعة اإلقليمية للدولة تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية‬
‫المستقلة‪.‬‬
‫حددت المادة ‪ 8‬من قانون الوالية‪ ،‬الهيئات المكونة للوالية في كل من المجلس الشعبي‬
‫جهاز للمداولة والمتشكل من رئيس المجلس الشعبي الوالئي المنتخب من‬
‫ا‬ ‫الوالئي الذي يعتبر‬
‫قبل أعضائه ولجان دائمة ومؤقتة‪ ،‬الوالي الذي يمثل الجهاز التنفيذي للوالية إذ يصدر ق اررات‬
‫من أجل تنفيذ مداوالت المجلس الشعبي الوالئي‪ 1‬كما تتوفر الوالية على إدارة توضع تحت‬
‫سلطة الوالي‪ ،‬وتتكون من مختلف المصالح غير الممركزة للدولة ويتولى الوالي تنشيط‬
‫وتنسيق ومراقبة عملها‪.2‬‬
‫يمثل الوالي الوالية أمام القضاء‪ 3‬وهو المخول بسلطة إبرام الصفقات العمومية حسب‬
‫مقتضيات المادة ‪ 4‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬وقد أحالت المادة ‪ 221‬من قانون الوالية‬
‫على تشريع الصفقات العمومية حيث نصت على ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،116‬قانون رقم ‪ 17-11‬المؤرخ في ‪1111/11/11‬المتضمن قانون الوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،11‬المؤرخة‬
‫في ‪ ،1111/11/19‬ص‪.14-4‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،117‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ ،114‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫" تبرم الصفقات الخاصة باألشغال أو الخدمات أو التوريدات للوالية ومؤسساتها‬
‫العمومية ذات الطابع اإلداري طبقا للقوانين و التنظيمات المعمول بها والمطبقة على‬
‫الصفقات العمومية"‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم فإن الق اررات المنفصلة والمتعلقة بالصفقات العمومية وكذا دعاوى‬
‫التعويض الصادرة عن الوالية تخضع في رقابتها إلى المحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫ب‪ -‬البلدية‬
‫تخضع البلدية للقانون رقم ‪ 22-22‬المؤرخ في ‪ 8222/20/88‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬حيث‬
‫عرفتها المادة األولى منها على النحو التالي‪ " :‬البلدية هي الجماعة اإلقليمية القاعدية‬
‫للدولة‪ ،‬وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة‪ .‬وتحدث بموجب القانون"‪.‬‬
‫تتوفر البلدية على هيئتين هي على النحو التالي‪:1‬‬
‫‪ -‬هيئة مداولة تتمثل في المجلس الشعبي للبلدية و ما يضمه من لجان دائمة و مؤقتة‪.‬‬
‫‪ -‬هيئة تنفيذية يرأسها رئيس المجلس الشعبي البلدي المنتخب لعهدة انتخابية‪.‬‬
‫إن األعمال والتصرفات التي تأتيها البلدية بمختلف هيئاتها السيما ما تعلق بالصفقات‬
‫العمومية كالق اررات المنفصلة وكذا دعاوى القضاء الكامل هي محل نظر المحاكم اإلدارية‬
‫استنادا إلى نص المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬حيث ترفع الدعوى‬
‫اإلدارية ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثال للبلدية أمام القضاء وهو ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 22-22‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬والتي جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫" يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي وتحت رقابة المجلس الشعبي البلدي باسم‬
‫البلدية بجميع التصرفات الخاصة بالمحافظة على األمالك والحقوق المكونة للممتلكات‬
‫البلدية وادارتها و يجب عليه على وجه الخصوص القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التقاضي باسم البلدية و لحسابها"‪.‬‬
‫لقد أحال قانون البلدية إبرام الصفقات العمومية إلى تنظيم الصفقات العمومية بموجب‬
‫المادة ‪ 229‬منه على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،14‬القانون رقم ‪ 11-11‬المؤرخ في ‪ 1111/14/11‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،37‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 3‬يوليو ‪ ،1111‬ص‪.14-6‬‬
‫‪222‬‬
‫"يتم إبرام صفقات اللوازم واألشغال أو تقديم الخدمات التي تقوم بها البلدية‬
‫والمؤسسات العمومية للبلدية ذات الطابع اإلداري طبقا للتنظيم الساري المفعول المطبق‬
‫على الصفقات العمومية "‪.‬‬
‫يصادق على الصفقة العمومية عن طريق مداولة المجلس الشعبي البلدي‪ ،1‬ورئيس‬
‫مجلس الشعبي البلدي هو المخول بسلطة إبرام الصفقات العمومية طبقا للمادة ‪ 4‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ 2‬التي جاءت بما يلي‪:‬‬
‫"ال تصح الصفقات و ال تكون نهائية إال إذا وافقت عليه السلطة المختصة المذكورة‬
‫أدناه‪:‬‬
‫‪ ........‬رئيس المجلس الشعبي البلدي "‬
‫‪ -3‬المؤسسات العمومية‬
‫تناولت المادة ‪ 0‬من تنظيم الصفقات العمومية مجموعة من المؤسسات العمومية التي‬
‫يمكنها إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وتتنوع هاته المؤسسات ما بين ‪ :‬مؤسسات عمومية ذات‬
‫طابع إداري ومؤسسات عمومية تخضع للتشريع التجاري‪.‬‬
‫إن النظر في الطبيعة القانونية لهذه المؤسسات ومدى تطابقها مع المادة ‪ 222‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية المحددة الختصاص المحاكم اإلدارية تقف على نوع واحد‬
‫من المؤسسات التي تندرج ضمن المادة أعاله والمتمثلة في المؤسسات العمومية اإلدارية‬
‫وكما تم ذكره سابقا أثناء تحديد توزيع االختصاص ما بين القضاء اإلداري والقضاء العادي‬
‫تم استنتاج ب أن القضاء اإلداري يكون مختصا متى كانت المؤسسات العمومية من غير‬
‫المؤسسات العمومية اإلدارية‪ ،‬ممولة من قبل خزينة الدولة‪.‬‬
‫إن الرجوع إلى المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية تثير مالحظة في‬
‫غاية األهمية وهي أن هذه المادة لم تحدد ما إذا كانت هذه المؤسسات العمومية وطنية أم‬
‫إقليمية‪ ،‬بحيث جاءت بشكل عام محددة بذلك اختصاص المحاكم اإلدارية بشكل مطلق‪ ،‬إال‬
‫أن هذا اإلطالق سرعان ما ترد عليه استثناءات بموجب المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات‬
‫ا لمدنية واإلدارية والتي حصرت اختصاص المحاكم اإلدارية بالنظر في دعاوى قضاء اإللغاء‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،196‬قانون البلدية لسنة ‪ ،1111‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫وفحص المشروعية وتفسير الق اررات المتعلقة فقط بالمؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة‬
‫اإلدارية‪ ،‬أما بالنسبة لدعاوى القضاء الكامل فيكون اإلختصاص مطلقا‪.‬‬
‫يستنتج من المادة ‪ 222‬أعاله حصرها مجال اختصاص المحاكم اإلدارية في‬
‫المؤسسات العمومية المحلية‪ ،‬وبمفهوم المخالفة يختص مجلس الدولة بالنظر في الق اررات‬
‫المنفصلة عن الصفقات العمومية الصادرة عن المؤسسات العمومية اإلدارية الوطنية أما‬
‫دعاوى القضاء الكامل ضد المؤسسات العمومية الوطنية فتبقى من اختصاص المحاكم‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫انطالقا من اختصاص المحاكم اإلدارية بالمؤسسات العمومية المحلية في مجال قضاء‬
‫اإللغاء نجد كل من قانوني الوالية والبلدية قد ذك ار هذه المؤسسات على شكل‪ ،‬المؤسسة‬
‫العمومية الوالئية و البلدية‪.‬‬
‫بالنسبة للمؤسسة العمومية الوالئية نصت المادة ‪ 240‬من قانون الوالية على ما يلي‪:‬‬
‫"يمكن المجلس الشعبي الوالئي أن ينشئ مؤسسات عمومية والئية تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واالستقالل المالي قصد تسيير المصالح العمومية "‪.‬‬
‫تأخذ المؤسسة العمومية الوالئية شكل مؤسسة عمومية ذات طابع إداري أو مؤسسة‬
‫عمومية ذات طابع صناعي أو تجاري حسب الهدف المرجو منها ‪.‬‬
‫أما المؤسسة العمومية البلدية فقد جاءت المادة ‪ 212‬من قانون البلدية بالنص اآلتي‪:‬‬
‫" يمكن للبلدية أن تنشئ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية و‬
‫الذمة المالية المستقلة من أجل تسيير مصالحها "‪ ،‬وتكون المؤسسات العمومية البلدية ذات‬
‫طابع إداري أو ذات طابع صناعي و تجاري ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تداخل االختصاص بين مجلس الدولة و المحاكم اإلدارية‬
‫إن توزيع االختصاص بين مجلس الدولة و المحاكم يعتبر من النظام العام فال يجوز‬
‫مخالفته أو االتفاق على خالف ذلك‪ ،‬و لقد حددت المواد ‪922 ،928 ،922 ،222 ،222‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية االختصاص النوعي لكل من المحاكم اإلدارية ومجلس‬
‫الدولة ‪.‬‬
‫لكن قد يحدث أن يثار تنازع في االختصاص القضائي بين محكمة إدارية و مجلس‬
‫الدولة سواء باإليجاب أو السلب‪ ،‬فإن الجهة المختصة بالفصل في هذا التنازع هو مجلس‬

‫‪224‬‬
‫الدولة نفسه‪ ،‬لكن بغرفه المجتمعة حسب نص المادة ‪ 8/222‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية التي جاءت بما يلي‪:‬‬
‫" يؤول الفصل في تنازع االختصاص بين محكمة إدارية ومجلس الدولة الختصاص‬
‫هذا األخير بكل غرفه مجتمعة " ‪.‬‬
‫قد يكون ثمة ارتباط بين القضايا عندما يكون حل بعضها مرتبطا بالبعض اآلخر‪،‬‬
‫وعليه يتعين في مثل هذه الحاالت إسناد االختصاص لجهة قضائية وتجريد األخرى‪ ،‬منعا‬
‫ألي تناقض محتمل‪.1‬‬
‫ظهرت فكرة االرتباط لدى القضاء اإلداري الفرنسي حيث اعتبر مجلس الدولة أن‬
‫دعوى إلغاء قرار إداري لتجاوز السلطة مرتبطة بالدعوى الرامية إلى طلب التعويض عن‬
‫الض رر المنسوب وقوعه إلى القرار المطعون فيه‪ ،‬كما اعتبر أنه يوجد ترابط لما تكون‬
‫الطلبات في كل من الدعويين مرتبطة بنفس القضية‪ ،‬مما يستوجب النظر فيها أمام نفس‬
‫الجهة القضائية المختصة‪ 2‬وهو ما نظمه المشرع في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية في‬
‫المواد ‪ 229‬إلى ‪ 228‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬
‫طبقا لقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية فإن الحالة التي يكون فيها نزاع يعود‬
‫االختصاص فيه لمجلس الدولة ونزاع يعود الختصاص محكمة إدارية‪ ،‬فإنهما يضمان إلى‬
‫مجلس الدولة بناء على قرار اإلحالة من رئيس المحكمة اإلدارية‪ 3‬و يترتب على قرار اإلحالة‬
‫إرجاء البث في الخصومة إلى حين فصل مجلس الدولة في االرتباط‪ ،‬ويكون قرار اإلحالة‬
‫غير قابل ألي طعن‪.4‬‬
‫حسب المادة ‪ 229‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية فإن اإلحالة تقع في حالتين‪:‬‬
‫‪ -‬عندما تتضمن عريضة الدعوى أمام المحكمة اإلدارية طلبات مستقلة في نفس الدعوى‪،‬‬
‫لكنها مرتبطة‪ ،‬بعضها يعود إلى اختصاصها‪ ،‬والبعض اآلخر يعود إلى اختصاص مجلس‬
‫الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪2‬‬
‫صاش جازية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ ، 419‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ ،411‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫‪ -‬عندما تتضمن الدعوى طلبات تدخل في اختصاص المحكمة اإلدارية و تكون في نفس‬
‫الوقت مرتبطة بطلبات مقدمة في دعوى أخرى موضوعة أمام مجلس الدولة وتدخل في‬
‫اختصاصه‪.1‬‬
‫نصت المادتان ‪ 222‬و ‪ 224‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على حالة إذا ما‬
‫أخطرت إحدى المحاكم اإلدارية بطلبات تبين أنها من اختصاص مجلس الدولة‪ ،‬فيقوم رئيس‬
‫المحكمة اإلدارية بإحالة الملف في أقرب اآلجال أمام مجلس الدولة الذي يتولى الفصل في‬
‫االختصاص‪ ،‬ويحدد عند االقتضاء المحكمة اإلدارية المختصة للفصل في كل الطلبات أو‬
‫في جزء منها‪ ،‬وعندما يفصل مجلس الدولة في مسألة االختصاص ويحيل القضية إلى‬
‫المحكمة اإلدارية المختصة فإنه ال يجوز لهذه األخيرة التصريح بعدم اختصاصها بعد ذلك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫االختصاص اإلقليمي بمنازعات الصفقات العمومية‬
‫إذا كانت مسألة تحديد االختصاص النوعي بالنظر في منازعات الصفقات العمومية‪،‬‬
‫تكتسي أهمية بالغة في ضمان السير الحسن لجهاز القضاء من خالل معرفة نوع القضايا‬
‫التي تدخل في اختصاص كل جهة قضائية في ظل القضاء المزدوج المعتمد من خالل‬
‫دستور ‪ ،2990‬فإن مسألة تحديد االختصاص اإلقليمي ال تقل أهمية عن ذلك‪.2‬‬
‫إذ أن االختصاص اإلقليمي في حقيقة األمر هو مكمل لالختصاص النوعي في تحديد‬
‫الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعة بصفة دقيقة‪ ،‬فيتم من خالله تحديد الجهة‬
‫القضائية المختصة مكانيا بعد تحديد االختصاص النوعي‪ ،‬وكما هو معلوم فإن منازعات‬
‫الصفقات العمومية تندرج غالبا في اختصاص القضاء اإلداري المتمثل في كل من مجلس‬
‫الدولة والمحاكم اإلدارية ‪ ،‬وغني عن التعريف أن مجال اختصاص مجلس الدولة هو وطني‬
‫أي يوجد على مستوى الوطن مجلس دولة واحد‪ ،‬يختص بتقويم أعمال الجهات القضائية‬
‫اإلدارية حسب نص المادة ‪ 282‬من دستور ‪ 2990‬ومن ثم فإن مسألة االختصاص اإلقليمي‬
‫ال تطرح إال إذا تعددت الجهات القضائية اإلدارية التي تنتمي إلى النوع نفسه وفي هذا تنص‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪2‬‬
‫نصيبي زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪226‬‬
‫الفقرة الثانية من المادة األولى من القانون رقم‪ 28-92‬المؤرخ في ‪ 2992/21/22‬المتعلق‬
‫بالمحاكم اإلدارية على تحديد التنظيم لعدد المحاكم اإلدارية واختصاصها اإلقليمي‪.‬‬
‫طبقا للمادة أعاله يشترط النعقاد اختصاص المحاكم اإلدارية إلى جانب ضرورة توافر‬
‫المعيار العضوي وما يتبعه من معيار مادي‪ ،‬أن يستكمل بتحديد االختصاص اإلقليمي‬
‫للمحاكم اإلدارية (فرع أول)‪ ،‬غير أنه وبالرغم من تحديد االختصاص اإلقليمي فإنه قد يحدث‬
‫تنازع بين المحاكم اإلدارية ولهذا فقد أولى المشرع أهمية لمسألة تسوية مسائل االختصاص‬
‫اإلقليمي ( فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تحديد االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية‬
‫بالنظر إلى الفكرة القائلة إذا كانت قواعد االختصاص النوعي تتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫فقواعد االختصاص اإلقليمي شرعت من أجل حماية الخصوم‪ ،‬وحماية لحقوقهم الخاصة‪،1‬‬
‫وتطبيقا لهذه القاعدة لجأ المشرع الجزائري إلى محاولة تجسيد الفكرة في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية حيث نصت المادة ‪ 228‬على ذلك بقولها‪:‬‬
‫"االختصاص النوعي واالختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية من النظام العام ‪."...‬‬
‫كما نصت المادة المذكورة أعاله على أن الدفع بعدم االختصاص اإلقليمي يمكن‬
‫للخصوم إثارته في أي مرحلة كانت عليها الدعوى‪ ،‬كما يجب على القاضي إثارته من تلقاء‬
‫نفسه‪.‬‬
‫إن إقرار اإلختصاص اإلقليمي يساعد على حسن أداء العدالة بحيث ال تتركز محاكم‬
‫الدولة في مكان واحد‪ ،‬إنما ينبغي أن تتوزع على أرجاء إقليمها وأن تحدد لكل محكمة دائرة‬
‫مكانية تختص بنظر المنازعات التي تقع في نطاقها‪ ،‬وبذلك يجد كل مواطن محكمة قريبة‬
‫منه يمكنه أن يلجأ إليها في غير عناء‪ ،‬فقد أعد االختصاص المحلي لتعيين المحكمة‬
‫المختصة بالنظر في المنازعة والفصل فيها من بين كل المحاكم المنتشرة على إقليم الدولة‪.2‬‬
‫فإذا كان االختصاص اإلقليمي يحدد أهلية القاضي اإلداري القانونية للنظر في ن ازعات‬
‫إدارية وقعت في إقليم محدد ومحدود‪ ،3‬فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو‪ ،‬كيف يمكن القول‬

‫‪1‬‬
‫بوجادي عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪2‬‬
‫سائح سفوقة‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية نصا وتعليقا وشرعا وتطبيقا‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص‬
‫‪.174‬‬
‫‪3‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 144‬‬
‫‪227‬‬
‫بأن نزاعا معينا يعتبر حاصال ضمن الحدود اإلقليمية للمحكمة اإلدارية وبالتالي القول بأن‬
‫االختصاص اإلقليمي ينعقد لها ؟‪.1‬‬
‫إن الجواب على هذا السؤال وارد في المادة األولى من قانون المحاكم اإلدارية التي‬
‫أحالت تحديد االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية عن طريق التنظيم وفعال فقد حدد‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 291/22‬المؤرخ في ‪ 2 8222/21/88‬اإلختصاص اإلقليمي للمحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬حيث كان عدد المحاكم اإلدارية في المرسوم التنفيذي رقم ‪ 210-92‬إحدى وثالثون‬
‫محكمة إدارية موزعة عبر التراب الوطني ليرتفع عدد المحاكم اإلدارية بموجب آخر تعديل‬
‫إلى ثمانية و أربعون محكمة إدارية‪.‬‬
‫إذا كان لكل والية محكمة إدارية تختص بالنزاعات التي تقع في إقليمها يعد أم ار جيدا‬
‫مقارنة مع المرسوم التنفيذي رقم‪ 210-92‬أين كان يمتد إختصاص بعض المحاكم ليشمل‬
‫واليتين أو أكثر‪ ،‬فإن هذا األمر يبقى غير كاف بل البد من تحديد القاعدة الذي ينبني عليه‬
‫االختصاص اإلقليمي(أوال) وكذا اإلستثناءات التي ترد عليه (ثانيا)‬
‫أوال‪-‬القاعدة الذي ينبني عليها تحديد اإلختصاص اإلقليمي‬
‫قام المشرع الجزائري بمعالجة هذه المسألة بموجب قاعدة مبدئية وردت في نص المادة‬
‫‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬والتي بدورها أحالت إلى المادتين ‪ 28‬و‪ 22‬من‬
‫نفس القانون‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 28‬على ما يلي‪:‬‬
‫" يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن‬
‫المدعى عليه‪ ،‬وان لم يكن له موطن معروف فيعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪2‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 194-11‬المؤرخ في ‪ 11‬ماي ‪ 1111‬يعدل و يتمم المرسوم التنفيذي رقم ‪ 344-94‬المؤرخ في ‪16‬‬
‫نوفمبر ‪ 1994‬الذي يحدد كيفيات تطبيق أحكام القانون رقم ‪ 11-94‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1994‬المتعلق بالمحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 19‬الصادرة في ‪ 11‬ماي ‪ ،1111‬ص‪.17-11‬‬
‫عدل هذا المرسوم المرسوم التنفيذي رقم ‪ 344-94‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1994‬الذي يحدد كيفيات تطبيق أحكام القانون‬
‫رقم ‪ 11-94‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1994‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،44‬المؤرخة في‬
‫‪14‬نوفمبر‪ ،1994‬ص‪.4-6‬‬
‫‪228‬‬
‫فيها آخر موطن له‪ ،‬وفي حالة اختيار موطن يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية‬
‫التي يقع فيها الموطن المختار‪ ،‬ما لم ينص القانون على خالف ذلك " ‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 22‬فتنص على ما يلي‪:‬‬
‫" في حالة تعدد المدعى عليهم يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع‬
‫في دائرة اختصاصها موطن أحدهم " ‪.‬‬
‫يتضح من قراءة المادتين أعاله‪ ،‬أن المشرع الجزائري اعتمد في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية على عنصر الموطن فما هو تعريف الموطن ؟‬
‫يعرف الموطن طبقا للقانون المدني الجزائري في المادتين ‪ 20‬و‪ 28‬بحيث جاءت‬
‫المادة ‪ 20‬بالتعريف اآلتي للموطن ‪":‬هو المحل الذي يوجد فيه سكناه الرئيسي وعند عدم‬
‫وجود سكن يقوم محل اإلقامة العادي مقام الموطن‪ ،‬و ال يجوز أن يكون للشخص الواحد‬
‫أكثر من موطن واحد في الوقت نفسه"‪.1‬‬
‫تنص المادة ‪ 28‬فيما يخص تعريف الموطن على أساس النشاط على ما يلي‪ " :‬يعتبر‬
‫المكان الذي يمارس فيه الشخص تجارة‪ ،‬أو حرفة‪ ،‬موطنا خاصا بالنسبة إلى المعامالت‬
‫المتعلقة بهذه التجارة أو المهنة "‪.‬‬
‫يفهم من نص المادتين أعاله أن الموطن يقصد به‪:‬‬
‫‪ -‬محل وجود السكن الرئيسي‪ :‬ومعناه أن الموطن يحدد بمكان وجود السكن األساسي أو‬
‫الدائم‪ ،‬الذي قد يكون واحدا من بين مجموعة السكنات التي يتوفر عليها الشخص‪.‬‬
‫‪ -‬محل اإلقامة العادي‪ :‬في حالة عدم وجود سكن قار أجاز المشرع تعويض الموطن‬
‫بمكان اإلقامة العادي‪ ،‬هذه األخيرة تثير جملة من اإلشكاالت حول الكيفية التي يقاس بها‬
‫محل اإلقامة العادي‪ ،‬هل يعني ذلك إمكانية إسقاطه على المدة الزمنية للتأجير أو عملية‬
‫االستغالل أو المكوث في المكان‪.2‬‬
‫‪ -‬على أساس النشاط‪ :‬في هاته الحالة فإن الموطن يقاس على أساس النشاط و ليس‬
‫على صاحب النشاط‪ ،‬على اعتبار أن المشرع كان واضحا في ربطه بين مكان ممارسة‬

‫‪ 1‬بوجادي عمر‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪2‬‬
‫نفس المرجع ‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫التجارة أو الحرفة والموطن ومن ثم يخرج في هذه الحالة موطن الشخص الممارس للتجارة‬
‫من االعتبار بل يؤخذ بموطن ممارسة التجارة أو الحرفة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جواز جمع الشخص ألكثر من موطن في وقت واحد‪ :‬فإذا كان الشخص يملك‬
‫مجموعة من السكنات فالبد أن يتم اختيار واحدة منها كموطن له وال يجوز له اعتبارها في‬
‫نفس الوقت موطنا واحدا واال أدى ذلك إلى تعطيل المتقاضين الشيء الذي يحول دون‬
‫تحقيق العدالة ‪.‬‬
‫إن القول بقاعدة الموطن كأساس لتحديد االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية ينبغي‬
‫معيار أساسيا في توزيع‬
‫ا‬ ‫توضيحه بشكل يسهل تحديد الجهة المخاصمة‪ ،‬ولهذا اعتمد المشرع‬
‫االختصاص اإلقليمي بين المحاكم اإلدارية‪ ،‬وهو نفس المعيار المعتمد في المواد المدنية و‬
‫المتمثل في قاعدة أن الجهة القضائية لموطن المدعى عليه‪ ،‬هي المختصة بنظر النزاع‪.1‬‬
‫إن أساس هذه القاعدة ينبع من فكرة أن المدعى هو الذي عليه أن يسعى إلى المدعى‬
‫عليه‪ ،‬و من ثمة وجب عليه مخاصمته أمام الجهة القضائية التي يقع بها موطنه‪ ،‬لتقليص‬
‫حجم اإلزعاج الذي تسببه له المخاصمة‪.‬‬
‫لهذه االعتبارات أعلنت المادة ‪ 28‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية قاعدة موطن‬
‫المدعى عليه كأساس لتحديد االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية‪ ،‬وهي شبيهة بالقاعدة‬
‫المعروفة في فرنسا " قاعدة مكان وجود السلطة اإلدارية مصدرة القرار أو موقعة العقد‪.2‬‬
‫إال أن المشرع لم يكتف بذكر موطن المدعى عليه الذي يقع في دائرة اختصاصه‬
‫الجهة القضائية كقاعدة لالختصاص اإلقليمي بل أضاف على ذلك‪ ،‬حالة عدم معرفة موطن‬
‫المدعى عليه فإنه يعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له‪ ،‬وفي‬
‫حالة اختيار موطن فإنه يعود االختصاص اإلقليمي للجهة التي يقع فيها الموطن المختار‪،‬‬
‫وأخي ار حالة تعدد المدعى عليهم فيؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية الذي يقع في‬
‫دائرة اختصاصها موطن أحدهم ‪.‬‬
‫إذا كانت مقتضيات المادتين ‪ 28‬و‪ 22‬مالئمة وتستجيب إلى القضايا غير اإلدارية‪،‬‬
‫فإن خ صوصية الدعوى اإلدارية ال تحتمل التفكير في تصور عدم معرفة أو عدم وجود‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪2‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪230‬‬
‫موطن للمدعى عليه‪ ،‬وال فكرة الموطن المختار أو تعدد المدعى عليهم‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫ال يمكن أن يكون إلدارة ما مقر غير معروف أو تعدد اإلدارات كمدعى عليهم في قضية‬
‫إدارية‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬االستثناءات الواردة على قاعدة االختصاص اإلقليمي‬
‫وكما تعرف في فرنسا قاعدة مكان وجود السلطة مصدرة القرار أو موقعة العقد عدة‬
‫استثناءات‪ ،‬فإن قاعدة " موطن المدعى عليه " في الجزائر تعرف عدة استثناءات أيضا‪ ،‬إن‬
‫‪2‬‬
‫الهدف من هذه االستثناءات هو تقريب جهة التقاضي من المدعى ألسباب معينة‪.‬‬
‫بالنسبة للقواعد المحددة لالختصاص اإلقليمي لمنازعات الصفقات العمومية ضمن‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬فإن المشرع قام بتحديد ثالثة معايير تتعلق بها والتي‬
‫جاءت كلها كاستثناءات على القاعدة العامة وذلك ضمن المادة ‪ 224‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية ضمن فقراتها الثانية و الثالثة و السادسة و ذلك وفقا لما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعلقة بمادة األشغال العمومية تختص المحاكم اإلدارية بالفصل فيها‬
‫عندما يقع مكان تنفيذ األشغال في اإلقليم اإلداري الختصاصها ‪.‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعلقة بمادة العقود اإلدارية مهما تكن طبيعتها تختص بالفصل فيها‬
‫المحاكم اإلدارية التي يقع في اإلقليم اإلداري الختصاصها مكان إبرام العقد أو تنفيذه‪.‬‬
‫‪ -‬الدعاوى المتعلقة بمادة التوريدات أو األشغال تختص بالفصل فيها المحاكم اإلدارية‬
‫التي يقع في اإلقليم اإلداري الختصاصها مكان إبرام االتفاق أو مكان تنفيذه إذا كان أحد‬
‫األطراف مقيما به ‪.‬‬
‫يتضح من المادة المذكورة أعاله أن االختصاص بالنزاعات المتعلقة بالعقود المنصبة‬
‫على األشغال العمومية والتوريدات وكذا الصفقات العمومية بجميع أنواعها يعود إما إلى‬
‫اختصاص المحكمة اإلدارية مكان التنفيذ (‪ )2‬أو إلى مكان اإلبرام (‪.)8‬‬

‫‪1‬‬
‫خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪2‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪231‬‬
‫‪-1‬االختصاص اإلقليمي على أساس مكان التنفيذ‬
‫إن أول معيار لتحديد االختصاص اإلقليمي لمنازعات الصفقات العمومية‪ ،‬التي جاءت‬
‫كاستثناء على قاعدة موطن المدعى عليه تعلقت بعقد األشغال العمومية‪ ،‬والقاعدة هنا تتمثل‬
‫في أن المحكمة اإلدارية التي تقع بدائرة اختصاصها مكان تنفيذ األشغال العمومية هي‬
‫المختصة بالفصل في المنازعة إذا كان موضوع الصفقة العمومية أشغاال عمومية‪ ،‬وما يمكن‬
‫مالحظته هو سهولة هذا النوع من اإلجراء بالنسبة للشخص الذي يريد منازعة اإلدارة من‬
‫حيث تحديد المكان الجغرافي الذي تتم على إقليمه ممارسة تنفيذ النشاط ومنه تتضح الجهة‬
‫القضائية اإلدارية التي يعود إليها االختصاص بالفصل في النزاع على أساس مكان التنفيذ‪.‬‬
‫إن االعتماد على معيار مكان التنفيذ واحالله مكان معيار الموطن‪ ،‬وان كان يسهل‬
‫مهمة القاضي اإلداري في معاينة الوقائع‪ ،‬إال أنه أقل دقة من المعيار الذي كان معتمدا قبل‬
‫االستقالل و الذي كان يعمل به لتحديد جهة االختصاص على مكان الواقعة المولدة للضرر‪،‬‬
‫ألن تنفيذ األشغال العمومية قد يمتد إلى منطقة جغرافية واسعة ويمس دائرة اختصاص‬
‫محكمتين أو أكثر‪.1‬‬
‫‪ - 2‬االختصاص اإلقليمي على أساس مكان اإلبرام‬
‫أضاف المشرع الجزائري زيادة على معيار التنفيذ معيا ار آخر بموجب الفقرتين الثالثة‬
‫والسادسة من المادة ‪ 224‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية تمثل في معيار مكان‬
‫اإلبرام وهنا نالحظ أن المشرع الجزائري قد استدرك النقد الموجه لمعيار التنفيذ السيما حالة‬
‫تنازع االختصاص بين محكمتين تشمالن نفس مجال تنفيذ األشغال العمومية‪ ،‬فمنح‬
‫االختصاص على أساس مكان اإلبرام هو بمثابة فتح مجال ثان إلمكانية االختصاص‪،‬‬
‫وايجاد حل لمشكل تنازع االختصاص بين المحاكم على أساس مكان التنفيذ‪ ،‬غير أن‬
‫المالحظة األولى التي يمكن إثارتها هي أن هذا الحال سرعان ما يصطدم بإمكانية إثارته‬
‫لتنازع اختصاص جديد‪ ،‬فالفقرة الثالثة من المادة ‪ 224‬قانون اإلجراءات المدنية أعطت‬
‫الخصوم إمكانية االختيار ما بين مكان اإلبرام أو مكان التنفيذ النعقاد اختصاص المحكمة‬
‫اإلدارية‪ ،‬ويحدث ذلك عندما يلجأ أحد أطراف الدعوى اإلدارية باعتماد أحد األساسين‪ ،‬فيلجأ‬
‫خصمه إلى محاولة االعتماد على األساس المعاكس‪ ،‬مثال ذلك هو رفع المدعي الدعوى‬

‫‪ 1‬بوجادي عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪232‬‬
‫اإلدارية على أساس مكان اإلبرام‪ ،‬ثم يأتي المدعى عليه محاوال صد الدعوى القضائية على‬
‫أساس مكان التنفيذ و بالخصوص إذا ما كان يقطن هذا األخير بمكان التنفيذ‪ ،‬عندها تتولد‬
‫عدة مشاكل بالنسبة للمتقاضين‪ ،‬غير أن اإلجابة على هذا اإلشكال يمكن أن يجد حله في‬
‫الفقرة السادسة من المادة ‪ 224‬حينما نصت على ما يلي ‪:‬‬
‫" في مادة التوريدات أو األشغال أو تأجير خدمات فنية أو صناعية أمام المحكمة‬
‫التي يقع دائرة اختصاصها مكان إبرام االتفاق أو مكان تنفيذه إذا كان أحد األطراف يقيم‬
‫به" ‪.‬‬
‫يفهم من الفقرة أعاله سر التكرار الذي حملته المادة ‪ 224‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية والذي اعتبره البعض تك ار ار يؤدي إلى التناقض‪.1‬‬
‫إالّ أن هذا التكرار كان مقصودا بغرض حل كافة اإلشكاالت التي يمكن أن تنجم عن‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫أما المالحظة الثانية التي يمكن أن تثار فتتعلق باعتماد معيار اإلبرام و اختياره من‬
‫قبل أطراف المنازعة‪ ،‬وكما هو معلوم أن أغلب اإلدارات في الجزائر تتركز في العاصمة‪،‬‬
‫الشيء الذي سوف يؤدي إلى ضغط على مستوى المحكمة اإلدارية للجزائر العاصمة إذا ما‬
‫لجأ األطراف إلى معيار مكان اإلبرام‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تسوية مسائل االختصاص اإلقليمي‬
‫بالرغم من تحديد المشرع الجزائري للقواعد التي ينبني عليها االختصاص اإلقليمي‬
‫ضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬إالّ أن هذا األخير قد عالج بصفة احتياطية‬
‫الحاالت التي يمكن أن تحدث ثغرات قانونية‪ ،‬وهو في ذلك قد أولى االهتمام لمسألة تنازع‬
‫االختصاص اإلقليمي ما بين المحاكم اإلدارية (أوال) كما عالج بعض الحاالت التي يتوسع‬
‫فيها مجال االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية (ثانيا)‬
‫أوال ‪ -‬مسألة تنازع االختصاص اإلقليمي ما بين المحاكم اإلدارية‬
‫بالرغم من تحديد المادة ‪ 8‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 291-22‬المحدد لكيفية تطبيق‬
‫أحكام القانون رقم ‪ 28-92‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬على إنشاء ‪ 42‬محكمة إدارية‪ ،‬والتي‬

‫‪1‬‬
‫اعتبر األستاذ عمار بوضياف أن التكرار الذي حملته المادة ‪ 416‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية يؤدي إلى‬
‫التناقض‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫تمتاز كل واحدة منها بأنها صاحبة الوالية العامة في نظر المنازعات اإلدارية حسب نص‬
‫المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬وكذا رسم الحدود اإلقليمية التي تمارس‬
‫فيها هذه المحاكم اإلدارية اختصاصاتها‪ ،‬إالّ أنه قد يثور تنازع بشأن تحديد المحكمة اإلدارية‬
‫المختصة إقليميا بنظر نزاع ما‪ ،‬وعلى هذا األساس كان من الضروري اعتماد سبل لحل هذا‬
‫التنازع في حالة حدوثه ‪.‬‬
‫كما هو معلوم فإن صور التنازع في االختصاص القضائي تأتي في شكلين‪ :‬تنازع‬
‫اختصاص إيجابي‪ ،‬وتنازع اختصاص سلبي‪.‬‬
‫فالشكل ألول يظهر عندما تتمسك جهتان قضائيتان باختصاصهما بنظر نزاع ما‪ ،‬بينما‬
‫الشكل الثاني يظهر عندما تقرر كل جهة قضائية عدم اختصاصها بنظر ذلك النزاع‪.‬‬
‫وحتى تتحقق حالتا التنازع اإليجابي و السلبي البد من توفر وحدة األطراف والموضوع‪.‬‬
‫خالفا لحالة تنازع االختصاص القضائي ما بين هيئات القضاء العادي و القضاء‬
‫اإلداري التي تختص بنظرها محكمة التنازع حسب نص المادة ‪ 282‬من دستور ‪ 2990‬الذي‬
‫كرس اإلزدواجية القضائية فإن حاالت التنازع بين هيئات القضاء اإلداري أسندت لمجلس‬
‫الدولة‪.‬‬
‫في حالة تنازع االختصاص اإلقليمي ما بين المحاكم اإلدارية فإن هذا النزاع يرفع‬
‫لمجلس الدولة لتحديد المحكمة اإلدارية المختصة بنظره‪ ،‬باعتبار مجلس الدولة أعلى هيئة‬
‫في هرم القضاء اإلداري ولقد أكدت المادة ‪ 2/222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫على ذلك عندما نصت على ما يلي ‪:‬‬
‫" يؤول الفصل في تنازع االختصاص بين محكمتين إداريتين إلى مجلس الدولة "‪.‬‬
‫يشار إلى أنه وقبل تبني نظام ازدواجية القضاء كان التنازع من هذا النوع يرفع إلى‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬فلقد جاءت المادة ‪ 828‬من قانون اإلج ارءات المدنية القديم‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫"إذا تنازع مجلسان قضائيان في االختصاص‪ ،‬ترفع عريضة الفصل في التنازع أمام‬
‫المحكمة العليا "‪.‬‬
‫في جميع الحاالت يتصرف مجلس الدولة كمحكمة تنازع‪ ،‬فيلغي القرار المعيب‪ ،‬ويحيل‬
‫القضية أمام الجهة المختصة دون أن يفصل في الموضوع‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪234‬‬
‫ثانيا ‪ -‬توسيع مجال االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية‬
‫يتوسع مجال االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية في حالتين‪ ،‬حالة الطلبات‬
‫اإلضافية أو العارضة أو المقابلة (‪ )2‬وحالة االرتباط (‪.)8‬‬
‫إن هذه االستثناءات التي نص عليها المشرع في مجال االختصاص القضائي تنبني‬
‫على المنطلق الذي يقضي بأن كافة المنازعات التي تنتمي لعملية قانونية واحدة تخضع‬
‫الختصاص قاضي واحد أيا كانت صفات األعمال محل النزاع‪ ،‬و يتفق هذا المنهاج مع‬
‫الرغبة في عدم تجزئة االختصاصات‪ ،1‬وهي تسري على قواعد االختصاص اإلقليمي‬
‫لمنازعات الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة الطلبات اإلضافية أو العارضة أو المقابلة‬
‫نصت المادة ‪ 221‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على ما يلي‪:‬‬
‫" تكون المحكمة اإلدارية المختصة إقليميا بالنظر في الطلبات األصلية مختصة في‬
‫الطلبات اإلضافية أو العارضة أو المقابلة التي تدخل في اختصاص المحاكم اإلدارية"‪.‬‬
‫كما أضافت الفقرة الثانية من نفس المادة المذكورة أعاله ما يلي‪:‬‬
‫" تختص المحاكم اإلدارية أيضا بالنظر في الدفوع التي تكون من اختصاص الجهات‬
‫القضائية اإلدارية"‪.‬‬
‫هذا االستثناء يسري كذلك على المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة االرتباط‬
‫يكون ثمة ارتباط بين القضايا عندما يكون حل بعضها مرتبط بالبعض اآلخر‪ ،‬وعليه‬
‫يتعين في مثل هذه الحاالت إسناد االختصاص لجهة قضائية و تجريد األخرى‪ ،‬منعا ألي‬
‫تناقض محتمل‪ ،2‬والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري لم يعرف اإلرتباط واكتفى بذكر صوره‬
‫في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬في حين أن الفقه والقضاء في النظام الفرنسي حاوال‬
‫تقديم مفهوم االرتباط وتوصال إلى أن االرتباط ينعقد عندما تخص الدعويين نفس الوقائع‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫بوجادي عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 47‬‬
‫‪2‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪3‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫‪235‬‬
‫لقد نظم المشرع الجزائري حالة االرتباط بين طلبات تعود إلى اختصاص محكمتين‬
‫إداريتين في كل من المواد ‪ 222‬و ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وتتمثل هذه‬
‫الحالتين في كل من إخطار المحكمة اإلدارية بطلبات تندرج ضمن اختصاصها اإلقليمي‬
‫وطلبات ترجع إلى اختصاص محكمة إدارية أخرى (أ) و حالة إخطار محكمتين إداريتين في‬
‫نفس الوقت بطلبات مستقلة لكنها مرتبطة (ب)‬
‫أ ‪ -‬حالة إخطار محكمة إدارية واحدة بطلبات تندرج ضمن إختصاصها اإلقليمي‬
‫وطلبات ترجع إلى اختصاص محكمة إدارية أخرى‬
‫تنص المادة ‪ 222‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على ما يلي‪:‬‬
‫" تختص المحكمة اإلدارية إقليميا بالفصل في الطلبات التي تعود إلى اختصاصها‬
‫اإلقليمي وفي الطلبات المرتبطة بها التي تعود إلى االختصاص اإلقليمي إلى محكمة إدارية‬
‫أخرى"‪.‬‬
‫تتعلق هذه الحالة إذن بالموضوع وليس فقط باالختصاص فالمحكمة اإلدارية هنا‬
‫تفصل في موضوع طلبات المرتبطة بالدعوى األصلية رغم أن هذه الطلبات تعود إقليميا إلى‬
‫اختصاص محكمة أخرى‪ ،‬تطبيقا لقاعدة قاضي األصل هو قاضي الفرع‪ ،1‬إذ ينتج عن هذه‬
‫الحالة توسيع مجال االختصاص اإلقليمي للمحكمة اإلدارية المخطرة توسيع يتماشى وتبسيط‬
‫اإلجراءات وتسهيل العمل القضائي اإلداري‪.2‬‬
‫ب ‪ -‬حالة إخطار محكمتين إدارتين في نفس الوقت بطلبات مستقلة لكنها مرتبطة‬
‫في هذه الحالة يكون ارتباط بين نزاعين يعودان الختصاص محكمتين إداريتين‪ ،‬فإن‬
‫رئيس مجلس الدولة بناء على إحالة صادرة عن رئيسي المحكمتين‪ ،‬يفصل في أمر االرتباط‬
‫‪3‬‬
‫إن وجد ويحدد المحكمة أو المحاكم المختصة للفصل في هذه الطلبات‪.‬‬
‫إن أوامر اإلحالة الصادرة عن رئيس المحكمتين اإلداريتين تؤديان إلى إرجاء الفصل‬
‫في الخصومة إلى غاية صدور قرار مجلس الدولة في حالة االرتباط وتحديد الجهة‬
‫المختصة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪2‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 337‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ ،411‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ ،411‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫إن الهدف من القواعد اإلجرائية المتعلقة بحل اإلشكاالت الناجمة عن اإلرتباط تهدف‬
‫إلى تجنب احتمال صدور ق اررين قضائيين مختلفين‪.1‬‬
‫من خالل ما تقدم في هذا الفصل فإنه يستنتج بأن تحديد اختصاص الجهة القضائية‬
‫يؤدي حتما لتحديد الدعاوى التي تنصب على الصفقات العمومية وهو ما سوف يتم التطرق‬
‫إليه في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫‪237‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أنواع الدعاوى المتعلقة بتسوية منازعات الصفقات العمومية‬
‫إن ترسيخ االزدواجية القضائية يتطلب إفراد إجراءات تقاضي خاصة لكل من القضاء‬
‫اإلداري والعادي‪ ،‬وموضوع منازعات الصفقات العمومية غالبا ما يتعلق بالقضاء اإلداري‬
‫بإعتبار الصفقات العمومية هي عقود إدارية فهي بالتالي تندرج ضمن الدعوى اإلدارية‪.1‬‬
‫لم يقدم التشريع تعريفا مباش ار ومحددا للدعوى القضائية عموما‪ ،‬والدعوى اإلدارية‬
‫خصوصا‪ ،‬على الرغم من أن المواثيق و الدساتير ما فتئت تؤكد على الحق في اللجوء إلى‬
‫القضاء‪.2‬‬
‫يعرف الدكتور عمار عوابدي الدعوى اإلدارية على أنها "حق الشخص والوسيلة‬
‫القانونية في تحريك واستعمال القضاء المختص‪ ،‬وفي نطاق مجموعة القواعد القانونية‬
‫الشكلية واإلجرائية والموضوعية والمقررة للمطالبة باالعتراف بحق أو للمطالبة بحماية حق أو‬
‫مصلحة جوهرية نتيجة اإلعتداء على هذا الحق أو هذه المصلحة بفعل األعمال اإلدارية‬
‫غير المشروعة والضارة والمطالبة بإزالتها واصالح األضرار الناجمة عنها"‪.3‬‬
‫أما األستاذ رشيد خلوفي فيعرف الدعوى اإلدارية بأنها إجراء قانوني يستعمله المدعي‬
‫أمام قاض إداري مختص ضد عمل إداري‪ ،4‬وعليه فإن الدعوى المتعلقة بمنازعات الصفقات‬
‫العمومية هي كل إجراء يستخدمه المدعي أمام القاضي اإلداري ضد كل عمل صادر عن‬
‫المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫تنقسم الدعوى اإلدارية بحسب قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية إلى دعوى ال تمس‬
‫بأصل الحق و تسمى الدعوى اإلستعجالية و دعوى تفصل في أصل الحق و تسمى بالدعوى‬
‫الموضوعية‪.‬‬

‫‪ 1‬موري سفيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪2‬‬
‫بعلي محمد الصغير‪ ،‬الوجيز في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،1114 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫عوابدي عمار‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1994 ،‬ص‪. 131‬‬
‫‪4‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪238‬‬
‫وعليه فإن الدعاوى المرتبطة بمنازعات الصفقات العمومية تتنوع ما بين الدعاوى التي‬
‫يفصل فيها قاضي الموضوع (مبحث أول) ودعاوى يفصل فيها القاضي اإلستعجالي (مبحث‬
‫ثاني) ‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫المبحث األول‬
‫القضاء اإلداري العيني‬
‫بعد استنفاذ طرق الحل الرضائية‪ ،‬يمكن للمتعهدين أو المتعاملين المتعاقدين اللجوء إلى‬
‫الحل القضائي‪ ،‬وكما هو معلوم فإن نزاعات الصفقات العمومية يختص بنظرها في الغالب‬
‫القاضي اإلداري‪ ،‬لكن يبقى التساؤل منصبا حول أي قاض إداري يلجأ إليه في هذه‬
‫النزاعات‪ ،‬أهو قاضي اإللغاء أم قاضي القضاء الكامل؟‬
‫إن العودة إلى النصوص الخاصة بالصفقات العمومية السيما منها المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ ،167-14‬فإن هذا األخير يحيل بموجب كل من المادتين ‪ 41‬و‪ 143‬منه إلى التشريع‬
‫المعمول به‪ ،‬أي إلى القواعد العامة التي تحكم الدعاوى اإلدارية‪.‬‬
‫ورد في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن الدعاوى اإلدارية يمكن ردها إلى نوعين‬
‫رئيسيين هما دعوى القضاء الكامل ودعوى اإللغاء‪ ،‬ومن ثم فإن الدعاوى المتعلقة بنزاعات‬
‫الصفقات العمومية تندرج في هذا اإلطار وهو ما فصلت فيه المادة ‪ 411‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫من تم فإن أساس الدعوى اإلدارية المتعلقة بالصفقات العمومية يتم معالجته من خالل‬
‫دعوى اإللغاء (مطلب أول) و دعوى القضاء الكامل (مطلب ثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫دعوى اإللغاء كأساس لتسوية منازعات الصفقات العمومية‬
‫تستمد دعوى اإللغاء أساسها القانوني من نص المادة ‪ 141‬من الدستور الجزائري لسنة‬
‫‪ 1994‬التـي تنص على " ينظر القضاء في الطعن في ق اررات السلطات اإلدارية"‪.‬‬
‫كما تستمد دعـوى اإللغـاء أساسها من المادة ‪ 9‬من القانون العضوي رقم ‪11-94‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1994/14/31‬المتضمن اختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه وعمله‪ ،‬المعدل‬
‫والمتمم باإلضافة إلى المواد ‪ 911 ،411‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫من أجل قبول دعوى اإللغاء في منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬فالبد أن تقوم على‬
‫شروط شكلية (فرع أول) وأخرى موضوعية (فرع ثاني)‪ ،‬غير أنه وبالرغم من توفر شروط‬
‫دعوى اإللغاء يبقى التساؤل مطروحا حول أثر دعوى اإللغاء على عقد الصفقة العمومية‬
‫(فرع ثالث)‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫الفرع األول‪:‬الشروط الخاصة لرفع دعوى اإللغاء المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫ت نبني الشروط الشكلية التي تقوم عليها دعوى اإللغاء في منازعات الصفقات العمومية‬
‫على ضرورة رفعها ضد الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقة العمومية أو ضد األحكام‬
‫التنظيمية لعقد الصفقة العمومية‪( 1‬أوال) من قبل أشخاص تتوفر فيهم الصفة و المصلحة‬
‫(ثانيا) مع ضرورة احترام الميعاد القانوني (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬قيام دعوى اإللغاء على مخاصمة القرار اإلداري المنفصل المشوب بعيب عدم‬
‫المشروعية أو ضد األحكام التنظيمية لعقد الصفقة العمومية‬
‫إن أول خاصية تتميز بها دعوى اإللغاء هو قيامها على مخاصمة القرار اإلداري وفي‬
‫مادة الصفقات العمومية تقوم دعوى اإللغاء على أساس مخاصمة القرار المنفصل (‪ )1‬و قد‬
‫طور القضاء الفرنسي من اجتهاده ليقر إمكانية إلغاء األحكام التنظيمية المتعلقة بعقد الصفقة‬
‫العمومية (‪.)1‬‬
‫‪ - 2‬دعوى إلغاء القرار المنفصل عن الصفقة العمومية‬
‫يشترط المشرع الجزائري من أجل رفع دعوى اإللغاء أن يصحب دعواه بنسخة من‬
‫القرار المطعون فيه‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 149‬من قانون اإلجراءات المدنية القديم‪ ،‬أما في‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد فإنه وبمقتضى المادة ‪ 419‬منه فإنه ينص على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫" يجب أن يرفق مع العريضة الرامية إلى إلغاء أو تفسير أو تقدير مشروعية القرار‬
‫اإلداري‪ ،‬تحت طائلة عدم القبول‪ ،‬القرار اإلداري المطعون فيه‪ ،‬ما لم يوجد مانع ومبرر‪،‬‬
‫واذا ثبت أن هذا المانع يعود إلى امتناع اإلدارة من تمكين المدعى من القرار المطعون فيه‬
‫أمرها القاضي المقرر بتقديمه في أول جلسة و يستخلص النتائج القانونية المترتبة على‬
‫هذا االمتناع "‪.‬‬
‫بالنسبة للصفقات العمومية فهي تنتمي إلى فئة العقود اإلدارية و األصل العام الذي‬
‫أقره القانون الفرنسي‪ ،‬هو عدم إمكانية رفع دعوى إلغاء ضد عقد الصفقة العمومية و هو ما‬
‫أكدته عدة اجتهادات قضائية إدارية‪ ،2‬فمن الثابت عن مجلس الدولة الفرنسي أنه إذا كان‬
‫محل المنازعة عقد إداريا سواء تعلق بانعقاده أو صحته أو تنفيذه وانقضاؤه‪ ،‬فإن المنازعة‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 88.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 313.‬‬
‫‪241‬‬
‫تدخل في والية القضاء الكامل إال أن القضاء الفرنسي لم يقم بإقصاء قضاء اإللغاء من‬
‫منازعات الصفقات العمومية بصفة مطلقة‪ ،‬بل أقر إمكانية إلغاء بعض الق اررات اإلدارية‬
‫المنفصلة عن الصفقة العمومية في إطار ما يعرف بنظرية الق اررات اإلدارية المنفصلة‪.1‬‬
‫يعرف الدكتور محمد سليمان الطماوي الق اررات المنفصلة عن العقد على أنها‪:‬‬
‫"هي التي تقوم اإلدارة بإصدارها وهي في سبيلها للتعاقد تستهدف التمهيد إلبرام العقد أو‬
‫السماح بإبرامه أو تحول دون إبرامه‪ ،‬وهذه الق اررات ليست بغاية في ذاتها ولكنها تندمج في‬
‫عملية التعاقد‪.2‬‬
‫كما يعرف الدكتور عبد الحميد كمال حشيش الق اررات اإلدارية القابلة لالنفصال على‬
‫أنها‪ " :‬ق اررات إدارية تكون جزءا من بنيان عملية قانونية‪ ،‬تدخل في االختصاص العادي أو‬
‫اإلداري بناء على واليته الكاملة‪ ،‬أو تخرج عن اختصاص أية جهة قضائية‪ ،‬ولكن القضاء‬
‫يقوم بفص ل هذه الق اررات عن تلك العملية و يقبل الطعن فيها باإللغاء على انفراد‪ ،3‬و من تم‬
‫فإن الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية هي ق اررات غير مستقلة بذاتها بل‬
‫هي تساهم في العملية المركبة لتكوين العقد اإلداري ‪.‬‬
‫عودة لنشأة الق اررات اإلدارية المنفصلة كأساس إللغاء الق اررات المتعلقة بنزاعات‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬البد أن يشار بأن القضاء الفرنسي كان في البداية يقصي منازعات‬
‫الصفقات العمومية من قضاء اإللغاء‪ ،‬وتعود فكرة عدم قبول دعوى اإللغاء حسب بعض‬
‫الفقهاء إلى قرار مجلس الدولة في ‪ 2288‬في قضية » ‪ « Campus‬في حين يرجعها‬
‫البعض اآلخر إلى قضية » ‪ « Levieux‬سنة ‪ 2299‬والتي تم الحكم فيها برفض دعوى‬
‫اإللغاء ضد عقود اإلدارة سواء تم اللجوء إليها من طرف المتعاقدين أو من طرف الغير‪.4‬‬
‫تم تبرير هذا الرفض انطالقا من فكرتين ‪ :‬األولى تتعلق بفكرة وجود دعوى موازية‪،‬‬
‫ذلك أن المتعاقد يمكنه أن يرفع دعوى أخرى أمام قاضي العقد‪ ،‬أما الفكرة الثانية فهي تتعلق‬

‫تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫أبوبكر صديق عمر‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطة اإلدارة في إبرام العقود اإلدارية بطريق المناقصات‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،1113 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪3‬‬
‫أبوبكر صديق عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫بوغازي وهيبة‪ ،‬تطور الطعن باإللغاء في العقود اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة فرحات عباس سطيف‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫السنة الجامعية ‪ ، 1111/1119‬ص ‪.34‬‬


‫‪242‬‬
‫بطبيعة عقد الصفقة العمومية والذي يتعلق بحقوق شخصية بين أطراف العقد‪ ،1‬في حين أن‬
‫دعوى اإللغاء هي دعوى عينية تهدف إلى حماية المشروعية بصفة عامة وليس حماية‬
‫حقوق شخصية‪.2‬‬
‫فقد كان القضاء الفرنسي يطبق نظرية االندماج التي على أساسها كان يرفض فصل‬
‫الق اررات التي تساهم في تكوين العقد اإلداري تمسكا بوحدة العملية التعاقدية‪.3‬‬
‫تبقى هذه األسباب غير جدية لرفض دعوى اإللغاء في منازعات الصفقات العمومية‬
‫بدليل أن الفقيه الفرنسي » ‪ « DE LAUBADERE André‬يرى أن فكرة الدعوى‬
‫الموازية ليست كافية الستبعاد دعوى اإللغاء ضد العقد اإلداري‪ ،‬فهي إن صحت بالنسبة‬
‫‪4‬‬
‫للمتعاقدين ال تكون سليمة بالنسبة للغير الذي ال يملك الطعن على العقد أمام قاضي العقد‬
‫زيادة على ذلك فإن دعوى اإللغاء هي دعوى عينية تقوم على مخالفة التصرف ألحكام‬
‫القانون‪ ،‬ومن ثم ف إن كافة اإلجراءات التي تتم قبل إبرام العقد وقبل أن تكتسب الحقوق يمكن‬
‫الطعن فيها باإللغاء ويرتب حكم إلغاء هذه الق اررات الممهدة إلبرام العقد بطالن العقد إذا ما‬
‫تمسك به أحد أطراف العقد‪.‬‬
‫في الحقيقة يرى البعض أن سبب رفض القضاء الفرنسي اللجوء إلى دعوى اإللغاء في‬
‫العقود اإلدارية مرده تخفيف العبء على مجلس الدولة الفرنسي الذي تراكمت عليه دعاوى‬
‫اإللغاء و أثقلت كاهله نتيجة صدور مرسوم ‪ 2204/22/28‬الذي يعفي دعوى اإللغاء من‬
‫ضرورة مباشرتها بمحام و إعفائها من الرسوم القضائية‪ ،‬إال أنه وبعد صدور مرسوم ‪2912‬‬
‫الذي ينشئ المحاكم اإلدارية واعتبارها صاحبة االختصاص العام بالنسبة لدعوى اإللغاء‬
‫وسائر الدعاوى األخرى تخلى عن قضائه السابق‪ ،5‬وابتكر نظرية الق اررات اإلدارية المنفصلة‬
‫بتاريخ ‪ 2922/28/22‬حيث طبق مفهوم القرار اإلداري المنفصل على قرار تمهيدي يتعلق‬
‫بعقد خاص ليتوسع نطاق األخذ بهذه النظرية في مجال العقود اإلدارية فيما بعد في قرار‬
‫‪ MARTIN‬بتاريخ ‪ 4‬أوت ‪ ،62921‬وقد ابتدع مجلس الدولة الفرنسي نظرية الق اررات‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas – XAVIER Boissy, op.cit, P 82.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 87.‬‬
‫تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫بوغازي وهيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 5‬مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪6‬‬
‫بن بشير وسيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 113‬و ‪.111‬‬
‫‪243‬‬
‫اإلدارية المنفصلة حتى يستطيع بسط رقابته على الق اررات الداخلة في عملية قانونية مركبة‬
‫دون انتظار اكتمال العملية لما يولد هذا االنتظار من آثار سلبية‪ ،‬كتأخر الفصل في بعض‬
‫الق اررات وبطء إقامة العدالة مما يؤدي إلى ضياع حقوق البعض دون مبرر‪. 1‬‬
‫من تطبيقات نظرية الق اررات اإلدارية المنفصلة في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬اعتبار‬
‫الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 2902/22/89‬في قضية شركة‬
‫المعادن لسيدي معروف قرار سحب عقد امتياز من شركة المعادن ق ار ار منفصال على أساس‬
‫أنه إجراء تنفيذي للعقد‪ ،‬أما قرار السلطة الوصائية المتضمن رفض مداولة صادرة عن‬
‫مجلس محلي متعلقة بعقد امتياز فقد اعتبرته الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى ق ار ار إداريا‬
‫منفصال و ذلك في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 2909/24/22‬في قضية اتحاد النقل و الشركة‪.2‬‬
‫إن مجال الطعن باإللغاء ضد الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقة العمومية يمتد‬
‫على طول عملية إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬لكن التساؤل الذي يطرح حول مدى اعتبار كافة‬
‫الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقة العمومية قابلة لإللغاء ؟‬
‫في الحقيقة فإن الفقه اإلداري الفرنسي لم يأخذ بنظرية الق اررات اإلدارية المنفصلة‬
‫ميز بين نوعين من الق اررات اإلدارية القابلة لإلنفصال‬
‫والقابلة لإللغاء على إطالقها‪ ،‬بل ّ‬
‫فمنها ما يخضع لقضاء اإللغاء ومنها ما ال يخضع لقضاء اإللغاء‪.‬‬
‫حتى يكون القرار اإلداري المنفصل عن الصفقة العمومية قابال لإللغاء‪ ،‬البد أن يكون‬
‫نهائيا‪ ،‬أما إذا كان مجرد رأي أو إجراء تحضيري فال يجوز الطعن باإللغاء ضده‪.3‬‬
‫من جملة الق اررات المنفصلة التي ال تخضع لإللغاء حسب الفقه الفرنسي نجد إعالن‬
‫الصفقة العمومية الذي يبقى مجرد إجراء تحضيري‪ ،‬كذلك المداوالت التي يتقرر فيها طرح‬
‫مناقصة عمومية‪ ،‬في حين أن المداوالت التي يتقرر فيها إمضاء الصفقة العمومية يجوز‬
‫الطعن فيها باإللغاء‪.4‬‬
‫كذلك يعتبر االجتهاد القضائي الفرنسي الطعون الموجهة ضد التصرفات اآلتية غير‬
‫‪5‬‬
‫قابلة للطعن باإللغاء‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أبوبكر صديق عمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪2‬‬
‫بن بشير وسيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫‪EMERY Cyrille, Passer un marché public, édition DELMAS, France, 2004, P 357.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 313.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op. cit, P 88.‬‬
‫‪244‬‬
‫‪ -‬دفاتر الشروط ماعدا دفاتر الشروط النموذجية المصادق عليها بموجب مرسوم‪.‬‬
‫‪ -‬المداوالت التي تصادق على برامج األشغال أو تحدد الحاجات‪.‬‬
‫‪ -‬أراء لجان المناقصات و كذا أراء اللجان االستشارية‪.1‬‬
‫‪ -‬إجراءات تنفيذ العقد كأوامر األداء أو قرار استالم األشغال ‪.‬‬
‫أما في القانون الجزائري فنميز وجود عدة ق اررات قابلة لالنفصال عن عقد الصفقة‬
‫العمومية و هي تتراوح ما بين مرحلتين‪ ،‬مرحلة اإلبرام (أ) و مرحلة التنفيذ(ب)‪.‬‬
‫أ ‪ -‬بالنسبة لمرحلة اإلبرام‬
‫يصدر خالل هذه المرحلة كل من قرار إعالن الصفقة العمومية(أ‪ ،)2.‬قرار المنع من‬
‫المشاركة في الصفقات العمومية(أ‪ ،)8.‬قرار اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية‬
‫(أ‪ ،)2.‬قرار إبرام الصفقة العمومية أو إعالن عدم الجدوى أو إلغائه أو إلغاء المنح المؤقت‬
‫للصفقة العمومية ( أ‪ ،)4.‬وأخي ار هناك من يضيف قرار االستبعاد من الصفقة( أ‪.)1.‬‬
‫أ‪ -1.‬قرار اإلعالن عن الصفقة العمومية‬
‫تم تنصيص على قرار إعالن الصفقة العمومية في المواد من ‪ 08‬إلى ‪ 00‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ ،848-21‬بحيث تم تحديد كافة الشروط التي يخضع لها هذا األخير من‬
‫إشهار‪ ،‬و المعلومات الالزمة التي تسمح للمتعهدين بالمشاركة في المسابقة‪ ،‬إضافة إلى لغة‬
‫اإلعالن والوثيقة التي ينشر فيها‪ ،‬وأمام عدم وجود نص صريح أو اجتهاد قضائي يخرج قرار‬
‫اإلعالن عن الصفقة العمومية من قائمة الق اررات المنفصلة عن الصفقة العمومية و التي ال‬
‫يجوز الطعن فيها باإللغاء كما هو الحال في القضاء الفرنسي‪ ،‬فإن مخالفة الشروط القانونية‬
‫إلصدار هذا اإلعالن تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية‬
‫و اإلدارية‪ ،‬بحيث يجوز لكل متعهد الطعن في مشروعية القرار برفع دعوى إلغاء ضد قرار‬
‫إعالن الصفقة العمومية إذا ما كان يمس بالمنافسة بين المتعهدين ‪.‬‬
‫أ‪ - 2.‬قرار المنع من المشاركة في الصفقات العمومية‬
‫نصت على هذه الحالة المادة ‪ 29‬من تنظيم الصفقات العمومية كتدبير ردعي لكل‬
‫شخص اتبع طرق احتيالية من أجل الحصول على الصفقة العمومية‪ ،‬وذلك بتسجيله في‬
‫قائمة المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من تقديم عروض للصفقات العمومية‪ ،‬إالّ أن هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, les Mapa passation et exécution des marchés à procédure adaptée,‬‬
‫‪édition le Moniteur, Paris, 2013, P201.‬‬
‫‪245‬‬
‫المادة لم تفصح عن طبيعة اإلجراء المتعلق بالتسجيل في قائمة المتعاملين الممنوعين من‬
‫المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬لكن بالعودة إلى القرار الصادر عن وزير المالية المحدد‬
‫لكيفيات التسجيل والسحب من قائمة المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في‬
‫الصفقة العمومية والتي أحالت إليه المادة ‪ 29‬في فقرتها الرابعة‪ ،‬فإنه يستشف بأن طبيعة‬
‫اإلجراء المتخذ من المصلحة المتعاقدة ضد المتعهد يصدر في شكل مقرر مؤقت يتم الطعن‬
‫فيه أمام المحكمة المختصة‪ ،‬وبمجرد تأكيده يصبح مقر ار نهائيا‪ ،‬ومن ثم فإن المقرر يحمل‬
‫نفس مقومات وخصائص القرار اإلداري بحيث يجوز الطعن فيه باإللغاء إذا ما خالف‬
‫النصوص التنظيمية في المرسوم الرئاسي رقم ‪.848-21‬‬
‫أ‪ - 3.‬قرار اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 81‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 820-21‬حاالت اإلقصاء من المشاركة‬
‫في الصفقات العمومية‪ ،‬لكن لم تبين الطبيعة القانونية التخاذ هذا اإلجراء وبالعودة إلى القرار‬
‫الصادر عن وزير المالية المحدد لكيفيات اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية‪،‬‬
‫فقد أوضحت المادة ‪ 8‬منه بأن اإلقصاء يكون بصفة مؤقتة أو نهائية‪ ،‬كما يكون اإلقصاء‬
‫بمقرر‪.‬‬ ‫تلقائيا أو‬
‫أ‪ - 4.‬قرار المنح المؤقت للصفقة أو إعالن عدم الجدوى أو إلغاء اإلجراء أو إلغاء‬
‫المنح المؤقت للصفقة العمومية‬
‫بعد اختيار لجنة تقييم العروض للمتعامل االقتصادي وطبقا للمادة ‪ 202‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،1‬فإن المصلحة المتعاقدة تملك السلطة التقديرية في تحديد صاحب‬
‫العرض لتبرم معه الصفقة العمومية‪ ،‬بشرط أن يصب ذلك في إطار المصلحة العامة وفي‬
‫إطار احترام القانون‪. 2‬‬
‫كما تملك المصلحة المتعاقدة السلطة التقديرية في إلغاء اإلجراء و أو المنح المؤقت‬
‫للصفقة العمومية إذا ما كان األمر يتعلق بالمساس بالمصلحة العامة‪ ،‬أو في حالة عدم‬
‫جدوى العملية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ ،73‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫أ‪ - 4.‬قرار االستبعاد من الصفقة العمومية‬
‫لم يرد في تنظيم الصفقات العمومية مصطلح قرار االستبعاد‪ ،‬لكن هناك من استخلصه‬
‫من نص المادة ‪ 88‬في الفقرة ‪ 8‬التي جاءت بما يلي ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬تقوم لجنة فتح األظرفة وتقييم العروض بالمهام اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إقصاء الترشيحات و العروض غير المطابقة لموضوع الصفقة و لمحتوى دفتر‬
‫الشروط‪"... ،‬‬
‫في الحقيقة فإن المتأمل في مصطلحات هذه المادة السيما حينما يتوقف عند مصدر‬
‫إقصاء العروض غير المطابقة لدفتر الشروط‪ ،‬فإن الجهة التي تقوم بذلك هي مجرد لجنة‬
‫موضوعة تحت إشراف المصلحة المتعاقدة و ال ترقى لمرتبة اتخاذ القرار الذي يبقى من‬
‫صالحيات المصلحة المتعاقدة والدليل على ذلك ما جاءت به المادة ‪ "202‬تقوم لجنة فتح‬
‫األظرفة و تقييم العروض بعمل إداري و تقني تعرضه على المصلحة المتعاقدة التي تقوم‬
‫بمنح الصفقة أو اإلعالن عن عدم جدوى اإلجراء أو إلغائه أو إلغاء المنح المؤقت‬
‫للصفقة‪ ،‬وتصدر في هذا الشأن رأيا مبررا‪".‬‬
‫وعليه فإن كل ما يصدر عن اللجان ال يعتبر ق اررات يجوز الطعن فيها باإللغاء‪ ،‬إال‬
‫إذا أيدت المصلحة المتعاقدة رأي اللجنة وأصدرت قرار المنح المؤقت للصفقة فهنا يجوز‬
‫الطعن باإللغاء ضد هذا القرار المنفصل‪.‬‬
‫لقد تشدد القضاء الفرنسي في هذه المسألة‪ ،‬حتى أنه اعتبر إعالم المتعهد برأي لجنة‬
‫‪.1‬‬
‫طلب العروض الذي يقضي باستبعاد عرضه غير قابل للطعن باإللغاء في عدة أحكام له‬

‫‪1‬‬
‫‪CAA Nancy 7 Mai 2002, Communauté urbaine de Strasbourg, requ, n° 97 NC 00415.‬‬
‫‪« Considérant que par un courrier du 30 Janvier 1996, le Chef du service des marchés de la‬‬
‫‪communauté Urbaine de Strasbourg a informé la société Stratégies, SA du rejet par la‬‬
‫‪commission d’appel d’offres de sa candidature pour la mise en œuvre de supports de‬‬
‫‪communications dans le cadre de la concertation de la ligne B du tram au motif que la‬‬
‫‪première enveloppe figurant dans le dossier déposé ne contenait pas de déclaration du‬‬
‫‪candidat signée par la personne dument habilitée, que par le jugement attaqué , le tribunal‬‬
‫‪administratif de Strasbourg, a rejeté la demande de la société, qui se bornait à demander‬‬
‫‪l’annulation de la procédure d’appel, comme dirigée contre la « Décision » du 30 Janvier‬‬
‫‪1996 prise par le chef du service des marchés alors qu’il ne s’agissait que d’une simple‬‬
‫‪information, qu’ainsi, les premiers juges se sont mépris sur la nature de la décision attaquée et‬‬
‫‪la communauté urbaine de Strasbourg est fondée à demander, pour ce motif, l’annulation de‬‬
‫‪ce jugement ».‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, P 201 et 202.‬‬
‫‪247‬‬
‫ب ‪ -‬بالنسبة لمرحلة التنفيذ‬
‫يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تصدر ق اررات في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية‪ ،‬فمتى‬
‫كانت هاته الق اررات تتعلق بشروط تنظيمية و قانونية‪ ،‬فإنها تخضع لقاضي اإللغاء‪ ،‬أما إذا‬
‫اتصلت هذه الق اررات بمخالفة البنود التعاقدية فإنها تعود إلى قاضي العقد ‪.‬‬
‫هذا و قد بين القضاء اإلداري المصري مجال الدعويين بشأن قرار فسخ العقد اإلداري‬
‫‪1‬‬
‫بقوله‪:‬‬
‫"إذا كان اإللغاء مستندا إلى نص القانون فقط وبالتطبيق ألحكامه كان القرار الصادر‬
‫باإل لغاء قرار إداريا و يطعن فيه أمام محكمة القضاء اإلداري بدعوى اإللغاء ويدخل في‬
‫نطاقها ويرد عليه طلب وقف التنفيذ الخاص بالق اررات اإلدارية‪ ،‬أما إذا كان إلغاء العقد‬
‫مستندا إلى نصوص العقد نفسه و تنفيذا له‪ ،‬فإن المنازعة بشأنه تكون محال للطعن أمام‬
‫محكمة القضاء اإلداري على أساس الوالية الكاملة لهذا القضاء" ‪.‬‬
‫وفي قرار أخر قضت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بأن القرار القاضي بفسخ عقد‬
‫إداري نتيجة إخالل المتعاقد بالتزاماته ال يعتبر ق ار ار منفصال قابال للطعن باإللغاء وجاء في‬
‫‪2‬‬
‫تعليلها ما يلي‪:‬‬
‫" حيث يستفاد من أوراق الملف وردود األطراف أن قرار فسخ الصفقة موضوع النزاع لم‬
‫يستند في إصداره على سلطات اإلدارة المخولة لها بمقتضى القوانين و األنظمة الجاري بها‬
‫العمل ولكن جاء نتيجة إلخالل الشركة بالتزاماتها التعاقدية مما يكون معه قرار إنهاء العقد‬
‫مرتبطا بالعملية التعاقدية وغير منفصل عنها وال يقبل الطعن فيه عن طريق دعوى اإللغاء "‪.‬‬
‫لقد درج القضاء الفرنسي على التفرقة بين مصلحة الغير و بين مصلحة أطراف العقد‬
‫في إلغاء الق اررات الصادرة بعد إبرام العقد‪ ،‬فالغير الذين يخرجون عن العملية التعاقدية‬
‫يمكنهم الطعن باإللغاء لتجاوز السلطة ضد الق اررات المنفصلة الالحقة لعملية إبرام العقد‬
‫ويمكنهم في ذلك الطعن في الق اررات المتعلقة بالتنفيذ أو نهاية العقد‪ ،‬أما أطراف العقد فهم‬
‫من ناحية المبدأ مقصي ين من ممارسة الطعن باإللغاء ضد الق اررات المنفصلة عن العقد في‬
‫مرحلة التنفيذ لكن يوجد استثناء على هذه القاعدة‪ ،‬وذلك في حالة ما إذا قامت اإلدارة‬

‫‪ 1‬قصري محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪2‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪248‬‬
‫بإصدار ق اررات تخرج بطبيعتها عن العملية التعاقدية ومثال ذلك الق اررات الضبطية أو ما‬
‫يعرف بالضبط اإلداري‪.1‬‬
‫‪ - 2‬إلغاء األحكام التنظيمية المتعلقة بعقد الصفقة العمومية‬
‫انطالقا من القرار المشهور » ‪ « CAYZEELE‬المؤرخ في ‪ 22‬جويلية ‪ ،2990‬فقد‬
‫أقر مجلس الدولة الفرنسي للغير و الذين لهم مصلحة من عقد الصفقة العمومية‪ ،‬الحق في‬
‫ّ‬
‫طلب إلغاء األحكام التنظيمية المتعلقة بعقد الصفقة الذي كان موضوعه جمع و إخالء‬
‫النفايات المتواجدة على إقليم » ‪ « Cantan de Boege en Haut Savoie‬ومن أجل‬
‫تبرير موقفه فقد جاء بالتفريق بين األحكام التنظيمية التي تختلف عن األحكام العقدية‪،‬‬
‫فاألحكام التنظيمية وبالرغم من أثرها على أطراف العقد‪ ،‬فهي تؤثر أيضا على الغير فالمادة‬
‫‪ 8‬من العقد السالف الذكر نصت على ما يلي‪:‬‬
‫" البد من وضع النفايات في األكياس البالستيكية ومغلوقة بإحكام على كل من‬
‫الجماعات‪ ،‬المستوطنات‪ ،‬المطاعم ‪ ...‬إلخ كما البد أن تقوم بشراء حاويات تتالءم مع حجم‬
‫نفاياتها‪ ،‬من أجل تفادي القيام بعملية ثانية إلزالة النفايات"‪.2‬‬
‫بهذا يجوز للغير استعمال طريق الطعن لتجاوز السلطة ضد األحكام التنظيمية من‬
‫أجل إلغاء األحكام التنظيمية للعقد‪ ،‬وهو ما أكده قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ‬
‫‪« Cie d’Aménagement des Coteaux de‬‬ ‫‪ 24‬مارس ‪ 2998‬في قضية‬
‫‪.3Gascognes‬‬
‫ثانيا‪ -‬شرط المصلحة لرفع دعوى اإللغاء‬
‫تم النص على شرط المصلحة بموجب المادة ‪ 22‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية على النحو التالي‪:‬‬
‫" ال يجوز ألي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة و له مصلحة قائمة أو محتملة‬
‫يقرها القانون " ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas - XAVIER Boissy, op.cit, P 83.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, p 89 et 90.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪EMERY Cyrille, op.cit, P 358.‬‬
‫‪Cette solution résulte d’un arrêt de principe du Conseil d’Etat ou il affirme que les‬‬
‫‪dispositions contractuelles dont le tier, requérant demande l’annulation ayant un caractère‬‬
‫‪réglementaire, « elle peuvent, par la suite, être contestées devant le juge de l’excès de‬‬
‫‪pouvoir ».‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 313.‬‬
‫‪249‬‬
‫يعتبر شرط المصلحة شرطا واسعا وما على المدعى إال تبرير مصلحته من رفع دعوى‬
‫اإللغاء وفي هذا يبحث القاضي عن الضرر الذي سببه القرار المنفصل عن الصفقة‬
‫العمومية للمدعي‪ ،‬وقد عرض االجتهاد القضائي الفرنسي في مادة الصفقات العمومية عدة‬
‫أمثلة تؤكد الطابع الموسع للمصلحة‪ ،‬السيما ما تعلق منها بأعضاء مجالس المداوالت‪،‬‬
‫دافعي الضريبة‪ ،‬مستعملي المرافق العامة‪ ،‬المؤسسات المترشحة لنيل الصفقات العمومية‪،‬‬
‫أطراف العقد ‪ 1...‬وهنا البد من اإلشارة بأن رفع دعوى اإللغاء في مادة الصفقات العمومية‬
‫أقر في الحقيقة للغير وهو ما ارتكز عليه تعريف الق اررات اإلدارية المنفصلة القائم على‬
‫ّ‬
‫أساس معيارين‪ ،‬معيار شخصي و معيار موضوعي‪.‬‬
‫فبالنسبة للمعيار الشخصي يستند في تحديده على صفة مركز الغير من العملية‬
‫اإلدارية المركبة‪ ،‬ذلك أ ن الغير ال يمكنه الطعن ضد الرابطة التعاقدية ألنه ال يمتلك الصفة‬
‫التعاقدية‪ ،‬لذا فليس أمامه إال سلوك الطعن باإللغاء أمام القضاء المختص‪ ،‬وكذلك نجد أن‬
‫الطعن باإللغاء أصح وأفيد للغير من اللجوء إلى القضاء الكامل‪ ،‬فالمصلحة في دعوى‬
‫اإللغاء ال ترتقي إلى مرتبة الحق على عكس دعوى القضاء الكامل التي يستند رافعها إلى‬
‫حق شخصي اعتدت عليه اإلدارة‪.2‬‬
‫طبق قضاء مجلس الدولة الفرنسي هذا المعيار في قضية " ‪ "Martin‬بتاريخ‬
‫‪ 2921/22/24‬إللغاء مداوالت المجلس » ‪ « Loir et Cher‬غير المشروعة‪ ،‬وذلك ألنها‬
‫مشوبة بعيب مخالفة الشكل و اإلجراءات‪ ،3‬وقبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن باإللغاء على‬
‫أساس صفة و شخص السيد " مارتن" الذي يعد من الغير‪.‬‬
‫حيث تتلخص وقائع و إجراءات هذه القضية في أن السيد » ‪ « Martin‬بصفته‬
‫مستشار عام (‪ )Conseiller Général‬بمحافظة (‪ )Loir et Cher‬أدرج دعوى إلغاء‬
‫ضد مداوالت شهر أوت ‪ 2922‬و أفريل و أوت ‪ 2922‬و ‪ 2928‬اتخذها المجلس العام‬
‫والخاصة بامتياز خط حافلة كهربائية » ‪ « Tramways‬وركز السيد » ‪ « Martin‬في دعواه‬
‫على أن المحافظ لم يوزع على أعضاء المجلس تقرير مطبوع يخص مسألة االمتياز ثمانية‬
‫أيام قبل تاريخ المداولة و منع بذلك المجلس من ممارسة صالحياته المنصوص عليها في‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas, XAVIER Boissy, op. cit, P 83.‬‬
‫‪ 2‬خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪3‬‬
‫تياب نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪250‬‬
‫قانون ‪ 22‬أوت ‪ 2228‬المتعلق بتنظيم المحافظات‪ ،‬فدفعت اإلدارة بأن المداوالت المطعون‬
‫فيها أدت إلى إبرام عقد وأنه ال يمكن أن تكون محل طعن باإللغاء بل تخضع الختصاص‬
‫قاضي العقد إال أن مجلس الدولة لم يستجب لدفوع اإلدارة و طبق نظرية الق اررات المنفصلة‬
‫و حكم بقبول دعوى السيد » ‪ « Martin‬من أجل تجاوز السلطة بقرار أصدره في ‪ 4‬أوت‬
‫‪ ،12921‬هذا فيما يخص مصلحة الغير من إلغاء القرار المنفصل‪ ،‬يبقى التساؤل حول‬
‫مصلحة أطراف العقد من إلغاء الق اررات المنفصلة عن الصفقات العمومية؟ ‪.‬‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل البد من العودة إلى تعريف القرار المنفصل طبقا للمعيار‬
‫الموضوعي الذي يرى مجال تحديد هذه الق اررات يرتبط بعنصر مدى مالءمة وأفضلية دعوى‬
‫اإللغاء لرافعها من حيث النتائج القانونية المترتبة‪ ،‬وكذا من حيث سير وسهولة إجراءات‬
‫رفعها‪ 2‬وهنا نشير أن دعاوى اإللغاء التي يمكن للمتعامل المتعاقد أن تكون له مصلحة هي‬
‫القررات الصادرة في مرحلة التنفيذ والتي ليس لها عالقة بالبنود التعاقدية‪ ،‬أي تلك‬
‫تلك ا‬
‫الق اررات غير المشروعة التي ال ترتكز المصلحة المتعاقدة حين إصدارها بصفتها متعاقدة‬
‫مثال ذلك القرار الصادر عن الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى المغربي والذي أصدر فيه‬
‫وزير األشغال العمومية ق ار ار إداريا فرض بموجبه على الشركة المتعاقدة أداء تعويض مقابل‬
‫إحتاللها أراضي عمومية مرت عليها األسالك الكهربائية‪ ،‬وقد اعتبرت الغرفة اإلدارية عدم‬
‫النص في عقد االمتياز على أداء مقابل احتالل األمالك العمومية يندرج ضمن المزايا المالية‬
‫التي تتمتع بها الشركة صاحبة االمتياز وذهب إلى القول وهو يلغي القرار المطعون فيه‬
‫‪3‬‬
‫باعتباره ق ار ار إداريا منفصال عن العقد اإلداري و ليس متصال به فيما يلي‪:‬‬
‫" إن وزير األشغال العمومية بق ارره االنفرادي المؤدي إلى الزيادة في األعباء المالية‬
‫التي يتحملها صاحب االمتياز قد اشتط في استعمال السلطة"‪.‬‬
‫كذلك تعتبر ق اررات إدارية منفصلة عن الصفقة العمومية والتي يجوز للمتعامل المتعاقد‬
‫الطعن فيها باإللغاء‪ ،‬الق اررات المتخذة في إطار السلطة الضبطية‪ ،‬أو مايعرف بالضبط‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫بن بشير وسيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫خلف اهلل كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد قصدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪251‬‬
‫ثالثا‪ -‬شرط الميعاد في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫ميعاد رفع الدعوى هو المدة الزمنية التي خولها المشرع للفرد للمطالبة بحقوقه أمام‬
‫الجهات القضائية‪ ،‬وبذلك يكون قيدا من القيود المفروضة على المتقاضي الذي يريد المطالبة‬
‫بإلغاء الق اررات اإلدارية غير المشروعة‪.1‬‬
‫إن العودة إلى تنظيم الصفقات العمومية‪ ،2‬يؤدي إلى عدم مالحظة أية إشارة إلى ميعاد‬
‫رفع دعوى اإللغاء المتعلقة بالق اررات المنفصلة عن الصفقات العمومية على عكس القانون‬
‫الفرنسي والذي حدد مدة رفع دعوى اإللغاء بالنسبة للق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات‬
‫العمومية بشهرين من تاريخ العلم بالقرار أو من تاريخ نشر القرار المنفصل وال يمكن‬
‫االحتجاج بهذا الميعاد إال إذا تم ذكره في القرار المنفصل المراد االحتجاج به‪ ،‬أما إذا غاب‬
‫ذكر الميعاد القانوني لرفع دعوى اإللغاء في القرار المنفصل فهذا ال يعني عدم مشروعية‬
‫القرار المنفصل‪ ،‬لكن في هذه الحالة إذا قام مترشح ما برفع دعوى إلغاء ضد قرار استبعاد‬
‫عرضه في مدة تتجاوز الشهرين من تاريخ علمه بالقرار‪ ،‬فال يمكن رفض عريضته بسبب‬
‫تأخره‪.3‬‬
‫أمام غياب أي إشارة لميعاد رفع دعوى اإللغاء ضد الق اررات المنفصلة عن الصفقات‬
‫العمومية في تنظيم الصفقات العمومية الجزائري‪ ،‬البد من العودة إلى القواعد العامة‬
‫المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬في هذا الشأن نصت المادة ‪289‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على ميعاد رفع دعوى اإللغاء كما يلي‪:‬‬
‫" يحدد أجل الطعن أمام المحكمة اإلدارية بأربعة أشهر يسري من تاريخ التبليغ‬
‫الشخصي بنسخة من القرار اإلداري أو من تاريخ نشر القرار اإلداري الجماعي أو‬
‫التنظيمي"‬
‫وعليه فإن ميعاد رفع دعوى اإللغاء بالنسبة لكل الق اررات المنفصلة عن الصفقات‬
‫العمومية تتحدد بمدة ‪ 4‬أشهر‪ ،‬لكن ذلك يقتصر فقط على تلك الق ار ارت الصادرة عن الوالية‪،‬‬
‫البلدية والمؤسسات العمومية اإلدارية المحلية‪ ،‬أما بالنسبة لدعاوى اإللغاء المتعلقة بالق اررات‬
‫الصادرة عن الهيئات المركزية فما هو مصيرها ؟‬

‫تياب نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, p 200.‬‬
‫‪252‬‬
‫لقد أجاب عن هذا اإلشكال نص المادة ‪ 982‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫حينما أحال إلى نص المادة ‪ 1289‬المذكورة أعاله ما يلي‪:‬‬
‫" عندما يفصل مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة تطبق األحكام المتعلقة باآلجال‬
‫المنصوص عليها في المواد ‪ 920‬إلى ‪ 932‬أعاله"‪.‬‬
‫فإن هاته اإلحالة بمقتضى المادة ‪ 982‬إلى نصوص المواد ‪ 289‬إلى ‪ 228‬يجعل‬
‫ميعاد رفع دعوى اإللغاء أمام مجلس الدولة هو ‪ 4‬أشهر التابعة لتبليغ القرار أو نشره‪.‬‬
‫لكن المالحظ بأن ميعاد رفع دعوى اإللغاء المنصوص عليه في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية إذا ما تم القيام بتطبيقه بالنسبة للق اررات المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫يطرح إشكاال السيما بتلك الق اررات المتعلقة بمرحلة اإلبرام‪ ،‬ذلك أن مدة أربعة أشهر تعتبر‬
‫مدة طويلة مقارنة بسرعة عملية اإلبرام وهو الشيء الذي ال يتناسب مع طبيعة هذه المرحلة‪،‬‬
‫وحسنا ما فعل المشرع باستدراك هذه الوضعية من خالل تنظيمه إلجراءات االستعجال في‬
‫مجال العقود اإلدارية و الصفقات العمومية بغية تجنب الخطورة التي ينصب عليها طول‬
‫الميعاد القانوني المحدد بـ ‪ 4‬أشهر و هو ما سيتم التطرق إليه في المبحث الثاني‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الموضوعية لرفع دعوى اإللغاء ضد الق اررات المنفصلة عن‬
‫الصفقات العمومية‬
‫يقصد بها مجموع األسباب أو الحاالت التي يثيرها المدعي من أجل إلغاء الق ار ارت‬
‫المنفصلة عن الصفقة العمومية وهي تتراوح ما بين عيوب المشروعية الخارجية (أوال)‬
‫وعيوب المشروعية الداخلية (ثانيا)‪.2‬‬
‫أوال‪ -‬عيوب المشروعية الخارجية‬
‫تنحصر عيوب المشروعية الخارجية في كل من عيب االختصاص(‪ )2‬وعيب الشكل‬
‫(‪.)8‬‬

‫‪ 1‬قانون رقم ‪ ،19-14‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪CROS Nicolas - XAVIER Boissy, op.cit, P 83.‬‬
‫‪253‬‬
‫‪ -1‬عيب االختصاص‬
‫إن أول عيب أثاره مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 2228/22/82‬في قضية‬
‫» ‪ « Dupuy- Briace‬كان عيب عدم االختصاص الذي يمس قرار متخذ من قبل جهة‬
‫معينة ليست لها سلطة في اتخاذه‪.1‬‬
‫عرف األستاذ بوحميدة عطاء اهلل االختصاص بأنه أهلية الجهة اإلدارية للقيام بعمل‬
‫معين وبالمقابل فإن عدم االختصاص هو عدم أهلية الجهة اإلدارية المعنية بالقيام بعمل‬
‫معين ألنه ال يدخل في صالحياتها‪ ،2‬فالقانون هو الذي يحدد لكل موظف نطاق اختصاصه‬
‫وهي من صميم أعمال المشرع‪.3‬‬
‫يتصل عيب االختصاص بالنظام العام وهذا يعني بأنه بإمكان المدعي أن يثيره في أي‬
‫وقت‪ ،‬كما بإمكانه أن يثيره أمام مجلس الدولة كمحكمة استئناف إن لم يسبق أن أثاره أمام‬
‫المحكمة اإلدارية‪ ،‬كما بإمكان القاضي أن يثيره من تلقاء نفسه في أي مرحلة كانت عليها‬
‫الدعوى‪.4‬‬
‫لعل من أبرز قواعد اإلختصاص التي وردت في تنظيم الصفقات العمومية‪ 5‬هي نص‬
‫المادة ‪ 4‬الذي يحدد السلطة المختصة بإبرام الصفقة العمومية على النحو التالي‪:‬‬
‫" ال تصح الصفقات و ال تكون نهائية إال إذا وافقت عليها السلطة المختصة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة‬
‫‪ -‬الوزير‬
‫‪ -‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫‪ -‬المدير العام أو المدير فيما يخص المؤسسات العمومية‪".‬‬
‫إن تخلف ركن االختصاص في القرار المنفصل عن الصفقة العمومية‪ ،‬يكون قابال‬
‫لإللغاء من قبل القاضي اإلداري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 94.‬‬
‫بوحميدة عطاء اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1119 ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عدو عبد القادر‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪5‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫لكن ترد على االختصاص الشخصي عدة استثناءات‪ ،‬فقد جاء في الفقرة الثانية من‬
‫المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي السالف الذكر‪ 1‬ذكر أحد هذه االستثناءات و الذي يتمثل في‬
‫إمكانية تفويض صالحيات إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬بحيث جاء النص كما يلي‪:‬‬
‫"‪ ..‬ويمكن كل سلطة من هذه السلطات أن تفوض صالحياتها في هذا المجال إلى‬
‫المسؤولين المكلفين بأي حال‪ ،‬بتحضير الصفقات و تنفيذها طبقا لألحكام التشريعية‬
‫والتنظيمية المعمول بها " ‪.‬‬
‫فمن أجل تفويض صالحية الموافقة النهائية للصفقة البد أن ينص القانون على ذلك‬
‫والبد أن يتبع بضرورة صدور قرار التفويض تنفيذا لنص قانوني‪.‬‬
‫كما توجد حاالت أخرى لم ينص عليها تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬بل نجدها في‬
‫القانون مثل إمكانية الحلول كما هو الحال في قانون البلدية‪ 2‬أين يمكن للوالي الحلول في‬
‫مكان رئيس البلدية إذا اعترضه مانع عن العمل‪ ،‬إضافة إلى اإلنابة التي تحدث نتيجة غياب‬
‫سلطة عامة‪ ،‬فتقوم ذات السلطة في حالة الغياب بتعيين من ينوبها ويكون ذلك في إطار ما‬
‫ينص عليه القانون ‪.‬‬
‫ال يكتمل االختصاص الشخصي ما لم يراع فيه مسألة كل من االختصاص الزماني‪،‬‬
‫االختصاص اإلقليمي و االختصاص الموضوعي‪.‬‬
‫يقصد باالختصاص الزماني ممارسة السلطات القائمة على إبرام الصفقات العمومية‬
‫لصالحياتها في إطار المدة الزمنية المحددة لعملها‪ ،‬فال يمكن لمدير مؤسسة عمومية إدارية‬
‫ما أن يصدر قرار الموافقة على إبرام الصفقة العمومية لصالحياتها بعد إحالته على التقاعد‪.‬‬
‫أما اال ختصاص المكاني فهو اإلطار الجغرافي الذي تمارس فيه السلطة اإلدارية‬
‫‪3‬‬
‫وأخي ار فإن‬ ‫اختصاصها فال يجوز لوالي والية معينة أن يعتدي على اختصاص والية أخرى‬
‫االختصاص الموضوعي هو انحصار مجال عمل السلطة اإلدارية ضمن المواضيع المحددة‬
‫لها قانونا‪.4‬‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫قانون البلدية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬دور القاضي اإلداري في حل المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111 / 1111‬ص ‪.74‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CROS Nicolas, XAVIER Boissy, op.cit, p 83.‬‬
‫‪255‬‬
‫‪ -2‬عيب الشكل‬
‫يقصد بعيب الشكل مخالفة القواعد المحددة لإلجراءات و كذا األشكال التي يجب أن‬
‫يظهر فيها القرار المنفصل عن الصفقة العمومية‪ ،‬وفي هذا المجال هناك من يفرق بين عيب‬
‫الشكل الذي يمس القرار المنفصل‪ ،‬وبين اإلجراءات التي يقوم عليها القرار المنفصل‪.1‬‬
‫يعرف الدكتور عمار عوابدي ركن الشكل في القرار اإلداري على أنه إبراز إرادة‬
‫السلطة اإلدارية واخراجها في مظهر خارجي يكشف ويبين إلى العلن نية السلطة اإلدارية‬
‫حتى ينتج القرار اإلداري آثاره القانونية‪.2‬‬
‫أما عيب اإلجراءات‪ ،‬كما تدل على ذلك تسميته‪ ،‬وفق الفقيه الفرنسي ‪ Vedel‬هو‬
‫اإلجراء الذي جرى اتخاذ القرار استنادا إليه‪.3‬‬
‫لكن التفرقة التي أتى بها بعض الفقهاء بين عيب الشكل وعيب اإلجراء هي تفرقة‬
‫ثانوية‪ ،‬ذلك أن هذين األخيرين ينتميان إلى نفس النظام القانوني‪ ،‬وهو ما يبرر جمع أغلبية‬
‫الفقه لهما تحت تسمية عيب الشكل‪.4‬‬
‫تبرز تفرقة أخرى ما بين الشكليات الجوهرية التي تؤدي إلى إلغاء القرار المنفصل عن‬
‫الصفقة العمومية و الشكليات الثانوية التي ال تصل إلى إلغاء القرار المنفصل‪.‬‬
‫من جملة الشكليات الجوهرية في مادة الصفقات العمومية نجد إعالن الصفقة العمومية‬
‫التي توجب المادة ‪ 08‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 5‬أن يتضمن مجموعة من البيانات‬
‫اإللزامية‪ ،‬كذلك تعتبر من الشكليات الجوهرية ضرورة تحرير إعالن طلب العروض باللغة‬
‫العربية وبلغة أجنبية وكذا نشرهما في جريدتين وطنيتين وفي نشرة المتعامل العمومي‪ ،6‬نفس‬
‫الحال يتعلق بإعالن المنح المؤقت للصفقة والذي حددت بياناته المادة ‪ 28‬من تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 96.‬‬
‫‪ 2‬عوابدي عمار‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة و القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪3‬‬
‫عدو عبد القادر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 96.‬‬
‫‪ 5‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المادة ‪ ،44‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪256‬‬
‫أما فيما يخص اإلجراءات الجوهرية فنجد إجراء احترام العلنية حين فتح األظرفة التقنية‬
‫والمالية بحضور كافة المتعهدين بعد إعالمهم مسبقا طبقا لنص المادة ‪ 00‬من المرسوم‬
‫المذكور أعاله‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬عيوب المشروعية الداخلية‬
‫يكون القرار المنفصل عن الصفقة العمومية مشوبا بعيب عدم المشروعية الداخلية إذا‬
‫تعلق ذلك بمخالفة القرار اإلداري للقانون (‪ )2‬أوتم اإلنحراف في استعمال السلطة(‪.)8‬‬
‫‪ - 2‬عيب مخالفة القانون في القرار اإلداري المنفصل عن الصفقة العمومية‬
‫يصيب هذا العيب ركن المحل في القرار اإلداري والذي يمكن تعريفه على النحو‬
‫التالي‪ ":‬هو األثر القانوني المباشر والحال المترتب عن صدور القرار اإلداري‪ ،‬ويؤدي إلى‬
‫إحداث تغيير في الهيكل القانوني السائد‪ ،‬وذلك عن طريق إنشاء مركز قانوني جديد أو‬
‫تعديل أو إلغاء مركز قانوني كان قائما و موجودا‪.2‬‬
‫يرتكز ركن المحل في القرار اإلداري المنفصل على عنصر المشروعية أي ضرورة أن‬
‫ال يتعارض مع القانون المعمول به في الدولة بمختلف أنواعه سواء كان دستورا‪ ،‬أو تشريعا‪،‬‬
‫أو تنظيما‪ ،‬ومن ثم على المصلحة المتعاقدة حين إصدارها للق اررات اإلداريـة المنفصلة عن‬
‫الصفقات العمومية أن تراعي احترام أحكام المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية وكذا كل القوانين التي تنظم الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫يقوم عيب مخالفة القانون على صورتان فإما أن تكون هاته المخالفة بصفة مباشرة‪،‬‬
‫وهي أكثر أسباب اإلبطال إثارة‪ ،‬أو قد تتخذ الصورة الثانية بصفة غير مباشرة عن طريق‬
‫الخطأ في تفسير أو تطبيق القانون ‪.‬‬
‫فبالنسبة لخطأ المصلحة المتعاقدة في تطبيق القانون‪ ،‬يقع حينما تصدر السلطة‬
‫اإلدارية ق ار ار إداريا منفصال تطبيقا لنص قانوني غير النص القانوني الواجب التطبيق‪ ،‬وأن‬
‫ار إداريا‬
‫تغفل عند اتخاذها لقرار إداري نصوصا قانونية موجودة و نافذة‪ ،‬أو أن تصدر قر ا‬
‫بخصوص حاالت و أوضاع ال يشملها النص القانوني‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عوابدي عمار‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة والقانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ 3‬مانع عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪257‬‬
‫أما فيما يخص الخطأ في تفسير القانون فيتحقق من خالل تفسير اإلدارة للنصوص بما‬
‫يخالف إرادة المشرع ويخرج بها عن مقصوده ويعود ذلك غالبا إلى الغموض الذي يشوب‬
‫أحيانا النصوص القانونية‪ ،‬ولكن قد يرجع التفسير الخاطئ إلى سوء نية اإلدارة‪.1‬‬
‫‪ -2‬عيب االنحراف في استعمال السلطة‬
‫يصيب هذا العيب ركن الغاية في القرار اإلداري ويقصد به األثر البعيد و النهائي‬
‫وغير المباشر الذي يستهدفه متخذ القرار اإلداري في ق ارره‪ ،‬وأهداف الق اررات اإلدارية جميعا‬
‫تتمحور حول تحقيق المصلحة العامة وهي أهداف ضمان حسن سير الم ارفق والمنظمات‬
‫اإلدارية بانتظام واطراد وعلى أفضل صورة‪ ،‬وأهداف المحافظة على النظام العام في مفهوم‬
‫القانون اإلداري‪.2‬‬
‫عدد الدكتور بوحميدة عطاء اهلل صور عيب االنحراف في استعمال السلطة في كل من‬
‫استهداف اإلدارة تحقيق مصلحة خاصة بعيدة عن المصلحة العامة‪ ،‬أو أن تتصرف اإلدارة‬
‫لمصلحة عامة غير المصلحة العامة المرجوة‪ ،‬أو االنحراف في اإلجراءات‪ ،‬كأن تتبع اإلدارة‬
‫إجراءات ووسائل غير المقررة قانونا‪ ،‬كما أوضح الدكتور بوحميدة عطاء اهلل بأن عيب‬
‫االنحراف في استعمال السلطة هو من أصعب العيوب التي يتعين على القاضي اكتشافها‬
‫نظ ار لبواعتها الخفية‪ ،‬وهو ما يجعل القاضي اإلداري يرتبه ضمن العيوب االحتياطية‬
‫لصعوبة إثباته‪.3‬‬
‫من صور عيب االنحراف في استعمال السلطة في القانون الجزائري ما نص عليه‬
‫القانون رقم ‪ 22-20‬المتعلق بمكافحة الفساد و الوقاية منه من خالل كل من المادة ‪80‬‬
‫والتي جاء بتسمية " إعطاء امتيازات غير مبررة للغير " و كذا المادة ‪ 88‬التي تعاقب الرشوة‬
‫في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬المادة ‪ 28‬المتعلقة باستغالل النفوذ‪ ،‬المادة ‪ 22‬المتعلقة‬
‫بإساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬المادة ‪ 21‬أخذ فوائد بصفة غير قانونية‪ ،‬المادة ‪ 22‬تلقي الهدايا‪،‬‬
‫والمادة ‪ 81‬المزية الغير مستحقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عدو عبد القادر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪2‬‬
‫عوابدي عمار‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة و القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪3‬‬
‫بوحميدة عطاء اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 174‬و ص ‪.174‬‬
‫‪258‬‬
‫‪ -3‬عيب السبب‬
‫يصيب هذا العيب ركن السبب في القرار اإلداري المنفصل ويمكن تعريفه على أنه‬
‫الواقعة المادية أو القانونية التي تحدث وتقوم خارجا وبعيدا عن ذهنية وارادة السلطة اإلدارية‬
‫المختصة‪ ،‬فتحركها وتدفعها إلى اتخاذ قرار إداري معين في مواجهة هذه الواقعة المادية أو‬
‫القانونية‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫لقد حددت صور عيب السبب على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬انعدام الوجود المادي للواقعة‪.‬‬
‫‪ -‬الخطأ في الوصف و التكييف القانوني للواقعة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تناسب مضمون القرار اإلداري مع الوقائع التي استند عليها‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬آثار إلغاء القرار المنفصل على عقد الصفقة العمومية‬
‫إن المبدأ الذي جاء في سنة ‪ 2921‬بموجب قرار مارتن كان بسيطا ومؤداه أن إلغاء‬
‫الق اررات المنفصلة عن الصفقة العمومية ال يؤثر على العقد‪.3‬‬
‫لقد حلل المفوض " رومير " هذه الحالة في مذكرته بهذا الخصوص حيث يقول‪:‬‬
‫" إننا ال ننكر أن قيمة اإللغاء في هذه الحالة نظرية‪ ،‬فاإلدارة تستطيع أن تصحح‬
‫الوضع بإجراء الحق‪ ،‬و قد يبقى العقد برغم اإللغاء إذا لم يتقدم أحد المتعاقدين إلى قاضي‬
‫الموضوع بطلب فسخ العقد‪ ،‬و لكن هذه النتيجة يجب أال تدهشكم أو تبعث التردد في‬
‫أنفسكم‪ ،‬فأنتم تعلمون تماما أن دعوى اإللغاء في بعض الحاالت ال تؤدي إالّ إلى نتائج‬
‫نظرية‪ ،‬ليس على قاضي اإللغاء إالّ أن يبحث فيما إذا كان القرار المطعون فيه يجب أو ال‬
‫يجب أن يلغي دون أن يهتم بما يترتب على هذا اإللغاء من نتائج سلبية أو إيجابية‪ ،‬فإذا‬
‫فإن هذا يحمل في طياته أسمى آيات‬ ‫صححت اإلدارة الوضع القانوني بإجراء الحق‪ّ ،‬‬
‫صمم الطرفان على االحتفاظ بالعقد‪ ،‬رغم حكم اإللغاء فسيكون لهذا‬
‫االحترام لحكمكم‪ ،‬أما إذا ّ‬
‫الحكم أثر هام يرتكز في أنه أعلن حكم القانون " ‪.4‬‬

‫‪ 1‬عوابدي عمار‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة و القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫‪F. Sabiani, Marché Publics de travaux, edition DELMAS, Paris, 1995, P 94.‬‬
‫‪ 3‬بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪259‬‬
‫إضافة لذلك ومن أجل توضيح أكثر نذكر رأي قسم التقارير والدراسات لمجلس الدولة‬
‫الفرنسي الصادر بتاريخ ‪ 81‬جانفي ‪ " :12929‬استنادا الجتهاد قضائي قديم‪ ،‬فإن اإللغاء‬
‫الذي يقوم به القاضي لتجاوز السلطة‪ ،‬بطلب من الغير لقرار منفصل عن العقد‪ ،‬ليس له أثر‬
‫على العقد وهو ما يبقى على قانون األطراف‪ ،‬وأن تنفيذه في إطار إحقاق المصلحة العامة‬
‫يمكن من ناحية المبدأ استكماله‪ ،‬ومن أجل إيقاف تنفيذ العقد‪ ،‬البد على المصلحة المتعاقدة‬
‫أن تخطر قاضي العقد من أجل طلب بطالن العقد أو أن تقوم هي بفسخ العقد‪ ،‬لكن هذا‬
‫التصرف من قبل المصلحة المتعاقدة ال يعتبر إجباريا" ‪.‬‬
‫إن هذه النتيجة ال تشكل أي إشكال بالنسبة للق اررات المنفصلة عن الصفقة العمومية‬
‫المتخذة بعد إبرام العقد‪ ،‬لكن اإلشكال يطرح بالنسبة للق اررات الممهدة إلب ارم العقد‪ ،‬وفي‬
‫الحقيقة هناك مبدءا ن متعارضان‪ ،‬مبدأ الشرعية الذي بموجبه يرتب كافة اآلثار الناتجة عن‬
‫إلغاء القرار المنفصل‪ ،‬ومبدأ األمن القانوني الذي يحمي كافة الحقوق الناجمة عن العقد‪ ،‬فإذا‬
‫كان المبدأ األول يؤدي بالقول بإلغاء العقد‪ ،‬فإن المبدأ الثاني يقوم على القول بإبقاء العقد‬
‫حتى و إن تم إلغاء القرار المنفصل‪.2‬‬
‫غير أن القضاء الفرنسي لم يبق ثابتا في موقفه والدليل على ذلك اجتهاد قضائي‬
‫فرنسي صادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 2992/22/22‬المتعلق بقضية ‪Le yacht‬‬
‫‪ ،Club de Bormes – Les imosas n° 5466‬فقد استنتج محافظ الحكومة السيد‬
‫» ‪ « Pochard‬الطريقة اآلتية من أجل األخذ بعين االعتبار آلثار إلغاء الق اررات المنفصلة‪:‬‬
‫"فعلى حسبه البد من األخذ بعين االعتبار من جهة أولى السبب الذي أدى إلى إلغاء‬
‫القرار المنفصل‪ ،‬ومن جهة أخرى الطبيعة ودرجة العالقة الموجودة بين العقد والقرار‬
‫المنفصل‪ ،‬فإذا ما كان إلغاء القرار المنفصل يقوم على أساس عدم مشروعية الشروط‬
‫التعاقدية فإن ذلك سوف يؤدي إلى بطالن العقد‪ ،‬أما إذا ما كان إلغاء القرار المنفصل على‬
‫أساس عيب خاص بالقرار نفسه‪ ،‬فإن الحل يتراوح على حسب درجة وعالقة القرار المنفصل‬
‫مع محل العقد‪ ،‬فإذا كان القرار المنفصل يتعلق بقرار إبرام العقد فإنه توجد عالقة مباشرة‬
‫بالعقد بحيث يؤدي ذلك إلى بطالن العقد‪ ،‬أما إذا كان القرار المنفصل الملغى ليس لديه‬

‫‪1‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 315.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CROS Nicolas - XAVIER Boissy, op. cit, P 83 et 84.‬‬
‫‪260‬‬
‫عالقة مباشرة بالعقد مثل قرار الموافقة من قبل السلطة الوصية فإن إلغاءه في كثير من‬
‫الحاالت ال يؤثر على صحة العقد‪."1‬‬
‫في قرار آخر لمجلس الدولة الفرنسي فإنه أقر بإمكانية قاضي اإللغاء أن يفرض على‬
‫اإلدارة اتخاذ كافة التدابير الضرورية من أجل أن ال يبقى العقد ساريا متى كان ذلك ضروريا‬
‫بالنسبة إللغاء القرار المنفصل‪ ،‬ولهذا فإن مجلس الدولة أمر إحدى البلديات وتحت توقيع‬
‫عقوبة بأن تخطر قاضي العقد ألجل إلغاء العقد‪ ،‬وعليه فإن الغير الذين تحصلوا على إلغاء‬
‫قرار منفصل والذين يريدون إلغاء العقد يمكنهم إخطار القاضي اإلداري بأن يأمر األطراف‬
‫األخرى للعقد بإخطار قاضي العقد من أجل بطالن العقد تحت طائلة توقيع غرامة تهديدية‪.2‬‬
‫وهو ما يمكن أن يستشف من المادة ‪ 982‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫الجزائري والتي خولت لكل شخص في حالة ما إذا تطلب األمر أو الحكم أو القرار الصادر‬
‫عن الجهات القضائية اإلدارية‪ ،‬إمكانية إلزام أحد األشخاص المعنوية العامة أو كل هيئة‬
‫تخضع منازعاتها الختصاص الجهات القضائية اإلدارية باتخاذ تدابير تنفيذ معينة‪ ،‬تأمر‬
‫الجهة القضائية اإلدارية المطلوب منها ذلك في نفس الحكم القضائي‪ ،‬بالتدبير المطلوب مع‬
‫تحديد أجل للتنفيذ عند االقتضاء ‪.‬‬
‫كما أجازت المادة ‪ 922‬للجهة القضائية اإلدارية المطلوب منها اتخاذ أمر بالتنفيذ أن‬
‫تأمر بغرامة تهديدية‪ ،‬مع تحديد تاريخ سريان مفعولها‪.‬‬
‫من أجل تفادي هذه الحلول المعقدة فإن مجلس الدولة الفرنسي قد قبل الطعن المباشر‬
‫ضد العقد من قبل الغير في بعض الحاالت‪ ،‬السيما في ق ارره المشهور بـ » ‪ « Tropic‬أين‬
‫‪3‬‬
‫أصبح للمتنافسين المتضررين إمكانية الطعن مباشرة ضد صحة العقد أمام قاضي العقد‬
‫وهو ما سوف يتم توضيحه في المطلب الثاني ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫القضاء الكامل‬
‫بعد تبيان النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية و التي يختص بنظرها قاضي اإللغاء‪،‬‬
‫فإنه يوجد نوع آخر من النزاعات التي يختص بنظرها غير قاضي اإللغاء والمندرجة تحت‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 102.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CROS Nicolas , XAVIER Boissy, op. cit, P 84- P 85.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, P 86.‬‬
‫‪261‬‬
‫دعوى القضاء الكامل وعليه سوف يتم التطرق في هذا المطلب إلى الدعاوى المرتبطة‬
‫بمرحلة التنفيذ‪ ،‬والتي تأتي في عدة صور‪ ،‬أبرزها الدعوى المنصبة حول مدى سالمة و‬
‫صحة قيام العقد اإلداري (فرع أول)‪ ،‬والدعاوى المترتبة عن مخالفة الشروط التعاقدية (فرع‬
‫ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حدود رقابة قاضي العقد على المنازعات المنصبة حول صحة عقد الصفقة‬
‫العمومية‬
‫يشير الفقه اإلداري الفرنسي إلى إمكانية رفع دعوى منصبة حول مدى صحة عقد‬
‫الصفقة العمومية من قبل كل من أطراف العقد (أوال)‪ ،‬المتنافسين المتضررين من إبرام عقد‬
‫الصفقة العمومية (ثانيا) والوالي (ثالثا) بصفته حاميا للمشروعية وفي إطار ممارسة سلطته‬
‫الوصائية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الطعن الممارس من قبل أطراف العقد حول مدى سالمة صحة عقد الصفقة‬
‫العمومية‬
‫تم إتاحة هذا النوع من الطعن بموجب قرار مجلس الدولة المتعلق ببلدية‬
‫» ‪ « BEZIERS‬بتاريخ ‪ 82‬ديسمبر ‪ ،8229‬حيث أنه قبل هذا القرار لم يكن ألطراف‬
‫العقد سوى أن يطلبوا من القاضي إبطال العقد‪ ،1‬وسمي هذا الطعن الجديد بـ " الطعن‬
‫المندرج في إطار القضاء الكامل بهدف مخاصمة صحة العقد اإلداري ‪« Le recours de‬‬
‫‪pleine juridiction en contestation de la validité du contrat administratif‬‬
‫وبغض النظر عن ذلك يبقى هذا النوع من الطعون الجديدة مجرد إمكانية مبررة من أجل‬
‫الحفاظ على االستقرار العقدي‪ ،‬لكن إذا تمسك األطراف بإبطال العقد ترتب كافة النتائج‬
‫القانونية ‪.‬‬
‫من المعلوم بأن العقد اإلداري يختلف عن العقد المدني‪ ،‬إالّ أنه ومن الثابت فإن شروط‬
‫صحة العقود اإلدارية ال تختلف عن مثيلتها في القانون المدني‪ ،‬ومن أجل الوقوف على‬
‫العيوب التي يمكن أن تمس الصفقة العمومية‪ ،‬سوف يتم التطرق في مقام أول إلى العيوب‬
‫التي تمس أركان الصفقة العمومية (‪ )2‬ثم التطرق للشروط الشكلية واإلجرائية التي تمس‬
‫سالمة الصفقة العمومية (‪.)8‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, p 334.‬‬
‫‪262‬‬
‫‪ -1‬مدى سالمة أركان عقد الصفقة العمومية‬
‫يقوم العقد اإلداري على ثالثة أركان رئيسية هي الرضا و المحل و السبب‪ ،‬بحيث‬
‫يؤدي تخلف أي منهما إلى بطالن هذا العقد‪ ،‬وال تقوم مسؤولية اإلدارة التعاقدية بصدده‪،‬‬
‫حيث ال يكون هناك عقد‪.1‬‬
‫الشك أن ركن الرضا هو الذي يطرح بعض اإلشكاالت الخاصة السيما من جانب‬
‫اإلدارة‪ ،‬باعتبار أن األفراد أحرار في التعبير عن إرادتهم‪ ،‬في حين أن إرادة اإلدارة تخضع‬
‫إلى التنظيم و ذلك بمرورها بمراحل طويلة و معقدة تتناوب عليها إرادات بمظاهر ال فردية‬
‫وال شخصية بل اعتبارية‪. 2‬‬
‫ركن الرضا في العقد اإلداري كغيره من عقود القانون الخاص البد أن يكون سليما من‬
‫عيوب الرضا والتي يمكن إجمالها حسب القانون المدني الجزائري في كل من الغلط‪،‬‬
‫التدليس‪ ،‬اإلكراه و الغبن‪.‬‬
‫غير أن سالمة الرضا في العقود اإلدارية يستلزم توافر شروط أخرى الحظها األستاذ‬
‫محمود خلف الحموري في مؤلفه العقود اإلدارية بقوله‪:‬‬
‫" يشترط لسالمة الرضا الصادر عن اإلدارة أن يكون صاد ار من جهة إدارية مختصة‬
‫بالتعاقد وضمن صالحياتها المالية‪ ،‬واذا اشترط القانون شكلية معينة لصدور تلك اإلرادات‬
‫فيجب أن تتوافر ابتداءا كأن يكون التعبير عن اإلرادة صادر من لجنة مختصة بالتعاقد أو‬
‫هناك إجراءات تمهيدية إلبرام العقد‪ ،‬حتى لو كانت تلك اإلجراءات بسيطة فيجب أن تتبعها‬
‫اإلدارة ألنها في الحقيقة تبعث على إيجاد الضمانة فيما بعد على سالمة التعبير عن‬
‫رضاها‪.3‬‬
‫لقد كان المشرع الجزائري حريصا على تحديد األشخاص والجهات اإلدارية التي يرجع‬
‫إليها التعبير عن إرادة اإلدارة‪ ،‬فالمادة ‪ 08‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية ألزمت حين إبرام عقد الصفقة العمومية تحديد هوية األشخاص‬

‫خليفة عبد العزيز عبد المنعم‪ ،‬المسؤولية اإلدارية في مجال العقود و الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1117‬ص ‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫الزياني محمد‪ ،‬القاضي اإلداري و الصفقات العمومية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ ، 1114 ،79/74‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪263‬‬
‫المؤهلين قانونا إلمضاء الصفقة وصفتهم‪ ،‬هؤالء األشخاص ينحصرون في كل من الشخص‬
‫العام المتعاقد وصفة الشخص الخاص الذي يتعاقد مع اإلدارة ‪.‬‬
‫بالنسبة لصفة الشخص العام المتعاقد فإن أهم اإلشكاالت التي تطرح تنحصر في‬
‫نقطتين‪ ،‬تتمثل األولى في مدى اختصاص الشخص العام والذي يأخذ ثالثة صور‪:‬‬
‫اختصاص إقليمي‪ ،‬اختصاص زمني‪ ،‬اختصاص موضوعي‪ ،‬أما النقطة الثانية فتتمثل في‬
‫مدى اختصاص الموظف الذي يمثل الشخص العام المتعاقد في إبرام الصفقة العمومية‪.1‬‬
‫أما بالنسبة لصفة الشخص الخاص الذي يتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬فإن هذا األخير يرتكز‬
‫على أساس المادة ‪ 8‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 2‬والتي تنص على عدم خضوع العقود‬
‫المبرمة بين إدارتين ألحكام المرسوم المنظم للصفقات العمومية‪ ،‬ومن ثم البد أن يكون‬
‫الشخص الذي يتعاقد مع اإلدارة شخصا خاصا ‪.‬‬
‫إن صفة الشخص الذي يتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬تتعلق أساسا بفكرة األهلية بالنسبة للشخص‬
‫الطبيعي‪ ،‬أما إذا كان المتعاقد شخصا معنويا‪ ،‬فإن الصفة تتعلق بمدى صحة تمثيل‬
‫الشخص الذي قام بالتوقيع على الصفقة العمومية للشخص المعنوي الذي ينوبه‪.3‬‬
‫هذا ويعتبر كل من الفقه و القضاء اإلداري المقارن الصفقات العمومية باطلة إذا‬
‫أبرمت في ظروف غير مشروعة‪ ،‬كتوقيعها مثال من طرف شخص غير مختص‪ ،‬وهو‬
‫بطالن يعتبر من النظام العام حيث يمكن إثارته تلقائيا من طرف القاضي أو من طرف‬
‫المتعاقد في كل حين ‪ ،‬وبذلك ال يمكن تنفيذ هذه الصفقة العمومية‪ ،‬كما أنه ال يمكن لألطراف‬
‫االنتفاع من التزاماتهم التعاقدية في حالة تنفيذها‪ ،‬ويجوز لطرفي العقد الدفع ببطالن الصفقة‬
‫العمومية‪ ،‬واذا حصل تنفيذ المتعامل المتعاقد لصفقة باطلة فيمكن أن يكون له الحق في‬
‫التعويض اعتمادا حسب الحالة‪ ،‬إما على المسؤولية الشبه التعاقدية أو استنادا إلى المسؤولية‬
‫التقصيرية لإلدارة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫مانع عبد اللطيف‪ ،‬طرق إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة أبوبكر بلقايد تلمسان‪ ،‬سنة‬
‫الجامعية ‪ ،1114/1117‬ص ‪.139‬‬
‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬الباهي محمد ‪ ،‬تسوية المنازعات المترتبة عن مخالفة شروط إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ، 1119 ،44/47‬ص ‪.17‬‬
‫‪264‬‬
‫لقد استوحى القضاء والفقه اإلداري المقارن من حين آلخر من الوضعيات الشبه‬
‫التعاقدية والتي يعرفها القانون المدني متى اتفقت تلك الوضعيات مع طبيعة القانون اإلداري‬
‫وتطبيقا لذلك أخذت فكرة اإلثراء بال سبب على الخصوص تسد النقص و تحقق التوازن‬
‫المختل كأساس لتعويض المتعاقد عن افتقاره الناتج عما قام به من أعمال نافعة أثرت جهة‬
‫اإلدارة في الحاالت التي كان فيها العقد باطال أو في الحالة التي يقوم فيها بأعمال إضافية‬
‫لم ينص عليها العقد‪.1‬‬
‫اعتنق مجلس الدولة الفرنسي هذا االتجاه عندما يتعلق األمر باالختصاص أو إذا قام‬
‫المتعامل المتعاقد بأعمال إضافية واعتمد في ذلك على المسؤولية الشبه التعاقدية أو استنادا‬
‫إلى المسؤولية التقصيرية لإلدارة التي ينبغي أن يثيرها المدعي‪ ،‬تأسيسا على ذلك وحتى ال‬
‫يتحول القاضي اإلداري من قاض للمشروعية إلى قاض يشجع على خرق المشروعية‪ ،‬البد‬
‫على المدعي أن يبين بوضوح نظام المسؤولية التي يؤسس عليه دعواه‪ ،‬هل هي تعاقدية أو‬
‫تقصيرية أو شبه تعاقدية وعلى المحكمة أن تبث في حدود طلبات المدعي‪.2‬‬
‫في فرنسا بموجب اجتهاد قضائي صادر عن مجلس الدولة الفرنسي سنة ‪، 8229‬‬
‫قضية » ‪ ،« Commune de Béziers‬أصبح للقاضي إمكانية إلغاء العقد بطلب أطرافه‬
‫بعد رفعهم لدعوى قضائية أمام قاضي العقد يطعنون فيها في صحة العقد‪ ،‬من خالل هذه‬
‫الدعوى يملك القاضي سلطات واسعة‪ ،‬فبعد األخذ بعين االعتبار طبيعة وأهمية اآلثار‬
‫الناجمة عن عدم المشروعية السيما مبدأ استقرار العالقات التعاقدية‪ ،‬فإن القاضي يقرر إما‬
‫تنفيذ العقد مع اتخاذ اإلجراءات التنظيمية من قبل الشخص العام‪ ،‬أو فسخ العقد بأثر مؤجل‬
‫بشرط أن ال يؤدي هذا الفسخ للمساس بالمصلحة العامة‪.3‬‬
‫يخضع ركني المحل والسبب في عقد الصفقة العمومية لنفس القواعد التي يخضع لها‬
‫العقد المدني‪ ،‬وقد أقرت المادة ‪ 91‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 4‬بضرورة تحديد موضوع‬
‫الصفقة وتوصيفه توصيفا دقيقا‪ ،‬وعليه فإن محل الصفقة البد أن يقوم على أساس المادة ‪8‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬الباهي محمد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪ 11‬و ص‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 335.‬‬
‫‪ 4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫من نفس التنظيم على إنجاز األشغال و اقتناء اللوازم و الخدمات والدراسات لحساب‬
‫‪1‬‬
‫المصلحة المتعاقدة‬
‫أما السبب البد أن يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ومن تطبيقات القضاء الفرنسي‬
‫في هذا المجال قضية » ‪ ،« Roussy‬والتي تتلخص وقائعها في أنه‪:‬‬
‫تم عقد اتفاق سري بين عمدة إحدى البلديات ومقاول بهدف استبعاد المتنافسين من‬
‫الدخول في المناقصة المتعلقة بإنشاء قناة مائية‪ ،‬وقد كان عرض السيد » ‪ « Roussy‬كافيا‬
‫العتباره صاحب أفضل العطاءات‪ ،‬كما تضمن االستالم النهائي أعماال وهمية لم يقم‬
‫المقاول بتنفيذها‪ ،‬وبعد انتهاء والية العمدة اكتشف العمدة الجديد هذه المناورة وطلب من‬
‫السيد » ‪ « Roussy‬إعادة المبلغ الذي دفع له دون وجه حق لقاء أعمال وهمية‪ ،‬غير أن‬
‫هذا األخير تمسك بالعقد المبرم مع سلفه‪ ،‬ورغم أن مفوض الحكومة قد دفع باالحتيال‬
‫والتدليس إلبطال هذا العقد إالّ أن الحكم لم يؤسس على أحد هذين األساسين وانما اقتصر‬
‫على تأسيس البطالن على فكرة الباعث الذي هدف إليه المتعاقدون وهو دفع مبالغ مالية‬
‫أعلى من المستحق لو أجريت مناقصة سليمة‪ ،‬ومن ثم فإن الصفقة باطلة لعدم مشروعية‬
‫سببها‪.2‬‬
‫‪ -2‬الشروط الشكلية و اإلجرائية‬
‫حرص المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية على تحديد‬
‫شكل عقد الصفقة العمومية بموجب المادة ‪ 8‬منه التي نصت صراحة على ما يلي‪:‬‬
‫" الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به‪. " ...‬‬
‫انطالقا من نص هذه المادة يمكن التساؤل حول ما إذا كانت الصفقة عقدا شكليا تعتبر‬
‫الكتابة فيه شرط انعقاد يترتب عن تخليها بطالن العقد أم أن الكتابة ال تعدو أن تكون شرط‬
‫إثبات ؟‬
‫األصل بأنه ما دام المشرع قد أوجب إفراغ الصفقة في شكل كتابي فإن مؤدي ذلك أن‬
‫الصفقة العمومية عقود شكلية‪ ،‬تكون الكتابة فيها شرط انعقاد وليست فقط شرط إثبات ولقد‬
‫أكدت المادة ‪ 91‬من تنظيم الصفقات العمومية على الطابع الكتابي‪ ،‬حينما اشترطت ضرورة‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،6‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬


‫‪ 2‬بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪266‬‬
‫تضمين عقد الصفقة العمومية على بيانات إلزامية‪ ،‬بحيث جاءت هذه المادة في مقدمتها‬
‫على النحو التالي ‪:‬‬
‫" يجب أن تشير كل صفقة إلى التشريع و التنظيم المعمول بهما والى هذا المرسوم‪،‬‬
‫ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات اآلتية‪.1" ...‬‬
‫لكن يتضح أن نفس المرسوم الرئاسي‪ 2‬حمل استثناءات على إبرام عقد الصفقة‬
‫العمومية بالشكل الكتابي و في هذا اإلطار نصت المادة ‪ 28‬على ما يلي‪:‬‬
‫" عندما ال يسمح االستعجال الملح بإعداد الصفقة‪ ....‬يثبت اتفاق الطرفين عن‬
‫طريق تبادل الرسائل"‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬تبرم صفقة تسوية خالل ستة أشهر‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بقواعد اإلجراءات المتعلقة بإبرام الصفقة‪ ،‬فاإلدارة ملزمة بإتباعها‪ ،‬غير‬
‫أنه وانطالقا من قرار مجلس الدولة الفرنسي » ‪ « Manoukian‬ال يسمح ألطراف العقد‬
‫بإثارة مخالفة الصفقة العمومية لقواعد إبرامها من أجل عدم تطبيق العقد باستثناء إذا ما‬
‫كانت المخالفة تنصب على خطورة كبيرة و كذا الظروف المحيطة بها‪ ،‬بالنتيجة فإن القاضي‬
‫يفضل استقرار العقد على إثارة عدم مشروعية إبرام العقد المثار من قبل أطرافه ‪.3‬‬
‫وبهذا المعنى يشار إلى نقطة مهمة‪ ،‬فاألصل أن المصلحة المتعاقدة تتأكد قبل إبرام‬
‫الصفقات العمومية من توفر االعتمادات المالية وكفايتها لتغطية النفقة المترتبة عنها وأن ال‬
‫يتم الشروع في تنفيذها إالّ بعد حصولها على تأشيرة األجهزة المكلفة بمراقبة سالمة الصفقة‬
‫من هذا الجانب‪ ،‬فإن الواقع العملي يثبت أن هناك صفقات تمت دون مراعاة هذه الجوانب‬
‫مما خلق منازعات قضائية بعد أن تعذر على المتعاقد مع اإلدارة استيفاء مستحقاته ولم يجد‬
‫حال آخر غير طرح النزاع على القضاء‪.4‬‬
‫باستقراء اجتهاد مجلس الدولة تحت رقم ‪ 82829‬في قضية رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي لبلدية ثنية األحد ضد (ز‪ ،‬د) بتاريخ ‪ 8221/28/28‬فإنه يستشف موقف مجلس‬
‫الدولة الذي يميل إلى القول بانعدام أي تأثير لمخالفة قواعد المحاسبة العمومية على سالمة‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،94‬المرسوم الرئاسي ‪ ،15-247‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 337et p338.‬‬
‫‪ 4‬الزياتي محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪267‬‬
‫عقد الصفقة‪ ،‬وبالتالي فإن الدين المتولد عن الصفقة غير المؤشر عليها يبقى دينا مشروعا‬
‫ويجوز المطالبة به قضاءا‪ ،‬و قد جاء قرار مجلس الدولة على النحو التالي ‪:‬‬
‫"‪ ...‬ال تستطيع البلدية التذرع بعدم توفر السيولة المالية لالمتناع عن تسديد مبلغ‬
‫األشغال التي طلبتها‪.1"...‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الطعن الممارس من قبل المتنافسين المتضررين من إبرام الصفقة العمومية‬
‫ابتداء من إمضاء الصفقة العمومية‪ ،‬يفقد المتنافس المتضرر من هذا اإلمضاء الحق‬
‫في إلغاء الق اررات القابلة لالنفصال عن العقد والسابقة له‪ ،‬ذلك أن هذا الطعن يفقد موضوعه‬
‫إذا ما تم إمضاء العقد قبل تقديم عريضة الطعن لتجاوز السلطة أو أثناء إبرام العقد‪ ،‬لكن‬
‫يمكن للمتنافس المتضرر أن يقدم طعنا أمام قاضي العقد بهدف إلغاء العقد مع التعويض‪.2‬‬
‫هذا النوع من الطعون تم إق ارره بموجب قرار صادر عن مجلس المنازعات بمجلس‬
‫الدولة‪ 3‬وفي حيثية مهمة له‪ ،‬فقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على أنه وبشكل مستقل عن‬
‫التصرفات المثارة من قبل أطراف العقد أمام قاضي العقد‪ ،‬كل متنافس متضرر من إبرام عقد‬
‫إداري يمكنه وأمام نفس القاضي القيام بطعن يندرج ضمن القضاء الكامل يحتج فيه على‬
‫صحة العقد أو بعض شروطه‪ ،‬مع إمكانية طلب تعويض‪.4‬‬
‫لقد حدد قرار مجلس الدولة في قضية » ‪ « Société Tropic travaux‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 20‬جويلية ‪ 8228‬تحت رقم ‪ ،892141‬الشروط التي ينبني عليها هذا الطعن(‪)2‬‬
‫وكذا سلطات القاضي في هذا النوع من الطعون (‪. )8‬‬

‫‪ 1‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11149‬المؤرخ في ‪ ،1114/17/11‬قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي بلدية ثنية األحد ضد‬
‫(زاد)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،1114 ،7‬ص ‪.44‬‬
‫‪2‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op. cit, P 202.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 329.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ce Aos, 16 Juillet 2007, Ste Tropic travaux signalisation, req , n° 291545‬‬
‫‪« Considérant que, indépendamment des actions dont les parties au contrat disposent devant le‬‬
‫‪juge du contrat, tout concurrent évincé de la conclusion d’un contrat administratif est‬‬
‫‪recevable à former devant ce même juge un recours de plein juridiction contestant la validité‬‬
‫‪de ce contrat au de certaines de ses clauses, qui en sont divisibles, assorti, le cas échéant, de‬‬
‫‪demandes indemnitaires ».‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, P 202.‬‬
‫‪268‬‬
‫‪ -1‬شروط طعن المتنافس المتضرر في صحة عقد الصفقة العمومية‬
‫حتى يستطيع المدعى الطعن في صحة عقد الصفقة العمومية البد عليه من احترام‬
‫الميعاد القانوني لهذا الطعن (أ) و كذا توفر شرط الصفة (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬احترام الميعاد القانوني‬
‫في القانون الجزائري ال يوجد أية إشارة لهذا النوع من الطعن‪ ،‬وعليه يمكن الرجوع إلى‬
‫القواعد العامة المقررة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ففي هذه الحالة يمكن للمتنافس‬
‫المتضرر رفع دعوى تعويض عن الضرر الذي أصابه ضمن الشروط العامة لدعوى‬
‫التعويض حسب القرار رقم ‪ 24028‬في قضية بلدية العلمة ضد(هـ‪.‬ع) لمجلس الدولة و‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 8224/20/21‬و الذي سوف يتم بتفصيله الحقا حينما يتم تبيان سلطات‬
‫القاضي‪.‬‬
‫ب ‪ -‬شرط الصفة‬
‫إن الطعن في صحة إبرام العقد مخصص فقط للمتنافسين المتضررين من إبرام‬
‫الصفقة‪ ،‬وعليه فإن الحاملين لصفة الغير والذي ال ينتمون للمتنافسين المتضررين ال يمكنهم‬
‫الطعن في صحة العقد‪.1‬‬
‫يبقى التساؤل منصبا حول من يعتبر متنافسا متضر ار وهنا يشار إلى أن الترشح‬
‫للصفقة العمومية ال يعتبر دليال لتعريف المتنافس المتضرر‪ ،‬ذلك أنه يوجد متعاملون‬
‫اقتصاديون لم يستطيعوا الترشح للصفقة بسبب غياب إعالنها‪ ،‬وعليه قام مجلس الدولة‬
‫الفرنسي بتحديد األشخاص المستفيدين بهذا الطعن تحديدا دقيقا في قرار صادر عنه بتاريخ‬
‫‪ 8229/22/20‬في قضية وزير الهجرة و » ‪ ، « Association collectif respect‬إذ أقر‬
‫بأنه يعتبر متنافسين متضررين المؤسسات التي لم تترشح لكنها تحمل مؤهالت الترشح‬
‫للصفقة‪.2‬‬
‫‪ -2‬سلطات القاضي‬
‫إذا رأى قاضي العقد الفرنسي بأن هناك عيب يمس بصحة العقد فيقوم بترتيب النتائج‬
‫‪3‬‬
‫عن ذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas, XAVIER Boissy, op.cit, P 101.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, p 333.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ce, Ass, 16 Juillet 2007, Société Tropic travaux signalisation , n° 291545 .‬‬
‫‪269‬‬
‫‪ -‬يمكن فسخ العقد أو تعديل بعض شروطه‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير مواصلة تنفيذ العقد مع اتخاذ اإلجراءات التنظيمية من قبل المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫‪ -‬التعويض عن الضرر الناجم‪.1‬‬
‫أخي ار بعد التأكد من أن القرار ال يمس بالمصلحة العامة ومصلحة المتعاقدين يمكن‬ ‫‪-‬‬
‫للقاضي إلغاء العقد جزئيا أو كليا مع أثر مؤجل‪.‬‬
‫عودة إلى قرار مجلس الدولة الجزائري رقم ‪ 24028‬المتعلق بقضية بلدية العلمة ضد‬
‫(هـ‪.‬ع) الصادر بتاريخ ‪ 8224/20/21‬والذي أقر فيه القاضي التعويض للسيد (هـ‪.‬ع) نتيجة‬
‫مخالفة البلدية إلجراءات إبرام الصفقة العمومية ما إنجر عنه ضرر للسيد (هـ‪ ،‬ع)‪.2‬‬
‫إن الالفت لالنتباه وعودة إلى حيثيات هذا القرار‪ ،‬فإنه يالحظ بأن السيد (هـ‪.‬ع) رفع‬
‫دعوى تعويض عن الضرر الذي لحقه من إبرام الصفقة العمومية‪ ،‬ولم يخاصم صحة العقد‬
‫اإلداري‪ ،‬حتى أن القاضي بقي في حدود طلبات السيد (هـ‪،‬ع) والمقتصرة في التعويض‪ ،‬هل‬
‫هذا يعني إمكانية رفع دعوى من قبل المتنافس المتضرر تخاصم صحة العقد اإلداري‪ ،‬يبقى‬
‫هذا التساؤل قائما إلى حين صدور اجتهاد قضائي جزائري كما هو الحال مع نظيره الفرنسي‬
‫الذي أقر الطعن في صحة العقد من قبل المتنافسين المتضررين بموجب اجتهاد قضائي‬
‫حديث أو في حالة نص القانون على ذلك بشكل صريح‪ ،‬لكن أمام هذا الصمت وتطبيقا‬

‫‪« Considérant que, ainsi saisi de telles conclusions par un concurrent évincé, il appartient au‬‬
‫‪juge, lorsqu’il constate l’existence de vices entachent la validité du contrat, d’en apprécier les‬‬
‫‪conséquences, qu’il lui revient, après avoir pris en considération la nature de l’illégalité‬‬
‫‪éventuellement commise, soit de prononcer la résiliation du contrat ou de modifier certaines‬‬
‫‪de ses clauses, soit de décider de la poursuite de son exécution, éventuellement sous réserve‬‬
‫‪de mesures de régularisation par la collectivité contractante, soit d’accorder des‬‬
‫‪indemnisations en réparation des droits lésés, soit enfin, après avoir vérifier si l’annulation du‬‬
‫‪contrat ne porterait pas une atteinte excessive à l’intérêt général ou aux droits des‬‬
‫‪cocontractants, d’annuler, totalement au partiellement, le cas échéant avec un effet différé ».‬‬
‫‪CROS Nicolas - XAVIER Boissy, op.cit, P 100 et 101.‬‬
‫‪ 1‬أقر القضاء الفرنسي بأن طلب التعويض عن الضرر الذي يمس بحقوق المتنافسين يكون إما في شكل احتياطي بالنسبة‬
‫للط لب األصلي المتعلق بإلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬أو يمكن أن يكون هذا الطعن مستقل يستند على عدم شرعية إبرام العقد وفي‬
‫كلتا الحالتين ال يستند طلب التعويض على الميعاد المحدد بشهرين المتعلق باستكمال المصلحة المتعاقدة إلجراءات اإلشهار‬
‫المناسبة‪ ،‬كما يشترط القضاء الفرنسي قبل رفع الدعوى المتضمنة التعويض أن يتم تقديم طلب قبلي للتعويض أمام المصلحة‬
‫المتعاقدة قبل إخطار القاضي أو أثناء ذلك ‪.‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, P 207.‬‬
‫‪ 2‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،16437‬المتعلق بقضية ‪ ،1116/14/14‬بلدية العلمة ضد (هـ‪،‬ع)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪،‬‬
‫‪ ،1116‬العدد‪ ،4‬ص ‪.131‬‬
‫‪270‬‬
‫للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ال يوجد ما يمنع‬
. ‫المتنافس المتضرر من رفع دعوى تتعلق بصحة العقد‬
le déféré préfectoral ‫ الطعن الوالئي‬-‫ثالثا‬
‫الطعن الوالئي هو ذلك الطعن الممارس من قبل ممثل الدولة في الوالية أمام المحكمة‬
‫ تم تأسيس‬،1‫اإلدارية ضد التصرفات التنفيذية للجماعات اإلقليمية والمشوبة بعدم المشروعية‬
‫ المتعلق‬2928 ‫ مارس‬8 ‫ لـ‬822/28 ‫هذا النوع من الطعن بموجب القانون الفرنسي رقم‬
‫ وهو طعن ينتمي إلى القضاء الكامل أين يمكن‬،‫ األقاليم والجهات‬،‫بحقوق وحريات البلديات‬
‫ وهو ما أشار إليه قرار مهم صادر عن مجلس الدولة‬2‫للوالي طلب إلغاء الصفقة العمومية‬
‫الفرنسي الذي اعتبر فيه بأن الطعن الوالئي ضد العقد وبسبب موضوعه هو طعن يدخل‬
:‫ فقد جاء في إحدى حيثيات هذا القرار ما يلي‬3‫ضمن القضاء الكامل‬
‫ من القانون العام‬0/8222 ‫ و‬،8/8222 ‫" يمكن للوالي إنطالقا من أحكام المواد‬
‫ إخطار القاضي اإلداري بطعن إلغاء عقد الصفقة العمومية وبغض‬،‫للجماعات اإلقليمية‬
‫ على القاضي‬،‫ فإن الطعن ضد العقد يندرج ضمن القضاء الكامل‬،‫النظر عن موضوعه‬
: ‫حينما يتبين له وجود عيب يمس بصحة العقد اتخاذ النتائج التالية‬
‫ إما أن يفسخ العقد أو أن يعدل‬،‫بعد أخذه بعين االعتبار لطبيعة عدم المشروعية‬
‫شروطه أو يق رر استكمال تنفيذ العقد مع أخذ التدابير التنظيمية من قبل المصلحة المتعاقدة‬

1
FREDERIC Julien, op. cit, P 107.
2
CROS Nicolas – XAVIER Boissy, op.cit, P 85.
3
Ce 23/12/2011, Ministre de l’intérieur , req, n° 348647 .
« Considérant que le préfet peut sur le fondement des dispositions des articles L 2131/2 ET l
2131/6 DU Code général des collectivités territoriales, … Saisir le juge administratif , d’un
référé tendant à l’annulation d’un marché public, qu’en égard à son objet, un tel recours formé
à l’encontre d’un contrat relève du contentieux de pleine juridiction qu’il appartient au juge,
lorsqu’il constate l’existence de vices entachant la validité du contrat, d’en apprécier les
conséquences : qu’il lui revient, après avoir, pris en considération la nature de l’illégalité
éventuellement commise, soit de prononcer la résiliation du contrat ou de modifier certaines
de ses clauses, soit de décider de la poursuite de son exécution, éventuellement dans réserve
de mesures de régularisation ou par la collectivité contractante, soit enfin, après avoir vérifié
si l’annulation du contrat ne porterait pas une atteinte excessive à l’intérêt générale ou aux
droits des cocontractants, d’annuler, totalement ou partiellement, le cas échéant avec un effet
différé, le contrat ».
PALMIER Sébastien, op. cit, P 207.
271
‫أو في األخير إذا ما عاين بأن إلغاء العقد من شأنه المساس بمصلحة عامة أو اإلضرار‬
‫بحقوق المتعاقدين‪ ،‬أن يقرر إلغاؤه بأثر مؤجل‪.‬‬
‫هناك طريقان لممارسة هذا النوع من الطعن في القانون الفرنسي‪ ،‬فإما أن يتم مباشرة‬
‫من قبل الوالي بالنسبة للتصرفات الصادرة عن البلديات والخاضعة لوجوب إرسالها‬
‫للوالي(‪ ،)2‬أو أن يتم هذا الطعن على أساس تحريك الغير لهذا الطعن بواسطة الوالي(‪.1)8‬‬
‫‪ -2‬الطعن الوالئي المباشر‬
‫تصبح التصرفات نافذة بقوة القانون بمجرد نشرها أو إعالمها لألشخاص المعنيين‬
‫وأيضا بمجرد إرسالها إلى الوالي‪ ،‬بالنسبة ألغلب التصرفات التي تخضع للقانون الفرنسي فال‬
‫يوجد ميعاد قانوني إلرسالها ماعدا الصفقات العمومية فيجب أن يتم إرسالها خالل ‪ 21‬يوما‬
‫من توقيعها مع إرفاقها بجميع الوثائق الملحقة‪ ،‬وهو ما نصت عليه المواد ‪،9/2422‬‬
‫‪ 0/2222 ،22/8222‬و ‪ 0/4242‬من قانون العام للجماعات اإلقليمية الفرنسي كما تضيف‬
‫المادة ‪ 2/8222‬من نفس القانون على إمكانية إرسال هذه التصرفات بالطريقة اإللكترونية‪.2‬‬
‫حينما يكون اإلرسال خاليا من المستندات الضرورية لتقدير شرعية هذه التصرفات‪،‬‬
‫فإن للوالي أن يطلب من مصدر التصرف استكمال هذا اإلرسال بالوثائق الضرورية ويمارس‬
‫هذا الطلب خالل شهرين من تاريخ وصول التصرف المرسل‪ ،‬أما بالنسبة للميعاد القانوني‬
‫لرفع الوالي لطعنه أمام المحكمة فيتحدد سريانه ابتداء من تاريخ وصول الوثائق المكملة‬
‫للتصرف أو من تاريخ رفض مصدر القرار إرسال هذه الوثائق في أجل شهرين‪.3‬‬
‫‪ -2‬الطعن الوالئي غير المباشر نتيجة طلب الغير‬
‫إن هذا الطعن يتم استنادا إلى طلب الغير و هو كل شخص يرى أنه تضرر من إبرام‬
‫العقد‪ 4‬فالمادة ‪ 2/8222‬من القانون العام للجماعات اإلقليمية الفرنسي تمنح لألشخاص‬
‫المتضررة التقدم بطلب إلى الوالي من أجل أن يقوم بالطعن في التصرف والذي أضرهم‪ ،‬وال‬
‫حر في قبول أم‬
‫يخضع هذا الطلب ألي قاعدة شكلية‪ ،‬مجرد رسالة عادية تكفي‪ ،‬والوالي ّ‬
‫عدم قبول الطلب‪ ،5‬بحيث أن رفض الوالي تقديم طعن والئي غير قابل للطعن من قبل‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op .cit, P 108 et 109.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, P 110 et P 111.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, P 211.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ibid, P 210.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 109.‬‬
‫‪272‬‬
‫‪،1‬‬
‫يمارس طلب الغير المحرك‬ ‫» ‪« Brasseur‬‬ ‫المتضرر بحسب قرار مجلس الدولة الفرنسي‬
‫حيز النفاذ‪ 2‬وفي حالة قبول الوالي لهذا‬
‫للطعن الوالئي خالل مدة شهرين من دخول التصرف ّ‬
‫الطلب فإنه يقوم برفع طعن والئي خالل مدة شهرين من تاريخ تقديم الطلب من قبل الغير‪،‬‬
‫أمام المحكمة اإلدارية‪ ،‬وفي حالة رفض طلب الغير من قبل الوالي يصبح للشخص‬
‫المتضرر ميعاد شهرين انطالقا من تاريخ الرفض من أجل القيام بطعن لتجاوز السلطة ضد‬
‫التصرف‪.3‬‬
‫كما سلف الذكر فإن الطعن الوالئي في مادة الصفقات العمومية يندرج في إطار‬
‫ممارسة الوالي لسلطته الوصائية‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى التساؤل حول مدى ممارسة هاته‬
‫السلطة من قبل الوالي في القانون الجزائري‪ ،‬عودة إلى أحكام قانون البلدية الجزائري فقد‬
‫أوجب بموجب المادة ‪ 8/294‬إرسال محاضر المناقصة والصفقة العمومية إلى الوالي‪،‬‬
‫مرفقان بالمداولة المتعلقة بهما‪ ،‬فهو بذلك قد ساير نفس المنحى الذي سلكه المشرع الفرنسي‬
‫حينما أوجب إرسال الصفقة العمومية والوثائق المتعلقة بها إلى الوالي مقارنة مع باقي‬
‫التصرفات القانونية التي ال تخضع بعضها إلى ضرورة إرسالها وذلك حسب أهميتها‪.‬‬
‫لكن يكمن وجه االختالف في أن المشرع الفرنسي حدد األجل الذي يتم فيه إرسال‬
‫الصفقة العمومية من قبل رئيس البلدية إلى الوالي‪ ،‬في حين لم يفعل المشرع الجزائري‪.‬‬
‫تتم المصادقة على محضر المناقصة والصفقة العمومية بموجب المادة ‪ 2/294‬عن‬
‫طريق مداولة المجلس الشعبي البلدي ‪ ،‬ويفهم من الفقرة الثانية لنفس المادة بأن محاضر‬
‫المناقصة والصفقة العمومية يرسالن في نفس الوقت الذي ترسل فيه المداولة التي صودق‬
‫عليهما إلى الوالي‪.4‬‬
‫بصفة عامة فإن المداوالت بحسب المادة ‪ 8/11‬من قانون البلدية فهي تودع لدى‬
‫الوالي مقابل وصل استالم في أجل ‪ 2‬أيام‪ ،‬أي أن أجل إرسال محضر المناقصة و الصفقة‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas – XAVIER Boissy, op.cit, P20.‬‬
‫‪Ce, Sect 25 Janvier 1991, Brasseur, N° 80969.‬‬
‫» …‪« … La refus du préfet de déférer un acte est insusceptible de recours‬‬
‫‪2‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 327.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, p 121.‬‬
‫المادة ‪ ،196‬قانون البلدية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪273‬‬
‫العمومية المرفقة بالمداولة سوف يكون خالل ‪ 2‬أيام تطبيقا لنص المادة أعاله ما دام ال‬
‫يوجد نص خاص بأجل إرسال الصفقات العمومية كما هو الحال في القانون الفرنسي ‪.‬‬
‫يبقى التساؤل منصبا حول األجل الذي يمكن فيه للوالي الطعن في المداولة المصادقة‬
‫على محضر الصفقة العمومية ؟ ‪.‬‬
‫ال يحدد المشرع الجزائري أجال خاصا بالصفقة العمومية‪ ،‬وبالتالي فهي تخضع لنفس‬
‫القواعد العامة المنصوص عليها في قانون البلدية‪.‬‬
‫بحسب نص المادة ‪ 10‬من قانون البلدية فإن األجل المحدد للوالي هو أجل مصادقة‬
‫وليس أجل طعن أمام المحكمة اإلدارية‪ ،‬بحيث تصبح مداولة المجلس الشعبي البلدي قابلة‬
‫للتنفيذ بقوة القانون بعد ‪ 82‬يوما من تاريخ إيداعها بالوالية‪ ،‬خالل هذا األجل إذا عاين الوالي‬
‫بأن المداولة غير مطابقة للقوانين والتنظيمات فيمكنه إبطالها مباشرة‪ ،1‬دون اللجوء إلى‬
‫القضاء‪ ،‬ويمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي وفقا للشروط المنصوص عليها قانونا أن‬
‫يرفع إما تظلما إداريا أو دعوى قضائية أمام الجهات المختصة ضد قرار الوالي الذي يثبت‬
‫بطالن أو رفض المصادقة على المداولة‪. 2‬‬
‫بعد مصادقة الوالي على المداولة يتخذ رئيس المجلس الشعبي البلدي قرار تنفيذ‬
‫مداولة المجلس الشعبي البلدي وال يصبح هذا القرار قابال للتنفيذ إال بعد إعالم المعنيين به‬
‫عن طريق النشر‪ ، 3‬ترسل هذه الق اررات خالل ‪ 42‬ساعة إلى الوالي مقابل وصل استالم و‬
‫يتم إلصاقها في المكان المخصص إلعالم الجمهور وتدرج في مدونة العقود اإلدارية‬
‫للبلدية‪.4‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الدعاوى المنصبة على بنود الصفقة‬
‫بمجرد قيام عقد الصفقة العمومية على أسس صحيحة وسليمة فإنه يصبح ألطراف‬
‫العقد حقوق و التزامات متقابلة ناجمة عن تنفيذ العقد و من ثم فإن االعتداء أو اإلخالل‬
‫بالشروط التعاقدية يرتب مسؤولية عقدية في حق من كان االعتداء بخطئه و أحدث ضر ار‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ ،49‬قانون البلدية‪ ،‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،41‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ ،97‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‬
‫المادة ‪ ،1/94‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪274‬‬
‫(أوال) غير أن هاته القاعدة ال تأخذ على إطالقها إذ يمكن أن يكون هذا االعتداء خارجا عن‬
‫نطاق أطراف العقد أو ما يسمى بالمسؤولية دون خطأ (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الدعاوى المنصبة على المسؤولية العقدية على أساس الخطأ‬
‫تقوم المسؤولية العقدية على أساس عدم تنفيذ أو التنفيذ السيء للعقد لكال طرفيه بمعنى‬
‫أن يقع الخطأ سواء من اإلدارة أو من المتعاقد معها‪ ،1‬غير أن تنوع التزامات اإلدارة و كذا‬
‫السلطات الممنوحة لها السيما امتياز السلطة العامة تجعل التركيز ينصب على دراسة‬
‫المسؤولية العقدية لإلدارة ‪.‬‬
‫في الحقيقة فإن المسؤولية العقدية للمصلحة المتعاقدة على أساس الخطأ تقوم على‬
‫دعامتين‪ ،‬االستعمال السيئ لسلطات اإلدارة (‪ )8‬واخالل المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها‬
‫التعاقدية (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬إخالل المصلحة المتعاقدة اللتزاماتها التعاقدية‬
‫إن أهم التزام يقع على اإلدارة تحقيقه يتمثل في كل من التزام المصلحة المتعاقدة‬
‫بتمكين المتعاقد معها من البدأ في تنفيذ العقد (أ) والتزام اإلدارة بضمان الحق المالي‬
‫للمتعامل المتعاقد (ب) ‪.‬‬
‫أ‪ -‬التزام اإلدارة بتمكين المتعاقد من البدء في التنفيذ‬
‫العقود اإلدارية عقود زمنية يلتزم المتعاقد مع اإلدارة فيها بإنهاء األعمال الموكلة إليه‬
‫في مدى زمني محدد بالعقد و إال طبقت عليه مختلف أنواع العقوبات‪.2‬‬
‫لكن قد يتأخر المقاول في البدء في األشغال موضوع الصفقة ويرجع ذلك إلى خطأ من‬
‫طرف المصلحة المتعاقدة كعدم تمكينه من موقع األشغال أو من مخططات المشروع‬
‫موضوع الصفقة أو إلى القوة القاهرة كسوء األحوال الجوية‪ ،‬فإذا تأخر بدء األشغال بقرار من‬
‫المصلحة المتعاقدة أو حصل تأخير في إنجاز عمليات تمهيدية يقع على عاتق المصلحة‬
‫المتعاقدة تحمل مسؤولية هذا التأخير‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 428.‬‬
‫‪ 2‬خليفة عبد العزيز عبد المنعم‪ ،‬المسؤولية اإلدارية في مجال العقود اإلدارية‪ :‬دراسة تحليلية في ضوء أحدث أحكام مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،1117 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪3‬‬
‫بختي سهام‪ ،‬التزامات المقاول في الصفقات العمومية المتعلقة بأشغال البناء‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1116/1113‬ص ‪.46‬‬
‫‪275‬‬
‫أقرت المادة ‪ 4-248‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 848-21‬بمسوؤلية المصلحة المتعاقدة‬
‫الناجمة عن التأخير كما يلي‪:‬‬
‫" يعود القرار باإلعفاء من دفع العقوبات المالية بسبب التأخير إلى مسؤولية‬
‫المصلحة المتعاقدة‪ ،‬ويطبق هذا اإلعفاء عندما ال يكون التأخير قد تسبب فيه المتعامل‬
‫المتعاقد الذي تسلم له في هذه الحالة أوامر بتوقيف األشغال أو باستئنافها " ‪.‬‬
‫إن أهم أمر يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تهمله هو إخاللها بالتزامها بتسليم األمر‬
‫بالخدمة القاضي بالبدأ في التنفيذ‪.‬‬
‫خصت أغلب التشريعات اإلدارية التزام اإلدارة بتسليم هذا النوع من األوامر بالخدمة‬
‫حد التنصيص على أحقية المتعاقد للمطالبة بالفسخ القضائي فبالرجوع إلى‬
‫بأهمية بالغة إلى ّ‬
‫التشريع الفرنسي‪ ،‬خاصة المواد ‪ 8،40،2‬من القرار الصادر بتاريخ ‪ 8229/22/22‬المتعلق‬
‫بالمصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبق على صفقات األشغال العامة‪ ،‬فإنه قد‬
‫جعل التسليم المتأخر للخدمة المخول للبدء في التنفيذ من بين األسباب التي ترتب أحقية‬
‫المتعاقد في المطالبة بفسخ العقد‪.1‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري‪ ،‬بالرغم من أنه لم ينص بشكل صريح على أن تأخر‬
‫اإلدارة في تسليم أمر الخدمة يشكل أساسا للمطالبة بفسخ الصفقة إالّ أنه يمكن أن يستشف‬
‫ذلك من خالل تحليل نص المادة ‪ 24‬من القرار المؤرخ في‪ 2904/22/82‬المتضمن‬
‫المصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات األشغال الخاصة بو ازرة‬
‫تجديد البناء و األشغال العمومية و النقل‪ ،2‬فقد جاءت المادة ‪ 24‬كما يلي‪:‬‬
‫"‪ -8..‬عندما تقرر اإلدارة تأجيل األشغال لمدة تزيد عن سنة واحدة سواء كان ذلك‬
‫قبل بدء التنفيذ أو بعده‪ ،‬يحق للمقاول فسخ صفقته إذا طلب ذلك كتابيا دون اإلخالل‬
‫بالتعويض الذي يجوز تأديته له إذا اقتضى ذلك في إحدى الحالتين‪...‬‬

‫اللوسي ابتسام‪ ،‬الفسخ القضائي للعقد اإلداري‪ ،‬صفقات األشغال العمومية نموذجا‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪1‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،199‬نوفمبر ‪ ،1116‬ص ‪.46‬‬


‫القرار المؤرخ في ‪ ،1946/11/11‬المتضمن المصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات‬ ‫‪2‬‬

‫األشغال الخاصة بو ازرة تجديد البناء و األشغال العمومية و النقل‪ ،‬جريدة رسمية عدد رقم‪ ،4‬الصادرة في ‪ 19‬يناير‪،1944‬‬
‫ص ‪.46 -64‬‬
‫‪276‬‬
‫‪ -7‬عندما تفرض اإلدارة تأجيل األشغال لمدة تقل عن سنة‪ ،‬فال يحق للمقاول فسخ‬
‫الصفقة إنما يجوز طلب التعويض في حالة تضرره بصورة محققة‪. "...‬‬
‫بالرجوع إلى تحليل المطة الثانية أعاله والتي ترتبط بمرحلة ما قبل الشروع في التنفيذ‪،‬‬
‫فإن ما يجب التركيز عليه هو أن هذه المرحلة إما أن يكون قد تخللها إصدار األمر بالخدمة‬
‫الذي يقضي بالبدء في التنفيذ أو لم يتم إصداره ‪.‬‬
‫ما يهم في نطاق هذه الدراسة حالة إصدار األمر بتأجيل األشغال قبل إصدار األمر‬
‫بالخدمة الذي يقضي بالشروع في التنفيذ‪ ،‬فإنه وارتبطا بما جاء في نص المادة ‪ 24‬فإن‬
‫المتعاقد في هذه المرحلة يكون له الحق في المطالبة بفسخ العقد‪ ،‬إذ أن التأجيل سيواكبه‬
‫توقف المتعاقد لمدة طويلة تفوق السنة دون الشروع في التنفيذ ما يكبده مجموعة من الخسائر‬
‫واألضرار التي قد يصعب تداركها الحقا ولهذا فإن مسؤولية اإلدارة هنا قائمة على خطئها‬
‫وهي من تتحمل عواقب هذا التأخير ‪.‬‬
‫فعلى اإلدارة أن تمكن المتعامل المتعاقد من تنفيذ الصفقة وهي في سبيل ذلك توفر له‬
‫كافة المستندات الالزمة لتنفيذ األشغال كتراخيص البناء وغيرها من التراخيص‪ ،‬وتلتزم بتسليم‬
‫المواقع خالية من كافة الموانع وقد أكدت المادة ‪ 28‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة على‬
‫أنه في حالة ما ارتأى المقاول بأن مقتضيات أمر المصلحة تتجاوز التزاماته المتعاقدة كما‬
‫هو الحال في أمر الخدمة بتنفيذ األشغال لكنه مشوب بعدم تحضير المصلحة المتعاقدة‬
‫للموقع‪ ،‬فيجب عليه تحت طائلة الفسخ‪ ،‬تقديم مالحظة خطية ومعللة األسباب إلى مهندس‬
‫الدائرة أو المهندس المعماري خالل أجل ‪ 22‬أيام‪ ،‬إن مطالبة المقاول تلك ال تبيح له توقيف‬
‫أمر المصلحة إذا أمر بخالف ذلك مهندس الدائرة أو المهندس المعماري‪ ،‬وعندما تأمر‬
‫اإلدارة بتوقيف األشغال بصفة مطلقة تفسخ المقاولة فورا‪ ،‬وفي حالة التأجيل تطبق عليها‬
‫مقتضيات المادة ‪ 24‬أعاله‪.1‬‬
‫من تطبيقات القضاء الجزائري في هذا المجال القرار رقم ‪ 21221‬الصادر عن مجلس‬
‫الدولة في قضية بلدية سكيكدة ضد مقاولة (م‪.‬ب)‪ 2‬الذي جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫المادة ‪ ، 36‬دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات األشغال الخاصة بو ازرة تجديد البناء و األشغال العمومية‬ ‫‪1‬‬

‫و النقل‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،14444‬المؤرخ في ‪ ،1116/19/11‬قضية بلدية سكيكدة ضد مقاولة (م‪ ،‬ب)‪ ،‬مجلة مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬العدد‪ ،1114 ،7‬ص ‪.77‬‬
‫‪277‬‬
‫" حيث في قضية الحال‪ ،‬تلقت المؤسسة المستأنف عليها األمر بالخدمة القاضي‬
‫بمباشرة األشغال بتاريخ ‪ 8222/22/80‬وأنها لم تستطع الشروع في إنجاز األشغال بفعل أن‬
‫مخططات الدراسات الخاصة بجدار التحويط لم تكن جاهزة إذ لم تقدم مخططات المراقبة‬
‫التقنية للبناء إال بتاريخ ‪ 8222/22/82‬وأن ورشة األشغال فتحت بتاريخ ‪ 8222/22/24‬وأن‬
‫ممثل البلدية و مركز المراقبة التقنية للبناء قاما بزيارة الورشة في ‪.8222/22/88‬‬
‫وأنه بتاريخ ‪ 8222/20/20‬وجهت البلدية المستأنفة للمؤسسة المستأنف عليها‪ ،‬أم ار‬
‫بالخدمة قضى بوقف األشغال بأثر رجعي‪.‬‬
‫وأنه بتاريخ ‪ 8222/21/88‬تمت األشغال بإنجاز جدار تحويط المدرسة اإلبتدائية وأنه‬
‫يستخلص من عناصر الملف بأن المؤسسة المستأنف عليها قد لحق بها ضر ار فعال من‬
‫حيث أنها عندما تلقت األمر بخدمة‪ ،‬لم تكن مخططات اإلنجاز جاهزة وأن قضاة الدرجة‬
‫األولى بتقريرهم منحه مبلغ ‪ 212.222‬كتعويض عن الضرر الالحق قد قدروا وقائع القضية‬
‫تقدي ار سليما و منه يتعين تأييد القرار المستأنف "‪.‬‬
‫ب‪ -‬التزام اإلدارة بضمان الحق المالي للمتعامل المتعاقد‬
‫تلتزم اإلدارة المتعاقدة بأداء المقابل المالي للمتعاقد الذي أوفي بالتزاماته العقدية‪ 1‬واال‬
‫رتب ذلك مسؤوليتها‪.‬‬
‫يأخذ المقابل المالي الذي يتقاضاه المتعامل المتعاقد ثالثة كيفيات للدفع‪ ،‬بحيث تتم‬
‫التسوية المالية للصفقة بدفع التسبيقات(ب‪ )2.‬و‪ /‬أو الدفع بالحساب (ب‪ )8.‬وبالتسويات‬
‫على رصيد الحساب‪( 2‬ب‪.)2.‬‬
‫ب‪ -1.‬التسبيق‬
‫نص المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬في المادة ‪ 229‬على تعريف التسبيق كما يلي‪:‬‬
‫" هو كل مبلغ يدفع قبل تنفيذ الخدمات موضوع العقد وبدون مقابل للتنفيذ المالي‬
‫للخدمة"‪.‬‬
‫هذا يعني أن المتعامل المتعاقد قبل مباشرته للخدمة موضوع الصفقة ورغم ذلك تبادر‬
‫اإلدارة المعنية بالتعاقد بدفع تسبيق في رقم الحساب الجاري للمتعامل المتعاقد وهذا بهدف‬

‫‪ 1‬خليفة عبد العزيز عبد المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،119‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪278‬‬
‫مساعدته على مباشرة األعمال والوفاء باألعباء المالية‪ ،‬ويمكنه هذا التسبيق من توفير المواد‬
‫التي يتطلبها تنفيذ الصفقة‪.1‬‬
‫والتسبيق نوعان‪ ،2‬تسبيق جزافي (ب‪ )2.2.‬وتسبيق على التموين (ب‪)8،2.‬‬
‫ب‪ 1.1.‬ـ التسبيق الجزافي‬
‫يتحدد التسبيق الجزافي بنسبة أقصاها ‪ % 21‬من السعر األولي للصفقة‪ ،‬غير أنه‬
‫يمكن تجاوز هاته النسبة‪ ،‬إذا كان يترتب على رفض المصلحة المتعاقدة قواعد الدفع و‪/‬أو‬
‫التمويل المقررة على الصعيد الدولي ضرر أكيد بها بمناسبة التفاوض على الصفقة وفي هذه‬
‫الحالة البد من الموافقة الصريحة من الوزير الوصي أو مسؤول الهيئة العمومية أو الوالي‬
‫بعد استشارة لجان الصفقات المختصة‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫ب‪ 2.1.‬ـ التسبيق على التموين‬
‫يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تدفع التسبيق على التموين إذا أثبت المتعامل المتعاقد‬
‫حيازته عقود أو طلبات مؤكدة للمواد أو المنتوجات لتنفيذ الصفقة‪.‬‬
‫لقد أجازت المادة ‪ 221‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 5‬الجمع بين التسبيق الجزافي و‬
‫التسبيق على التموين بشرط عدم تجاوز في كل األحوال نسبة ‪ %12‬من المبلغ اإلجمالي‬
‫للصفقة ‪.‬‬
‫بغض النظر عن شكل التسبيق المدفوع من قبل المصلحة المتعاقدة ومراعاة لصلة‬
‫الصفقة العمومية بالخزينة العمومية فإن منح أي تسبيق يخضع لشرطين أساسيين تمثال في‬
‫كل من ‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب تقديم كفالة بقيمة التسبيق صادرة عن بنك جزائري أو أجنبي أو صندوق‬
‫ضمان الصفقات العمومية‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،111‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سابق أعاله ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ ،113‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم‪ ،167-14‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المادة ‪ ،111‬المرسوم الرئاسي رقم‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪279‬‬
‫‪ -‬تتم استعادة التسبيق عن طريق اقتطاعات من المبالغ المدفوعة في شكل دفع على‬
‫الحساب أو تسوية على رصيد الحساب‪.1‬‬
‫ب‪ .2.‬الدفع على الحساب‬
‫هو كل دفع تقوم به المصلحة المتعاقدة مقابل تنفيذ جزئي للصفقة‪ ،2‬يكون الدفع على‬
‫الحساب شهريا‪ ،‬غير أنه يمكن أن تنص الصفقة على فترة أطول تتالءم مع طبيعة‬
‫الخدمات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يتوقف هذا الدفع على قيام الحائز على الصفقات العمومية بعمليات جوهرية مثبتة‬
‫بتقديم إحدى الوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬محاضر أو كشوف وجاهية خاصة باألشغال المنجزة ومصاريفها‪.‬‬
‫‪ -‬جدول تفصيلي للوازم موافق عليه من المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫‪ -‬جدول األجور المطابق للتنظيم المعمول به أو جدول التكاليف االجتماعية‪ ،‬مؤش ار من‬
‫صندوق الضمان االجتماعي المختص‪.‬‬
‫من التطبيقات القضائية في هذا المجال‪ ،‬نجد القرار الصادر عن مجلس الدولة تحت‬
‫رقم ‪ 22422‬في قضية والي والية بسكرة ضد مؤسسة التجارة العامة طولقة والصادر بتاريخ‬
‫‪ 8224/22/82‬حيث قرر مجلس الدولة مبدأ ال تسديد لمبلغ األشغال لمؤسسة لم تقدم الدليل‬
‫المثبت أداء خدمة‪ ،‬يتمثل هذا الدليل في محضر استالم األشغال أو في محضر مؤشر عليه‬
‫قانونا‪ ،‬من طرف اإلدارة المستفيدة من الخدمات‪ 4‬وفي قرار آخر له تحت رقم ‪ 82829‬في‬
‫قضية رئيس المجلس الشعبي لبلدية ثنية األحد ضد (ز‪.‬د)‪ 5‬فقد تضمنت حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"أن المستأنف أنجز األشغال المتفق عليها كما أنه بعث بالوضعية األولى بمبلغ‬
‫‪ 419.122998‬دج والتي تم تسديد مقابلها دون صعوبة ‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،114‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،119‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ ،117‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ 13611‬المؤرخ في ‪ ،1116/11/11‬قضية والي والية بسكرة ضد مؤسسة التجارة العامة طولقة‪،‬‬
‫مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،1114‬ص ‪.76‬‬
‫‪5‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11149‬المؤرخ في ‪ ،1114/17/11‬قضية ر م ش البلدي لبلدية ثنية األحد ضد (ز‪ ،‬د)‪ ،‬مجلة‬
‫مجلس الدولة‪ ،1114 ،‬العدد ‪ ، 7‬ص ‪.44‬‬
‫‪280‬‬
‫إال أن الوضعية الثانية بمبلغ ‪ 440.221982‬دج لم يتم تسديدها مما اضطر‬
‫بالمستأنف عليه رفع دعوى أمام الجهة القضائية األولى التي أصدرت القرار محل االستئناف‬
‫الحالي ‪.‬‬
‫أنه ودعما الستئنافه تمسك رئيس المجلس الشعبي الوالئي لبلدية ثنية األحد بأنه كان‬
‫مستعدا لتسديد مقابل الوضعية الثانية إال أنه لم يتمكن من ذلك لعجز مالي‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى بسبب عدم تقديم المستأنف لمحضر االستالم النهائي ‪ ...‬حيث أنه و بشأن الوجه‬
‫الثاني المأخوذ من أن المستأنف عليه لم يقدم محضر االستالم النهائي فإنه يستخلص من‬
‫القرار المستأنف بأن المستأنف عليه قدم محضر االستالم المؤقت لألشغال بتاريخ‬
‫‪ 8222/21/28‬ومحضر االستالم النهائي بتاريخ ‪ 8228/20/22‬وأن هذا الوجه غير سديد‬
‫كذلك‪ .‬وأن قضاة الدرجة األولى وبفصلهم على ذلك النحو لم يقوموا سوى بتطبيق القانون‬
‫وبالتالي يتعين تأييد القرار المستأنف ‪." ..‬‬
‫ب‪ -3.‬التسوية على رصيد الحساب‬
‫عرفت المادة ‪ 229‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬التسوية على رصيد الحساب‬
‫بأنها " الدفع المؤقت أو النهائي للسعر المنصوص عليه في الصفقة بعد التنفيذ الكامل‬
‫والمرضي لموضوع الصفقة"‪ ،‬ومن ثم فإن التسوية على رصيد الحساب تأخذ شكلين‪ ،‬التسوية‬
‫على رصيد الحساب المؤقت (ب‪ )2 .2.‬و التسوية على رصيد الحساب النهائي( ب‪.) 8.2.‬‬

‫ب‪ 1.3.‬ـ التسوية على رصيد الحساب المؤقت‬


‫تستهدف التسوية على رصيد الحساب المؤقت إذا نصت عليها الصفقة دفع المبالغ‬
‫‪1‬‬
‫المستحقة للمتعاقد بعنوان التنفيذ العادي للخدمات المتعاقد عليها مع اقتطاع ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اقتطاع الضمان المحتمل‪،‬‬
‫‪ -‬الغرامات المالية التي تبقى على عاتق المتعامل عند االقتضاء‪،‬‬
‫‪ -‬الدفع بعنوان التسبيقات و الدفع على الحساب على اختالف أنواعها التي لم تسترجعها‬
‫بعد‪.‬‬ ‫المصلحة المتعاقدة‬

‫المادة ‪ ،119‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪281‬‬
‫ب‪ 2.3.‬ـ التسوية على رصيد الحساب النهائي‬
‫رد اقتطاعات الضمان ورفع اليد عن‬
‫يترتب على تسوية حساب الرصيد النهائي ّ‬
‫الكفاالت التي كونها المتعاقد عند االقتضاء‪.1‬‬
‫أغلب الصفقات العمومية تبقى معلقة بسبب عدم حصول عملية االستالم النهائي‬
‫لألشغال موضوع الصفقة بالرغم من انتهائها وحصول عملية االستالم المؤقت لها‪ ،‬وترجع‬
‫أسباب مثل هذه الحاالت في الغالب األعم المتناع اإلدارة عن القيام بهذا اإلجراء بدعوى‬
‫عدم امتثال المقاولة ألمر اإلدارة بإصالح بعض العيوب التي قد تظهر خالل فترة الضمان‪،‬‬
‫أو بسبب عدم توافق اإلدارة والمقاولة على حصر الكشف الحسابي النهائي الختالف بينهما‬
‫حول كميات األشغال أو نوعها أو ثمنها‪.2‬‬
‫من التطبيقات القضائية في هذا المجال نجد قرار مجلس الدولة الجزائري‪ 3‬تحت رقم‬
‫‪ 2288‬في قضية مقاولة األشغال العمومية (ل‪.‬م) ضد بلدية تنس‪ ،‬والصادر بتاريخ‬
‫‪ ،8222/24/21‬حيث أقر مجلس الدولة مبدأ أن الحساب العام والنهائي هو الحساب‬
‫الختامي الذي يحدد جميع األشغال المنجزة و التغيرات الطارئة على األشغال‪ ،‬ويوضح‬
‫الرصيد الباقي المستحق لصاحب الصفقة‪ ،‬ويصبح بعد توقيع طرفي العقد عليه سندا نهائيا‪،‬‬
‫منهيا جميع المطالبات‪ ،‬بحيث تكون كل االحتياطات الالحقة له غير مقبولة ‪.‬‬
‫جاء في حيثيات هذا القرار ما يلي ‪ ... ":‬عن الوجه الثاني المأخوذ من انعدام‬
‫األساس القانوني ‪ ....‬حيث أن المؤسسة المستأنفة تمسكت بأن قضاة الدرجة األولى رفضوا‬
‫إلزام البلدية المستأنف عليها بأن تدفع مبلغ الفاتورة رقم ‪ 2‬المتعلقة بمبلغ الضمان‪ ،‬ومبلغ‬
‫التعويض عن الضرر بفعل التأخر في الدفع متمسكة بأن الحساب العام والنهائي هو مجرد‬
‫مستند إداري صادق عليه مكتب الدراسات المكلف بمتابعة األشغال وأنها أكدت بأنه كان‬
‫باإلمكان تسديد مبلغ الفاتورة رقم ‪ 2‬بعيدا عما اتفقت عليه في الحساب العام النهائي‪ ،‬حيث‬
‫أن الحساب العام والنهائي هو الحساب األخير لتحديد المبلغ اإلجمالي للصفقة‪ ،‬وأنه يلخص‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،111‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫محمد الزياتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،4171‬المؤرخ في ‪ ،1113/16/14‬قضية مقاولة األشغال العمومية ( ل ‪ ،‬م) ضد بلدية تنس‪،‬‬
‫مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‪ ، 6‬السنة ‪ ، 1113‬ص ‪.41‬‬
‫‪282‬‬
‫مجمل األشغال المنجزة والتغييرات في األسعار‪ ،‬ويظهر مقارنة مع مبلغ الحسابات المؤقتة‬
‫الرصيد المتبقي المستحق لصاحب الصفقة ‪.‬‬
‫حيث أن الحساب العام والنهائي ثابت وغير قابل للمساس به ما دامت الشكاوى‬
‫الالحقة غير مقبولة‪ ،‬وأن قبول المقاولة للحسابات يلزم هذا األخير نهائيا فيما يخص طبيعة‬
‫وعدد المنشآت المنجزة المنفذة وكذا السعر المطبق عليها وأنه في األخير لم يعد للمقاول‬
‫الحق في تقديم شكاوي بشأن الحساب الذي وقع عليه ‪.1" ..‬‬
‫‪ -2‬الدعاوى المنصبة حول مسؤولية اإلدارة الستعمالها الغير مشروع لسلطاتها‬
‫االستثنائية‬
‫يتميز العقد اإلداري عن العقد المدني بتمتع اإلدارة بسلطات استثنائية‪ ،‬بهدف تحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬فإذا كان العقد المدني يحكمه مبدأ العقد شريعة المتعاقدين فإن العقد‬
‫اإلداري يخول لإلدارة سلطات في مواجهة المتعامل المتعاقد ال تستند إلى الشروط التعاقدية‪،‬‬
‫وفي مادة الصفقات العمومية تتمثل أهم السلطات التي تتمتع بها اإلدارة في مواجهة المتعامل‬
‫المتعاقد في سلطة اإلش ارف والمراقبة (أ)‪ ،‬سلطة التعديل (ب) وسلطة توقيع جزاءات(ج)‪،‬‬
‫وبغض النظر عن تمتع اإلدارة بسلطات استثنائية فإن هذا ال يعني أن تتعسف في استعمالها‬
‫على نحو يضر بالمتعامل المتعاقد واال ترتب عن ذلك مسؤوليتها‪.2‬‬
‫أ‪ -‬الدعاوى المنصبة على استعمال اإلدارة غير المشروع لسلطتي الرقابة والتوجيه‬
‫ال يترتب على إبرام العقد اإلداري ترك المتعاقد ينفذ العقد بأي طريقة أو وسيلة كانت‪،‬‬
‫وانما تتمتع اإلدارة بسلطة اإلشراف والمراقبة على عملية التنفيذ‪.3‬‬

‫‪ -1‬لقد جاء في قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11173‬في قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية تنس ضد (ط‪.‬ق) المؤرخ في‬
‫‪ 1114/14/17‬تأكيد بند عدم إمكانية االحتجاج الالحق على التوقيع على الكشف العام النهائي‪ ،‬بحيث تضمنت إحدى‬
‫حيثيات الحكم ما يلي ‪ ":‬أن الكشف العام النهائي و الكشف النهائي الملخص لمجموع األشغال المنجزة وتقلبات األسعار ال‬
‫يمكن المساس به ألن االحتجاجات الالحقة غير مقبولة‪ ( ،‬المادة ‪ 61‬من ‪ ،)CCAG‬حيث أنه كون أن األطراف وقعوا‬
‫على الكشف العام النهائي فإنه يربطهم بخصوص طبيعة وكميات األشغال المنجزة و كذا باألسعار المطبقة عليه‪.‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11173‬المؤرخ في ‪ ،1114/14/17‬قضية المجلس الشعبي البلدي لبلدية تنس ضد (ط‪.‬ق) ‪،‬‬
‫مجلة مجلس الدولة ‪ ،‬العدد ‪ ،7‬السنة ‪ ،1114‬ص ‪. 49‬‬
‫‪2‬‬
‫‪LAJOYE Christophe, op.cit, P 429.‬‬
‫بعلي محمد الصغير‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪283‬‬
‫يقصد بسلطة اإلشراف تحقق اإلدارة من أن المتعاقد معها يقوم بتنفيذ التزاماته التعاقدية‬
‫على ال نحو المتفق عليه‪ ،‬أما سلطة الرقابة فتتمثل في حق اإلدارة في التدخل لتنفيذ العقد و‬
‫توجيه األعمال واختيار طريقة التنفيذ في حدود الشروط وضمن الكيفيات المتفق عليها في‬
‫العقد‪.1‬‬
‫تعتبر األوامر بالخدمة الوسيلة الرئيسية التي تعتمدها اإلدارة لتفصيل وممارسة حقوقها‬
‫وسلطاتها العقدية بما في ذلك سلطة التوجيه‪ ،‬وتعد مجاالت األوامر بالخدمة األكثر تنوعا‬
‫حيث تغطي جل مراحل حياة العقد بدءا من بداية تنفيذه كاألمر بالشروع في األشغال والذي‬
‫بدونه ال يمكن أن ينفذ العقد وانتهاءا بإتمامه‪. 2‬‬
‫تلزم المادة ‪ 28‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة المقاول بمباشرة األشغال في اآلجال‬
‫المحددة في أوامر المصلحة الصادرة‪ ،‬كما تجبر المقاول أيضا بالتنفيذ الدقيق ألوامر‬
‫المصلحة المتعاقدة‪.‬‬
‫إن تدخل المصلحة المتعاقدة في تنفيذ العقد عبر إصدارها لهذه األوامر قد ينتج عنه‬
‫مجموعة من االختالالت إذا انحرفت عن هدفها بشكل يضر المتعاقد معها‪ ،‬وتتحقق‬
‫‪3‬‬
‫المسؤولية العقدية لإلدارة في حالتين‪:‬‬
‫‪ -‬خروجها عن تحقيق الغرض الحقيقي من منح المصلحة المتعاقدة هذه السلطة و هي‬
‫تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬مما يؤدي إلى تعويض المتعاقد معها عن األضرار التي لحقته‪.‬‬
‫‪ -‬تجاوز حدود الرقابة و اإلشراف‪ ،‬إذ يعد عملها غير مشروع مرتب لمسؤوليتها العقدية‬
‫على أساس الخطأ‬
‫سبق التطرق إلى أوامر توقيف األشغال وتأجيلها والتي ترتب مسؤولية اإلدارة في‬
‫حد الفسخ‪ ،‬كما تمت اإلشارة إلى التطبيقات القضائية‬‫تعويض المتعاقد يمكن أن تصل إلى ّ‬
‫الجزائرية في هذا المجال‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع من التعريج بما جاء به القضاء المقارن ‪.‬‬
‫ال يتردد القضاء المغربي في الحكم بأحقية المقاولة في استيفاء التعويض المستحق لها‬
‫عن الضرر الناتج عن سلطتي التوجيه و الرقابة‪ ،‬فقد صدر حكم عن المحكمة اإلدارية‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬


‫‪2‬‬
‫اللوسي ابتسام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪3‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪284‬‬
‫بالرباط تحت عدد ‪ 282‬بتاريخ ‪ 8220/28/28‬أقر حق المقاولة في الحصول على تعويض‬
‫عن الضرر الالحق بها نتيجة توقيف أشغال الصفقة‪.1‬‬
‫ب‪ -‬الدعاوى المتعلقة بعدم مشروعية سلطة التعديل‬
‫إن مبدأ االستقرار العقدي المعمول به في العقود الخاضعة لقواعد القانون الخاص ال‬
‫يمكن تطبيقه على عقود الصفقات العمومية التي تبرمها اإلدارة في إطار قواعد القانون‬
‫العام‪ ،‬باعتبار أن هذه العقود قابلة وطيلة مدة التنفيذ للتعديل‪.2‬‬
‫يأخذ هذا التعديل صو ار عدة أهمها الزيادة أو التقليص من حجم األشغال وسواء تعلق‬
‫األمر بالحالة األولى أو الثانية فال شك أن مثل هذا القرار من شأنه أن يؤثر على المقاولة‬
‫التي تعاقدت وهيئت نفسه ا على أساس الشروط المعروضة عليها أثناء التعاقد‪ ،‬فالزيادة في‬
‫حجم األشغال من شأنه أن يؤثر سلبا على حسابات المقاولة من وراء التعاقد باعتبار أن ذلك‬
‫سيؤدي إلى انخفاض هامش الربح المراهن عليه‪.3‬‬
‫وضع القضاء اإلداري حدودا لحق اإلدارة في استعمال سلطتها األصلية في تعديل بنود‬
‫عقد الصفقة‪ ،‬وقيده بشروط و ضوابط منها على وجه الخصوص‪:4‬‬
‫‪ -‬البد أن ينطوي التعديل على تحقيق المصلحة العامة و إال شكل بذلك خطأ من قبل‬
‫اإلدارة ألنها تقصد بهذا القرار مجرد اإلضرار بالمتعاقد معها‪.5‬‬
‫‪ -‬البد من حدوث ظروف أو تغيرات تبرر سلطة اللجوء إلى تعديل العقد وهو ما أكدته‬
‫المادة ‪ 221‬من تنظيم الصفقات العمومية‪.6‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال يمس التعديل جوهر العقد واال أصبحنا أمام عقد جديد‪ ،‬ذلك أن المتعاقد‬
‫مع اإلدارة عندما قبل التعاقد معها‪ ،‬التزم بتنفيذ مضمون العقد في آجال محددة‪ ،‬فإنه راعى‬
‫في ذلك قدراته المالية والفنية‪ ،‬فإن أقبلت اإلدارة على التغيير الموضوعي أو الهيكلي للعقد‬

‫‪ 1‬الزياتي محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪2‬‬
‫اللوسي ابتسام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪3‬‬
‫الزياتي محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪4‬‬
‫أيت ساقل مراد‪ ،‬تطور القضاء اإلداري في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‬
‫عدد ‪ ،114‬سنة ‪ ،1116‬ص ‪.34‬‬
‫‪5‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪6‬‬
‫المادة ‪ ،134‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪285‬‬
‫فإن ذلك قد ال يناسب المتعاقد معها‪ ،1‬ولهذا فقد حددت المادة ‪ 220‬من تنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪ 2‬مجموعة من الضوابط التي يتعين األخذ بها من أجل تعديل الصفقة العمومية‬
‫تجلت في النسب المئوية التي يتم التعديل في حدودها ‪.‬‬
‫ينبغي اإلشارة إلى نقطة مهمة وهي أن سلطة التعديل تقتصر على البنود المتصلة‬
‫مباشرة بسير المرفق وحاجاته ومقتضياته دون المساس بالبنود المالية للعقد‪ ،‬ألن ذلك سوف‬
‫يمس بمصالح المتعاقد معها ‪.‬‬
‫لقد تضمن دفتر الشروط اإلدارية العامة العديد من النصوص التي تسمح لإلدارة‬
‫بالتعديل االنفرادي‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 28‬منه على تنفيذ المقاول بدقة أوامر المصلحة التي‬
‫تبلغ إليه‪ ،‬كما يخضع للتغييرات التي تفرض عليه خالل العمل‪ ،‬أما المواد ‪ 28 ،22 ،22‬فقد‬
‫فصلت حول سلطة اإلدارة في تعديل الصفقة العمومية‪.3‬‬
‫يترتب على تعديل العقد اإلداري حق المتعامل المتعاقد في التعويض عن االلتزامات‬
‫اإلضافية‪ ،‬وفي حالة تجاوز اإلدارة لسلطة التعديل المقررة قانونا جاز للمتعامل المتعاقد فسخ‬
‫الصفقة‪.4‬‬
‫من التطبيقات القضائية اإلدارية التي تعترف لإلدارة بسلطة التعديل االنفرادي للصفقة‬
‫العمومية‪ ،‬القرار الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 52980/20/81‬فصال في النزاع القائم‬
‫بين وزير األشغال العمومية ضد " أ أ " حيث كانت تربط بينهما صفقة عمومية إلنجاز‬
‫مجموعتين من المساكن‪ ،‬تضم األولى ‪ 92‬مسكنا في قرية تازودة‪ ،‬والثانية ‪ 12‬مسكنا بقرية‬
‫كافالو ‪.‬‬
‫حيث في سنة ‪ 2904‬قرر أثناء أشغال البناء نائب محافظ والية جيجل آنذاك بموافقة‬
‫المهندس رئيس قسم مصلحة األشغال بقسنطينة سحب رخصة بناء ‪ 22‬مساكن من مجموعة‬

‫‪1‬‬
‫يوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 164‬و ‪.167‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،134‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،15-247‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫محفوظ عبد القادر‪ ،‬سلطة اإلدارة في التعديل اإلنفرادي للعقد اإلداري‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،1114 /14‬ص‪.44‬‬
‫‪4‬‬
‫قرار المجلس األعلى في قضية وزير األشغال العمومية بتاريخ ‪ 1974/14/14‬ضد " أ أ "‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬عدد‪،1‬‬
‫سنة ‪ ،1974‬ص ‪.61‬‬
‫‪5‬‬
‫قرار المجلس األعلى المؤرخ في ‪ ،1974/14/14‬قضية وزير األشغال العمومية ضد ( أ أ)‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬عدد‪،1‬‬
‫‪ ،1974‬ص ‪.61‬‬
‫‪286‬‬
‫التسعين المخصصة لقرية تازودة و كذا سحب رخصة بناء ‪ 22‬أخرى من مجموعة الخمسين‬
‫المخصصة لقرية كافلو وبناء العشرة األولى و العشرة الثانية بمدينة زيامة منصورية‪.‬‬
‫وقد أقر المجلس األعلى أحقية المقاول أن يدفع له مبلغ خمسة عشر ألفا وستة‬
‫وتسعين دينار تكملة لقيمة منجزات األعمال اإلضافية‪.‬‬
‫ج‪ -‬الدعاوى المتعلقة بعدم مشروعية سلطة توقيع الجزاءات‬
‫تملك جهة اإلدارة سلطة توقيع الجزاء بشكل انفرادي دون حاجة لإللتجاء إلى القضاء‬
‫وهو حق أصيل لإلدارة حتى ولو لم ينص عليه عقد الصفقة‪ ، 1‬وتتنوع الجزاءات التي تملك‬
‫المصلحة المتعاقدة توقيعها على المتعامل المتعاقد لتشمل الجزاءات المالية (ج‪ ،)2.‬التنفيذ‬
‫على حساب المقاول (ج‪ )8.‬وسلطة الفسخ الجزائي (ج‪ )2.‬التي تعتبر أخطر سلطة يمكن‬
‫لإلدارة ممارستها‪.‬‬
‫إن تعسف اإلدارة في ممارسة سلطتها في توقيع الجزاء يرتب ضر ار للمتعاقد يستوجب‬
‫تعويضه عن الضرر الذي أصابه كما يكون سببا في ترتيب مسؤولية اإلدارة على أساس‬
‫الخطأ‪ ،‬وعليه سوف يتم توضيح جملة الجزاءات التي يمكن أن ترتب خطأ اإلدارة إذا ما‬
‫تعسفت في استعمالها على نحو غير مشروع على النحو التالي ‪:‬‬
‫ج‪ -1.‬الجزاءات المالية‬
‫تتخذ الجزاءات المالية إما صورة عدم مشروعية الغرامات (ج‪ )2.2.‬أو عدم مشروعية‬
‫مصادرة مبلغ الضمان‪( 2‬ج‪.)8.2.‬‬
‫ج‪ - 1.1.‬غرامة التأخير‬
‫‪3‬‬
‫تجد غرامة التأخير أساسها القانوني في المادة ‪ 248‬من تنظيم الصفقات العمومية‬
‫والتي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫"يمكن أن ينجر عن عدم تنفيذ االلتزامات التعاقدية من قبل المتعاقد في اآلجال‬
‫المقررة أو تنفيذها غير المطابق فرض عقوبات مالية‪ ،‬دون اإلخالل بتطبيق العقوبات‬
‫المنصوص عليها في التشريع المعمول به‪".‬‬

‫‪ 1‬أيت ساقل مراد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 34‬‬


‫‪2‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ ،179‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪287‬‬
‫هكذا فقد قيد التنظيم سلطة توقيع الجزاءات المالية في حالتين ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة عدم تنفيذ االلتزامات محل التعاقد في اآلجال المحددة في الصفقة‪ ،‬يتقيد المتعامل‬
‫المتعاقد حين تنفيذه اللتزاماته التعاقدية بعنصر الزمن والذي يمكن تعريفه على أنه األجل‬
‫المتاح ألجل تنفيذ موضوع الصفقة‪ ،‬وكل خروج أو تأخير في تنفيذ الصفقة يرتب عنه توقيع‬
‫غرامة تأخيرية في حق المتعاقد‪.1‬‬
‫‪ -‬حالة التنفيذ غير المطابق لبنود عقد الصفقة العمومية‪ ،‬هنا يفترض أن المتعاقد مع‬
‫اإلدارة أخل بالشروط المتفق عليها وكيفيات التنفيذ‪ ،‬فخرج عن االلتزامات التي تعهدها‪،‬‬
‫فالوضع الطبيعي أيضا في هذه الحالة هو خضوعه للجزاء المالي ‪.‬‬
‫ج‪ - 2.1.‬مصادرة مبلغ الضمان‬
‫من أجل ضمان تنفيذ الصفقة على أحسن وجه وحماية للمال العام فقد أوجب تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ 2‬بمقتضى المادة ‪ 284‬على المصلحة المتعاقدة أن تحرص على إيجاد‬
‫الضمانات الضرورية التي تتيح أحسن الشروط الختيار المتعاملين معها و‪/‬أو أحسن الشروط‬
‫لتنفيذ الصفقة ‪.‬‬
‫وفقا للمادة ‪ 222‬فإنه يتعين على المتعامل المتعاقد أن يقدم كفالة حسن تنفيذ الصفقة‬
‫زيادة على كفالة رد التسبيقات المنصوص‪.‬‬
‫تخضع الكفالة للقواعد األساسية التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬يمكن المصلحة المتعاقدة أن تعفي المتعامل معها من كفالة حسن التنفيذ‪ ،‬إذا لم يتعد‬
‫أجل تنفيذ الصفقة ‪ 2‬أشهر‪.‬‬
‫‪ -‬يجب تأسيس كفالة حسن التنفيذ في أجل ال يتجاوز تاريخ تقديم أول طلب دفع على‬
‫الحساب من المتعامل المتعاقد‪.‬‬
‫‪ -‬تتم هذه الكفالة بنفس الشروط في حالة وجود ملحق ‪.‬‬
‫‪ -‬تحرر الكفالة حسب نموذج يحدد بموجب قرار وزير المالية‪.‬‬
‫‪ -‬يحدد مبلغ كفالة حسن التنفيذ بنسبة تتراوح بين ‪ % 1‬و ‪ % 22‬من مبلغ الصفقة حسب‬
‫طبيعة و أهمية الخدمات الواجب تنفيذها‪.‬‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬


‫‪2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪288‬‬
‫ومن ثم فإن الكفاالت المذكورة سابقا يلزم المتعامل المتعاقد بأن يضعها تحت تصرف‬
‫اإلدارة بواسطة بنك لتمارس عن طريقها الجزاء المالي في اإلطار المحدد قانونا‪.1‬‬
‫ج‪ -2.‬وسائل الضغط على المتعامل المتعاقد‬
‫تملك المصلحة المتعاقدة مجموعة من وسائل الضغط على المتعاقد معها‪ ،‬بغية دفعه‬
‫إلى تنفيذ الصفقات العمومية استجابة لمقتضيات المصلحة العامة وتلبية إلحتياجات‬
‫الجمهور وتتمثل في الوسائل التالية‪:2‬‬
‫‪ -‬توقيف المقاول في عقد األشغال العامة‪ ،‬وسحب العمل منه و إسناده إلى مقاول أو‬
‫جهة أخرى ليواصل تنفيذ واتمام األشغال‪ ،‬طبقا للتشريع الساري المفعول‪ ،‬وذلك كله على‬
‫حساب المقاول األول‪.3‬‬
‫‪ -‬اللجوء لشخص آخر تختاره اإلدارة لتزويدها بمادة موضوع الصفقة وتحمل المتعامل‬
‫المتعاقد المقصر النتائج المالية الناجمة عن هذا التنفيذ‪.4‬‬
‫ج‪ -3.‬الفسخ الجزائي‬
‫تستهدف هذه السلطة المخولة لإلدارة إنهاء الرابطة التعاقدية وقطع العالقة بينها وبين‬
‫المتعامل المتعاقد ويفترض في هذه الحالة أن يقدم المتعامل المتعاقد على ارتكاب خطأ‬
‫جسيم يخول لإلدارة ممارسة هذه السلطة‪.5‬‬
‫يعتبر الفسخ من أخطر الق اررات التي قد تتخذها اإلدارة في مواجهة المقاولة السيما وأنه‬
‫قد يكون مقرونا بجزاءات تبعية والعتباره كذلك ولكونه من الق اررات التي يجوز لإلدارة‬
‫اتخاذها بكيفية أحادية ودون حاجة لمراجعة القضاء‪ ،6‬فقد أولى تنظيم الصفقات العمومية‬
‫أهمية كبيرة به فقد حصر أسباب توقيعه في حالة عدم تنفيذ المتعاقد اللتزاماته في اآلجال‬

‫‪ 1‬بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪2‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪116‬‬
‫‪3‬‬
‫بعلي محمد الصغير‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪4‬‬
‫بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪5‬‬
‫بوضياف عمار‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪6‬‬
‫الزياني محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪289‬‬
‫المحددة رغم إعذاره‪ ،‬كما أحاطه بضمانة قررت لفائدة المتعامل المتعاقد‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 249‬من تنظيم الصفقات العمومية‪ 1‬على ما يلي‪:‬‬
‫" إذا لم ينفذ المتعاقد التزامه‪ ،‬توجه له المصلحة المتعاقدة إعذا ار ليفي بالتزاماته‬
‫التعاقدية في أجل محدد‪.‬‬
‫وان لم يتدارك المتعاقد تقصيره في األجل الذي حدده اإلعذار المنصوص عليه‬
‫أعاله‪ ،‬فإن المصلحة المتعاقدة يمكنها أن تفسخ الصفقة من جانب واحد‪ ،‬ويمكنها كذلك‬
‫القيام بفسخ جزئي للصفقة‪" .‬‬
‫أوكل المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية بموجب‬
‫المادة ‪ 2-249‬منه إلى الوزير المكلف بالمالية تحديد البيانات الواجب إدراجها في اإلعذار‪،‬‬
‫وكذلك آجال نشره في شكل إعالن قانوني‪ ،‬ولحد الساعة ال يوجد قرار يتعلق بتطبيق أحكام‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848 -21‬لكن يوجد قرار صدر بناء على المرسوم الرئاسي رقم ‪-22‬‬
‫‪ ، 820‬المؤرخ في ‪ 8222/22/82‬يحدد البيانات التي يتضمنها اإلعذار وآجال النشر‪ ،2‬إال‬
‫أنه وباستقراء هذا القرار يتضح تخويل المادة ‪ 8‬منه للمتعامل المتعاقد توجيه إعذارين قبل‬
‫فسخ الصفقة‪ ،‬وهو شيء يدل على الحرص على إقرار ضمانات أكثر في صالح المتعامل‬
‫المتعاقد بقصد حماية مصالحه نظ ار لخطورة إجراء الفسخ‪.‬‬
‫لقد أحاط المرسوم الرئاسي رقم ‪ 848-21‬سلطة الفسخ طبقا للمادتين ‪ 212‬و‪218‬‬
‫بقيود نظ ار لخطورتها فال يتم اللجوء إلى الفسخ من جانب واحد إال إذا إقتضت المصلحة‬
‫العامة ذلك‪ ،‬وال يمكن اإلعتراض على قرار المصلحة المتعاقدة بفسخ الصفقة العمومية عند‬
‫تطبيقها البنود التعاقدية للضمان‪ ،‬والمتابعات الرامية إلى إصالح الضرر الذي لحقها بسبب‬
‫خطأ المتعاقد معها‪.‬‬
‫أما الفسخ التعاقدي للصفقة العمومية يمكن اللجوء إليه‪ ،‬عندما يكون مبر ار بظروف‬
‫خارجة عن إرادة المتعامل المتعامل المتعاقد‪.‬‬

‫‪ 1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫قرار مؤرخ في ‪ 1111/13/14‬يحدد البيانات التي يتضمنها اإلعذار وآجال النشر‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،16‬الصادرة‬
‫في ‪ ،1111/16/11‬ص‪.11-11‬‬
‫‪290‬‬
‫من ا لتطبيقات القضائية في هذا المجال قرار المجلس األعلى رقم ‪ 42822‬في قضية‬
‫(ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬س) ضد وزير الري و والي والية الجزائر المؤرخ في ‪ 12921/22/29‬حيث جاء‬
‫في إحدى حيثياته أن سبب فسخ الصفقة كان نتيجة تقصير المؤسسة ونتيجة لذلك تأخر‬
‫مشروع تزويد مدينة بكاملها عن موعده بـ ‪ 22‬شهرا‪ ،‬وهو ما أدى إلى وقوع ضرر قدر بـ‬
‫‪ 122.222922‬دج ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الدعاوى المنصبة على أساس مسؤولية المصلحة المتعاقدة بدون خطأ‬
‫تكون اإلدارة مسؤولة عن تعويض المتعاقد معها‪ ،‬عما أصابه من ضرر رغم عدم نسبة‬
‫الخطأ إليها الذي أحدث هذا الضرر ‪.‬‬
‫ويكون أساس التزام اإلدارة بالتعويض هنا إما نظرية اإلثراء بال سبب واما اعتبارات‬
‫العدالة ورغبة اإلدارة في الحفاظ على التوازن المالي للعقد‪.2‬‬
‫في هذا اإلطار سوف يتم التعرض إلى التعويض اإلداري على أساس نظرية اإلثراء بال‬
‫سبب بعد أن تم التطرق إلى نظرية التوازن المالي في الباب األول‪.‬‬
‫تكون جهة اإلدارة مسؤولة عن تعويض المتعاقد معها عن إثرائها على حسابه أي ما‬
‫حصلت عليه من أفعال نافعة لها‪ ،‬قام بها المتعاقد وكانت راضية عن قيامه بها‪ ،‬كما في‬
‫حالة قيامه بأعمال إضافية‪ ،3‬فاألعمال اإلضافية هي تلك األعمال التي لم تكن واردة أصال‬
‫في الصفقة لكنها ضرورية للتنفيذ الحسن للصفقة‪.4‬‬
‫من تطبيقات االجتهاد القضائي اإلداري الجزائري في هذا المجال‪ ،‬قرار رقم ‪88212‬‬
‫‪5‬‬
‫الصادر عن مجلس الدولة في قضية (ق‪.‬ع‪.‬ب) ضد مدير الشباب والرياضة لوالية البويرة‬
‫حينما أقر من ناحية المبدأ بأنه ‪ ":‬يكون مستوجبا للدفع للمؤسسة‪ ،‬حتى في حالة انعدام طلب‬

‫قرار المجلس األعلى رقم ‪ 63731‬المؤرخ في ‪ ،1944/11/19‬قضية ( ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬س) ضد وزير الري و والي والية‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد ‪ ،1991 ،1‬ص ‪.174‬‬


‫‪2‬‬
‫خليفة عبد العزيز عبد المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫بعلي محمد الصغير‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪5‬‬
‫قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،11341‬المؤرخ في ‪ ،1114/17/11‬قضية ( ق‪ .‬ع ب) ضد مدير الشباب و الرياضة لوالية‬
‫البويرة ‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،1114‬ص ‪.91‬‬
‫‪291‬‬
‫من صاحب المشروع‪ ،‬مبلغ األشغال اإلضافية عندما تكون ضرورية للمشروع ومنجزة وفق‬
‫القواعد المقررة"‪.‬‬
‫وقد جاء في إحدى حيثياته ما يلي‪ " :‬حيث أن هذه األشغال اإلضافية كانت ضرورية‬
‫إلنهاء مشروع دار الشباب " إسياخم " بالبويرة ‪.‬‬
‫وأن األشغال اإلضافية وبما أنها كانت ضرورية لإلنجاز حسب قواعد األشغال‬
‫المطالب بإنجازها فإن صاحب المشروع ملزم بتسديدها حتى وان لم يتلق أي أمر بإنجاز هذه‬
‫األشغال من طرف صاحب المشروع وال صاحب المبنى‪.‬‬
‫وأنه في قضية الحال‪ ،‬اعترف صاحب المشروع باألشغال اإلضافية إنما لم يتفق مع‬
‫المستأنف حول قيمة األسعار الموحدة‪.‬‬
‫وأنه يتعين إلغاء القرار المستأنف وفصال من جديد القول بأن للمستأنف الحق في‬
‫مقابل األشغال اإلضافية المنجزة وتعيين خبير بمهمة االنتقال إلى األمكنة ود ارسة الوثائق‬
‫التي بحوزة األطراف وتحديد مقابل األشغال اإلضافية المنجزة من طرف المستأنف‪. " ...‬‬
‫أحيانا تستدعي الضرورة الملحة عدم إنتظار فصل قاضي الموضوع في النزاع السيما‬
‫في مادة الصفقات العمومية‪ ،‬ولهذا الغرض أجاز المشرع اللجوء إلى تسوية النزاع بالطريق‬
‫اإلستعجالي وهو ما سوف يتم التعرض له في المبحث الثاني من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫القضاء اإلستعجالي في منازعات الصفقات العمومية‬
‫أصبح تدخل اإلدارة يمس جميع مجاالت الحياة االقتصادية‪ ،‬التجارية‪ ،‬االجتماعية‬
‫والمالية‪ ،‬ما جعل من نسبة المبادالت المختلفة في تطور مستمر بين اإلدارة بمختلف هيئاتها‬
‫والخواص‪ ،‬فهذا الكم الهائل من المعامالت المتبادلة يثير عدة منازعات بشأنها‪ ،‬ومن أجل‬
‫حماية قضائية مستعجلة يلجأ الخصوم إلى القضاء االستعجالي اإلداري‪ 1‬ويعود ذلك إلى‬
‫الدور الذي يلعبه القضاء االستعجالي اإلداري في خلق توازن بين مركز الفرد و مركز اإلدارة‬
‫صاحبة امتياز السلطة العامة‪ ،‬وكذلك منح الحماية المؤقتة للحقوق والحريات األساسية‬
‫لألفراد‪.‬‬
‫لقد عرف القضاء االستعجالي اإلداري في القانون الجزائري تهميشا في بداياته‪ ،‬فلم‬
‫يتضمن قانون اإلجراءات المدنية السابق إال مادة وحيدة تمثلت في المادة ‪ 171‬والتي نظمت‬
‫بشكل سطحي أحكام القضاء االستعجالي في المواد المدنية و اإلدارية‪ 2‬إلى غاية صدور‬
‫قانون رقم ‪ 19-14‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الذي أفرد بابا خاصا‬
‫لقضاء االستعجال حوى أكثر من ‪ 14‬مادة تنظم ذلك‪ ،‬إضافة إلى تقنينه وألول مرة للقضاء‬
‫االستعجالي في مادة الصفقات العمومية‪.‬‬
‫لقد كفل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بشكل من التخصيص رقابة القضاء‬
‫اال ستعجالي لمرحلة إبرام الصفقات العمومية (مطلب أول) أما في غير الحاالت التي ال‬
‫تندرج ضمن هذه األخيرة‪ ،‬فتخضع منازعات الصفقات العمومية إلى القواعد العامة التي‬
‫تنظم القضاء االستعجالي اإلداري في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية (مطلب ثاني)‪.‬‬

‫‪ 1‬خليفي سمير‪ ،‬القضاء اإلداري االستعجالي بين حماية حقوق المتقاضي و امتيازات السلطة العامة‪ ،‬مداخلة في إطار اليوم‬
‫الدراسي األول الموسوم بـ " حق التقاضي في المسائل اإلدارية وفقا لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية"‪ ،‬يوم ‪ 19‬ماي‬
‫‪ ،1116‬جامعة أكلي محند أولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بومقرة سلوى ‪ ،‬رقابة القضاء االستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬المجلة‬
‫األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،1111‬‬
‫ص ‪.19‬‬
‫‪293‬‬
‫المطلب األول‬
‫االستعجال الخاص بإبرام الصفقات العمومية‬
‫يعود الفضل في إرساء هذا النوع من االستعجال الخاص بالصفقات العمومية إلى‬
‫المشرع األوروبي‪ ،‬فقد عمل هذا األخير على إيجاد دعوى قضائية تضمن احترام نطاقي‬
‫المنافسة والعالنية في مجال إبرام عقود الشراء العام‪ ،‬وتضمن مجازات مرتكبي المخالفات‪،‬‬
‫وفي سبيل تحقيق ذلك قام بإصدار التعليمة ‪ 444/49‬بتاريخ ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1949‬التي‬
‫وردت تحت عنوان " طعن ورقابة في مجال الصفقات العمومية للتوريدات واألشغال " بهدف‬
‫ضمان التجانس التشريعي بين الدول األعضاء‪ 1‬وبناء عليه تبنى المشرع الفرنسي هذا التوجه‬
‫بصدور قانون ‪ 11-91‬المؤرخ في ‪ 16‬جانفي ‪ 1991‬والقانون ‪ 13-91‬الصادر بتاريخ ‪14‬‬
‫فيفري ‪ 1991‬المتعلق بالصفقات المبرمة في القطاعات الخصوصية في مجاالت الطاقة‪،‬‬
‫المياه‪ ،‬النقل واالتصاالت‪ ،‬وتم إدراج أحكامها في المادتين ‪ 11‬و ‪ 13‬من قانون المحاكم‬
‫اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية‪ ،‬ثم المواد ‪ 1/441‬و ‪ 1/441‬في التعديل الجديد لقانون‬
‫القضاء اإلداري‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد ساير نوعا ما المشرع الفرنسي من خالل كل من‬
‫المادتين ‪ 964‬و ‪ 967‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬اللتين جاءتا تحت الفصل‬
‫الخامس المعنون بـ " االستعجال في مادة إبرام العقود و الصفقات" في الباب الثالث المعنون‬
‫بـ " في االستعجال"‪.‬‬
‫إن التطرق لهذا النوع من المنازعات يستدعي دراسة الشروط التي تقوم عليها الدعوى‬
‫االستعجالية في مادة إبرام الصفقات العمومية (فرع أول) ثم االنتقال فيما بعد إلى تحديد‬
‫سلطات القاضي االستعجالي في هذا النوع من الدعاوى (فرع ثاني)‪.‬‬

‫بومقرة سلوى‪ " ،‬رقابة القضاء االستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬الملتقى‬ ‫‪1‬‬

‫الدولي الرابع حول قضاء االستعجال اإلداري‪ ،‬المركز الجامعي الوادي‪ ،‬يومي ‪19‬و ‪ 31‬نوفمبر ‪ ،1111‬ص ‪.16‬‬
‫‪2‬‬
‫فقير محمد ‪ ،‬رقابة القضاء اإلداري االستعجالي على الصفقات العمومية قبل إبرامها في التشريع الجزائري و التشريع‬
‫المقارن‪ ،‬الملتقى الوطني السادس حول" دور قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬يوم ‪ 11‬ماي ‪ ،1113‬ص‬
‫‪.16‬‬
‫‪294‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشروط الخاصة بالدعوى االستعجالية في مادة إبرام الصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية شروط قبول الدعوى‬
‫االستعجالية في ثالثة عناصر تمثلت في كل من موضوع الدعوى (أوال)‪ ،‬الوقت الالزم لرفع‬
‫الدعوى (ثانيا)‪ ،‬وأخي ار األطراف التي لها حق في رفع الدعوى (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬موضوع الدعوى االستعجالية في مادة إبرام الصفقات العمومية‬
‫حددت المادة ‪ 964‬موضوع الدعوى االستعجالية المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية في‬
‫حالة اإلخالل بالتزامات اإلشهار والمنافسة وقد جاءت هته المادة كما يلي ‪:‬‬
‫" يجوز إخطار المحكمة اإلدارية بعريضة‪ ،‬وذلك في حالة اإلخالل بالتزامات اإلشهار‬
‫أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود اإلدارية والصفقات العمومية"‪.‬‬
‫عودة إلى تحديد المقصود بااللتزام باإلشهار والمنافسة‪ ،‬فقد سبق وأن تم التعرض في‬
‫الباب األول إلى االلتزامات التي تقع على اإلدارة لحماية مرحلة اإلب ارم من النزاعات التي‬
‫تط أر عليها وقد تم تبيان بموجب المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬أنه من‬
‫الواجب على اإلدارة أن تسهر في سبيل تنفيذ الصفقة العمومية على احترام مبادئ الشفافية‬
‫والمساواة في معاملة المترشحين وحرية الوصول للطلبات العمومية وكل هذه المبادئ تندرج‬
‫في مفهوم المنافسة‪ ،‬كما يندرج االشهار في مبدأ الشفافية‪.‬‬
‫وعليه إذا أخلت المصلحة المتعاقدة بااللتزامات المنصوص عليها قانونا يمكن ألي‬
‫شخص له مصلحة في إبرام العقد إخطار القاضي االستعجالي‪.‬‬
‫لقد سلك المشرع الجزائري نفس المنحى الذي سلكه نظيره الفرنسي الذي أقر بإمكانية‬
‫إخطار رئيس المحكمة اإلدارية أو القاضي المفوض في حالة مخالفة التزامات اإلشهار‬
‫والمنافسة التي تخضع لها الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك بموجب المادة ‪ 1/441‬من قانون‬
‫‪1‬‬
‫القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪« Le président du tribunal administratif, ou le magistrat qu’il délégué peut être saisi en cas‬‬
‫‪de manquement aux obligations de publicité et de mise en concurrence auxquelles est‬‬
‫‪soumise la passation par les pouvoirs adjudicateurs de contrats administratifs ayant pour‬‬
‫‪objet l’exécution de travaux, la livraison de fournitures au la prestation de services, avec‬‬
‫‪une contrepartie économique constituées par un prix ou un droit d’exploitation, ou la‬‬
‫‪délégation d’un service publics ».‬‬
‫‪CROS Nicolas- XAVIER Boissy, op.cit, p 91.‬‬
‫‪295‬‬
‫لقد صدر عن مجلس الدولة الفرنسي عدة إجتهادات تأتي في إطار االستعجال المتعلق‬
‫بإبرام الصفقات العمومية‪ ،‬السيما القرار المشهور لمجلس الدولة في قضية ‪région Nord‬‬
‫‪ ،pas de calais‬بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1114‬أين قام مجلس الدولة بإلغاء صفقة تتعلق‬
‫ببرمجة تثبيت هوائية على مستوى متحف وذلك بسبب أن اإلشهار لم يكن كاف أو مكتمل‪،‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن قاضي االستعجال للمحكمة اإلدارية الفرنسية » ‪ « Caen‬فقد‬
‫إعتبر القاضي بأن الصفقة العمومية لم تحترم مبادئ الشفافية والمساواة في معاملة‬
‫المترشحين وحرية الوصول للطلبات العمومية‪ ،‬بسبب أن اإلشهار تم في جريدة جهوية شرق‬
‫فرنسا وقد اعتبر القاضي آخذا بعين االعتبار طبيعة الصفقة بأن هذا اإلشهار ال يمكنه أن‬
‫يضمن مشاركة للمؤسسات التي يعتقد أنها يمكن أن تؤدي الصفقة بشكل أفضل‪ ،‬واعتبره‬
‫غير كاف‪.1‬‬
‫إذا كان مفهوم مخالفة التزامات اإلشهار يسهل تحديد معناه‪ ،‬فإن مخالفة التزامات‬
‫المنافسة يتحقق في حالة إتباع المصلحة المتعاقدة إلجراء يتعلق بإبرام صفقة ال ينطبق في‬
‫الحقيقة مع طبيعة الصفقة‪ ،‬أو في حالة وضع معايير تمييزية تقوم على خصوصيات تقنية‬
‫في دفاتر الشروط والتي ينجم عنها عدم مساواة بين المتعهدين‪ ،‬وكذا اإلقصاء الغير الشرعي‬
‫للمترشحين‪..‬إلخ‪.‬‬
‫البد من اإلشارة بأن احترام التزامات اإلشهار و المنافسة ال تقتصر على تلك األحكام‬
‫الموجودة في تنظيم الصفقات العمومية بل تمتد إلى احترام أحكام قانون المنافسة‪ 2‬و في‬
‫التشريع الجزائري تمتد الصفقات العمومية إلى قانون المنافسة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬زمن رفع الدعوى االستعجالية المتعلقة بإبرام الصفقة العمومية‬
‫يمكن أن يتسشف زمن رفع الدعوى االستعجالية من خالل ما تضمنته الفقرات األولى‬
‫الثالث من المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬حيث أجازت الفقرة األولى‬
‫إمكانية إخطار المحكمة اإلدارية بعريضة في حالة اإلخالل بالتزامات اإلشهار والمنافسة‬
‫التي تخضع لها عملية إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫من المالحظ أن استعمال الفقرة األولى من المادة المذكورة أعاله لعبارة عملية إبرام‬
‫الصفقات العمومية قد جاءت عامة‪ ،‬إال أن الفقرة الثانية من نفس المادة أتت لتفصل‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, p 30et p31.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CROS Nicolas, XAVIER Boissy, op.cit, p 92.‬‬
‫‪296‬‬
‫المقصود بعملية إبرام الصفقات العمومية لتشمل مرحلتي ما قبل إبرام العقد و مرحلة ما بعد‬
‫إبرام العقد على النحو التالي ‪ " :‬يتم هذا اإلخطار من قبل كل من له مصلحة في إبرام العقد‬
‫والذي قد يتضرر من هذا اإلخالل وكذلك لممثل الدولة على مستوى الوالية إذا أبرم العقد‬
‫أو سيبرم من طرف جماعة إقليمية أو مؤسسة محلية‪ ،" ..‬أي أن االستعجال المتعلق بإبرام‬
‫الصفقات العمومية يتعلق بدعويين‪ ،‬تتمثل األولى في الدعوى االستعجالية ما قبل التعاقد أو‬
‫ما يسمى في القانون الفرنسي ‪ ،Le référé précontractuel‬أما الثانية فتتمثل في الدعوى‬
‫االستعجالية التعاقدية أو ما يطلق عليه بـ ‪.le référé contractuel‬‬
‫يقصد باالستعجال ما قبل التعاقدي كل إجراء استعجالي يتم قبل إمضاء الصفقة‬
‫العمومية بهدف تصحيح أو إزالة المخالفات التي تقع على التزامات المصلحة المتعاقدة‬
‫المتعلقة باإلشهار أو المنافسة‪ ،1‬أما بالنسبة لالستعجال التعاقدي فهو إجراء ال يختلف من‬
‫حيث الهدف عن االستعجال ما قبل التعاقدي لكنه يتميز عنه في أن إخطار القاضي به ال‬
‫يكون إال بعد إبرام العقد‪.2‬‬
‫إذا كان الطابع الوقائي للدعوى االستعجالية يتوافق مع الطعن االستعجالي قبل‬
‫التعاقدي‪ ،‬فإن المنطق يفرض عكس ذلك بالنسبة للدعوى االستعجالية التعاقدية وقد أقر‬
‫المشرع الجزائري هذا النوع من الطعن الشيء الذي يطرح تساؤال عن سبب إق ارره ؟‬
‫إن العودة إلى التشريع الفرنسي يظهر إق ارره للدعوى االستعجالية التعاقدية في مادة‬
‫الصفقات العمومية كما هو الحال بالنسبة للمشرع الجزائري‪ ،‬غير أن المشرع الفرنسي قد‬
‫أوضح بدقة أسباب اللجوء إلى هذا الطعن وان كانت نفس أسباب الدعوى االستعجالية القبل‬
‫التعاقدية لكن بشرط أن ال يتم رفع هذه األخيرة إلى جانب االستعجال التعاقدي أي ال يمكن‬
‫لرافع الدعوى االستعجالية ما قبل التعاقدية رفع دعوى استعجالية تعاقدية‪.3‬‬
‫إليضاح أكثر فقد حددت المادة ‪ 16-441‬من قانون القضاء اإلداري الفرنسي‬
‫االستثناءات الواردة على هذه القاعدة‪ ،‬بحيث يجوز رفع طعن متعلق باالستعجال التعاقدي‬
‫إلى جانب الطعن باالستعجال القبل التعاقدي في حالة ما إذا قامت المصلحة المتعاقدة بإبرام‬
‫العقد رغم توقيف القاضي االستعجالي لكل إجراء يتعلق بإبرام العقد وقبل صدور أي حكم‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC julien, op.cit, p26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪PALMIER Sébastien, op.cit, p 128.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, p 54.‬‬
‫‪297‬‬
‫منه‪ ،‬أو في حالة صدور حكم يتعلق بالدعوى االستعجالية قبل التعاقدية وعدم احترام‬
‫المصلحة المتعاقدة للحكم الصادر عن القاضي االستعجالي‪ 1‬أي أن الطعن االستعجالي‬
‫التعاقدي هو في الحقيقة طعن مكمل للطعن االستعجالي قبل التعاقدي‪ ،‬بل هو طعن واحد‬
‫قرر له استثناء تمثل في حالة عدم احت ارم المصلحة المتعاقدة ألوامر وحكم قاضي‬
‫االستعجال قبل التعاقدي‪.‬‬
‫يبقى تحديد زمن الدعوى االستعجالية في القانون الجزائري غير كاف بدليل أن القول‬
‫باقتصارها على مرحلة اإلبرام دون تحديد األجل أو المدة القانونية التي ترفع فيها هذه‬
‫الدعاوى يمكن أن ينجر عنه آثار تتنافى مع طبيعة الدعوى االستعجالية‪ ،‬فاألصل في‬
‫االستعجال أنه ذو طابع وقائي يهدف إلى تدارك األضرار المنجرة عن إبرام الصفقة العمومية‬
‫قبل أن تحدث‪ ،‬فإذا ما سلمنا بوجود دعوى استعجالية بعد إحداث هذه اآلثار وصدور أمر‬
‫عن القاضي المختص فال فائدة لهذا األمر مع اآلثار القانونية التي يرتبها العقد‪.‬‬
‫لهذا السبب فقد تفطن المشرع الفرنسي لتحديد األجل القانوني لرفع الدعوى االستعجالية‬
‫ما قبل التعاقدية‪ ،‬فمن أجل تمكين المتضررين من هذا الطعن فقد نصت المادة ‪ 41‬من‬
‫قانون الصفقات العمومية الفرنسي على ضرورة احترام أجل ‪ 14‬يوما بين تاريخ رفض‬
‫المصلحة المتعاقدة للعروض المتنافسة وتاريخ إبرام العقد مع اإلدارة بمعنى أن اإلدارة تحدد‬
‫تاريخ إبرام العقد بـ ‪ 14‬يوما إبتداء من تاريخ رفض العروض‪ ،‬أما إذا كان قرار رفض‬
‫العرض أرسل إلكترونيا فيحترم أجل ‪ 11‬يوما إلبرام العقد‪ ،‬وخالل هذه المدة يمكن لكل‬
‫متضرر من إبرام العقد رفع الدعوى االستعجالية قبل التعاقدية‪ ،‬وال يتوقف هذا األمر عند هذا‬
‫الحد بل ألزمت المادة ‪ 1-441‬من قانون القضاء اإلداري الفرنسي بضرورة إعالم المدعي‬
‫المصلحة المتعاقدة بالطعن االستعجالي قبل التعاقدي‪ ،‬وذلك في نفس اليوم الذي يسجل فيه‬
‫عريضته االستعجالية‪ ،‬حتى ال تقوم المصلحة المتعاقدة بإبرام العقد‪.2‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن ممارسة المدعي للطعن االستعجالي التعاقدي في القانون الفرنسي‬
‫يجبره على إعالم المصلحة المتعاقدة بهذا الطعن في نفس الوقت الذي يتم فيه تسجيل‬
‫‪3‬‬
‫الفرنسي‪.‬‬ ‫العريضة بالمحكمة و هو ما أقرته المادة ‪ 1-441‬من قانون القضاء اإلداري‬

‫‪1‬‬
‫‪CROS Nicolas, XAVIER Boissy, op.cit, p 98.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, p34 P 35.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, P55.‬‬
‫‪298‬‬
‫ثالثا ‪ -‬األطراف التي لها الحق في رفع الدعوى‬
‫في كل دعوى مهما كانت طبيعتها فإننا نجد كل من المدعي والمدعى عليه أطرافا‬
‫فيها‪ ،‬أما أطراف الدعوى االستعجالية المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية فهي محددة بموجب‬
‫المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫إن أول نقطة يمكن إثارتها تكمن في أن الطرف المدعى عليه هو دائما المصلحة‬
‫المتعاقدة والتي تم تحديدها في المادة ‪ 4‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المتضمن‬
‫العمومية‪.‬‬ ‫تنظيم الصفقات‬
‫أما بالنسبة للطرف الثاني في الدعوى أي المدعي فقد أوضحت الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية تعريفه في كل من له مصلحة في إبرام العقد‬
‫والذي قد يتضرر من هذا اإلخالل وكذلك لممثل الدولة على مستوى الوالية إذا أبرم العقد‬
‫أو سيبرم من طرف جماعة إقليمية أو مؤسسة عمومية محلية"‪ ،‬وهو نفس المبدأ الذي‬
‫جاءت به المادة ‪ 11/441‬من قانون القضاء اإلداري الفرنسي‪.‬‬
‫في هذا المجال يذكر بأن القضاء اإلداري الفرنسي كان في بادئ األمر ال يأخذ بفكرة‬
‫الضرر فمجرد وجود مصلحة من إبرام العقد يكفي إلخطار القاضي االستعجالي‪ ،‬فقد قضى‬
‫مجلس الدولة الفرنسي في قضية » ‪ « Société radiomètre‬الصادرة بتاريخ ‪ 4‬أفريل‬
‫‪ 1114‬بأن كل مؤسسة مترشحة من أجل نيل صفقة‪ ،‬فهي بالتالي تملك المكنة من أجل رفع‬
‫طعن االستعجالي ما قبل التعاقدي‪ ،‬ويمكنها أن تحتج أمام القاضي على مخالفة التزامات‬
‫اإلشهار و المنافسة التي طبعت الصفقة‪ ،‬حتى و إن لم يضر بها هذا االلتزام‪ ،‬لكن بعد قرار‬
‫‪ Smirgeones‬الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،1114‬أصبح القاضي يبحث‬
‫عن الضرر الناجم من إبرام العقد فكل مؤسسة تضررت من عملية إبرام العقد أو كان إبرام‬
‫العقد سوف يحدث لها ضرر بإمكانها إخطار قاضي االستعجال‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطات القاضي االستعجالي‬
‫يقترب االستعجال في مادة الصفقات العمومية من القضاء الكامل‪ ،‬ذلك أن القاضي‬
‫اإلستعجالي يملك عدة سلطات كما هو الحال أمام قاضي الموضوع‪ ،2‬وقد بينت المادة ‪964‬‬
‫صالحيات قاضي االستعجال في حالة إخالل المصلحة المتعاقدة بالتزامات اإلشهار و‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P33.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CASSIA Paul, pratique des référés précontractuels, édition Lexis Nexis, Paris, P 183.‬‬
‫‪299‬‬
‫المنافسة تمثلت أساسا في كل من سلطة تأجيل إمضاء عقد الصفقة العمومية ( أوال ) األمر‬
‫باالمتثال اللتزامات اإلشهار والمنافسة ( ثانيا) والحكم بغرامة تهديدية ( ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬سلطة تأجيل إمضاء عقد الصفقة العمومية‬
‫نصت المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية في فقرتها السادسة على‬
‫سلطة القاضي االستعجالي في تأجيل إمضاء عقد الصفقة العمومية على النحو التالي‪:‬‬
‫"‪..‬و يمكن لها كذلك‪ ،‬وبمجرد إخطارها أن تأمر بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية‬
‫اإلجراءات لمدة ال تتجاوز ‪ 1.‬يوم "‪.‬‬
‫من خالل الفقرة المذكورة أعاله‪ ،‬يمكن أن يستشف المالحظات التالية‪:‬‬
‫تقوم هذه السلطة الموقعة في حق القاضي على عنصر الوقاية‪ ،‬الهدف منها تفادي‬
‫اإلضرار بالمصلحة العامة وكذا المصلحة الخاصة للمدعي‪ ،‬فتقرير سلطة تأجيل إمضاء‬
‫العقد ينظر إليها من ناحية اآلثار المترتبة عن إمضاء العقد‪ ،‬ففرضا إذا لم يتم تقرير سلطة‬
‫تأجيل العقد وقام المدعي بإخطار المحكمة بمخالفة المصلحة المتعاقدة اللتزامات المنافسة‬
‫واإلشهار في انتظار فصل المحكمة اإلدارية في أجل ‪ 11‬يوما من تاريخ إخطارها‪ ،‬فيمكن‬
‫للمصلحة المتعاقدة قبل تاريخ فصل المحكمة اإلدارية أن تقوم بإبرام الصفقة العمومية ما‬
‫ينتج عنه التزامات وآثار قانونية بين أطراف العقد‪ ،‬ولهذا فإن الحكمة من تأجيل إبرام عقد‬
‫الصفقة العمومية كانت من أجل تفادي اإلضرار بمصالح المتعهدين الذين لهم فرصة في‬
‫الظفر بالصفقة‪ ،‬يضاف على هذا فإن المدة الزمنية التي يقوم عليها تأجيل العقد هي نفس‬
‫المدة المقررة في المادة ‪ 967‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية للفصل في الطلب‬
‫المتعلق باإلخطار وهي مدة تخدم الطابع االستعجالي لمرحلة اإلبرام دون تعطيل سير المرفق‬
‫العام‪.‬‬
‫إن سلطة تأجيل إبرام العقد نجدها أيضا لدى المشرع الفرنسي الذي حددها أيضا بمدة‬
‫‪ 11‬يوما من تاريخ إخطار القاضي اإلستعجالي حسب المادة ‪ 1/441‬من قانون القضاء‬
‫‪1‬‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Art 551/1 code de justice administratif :<< L’injonction de différer la signature du contrat, si‬‬
‫‪elle a été prononcée à titre conservatoire en applications des dispositions du troisième alinéa‬‬
‫‪de l’articleL555-1 et la troisième alinéa de l’article L 552-2, prend fin à la date à laquelle le‬‬
‫‪président du tribunal administratif au le magistrat qu’il délègue se prononce sur la demande,‬‬
‫» ‪au plus tard, à l’expiration de ce délai de vingt jour‬‬
‫‪CASSIA Paul, op-cit, P187.‬‬
‫‪300‬‬
‫تتوافق سلطة األمر بتأجيل إبرام الصفقة العمومية مع الطعن االستعجالي قبل التعاقدي‬
‫لكنها تتناقض مع حالة الطعن االستعجالي التعاقدي والتي يكون حينها قد تم إبرام العقد‪ ،‬و‬
‫في هذا اإلطار نجد بأن المشرع الفرنسي قد أتاح للقاضي سلطة إيقاف تنفيذ العقد إال في‬
‫حالة ما إذا أخذ بعين االعتبار مجموع المصالح المتضررة السيما وان رأى بأن اتخاذه لقرار‬
‫التوقيف له من السلبيات ما يفوق إيجابياته‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬األمر باالمتثال اللتزامات اإلشهار و المنافسة‬
‫جاءت المادة ‪ 6/964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على النحو التالي‪:‬‬
‫" يمكن المحكمة اإلدارية أن تأمر المتسبب في اإلخالل باالمتثال اللتزاماته‪ ،‬و تحدد‬
‫األجل الذي يمتثل فيه "‪.‬‬
‫إن المادة المذكورة أعاله تثير عدة مالحظات ‪:‬‬
‫‪ -‬خولت المادة ‪ 964‬القاضي اإلداري أن يأمر المصلحة المتعاقدة لالمتثال بالتزامات‬
‫اإلشهار و المنافسة‪ ،‬الشيء الذي يستدعي التساؤل عن سبب جعلها سلطة تقديرية؟‬
‫من المستقر في فرنسا والجزائر منذ زمن طويل أن القاضي اإلداري ال يستطيع إلزام‬
‫اإلدارة باألخذ برأيه أو أن يحل محلها من أجل القيام بعمل يكون من صميم اختصاصاتها‪،‬‬
‫إذ يرجع األصل التاريخي لذلك لمبدأ الفصل بين السلطات والذي يحظر على القاضي‬
‫التدخل في شؤون اإلدارة‪ ،‬وهذا ما أكد عليه مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر بتاريخ‬
‫‪ 19‬جانفي ‪ 1971‬و الذي جاء فيه ‪ " :‬حيث أنه ليس لمجلس الدولة أن يوجه أوامر‬
‫لإلدارة"‪.2‬‬
‫لقد تبنى القضاء اإلداري الجزائري نفس الموقف فنجده يصرح في قرار له صادر‬
‫بتاريخ ‪ 16‬أفريل ‪ 1111‬في قضية رئيس بلدية درقانة ضد " س‪.‬ع " بأن ‪ " :‬البلدية إدارة‬
‫عمومية ال يمكن أن تكون محال ألمر أداء "‪.3‬‬
‫لكن المشرع الفرنسي تدارك هذا الوضع بإصداره لقانون ‪ 16‬جانفي ‪ 1994‬الذي أجاز‬
‫للقاضي اإلداري توجيه أوامر لإلدارة ولكن ضمن حدود‪ ،‬وقد وضعت هذه السلطة موضع‬
‫التطبيق عدة مرات في فرنسا‪ ،‬بحيث أمر رئيس المحكمة اإلدارية لمدينة " ستراسبورغ "‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P56‬‬
‫‪2‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫فقير محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪301‬‬
‫إحدى الجماعات المحلية بأن تعيد اإلجراء المتعلق بقبول الترشيحات وفقا لما ينص عليه‬
‫القانون لضمان مشروعية اإلجراء‪ 1‬وهو ما سار عليه قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫الجزائري حينما خول للقضاء االستعجالي إمكانية توجيه أوامر للمصلحة المتعاقدة‪ ،‬لكن هذا‬
‫التخويل يبقى سلطة تقديرية للقاضي تقدر بمدى استقاللية القاضي اتجاه اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬يتعلق موضوع األمر الذي يوجهه القاضي االستعجالي بضرورة امتثال المصلحة‬
‫المتعاقدة إللتزامات المنافسة واإلشهار الشيء الذي يطرح تساؤال حول المقصود بذلك وما‬
‫الطبيعة القانونية لهذا األمر ؟‬
‫إن اإلخالل بالتزامات اإلشهار و المنافسة المرتكبة من قبل المصلحة المتعاقدة تأتي‬
‫في شكل الق اررات المنفصلة عن عقد الصفقة العمومية و هي تتنوع ما بين إعالن الصفقة‪،‬‬
‫قرار اإلقصاء من الصفقة‪ ،‬قرار المنع من الترشح للصفقة‪ ،‬قرار المنح المؤقت للصفقة ‪...‬‬
‫إلخ وغيرها‪ ،‬يستثني من ذلك دفتر الشروط الذي يعتبر وثيقة شبه تعاقدية‪.‬‬
‫فإذا ما تم التسليم بتخويل القضاء االستعجالي سلطة توجيه أمر للمصلحة المتعاقدة‬
‫"بااللتزام " عند الطعن في الق ار ارت المنفصلة عن الصفقة العمومية وكما هو معروف فإن‬
‫االلتزام ال يكون إال عن طريق دعوى قضاء كامل الشيء الذي ال ينسجم مع مبادئ القضاء‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 967‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على فصل المحكمة‬
‫اإلدارية في الطلبات المقدمة لها من تاريخ إخطارها في أجل ‪ 11‬يوما طبقا للمادة ‪،2964‬‬
‫فبالعودة إلى نص المادة ‪ 964‬فإنه سوف يتم مالحظة بأن فصل المحكمة سوف يكون‬
‫موضوعه األمر باالمتثال اللتزامات اإلشهار والمنافسة مع إمكانية الحكم بغرامة تهديدية‬
‫تسري من تاريخ انقضاء األجل المحدد وعليه فإن صالحيات قاضي االستعجال الجزائري‬
‫ضيقة مقارنة مع نظيره الفرنسي الذي يملك سلطات واسعة في هذا المجال‪.‬‬
‫خولت المادة ‪ 14/441‬من قانون القضاء اإلداري الفرنسي للقاضي سلطة إبطال العقد‬
‫في حالة مخالفة التزامات اإلشهار أو في حالة ما إذا تم إبرام العقد قبل تاريخ المحدد قانونا‬
‫في المادة ‪ 41‬من قانون الصفقات العمومية الفرنسي أو في حالة ما إذا قدم المدعي طعنا‬

‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫مرجع سابق اعاله‪.‬‬
‫‪302‬‬
‫استعجاليا قبل تعاقدي وقضى القاضي بتوقيف إبرام العقد‪ ،‬لكن المدعي لم يحترم قرار‬
‫القاضي وأبرم العقد‪ 1‬وفي كل الحاالت البد أن يقترن بطالن عقد الصفقة العمومية في حالة‬
‫الطعن االستعجالي التعاقدي بضرورة توفر شرطين‪: 2‬‬
‫‪ -‬شرط اإلخالل بالتزامات اإلشهار و المنافسة‪.‬‬
‫‪ -‬شرط المساس باحتمال فوز المدعي بالصفقة العمومية‪.‬‬
‫في حالة ما لم يتوفر الشرطان السابقان يمكن أن تتخذ إحدى العقوبات البديلة‬
‫الموجودة بالمادة ‪ 11/441‬و المتمثلة في الفسخ‪ ،‬أو تخفيض مدة إنجاز الصفقة أو عقوبة‬
‫مالية يمكن أن تصل إلى حد ‪ %11‬من الصفقة‪.3‬‬
‫بحسب المادة ‪ 19/441‬فإن العقوبات البديلة يمكن اتخاذها أيضا في حالة ما إذا كان‬
‫الحكم ببطالن عقد الصفقة العمومية من شأنه المساس بالمصلحة العامة‪.4‬‬
‫إن السلطات المذكورة آنفا تتعلق بحالة ما إذا رفع المدعي طعنا استعجاليا تعاقديا أما‬
‫في حالة الطعن االستعجالي قبل التعاقدي فيمكن للقاضي إلغاء كافة الق اررات المتعلقة بإبرام‬
‫الصفقات العمومية وحذف جميع الشروط التي كانت موجهة للتعاقد من أجلها‪.5‬‬
‫‪ -‬لم تقف الفقرة الرابعة من المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية عند‬
‫إمكانية القاضي بأن يأمر المتسبب في اإلخالل باالمتثال اللتزاماته بل أضافت له تحديد‬
‫األجل الذي يجب أن تمتثل فيه المصلحة المتعاقدة اللتزامها وهنا يتم الوقوف مرة أخرى عند‬
‫تحليل الفقرة الرابعة التي جاءت على النحو التالي ‪ " :‬يمكن للمحكمة اإلدارية أن تأمر‬
‫المتسبب في اإلخالل باالمتثال اللتزاماته‪ ،‬وتحدد األجل الذي يجب أن يمتثل فيه "‪ ،‬إن‬
‫الجملة األخيرة تطرح تساؤال حول مدى تدخل السلطة التقديرية للقاضي من أجل تحديد أجل‬
‫المتثال المصلحة المتعاقدة اللتزاماتها ؟‬
‫الظاهر من الفقرة ال اربعة أنه وفي حالة اتخاذ القاضي أمر للمصلحة المتعاقدة من أجل‬
‫أن تمتثل اللتزاماتها‪ ،‬فطبقا لحرف العطف " و " الذي جاء في الجملة الثانية من الفقرة‬
‫الرابعة فإنه يجب على القاضي االستعجالي أن يقرن المقرر الذي يصدره بتحديد األجل الذي‬

‫‪1‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 65.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CROS Nicolas - XAVIER Boissy, op.cit, p 98.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-FREDERIC Julien, op.cit, P 57.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CROS Nicolas- XAVIER Boissy, op.cit, p 98 .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 38.‬‬
‫‪303‬‬
‫تمتثل فيه المصلحة المتعاقدة‪ ،‬وعل يه فإن تحديد أجل تطبيق األمر يقترن بحالة ما إذا اختار‬
‫القاضي االستعجالي أمر المصلحة المتعاقدة باالمتثال اللتزاماتها باإلشهار والمنافسة‪.‬‬
‫إن المتتبع لكافة الفقرات التي جاءت بها كل من المادة ‪ 964‬و المادة ‪ 967‬من قانون‬ ‫‪-‬‬

‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية يالحظ عدم نصها على إمكانية الطعن في األوامر الصادرة‬
‫عن القاضي االستعجالي والمتعلقة بإبرام الصفقة العمومية أمام مجلس الدولة‪ ،‬فما دام قد‬
‫نص المشرع وبصفة صريحة على األوامر اإلدارية االستعجالية غير القابلة للطعن فيها بأي‬
‫طريقة في المادة ‪ 934‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ولم يستثن حالة األوامر‬
‫الصادرة تطبيقا للمواد ‪ 967‬و ‪ 964‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية هذا ما يدفع‬
‫للرجوع إلى القواعد العامة‪.‬‬
‫تجيز المادة ‪ 969‬من قانون اإلج ارءات المدنية واإلدارية استئناف األوامر االستعجالية‬
‫الصادرة عن المحاكم اإلدارية ما لم ينص القانون على خالف ذلك‪ ،‬أما المادة ‪ 941‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فإنها تحدد أجل استئناف األوامر في ‪ 14‬يوما‪ ،‬مالم يوجد‬
‫نصوص خاصة‪ ،‬بحيث يسري هذا األجل من يوم التبليغ الرسمي لألمر إلى المعني‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الغرامة التهديدية‬
‫ألجل ضمان تنفيذ المقررات الصادرة من المحاكم اإلدارية فقد أقر المشرع الجزائري‬
‫بموجب قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية للقاضي اإلداري سلطة توقيع الغرامات التهديدية‪.‬‬
‫فقبل صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية كان قد أكد القاضي اإلداري الجزائري‬
‫في العديد من أحكامه عدم جواز الحكم على اإلدارة بالغرامة التهديدية وفقا الجتهاد الغرفة‬
‫اإلدارية بالمحكمة العليا سابقا ومجلس الدولة حاليا‪ ،‬حيث جاء في قرار لمجلس الدولة‬
‫الجزائري بتاريخ ‪ 11‬أفريل ‪ 1111‬مايلي ‪ ... " :‬حيث أنه في الوضع الحالي للتشريع و‬
‫االجتهاد القضائي ال يمكن النطق ضد الوالية أو البلدية بغرامة تهديدية"‪.1‬‬
‫استقر الفقه والقضاء اإلداري على تعريف الغرامة التهديدية على أنها ‪ " :‬ذلك المبلغ‬
‫المالي الذي يفرضه القاضي اإلداري على اإلدارة جزاء لتأخرها أو تماطلها في تنفيذ األحكام‬
‫المتعلقة بقواعد اإلشهار والمنافسة وهي أيضا تهديد مالي ينطق به القاضي اإلداري لفائدة‬
‫الدائن ضد أشخاص القانون العام أو شخص من أشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة‬

‫‪1‬‬
‫بن أحمد حورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪304‬‬
‫مرفق عام لحملها على تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة ضدها وتحدد بصفة عامة بمبلغ معين‬
‫من المال عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم‪.1‬‬
‫بالتالي فإن الخاصية التي تتمتع بها الغرامة التهديدية هي ارتباطها بمدى تنفيذ الحكم‬
‫الصادر عن المحكمة اإلدارية وبالعودة إلى الفقرة الخامسة من المادة ‪ 964‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية نجدها تنص على ‪ ... " :‬و يمكن لها أيضا الحكم بغرامة‬
‫تهديدية تسري من تاريخ انقضاء األجل المحدد ‪." ...‬‬
‫إن الوقوف عند تحليل المادة المذكورة أعاله يظهر لنا بأن للمحكمة اإلدارية سلطة‬
‫تقديرية في الحكم بالغرامة التهديدية ويرتبط ذلك بمدى استقاللية القاضي اإلداري‪ ،‬وحول‬
‫الوقت الذي يمكن فيه إصدار الغرامة التهديدية فإنه بعد أمر القاضي المصلحة المتعاقدة‬
‫االمتثال اللتزاماتها وتحديد األجل الذي يجب أن تمتثل فيه‪ ،‬يقوم القاضي في نفس الوقت‬
‫بالحكم بغرامة تهديدية تسري من تاريخ انقضاء األجل المحدد في األمر‪ ،‬وله أن يستغني‬
‫عن توقيع الغرامة التهديدية إذ يخضع ذلك لسلطته التقديرية‪.‬‬
‫غير أن اإلشكال الذي يثار هو إمكانية رفض المصلحة المتعاقدة تنفيذ األمر الصادر‬
‫عن القاضي االستعجالي رغم توقيع الغرامة التهديدية‪ ،‬فما هي الوسائل المتاحة إلجبار‬
‫اإلدارة على هذا االلتزام؟‬
‫لقد وضع القانون الجزائري حال لمشكلة امتناع اإلدارة رغم توقيع الغرامة التهديدية عن‬
‫تنفيذ المقررات القضائية‪ ،‬ولهذا ولما كان الشخص المعنوي يعبر عن إرادته األشخاص‬
‫الطبيعيون القائمون بمهمة الموظف العام‪ ،‬فقد تم توقيع العقوبات الجزائية على كل موظف‬
‫عمومي يمتنع عن تنفيذ األحكام القضائية وذلك بموجب المادة ‪ 134‬مكرر من قانون‬
‫العقوبات الجزائري التي جاءت على النحو التالي ‪:‬‬
‫" كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو امتنع أو‬
‫اعترض أو عرقل عمدا تنفيذه يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالثة سنوات وبغرامة‬
‫من ‪ 0....‬إلى ‪ 0.....‬دج "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نادية تياب‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 144‬و ص ‪.144‬‬
‫‪305‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫اإلستعجال الفوري‬
‫ميز المشرع في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بين االستعجال الفوري واالستعجال‬
‫ال بسيط‪ ،‬ويتعلق االستعجال الفوري باألنواع التي البد أن يثبت فيها االستعجال ويفصل فيها‬
‫‪1‬‬
‫على وجه السرعة و تشمل المواد ‪ 911 ،911 ،919‬وتخص هذه المواد على التوالي‬
‫إيقاف تنفيذ الق اررات اإلدارية (فرع أول)‪ ،‬التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات‬
‫األساسية‪( ،‬فرع ثاني) واالستعجال التحفظي (فرع ثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية والمتعلقة‬
‫بمرحلة اإلبرام‬
‫يعتبر وقف التنفيذ إجراء استعجاليا يطلب من خالله المدعي من القاضي وقف مؤقت‬
‫لتنفيذ القرار المنفصل عن الصفقة العمومية‪ ،2‬وبمقتضى اجتهاد قضائي فرنسي فإنه ال يمكن‬
‫استعمال هذا اإلجراء بعد إبرام العقد النتفاء عنصر االستعجال هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فإن قاضي وقف التنفيذ يملك صالحيات أقل بالنسبة لقاضي االستعجال ما قبل‬
‫التعاقدي‪ ،‬بحيث يتمثل دوره في وقف التنفيذ وال يتجاوز ذلك بالحكم بمخالفة التزامات‬
‫اإلشهار والمنافسة‪.3‬‬
‫األصل في القرار اإلداري نفاذه بمجرد صدوره وترتيبه لآلثار القانونية‪ ،‬وال يمكن وقفه‬
‫بالطعن فيه‪ ،‬وفي هذا تأتي المادة ‪ 433‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لتؤكد هذا‬
‫الطابع التنفيذي على النحو التالي‪:‬‬
‫"التوقف الدعوى المرفوعة أمام المحكمة اإلدارية تنفيذ القرار اإلداري المتنازع‬
‫فيه‪"...‬‬
‫فقاعدة تنفيذ الق ار ارت اإلدارية ترتكز على خاصيتين متمثلتين في كل من امتياز‬
‫األولوية الذي يضفي على الق اررات اإلدارية طابع المشروعية إلى أن يثبت العكس من طرف‬
‫القاضي اإلداري‪ ،‬والطابع التنفيذي لنفس الق اررات الذي يكمل االمتياز األسبق والذي يعتبر‬

‫جبار حياة‪ ،‬تطور قضاء االستعجال اإلداري على ضوء قانون ‪ ،19 /14‬مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1111/1111‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪FREDERIC Julie, op. cit, P 71 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CROS Nicolas – XAVIER Boissy, op.cit, P 88.‬‬
‫‪306‬‬
‫أن الصالح العام الذي يؤسس كل عمل السلطة اإلدارية ال يمكن أن يعرقل تنفيذه‪ ،1‬غير أن‬
‫القول بتنفيذ الق اررات اإلدارية بالرغم من اإليجابيات التي يقوم عليها إال أنه ال يمكن‬
‫االستمرار في إطالقه‪ ،‬فإذا كان يحقق المصلحة العامة فهو يصطدم مع المصلحة الخاصة‬
‫لألفراد‪ ،‬األمر الذي يستدعي ضرورة تحقيق توازن ما بين المصلحتين‪.‬‬
‫أقر المشرع الجزائري كاستثناء عن القاعدة العامة إمكانية وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية‬
‫ّ‬
‫بموجب الفقرة الثانية من المادة ‪ 413‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫" غير أنه يمكن للمحكمة اإلدارية أن تأمر بناء على طلب الطرف المعني بوقف‬
‫تنفيذ القرار اإلداري "‪.‬‬
‫لقد نص المشرع الجزائري على حاالت وقف التنفيذ في نصوص متفرقة‪ ،‬فتارة يدرجها‬
‫ضمن الباب الثالث الخاص باالستعجال وتارة أخرى يوردها ضمن القسم الخاص برفع دعوى‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫في حين أن المشرع الفرنسي لم يدرج إجراءات وقف التنفيذ ضمن القضاء االستعجالي‬
‫فهي واردة في قانون المحاكم اإلدارية ضمن الفصل األول المتعلق بتسجيل العريضة‪.2‬‬
‫تنبنى إجراءات وقف التنفيذ على شروط شكلية (أوال) وأخرى موضوعية (ثانيا)‪ ،‬يتم‬
‫معالجتها على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الشروط الشكلية لوقف تنفيذ الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫يعتبر وقف التنفيذ طعنا تكميليا يرتكز على طعن موضوعي‪ ،‬فعلى عكس الطعن‬
‫االستعجالي القبل التعاقدي أو التعاقدي‪ ،‬فإن وقف التنفيذ ال يقوم لوحده‪ 3‬فقد ألزم المشرع‬
‫بضرورة رفع دعوى إلغاء أمام قضاء الموضوع قبل كل طلب لوقف تنفيذ أي قرار وقد أكدت‬
‫على ذلك المادة ‪ 919‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على النحو اآلتي ‪:‬‬
‫" عندما يتعلق األمر بقرار إداري ولو بالرفض ويكون موضوع طلب إلغاء كلي أو‬
‫جزئي يجوز لقاضي االستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ هذا القرار أو وقف آثار معينة منه‬

‫‪ 1‬خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1113 ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪2‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪3‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 72.‬‬
‫‪307‬‬
‫متى كانت ظروف االستعجال تبرر ذلك‪ ،‬ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من‬
‫شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار" ‪.‬‬
‫يعتبر األستاذ مسعود شيهوب أن هذا الشرط منطقي‪ ،‬فال يعقل االستجابة لطلب‬
‫المدعي بوقف تنفيذ قرار لم يعارض في مدى مشروعيته أمام قضاء اإللغاء‪ ،‬ومن ثمة فال‬
‫جدوى من وقف تنفيذ قرار لن يلغى بسبب عدم تحريك المدعى دعوى اإللغاء‪.1‬‬
‫إن اشتراط المشرع الجزائري لضرورة رفع دعوى اإللغاء قبل وقف تنفيذ القرار اإلداري‬
‫يقودنا إلى شرط آخر يتمثل في ضرورة أن يكون طلب وقف التنفيذ في عريضة مستقلة عن‬
‫عريضة الطعن باإللغاء‪ ،‬وهو ما تم تأكيده بموجب نص المادة ‪ 914‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية التي جاء فيها‪:‬‬
‫" يجب أن ترفق العريضة الرامية إلى وقف تنفيذ القرار اإلداري أو بعض آثاره تحت‬
‫طائلة عدم القبول بنسخة من عريضة دعوى الموضوع "‪.‬‬
‫نفس الشأن جاءت به المادة ‪ 1/436‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية كما يلي ‪:‬‬
‫" ال يقبل طلب وقف تنفيذ القرار اإلداري ما لم يكن متزامنا مع دعوى مرفوعة في‬
‫الموضوع أو في حالة التظلم المشار إليه في المادة ‪ 08.‬أعاله "‪.‬‬
‫يترتب عن الطابع التبعي لدعوى وقف التنفيذ بدعوى اإللغاء‪ ،‬أن التنازل عن دعوى‬
‫اإللغاء يتبعه ضرورة التنازل عن طلب وقف التنفيذ هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى إذا ورد‬
‫الطعن األصلي (اإللغاء) خارج اآلجال القانونية يرفض طلب وقف التنفيذ‪ ،‬فال يتصور رفع‬
‫دعوى وقف التنفيذ ضد قرار إداري أصبح محصنا من اإللغاء لفوات الميعاد الالزم له لقبول‬
‫دعوى اإللغاء‪.2‬‬
‫لم يحد مجلس الدولة الجزائري عما استقر عليه قضاء الغرفة اإلدارية في وجوب رفع‬
‫دعوى اإللغاء قبل المطالبة بوقف تنفيذ القرار اإلداري قضائيا‪ ،‬يتجلى ذك من خالل عدة‬
‫ق اررات نذكر منها قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ ‪ 1113/11/17‬في الملف رقم‬
‫أقر مجلس الدولة في هذه القضية مبدأ‬‫‪ 13397‬قضية ( ر ‪ ،‬ل) ضد (ب‪ ،‬ع و من معه) و ّ‬
‫ارتباط دعوى اإللغاء بدعوى وقف التنفيذ وأجاب مجلس الدولة في هذه القـضية بما يلي‪ ":‬من‬

‫‪ 1‬مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪2‬‬
‫جبار حياة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪308‬‬
‫الثابت أن مجلس الدولة مختص طبقا للمادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 11-94‬في الطعون‬
‫بالبطالن المرفوعة ضد الق اررات التنظيمية والفردية الصادرة عن المنظمات الوطنية‪ ،‬ومن‬
‫الثابت أن إجراء وقف التنفيذ يشكل طبقا للمادة ‪ 436‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫إجراءا تبعيا لدعوى أصلية لبطالن القرار محل الطلب‪ ،‬وبما أن الدعوى لم ترفع فيتعين‬
‫رفض الطلب شكال‪.1‬‬
‫إن الوقوف على مسألة وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫يثير أهمية بالغة السيما تناول المشرع الجزائري لدعوى وقف التنفيذ في نصوص متفرقة‪،‬‬
‫فتارة تأتي تحت عنوان الباب الثالث "في االستعجال" و تارة أخرى يتم تناولها في القسم األول‬
‫المتعلق برفع الدعوى المندرج تحت عنوان الباب األول في اإلجراءات المتبعة أمام المحاكم‬
‫اإلدارية "‪.2‬‬
‫إن المتتبع للمواد الواردة في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية سيالحظ تقارب وقف‬
‫تنفيذ الق اررات الواردة في القسم المتعلق برفع الدعوى مع وقف التنفيذ الوارد في الدعوى‬
‫االستعجالية‪ ،‬خاصة إذا ما علم أن المادة ‪ 436‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تقر‬
‫أن رفع دعوى وقف التنفيذ يكون مستقال بشرط رفع دعوى في الموضوع‪ ،‬فهذا الشرط يؤدي‬
‫تقر بأن الفصل في‬
‫إلى القول بأنها دعوى غير موضوعية‪ ،‬زيادة على ذلك فإن المادة ‪ّ 434‬‬
‫دعوى وقف التنفيذ يكون بموجب أمر وهو نفس الحال المتعلق بالدعوى االستعجالية‬
‫الموجودة في المادة ‪ 919‬من نفس القانون ‪.‬‬
‫تشترك دعوى وقف التنفيذ الواردة في القسم المخصص لرفع الدعوى مع دعوى وقف‬
‫التنفيذ الواردة في الباب المتعلق باالستعجال في التشكيلة الفاصلة في هذين الدعويين من‬
‫حيث أن التشكي لة التي تنظر في دعوى الموضوع هي نفسها التي تنظر في دعوى وقف‬
‫التنفيذ‪ ،3‬كما ينتهي أثر وقف التنفيذ في كال الحالتين بالفصل في دعوى الموضوع‪ 4‬وقد‬
‫اعتبر األستاذ مسعود شيهوب أن دعوى وقف التنفيذ ينبغي أن تكون دعوى استعجالية ألن‬

‫خليل مول الضاية‪ ،‬القضاء اإلداري االستعجالي في ظل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬ ‫‪1‬‬

‫القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ، 1113/1111‬ص ‪.41‬‬


‫‪2‬‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 434‬و المادة ‪ ،917‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ 1/434‬والمادة ‪ ،3/919‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪309‬‬
‫المادة ‪ 434‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية نصت صراحة على وجوب التحقيق في‬
‫طلب وقف التنفيذ بصفة عاجلة و يتم تقليص اآلجال‪.1‬‬
‫أما األستاذ رشيد خلوفي فيرى أن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية كرر بعض‬
‫اإلجراءات المتعلقة بوقف تنفيذ الق اررات اإلدارية دون مبرر أو منطق يذكر‪ ،‬فكررت بالتالي‬
‫المادة ‪ 914‬أحكام المادة ‪ 936‬وكررت المادة ‪ 919‬أحكام المادة ‪ ،934‬كما كررت المادة‬
‫‪ 917‬أحكام المادة ‪ 434‬ويرى أن هذا التكرار يعود إلى نقص في ترتيب المواد في أقسام‬
‫واضحة حسب وحدة الموضوع المطلوب تنظيمه‪ ،‬واقترح تعديل هذا الوضع ودمج المواد‬
‫المتعلقة بإيقاف تنفيذ الق ارر اإلداري في قسم واحد مباشرة بعد المادة ‪ 919‬المتعلقة بالدعوى‬
‫االستعجالية إيقاف‪.2‬‬
‫بالرغم من اشتراك دعوى وقف التنفيذ التي جاءت في القسم المخصص لرفع الدعوى و‬
‫دعوى وقف التنفيذ التي جاءت في الباب المتعلق باالستعجال في اإلجراءات‪ ،‬إال أنه من‬
‫الالفت للنظر هو اختالفهما من حيث الطعن في أمر القاضي المتعلق بوقف التنفيذ‪ ،‬وفي‬
‫هذا تنص المادة ‪ 3/437‬على جواز استئناف أمر وقف التنفيذ أمام مجلس الدولة خالل‬
‫أجل ‪ 14‬يوما من تاريخ التبليغ في حين أن المادة ‪ 934‬تجعل من األمر الصادر طبقا‬
‫للمادة ‪ 919‬غير قابل ألي طعن األمر الذي يطرح إشكاال حول مدى إعمال المادتين في‬
‫سر هذا التناقض ‪.‬‬
‫القضاء اإلداري و كذا ما ّ‬
‫ثانيا‪ -‬الشروط الموضوعية لدعوى وقف تنفيذ القرار المنفصل عن الصفقة العمومية‬
‫البد أن تقوم دعوى وقف التنفيذ على عنصر االستعجال (‪ )1‬وأن يحترم القاضي قاعدة‬
‫عدم المساس بأصل الحق (‪ )1‬مع ضرورة توفر شرط جدي حول مشروعية القرار اإلداري‬
‫محل التوقيف (‪.)3‬‬
‫‪ - 2‬شرط االستعجال‬
‫جاء ذكر شرط االستعجال في كل من المواد ‪ 911 ،911 ،919‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬إالّ أن المشرع لم يعط له تعريفا بل اكتفى باإلشارة إليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مسعود شيهوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪2‬‬
‫رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1113 ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪310‬‬
‫يعرف الفقه اإلداري االستعجال بأن ه ‪ ":‬حالة قانونية تنشأ من الخطر الناتج عن‬
‫التأخير أو من فوات الوقت‪ ،‬قبل الحصول على الحماية القضائية الموضوعية ويولد الخطر‬
‫الحاجة الملحة إلى حماية قضائية عاجلة يتم بمقتضاها تفادي وقوع الضرر بالحقوق أو‬
‫المراكز القانونية التي يراد المحافظة عليها "‪.1‬‬
‫يربطه البعض بعنصر التأخير على النحو التالي‪ ":‬الضرورة التي ال تحتمل التأخير‪،‬‬
‫أو أنه الخطر المباشر الذي ال يكفي في إتقائه رفع الدعوى بالطريقة المعتادة حتى مع‬
‫تقصير المواعيد "‪.2‬‬
‫في حين يرى جانب من الفقه أن قيام حالة االستعجال يكون بمجرد وجود وضعية‬
‫يخشى أن تصبح غير قابلة لإلصالح‪ ،3‬فشرط االستعجال يتطلب وجود ضرر خطير وفوري‬
‫يمس بمصلحة عامة أو مصلحة مالية للمتعاقد‪. 4‬‬
‫مهما تعددت التعاريف إال أنه يصعب إيجاد تعريف دقيق نظ ار لتغير الظروف‬
‫المكانية والزمانية‪ ،‬فما يصلح لفترة معينة من الزمن ال يمكن أن يستمر لفترة طويلة بسبب‬
‫تطور المجتمع‪ ،‬وما يصلح في مكان معين ال يمكن إطالقه على كافة األمكنة ‪.‬‬
‫وحسنا ما فعل المشرع حينما لم يحدد حاالت االستعجال بل تركها تخضع لتقدير‬
‫القاضي الذي هو أنسب لمعاينة الوقائع المعروضة عليه‪.‬‬
‫في مفهوم المحكمة العليا تتحقق حالة اإلستعجال كلما كنا أمام حالة يستحيل حلها فيما‬
‫بعد‪ 5‬وعلى المدعي إثبات عنصر االستعجال حيث نصت المادة ‪ 914‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية على ما يلي‪ ":‬يجب أن تتضمن العريضة الرامية إلى استصدار تدابير‬
‫استعجالية عرضا موج از للوقائع واألوجه المبررة للطابع االستعجالي للقضية "‪.‬‬

‫‪ 1‬نادية تياب‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪2‬‬
‫فقير محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 3‬شيهوب مسعود‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ، 1113،‬ص ‪.134‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op.cit, P 74.‬‬
‫‪ 5‬شيهوب مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪311‬‬
‫في حالة عدم توفر االستعجال في الطلب أو يكون غير مؤسس يرفض قاضي‬
‫االستعجال هذا الطلب بأمر مسبب‪ ،‬وعندما يظهر أن الطلب ال يدخل في اختصاص الجهة‬
‫القضائية اإلدارية‪ ،‬يحكم القاضي بعدم االختصاص النوعي‪.1‬‬
‫‪ -1‬عدم المساس بأصل الحق‬
‫نصت على هذا الشرط المادة ‪ 914‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫" يأمر قاضي االستعجال بالتدابير المؤقتة ال ينظر في أصل الحق و يفصل في أقرب‬
‫اآلجال "‪.‬‬
‫إن المقصود بعدم المساس بأصل الحق هو اقتصار مهمة قاضي االستعجال على‬
‫اتخاذ التدابير التحفظية من أجل حماية الحقوق بصفة مؤقتة وبالتالي تجنب التعرض إلى‬
‫موضوع النزاع الذي يبقى االختصاص األصيل لقاضي الموضوع‪.‬‬
‫فمن المفروض أنه إذا تعلقت الطلبات الواردة في الدعوى االستعجالية بأصل الحق‪،‬‬
‫حكم القاضي االستعجالي بعدم االختصاص ألن النزاع الخاص بموضوع الحق هو من‬
‫اختصاص قاضي الموضوع‪ ،‬هذا هو المستقر عليه في فقه المرافعات‪ ،‬لكن المادة ‪ 916‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية توجب على القاضي الحكم برفض الطلب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حتى ال يكون مساس بأصل الحق فهناك مجموعة من الشروط التي يتعين األخذ بها‪:‬‬
‫‪ -‬على القاضي االستعجالي االمتناع عن تناول موضوع الحق بالدراسة من حيث‬
‫الشرح و التفسير الذي من شأنه المساس بموضوع النزاع‬
‫‪ -‬على القاضي االستعجالي عدم التعرض في تسبيبه لألمر الصادر منه إلى الفصل في‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬إذ البد أن يترك جوهر النزاع سليما يفصل فيه قاضي الموضوع المختص به‬
‫أصال وأساسا ‪.‬‬
‫قرره رقم ‪ 163177‬بتاريخ‬
‫لقد أقر مجلس الدولة الجزائري هذا الشرط في ا‬
‫‪ 1117/11/11‬حيث أنه و في إطار إيصال قنوات صرف المياه القذرة إلى قرية تالة من‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ،916‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪312‬‬
‫قبل بلدية " شالطة" عارض مالك األراضي إتمام األشغال فرفعت البلدية دعوى أمام قاضي‬
‫االستعجال طلبت فيها بتوجيه أمر للمالك بعدم التعرض إلتمام األشغال‪ ،‬فصرح قاضي أول‬
‫درجة بعدم اختصاصه باعتبار أن الطلب المستأنف يمس بأصل الحق‪ ،‬تم االستئناف أمام‬
‫‪1‬‬
‫مجلس الدولة فقضى بأنه‪:‬‬
‫" في الحالة التي عليها الدعوى يجب القول أن القاضي اإلداري الفاصل في المسائل‬
‫المستعجلة غير مختص للفصل في الدعوى األصلية لمجلس الشعبي البلدي المستأنف‬
‫للمساس بأصل الحق"‪.‬‬
‫هكذا قررت المحكمة العليا أن المطالبة بالديون الناتجة عن تنفيذ األشغال المنجزة في‬
‫إطار صفقة عمومية تتعلق بأصل الحق‪ ،‬ومن ثمة تخرج عن اختصاص القاضي‬
‫االستعجالي‪ 2‬وفي تعريفها ألصل الحق نجد القرار الشهير الصادر عن المحكمة العليا‬
‫‪3‬‬
‫المؤرخ في ‪ ،2886/21/28 :‬تحت رقم ‪ 34666‬الذي جاء في منطوقه ما يلي‪:‬‬
‫" إن المقصود بأصل الحق الذي يمتنع قاضي األمور المستعجلة عن المساس به‪ ،‬هو‬
‫السبب القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات كل من الطرفين قبل اآلخر‪ ،‬فال يجوز أن يتناول‬
‫هذه الحقوق وااللتزامات بالتفسير والتأويل الذي من شأنه المساس بموضوع النزاع القانوني‬
‫يعدل من مركز أحد الطرفين القانوني‪ ،‬أو أن يتعرض في‬
‫بينهما‪ ،‬كما ليس له أن يغير أو ّ‬
‫أسباب حكمه إلى الفصل في موضوع النزاع‪ ،‬أو يؤسس قضاؤه في الطلب الوقتي على‬
‫أسباب تمس أصل الحق‪ ،‬أو أن يتعرض إلى قيمة المستندات المقدمة من أحد الطرفين‪ ،‬أو‬
‫يقضي فيها بالصحة أو البطالن‪ ،‬أو يأمر باتخاذ إجراء تمهيدي كاإلحالة على التحقيق أو‬
‫ندب خبير‪ ،‬أو استجواب الخصوم أو سماع الشهود‪ ،‬أو توجيه يمين حاسمة أو متممة إلثبات‬
‫أصل الحق‪ ،‬بل يتعين عليه أن يترك جوهر النزاع سليما ليفصل فيه قاضي الموضوع‬
‫المختص دون غيره "‪.‬‬
‫بالنتيجة فإن عدم المساس بأصل الحق يؤدي إلى القول بأن األوامر الصادرة عن‬
‫قاضي االستعجال ليس لها حجية الشيء المقضي فيه بحكم الطابع المؤقت لهاته األوامر‪،‬‬

‫فقير محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫شيهوب مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪3‬‬
‫بلعابد عبد الغني‪ ،‬الدعوى االستعجالية اإلدارية وتطبيقاتها في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة منتوري‬
‫قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 1114 -1117‬ص ‪.11‬‬
‫‪313‬‬
‫يعدل في أي وقت وبناء على‬ ‫وعليه يجوز لقاضي االستعجال بطلب كل ذي مصلحة أن ّ‬
‫مقتضيات جديدة‪ ،‬التدابير التي سبق أن أمر بها أو يضع حدا لها‪ 1‬وتكون األوامر الصادرة‬
‫عن قاضي االستعجال تطبيقا لذلك غير قابلة ألي طعن‪.2‬‬
‫كما أن التدابير التي يأخذها قاضي االستعجال اإلداري ال تلزم قاضي الموضوع الذي‬
‫يستطيع العمل بها أو إلغاؤها ‪ ،‬لكن تعتبر هذه الوضعية نظرية وليست عملية ذلك أن أحكام‬
‫المادة ‪ 917‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية تعتبر قاضي االستعجال هو القاضي‬
‫الذي يبث في الموضوع وعليه ال يمكن تصور أن يتراجع قاضي االستعجال عن مقرره حينما‬
‫يبث في الموضوع‪.‬‬
‫‪ -0‬وجود وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار المنفصل‬
‫اشترطت المادة ‪ 919‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ألجل توقيف تنفيذ القرار‬
‫اإلداري أن تحوم حوله الشكوك في مدى مشروعيته ‪.‬‬
‫عرف األستاذ رشيد خلوفي " الشك" على أنه حالة نفسية يتردد معها الذهن بين اإلثبات‬
‫والنفي ويتوقف عن الحكم‪ ،‬وباإلضافة إلى الوضعية الهشة والمتغيرة تشترط المادة ‪ 919‬أن‬
‫يكون الشك " جدي " أي أن يميل أكثر إلى اإلثبات والمقصود بعبارة "وجه خاص" من شأنه‬
‫إحداث " شك جدي" فيفرق األستاذ رشيد خلوفي بين الوجه الخاص والوجه الجدي بحيث‬
‫يسمح األول ويفرض في نفس الوقت على القاضي االستعجالي أن يقوم بتحليل موجز‬
‫للقضية في حدود البحث عن عنصر يكشف عدم مشروعية القرار اإلداري‪ ،3‬وكمثال على‬
‫حالة وجود وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي‪ ،‬عدم كفاية األجل المقرر إليداع‬
‫المتنافسين لترشحاتهم من أجل الصفقة العمومية‪.4‬‬
‫فيكفي لنشأة الدعوى االستعجالية احتمال وجود حق يثبت جدية طلب المدعي وترتبط‬
‫‪5‬‬
‫الجدية بمسألتين‪:‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ ، 911‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫المادة ‪ ،934‬مرجع سابق أعاله‪.‬‬
‫‪3‬خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬جزء ثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FREDERIC Julien, op .cit, P 80.‬‬
‫‪ 5‬فقير محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪314‬‬
‫‪ -‬وجود تكريس قانوني للحق المراد حمايته فإذا كان المتعهد في الصفقة يطلب حماية‬
‫حقه في المساواة مع باقي المشاركين في دخول المنافسة في حين أنه يقع ضمن إحدى‬
‫حاالت اإلقصاء من المشاركة المنصوص عليها في تنظيم الصفقات العمومية ومن تم ال‬
‫محل لرفع دعواه االستعجالية ألن طلبه غير مؤسس قانونا‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتبين القاضي من خالل الوقائع‪ ،‬ما من شأنه احتمال لوجود هذا الحق حسب‬
‫المادة ‪ 916‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬فعلى القاضي التأكد من احتمال وجود‬
‫مساس بالمنافسة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اتخاذ تدابير ضرورية للمحافظة على حرية المنافسة‬
‫كرس دستور ‪ 1994‬بموجب المادة ‪ 63‬منه مبدأ حرية التجارة والصناعة‪ ،‬يتفرع عن‬
‫هذا المبدأ في مجال الصفقات العمومية مبدأ حرية المنافسة‪ ،‬ولما كان احترام الحريات هو‬
‫دعامة أساسية لدولة القانون‪ ،‬فقد كرس المؤسس الدستوري الجزائري ضمانة احترام هذه‬
‫الحريات عن طريق رقابة القضاء لها‪.‬‬
‫تطبيقا لذلك كفلت المادة ‪ 911‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية حماية حرية‬
‫المنافسة في الصفقات العمومية بتنصيصها على ما يلي ‪:‬‬
‫" يمكن لقاضي االستعجال‪ ،‬عندما يفصل في الطلب المشار إليه في المادة ‪ 828‬إذا‬
‫كانت ظروف االستعجال قائمة‪ ،‬أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات‬
‫األساسية المنتهكة من األشخاص المعنوية العامة أو الهيئات التي تخضع في مقاضاتها‬
‫الختصاص الجهات القضائية اإلدارية أثناء ممارسة سلطاتها‪ ،‬متى كانت هذه االنتهاكات‬
‫تشكل مساسا خطي ار وغير مشروع بتلك الحريات ‪.‬‬
‫يفصل قاضي االستعجال في هذه الحالة في أجل ‪ 48‬سا من تاريخ تسجيل الطلب"‪.‬‬
‫تتضمن المادة ‪ 911‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية مجموعة من الشروط‬
‫التي يتحدد فيها اختصاص قاضي االستعجال نوردها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬موضوع الطلب المقدم إلى قاضي االستعجال يتعلق بالمحافظة على الحريات األساسية‬
‫وفي مجال الصفقات العمومية تتمثل هذه الحرية في حرية المنافسة‪ ،‬غير أن المالحظ بأن‬
‫هذا النوع من الطلب يقترب من الطلب المنصوص عليه في المادة ‪ 964‬من قانون‬

‫‪315‬‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية والذي يأمر من خالله القاضي االستعجالي بامتثال المصلحة‬
‫المتعاقدة اللتزامات اإلشهار و المنافسة ‪.‬‬
‫‪ -‬يتم رفع هذا الطلب بعد رفع دعوى في الموضوع تتعلق بحماية الحريات األساسية ‪،‬‬
‫انطالقا من المادة ‪ 917‬التي تنص على ما يلي ‪ ":‬يفصل في مادة االستعجال بالتشكيلة‬
‫الجماعية المنوط بها البث في دعوى الموضوع" على عكس الطلب المتعلق بامتثال‬
‫المصلحة المتعاقدة اللتزامات اإلشهار والمنافسة والذي يقوم بذاته مستقال عن أي دعوى في‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن أن يقترن الفصل في دعوى وقف التنفيذ بطلب اتخاذ تدابير ضرورية للمحافظة‬
‫على الحريات األساسية‪ ،‬وقد أكدت على ذلك المادة ‪ 911‬حينما جاءت بما يلي‪ " :‬يمكن‬
‫لقاضي االستعجال عندما يفصل في الطلب المشار إليه في المادة ‪ ،828‬إذا كانت ظروف‬
‫االستعجال قائمة‪ ،‬أن يأمر باتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات األساسية " ‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاك الحريات األساسية يكون من قبل األشخاص المعنوية العامة أو الهيئات التي‬
‫تخضع في مقاضاتها الختصاص الجهات القضائية اإلدارية أثناء ممارسة سلطاتها‪ ،‬وهي‬
‫تلك الهيئات المنصوص عليها في المادة ‪ 411‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وتلك‬
‫المنصوص عليها في نصوص القانون‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون هذا االنتهاك يشكل مساسا خطي ار وغير مشروع بحرية المنافسة وهنا تدخل‬
‫سلطة القاضي في تقدير ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬يفصل قاضي االستعجال في هاته الحالة في أجل ‪ 64‬سا من تاريخ تسجيل الطلب‬
‫على عكس االستعجال في مادة إبرام الصفقات العمومية والتي نصت من خالله المادة ‪967‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أجل ‪ 11‬يوما من تاريخ إخطار المحكمة‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫إن حماية الحريات األساسية تعتبر من الركائز التي تقوم عليها دولة القانون ولهذا‬
‫وفضال عن رقابة القضاء االستعجالي لألعمال القانونية التي تقوم بها اإلدارة‪ ،‬فقد عزز‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية هذه الحماية عن طريق إتاحة إمكانية الطعن في األمر‬
‫ا لصادر عن الدعوى االستعجالية حرية خالفا لدعوى وقف التنفيذ المنظمة بموجب المادة‬

‫‪316‬‬
‫‪ 919‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬وفي هذا تنص المادة ‪ 937‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية على ما يلي ‪:‬‬
‫" تخضع األوامر الصادرة طبقا ألحكام المادة ‪ 81.‬أعاله‪ ،‬للطعن باالستئناف أمام‬
‫مجلس الدولة خالل خمسة ‪ 20‬يوما التالية للتبليغ الرسمي أو التبليغ ‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬يفصل مجلس الدولة في أجل ثمان و أربعين ‪ 48‬ساعة‪".‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬األمر باتخاذ التدابير الضرورية في حالة االستعجال القصوى‬
‫األصل أن الصفقات العمومية تنطوي على أموال ضخمة ولهذا تحرص المصلحة‬
‫استمررية هذا‬
‫ا‬ ‫المتعاقدة على ضمان تنفيذها في سبيل تحقيق المصلحة العامة التي تقتضي‬
‫التنفيذ‪ ،‬غير أنه قد تط أر ظروف مستعجلة يصعب تداركها بالنسبة للمتعهد أو المتعامل‬
‫المتعاقد وفي سبيل ذلك وحفاظا على استم اررية الصفقة وحل النزاعات التي يمكن أن تحدث‬
‫فقد وضع قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية مخرجا لذلك بموجب المادة ‪ 911‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية والتي تنص على ما يلي ‪ " :‬في حالة االستعجال القصوى‬
‫يجوز لقاضي االستعجال أن يأمر بكل التدابير الضرورية دون عرقلة تنفيذ أي قرار إداري‬
‫بموجب أمر على عريضة و لو في غياب القرار اإلداري المسبق " ‪.‬‬
‫لقد قامت المادة ‪ 911‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بتحديد شروط الدعوى‬
‫االستعجالية في الحالة القصوى و التي ينبغي على القاضي أن يتقيد بها و هي على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬شرط االستعجال القصوى سبق القيام بتعريف االستعجال واذا كانت السلطة التقديرية‬
‫للقاضي تلعب دو ار مهما إال أن حالة االستعجال القصوى صعبة اإلثبات الشيء الذي ينقل‬
‫عبء اإلثبات إلى المدعي‪ ،‬ويرى األستاذ رشيد خلوفي أن الصياغة التي استعملها المشرع‬
‫ال يمكن أن تكون محل دعوى استعجالية إدارية‪ ،‬ويمكن القول أنها إجراء قانوني مستحيل‬
‫التحريك‪.1‬‬
‫‪ -‬األمر باتخاذ تدابير ضرورية ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم عرقلة تنفيذ القرار اإلداري ‪.‬‬

‫‪ 1‬رشيد خلوفي‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪197‬وص ‪.194‬‬
‫‪317‬‬
‫يشار في األخير بأن المادة ‪ 934‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية قد أخرجت‬
‫األوامر الصادرة تطبيقا للمادة ‪ 911‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية من الطعن فيها‬
‫أمام مجلس الدولة ‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫خاتمة الباب الثاني‪:‬‬

‫تخضع تسوية نزاعات الصفقات العمومية القضائية للقواعد العامة في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية بإعتبار أن المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المعدل والمتمم لم ينص على‬
‫كيفيات تطبيق اآلليات القضائية في تنظيم الصفقات العمومية واكتفى باإلشارة إليها فقط في‬
‫المادة ‪ 143‬من المرسوم اآلنف الذكر من خالل عبارة "العدالة" ‪.‬‬
‫الشيء الذي طرح عدة إشكاالت قانونية السيما تلك التي تتعلق بالجهة القضائية‬
‫المختصة نوعيا بالفصل في منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬فالمادة ‪ 411‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية تصطدم مع أحكام المادة ‪ 4‬من تنظيم الصفقات العمومية التي توسع من‬
‫مجال تطبيقها ليشمل إلى جانب األشخاص المعنوية العامة األشخاص المعنوية الخاصة‪.‬‬
‫زيادة على ذلك عدم تحديد الطبيعة القانونية لعقد الصفقة العمومية‪ ،‬ما يجعل القاضي‬
‫اإلداري يقف حين تحديد طبيعة النزاع الذي يدخل في إختصاصه على البحث حول مدى‬
‫توافر المعيار العضوي أو المعيار المادي‪.‬‬
‫إن توفر المعايير القضائية اإلدارية في الصفقة العمومية يجعل القاضي اإلداري‬
‫مختصا بنظر دعاوى إلغاء الق اررات اإلدارية المنفصلة عن الصفقات العمومية إذا شابها‬
‫عيب من عيوب عدم المشروعية كعيب عدم اإلختصاص أو عيب السبب‪ ،‬فضال عن نظره‬
‫في دعاوى القضاء الكامل متى تعلقت المنازعة بالحقوق الشخصية‪.‬‬
‫كما يختص القاضي اإلداري بنظر الدعاوى اإلستعجالية المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫السيما تلك التي أفردها المشرع بنصوص خاصة ضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫خاتمة‬

‫تتميز الصفقات العمومية بصلتها الوثيقة بالخزينة العمومية ولهذا فقد رصد لها تنظيم‬
‫الصفقات العمومية جملة من اإلجراءات التي يتعين على المصلحة المتعاقدة إتباعها بهدف‬
‫حماية المال العام عن طريق احترام مبادئ الشفافية وحرية الوصول للطلبات العمومية‬
‫والمساواة بين المترشحين‪.‬‬
‫إن تقييد المصلحة المتعاقدة بإجراءات إبرام الصفقات العمومية المنصوص عليها في‬
‫تنظيم الصفقات العمومية سوف يؤدي ال محالة إلى الوقاية من نزاعات يمكن أن تثار بشأن‬
‫إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وهو ما حاولت تنظيمات الصفقات العمومية المتعاقبة ضمانه‪.‬‬
‫وعلى إعتبار أن المتعهدين والمتعاملين المتعاقدين هم في وضعية ضعيفة بالمقارنة‬
‫مع مركز المصلحة المتعاقدة‪ ،‬فقد أوجدت ضمانات لحماية حقوقهم من خالل وضع آليات‬
‫للتسوية الودية للنزاع‪ ،‬وآليات للتسوية القضائية للنزاع‪.‬‬
‫لقد أحسن تنظيم الصفقات العمومية حينما تبنى مبدأ الحسم الودي لنزاعات الصفقات‬
‫العمومية وذلك حتى التتعطل المشاريع ولكي يتمكن أطراف النزاع من إيجاد حل يضعون به‬
‫حدا للمنازعة التي طرأت‪ ،‬متجنبين في ذلك طول إجراءات التقاضي وبطئها وكذا التكاليف‬
‫المالية المترتبة عنها ولهذا فقد احالت المواد ‪ 41‬و‪ 143‬تسوية النزاعات بصفة ودية إلى‬
‫التشريع و التنظيم المعمول به‪.‬‬
‫يصنف المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬التسوية‬
‫الودية لنزاعات الصفقات العمومية بحسب المراحل التي تمر بها الصفقة العمومية‪ ،‬فهي‬
‫تتنوع ما بين تسوية ودية تقوم في مرحلة اإلبرام‪ ،‬وتسوية ودية تتعلق بمرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫ترتكز التسوية الودية لنزاعات اإلبرام على قيام المتعهدين بتقديم طعن أمام لجان‬
‫الصفقات العمومية المختصة وحول الطبيعة القانونية لهذا الطعن فهو غير إجباري إذ يمكن‬
‫للمتعهد أن يسلك طريق الطعن القضائي أو طريق الطعن أمام مجلس المنافسة والمالحظ‬
‫على هذا النوع من الطعن من حيث عدم إلزاميته قد جاء متوافقا مع ما هو منصوص عليه‬
‫في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بموجب المادة ‪ ،431‬لكنه يتميز عن هذا األخير في‬
‫سرعة القيام به‪ ،‬فالطعن المقرر في تنظيم الصفقات العمومية يقدم خالل ‪ 11‬أيام وذلك‬

‫‪320‬‬
‫لطبيعة مرحلة اإلبرام‪ ،‬في حين أن الطعن المقرر في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫يقدم خالل ‪ 6‬أشهر وهو ما ال يتالءم مع إستعجال مرحلة اإلبرام‪.‬‬
‫إن الطعون المقررة للمتعهد التعكس مرحلة اإلبرام بأكملها‪ ،‬إذ توجد عدة ق اررات من‬
‫غير الق اررات المذكورة في المادة ‪ 41‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬والتي يمكن أن‬
‫تمس بإجراءات اإلشهار والمنافسة‪ ،‬هل هذا يعني بأن بقية الق اررات المكونة لمرحلة اإلبرام‬
‫تخضع إلى ما جاءت به المادة ‪ 431‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بسبب إحالة‬
‫المادة ‪ 41‬من تنظيم الصفقات العمومية تسوية النزاع إلى التشريع؟‪ ،‬وحتى لو كانت اإلجابة‬
‫على هذا التساؤل باإليجاب فال يمكن تصور طعن ضد قرار إعالن الصفقة العمومية بسبب‬
‫مساسه بالمنافسة في أجل ‪ 6‬أشهر ذلك أن طبيعة مرحلة اإلبرام تقتضي السرعة‪ ،‬وعليه كان‬
‫البد على المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬أن يتناول كافة الق اررات الصادرة في مرحلة اإلبرام‬
‫بالتنظيم والتي يمكن أن تؤثر على المنافسة وأن يغتنم الفرصة لتدارك هذا النقص من خالل‬
‫إصدار المراسيم التطبيقية ‪.‬‬
‫إن النقائص التي تمس بالطبيعة القانونية للطعن أمام لجان الصفقات العمومية‬
‫التتوقف عند هذا الحد‪ ،‬بل تتعداها إلى إختصاص لجان الصفقات العمومية بنظر هذه‬
‫الطعون ولعل أهم مالحظة يمكن إثارتها تكمن في توسيع إختصاص اللجان القطاعية‬
‫واشتراكها في السقف المالي المحدد إلختصاصها مع مختلف لجان الصفقات العمومية‬
‫للمصلحة المتعاقدة‪ ،‬وال يتوقف األمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى توسيع إختصاص اللجان‬
‫الوالئية من حيث المعيار العضوي ليشمل إختصاص اللجان البلدية وهو ما سوف يحدث‬
‫تنازعا في اإلختصاص‪.‬‬
‫ال يخفى بأن المادة ‪ 41‬حاولت أن تجد حال لتنازع اإلختصاص من خالل فقرتها‬
‫السادسة حينما أوجبت على رئيس أي لجنة صفقات في حالة ما إذا تم إرسال طعن عن‬
‫طريق الخطأ‪ ،‬أن يعيد توجيهه إلى لجنة الصفقات المختصة‪.‬‬
‫فإذا كان هذا اإلجراء قرر لمصلحة المتعهد الذي يجنبه التفكير في مسألة‬
‫اإلختصاص‪ ،‬فإنه في المقابل يخلق مشكال لرئيس اللجنة الذي وجه له الطعن لمعرفة اللجنة‬
‫المختصة بدراسة الطعن‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫إذن لم يوفق المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬في ضبط قواعد إختصاص لجان‬
‫الصفقات العمومية وهو ما يدفع إلى التوصية إلى التدقيق في ضبط حدود إختصاص لجان‬
‫الصفقات العمومية من أجل أن ال يحدث تنازع في اإلختصاص بين هذه اللجان‪.‬‬
‫بالرغم من النقائص التي حملها المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬في مجال الطعن‬
‫أمام لجان الصفقات العمومية فإن التطور اإليجابي الذي أتى به في هذا المجال تمثل في‬
‫إلزامية الحل الودي الذي تأتي به هذه اللجنة في مواجهة المصلحة المتعاقدة بعدما كان هذا‬
‫الحل مجرد رأي طبقا للمرسوم الرئاسي رقم ‪.134-11‬‬
‫تضمنت المادة ‪ 41‬اإلحالة إلى التشريع‪ ،‬وفي هذا الشأن يمتد تطبيق قانون المنافسة‬
‫إلى الصفقات العمومية‪ ،‬بحيث يقوم مجلس المنافسة بممارسة إختصاصاته في مرحلة اإلبرام‬
‫أين تكون المنافسة قائمة بين المتعهدين على عكس مرحلة التنفيذ التي تنعدم فيها المنافسة‬
‫بسبب قيام المتعامل المتعاقد بتنفيذ الصفقة‪.‬‬
‫إن أهمية الدور الذي يقوم به مجلس المنافسة تظهر عليه عدة نقائص ترتبط أساسا‬
‫بالمجال المحدد إلختصاص مجلس المنافسة في مادة الصفقات العمومية‪ ،‬فإذا كان هذا‬
‫األخير يختص بالنظر في الممارسات المقيدة للمنافسة فإن هذا اإلختصاص ينحصر فقط‬
‫من مرحلة إعالن العروض إلى غاية المنح المؤقت للصفقة وال يشمل كافة مرحلة اإلبرام‬
‫وبالتالي يخرج دفتر الشروط من مجال إختصاص مجلس المنافسة بالرغم من أن دفتر‬
‫الشروط هو العنصر الرئيسي المحدد للمنافسة‪.‬‬
‫كذلك فإن القول بإنعدام المنافسة في مرحلة التنفيذ ال يمكن األخذ به على إطالقه ذلك‬
‫أنه يمكن للمتعهد أن يستعمل وسيلة الملحق في المستقبل من أجل ضرب المنافسة إذا ما‬
‫ظفر بالصفقة العمومية‪.‬‬
‫كل هذه النقائص تدفع إلى التوصية بتوسيع مجال إختصاص مجلس المنافسة ليشمل‬
‫كافة مراحل الصفقة العمومية‪.‬‬
‫تبنى تنظيم الصفقات العمومية مبدأ الحسم الودي لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫مثلما تطرق إلى نزاعات الخاصة بمرحلة اإلبرام وقد تم تجسيد ذلك بمقتضى المادة ‪ 143‬من‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،167-14‬هذه األخيرة سلكت نفس مسلك المادة ‪ 41‬حينما أحالت‬
‫تسوية نزاعات الصفقات العمومية إلى التنظيم و التشريع المعمول به‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫إذا كانت التسوية الودية لنزاعات اإلبرام المنصوص عليها في تنظيم الصفقات‬
‫العمومية ذات طبيعة إختيارية‪ ،‬فإن طبيعة التسوية الودية لنزاعات التنفيذ تتراوح ما بين حل‬
‫ودي ملزم للمصلحة المتعاقدة كل ما سمح هذا الحل بما يلي‪ :‬إيجاد التوازن للتكاليف المترتبة‬
‫عن كل طرف من الطرفين‪ ،‬التوصل إلى أسرع إنجاز لموضوع الصفقة العمومية‪ ،‬الحصول‬
‫على تسوية نهائية أسرع و بأقل تكلفة‪ ،‬وطعن إختياري أمام لجان التسوية الودية لنزاعات‬
‫تنفيذ الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إن أهم مالحظة يمكن إثارتها بالنسبة للطعن أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية هي تراجع المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬عن الطابع اإللزامي للحل‬
‫الودي الذي تقدمه لجان التسوية الودية لنزاعات الصفقات العمومية مقارنة مع المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ ،134-11‬السيما إذا ما علمنا أن هذه األخيرة تميزت عن باقي اللجان التي‬
‫تختص بتسوية نزاعات تنفيذ الصفقات العمومية في ظل المراسيم السابقة‪ ،‬بتخصصها في‬
‫نوع وحيد من النزاعات وهو التنفيذ على عكس ما كان معموال به أين كانت اللجان التي‬
‫تختص بنظر نزاعات اإلبرام هي نفسها تلك التي تختص بنزاعات التنفيذ‪.‬‬
‫فتخصص لجان تسوية نزاعات التنفيذ بنوع واحد من النزاعات سوف يجعلها تمارس‬
‫إختصاصاتها بفاعلية نتيجة تخفيف الضغط عليها‪ ،‬كما أن تشكيلتها تضم كفاءات تؤهلها‬
‫الن يصبح رأيها ملزما‪ ،‬ما يطرح تساؤال حول جدوى ممارسة هذا النوع من الطعن؟‪.‬‬
‫لقد حمل المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬تناقضا جوهريا بتعزيزه لمكانة لجان‬
‫الصفقات العمومية المختصة في مرحلة اإلبرام حينما جعل حلها ملزما مقارنة مع لجان‬
‫التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية الذي يبقى حلها إختياريا وللمصلحة‬
‫المتعاقدة السلطة التقريرية‪.‬‬
‫ينعقد إختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية بتوافر‬
‫المتعاملين المتعاقدين الوطنيين كطرف في عقد الصفقة العمومية‪ ،‬أما بالنسبة للمتعاملين‬
‫األجانب فهم يخضعون طبقا لنص المادة ‪ 113‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬إلى‬
‫سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام‪ ،‬وقد أوكل تنظيم وكيفيات سير‬
‫سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بموجب مرسوم تنفيذي ولحد‬

‫‪323‬‬
‫الساعة لم يصدر هذا المرسوم التنفيذي‪ ،‬ما يطرح إشكاال يتعلق بكيفية ممارسة المتعاملين‬
‫األجانب لهذا النوع من الطعن؟‪.‬‬
‫في الحقيقة فإن المادة ‪ 143‬قد أحالت تسوية نزاعات تنفيذ الصفقات العمومية إلى‬
‫التشريع و بمقتضى ذلك يمكن للمتعاملين األجانب اللجوء إلى تقنية التحكيم المقررة في‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬وال يتوقف األمر على المتعاملين األجانب فقانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية يقرر إمكانية اللجوء إلى التحكيم حتى بالنسبة للمتعاملين‬
‫الوطنيين‪.‬‬
‫إن الطبيعة القانونية المتميزة للصفقات العمومية تتنافى مع القواعد التحكيمية التي‬
‫تستمد مصدرها من القانون الخاص‪ ،‬بحيث تنزل األشخاص العامة منزلة االفراد‪ ،‬إال أن‬
‫المظهر الجديد الذي طبع الصفقات العمومية والتي أصبحت وسيلة للتنمية اإلقتصادية‬
‫وسعي الدولة إلستقطاب المستثمر األجنبي جعل كثي ار من الدول تقوم بالتنصيص عليه إذ‬
‫أصبح المستثمرون ينجذبون إلى هذا الطريق تخوفا من بطء إجراءات التقاضي وكذا تكلفته‪.‬‬
‫بالنسبة للتحكيم في الجزائر فقد عرف تطورا‪ ،‬إذ لم يكن مرغوبا في بداياته حتى تم‬
‫إجازة اللجوء إليه في منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إذا فشلت الحلول الودية في فض النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬فقد أحال‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬إلى التسوية القضائية لمنازعات الصفقات العمومية وفقا‬
‫للقواعد العامة الموجودة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫وكما سبق تبيانه فإن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام لم يبين بصفة‬
‫صريحة الجهة القضائية المختصة بالفصل في نزاعات الصفقات العمومية‪ ،‬كما أنه لم يحدد‬
‫الطبيعة القانونية لعقد الصفقة العمومية السيما وأن هذا األخير قد أدرج المؤسسات التجارية‬
‫بشرط التمويل الكلي أو الجزئي للمشروع من طرف خزينة الدولة‪ ،‬وهو ما يجعل القاضي في‬
‫حيرة من أمره نتيجة تضارب المعيار العضوي المحدد لإلختصاص القضائي واتساع نطاق‬
‫تطبيق تنظيم الصفقات العمومية على مؤسسات ال تندرج ضمن تطبيق المادة ‪ 411‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وأمام هذا الوضع كان البد على تنظيم الصفقات‬
‫العمومية تحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في نزاعات الصفقات العمومية بصفة‬

‫‪324‬‬
‫صريحة أو تعديل المادة ‪ 411‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لجعلها تنسجم و‬
‫تطبيق تنظيم الصفقات العمومية‪.‬‬
‫في الحقيقة فإن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصادية قد قام بإعتماد‬
‫المعيار المادي كأساس لتحديد إختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬كما يظهر أيضا أن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية يتجه إلعتبار عقد الصفقة العمومية عقدا إداريا يخضع‬
‫إلختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬وهو ما يستشف ضمنيا من المادة ‪ 964‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية التي تنص على حالة اإلستعجال في عقود الصفقات العمومية‪ ،‬إذ أن هذه‬
‫األخيرة تضمنت مصطلحا عاما تمثل في المؤسسة العمومية المحلية التي يمكن أن تتراوح ما‬
‫بين مؤسسة إدارية أو تجارية‪ ،‬وهو إتجاه ضمني إلعتبار الصفقة العمومية عقدا إداريا‪.‬‬
‫على عكس القانون الفرنسي لم يحدد المشرع الجزائري أنواع الدعاوى التي تندرج ضمن‬
‫النزاعات التي تثار بشأن الصفقات العمومية‪ ،‬لكن البحث في الطبيعة القانونية لعقد الصفقة‬
‫العمومية يظهر ميوله للعقود اإلدارية ولهذا فإنه بإسقاط أنواع الدعاوى اإلدارية على نزاعات‬
‫الصفقات العمومية يستشف منه وجود نوعين من الدعاوى تتمثل في كل من دعاوى اإللغاء‬
‫المتعلقة بالق اررات المنفصلة عن الصفقات العمومية‪ ،‬ودعاوى القضاء الكامل المتعلقة‬
‫بالحقوق الشخصية الناجمة عن الرابطة العقدية‪ ،‬إال أنه ال يمكن الجزم بإقتصار نزاعات‬
‫الصفقات العمومية على أنواع الدعاوى اإلدارية‪ ،‬ذلك أنه يمكن للمؤسسات العمومية ذات‬
‫الطابع التجاري أن تبرم صفقات من دون شرط التمويل الكلي أو الجزئي من طرف خزينة‬
‫الدولة‪ ،‬وهنا يطرح التساؤل حول نوعية الدعوى المرفوعة في هذا المجال‪.‬‬
‫ولهذا كان على المشرع تحديد انواع الدعاوى التي تنبثق عن نزاعات الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫في مجال آخر عزز المشرع الجزائري مجال حماية الصفقات العمومية من النزاعات‬
‫التي تثار بشأنها من خالل إتاحة آلية اللجوء إلى القضاء اإلستعجالي نظ ار لما لهذا األخير‬
‫من أثر على حماية الحقوق‪ ،‬لكن المشرع ومن خالل دراسة قضاء اإلستعجال ترك غموضا‬
‫حول عدم إنسجام بين مختلف أنواع الطعون التي يمكن أن تكون في وقت واحد‪ ،‬فمن جهة‬
‫منح إمكانية رفع طعن أمام لجان الصفقات العمومية خالل مدة ‪ 11‬أيام من تاريخ المنح‬
‫المؤقت للصفقة‪ ،‬وفي نفس الوقت جعل هذا اإلجراء جوازيا إذ يمكن اللجوء إلى القضاء‬

‫‪325‬‬
‫اإلستعجالي‪ ،‬إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى مجلس المنافسة في مرحلة اإلبرام وهو ما يؤدي‬
‫إلى جعل الطاعن في حيرة من أمره حول الطريقة األنجع إلستيفاء حقوقه‪.‬‬
‫وعليه كان البد من تنظيم كيفية ممارسة الطعون السيما تلك المتعلقة بمرحلة اإلبرام‪،‬‬
‫بشكل يفسح للطاعن إستيفاء حقوقه من مختلف طرق الطعن المتاحة له‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫قائـمة المراجع‬

‫قائمة المراجع بالغة العربية‬

‫أوال‪ -‬النصوص القانونية‬


‫أ‪ -‬الدساتير‬
‫‪ -1‬أمر رقم ‪ 97-74‬المؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر‪ 1974‬المتضمن دستور الجمهورية‬
‫الجزائرية الديمقراطية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ ،96‬المؤرخة في ‪ 16‬نوفمبر‪.1974‬‬
‫عدل هذا األمر بموجب القانون ‪ 14-79‬المؤرخ في ‪7‬يوليو‪ ،1979‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،14‬المؤرخة في ‪ 11‬يوليو‪.1979‬‬
‫‪ -1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 14-49‬المؤرخ في ‪ 14‬فيفري‪ 1949‬المتضمن تعديل‬
‫الدستور الجزائري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،9‬المؤرخة في ‪1‬مارس‪.1949‬‬
‫‪ -3‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 634-94‬المؤرخ في‪7‬ديسمبر‪ 1994‬المتعلق بإصدار نص‬
‫تعديل الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،74‬المؤرخة في ‪ 4‬ديسمبر‪.1994‬‬
‫عدل هذا الدستور بموجب‪:‬‬
‫قانون رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ ،1111/16/11‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،14‬المؤرخة في‬
‫‪.1111/16/16‬‬
‫قانون رقم ‪19-14‬المؤرخ في ‪ ،1114/11/14‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،43‬المؤرخة في‬
‫‪.1114/11/14‬‬
‫قانون رقم ‪ 11-14‬المؤرخ في ‪ 4‬مارس‪ ،1114‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،16‬المؤرخة في‬
‫‪7‬مارس‪.1114‬‬
‫ب‪ -‬االتفاقيات الدولية‬
‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫بنيويورك في ‪ 1113/11/31‬والمصادق عليها بواسطة المرسوم الرئاسي رقم ‪114/16‬‬
‫المؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪ ،1116‬الجريدة الرسمية عدد ‪،14‬المؤرخة في ‪ 14‬أفريل ‪.1116‬‬

‫‪327‬‬
‫ج‪ -‬النصوص التشريعية‬
‫‪ -1‬قانون عضوي رقم ‪ 11-94‬مؤرخ في ‪ ،1994/14/31‬يتعلق باختصاصات مجلس‬
‫الدولة وتنظيمه وعمله‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،37‬المؤرخة في ‪ 11‬يونيو‪.1994‬‬
‫‪ -1‬القانون العضوي رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ ،1111/17/14‬يعدل و يتمم القانون‬
‫العضوي ‪ ،11-94‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،63‬الصادرة بتاريخ ‪.1111/14/13‬‬
‫‪ -3‬األمر رقم ‪164-44‬المؤرخ في‪ 14‬جوان‪1944‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ 67‬مؤرخة في ‪9‬جوان‪ ،1944‬المعدل والمتمم‬
‫‪ -6‬األمر‪ 144-44‬المؤرخ في ‪ 4‬يونيو‪ ،1944‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ ،64‬المؤرخة في ‪11‬يونيو‪ ،1944‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫‪ -4‬األمر رقم ‪ 91/47‬الموافق لـ ‪ 17‬جوان ‪ 1947‬المتضمن قانون الصفقات العمومية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،41‬المؤرخة في ‪ 17‬جوان ‪.1947‬‬

‫‪ -4‬األمر رقم ‪ 31/49‬الموافق لـ ‪ 1949/14/11‬يتمم األمر رقم ‪ 91/47‬المتضمن‬


‫قانون الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،64‬المؤرخة في ‪ 17‬ماي ‪.1949‬‬
‫‪ -7‬األمر رقم ‪ 47-71‬المؤرخ في ‪ 14‬غشت ‪ 1971‬يعدل األمر رقم ‪ 91/47‬المتضمن‬
‫قانون الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،71‬المؤرخة في ‪ 14‬أوت ‪.1971‬‬
‫‪ -4‬األمر رقم ‪ 46-71‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر‪ 1971‬يعدل األمر رقم ‪91/47‬‬
‫المتضمن قانون الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،117‬المؤرخة في ‪ 31‬ديسمبر‬
‫‪.1971‬‬
‫‪ -9‬األمر رقم ‪ 11-71‬المؤرخ في ‪ 14‬أفريل ‪ 1971‬يعدل األمر رقم ‪ 91/47‬المتضمن‬
‫قانون الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،31‬المؤرخة في ‪ 11‬أفريل ‪.1971‬‬
‫‪ -11‬األمر رقم ‪ 19-76‬المؤرخ في ‪ 31‬جويلية ‪ 1976‬يعدل األمر رقم ‪91/47‬‬
‫المتضمن قانون الصفقات العمومية ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،13‬المؤرخة في فبراير ‪.1976‬‬

‫‪328‬‬
‫‪ -11‬األمر رقم ‪ 11-74‬المؤرخ في ‪ 11‬فبراير ‪ 1974‬يعدل األمر رقم ‪ 91/47‬المتضمن‬
‫قانون الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬المؤرخة في ‪ 19‬مارس‪.1974‬‬

‫‪ -11‬القانون رقم ‪ 11-44‬المؤرخ بـ ‪ 1944/11/11‬المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات‬


‫العمومية اإلقتصادية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1‬الصادرة في ‪.1944/11/13‬‬
‫‪ -13‬قانون رقم ‪ 11-94‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1994‬يتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،37‬الصادرة بـ ‪.1994/14/11‬‬
‫‪ -16‬األمر رقم ‪ 13/13‬الموافق لـ ‪ 19‬يوليو ‪ 1113‬والمتعلق بقانون المنافسة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،63‬المؤرخة في ‪ 11‬يوليو ‪.1113‬‬

‫‪ -14‬قانون رقم ‪ 11/14‬الموافق لـ ‪ 1114/11/11‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬


‫الجريدة الرسمية عدد ‪ ،16‬المؤرخة في ‪ 14‬مارس ‪.1114‬‬
‫‪ -14‬قانون رقم ‪ 19/14‬الموافق لـ ‪ 14‬فبراير ‪ 1114‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،11‬المؤرخة في ‪ 13‬أفريل ‪.1114‬‬
‫‪ -17‬قانون رقم ‪ 11/14‬الموافق لـ ‪ 14‬يونيو ‪ 1114‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪13-13‬‬
‫الموافق لـ ‪ 19‬يوليو ‪ 1113‬والمتعلق بالمنافسة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،34‬المؤرخة في ‪11‬‬
‫يوليو ‪.1114‬‬
‫‪ -14‬األمر رقم ‪ 14/11‬الموافق لـ ‪ 14‬أوت ‪ 1111‬يتمم القانون رقم ‪ 11-14‬الموافق لـ‬
‫‪ 11‬فبراير ‪ 1114‬والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،41‬‬
‫المؤرخة في ‪ 11‬سبتمبر ‪.1111‬‬
‫‪ -19‬قانون رقم ‪ 11/11‬الموافق لـ ‪ 11‬يونيو يتعلق بالبلدية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،37‬‬
‫المؤرخة في ‪ 31‬يوليو ‪.1111‬‬
‫‪ -11‬قانون رقم ‪ 14/11‬الموافق لـ ‪ 1‬أوت ‪ 1111‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪11-14‬‬
‫الموافق لـ ‪ 11‬فبراير ‪ 1114‬والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ ،66‬المؤرخة في ‪ 11‬أوت ‪.1111‬‬

‫‪329‬‬
‫‪ -11‬قانون رقم ‪ 17/11‬المؤرخ في ‪ 1111/11/11‬المتعلق بالوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪،1111/11/19‬ص‪.16-4‬‬
‫د‪ -‬المراسيم التنظيمية‬
‫المراسيم‪:‬‬
‫‪ -1‬المرسوم رقم ‪ 164/41‬المؤرخ في ‪ 1941/16/11‬المنظم للصفقات العمومية التي‬
‫يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،14‬المؤرخة في ‪ 13‬أفريل ‪.1941‬‬
‫‪ -1‬المرسوم رقم ‪ 41/46‬المؤرخ في ‪ 1946/11/14‬يعدل ويتمم المرسوم ‪164/41‬‬
‫المنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،1‬المؤرخة في ‪14‬‬
‫فيفري‪.1946‬‬
‫‪ -3‬المرسوم رقم ‪ 114-44‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي‪ 1944‬يعدل ويتمم المرسوم ‪164/41‬‬
‫المنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،11‬المؤرخة في‪16‬‬
‫ماي‪.1944‬‬
‫‪ -6‬المرسوم رقم ‪ 71/44‬المؤرخ في ‪ 1944/13/17‬المعدل والمتمم للمرسوم ‪164/41‬‬
‫المنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،13‬المؤرخة في ‪31‬‬
‫مارس‪.1944‬‬

‫‪ -4‬المرسوم رقم ‪ 11-91‬المؤرخ في ‪ 1991/11/14‬المتعلق بالوقاية من النزاعات‬


‫الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4‬الصادرة في‬
‫‪ 7‬فيفري ‪.1991‬‬
‫‪ -4‬المرسوم رقم ‪ 17-91‬المؤرخ في ‪11‬ديسمبر‪ ،1991‬يعدل و يتمم القانون رقم‪-91‬‬
‫‪ 11‬المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ ،44‬مؤرخة في ‪14‬ديسمبر‪ ،1991‬ص‪.1446-1441‬‬

‫‪330‬‬
‫المراسيم الرئاسية‪:‬‬
‫‪ -1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 66-94‬المؤرخ في ‪ 1994/11/17‬المحدد للنظام الداخلي‬
‫لمجلس المنافسة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،4‬المؤرخة في ‪.1994/11/11‬‬
‫‪ -1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 141/11‬المؤرخ في ‪ 1111/17/16‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،41‬المؤرخة في ‪ 14‬جويلية ‪.1111‬‬
‫‪ -3‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 311/13‬المؤرخ في ‪ 1113/11/11‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫‪ ،141/11‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،44‬المؤرخة في ‪ 16‬سبتمبر ‪.1113‬‬

‫‪ -6‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 334/14‬المؤرخ في ‪ 1114/11/14‬المعدل والمتمم للمرسوم‬


‫‪ ،141/11‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،41‬المؤرخة في ‪ 19‬نوفمبر ‪.1114‬‬
‫‪ -4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 134/11‬المؤرخ في ‪ 1111/11/17‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.44‬‬
‫‪ -4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 94/11‬المؤرخ في ‪ 1111/13/11‬يعدل ويتمم المرسوم‬
‫‪ ،134/11‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،16‬المؤرخة في ‪ 14‬مارس ‪.1111‬‬
‫‪ -7‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 111-11‬المؤرخ في ‪14‬يونيو‪ ،1111‬يعدل المرسوم الرئاسي‬
‫رقم‪ ،134-11‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،36‬المؤرخة في ‪19‬يونيو‪.1111‬‬
‫‪ -4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 1111/11/14‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫الرئاسي ‪ 134/11‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،16‬المؤرخة‬
‫في ‪ 14‬جانفي ‪.1111‬‬
‫‪ -9‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 13-13‬المؤرخ في ‪ 13‬يناير‪ 1113‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫الرئاسي ‪ 134/11‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،1‬مؤرخة في‬
‫‪13‬يناير‪.1113‬‬

‫‪331‬‬
‫‪ -11‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 167-14‬المؤرخ في ‪ 14‬سبتمبر‪ 1114‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 41‬المؤرخة في ‪11‬‬
‫سبتمبر‪.1114‬‬
‫المراسيم التنفيذية‪:‬‬
‫‪ -1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 311-91‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر‪ 1991‬المعدل و المتمم‬
‫للمرسوم ‪ 164/41‬المنظم للصفقات التي يبرمها المتعامل العمومي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ ،66‬المؤرخة في ‪ 14‬سبتمبر‪.1991‬‬
‫‪ -1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 636/91‬المؤرخ في ‪ 1991/11/19‬المتضمن تنظيم‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،47‬المؤرخة في ‪ 13‬نوفمبر ‪.1991‬‬
‫‪ -3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 174/96‬المؤرخ في ‪ 1996/14/11‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫‪ 636/91‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،61‬المؤرخة في ‪19‬‬
‫يونيو‪.1996‬‬
‫‪ -6‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 46/94‬المؤرخ في ‪ 1994/11/11‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫رقم ‪ 636/91‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 47‬رقم ‪،4‬‬
‫المؤرخة في ‪ 16‬يناير‪.1994‬‬
‫‪ -4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 47/94‬المؤرخ في ‪ 1994/13/17‬المعدل والمتمم للمرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 636/91‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪،13‬‬
‫المؤرخة في ‪ 11‬مارس‪.1994‬‬
‫‪ -4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 344-94‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1994‬يحدد كيفيات تطبيق‬
‫أحكام القانون رقم ‪ 11-94‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،44‬الصادرة‬
‫في ‪.1994/11/14‬‬
‫‪ -7‬المرسوم التنفيذي ‪ 114/11‬المؤرخ في ‪ 1111/13/14‬المتضمن الموافقة على‬
‫النظام الداخلي النموذجي للصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،14‬المؤرخة في ‪13‬‬
‫مارس ‪.1111‬‬
‫‪ -4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 194-11‬المؤرخ في ‪ 11‬ماي ‪ 1111‬يعدل و يتمم المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 344-94‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1994‬الذي يحدد كيفيات تطبيق أحكام‬
‫‪332‬‬
‫القانون رقم ‪ 11-94‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1994‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ، 19‬الصادرة في ‪ 11‬ماي ‪. 1111‬‬
‫ذ‪ -‬ق اررات وزارية‬
‫‪ -1‬قرار مؤرخ في ‪ 1111/13/14‬يحدد البيانات التي يتضمنها اإلعذار وآجال النشر‪،‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ ،16‬الصادرة في ‪.1111/16/11‬‬
‫‪ -1‬قرار مؤرخ في ‪19‬ديسمبر‪ 1114‬يحدد كيفيات التسجيل والسحب من قائمة المتعاملين‬
‫االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،17‬‬
‫المؤرخة في ‪14‬مارس‪.1114‬‬
‫‪ -3‬قرار مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر‪ 1114‬يحدد كيفيات اإلقصاء من المشاركة في الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،17‬المؤرخة في ‪14‬مارس‪.1114‬‬

‫ثانيا– اإلجتهادات القضائية‬


‫أ‪-‬اإلجتهادات القضائية المنشورة‬
‫‪ -1‬قرار الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى الصادر بتاريخ ‪ 1974/14/14‬في قضية وزير‬
‫األشغال العمومية ضد (أ‪.‬أ)‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬سنة ‪.1974‬‬
‫‪ -1‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 63731‬المؤرخ في ‪ 1944/11/19‬في قضية‬
‫(ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬س) ضد وزير الري و والي والية الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد ‪.1991 ،1‬‬
‫‪ -6‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،649‬الصادر في ‪ ،1111/11/14‬مجلة مجلس الدولة‪،‬‬
‫عدد ‪.1113 ،3‬‬
‫‪ -4‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،4171‬المؤرخ في ‪ ،1113/16/14‬قضية مقاولة األشغال‬
‫العمومية ( ل ‪ ،‬م) ضد بلدية تنس‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‪ ،6‬السنة ‪.1113‬‬
‫‪ -4‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 13611‬المؤرخ في ‪ ،1116/11/11‬قضية والي والية بسكرة‬
‫ضد مؤسسة التجارة العامة طولقة‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪.1114‬‬
‫‪ -7‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ، 16437‬المتعلق بقضية ‪ ،1116/14/14‬بلدية العلمة ضد‬
‫(هـ‪،‬ع)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،1116 ،‬العدد‪.4‬‬

‫‪333‬‬
‫‪ -4‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،14444‬المؤرخ في ‪ 1116/19/11‬في قضية بلدية سكيكدة‬
‫ضد مقاولة (م‪ ،‬ب)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‪.1114 ،7‬‬
‫‪ -9‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11173‬المؤرخ في ‪ ،1114/14/17‬قضية المجلس الشعبي‬
‫البلدي لبلدية تنس ضد (ط‪.‬ق)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،7‬السنة ‪.1114‬‬
‫‪ -11‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ ،11341‬مؤرخ في ‪ ،1114/17/11‬قضية (ص‪.‬ع‪.‬ب)‬
‫ضد مدير الشباب والرياضة لوالية البويرة‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪.1114 ،7‬‬
‫‪ -11‬قرار مجلس الدولة رقم ‪ 11149‬المؤرخ في ‪ ،1114/17/11‬قضية رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي بـ بلدية ثنية األحد ضد (ز‪ .‬د)‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪.1114 ،7‬‬
‫‪-11‬قرار ‪ ،1117/11/13‬ملف رقم ‪ ،61‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬عدد ‪.1119 ،9‬‬
‫ب‪-‬اإلجتهادات القضائية غير المنشورة‬
‫‪ -1‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 99496‬المؤرخ في ‪1993/11/11‬في قضية (دج) ضد‬
‫المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الباردة ‪.‬‬
‫‪ -1‬قرار المحكمة العليا ملف رقم ‪ 616447‬الصادر عن الغرفة التجارية و البحرية بتاريخ‬
‫‪. 1114/11/14‬‬
‫‪ -3‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 644766‬الصادر عن الغرفة التجارية والبحرية بتاريخ ‪16‬‬
‫جوان ‪ 1114‬في قضية ديوان الترقية و التسيير العقاري ضد مقاولة أشغال البناء‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الكتب باللغة العربية‬
‫‪ -1‬أبوبكر صديق عمر‪ ،‬الرقابة القضائية على سلطة اإلدارة في إبرام العقود اإلدارية بطريق‬
‫المناقصات‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.1113 ،‬‬
‫‪ -1‬الحلو ماجد راغب‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪.1117 ،‬‬
‫‪ -3‬الفياض ابراهيم طه‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي‬
‫والمقارن مع شرح قانون المناقصات الكويتي رقم ‪ 14‬لسنة ‪ ،1943‬مكتبة الفالح‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الكويت‪.1947 ،‬‬
‫‪ -6‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار العلوم و النشر و التوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬سنة‬
‫‪1114‬‬

‫‪334‬‬
‫‪ -4‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬الوجيز في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫عنابة‪.1114 ،‬‬
‫‪ -4‬بن شيخ أيت ملويا‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪.1114 ،‬‬
‫‪ -7‬بوضياف عمار‪ ،‬الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1117‬‬
‫‪ -4‬بوضياف عمار‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقهية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1117‬‬
‫‪ -9‬بوضياف عمار‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1117،‬‬
‫‪ -11‬بوضياف عمار‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.1119 ،‬‬
‫‪ -11‬خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪1113،‬‬
‫‪ -11‬خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪1113.،‬‬
‫‪ -13‬خلوفي رشيد‪ ،‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.1113،‬‬
‫‪ -16‬خليفة عبد العزيز عبد المنعم ‪ ،‬المسؤولية اإلدارية في مجال العقود اإلدارية‪ :‬دراسة‬
‫تحليلية في ضوء أحدث أحكام مجلس الدولة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪. 1117‬‬
‫‪ -14‬سائح سفوقة‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية نصا و تعليقا و شرعا و تطبيقا‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1111‬‬
‫عدو عبد القادر‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪. 1111 ،‬‬‫‪ّ -14‬‬
‫‪ -17‬عوابدي عمار‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫سنة ‪.1991‬‬
‫‪ -14‬عوابدي عمار‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪1994‬‬

‫‪335‬‬
‫‪ -19‬عوابدي عمار‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة والقانون اإلداري‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1119‬‬
‫‪-11‬قدوج حمامة‪ ،‬عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1116‬‬
‫‪ -11‬محمد بكر حسين‪ ،‬العقد اإلداري والتحكيم‪ ،‬مكتبة السعادة‪ ،‬طنطا‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة‬
‫‪.1993‬‬
‫‪ -11‬مجدي عمار عبد المالك‪ ،‬العقود اإلدارية وأحكامها‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.1111‬‬
‫‪ -13‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1119‬‬
‫رابعا‪ -‬الرسائل والمذكرات‬
‫أ ‪ -‬رسائل الدكتوراه‬
‫‪ -1‬أكرور ميريام‪ ،‬األجر في الصفقة العمومية لألشغال‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ 1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1114-1116‬‬
‫‪ -1‬بوجادي عمر‪ ،‬اختصاص القضاء اإلداري في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪.1111‬‬
‫‪ -3‬تياب نادية‪ ،‬آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬رسالة دكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1113‬‬
‫‪-6‬خضري حمزة‪ ،‬آليات حماية المال العام في إطار الصفقات العمومية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1114-1116‬‬
‫‪ -4‬ديباش سهيلة‪ ،‬مجلس الدولة و مجلس المنافسة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1111-1119‬‬
‫‪ -4‬سكاكني باية‪ ،‬دور القاضي اإلداري في حماية الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111/1111‬‬

‫‪336‬‬
‫‪ -7‬سالمي عمور‪ ،‬سلطات القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه‬
‫الدولة في فرع القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1111/1111‬‬
‫‪ -4‬صاش جازية‪ ،‬نظام مجلس الدولة في القضاء الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة في‬
‫الحقوق‪ ،‬فرع قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة ‪1114./1117‬‬
‫‪ -9‬قدوج حمامة‪ ،‬تصنيف الصفقات العمومية في الجزائر طبقا للمعيار العضوي‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه في الحقوق فرع قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪-1119‬‬
‫‪.1111‬‬
‫ب‪-‬مذكرات الماجيستير‬
‫‪ -1‬أكرور ميريام‪ ،‬السعر في الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع دولة ومؤسسات‬
‫عمومية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪1111. ،‬‬
‫‪ -1‬بحري إسماعيل‪ ،‬الضمانات في مجال الصفقات العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة من أجل‬
‫الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع دولة ومؤسسات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية‬
‫الحقوق‪1119.-1114 ،‬‬
‫‪ -3‬بختي سهام‪ ،‬التزامات المقاول في الصفقات العمومية المتعلقة بأشغال البناء‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنةالجامعية ‪.1116/1113‬‬
‫‪ -6‬بشير سليم‪ ،‬دور القاضي في التحكيم‪ ،‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة العقيد‬
‫الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪.1116-1113‬‬
‫‪ -4‬بكلي نور الدين‪ ،‬إتفاق التحكيم التجاري الدولي في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫في القانون الدولي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1994-1994‬‬
‫‪ -4‬بلعابد عبد الغني‪ ،‬الدعوى االستعجالية اإلدارية وتطبيقاتها في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫في القانون‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1114 -1117‬‬
‫‪ -7‬بلقواس هناء‪ ،‬الطرق البديلة لحل منازعات العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي التحكيم‬
‫نموذجا‪ ،‬مذكرة ماجيستر في فرع القانون اإلداري واإلدارة العامة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111‬‬

‫‪337‬‬
‫‪ -4‬بن أحمد حورية‪ ،‬د ور القاضي اإلداري في حل المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪،‬‬
‫مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪/ 1111‬‬
‫‪.1111‬‬
‫‪ -9‬بن بشير وسيلة‪ ،‬ظاهرة الفساد اإلداري والمالي في مجال الصفقات العمومية في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬تيزي وزو‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1113‬‬
‫‪ -11‬بن خريف كمال‪ ،‬تجربة سوناطراك في مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪ -11‬بن طاوس إيمان‪ ،‬مسؤولية العون االقتصادي في ضوء األمر ‪ 13-13‬المتعلق‬
‫بالمنافسة‪ ،‬مذكرة ماجيستر في فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪.1119‬‬
‫‪ -11‬بوجميل عادل‪ ،‬مسؤولية العون االقتصادي عن الممارسات المقيدة للمنافسة في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1111‬‬
‫‪ -13‬بوغازي وهيبة‪ ،‬تطور الطعن باإللغاء في العقود اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫فرحات عباس سطيف‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1111/1119‬‬
‫‪ -16‬جبار حياة‪ ،‬تطور قضاء االستعجال اإلداري على ضوء قانون ‪ ،19 /14‬مذكرة‬
‫ماجستير في القانون‪ ،‬فرع إدارة و مالية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1111/1111‬‬
‫‪ -14‬حدادن طاهر‪ ،‬دور القاضي الوطني في مجال التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في فرع قانون التنمية الوطنية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1116‬‬
‫‪ -14‬حريتي عائشة‪ ،‬النظام القانوني لعقود المؤسسات العمومية االقتصادية في ظل‬
‫اإلصالحات‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬فرع إدارة مالية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.1111 / 1111‬‬

‫‪338‬‬
‫‪ -17‬خراز لمياء‪ ،‬دور مجلس الدولة في المنازعات اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص‬
‫قانون إداري وادارة عامة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬سنة‬
‫‪.1111/1111‬‬
‫‪ -14‬خلف اهلل كريمة‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1113-1111‬‬
‫‪ -19‬زمال صالح‪ ،‬المؤسسات األجنبية و تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫الحقوق‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪-1111‬‬
‫‪.1111‬‬
‫‪ -11‬زمام عبد الغني‪ ،‬تمويل الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪.1114/1117‬‬
‫‪ -11‬سبكي ربيحة‪ ،‬سلطات المصلحة المتعاقدة تجاه المتعامل المتعاقد معها في مجال‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي‬
‫وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1113‬‬
‫‪ -11‬سالمي ميلود‪ ،‬عقد التحكيم في القانون الداخلي الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع‬
‫قانون العقود والمسؤولية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪.‬‬
‫‪ -13‬صياد ميلود‪ ،‬إمتداد قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬فرع‬
‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1114‬‬
‫‪ -16‬طيبون حكيم‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في‬
‫إطار مدرسة الدكتوراه‪ ،‬تخصص دولة ومؤسسات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1113-1111‬‬
‫‪ -14‬عالق عبد الوهاب‪ ،‬الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1116-1113‬‬

‫‪339‬‬
‫‪ -14‬عمامرية نبيلة‪ ،‬تسوية المنازعات الناجمة عن العقود اإلستثمارية البترولية عن طريق‬
‫التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111-1111‬‬
‫‪ -17‬عياد دالل‪ ،‬المؤسسة الصغيرة الخاصة في قانون الصفقات العمومية الجديد‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1113/1111‬‬
‫‪ -14‬فرقان فاطمة الزهراء‪ ،‬رقابة الصفقات العمومية الوطنية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫في القانون‪ ،‬فرع دولة ومؤسسات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1117/1114‬‬
‫‪ -19‬قايد ياسين‪ ،‬قانون المنافسة واألشخاص العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪.1999‬‬
‫‪ -31‬كحال سلمى‪ ،‬مجلس المنافسة وضبط النشاط االقتصادي‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع‬
‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة أحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1119‬‬
‫‪ -31‬كلوفي عز الدين‪ ،‬نظام المنازعة في مجال الصفقات العمومية على ضوء قانون‬
‫اإلجراءات المدنية و اإلدارية مذكرة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‬
‫بجاية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111-1111‬‬
‫‪ -31‬لوناس حرزي‪ ،‬دور االتفاقيات الثنائية في مجال االستثمار‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون الدولي لألعمال‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1113‬‬
‫‪ -33‬متيش نوال‪ ،‬الرقابة في مجال المنافسة في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في فرع‬
‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1116-1113‬‬
‫‪ -36‬مريان حورية‪ ،‬اآلجال في قانون الصفقات العمومية الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير فرع‬
‫قانون أعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1113-1111‬‬
‫‪ -34‬معروف كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي في ظل المرسوم التشريعي ‪ 19-93‬المؤرخ‬
‫في ‪ 14‬أفريل‪ ،1993‬مذكرة ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫سنة الجامعية ‪.1111-1999‬‬

‫‪340‬‬
‫‪ -34‬ملوك صالح‪ ،‬النظام القانوني للمحاكم اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون‪ ،‬فرع قانون‬
‫عام‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬السنة الجامعية ‪.1111 -1111‬‬
‫‪ -37‬موري سفيان‪ ،‬مدى فعالية أساليب رقابة الصفقات العمومية على ضوء قانوني‬
‫الصفقات العمومية و الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة عبد الرحمان‬
‫ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة جامعية‪.1111/1111‬‬
‫‪ -34‬نصيبي الزهرة‪ ،‬االختصاص النوعي بين مجلس الدولة و المحاكم اإلدارية في الجزائر‪،‬‬
‫مذكرة ماجستير فرع قانون إداري و إدارة عامة‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق و‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬سنة ‪.1111/1111‬‬
‫‪ -39‬نويوة هدى‪ ،‬التحكيم في منازعات الصفقات العمومية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬جامعة منتوري‪ -‬قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1111-1111‬‬
‫‪ -61‬وعيل حكيم‪ ،‬النظام القانوني للصفقات العمومية الدولية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪-1113‬‬
‫‪.1116‬‬
‫خامسا – المقاالت و الملتقيات‪.‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬أحميدا تو محمد‪ ،‬اإلجراءات القانونية للشفافية في التسيير العمومي في النشاطات‬
‫التجارية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬العدد األول‪،1119 ،‬‬
‫ص‪.144-141‬‬
‫‪ -1‬أكرور ميريام‪ ،‬االستثمار األجنبي و الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس حول ""دور‬
‫قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬جامعة د‪ .‬يحي فارس بالمدية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬يوم ‪ ،1113/14/11‬ص‪.11-1‬‬
‫‪ -3‬أيت ساقل مراد‪ ،‬تطور القضاء اإلداري في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد ‪ ،114‬سنة ‪.1116‬‬
‫‪ -6‬األعرج محمد‪ ،‬أطراف الصفقة العمومية من األشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،71‬سنة ‪ ،1114‬ص‪.171-144‬‬

‫‪341‬‬
‫‪ -4‬األعرج محمد‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬المغرب‪،1114 ،‬‬
‫العدد‪ ،36‬ص‪.91-44‬‬
‫‪ -4‬الباهي محمد‪ ،‬تسوية المنازعات المترتبة عن مخالفة شروط إبرام الصفقة العمومية‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،1119 ،44/47‬ص‪.14-11‬‬
‫‪ -7‬الزياتي محمد‪ ،‬القضاء اإلداري والصفقات العمومية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 74‬و عدد ‪ ،79‬سنة ‪ ،1114‬ص‪.34-11‬‬
‫‪ -4‬العبادي محمد وليد‪ ،‬االختصاص القضائي لمنازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مجلة المنارة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،3‬المغرب‪ ،‬سنة‪.1111‬‬
‫‪ -9‬العتوم منصور إبراهيم‪ ،‬أثر الظروف الطارئة على إعادة التوازن المالي للعقد اإلداري‪،‬‬
‫مجلة المعيار‪ ،1114 ،‬العدد الرابع‪ ،‬المجلد‪ ،13‬ص‪.31-9‬‬
‫‪ -11‬اللوسي ابتسام‪ ،‬الفسخ القضائي للعقد اإلداري‪ ،‬صفقات األشغال العمومية نموذجا‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،199‬نوفمبر ‪ ،1116‬ص‪.194-173‬‬
‫‪ -11‬بودريوه عبد الكريم‪ ،‬أساس و مجال اختصاص القضاء اإلداري في منازعات‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬جامعة جياللي ليابس‪،‬‬
‫سيدي بلعباس‪ ،‬سنة ‪.1114‬‬
‫‪ -11‬بوضياف عمار‪ ،‬المعيار العضوي واشكاالته القانونية‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪،‬‬
‫جامعة ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،4‬جوان ‪.1111‬‬
‫‪ -13‬بوضياف عمار‪ ،‬معايير تحديد الصفقة العمومية في التشريع الجزائري وموقف‬
‫القضاء اإلداري منها‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،11‬سنة ‪.1116‬‬
‫‪ -16‬بومقرة سلوى‪ " ،‬رقابة القضاء االستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية‬
‫في التشريع الجزائري‪ ،‬الملتقى الدولي الرابع حول قضاء االستعجال اإلداري‪ ،‬المركز‬
‫الجامعي الوادي‪ ،‬يومي ‪ 19‬و ‪ 31‬نوفمبر ‪.1111‬‬
‫‪ -14‬بومقرة سلوى‪ ،‬رقابة القضاء االستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية‬
‫في التشريع الجزائري‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪،‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪ ،1111‬ص‪.11-1‬‬

‫‪342‬‬
‫‪ -14‬تياب نادية‪ ،‬تكريس مبدأ حرية المنافسة في مجال الصفقات العمومية حماية للمال‬
‫العام‪ ،‬الملتقى السادس حول" دور قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬جامعة‬
‫الدكتور يحي فارس المدية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬يوم‪11‬ماي ‪ ،1113‬ص‪.11-1‬‬
‫‪ -17‬حمدي أحمد خورشيد‪ ،‬التحكيم في العقود اإلدارية ومدى جواز األخذ به في التشريع‬
‫العراقي‪ ،‬مجلة جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬العدد‪ ،1119 ،1‬ص‪.114-97‬‬
‫‪ -14‬خليفي سمير‪ ،‬القضاء اإلداري االستعجالي بين حماية حقوق المتقاضي و امتيازات‬
‫السلطة العامة‪ ،‬مداخلة في إطار اليوم الدراسي األول الموسوم بـ " حق التقاضي في المسائل‬
‫اإلدارية وفقا لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية"‪ ،‬يوم ‪ 19‬ماي ‪ ،1116‬جامعة أكلي محند‬
‫أولحاج‪ ،‬البويرة‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪.‬‬
‫‪ -19‬خويضر طاهر‪ ،‬المبادئ األساسية المعتمدة في إبرام الصفقات العمومية في الجزائر‬
‫في ظل القانون الجديد‪ ،‬مجلة الفكر البرلماني‪ ،‬العدد ‪ ،17‬سنة‪1111.‬‬
‫‪ -11‬ديباش سهيلة‪ ،‬إشكالية تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس‬
‫ل"دور قانون الصفقات العمومية في حماية المال العام" جامعة د‪.‬يحيي فارس بالمدية‪ ،‬يوم‬
‫‪ 11‬ماي ‪ ،1113‬ص‪.11-1‬‬
‫‪-11‬زروني محمد‪ ،‬التحكيم في ظل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬محاضرة ألقيت‬
‫بمجلس قضاء قسنطينة بتاريخ ‪ ،1119/14/11‬ص‪.13-1‬‬
‫‪ -11‬زمال صالح‪ ،‬إمتداد قانون المنافسة إلى الصفقات العمومية‪ ،‬الملتقى السادس ل"دور‬
‫قانون الصفقات العمومية في حساب المال العام"‪ ،‬جامعة د‪.‬يحيي فارس بالمدية‪ ،‬يوم ‪11‬‬
‫ماي ‪ ،1113‬ص‪.11-1‬‬
‫‪-13‬زوايمية رشيد‪ ،‬مالحظات حول المركز القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫تيزي وزو‪ ،‬عدد‪.1114 ،1‬‬
‫‪ -16‬شقروني أنوار‪ ،‬الحماية القضائية للمتعاقدين مع اإلدارة في مجال الصفقات العمومية‪،‬‬
‫مجلة المعيار‪ ،1114 ،‬العدد ‪،61‬ص‪.164-111‬‬
‫‪-14‬طباع نجاة‪ ،‬الحماية القانونية للمال العام من جانب اختيار المتعامل المتعاقد في تنظيم‬
‫الصفقات العمومية بين االمتيازات والعراقيل‪ ،‬الملتقى السادس حول ""دور قانون الصفقات‬

‫‪343‬‬
‫العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬جامعة د‪ .‬يحي فارس بالمدية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬يوم‬
‫‪ ،1113/14/11‬ص‪.19-1‬‬
‫‪ -14‬عجابي إلياس‪ ،‬النظام القانوني للتحكيم التجاري الدولي في ظل قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية‪ ،‬مجلة المنتدى القانوني‪ ،‬العدد السابع‪ ،1116 ،‬ص‪.111-149‬‬
‫‪-17‬فقير محمد‪ ،‬رقابة القضاء اإلداري االستعجالي على الصفقات العمومية قبل إبرامها في‬
‫التشريع الجزائري و التشريع المقارن‪ ،‬الملتقى الوطني السادس حول" دور قانون الصفقات‬
‫العمومية في حماية المال العام"‪ ،‬يوم ‪ 11‬ماي ‪ ،1113‬ص ‪.11-1‬‬
‫‪ -14‬قصري محمد‪ ،‬القاضي اإلداري ومنازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مجلة المعيار المغربية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،39‬سنة ‪ ،1114‬ص‪.46-14‬‬
‫‪-19‬د‪ .‬كتو محمد الشريف‪ ،‬حماية المنافسة في الصفقات العمومية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬
‫القانونية االقتصادية السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪.1111 ،11‬‬
‫‪-31‬لؤي عبد كريم‪ ،‬األسس القانونية الالزمة لمشروعية العقد اإلداري و أهميتها في أداء‬
‫السلطة العامة لواجباتها‪ ،‬مجلة ديالي‪ ،‬العدد ‪ ،43‬العراق‪.1111 ،‬‬
‫‪-31‬ماهر فيصل صالح‪ ،‬معايير الوصف اإلداري للعقد‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫المستنصرية‪ ،‬العراق‪ ،‬عدد ‪ ،11‬سنة ‪.1113‬‬
‫‪ -31‬محفوظ عبد القادر‪ ،‬سلطة اإلدارة في التعديل اإلنفرادي للعقد اإلداري‪ ،‬مجلة الفقه و‬
‫القانون‪ ،‬عدد ‪.1114 ،14‬‬
‫سادسا‪ -‬مطبوعات جامعية‬
‫بوحميدة عطاء اهلل‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪1119-1114‬‬

‫‪344‬‬
‫المراجع باللغة الفرنسية‬

A- Ouvrages :

1- Ouvrages généraux :
1- CHAPUS René, Droit administratif général, Montchrestien, tome1,
9 édition, France, 1995.
2 - DELAUBADERE André, Traités théoriques et pratiques des
contrats administratifs, volume 1, LGDJ, France, 1959.
3 - F. Sabiani, Marchés Publics de travaux9 édition DELMAS, Paris,
1995.
4 - LICHERE François, Droit des contrats publics, 2 ème édition,
Dalloz, France, 2014.
5- NICINSKI Sophie, Droit public de la concurrence, LGDJ, Paris,
2004.
6- ZOUAIMIA Rachid, Droit administratif, édition BERTI, Alger,
2009.
2- Ouvrages spéciaux :

1- ALLAIRE Frédéric, L’essentiel du droit des marchés publics,


lextenso éditions, Paris, 2014.
2- ALONSON GARCIA Antoine, La passation des marchés publics
locaux, édition le MONITEUR, Paris, 2004.
3- BETH Elodie et HRUBI Aniko, Renforcer l’intégrité dans les
marchés publics, étude d’apprentissage mutuel au Maroc, OCDE,
2007.
4- BLOCH Bernard Michel, Codes des marchés publics commenté,
2015, 14 édition, Berger-Levrault, Paris ,2015.
5- BRACONNIER Stéphane, Précis du droit des marchés publics,
2ème édition, édition du MONITEUR, France, 2007.
6- BRISSON Jean François, Les fondements juridiques du droit des
marchés publics, Imprimerie nationale, France, 2004.
7- CASSIA Paul, Pratique des référés précontractuels, édition Lexis
Nexis, Paris.
8- CROS Nicolas -XAVIER Boissy, les Litiges des Marchés Publics,
Berger-Levrault, 2010, France.

345
9- CYRILLE Emery, Passé un marché public, 2 edition, Edition
Dalloz, Paris, 2004
10- FREDERIC Julien, Guide pratique et juridique du contentieux
des marchés publics, édition du PUITS FLEURI, France, 2011.
11- FROT Olivier, Marchés Publics : comment choisir le mieux
disant, AFNOR, Paris, 2006.
12- GOSSELIN Bernard, Les marchés publics, LGDJ, Paris, 2004.
13- LAJOYE Christophe, droit des Marches publics, édition BERTI,
Alger, 2007.
14- LE PERRON Emmanuèle et le VERGER Karine, le mieux disant
dans la commande publique, Livre Blanc de MEDEF, France,
janvier2010.
15- LINDITCH Florian, Le droit des marchés publics, 6 édition,
Dalloz, Paris, 2015
16- PALMIER Sébastien, les Mapa passation et exécution des
marchés à procédure adaptée, édition le MONITEUR, Paris, 2013.
17- SCHULTZ Patrick, Elément du droit des marchés publics, 2 ème
édition, L G D J, France, 2002
B/thèses et mémoires :

1- Thèses:

1- BENNADJI Cherif, l’Evolution de la réglementation des marchés


publics en Algérie, thèse de doctorat d’Etat, Université d’Alger, 1991.
2- Ibrahim Refaat mohamad, Théorie des contrats administratifs et
marchés publics internationaux, Thèse pour le doctorat en
Droit, Université de Nice Sophia Antipolis, mars 2004.
3- LANGELIER Elise, l’office du juge administratif et le contrat
administratif, Thèse pour le doctorat en Droit public, Université de
Poitiers, 2012.
4- REIS Patrice, la concurrence et les marchés publics, Thèse de
doctorat, faculté de droit de Nice Sophia Antipolis, 1999.

2- Mémoires :

1- HANINE Mohamed abd el mouhcine, La procédure de passation


des marches publics, étude analytique et réflexions à la lumière du
code français des marches publics et des directives européennes et des

346
directives de la banque mondiale, Mémoire de recherche pour obtenir
un diplôme du master en administration publique, ENA, république
française, session2007/2008.

C/ Articles et Colloques :

1- BENNADJI Chérif, des comites de règlement amiable au


médiateur des marchés publics, les Annales, Université d’Alger1, N3,
2014, p280-300.
2- BENNADJI Cherif, Le droit de la concurrence en Algérie, Revue
Algérienne des Sciences Juridiques Economiques et Politiques,
Université d’Alger, faculté de droit, N3, 2000.
3- KOBTANE Mohamed, Introduction au Droit des Marchés Publics,
revue conseil d’Etat, N3, 2003.
4- MARTY Frédéric, Analyse économique du contentieux
concurrentiel dans les marchés d’électrification et d’éclairage public,
"contrats publics", (CP-ACCP) n109, Avril2011.
5- M. Mustapha Abdelkrim, le droit de la concurrence au secours des
acheteurs publics, Colloque nationale sur « les marchés Publics »,
Université D.yahia Farés, Media, le 20 mai 2013.
6- SABRI Mouloud, Le droit des marchés publics en Algérie : réalité
et perspectives, revue Idara, N35, 2008,p7-47.
7- TCHAKALOFF Marie France Christophe , Les Obligations
communautaires des Etats membres en matière de transparence,
Colloque sur « La transparence dans l’Union Européenne :mythe ou
principe juridique ? » Université Nice Sophia Antipolis, Institut de
Droit de la Paix et du Développement, LGDJ, France, 1999.
8- TOUSCOZ Jean, réflexions sur la transparence en droit
International Economique, Colloque sur la transparence dans l’Union
Européenne : mythe ou principe juridique ?, Université de Nice
Sophia Antipolis, Institut de droit de la paix et du développement,
LGDJ, France, 1999.

D/ Sites Internet :

2- direction passation des marchés publics de fournitures de travaux et


de service par les Emprunteurs de la Banque Mondiale dans le cadre

347
des prêts de la BIRD et des crédits et de l’Aide, Janvier 2011,
www.worldbank.org
8- Organisation Mondiale du Commerce, Chapitre 24 « transparence
des marchés publics », www.jurisint.org
2- OMC, Conférences Ministérielles Doha 2001, Note d’information :
Transparence des Marchés Publics, www.wfo.org

5-RIES Patrice, Marchés publics et ordre concurrentiel : ordre


concurrentiel et logique social et environnementale dans la passation
des marchés publics, http://hal.archives-ouvertes.fr/halshs-
00730876/document .

348
‫الفــهرس‬
‫‪01‬‬ ‫مقدمة‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫الباب األول‪ :‬اآلليات اإلدارية لتسوية منازعات الصفقات العمومية‬

‫‪14‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التسوية اإلدارية لمنازعات الصفقات العمومية في‬


‫مرحلة اإلبرام‬
‫‪26‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تسوية منازعات الصفقات العمومية في ظل التنظيم‬
‫الخاص بالصفقات العمومية‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة بإتباع القواعد اإلجرائية‬
‫المنظمة لمرحلة إبرام الصفقة العمومية‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة باحترام مبدأ الشفافية في إبرام‬
‫الصفقات العمومية‬
‫‪28‬‬ ‫أوال‪ -‬اإلشهار في إعداد الصفقات العمومية‬

‫‪14‬‬ ‫ثانيا‪ -‬العلنية أثناء فتح األظرفة‬

‫‪10‬‬ ‫ثالثا‪ -‬اإلعالن عن نتائج العروض‬

‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة بالمساواة في معاملة‬


‫المترشحين‬
‫‪11‬‬ ‫أوال‪ -‬احترام المصلحة المتعاقدة لقاعدة أحسن عرض عند تقييم‬
‫العروض‬
‫‪08‬‬ ‫ثانيا‪ -‬االستثناءات الواردة على قاعدة أحسن عرض‬

‫‪4.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬التزام المصلحة المتعاقدة باحترام مبدأ حرية الوصول‬
‫للطلبات العمومية‬
‫‪42‬‬ ‫أوال‪ -‬اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‬

‫‪44‬‬ ‫ثانيا‪ -‬االستثناء عن مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬ممارسة حق الطعن اإلداري أمام لجان الصفقات‬


‫‪349‬‬
‫العمومية المختصة‬
‫‪48‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية للطعون المرفوعة أمام لجان‬
‫الصفقات العمومية المختصة‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫أوال‪ -‬محل الطعن أمام لجان الصفقات العمومية المختصة‬

‫‪0.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الطعن أمام لجان الصفقات العمومية ما بين الوجوبية‬


‫والجوازية‬
‫‪01‬‬ ‫ثالثا‪ -‬ميعاد الطعن‬

‫‪00‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬دور لجان الصفقات العمومية المختصة في التسوية‬


‫الودية لنزاعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪00‬‬ ‫أوال‪ -‬تنظيم لجان الصفقات العمومية المختصة بنظر الطعون‬
‫المقدمة في مرحلة اإلبرام‬
‫‪08‬‬ ‫ثانيا‪ -‬األثر الناجم عن ممارسة المتعهدين لحقهم في الطعن أمام‬
‫لجان الصفقات العمومية المختصة‬
‫‪61‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تسوية منازعات إبرام الصفقات العمومية في ظل‬
‫قانون المنافسة‬
‫‪60‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬صور الممارسات المخلة بالمنافسة‪.‬‬

‫‪64‬‬ ‫الفرع األول‪:‬الممارسات الهيكلية المنافية للمنافسة‬

‫‪64‬‬ ‫أوال‪ -‬التجمع‬

‫‪61‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تحصيص الصفقات العمومية‬

‫‪68‬‬ ‫ثالثا‪ -‬المناولة‬

‫‪1.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الممارسات السلوكية المنافية للمنافسة‬

‫‪1.‬‬ ‫أوال ‪ -‬تبادل المعلومات لنيل الصفقة العمومية‬

‫‪11‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تقديم عروض تضليلية‬

‫‪14‬‬ ‫ثالثا‪ -‬تقديم أسعار منخفضة‬


‫‪350‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الصفقات‬
‫العمومية‬
‫‪10‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مجال اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات‬
‫المقيدة للمنافسة المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫‪16‬‬ ‫أوال‪ -‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات المتعلقة بإجراء‬
‫طلب العروض في مرحلة اإلبرام‬
‫‪81‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اختصاص مجلس المنافسة بنظر الممارسات التي ال تعيق‬
‫أداء مهام المرفق العام أو ممارسة صالحيات السلطة العامة‬
‫‪84‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام مجلس المنافسة ألجل‬
‫النظر في الممارسات المقيدة للمنافسة في مادة الصفقات العمومية‬
‫‪80‬‬ ‫أوال‪ -‬شروط رفع اإلخطار أمام مجلس المنافسة‬

‫‪81‬‬ ‫ثانيا‪ -‬ق اررات مجلس المنافسة‬

‫‪81‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬التسوية اإلدارية لمنازعات تنفيذ الصفقات العمومية‬

‫‪80‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التسوية اإلدارية لمنازعات تنفيذ الصفقات‬


‫العمومية طبقا لتنظيم الصفقات العمومية‬
‫‪80‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التسوية الودية بمبادرة المصلحة المتعاقدة‬

‫‪84‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الحل الودي الناجم عن التعديالت االتفاقية‬

‫‪84‬‬ ‫أوال‪ -‬الملحق‬

‫‪88‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تعديل أسعار الصفقة العمومية‬

‫‪2.0‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬الحل الودي الناجم عن التعديالت غير اإلتفاقية‬

‫‪2.6‬‬ ‫أوال ‪ -‬نظرية فعل األمير‬

‫‪2.8‬‬ ‫ثانيا‪ -‬نظرية الظروف الطارئة‬

‫‪220‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الطعن أمام لجنة التسوية الودية لنزاعات تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية‬
‫‪351‬‬
‫‪224‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الطابع القانوني للطعن أمام لجان التسوية الودية‬
‫لنزاعات تنفيذ الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪224‬‬ ‫أوال‪ -‬مدى إلزامية تقديم الطعن أمام لجان التسوية الودية لنزاعات‬
‫تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫‪228‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تحديد اآلثار الناجمة عن اللجوء إلى لجان التسوية الودية‬
‫لنزاعات الصفقات العمومية‬
‫‪210‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إختصاص لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪214‬‬ ‫أوال‪ -‬تشكيلة لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ الصفقات‬
‫العمومية‬
‫‪210‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اإلجراءات المتبعة أمام لجان التسوية الودية لنزاعات تنفيذ‬
‫الصفقات العمومية‬
‫‪211‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تسوية منازعات تنفيذ الصفقات العمومية في ظل‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫‪218‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مدى مشروعية التحكيم في منازعات الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪20.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬موقف المشرع الجزائري من التحكيم في الصفقات‬
‫العمومية‬
‫‪202‬‬ ‫أوال‪ -‬مرحلة تذبذب النظام القانوني للتحكيم في مواجهة األشخاص‬
‫المعنوية‬
‫‪204‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مرحلة استقرار وحسم أمر التحكيم في مواجهة األشخاص‬
‫المعنوية‬
‫‪24.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تنظيم المشرع إلتفاق التحكيم في منازعات الصفقات‬
‫العمومية‬
‫‪242‬‬ ‫أوال ‪ -‬تعريف صور إتفاقيات التحكيم‬

‫‪352‬‬
‫‪244‬‬ ‫ثانيا‪ -‬شروط صحة إتفاقيات التحكيم‬

‫‪20.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التنظيم اإلجرائي للتحكيم في منازعات الصفقات‬


‫العمومية‬
‫‪202‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اإلجراءات التحكيمية أمام هيئة التحكيم‬

‫‪202‬‬ ‫أوال‪ -‬تحريك إجراءات التحكيم‬

‫‪200‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تشكيل هيئة التحكيم‬

‫‪208‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مباشرة إج ارءات التحكيم‬

‫‪26.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الحكم التحكيمي في منازعات الصفقات العمومية‬

‫‪262‬‬ ‫أوال‪ -‬صدور الحكم التحكيمي‬

‫‪260‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تنفيذ أحكام التحكيم‬

‫‪264‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الطعن في أحكام التحكيم الصادرة في منازعات الصفقات‬


‫العمومية‪.‬‬
‫‪268‬‬ ‫خاتمة الباب األول‬

‫‪170‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬تسوية منازعات الصفقات العمومية أما الجهات‬


‫القضائية‪.‬‬
‫‪172‬‬ ‫الفصل األول‪:‬االختصاص القضائي بتسوية منازعات الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪173‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مدى اختصاص كل من القضائيين العادي‬
‫واإلداري بالفصل في منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪173‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية لعقد الصفقة العمومية‪.‬‬

‫‪174‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مدى انطباق معايير العقد اإلداري على عقد الصفقة‬
‫العمومية‬
‫‪174‬‬ ‫أوال‪ -‬المعيار العضوي‬

‫‪353‬‬
‫‪177‬‬ ‫ثانيا‪ -‬معيار المرفق العام‬

‫‪178‬‬ ‫ثالثا‪ -‬معيار الشرط غير المألوف‬

‫‪180‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬الشروط الخاصة بالصفقة العمومية‬

‫‪180‬‬ ‫أوال‪ -‬الكتابة‬

‫‪181‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬الشرط المالي‬

‫‪183‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬موضوع الصفقة العمومية‬

‫‪185‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حسم مسألة االختصاص بين جهة القضاء‬


‫اإلداري والقضاء العادي في منازعات الصفقات العمومية‬
‫‪186‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬إصرار المشرع على تكريس المعيار العضوي في‬
‫تحديد جهة اختصاص القضاء اإلداري‬
‫‪195‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مالمح اتجاه المشرع نحو اعتناق المعيار المادي‬

‫‪1.1‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تحديد اختصاص الجهات القضائية اإلدارية‬


‫بالنظر في منازعات المؤسسات العمومية‬
‫‪1.1‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬االختصاص النوعي لجهات القضاء اإلداري في‬
‫منازعات الصفقات العمومية‬
‫‪1.8‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اإلختصاص النوعي لمجلس الدولة‬

‫‪1.8‬‬ ‫أوال ‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي أول و آخر درجة‬

‫‪120‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي استئناف في منازعات‬


‫الصفقات العمومية‬
‫‪121‬‬ ‫ثالثا‪ -‬اختصاص مجلس الدولة كقاضي نقض في نزاعات‬
‫الصفقات العمومية‬
‫‪128‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية بالنظر في‬
‫منازعات الصفقات العمومية‬

‫‪354‬‬
‫‪128‬‬ ‫أوال‪ -‬مجال اإلختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية في نزاعات‬
‫الصفقات العمومية‬
‫‪114‬‬ ‫ثانيا‪ -‬تداخل االختصاص بين مجلس الدولة و المحاكم اإلدارية‬

‫‪116‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص اإلقليمي بمنازعات الصفقات‬


‫العمومية‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تحديد االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية‬

‫‪118‬‬ ‫أوال‪ -‬القاعدة التي ينبني عليها تحديد االختصاص اإلقليمي‬

‫‪102‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اإلستثناءات الواردة على قاعدة االختصاص اإلقليمي‬

‫‪100‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تسوية مسائل االختصاص اإلقليمي‬

‫‪100‬‬ ‫أوال ‪ -‬مسألة تنازع االختصاص اإلقليمي ما بين المحاكم اإلدارية‬

‫‪100‬‬ ‫ثانيا‪ -‬توسيع مجال االختصاص اإلقليمي للمحاكم اإلدارية‬

‫‪108‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬أنواع الدعاوى المتعلقة بتسوية منازعات الصفقات‬


‫العمومية‬
‫‪14.‬‬ ‫المبحث األول‪:‬القضاء اإلداري العيني‬

‫‪14.‬‬ ‫المطلب األول‪:‬دعوى اإللغاء كأساس لتسوية منازعات الصفقات‬


‫العمومية‬
‫‪142‬‬ ‫الفرع األول‪:‬الشروط الخاصة لرفع دعوى اإللغاء المتعلقة‬
‫بالصفقات العمومية‬
‫‪142‬‬ ‫أوال‪ -‬قيام دعوى اإللغاء على مخاصمة القرار اإلداري المنفصل‬
‫المشوب بعيب عدم المشروعية أو ضد األحكام التنظيمية لعقد‬
‫الصفقة العمومية‬
‫‪148‬‬ ‫ثانيا‪ -‬شرط المصلحة لرفع دعوى اإللغاء‬

‫‪101‬‬ ‫ثالثا‪ -‬شرط الميعاد في دعوى إلغاء الق اررات اإلدارية المنفصلة‬
‫عن الصفقات العمومية‬

‫‪355‬‬
‫‪100‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الموضوعية لرفع دعوى اإللغاء ضد الق اررات‬
‫المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫‪100‬‬ ‫أوال‪ -‬عيوب المشروعية الخارجية‬

‫‪101‬‬ ‫ثانيا‪-‬عيوب المشروعية الداخلية‬

‫‪108‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬آثار إلغاء القرار المنفصل عن عقد الصفقة‬


‫العمومية على العقد‬
‫‪162‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬القضاء الكامل‬

‫‪161‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬حدود رقابة قاضي العقد على المنازعات المنصبة‬
‫حول صحة عقد الصفقة العمومية‬
‫‪161‬‬ ‫أوال‪ -‬الطعن الممارس من قبل أطراف العقد حول مدى سالمة‬
‫صحة عقد الصفقة العمومية‬
‫‪168‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الطعن الممارس من قبل المتنافسين المتضررين من إبرام‬
‫الصفقة العمومية‬
‫‪112‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الطعن الوالئي ‪le déféré préfectoral‬‬

‫‪114‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الدعاوى المنصبة على بنود الصفقة‬

‫‪110‬‬ ‫أوال‪ -‬الدعاوى المنصبة على المسؤولية العقدية على أساس الخطأ‬

‫‪182‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الدعاوى المنصبة على أساس مسؤولية المصلحة المتعاقدة‬


‫بدون خطأ‬
‫‪180‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬القضاء اإلستعجالي في منازعات الصفقات‬
‫العمومية‬
‫‪184‬‬ ‫المطلب األول‪:‬االستعجال الخاص بإبرام الصفقات العمومية‬

‫‪180‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الشروط الخاصة بالدعوى االستعجالية في مادة إبرام‬


‫الصفقات العمومية‬
‫‪180‬‬ ‫أوال‪ -‬موضوع الدعوى االستعجالي في مادة إبرام الصفقات‬

‫‪356‬‬
‫العمومية‬
‫‪186‬‬ ‫ثانيا‪ -‬زمن رفع الدعوى االستعجالية المتعلقة بإبرام الصفقة‬
‫العمومية‬
‫‪188‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬األطراف التي لها الحق في رفع الدعوى‬

‫‪188‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬سلطات القاضي االستعجالي‬

‫‪0..‬‬ ‫أوال‪ -‬سلطة تأجيل إمضاء عقد الصفقة العمومية‬

‫‪0.2‬‬ ‫ثانيا‪ -‬األمر باالمتثال اللتزامات اإلشهار و المنافسة‬

‫‪0.4‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬الغرامة التهديدية‬

‫‪0.6‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإلستعجال الفوري‬

‫‪0.6‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬وقف تنفيذ الق ار ارت اإلدارية المنفصلة عن الصفقات‬
‫العمومية و المتعلقة بمرحلة اإلبرام‬
‫‪0.1‬‬ ‫أوال‪ -‬الشروط الشكلية لدعوى وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية‬
‫المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫‪02.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الشروط الموضوعية لدعوى وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية‬
‫المنفصلة عن الصفقات العمومية‬
‫‪020‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬اتخاذ تدابير ضرورية للمحافظة على حرية المنافسة‬

‫‪021‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬األمر باتخاذ التدابير الضرورية في حالة‬


‫االستعجال القصوى‬
‫‪028‬‬ ‫خاتمة الباب الثاني‬

‫‪01.‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪011‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪357‬‬

You might also like