Professional Documents
Culture Documents
الئحة املخترصات
مــقــدمـــة
لقد عرف املجتمع الدويل عىل مستوى النشاط اإلقتصادي عدة تطورات ،فرضت عىل مكوناته التوجه نحو اإلنفتاح ورفع
الحواجز ،لبناء نظام إقتصادي جديد يستطيع تحقيق التنمية عىل جميع املستويات.
واملغرب بإعتباره يشكل أحد مكونات هذا املجتمع ،وبإعتباره جزءا أو طرفا يف هذا النظام العاملي الجديد الذي يقوم عىل
املنافسة الدولية ،فقد سار يف إتجاه تحديث نصوصه الترشيعية ملالءمتها مع التطورات التي يعرفها العامل كل يوم ،إذ أن
النصوص التي يضعها املرشع رسعان ما يتجاوزها الواقع املتطور واملتغري ،ومن مثة تتولد الحاجة إىل إعادة النظر فيها بإلحاح
شديد.
كام أن التحوالت التي يعرفها اإلقتصاد واملرتبطة من جهة بعنرص املنافسة ،الذي يفرض عىل املقاولة التوفر عىل آليات
ووسائل متكنها من الحفاظ عىل مكانتها داخل املنظومة اإلقتصادية ،ومن جهة أخرى ترتبط بوثرية األزمة التي تؤثر عىل بقاء
املقاولة داخل السوق ،وتفرض عىل هذه األخرية رضورة تصحيح هياكلها قصد مواجهة املنافسة وتوقي األزمات.1
وملا تنبه املرشع املغريب إىل أن نظام اإلفالس 2املتسم بالطابع العقايب ،أضحى عاجزا عن مواكبة التطور الذي عرفه اإلقتصاد
العاملي ،إضافة إىل كونه مل يعد يخدم األهداف اإلقتصادية ،بسبب إعتامده عىل تصفية أموال املدين املتوقف عن األداء ،إىل
جانب كونه ال يراعي املصلحة العامة ،وإمنا كان إهتاممه مركزا عىل حامية املصالح الخاصة للدائنني ،مام كان يؤثر عىل وجود
املقاولة التي كانت مهددة يف ظل هذه الوضعية بالتصفية الكلية ألصولها.
لهذا سعى املرشع إىل تجاوز هذا النظام ،ليتبنى منظور جديد يهدف إىل معالجة الصعوبات التي تعرتض املقاولة ،وذلك بعد
أن ظهرت الحاجة إىل إعتامد نظام قانوين بديل ،يكون هدفه األول ضامن بقاء املقاولة مع مراعاة املصالح املرتبطة بها ،عرب
إعتامد آليات تقوم عىل الوقاية واملعالجة بالشكل الذي يضمن إستمرار تلك املقاولة ،وهذا ما متت ترجمته عىل أرض الواقع مع
صدور مدونة التجارة 3لسنة ،6991والتي ميكن إعتبارها من أهم حلقات إصالح وتحديث ترسانة قانون األعامل باملغرب ،4إذ
1
Mustapha mekki, L’intérêt générale et le contribution à une étude de la hiérarchie des intérêts en droits privé,
bibliothèque de droit privé, tome 11 L.G.D.J delta, paris 2004, N°869, p 510
2كان نظام اإلف الس الذي طبق في المغرب مع دخول عهد الحماية الفرنسية ،يستند إلى مرجعية مدونة نابليون لسنة ،7081وهذه األخيرة لم تجسد سوى ذلك
المنتوج ألعراف وتشريعات القرون الوسطى ،وهذا النظام كان يطبق على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية توقفوا عن دفع الديون ،بصرف النظر عن
أسباب هذا التوقف ،سواء أكانت ذاتية أو موضوعية ،إذ أن المدين المتوقف عن أداء ديونه عند حلول أجل إستحقاقها ،كان يشكل عقبة في سبيل إستقرار المعامالت
التجارية ،لذلك كان جزاؤه تصفية ذمته المالية ،إذ أن هذا النظام يهدف إلى حماية الحقوق المالية للدائنين في عالقتهم بالمدين –المتوقف عن الدفع – ومن خاللهم
حماية المجال اإلقتصادي عموما ،لذلك نراه يتوجه بخطابه إلى المدين –المفلس -حيث تغل يده ،وتحل محله كثلة الدائنين من أجل تصفية أمواله وتوزيع المتحصل
منها بينهم كل بقدر حصته في الدين العام ،وتتمثل الغاية من ذلك في تنحية التاجر المفلس من السوق ألنه صار يشكل خطرا عليه ،فالحكم باإلفالس عبارة عن قتل
تجاري يحمل بين طياته مظاهر العقاب الشديد.
وقد ظل المشرع المغربي وفيا لهذا النظام إلى حدود سنة ،7991سنة صدور مدونة التجارة – أي لما يزيد عن 08سنة .-
لمزيد من التفصيل حول هذه النقطة أنظر :
-المهدي شبو ،لماذا تبنى المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،ع ،09سنة ،1887ص 18ما بعدها.
3ظهير شريف رقم 7991908صادر بتاريخ 71من ربيع األول 7171الموافق لفاتح غشت ،7991بتنفيذ القانون رقم 71991المتعلق بمدونة التجارة ،منشور
بالجريدة الرسمية ع 1170بتاريخ 8أكتوبر ،7991ص .1701
4تجدر اإلشارة إلى أن مسلسل اإلصالح هذا إنطلق منذ سنة ، 7908وهو تاريخ إعتماد برنامج التقويم الهيكلي الذي يهدف إلى الحد من ميزان األداءات ،وإضفاء
طابع تنافسي وتحريري على اإلقتصاد الوطني ،وعلى التجارة الداخلية والخارجية بوجه خاص
4
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
جاءت يف ظل التطورات والتحوالت اإلقتصادية املتسارعة ،التي حتمت عىل املغرب رضورة إصالح ترسانته القانونية ،من أجل
تدعيم العالقات التجارية ومعالجة النزاعات املرتبطة بها مبنظور جديد وفق واقعية إقتصادية.1
إذ مبجرد صدور مدونة التجارة تم إعتامد ذلك النظام من خالل كتابها الخامس (املواد من 545إىل )237املخصص لنظام
صعوبات املقاولة ،2هذا األخري الذي شكل قطيعة مع نظام اإلفالس ذو الطابع التصفوي ،3عرب أخذه باملعيار اإلقتصادي للتوقف
عن الدفع ،4بهدف الحفاظ عىل املقاولة كوحدة إقتصادية منتجة والحفاظ عىل مصالح مختلف األطراف العاملة فيها واملتعاملة
معها ،وذلك بالعمل عىل إيجاد توازن بني هذه املصالح ،ومن تم الحفاظ عىل اإلستقرار اإلقتصادي واإلجتامعي.
وعليه فإن املرشع املغريب يف م.ت ،تخىل عن الطابع العقايب لنظام اإلفالس لفائدة النظام الوقايئ املتملل يف مسطرة
املعالجة ،إذ تتضمن هذه املسطرة مجموعة من التدابري ،التي تربز رغبة املرشع يف متكني املقاولة من كل الوسائل وصيغ
املرونة ،التي تسمح لها يف حالة وجودها يف وضعية صعبة من تجاوز كَبوتها ،وذلك عن طريق توقيف كل املطالبات أو املتابعات
القضائية الت ي تواجه املقاولة ،وكذا عن طريق وضع مخطط التسوية واملعالجة.
1عبد الكريم عباد ،دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث قانون األعمال ،جامعة الحسن
الثاني ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية عين الشق الدار البيضاء ،س.ج ،1881/1888ص.7
2لم يقم المشرع المغربي من خالل مدونة التجارة بتعريف صعوبات المقاولة ،وإن كان قد عبر عن هذه الصعوبات بعبارة الوقائع ،إال أن هذه األخيرة ال تتخذ شكال
واحدا ،بل إنها تختلف حسب المرحلة التي وصلت إليها المقاولة ،ففي مرحلة الوقاية يعبر عنها بالوقائع التي من شأنها اإلخالل بإستمرارية اإلستغالل ( المادة 111
من م.ت) ،وفي مرحلة المعالجة بأنها تلك التي تجعل وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه ( المادة 110من م.ت) ،وفي مرحلة التصفية القضائية هي
التي تجعل وضعية المقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه ( المادة 179من م.ت) ،وهكذا فقد خص المشرع هذا النظام بخمس مساطر ،ثالثة منها للوقاية (الوقاية
الداخلية ،الوقاية الخارجية ،ومسطرة التسوية الودية) ،وإثنان للمعالجة وهما ( التسوية القضائية أو التصحيح القضائي ،والتصفية القضائية) ،وواقعة التوقف عن الدفع
هي المعيار الفاصل بين مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،إذ بتوقف المقاولة عن أداء ديونها وعجزها عن ذلك ،يجعلها تخضع لنطام معالجة
الصعوبات التي تعترضها.
أما بخصوص المقصود بمعالجة صعوبات المقاولة (أو الوقاية منها) ،فإنه وإنطالقا من المادتين 111و 118من م.ت يمكن تعريفها بكونها المساطر التي يتعين
سلوكها لتفادي الصعوبات التي تعتري المقاولة ،خاصة تلك الصعوبات التي تترتب عن عدم القدرة على تسديد الديون عند الحلول ،بما في ذلك الديون الناتجة عن
اإللتزامات المبرمة في إطار اإلتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 111من م.ت المتعلقة بالوقاية الخارجية من الصعوبات عن طريق مسطرة التسوية الودية.
3يتميز نظام صعوبات المقاولة عن نظام اإلفالس بالطابع الوقائي ،إذ أنه يهدف باألساس إلى حماية المقاولة ،أو معالجتها مما قد يعترضها من صعوبات عند
اإلقتضاء ،وذلك بإيجاد الحل القض ائي المالئم لوضعيتها المضطربة ،والمتمثل إما في تبني القضاء لمخطط اإلستمرارية أو مخطط التفويت ،وإما تصفيتها قضائيا إذا
كانت وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه – أي عندما تصبح غير قابلة للعالج ،-وبذلك شكل هذا القانون قطيعة مع قواعد اإلفالس ،التي لم تكن تحوي في طياتها
أي بعد إصالحي أو تقويمي يساعد على إنقاذ المقاولة ،وإستمرارها في المحيط اإلقتصادي.
لمزيد من التوسع حول هذه النقطة أنظر :
-محمد الكشبور ،مركز األجراء بين مدونتي التجارة والشغل ،المجلة المغربية للقانون واإلقتصاد والتدبير ،ع ،18سنة ،1880ص 11وما يليها؛
-محمد أخياط ،حماية المقاولة كفضاء إجتماعي وإقتصادي من خالل قانون صعوبات المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،ع ،01يناير/فبراير ،1887ص 719وما
يليها.
4حسب المعيار اإلقتصادي يتحقق التوقف عن الدفع في حالة عجز المدين عجزا كليا ومستمرا عن أداء ديونه ،ال عجزا ظرفيا ،ويتحقق كذلك عندما ال تتوفر
المقاولة على أصول لتسوية ديون حل أجل أداءها ،وتعذر عليها الحصول على السيولة النقدية الالزمة في أجل قريب ،فالتوقف الفعلي عن الدفع هو الذي ينبئ عن
إضطراب في المركز المالي للتاجر ،ويكون ليس بمقدوره مواجهة الخصوم المستحقة با ألصول المتوفرة ،وال يعتبر مجرد إمتناع المدين عن الدفع مستوجبا لفتح
المساطر الجماعية ،وذلك لقطع الطريق أمام المدين سيئ النية ،الذي يلجأ لهذه المسطرة للتهرب من أداء الديون ،إذ ينظر إلى التوقف عن الدفع بناءا على عدم القدرة
على األداء وليس فقط عن عدم الرغبة فيه
للمزيد من التوسع حول مفهوم التوقف عن الدفع أنظر:
-أحمد بوسليح ،حالة التوقف عن الدفع – التطور التاريخي وداللته في القانونين الفرنسي والمغربي ،الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،مساهمة المجموعة
المهنية لبنوك المغرب ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،المعهد العالي للقضاء ،وزارة العدل الرباط ،الطبعة األولى يناير 1881ص 11وما يليها؛
-امحمد لفروجي ،التوقف عن الدفع في قانون صعوبات المقاولة ،دراسة قانونية تحليلية نفدية معمقة مذيلة بعينات من عمل القضاء في الموضوع ،العدد األول،
منشورات المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،طبعة 1881؛
-عبد الواحد الصفوري ،التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون والقضاء ،مطبعة إبن سينا الدار البيضاء ،الطبعة األولى 1880؛
-محمد الكشبور ،مفهوم التوقف عن التوقف عن الدفع ،مجلة المنتدى ،ع ،8يونيو ،1881ص 81وما يليها؛
- Abdeljalil Elhammoumi, droit des difficultés de l’entreprise – la prévention des difficultés le redressement judiciaire la
liquidation judiciaire -, 2éme édition 2005, p 49 et suit.
5
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ولعل أهم ما يسرتعي اإلنتباه يف قانون صعوبات املقاولة ،هو التغيري الذي حصل يف الوظيفة القضائية ،حيث تحول الدور
القضايئ من دور سلبي موضوعه وغايته حامية الدين ،إىل دور إيجايب –إقتصادي إجتامعي– موضوعه وغايته حامية وإنقاد
املقاولة بإعتبارها نواة اإلقتصاد الوطني ،ومن تم إقرار السلم اإلجتامعي عرب الحفاظ عىل أكرب عدد ممكن من مناصب الشغل،
وقد عمد املرشع يف هذا اإلطار إىل تنويع األجهزة القضائية املتدخلة حسب طبيعة املسطرة املفتوحة ،وحسب املرحلة التي متر
منها املسطرة وطبيعة املهام الواجب إنجازها ،بدءا من رئيس املحكمة التجارية ،1إىل القايض املنتدب ،2والنيابة العامة ،3ثم
السنديك 4كفاعلني أساسيني يف مساطر صعوبات املقاولة.
تبعا لذلك وبدافع الرضورات اإلجتامعية باألساس ،عمد املرشع املغريب إىل اإلهتامم بالجانب الحقوقي لألجراء ،5عرب
إدخال مجموعة من التعديالت واإلصالحات عىل نصوصه القانونية لتساير املناخ العام الدويل والتوجهات العاملية ،إلستقرار
الشغل ،حيث أعلن بتاريخ 66شتنرب ،7003عن ميالد مدونة الشغل ،6التي أتت مبجموعة من املستجدات القانونية ،تصدرتها
ديباجة تربز دور الشغل يف البالد ،وصيانة كرامة اإلنسان والنهوض مبستواه املعييش ،لتحقيق الرشوط املناسبة إلستقراره
1لإلطالع على دور رئيس المحكمة التجارية في مساطر صعوبات المقاولة أنظر :
-رقية السحيمي ،دور رئيس المحكمة التجارية في ميدان صعوبات المقاولة ،بحث لنيل د.د.ع.م في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،الرباط ،س.ج 1887/1888؛
-عبد اللطيف الشنتوف ،تدخل رئي س المحكمة التجارية في مرحلتي الوقاية الخارجية والتسوية الودية للمقاولة ،بحث لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية،
تخصص قانون األعمال ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،الرباط ،س.ج 1889/1880؛
-عبد اإلاله برجاني ،دور الرئيس في الوقاية من التوقف عن الدفع ،الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،مساهمة المجموعة المهنية لبنوك المغرب ،سلسلة
الندوات واأليام الدراسية ،المعهد العالي للقضاء ،وزارة العدل الرباط ،الطبعة األولى يناير ،1881ص 81وما يليها.
2لإلطالع على دور القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة أنظر :
-إدريس بنشقرون ،القاضي المنتدب وصعوبات المقاولة ،مجلة القصر (تصدر عن هيئة المحامين بالقنيطرة) ،مطبعة النجاح الجديدة ،ع ،1يناير ،1881ص 11
وما يليها؛
-المهدي شبو ،مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني،
عين الشق ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،الدار البيضاء س.ج .1881/1888
على أنه سوف نتطرق بنوع من اإلختصار لوظائف وصالحيات القاضي المنتدب ضمن مساطر صعوبات المقاولة ،على أن نركز على تلك التي لها عالقة وثيقة
بحقوق األجراء ،وسنخصص له المطلب الثاني من الفرع الثاني من المبحث األول من الفصل الثاني من هذه الرسالة.
3لإلطالع على دور النيابة العامة في مساطر صعوبات المقاولة أنطر :
-محمد عطاف ،دور النيابة العامة لدى المحاكم التجارية في قضايا صعوبات المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،ع ،71يناير/فبراير ،1880ص 07وما يليها.
4لإلطالع على دور السنديك في مساطر صعوبات المقاولة أنظر :
-ليلى بنجلون ،السنديك في المادة التجارية ،مجلة المحاكم المغربية ،ع ،1دجنبر ،1881ص 11وما يليها.
عل ى أننا سنتحدث عن صالحيات السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة وذلك من خالل المطلب األول من الفرع الثاني من المبحث األول من الفصل
الثاني من هذه الرسالة.
5إن هاجس الدولة الحديثة هو ضمان حماية الطبقة العاملة ،بإعتبارها الركيزة األساسية لبناء مقاولة متينة ومنتظمة ،إذ أن أي إخالل يؤثر على إستمرارية مسيرتها
اإلنتاجية ،يكون األجراء ضحيته األولى ،وذلك على أساس أن المقاولة تشكل إحدى المنجزات التي يهدف األجراء إلى ضمان إستمراريتها ،بإعتبارها مصدر رزقهم
وضمان لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
-حياة متوكل ،مدى ضمان القض اء التجاري للحماية اإلجتماعية لألجراء خالل التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم القانونية والسياسية ،وحدة
قانون األعمال والمقاوالت ،مركز دراسات الدكتوراه :قانون األعمال والمقاوالت ،جامعة محمد الخامس السويسي ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية
الرباط ،س.ج ،1871/1878ص.1
6ظهير شريف رقم 79889791صادر بتاريخ 71رجب 7111الموافق 77شتنبر ،1888بتنفيذ القانون رقم 11999المتعلق بمدونة الشغل ،الجريدة الرسمية ع
1711بتاريخ 0دجنبر ،1888ص .8919
6
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
العائيل وتقدمه اإلجتامعي ،كام ربطت املدونة وجود املقاولة وإستمرارها بتواجد األجراء وإستقرار حقهم يف الشغل ،1ليتم بعد
ذلك تكريس هذا الحق دستوريا.2
فإذا كان لنظام صعوبات املقاولة أهمية كربى 3يف العمل عىل إستمرار املقاولة يف الحياة اإلقتصادية ،رغم الصعوبات التي
تعرتضها ،فإن الجانب اإلجتامعي مل يحظى بنفس اإلهتامم يف هذا النظام ،مبا يضمن حقوق األجراء داخل املقاولة الخاضعة
له ،وهو ما سعت مدونة الشغل لتداركه رغبة يف تحقيق نوع من التوازن بني ما هو إقتصادي وما هو إجتامعي ،إذ بتصفح هذين
القانونني نجدهام متداخلني ،ويصعب تحقيق أهداف أحدهام دون األخذ بعني اإلعتبار أهداف القانون اآلخر ،فنظام صعوبات
املقاولة ال ميكن أن ينجح يف إنقاذ املقاولة من الصعوبات ،إذا مل تتم مراعاة قانون الشغل الذي يحمي األجراء بإعتبارهم أحد
مكونات هذه املقاولة ،وهذا اإلرتباط يظهر جليا من خالل بعض النصوص الواردة يف الكتاب الخامس من م.ت ،4والتي عىل
الرغم من قلتها إال أنها تؤكد عزم املرشع عىل امليض يف اإلصالح بشكل منسجم ومتناسق مع م.ش ،5تبعا لذلك وأمام قلة
النصوص املنظمة لحقوق األجراء يف نظام صعوبات املقاولة ،يظهر أن تحقيق أهداف هذا األخري يبقى رهينا بحامية األجراء
وضامن حقوقهم التي أقرتها لهم مدونة الشغل ،ومبطالعة هذه األخرية نجد أنها تضمن لألجراء الحق يف الشغل ،والحق يف
األجر ،ثم تضفي عليهام طابعا حامئيا يستحرض خصوصياتهام.
لكن معالجة صعوبات املقاولة ،التي إما أن تتخذ شكل تسوية قضائية ،أو تصفية قضائية غالبا ما يستلزم فصل بعض األجراء،
وهو ما يدعو للتساؤل عن حجم الضامنات التي سنها املرشع لحامية حقوق هذه الفئة ،خاصة إذا أصبحت حقوقها تشكل عرقلة
أمام نجاح أهداف نظام صعوبات املقاولة -وهو هدف املرشع الرئييس ،-دون التضحية ولو ببعض مناصب الشغل ،ما يجعل من
تحقيق أهداف القانونني معا أمرا مستعصيا ،ويف ظل هذه املفارقة يصبح الجهاز القضايئ هو املو ِفق بني مساطر صعوبات
1إذ جاء في جزء من ديباجة م.ش ما يلي " تعتبر ا لمقاولة خلية إقتصادية وإجتماعية تتمتع بإحترام حق الملكية الخاصة ،وتلزم بإحترام الذين يشتغلون بها وضمان
حقوقهم الفردية والجماعية ،كما تعمل على التقدم اإلجتماعي ألجراءها خاصة فيما يتعلق بأمنهم المادي ورعاية صحتهم".
2وذلك تبعا لمقتضيات الفصل 87من دستور المملكة المغربية لسنة ،1877الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 7977901بتاريخ ،1877/81/71الجريدة
الرسمية ع 1911مكرر ،بتاريخ .1877/81/71
3يكتسي نظام صعوبات المقاولة أهميته من كون واضعي قانون رقم 71991المتعلق بمدونة التجارة ،قد إستفادوا من التجربة الفرنسية في هذا المجال ،مما جعلهم
يضعون حلوال لبعض المشاكل التي أثيرت أمام القضاء في فرنسا ،منذ الشروع في العمل بالقانون رقم ،85.98ل 11يناير ،7901المتعلق بالتسوية القضائية
والتصفية القضائية للمقاوالت ،كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ،111991ل 78يونيو 7991هذا األخير الذي شهد عدة تغييرات كان أخرها في فاتح يناير
، 1881إذ تم دمج بعض مقتضياته بمدونة الشغل الفرنسية والبعض األخر بمدونة التجارة الفرنسية في حين تم إلغاء العمل ببعض المقتضيات منه
4ومن هذه النصوص :
-المادة 111التي تعتبر أن عقود الشغل غير معنية بالمنع من سداد الديون السابقة على األمر القاضي بالوقف المؤقت لإلجراءات في إطار التسوية الودية؛
-المادة 198التي تلزم المحكمة باإلستماع إلى مندوبي األجراء قبل تقرير الحل؛
-المادة 188التي تنص على أن من أهداف التفويت الحفاظ على كل أو بعض مناصب الشغل؛
-المادة 181التي تستلزم تضمين العروض إلقتناء المقاولة ،اإلشارة إلى مستوى التشغيل وآفاقه؛
-المادة 191التي تؤكد بشكل كبير على إستحضار قانون الشغل وإستحضار طابعه الحمائي ،حينما نصت على أن إنهاء عقد الشغل يجب أن تطبق بشأنه قواعد
قانون الشغل.
5تجدر اإلشارة بهذا الخصوص إل ى أن بعض مقتضيات مدونة التجارة تثير بعض اإلشكاالت ونوع من الغموض في تطبيقها ،من خالل تداخلها وتقاطعها أحيانا
بشكل متنافر مع أحكام مدونة الشغل ،خاصة تلك التي تهم تقليص ساعات العمل ،أو التي تهم الفصل ألسباب إقتصادية ولعل مرد ذلك راجع إلى كون مشرع م.ت،
قد إست حال عليه أن يستحضر أحكام م.ش ،مادامت هذه األخيرة لم تصدر إال بعد سبع سنوات عن صدور م.ت ،وهو ما أدى إلى خلق تلك اإلشكاالت ،وإذا كان هذا
القول مقبول من ناحية التبرير ،فإنه من الناحية الواقعية من غير المقبول أن يستمر المشرع بالتغاضي عن هذه اإلشكاالت – وكأن األمر ال يهمه -لما يزيد عن إثنى
عشر سنة من عمر تطبيق مدونة الشغل ،وعدم إتخاذ أي خطوة من شأنها إزالة هذا التعارض ،والذي من شأنه تيسير العمل على القضاء المغربي وعلى الباحثين
والمهتمين بهذا المجال على السواء.
7
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املقاولة ،ومدونة الشغل ،من خالل حرصه ما أمكن عىل معالجة املقاولة من الصعوبات التي تعرتضها دون إعفاء األجراء ،ويف
الحالة التي ال مفر فيها من اإلعفاء ،فرض الرقابة عليه مبا يتامىش وأهداف م.ش.
كل هذه النقط ميكن معالجتها من خالل موضوع" :ضامنات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة"،
والذي إخرتنا البحث فيه لعدة إعتبارات أهمها :حساسية موقع األجراء إذ ال يجب إغفال أن األجري يكفل أرسته مبا تدره عليه
املقاولة التي يشتغل فيها من أجر ،هذا األخري الذي يتهدده شبح عدم أدائه يف ظل توقف املقاولة عن الدفع ،إذ مازال األجري
يعد من أكرب املترضرين نتيجة األزمات التي تهدد املقاولة والتي قد تعصف بها ،كام تتأكد أهمية هذا املوضوع من خالل
الصعوبات التي تواجهه واإلشكاالت التي يطرحها.
إن أول ما يجابه البحث يف هذا املوضوع من صعوبات ،هو قلة النصوص القانونية التي تتطرق له يف إطار الكتاب الخامس
من م.ت ،والذي أبان عن قصوره من خالل اإلنتقادات التي وجهت إليه ،1إضافة إىل قلة املراجع الخاصة يف موضوع حقوق
األجراء يف مساطر صعوبات املقاولة ،إىل جانب عدم إفراد تبويب خاص لفئة األجراء يف الكتاب الخامس من م.ت ،األمر
الذي إستدعى البحث بني كل فقرات هذا الكتاب للوقوف عىل كيفية تعامل املرشع املغريب مع هذه الفئة ،تنضاف إىل ذلك
صعوبة قانونية تتجىل يف الرتابط بني قانونني مختلفني ،قانون الشغل وقانون صعوبات املقاولة ،مع ما ينتج عن ذلك من
غموض يف بعض األحيان ،فقانون صعوبات املقاولة يحيل عىل قانون الشغل دون تحديد دقيق للمواد املحال عليها 2هذا من
جهة.
ومن جهة أخرى قلة األعامل القضائية املنشورة ،مام فرض علينا البحث عن األحكام واألوامر والقرارات غري املنشورة مع ما
يتسم به ذلك من صعوبة.
1ولعل هذا ما دفع بوزارة العدل إلى تحضير تعديل تشري عي للكتاب الخامس من م.ت ،وذلك بعد تقييم حصيلة ما تراكم من تطبيقات قضائية عبر السنوات الماضية
من عمر تطبيق نظام صعوبات المقاولة ،وغايتها من ذلك تكريس ما تحقق من مكتسبات وتجاوز ما أفرزه الواقع العملي من معيقات ،وفق منظور يكفل لهذا النظام
تطوره ومواكبته للمست جدات ،وقد أثمرت الخطوات التي قامت بها وزارة العدل في إصدار مسودة قانون تعديل للكتاب الخامس ،تم طرحها للنقاش في إطار
إجتماعات فريق العمل الثالث ،للجنة الوطنية لمناخ األعمال ،تنفيذا لبرنامج عملها سنة ،1877وذلك بمشاركة كافة القطاعات الوزارية الممثلة لهذا الفريق ،إال أن
األمر بقي حبيس الرفوف دون تفعيله ،وتوالت اإلجتهادات القضائية وإ تسع مفهوم مجال الحماية القانونية والقضائية للمقاولة ،وأصبح من الضروري إعداد تعديل
جديد لقانون صعوبات المقاولة ،الشيء الذي تحقق فعال بتاريخ ،1871/89/11إذ تم عنونته ب "إجراءات وقاية وإنقاذ المقاولة ومعالجة صعوباتها" عوض
التسمية الحالية "صعوبات المقاولة" وقد تميز هذا األخير بمقتضيات في غاية من األهمية ،اعتبرت ترجمة لمجموع اإلجتهادات القضائية الصادرة ومجهود جبار
لمختلف الفاعلين ،وعالقة بالموضوع أعاله ،فقد تميز المشروع بإيالء اإلهتمام لكل األجهزة وتحقيق التوازن بين حماية المقاولة من جهة وضمان حقوق الدائنين من
جهة أخرى.
لذلك سيكون لهذا المشروع الجديد نصيب من التحليل على طول صفحات هذه الرسالة ،خاصة إذا علمنا أنه قد روعي في صياغته توفير فرص ضمان
اإلستمرارية في نشاط المقاولة ،من خالل الدفع في إتجاه إستنفاذ مساطر الوقاية قبل الوقوع فيما يستلزم الخضوع لمساطر المعالجة ،وكذا إرساء ما أمكن نوع من
التوازن بين إكراهات المقاولة ومصالح جميع المرتبطين بها
أنظر مشروع تعديل الكتاب الخامس من م.ت ،ضمن الملحق رقم .1
2بل إن هذه اإلحالة التي يعرفها قانو ن صعوبات المقاولة على قانون الشغل ،هكذا دون أي تحديد للمواد المحال عليها لم يتم تداركها بمشروع القانون القاضي بتتميم
وتعديل الكتاب الخامس من م.ت ،والذي بدوره يحيل على مدونة الشغل دون تحديد للمواد المحال عليها.
8
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
دون إغفال كرثة التعديالت والتغيريات ،التي شهدتها مقتضيات القانون الفرنيس املؤطرة للموضوع سواء يف قانون العمل ،أو
يف القانون التجاري ،أو القانون رقم 55-98ل 75يناير ،6955والتي أمامها يستعيص عىل الباحث يف هذا املوضوع ،مواكبة أخر
مستجدات الساحة القانونية الفرنسية.
غري أنه رغم هذه الصعوبات التي تجابه املوضوع فقد تم بدل جهد فيه ،واإلستئناس بالكتابات الفقهية التي تيرس اإلطالع
عليها ،حتى تيرس لنا فهمه والوقوف عىل اإلشكاالت التي يلريها.
إذا كان قانون صعوبات املقاولة قد جاء لتحقيق ثالثة أهداف رئيسية ،وهي حامية املقاولة ،ومناصب الشغل ثم تصفية
الديون ،فإن إشكاال محوريا يطرح يف هذا املقام حول حجم الضامنات التي سنها املرشع لحامية حقوق األجراء؟ والذي تتفرع
عنه العديد من التساؤالت أبرزها :هل حظيت حقوقهم باألولوية مقارنة مع األهداف األخرى؟ أم سيتم التضحية بهم يف سبيل
إنقاذ املقاولة عىل إعتبار أن إنقاذها هو إنقاذ لإلقتصاد برمته؟ ثم ما مصري عقد الشغل يف ظل الحل املعتمد؟ وما ضامنات أداء
أجور األجراء املستحقة لهم خاصة أمام تقرير فصلهم من طرف القضاء بغية إنجاح مخطط التسوية؟ أو عند تقريره لتصفية
املقاولة؟
كام أن القضاء وعىل ضوء التغيري الحاصل يف وظيفته مل يعد دوره مقترصا عىل فض النزاعات بني األطراف ،بل أصبح له
دور إقتصادي وإجتامعي كذلك من أجل إنقاذ املقاولة ،وإيجاد السبل الكفيلة مبعالجتها وبالتايل إستقرار عالقات الشغل
داخلها ،ومن تم فإن إشكاال آخر يطرح حول دور القضاء يف تفعيل حقوق األجراء يف إطار مساطر صعوبات املقاولة ؟ والذي
تتفرع عنه مجم وعة من التساؤالت نابعة من صميم الدور الذي ينبغي أن يضطلع به األجراء يف هذه املساطر بإعتبارهم من أبرز
املعنيني بها.
فاألجري قد يكون من مصلحته فتح املسطرة يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن أداء مستحقاته ،فيتقدم بطلب بذلك إىل
املحكمة ،فهل تستجيب هذه األخرية ل طلبه؟ وعىل أي أساس؟ وإذا ما إستجابت لطلبه فهل سيتم إرشاكه يف إختيار الحل
املناسب للمقاولة؟ وإذا ما تم إختيار حل معني ،وكان هذا الحل املختار سيؤدي إىل إنهاء بعض عقود الشغل ،فهل ميكن
للمحكمة مراقبة هذا اإلنهاء ،يف ظل وجود مسطرة إدارية تحرج املحكمة يف قيامها مبهامها كسلطة مستقلة؟ ومدى مراعاة
أجهزة املسطرة –املعينة من طرف القضاء– لحقوق األجراء؟ وكيف وظف القضاء النصوص القانونية القليلة ،إلنقاذ املقاولة ويف
نفس الوقت الحفاظ عىل عقود الشغل وأداء األجور؟ ثم أهم العراقيل التي تواجه القضاء يف سبيل تحقيقه لكل هذه النقط؟
من أجل اإلجابة عىل اإلشكاالت التي يلريها املوضوع وتفادي الصعوبات التي تواجهه ،فقد تم اإلعتامد عىل منهجية للبحث
تم الرتكيز فيها عىل العمل القضايئ ،من خالل إستعراض مواقف املحاكم املغربية من املوضوع التي تيرس لنا الحصول أو
9
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
اإلطالع عليها ،ثم املنهج املقارن وذلك بالوقوف عىل مختلف النقاط التي يختلف فيها الترشيع املغريب عن الترشيع الفرنيس،
إىل جانب املنهج التحلييل والنقدي ،من خالل تحليل املقتضيات القانونية والوقوف عىل مختلف اللغرات بها من خالل ما
أمكن تسجيله إليها من مؤاخذات.
يبقى البعد اإلجتامعي أحد العنارص البارزة داخل املقاولة ،لذلك يتوخى الترشيع املحافظة عليها لتوفري ضامنات البقاء للمصالح املرتبطة
بها ،ويتعلق األمر هنا بالحق يف الشغل ،إىل جانب العنرص اللاين املرتبط بضامن أداء مستحقات األجراء وهو الحق يف األجر ،هؤالء
األجراء الذين يلعبون بحكم موقعهم داخل املقاولة دورا بارزا يف النهوض بها.
وتناول هذين الحقني معا –الحق يف األجر والحق يف الشغل– وتوضيح موقف القضاء منهام ال ميكن أن يستقيم ،إال من خالل عنوان
يأخذ بعني اإلعتبار هذه الخاصية املشرتكة بينهام ،وهي أن كالهام حق من حقوق األجراء يتكفل القانون بضامنهام لهم كيفام كانت
وضعية املقاولة ،عىل أن األمر ِ
يدق يف الحالة التي تكون فيها وضعية املقاولة مختلة ومتعرثة.
لذلك يكون من املفيد جمعهام يف فصل مستقل عنوناه بالضامنات القانونية لحقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة.
وليك تطلع الدولة مبسؤولياتها اتجاه املقاولة ،أوكلت للقضاء التجاري صالحيات مهمة تتجىل يف سلوك مجموعة من املساطر لضامن
إستمرار نشاط املقاولة ،والحفاظ عىل التشغيل ،وحامية مصالح الدائنني دون إهامل تنفيذ إلتزامات املقاولة ،وذلك إستجابة ملسايرة التطور
اإلقتصادي ،وهكذا أصبح القضاء يقوم إىل جانب مهامه الكالسيكية بأخرى إقتصادية تسري يف إتجاه خدمة املصالح اإلجتامعية.
وحتى تتضح الرؤيا أكرث ويكتمل البحث العلمي ،فإنه البد من عرض الدور الذي يلعبه القضاء ضامنا لحقوق األجراء يف مساطر صعوبات
املقاولة ،فالقضاء بإعتباره املختص بفتح املسطرة وتعيني أجهزتها ،وتتبع هذه املسطرة من بدايتها إىل نهايتها ،يبقى ملزما مبراعاة املصالح
املتواجدة والتي تتأثر حتى قبل فتح تلك املسطرة ومنها مصالح األجراء.
يظهر أن مجمل هذه النقط ،ومختلف تلك التساؤالت التي تم طرحها تتعلق مبوضوع واحد وهو :الضامنات القضائية لحقوق األجراء
خالل مساطر صعوبات املقاولة ،والذي سيكون عنوانا للفصل اللاين.
فتكون بذلك خطة هذا البحث التي نعتربها األقرب لإلحاطة بعنارص هذا املوضوع ،خطة ثنائية من فصلني عىل الشكل التايل:
الفصل األول :الضامنات القانونية حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفصل اللاين :الضامنات القضائية حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
10
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفصل األول:
أصبح املرشع املغريب يويل عناية فائقة للمقاولة ،وعيا منه أن تحقيق التنمية اإلقتصادية يبقى رهينا بالنهوض بأوضاع الهياكل
اإلقتصادية ،ومن بوادر هذا اإلهتامم وضع القواعد التي من شأنها أن تقي هذه املقاولة مام يهددها من صعوبات ،وأخرى كفيلة
مبعالجتها من مختلف تلك الصعوبات يف حال حصولها ،ومن املؤكد أن يف ذلك ليس فقط حامية للجانب املايل للمقاولة،
وإمنا للجانب اإلجتامعي كذلك ، 1فنمو املقاولة وإستمراريتها ال ميكن أن يتحقق يف غياب طاقات إجتامعية قادرة عىل العطاء
والتضحية ،ويف املقابل البد من دعم هذه الطاقات ومساعدتها ،ومن ذلك وضع القواعد التي من شأنها أن تضمن الحامية
الالزمة لحقوقها ،وال شك أن يف ذلك تحقيق لإلنسجام مع القواعد الترشيعية الخاصة باألجراء املضمنة يف مدونة الشغل،
والتي بقدر ما تفرض عليهم بعض اإللتزامات فإنها متنحهم باملقابل بعض الحقوق ،يبقى أهمها الحق يف الشغل والحق يف
األجر.
ومن هذا املنطلق فإن أي محاولة إلنقاذ املقاولة ،ال ميكن أن توصف باإلجتامعية ما مل تراعي حقوق األجراء التي منحتها
لهم مدونة الشغل ،وهكذا سعى املرشع يف إطار تنظيمه ملساطر صعوبات املقاولة إىل ضامن أكرب قدر ممكن من الحامية لفئة
األجراء ،من خالل وضع قواعد رأى أنها كفيلة بضامن حقوقهم ،إذ حاول –بقدر ما تسمح به مساطر صعوبات املقاولة– أن
يضمن لهذه الفئة إستمرار عقود شغلها (مبحث أول) ،سواء تقرر إستمرار نشاط املقاولة أو تفويتها كام أن وعيه بالطابع املعييش
لألجر ،دفعه إىل وضع الضامنات التي من شأنها أن تحفظ لألجراء حقهم يف األجور املرتتبة كدين بذمة املقاولة املتعرثة (مبحث
ثاين).
1إذا كان المشرع المغربي قد سعى من خالل الكتاب الخامس من م.ت ،إلى تحقيق نوع من التوازن بين الجانب اإلقتصادي والجانب اإلجتماعي ،إال أن المالحظ
ترجيح كفة اإلقتصادي على اإلجتماعي ،إذ تم تغليب مصلحة المقاولة على مصلحة األجراء ،وهذا القول يصدق حتى على مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة
التجارة ،على العكس تماما من قانون 11يناير 7901المتعلق بالتسوية والتصفية القضائيتين الفرنسي ،كما تم تتميمه وتعديله.
11
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إن حكم فتح مسطرة املعالجة ،إما أن يقيض بالتصفية القضائية ،متى كانت وضعية املقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه ،وإما
أن يقيض بالتسوية القضائية إذا كانت وضعيتها ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه ،مام يفتح املجال أمام فرتة إلعداد الحل،1
وهي املدة الزمنية الفاصلة بني حكم فتح املسطرة وإتخاذ الحل.
وإذا كان املرشع قد هدف من وراء إسناده للقضاء سلطة إتخاذ الحل املالئم لوضعية املقاولة ،حامية هذه األخرية مبنظوريها
اإلقتصادي واإلجتامعي ،إال أنه يف بعض األحيان قد يصبح هذا الهدف صعب املنال ،خاصة يف األحوال التي تكون فيها
املقاولة يف حالة ضائقة مالية صعبة ،حيث يصري الجانب اإلجتامعي–يف جزء منه– عبئا عىل الجانب املايل واإلقتصادي ،مام
يستحيل معه إنقاذ املقاولة كوحدة إقتصادية دون التضحية باملقاربة اإلجتامعية.
أمام هذا املعطى يطرح التساؤل حول الحق يف الشغل ،ومن خالله مصري عقود الشغل سواء أثناء فرتة إعداد الحل (الفرع
األول) أو أثناء فرتة تنفيذ هذا الحل (الفرع اللاين)
1يقصد بفترة إعداد الحل تلك المدة الزمنية الفاصلة بين صدور حكم التسوية القضائية ،والمدة المحددة إلعالن الحل المالئم لوضعية المقاولة إذ يتم خاللها إعداد إما
مخ طط اإلستمرارية أو التفويت ،وإما تصفية المقاولة تبعا لدرجة إختالل وضعيتها ،والفقه المغربي بصدد تناوله لهذه الفترة ذهب إلى أن المشرع المغربي لم يفرد
لهذه المؤسسة القانونية أية تسمية ،لذلك بادر إلى إختيار إسم لها فأطلق عليها عدة تسميات منها :مرحلة التشخيص ،أو المرحلة اإلنتقالية ،أو الفترة المؤقتة ،أو فترة
التأمل ،إال أننا نعتقد أن المشرع المغربي في إطار الكتاب الخامس من م.ت ،وبالصبط المواد من 117إلى 109أفرد لهذه المرحلة تسمية " فترة إعداد الحل" لذلك
ال أتفق مع ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه ،من إبتداع تسمية لمؤسسة قانونية أفرد لها المشرع تسمية خاصة بها ،ألن من شأن ذلك أن يحدث إلتباسا في ذهن
الباحث ويخلق لديه اإلعتقاد بكون األمر يتعلق بفترة أخرى أو مؤسسة قانونية غير تلك التي نظمها المشرع ،وفترة إعداد الحل تعتبر أخطر مرحلة إذ على ضوءها
يتحدد مصير المقاولة وتدو م هذه المرحلة وفق م.ت لمدة أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة ولنفس المدة بطلب من السنديك (المادة 119من م.ت) ،وذلك من أجل
أخذ الوقت الكافي للنظر في وضعية المقاولة ،وتحديد أفضل الحلول الممكن تنزيلها على واقع المقاولة اإلقتصادي واإلجتماعي ،ضمانا للهدف األساسي أال وهو
البحث ما أمكن عن إستمرار المقاولة في مزاولة نشاطها والحفاظ على جميع الحقوق المرتبطة بها.
وتسمى في القانون الفرنسي فترة المالحظة ( ،) la période d’observationوقد أعطاها المشرع الفرنسي مدة أطول بحيث أنها تصل إلى 1أشهر قابلة
للتمديد لنفس المدة بطلب من المتصرف القضائي (السنديك) أو بطلب من المحكمة من تلقاء نفسها ،كما يمكن تجديدها مرة أخرى وأخيرة –إستثنائية– لمدة 1أشهر
أيضا بطلب من وكيل الجمهورية (النيابة العامة) أو المدين ،وبالتالي فمدة إعداد الحل في فرنسا تصل إلى 70شهرا في أقصاها ،أما لدى المشرع المغربي فإنها ال
تتجاوز في األقصى 0أشهر.
12
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إن الحكم القايض بالتسوية القضائية ،ال يرتتب عنه توقيف إستغالل املقاولة ،عىل خالف ذلك الذي يقيض بالتصفية
القضائية إذ غالبا ما يرتتب عنه توقيف اإلستغالل ،وذلك برصيح املادة 526من م.ت ،1يف حني يستمر مبدئيا نشاطها خالل
مرحلة إعداد الحل ،مام يعني إستمرار تنفيذ عقود الشغل خالل هذه املرحلة ،فاملقاولة إذن مدعوة ملتابعة نشاطها ،والحفاظ
عىل توازنها اإلقتصادي واإلجتامعي من خالل الحفاظ عىل الشغل مبفهومه الواسع ،غري أن اإلكراهات اإلقتصادية
وحاجيات عملية التسوية ،قد تفرضان فصل أو إعفاء بعض األجراء للتخفيف من العبء اإلجتامعي عىل املقاولة ،ليُطرح
التساؤل :هل هذا اإلنهاء يدخل يف نطاق املادة 597من م.ت ،التي تحيل عىل املقتضيات الواردة يف مدونة الشغل
بخصوص إعفاء األجراء ألسباب إقتصادية؟
قبل اإلجابة عن هذا التساؤل ،ومن خالله توضيح موقف املرشع املغريب بخصوص وضعية عقود الشغل خالل فرتة إعداد
الحل (املطلب اللاين ) ،ونظرا لكون مدونة التجارة عموما ،وكتابها الخامس خصوصا مستوحى من القانون الفرنيس ،لذلك
سنعرض أوال للموقف الذي سلكه املرشع التجاري الفرنيس للمحافظة عىل عقود الشغل ومن خاللها الحق يف الشغل
(املطلب األول).
1تنص الفقرة األولى من المادة 117من م.ت على ما يلي " :يتابع نشاط المقاولة بعد إصدار حكم التسوية القضائية "
13
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
: املطلب األول
وقد أقر إستمرار عقود الشغل بقوة القانون،1 إسم فرتة املالحظة،أطلق القانون التجاري الفرنيس عىل فرتة إعداد الحل
منه التي تنص عىل أن "املترصف القضايئ ميلك وحدهL176.75 وذلك مبقتىض الفقرة األوىل من املادة،خالل هذه الفرتة
بإستلناء...دون غريه حق الخيار بني املطالبة بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة
2
"...عقود الشغل التي تبقى سارية املفعول
سواء تعلق األمر بعقود محددة املدة ومل،فعقود الشغل املربمة قبل فتح مسطرة التسوية القضائية تستمر بعد صدور الحكم
ذلك أن التسوية القضائية ال تشكل يف حد ذاتها قوة قاهرة تربر إنهاء هذه، أو عقود شغل غري محددة املدة،يحل أجلها بعد
.3العقود
من مدونة التجارةL622.33 إلىL622.1 بمقتضى المواد منla période d’observation نظم المشرع الفرنسي فترة المالحظة1
: على ما يلي،ف.ت. من قL621.28 تنص المادة2
" L'administrateur a seul la faculté d'exiger l'exécution des contrats en cours en fournissant la prestation promise au
cocontractant du débiteur. Le contrat est résilié de plein droit après une mise en demeure adressée à l'administrateur
restée plus d'un mois sans réponse. Avant l'expiration de ce délai, le juge-commissaire peut impartir à l'administrateur un
délai plus court ou lui accorder une prolongation, qui ne peut excéder deux mois, pour prendre parti.
Lorsque la prestation porte sur le paiement d'une somme d'argent, celui-ci doit se faire au comptant, sauf pour
l'administrateur à obtenir l'acceptation, par le cocontractant du débiteur, de délais de paiement. Au vu des documents
prévisionnels dont il dispose, l'administrateur s'assure, au moment où il demande l'exécution, qu'il disposera des fonds
nécessaires à cet effet. S'il s'agit d'un contrat à exécution ou paiement échelonnés dans le temps, l'administrateur y met fin
s'il lui apparaît qu'il ne disposera pas des fonds nécessaires pour remplir les obligations du terme suivant.
A défaut de paiement dans les conditions définies à l'alinéa précédent et d'accord du cocontractant pour poursuivre les
relations contractuelles, le contrat est résilié de plein droit et le parquet, l'administrateur, le représentant des créanciers ou
un contrôleur peut saisir le tribunal aux fins de mettre fin à la période d'observation.
Le cocontractant doit remplir ses obligations malgré le défaut d'exécution par le débiteur d'engagements antérieurs au
jugement d'ouverture. Le défaut d'exécution de ces engagements n'ouvre droit au profit des créanciers qu'à déclaration au
passif.
Si l'administrateur n'use pas de la faculté de poursuivre le contrat, l'inexécution peut donner lieu à des dommages-intérêts
dont le montant sera déclaré au passif au profit de l'autre partie. Celle-ci peut néanmoins différer la restitution des sommes
versées en excédent par le débiteur en exécution du contrat jusqu'à ce qu'il ait été statué sur les dommages-intérêts.
Nonobstant toute disposition légale ou toute clause contractuelle, aucune indivisibilité, résiliation ou résolution du contrat
ne peut résulter du seul fait de l'ouverture d'une procédure de redressement judiciaire.
Les dispositions du présent article ne concernent pas les contrats de travail."
3
Cass.soc 05/10/1999 bull.civ N 367 p 270
كلية، جامعة محمد األول، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مصير عقود العمل وأجور العمال في قانون صعوبات المقاولة، أورده بوشتى الزياني
.11 ص،1889/1880 ج. س، وحدة التكوين والبحث الضمانات التشريعية في قانون األعمال،ال علوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية وجدة
14
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وهذا الحل الذي تبناه املرشع الفرنيس ،واملتعلق بإستمرار عقود الشغل بقوة القانون خالل فرتة املالحظة يجد أساسه يف
الفقرة األوىل من املادة L620-1واملادة L621-26من ق.ت.ف ،فاملادة L620-1تقيض بكون أن الهدف من معالجة صعوبات
املقاولة هو إنقاذ هذه األخرية من الصعوبات وإستمرار النشاط والتشغيل ،1فإنقاذ املقاولة من الصعوبات يقتيض إستمرار النشاط،
وهو ما أكدت عليه املادة ، L621-71 2ولضامن إستمرار نشاط املقاولة بعد فتح املسطرة البد من الحفاظ عىل عقود الشغل الالزمة
إلستمرار هذا النشاط ،ذلك أن إستمرار النشاط يعترب من الرشوط الرضورية لتسوية وضعية املقاولة.3
فإذا كان إستمرار نشاط املقاولة خالل فرتة املالحظة يعترب القاعدة ،ونفس اليشء بالنسبة لعقود للشغل ،فإن ذلك ال يعني
بالرضورة اإلحتفاظ بجميع هذه عقود ،فاملرشع الفرنيس خول للمترصف القضايئ –وبصفة إستلنائية– حق إنهاء بعض عقود
الشغل خالل فرتة املالحظة كوسيلة لتسوية وضعية املقاولة ،فعالوة عىل املادة L621-28من ق.ت.ف ،4التي إستلنت عقود
الشغ ل من الخيار الذي يتمتع به املترصف القضايئ إلنهاء العقود الجارية ،فإن مقتضيات املادة L621-37من نفس القانون،5
تشكل حجر الزاوية يف حامية املصلحة الجامعية لألجراء ،مبا يقتضيه ذلك من الحفاظ عىل عقود الشغل والتشغيل ،عرب
إحالتها عىل مقتضيات املادتني L321-8و L321-9من ق.ت.ف.
وبالرجوع ملقتضيات تلك هاتني املادتني يتضح أن فصل األجراء ألسباب إقتصادية ،يتوقف عىل إذن من القايض املنتدب،
وذلك بناءا عىل رشوط موضوعية وأخرى شكلية.6
15
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يف ظل الترشيع الفرنيس ،يتوقف الفصل ألسباب إقتصادية أثناء فرتة املالحظة عىل ترخيص مسبق من القايض املنتدب،
ولهذا الغرض فإنه يتعني عىل املترصف القضايئ أن يتقدم بطلب يف ذلك إىل هذا األخري ،وأن يلبت من خالله بأن اإلجراء
املزمع القيام به يكتيس طابعا إستعجاليا ،وال ميكن تجنبه ويعترب رضوريا لتسوية وضعية املقاولة.
كام يتعني عليه أيضا ،أن يلبت أنه قام بإعالم وإستشارة لجنة املقاولة ،أو مندويب األجراء عند عدم وجود هذه األخرية ،وأن
يلبت أنه أخرب الهيئات اإلدارية 1املختصة يف مجال قانون الشغل ،كام يتعني عليه أن يرفق ذلك الطلب باآلراء املحصل عليها،
وتربيرات طلبه واإلجراءات املزمع إتخاذها قصد تسهيل إعادة إدماج األجراء.2
هذا وإذا كانت القاعدة يف ظل الترشيع الفرنيس ،هي اإلكتفاء مبجرد إخبار اإلدارة مبرشوع الفصل ،فإن هذه القاعدة تعرف
إستلناءا أملته الوضعية الخاصة لبعض فئات األجراء ،نظرا ملوقعهم ودورهم داخل املقاولة ،ويتعلق األمر باملندوبني النقابيني،
ومندويب األجراء ،وأعضاء لجنة املقاولة ،الذين ال ميكن فصلهم بدون الحصول عىل ترخيص إداري مسبق ،وهو ترخيص
مزدوج أحدهام قضايئ واآلخر إداري ،3وكل فصل ال يحرتم هذه املسطرة يعترب فصال تعسفيا.4
وبالرجوع للامدة 13من املرسوم التطبيقي ، 5فإنه يتعني عىل القايض املنتدب أن يبني يف األمر الصادر عنه ،تطبيقا للامدة
L621-37من ق.ت.ف ،عدد األجراء املسموح بإعفائهم والنشاطات واألصناف املهنية املعنية ،كام يتعني عليه تبليغ األمر إىل
لجنة املقاولة وعند عدم وجودها إىل مندويب األجراء ،إذ تكمن أهمية هذا التبليغ حسب الفقه ،6يف السامح للهيئات التمليلية
للمنازعة يف أمر القايض املنتدب ،وليتمكن املترصف أو املدين من مبارشة اإلعفاءات ،وإعداد الئحة إسمية وفقا للرتتيب الذي
تنص عليه مقتضيات قانون الشغل.
تجدر اإلشارة إلى أن اإلذن اإلداري باإلعفاء ألسباب إقتصادية قد ألغي في القانون الفرنسي ،بموجب القانون رقم 01-191الصادر بتاريخ 8يوليوز 7901 1
"" Loi n° 86-797 du 3 juillet 1986 relative à la suppression de l'autorisation administrative de licenciement
وبالتالي فاألمر هنا ال يرقى إلى درجة طلب اإلذن ،وإنما ال يعدو عن كونه مجرد إخبار فقط وليس طلب إذن.
2
Patrick morvan, licenciement pour motif économique, édition du juris-classseur, lexis nexis, S.A 2005, p 142.
3
Patrick morvan, op.cit, p 143.
4
Cass.soc, 5 mai 1993, gazette du palais, 15/16 décembre 1993, p 20.
أورده محمد منعزل ،أثر التسوية القضائية على إنهاء عقود الشغل ،مقارنة بين القانون الفرنسي والقانون المغربي ،مجلة المنتدى ،ع ،1881 ،8ص .710
5المرسوم التطبيقي رقم 01-7800بتاريخ 11دجنبر ،7901والذي لحقته عدة تعديالت كان آخرها بتاريخ 11مارس ،1881حيث تنص المادة 18منه على ما
يلي :
" L'ordonnance rendue par le juge-commissaire en application de l'article L. 621-37 du code de commerce indique le nombre
des salariés dont le licenciement est autorisé ainsi que les activités et catégories professionnelles concernées.
L'ordonnance est notifiée au comité d'entreprise ou à défaut aux délégués du personnel et, dans le cas du deuxième alinéa
"de l'article L. 621-135 de ce code, au représentant des salariés
6
Jean-François martin & Alain lienhard, redressement et liquidation judiciaires, Prévention, règlement amiable, faillite
personnelle, banqueroute, 8 éme Edition , juin 2003, Dalloz , p 157
16
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ولعل ربط املرشع الفرنيس عملية اإلعفاء بالحصول عىل إذن القايض املنتدب ،يعكس حرصه عىل إخضاع هذه العملية
للرقابة ،هذه األخرية التي من شأنها أن تحد من كل تعسف يف مامرسة سلطة اإلنهاء من طرف املترصف ،وتراعي الجانب
اإلجتامعي بالدرجة األوىل.1
يشرتط امل رشع الفرنيس ثالثة رشوط موضوعية ،إلمكانية منح اإلذن بفصل األجراء ألسباب إقتصادية ،وذلك من خالل املادة
L621-37من ق.ت.ف ،وتتملل هذه الرشوط يف أن يكون الفصل إجراءا مستعجال ،وال ميكن تجنبه ،ورضوريا ،وقد تساءل
بعض الفقه الفرنيس 2حول ما إذا كانت هذه الرشوط مجرد رشوط مألوفة يتصور وجودها يف كل حاالت الفصل ألسباب
إقتصادية ،أم أنه يتعني عىل القايض املنتدب أن يتأكد من تواجدها قبل منح أي إذن بالفصل خالل هذه املرحلة.
يجب تقدير معيار عنرص اإلستعجال ،تبعا لوضعية املقاولة التي تتم داخلها عملية اإلستغناء عن عقود الشغل ،هكذا تتحقق
حالة اإلستعجال عندما يكون من شأن أي تأخري يطاله الحيلولة دون تسوية وضعية املقاولة ،3ويجب عىل القايض املنتدب أن
سيشُ ل عملية التسوية وإنقاذ املقاولة ،وبأن التأخري يف الترصيح بإنهاء بعض العقود
يلبت أن الحفاظ عىل كل عقود الشغل َ
سيؤدي إىل وضع املقاولة يف إطار التصفية القضائية ،وهذا ما رصح به القضاء الفرنيس ،حينام إعترب أن الفصل ألسباب
إقتصادية يكتيس طابعا إستعجاليا ،عندما يكون من شأن أي تأخري يف القيام به ،تعريض املقاولة للخطر.4
يقصد برشط رضورة الفصل عدم وجود بديل عنه ،ويتحقق كذلك عندما يكون للنطق به إنعكاس بارز عىل فرص تسوية
املقاولة ،أي كل ما من شأنه مبارشة املساعدة عىل إصالح الوضعية املالية للمقاولة يف املدى القصري ،والسامح بوضع حلول
1للمزيد من التوسع حول مسطرة فصل األجراء ألسباب إقتصادية في ظل القانون الفرنسي أنظر :
- Arnaud martinon, le licenciement pour motif économique, cercle de droit social de l’entreprise, lexis nexis, édition 78/ 1871
- Guy lautier, démission, départ négocié, licenciement, retraite, sanctions, MAXIMA, 8 eme édition 2003
- Patrick morvan, op.cit.
-فاطمة حداد ،اإلعفاء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية وإغالق المقاوالت ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن
الثاني – عين الشق ،-كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية الدار البيضاء ،س.ج .1881/1881
2
G.ripert & R.roblot & Philippe delebecque & Michel german , op.cit, p 1010.
3
Catherine marraud & Francis kessler & Frederic géa, la repture du contrat de travail en droit français et allemand, presses
universitaires de strasbourg, édition 2000, p 253.
4
Tribunal de commerce, Melum, 7 mai 1987, gazette du palais 1987, p 313
أوردته فاطمة حداد ،م.س ،ص .118
17
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
لتسوية وضعية املقاولة ،1فعندما تصل تكاليف أجور األجراء إىل %20من مجموع التكاليف ملال ،فإنه يحق للقايض املنتدب
اإلذن بإعفاء األجراء ،ألن هذا اإلجراء سي َمكن من إعادة التوازن للمؤسسة خصوصا إذا كان هذا اإلعفاء هو اإلحتامل الوحيد
للتخفيف من ثقل التكاليف.2
ويقصد بهذا الرشط اإلستحالة املطلقة يف اللجوء إىل حل آخر ،غري الحل املتملل يف إعفاء بعض األجراء لتأمني إنقاذ
املقاولة ،وتطبيقا لذلك ورد يف قرار للمحكمة التجارية بباريس بأن اإلعفاء إقتضته رضورة إعادة التوازن لإلستغالل أثناء فرتة
املالحظة ،ما دام أن بنية تكاليف اإلستغالل مل تسمح بخيار آخر ،3واملالحظ أن رضورة توافر هذه الرشوط يعكس فعال الحامية
التي أراد املرشع الفرنيس توفريها لعقود الشغل ،حتى ال يجعل حكم فتح املسطرة مربرا كافيا للمشغل إلعفاء األجراء.
غري أن هذا اإلشرتاط اللاليث املكرس مبقتىض املادة L621-37سالفة الذكر ،ال مينع من اإلعفاءات التي تهم أعداد هائلة من
األجراء ،هكذا إعتربت املحكمة التجارية لفرساي أنه ميكن للقايض املنتدب ،ويف فرتة املالحظة أن يأذن بإعفاء ما يناهز %40
4
من أجراء املؤسسة ( 31أجريا من أصل )91
ميكن القول أن املرشع الفرنيس قد كان حكيام ،5عندما أوىل عناية خاصة بوضعية األجراء خالل فرتة املالحظة ،ألنه كان
يعي بأن إنقاذ املقاولة من الصعوبات يقتيض اإلبقاء عىل النشاط والتشغيل يف آن واحد ،معتربا املقاولة تدبريا لرأسامل مادي
وبرشي يف سبيل تحقيق أهدافها ،فهذا القانون مل يسمح بإنهاء عقود الشغل خالل هذه الفرتة ،إال إذا كان ذلك اإلجراء
محتام لإلبقا ء عىل نشاط املقاولة ،أو إذا كان إستمرار كل مناصب الشغل سيؤدي إىل تصفية املقاولة قضائيا ،حيث يتعني إعفاء
بعض األجراء إنقاذا إلستمرارية نشاطها ،وحفاظا عىل باقي مناصب الشغل.6
إذا كان املرشع الفرنيس قد أوىل خالل مرحلة إعداد الحل ،أهمية قصوى إلنقاذ املقاولة وذلك من خالل اإلبقاء عىل النشاط
من جهة ،والتشغيل من جهة أخرى عن طريق املحافظة ما أمكن عىل إستمرار عقود الشغل ،فكيف تعامل املرشع املغريب مع
املوضوع ؟
1عبد الحق بوكبيش ،إستمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية ،مكتبة دار السالم ،الطبعة األولى ،1881ص .770
2فاطمة حداد ،م.س ،ص .118/111
3
Tribunal de commerce Paris, 14 janvier 1988, gazette du palais 1989, p 222
أورده عبد الحق بوكبيش ،م.س ،ص .770
4
Tribunal de commerce Versailles, 17/11/1986, revue procédure collective N° 3 1987, p 33.
أوردته فاطمة حداد ،م.س ،ص .118
5محمد منعزل ،م.س ،ص .718
6يمكن في هذه الحالة تشبيه المقاولة التي تعاني من صعوبات ،بالمركب أو السفينة التي ي تهددها خطر الغرق ،حيث يسمح القانون البحري في هذه الحالة بإلقاء
بعض البضائع األقل قيمة في البحر ،من أجل المصلحة العامة ،وتعويض أصحاب البضائع الملقاة إستنادا إلى نظرية الخسائر.
18
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إن وضعية املقاولة املفتوح ضدها مساطر املعالجة ال تتغري كلريا خالل فرتة إعداد الحل ،ذلك أن املقاولة تكون مدعوة أثناء
هذه الفرتة ملتابعة نشاطها بشكل عادي ،وبكيفية ال يدرك معها الكلري من األشخاص غري املرتبطني معها بعالقات تجارية
خاصة ،أنها مفتوح يف مواجهتها مسطرة املعالجة ،1ما دام أنه مل تطبق يف مواجهتها مقتضيات املادة 527من م.ت ،2وعليه فإن
كافة العقود املربمة مع املقاولة تبقى قامئة من حيث املبدأ ،وهذا ما قررته الفقرة األخرية من املادة 523من م.ت ،3والتي بالرغم
من كونها مستقاة من نص املادة 32من قانون 75يناير 6955سالفة الذكر ،إال أنها عىل خالف هذه األخرية مل تورد أي
مقتضيات خاصة بعقد الشغل ،حول ما إذا كان هذا العقد يندرج أم ال بالنسبة للترشيع املغريب ضمن العقود املمنوح بخصوصها
للسنديك خيار متابعتها أو إنهاءها ،4عىل إعتبار أنه خالل هذه املرحلة يتكلف السنديك إما مبراقبة عملية التسيري ،وإما مبساعدة
رئيس املقاولة يف جميع األعامل التي تخص التسيري أو بعضها ،وإما أنه يقوم لوحده بالتسيري الكيل أو الجزيئ للمقاولة ،وذلك
حسب مقتضيات املادة 521من م.ت 5وتبعا ملا تراه املحكمة بناءا عىل سلطتها التقديرية ،وعليه فإن تسيري املقاولة واملحافظة
عليها يعتربا ن من بني املهام األساسية للسنديك ،إذ يكون ملزما بتحديد موقفه من العقود الجارية إما باإلستمرارية يف تنفيذها،
أو تقرير خالف ذلك.6
وعىل هذا األساس فإن املبدأ يقتيض خالل مرحلة إعداد الحل ،إستمرارية املقاولة يف متابعة نشاطها وبالتايل إستمرار عقود
الشغل القامئة (الفقرة األوىل) ما مل يتم إنهاء تلك العقود من طرف السنديك تبعا لحق الخيار املمنوح له ،مع ما يرتتب عن هذا
اإلنهاء من آثار تتجىل يف التعويضات املستحقة لألجراء يف هذه الحالة ،وطبيعة هذه التعويضات ،هذا من جهة ،ومدى
إمكانية الطعن يف قرار السنديك والجهة املختصة بذلك ،من جهة أخرى (الفقرة اللانية)
1امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة الثالثة ،1881ص .81
2تنص المادة 111من م.ت ،على ما يلي " :يمكن للمحكمة في أي وقت أن تأمر بتوقيف الم قاولة عن نشاطها جزئيا أو كليا والنطق بتصفيتها القضائية وذلك بناء
على طلب معلل من السنديك أو من مراقب أو من رئيس المقاولة أو تلقائيا وبناء على تقرير للقاضي المنتدب".
3تنص الفقرة األخيرة من المادة 118من م.ت ،على ما يلي " :ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على الرغم من أي
مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي".
4على أن هذا الخيار ،ومعه الجدل واإلختالف الفقهيين الذين أثارتهما المادة 118سيتم التطرق إليهما الحقا ضمن هذه الرسالة ،عند الحديث عن آثار التسوية
القضائية على عقد الشغل ضمن الفقرة األولى من المطلب األول من الفرع الموالي.
5تنص المادة 111من م.ت على ما يلي " :يكلف الحكم السنديك :
.7إما بمراقبة عمليات التسيير؛
.1إما بمساعدة رئيس المقاولة في األعمال التي تخص التسيير أو في بعضها؛
.8إما بأن يقوم لوحده بأعمال التسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة.
يمكن للمحكمة أن تغير في أي وقت مهمة السنديك بطلب منه أو تلقائيا"
6عمر أزوكار ،إستمرارية العقود الجارية في مساطر الصعوبات ،مجلة المرافعة ع ،71يناير ،1881ص .81
19
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تقوم املحكمة مبناسبة فتح مسطرة املعالجة ،بتعيني السنديك والقايض املنتدب اللذان يقومان ،كل واحد منهام يف حدود
إختصاصه بتسيري هذه املسطرة ،واإلرشاف عليها منذ فتحها إىل حني إقفالها ،كام تقوم بتحديد نوع التسيري الذي تخضع له
املقاولة من طرف رئيسها ،وعليه فمهام كانت سلطات رئيس املقاولة يف التسيري ،فإن املبدأ يقتيض أن يتم مواصلة إستغالل
املقاولة املعنية باألمر خالل فرتة إعداد الحل ،بالكيفية املعتادة إىل أن يتم تقرير الحل املناسب لوضعيتها ،مام يفيد بقاء عقود
الشغل املربمة مع رئيس املقاولة عىل حالها ،1ومن شأن هذا اإلستمرار أن يساهم يف متديد حياة املقاولة اإلقتصادية ،ويقوي
إحتامل إنتعاشها وبالتايل تفادي تصفيتها.
إال أن هذا اإلستمرار ال يؤخذ عىل إطالقه ،إذ يتمتع السنديك بحق الخيار يف متابعة أو عدم متابعة بعض العقود الجارية،2
ومن ضمنها عقود الشغل ، 3وحق الخيار ال يعني أن عقود الشغل تتوقف مبجرد فتح مسطرة املعالجة ،وال تتابع إال بعد قيام
السنديك باملطالبة بتنفيدها تبعا لهذا الحق ،وإمنا تتابع باملوازاة مع إستمرار نشاط املقاولة ،ألن هذه األخرية ال يتوقف نشاطها
1نعيمة الغاشي ،وضعية األجراء في إطار مساطر صعوبات المقاولة ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،شعبة القانون الخاص ،وحدة التكون والبحث قانون األعمال
والمقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية السويسي – الرباط ،-س.ج ،1880/1881ص .11
2يعد العقد الجاري من مستجدات مدونة التجارة ،إال أنها لم تقم بإعطاء تعريف محدد له ،مما دفع بالفقه إلى محاولة تحديد معناه ،ومن التعريفات التي أعطيت في
هذا اإلطار للعقود الجارية كونها " :العقود التي أبرمها رئيس المقاولة مع األغي ار المتعاقدين ،والتي لم تستنفذ أو لم تنقض آثارها الرئيسية بعد صدور حكم فتح
مسطرة المعالجة ،بصرف النظر عن طبيعتها القانونية ،وبمعنى أكثر دقة هي تلك العقود التي تستمر أو تجري آثارها حتى بعد حكم فتح المسطرة"
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء األول ،في النظرية العامة واألهداف ومساطر الوقاية الخارجية والتسوية الودية ،نشر وتوزيع دار نشر المعرفة ،الرباط ،السحب مطبعة
المعارف الجديدة ،الطبعة األولى ،1888/7990 ،ص .817
في حين ذهب إتجاه آخر من الفقه إلى كون العقد الجاري هو " كل عقد يتعلق بتقديم خدمة أو بتوريد أو بتأجير ،ساري التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح
المسطرة ،ولو كان مبنيا على اإلعتبار الشخصي للمدين ،وكذا كل عقد لم يتم فسخه قبل هذا التاريخ بموجب حكم حائز لقوة األمر المقضي به"
-امحمد لفروجي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،سلسلة القانون والممارسة القضائية ،منشورات المجلة المغربية لقانون
األعمال والمقاوالت ،ع ، 1سنة ،1881ص .78
أما بخصوص ا لفقه الفرنسي فقد إنقسم بصدد تعريف العقود الجارية إلى تيارين ،األول :يرى أن هناك ضابطين أساسيين يحددان الطبيعة الجارية للعقود أولهما
يتمثل في نوع النشاط المزاول ،وثانيهما يتمثل في عدم شروع أطراف العالقة في تنفيذ العقد أو عدم إتمامهم لهذا التنفيذ ،في حين يرى التيار الثاني :أنه ينبغي
التركيز على مبدأ أساسي ومهم ،وهو ذلك المتعلق بمصير العقود ومآلها أثناء مرحلة التنفيذ عوض التركيز على وظيفته ،وبالتالي نكون أمام عقد جاري كلما كان
أطراف هذا العقد لم يقوموا بتنفيذ إلتزاماتهم الواردة في هذا العقد أو لم ينتهوا بعد من تنفيذها.
للمزيد من التوسع حول موضوع العقود الجارية أثناء فتح المسطرة :
-امحمد لفروجي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،م.س.
-عمر أزوكار ،م.س.
-كريم أيت بال ،إستمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي ،مكتبة دار السالم الرباط ،الطبعة األولى ،1880ص من 98إلى 771
-محمد العروصي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة قانون التجارة
واألعمال ،جامعة محمد الخامس السويسي ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية الرباط ،س.ج 1881/1881
3إن الحديث عن كون عقد الشغل يندرج أم ال يندرج ضمن العقود الجارية ،التي يملك السنديك بشأنها حق متابعتها أو عدم متابعتها ،سوف نرجئ الحديث عنه إلى
حين تناول مصير عقود الشغل أثناء مرحلة تنفيذ الحل ،نظرا لكون هذا اإلشكال يثار وبشكل أساسي أثناء تنفيذ الحل ،على إعتبار أن بعض الحلول المقترحة بمناسبة
إنتهاء فترة إعداد الحل ،تكون مبنية على إقتراح ذلك اإلنهاء من طرف السنديك -أي التقليص من عدد األجراء -دون إتخاذه خالل فترة إعداد الحل ،إذ أنه لم نعثر
على أي حالة لهذا اإلنهاء خالل فترة إعداد الحل –على حسب ما تيسر لنا اإلطالع عليه– نظرا لكون هذا اإلنهاء ال يشرع فيه إال بالشروع في تنفيذ الحل المختار
من طرف المحكمة ،والمقترح من طرف السنديك.
20
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بعد صدور حكم فتح املسطرة ،كام أن إستمرار عقود الشغل خالل فرتة إعداد الحل ،يعترب من الوسائل الرضورية لتسوية وضعية
املقاولة.1
إذا كان املبدأ خالل فرتة إعداد الحل هو إستمرار عقود الشغل ،فإن حق الخيار تقنية جديدة وغريبة يف مجال عالقات
ا لشغل ،يستطيع مبقتضاها السنديك إنهاء العقود التي يعتربها غري رضورية إلستمرار نشاط املقاولة ،وعدم إستلناء املرشع لهذه
العقود من حق الخيار جاء متعمدا ، 2ليخول للسنديك سلطة إنهاء العقود التي تشكل عائقا أمام تسوية وضعية املقاولة ،سواء
تعلق األمر بعقود الشغل أو ب العقود األخرى ،بحيث إتجهت نية املرشع إىل اإلستغناء عن الكلري من املقتضيات الواردة يف النص
الفرنيس (قانون 75يناير ) 6955الذي إقتبست منه النصوص املتعلقة بصعوبات املقاولة ،وخاصة تلك التي تضمن إستقرار األجري
يف الشغل ،عىل العكس متاما مام إتجهت إليه نيته خالل مرحلة الوقاية من الصعوبات ،حيث سمحت املادة 555من م.ت،
رصاحة لألجراء وحدهم دون غريهم ،بإقامة دعوى قضائية غايتها الحكم عىل املدين بسداد مبلغ مايل أو فسخ عقد لعدم سداد
مبلغ مايل ،كام سمح لهم مبامرسة كل طرق التنفيذ سواء بشأن املنقوالت أو العقارات.3
وبهذا ا ملفهوم فإن عقود الشغل خالل فرتة إعداد الحل يف م.ت ال تستمر بقوة القانون ،بل تخضع لإلرادة املنفردة
للسنديك ، 4وعليه فإذا ما قرر السنديك مواصلة عقود الشغل الجارية ،فإن املنطق يقتيض أن يفي بجميع اإللتزامات ،القانونية
منها والتعاقدية ،التي كانت سابقا ملقاة عىل عاتق رئيس املقاولة ،فالتمسك من طرف السنديك بتلك العقود وفق املادة 523
من م.ت ،مرتبط دون شك مبقتضيات املادة 525منها ،والتي تقيض بوجوب أداء املستحقات الالحقة عىل فتح املسطرة تحت
طائلة فسخ العقد ،مبعنى آخر أنه يتعني عليه أن يقوم بتأدية أجور األجراء ،وكافة مستحقاتهم الناشئة خالل فرتة إعداد الحل،
21
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
خاصة إذا كان هو املكلف بالتسيري ،أما إذا مل يفي السنديك بإلتزاماته ،كان لألجري الدفع بعدم تنفيذ إلتزامه هو اآلخر ،وأن
يطالب بفسخ عقد الشغل لعدم التنفيذ ،1مع ضامن التعويضات املستحقة.
لكن يف الحالة التي يقرر فيها السنديك ،إختيار التخيل عن مواصلة عقد الشغل ألسباب متويلية وإقتصادية بالدرجة
األوىل ،فهل ميكن لألجري املتخىل عن عقد شغله أن يبادر إىل سلك طريق من طرق الطعن يف قرار السنديك؟ وإن كان
األمر كذلك فام الجهة املختصة يف ملل هاته النزاعات التي قد تنشأ بني األطراف املتدخلة يف إطار املادة 523من م.ت؟
إذا كان املرشع خول للقايض املنتدب مامرسة إختصاصاته وأضفى عليها طابع قضايئ ،متكنه من البت مبقتىض أوامر يف
الطلبات املقدمة واملنازعات وكذا الشكاوى املقدمة ضد أعامل السنديك ،2إال أنه باملقابل مل يحدد طبيعة املهام ،التي ميارسها
هذا األخري داخل مساطر معالجة صعوبات املقاولة ،وال الطبيعة القانونية للقرارات التي يتخذها بهذا الخصوص ،وإمنا إكتفى
املرشع بالنص يف املادة 139من م.ت ،عىل أن تقديم الشكاوى ضد أعامله يكون للقايض املنتدب ،لكون هذا األخري ميارس
الرقابة عىل أعامل السنديك وله صالحية عزله وإستبداله.3
وكنتيجة لهذا الغموض الذي يلف طبيعة قرارات السنديك ،بعدم تحديد طبيعتها القانونية ،فإنه ال ميكن القول بإمكانية
الطعن فيها طبقا للمقتضيات القانونية العامة ،4مبا أن إختيار السنديك عدم مواصلة عقد الشغل ال يدخل يف سياق األحكام
صنة
ح َّ
القضائية ،وبالتايل فإنه ال ميكن كذلك أن تواجه قراراته بإحدى طرق الطعن ،5لكن هذا ال يعني أن قرارات السنديك م َ
من أي مراجعة أو طعن يَطاالنِها ،إذ أنه يكفي اإلعتامد عىل املادة 139من م.ت ،كأساس قانوين لتقديم الشكاوى ضد أعامله،
ما دام أن مصطلح الشكاوى يف املادة املذكورة جاء بصيغة عامة ،ميكن أن يشمل حتى الحالة التي يتخىل فيها السنديك عن
عقد الشغل ،ويرى الفقه 6صواب هذا اإلتجاه ،حينام ذهب إىل جعل اإلختصاص بشأن املنازعات املتعلقة بالعقود الجارية بصفة
عامة من حيث امل بدأ للقايض املنتدب ،ما مل يتعلق األمر بنزاع يف الجوهر ،أي الحالة التي يتطلب فيها األمر التحليل
1هذا من الناحية القانونية ،إال أنه من الناحية الواقعية فمن الناذر أن يلجأ األجير إلى المطالبة بفسخ عقد الشغل ،إعتبارا لكون عقد الشغل بالنسبة إليه ومن خالله
األجر يشكالن مورد رزقه ،نظرا لطابعهما المعيشي ،خاصة إذا لم يكن هذا األجير من الفئة التي يسهل عليها إبرام عقد شغل آخر وفي وقت وجيز ،أي من فئة
األطر وأشباههم
2وذلك تبعا لمقتضيات المادة 189من م.ت ،التي جاء فيها " :يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلة في إختصاصه ،وكذا
الشكاوي المقدمة ضد أعمال السنديك ،تودع أوامر القاضي المنتدب بكتابة الضبط فورا".
3
Abdeljalil elhammoumi, op.cit, p67
4إذ أن المقتضيات القانونية العامة (والتي تتجلى في قانون المسطرة المدنية) ال نجدها تنص فيما يخص الطعن سوى على وصف الحكم القضائي ،الشيء الذي نجده
يغيب عن طبيعة قرارات السنديك ،إذ على سبيل المثال ينص الفصل 788من ق.م.م على أنه " :يجوز التعرض على األحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة
اإلبتدائية إذا لم تكن قابلة لإلستيناف وذلك في أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ الواقع طبقا لمقتضيات الفصل ،".11والفصل 781منه ينص على أنه " :يجب أن
يقدم إستيناف أحكام المحاكم اإلبتدائية خالل ثالثين يوما ".والفصل " 888يمكن لكل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من
ينوب عنه في الدعوى ".مما يستشف منه على أن طرق الطعن هاته ال تكون إال ضد أحكام المحاكم ،وقرارات السنديك قطعا ال تدخل في خانتها
5ونقصد بها تلك الطرق المنظمة بمقتضى القسم السادس المعنون ب"طرق الطعن" من الكتاب الخامس من م.ت ،المتعلق بصعوبات المقاولة ،المواد من 110إلى
181وهي :التعرض واإلستئناف وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بالنقض.
- 6أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء األول ،م.س ،ص 880؛
-عمر أزوكار ،م.س ،ص.91
22
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واملناقشة ،حيث يتعني يف نظر هذا الفقه أن يعرض النزاع يف هذه الحالة عىل محكمة املوضوع ،أي املحكمة التي أصدرت
الحكم القايض بفتح املسطرة ،أو أن يعرض عىل قايض املستعجالت بها تبعا ووفقا لطبيعة النزاع ،وذلك متاشيا مع ما تضمنته
املادة 511من م.ت ،والتي جاء يف فقرتها اللانية " :تكون املحكمة ،املفتوحة مسطرة املعالجة أمامها ،مختصة للنظر يف جميع
الدعاوى املتصلة بها".
وتطبيقا لهذه املادة ذهبت محكمة اإلستئناف التجارية مبراكش ،1يف أحد قراراتها إىل أن " :املحكمة التجارية املفتوحة
أمامها مسطرة املعالجة ،تكون هي صاحبة اإلختصاص للنظر يف جميع الدعاوي املتصلة بهذه املسطرة كيفام كانت طبيعتها،
وبصفة خاصة الدعاوي املتعلقة بتسيري املسطرة ،"...هذا وقد إعتربت محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء 2أن الدعاوي
املتعلقة بتسيري املسطرة واملتصلة بها ،هي الدعاوي التي مل تكن لتنشئ لوال إفتتاح املسطرة.
إذا ميكن القول أن املنازعات املتعلقة مبامرسة حق الخيار ،املخول للسنديك بخصوص العقود الجارية ومن بينها عقد الشغل،
كتكييف ما إذا كان العقد جار يا من عدمه ،ينبغي أن يعود أمر البت فيها إىل القايض املنتدب ،وذلك بغية عدم عرقلة املسطرة،3
تنصب عىل آثار أو نتائج مامرسة حق الخيار ،فينبغي أن يرجع أمر البت فيها ملحكمة املوضوع،
ُّ أما ما عداها من النزاعات التي
إعامال لقاعدة إختصاص هذه املحكمة يف جميع الدعاوى الناتجة عن املسطرة ،إنطالقا من فكرة مفادها أن إعفاء األجري وإنهاء
عقد شغله ،مل يكن ليقع لوال إفتتاح املسطرة.
عىل هذا األساس فإن أي منازعة من طرف األجري يف مسطرة إعفاءه أو يف حقوقه تبعا لذلك ،تكون وفق الفقرة اللانية من
املادة 511من إختصاص املحاكم التجارية ،4هذا األجري الذي سيعترب ال محالة أن إنهاء العقد كان تعسفيا ،5ما دام أنه مل
يرتكب أي خطأ من بني األخطاء التي عددتها املادة 39من م.ش ،وبالتايل فإنه وطبقا للفقرة األوىل من املادة 46من م.ش،
يحق له املطالبة بالتعويض عن الرضر ،باإلضافة إىل ذلك فإنه وإنطالقا من الفقرة اللاللة من نفس املادة ،التي تعطي لألجري
مكنة اللجوء ملسطرة الصلح التمهيدي من أجل الرجوع إىل شغله أو الحصول عىل تعويض ،وما دام أن إمكانية الرجوع إىل
الشغل غري واردة يف الغالب األعم ،فإن الحصول عىل التعويض يبقى اإلختيار املطروح ،مام يطرح معه التساؤل حول مدى
صالحية السنديك ،إلبرام اإلتفاق مع األجراء املتخىل عن عقود شغلهم خالل مرحلة إعداد الحل ،للحصول عىل التعويض
املعني مبقتىض الفقرة اللاللة املذكورة.
1قرار لمحكمة اإلستئناف التجارية بمراكش رقم 119/1880بتاريخ 1880/81/89قرار غير منشور ،أورده عبد الرحيم القباب ،وضعية األجراء في مساطر
معالجة صعوبات المقاولة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مراكش ،س.ج
،1878/1889ص .89
2قرار لمحكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 1888/911بتاريخ ،1888/81/89غير منشور ،أوردته نعيمة الغاشي ،م.س ،ص.18
3إذ أن التعرض إلختيارات السنديك ،لن يزيد في كثير من األحيان وضعية المقاولة إال سوءا وتر ديا ،األمر الذي ال يستقيم وفلسفة المشرع وهدفه من سن مسطرة
معالجة صعوبات المقاولة ،المفروض فيها نوع من السرعة تحقيقا للصالح العام.
4إن منطوق المادة 111سال فة الذكر وبالخصوص فقرتها الثانية ،من شأنه أن يخلق عدة إشكاليات وبعض المعيقات األمر الذي من شأنه اإلجهاز على حقوق
األجراء بشكل أو بآخر ،فبالنسبة لألولى (اإلشكاليات) يمكن أن يثار تنازع اإلختصاص النوعي بين المحاكم (على أننا سنتحدث عن هذا التنازع وآثاره في حينه
بالفصل الثاني) عالوة على تنازع القوانين ،أما بالنسبة للمعيقات فإنا نتساءل عن مدى توفر المحاكم التجا رية على قضاة إجتماعيين متخصصين لتطبيق بنود مدونة
الشغل (وإشكاالتها) هذا التطبيق الذي هو من إختصاص القسم اإلجتماعي بالمحاكم اإلبتدائية.
5بلقاسم بنبراهيم ،فصل األجير ألسباب إقتصادية :أية ضمانة قانونية ألية حماية إجتماعية؟ ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،78مارس ،1881
ص .11
23
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فحتى وإن كانت حاالت إعفاء األجراء ألسباب إقتصادية ،خالل فرتة إعداد الحل من طرف السنديك غري مطروحة -إذ مل
نقف عىل أي حالة عىل حسب ما تيرس لنا اإلطالع عليه ،–1غري أن هذا القول ال يلني عن املناداة برضورة تدخل املرشع املغريب،
وبشكل حازم من أجل مراجعة الكتاب الخامس من م.ت ،عرب سد ثغرات نصوصه وخلق نوع من التكامل واإلنسجام بني
كرثة بني األجراء حقوق تضيع ال حتى امل وضوع، تؤطر التي القوانني مختلف
املساطر ،وهشاشة النصوص بالرغم من تنوعها ،خاصة وأن مرشوع التعديل املقرتح مل يأت بأي جديد ،اللهم بعض التعديالت
الطفيفة التي ال ترقى إىل املستوى املنتظر منه إلقرار الحامية لحقوق األجراء ،أو للدفع باملقاولة إىل الخروج مام يعرتيها من
صعوبات ،أو للحفاظ عىل مصالح مختلف الدائنني واملتعاملني معها.
إذا كان صدور حكم التسوية القضائية ،مبلابة الخطوة األوىل لضامن إستمرارية املقاولة املفتوحة يف مواجهتها مسطرة
صعوبات املقاولة ،فإن إعداد املوازنة اإلقتصادية واإلجتامعية واملالية لهذه املقاولة ،2إضافة إىل إنتهاء فرتة إعداد الحل ،تشكل
الحجر األساس لقرار صعب ،لكونه سيحدد املسار الذي ينبغي أن تسري عليه املقاولة ،ولكون القضاء التجاري له الصالحية
املطلقة يف إختيار الحل املناسب لوضعيتها ،فقد أوجب عليه املرشع بعد إنتهاء فرتة إعداد الحل ،اإلختيار بني إستمرار نشاط
املقاولة أو تفويتها أو تصفيتها ،3وذلك بناءا عىل تقرير السنديك وبعد اإلستامع ألقوال رئيس املقاولة واملراقبني ومندويب األجراء.
وهكذا فاملحكمة تحدد مبقتىض حكم قضايئ ،إما تسوية املقاولة قضائيا أو تصفيتها قضائيا ،وإذا كانت هذه املحكمة مقيدة
مبضمون املادة 590من م.ت يف إختيارها ألحد الحلول ،إال أنها باملقابل تتمتع بسلطة تقديرية واسعة يف تبنيها للحل املالئم
لوضعية امل قاولة ،دون مراعاة للرتتيب املنصوص عليه ،إذ أنها قد تقرر تفويت املقاولة أو تصفيتها مبارشة دون أن تنظر بالرضورة
إىل مدى إمكانية تبني مخطط اإلستمرارية.4
1إال أن هذا ال يعني ،وال يحول دون إمكانية قيام السنديك بتقرير عدم مواصلة بعض عقود الشغل وإنهاءها خالل فترة إعداد الحل ،كما يستشف ذلك من حكم صادر
عن المحكمة التجارية بمراكش ،الذي ورد بشكل ضمني فيه ما يفيد هذه اإلمكانية إذ ج اء في تحليل المحكمة " :فيما يخص الوضعية اإلجتماعية للمقاولة ،عرفت
إستقرارا منقطع النظير ،فعالوة على عدم تسريح أي عامل خالل فترة المالحظة ،فقد تم تثبيت 71مستخدما مؤقتا في يناير ،7990وفي 7999تم تثبيت ما يفوق
788مستخدم ،وتمت المحافظة وصيانة جميع الحقوق ال مكتسبة لألجراء ،بل تم تطويرها إلى ما هو أحسن حسب ما هو ثابت من خالل التقارير الدورية التي كانت
ترفع إلى القاضي المنتدب "
-حكم المحكمة التجارية بمراكش في الملف رفم 90/7بتاريخ ،1888/81/18منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي/يونيو ،1887ص701
2يعتب ر تقرير الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية ،من أهم التقارير التي يعدها السنديك بمناسبة مساطر المعالجة ،وإعداد هذا التقرير يعتبر إلزاميا بالنسبة له،
والذي يتم بمشاركة رئيس المقاولة ،وبالمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء ،ويكمن الغرض الرئيسي من إعداد هذه الموازنة ،في تحليل المؤهالت الحقيقية التي
تتوفر عليها المقاولة كفاعل إقتصادي يلعب دورا حيويا في تقديم السلع والخدمات ،والوقوف على مدى إمكانية إستمرارها في محيطها التنافسي ،وعلى ضوء هذه
الموازنة يقترح السنديك إما مخططا للتسوية يضمن إستمرارية المقاولة أو تفويتها ألحد األغيار ،وإما التصفية القضائية في حقها.
3طبقا لمقتضيات المادة 198من م.ت.
4تجدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى أن بعض المحاكم التجارية تعتبر مخطط اإلستمرارية يأتي في المرتبة األولى ،وال يتم اللجوء إلى باقي الحلول إال عند تعذر
تحقيقه ،ذلك أن الحل ول األخرى تعتبر إحتياطية ،وهذا ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بمراكش في أحد أحكامها الذي جاء في حيثياته" :أن الفصل 198من مدونة
24
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وال شك أن مخطط التسوية ،ميلل الخيار األفضل املتاح أمام املحكمة ،لكونه يشكل ضامنة قانونية للحفاظ عىل مختلف
املصالح ، 1عوض الحل املتملل يف التصفية القضائية للمقاولة الذي يؤدي إىل إقبار هذه األخرية ،لكونه يتضمن معطيات مالية
وإقتصادية وإجتامعية من شأنها أن تساهم يف تسوية وضعية املقاولة بإستمرارها أو تفويتها ،بينام تعترب التصفية القضائية ا َخر
حل يتم اللجوء إليه إ ذا ثبت أن وضعيتها غري قابلة لإلصالح باملرة ،مام يدعو للتساؤل عن آثار كل منهام عىل عقود الشغل،
وعن وضعية تلك العقود يف إطار كل من التسوية القضائية (املطلب األول) والتصفية القضائية (املطلب اللاين) كال عىل حدة.
من الضامنات التي يحملها مخطط التسوية ،أن املقاولة تصبح ملزمة مبضامني املخطط ،وملزمة بإحرتام اإللتزامات التي
إشتمل عليها طوال املدة التي حددتها املحكمة ،وذلك باإلبقاء عىل عقود الشغل التي تم اإلحتفاظ بها يف مناصبها السابقة ،أو
يف مناصب جديدة وأداء األجور والحفاظ عىل املؤهالت القابلة لخلق مناصب شغل جديدة ،إذ كلريا ما يعترب الجانب اإلجتامعي
العنرص األسايس يف تأمني إستمرارية املقاولة ،2فمرحلة التسوية القضائية ،تعد وسيلة قانونية لتذليل مختلف الصعوبات التي
تعرتض املقاولة ،عن طريق تدخل القضاء بغية حامية النشاط وتصفية الخصوم وحامية مناصب الشغل ،إذ يشكل إختيار
املحكمة ملخطط التسوية ،إشارة عىل دخول املقاولة مرحلة جديدة يف طريقة العمل والتسيري ،3وذلك وفق مخطط واضح له
مضامني إقتصادية ومالية وإجتامعية ،التي يتعني إحرتامها من طرف رئيس املقاولة عندما يتعلق األمر مبخطط اإلستمرارية
(الفقرة األوىل) ،أو من املفوت إليه عندما يتعلق األمر مبخطط التفويت (الفقرة اللانية)
يالحظ من خالل مقارنة نصوص مدونة التجارة يف باب صعوبات املقاولة ،بأصلها الفرنيس الذي إقتبست منه ،أن املرشع
املغريب قد تعامل بحساسية مفرطة مع البعد اإلجتامعي ،وتتجىل هذه الحساسية يف اإلستغناء عن الكلري من املقتضيات
التجارة أتى بترتيب تفصيلي للحلول التي يجب على السنديك والقضاء إتباعها ،ما عدى في الحالة التي يبدو جليا أن حل اإلستمرارية عن طريق المخطط لن يزيد
وضعية المقاولة إال إستفحاال ،بحيث تحكم المحكمة بداية بالتصفية القضائية أو التفويت".
-حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 90/7بتاريخ ،1888/81/18منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي/يونيو ،1887ص .710
1سواء تعلق األمر بمصلحة المقاولة ،أو الدائنين ،أو مصلحة األجراء.
2وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة التجارية بالدار البيضاء إلى تفسير مقتضيات المادة 181من م.ت ،تفسيرا واسعا ليشمل حتى اإللتزامات اإلجتماعية إذ جاء في
حيثياته ما يلي " :حيث إن المشرع أحاط مخطط اإلستمرارية بسياج من الضمانات التي قد تؤمن تنفيذه لسائر أطراف المقاولة واإلقتصاد ،ولم يتردد في وضع جزاء
هام وصارم لضمان التنفيذ الحرفي لهذا المخطط ،وسائر التعهدات واإللتزامات التي ينطوي عليها مالية كانت أو غير مالية وجاء هذا الجزاء الصارم في المادة
."181
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1711بتاريخ 1881/81/7ملف عدد 118/1881غير منشور ،أوردته :ازهور هيباوي ،الضمانات القانونية
والقضائية لألجور على ضوء مدونة الشغل المغربية – دراسة مقارنة – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود
والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية وجدة ،س.ج ،1871/1878ص.11
3ازهور هيباوي ،م.س ،ص .118
25
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املتضمنة يف النص املقتبس –قانون 75يناير –6955التي توفر الحامية إلستمرار عقود الشغل بالقدر الذي ال يؤثر عىل ضامن
إستمرار نشاط املقاولة ،عىل أن هذا اإلستغناء قد خلق عدة إشكاليات ،وله عدة تداعيات ،لعل أول إشكالية تلار بهذا الخصوص
هي التي تطرحها املادة 523من م.ت ،حول مدى إعتبار كون عقد الشغل من ضمن العقود الجارية (أوال) ،وتظهر تداعياته
السلبية من خالل إفتقار قواعد مدونة التجارة ملقتضيات خاصة بإنهاء عقود الشغل (ثانيا) وذلك يف الحالة التي يكون فيها هذا
اإلعفاء ،رضوريا ملعالجة وضعية املقاولة التي تعرتضها صعوبات.
يعد العقد الجاري من املفاهيم الجديدة التي تولدت عن قانون صعوبات املقاولة ،واملالحظ أن املرشع املغريب مل يضع له
تعريفا ،األمر الذي إنربى له الفقه ،وباإلطالع عىل مختلف التعريفات التي أعطيت له يف هذا املجال ،يالحظ أنها تجعل العقد
جاريا بالنظر إىل مصريه يوم صدور الحكم القايض بفتح املسطرة ،فإذا كان قد تم تنفيذ العقد قبل صدور الحكم فهو ليس بعقد
جا ر ،والعكس صحيح ،فالعربة إذن يف تنفيذ العقد هي قبل أو بعد صدور الحكم القايض بفتح املسطرة.
وما دام عقد الشغل بناءا عىل هذا املفهوم يعد من العقود الجارية ،وبالرجوع للامدة 523من م.ت ،1التي تعطي للسنديك وحده
الصالحية لتقرير مصري تلك العقود املربمة مع املقاولة ،فام هو موقع عقد الشغل ضمن العقود الجارية؟ وهل ميلك السنديك
بخصوصها نفس الصالحيات املخولة له ،شأنها يف ذلك شأن باقي العقود الجارية ؟
بخصوص هذا اإلشكال إختلفت اإلتجاهات الفقهية يف قراءتها للامدة ،523حيث ذهب بعض الفقه : 2إىل القول برضورة
إستلناء عقود الشغل من العقود جارية التنفيذ ،وذلك لعدة أسباب من بينها :أن األجر يف عقد الشغل له طابع إجتامعي
وإقتصادي خاص ،مام يحول دون إخضاعه ملختلف األحكام املتعلقة بالديون األخرى املرتتبة عىل رئيس املقاولة ،كام أن عقد
الشغل يخضع دامئا لنظام خاص به يختلف كلريا عن ذلك املطبق عىل غريه من العقود األخرى ،ويعزز هذا اإلتجاه من الفقه
موقفه بكون املرشع نفسه يعرتف بخصوصية الدين الناتج عن عقد الشغل ،حيث مل يخضعه ملسطرة الترصيح بالديون
املنصوص عليها يف املواد من 151إىل 190من م.ت ،كام أن الدين الناتج عن عقد الشغل يحظى بإمتياز تطبيقا للمواد 357من
م.ش ثم 250و 6745من ق.ل.ع ،كام سرنى ذلك الحقا.
1تنص المادة 118من م.ت ،على ما يلي " :بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة ،ويفسخ
العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا.
يجب على المتعاقد أن يفي بإلتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بإلتزاماتها السابقة لفتح المسطرة ،وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين حق
التصريح بها في قائمة الخصوم.
عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد ،يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن األضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم.
غير أنه يمكن للطرف اآلخر تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن األضرار.
ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي".
2يمثل هذا اإلتجاه كل من :
-امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص 81؛
-عمر أزوكار ،م.س ،ص 98؛
-محمد العروصي ،م.س ،ص .97
26
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وقد أكد هذا اإلتجاه عىل كون إحجام املرشع املغريب ،عن إستلناء عقود الشغل من نطاق تطبيق املادة 523من م.ت ،يجب
أن يفرس عىل أنه مجرد إغفال أو سهو وقع فيه مرشعنا أثناء سنه لهذه املادة ،خصوصا أن إستمرار نشاط املقاولة بقوة القانون
أثناء فرتة إعداد الحل ،يحتم بالرضورة إستمرار عقود الشغل ،داعني املرشع املغريب أن يسري عىل نهج املرشع الفرنيس ،وذلك
عن طريق العمل عىل إخراج هذه العقود من نطاق حق الخيار املخول للسنديك ،بصدد العقود الجارية أثناء فتح مسطرة التسوية
القضائية نظرا لطبيعتها الخاصة ،وذلك كله من أجل املحافظة عىل السلم اإلجتامعي.1
فإذا كان هذا اإلتجاه حري بالتأييد ،إال أنه غري مبني عىل أساس سليم ،لذلك ذهب إتجاه آخر من الفقه :2إىل القول بأن
املادة 523من م.ت ،جاءت عامة وتعترب من النظام العام ،فاملرشع املغريب تعمد عدم إستلناء عقود الشغل من املادة ،523إذ
جعلها تندرج ضمن العقود الجارية املشمولة بصالحيات السنديك يف اإلنهاء ،وبذلك يكون املرشع قد وضع بني يدي السنديك
سيفا بتارا ،3ميكن أن يجهز به عىل حقوق األجراء ،بإعامل هذا السنديك ملقتضياتها( املادة ،)523قصد إنهاء عقود الشغل التي
تربط األجراء باملقاولة املفتوح ضدها املسطرة ،وبالتايل يرتتب عن هذا التعامل الترشيعي نتيجتان :
النتيجة األوىل :أن السنديك كجهاز يجمع بني سلطات متليلية متناقضة ،يتمتع بصالحية مطلقة من النظام العام
إلنهاء عقود الشغل ،وال يحد من هذه السلطة رقابة القايض املنتدب ،كام أنه ال ميكن تقييدها مبقتضيات املرسوم املليك 4ل 64
غشت ، 6912طاملا أن الجزاء الذي تفرضه النصوص الخاصة يضمحل أثره بالنظر إىل النتيجة اللانية؛
النتيجة اللانية :إنه حتى يف الحالة التي يطرق فيها األجراء باب القضاء اإلجتامعي ،للحصول عىل التعويضات
املستحقة عن إنهاء عقد الشغل ،فإن املبالغ املحكوم بها لفائدتهم تقع تحت طائلة الفقرة اللاللة من املادة ،523وتدرج يف قامئة
الخصوم.
األمر الذي مل يسايره بعض الفقه املنادي 5بإدراج عقود الشغل ضمن العقود املخاطبة بأحكام تلك املادة ،بقوله :أنه رغم
عمومية املادة 523املذكورة ،إال أنه ال ميكن تطبيق مقتضياتها عىل عقود الشغل دون قيد أو رشط ،بل يجب عىل السنديك أن
يراعي عند تطبيقها مقتضيات مدونة الشغل ،ال تعاطفا مع األجراء فقط ،بل أيضا متاشيا مع املبادئ العامة التي تقتيض الرجوع
1سليمان أريفي ،أثر الخوصصة على عقود الشغل والضمانات القانونية لحماية األجراء ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،في القانون الخاص ،وحدة قانون األعمال ،جامعة
محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية وجدة ،س.ج ،1888/7999ص 91
2ويمثل هذا اإلتجاه كل من :
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء األول ،م.س ،ص 817
-كريم أيت بال ،م.س ،ص 788
-محمد منعزل ،م.س ،ص 711
3محمد منعزل ،م.س ،ص 711
4المرسوم الملكي رقم 871-11ل 71غشت ،7911المتعلق باإلبقاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية وبإعفاء مستخدميها ،الصادر بالجريدة الرسمية ،ع
،1018بتاريخ 18غشت ،7911وقد تم إدراج هذا المرسوم في مدونة الشغل وتحديدا في الباب السادس بالفرع السادس منه ،المخصص للفصل ألسباب تكنولوجية
أو هيكلية أو إقتصادية وإغالق المقاوالت ،المواد من 11إلى .17
- 5أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء األول ،م.س ،ص 811
-كريم أيت بال ،م.س ،ص 788
27
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إىل القواعد الخاصة عند اإلقتضاء ،وبالتايل فالسنديك إذا ما قرر إنهاء عقود الشغل ،يتعني عليه اللجوء إىل السلطة اإلدارية
املختصة قصد الحصول عىل ترخيص باإلعفاء ،حيث يتعني عليه تقديم طلب إىل عامل العاملة أو اإلقليم مشفوعا بجميع
اإلثباتات الرضورية ،ومبحرض املشاورات والتفاوض مع ممليل األجراء.
فإذا كان هذا اإلتجاه بدوره حري بالتأييد ،إال أنه قد إنقسم عىل نفسه ،وبرز اإلختالف من داخله حول كيفية إنهاء السنديك
لهذه العقود ،وعىل األخص املسطرة التي يجب إتباعها إلنهاء عقود الشغل ،وما هذا اإلختالف إال كنتيجة لسياسة التعتيم التي
نه جها املرشع املغريب ،إذ مل يتطرق بتفصيل لعقود الشغل خالل مساطر املعالجة ،حيث مل يعمل عىل وضع تنظيم خاص بها
بالرغم من أهميتها وحيويتها اإلجتامعية ،بل عاملها كبقية العقود األخرى الجارية أثناء فتح مسطرة التسوية القضائية ،عىل
خالف املرشع الفرنيس كام سبق معنا.
بهذا الخصوص فإنه ومن وجهة نظرنا ،ال ميكن تبني أحد الرأيني عىل إطالقه ،فمن غري املقبول القول مبنح السنديك
صالحيات مطلقة ال تحد منها أي رقابة ،1خاصة وأن السنديك تبعا ملدونة التجارة وال سيام املادة 515منها ،ميكن أن يكون أحد
موظفي كتابة الضبط باملحكمة ،هذه الفئة من املوظفني التي بطبيعة تكوينها القانوين ،وطبيعة املهام املسندة لها يف إطار
الوظيفة التي تقوم بها داخل املحكمة ،فإنها غالبا ما ال تتوفر عىل تكوين يف املحاسبة ،إضافة إىل عدم توفرها عىل دراية كافية
يف طرق التسيري واإلدارة ،وبالتايل أمام هذا املعطى سيكون من باب املجازفة ،تحرير السنديك من أي رقابة عىل إنهاء عقود
الشغل ،بإعتبارها عقودا جارية تندرج ضمن أحكام املادة ، 523خاصة أمام كربيات املقاوالت التي تشغل عددا ال يستهان به من
األجراء ،2كام أن خصوصية مرحلة إعداد الحل يف الترشيع املغريب –التي تتطلب من السنديك القيام يف وقت وجيز ،3بإعداد
املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية– ال تتالئم نوعا ما مع ما تم املناداة به من رضورة سلوك السنديك ملسطرة الفصل
ألسباب إقتصادية ،هذه األخرية التي ميكن أن تصل يف الترشيع املغريب إىل ثالثة أشهر ،4هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فالقول بأن عدم إستلناء عقود الشغل من املادة ،523قد حصل سهوا من املرشع املغريب ،واملناداة تبعا لذلك
بإستبعاد عقد الشغل من نطاق العقود الجارية ،ال يستقيم واملنطق القانوين السليم ،نعم إن خصوصية عقد الشغل والطابع
1إن القول بمنح السنديك سلطة مطلقة بخصوص العقود الجارية ومنها عقد الشغل بحجة أن مصطلح "وحده" الوارد في المادة 118من م.ت ،يفيد بأن صالحية
السنديك في مجال إنهاء عقود الشغل ال يشاركه فيها أي جهاز ،هو قول يتعارض مع المادة 180من م.ت ،التي تؤكد على أن القاضي المنتدب هو الساهر على
السير السريع للمسطرة وعلى حماية المصالح المتواجدة ،وال شك أن مصلحة أصحاب العقود الجارية المتعاقدين مع المقاولة عموما ،ومصلحة األجراء على وجه
الخصوص ،هي دون أدنى شك إحدى هذه المصالح ،بل أهمها التي يسهر القاضي المنتدب على حمايتها ،وهو ما سيتعذر على هذا القاضي تحقيقه إن مارس السنديك
الصالحية المخولة له بمقتضى المادة ( ،118وفق ذلك الرأي) كما أنه بقراءة المادة 189من م.ت ،يتضح أنها تعتبر أساسا قانونيا لتقديم الشكاوى من طرف األجراء
وغيرهم ممن تضرروا من أعمال السنديك ،مما يفيد أنه ال يتمتع بتلك الصالحيات دون أية رقابة.
2ومن شأن تبني هذا القول أن يؤدي إلى نتيجة عكسية من خالل إستغالل المقاوالت لهذا الوضع ،للتخلص من بعض عقود الشغل دون المرور عبر المسطرة
المقررة لذلك قانونا (و هي مسطرة الترخيص وفق مدونة الشغل) ،األمر الذي من شأنه اإلضرار بحقوق األجراء عوض حمايتها ،مع ضرورة التذكير بكون المشرع
المغربي قد حافظ على نفس فلسفة المادة 118من خالل المشروع المقترح لتعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة.
3أربعة أشهر في الحالة العادية ،أو ثمانية أشهر كأقصى تقدير ،في الحالة التي تستجيب فيها المحكمة لطلب تمديد تلك المدة الذي يتقدم بها السنديك ألربعة أشهر
أخرى إضافية.
4على إعتبار أن الفقرة األولى من المادة 11من م.ش ،تلزم بضرورة تبليغ العزم على فصل األجراء كال أو بعضا ألسباب إقتصادية إلى مندوبي األجراء والممثلين
النقابيين بالمقاولة عند وجودهم ،قبل شهر واحد على األقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل ،على أن الشروع في هذه المسطرة يتحقق بتقديم الطلب (طلب
الفصل ألسباب إقتصادية) إلى المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل ،وإذا علمنا أن المادة 11من م.ش ،توقف هذا الفصل على ضرورة صدور إذن خاص لهذا الغرض
يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم ،في أجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب المذكور إلى المندوب اإلقليمي للشغل ،فإنه وإذا ما سارت المسطرة بشكل عادي فهي
تستغرق مدة ثالثة أشهر ،التي هي المدة الفاصلة ما بين تاريخ التبل يغ لمندوبي األجراء والممثلين النقابيين ،على إعتبار أن المسطرة تتطلب ضرورة إستشارتهم
والتفاوض معهم بخصوص الفصل ،وما بين التاريخ المقرر كحد أقصى لصدور اإلذن عن عامل العمالة أو اإلقليم.
28
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املعييش لألجر يقتضيان عدم إقحام هذا العقد ضمن العقود الجارية املنظمة مبقتىض املادة ،523إال أن هذا ال ينهض سببا
للقول بسهو املرشع ،ومن تم إخراج عقد الشغل من قامئة العقود الجارية ،أمام عدم تنصيص املرشع عىل ذلك رصاحة ،كام أنه
ال ميكن إعتامد هذين املربرين إلبعاد عقد الشغل عن دائرة العقود الجارية ،التي خول بشأنها للسنديك إمكانية املطالبة بتنفيذها
أو عدم تنفيذها ،وذلك ألن املرشع لو أراد إعتامد هذا اإلستلناء لض َّمن ذلك رصاحة يف املادة 523مللام فعل يف مواد أخرى،
كاملادة 505من م.ت ،التي إستلنت الديون الناجمة عن عقد الشغل من املنع من سدادها ،إذا كانت سابقة ألمر رئيس املحكمة
القايض بالوقف املؤقت لإلجراءات ،واملادة 151التي قامت بإستلناء األجراء من الترصيح بديونهم السابقة لصدور حكم فتح
املسطرة إىل السنديك.
وعليه فال يسعنا إال مناشدة املرشع املغريب للتدخل بنص رصيح ،يستلني من خالله عقود الشغل من ضمن العقود الجارية
التي يتمتع السنديك بخيار عدم متابعتها ،فكرثة وجسامة مهام هذا األخري ضمن مساطر صعوبات املقاولة تستدعي هذا
اإلستلناء ، 1أو عىل األقل التقليص من صالحياته بخصوص عقود الشغل وحرصها يف مجرد إقرتاح اإلنهاء ،عىل أن يتم إسناد
هذا اإلختصاص لرئيس املحكمة أو للقايض املنتدب.
إنطالقا من مقتضيات املادة 597من م.ت ،2وال سيام فقرتها األخرية ،يتضح أن املرشع مل يضع أحكاما خاصة تطبق يف حالة
إنهاء عقود الشغل ،حينام يكون ذلك رضوريا ملعالجة وضعية املقاولة التي تعرتضها صعوبات ،وإمنا أحال بشأن ذلك عىل أحكام
م.ش ،األمر الذي دفع إىل التساؤل عن املقصود بهذه األحكام ،هل تلك املتعلقة بالتعويضات الواجب منحها لألجري عند إنهاء
عالقة الشغل ،أم يقصد منها املسطرة اإلدارية الواجبة التطبيق 3للفصل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية.4
الواقع أن املرشع يف املادة 597حني إحالته عىل م.ش ،قد إستعمل صياغة عامة ال تسمح بطرح التساؤل أعاله ،5مام يعني
أن سائر األحكام الواردة يف م.ش ،تبقى واجبة التطبيق عند إنهاء عقود الشغل جراء تقرير املحكمة إستمرارية املقاولة ،سواء
تعلق األمر باملقتضيات الخاصة بالتعويض عن إنهاء العقد ،أو باملسطرة اإلدارية املطبقة يف حالة الفصل ألسباب تكنولوجية أو
هيكلية أو إقتصادية ،6أو غريها من األحكام األخرى الواردة يف م.ش.
1وذلك إلضفاء الشرعية والسند القانوني على إستبعاد عقود الشغل من نطاق المادة ، 118حسما للجدل الفقهي في هذا اإلطار ،وتحقيقا ألحد األهداف المنشودة من
وراء نظام صعوبات المقاولة ،عوض ترك األمر على هو ما عليه من ضبابية وتعتيم.
2مما جاء في المادة 191من م.ت ،ما يلي " :تقرر المحكمة إستمرارية المقاولة إذا كانت هناك إمكانات جدية لتسوية وضعها وسداد خصومها ،...إن هذه القرارات
المصاحبة لإلستمرارية المذكورة أعاله ،إذا كانت ستؤدي إلى فسخ عقود العمل ،فإنه يجب تطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل".
3على أن هذا الغموض الناتج عن اإلحالة الفضفاضة على أحكام م.ش ،بموجب الفقرة األخيرة من المادة 891من م.ت ،وما نتج عنه من إختالف في المواقف
الفقهية ومن تداخل وتنازع بين القوانين عوض تكاملها وإنسجامها ،ومن تنازع وتداخل لإلختصاص القضائي ،سيكون لنا معه وقفة تأمل بالفصل الثاني ،وعلى وجه
الخصوص بالمطلب األول من الفرع الثاني من المبحث الثاني منه.
4عبد الرحيم السليماني ،وضعية األجراء في ظل قانون معالجة صعوبات المقاولة ،مجلة كتابة الضبط ،ع ،1887 ،0ص.711
5إذ جاءت اإلحالة في المادة 191من م.ت ،على القواعد المنصوص عليها في م.ش هكذا دون تبيان لهذه القواعد ،ودون أي تحديد للمواد المراد اإلحالة عليها مما
يفيد أ ن جميع القواعد الواردة في م.ش ،والتي تؤطر هذا الموضوع هي واجبة التطبيق في هذا الشأن.
6مع ضرورة تسجيل موقفنا الرافض إللزامية سلوك مسطرة الحصول على اإلذن اإلداري للفصل اإلقتصادي خالل صعوبات المقاولة ،خاصة أمام المدة الالزمة
إلستصدار هذا اإلذن التي تعتبر نو عا ما طويلة ،أمام قصر المدة الواجبة إلعداد الحل هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإنا نرى أنه مادام القضاء التجاري قد وضع
29
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وقد أتيحت للقضاء املغريب ،فرصة إبداء موقفه بخصوص اإلشكال أعاله ،فإنقسم القضاء نفسه بخصوص هذا اإلشكال إىل
قسمني ،األول يتملل يف املحاكم اإلبتدائية التي أقرت برضورة إتباع املساطر اإلدارية املنصوص عليها يف م.ش ،1يف حني
يرى اللاين مملال يف القضاء التجاري -رغم تدبدبه -أن إعفاء األجراء يف م.ت ،ال يخضع وال يحتاج لإلذن اإلداري ،بل يظل
من صميم إختصاصات املحكمة التجارية التي لها صالحيات واسعة يف معالجة صعوبات املقاولة.2
وإلن كنا نرى وجاهة هذا الرأي األخري ،إال أن تكريس مواقف اإلتجاه األول قد يرتتب عنه إصطدام بني السلطتني القضائية
واإلدارية ،وذلك يف الحالة التي تقرر فيها املحكمة التجارية إنهاء بعض عقود الشغل لإلبقاء عىل نشاط املقاولة ،يف حني
ترفض السلطة اإلدارية منح اإلذن بفصل األجراء ،نظرا لكون وظيفة هذه السلطة املتمللة يف حامية النظام العام غالبا ما
تتعارض مع الفصل الجامعي لألجراء أو شبه الجامعي لهم ،وهذا ما دفع بالفقه 3إىل القول أن هذا الوضع سيؤدي إىل تطبيق
قاعدة جديدة هي قاعدة اإلداري يعقل القضايئ عىل غرار قاعدة الجنايئ يعقل املدين ،وقد حاول إتجاه آخر من الفقه 4إيجاد
الحل لهذا اإلصطدام املحتمل ،حينام إعترب أن إنهاء عقود الشغل طبقا للامدة 597من م.ت ،ال يتوقف عىل اإلذن الذي يصدره
عامل العاملة أو اإلقليم ،ألن هذا اإلنهاء يعترب جزء من مسطرة قضائية تخضع يف جل إجراءاتها للقرارات املتخذة من طرف
املحكمة التجارية املفتوح أمامها املسطرة ،ومن طرف كل من القايض املنتدب والسنديك ،مام يقتيض أال تتدخل يف ذلك
السلطات اإلدارية ،التي متنح الرتخيص بالفصل ألسباب إقتصادية يف الحاالت التي ال تتعلق بالتسوية القضائية أو التصفية
القضائية ،وإن كنا نرى وجاهة هذا الحل ،غري أن إعتامده يبقى بحاجة إىل سند قانوين ليتأىت تكريسه من طرف القضاء ،وهو
يده على القضية بعد الحكم بفتح المسطرة من طرفه ،فإنه من باب العبث الرجوع للجهاز اإلداري وبسط ملف القضية أمامه قصد الترخيص بإعفاء األجراء ،خاصة
إذا علمنا أن األمر سيؤول مرة أخرى للقضاء العادي من خالل الرقابة المخولة له قانونا على أسباب اإلنهاء وعلى مدى مشروعية الفصل ،أو من خالل إقرار
التعويضات المستحقة لألجراء بخصوص هذا اإلنهاء ،األمر الذي ينجم عنه تداخل لإلختصاص القضائي ما بين العادي والتجاري منه ،لتجد المقاولة نفسها ومعها
األجراء مطالبين بتتبع قضايا مختلفة تهم موضوع واحد ،رائجة أمام نوعين من القضاء (العادي والتجاري) مما يسفر عنه تعقد وتنوع المساطر عوض تبسيطها
وتوحيدها حفاظا على المصالح المراد حمايتها من وراء إقرار نظام صعوبات المقاولة.
كما ال ننسى ما سيخلقه هذا األمر من تداخل لإلختصاص ما بين القضاء التجاري والقضاء اإلداري ،في الحالة التي يلجأ فيها أحد األطراف إلى الطعن في القرار
اإلداري لعامل العمالة أو اإلقليم ألحد األسباب المقررة قانونا للطعن في القرارات اإلدارية ،مما سينتج عنه إطالة مسطرة من المفروض فيها أن تتسم بنوع من
السرعة حفاظا وتحقيقا لألهداف المبتغاة من وراء إقرار نظام صعوبات المقاولة (هذا في الحالة التي يصدر فيها قرار عن العامل ،إما بالرفض أو بالموافقة) أما من
الناحية الواقعية فإن أغلب الطلبات المقدمة في هذا الشأن تظل دون أي جواب خالل المدة الزمنية المحددة قانونا لصدور قرار العامل ،مما سيترتب عنه عرقلة
وإطالة مسطرة صعوبات المقاولة دون أي جدوى ،خاصة أمام الحاالت التي يكون فيها لإلنهاء طابع اإلستعجال إنقاذا للمقاولة.
1أنظر بهذا الخصوص بالملحق رقم :7
-حكم المحكمة اإلبتدائية بالرباط رقم ،101بتاريخ ،1881-88-87في الملف رقم 81/7781/77؛
-حكم المحكمة اإلبتدائية بسال رقم ،807بتاريخ ،1871-81-11في الملف رقم 7187/71/171؛
-حكم المحكمة اإلبتدائية بسال رقم ،880بتاريخ ،1871-81-81في الملف رقم .7187/71/180
2على أننا سنعالج بمزيد من الت فصيل مواقف وإتجاهات القضاء المغربي بخصوص مدى خضوع فصل األجراء لمقتضيات م.ش ،نتيجة فتح مساطر المعالجة ،من
عدمه ،وذلك كنتيجة لتداخل اإلختصاص القضائي بين هذه المحاكم ،عند تطرقنا ألسباب محدودية دور القضاء في حماية حقوق األجراء بالمطلب األول من الفرع
الثاني من المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذه الرسالة.
3ويرى هذا الفقه أن الوضع في إطار القانون المغربي سيفسح المجال لتطبيق قاعدة جديدة ،وهي قاعدة "اإلداري يعقل القضائي" على غرار مبدأ "الجنائي يعقل
المدني" ،وأن من شأن هذا المقتضى أن يضع العراقيل أمام مساطر صعوبات المقاولة ،وأنه كان على مدونة التجارة أن تأتي بمقتضيات مبسطة وسريعة تناسب
الظروف اإلقتصادية الصعبة ،وأن يتولى القاضي المنتدب القيام بنفس المهام التي أوكلها المشرع لعامل العمالة أو اإلقليم فيما يخص اإلعفاء الجماعي ،الكلي أو
الجزئي لسبب إقتصادي ،وذلك تحقيقا ل لسرعة والفعالية في مثل هذه المواقف التي ال تحتمل اإلنتظار وال تعقيدات المساطر اإلدارية التي ال طائل من ورائها.
-إدريس فجر ،مساهمة في دراسة نظرية أسباب إنقضاء عقود العمل ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية بالدار البيضاء عين الشق ،س.ج ،7999/7990ص .711
4امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،دراسة تحليلية نقدية لنظام صعوبات المقاولة المغربي في ضوء القانون المقارن واإلجتهاد
القضائي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،1888 ،ص .890
30
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ما يدفع إىل املناداة بوجوب تدخل املرشع املغريب لحل هذا اإلشكال من خالل معايري تنسجم مع غاية العمل القضايئ
والوظيفة اإلدارية ،لتجنب كل إحتكاك محتمل بني السلطتني اإلدارية والقضائية.
لذا يستحسن تخصيص مسطرة خاصة بإنهاء عقود الشغل ،حني يتعلق األمر بقضايا صعوبات املقاولة املعروضة أمام القضاء
التجاري ،متاما كام هو حال القانون الفرنيس املادة L621-64من ق.ت.ف ،التي يستفاد منها :أنه عندما يستدعي مخطط
اإلستمرارية فصل بعض األجراء ألسباب إقتصادية ،فإنه يتعني إعامل مقتضيات املادتني L321-8و L321-9من قانون الشغل
الفرنيس ،كام يتعني عىل املحكمة قبل إعتامد هذا املخطط إخطار وإستشارة لجنة املقاولة ،وعند عدم وجودها مندويب األجراء،
وكذا إخطار السلطة اإلدارية بالقرارات الخاصة بإنهاء بعض عقود الشغل فقط .1
هكذا يتبني كيف أن املرشع الفرنيس قد فطن لخصوصية مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ،وخصها يف حالة إنهاء عقود
الشغل مبقتضيات تناسب وضعية املقاولة التي تعرتضها صعوبات ،ميرسا بذلك عىل العمل القضايئ ،عوض اإلكتفاء بإحاالت
عامة كام هو حال املادة 597من م.ت ،أما بخصوص املرشع املغريب فهو وإن حاول التوفيق بني الحامية اإلقتصادية
واإلجتامعية خصوصا من خالل الكتاب الخامس من م.ت – بشكل محتشم– إال أنه مل يوفق يف ذلك بخالف نظريه الفرنيس،
وعىل الخصوص عندما يتعلق األمر باملحافظة عىل إستقرار الشغل.
يشكل التفويت 2الحل األكرث أهمية يف مسطرة التسوية القضائية ،ألنه يهدف إىل إنقاذ املقاولة والحفاظ عىل مناصب
الشغل ،وذلك ضمن مسطرة جامعية تضم تقديم العروض وإختيار أفضلها ،ووعيا بأهمية التفويت عمد املرشع املغريب إىل
31
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تعريفه ببيان األهداف املراد تحقيقها من وراءه ،وذلك من خالل املادة 103من م.ت ،1هذه األهداف هي التي جعلت من
التفويت حال ثانيا هاما وفعاال ،يتمركز كحل وسط بني حيل إستمرارية املقاولة والتصفية القضائية ،يجوز للمحكمة أن تلجأ إليه
متى تأكدت أن إستمرارية املقاولة أصبحت مستحيلة لعدم توفر رشوطها ،وأن تفويت املقاولة أصبح هو الحل األنجع إلنقاذها،
ما دامت التصفية القضائية مل تطلها بعد.2
وقد أعطى املرشع املغريب للمحاكم التجارية ،سلطات واسعة يف إختيار الحل املناسب الذي يتوافق ووضعية املقاولة ،ويأخذ
بعني اإلعتبار الواقع اإلجتامعي ،فإختيار املحكمة ملخطط التفويت رهني بتقديم عروض تضمن الحفاظ عىل مناصب الشغل
وإستمرارها ،لذا فاألمر يتطلب أوال الوقوف عىل مدى مساهمة التفويت يف إستقرار الشغل ،ثم معرفة الجزاء املرتتب عن
اإلخالل بإلتزامات التفويت يف مرحلة ثانية.
إن األجراء مل يعد باإلمكان اإلحتجاج عليهم بقواعد القانون املدين 3التي مل تعد تخدم بتاتا مصلحتهم ،وإمنا تتعارض كليا
مع الطابع الحاميئ لقانون الشغل ،لذلك تدخل املرشع اإلجتامعي ملا فيه املصلحة اإلجتامعية ،فأقر مبدأ إستمرارية عقود
الشغل بني األجراء واملشغل أو الخلف ،إذا طرأ تغيري يف املركز القانوين للمشغل ،أو عىل الطبيعة القانونية للمقاولة وذلك
مبوجب املادة 69من م.ش ،4والتي جاء بها املرشع املغريب كتعديل للامدة 254من ق.ل.ع.5
وتبعا لذلك فاملرشع اإلجتامعي ،وضع قاعدة مفادها أن عقد الشغل يبقى مستمرا بغض النظر عن التغيري الذي يطال املركز
القانوين للمشغل ،وأيا كان سبب التغيري ،فمصري األجري مرتبط باملقاولة وليس بصاحبها ،وبالتايل فإنتقال هذه األخرية من
صاحبها عن طريق التفويت لن يؤدي إىل إنهاء عقود الشغل ،بل تبقى مستمرة مع املالك الجديد للمقاولة أو املفوت إليه ،ضامنا
1تنص الفقرة األولى من المادة 188من م.ت ،على ما يلي" :يهدف التفويت إلى اإلبقاء على النشاط الذي من شأنه أن يستغل بشكل مستقل والمحافظة على كل أو
بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط وإبراء ذمة المقاولة من الخصوم"
2أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من ال صعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء األول ،م.س ،ص .118
3وخاصة تلك القواعد التي تجسد األثر النسبي للعقود ،وهو ما ينطبق على الفصل 110من ق .ل.ع ،الذي ينص على كون "اإللتزامات ال تلزم إال من كان طرفا
في العقد ،فهي ال تضر الغير وال تنفعهم إال في الحاالت المذكورة في القانون"
4تنص المادة 91من م.ش ،على ما يلي " :إذا طرأ تغيير على الوضعية القانو نية للمشغل ،أو على الطبيعة القانونية للمقاولة ،وعلى األخص بسبب اإلرث ،أو
البيع ،أو اإلدماج ،أو الخوصصة ،فإ ن جميع العقود التي كانت سارية المفعول حتى تاريخ التغيير ،تظل قائمة بين األجراء وبين المشغل الجديد ،الذي يخلف المشغل
السابق في اإللتزامات الواجبة لألج راء ،وخاصة في ما يتعلق بمبلغ األجور ،والتعويضات عن الفصل من الشغل ،والعطلة المؤدى عنها.
يحتفظ األجير المرتبط بعقد شغل غير محدد المدة ،والذي يتم نقله في إطار الحركة الداخلية داخل المؤسسة أو المقاولة أو مجموعة المقاوالت كالشركات القابضة،
بنفس الحقوق والمكاسب ا لناشئة عن عقد شغله وذلك بغض النظر عن المصلحة أو الفرع أو المؤسسة التي يتم تعيينه بها ،وعن المهام المسندة إليه ما لم يتفق
الطرفان على مزايا أكثر فائدة لألجير".
5يتضح من إشارة المشرع المغربي بالمادة 79من م.ش ،إلى األسباب التي تؤدي إلى تغيير المركز القانوني للمشغل ،أو الطبيعة القانونية للمقاولة ،غياب التفويت
كآلية من آليات ذلك التغيير التي تست مر معها عقود الشغل ،غير أن عدم اإلشارة هذه ال تعني إستثناء التفويت من المادة 79بدليل إستعمال المشرع لعبارة "على
األخص " التي تفيد أن الحاالت المذكورة واردة على سبيل المثال فقط ،وأن مفهوم تغيير المركز القانوني للمشغل جاء شامال لكل الحاالت ،سواء تلك المنصوص
عليها في المادة ،79أم غير المنصوص عليها في صلب هذه المادة.
-عمر النحال ،تغير المركز القانوني للمشغل ،مجلة البحوث ع ،8يونيو ،1881دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،ص .718
32
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
للحامية اإلجتامعية يف إستقرار الشغل ،1وهو ما يشكل حامية للطبقة الشغيلة ،وضامنا ملورد عيشها حتى ال تصبح عرضة
للبطالة.
وقد تبنت نفس الحكم أغلب الترشيعات املقارنة ،2كام عمل اإلجتهاد القضايئ املغريب عىل تفعيله ،حيث توسع يف تفسري
نص الفصل 254من ق.ل.ع ،املقابل للامدة 69من م.ش من أجل ضامن إستمرار األجري يف شغله ،من خالل إقراره عدة
مبادئ ميكن تلخيصها فيام ييل :إن عقود شغل األجراء ال ميكن بتاتا أن تتأثر بتغيري املركز القانوين للمشغل ،3يجب عىل
املشغل الجديد أن يحتفظ بنفس النشاط للمشغل السابق عن التغيري.4
وبذلك يكون القضاء قد كرس رشوط تطبيق قاعدة إستمرار الشغل -أمام غياب التنصيص عىل ذلك -يف حاالت حدوث تغيري
يف املركز القانوين للمشغل ومنها التفويت ،وعىل أي يتوقف تطبيق القاعدة السابقة عىل ثالثة رشوط تتملل يف:5
الرشط األول :حدوث تغيري يف املركز القانوين للمشغل ،فمهام كان الترصف الذي مبوجبه إنتقلت املقاولة إىل الغري ،فإن
الرشط اللاين :أن تكون عقود الشغل سارية وقت تغيري املشغل ،ويستوى أن يكون عقد الشغل محدد أو غري محدد املدة.
الرشط اللالث :إستمرار املقاولة وبقاء إمكانيات فرص الشغل ،حيث يتوقف إستمرار عالقة الشغل بني األجري واملشغل عىل
وبتوفر الرشوط السابقة يتحقق مبدأ إستمرارية عقود الشغل رغم تغيري املركز القانوين للمشغل ،حيث تستمر عقود الشغل
بنفس األقدمية ،وبنفس املكافآت والعطل واملعاشات ،كام يلتزم املفوت إليه ،بدفع مستحقات ص.و.ض.إج ،وعموما تنتقل
عقود الشغل بجميع الحقوق واإللتزامات املقررة بنص القانون ،أو بعقد الشغل ،أو مبقتىض النظام الداخيل للمقاولة ،وذلك
بهدف حمل األجراء عىل تقديم املساعدة إىل املفوت إليه بالشكل الذي يضمن إستمرار نشاط املقاولة ،وأداء املستحقات الواجبة
عليها ،وبالتايل املساعدة عىل إستقرار مناصب الشغل.
33
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
غري أن الحفاظ عىل مناصب الشغل عند إعتامد مخطط التفويت ال يؤخذ عىل إطالقه ،ذلك أن إكراهات التسوية القضائية
تسمح للمفوت إليه بأن يطلب يف عرضه الرتخيص له باإلستغناء عن بعض عقود الشغل ،1ويستجاب لطلبه متى كانت املقرتحات
التي قدمها بهذا الصدد جدية ،وإذا ما بقيت ستشكل عبئا ثقيال مينع اإلقالع اإلقتصادي للمقاولة ،2كام أن تفويت املقاولة قد
يصاحبه تعديل يف مناصب الشغل سواء أكان جوهريا أو غري جوهري ،3كلام كان يف صالح املقاولة ،وقد يقتيض هذا التعديل
نقل األجري من مقر عمله إىل مقر آخر ،إذ ال يشء مينع القايض التجاري من اإلستغناء عن بعض عقود الشغل ،إذا كان ذلك
يف صالح املقاولة ،أو القيام بتعديل يف مناصب الشغل وفقا إلحتياجات هذه األخرية ،ويف هذا الصدد ذهبت محكمة النقض
الفرنسية يف أحد قراراتها ،إىل أن رفض األجري ملنصبه الجديد عىل إثر تفويت املقاولة املرخص به من طرف القايض املنتدب ،ال
يرتب أية مسؤولية عىل هذه األخرية ،وال يوجد أي خطأ مهني جسيم منها.4
بالرجوع إىل العمل القضايئ املغريب ،فاملالحظ 5أن هذا األخري عند تبنيه مخطط التفويت إلصالح وضعية املقاولة يصطدم
بوجود مصالح متضاربة ،بني رغبة املفوت إليه يف إقتناء املقاولة بأقل مثن وبني رضورة مراعاة وضعية األجراء الراغبني يف
الحفاظ عىل مورد عيشهم ،مع ضامن أداء مستحقات الدائنني الراغبني يف إستيفاء ديونهم ،حيث يجد القايض نفسه ملزما
بتحقيق التوازن الذي كرسه املرشع من خالل املادة 105من م.ت ،6والتي مل تقيد املحكمة بهدف عىل حساب آخر ،وإمنا
ربطت سلطة املحكمة بواجب اإلهتامم بالعرض الذي يضمن تكافئ هذه املصالح جميعها ،ونعتقد أن العرض األصلح هو الذي
يراعي البعد اإلجتامعي بضامن إستمرار مناصب الشغل وإستقرار التشغيل ،باإلضافة إىل البعد اإلئتامين من خالل الوفاء
بديون وإلتزامات املقاولة إزاء سائر املتعاملني معها ،7وميكن القول أنه بقدر ما كرس املرشع حامية فعالة لألجراء من سلبيات
الوضعية الناجمة عن تغيري املركز القانوين للمشغل من خالل املادة 69من م.ش ،بقدر ما خول إمكانية فصلهم تحت ذريعة
1وفي هذا اإلطار جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء" :وحيث إلتزمت صاحبة العرض ،إضافة إلى ثمن التفويت بالحفاظ على مناصب الشغل
لكل مستخدمي المقاولة بإستثناء مديرها العام وبعض األطر اإلدارية ،وبالعمل على تنمية نشاط المقاولة...وحيث إن العرض المقدم وإعتبارا لما تم تفصيله يتماشى
مع غاية المشرع من سن التفويت كحل قانوني وإقتصادي ويحقق الغايات المنشودة من وراء هذا الحل"...
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،حكم رقم 187بتاريخ ،1881 /81 /11ملف رقم 1881/78/117حكم غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
2محمد أبو الحسين ،تفويت المقاولة كحل في إطار التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،وحدة قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية -عين الشق -الدار البيضاء ،س.ج .1888/1881ص .70
3والمقصود هنا بتعديل مناصب الشغل هو نقل األجير من مقر عمله إلى مقر آخر عند تفويت المقاولة ،أو التعديل الذي يطال المنصب الذي يشغله األجير لنقله من
مصلحة إلى أخرى ،علما أن رفض األجير للعمل الموكول له في حدود إختصاصه ،وعدم إستجابته لقرار لتنقيله وإلتحاقه بعمله الجديد يعتبر خطأ جسيم ال يستحق
معه التعويض عن الفصل من الشغل.
-قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ع 7المؤرخ في ،1888/7/1ملف إجتماعي ع ،1881 /198منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،ع ،11ص
.711
-وأنظر كذلك قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) ع 918المؤرخ في ،1881 /77 /1ملف إجتماعي ع ،1881/7/1/111منشور بمجلة قضاء المجلس
األعلى ،11ص ,711
4
Cour de cass. 1er Cin Novembre 1999. Rec, Dalloz N° 53 fév 2000 FR. P 39.
5حياة متوكل ،م.س ،ص .178
6تنص المادة 181من م .ت ،على ما يلي" :تختار المحكمة العرض المتعلق بالمجموعة المفوتة ،والذي يضمن أطول مدة إلستقرار التشغيل وأداء مستحقات
الدائنين"
7بل األكثر من ذلك ،فإن بعض المحاكم تجد أن مسألة تحديد الثمن ،ال تحتل األولوية ضمن نظام صعوبات المقاولة ،ما دام أن األهداف األساسية وراء التفويت،
تكمن في دعم النشاط االقتصادي والحفاظ على مناصب الشغل ،ومن بين األحكام المتبنية لهذا التوجه ،ما قضت به المحكمة التجارية بأكادير من خالل حكمها الذي
جاء في حيثياته" :سواء في مرحلة التفويت أو في مرحلة التصفية بمناسبة التفويت الكلي لوحدة اإلنتاج فإنه ال يتعلق األمر بتوخي أكبر ثمن من العملية وإنما قبل كل
شيء ضمان إستمرارية النشاط والتشغيل وبعد ذلك وفي المرتبة الثانية الوفاء للدائنين".
34
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
قيام أسباب هيكلية أو تكنولوجية أو إقتصادية وذلك من خالل املادة 11من م.ش ،1خصوصا أن هذه املفاهيم مل تحظى
بتعريف من املرشع ،فصحيح أن املادتني 11و 12وضعتا قيودا صارمة عىل املشغل الذي يرغب يف فصل األجراء من خالل
املساطر التي يجب عليه إتباعها ،كام أن املرشع جاء مبسطرة خاصة تضمن إستقرارا أكرب للشغل يف املواد 103و 104و 105من
م.ت ،إال أنه مع ذلك يبقى مبدأ حق املشغل يف فصل األجراء واردا متى تحققت رشوطه.
ويف الختام فإن كان مخطط التفويت يختلف عن مخطط اإلستمرارية يف بعض الجوانب 2إال أنه يشرتك معه من جانب
الحفاظ عىل إستمرار املقاولة -لكن بني يدي الغري -وكذا مناصب الشغل الخاصة بها ،وبصفة عامة كل املعطيات التي تجعل هذا
التفويت محققا للهدف املتوخى ،وهو الحفاظ عىل املقاولة وضامن إستمراريتها وكذا إستمرارية عقود الشغل بها ،أو عىل األقل
بعضها ،ويف نفس الوقت يضمن أداء مستحقات الدائنني وفق ما تقيض به املادة 105من م.ت ،ومجمل القول يعد الجانب
اإلجتامعي أحد املحاور األساسية ،التي يجب اإلهتامم بها من طرف املفوت إليه ،لضامن تصحيح املقاولة املتعرثة والنهوض بها
من جديد ،بل إن أي إخالل بهذه اإللتزامات يح ِّمل املفوت إليه الجزاء املنصوص عليه قانونيا
يرتتب عن صدور الحكم القايض بتفويت املقاولة ،إلتزام املفوت إليه بتحقيق األهداف املسطرة فيه ،سواء منها اإللتزامات
املالية املتمللة يف أدائه مجموع مثن التفويت املحدد يف املخطط ،3أو اإللتزامات اإلجتامعية املتمللة يف الحفاظ عىل إستقرار
املقاولة عن طريق ضامن تطوير آليات العمل فيها والحفاظ عىل إستقرار التشغيل ومناصب الشغل ،حيث تسعى غالبية األحكام
القضائية عند تفويت املقاولة إىل دعم إستمرارية عقود الشغل ،ومنها حكم املحكمة التجارية مبراكش 4الذي جاء فيه..." :إن
1تنص المادة 66من مدونة الشغل على ما يلي" :يجب على المشغل في المقاوالت التجارية ،أو الصناعية ،أو في اإلستغالالت الفالحية أو الغابوية وتوابعها ،أو في
مقاوالت الصناعة التقليدية الذي يشغل إعتياديا عشرة أجراء أو أكثر ،والذي يعتزم فصل األجراء ،كال أو بعضا ،ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها ،أو
ألسباب إقتصادية ،أن يبلغ ذلك لمندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على األقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل ،وأن
يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها عال قة بالموضوع ،بما فيها أسباب الفصل ،وعدد وفئات األجراء المعنيين ،والفترة التي يعتزم فيها الشروع
في الفصل.
ويجب عليه أيضا إستشارتهم ،والتفاوض معهم من أجل تدارس اإلجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل ،أو تخفف من آثاره السلبية ،بما فيها إمكانية
إعادة اإلدماج في مناصب شغل أخرى.
تحل لجنة المقاولة محل مندوبي األجراء في المقاوالت التي يزيد عدد األجراء بها عن خمسين أجيرا.
تحرر إدارة المقاولة محضرا تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات المذكورة يوقعه الطرفان ،وتسلم نسخة منه لمندوبي األجراء ،وتوجه نسخة أخرى إلى
المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل".
2ويتجلى هذا اإلختالف في كون التفويت يؤدي إلى نقل المقاولة من مالكها األصلي إلى مالك جديد ،إلى جانب كونه يشمل األصول وحدها دون الخصوم التي تسدد
من ثمن التفويت ،أي أن المفوت إليه في حِل من أي إلتزام من اإللتزامات السا بقة للمدين التي لم ينفذها ،وهذا يعني أن المفوت إليه فيما يخص األجراء ،ال يكون
ملزما اتجاههم إال إبتداءا من تنفيذ التفويت ،والقول بغير ذلك من شأنه أن يرهق المفوت إليه ،وال يشجعه على إقتناء المقاولة ،وعليه يتعين على األجراء الذين ترتبت
لهم ديون في ذمة المشغ ل القديم إستيفاء حقوقهم مع باقي الدائنين من ثمن التفويت المتحصل عليه.
3وتجدر اإلشارة أن المشرع التجاري منع بموجب المادة 178من م.ت ،المفوت إليه الذي لم يدفع ثمن التفويت كامال ،أن يفوت األموال المادية أو المعنوية التي
تملكها المقاولة ،أو يمنحها كضمانة ،أو يكرسها ألجل التسيير بإستثناء المخزونات ،كما أنه يمكن للمحكمة أن تنص في مخطط التفويت على شرط يجعل كل األموال
المفوتة أو بعض منها غير قابلة للتفويت لمدة تحددها طبقا للمادة 177من م.ت.
4حكم المحكمة التجارية بمراكش ،حكم بتاريخ ،1888/81/18ملف ع 90 /7منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي /يونيو ،1887ص .710
في حين نحت المحكمة التجارية بالدار البيضاء منحى آخر حينما" :رأت أن من شأن العرض المقدم من طرف شركة تقل المدينة إلقتناء وحدة الدار البيضاء ،فإنه
بالرغم من ضآلة المبلغ المقترح وعدد العمال الذين تم إختيار هم للعمل حسب البرنامج المعد لهذه الغاية ،فإن المتجلي أن الشركة المذكورة رائدة في ميدان النقل بدليل
أنها تشغل حوالي 1888عامال ".مرجحة بذلك هذا العرض على باقي العرضين المقدمين بهذا الخصوص من طرف شركتين مختلفتين ،إلتزمت األولى بمقتضاه
بالحفاظ على كافة مناصب الشغل في حين أن الثانية إلتزمت بتشغيل % 08من أجراء الشركة المراد تفويتها.
-أمر عدد 1881 /181بتاريخ 1881/88/81في الملف رقم 1881 /79 /111غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
35
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الرشكة مقدمة العروض ترغب يف اإلحتفاظ بكل العامل ،وأنها إستعانت برأسامل أجنبي ،مام شكل إدرار أموال أجنبية إضافية
عىل اإلقتصاد الوطني."...
ولقد أعطى املرشع املغريب مبوجب املادة 1163من م.ت ،للمحكمة سلطة الترصيح بفسخ مخطط التفويت إذا مل يقم املفوت
إليه بتنفيذ إلتزاماته املحددة يف مخطط التفويت ،سواء من تلقاء نفسها أو بناءا عىل طلب من السنديك أو من أحد الدائنني،
حيث يشكل مخطط التف ويت ميلاقا حقيقيا لتسوية وضعية املقاولة يتعني عىل املفوت إليه إحرتامه ،2وخري ملال عىل ذلك
الحكم الذي أصدرته املحكمة التجارية بفاس 3ضد بعض املساهمني يف رشكة "س" القايض باملطالبة بفسخ مخطط التفويت،
لعدم تنفيذ مضامينه فيام يخص متليك األجراء %60من أسهم الرشكة ،كام أنها توقفت عن أداء أجور األجراء ،إضافة إىل عدم
تنفيذ الرشكة إلتزاماتها بالتوظيف املايل".
وقد درج القضاء املغريب 4عىل فسخ مخطط التفويت يف حالة عدم تنفيذ املفوت إليه إللتزاماته ،سواء املالية منها ،أو
اإلجتامعية املتمللة يف الحفاظ عىل مناصب الشغل ،كام هو شأن حكم املحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي قىض بفسخ
مخطط التفويت ،بسبب عدم أداء املفوت إليه إلتزاماته املتعلقة بأداء مثن التفويت وعدم أداء بعض املستحقات ملل مستحقات
ص .و.ض.إج.5
يستفاد من مضمون المادة 178من م.ت ،أن المحكمة التجارية تبقى لها السلطة الكاملة في تقرير فسخ مخطط التفويت ،أو إعطاء فرصة جديدة للمفوت إليه، 1
وتقابلها المادة L621-91من ق.ت.ف (سابقا المادة 09من قانون 11يناير )7901التي جاء فيها -المادة : L621-91
"Tant que le prix de cession n'est pas intégralement payé, le cessionnaire ne peut, à l'exception des stocks, aliéner ou
donner en location-gérance les biens corporels ou incorporels qu'il a acquis.
Leur aliénation totale ou partielle, leur affectation à titre de sûreté, leur location ou leur location-gérance peuvent être
autorisées par le tribunal après rapport du commissaire à l'exécution du plan qui devra préalablement consulter le comité
d'entreprise ou, à défaut, les délégués du personnel. Le tribunal doit tenir compte des garanties offertes par le cessionnaire.
Tout acte passé en violation des dispositions du présent article est annulé à la demande de tout intéressé, présentée dans
le délai de trois ans à compter de la conclusion de l'acte. Lorsque l'acte est soumis à publicité, le délai court à compter de
celle-ci.
Le cessionnaire rend compte au commissaire à l'exécution du plan de l'application des dispositions prévues par le plan de
cession à l'issue de chaque exercice suivant celle-ci. Si le cessionnaire n'exécute pas ses engagements, le tribunal peut,
d'office, à la demande du procureur de la République, du commissaire à l'exécution du plan, du représentant des créanciers
"ou d'un créancier, prononcer la résolution du plan.
2وتجدر اإلشارة أن المادة 181من م.ت ،تتحدث عن مجرد إمكانية فسخ المخطط من طرف المحكمة دون إستعمال صيغة الوجوب ،مما يجب معه عدم أخذ مفهوم
الفسخ في إطاره التعاقدي ،بل ينبغي ربطه بفلسفة نظام صعوبات المقاولة ،التي تضع إنقاذ المقاولة في الطليعة قبل كل شيء ،وتطرح جنبا القواعد التي تحول دون
ذلك.
-حياة متوكل ،م.س ،ص .178
3حكم المحكمة التجارية بفاس ،الصادر بتاريخ 11غشت ،7990منشور بجريدة اإلتحاد اإلشتراكي 71 ،شتنبر ،7990أشارت إليه حياة متوكل ،م.س ،ص .178
4حكم المحكمة التجارية بالرباط رقم ،711صادر بتاريخ ،1878/71/7في الملف ع .1878/18/781
5حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1881 /710الصادر بتاريخ ،1881/1/19ملف ع ،78/1887/891غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
36
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ويف نفس السياق ذهبت املحكمة التجارية بالدار البيضاء ،إىل فسخ مخطط التفويت معللة إياه مبا ييل" :يفسخ مخطط
التفويت ألن املجموعة املفوت إليها مل تف بإلتزاماتها املتعلقة بأداء اللمن ...وتفويت املقاولة من جديد بالنظر إىل املعطيات
والضامنات املتوفرة يف العرض الجديد.1"...
يستفاد من كل هذا أن القضاء املغريب ال يرتدد يف النطق بفسخ مخطط التفويت ،كلام كان هناك إخالل طال هذا املخطط
من جانب املفوت إليه ،سواء أكان اإلخالل يهم اإللتزامات املالية املتمللة يف عدم تسديد مثن التفويت ،أو ميس اإللتزامات
اإلجتامعية ،إال أن القضاء املغريب -وهذا يحسب له -مل يأخذ عدم تنفيذ اإللتزامات عىل إطالقه ،بل كلف نفسه عناء البحث
وراء األسباب الكامنة خلف عدم تنفيذها ،ويف هذا قضت املحكمة التجارية بطنجة ،بتبني مخطط آخر جديد مقرتح من طرف
الرشكة املفوت إليها ،نتيجة عدم تنفيذها ملخطط التفويت األصيل ،نظرا لكون سبب عدم تنفيذ املخطط املذكور ال يرجع
باألساس إىل الرشكة املفوت إليها ،وإمنا إىل أطراف أخرى والتي عرقلت تنفيذ الشطر األهم من املخطط املذكور.2
أما بخصوص الترشيع الفرنيس ،فإنه يطبق جزاء فسخ مخطط التفويت عند عدم إلتزام املفوت إليه بأداء مثن التفويت ،طبقا
للامدة L621-93من ق.ت.ف (املادة 90من قانون 75يناير 6955سابقا) دون التحدث عن باقي اإللتزامات األخرى.3
لكل هذه اإلعتبارات نرى ،أن التسوية القضائية بشطريها اإلستمرارية أو التفويت هي عبارة عن مخطط قضايئ ال يؤدي إىل
تحقيق أهدافه ،إال بإحرتام جميع مضامينه ،والتي من بينها حامية املصلحة اإلجتامعية العامة داخل املقاولة ،كفضاء إقتصادي
وإجتامعي لإلنتاج والتشغيل وتلبية رغبات املجتمع ،هذا فضال عن أن تدخل القضاء التجاري عرب مسطرة املعالجة ،قد يكون
مرغوبا فيه أكرث من أي جهة من طرف األجراء ،ما دام القضاء واضعا يده عىل امللف ويستهدف الحفاظ عىل املقاولة بكل
الوسائل املمكنة ،إضافة إىل أنه يف ظل م.ت ،مل يعد اإلهتامم ينصب عىل الديون ،وإمنا عىل إستمرار املقاولة والحفاظ عىل
مناصب الشغل ،وذلك نظرا للطابع املعييش لعقد الشغل بالنسبة لألجراء.
1حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1888/888بتاريخ ،1888/71/70ملف ع ،1888/810حكم غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
2حكم المحكمة التجارية بطنجة حكم رقم 71بتاريخ ،1881/71/78ملف رقم 81 /78 -18حكم غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
وقد ورد في حيثياته" :وحيث إنه يتضح من وثائق الملف أن شركة فندق سوالزور لم تعمد إلى تنفيذ المخطط المأمور به...وحيث إن سبب عدم تنفيذ المخطط
المذكور ال يرجع باألساس إلى الشركة المذكورة وإنما إلى أطراف أخرى والتي عرقلت تنفيذ الشطر األهم من المخطط المذكور...وحيث إن الغاية من سن قوانين
صعوبات المقاولة هو الحفاظ على المقاولة بإعتبارها الخلية األولى في النسيج اإلقتصادي الوطني وكذلك المحافظة على اليد العاملة للحد من نسبة البطالة...وحيث
إنه وبما أن المخطط الجديد...سيحقق كل أهداف المسطر ة من أداء الديون...والحفاظ على الوحدة الفندقية...والحفاظ على جميع مناصب الشغل وضمان حقوق جميع
العمال بدون إستثناء."...
3تنص المادة L621-93من ق.ت.ف ،على ما يلي:
"En cas de défaut de paiement du prix de cession, le tribunal peut, d'office, à la demande du commissaire à l'exécution du
"plan, du procureur de la République ou de tout intéressé, nommer un administrateur ad hoc dont il détermine la mission.
37
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تعترب التصفية القضائية شبحا يظل يهدد املقاولة املتوقفة عن الدفع ،1منذ رفع دعوى فتح املسطرة ،إىل غاية إقفال التسوية
القضائية التي تتم إما عن طريق إعتامد مخطط لإلستمرارية ،أو عن طريق إعتامد مخطط للتفويت كام مر معنا.
ذلك أن املحكمة التجارية ،املختصة ميكنها أن تنطق بالتصفية القضائية منذ البداية إذا تبني أن وضعية املقاولة مختلة بشكل
ال رجعة فيه ،كام ميكنها ذلك أثناء سري مسطرة التسوية القضائية ،بحيث ميكن لها أن تأمر يف أي وقت بتوقيف املقاولة عن
نشاطها جزئيا أو كليا والنطق بتصفيتها القضائية ،2سواء خالل فرتة إعداد الحل ،3أو بعد حرص مخطط اإلستمرارية ،أو بعد حرص
مخطط التفويت.4
وتقيض املحكمة بالتصفية القضائية إما من تلقاء نفسها ،5أو بناءا عىل طلب من رئيس املقاولة 6أو أحد الدائنني ،7أو النيابة
العامة أو السنديك أو أحد املراقبني وبناءا عىل تقرير للقايض املنتدب ،8واألصل أن صدور الحكم القايض بالتصفية القضائية
يؤدي إىل توقف نشاط املقاولة إبتداءا من هذا التاريخ ،ويرتتب عن توقف النشاط توقف رسيان جميع العقود املرتبطة باملقاولة
مبا فيها عقود الشغل ،غري أنه إستلناءا ميكن للمحكمة أن تأذن باإلستمرار املؤقت لنشاط املقاولة ،بغية تحقيق الغرض
األسايس من التصفية ال قضائية املتملل يف إنجاز األصول وتصفية الخصوم ،وتوزيع العائدات عىل الدائنني ،فإنجاز التصفية قد
يتعرض إىل التأخري ،نتيجة إما لطول اإلجراءات املعقدة ،أو لكرثة النزاعات التي تحيط مختلف مراحل التصفية ،والتي قد تدوم
سنة أو أكرث ،أسباب قد تجعل تجميد نشاط املقاولة أو أحد فروعها فرتة طويلة كارثيا يرض إما باملصلحة العامة أو ينعكس سلبا
عىل مصالح الدائنني.9
ومع ذلك تبقى إمكانية إستمرار النشاط ،وبالتايل إستمرار عقود الشغل (الفقرة األوىل) ،مرشوطة بتوفر الرشوط الالزمة لذلك
من خالل املادتني 170و 173من م.ت ،كام أن هذه اإلمكانية تبقى ذات طابع مؤقت أحيانا ومنعدم أحيانا أخرى ،مام يجعل
مصري عقود الشغل يف إطار التصفية القضائية هو الفسخ يف أغلب الحاالت (الفقرة اللانية).
1امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .718
2المادة 111من م.ت.
3المادة 198من م.ت.
4المادتان 181و 188من م .ت.
5المواد 118و 171و 111و 198و 191و 181و 179من م.ت.
6المادة 117من م.ت.
7المادة 118من م.ت.
8المادة 111من م.ت.
9أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة ،في قانون التجارة المغربي الجديد
والقانون المقارن ،الجزء الثالث ،في التصفية القضائية والقواعد المشتركة بين مسطرتي التسوية القضائية والتصفية القضائية والجزاءات التجارية والجنائية المتخذة
ضد مسيري المقاولة ،نشر وتوزيع دار نشر المعرفة الرباط ،السحب مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة األولى 7117هـ1888 /م ،ص .71
38
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا كان الغرض األسايس من التصفية القضائية ،هو إنجاز األصول وتصفية الخصوم ،وتوزيع العائدات عىل الدائنني ،فإن
تحقيق هذا الهدف قد يتطلب يف بعض األحيان ،كام سبق بيانه ،إستمرارية النشاط ولو أن املقاولة محكوم عليها بالتصفية
القضائية ،ويف هذا اإلطار فإنه ينبغي التمييز بني مسطرتني تهامن اإلستمرارية ،األوىل تتم يف إطار املادة 170من م.ت،
وهي التي تحتمها املصلحة (إما املصلحة العامة أو مصلحة الدائنني) ،أما اللانية فتجري وفقا للامدة 173من م.ت ،أو ما يعرف
بتقنية التفويت.
إن إستمرار نشاط املقاولة بعد الحكم بتصفيتها القضائية يعترب أمرا إستلنائيا ومؤقتا ،كام هو واضح من خالل إستقراء املادة
170من م.ت ، 1ويدوم هذا اإلستمرار خالل املدة التي تحددها املحكمة ،هذه األخرية التي تبقى لها السلطة التقديرية يف تبني
هذه اإلستمرارية من عدمها.2
عىل أن هذا اإلستمرار املؤقت لنشاط املقاولة ،ال يهدف إىل إنقاذ املقاولة من الصعوبات التي تعرتضها ،وإمنا يهدف إىل
متكني أجهزة املسطرة من تنفيذ عمليات التصفية 3يف أحسن الظروف ،4ومبا أن اإلستمرار املؤقت هو حل إستلنايئ ،فإن
1تنص المادة 118من م.ت ،على ما يلي" :إذا إقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين إ ستمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية ،جاز للمحكمة أن
تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا أو بطلب من السنديك أو من وكيل الملك.
وتطبق مقتضيات المادة 118خالل هذه الفترة ،بينما تطبق مقتضيات المادة 111على الديون الناشئة خالل هذه المدة.
يقوم السنديك بتسيير المقاولة مع مراعاة مقتضيات المادة "181
2أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،م.س ،ص .71
3الفقرة األولى من المادة 118من م.ت ،التي جاء فيها" :يكلف السنديك بتسيير عمليات التسوية والتصفية القضائية إ بتداء من تاريخ صدور حكم فتح المسطرة
حتى قفلها.
يسهر السنديك على تنفيذ مخطط اإلستمرارية أو التفويت.
يقوم السنديك بتحقيق الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب.
يتعين على السنديك بمناسبة القيام بمأموريته أن يحترم اإللتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة"
4تجدر اإلشارة إلى أنه يجب أال تتعدى مدة إستمرار نشاط المقاولة شهرين بالنسبة للقانون الفرنسي حسب ما تقضي به المادة L622.10من ق.ت.ف ،أما القانون
المغربي فترك أمر تحديدها للسلطة التقديرية للمحكمة ،لهذا نجد أن أحكام المحاكم المغربية تختلف في تحديدها لهذه الفترة إذ يستفاذ من أمر صادر عن المحكمة
التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ،1881/88/81في ملف التصفية ع ،891أمر عدد 1881/181في الملف رقم ،1881/79/111يستفاد منه أن هذه المدة إستمرت
78شهرا في المجموع إذ جاء في مرتكزاته" :بناءا على الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 1881 -1 -11تحت عدد 1881/711والقاضي بإستمرارية نشاط
الشركة أعاله لمدة ثالثة أشهر.
وبناءا على الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ ...1881 -81 -11والقاضي بإستمرارية نشاط الشركة أعاله لمدة ثالثة أشهر.
وبناءا على الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ ... 1881 -81 -79والقاضي بإستمرارية نشاط الشركة أعاله لمدة ثالثة أشهر" أمر غير منشور ،أنظر
الملحق رقم .7
مما يستشف منه أن التمديدات التي طالت فترة إستمرارية نشاط تلك الشركة الخاضعة للتصفية القضائية ،تصل في مجموعها إلى 78شهرا ،إبتداءا من تاريخ أول
حكم قضى بهذه اإلستمرارية وهو 1881/81/11إلى تاريخ 1881 -1 -79الذي يوافق نهاية آخر 8أشهر من التمديدات ،وما يمكن مالحظته هو طول هذه المدة
مع ما يستتبع ذلك من زيادة خصوم المقاولة ،ومن ضياع حقوق دائنيها وعلى الخصوص األجراء منهم ،على إعتبار أن ديونهم هذه ليست سوى أجور مترتبة بذمة
المقاولة ،فعلى المشرع المغربي مراعاة للطابع المعيشي لهذا األجر أن يسلك منحى المشرع الفرنسي بتحديد هذه المدة بمقتضى قواعد أمرة ،حفاظا على حقوق
األجراء خاصة وأن مشروع تعديل الكتاب الخامس قد أغفل تحديد هذه المدة.
في حين ذهبت نفس المحكمة -تجارية الدار البيضاء–" إلى الحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية مع إستمرارية المقاولة في نشاطها لمدة 1أشهر" حكم المحكمة
التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 1881/71/78في الملف رقم ،80/79/7811حكم غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
39
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املحكمة ال تأذن به إال إذا إقتضت مصلحة الدائنني ،1أو املصلحة العامة ذلك ،وبخصوص هذه األخرية فيمكن القول أن املرشع
املغريب ترك تحديد مفهومها للمحكمة ،وبالتايل ميكن إعتبار الحفاظ عىل مناصب الشغل ولو لفرتة محددة ،من قبيل املصلحة
العامة ،خصوصا أن إعفاء وفصل األجراء فجأة ،ميكن أن يؤدي إىل إضطرابات وإحتجاجات ،كام ميكن أن يؤدي إىل
إصابتهم بصدمة نفسية ومالية يكون من الصعب التغلب عليها وبرسعة ،2نفس اليشء بالنسبة لتقدير مصلحة الدائنني التي تبقى
هي األخرى خاضعة لتقدير قضاة املوضوع.
وهو نفس التوجه الذي تبنته املحكمة التجارية بالدار البيضاء 3يف حكم صادر عنها جاء فيه" :وحيث قررت املحكمة مراعاة
منها للمصل حة العامة ،وحفاظا عىل مناصب الشغل ملستخدمي املقاولة ،وتطبيقا ملقتضيات املادة 170من م.ت ،اإلذن بإستمرار
نشاط املقاولة ملدة ثالثة أشهر"...
ومن تم فإن عقود الشغل خالل هذه املرحلة تستمر ،ما مل يقم السنديك بإخطار األجراء بوضع نهاية لها ،طبقا ملقتضيات
املادة 523من م.ت ، 4لذلك ميكن القول أن تلك الحامية لعقود الشغل املراد تحقيقها من وراء تقرير إستمرارية نشاط املقاولة،
تظل حامية غري كافية ويشوبها النقص ،خصوصا أنها تتميز بطابع التأقيت ،كام أنها ال تضمن إستمرار عقود الشغل حتى يف
ظل املرحلة املؤقتة ،وذلك أمام وجود صالحية السنديك وسلطته يف إنهاء عقود الشغل أو اإلبقاء عليها.
مام يطرح معه التساؤل حول مدى تأثري تقنية التفويت الشامل يف إطار مسطرة التصفية القضائية ،عىل إستمرارية عقود
الشغل.
تعترب تقنية التفويت الشامل لوحدات ا إلنتاج ،من بني الحلول املناسبة إلنقاذ عقود الشغل والحفاظ عىل حقوق األجراء،
والحصول عىل مثن ي َّؤمن سداد ديون الدائنني إما كليا أو جزئيا ،وتقوم هذه التقنية عىل تفويت وحدات اإلنتاج سواء أكانت
م َؤلفة يف جزء أو مجموع األصول املنقولة أو العقارية.5
ففي هذه الح الة نجد أن األجراء الذين يشتغلون بوحدات اإلنتاج يبقون محميني ،رغم خضوع املقاولة ملسطرة التصفية
1
القضائية ،وحرصا من املرشع املغريب عىل أن تتم عملية التفويت يف جو من الشفافية واملصداقية ،فقد وضع إطارا تنظيميا
1تتمثل مصلحة الدائنين في مرحلة التصفية القضائية ،في تمكينهم من إستيفاء كل ديونهم ،أو على األقل جزء مهم منها من ثمن بيع أصول المقاولة ،فكلما تبين أن
اإلستمرار المؤقت قد يؤدي مثال إلى الحفاظ على القيمة التجارية ألموال المقاولة ،أو تصريف بعض البضائع المخزونة يمكن للمحكمة أن تأذن بذلك ولمدة تحددها.
2إذ كلما تبين للمحكمة من تلقاء نفسها ،أو للنيابة العامة أن التوقف المفاجئ لنشاط المقاولة من شأنه أن يؤدي إلى وقوع إضطرابات في صفوف األجراء ،أن تأذن
بإستمرار مؤقت لنشاط المقاولة فالمشرع الفرنسي عندما نص على هذا المقتضى-الذي إقتبسه منه المشرع المغربي -لم تخف عليه قضية مصانع "ليب" للساعات
التي هزت المجتمع الفرنسي في سنة ،7918عندما صدر حكم بالتصفية القضائية لمعامل صناعة الساعات "ليب" ،وتم إغالقها بصفة مفاجئة وإعفاء جميع أجراءها،
إال أنهم وعيا منهم بخطورة وآثار البطالة خرجوا إلى شوارع المدينة في مظاهرات عارمة متجهين نحو المصانع ليقرروا مواصلة العمل بأنفسهم.
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،م.س ،ص .70
3حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،رقم ،81/111بتاريخ ،1881/77/71في الملف رقم .7999 /78 /111
4عمر أزوكار ،م.س ،ص .91
5
Yves Chartier, droit des affaires, entreprise en difficulté, prévention, redressement, liquidation, 3éme partie 1er édition,
Presses Universités de FR , 1995. Paris. P 26.
40
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تنص عليه املادة 173من م.ت ،وتسمح هذه التقنية بالحفاظ عىل مناصب الشغل املرتبطة بالوحدة املف َّوتة ،وإحتفاظ األجراء
بحقوقهم يف مواجهة املالك الجديد.2
وميكن القول أن القضاء املغريب ،يعي مدى تأثري وخطورة التصفية القضائية عىل عقود الشغل ،وخري ملال عىل ذلك ،حكم
املحكمة التجارية بالدار البيضاء ،3والذي من خالله رجحت املحكمة التفويت الشامل للمقاولة املتعرثة ،رغم كون هذه األخرية
موضوع تصفية قضائية إذ جاء يف حيلياته "حيث إن القرار املتخذ يف شأن تفويت رشكة "ح" أملته ظروف الحال ،لكونها
تخضع راهنا ملسطرة التصفية القضائية مع إستمرارية نشاطها...وحيث إنه يكون من األجدى تفويت املقاولة ملا ميكن أن يحقق
من أهداف إجتامعية وإقتصادية ومالية...وحيث إن الرشكة املذكورة (املف َّوت إليها) إلتزمت بإعطاء األولوية واألسبقية فيام
يخص التشغيل ملستخدمي رشكة "ح"...وحيث إن هذا املعطى يفرض التفكري مليا يف رهانات املستقبل وآفاق التشغيل لفائدة
األجراء."...
كام صدر قرار عن محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء 4أيدت من خالله األمر الصادر عن القايض املنتدب بنفس
املحكمة 5والذي قىض بالتفويت الشامل لرشكة "ك" الخاضعة للتصفية القضائية مع إستمرارية نشاطها ،كام قىض بإلزام املفوت
لها بالحفاظ عىل جميع األطر واألجراء التابعني للرشكة املبيعة تحت طائلة أدائها لهم جميع ما سينهض لهم من مستحقات.
وبهذا يتضح لنا أن القضاء املغريب يضع نصب عينيه ،الحفاظ عىل إستقرار الشغل وتكريس حق األجراء فيه ،عىل الرغم من
قلة النصوص القانونية ،وعىل الرغم من إكراهات مسطرة التصفية القضائية التي تتطلب املوازنة بني جميع ومختلف املصالح،
هذه األخرية التي تزداد تضاربا أمام املقاولة التي تكون وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه ووضعها جد ميؤوس منه ،وبالتايل
تضمحل أو تنعدم فرصة التفويت الشامل لوحدات اإلنتاج ،إذ يف هذه الحالة ال مناص من بيع أصول املقاولة كل عىل حدة،
مام يعني بالرضورة اإلنهاء الكيل للوجود املايل والقانوين للمقاولة ،ومن تم فسخ وإنهاء عقود الشغل.
1حيث يسعى السنديك إلى الحصول على عروض التملك التي تأتيه من األغيار داخل األجل الذي حدده لهذه العملية ،ويكون العرض كتابيا مشتمال على البيانات
المتعلقة بالتوقعات الخاصة وبالنشاط والتمويل ،وكذا ثمن التفويت ،وكيفية سداده ،وتاريخ إنجازه ،ومستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني ويتم إيداع العروض
لدى كتابة الضبط ،ولقطع الطريق على أي تالعب أو تحايل على القانون منع المشرع ،المدين والمسيرين القانونيين أو الفعليين للشخص المعنوي ،وكذا األقارب أو
األصهار حتى الدرجة الثانية من أن يتقدموا للشراء.
2تجدر اإلشارة إلى أن إحتفاظ األجراء بحقوقهم في مواجهة المالك الجديد للمقاولة المفوَّ تة تفويتا شامال في إطار التصفية القضائية ،يجد سنده في المادة 79من
م.ش.
3أمر ع ،1881/181في ملف التصفية القضائية ع ،891بتاريخ ،1881-8-1في الملف رقم ،1881 /79 /111صادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية
بالدار البيضاء ،غير منشور ،أنظر الملحق رقم .7
4قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء ،قرار رقم ،1889 /198الصادر بتاريخ ،1889/7/71رقم الملف بالمحكمة التجارية ،180 /79/7811رقمه
بمحكمة اإلستئناف التجارية ،77/0/1181غير منشور أنظر الملحق رقم ،7وقد عللت المحكمة قرارها القاضي بعدم قبول اإلستئناف بالحيثية التالية" :حيث إستأنف
الطاعن بصفته مراقبا عاما ،أمر القاضي المنتدب لتفويت شركة "ذ" الخاضعة للتصفية القضائية ،...في إطار المادة ،...118وحيث إنه وإن كانت الفقرة السادسة
من المادة 118من م.ت ،تنص على أنه ،...فإنه بالرجوع إلى المادة 111من م.ت ،التي حددت صالحيات ومهام مراقبي الدائنين فال يوجد ضمنها ما يخولهم حق
تقديم الطعون ضد أوا مر القاضي المنتدب ،وحيث ال تكون بالتالي للطاعن ،...الصفة لتقديم اإلستئناف مما يتعين معه التصريح بعدم قبوله".
5أمر صادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت رقم ،80/7100بتاريخ ،1880/1/1في الملف رقم .1880/79/7811
41
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا تبني للمحكمة التجارية ،من خالل التقرير الذي أعده السنديك ،ومن خالل املشاورات التي تجريها مع املرتبطني
باملقاولة ،وبعد إستامعها -إن إقتىض الحال -لرأي الخرباء ،أن وضعية املقاولة ال أمل يف عالجها ،وأن إستمرار نشاطها أصبح
مستحيال سواء مع رئيسها األصيل أو مع آخر جديد ،فإنها تقرر التصفية القضائية يف حقها ،وأمام هذا الوضع فإنه من الناذر أن
يستمر عقد الشغل يف الرسيان ،طاملا أن التصفية القضائية ستؤدي يف نهايتها إىل إقبار املقاولة وهو ما معناه إنهاء عقود الشغل
املرتبطة بها.
من هنا يطرح التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق اإلجراءات املتعلقة بإغالق املقاولة يف حالة التصفية القضائية (أوال) ،وتأثري
هذا اإلغالق عىل عقود الشغل (ثانيا).
يعد اإلغالق ظاهرة حديلة وعىل درجة من الخطورة تندرج حسب نوعية اإلغالق نفسه ،فاإلغالق كمظهر من مظاهر
خالفات الشغل الجامعية هو توقف جامعي تام للمؤسسة ،أو أجزاء منها يلجأ إليه املشغل يف حالة وقوع نزاع جامعي مع
األجراء يصعب حله بالطرق السلمية ،وإذا كان هذا النوع من اإلغالق ال يؤدي إىل إنهاء عقود الشغل ،وإمنا يوقف تنفيذها،
فإن اإلغالق النهايئ للمقاولة يف حالة التصفية القضائية ،ينتج عنه إنهاء عالقات الشغل وإعفاء األجراء ،مام يجعل منه إجراءا
خطريا من شأنه املساس باإلستقرار والسلم اإلجتامعي ،لذلك أحاطه املرشع املغريب بسياج من الرشوط ال يستقيم بدون توفرها.
بالرجوع إىل املادة 19من م.ش ،1يتضح أنها وضعت مسطرة دقيقة يجب عىل املشغل إحرتامها إلغالق املقاولة ،بحيث ال يتم
هذا األخري إال يف حالة إستحالة مواصلة النشاط ،ومصطلح اإلستحالة هنا ال يجب أن يعترب قوة قاهرة ،ألن األزمات
اإلقتصادية هي أزمات متوقعة ولصيقة بالنشاط اإلقتصادي ،مام يفرض عىل املشغل توقعها ،فالتصفية القضائية ال تشكل قوة
قاهرة وال حادثا فجائيا ،2إىل جانب كون اإلغالق أدى إىل إعفاء األجراء ،بحيث ال تطبق مسطرة اإلغالق إال إذا كان مصحوبا
بإعفاء األجراء من شغلهم مام يفيد أن اإلغالق املقصود هو اإلغالق النهايئ للمقاولة وليس اإلغالق املؤقت.
ثم إضافة إىل ذلك رضورة الحصول عىل إذن عامل العاملة أو اإلقليم.
إن مقت ضيات من هذا القبيل ،ورغم عدم إنسجامها مع فلسفة وروح قانون صعوبات املقاولة ،فإنه مع ذلك ال ميكن غض
الطرف عنها ،ففي حالة عدم إحرتام اإلجراءات السابقة يعترب الفصل تعسفيا ،طاملا أن مراقبة القضاء تبقى قامئة للتأكد من
إحرتام مسطرة إعفاء األجراء نتيجة إغالق املقا ولة يف حالة التصفية القضائية ،حيث أصبغ القضاء املغريب عىل اإلجراءات
1تنص المادة 19من م.ش ،على ما يلي" :ال يسمح بإغالق المقاوالت أو اإلستغالالت المذكورة في المادة 11أعاله ،كليا أو جزئيا ،ألسباب غير األسباب الواردة
في نفس المادة ،إذا كان سيؤدي إلى فصل األجراء ،إال في الحاالت التي يستحيل معها مواصلة نشاط المقاولة ،وبناء على إذن يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم طبقا
لنفس المسطرة المحددة في المادتين 11و 11أعاله".
2قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 7118بتاريخ 7991-71-18في الملف اإلجتماعي عدد ،91/1/7189منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى
عدد ،11 -18السنة ،17يوليوز ،7999ص .811
42
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
اإلدارية املحددة يف املادتني 11و 12من م.ش صبغة النظام العام ،إذ إعترب هذا األخري "أن خرق املشغل اإلجراءات الشكلية
لإلعفاء الكيل لألجراء كام حددها مرسوم 6912/05/64واملتصلة بالنظام العام يغني املحكمة عن بحث يف مدى حقيقة األسباب
اإلقتصادية املدعى بها ويجعل الفصل الجاري يف حق املدعي تعسفيا".1
بالرجوع إىل مقتضيات القانون الفرنيس وبالضبط املادة ،L622-5نجدها تنص عىل أن اإلعفاء الذي يبارشه املصفي " le
"liquidateurتطبيقا للقرار القايض بالتصفية القضائية ،يخضع ألحكام املادتني L321-8و L321-9من قانون العمل ،وهو ما
معناه أن يكون هذا اإلعفاء مسبوقا بإستشارة ممليل األجراء وإخبار السلطة اإلدارية ،كام يتعني إجراء الفصل داخل خمسة عرش
يوما من تاريخ الحكم بالتصفية ،تحت طائلة املسؤولية املدنية للمصفي عن مستحقات األجراء.2
أما بالنسبة للوضع يف املغرب ،فإنه وإن كنا نشاطر الرأي القائل 3بكون اإلحالة الواردة يف املادة 597من م.ش ،ال ترتبط
باملقاولة املوجودة يف حالة تصفية ،إمنا تهم فقط حالة حرص مخطط اإلستمرارية امل ُرفق بعملية توقيف أو إضافة أو تفويت بعض
قطاعات النشاط ،إال أنه نرى حفاظا عىل حقوق األجراء ،أال مانع من تعميم اإلحالة املذكورة 4لتشمل أيضا حاالت اإلعفاء التي
تقع أثناء اإلغالق النهايئ للمقاولة عند صدور حكم نهايئ بالتصفية القضائية ،وسندنا يف ذلك أن القضاء املغريب مملال يف
محكمة النقض يعترب أن التصفية القضائية ال تشكل قوة قاهرة وال حادثا فجائيا ،5وال تحول دون مطالبة األجري بحقوقه املخ َولة
له مبقتىض عقد الشغل ،وأنه وإن كان املرشع املغريب قد خول للمقاولة يف هذه الحالة الحق يف فصل وإعفاء األجراء ألسباب
إ قتصادية وفق مسطرة محددة ،إال أن ذلك ال يخول لها التهرب من تعويض األجراء عمال مبقتضيات مدونة الشغل.6
وميكن القول أن القواعد املطبقة عىل فصل األجراء باملقاولة الخاضعة للتصفية القضائية ،تختلف بحسب ما إذا تم تقرير
الفصل قبل مواصلة تنفيذ العقد أو بعد مواصلة تنفيذه ،فاإلعفاء الذي يتم خالل مامرسة حق الخيار يخضع ملقتضيات مدونة
1حكم المحكمة اإلبتدائية بأكادير ،بتاريخ 88مارس ،7990أشار إليه ،عبد اللطيف خالفي ،اإلجتهاد القضائي في المادة اإلجتماعية ،المطبعة والوراقة الوطنية،
الطبعة األولى ،1887ص .11
2
Philippe pétel, procédures collectives, 5éme Edition 2006, Dalloz, p 143.
3نعيمة الغاشي ،م.س ،ص .718
4وال بأس من التذكير بكون اإلحالة التي وردت بالمادة 191من م.ت ،هي إحالة على ضرورة تطبيق مقتضيات مدونة الشغل المغربية ،على كل إنهاء لعقود الشغل
يكون كنتيجة للقرارات التي يتم إتخاذها بمناسبة مخطط اإلستمرارية ،لذا نرى أنه من األحرى أن تشمل هذه اإلحالة كذلك – رغم صراحة النص– حاالت اإلعفاء
بمناسبة التصفية القضائية ،ألن القول بغير هذا من شأنه اإلضرار باألجراء إذ أنهم ال محالة عرضة للبطالة نتيجة تصفية المقاولة ،فأمام هذا المعطى وجب تمتيعهم
بالحماية التشريعية لمدونة الشغل ال العكس ،لذا بات من الضروري أن يتدخل المشرع المغربي للتنصيص صراحة على شمول هذه الحالة من ضمن الحاالت التي ال
مفر من شمولها بمقتضيات مدونة الشغل ،عوض ترك األمر لإلجتهاد القضائي ،رغم أن هذا األخير سوف لن يتوانى في تقرير تلك الحماية.
5قرار صادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 7118بتاريخ 7991 /71 /18في الملف اإلجتماعي عدد 91/7/1/7189منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى ع ،11 -18السنة 17يوليوز ،7999ص .811
6وبناءا على ذلك فإنه ال يمكن للمحكمة رفض دعوة األجير من أجل أداء األجور ،أو التعويض عن إنهاء عقد الشغل ،بعلة أن المقاولة توجد في أزمة إقتصادية
طالما أن هذه األخيرة ال تعتبر قوة قاهرة ،وفي نفس الوقت ال يمكن إرغام مقاولة ما على فتح أبوابها في وجه األجراء ،في وقت تكون فيه وضعيتها مختلة بشكل ال
رجعة فيه ،أمام هذا الوضع يمكن القول أن على القاضي أن يكون ملما من جهة بل ومتمكنا من قانون الشغل ،ومن جهة أخرى أن يستطيع تفهم صعوبات المقاولة
عبر سبر أغوارها ،مما يعيد إلى الواجهة التساؤل الذي سبق أن طرحناه حول مدى تمكن القاضي التجاري من ثغرات قانون يو َكل أمر تطبيقه لقسم من أقسام
المحاكم اإلبتدائية ،على أن أعلى درجة من درجات الطعن فيه تتكلف به غرفة من غرف محكمة النقض "الغرفة االجتماعية".
43
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
التجارة يف باب صعوبات املقاولة ،ذلك أن السنديك غري ملزم بإحرتام الرشوط الشكلية املنصوص عليها يف مدونة الشغل ،1أما
قيام السنديك بتنفيذ اإلنهاء بعد مامرسة حق الخيار ،فيستلزم بالرضورة إحرتام الضوابط الخاصة باإلنهاء الفردي ،أو الخاصة
بالفصل ألسباب إقتصادية ،وعليه فعندما تقرر املحكمة التصفية القضائية فإن اإلعفاء يتم بصفة جامعية سواء باإلستناد إىل
مقتضيات قانون صعوبات املقاولة ،أثناء فرتة اإلستمرار املؤقت لنشاط املقاولة الخاضعة للتصفية القضائية ،أو باإلستناد إىل
مقتضيات مدونة الشغل بعد التوقف الفوري للنشاط.2
يف الختام ،يتضح أن مرحلة توقف املقاولة عن الدفع ،تتميز بهيمنة وسيطرة القواعد الخاصة الواردة يف مدونة التجارة ،وال
تلعب القواعد املنصوص عليها يف مدونة الشغل إال دورا محدودا ،فاملرشع التجاري خول للمحكمة التجارية سلطات واسعة
إلنهاء عقود الشغل ،للتخفيف من اإللتزامات املالية للمقاولة ،كتدبري لتسوية وضعيتها ،فباإلضافة إىل الحامية املتواضعة التي
توفرها مقتضيات مدونة الشغل ،جاءت م.ت مبقتضيات أكرث خصوصية لحامية املصالح اإلقتصادية للمقاولة ضدا عىل املصالح
اإلجتامعية لألجراء ،فالفصل الذي يتم يف إطار املساطر الجامعية بسبب الصعوبات املالية واإلقتصادية ،يجب أن تصاحبه
تدابري جريئة لحامية األجراء من اإلقصاء والتهميش ،وإذا كان ال بد من إنهاء بعض عقود الشغل إنقاذا للمقاولة ،فإنه من
الرضوري إقرار تعويض عادل لألجراء ،وهو ما يدعونا للتساؤل عن مدى رقي التعويضات الناجمة عن إنهاء عقود الشغل ،إىل
مستوى جرب الرضر الحاصل لألجري من جراء فقد منصب شغله؟ وعن ما قدمه املرشع لألجراء من ضامنات تخولهم إستخالص
ديونهم؟ هذا ما سيتم توضيحه من خالل املبحث اللاين.
1إن القول بعدم إلزام السنديك بقانون الشغل نحصرها في الضوابط واإلجراءات الشكلية المتطلبة قانونا أي "مسطرة إعفاء األجراء ألسباب إقتصادية أو تكنولوجية"
نظرا للتعارض الذي يمكن أن يحصل بين مسطرتين قانونيتين األولى تتطل ب نوعا من السرعة والتفرغ لها من طرف القائم بها إلنقاذ ما يمكن إنقاذه بالمقاولة
المتعثرة (مسطرة المعالجة) والثانية تغرق القائم بها في إجراءات مسطرية دقيقة وحضور إجتماعات ماراطونية (إن صح التعبير) قصد إستصدار إذن باإلعفاء (إن
هو صدر) وبالتالي حبذا لو تدخل ا لمشرع ونظم مسطرة اإلعفاء ألسباب إقتصادية خالل مساطر صعوبات المقاولة إلضفاء طابع المرونة ،وحرصا على حماية
حقوق جميع األطراف كما فعل نظيره الفرنسي.
2بوشتى الزياني ،م.س ،ص .718
44
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يعد عقد الشغل من العقود التبادلية ،إذ أنه يرتب إلتزامات تبادلية بني طريف عالقة الشغل األجري واملشغل ،حيث يلتزم األول
بأداء العمل املتفق عليه ،يف حني يتعهد اللاين بإعطائه أجرا نظري ذلك العمل ،وإنطالقا من التعريف الذي أعطي لألجر،1
تظهر أهميته البالغة بالنسبة لألجري 2الذي يعتمد عليه يف غالب األحيان إعتامدا كليا يف معيشته ومعيشة أرسته ،كام أنه غالبا
ما ال يشتغل إال ألنه يطمح يف الحصول عىل هذا األجر ،وهذا ما يجعله يف مركز تبعية إقتصادية إىل جانب التبعية القانونية.3
عىل أن أهمية األجر يف حياة األجري تتضح بشكل جيل عند التوقف عن أداءه بغض النظر عن سبب هذا التوقف ،إذ من
شأن هذه الوضعية أن تخلق إضطرابا عىل مستوى إستقرار حياة األجري ،ولعل أهم وأخطر سبب يؤدي باملقاولة إىل تلك
الوضعية هو دخولها يف صعوبات مالية أو إقتصادية ،وبالتايل خضوعها ملساطر صعوبات املقاولة ،فبمجرد صدور حكم فتح
املسطرة يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،يتأثر املركز القانوين لألجري شأنه يف ذلك شأن باقي الدائنني ،كنتيجة لخضوعه
للقواعد اإلجرائية واملسطرية لنظام صعوبات املقاولة.
وإذا كان األمر عىل هذا النحو ،فإنه ينبغي إحاطة إلتزام املشغل بأداء األجر-ويف الوقت املناسب -بسياج من الضامنات
القانونية ،لذلك قام املرشع املغريب بإحاطة دين األجر بحامية خاصة ،من خالل إقراره آلليات قانونية من شأنها ضامن أداء
ديون األجراء املرتتبة يف ذمة املقاولة املفتوح ضدها مساطر الصعوبات ،عرب مختلف مراحل هذه املساطر ،إال أنه رغم هذا
التدخل الترشيعي لحامية األجور وتأمني الوفاء بها ،فإن هذا التدخل يتسم بطابع املحدودية ،إذ أبانت تلك الضامنات يف بعض
األحيان عن قصور وضعف وظيفتها الحامئية ،بعد اإلحتكاك بالواقع العميل.
لذلك وجب تبيان ضامنات أداء ديون األجراء يف مواجهة املقاولة املتعرثة (الفرع األول) قبل الوقوف عىل مكامن الخلل
ومحدودية تلك الضامنات الترشيعية (الفرع اللاين).
1أمام عدم تعريف المشرع المغربي لألجر ذهب الفقه إلى القول ":األجر ليس فقط ما يؤ ديه المشغل لألجير نظير قيامه بالعمل المتفق عليه ،وإنما هو كل ما يدخل
في الذمة المالية لألجير نظير قيامه بالعمل وبمناسبته سواء أداه المشغل شخصيا ،أو أداه غيره من المتعاملين مع المحل الذي يشتغل فيه ،وذلك أيا كان نوعه ،وأيا
كانت التسمية التي تطلق عليه ،وأيا كانت الطريقة التي يتحدد بها ،وكيفما كان شكل وطبيعة عقد الشغل"
-عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول عالقات الشغل الفردية ،المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى ،1881ص .101
2يمكن القول أن أهمية األجر تتجلى في كونه أصبح في الوقت الحالي يضطلع بوظيفة إجتماعية معيشية ،وهذا التصور الجديد لألجر ولوظيفته هو الذي يبرر منح
األجير جملة من التعويضات واألداءات ،بصرف النظر عن تقديمه ألي عمل لفائدة المشغل ،وذلك من قبيل التعويضات العائلية ،والتعويضات واإليرادات عن
حوادث الشغل واألمراض المهنية ،والتعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها ،وراتب الزمانة أو راتب الشيخوخة ،فاألجر اليوم ومع بقائه متوقفا على مدة الشغل
ونوع الخدمات المؤداة لصالح المشغل ،صار ينظر إليه بمعيار الغاية منه وهي ضمان حد أدنى من وسائل العيش الكريم.
-لمزيد من التفصيل حول مفهوم وأهمية األجر أنظر :
-عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء ،م.س ،ص 108وما يليها.
3محمد الكشبور ،عناصر عقد الشغل في التشريع اإلجتماعي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة الثانية ،7998ص .10
45
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا كان توفري الضامنات القانونية ألداء األجور ،ال يطرح بشكل كبري بالنسبة للمقاوالت التي تشهد إنتعاشا ماليا وإقتصاديا،
فإن هذه الضامنات تصبح رضورة ملحة يف الحالة التي تدخل فيها املقاولة يف صعوبات ،وتصبح متوقفة عن الدفع ،ألن األجري
يصبح هو اآلخر إىل جانب باقي الدائنني مهدد بعدم إستيفاء دينه ،الذي ترتب له يف ذمة املقاولة التي تشهد صعوبة ،واملفتوحة
يف حقها مسطرة من مساطر املعالجة ،والتي تتملل إما يف اإلستمرارية أو التفويت أو التصفية.
لذلك سنعرض ملختلف الضامنات التي سنها املرشع ألداء ديون األجراء يف الحالة التي تكون فيها املقاولة خاضعة ملساطر
صعوبات املقاولة ،عىل أن يتم ا لتمييز بني األجور املستحقة لهم يف الفرتة السابقة إلختيار الحل الكفيل بتسوية وضعية املقاولة،
أي خالل مرحلة إعداد الحل (مطلب أول) وتلك املستحقة لهم بعد إختيار الحل الذي إرتأته املحكمة مالمئا ملا تعرتي املقاولة
من صعوبات ،واملتملل إما يف اإلستمرارية أو التفويت (مطلب ثاين) والكل مع إستحضار وإبراز توجه العمل القضايئ يف
املوضوع.1
1ما من شك أن الحلول التشريعية المتاحة أمام المحكمة ،إلختيار أنسبها لوضعية المقاولة ،تتمثل في ثالثة حلول وهي إما اإلستمرارية أو التفويت أو التصفية ،إال
أننا سنتحدث في هذا المقام عن ديون األجراء المستحقة لهم بمناسبة اإلستمرارية والتفويت فقط دون الحديث عن تلك الواجبة لهم بمناسبة تبني التصفية القضائية ،إذ
سنر جئ الحديث عنها إلى حين التطرق لمحدودية ضمانات أداء ديون األجراء بمناسبة إنهاء عقد الشغل ضمن المطلب الثاني من الفرع الثاني من هذا المبحث ،على
إعتبار أن التصفية القضائية غالبا ما تؤدي إلى وضع حد لعقود الشغل اللهم إال في حالة "التفويت الكلي" كما مر معنا سابقا ،وهو ما تطرح معه مسألة أداء
تعويضات األجراء المستحقة لهم.
46
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تعترب فرتة إعداد الحل أخطر مرحلة ،ألنه عىل ضوئها يتحدد مآل املقاولة ،كام سبقت اإلشارة إىل ذلك ،ولعل هذه اإلعتبارات
هي التي جعلت املرشع املغريب من خالل املادة 526من م.ت ،يقرر إستمرارية نشاط املقاولة بعد إصدار حكم التسوية القضائية،
ويرتتب عن هذا اإلستمرار إلتزام رئيس املقاولة أو من يقوم مقامه ،1باإلستمرار يف تنفيذ اإللتزامات الناشئة عن مختلف العقود
املربمة ،وخاصة اإللتزام بأداء األجور طبقا للقواعد املنظمة لها.2
إال أن الصعوبات املالية واإلقتصادية ،التي تعاين منها املقاولة خالل رسيان املساطر ،قد تؤثر عىل إستمرار رئيس املقاولة يف
أداء األجور ،هنا يطرح التساؤل حول حجم ضامنات أداء أجور األجراء؟ سواء منها الناشئة قبل فتح املسطرة (فقرة أوىل) وتلك
التي إستحقوها بعد الحكم بفتح املسطرة مبناسبة إستمرارهم يف أداء الشغل؟ (فقرة ثانية) فهل تبقى خاضعة ألحكام مدونة
الشغل؟ أم هناك قواعد خاصة منصوص عليها يف قانون صعوبات املقاولة ،تنظم أداء األجور وتضمن الوفاء بها؟
يعترب تحديد تاريخ نشأة الدين ذا أهمية بالغة يف قانون صعوبات املقاولة ،فمصلحة الدائن عموما واألجري خصوصا تكمن يف
أن يتمسك بنشوء الدين بعد صدور حكم فتح املسطرة حتى يستفيد من النظام التفضييل املطبق عىل الديون الناشئة بعد إفتتاح
املسطرة ، 3أما مصلحة رئيس املقاولة فتتملل يف أن يتمسك بنشأة الدين قبل فتح املسطرة حتى يستبعد تطبيق القواعد التفضيلية
املطبقة عىل الديون الناشئة بعد صدور حكم التسوية.
فالدين يعترب سابقا لصدور حكم فتح املسطرة ،إذا نشأ بصفة قانونية قبل هذا التاريخ ،4ورغم إعتبار األجراء من ضمن الدائنني
الناشئة ديونهم قبل صدور الحكم القايض بفتح املسطرة ،إال أنهم مع ذلك يختلفون عن هؤالء بكونهم ال يلزمون بالترصيح
1فرئيس المقاولة األصلي يكون مسؤوال عن تنفيذ اإللتزامات الناشئة عن العقود ،خالل مرحلة الوقاية وخالل فترة إعداد الحل وبعد إعتماد مخطط اإلستمرارية،
وذلك طبعا حسب نوع التسيير الذي تخضع له المقاولة خال ل هذه المراحل ،ذلك النوع من التسيير الذي تحدده المحكمة منذ الوهلة األولى من خالل حكم فتح
المسطرة.
2ي تعلق األمر على وجه الخصوص بقواعد قانون الشغل المنظمة لزمان ومكان الوفاء باألجر ،والقواعد المنظمة لوسائل إثبات الوفاء به ،وتلك المنظمة لتأمين الوفاء
به.
-بوشتى الزياني ،م.س ،ص .711
3تبعا لمقتضيات المادة 111من م.ت التي جاء فيها " :يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية باألسبقية على كل ديون أخرى."..
4ويتم تحديد الصفة القانونية لنشوء الدين ،عن طريق الواقعة المنشئة له ،أي الواقعة ا لتي ينتج عنها اإللتزام بالدفع القانوني وهي تاريخ تنفيذ الشغل أو وقت أداءه
بغض النظر عن تاريخ حصول اإلستحقاق ،فإذا تم تنفيذ الشغل قبل صدور حكم التسوية فإن الدين يعتبر ناشئا قبل هذا التاريخ رغم إستمرار تنفيذ الشغل بعد صدور
الحكم ،بمعنى أن أداء الشغل يمكن أن يتم قبل فتح المسطرة ويستمر إلى ما بعد صدور الحكم ،ففي هذه الحالة يعتبر أن جزءا من الدين نشأ قبل إفتتاح المسطرة،
والجزء اآلخر قد نشأ بعدها.
- Gilles endréo, règlement amiable et concordat, procédures collectives, Juris classeur 1998 , P 223.
47
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بديونهم إىل السنديك 1وبالتايل فاألجراء ال يخضعون بهذا الخصوص للمقتضيات املنصوص عليها يف املواد من 151إىل 190
من م.ت ،ولدراسة وضعية ومصري ديون األجراء املستحقة لهم خالل هذه الفرتة يف القانون املغريب ،فإنه من الرضوري إجراء
مقارنة له مع غريه من الترشيعات وباألخص الترشيع الفرنيس ،من خالل توضيح موقف هذا األخري من املوضوع ،بغية الوقوف
عىل مدى واقعية ضامن أداء تلك الديون وفق الترشيع املغريب.
يلزم املرشع الفرنيس املحكمة مصدرة الحكم القايض بفتح مسطرة املعالجة ،رضورة دعوة لجنة املقاولة ،وعند عدم وجودها
مندويب األجراء أو األجراء أنفسهم ،إىل تعيني مملل عنهم يتوىل تحصيل الديون املتعلقة بعقود الشغل ،بحيث ال تتداخل مهمة
هذا اململل مع مهمة الهيئات القانونية األخرى اململلة لألجراء داخل املؤسسة ،التي ت ُعترب املخاطَب الرسمي الذي يتم إرشاكه
يف عملية تسيري املسطرة وإتخاذ القرارات املصريية بالنسبة للمقاولة ،2وترجع لهذا اململل مسؤولية تأسيس ووضع قامئة ديون
األجراء وذلك بهدف تعجيل هذه العملية ،وبالتايل عدم عرقلة سري املساطر الجامعية.3
وتبعا ملقتضيات املادة L625-1من ق.ت.ف ،التي يعود أصلها للامدة 673من قانون 75يناير ،6955فإن مملل الدائنني يتمتع
بدورين ،4فهو من يتحقق من جميع الديون املتعلقة باألجور ،وبعد ذلك يقوم بإعداد قامئة بالديون املتحقق من قيمتها ،وإبعاد
كل الديون غري الناتجة عن عقد الشغل ،وكذلك الديون غري املوثوق من صحتها لعدم اإلدالء بوثائق ثبوتية لها.
ويعتمد يف ذلك عىل املعلومات املقدمة له من طرف رئيس املقاولة ،ومملل األجراء املعني من طرف املحكمة ومن األجراء
أنفسهم ،وقد ألزم املرشع الفرنيس مملل الدائنني برضورة وضع قوائم الديون مبجرد إعدادها وكل الوثائق الرضورية رهن إشارة
مملل األجراء تبعا ملا تقيض به املادة L625-2من ق.ت.ف ،5وميكن القول أن هذه اإلمكانية املمنوحة ململل األجراء ال تعدو أن
تكون مجرد دعوة لإلطالع ،وليست مشاركة يف تحقيق الديون ،ذلك أن هذه العملية مسندة بالدرجة األوىل إىل وكيل
الدائنني ،وال ميلك مملل األجراء تعديل تلك القوائم إذ يكتفي فقط بوضع توقيعه عليها ويف حالة رفض التوقيع يتم الرجوع
إىل القايض املنتدب لتقرير مدى صحة إدعاء مملل األجراء.
1محمد البعداوي ،حماية حقوق المأجورين بالمقاولة المشتغلة الخاضعة لمسطرة المعالجة في قانون مدونة التجارة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،ع ،18
ماي/يوليوز ،1888ص .718
2
Michel Jeantin & Paul le cannu, droit commercial, entreprises en difficulté. Dalloz, 7 éme édition, Novembre 2006, P675.
3
Yves Chartier, Op. Cit, P 221.
4
Alain lienhard, sauvegarde des entreprises en difficulté, le nouveau droit des procédures collectives, Dalloz, 1 er édition
janvier 2001, P 165.
5تنص المادة L625.2من ق.ت.ف ،على ما يلي :
"Les relevés des créances résultant des contrats de travail sont soumis pour vérification par le mandataire judiciaire au
représentant des salariés mentionné à l'article L. 621-4. Le mandataire judiciaire doit lui communiquer tous documents et
informations utiles. En cas de difficultés, le représentant des salariés peut s'adresser à l'administrateur et, le cas échéant,
saisir le juge-commissaire. Il est tenu à l'obligation de discrétion mentionnée à l'article L. 432-7 du code du travail. Le temps
passé à l'exercice de sa mission tel qu'il est fixé par le juge-commissaire est considéré de plein droit comme temps de travail
"et payé par l'employeur, l'administrateur ou le liquidateur, selon le cas, à l'échéance normale
48
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
"يقوم القايض املنتدب بالتأشري عىل قوائم الديون: التي جاء فيها أنه،ف.ت. من قL625-1 إال أنه بالرجوع إىل املادة
ميكن القول أن القايض املنتدب ال ميلك سلطة تعديل القوائم التي أعدها مملل الدائنني كام هو1"الناشئة عن عقد الشغل
ويرجع سبب حرمان القايض املنتدب يف الترشيع الفرنيس من،ils sont visés par "واضح من عبارة "ي َؤرش عليها من طرف
وتظهر هذه الرغبة يف هذا، إىل رضورة اإلرساع يف تسوية هذه الديون،مامرسة رقابته عىل القوائم الخاصة بديون األجراء
من أن يتم أداء الديون التي تحظى باإلمتيازات املقررة مبقتىض،2ف.ت. من قL625-8 اإلرساع من خالل ما أوجبته املادة
وبالرجوع ملقتضيات هاتني املادتني نجدهام تقرران اإلمتياز لديون األجراء، داخل أجل عرشة أيام، L143.11 وL143.10 املواد
. يوما السابقة عن فتح املسطرة10 وذلك ملدة،السابقة عن فتح املسطرة باملقاولة الخاضعة ملسطرة التسوية
، أن ميارس رقابته عىل قوائم ديون األجراء خالل أجل عرشة أيام،كام أنه من الناحية العملية يستعيص عىل القايض املنتدب
وهذا ما ال يستطيع، كإستدعاء األطراف واإلستامع إليهم،ألن القيام بهذه املهمة يتطلب اإلستعانة بجميع عنارص التحقيق
لذلك ترجع مسألة، وعىل هذا األساس يقترص دوره فقط عىل التأشري عىل هذه القوائم،القيام به خالل هذا األجل القصري
.3التحقيق من قيمة ديون األجراء وتسجيل املالحظات الرضورية إىل مملل الدائنني مبعية مملل األجراء
، عىل نرش وإشهار قامئة ديون األجراء يف جريدة مختصة بنرش اإلعالنات القانونية،عالوة عىل ذلك يعمل مملل الدائنني
حيث يحق لهم،هذا اإلعالن يخرب فيه األجراء بأنه قد تم إيداع قامئة ديونهم بكتابة ضبط املحكمة املفتوحة أمامها املسطرة
يكون داخل، غري أن أجل املنازعة وكام ذهبت إىل ذلك محكمة النقض الفرنسية،املنازعة يف ما تضمنته الئحة تلك الديون
49
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أجل شهرين من تاريخ إخبار مملل الدائنني لألجراء بتلك الالئحة ،وليس من تاريخ نرشها ،1وتكون املنازعة يف الدين من
إختصاص املحاكم اإلجتامعية ،وترفع ضد ممليل الدائنني مع إمكانية حضور مملل األجراء ،سواء تعلق األمر بديون تم
تحقيقها ،أو بديون مل يتم إدراجها أصال ضمن الالئحة.2
وبهذا يتضح أن القانون الفرنيس سواء من خالل قانون الشغل ،أو من خالل القانون التجاري قد أوىل عناية خاصة ،وأهمية
كربى للديون املستحقة لألجراء والناشئة لهم قبل فتح املسطرة ،وألزم اإلرساع يف رصفها لهم ،وتتجىل هذه األهمية وذلك
اإلهتامم منذ البداية وذلك عرب إقحامهم يف مسطرة تحقيق الديون املستحقة لهم ،فامذا عن موقف املرشع املغريب.
األصل أن القواعد العامة ال متيز بني الديون الناشئة قبل فتح املساطر الجامعية وبني الديون الناشئة بعدها ،بحيث تخضع
جميعها لنفس القواعد ،كام أنها ال متيز بني األنواع املختلفة من الديون ،فالديون الناشئة عن عقود الشغل ُوضعت عىل قدم
املساواة ،تخضع شأنها شأن باقي الديون األخرى لقانون العقود.
إال أن م.ت نصت عىل مقتضيات خاصة تنظم تسوية الديون ،حيث ألزمت جميع الدائنني الناشئة ديونهم قبل فتح املسطرة،
بالترصيح بها أمام السنديك 3يف أجل محدد حتى يتسنى لهذا األخري تحقيقها ،مع إستلناء الديون الناشئة لألجراء بحيث جعلها
معفاة من الترصيح ،4وباملقابل جعلها تخضع لعملية التحقيق شأنها يف ذلك شأن باقي الديون األخرى ،فهل رشعت هذه
القواعد من أجل خدمة مصلحة األجري أم من أجل خدمة مصلحة املقاولة؟
ما يالحظ يف هذا اإلطار أن إعفاء األجري من الترصيح بالديون الناشئة له كأجر ،قبل فتح املساطر الجامعية قد يخفف عليه
اإللتزام باإلجراءات الصارمة الواجب التقيد بها سواء من حيث األجل أو من حيث اإلثبات ،إذ أن األجري غالبا ما ال يهتم كلريا
1
Cour de cassation. Soc 25 janvier 2002, recueil. Dalloz. hebdomadaire 178, Année, 5 septembre 2002, N° 30- 7083. Cahier
droits des affaires, P 2406.
2
Patrick Morvan, entreprise en difficulté, Edition du juris-classeur, lexis nexis, S.A 2005 , Op.Cit. P 14.
3التصريح هو إجراء مسطري يعبر من خالله الدائن الذي نشأ دينه قبل فتح المسطرة ،عن نيته في الحصول في نطاق المسطرة الجماعية على أداء ما هو مستحق
له في ذمة المدين ،فالتصريح إذن هو الطلب الذي يقدمه الدائنون ليحيطوا السنديك علما بطبيعة ومبلغ الديون السابقة لفتح المسطرة والتي يرغبون في تسويتها.
للمزيد في التفصيل حول هذا الموضوع أنظر:
-عبد الرحيم السليماني ،التصريح بالديون وتحقيقها في إطار صعوبات المقاولة :اإلجراءات واآلثار ،سلسلة القانون والممارسة القضائية ،ع ،1منشورات المجلة
المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،1السنة ،1881ص 11وما يليها.
4المادة 101من م.ت التي جاء فيها " :يوجه كل الدائنين الذين يعود دينهم إلى ما قبل صدور حكم فتح المسطرة ،بإستثناء المأجورين ،تصريحهم بديونهم إلى
السنديك .يشعر شخصيا الدائنون الحاملون ضمانات أو عقد إئتمان إيجاري تم شهرهما ،وإذا اقتضى الحال ،في موطنهم المختار.يجب التصريح بالديون حتى و إن لم
تكن مثبتة في سند.يمكن للدائن أن يقوم بالتصريح بالديون بنفسه أو بواسطة عون أو وكيل من إختياره "
وبذلك يكون المشرع المغربي قد ساير نظيره الفرنسي ،فالقانون التجاري الفرنسي نص صراحة على مبدأ إعفاء األجراء من التصريح بديونهم
السابقة لصدور حكم فتح مسطرة التسوية القضائية وذلك بمقتضى المادة L622-24منه التي جاء فيها:
" A partir de la publication du jugement, tous les créanciers dont la créance est née antérieurement au jugement
d'ouverture, à l'exception des salariés, adressent la déclaration de leurs créances au mandataire judiciaire. Les créanciers
titulaires d'une sûreté publiée ou liés au débiteur par un contrat publié sont avertis personnellement ou, s'il y a lieu, à
"domicile élu. Le délai de déclaration court à l'égard de ceux-ci à compter de la notification de cet avertissement.
50
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وال يطلع عىل الجريدة الرسمية ،ليك يحتسب أجل الشهرين التي يجب عىل الدائن تقديم الترصيح بدينه داخلها ،1وبالتايل
فإلزام األجري بالترصيح قد يؤدي إىل حرمانه من مستحقاته ،أما من حيث اإلثبات فال يستطيع يف أغلب األحوال إقامة الدليل
عىل عدم توصله مبستحقاته ،خصوصا عندما ميسك رئيس املقاولة دفاتر وهمية.2
بخصوص هذا اإلعفاء فقد ذهب الفقه املغريب إىل القول" : 3أن هذا اإلعفاء هو مبلابة عطف عىل هذه الطبقة الكادحة يف
املجتمع التي غالبا ما تكون ديون ها متواضعة ،يف حاجة ماسة لها لسد الرمق واملتطلبات اليومية من طعام ودواء ،والتي قد تضيع
يف ظل مسطرة قاسية تحكم إجراءات الترصيح وجزاءات إهامله" ،فهذه الوضعية املتميزة واإلستلنائية لألجراء ،جعلت بعض
الهيئات الدائنة للمقاوالت بعد أن فوتت عىل نفسها أجل الترصيح ،جعلتها تطالب مبعاملتها معاملة األجراء قصد إستلناء ديونها
من الترصيح كام فعل ص.و.ض.إج ،غري أن محكمة النقض املغربية كانت واضحة يف رفض مامثلة ديون هذا األخري بأجور
األجراء ، 4وبذلك تكون قد حافظت لألجراء عىل ميزة إنفرادهم باإلعفاء من الترصيح بالديون للسنديك مراعاة للطابع املعييش
لألجر ،الذي ال ينسجم مع الخضوع آلجال يرتتب عىل عدم إحرتامها سقوط الدين.
غري أن اإلعفاء من الترصيح بهذه الديون ال يعفي هذه األخرية من مسطرة التحقيق ،إذ يقوم السنديك إبتداءا من صدور
الحكم القايض بفتح املسطرة ،بإعداد قامئة الديون املرصح بها إليه ،وبتسليم هذه القامئة للقايض املنتدب بعد تذييلها
بإقرتاحاته ،إذ يبقى لهذا األخري قبول الدين أو رفضه طبقا ملقتضيات املادة 195من م.ت ،أما بخصوص مسطرة التحقيق
فيالحظ عىل املرشع تغييبه التام ألي دور لألجراء خالل أطوارها عكس نظريه الفرنيس ،إذ إكتفت املادة 193من م.ت ،باإلشارة
فقط إىل مساعدة املراقبني للسنديك وحضور رئيس املقاولة ،وهنا تكمن أهمية ودور مندويب األجراء ،أو لجنة املقاولة يف حالة
وجودها ،فكان من األحرى إرشاكها يف عملية التحقيق ،أو عىل األقل تحقيق الديون املستحقة لألجراء ،إذ من خالل
مشاركتها هاته قد ت ُنبه السنديك ،أو القايض املنتدب يف حالة وجود إهامل منهام لدين أجري أو عدة أجراء.5
51
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ومبطالعة املادة 152من م.ت ، 1يظهر أن املرشع املغريب مل يكتفي بعدم إرشاك األجراء كام تم بيانه ،وإمنا قد أقر مقتىض
من شأنه اإلجحاف يف حقهم ،عرب منعه لكل من رئيس املقاولة والسنديك حسب األحوال ،من أداء كل دين يكون ناشئا قبل
صدور الحكم ،ويف إعتقادنا وأمام الصياغة العامة للامدة 152ميكن إقحام ديون األجراء ضمنها ،ما دام املرشع إستعمل عبارة
"كل دين" وطاملا أنه مل يقم بإستلنائهم ،فإذا كان بقية الدائنني مستعدين لإلنتظار ،فإن الطابع املعييش لألجر يجعل األجراء
غري قادرين عىل اإلنتظار ،لذلك كان من األرجح متتيع األجراء بحق األولوية يف إستيفاء أجورهم يف حالة توفر األموال
الالزمة لذلك.
من هنا يظهر لنا أن املرشع قد سار يف إتجاه تغليب مصلحة املقاولة عىل مصلحة األجراء ،وهو وإن كان عىل صواب يف
شطر من األمر ،فإنه قد جانبه يف الشطر اآلخر ،نظرا لكون املقاولة كوحدة إقتصادية وإجتامعية فهي تقوم بفضل عنرصين،
أحدهام الرأسامل وثانيهام اليد العاملة ،لذا ال يجب تغليب كفة أحدهام عىل اآلخر ،وهذا ما متت مالحظته عىل ترشيعنا
املغريب عكس الترشيع الفرنيس الذي إهتم بأجراء املقاولة املتعرثة أميا إهتامم.
هذا عن ديون األجراء املستحقة لهم عن الفرتة السابقة لفتح مسطرة املعالجة ،يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،فامذا
عن تلك الالحقة لصدور الحكم القايض بفتح مسطرة املعالجة.
لقد خلصنا فيام سبق إىل أن الحكم القايض بفتح مسطرة التسوية القضائية ،ال يرتتب عنه توقيف إستغالل املقاولة وإمنا
تواصل هذه األخرية نشاطها ،األمر الذي يؤدي بالرضورة إىل ظهور دائنني جدد ،من ضمنهم األجراء الذين إستمروا يف تنفيذ
عقد الشغل الذي يجمعهم معها ،رغم إحتامل تحججها يف مواجهتهم بصعوبات لتربير التوقف عن أداء األجور ،لذلك نجد
الترشيعات متنحهم حق األسبقية عن كل الديون السابقة لصدور حكم فتح املسطرة ،وإلستجالء حجم الضامنات التي قدمها
املرشع املغريب (ثانيا) لهذه الفئة يف هذه املرحلة بالذات ،فإنه يتعني مقارنتها مبا تم التنصيص عليه يف الترشيع املقارن
وباألخص الفرنيس منه (أوال).
إهتم املرشع الفرنيس بتأمني األداء الفعيل لديون األجراء ،وذلك يف الحالة التي يصبح املشغل غري قادر عىل أداء ما عليه من
ديون باملقارنة مع ما له من أصول ،حيث يصبح األجراء يف هذه الحالة هم أول من يتحمل نتائج ذلك ،إذ يتهددهم خطر عدم
األداء ،ولهذا حظيت ديونهم بحق األولوية املنصوص عليه يف املادة 40من قانون 6955والتي تواكبها املادة L622-17من
1تنص المادة 111من م.ت على ما يلي :يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء كل دين نشأ قبل صدوره.يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك
بأداء الديون السابقة للحكم و ذلك لفك الرهن أو إل سترجاع شيء محبوس قانونيا ،إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة"
52
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
، بغية الحد من الغموض الذي يصاحب ترتيب الدائنني، بعد أن وضع املرشع الفرنيس ترتيبا خاصا لديون األجراء1ف.ت.ق
.خالل املراحل التي متر منها مسطرة صعوبات املقاولة بعد الحكم بفتح املسطرة
وتم، وسجله يف الئحة اإلمتيازات العامة املحددة يف القانون املدين،حيث متع املرشع الفرنيس ديون األجراء بإمتياز عام
والتي إعتربت أن ديون األجراء املرتبطة باألجر تتمتع، من قانون الشغلL143-11-7 التنصيص عىل هذا املبدأ من خالل املادة
، من القانون املدين الفرنيس2101-2 و2101-4 بإمتياز عىل منقوالت وعقارات املدين وذلك وفق الرشوط املحددة يف املادتني
وذلك بعد املصاريف القضائية ومصاريف الجنازة، صنف هذا اإلمتياز العام يف الرتبة الرابعة،واملالحظ أن الترشيع الفرنيس
وملا تنبه املرشع الفرنيس2 ويصبح هذا اإلمتياز مسبوقا بإمتياز الخزينة واإلمتيازات الخاصة األخرى يف حالة وجودها،واملرض
مبقتضاه أصبح، 3 إمتيازا ممتازا، عمل عىل جعل إمتياز األجراء،ضعف وهشاشة الضامنات املكرسة لحامية ديون األجراء
ُ إىل
.األجراء يتمتعون بحق األولوية يف إستيفاء مستحقاتهم
التي تم إستحداثها بمقتضى قانون حماية المقاولة الذي أدخل عدة تعديالت وتتميمات على القوانين الفرنسية التي تصب في،ف.ت. من قL622.17 تنص المادة 1
:)6092 مارس96 والتي تنص على ما يلي (وفق آخر تعديل لها ب تاريخ،6006 خانة قانون األعمال سنة
"I.-Les créances nées régulièrement après le jugement d'ouverture pour les besoins du déroulement de la procédure ou de
la période d'observation, ou en contrepartie d'une prestation fournie au débiteur pendant cette période, sont payées à leur
échéance.
II.-Lorsqu'elles ne sont pas payées à l'échéance, ces créances sont payées par privilège avant toutes les autres créances,
assorties ou non de privilèges ou sûretés, à l'exception de celles garanties par le privilège établi aux articles L. 3253-2, L.
3253-4 et L. 7313-8 du code du travail, des frais de justice nés régulièrement après le jugement d'ouverture pour les besoins
du déroulement de la procédure et de celles garanties par le privilège établi par l'article L. 611-11 du présent code.
III.-Leur paiement se fait dans l'ordre suivant :
1° Les créances de salaires dont le montant n'a pas été avancé en application des articles L. 3253-6, L. 3253-8 à L. 3253-12 du
code du travail ;
2° Les prêts consentis ainsi que les créances résultant de l'exécution des contrats poursuivis conformément aux dispositions
de l'article L. 622-13 et dont le cocontractant accepte de recevoir un paiement différé ; ces prêts et délais de paiement sont
autorisés par le juge-commissaire dans la limite nécessaire à la poursuite de l'activité pendant la période d'observation et
font l'objet d'une publicité. En cas de résiliation d'un contrat régulièrement poursuivi, les indemnités et pénalités sont
exclues du bénéfice du présent article ;
3° Les autres créances, selon leur rang.
IV.-Les créances impayées perdent le privilège que leur confère le II du présent article si elles n'ont pas été portées à la
connaissance de l'administrateur et, à défaut, du mandataire judiciaire ou, lorsque ces organes ont cessé leurs fonctions, du
commissaire à l'exécution du plan ou du liquidateur, dans le délai d'un an à compter de la fin de la période d'observation.
Lorsque cette information porte sur une créance déclarée pour le compte du créancier en application de l'article L. 622-24,
elle rend caduque cette déclaration si le juge n'a pas statué sur l'admission de la créance "
فبراير/ يناير،08 ع، مجلة المحاكم المغربية، مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضائي) والتصفية القضائية وتمويل المقاولة، أحمد شكري السباعي2
.71 ص،1888
3
Jean François Martin & Alain lienhard, Op.Cit, P 153.
53
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ولقد برزت أهمية هذا اإلمتياز يف تفضيله لديون األجراء عن طريق أدائها يف أقرب وقت ممكن قبل أي دين آخر ،إذ
مبقتضاه إحتلت ديون األجراء الرتبة األوىل نظرا لطابعها املعييش ،1مام يستوجب أداءها يف آجالها يف حالة إستمرار املقاولة يف
حل هذه
نشاطها ،كام عمل عىل إحداث مؤسسة خاصة تضمن األداء الفعيل والرسيع لديون األجراء مبناسبة فتح املسطرة ،وت ُ
2
املؤسسة محل األجراء أصحاب الديون بقوة القانون ،من أجل متابعة املشغلني ،متمتعة يف ذلك بنفس اإلمتياز من الدرجة
األوىل املخول لهؤالء األجراء.
عىل هذا األساس ،حظي األجراء يف ظل القانون الفرنيس بإمتياز ممتاز عىل منقوالت وعقارات املدين ،حيث يتعني أداء تلك
األجور يف آجالها كلام كانت ناتجة بشكل قانوين وبناءا عىل ترصفات مسموح بها قانونا ،غري أن هذا اإلمتياز مل يسلم من
اإلنتقاد رغم أهميته ،إذ رأى فيه الفقه 3تكريسا لعدم تحقيق املساواة بني كافة األجراء ،فقد يكون من بني دائني املقاولة
مجموعة من املوردين ،ومن شأن تأخري ديونهم أن يؤثر بشكل أو بآخر عىل حقوق أجرائهم ،خاصة يف الحالة التي يكونوا قد
إستلمروا فيها جميع مدخراتهم ،فضال عن ذلك يضيف هذا الفقه أنه ليس هناك أي رابط مشرتك بني األجري الذي ينتظر
الحصول عىل أجره ،وبني املو ِّرد الذي قد يطلب مبالغ مالية ال تكون يف الغالب لها أي عالقة مع الشغل املنجز ،علام أن هذا
املسري قد يتحمل كامل املسؤولية ،أو عىل األقل جزء منها عن سوء التسيري الذي ميكن أن يكون سببا يف عجز مقاولته عن
تسديد ديونها.
فإذا كان املرشع الفرنيس قد أقر أن تتم تسوية الديون الناشئة بصفة قانونية بعد حكم إفتتاح املسطرة ،ويف ميعاد إستحقاقها،
وأحاط تلك الديون بعديد الضامنات ،وإرتقى بهذه الديون التي تهم األجراء إىل صفة اإلمتياز املمتاز ،Le super-privilègeفام
الذي تم تقدميه من ضامنات من جانب املرشع املغريب لفئة األجراء ،والتي شأنها حامية حقهم يف األجر ،كدين لهم يف ذمة
املقاولة املتوقفة عن الدفع خالل فرتة إعداد الحل؟
يف سبيل توفري ضامنات البقاء للمقاولة ،تم سن نظام صعوبات املقاولة الذي يخوِل للمقاولة بحكم اآلليات التي يتضمنها
فرصة لتجاوز الصعوبات التي متر منها ،وما دام أن العنرص البرشي يعترب أحد أهم ركائزها ،فإنا نتساءل عن نوع القواعد أو
الضامنات التي وفرها املرشع لألجراء إلستيفاء املستحقات الواجبة لهم بعد فتح املسطرة؟
1
Cass. Com 6 juillet 1993. Gazette du palais 8-10 Mai 1994 p. 29.
2وتسمى هذه المؤسسة جمعية تدبير نظام التأمين على ديون األجراء
Association pour la gestion du régime d’assurance des créances des salaires
ويرمز لها إختصارا ب " "A.G.Sوقد تم إحداثها بمقتضى قانون 11دجنبر ،7918وسوف يأتي الحديث عن هذه الجمعية (أساسها القانوني وطبيعة الديون
المضمونة من طرفها )...في وقت الحق بمناسبة الحديث عن تدابي ر حماية ديون األجراء في حالة عدم تغطية أصول المقاولة لديونها ،وذلك ضمن الفقرة الثانية من
المطلب الثاني من الفرع الموالي من هذا المبحث.
3
Yves Guyon, Op. Cit, P 391/392.
54
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بهذا الخصوص قام املرشع املغريب بتمتيع فئة األجراء بإمتياز عام عىل أموال املشغل ،بشكل يجنبهام مزاحمة باقي الدائنني،
وذلك من خالل الفصل 1248من ق.ل.ع ،1إال أن إمتياز األجور مبقتىض هذا الفصل هو إمتياز غري كاف ،2فهو من ناحية ال
يرد إال عىل منقوالت املدين دون عقاراته ،وبالتايل فهو يتعطل بحقوق اإلمتياز الخاص عىل املنقول ،وكذا حقوق اإلمتياز العام
السابق عليه 3وهذا من شأنه أن يؤخر إستيفاء مستحقات األجري.
وبالرجوع للامدة 525من م.ت ، 4نجدها تعكس سعي املرشع نحو تحفيز املتعاملني مع املقاولة عىل متويلها خالل مرحلة ما
بعد حكم فتح املسطرة ،مسبغا عىل الديون الناشئة خالل هذه الفرتة إمتيازا خاصا يستغرق كل الديون األخرى املرتتبة بذمتها
ولو كانت مقرونة بإمتيازات أو ضامنات ،وملا كانت ديون األجراء من ضمن الديون املشمولة بحق األسبقية هذا ، 5فإنه يتعني أن
تتوفر فيه ثالثة رشوط:
رشط نشوء الدين بعد حكم فتح املسطرة :ليك يستفيد األجري يف حق اإلمتياز املقرر مبقتىض املادة ،525يجب أن يلبت
أن دينه نشأ بعد تاريخ الحكم القايض بفتح املسطرة يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع 6إذ يعتد بتاريخ العقد الذي يقارن
رشط رضورة نشوء الدين مبناسبة مواصلة نشاط املقاولة :إذ يجب إلعتبار دين األجري مشموال بحق اإلمتياز ،أن ينشأ
مبناسبة مواصلة املقاولة لنشاطها خالل فرتة إعداد الحل من أجل متكينها من متابعة هذا النشاط؛
رشط رضورة نشوء الدين بصفة قانونية :أي أن تكون الديون ناشئة بصفة قانونية ،سواء كانت تعاقدية أو غري تعاقدية
1يحدد الفصل 7110من ق.ل.ع ،الديون المشمولة بحق اإلمتياز والذي جاء فيه أنه من بينها..." :رابعا :األجور والتعويضات عن العطل المستحقة لألجرة،
والتعويضات المستحقة بسبب اإلخالل بوجوب اإلعالم بفسخ العقد داخل المهلة القانونية والتعويضات المستحقة إما عن الفسخ التعسفي لعقد إجارة الخدمات ،وإما عن
اإلنهاء السابق ألوانه لعقد محدد المدة "...وبخصوص مفهوم اإلمتياز فقد قام المشرع بتحديده وذلك من خالل الفصل 7118الذي ينص على أن "اإلمتياز حق أولوية
يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين"
2عبد الكريم عباد ،م.س ،ص .11
3وهي التي يمكن حصرها في :مصروفات الجنازة ،الديون الناشئة في مصروفات الموت ،ثم المصروفات القضائية.
4تنص المادة 111من م.ت ،على أنه " :يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية باألسبقية على كل ديون أخرى ،سواء أكانت مقرونة أم
ال بإمتيازات أو بضمانات"
5يعتبر حق األسبقية في نظر الفقه نوع من اإلمتياز ،يعتبر إمتيازا جديد ا لصالح الدائنين الالحقين لصدور فتح المسطرة ويتميز بنفس خصائص األفضلية :منحه
القانون للدائن بسبب نوع الدين ويدخل ضمن اإلمتيازات العامة.
-عبد الحق بوكبيش ،هشاشة حق األولوية في الوفاء المنصوص عليه في المادة 111من مدونة التجارة ،مجلة قانون األعمال والمقاوالت ،ع ،71أبريل
،1881ص .11
وفي نفس الصدد يذهب رأي آخر إلى أنه رغم عدم وضوح مفهوم حق األسبقية ،فإنه ال يختلف عن اإلمتياز إال في التسمية ،ذلك أن حق األسبقية وحق اإلمتياز
يترتب عنهما نفس اآلثار
- Yves guyon, op.cit, p 281
6امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .801
7على أنه إذا كان األمر بهذه السهولة بالنسبة للعقود التي ينشأ عنها الدين بعد تنفيذها دفعة واحدة ،فإن اإلشكال قد يطرح بخصوص الحاالت التي يختلف فيها تاريخ
نشوء الدين عن تاريخ العقد الذي نتج عنه هذا الدين ،كما هو ا لشأن بالنسبة لعقود الشغل التي قرر السنديك مواصلتها ،وبذلك فإن السؤال يثار حول ما إذا كان
اإلمتياز يشمل أيضا الديون الناتجة عن تنفيذ ذات العقود قبل فتح المسطرة بدعوى عدم تجزئة اإللتزام الناتج عن العقد المستمر.
-امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين الناشئة ديونهم بعد الحكم بفتح مسطرة التسوية ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،1ماي ،1888ص .77
8
Yves Chartier, Op.Cit, P. 267.
55
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يظهر إذن أن الديون الناشئة بعد صدور حكم فتح املسطرة ،تكون مشمولة بحق األولوية نتيجة خضوعها إلمتياز املادة 525
من م.ت ،التي متنحها حق األسبقية يف األداء عىل الديون الناشئة قبل فتح املسطرة ،نظرا لكونها نشأت بصفة قانونية من
أجل م تابعة نشاط املقاولة بعد تاريخ الحكم بفتح مسطرة املعالجة ،وهذا ما سار عليه القضاء التجاري ،1فاإلمتياز املذكور قام
بتجريد حق األولوية الذي يتمتع به أصحاب الضامنات العينية من مفعوله ،وأحدث إمتيازا غري عادي يف قواعد اإلمتياز ،2لكن
بالرغم من ذلك فإن األجراء الد ائنني بأجور وحقوق مستحقة عن الفرتة الالحقة لتاريخ حكم فتح املسطرة ،يعاملون بنفس
املعاملة التي ترسي عىل مختلف الدائنني املستفيدين من حق األولوية الوارد بشأنه نص املادة 525املذكورة ،هذه املعاملة التي
تتملل يف أن جميع الدائنني يستوفون ديونهم باألسبقية عىل أولئك الذين لهم ديون ناشئة قبل فتح املسطرة.
غري أن م.ش تنبهت لطبيعة هذا الدين من خالل املادة 357منها 3التي منحت من خاللها لألجراء إمتياز الدرجة األوىل عىل
جميع املنقوالت دون تقييد هذا اإلمتياز ،إذ أصبح يشمل إضافة إىل األجر والتعويضات الناتجة عن الفصل التعويض عن العطلة
السنوية.
والقضاء بدوره مل يتواىن يف حامية ديون األجراء بإعتبارها ديون ممتازة ،إذ صدر أمر عن القايض املنتدب لدى املحكمة
التجارية بالدار البيضاء ،4رخص من خالله للسنديك مبوافاة األجراء من أجورهم وتعويضاتهم يف حدود %40منها معلال ذلك مبا
ييل "...وحيث أن صفة القبول تستمد وجودها وقُ ّوتها من مقتضيات املادة 357من مدونة الشغل ،...وحيث أن املرشع إرتىض
الرقي مبرتبة العامل من الرتبة الرابعة إىل الرتبة األوىل من الفصل 6745من ق.ل.ع ،كام إرتىض له موقعا ساميا ومكانة
متميزة بالتنصيص عىل متتيع أجوره وتعويضاته باإلمتياز "...وقد تم إستئناف هذا األمر من طرف ص.و.ض.إج ،وجاء قرار
محكمة اإلستئناف 5مؤيدا لألمر املستأنَف وجاء يف تعليلها..." :وحيث يكون بالتايل ما قرره القايض املنتدب...من أداء مسبق
لقسط من ديون األجراء سالفة الذكر ليس من شأنه مزاحمة مستحقات ص.و.ض.إج ،إذ أن إمتياز هذا األخري هو أدىن من
إمتياز األجري ولو أن دين كل منهام ذو طابع معييش".
1إذ جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش قضى بأن "...ديون العمال هي ديون ممتازة privilègeيتعين أداؤها قبل كل دين سواء أكان عاديا أو
مضمونا برهن أو حتى بإمتياز ،ودون أن يخضع للتخفيض وال ألجل وتأتي بعد الديون المنصوص عليها في الفصل .«"...111
-حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 90/7الصادر بتاريخ ،1888 – 81 – 18منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي/يونيو ،1887ص .187
أنظر كذلك قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ،1888/78/78في الملف رقم ،77/1888/7178قرار غير منشور أنظر الملحق رقم ،7وقد
تضمنت إحدى حيثياته " :لكن حيث أن الطاعن يعتبر دينه إمتيازيا فإن من أهم اآلثار التي تترتب عن حق األسبقية المنصوص عليه في المادة 111من م.ت ،أن
الديون المشمولة بهذا الحق تؤدى في تاريخ إستحقاقها مهما كانت المرحلة التي قطعتها التسوية القضائية"...
2حياة متوكل ،م.س ،ص ,11
3تنص المادة 801من م.ش على ما يلي» :يستفيد األجراء خالفا لمقتضيات الفصل 7110من الظهير الشريف المكون لقانون اإللتزامات والعقود من إمتياز الرتبة
األولى المقررة في الفصل المذكور قصد إستيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل عن جميع منقوالته ،تكون التعويضات القانونية الناتجة عن الفصل من
الشغل مشمولة بنفس اإلمتياز ولها نفس الرتبة«.
4أمر القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء ،أمر عدد ،81/7181بتاريخ ،1881/81/11في الملف رقم 1881/79/878
5قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء ،قرار رقم 1/1100صادر بتاريخ ،1881/77/71رقم الملف بالمحكمة التجارية ،1881/79/878رقمه بمحكمة
اإلستتئناف التجارية ،77/1881/8871قرار غير منشور ،أنظر الملحق رقم 7
56
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
رغم هذا التحسن الذي تضمنته م.ش ،ورغم التطبيق الجيد لبنودها من طرف القضاء ملا فيه مصلحة األجري ،إال أن ذلك
يبقى محدودا وغري ذي فعالية لكونه ال ينسجم مع رضورة حامية الطابع املعييش لديون األجراء ،1ما دام أن اإلمتياز يف مجمله
ال يشمل إال املنقوالت دون العقارات ،وهذا من شأنه أن يضعف من نطاق الضامنات املتاحة لألجراء خالفا ملا ذهب إليه املرشع
الفرنيس كام مر معنا ،ومن جهة أخرى ميكن نعث الحامية القضائية باملحتشمة ما دام القضاء ال يرخص إال بإستيفاء %40من
اللمن الكيل للمستحقات الواجبة لألجراء ،2أي أقل من نصف املبلغ أو الدين الواجب أداءه لألجراء.
لكل هذا ومراعاة للطابع املعييش لألجر ،ندعو املرشع املغريب إىل أن يعيد النظر يف تعامله مع ديون األجراء الناشئة لهم بعد
حكم فتح املسطرة ،مقتبسا ما هو مكرس يف الترشيع الفرنيس ،ما دام هذا األخري يشكل املصدر الرئييس لقانون صعوبات
املقاولة املغريب ،هذا القانون الذي ظل جامدا ملا يزيد عن عرشين سنة ،يف حني أن القانون الفرنيس قد شهد عدة تعديالت منذ
خروجه حيز التطبيق بتاريخ 75يناير ،6955ليتسم بذلك بطابع املرونة يف التعديل ،إذ ال تكاد تخلو أي سنة من عدة تعديالت
تطال عدة مواد منه ،ولعله صار من الرضوري عىل املرشع املغريب أن يعامل أجري املقاولة املتعرثة معاملة خاصة تتناسب وطبيعة
ديونه وتتالئم مع الظرفية اإلقتصادية الحالية ،بجعل اإلمتياز املمنوح لألجراء يشمل العقارات باإلضافة إىل املنقوالت ،ذلك أن
اإلقتصار عىل هذه األخرية وحدها قد ال يكون كافيا لتغطية ديون األجراء ،خاصة إذا كان الفصل جامعيا حيث تكون قيمة
التعويضات مرتفعة يف حني أن قيمة املنقوالت منخفضة.
سار املرشع املغريب عىل نفس نهج املرشع الفرنيس ،وإعترب أن الوسيلة امللىل لتحقيق السلم اإلجتامعي هي اإلبقاء عىل
نشاط املقاولة حامية ملناصب الشغل وحامية للحق يف األجر ،وتحقيق هذه الغاية الترشيعية ال يتم إال بإعداد مخطط التسوية،
الذي إما أن يتخذ شكل مخطط إلستمرارية املقاولة أو مخططا لتفويتها ،لذلك نجد املقتضيات الترشيعية تدعم هذه الرغبة
1وتظهر بجالء عدم الفعالية هاته في حماية حقوق األجراء ،وعدم إنسجامها مع ضرورة حماية الطابع المعيشي لألجر ،إذا علمنا أن القضاء قد رخص بإستيفاء نسبة
% 8,81111فقط من مستحقات األجرة أنظر في هذا الصدد بالملحق رقم 7من هذ ه الرسالة ،أمر القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ
1878/80/81في التصفية القضائية ع ،111رقم الملف ، 1878/79/7811الذي جاء في منطوقه " نصرح نحن القاضي المنتدب في المسطرة باإلذن للسنديك
السيد ،...بمنح السيد ...بواسطة نائبه مبلغ 1110,18درهم الذي يشكل نسبة % 8,81111من مستحقات األجرة المحددة في مبلغ 71101,81درهم عن المدة
الممتدة من 1888/71/87إلى "1887/81/87وهذا في حد ذاته يعتبر تراجعا عن الحقوق المكتسبة لألجراء في هذا اإلطار –التسبيقات التي يتم منحها لألجراء،-
والذي ما فتئت اإلجتها دات القضائية تحاول تكريسها ،مع العلم أن ما تم منحه لألجير بمقتضى هذا األمر القضائي هو من مستحقات أجرته عن المدة الممتدة من -87
1888-71إلى 1887-81-87أي لمدة 9أشهر والتي إستصدر بشأنها حكما قضائيا بتاريخ ، 1881-81-78األمر الذي يفهم منه أن األجير ظل ينتظر طيلة عشر
سنوات من أجل إستيفاء مستحفاته في حين لم يتم منحه سوى أقل من %7منها األمر الذي يتناسب بتاتا والطابع المعيشي لألجر بل يضرب هذا المفهوم عرض
الحائط.
2ونرى أن حصر القضاء لنفسه في نسبة %18من المستحقات ،هو حصر ممنهج إذ القضاء ال يريد أن يقضي بأكثر من النسبة غير القابلة للحجز ،بل األكثر من
ذلك فإنه ينزل عن هذه النسبة إلى أقل من %7كما تم توضيحه آنفا.
-أنظر في هذا الصدد أمر القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء أمر عدد 1871 /911بتاريخ 1871/81/88في الملف رقم ،1871/79/771
قرار غير منشور ،أنظر الملحق رقم ،7والذي جاء في منطوقه» :نأمر بأداء تسبيق من دين...في %18من مجموع دينها«
57
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وتحمي األجر وتضمن الحق فيه ،سواء كان الحل املختار هو مخطط اإلستمرارية (الفقرة األوىل) أو مخطط التفويت (الفقرة
اللانية).
تلتزم املقاولة عند إعتامد مخطط اإلستمرارية بأداء الديون التي عليها لجميع الدائنني ،إال أن هذا األداء يختلف من دائن
آلخر حسب املركز القانوين الذي يحظى به كل واحد منهم ،وكام هو معلوم فإن هذا األداء تسبقه مرحلة إعدادية وتحضريية،
من أجل تسهيل وتحديد الخصوم ومعرفة مبالغ الديون والتحقق منها.
وإذا كانت املادة 525من م.ت ،قد إعرتفت للديون الناشئة بعد حكم فتح املسطرة ،بإمتياز األولوية يف األداء عىل النحو الذي
رأينا سابقا خالل فرتة إعداد الحل ،فإن اإلختالف ظل قامئا حول مجال تطبيق حق األولوية أو اإلمتياز هذا ،هل يقترص فقط
عىل الديون الناشئة مبناسبة متابعة املقاولة لنشاطها خالل فرتة إعداد الحل؟ أم يتجاوز حدود هذه الفرتة ليشمل مرحلة حرص
مخطط اإلستمرارية؟ وما هي اآلليات والقواعد التي إعتمدها املرشع لضامن أداء مستحقات األجراء عند حرص هذا مخطط ؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت سنتطرق للضامنات املمنوحة يف إطار القانون الفرنيس (أوال) واملغريب (ثانيا) ألداء أجور األجراء
عند حرص مخطط اإلستمرارية.
عمل املرشع الفرنيس مبوجب املادة L626-20من ق.ت 1عىل إستلناء ديون األجراء من الخضوع ألي تأجيل أو تخفيض،
حيث إعترب أن اآلجال الواردة يف مخطط اإلستمرارية ،ال تشمل وال تعني ديون األجراء التي ال ميكن أن تكون موضوع أي
آجال أو تخفيضات ،وهذا ما سار عليه القضاء الفرنيس ،2إذ إعترب أن اآلجال الواردة يف مخطط اإلستمرارية ال تعني ديون
األجراء التي ال يشملها أي تخفيض أو آجال ،ويف هذا إنصاف من طرف املرشع الفرنيس لفئة األجراء ،3مام يعني أنه يَعترب
املقاولة مبلابة تدبري رأسامل مادي وبرشي ،وبهذا الخصوص ذهب الفقه 4إىل أن ديون األجراء تخضع لنظامني بحسب
طبيعتها ،فإذا تعلق األمر بالديون ذات األولوية وإمتياز اإلمتياز ،Super- Privilègeفإنه مينع منعا كليا إثقالها بأية آجال أو
1مما ينبغي التنبيه إليه أن أصل المادة L626-20يعود للمادة 11من قانون 11يناير ،7901
Article L626-20 du code de commerce prononce que :
"I. - Par dérogation aux dispositions des articles L. 626-18 et L. 626-19, ne peuvent faire l'objet de remises ou de délais :
; 1° Les créances garanties par le privilège établi aux articles L. 143-10, L. 143-11, L. 742-6 et L. 751-15 du code du travail
2° Les créances résultant d'un contrat de travail garanties par les privilèges prévus au 4° de l'article 2101 et au 2° de l'article
2104 du code civil lorsque le montant de celles-ci n'a pas été avancé par les institutions mentionnées à l'article L. 143-11-4 du
" code du travail ou n'a pas fait l'objet d'une subrogation....
2
Cour de cassation. Soc 19 décembre 2002, recueil dalloz. Hebdomadaire 178 année, 21 mars 2002, N° 12/7083. P 1141
3محمد أبو الحسين ،م .س ،ص .71
4
Yes chartier, op. cit, p 220-221
58
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تخفيضات مهام كان نوعها ،كام أن األجراء يف هذه الحالة يحظون بأجورهم املستحقة لفرتة 10يوما من الشغل السابقة لفتح
املسطرة ،ويف حالة عدم توفر املقاولة عىل األموال الرضورية والكافية ،فإن األجراء يتقاضون أجورهم من جمعية تدبري نظام
التأمني عىل ديون األجراء ، A.G.Sأما إذا تعلق األمر بديون تحظى باإلمتياز العادي ،فإن املنع من إجراء تخفيضات أو منح
آجال بخصوصها يكون جائزا.
وقد تساءل الفقه الفرنيس عن مدى تطبيق اإلمتياز املقرر مبقتىض املادة 40من قانون 6955يف مرحلة حرص مخطط
اإلستمرارية ،ويف هذا الصدد يرى بعض الفقه 1الفرنيس أن حق األسبقية أو حق اإلمتياز املقرر مبقتىض املادة املذكورة ،ال
يشمل إال الديون الناشئة بصفة قانونية عند متابعة املقاولة لنشاطها خالل فرتة املالحظة ،حيث وحسب تعبري جانب آخر من
الفقه 2فإن ال حكمة وحسن السياسة يقتضيان إعتبار التاريخ الذي يصري فيه حكم حرص املخطط نهائيا ،هو فرتة نهاية مجال
املادة 40سالفة الذكر.
غري أنه وبعد التعديل الذي أدخله املرشع مبقتىض القانون الصادر يف سنة 6994عىل املادة ،40لتوازيها املادة L621-32من
ق.ت.ف ،ثم تعديل سنة 7001الذي أصبحت مبقتضاه املادة L622-17هي النص الجديد للامدة ،40بعد هذا التعديل أصبح
واضحا أن الديون التي تستفيد من حق األسبقية هذا ،متتد إىل فرتة ما بعد املالحظة ،بل إن الفقه الفرنيس أجمع عىل أن
الديون الناتجة عن إحتياجات التصفية القضائية تستفيد من إمتياز املادة ،340ونفس املقتىض تضمنه القانون الجديد ،قانون
رقم 7005 -545ل 71يوليوز 7005الذي دخل حيز التطبيق يف 6يناير .7001
من هنا تظهر لنا مدى األهمية التي يوليها املرشع الفرنيس لفئة األجراء ،إذ أنه بوأها الدرجة األوىل ،وهذا ما ميكن مالحظته
بشكل جيل من خالل املادتني L625-7vو L658-8vمن ق.ت.ف ،4اللتني تضعان مستحقات األجراء يف املرتبة األوىل ضمن
1
Michel Jeantin & Paul le cannu, Op.Cit, P 675.
2
Yves Chartier. Op.Cit. P 350.
3
Philippe Petel, Op.Cit, P 98.
4تنص المادة L625-7 vمن ق.ت.ف ،على ما يلي :
"Les créances résultant d'un contrat de travail sont garanties en cas d'ouverture d'une procédure de sauvegarde :
1° Par le privilège établi par les articles L. 143-10, L. 143-11, L. 742-6 et L. 751-15 du code du travail, pour les causes et
; montants définis auxdits articles
"2° Par le privilège du 4° de l'article 2331 et du 2° de l'article 2104 du code civil
-وتنص المادة L658-8vمنه على ما يلي :
"Nonobstant l'existence de toute autre créance, les créances que garantit le privilège établi aux articles L143-10, L143-11,
L742-6 et L751-15 du code du travail doivent être payées par l'administrateur sur ordonnance du juge-commissaire, dans les
dix jours du prononcé du jugement ouvrant la procédure de sauvegarde, si l'administrateur dispose des fonds nécessaires.
Toutefois, avant tout établissement du montant de ces créances, l'administrateur doit, avec l'autorisation du juge-
commissaire et dans la mesure des fonds disponibles, verser immédiatement aux salariés, à titre provisionnel, une somme
égale à un mois de salaire impayé, sur la base du dernier bulletin de salaire, et sans pouvoir dépasser le plafond visé à l'article
L. 143-10 du code du travail.
A défaut de disponibilités, les sommes dues en vertu des deux alinéas précédents doivent être acquittées sur les premières
"rentrées de fonds
59
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الديون واجبة األداء ،إذ تتم تأديتها تبعا ألمر القايض املنتدب داخل عرشة أيام من إفتتاح املسطرة ،وبذلك يتجىل الحرص
الكبري الذي يوليه القانون الفرنيس لديون األجراء ،ويبقى لهذا التدخل ما يربره من منطلق أن األجراء يبقون الطرف األول
املعرض للرضر من أي إجراء ميكن أن ميس السري العادي للمقاولة ،ولذلك عمل املرشع الفرنيس عىل ضامن أداء ديون هذه
الفئة ،وهو بهذا التوجه يكون قد ساير املوقف الذي تبنته اإلتفاقية الدولية رقم 95املتعلقة بحامية األجر لسنة 6949من خالل
املادة 66منها ،وذلك عندما إعتربت أن لديون األجراء طابعا معيشيا له وألرسته ،ويف سبيل ضامن هذا الحق متعته بحق
إذا كانت نقطة اإلنطالق لتحديد الديون املشمولة بإمتياز املادة 525من م.ت ،واضحة وهي تاريخ النطق بحكم فتح املسطرة،
فإن اإلشكال يلار بخصوص نهاية فرتة اإلمتياز ،هل ميتد إىل حني إنتهاء فرتة إعداد الحل فقط ،أم أن نطاقها ميتد إىل ما بعد
صدور حكم حرص مخطط اإلستمرارية؟ بخصوص هذا اإلشكال إنقسم الفقه املغريب وتباينت مواقفه ،حيث إعترب إتجاه منه 1أن
مجال تطبيق املادة ، 525يقترص فقط عىل الديون الناشئة مبناسبة متابعة املقاولة لنشاطها يف مرحلة إعداد الحل ،وأن نطاق
هذه املادة ال يشمل مرحلة التفويت أو التصفية القضائية ،ما مل تأذن املحكمة خالل هذه املسطرة األخرية مبتابعة النشاط
تطبيقا للامدة 170من م.ت ،مؤكدا عىل أن املحكمة ال تقرر إستمرارية املقاولة إال إذا كانت هناك إمكانيات جدية لتسوية
وضعها وسداد خصومها.
يف حني يرى إتجاه آخر 2أن مجال تطبيق املادة 525املذكورة ميتد ليشمل املراحل املوالية ملرحلة إعداد الحل ،أي مرحلة
اإلستمرارية أو مرحلة التفويت ،وهكذا فال مجال للقول أن إمتياز املادة 525يقترص فقط عىل مرحلة إعداد الحل التي متتد إىل
حدود حرص مخطط اإلستمرارية فقط ،وأن املرشع حاول تكريس حامية الدائنني للمقاولة يف أطول فرتة ممكنة يف إطار
التسوية القضائية ،وميدد نطاق األسبقية إىل فرتة التصفية ،لكن داخل مدة محددة وبإذن خاص من املحكمة سواء تلقائيا أو
بناءا عىل طلب من السنديك أو من النيابة العامة.
ونحن بدورنا نؤيد ما ذهب إليه اإلتجاه الفقهي اللاين ،فتحقيق فلسفة املرشع التجاري التي تهدف إىل تشجيع إستمرار
املقاولة والحفاظ عىل الحقوق اإلجتامعية لألجراء يف آن واحد ،يقتيض يف نظرنا رضورة أن ميتد نطاق املادة 525من م.ت،
ليشمل حتى فرتة ما بعد صدور حكم حرص مخطط اإلستمرارية ،ذلك أنه عندما تقرر املحكمة حرص هذا املخطط فإن هذا يعني
أن هناك إمكانيات جدية لتسوية وضعية املقاولة املفتوحة يف حقها املسطرة ومل تتجاوز بعد الفرتة الحرجة التي متر منها،
وبالتايل فهي ال تستطيع بإمكانياتها الذاتية تجاوز الصعوبات بل تبقى حاجتها إىل التمويل كبرية لتقوية حظوظ بقائها وهذا ما
1أحمد شكري السباعي ،مسطرة التسوية القضائية ،مجلة المحاكم المغربية ،م.س ،ص .18 - 19
2عبد الرزاق الزيتوني ،تنازع الدائنين بين إمتياز المادة 111من مدونة التجارة وباقي الضمانات األخرى ،مجلة المنتدى ،ع ،8السنة ،1881ص .711 -718
60
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يفرض اإلبقاء عىل إمتياز املادة 525والدفاع عنه ،بدل السعي نحو تقليص نطاقه يف فرتة إعداد الحل كام طالعنا به مرشوع
تعديل الكتاب الخامس.
إذ أىب املرشع املغريب إال أن يكون مجحفا مرة أخرى يف حق األجراء ،فأمام مناداة الفقه برضورة تعديل املرشع للامدة 525
ليجعلها تشمل فرتة ما بعد إعداد الحل ،جاء مرشوع تعديل الكتاب الخامس ليطالعنا فعال بتعديل يهم املادة املذكورة لكن ليس
وفق إنتظارات الفقه ،إذ قام بحرص اإلمتياز عند فرتة إعداد الحل ،1بل األدهى من ذلك أن مرشوع املادة 525من م.ت ،يف
فقرتها األخرية تحيل ــ عند تزاحم الديون ــ عىل مقتضيات القسم اللاين عرش من الكتاب اللاين من ق.ل.ع ،وعىل مدونة
تحصيل الديون العمومية فتؤدى الديون يف حالة تزاحمها وفقا ملقتضيات هذين القانونني ،دون أي إحالة عىل مدونة الشغل،2
مام تظهر معه رغبة املرشع يف التخيل عن الحقوق املكتسبة لألجراء والرتاجع عنها ،عوض تكريسها والدفاع عنها كام فعل
املرشع الفرنيس.
ويظهر اإلختالف مع املرشع الفرنيس كذلك ،يف كون املرشع املغريب مل يتطرق بنوع من التفصيل ملدى خضوع األجراء
يف هذا الشأن حكم عن املحكمة التجارية مبراكش الذي جاء فيه" :إن ديون العامل هي ديون ممتازة ،لذا يتعني أداؤها قبل
كل دين سواء أكان عاديا ،أو مضمونا برهن أو حتى إمتياز ودون أن يخضع للتخفيض وال ألجل 4"...هذا من جهة.
إال أنه من جهة أخرى نقول أن عدم إخضاع ديون األجراء ألي أجل أو تخفيض من شأنه أن يؤدي يف بعض األحيان إىل
إثقال كاهل املقاولة ،وإستنزاف مواردها املالية املتبقية األمر الذي من شأنه التأثري سلبا عىل إستمرارية نشاط املقاولة يف وقت
وظروف تكون فيهام يف أمس الحاجة إىل تلك املوارد.5
1جاءت المادة 111من مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة تنص على ما يلي" :يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة
اإلنقاذ أو التسوية القضائية ،والمتعلقة بحاجات سير المسطرة ،وكذا تلك المتعلقة بالنشاط التجاري للمقاولة ،وذلك خالل فترة إعداد الحل باألسبقية على كل ديون
أخرى".
2والجدير بالذكر أن المادة 801من م.ش ،كانت قد أعطت لألجراء المرتبة األ ولى في إستيفاء ديونهم خالفا لما تقضي به أحكام وقواعد ق.ل.ع وال سيما المادة
7110التي تمنحهم المرتبة الرابعة ،فهل يسعى المشرع المغربي من خالل هذا المقتضى المتضمن بالمشروع المقترح ،إلى التقهقر بدرجة إمتياز األجراء ورتبتهم
في أداء ديونهم المستحقة لهم؟ ،األمر الذي من شأنه أن يخلق نوع من التضارب ما بين قانونين من المفروض فيهما أن يكمل أحدهما اآلخر أي قانون صعوبات
المقاولة ومدونة الشغل ،عوض السعي إلى رفع التضارب والتقاطع الذي هو قائم أصال بينهما كما سيظهر لنا الحقا.
3وهو التوجه الذي أتفق فيه مع بعض الفقه ،أنظر:
-كريم آيت بال ،م .س ،ص .701
-عبد الكريم عباد ،م .س ،ص .189
4حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 90/7بتاريخ 18أبريل ،1888منشور بمجلة المحاكم المغربية ع 00ماي /يونيو ،1887ص ،798ويستنتج من فحوى هذا
الحكم ،أن المحكمة التجارية تعمل على ضمان أداء ديو ن األجراء بشكل فوري ،دون إخضاعها ألي آجال أو تخفيضات حرصا على حماية األجراء وضمانا
لحقوقهم.
5ولعل هذه تبقى إحدى النقاط التي يظهر فيها بجالء مدى صعوبة الموازنة بين ما هو إقتصادي عبر البحث عن موارد مالية إضافية تدعم المقاولة ،والحفاظ على
تلك المتوفرة ،وبين ما هو إجتماعي عبر ضرورة صرف مستحقات األجراء وفي وقتها المحدد كلما أمكن ذلك ،إذ يصعب تحقيق المعادلة دون التضحية بأحد
الجانبين وتغليب الجانب اآلخر عليه ،لذا نرى أنه يجب أن يتدخل المشرع المغربي ليحسم الجدل والتضارب القائمين ،لكن لما فيه مصلحة الجانبين (اإلقتصادي
واإلجتماعي) عبر تركه لمسألة تقرير ما مدى خضوع ديون األجراء للتخفيض واآلجال من عدمها ،للسلطة التقديرية للمحكمة المختصة حسب كل حالة على حدة،
61
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أمام هذا اإلشكال ،وهذا التضارب بني املصالح ،يبقى الرهان قامئا عىل القضاء من أجل ضامن أداء ديون األجراء إما بشكل
فوري دون إخضاعها ألي آجال إذا ما ظهر له بناءا عىل ما بني يديه من وثائق ،أن هذا األداء ليس من شأنه التأثري سلبا عىل
مخطط اإلستمرارية ،من منطلق كون إذا كان باقي الدائنني مستعدين ملنح آجال جديدة لدعم املقاولة خالل هذه الفرتة ،فإن
األجراء ليس مبقدورهم ذلك ، 1وإما إخضاعها للجدولة حسب اآلجال التي يتم حرصها مبخطط اإلستمرارية ،إذا ما ظهر له أن
من شأن أي أداء لهذه الديون أن ينعكس بشكل سلبي وخطري عىل السيولة املتطلبة لتحريك دواليب املقاولة ،رغبة يف إنقاذها
ومن خاللها إنقاذ مناصب الشغل .ففي غالب األحيان ما يتنازل األجراء –إذا ما متت إستشارتهم– عن بعض حقوقهم رغبة يف
تحقيق ذلك ،وخوفا من الوقوع يف البطالة ،2وبطبيعة الحال سوف لن يقوم بإعامل سلطته التقديرية زهاء هذه املسألة ،إال
مبنحه املكنة الترشيعية لذلك وهذا ما ندعو إليه ونطمح أن يتم تحقيقه.
حرصا من املرشع املغريب عىل إنجاح مخطط التسوية يف شكل تفويت املقاولة ألحد األغيار ،وإبتغاء املرونة والفعالية يف
عملية التفويت ،منح للقضاء حرية اإلختيار بني نوعني من التفويت حسب سلطته التقديرية ،وحسب توفر الرشوط واألهداف
املتوخاة من كليهام ،وتختلف آثار التفويت تجاه الدائنني بصفة عامة واألجراء بصفة خاصة حسب ما إذا إختارت املحكمة
التفويت الكيل أو التفويت الجزيئ ،فام هو مصري ديون األجراء؟ سواء يف إطار التفويت الكيل (أوال) ،أو يف إطار التفويت
الجزيئ (ثانيا)
يعترب التفويت الكيل هو األصل ،ويقصد به :نقل املقاولة بكل ما تشتمل عليه من أصول وجميع األموال املادية واملعنوية
املخصصة للنشاط إىل مالك جديد ،سواء أكان شخصا واحدا طبيعيا أو معنويا ،أو مجموعة من األشخاص ،والتي تك ِّون عروض
متكاملة وتغطي مجموع املقاولة ،3وقد تختار املحكمة أن يتم هذا التفويت دفعة واحدة أو عىل شكل دفعات ،حسب سلطتها
التقديرية يف تفويت أصول املقاولة ،إذ قد تستدعي الرضورة بعض الرتتيبات أو اإلجراءات اإلدارية ،التي قد تطول بشأن نقل
ألنه في نظرنا أن فتح إحدى مساطر المعالجة في مواجهة مقاولة ما ،ال يعني بالضرورة أنها تتشابه مع غيرها من المقاوالت المفتوح في مواجهتها نفس المسطرة،
لذلك يجب األخذ بعين اإلعتبار ظروف ومالبسات كل حالة على حدة ،وهو ما ال يتأتى القيام به لغير القضاء المبسوط أمامه ملف كل قضية بمعزل عن األخرى.
1خاصة إذا علمنا أن المدة القانونية التي قد يستغرقها مخطط اإلستمرارية قد تصل إلى عشر سنوات ،وماذا لو فشل مخطط اإلستمرارية بعد سنوات من الشروع في
تطبيقه ،فوضعية األجراء والحالة هذه قد تزداد تأزما دون أدنى شك ،رغم حصولهم على حقوقهم المالية باألسبقية على سائر الدائنين.
ويمكن في هذا المقام اإلستشهاد بحكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه" :وحيث يستفاذ من تقرير السنديك أن نجاح مخطط اإلستمرارية،
وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى اإلقتصادي رهين بمدى جدية الضمانات الممنوحة للدائنين في هذا الشأن ،وحيث أن المخطط المذكور يتضمن جدولة للديون
العادية على مدى ثمانية سنوات وللديون اإلمتيازية على مدى عشر سنوات." ...
2إن األجراء بدورهم ،ومن منطلق ما يحمله عقد الشغل بالنسبة إليهم ،ال يتوانون عن تقديم التنازالت بغية الحفاظ على مورد أجورهم ،ونستشهد في الصدد بالحكم
الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي ورد فيه...» :وبخصوص وجود تخفيضات من طرف العمال أفاد السنديك أنه كان هناك إجتماع مع النقابة
والشركة ،وقبلوا أن يعملوا هذه الساعات ألنهم تخوفوا من التصفية ،وأكد رئيس المقاولة أن سبب تقليص الساعات هو إقتنائه آللة مهمة«...
-حكم رقم 80/111بتاريخ ،1880/78/11في الملف رقم ،1880/11/719أنظر الملحق رقم .7
3
Jocelyne vallansan, difficultés des entreprise, 4eme édition 2005, litec, P 293.
62
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بعض األصول ،وقد تفضل املحكمة تفويت بعض األصول دون الباقي ،إذا كان املفوت إليه سوف يدفع اللمن عىل مراحل،
وحتى ال تبقى املحكمة يف موقف إنتظار تقرر نقل األصول عىل دفعات كلام أمكن ذلك.1
ويتميز التفويت الكيل بكون املحكمة يف حالة إختياره ،ترصح تلقائيا بقفل العمليات بعد إمتام األعامل الرضورية إلنجازه،2
ومن بينها تسديد مثن التفويت الذي يعد الضامن العام للدائنني ،حيث يتم توزيعه عىل دائني املقاولة بنسبة كل واحد منهم،
وحسب مرتبتهم طبقا ملا هو وارد يف الفقرة األوىل من املادة 165من م.ت ،3غري أن التوزيع بصفة عامة ال يؤدي يف أغلب
الحاالت إىل متكني جميع الدائنني من حقوقهم وباألخص األجراء.
وعىل هذا األساس ،يقوم السنديك بأداء ديون األجراء الناشئة بعد الحكم بفتح املسطرة بناءا عىل أمر من القايض املنتدب
طبقا للامدة 525من م.ت ،إذ تتمتع ب حق األسبقية عىل كل الديون األخرى سواء أكانت مقرونة أم ال بإمتيازات ،عىل أنه أمام
عدم وجود حق إمتياز ممتاز ،أو آليات للتأمني بخصوص الديون الناشئة عن عقد الشغل كام هو معمول به يف النظام الفرنيس،
فإن األجراء الدائنني بأجور وحقوق مستحقة عن الفرتة الالحقة لتاريخ صدور الحكم بفتح املسطرة ،يعاملون بنفس املعاملة التي
ترسي عىل مختلف املستفيدين من حق األولوية الوارد بشأنه نص املادة 525من م.ت.4
وأمام غياب وضع ترتيب بني الدائنني من لدن املرشع املغريب ،فإنه ميكن الركون آللية من شأنها املساهمة يف تسوية
النزاعات الداخلية ،تتملل يف اإلحتكام لتاريخ إستحقاق الدين ،5ثم معيار الضامن املقرون به الدين ،وتبعا لذلك تكون األولوية
للدائنني املمتازين ،ألن الدين املمتاز مقدم عىل أي دين آخر ،ولو كان مضمونا برهون رسمية ،وذلك برصيح املادة 6744من
ق.ل.ع.
مام يفيد أنه يتعني عىل السندي ك عند توزيع مثن التفويت ،أن مينح األولوية يف السداد لديون األجراء ،والتي باإلضافة إىل
إستفادتها من إمتياز الدرجة األوىل عىل كل املنقوالت ،فإنها تتمتع بحق األسبقية املنصوص عليه يف املادة 525من م.ت ،ما
دامت تتوافر فيها رشوط تطبيق هذه القاعدة.
أما بالنسبة لديون األجراء السابقة عن صدور حكم فتح املسطرة ،فيتم تأديتها بعد أداء الديون املستفيدة من حامية املادة 525
املذكورة ،ثم ديون أصحاب اإلمتيازات الخاصة عىل العقارات وأصحاب اإلمتيازات الخاصة عىل املنقوالت ،ثم أصحاب
اإلمتيازات العامة عىل املنقوالت التي تندرج يف إطارها ديون األجراء ،ونشري يف الختام إىل إمكانية إستيفاء ديون األجراء خارج
2المادة 189من م.ت ،التي تنص على أنه " :تدوم مهمة السنديك إلى غاية قفل المسطرة.تصدر المحكمة حكمها بقفل المسطرة بعد تسديد ثمن التفويت
وتوزيعه على الدائنين.يتم حل شركة تجارية في حالة تفويت كامل لممتلكاتها".
3تنص المادة 171من م.ت على أنه " :يوزع السنديك ثمن التفويت بين الدائنين حسب مرتبتهم .يترتب عن الحكم القاضي بمخطط التفويت الكلي إستحقاق
الديون غير الحالة".
4امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .711
5زكية عومري ،آثار فتح مسطرة التسوية القضائية على الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة ،مركز الدائنين عند تنفيذ الحل ،مجلة القصر ع ،71شتنبر
،1881ص .18
63
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
مثن التفويت ،وذلك إذا ما إلتزم املفوت إليه بذلك ،1إذ ال مانع يحول دون تطبيق من هذا القبيل ،كلام تبني للمفوت إليه أن
إلتزاما كهذا من شأنه أن يخدم مصلحته.
يعترب التفويت جزئيا عندما يتعلق مبجموع عنارص اإلنتاج التي تك ِّون قطاعات ألوجه النشاط كاملة ومستقلة ،وال يهم إن كان
مجموع هذه العنارص ال ميلل إال جزءا من أصول املقاولة.2
وال يجب الخلط بني التفويت الجزيئ الذي يتم يف إطار مخطط التفويت ،وبني التفويت الجزيئ الذي تقرره املحكمة
واملرتبط مبخطط اإلستمرارية ،وذلك يف حالة ما إذا إرتأت أن بعض فروع املقاولة غري منتجة أو أن مردوديتها ضعيفة ،يف
محاولة منها للتقليص من نفقات املقاولة وإعادة هيكلتها إنسجاما مع محيطها اإلقتصادي ،فالتفويت الجزيئ يف هذه الحالة
األخرية يرتبط بتفويت بعض قطاعات النشاط ،والتي تكون مرتبطة إرتباطا وثيقا بباقي القطاعات املتعلقة باإلنتاج.
أما التفويت الجزيئ يف الحالة األوىل فإنه وإن كان أيضا يرتبط بتفويت قطاع أو عدة قطاعات ألوجه النشاط ،إال أنها تعترب
كاملة ومستقلة يف حد ذاته ا عن باقي فروع النشاط ،بحيث ال تأثري لها عىل هذه الفروع أو القطاعات األخرى للمقاولة ،ويبقى
الهدف من وراء التفويت سواء كان كليا أو جزئيا ،هو إنقاذ املقاولة عن طريق الحفاظ عىل إستمرارية النشاط وبالتايل الحفاظ
عىل مناصب الشغل وإمكانية تسديد الخصوم.
وبإستقراء للمواد من 165إىل 165من م.ت ،يتبني أن املرشع يف إطار عرضه آلثار التفويت تجاه الدائنني بصفة عامة ،مل
ينص رصاحة عىل وضعيتهم عند حرص املحكمة ألي من أنواع التفويت ،وإمنا عرض بصفة ضمنية لوضعية هؤالء الدائنني يف
إطار التفويت الكيل ،مام دفع الفقه الفرنيس 3إىل القول بأن آثار التفويت تجاه الدائنني الواردة مبقتضيات املواد من 96إىل 93
من قانون 75يناير ،6955واملطابقة للمواد من 165إىل 165من م.ت ،ال تطبق إال يف حالة التفويت الكيل دون الجزيئ.
وإذا كان يرتتب عىل الحكم بالتفويت الكيل ،إستحقاق الديون غري الحالة ،4فإنه يف إطار التفويت الجزيئ ،نعتقد أنه ال
يرتتب عليه سوى أداء الديون ذات األجل الحال ،أما الديون املؤجلة أو املقرونة بأجل فتبقى موقوفة األداء إىل حني حلول أجلها
املحدد واملتفق عليه ،وما دام أن األجراء ال يخضعون وكام سبق أن رأينا ألي آجال أو تخفيض ،فإن هذا يعني أن أداء أجورهم
يكون بشكل فوري سواء أكان التفويت جزئيا أو كليا.
ونشري إىل أن حامية األجراء ال تتوقف يف إلتزام األطراف املعنية ،بضامن أداء ديون األجراء وضامن إستمرار عقود الشغل
عند تبني مخطط اإلستمرارية أو مخطط التفويت ،بل متتد هذه الحامية لتشمل فرتة تنفيذ املخطط ،فمخطط اإلستمرارية
64
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يتضمن عدة إجراءات صارمة تجاه املقاولة املعنية باألمر ،مام يفرض عليها أن تنفذ إلتزاماتها وفق الكيفيات والرشوط املحددة
فيه ،وإال تم فسخه من طرف املحكمة التجارية املفتوح أمامها املسطرة ،1والنطق بتصفيتها القضائية.
وهو املقتىض الذي أكده املرشع املغريب من خالل املادة 107من م.ت ،2فعبارة اإللتزامات جاءت يف هذه املادة عامة وميكن
3
أن تشمل بالتايل حتى اإللتزامات اإلجتامعية ،وهذا ما أكده بشكل ضمني حكم صادر عن املحكمة التجارية بالدار البيضاء
والذي جاء فيه " :حيث إن املرشع أحاط مخطط اإلستمرارية بسياج من الضامنات التي تؤمن تنفيذه لفائدة سائر أطراف املقاولة
واإلقتصاد ،ومل يرتدد يف وضع جزاء هام وصارم لضامن التنفيذ الحريف لهذا املخطط وسائر التعهدات واإللتزامات التي ينطوي
عليها مالية كانت أو غري مالية ،وجاء هذا الجزاء الصارم يف الفقرة األوىل من املادة "107
أما فيام يتعلق مبخطط التفويت ،فاملفوت إليه يلتزم مبجموعة من اإللتزامات العامة املتضمنة يف ق.ل.ع ،بإعتباره طرفا يف
العقد الذي تفاوض بشأنه ،كاإللتزام بدفع اللمن وتسلم املحل موضوع التفويت ،لكن خصوصية هذا العقد تحتم عىل املفوت
إليه بتحم ل إلتزامات أخرى عديدة ،سواء تلك التي نصت عليها م.ت ،أو التي يقوم القضاء بتحديدها عند تبني مخطط
التفويت ،وذلك لضامن تصحيح املقاولة املتعرثة والنهوض بها من جديد.
ويرتتب عىل عدم تنفيذ املفوت إليه لإللتزامات امللقاة عىل عاتقه ،فسخ مخطط التفويت طبقا للامدة 163من م.ت ،4وتعليقا
عىل هذه املادة ذهب الفقه 5إىل ترجيح الجزاء الصارم املتملل يف ترتيب الفسخ عند اإلخالل باإللتزامات اإلجتامعية ،حيث
إعترب أن إعفاء األجراء دون سبب رشعي أو خرق مخطط التفويت ،يرتب دامئا أداء التعويضات واملستحقات التي تحميها
وتضمنها م.ش ،وأن هذا األثر بالرغم من كونه هينا مقابل الحفاظ عىل مخطط التفويت ألن الفسخ يدمر املقاولة ،إال أنه من
شأن تبني هذا املوقف اللني أن يشجع املستلمرين واملضاربني عىل رضب أقدس حقوق األجراء ،وهو الحق يف الشغل لذلك
يكون الجزاء الصارم املتملل يف فسخ املخطط الحل واألثر األنجع ،يعلل هذا الفقه موقفه بالحجج والعلل التالية :
أن عبارة الجزاء جاءت يف الترشيع املغريب عامة ومطلقة ،ال تفرق بني اإللتزامات املالية وغري املالية ،وتتعلق بأداء مثن
التفويت أو غريه من اإللتزامات اإلجتامعية وفقا للفقرة األوىل من املادة 163من م.ت؛
إن امل رشع املغريب كاملرشع الفرنيس أعطى أهمية بالغة إلستمرار الشغل ،ومناصب الشغل تفوق األهمية املعطاة لتصفية
1امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .178
2تنص المادة 181من م.ت في فقرتها األولى على ما يلي " :إذا لم تنفذ المقاولة إلتزاماتها المحددة في المخطط يمكن للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد
الدائنين وبعد اإلستماع إلى السنديك بفسخ مخطط اإلستمرارية ،وتقرر التصفية القضائية للمقاولة".
3حكم رقم 1881/118بتاريخ ،1881/81/87أورده عبد الكريم عباد ،م.س ،ص .799
4تنص المادة 178من م.ت ،على ما يلي " :يحيط المفوت إليه السنديك علما بتنفيذ المقتضيات المنصوص عليها في مخطط التفويت عند نهاية كل سنة مالية موالية
للتفويت .وإن لم يف المفوت إليه بإلتزاماته ،أم كن للمحكمة تلقائيا أن تقضي بفسخ المخطط أو بناء على طلب السنديك أو أحد الدائنين .في هذه الحالة ،تباع األموال
وفق أشكال التصفية القضائية ويخصص عائدها لدفع مستحقات الدائنين المقبولين".
5أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .181
65
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ولقد سعت غالبية األحكام القضائية إىل دعم إستمرارية عقود الشغل وأداء مستحقات األجراء مبناسبة تفويت املقاولة ،ومنها
حكم املحكمة التجارية مبراكش ،1الذي جاء فيه ... " :إن الرشكة مقدمة العروض ترغب يف اإلحتفاظ بكل العامل ،وأنها
إستعانت برأسامل أجنبي ،مام يشكل إدرار أموال أجنبية إضافية عىل اإلقتصاد الوطني"...
وعىل كل حال ،يبقى مخطط التفويت كيفام كان نوعه ،غري إيجايب بالنسبة للدائنني عموما ،واألجراء عىل وجه الخصوص،
عىل إعتبار أن مثن التفويت غالبا ما يكون أقل بكلري من خصوم املقاولة.
رغم الحامية التي يكفلها املرشع املغريب لديون األجراء ،التي أصبحت تتمتع بقاعدة اإلمتياز مبقتىض املادة 357من م.ش،
فإنها مل ترقى إىل املستوى املطلوب مقارنة مع ما هو ساري التطبيق يف القانون الفرنيس الذي جعل ديون األجراء تتمتع بإمتياز
اإلمتياز ،الذي يضمن لهم الحق يف األداء الفوري لديونهم السابقة عىل حكم فتح املسطرة ،إذ أن ذلك اإلمتياز يفقد نجاعته
وفعاليته نظرا لغياب اآلليات والضامنات القانونية التي تضمن له حامية فعلية يف مواجهة دائني املادة 525من م.ت ،كام أن
املرش َعني التجاري واإلجتامعي فشال يف إقامة الحامية اإلجتامعية لألجراء ،عندما تم حرص اإلمتياز املمنوح لألجري عىل
منقوالت املقاولة دون عقاراتها.
وإن كان املرشع املغريب قد خص ديون األجراء بإمتياز الرتبة األوىل ،قصد إستيفاء مستحقاتهم املوجودة يف ذمة املشغل عىل
جميع منقوالته دون عقاراته ،فإن هذا املقتىض القانوين يبقى دون جدوى أمام إجحاف املرشع التجاري الذي رتب عىل حكم
فتح املسطرة ،منع أداء الديون الناشئة قبل إفتتاح مسطرة املعالجة ،مبا يف ذلك ديون األجراء تطبيقا لنص املادة 152من م.ت.
وقد كان باإلمكان التخفيف من اآلثار التي ال تنسجم مع الطابع املعييش واإلجتامعي لألجور ،لو سمح املرشع لألجراء بالحق
يف مامرسة املتابعات الفردية بخصوص الديون السابقة ،كام هو الشأن بالنسبة لنظريه الفرنيس الذي سمح لألجراء بإمكانية
مامرسة الدعاوي ،أو مواصلتها للمطالبة بحقوقهم الناتجة عن عقد الشغل.
كام أن آمال األجراء التي تولدت منذ صدور حكم فتح املسطرة ،قد تتبدد يف النهاية إذا وصلت املقاولة إىل مرحلة فتح مسطرة
التصفية القضائية يف مواجهتها ،وذلك يف حالة ضآلة األصول أمام حجم الخصوم ،األمر الذي يستدعي التفكري مليا يف تأمني
أداء ديون األجراء كام فعل املرشع الفرنيس من خالل خلقه لنظام .A.G.S
1حكم المحكمة التجارية بمراكش ،حكم بتاريخ ،1881/81/18في الملف عدد ،90/7منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي/يونيو ،1887ص .710
66
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
كل هذه النقط وغريها ،متلل مكامن قصور ومحدودية ضامن أداء ديون األجراء ،والتي ميكن معالجتها من خالل مطلبني
األول نخصصه ملعالجة إرتباط هذه املحدودية بعالقة الشغل يف حني أن اللاين سرنى من خالله تأثري عدم كفاية األصول عىل
ديون األجراء.
يعترب صدور حكم التسوية القضائية إعالنا لتطبيق قواعد أكرث خصوصية عىل الديون الناشئة لألجراء ،إال أنه ما يالحظ عىل
هذه القواعد التي من خاللها هدف املرشع املغريب إىل تأمني أداء تلك الديون ،أنها قد أبانت عن محدودية وقصور ضحيتهام
بالدرجة األوىل األجري ،سواء منها تلك القواعد التي تضمن أداء األجور مبناسبة إستمرار عالقة الشغل (الفقرة األوىل) أو تلك
التي تؤمن أداء الديون الناشئة مبناسبة إنهاء هذه العالقة (الفقرة اللانية).
إن مقتضيات قانون صعوبات املقاولة ،شأنها شأن مقتضيات مدونة الشغل ،وعىل خالف القانون الفرنيس ،ال تؤ ِّمن حامية
كافية ألجور األجراء يف حالة إستمرار عقود شغلهم ،خالل رسيان مساطر الوقاية من الصعوبات ،ولعل ذلك راجع لعدة أسباب،
لعل من أهمها عدم فعالية نظام حق األسبقية وفق القانون املغريب (أوال) ،إىل جانب ما إلعفاء األجراء من الترصيح بديونهم
من أثر سلبي عىل حامية هذه الديون بشكل خاص وعىل حسن سري املسطرة بشكل عام (ثانيا).
إن حق األسبقية إمتياز مينحه القانون عىل أموال املدين نظرا لسبب الدين ،1وسبب الدين بالنسبة لألجراء غالبا ما يكون هو
األجر الذي يشكل مقابل العمل ،إال أن األجر يف الغالب األعم ما يتكون من عدة عنارص ،األمر الذي يطرح إشكالية تحديد
طبيعة ذلك األجر املضمون بحق اإلمتياز.
فهل يقترص حق األسبقية عىل األجر مبفهومه الضيق ،أم ميتد إىل ملحقاته وتوابعه وكذا جميع املستحقات املرتتبة عن عقد
الشغل (كالتعويض عن العطلة السنوي ة املؤدى عنها ،ومنحة األقدمية ،ومكافأة املردودية )...وأن إستبعاد أي عنرص من هذه
العنارص املكونة لألجر 2سيشكل ال محالة إنقاصا من الحامية املقررة له مبقتىض اإلمتياز .هذا من جهة.
67
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ومن جهة أخرى ،فإنه يف حالة ما إذا تعلق تطبيق حق األسبقية بني أجريين ،األول نشأ دينه بعد صدور الحكم القايض بفتح
املسطرة ،يف حني أنه مل يشتغل ملال لدى املقاولة املفتوح ضدها مسطرة املعالجة سوى سنتني فقط ،واللاين نشأ دينه قبل
صدور الحكم بفتح املسطرة ،نتيجة إستصداره لحكم قىض له بتعويضات ومستحقات عن شغله لدى هذه املقاولة ملدة عرشين
سنة م لال ،فكال الطرفني نشأ دينه نتاجا لعالقة شغل مع نفس املقاولة املدينة ،إال أنه وتطبيقا لحق األسبقية ،سيقدم وتعطى
األولوية لألجري األول الذي نشأ دينه بعد صدور الحكم تطبيقا ملقتضيات املادة 525من م.ت ،عىل دين األجري اللاين الذي
إشتغل مدة أطول ،وهذا يشكل ال محالة نوعا من الالمساواة بني فئة األجراء يف إطار نظام صعوبات املقاولة.
وكان من األجدر لو إنتبه مرشع هذا نظام صعوبات املقاولة ،مللل هاته الحاالت والتصورات ،وذلك من خالل وضع ترتيب ما
لهذا اإلمتياز ملال ،أو منح فئة األجراء الدائنني حق األسبقية ،سواء منهم أولئك الذين نشأت ديونهم قبل أو بعد صدور الحكم
القايض بفتح املسطرة.
واألمر ال يتوقف عند إشكالية تسبيق دين أجري عىل دين أجري آخر ،بل األمر يصري نوعا ما غريبا ،1عندما يتم تقديم دين
لدائن عادي نشأ له هذا الدين بعد صدور حكم فتح املسطرة ،عىل دين ألجري نشأ له قبل صدور ذلك الحكم ،رغم ما لألجر من
صفة اإلمتياز ورغم كون دين األجري له طابع معييش ،2ولقد كان من املفروض التأكيد عىل أولوية حاميته ،خصوصا وأن الدائن
العادي قد تكون له مصادر وموارد أخرى للعيش ،إىل حني حلول أجل إستيفاء دينه بخالف األجري الذي يشكل فقدانه لألجر
فقدان ملورد عيشه رمبا يكون الوحيد.
إن هذه املفارقة الترشيعية التي مكنت الدائن العادي ،من إمكانية إستيفاء دينه قبل إستيفاء دين األجري– فقط لكون األول
نشأ دينه بعد صدور حكم فتح املسطرة– تجعل املرشع جرد األجري من صفته كأجري ،وجرد األجر من حق اإلمتياز املقرر له.3
وتجدر اإلشارة إىل أنه بالرغم من إمكانية حامية حق األسبقية للدائنني ،فإنه وعىل الصعيد العميل تلار العديد من النزاعات
بينهم ،فاملادة 525من م.ت ،مل تحاول وضع ترتيب معني للديون الالحقة فيام بينها ،عىل خالف املرشع الفرنيس الذي توفق
يف وضع ترتيب محكم ودقيق لتلك الديون ،فليس من املنطقي أن تكون كل الديون قد سجلت يف نفس اآلن بعد حكم فتح
املسطرة ،زد عىل ذلك أن بعضها قد يكون أكرث إمتيازا وضامنا من غريه ،كام أن املادة املذكورة مل تعطي أي إمتياز لديون
األجراء عىل الديون الالحقة ،بل إكتفت باإلقرار مببدأ أولوية الديون الالحقة لفتح املسطرة عىل جميع الديون السابقة عليها.4
وبذلك تكون مدونة التجارة قد أفرغت حق اإلمتياز املقرر يف م.ش من محتواه ،5إذ أنه ال يرقى إىل مستوى الحامية
املطلوبة ،فتطبيق بعض قواعد صعوبات املقاولة عىل األجري 1قد تكون له آثار وخيمة عىل وضعية هذا األجري اإلقتصادية
68
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واإلجتامعية ،لذا يتعني عىل املرشع املغريب مجاراة نظريه الفرنيس ،بوضع ترتيب للديون الناشئة بعد الحكم بفتح املسطرة،
ومنح حق أسبقية ال لبس فيه لديون األجراء مهام كان تاريخ نشوءها ،ثم إستلناء تلك الناشئة بعد حكم فتح املسطرة من
مقتضيات املادة 525من م.ت ،ألنه ليس من العدالة اإلجتامعية يف يشء ،فرض نفس التضحيات املتعلقة بالدائنني العاديني
عىل األجراء كدائنني باألجر.
إستلنى املرشع املغريب األجراء الناشئة ديونهم قبل فتح مسطرة املعالجة من الترصيح بها إىل السنديك ،2وهو ما كرسه القضاء
التجاري يف مجموعة من األحكام الصادرة عنه 3تطبيقا ملقتضيات الفقرة األوىل من املادة 151من م.ت ،فإذا كان املرشع بذلك
قد صادف الصواب ،نظرا للطابع اإلجتامعي واملعييش لألجر ،وإذا كان اإلستلناء مربرا من أجل حامية وضامن حقوق أجراء
امل قاولة املتعرثة ،إال أنه ويف غياب تحديد آلية معينة متكن السنديك من معرفة تلك الديون ،خاصة إذا كان حجمها مرتفعا ما
عدى حالة ما بعد حرص املخطط ،4إذ يف هذه الحالة قد يؤدي الترصيح بالديون إىل عرقلة نجاح املخطط (وباألخص مخطط
اإلستمرارية) ،ذلك أن السنديك عند إعداده له مل يكن قد أخذ تلك الديون بعني اإلعتبار ،خالفا ملا ذهب إليه املرشع الفرنيس،
الذي وضع إجراءات واضحة لتحديد ديون األجراء ،تبتدئ من إلزام املدين بإرفاق طلب فتح املسطرة بالئحة الديون الناتجة
صل عليها من األجراء أو مملليهم ومن ،ويقوم بإشهار الكشف
ح َّ
عن عقود الشغل ،باإلستناد إىل املعلومات والوثائق التي ت َ
املذكور وإعالم األجراء به ،ليتمكن الذين مل يرد دينهم كليا أو جزئيا فيه من اللجوء إىل القضاء ،وهي مسطرة تجعل دين
األجراء معلوما عند تحديد مصري املقاولة.5
6
إن إعفاء األجري من الترصيح بديونه الناشئة قبل فتح املساطر الجامعية ،يؤدي إىل قيام رئيس املقاولة بتقديم جميع الوثائق
واإلثباتات الرضورية املتعلقة باألجور حتى يتسنى للسنديك تحقيقها ،وتنحرص هذه الوثائق يف دفرت األداء والسجالت املمسوكة
من طرفه ،فحتى مع إفرتاض أن هذه السجالت قد تم مسكها بصفة منتظمة ومضبوطة من طرفه ،إال أنها تبقى يف كل
1ويمكن القول أنه من ضمن القواعد المكرَ سة بمقتضى نظام صعوبات المقاولة ،والتي من شأن تطبيقها على األجراء إلحاق الضرر بحقوقهم ،قاعدة المنع من أداء
الديون السابقة ،وقاعدة وقف المتابعات الفردية ،وقاعدة إعفاء األجير من التصريح بالديون السابقة على فتح المسطرة.
2ويعفى من الت صريح أيضا ،الدائنون الناشئة ديونهم بعد حكم فتح المسطرة ،نظرا لإلمتياز الذي يستفيدون منه طبقا لنص المادة 111من م.ت.
- 3قرار صادر عن المجلس األعلى(محكمة النقض حاليا) عدد 019صادر بتاريخ ،1881/1/71ملف ع ،1888/1/011منشور بسلسلة القانون والممارسة
القضائية ،ع ،1م.س ،ص .11
-قرار صادر عن المجلس األعلى ع ،187بتاريخ ،1881/1/10ملف ع ،1888/1/8/111منشورات المجلس األعلى ،قرارات الغرفة التجارية ،مطبعة األمنية
.1881ص .11
-قرار صادر عن المجلس األعلى ع ،1/7798بتاريخ ،81/78/11ملف ع ،8/7119أشار إليه عبد الرحيم السليماني ،التصريح بالديون ،م.س ،ص .170
-قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ،1888/181الصادر بتاريخ ،1888/1/1ملف ع ،77/1881/1918أشارت إليه ،حياة متوكل ،م.س،
ص 19
4عبد الرحيم السليماني ،التصريح بالديون ،م .س ،ص .179
5
Alain lienhared. Op.cit, P 165.
6يلتزم رئيس المقاولة بتقديم قائمة الديون سواء فتحت المسطرة بناءا على طلبه أو بناءا على طلب ذوي المصلحة ،عندما يأتي طلب فتح المسطرة من طرف رئيس
المقاولة ،فإنه يكون ملزما بأن يشير في التصريح الذي يودعه بكتابة ضبط المحكمة إلى أسباب التوقف ع ن الدفع ،وإرفاق الطلب بالئحة الدائنين والمدينين مع
اإلشارة إلى مبلغ حقوقهم وديونهم (المادة 111من م.ت) ،ويكون هذا األخير ملزما بأن يسلم للسنديك ،قائمة مصادقا عليها بدائنيه ومبلغ ديونهم خالل ثمانية أيام
على األكثر بعد صدور حكم فتح المسطرة ،وذلك في الحالة التي ال يأتي فيها طلب فتح المسطرة منه شخصيا (المادة 109من م.ت).
69
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
األحوال ناقصة وغري كافية بالرغم من األهمية التي تتضمنها ،وذلك بالنظر إىل أن إعدادها تم من طرف رئيس املقاولة وتحت
مراقبته ،فهي ال تعرب إال عن وجهة نظره وال تعرب عن وجهة نظر أي طرف آخر غريه.
وبالنظر إىل هذه الوضعية السلبية لألجري تجاه ديونه ،1يضطر السنديك إىل البحث عن مصادر أخرى للحصول عىل املعلومات
الرضورية إلنجاز املراقبة عىل ديون األجراء ،بغض النظر عن الوثائق املقدمة من طرف رئيس املقاولة ،2إذ ميكن له طلب
املعلومات من ص.و.ض.إج ،إال أنه من الصعوبة مبكان الحصول عىل هذه املعلومات وإظهارها ،3خصوصا وأن كرثة األعباء
واإللتزامات املفروضة عىل السنديك ال تسمحان له بالقيام بجميع التحريات املفيدة إلظهار جميع املعلومات والتحقق منها.4
يتضح إذن أن قاعدة اإلعفاء من الترصيح ،وإن كانت تخفف عىل األجري اإلجراءات الصارمة املرتتبة عىل عدم الترصيح يف
الوقت القانوين ، 5فإنها قد ال تضمن حامية حقوقه بالشكل املطلوب ،لذلك وبغية التخفيف من حدة اآلثار السلبية لإلعفاء من
الترصيح عىل حقوق األجراء ،نرى أن يتم إرشاكهم عىل األقل يف عملية تحقيق الديون ،هذه األخرية التي يف إطارها يشكل
السنديك حجر الزاوية ،إذ ليس هناك أي إشارة من طرف املرشع ،إىل حضور أي مملل عن األجراء مام يعني أن الدور الذي
يلعبه األجراء يف مرحلة تحقيق الديون ،هو نفس الدور تقريبا الذي يلعبونه يف سائر أطوار سري املساطر الجامعية ،واملتملل يف
سلب الدور الفعال واإلكتفاء بدورهم اإلستشاري واإلخباري –يف بعض األحيان– مام يشكل إجحافا يف حقهم وإرضارا
مبصالحهم.
رأينا فيام سبق أنه إذا تطلبت املصلحة العامة املتمللة يف إنقاذ املقاولة ،التضحية ببعض عقود الشغل ووضع حد لها ،فإنه يجب
تطبيق أحكام مدونة الشغل فيام يخص هذا اإلنهاء ،وبالرجوع لهذه األخرية نجدها تقرر لألجراء يف باب اإلنهاء ،التعويض عن
1وتكون وضعية األجير سلبية ،إذ ال يتمكن من التعبير عن رأيه بخصوص ما له من ديون بذمة المقاولة ،عكس باقي الدائنين الذين يعبرون عن وجهة نظرهم عند
التصريح بديونهم.
2إن الوثائق المقدمة من طرف رئيس المقاولة والتي تهم ديون األجراء ،بطبيعة الحال سوف لن تتضمن إال األجراء المزاولين لشغلهم بالمقاولة ،ويمكن أن يكون
هناك أجراء آخرون فصلوا من شغلهم لسبب من األسباب ،وإستصدروا أحكام قضائية في مواجهة المقاولة تقضي لهم بالتعويضات المستحقة خاصة إذا ما َكيَّفت
الم حكمة أن الفصل كان تعسفيا ،إذ من شأن التعويضات المحكوم بها والحالة هذه أن تلعب دورا محوريا في ترجيح إحدى الكفتين ،وأن يكون لها تأثير فعال على
طبيعة الحل المقترح ،لو كان السنديك والقاضي المنتدب على علم بها منذ الوهلة األولى.
3بوشتى الزياني ،م.س ،ص .700
َ
4وعلى إفتراض أن األجير قام بتقديم وثائق للسنديك إلثبات ديونه ،فإن هذه الوثائق ليست لها طبيعة قانونية وإنما تتضمن قيمة إعالمية فقط ،ويخشى أن ال تعالج
المعلومات المضمنة في هذه الوثيقة بنفس الطريقة التي تعالج بها تصريحات باقي الدائنين.
5فالدائن ملزم بالتصريح بدينه داخل أجل شهرين إ بتداءا من تاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية (الفقرة األولى من المادة 101من .م.ت) ومن شأن إلزام األجير
يطلع على الجريدة الرسمية لكي يقومبالتصريح أن يؤدي إلى حرمانه من مستحقاته إذا لم يصرح بها في األجل القانوني ،نظرا لكون األجير غالبا ما ال يهتم وال َّ
بإحتساب أجل الشهرين .ويمكن القول أن مشروع تعديل الكتاب الخامس من م.ت ،قد حمل بين ثناياه تعديال يمكن أن يشكل إمتيازا لألجراء وضمانة من ضمانات
حقوقهم ،إذ بمقتضى المادة 101منه أصبح أجل التصريح هو شهرين إبتداءا من تاريخ إشعار السنديك للدائنين وليس من تاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية ،ويمدد
هذا األجل إلى سنة إ بتداءا من تاريخ نشر الحكم القاضي بفتح المسطرة بالنسبة للدائنين غير المدرجين بالقائمة المدلى بها من طرف المدين ،وكذلك بالنسبة للدائنين
الذين لم يتم إشعارهم من طرف السنديك.
70
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفصل ،ثم التعويض عن فقدان الشغل الذي إستحدثته املدونة 1والذي مل تبني رشوط اإلستفادة منه ،وال كيفية تحديد مقداره،
كام فعلت مع التعويض عن الفصل وعن الرضر وعن اإلخطار.
غري أن املتمعن يف هذين التعويضني ،مبناسبة تطبيقهام عىل أجراء املقاولة موضوع مسطرة املعالجة ،سيكتشف أنهام ال
يخدمان املصلحة التي تم ترشيعهام ألجل حاميتها ،إذ ستتضح له معامل املحدودية يف هذا اإلطار سواء فيام يخص التعويض
عن الفصل (أوال) أو التعويض عن فقدان الشغل (ثانيا)
نظمت م.ش التعويض عن الفصل يف املواد من 57إىل 55منها ،وربطت الحق يف هذا التعويض ،برضورة توافر مجموعة
من الرشوط منها :أن يتعلق األمر بعقد شغل غري محدد املدة ،2أن يشتغل األجري إشتغاال فعليا باملقاولة ملدة 1أشهر عىل األقل،
أن يكون قد تم فصل األجري بصفة نهائية ،أن ال يرتكب األجري املفصول خطأ جسيام ،وأن ال يتعلق إنهاء عقد الشغل بقوة
قاهرة.3
تبعا لذلك يحق لألجراء املستغنى عنهم من طرف السنديك ،اللجوء إىل القضاء اإلجتامعي للمطالبة بالتعويضات الرضورية
لجرب الرضر عن إنهاء عقود الشغل ،4إال أنه ما يالحظ بهذا الخصوص أن التعويضات التي يقيض بها القضاء ،تقع تحت طائلة
مقتضيات الفقرة 3من املادة ،523أي أنها تدرج يف دائرة الخصوم ،مام يرتتب عنه ما ييل:
إنتظار األجراء صدور أحكام نهائية تقيض بالتعويض للترصيح بديونهم يف قامئة الخصوم؛
خضوع الدائنني بالتعويضات آلجال الجدولة يف إطار مخطط التسوية الذي ميكن أن يستغرق عرش سنوات؛
1وذلك بمقتضى الفقرة األخيرة من المادة 18منها التي جاء فيها »:ويحق لألجير أن يستفيد أيضا ،وفق القوانين واألنظمة الجاري بها العمل من التعويض عن فقدان
الشغل ألسباب إقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية«.
2لقد حصل خالف فقهي في فرنسا حول شمول اإلمتياز جميع المستحقات المترتبة عن ا لفصل من الشغل ،سواء أكان العقد محدد المدة ،أم غير محدد المدة ،فذهب
إتجاه على أن اإلمتياز يشمل فقط التعويضات المترتبة عن الفسخ التعسفي لعقد الشغل غير محدد المدة ،أما العقد محدد المدة فيخرج عن دائرة اإلمتياز.
-أعمار تيزاوي ،م.س ،ص .118
وهذا اإلتجاه بالرغ م من عدم إستناده على أي مقتضى قانوني ،فقد تم إستلهامه من طرف القضاء المغربي الذي كرسه في أكثر من نازلة رغم وضوح صياغة الفصل
7110من ق.ل.ع آنذاك ومن هذه األحكام:
-قرار إستئنافية الرباط رقم 1117بتاريخ 7911/71/81الذي جاء فيه " :ال يطبق اإلمتياز المنصوص عليه في الفصل 7110من ق.ل.ع ،إال على الديون
الناتجة عن عقد العمل غير محدد المدة المنصوص عليه في الفصل 111من نفس القانون ،أما الديون الناتجة عن عقد العمل المحدد المدة فال تقبل إال كديون عادية"
-قرار إستئنافية الرباط بتاريخ 7911/71/1الذي جاء فيه " :ال يطبق اإلمتياز المنصوص عليه في الفصل 7110من ق.ل.ع ،إال على الديون الناتجة عن عقد
العمل الغير محدود ،المنصوص عليه في الفصل 111من نفس القانون ،الديون الناتجة عن عقد العمل المحدد المدة ال تقبل إال كديون عادية "
أشار إلى هذين القرارين :
-عبد العزيز توفيق ،التعليق على قانون اإللتزامات والعقود لقضاء المجلس األعلى ومحاكم النقض العربية ،الجزء الثاني ،مطبعة صوماديل الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،7999ص .177 -178
إال أنه بصدور مدونة الشغل نجد أنها قد تبنت هذا الطرح ،من خالل تنصيصها الصريح بمقتضى المادة 11منها ،عن كون األجير المرتبط بعقد شغل غير محدد
المدة ،يستحق تعويضا عن فصله.
3إن القوة القاهرة وإن كانت تؤدي إلى عدم إحترام مهلة اإلخطار ،وحرمان األجير من تعويضات الفصل ،إال أن الصعوبات اإلقتصادية (كما سبق بيانه) وإن كانت
مبررة للفصل إال أنها ال تعفي المشغل من أداء جميع ما ينهض لألجراء من حقوق جراء الفصل الناتج عنها ،األمر الذي صار عليه القضاء المغربي في مجموع
اإلجتهادات الصادرة عنه ومنها :
-قرار المجلس األعلى رقم 7918الصادر بتاريخ ،7991/71/18ملف إجتماعي ع ،917189منشور بالنشرة اإلخبارية للمجلس األعلى ،7999ص .78
-قرار المجلس األعلى رقم ،710الصادر بتاريخ 19فبراير ،7901ملف إجتماعي ع ،98/880منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،ع ،81ص .91
4بلقاسم بنبراهيم ،م.س ،ص .11
71
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ونرى أن يف هذه املقتضيات إجحاف كبري يف حق األجراء من جهتني ،األوىل تتملل يف حرمانهم من مصدر أجرهم ،بعد أن
تقرر الفصل عن الشغل يف مواجهتهم كنتيجة لدخول املقاولة ــ مشغلتهم ــ يف صعوبات حتّمت هذا الفصل.
إضافة إىل ذلك ومن جهة ثانية حرمانهم من املستحقات الواجبة لهم عن هذا الفصل ويف أقرب اآلجال ،مام يشكل إرضارا
بحقوقهم عىل مرتني ،فهذه املستحقات يتم إدراجها يف قامئة الخصوم ،التي ميكن أن تخضع لجدولة ضمن مخطط
اإلستمرارية ملدة قد تصل إىل عرش سنوات ،هذا يف حالة ما مل يتم مواجهة األجراء بوضعية عدم تغطية أصول املقاولة الخاضعة
للتصفية لخصومها.
وقد كان باإلمكان التخفيف من هذه اآلثار التي ال تنسجم مع الحامية اإلجتامعية ،لو سمح املرش ع لألجراء بالحق يف
مامرسة املتابعات الفردية بخصوص الديون السابقة كام هو شأن القانون الفرنيس ،الذي سمح بإمكانية مامرسة الدعاوي أو
مواصلتها للمطالبة بحقوقهم الناتجة عن عقد الشغل ،إذ مل يوضح املرشع التجاري ما إذا كانت ديون األجراء تستلنى أم ال من
قاعدة الوقف الواردة يف املادة ، 1153وإمنا إكتفى برفع هذا املنع عن الديون الناجمة عن عقد الشغل خالل مسطرة التسوية
الودية.
عىل خالف القضاء اإلجتامعي الذي كان موقفه يف هذا الشأن هو إعتبار األجري غري معني بقاعدة وقف الدعوى القضائية
التي يقيمها الدائنون حني صدور حكم فتح املسطرة 2حيث جاء يف حكم عن املحكمة اإلبتدائية بالرباط 3ما ييل" :وحيث أن
التمسك مبقتضيات املادة 153من م.ت ،الذي يقرر إيقاف ومنع كل دعوى قضائية يقيمها دائنني ،نشأت ديونهم قبل صدور
الحكم القايض بفتح املسطرة ال يجدي املدعى عليها يف يشء ،ما دامت الدعوى الحالية ال تصنف ضمن مقتضيات الفصل
املذكور" وقد سارت محكمة النقض يف نفس اإلتجاه ،حينام إعتربت " :إن املحكمة بتأييدها للحكم اإلبتدايئ تكون قد ثبتت
علله وأسبابه ،واملحكمة لتعليلها أن املشغلة وإن كانت تعيش أزمة إقتصادية وسلكت مسطرة التسوية القضائية ،فإن هذا ال
يعفي ها من منح األجري مستحقاته القانونية الناجمة عن إنهاء العالقة الشغلية.4" ...
1تنص المادة 118من م.ت على ما يلي " :يوقف حكم فتح المسطرة و يمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى :
-الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال؛
-فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال.
كما يوقف الحكم و يمنع كل إجراء للتنفيذ يقيمه هؤالء سواء على المنقوالت أو على العقارات.
توقف تبعا لذلك اآلجال المحددة تحت طائلة السقوط أو الفسخ".
2طبقا للمادة 111من م.ت.
3حكم المحكمة اإلبتدائية بالرباط رقم 7181الصادر بتاريخ 1أكتوبر 1881ملف عدد .7/718 /77
4قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) الصادر بتاريخ ،1888 /71 /78ملف إجتماعي ع 98 /887أشارت إلى هذه اإلجتهادات القضائية ،حياة متوكل،
م.س ،ص .98
72
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وهكذا يكون القضاء اإلجتامعي ،قد راعى الطابع املعييش لديون األجراء وإستلناهم من هذه القاعدة ،مجيزا بذلك منح
األجراء ديونهم رغم تعرض املقاولة لصعوبات إقتصادية ،أما املرشع الفرنيس فإنه إستلنى ديون األجراء من قاعدة املنع من أداء
الديون السابقة إلفتتاح املسطرة 1بغض النظر عن مدى تأثر الضامن العام املخول للدائنني الناشئة ديونهم بعد فتحها.
لذا نرى أنه عىل املرشع املغريب ،ترميم بعض نصوص مدونة التجارة وفقا للشكل الذي يحقق الحامية اإلجتامعية لألجراء،
إىل جانب املحافظة عىل املصالح اإلقتصادية كام هو شأن نظريه الفرنيس.
وبخصوص هذا األخري فقد أقر بأن تعويضات فصل األجراء ،تجعل الديون الناتجة عنها تبقى مغطاة من طرف جمعية تدبري
نظام تأمينات ديون األجراء ،وذلك إبتداءا من الشهر الذي ييل الحكم الذي تبنى املخطط ،وتشمل ديون األجراء املؤداة:
األجور وتوابعها ،وتعويضات الفصل ،والتعويض عن العطلة السنوية املؤدى عنها والتعويض عن اإلخطار.
إضافة إىل التعويضات التي أقرتها م.ش ،إستحدث املرشع املغريب مبوجب املادة 53منها ،تعويضا جديدا ،وهو التعويض عن
فقدان الشغل ،وقد تم التنصيص عليه أيضا بالفقرة األخرية من املادة 59من م.ش 2وهذا التعويض ينطبق عىل التعويض
املدفوع لألجري الذي تم فصله من شغله بصفة تعسفية ،أو ألسباب إقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية ،والتنصيص عىل
التعويض عن فقدان الش غل يف الترشيع املغريب ،يعترب بادرة نوعية نحو تقرير النظام الحاميئ اإلجتامعي ،والرقي بهذا
التعويض إىل نظام التعويض عن البطالة الذي تأخذ به أغلب الدول التي ترتكز عىل العنرص اإلجتامعي يف العالقات الشغلية.3
إال أن ما نالحظه عىل املرشع كونه يقدم ضامنات تعترب ناقصة يف هذا التعويض ،فمن خالل املادتني املذكورتني مل يحدد
املقصود بهذا الحق عىل غرار الحقوق األخرى ،وال رشوط اإلستفادة منه وال كيفية تحديد مقداره كام فعل مع التعويض عن
الفصل وعن الرضر وعن اإلخطار ،كام أن الشكل الذي جاء فيه ،يوحي مبا ال يدع مجاال للشك ،عىل أنه يجب أن يُدرج ضمن
املواد التي تنظم مسطرة وآثار اإلعفاء ألسباب إقتصادية ،وهو ما أكده حكم املحكمة اإلبتدائية بسيدي سليامن 4الذي جاء فيه
"...هذا فضال عىل أن املادة 53قد حرصت حاالت إستحقاق األجري لهذا التعويض يف األسباب اإلقتصادية أو التكنولوجية أو
الهي كلية دون غريها ،وحيث أنه وللتعليل أعاله وإعتبارا لكون الرضر ال يعوض مرتني فإن طلب التعويض عن فقدان الشغل
يبقى غري مؤسس قانونا ويتعني رفضه "
1فاتحة مشماشي ،أزمة معالجة صعوبات المقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق ،شعبة القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية –الرباط -س.ج ،1881/1881ص .111
2تنص الفقرة األخيرة من المادة 91من م .ش ،على ما يلي " :يستفيد األجير عند فصله تعسفيا من التعويض عن الضرر والتعويض عن أجل اإلخطار المنصوص
عليهما على التوالي في المادتين 29و 99أعاله.كما يستفيد من التعويض عن فقدان الشغل"
3فاطمة حداد ،م .س ،ص .811
4حكم إبتدائي رقم 10صادر عن المحكمة اإلبتدائية سيدي سليمان بتاريخ 79أبريل 1881في الملف اإلجتماعي ع 1881/11أشارت إليه ازهور هيباوي ،م.س،
ص .711
73
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أما عن محكمة النقض ،1فجاء يف أحد قراراتها " وإن كانت املادتان 53و 59من م.ش ،تنصان عىل حق األجري يف حالة
فصله عن عمله يف الحصول عىل تعويض عن فقدان الشغل ،إال أنه نظرا لكون مدونة الشغل مل ترد فيها أية تفاصيل حول
طريقة هذا التعويض...والجهة التي سيعهد إليها بأدائه ،فإن الحكم بهذا التعويض يبقى سابقا ألوانه ،إىل حني صدور نص
تنظيمي بشأنه".
وما رفض املحاكم املغربية للحكم بهذا التعويض لفائدة طالبيه ،إال كسبب لعدم تنظيمه من طرف املرشع املغريب إذ مل يقم
هذا األخري بتنظيم حق التعويض عن فقدان الشغل ،إال يف غشت ،7064أي بعد أكرث من عقد من الزمن عىل صدور م.ش،2
ولعل ذلك راجع إىل إضطراب هذه األخرية بني خيارين مل تستطع الحسم مع أحدهام ،خيار اإلستجابة لندوات الفقه يف
املطالبة بتحديد تعويض عن البطالة لألجراء الذين تعرضوا للفصل من الشغل عىل غرار الترشيعات املقارنة ،وخيار السكوت عن
هذا النوع من التعويض وذلك نتيجة لإلكراهات اإلقتصادية واإلجتامعية التي تعاين منها البالد.3
حيث سيستفيد األجري الذي فقد شغله تبعا للقانون رقم ،03.64املتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل ،من تعويض يساوي
%20من األجر املرجعي 4دون تجاوز الحد األدىن لألجر املعمول به ،ويرصف هذا التعويض ملدة أقصاها ستة أشهر ،إبتداءا من
اليوم املوايل لتاريخ اإلنقطاع الالإرادي عن الشغل ،وذلك من طرف ص.و.ض.إج ،كام يضمن له إستمرارية اإلستفادة من
التغطية الصحية والتعويضات العائلية ،ويتم إحتساب هذه املدة ضمن الحق يف راتب التقاعد ،رشيطة أن يتوفر األجري عىل
فرتة تأمني ال تقل عن 250يوما خالل اللالث سنوات السابقة لفقدان شغله ،منها 710يوما خالل اإلثنى عرش شهرا السابقة
لهذا الفقدان وأن يو ِدع املعني باألمر طلبه بإحدى وكاالت ص.و.ض.إج ،خالل أجل 10يوما إبتداءا من تاريخ فقدان الشغل،5
وأن يكون مسجال بالوكالة الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات كباحث عن الشغل.
غري أنه مهام كانت أهمية هذا النظام فإن دوره يبقى محدودا ،ومل تتم مقاربته بكيفية شمولية ،فمن جهة مل يتضمن أية
مقتضيات خاصة بحاالت اإلنهاء الذي يتم اإلقدام عليه خالل سري مساطر صعوبات املقاولة ،كام أنه يقترص عىل التعويض عن
1قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) رقم 817الصادر بتاريخ 1889/88/11في الملف اإلجتماعي ع 1880/7/1/110منشور بمجلة قضاء المجلس
األعلى ع 11سنة 1878ص .111 -118
2وذلك بمقتضى الظهير الشريف رقم 7 .71 .718الصادر في 11من شوال 11(7181أغسطس )1871بتنفيذ القانون رقم ،88 .71المتعلق بالتعويض عن
فقدان الشغل ،القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 7 .11 .701الصادر في 71من جمادى اآلخرة 11(7891يوليوز )7911المتعلق بنظام
الضمان اإلجتماعي ،ج.ر عدد 1198الصادرة بتاريخ 71ذو القعدة 77(7181سبتمبر )1871ص 1077والذي دخل حيز التنفيذ في 77دجنبر .1871
-أنظر الملحق رقم 8.
3حيث تتمثل اإلكراهات اإلقتصادية في نوع وحجم المقاوالت المغربية ا لتي ال يخرج أغلبها عن صغرى أو متوسطة تعاني من منافسة الشركات المستثمرة ،أما
اإلكراهات اإلجتماعية فتتجلى في الخوف من عدم إنضباط المشغلين لهذا النوع من التعويض ،نتيجة كثرة اإلعفاءات الجماعية واإلغالقات المتكررة ،بفعل المنافسة
العالمية الحرة والتقلبات المالية ،مما ال يشجع ميزانية الدولة على اإللتزام بتحمل التعويض عن فقدان الشغل لجميع المعطلين - .ازهور هيباوي ،م.س ،ص .710
4يقصد باألجر المرجعي متوسط األجور الشهرية المصرح بها خالل 81شهرا األخيرة قبل اإلنقطاع الالإرادي عن الشغل ،فمثال إذا كان األجر المرجعي هو
7111درهم ،فإن األجير يستحق تعويضا يقدر ب 7718درهما ،وإذا كان أجره هو 1811درهم فإن التعويض المستحق هو 7117درهما ،أما إذا كان األجر
المرجعي يعادل أو يفوق 1888درهم ،فإن األجير المعني ال يستحق إال الحد األدنى القانوني لألجر.
-معلومات مستقاة من الموقع اإللكتروني ل ص.و.ض.إج www.cnss.ma/ar/content/1تاريخ آخر زيارة 77يونيو 1871الساعة .01h30
5ويشتمل طلب الحصول على التعويض عن فقدان الشغل على ما يلي :
-طلب التعويض عن فقدان الشغل (المطبوع مرجع ،878 -7 -11أنظر المطبوع ضمن الملحق رقم )8معبأ من طرف آخر مشغل؛
-بطاقة التسجيل لدى الضمان اإلجتماعي؛
-نسخة البطاقة الوطنية للتعريف.
74
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فقدان الشغل دون باقي التعويضات واملبالغ املستحقة لألجراء ،فهو تعويض مؤقت عن البطالة ،وليس ضامنة ألداء ديون
األجراء املرتتبة يف ذمة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،إذ أنه ال يضمن ال من قريب وال من بعيد ،أداء ديون األجراء يف حالة توقف
املقاولة مشغلتهم عن األداء وفتح مسطرة املعالجة يف مواجهتها.
ومن جهة أخرى ،فقد تم تقييد اإلستفادة منه مبجموعة من الرشوط والتي قد ال تتاح ألغلبية األجراء ،كام أن تحديد سقف
التعويض يف مبلغ ال يتجاوز الحد األدىن لألجر ،لكل أجري يتقاىض أجرا يعادل أو يفوق 1000درهم ،يعترب يف نظرنا مجحف
وغري منصف ،ال سيام بالنسبة لفئة األجراء التي تتوفر عىل أقدمية مهمة كانت السبب الرئييس يف تقاضيها لهذا األجر ،أو التي
تتوفر عىل درجة مهمة يف سلم التشغيل ،والتي ألفت العيش مبستوى أجر معني ،ولعل هذا املقتىض متليه اإلكراهات املالية،1
لذلك نعتقد بأن حامية الجانب اإلجتامعي تقتيض التفكري يف آليات لتأمني البطالة ،وتأمني ديون األجراء مبختلف أصنافهم،
تفاديا للحاالت التي يعجز فيها املشغل عن الوفاء بها ،وذلك وفق مقاربة شمولية حلول متوافق بشأنها ال حلوال ترقيعية.
املطلب اللاين:
محدودية حامية ديون األجراء أمام عدم كفاية األصول
تبني لنا من خالل دراسة إمتياز ديون األجراء ،أن هذا اإلمتياز وإن كان يسمح بضامن جزيئ لألجور متاشيا مع حاجتهم
إليها لتلبية رغباتهم املعيشية ،فإن تطبيقه يتطلب أوال وقبل كل يشء وجود أموال يف ملكية املقاولة ،وهو األمر الذي قد ال
يتحقق دامئا ،مام يفقد هذا اإلمتياز قيمته العملية نظرا إلرتباطه بتوافر األصول الالزمة إذ تعد مسألة ضآلة األصول من أهم
مظاهر محدودية حامية ديون األجراء يف إطار نظام صعوبات املقاولة ،وهذا ما يفرس أن اإلمتياز ال يضمن األداء بعينه ،وإمنا
يجعل فقط ملستحقات األجراء إمتيازات يف التوزيع ،2ومن تم فإن املركز القانوين لدين األجري يتساوى والديون األخرى.
إىل جانب ما سبق نسجل غياب مؤسسة للتأمني اإلجباري يف القانون املغريب ،وهي جهاز يكفل لألجراء أداء مستحقاتهم
يف حالة تعرث املقاولة املشغلة ،وعليه فإن اإلمتياز يف الترشيع املغريب ليس وسيلة ملىل لحامية األجور ،وذلك بالنظر إىل
طبيعة هذا اإلمتياز أوال وإىل إنعدام نظام للتأمني اإلجباري عن ديون األجراء ثانيا ،ونظرا ألهمية هذا النظام ،فإنا نتساءل عن
1إذ خالل إنعقاد المجلس اإلداري ل ص.و.ض.إج ،بتاريخ 18يوليوز ،1878قدّم وزير التشغيل والتكوين المهني عرضا حول مساهمة الدولة في مشروع
التعويض عن فقدان الشغل يقضي بمساهمة الدولة ب 188مليون درهم إلنطالقه ،تؤدى منها 118مليون درهم في السنة األولى ،و 118مليون درهم الباقية تصرف
عند الحاجة ،في حين سيساهم المشغلون بنسبة 0,38%واألجراء بنسبة 0,19%من األجر األقصى الجاري به العمل.
-معلومات مس تقاة من الموقع الرسمي لوزارة التشغيل والشؤون اإلجتماعية www.emploi.gov.ma/index.php/ar/presse-ar/actتاريخ آخر زيارة
71يونيو 1881الساعة .2h30
إال أنه في نظرنا وإن كانت الدولة قد قد مت عرضا شموليا للدعم المالي اإلستثنائي ،فإن هذا العرض يظل قاصرا ،في ظل غياب إتفاق صريح بين ممثلي األجراء
الذين يطالبون أن تكون مساهمة األجراء في تمويل هذا النظام ،مساهمة رمزية ،وبين ممثلي المشغلين الذين يؤكدون على أال تتعدى مساهمتهم نسبة 0,38%من
الكثلة األ جرية خاصة إذا علمنا أن المساهمة المخصصة من طرف الدولة تقتصر على إعطاء اإلنطالقة لعمل هذا النظام ،وبالتالي فإن عراقيل سيره سوف لن تظهر
إال بحلول السنة الثانية أو الثالثة من العمل به ،األمر الذي يستوجب على المركزيات النقابية واإلتحاد العام لمقاوالت المغرب إيجاد أرضية متوافق بشأنها لتمويله.
2إبراهيم بهماني ،الوقاية الخارجية وسلطة رئيس المحكمة ،مجلة المحامون (تصدرها هيئة المحامين بأسفي)،ع ،7990 ،1ص .81
75
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أي دور ملؤسسة التأمني اإلجباري يف القانون الفرنيس يف ضامن أداء مستحقات األجراء (الفقرة اللانية) وقبل ذلك نتساءل
عن أهم أسباب عدم كفاية األصول التي غالبا ما يتم هضم حقوق األجراء تحت غطاءها (الفقرة األوىل).
إن آمال األجراء يف الحصول عىل مستحقاتهم ،والتي تولدت لديهم منذ صدور حكم فتح املسطرة قد تتبدد يف النهاية،
خاصة يف الحالة التي يوا َجهون فيها مبسألة عدم كفاية األصول ،هذه األخرية التي تبقى كأهم مظهر من مظاهر محدودية
حامية حق األجراء يف األجر يف إطار نظام صعوبات املقاولة ،وتتعدد أسباب ضآلة األصول فمنها ما هو مرتبط بالتأخر يف
الترصيح بالتوقف عن الدفع من طرف املعنيني به (أوال) ،ومنها ما هو مرتبط بإجراءات سري املسطرة (ثانيا).
كام هو معلوم منحت املادة 516من م.ت ،لرئيس املقاولة حق طلب فتح مسطرة املعالجة ،بإعتباره أدرى من غريه مبستوى
نشاطه التجاري ،وأقدر عىل معرفة ظروف إزدهاره أو تقهقره ،وألن رشف الحرفة وثقة الدائنني يفرضان عليه أن يكون أول من
يكشف عن وضعيته 1وفق الكيفية التي حددها املرشع يف املادة سالفة الذكر ،2ويالحظ أن تقديم هذا الترصيح ليس أمرا
إختياريا يخضع لتقدير املدين ،إمنا هو إلتزام ترشيعي يخضع لجزاء تجاري يتملل يف سقوط األهلية التجارية عمال مبقتضيات
املادة 264من م.ت.3
لقد تشدد املرشع تجاه رئيس املقاولة ،فألزمه بأن يتقدم بطلب فتح املسطرة بعد 65يوما من تاريخ التوقف عن الدفع ،ويف هذا
اإللزام ضامنة قوية لحقوق كافة الدائنني مبا يف ذلك األجراء ،لو تم تطبيقه حرفيا ،غري أن هذه الغاية تصطدم بغياب حسن
النية والشفافية لدى رؤساء املقاوالت ،سواء فيام يخص سلوكهم الشخيص ،أو يف إطار الوثائق املحاسبية للمقاولة املكلفني
بإمساكها ،إذ ال يزال أغلب املدينني يفضلون اللجوء إىل عدة وسائل غري مرشوعة ،إلطالة تواجدهم يف الساحة التجارية ولو
بحالة مالية سيئة أو متدهورة ،ويفضلون تسوية الديون التي عليهم بعيدا عن القضاء وطول إجراءاته وتكاليفه ،4كام أن الدائنني
بدورهم غالبا ما يسعون لتفادي املساطر الجامعية إذ أنهم يفضلون تسوية فردية عاجلة ولو جزئية عىل تسوية جامعية محتملة،
مام يجعلهم يحجمون عن التقدم بطلب فتح املسطرة يف مواجهة املدين.
1امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .708
2تنص المادة 117من م.ت على ما يلي " :يجب على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة المعالجة في أجل أقصاه خمسة عشر يوما تلي توقفه عن الدفع".
3وهذا السقوط يقود إلى حرمان مسيري المقاولة الفردية تجارية كانت أو حرفية أو إتخذت شكل شركة (المادتان 177 -181م.ت) من اإلدارة أو التدبير أو التسيير
أو المراقبة أو من أية وظيفة عمومية إنتخابية (المادة 170من م.ت).
4هشام الزاهير ،تعامل القضاء مع عقود الشغل في نطاق صعوبات المقاولة ،رسالة لنيل د.د.ع.م في القانون الخاص ،وحدة المهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد
الخامس السويسي ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية الرباط ،س.ج ،1881/1881ص .711
76
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واملدين بدوره قد يتواطئ مع الغري ،من أجل منح ه متويل وهمي ميكنه من اإلستمرار يف تجارته ولو كانت متدهورة ،ولعل
هذا ما أدى باملرشع من جهة إىل متديد مساطر املعالجة ضد املسريين يف املقاوالت التي تتخذ شكل رشكة ،1فمقارنة مع قانون
اإلفالس امللغى وسع املرشع يف م.ت من نطاق مسؤولية هؤالء املسريين ،كام شدد من العقوبات املحكوم بها عليهم حامية
ألصول املقاولة ،وبالتايل لحقوق دائنيها مبن فيهم األجراء.
ومن جهة أخرى إىل منح مكنة اإلعالن عن هذا التوقف لكل من الدائنني ومراقبي الحسابات ،بهذا الخصوص فإنه فيام يهم
الدائنني فغالبا ما ال يلجؤون إىل طلب فتح املسطرة إال بعد إستنفاذ جميع املساعي والطرق الحبية قصد إستيفاء ديونهم ،يف
حني أن فئة مراقبي الحسابات وإن كان يرى الفقه 2أن الرهان قائم عليها يف إحاطة املحكمة أو النيابة العامة مبا يفيد وجود
هذا التوقف ،غري أن هذا الرهان قد يكون غري ذي جدوى إذ ال تتوفر كل املقاوالت عىل مراقب للحسابات ،كام أن هذا األخري
-ويف حالة تواجده -قد مينعه الخوف من ضياع منصبه أو رغبته يف الحفاظ عىل الرس املهني من التبليغ عن األفعال التي تهدد
إستمرارية املقاولة.
وإذا كانت هذه بعض األسباب املؤدية إىل اإلحجام عن الترصيح بالتوقف عن الدفع من طرف املخاطبني به ،فإن لهذا التأخر
يف الترصيح إنعكاسات سلبية عىل وضعية املقاولة ،وعىل مختلف دائنيها واملتعاملني معها بصفة عامة ،وعىل حقوق األجراء
بصفة خاصة ،فهذا التأخر يؤدي إىل تأزم وضعية املقاولة عن طريق زيادة خصومها وتآكل أصولها ،وبالتايل إستعصاء التوصل
لحل مالئم لوضعيتها يف وقت تكون فيه إمكانية الخروج بها من الصعوبات ال زالت قامئة.
إىل جانب األسباب التي تطرقنا إليها ،هناك أسباب أخرى تساهم يف تناقص أصول املقاولة ،دون أن يكون املدين هو
املسؤول الوحيد عن ذلك ،من منطلق أن مسط رة املعالجة ال ميكن أن تتم دومنا أية مشاكل ،والتي ستؤدي ال محالة إىل تآكل
األصول التي تشكل الضامن العام للدائنني ،مام سينعكس سلبا عىل حقوق األجراء.
1من جهته فإن القضاء المغربي لم يتوانى في تطبيق هذا المقتضى القانوني ،إذ سبق له أن صرح بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة الشركة المدعى عليها
وتمديد هذه المسطرة إلى مسيرها ،فقد جاء في منطوق حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء " :لهذه األسباب حكمت المحكمة بجلستها العلنية إبتدائيا
وحضوريا...في الموضوع 7 :بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة الشركة 1...بتمديد مسطرة التصفية القضائية إلى السيد...بصفته الشخصية،
وبسقوط األهلية التجارية عنه لمدة خمس سنوات"
ومن ضمن ما إرتكزت عليه هذه المحكمة في حكمها هذا" :وحيث إن الثابت من تقرير الخبير أن الخسائر المتتالية التي حققتها الشركة خالل األربع سنوات
األخيرة أدت إلى إستهالك رأسمالها بأكمله دون أن يتخذ مسير المقاولة السيد...اإلجراءات الالزمة سواء إلنقاذ المقاولة عن طريق...أو عن طريق اللجوء إلى
المحكمة لطلب فتح مسطرة التسوية القضائية التي وجدت أساسا لمساعدة المقاولة على تجاوز الصعوبات التي تعترضها وحماية الجانب اإلقتصادي وخاصة
اإلجتماعي المرتبط بها كما هو الشأن في نازلة الحال"...
-حكم رقم ،787بتاريخ ،1881/1/1ملف رقم ،1881/78/110أنظر الملحق رقم .7
وفي حكم آخر صادر عن المحكمة التجارية بالرباط قضى بفسخ مخطط اإلستمرارية المفتوح ضد شركة مصحة القلب والشرايين وتقرير تصفيتها القضائية وفتح
مسطرة التصفية القضائية في حق كل من" :س.ص" ،و "ع.غ" ،و "س.و" ،و "أ.خ" ثم "آ.إ" وبأداء السيد "س.ص" مبلغ 891119710,80درهم ونسبة %18من
المبالغ التي ستسفر عنها عملية تحقيق الديون ،وأداء السيد "ع.غ" لمبلغ 791909011,81درهم ونسبة %18من المبالغ التي ستسفر عنها عملية تحقيق الديون،
وأداء كل من السادة "س.و" ،و "أ.خ" و "آ.إ" مبلغ 1199110,11درهم ونسبة %78من المبالغ التي ستسفر عنها عملية تحقيق الديون ،وأن كل هذه المبالغ هي
تعويض عن النقص الحاصل في األصول.
-حكم رقم 711بتاريخ ،1878/71/81في الملف ع .1878/18/781
2امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .791
77
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فإذا كان املرشع قد أجاز للمحكمة أن تضع يدها عىل املسطرة عن طريق الحكم من تلقاء نفسها أو بناءا عىل طلب من
النيابة العامة ،بوضع املدين يف حالة توقف عن الدفع ،فإن مامرسة كل من النيابة العامة واملحكمة لسلطتهام ال تخلو من
صعوبات يف أغلب األحوال ،1ذلك أن كلتا هاتني املؤسستني قد ال تعمالن عىل تعقب املقاوالت لتفحص أوراقها وتدقيق
حساباتها وللبحث فيام إذا كانت يف حالة توقف عن دفع ما بذمتها من ديون مستحقة أم ال ،2هذا بخصوص إجراءات ما قبل
فتح املسطرة.
أما أثناء سري املسطرة ،فإنه وبغية إنجاح وتحقيق أهدافها ،نص املرشع عىل مجموعة من التدابري األولية التي يتعني عىل
السنديك القيام بها مبجرد الرشوع يف مهمته ،ومن بني هذه التدابري العمل عىل وضع األختام عىل كل أو جزء من أموال
املقاولة املنقولة أو العقارية ،3حيث تعترب هذه اإلمكانية هامة جدا وذلك لتفادي ضياع أصول املقاولة ،عن طريق التهريب أو
التدليس أو سوء التدبري من طرف املدين يسء النية.
غري أنه مع ذلك تظل هذه اإلجراءات محدودة جدا ،نظرا لكونها تعد من اإلجراءات التحفظية اإلختيارية ،4كام أن إجراءا من
هذا القبيل قد يعدو غري ذي فعالية يف العديد من الحاالت ،خاصة أمام لجوء املدين سيئ النية مبجرد علمه ،بإمكانية فتح
مساطر صعوبات املقاولة تجاهه ،إىل تهريب أمواله وتبذيرها نكاية بدائنيه ،مستعمال يف سبيل ذلك كل الوسائل املرشوعة وغري
املرشوعة لتحقيق أهدافه.
هذا إىل جانب الصعوبات التي قد تواجه السنديك عند قيامه بوضع األختام ،بسبب تعدد أموال املدين وعدم تجمعها يف أمكنة
قريبة ومعروفة ،وكذلك بسبب محارصة السنديك بآجال محددة باإلضافة إىل تعدد مهامه ،حيث يقوم السنديك يف نفس الوقت
مبهام متعددة ،كحارس قضايئ ،ومصفي للرشكة ،ومسري مؤقت ،وقيم عىل تركة دون وارث ومسري ألعامل الغائب ،5...مام
سيؤثر ال محالة عىل تنفيذ مهمة من هذا القبيل ،خاصة أمام ضعف مؤهالت السنديك يف بعض األحيان األمر الذي قد يؤدي
إىل اإلرضار بالدائنني خاصة فئة األجراء منهم.
ورغم محاولة املرشع تقصري اآلجال واملراحل التي متر منها املسطرة ،فإن هناك أسباب تؤدي إىل عدم إحرتام هذه اآلجال
من طرف األجهزة الساهرة عليها ،مام يفرض إستمرارية املقاولة يف مواصلة عملها إىل حني إنتهاء املسطرة ،فاملقاولة تستمر يف
نشاطها بنص القانون يف حالة التسوية القضائية ،كام ميكن للمحكمة كام رأينا سابقا أن تأذن بإستمرارية املقاولة الخاضعة
ملسطرة التصفية القضائية ملدة تحددها ،ففي جميع هذه الحاالت ،تؤدي إستمرارية اإلستغالل إىل نشوء ديون جديدة تزاحم
الديون األخرى القامئ ة ،كام أن هذه اإلستمرارية تتطلب إنفاق أموال إضافية لضامن الحفاظ عىل ممتلكات املقاولة.
78
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا كان الحفاظ عىل حقوق األجراء بصفة خاصة ،وحقوق جميع املتعاملني مع املقاولة بصفة عامة ،يستوجب إنفاق عدة
مصاريف ،فإن هذه األخرية تؤدي حتام إىل تناقص أصول املقاولة كلام طالت اإلستمرارية ،1فملال قد يحتاج السنديك أثناء
إعداد الحل املالئم ملساعدة خرباء يف هذا املجال ،ويتم أداء أتعابهم من أموال املقاولة املعنية ،كام تفرض إستمرارية النشاط
أداء عدة مستحقات لعدة جهات كإدارة الرضائب ،ص.و.ض.إج ،وكذا رشكات التأمني فيام يخص األقساط املتفق عليها.
وعند تحقيق التصفية القضائية قد يتطلب األمر رفع دعاوى ،إلستيفاء ديون املدين لدى الغري ،مام يستتبع بالرضورة اإلستعانة
مبحامي أو أكرث ،فإىل جانب أتعاب هذا املحامي يتوجب أداء الرسوم القضائية وأتعاب الخربة املأمور بها وغري ذلك من
املصاريف ،التي تؤدي شيئا فشيئا إىل إستنزاف أموال املقاولة املع َّول عليها ألداء ديون الدائنني.2
يتضح إذن أن األجراء الذين ضحوا من أجل إستيفاء ديونهم بطريقة قانونية ،قد ال يستوفونها كاملة يف النهاية ،بسبب عدم
كفاية األصول ،أو قد ال يتبقى لهم يشء من أموال املقاولة لألسباب التي أرشنا إليها ،أو بسبب إستغراق باقي الديون املمتازة
ألصولها.
ولعل وعي املرشع املغريب بهذه اإلشكاالت ،هو الذي دفع به ضمن مرشوع تعديل الكتاب الخامس من م.ت ،إىل إقرار
رضورة إيداع املبالغ الالزمة لتغطية مصاريف اإلشهار وتسيري املسطرة من طرف طالب فتح املسطرة سواء أكان رئيس املقاولة أو
أحد دائنيها ،فورا قبل إيداع طلبه لدى كتابة الضبط ،بعد أن يتم تحديدها من طرف رئيس املحكمة املختصة ،وذلك مبقتىض
الفقرة األخرية من املادة 517من مرشوع التعديل ،3وبإستقراء هذه املادة يتضح بجالء أن املرشع املغريب قد رضب بعرض الحائط
أهداف وفلسفة نظام صعوبات املقاولة ،ففي نظرنا أن تبني مرشوع هذه املادة ،سيمنع كل املعنيني من املبادرة إىل طلب فتح
املسطرة يف مواجهة املقاولة ،حتى ولو وصلت إىل مرحلة جد حرجة وجد متأخرة من التوقف عن الدفع ،األمر الذي سوف لن
يؤدي إال إىل زيادة خصوم املقاولة عوض الحد منها كام أراد املرشع ذلك ،من خالل مرشوع املادة 517املقرتح.
تبعا لذلك يبقى األجراء ،هم أول وأهم املترضرين من مسألة عدم كفاية أصول املقاولة ،خاصة أنه ما من سبيل آخر إلستيفاء
ديونهم التي بذمة املقاولة إال من خالل أموالها ،عكس املرشع الفرنيس الذي خلق مؤسسة مهمتها التأمني عىل أجور األجراء
يف هكذا حاالت ،وهو موضوع فقرتنا التالية.
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .189
2هشام الزاهير ،م.س ،ص .788
3إن هذا المقتضى وإن كان قد تم إقتراحه ،كحل لتجاوز مشكل عدم كفاية األصول كما تم تفصيله ،إال أنه في نظرنا ال يستقيم والمنطق القانوني السليم ،إذ أن المدين
ال يلجأ للمحكمة إنقاذا لمقاولته إال بمناسبة توقفه عن الدفع ،فمن أين له بالسيولة النقدية إليداع تلك المصاريف كشرط ضروري لفتح المسطرة؟ ،كما أن هذا المقتضى
من شأنه أن يثني الدائني ن عن التقدم بهذا الطلب ،فالدائن الذي يسعى جاهدا للحصول على دينه بإحدى الطرق الودية بعيدا عن متاهات المساطر الجماعية ،سوف لن
يكون على إستعداد للمقامرة ( إن صح التعبير) بتلك المبالغ المتطلبة لتسيير المسطرة من أجل إستيفاء دين قد يكون أقل منها قيمة ! ،أو في أحسن األحوال قد ال
يتمكن من إستيفائه كامال نظرا لتزاحم الدائنين ،ومن جهة أخرى فإنه سيشكل حاجزا أمام األجراء إذا ما تم تبنيه ،يمنعهم من طلب فتح المسطرة حتى لو توقفت
المقاولة عن أداء أجورهم مدة من الزمن ،وما يزيد األمر تعقيدا ،كون المشروع لم يبين ولم يوضح على من يقع عبئ تحمل تلك المصاريف في خاتمة األمر ،خاصة
في الحالة التي يتم فيه النطق إما برفض الطلب أو عدم قبوله ،إذ أنه في هذين الحالتين وطبقا للقواعد العامة يتم تحميل المدعي الصائر ،فهل سيتم تحميل المدعي
(طالب فتح المسطرة /الدائن) هذه الصوائر ،إذا ما قضت المحكمة بعكس طلبه أي إذا خسر الدعوى؟
79
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فإن املرشع املغريب قد أغفل حالة،باإلضافة إىل القصور الذي إعرتى النصوص القانونية يف مجال حامية ديون األجراء
أو من مثن التفويت لسداد مستحقات،دقيقة جدا تتعلق ب حالة عدم كفاية األموال املتحصل عليها من عملية التصفية القضائية
وذلك خالفا للمرشع الفرنيس الذي عمل عىل توفري الحامية لرشيحة األجراء التي تستأثر بإهتاممه عىل مختلف،األجراء
.األصعدة
وذلك من، هذه األخرية التي سنتطرق إليها بنوع من اإليجاز،إذ عمل عىل خلق جمعية تدبري نظام التأمني عىل ديون األجراء
.)خالل إستحضار إطارها القانوين (أوال) قبل إبراز طبيعة الديون املضمونة من طرفها (ثانيا
اإلطار القانوين لجمعية تدبري نظام التأمني عىل ديون األجراء: أوال
وكذا، كل التجار والحرفيني واملزارعني وسائر األشخاص املعنوية التي تخضع للقانون الخاص،لقد ألزم املرشع الفرنيس
وذلك، عىل رضورة تأمني األجراء ضد مخاطر التوقف عن الدفع، الذين يُشغِّلون أجري واحد أو أكرث،1أصحاب املهن الحرة
.2 من قانون العمل الفرنيسL.143.11.1 مبوجب املادة
) يشمل أيضا1881 -011 (قانون رقم1881 يوليوز11 لقد وسع المشرع الفرنسي من دائرة األشخاص المخاطبين بقانون حماية المقاولة الصادر بتاريخ1
.أصحاب المهن الحرة
: للمزيد من التوضيح أنظر
- Alain Lienhard, Op, Cit, P 155
- Pierre Michel le carre, droit et pratique des procédures collectives. Dalloz, 5 éme édition. Paris 2010 P 1471 et suiv
2
Article L.143.11.1 de code du travail prononce que : "Tout commerçant, toute personne inscrite au répertoire des métiers,
tout agriculteur, toute autre personne physique exerçant une activité professionnelle indépendante et toute personne
morale de droit privé, employant un ou plusieurs salariés, doit assurer ses salariés, y compris les travailleurs salariés détachés
à l'étranger ainsi que les travailleurs salariés expatriés mentionnés à l'article L. 351-4, contre le risque de non-paiement des
sommes qui leur sont dues en exécution du contrat de travail, en cas de procédure de sauvegarde, de redressement ou de
liquidation judiciaires.
L'assurance couvre :
1° les sommes dues aux salariés à la date du jugement d'ouverture de toute procédure de redressement ou de liquidation
judiciaire, ainsi que les contributions dues par l'employeur dans le cadre de la convention de reclassement personnalisé
mentionnée à l'article L. 321-4-2 ;
2° Les créances résultant de la rupture des contrats de travail intervenant pendant la période d'observation, dans le mois
suivant le jugement qui arrête le plan de sauvegarde, de redressement ou de cession, dans les quinze jours suivant le
jugement de liquidation et pendant le maintien provisoire de l'activité autorisé par le jugement de liquidation judiciaire ;
2° bis Les créances résultant de la rupture du contrat de travail des salariés auxquels a été proposée la convention de
reclassement personnalisé mentionnée à l'article L. 321-4-2, sous réserve que l'administrateur, l'employeur ou le liquidateur,
selon le cas, ait proposé cette convention aux intéressés au cours de l'une des périodes indiquées au 2°, y compris les
contributions dues par l'employeur dans le cadre de cette convention et les salaires dus pendant le délai de réponse du
salarié ;
3° Lorsque le tribunal prononce la liquidation judiciaire, dans la limite d'un montant maximal correspondant à un mois et
demi de travail, les sommes dues au cours de la période d'observation, des quinze jours suivant le jugement de liquidation ou
80
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ويف هذا اإلطا ر تم إنشاء جمعية تقوم بهذا التأمني من طرف املنظامت الوطنية األكرث متليال واملقبولة من طرف الوزارة
املكلفة بالشغل ، 1والتي إتخذت إسم الجمعية املكلفة بإدارة نظام تأمني ديون األجراء وهي املعروفة إختصارا ب ،A.G.S2ولقد
شكلت قضية ليب للساعات بفرنسا اإلنطالقة الحقيقية لهذه الجمعية ،3حيث أنه وبعد هذه القضية تدخل املرشع الفرنيس بغرض
تفادي املآيس التي ميكن أن تنتج عن عدم أداء الديون الناجمة عن عقد الشغل من قبل املقاولة املدينة ،4إليجاد حل لهذه
املشكلة ،خاصة أن الدراسات أظهرت أن ديون األجراء بقيت دون وفاء رغم اإلمتياز الذي تحظى به.5
تتدخل هذه الجمعية بشكل إحتياطي ،عند عدم توفر األموال الالزمة لدى املقاولة املفتوح يف مواجهتها مساطر صعوبات
املقاولة ،ومن تم يكون للمترصف القضايئ يف حالة عدم وجود األموال أو عدم كفايتها ،أن يطلب من هذه الهيأة ،مده باملبالغ
اإلجاملية ألداء الديون الخاضعة لإلمتياز اإلستلنايئ ،داخل أجل 60أيام من التسوية أو التصفية القضائية.6
هذا وتحل هذه الجمعية بقوة القانون محل األجراء أصحاب الديون املؤداة من طرفها قصد متابعة املشغل ،متمتعة بنفس
اإلمتياز من الدرجة األوىل الذي كان لهم ،ويستفيد من هذا النظام جميع األجراء املؤ َّمن عنهم ،ولو كانوا يشتغلون خارج الرتاب
الفرنيس ،إال أن بعض الفقه ذهب إىل القول :أنه يتعني العمل عىل فتح مساطر صعوبات املقاولة يف فرنسا ،ما دام أن املسطرة
املفتوحة يف بلد أجنبي ال تخول لهذه الجمعية إمتيازا من هذا القبيل.7
du mois suivant le jugement de liquidation en ce qui concerne les représentants des salariés prévus par les articles L. 621-8 et
L. 621-135 (1) du code de commerce et pendant le maintien provisoire de l'activité autorisé par le jugement de liquidation.
La garantie des sommes et créances visées aux 1°, 2° et 3° ci-dessus inclut les cotisations et contributions sociales salariales
"d'origine légale, ou d'origine conventionnelle imposée par la loi
1وقد نصت المادة L.143.11.4على ذلك التي جاء فيها :
"Le régime d'assurance prévue à l'article L. 143-11-1 est mis en oeuvre par une association créée par les organisations
"nationales professionnelles d'employeurs les plus représentatives et agréée par le ministre chargé du travail
2
L’association pour la gestion du régime d’assurances des créances des salaires
3تتلخص وقائع هذه القضية ،في صدور حكم بالتصفية القضائية على معامل صناعة ساعات "ليب" ،حيث وبموجب ذلك الحكم الصادر سنة ،7918تم إغالق هذه
المعامل وتسريح عدد هائل من األجراء المرتبطين بعقود شغل مع المصانع موضوع التصفية ،غير أن األجراء المسرحين ووعيا منهم بخطورة وإنعكاسات البطالة
خرجوا إلى شوارع المدينة في مظاهرات عارمة متجهين نحو هذه المصانع ليقرروا مواصلة العمل وتسيير اإلدارة بأنفسهم.
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،م.س ،ص .70
4
Yves Chartier, Op.Cit, P 272
5
Michel Cabrillac & Christian Moulay & Séverine Cabrillac & Philippe Pétel, Droit des suretés, lexis Nexis, 9éme édition,
Septembre 2010, P 491.
6وذلك بمقتضى الفقرة األولى من المادة ،L.143.11.7كما تم تعديلها بمقتضى القانون رقم 1880/-711في 78فبراير ،1880والتي تنص على ما يلي:
"Le mandataire judiciaire établit les relevés des créances dans les conditions suivantes :
1. Pour les créances mentionnées aux articles L. 143-10, L. 143-11, L. 742-6 et L. 751-15, dans les dix jours suivant le
;prononcé du jugement d'ouverture de la procédure
2. " ….
7
Fabienne Jault- Seseke & Daniel Robine, l’effet international de la faillite une réalité ?. Dalloz, 10/2004, P159.
81
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يشمل تأمني الديون مبقتىض القانون الفرنيس ،مختلف الديون الناتجة عن تطبيق عقد الشغل ،ويتعلق األمر بجميع املبالغ
املستحقة لألجراء مبا يف ذلك التعويضات والفوائد املحتملة والديون الناتجة عن توقف عقد الشغل أو إنهائه خالل الفرتات
املحددة قانونا ،فلضامن إستفادة األجراء من التعويض عن الفصل ألسباب إقتصادية ،سواء يف فرتة املالحظة أو أثناء حرص
مخطط اإلستمرارية أو التصفية القضائية ،ال بد من أن يكون هذا الفصل قد تم خالل فرتة املالحظة أو بعد شهر من تبني
مخطط الحامية ،أو املعالجة أو التفوي ت ،أو بعد إفتتاح مسطرة التصفية القضائية ،أو داخل األجل املحدد لإلستمرارية الذي قد
تقيض به املحكمة بعد تصفية املقاولة.1
ولقد عمل املرشع عىل تحديد سقف الحد األقىص ،واألدىن لتأمني ديون األجراء ،هذا السقف يختلف بإختالف مدة الشغل
التي ربطت األجري باملشغل ،وعىل هذا األساس فإذا ما تم إبرام عقد الشغل بأكرث من سنتني السابقة لحكم فتح املسطرة ،فال
يجب أن يتعدى هذا السقف ما هو مخصص للتأمني عىل البطالة ب 1مرات ،أما إذا كانت مدة العقد ترتاوح ما بني سنتني إىل
ستة أشهر قبل النطق بالحكم بفتح املسطرة ،فال يجب أن يتعدى السقف أربع مرات فقط ما هو مخصص للتأمني عىل البطالة،
إال أن املبالغ التي مل ت َؤ ِّدها جمعية تدبري تأمينات ديون األجراء ،تؤدى باألسبقية من طرف املقاولة نظرا لإلمتياز الذي تتمتع به
تلك الديون.2
ونافلة القول أن املرشع الفرنيس قد توفق عىل هذا املستوى ،إذ إستطاع حامية املقاولة التي تعاين من ظروف إقتصادية
صعبة ،ومن ضامن األداء الحال للتعويضات املستحقة لألجراء وحاميتهم عرب تقنية جمعية تدبري نظام التأمني عىل ديون
األجراء ،وبناءا عىل هذا نخلص إىل أن املرشع املغريب ال يتوفر عىل الضامنات الحامئية لألجراء ،مام ينبغي معه التحىل
باإلرادة الترشيعية لتعديل النصوص القامئة ،وخلق أخرى جديدة للرقي إىل املستوى املطلوب من الحامية -حامية تراعي البعد
اإلقتصادي والبعد اإلجتامعي عىل حد السواء ،-ويف إنتظار تحقق ذلك سيظل األجراء بدون حامية ضد مخاطر عدم أداء
ديونهم نتيجة فتح املساطر الج امعية ،اللهم إال ما تم تقريره يف إطار التعويض عن فقدان الشغل هذا القانون الفتي الذي وإن
حاولنا الوقوف عىل بعض ثغراته ومكامن قصوره ،إال أن مدى واقعيته لن تظهر بشكل جيل إال من خالل تنزيله عىل أرض
الواقع وملدة من الزمن ،هذا التنزيل الذي يظل من صميم اإلختصاص الحرصي للقضاء املغريب ،والذي بدوره لن يتواىن حسب
ما عهدناه فيه عن توفري الحامية الالزمة لألجراء أمام إنعدام النصوص أو أمام محدوديتها.
إنطالقا من هذا يحق لنا التساؤل عن مدى فعالية القضاء يف ضامن حقوق األجراء يف ظل نظام صعوبات املقاولة؟
1
Cass. Soc 2 juin 1992. Gazette du palais. Vendredi 26 au samedi 27 mars 1993. P 20.
-أشارت إليه ،نعيمة الغاشي ،م.س ،ص .711
2
Fabienne jault- Sesekc & David robine, Op.Cit. P 162.
82
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أصبح القضاء التجاري يف مادة صعوبات املقاولة يلعب دورا حيويا وأساسيا ،إذ ميارس وظيفة وسلطة إقتصادية تبدو جديدة
عليه ،حيث مل يعد دوره يقترص عىل الفصل يف املنازعات ،بل أضحى مطالبا بالتدخل يف شؤون املقاولة اإلدارية واإلجتامعية
واإلقتصادية ،فأصبح تبعا لذلك ملزما مبعرفة اإلسرتاتيجية اإلقتصادية املتبعة من طرفها يف إطار عالقاتها ومعامالتها التجارية،
بغية التوصل إىل مصدر الخلل الذي أصابها ،وإيجاد العالج املالئم لوضعيتها املختلة.
ومن أجل إبراز هذا الدور اإلقتصادي الجديد للقضاء ،ومعرفة مدى نجاعته يف تحقيق الغاية األساسية من فتح مساطر
املعالجة( ،املحافظة عىل إستمرارية املقاولة وعىل مناصب الشغل ،وتصفية الخصوم ،)1كان من الرضوري التطرق لآلليات
القضائية ،التي يعتمدها القضاء التجاري لتحقيق التوازن بني الجانبني اإلقتصادي واإلجتامعي ،عند بته يف قضايا صعوبات
املقاولة ،ومن جانب آخر إبراز مكامن ضعف ومحدودية دور هذا القضاء يف إقرار الحامية اإلجتامعية ،خصوصا عند إصطدامها
باملصالح اإلقتصادية ،فالقضاء مطالب يف هذا املقام أن يوازن بني جميع املصالح ما أمكن ،فال يجب عليه تغليب املصلحة
اإلقتصادية عىل الحامية اإلجتامعية ،بل أن يراعي التوازن بني الحفاظ عىل مناصب الشغل ومصلحة املقاولة يف إستمرارية
نشاطها ،ومصلحة الدائنني يف إستيفاء ديونهم ،وإعتبار هذا التوازن معيارا حاسام وأساسيا لتقرير الحل املالئم للخروج باملقاولة
من دوامة الصعوبات ،فإىل أي حد توفق القضاء يف تحقيق ذلك؟
هذا ما سيكون موضوعا للنقاش باملبحث اللاين تحت عنوان :دور القضاء يف ضامن حقوق األجراء يف مساطر صعوبات
املقاولة.
فدور القضاء يف إقامة التوازن بني املصالح اإلقتصادية والحقوق اإلجتامعية لألجراء يجسده التطبيق العميل للنصوص
الترشيعية ،واإلمكانيات املتاحة لديه لتحقيق الغاية األساسية من فتح مساطر املعالجة ،وهكذا فإن اإلطار الترشيعي يبقى مطلبا
أساسيا للمحافظة عىل العمل العادي للمقاولة كوحدة إقتصادية ،إنقاذا لإلنتاج والتشغيل وحامية موارد املقاولة من اإلندثار،2
ولهذا وضع املرشع املغريب قواعد خاصة بشأن كيفية طلب فتح مساطر صعوبات املقاولة ،وحدد يف نفس الوقت األشخاص
الذين يحق لهم تقديم هذا الطلب إىل املحكمة التجارية املختصة للبت فيه ،مام يطرح التساؤل حول موقع األجراء ضمن هذه
املساطر؟ مبعنى آخر مدى أحقية األجراء يف التقدم بطلب من هذا القبيل ،كلام توفرت الرشوط واألسباب الداعية لذلك من
جهة؟.
1
Yves guyon, op.cit, p10
2عبد الكريم عباد ،م.س ،ص 191
83
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ومن جهة أخرى كيفية تعامل القضاء مع مطالب األجراء بخصوص فتح املسطرة يف مواجهة املقاولة؟ وهل منحه املرشع
املغريب من النصوص القانونية ما يسعفه إلقرار حق األجراء يف هذا الجانب؟
هذا ما سنحاول أن نجيب عنه من خالل املبحث األول الذي متت عنونته بإستجابة القضاء ملطالب األجراء بفتح املسطرة
وسبل حاميتهم مؤسساتيا.
تتشعب األسباب وتتنوع املشاكل املحيطة بعامل املقاولة ،بحيث تستطيع تلك املشاكل واألسباب أن تهدد إستقرار املقاولة
وإستمراريتها ،سواء كانت نابعة من داخل املقاولة أو ناجمة عن مؤثرات خارجية.
ومن أجل هذا ظهر نظام صعوبات املقاولة ،ودوره يف إيجاد آليات وحلول تم جعلها بيد عدة فعاليات ،وبجرد رسيع لتلك
الفعاليات واألجهزة التي بدونها ال تقوم للمقاولة قامئة ،نجد فعالية الدور العاميل ،بإعتبار األجراء العنرص األكرث إحتياجا لبقاء
وإستمرارية نشاط املقاولة ،إذ غالبا ما يكونون الضحايا األوائل لتعرث املقاولة ،ولعل هذا ما دفع املرشع إىل وضع آليات حديلة
وهامة لضامن حامية أكرب لهذه الفئة ،مبنحها مزايا ذات طبيعة إستشارية وإخبارية ،وإتاحة الفرصة لألجراء للمشاركة ،1وإبداء
رأيهم وإسامع صوتهم يف مشاكل املقاولة ،مكرسا بذلك املقاربة التشاركية التي إعتمدها إنقاذا لها مام يعرتضها من صعوبات.
من هنا نتساءل هل ُرو ِعيت أهمية هذه العالقة املزدوجة بني األجراء واملقاولة لدى كل من املرشع واملحكمة عىل حد السواء؟
بعبارة أخرى هل تم منح األجراء أدوات قانونية من أجل القضاء عىل أي خلل يهدد حياة املقاولة؟ ذلك الخلل الذي من شأنه
التأثري بشكل سلبي عىل أجور ومورد رزق هؤالء األجراء.
وأمام جسامة املها م امللقاة عىل عاتق القضاء التجاري وكرثتها ،ونظرا لكون هذا جهاز مهام بلغت درجة حنكته وحرصه عىل
حقوق األطراف ،فإنه لن يستطيع لوحده تسيري مسطرة املعالجة ،التي تتطلب وقتا وجهدا إضافيني من القائم بها ،وخاصة أمام
كرثة امللفات املفتوحة أمام أنظار هذا القضاء وتنوع ها ،فقد تم سن عدة آليات قانونية ملساعدته يف القيام مبهامه ،من ذلك خلق
أجهزة تضمن حسن سري املسطرة بتعيني منه وتحت رقابته ،تكفل الحفاظ عىل الحقوق املتعلقة باملسطرة ،والتي يعترب حق
األجراء أحدها.
84
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فكيف ميكن للقضاء ضامن حقوق األجراء من خالل تعيينه ألجهزة املسطرة؟ وما هي هذه األجهزة املعينة من طرفه؟ وما
دورها يف حامية حقوق األجراء؟
إهتم املرشع املغريب بوضعية املقاولة خالل املرحلة السابقة لفتح مسطرة املعالجة ،ويظهر ذلك بشكل جيل من خالل سنه
ملساطر جامعية ،إن هي طبقت بشكل سليم ستجنب املقاولة الوقوع يف صعوبات من شأنها أن تؤثر عىل سري نشاطها الطبيعي،
أو من شأنها مساعدة املقاولة عىل النهوض من كب َوتها ومن مخاطر التوقف عن الدفع.
وهذه املساطر تهم نوعني :مساطر الوقاية من الصعوبات ثم مساطر املعالجة من الصعوبات ،إال أن ما يهم يف هذا املقام هو
الوقوف عىل مدى أحقية األجراء يف تحريك كل من هذه املساطر عىل حدة ،وما مدى تفاعل القضاء مع هذا الحق ،سواء
خالل مرحلة الوقاية من الصعوبات (مطلب أول) أو خالل مرحلة املعالجة منها (مطلب ثاين) كل ذلك مع تبيان موقف
الترشيعات املقارنة من املسألة إغناءا للبحث العلمي.
إن الصعوبات املربرة لتطبيق مساطر الوقاية ،تتملل أساسا يف وجود وقائع من شأنها أن تخل بإستمرارية إستغالل املقاولة،
والتي ت َكون يف الغالب ناتجة عن مشاكل قانونية أو إقتصادية أو مالية ،هذه الوقائع واإلختالالت إذا مل يتم تصحيحها يف
الوقت املناسب عن طريق مساطر الوقاية ،فمن شأنها أن تصل باملقاولة إىل التوقف عن الدفع ،عىل إعتبار أن مساطر الوقاية ال
تطبق إال إذا كانت املقاولة غري متوقفة عن الدفع ،وهي تقسم إىل مرحلة الوقاية الداخلية ،ومرحلة الوقاية الخارجية.1
1تجدر اإلشارة هن ا إلى أن هذه المرحلة بدورها والتي تهم الوقاية الخارجية ،يمكن تقسيمها إلى مرحلتين :األولى تسمى الوقاية الخارجية ،أما الثانية فيطلق عليها
التسوية الودية.
85
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إال أن املتأمل يف هذه املراحل ،سيكتشف دون عناء ضعف املزايا املمنوحة لألجراء عىل مستوى إرشاكهم يف مساطر الوقاية،
إذ أن هناك تغييبا تاما لهم خالل هذه املرحلة ،1سواء من خالل الوقاية الداخلية (فقرة أوىل) ،أو من خالل الوقاية الخارجية
(فقرة ثانية)
جعل املرشع املغريب من خالل الكتاب الخامس من م.ت ،معالجة املقاولة من الصعوبات تتجسد يف عدة مساطر ،لكل
مسطرة غاية محددة ،وهكذا فإن كل مقاولة متر بصعوبة معينة إال وتحتاج إىل معالجة محددة تخصها ،وقد إفرتض بناءا عىل
ذلك أن لكل صعوبة بوادر ،إذا تم الكشف عنها يف حينها ،فإنه ميكن تجاوزها والتغلب عليها بيرس قبل حدوث الصعوبة ذاتها،
إال أنه ما يعاب عليه كونه ه َّمش دور األجراء يف الكشف عن تلك البوادر ،ومل مينحهم أي حق للتبليغ عنها يف إطار مسطرة
الوقاية الداخلية ،وللوقوف عىل مدى حق األجراء يف تحريك مسطرة الوقاية الداخلية يف الترشيع املغريب (أوال) ،فقد إرتأينا
تبيان موقف املرشع الفرنيس من املسألة (ثانيا)
الوقاية الد اخلية هي مسطرة تهدف إىل فتح نقاش داخيل ورسي بني أعضاء املقاولة الداخليني ،من أجل محاولة حل املشاكل
التي تتخبط فيها دومنا رضورة ألي تدخل خارجي ،وقد نظمتها املادة 541من م.ت.2
وبإستقراء هذه املادة يتضح أن الوقاية الداخلية ،عبارة عن إجراءات يتم إتخاذها داخل املقاولة عرب العديد من األجهزة وبإتباع
مسطرة محددة ،وذلك قصد التغلب عىل عالمات أو بوادر أي صعوبة قد تعيق سريها ،أو التغلب عىل صعوبات قامئة تخل
بالسري العادي للمقاولة ،أي أنه عالج تقوم به املقاولة بنفسها.3
فاملالحظ إذن من خالل هذه املادة أن املرشع املغريب ،أناط عملية تبليغ رئيس املقاولة بالخلل الذي يقع فيها ويؤثر عىل
إستمراريتها ،بكل من مراقب الحسابات والرشيك يف الرشكة فردية كانت أو جامعية ،وبذلك فإنه مل مينح أي دور لألجراء
ومستخدمي املقاولة وهم أصحاب مصلحة – كالرشكاء متاما– يف بقاء املقاولة عىل قيد الحياة ،وقد كان من األفيد ،4أن يكون
األجراء من بني من يعهد لهم بتحريك مسطرة الوقاية الداخلية ،ألن ذلك سيشكل حتام أحد مظاهر الحامية الالزم توفريها
لألجراء ،وضامنة من ضامنات حقوقهم أمام ما يواجه املقاولة من صعوبات.
1عبد الرحيم اشميعة ،الوضعية المتردية لألجراء من خالل نظام صعوبات المقاولة ،مجلة القانون واإلقتصاد ،ع ،11أبريل ،1877ص .771
2تنص المادة 111من م.ت على أنه " :يبلغ مراقب الحسابات ،إن وجد ،أو أي شريك في الشركة لرئيس المقاولة ،الوقائع التي من شأنها اإلخالل بإستمرارية
إستغاللها ،داخل ثمانية أيام من إكتشافه لها برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،يدعوه فيها إلى تصحيح ذلك اإلخالل.
إذا لم يستجب رئيس المقاولة لذلك خالل خمسة عشر يوما من التوصل ،أو لم يصل شخصيا أو بعد تداول مجلس اإلدارة أو مجلس المراقبة ،حسب األحوال ،إلى
نتيجة مفيدة ،وجب عليه العمل على تداول الجمعية العامة المقبلة في شأن ذلك بعد سماعها لتقرير المراقب".
3الفقرة األولى من المادة 111من م.ت والتي جاء فيها " :يتعين على المقاولة أن تقوم بنفسها عن طريق الوقاية الداخلية من الصعوبات بتصحيح ما من شأنه أن
يخل بإستمرارية إستغاللها ،وإال تم ذلك عن طريق الوقاية الخارجية بتدخل من رئيس المحكمة".
4أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .711
86
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إال أن عدم إتاحة ملل هذه الفرصة لهم ،فيه إجحاف ليس فقط يف حق هذه الفئة للمساهمة يف إنقاذ املقاولة ،بل أيضا يف
حق هذه األخرية نفسها ،ألنهم – أي األجراء – ميكنهم تحسس الوقائع التي من شأنها اإلخالل بإستمرارية املقاولة ،وذلك
لكون أي إهتزاز يعرفه منحنى اإلنتاج داخلها يكون األجراء أول من يشعر به.1
هذا وقد تعددت اإلنتقادات التي تم توجيهها للمرشع ،بخصوص تنظيمه ملسطرة الوقاية الداخلية ،نظرا لعدم منحه أي دور
قانوين وفعال لألجراء أو مملليهم ،لإلبالغ عن أي إخالل ميس املقاولة مبجرد إكتشافه ،فهم بحكم إحتكاكهم اليومي باملقاولة
ومجريات الكواليس بها يكونون أدرى بوضعيتها اإلقتصادية ،فاملنطق وأهمية دور األجراء يف الحفاظ عىل الشغل ،2يقتضيان
أن يتم منح هذه الفئة الحق يف املبادرة عندما تالحظ خالل سري املقاولة وقائع من شأنها أن تؤزم وضعيتها ،بإخبار السلطة
القضائية بذلك.
فاألكيد أن منح األجراء دورا حيويا خالل مرحلة حرجة ،كمرحلة الوقاية الداخلية مسألة يف غاية األهمية ،إذ من الرضوري
أن يع َّزز تواجد األجراء داخل املقاولة بوجود إختصاص لهم أو ململليهم ،ميَّكنهم من مراقبة تسيريها والوقوف عىل مكامن الخلل
بها ،ويخولهم حق التبليغ وإثارة اإلنتباه كلام كان هناك من األسباب التي من شأنها التأثري عىل إستمرارية نشاط املقاولة.3
فإذا كان األمر عىل هذا النحو بخصوص موقف الترشيع املغريب من إرشاك األجراء يف إجراءات الوقاية الداخلية ،فامذا عن
موقف نظريه الفرنيس ؟
إن ا ملرشع املغريب بإهامله الدور الحيوي لألجراء داخل املقاولة ،يكون موقفه هذا قد جاء مناقضا للترشيع الفرنيس ،4الذي
أعطى دورا قويا لهذه الفئة يف هذه املرحلة والتي تسمى مبسطرة الطوارئ أو اإلنذار املبكر ،5وذلك مبوجب املادة L432-5من
قانون العمل الفرنيس ،6والتي تقابلها املادة 43من القانون القديم أي قانون فاتح مارس ،16954واللتني منحتا رصاحة للجنة
87
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
، ومتابعة دامئة لوضعها املايل واإلقتصادي وذلك لتجنب كل إخالل أو صعوبة قد تلحق بها،املقاولة حق تتبع وضعية املقاولة
: تتخذ عدة مبادرات تتلخص يف،باإلضافة إىل ذلك فلجنة املقاولة يف فرنسا من أجل معرفة وضع املقاولة ومستواها
طلب رشوحات وعقد إجتامعات من اللجنة اإلقتصادية أو مراقب الحسابات مع حضور املشغل؛
فإن مندوب األجراء ميارس بهذا الخصوص نفس الصالحيات املمنوحة للجنة،ويف حالة عدم وجود أو غياب لجنة املقاولة
ومل يقف دور وأهمية هذه اللجنة يف،3 ويكون عىل هذه األجهزة واجب تقديم كل الرشوحات واألجوبة للجنة املقاولة، 2املقاولة
فإن لجنة املقاولة، إىل أنه إذا مل يكن مرشوع اإلندماج معلال،4 بل ذهبت محكمة النقض الفرنسية،فرنسا عند هذا الحد
.تستطيع طلب مسطرة اإلنذار أو التنبيه
Ces salariés disposent de cinq heures chacun pour assister le comité d'entreprise ou la commission économique en vue de
l'établissement du rapport. Ce temps leur est payé comme temps de travail.
Le rapport du comité d'entreprise ou de la commission économique conclut en émettant un avis sur l'opportunité de saisir de
ses conclusions l'organe chargé de l'administration ou de la surveillance dans les sociétés ou personnes morales qui en sont
dotées ou d'en informer les associés dans les autres formes de sociétés ou les membres dans les groupements d'intérêt
économique.
Au vu de ce rapport, le comité d'entreprise peut décider de procéder à cette saisine ou de faire procéder à cette information
dans les conditions prévues au troisième alinéa de l'article L. 434-3. Dans ce cas, l'avis de l'expert-comptable est joint à la
saisine ou à l'information.
III - Dans les sociétés à conseil d'administration ou à conseil de surveillance, la question doit être inscrite à l'ordre du jour de
la prochaine séance du conseil d'administration ou du conseil de surveillance à condition que celui-ci ait pu être saisi au
moins quinze jours à l'avance. La réponse doit être motivée.
Ces dispositions s'appliquent à l'égard de l'organe chargé de l'administration ou de la surveillance dans les autres personnes
morales qui en sont dotées.
IV - Dans les autres formes de sociétés ou dans les groupements d'intérêt économique, lorsque le comité d'entreprise a
décidé d'informer les associés ou les membres de la situation de l'entreprise, le gérant ou les administrateurs sont tenus de
communiquer à ceux-ci le rapport de la commission économique ou du comité d'entreprise.
V - Les informations concernant l'entreprise communiquées en application du présent article ont par nature un caractère
confidentiel. Toute personne qui y a accès en application de ce même article est tenue à leur égard à une obligation de
discrétion."
711-91 والذي تم تعديله الحقا بموجب القانون رقم، 7901 مارس7 الصادر في، المتعلق بالوقاية والتسوية الودية لصعوبات المقاولة01-710 القانون رقم1
الذي1871 دجنبر11 على أن آخر تعديل له كان بتاريخ،1881 قبل أن يتم إدخال عدة تعديالت وتتميمات عليه كان أهمها سنة، 7991 يونيو78 الصادر في
https://www.legifrance.gouv.fr معلومات مستقاة من الموقع اإللكتروني،سعى من خالله المشرع الفرنسي إلى تبسيط إجراءات ومساطر حماية المقاولة
. الساعة الواحدة زواال1871 أبريل79 تاريخ أخر زيارة
2
Maurice cozian, Alain viandier, Florence deboissy, op cit, p 317
3
Claude penhoat, droit de l’entreprise en difficulté, Agende édition , paris, 5 éme edition 2000, p26
تاريخ آخرwww.courecassation.fr منشور بالموقع اإللكتروني1871/71/71 بتاريخ1181 قرار عدد، الغرفة اإلجتماعية، قرار محكمة النقض الفرنسية4
: الرابط الكامل لتحميل القرار،15h88 الساعة،1871/81/79 زيارة
https://www9courdecassation9fr/publications_11/arrets_publies_1901/’(‘
88
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
من هنا نستشف أن مسطرة الوقاية الداخلية يف الترشيع املغريب ،قد أفصحت عن غياب تام ألي دور لألجراء ،وعدم منحهم
أي حق سواء كان يف شكل حضورهم إجتامعات مسؤويل املقاولة ،أو إتخذ صورة اإلستشارة وإبداء الرأي إما مبارشة أو عن
طريق مملليهم ،بل إن اإلقصاء بلغ درجة تغييب دورهم يف التبليغ عن اإلخالالت التي حتام هم أول مكتشفيها مبناسبة مزاولة
مهامهم ،عكس نظريه الفرنيس الذي أعطى صالحيات مهمة لألجراء عن طريق مملليهم.
ويف غياب النص القانوين فإن الرهان يبقى قامئا عىل كل أجري غيور عىل مقاولته ،بأن يساهم يف إنقاذها من خالل التوجه
لرئيس املقاولة مبالحظاته حول ظروف سري العمل بها ،وطبيعة اإلخالالت التي أمكنه رصدها أثناء تأدية مهامه هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنه بات من الرضوري إقرار املرشع ،لحق األجراء يف التبليغ عن الوقائع التي من شأنها اإلخالل بالسري
العادي للمقاولة ، 1إذ من شأن ذلك خلق آلية للمراقبة واإلبالغ ،خاصة أمام تقاعس مراقبي الحسابات عن القيام بذلك ،وكذلك
أمام عدم إكرتاث أو تغايض الرشيك أو الرشكاء.
وإذا كان األمر كذلك بالنسبة للوقاية الداخلية ،فإننا نتساءل عن أي دور لألجراء يف مسطرة الوقاية الخارجية؟
نظم املرشع املغريب هذه املسطرة مبقتىض الباب اللاين من القسم األول من الكتاب الخامس من م.ت ،املواد من 545إىل
،559وهذه املرحلة ميكن تق سيمها إىل مرحلتني أو مسطرتني :األوىل تهم الوقاية الخارجية واللانية تتعلق بالتسوية الودية ،تبعا
لذلك سنحاول الوقوف عىل مدى أحقية األجراء أو مملليهم يف تحريك كل واحدة منهام عىل حدة ،حيث سنتحدث أوال عن
دور األجراء يف مسطرة الوقاية الخارجية ،ثم عن دورهم يف مسطرة التسوية الودية ثانيا.
تبتدئ هذه املرحلة عند فشل الوقاية الداخلية ،إذ تقوم أساسا عىل تدخل عنارص أجنبية عن املقاولة ،2لتصحيح وضعيتها
وإسعافها ،كلام ظهرت دالئل حقيقية أو محتملة عىل وجود وقائع تهدد املقاولة ،مام يتحتم معه تدخل تلك العنارص بغية
اإلرساع يف إيجاد الحلول للمقاولة.
جدير بالذكر أن هذه املرحلة يتم إستهاللها مبا يسمى مرحلة تذليل الصعوبات ،فرئيس املحكمة يتوىل خاللها تلقائيا ،1أو
بإشعار من رئيس املقاولة أو مراقب الحسابات ،القيام باإلجراءات الوقائية ويف مقدمتها إستدعاء رئيس املقاولة لإلستامع إليه
4*44chambre_sociale_3168/2012_4099/decembre_4386/2735_12_24979.html
1خاصة وأن مشروع القانون قد حافظ على نفس فلسفة الكتاب الخامس من م.ت ،وذلك بنهجه سياسة اإلقصاء في حق األجراء.
2أي أحد األغيار عن المقاولة حسب تعبير المادة 119من م.ت ،هذا األخير الذي يعينه رئيس المحكمة بصفته وكيل خاص.
إذا كانت أسباب تعيين هذا الوكيل تتجلى في مقدرته على تخفيف اإلعتراضات المحتملة للمتعاملين مع المقاولة ،وبالتالي يتم تكليفه بها كمهمة ،فإن هذه المهمة
ونطاق تدخل هذا الوكيل قد عرفا توسعا مع المادة 119من مشروع تعديل الكتاب الخامس من م.ت ،بحيث أصبحت تشمل إلى جانب ذلك اإلعتراضات إجتماعية
كانت أو بين الشركاء ،وبصفة عامة جميع الصعوبات التي من شأنها أن تخل بإستمرارية إستغالل المقاولة ،مما يستفاد معه أن المشرع قد وسع من صالحيات
الوكيل الخاص ،وهذا التوسيع في المهام والصالحيات المخولة للوكيل من شأنه أن يساهم دون شك في اإلسراع بحل بعض المشاكل التي يكون من شأن عدم اإللتفات
إليها أن تؤدي بالمقاولة إلى الطريق المسدود.
89
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بخصوص الصعوبات التي تعرتض املقاولة ،وطبيعتها ودرجة خطورتها ،وذلك قصد النظر يف اإلجراءات الكفيلة بتصحيح
الوضعية داخلها.
غري أن مشاركة األجراء يف هذه املرحلة ال تظهر إال مبناسبة جمع املعلومات ،إذ كلام تبني لرئيس املحكمة أن املعلومات
املقدمة سواء من رئيس املقاولة أو مراقب الحسابات غري كافية ،فإنه يلجأ إىل طلبها من هيئات وإدارات ومتعاملني مع املقاولة
املعنية ، 2إىل جانب طلب معلومات عن املقاولة من ممليل األجراء أو لجنة املقاولة إن وجدت ،ملعرفة وضعية األجراء اتجاه
املقاولة ،سواء من حيث أداء أجورهم أو من حيث الترصيح بهم لدى ص.و.ض.إج ،أو من حيث ظروف إشتغالهم ،وإذا تبني
لرئيس املحكمة عىل ضوء ما سبق أن هذه الصعوبات قابلة للتذليل بفضل تدخل أحد األغيار ،فإنه يتعني عليه أن يعني هذا
األخري بصفته وكيل خاص ،ويكلفه بهذه مهمة مع تحديد أجل إلنجازها تطبيقا ملقتضيات املادة 549من م.ت.3
ونعتقد أنه كان عىل املرشع املغريب أن مينح لجنة املقاولة ،أو مندوب األجراء دورا حيويا يف هذه املرحلة ،ألن موقع األجراء
داخل املقاولة يؤهلهم لرصد الوقائع التي تفيد أن هذه األخرية تعاين من إختالالت ،وبأن مينحهم حق التبليغ عنها كخطوة
أوىل ،وإجراء أويل من إجراءات الوقاية الخارجية ،وهو الشئ الذي قد ال يقوم به رئيس املقاولة ،الذي غالبا ما يحجم عن
التبليغ عن تلك اإلختالالت بالرغم من رصاحة النص القانوين ،إال أنه إذا كان املرشع مل مينح األجراء هذه الصالحية فإنه مع
ذلك قد منحهم دورا إستشاريا ،يتجىل يف تخويلهم حق إسامع صوتهم ،إذ أنه بعد تحريك املسطرة من قبل رئيس املحكمة
أعطى القانون لهذا األخري ، 4وعىل الرغم من أي مقتضيات مخالفة ،أن يطلع عىل املعلومات التي من شأنها أن تعطي صورة
واضحة وصحيحة عن وضعية املقاولة ،وهذا يحمل يف حقيقته إمتيازا لهم ،اليشء الذي مل يكن له وجود يف املادة 545من
املرشوع الحكومي الذي عرض عىل الربملان.5
إال أنه ما يعاب عىل مسطرة الوقاية الخارجية ،وإن كانت قد عالجت إىل حد ما املشاكل املرتبطة مبصالح األجراء داخل
املقاولة املتعرثة من خالل دورهم باملسطرة ،فإنها إخترصت مشاركتهم يف إمكانية إستشارتهم واإلستامع إليهم من طرف رئيس
1إذ أنه من المحتمل أن يستشف رئيس الم حكمة التجارية من خالل عمله اليومي أن مقاولة ما تعاني من صعوبات دون حاجة لرأي رئيس المقاولة أو مراقب
الحسابات ،ويتم ذلك من خالل الوثائق التي يقدمها دائنو المقاولة والحجوز التي يطالبون بإيقاعها على األصل التجاري للمقاولة وعلى منقوالتها بصفة عامة ،وأيضا
من خال ل تعرضات إدراة الضرائب ،أو ص.و.ض.إج ،أو من شكاوى األجراء الذين لم يتوصلوا بأجورهم ،ومن هنا تظهر أول إرهاصات المشاركة العمالية في
مسطرة الوقاية الخارجية.
-هشام الزاهير ،م.س ،ص .11
2إذ يحق لرئيس المحكمة التجارية ،بمناسبة جمع المعلومات إلستبيان وإستيضاح وضعية المقاولة ،أن يطلب تلك المعلومات مثال من األبناك أو اإلدراة الضريبية،
وذلك لمعرفة الوضعية الحسابية والضريبية للمقاولة ،كما يمكنه طلبها من ص.و.ض.إج ،وذلك لمعرفة عدد األجراء التابعين للمقاولة ،والمصرح بهم لدى هذا
الصندوق ،ثم وضعية هذه األخيرة اتجاهه من حيث أداء المستحقات أو عدم أدائها ،ومقدار المبالغ التي لم تؤدى منها.
-إبراهيم بهماني ،م.س ،ص .111
3تنص المادة 119من م.ت ،على أنه ":إذا تبين أن صعوبات المقاولة قابلة للتذليل بفضل تدخل أحد األغيار يكون بمقدوره تخفيف اإلعتراضات المحتملة
للمتعاملين المعتادين مع المقاولة ،عينه رئيس المحكمة بصفة وكيل خاص وكلفه بمهمة وحدد له أجال إلنجازها".
4وذلك بمقتضى المادة 110من م.ت ،والتي جاء فيها " :يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة في الحالة المنصوص عليها في المادة 925أو في الحالة
التي يتبين من كل عقد أو وثيقة أو إجراء ،أن شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل بإستمرارية إستغاللها ،قصد النظر
في اإلجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية.
في نهاية هذا اإل جتماع ،يمكن لرئيس المحكمة ،على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة ،أن يطلع على معلومات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن
الوضعية اإلقتصادية والمالية للمدين ،وذلك عن طريق مراقب الحسابات أو اإلدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص آخر".
5أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .180
90
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املحكمة عند الرضورة ،هذه األخرية التي يرجع أمر تقديرها إليه هو شخصيا دومنا أية إلزامية ،بل إن تلك املشاركة غالبا ما
تكون مببادرة من األجراء ،1تدفعهم مصلحتهم وإرتباطهم املصريي باملقاولة فور فتح أو تحريك املسطرة.
بناءا عىل ما سبق ،وما دام أن املرشع املغريب قد كرس هشاشة حق األجراء وهامشية دورهم ،بأن مل مينحهم أية صالحية
لتحريك مساطر الوقاية الخارجية ،فإننا نرى أن يتم عىل األقل منح هذه املكنة لجهاز تفتيش الشغل ،وللصندوق.و.ض.إج،2
ذلك أن أداء املقاولة ملستحقات هذا األخري مؤرش عىل سالمتها وقدرتها عىل البقاء ،يف حني أن عدم أدائها لهذه املستحقات
يعترب –إىل حد ما– من مظاهر الصعوبات ،لذلك يتعني أن يندمج هذا الصندوق يف عملية رصد الصعوبات ،ولعب دور املعالجة
القبلية واملبكرة للمقاولة ، 3أما بخصوص مفتش الشغل فإنه وبحكم املهام املنوطة به ،وبحكم إحتكاكه اليومي بعامل الشغل
واملقاولة ،يبقى من أدرى األجهزة مبدى متتع األجراء مبختلف الحقوق التي أقرها لهم القانون ،والتي من شأن املساس بها أن
ينم يف بعض األحيان عن إختالالت وصعوبات ،4ترتاءى يف أفق املقاولة ،لذا يبقى من الرضوري إرشاك هذا الجهاز يف
مساطر صعوبات املقاولة منذ بدايتها ،عوض عدم منحه أي دور يف هذا املجال إال مبناسبة اإلعفاء ألسباب إقتصادية.
فإذا كان املرشع مل مينح حق تبليغ الوقائع التي من شأنها اإلخالل بإستمرارية اإلستغالل لألجراء -إىل رئيس املحكمة،-
وبالتايل مل يقم بإرشاك هذه الفئة يف فتح مسطرة الوقاية الخارجية ،فإىل أي مدى منحهم ذلك الحق يف إطار التسوية الودية
؟
تعد مسطرة التسوية الودية 5من مساطر الوقاية الخارجية ،وهي مبلابة مسطرة تعاقدية أو إتفاق ودي بني املقاولة وكافة الدائنني
الرئيسيني فقط ،تحت إرشاف رئيس املحكمة ،وذلك محاكاة ملا يتم العمل به يف فرنسا ،التي أدرج مرشعها ،مسطرة التسوية
الودية 6ألول مرة ضمن نظام املساطر الجامعية ،مبقتىض قانون فاتح مارس ،6954وهي إجراء يعطى لرئيس املقاولة التي تعاين
91
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
من الصعوبات ،أو التي تكون يف حاجة إىل متويل ،ويتم هذا اإلتفاق تحت إرشاف امل ُصالح بهدف إنقاذ املقاولة ،مع تصديق
رئيس املحكمة التجارية عليه.
كام أنها تشكل آخر فرصة يُسمح بها للمقاولة للتغلب عىل الصعوبات التي تعرتضها ،حيث مبقتضاها تتفاوض مع الدائنني
للتوصل إىل إتفاق ودي ، 1وال تكون املقاولة قد وصلت بعد إىل درجة التوقف عن الدفع ،فهي تطبق عىل املقاوالت التي تكون
غري قادرة عىل تغطية حاجياتها باإلعتامد عىل إمكانياتها الذاتية ،2مام يطرح معه التساؤل حول موقع األجري الذي يعترب هو
بدوره دائنا داخل هذه املعادلة ؟ خاصة وأنه ميكن لتلك الصعوبات أن تكون متصلة بالوضعية اإلجتامعية للمقاولة ؟.
بالرجوع إىل النصوص املنظمة للتسوية الودية مبدونة التجارة ،ال نجد ما يدل عىل أن املرشع قد أعطى لألجراء أي صالحية
أو حق يف طلب التسوية ،وكذلك األمر بالنسبة للمرشوع الجديد اللهم ما تم إعتامده بهذا املرشوع من كون الوضعية
اإلجتامعية أصبحت تشكل أحد أسباب فتح املسطرة ،حيث قرص اللجوء إىل هذه املسطرة عىل رئيس املقاولة وحده دون غريه
برصيح املادة 550من م.ت ، 3إال أن هذا املقتىض ليس من شأنه أن يقف حائال دون إلتزام رئيس املقاولة بإستشارة من هذا
القبيل –أي إستشارة األجراء ، -خاصة إذا تعلق األمر بالجانب اإلجتامعي ،فرغم ما قد يقال من طرف أحد الباحلني ،4من
كون م.ش ذاتها مل تنص عىل وجوب إخبار وإستشارة رئيس املقاولة ،للجنة املقاولة قبل تقديم طلبه الرامي إىل فتح إجراء
التسوية الودية ،إال أن هذا القول مردود عليه لكون:
من جهة أن املرشع املغريب مل ينص مبدونة التجارة ،عىل أي مقتىض من خالله يتحلل رئيس املقاولة من رضورة إحرتام
اإلجراءات الواردة مبدونة الشغل الخاصة بإعادة هيكلة املقاولة ،أو إعفاء األجراء ألسباب إقتصادية ،5كلام تم ذلك يف إطار
صعوبات املقاولة.
من جهة أخرى ،إذا كان املرشع املغريب من خالل املادة 557من م.ت ،قد أعطى للخبري مهمة إعداد تقرير عن وضعية
املقاولة مبا يف ذلك الوضعية اإلقتصادية واإلجتامعية واملالية ،فاملالحظ من خالل تلك املادة ،1أن املرشع يحيل عىل بنود
1تجدر اإلشارة إلى أن التفاوض مع الدائنين يقوم به المصالح ،لفائدة المقاولة والذي يتم تعيينه من طرف رئيس المحكمة لهذا الغرض ،لمدة ثالثة أشهر قابلة للتجديد
شهرا واحدا بطلب منه ،وفقا للمادة 118من م.ت.
2الفقرة األولى من المادة 118من م.ت " :يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة تجارية أو حرفية ،من دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع،
تعاني من صعوبات قانونية ،أو إقتصادية ،أو مالية ،أو لها حاجات ال يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة".
3خاصة فقرتها الثانية التي جاء فيها " :يتقدم رئيس المقاولة بطلب إلى رئيس المحكمة ،يعرض فيه وضعيتها المالية واإلقتصادية واإلجتماعية والحاجيات التمويلية
وكذا وسائل مواجهتها".
وربما قد يبرَّ ر هذا المقتضى ،بكون م.ت قد صدرت في وقت وظروف لم تكن فيها لجنة المقاولة مؤسسة قائمة الذات في القانون المغربي ،لدى يمكن
القول أنه قد آن األوان لتدخل المشرع المغربي لتعديل هذه المدونة لمسايرة مستجدات الساحة القانونية المغربية ،وإليجاد نوع من التكامل بين مختلف
القوانين التي تصب في خانة قانون األعمال.
4نعيمة الغاشي ،م.س ،ص .71
5نظم المشرع المغربي إعف اء األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية بمقتضى الفرع السادس من الباب الخامس من القسم األول من الكتاب األول من
مدونة الشغل ،المواد من 11إلى ،17وقد أوجب بصريح المادة 11ضرورة اإلستشارة والتفاوض مع ممثلي األجراء ،بهدف إطالع األجراء على المعلومات
ا لخاصة بحالة التشغيل ،وعلى الوضعية المالية للمقاولة ،وإشراكهم في البحث عن المقترحات التي من شأنها إنقاذ المقاولة ،وبالتالي تجنب اإلعفاء أو التخفيف من
آثاره.
للمزيد من التوسع حول هذا اإلعفاء ،أنظر :
فاطمة حداد ،م.س.
92
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املادة 545م.ت ،هذه األخرية التي تضمنت إستشارة رئيس املحكمة لألجراء ،من أجل تزويده باملعلومات الصحيحة عن
وضعية املقاولة.
وما يزيك طرحنا هذا أن رئيس املقاولة ،يف حالة ما إذا ض َّمن طلبه مقرتحات ذات طبيعة إجتامعية ،من قبيل تخفيض
األجر ،أو حذف بعض اإلمتيازات ،فإنه ملزم يف هذه الحالة كام ذهب إىل ذلك الفقه ،2بإستشارة األجري نفسه ،عىل إعتبار أن
إجراءا من هذا القبيل يعد مبلابة تعديل لعقد الشغل ،مام يستوجب موافقة هذا األخري.
باملقابل فقد ذهب املرشع الفرنيس أبعد من ذلك ،حني وضع مبقتىض املادة " "L432-1من قانون العمل مبدءا عاما يلزم
مبقتضاه ،رئيس املقاولة إستشارة لجنة املقاولة أو مندويب األجراء حسب األحوال يف جميع املسائل املتعلقة بالتنظيم والتدبري
والسري العام للمقاولة ،األمر الذي إستند عليه الفقه 3يف فرنسا من أجل تعميم اإللتزام املذكور عىل مختلف مراحل املسطرة،
عىل إعتبار أن إجراءات التسوية الودية تعترب من قبيل املسائل املتصلة بتسيري املقاولة ،ومام ال شك فيه أن إستشارة األجراء يف
هذه املرحلة لها أهمية بارزة ،مام ميكنهم من التعبري عن آرائهم بهدف القضاء عىل كل خلل يعيق السري العادي للمقاولة.4
عىل العموم فام ميكن قوله عن إستشارة األجراء ،وبالخصوص يف هذه املرحلة أنها تظل مسألة رمزية وجوازية عىل إعتبار أن
الهم الرئييس للمرشع – عىل األقل حتى هذه املرحلة – يبقى هو الحفاظ عىل املقاولة بأي طريقة كانت ،وهو وإن كان صائبا
يف ذلك عىل إعتبار أن يف عدم إستمراريتها مساس مبناصب الشغل وباإلقتصاد ومن خالله بالسلم اإلجتامعي ،إال أن هذا
اإلقصاء لفئة األجراء من التدخل داخل املقاولة املتعرثة ليس له ما يربره ،إذ املرشع ينكر عىل هذه الفئة أي دور لها يف تفعيل
هذه املسطرة التي تشكل مرحلة حاسمة يف حياة املقاولة ،فالصعوبات التي تعرتض املقاولة قد تكون ذات طبيعة إجتامعية كام
مر معنا ،مام يتحتم معه إتاحة الفرصة ملشاركة األجراء يف إنجاح الوقاية الخارجية مبستوييها ،خاصة وأن الواقع العميل قد
أثبت ،أن ديون األجراء تلعب دورا ال يستهان به يف إعطاء اإلنطباع عىل إمكانية تقويم وضعية املقاولة املتعرثة من عدمه ،وال
أدل عىل ذل ك أنه إبان عقد اإلتفاق مع الدائنني ،يتم التفاوض أيضا مع األجراء ،حول اآلجال والتخفيضات املقرتحة ،حتى
يتسنى سداد الديون باملوازاة مع إنقاذ املقاولة ،لذلك يتوجب عىل املرشع منحهم دورا محوريا خالل رسيان مساطر الوقاية،
وقبل ذلك اإلعرتاف لهم بحق املبادرة لتحريك إجراءاتها.
األمر الذي مل يتم تداركه مبرشوع التعديل املقرتح ،إذ مبطالعة هذا األخري نالحظ من جديد التغييب شبه التام ألي دور
لألجراء يف مساطر الوقاية من الصعوبات ،واإلقتصار عىل الدور اإلستشاري لهذه الفئة ،هذا الدور الذي يظهر جليا من خالل
املادة ،557التي ت تيح اإلمكانية لرئيس املحكمة أن يطلب معلومات إضافية عن وضعية املقاولة من مملل األجراء ،كام يظهر
وبجالء توجه ورغبة املرشع يف الحفاظ عىل قيام املقاولة وإستمراريتها ،ويظهر هذا التوجه من خالل إستبدال عنونة الكتاب
1أي المادة 111والتي جاء فيها " :عالوة على السلطات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى المادة ،925يمكنه تكليف خبير إلعداد تقرير عن الوضعية
اإلقتصادية واإلجتماعية والمالية للمقاولة والحصول من المؤسسات البنكية أو المالية"....
2
Yves guyon, op.cit, p 269
3
Gilles endréo ,op. cit, p6
4
Claud penhoat, op.cit, p40
93
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الخامس من "صعوبات املقاولة" إىل "إجراءات وقاية و إنقاذ املقاولة ومعالجة صعوباتها" هذا من جهة ،ومن جهة أخرى من
خالل إستحداث مسطرة جديدة ،ويتعلق األمر مبسطرة اإلنقاذ التي جعلها قطب الرحى للكتاب الخامس وهي مسطرة تقوم
أساسا عىل :
التأكيد عىل كونها مسطرة إرادية إذا تم فتحها قبل التوقف عن الدفع.
وقد خصص لها املواد من 559-6إىل ، 559-25إال أنها بدورها ال تحمل أي جديد فيام يخص أحقية األجراء يف تقديم طلب فتح
مساطر الوقاية.
فإذا كان األمر عىل هذا النحو فيام يخص مساطر الوقاية ،كمرحلة تقطعها املقاولة قبل توقفها عن الدفع ،فهل حظي األجراء
بأي حق يف تحريك مساطر املعالجة ،مبناسبة توقف املقاولة عن دفع ديونها؟
94
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
مبجرد توفر الرشوط القانونية الالزمة لفتح مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ،فإنه يحق لألطراف التي حددها املرشع أن تتقدم
للقضاء بطلب لفتحها ،يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،وإذا كانت املرحلة القضائية تتميز أساسا بإسترشاف حل يتالئم
مع وضعية املقاولة املتوقفة عن دفع ديونها ،فإن أي حل مقرتح البد وأنه ميس بحقوق األجراء ،مام يستدعي اإلستفسار عن
لدن املحكمة ،هذا
مدى وحجم مشاركتهم يف تحديد وإختيار هذا الحل ،وكذا إمكانية تقديم الطعن يف هذا الحل املختار من ُ
ما سنحاول التطرق له يف الفقرة األوىل عرب الوقوف عن مدى أحقية األجراء بفتح مساطر املعالجة.
ومن جهة أخرى فإنه وسعيا من املرشع لتكريس حامية ناجعة لألجراء ،فقد عمل عىل إ يجاد مجموعة من األجهزة القانونية
تعمل عىل مؤازرتهم من داخل املقاولة ،وتكون ممللة لهم أمام هذه األخرية ،ومدافعة عن مصالحهم يف مواجهتها ،من خالل
سعيها إىل تحقيق مطالبهم وتبليغها إىل إدارة املقاولة.
مام يطرح التساؤل حول مدى مساهمة هذه األجهزة يف تكريس الحامية لألجراء ،يف حالة تعرض املقاولة لصعوبات من
شأنها أن تؤدي إىل فتح املعالجة يف مواجهتها؟ هذا ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل الفقرة اللانية التي سنخصصها لتبيان
دور ممليل األجراء يف مساطر صعوبات املقاولة.
لقد وضع املرشع قواعد خاصة بشأن طلب فتح مسطرة املعالجة ،وهكذا فقد حددت املادتان 516و 513من م.ت ،األطراف
التي يحق لها تقديم هذا الطلب وهي أربعة :ثالثة منها حافظت عىل هذا الحق الذي كانت تتمتع به يف ظل نظام اإلفالس
امللغى ،وهم املدين أو رئيس امل قاولة ،وواحد أو أكرث من الدائنني ،ثم املحكمة التي تضع يدها تلقائيا عىل املسطرة ،أما الطرف
الرابع فقد أوكلت له هذه املهمة ألول مرة يف تاريخ املغرب الحديث ،وهو النيابة العامة.1
وعليه فمن حيث املبدأ ،يحق لكل دائن للمقاولة املتوقفة عن الدفع ،أن يطلب فتح مسطرة املعالجة يف مواجهتها ،وعىل هذا
األساس يطرح التساؤل عن موقع األجري ضمن املخاطبني بأحكام املادة ،2513سواء بإعتباره دائنا باألجر (أوال) ،أو بإعتباره دائنا
للمقاولة بحصته يف رأس مالها وبحصته يف األرباح ،وذلك يف الحالة التي يكون فيها األجري مسهام أو رشيكا (ثانيا)
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .719
2تنص الفقرة األولى من المادة 118من م.ت على أنه " :يمكن فتح المسطرة بمقال إفتتاحي للدعوى ألحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه".
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد قام بتعديل هذه المادة بمشروع تعديل الكتاب الخامس إذ قام بإستبدال عبارة كيفما كانت طبيعة دينه وأحل محلها
عبارة " كلما كان دينه حاال ومرتبطا بالنشاط التجاري للمقاولة " ليكون بذلك قد وضح المقصود بالدائن الذي يحق له طلب فتح المسطرة بكونه ذلك الدائن الذي
95
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يف ظل غياب تنصيص رصيح عىل منح األجراء إمكانية طلب فتح مسطرة املعالجة ،فقد تناسلت اآلراء الفقهية بخصوص هذه
املكنة ،التي تعد وبحق إحدى ضامنات حقوق األجراء باملقاولة املتوقفة عن األداء ،وهكذا نجد أغلب الفقه ،1يسري يف إتجاه
تكريس أحقية األجراء يف تقديم طلب فتح مسطرة املعالجة ،يف مواجهة املقاولة التي يشتغلون بها أمام سكوت املرشع عن
ذلك ،إذ أنه ال يوجد ما مينع األجراء من القيام شخصيا بإخبار رئيس املحكمة املختصة ،أو النيابة العامة بالوقائع التي من شأنها
اإلخالل بإستمرارية اإلستغالل ،أو التي من شأنها أن تعكس توقف املقاولة عن دفع ديونها ،باإلضافة إىل ذلك ،يحق لألجري
بناءا عىل املادة 513من م.ت ،أن يتقدم مبقال إفتتاحي للدعوى بإعتباره دائنا ،شأنه يف ذلك شأن باقي الدائنني ،أمام املحكمة
التجارية املختصة ،حيث أن عد م تأدية األجور يف مواعيد إستحقاقها تشكل ديونا يف ذمة املقاولة كباقي الديون األخرى.
يف حني هناك من ذهب عكس هذا الرأي ، 2حينام إعترب أن املادة 513ال تسعف يف منح اإلمكانية لألجراء يف طلب فتح
مساطر املعالجة بإعتبارهم كدائنني ،ولو كان هناك توقف عن أداء األجر دون سند قانوين" ،ذلك أنه عند الحديث عن حق
األجراء يف طلب فتح مسطرة املعالجة ،فإن املقصود بذلك إرشاكهم كفاعلني وكمكون أسايس يف املقاولة ال أن يتدخلوا تحت
عباءة صفة الدائنني ،وأن القول بذلك ما هو إال تربير لتقاعس املرشع املغريب يف اإلعرتاف لهذه الفئة بحق أسايس ،ستكون
له يف حالة عدم متتيعهم به تداعيات خطرية داخل املقاولة ،خصوصا إذا علمنا أن الجهات املخول لها فتحها غالبا ما ال تعمد
إىل ذلك".3
تبعا لكل ما سبق ميكن القول – من وجهة نظري – حفاظا عىل حقوق األجراء أنه ال ميكن األخذ برأي أحد اإلتجاهني مبعزل
عن اآلخر ،إذ أنه رغم عمومية املادة 513من م.ت ،ورغم إمكانية إقحام األجراء ضمن املخاطبني بأحكامها ،إال أن هذا ال مينع
من القول برضورة تخصيص نص رصيح يتيح لهذه الفئة إمكانية فتح مسطرة املعالجة عىل غرار ما هو معمول به يف القانون
الفرنيس ،سيام وأن التطبيقات القضائية إلقحام األجراء ضمن املخاطبني بأحكام املادة املذكورة ،قد أبانت -كام سرنى الحقا -
عن قصور يف تحقيق الحامية املبتغاة من وراء تقديم طلب فتح املسطرة.
وتزداد أهمية الحاجة لتخصيص األجراء بهذا النص الرصيح ،إذا علمنا أن مرشوع التعديل قد حمل بني ثنايا املادة 517منه
خاصة فقرتها األخرية ،إجراءا خطريا من شأنه أن يقرب حق األجراء يف تقديم طلب فتح املسطرة ،وذلك من خالل تنصيصها
يكون دينه حاال ومرتبطا بالنشاط التجاري للمقاولة ،وبالتالي يكون قد حسم الخالف والجدل الذي ثار في األوساط الفقهية حول المقصود من عبارة كيفما كانت طبيعة
دينه.
1أنظر بهذا الخصوص :
-امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،م.س ص 791؛
-محمد البعداوي ،حماية حقوق المأجورين م.س ،ص 781؛
- Faris larbi, op. cit , p 114.
2عبد الرحيم السليماني ،م.س ،ص .717
3عبد الرحيم السليماني ،م.س ،ص .717
96
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
عىل كون رئيس املحكمة يتوىل تحديد املبلغ الالزم لتغطية مصاريف اإلشهار ،وتسيري املسطرة قبل إيداع طلب فتح املسطرة
لدى كتابة الضبط ،عىل أن يقوم طالب املسطرة سواء كان رئيس املقاولة أو أحد الدائنني بإيداع املبلغ فورا ،وأمام عدم تنصيص
املرشوع عىل جزاء عدم إيداع املبلغ املذكور ،فإننا نرى أن بإمكان رئيس املحكمة والحالة هذه إعامل مقتضيات الفقرة األخرية
من املادة 545من نفس املرشوع 1التي جاء فيها " :يعني رئيس املحكمة الوكيل الخاص أو امل ُصالح ...ويحدد األتعاب املناسبة
لقيامه مبهامه ،يضعها رئيس املقاولة بصندوق املحكمة فورا ،وإال رصف النظر عن اإلجراء" ،وبالتايل فإن أي طلب لفتح
املسطرة مل يقم فيه طالبه ،بإيداع املبلغ املحدد من طرف رئيس املحكمة ،ميكن لهذا األخري بعد عدم اإلدالء مبا يفيد هذا
اإليداع من طرف طالب اإلجراء -بغض النظر عن شخصه وصفته ،-أن يرصف النظر عن اإلجراء برمته ،هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنه وما دام أن املادة 517من املرشوع املقرتح قد نصت عىل أن رئيس املحكمة يحدد املبلغ الواجب إيداعه
قبل إيداع الطلب بكتابة الضبط ،فإنا نرى أن هذه األخرية سوف لن تقوم بتسلم وتسجيل أي طلب ال يديل لها مقدمه بوصل
من صندوق املحكمة يفيد أداءه وإيداعه للمبلغ املذكور ،ويف كلتا الحالتني يبقى من العسري عىل األجراء أداء املبالغ الالزمة
لتغطية مصاريف املسطرة ،يف الحالة التي يكون فيها هم طالبي فتحها يف مواجهة املقاولة املشغلة ،خصوصا وأنهم لن يسلكوا
هذا الباب إال مضطرين أمام توقف هذه األخرية عن أداء أجورهم ،وبالتايل صدقت املقولة التي تفيد أن املرشع يعطي حقوقا بيد
من فضة ،ليعود إلنتزاعها بيد من حديد.
بالرجوع للعمل القضايئ امل غريب ،نجد أنه إعترب أن من حق األجراء التقدم بطلباتهم الرامية لفتح املسطرة ،يف حق املقاولة
التي توقفت عن أداء أجورهم ،وأسس موقفه هذا بناءا عىل مقتضيات املادة 513من م.ت ،إال أنه ربط اإلستجابة لطلب األجراء
يف هذا الشأن برضورة إثبات توقف املقاولة عن الدفع ،وهكذا جاء يف حيليات حكم صادر عن املحكمة التجارية بالدار البيضاء
بتاريخ 7001.60.07ما ييل..." : 2وحيث إذا كانت املادة 513من م.ت ،التي تجيز للدائن طلب فتح املسطرة يف مواجهة
املدين ...،وحيث إن امللف خال مام يفيد أن املدعى عليها يف حالة توقف عن الدفع" ،وبناءا عىل ذلك قضت املحكمة برفض
طلب األجراء الرامي لفتح مسطرة التصفية القضائية يف حق املقاولة املشغلة ،لعدم متكنهم من إثبات واقعة التوقف عن الدفع.
وهو نفس املصري الذي لقيه طلب فتح مسطرة املعالجة ،املقدم من طرف أحد األجراء يف مواجهة املقاولة املشغلة له ،مبقتىض
الحكم القضايئ الصادر عن نفس املحكمة بتاريخ ،7005.07.04والذي قىض بعدم قبول الطلب ،نظرا لعدم أداء الرسوم
القضائية إذ جاء يف حيلياته " :إن األجري يف إطار املادة 513من م.ت يتقدم بطلبه بصفته دائن للمشغل قصد فتح املسطرة يف
3
حق هذا األخري وليس إلستيفاء دينه ....،وحيث أن املقال غري مؤداة عنه الرسوم القضائية"...
من هنا نستشف أن القضاء تعامل مع األجراء بصفتهم دائنني ،وبكل ما تتميز به هذه الصفة من مزايا وما ترتبه من إلتزامات،
هذه األخرية التي من بينها إثبات توقف املقاولة عن الدفع ،وهذا ما سار عليه الحكم القضايئ 4الذي قىض بفتح مسطرة
1هذا طبعا في حالة المصادقة عليه وفق صيغته الحالية المتقدم بها.
2حكم رقم 187في الملف رقم 1881/17/11صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ،1881978981أنظر الملحق رقم .7
3حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،تحت رقم 80/81في الملف رقم 1880/18/81بتاريخ ،1880981981أنظر الملحق رقم .7
4حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،حكم رقم ،787بتاريخ ،1881981981في الملف رقم ،1881/78/110أنظر الملحق رقم .7
97
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
التصفية القضائية يف مواجهة املقاولة ومتديدها إىل مسريها ،مستجيبا بذلك إىل طلب األجراء بفتحها ،مرتكزا يف إستجابته
لطلب األجراء عىل مجموعة من الحيليات من بينها " :وحيث إن الطلب يهدف إىل الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية يف
مواجهة املدعى عل يها ...،وحيث إن من اللابت من دراسة تقرير الخربة ،أن توقف املدعى عليها عن دفع ديونها املستحقة عند
الحلول ناتج عن إختالل موازنتها ....،وحيث يتعني إعتبارا ملا تقدم القول بأن وضعية املقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه،
والترصيح تبعا لذلك بفتح مسطرة التصفية القضائية يف مواجهتها."...
وبالتايل يكون القضاء قد رسخ تفعيل مقتضيات املادة 510من م.ت ،القاضية برضورة إثبات واقعة التوقف عن الدفع ،أيا كان
طالب اإلجراء أجريا أو غريه ،وعليه ميكن القول أن القضاء قد راعى -أمام إنعدام النص الرصيح– حامية حقوق األجراء ،من
خالل منحهم مكنة فتح املسطرة ،إستنادا للامدة ، 513إال أنه يعاب عليه كونه إعتربهم كام مر معنا دائنني باملعنى القانوين
للكلمة ،مع ما يرتتب عن ذلك من إلتزامات ،إذ كان عليه اإلمعان أكرث يف معنى الطابع املعييش لألجر ،1إلقرار ضامنات أكرث
لحقوق األجراء باملقاولة التي هم دائنني لها بهذا األجر.
ويف إنتظار التدخل الترشيعي الحاسم يف املسألة ،فإن مالذ األجراء يبقى نص الفقرة األوىل من املادة ،513مع رضورة تليني
القضاء من موقفه بخصوص إعتبارهم دائنني باملعنى القانوين والحريف للكلمة ،عىل أن الحاجة لهذا التليني صارت ملحة أمام
ما جاءت به املادة 517من املرشوع كام سبق بيان ذلك.
أضحت عملية إرشاك األجراء يف رأس مال املقاوالت ،آلية جديدة لتطور املقاولة ،عىل إعتبار أن فكرة املساهمة هذه تهدف
باألساس إىل تحفيز األجري أيا كان موقعه عىل العطا ء ،وهو األمر الذي سينعكس إيجابا عىل مصالح املقاولة ،ما دام من شأن
تفعيل تقنية من هذا القبيل ،أن يعمل عىل إمتصاص التوثرات اإلجتامعية التي قد تندلع بسبب تصادم املصالح من جهة ،ومن
جهة أخرى تحقيق مردورية أفضل عىل مستوى اإلنتاج.2
ونظرا لآلثار اإليجابية لهذا النوع من املشاركة العاملية ،فقد عمل املرشع عىل تقنني هذه الوضعية من خالل تنصيصه عىل
إمكانية تخصيص نسبة من األسهم ألجراء املقاولة ، 3وقد إتجهت أغلب املقاوالت إىل نهج هذا التوجه الذي من شأنه أن يغري
1ويمكن القول أن من شأن اإلمعان في هذا المعنى ــ الطابع المعيشي ــ لألجر أن يؤدي إلى نتيجة حتمية ال مفر منها :مفادها أن توقف المقاولة المشغلة عن أداء
أجور األجراء ،يستتبعه حتما تراكم الديون على هذه الفئة لصالح أشخاص مختلفة ومتعددة ،خاصة إذا كان األجير يتحمل أعباء عائلية ،إذ أن أي تأخير في أداء
األجور عن موعدها المحدد ،سيربك حتما حسابات األجير التي تهم معيشه اليومي ،فما بالك عن عدم أداء هذه األجور بالمرة ،على إعتبار أن أوجه إنفاق هذا األجر،
سواء كان شهريا أو نصف شهري أو أسبوعي ،هي الغالب األعم محددة مسبقا من طرف األجير قبل أن حلول أجل أداءه.
2سليمان أريفي ،م.س ،ص .11-18
3ومن القوانين التي أتاحت إمكانية تخصيص نسبة من األسهم ألجراء المقاولة كنوع من التشجيع لهذه الفئة على العطاء نذكر :
أ .القانون رقم ، 09989المأذون بموجبه بتحويل المنشآت العامة إلى القطاع الخاص ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،87998987بتاريخ 71من رمضان
7178الموافق ل 77أبريل ،7998المنشور بالجريدة الرسمية ع 1811-11بتاريخ 11رمضان 7178الموافق 70أبريل ،7998ص 177؛
ب .القانون رقم 71991المتعلق بشركات المساهمة ،كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 18981الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 87980970بتاريخ
71جمادى األولى 7119الموافق ل 18ماي ،1880الجريدة الرسمية ع ،1189بتاريخ 71جمادى اآلخر 7119الموافق ل 71يونيو .1880
98
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املركز القانوين لألجري إتجاه املقاولة ،من عالقة تبعية خالصة إىل مشاركة منتجة ،1وهو األمر الذي يدفع للتساؤل عن أحقية هذا
األجري –الرشيك– يف املطالبة بدينه عن طريق تقديم طلب فتح مسطرة املعالجة ،سواء تعلق األمر بدينه املتملل يف حصته يف
رأس مال املقاولة ،أو يف حصته يف األرباح.
بالرجوع إىل القضاء الفرنيس نجد قرارا ملحكمة النقض الفرنسية ،2إعتربت من خالله أن الرشيك املطالب بحصته يف رأس
مال الرشكة يعترب مبلابة دائن وبالتايل يحق له التقدم بطلب لفتح املسطرة يف مواجهة املقاولة ،وقد أبدى الفقه املغريب،3
تحفظه بخصوص هذا الحل ،إنطالقا من كون الرشيك املطالب بحصته يف رأس مال الرشكة ،ال يعترب دائنا لها بكل معنى
الكلمة ،مام يفرض عليه أال يعمل عىل تعريض الرشكة لصعوبات مالية ،إثر مطالبتها بإرجاع حصته من رأس مالها ،أما بالنسبة
للرشيك املطالب بحصته يف األرباح ،فبإعتباره دائنا ميكن أن يطالب بفتح مساطر املعالجة شأنه شأن باقي الدائنني ،عىل إعتبار
أن توقف املقاولة عن دفع أرباح الرشيك من شأنه أن يشكل بداية لتوقف املقاولة عن دفع ديونها.
ولقد طرح التساؤل حول مدى أحقية األجري الدائن يف تقديم طلب آخر لفتح املسطرة ،يف حالة ما إذا تم رفض طلبه األول،
جوابا عىل ذلك هناك من ذهب من الفقه ،4إىل أحقية األجري الدائن يف تقديم طلب جديد ما دام ال يوجد أي مقتىض قانوين
مينعه من ذلك ،كل ما هنالك أنه يتعني أن يتضمن الطلب اللاين وقائع جديدة لتعزيز طلبه الجديد ،وإال رفض بسبب سبقية
البت.
عىل ضوء ما سبق نسجل من جديد قصورا كبريا يف حق األجراء ،ذلك أن األجري ال يُسمح له عىل مستوى املعالجة بأي دور،
أو تدخل فاعل داخل املقاولة ،مع العلم أنه األدرى باإلضطرابات املالية التي ميكن أن تحصل بها ،بإعتباره مواطنا داخلها،
لذلك كان من األجدر لو متت اإلستفادة من مركزه داخل املقاولة للخروج بأنسب الحلول ،وتحريا للدقة فإن األجراء يف بعض
الحاالت قد ال يدركون أن مقاولتهم املشغلة يف وضعية حرجة ،مبعنى آخر أنه قد يقع أن تكون املقاولة يف وضعية صعبة ،لكن
دومنا أن تتوقف عن دفع األجور ،وهو ما يطرح التساؤل حول دور الهيئات التمليلية لألجراء يف هذه الحالة ،وحول إمكانية
تحريك مسطرة املعالجة من طرفها ؟
نظرا لتشعب املصالح وتضاربها داخل املقاولة ،عملت مختلف الترشيعات عىل تبني تقنية إختيار أجهزة ممللة لألجراء ،وذلك
حتى تكون هناك آلية للحوار الجاد ولتفادي اإلصطدامات التي لن تكون يف صالح أي من الطرفني ،وقد سجلت هذه املؤسسة
– متمللة يف لجنة املقاولة ومندويب األجراء -5حضورها من خالل الدور البارز الذي متارسه عىل مختلف األصعدة ،إال أن
99
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
اإلشكال األسايس الذي يطرح هو أي دور ململيل األجراء خالل توقف املقاولة عن الدفع ،مبعنى آخر هل يعد من صالحيات
ممليل األجراء الحق يف تحريك مسطرة املعالجة؟ وهل يتم إرشاكهم يف مراحل وأطوار معالجة املقاولة من الصعوبات؟
وإنطالقا من كون مخطط الحل الذي تحدده وتصادق عليه املحكمة ،هو أشبه بامليلاق القضايئ ذو البعد اإلقتصادي
واإلجتامعي ،1سواء قررت املحكمة تبني مخطط اإلستمرارية أو التفويت أو التصفية ،فإن مصالح الدائنني بصفة عامة ،واألجراء
بصفة خاصة ،تتأثر حسب نوعية الحل املختار ،مام يعطيهم الحق يف الطعن يف الحكم القايض بإختيار الحل ،2وبالتايل
فالتساؤل يبقى مطروحا حول مدى أحقية األجراء –ومملليهم– بالطعن يف هذا الحكم؟
بإستقراء مقتضيات الكتاب الخامس من م.ت ،فإن أول ما ميكن مالحظته بهذا الخصوص ،هو وجود إختالف كبري بني
القانون املغريب ونظريه الفرنيس ،حيث أن هذا األخري خول لألجهزة التمليلية لألجراء إمكانية فتح املسطرة ،تبعا لذلك ميكن
للجنة املقاولة إخبار رئيس املحكمة أو وكيل الجمهورية بكل واقعة تفيد أن هناك توقفا عن الدفع ،3مام يظهر عىل أن هناك
ترابطا وتداخال بني قانون الشغل ومساطر صعوبات املقاولة ،4الشئ الذي يعطي لهذه األجهزة التمليلية دورا تحفيزيا يف هذا
السياق.
وإنطالقا من مقتضيات املادة " "L432-5من ق.ع.ف ،أصبحت للجنة املقاولة صالحية اإلنذار واإلخبار عرب ثالثة مراحل 5وهي
:
املرحلة األوىل :تسمى مرحلة اإلستفسار ،حيث تطالب اللجنة ،رئيس املقاولة بإعطاء تفسريات بخصوص العنارص التي
والتكنولوجية المزمع إدخالها على المقاولة ،وأيضا الحصيلة اإلجتماعية المتعلقة بالوضعية اإلدارية والمالية لألجراء بصفة خاصة ،فضال عن المهام ذات الطابع
التكويني لألجراء.
أما بخصوص مندوبي األجراء ،فيتم إنتخابهم في كل مؤسسة تشغل 78أجراء على األقل ،وتحدد مهامهم في تقديم جميع الشكايات الفردية المتعلقة بظروف
الشغل ،الناجمة عن تشريع الشغل ،أو إتفاق ية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي إلى المشغل ،وفي حالة عدم إستجابة هذا األخير تتم إحالة هذه الشكايات إلى العون
المكلف بتفتيش الشغل.
للمزيد من اإليضاح حول هذين الجهازين أنظر :
-عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء الثاني ،عالقات الشغل الجماعية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة األولى ،1889ص 887وما بعدها؛
-عبد الكريم غالي ،مدونة الشغل وأنظمة الحماية اإلجتماعية في ظل المستجدات اإلقتصادية والتكنولوجية الحديثة ،منشورات دار القلم ،الرباط ،طبعة ،1881
ص 118وما بعدها؛
-نادية فتاح ،لجنة المقاولة في ضوء التشريع المغربي والمقارن ،تقرير لنيل د.د.ع.م ،وحدة قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني –عين الشق– كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية الدار البيضاء ،س.ج .1881/1881
1حياة متوكل ،م.س ،ص 788
2
Philippe pétel, op. cit, p58
3
Jean François martin, Alain lienhard, op.cit, p 155.
4
Patrick morvan, entreprise en difficulté, op. cit , p 8.
5
Maurice cozian, Alain viandier, Florence deboissy, op cit, p 316.
100
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املرحلة اللانية :تتملل يف إعداد تقرير من طرف اللجنة وأجريين ،وميكن للجنة املقاولة يف هذه املرحلة ،أن تستعني
بخبري إلعداد تقرير ،هذا األخري الذي يتضمن اإلقرتاحات املناسبة لحل األزمة؛
املرحلة اللاللة :تدعى مرحلة اإلخبار ،وخاللها يتم إخبار مجلس اإلدارة 65يوما قبل اإلجتامع ،ويتم طرح املسألة من
وقد خولت املادة " " L432-1من ق.ع.ف الحق لألجهزة التمليلية ،ممللة يف لجنة املقاولة أو مندويب األجراء ،يف اإلستشارة
واإلعالم حول كل القرارات التي تهم السري العام للمقاولة ،كام أن هذه املادة تخول ململيل األجراء صالحيات إضافية جاءت
بها املادتني " ،1"L482-1و" 2"L483-1من نفس القانون ،تحت وصف الجرمية بجنحة العرقلة ،3وذلك يف حالة عدم إستشارتهم،
حيث يبقى لهم الحق يف رفع دعوى عىل أساس ذلك ،وهذا ما كانت تؤكده املادة 1من قانون 75يناير ،6955التي نصت عىل
رضورة اإلستامع إىل لجنة املقاولة ويف حالة عدم وجودها ،إىل مندويب األجراء لفتح املسطرة الجامعية.4
بالنسبة للترشيع املغريب ،نشري إىل أن هناك بعض املواد املتفرقة بني مدونتي التجارة والشغل ،التي تشري إىل إستشارة ممليل
األجراء ،إما بصفة مبارشة أو غري مبارشة ،فبخصوص اإلستشارة املبارشة نذكر املادة 590من م.ت ،5أما بخصوص اإلستشارة غري
املبارشة نذكر املادتني 411من م.ش ،6و 556من م.ت ،1وبالتمعن يف هذه املواد يتضح أنها جاءت بصيغة اإلمكان بواسطة
3
Jean François martin, Alain lienhard, op.cit, p 91.
4جاء في المادة 1من القانون رقم ،01990ل 11يناير ،7901المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية ما يلي :
"Le tribunal statue sur l'ouverture de la procédure, après avoir entendu ou dûment appelé en chambre du conseil le débiteur
"et les représentants du comité d'entreprise ou, à défaut, des délégués du personnel....
وذلك قبل أن يتم نسخها وتعويضها بالمادة ""L 621-4من ق.ت.ف بتاريخ 69شتنبر ،6000والتي حافظت على نفس فلسفة ومعنى المادة السادسة.
5تنص المادة 198من م.ت على ما يلي " :تقرر المحكمة إما إستمرار قيام المقاولة بنشاطها أو تفويتها أو تصفيتها القضائية وذلك بناء على تقرير السنديك
وبعد اإلستماع ألقوال رئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي العمال".
6تنص المادة 111من م.ش على ما يلي " :في إطار المهام اإلستشارية للجنة المقاولة يعهد إليها بالمسائل التالية :
-التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة؛
.... -
يتم تزويد أعضاء لجنة المقاولة بكل البيانات والوثائق الضرورية ،لتمكينهم من القيام بالمهام الموكولة إليهم"
101
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفعل "ميكن" ،وليس بصيغة اإللزام كام جاء يف الترشيع الفرنيس ،وهي نفس الصيغة التي تم اإلحتفاظ بها يف مرشوع
التعديل وذلك بعدم إقرتاح أي تعديل يطال املواد 590و 556من م.ت ضمن مرشوع تعديل الكتاب الخامس ،كام أن األحكام
القضائية يف هذا املجال إعتربت إستشارة األجراء ال تتجاوز حدود اإلستئناس فقط ،فهي ال تؤثر عىل القرار املتخذ ،حيث إن
سلطة إختيار الحل األنسب تبقى إختصاصا رصفا للمحكمة املختصة.2
وهذا ما حدى بالفقه إىل إعتبار هذه اإلستشارة ال تعدو عن كونها إستشارة رمزية ،3داعيا من جهة إىل رضورة تجاوز اإلستشارة
للمنظور املعمول به ،والذي يجعل منها مجرد صيغة لإلسئناس ال تلزم القايض بأي حال ،ومن جهة أخرى إىل تفعيل األجهزة
التمليلية ،من خالل دعم صالحياتها وتخويلها حق الطعن يف القرارات ،التي تهدد بشكل أو بآخر حقوق األجري عامة ومناصب
الشغل خاصة ،وذلك بشكل رصيح عىل غرار القانون الفرنيس.
وهو نفس األمر الذي سايره إتجاه آخر من الفقه ،4حني ذهب إىل أن أهمية دور األجراء يف الحفاظ عىل الشغل ،تقتيض أن
مينح لهذه الفئة الحق يف املبادرة عندما تالحظ خالل سري املقاولة وقائع من شأنها أن تؤزم وضعيتها ،بإخبار السلطة القضائية
بذلك ،والحق يف مراقبة اللول املعتمدة عن طريق اإلعرتاف لها بالحق يف إستعامل طرق الطعن.
ويبدو من خالل اإلطالع عىل مواقف الفقه ،أن الجميع متفق عىل رضورة متتيع األجهزة التمليلية ،بصالحيات ترقى بها من
مرتبة اإلستشارة إىل مرتبة املشاركة يف تحديد مصري املقاولة ،كام أن الجميع متفق حول إمكانية فتح املسطرة من طرف
األجراء ،وبدورنا نؤكد هذه املكنة ،نظرا لعدم وجود أي نص يف الكتاب الخامس من م.ت ،مينع هؤالء اململلني من طلب فتح
املسطرة القضائية ،إىل جانب كون الفقرة األوىل من املادة 513وكام سبقت اإلشارة إىل ذلك تعطي الحق يف فتح هذه املسطرة
لكل دائن مهام كانت طبيعة دينه ،تعترب كافية إلعطاء الحق ململيل األجراء يف طلب فتح املسطرة ،فأمام سكوت املرشع ال
عدون من دائني املقاولة ،ونظرا كذلك للطبيعة الخاصة واملتميزة
يسع إال التشبث بنص الفقرة سالفة الذكر ،نظرا لكون األجراء يُ ُّ
لوضعيتهم داخلها ،والقول بغري هذا من شأنه أن يضعف من دور هذه األجهزة التمليلية ،ويجعل منها مجرد جهاز شكيل ليس
إال داخل املقاولة.
وما دام الدافع من تدخل ممليل األجراء يبقى هو الحفاظ عىل حقوق الطبقة العاملة ،ويف نفس الوقت يبقى هاجس القايض
عند بته يف موضوع يتعلق بصعوبات املقاولة ،هو تكريس فلسفة هذا النظام مبا يف ذلك ضامن إستقرار مناصب الشغل ،األمر
الذي ميكن معه القول بإمكانية نشوء توحيد ملنظور جميع األجهزة املتدخلة يف هذا املضامر ،إال أنه مع ذلك ال ميكن الجزم
1تنص المادة 107من م.ت على ما يلي " :يمكن للسنديك الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية اإلقتصادية والمالية
للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات واإلدارات والهيآت العمومية أو عن طريق أي شخص أخر وذلك على الرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة.
يطلع السنديك القاضي المنتدب على ذلك".
2بالرغم من كون المحكمة تبقى سيدة نقسها في إتخاذ الحل الذي تراه األنسب لوضعية المقاولة المختلة ،إال أنه لدينا بعض المالحظات على كون المحكمة تبقى حرة
في إتخاذ الحل ،إذ أن ه بعد البحث في هذا الموضوع ،تجلت لنا بعض مظاهر ومكامن قصور القضاء عند إختيار الحل ،وذلك من خالل تقييد أجهزة المسطرة لسلطة
المحكمة في هذا الجانب وتأثيرها على نوع الحل الذي تتبناه هذه األخيرة ،هو ما سيكون موضوع المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذه الرسالة بإذن هللا. .
3محمد منعزل ،م.س،ص.718
4محمد أبو الحسين ،وضعية األجراء إثر تفويت المقاولة الموجودة في حالة التسوية القضائية ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،1سنة ،1888
ص.18
102
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بهذه النتيجة فرأي املحكمة قد يستقر عىل حكم يضعف من املركز القانوين لألجراء ،أو ميس بحقوقهم ،فيأيت قرارها أو حكمها
عىل العكس من إنتظاراتهم متاما ،من هنا يُطرح التساؤل حول إمكانية طعن األجراء أو ممليلهم يف ملل هذه القرارات أو
األحكام ؟
ال يتضمن املرشع املغريب خالفا لنظريه الفرنيس ،1مقتضيات خاصة بتنظيم طرق الطعن يف كل حكم أو أمر صادر يف مادة
صعوبات املقاولة عىل حدة ،لذلك يرى الفقه 2أنه يحق ململيل األجراء مامرسة الطعن يف الحكم القايض بإختيار الحل ،طاملا أن
املرشع قرر مبقتىض املادة 590من م.ت ،رضورة إستامع املحكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة ألقوالهم بعد إستدعائهم
بصفة قانونية ،وهذا ما أكده القضاء التجاري من خالل قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء ،3الذي جاء يف إحدى
حيلياته ..." :أن املرشع املغريب حرص يف املادة 590من مدونة التجارة ،األشخاص املعنيني بإختيار الحل املناسب لوضعية
املقاولة موضوع مسطرة املعالجة ،وهم رئيس ا ملقاولة ومندويب العامل ،وإن املستأنفني ليسوا رؤساء للمقاولة وال مراقبني وال
مندوبني للعامل ،مام يكون معه اإلستئناف والحالة هذه غري مبني عىل أساس قانوين".
ومعنى هذا أن التوجه القضايئ يعطي لألجراء ومملليهم أحقية الطعن يف الحكم القايض بإختيار الحل ،رغم غياب نص
رصيح يف مدونة التجارة يسمح بذلك ،إال أن هذا ال مينع من القول أن تفعيل املحكمة التجارية آللية الطعن هذه ،وجعلها بيد
األجراء أو مملليهم يشوبها بعض العجز ،واملتملل يف شمول الحكم القايض بإختيار الحل بالنفاذ املعجل بقوة القانون ،4ولو يف
حالة يف الطعن فيه من طرف أي كان ممن يجوز لهم ذلك ،عىل خالف ما هو معمول به يف القانون الفرنيس ،الذي رتب
عىل إستئناف النيابة العامة للحكم القايض بحرص مخطط إستمرارية املقاولة أو مخطط تفويتها أثر واقف ،تطبيقا للتعديل الذي
أدخل مبوجب قانون 60يونيو 6994عىل املادة 626من قانون 75يناير ،6955املتعلق بالتسوية والتصفية القضائية قبل أن يتم
تنظيم طرق الطعن من خالل املواد من ") "L623-1(Mإىل ") 5"L623-9(Mمن ق.ت.ف.
1كان المشرع الفرنسي قد تطرق لهذا األمر تحت تسمية "طرق الطعن" من خالل المواد من 717إلى 711من قانون 11يناير ،7901وقد منح في البند الثاني
من المادة ، 717اإلمكانية للجنة المقاولة وممثلي األجراء ،للطعن في القرارات المتخذة من قبل المحكمة ،والمتعلقة بتبني أو رفض المخطط أمام محكمة اإلستئناف،
أو الطعن بالنقض في الحكم القاضي بفتح المسطرة والتصفية القضائية ،إال أنه حاليا قد قام بنسخ المواد من 717إلى 711المذكورة من القانون رقم ،01909ليتم
نسخها وتعويضها بالباب المعنون "بطرق الطعن" من الكتاب السادس المعنون "بصعوبات المقاولة " من قانونه التجاري ،وبالضبط المواد من ") "L 623-1(Mإلى
") ، "L623-9(Mوالباب السادس هذا قد دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير ،1881وبدوره شهد عدة تعديالت تم إدخالها عليه ،كان آخرها بمقتضى األمر عدد
،18789191في 88غشت .1878
-مصدر المعلومات www.legifrance.gouv.frتاريخ آخر زيارة 1871-81-18الساعة .15h45
2امحمد الفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .101
3قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ،1887/7111الصادر بتاريخ ،1887-81-11في الملف عدد ،77/1887/001قرار غير منشور ،أشارت
إليه ،حياة متوكل ،م.س ،ص .780
4تجدر اإلشارة هنا ،أن آجال الطعن في الحكم القاضي بإختيار الحل تتم وفقا للمادتين 188و 187من م.ت ،تنص المادة 188منها على أنه " :يتم إستئناف
المقررات المشار إليها في المادة السابقة بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام إبتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي ،ما لم يوجد مقتضى مخالف
لذلك في هذا القانون.
يسري األجل في مواجهة السنديك إبتداء من تاريخ النطق بالمقرر".
5مما ينبغي تسجيله في هذا الصدد أن الحكم القاضي بإختيار الحل ال ينشر في الجريدة الرسمية ،وال في أي صحيفة من الصحف الوطنية المخول لها نشر
اإلعالنات القانونية ،إال إذا تعلق األمر بالتصفية القضائية ،فكل ما هنالك أنه يجب اإلشارة في السجل التجاري إلى الحكم القاضي بإختيار الحل سواء تمثل هذا الحل
في حصر مخطط إلستمرارية المقاولة أو تفويتها ألحد األغيار ،أما بالنسبة للقانون الفرنسي فيخضع الحكم القاضي بحصر مخطط اإلستمرارية أو التفويت (بمقتضى
103
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أجمع املهتمون بقانون صعوبات املقاولة ،عىل أن هذا األخري حمل معه تغيريا مهام يف إطار مساهمة القضاء يف إنقاذ املقاولة
والنهوض باإلقتصاد وتحقيق حامية األجري ،هذا الدور الذي يبتدئ منذ تحريك مسطرة الوقاية ليمتد إىل نهاية مراحل مساطر
املعالجة ،ويف كل مرحلة يتواجد جهاز القضاء بلقله مسريا ومحركا لجميع فعاليات ومكونات املقاولة ،سواء يف املقاوالت التي
بدأت تعرف وقائع من شأنها اإلخالل بإستمراريتها أو تلك التي أصبحت متوقفة عن الدفع وغري قادرة عىل األداء.
وتواجد القضاء وتسيريه يتم إما بصفة مبارشة ،من خالل الحكم بفتح املسطرة وتعيني األجهزة التي تتوىل تسيريها ،ومن
خالل الحكم بحرص املخطط ،أو النطق بالتصفية القضائية أو يف كل مناسبة يتم فيها الرجوع إليه ،وإما أن يتم بصفة غري
مبارشة لكن تحت أعينه ،وذلك من خالل األجهزة املعينة قضائيا لتسيري املسطرة وإيجاد مخرج ملا تتخبط فيه املقاولة من
صعوبات ،هذا الحل الذي من املفروض فيه أن يأخذ بعني اإلعتبار جميع املصالح املرتبطة بها.
وهكذا فإن القضاء ال يفوته أن يقوم بتعيني هذه األجهزة كل بإسمه وصفته ،يف كل حكم قىض به بفتح مساطر املعالجة يف
مواجهة املقاولة املتعرثة ،إذ يقوم بتعيني السنديك (املطلب األول) والقايض املنتدب (املطلب اللاين) وذلك لتسيري مسطرة
املعالجة من ألفها إىل يائها ،والسهر عىل حسن تنزيل إختيارات القضاء مبراقبة صارمة منه.
فام هي صالحيات وأدوار كل منهام مبناسبة رسيان مساطر املعالجة؟ وما هي مختلف اآلليات املمنوحة لهام يف سبيل
الحفاظ عىل حقوق األجراء؟
المادة 01من المرسوم رقم ،7800-01ل 11دجنبر ،7901والذي تم تعديله في 11مارس ،) 1881إلجراءات الشهر النصوص عليها في المادة 17من ذات
المرسوم ،إذ أكدت المادة 01منه على ضرورة نشر إعالن بهذا الحكم في الجريدة الرسمية المخول لها نشر اإلعالنات المدنية والتجارية.
1إن إختيارنا لتسمية الجهات المتدخلة قضائيا ،ال يجب أن يفهم منه أن المقصود من وراء ذلك هو الجهاز القضائي المتمثل في المحكمة ،وإنما جاء هذا اإلختيار لهذه
التسمية للداللة على األجهزة المتدخلة في ن ظام صعوبات المقاولة وليس بالضرورة أن تكون ذات صفة قضائية (السنديك) ،والتي ال يتم تفعيل مهامها وصالحياتها
ببسط يدها على الملف ،إال من طرف القضاء صاحب اإلختصاص الحصري في إعطاء الضوء األخضر لها من أجل ممارسة مهامها في تسيير المسطرة والسهر
على حسن سيرها ،وهذه األجهزة تتمثل في السنديك والقاضي المنتدب ،اللذين وإن كانا يتمتعان بصالحيات قانونية واسعة لتسيير المسطرة ،إال أن هذه الصالحيات
ال يمكن أن تتجاوز حدود الملف أو القضية التي تم تعيينهما –صفة وإسما -من أجل تسييرها ،دون غيرها من الملفات التي يتعين على من تم تعيينه إسما وصفة
للنظر فيها ،القيام بتحريك إجراءاتها.
104
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
السنديك
يعترب السنديك بحكم الصالحيات والسلطات التي يضطلع بها يف مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ،أحد أهم األجهزة التي
تلعب دورا أساسيا يف تحريك اآلليات القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الهادفة إىل إنقاذ املقاولة 1من الوقوع يف التصفية
القضائية ،خاصة إذا توافرت ل ديه صفات الكفاءة والخربة العالية ،و يتم تعيينه مبجرد صدور الحكم القايض بفتح املسطرة
ومبقتضاه ،2ويعد تعيينه إجباريا ،3ضمن قواعد املسطرة ،واألصل فيه أن يُختار من بني كتاب الضبط وإستلناءا من الغري.4
وتجدر اإلشارة إىل أن تعيني السنديك يف إطار مسطرة معالجة صعوبات املقاولة يلري أكرث من مالحظة ،وذلك عىل النحو
التايل :
املالحظة األوىل :إن الفقرة اللاللة من املادة 515من م.ت ،عندما تحدثت عن السنديك ،فإنها تطرقت إليه بصيغة املفرد،
مام يفهم منه عدم تعيني أكرث من سنديك واحد يف كل مسطرة ،وهذا بخالف ما كان معموال به يف القانون التجاري امللغى
لسنة ،6963حيث كان عدد السنادكة ميكن أن يصل إىل ثالثة ،وهو تراجع غري موفَق ملرشعنا املغريب عىل إعتبار أن تعيني
أكرث من سنديك أمر مطلوب ومرغوب فيه ،خاصة يف املقاوالت الكربى؛
املالحظة اللانية :إن املرشع املغريب جعل كأصل ،أن يكون تعيني السنديك من بني موظفي كتابة الضبط ،مع العلم أن
أغلب موظفي هذا الجهاز ال يتوفرون عىل الكفاءة الالزمة إلدارة مقاولة متعرثة ،لعدم إملامهم الدقيق باملسائل املالية
واإلقتصادية ،األمر الذي ال يؤهلهم إلنجاز تقرير يطغى عليه الطابع املحاسابايت والتقني ،5ولهذا ذهب الفقه إىل إقرتاح إعادة
1محمد البعداوي ،دور السنديك في إدارة المقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،1888 ،8ص .10
2وذلك تبعا لمقتضيات المادة 110من م.ت ،التي تنص على أنه " :يقضى بالتسوية القضائية إذا تبين أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه وإال
فيقضى بالتصفية القضائية.
تعين المحكمة القاضي المنتدب والسنديك.
تزاول مهام السنديك من طرف كاتب الضبط ويمكن للمحكمة ،عند اإلقتضاء ،أن تسندها للغير".
وإذا كان األصل أن المحكمة التج ارية المفتوح أمامها المسطرة هي صاحبة اإلختصاص في تعيين السنديك ،فإنه يرد على هذا المقتضى إستثناء خاص فرضته
المعطيات اإلقتصادية ،حيث يخول لوزير اإلقتصاد والمالية أن يقترح على المحكمة السنديك الذي يراه مؤهال لتسيير وتصفية مؤسسات اإلئتمان المفتوحة ضدها
مسطرة المعالجة ،وذلك بمقتضى الفقرة األخيرة من المادة 18من القانون رقم 7/98/711الصادر في 1يوليوز 7998المتعلق بنشاط مؤسسات اإلئتمان ومراقبتها.
واألمر نفسه يصدق على شركات البورصة وذلك بمقتضى الفصل 11من الظهير الشريف رقم ،7/98/177الصادر في 17شتنبر ،7978المتعلق ببورصة القيم.
3وهو نفس اإلتجاه الذي تبناه المشرع الفرنسي ،إال إذا تعلق األمر بالمسطرة المبسطة حيث يكون تعيينه إختياريا.
-عبد الكريم عباد ،م.س ،ص .00
وفي هذا الصدد ثار خالف فقهي حول الحكم عند إغفال المحكمة إلجراء تعيين السنديك ،بين من ذهب إلى حد القول أن من شأن إغفال هذا اإلجراء أن يؤدي إلى
بطالن الحكم ،وبين من يرى أنه ال مانع يمنع المحكمة من تدارك هذا األمر ،وتعيين السنديك في حكم الحق وفي أية مرحلة من مراحل المسطرة.
4إذا كان المشرع المغربي لم يقم بتبيان الغير الذين يمكن أن يعين من بينهم السندي ك ،على خالف ما كان عليه األمر في ظل مقتضيات الفصل 170من القانون
التجاري القديم ،من كون أن وكيل التفليسة يمكن تعيينه إما من بين كتاب الضبط أو من بين الدائنين بناءا على إقتراحهم ،إال أنه نرى ما دام المشرع لم ينص على
ذلك صراحة ،أنه ال يمكن أن يكون السنديك من بين الدائنين نظرا لكون ذلك يعد مثارة للتشكيك في مصداقية عمله وشفافيته ،وألن شرط الحياد ضروري وأساسي
حتى يتم تفادي مخططات تراعي مصلحة الدائنين دون مصلحة المقاولة ،ودون مصلحة األجراء في الحفاظ على مناصب شغلهم.
5كريم آيت بال ،م.س ،ص .18
105
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تكوين وتدريب كتاب الضبط عىل املدى القريب واملتوسط ،1ومن جهتنا نرى أن كاتب الضبط ال يصلح لتسيري عمليات املسطرة
إذ إضافة إىل ما ذكر فهو يكون غري متفرغ للقيام مبهمة السنديك ،أمام ما ترزح تحته كتابة الضبط من كرثة وتشعب امللفات،
إىل جانب العمل اإلداري املوكول إليه القيام به يف إطار وظيفته الرئيسية ،األمر الذي يجعل مردوديته أقل شأنا باملقارنة مع
الحالة التي يعني فيها السنديك من الغري؛
املالحظة اللاللة :أن املرشع جعل السنديك يف املسطرة مملال لنقيضني ،املدين والدائنني معا ،وهي مهمة يصعب
إسنادها لجهة واحدة ،لصعوبة خلق التوازن بني مصلحتني متنافرتني ،وهذا ما تفطن له املرشع الفرنيس ،حيث إستغنى
مبقتىض قانون 6955/6/75عن السنديك ووزع مهامه بني كل من "املترصف القضايئ" الذي ميلل املدين يف إدارة املقاولة
الخاضعة ملسطرة املعالجة ،وبني "مملل الدائنني" ،وبهذا يكون املرشع الفرنيس قد منع الجمع بني مهام التسيري والترصف
والتمليل يف يد جهاز واحد كام فعل املرشع املغريب.
هذا وأمام جسامة املهام امللقاة عىل عاتق السنديك ،ميكن إقحامها يف خانتني ،خانة املهام ذات الطابع اإلقتصادي (فقرة
أوىل) ثم املهام ذات الطابع اإلجتامعي (فقرة ثانية) وهو ما سنعمل عىل تبيانه.
يكلف السنديك مبقتىض نص املادة 140من م.ت ،بتسيري عمليات التسوية والتصفية القضائيتني إبتداءا من فتح املسطرة
حتى قفلها ،ويف سبيل تحقيقه لهذه ال غاية يعمد إىل جمع املعلومات الفنية والتقنية واملحاسبية ،التي تسمح له بتقويم وضعية
املقاولة بشكل سليم ،ومن تم حسن إختيار القرارات املالمئة ،بداية من وضعه لتقرير املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية
(أوال) الذي بناءا عليه يقرتح الحل املناسب لتسوية وضعية املقاولة (ثانيا)
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .717
2
Christine lebel, l’elaboration du plan de continuation de l’entreprise en redressement judiciaire, revue internationale de
droit comparé, Vol 53, N° 1, janvier-mars 2001, p 64.
106
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يف حني ذهب إتجاه آخر من الفقه 1إىل أن " مفهوم املوازنة اإلقتصادية واإلجتامعية يهدف إىل تحديد مصدر وأهمية وطبيعة
الصعوبات التي تعرفها املقاولة ،وهو يدخل يف إطار أفق املستقبل" ،وهناك من يرى بأن "إعداد املوازنة يهدف إىل معرفة
مكامن الخلل داخل املقاولة ،وذلك بجمع كل املعلومات املساعدة لفهم محيطها حتى يتأىت وضع الحلول املناسبة ملعالجتها".2
ونخلص إىل القول بأن املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية للمقاولة هي مبلابة فحص تقني شامل وتحلييل ،يدرس
الصعوبات املالية واإلقتصادية واإلجتامعية عموديا وأفقيا ،من أجل تشخيص أسباب تعرث املقاولة بغية الوصول إىل إيجاد الحل
أو الحلول املالمئة لها ،هذا من ناحية املفهوم.
أما فيام يخص املضمون ،فعىل خالف املرشع املغريب الذي مل يتعرض ملحتوى ومضمون هذه املوازنة ،تطرق املرشع
الفرنيس لهذا املقتىض من خالل املادة " "L621-54من قانونه التجاري ،3وهكذا يجب أن يتضمن املحتوى أو املضمون ،أصل
وأهمية وطبيعة الصعوبات التي تعاين منها املقاولة ،كام يجب أن يشتمل التقرير الذي يعده السنديك عىل أربع مجاالت وفقا ملا
ييل :
الجانب املايل :حيث عىل املخطط أن يحدد الطرق والسبل التي سيتم بواسطتها تسوية الخصوم؛
الجانب اإلقتصادي :حيث يجب أن يحدد املرشوع اآلفاق املستقبلية ،وأن يعني مصادر التمويل التي من شأنها أن تساهم
يف إنقاذ املقاولة املعنية بفتح املسطرة ،وأن يتضمن الجرد الكامل للمعطيات املتعلقة بتقنيات التسويق واملنافسة ،ومختلف أنواع
النشاط التي يلزم تفويتها ،والخصوم واألصول الالزم تقديرها بشكل سليم إلجراء عملية التسوية أو التصحيح4؛
الجانب اإلجتامعي :إىل جانب اإلهتامم بإستمرارية املقاولة ،فإن املخطط يجب أن يقرتح ويحدد ضامنات إستقرار مستوى
التشغيل ،وذلك من خالل الحيلولة دون إعفاء أعداد كبرية من األجراء ،وباملقابل إتخاذ كافة التدابري لضامن حقوق الذين
107
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
طالهم اإلعفاء ، 1فاملترصف القضايئ ومملل الدائنني ــوباملساعدة املحتملة لخبري أو عدة خرباءــ مطالبان هنا بإجراء دراسة
تفصيلية حول وضعية األجراء ،والعمل عىل تصنيفهم من حيث مستوى شغلهم (أطر ،مستخدمون ،عامل ،)...،والبحث فيام
إذا كان هناك فائض يف اليد العاملة التي قد يكون لها وقع سلبي عىل ميزانية املقاولة ،وكذلك البحث فيام إذا كان األجراء
ويف سبيل إنجاز السنديك ملهامه ،فقد تم متتيعه بسلطات جد واسعة ،حيث إنطالقا من نص املادة 529من م.ت ،يستطيع
الحصول عىل مساعدة خبري أو عدة خرباء ،ومبشاركة رئيس املقاولة ،2كام ميكنه الحصول عىل املعلومات التي من شأنها أن
تعطيه فكرة صحيحة عن وضعية املقاولة املالية واإلقتصادية ،عن طريق مراقب الحسابات واإلدارات والهيئات العمومية ،أو عن
طريق أي شخص آخر عىل الرغم من أي مقتضيات ترشيعية مخالفة ،3كام ميكن له اإلطالع عىل جميع العقود والوثائق
املتعلقة باملسطرة.4
باإلضافة إىل الصالحيات التي تم منحها للسنديك ،بخصوص الحصول عىل املعلومات ،نرى إىل جانب ذلك رضورة إرشاك
جهات أخرى يف إعداد هذا التقرير الذي عىل ضوئه يتم تحديد مصري املقاولة ،وذلك من قبيل ممليل األجراء باملقاولة املعنية
وذلك مبنحهم املكنة القانونية لإلدالء مبقرتحاتهم ،باإلضافة إىل كل شخص يتبني أن أقواله مفيدة حتى يكون التقرير مفصال
بشكل دقيق.
ولقد ثار التساؤل حول مسؤولية السنديك يف حالة إذا مل يقم بإعداد هذه املوازنة ،أو يف حالة ما إذا كان تحضريه لها
سطحيا؟
يف هذا الصدد مل يرتب الترشيع سواء يف املغرب ،أو يف فرنسا أية مسؤولية تذكر ،إال أن القضاء إعترب مسؤولية السنديك
قامئة يف الحالتني معا ،وكذلك إذا نجم عن هذا الوضع إلحاق رضر باملقاولة ،أما إذا مل يقم السنديك بجميع اإلجراءات
املنصوص عليها يف املادة 529من م.ت ،فإن املحكمة قد تقيض بإعادة تحضري املوازنة املذكورة من طرفه ،وبذلك تبقى
1
Pierre Michel le corre & Jean le Gall, droit des entreprises en difficulté, edition dalloz 2003, p 85.
2والمالحظ أن المشرع المغربي لم يحدد اإلطار الذي تتم فيه مشاركة رئيس المقاولة للسنديك في وضع الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية ،كما أنه لم يبين ما
إذا كان لجوء السنديك إلى المساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء متوقف على إذن من القاضي المنتدب أم ال؟ أمام سكوت المشرع المغربي عن توضيح ذلك ،تدخل
جانب من الفقه المغربي الذي قال ردا على السؤال األول " :على رئيس المقاولة أن يعبر ويبرهن عن إرادته للتعاون مع السنديك ،إلنجاز هذه المهمة التي يتوقف
عليها مستقبل المقاولة ،ال سيما وأن السنديك يملك الحق في أن يطلب من المحكمة تعليق تبني مخطط تسوية وضعية المقاولة ،على إستبدال مسير أو عدة مسيرين،
كما تنص على ذلك الفقرة األولى من المادة 101من م.ت ".أما بالنسبة للجوا ب عن السؤال الثاني فقد ذهب نفس الفقه إلى أن األمر " :ال يقتضي صدور إذن بذلك
من القاضي المنتدب ،وكل ما هنالك أن السلطة التي يمارسها هذا األخير على السنديك تستلزم أن يكون على علم بكل الخطوات التي يتم قطعها خالل أي مرحلة من
مراحل سير المسطرة " ويضيف أن " :ال قاضي المنتدب هو الذي يسهر على السير السريع للمسطرة ،وعلى حماية المصالح المتواجدة مما يفرض أن يطلعه
السنديك على كل ما ينوي عمله أثناء قيامه بالمهام الموكولة إليه".
-امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .711/717
3المادة 107من م.ت.
4المادة 117من م.ت.
108
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
للمحكمة الصالحية الكاملة إلتخاذ القرار املناسب واملالئم ،1كلام تبني لها أن السنديك مل يصل إىل النتائج املتطلبة منه،
مبناسبة إعداده لتقرير املوازنة.
ويف جميع األحوال ،يجب أن تؤدي املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية مبختلف مجاالتها ،إىل تقديم إقرتاح مرشوع
مخطط التسوية ،وهذا هو موضوع النقطة املوالية.
إذا كانت الغاي ة من إعداد املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية ،هي تحديد طبيعة الصعوبات التي تعاين منها املقاولة أو
املؤسسة ،إعتامدا عىل املعطيات والظروف السابقة عن تاريخ فتح املسطرة ،فإن اإلقرتاح الذي يعده السنديك عىل ضوء هذه
املوازنة ،يف شكل مرشوع مخطط التسوية يسترشف املستقبل ،2عن طريق تحديده لطرق تسديد الخصوم والضامنات املحتملة
التي يشرتطها كل شخص لضامن تنفيذه.3
هذا ويجب أن يبني إقرتاح السنديك املجاالت اللالث السابقة ،وهي املجال املايل ،املجال اإلقتصادي ،ثم املجال
اإلجتامعي ،لكن فأفق وتطلعات املستقبل.
وعىل صع يد العمل القضايئ املغريب ،فإن عمل السنديك يف إطار إقرتاحه ملرشوع مخطط التسوية ال يخرج عن هذه
املجاالت أو املحاور ،هكذا ورد يف حكم صادرعن املحكمة التجارية بالدار البيضاء..." :4نجاح مخطط اإلستمرارية وتحقيق
نتائج إيجابية عىل املستوى اإلقتصادي ميكن تحقيقه إعتامدا عىل هيكلة املقومات املادية ،وذلك عن طريق إعادة تكوين
رأسامل الرشكة نظرا لتآكله ،واإلتيان مببالغ مالية جد هامة من أجل تغطية مالية لرشاء املادة األولية ،ووضع خطة تنظيمية التي
متكن من ضبط العمليات التجارية وعمليات اإلستخالص لدى الزبناء ،وإعادة هيكلة الرشكة من الناحية البرشية وخاصة األطر
اإلدارية وتطبيق مقتضيات القوانني املتعلقة بالرشكات ،وخاصة تعيني مراقب مايل وعقد الجمع العام يف موعده القانوين"
ورغم أن املحكمة تبقى لها الصالحية الكاملة يف إعتامد الحل الذي يتقدم به السنديك من عدم إعتامده ،فإنها ناذرا ما ال
تأخذ بإقرتاحه ،ومن أجل قيام السنديك بهذه املهمة (إقرتاح الحل) عىل أحسن ما يرام ،فإنه يتلقى العروض من األغيار ويعمل
عىل فحصها ودراستها ،وإقرتاح الحل الذي يراه ضامنا إلستمرارية نشاط املقاولة ،والحفاظ عىل إستمرارية عقود الشغل بها،
كذلك ميكن للسنديك أن يقرتح عىل املحكمة تغيري الرأسامل ،ويف هذه الحالة تكون الجمعية العمومية مدعوة إىل العمل
عىل إعادة تأسيس الرأسامل يف حدود املبلغ املقرتح ،والذي يجب أال يقل عن ربع رأسامل الرشكة ،كام ميكنه أن يطلب منها
تخفيض الرأسامل والزيادة فيه لفائدة شخص أو عدة أشخاص يلتزمون بتنفيذ املخطط.5
1
Abdeljalil elhammoumi, op.cit, p 39.
2امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .710
3المادة 108من م.ت.
4حكم رقم ،1887/111بتاريخ 7أكتوبر ،1887ملف رقم ،78/1887/111أشار إليه عبد الكريم عباد ،م.س ،ص .797
5المادة 108من م.ت.
109
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
باإلضافة إىل ذلك ميكن للسنديك أن يطلب إستبدال مسري أو عدة مسريين ،إذا كانت إستمرارية املقاولة تستدعي ذلك،
وتعترب إستشارة الدائنني 1إلزامية يف حالة إقرتاح السنديك ملخطط اإلستمرارية ،تحت طائلة بطالن الحكم القايض بإستمرارية
املقاولة ،ويف هذا الصدد يبلغ السنديك املراقبني باملقرتحات التي يتم التقدم بها إىل الدائنني املتعلقة بتسديد الخصوم ،قصد
أخذ مالحظاتهم حول هذه املقرتحات وتبليغها مع مقرتحات رئيس املقاولة إىل الدائنني ،2وبعد ذلك إعداد السنديك لقامئة
باألجوبة التي قدمها إليه الدائنون إثر إستشارتهم الفردية أو الجامعية ،3ويجب عليه أن يعمل عىل تبليغها إىل املراقبني بواسطة
رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل.4
هذا بإختصار ما يهم املهام ذات الطابع اإلقتصادي ،املوكول إىل السنديك أمر القيام بها ،والتي تهم بالدرجة األوىل املقاولة
وسبل الخروج بها من متا هة الصعوبات التي تعرتيها ،ووضعها عىل الطريق الصحيح إنقاذا لها من شبح التصفية ،إال أن هذا ال
يعني أن السنديك ال يعري خاللها للجانب اإلجتامعي أية أهمية ،إمنا يكون هدفه األول –عىل األقل من خالل هذه املهام التي
بيناها– ،هو حامية املقاولة وإستجالء مكامن الداء بغية برته ،عىل إعتبار أن هناك من املهام التي تدخل يف صميم إختصاص
السنديك ،والتي تهم األجراء أو لها األثر البالغ عىل حقوقهم ،وهو ما سرناه من خالل الفقرة املوالية.
ويف األخري يجب التأكيد عىل أنه رغم الدور الرئييس املنوط باملحكمة التجارية يف إعتامد املعيار اإلجتامعي كمحدد إلختيار
الحل ،فإنه ال ميكنها إنجاز مهمتها إستنادا عىل تقرير املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية ،املقدم من طرف السنديك ،بل
يجب املراهنة عىل إرشاك األجراء يف مسار التسوية القضائية عرب إستشارتهم وإستفسارهم حول النقط املتعلقة بهم ،ومحاورة
مملليهم يف كل ما من شأنه أن يفيد يف معرفة القدرة العاملية ،وأهميتها يف النشاط اإلقتصادي للمقاولة.
ولن يتحقق ذلك إال عرب إرشاك ممليل األجراء يف مرحلة إعداد تقرير املوازنة املذكورة ،من طرف السنديك املكلف بإنجازه ،إذ
يتعني عليه القيام بإرشاك لجنة املقاولة أو مندويب األجراء بحسب األحوال ،وذلك عرب مختلف مراحل إعداد الحل ،بدل
اإلقتصار عىل إرشاك رئيس املقاولة ومساعدة خبري أو عدة خرباء ،األمر الذي يدفعنا إىل إقرتاح تعديل مضمون املادة 529من
م.ت ،لتشمل مشاركة ممليل األجراء للسنديك يف إعداد املوازنة ،التي يتم عىل ضوءها تقرير مصري املقاولة املرتبط به مصري
األجراء.
1ومن الطبيعي إذن أنه حينما يتعلق األمر بديون األجراء ،فإن السنديك مدعو إلستشارتهم أو إستشارة ممثليهم.
2المادة 101من م.ت.
3امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .711
4المادة 109من م.ت.
وتجدر اإلشارة إلى أنه في التشريع الفرنسي ،فإن رئيس المقاولة أو المدين هو الذي يتولى وضع هذا المخطط خالل المسطرة المبسطة ،بمساعدة خبير تعينه
المحكمة ،مع إستشارة كل من المتصرف القضائي والقاضي المنتدب حول مختلف اإلقتراحات المتعلقة بتسوية وأداء الديون تطبيقا لما تنص عليه المادة L627-3
من ق.ت.ف ،التي جاء فيها :
"Pendant la période d'observation, le débiteur établit un projet de plan avec l'assistance éventuelle d'un expert nommé par
le tribunal.
Le débiteur communique au mandataire judiciaire et au juge-commissaire les propositions de règlement du passif prévues à
l'article L 626-5 et procède aux informations et consultations prévues aux articles L 623-3 et L 626-8".
110
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا كان إنقاذ املقاولة هو الهدف الرئييس ملساطر التسوية القضائية ،فإنه إىل جانب ذلك مثة هاجس الحفاظ عىل مناصب
الشغل وتسوية الخصوم ،إذ يقوم السنديك إىل جانب صالحياته اإلقتصادية بأخرى إجتامعية واملسندة له يف إطار املسطرة التي
يتوىل تسيريها ،فهو يتوىل تنفيذ العقود الجارية مع ما لذلك من تأثري عىل عقود الشغل( 1أوال) ،ويتوىل كذلك تحقيق الديون
تحت مراقبة القايض املنتدب (ثانيا)
إذا كان املرشع الفرنيس قد إستلنى عقود الشغل ،من نطاق تطبيق مبدأ مواصلة العقود الجارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة
التسوية القضائية ، 2فإن املرشع املغريب مل يورد أي مقتىض من هذا القبيل ،مام يفهم منه بقاء عقود الشغل كذلك بيد
السنديك ،3هذا األخري الذي ميلك حق املطالبة بتنفيذها أو التخلص منها ووضع حد لها ،4وذلك دون إذن من القايض املنتدب
أو رئيس املحكمة أو املتعاقدين مع املقاولة أو حتى إستشارتهم ،مع ما لهذه الصالحيات املخولة للسنديك من خطورة عىل حقوق
األجراء املرتبطني باملقاولة عرب عقود شغل.5
وقد أضافت الفقرة األخرية من املادة 523من م.ت ،أنه ال ميكن للمتعاقد مع املقاولة أن يطلب تجزئة L’indivisibilité 6أو
إلغاء Résiliationأو فسخ Résolutionالعقد عىل الرغم من أي مقتىض قانوين أو رشط تعاقدي ،وهذا إن كان يتعلق بالعقود
التي نشأت قبل فتح مسطرة امل عالجة ،فإنه ال يصدق عىل العقود الناشئة بعد فتحها ،تبعا ملا يستشف من الفقرة األوىل من نفس
املادة ،ففي هذه الحالة يحق للمتعاقَد معه إذا مل تف املقاولة بإلتزاماتها ،الدفع هو اآلخر بعدم تنفيذ إلتزاماته ،بل وله الحق بأن
يطالب بالفسخ لعدم التنفيذ مع حقه يف التعويض ،خاصة وأن قاعدة سقوط الدعاوى الفردية ال تطبق ،أما إذا مل يخرت السنديك
7
متابعة العقود الجارية مبا فيها عقود الشغل ،فيتم إنهاء هذه األخرية
وإذا كان إقدام السنديك عىل املطالبة بتنفيذ العقود الجارية ،مبا فيها عقود الشغل تربره مصلحة املقاولة ،وذلك من أجل تنمية
أصولها وإنقاذها من التصفية القضائية عرب السعي إىل التقليص من أعبائها وخصومها ،فإنه يتعني عليه والحالة هذه أن يحرتم
1نظرا لتطرقنا لمفهوم العقود الجارية ولإلشكاليات التي تثيرها المادة 118من م.ت ،فإننا في هذا المقام سنتحدث عن األثر الذي يمكن أن يخلفه تنفيذ السنديك للعقود
الجارية على عقود الشغل.
2وذلك بمقتضى المادة L621-28من ق.ت.ف.
3إذ لو أراد المشرع المغربي أن يستثني هذه العقود من حق الخيار الممنوح للسنديك ،لقام بالتنصيص على ذلك صراحة.
4لم تحدد المادة 118من م.ت ،للسندي ك أية معايير ،ولم تقيده بأية شروط يمكن اإلعتماد عليها لتقرير مواصلة العقد أو التخلي عن اإلستمرار في تنفيذه ،اللهم ما
يتعلق بضرورة تقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف اآلخر المتعاقد مع المقاولة ،تطبيقا لمقتضيات الفصل 181من ق.ل.ع ،كما أنها لم تقيده بأي مدة زمنية يكون
خاللها مطالبا بإبداء موقفه من العقود الجارية ،اللهم إال ما تم تقريره بمقتضى الفقرة الثانية منها (المادة )118التي تؤكد على فسخ كل عقد بقوة القانون مر شهر
على توجيه إنذار بخصوص اإلستمرار فيه أو عدم اإلستمرار في تنفيذه إلى السنديك دون أن يصدر جواب منه.
5ولهذا اإلعتبار نرى ضرورة تدخل المشرع المغربي من أجل إستثناء عقود الشغل من طائفة العقود الجارية الممنوح بشأنها للسنديك خيار متابعتها من عدمه،
حسما للجدل من جهة ،وحفاظا على حقوق فئة األجراء من جهة أخرى ،وذلك بأن يقتصر دور السنديك على مجرد إقتراح هذا اإلنهاء ،وأن يتم إسناد أمر البت فيه
للقاضي المنتدب أو لرئيس المحكمة.
6لقد تمت ترجمة كلمة L’indivisibilitéبكلمة التجزئة في حين أن الصحيح هو عدم القابلية للتجزئة.
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،ص .810
7محمد البعداوي ،حماية حقوق المأجورين بالمقاولة المشغلة ،م.س ،ص .781
111
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
سائر الرشوط املتعاقد بشأنها ،ومينع عليه إدخال أية تعديالت عليها ،1وباملقابل ألزمت املادة 523من م.ت ،يف فقرتها اللانية
املتعاقدين 2مع املقاولة أن يحرتموا إلتزاماتهم رغم عدم وفاء املقاولة بإلتزاماتها السابقة عن فتح املسطرة ،وال يرتتب عن عدم
تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنني حق الترصيح مبا لهم عىل املقاولة من ديون يف قامئة الخصوم.
وإذا كان األجراء معفيني من الترصيح بديونهم الناشئة لهم قبل فتح املسطرة ،فهل ميتد هذا اإلعفاء ليشمل حتى الديون
الناتجة عن حق التعويض املقرر مبقتىض الفقرة اللاللة من املادة 523من م.ت ،3أم أن األجراء يظلون معفيني من الترصيح
بها؟
بإستقراء نص الفقرة املذكورة نالحظ أنها مل تستلني األجراء من هذا اإلجراء كام فعلت املادة 151من م.ت ،كام أن إستعامل
املرشع لعبارة "يدرج مبلغه يف قامئة الخصوم" يستفاذ منها حسب تقديري الشخيص أن أجهزة املسطرة هي التي تتوىل هذا
اإلدراج ونخص بالذكر هنا السنديك ،إذ هو املكلف بإمساك وإعداد تلك القامئة وبالتايل فإدراج أي مبلغ أو دين بها يكون من
ضمن مهامه ،فلو أراد املرشع إلزام الدائنني بهذا اإلجراء لكان إستعمل يف ذلك عبارة الترصيح عوض اإلدراج هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنا نرى تعارض هذا املقتىض مع ما تقتضيه مساطر املعالجة من الرسعة املتطلبة يف سائر مراحلها ،فبديهي
أن األجري املتخىل عن عقد ش غله سيلجأ للقضاء العادي من أجل إستصدار حكم بالتعويضات املستحقة له عن هذا اإلنهاء ،األمر
الذي قد يطول قبل الحصول عىل حكم نهايئ يقيض بتلك املستحقات ،إذ قد ال يتمكن األجري من الحصول عىل هذا الحكم،
إال بعد أن تكون مساطر املعالجة قد قطعت أشواطا متقدمة ،تتملل إما يف حرص مخطط اإلستمرارية ،4أو يف مخطط التفويت.5
وعىل العموم ،فرغم عمومية املادة 523من م.ت ،بحيث تشمل جميع العقود الجارية مبا فيها عقود الشغل ،فإن عىل
السنديك عند تطبيقه لها ،أن يأخذ بعني اإلعتبار ما تقيض به مدونة الشغل ،6مراعاة للطبيعة الخاصة لهذا النوع من العقود،
وأيضا إستنادا إىل املبادئ العامة التي تقيض بالرجوع إىل القواعد الخاصة عند اإلقتضاء ،7لكل ذلك نعتقد أن املرشع املغريب قد
بالغ يف منح صالحيات للسنديك سيام يف مجال العقود الجارية وعىل الخصوص عقود الشغل منها.
1وهذا األمر ال يؤخذ على إطالقه ففي حالة ما إذا كان هناك شرط يقضي بالزيادة في إلتزامات المقاولة المدينة ،فإن هذا الشرط يعد كأن لم يكن ،إستنادا إلى نص
المادة 119من م.ت ،التي تنص على ما يلي " :يوقف حكم فتح المسطرة سريان الفوائد القانونية واإلتفاقية وكذا كل فوائد التأخير وكل زيادة".
2إن الصيغة العامة التي وردت بها هذه الفقرة يفهم منها أن األجراء يعتبرون من ضمن المتعاقدين الذين يظلون مطالبين بالوفاء بإلتزاماتهم (أداء الشغل) ما دامت
المق اولة مستمرة في نشاطها ،على الرغم من توقفها عن أداء ما بذمتها لهم من أجور مستحقة ،وهذا أمر بديهي ما دام الغرض من هذه المسطرة هو الوقوف على
مكامن الخلل بالمقاولة المتعثرة ،وذلك لن يتأتى إال بإستمرارها في مزاولة نشاطها.
3التي تنص على أنه " :عندما ال يختار ا لسنديك متابعة تنفيذ العقد ،يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن األضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم.غير أنه
يمكن للطرف اآلخر تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن األضرار"
4مع العلم أن مخطط اإلستمرارية في التشريع المغربي قد يدوم لعشر سنوات.
5يتوجب التنبيه هنا إلى أن مخطط التفويت خاصة التفويت الكلي يترتب عنه حلول جميع الديون المؤجلة وذلك تبعا لما تقضي به المادة 171من م.ت ،إال أنه كما
أشرنا إلى ذلك فأمر الحصول على حكم نهائي لمستحقات األجير ،قد ال يتيسر إال بعد التفويت الكلي للمقاولة ،األمر الذي تثار معه إشكالية أداء ديون األجراء في هذه
الحالة ،لكل هذه اإلعتبارات نرى أنه من البديهي إستثناء عقود الشغل من خيار اإلنهاء المخول للسنديك وجعلها بيد القضاء ،مع إلزامه بالنظر في التعويضات
المستحقة لألجراء تبعا لهذا اإلنهاء بالموازاة مع تقريره وفي صلب حكم قضائي واحد.
6وهنا تطرح مسألة مدى كفاءة السنديك القانونية سواء أكان من بين موظفي كتابة الضبط أو أحد من الغير ،الذين ال يؤهلهم تكوينهم القانوني للوقوف على مختلف
ما تثيره بنود ومواد مدونة الشغل من إشكاالت ،على خالف ا لقضاء وخاصة المتخصص منه ،بحكم التكوين األكاديمي والتكوين العلمي بالمعهد العالي للقضاء
والتدريب العملي بالمحاكم المغربية ،ثم بحكم تجربته التي ال يستهان بها.
7أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .422
112
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
رغم إ عفاء األجراء من الترصيح بديونهم إىل السنديك ،فإن عىل هذا األخري أن يقوم بتحقيق تلك الديون مبساعدة
املراقبني ،وبحضور رئيس املقاولة أو بعد إستدعائه بصفة قانونية ،والكل تحت مراقبة القايض املنتدب ،وإذا كان هناك دين
موضوع نزاع ما ،فإن السنديك يخرب الدائن بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،تبني سبب النزاع ومبلغ الدين الذي تم
إقرتاح تقييده ،وتدعو الدائن إىل تقديم رشوحاته ،بحيث عىل هذا األخري أن يقدم الرد داخل أجل ثالثني يوما تحت طائلة
عدم قبول أية منازعة بعد ذلك.1
ولقيام السنديك بهذه املهمة املتمللة يف تحقيق الديون ،فإنه ملزم بأجل أقصاه ستة أشهر ،2ويف سبيل إضطالعه بهذه
الصالحيات اإلقتصادية واإلجتامعية عىل أحسن ما يرام ،عليه أن يكون ذا خربة عالية ،وكفاءة ،3ودراية باملسائل املالية
واإلقتصادية واإلجتامعية والقانونية ،4فبإمتالك السنديك لهذه امللكات يستطيع أن يؤدي مهامه بدون أي تجاوز إلختصاصاته،
فهي التي تساعده عىل التمكن من املساهمة يف إنقاذ املقاولة من التصفية القضائية ،وبالتايل إستمرار نشاطها والحفاظ عىل
عقود الشغل بها.
وإرتباطا مبوضوع إخضاع ديون األجراء ملسطرة التحقيق ،فإنا نرى أن إخضاعها للتحقيق أمام اإلعفاء من الترصيح الذي
متتاز به عن باقي ديون الدائنني الناشئة لهم قبل فتح املسطرة ،أمر يعد من -العبث القانوين -إن صح التعبري ،وغري ذي جدوى
1ومن التطبيقات القضائية في هذا المجال نذكر ،القرار الصادر عن محكمة اإلستئناف بمراكش والتي إعتبرت من خالله أن " الدائن الذي وقع نزاع في دينه كال أو
بعضا ،والذي لم يرد على السنديك داخل األجل القانوني ال يمكنه أن يطعن في أمر القاضي المنتدب المؤيد إلقتراح السنديك عمال بمقتضيات المادة 191من مدونة
التجارة ،مما يتعين معه التصريح بعدم قبول اإلستئناف"
وهو نفس التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض المغربية عندما إعتبرت بأن " :الدائن الذي وقع نزاع في دينه كال أو بعضا ،لم يرد على السنديك داخل األجل
القانوني ال يمكنه أن يطعن في قرار القاضي المنتدب المؤيد إلقتراح السنديك ،والمحكمة التي تبين لها أن الطالب لم يرد على إشعار السنديك الذي أورد فيه أن
منازعة المدين في مبلغ الدين رغم منحه أجل ثالثين يوما إلبداء مالحظاته ،ورغم توصله باإلشعار بتاريخ ،1887/81/77ورتبت عن ذلك وعن صواب عدم قبول
الطعن الموجه ضد األمر الصادر عن القاضي المنتدب تكون قد طبقت بشكل صحيح مضمون المادة المذكورة"...
-القراران أشار إليهما إبراهيم البهالي ،م.س ،ص .01
2المادة 191من م.ت.
3إن اإلطار القانوني الذي يحدد ضوابط وكفاءة السنديك كموظف ينتمي إلى جهاز كتابة الضبط يعتبر متجاوزا ،فإذا رجعنا إلى المرسوم الملكي ل 1فبراير ،7911
والذي تم تعديله وتغييره بالمرسوم رقم 19779118صادر في 71من شوال 71( 7181سبتمبر )1877ج.ر عدد 1907الصادرة بتاريخ 11شوال 11( 7181
سبتمبر )1877المعتبر بمثابة النظام األساسي لموظ في كتابة الضبط ،نجده يجعل مسألة التكوين القانوني حصرا على إطار منتدب قضائي ،من دون سلك المحررين
القضائيين أو كتاب الضبط ،كما أنه من الناحية الواقعية قد تم تسجيل تواضع التكوين القانوني والتدبيري لكتاب الضبط ،خاصة أمام شروط ولوج درجة كاتب ضبط،
إذ تشترط المادة 10من المرسوم حصول المترشح على شهادة نهاية التعليم الثانوي التأهيلي ،أو شهادة التأهيل المهني ،أو إحدى الشهادات أو الدبلومات المحددة
بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العمومية ،وهذه المعطيات ال يمكن تجاهلها خصوصا عندما نقف على عدد المؤسسات التي نظمها المشرع
الفرنسي للسهر على سير وتنفيذ المساطر الجماعية ،وهكذا نجد مؤسسة المتصرف القضائي l’administrateurالمؤهل لإلشراف على تنفيذ اإلجراءات خالل
فترة المالحظة ،وإعداد الموازنة المالية اإلقتصادية واإلجتماعية ثم إقتراح مشروع أولي لمخطط اإلستمرارية ،أما المؤسسة الثانية فتتعلق بالوكيل القضائي
mandataire judiciaireممثل الدائنين ، le représentant des créanciersمهمته تمثيل الدائنين والدفاع عن مصالحهم ،ويمكن تعيينه كمصفي للمقاولة
عند قفل إجراءات التسوية القضائية ،إلى جانب مؤسسة ممثل األجراء ،le représentant des salariésالذي يقوم بمتابعة وضعية ديون األجراء وتهيئ جميع
الوثائق والملفات التي تسهل عمل ممثل الدائنين ،وكذا تمثيل األجراء أمام القضاء عند المنازعة في حقوقهم ،إلى جانب ذلك توجد مؤسسة المتصرف القضائي الذي
يتم تعيينه عند إتخاذ قرار إستمرارية المقاولة أو تفويتها.
في مقابل ذلك ،فإن المشرع المغربي جعل من السنديك محورا أساسيا لكل هذه المهام في المساطر الجماعية ،وهو الشيء الذي نرى صعوبة تحقيقه عمليا ،أو على
األقل صعوبة تحقيقه على الوجه األمثل.
4أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .711
113
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
قانونية ،1من منطلق أنه يتعني إحاطة السنديك علام ومنذ الخطوة األوىل مبدى حجم ديون األجراء ،ألن هذه األخرية من
شأنها أن تش كل تهديدا ملرشوع التسوية القضائية الذي تم إختياره ،مبعزل عن هذه الديون ودون سابق علم مبقدارها ،إذ أنه مل
يأخذ بعني اإلعتبار مبلغ ديون األجراء أثناء إعداده للحل الكفيل بتسوية وضعية املقاولة ،فمسطرة الترصيح بالديون تنعكس
إيجابا عىل املقاولة متى طبقت بحرفيتها وإحرتمت آجالها ،ألن من شأن تعيني الدين وحرصه تبني الحل املالئم والذي يناسب
حجم الخصوم ،وباملقابل ال ميكن للسنديك أن يقدم مخططا للتسوية إذا مل يتمكن من الحصول عىل ترصيح نهايئ بالديون،
وإال فإنه سيكون مضطرا لتغيري مخطط التسوية بإستمرار.2
ونشري إىل أن مسألة قبول الدين أو عدم قبوله ،هي مسألة تدخل ضمن سلطة السنديك التقديرية تحت رقابة القايض
املنتدب ،ومن هنا تربز مؤسسة السنديك كفاعل رئييس يف نظام صعوبات املقاولة ،وتبقى حنكته من أهم املؤرشات التي ميكن
اإلعتامد عليها لتقرير ما إذا كان باستطاعة املقاولة املعنية مبسطرة املعالجة الخروج من الضائقة واألزمة.
وعليه فإننا نرى رضورة دعم وتكريس هذه املؤسسة من خالل رد اإلعتبار إليها ،وذلك بخلق جهاز مستقل تتوفر فيه
اإلمكانيات واملؤهالت ،واألمر هنا ال يقترص عىل املجال القانوين فحسب –رغم أهميته -بل يجب أن يطال مجاالت أخرى لها
عالقة بالخربة املحاسبية وطرق التسيري كذلك ،لذلك نذهب إىل نزع اإلختصاص عن كتاب الضبط 3ما دام هؤالء وكام سبق
توضيحه ،يفتقدون لهذه املهارات سيام وأن التطبيقات العملية أبانت عىل أن كاتب الضبط يبقى مضطلعا مبهامه اإلدارية يف
املحكمة ،إىل جانب مهامه كسنديك مل قاولة أو عدة مقاوالت ،وبالتايل يجعل من كاتب الضبط عوض أن يكون أداة فاعلة،
سواء يف املجال القضايئ أو اإلقتصادي يصري آلية لألخطاء وسوء التقدير ما دام تركيزه سيكون مشتتا ،وهذا يتناىف والهدف
من إقرار نظام صعوبات املقاولة.4
1اللهم إال ما تم توضيحه سابقا بخصوص ما لإلعفاء من التصريح بديون األجراء ،من مزايا إيجابية تعود بالنفع عليهم ،هذه المزايا التي يتضح لنا أنها رغم ما تحققه
من حماية وضمان لحقوق هذه الفئة ،إال أن هذه الحماية وهذا الضم ان يتالشيان شيئا فشيئا أمام ما لهذا اإلعفاء من آثار خطيرة على حقوق األجراء بالدرجة األولى
وعلى السير العادي للمسطرة وبصفة عامة على الخروج بالمقاولة إلى بر األمان بالدرجة الثانية.
2عبد الرحيم السليماني ،التصريح بالديون وتحقيقها في إطار صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .77
3إن كاتب الضبط وبحكم المهام المسندة إليه في الحاالت العادية ،يكون غير متفرغ للقيام بمهمة السنديك ،تلك المهمة التي تنعث بالخطيرة ،فإعداد تقرير الموازنة
المالية واإلقتصادية واإلجتماعية وما يصحبه من تعقيدات وصعوبات ،كاف لوحده للقول بإبعاد كاتب الضبط عن هذه المهمة ،وتزداد مهمة كاتب الضبط خطورة،
متى علمنا يقينا أنه قد يكون في نفس الوقت سنديكا ألكثر من مقاولة ومن الحجم الكبير ،ومن جهة ثالثة فإن السنديك متى كان من كتاب الضبط ،فإنه ال يتوصل بأية
أتعاب خالفا لو كان معينا من الغير ،األمر الذي يجعل من كاتب الضبط غير متحمس للقيام بهذه المهمة أمام غياب آلية للتحفيز.
للمزيد من اإليضاح حول هذه النقطة أنظر :
-ليلى بنجلون ،م.س ،ص 19-10
4وخير مثال يمكن أن نستشهد به في هذا اإلطار ،هو القرار الصادر عن محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء الذي قضى برفع السقوط عن الطاعن (البنك
المغربي للتجارة الخارجية) واإلذن لسنديك التصفية القضائية بتلقي التصريح بالدين ،ومن خالل إستقراء هذا القرار يمكن القول أن خطأ السنديك قد تسبب في عدم
تصريح الطاعن بدينه في األجل القانوني ،وذلك بإرساله إلشعار غامض ال يتضمن اإلسم الكامل والحقيقي للمقاولة الخاضعة للمسطرة الجماعية إلى الطاعن،
وإقتصر على ذكر إسم مختصر لها باللغة العربية في ترجمة معيبة ،ومما جاء في حيثيات القرار" :حيث تمسك الطاعن في إستئنافه بكونه لم يقم بالتصريح بدينه
داخل األجل القانوني وذلك لسبب خارج عن إرادته ،على إعتبار أنه توصل بإشعار غامض من السنديك ال يتضمن اإلسم الحقيقي والكامل للمقاولة كما أن هذا اإلسم
محرر باللغة العربية فقط ،في حين أن نظام اإلعالميات بالبنك يشتغل باللغة الفرنسية....
وحيث بالفعل فإن الثابت من وثائق الملف والسيما نسخة السجل التجاري ...أن اإلسم الحقيق ي والكامل للمقاولة التي تم فتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهتها
هو " "Office Industrielle Automobile Maurice Bouchardon et Cieفي حين أن اإلسم المشار إليه ...وبإشعار السنديك هو "مكتب الصناعة والسيارة
فقط" دون إضافة موريس بوشاردون وشركاؤه.
وحيث أنه إذا كان إسم المقاولة التي فتحت في مواجهتها إحدى مساطر معالجة صعوبات المقاولة قد تمت اإلشارة إليه بصفة ناقصة أو مغيرة أو أن ترجمته إلى
اللغة العربية جاءت بصفة معيبة"...
-قرار رقم ،1888/181صادر بتاريخ ،1888/81/81في الملف رقمه بالمحكمة التجارية ،788رقمه بمحكمة اإلستئناف التجارية ،77/1881/1918أنظر
الملحق رقم .7
114
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وإىل جانب السنديك كجهاز مهم يف مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ومحرك لها ،حظي القايض املنتدب بأدوار إقتصادية
وإجتامعية يف املسطرة املذكورة ،أضيفت إىل أدوارهام القانونية ،وهذا ما سيكون موضوع املطلب اآليت.
القايض املنتدب
عمدت مدونة التجارة إىل تقوية دور القايض املنتدب ،ال ذي يعني من قبل املحكمة من ضمن هيئة القضاة ،ووظفت مهامه
توظيفا إقتصاديا وقانونيا جديدا يخدم مصالح أطراف املسطرة كلها ،لذلك يعترب إىل جانب السنديك أحد أهم األجهزة املتدخلة
يف نظام صعوبات املقاولة ،يتجىل ذلك من خالل الصالحيات املعهود بها إليه ،والتي تجعل منه حلقة أو همزة وصل بني
مختلف املتدخلني يف املسطرة ،وهو األمر الذي حدى ببعض الفقه الفرنيس 1إىل تلقيبه برئيس أوركسرتا املسطرة de la
، chef d’orchestre procédureكام إعتربه مبلابة قايض التحقيق للمسطرة ،وأصبح يعترب مبلابة قضاء درجة أوىل بالنسبة
لجميع املنازعات امل رتبطة بإستبدال الضامنات أثناء فرتة املالحظة وبخصوص فحص الديون.
فالقايض املنتدب ميارس دورا مهام يف نظام صعوبات املقاولة ،وذلك من خالل الوظائف املسندة له ،والتي تجعل منه مبلابة
النافذة التي تطل منها املحكمة -املنشغلة بالبت يف دعاوى مرتبطة مبقاوالت أخرى متعرثة ،-عىل املسطرة املفتوحة ضد املقاولة
ُعني من أجل تسيريها ،ولذلك يتكفل القايض املنتدب مبامرسة مهامها –حيث يتوىل نيابة عنها سلطة اإلرشاف واإلدارة ،-عن
امل َّ
طريق سلطته يف إتخاذ القرارات الكفيلة بتصحيح وضعية املقاولة املختلة ،أو الخروج بحل التصفية .2كام تجعل منه الحلقة
الرابطة بني املحكمة من جهة ،وبني باقي األطراف األخرى الفاعلة يف املسطرة كالسنديك واملراقبني...من جهة أخرى ،وذلك
بصفته مملل املحكمة 3يف كل ما يتعلق بالدعوى.
من هنا برزت أهمية هذا الجهاز مام دفع بالترشيعات ،ومن بينها القانون املغريب إىل إحاطته بالعناية الالزمة سواء عىل
مستوى كيفية تعيينه (الفقرة األوىل) أو من خالل الصالحيات املعهود له مبامرستها (الفقرة اللانية).
115
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ملا كان القايض املنتدب يضطلع بأدوار قانونية وإقتصادية وإجتامعية يف مسطرة املعالجة ،ومبلابة املساعد للمحكمة التي تلجأ
إليه كلام شابها عارض ،واملراقب لكل أجهزة املسطرة ،فقد حرصت مختلف الترشيعات عىل تنظيم كيفية تعيينه ورشوط ذلك.
لهذا نجد أن القواعد التي تعتمدها الترشيعات يف تعيني القايض املنتدب ،متقاربة فيام بينها ،فإذا كان البعض منها 1قد أحكم
تنظيم القواعد الخاصة بهذا الجهاز ،فإن البعض اآلخر 2إكتفى بتسطري القواعد األساسية فقط دون الدخول يف باقي التفاصيل،
عىل أن تعيني القايض املنتدب (أوال) كجهة يف مسطرة املعالجة ،يجب أن تتوفر فيه رشوط (ثانيا) تختلف بإختالف
الترشيعات املقارنة
ليس من السهل عىل املحكمة القاضية بفتح مسطرة املعالجة باإلرشاف بنفسها عىل إدارة وتسيري املقاولة ،والتنسيق بني
4
مختلف األجهزة املش ِكلة لها ، 3لهذا يتم إسناد هذه املهمة إىل عضو فرد من القضاء الجالس ،يتعلق األمر بالقايض املنتدب
الذي تعينه املحكمة التجارية 5من بني أعضائها 6ويف هذا اإلطار ذهب الفقه 7إىل أنه ال ميكن اإلدعاء بجواز إختيار القايض
املنتدب ،من قاض آخر خارج أعضاء املحكمة لعمومية نص املادة 515و 132من م.ت ،ملا يف ذلك من بعرثة للجهود وملا يف ذلك
116
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
من أخطار عىل اإلجراءات وعىل التعاون بني أعضاء املحكمة للسري باملسطرة إىل نهايتها .لكن ثار التساؤل حول الحكم يف
حالة إذا ما أغفلت املحكمة تعيني هذا القايض يف حكم فتح املسطرة؟
موقف أول :يتشبث بحرفية النص ،ويذهب إىل أن الحكم الذي يغفل تعيني القايض املنتدب مبجرد فتح املسطرة ،يكون
معرضا للبطالن؛
موقف ثاين :يحاول أن يسبغ عىل النصوص نوعا من املرونة إنقاذا للمسطرة ،حيث يرى أن املحكمة ميكن لها أن تتدارك
ونرى وجاهة هذا املوقف األخري ،عىل إعتبار أن الطابع الذي تتسم به مساطر املعالجة املفروض فيها نوع من الرسعة حامية
ملصالح األطراف ،يتعارض مع القول ببطالن الحكم القضايئ الصادر بفتح مسطرة املعالجة الذي أغفل تعيني القايض املنتدب،
وتبعا لذلك يقتيض السامح للمحكمة بتدارك هذا اإلغفال من خالل حكم مستقل تعني من خالله القايض املنتدب ،ألن من
شأن هذا األمر أن يساهم يف إطالة املسطرة ،وهذه اإلطالة من دون شك لها آثار سلبية عىل مصالح املقاولة وعىل حقوق
املرتبطني بها ومعها ،وعىل وجه الخصوص حقوق األجراء.
تجدر اإلشارة إىل كون أن تعيني القايض املنتدب تتحكم فيه عدة إعتبارات منها :حجم املقاولة ،ومقدار أصولها وأهمية
دائنيها وعدد أجراءها ،لهذا يقع تخصيص هذه املهام أو األدوار باملتمرسني من القضاة 2حتى يسهروا عىل السري الرسيع
للمسطرة ،وعىل حامية املصالح املتواجدة باملقاولة .لهذا مكن املرشع املغريب هذا القايض من هامش كبري من التدخل،
فباإلض افة إىل صالحياته القضائية يبارش مهام الوصاية واإلدارة العامة للمسطرة ،األمر الذي يجعل منه جهازا قضائيا بإختصاص
خاص ،3وهذا ما يربر اإلهتامم امللحوظ الذي حظي به فيام يخص تعيينه.
ويف هذا اإلطار وباإلطالع عىل القانون املقارن ،عىل الخصوص الفرنيس منه نجد أنه يتم تعيني القايض املنتدب يف الحكم
القايض بفتح املسطرة يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،4رشيطة توفره عىل أقدمية سنتني عىل األقل من املامرسة
القضائية ،5ولعل ذلك راجع باألساس إىل طريقة إختيار القضاة وفق الترشيع الفرنيس ،حيث يعينون عن طريق اإلنتخاب من
بني التجار ومحرتيف األنشطة التجارية عامة.1
117
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وتبقى من خصوصيات القانون الفرنيس يف هذا الشأن إمكانية تعيني املحكمة مصدرة الحكم القايض بفتح مسطرة املعالجة،
لنائب عن القايض املنتدب يكلف بالقيام باإلجراءات الالزمة لسري املسطرة ،نيابة عن هذا األخري يف الحاالت التي قد تضطره
الظروف إىل عدم القيام بها.
وبالرجوع لقانوننا املغريب ،نجد أن مهمة القايض املنتدب تسند لقاض من قضاة املحكمة التجارية التي أصدرت الحكم ،سواء
تم إسناد هذه املهمة لقاض ال ينتمي للهيئة التي أصدرت هذا الحكم ضامنا للحياد أو تم هذا التعيني من بني التشكيلة التي
أصدرته.
نظرا ملا يضطلع به القايض املنتدب من أدوار مهمة يف مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ،فقد إشرتطت فيه الترشيعات املقارنة
أن يكون متوفرا عىل الكفاءة والتكوين القانوين املتميز ،زيادة عىل األهلية ألداء مهامه عىل أحسن ما يرام ،أضف إىل ذلك
الرشوط املتعلقة بإستقالله وحياده ،فإىل أي حد أخذ مرشعنا املغريب بهذه الرشوط؟.
تنص الفقرة اللانية من املادة 132من م.ت ،عىل ما ييل ..." :مينع إسناد مهمة القايض املنتدب إىل أقارب رئيس املقاولة أو
مسرييها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية" ،2وهذا املنع املنصوص عليه يف املادة أعاله ،يوجب عىل املحكمة تلقائيا قبل مبارشة
تعيني القايض املنتدب ،أن تتحقق من إنتفاء حاالت التنايف ،كام أن القايض املنتدب يتوجب عليه إذا إكتشف أنه يف حالة من
هذه الحاالت ،أن يتنحى تلقائيا وأن يطلب من املحكمة إستبداله بقاض آخر ،وكذلك األمر يف حالة مخاصمته ،3ويف هذا
ضامن للمصداقية وتخليق للمسطرة ،La moralisation de procédure4وبذلك يكون املرشع قد عمل عىل إنتقاء سبب
من أسباب التجريح ،5فالتجريح 6واملخاصمة 1هام الوسيلتان البديلتان املتاحتان لألطراف لتنحية القايض املنتدب ــ يف حالة
قيام رشوطهامــ ،مبا أن القاعدة تقيض بحصانة تعيينه من الطعن.
L’article L412-11 du code de l’organisation judiciaire ( loi N° 87-550 du 16 juillet 1987 ), prononce que : "Le président du
tribunal de commerce est choisi parmi les juges du tribunal qui ont exercé des fonctions dans un tribunal de commerce
"pendant six ans au moins, sous réserve des dispositions de l'article L. 412-13
وذلك قبل أن يطاله التعديل سنة 1881ليتم تقليص الفترة المشترطة إلى سنتين وذلك بمقتضى األمر :
""ordonnance N° 2006-673 du 8 juin 2006-art 1(v) JORF 9 juin 2006
118
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إال أن املرشع املغريب مل يشرتط يف القايض املنتدب تلك الرشوط املتعلقة باألهلية ،2بخالف املرشع الفرنيس حيث حددها يف
رضورة توفره عىل أقدمية سنتني ،وإن كان خصها بنظام اإلجراءات العامة املبسطة ،ألن القايض املنتدب يف اإلجراءات األوىل
يكون موجها للمقاوالت الكربى ،ويرجع السبب يف عدم إشرتاط التوفر عىل األهلية يف الترشيع املغريب ،وإشرتاطها يف
الترشيع الفرنيس ،إىل كون املحاكم التجارية الفرنسية تتشكل من قضاة حرفيني منتخبني من بني التجار ،بخالف األمر يف
الترشيع املغريب حيث املحاكم التجارية تتألف من القضاة املحرتفني واملتخصصني يف املادة التجارية واملفرتض فيهم الخربة
والكفاءة واألهلية فيام يخص النزاعات املتعلقة بصعوبات املقاولة.
وإذا كان املرشع املغريب مل يضع رشوطا ألهلية القيام مبهمة القايض املنتدب ،فإن املحاكم التجارية دأبت عىل إختيار من له
الخربة والكفاءة اإلقتصادية ،واألكرث إستعدادا للقيام باملهمة املنوطة بالقايض املنتدب ،وهي العمل عىل حسن سري إجراءات
املسطرة ،3لكن ما الحكم إذا ظهر أن القايض املنتدب املعني ال تتوفر فيه رشوط الخربة والكفاءة ،وأبان عن عدم إملامه وحنكته
لحامية املصالح القامئة ،أال يجوز والحالة هذه لكل ذي مصلحة أن يطلب من املحكمة التجارية إستبداله ؟
إن القانون التجاري امللغى لسنة ،6963كان يجيب عىل هذا السؤال باإليجاب ،من خالل الفصل 766الذي كان يقيض
بكون أن املحكمة تعني يف حكمها بشهر اإلفالس أحد أعضائها قاضيا منتدبا ،وميكنها يف جميع األوقات أن تستبدله بعضو
آخر من أعضائها ،إال أن هذا اإلستبدال ال يخضع ألي وجه من أوجه الطعن ال بالتعرض وال باإلستئناف أو النقض (الفقرة
األوىل من الفصل 336من قانون 6963امللغى) أما م.ت لسنة 6991فسكتت عن هذا األمر ،وهو ما جعل الفقه 4يخلص إىل
ثالثة خيارات يف معرض جوابه عن هذا السؤال :
الخيار األول :هو منع إستبدال القايض املنتدب ،تقوية إلستقالله ودعام لوظائفه بحجة أن الترشيع املغريب نسخ املادة 766
السابقة التي نصت عىل إستبداله ،وال يبقى أمام املتخاصمني وذوي املصلحة سوى مسطريت التجريح واملخاصمة ،بإعتباره
الخيار اللاين :السامح للمحكمة بإستبدال القايض املنتدب عند الرضورة وألسباب مرشوعة ،فالسكوت ال يعني منع
الخيار اللالث :يقوم عىل حل وس ط يروم صيانة وظيفة القايض املنتدب وإستقالله من جهة ،ومواجهة الطوارئ من جهة
أخرى ،ومينح هذا اإلختيار الحق للمحكمة أن تستبدل وحدها ،ومن تلقاء نفسها القايض املنتدب يف حاالت إستلنائية ،دون
1المخاصمة هي مسطرة تؤدي حال ثبوتها إلى تخلي القاضي عن النظر في الملف المعروض أمامه والذي كان سببا في مخاصمته ،وتمارس في حالة إرتكاب غش
أو تدليس أو غدر من طرف القاضي أثناء تهيئ القضية أو الحكم فيها ،وفي حالة إنكار العدالة (الفصل 897من ق.م.م ،).وقد نظم المشرع المغربي هذه المسطرة
بالفرع الثالث من الباب الثالث من القسم السادس من ق.م.م ،في المواد من 897إلى .187
2وهذا كذلك هو حال التشريع الفرنسي القديم ،حيث كان إختيار القاضي المنتدب ال يخضع ألية شروط تتعلق باألهلية.
3امحمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،م.س ،ص .179
4أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،م.س ،ص .718-719
119
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ومن جانبنا نقرتح ونرى وجاهة الخيار اللالث ،لكن ليس مبعزل عن باقي الخيارات ،فقيام القايض املنتدب مبهمته عىل
أحسن وجه ،يقتيض تحصينه من أي طلب يرمي إىل إستبداله (ما مل يتعلق األمر بالتجريح واملخاصمة التي سبق بيانهام)،
لكن مع منح املحكمة املكنة إلستبداله ملواجهة الحاالت الطارئة ،ولعل املرشع املغريب قد إهتدى من خالل مرشوع تعديل
الكتاب الخامس ،لحل لهذا اإلشكال ومعه إشكاالت عديدة بإقرتاحه إلزامية تعيني نائب عن القايض املنتدب يف حكم فتح
املسطرة.1
منحت م.ت ،للقايض املنتدب باإلضافة إىل وظائفه الكالسيكية التقليدية (القانونية) التي يضطلع بها يف املسطرة،2
إختصاصات إقتصادية وإجتامعية جديدة ،3إقتضتها رضورة السهر عىل السري الرسيع للمسطرة ،4إىل حد القول أنه أصبح يقوم
بأدوار إىل حني قريب كانت موكولة لجهاز القضاء.5
وعىل العموم فإن مهام القايض املنتدب مختلفة ومتعددة ويصعب حرصها ،ومن ضمن هذه الوظائف :وظيفة تعيني واحد إىل
ثالثة مراقبني من بني الدائنني ،الذين يتقدمون إليه بطلب من أجل ترشيح أنفسهم ملهمة مراقب ،سواء كانوا أشخاصا طبيعيني
أو معنويني ،وذلك بخالف ق.ت.ف الذي رفع من عدد املراقبني ،إذ ينص مبوجب املادة L621-13منه ،6عىل رضورة تعيني واحد
إىل خمسة مراقبني من ضمن الدائنني الذين يتقدمون بطلب بهذا الخصوص.
واملالحظ يف هذا الصدد أن املرشع املغريب ،شأنه شأن نظريه الفرنيس ،مل يضع أية ضوابط معينة يخضع لها القايض املنتدب
يف إختياره للمراقبني من ضمن الدائنني الذين يتقدمون إليه بطلب لهذا الغرض ،ما عدا مراعاة مقتضيات الفقرتني اللانية
واللاللة من املادة 145من م.ت ،7ومن هنا يطرح التساؤل حول أحقية األجري يف التقدم بطلب من هذا القبيل.
7تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 111من م.ت ،على ما يلي " :عندما يعين القاضي المنتدب عدة مراقبين ،يسهر على أن يكون واحد منهم على األقل من
بين الدائنين الحاملين لضمانات و أن يكون آخر من بين الدائنين العاديين.
ال يمكن تعيين أي من أقارب رئيس المقاولة أو أصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة بإدخال الغاية كمراقب أو كممثل عن شخص معنوي تم إختياره كمراقب".
120
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
نعتقد أمام عمومية املادة 145من م.ت ،أنه يحق لألجري الدائن أن يتقدم بطلب لتعيينه كمراقب ،رشيطة أن يتم قبول
ترشيحه هذا من طرف القايض املنتدب ،الذي يبقى األمل معقودا عليه يف قبول طلب األجري يف هذا اإلطار ،ويبقى من شأن
تعيني أحد األجراء كمراقب ،أن يساهم يف التقليل من حدة التهميش الذي يطال هذه الفئة يف كل مراحل املسطرة ،وما يدعم
هذا الطرح ،املوقف الذي تبنته املحكمة التجارية بباريس يف حكم لها ،1يف كون أنه ميكن لألجري أن يطلب تعيينه كمراقب،
وذلك بالرغم من تواجد مملل األجراء املعني خصيصا ملتابعة املسطرة الجامعية.
وللوقوف أكرث عىل مهام ووظائف القايض املنتدب ،سوف نبني مختلف الصالحيات التي يتمتع بها يف تسيريه للمسطرة
(أوال) ،قبل أن نعرج عىل تلك املخولة له يف الفصل ألسباب إقتصادية (ثانيا).
بخالف املرشع التونيس 2الذي خول للقايض املنتدب حق إقرتاح مخطط التسوية ،فإن املرشع املغريب قرص هذا اإلقرتاح عىل
السنديك وحده ،ليبقى املظهر الوحيد الذي يربر مشاركة القايض املنتدب يف إعداد الحل ،هو املتملل يف صالحية اإلستعالم
لدى األغيار ولدى السنديك ،وال ميكن اإلحتجاج ببعض املواد املتفرقة يف م.ت ،التي أشارت إىل الجهازين معا للقول
بإختصاص القايض املنتدب يف إقرتاح مخطط التسوية ،ذلك أن ما ورد يف الفقرة األخرية من املادة 556من م.ت ،3ال ميكن
إعتباره أحد مظاهر إرشاك القايض املنتدب يف عملية إعداد هذا املخطط ،وذلك من وجهني ،األول يتجىل يف كون مضمون
املادة أعاله مل يتضمن أي بند مبقتضاه يقيد السنديك بأجل إلطالع القايض املنتدب عىل تلك املعلومات املتحصل عليها ،كام
أنه مل يضع أية مقتضيات زجرية تحمل السنديك عىل اإللتزام بهذا املقتىض كوجه ثاين.
باإلضافة إىل ذلك فإن ما ورد يف الفقرة األخرية من املادة 529من م.ت ،4وأيضا الفقرة األوىل من املادة 555منها ،5ال يعدو
أن يكون إال مجرد إجراءات شكلية ،الغاية منها بالنسبة للامدة األوىل هي متكني القايض املنتدب من عرض امللف عىل أنظار
املحكمة ،والهدف منها بالنسبة للامدة اللانية هو مراقبة القايض املنتدب لحصول التبليغ من أجل حامية املصالح املتواجدة
باملقاولة.
1
Trip com. Paris 5 éme ch 7 juin 1996 J.C.P, edition 1996 panor 1081.
-أشارت إليه :نعيمة الغاشي ،م.س ،.ص .18
2طبقا للفصل 11من القانون رقم 81/7991الصادر بتاريخ ،7991/81/71أنظر في ذلك :
-عبد المجيد الفاهم ،م.س ،ص .11
3تنص المادة 107من م.ت ،على ما يلي " :يمكن للسنديك الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية اإلقتصادية والمالية
للمقاولة عن طريق مراقب الحسابات واإلدارات والهيآت العمومية أو عن طريق أي شخص آخر وذلك على الرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة.
يطلع السنديك القاضي المنتدب على ذلك".
4تنص الفقرة األخيرة من المادة 119من م.ت ،على ما يلي " :يجب أن تعرض هذه اإلقتراحات على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور
حكم فتح المسطرة .ويمكن أن يجدد مرة واحدة عند طلب السنديك".
5تنص الفقرة األولى من المادة 101من م.ت ،على ما يلي " :يبلغ السنديك للمراقبين المقترحات التي يتم التقدم بها من أجل تسديد الديون وذلك تبعا إلعدادها
وتحت مراقبة القاضي المنتدب".
121
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ولنئ كان تدخل القايض املنتدب يف إعداد مخطط التسوية القضائية ال يرقى إىل ما هو معمول به يف الترشيعات املقارنة،
فإن دوره يربز أكرث عند مراقبته لعروض التفويت.فأين يتجىل دور القايض املنتدب يف هذا املضامر؟
بالرجوع إىل م.ت ،نجدها تنص يف املادة 105منها عىل أنه" :تختار املحكمة العرض املتعلق باملجموعة املفوتة والذي يضمن
أطول مدة إلستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنني" ،1وإرتباطا بذلك فإن السنديك يف خضم تقدميه للتقرير اآلنف ذكره،
والذي يُض ِّمنه العروض املقدمة من األغيار ،يقرتح تبني أحدها ،وبعد ذلك يأيت دور القايض املنتدب والذي تبقى له السلطة
التقديرية الكاملة يف األخذ بهذه العروض من عدم األخذ بها ،حيث له صالحية تبني عرض آخر يرى فيه تحقيق فلسفة املرشع
من إقرار هذه التقنية.
وهكذا فإن القايض املنتدب يأخذ بالعرض الذي يضمن توفري أكرب عدد من مناصب الشغل ،وذلك متاشيا مع موقف املرشع
املغريب الذي يهدف من خالل التفويت إىل اإلبقاء عىل النشاط الذي من شأنه أن يستغل بشكل مستقل ،واملحافظة عىل كل
أو بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط ،2من هنا يتضح أن سلوك مسطرة التفويت تستدعي من القايض املنتدب اليقظة
البالغة حتى يضمن مرور العملية بالشفافية املطلوب ة ،لذلك فإن عمله يف هذا املجال يستدعي منه الرتوي والتأين أثناء دراسة
العروض املقدمة ،ليختار األصلح واألضمن والذي تتوفر فيه املعايري التي إستقر عليها املرشع ،والتي يبقى البعد اإلجتامعي أحد
أهم عنارصها.
وبالرجوع للفقرة الرابعة من املادة 104من م.ت ،نجدها متنح القايض املنتدب سلطة طلب رشوحات تكميلية ،من السنديك
حول مضمون العروض ،وهذا يفرتض إطالع القايض بصفة مسبقة وقبلية عىل هذه األخرية ،وعمله يف هذا الصدد يتملل يف
التأكد من جدية تلك العروض يف إطار مراقبة املالمئة ،contrôle d’opportunitéالتي تجعل منه يطلب تقديم إيضاحات
ورشوحات تكميلية حول العروض التي قدمت إليه ،والتي تخص تفويت املقاولة خصوصا تلك املتعلقة بتوقعات النشاط
والتمويل ،ومستوى التشغيل وآفاقه والضامنات املقدمة من أجل تنفيذ العرض ،3وكذلك مثن التفويت وكيفية سداده ومدته
ومستوى التشغيل وآفاق املحافظة عىل مناصب الشغل.
من هنا تربز الوظيفة اإلعالمية للقايض املنتدب يف املسطرة ،والتي يلعب فيها السنديك دورا محوريا ،فهذا األخري يشكل
مصدر معلومات مهم بالنسبة للقايض املنتدب يف مسطرة معالجة صعوبات املقاولة ،حيث ميكنه تلقائيا أخذ املبادرة إلخباره بكل
مستجد وكل معل ومة ،ووعيا من املرشع املغريب يف هذا اإلطار بإمكانية تراخي السنديك يف أداء مهمته اإلعالمية ،فقد فرض
عليه إلزامية اإلعالم يف حاالت محددة يف م.ت ،4والتي باإلطالع عليها يتضح لنا محدودية اإلعالم الوجويب للقايض املنتدب
1في ضوء هذه المادة يمكن القول أن التفويت يعتبر أحد الحلول المعتمدة إلنفاذ المقاولة المتعثرة ،والمشرع بإقراره لهذه التقنية إنما هدف إلى المحافظة على المقاولة
بالدرجة األولى ،وهو الموقف الذ ي تبنته محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء عندما أقرت بأن "المشرع في إطار المساطر الجماعية أخذ بعين اإلعتبار
مصلحة المقاولة باألساس وليس مصلحة المقاول ،بدليل تنظيمه لمسطرة تفويتها إلى الغير وإعتبار التفويت كحل من حلول التسوية".
-قرار 1888/1187صادر بتاريخ ،1888/71/11رقم الملف ،1/99/18أشار إليه إبراهيم البهالي ،م.س ،ص .11
2المادة 188من م.ت.
3أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء األول ،م.س ،ص .711
4يمكن إجمال حاالت إلزام السنديك بإعالم القاضي المنتدب خالل المسطرة فيما يلي :
122
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يف املسطرة ،وهذا يرجع لكون مرشعنا املغريب عكس الترشيعني الفرنيس 1والتونيس ،2قد أعطى مبقتىض املادة 529من م.ت،
للسنديك صالحيات كلرية ومهمة يف املسطرة يف مجال اإلستعالم ،يف حني أن الترشيعني املذكورين منحا هذه الصالحيات
للقايض املنتدب.
إذا كان هذا جل ما يتعلق بوظيفة اإلستعالم للقايض املنتدب يف املس طرة إعتامدا عىل السنديك ،فإن حقه يف اإلستعالم ال
يتوقف عند هذه النقطة ،بل هناك أجهزة أخرى تشكل مصدر معلومات للقايض املنتدب كالنيابة العامة (الفقرة األوىل من املادة
146من م.ت) ،3كتابة الضبط (املادة 75من م.ت) ،املدين (الفقرة اللاللة من املادة 141من م.ت ،4والفقرة اللانية من املادة 201
منها) ثم األجراء ،الذين وعىل الرغم مام ميكن أن يشكلوه من مصدر إعالم جد مهم للقايض املنتدب طيلة أطوار املسطرة ،إال
أنه ما يعاب عىل املرشع كونه أقصاهم من لعب هذا الدور.5
وتجدر اإلشارة يف هذا املقام إىل أنه يتوجب عىل القايض املنتدب ،أن يتحقق من صحة جميع املعلومات التي يتوصل بها،
درءا لكل تغليط أو سوء نية من األجهزة التي كانت مصدرا لها.
عىل أن تدخل القايض املنتدب يف تسيري واإلرشاف عىل حسن سري املسطرة ال يشكل عمله الوحيد ،وإمنا يربز تدخله وتتضح
صالحياته أكرث ،عند فصل األجراء ألسباب إقتصادية ،وهذا هو موضوع النقطة املوالية.
عرض السنديك على القاضي المنتدب إقتراحاته بشأن مخططي اإلستمرارية أو التفويت أو التصفية القضائية ،بناءا على التقرير الذي يعده والمتعلق
بالموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية (المادة 119من م.ت)؛
تبليغ السنديك للقاضي المنتدب عروض تفويت وحدات إنتاجية في نطاق التصفية القضائية (المادة 118من م.ت)؛
إطالع السنديك القاضي المنتدب على المالحظات التي وجهها إليه المراقبون على إثر إخبار الدائنين وإستشارتهم (المادة )118؛
إخبار السنديك القاضي المنتدب بسير المسطرة ،ويمكن لهما أن يطلبا في أي وقت اإلطالع على جميع العقود أو الوثائق المتعلقة بالمسطرة (المادة ،)117
هذا إضافة إلى ما تم ذكره بخصوص طلب القاضي المنتدب من السنديك ،أن يقدم له شروحات تكميلية حول العروض التي قدمت إليه ،والتي تخص تفويت
المقاولة (الفقرة الثالثة من المادة 181من م.ت).
1فبمقتضى المادة L623-2من ق.ت.ف ،يحق للقاضي المنتدب الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه صورة واضحة وصحيحة عن وضعية المدين أو
المقاولة اإلقتصادية والمالية واإلجتماعية ،تمهيدا للحل الذي يراه األنسب لوضعيتها ،وذلك من طرف ممثلي األجراء ،ومن مؤسسات اإلئتمان ،ومن اإلدارات
والمؤسسات العمومية ،ومؤسسات أو أنظمة الحماية اإلجتماعية ،وكذا من طرف الخبراء في المحاسبة....إلخ ،وذلك بالرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة.
تنص المادة L623-2من ق.ت.ف ،على ما يلي :
"Le juge-commissaire peut, nonobstant toute disposition législative ou réglementaire contraire, obtenir communication par
les commissaires aux comptes, les experts-comptables, les membres et représentants du personnel, par les administrations
et organismes publics, les organismes de prévoyance et de sécurité sociales, les établissements de crédit ainsi que les
services chargés de centraliser les risques bancaires et les incidents de paiement des renseignements de nature à lui donner
"une exacte information sur la situation économique, financière, sociale et patrimoniale du débiteur.
2ينص الفصل 11من القانون التونسي رقم ، 81/91المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية على ما يلي " :يتصل القاضي المراقب حالة تعيينه
بلجنة متابعة المؤسسات اإلقتصادية ،وبأية جهة أخرى ،لطلب معلومات عن المدين وإمكانيات إنقاذ المقاولة"
3والتي تقابلها الفقرة الثانية المادة L621-11من ق.ت.ف ،التي تقضي بكون :
"Le procureur de la République communique au juge-commissaire sur la demande de celui-ci ou d'office, nonobstant toute
"disposition législative contraire, tous les renseignements qu'il détient et qui peuvent être utiles à la procédure
4والتي تنص على ما يلي " :يحصل السنديك من رئيس المقاولة أو من كل أحد من الغير الحائز على الوثائق والدفاتر المحاسبية التي لديه قصد دراستها،".
ورغم أن تسليم هاته المستندات في األصل يكون إلى السنديك ،إال أنه يمكن تمريرها إلى القاضي المنتدب.
5وذلك بخالف المشرع الفرنسي الذي إعتبر ممثلي األجراء مصدر إعالم بالنسبة للقاضي المنتدب ،وتأتي صعوبة اإلستعالم من طرف األجراء (في القانون
المغربي) ،إلى غياب أو باألحرى إنعدام األجهزة التمثيلية لهم داخل المقاولة ،ذلك أن لجنة المقاولة لم تحدث إال مع م.ت ،أضف إلى ذلك غياب التمثيلية النقابية
لألجراء من الناحية الواقعية (رغم أنه من الناحية القانونية فالمادة 9من م.ش ،تخول لألجراء حق التمتع بالحق النقابي) لهذا فكل هذه المؤثرات وغيرها تساهم في
إقصاء ممثلي األجراء من أن يكونوا كمصدر إعالم بالنسبة للقاضي المنتدب.
-مينة رضوان ،م.س ،ص .709-700
123
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إن املرشع املغريب من خالل املادة 523من م.ت ،خول للسنديك سلطة مطلقة يف مواصلة تنفيذ العقود الجارية ،1أو التخيل
عن ذلك ،ويف هذا اإلطار نرى أن ت غييب القايض املنتدب ،ولو حتى عىل سبيل اإلستشارة ،مسألة يجب عىل املرشع املغريب
إعادة النظر فيها ،سيام وأن األمر يرتبط بعقد له طابع خاص (عقد الشغل) ،ونظرا لهذا الطابع املتسم به عقد الشغل ،فقد خول
املرشع الفرنيس صالحية الرتخيص باإلستغناء عن بعض عقود الشغل كلام دعت إىل ذلك رضورة إستمرار نشاط املقاولة ،إىل
القايض املنتدب كام مر معنا ،األمر الذي مل يرس عىل منواله املرشع املغريب.
L621-28من نعم إن املرشع الفرنيس خول للمترصف القضايئ ،صالحية البت يف تنفيذ العقود الجارية من خالل املادة
قانونه التجاري ،إال أنه مع ذلك خول للقايض املنتدب يف حالة املنازعة من طرف املترضر من الخيار الذي سلكه املترصف
القضايئ ،خول له كامل الصالحية للبت يف هذا النزاع ،وذلك إلختصاصه العام يف املسطرة ،وهو األمر الذي كرسته محكمة
النقض الفرنسية.2
وهكذا جعل املرشع الفرنيس أمر البت يف إنهاء عقود الشغل خالل فرتة املالحظة ألسباب إقتصادية من صميم إختصاص
القايض املنتدب ،3ونظم مسطرته باملادة L621-37من ق.ت.ف ،حيث يقوم املترصف القضايئ بإعالم وإستشارة لجنة املقاولة أو
ممليل األجراء عند عدم وجودها ،وكذلك السلطة اإلدارية املختصة يف مجال قانون الشغل ،وبعد إستيفاء هذه املراحل ،يوجه
الطلب إىل القايض املنتدب مرفقا باآلراء التي حصل عليها من خالل إستشاراته ،ومتضمنا ما يربر طلبه ،مبا يف ذلك تعويض
األجراء أو إعادة إدماجهم ،عندها ميكن للقايض املنتدب الرتخيص بالفصل إستنادا إىل املعايري املعتمد عليها يف فصل األجراء –
والتي سبق أن تعرضنا لها فيام سبق -وهي أن يكون الفصل إستعجاليا ،Urgentال مناص منه ،Inévitableورضوريا
.Indispensable
والقايض املنتدب وهو ينظر يف طلبات الفصل ألسباب إقتصادية ،يرتكز عىل مجموعة من البيانات منها :تحديد عدد األجراء
الذين سيشملهم الفصل ،والنشاط واألصناف املهنية املعنية ،ويبلغ ذلك إىل لجنة املقاولة أو ممليل األجراء عند عدم وجودها،
وبهذا فإن القايض املنتدب يتمتع بسلطات واسعة يف تقديره ملدى توافر أسباب الفصل من عدمه ،مام يزيك أكرث وظيفته
اإلقتصادية واإلجتامعية يف مسطرة املعالجة ،اليشء الذي يستدعي أن يكون متوفرا عىل تكوين قانوين متميز.4
وبالرجوع إىل الترشيع املغريب ،نجد أن هذا األخري ومن خالل املادة 523من م.ت ،خول للسنديك وحده الحق يف أن يطالب
مبواصلة العقود الجارية مبا فيها عقد الشغل ،حيث أنه مل يستنث هذا العقد برصيح العبارة ،عىل خالف املرشع الفرنيس الذي
1مع ضرورة التذكير في هذا المقام بموقفنا الداعي إلى ضرورة إستبعاد عقد الشغل من نطاق تنفيذ العقود الجارية المخول للسنديك ،وذلك لإلعتبارات التي سبق أن
تم تفصيلها.
2
Cass 25 janvier 1994, rev. Proc. Coll 1995 N° 5, obs. dureuil.
-أشار إليه إبراهيم البهالي ،م.س ،ص .11
3
Marie Hélène monserie, les contrats dans le redressement et la liquidation judiciaire des entreprises, librairie de la cour de
cassation, Litec,1 éme edition, 1881, p123 .
4
Arnaud martinon, op. cit, p 65.
124
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إستلنى عقد الشغل مبقتىض الفقرة األخرية من املادة L622-13من قانونه التجاري ،1من نطاق تطبيق مبدأ مواصلة العقود
الجارية التنفيذ يف تاريخ صدور الحكم القايض بفتح مسطرة التسوية القضائية.
من هنا يتضح القصور الترشيعي يف هذا املجال ،لذلك نساند اإلتجاه الذي ذهب إليه الفقه ،2عندما إعترب منح اإلختصاص
بالرتخيص باإلعفاء للسنديك ،فيه نوع من الخطورة ،ولذلك حبذا لو تم التنصيص عىل هذه الصالحية لفائدة القايض املنتدب،
الذي يبقى األقدر عىل تجسيد الدور التقريري الذي تلعبه السلطة املحلية يف مجال الرتخيص بإعفاء األجراء ألسباب إقتصادية
من عدمه ،وذلك بحكم إطالعه عىل مكامن ضعف املقاولة ومكامن قوتها من خالل التقرير الذي يعده السنديك.
بقي أن نشري إىل أنه إذا كان املرشع املغريب مل يحدد للقايض املنتدب أجال إلنهاء مهامه ،فإن املرشع الفرنيس جعل بته
يتعني أن يتم يف أج ل معقول ،ورخص للمحكمة أن تضع يدها تلقائيا عىل القضية بناءا عىل طلب أحد األطراف ،يف الحالة
التي ال يبت فيها القايض املنتدب ضمن األجل املعقول ،3هذا ويسأل القايض املنتدب يف إطار الترشيع املغريب مسؤولية مدنية
عن أخطاءه تجاه الشخص املترضر ،طبقا للفصل 56من ق.ل.ع.4
يهدف نظام صعوبات املقاولة إىل حامية املقاولة بالدرجة األوىل ،وجعلها تخضع لهيئة قضائية تدرس بحكمة وضعيتها وتحدد
مآلها ،5بدليل قيام املرشع التجاري املغريب ،بوضع مجموعة من العنارص التي يجب أن يتضمنها منطوق الحكم القايض بفتح
مسطرة التسوية القضائية ،6ورضورة إخضاعه بعد صدوره إىل إجراءات الشهر لفتح املجال أمام كل من ترضرت حقوقه للتقدم
125
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بتعرضه ،كام جعل الحكم خاضعا لجميع طرق الطعن القانونية ضامنا لجميع الحقوق املرتبطة باملقاولة موضوع التسوية
القضائية.
وال شك أن هذا الدور الجديد للقضاء فرضته الحاجة امللحة املتمللة يف رضورة مساهمة القضاء التجاري يف التنمية
اإلقتصادية واإلجتامعية ،1إذ أصبح يضطلع إىل جانب مهامه التقليدية بأخرى إقتصادية تسري يف إتجاه خدمة املصالح
اإلجتامعية ،فالصالحيات اإلقتصادية املخولة للمحكمة مبقتىض قانون معالجة صعوبات املقاولة ،ال تقف عند تنظيم املسطرة
وتسيريها وتحديد املتدخلني فيها ،وإمنا تتجاوز ذلك إىل تنظيم املقاولة وفرض تغيريات عىل بنيتها والتدخل يف شؤونها اإلدارية
واملالية والقانونية ،وهو األمر الذي ميكن مالحظته من خالل األدوار التي أخذ يقوم بها ،والتي تخوله تقرير الحل املالئم
لتسوية وضعية املقاولة املتعرثة إما بتبني مخطط اإلستمرارية أو مخطط التفويت أو النطق بتصفيتها قضائيا.
فاملحكمة إذن تتمتع بصالحيات واسعة للتقرير يف مصري املقاولة ،لتبني الحل الذي تراه األقرب واألنسب للخروج باملقاولة
مام يعرتيها من صعوبات ،قصد حامية حقوق جميع األطراف مبا فيها حقوق األجراء ،إال أنه بالرغم من ذلك تتداخل عدة
عوامل وتتحد عدة أسباب ،للحد من فعالية القضاء يف هذا املجال وتعود بنتائج سلبية عىل حقوق مصالح األجراء خاصة ،وباقي
املصالح املرتبطة باملقاولة عامة.
وعليه سيتم تقسيم هذا املبحث إىل فرعني ،األول منهام سيتم تخصيصه لتوضيح فعالية القضاء يف حامية حقوق األجراء،
يف حني سيتم الوقوف عىل أسباب وتداعيات محدودية الدور القضايئ يف إقرار الحامية املنشودة لألجراء من خالل نظام
صعوبات املقاولة وذلك يف الفرع اللاين.
تظهر أهمية وفعالية دور املحكمة يف تطبيق نظام صعوبات املقاولة ،كمؤسسة تعمل عىل حامية ومعالجة املقاولة من
الصعوبات التي تعرتضها ،وفقا للنهج الذي يضمن الحفاظ عىل املصلحة اإلقتصادية ،والحامية اإلجتامعية لألجراء ،2فاملحكمة
التجارية تتمتع بسلطة تقديرية واسعة ،لتقدير ما إذا كان من املمكن القيام بتسوية وضعية املقاولة عن طريق إعتامد مخطط
1
Mohammed drissi alami machichi, droit commercial fondamental au maroc, imprimerie de fédala rabat, 2006, p62.
2وفي هذا السياق عمل المشرع المغربي على تطعيم المحاكم التجارية بثلثة من القضاة النظاميين ،خالفا للمشرع الفرنسي الذي إعتمد في هذا اإلطار قضاة منتخبين
ينتمون لعالم المال واألعمال ،ومن تم فإن نجاح هذه التجربة يبقى رهين بمدى قدرة السلطة القضائية على اإلرتقاء بالنصوص القانونية نحو أسمى الغايات ،وبخلق
إجتهاد قضائي يطبع هذه التجربة.
- Mohammed Drissi Alami Machichi, op. cit, p 63.
126
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
التسوية املالئم ،أو إتخاذ قرار بالتخيل عن ذلك والنطق بالتصفية القضائية للمقاولة ،إذا كانت وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة
فيه.
وتبعا لذلك ،فإن القضاء التجاري مدعو إىل أن يؤسس أحكامه عىل معطيات واقعية دقيقة ،وأن يسعى قدر اإلمكان إىل
تفعيل روح الترشيع التجاري ،املتملل يف اإلبقاء عىل املقاولة ،والحفاظ عىل إستقرار الشغل ،دون التغايض عن بعض املؤرشات
اإلقتصادية التي تدل عىل عدم قابلية املقاولة لإلستمرار ،وهكذا ويف إطار مراعاة الطابعني اإلقتصادي واإلجتامعي ملساطر
املعالجة ،فإن املرشع املغريب خص هذا النوع من القضاء بصالحيات مهمة ،سواء أثناء تبنيه ملخطط إستمرارية املقاولة ،أو
مبناسبة إختياره تفويتها ،يف حالة إذا ما تبني له أن حال من هذا القبيل هو الكفيل بالحفاظ عىل حقوق جميع املتعاملني معها
واملرتبطني بها.
وسنقوم يف هذا الفرع بدراسة هذه الصالحيات عىل ضوء العمل القضايئ ،لنقف عىل مدى إعامل القضاء لها ،ومدى
نجاعتها يف تحقيق التسوية الرضورية للمقاولة املتعرثة ،وذلك يف مطلبني نخصص األول منهام لصالحيات املحكمة مبناسبة
تبني مخطط اإلستمرارية ،يف حني نخصص اللاين ملا تتمتع به املحكمة من سلطات يف تبنيها للتفويت كحل.
وضع املرشع املغريب قواعد مهمة يف املواد من 597إىل 595من م.ت ،ترمي يف مجملها إىل توفري اآلليات الرضورية التي
من شأنها متكني القضاء التجاري من أداء املهمة الجديدة املنوطة به ،وضامن الوصول إىل حكم يقيض بإستمرارية املقاولة
املتعرثة ،هذه اإلستمرارية التي تعني بصورة بديهية إستمرار مناصب الشغل وأداء مستحقات الدائنني ،ولعل القراءة املتأنية
ملقتضيات املواد املذكورة أعاله ،تعكس مبا ال يدع مجاال للشك ،الرغبة األكيدة التي حذت باملرشع لضامن الوصول إىل حرص
مخطط اإلستمرارية ونجاحه ،ومبنحه للقضاء التجاري صالحيات إقتصادية تخوله إتخاذ قرارات حقيقية يف ميدان التسيري
وتدبري املقاوالت ،وإعادة تنظيمها ،ويكون الهدف من ذلك بطبيعة الحال هو تأمني نجاح املخطط ،وتسوية وضعية املقاولة يف
ظروف مالمئة.1
وعليه فقد تم تخويل املحكمة التجارية صالحيات هامة لحرص مخطط اإلستمرارية ،وتحديد مضمونه ،ورشوطه ،وكذا إعتامد
كل التغيريات التي تراها ا ملحكمة رضورية والزمة إلنجاح املخطط ،وبالتايل إستمرار نشاط املقاولة املتعرثة ،ومن تم الحفاظ
عىل أكرب عدد من مناصب الشغل .وهي تغيريات وتدابري تتعلق مبيدان التسيري وتدبري املقاوالت ،وهذه املقتضيات هي نفسها
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،ص .181
127
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املوجودة يف الترشيعني التونيس ،1والفرنيس حيث متنح املادة L626-4من ق.ت.ف ،للمحكمة صالحية تغيري بعض املسريين،
أو إدخال تغيريات عىل مخطط اإلستمرارية ،وذلك بغية الحفاظ عىل إستمرارية املقاولة ،ما عدا يف الحالة التي يكون فيها
املدين مامرسا مهنة حرة مؤطَرة قانونا.2
فام هو الدور القضايئ يف إنجاح مخطط اإلستمرارية؟ وما هي التغيريات التي يتمتع بصالحية إدخالها يف هذا الجانب؟ وما
هي أهم التدابري التي يتخذها عند حرصه ملخطط اإلستمرارية ،للحيلولة دون املساس بحقوق األجراء؟.
لإلجابة عن هذه التساؤالت ميكن تقسيم هذا املطلب إىل فقرتني ،سيتم تخصيص األوىل منهام لتبيان مختلف التغيريات
التي للقضاء التجاري سلطة إدخالها مبناسبة تبنيه مخطط اإلستمرارية ،يف حني سيتم التطرق ملدى تأثري التغيريات الجوهرية
املتبناة يف هذا اإلطار عىل الحقوق اإلجتامعية لألجراء وذلك من خالل الفقرة اللانية.
فاملحكمة وهي تقيض بحرص مخطط اإلستمرارية ،ميكنها إدخال التغيريات التي تراها رضورية عىل تسيري املقاولة ،وعىل
نظامها األسايس كام ميكنها توقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط ،ووقف آثار املنع من إصدار الشيكات عن وقائع
سابقة لفتح التسوية ،باإلضافة إىل ذلك ميكن للمح كمة أن تأمر بعدم قابلية تفويت األموال التي تعتربها رضورية إلستمرارية
املقاولة ،إال برتخيص منها وملدة تحددها.
بالتايل ميكن تصنيف هذه الصالحيات املمنوحة للمحكمة ،إىل صالحيات ترتبط بهيكلة املقاولة املتعرثة (أوال) ،وصالحيات
مرتبطة مبخطط اإلستمرارية (ثانيا) الذي تلتزم به املقاولة بعد حرصه.
1على غرار المشرع المغربي فإن المشرع التونسي خول للمحكمة في إطار برنامج لإلنقاذ إمكانية إدخال تغيير على النظام األساسي للمقاولة ،كما لها إمكانية
تضمين برنامج اإلنقاذ لعملية رفع الرأسمال ،إذ في هذه الحالة يجب على الملتزمين الجدد دفع كامل ما إلتزموا به حاال ،كما أن المشرع التونسي خول للمحكمة
إستبعاد أي مسير من مسيري المقاولة إذا كان من شأن بقاء هذا المسير أن يمارس تصرفا سلبيا يعرقل إنقاذ المقاولة.
-عبد المجيد الفاهم ،م.س ،ص .10
2تنص المادة L626-4من ق.ت.ف ،على ما يلي :
"Lorsque la sauvegarde de l'entreprise le requiert, le tribunal, sur la demande du ministère public, peut subordonner
l'adoption du plan au remplacement d'un ou plusieurs dirigeants de l'entreprise, sauf lorsque le débiteur exerce une activité
professionnelle libérale soumise à un statut législatif ou réglementaire.
A cette fin et dans les mêmes conditions, le tribunal peut prononcer l'incessibilité des parts sociales, titres de capital ou
valeurs mobilières donnant accès au capital, détenus par un ou plusieurs dirigeants de droit ou de fait et décider que le droit
de vote y attaché sera exercé, pour une durée qu'il fixe, par un mandataire de justice désigné à cet effet. De même, il peut
ordonner la cession de ces parts sociales, titres de capital ou valeurs mobilières donnant accès au capital détenus par ces
mêmes personnes, le prix de cession étant fixé à dire d'expert.
Pour l'application du présent article, les dirigeants et les représentants du comité d'entreprise ou, à défaut, des délégués du
"personnel sont entendus ou dûment appelés
128
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تهم هذه التغيريات املقاوالت التي تتخذ شكل رشكة ،ألنها ترتبط أساسا بالنظام األسايس لهذه املقاوالت ،وعملية تسيريها،
حيث خول املرشع للمحكمة التجارية عند حرصها ملخطط اإلستمرارية إمكانية إدخال تغيريات ،تفرضها هذه األخرية عىل
هيكلة املقاولة بغية الحد من صالحياتها ،وهكذا يحظى القضاء التجاري بسلطة إستبدال مسري أو عدة مسريين بهدف ضامن
إستمرارية املقاولة ،1خاصة إذا كانت الصعوبات التي متر منها املقاولة راجعة لسوء تدبري وإدارة املسري سواء أكان ذلك راجع
لنقصان خربته أو عدم نزاهته.
إال أنه إذا تعلق األمر بشخص طبيعي مدين ،فإن النشاط يستمر يف حالة حرص مخطط اإلستمرارية بيد هذا الشخص ،وال
ميكن للمحكمة أن تأمر بإستبداله ،وال ميكن إستبعاده من عملية التسيري إال بإعتامد مخطط للتفويت بدل اإلستمرارية ،مادام
2
أن املحكمة ليس لها صالحية تغيري شكل املقاولة ،من مقاولة فردية إىل رشكة تتمتع بالشخصية املعنوية
وعىل خالف ذلك ،إذا تعلق األمر بشخص معنوي ،فإن املحكمة لها صالحية إستبدال مسري أو عدة مسريين ،أو التقليص
والحد من نفوذهم بإتخاذ مجموعة من اإلجراءات ،وفقا لسلطتها التقديرية ،كجزاء عن األخطاء التي يرتكبونها وتؤدي باملقاولة
إىل مخاطر اإلنهيار ،وقد جاء يف حكم املحكمة التجارية بالدار البيضاء 3الصادر بتاريخ 7004/03/06ما ييل ... " :أكد السنديك
يف تقريره أن إجراءات إتخذت بخصوص التسيري ،وإعادة تنظيمه وهيكلته ،وذلك بتوظيف أطر يف املصالح املهمة كمصلحة
التغطية ومصلحة الحسابات ،...وتحديد نظام يحدد مسؤوليات جميع أطر الرشكة."...
وهناك إتجاه قضايئ فرنيس ،يرى أن إقصاء املسريين ال ينبغي أن يكون الجزاء املقابل ألخطائهم املاضية ،ولو كانت جسيمة
وأنه رغم إرتكاب مسري الرشكة أخطاء ترتب جزاءات جنائية وتجارية ،فينبغي أن يبقى عىل رأس مقاولته مادام تدخله رضوريا
لبقاء املقاولة.4
كام يحظى القضاء التجاري بسلطة إجراء التغيريات التي يراها رضورية عىل النظام األسايس بكل مشتمالته أو البعض منه،
وهكذا فإن مخطط اإلستمرارية ميكن أن ينص عىل تغيري املركز اإلجتامعي للرشكة أو تغيري رأساملها أو شكلها ،وقد قضت
1جاء في الفقرة األولى من المادة 101من م.ت ما يلي " :يمكن للمحكمة ،إن كانت إستمرارية المقاولة تستدعي ذلك ،أن تعلق إعتماد مخطط تسوية المقاولة على
إستبدال مسير أو عدة مسيرين و ذلك بناء على طلب السنديك أو تلقائيا".
2
Michel jeantin, op. cit, p 552.
3حكم المحكمة التجارية رقم ،1887-108الصادر بتاريخ ،1881/88/87أشار إليه ،كريم آيت بال ،م.س ،ص .711
4
Tribunal de commerce clomar 12/09/1990, revue de juris prudence commercial 1990, p400.
وإن كان الفقه يرى أن هذا التوجه يبدو غير مقبول مادام أن المقاول إرتكب أخطاء جسيمة تنم عن تهوره وعدم تبصره ،ويكون الجزاء المعقول في حقه هو إبعاده
عن المقاولة وإقصاؤه من عملية تسييرها .أنظر في ذاك:
-كريم آيت بال ،م.س ،ص .710
ومن جهتنا نرى وجاهة هذا الرأي وندعو المشرع المغربي لتبنيه وذلك بمنح القضاء صراحة صالحية إدخال التغييرات الالزمة على النظام األساسي بصورة تلقائية
بما في ذلك تغيير أو إستبدال مسير أو عدة مسيرين ،تفاديا لعدم إعتماد مخطط اإلستمرارية في حالة عدم إتفاق الشركاء على إقرار وتنفيذ مضامين الحكم الذي قضى
بإدخال تلك التغييرات أو أمَر بذلك اإلستبدال ،مادام ذلك يراعي مصلحة المقاولة بالدرجة األولى في اإلستمرارية والبقاء على قيد الحياة ،وبالتالي الحفاظ على حقوق
األجراء.
129
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املحكمة التجارية بالدار البيضاء برضورة إدخال تعديالت عىل القانون األسايس للمقاولة ،وذلك بجعلها خاضعة للقوانني املنظمة
للرشكات ذات املسؤولية املحدودة داخل أجل أربعة أشهر إبتداءا من تاريخ صدور الحكم.1
ويف حكم آخر صادر عن نفس املحكمة ،قضت فيه برضورة مالمئة قانون املقاولة األسايس مع القانون رقم ،91/5وإعادة
هيكلتها إداريا ،تقنيا ،ماليا ،وتجاريا ،داخل أجل أربعة أشهر ،2وطبقا للامدة 553من م.ت ،فإنه يتم تكليف السنديك بإستدعاء
الجمعية امل ختصة وفق الشكل املنصوص عليه يف النظام األسايس للرشكة ،للعمل عىل إعادة تأسيس رأساملها ،3وهكذا جاء
يف أحد األحكام القضائية... " : 4وحيث أن تنفيذ مخطط اإلستمرارية ال ميكن مواصلته بنجاح وإخراج املقاولة من املأزق الذي
تتخبط فيه ،والصعوبات التي تعرتضها وتسديد ديونها طبقا للكيفية واآلجال املحددة مبخطط اإلستمرارية ،إال بإعادة تكوين
رأساملها الذي تم إستهالكه بكامله ،وتنفيذ رئيس املقاولة ما إلتزم به بخصوص ذلك من أجل إمتصاص الخسائر يف حساباتها"
ونظرا ألهمية التغيريات الرضورية املزمع إدخالها عىل املقاولة ،5نتفق مع اإلتجاه الفقهي الفرنيس ،6واملغريب ،7الذي يرى أنه
يتعني عىل املرشع تكريس هذا اإلتجاه القضايئ ،ومنح القضاء رصاحة صالحية الزيادة يف الرأسامل ،أو إدخال التغيريات
الالزمة عىل النظام األسايس بصورة تلقائية ،تفاديا لعدم إعتامد مخطط اإلستمرارية يف حالة عدم إتفاق الرشكاء ،مادام ذلك
يراعي مصلحة املقاولة بالدرجة األوىل يف اإلستمرارية والبقاء عىل قيد الحياة ،وبالتايل الحفاظ عىل حقوق األجراء.
وإذا كانت هذه التغيريات التي تم ذكرها متس بالدرجة األوىل هيكلة املقاولة ،فإنه من جهة أخرى للقضاء سلطة القيام ببعض
التغيريات الت ي تصب يف إتجاه الحد من صالحيات املقاولة املتعرثة ،وهكذا فإنه ميكن للمحكمة توقيف ،أو إضافة ،أو تفويت،
بعض قطاعات النشاط الذي متارسه تلك املقاولة ،كام لها الصالحية بتعليق تفويت بعض األموال التي تخص املقاولة ،وعدم
السامح بالترصف فيها إال بناءا عىل ترخيص من املحكمة وملدة تحددها هذه األخرية ،8ويعترب القيد الوحيد الذي ميكن أن يحد
من سلطة املحكمة يف هذا اإلطار ،هو أال تكون هذه األموال يف ملكية املقاولة أو املدين حسب األحوال.1
1حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،رقم ،1888/188الصادر بتاريخ ،1888/89/11ملف ع ،78/1888/711أشارت إليه حياة متوكل ،م.س ،ص.711
2حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،رقم ،1887/111الصادر بتاريخ ،1887/78/87ملف ع ،78/1887/111أشارت إليه حياة متوكل ،م.س ،ص.718
3لتغيير النظام األساسي للمقاولة يستدعي السنديك وفق األشكال الواردة في النظام األساسي ،الجمعية المختصة لتنفيذ التغييرات التي ينص عليها المخطط (المادة
191من م.ت) ،حيث تشير ال محكمة في المخطط إلى هذه التغييرات التي قد تقع على النظام األساسي ،بعد أن تقرها الجمعية العامة المختصة ،وحسب نصاب
وأغلبية الشركاء أو المساهمين الذين يملكون الحق بمفردهم دون تدخل المحكمة أو القاضي المنتدب أو السنديك ،وذلك بعد إستدعائهم من طرف هذا األخير لتنفيذ
والقيام بالتغييرات ،أما في التشريع الفرنسي فإنه إذا لم يقم المتصرف القضائي بهذا اإلستدعاء يمكن للمدين أن يقوم به بنفسه ،أنظر في ذلك :
- Yves Chaput, op.cit, p 450.
4حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1881/10بتاريخ ،1888/81/81في الملف ع ،78/1887/80أشار إليه كريم آيت بال ،م.س ،ص .718
5وتتجلى هذه األهمية في كون أن للمحكمة صالحية فسخ مخطط اإلستمرارية في حالة عدم إستجابة الشركاء للزيادة في رأسمال الشركة ،وفقا للمقترح المقدم
للجمعية العامة اإلستثنائية ،وهذا ما أكدته المحكمة التجارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ ،1881/88/81والذي جاء فيه ..." :إن عدم تمكن الجمعية
العامة اإلستثنائية من التداول بخصوص الزيادة في رأسمال الشركة بسبب إمتناع أقلية من الشركاء عن التصويت لصالح المقترح فإن ذلك يقوم سببا يبرر فسخ
المخطط"
6
Michel jeantin, op. cit, p 48
- 7كريم آيت بال ،م.س ،ص 711؛
-حياة متوكل ،م.س ،ص .711
8على خالف المادة 191من م.ت ،التي تسمح للمحكمة بتفويت بعض قطاعات النشاط ،فإن المادة 191منها ،خولت للمحكمة منع تفويت األموال التي تعتبر
ضرورية إلستمراية النشاط عند حصر مخطط اإلستمرارية ،و لمدة تحددها ال تفوق في أغلب الحاالت مدة تنفيذ هذا المخطط ،وهكذا فإن القضاء التجاري يعمل على
ضمان عدم إقبال رئيس المقاولة على أي إجراء من شأنه التأثير على أصول المقاولة أو تبديد ممتلكاتها ،من خالل منعه من تفويت األموال التي يتم إعتبارها
ضرورية إلستمراريتها ،وهو ما أكده القضاء في مجموع األحكام الصادرة عنه ،ومنها حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه ..." :إنه طبقا للمادة 191
130
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وهكذا قضت املحكمة التجارية مبراكش 2مبا ييل..." :إنه من خالل تقرير السنديك أن املقاولة رغم ما تعانيه من صعوبات
بقيت ت ُسري وحدتني فندقيتني وهام :
وحيث إنه من شأن تسيري هاتني الوحدتني زيادة األعباء املالية للرشكة ...فإن نشاط املؤسسة بخصوص تسيري الوحدة الفندقية
أعاله يتعني توقيفه".
إذا كان األصل أن يتم تنفيذ مخطط اإلستمرارية كام هو مرصح به من طرف املحكمة ،إال أن الرضورة قد تقيض إدخال
بعض التغيريات عىل أهداف املخطط ووسائله ،3وذلك من قبيل التغيريات الهادفة إىل تحسني مردودية املقاولة ،أو تقوية
تنافسيتها داخل السوق ،أو اإلستفادة من التكنولوجيا الحديلة ،وغريها من الرضورات ،وذلك باإلضافة إىل الظروف املالية أو
اإلقتصادية التي قد تحتم عىل رئيس املقاولة أن يطلب من املحكمة القيام بهذه التغيريات.
وهكذا فإن تغري الظروف املالية واإلقتصادية واإلجتامعية للمقاولة أثناء تنفيذ مخطط اإلستمرارية ،يبقى أمرا واردا ،مام يربر
إمكانية تدخل املحكمة إلدخال تعديالت عىل أهداف ووسائل املخطط ،وهذه التغيريات غالبا ما يكون مصدرها التقدير غري
الصحيح وغري الدقيق من طرف املحكمة إلمكانيات املقاولة أثناء حرص املخطط ،عىل أنه يف حاالت أخرى قد تتدخل عوامل
خارجية ،تفرض عىل املحكمة النطق بتغيري املخطط ،بعد أن تسببت يف عدم تنفيذ ذلك املخطط ،ولعل أهم تطبيق قضايئ يف
من م.ت ،يمكن للمحكمة أن تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط اإلستمرارية عدم إمكانية تفويت األصول التي تعتبرها ضرورية إلستمرار المقاولة دون ترخيص
منها لمدة تحددها المحكمة".
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،غرفة المشورة رقم ،81/710الصادر بتاريخ ،1881/81/87في الملف ع ،78/81/78أشار إليه كريم آيت بال ،م.س،
ص 710؛
وبالرجوع إلى التشريع الفرنسي ،يالحظ أن المحكمة تتمتع بسلطة منع تفويت األموال الضرورية إلستمرارية المقاولة لمدة محددة ،غير أنه إذا تم الحصول على
ترخيص فإنه يمكن القيام بعملية التفويت.
- michel jeantin, op. cit, p 43 -أنظر في ذلك:
1وليست األموال التي لم يمتلكها المدين بعد ،والتي تكون في حوزته أو في طريقها إلى أن تدخل في ذمته ،كما لو لم يؤد ثمنها بعد ،أو يكون فقط مستأجرا لها ،أو
محتفظا بها على سبيل اإلعارة ،ألنه في هذه الحاالت قد يشكل ذلك مساسا بحقوق األغيار.
-حياة متوكل ،م.س ،ص .710
2حكم المحكمة التجارية بمراكش الصادر بتاريخ ،1888/81/18في الملف ع ،90/7منشور بمجلة المحاكم المغربية ،ع ،00ماي/يونيو ،1887ص .188
3تطبيقا لمقتضيات المادة 191من م.ت ،ال سيما فقرتها األولى التي تنص على أنه " :ال يمكن تغيير أهداف و وسائل مخطط اإلستمرارية إال بحكم من
المحكمة بطلب رئيس المقاولة وبناء على تقرير السنديك".
131
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
هذا املجال ما جاء يف حكم صادر عن املحكمة التجارية بطنجة 1الذي ورد فيه ما ييل... " :فإن املحكمة وتطبيقا للامدة 592
من مدونة التجارة ،ال ترى مانعا يف تغيري املخطط ما دامت فيه مصلحة جميع أطراف املسطرة وبدون إستلناء.
وحيث أنه ولذلك يتعني تغيري مخطط التسوية املحصور مبقتىض الحكم السالف الذكر كام ييل"... :
ولعل أهم ما ميكن إدخاله من تغيريات يف هذا اإلطار ينصب عىل تعديل طريقة سداد الخصوم ،كتحديد آجال األداء عىل
مدى سبع سنوات بدل سنة واحدة ،أو كل ما يدخل يف إطار وسائل تحقيق أهداف مخطط اإلستمرارية ،واملتملل يف تسوية
املقاولة املتعرثة.2
أما بخصوص املسطرة املتبعة إلدخال التغيريات عىل أهداف املخطط ووسائله ،فيتم ذلك بطلب من رئيس املقاولة وبناءا عىل
تقرير يضعه السنديك ،حيث تبت املحكمة بعد اإلستامع لألطراف ،وألي شخص يعنيه األمر ،مع مالحظة غياب أي مقتىض
قانوين رصيح يوجب عىل املحكمة اإلستامع ململيل األجراء أو إستدعائهم بشكل قانوين قبل البت يف طلب التغيريات املدخلة
عىل مخطط اإلستمرارية.3
واملالحظ هنا أن املرشع قد حرص هذا الحق يف رئيس املقاولة فقط ،4عوض أن يقوم بفتح املجال أمام أطراف أخرى كالنيابة
العامة واملحكمة أيضا ،واألجهزة املكلفة بالسهر عىل تنفيذ املخطط (السنديك والقايض املنتدب) ،وذلك ألنه أثناء تنفيذ املخطط
ميكن أن تطرأ مستجدات من شأنها التأثري عىل مساره ،وليس بالرضورة أن تكون هذه املستجدات سلبية ،بل ميكن أن تكون
إيجابية كإرتفاع مداخيل املقاولة أكرث من املتوقع يف إطار املخطط.5
4يبدو أن المشرع المغربي (المادة 191من م.ت) فضل أن يسير على غرار المشرع الفرنسي (المادة ) L626-26في حصر صالحية تقديم هذا الطلب في رئيس
المقاولة ،وقد تم اإلحتفاظ بهذا التوجه والسير على نفس المنوال ،بمشروع التعديل المقترح للكتاب الخامس من م.ت ،نظرا ألن هذه المادة لم يطلها أي تعديل ولم
تدرج بالئحة المواد المقترح تعديلها.
5حياة متوكل ،م.س ،ص .718
132
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
عىل أن أهم طرف تم تغييبه يف هذا اإلطار من جانب املرشع املغريب هم األجراء ،رغم كون هذه الفئة هي أول الراغبني يف
نجاح مخطط اإلستمرارية ،وهي أول املترضرين من فسخ هذا املخطط ،الذي ميكن تحويله إىل تصفية قضائية جراء فسخه
من طرف املحكمة ،هذه التصفية التي تعني بالرضورة فقد مناصب الشغل وإحتامل عدم التوصل بكامل املستحقات ،لذلك حبذا
لو منح املرشع للقضاء يف هذا املضامر السلطة املطلقة إلرشاك األجراء يف هذه النقطة عرب مملليهم ،إلبداء رأيهم وتصوراتهم
حول تعديل مخطط اإلستمرارية بعد حرصه.
فإذا كان املرشع التجاري املغريب قد تحاىش إرشاك األجراء يف هذا الشأن ،عكس نظريه الفرنيس كام رأينا ،فإن األمل
معقود عىل القضاء يف أن يعيد لهذه الفئة ما سلبه منها الترشيع ،عرب إرشاكه لها يف هذه املرحلة ،إذ ال نرى أي مانع يحول
دون القضاء وهذه اإلمكانية ،مادام نص املادة 592من م.ت ،يف فقرتها اللانية تنص عىل كون املحكمة تبت "بعد اإلستامع
لألطراف وألي شخ ص يعنيه األمر أو بعد إستدعائهم بشكل قانوين" وما من شك أن األجراء من بني األشخاص الذين يعنيهم
أمر تغيري أهداف و وسائل مخطط اإلستمرارية ،بل هم األوىل بهذا اإلستدعاء نظرا ملا يشكله نجاح مخطط اإلستمرارية من
حفاظ عىل حق َّْيهم عىل السواء.1
األمر الذي يدعونا ل لتساؤل عن مدى مراعاة املحكمة التجارية لحقوق األجراء عند إقرارها لتلك التغيريات؟ ومدى تأثري هذه
األخرية عىل مبدأ إستقرار الشغل؟
وضع املرشع املغريب قواعد هامة يف املواد من 597إىل 595من م.ت ،ترمي يف مجملها إىل توفري اآلليات الرضورية التي
متكن القضاء التجاري من الوظيفة الجديدة املنوطة به ،وضامن الوصول إىل نتيجة تقيض بإستمرارية املقاولة املتعرثة ،وبالتايل
العمل عىل ضامن إستمرار مناصب الشغل ،بإعتبارها إحدى أهداف املرشع واملحكمة عىل السواء من تقرير هذا الحل ،فهل
القضاء مبناسبة إتخاذه التغيريات 2التي يراها رضورية إلعامل مخطط اإلستمرارية ،يراعي حقوق األجراء اإلجتامعية ،وال ميس
بها ويساهم يف تكريسها (أوال) وما سبل حفاظه عىل هذه الحقوق يف حالة اإلخالل بها ،وفقا ملضمون املخطط (ثانيا)
يعترب مخطط اإلستمرارية أحد أهم وأنجع الحلول املعتمدة لتصحيح وضعية املقاولة ،لذلك فإنه يلزم أن يتضمن مختلف
العنارص ذات الصلة باملقاولة ،فهو من جهة يجب أن يعني األجهزة التي ستنفذ املخطط ،مبا يف ذلك اإللتزامات امللقاة عىل
133
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
عاتقها لتصحيح وضعية املقاولة املختلة ،ومن جهة أخرى ينبغي عدم إهامل العنرص اإلجتامعي والذي تُتَخذ عىل ضوئه
التصورات املعطاة بشأن قطاع الشغل ،مبا يف ذلك إقرتاحات اإلعفاء كلام دعت الرضورة إىل ذلك.1
خصوصا أن اإلستمرارية يف عقود الشغل -كام رأينا -فيها صيانة للمقاولة التي متر بأزمة مالية وصعوبات إقتصادية ،كام أن
اإلستمرار يف تنفيذ عقود الشغل يضمن اإلستمرار يف تنفيذ باقي العقود الجارية ،ويف ذلك أيضا ضامن ألداء ديون املقاولة،
وبالتايل إن القول بإستمرارية عقود الشغل خالل هذه املرحلة ال ميكن أن يقوم إال إذا كانت هناك إمكانيات حقيقية إلنقاذ
املقاولة وتسوية وضعيتها .2علام أن الحفاظ عىل عقود الشغل ال يفهم عىل إطالقه ،ألن املحكمة قد تسمح بإجراء الفصل
اإلقتصادي لبعض األجراء ألسباب متليها األسباب اإلقتصادية ،وحاجيات عملية التسوية ،3حيث من ضمن ما جاء يف حكم
املحكمة التجارية بالدار البيضاء 4ما ييل..." :إنه فضال عن ذلك فإن املرشع املغريب مل يجعل من مساطر معالجة صعوبات
املقاولة وسيلة من وسائل جرب املدين عىل أداء الديون املرتتبة بذمته ،وإمنا رشعت ملساعدة املقاولة عىل تجاوز الصعوبات التي
تعرتضها وحامية الجانب اإلقتصادي املرتبط بها".
وهذا يعني أن الخيار املمنوح للمحكمة بإنهاء عقود الشغل ،خالل حرص مخطط اإلستمرارية يجد تطبيقه فقط يف الحالة التي
يكون فيها هذا املخطط مصاحبا بقرار توقيف أو تفويت بعض قطاعات النشاط ،مع مراعاة املقتضيات املنصوص عليها يف مدونة
الشغل ،5وبالتايل إذا تبني للمحكمة أن أحد األنشطة التي متارسها املقاولة مكلفة وال توفر املداخيل الرضورية ،فإنها تقرر وقف
مزاولتها دون األخذ بعني اإلعتبار آثار ذلك الوقف عىل حقوق األجراء ،من هنا ميكن القول أن مخطط اإلستمرارية قد ال يفي
بالحامية اإلجتامعية.
وتجدر اإلشارة إىل أن املحكمة التجارية ،تقرر يف بعض الحاالت السامح ملسريي الرشكة أثناء تنفيذ مخطط اإلستمرارية
بتفويت أسهم الرشكة ،خالل مسطرة التسوية القضائية برشط اإلحتفاظ بجميع األجراء وفق رشوط عقودهم ،مع تنفيذ إلتزامات
املخطط املصادق عليه من طرف املحكمة ،ومنه ما جاء يف قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء 6الذي قىض مبا
ييل..." :يستفاذ من وثائق امللف أن الطاعنني تقدموا بواسطة محاميهم إىل املحكمة التجارية بالدار البيضاء مبقال إفتتاحي
"Le tribunal décide, sur le rapport de l'administrateur, la continuation de l'entreprise lorsqu'il existe des possibilités sérieuses
de redressement et de règlement du passif.
Cette continuation est accompagnée, s'il y a lieu, de l'arrêt, de l'adjonction ou de la cession de certaines branches d'activité.
Les cessions faites en application du présent article sont soumises aux dispositions des articles L621-84 à L 621-93 et L621-
"96.
4حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،رقم 1881/91بتاريخ ،1881/81/81ملف رقم ،18881/78/10أنظر الملحق رقم .7
5مع ضرورة التذكير بأن القواعد المنصوص عليها في م.ش ،والتي يجب مراعاتها تبعا لمنطوق المادة 191من م.ت ،تثير بعض الغموض فهل المقصود بها
القواعد المسطرية الواجبة اإلتباع إلعفاء األجراء ألسباب إقتصادية ،أم المراد منها النصوص الموضوعية الخاصة بإقرار التعويضات.
6قرار رقم 1889/7188الصادر بتاريخ ،1889/88/78ملف ع ،77/1889/119أوردته ،حياة متوكل ،م.س ،ص .711
134
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
مسجل ومؤدى عنه بتاريخ ،7009/06/76يعرضون فيه أن رشكة مغرب محوالت تستفيد من مخطط اإلستمرارية ملدة 2
سنوات...وأنها عرفت عددا من الصعوبات أثرت عىل نشاطها من شأنها أن تؤدي إىل توقفه ،وأن املجلس اإلداري قرر إيجاد
حل ميَّكن الرشكة من اإلستمرارية والقدرة عىل تسديد ديونها وذلك عن طريق البحث عن رشيك له إمكانيات مالية وخربة يف
تسوية صعوبة املقاوالت...،وأن السيد (ب.ع) تقدم بعرض ملجلس إدارة الرشكة يف رأس مالها يف حدود %95منه...مقابل
تحمله لجميع أصول وخصوم الرشكة...واإلحتفاظ بجميع عاملها بنفس رشوط عقدتهم والتقليص من فرتة مخطط اإلستمرارية
من 2إىل 5سنوات فقط ،وصيانة النشاط الحايل...مع العمل عىل رفع عدد العامل ورقم معامالتها ونتائجها ،لذا يلتمسون
اإلذن لهم كمساهمني بتفويت %95من أسهم الرشكة...إىل السيد (ب.ع)...
...بإعتباره وإلغاء الحكم الصادر عن املحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت رقم ،...والحكم من جديد باإلذن للطاعنني...
بتفويت %95من أسهمها ،...لفائدة السيد (ب.ع) مقابل إلتزام هذا األخري بتنفيذ مخطط اإلستمرارية املحصور يف حق الرشكة
املذكورة"...
من هنا يظهر مدى حرص املحكمة التجارية ،عىل تكريس حقوق األجراء خاصة الحق يف الشغل ،مبناسبة قيامها بإدخال
التغيريات املذكورة ،سواء عىل بنية وهيكلة املقاولة أو عىل مخطط اإلستمرارية ككل بعد القيام بحرصه ،1مع قيام املحكمة
مبراقبة مدى تنفيذ هذه اإللتزامات من طرف املقاولة ،والتي ال تتساهل بخصوص أي إخالل بهذه اإللتزامات املحصورة وفق
املخطط الجديد إذ تتصدى ألي إخالل به بحزم وجزاء صارمني ،فام هو الجزاء الذي تقرره املحكمة يف مواجهة كل إخالل يف
هذا املجال؟
إن مخطط اإلستمرارية الذي يهدف إىل إنقاذ املقاولة ،هو الذي يهتم بالجانب اإلجتامعي واإلقتصادي ،مبعنى أن املحكمة
التجارية عند حرصها له فهي تسعى إىل الحفاظ عىل املؤهالت اإلقتصادية القابلة لخلق مناصب شغل أخرى ،وبهذا فقد جاء
يف حكم املحكمة التجارية مبراكش 2ما ييل " :إن املقاولة يف شخص رئيسها تقدمت بعرض للسنديك يرمي إىل إستمراريتها
عىل أساس الحفاظ عىل النشاط املشغل ومناصب الشغل وتسديد الديون ،وال شك أن هذه األهداف هي ذاتها ما ترمي إليه
املساطر الجامعية ،األمر الذي ال يسع املحكمة إال تبنيه واملصادقة عليه"...
ونظرا لألهمية الترشيعية والقضائية لتنفيذ هذا مخطط ،فقد أحاطه املرشع التجاري مبجموعة من الجزاءات ،ضامنا لعدم
املساس باملصالح اإلجتامعية عىل حساب املصالح اإلقتصادية واملالية ،واملالحظ أن املرشع املغريب أورد عبارة إلتزامات بشكل
1ومن األحكام القضائية التي حرصت على تكريس حقوق األجراء عند إقرار التغييرات التي تطال مخطط التسوية بعد حصره ،إذ ألزمت المقاولة المستفيدة من
المخطط بعد السماح بتعديله ،ألزمتها بضرورة المحافظة على جميع مناصب الشغل ،وضمان حقوق جميع األجراء بدون إستثناء ،وهكذا جاء في منطوق الحكم" :
بقيام المشترية شركة ،...باإلبقاء على المشروع كوحدة سياحية والقيام باإلصالحات المشار إليها في المخطط السابق...،والحفاظ على جميع مناصب الشغل بجميع
اإلمتيازات والحقوق السابقة وفق اإللتزامات الواردة في الوعد بالبيع "...حكم المحكمة التجارية بطنجة ،حكم رقم ،71بتاريخ ،1881/71/78ملف رقم
،1881/78/18أنظر الملحق رقم .7
2حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم ،1881/99الصادر بتاريخ ،1881/71/87ملف رقم ،1881/71/11أشارت إليه :نعيمة الغاشي ،م.س ،ص.787
135
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واسع لتضم جميع اإللتزامات ،1سواء املتعلقة بالجانب املايل ،2أو اإلقتصادي أو اإلجتامعي ،وما يؤكد ذلك أن اإلخالل
باإللتزامات اإلجتامعية يؤدي إىل فسخ مخطط اإلستمرارية.3
ويبدو أن املرشع التجاري املغريب قد إستفاد من التعديالت التي أدخلها املرشع الفرنيس عىل مقتضيات املادة 50من قانون
75يناير ، 46955حيث كانت ال تتحدث إال عن فرضية واحدة إلمكانية الحكم بفسخ مخطط اإلستمرارية ،وهي الفرضية املتمللة
يف إخالل املقاولة بإلتزاماتها املالية املحددة يف املخطط ،األمر الذي أثار إنتقادات فقهية عديدة ،5إستجاب لها املرشع الفرنيس
ورتب فسخ مخطط اإلستمرارية عند اإلخالل باإللتزامات املحددة مبقتضاه 6يف جميع األحوال ،سواء تعلق األمر بإخالل رئيس
املقاولة بإلتزامه بالحفاظ عىل مناصب الشغل يف حدود معينة ،أو بالحفاظ عىل نشاط قطاع معني ،مبعنى أن إمكانية الحكم
بالفسخ تتحقق سواء تعلق األمر بأسباب مالية أو إجتامعية أو إقتصادية.7
1وذلك بمقتضى المادة 181من م.ت ،وخصوصا فقرتها األولى التي تنص على أنه " :إذا لم تنفذ المقاولة إ لتزاماتها المحددة في المخطط يمكن للمحكمة أن
تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين وبعد اإلستماع إلى السنديك بفسخ مخطط اإلستمرارية ،وتقرر التصفية القضائية للمقاولة"
2حيث جاء في حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1881/111الصادر بتاريخ ،1881/81/78ملف ع 78/1881/11ما يلي..." :لما كان من الثابت من
تقرير السنديك المدلى به في إطار مراقبة تنفيذ المقاولة إللتزاماتها أن اإللتزامات المحددة في إطار مخطط اإلستمرارية وهي المتعلقة بالحسابات الجارية للشركاء
لتصحيح الوضعية المالية وكذا الديون حسب الجدولة لم يتم تنفيذها،...فإن مخطط اإلستمرارية يكون مبررا ويتعين الحكم به حفاظا على حقوق الدائنين".
3وهو ما جاء في مجموع األحكام التجارية ومن بينها:
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ ،1881/81/87تحت رقم ،1881/711في الملف ع .78/1887/118
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ ،1881/88/81تحت رقم ،81/19في الملف ع 1881/87/718
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ ،1888/81/88تحت رقم ،1888/711في الملف ع 78/99/9711
-أشارت إلى هذه األحكام :حياة متوكل ،م.س ،ص .711
4وذلك بمقتضى قانون رقم ،91/111ل 78يونيو ،7991قبل أن يتم نسخ المادة 08المذكورة بمقتضى األمر رقم ،1888/971بتاريخ 17شتنبر 1888لتحل
محلها المادة L621-82من ق.ت.ف ،التي جاء فيها:
"Si le débiteur n'exécute pas ses engagements dans les délais fixés par le plan, le tribunal peut, d'office ou à la demande d'un
créancier, le commissaire à l'exécution du plan entendu, prononcer la résolution du plan et l'ouverture d'une procédure de
"…liquidation judiciaire
هذه األخيرة التي تم إلغاءها بدورها بمقتضى القانون رقم ،1881/ 011ل 11يوليوز ،1881ودمجها بالمادة L626-27من ق.ت.ف ،هذه المادة التي بدورها
شهدت عدة تغييرات كان آخرها بمقتضى األمر رقم ،1871/811ل 71مارس ،1871السيما المادة 11منه ،والتي جاء فيها أي المادة L626-27ق.ت.ف:
"… Le tribunal qui a arrêté le plan peut, après avis du ministère public, en décider la résolution si le débiteur n'exécute pas
ses engagements dans les délais fixés par le plan.
Lorsque la cessation des paiements du débiteur est constatée au cours de l'exécution du plan, le tribunal qui a arrêté ce
dernier décide, après avis du ministère public, sa résolution et ouvre une procédure de redressement judiciaire ou, si le
" …redressement est manifestement impossible, une procédure de liquidation judiciaire
5
Coine sain alary houin, droit des entreprises en difficulté, A jour de l’ordonnance du 71 mars 1871 et de son décret de 30
juin 2014, 9éme édition, L.G.D.J Editeur, 9éme édition 09/2014, p 99
- Pierre Michel Le Corre, Droit et pratique des procédures collectives, 7ème édition., Dalloz, Paris, 2013-2014, p 133.
6للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع أنظر:
- Coine sain alary houin, op.cit, p 99 et suit
- Pierre Michel Le Corre, op. cit, p et suit
-M. Marc V, Commentaire sur le Décision n° 2013-372 QPC du 7 mars 2014, de le Conseil constitutionnel publié sur le site
web :
http://www.conseil-constitutionnel.fr/conseil-constitutionnel/root/bank/download/2013372QPCccc_372qpc.pdf
Dernière Navigation sur le site web : le 13/07/2016, 01h45 du matin
7ومعنى ذلك أن المقاولة المستفيدة من مزية التسوية القضائية ،تظل مطاردة بشبح التصفية القضائية إذا لم تتمكن من الوفاء بإلتزاماتها والوفاء بديونها ،حيث تقوم
المحكمة في هذه الحالة بتحويل التسوية القضائية إلى تصفية قضائية أنظر في ذلك بالملحق رقم :7
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم ،1881/118الصادر بتاريخ ،1881-78-71ملف ع 1887/78/710؛
136
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وإذا كانت النتيجة الطبيعية لعدم اإللتزام مبا جاء يف املخطط املحصور ،هو فسخ هذا املخطط والركون إىل التصفية القضائية
كجزاء يستتبع عدم اإللتزام هذ ا ،إال أن القضاء املغريب ومراعاة منه ملا يرتبط باملقاولة من مصالح إقتصادية وإجتامعية ،يرفض
اللجوء إىل هذا الحل ما دام باإلمكان تغيري مخطط التسوية املحصور ،وهكذا جاء يف حكم املحكمة التجارية بطنجة 1ما ييل:
"...وحيث إنه يتضح من وثائق امللف أن رشكة فندق سوالزور مل تعمد إىل تنفيذ املخطط املأمور به مبقتىض الحكم السالف
الذكر...
وحيث إن الغاية من سن قوانني صعوبات املقاولة هو الحفاظ عىل املقاولة بإعتبارها الخلية األوىل يف النسيج اإلقتصادي
الوطني ،وكذلك املحافظة عىل اليد العاملة للحد من نسبة البطالة.
وحيث إن فقه الواقع يقتيض أن ال يأمر بتصفية رشكة سوالزور ،لعدة إعتبارات منها املحافظة عىل الوحدة الفندقية ،والحفاظ
عىل العامل إذ أنه مبجرد الترصيح بالتصفية القضائية أول إجراء يعقبه هو إغالق املقاولة وترسيح العامل".
لقد كان الهاجس األسايس من إقرار املرشع املغريب آللية تفويت املقاولة ضمن الحلول املمكنة املخول للمحكمة التجارية
القيام بها يف إطار تسوية وضعيتها املختلة ،2هو تجنب اآلثار السلبية التي ميكن أن يخلفها حل التصفية القضائية عىل الواقع
اإلقتصادي واإلجتامعي للبالد ،وإن كان يقوم عىل أساس نقل ملكية املقاولة إىل شخص معنوي جديد.3
وتبعا لذلك إذا إتضح للمحكمة أن إستمرار املقاولة يف نشاطها التجاري أصبح مستحيال لعدم توفر رشوط وظروف
اإلستمرارية ،ميكن لها أن تختار آلية التفويت ،4كحل إلنقاذ املقاولة وحامية مناصب الشغل ،ويعترب مخطط التفويت الوجه
-حكم المحكمة التجارية بالرباط رقم ،711الصادر بتاريخ ،1878-71-87في الملف ع .1878/18/781
1حكم المحكمة التجارية بطنجة ،حكم رقم ،71بتاريخ ،1881/71/78ملف رقم ،1881/78/18أنظر الملحق رقم .7
2تجدر اإلشارة إلى أن الطبيعة الخاصة للتفويت تقوم على عنصرين إثنين:
أولهما قضائي :يدخل في إختصاص المحكمة التي لها الحق في حصر المخطط واألمر بالتفويت ،وفقا لقواعد مسطرية خاصة؛
ثانيهما تعاقدي :حيث يقوم السنديك بإبرام كل العقود الضرورية إلنجاز التفويت ،تنفيذا للمخطط الذي تصدره المحكمة طبقا لمقتضيات المادة 180من م.ت.
-محمد أبو الحسين ،وضعية األجراء إثر تفويت المقاولة الموجودة في حالة تسوية قضائية ،م.س ،ص .19
3يختلف تفويت المقاولة في إطار التسوية القضائية عن التفويت في إطار التصفية الق ضائية ،ففي الحالة األولى يكون الترخيص به من طرف المحكمة في جلسة
بغرفة المشورة ،أما في الحالة الثانية فإنه يتم بناءا على أمر من القاضي المنتدب على إثر طلب ذلك.
4إستنادا إلى مضمون المادة 188من م.ت ،.فإن المشرع المغربي عمد إلى تعريف التفويت وبيان أغراضه وأهدافه ،وهكذا يتعين على المحكمة عندما تقرر إعتماد
مخطط تفويت المقاولة أو شركة تجارية ،أن تحدد في الحكم ذاته الذي يحصر هذا المخطط ،أهداف ومضامين التفويت واإلجراءات الكفيلة بإنجاز عملياته ،وما إذا
كان التفويت جزئيا أو كليا ،مع نشر إعالن بهذا التفويت في جريدة ي ومية مخول لها نشر اإلعالنات القانونية أو في الجريدة الرسمية لمدة معينة ،ويتعين على السنديك
السهر على تعليق نسخة من هذا اإلعالن على اللوحة المعدة لهذا الغرض بالمحكمة ،وإعالم المراقبين ورئيس المقاولة بتاريخ تلقي العروض وغير ذلك من
اإلجراءات القانونية الكفيلة بإنجاح عملية التفويت.
ويقابل المادة 188من م.ت ،المادة L621-83من ق.ت.ف ،التي جاء فيها :
137
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
اللاين ملخطط التسوية القضائية الذي تخضع له املقاولة يف مساطر املعالجة ،وهو مناسبة أخرى إلبراز حجم الصالحيات
اإلقتصادية التي متارسها املحكمة يف قانون صعوبات املقاولة ،فهو نوع من النقل القضايئ الجربي مللكية املقاولة من مالكها
األصيل إىل مالك جديد ، 1بهدف الحفاظ عىل النشاط وعىل مناصب الشغل الخاصة به ،أكرث من اإلبقاء عىل املقاولة بالشكل
الذي كانت عليه عند الحكم بفتح املسطرة ،وكذلك بهدف إيجاد إنطالقة حقيقية جديدة خالية من اإلكراهات املادية.2
وتتمتع املحكمة بصالحيات جد مهمة مبناسبة تبنيها للوجه اللاين ملخطط التسوية القضائية ،هذه الصالحيات التي من شأن
اإلعامل الجيد لها أن تساهم يف ضامن حقوق األجراء وتكريسها ،سواء منها تلك الصالحيات املخولة لها قبل إختيار التفويت
ومبناسبته (الفقرة األوىل) ،أو تلك املخولة لها بعد إختيار التفويت كحل مبناسبة الرشوع يف إعامله (الفقرة اللانية)
نظرا ألهمية هذا الحل القانوين –تفويت املقاولة -فقد حدد املرشع التجاري األهداف التي يرغب يف تحقيقها منه طبقا
للامدتني 103و 165من م.ت ،يف األهداف التالية :اإلبقاء عىل النشاط الذي من شأنه أن يتخذ شكال مستقال؛ املحافظة عىل
كل أو بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط؛ إبراء ذمة املقاولة من الخصوم؛ توزيع مثن التفويت بني الدائنني حسب
مرتبتهم أو تصفية الخصوم.
وإىل جانب أهمية التفويت كآلية لحامية املجال اإلقتصادي واإلجتامعي ،3فإنه يرتتب عنه آثار هامة تخص إستقرار مناصب
الشغل وأداء مستحقات الدائنني ،لذا حرص املرشع املغريب عىل وضع مجموعة من التدابري واملقتضيات القانونية امللزمة
للمحكمة ،قبل العمل عىل إختيار التفويت.
لكن التساؤل الذي يبقى مطروحا يف هذا اإلطار هو مدى فعالية نصوص مدونة التجارة –الكتاب الخامس -يف إسعاف
القضاء التجاري عىل تحقيق األهداف املرجوة من إقرار حل التفويت ،سواء عند قيامه باإلختيار بني عروض تفويت املقاولة،
ونوع هذا التفويت (ثانيا) أو عند تلقي الطلبات والعروض الهادفة للتفويت (أوال).
"La cession a pour but d'assurer le maintien d'activités susceptibles d'exploitation autonome, de tout ou partie des emplois
"qui y sont attachés et d'apurer le passif.....
1
Yves chaput, op. cit, p 389.
2أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص.111
3مما يدل على أهمية التفويت في إقرار الحماية اإلقتصادية واإلجتماعية في آن واحد ،هو إهتمام كل من المشرع التجاري واإلجتماعي به من خالل وضع نصوص
قانونية تنظمه ،ولعل أهمها المادة 79من م.ش ،التي تكرس إستمرار عقود الشغل رغم تغيير الوضعية القانونية للمشغل أو الطبيعة القانونية للمقاولة ،مع حلول
المشغل الجديد محل المشغل السابق في اإللتزامات الواجبة لألجراء ،وخ اصة فيما يتعلق بمبلغ األجور والتعويضات عن الفصل من الشغل ،ألن عقد الشغل يعتبر
عالقة تعاقدية مرتبطة بالمقاولة وليس بمالكها ،مما يبرز غاية المشرع من إقرار الحماية اإلجتماعية لألجراء من اإلعفاء أو الفصل ،رابطا بذلك مصيرهم بالمقاولة
ال بصاحبها ،وما يزكي هذا الطرح كون المادة 787من م.ش ،قضت بأن إتفاقية الشغل الجماعية تظل قائمة بين أجراء المقاولة والمشغل الجديد.
138
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
تبت املحكمة يف مسألة إختيار العرض املتعلق باملجموعة املفوتة ،الذي يضمن أطول مدة إلستقرار التشغيل وأداء مستحقات
الدائنني ،إذ يتعني إبالغ السنديك بكل عرض داخل األجل املحدد ،هذا األجل الذي كان موضوع إعالم للمراقبني من ِق َبله،
ويجب أن يفصل بني تاريخ توصل السنديك بالعرض وبني الجلسة التي تنظر خاللها املحكمة يف مسألة إختيار العرض مدة 65
يوما ، 1إال إذا حصل إتفاق بني رئيس املقاولة والسنديك واملراقبني ،كام يجب أن تتضمن العروض البيانات التي نصت عليها
املادة 104من م.ت.2
وترفق بالعرض الوثائق الخاصة بالسنوات املالية اللالثة األخرية للمقاولة ،كام ميكن للمحكمة أن تطلب من صاحب العرض
رشوحات تكميلية أو إضافية لتتضح لها الرؤية وتحسن اإلختيار ،كام يخرب السنديك املراقبني وممليل األجراء ورئيس املقاولة
مبضمون العروض قصد إبداء مالحظاتهم بهذا الخصوص ،ثم يعرض عىل املحكمة جميع العنارص التي تسمح لها بالتأكد من
جدية العروض ،لتتمكن من إختيار العرض الذي يخدم مصلحة املقاولة بشكل كبري ،لذلك يتعني عىل القضاء مملال يف النيابة
العامة لدى املحاكم التجارية ،العمل عىل منع رضوب اإلستغالل واإلحتيال التي يلجأ إليها البعض ،من خالل حرصه عىل
التأكد من جدية العروض وإبعاد املرشحني املشكوك يف نزاهتهم خاصة الذين يتقدمون بعروضهم بهدف املضاربة عوض إقتناء
املقاولة من أجل تقوميها.3
وهكذا فإنه عىل املحكمة أن تتقيد مبعيار الشفافية ،الذي يدخل يف واقع األمر يف صميم املصلحة العامة التي تسهر عليها
القوانني ويرشف عىل تحقيقها القضاء ،وذلك بتوفري جميع املعلومات واإليضاحات حول املقاولة والعروض املقدمة إلقتنائها،
والقيام بالتبليغات واإلجراءات القانونية الالزمة اتجاه جميع أصحاب العروض لضامن املساواة بينهم ،ولتوفري ظروف املنافسة
املرشوعة ،ومعنى ذلك أن من شأن إطالع املرتشحني عىل وضعية املقاولة الحقيقية من جهة وعىل وضعية العروض املقرتحة من
1إن األجل المنصوص عليه في المادة 181من م.ت ،ال يتعلق بتلقي العروض وإنما يهم األجل الذي يفصل بين تاريخ توصل السنديك بالعرض وبين الجلسة التي
ستنظر من خاللها المحكمة في هذا العرض ،والمحدد في 71يوما ،أما بالنسبة لتحديد أجل تقديم العرض فإنه متروك للسلطة التقديرية للمحكمة التي تراعي في ذلك
مصالح مختلف أطراف المساطر الجماعية.
2وهذه البيانات هي :
التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل؛
ثمن التفويت وكيفية سداده؛
تاريخ إنجاز التفويت؛
مستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط الذي تمارسه المقاولة؛
توقعات بيع األصول خالل السنتين التاليتين للتفويت؛
الضمانات المقدمة ألجل تنفيذ العرض المقدم.
وهكذا جاء في قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ،1889/81/11ما يلي " ...تف ويت شركة مطاحن إفريقيا كوحدة إنتاجية بجميع عناصرها
المادة والمعنوية...
بأداء المفوت عليه ثمن التفويت المحدد في مبلغ 191889888,88درهم...
إلتزام المفوت إليه بالحفاظ على نقس النشاط وعلى أصول المقاولة وعلى المخطط اإلستثماري واإلنتاجي وآفاق التشغيل وفق ما هو مسطر في عرضه.
بإلتزام المفوت له بالحفاظ على جميع األطر والعمال التابعين للشركة المبيعة تحت طائلة أداءه لهم جميع ما سينهض لهم من مستحقات."...
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم ،80/881الصادر بتاريخ ،1880-81-70في الملف ع ،1880/79/111والذي تم إستئنافه ،فصدر في شأنه بتاريخ
، 1889-81-11القرار اإلستئنافي عن محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء ،رقم ،89/1191ملف ع ،77/1880/1111والذي قضى بعدم قبول اإلستئناف.
أنظر ذلك بالملحق رقم .7
3
Mohammed Drissi Alami Machichi, op. cit, p 171
139
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
طرف غريهم من جهة أخرى ،أن يخلق جوا من املنافسة الرشيفة واملفاوضات الهادفة التي ستفيد املقاولة دون شك ،ومتكن
املحكمة من إختيار أحسن العروض.1
وتجدر اإلشارة يف هذا اإلطار ،أن العروض املقدمة ال ميكن أن تكون جدية إال إذا كانت وضعية املقاولة معروفة لدى
املرتشحني إنطالقا من تقرير املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية ،مام يحتم أن يقدم كل شخص يرغب يف إقتناء املقاولة
دفرتا للتحمالت يحدد فيه اإللتزامات التي سوف يتحملها.2
لذا ينبغي عىل صاحب العرض ،أن يبدي رغبته الحقيقية يف إقتناء املقاولة ،وذلك بطرحه لعرض كامل يتضمن بيانات
ومعلومات عن القدرات املادية الحقيقية ،ويف حالة تخلف عنرص الجدية فللمحكمة أن تستبعده ،ومن التطبيقات القضائية يف
هذا املجال حكم املحكمة التجارية بالدار البيضاء ،3الذي جاء فيه..." :حيث أكد السنديك أن املقاولة ال تتوفر عىل أية
إمكانيات ذاتية ملواجهة خصومها...
وحيث أشار من جهة أخرى إىل أنه تلقى عرضني إلقتناء أصول الرشكة يف إطار التفويت الكيل أولهام من ...وثانيهام
من ...مقرتحا املصادقة عىل عرض األوىل لجديته ولتعزيزه بضامنة بنكية"...
ويف حكم آخر صادر عن نفس املحكمة 4جاء فيه..." :وحيث إنه يف شأن العرضني املقدمني من طرف الرشكة ...ورشكة،
فإن البني أن العرضني املذكورين يف شأن تفويت ،...أبانا عن عدم قدرتهام عىل تحقيق أهداف التفويت برمته وتخلفتا عن
تقديم ضامنات جدية إلستمرارية نشاط املقاولة يف أحسن الظروف"...
وإذا كانت هذه هي مختلف اإللتزامات امللقاة عىل صاحب العرض ،فإنه يبقى عىل املحكمة باملقابل التقيد بالشفافية لضامن
نزاهة املنافسة أثناء تلقيها للعروض ،5وبال تايل ضامن تسوية املقاولة والحفاظ كليا أو جزئيا عىل مناصب الشغل وتصفية
الخصوم ،تكريسا لروح الترشيع التجاري.
تقوم املحكمة بإختيار العرض الذي يتوفر عىل خاصية الجدية ،بناءا عىل العنارص التي يتم تزويدها بها من طرف السنديك،
حيث أن معيار الجدية يعترب معيارا عاما قصد إختيار الحل املالئم إلخراج املقاولة من صعوباتها ،وال ميكن إعتبار العرض جديا
1عبد الكريم عباد ،مخطط التفويت بين النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء ،مجلة رحاب المحاكم ،ع ،0سنة ،1878ص .70
2
Yves chaput, op. cit, p 374.
3حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم ،187بتاريخ ،1881-81-11في الملف رقم ،1881/78/117أنظر الملحق رقم .7
4أمر القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء ،أمر ع ،1881/181ملف التصفية القضائية ع ،891في الملف رقم ،1881/79/1110أنظر الملحق
رقم.7
5عبد الكريم عباد ،مخطط التفويت بين النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء ،م.س ،ص .79
140
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إال عندما تتم معرفة الوضعية الحقيقية للمقاولة ،بناءا عىل تقرير السنديك حول املوازنة اإلقتصادية واإلجتامعية الذي يعده
خصيصا لهذا الغرض.1
لذا تتجىل سلطة املحكمة يف إختيار أحسن عرض ،من خالل متحيص العروض املقرتحة إلقتناء املقاولة وإختيار أحسنها،
فهذه األخرية ال تعتمد العرض إال بعد النظر يف نتائجه عىل مستوى نشاط املقاولة ،ومناصب الشغل ،وتصفية الخصوم ،2وذلك
عىل ضوء البيانات التي يتضمنها العرض واملنصوص عليها يف املادة 104من م.ت.
ومن التطبيقات القضائية يف هذا املجال ،حكم املحكمة التجارية مبراكش 3الذي جاء فيه ما ييل..." :إن الرشكة ترغب يف
اإلحتفاظ بكل العامل ،وأنها إستعانت برأسامل أجبني ،مام يشكل إدرار أموال أجنبية إضافية عىل اإلقتصاد الوطني ،خصوصا
وأن الرشكة (أ) هي رشكة بإمتياز ومختصة يف سياحة 4و 5نجوم...وأن الضامنات املقدمة من طرف البنك التجاري املغريب هي
ضامنة حقيقية"...
وتتقيد صالحية املحكمة يف إختيار أفضل العروض ،برضورة التأكد من مراعاة العرض ملعيارين أساسيني وهام :معيار إستقرار
التشغيل ألطول مدة ،ومعيار أداء مستحقات الدائنني ،4ويف حالة عدم اإلستجابة لهذه الرشوط فإن املحكمة ال تقبل العرض،
وهو ما أقرته املحكمة التجارية بالدار البيضاء 5يف حكمها الذي جاء فيه..." :يستفاد من تقرير السنديك أن العرض املقدم من
طرف السيد ...يأخذ بعني اإلعتبار العوامل اإلجتامعية واملالية إضافة إىل تحديث آليات العمل وتصفية خصوم املقاولة وجدولتها
عىل أربع سنوات ،كام تتوفر فيه الرشوط التي تضمن تحقيق األهداف املتعلقة بالتشغيل وأداء الديون"
ويف نفس السياق قضت املحكمة التجارية بالدار البيضاء 6مبا ييل..." :يستفاد من تقرير القايض املنتدب املودع بكتابة ضبط
هذه املحكمة بتاريخ 7003/60/64أن سنديك التسوية القضائية توصل بتاريخ إيداع تقريره لدى كتابة الضبط بعرض من رشكة
إيطالية تدعى (د ) تهدف من خالله إقتناء املقاولة مببلغ قدره تسعة ماليني درهم وأنه تم توقيع العرض من طرف ممليل
الرشكتني بتاريخ 7003/05/71و ... 7003/05/72إن جدية العرض ال ترتبط فقط بجودة تحريره وضخامة أرقامه...إنه تبعا لذلك
1عبد الكريم عباد ،مخطط التفويت بين النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء ،م.س ،ص .79
2تجدر اإلشارة أنه بمجرد اإلنتهاء من إجراءات التفويت تتم تصفية خصوم المقاولة ،والتي ترتكز على توزيع ثمن التفويت على الدائنين بغية إستيفاء ديونهم وتحقيق
ضماناتهم ،فبخصوص ت وزيع ثمن التفويت على الدائنين :فإن من بين أهم آثار التفويت تصفية خصوم المقاولة بتوزيع ثمن التفويت على الدائنين حسب مرتبة كل
واحد منهم ،حيث يتولى السنديك القيام بعملية التوزيع (المادة 181من م.ت) ،وتكمن الغاية من التوزيع في كون المخطط القاضي بتفويت المقاولة يؤدي إلى
إستحقاق جميع الديون غير الحالة ،بخالف مخطط اإلستمرارية الذي يفرض العديد من اآلجال والتخفيضات على الدائنين ،لذلك ال يكون هناك داع لتعطيل عملية
التوزيع مما يجعل الوضعية شبيهة بوضعية المقاولة في إطار التصفية القضائية.
3حكم المحكمة التجارية بمراكش ،حكم رقم 90/7الصادر بتاريخ ،1888/81/18منشور بمجلة المحاكم المغربية ع ،00ماي يونيو ،1887ص .10
4المادة 181من م.ت.
5حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1881/10الصادر بتاريخ ،1881/81/19ملف ع .78/1887/891
وأنظر كذلك حكم لنفس المحكمة رقم ،1881/910الصادر بتاريخ ،1881/81/70ملف ع ..1881/111
6حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء "غرفة المشورة" رقم 1881/91الصادر بتاريخ ،1881/81/81ملف ع 1888/78/819
وقضت نقس المحكمة في حكم آخر بما يلي..." :تبين من خالل ما سبق أن كل العروض المقدمة من أجل إستمرارية المقاولة تضمنت عدة مقتضيات بعضها متشابه
والبعض اآلخر متباين ،وحيث أنه إلعتماد هذا العرض أو ذاك البد من الركون إلى معيار موضوعي يحدد شرطين أساسيين البد من التقيد بهما لترجيح عرض على
اآلخر،
أولهما :مدى إستجابة العرض المقدم لحاجات المقاولة من حيث إعادة الهيكلة وتكوين الرساميل مع وضع إستراتيجية واقعية لتخطي الصعاب؛
ثانيهما :مدى إستجابة العرض المقدم لإلكراهات المتعلقة بأداء الخصوم الحالية والمستقبلية"...
حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 99/0الصادر بتاريخ 1889/81/79ملف ع ،78/79/7811أشارت إلى هذين الحكمين حياة متوكل ،م.س ،ص .791
141
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
فإن العرض املقدم من طرف (د) غري جدي وال تتوفر فيه الرشوط املنصوص عليها يف املادة 104وبالتايل ال يحقق الغايات
املنشودة من التفويت واملنصوص عليها يف املادة 103من م.ت."...
واملالحظ أن املحكمة التجارية تحاول إيجاد التوازن بني املصالح اإلقتصادية واإلجتامعية عند اإلختيار بني عروض التفويت،
بحيث ال ميكنها قبول املخطط إذا كانت العروض ناقصة وغري مقنعة يف جانب من الجوانب التي حرص املرشع عىل حاميتها،
ويف هذا السياق قضت املحكمة التجارية Dijonأنه " : 1ال ميكن قبول املخطط إذا كانت العروض ناقصة غري مقنعة ،ألنها ال
تتضمن ملال أي توضيح بخصوص طرق األداء ،وال تقدم أية ضامنات للتنفيذ ".
ومعناه أن املحكمة متتلك سلطة واسعة ،وحرية مطلقة من أجل إنتقاء أحسن عرض للتفويت ،وال تكون مرتبطة بوعود
املرشحني مقدمي العروض ،أو بآراء األشخاص الذين متت إستشارتهم ،إذ يجب عىل صاحب العرض أن يعرب عن رغبته
الحقيقية يف إقتناء املقاولة والوفاء بإلتزاماته ،وأن يكون عرضه كامال وغري معلق عىل أي رشط وإال إستبعدته املحكمة ،وهو ما
أكدته ا ملحكمة التجاري بالدار البيضاء يف أحد أحكامها الذي ورد فيه..." :وحيث إنه بغض النظر عن ضآلة املبلغ وعدد العامل
املراد اإلحتفاظ بهم ،فإن إشرتاط مدة عرش سنوات لإلستغالل يبقى طلبا غري جدير باإلستجابة له ،ألن موضوع التفويت يشمل
أصول املقاولة العقارية أو املنقولة ،وال ينرصف إىل منح إجازة أو إذن أو ترخيص ميلل إطارا خاصا ،والذي هو من صميم
إختصاص جهة إدارية أوكل لها املرشع التقرير يف شأنه دون غريها ...،وحيث إن العرض املقدم واملبني عىل رشط مآله
2
الرفض"
إن اإلختالف القائم بني آليات التفويت ،3ال يحول دون وجود قاسم مشرتك بينها ،يتملل يف كون جميع هذه الحاالت
تشكل تغيريا يف املركز القانوين للمشغل ،وكون املحكمة تتمتع فيه بحرية اإلختيار ،ويف هذا اإلطار وحرصا من املرشع املغريب
1حكم المحكمة التجارية Dijonالصادر بتاريخ 70يناير ) 1707 jcp ed.G 1994 ( 7997أشار إليه :عبد الواحد الصفوري ،م.س ،ص .718
2حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،عدد ،1881/181بتاريخ ،1881/88/81في الملف ع ،1881/79/1110أنظر الملحق رقم .7
وقد دأب القضاء التجاري على رفض جميع العروض المقدمة إذا تبين له أنها ال تستجيب للمعايير المحددة ،أو لم تستوف البيانات التي يتعين إدراجها ،حيث ورد
في حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش ما يلي..." :حيث يتبين من كل ما سبق –أي بعد عدم قبول جميع العروض لعدم إستجابتها للمعايير -أن أي حل من
حلول التسوية ال يبدو ممكنا ،ويتعين بذلك التصريح بالتصفية القضائية للشركة "...حكم رقم ،1881/88الصادر بتاريخ ،1881/81/11ملف ع ،1888/1أشار
إليه :عبد الرحيم القباب ،م.س ،ص .10
3مما تنبغي اإلشارة إليه أن التفويت له آليا ت وأنواع ال ينبغي الخلط بينها ،إذ يجب التمييز بين مخطط التفويت كإجراء مستقل في مساطر التسوية القضائية ،وبين
بعض اإلجراءات المرتبطة بمخططات أخرى لذا يتعين توضيح الفرق بين مختلف آليات التفويت كما يلي :
-التفويت الجزئي :المنصوص عليه في المادة 191من م.ت ،وال معتمد كإجراء هام من أجل حسن تنفيذ مخطط اإلستمرارية وإنجاحه ،وذلك عن طريق تفويت
بعض القطاعات من أجل توفير مصادر مالية إلستمرارية المقاولة ،وهذا هو وجه الخالف بينه وبين مخطط التفويت الذي يهدف إلى الحفاظ على المصالح المرتبطة
بالمقاولة عبر ضمان إستمرار نشاطها ولو عن طريق تفويتها؛
-التفويت الشامل :وهو عملية بيع للوحدات اإلنتاجية وهذا ما تؤكده الفقرة األولى من المادة 118من م.ت ،ويتم إعتماد هذا اإلجراء في حالة التصفية القضائية،
بأمر من المحكمة (القاضي المنتدب) ،في حين أن مخطط التفويت هو إجراء يعتمد على حكم تصدره المحكمة ويحق لهذه األخيرة أن تقضي بفسخه كلما تبين لها
وجود إخالل باإللتزامات الملقاة على عاتق المفوت إليه؛
-التفويت الجزافي :وقد نظمه المشرع المغربي في الفصل 879من القانون التجاري الملغى ،ويعد من البيوع الحبية القائمة على المراضاة والموافقة بين إتحاد
ال دائنين ،بشرط الحصول على إذن من طرف المحكمة ،في حين أن مخطط التفويت يشكل تفويت إجباري ال يمثل رضا المدين أو الدائنين ،كما أنه يشكل وسيلة
مستقلة يتم العمل بها في إطار مساطر المعالجة ،بخالف التفويت الجزافي الذي يشكل وسيلة إستثنائية يعمل بها في مسطرة تصفية األموال كلما كانت اإلجراءات
العادية تبدو معقدة وطويلة.
142
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
عىل إنجاح مخطط التسوية يف شكل تفويت املقاولة ألحد األغيار ،وإبتغاءا للمرونة والفعالية يف عملية التفويت ،منح للمحكمة
صالحية حرص مخطط التفويت (أوال ) وذلك باإلختيار بني نوعني من التفويت حسب سلطتها التقديرية ،وحسب توفر الرشوط
ومدى إمكانية تحقيق األهداف املتوخاة من كليهام ،عىل أن صالحيتها هذه وسلطتها التقديرية متتد لتشمل مختلف ما ميكنها
إدخاله من تعديالت عىل مخطط التفويت بعد الرشوع فيه ،وفقا ملا يحمي مختلف املصالح التي ترمي تحقيقها (ثانيا).
إن حرص املحكمة التجارية ملخطط التفويت لفائدة مقاولة تتمتع مسبقا مبيزة التسوية القضائية يعد مصب كل اإلجراءات
املتخذة منذ إفتتاح املسطرة والغاية التي ترمي إليها ،1وللمحكمة كامل السلطة التقديرية إلعامل هذا اإلختيار وال تتقيد إال
باألهداف التي رسمها املرشع ،2إلتخاذ نوع التفويت الذي تراه مناسبا لكل حالة عىل حدة.
فاملقاوالت التي ال تتوفر عىل أية إمكانيات ملواجهة خصومها تكون عرضة أكرث من غريها للتفويت الكيل ،برشط أن يلتزم
املفوت إليه بالحفاظ عىل مناصب الشغل ،وتنمية نشاط املقاولة ،والعمل عىل الرفع من إنتاجها ،وتسهيل مراقبة تنفيذه
إللتزاماته املالية واإلجتامعية املحددة مبقتىض املخطط املحصور ،3وكذا سداد الخصوم.
ومتيل املحاكم إىل إختيار هذا النوع من التفويت ،ألنه ميكن من نقل كل ما تتألف منه املقاولة من عقارات ومنقوالت مادية
أو معنوية وجميع أدوات وتجهيزات اإلنتاج وغريها ،4أما بالنسبة لألمالك غري املتضمنة يف مخطط التفويت ،فتباع يف غياب
مخطط إلستمرارية املقاولة ،وفق الكيفية والطرق املنصوص عليها بشأن التصفية القضائية.5
فالتفويت إذن هو شبه نقل للمقاولة ،6وذلك تفاديا للمشاكل التي قد يلريها التفويت الجزيئ ،عند فصل مجموع عنارص
اإلنتاج التي تكون قطاعا أو عدة قطاعات ألوجه النشاط كاملة ومستقلة ،7ألنه ميكن من وضع نهاية لنشاط املدين الذي قد
يعترب مساهام بشكل أو بآخر يف وصول املقاولة إىل الوضعية املرتدية التي تعاين منها ،بعبارة أخرى فإن التفويت الكيل يشكل
143
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ما يعرف بالتفويت البسيط الذي قد يجنب املحكمة الخوض يف عدة إجراءات وتعقيدات وإحتياطات يستلزمها التفويت الجزيئ
كام سنأيت عىل ذكر ذلك.
ويف هذا الصدد أصدرت املحكمة التجارية بالدار البيضاء 1حكام قىض بالتفويت الكيل للمقاولة ،ألن العرض املقدم من طرف
املفوت لها جاء مستوفيا للرشوط املنصوص عليها يف املادة 104من م.ت ،وذلك لتضمينه التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل،
ومثن التفويت ،وكيفية سداده ،وتاريخ إنجاز التفويت ،ومستوى التشغيل وآفاقه ،والضامنات املقدمة لتنفيذ العرض ،وكذا
إلرفاقه بالقوائم الرتكيبية املتعلقة بالسنوات املالية اللالثة الخاصة بها ،إضافة إىل الحفاظ عىل مناصب الشغل لكل مستخدمي
املقاولة ،وبالعمل عىل تنمية نشاط هذه األخرية.
وتجدر اإلشارة يف هذا اإلطار ،إىل أن التفويت يشمل األصول دون الخصوم ،2لكون الغاية من التفويت إبراء ذمة املقاولة من
الخصوم وضامن إستمرار التشغيل ،وال يشمل حقوق أو سندات الرشكاء أو املساهمني كاألنصبة واألسهم ،وشهادات اإلستلامر،
وشهادات حق التص ويت ،فتفويت أنصبة أو أسهم رشكة ال يشكل مخططا للتفويت ،وإمنا يعد مخططا إلستمرارية املقاولة.3
ويتميز التفويت الكيل أيضا ،كون املحكمة ويف حالة إختياره ترصح تلقائيا بقفل العمليات بعد إمتام جميع األعامل الرضورية
إلنجازه ،ومن بينها تسديد اللمن وتوزيعه عىل الدائنني ،حسب درجتهم من طرف السنديك ،الذي تستمر مهمته إىل غاية قفل
املسطرة (املادة 109من م.ت) ،وذلك عىل شاكلة ما يقوم به املنتدب املكلف بتنفيذ املخطط يف الترشيع الفرنيس يف هذا
اإلطار.4
هذا وتقرر املحكمة حرص مخطط التفويت ،بناءا عىل التفويت الجزيئ عندما يستعيص عليها أن تقيض بالتفويت الكيل ،أو
عند تقديرها بأنه هو الحل األفضل واملناسب لوضعية املقاولة الخاضعة ملسطرة املعالجة ،إذا دعت الرضورة أو الظرفية املالية أو
اإلقتصادية أو اإلجتامعية أو املصلحة العامة اإلبقاء عىل النشاط وعىل مناصب الشغل.5
والتفويت الجزيئ ال ينصب عىل عنارص اإلنتاج املرتبطة بالقطاع املفوت دون البعض اآلخر ،6بل يجب أن ينصب عىل مجموع
عنارص اإلنتاج التي تكون قطاعا أو عدة قطاعات ألوجه النشاط كاملة ومستقلة ،حتى ال تؤدي إىل إنقاص قيمة األموال غري
1حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،حكم رقم ( 187غرفة المشورة) بتاريخ ،1881-81-11ملف رقم ،1881/78/117أنظر الملحق رقم .7
2إذا كان تفويت األصول دون الخصوم ،النتيجة الطبيعية المترتبة عن التفويت فإن ه ذا ال يعني أن التفويت الكلي للمقاولة ال تترتب عنه نتائج والتي تعتبر من
األهمية بما كان وهي كالتالي:
أ .يؤدي التفويت الكامل لممتلكات شركة تجارية إلى حل هذه الشركة (المادة 189من م.ت) ،وال تطبق فعال مساطر المعالجة سوى على المقاوالت والشركات
التجارية؛
ب .ال يجبر د ائنو المقاولة المفوتة إلى شركة ما على تحويل حقوقهم أو ديونهم إلى أنصبة أو أسهم أو سندات قرض ،تصدرها الشركة المفوت إليها المقاولة؛
ت .يتميز تفويت المقاولة عن تفويت األصل التجاري ،في أن تفويت المقاولة قد يتضمن عناصر ال يمكن أن تدخل في تأليف األصل التجاري ،كالعقارات والعقود
وذلك للمحافظة على النشاط.
3المادة 101من م.ت.
- Jean-François martin & Alain lienhard, op.cit, p 124 4أنظر بهذا الخصوص:
5
Jocelyne vallansan, op. cit, p 293.
6مما ينبغي إثارة اإلنتباه إليه بهذا الخصوص ،أنه ال ينبغي الخلط بين التفويت الجزئي في إطار مخطط التفويت ،وبين التفويت الجزئي الذي تقرره المحكمة مرتبطا
بمخطط اإلستمرارية ،إذا إرتأت أن بعض فروع المقاولة غير منتجة أو مكلفة كمحاولة للتقليص من التكاليف ،وإعادة هيكلة المقاولة إنسجاما مع محيطها اإلقتصادي،
فالتفويت الجزئي في هذه الحالة يرتبط بتفويت القطاعات المرتبطة باإلنتاج ،أما التفويت الجزئي في إطار مخطط التفويت ،فإنه يرتبط بتفويت قطاع أو عدة قطاعات
ألوجه نشاط تكون كاملة ومستقلة في حد ذاتها عن باقي فروع النشاط ،بحيث ال تأثير لها على هذه الفروع أو القطاعات األخرى للمقاولة في حالة فصلها عنها.
144
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املفوتة ،وضامن إستقاللها من جهة ،وضامن اإلستمرارية واإلبقاء عىل نشاط القطاع املفوت الذي يجب املحافظة عىل
إستقالله من جهة أخرى.1
وغالبا ما تقرر املحكمة التفويت الجزيئ ،عند وجود صعوبات تحول دون تقرير التفويت الكيل ،ألن هدف املرشع من هذا
النوع من التفويت هو املحافظة عىل النشاط ،وعىل كل أو بعض مناصب الشغل و إبراء ذمة املقاولة من كل الخصوم أو بعضها.2
يحتكم القضاء التجاري املغريب يف تدبري ملفاته ،ومعالجة قضاياه إىل املنطق اإلقتصادي واملايل مبنطلقاته ومفاهيمه
وقواعده ،أكرث مام يحتكم إىل املنطق اإلجتامعي ،ذلك أن مقتضيات الكتاب الخامس من م.ت ،تستند يف جوهرها إىل
املنطق الذي يحكم امليادين املالية واإلقتصادية.3
وبالرجوع إىل مقتضيات املادة 592من م.ت ،نجد أن املرشع املغريب قد سمح بجواز تغيري املحكمة ملخطط اإلستمرارية الذي
حرصته ،ومعناه ترشيع مسطرة قانونية تعطي للمحكمة صالحية إصدار حكم يغري واقعا أقرته مبوجب حكم سابق صادر عنها،
دون أن يكون الحكم اللاين نتيجة للطعن يف األول ،األمر الذي يعترب مخالفا ملبادئ القانون التي متنح األحكام قداسة تسمى
قوة اليشء املقيض به.4
واملالحظ هنا أن املرشع املغريب مل يوفق يف صياغة املادة 592من م.ت ،حيث أضاف كلمة "اإلستمرارية" إىل جانب كلمة
"مخطط" ، 5مام يدفع إىل التساؤل عن مرامي املرشع التجاري من وراء إضافة عبارة اإلستمرارية هل هي منع تغيري مخطط
التفويت 6؟ أم أن األمر ال يعدو أن يكون خطأ شاب النص عند صياغته؟ وبالتايل يجوز للمحكمة تغيري مخطط التفويت؟
1إن المشرع المغربي تصرف بمرونة وفعالية في الفقرة الثانية من المادة 188من م.ت ،حين سمح للمحكمة أن تختار بين التفويت الكلي أو الجزئي للمقاولة ،وذلك
إذا تعذر التفويت الكلي لها ،أو إقتضت المصلحة العامة التخلي عن التفويت الكلي.
2ومن جهتنا نرى وجاهة الرأي الفقهي ،الذي ذهب إلى إعتبار أن التفويت الجزئي ،ال يمكن إعتباره كحل نهائي بمفرده قابل للتطبيق على المقاولة الخاضعة
لمسطرة التسوية ،إذا لم يندمج منذ الوهلة األولى بمخطط كاإلستمرارية أو مخطط التفويت الكلي ،فا لتفويت الجزئي يجب بالضرورة أن يكون متبوعا في أقرب مدة
إن أمكن بتبني مخطط ما ،أو بتحويله إلى تفويت كلي ،هكذا وبخالف باقي المخططات (التفويت الكلي أو اإلستمرارية) والتصفية القضائية ،فإن التفويت الجزئي ال
يعتبر في حد ذاته مخرجا مستقال للمسطرة ،لكن وكما يدل على ذلك إسمه فهو حل جزئي يجب أن يتوافق أو يتم تنسيقه مع باقي الحلول.
-أنظر في ذلك :عبد الكريم عباد ،دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .111
3حسن الوزاني التهامي ،تعديل المخطط وإشكاالته في نظام مساطر صعوبات المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،ع الثالث والرابع ،فبراير ،1889ص .17
4ولعل مرد ذلك حسب الفقه راجع إلى إستحضار الجوهر اإلقتصادي للمسطرة ،التي تقتضي تشريع آلية تمنح للمخطط المرونة الالزمة ليتالءم مع تقلبات السوق،
وقد تتجلى في تغييرات وتقلبات تؤثر على المقاولة على المستوى الداخلي (التسيير ،المعدات )...،وعلى المستوى الخارجي (عالقاتها بالممونين والزبناء والمنافسين،
األبناك )...،بمعنى وجود إما أسباب واقعية أو أسباب قانونية.
-أنظر بهذا الخصوص :حسن الوزاني التهامي ،م.س ،ص .18 -11
5أما بالنسبة للتشريع الفرنسي ،فإنه تطرق لمسألة تعديل المخطط ليشمل كل من مخطط اإلستمرارية والتفويت ،مع تأكيده على أن الثمن الذي تم به التفويت ال يمكن
تغييره.
6مع العلم كما سبقت اإلشارة إلى ذلك أن مخطط التفويت ال يختلف جوهريا عن مخطط اإلستمرارية ،فكالهما يهدف إلى اإلبقاء على المقاولة والحفاظ على مناصب
الشغل التي توفرها ،و أداء ديونها ،والفارق الوحيد أن مخطط اإلستمرارية يهدف إلى بقاء المقاولة بين يدي نفس الشخص المدين ،فيما يهدف مخطط التفويت إلى
اإلبقاء على المقاولة لكن بين يدي شخص آخر ،لذا فإن الهدف من المخططين واحد ،وبالتالي فليس هناك مبدأ منطقي لحصر إمكانية التعديل على أحدهما دون
اآلخر ،بإعمال قياس جواز تعديل مخطط اإلستمرارية على جواز تعديل مخطط التفويت ،ما داما يتحدان معا إلى حد ما في الهدف ،وما دام ال يوجد أي نص صريح
يمنع ذلك.
145
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ب الرجوع إىل العمل القضايئ املغريب ،يتضح أن املحكمة متلك صالحية تغيري مخطط التفويت بالشكل الذي ال يلغي املخطط
األول ،بل يف حدود تغيري أهداف ووسائل املخطط ليس إال ،ومنه ما قضت به املحكمة التجارية بطنجة يف حكمها الصادر
بتاريخ ،7005/06/60الذي جاء فيه..." :يهدف الطلب إىل الحكم بتعديل مخطط التفويت بتخفيض مناصب الشغل املحتفظ
بها من مئتني إىل خمسة وسبعني عامال.
وحيث بني الطلب عىل وقوع صاحب العرض يف غلط إلعتقاده بأن التفويت يشمل رشكتني ال رشكة واحدة ،وحيث أنه وفضال
عىل أنه ال يوجد يف العرض ما يوحي بأن مقدمه وقع يف الغلط الذي يدعيه ،فإن وقوع الغلط يف حد ذاته يبقى مستبعدا ما دام
أن مقر الرشكة منفصل ومستقل عن رشكة ،...خاصة وأن الطالب سبق له أن زار هذه األخرية وعاينها قبل تقديم عرضه...إن
العلة التي أسس عليها الطلب تعود لزمن سابق عن الحكم القايض بحرص املخطط وال ترتبط بتنفيذه"...
يستنتج من حيليات الحكم املذكور ،أن املحكمة التجارية تسمح بتعديل مخطط التفويت ،ولو تعلق األمر بتخفيض عدد
مناصب الشغل ،إذا إرتبط التعديل مبرحلة تنفيذ التفويت ،بدليل تبني القضاء التجاري إمكانية تغيري مثن التفويت ،وما يتبعه من
تقليص مناصب الشغل ،رغم خلو نصوص م.ت ،من نص رصيح يتناول مسألة إمكانية تغيري مثن التفويت من عدمه ،وإن كان
من الصعب تصور قبول املحكمة بتخفيض مثن التفويت ،فإنها تقيض برفعه ،خصوصا إذا تقدم املفوت إليه بطلب يرمي إىل
إبرائه من إحدى اإللتزامات التي قيدته بها املحكمة مبوجب حكمها بحرص املخطط ،مقابل رفع مثن التفويت ولو تطلب ذلك
إعفاء عدد أكرب من األجراء ،وهو األمر الذي كرسه القضاء التجاري املغريب يف تعامله مع عروض التفويت ،حيث جاء يف حكم
املحكمة التجارية بالدار البيضاء ،1ما ييل..." :وبناء عىل املذكرة التوضيحية املدىل بها من طرف رشكة (ك.د) مقدمة عرض
التفويت الجزيئ بواسطة نائبها بجلسة 7003/06/62تلتمس مبقتضاها اإلشهاد بتأكيد التفويت املقدم لدى القايض املنتدب مع
تعديله ،وذلك بالرفع من قيمة العرض وذلك بجعلها محددة يف مبلغ 470.000000بدال من 310.000000درهم ،مع حرص عدد
مناصب الشغل يف عرشة مستخدمني فقط بدال من 37أجري."...
وهنا ميكن القول ،أن الفراغ الترشيعي املغريب ينبغي أن يُتدارك بنصوص رصيحة ال تسمح للقايض التجاري بالتوسع يف
فهم مقتضيات م.ت ،يف باب صعوبات املقاولة وفقا للمنظور اإلقتصادي فقط ،دون اإلهتامم بالبعد اإلجتامعي ،مبعنى أنه
يتعني أن يكون مخطط التفويت يف جميع الجوانب مساهام يف إنقاذ وإستمرار املقاولة ،مع إستلناء التغيري يف مجال إعفاء
األجراء عىل حساب الزيادة والرفع من مثن التفويت ،وذلك مراعاة للحقوق اإلجتامعية دون التضحية بها عىل حساب املصالح
اإلقتصادية ،2وذلك تبعا للتوسع يف تطبيق القانون األفيد لألجراء ،عىل إعتبار أن اإلقتصاد يبقى دامئا يف خدمة األجري.
146
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إن قانون معالجة صعوبات املقاولة قد أسس لدور قضايئ جديد يتجسد أساسا يف إنقاذ املقاولة ،ودعم النشاط اإلقتصادي
واإلجتامعي ،يف مقابل تراجع حامية الدين وعقاب املدين ،وكذا بروز وظائف جديدة للتدخل القضايئ يف املسطرة تشمل
التسيري والتنظيم ،مقابل الوظيفة التقليدية املتمللة يف فض النزاعات ،وتتوفر املحكمة عىل سلطة التأكد من الطابع الجدي
لكل من املخططني 1قبل إعتامد أي منهام ،وهو األمر الذي يفرض عىل القايض التجاري اإلملام مبعطيات امللف الذي يقوم
بدراسته وتحليله تحليال معمقا ،وتقدير األشخاص الذين سيتولون تنفيذ هذا املخطط.
ويتعني عىل املحكمة أثناء مامرستها لسلطتها يف اإلختيار ،أن ت ُف ِّعل النصوص التي أضفت بعدا إقتصاديا وإجتامعيا عىل
ِ
املؤطر صالحيتها ،وهذا لن يتأىت إال بوعي الجهاز القضايئ بجسامة الدور الجديد املنوط به ،وإستيعابه لروح وفلسفة الترشيع
لنظام صعوبات املقاولة ،فال ينبغي أن يكون قرار املحكمة باإلستمرارية أو بالتفويت أو بالتصفية القضائية يف معزل عن األبعاد
اإلقتصادية واإلجتامعية واملالية.
إال أن هذا ال مينع من القول أن فعالية دور القضاء يف سبيل تحقيقه لهذه املساعي ،ال تحده بعض املعيقات ،بشكل أو بآخر
مام ينعكس سلبا عىل مصلحة املقاولة ،وبالتبعية عىل مصلحة وحقوق األجراء ،األمر الذي يستدعي منا التساؤل عن األسباب
التي تحد من هذا الدور القضايئ ،وعن تداعيات هذه املحدودية عىل حقوق تلك الفئة خالل مساطر صعوبات املقاولة.
لذلك سنتناول هذا الفرع من خالل مطلبني نخصص األول منهام لتبيان أسباب محدودية الدور القضايئ ،عىل أن نتطرق
يف اللاين آلثار تلك املحدودية عىل حقوق األجراء
147
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إذا كانت طبيعة دور القضاء التجاري يف إطار مساطر املعالجة ،تأخذ أبعادا إقتصادية تتجىل يف حامية املقاولة ،فإنها تأخذ
أيضا أبعادا إجتامعية تتملل يف املحافظة عىل إستقرار الشغل والسلم اإلجتامعي ،1والواقع أن الحفاظ عىل مناصب الشغل يعد
من أهم األهداف األساسية من وراء إعتامد املحكمة ملخطط اإلستمرارية ،بالدرجة األوىل ثم ملخطط التفويت ــ تجنبا ملخاطر
التصفية القضائية وسلبياتها عىل حقوق األجراءــ يف املرتبة اللانية.
فاملحكمة التجارية ومبناسبة نظرها يف ملف يهم مقاولة متعرثة ،قد تجد نفسها مقيدة (الفقرة األوىل) ،إذ يتم التضييق من
سلطاتها مبناسبة تقريرها للحل املالئم لوضعية املقاولة املفتوح يف مواجهتها مساطر املعالجة ،لصالح أجهزة أخرى تعترب إىل حد
ما املحرك الرئييس ألطوار املسطرة ،وقد تجد نفسها مضطرة لتقاسم اإلختصاص يف هذا الشأن مع محكمة أخرى ذات توجه
وإختصاص مغايرين (الفقرة اللانية) ،األمر الذي يكون له بدون أدىن شك إنعكاس سلبي عىل الحقوق اإلجتامعية لألجراء
بصفة خاصة ،وعىل األهداف املنشودة من وراء إقرار نظام صعوبات املقاولة بصفة عامة.
إن الدور القضا يئ الذي متت املراهنة عليه لضامن إستمرار نشاط املقاولة ،وتصحيح وضعيتها ،والحفاظ عىل جميع الحقوق
واملصالح التي ترتبط بها ،يتأثر وال شك مبواقف السنديك وما يتخذه من إجراءات منذ فتح املسطرة إىل غاية إقفالها ،إذ ناذرا ما
تقيض املحكمة بخالف مضمون مقرتحات السنديك وما يراه مالمئا من حلول كفيلة بإصالح وضعية املقاولة املتعرثة ،ومن
خالل مجموع األحكام التي تيرس لنا اإلطالع عليها تم مالحظة أنها ت ُبنى دامئا عىل ما توصل إليه السنديك من نتائج
ومقرتحات ،سواء مبناسبة تبنيها ملخطط اإلستمرارية أو التفويت أو يف حالة نطقها بالتصفية القضائية هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى فإن املحكمة مقيدة مبقتىض القانون ،يف حالة إخالل املقاولة باإللتزامات املحددة يف املخطط (سواء مخطط
اإلستمرارية ،أو مخطط التفويت) بفسخ هذا األخري وتحويله إىل تصفية قضائية ،دون منحها سلطة البحث يف مدى إمكانية
طرح خيار آخر غري التصفية ،خاصة أمام ما يحمله هذا الحل األخري من إجهاز عىل حقوق جميع املرتبطني باملقاولة وعىل وجه
الخصوص األجراء منهم
1
Catherine marraud & Francis kessler & Frederic géa, op. cit, p 244.
148
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
بالرغم من كون املحكمة غري ملزمة بتبني مخطط التسوية املقرتح من طرف السنديك ،يف إطار إعداده للحل الكفيل بإنقاذ
املقاولة ،فإنها تنطلق من التقرير الذي يعده هذا األخري لتك ِّون قناعتها ،إعتبارا لكون تقرير السنديك يتضمن إلزاما موازنة مالية
وإقتصادية وإجتامعية ،ينجزها إلعطاء صورة حقيقية عن وضعية املقاولة ،كام أنها تكاد ال تخرج عن مضامني مقرتحاته
وتجعلها أساسا ينبني عليه حكمها ،األمر الذي ميكن معه القول أن مصري املقاولة ومعه حقوق األجراء ال يعترب بيد املحكمة،
بقدر ما هو بيد سنديك املسطرة ،والتطبيقات القضائية التي جعلت مقرتحات وآراء السنديك ركيزة أساسية تبني عليها املحكمة
حكمها عديدة ومتنوعة ،نذكر منها أمر القايض املنتدب باملحكمة التجارية بالدار البيضاء " :1بناءا عىل طلب التوزيع الذي تقدم
به السيد ...سنديك...جاء فيه "...ليخلص القايض املنتدب يف أمره إىل املصادقة عىل املرشوع الذي تقدم به السنديك ،دون
أي تغيري يف محتواه ،أو مناقشة ملضمونه إذ جاء يف منطوق األمر " :نرصح نحن القايض املنتدب يف املسطرة علنيا وإبتدائيا:
باملصادقة عىل مرشوع التوزيع املقدم من طرف السنديك...يف ،7061-04-66واإلذن له بالقيام بعملية التوزيع عىل الشكل
التايل"...
كام أن املرشع املغريب قد رتب عىل إخالل املقاولة بإلتزاماتها املحددة يف مخطط اإلستمرارية فسخ هذا األخري ،2والحكم
مبارشة بالتصفية القضائية ،دون فتح الباب أمام إمكانية تجربة حل ثان يقيض بتفويت املقاولة ،قبل تطبيق الحل اللالث أي
التصفية القضائية ،مبعنى آخر عدم إعطاء املحكمة التجارية السلطة التقديرية إلختيار الحل املناسب لوضعية املقاولة ،وذلك من
بني تفويتها أو تصفيتها.3
والتساؤل املطروح هنا ،يتعلق بجزاء الفسخ الوارد يف املادة 107من م.ت ،هل جاء عىل سبيل اإللزام أم عىل سبيل اإلختيار،
وبعبارة أخرى هل القايض التجاري ملزم بإخضاع املقاولة املعنية إىل التصفية القضائية ،أم يحظى بالسلطة التقديرية يف تقرير
الجزاء املالئم؟
إرتباطا بهذا السؤال وعند تحديد موقف العمل القضايئ املغريب من تطبيق هذه املادة ،فإنه يتجىل أن القضاء ظل يتأرجح بني
موقفني ،موقف يرى أن الفسخ هو مجرد إمكانية بيد املحكمة منحها إياها املرشع ،ولها كامل السلطة التقديرية يف إعامل هذه
املكنة من عدم إعاملها ،وهو ما يستشف من خالل الحكم الصادر عن املحكمة التجارية بالدار البيضاء 4بتاريخ ،7002/02/61
الذي جاء يف إحدى حيلياته..." :إن الفسخ املشار إليه يف املادة ،107هو إمكانية وضعها املرشع بني يدي املحكمة ال مسطرة
149
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واجبة ا إلتباع كلام تم اللجوء إليها فإن ذلك سيفرغ مساطر صعوبات املقاولة من الغاية التي توخاها املرشع وهي مساعدة املقاولة
عىل تجاوز الصعوبات التي تعرتضها وحامية الجانب اإلقتصادي واإلجتامعي بها"...
وأكدت املحكمة التجارية بالدار البيضاء 1يف حكمها الصادر بتاريخ 7001-67-75عىل حرية القضاء التجاري يف تقرير فسخ
مخطط اإلستمرارية عند إخالل املقاولة بأحد إلتزاماتها املحددة يف املخطط ،حيث من ضمن ما جاء يف حيلياته..." :إن فسخ
مخطط اإلستمرارية يقتيض البحث يف أسباب ودوافع عدم تنفيذ املقاولة إللتزاماتها املتعلقة أساسا بتسديد أقساط الدين املدرجة
باملخطط ... ،وحيث إنه كلام ثبت أن عدم تسديد املقاولة لديونها يف اآلجال املحددة يف املخطط راجع إىل أسباب خارجة عن
إرادتها فال يوجد ما مينع من منحها آجاال أخرى ما دام أن الهدف من مخطط اإلستمرارية هو تسديد الديون املقبولة بصفة
نهائية يف باب الخصوم وهو ما دفع باملحكمة إلستدعاء رئيس املقاولة...،ومل يدل رئيس املقاولة بأي معطيات كفيلة بضامن
تنفيذ املخطط وإعادة النشاط للمقاولة...إنه يتعني إعتبارا ملا ذكر أعاله ترتيب الجزاء املنصوص عليه يف املادة 107من م.ت،
وذلك بفسخ مخطط اإلستمرارية وفتح مسطرة التصفية القضائية"
يف حني أن املوقف اللاين يرى عكس ذلك ،ويذهب إىل تقريره فسخ مخطط اإلستمرارية كحل وحيد عند إخالل املقاولة
بإلتزاماتها ،وهكذا جاء يف حكم صادر عن محكمة الدار البيضاء التجارية 2ما ييل ..." :إن التوقعات التي بني عىل أساسها
مخطط اإلستمرارية ،وا لتي قدمها رئيس املقاولة ،مل تنجز لعدة عوامل ...حيث مام ذكر أعاله أن رشكة...مل تحرتم مخطط
اإلستمرارية ،ومل تف بإلتزاماتها الواردة فيه ،مام يتعني معه القول بفسخ مخطط اإلستمرارية ،وفتح مسطرة التصفية القضائية
يف مواجهتها".
يتضح إذن أن القضاء التجاري يظل مقيد بنص املادة 107من م.ت ،بغض النظر عام إذا كان يرى إلزامية تطبيقها أم يذهب
إىل كونها مجرد مكنة بيد املحكمة ،إذ ينطق التصفية القضائية يف جميع الحاالت التي ال تنفذ فيها املقاولة إلتزاماتها ،التي
تعهدت بالقيام بها من أجل إنجاح مخطط اإلستمرارية ،أو يف حالة عدم قيامها بأي نشاط ميكن معه إنجاح مخطط
اإلستمرارية إىل غري ذلك من الحاالت.3
ومنه ميكن القول أن املرشع التجاري مل مينح املحكمة التجارية أية سلطة تقديرية ،أمام حالة فشل مخطط اإلستمرارية،
يف إختيار تفويت املقاولة بدل تصفيتها قضائيا ،حتى يتسنى للمحكمة تحقيق األهداف الترشيعية املتوخاة من مسطرة التسوية
1حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،ع 881الصادر بتاريخ ،1881-71-18في الملف ع ،1888/78/781أشار إليه :نبيل أبو مسلم ،آثار الحكم القاضي
بفسخ مخطط اإلستمرارية في مساطر صعوبات المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،ع ،770ص .11
2حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم ،1871/11بتاريخ ،1871-81-87ملف رقم .78/1877/118
3تجدر اإلشارة أن م.ت ،جاءت بمقتضيات زجرية الغاية من وراء تفعيلها التصدي لكل الحيل القانونية التي قد يلجأ إليها المدين وذلك بالتالعب بأصول المقاولة
وأموالها لمصلحته ،ولعل إخالل المدين باإللتزامات المفروضة عليه وفقا لمخطط اإلستمرارية كما تم حصره ،يدخل ضمن ما أقرته م.ت من جزاءات تطال مسيري
المقاولة الفعليين أو القانونيين ،إذ يخضعون لجزاءات مدنية وجنائية عند إخاللهم بإلتزاماتهم وتبديد أصول المقاولة عمدا ،وتتجلى الجزاءات ذات الطبيعة المدنية في
تحميل المسيرين النقص الحاصل في األصول (المادة 181من م.ت) وسقوط األهلية التجارية (المادتين 178إلى 179من م.ت) باإلضافة إلى الجزاءات ذات
الطبيعة الجنائية والمتمثلة في عقوبات حبسية أو غرامة مالية (المادتين 117و 111من م.ت).
لمزيد من التفصيل حول دور القضاء التجاري في تطبيق العقوبات على مسيري المقاولة عند اإلخالل باإللتزامات المفروضة عليهم أنظر:
-حياة متوكل ،المسؤولية الجنائية للمسير الفعلي في القانون المغربي والمقارن ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،وحدة التكوين والبحث قانون األعمال والمقاوالت ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،السويسي الرباط ،س.ج ،1880/1881ص 11وما وراءها.
150
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
القضائية ، 1بل األدهى من ذلك فإن تقرير املحكمة لفسخ مخطط اإلستمرارية يلعب فيه السنديك دورا ال يستهان به عىل غرار
دوره يف تبنيه ،2األمر الذي ينعكس سلبا عىل حقوق األجراء بالدرجة األوىل ،لذا فالقضاء مطالب بالرتيث يف إتخاذه الحل
للمقاولة التي تعاين من صعوبات ،وأال يلجأ إىل تحويل مخطط اإلستمرارية إىل تصفية قضائية ،إال بناءا عىل معايري إجتامعية
وإقتصادية يف آن واحد ،3األمر الذي يدفعنا إىل القول أن دور القضاء التجاري يجب أن يتحقق من خالل تقدير مدى قابلية
املقاولة لإلستمرار يف محيطها اإلقتصادي بالنظر إىل إمكانيتها ومدى إستعدادها للحفاظ عىل مناصب شغل األجراء املشتغلني
بها ،وأال يبقى دوره كمجرد أداة لتصفية املقاوالت املتعرثة.
وبإعتبار أن مسطرة التصفية القضائية تشكل إندثار وحدة إقتصادية هامة ،4فإنه يتعني عىل القضاء بذل مساع كربى يف سبيل
تفادي هذه املسطرة ،وجعلها كمحطة أخرية ال يتم اللجوء إليها إال إذا إنعدمت فرص التسوية متاما ،ونعتقد أن مضامني الكتاب
الخامس من م.ت ،تؤيد هذا املنحى ،عىل أساس أن ضامن مصلحة املقاولة والحامية اإلجتامعية لألجراء ،تسمو فوق مصالح
األطراف ،وبالتايل ي نبغي فتح املجال أمام القضاء التجاري للقيام بأي إجراء يضمن تسوية وضعية املقاولة بالشكل الذي يراعي
املصلحة اإلجتامعية.5
يتجىل تقييد سلطة املحكمة التجارية ،وضعف قدرتها يف إختيار عرض التفويت املالئم للوضعية اإلقتصادية واإلجتامعية
للمقاولة ،فيام يحظى به السنديك من حرية مطلقة يف تحديد أجل تقديم العروض دون قيد أو تحديد من طرف املرشع ،األمر
الذي من شأنه أن يعدم حرية املنافسة بني املرتشحني ،إضافة إىل ظاهرة إختيار عروض التفويت ذات أعىل مثن ،عوض
البحث عن العروض املحققة إلستمرارية املقاولة بأكرب عدد من مناصب الشغل.
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .111
2إنطالقا من كون السنديك ،تعهد له مهمة متابعة إجراءات تنفيذ المقاولة إللتزاماتها المحددة في مخطط اإلستمرارية ،وتقديم تقرير داخل أجل تحدده المحكمة والذي
يتراوح في الغالب بين أربعة أشهر وستة أشهر أو سنة ،وذلك حول تطور المقاولة ودفع المستحقات الواجبة عليها في آجالها ،مع إشعار المحكمة عند عدم أداء هذه
المستحقات ،أو حصو ل تدهور أدى إلى اإلخالل بتنفيذ اإللتزامات ،حتى تتمكن هذه األخيرة من مراقبة تنفيذ المقاولة إللتزاماتها في هذا الباب أو الحكم بفسخ المخطط
المحصور لفائدتها ،وفي هذا الشأن صدر حكم عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء جاء فيه..." :إن الثابت من تقرير السنديك المدلى به في إطار مراقبة تنفيذ
المقاولة إللتزاماتها ،أن اإللتزامات المحددة في مخطط اإلستمرارية وهي المتعلقة ...لم يتم تنفيذها ،...فإن فسخ مخطط اإلستمرارية يكون مبررا ويتعين الحكم به
حفاظا على حقوق الدائنين"...
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء (غرفة المشورة) رقم ،1888/111الصادر بتاريخ ،1881-81-78ملف ع ،78/1881/11منشور بالمجلة المغربية
لقانون األعمال والمقاوالت ،ع ،1سنة ،1881بسلسلة القانون والممارسة القضائية ،ص .708
وبذلك يظهر لنا مدى تحكم السنديك في مجريات المسطرة ،ومدى تعلق مصير المقاولة بما خلص إليه في تقاريره ،سواء تقرير الموازنة المالية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،أو تقرير المتابعة الذي يحرره بعد الشروع في تنفيذ المقاولة لما تم حصره بمقتضى المخطط القاضي بإستمراريتها.
3تعتمد المحكمة في بعض األحكام الصادرة عنها على المعيار اإلجتماعي كمحدد للتسووية القضوائية ومون بينهوا حكوم المحكموة التجاريوة بأكوادير الوذي قضوى بموا يلوي:
" ...بالنظر إلى عدد العمال الذين ال يزالون يشتغلون بالشركة...فإنها ليست في وضعية مختلة ال رجعة فيها ،وأنه عموال بمقتضويات الموادة 110مون م.ت ،يتعوين فوتح
مسطرة التسوية القضائية في مواجهتها"...
-حكم المحكمة التجارية بأكادير ،حكم رقم ،99/8بتاريخ ،7999-81-71ملف ع ،99/1منشور بمجلة المرافعة ع 78مارس ،1888ص .881
4عبد الواحد الصفوري ،م.س ،ص .711
5لهذا نرى أنه ينبغي على المشرع التجاري إبقاء الباب مفتوحا في منح المقاولة فرص جديدة لتنفيذ المخطط ،وفي إنتظار ذلك ال ينبغي على المحكمة فهم مقتضى
المادة 181على نحو اإللزام ،فإلى حين تعديل مقتضى هذه المادة بشكل صريح ،فالجزاء األمثل عند عدم تنفيذ المقاولة إللتزاماتها الواردة في مخطط اإلستمرارية
هو قيام المحكمة بتفويت المقاولة جزئيا أو كليا ،حسب ظروف المق اولة اإلجتماعية واإلقتصادية ،ألن هذا الحل يخدم مصلحتها ومصلحة األجراء في آن واحد بدل
النطق مباشرة بتصفيتها على إثر فسخ المخطط.
151
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ومن خالل إستقراء نصوص م.ت ،يتضح أن املرشع املغريب مل يحدد أي جزاء يلحق العروض املقدمة خارج األجل الذي
يحدده السنديك ،مام يسمح بالقول إن أجل تقديم العروض ليس أجل سقوط ،األمر الذي ميكن معه قبول العروض ذات
الفرص الحقيقية املقدمة خارج األجل ،1لذا فاملحكمة عليها دامئا أن تستحرض حامية مناصب الشغل واملصلحة اإلقتصادية معا،
هذه األخرية التي ميكن أن تترضر من جراء إقصاء عروض تفويت تجسد ميلاقا حقيقيا لتسوية وضعية املقاولة ،بسبب تقدميها
خارج األجل ،وبذلك تفوت املحكمة ع ىل املقاولة فرصة إنقاذ قد تعترب األفضل ،إذ قد تكون من بني هذه العروض املقصاة
(الواردة خارج األجل)أحسنها ،2كام أن هذا األجل قد ال يسعف املرتشحني لتقديم عروضهم بشكل متكامل وجدي يقوي من
حظوظهم يف إقتناء املقاولة.3
واملالحظ أن املحكمة التجارية تأسس قرارها بتفويت املقاولة ،أو القيام بتحويل خيار التفويت إىل تصفية قضائية ،بناءا عىل
العروض املحالة عىل الجلسة التي تنظر خاللها مدى جدية عروض التفويت املقدمة إىل السنديك ،وبناءا عىل مقرتحات
وترجيحات هذا األخري املضمنة بتقريره ،4دون أن تكلف نفسها عناء الرجوع إىل العروض املقدمة خارج األجل ،التي ميكن أن
تتضمن أفضل املقرتحات وذلك بأن تكفل إستمرار نشاط املقاولة ،مع أداء مستحقات الدائنني دون اإلستغناء عن عقود شغل
األجراء.5
كام أنه من اإلشكاالت التي تطرح أمام القضاء التجاري خالل مرحلة التفويت القضايئ للمقاولة ،هي تلك املتعلقة بفسخ
مخطط التفويت عند عدم تنفيذ املفوت إليه إللتزاماته ،6حيث أعطى املرشع مبقتىض املادة 163من م.ت ،للمحكمة صالحية
1محمد أبو الحسين ،وضعية األجراء إثر تفويت المقاولة الموجودة في حالة تسوية قضائية ،م.س ،ص .10
2بهذا الخصوص فقد عمد القضاء الفرنس ي إلى ترجيح أفضل عرض ولو قدم خارج األجل ،ما دامت المحكمة لم تقض بعد بحصر مخطط التفويت ،بل األكثر من
ذلك أجازت محكمة النقض الفرنسية تحسين وضعية العروض ولو أمام محكمة اإلستئناف " cour de cassation commercial n° 395-96, 14 octobre
"1990, dalloz, paris, p 1083كما قضت محكمة اإلستئناف بباريس في قرار لها بتاريخ 71أكتوبر أن خرق مقتضيات المادة 08من قانون 7901-87-11
(والتي توازيها المادة L621-85من ق.ت.ف الحالي ،والمقابلة للمادة 181من م.ت) ،ألي سبب كان ال يمكن إعتباره مبررا كافيا إلبطال الحكم ،مما يتبين معه أن
القضاء الفرنسي رجح إنقاذ المقاولة ،والحفاظ على مناصب الشغل على اإلجراءات المسطرية.
إال أن إتجاه من الفقه إنتقد موقف القضاء الفرنسي هذا ،وذهب خالفه عندما قال بأنه وطبقا لمقتضيات المادة المذكورة فإن العروض يجب أن يتوفر فيها شرطان،
وعند تخلفهما تعتبر غير مقبو لة ،أولهما يجب أن يقدم العرض داخل اآلجال المحددة من طرف المتصرف القضائي ،ثانيهما أن يكون العرض قطعيا ومتضمنا بدقة
المعلومات التي تخص توقعات النشاط والتمويل وتصف التفويت ،وطرق تسويته ،ومستوى وآفاق التشغيل ،وتاريخ التنفيذ والضمانات المسجلة من أجل تنفيذه.
- Michel jeantin, op. cit, p 455.
3
Yves chartier, op. cit, p 408
4إن ما تم قوله سابقا بخصوص مخطط اإلستمرارية يصدق على مخطط التفويت ،فالمحكمة ناذرا ما تخرج عن ما تم إقتراحه من طرف السنديك بخصوص ترجيح
أحد العروض على ما عداه ،فال ترى بدا من المصادقة على مقترحاته بهذا الخصوص.
5يدفعنا إلى هذا القول ،إعتقادنا بكون أنه كلما أخذ مقدم العرض الوقت الكافي لإلطالع على وضعية المقاولة ،كلما إستطاع التوصل إلى أفضل العروض التي
تتناسب ووضعيتها ،وتتالءم ونظرته اإلستثمارية داخل السوق ،وذلك بتشخيصه لوضعيتها أفقيا وعموديا بتروي وتأني ،فالقول بوجوب تقديم العروض داخل األجل
المحدد من طرف السنديك تحت طائلة عدم القبول ،يدفع المترشحين إلى تقديم عروضهم بسرعة مخافة فوات األجل ،الشئ الذي يمكن أن تفقد معه الجدية والدقة.
6وقد درج القضاء المغربي على فسخ مخطط التفويت في حالة عدم تنفي ذ المفوت إليه إلتزاماته ،والحكم تبعا لذلك بالتصفية القضائية على أساس عدم وفاء المفوت
إليه بإلتزاماته.
أنظر في هذا الصدد - :قرار محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ،1877/1111ملف ع 77/1877/1718؛
-حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ع ،1881/118الصادر بتاريخ ،1881-78-71في الملف رقم 1887/78/710؛
-حكم المحكمة التجارية بالرباط تحت رقم ،711بتاريخ ،1878-71-87في الملف ع .1878/18/781
152
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الترصيح بفسخ مخطط التفويت ،إذا مل يقم املفوت إليه بتنفيذ إلتزاماته وفق البيانات املحددة يف املخطط ،سواء من تلقاء
نفسها أو بناءا عىل طلب السنديك ،أو أحد الدائنني.1
ويف مقابل جزاء تحويل مخطط التفويت القضايئ إىل تصفية قضائية ،فإنه ينبغي عىل املحكمة التجارية العمل عىل منح
آجال أخرى للمفوت إليه ،أو السامح بفتح املسطرة من جديد سواء يف مواجهة املفوت إليه أو املفوت ،2وذلك مراعاة للبعدين
اإلقتصاد ي واإلجتامعي معا ،ومحافظة عىل شبكة العالقات التعاقدية املتواجدة ،وضامن إستمرار عقود الشغل ،وهو الحل
الذي ينبغي عىل القضاء املغريب األخذ به يف القضايا املعروضة عليه ،3إلستبعاد حكم التصفية القضائية إىل آخر املطاف عندما ال
يجد حال للمقاولة ،4وتبعا لذلك إعطاء املحكمة التجارية السلطة التقديرية إلستبعاد جزاء التصفية القضائية ،إذا كانت اإللتزامات
التي أخل بها املفوت إليه ثانوية وال تؤثر بشكل جوهري عىل املخطط ،وهكذا يجب أن تتجه نية املرشع التجاري والعمل
القضايئ عىل ترجيح حق إستقرار الشغل عىل حقوق الدائنني ،أثناء تنفيذ مخطط التفويت من خالل املحافظة عىل مناصب
الشغل واإلبقاء عىل النشاط إىل أقىص الحدود املمكنة ،واإلهتامم بالضامنات الكفيلة بتنفيذ العرض.
إذا كانت فرتة إعداد الحل ،تتميز بطابعها املؤقت ،مام يتعذر معه فصل األجراء خاللها ليتم إدراج هذا الفصل يف مرشوع
مخطط التسوية القضائية كمقرتح ،كام سبق أن رأينا ،فإنه إذا قررت املحكمة التجارية حرص مخطط اإلستمرارية ،ميكنها
إرفاق هذه اإلستمرارية بتوقيف أو تفويت بعض قطاعات نشاط املقاولة ،الذي قد ينتح عنه فصل بعض األجراء تطبيقا للامدة
597من م.ت ،أو إذا قررت إختيار مخطط التفويت الذي قد يؤدي إىل وضع حد لبعض عقود الشغل كذلك.
واملالحظ بهذا الخصوص أن املرشع التجاري أحال عىل أحكام م.ش ،دون أدىن توضيح للمقصود بتلك األحكام ،هل تلك
التي تتعلق بالتعويضات الواجب منحها لألجراء عند تقرير فصلهم ألسباب إقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية ،أم أن األمر
يتجاوز تلك التعويضات إىل رضورة سلوك املسطرة اإلدارية الواجبة اإلتباع بخصوص فصل األجراء طبقا للامدتني 11و 12من
م.ش ،األمر الذي نتج عنه تداخل يف اإلختصاص بني قانونني من املفروض فيهام التكامل واإلنسجام يف هذا الجانب (أوال).
وإذا كان موقف املحاكم اإلبتدائية رصيحا ،يتجىل يف رضورة إتباع املساطر اإلدارية املنصوص عليها يف م.ش ،لفصل
األجراء خالل تنفيذ مخطط التسوية القضائية ،فإن موقف القضاء التجاري يتسم بالغموض يف تفسري نصوص م.ت ،حيث مل
1عل ما أن المحكمة التجارية تبقى لها السلطة الكاملة في تقرير فسخ مخطط التفويت ،أو إعطاء فرصة جديدة للمفوت إليه إذا كان اإلخالل الصادر منه ال يمثل
خطورة كبيرة ،والمالحظ أن الصياغة التي إعتمدها المشرع في المواد التي ورد فيها مصطلح الفسخ تبرر هذا الطرح.
2
Yves guyon, op. cit, p 320
3وتجد هذه اإلمكانية -التي نرى وجوب إتاحتها أمام القضاء المغربي -تبريرها برغبة المفوت إليه في تجاوز بعض الصعوبات التي قد تعيق تنفيذ المخطط ،أو
بالرغبة في إعادة هيكلة المقاولة لمسايرة التطورات اإلقتصادية ومتطلبات السوق ،كما قد تبررها صالحية المحكمة بأن ترخص للمفوت إليه القيام بتغييره بمفوت
إليه آخر سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا ،وفي هذا اإلطار قررت محكمة اإلستشناف بباريس ،بتاريخ 77ماي ،7998الترخيص بإستبدال المفوت إليه بشركة
مالية تأسست حديثا ،وبالتالي تم إعادة النظر في مخطط التفويت الشيء الذي مكن من ضمان أحسن الفرص في المحافظة على المقاولة وعلى مناصب
الشغل" "cass.com, 11 mai 1993, dalloz-son p 43أشار إليه :عبد الكريم عباد ،مخطط التفويت بين النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف
القضاء ،م.س ،ص .81
4محمد العروصي ،م.س ،ص .111
153
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يحسم موقفه بخصوص صالحيات السلطة اإلدارية يف اإلذن بفصل أجراء املقاولة املفتوحة يف مواجهتها مساطر صعوبات
املقاولة ،وكنتيجة لعدم حسم املرشع ملوقفه فيام يخص اإلحالة عىل م.ش ،ولعدم تخصيصه ملسطرة تهم فصل األجراء يف
صعوبات املقاولة ،وقع أن حصل تداخل اإلختصاص عند النظر فيها ما بني املحاكم اإلبتدائية والتجارية واإلدارية (ثانيا) ،األمر
الذي سيكون له إنعكاس سلبي عىل مصالح األجراء اإلجتامعية وعىل مصالح املقاولة اإلقتصادية عىل السواء.
يجب اإلقرار أن ليس من السهل عىل األجراء أن يفاجؤوا بفصلهم من الشغل نتيجة صعوبات إقتصادية ومالية ،أو أسباب
تكنولوجية أو هيكلية ،أو صعوبات مقاولة ،ال يد لهم فيها ،خصوصا وأن ليس لهم الضامنات الحقيقية يف إيجاد شغل بديل
يقيهم شبح البطالة ،كام أنه ليس من مصلحة اإلقتصاد الوطني ،وال السلم اإلجتامعي أن تتحول الفئات العاملة النشيطة
املساهمة يف اإلنتاج إىل فئات معطلة تصبح عبئا ثقيال عىل املجتمع تعرقل التنمية.
لذلك فإنه يبقى من الواجب عىل املرشع ضبط عمليات الفصل اإلقتصادي ،بإجراءات دقيقة تضمن التوازن بني اإلكراهات
اإلقتصادية واملتطلبات اإلجتامعية والتنمية اإلقتصادية ،فهل إستطاع املرشع ضبط إجراءات مسطرة فصل األجراء يف إطار
صعوبات املقاولة وتوحيدها ما بني م.ت ،و م.ش؟
بالوقوف عىل املادة 597من م.ت ،نجدها تقيض يف فقرتها األخرية عىل أن القرارات املصاحبة لإلستمرارية ،إذا كانت
ستؤدي إىل فسخ عقود الشغل فإنه يجب تطبيق القواعد املنصوص عليها يف م.ش ،لذلك ميكن القول أن اإلحالة 1املشار إليها
بخصوص وجوب تطبيق م.ش ،عند فصل األجراء تهم التعويضات املمنوحة لهم فقط ،وبالتايل فليس من الرضوري تطبيق
املسطرة اإلدارية املتمللة يف إستصدار إذن عامل العاملة أو اإلقليم ،حتى يعترب الفصل قانونيا ،2وذلك لكون املحكمة التجارية
وهي متارس إختصاصاتها يف معالجة املقاولة من الصعوبات ،يجب أن تتمتع بكل إستقاللية عن كل السلطات أخرى ،ألنها
يف واقع األمر هي التي تراقب املقاولة من يوم فتح املسطرة إىل غاية النطق بالحكم.
األمر الذي سايره الفقه 3حني رأى أن اإلحالة عىل م.ش ،مبقتىض املادة املذكورة إمنا تهم املقتضيات التي يعمل بها يف حالة
فصل األجراء ألسباب إقتصادية عىل أن الفصل الذي ميكن أن يقع يف هذه الحالة ،ال يتوقف عىل الرخصة التي تصدرها
السلطات اإلدارية املختصة ،ألنه والحالة هذه يعترب جزءا من مسطرة قضائية تخضع يف جل إجراءاتها للقرارات املتخذة من
154
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
طرف املحكمة املفتوح أمامها املسطرة ،مام يقتيض أال تتدخل يف ذلك السلطات اإلدارية التي متنح الرتخيص بالفصل يف غري
الحاالت التي تتعلق بالتسوية والتصفية القضائيتني.
يظهر من خالل كل هذا أن املرشع املغريب بسبب سوء التنسيق بني نصوص م.ت ،و م.ش ،تسبب يف إضعاف سلطة
املحكمة التجارية عند معالجتها لصعوبات املقاولة ،فال مفر من القول بوجود تناقض صارخ بني مسطرة التسوية القضائية املعربة
عن إرادة املرشع يف إنقاذ املقاولة وتوفري كل الوسائل لضامن إستمراريتها ،وبني غل يد القضاء التجاري مبسطرة الرقابة
اإلدارية التي تستوجبها م.ش ،وأمام هذا الوضع ويف ظل التضارب يف اآلراء سواء عىل مستوى الفقه أو العمل القضايئ ،نرى
رضورة تخصيص مسطرة خاصة بإنهاء عقود الشغل عندما يتعلق األمر بقضايا صعوبات املقاولة.
ومن هنا تصبح الحاجة ملحة إىل أن يجعل مرشعنا املغريب النصوص الترشيعية الصادرة عنه ،وإن إختلفت مشاربها
ومجاالتها وطبيعتها القانونية منسجمة وغري متنافرة ،خاصة متى كانت هذه النصوص ذات بعد واحد وتلتقي عند وحدة الهدف
كام هو الحال بالنسبة لنظام صعوبات املقاولة ،و م.ش ،1وذلك راجع إىل الطبيعة اإلستعجالية ملساطر املعالجة ،خصوصا عند
حرص مخطط إستمرارية املقاولة ،إذ تطغى عليها رضورة إقتصادية ال تحتمل اإلنتظار إىل حني مرور اآلجال املمنوحة للعامل
التي تصل إىل شهرين من أجل أخذ قرار بشأن طلب الفصل ،2والذي غالبا ما يكون سلبيا بسبب الهاجس األمني الذي ينطلق
منه العامل للبت يف طلب اإلذن بالفصل.
وتأسيسا عىل ذلك وأمام صعوبة توحيد مساطر صعوبات املقاولة بني م.ش ،ونظريتها للتجارة ،فإن املنطق العالجي يقتيض
إلغاء الرقابة اإلدارية ،مام يستدعي تدخال ترشيعيا عاجال يضع مسطرة خاصة بفصل األجراء ،3يعهد من خاللها للقضاء التجاري
بالرتخيص واإلذن بهذا اإلعفاء سواء يف شخص القايض املنتدب ،4أو رئيس املحكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة ،مع
رضورة إستشارة السلطة اإلدارية املحلية عىل سبيل اإلخبار واإلعالم فقط ،دون أن يتوقف الرشوع يف الفصل عىل أي قرار أو
إذن إداري ،5وهي ضامنة مهمة ال تتناىف مع املقتضيات الحامئية املكرسة مبقتىض م.ش.6
1محمد الكشبور ،مركز األجراء بين مدونتي التجارة والشغل ،م.س ،ص .09
2دون إغفال كون مدة ثالثة أشهر هي المدة الفعلية لإلجرا ءات ،التي يتطلبها األمر منذ الرغبة في هذا الفصل ألسباب إقتصادية إلى حين صدور الترخيص من
عامل العمالة أو اإلقليم ،وذلك إذا ما أخذنا في الحسبان أن أجل شهر المنصوص عليه في المادة 11من م.ش ،الواجب على المشغل إحترامه للتشاور والتفاوض مع
مندوبي األجراء أو لجنة المقاولة قبل الشروع في مسطرة الفصل ،ولذلك نرى وعن حق تعارض مسطرة الفصل ألسباب إقتصادية مع مساطر المعالجة ،وصعوبة
التوفيق بينهما فاألولى إدارية عنوانها التريث وهاجسها أمني بإمتياز ،والثانية قضائية شعارها السرعة في بتر الداء قبل تفشيه ،غايتها الوقاية والعالج.
3أو على األقل تخصيص تلك اإلحالة على نصوص مدونة الشغل التي تنظم تعويضات األجراء دون غيرها التي تنظم المسطرة اإلدارية الواجبة اإلتباع بمناسبة
الفصل ألسباب إقتصادية.
4إنطالقا من كونه المشرف على مسطرة المعالجة ،والساهر على حسن سيرها وعلى حماية مصالح األطراف المتواجدة.
5وذلك سيرا على خطى ونهج القانون الفرنسي ،بمعنى سلوك مسطرة شبيهة بتلك التي يجري بها العمل في ظل هذا القانون .أنظر في ذلك:
;-Arnaud martinon, op. cit
;-Michel mornad & Jean-michel mir, Licenciement économique: prévention, définition, procédure, Groupe Liaisons, 2005
- Patrick morvan, licenciement pour motif économique, op.cit.
-فاطمة حداد ،م.س.
6ومن هنا يمكن القول بض رورة إمتداد إختصاص المحاكم التجارية للقضايا اإلجتماعية ،تطبيقا للمادة 111من م.ت ،والتي بمقتضى الفقرة الثالثة منها تختص
المحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة المعالجة بجميع الدعاوى المتصلة بها ،غير أن إسناد هذه المهمة للمحكمة التجارية رهين أن يلعب القاضي التجاري إلى
جانب دوره اإلقتصادي دورا إجتماعيا يسعى من خالله إلى المحافظة على إستقرار العالقات اإلجتماعية داخل المقاولة ،إال أنه في هذا المقام يطرح التساؤل الذي
سبق أن طرحناه حول مدى تمكن القاضي التجاري من توفير الحماية اإلجتماعية لألجراء.
155
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
يلري فصل األجراء ألسباب إقتصادية العديد من املنازعات ،إال أن ما مييز هذه املنازعات عن غريها هو تعدد وتداخل
اإلختصاص القضايئ للنظر فيها ،1وهذا ناتج عن الطبيعة الخاصة لفصل األجراء ألسباب إقتصادية ،ذلك أن رقابة القضاء يف
هذا املجال هي رقابة إحرتام الرشوط الشكلية واملوضوعية للفصل والتي يختص بها القضاء العادي ،2الذي يسند إليه النظر يف
كل النزاعات امللارة بني املشغلني واألجراء ،كام ميكن أن تنصب هذه الرقابة عىل قرار العامل ،كقرار إداري يتملل يف منح
اإلذن ومن خالله الرتخيص بالفصل ،أو رفض الرتخيص بفصل األجراء ،مام يجعل اإلختصاص للقضاء اإلداري ،3كام ميكن
أن يتم فصل األجراء يف ظل نظام صعوبات املقاولة التي هي من إختصاص املحاكم التجارية ،ومن تم ينعقد اإلختصاص لهذه
األخرية.
وهكذا نجد أن القضاء العادي يفرض رقابة قضائية صارمة 4ته ُّم الفصل اإلقتصادي بغض النظر عام إذا كانت املقاولة تخضع
أم ال ملساطر املعالجة ،ويف هذا السياق جاء يف حكم صادر عن املحكمة اإلبتدائية بسال 5ما ييل..." :وحيث أنه وتطبيقا
ملقتضيات املواد 11و 12من مدونة الشغل ،فإنه يتعني عىل املقاولة التجارية ،...والتي تعتزم فصل األجراء كال أو بعضا ألسباب
إقتصادية سلوك مسطرة خاصة من بينها الحصول عىل إذن من عامل العاملة أو اإلقليم.
وحيث أنه وأمام عدم إدالء املدعى عليها مبا يفيد سلوك املسطرة القانونية املذكورة ،فإنه يتعني إعتبار الطرد الذي تعرض له
املدعي طردا تعسفيا يخوله الحصول عىل التعويضات القانونية".
ومن املعلوم أن رقابة القضاء العادي عىل فصل األجراء ألسباب إقتصادية تتخذ شكلني ،يتجىل أولهام يف الرقابة عىل
مستوى إحرتام املقاولة لرشوط طلب الفصل ،ثم الرقابة عىل وجود الرتخيص بالفصل ،إذ ال يتواىن هذا النوع من القضاء عن
إضفاء صفة التعسف عىل كل فصل ال يتوفر فيه هذين الرشطني ،وهكذا ذهب املجلس األعىل (محكمة النقض حاليا) إىل
1زينب الركيك ،تن ازع اإلختصاص النوعي في قضايا نزاعات الشغل ،رسالة لنيل د.د.ع.م في القانون الخاص ،وحدة المهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية السويسي –الرباط ،-س.ج ،1889/1880ص .18
2لمزيد من التفصيل حول رقابة القضاء العادي في هذا المجال أنظر:
-فاطمة حداد ،حدود رقابة القضاء العادي على شرعية اإلعفاء اإلقتصادي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،ع ،788/99سنة ،1877ص 18وما
يليها؛
-يونس الزهدي ،حدود رقابة القضاء العادي على شرعية اإلعفاء اإلقتصادي ،المجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،ع 11 ،1871 ،1وما يليها.
3على إعتبار أن القرار المتخذ من طرف العامل هو قرار إداري ،والطعن في القرارات اإلدارية من إختصاص المحاكم اإلدارية.
4إن رقابة القضاء العادي على وجود اإلذن بفصل األجراء هي رقابة صارمة ،ألنه ال يأخذ بعين اإلعتبار ظروف المقاولة وال أسباب الفصل ،وال حتى الصعوبات
التي تمر منها ،إذ يشكل وجود اإلذن بالفصل أساس رقابة القضاء اإلجتماعي ،مما يعفيه من البحث في الجوانب األخرى والمرور مباشرة إلى النطق بأن الفصل
يعتبر تعسفيا عند غياب اإلذن اإلداري.
5حكم المحكمة اإلبتدائية بسال ،حكم رقم ،808بتاريخ ،1871-81-11في الملف رقم ،7187/71/171أنظر الملحق رقم ،7والجدير بالذكر أن هذا الحكم صدر
ضد شركة الزير كونفيكسيون ،وهي مفتوح في مواجهتها مساطر المعالجة بمقتضى حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ،1871-81-77ملف
رقم ،1871/0888/11حكم رقم ، 77وقد أصدرت المحكمة اإلبتدائية بسال لفائدة أجراء هذه الشركة أحكام إجتماعية قضت لهم من خاللها بتعويضات في مواجهة
هذه األخيرة إعتمادا على نفس الحيثيات ،أنظر هذه األحكام الصادرة عن المحكمة اإلبتدائية بسال وهي كالتالي:
-األحكام ذات األرقام من 807إلى ،891بتاريخ ،1871-81-11في الملفات ذات األرقام من 7187/71/171إلى 7187/71/188؛
-األحكام ذات األرقام من 890إلى ،187بتاريخ ،1871-81-11في الملفات ذات األرقام من 7187/71/181إلى 7187/71/181؛
-حكم رقم ،171بتاريخ ،1871-81-11في الملف رقم .7187/71/110
156
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إعتبار مسطرة الفصل ألسباب إقتصادية أمرا الزما ولو يف ظل خضوع املشغلة ملسطرة التسوية القضائية مبقتىض حكم تجاري،1
وبالتايل فرقاب ة القضاء العادي عىل فصل األجراء هي رقابة صارمة ونظرا لرصامة هذه الرقابة القضائية ،بالنسبة للمقاوالت
موضوع مساطر صعوبات املقاولة ،خصوصا عند رفض العامل ألسباب غري موضوعية منح اإلذن اإلداري بفصل أجراء املقاولة
موضوع التسوية القضائية ،رغم إقرتاح ذلك من طرف املحكمة التجارية ،نظرا لكل ذلك ميكن أن ينتج عن هذا األمر التسبب
يف إنتهاء مصري املقاولة بالتصفية واإلندثار ،وبالتايل ضياع مناصب شغل كل األجراء والتضحية بها عوض اإلستغناء عن البعض
منهم إنقاذا ملناصب شغل أخرى ،بدليل قيام القايض اإلجتامعي عند النظر يف هذا النوع من القضايا بإثقال كاهل املقاولة
مبزيد من الديون املرتتبة عن املبالغ املحكوم بها 2كتعويض عن الفصل التعسفي ،مام يرسع بإحالة املقاولة عىل التصفية
القضائية ،والتضحية بالبعدين اإلقتصادي واإلجتامعي معا بدل إنقاذهام.
فإذا كانت رقابة القضاء العادي تنصب عىل اإلجراءات وعىل وجود اإلذن اإلداري ،فإن القضاء اإلداري يتمحور دوره يف هذا
املجال يف مراقبة مرشوعية قرار عامل العاملة أو اإلقليم ،والتي تتملل يف مراقبة إحرتام إجراءات الحصول عىل الرخصة
اإلدارية للفصل ،إذ يجب أن يصدر هذا القرار مستوفيا لإلجراءات القانونية ،ووفقا لألشكال التي رسمها القانون ،بهدف تجنيب
اإلدارة مكامن الزلل والترسع وحتى ال تكون قراراتها مطبوعة بالتحكم والتعسف ،3إضافة إىل ذلك رقابته عىل اإلختصاص
تفعيال ملبدأ الفصل بني السلطات ،ذلك أنه ال يقوم باألعامل اإلدارية إال الشخص املكلف بها قانونا ،وإذا ما تصدى لها شخص
1قرار ع ،7881الصادر بتاريخ ،1889-89-18في الملف ع ،1880/7/1/7819وهو نفس الموقف الذي تبنته من خالل قرارها الصادر بتاريخ ،1877-81-11
قرار ع ،111في الملف ع 1878/7/1/780الذي جاء فيه " إذا كان اإلغالق قد أملته ظروف إقتصادية فإن ذلك يفرض على المشغل سلوك مسطرة هذا اإلغالق،
تحت طائلة إعتباره مسؤوال عن إنهاء عقد الشغل"
وهو ن فس التوجه الذي كان قد دأب عليه المجلس األعلى في العديد من قراراته منها القرار الذي جاء فيه" :وحيث إن الطاعنة قامت بإعفائها قبل توصلها بإذن عامل
الحي المحمدي عين السبع على إعتبار مرور أجل ثالثة أشهر على إرسال طلبه ،وبذلك فإعفاؤها ألجرائها يعتبر فصال تعسفيا لهم"
-قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) رقم ،7181بتاريخ 1مارس ،7998منشور بمجلة اإلشعاع ع ،79سنة ،7999ص .711
2أنظر بهذا الخصوص حكم المحكمة اإلبتدائية بسال حكم رقم ،811بتاريخ ،1871-81-81في الملف رقم ،7187/71/111والحكم رقم ،880الصادر عن نفس
المحكمة بتاريخ ،1871-81-81في الملف رقم ، 7187/71/180أنظر هذين الحكمين ضمن الملحق رقم ،7والذين جاء ضمن حيثياتهما ما يلي" :حيث أسس
المدعي طلبه على واقعة الطرد التعسفي ملتمسا الحكم له بالتعويضات المفصلة بوقائع هذه النازلة.
وحيث أجابت المدعى عليها بواسطة دفاعها أن الشركة متوقفة عن العمل بشكل إضطراري لسبب خارج عن إرادتها وأنه لم تعمل على طرد المدعي وإنما توقف
بتوقف العمل بها.
وحيث أن دفوع المدعى عليها غير ثابتة ،كم ا أن هناك مساطر خاصة البد من إتباعها لم يتم إحترامها وال التقيد بمقتضياتها في حال التوقف اإلضطراري.
حيث أنه وبناءا عليه ومادامت المدعى عليها لم تدل بأي مبرر مشروع يسمح لها بإنهاء عالقة العمل التي كانت تربطها بالمدعي ،لهذا السبب يتعين إعتبار الطرد
الذي تعرض له هذا األخير طردا تعسفيا يخول له الحق في التعويضات قانونا "...وهو نفس التعليل الذي إعتمدته المحكمة في مجموع األحكام التي صدرت عنها
لصالح األجراء في مواجهة الشركة المشغلة ،والتي قضت بمقتضاها بتعويضات عن الضرر ،عن أجل اإلخطار ،وعن الفصل من العمل لفائدة األجراء مع إختالف
في مقدارها إضافة إلى التعويض عن العطلة السنوية وعن منحة األقدمية لفائدة البعض منهم تتفاوت في مقدارها حسب أجر وأقدمية كل واحد منهم ،األمر الذي نراه
إثقاال من المحكمة لكاهل هذه الشركة بتعويضات لفائدة األجراء رغم دفع هذه األخيرة بكون األمر ال ي عدو عن كونه توقف عارض ومؤقت عن العمل نتيجة أزمة
إقتصادية تعيشها ،وقد بلغ مجموع الملفات التي قضت فيها المحكمة بالتعويضات ضد هذه الشركة 18ملفا حسب ما تيسر لنا اإلطالع عليه ،تشكل في مجموعها
مبالغ جد مهمة من شأنها أن تعرقل إستمرارية مقاولة تعاني من صعوبات كما هو الوضع في نازلة الحال.
3عبد هللا حداد ،موقف القضاء اإلداري من اإلختصاص بالبت في نزاعات الشغل ،الندوة الثالثة للقضاء اإلجتماعي ،المعهد الوطني للدراسات القضائية ،الرباط
مارس ،1881 ،ص .710
157
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إداري آخر إعترب ترصفه مشوبا بعيب عدم اإلختصاص من حيث املجال أو الزمان أو املكان ،1وبذلك فإن املحكمة اإلدارية تعمل
عىل إلغاء القرار اإلداري كلام تبني لها أنه صدر عن سلطة إدارية خارج دائرة نشاطها املحدد قانونا.2
يف حني أن القضاء التجاري الذي أسند إليه املرشع املغريب النظر يف قضايا معالجة صعوبات املقاولة ،ظل موقفه متأرجحا
بني إقراره لرضورة الرقابة اإلدارية السابقة لفصل األجراء رغم خضوع املقاولة ملساطر املعالجة ،3األمر الذي يستشف منه رضورة
توفر اإلذن اإلداري كرشط أسايس إلعتبار الفصل مربرا ومرشوعا ،وإال تم إعتباره فصال تعسفيا يخول لألجراء املطالبة بالحقوق
التي متنحها لهم م.ش يف هذا اإلطار ،وبني إستلناء هذا الفصل من الخضوع للمسطرة اإلدارية املتمللة يف إذن العامل،4
األمر الذي ميكن أن يفهم منه أن اإلحالة عىل تطبيق مقتضيات م.ش ،تنحرص فقط يف التعويضات الواجب منحها لألجراء،5
واملتمللة يف التعويض عن الفصل إىل جانب التعويض عن أجل اإلخطار والتعويض عن فقدان الشغل.6
وعموما إذا كانت إرادة املرشع من وراء اإلجراءات املنصوص عليها مبوجب املادتني 11و 12من م.ش ،تتجه نحو تقييد سلطة
املشغل يف فصل األجراء للحد من تعسفه يف إستعامل هذا الحق ،فإنه ال ميكن تطبيق ذلك عىل قرارات املحكمة التجارية
بإعتبارها طرفا محايدا ال مصلحة لها يف إعفاء األجراء دون مربر مقبول ،وهكذا فإن تعليق قرارات السلطة القضائية يف ظل
نظام صعوبات املقاولة عىل إذن السلطة اإلدارية سيفرغ الدور العالجي للمحكمة التجارية من محتواه ،األمر الذي يكون له
تأثري سلبي عىل املصالح اإلقتصادية واإلجتامعية املرتبطة باملقاولة ،فأين وكيف يتجىل هذا التأثري السلبي؟
1بالرجوع إلى نص المادة 11من م.ش ،نجدها قد حددت الجهة اإلدارية ال تي يعود لها إختصاص البت في طلب إذن الفصل ألسباب إقتصادية ،وتقرير منح اإلذن
من عدمه ،في عامل العمالة أو اإلقليم الذي توجد به المقاولة الراغبة في الفصل ،وبالتالي فإن صدور قرار اإلذن بالفصل أو رفض الترخيص من أي جهة غير
عامل العمالة أو اإلقليم الذي توجد به المقاولة ،يكون بذلك القرار مشوبا بعيب عدم اإلختصاص.
2أسماء بن عيسى ،إشكالية الرقابة على فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية على ضوء العمل القضائي المغربي ،رسالة لنيل د.د.ع.م في
القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث قانون األعمال والمقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية السويسي ،س.ج
،1889/1880ص .711
3وما يؤكد هذا التوجه القضائي حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه..." :وحيث أن مقتضيات المدونة في باب صعوبات المقاولة عند تقرير
إستمرارية المقاولة سمحت بإمكانية فسخ عقود العمل كإجراء وقرار مصاحب لإلستمرارية شريطة إتباع وتطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل ،ويتعين
على السنديك تنفيذ المخطط بهذا الخصوص ومراقبة تنفيذه طبقا للمقتضيات القانونية"...
-حكم رقم ،1881/18صادر بتاريخ ،1881-88-81في الملف ع ،78/1887/811أشارت إليه :زينب الركيك ،م.س ،ص .11
4وما يؤكد هذا التوجه حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه..." :ترى المحكمة الحكم بحصر مخطط التفويت الجزئي ،...وبإحتفاظ المفوت إليه بعشرة
مناصب شغل دون أداء أي تعويض لباقي المستخدمين غير المحتفظ بهم"
-حكم رقم ،188/787صادر بتاريخ ،1888-81-71في الملف رقم ،78/1881/100أشارت إليه :زينب الركيك ،م.س ،ص .11
5عبد الرحيم السليماني ،وضعية األجراء في ظل قانون معالجة صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .771
6من هنا يظهر لنا أهمية وضرورة توحيد الرأي ومعه العمل وا إلجتهاد القضائيين ،بدال من اإلختالف ،لهذا يبقى األمل معقودا على القضاء التجاري كجهاز له
دراية أكثر من أي جهاز قضائي آخر ،فهو المختص الوحيد في إعمال الرقابة القضائية في إطار التوازن بين البعدين اإلقتصادي واإلجتماعي الذي وضع من أجله
نظام صعوبات المقاولة ،وذلك كله لحماية حقوق األجراء من الضياع ،وكذا حماية المقاولة من اإلندثار.
-أنظر في ذلك ازهور هيباوي ،م.س ،ص .818
158
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املطلب اللاين:
آثار محدودية الدور القضايئ عىل حقوق األجراء
إذا كانت طبيعة دور القضاء يف إطار مساطر املعالجة تأخذ أبعادا إقتصادية تتجىل يف حامية املقاولة واإلبقاء عليها كوحدة
إقتصادية منتجة ،فإنها تأخذ أيضا أبعادا إجتامعية ،تتملل يف املحافظة عىل أكرب عدد ممكن من مناصب الشغل وإقرار السلم
اإلجتامعي ،1وعليه يعترب الحفاظ عىل مناصب الشغل أحد األهداف األساسية من فتح مسطرة املعالجة القضائية ،ومن إعتامد
مخطط اإلستمرارية أو التفويت كأحد أهم الحلول تجنبا آلثار التصفية القضائية.
وإذا كان أهم وأسمى حق لألجراء هو الحق يف الشغل ويستتبعه بالرضورة الحق يف األجر ،من منطلق إرتباط األجر بالعمل
وتبعيته له ،فإن هذين الحقني قد تتم التضحية بهام أو بأحدهام وذلك يف سبيل إنجاح مساطر صعوبات املقاولة مبناسبة تبني
أحد املخططني (اإلستمرارية أو التفويت) ،عىل أن الوجه اآلخر إلفراغ الدور العالجي للمحكمة التجارية من محتواه ،يتجىل
يف فشل اآلليات املعتمدة من طرف املحكمة التجارية يف حامية أصول املقاولة موضوع املعالجة القضائية من اإلندثار ،ومن
إزدياد خصومها ،وذلك كنتيجة لعجز القضاء عن ضامن إستمرارية املقاولة وحامية اإلئتامن الالزم لهذه اإلستمرارية بالرغم من
كون هذا الهدف قد كان سببا يف التضحية بحقوق األجراء ،مام يؤدي إىل فشل التسوية القضائية.
وعليه يظهر أن اآلثار املرتتبة عن قصور ومحدودية دور القضاء يف إطار مساطر صعوبات املقاولة ،ال متس حقوق ومصالح
األجراء وحدهم ،بل متتد لتشمل كذلك حتى املصالح اإلقتصادية للمقاولة ،2عىل أن تأثر األجراء جراء ذلك ال يظهر بشكل جيل
إال مبناسبة إختيار املحكمة للحل (الفقرة اللانية ) الذي تراه كفيال بتصحيح وضعية املقاولة والخروج بها من الصعوبات التي
تتخبط فيها إىل بر األمان ،يف حني أن مظاهر تأثر املقاولة تتجىل منذ البداية بعد حكم فتح مسطرة املعالجة أي خالل فرتة
إعداد الحل (الفقرة األوىل).
الفقرة األوىل :عجز القضاء عن توفري الحامية خالل فرتة إعداد الحل
الشك أن فرتة إعداد الحل ،التي هي فرتة ترقب وتتبع لوضعية املقاولة تقتيض إستمرار النشاط اإلقتصادي واإلجتامعي
للمقاولة موضوع التسوية القضائية ،إال أن العمل القضايئ خالل هذه املرحلة يبدو دون املستوى املرجو منه ،حيث يالحظ تفاقم
وضعية املقاولة خالل فرتة إعداد الحل ،من خالل إندثار وتآكل أصولها ثم إزدياد خصومها كام سبق أن رأينا ،مام يقودها إىل
التصفية القضائية.
1
Catherine marraud & Francis kessler & Frederic géa, op. cit, p 244.
2وإن كنا نرى أن أي مساس بالحقوق اإلقتصادية للمقاولة هو بالضرورة مساس بص ميم الحقوق اإلجتماعية لألجراء ،من منطلق إرتباط هؤالء بالمقاولة ،وتأثرهم
بكل ما يمكن أن يلحق بها من توقف عن األداء أو عن النشاط الذي له إنعكاس خطير على التشغيل ومستواه داخلها.
159
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وقد يشكل ذلك خطرا يفرغ مسطرة املعالجة من محتواها ومن أهميتها ويعود بنا إىل نظام اإلفالس ولكن يف حلة جديدة –
تحت غطاء التصفية القضائية -سواء فيام يتعلق بضامن إستمرار نشاط املقاولة (ثانيا) ،أو يف حامية اإلئتامن الالزم لهذه
اإلستمرارية خالل فرتة إعداد الحل (أوال)
إذا كان ليس من السهل عىل املقاولة الحصول عىل التمويل الذي من شأنه مسايرة مشاريعها داخل السوق يف الظروف
العادية ،فإن هذا األمر يزداد تعقيدا عندما تصبح املقاولة متعرثة أي عندما تواجه صعوبات يف دفع ما عليها من ديون ،لهذا قام
املرشع املغريب بوضع مجموعة من اآلليات القانونية ،من أجل تحفيز األغيار بصفة عامة والبنوك بصفة خاصة عىل متويل
املقاولة أثناء إعداد الحل الذي يتالئم ووضعيتها ،ولضامن هذا التمويل ،تعمل املحكمة عىل إعطاء املمولني من أبناك
ومؤسسات مالية ،ضامنات مالية ضخمة تطمئنهم عىل اإلئتامن الذي يقدمونه للمقاولة ،تطبيقا ملقتضيات املادة 525من م.ت،
إال أنه أمام وجود العديد من العراقيل التي تتسبب يف الحد من فعالية هذه اآلليات ،1تصبح املقاولة عاجزة عن اإلستمرار يف
غياب التمويل املناسب لذلك ،أثناء فرتة إعداد الحل كمرحلة حاسمة يف حياة املقاولة.
ونظرا لكون عدد املقاوالت املتعرثة يعرف تزايدا ملحوظا ،فإن املمولني عموما والبنك عىل وجه الخصوص يجد نفسه مقسام
بني واجب متويل مقاولة تلتمس قرضا يخرجها من ورطتها ،وبني التخوف من ضياع سيولته إىل جانب إمكانية إثارة مسؤوليته
عن املساعدة التي يقدمها للمقاولة ، 2ذلك أن هناك إتجاها قضائيا بدأ يتطور يف بعض الدول األجنبية يأخذ مببدأ مساءلة البنك
الذي مينح متويال ملقاولة يف حالة عجز عن الدفع ،عىل أساس أن منح هذا التمويل يخلق لدى األغيار اإلعتقاد بكون وضعية
املقاولة جيدة ،وبالتايل يعترب أن البنك ساعد املدين عىل خداعهم ،وتسبب تبعا لذلك يف ضياع حقوقهم بتمديد الحياة التجارية
للمقاولة مع ما يرتتب عن ذلك من نقصان يف أصولها وزيادة يف ديونها.3
160
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
هذا إضافة إىل مشكلة بطئ املساطر القضائية التي يعاين منها املهنيني واملشتغلني بالقطاع البنيك ،والتي تؤثر عىل البنوك يف
حد ذاتها ،1فتباطؤ املساطر القضائية يعترب عامال أساسيا يعرقل متويل املقاوالت ويضع البنك يف وضع حرج ،2ألن البنوك رغم
تحرير عملها فإنها تعمل يف إطار قواعد مالية وإقتصادية دقيقة وموضوعية ،وهي مراقبة يف عملها من طرف السلطات النقدية
واملالية ، 3ومن بني العوامل الرئيسية حسب بعض املشتغلني بامليدان البنيك املتسببة يف بطئ اإلجراءات القضائية ما ييل:
املشاكل املتعلقة بالتبليغ وعدم رجوع شهادات التسليم مام يؤدي إىل تأخري القضايا ،وهو أمر ال يخدم مصلحة البنوك كسائر
الدائنني ،ألن القايض ميتنع عن البت دون التأكد من توصل األطراف بصفة قانونية؛
اللجوء إىل الخربة بصورة مفرطة يف مساطر صعوبات املقاولة ،إلنعدام املعرفة لدى قضاة املحكمة التجارية مبجال املحاسبة
واملالية؛
تباطؤ الخبري يف تنفيذ الخربات داخل اآلجال املعقولة ،دون مبادرة املحكمة التجارية إىل إستبداله بخبري معني ،أو التشطيب
إختفاء املدينني –رؤساء املقاوالت -األمر الذي يتعذر معه اإلطالع عىل الوضعية الحقيقية للمقاولة ،مام يرغم السنديك عىل
وهكذا فإن البنوك املمولة للمقاوالت املتعرثة ،تقع ضحية فشل املحكمة التجارية يف تدارك املشاكل اإلقتصادية واإلجتامعية
للمقاولة أثناء تنفيذ مساطر املعالجة ،فمحدودية دور القضاء يف تفعيل آليات تحفيز اإلستلامر يعد من أسباب تراجع وثرية النمو
اإلقتصادي واإلجتامعي ،املرتبط بوجود قضاء فاعل وعادل يف آن واحد ،يساهم يف تشجيع املمولني واملؤسسات لتمويل
املقاولة املتعرثة ،عىل أساس اللقة الكاملة يف جدارة املحكمة ،فاملستلمر األجنبي أو الوطني ال ميكن بأي حال من األحوال أن
يغامر بإستلامر أمواله لتمويل مقاولة متعرثة ،إذا مل تكن له اللقة الكاملة يف عدالة منصفة ورسيعة قادرة عىل إنقاذ ما ميكن
إنقاذه ،وتسهيل مسطرة إستخالص الديون بدل تعقيدها ،األمر الذي سيكون له إنعكاس سلبي عىل ضامن إستمرار املقاولة
مقاولة متعثرة والمغامرة بأمواله في سبيل ذلك ،ثم يكون مهددا بإثارة مسؤوليت ه عن نفس الفعل ،خاصة إذا علمنا أن جميع اإلجراءات المتخذة في حق المقاولة
الموضوعة في إطار التسوية القضائية يتم شهرها في السجل التجاري ،وبالتالي يمكن لألغيار اإلطالع عليها ويفترض فيهم العلم بها.
1أحمد العماري ،تباطؤ وصعوبات تنفيذ األحكام ،مداخلة قدمت في الن دوة الثالثة للعمل القضائي والبنكي التي نظمت بالمعهد الوطني للدراسات القضائية بتاريخ -79
18يوليوز ،7998مطبعة األمنية الرباط ،ص ،81أشارت إليه ،الحسني فاطمة ،م.س ،ص .11
2ذلك أن البنك عند عدم إستخالصه للقروض في اآلجال المحددة ،يكون مضطرا للجوء إلى القضاء ،ب الموازاة مع ذلك يضع إحتياطات من مثل هذه القروض
مستقبال تحسبا لعدم إسترجاعها ،فمثال إذا إستغرقت الدعوى ثالث أو أربع سنوات فإن اإلحتياطات موضوع القرض تبقى بدون إستعمال ،مما يسفر عن تقلص
إمكانيات البنك لمنح قروض لزبناء آخرين ،وهذا يشكل عائقا يحول أمام حسن أداء البنوك لدورها األساسي المتمثل في تمويل اإلقتصاد بصفة عامة ،والمقاوالت
ذات الوضعية المتعثرة أثناء تنفيذ مسطرة التسوية القضائية بصفة خاصة.
3وبخصوص هذه المراقبة نجد المادة 18من القانون المتعلق بمؤسسات اإلئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها التي نصت على ما يلي " :يعهد إلى والي بنك
المغرب بمراقبة تقيد مؤسسات اإلئتمان بأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه .ويتأكد من مالئمة التنظيم اإلداري المحاسبي ونظام المراقبة الداخلية
للمؤسسات المذكورة ويسهر على جودة وضعيتها المالية .وفي هذا اإلطار يؤهل بنك المغرب إلجراء مراقبة في عين المكان ومراقبة على وثائق المؤسسات المشار
إليها أعاله بواسطة مأمورية أو أي شخص آخر ينتدبه الوالي لهذا الغرض .وللتأكد من تقيد المؤسسات المذكورة بالقواعد اإلحترازية يمكن أن تشمل المراقبة في
عين المكان الشركات التابعة واألشخاص المعنوية التي تراقبها وفقا ألحكام المادة 81أعاله"...
-ظهير شريف رقم ،71098197صادر في 71من محرم ،7111الموافق ل ( 71فبراير )1881بتنفيذ القانون رقم ،88981المتعلق بمؤسسات اإلئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها ،منشور بالجريدة الرسمية ع ،1181بتاريخ 17يونيو .1881
161
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أثناء الفرتة الالزمة إلعداد الحل أو بعدها ،وهكذا فعجز القضاء عن حامية وضامن التمويل الالزم للسري العادي للمقاولة
املتعرثة ،يؤدي بالرضورة إىل صعوبة ضامن إستمراريتها.
تتميز فرتة إعداد الحل برضورة إستمرار املقاولة يف نشاطها تحت إرشاف القضاء ،بهدف الوقوف عىل الوضعية اإلقتصادية
واإلجتامعية الحقيقية للمقاولة ،مع إعطاء السنديك الوقت الكايف إلعداد حل يضمن تسويتها القضائية ،إال أنه غالبا ما يفشل
القضاء يف الحفاظ عىل إستمرار النشاط اإلقتصادي للمقاولة ،لعجزه عن الحد من تفاقم خصومها وحامية أصولها ،وجميع
املصالح املتواجدة بها ،وذلك نظرا لقلة خربة القضاة التجاريني يف التعامل مع األمور املالية ،ووثائق ودفاتر املحاسبة املمسوكة
من طرف املقاولة ،األمر الذي يتسبب يف ضياع املزيد من الوقت وتجاوز الفرتة املحددة من طرف املرشع دون الوصول إىل
إيجاد الحل الكفيل بإنقاذ املقاولة.
وإذا كان الدور القضايئ يشكل مركز اللقل يف إطار صعوبات املقاولة ،فإنه مطالب ببذل مجهود أكرب إلنجاح مخطط التسوية
ال أن يكون مجرد أداة لتصفية املقاوالت املتعرثة ،حيث يشكل عدم وجود حلول جدية وحقيقية لتجاوز الصعوبات سببا مبارشا
للنطق بالتصفية القضائية ،التي تبقى نتيجة حتمية أمام إزدياد تدهور وضعية املقاولة بتآكل أصولها وإتفاع خصومها ،إذ مل
يتواىن القضاء املغريب عن تحويل التسوية القضائية إىل تصفية قضائية إلنعدام الحلول ،كنتيجة لتهاون وتأخر السنديك يف
إعداد املوازنة اإلقتصادية واإلجتامعية واملالية داخل األجل املحدد من طرف املرشع ،1هذا التهاون الذي وال شك يؤدي إىل
تقاعس املحكمة عن البت إلختيار الحل املناسب لوضعية املقاولة داخل وقت يكون مازال باإلمكان خالله ضامن إستمرار
املقاولة.
ومن ذلك ما جاء يف حكم ملحكمة الدار البيضاء التجارية..." :2إنه ال توجد بامللف أو بتقرير السنديك أي معطيات مالية
وإقتصادية تعطي صورة إيجابية عن مستقبل الرشكة وتفيد أن املقاولة تتوفر عىل إمكانيات جدية من أجل اإلستمرار وسداد
الديون بذمتها.
...إنه تبعا لذلك تكون وضعية الرشكة مختلة بشكل ال رجعة فيه إلنعدام اإلمكانيات الالزمة لتجاوز الصعوبات وسداد
الديون ،هذا فضال عن فوات األجل املحدد من طرف املرشع من أجل إعداد الحل املالئم املنصوص عليه يف املادة 529من
1وهو األجل المحدد بمقتضى المادة 119من م.ت ،والذي يصل إلى ثمانية أشهر كحد أقصى ،وذلك في الحالة التي يطلب فيها السنديك تمديد هذه الفترة إلى أربعة
أشهر أخرى إضافية.
2حكم رقم ،1881/717الصادر بتاريخ ،1881-81-89في الملف ع ،78/11وجاء في حكم آخر صادر عن نفس المحكمة ما يلي " :إن السنديك ملزم بوضع
تقرير حول الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية للمقاولة وإقتراح الحل المالئم ألن من شأن تمديد فترة المالحظة اإلضرار بحقوق الدائنين...وحيث إن الثابت
أن فترة إعداد الحل إستغرقت سنتين وأن المقاولة حسب تصريحات السنديك ورئي س المقاولة متوقفة عن العمل فإن المحكمة المخول لها قانونا صالحية البت في
مصير المقاولة قررت اإلطالع على الوضعية الحقيقية للمقاولة وذلك عن طريق أمر السنديك بوضع تقريره النهائي حول الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية
للمقاولة وإقتراح الحل المالئم .وحيث م ما ال شك فيه أن الهدف األول من مساطر معالجة صعوبات المقاولة هو الحفاظ على المقاولة وحمايتها من كل الصعوبات
واألخطار ...ألن من شأن إستغراق فترة المالحظة لمدة تفوق 0أشهر اإلضرار بحقوق الدائنين الذين يواجهون بوقف المتابعات الفردية وبوقف سريان الفوائد ،مما
يت نافى مع قانون المساطر الجماعية الذي يروم حماية حقوق الدائنين الذين يأتون في المرتبة الثانية بعد المقاولة...حكمت المحكمة ...بتحويل التسوية القضائية لشركة
(ز) إلى تصفية قضائية"
162
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
م.ت ،إذ مر عن إفتتاح مسطرة التسوية القضائية خمس سنوات ،وأن املرش ع حدد كحد أقىص إلعداد الحل مثانية أشهر...
مام يتعني معه الحكم بتحويل التسوية القضائية إىل التصفية القضائية"...
ومن املالحظ كذلك يف هذا اإلطار أن القضاء يعترب مقيدا مبا خلص إليه السنديك ،1إذ ال يجد بدا من النطق بالتصفية
القضائية كبديل عن التسوية القضائية ،مبجرد ترصيح السنديك بوجود أسباب تقتيض التصفية ،كإمتناع رئيس املقاولة عن
الجواب عىل مقرتحات السنديك ،2مضحيا يف ذلك باملصالح اإلقتصادية واإلجتامعية املرتبطة بإستمرار نشاط املقاولة ،لذا بات
من الرضوري عىل السنديك أن يبني يف تقريره ،مضمون املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية للمقاولة مبشاركة رئيسها
وباملساعدة املحتملة لخبري أو عدة خرباء ،3وعىل القضاء تكوين فكرة صحيحة عن تلك الوضعية قبل البت يف امللف ،4ذلك أن
دور القضاء التجاري يف ضامن إستمرارية املقاولة ،خالل مرحلة إعداد الحل الكفيل بإنقاذها ،لن يرقى إىل املستوى املطلوب،
إال بفهم الوضعية املالية واإلجتامعية للمقاولة موضوع املعالجة ،ووضعها يف محيطها اإلقتصادي الذي تتواجد فيه فهي ال
تشتغل منعزلة ،بل تعترب جزءا من نسيج إقتصادي وطني ودويل ،ويكون من الرضوري معرفة حالة القطاع الذي ترتبط به ،هل
يتعلق األمر بقطاع يف إمتداد أو بقطاع يف تراجع أو بقطاع جديد لألنشطة.
ومعنى ذلك أن إختيار املحكمة للحل ،يتعني أن يكون موجها بإعتبارات موضوعية ال ذاتية ،إنطالقا من املعطيات املتعلقة
بالوضعية املالية واإلقتصادية واإلجتامعية للمقاولة ،لكون إستمرار نشاط املقاولة خالل مرحلة إعداد الحل فيه ضامن حقوق
الدائنني واألجراء بالدرجة األوىل.
إذا كان القضاء التجاري يسعى إىل إيجاد حلول تهدف إىل تحقيق أكرب نسبة ممكنة من التوفيق بني مختلف املصالح
املتعارضة ،سواء عند حرص مخطط اإلستمرارية ،أو مخطط التفويت ،كآليتان تساهامن يف ضامن حقوق الدائنني من جهة،
1المالحظ على التشريع المغربي مقارنة بنظيره الفرنسي ،كونه أعطى صالحية مطلقة للسنديك في مجال صعوبات المقاولة ،في مقابل التقييد من سلطة القاضي
المنتدب ومعه المحكمة ،األمر الذي من شأنه أن يقلل من أهمية دورهما ويفرغه من أي محتوى ،حيث يفقد القاضي المنتدب صفة الجهاز الساهر على سير المسطرة
وحماية المصالح المتواجدة بها ،كما أن الدور القضائي ال ذي تمت المراهنة عليه في ضمان إستمرار نشاط المقاولة وتصحيح وضعيتها ،سيتأثر وال شك بمواقف
السنديك على مستوى مختلف مراحل وأطوار المعالجة.
للمزيد من التوضيح أنظر:
-ليلى بنجلون ،م.س ،ص 11وما يليها،
-محمد منعزل ،م.س ،ص .718
2ومثال ذلك قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ ، 1881-81-87الذي جاء فيه... " :يستفاد من مستندات الملف ،ومن القرار المطعون فيه الصادر
عن محكمة اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ ، 1881-78-71القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة شركة (د.ع) مع تعيين (م.س) سنديكا
ح ددت مهمته في مراقبة عمليات التسيير ،إعداد تقرير مفصل حول الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعية للمقاولة وذلك بمشاركة رئيس المقاولة وإقتراح الحل
المالئم...تبين له أن األرباح المرتقبة ال يمكن لها سداد الديون...وأنه كاتب رئيس المقاولة مقترحا بعض الحلول التي من شأنها تغطية جزء من العجز الحاصل ،إال
أنه لم يتوصل بأي جواب ،مقترحا تحويل التسوية القضائية للشركة إلى تصفية قضائية"...
-قرار المجلس األعلى ع ،717المؤرخ في ،1881-7-87ملف تجاري ع ،1881/1/8/97أوردته :حياة متوكل ،مدى ضمان القضاء التجاري للحماية
اإلجتماعية لألجراء ،م.س.99 ،
3تطبيقا لمقتضيات المادة 119من م.ت.
4ذلك أن المحكمة التجارية لن تستطيع الوقوف على الوضعية الحقيقية للمقاولة أثناء فترة إعداد الحل بمنأى عن أخذ رأي كل من مراقبي الحسابات ،واإلدارات
والهيئات العمومية وممثلي األجراء أو عن طريق أي ش خص آخر وذلك على الرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة ،تطبيقا لمنطوق المادة 107من م.ت ،حتى
يكون حكمها مبني على أسس ومعلومات دقيقة شاملة للجوانب اإلقتصادية واإلجتماعية.
163
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واإلبقاء عىل مناصب الشغل الرضورية إلستمرارية املقاولة من جهة أخرى ،فإن نجاح ذلك قد يتطلب اإلستغناء عن بعض
مناصب الشغل ،وبالتايل إعفاء بعض األجراء ،واملالحظ أن املرشع املغريب وإن منح املحكمة التجارية صالحية الرتخيص بفصل
األجراء حرصا عىل إستمرار نشاط املقاولة ،إال أن خلو م.ت من مقتضيات خاصة تنظم كيفية القيام بالفصل ،أو الجهة املخول
لها القيام به يف جميع مراحل املسطرة ،حيث جاءت اإلشارة الوحيدة له يف الفقرة األخرية من املادة 597من م.ت.
وأمام غموض وعدم كفاية هذا النص اليتيم املتعلق بالفصل خالل مساطر الصعوبات ،وإنعدام اإلنسجام بينه وبني باقي
نصوص مساطر املعالجة من جهة ،ونصوص م.ش من جهة أخرى ،األمر الذي نتج عنه قصور قضايئ كبري يف تقرير الحامية
اإلجتامعية لألجراء ،إذ يف أحيان كلرية يعمد القضاء إىل التضحية بالحقوق الناشئة لألجراء واإلجهاز عليها يف سبيل إنجاح
مسطرة التسوية القضائية سواء إتخذت شكل مخطط اإلستمرارية (أوال) ،أو مخطط التفويت (ثانيا).
يسعى نظام صعوبات املقاولة أساسا إىل خدمة املصلحة العامة عن طريق العمل عىل اإلبقاء عىل الوحدات اإلنتاجية،
والحفاظ عىل عقود الشغل ،إال أن تحقيق ذلك يقتيض يف كلري من الحاالت التضحية بالبعض منها ،لإلبقاء عىل عقود شغل
أخرى أكرث أهمية يف إعادة التوازن لنشاط املقاولة.
لذا فإن مصري عقود الشغل يرتبط مبضمون مخطط اإلستمرارية ،من حيث إختيار مستوى وآفاق التشغيل ،1وبالظروف
اإلجتامعية املرتقبة من أجل إستمرارية النشاط ،وهكذا ففي إطار مخطط اإلستمرارية تؤخذ هذه املعطيات بعني اإلعتبار ،ويُلزم
بها املدين وكذلك األجراء ،ف موازاة مع اآلفاق اإلقتصادية للمقاولة ،قد يتم فصل عدد كبري من األجراء عندما يتضمن املخطط
توقيف النشاط جزئيا ،إذا كان أحد األنواع من النشاط أو أحد الفروع يعاين من العجز أو الخسارة ،أو من شأن هذا التوقف
التخفيف من األعباء واملصاريف واإلكراهات اإلقتصادية أو املالية أو اإلجتامعية للمقاولة.2
ويف نفس اإلطار قد ترتئي املحكمة أثناء حرص مخطط اإلستمرارية ،رضورة اإلحتفاظ بعقود الشغل مع إحتامل وقوع تعديالت
يف مراكز العمل ،كإعادة إدماج األجراء يف نشاط آخر من أنشطة املقاولة ،نتيجة إقفال ورشة من أوراش العمل أو إرتباطا بإعادة
الهيكلة يف املوارد البرشية التي يتضمنها املخطط ،إال أنه قد ينتج عن بعض الحاالت املذكورة إنعكاسات عىل األجراء تتجىل
يف الخوف وإنعدام اللقة يف املستقبل ،مام يتسبب يف نشوء إحتجاجات وإرضابات األجراء قد تعرقل تبني مخطط
اإلستمرارية ،3ونظرا ملا يحيط بإستمرار املقاولة من صعوبات دون فصل بعض األجراء ،أقر املرشع التجاري جواز اإلستغناء عن
عقود الشغل دون تحديد يف ذلك ،تاركا األمر لسلطة املحكمة التجارية املفتوحة أمامها مساطر املعالجة ،هذه األخرية تقرر
1
Cass.com. 14 février 1989, j.c.p 1989. E 15591, cité par, Michel jeantin, op. cit, p 437.
2عبد الكريم عباد ،دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .110
3تجدر اإلشارة أن اإلحتجاجات العمالية قد تقوم رغم الضمانات المخولة لألجراء المفصولين ،أو بالنسبة للمحتفظ بهم على السواء ،إذ أنه ال يمكن تهديد األجراء
- Yves Guyon, op. cit, p 304 بفقدانهم الشغل دون أن تصدر إضرابات وإحتجاجات من طرفهم.
164
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
حسب إحتياجات املقاولة وقدرتها التنافسية داخل السوق اإلقتصادي ،ونسبة األجراء املمكن اإلستغناء عنهم ونوعية أعاملهم،1
فالقضاء هنا يذهب يف إتجاه مراعاة مصالح املقاولة بالدرجة األوىل وإنجاح مخطط اإلستمرارية ،ولو أدى ذلك إىل التضحية
بحقوق األجراء املشتغلني باملقاولة ،أو بحقوق املتعاملني معها ،فاملهم عنده هو الحفاظ عىل مراكز الشغل األخرى ،وعىل مورد
من موارد الدولة املالية والتي تزداد حسب تطور املقاولة وإزدهارها.2
ومن هنا يتضح أنه كلام إقتضت مصلحة إستمرار املقاولة وتجنيبها الوقوع يف التصفية القضائية التضحية بعقود الشغل ،فإن
القضاء التجاري ال يتواىن تطبيقا لروح الترشيع ورغبة يف إنجاح مخطط اإلستمرارية ،عن تقرير فصل األجراء مراعاة ملصالح
املقاولة ،لذلك يتوجب عىل املرشع إيالء اإلهتامم بفئة األجراء يف حالة إعتامد املحكمة ملخطط اإلستمرارية ،وفقا للشكل الذي
يستجيب ومصالح املقاولة اإلقتصادية عرب خلق نوع من التوازن بني ما هو إقتصادي وما هو إجتامعي ،بخلق جهاز لتأمني ديون
األجراء خالل جميع مراحل الصعوبات كام هو حال املرشع الفرنيس ،وليس اإلقتصار عىل نظام التعويض عن فقدان الشغل.3
وأما بخصوص الترشيع الفرنيس فنجده تطبيقا للامدة L621-64من ق.ت.ف ،يفرض عىل املحكمة عندما يقتيض مخطط
اإلستمرار ية القيام بتغيريات ترتب إعفاءات لألجراء أن تقوم بإعالم وإستشارة لجنة املقاولة ،وعند عدم وجودها يتعني إستشارة
مندويب األجراء وكذا السلطة اإلدارية املختصة طبقا ملقتضيات املادتني L321-8و L321-9من قانون العمل الفرنيس ،حيث يحدد
املخطط بصفة خاصة اإلعفاءات التي يجب أن تتم داخل أجل شهر من تاريخ الحكم وذلك مبجرد إعالم اإلدارة دون املساس
بآجال وبحقوق اإلخطار املنصوص عليها يف القانون واإلتفاقيات الجامعية للشغل ،إذ يجب أن يتضمن الحكم الذي يحرص
مخطط اإلستمرارية عدد األجراء املرخص بفصلهم وكذا األنشطة واألصناف املهنية املعنية ،عالوة عىل خلقه لهيئة تتوىل
التأمني عىل ديون األجراء ،تتجىل مهمتها يف أداء أجورهم عند عدم توفر األموال الالزمة لدى املقاولة املفتوح يف مواجهتها
املساطر الجامعية ،سواء يف فرتة املالحظة أو أثناء حرص مخطط اإلستمرارية أو التصفية القضائية.
1ذلك لكون المقاوالت تشغل أصنافا عديدة من األجراء واألطر الفنية واإلدارية ،بنسب معينة من كل فئة حسب ما تقتضيه حاجة المقاولة ومجال تخصصها ونوع
نشاطها ،مع مراعاة أقدميتهم وفئتهم عند تقرير الفصل.
أنظر بهذا الخصوص:
-عبد المجيد الفاهم ،م.س ،ص 718
2ومن التطبيقات القضائية للقضاء المغربي التي عملت بهذا التوجه ،نذكر الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 1881-88-81الذي جاء فيه:
"وحيث أكد السنديك في تقريره وعند اإلس تماع إليه أمام غرفة المشورة أن مخطط اإلستمرارية يتطلب تسريح بعض العمال الراغبين في مغادرة الشركة بصفة نهائية
خالل المدة ما بين 1881و 1881بغالف مالي قدره 1189888,88درهم ،وذلك بعدد 78عمال خالل سنة ،1881و 71عامال خالل سنة ،1888و 18عامال
خالل سنة ،1881و 11عامال خالل سنة ، 1881وحيث إن مقتضيات المدونة في باب صعوبات المقاولة عند تقرير إستمرارية المقاولة سمحت بإمكانية فسخ عقود
العمل كإجراء وقرار مصاحب لإلستمرارية شريطة إتباع وتطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل ،ويتعين على السنديك تنفيذ المخطط بهذا الخصوص،
ومراقبة تنفيذه طبقا للمقتضيات القانونية"...
-حكم رقم ،1881/18صادر بتاريخ ،1881-88-81في الملف ع ،78/1887/811أشارت إليه :زينب الركيك ،م.س ،ص .11
3والذي حاولنا تبيان مظاهر قصوره بالرغم من حداثة تطبيقه ودخوله حيز التنفيذ.
راجع بهذا الخصوص مضمون ما تم ذكره في شأن التعويض عن فقدان الشغل ،ضمن ثانيا من الفقرة الثانية من المطلب الثاني من الفرع الثاني من المبحث الثاني
من الفصل األول من هذه الرسالة.
165
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
نظرا للمكانة التي يحتلها األجراء يف املقاولة ،فإن القانون املنظم ملساطر املعالجة حرص عىل ضامن إستمرار عقود الشغل
بقوة القانون عندما يستمر النشاط الذي تتعلق به ،إال أن إستمراره ليس معناه الحفاظ عىل كل عقود الشغل املرتبطة به ،ألن
املحكمة قد ترخص بالفصل الذي متليه اإلكراهات اإلقتصادية وحاجات عملية التسوية القضائية ،بهدف الحفاظ عىل
املؤهالت اإلقتصادية ،ومن أجل ذلك يسمح القانون بالتقدم يف املخطط بإقرتاح إنهاء بعض عقود الشغل ،التي قد تشكل يف
حال بقاءها حجر عرثة يف وجه اإلقالع اإلقتصادي للمقاولة املفوتة.
وعىل إفرتاض أن املحكمة التجارية عند حرصها مخطط التفويت قامت بالتأكد من أن هذا الحل سيضمن املحافظة عىل
النشاط امل َؤ ِّمن ألكرب عدد من مناصب الشغل ،فإنه قد تصطدم بالواقع العميل النابع من التقلبات اإلقتصادية املوالية لعملية
التف ويت ،التي قد تدفع املفوت إليه إىل عدم اإللتزام باإلحتفاظ بنفس النشاط ،لذا يتوجب عىل املحكمة قبل أن تقرر تفويت
املقاولة أن تتأكد من أن هذا الحل سيضمن املحافظة عىل النشاط الذي ي َؤ ِّمن كل أو بعض مناصب الشغل.1
إال أنه ومن خالل إستقراء بعض األحكام القضائية الصادرة يف هذا الصدد ،نجد أن إهتامم املحكمة ينصب عىل إختيار
العرض املحقق ألعىل مثن ،عوض البحث عن العروض التي تضمن األهداف اللالثية من عملية التفويت ،واملتمللة يف اإلبقاء
عىل النشاط بشكل مستقل ،واملحافظة عىل مناصب الشغل ،وتصفية الخصوم ،ومنه ما جاء يف حكم املحكمة التجارية بالدار
البيضاء التي قضت بتفويت جزء من املقاولة للرشكة التي أعطت أعىل وأضخم مثن يف العرض الذي تقدمت به ،مقابل فصل
بعض األجراء وإعفاءها من تعويضاتهم ــ اإلحتفاظ ب 37أجرياــ بل واألكرث من ذلك وافقت املحكمة عىل تعديل عرض
التفويت مقابل فصل املزيد من األجراء ــ اإلحتفاظ فقط ب 60أجراء ــ ،2يستفاد من ذلك أن القايض التجاري عند حرصه
ملخطط التفويت يجد نفسه أمام مهمة صعبة ،تتجىل يف اإلختيار بني العروض املقدمة ،فقد يوجد عرض أفضل من زاوية
الحفاظ عىل مناصب الشغل ،وعرض آخر قد يعرض أحسن حل بالنسبة لتصفية الخصوم يتضمن مثنا مرتفعا باملقارنة مع غريه،
1ذلك أن القضاء خالل البحث في العروض يكون مرتبطا بتحقيق هدفين مشتركين ،وهما المحافظة على النشاط وعلى عقود الشغل.
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .111
2حيث جاء في حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،حكم رقم ،1888/77الصادر بتاريخ ،1888-81-71في الملف ع ،78/1881/800ما يلي... " :وبناء على
تقرير ا لقاضي المنتدب ...يلتمس بمقتضاه حصر مخطط التفويت الجزئي لشركة (ب) إلى المفوت إليه شركة (أ.د)...ويتحدد شروط التفويت وفق اآلتي ...بتحديد
ثمن التفويت في مبلغ 8189888,88درهم ...بإحتفاظ المفوت إليه ب 81مستخدما دون أداء تعويض لباقي المستخدمين غير المحتفظ بهم...
وبناء على المذكرة التوضيحية المدلى بها من طرف شركة (ك.د) مقدمة عرض التفويت الجزئي بواسطة نائبها بجلسة ،1888-87-71تلتمس بمقتضاها اإلشهاد
بتأكيدها للعرض المقدم للقاضي المنتدب مع تعديله وذلك بالرفع من قيمة العرض ،وذلك بجعلها محددة في مبلغ 1189888,88درهم بدال من 8189888,88درهم
مع حصر عدد مناصب الشغل في عشرة مستخدمين فقط بدال من 81أجير ...وبناء على إدراج القضية بغرفة المشورة بجلسة ...1888-81-87فتقرر حجز القضية
للمداولة لجلسة ... 1888-81-71وحيث أن الثابت من العرض المقدم من طرف شركة (ك.د) للقاضي المنتدب أنه يهدف إلى شراء األصل التجاري لشركة (ب)
بمبلغ 8189888,88درهم ،مع اإلحتفاظ ب 81منصب شغل...
وحيث إن شركة (ك.د ) تقدمت بتعديل يتجلى في تحديد ثمن تفويت وحدات اإلنتاج في مبلغ 1189888,88درهم واإلحتفاظ بعشرة ( )78عمال فقط .وحيث ...أن
الشركة صاحبة العرض هي ف ي أوج نشاطها وتتوفر على هيكلة مالية متوازنة ولها مردودية مهمة...واإلحتفاظ بعشرة أجراء يعد عرضا جديرا باإلعتبار ...ولمنحه
سيولة مهمة من شأنها اإلسهام في تعديله بناء على المذكرة المدلى بها ...بتحديد ثمن التفويت في مبلغ 1189888,88درهم وبإحتفاظ المفوت إليه بعشرة مناصب
شغل دون أداء أي تعويض لباقي المستخدمين غير المحتفظ بهم"...
166
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
واإلختيار بينهام حينها يبقى خاضعا ملطلق سلطة القضاء التقديرية ،مع األخذ بعني اإلعتبار مكانة املقاولة املفوت إليها وقدرتها
التنافسية داخل السوق.
ويف هذا الشأن جاء يف حيليات حكم صادر عن املحكمة التجارية بالدار البيضاء " :1وحيث إنه يف شأن العرض الوحيد املقدم
من طرف رشكة (ن.م) إلقتناء وحدة الدار البيضاء ،فإنه بالرغم من ضآلة املبلغ املقرتح وعدد العامل الذين تم إختيارهم للعمل
حسب الربنامج املعد لهذه الغاية ،فإن املتجيل أن الرشكة املذكورة رائدة يف ميدان النقل بدليل أنها تشغل حوايل 4000عامال،
وأن كل عملية إستخدام حافلتني جديدتني سيوفر إحدى عرش منصب شغل جديدة... ،وحيث إنه غري خاف بأن رشكة (ن.م)
ستستأثر بقطاع النقل يف املدار الحرضي ملدينة الدار البيضاء بصفة منفردة إنطالقا من نهاية "...7009
وبهذا يتضح لنا مدى حرص القضاء التجاري عىل إنجاح مساطر املعالجة يف شكل تفويت املقاولة ،ولو تطلب ذلك التضحية
بالحقوق اإلجتامعية لألجراء ،وذلك بخالف القضاء الفرنيس الذي أجمع عىل إنتقاء العروض التي تراعي املصالح اإلقتصادية
واإلجتامعية يف آن واحد ولو كانت بلمن زهيد ،وقىض يف ذلك بتفويت أصل تجاري يف ملكية رشكة خاضعة ملسطرة التسوية
للمسري الحر لهذا األصل التجاري بدل مرشح آخر منافس له ،2رغم كون هذا األخري عرض مثنا مرتفعا مقارنة مع اللمن الذي
عرضه املسري الحر ،ورغم التباين الحاصل بني هذا اللمن وذاك ،حيث وقع إختيار املحكمة عىل أقلهام كرتجيح لكفة املحافظة
عىل مناصب الشغل واإلبقاء عىل النشاط دون اإلهدار الكامل لحقوق الدائنني ،ويف نفس اإلطار قضت املحكمة التجارية
بباريس 3عىل أنه..." :من الجائز أن تقوم املحكمة بحرص مخطط التفويت ،ولو مل يكن يسمح إال بتصفية جزئية للخصوم".
ونرى أنه يتعني عىل القضاء أن يوازن بني جميع املصالح ما أمكن ،وال يجب عليه تغليب املصلحة اإلقتصادية عىل الحامية
اإلجتامعية ،أو العكس فمن الواجب عليه أثناء اإلختيار بني العروض وقبل حرص مخطط التفويت ،أن يراعي التوازن بني
الحفاظ عىل مناصب الشغل ومصلحة املقاولة يف إستمرارية نشاطها ،ومصلحة الدائنني يف إستيفاء ديونهم ،وإعتبار هذا
التوازن معيارا حاسام وأساسيا للمقارنة واملفاضلة بني العروض ،ويف سبيل الحصول عىل هذا املبتغى فإن للقضاء سلطة تقديرية
واسعة لتقريرهذا التوازن واملحافظة عليه وفق رشوط معقولة ،تبعا للشكل الذي يساهم يف تسوية وضعية املقاولة ،دون إلحاق
الرضر مبختلف األطراف أو بحقوق األغيار ،كام أنه ال يجب أن يكون يف تلك الرشوط أي إرضار كبري مبناصب الشغل ،أو
مبصالح الدائنني من حيث مثن التفويت املقرتح الذي يجب فقط أن يكون كافيا لتصفية الخصوم وفق رشوط مقبولة ،4وقد
1أمر ع ،1881/181الصادر بتاريخ ،1881-88-81في الملف رقم ،1881/79/1110أنظر الملحق رقم ،7والجدير بالذكر أنه تم تفويت المقاولة موضوع
مسطرة المعالجة إلى الشركة مقدمة العرض التي إقترحت أداء مبلغ 1ماليين درهم كثمن للتفويت مع اإلحتفاظ ب 781عامال من أصل ،801والذي تم تفضيله
على العرض الذي تقدمت به إحدى الشركات اإلسبانية والذي إقترح مبلغ 78ماليين درهم كثمن للتفويت ،واإلحتفاظ ب 871عامال ،وذلك لكون عرض هذه
األخيرة يتضمن شرط منح اإلستغالل لمدة عشر 78سنوات فرأت المحكمة أن العرض المقدم والمبني على شرط مآله الرفض.
وتم تفضيله كذلك على العرض الذي تقدمت به شركة (س.ر) تقترح من خالله أداء مبلغ 9ماليين درهم مع اإلحتفاظ ب 808عامل وعاملة ،بناء على كون
الشركة (س.ر) هي حديثة العهد والنشأة وال تتوفر ع لى الدراية والخبرة الكافية لتسيير مقاولة في حجم الشركة موضوع المعالجة ،مما يعرقل التدبير العادي ويحول
دون تحقيق المسعى من التفويت.
2
C.A Aix – en – provence 8° ch A, 30 oct 1997, R.D, N° 1, 7 janvier 1999, som.com, p 3.
أشار إليه :عبد الكريم عباد ،دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .118
3أشار إلى ذلك :أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .101
4عبد الكريم عباد ،دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة ،م.س ،ص .811
167
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
سارت محكمة النقض الفرنسية يف هذا اإلتجاه ،حينام أقرت بأن األداء الكيل ملجموع ديون الدائنني من مثن التفويت ليس
رضوريا.1
وعىل العموم ميكن القول أن الحفاظ عىل مناصب الشغل وإستمرار نشاط املقاولة ،من الرشوط التي تهدف إىل تخليق
مخططات التفويت ،وذلك لتفادي املضاربات حول تفويتات املقاوالت وإقتناءها من طرف أصحاب العروض غري الجدية ،للحد
من ظاهرة إقتصادية يف عرصنا الحايل وهي ظاهرة "سوق املقاوالت التي تعاين صعوبات".2
خــاتــمـــة
إذا كان الوصول باملقاولة إىل قمة العطاء أمرا عسريا ،فإن إنهيارها ميكن أن يتم بصورة رسيعة ،ولهذا فالخروج باملقاولة املعنية
سواء كانت فردية أو إتخذت شكل رشكة من الوضعية الصعبة التي تعاين منها ال ميكن أن يتم بإعامل سطحي للمقتضيات
القانونية ،ذلك أن نظام صعوبات املقاولة يكتيس طابعا إقتصاديا محضا مضافا إىل طابعه القانوين ،وميس من قريب مبقتضياته
املقاولة كخلية أساسية يف النسيج اإلقتصادي ،ومن خالل تفحص نصوص هذا النظام يتضح أنه رغم إيجابيته مقارنة بنظام
اإلفالس ،إال أنه ال يخلو من إنتقاد ،فهو يفتقد إىل اآلليات التي تجعله يساهم يف إنقاذ املقاولة بشكل فعال ويحافظ عىل
مناصب الشغل ،ومعنى ذلك أن إفتقاد الترشيع التجاري لآلليات القانونية إلستقرار الشغل ،قد تؤدي عند تفعيله عىل أرض
الواقع إىل صعوبات وإشكاالت كلرية تتملل أحيانا يف سلبية موقف القضاء عند مراقبة إنهاء عقود الشغل ،وإشكالية التوفيق
بني تسوية املقاولة وبني الحفاظ عىل مناصب الشغل ،وذلك نابع من تعارض هدفني إثنني يتميزان بصعوبة التوفيق بينهام،
فمن جهة أوىل هناك الشغل الشاغل لألجراء الذي يتملل يف إستمرار الشغل ودميومته ،ومن جهة أخرى هناك الشغل الشاغل
للمشغلني الذي يكمن يف الحفاظ عىل منافسة سليمة داخل السوق .وبالتايل نعتقد أن التعامل مع هذا النظام لن يؤيت أكله
مبعزل عن اإلملام واملعرفة اإلقتصادية واملالية الشاملة لطرق تدبري املقاوالت وطريقة التعامل مع األزمات والصعوبات التي تواجه
هذه املقاوالت.
من هذا املنطلق تظهر جسامة املسؤولية امللقاة عىل عاتق القايض التجاري املغريب ،الذي عهد إليه بوظيفة مل يعهدها من
قبل ومرتبطة أشد اإلرتباط بالنظ ام العام اإلقتصادي ،لهذا خول له املرشع إمكانية اإلستعانة بأهل الخربة ،إال أن هؤالء يبقون
يف جميع األحوال مساعدين للعدالة ،ويجب أن تبقى الكلمة الحسم للقايض عوض إكتفائه باملصادقة عىل التقارير املقدمة من
طرفهم والتي يف بعض األحيان تكون غري مبنية عىل أسس متينة ،وذلك ثقة منه يف خبري قد ال تتوفر لديه الكفاءة الالزمة.
1
Cass.com 26 juin 1990, Bull.civ.IV, N° 191, P130 cité par : Yves Guyon, op.cit, p 310.
2
Yves chartier, op.cit , p 403.
168
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
وهذا ما حاولنا معالجته عىل مدار صفحات هذا البحث تحت عنوان "ضامنات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات
املقاولة " من خالل البحث عن مكامن الضعف والقوة يف النظام القانوين املغريب ،ويف سبيل ذلك تم تبني تقسيم ثنايئ يف
محاولة لخلق نوع من التوازن قصد إستجالء الضامنات القانونية التي تحمي وتكرس حقوق األجراء ،ومقاربتها مبا تم تقدميه
وإقراراه من ضامنات من طرف القضاء بإعتباره صامم األمان ،وبذلك تبني لنا بحكم الدراسة املقارنة التي تم إعتامدها قدر
اإلمكان ،بأن هذا امل وضوع يحمل من األهمية ما يجعله جديرا باإلهتامم ،إذ ينبغي تسليط املزيد من الضوء عىل اإلشكاالت
املنبلقة عنه ،والتي مل يسايرها املرشع املغريب بنفس اإلهتامم الذي تستحقه ،فمركز األجري يف نظام صعوبات املقاولة املغريب
يفتقر إىل الحامية القانونية والقضائية عىل حد السواء ،وبالرغم من خروج مدونة الشغل إىل حيز الوجود بعد مخاض عسري إال
أن املأمول واملنتظر من وراء سنها مل يتحقق ،بل باملقابل إعرتاها الكلري من النقص سيام فيام يتعلق مبالءمتها ملضامني الكتاب
الخامس من مدونة التجارة ،ولعل يف هذا تدعيم لظاهرة البرت 1التي متيزت بها هذه األخرية كام الحظنا.
سوف لن نسعى من خالل هذه الخامتة إىل إعادة رصد تلك النواقص وتكرار السلبيات التي تعاين منها املدونتني يف هذا
الجانب ،وما إعرتاهام من ثغرات ،عىل إعتبار أن خامتة أي موضوع ليست تلخيصه بقدر ما يهمنا يف هذا املقام تقديم بعض
املقرتحات بناءا عىل ما تم التوصل إليه من إستنتاجات وخالصات وفقا ملا ييل:
.6نعيب عىل القوانني املغربية عامة ،وقانون صعوبات املقاولة خاصة ،ذلك القصور الترشيعي الذي يعرتيها مقارنة مع مصدرها،
واملالحظة هنا تأيت يف ظل وجود قوانني تتعرض لبرت أجزاء مهمة منها ،لها عالقة مبصلحة من املصالح الحيوية ،إىل جانب
ذلك نسجل عدم اإلنسجام والتكامل بني القوانني املغربية يف غياب عنرص التنسيق بينها ،لذا يتعني عىل املرشع املغريب أن
يحرص عىل جعل النصوص القانونية الصادرة عنه منسجمة وغري متنافرة ،خاصة متى كانت هذه النصوص تلتقي عند وحدة
الهدف ك ام هو حال نظام صعوبات املقاولة ومدونة الشغل ،حتى ال تضيع حقوق األجراء اإلجتامعية ومصالح املقاولة اإلقتصادية
.7رضورة دعم مركز فئة األجراء وأجهزتهم التمليلية ،وذلك بتقوية صالحياتها سيام يف مجال اإلستشارة ،واملشاركة يف جميع
مراحل املسطرة (بدءا من التبليغ عن أي وقائع من شأنها اإلخالل بإستمرارية اإلستغالل مرورا بحقهم يف تقديم طلب فتح
مساطر املعالجة يف مواجهة املقاولة املتوقفة عن الدفع ،وصوال إىل إرشاكهم يف إقرتاح وإعداد الحل املالئم للخروج باملقاولة
1يمكن تشبيه هذا البتر الذي يعرفه قانون صعوبات المقاولة لمواد تعتبر من األهمية بما كان بتلك النكتة المغربية التي تفيد بأن شركة مغربية قامت بإقتناء طائرة
لنقل الركاب ،وطلب المسؤولين من الشركة األجنبية البائعة تسليمهم الطائرة مفككة قصد السهر على تركيبها بالبالد من طرف طاقم تقني محلي ،وبعد أن تمت عملية
تركيب الطائرة من طرف طاقم تقني مغربي ،الحظ مسؤولي الشركة المشترية للطائرة أن هناك بعض القطع واألجزاء متبقية ولم يتم تركيبها ،وعند اإلستفسار عن
ذلك أخبرهم الطاقم التقني بأنها قطع وأجزاء زائدة ال حاجة لها وال داعي لتركيبها.
ليتبين بعد أول رحلة قامت بها الطائرة أن تلك األجزاء والقطع المبتورة التي تم اإلستغناء عنها ،هي المخصصة للهبوط بالطائرة ،األمر الذي إستحال معه على
الربان الهبوط بها من الجو .التشبيه الذي يستشف منه أن المشرع المغربي ال يعي تمام الوعي عواقب وخطورة بتر واإلستغناء عن العديد من المواد والفصول من
مصدرها واإلحتفاظ بالبعض اآلخر حسب هواه ،فلو لم يكن لتلك المواد المستغنى عنها من طرفه أهمية ودور حيوي لما سنها المشرع الفرنسي ،الذي ال يتوانى عن
إلغاء كل مادة أو تعديلها أو سن أخرى جديدة كلما تبين له أن الحاجة لذلك صارت ملحة ،وهذا ما يفسر كثرة التعديالت التي طالت قانون صعوبات المقاولة الفرنسي
منذ خروجه إلى حيز الوجود سنة .7901
169
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
مام يعرتيها من صعوبات) ،وذلك بإلزام املحكمة بأخذ رأيها بجدية أكرث ،وبالتايل اإلنتقال من مرحلة اإلستئناس القامئة حاليا
إىل مرحلة تسري يف إتجاه تبني هذه املشاركة ،خاصة إذا ما وضعنا نصب أعيننا أن مصري األجراء واملقاولة واحد ،وهكذا فإن
املشاركة ستأيت يف مسار ضامن الحامية املزدوجة للطرفني معا وهو النهج الذي يسري عليه املرشع الفرنيس.
.3لقد بالغ املرشع املغريب يف منح سلطات وصالحيات واسعة للسنديك يف تسيري املسطرة مقابل التقييد من سلطتي القايض
املنتدب واملحكمة ،وتزداد هذه املبالغة حدة يف مجال العقود الجارية وعىل الخصوص عقود الشغل منها ،لذا يجب عىل املرشع
تفادي جمع مهام التسيري والترصف والتمليل يف يد سنديك املسطرة ،لصعوبة خلق توازن يف هذا الباب من طرف شخص
رضورة تعيني أكرث من سنديك واحد كام كان عليه األمر يف ظل قانون 6963امللغى ،وأن يراعى يف تعيينهم
متليليتهم لجميع املصالح ومختلف األطراف عىل غرار ما هو معمل به يف القانون الفرنيس؛
رضورة دعم مؤسسة السنديك نظرا لكونها قطب الرحى يف مساطر املعالجة ،وذلك بالعمل عىل خلق جهاز مستقل
تتوفر فيه اإلمكانيات واملؤهالت ،وجعلها مهنة من املهن القضائية الحرة ،لذلك نذهب إىل نزع اإلختصاص يف
.4إذا كان القايض املنتدب هو الساهر عىل السري الرسيع للمسطرة وعىل حامية املصالح املتواجدة ،فإنا نرى رضورة:
التنصيص عىل تعيني نائب عنه نظرا لكون القايض املنتدب األصيل ،قد تعيقه أو تعرتضه عدة عوارض متنعه من
القيام مبهامه ،وذلك تالفيا ملا ميكن أن ينجم عن هذا من تأخري ملسطرة حرص املرشع عىل جعلها متسمة
بالرسعة؛
التوسيع من صالحيات اإلعالم الوجويب للقايض املنتدب يف املسطرة ،وعدم حرصها فيام يقوم بتزويده به
السنديك.
.5أمام صعوبة توحيد مساطر الفصل ألسباب إقتصادية بني مدونة الشغل ونظريتها التجارية ،فإنه يتوجب عىل املرشع التجاري
التدخل إللغاء الرقابة اإلدارية عىل الفصل اإلقتصادي ،ووضع مسطرة خاصة به عندما يتعلق األمر بقضايا صعوبات املقاولة،
يعهد من خاللها للقضاء التجاري بالرتخيص واإلذن بذلك الفصل ،ثم تقرير التعويضات املستحقة من جراء ذلك ،ويف هذا
ضامنة ال تتناىف مع املقتضي ات الحامئية املكرسة مبقتىض مدونة الشغل ،وما يكرس معتقدنا هذا أن املحكمة املفتوح أمامها
املسطرة تكون أكرث دراية بوضعية املقاولة بحكم مسايرتها عن كلب ملختلف محطات معالجتها.
170
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
.1عىل مستوى الضامنات املتاحة لألجراء إلستيفاء ديونهم ،والحفاظ عىل حقوقهم ،نسجل تواضع الحامية الترشيعية التي من
إستلناء ديون األجراء من قاعدة وقف ومنع أداء الديون الناشئة قبل صدور حكم فتح املسطرة؛
خلق نظام إلمتياز األسبقية مينح فئة األجراء األولوية يف إستيفاء ديونها ،ويجنبها خطر مزاحمتها من طرف باقي
خلق نظام أو آلية للتأمني عىل ديون األجراء ،يتوىل أداء مستحقاتهم خالل جميع مراحل الصعوبات عند توقف املقاولة
عن ذلك ،عىل غرار ما هو معمول به يف ظل القانون الفرنيس ،عوض اإلقتصار عىل نظام التعويض عن فقدان الشغل
إيالء األجراء مزيدا من اإلهتامم ،والحرص عىل ضامن حقوقهم يف حالة إعتامد املحكمة مخطط التسوية القضائية،
وفقا للشكل الذي يستجيب واملصالح اإلقتصادية للمقاولة ،عرب خلق نوع من التوازن بني ما هو إجتامعي وما هو
.2يبقى العمل القضايئ املغريب بدوره إىل جانب النص الترشيعي ،قارصا عن توفري ضامنات الحامية الرضورية واملطلوبة
فإن قضاتنا مدعوون إىل بذل الكلري من الجهد ملواكبة املتطلبات اإلقتصادية واإلجتامعية ،وحبذا لو إنفتحوا عىل
القوانني والعمل القضايئ األجنبي ،ألن ذلك من شأنه أن يساهم يف توسيع دائرة الحلول املتاحة أمام القايض،
ويبعده من جهة أخرى عن الحلول الروتينية التي درج عىل إتباعها .فنحن هنا ندعو إىل عوملة فكر مؤسسة القضاء،
منح السلطة بخصوص مسألة إخضاع ديون األجراء للتخفيض أو اآلجال للقضاء وحده دون غريه ،ليك تبقى له سلطة
إعاملها من عدم ذلك حسب ما سيتبني له تبعا لكل حالة عىل حدة؛
تليني القضاء من مواقفه يف التعامل مع طلبات األجراء الرامية إىل فتح مساطر املعالجة ،خاصة وأنه تبني لنا مدى
الحاجة لهذا التليني أمام ما جاء به مرشوع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة؛
171
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
منح القضاء سلطة تقديرية واسعة يف إختيار تفويت املقاولة ،أو إعادة تفويتها ،أو منحها مهلة ثانية لتنفيذ إلتزاماتها
املحصورة باملخط ط ،وذلك تبعا لكل حالة عىل حدة ،عوض جعل الفسخ والنطق بالتصفية القضائية ،هام الجزاء أمام
عدم التقيد مبضامني املخطط ملا يف ذلك من إجهاز عىل حقوق األجراء ،وإرضار مبصالح املقاولة.
.5إن القانون عامة وقانون صعوبات املقاولة خاصة ،مل يعد آلية من شأنها تقويم اإلعوجاج ،إذ العالج الذي يطال املقاولة
املتوقفة عن الدفع ناذرا ما ينجح يف الخروج باملقاولة إىل بر األمان ،وهو الطرح الذي كان مأموال من وراء إقراراه ،فالواقع قد
أفرز مقاوالت تستعمل النص القانوين كأسلوب للتحايل تحت حامية القضاء ،كام أفرز مقاوالت راحت ضحية نظام أبان عن
تشدد جهاز القضاء يف منح وفتح مسطرة التسوية القضائية ،والرتوي والتأين والتمحيص يف هذا الشأن؛
إلزام السنديك بوضع تقريره حول املوازنة املالية واإلقتصادية واإلجتامعية للمقاولة يف األجل القانوين الذي أقصاه
مثانية أشهر ،ألن إستغراق فرتة إعداد الحل ملدة تفوق هذا األجل من شأنها اإلرضار باألجراء والدائنني واملقاولة
عىل حد السواء؛
التمديد من نطاق إمتياز املادة 525من مدونة التجارة ،ليشمل فرتة ما بعد صدور حكم حرص مخطط اإلستمرارية،
فاملحكمة عندما تقيض بحرص املخطط وفقا لذلك ،فهذا معناه أن هناك إمكانات جدية لتسوية وضعية املقاولة ،لكن
يف نفس الوقت فإن هذه األخرية مل تتجاوز بعد الفرتة الحرجة ،وال تستطيع تجاوز الصعوبات بإمكانياتها الذاتية،
بل تبقى حاجتها إىل التمويل كبرية لتقوية حظوظ نجاح املخطط ،وهذا ما يدعونا إىل املناداة باإلبقاء عىل إمتياز
املادة 525؛
التنصيص عىل كون مخطط التفويت قابال بدوره للتعديل فيه بعد القيام بحرصه ،إسوة يف ذلك مبخطط
ويف إنتظار ذلك يتعني عىل القضاء بذل مساع كربى يف سبيل تفادي مسطرة التصفية القضائية ،وجعلها كمحطة
أخرية ال يتم اللجوء إليها إال عند إنعدام فرص التسوية متاما ،وذلك من خالل تقديره ملدى قابلية املقاولة لإلستمرار
يف محيطها اإلقتصادي بالنظر إىل إمكانياتها ،ومدى إستعدادها للحفاظ عىل مناصب الشغل.
.9تعترب أنظمة الوساطة والصلح والتحكيم ،أحد أهم الحلول السلمية التي أثبتت نجاعتها عىل مستوى تسوية الخالفات يف
مجال النزاعات عامة ونزاعات الشغل خاصة ،لهذا نقرتح تبني هذه اآلليات وتكريسها مبوجب نص قانوين ،حتى تجد لها
172
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
موطئ قدم ضمن نظام صعوبات املقاولة ،ألننا بذلك سنخفف العبئ عن املحاكم وسنوفر وقتا وجهدا ،تضيع حقوق جميع
إن املرشع املغريب بإقتباسه للقانون املتعلق بصعوبات املقاولة من نظريه الفرنيس يكون قد سقط يف خطأ الترسع، .60
ألنه مل يراع الخصوصية والظروف اإلقتصادية املغربية ،وبالتايل من املتصور أن نجد نصوصا ال تجد لها محال للتطبيق ،وقد
يكون هذا يف صالح املرشع املغريب الذي يكون قد وضع نصا قانونيا سابقا ألوانه عىل وضعية معينة قد تحدث مستقبال ،1لهذا
نرى رضورة توخي املوضوعية يف سن القوانني بصفة عامة ،واألخذ بعني اإلعتبار ظروف البالد اإلقتصادية واإلجتامعية ،إىل
جانب إرشاك كل املعنيني واملهتمني يف إعداد مرشوع قانون الكتاب الخامس بصفة خاصة ،قصد الخروج بقانون يستجيب
ملختلف التطلعات ،خاصة وأن مرشوع القانون املقرتح يتسم بطابع اإلرتجالية والترسع ،وينقصه بعد النظر واإلمعان يف آثار
وهذا يحيلنا عىل املطالبة ب تبني ما بات يعرف بدراسة آثار القوانني قبل سنها ،والتي تعد آلية لدعم جودة النصوص القانونية ،ما
دام كون القانون ال ميكن فصله عن الواقع بكل مكوناته من منطلق كونه يعترب تنظيام لواقع معاش ال ملجتمع يرجى ،ليبقى
التساؤل مطروحا حول مدى نضع املرشع املغريب ووعيه بأه مية دراسة آثار القوانني ،وإمكانية رصد آلية وطنية ملراجعة القوانني
والتلبت من مدى إنعاكسها السلبي أو اإليجايب عىل املستويني اإلقتصادي واإلجتامعي قبل إعطاء الضوء األخرض لنفاذها؟
1يمكن تشبيه موقف المشرع المغربي هذا ،الذي يعمد من خالله إلى سن قانون ال محل لتطبيقه وال ينسجم مع الواقع اإلقتصادي واإلجتماعي وال يسايرهما ،وإنما
جزء مهم منه سيصلح للمستقبل البعيد ،بذلك المثل الشعبي الذي مفاده أن هناك شخص أراد شراء جلباب له ،لكن تعوزه اإلمكانيات فعمد إلى خياطة جلباب فضفاض
أكبر من مقاسه الحالي بكثير ،حتى يبقى صالحا لإلستعمال في مختلف مراحل العمر ،وال يبالي في ذلك إن كان الجلباب سببا رئيسيا في إبطاء بل والتقييد من
تحركاته اليومية الضرورية ،وهذا هو النهج الذي يسير على منواله المشرع المغربي الذي يسن قوانين أكبر من إمكانيته اإلقتصادية واإلجتماعية رغبة منه أن تبقى
صالحة لمختلف المراحل القادمة ،وال ينظر إلى كونها سببا لعرقلة النمو اإلقتصادي والتقدم اإلجتماعي.
173
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الئحة املراجع
عبد اللطيف خالفي :ــ الوسيط يف مدونة الشغل ،الجزء اللاين ،عالقات الشغل الجامعية ،املطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة
األوىل 7009؛
ــ الوسيط يف مدونة الشغل ،الجزء األول عالقات الشغل الفردية ،املطبعة والوراقة الوطنية مراكش،
الطبعة األوىل 7004؛
ــ اإلجتهاد القضايئ يف املادة اإلجتامعية ،املطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة األوىل .7006
عبد الواحد الصفوري ،التوقف عن الدفع بني الفقه والقانون والقضاء ،مطبعة إبن سينا الدار البيضاء ،الطبعة األوىل
.7005
عبد الكريم غايل ،مدونة الشغل وأنظمة الحامية اإلجتامعية يف ظل املستجدات اإلقتصادية والتكنولوجية الحديلة،
منشورات دار القلم ،الرباط ،طبعة .7005
عبد العزيز توفيق ،التعليق عىل قانون اإللتزامات والعقود لقضاء املجلس األعىل ومحاكم النقض العربية ،الجزء اللاين،
مطبعة صوماديل الدار البيضاء ،الطبعة األوىل .6999
عبد املجيد الفاهم ،الكامل يف اإلجراءات الجامعية ،قانون إنقاذ املؤسسات التي متر بصعوبات إقتصادية ،التصفية
واإلفالس ،دار امليزان للنرش ،تونس ،الطبعة األوىل .6999
محمد الكشبور ،عنارص عقد الشغل يف الترشيع اإلجتامعي املغريب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة اللانية 6993
174
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ــ التوقف عن الدفع يف قانون صعوبات املقاولة ،دراسة قانونية تحليلية نقدية معمقة مذيلة بعينات من
عمل القضاء يف املوضوع ،منشورات املجلة املغربية لقانون األعامل واملقاوالت ،مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء؛ الطبعة األوىل 7005؛
ــ صعوبات املقاولة واملساطر الكفيلة مبعالجتها ،دراسة تحليلية نقدية لنظام صعوبات املقاولة املغريب يف
ضوء القانون املقارن واإلجتهاد القضايئ ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األوىل.7000 ،
أحمد شكري السباعي :ــ الوسيط يف مسطرة الوقاية من الصعوبات التي تعرتض املقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة
يف قانون التجارة املغريب الجديد والقانون املقارن ،الجزء اللاين ،يف مساطر املعالجة ،حكم فتح مسطرة املعالجة (الرشوط
املوضوعية والشكلية واإلجراءات) والتسوية القضائية (املرحلة املؤقتة وإستمرارية املقاولة والتفويت) ،نرش وتوزيع دار النرش
املعرفة الرباط ،السحب مطبعة املعارف الجديدة الرباط ،الطبعة اللانية 7002؛
ــ الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعرتض املقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة ،يف
قانون التجارة املغريب الجديد والقانون املقارن ،الجزء اللالث ،يف التصفية القضائية والقواعد املشرتكة بني
مسطريت التسوية القضائية والتصفية القضائية والجزاءات التجارية والجنائية املتخذة ضد مسريي املقاولة،
نرش وتوزيع دار نرش املعرفة الرباط ،السحب مطبعة املعارف الجديدة الرباط ،الطبعة األوىل 6476هـ/
7000م؛
ــ الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعرتض املقاولة ومساطر معالجتها ،دراسة معمقة يف
قانون التجارة املغريب الجديد والقانون املقارن ،الجزء األول ،يف النظرية العامة واألهداف ومساطر الوقاية
الخارجية والتسوية الودية ،نرش وتوزيع دار نرش املعرفة ،الرباط ،السحب مطبعة املعارف الجديدية ،الطبعة
األوىل.7000/6995 ،
كريم أيت بال ،إستمرارية املقاولة يف إطار التسوية القضائية عىل ضوء العمل القضايئ ،مكتبة دار السالم الرباط ،الطبعة
األوىل .7005
عبد الحق بوكبيش ،إستمرار نشاط املقاولة الخاضعة للتسوية القضائية ،مكتبة دار السالم ،الطبعة األوىل.7002
175
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املهدي شبو ،مؤسسة القايض املنتدب يف مساطر صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون الخاص ،وحدة قانون
األعامل ،جامعة الحسن اللاين ،عني الشق ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية ،الدار البيضاء س.ج .7004/7003
أسامء بن عيىس ،إشكالية الرقابة عىل فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية عىل ضوء العمل القضايئ
املغريب ،رسالة لنيل د.د.ع.م يف القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث قانون األعامل واملقاوالت ،جامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية السوييس ،س.ج .7009/7005
إبراهيم البهايل ،وضعية األجراء بني نظام صعوبات املقاولة ومدونة الشغل ،تقرير لنيل د.د.ع.م يف قانون األعامل ،جامعة
الحسن اللاين عني الشق ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الدار البيضاء ،س.ج .7005/7004
إدريس فجر ،مساهمة يف دراسة نظرية أسباب إنقضاء عقود العمل ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون الخاص ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية بالدار البيضاء عني الشق ،س.ج .6999/6995
بوشتى الزياين ،مصري عقود العمل وأجور العامل يف قانون صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون الخاص،
جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية وجدة ،وحدة التكوين والبحث الضامنات الترشيعية يف
قانون األعامل ،س.ج .7009/7005
حياة متوكل :ــ مدى ضامن القضاء التجاري للحامية اإلجتامعية لألجراء خالل التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه
يف العلوم القانونية والسياسية ،وحدة قانون األعامل واملقاوالت ،مركز دراسات الدكتوراه :قانون األعامل واملقاوالت ،جامعة
محمد الخامس السوييس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الرباط ،س.ج 7064/7063؛
ــ املسؤولية الجنائية للمسري الفعيل يف القانون املغريب واملقارن ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،وحدة التكوين والبحث
قان ون األعامل واملقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية ،السوييس
الرباط ،س.ج .7005/7002
176
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
حياة حجي ،نظام الضامنات وقانون صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث
قانون األعامل واملقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية –السوييس -الرباط ،س.ج
.7060/7009
رقية السحيمي ،دور رئيس املحكمة التجارية يف ميدان صعوبات املقاولة ،بحث لنيل د.د.ع.م يف القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية ،الرباط ،س.ج .7006/7000
زينب الركيك ،تنازع اإلختصاص النوعي يف قضايا نزاعات الشغل ،رسالة لنيل د.د.ع.م يف القانون الخاص ،وحدة املهن
القضائية والقانونية ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية – السوييس -الرباط ،س.ج
.7009/7005
سليامن أريفي ،أثر الخوصصة عىل عقود الشغل والضامنات القانونية لحامية األجراء ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،يف القانون
الخاص ،وحدة قانون األعامل ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية وجدة ،س.ج .7000/6999
عبد الرحيم القباب ،وضعية األجراء يف مساطر معالجة صعوبات املقاولة ،رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف القانون الخاص،
جامعة القايض عياض ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية مراكش ،س.ج .7060/7009
عبد اللطيف الشنتوف ،تدخل رئيس املحكمة التجارية يف مرحلتي الوقاية الخارجية والتسوية الودية للمقاولة ،بحث لنيل
دبلوم املاسرت يف العلوم القانونية ،تخصص قانون األعامل ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتامعية ،الرباط ،س.ج .7009/7005
عبد الكريم عباد ،دور القضاء يف معالجة صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون الخاص ،وحدة التكوين
والبحث قانون األعامل ،جامعة الحسن اللاين ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية عني الشق الدار البيضاء ،س.ج
.7004/7003
فاتحة مشاميش ،أزمة معالجة صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف الحقوق ،شعبة القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس أكدال ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية –الرباط -س.ج .7002/7001
فاطمة حداد ،اإلعفاء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية وإغالق املقاوالت ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه
يف القانون الخاص ،جامعة الحسن اللاين – عني الشق ،-كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الدار البيضاء ،س.ج
.7005/7004
فاطمة الحسني ،املسؤولية املدنية للبنك يف إطار صعوبة املقاولة ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الرباط ،س.ج .7006/7000
177
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
محمد العرويص ،مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون
الخاص ،وحدة قانون التجارة واألعامل ،جامعة محمد الخامس السوييس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية
الرباط ،س.ج .7005/7004
محمد أبو الحسني ،ت فويت املقاولة كحل يف إطار التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف الحقوق ،وحدة قانون
األعامل ،جامعة الحسن اللاين ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية -عني الشق -الدار البيضاء ،س.ج .7003/7007
نعيمة الغايش ،وضعية األجراء يف إطار مساطر صعوبات املقاولة ،رسالة لنيل د.د.ع.م ،شعبة القانون الخاص ،وحدة التكون
والبحث قانون األعامل واملقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية السوييس – الرباط ،-
س.ج .7005/7002
نادية فتاح ،لجنة املقاولة يف ضوء الترشيع املغريب واملقارن ،تقرير لنيل د.د.ع.م ،وحدة قانون األعامل ،جامعة الحسن
اللاين –عني الشق– كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الدار البيضاء ،س.ج .7005/7004
هشام الزاهري ،تعامل القضاء مع عقود الشغل يف نطاق صعوبات املقاولة ،رسالة لنيل د.د.ع.م يف القانون الخاص ،وحدة
املهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد الخامس السوييس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتامعية الرباط ،س.ج
.7001/7005
املقاالت .4
امحمد لفروجي :ــ مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،سلسلة القانون واملامرسة القضائية،
منشورات املجلة املغربية لقانون األعامل واملقاوالت ،ع ، 5سنة 7005؛
ــ وضعية الدائنني الناشئة ديونهم بعد الحكم بفتح مسطرة التسوية ،املجلة املغربية لقانون األعامل
واملقاوالت ،ع ،7ماي .7003
املهدي شبو ،ملاذا تبنى املرشع املغريب نظام صعوبات املقاولة ،مجلة املحاكم املغربية ،ع ،59سنة .7006
أحمد شكري السباعي ،مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضايئ) والتصفية القضائية ومتويل املقاولة ،مجلة املحاكم
املغربية ،ع ،50يناير /فرباير .7000
إدريس بنشقرون :ــ القايض املنتدب وصعوبات املقاولة ،مجلة القرص (تصدر عن هيئة املحامني بالقنيطرة) ،مطبعة النجاح
الجديدة ،ع ،4يناير 7004؛
ــ خلية رصد املقاوالت يف وضعية صعبة ،مجلة املحاكم املغربية ،مطبعة فضالة ،ع ،6ماي.7004
178
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
إبراهيم بهامين ،الوقاية الخارجية وسلطة رئيس املحكمة ،مجلة املحامون (تصدرها هيئة املحامني بأسفي)،ع.6995 ،1
بلقاسم بنرباهيم ،فصل ا ألجري ألسباب إقتصادية :أية ضامنة قانونية ألية حامية إجتامعية؟ ،املجلة املغربية لقانون األعامل
واملقاوالت ،ع ،60مارس .7001
حسن الوزاين التهامي ،تعديل املخطط وإشكاالته يف نظام مساطر صعوبات املقاولة ،مجلة املحاكم املغربية ،ع اللالث
والرابع ،فرباير .7009
دنيا مباركة ،مبدأ إستقرار الشغل يف ظل الترشيع الحايل ومرشوع مدونة الشغل رقم ،15.99املجلة املغربية لإلقتصاد
والقانون ،ع 5أكتوبر .7003
زكية عومري ،آثار فتح مسطرة التسوية القضائية عىل الدائنني الناشئة ديونهم قبل فتح املسطرة ،مركز الدائنني عند تنفيذ
الحل ،مجلة القرص ع ،67شتنرب .7005
عبد الرحيم اشميعة ،الوضعية املرتدية لألجراء من خالل نظام صعوبات املقاولة ،مجلة القانون واإلقتصاد ،ع ،75أبريل
.7066
عبد الكريم عباد ،مخطط التفويت بني النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء ،مجلة رحاب املحاكم ،ع ،5
سنة .7060
عبد الحق بوكبيش ،هشاشة حق األولوية يف الوفاء املنصوص عليه يف املادة 525من مدونة التجارة ،مجلة قانون األعامل
واملقاوالت ،ع ،67أبريل .7002
عبد الرحيم السليامين :ــ الترصيح بالديون تحقيقها يف إطار صعوبات املقاولة :اإلجراءات واآلثار ،سلسلة القانون واملامرسة
القضائية ،ع ،5منشورات املجلة املغربية لقانون األعامل واملقاوالت ،ع ،5السنة 7005؛
ــ وضعية األجراء يف ظل قانون معالجة صعوبات املقاولة ،مجلة كتابة الضبط ،ع.7006 ،5
عمر النحال ،تغري املركز القانوين للمشغل ،مجلة البحوث ع ،3يونيو ،7004دار القلم للطباعة والنرش والتوزيع ،الرباط.
عبد الرزاق الزيتوين ،تنازع الدائنني بني امتياز املادة 525من مدونة التجارة وباقي الضامنات األخرى ،مجلة املنتدى ،ع ،3
السنة .7007
عمر أزوكار ،إستمرارية العقود الجارية يف مساطر الصعوبات ،مجلة املرافعة ع ،67يناير .7007
فاطمة حداد ،حدود رقابة القضاء العادي عىل رشعية اإلعفاء اإلقتصادي ،املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،ع ،600/99
سنة .7066
179
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ليىل بنجلون ،السنديك يف املادة التجارية ،مجلة املحاكم املغربية ،ع ،7دجنرب .7001
محمد الكشبور :ــ مركز األجراء بني مدونتي التجارة والشغل ،املجلة املغربية للقانون واإلقتصاد والتدبري ،ع ،53سنة 7005؛
ــ مفهوم التوقف عن التوقف عن الدفع ،مجلة املنتدى ،ع ،3يونيو .7007
محمد عطاف ،دور النيابة العامة لدى املحاكم التجارية يف قضايا صعوبات املقاولة ،مجلة املحاكم املغربية ،ع،67
يناير/فرباير .7005
محمد أبو الحسني ،وضعية األجراء إثر تفويت املقاولة املوجودة يف حالة التسوية القضائية ،املجلة املغربية لقانون األعامل
واملقاوالت ،ع ،7سنة .7003
محمد البعداوي :ــ دور السنديك يف إدارة املقاولة الخاضعة ملسطرة التسوية القضائية ،املجلة املغربية لقانون األعامل
واملقاوالت ،ع7003 ،3؛
ــ حامية حقوق املأجورين باملقاولة املشتغلة الخاضعة ملسطرة املعالجة يف قانون مدونة التجارة ،املجلة
املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،ع ،50ماي/يوليوز .7003
محمد منعزل ،أثر التسوية القضائية عىل إنهاء عقود الشغل ،مقارنة بني القانون الفرنيس والقانون املغريب ،مجلة املنتدى،
ع.7007 ،3
محمد أخياط ،حامية املقاولة كفضاء إجتامعي وإقتصادي من خالل قانون صعوبات املقاولة ،مجلة املحاكم املغربية ،ع ،51
يناير/فرباير .7006
نبيل أبو مسلم ،آثار الحكم القايض بفسخ مخطط اإلستمرارية يف مساطر صعوبات املقاولة ،مجلة املحاكم املغربية ،ع .665
يونس الزهدي ،حدود رقابة القضاء العادي عىل رشعية اإلعفاء اإلقتصادي ،املجلة املغربية للدراسات القانونية والقضائية ،ع
.7067 ،2
180
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أحمد بوسليح ،حالة التوقف عن الدفع – التطور التاريخي وداللته يف القانونني الفرنيس واملغريب ،الندوة الرابعة للعمل
القضايئ والبنيك ،مساهمة املجموعة املهنية لبنوك املغرب ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،املعهد العايل للقضاء ،وزارة العدل
الرباط ،الطبعة األوىل يناير .7004
عبد اإلاله برجاين ،دور الرئيس يف الوقاية من التوقف عن الدفع ،الندوة الرابعة للعمل القضايئ والبنيك ،مساهمة املجموعة
املهنية لبنوك املغرب ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،املعهد العايل للقضاء ،وزارة العدل الرباط ،الطبعة األوىل يناير .7004
عبد الله حداد ،موقف القضاء اإلداري من اإلختصاص بالبت يف نزاعات الشغل ،الندوة اللاللة للقضاء اإلجتامعي ،املعهد
الوطني للدراسات القضائية ،الرباط مارس .7004
الظهري الرشيف رقم 6 .64 .643الصادر يف 75من شوال 77(6435أغسطس )7064بتنفيذ القانون رقم ،03 .64املتعلق
بالتعويض عن فقدان الشغل ،القايض بتغيري وتتميم الظهري الرشيف مبلابة قانون رقم 6 .27 .654الصادر يف 65من جامدى
اآلخرة 72(6397يوليوز )6927املتعلق بنظام الضامن اإلجتامعي ،ج.ر عدد 1790الصادرة بتاريخ 65ذو القعدة 66(6435سبتمرب
)7064ص .1566
دستور اململكة املغربية لسنة ،7066الصادر مبقتىض الظهري الرشيف رقم 6.66.57بتاريخ ،7066/01/62الجريدة الرسمية ع
5957مكرر ،بتاريخ .7066/01/62
القانون رقم 62.95املتعلق برشكات املساهمة ،كام تم تغيريه وتتميمه مبقتىض القانون رقم 70.05الصادر بتنفيذه الظهري
الرشيف رقم 06.05.65بتاريخ 62جامدى األوىل 6479املوافق ل 73ماي ،7005الجريدة الرسمية ع ،5139بتاريخ 67جامدى
اآلخر 6479املوافق ل 61يونيو .7005
ظهري رشيف رقم ،625.05.6صادر يف 65من محرم ،6472املوافق ل ( 64فرباير )7001بتنفيذ القانون رقم ،03.34املتعلق
مبؤسسات اإلئتامن والهيئات املعتربة يف حكمها ،منشور بالجريدة الرسمية ع ،5531بتاريخ 76يونيو .7002
ظهري رشيف رقم 6.03.694صادر بتاريخ 64رجب 6474املوافق 66شتنرب ،7003بتنفيذ القانون رقم 15.99املتعلق مبدونة
الشغل ،الجريدة الرسمية ع 5612بتاريخ 5دجنرب ،7003ص .3919
ظهري رشيف رقم 6.91.53صادر بتاريخ 65من ربيع األول 6462املوافق لفاتح غشت ،6991بتنفيذ القانون رقم 65.95املتعلق
مبدونة التجارة ،منشور بالجريدة الرسمية ع 4465بتاريخ 3أكتوبر ،6991ص .7652
181
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الصادر بتنفيذه الظهري الرشيف رقم، املأذون مبوجبه بتحويل املنشآت العامة إىل القطاع الخاص، 59.39 القانون رقم
6460 رمضان77 بتاريخ4047-77 املنشور بالجريدة الرسمية ع،6990 أبريل66 املوافق ل6460 من رمضان65 بتاريخ،06.90.06
.6990 أبريل65 املوافق
املتعلق باإلبقاء عىل نشاط املؤسسات الصناعية والتجارية وبإعفاء، 6912 غشت64 ل364-11 املرسوم املليك رقم
.6912 غشت73 بتاريخ،7510 ع، الصادر بالجريدة الرسمية،مستخدميها
Loi n° 84-148 du 1 mars 1984 relative à la prévention et au règlement amiable des difficultés des
entreprises (Dernière modification : 22 décembre 2014) Version consolidée au 19 avril 2016.
www.emploi.gov.ma
www.cnss.ma
www.legifrance.gouv.fr
www.courecassation.fr
182
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
www.conseil-constitutionnel.fr
1. Ouvrages généraux
Catherine marraud & Francis kessler & Frederic géa, la repture du contrat de travail en droit français et
allemand, presses universitaires de strasbourg, édition 2000.
Fabienne Jault- Seseke & Daniel Robine, l’effet international de la faillite une réalité ?. Dalloz, 10/2004
Guy lautier, démission, départ négocié, licenciement, retraite, sanctions, MAXIMA, 8eme édition 2003.
Maurice cozian & Alain viandier & Florence deboissy, droit des sociétés, Lexis nexis, 20éme édition,
Aut2010.
Michel Cabrillac & Christian Moulay & Séverine Cabrillac & Philippe Pétel, Droit des suretés, lexis Nexis,
9éme édition, Septembre 2010.
Mohammed drissi alami machichi, droit commercial fondamental au maroc, imprimerie de fédala rabat,
2006.
Mustapha mekki, L’intérêt générale et le contribution à une étude de la hiérarchie des intérêts en droits
privé, bibliothèque de droit privé, tome 11 L.G.D.J delta, paris 2004.
2. Ouvrages spéciaux
Arnaud martinon, le licenciement pour motif économique, cercle de droit social de l’entreprise, lexis
nexis, édition 10/ 2012.
183
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
Alain lienhard, sauvegarde des entreprises en difficulté, le nouveau droit des procédures collectives,
Dalloz, 1er édition janvier 2001.
Coine sain alary houin, droit des entreprises en difficulté, A jour de l’ordonnance du 12 mars 2014 et de
son décret de 30 juin 2014, 9éme édition, L.G.D.J Editeur, 9éme édition 09/2014.
. Claude penhoat, droit de l’entreprise en difficulté, Agende édition , paris, 5 éme edition 2000.
G.ripert & R.roblot & Philippe delebecque & Michel german, droit commercial, tome2, traité de droit
commercial, effet de commerce, banque, contrats commerciaux, procédures collectives, 17 eme editions,
L.G.D.J paris, mai 2004.
. Henry Solus & Jacques Ghestin, la protection des créanciers à travers l’évolution des procédures
collectives, L.G.D.J Bibliothèque de droit privé, éditions 2007, Tome 459
Jean-François martin & Alain lienhard, redressement et liquidation judiciaires, Prévention, règlement
amiable, faillite personnelle, banqueroute, 8 éme Edition, Dalloz , juin 2003.
Marie-andrée rakotovahiny, les procédures collectives en QCM , édition ellipses, janvier 2007.
Michel jeantin, redressement et liquidation judiciaire, situation des salariés, Dalloz, 3éme édition 2007.
Michel Jeantin & Paul le cannu, droit commercial, entreprises en difficulté. Dalloz, 7 éme édition,
Novembre 2006.
Michel mornad & Jean-michel mir, Licenciement économique: prévention, définition, procédure, Groupe
Liaisons, 2005.
Marie Hélène monserie, les contrats dans le redressement et la liquidation judiciaire des entreprises,
librairie de la cour de cassation, Litec,4 éme edition, 7004.
184
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
Marie-jeanne compana, droit des entreprises en difficultés, droit de l’entreprises, l’éssentiel pour
comprendre (mélange) partie, 9 éme edition, LAMY 2001.
Pierre Michel Le Corre, Droit et pratique des procédures collectives, 7ème édition., Dalloz, Paris, 2013.
Pierre Michel le carre, droit et pratique des procédures collectives. Dalloz, 5 éme édition. Paris 2010.
Pierre Michel le corre & Jean le Gall, droit des entreprises en difficulté, edition dalloz 2003.
Yves guyon, droit des affaires, tome 1, le règlement amiable des difficultés et les salariés, Econimica
editeur, 9éme edition, septembre 2003.
Yves chaput, droit de redressement et de le liquidation judiciaire des entreprises, litec, 4éme édition 2000.
Yves Chartier, droit des affaires, entreprise en difficulté, prévention, redressement, liquidation, 3éme partie
1er édition, Presses Universités de FR , 1995. Paris.
3. Thése
Charlotte boutin, mécanisme et enjeux de l’actionnariat salarié, mémoire soutenu en vue de l’obtention
du DESS, banques et finances, université rêne des cartes, paris, faculté de droit, année universitaire
2002/2003, session oct/nov 2003.
Faris Larbi, la situation des créanciers dans le nouveau droit des procédure collectives, université hassan
2, ain chock, faculté des sciences juridique, économiques et sociales, casablanca, année académique
2003/2004.
185
22 العدد سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
M. Marc V, Commentaire sur le Décision n° 2013-372 QPC du 7 mars 2014, de le Conseil constitutionnel,
publié sur le site web Site Web du Conseil constitutionnel De la République française : www.conseil-
constitutionnel.fr
Gilles endréo, règlement amiable et concordat, procédures collectives, Juris classeur 1998.
Patrick morvan, licenciement pour motif économique, édition du juris-classseur, lexis nexis, S.A 2005.
186
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفهرس
الئحة املخترصات 3 ....................................................................................
مــقــدمـــة 4 ..........................................................................................
الفصل األول :الضامنات القانونية لحقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة 66 ..........................
املبحث األول :حق األجراء يف الشغل يف مساطر صعوبات املقاولة 67 .......................................
الفرع األول :مصري عقود الشغل خالل مرحلة إعداد الحل 63 ...............................................
املطلب األول :وضعية عقود الشغل خالل فرتة املالحظة يف الترشيع الفرنيس 64 .............................
املطلب اللاين :وضعية عقود الشغل خالل فرتة إعداد الحل يف الترشيع املغريب 69 ............................
الفرع اللاين :مصري عقد الشغل خالل مرحلة تنفيذ الحل 74 ................................................
املطلب األول :آثار التسوية القضائية عىل عقود الشغل 75 ..................................................
الفقرة األوىل :وضعية عقود الشغل خالل مخطط اإلستمرارية 75 ...........................................
الفقرة اللانية :وضعية عقود الشغل خالل مخطط التفويت 36 ...............................................
187
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املطلب اللاين :آثار التصفية القضائية عىل عقد الشغل 35 ...................................................
الفقرة األوىل :إستمرار عقود الشغل يف إطار التصفية القضائية 39 ..........................................
الفقرة اللانية :إنهاء عقود الشغل يف إطار التصفية القضائية 47 ..............................................
الفقرة األوىل :ديون األجراء الناشئة قبل حكم فتح املسطرة 42 ..............................................
أوال :ديون األجراء السابقة عن فتح املسطرة يف الترشيع الفرنيس 45 ........................................
ثانيا :ديون األجراء السابقة عن فتح املسطرة يف الترشيع املغريب 50 .........................................
الفقرة اللانية :ديون األجراء الناشئة بعد حكم فتح املسطرة 57 ...............................................
أوال :الديون املستحقة لألجراء بعد فتح املسطرة يف الترشيع الفرنيس 57 .....................................
ثانيا :الديون املستحقة لألجراء بعد فتح املسطرة يف الترشيع املغريب 54 ......................................
الفقرة األوىل :ديون األجراء أثناء حرص مخطط االستمرارية 55 ..............................................
188
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
املطلب اللاين :محدودية حامية ديون األجراء أمام عدم كفاية األصول 25 ....................................
أوال :اإلطار القانوين لجمعية تدبري نظام التأمني عىل ديون األجراء 50 .......................................
الفصل اللاين :الضامنات القضائية لحقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة 53 ..........................
189
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
53 ....................................................................................................
املبحث األول :إستجابة القضاء ملطالب األجراء بفتح املسطرة وسبل حاميتهم مؤسساتيا 54 .....................
الفقرة األوىل :حق األجراء يف تحريك مسطرة الوقاية الداخلية 51 ..........................................
ثانيا :موقف املرشع الفرنيس من إرشاك األجراء يف مسطرة اإلنذار املبكر52 ..................................
الفقرة اللانية :حق األجراء يف تحريك مسطرة الوقاية الخارجية 59 ..........................................
املطلب اللاين :الحق يف تحريك مساطر معالجة املقاولة من الصعوبات 95 ...................................
الفقرة األوىل :أحقية األجراء يف املطالبة بفتح مساطر املعالجة 95 ...........................................
الفقرة اللانية :دور ممليل األجراء يف مساطر معالجة صعوبات املقاولة 99 .....................................
الفرع اللاين :دور األجهزة املتدخلة قضائيا يف حامية حقوق األجراء 604 .....................................
190
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
أوال :أثر تنفيذ السنديك للعقود الجارية عىل عقود الشغل 666 ...............................................
ثانيا :صالحية القايض املنتدب يف فصل األجراء ألسباب إقتصادية 674 ......................................
املبحث اللاين :دور القضاء يف ضامن حقوق األجراء يف مساطر صعوبات املقاولة 675 .........................
املطلب األول :صالحيات املحكمة مبناسبة تبني مخطط اإلستمرارية 672 .....................................
ثانيا :التعديالت التي يدخلها القضاء عىل مخطط اإلستمرارية 636 ..........................................
الفقرة اللانية :مراعاة املحكمة لحقوق األجراء عند إقرار التغيريات 633 .......................................
أوال :تكريس القضاء لحقوق األجراء عند إقرار التغيريات 633 ...............................................
191
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
ثانيا :تقرير املحكمة للجزاء يف حالة عدم اإللتزام مبخطط اإلستمرارية 635 ..................................
الفرع اللاين :محدودية دور القضاء يف حامية حقوق األجراء 642 ............................................
املطلب اللاين :آثار محدودية الدور القضايئ عىل حقوق األجراء 659 .........................................
الفقرة األوىل :عجز القضاء عن توفري الحامية خالل فرتة إعداد الحل 659 ...................................
192
العدد 22 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
ضمانات حقوق األجراء خالل مساطر صعوبات املقاولة
الفقرة اللانية :عجز القضاء عن توفري الحامية بعد إختيار الحل 613 ..........................................
193