You are on page 1of 30

‫المقدمة‬

‫إن التطور االقتصادي يفرض تواجد آليات ووسائل تنهض به وتعمل على تطويره‬
‫وتدعيم نجاعته ‪.‬‬

‫ولطالما اعتبرت الشركات التجارية ذلك اإلطار الفعلي لتحديد هذا الهدف والوسيلة‬
‫الحديثة إلرساء قوائم اقتصاد متطور في وقت تعددت فيه المبادالت وظهرت فيه ما‬
‫يعرف بالعولمة االقتصادية واالقتصاد الرقمي و ما تشمله من حدة منافسة و القدرة‬
‫على مجابهة تلك المحاوالت من اكتساح للسوق المحلية و غزوها في عقر أوطانها ‪.‬‬

‫و المشرع التونسي كغيره من التشاريع سواء الغربية أو العربية اعتنى بالشركات‬


‫التجارية كميدان لتحقيق التطور االقتصادي و عرف المشرع التونسي الشركة‬
‫التجارية "عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على تجميع مساهماتهم قصد‬
‫اقتسام األرباح أو االنتفاع لما قد يحصل من نشاط الشركة من اقتصاد و بالنسبة‬
‫لشركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة فإنها تتكون من شخص واحد‬
‫"‪.1‬‬

‫و يبدو أنه بتطور المعامالت و المبادالت التجارية تطورت معه الشركات فلم نعد‬
‫أمام نمط واحد بل أنواع عديدة و مختلفة كالشركات خفية االسم و شركات ذات‬
‫رأس المال المتغير أو القار‪ ...‬غير أنه إذا كانت الشركة الوسيلة المثلى الستغالل‬
‫النشاط التجاري فإنها مادة خصبة الرتكاب المخالفات و ألجل ذلك اقترن إرساء‬
‫نظامها القانوني في مختلف التشريعات في العالم بالتجريم و هنا يظهر ميدان‬

‫الفصل ‪ 2‬من م‪.‬ش‪.‬ت‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫القانون الجزائي االقتصادي الذي يعرف بكونه "القانون الذي يعالج صور التجريم‬
‫و العقاب المخصص لضمان عدم مراعاة قواعد القانون‪ 6‬االقتصادي أي تلك‬
‫االعتداءات التي تقع على النظام االقتصادي الذي قررته السياسة االقتصادية‬
‫للدولة و تتعارض معها"‪. 2‬‬

‫و انطالقا من هذا اعتبرت الجريمة االقتصادية كل عمل أو امتناع عن عمل يقع‬


‫بالمخالفة للقواعد المقررة لتنظيم أو حماية السياسة االقتصادية للدولة و هذا ما أدى‬
‫بالمشرع التونسي باالعتناء بهذا الصنف من الجرائم و هذا ما شمل جرائم البورصة‬
‫و التي تعتبر من الجرائم المستحدثة التي اعتنى بها المسرع و ذلك عبر تقرير‬
‫الحماية المالية لسوق األوراق المالية التي تمثل نشاطا لرؤوس األموال و التي تعتبر‬
‫"مكانا يتم فيه التعامل باألوراق المالية بيعا و شراء تحت إشراف وإدارة هيئة‬
‫محددة لها نظامها الخاص و يحكم عملها عدة لوائح و قوانين و أعراف و تقاليد و‬
‫يتقابل فيها البائعون و المشترون لألسهم و السندات لعقد صفقات البيع و الشراء و‬
‫ذلك بهدف االستفادة من تقلبات األسعار لتحقيق أرباح مرتفعة " ‪ 3‬و إضافة إلى هذا‬
‫التعريف اعتبر سوق المال "مكانا منظما داخل المجتمع يعمل على تداول األوراق‬
‫المالية (بيعا وشراء) الخاصة بالشركات سواء عند إصدارها أو عند تداولها بين‬
‫العديد من فئات المستثمرين الذي تتنوع و تختلف مصالحهم " ‪. 4‬‬

‫تشكل هذه السوق أداة فعالة لتخليص الرأس مال من رواسب المديونية من خالل‬
‫تدعيم الشركات بالموارد المالية التي تخلصها من اللجوء لنظام االقتراض و مساوئ‬
‫الفوائض‪ ،‬و باعتبار هذه األهمية للسوق كان من الضروري اتخاذ تدابير الزمة‬
‫لحمايتها من أي تالعب و ذلك تفاديا لألزمات االقتصادية كما حصل سنة ‪ 1929‬و‬
‫ذلك بانهيار سوق وول ستريت التي أدت إلى أزمة اقتصادية عالمية‬

‫محمود داوود يعقوب ‪ ،‬شركة دار القانون للمحاماة و االستشارات و التحكيم‬ ‫‪2‬‬

‫األستاذ حمدي عبد العظيم ‪ ،‬أستاذ اقتصاد ‪ ،‬اقتصاديات البورصة في ضوء األزمات و الجرائم ‪ ،‬ص ‪8‬‬ ‫‪3‬‬

‫األستاذ حمدي عبد العظيم ‪ ،‬م‪.‬س‬ ‫‪4‬‬

‫‪2‬‬
‫انطلقت من الواليات المتحدة األمريكية و انطلقت منها أزمة عالمية أخرى سنة‬
‫‪5‬‬
‫‪.2007‬‬

‫هذه الحماية للسوق المالية تهدف إلى الحد من جرائم البورصة تحديدا و التي يمكن‬
‫تعريفها بأنها " سلوك ينطوي على استغالل سوق األوراق المالية لتحقيق مكاسب‬
‫بطريقة غير مشروعة بالمخالفة للضوابط و القوانين المنظمة لعمل السوق و‬
‫ألخالقية التعامل المتعارف عليها في هذه األسواق محليا و عالميا "‪.6‬‬

‫ترجع أول نشأة للبورصة في القرن الخامس قبل الميالدي عندما كان تجار أثينا و‬
‫تجار روما يجتمعون للقيام بالتعامل من خالل مقايضات ‪ 7‬و تتالت انتشارات‬
‫البورصة بعد ذلك في القرون ‪ 14‬و ‪ 15‬و ما بعده في عدة مدن كبرشلونة و‬
‫أمستردام و لندن و نيويورك و قد كانت كافة هذه البورصات خاصة بالبضائع و‬
‫تطورت بعد ذلك لنصبح أمام تعامل بواسطة سماسرة‪.‬‬

‫و قد ظهرت أول بورصة لألوراق المالية في فرنسا سنة ‪.1765‬‬

‫تأثر بورصات األوراق المالية بدور بالغ األهمية في دعم االقتصاد من خالل جذب‬
‫و تجميع المدخرات بالعمالت المحلية و األجنبية لالستثمار في األوراق المالية كما‬
‫تقوم على زيادة االستثمارات قصيرة أو طويلة األجل و زيادة حركة النشاط‬
‫التجاري كما تساهم في نشر الوعي المالي و االستثماري بين المواطنين ناهيك عن‬

‫منية بن تردايت ‪ ،‬جرائم البورصة ‪ ،‬ماجستير شعبة علوم جنائية ‪2011* 2010‬‬ ‫‪5‬‬

‫األستاذ حمدي عبد العظيم ‪ ،‬م‪.‬س ‪،‬ص‪250‬‬ ‫‪6‬‬

‫سيد الطيبي ‪ ،‬البورصات و تدعيم االقتصاد الوطني ‪ ،‬كتاب األهرام االقتصادي ‪ ،‬نوفمبر ‪ ، 1992‬ص ‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪3‬‬
‫دورها في حسن توجيه االدخار و تخصيص الموارد االقتصادية و رفع كفاءة‬
‫‪8‬‬
‫استخدامها ‪.‬‬

‫لكن أهمية البورصة ال يمكن أن تحجب سلبياتها حيث أن دراسة جرائم البورصة‬
‫أهم من دراسة البورصة نفسها و ذلك أن هذه الجرائم لها خاصية مميزة عن باقي‬
‫الجرائم باعتبارها قد تنطوي تحت بعض المعامالت للتمويه و اإلخفاء أو اعتماد‬
‫أفعال مادية إجرامية و يرى البعض أن هذا النوع من الجرائم يمكن النظر له‬
‫"كسلوكيات تتنافى من مبادئ اإلفصاح و الشفافية و العدالة و الصدق و األمانة و‬

‫حرية اإلرادة في تنفيذ أوامر البيع و أوامر الشراء لألوراق المالية و التعبير عن‬
‫حقيقة القيمة العادلة لألوراق المالية المتبادلة في السوق‪.‬‬

‫و إلرساء الحماية الالزمة لهذا الميدان باإلضافة للبنك المركزي التونسي تم إحداث‬
‫هيكل مختص لمراقبة السوق المالية و ذلك بمقتضى الفصل ‪ 23‬من قانون عدد‬
‫‪ 117‬الصادر في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1994‬المتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية و وقع‬
‫إصدار مجلة إسداء الخدمات المالية لغير المقيمين بمقتضى القانون عدد ‪ 64‬ل ‪12‬‬
‫أوت ‪ 2009‬و أقر المشرع المسؤولية الجزائية لوسيط البورصة بمقتضى أمر عدد‬
‫‪ 2478‬لسنة ‪ 1999‬و تعدد هذه القوانين المنظمة للسوق المالية فإن دل على شيء‬
‫فهو يدل على حرص المشرع لحماية هذا القطاع ‪ ،‬و السؤال الذي يطرح في هذا‬
‫الصدد مدى خصوصية جرائم البورصة ؟‬

‫لإلجابة عن هذه اإلشكالية سيقع التطرق في جزء أول إلى خصوصية هذه الجرائم‬
‫من حيث اتساع نطاق التجريم (الجزء األول) ثم إلى خصوصية هذه الجرائم من‬
‫حيث الزجر (الجزء الثاني)‬

‫األستاذ حمدي عبد العظيم ‪ ،‬ص ‪27‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪4‬‬
‫الجزء األول‪ :‬خصوصية من حيث االتساع نطاق التجريم‬

‫في البداي ة يمكن اإلش ارة أن الخاص ية األولى المتعلق ة بج رائم البورص ة متمثل ة في ك ون‬
‫جميع جرائم البورصة جنح و ليس جنايات فال مجال للحديث عنها في مث ل ه ذا الص نف و‬
‫ال على المخالفات اذ تتراوح العقوبة المسلطة على خطي ة مبلغه ا ال يق ل عن ‪500‬دين ار و‬
‫ادنى مدة بالسجن ال يقل عن ‪16‬يوم و هذه الجنح بعضها قصدية و بعضها غير قصدية كما‬
‫ان التجريم و تعددها من حيث الموض وع "‪"1‬و ك ذلك الح ديث عن مج ال واس ع من حيث‬
‫األشخاص‬

‫الخاص ية األخ رى الب ارزة في ه ذا الص نف الحس اس من الج رائم ه و اتس اع نط اق و‬


‫مسؤوليتهم الجزائية "‪"2‬‬

‫‪-1‬توسيع نطاق التجريم من حيث الموضوع ‪:‬‬

‫تناول المشرع التونسي جرائم البورصة في نصوص عديدة قانونية ثم األوامر و القرارات‬

‫التي استوعبت كل الجوانب المتعلقة بالتعامل في السوق المالية إذ أصبحت عبارات التجريم‬

‫واسعة و غامضة تحتمل أكثر من معنى و هو ما نجده خاصة في القانون عدد‪117‬المؤرخ‬

‫في ‪14‬نوفمبر ‪1994‬الذي وقع تنقيحه بمقتضى قانون عدد ‪ 99-92‬المؤرخ في‬

‫‪17‬اوت‪1999‬و على الرغم من أنه قانون يتضمن العديد من األحكام الجزائية إال أنه لم‬

‫يحدد مجال تطبيقه حصريا و بدقة مما أوجد ظاهرة التجريم المفتوح و ظاهرة تضخمه من‬

‫خالل الحديث عن تعدد الجرائم و اتساع نطاقها يمكن تقسيمها إلى صنفين جرائم متعلقة‬

‫‪5‬‬
‫بتنظيم السوق و أخرى متعلقة باستغالله ‪.‬‬

‫‪+‬جرائم متعلقة بتنظيم السوق‬

‫يمكن الحديث عن جريمتين ‪ :‬جريمة المناورة و جريمة العرقلة‬

‫*جريمة المناورة يتمثل الركن الشرعي لهذه الجريمة في الفصل ‪81‬من ق انون ‪1994‬على‬
‫انه "يكون عرضة‬

‫للعقوب ات المنص وص عليه ا ب الفقرة األولى ك ل ش خص يت ولى عم دا بص فة مباش رة أو‬


‫بواسطة‬

‫الغير القيام أو محاولة القيام بمناورة في سوق ورقة مالية أو أداة مالية موظفة عن طريق‬

‫المساهمة العامة و تهدف إلى اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إلى إيقاع الغير في خطا" ‪.‬‬

‫و العقوبة هي الخطية متراوحة بين ‪1000‬دينار و ‪10000‬دينار و المشرع أدرج في هذا‬

‫الفصل عبارة مناورة دون تعريفها حتى تترك المجال مفتوح أمام هيئات مختصة لتكييف‬

‫ما تراه مناسب من األفعال التي يمكن أن تساهم في اإلخالل بالسير العادي للسوق و في‬

‫ذلك اختالل شرطي الدقة و الوضوح و هما من القواعد العامة للقانون الجزائي المنحدرة‬

‫من مبدأ دستوري في القانون الجنائي و هو مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات و الذي يؤكد‬

‫على ض رورة ص ناعة النص وص القانوني ة بدق ة ووض وح تجنب تأويله ا و يتمث ل ال ركن‬
‫المادي‬

‫لهذه الجريمة في إخالل احدهم بسير السوق المالية عن طريق المناورة و يمكن أن نورد‬

‫‪6‬‬
‫بعض األفعال كأمثلة من ذلك التخفيض أو الترفيع المصطنع لسعر األوراق المالية و فيما‬

‫يخص الركن المعنوي فكل فع ل يص احبه قص د تحقي ق أرب اح بص ورة غ ير ش رعية أو‬
‫إدخال‬

‫اضطراب على السير العادي للسوق المالية و لو لم يقترن بعملية غش أو أي فعل يتضمن‬

‫خزعبالت أو تحيل إليقاع الغير في خطا كإشاعة أحداث ووقائع ال أساس لها من الصحة‬

‫و ذلك بقصد افتعال تغيير على أسعار األوراق‪.‬‬

‫*جريمة العرقلة ركنها الشرعي متمثل أساسه في الفص لين ‪84‬و‪85‬من ق انون ع دد‪117‬لس نة‬
‫‪1994‬اضافة إلى القانون ع دد‪64‬الم ؤرخ في ‪12‬اوت ‪2009‬متعل ق بمس دي الخ دمات لغ ير‬
‫المقيمين أما فيما يخص ركنها المادي فمتمثل في وجود عرقلة ألحد أعوان هيئة السوق المالية‬
‫المحلفين عند أداء مهامهم المتعلقة بالبحث و التحقيق للكشف عن جرائم الس وق المالي ة و ذل ك‬
‫عمدا بماأن جرائم هذين الفصلين هم جرائم قصديه كذلك يكون عرضة للعقوبات من يعرقل ون‬
‫عمدا تنفيذ اإلذن الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائية و الج دير بال ذكر أن األع وان المكلفين‬
‫بالبحث جاءت مطلقة دون تمييز بين أعوان هيئة السوق المالي ة آو أع وان البن ك المرك زي أو‬
‫أعوان الضابطة العدلية كذلك عبارة عرقلة لم يقع تعريفها من طرف المشرع إذ وردت مطلق ة‬
‫مما يوسع نطاقها و هو ما يؤكد مجددا ما يتميز به هذا الصنف من الجرائم باتساع و التضخم‬
‫في التجريم ‪.‬كما أن المشرع اشترط القصد دون نتيجة أي القيام بأي تصرف يفيد العرقلة و لو‬
‫لم يثن أع وان الهيئ ة عن تأدي ة واجبهم و يمكن أن تتم العرقل ة عن طري ق إخف اء بعض‬
‫المعطيات و الوثائق المتعلقة بسير و نش اط الش ركة أو م دهم بحس ابات مغلوط ة أو موازن ات‬
‫قديمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪+‬جرائم متعلقة باستغالل السوق المالية ‪:‬‬

‫فرض المشرع التونسي لضمان الشفافية في التعامل بالسوق المالية على مسئولي الشركات‬

‫المدرجة بالبورصة واجب اإلعالم في كل ما يتصل بالمعطيات المتعلقة بنشاط هذه الشركات‬

‫و نتائجها كما فرض واجب الكتمان و ذلك حتى يكون كل المتعاملين في السوق المالية على‬

‫قدم المساواة أمام المعطيات المتعلقة بالشركات المصدرة ألوراق مالية و لحماية هذا الواجب‬

‫وضع المشرع نصوص جزائية و ذلك من خالل تجريم إفادة الغير بمعلومة داخلية و من‬

‫خالل تنظيم جريمة استغالل معلومات الممتازة و جريمة ترويج معلومات زائفة ‪.‬‬

‫*جريمة إفادة الغير بمعلومة داخلية‬

‫يتمثل ركنها الشرعي في الفصل ‪81‬من قانون عدد‪117‬لسنة ‪1994‬فقرة ‪4‬على انه "يعاقب‬

‫بخطية تتراوح من ‪1500‬الى ‪15000‬دينار كل شخص يحصل بمناسبة ممارسة مهنته أو‬

‫بمناسبة القيام بمهامه على معلومة داخلية تتعلق بوضعية مصدر لألوراق المالية بالمساهمة‬

‫العامة أو بآفاقه أو بأفاق ورقة أو أداة مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة يتولى إفادة‬

‫الغير بها خارج اإلطار المادي ألداء مهامه"‪.‬إذ تحصل هذه الجنحة بمجرد حصول شخص‬

‫على معلومة داخلية و المقصود بها حسب الفصل تلك المتعلقة بالشركة و بنشاطها و آفاقها‬

‫و يفشيها إلى الغير دون إن يكون ذلك داخل اطر العمل المنوط بعهدته داخل الشركة المعينة‬

‫باألمر و هي جريمة لم يشترط فيها المشرع القصد و ال النتيجة فحتى بعدم حصول األرباح‬

‫المنتظرة أو حتى أن لم تخلق خلل في سير السوق الجريمة تتكون‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لكن في صورة الحصول على أرباح يقع ترفيع في الخطية إلى خمسة أضعاف األرباح‪.‬و‬

‫مثال على هذه الجريمة مدير المؤسسة الذي تتوفر لديه معلومات بان هذه األخيرة مقبلة على‬

‫تحقيق عملية جيدة من شانها إن تؤدي إلى رفع قيمة سنداتها في السوق المالية فيدفعون الغير‬

‫إلى شراء األسهم و السندات قبل ارتفاع قيمتها‪. 9‬‬

‫و بالنس بة للغ ير المس تفيد يبقى خ ارج دائ رة التج ريم و العق اب مب دئيا و ال ع ذر في نق ل‬
‫‪10‬‬
‫المعلومات إال إذا كان للضرورة المهنية‬

‫*جريمة استغالل المعلومة الممتازة تدخل هذه الجريمة ضمن قائمة الجرائم المنصوص عليه ا‬
‫في الفص ل ‪81‬من ق انون ‪1994‬اذ ينص ان ه"يع اقب بخطي ة ت تراوح من‪1000‬الى‬
‫‪10000‬دينار األشخاص الذين يحص لون بمناس بة ممارس ة مهنهم أو بمناس بة القي ام بمه امهم‬
‫على معلومات داخلية تتعلق بوض عية مص در لألوراق المالي ة بالمس اهمة العام ة أو بآفاق ه أو‬
‫تتعلق بآفاق تطور ورقة أو أداة مالية موظفة عن طري ق المس اهمة العام ة و ال ذين يتوص لون‬
‫بص فة مباش رة أو بواس طة الغ ير إلى إتم ام العملي ة أو أك ثر داخ ل الس وق قب ل أن تبل غ تل ك‬
‫المعلومات إلى علم العموم بالصيغ التي تشترطها القوانين و الترتيب"‪.‬‬

‫ذكرت كلمة ممتازة في النسخة الفرنسية للنص و غابت في النسخة العربية و لم يعرفها‬

‫المشرع و جاءت العبارة مطلقة شان بقية الجرائم‪.‬‬

‫و الجدير بالذكر أن المتأمل في هذه الجريمة و السابقة يالحظ تماهي نسبي بينهما إذ هناك‬

‫تداخل بين الجريمتين و لعل من األفضل كان على المشرع تجريم الفعلين في نص واحد‬

‫لتجنب ظاهرة تفاقم التجريم فلقد عملت العديد من التشريعات على التصدي إلى جريمة‬

‫استعمال المعلومة المتوصل إليها بحكم الوظيفة أو استغاللها للحساب الخاص أو لحساب‬
‫‪9‬‬
‫أحسن بوسقيقة‪.‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص (جزء ثاني)طبعة ‪2‬دار هومة للطباعة بالجزائر ‪2006‬صفحة ‪157‬‬
‫‪10‬‬
‫عمر سالم الحماية الجنائية للمعلومات غير المعلقة للشركات المقيدة بسوق األوراق المالية الطبعة األولى دار النهضة العربية ‪1999‬صفحة ‪47‬‬
‫‪9‬‬
‫الغير قبل عرضها على جمهور المستثمرين ‪11‬أو ما اصطلح عليه الفق ه الفرنس ي‪le délit « ‬‬
‫‪.12» d’initié‬‬

‫يتميز هذا الفصل عن سابقه أن المعلومة المسربة هي ممتازة و هي التي لم يقع تعريفها من‬

‫المشرع بل اقتصر على تحديد موضوعها أي استعمال معلومات على قدر كبير من الدقة‬

‫و الوضوح ال تقبل االحتمال أو الظن تتعلق بوضعية مصدر األوراق المالية و أفاقه و أن هذه‬

‫المعلومات لم تبلغ للعموم بالصيغ التي يشترطها القوانين و التراتيب ‪.‬و أن تكون المعلومة‬

‫محددة و مؤكدة و ذات طابع خاص و سرية ‪ .13‬إضافة أن هذه الجريمة تتميز عن سابقتها‬

‫كونها تحصل عند استغالل هذه المعلومات الممتازة المتحصل عليها ألخذ مبادرة سواء بالبيع‬

‫أو بالشراء قبل أن تصل المعلومة إلى علم بقية المدخرين أو المستثمرين و هذا ما من شانه‬

‫تحقيق أرباح بطريقة غير شرعية و أن يكون قد حصل عليها بسبب وظيفته أي انه لم يحترم‬

‫واجب التكتم أي ال يكفي الحصول على المعلومة الداخلية بل استغاللها للقيام بعمليات بيع و‬

‫شراء سواء بصفة مباشرة أو عن طريق الغير مع العلم أن هذا الصنف من الجرائم لم يشترط‬

‫فيها المشرع القصد الجزائي فمجرد استغالل هذه المعلومات كاف لقيام الجريمة ‪.‬‬

‫*جريمة ترويج معلومة زائفة بمان المعلومة تلعب دور هام و حيوي في التأثير س لبا أو إيجاب ا‬
‫على سير المعامالت المتعلقة بسوق األوراق المالية لذلك قرر المشرع إضفاء الحماية الجنائية‬

‫‪11‬‬
‫منير بوريشة المسؤولية الجنائية للوسطاء المالين في عمليات البورصة دار الجامعة الجديدة ‪2007‬صفحة ‪135‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Hubert de Vavplane jean –pierre sornet Droit de la bourse edlite c 1994 Page 275‬‬
‫‪13‬‬
‫منير بوريشة مرجع سابق صفحة ‪48‬‬
‫‪10‬‬
‫للمعلومة من خالل مراقبة معلومات خاطئة أو مظلة‪.14‬و ذلك بمقتض ى الفص ل ‪ 81‬من ق انون‬
‫‪1994‬في فقرته الثالثة الذي ينص على انه "يكون عرضة للعقوبات المنصوص عليها ب الفقرة‬
‫األولى كل شخص يتولى عمدا ت رويج معلوم ات زائف ة أو مظل ة بين العم وم بأي ة طريق ة أو‬
‫وسيلة كانت و من ش انها أن ت ؤثر على األس عار و تك ون متعلق ة بآف اق تط ور ورق ة أو أداة‬
‫مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة"‪.‬‬

‫يقصد بالمعلومات الزائفة كل معلومة كاذبة ال أساس لها من الصحة من شانها التأثير على‬

‫األسعار و بالتالي على السير الطبيعي للسوق المالية و تقدير ذلك يرجع إلى أعضاء هيئة‬

‫السوق المالية ‪ .‬يمكن القول أن اإلشاعة أو المعلومة الخاطئة يمكن أن تمارس التأثير على‬

‫األسعار خاصة إذا كانت تتعلق بحياة الشركة االقتصادية و نجاحها أو تقدمها أو كانت‬

‫تتعلق باإلطار االقتصادي كإشاعة هناك تغيير في النظام أو فيما يتعلق بفرض رسوم ‪.15‬‬

‫و أن تكون المعلومة كاذبة أو مظللة أي من شان نشرها إيقاع المستثمر في الخطأ بشكل‬

‫انه لو عرف حقيقة الوضع المالي لمصدر األسهم لما اشتراها و يجب أن تكون هذه المعلومة‬

‫الكاذبة محددة أي تتعلق بأشياء معينة في الشركة المصدرة لألسهم‪. 16‬و هي جريمة قصديه‬

‫إذ يجب أن يكون للفاعل سوء نية أي انه يعلم عدم صحة تلك المعلومات و تتوفر الجريمة‬

‫مهما كانت الوسيلة المستعملة لترويج المعلومة الزائفة سواء كانت بصرية أو سمعية أو‬

‫كتابية فالنتيجة المشترطة لقيام الجرم ليس تحقيق أرباح و إنما تغيير أسعار األوراق المالية‬

‫بسبب ترويج تلك المعلومات سواء باالنخفاض أو باالرتفاع‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫خالد علي صالح حنفي الحماية الجنائية الخاصة بسوق األوراق المالية الخاصة الطبعة األولى اإلسكندرية الدار الجامعة الجديدة للنشر سنة ‪2007‬صفحة ‪7‬‬
‫‪15‬‬
‫هواتف بهية النظام القانوني لتداول القيم المنقولة (في البورصة) مذكرة لنيل درجة ماجستير في الحقوق فرع قانون أعمال جامعة الجزائر ‪2008‬صفحة ‪116‬‬
‫‪16‬‬
‫منير بوريشة مرجع سابق صفحة ‪156‬‬
‫‪11‬‬
‫األشخاص ‪:‬‬ ‫‪-2‬توسيع نطاق التجريم من حيث‬

‫من المالحظ أن في مختلف الفصول السابقة المجرمة سواء المتعلقة بجريمة العرقلة أو‬

‫المناورة أو ترويج معلومات زائفة لم يحدد المشرع صفة معينة لألشخاص المعاقبون فقد أكد‬

‫على معاقبة "كل شخص"بغض النظر على الصفة المعينة أو الوظيفة و استعمال هذا العموم‬

‫و االطالقية يؤكد على المنحى المفتوح الذي سلكه المشرع ال فقط على مستوى تعدد الجرائم‬

‫بل و أيضا على مستوى المسؤولية الجزائية حيث يشمل كل شخص يحاول من قريب أو بعيد‬

‫األضرار بالمصالح االقتصادية للدولة فالمصلحة موضوع الحماية هامة تتجاوز مصالح‬

‫األفراد لتشمل مصالح الدولة‪.‬فمثال فيما يخص جريمة المناورة أكد الفصل ‪81‬فقرة ‪ 4‬على‬

‫معاقبة كل شخص دون اشتراط وظيفة معينة ‪.‬و كذلك القضاء الفرنسي يزخر بأمثلة اتساع‬

‫في المسؤولية الجزائية حتى في حق مديري الشركة اللذين قاموا عن طريق بالغات صحفية‬

‫بتقديم مرجعهم على انه في طريق إلى التسوية في حين انه في حالة توقف عن الدفع‪17‬و هذا‬

‫في إطار جريمة تسريب المعلومات الزائفة ‪.‬و الجدير بالذكر أن المشرع التونسي جرم‬

‫الفاعل األصلي دون أن يذكر الشريك و لكن يمكن تطبيق النص العام و هو الفصل ‪ 32‬من‬

‫المجلة الجزائية إذا قام احدهم بأحد األفعال الواردة في النص‪.‬‬

‫وتتدعم نزعة اتساع التجريم من حيث األشخاص من خالل تكريس مزيد من الحماية للسوق‬

‫المالية إذ لم يستثن المشرع التونسي من العقاب المتدخلين في تسيير السوق باألخص منهم‬

‫الوسطاء و مسدي الخدمات المالية والمستثمرين‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫سارة حاضري مذكرة جرائم البورصة قانون إداري ‪ 2013/2014‬صفحة ‪30‬‬
‫‪12‬‬
‫‪+‬المسؤولية الجزائية لوسطاء البورصة‬

‫يعد الوسيط المالي هو الطرف الذي يعمل على التوفيق بين المتعاملين في البورصة بائعين و‬

‫مشترين لألوراق المالية و لم تعط القوانين المصرية و الفرنسية و حتى المشرع التونسي‬

‫تعريفا محددا للوسيط المالي‪ 18‬إذا اكتفى ه ذا األخ ير بتحدي د ص وره و أشخاص ه في الفص ل‬
‫‪55‬‬

‫من قانون ‪1994‬على أن وسطاء البورصة" األشخاص المكلفون دون سواهم بتداول و‬

‫تسجيل األوراق المالية و الحقوق المرتبطة بها و األدوات المالية ببورصة األوراق المالية‬

‫بتونس" كما نص الفصل ‪56‬من نفس القانون المتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية التونسية انه‬

‫"يمكن لوسطاء البورصة طبقا للشروط التي تضبط بأمر يتعلق بالنظام األساسي لوسطاء‬

‫البورصة القيام باألنشطة التالية االستشارة المالية السعي المصفي المالي إدارة محافظ‬

‫األوراق المالية الفردية توظيف األوراق و األدوات المالية التدخل للحساب الخاص_ حمل‬
‫‪19‬‬
‫األسهم لفائدة الغير‪ "....‬و ال يمكن القيام بوظيفة الوساطة المالية ما لم يقع الترخيص بذلك‬

‫من قبل هيئة السوق المالية بعد اخذ رأي جمعية وسطاء البورصة‪.‬و بذلك فوسيط البورصة‬

‫يمثل الطرف الفعال في انجاز جميع المعامالت الواقعة على األوراق المالية بالبورصة و هو‬

‫‪18‬‬
‫منير بوريشة مرجع سابق صفحة ‪4‬‬
‫‪19‬‬
‫منير بوريشة مرجع سابق صفحة ‪5‬‬
‫‪13‬‬
‫ما يجعل الباب مفتوحا لتجاوزات متنوعة بحكم درايته للمجال المالي و بحكم واجباته الش فافية‬
‫و النزاهة لذلك أرسى المشرع التونسي آليات قانونية لردعه فإض افة إلى المس ؤولية التأديبي ة‬
‫المتمثلة في اإلن ذار أو الت وبيخ أو التوقي ف الوق تي أو النه ائي و المس ؤولية المدني ة من خالل‬
‫التزامه بجبر الضرر الذي أحدثه نتيجة الخطأ الص ادر عن ه للمتع املين مع ه ق د اق ر المش رع‬
‫أيضا مسؤولية جزائية‪.‬‬

‫حيث أن الجرائم الس ابقة من الممكن أن يرتكبه ا وس يط ل دى البورص ة و ق د خص ه المش رع‬


‫بجريم ة خاص ة في الفص ل ‪82‬من ق انون ‪"1994‬يع اقب بخطي ة من ‪500‬الى ‪2000‬دين ار‬
‫الرؤساء المديرين الع امون و أعض اء مجلس اإلدارة و ك ذلك الوس طاء ال ذين يتول ون عم دا‬
‫إصدارأوراق مالية و أدوات مالي ة لش ركات مس اهمة عام ة أو تق ديمها لالكتئ اب أو عرض ها‬
‫للبيع دون مراعاة اإلجراء الوارد بالفصل ‪ 2‬من هذا القانون "‬

‫مسؤولية مسدي الخدمات المالية لغير المقيمين ‪+‬‬

‫تم إحداث هذه المؤسسة بمقتضى القانون األساسي عدد ‪64‬لسنة ‪2009‬المتعلق بإصدار مجلة‬

‫إسداء الخدمات لغير المقيمين و لقد تم تعريفهم في الفصل ‪58‬من هذه المجلة فتشمل‬

‫مؤسسات القرض غير المقيمة و مسدي خدمات االستثمار غير المقيمين و لمزاولة نشاطهم‬

‫اشترط المشرع الحصول على ترخيص بقرار من طرف وزير المالية على أساس تقرير من‬

‫البنك المركزي التونسي و ذلك حسب الفصل ‪ 75‬و بنص الفصل ‪133‬على انه "يعاقب‬

‫بالسجن من ‪ 3‬أشهر إلى ‪ 3‬أعوام و بخطية تتراوح من ‪500‬الى ‪5000‬دينار أو بإحدى‬

‫العقوبتين كل شخص غير مرخص له يتعاطى بصفة اعتيادية الخدمات المخصصة لمسدي‬

‫الخدمات المالية لغير المقيمين و أيضا عقاب كل شخص مرخص له السداد خدمات بنكية‬

‫أو استثمارية أو خدمة التصرف في المحافظ المالية في صورة استعماله أساليب من شانها‬

‫‪14‬‬
‫إحداث لبس لدى الغير حول الصنف الذي ينتمي إليه ‪.‬‬

‫عالوة على ذلك اوجب الفصل ‪109‬من نفس المجلة عليهم إحداث آلية ضمان تهدف إلى‬

‫تعويض حرفائهم في صورة عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم خشية وقوعهم تحت طائلة‬

‫الفصل ‪111‬الذي ينص على معاقبتهم وفق العقوبات المنصوص عليها بالفصل ‪124‬و هي‬

‫اإلنذار و التوبيخ و الخطية التي يمكن أن تصل إلى خمسة أضعاف قيمة األرباح إضافة‬

‫إلى خطايا تأخير تدفع مباشرة من صندوق الضمان المعني حسب الشروط المبينة بالنظام‬

‫الداخلي للصندوق ‪.‬كما أرست المجلة لمسدي الخدمات المالية لغير المقيمين نفس األحكام‬

‫الخاصة بالمسؤولية الجزائية للمتدخلين في البورصة الذين يتعاملون مع المقيمين و عقابهم‬

‫في صورة إخفاء معلومات أو إدالء بمعلومات خاطئة بخطية تساوي خمسة أضعاف األرباح‬

‫و ال يمكن أن تقل عن قيمة األرباح كما ينص الفصل ‪131‬من نفس المجلة على انه يعاقب‬

‫بنفس العقوبة كل امتناع عن تقديم الوثائق الالزمة من دفاتر المحاسبية و مراسالت و عقود‬

‫و غيرها التي من شانها أن تخول البنك المركزي أو هيئة السوق المالية معرفة وجود‬

‫ترخيص من عدمه للقيام بالنشاط الممارس‪.‬‬

‫‪+‬المسؤولية الجزائية للمستثمرين‬

‫ينص الفصل ‪16‬من قانون ‪1996‬المؤرخ في ‪18‬اكتوبر ‪2005‬و المتعلق بتدعيم سالمة‬

‫العالقات المالية على إلغاء الفصول‪6‬و ‪7‬و ‪ 8‬من قانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬و التي عوضها‬

‫باألحكام التالية و التي تنص على عقاب كل شخص أو مجموعة محددة من األشخاص ينوون‬

‫‪15‬‬
‫إشتراء مجموعة من األوراق المالية ليتمكنوا من الحصول على حصة تفوق نسبة يتم‬

‫ضبطها بمقتضى أمر من حقوق االقتراع في شركة مساهمة عامة دون احترام اإلجراءات‬

‫المنص وص عليه ا به ذه الفص ول بالعقوب ات المنص وص عليه ا بالفص ل ‪ 40‬من ق انون‬


‫‪.1994‬‬

‫و لزي ادة ض مان الش فافية الغي الفص ل ‪28‬من ق انون ‪2005‬احك ام الفق رة ‪ 2‬من الفص ل‬
‫‪40‬من‬

‫نفس القانون انه على الرؤساء المديرين العاميين و رؤساء الهيئات اإلدارة الجماعية‬

‫لشركات المساهمة العامة الذين يخلون بواجب إيداع و إرسال في اجل معين إلى هيئة‬

‫السوق المالية أو بورصة األوراق المالية بتونس الوثائق المنصوص عليها بالفصول ‪3‬و‬

‫‪3‬مكرر و ‪ 3‬ثالثا رابعا و خامسا و ‪21‬و ‪21‬مكرر و ‪21‬ثالثا المتعلقة أساسا بمؤشرات‬

‫حول نشاطها و قوائم مالية كاملة مصحوبة بالتقارير الكاملة لمراقب أو مراقبي الحسابات‪.‬‬

‫‪+‬المسؤولية الجزائية لمراقبي الحسابات‬

‫أضاف الفصل ‪8‬من قانون ‪2005‬المتعلق بتدعيم س المة العالق ات المالي ة إلى ق انون ع دد‬
‫‪117‬الفصل ‪3‬سادسا الذي ينص على ان ه "بغض النظ ر عن التزامات ه القانوني ة يجب على‬
‫كل مراقب حسابات شركة المساهمة العامة إعالم هيئة السوق المالية بكل أمر من شانه أن‬

‫يشكل خطرا على مصالح الشركة أو حاملي أوراقه ا المالي ة ف ور علم ه به ا و ذل ك به دف‬
‫تدعيم الرقابة على تسيير الشركة‪.20‬‬

‫لم يتعرض الفصل إلى عقوبة مراقب الحسابات في صورة إخالله بهذه الواجبات و لكن‬

‫‪20‬‬
‫اسيا الحاج سالم ‪.‬مذكرة القانون الجزائي و حركة راس مال الشركة المدرجة بالبورصة ‪2006/2007‬صفحة ‪28‬‬
‫‪16‬‬
‫بالرجوع للفصل األول من هذا القانون تسري على مراقب الحسابات المعين الواردة‬

‫بالباب الثالث من الفرع الثالث من العنوان األول من الكتاب الرابع من مجلة الشركات‬

‫التجارية و التي ينص فصلها ‪"271‬يعاقب بالسجن من عام واحد إلى خمسة أعوام و‬

‫بخطية من ‪ 1200‬إلى ‪5000‬دينار أو بإحداهما فقط كل مراقب حسابات يتعمد إعط اء أو‬
‫تأييد‬

‫معلومات كاذبة عن حالة شركة او لم يعلم وكيل الجمهورية بالجرائم التي بلغ له العلم بها و‬

‫تنطبق على المراقبين أحكام القانون الجنائي المتعلقة بإفشاء السر المهني ‪.‬و ذلك على سبيل‬

‫المثال إعطاء مراقب حسابات بيانات غير صحيحة صلب التقرير الذي يعرضه على‬

‫الجلسة العامة التي تقرر على إثره التخفيض ‪ 21‬أو الترفيع في رأس المال‪.‬‬

‫و ينص الفصل ‪28‬من قانون ‪2009‬المتعلق بمسدي الخدمات لغير المقيمين على انه في‬

‫صورة إخالل مراقب الحسابات بالتزاماته و خاصة منها إعالم هيئة السوق المالية بكل‬

‫االخالالت عند مدها بالتقارير الدورية يمكن للهيئة بعد سماعه أن تتخذ ضده قرار معلال‬

‫يقضي بحرمانه من ممارسة نشاطه لدى مؤسسات التوظيف الجماعي في األوراق المالية و‬
‫ذلك بصفة مؤقتة ال تتجاوز ثالث سنوات أو بصفة نهائية‪.‬‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬خصوصية من حيث زجر جرائم البورصة‬

‫‪21‬‬
‫منصف بوسلوقة ‪.‬عالقة مراقب الحسابات بالنيابة العمومية ‪.‬ملتقى حول جرائم االعمال صفحة ‪129‬‬
‫‪17‬‬
‫تبرز خصوصية زجر جرائم البورصة على مستويين على مستوى التتبع من ناحية "‪"1‬و‬
‫على مستوى النظام العقابي من أخرى "‪."2‬‬

‫التتبع‪1-‬‬

‫إن تطور سياسة التجريم و العقاب التي شهدتها المعامالت داخل سوق رأس المال‬

‫تعكس أهمية األسواق المالية على اقتصاد البالد التونسية ‪.‬و قد جاءت معظم‬

‫النصوص المنظمة للسوق المالية و المحددة لحقوق و واجبات المتدخلين و‬

‫المتعاملين في هذه السوق في شكل هرمي بدءا بالنصوص القانونية ثم األوامر و‬

‫القرارات التي استوعبت كل الجوانب المتعلقة بالتعامل في السوق المالية ‪.22‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أن السوق المالية يمكن أن تتخللها جرائم البورصة‪.‬و‬

‫البورصة هي المكان الذي يتم فيه تبادل االوراق المالية التي تصدرها الشركات‬

‫خفية االسم و تتوزع هذه الشركات إلى نوعين " الشركات التي تلجا إلى االكتتاب‬

‫الع‪66‬ام أو ش‪66‬ركات المس‪66‬اهمة العام‪66‬ة والش‪66‬ركات ال‪66‬تي ال تلج‪66‬ا إلى االكتت‪66‬اب أو ش‪66‬ركات‬
‫المساهمة الخصوصية "‬

‫و نظرا لخصوصية مجال التعامل في األوراق المالية فانه يصعب على أعضاء النيابة‬

‫العمومية الغير المختصين في هذا المجال البحث عن جرائم البورصة و لذلك أوكل‬

‫هذه المهمة إضافة إلى النيابة العمومية هياكل أخرى مختصة لها الحرفية الالزمة‬

‫‪22‬‬
‫‪.‬منير بوريشة المسؤولية الجنائية للوسطاء المالين في عمليات البورصة الصفحة ‪40‬‬
‫‪18‬‬
‫للتعامل في ميدان األوراق المالية الذي يتميز بالطابع الفني الدقيق و تتمثل هذه‬

‫الهياكل المكلفة بالقيام بإجراءات التتبع في هيئة السوق المالية و البنك المركزي‪.‬‬

‫و قد أحدثت هذه الهيئة بمقتضى القانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المتعلق بإعادة‬

‫تنظيم السوق المالية حيث تتمتع بالشخصية المدنية و االستقالل المالي‪. 23‬‬

‫و في نفس هذا اإلطار ينص الفصل ‪ 23‬من القانون سالف الذكر على انه "أحدثت‬

‫هيئة تتمتع بالشخصية المدنية و االستقالل المالي مقرها تونس العاصمة و تسمى‬

‫هيئة السوق المالية‪.24‬‬

‫و يجدر المالحظة ان لهذه الهيئة مجلس له صالحيات واسعة في القيام بالبحث في‬

‫جرائم البورصة حسب الفصل ‪48‬من نفس القانون‪.‬‬

‫"المجلس هو السلطة المؤهلة للقيام بأعمال هيئة السوق المالية و هو الذي يتولى‬

‫القيام بتلك األعمال أو يرخص في القيام بها و بالعمليات المرتبطة بمهامه ‪.25‬‬

‫و قد نص الفصل ‪25‬من القانون سابق الذكر تركيبة هذا المجلس و الذي يتكون‬

‫من رئيس و أعضاء يتم تعينهم بمقتضى أمر فردي صادر عن رئيس الجمهورية‬

‫و هؤالء األعضاء يشملون بالضرورة على قاضي من الرتبة الثالثة و مستشار‬

‫لدى المحكمة اإلدارية و أخرى لدى دائرة المحاسبات أما األعضاء الستة المتبقون‬

‫فهم يتكونون من ممثلين احدهم عن البنك المركزي و أخر عن وزارة المالية و‬

‫ثالث ممثل عن وسطاء البورصة أما الثالثة المتبقون فيتم اختيارهم تبعا لكفاءتهم‬

‫‪23‬‬
‫القانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪1994‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل ‪23‬من نفس القانون‬
‫‪25‬‬
‫الفصل ‪48‬من نفس القانون‬
‫‪19‬‬
‫‪26‬‬
‫في ميدان المساهمة العامة‬

‫و قد عرض لنا هذا القانون مهام و صالحيات هيئةالسوق المالية كسلطة بحث و تتبع في‬

‫جرائم البورصة إن حسب الفصل ‪34‬من هذا القانون تحتمي هذه األخيرة بتلقى العرائض و‬

‫الشكاوي و تتخذ في شانها القرارات الالزمة التي تتمثل في مجملها في إحالة كل من تسبب‬

‫في مضرة غيره و اخل بالسير العادي للسوق المالية على المحكمة المختصة و نص‬

‫الفصل ‪32‬من هذا القانون على أن الهيئة يمكن لها القيام بتحقيقات لدى كل شخص طبيعي‬

‫أو معنوي كلما كان ذلك الزما للقيام بمهامها عن طريق أعوان محلفين و يمكن لهم عند‬

‫القيام باألبحاث الدخول إلى المحالت المهنية أثناء ساعات العمل و حجز السندات و‬

‫الوثائق التي تبدو مزورة و غير مطابقة للقانون و الترتيب الجاري بها العمل‪.‬‬

‫كما يمكن لهم استدعاء و سماع كل األشخاص القادرين على إفادتهم بمعلومات‬

‫لها صلة بمهامهم و يتم إثبات التحقيقات بمحضر يتم تحريره و إمضاءه من قبل‬

‫كوني التحقيق التابعين لهيئة السوق المالية أو البنك المركزي حسب الحالة‪. 27‬‬

‫و تدخل ضمن صالحيات هيئة السوق المالية السهر على حماية االدخار المستثمر‬

‫في األوراق المالية و هي تعمل على تنظيم األسواق و تسهر على حسن سيرها‬

‫تتمكن من التصدي للتالعب و هي مسؤولية أيضا على مراقبة نشر المعلومات‬

‫المالية و معاقبة المخالفين أو أي تجاوز لإلطار التشريعي الجاري به العمل ‪.‬‬

‫‪ 26‬الفصل ‪25‬من نفس القانون‬


‫‪ 27‬الفصلين ‪32‬و ‪34‬من القانون سابق الذكر‬
‫‪20‬‬
‫وتقوم هيئة السوق المالية بحماية االدخار المستثمر في األوراق المالية عن طريق‬

‫منح تأشيره للعمليات المالية ذات المساهمة العامة إضافة إلى مراقبة العمليات‬

‫بالبورصة كما تتولى مراقبة وسطاء البورصة و مؤسسات التوظيف الجبائي‬

‫و تعمل أيضا على مراقبة المعلومات المالية كما تسهر على احترام و تطبيق‬

‫اإلطار التشريعي الجاري به العمل‪.‬‬

‫و تقوم هيئة السوق المالية بتلقي الشكاوي من طرف المستثمرين و المدخرين و‬

‫إعداد الملفات الخاصة بهم و أخيرا و ليس آخرا تسعى إلى اتخاذ العقوبات‬

‫المنصوص عليها ضمن النصوص القانونية في حالة تجاوز اإلطار التشريعي‬

‫الجاري به العمل ‪.28‬‬

‫استنادا إلى ما سبقت اإلشارة إليه تلعب هيئة السوق المالية إضافة إلى مجلسها‬

‫دورا هاما في التصدي لجرائم البورصة و زجر كل المخالفين لإلطار التشريعي‬

‫الذي ينظم السوق ‪.‬لكن و إن كانت هاتين السلطتين تتمتعان بسلطة بحث و متابعة‬

‫كذلك ال يمكن الجزم إن هيئة السوق المالية و مجلسها يشكالن نيابة عمومية‬

‫خاصة و أن المشرع نص ‪39‬من قانون عدد‪ 117‬على إن هذه األخيرة تحيل‬

‫المحاضر إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة االبتدائية مصحوبا بالطلبات و هو‬

‫ما يؤكد لنا أن الهيئة في حد ذاتها و مجلسها ال يخول لها إصدار عقوبات جزائية‬

‫حتى و أن كانت تختص بالبحث و التتبع في مثل هذا النوع من الجرائم‪.‬إذ أن‬
‫‪28‬سمير النصراوي بورصة تونس‬
‫‪21‬‬
‫سلطة إصدار العقوبات الجزائية هي من الصالحيات الحصرية للمحاكم التونسية‪.29‬‬

‫إضافة إلى هيئة السوق المالية فقد أوكل المشرع كذلك سلطة البحث و التتبع في‬

‫جرائم البورصة إلى هيكل أخر هو البنك المركزي‪.‬و هذا األخير يتمثل في مؤسسة‬

‫مالية مركزية مكلفة بإصدار النقد و اإلشراف على القطاع البنكي في تونس كما‬

‫تقول هذه األخيرة بإدارة احتياطي الدولة من النقد األجنبي و إدارة السياسة‬

‫النقدية‪ .30‬كما يقوم البنك أيضا بإصدار تقارير يقيم فيه ا الوض ع االقتص ادي الع ام‬
‫و‬

‫يقوم باقتراح اإلجراءات الممكن اتخاذها لتحسينه و تجدر المالحظة في نفس هذا‬

‫السياق إلى انه قد تم إنشاء البنك المركزي بمقتضى قانون ‪19‬سبتمبر ‪1958‬الذي‬

‫يعرف لنا هذا األخير على انه مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية و‬

‫باالستقالل المالي و له ‪12‬فرع في كل من تونس العاصمة و بنزرت وسوسة‬

‫صفاقس نابل قابس القصرين القيروان المنستير جندوبة و يشرف على البنك‬

‫محافظ و نائب و له مجلس إدارة يجتمع به شهريا ‪.‬‬

‫و في إطار الحفاظ على استقرار السوق المالية و تحقيق توازنها اقر القانون ‪19‬‬

‫سبتمبر ‪1958‬مهمة عامة تتمثل في الدفاع عن قيمة النقد و السهر على استقراره‬

‫‪29‬‬
‫الفصل ‪39‬من قانون عدد ‪117‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Loi n 1958-0090portant création et organisation de la banque central de Tunisie‬‬
‫‪22‬‬
‫و في هذا اإلطار فهو يتولى مراقب ة التداول النقدي‪. 31‬و من ضمن صالحيات البنك‬

‫المركزي و حتى يستطيع ان يقوم بالمهمة الموكولة له على اكمل وجه خصه‬

‫المشرع بسلطة منح الترخيص لممارسة اي نشاط صرفي و مالي كما خول له‬

‫المشرع ان يجري رقابة على مسدي الخدمات المالية لغير المقيمين و ذلك وفق‬

‫الفصل ‪115‬من المجلة الخاصة بمسدي الخدمات لغير المقيمين ‪.32‬‬

‫و قد نص الفصل ‪124‬من القانون عدد‪64‬لسنة ‪2009‬على انه يقع تتبع المخالفين‬

‫لهذه المجلة و نصوصها التطبيقية بمبادرة من محافظ البنك المركزي بالنسبة‬

‫لمؤسسات القرض غير المقيمة في حين تقوم هيئة السوق المالية بالتتبع عندما‬

‫يتعلق األمر بمسدي خدمات االستثمار لغير المقيمين ‪.33‬‬

‫و استنادا إلى ما سبقت اإلشارة إليه تلعب هيئة الس وق المالي ة إض افة إلى البن ك المرك زي‬
‫كهياكل بحث و تتبع دورا هاما في المحافظة على توازن السوق‬

‫المالية و التصدي لجرائم البورصة و زجر المخالفين لإلطار التشريعي المنظم‬

‫لهذه السوق‪ .‬و عليه فان خصوصية زجر جرائم البورصة ال تبرز فقط من خالل‬

‫النظام التتبع بل كذلك من خالل النظام العقابي "ب"‪.‬‬

‫‪ -2‬النظام العقابي ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫قانون ‪19‬سبتمبر ‪1958‬المتعلق باحداث البنك المركزي‬
‫‪32‬‬
‫الفصل ‪115‬من مجلة اسداء الخدمات لغير المقيمين‬
‫‪33‬‬
‫الفصل ‪124‬من قانون عدد‪64‬لسنة ‪2009‬‬
‫‪23‬‬
‫أما فيما يتعلق بالجانب العقابي في جرائم البورصة فإن العقوبات تنقسم الى ‪3‬أنواع‬
‫مالية تاديبية وسالبة للحري ة وفي نفس ه ذا الس ياق فإن ه تنف رد هيئ ة الس وق المالي ة‬
‫ومجلسها إضافة الى البنك المركزي باتخاذ العقوبات المالي ة والتاديبي ة بينم ا تحتف ظ‬
‫المحاكم بسلطة تسليط العقوبات السالبة للحرية ‪.‬‬

‫بالنسبة للعقوبات المالية فإنه وحسب الفص ل ‪ 40‬من ق انون ‪ 1994‬ال ذي ح دد ح د‬


‫ادنى وحد اقصى للخطية وهيئة السوق المالية هي التي تقرر المبلغ الذي يجب دفع ه‬
‫على أن ال يتجاوز سقفا حدده المشرع وهو ‪ 20.000‬د ولكن إذا وقع تحقيق أرب اح‬
‫تص بح الخطي ة خمس ة أض غاف ه ذه األرب اح وف رض المش رع أن تك ون الخطي ة‬
‫متالئمة مع خطورة التجاوزات المقترفة ‪. 34‬‬

‫أم ا بالنس بة للعقوب ات التاديبي ة فق د نص الفص ل ‪ 128‬من ق انون ‪ 2009‬أن ه ذه‬


‫العقوبات تتمثل في اإلنذار ‪ ,‬التوبيخ ‪ ,‬التعليق المؤقت لمهام الشخص المخالف إنهاء‬

‫المه ام ‪ ,‬التوفي ق الكلي عن ممارس ة النش اط ‪ ,‬س حب ال ترخيص ال ذي ي ؤدي الى‬


‫‪35‬‬
‫تصفية المخالف ‪ ,‬سحب المصادقة ‪.‬‬

‫ولكن ال تسري علو بورص ة األوراق المالي ة حس ب ق انون ‪ 1994‬عقوب ة س حب‬


‫المصادقة أو توقيف النشاط وكذلك بالنسبة لشركة المقاصة و اإليداع و التسوية ‪.‬‬

‫أما فيما يخص العقوبات السالبة للحري ة فق د نص المش رع على ح د أدنى وه و ‪16‬‬
‫يوم وحد اقصى ‪ 3‬سنوات في بعض الجرائم ولكن ترك للقاضي اإلختيار بينها وبين‬
‫عقوبة الخطية وفي غالب األحيان وبماأن األمر يتعل ق بج رائم مالي ة تك ون العقوب ة‬
‫الخطية أكثر منها سجن وفي نفس سياث هذا اإلطار تجدر اإلشارة الى بعض‬

‫الفصل ‪ 40‬من قانون ‪1994‬‬ ‫‪34‬‬

‫الفصل ‪ 128‬من قانون ‪ 64‬لسنة ‪2009‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪24‬‬
‫العقوبات التي أقرها المشرع فيما يتعلق ببعض الجرائم وفي السياق ذاته فق د قس مها‬
‫الى جرائم تتعلق بتنظيم السوق وأخرى تتعلق بإستغالل السوق ‪.‬‬

‫أما فيما يتعل ق بج رائم ال تي تخص تنظيم الس وق فق د نص المش رع على جريمت ان‬
‫وهما جرائم المناورة وجريمة العرقلة ‪.‬‬

‫وفيم ا يخص جريم ة المن اورة فق د نص الفص ل ‪ 81‬من ق انون ‪ 1994‬على أن‬
‫‪36‬‬
‫عقوبتها تتمثل في خطية مالية تتراوح بين ‪1000‬د و ‪10.000‬د ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لجريمة الص رفية وحس ب منط وق الفض ل ‪ 84‬من نفس الق انون يع اقب‬
‫مرتكب هذه الجريمة بالسجن لمدة تتراوح بين ‪ 6‬اش هر وبخطي ة ت تراوح بين ‪ 50‬د‬
‫الى ‪ 2000‬د أو بإحدى العقوبتين فقط ‪.‬‬

‫ويكون عرضة لنفس العقوبات األشخاص الذين يعرقلون عم دا تنفي ذ اإلذن الص ادر‬
‫عن رئيس المحكمة اإلبتدائية ‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالعقوبات المقررة لجريمة إس تغالل الس وق فهي اوال عقوب ة جريم ة‬
‫إفادة الغبر بمعلومة داخلية وقد نص الفص ‪ 81‬من ق انون ع دد ‪ 117‬لس نة ‪1994‬‬
‫في فقرته ‪ 4‬علو أنه " يعاقب بخطية تتراوح بين ‪1500‬د ال ‪15000‬د كل شخص‬
‫يحصل بمناسبة ممارسة مهنته أو بمناسبة القيام بمهام ه على معلوم ة داخلي ة تتعل ق‬
‫بوض عية مص در األوراق المالي ة بالمس اهمة العام ة " ‪ .‬ومن بين ج رائم إس تغالل‬
‫السوق نجد كذلك جنحة إستغالل المعلومة الممتازة إذ ينص الفصل سابق الذكر على‬
‫أن عقوبة هذه الجنحة تتراوح بين ‪ 1000‬الى ‪10.000‬د ويذكر نفس الفصل جنحة‬
‫ترويج معلومة زائفة مظللة والتي تخضع الى العقوبات المق ررة ب الفقرة االولى من‬
‫نفس الفصل وفي إطار توسيع نطاق العقوبات فقد أقر المشرع التونسي المسؤولية‬

‫الفصل ‪ 81‬من قانون ‪1994‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪25‬‬
‫القانونية لوسطاء البورصة التي تنقسم بدورها الي ‪ 3‬مسؤوليات تأديبي ة " إن ذار أو‬
‫ت وبيخ أو التوقي ف الوق تي أو النه ائي كلي ا أو جزئي ا عن النش اط أو عن د اإلقتض اء‬
‫سحب المصادقة " ‪.‬‬

‫أما المسؤولية المدنية فتتمثل في إل تزام المخ الف بج بر الض رر ال ذي أحدث ه نتيج ة‬
‫الخطا الصادر منه للمتعاملين معه من مدخرين ومسثمرين أم ا المس ؤولية الجزائي ة‬
‫فإن الجرائم السابق ذكره ا من الممكن أن يرتكبه ا وي ط ل دى البورص ة إض افة الى‬
‫ذلك فقد خصه المشرع بجريم ة خاص ة نص عليه ا الفص ل ‪ 82‬من نفس الق انون "‬
‫يعاقب بخطي ة من ‪ 500‬الى ‪ 2000‬الرؤس اء الم ديرون الع امون وأعض اء مجلس‬
‫اإلدارة وك ذلك للوس طاء ال ذين يتول ون عم دا إص دار اوراق مالي ة وأدوات مالي ة‬
‫لشركات مساهمة عامة أو تقديمها لإلكتتاب أو عرضها للبيع دون مراعات اإلج راء‬
‫الوارد بالفصل ‪ 2‬من هذا القانون "‪.‬‬

‫كما أق ر المش رع التونس ي ك ذلك مس ؤولية جزائي ة لمس دي الخ دمات المالي ة لغ ير‬
‫المقيمين إذ نص الفص ل ‪ 133‬من مجل ة إش داء الخ دمات لغ ير المقيمين على أن ه‬
‫يعاقب بالسجن من ‪ 3‬أشهر الى ‪ 3‬أعوام وبخطي ة ت تراوح بين ‪ 500‬الى ‪, 5000‬‬
‫أو بإحدى العقوبتين كل شخص غير مرخص له أن يتعاطى بصفة إعتيادية الخدمات‬
‫المخصصة لمسدي الخدمات المالية لغير المقيمين أو كل شخص مرخص ل ه إس داء‬
‫خ دمات بنكي ة أو إس تثمارية أو خدم ة التص رف في المحاف ظ المالي ة أن يس تعمل‬
‫أساليب من شأنها إحداث لبس لدى الغير حول الصنف الذي ينتمي إليه ‪.‬‬

‫وينص الفص ‪ 124‬من نفس المجل ة على أن ه " يع اقب ك ل ش خص يق وم بإخف اء‬
‫معلومات أو يدلي بمعلومات خاطئة يعاقب بخطية تساوي ‪ 5‬أضعاف األرباح وفي‬

‫‪26‬‬
‫نفس هذا اإلطار أقر المشرع التونسي مسؤولية جزائية للمستثمرين فقد نص الفص ل‬
‫‪ 16‬من القانون عدد ‪96‬لسنة ‪ 2005‬مؤرخ في ‪ 18‬اكتوبر ‪ 2005‬المتعلق بسالمة‬
‫العالقات المالية على أنه يعاقب بخطي ة مالي ة لفائ دة الخزين ة العام ة للدول ة ال تي ال‬
‫يتج اوز مق دارها ‪20000‬د وفي ص ورة تحقي ق أرب اح بمكن أن تبل غ مق دار تل ك‬
‫الخطية ‪ 5‬أضعاف مبلغ األرباح المحققة ‪.‬‬

‫ويمكن كذلك لهيئة السوق المالية والبنك المركزي إتخاذ عقوبات مالية وتأديبية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للبنك المركزي فقد خول الفصل ‪ 125‬من قانون ع دد ‪ 64‬لس نة ‪2009‬‬
‫لمحافظ البنك المركزي إتخاذ العقوب ات المنص وص عليه ا بمجل ة مس دي الخ دمات‬
‫لغير المقيمين وهي عقوبات تأديبية تتمثل في اإلنذار أو التوبيخ أو خطية مقدارها ‪5‬‬
‫مرات مبلغ المخالفة كم ا نص ت الفص ول من ‪ 43‬الى ‪ 46‬من ق انون ‪ 94‬على أن ه‬
‫يمكن لرئيس المحكمة اإلبتدائية بتونس بناء على طلب معلل من رئيس هيئ ة الس وق‬
‫المالي ة اإلذن إس تعجاليا بالعقل ة على األم وال والس ندات أو الحق وق الراجع ة‬
‫لألشخاص الذين هم محل مؤاخذة من طرف الهيئة مع وضع أحكام ويمكن حسب‬

‫نفس اإلجراءات القضاء بالتوقيف الوقتي عن النش اط المه ني أو أن يج بر الش خص‬


‫محل المؤاخذة على تأمين مبلغ من المال ‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بهيئة السوق المالية فإن شأنها شأن البنك المركزي بإتخاذ عقوبات مالية‬
‫وتأديبية بإعتبار أن المحاكم تحتفظ بتسليط العقاب السالب للحري ة ‪ ,‬إذ ينص الفص ل‬
‫‪ 45‬من قانون ‪ 1994‬على أن هيئة السوق المالية تتخذ قراراتها عن طريق مجلسها‬
‫الذي يلتام كل شهرين على األقل أو بمناسبة إستدعاءه لإللتئام من طرف رئيسه أو‬

‫‪27‬‬
‫ثلثي أعظاءه ‪ ,‬وال تتسلط عقوبات إال عند إستدعاء وسماع الشخص المعني ب األمر‬
‫أو ممثله القانوني وذلك لمزيد توفير ضمانات ‪.‬‬

‫كما أن قرارات الهيئة يجب أن تكون معللة ويقع الطعن فيها باإلستئناف امام محكمة‬
‫اإلستئناف بتونس لكن الطعن هنا ال يوقف التنفيذ إال أنه يمكن لرئيس المحكمة اإلذن‬
‫بتأجيل تنفيذ الق رار المطع ون في ه إذا ك ان من ش أنه أن يح دث آث ار من المس تحيل‬
‫تداركها‪.‬وباإلعتماد على ماسبق يتبين أن النظام العقابي يتميز بالتنوع من ناحية س ن‬
‫العقوبات ومن ناحية الهياكل التي يخول لها اإلقرار بهذه العقوبات ‪,‬‬

‫ومن ناحية القانون المقارن يعتبر القانون الفرنسي لسنة ‪ 1977‬الخاص بالبورصة‬

‫من أكثر القوانين تشددا في العقوبات المالية وذلك من خالل المادتين ‪ 8‬و‪ 9‬من‬

‫القانون المذكور والجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي فرق في العقوبة بين ش ركات‬
‫الوساطة في سوق راس المال و األشخاص الطبيع يين الق ائمين بالوظيف ة نفس ها في‬
‫إطار هذه الشركات ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫المراجع ‪:‬‬

‫باللغة العربية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫محمود داوود يعقوب ‪ ،‬شركة دار القانون للمحاماة و االستشارات و التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫األستاذ حمدي عبد العظيم ‪ ،‬أستاذ اقتصاد ‪ ،‬اقتصاديات البورصة في ضوء األزمات‬ ‫‪‬‬
‫و الجرائم ‪.‬‬

‫منية بن تردايت ‪ ،‬جرائم البورصة‪ ، 6‬ماجستير‪ 6‬شعبة علوم جنائية ‪2011* 2010‬‬ ‫‪‬‬

‫سيد الطيبي ‪ ،‬البورصات و تدعيم االقتصاد الوطني ‪ ،‬كتاب األهرام االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫أحسن بوسقيقة‪.‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص (جزء ثاني)طبعة ‪2‬دار‬ ‫‪‬‬
‫هومة للطباعة بالجزائر ‪2006‬‬
‫عمر سالم الحماية الجنائية للمعلومات غير المعلقة للشركات المقيدة بسوق‬ ‫‪‬‬
‫األوراق المالية الطبعة األولى دار النهضة العربية ‪1999‬‬
‫منير بوريشة‪ 6‬المسؤولية الجنائية للوسطاء الماليين في عمليات البورصة دار‬ ‫‪‬‬
‫الجامعة الجديدة ‪2007‬‬
‫قانون ‪19‬سبتمبر ‪1958‬المتعلق باحداث البنك المركزي‬ ‫‪‬‬
‫مجلة اسداء الخدمات لغير المقيمين‬ ‫‪‬‬
‫القانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية‬ ‫‪‬‬
‫سيا الحاج س‪66‬الم ‪.‬م‪66‬ذكرة الق‪66‬انون الج‪66‬زائي و حرك‪66‬ة راس م‪66‬ال الش‪66‬ركة المدرج‪66‬ة‬ ‫‪‬‬
‫بالبورصة‪2006/2007 6‬‬
‫منصف بوسلوقة ‪.‬عالقة مراقب الحسابات بالنياب‪6‬ة‪ 6‬العمومي‪66‬ة ‪.‬ملتقى ح‪66‬ول ج‪66‬رائم‬ ‫‪‬‬
‫االعمال‬
‫سمير النصراوي بورصة‪ 6‬تونس‬ ‫‪‬‬

‫‪29‬‬
‫الفهرس‪:‬‬

‫‪4---------------------------------------------------------1:‬‬ ‫المقدمة‬

‫الجزء األول ‪17-----------------------------------------5 :‬‬

‫‪11--------------------------------------------------------------1-5‬‬

‫‪17------------------------------------------------------------2-12‬‬

‫الجزء الثاني ‪28------------------------------------------18:‬‬

‫‪23-----------------------------------------------------------1-18‬‬

‫‪28-----------------------------------------------------------2-24‬‬

‫‪30‬‬

You might also like