You are on page 1of 26

‫االختالس بمنظور القانون‪ 60-60‬المعدل و المتمم‬

‫العيدي إبراىيم (طالب دكتوراه بكمية الحقوق و العموم السياسية)‬


‫بجامعة وىران ‪ ،2‬محمد بن أحمد‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد دأبت التشريعات منذ القدـ عمى حماية األمكاؿ العامة ك الخاصة‬
‫مف أم تعد إذ كرست ليا حماية مدنية ك جزائية‪ ،‬ك تعتبر جريمة‬
‫االختالس مف أبرز طرؽ االعتداء عمى األمكالك أكثرىا انتشا ار ك خطكرة‬
‫ذلؾ أف الماؿ في جريمة االختالس يككف تحت يد المكظؼ أك سمّـ إليو‬
‫يسيُؿ عميو بذلؾ التصرؼ فيو خارج االطار القانكني‬
‫بسبب عممو إذ ْ‬
‫المحدد‪ .‬ك عمى ىذا األساس سعت الجزائر إلى التفكير في إيجاد حؿ‬
‫ِّ‬
‫يمكنيا مف كضع إطار قانكني محكػـ لمكافحة جريمة االختالس متأثػرة‬
‫في ذلؾ بالتكجيات الدكلية الجديدة السيما تمؾ التي تفرضيا المجمكعة‬
‫‪1‬‬
‫الدكلية ‪ ،‬فكاف أف استػكحى المشرع الج ازئػرم أحكػػاـ القان ػ ػػكف ‪01-06‬‬
‫مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪ 2‬إذنصيذا القانكف عمى جريمة‬
‫االختالس في القطاع العاـ بمكجب المادة ‪ 29‬منو التي ألغت صراحة‬
‫أحكاـ نص المادة ‪ 119‬ك ‪ 119‬مكرر ‪ 01‬مف قانكف العقكبات كما‬

‫‪ - 1‬القانكف ‪ ،01-06‬يتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو‪.‬مؤرخ في‪.2006-02-20‬ج ر‪،‬‬


‫العدد ‪ ،14‬مؤرخة في ‪ ،2006- 03-08‬ص ‪ ،04‬المعدؿ ك المتمـ باألمر ‪،05-10‬‬
‫المؤرخ في ‪ ،2010- 08-26‬ك بالقانكف ‪ ،15-11‬مؤرخ في ‪02‬غشت‪،2011‬ج‬
‫ر‪،‬العدد‪،44‬ص‪.04‬‬
‫‪ - 2‬اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد المؤرخة في‪ . 2003-10-31‬صادقت عمييا‬
‫الجزائر في‪ 2004-04-19‬بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ ‪.128-04‬‬

‫‪99‬‬
‫نص عمى جريمة اختالس األمكاؿ في القطاع الخاص بمكجب المادة‬
‫‪ 41‬منو‪.‬‬
‫و عمى ىذا االساسفإف ىذا المكضكع يثير العديد مف االشكاالت‬
‫القانكنية‪ ،‬إذ ما ىك مفيكـ االختالس في مضمكف القانكف ‪01-06‬‬
‫المعدؿ ك المتمـ؟ ك ما ىي األليات التي استحدثيا المشرع في سبيؿ الحد‬
‫منو ك مكافحتو؟‬
‫المبحث األول‪ :‬مفيوم جريمة االختالس‪.‬‬
‫تعد جريمة االختالس مف أىـ الجرائـ التي حظيت باىتماـ‬
‫المشرع الجنائي ‪ ،‬ك قد تزايدت أىمية دراسة ىذه الجريمة بسبب الحركة‬
‫االقتصادية التي تشيدىا دكؿ العالـ اليكـ‪ ،‬ك تكسع دكر الدكلة في‬
‫المجاليف االقتصادم ك االجتماعي ‪ ،‬فمـ تعد كما في الماضي دكلة‬
‫حارسة‪،‬بؿ أصبح دكرىا اليكـ أكثر ديناميكية ك فعالية ‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫تعرؼ بالدكلة المتدخمة‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬تعريف جريمة االختالس‪.‬‬
‫عمى حسب تعبير الفقيو الفرنسي ليكف دكجي ‪ ":‬الدكلة ما ىي‬
‫إال حزمة مف المرافؽ العامة تسير عف طريؽ المكظفيف العمكمييف الذيف‬
‫قد يككف مف مقتضيات قياميـ بكظيفتيـ أف تكضع بيف أيدييـ أمكاؿ‬
‫عامة أك خاصة يعيد إلييـ المحافظة عمييا كرعايتيا أك تسميميا لمكظؼ‬
‫آخرأك التصرؼ فييا عمى النحك الذم يحدده القانكف"‪ . 1‬ك بالنتيجة فإذا‬
‫أخؿ المكظؼ بيذه األمانة ك الثقة التي أككمت إليو ع ّد مرتكبا لجريمة‬
‫االختالس‪ ،‬كعميو يمكننا تعريؼ جريمة اختالس الماؿ العاـ عمىأنيا‪″:‬‬

‫‪ -1‬محمد زكي أبكعامر‪ ،‬قانكف العقكبات (القسـ الخاص)‪.‬الدار الجامعية‪،‬بيركت‪ ،‬طبعة‬


‫‪ ،1994‬ص ‪.79‬‬

‫‪100‬‬
‫استيالء المكظؼ العاـ أك مف في حكمو عمى الماؿ المسمـ إليو بسبب‬
‫أك بمقتضى كظيفتو ‪.″‬‬
‫ك لقد ثار جدؿ ك خالؼ فقيي ح كؿ تحديد طبيعة المصمحة‬
‫التي أ ّس س عمييا المشرع الحماية الجزائية‪ ،‬فيؿ قصد المشرع بتجريمو‬
‫لظاىرة االختالس حماية الماؿ العاـ ؟‪،‬حماية الكظيفة العامة التي يشغميا‬
‫المكظؼ ؟ أـ حماية اإلدارة العامة كمرفؽ ؟‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬حماية المال العام‪.‬‬
‫ذىب جانب مف الفقو الفرنسي إلى اعتبار أف العمة التي تكخاىا‬
‫المشرع مف كراء تجريمو االختالس الكاقع مف طرؼ المكظؼ العاـ‬
‫حص ؿ ‪ ،‬أك المندكب ‪ ،‬عمى األمكاؿ العامة المسممة إليو بحكـ‬
‫أك الم ّ‬
‫كظيفتو ‪ ،‬ىي حماية الماؿ العاـ مف العبث بو ال غير ‪ ،‬عمى أساس أف‬
‫ىذه الجريمة ترتكب ضد المصالح النقدية ك المالية لمدكلة أك بمعنى آخػر‬
‫ترتكب ضػد الذمة المالية لمدكلػة‪.‬‬
‫كما أف المشرع الجزائرم بكضع جرائـ االعتداء عمى الماؿ العاـ‬
‫ضمف قانكف الفساد الذم يمتاز بإجراءات خاصة في التحقيؽ ك المتابعة‬
‫ك بتشديد العقكبة في كؿ الجرائـ‪ ، 1‬يككف قد أراد حماية الماؿ العاـ مف‬
‫شتى طرؽ االعتداء عميو‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية الوظيفة العامة‪.‬‬
‫ذىب جانبآخر مف الفقو إلى أف المصمحة المحمية تتمثؿ في‬
‫الكظيفة العامة‪ ،2‬ك ذلؾ بقياميـ بالربط بيف الكظيفة العامة‪،‬كمفيكـ‬

‫‪- 1‬عبد العزيز سعد ‪،‬جرائـ االعتداء عمى األمكاؿ العامة كالخاصة‪.‬دار ىكمة ‪ ،‬سنة ‪2005‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز السيد الجكىرم‪ ،‬محاضرات في األمكاؿ العامة‪-‬دراسة مقارنة‪.-‬ديكاف‬
‫المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1983 .‬ص ‪.08‬‬

‫‪101‬‬
‫المكظؼ العاـ كفقا لمقانكف الجنائي ‪ ،‬فالمشرع الجنائي لـ يكتؼ بمفيكـ‬
‫المكظؼ العاـ حسب القانكف اإلدارم ‪ ،‬بؿ أعطى لو مفيكـ أكسعك‬
‫أشمؿ يتفؽ ك الحماية الجنائية المقررة ‪.1‬كعميو فجريمة االختالس حسب‬
‫رأييـ ىي جريمة المكظؼ العاـ الذم قاـ بخيانة الثقة التي كضعتيا فيو‬
‫الدكلة حيف منحتو إحدل كظائفيا‪.2‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حماية اإلدارة العامة‪.‬‬
‫يرل جانب مف الفقياء بأف المصمحة التي تكخى المشرع حمايتيا‬
‫في جريمة اال ختالسيي اإلدارة العامة مناالعتداء عمييا‪ ،‬ألف ىذه األخيرة‬
‫ليا مدلكؿ خاص في القانكف الجنائي يكمف في أ ف اإلدارة كشخص‬
‫معنكم تحتاج بطبيعة الحاؿ إلى قكل بشرية كامم ة مف أجؿ إدارة شؤكنيا‬
‫المختمفة لتحقيؽ المصمحة العامة ‪،‬ك تتمثؿ ىذه القكل في المكظفيف‬
‫ك مف ىـ في حكميـ ك الذيف يديركف كظائؼ عامة‪.‬لكف ىؤالء المكظفيف‬
‫استغمكا الكظائؼ المنكطيف بإدارتيا لمحصكؿ عمى مكاسبغير مشركعة‬
‫ك كستار مف أجؿ إشباع أطماعيـ الشخصية أك أطماع الغير بدكف كجو‬
‫حؽ ‪،‬ك عمى حساب المصمحة العامة إذ لكال الكظيفة التي يشغمكنيا لما‬
‫سممت إلييـ تمؾ األمكاؿ‪ .3‬فالعمة التي تكخاىا المشرع الجزائرم ‪ ،‬ليست‬

‫‪ -1‬اسامة حسيف عبيد ‪ ،‬دركس في الج ارئـ المضرة بالمصمحة العامة‪.‬ط ‪ ، 1‬دار النيضة‬
‫العربية ‪ ، 2006 ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪2 - Veron Michel, Droit pénal des affaires. 6 éme édition, Dalloz,‬‬
‫‪Paris, France, 2005. , p. 74.‬‬
‫‪3 - Gossenswin, Réglementations nationales et internationales de la‬‬
‫‪corruption :‬‬
‫‪Conséquences pratiques pour les entreprises et programmes de‬‬
‫‪mise en conformité.‬‬

‫‪102‬‬
‫قاصرة فقط عمى حماية الماؿ العاـ ك الخاص أك حماية الكظيفة التي‬
‫يشغميا المكظؼ ‪ ،‬بؿ باإلضافة إلى ىاتيف المصمحتيف ىنا كمصمحة‬
‫أسمى ك اشمؿ ك ىي حماية المصمحة العامة مف أم اعتداء قد يقع‬
‫عمييا بغية تحقيؽ أىداؼ اجتماعية ك اقتصادية‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬األركان القانونية لجريمة االختالس‪.‬‬
‫ما تجدر اإلشارة إليو ‪ ،‬ىك أف المشرع الجزائرم قد نص عمى فعؿ‬
‫اختالس األمكاؿ العامة ك الخاصة دكف إعطاء تعريؼ كاضح ك شامؿ‬
‫ليذه الجريمة‪ ،‬فقد استعمؿ لفظ االختالس كمفظ عاـ عمى جميع جرائـ‬
‫االختالس مف حيث ىك ‪ ،‬التبديد‬ ‫االختالس في جميع صكره‬
‫االحتجاز ك غيرىعمى الرغـ مف أف لفظ االختالس ىك عنصر مف‬
‫عناصر الركف المادم‪ ،‬ففعؿ االختالس يشكؿ العنصر المادم المشكؿ‬
‫لمركف المادم لجريمة االختالس ‪ ،‬ك يقصد بالعنصر المادم ‪-‬فعؿ‬
‫االختالس‪ -‬ذلؾ النشاط الذم يصدر عف الجاني اتجاه الماؿ المختمس‬
‫يضاؼ إليو العنصر المعنكم ك المتمثؿ في نية التػممؾ ‪.‬‬
‫كبيذا فإف جريمة االختالس سكاء في القطاع العاـ أك الخاص‬
‫تقكـ عمى ثالثة أركاف‪ ،‬تتمثؿ في الركنالشرعي‪ ،‬المادم ك المعنكم‬
‫إضافة إلى الركف المفترض الذم يتمثؿ في صفة الجاني‪.‬‬
‫الفرع االول ‪:‬الركن الشرعي‬

‫‪Revue de droits des affaires internationales, N=°1, forum, européen‬‬


‫=‪de la communication‬‬
‫‪= Paris, France, 1999, P20.‬‬

‫‪103‬‬
‫ِ‬
‫استحدثت ىذه الجريمة بمكجب المادة ‪ 119‬مف قانكف‬ ‫لقد‬
‫العقكبات‪ ،1‬أيف تباينت بيف كصؼ الجنحة ك الجناية اعتبا ار لقيمة‬
‫االمكاؿ المختمسة‪،‬ك لكف سرعاف ما تـ إلغاء ىذه المادة ضمنيا بمكجب‬
‫القانكف ‪ 01-06‬المعدؿ ك المتمـ باألمر ‪ 05-10‬ك القانكف ‪15-11‬‬
‫في مادتو ‪ 29‬أيف ِّ‬
‫جنحت ىذه الجريمة كمية أيف استغنى المشرع كمية‬
‫عف الكصؼ الجنائي ليا‪ ،‬إذ تنص عمى أنو‪" :‬يعاقب بالحبس مف سنتيف‬
‫‪ 02‬إلى عشر سنكات ‪ 10‬ك بغرامة مالية مف ‪200.000‬دج إلى‬
‫‪1.000.000‬دج كؿ مكظؼ عمكمي يبدد عمدا أك يختمس أك يتمؼ‬
‫أك يحتجز بدكف كجو حؽ أك يستعمؿ عمى نحك غير شرعي لصالحو‬
‫أك لصالح شخص أك كياف آخر ‪،‬أم ممتمكات أك أمكاؿ أك أكراؽ مالية‬
‫عمكمية أك خاصة أك أم أشياء ذات قيمة عيد بيا إليو بحكـ كظيفتو‬
‫أك بسببيا"‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الركن المادي‬
‫إف الركف المادم في كؿ مف جريمة االختالس في القطاع العاـ‬
‫ك الخاص يشتركاف في بعض النقاط ك يختمفاف في نقاط أخرل‪،‬ولقد‬
‫نصت المادة ‪ 29‬مف القانكف ‪ 01-06‬المعدؿ ك المتمـ بأف الركف‬
‫المادم لجريمة االختالس في القطاع العاـ يأخذ أربعة صكر تتمثؿ في‬
‫االختالس ك التبديد ك اإلتالؼ ك االحتجاز بدكف كجو حؽ‪ ،‬في حيف أف‬
‫الركف المادم لجريمة االختالس في القطاع الخاص طبقا لممادة ‪41‬‬
‫مف نفس القانكف محصكرة في صكرة االختالس فقط‪.‬‬

‫‪-1‬المادة ‪ 119‬مف القانكف ‪.09-01‬المؤرخ في ‪.2001-02-26‬ج ر ‪ ،‬العدد ‪ ،15‬ص‬


‫‪ ،03‬المعدؿ ك المتمـ لألمر ‪ 156-66‬المتضمف قانكف العقكبات‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫ك يختمؼ مدلكؿ االختالس في المادتيف ‪ 29‬ك ‪ 41‬مف القانكف‬
‫المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو عف مدلكلو في جريمة السرقة‬
‫المنصكص عمييا في المادة ‪ 350‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬فاالختالس في‬
‫السرقة يتـ بانتزاع الماؿ مف حيازة الغير خمسة أك بالقكة بنية تممكو‪ ،‬في‬
‫حيف يككف الشيء المختمس في جريمة االختالس في القطاع العاـ‬
‫ك الخاص في حيازة الجاني بصفة قانكنية ثـ تنصرؼ نيتو إلى التصرؼ‬
‫فيو باعتباره مممككا لو ك خارج االطار القانكني المحدد‪ ،‬ك كذلؾ فإف‬
‫مدلكؿ االختالس في الجريمة المنصكص عمييا في المادة ‪ 29‬ك ‪41‬‬
‫مف القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو يختمؼ عف مدلكؿ في‬
‫جريمة خيانة األمانة المنصكص عمييا في المادة ‪ 673‬مف قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬كاف كانت ىذه الجريمة األخيرة تقتضي أف يككف تسميـ الماؿ‬
‫فييا بناء عمى عقد مف عقكد األمانة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الركن المعنوي‪.‬‬
‫تشترؾ جريمة االختالس في القطاع العاـ مع جريمة االختالس في‬
‫القطاع الخاص في الركف المعنكم لمجريمة الذم يشترط لتحققو تكافر‬
‫القصد الجنائي العاـ المتككف مف العمـ كاإلرادة‪،‬حيث يجب أف يككف‬
‫الجاني عمى عمـ بأف الماؿ الذم بيف يديو ىك ممؾ لمدكلة أك إحدل‬
‫مؤسساتيا أك ممؾ ألحد الخكاص كقد سمـ لو بحكـ أك بسبب كظيفتو‬
‫أك ميامو بحسب ما إذا كاف االختالس في القطاع العاـ أك الخاص‬
‫ك مع ذلؾ تتجو إرادتو إلى تنفيذ الركف المادم لمجريمة ك ذلؾ باختالسو‬
‫لمماؿ أك بتبديده أك احتجازه أك إتالفو‪.‬‬
‫كبالنسبة لصكرة االختالس فإف القصد العاـ ال يكفي لتحققيا بؿ‬
‫يتطمب قصدا خاصا يتمثؿ في اتجاه نية الجاني إلى تممؾ الشيء الذم‬
‫بحكزتو‪ ،‬فمف يستكلي عمى الماؿ لمجرد استعمالو أك االنتفاع بو ثـ رده‬

‫‪105‬‬
‫ال يحقؽ صكرة االختالس ك إف كاف قد يشكؿ في ىذه الحالة احتجا از‬
‫بدكف كجو حؽ أك جريمة استعماؿ ممتمكات عمى نحك غير شرعي‪.1‬‬
‫كيرل جانب مف الفقو‪2‬في ىذا الشأف أف الركف المعنكم في‬
‫صكرة االختالس يتمثؿ في عنصر شخصي يصدر عف الجاني‪ ،‬كىذا‬
‫العنصر ىك نية التممؾ‪ ،‬ك معناه اتجاه نية الجاني إلى االستيالء عمى‬
‫الحيازة الكاممة لمشيء‪ ،‬ك االمتناع عف رد الشيء الذم يحكزه الجاني‬
‫بصفة عارضو إلى المالؾ ال يكفي لتحقؽ صكرة االختالس طالما كاف‬
‫الجاني ال ينكم تممؾ الشيء‪ ،‬فنية التممؾ ىي عنصر في صكرة‬
‫االختالس كال يمكف تصكر نتيجة في ىذا النطاؽ بدكف تكافر نية التممؾ‬
‫قصدا خاص‪ .3‬كعميو فإف االختالس ليس فعال ماديا محضا كليس نية‬
‫داخمية بحتة ‪ ،‬بؿ ىك عمؿ مركب مف فعؿ مادم كىك الظيكر عمى‬
‫‪4‬‬
‫الشيء بمظير المالؾ ‪ ،‬تسانده نية داخمية كىي نية التممؾ‬
‫كما أف المشرع لـ يشترط عنصر االستفادة مف األمكاؿ المختمسة‬
‫سكاء في جريمة االختالس مف طرؼ مكظؼ عمكمي أك داخؿ القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬كىذا ما ذىبت إليو المحكمة العميا في عديد ق ارراتيا‪ ،‬كذلؾ‬
‫تطبيؽ الممادة ‪ 119‬مف قانكف العقكبات الممغاة كالتي تـ تعكيضيا‬
‫بالمادة ‪ 29‬مف قانكف الكقاية مف الفساد كمكافحتو المجرمة لالختالس‬
‫مف قبؿ مكظؼ عمكمي‪ ،‬فقد قت بأف "مؤدل المادة ‪ 119‬مف قانكف‬

‫‪ - 1‬احسف بكسقيعة‪ ،‬نفس المرجع‪ .‬ص ‪.31‬‬


‫‪ - 2‬مراد رشدم فريد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ .‬ص ‪. 98‬‬
‫‪ - 3‬محمكدمحمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ الخاص‪.‬ط ‪ ،1964 ، 6‬ص‬
‫‪.447‬‬
‫‪ - 4‬فتكح عبد اهلل الشاذلي ‪ ،‬شرح قانكف العقكبات ‪ ،‬القسـ الخاص ‪ ،‬الكتاب األكؿ‪ :‬الجرائـ‬
‫المضرة بالمصمحة العامة ‪ .‬دار المطبكعات الجامعية ‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص ‪.236‬‬

‫‪106‬‬
‫العقكبات ال تشترط في جريمة اختالس أمكاؿ عمكمية تكفر عنصر‬
‫االستفادة مف األمكاؿ المختمسة‪ ،‬كمف ثمة فإف القضاء بما يخالؼ ىذا‬
‫المبدأ يعد إساءة في تطبيؽ القانكف‪1‬كتشدد المحكمة العميا رقابتيا بالنسبة‬
‫لعدـ إبراز الركف المعنكم لجريمة االختالس مف طرؼ قضاة المكضكع‬
‫كقد قضت في القرار الصادر بتاريخ ‪ 2001-03-27‬تحت رقـ‬
‫‪ 262693‬بأف الحكـ المطعكف فيو كالقاضي ببراءة المتيـ مف جريمة‬
‫تبديد أمكاؿ عمكمية لـ يتضمف إال الركف المادم كأغفؿ بقية عناصر‬
‫الكاقعة كالمتمثمة في‪ :‬صفة المكظؼ ‪،‬القصد الجنائي كالمتمثؿ في العمد‬
‫‪ ،‬أف تككف األمكاؿ المبددة تحت يد الفاعؿ بمقتضى كظيفتو أك بسببيا‬
‫‪،‬كىذا يشكؿ خطأ في تطبيؽ القانكف ينجر عنو النقض‬
‫الفرع الرابع ‪:‬الركن المفترض‬
‫إف جريمة االختالس سكاء في القطاع العاـ أك الخاص تقتضي‬
‫لقياميا تكفر ركف مفترض يتمثؿ في صفة الجاني عند ارتكاب الفعؿ‬
‫المجرـ‪ ،‬إال أف ىذه الصفة تختمؼ تماما عما إذا كاف االختالس في‬
‫القطاع العاـ أك الخاص‪.‬‬
‫‪ -0‬صفة الجاني في جريمة االختالس في القطاع العام‪.‬‬
‫لقد اُصطمح عمى صفة الجاني في جريمة االختالس في القطاع العاـ‬
‫كفؽ القانكف ‪ 01-06‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو بالمكظؼ‬
‫العمكمي‪ ،‬كىك نفس المصطمح الذم اعتمدتو اتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد‪ .‬ك لقد عرفتو الفقرة (ب) مف المادة ‪ 2‬مف القانكف رقـ‬

‫‪ - 1‬قرار صادر عف المحكمة العميا ‪-‬غرفة الجنح كالمخالفات‪ -‬بتاريخ ‪، 1988/02/02‬‬


‫المجمة القضائية ‪ .‬العدد الثاني ‪ ، 1991 ،‬ص ‪.200‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ 2006‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬
‫كمكافحتو المكظؼ العمكمي عمى النحك اآلتي‪:‬‬
‫"‪ -01‬كؿ شخص يشغؿ منصبا تشريعيا أك تنفيذيا أك إداريا أك قضائيا‬
‫أك في أحد المجالس الشعبية المحمية المنتخبة‪ ،‬كسكاء أكاف معينا‬
‫أك منتخبا‪ ،‬دائما أك مؤقتا‪ ،‬مدفكع األجر أك غير مدفكع األجر‪ ،‬بصرؼ‬
‫النظر عف رتبتو أك أقدميتو‪.‬‬
‫‪ -02‬كؿ شخص آخر يتكلى كلك مؤقتا‪ ،‬كظيفة أك ككالة بأجر‬
‫أك بدكف أجر‪ ،‬كيساىـ بيذه الصفة في خدمة ىيئة عمكمية أك مؤسسة‬
‫عمكمية أك أية مؤسسة أخرل تممؾ الدكلة كؿ أك بعض رأسماليا‪ ،‬أك أية‬
‫مؤسسة أخرل تقدـ خدمة عمكمية‪.‬‬
‫‪ -03‬كؿ شخص آخر معرؼ بأنو مكظؼ عمكمي أك مف في حكمو‬
‫طبقا لمتشريع ك التنظيـ المعمكؿ بيما"‪.‬‬
‫‪ -2‬صفة الجاني في القطاع الخاص‪.‬‬
‫تختمؼ صفة الجاني في جريمة االختالس في القطاع الخاص اختالفا‬
‫تاما عف نضيرتيا في القطاع العاـ حيث تنص المادة ‪ 41‬مف القانكف‬
‫‪ 01-06‬المعدؿ ك المتمـ فيما يتعمؽ بصفة الجاني في جريمة‬
‫االختالس في القطاع الخاص أف "‪...‬كؿ شخص يدير كيانا تابعا‬
‫لمقطاع الخاص أك مف يعمؿ فيو بأية صفة أثناء مزاكلة أم نشاط‬
‫اقتصادم أك مالي أك تجارم‪ "...‬ك ىذا التعريؼ مستمد مف المادة ‪22‬‬
‫مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد التي تنص‪" :‬تنظر كؿ دكلة‬
‫طرؼ في اعتماد ما قد يمزـ مف تدابير تشريعية ك تدابير أخرل لتجريـ‬
‫تع ّم د شخص يدير كيانا تابعا لمقطاع الخاص‪ ،‬أك يعمؿ فيو بأم صفة‬
‫أثناء مزاكلة نشاط اقتصادم أك مالي أك تجارم‪ ،‬اختالس أم ممتمكات‬
‫أك أمكاؿ أك أكراؽ مالية خصكصية أك أم أشياء أخرل ذات قيمة عيد‬

‫‪108‬‬
‫بيا إليو بحكـ مكقعو" ك في تعريؼ لمصطمح الكياف نصت الفقرة (ق)‬
‫مف المادة الثانية مف القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو عمى‬
‫أف‪ " :‬الكياف مجمكعة مف العناصر المادية أك غير المادية أك مف‬
‫األشخاص الطبيعييف أك االعتبارييف المنظميف بغرض بمكغ ىدؼ معيف"‪.‬‬
‫ك كفؽ ىذا التعريؼ يصمح ىذا المصطمح عمى كافة التجمعات ميما‬
‫كاف شكميا القانكني‪ ،‬شركات تجارية أك مدنية أك جمعيات أك تعاكنيات‬
‫أك نقابات أك اتحاديات‪ ،‬غير أنو باستقراء نص المادة ‪ 41‬كالتي‬
‫اشترطت أف ترتكب الجريمة أثناء مزاكلة نشاط اقتصادم أك‬
‫أك تجارم ‪،‬يتبيف أف مجاؿ تطبيؽ الجريمة محصكر في‬ ‫مالي‬
‫الكياف الذم ينشط بغرض الربح أم الشركات التجارية كبعض الشركات‬
‫المدنية كالتعاكنيات‪ .‬ك يتبيف كذلؾ مف تعريؼ الكياف عمى النحك الذم‬
‫سبؽ بيانو‪ ،‬أف المادة ‪ 41‬السالفة الذكر ال تنطبؽ عمى الشخص الذم‬
‫يرتكب جريمة االختالس بمفرده كىك ال ينتمي إلى أم كياف كال عالقة لو‬
‫بأم كياف مثؿ التاجر في المحؿ التجارم‪ ،‬كما ال ينطبؽ عمى‬
‫األشخاص الذيف ال ينتمكف إلى أم كياف كيرتكبكف جريمة اختالس‬
‫مجتمعيف‪ ،‬فمثؿ ىؤالء األشخاص يخضعكف لمقانكف العاـ كتطبؽ عمييـ‬
‫العقكبات المقررة في قانكف العقكبات كالسرقة كخيانة األمانة حسب‬
‫األحكاؿ‪ .‬كتشرط المادة ‪ 41‬مف قانكف مكافحة الفساد أف يدير الجاني‬
‫الكياف أك يعمؿ فيو بأية صفة‪ ،‬مما يجعؿ النص يطبؽ عمى كؿ مف‬
‫ينتمي إلى أم كياف ميما كانت صفتو كالكظيفة التي يشغميا‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آليات الوقاية ومكافحة جريمة االختالس في التشريع‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫لقد استحدث القانكف ‪ 01-06‬المعدؿ ك المتمـ ك القانكف رقـ‬
‫‪ 122-06‬المعدؿ ك المتمـ تعديالت جكىريةعمى قمع جريمة االختالس‬
‫‪ ،‬تمتاز بالعكدة إلى قكاعد القانكف العاـ بالنسبة إلجراءات المتابعةمع‬
‫إدراج أحكاـ خاصة بأساليب التحرم ك باإلعفاء مف العقكبات ك تخفيفيا‬
‫‪ ،‬فضال عف استحداث ىيئات كطنية تتكفؿ بالكقاية مف الفساد ك‬
‫مكافحتو‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬إجراءات المتابعة و التحري‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬أساليب التحري الخاصة‪.‬‬


‫تخضع متابعة جريمة االختالسمنفس اإلجراءات التي تحكـ‬
‫متابعة جرائـ القانكف العاـ‪ ،2‬غير أف القانكف ‪01-06‬ك التعديؿ األخير‬
‫لقانكف اإلجراءات الج ازئية بمكجب األمر ‪ 22-06‬أكرد أحكاما جديدة‬
‫مميزة بشأف أساليب التحرم الخاصة لمكشؼ عف جرائـ الفساد بكجو عاـ‪.‬‬
‫فقد أدرج القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفسادك مكافحتو ضمف مادتو ‪56‬‬
‫أحكاـ ممّي زة بخصكص أساليب التحرم ك التحقيؽ الجديدة لمكشؼ عف‬

‫‪ - 1‬القانكف‪ .22-06‬المؤرخ في ‪.2006-12-24‬ج ر‪ ،‬العدد ‪،84‬ص ‪ ،04‬يعدؿ ك يتمـ‬


‫االمر ‪ ،155-66‬المتضمف قانكف االجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ - 2‬في ظؿ التشريع السابؽ قبؿ صدكر القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو‬
‫كانت الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 119‬مف قانكف العقكبات تعمؽ تحريؾ الدعكل العمكمية عندما‬
‫يتعمؽ األمر بالمؤسسات العمكمية االقتصادية التي تممؾ الدكلة كؿ رأسماليا أك المؤسسات‬
‫ذات رأس الماؿ المختمط عمى شككل مف أجيزة المؤسسة المعنية المنصكص عمييا في‬
‫القانكف التجارم ك في القانكف المتعمؽ بتسيير رؤكس األمكاؿ التجارية لمدكلة‪ ،‬احسف‬
‫بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي الخاص‪ ،‬جرائـ الفساد ك جرائـ الماؿ ك األعماؿ ك‬
‫جرائـ التزكير‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫‪110‬‬
‫جرائـ الفساد بصفة عامة كالتي لـ تكف معركفة مف قبؿ في التشريع‬
‫الجزائي‪،1‬كما نصت المادة ‪ 56‬عمى ما يمي‪" :‬مف أجؿ تسييؿ جمع‬
‫األدلة المتعمقة بالجرائـ المنصكص عمييا في ىذا القانكف‪ ،‬يمكف المجكء‬
‫إلى التسميـ المراقب‪ la livraison surveillée‬أك إتباع أساليب تحر‬
‫‪la‬‬ ‫‪surveillance‬‬ ‫اإللكتركني‬ ‫كالترصد‬ ‫خاصة‬
‫‪électronique‬كاالختراؽ‪ ،l infiltration‬عمى النحك المناسب ك بإذف‬
‫مف السمطة القضائية المختصة‪.‬ك تككف لألدلة المتكصؿ إلييا بيذه‬
‫األساليب حجيتيا كفقا لمتشريع ك التنظيـ المعمكؿ بيما"‪.‬كعند استقراء‬
‫مضمكف ىذه المادة نجدىا تنص عمى أساليب التحرم الخاصة التي‬
‫استحدثيا قانكف الفساد ك التي تتمثؿ أصميا في أسمكب التسميـ المراقب‬
‫ك أساليب تحر خاصة كالترصد اإللكتركني كاالختراؽ‪.‬‬
‫ك لقد عمؽ المشرع المجكء إلى ىذه األساليب الخاصة عمى إذف‬
‫مف السمطة القضائية المختصة ممثمة في ككيؿ الجميكرية أك قاضي‬
‫التحقيؽ‪.2‬كما حدد قانكف اإلجراءات الجزائية عمى سبيؿ الحصر الجرائـ‬
‫التي يمكف اتخاذ ىذه األساليب بشأنيا فيما يمي‪:‬جرائـ المخدرات‬
‫الجريمة العابرة لمحدكد الكطنية‪ ،‬الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة اآللية‬
‫لممعطيات ‪،‬جريمة تبييضاألمكاؿ‪ ،‬الجرائماإلرىابية ‪،‬الجرائـ المتعمقة‬
‫بالتشريع الخاص بالصرؼ ك جرائـ الفساد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األحكام الخاصة األخرى في متابعة جريمة االختالس‪.‬‬

‫‪ -1‬حكحك رمزم‪،‬دنش لبنى‪ ،‬الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد كمكافحتو‪.‬مجمة االجتياد‬


‫القضائي‪،‬العدد الخامس‪،‬جامعة بسكرة‪،2006،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -2‬حاحة عبد العالي ك أماؿ يعيش تماـ ‪ ،‬دكر أجيزة الرقابة في مكافحة الفساد في الجزائر‬
‫بيف النظرية كالتطبيؽ ‪.‬الممتقى الكطني حكؿ اآلليات القانكنية لمكافحة الفساد ‪ ،‬جامعة كرقمة‬
‫‪ ، 2008‬ص ‪.217‬‬

‫‪111‬‬
‫إضافة إلى أساليب التحرم الخاصة فمقد نص القانكف المتعمؽ‬
‫بمكافحة الفساد عمى أحكاممميزة لمتحرم ك الكشؼ عف جرائـ الفساد‬
‫بكجو عاـ‪ ،‬تتمثؿ في التعاكف الدكلي في مجاؿ التحريات ك المتابعات‬
‫ك تجميد األمكاؿ ك حجزىا ك انقضاء الدعكل العمكمية‪.‬‬
‫‪ :0‬تجميد األموال و حجزىا‪.‬‬
‫تنص الفقرة األكلى مف المادة ‪ 51‬مف القانكف المتعمؽ بالكقاية‬
‫مف الفساد ك مكافحتو بأنو ‪ ":‬يمكف تجميد أك حجز العائدات ك األمكاؿ‬
‫غير المشركعة الناتجة عف ارتكاب جريمة أك أكثر مف الجرائـ‬
‫المنصكص عمييا في القانكف ذلؾ بقرار قضائي أك بأمر مف السمطة‬
‫‪2‬‬
‫المختصة كإجراء تحفظي"‪،1‬لكف التساؤؿ يطرح عف"السمطة المختصة"‬
‫التي أعطاىا المشرع صالحية تجميد أك حجز عائدات جرائـ الفساد‬
‫خاصة تمؾ التي أعطاىا إمكانية ذلؾ عف طريؽ القرار القضائي‪.‬ك سبب‬
‫غمكض مصطمحات ىذه المادة راجع إلى تأثرىا باتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكقاية مف الفساد كمكافحتو‪ ،‬ك معمكـ أف آليات القانكف الدكلي تظير‬
‫دائما بمصطمحات فضفاضة ك كاسعة ك غير محددة لكي تككف مرجعا‬
‫لجميع دكؿ العالـ‪ ،‬لذلؾ فيي ال تصمح بذاتيا تشريعا داخميا‪،‬ك إنما‬

‫‪ - 1‬احسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي الخاص جرائـ الفساد ك جرائـ الماؿ ك‬
‫األعماؿ ك جرائـ التزكير‪.‬ط ‪ ،7‬منقحة كمتممة في ضكء قانكف ‪ 2006-02-20‬المتعمؽ‬
‫بالفساد ‪ ،‬ج‪ ، 2‬دار ىكمة ‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -2‬إضافة إلى السمطات المختصة السابقة فمقد نصت المادة ‪ 51‬السالفة الذكر أف أحكاـ‬
‫التجميد ك الحجز يمكف أف تصدر بقرار قضائي‪ ،‬بمعنى مجرد أمر كالئي صادر عف رئيس‬
‫المحكمة المختصة‪ ،‬ك يؤكد ىذا الكالـ أف المشرع استيؿ الفقرةالثانيةمف نفس المادة بقكلو‪:‬‬
‫"ك إذا تمت اإلدانة‪ "...‬بمعنى أف الفقرة السابقة ال تتكمـ عف الجية القضائية الفاصمة في‬
‫الدعكل الجزائية ك إنما رئاسة المحكمة بماليا مف صالحيات كالئية‪ ،‬نشرة القضاة‪،‬نشرة‬
‫القضاة ‪ ،‬العدد ‪ ، 60‬الجزائر‪ ، 2006 ،‬ص‪ 130‬ك ‪.131‬‬

‫‪112‬‬
‫يستميـ منيا المشرع قكاعده في إطار مصطمحات ك أدبيات النظاـ‬
‫القانكني الخاص بو‪.‬‬
‫‪ : 2‬التعاون الدولي و استرداد الموجودات‪.‬‬
‫إف مكافحة الفساد ال يمكف أف يتـ بالفعالية الالزمة إال إذا تـ‬
‫تزكيد القضاء بسمطات خاصة تمكنو مف ردع مرتكبيو خصكصا مف‬
‫خالؿ مصادرة محؿ الجريمة ك تمكيف الطرؼ المتضرر مف استرداده‪.‬‬
‫ك لقد خص القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو‬
‫التعاكف الدكلي بباب كامؿ ىك باب الخامس بعنكاف التعاكف الدكلي‬
‫ك استرداد المكجكدات‪ ،‬نص فيو عمى سمسمة مف اإلجراءات ك التدابير‬
‫تضمنتيا المكاد مف ‪ 57‬إلى ‪ ،70‬ترمي إلى الكشؼ عف العمميات المالية‬
‫المرتبطة بالفساد كمنعيا ك استرداد العائدات المتأتية مف جرائـ الفساد‬
‫نذكر منيا‪:‬‬
‫‪ -‬إلزاـ المصارؼ كالمؤسسات المالية باتخاذ تدابير كقائية بشأف فتح‬
‫الحسابات كمسكيا ك تسجيؿ العمميات كمسؾ الكشكؼ الخاصة بيا‪.‬‬
‫‪ -‬تقديـ المعمكمات المالية‪.‬‬
‫‪ -‬اختصاص الجيات القضائية الجزائية بالفصؿ في الدعاكل المدنية‬
‫المرفكعة إلييا مف طرؼ الدكؿ األعضاء في االتفاقية الدكلية ضد الفساد‬
‫بشأف استرداد الممتمكات ك تجميد ك حجز العائدات المتأتية مف جرائـ‬
‫الفساد ك مصادرتيا‪.1‬ك تنص المادة ‪ 62‬مف القانكف ‪ 01-06‬عمى أنو‬
‫" يمكف ألم دكلة طرؼ في اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد برفع‬
‫دعاكل مدنية مف أجؿ استصدار حكـ يعترؼ بممكيتيا لألمكاؿ‬
‫المتحصمة مف إحدل جرائـ الفساد‪ ،‬كما يمكنيا أيضا المطالبة أماـ نفس‬

‫‪ -1‬احسف بكسقيعة‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬ص ‪.33‬‬

‫‪113‬‬
‫ىذه الجيات القضائية بإلزاـ األشخاص المحككـ عمييـ بسبب جرائـ‬
‫الفساد بدفع تعكيض مدني عف ما لحقيا مف أضرار"‪.1‬ك عميو فمكؿ دكلة‬
‫أجنبية أف ترفع لك ازرة العدؿ طمبات الحجز أك التجميد لمممتمكات المتأتية‬
‫مف جرائـ الفساد ك الكسائؿ المستعممة في ىذه الجرائـ‪ ،‬كما يجكز ليا‬
‫أ يضا التقدـ لدل الك ازرة بق ارراتيا القضائية القاضية بالمصادرة مبدية‬
‫رغبتيا في تنفيذىا في الجزائر ك يشترط بطبيعة الحاؿ في كؿ ذلؾ أف‬
‫تككف األمكاؿ متكاجدة بالجزائر ك أف تككف الدكلة التي تتقدـ بالطمب‬
‫طرفا في اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫‪ :3‬تقادم الدعوى العمومية‪.‬‬
‫إف مدة تقادـ الدعكل العمكمية في جريمة االختالس في القطاع‬
‫العاـ تختمؼ عنيا في جريمة االختالس في القطاع الخاص‪ ،‬فمقد تضمف‬
‫القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو حكما ممي از بخصكص‬
‫تقادـ الدعكل العمكمية في جريمة االختالس في القطاع العاـ‪ ،‬فمقد‬
‫نصت المادة ‪ 54‬منو في فقرتيا الثالثة عمى أف مدة تقادـ الدعكل‬
‫العمكمية في جريمة االختالس في القطاع العاـ مساكية لمحد األقصى‬
‫لمعقكبة المقررة ليا‪.‬ك لما كانت العقكبة القصكل المقررة لجريمة‬
‫االختالس طبقا لممادة ‪ 29‬ىي ‪ 10‬سنكات حبس‪ ،‬فعمى ىذا األساس‬
‫تككف مدة تقادـ جريمة االختالس في القطاع العاـ ىي ‪ 10‬سنكات‪ ،‬غير‬
‫أف القانكف ‪ 01-06‬لـ ينص عمى تاريخ بداية سرياف آجاؿ التقادـ‪ ،‬إال‬
‫أنو رجكعا إلى القكاعد العامة‪ ،‬فمقد نصت المادة ‪ 07‬مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية عمى أف يسرم التقادـ مف تاريخ ارتكاب الجريمة‬

‫‪ - 1‬إف الصياغة األسمـ لممادة تككف بالنص عمى قبكؿ الدعاكل المدنية التبعية‪ ،‬نشرة‬
‫القضاة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪114‬‬
‫أك مف تاريخ القياـ بآخر إجراء‪.‬أما مدة تقادـ الدعكل العمكمية في جريمة‬
‫االختالس في القطاع الخاص فمقد نصت الفقرة الثانية مف المادة ‪54‬‬
‫السالفة الذكر عمى تطبيؽ األحكاـ المنصكص عمييا في قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬ك بالرجكع إلى قانكف اإلجراءات الجزائية ك تحديدا‬
‫المادة ‪ 08‬منو تنص أف تتقادـ الدعكل العمكمية في مكاد الجنح بمركر‬
‫ثالث سنكات كاممة تسرم مف تاريخ اقتراؼ الجريمة أك مف تاريخ القياـ‬
‫بآخر إجراء‪.‬في حيف ال تتقادـ الدعكل العمكمية عمى اإلطالؽ سكاء في‬
‫جريمة االختالس في القطاع العاـ أك الخاص‪ ،‬ك حتى في كافة جرائـ‬
‫الفس اد إذا تـ تحكيؿ عائدات الجرائـ إلى الخارج طبقا لمفقرة األكلى مف‬
‫المادة ‪.54‬‬
‫ك لإلشارة إلى أنو سبؽ لممشرع عند تعديمو لقانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية بمكجب القانكف رقـ ‪ 114-04‬أف نص في المادة ‪ 08‬مكرر‬
‫المستحدثة عمى أف ال تنقضي الدعكل العمكمية بالتقادـ في الجنايات‬
‫ك الجنح المتعمقة باختالس أمكاؿ عمكمية بمعنى أف ىذه الجريمة غير‬
‫قابمة لمتقادـ‪ ،‬كبصدكر القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد كمكافحتو‬
‫ك طبقا لممادة ‪ 54‬منو تحديدا‪ ،‬لـ يعد حكـ المادة ‪ 8‬مكرر المذككرة‬
‫ينطبؽ عمى جريمة االختالس بمكجب اإللغاء الضمني لمقكاعد‬
‫القانكنية‪.2‬‬

‫‪ - 1‬القانكف ‪،14-04‬المؤرخ في‪.2004-11-10‬ج ر‪ ،‬العدد ‪،71‬ص ‪ ،04‬يعدؿ ك يتمـ‬


‫االمر ‪ ،155-66‬المتضمف قانكف االجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ - 2‬احسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي الخاص جرائـ الفساد ك جرائـ الماؿ ك‬
‫األعماؿ ك جرائـ التزكير‪.‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪115‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬ىيئات الوقاية و مكافحة الفساد‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬الييئة الوطنية لموقاية من الفساد و مكافحتو‪.‬‬
‫إف إنشاء ىذه الييئة تـ بمكجب القانكف المتعمؽ بالكقاية مف‬
‫الفساد ك مكافحتو إذ كاف حتمية ال محاؿ منيا السيما بعد مصادقة‬
‫الجزائر عمى اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬التي تضمنت‬
‫تكصيات بإنشاء ىيئة أك ىيئات داخمية لمكافحة الفساد يتـ إعطائيا‬
‫االستقاللية الالزمة ألداء مياميا‪.‬ك ىذا ما كرسو المشرع الجزائرم حيف‬
‫نصت المادة ‪ 17‬مف القانكف ‪ 01-06‬عمى أف تنشأ ىيئة كطنية مكمفة‬
‫بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو‪ .‬ك غاية المشرع مف إنشائو ليذه الييئة ىك‬
‫محاربة الفساد‪ ،‬ىذا األخير الذم يبتغي اتخاذ تدابير ىامة مف شأنيا‬
‫الكقاية مف ىذه الظاىرة نفسيا كقبؿ انتشارىا‪ .‬كما نصت المادة ‪ 18‬مف‬
‫القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو عمى أف الييئة الكطنية‬
‫لمكقاية مف الفساد ك مكافحتو ىي سمطة إدارية مستقمة تتمتع بالشخصية‬
‫المعنكية ك االستقالؿ المالي‪ ،‬لتمييا الفقرة الثانية مف نفس المادة عمى أف‬
‫تحدد تشكيمة الييئة ك تنظيميا ك كيفية سيرىا عف طريؽ التنظيـ‪ ،‬ك عمى‬
‫إثر ذلؾ صدر المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ 1413-06‬الذم ينص مادتو‬
‫الخامسة عمى أف الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد ك مكافحتو تتشكؿ مف‬
‫رئيس ك ستة أعضاء يعينكف بمكجب مرسكـ رئاسي لمدة ‪ 05‬سنكات‬
‫قابمة لمتجديد مرة كاحدة‪ .‬ك رغـ أف إنشاء الييئة كاف في سنة ‪2006‬‬
‫فإف تحديد تشكيمتيا لـ يتـ إال بعد ‪ 4‬سنكات مف إنشائيا كىذا بمكجب‬
‫مرسكـ رئاسي مؤرخ في ‪ ، 2010-11-07‬أيف تـ تنصيب أعضائيا‬

‫‪ - 1‬مرسكـ رئاسي رقـ ‪ 413-06‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬نكفمبر الذم يحدد تشكيمة الييئة‬
‫الكطنية لمكقاية مف الفساد ك مكافحتو ك تنظيميا ك كيفيات سيرىا ‪ .‬جر‪ ،‬العدد ‪، 74‬‬
‫المؤرخة في ‪ 22‬نكفمبر سنة ‪. 2006‬‬

‫‪116‬‬
‫فعميا ك تأديتيـ لميميف القانكنية بتاريخ ‪ 2011-01-04‬بمقر مجمس‬
‫قضاء الجزائر العاصمة‪ .‬ك تتمثؿ المياـ الرئيسية لمييئة فيما يمي‪:‬‬
‫‪ - 1‬اقتراح سياسة شاممة لمكقاية مف الفساد تجسد مبادئ دكلة القانكف‪.‬‬
‫‪ - 2‬تمقي التصريحات بالممتمكات الخاصة بالمكظفيف العمكمييف بصفة‬
‫دكرية‪.‬‬
‫‪ - 3‬االستعانة بالنيابة العامة لجمع األدلة ك التحرم في كقائع ذات‬
‫عالقة بالفساد‪.‬‬
‫ك لقد نصت المادة ‪ 21‬مف القانكف ‪ 01-06‬أنو يمكف لمييئة في‬
‫سبيؿ أداء مياميا أف تطمب مف اإلدارات ك المؤسسات ك الييئات التابعة‬
‫لمقطاع العاـ أك الخاص أك مف كؿ شخص طبيعي أك معنكم آخر أية‬
‫كثائؽ أك معمكمات تراىا مفيدة في الكشؼ عف أفعاؿ الفساد ك أف كؿ‬
‫رفض متعمد كغير مبرر لتزكيد ال ييئة بالمعمكمات أك الكثائؽ يشكؿ‬
‫جريمة إعاقة السير الحسف لقطاع العدالة‪.1‬‬
‫ك إذا كاف تزكيد الييئة بسمطات البحث كالتحرم في جرائـ الفساد‬
‫يعد خطكة إيجابية‪ ،‬إال أف صالحية البحث ك التحرم تتعارض ك الطابع‬
‫اإلدارم لمييئة طبقا لممادة ‪ 18‬مف القانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬
‫ك مكافحتو خاصة ك أنو لـ يتـ تزكيدىا بصالحيات الضبط‬
‫القضائي‪ .‬كما أف الشيء المالحظ عمى اختصاصات الييئة أف أغمبيا‬
‫ذات طابع استشارم ‪ ،‬فرغـ تسميتيا بالييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد‬
‫كمكافحتو إال أف دكرىا يتعمؽ أساسا بالكقاية كليس بالمكافحة كال سيما‬
‫كأف المادة ‪ 22‬مف القانكف رقـ ‪ 01-06‬تنص عمى أنو يتعيف عمى‬

‫‪ - 1‬ك ىي الجريمة المنصكص عمييا في المادة ‪ 44‬مف قانكف المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬
‫ك مكافحتو‪ .‬ك يعاقب عمييا بالحبس مف ستة (‪ )6‬أشير إلى خمس (‪ )5‬سنكات ك بغرامة‬
‫مف ‪50.000‬دج إلى ‪500.000‬دج‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫تحكؿ الممؼ إلى‬
‫الييئة عندما تتكصؿ إلى كقائع ذات كصؼ جزائي أف ّ‬
‫كزير العدؿ حافظ األختاـ كالذم بدكره يخطر النائب العاـ المختص‬
‫لتحريؾ الدعكل العمكمية عند االقتضاء ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الديوان المركزي لقمع الفساد‪.‬‬
‫إف المشرع الجزائرم لـ يكتؼ بالييئةالكطنية لمكقاية مف الفساد‬
‫ك مكافحتو ‪،‬إذ قاـ بإنشاء الديكاف المركزم لقمع الفساد بمكجب األمر‬
‫‪ ، 05-10‬ثـ نص عمى تحديد تشكيمتو كتنظيمو ككيفيات سيره بمكجب‬
‫المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ ،2426-11‬إذ نصت المادة ‪ 2‬مف ىذا المرسكـ‬
‫عمى أف "الديكاف مصمحة مركزية عممياتية لمشرطة القضائية تكمؼ‬
‫بالبحث عف الجرائـ كمعاينتيا في إطار مكافحة الفساد"‪ .‬ك أشارت المادة‬
‫‪ 3‬مف المرسكـ إلى أنو "يكضع الديكاف لدل الكزير المكمؼ بالمالية‬
‫ك يتمتع باالستقالؿ في عممو كتسييره"‪ ،‬ك تتمثؿ المياـ الرئيسية لمديكاف‬
‫حسب المادة ‪ 5‬مف المرسكـ فيما يمي‪:‬‬
‫* جمع كؿ معمكمة تسمح بالكشؼ عف أفعاؿ الفساد كمكافحتيا كمركز‬
‫ذلؾ كاستغاللو‪.‬‬
‫* جمع األدلة كالقياـ بتحقيقات في كقائع الفساد كاحالة مرتكبييا لممثكؿ‬
‫أماـ الجية القضائية المختصة‪.‬كيتكفؿ الديكاف بتعزيز التنسيؽ بيف‬

‫‪ -1‬حاحة عبد العالي ك أماؿ يعيش تماـ ‪ ،‬دكر أجيزة الرقابة في مكافحة الفساد في الجزائر‬
‫بيف النظرية كالتطبيؽ ‪ .‬الممتقى الكطني جكؿ اآلليات القانكنية لمكافحة الفساد ‪ ،‬جامعة‬
‫كرقمة ‪ ، 2008‬ص ‪. 214‬‬
‫‪ - 2‬المرسكـ الرئاسي رقـ ‪. 426-11‬المؤرخ في ‪ .2011- 12-08‬ج ر‪ ،‬العدد ‪، 68‬‬
‫مؤرخة في ‪. 2011-12-14‬‬

‫‪118‬‬
‫مختمؼ مصالح الشرطة القضائية في مجاؿ مكافحة الفساد كيشمؿ‬
‫اختصاصو كؿ التراب الكطني كىك ممحؽ إداريا بك ازرة المالية‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫تكصمنا مف خالؿ ىذه الدراسة إلى أف جريمة االختالس قد‬
‫خصيا بأحكاـ مميزة‬
‫ّ‬ ‫حظيت باىتماـ بالغ مف المشرع الجزائرم الذم‬
‫ضمف قانكف مكافحة الفساد ‪ ، 60-63‬ك مكاكبة منو لمستجدات االحداث‬
‫ك تطكرات المجتمع عمد المشرع إلى تعديمو ك تتمتو باألمر ‪60-06‬‬
‫و القانون ‪ 00-00‬ىذيف االخيريف الذم جاءا لسد الثغرات ك تدارؾ‬
‫النقائص المكجكدة في ظؿ التشريع السابؽ ‪.‬لكف في الكقت الذم يمكف‬
‫فيو تثميف ما جاء بو المشرع الجزائرم مف إصالحات فإف ذلؾ ال يمنعنا‬
‫مف تسجيؿ بعض المالحظات ‪:‬‬
‫‪-‬فمف حيث النص عمى جريمة االختالس ضمف قانكف خاص ‪،‬مف‬
‫خالؿ دراسة اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد فإنيا لـ تفرض عمينا‬
‫بعد المصادقة عمى االتفاقية سف قانكف خاص ‪ ،‬ك إنما االلتزاـ الكحيد‬
‫يتمثؿ في مراجعة تشريعنا حتى يتالءـ مع االتفاقية ‪ ،1‬إذ كاف يكفي‬
‫تعديؿ بعض أحكاـ قانكف العقكبات كقانكف اإلجراءات الجزائية ك إضافة‬
‫مكاد عند االقتضاء ‪ ،‬كىذا ىك المنيج الذم اتبعتو معظـ البمداف التي‬
‫صادقت عمى االتفاقية مثؿ فرنسا‪ ،‬مصر‪ ،‬سكيس ار ‪ ،‬أما البمداف التي‬
‫نصت عمى جريمة االختالس ضمف تشريعات خاصة بمكافحة الفساد‬
‫فنجد ‪ :‬الجزائر‪ ،‬اليمف ‪ ،‬األردف ‪ ،‬مكريطانيا ك المغرب ‪.‬‬
‫‪-‬مف حيث تجنيح جريمة االختالس ك إف كاف لو ما يبرره ‪،‬فإف نزع‬
‫كصؼ الجناية عف جريمة االختالس لـ يحصؿ في الكقت المناسب‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 1/65‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد عمى مايمي ‪" :‬‬
‫تتخذ كؿ دكلة طرؼ ‪ ،‬كفقا لممبادئ األساسية لقانكنيا الداخمي ‪ ،‬ما يمزـ مف تدابير ‪،‬‬
‫بما فييا التدابير التشريعية كاإلدارية ‪ ،‬لضماف تنفيذ التزاماتيا بمقتضى ىذه االتفاقية"‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫خاصة ك أف السنكات األخيرة عرفت أكبر الفضائح المالية ك ما ترتب‬
‫عنيا مف خسائر ىائمة ‪.‬‬
‫‪ -‬بخصوص الصياغة ‪ :‬لقد نصت المادة ‪ 92‬مف قانكف الكقاية مف‬
‫الفساد ك مكافحتو في نسختيا العربية عمى معاقبة ( كؿ مكظؼ عمكمي‬
‫يختمس أك يتمؼ أك يبدد أك يحتجز عمدا ك بدكف كجو حؽ أك يستعمؿ‬
‫عمى نحك غير شرعي ‪ ) ...‬في حيف جاء النص الفرنسي مبتك ار مف‬
‫عبارة " أك يستعمؿ عمى نحك غير شرعي "‪.‬‬
‫‪ -‬كما أف لشيء الممفت لالنتباه ىك أف المشرع الجزائرم استعمؿ‬
‫مصطمحات غير مكرسة في التشريع الجزائرم فقد كظّؼ في المادة‬
‫‪69‬مف القانكف ‪ 01-06‬المعدؿ ك المتمـ في صياغتو بالمغة الفرنسية‬
‫مصطمح ( ‪) Agent public‬ك الذم يعني عكف عمكمي في حيف أف‬
‫المصط ػم ػػح المعػتػمػد في الم ػن ػظػػكمة القػػانػػكنية الجػ ازئػيػة لمتع ػب ػيػر عف‬
‫المكظ ػػؼ الػعػمػػكمي ىك ( ‪.) Fonctionnaire public‬‬
‫ك في األخير فإنو ال يمكننا التطرؽ إلى أساليب التحرم الخاصة‬
‫دكف اإلشارة إلى التناقضات الحادة التي برزت منذ القدـ بيف حؽ األفراد‬
‫في الحياة الخاصة‪ ،‬كمكجبات اطالع الدكلة عمى شؤكف األفراد‪ ،‬فإف‬
‫كاجب الدكلة في مكافحة الجريمة كالكقاية منيا يحتـ عمييا التجسس‬
‫أحيانا عمى خصكصيات االفراد مف خالؿ إباحة التصنت كاعطاء‬
‫الضبطية القضائية ك النيابة العامةحقا اعتراض المكالمات الياتفية‬
‫كتسجيميا‪ ،‬كىنا نككف أماـ حؽ ينمتنا قضيف أكليما ىك حؽ الدكلة في‬
‫حماية أمنيا كأمف المجتمع‪ ،‬كثانييما ىك حماية خصكصيات األفراد‪.‬‬
‫كىنا يثار التساؤؿ بإلحاح عف مدل شرعية نظاـ التصنت عمى‬
‫المكالمات كاعتراضيا كتسجيميا‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫فاستخداـ كسائؿ التحرم الحديثة في مجاؿ الكشؼ عف الجرائـ‬
‫كضبط مرتكبييا قد أثار جدؿ كبي ار حكؿ مدل مشركعية المجكء إلييا‬
‫بسبب جممة مف االعتبارات الفنية ك األخالقية فضالعف االعتبارات‬
‫القانكنية‪.‬‬
‫فمف الناحية الفنية فيذه الكسائؿ ليست مضمكنة‪ ،‬ألنيا ال تعكس‬
‫دائما ما جرل في الحقيقة نظ ار ألنو يمكف تغيير كتحريؼ أك حذؼ‬
‫أك نقممات معمى شريط التسجيؿ عف طريؽ ما يسمى بالتركيب‬
‫أك المكنتاج‪ ،‬سكاء مف حيث الصكت أك الصكرة‪،‬مع إمكانية التقميد‬
‫أك التشابو في األصكات‪،‬بما يجعميا دليال ناقصا كمشكككا فيو‪ ،‬كمعمكـ‬
‫أف الشؾ ىنا يفسر لمصمحة المتيـ ال ضده ‪ ،‬كما أنو مف الناحية‬
‫األخالقية فإف استخداـ ىذه الكسائؿ يتعارض مع مبادئ الحرية التي‬
‫كفميا الدستكر مف زاكية ‪ ،‬ك مف زاكية أخرل يتعارض مع قكاعداألخالؽ‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬بالمغة العربية‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ ا حسف بكسقيعةالكجيز في القانكف الجزائي الخاص جرائـ الفساد –‬
‫جرائـ المالكاالعماؿ – جرائـ التزكير‪ .‬ط ‪،7‬منقحة كمتممة في ضكء‬
‫قانكف ‪ 2006-02-20‬المتعمؽ بالفساد ‪،‬ج‪، 2‬دار ىكمة‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪ . 2‬ا سامة حسيف عبيد ‪ ،‬دركس في الجرائـ المضرة بالمصمحة العامة ‪،‬‬
‫ط ‪ ، 1‬دارالنيظة العربية ‪.2006 ،‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد العزيز السيد الجكىرم‪ ،‬محاضرات في األمكاؿ العامة‪-‬دراسة‬
‫مقارنة‪، -‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1983 ،‬‬
‫‪ . 4‬عبد العزيز سعد ‪ ،‬جرائـ االعتداء عمى األمكاؿ العامة كالخاصة ‪.‬‬
‫دار ىكمة ‪ ،‬سنة ‪. 2005‬‬
‫‪. 5‬محمد زكي أبك عامر ‪ ،‬قانكف العقكبات (القسـ الخاص) ‪ .‬الدار‬
‫الجامعية ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬طبعة ‪. 1994‬‬
‫‪ 6‬ػ فايزة ميمكني ‪ ،‬خميفة مكراد ‪ ،‬السياسة الجنائية لممشرع الجزائرم في‬
‫مكاجية ظاىرة الفساد ‪ .‬مجمة االجتياد القضائي ‪ ،‬العدد الخامس ‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪.‬‬
‫‪ 7‬ػ حاحة عبد العالي ك أماؿ يعيش تماـ ‪ ،‬دكر أجيزة الرقابة في‬
‫مكافحة الفساد في الجزائر بيف النظرية كالتطبيؽ‪ .‬الممتقى الكطني جكؿ‬
‫اآلليات القانكنية لمكافحة الفساد ‪ ،‬جامعة كرقمة ‪.2008‬‬
‫‪ 8‬ػ حكحك رمزم ‪ ،‬دنشمبنى ‪ ،‬الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد‬
‫كمكافحتو‪ .‬مجمة االجتياد القضائي ‪ ،‬العدد الخامس ‪ ،‬جامعة بسكرة ‪،‬‬
‫‪.2006‬‬

‫‪123‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بالـمـغــة الـفـرنـسـيـة‪.‬‬
‫‪1-Gossenswin ,‬‬ ‫‪Réglementations nationales et‬‬
‫‪internationales de la‬‬
‫‪corruption: conséquences pratiques pour les entreprises‬‬
‫‪et programmes de mise en conformité ,revue de droits‬‬
‫‪des affaires internationales, N°1, forum, européen de la‬‬
‫‪communication , Paris, France, 1999.‬‬
‫‪2- Veron Michel, Droit pénal des affaires, 6 éme‬‬
‫‪édition, Dalloz, Paris, France, 2005.‬‬
‫‪-‬االتفاقيات الدولية و النصوص التشريعية‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ اتفاقيةاألمـ المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬المعتمدة مف قبؿ الجمعية‬
‫العامة لألمـ المتحدة بنيكيكرؾ في ‪ 31‬أكتكبر ‪.2003‬‬
‫‪ 2‬ػاألمر رقـ ‪ 66‬ػ ػ ‪ 155‬الػمؤرخ في ‪ 08‬جكاف ‪.1966‬‬
‫المتضػمف قانػكف اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 49‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬جكاف ‪.1966‬‬
‫‪ 3‬ػالقانكف ‪ ، 01-06‬مؤرخ في ‪ ، 2006-02-20‬يتعمؽ بالكقاية مف‬
‫الفساد كمكافحتو ج‪.‬ر‪ ،‬العدد ‪ ، 14‬مؤرخة في ‪. 2006 -03-08‬‬
‫‪ 4‬ػ المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ 128/04‬المؤرخ في ‪2004-04-19‬‬
‫‪.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 26‬مؤرخ في ‪. 2004/04/25‬‬
‫‪ 5‬ػ المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ 413/06‬بتاريخ ‪ 22‬نكفمبر ‪ ، 2006‬يحدد‬
‫تشكيمة الييئة الكطنية لمكقاية مف الفساد ك مكافحتو ك تنظيميا ك كيفيات‬
‫سيرىا ‪ .‬ج‪.‬ر العدد ‪ ، 74‬المؤرخة في ‪ 22‬نكفمبر سنة‪2006‬‬
‫المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ 426-11‬المؤرخ في ‪،2011-12-08‬‬ ‫‪ 6‬ػ‬
‫يحدد تشكيمة الديكاف الكطني لقمع الفساد كتنظيمو ككيفيات سيره ‪ .‬ج ر‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 68‬مؤرخة في ‪. 2011-12-14‬‬

‫‪124‬‬

You might also like