You are on page 1of 32

‫جامعة طنطا‬

‫كلية الحقوق‬

‫البحث تحت عنوان‬

‫القانون الدولي اإلنساني وحماية الصحفيين أثناء‬


‫النزاعات المسلحــــة‬

‫المؤتمر العلمي الرابع‬


‫القانون واإلعالم‬
‫الفترة من ‪ 32 – 32‬إبريل ‪3102‬‬

‫إعداد‬
‫الدكتور ‪ /‬سعيد عبد الملك غنيم‬

‫‪-0-‬‬
‫المقدمة‬
‫أقر القانكف الدكلي اإلنساني الحماية الدكلية لألشخاص في زمف النزاعات المسمحة داخمية كانت أـ‬
‫دكلية(‪ ،)1‬فإف بعض الفئات مف األشخاص ليا حماية خاصة قد تضمنتيا التشريعات الدكلية كالكطنية‬
‫كالجرحى كالمرضي‪ ،‬فيذه الفئات كانت مكضكع اىتماـ مف قبؿ ىذه التشريعات كما حظيت بحماية‬
‫كاحتراـ خاصيف‪.‬‬
‫كيبقي الصحفييف بحاجة إلي مثؿ تمؾ الحماية القانكنية الدكلية كالكطنية‪ ،‬نظ انر لما يتعرضكف لو مف‬
‫انتياكات كمخاطر كبيرة‪ ،‬نتيجة لمعمميات الحربية في إطار تغطيتيـ لمنزاعات المسمحة‪ ،‬فربما كقعكا‬
‫ضحايا العمميات العدائية الجارية عمي أرض المعارؾ‪.‬‬

‫كالدكر الذم يمعبو الصحفي أثناء النزاع المسمح مف تغطية لألحداث الجارية يعد أحد أىـ األسباب‬
‫التي تدفع األطراؼ المتحاربة إلي محاكلة السيطرة عمي ما يتـ تقديمو مف أنباء عف انتياكات القانكف‬
‫الدكلي اإلنساني ‪ ،‬كانطقاقا مف ىذه الخمفية فقد حظي الصحفيكف إلي حد ما بالحماية في ظؿ القانكف‬
‫الدكلي اإلنساني ‪ ،‬حيث نص ىذا األخير عمي أف الصحفييف المدنييف الذيف يؤدكف ميماتيـ في النزاعات‬
‫المسمحة يجب احتراميـ كحماتييـ مف كؿ أشكاؿ اليجكـ المتعمد‪ ،‬كما يؤمف القانكف الدكلي اإلنساني‬
‫لمصحفييف المدنييف الحماية نفسيا المكفكلة لممدنييف طالما أنيـ ال يشارككف مباشرة في األعماؿ العدائية‪،‬‬
‫كمف ذلؾ يمكف اإلشارة إلي البركتكككؿ اإلضافي األكؿ التفاقيات جنيؼ األربعة‪ ،‬لعاـ ‪1949‬ـ في المادة‬
‫‪ 79‬منو كالتي تنص عمي الصحفيكف الذيف يباشركف ميمات مينية خطرة في مناطؽ النزاعات المسمحة‪،‬‬
‫أشخاص مدنييف (‪ )00‬المادة ‪ / 79‬ؼ ‪ .1‬كيجب حماتييـ بيذه الصفة بمقتضي أحكاـ االتفاقيات كىذا‬
‫البركتكككؿ شريطة أال يقكـ بأم عمؿ مسئ إلي كضعيـ كأشخاص مدنييف (‪ )000‬المادة ‪ / 79‬ؼ‪2‬‬
‫‪.‬ك(‪)2‬سكؼ نتناكؿ ذلؾ مف خقاؿ مبحثيف ‪:‬‬
‫المبحث األكؿ ‪ :‬التطكر التاريخي لمفيكـ حماية الصحفييف القانكف الدكلي اإلنساني‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬آليات القانكف الدكلي اإلنساني في حماية الصحفييف أثناء النزاعات المسمحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬األستػاذ الدكتػكر‪ ،‬مصطفػى أحمػد فؤاد‪ ،‬اإلطار العاـ لمقانكف الدكلي اإلنساني‪ ،2011 ،‬ص ‪ .94‬د‪.‬محمكد شريؼ‬
‫بسيكني ‪،‬اإلطار العرفي لمقانكف اإلنساني الدكلي‪،‬التدخقات كالثغرات كالغمكض‪،‬القانكف الدكلي اإلنساني المجنة الدكلية‬
‫لمصميب األحمر –‪ 1999‬ص ‪83 -‬‬
‫(‪ )2‬انظر أيضا في ىذا الشأف المادة ‪ 79‬مف البرتكككؿ األكؿ لعاـ ‪. 1977‬‬
‫التباع الصديؽ ‪ ،‬مقاؿ بعنكاف الحماية الدكلية لمصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ في ظؿ النزاعات المسمحة ‪ ،‬جريدة الصحراء‬
‫االلكتركنية ‪ ،‬يكـ ‪ ، 2013/10/7‬عمي المكقع ‪:‬‬
‫‪WWW.maghress.com/wadnon/10012.12/04/2015.‬‬
‫‪-1-‬‬
‫المبحث األول‬

‫التطور التاريخي لمفهوم حماية الصحفيين في القانون الدولي اإلنساني‬

‫لقد كشفت أحداث الحرب األمريكية عمي العراؽ سنة ‪ ،2003‬مرك ار بالعديد مف الحركب كصكال لما‬
‫يقع في الكطف العربي مف األحداث رغـ اختقاؼ مع ما يقع في العديد مف ىذه الدكؿ مف أحداث تركت‬
‫الكثير مف المآسي التي لحقت بالصحفييف فسقط المئات منيـ بيف قتيؿ كجريح ‪ ،‬كتـ اعتقاؿ العديد منيـ‬
‫كذلؾ تعمدا مف األطراؼ المتضاربة استيداؼ ىذه الفئة‪ ،‬كعميو ينبغي الكقكؼ عمي ما جاء في أحكاـ‬
‫القانكف الدكلي اإلنساني كما تضمنو مف قكاعد خاصة بحماية الصحفييف (‪ ،)1‬لكف قبؿ ذلؾ كجب تبياف‬
‫ماىية القانكف الدكلي اإلنساني ثـ تحديد الحماية الدكلية لمصحفييف ‪ .‬كسكؼ نتناكؿ ذلؾ مف خقاؿ ثقاثة‬
‫مطالب‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬ماهية القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬مدلول الحماية الدولية لمصحفييـن‪.‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬القانون الدولي اإلنساني ووسائل اإلعالم في مناطق النزاع المسمح‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫ماهية القانون الدولي اإلنساني‬

‫يطمؽ اسـ القانكف الدكلي اإلنساني عمي ذلؾ القطاع الكبير مف القانكف الدكلي العاـ الذم يستكحي‬
‫الشعكر كيركز عمي حماية الفرد‪.‬كمع تزايد الحركب الدكلية كالداخمية ‪ ،‬كبركز العيد مف األقاليـ االنفصالية‬
‫التي تحاكؿ االنفصاؿ عف الكطف األـ بإعقاف التمرد كحمؿ السقاح كما ىك الحاؿ في دكؿ حكؿ العالـ‬
‫كحكؿ اإلتحاد السكفيتي سابقا كالحركب الدائرة في العراؽ كسكريا كاليمف كليبيا كلبناف‪ ،‬كفمسطيف كغير‬
‫ذلؾ مف نزاعات تؤكد الحاجة الماسة لمقانكف الدكلي اإلنساني كاحتراـ اتفاقيات جنيؼ(‪ ،)2‬كعميو قسمنا ىذا‬
‫المطمب إلي الفركع التالية‪:‬‬

‫‪(1) Reporter without Borders , Middle East north Africa ( Annual report ) 2007 , p. 1-3 .‬‬
‫‪ Reporters sans forntieres, Billan 2003, p.8.‬على مىقع المنظمة ‪<http:www.rsf.org>.‬‬
‫(‪ )2‬راجع ‪ :‬د‪ .‬مفيد شياب دراسات في القانكف الدكلي اإلنساني دا ار لمستقبؿ العربي القاىرة ‪ ،‬ط ‪ 2000 ، 1‬ـ‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫محمد فياد الشقالده القانكف الدكلي اإلنساني منشاة المعارؼ اإلسكندرية ‪ 2005‬ـ ص – ‪. 80‬‬
‫‪-2-‬‬
‫الفرع األول‬

‫تعريف القانون الدولي اإلنساني‬

‫يعرؼ القانكف الدكلي اإلنساني عمي أنو القسـ الضخـ مف القانكف الدكلي العاـ ‪ ،‬الذم يستكحي‬
‫الشعكر اإلنساني كيركز عمي حماية الفرد في حالة الحركب (‪.)1‬‬

‫كيذىب البعض في تعريؼ القانكف الدكلي اإلنساني إلي أنو ‪" :‬مجمكعة قكاعد القانكف الدكلي التي‬
‫تستيدؼ في حاالت النزاع المسمح حماية األشخاص أك اإلنساف المصاب مف جراء ىذا النزاع كفي إطار‬
‫كاسع حماية األعياف التي ليا عقاقة مباشرة بالعمميات العدائية (‪.)2‬‬

‫كنخمص إلي تعريؼ يرم أف القانكف الدكلي اإلنساني أك كما يسمي أحيانا بقانكف النزاعات المسمحة‬
‫ييدؼ إلي التخفيؼ مف كيقات الحركب عف طريؽ حماية المقاتميف الذيف أصبحكا عاجزيف عف مكاصمة‬
‫القتاؿ‪( ،‬كالجرحى كالمرضي‪ ،‬اسرم الحرب)‪ ،‬كاألشخاص الذيف ال يشارككف أصقا في القتاؿ‪ ،‬فضقا عف‬
‫حماية األعياف المدنية كالممتمكات الثقافية‪ ،‬كما يحصر ىذا القانكف أك يقيد استخداـ بعض األسمحة‪ ،‬كيمزـ‬
‫القادة العسكرييف بالتقيد ببعض القكاعد المتصمة بأساليب القتاؿ‪ ،‬كيحكـ العقاقات بيف الدكؿ المتحاربة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫خصائص القانون الدولي اإلنساني‬

‫هناك بعض الخصائص التي يتسم بها القانون الدولي اإلنساني والمتمثمة في ‪:‬‬

‫‪ -‬أف قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني ال تخضع لمبدأ المعاممة بالمثؿ‪.‬‬


‫‪ -‬أف القانكف الدكلي اإلنساني يعتبر أحد فركع القانكف الدكلي العاـ‪ ،‬كيستمد مصدره مف العرؼ‬
‫الدكلي كالمعاىدات الدكلية‪ ،‬كما أنو يفسر بالكسائؿ التي يفسر بيا القانكف الدكلي العاـ‪.‬‬
‫‪ -‬أف التطكر الذم يشيده القانكف الدكلي اإلنساني في الكقت الحاضر‪ ،‬أخذ مجاالت متعددة‪ ،‬منيا‬
‫عقد االتفاقيات الدكلية الخاصة بمنع الحركب بيف الدكؿ أك الخفيؼ مف كيقاتيا عف طريؽ عقد‬
‫االتفاقيات المتعمقة بمنع استخداـ األسمحة النككية كالكيماكية كالجرثكمية كاألسمحة األخرل غير‬

‫(‪ )1‬صقاح الديف حسيف معركؼ المجمة السكدانية لمقانكف الدكلي مجمة نصؼ سنكية الجمعية السكدانية لمقانكف الدكلي كالتنمية العدد‬
‫األكؿ السنة األكلي يناير‪ 2010 ،‬ـ ص‪.12 ،‬‬
‫د ‪ /‬عامر الزمالي مدخؿ إلى القانكف اإلنساني منشكرات المعيد العربي لحقكؽ اإلنساف كالمجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬تكنس –‬
‫‪ 1997‬ـ ص‪. 7 ،‬‬
‫(‪ )2‬مساعي المجنة الدكلية لمصميب األحمر في حالة انتياؾ القانكف الدكلي اإلنساني المنشكر بالمجمة الدكلية لمصميب ‪-‬األحمر‪،‬العدد‬
‫‪ 1981 ، 728‬ـ‪،‬ص ‪. 79‬‬

‫‪-3-‬‬
‫التقميدية ذات التدمير الشامؿ أك التي تسبب آالما ال مبرر ليا كغيرىا مف األسمحة التي تيدد‬
‫اإلنسانية قبؿ حدكث منازعات عسكرية (‪.)1‬‬
‫‪ -‬أف قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني تشمؿ باإلضافة إلي القكاعد المكتكبة ‪ ،‬القكاعد العرفية كالتي‬
‫سكؼ يتـ تقنينيا في مرحمة ما ‪ ،‬ذلؾ أف القانكف الدكلي اإلنساني ما ىك إال تأكيد جديد لقكاعد‬
‫عرفية قديمة تـ تطكيرىا كتكسيع نطاقيا عند تدكينيا(‪.)2‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫أهداف القانون الدولي اإلنساني‬

‫الهدف األساسي لمقانون الدولي اإلنساني ينصرف إلي ‪:‬‬

‫‪ -‬حماية األشخاص كاألعياف كالممتمكات الثقافية كالدينية كالبيئية حاؿ المنازعات المسمحة‪.‬‬
‫‪ -‬تزكيد كافة األفراد بالحد األدنى مف الضمانات الدائمة لمحماية حتى مف سمطاف بقادىـ كالشؾ أف‬
‫ىذا التطكر سكؼ يستمر ألنو يستجيب عمي أكمؿ كجو لمحاجات االجتماعية كالطبيعية‬
‫كاإلنسانية‪ ،‬لكف ذلؾ لف يتـ إال إذا كاف ىناؾ محاكـ تثكر أماميا منازعات بخصكص مخالفات‬
‫كانتياكات لقكاعد القانكف الدكلي ككجكد ىيئة عميا تضمف تنفيذ األحكاـ التي تصدر عف ىذه‬
‫المحاكـ (‪.)3‬‬
‫‪ -‬تقييد مف ألطراؼ المتنازعة في اختيار أساليب ككسائؿ القتاؿ‪.‬‬

‫باإلضافة إلي أنو يحمي اإلنساف ذاتو كممتمكاتو ‪ ،‬فيك بمثابة القكاعد القانكنية الكقائية التي تحكؿ‬
‫دكف كقكع الفعؿ ‪ ،‬كليس بعد كقكعو فقط‪ ،‬أك عندما يصبح الفرد ضحية النزاع العسكرم المسمح ‪.‬‬

‫(‪ )1‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ ،‬حماية الصحفييف أثناء النزاعات المسمحة ‪ ،‬دار ظيراف لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬الطبعة األكلي ‪ ،‬األردف ‪2010 ،‬‬
‫ص ‪. 45‬‬
‫(‪ )2‬د‪ /‬عصاـ عبد الفتاح مطر‪ ،‬القانكف الدكلي اإلنساني (مصادره ‪ ،‬مبادئو ‪ ،‬أىـ قكاعده) ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‬
‫كالتكزيع‪،‬اإلسكندرية ‪ :‬مصر ‪ ، 2008 ،‬ص ص ‪24 ، 23‬‬
‫(‪ )3‬د ‪ /‬عصاـ عبد الفتاح مطر ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪. 26‬‬

‫‪-4-‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫مدلول الحماية الدولية للصحفييـن‬

‫إف مسألة حماية الصحفييف أثناء النزاعات المسمحة في ظؿ القانكف الدكلي اإلنساني تستكجب‬
‫الكقكؼ عمي مفيكـ الصحفي في ىذا القانكف‪ ،‬ككذا مراحؿ تطكر الحماية الدكلية لمصحفييف كتحديد‬
‫الفئات المشمكلة بيذه الحماية‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫مفهوم الصحفي في القانون الدولي اإلنساني‬

‫لـ تتطرؽ االتفاقيات الدكلية التي تعرضت لحماية الصحفي إلي تعريؼ الصحفي‪ ،‬كلـ تعرؼ‬
‫المكائح الخاصة بقكانيف كأعراؼ الحرب‪ ،‬الممحقة باتفاقيتي الىام لعاـ ‪ 1899‬ك ‪ 1907‬مف ىـ مراسمي‬
‫الصحؼ الذيف يرافقكف القكات المسمحة المنصكص عمييـ في المادة ‪ ، 13‬ك نص المادة ‪ 1‬مف اتفاقية‬
‫جنيؼ لعاـ ‪ 1929‬عمي المراسؿ الصحفي‪ ،‬دكف أف تعطي أم تعريؼ لو ‪ ،‬كما نصت اتفاقية جنيؼ‬
‫الثالثة في المادة ‪ 4‬عمي المراسميف الحربييف الذيف يرافقكف القكات المسمحة ‪ ،‬دكف أف يككنكا جزءا منيا ‪،‬‬
‫كلـ يرد في المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ اإلضافي األكؿ بياف مفيكـ الصحفي (‪.)1‬‬

‫والصعوبة هنا تتمثل في ‪:‬‬

‫ىؿ المقصكد بيـ المراسمكف الذيف يكتبكف في الصحؼ أـ أف المعني يتسع لكؿ اإلعقامييف‬
‫المنتميف منيـ لمصحافة المكتكبة أك اإلذاعة المسمكعة‪ ،‬أك المرئية‪ ،‬ثـ في ما تكمف مياـ ىذه الفئة أثناء‬
‫النزاعات المسمحة عمي كجو التحديد كىذا ما سكؼ نتناكلو الحقا‪.‬‬

‫(‪ )1‬جميؿ حسيف الضامف‪ ،‬المسئكلية الدكلية عف انتياؾ حماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ أثناء النزعات المسمحة في ضكء القانكف‬
‫الدكلي ‪ ،‬دار الكنب القانكنية مصر ‪ ، 2012 ،‬ص ‪. 15 - 12‬‬

‫‪-5-‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫الصحفيون الملحقون بالقوات المسلحة‬

‫كيقصد بيـ الصحفيكف الذيف ينتقمكف مع الفرؽ العسكرية في كقت الحرب كىي ظاىرة ليست‬
‫بالجديدة‪ ،‬فيكالء الصحفييف تـ تضمينيـ في الكحدات العسكرية كقكبمكا بكثيقة االنخراط التي تمزميـ بأف‬
‫يتبعكا بصرامة الكحدة التي ألحقكا بيا‪ ،‬كالتي تضمف ليـ الحماية (‪.)1‬‬

‫يحيط بعض الغمكض بكضع الصحفييف الممحقيف بالقكات المسمحة‪ ،‬أم الذيف ينتقمكف مع الفرؽ‬
‫العسكرية في كقت الحرب‪ ،‬كىي ظاىرة ليست بالجديدة كلكف الجديد ىك اتساع ىذه الظاىرة كقت الحرب‬
‫عمي العراؽ عاـ ‪ ،2003‬إف ىؤالء الصحفييف تـ تصنيفيـ في القكات العسكرية األمريكية البريطانية‪،‬‬
‫كقبمكا كثيقة االنخراط التي تمزميـ بأف يتبعكا الكحدة العسكرية التي ألحقكا بيا ‪ ،‬كالتي تضمف ليـ الحماية‪،‬‬
‫كىي حقيقة تميؿ إلي إدراجيـ تحت تصنيؼ المراسميف الحربييف الذيف استيدفتيـ اتفاقية جنيؼ الثانية‪.‬‬

‫كنشير في ىذا الصدد إلي أف المبادئ التكجييية لك ازرة الدفاع البريطانية(‪)2‬الخاصة باإلعقاـ تكفؿ‬
‫لمصحفييف الممحقيف بالقكات المسمحة كضع أسرم الحرب ‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ األكؿ‬
‫لعاـ ‪ 1977‬الفقرة ‪ 2‬عمي أنو ‪( :‬كدكف إخقاؿ بحؽ المراسميف الحربييف المعتمديف لدم القكات المسمحة‬
‫(‪،)3‬في االستفادة مف الكضع المنصكص عميو في المادة ‪ 4‬مف اتفاقية جنيؼ الثالثة)‪.‬‬

‫كلكف مع ذلؾ تحتاج ىذه النقطة إلي اإليضاح ‪ ،‬ككف كضع أسير الحرب الذم يمنح لممراسميف‬
‫الحربييف يترتب عف نتائج عممية فيما يتعمؽ بالتحقيؽ مع األسير كمصادر األشياء كاألدكات الخاصة‬
‫باستعمالو الشخصي(‪.)4‬‬

‫كفي ظؿ المادة ‪ 17‬ك ‪ 18‬مف اتفاقية جنيؼ الثالثة ‪ ،‬فإف نص القانكف الدكلي اإلنساني كركحو‬
‫كاضحاف‪ ،‬ذلؾ أنو حيث يعتبر الصحفيكف مف الجيش كيصاحبكنو قانكنيا جزءا مف تمؾ الييئة العسكرية‬
‫سكاء أركا نفسيـ بتمؾ الصفة أك ال كتشير اتفاقيات جنيؼ‪ ،‬إلي ذلؾ دكف أم غمكض مساكية مراسمي‬
‫الحرب المدنييف كأفراد الطكاقـ الجكية كالعسكرية رغـ أنيـ ال يرتدكف الزل الرسمي في المشركع العسكرم‬

‫(‪ )1‬السكندر بالجي جالك‪ ،‬حماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ في أكقات النزاع المسمح ‪ ،‬مختارات مف المجمة الدكلية لمصميب األحمر‬
‫متاحة عمي المكقع ‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ara/assets/files/other/journalistsprotectection.arny.conflict.pdf.20/04/2015.‬‬
‫‪(2)the Green Book – working arrangement with the media in the times of emergency. Tension conflict‬‬
‫‪of war. The role of embedded reporting during the 2003 the war (not 18) parg.34 not.‬‬
‫راجع ‪Hans Peter , the protection of journalists engaged in dangerous professional missions , Extracts :‬‬
‫‪from the international Review of the Red Cross January – February , 1983 , p 12 .‬‬
‫(‪ )4‬أحمد سي عمي ‪ ،‬حماية الصحفييف خقاؿ المنازعات المسمحة عمي ضكء قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني عمي المكقع ‪:‬‬
‫‪http://www.webreview.dz/img/pdf/article.07/4pdf,p64.22/05/2015.‬‬
‫‪-6-‬‬
‫األكبر كاذا غاب أم دليؿ عمي ارتكابيـ فضائح خارج ميمتيـ كمراسميف حربييف‪ ،‬ال يجب معاممتيـ‬
‫كجكاسيس‪ ،‬كالصحفيكف مخكلكف قانكنا باالستققاؿ أكثر مف المدنييف غير العسكرييف اآلخريف‪ ،‬إذ ال يمكف‬
‫اعتقاؿ المراسميف إال ألسباب أمنية كاضحة‪ ،‬كحتى في تمؾ الحالة يضمكف مشمكليف بالحماية القانكنية‬
‫نفسيا كأسرم حرب بما في ذلؾ حؽ رفض الرد عمي أسئمة المحققيف رغـ إمكانية مصادرة دفاتر‬
‫مقاحظاتيـ كأفقاميـ قانكنيا مف قبؿ أفراد الجيش‪ ،‬كقد فصمت تدابير اتفاقية جنيؼ لسنة ‪ 1949‬لممراسميف‬
‫الحربييف الذيف ال يمبسكف الزل الرسمي المعتمديف الذيف يمكف أف ينظر العدك إلييـ كجزء مف الييئة‬
‫العسكرية ‪ ،‬فرغـ أف المراسؿ ليس جنديا بشكؿ كاضح فإنو ال يزاؿ يمارس دك ار رسميا في قكة عسكرية‬
‫منظمة (‪.)1‬‬

‫كلكف يبدك أف السمطات العسكرية الفرنسية‪ ،‬ككفقا لمصادر غير رسمية تعتبر أف الممحقيف بالقكات‬
‫المسمحة ىـ عمي غرار المستقميف‪ ،‬ليس ليـ الحؽ إال في كضع المدنييف (‪.)2‬‬

‫كالي جانب المراسميف العسكرييف الصحفييف الممحقيف بالقكات المسمحة ‪ ،‬قد يرافؽ القكات العسكرية‬
‫صحافيكف مستقمكف ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫الصحفيون المستقلون‬

‫يدخؿ ىؤالء في التصنيؼ الذم ال يعرؼ بدقة كالخاص باألشخاص الذيف يمحقكف بالقكات المسمحة‬
‫دكف أف يككنكا جزءا منيا فمككنيـ كبمكجب المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ األكؿ ال يشكمكف جزءا مف القكات‬
‫المسمحة ‪ ،‬يعدكف أشخاص مدنييف كيجب حمايتيـ تبعا ليذا الكضع شريطة أال يقكمكف بأم شئ يسئ إلي‬
‫كضعيـ كمدنييف (‪ ،)3‬كيجكز ليـ كفقا ليذا البركتكككؿ الحصكؿ عمى بطاقة اليكية مف الدكؿ التي ينتمكف‬
‫إلييا أك التي يقيمكف فييا أك التي تقع فييا كسيمة اإلعقاـ التي يراسمكف منيا كتشيد عمى أنو صفتو‬
‫صحفي كال يجكز لو المشاركة في ألعماؿ العدائية كأال يفقد الحماية المقررة لو‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في معنى المراسؿ الحربي ‪:‬‬


‫‪Jean Salman ( dir ) dictionnaire de droit international public Bruylon . 2001 , p . 256 .‬‬
‫(‪ )2‬الكسندر بالجي جكا ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪. 4‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلؾ ‪ ،‬عبد الرحمف أبك النصر ‪ ،‬اتفاقية جنيؼ الرابعة لحماية المدنييف لعاـ ‪ 1949‬ـ ‪ ،‬كتطبيقاتيا في األراضي‬
‫الفمسطينية ‪ ،‬جامعة األزىر ‪ ،‬غزة الطبعة األكلى ‪ 200 ،‬ـ ‪.‬‬
‫‪CHRISTIAN Eilders , Media under fire fact and fiction un conditions of war international review of the‬‬
‫‪red cross , vol. 87. No . 862, December 2005 , p . 643-645 .‬‬
‫‪-7-‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫القانون الدولي اإلنساني ووسائل اإلعالم في مناطق النزاع المسلح‬

‫ال شؾ أف القانكف الدكلي الذم يحكـ النزاعات المسمحة بصفة عامة ‪ ،‬ال تمتد جذكره الحقيقة إلي‬
‫أبعد مف حركات تقنيف عادات كأعراؼ الحركب التي انتشرت في النصؼ الثاني مف القرف التاسع عشر‬
‫كبداية القرف العشريف‪ ،‬كعميو فإنو منذ فجر التاريخ اإلنساني كحتى ذلؾ العيد باستثناء ماجاء في الشريعة‬
‫اإلسقامية – كاف المتحاربكف أح ار ار في أف يقتمكا كافة مف عاداىـ سكاء كانكا محاربيف أك مدنييف ‪ ،‬كأف‬
‫يفعمكا ما يشاءكف عمي النحك الذم يركنو مناسبا ‪ ،‬دكف أف تككف ىناؾ انعكاسات أخقاقية أك قانكنية‬
‫تعارض مثؿ ىذا السمكؾ (‪.)1‬‬

‫ظؿ الحاؿ كذلؾ حتى بدأت المسيرة الحقيقة لمقانكف الدكلي بفركعو المختمفة ‪ ،‬كعمي رأسيا القانكف‬
‫الدكلي اإلنساني الذم جاء لينظـ مسألتيف غاية في األىمية كىما ‪:‬‬

‫‪ -1‬القكاعد التي تتعمؽ بإدارة الحركب كتحديد الكسائؿ الحربية كاألسمحة التي يمكف استخداميا كمحاكلة‬
‫التخفيؼ مف آثارىا بحيث ال تتجاكز الضركرة العسكرية كىك ما اصطمح عمي تسميتو " قانكف‬
‫الىام " ‪.‬‬
‫‪ -2‬القكاعد التي تتعمؽ بحماية ضحايا الحركب كتكفير االحتراـ الكاجب كالمعاممة اإلنسانية ليـ بعد أف‬
‫أصبحكا خارج دائرة النزاع ‪ ،‬كقد اصطمح عمي تسمية ىذا القسـ بػ " قانكف جنيؼ"(‪.)2‬‬

‫كلما كاف الصحفيكف كرجاؿ اإلعقاـ مشاركيف في نقؿ الحدث كحقيقة ما يجرم عمي األرض‪ ،‬كاف‬
‫باإلمكاف مف بيف ضحايا النزاعات المسمحة ‪ ،‬كالعكدة إلي تاريخ الصحافة العسكرية يرم ذلؾ جميان(‪ ،)3‬فإف‬
‫حمايتيـ تدخؿ في إطار القكاعد سالفة الذكر سكاء ما يتعمؽ بقانكف جنيؼ كىك األساس ‪ ،‬أك حتى قكاعد‬
‫الىام التي تسيـ في جزء منيا في تقرير ىذه الحماية‪.‬‬

‫كالمتتبع لمراحؿ تطكر قكاعد الحماية الدكلية لمصحفييف يرصد مدم الصعكبة في تقرير ىذه‬
‫الحماية كما كاجو ىذه المسيرة مف كعقبات‪ ،‬كيرجع ذلؾ إلي أنو مف أىـ مبادئ الحرب التي لـ تتغير منذ‬
‫القدـ مبدأ السرية‪ ،‬كما أف مف الصحافة تبني عمي اإلعقاف كاإلذاعة كالنشر‪ ،‬كىنا يحصؿ التعارض بيف‬

‫(‪ )1‬جاف بكتيو ‪ :‬القانكف الدكلي اإلنساني تطكره كمبادئو ‪ ،‬معيد ىنرم دكناف ‪ ،‬جنيؼ ‪ 1984 ،‬ـ ‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫(‪ )2‬راجع في ذلؾ ‪ :‬عبد الغني محمكد ‪ ،‬حماية ضحايا النزاعات المسمحة في القانكف الدكلي اإلنساني كالشريعة اإلسقامية ‪ ،‬بحث‬
‫ضمف ‪ :‬دراسات في القانكف الدكلي اإلنساني ‪ 2002 ،‬ـ ‪ ،‬ص ‪ 263‬كما بعدىا ‪ .‬ككذلؾ ‪ :‬محمكد السيد داكد ‪ ،‬الحماية الدكلية‬
‫لمصحفييف في القانكف الدكلي اإلنساني كالشريعة اإلسقامية ‪ ،‬المجمة المصرية لمقانكف الدكلي ‪ ،‬العدد ‪ 2003 ، 59‬ـ ‪ ،‬ص ‪. 395‬‬
‫(‪ )3‬لممزيد حكؿ تاريخ الصحافة العسكرية ‪ ،‬راجع في ذلؾ ‪ :‬محمكد الجكىرم ‪ ،‬المراسؿ الحربي ‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬سمسمة اقرأ‪،184 ،‬‬
‫ص ‪18‬‬

‫‪-8-‬‬
‫المبدأيف‪ ،‬األمر الذم أكضح لممجتمع الدكلي أنو ليس باستطاعة التقريب بيف ىذيف األمريف إال إذا استمد‬
‫كؿ طرؼ مف الطرؼ اآلخر العكف مع حسف النية كاإلدراؾ السميـ (‪.)1‬‬

‫كقد استطاع المجتمع الدكلي تجاكز ىذه الصعكبة إلي حد ما مف خقاؿ التكصؿ إلي إقرار ىذه‬
‫الحماية الدكلية لمصحفييف عمي مرحمتيف ‪:‬‬

‫المرحمة األولي‪:‬مرحمة منح الحماية الدكلية لمصحفييف المعتمديف فقط كىي مرحمة ما قبؿ عاـ ‪1977‬ـ‬

‫المرحمة الثانية ‪:‬مرحمة منح الحماية الدكلية لمصحفييف المتعمديف كغير المعتمديف ما بعد عاـ ‪1977‬ـ‬

‫كسنقكـ مف خقاؿ ىذا المطمب بالحديث عف تطكر الحماية الدكلية لمصحفييف كالمؤسسات‬
‫اإلعقامية ‪ ،‬مف خقاؿ مكاكبة المراحؿ التي مرت بيا‪ ،‬كطبيعة الحماية المقررة في كؿ مرحمة‪ ،‬مقسميف‬
‫الدراسة إلي فرعيف عمي النحك التالي‪-:‬‬

‫الفرع األول‬

‫الحماية القانونية الدولية للصحفييـن قبل بروتوكول عام ‪7711‬‬

‫إف اتفاقية جنيؼ األـ التي تـ عقدىا في سكيس ار عاـ ‪1864‬ـ(‪ ،.)2‬لـ تتضمف شيئا عف حماية‬
‫الصحفييف أك حتى اإلشارة إلييا‪ ،‬عمي الرغـ مف أنيا تعد المبنة الحقيقية التي يقكـ عمييا صرح القانكف‬
‫الدكلي اإلنساني‪ ،‬إضافة إلي أنو كعند تعديميا كمراجعتيا عاـ ‪1907‬ـ‪ ،‬إال أنيا لـ تتضمف أية إشارة إلي‬
‫حماية الصحفييف –حتى الذيف يرافقكف الجيش منيـ – لتتبع أخبار المعارؾ كالعمميات العسكرية ‪.‬‬

‫كمف خقاؿ قراءة فاحصة لممحاكالت التي تمت لكضع حماية قانكنية دكلية لمصحفييف كاقرارىا مف‬
‫قبؿ المجتمع الدكلي قبؿ البركتكككؿ اإلضافي األكؿ لعاـ ‪1977‬ـ‪ ،‬تظير أف المناسبة األكلي الىتماـ‬
‫القانكف الدكلي بالصحفييف ككضع حماية قانكنية دكلية ليـ كتقنيف أعماليـ كانت بمكجب القائحة المرفقة‬
‫باتفاقية الىام ال اربعة بقكانيف كأعراؼ الحرب البرية‪ ،‬التي انعقد مؤتمرىا الدكلي في الىام في ‪18‬‬
‫ديسمبر عاـ ‪ 1907‬ـ ‪ ،‬كأما قبؿ ذلؾ فقد كانت الحماية القانكنية تتجو إلي حماية عمميات اإلسعاؼ‬
‫األكلي ككذلؾ حماية عربات اإلسعاؼ‪ ،‬كحماية المدنييف كالجرحى كالمرضي ‪ ،‬كلـ تبحث حماية‬
‫الصحفييف كالمراسميف الحربييف‪ ،‬بشكؿ خاص في حاالت النزاعات المسمحة سكاء عمي المستكم الدكلي أك‬
‫الداخمي (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬محمكد الجكىرم‪ :‬المراسؿ الحربي ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪10‬‬


‫(‪ )2‬راجع تفصيقا اتفاقية جنيؼ األكلى ك‪ :‬د ‪ /‬محمد مصطفي يكنس ‪ ،‬مقامح التطكر في القانكف الدكلي اإلنساني ‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1996 ،‬ص ‪. 30-23‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلؾ ‪ :‬جاف بكتيو ‪ ،‬القانكف الدكلي اإلنساني تطكره كمبادئو ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪. 33‬‬

‫‪-9-‬‬
‫كقد تضمنت اتفاقية الىام في الفصؿ الثاني مف القسـ األكؿ منيا ‪ /‬مادة تنص عمي أنو ‪" :‬‬
‫يعامؿ األشخاص الذيف يرافقكف الجيش دكف أف يككنكا في الكاقع جزءان منو كالمراسميف الصحفييف‬
‫كمتعيدم التمكيف الذيف يقعكف في قبضة العدك – كيعمف لو حجزىـ – كأسرم حرب ‪ ،‬شريطة أف يككف‬
‫لدييـ تصريح مف السمطة العسكرية لمجيش الذم يرافقكنو (‪.")1‬‬

‫كما أف قانكف المنازعات المسمحة يعكس منذ مدة ليست بالقصيرة االىتماـ بالكضع الخاص‬
‫لمصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة (‪ .)2‬ففي اتفاقية جنيؼ الثانية المؤرخة في ‪ 27‬يكليك ‪1929‬ـ‪ ،‬خصص‬
‫القسـ السابع منيا كالمتككف مف المادة ‪ 81‬فقط‪ ،‬لبياف تطبيؽ أحكاـ االتفاقية عمي بعض طكائؼ المدنييف‬
‫كمف ضمنيـ المراسميف أك المحققيف الصحفييف ‪ ،‬كأعطتيـ ذات الحكـ الذم تضمنتو مف قبؿ القائحة‬
‫المتعمقة بقكانيف كأعراؼ الحرب البرية المنعقدة في الىام ‪1907‬ـ ‪ ،‬كالذم ينص عمي معاممة الصحفييف‬
‫الذيف يقعكف في قبضة العدك كأسرم حرب ‪ ،‬كقد جاء النص في اتفاقية جنيؼ الثانية عمي النحك التالي ‪:‬‬
‫" األفراد الذيف يتبعكف القكات المسمحة دكف أف يككنكا جزءان منيا ‪ /‬مثؿ المراسميف أك المحققيف الصحفييف‬
‫كمتعيدم التمكيف كالمكرديف الذم يقعكف في قبضة العدك – كيعمف لو حجزىـ – يعاممكف كأسرم حرب‬
‫شريطة أف يككنكا مزكديف بتصريح مف السمطات العسكرية لمقكات المسمحة التي يرافقكنيا " (‪ ،)3‬بمعني أف‬
‫يككف لدييـ بطاقة شرعية مستخرجة مف عند ىذه السمطات (‪.)4‬‬

‫كىذا النص لـ يأت بالحماية المنشكدة ‪ ،‬عدا عف أنو قصر الحماية عمي الصحفييف المعتمديف‬
‫كالذيف يرافقكف الجيش دكف غيرىـ ‪ ،‬مشترطا حصكليـ عمي تصريح رسمي‪ ،‬فأبقت المادة عمي قيد التبعية‬
‫لمجيش مطمكبا حتى تتحقؽ لو الحماية المقرة في ىذه المادة‪ ،‬كعميو فإف الصحفي ال يتمتع بالحماية التي‬
‫يتمتع بيا أسرم الحرب إال بتحقؽ شرطيف اثنيف كىما حصكلو عمي تصريح ككثيقة رسمية مف السمطات‬
‫العسكرية كأف يككف تابعان كمرافقا ليا كذلؾ األمر الذم يبدك معو جميان أف ىذه الحماية ما جاءت إال‬
‫مخصصة لممراسميف الحربييف فقط دكف أف تمتد إلي غيرىـ مف الصحفييف ‪ ،‬عدا عف رىف معاممتيـ‬
‫كمدنييف بحصكليـ عمي ىذا التصريح كالبطاقة المستخرجة مف السمطات العسكرية‪.‬‬

‫ككذلؾ إف اتفاقية جنيؼ الثالثة عاـ ‪1949‬ـ لـ تختمؼ عف ما سبقيا مف االتفاقيات في اعتبار أف‬
‫المراسميف الحربييف كالصحفييف الذيف يرافقكف القكات المسمحة ‪ ،‬يعدكف مف ضمف الفئات التي ال تككف‬
‫جزءان مف الجيش ‪ ،‬كأف الصحفييف المراد حمايتو ميـ فقط الصحفيكف المعتمدكف لدم السمطات العسكرية‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ ، 13‬اتفاقية الىام الرابعة المتعمقة بقكانيف كأعراؼ الحرب البرية ‪ 1907‬ـ‬
‫(‪ )2‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ :‬حماية الصحفييف أثناء المنازعات المسمحة ‪ ،‬دار ظيراف لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬عماف ‪ 2010 ،‬ـ ‪ ،‬ص ‪138‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ ، 81‬اتفاقية جنيؼ الثانية لعاـ ‪1929‬‬
‫(‪ )4‬ىانز بيتر جاسر ‪ :‬حماية الصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 5‬ككذلؾ ‪ :‬محمكد السيد داككد ‪ ،‬الحماية‬
‫الدكلية لمصحفييف ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 398‬باسـ العساؼ ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪139‬‬

‫‪-10-‬‬
‫التي يتبعكنيا كيحممكف بطاقة تصريح تدؿ عمي ذلؾ (‪ .)1‬كقد أكدت ىذه المادة ما جاء في االتفاقيات‬
‫السابقة مف تمتع الصحفييف كمراسمي الحرب المرافقيف لقكات الجيش بالحماية ‪ ،‬كبكضع أسرم الحرب‬
‫حاؿ كقكعيـ في قبضة العدك‪.‬‬

‫لكف المختمؼ في ىذه االتفاقية كالجديد أف االتفاقيات السابقة لـ تأخذ في االعتبار إمكانية فقداف‬
‫البطاقة أك التصريح أثناء تغطية األحداث كما حدث في الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬كجاءت اتفاقية جنيؼ‬
‫الثالثة الخاصة بمعاممة أسرم الحرب بالنص عمي أف يبقي الصحفي في ظؿ الحماية المقررة لو حاؿ‬
‫فقدانو أك التصريح الخاص بو ‪ ،‬حتى تقرر محكمة مختصة بعد ذلؾ كضعو كحالتو ‪ ،‬كذلؾ بمكجب‬
‫المادة ‪ 2/5‬مف اتفاقية جنيؼ الثالثة (‪.)2‬‬

‫فإف الدافع كراء ىذه الدعكات إلي إعداد مشركع اتفاقية لحماية الصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة‪ ،‬ىك‬
‫ما يقع عمي الصحفييف مف أعباء نقؿ الحقيقة ‪.‬‬

‫ففي عاـ ‪ 1971‬أعدت لجنة حقكؽ اإلنساف مسكدة مبدئية لقاتفاقية المطمكبة ‪ ،‬كقامت بتقديميا‬
‫لمجمعية العامة لألمـ المتحدة كالي الدكؿ األعضاء‪ ،‬كالتي رأت بدكرىا أنو مف الضركرم اعتماد اتفاقية‬
‫بيذا الشأف ‪ ،‬كدعي المجمس االقتصادم كاالجتماعي كلجنة حقكؽ اإلنساف إلي بحث المسألة ‪ ،‬كاألىـ‬
‫مف ذلؾ أنيا طمبت مف لجنة حقكؽ اإلنساف أف تقدـ تقريرىا إلي مؤتمر الخبراء الحككمييف ‪ ،‬بشأف تأكيد‬
‫كتطكير القانكف الدكلي اإلنساني المطبؽ في النزاعات المسمحة ‪ ،‬كالذم دعتو المجنة الدكلية لمصميب‬
‫األحمر إلي عقد دكرة ثانية في عاـ ‪1972‬ـ‪ ،‬كما طمبت المجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ /‬أف تقدـ لألمـ‬
‫المتحدة ما يعرض مف مقاحظات في ىذا االجتماع(‪.)3‬‬

‫كفي ىذا السياؽ صدر قرار الجمعية العامة لألمـ المتحدة رقـ ‪ 2854‬بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر‪1971‬ـ‪،‬‬
‫كالذم أشار إلى أف األفكار الكاردة في االتفاقيات اإلنسانية النافذة‪ ،‬ال تشمؿ بعض فئات الصحفييف الذيف‬
‫يقكمكف بميمات خطرة في مناطؽ يقع بيا نزاع مسمح‪ ،‬كأف ىذه األحكاـ ال تتناسب مع احتياجاتيـ ‪،‬‬
‫كباإلسناد ليذا القرار درست كأقرت لجنة حقكؽ اإلنساف في اجتماعيا في مارس ‪ -‬إبريؿ ‪ 1972‬ـ مسكدة‬
‫المكاد مف ‪ ،14-1‬التفاؽ دكلي حكؿ حماية الصحفييف الذيف يقكمكف بميمات مينية خطرة في مناطؽ‬
‫نزاع مسمح ‪ ،‬كأف تككف ىذه المكاد أساسان لمعمؿ عمي كضع اإلنفاؽ المذككر (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ىانز بيتر جاسر ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪5‬‬


‫(‪ )2‬محمكد السيد داككد ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪400 - 399‬‬
‫(‪ )3‬باسـ العساؼ ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪145‬‬
‫(‪ )4‬حامد صالح محمد ‪ :‬الجكانب القانكنية في معاممة المراسؿ الحربي ‪ ،‬ضمف المراسؿ الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬ص ‪25 – 24‬‬
‫‪ ،‬نقابة الصحفييف العراقية ‪ 1984 ،‬ـ ‪.‬‬

‫‪-11-‬‬
‫كمرت مسكدة اتفاقية األمـ المتحدة لحماية الصحفييف بعدة مراحؿ ‪ ،‬حيث كمنذ الدعكة األكلي التي‬
‫تمت في الجمعية العامة لألمـ المتحدة ‪ ،‬قاـ مؤتمر الخبراء الحككمييف في دكرتيو األكلي كالثانية التيف‬
‫دعت إلي عقدىما المجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬بعرض المسكدات المتتالية التي أعدت لقاتفاقية‬
‫الخاصة بالصحفييف ‪ ،‬كأرسؿ مقاحظاتو إلي الجمعية العامة لألمـ المتحدة ‪.‬‬

‫كقد درات حكؿ ىذه المشركعات مناقشات عديدة ضمف لجنة حقكؽ اإلنساف كالمجمس االقتصادم‬
‫كاالجتماعي كالجمعية العامة لألمـ المتحدة ‪ ،‬كتنقمت القائحة منذ عاـ ‪ 1971‬ـ بيف الجمعية كالييئات‬
‫األخرل ‪ ،‬في إطار النقاش كالتعديؿ كالذم دار معظمو حكؿ شمكؿ االتفاقية لمنزاعات المسمحة غير‬
‫الدكلية ‪ ،‬كاألخرل التي يككف أحد أطرافيا حركات التحرر الكطني ‪ ،‬كما دار نقاش كخقاؼ حكؿ بطاقة‬
‫األماف التي نصت االتفاقية عمي حمميا مف قبؿ الصحفي ‪ ،‬لتسييؿ عممو كحرية انتقالو أثناء قيامو‬
‫بميامو في مناطؽ النزاع المسمح (‪.)1‬‬

‫كفي الدكرة ‪ 28‬لمجمعية العامة لألمـ المتحدة عاـ ‪1973‬ـ كاف أماـ الجمعية العامة مشركع‬
‫االتفاقية كأصدرت قرارىا رقـ ‪ 3058‬في ‪ 2‬نكفمبر ‪ 1973‬ـ ‪ ،‬كالذم عبرت فيو عف رأييا بأف مف‬
‫المرغكب فيو تبني اتفاقية تتضمف حماية الصحفييف المكمفيف بمياـ محفكفة بالمخاطر في مناطؽ النزاع‬
‫المسمح‪ ،‬كطمبت مف السكرتير العاـ لألمـ المتحدة إحالة مشركع االتفاقية كتعديقاتو ككافة الكثائؽ المناسبة‬
‫إلى المؤتمر الدبمكماسي المنعقد حكؿ مكضكع تأكيد كتطكير قانكف دكلي إنساني يطبؽ في النزاعات‬
‫المسمحة (‪.)2‬‬

‫كبعد ذلؾ عندما عقد المؤتمر الدبمكماسي بشأف تأكيد كتطكير القانكف الدكلي اإلنساني المنطبؽ‬
‫أثناء النزاعات المسمحة في جنيؼ عاـ ‪1974‬ـ ‪ ،‬أبدم المشارككف رغبتيـ بأف يؤدم االىتماـ المتزايد‬
‫بحماية الصحفييف في المؤتمر إلي إبداء المؤتمر رأيو في المكضكع بكثيقة قكية تقاقي قبكال مف الجميع(‪.)3‬‬

‫ككاف بعض شراح القانكف الدكلي قد تذرع بأف تمييز الصحفييف بشارة كاضحة أثناء الحرب قد‬
‫يجعميـ ىدفا أكثر كضكحا ألعداء الحقيقة مف الطرفيف المتنازعيف(‪ ،)4‬كىك األمر الذم طرحو الكفد‬
‫الفنزكيمي خقاؿ المؤتمر الدبمكماسي‪ ،‬كىك ما اعترض عميو معظـ ممثمي الحككمات الذيف تحدثكا في‬

‫(‪ )1‬سجاد الغازم ‪ :‬المراسؿ الحربي في الصحافة العربية كالضمانات الدكلية ‪ ،‬ضمف المراسؿ الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬نقابة‬
‫الصحفييف العراقية ‪ 1984 ،‬ـ ‪ ،‬ص ‪. 102‬‬
‫(‪ )2‬رياض عزيز ىادم ‪ :‬حماية الصحفي كحقكقو أثناء النزاعات المسمحة في ضكء االتفاقيات كالمكاثيؽ الدكلية ‪ ،‬ضمف المراسؿ‬
‫الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬نقابة الصحفييف العراقييف ‪ 1984 ،‬ـ ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬
‫(‪ )3‬راجع بخصكص المؤتمر الدبمكماسي ‪:‬‬
‫‪F . Bory : Genes et développement du droit international humanitaire ( ICRC) , 1994 , p . 90-10.‬‬
‫(‪ )4‬ىانز بيتر جاسر ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪10‬‬

‫‪-12-‬‬
‫المؤتمر(‪ ،)1‬لكف الكاقع أظير أف ىذا ادعاء غير صحيح ربما ييدؼ إلي تبرير تقاعس القكم الكبرل في‬
‫العالـ عف تكفير الحماية القازمة لمصحفييف ‪ ،‬حيث أف الصحفييف عادة ما يمبسكف سترات كاقية مف‬
‫الرصاص كخكذات مكتكب عمييا بمكف كاضح عبارة صحافة ‪ ، PRESS‬أك ‪ ، T.V‬كما أنيـ يقكمكف‬
‫بإبقاغ أطراؼ النزاع عف إحداثيات مكاتبيـ كالمكاقع التي يتكاجدكف فييا داخؿ مناطؽ النزاع المسمح حتى‬
‫ال يككنكا عرضة لميجكـ كاالعتداء عمييـ ‪ ،‬كجممة مف إجراءات السقامة كاألماف التي يأخذ بيا الصحفيكف‬
‫خقاؿ عمميـ في مناطؽ النزاعات المسمحة‪ ،‬كال شؾ أف ىذه كتمؾ أكبر مف مجرد شارة عمي الكتؼ كاف‬
‫مف الممكف أف تكفر ليـ قد انر مف الحماية لك أرادت الدكؿ الكبرل ذلؾ(‪ ،)2‬لكنو الخكؼ مف أف تتكشؼ‬
‫االنتياكات كاالعتداءات التي تمارس عمي األرض‪ ،‬كمحاكلة إخفاءىا كعدـ الكصكؿ إلييا إضافة إلي‬
‫إفساح المجاؿ أماـ استيداؼ الصحفييف مف خقاؿ ىذه الذرائع ‪.‬‬

‫كاليكـ كبعد مضي كؿ ىذه السنكات عمي إقرار ىذه المادة كما كصمت إليو الحماية المقررة‬
‫لمصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة ‪ ،‬ظير جميا لمعالـ أجمع مدم الحاجة الماسة لمثؿ ىذه االتفاقية إلي‬
‫جانب كسائؿ أخرم ممحة كعاجمة ‪ ،‬لكقؼ سمسمة االنتياكات المتزايدة بحؽ الصحفييف أثناء تأديتيـ مياـ‬
‫عمميـ في تغطية النزاعات المسمحة حكؿ العالـ ‪ ،‬كلربما مف أجمي صكر ذلؾ ما يمارس بحؽ الصحفييف‬
‫في فمسطيف مف قبؿ قكات االحتقاؿ اإلسرائيمي ‪ ،‬كما جرم مف قبؿ ذلؾ خقاؿ العدكاف األمريكي عمي‬
‫العراؽ‪ ،‬كما يجرم حاليا في سكريا كغيرىا مف المناطؽ التي تشيد نزاعات مسمحة في مختمؼ مناطؽ‬
‫العالـ ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫الحماية القانونية الدولية للصحفيين بعد بروتوكول عام ‪7711‬‬

‫ذكرنا في الفرع األكؿ مف ىذا المطمب كيؼ كانت الحقبة الزمنية التي سبقت إقرار المادة ‪79‬‬
‫ضمف البركتكككؿ اإلضافي األكؿ المتعمؽ بالنزاعات المسمحة الدكلية لمعاـ ‪ 1977‬ـ ‪ ،‬كالتي قصرت‬
‫الحماية القانكنية المقرة فييا عمي الصحفييف المعتمديف مف قبؿ القكات العسكرية ‪ ،‬بشرطيف اثنيف كىما‪:‬‬
‫مرافقة القكات المسمحة كالحصكؿ عمي تصريح بالعمؿ مف قبميا كذلؾ ‪ ،‬كقد عرجنا كذلؾ عمي كيفية‬
‫التكصؿ إلي إقرار المادة ‪ 79‬مف خقاؿ النقاشات التي تمت في المؤتمر الدبمكماسي بشأف تأكيد كتطكير‬
‫القانكف الدكلي اإلنساني المنطبؽ أثناء النزاعات المسمحة في جنيؼ مف ‪1977 – 1974‬ـ‪ ،‬كما طرح‬
‫عميو بداية مف مسكدة التفاقية حماية الصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة ‪ ،‬كما استتبع ذلؾ مف نقاشات‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلؾ ‪ :‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 148‬عقاء فتحي عبد الرحمف محمد ‪ :‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪167‬‬
‫(‪ )2‬ماىر أبك خكات ‪ ،‬حماية الصحفييف ككسائؿ إال عقاـ أثناء النزعات المسمحة ‪ ،‬دار النيضة العربية ‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪-13-‬‬
‫أفضت إلي إقرار مسكدة مادة كاحدة كادراجيا في البركتكككؿ اإلضافي األكؿ ‪ ،‬كىي المادة ‪ 79‬بشأف‬
‫تدابير حماية الصحفييف‪ ،‬كالتي بمكجبيا منحت الحماية لمصحفييف المعتمديف كغير المعتمديف‪.‬‬

‫كلقد حاكؿ كاضعك مسكدة اتفاقية حماية الصحفييف المكمفيف بمياـ خطرة أف يحسنكا كضع‬
‫الصحفييف المكمفيف بمياـ مينية خطرة ‪ ،‬عف طريؽ إنشاء كضع قانكني خاص بيـ ‪ ،‬كعمي الرغـ مف أف‬
‫ىذه االتفاقية لـ تخرج إلي النكر كأصبحت في عداد المحفكظات‪ ، 1‬إال أف المسائؿ التي عرضت في‬
‫مسكدتيا جديرة بالتكقؼ عندىا مميان ‪ ،‬ألنيا األساس الذم بنيت عميو المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ اإلضافي‬
‫األكؿ لعاـ ‪ 1977‬ـ كالخاصة بتدابير حماية الصحفييف ‪.‬‬

‫إضافة إلي أف المكاد التي تككنت منيا مسكدة مشركع ىذه االتفاقية ‪ ،‬قد عالجت حماية‬
‫الصحفييف بطريقة كاقعية كبشكؿ أكثر عمقان ‪ ،‬كتصمح ألف تككف معيار ألم تحرؾ دكلي قد يتخذ بشأف‬
‫حماية الصحفييف ‪.‬‬

‫كمف خقاؿ نظرة سريعة عمي مشركع االتفاقية‪ ،‬يتضح أىمية ما تطرقت إليو مف مسائؿ‪ ،‬حيث‬
‫جاء في المسكدة المادة ‪ 1 / 2‬تعريفا لمصحفي يغطي كؿ اإلعقامييف كالصحفييف العامميف في مناطؽ‬
‫النزاعات المسمحة‪ ،‬كىك أف الصحفي يقصد بو "كؿ مراسؿ كمخبر صحفي كمصكر فكتكغرافي اك‬
‫تمفزيكني ‪ ،‬كمساعدييـ الفنييف كالسينمائييف كاإلذاعييف كالتمفزيكنييف الذيف يمارسكف النشاط المذككر بشكؿ‬
‫معتاد بكصفو مينتيـ األساسية(‪.)2‬‬

‫ككفؽ االتفاقية فإف الصحفي حتى يتمتع بميزة الحماية الخاصة يجب أف يحمؿ بطاقة صادرة مف‬
‫السمطات الكطنية مدكف عمي ظيرىا ما يفيد أف حامميا يتعيد بأف يتصرؼ خقاؿ ميمتو بطريقة تتفؽ مع‬
‫أعمي معايير األمانة المينية ‪ ،‬كأال يتدخؿ في الشئكف الداخمية لمدكؿ التي يسافر إلييا ‪ ،‬كأال يشارؾ في‬
‫أم نشاط سياسي أك عسكرم أك أم عمؿ يمكف أف ينطكم عمي إسياـ مباشر أك غير مباشر في‬
‫العمميات العدائية في المناطؽ التي يقكـ بتأدية ميمتو الخطرة فييا ‪.‬‬

‫كباإلضافة إلي ذلؾ فإف السمطات المختصة تككف مسئكلة عف إبقاغ أسماء الصحفييف ذكم‬
‫البطاقات إلي لجنة مينية دكلية تنشأ بمكجب االتفاقية ‪ ،‬كما نصت االتفاقية عمي ضركرة أف يرتدم‬
‫الصحفي شارة تميزه عند أداء ميمتو (‪ ،)3‬كلخصت االتفاقية في المادة ‪ 10‬تمؾ الحماية الخاصة التي‬

‫(‪ )1‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪155‬‬


‫(‪Alexandre Dalguy – Gallois , the protection of journalists and media personal in armed conflict )2‬‬
‫‪IRRC , vol , 86 , no . 853 March 2004 , p 39 .‬‬
‫(‪ )3‬ماىر أبك خكات ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 27‬أنظر ‪ :‬المكاد ( ‪ ) 9 ، 5 ، 2‬مف مشركع اتفاقية األمـ المتحدة لحماية الصحفييف‬
‫المكمفيف بمياـ مينية خطيرة ‪ 1970‬ـ‬

‫‪-14-‬‬
‫كانت ستمنح لمصحفييف كالتي تقضي بأف عمي أطراؼ النزاع أف يفعمكا كؿ ما في كسعيـ لحماية‬
‫الصحفييف كخصت ما يمي ‪:‬‬

‫منح الصحفييف قد انر معقكال مف الحماية ضد األخطار التي ينطكم عمييا النزاع‬ ‫‪-1‬‬
‫تحذير الصحفييف حتى يبتعدكا عف مناطؽ الخطر‬ ‫‪-2‬‬
‫معاممتيـ في حالة اعتقاليـ معاممة مطابقة لما تقضي بو اتفاقية جنيؼ الرابعة في المكاد ‪75‬‬ ‫‪-3‬‬
‫– ‪135‬‬
‫تقديـ معمكمات عنيـ في حالة الكفاة أك االختفاء أك السجف (‪.)1‬‬ ‫‪-4‬‬

‫كتجدر اإلشارة بالرغـ مف ذلؾ أف أية دكلة ضائعة في نزاع كانت ستحتفظ بالحؽ في منح أك‬
‫رفض التصريح بالكصكؿ إلي األماكف الخطرة بالشركط نفسيا المطبقة عمي الصحفييف التابعيف ليا‬
‫(‪ ،)2‬إضافة إلي بقاء إشكالية دخكؿ الصحفييف إلي مناطؽ النزاعات المسمحة الساخنة بدكف إذف أك‬
‫تصريح كبدكافع مينية بحتة ىؿ يستفيدكف مف الحماية أـ ال ‪ ،‬كما مدم مسئكلية أطراؼ النزاع عف‬
‫أم اعتداء أك اعتقاؿ قد يتعرض لو ىؤالء الصحفييف‪.‬‬

‫كبناء عمي ىذا الرأم الذم اتخذتو مجمكعة العمؿ قد اقترحت عمي المجنة األكلي في المؤتمر‬
‫مشركع لمادة خاصة بحماية الصحفييف‪ ،‬سكاء كانكا معتمديف أك غير معتمديف لدم السمطة العسكرية‬
‫‪ ،‬كتدخؿ ضمف نصكص الممحؽ األكؿ الخاص بالنزاعات الدكلية المسمحة ‪ ،‬كتكجت ىذه المحاكلة‬
‫بالنجاح ‪ ،‬حيث كافقت عمي ذلؾ المجنة األكلي في الجمسة التمييدية دكف اعتراض أك تغيير إال فيما‬
‫تقتضيو الصياغة فقط(‪ ،)3‬كقد صار مشركع ىذه المادة فيما بعد ىك المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ األكؿ‬
‫الممحؽ باتفاقيات جنيؼ ككضعت بعنكاف إجراءات لحماية الصحفييف ‪ ،‬كرحبت األمـ المتحدة بيذا‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫القرار‬

‫كالحقيقة أف فكرة إنشاء كضع خاص لمصحفييف العامميف في مناطؽ النزاع المسمح كاقرار ىذه‬
‫االتفاقية كانت جديرة باالىتماـ ‪ ،‬غير أف الدكؿ لـ تشأ كما ذكرنا سابقا أف تعطي ممثمي ىذه المينة‬
‫آية امتيازات أك ضمانات خاصة بيدؼ حمايتيـ أثناء أداء عمميـ أك أف تقر كضعا قانكنيا خاصا‬
‫ليـ‪ ،‬بالرغـ مف أف اتفاقيات جنيؼ ‪ 1949‬كما لحقيا مف بركتكككليف إضافييف قد أقر لبعض الفئات‬
‫كضعا قانكنيا خاصا ‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ ‪:‬‬

‫(‪ )1‬راجع ‪ :‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 154‬ماىر أبك خكات ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 27‬محمكد السيد داككد‪:‬‬
‫المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪20‬‬
‫(‪ )2‬نص المادة ‪ 2 / 13‬مف االتفاقية المذككرة‬
‫(‪ )3‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪152‬‬
‫(‪ )4‬محمكد السيد داككد ‪ ،‬الحماية الدكلية في القانكف الدكلي كالفقو اإلسقامي ‪ ،‬دار النيضة العربية القاىرة ‪ ، 2003‬ص ‪403‬‬

‫‪-15-‬‬
‫أفراد الييئات الطبية كالدينية كالدفاع المدني‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مندكبك الدكؿ الحامية كالمجنة الدكلية لمصميب األحمر (‪.)1‬‬ ‫‪-2‬‬

‫كالناظر لمينة الصحافة كما تمثمو مف أىمية ‪ ،‬يرم أنيا كانت تستحؽ ىذا الكضع الخاص‬
‫عمي غرار ىذه الفئات ‪ ،‬الشتراكيا معيا في أىمية تكاجدىا في مناطؽ النزاعات المسمحة ‪ ،‬كقياميا‬
‫بمياميا التي مف شأنيا أف تظير ما يرتكب مف اعتداءات كانتياكات لمقانكف ‪ ،‬كما يترتب عمي فضح‬
‫ىذا األمر ككشفو مف حماية لممدنييف كحقكقيـ داخؿ مناطؽ النزاعات المسمحة‪ .‬غير أف البعض يرم‬
‫أف تعدد كاتساع نطاؽ الفئات المدرجة تحت ىذا األمر "الكضع الخاص "يمكف أف يضعؼ الحماية‬
‫المقررة لكؿ فئة منيا بفعؿ تعدد الشارات كالرمكز األمر الذم يجعؿ مف الصعكبة بمكاف إضفاء‬
‫الحماية الكاممة كالشاممة كالفعالة ما ينعكس عمي القدرة النيائية لمحماية القانكنية الدكلية المطمكبة ‪.‬‬
‫كىك ما ذىبت إليو مجمكعة العمؿ التي كمفت بالنظر في المسكدة كمراجعتيا‪ ،‬قبؿ طرحيا لمشركع‬
‫مادة خاصة بحماية الصحفييف(‪ .)2‬كيرم آخركف أف كجكد الصحفييف بشاراتيـ التي يحممكنيا كالتي‬
‫يتـ التعرؼ عمييا بسيكلة يمكف أف يعرض السكاف المدنييف لمخطر‪ ،‬بمعني أف يمكف لمشارة الخاصة‬
‫أف تؤدم إلي إطقاؽ النار باتجاىيـ ال تفادييا (‪.)3‬‬

‫كنرل أف اتساع كتعدد الفئات ذات الكضع الخاص في القانكف ال يمكنو أف يضعؼ الحماية‬
‫المقررة بؿ يعززىا أكثر‪ ،‬عدا عف أف كجكد الصحفييف في مكاف ما يعد ضمانة كحماية لمسكاف‬
‫المدنييف المحمييف ال العكس ‪ ،‬بفعؿ ما يقكمكف بو مف رصد لقانتياكات كاالعتداءات كال يعقؿ أف يقكـ‬
‫أحد األطراؼ باستيداؼ الصحفييف كالمكاف الذم يتكاجدكف فيو ليثبت عمي نفسو جريمة كانتياكا‬
‫لمقانكف‪ ،‬غير أنني أقر أف االلتزاـ مف قبؿ أطراؼ النزاع بذلؾ يككف متغي ار نسبيا مف حؿ إلي حاؿ‪،‬‬
‫كمف كقت ألخر‪ ،‬كمف جية اعتادت القتؿ كانتياؾ القانكف كدكلة االحتقاؿ اإلسرائيمي‪ ،‬أك غيرىا مف‬
‫األطراؼ‪ .‬األمر الذم يدفع إلي إعادة الدعكة مجددا إلي إيجاد كضع قانكني يؤدم إلي تحسيف مستكم‬
‫الحماية المقرة لمصحفييف‪ ،‬كعمي رأس ذلؾ الحاجة القائمة إلعداد اتفاقية دكلية خاصة حكؿ أمف‬
‫كحماية الصحفييف‪ ،‬تتضمف بدكرىا إيجاد شارة لمصحافة تيدؼ عمي المدل البعيد إلي تكفير حماية‬
‫أفضؿ لمصحفييف كمف يعمؿ معيـ (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلؾ ‪ :‬اتفاقيات جنيؼ األربعة لعاـ ‪1949‬ـ كالبركتكككليف إضافييف لعاـ ‪1977‬ـ ‪ ،‬انظر أيضا ‪ :‬بيتر ىانز جاسر ‪:‬‬
‫المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )2‬ىانز بتير جاسر ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )3‬ىانز بتير جاسر ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪11- 10‬‬
‫(‪ )4‬عبد الكريـ حزاكم ‪ :‬مبادرة لحماية أمف المراسميف الحربييف ‪ ،‬مجمة اإلنساني ‪ ،‬مطبكعات ‪ ، ICRC‬العدد ‪ ، 2005 ، 31‬ص ‪46‬‬

‫‪-16-‬‬
‫كمف الصعكبات التي تضمنيا نص المادة ‪ 79‬مف البركتكككؿ األكؿ بياف مفيكـ‬
‫الصحفي‪ ،‬كذلؾ ألف النص لـ يرد فيو إال كممة " صحفيكف "دكف بياف المراد بيـ ‪ ،‬كالصعكبة التي‬
‫تثار ىي ما المقصكد بالصحفييف‪ ،‬ىؿ ىـ المراسمكف الذيف يكتبكف لصحيفة معينة فقط ‪ ،‬أـ يغطي‬
‫ىذا المصطمح دائرة أكسع كىي التي يعمؿ فييا كؿ رجاؿ الصحافة كاإلعقاـ ‪ ،‬مف صحافة مكتكبة أك‬
‫مسمكعة أك مرئية أك الكتركنية أك أم كسيمة إعقاـ أخرم ‪.‬‬

‫ككاف األكلي بكاضعي المادة أف يأخذكا بالتعريؼ المكسع لمصحفي الكارد في مشركع‬
‫اتفاقية األمـ المتحدة‪ ،‬كالذم قدـ لممؤتمر الدبمكماسي لتأكيد كتطكير القانكف الدكلي اإلنساني ‪ ،‬حيث‬
‫تضمف في المادة ‪ 1/2‬منو تعريفا لمصحفي عمي أنو يشير "إلي كؿ مراسؿ أك مخبر أك محقؽ أك‬
‫مصكر أك مساعدييـ الفنييف في الصحؼ كفي الراديك كفي التمفزيكف كالذيف يمارسكف طبيعيا ىذا‬
‫النشاط كعمؿ أصمي"‪ ،‬كىك ذات التعريؼ الكاسع الذم يدعك إليو االتجاه الغالب في الفقو الدكلي‬
‫ليشمؿ مراسمي الصحؼ المختمفة كمراسمي ككاالت األنباء كاإلذاعة كالتميفزيكف كالشبكات اإللكتركنية‬
‫ككؿ العامميف في قطاع الصحافة كاإلعقاـ(‪.)1‬‬

‫غير أف إغفاؿ التعريؼ في نص المادة ‪ ،79‬يمكف أف ينظر إليو في االتجاه اإليجابي ‪ ،‬مف‬
‫حيث تمتع الصحفييف بشكؿ كاسع بالحماية المقررة‪ ،‬دكف حصرىا في نص تعريفي قد يسقط بعض‬
‫العامميف في ىذا الحقؿ ‪ ،‬كبالتالي يحرمكف مف التمتع بالحماية المقررة (‪ .)2‬كما كيمكف تطبيؽ مبدأ‬
‫مف يثكر بشأنو الشؾ فيك صحفي إلي حيف ثبكت العكس‪ ،‬كىك المبدأ المنصكص عميو في المادة ‪50‬‬
‫مف البركتكككؿ اإلضافي األكؿ لمعاـ ‪ 1977‬ـ بشأف المدنييف ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬ماىر أبك خكات ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪34‬‬


‫(‪ )2‬راجع ‪ ،‬محمكد السيد داككد ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ 37‬كما بعدىا‬

‫‪-17-‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫آليات القانون الدولي اإلنساني في حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة‬

‫بعد التفصيؿ فيما يتعمؽ بالمسئكلية الدكلية ‪ ،‬كما يستتبعيا مف مسئكلية جنائية تمحؽ مف يرتكبكف‬
‫ىذه االنتياكات بحؽ الصحفييف كالمؤسسات اإلعقامية أثناء الحركب كالنزاعات المسمحة ‪ ،‬ننتقؿ لبياف‬
‫اآلليات التي تسمح بتنفيذ كاحتراـ حقكؽ الصحفييف أثناء النزاعات المسمحة ‪.‬كسنتناكؿ ذلؾ مف خقاؿ‬
‫مطمبيف ‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬اآلليات الوقائية لحماية الصحفيين ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬آليات إشرافية لرقابة االنتهاكات‪.‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬اآلليات الردعية‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫اآلليات الوقائية لحماية الصحفيين‬

‫سبؽ كأف تكصمنا خقاؿ المبحث األكؿ مف ىذا الفصؿ إلي أف االنتياكات التي ترتكب بحؽ‬
‫الصحفييف كالمؤسسات اإلعقامية تعد بمثابة جرائـ حرب كفؽ القانكف الدكلي ‪ ،‬كقد كضع القانكف جممة مف‬
‫الطرؽ كاإلجراءات التي يتـ مف خقاليا المقاحقة القانكنية لمف ارتكبكا ىذه الجرائـ كاالنتياكات ‪ ،‬بمكجب‬
‫ما تقرر قانكنان مف مسئكلية دكلية تقع عمي عاتقيـ ‪.‬‬

‫فالقانكف الدكلي اإلنساني ييدؼ إلي حماية ضحايا النزاعات المسمحة كتقييد كسائؿ كأساليب القتاؿ‬
‫‪ ،‬كتعد االنتياكات الجسيمة ليذا القانكف جرائـ حرب يتعيف محاكمة كمعاقبة المسئكليف عنيا كمقاحقتيـ‬
‫لينالكا عقابيـ كليتحقؽ الردع العاـ ‪.‬كسنتناكؿ ذلؾ مف خقاؿ األفرع التالية ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫االتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الصحفيين‬

‫لقد اكتفى المجتمع الدكلي بالنصكص الحالية في اتفاقيات جنيؼ األربع كبركتكككلييما اإلضافييف‬
‫نزعات المسمحة ‪ ،‬كقد دعت االتفاقيات الدكؿ إلي‬
‫‪ ،‬أفضؿ حماية لمصحفييف المتكاجديف بمناطؽ ال ا‬
‫االنضماـ إلييا كالتزاـ بضماف احتراـ نصكصيا عمى المستكييف الدكلي كالداخمي ‪ ،‬كيرجع ىذا االلتزاـ‬
‫إلي المبدأ الدكلي القاضي بسمك المعاىدات الدكلية عمي القانكف الداخمي لذلؾ كاف االنضماـ أكلى مراحؿ‬
‫تعبير الدكؿ عف ارتضيا كرغبتيا فبااللتزاـ بنصكص اتفاقيات جنيؼ األربعة لسنة ‪1949‬ـ‪.‬‬

‫‪-18-‬‬
‫كتفرض قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني عمي الدكؿ التزاـ بضركرة إدماج نصكص االتفاقيات‬
‫الدكلية في التشريعات كالقكانيف الكطنية كيجد ىذا النص أساسو القانكني في القاعدة العرفية التي تقضى‬
‫بعدـ تناقض القكانيف الداخمية مع القكانيف الدكلية(‪ ،)1‬كما يؤكد نص المادة ‪ 8‬مف البركتكككؿ اإلضافي‬
‫األكؿ لسنة ‪ 1977‬كالتي تنص عمي ما يمي ‪:‬‬

‫تتخذ األطراؼ السامية المتعاقدة كأطراؼ النزاع دكف إبطاء اإلجراءات القازمة لتنفيذ التزاماتيا‬ ‫‪-1‬‬
‫بمقتضى االتفاقيات كىذا البركتكككؿ ‪.‬‬
‫تصدر األطراؼ السامية المتعاقدة كأطراؼ النزاع األكامر كالتعميمات الكفيمة بتأميف احتراـ‬ ‫‪-2‬‬
‫االتفاقيات فيذا البركتكككؿ ‪ ،‬كما تشرؼ عمي تنفيذىا ‪.‬‬

‫كبذلؾ نجد أف مكاءمة القكانيف كالتشريعات الداخمية مع االتفاقيات اإلنسانية يشكؿ ضمانة أساسية‬
‫إلي الفئات المعنية بشكؿ عاـ كالتي تعتبر فئة الصحفييف فئة كاجب ليا بالحماية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫االلتزام بنشر قواعد القانون الدولي اإلنساني‬

‫انطقاقا مف الدكر الياـ الذم تمعبو عممية نشر تنفيذ قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني فقد نصت‬
‫اتفاقيات جنيؼ األربع لسنة ‪ 1949‬في مكادىا المشتركة ( ‪ ) 144 ، 127 ، 48 ، 47‬عمي ضركرة‬
‫التزاـ األطراؼ المتعاقدة بنشر أحكاـ ىذه االتفاقيات عمى أكسع نطاؽ في زمف السمـ ككذلؾ زمف الحرب‬
‫‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 83‬مف البركتكككؿ االختيارم اإلضافي األكؿ عمى نفس االلتزاـ ‪ ،‬كعميـ فإف نشر‬
‫أحكاـ القانكف الدكلي اإلنساني فيما يتعمؽ بحماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ عمي المستكل العسكرم مف‬
‫خقاؿ مخاطبة المقاتميف بضركرة االلتزاـ بعدـ استيدافيـ باعتباره مدنييف كعدـ استيداؼ مقراتيـ باعتبارىا‬
‫أعيانا مدنية ‪ ،‬كمعاممتيـ في حاؿ اعتقاليـ طبقا لما تقضى بو اتفاقية جنيؼ الرابعة السيما المكاد ‪، 75‬‬
‫‪ ، 135‬كما يجب نشر قكاعد كأحكاـ القانكف الدكلي اإلنساني في خقاؿ المناىج الدراسية كعند األكساط‬
‫الصحفية اإلعقامية أك مف خقاؿ الدكرات التدريبية الخاصة التي يمحؽ بيا الصحفيكف ليككنا عمى‬
‫استعداد لمكاجية أخطار النزاعات المسمحة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫آليات إشرافية لرقابة االنتهاكات‬

‫‪(1) w. jones. The pure theory of international law B.Y.B. I. L, 1935. P.5), Averdroass, Règles generals‬‬
‫‪du droit international de la paix R.C.A.D 1929, p.292.‬‬
‫‪-19-‬‬
‫يقصد باآلليات الرقابية الكسائؿ المؤسساتية التي تعنى بالدكر السبؽ أك المعاصر مع كقكع النزاع‬
‫المسمح كتسعى إلي الحد مف أثره‪ ،‬إذ تعد كؿ مف المجنة الدكلية لمصميب األحمر كالمنظمات الدكلية غير‬
‫الحككمية مف أىـ الييئات التي تستند إلييا عممية اإلشراؼ عمي تنفيذ قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني‬
‫كالرقابة التزاـ األطراؼ المتنازعة بأحكامو كسنتناكؿ ذلؾ مف خقاؿ ثقاثة فركع‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫دور اللجنة الدولية للصليب األحمر‬

‫أنشئت المجنة لمصميب األحمر سنة ‪ 1863‬تنفيذا لمقترحات "ىمى دكناف" التي أكردىا في كتابة‬
‫تذكار سكلفارينك‪ ،‬كتعتبر المجنة منظمة دكلية غير حككمية‪ ،‬محايدة كمستقمة(‪ ،)1‬اسند إلييا ميمة تطبيؽ‬
‫القانكف الدكلي اإلنساني ككقؼ انتياكاتو كالتكعية بأحكامو‪ ،‬كما تسيـ في حماية كمساعدة ضحايا‬
‫النزاعات المسمحة كاألساس القانكني ليذا الدكر المكاد ( ‪ ) 10 ، 9 ، 3‬المشتركة مف اتفاقيات جنيؼ‬
‫األربعة (‪ ،)2‬كالمادة ‪ 81‬مف البركتكككؿ اإلضافي األكؿ كالمادة ‪ 18‬مف البركتكككؿ اإلضافي الثاني التي‬
‫أسندت ميمة تنفيذ كتطبيؽ القانكف الدكلي اإلنساني إلي المجنة الدكلية لمصميب األحمر كانطقاقا مف ىذا‬
‫كمف الحماية القانكنية التي تكفرىا نصكص كأحكاـ اتفاقيات جنيؼ األربعة كبركتكككلييا اإلضافييف‬
‫لمصحفييف فإف المجنة الدكلية لمصميب لحمر تسعى جاىدة إلي نشر قكاعد التي تيدؼ إلي حماية‬
‫الصحفييف كالمدنييف بشكؿ عاـ مف خقاؿ حرصيا عمى تذكير األطراؼ المتنازعة بالصفة المدنية‬
‫لمصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ كأطقميـ ‪ ..‬كـ تدعـ المجنة كتشارؾ في مبادرات المنظمات الدكلية كاإلعقامية‬
‫التي تسو في المحافظة عمي سقامة الصحفييف ‪ ،‬تقكـ المجنة في مجاؿ حمايتيا لمصحفييف المتكاجديف‬
‫بمناطؽ النزاع مف خقاؿ اإلجقاء لمصحفييف الجرحى كاسترداد كنقؿ أك إعادة الجثث إلي ذكييـ إلى‬
‫كطنيـ األصمي ‪ ،‬كما تساىـ في البحث كالتحرم عف الصحفييف المفقكديف كتتبع آثارىـ‪ ،‬كما أنيا تمعب‬
‫دكر الكسيط مف خقاؿ تقديـ المعمكمات الخاصة بالصحفييف المكقكفيف كزيارتيـ في السجكف كتقديـ‬
‫المعمكمات إلي األىؿ كاألقارب ‪ ،‬كما كضعت المجنة في إطار حرصيا عمي سقامة الصحفييف‪ ،‬خدمة‬
‫إنسانية لمصحفييف المتكاجديف في مناطؽ النزاع مف خقاؿ خط المجنة الدكلية الساخف‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫المنظمات الدولية اإلعالمية‬

‫(‪ )1‬إصدارات المجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬جمعية الصميب األمر قطاع اإلنتاج سكيس ار جنيؼ سبتمبر ‪ ، 20058‬ص ‪. 6‬‬
‫كراجع أيضا ‪Dunant , H ,Un souvenir de solferino , 1862 , 13 ed , Berne, croix – rouge , Suisse , 1986 , :‬‬
‫‪p .135 .‬‬
‫(‪ )2‬د ‪ /‬أحمد أبىالىفب ‪ ،‬القبنىن الدولي اإلنسبني ‪ ،‬الهيئة العبمة لشئىن المطببع القبهرة ‪ ،2002‬ط ‪ ، 1‬ص ‪. 121‬‬
‫‪-20-‬‬
‫تعتبر المنظمات الدكلية غير الحككمية الفاعؿ الجديد في مجاؿ العقاقات الدكلية‪ ،‬فالعقاقات‬
‫الدكلية ال تتمتع دائما باالستقرار كينتج عف ذلؾ العديد مف النزعات فإف التدخؿ لـ يعد يقتصر عمى الدكؿ‬
‫بؿ أصبح لممنظمات غير الحككمية دك ار كبير في النزعات مف أجؿ حماية األفراد كفؽ منظكر األمف‬
‫اإلنساني ‪ .‬كقد شيدت العقكد الماضية ت ازيد في عدد الضحايا لمصحفييف أثناء النزعات المسمحة ما دفع‬
‫المنظمات اإلعقامية الدكلية عمى غرار منظمة " مراسمكف بقا حدكد " ك " كالمعيد الدكلي لحماية‬
‫الصحفييف " ك كالفدرالية الدكلية لمصحفييف " لمتدخؿ مف أجؿ حماية الصحفييف أثناء النزعات المسمحة ‪،‬‬
‫كسكؼ نبرز دكر منظمة مراسمكف بقا حدكد كمثاؿ في شأف حماية الصحفييف ‪.‬‬

‫منظمة مراسمكف بقا حدكد ‪ :‬ىي منظمة دكلية غير حككمية ‪ ،‬تأسست بمدينة مكنبكلييو جكنب‬
‫فرنسا عاـ ‪ ، 1995‬مف األىداؼ المكرسة لممنظمة مساعدة الصحفييف في مناطؽ األزمات ‪ ،‬فمف‬
‫الجانب القانكني دفع الكضع في العراؽ المنظمة إلى إصدار ميثاؽ سقامة الصحفييف العامميف في مناطؽ‬
‫النزعات المسمحة كالمناطؽ الخطرة ‪ ،‬ككضعت فيو مجمكعة مف المبادئ التي يتكجب عمى جميع األطراؼ‬
‫االلتزاـ بيا لتقميؿ المخاطر التي تكاجو الصحفييف ‪ ،‬كقد تـ فتح باب التكقع عمى اإلعقاف ‪ 20‬يناير‬
‫‪2003‬ـ(‪ ،)1‬كـ ساىمت المنظمة مف الجانب الكقائي بإصدار العديد مف الكتب التي تيدؼ إلى نشر‬
‫الكعي باألخطار التي يتعرض ليا الصحفييف في العالـ ‪ ،‬كما ساىمت مع اليكنسكك فبإعداد دليؿ ألمنت‬
‫الصحفييف الذيف يعممكف في المناطؽ الخطرة ‪.‬‬

‫(‪)1‬صيغ ىذا اإلعقاف أثناء الحمقة الدراسية التي حضرت في يناير ‪2003‬ـ‪ ،‬كقد شاركت في أعماؿ الحمقة ممثميف عف المجنة الدكلية‬
‫الصمب األحمر كمف جيات غير حككمية كمنظمة العفك الدكلية كمنظمة مجاىدكف بقا حدكد كمنظمة أخبار بقا حدكد‪ ...‬إلخ‬
‫كمجمكعة البحث كمعمكمات بشأف الدكؿ اإلسقامية كالصراع في القانكف الدكلي اإلنساني كمنظمات مينية إعقامية كناشطكف باسـ‬
‫خمؼ كماؿ األندلسي كالباحث باسـ كزرة الدفاع األمريكية كنص اإلعقاف مكتكب عمى المكقع التالي‪:‬‬
‫‪http://www.Justic.rsf.org.‬‬

‫‪-21-‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫اآلليات الردعية‬

‫ىي عممية التدخؿ عف طريؽ أجيزة األمـ المتحدة مف اجؿ كقؼ االنتياكات التي تطاؿ قكاعد‬
‫القانكف الدكلي اإلنساني أك مف أجؿ فرض االلتزاـ بو ‪ ،‬كسنتناكؿ ذلؾ في ثقاثة فركع ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫المحكمة الجنائية الدولية‬

‫المحكمة الجنائية الدكلية تشكؿ جزءان مكمقا لمقضاء الجنائي الكطني كال تشكؿ استئناؼ عميو ‪،‬‬
‫ذلؾ أف نظاـ ركما األساسي جاء بدعكات مف الدكؿ األعضاء إلى ضركرة التحقيؽ االبتدائي الكطني‬
‫بكؿ الجرائـ التي يمكف أف تككف داخمية ضمف اختصاص المحكمة الجنائية الدكلية كمنيا عمي سبيؿ‬
‫التحديد جرائـ الحرب ‪ .‬كلذلؾ فإف عجزت تمؾ السمطات الكطنية عف االضطقاع ىذه المينة فإف‬
‫اختصاص ىذه المحكمة يمتد ليشمؿ ذلؾ فإف عجزت تمؾ السمطات الكطنية كال تتعدم عميو (‪.)1‬‬
‫لممعاقبة عمي‬ ‫فاألمـ المتحدة‪ ،‬كأنشأت بيف عامي ‪ 1993‬ك ‪ 1994‬محكمتيف خاصتيف‬
‫االنتياكات الجسيمة لمقانكف الدكلي اإلنساني التي ارتكبت في يكغكسقافيا السابقة كركاندا ‪ ،‬كقد بدأت‬
‫سمسة مف المفاكضات عاـ ‪ 1994‬إنشاء محكمة جنائية دكليو دائمة تمارس اختصاصيا بالنسبة‬
‫لمجرائـ الدكلية الخطيرة أفضت إلي اعتماد نظاـ ركما األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية في يكليك‬
‫‪ 1998‬في ركما كدخكلو التنفيذ أكؿ يكليك ‪ ، 2002‬كقد شكؿ إنشاء المحكمة الجنائية الدكلية خطكة‬
‫إضافية نحك المعاقبة الرادعة لألشخاص المسئكليف عف ارتكاب أكثر الجرائـ خطكرة في العالـ (‪. )2‬‬
‫ال تنظر المحكمة إال في أكثر الجرائـ خطكرة كأث انر كاإلبادة الجماعية كجرائـ الحرب‪ ،‬كتستمد‬
‫الفصؿ السابع مف ميثاؽ األمـ المتحدة كفؽ أسس كنظـ‬ ‫صقاحيتيا مف مجمس األمف بمكجب‬
‫(‪)4‬‬
‫‪:‬‬ ‫محددة(‪.)3‬كقد حدد نظاـ ركما األساسي الجرائـ تدخؿ ضمف اختصاصات ىذه المحكمة كىي‬

‫(‪V. Pella : La criminalite collective des Etats et le droit penal de l avenir. 2eme, Bu-carest 1926, )0‬‬
‫‪p.239 et ss‬‬
‫(‪)3‬النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية ‪ ،‬مف منشكرات المجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬منشكر عمي مكقع المجنة عمي االنترنت‬
‫‪http://www.icrc.org/ara‬‬
‫(‪ )3‬راجع ‪ :‬عمى عبدا لقادر القيكجي‪ ،‬القانكف الدكلي الجنائي‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،2001 ،‬ص‪.10 .‬‬
‫ككذلؾ ‪:‬شاركف دييارتا‪ ،‬المحكمة الجنائية الدكلية ‪،‬الكتاب السنكم ‪ ، 2003‬معيد ستككيكلـ ال بحاث السقاـ الدكلي ‪ ،‬ترجمو ‪ :‬فادم‬
‫حمكد كأخر كف ص‪279‬‬
‫(‪ )2‬نصت المادة (‪ )1/5‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية عمي الجرائـ التي تختص بنظرىا المحكمة ‪ ،‬إضافة إلي المكاد‬
‫الخاصة بيذا الجرائـ في النظاـ األساسي لممحكمة كىي (‪)8-7-2/5-6‬‬

‫‪-22-‬‬
‫‪ -1‬جرائـ اإلبادة الجماعية ‪.‬‬
‫‪ -2‬الجرائـ ضد اإلنسانية‬
‫‪ -3‬جرائـ الحرب‪.‬‬
‫‪ -4‬جريمة العدكاف‪.‬‬
‫ثـ عادت المادة الثامنة مف النظاـ األساسي لممحكمة لتحدد جرائـ الحرب التي تختص المحكمة‬
‫ىك اختصاص تكميمي بمعني أف‬ ‫بنظرىا‪ ،‬مع التأكد ثانية عمي أف اختصاص لممحكمة إزاء ذلؾ‬
‫االختصاص األصمي لمنظر بيذه الجرائـ كمعاقبة فاعمييا (‪.)1‬‬
‫كينعقد اختصاص المحكمة بالنسبة لجرائـ الحرب التي ترتكب أثناء النزاعات المسمحة الدكلية‬
‫أك غير الدكلية بمكجب المادة ‪ 8‬مف النظاـ األساسي‪ ،‬كتقدـ ىذه المادة لممرة األكلي عمي الصعيد‬
‫الدكلي قائمة شاممة – إلي حد بعيد – الجرائـ الحرب المنطبقة عمي جميع أنكاع النزاعات المسمحة‪.‬‬
‫كبجرد أف تصبح الدكلة طرفا في نظاـ ركما األساسي ‪ ،‬فإنيا تقبؿ باختصاص المحكمة الجنائية‬
‫الدكلية بالنسبة لمجرائـ السابقة ‪ ،‬كتمارس المحكمة بمكجب المادتيف ‪25‬ك‪ 26‬مف النظاـ األساسي‬
‫اختصاص عمي األشخاص كليس الدكؿ ‪ ،‬كما يجكز لممحكمة أف تمارس اختصاصيا بإحالة مف‬
‫المدعي العاـ أك مف دكلة طرؼ ‪ ،‬شريطة أف تككف الدكلة مف الدكؿ التالي ذكرىا ممتزمة بالنظاـ‬
‫األساسي ‪-:‬‬
‫أرضييا أك ‪.‬‬
‫‪ ‬الدكلة التي ارتكبت الجريمة عمي ا‬
‫‪ ‬الدكلة التي يككف الشخص المتيـ بالجريمة أحد رعاياىا‬
‫كيجكز لدكلة غير طرؼ في النظاـ األساسي أف تكدع إعقانان بقبكليا ممارسة المحكمة‬
‫اختصاصيا(‪ .)2‬كما يجكز لمجمس األمف في إطار الحفاظ عمي األمف الجماعي المنصكص عميو في‬
‫الفصؿ السابع مف ميثاؽ األمـ المتحدة‪ ،‬إحالة قضية إلي المدعي العاـ لمباشر التحقيؽ فييا(‪ .)3‬كيجكز‬
‫لمجمس األمف أيضا أف يطمب عدـ مباشرة التحقيؽ أك المقاضاة لمدة ‪ 12‬شير ا قابمة لمتجديد(‪.)4‬كما‬
‫يجكز تقيد ممارسة المحكمة اختصاىا عمي جرائـ الحريؽ‪ ،‬كيسمح ىذا النص لمدكلة عندما تصبح طرفا‬
‫في النظاـ األساسي أف تعمف عدـ قبكليا اختصاص المحكمة لمدة سبع سنكات مف بدء سرياف ىذا النظاـ‬

‫(‪ )0‬راجع في ذلؾ ‪ :‬السيد أبك عيطو ‪ ،‬الجزاءات الدكلية بيف النظرية ك التطبيؽ ‪ ،‬مرجع ص ‪352‬‬
‫(‪)3‬المادة ‪ 3/12‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬
‫(‪)2‬المادة ‪ 13‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬
‫(‪)2‬المادة ‪ 16‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬

‫‪-23-‬‬
‫األساسي عمييا ‪ ،‬كذلؾ بالنسبة لجرائـ الحرب التي يدعي بأف مكاطنييا قد ارتكبكىا أ ك أنيا قد ارتكبت‬
‫عمي أ رضييا (‪.)1‬‬
‫وتتم إحالة الدعوي أو الشكوى الجنائية إ لي المحكمة من احدي الجهات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلحالة مف قبؿ دكلة طرؼ فيجكز ألم دكلة طرؼ أف تحيؿ لممدعي العاـ أية حالة يبدك‬
‫فييا أف جريمة أك أكثر مف الجرائـ التي تدخؿ في اختصاص المحكمة قد ارتكبت(‪. )2‬‬
‫‪ -2‬المدعي العاـ لممحكمة مف حقو أف يباشر مف تمقاء نفسو إذا تكافرت لدية معمكمات عف‬
‫الجرائـ تدخؿ في اختصاص المحكمة (‪. )3‬‬
‫‪ -3‬مجمس األمف يحؽ لو اإلحالة متصرفا بمكجب الفصؿ السابع مف ميثاؽ األمـ المتحدة‪.‬‬
‫كينبغي أف نؤكد عمي ما استقر كثبت في القانكف الدكلي‪ ،‬فيما يتعمؽ بجرائـ الحرب مف حيث‬
‫أنيا ال تسقط بالتقادـ‪ ،‬كىك ما نص عميو النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية حيث قاؿ "ال تسقط‬
‫الجرائـ التي تدخؿ في اختصاص المحكمة بالتقادـ أياـ كانت أحكامو(‪" )4‬كىك ما أ كد ق أيضا مف قبؿ‬
‫ذلؾ القانكف الدكلي اإلنساني كالقانكف الدكلي اإلنساني العرفي عندما نص عمي أنو ‪ " :‬ال يطبؽ قانكف‬
‫التقادـ عمي جرائـ الحرب"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫قرار مجلس األمن الدولي رقم ‪ 7171‬بشأن حماية الصحفيين‬

‫في ظؿ اتساع رقعة النزاعات المسمحة ‪ ،‬عمي الرغـ مف كجكد اتفاقيات جنيؼ األربعة لعاـ‬
‫‪ 1949‬كالبركتكككليف اإلضافييف لعاـ ‪ ،1977‬كالتي تؤكد جميعيا عمي حماية المدنييف كمنيـ الصحفييف‬
‫أثناء النزاعات المسمحة‪ ،‬كقد تجاكزت ىذه االعتداءات كاالنتياكات بحؽ الصحفييف كؿ الحدكد‪ ،‬ما رفع‬
‫عدد القتمي في صفكؼ الصحفييف إلي أعداد غير مسبكقة‪ ،‬تعد مرتفعة جدان‪ ،‬كقد صاحب ذلؾ بركز‬
‫ظاىرة خطيرة تمثمت في االعتداء عمي مقار كسائؿ اإلعقاـ‪ ،‬بالقصؼ كالتدمير مف قبؿ أطراؼ مشاركة‬
‫في النازعات المسمحة ‪ ،‬بالرغـ مما تكصمت لو التكنكلكجيا اليكـ مف تطكر تستخدـ في تحديد أىدفيا‬
‫كالتعرؼ عمي طبيعتيا إال أف ذلؾ يعني استيداؼ ىذه المقار عف قصد مسبؽ(‪.)5‬‬

‫(‪)0‬المادة ‪ 124‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬


‫(‪)2‬المادة ‪ 14‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬
‫(‪ )2‬المادة ‪ 15‬مف النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬
‫(‪ )2‬المادة ‪ 29‬مف نظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬
‫(‪)5‬جميؿ حسيف الضامف ‪ ،‬المسئكلية الدكلية عف انتياؾ حماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪105‬‬

‫‪-24-‬‬
‫كالشكاىد ال تزؿ حاضرة في الذاكرة ‪ ،‬بؿ إنيا مستمرة في أكثر مف مكاف عمي مستكم العالـ‪،‬‬
‫كمف أبرز ىذه الشكاىد عمي استيداؼ الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ بشكؿ مباشر ما جرم كيجرم يكميان‬
‫في فمسطيف المحتمة‪ ،‬كما جرم في العراؽ إباف العدكاف األمريكي عمييا عاـ ‪ ، 2003‬كما جرم أيضا في‬
‫لبناف أتكثر مف مرة خقاؿ عدكاف ‪2006‬ـ كما يجرم في سكريا كما يجرم في اليمف كما يجرم في‬
‫مناطؽ عديدة مف العالـ‪.‬‬
‫كؿ ىذا دفع بالمؤسسات كالمنظمات الصحفية العالمية أف تطمب مف منظمة األمـ المتحدة في‬
‫أكثر مف مناسبة التحرؾ كاصدار قرار دكلي‪ ،‬عف طريؽ مجمس األمف الدكلي يكفر نكعا مف الحماية‬
‫لمصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ في مناطؽ النزاعات المسمحة‪ ،‬كيصنع حدان ليذه االعتداءات كاالنتياكات‬
‫المتكاصمة كالمتصاعدة بحقيـ‪ ،‬كالزاـ األطراؼ المتنازعة باحتراـ المكاثيؽ كالمعاىدات الدكلية التي نصبت‬
‫عمي ذلؾ ‪.‬كقد حققت الجيكد الحثيثة التي بذليا اإلتحاد الدكلي لمصحفييف‪ ،‬المرجك منيا مف خقاؿ ما قاـ‬
‫االتحاد بتقديمو مف مشركع قرار‪ ،‬سمـ لقاميف العاـ لألمـ المتحدة لعرض عمي مجمس األمف الدكلي‬
‫‪2005/11/18-16‬ـ‪،‬‬ ‫خقاؿ انعقاد قمة المعمكماتية (منتدل اإلعقاـ اإللكتركني ) في تكنس في‬
‫كناشد االتحاد الدكلي لمصحفييف كاتخاذ اإلجراءات القانكنية العتقاؿ القتمة كمحاكمتيـ‪ ،‬كعدـ االكتفاء‬
‫باإلدانة كالشجب ليذه الجرائـ كاالعتداءات التي كقعت عمي الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ خقاؿ عمميـ في‬
‫مناطؽ النزاع المسمح (‪. )1‬‬
‫كقد نبو مشركع القرار األميف لعاـ لألمـ المتحدة إلي تعرض الصحفييف لقاعتداءات كالسجف‬
‫خاص في مناطؽ العمميات العسكرية أك النزاعات المسمحة كتعرضيـ لإلكراه كدفعيـ إلي ممارسة الرقابة‬
‫الذاتية بضغط مف الحككمة القمعية ‪ ،‬ذلؾ أف تمؾ الحككمات المستبدة لـ يكف لدييا الرغبة بالسماح‬
‫لألصكات البديمة عنيا بالظيكر‪ ،‬خشية أف يكشؼ الصحفيكف النقاب عف انتياكاتيا التي ترغب بإبقائيا‬
‫طي الكتماف خشية اطقاع المجتمع الدكلي عمييا (‪. )2‬‬
‫بعد عاـ كنصؼ مف ىذا التاريخ تبنت فرنسا كاليكناف صياغة مشركع ىذا القرار‪ ،‬كبتاريخ ‪23‬‬
‫ديسمبر ‪ 2006‬أصدر مجمس األمف القرار رقـ ‪ ،)3( 1738‬كمقدمتو لتؤكد عمي تمؾ المسئكلية الرئيسية‬
‫التي تقع عمي عاتؽ أط ارؼ النزاع في اتخاذ جميع الخطكات الممكنة لكفالة حماية المدنييف ‪ ،‬كبضركرة‬
‫احتراـ المبادئ التي نصت عمييا اتفاقيات جنيؼ لعاـ كبخاصة اتفاقية جنيؼ الثالثة المتعمقة بأسرم‬
‫الحرب كالمادة ‪ 79‬مف ىذه االنتياكات كمحاسبة مرتكبييا ‪ ،‬كىك األمر الذم كاف ينتظر اإلتحاد الدكلي‬
‫لمصحفييف كالدكؿ التي تبنت مشركع القرار ‪ ،‬بحيث يتـ إنشاء لجنة دكلية لمتحقيؽ في جرائـ القتؿ‬

‫(‪)0‬جميؿ حسيف الضامف ‪ :‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪108‬‬


‫(‪)3‬جميؿ حسيف الضامف ‪ :‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪109‬‬
‫(‪)2‬أنظر ‪ :‬ماىك أبك خكات ‪ :‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪36‬‬

‫‪-25-‬‬
‫كاالغتصاب التي ترتكب بحؽ الصحفييف الذيف يعممكف في مناطؽ النزعات المسمحة ‪ ،‬ثـ النظر بعد‬
‫ذلؾ إمكانية إنشاء محكمة دكلية خاصة لنظر ىذه القضايا ‪ ..‬إال أف مجمس األمف كمف خقاؿ ىذا‬
‫القرار اكتفي بالتأكيد عمي مسئكلية الدكؿ كالتزاماتيا بمكجب القانكف الدكلي في كضع حد لإلفقات مف‬
‫العقاب كمحاكمة المسئكليف عف ىذه االنتياكات ‪ ،‬كىك ما جاء بو نص الفقرة السابعة مف القرار(‪،)1‬‬
‫كالعمكـ أف الدكلة عادة ما تتردد في محاكمة متيـ ارتكب جريمة ليس لمدكلة عقاقة بيا ‪ ،‬أك حتى في‬
‫حاؿ ارتكاب أحد جنكدىا جريمة االعتداء عمي الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ بنفسو أك بأكامر مف قيادتو‬
‫‪ ،‬فإف المحاكم ات الكطنية ليؤالء الجنكد تككف مستبعدة أك صكرية في غالب األحياف لمتعامؿ مع الرأم‬
‫العاـ فقط ‪ ،‬في حيف إف أنساد األمر محكمة دكلية خاصة أك محكمة الجنايات الدكلية ‪ ،‬مف شأنو أف‬
‫يحقؽ الردع لمرتكبي ىذه الجرائـ‪ ،‬كيحمؿ األطراؼ المتنازعة عمي احتراـ االستققاؿ الميني لمصحفييف‬
‫كمكظفي كسائؿ اإلعقاـ (‪.)2‬‬
‫كالمتتبع يرم أف مجمس األمف قد أنشأ سابقا محاكـ جنائية دكلية خاصة أثبتت كفأتيا كفاعميتيا‬
‫في تدعيـ العدالة الجنائية الدكلية كما حصؿ بخصكص يكغكسقافيا‪ ،‬ككاف مف الكاجب أف يقكـ‬
‫مجمس األمف بعد كؿ ىذا القتؿ كالتنكيؿ الذم تعرض لو الصحفيكف أثناء أداء عمميـ‪ ،‬بالنص عمي‬
‫اتخاذ الخطكات العممية إلنشاء محكمة دكلية خاصة لمحاكمة مرتكبي ىذه الجرائـ كاضافة اَلية جديدة‬
‫مف آليات العدالة الدكلية (‪.)3‬‬

‫(‪)0‬تنص الفقرة السابعة مف القرار عمي أنو " يؤكد في ىذا السياؽ مسئكلية الدكؿ عمي االمتثاؿ لقالتزامات ذات الصمة بمكجب القانكف‬
‫الدكلي ككضع حد لإلفقات مف العقاب كمحاكمة المسئكليف عف االنتياكات الخطيرة لمقانكف اإلنساني الدكلي "‬
‫(‪)3‬ماىك أبك خكات ‪ :‬السابؽ ‪38 ،‬‬
‫(‪ )2‬ماىك أبك خكات ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪39‬‬

‫‪-26-‬‬
‫الخاتمـــــة‬

‫إف ما يتعرض لو الصحفييف في مختمؼ دكؿ العالـ مف ممارسات تعيقيـ عف أداء أعماليـ ‪،‬‬
‫يستكجب البحث عف آليات أكثر فاعمية لمحد منيا ‪ ،‬كىك ما يتطمب تكفير إدارة جماعية مف الحككمات‬
‫كالنا شطيف كالمنظمات الصحفية ‪ ،‬الكطنية كالدكلية ‪ ،‬لمعمؿ سكيان مف أجؿ ضماف الكصكؿ بسقؼ التيديد‬
‫كالمخاطر التي يتعرضكف ليا إلي حدىا األدنى‪.‬‬

‫فقد عرفت قكاعد حماية الصحفييف عدة تطكرات تماشيا مع تطكر األكضاع الدكلية خاصة بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كالتي حتمت ضركرة إيجاد ضمانات إضافية لحماية المدنييف بشكؿ عاـ‬
‫كالصحفييف عمي كجو الخصكص‪ ،‬مف كؿ شكؿ مف أشكاؿ االعتداءات التي قد تنجـ عف النزعات‬
‫الدكلية‪ ،‬الصحفييف يستفدكف مف الحصانة بكصفيـ أشخاص مدنييف إال أف ىذه الحصانة ليست مطمقة‬
‫‪ ،‬فالصحافي مشمكؿ بالحماية ماداـ ال يشارؾ مباشرة في األعماؿ العدائية ‪ ،‬إذا تزكؿ الحماية بمجرد‬
‫مشاركتو في ىذه األعماؿ بشكؿ مباشر ‪،‬لذلؾ نجد أف القانكف الدكلي اإلنساني قد منع لمصحفي الحماية‬
‫نفسيا المكفكلة لممدنييف شريطة أال يشارككا بصفو مباشرة في ىذا الصراع‪.‬‬

‫كيقع عمي مما سبؽ الصحفييف احتراـ كنقؿ ما يجرم في ساحة المعركة ‪ ،‬كضماف الحماية ليـ‬
‫بمقتضي أحكاـ القانكف الدكلي اإلنساني مف أم شكؿ مف األشكاؿ االعتداء المعتمد‪.‬‬

‫كيعتبر الحماية المكفكلة لمصحفييف في ظؿ القانكف الدكلي اإلنساني غير كافيو لككف ىذه‬
‫الفئة أكثر ا تعرضا لألضرار الناجمة عف النزاعات المسمحة بالمقارنة مع الفئات األخرل ‪ ،‬نظ ار لما‬
‫تتطمبو المينة المعكدة إلييـ كالتي تحتـ عمييـ التكاجد في قمب الحدث ‪ ،‬لنقؿ ما يترتب عمي ىذا‬
‫النزاعات مف أثار مف خقاؿ تغطيتيـ اإلعقامية ‪.‬‬

‫كترم البد مف السعي كراء إنشاء قكانيف جديدة كتطكير ما قد تـ إنشاءه قكانيف كأحكاـ القانكف الدكلي‬
‫اإلنساني في مجاؿ حماية الصحفييف في ظؿ النزاعات المسمحة نظ ار لقانتياكات البارزة ليذه الفئة ‪،‬‬
‫إلي جانب انتياؾ قكانيف كأعراؼ الحرب‪ .‬حيث أف‪:‬‬

‫‪ -‬لـ تتطرؽ اتفاقيات جنيؼ كالبرتكككؿ األكؿ إلي تعريؼ الصحفي‪ ،‬كىك ما يفتح الباب لمتضارب اآلراء‬
‫في ىذا الصدد‪.‬‬

‫‪-27-‬‬
‫‪ -‬بالرغـ مف خطكرة المياـ الصحفية في النزعات الداخمية ال تكجد إشارة في البركتكككؿ الثاني لذلؾ‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة مشاركة الصحفي في األعماؿ العدائية فإف يفقد حقو في الحماية بكصفة كمدني‪.‬‬

‫‪ -‬ال بد أف تككف المحكمة الجنائية الدكلية كالمنظمات غير الحككمية كاىتماميا فى حماية الصحفييف‪.‬‬

‫‪ -‬ضركرة كضع تعريؼ كاضح لمصحفي في البركتكككؿ اإلضافي األكؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬ضركرة تحديد قائمة األشخاص المدنييف في البركتكككؿ اإلضافي األكؿ ‪.‬‬

‫التأكد عمي إلزامية قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني المتعمقة بحماية الصحفييف كتطبيقيا الفعاؿ خقاؿ‬
‫النزاعات المسمحة ‪.‬‬

‫‪ -‬تطكير كتدعيـ القكاعد التي تحمي الصحفييف ضد اليجمات في ظؿ النزاعات المسمحة‪.‬‬

‫‪ -‬ضماف تطبيؽ قكاعد القانكف الدكلي اإلنساني المقررة لمصحفييف في ظؿ النزعات المسمحة ‪ ،‬بكضع‬
‫آليات دكلية تسير عمي ذلؾ ‪.‬‬

‫‪-28-‬‬
‫المراجــــــــع‬
‫المراجع العربية‬

‫‪ -1‬أحمد أبك الكفا‪ ،‬القانكف الدكلي اإلنساني ‪ ،‬الييئة العامة لشئكف المطابع القاىرة ‪ ،2006‬ط ‪. 1‬‬
‫‪ -2‬إصدارات المجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬جمعية الصميب األمر قطاع اإلنتاج سكيس ار جنيؼ سبتمبر ‪.20058‬‬
‫‪ -3‬باسـ خمؼ العساؼ ‪ :‬حماية الصحفييف أثناء المنازعات المسمحة ‪ ،‬دار ظيراف لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬عماف ‪2010 ،‬‬
‫‪ -4‬جاف بكتيو ‪ :‬القانكف الدكلي اإلنساني تطكره كمبادئو ‪ ،‬معيد ىنرم دكناف ‪ ،‬جنيؼ ‪ 1984 ،‬ـ‬
‫‪ -5‬جميؿ حسيف الضامف‪ ،‬المسئكلية الدكلية عف انتياؾ حماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ أثناء النزعات المسمحة في ضكء القانكف‬
‫الدكلي ‪ ،‬دار الكنب القانكنية مصر ‪. 2012 ،‬‬
‫‪ -6‬حامد صالح محمد ‪ :‬الجكانب القانكنية في معاممة المراسؿ الحربي ‪ ،‬ضمف المراسؿ الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬ص ‪– 24‬‬
‫‪ ،25‬نقابة الصحفييف العراقية ‪ 1984 ،‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -7‬رياض عزيز ىادم ‪ :‬حماية الصحفي كحقكقو أثناء النزاعات المسمحة في ضكء االتفاقيات كالمكاثيؽ الدكلية ‪ ،‬ضمف المراسؿ‬
‫الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬نقابة الصحفييف العراقييف ‪ 1984 ،‬ـ‬
‫‪ -8‬سجاد الغازم ‪ :‬المراسؿ الحربي في الصحافة العربية كالضمانات الدكلية ‪ ،‬ضمف المراسؿ الحربي ميماتو كمسؤكلياتو ‪ ،‬نقابة‬
‫الصحفييف العراقية ‪ 1984 ،‬ـ‬
‫‪ -9‬شاركف دييارتا‪ ،‬المحكمة الجنائية الدكلية ‪،‬الكتاب السنكم ‪ ، 2003‬معيد ستككيكلـ ال بحاث السقاـ الدكلي ‪ ،‬ترجمو ‪ :‬فادم‬
‫حمكد كآخر كف‬
‫صقاح الديف حسيف معركؼ المجمة السكدانية لمقانكف الدكلي مجمة نصؼ سنكية الجمعية السكدانية لمقانكف الدكلي كالتنمية‬ ‫‪-10‬‬
‫العدد األكؿ السنة األكلي يناير‪ 2010 ،‬ـ‬
‫عامرالزمالي مدخؿ إلى القانكف اإلنساني منشكرات المعيد العربي لحقكؽ اإلنساف كالمجنة الدكلية لمصميب األحمر ‪ ،‬تكنس –‬ ‫‪-11‬‬
‫‪ 1997‬ـ‪.‬‬
‫‪ -12‬عبد الرحمف أبك النصر ‪ ،‬اتفاقية جنيؼ الرابعة لحماية المدنييف لعاـ ‪ 1949‬ـ ‪ ،‬كتطبيقاتيا في األراضي الفمسطينية ‪ ،‬جامعة‬
‫األزىر ‪ ،‬غزة الطبعة األكلى ‪ 2000 ،‬ـ ‪. .‬‬
‫‪ -13‬عبد الغني محمكد ‪ ،‬حماية ضحايا النزاعات المسمحة في القانكف الدكلي اإلنساني كالشريعة اإلسقامية ‪ ،‬بحث ضمف ‪ :‬دراسات‬
‫في القانكف الدكلي اإلنساني ‪ 2002 ،‬ـ‬
‫‪ -14‬عبد الكريـ حزاكم ‪ :‬مبادرة لحماية أمف المراسميف الحربييف ‪ ،‬مجمة اإلنساني ‪ ،‬مطبكعات ‪ ، ICRC‬العدد ‪2005 ، 31‬‬
‫عصاـ عبد الفتاح م طر‪ ،‬القانكف الدكلي اإلنساني (مصادره ‪ ،‬مبادئو ‪ ،‬أىـ قكاعده) ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫اإلسكندرية ‪ :‬مصر ‪2008 ،‬‬
‫‪ -16‬ماىر أبك خكات ‪ ،‬حماية الصحفييف ككسائؿ اإلعقاـ أثناء النزعات الدكلية المسمحة دار النيضة ‪2008‬‬

‫محمد فياد الشقالده القانكف الدكلي اإلنساني منشاة المعارؼ اإلسكندرية ‪ 2005‬ـ‬ ‫‪-17‬‬
‫محمد مصطفي يكنس ‪ ،‬مقامح التطكر في القانكف الدكلي اإلنساني ‪ ،‬دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1996 ،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫‪ -19‬محمكد الجكىرم ‪ ،‬المراسؿ الحربي ‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬سمسمة اقرأ‪184 ،‬‬

‫‪-29-‬‬
. 2003 ‫ دار النيضة العربية القاىرة‬، ‫ الحماية الدكلية في القانكف الدكلي كالفقو اإلسقامي‬، ‫ محمكد السيد داككد‬-20
‫ المجمة المصرية لمقانكف‬، ‫ الحماية الدكلية لمصحفييف في القانكف الدكلي اإلنساني كالشريعة اإلسقامية‬، ‫ محمكد السيد داككد‬-21
.‫ ـ‬2003 ، 59 ‫ العدد‬، ‫الدكلي‬

‫القانكف الدكلي‬،‫التدخقات كالثغرات كالغمكض‬،‫اإلطار العرفي لمقانكف اإلنساني الدكلي‬، ‫محمكد شريؼ بسيكني‬ -22
1999– ‫اإلنساني المجنة الدكلية لمصميب األحمر‬
2011 ،‫ اإلطار العاـ لمقانكف الدكلي اإلنساني‬،‫مصطفػى أحمػد فؤاد‬ -23
‫ ـ‬2000 ، 1 ‫ ط‬، ‫مفيد شياب دراسات في القانكف الدكلي اإلنساني دا ار لمستقبؿ العربي القاىرة‬ -24
- ‫مساعي المجنة الدكلية لمصميب األحمر في حالة انتياؾ القانكف الدكلي اإلنساني المنشكر بالمجمة الدكلية لمصميب‬ -25
.،‫ ـ‬1981 ، 728 ‫العدد‬،‫األحمر‬
‫ منشكر عمي مكقع المجنة عمي‬، ‫ مف منشكرات المجنة الدكلية لمصميب األحمر‬، ‫ النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬-26
http://www.icrc.org/ara ‫االنترنت‬
‫المراجع األجنبية‬

1- Alexandre Dalguy – Gallois , the protection of journalists and media personal in


armed conflict IRRC , vol . 86 , no . 853 March 2004.

2- Averdroass, Règles générales du droit international de la paix R.C.A.D 1929.

3- CHRISTIAN Eilders , Media under fire fact and fiction un conditions of war
international review of the red cross , vol. 87. No . 862, December 2005.

4- Dunant , H ,Un souvenir de solferino , 1862 , 13 ed , Berne, croix – rouge ,


Suisse , 1986.

5- F . Bory : Genes et développement du droit international humanitaire ( ICRC) ,


1994.

6- Hans Peter , the protection of journalists engaged in dangerous professional


missions , Extracts from the international Review of the Red Cross January –
February , 1983.

7- Jean Salman ( dir ) dictonnaire de droit international public Bruylon . 2001 , p .


256 .

8- Reporter without Borders , Middle East north Africa ( Annual report ) 2007.
-30-
9- The Green Book – working arrangement with the media in the times of
emergency. Tension confect of war. The role of embedded reporting during the
2003 the war (not 18) parg.34 not.

10- W. jones. The pure theory of international law B.Y.B. I. L, 1935).

11- http:www.rsf.org>. ‫ عمى مكقع المنظمة‬Reporters sans forntieres, Billan 2003.

12- http://www.icrc.org/ara/assets/files/other/journalistsprotectection.arny.conflict.p
df.20/04/2015

13- http://www.Justic.rsf.org.

14- http://www.webreview.dz/img/pdf/article.07/4pdf,p64.22/05/2015.

15- https//www.icrc/org.12/04/2015.

16- https//www.icrc/org.12/04/2015.

17- WWW.maghress.com/wadnon/10012.12/04/2015.

-31-

You might also like