Professional Documents
Culture Documents
االمتحان سيكون عبارة عن اسئلة فهم 16ن ،و سؤال مباشر 4ن.
هذا العمل عبارة عن ملخص وليس المطبوعة كاملة وقد تم حذف الهوامش والتمهيدات والمالحق وغيره ،وبالتالي
لمن أراد معلومات أكثر يمكن له الحصول على المطبوعة األصلية كاملة من مكتبة الكلية.
ال يطلب من الطالب حفظ المواد وال أرقامها في االمتحان.
خطة المحاضرة:
سيتم التعرض لمقياس القانون الدولي اإلنساني من خالل أربعة فصول كالتالي:
الفصل األول :مدخل للقانون الدولي اإلنساني.
الفصل الثاني :مصادر ومبادئ القانون الدولي اإلنساني
1
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
2
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
من بعده تابع العديد من الفقهاء الدراسات ،ما أدى الستقرار "القواعد العرفية والعادات المتعلقة بسير العمليات
العدائية" ،من هؤالء الفقهاء نجد جون جاك روسو الذي استنتج في قاعدة ضمنها كتاب "العقد االجتماعي" مؤداها
أن" :الحرب تدور بين الدول وأن األفراد أعداء ،لكن بطريقة عرضية ،وبإلقاء السالح فإنهم يعودون لطبيعتهم
المسالمة ،وال يجوز االعتداء عليهم".
إال أن هذه المبادئ لم تلق تطبيقا واحتراما خالل النزاعات المسلحة آنذاك ،وهذا إلى غاية الحرب التي دارت
رحاها بين فرنسا وسردينيا ضد النمساويين سنة ،1859حيث التقى الجيشان في جنوب إيطاليا ما انجر عنه
معركة "سولفيرينو" ،والتي تعد من أكثر المعارك دموية التي سجلها التاريخ.
ففي مساء 24جوان 1859وصل شاب سويسري اسمه هنري دونانت إلى أرض المعركة ،ولم يستطع تحمل
ما رآه ،من جرحى وقتلى مكدسين في الكنائس بآالم رهيبة ،كان يمكن إنقاذهم لو اسعفوا في الوقت المناسب ،ففي
تولي األهمية الكبرى للخدمات الطبية التي كانت تتميز بالقصور ،فالمهم آنذاك هو
ذلك الوقت لم تكن الجيوش ُ
التجنيد وليس إعادة تأهيل الجنود.
هذا ما حمل الشاب إلى تحرير كتاب أسماه "تذكار من سولفيرينو" سنة ،1862نال على ثره جائزة نوبل
األولى للسالم سنة ،1901تضمن هذا الكتاب نقال لكل ما رآه بهدف عدم تكرار المأساة ،هذا ما يتطلب تحقيق
هدفين :األول أن تنشأ في كل دولة جمعية غوث تطوعية تهتم بتقديم الخدمات الصحية للمقاتلين وقت الحرب ،أما
الهدف الثاني فهو أن تتحرك الدول لاللتزام بحماية المستشفيات العسكرية وأفراد األطقم الطبية.
انجر عن هذه اإلستشرافات ،إنشاء اللجنة الدولية للصليب األحمر واتفاقيات جنيف وما تالها.
تحقق هذا ،نتيجة ألنه كان من بين قراء الكتاب أحد رؤساء الجمعيات ذات النفع العام السويسرية اسمه
"جوستاف موانييه" ،وبعد عدة اجتماعات عقدتها لجنة تشكلت من دونان وطبيبان وآخرين ،تأسست جمعية خيرية
اسمها "جمعية جنيف للمنفعة العامة" ،والتي تطورت لتحمل اسم "اللجنة الدولية إلغاثة الجرحى" في .1863
في السنة نفسهاُ ،وجهت الدعوة إلى دول العالم لحضور مؤتمر دبلوماسي في جنيف(سويسرا) ،حضره ممثلوا
16دولة ليضعوا أسس اللجنة أعاله ،وفي العام الموالي تم انعقاد مؤتمر ثان انجر عنه إبرام اتفاقية تحسين حال
الجرحى العسكريين في الميدان لسنة ،1864وهي أول اتفاقية في القانون الدولي اإلنساني ،والتي تلتها عدة
اتفاقيات ستتم دراستها أدناه.
ثانيا -ما هو القانون الدولي اإلنساني؟
ُيعرف الق.د.إ حسب الدكتور المجذوب أنه ":مجموعة القواعد الدولية المستمدة من االتفاقيات واألعراف التي
تهدف ،بشكل خاص ،إلى تسوية المشكالت اإلنسانية الناجمة ،بصورة مباشرة ،عن النزاعات المسلحة ،الدولية أو
غير الدولية ،والتي تقيد ،ألسباب إنسانية ،حق أطراف النزاع في استخدام أساليب الحرب وطرقها التي تروق لها
أو تحمي األشخاص واألمالك المعرضين أو الذين يمكن أن يتعرضوا ألخطار النزاع".
3
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
ويعرفه د .عامر الزمالي على أنه ":فرع من فروع القانون الدولي العام ،تهدف قواعده العرفية والمكتوبة إلى
حماية األشخاص المتضررين في حالة نزاع مسلح بما انجر عن ذلك النزاع من آالم ،كما تهدف إلى حماية
األموال التي ليست لها عالقة مباشرة بالعمليات العسكرية".
منه يمكن القول أن القانون الدولي اإلنساني هو":فرع القانون الدولي العام ،تهدف قواعده القانونية العرفية
منها والمكتوبة إلى حماية حقوق اإلنسان واألعيان المدنية وتحديد أساليب القتال خالل النزاعات المسلحة الدولية
وغير الدولية".
ثالثا -القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان :تباين أو توازي؟
يظهر مع تزايد المطالبة باحترام حقوق اإلنسان الخلط ما بين القانونين ،وهذا ما يستوجب التمييز بينهما،
فتظهر النقاط التالية:
هما متمايزان ،رغم أنهما متكامالن ،فالق.د.إ يحمي حقوق اإلنسان وقت النزاعات المسلحة ،في حين
يحمي القانون الدولي لحقوق اإلنسان حقوق البشر في وقت السلمُ ،يفهم أن نطاق تطبيقهما متواز ،إال أنهما
يكمالن بعضهما ،ما يجعل الحماية القانونية الدولية للفرد قائمة في كل األحوال.
يهدف القانون الدولي لحقوق اإلنسان لحماية الفرد من تعسف الدولة قبل مواطنيها ،أما الق.د.إ فيهدف
إلى حماية الفرد من انتهاك دولة أجنبية لحقوقه.
نطاق الحقوق في القانون الدولي لحقوق اإلنسان واسع تصل إلى حقوق الرفاهية(الجيل األول ،الثاني
والثالث لحقوق اإلنسان) ،في حين أن الحقوق في القانون الدولي اإلنساني تتميز بطابعها القاعدي وتتلخص في
الحقوق األساسية.
يطبق الق.د.إ وقت الحرب على المقاتلين والضحايا فهو يرتبط بظروف معينة ،أما القانون الدولي لحقوق
اإلنسان فهو يهتم بتطور الفرد ورفاهه وقت السلم.
رابعا -خصائص القانون الدولي اإلنساني :تتمثل أهم خصائصه فيما يلي:
تتميز قواعده بأنها دولية ،ذات طابع إنساني ،تضمن المساواة بين األطراف المتحارب.
هو قانون حديث النشأة باعتبار أن أول اتفاقية أبرمت في هذا الخصوص كانت سنة 1864فقط.
هو قانون رضائي شأنه شأن باقي فروع القانون الدولي العام ،حيث ال تلتزم الدولة صاحبة السيادة ،إال
بما أبدت رضائها عنه احتراما لسيادتها.
قواعد القانون الدولي اإلنساني قواعد آمرة وملزمة للدول ال يجوز عدم إعمالها أو التحفظ بشأنها.
في حال تعارض قواعده وقواعد اتفاقية صادقت الدولة عليها تكون األسبقية لقواعده.
المبحث الثاني :نطاق تطبيق القانون الدولي اإلنساني.
أوال -النزاع المسلح الدولي :يصدق على نوعين من النزاعات المسلحة.
-1النزاع المسلح بين دولتين قائمتين:
4
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
أ -مفهوم استخدام القوة في العالقات الدولية :تراوحت الحرب بين اإلباحة والحظر ،فحتى وقت قريب كانت
الحرب وسيلة مشروعة لحل المنازعات الدولية ،في إطار نظرية الحرب العادلة .إلى درجة أن عهد عصبة األمم
حد من حاالت اللجوء إليها ،إذ اشترط انقضاء ثالثة أشهر بعد صدور الحكم التحكيمي أو لم يحظرها ،إال أنه ّ
تقدير مجلس عصبة األمم ،كما أنه بمجرد شن أحد أعضائها حربا فإنه يصبح آليا ُمحاربا لجميع الدول األعضاء
األخرى ،ويتعرض آللية الدفاع الجماعي وكذا اإلقصاء من العصبة.
إال أنه ابتداء من عشرينيات القرن الماضي ،بدأت تظهر إعالنات تدين الحرب كوسيلة لحل النزاعات ،كل
هذا لم يمنع قيام عدة حروب في الثالثينيات ،وهو ما انجر عنه تطبيق محتشم لإلجراءات أعاله ،كتطبيق عقوبات
اقتصادية ضد إيطاليا ،وطرد االتحاد السوفياتي سنة .1939
أما ميثاق م.أ.م فقد حظر صراحة اللجوء إلى الحرب حسب المادة 4/2التي تنص على أنه ":يمتنع أعضاء
المنظمة في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سالمة األراضي أو االستقالل الساسي
ألي دولة على أي وجه آخر ال يتفق وأهداف األمم المتحدة" ،منه فإن مجرد التهديد بالقوة أصبح محظورا ،إال اذا
كان في إطار الفصل السابع من الميثاق الذي يبين اإلجراءات التي يتاح لمجلس األمن اتخاذها في حال تهديد
األمن والسلم الدوليين.
هذا الحظر ال يطال أنواعا من الحروب تُكيف على أنها مشروعة كحاالت :الدفاع الشرعي ،حالة الضرورة،
الحروب التي تقودها المنظمات الدولية لصد الحاالت التي تهدد األمن والسلم الدولي ،باإلضافة إلى آخر أشكال
الحرب في القرن الواحد والعشرين وهي الحروب الوقائية ،وهي استخدام القوة العسكرية تجاه دولة لمنعها من
استخدام جهازها العسكري الذي يشكل تهديدا كافيا ضدها وهذا هو أساس الحرب األمريكية على العراق سنة
2003على خلفية مزاعم بامتالكه أسلحة نووية.
كما ال تعد بعض األشكال األخرى مشروعة رغم أنها كانت كذلك قبال ،كالحروب العادلة في العصور
الوسطى المتعلقة بنشر المسيحية ،وكذا الحروب االنتقامية وهي رد فعل دولة سريع ،على دولة أخرى اقترفت في
حقها فعال غير مشروع وتتميز بسرعتها.
تتصل مسألة استخدام القوة في العالقات الدولية بمشروعية أو حق الحرب ،وان أصبح يسمى في القانون
الدولي المعاصر بالقانون المضاد للحرب باعتبار أن حظرها هو األصل ،وهو يختلف عن قانون الحرب ،الذي
تنتمي إليه أحكام الق.د.إ .أما انطباق القانون الدولي اإلنساني فهو ال يتوقف على هذه التفرقة ،إذ يلتزم الطرفين
بقواعد الق.د.إ بغض النظر عن من هو المعتدي ومن هو الضحية.
كما تختار دول أخرى عدم التدخل في النزاع وهذا ما يسمى الحياد ،وهو نوعان :الحياد الدائم وهو مركز
قانوني تتعهد فيه الدولة مع غيرها من الدول بعدم دخول أية حرب ويتم ذلك بتوقيع معاهدة تعتبر فيها الدول
األخرى ضامنة لهذا الحياد ،أما الحياد المؤقت فهو الموقف الذي تتبناه دولة إزاء حرب معينة ،ولم تدون أحكام
الحياد إال في مؤتمر الهاي الثاني حيث قننت حقوق المحايدين وواجباتهم في الحرب البرية والبحرية ،إال أنه
يجدر القول أنه من خالل السوابق الدولية أنه قلما تم احترام الحياد ،فقد ُسجل التعدي الدائم على الدول المحايدة.
5
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
هذا السلوك الذي تتبناه الدولة اختياريا أو اتفاقيا ،تلتزم بموجبه بأال تقوم بأي عمل حربي واالمتناع عن تقديم
المساعدات ألطراف النزاع أو السماح باستعمال مجالها الجوي ،كما تلتزم عدم التحيز في معاملة الطرفين.
وبالمقابل تتمتع الدولة المحايدة بحقوق تتمثل في :احترام إقليم هذه الدولة ،مواطنيها ،سفنها ،طائراتها حتى الحربية
منها وتجارتها وغيرها.
تجدر اإلشارة إلى أنه ال يخل بالتزامات الحياد تمكين الدول األطقم الطبية من المرور بإقليمها أو توصيل
المساعدات حسب المادة 70ب ،1.فهو التزام يقع على كل الدول المتعاقدة ،كما نصت المادة على أن هذا ال
يعتبر تدخال في النزاع أو عمال غير ودي.
ب -تعريف الحرب:
يقصد بالحرب حسب د المجذوب ":نضال مسلح بين فريقين متنازعين يستعمل فيهما كل فريق جميع ما لديه
من وسائل الدمار للدفاع عن مصالحه وحقوقه أو لفرض إرادته على الغير".
كما يعرفها منتصر سعيد حمودة أنها ":صراع مسلح بين طرفين ،بهدف تغليب وجهة نظر سياسية أو تحقيق
أهداف اقتصادية أو عسكرية ،وفقا للوسائل المنظمة بالقانون الدولي العام".
تتنوع الحرب إلى :الحرب البرية والتي تقع في أرض دولة واحدة أو أكثر ،الحرب البحرية ،عندما يقع العمل
الحربي في البحر حتى لو كان موجها للبر ،أما الحرب الجوية ،فهي التي يكون فيها العمل الحربي من خالل
الجو ،وهي اليوم أكثر صور الحرب استعماال.
كما تمر الحرب بمراحل أوالها :بداية الحرب ،يشترط قانون الهاي أال تنشب الحرب إال بعد إعالن سابق
مبرر أو إنذار مع إعالن حرب بشروط ،وقد تم االستغناء عن الشرط الحقا لقيام عدة حروب دونه.
ثانيها :إدارة الحرب ،بحيث تدور العمليات العدائية في أقاليم الدول المتحاربة إال أن التاريخ ّبين امتداد بعض
الحروب إلى الدول المحايدة كما حصل في الحرب العالمية الثانية حيث امتدت إلى مصر.
ال تنتهي الحرب إال بوقف العمليات العدائية نهائيا وعقد اتفاقيات سالم ،ومن بعدها تنطلق العالقات الودية
ويعاد ربط العالقات الدبلوماسية وغيره .أما الهدنة فهي وقف مؤقت وليست إنهاء للحرب مهما دامت مدتها ،كما
ال ُيعد االحتالل حتى في ظل عدم وجود مقاومة إال امتدادا لحالة الحرب.
-2النزاعات المسلحة الدولية المتعلقة بحروب التحرير:
يقصد بحركة التحرير":التنظيم السياسي أو العسكري الذي يناضل في سبيل حرية شعبه واستقالله من
السيطرة االستعمارية األجنبية".
فقد ناضلت الدول المستعمرة لنيل استقاللها ،وكذا لنيل االعتراف الدولي بها وبحق الشعوب في تقرير
مصيرها والمطالبة بتطبيق اتفاقيات جنيف على الحروب التي تخوضها هذه الشعوب وضرورة تمتعها بالحماية
القانونية المقررة للمدنيين والمقاتلين ،في إطار نزاع مسلح دولي.
6
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
هذا األمر الذي مر بعدة مراحل لعل أن أول اعتراف بها كان في نص المادة األولى الفقرة الثانية من م.م.أ.م
المتعلقة بمبادئ األمم المتحدة ،هذا ما أيدته الجمعية العامة في قرارها رقم 1415الصادر بتاريخ 14ديسمبر
1960حول منح االستقالل للبالد والشعوب المستعمرة ،وكذا في .1970
كانت إندونيسيا في مقدمة الدول التي حصلت على حق تقرير المصير سنة 1949من هولندا ،وكذا الجزائر
في ،1962وتطالب الصحراء الغربية من خالل البوليساريو(حركة تحرير الصحراء الغربية) منذ سنوات المغرب
والمجتمع الدولي بهذا الحق الذي أصبح اليوم أصيال ،هذا باإلضافة إلى فلسطين.
أما باستقراء اتفاقيات جنيف األربع فيالحظ خلوها من االعتراف بحروب التحرير كنزاعات مسلحة دولية إال
أن المادة 2/2المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع نصت على أنه ":تنطبق االتفاقية أيضاً في جميع حاالت
االحتالل الجزئي أو الكلي إلقليم أحد األطراف السامية المتعاقدة ،حتى لو لم يواجه هذا االحتالل مقاومة مسلحة"،
لم تأتي هذه المادة بالكثير فلم تبين تصنيف حالة االحتالل كنزاع دولي أو غير دولي ،إال أنها بينت أن حالة
االحتالل يطبق عليها القانون الدولي اإلنساني.
أما االعتراف الصريح بحروب التحرير كنزاعات مسلحة دولية فلم يتأتى إال بالبروتوكول األول لسنة 1977
اإلضافي التفاقيات جنيف ،وهو ما أكدت عليه المادة 4/1منه التي نصت بأنه ":تتضمن األوضاع المشار إليها
في الفقرة السابقة ،النزاعات المسلحة التي تناضل الشعوب بها ضد التسلط االستعماري واالحتالل األجنبي وضد
األنظمة العنصرية وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير ،كما كرسه ميثاق األمم المتحدة واإلعالن
المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعالقات الودية بين الدول طبقا لميثاق األمم المتحدة".
ُيفهم من المادة هذه نتيجتين أساسيين :أن الق.د.إ ينطبق على النزاعات المسلحة المرتبطة بحروب التحرير،
وأن هذه األخيرة تُكيف على أنها نزاع مسلح دولي .وهذا االعتراف المستحق للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير
مصيرها ،من شأنه التخفيف من وطأة الحرب على المدنيين خاصة.
تجدر اإلشارة إلى أنه ال يطبق البروتوكول إال إذا كان طرفا النزاع أطرافا فيه ،وهو ما يستدعي أن تودع
حركات التحرير إعالن انفرادي عمال بالمادة 3/96ب.ج 1.التي تنص على أنه يجوز للسلطة الممثلة لشعب
مشتبك مع طرف سام متعاقد في نزاع مسلح من الطابع المشار إليه في الفقرة الرابعة من المادة األولى أن تتعهد
بتطبيق االتفاقيات وهذا اللحق "البروتوكول" فيما يتعلق بذلك النزاع ،وذلك عن طريق توجيه إعالن انفرادي إلى
أمانة إيداع االتفاقيات .ويكون لمثل هذا اإلعالن ،إثر تسلم أمانة اإليداع له ،اآلثار التالية فيما يتعلق بذلك النزاع:
تدخل االتفاقيات وهذا اللحق "البروتوكول" في حيز التطبيق بالنسبة للسلطة المذكورة بوصفها طرفا في النزاع،
وبأثر فوري ،تمارس السلطة الحقوق وتتحمل االلتزامات المبينة في االتفاقيات والبروتوكول .هذه األخيرة التي يلتزم
بها أطراف النزاع جميعا على حد سواء.
تعتبر هذه الفقرة األخيرة مهمة نظ ار ألن مثل هذه السلطات ال تتمتع بوصف الدولة ،وبالتالي فإنها ال يمكن
أن تكون طرفا في اتفاقية دولية ،ألنها تفتقر للشخصية القانونية الدولية ،إال أن البروتوكول جاء باستثناء لصالح
منظمات التحرير إذ رخص لها االنضمام لالتفاقية واألهم أنه ساوى بينها وبين الدول المتعاقدة رغم تباينها.
7
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
تجدر اإلشارة إلى أن السلطة الفلسطينية أعلنت انفراديا طبقا للمادة أعاله في 07جوان 1982التزامها
بتطبيق قواعد الق.د.إ إال أن هذا اإلعالن االنفرادي ال يؤدي إلى انطباق البروتوكول مباشرة ،وانما يستدعي أن
يكون الطرف الثاني كذلك مصادقا على البروتوكول ذاته ،وهذا ما تحجم عنه عمدا الدول المعنية كإسرائيل
والمغرب ،فالمالحظ أن الدول تصادق على االتفاقيات التي ترى أنها لن تطبق عليها.
ثانيا -النزاع المسلح غير الدولي:
إذا كان تعريف النزاع المسلح الدولي بنوعيه قد استقر اليوم ،بحيث ال يثير أية إشكاالت في التطبيق ،فإن
النزاع المسلح غير الدولي ما زالت تعتريه العديد من نقاط االستفهام مردها صعوبة تكييف النزاع لصعوبة جمع
المعطيات في هذا النوع من النزاعات الذي يتميز بالرمادية.
-1تعريف النزاع المسلح غير الدولي:
-في إطار اتفاقيات جنيف األربع:
أخضعت اتفاقيات جنيف النزاع المسلح غير الدولي للحد األدنى من األحكام وقد أوردت في المادة الثالثة
المشتركة عبارة ":النزاع المسلح الذي ليس له طابع دولي" ،إال أن هذا ال يعتبر تكييف وال يكفي في ظل وجود
تقسيم ثالثي للنزاعات ،ذلك أن بعض النزاعات تكيف على أنها داخلية.
كما اكتفت المادة ذاتها في مجال الحماية الشخصية المقررة في هذا النوع من النزاعات على تطبيق الحد
األدنى من القواعد اإلنسانية.
-في إطار البروتوكول الثاني لسنة 1977المعني بالنزاعات المسلحة غير الدولية:
هذا البروتوكول جاء مخصصا لبيان أحكام الق.د.إ المطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية ،التي تدور
على إقليم دولة طرف بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى ذات اتجاه ديني
أو قومي أو سياسي ،من دون أن تتضمن عنص ار أجنبيا.
الفصل في أحكام الحماية القانونية المتعلقة بالنطاق الشخصي ،هو ما كانت تفتقر له اتفاقيات جنيف
األربع ،هذه الحماية التي تعتبر أكثر من ضرورية في النزاعات المسلحة غير الدولية لسببين :األول هو أنها
تتميز بقسوتها على المدنيين فعادة ما يستهدفون من قبل الطائفة األخرى على شكل تصفية عرقية.
السبب الثاني هو أن أغلب الحروب اليوم ال تدور بين دولتين ،وهو ما يجعل الق.د.إ غير ذي تطبيق ،إال
إذا اعترف بالنزاعات المسلحة غير الدولية ،وخصص لها األحكام المساوية في قيمتا للنزاعات الدولية.
الواقع أنه من الصعب تكييف الق.د.إ على الجماعات المسلحة ومتابعتهم في حال ارتكابهم لجرائم دولية ذلك
أنه عادة ما يكونون غير معروفين وال يلتزمون بالقانون.
لهذا كان لزاما وضع شروط تميز بين النزاع المسلح غير الدولي والنزاع الداخلي ،وهي أن تكون القوات ذات
قيادة مسؤولة ،تمارس سيطرة فعلية على جزء من اإلقليم ،ويمكن لها القيام بعمليات عسكرية متواصلة ،وتستطيع
تنفيذ أحكام البروتوكول(م 1ب .)2
-2أشكال النزاع المسلح غير الدولي :نميز ثالثة أنواع:
8
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
-الحروب األهلية :أكثر النزاعات المسلحة غير الدولية اليوم هي حروب أهلية ،وهي أقسى الحروب وأفظعها
على المدنيين ،ذلك أن كل طرف يسعي للتخلص من الطرف اآلخر وليس هزيمته فقط.
تعرف على أنها ":نزاع عسكري مسلح يقع داخل الدولة الواحدة بين األفراد والدولة أو بين مجموعة من األفراد
ومجموعة أخرى أو بين قوات الدولية عندما يحصل تمرد أو عصيان مسلح وتتميز بطابعها الوطني حتى وان
كانت بتأييد أطراف أجنبية".
ينطبق الق.د.إ على الحروب األهلية ألنه ال ينظر إلى أصل النزاع وسببه وانما إلى آثاره إلى اإلنسان ،ومن
أمثلتها الحرب األهلية اللبنانية ،1990-1975والحرب األهلية الكورية .1953-1950
-الثورات الشعبية :قامت العديد من دول العالم المتقدمة والنامية بثورات شعبية الغرض منها هو تغيير نظام
الحكم باتجاه معين ،وهي تعريفا ":قتال داخل الدولة تقوم به مجموعة من األشخاص يخرجون عن سلطة الدولة
ويقومون بالعمل المسلح ضد الحكومة القائمة دون أن يتمكنوا من تحقيق النصر لصالحهم ومن دون أن تتمكن
الحكومة من إخماد الثورة نهائيا مع استمرار الصراع بين الطرفين".
فإذا فشلت الثورة يخضع الثوار للقانون الجنائي ،واذا نجحت يعتبرون مقاتلين ويطبق عليهم الق.دإ ،ومن أهم
أمثلة الثورات الشعبية نجد :الثورة الفرنسية في سنة ،1799-1789والثورة المصرية في .2011
-العصيان العسكري :هو انقالب عسكري لم يتحقق بشكل كامل ،الفرق بينه وبين الحرب األهلية ،هو قيام
قطاعات داخل الدولة بالتمرد على أوامرها ،وعدم االستجابة لق ارراتها ومحاولة اإلطاحة بها ،يقوم عليها قادة
عسكريين أو محافظي أقاليم ،أي أشخاص كانوا جزء من الدولة .ويتحقق العصيان عندما ينجح المتمردون
بالسيطرة على جزء من اإلقليم ،أما العصيان الذي تتم اإلطاحة به في وقت قصير فال يخضع للق.د.إ.
ثالثا -الحاالت التي ال يطبق فيها القانون الدولي اإلنساني :وهي كل النزاعات الداخلية بأنواعها:
-1االضطرابات الداخلية والتوترات السياسية :هذا ما جاء في المادة األولى من البروتوكول اإلضافي الثاني
لسنة ،1977فهي ال تدخل في وصف النزاعات المسلحة حسب معايير الق.د.إ ،وقد عرفتها اللجنة الدولية
للصليب األحمر بأنها ":تلك الحاالت التي ال تشكل نزاعا مسلحا غير دولي ،تتضمن أعمال اعتداء مسلح متبادلة
بين جماعتين أو أكثر داخل إقليم الدولة ،أو بين إحدى الجماعات المناهضة أو المعارضة وبين قوات األمن أو
الجيش التابعة للحكومة الشرعية ،وان كانت ال ترقى إلى درجة الصراع المسلح من حيث الحجم أو الكثافة".
فبعيدا عن النزاعات المسلحة غير الدولية هناك على الصعيد الداخلي مواجهات ذو طابع خطير وطويل
األمد ويتضمن أعمال عنف ،يفهم مما سبق أن هذا النوع من النزاعات يفتقد لعنصر الديمومة والتنظيم ،فإذا
ارتكبت الدولة أفعاال عدائية تجاه عرق معين ،فإنه ال يعتبر نزاع مسلح غير دولي إال إذا استجاب للمعايير أعاله.
ومن بين أمثلته أحداث أكتوبر 1988في الجزائر.
-2اإلرهاب وأعمال التخريب الداخليين :هو كل األفعال التي يرتكبها أحد األفراد أو الجماعات المنظمة
بهدف نشر الرعب ،وذلك باستخدام أو التهديد باستعمال وسائل قادرة على خلق حالة من الخطر العارم ،أو
إحداث ضرر جسيم لتحقيق غاية معينة.
9
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
فرغم أن اإلرهاب آفة تضرب كل دول العالم اليوم من دون تفرقة بين مسلم ومسيحي ويهودي وعربي وغربي،
إال أنه ليس نزاعا مسلح غير دولي فهو جريمة دولية ،تمس بحقوق اإلنسان األساسية بالنسبة للضحايا وتقيد
حقوق الباقين عندما تستعمل الدول التدابير االستثنائية لمكافحتها .وبالتالي ال يطبق عليها الق.د.إ ألنه عمليا ال
يمكن لمثل هكذا جماعات وحشية أن تلتزم بقواعده ،فلن تلتزم به داعش مثال.
كما تجدر اإلشارة إلى أن تكييف األحداث في الجزائر التي تلت إيقاف المسار االنتخابي سنة 1992وما
تاله من عنف ،كان محل جدل حول تكييفه القانوني ،فقد كاد أن ُيكيف على أنه حرب أهلية ،نظ ار لكون اإلرهاب
مفهوم حديث آنذاك ،ولم يتم االعتراف الدولي بجهود الجزائر في مكافحتها لإلرهاب إال بعد أحداث 11سبتمبر
،2001وتفطن المجتمع الدولي للظاهرة الخطيرة على حقوق اإلنسان واستقرار الدول.
الفصل الثاني :مصادر ومبادئ القانون الدولي اإلنساني.
المبحث األول :مصادر القانون الدولي اإلنساني.
تعتبر مصادر القانون الدولي اإلنساني التقليدية منحصرة في العرف واالتفاقيات الدولية ،والواقع أنه ال يمكن
ترتيبهما على أساس القوة القانونية ،نظ ار للتأثير المتبادل بين المصدرين ،وألجل هذا يتبادالن الريادة ،كما بدأت
تظهر مصادر أخرى في اطار الق.د.إ المعاصر.
المطلب األول :المصادر االتفاقية للقانون الدولي اإلنساني:
مر القانون الدولي اإلنساني من حيث تدوينه على مراحل عدة تشكلت أساسا من محطات أبرمت فيها
اتفاقيات مهمة يمكن تصنيفها إلى قانون جنيف وقانون الهاي:
أوال -االتفاقيات المبرمة في إطار قانون جنيف:
-1اتفاقية جنيف لسنة 1864المتعلقة بتحسين حال الجرحى العسكريين في الميدان :عقد مؤتمر دولي دعت
إليه اللجنة الدولية إلغاثة الجرحى ودعمتها حكومة سويسرا ،وانجر عنه اعتماد االتفاقية التي تضمنت 10مواد،
تعلقت أساسا بـ :حياد األجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي ،واحترام المتطوعين المدنيين ،وحمل شارة خاصة
هي صليب أحمر على رقعة بيضاء .طبقت هذه األحكام في السنة الموالية باحتدام الحرب النمساوية البروسية
سنة ،1866حيث اشتركت جمعيات الصليب األحمر في أعمال اإلغاثة رغم أن النمسا لم تكن طرفا .وألنها لم
تشمل ضحايا الحرب البحرية تمت مالءمتها في مؤتمر الهاي األول للسالم .1899
-2اتفاقية جنيف لسنة 1906الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان :تعتبر متممة
لالتفاقية األولى بلغ عدد موادها ،33توسعت لتشمل حماية المرضى ،كما شملت هذه االتفاقية شرط المعاملة
بالمثل ،الذي يقضي بأال تطبق االتفاقية إال إذا كانت كل الدول المتحاربة مصادقة عليها.
-3اتفاقيتا جنيف المبرمتين 27جويلية :1929طورت الحرب العالمية األولى اتفاقية 1906من خاللهما:
-4اتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان :هي صيغة جديدة التفاقية
،1906ضمت 39مادة ،وألغت شرط المعاملة بالمثل أو المشاركة الجماعية.
10
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
-5اتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب :ضمت 77مادة ،وهي تعد تطور ملفت في ذلك الحين،
باعتبار أن مسألة األسرى بالغة التعقيد وذلك لغاية اليوم ،فقبل إبرامها لم تطبق على األسير إال القواعد العرفية أو
القواعد الموضوعة من خالل االتفاقيات الثنائية.
-6اتفاقيات جنيف األربع المبرمة في 12أوت :1949
تمخض المؤتمر الذي دعت له الحكومة السويسرية سنة 1949إلى إبرام أربع اتفاقيات ،تشكل حجر الزاوية
في الق.د.إ ،وهي المطبقة حاليا على النزاعات المسلحة ،وهي:
-اتفاقية جنيف األولى لتحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان ،ضمت 64مادة.
-اتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار ،تضمنت 63مادة.
-اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب ،تضمنت 143مادة.
-اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية األشخاص المدنيين في وقت الحرب ،تضمن 159مادة.
هذه االتفاقيات عالجت مسألة ضحايا الحرب البرية والبحرية ،وطورت القواعد القانونية التي جاءت بها اتفاقية
،1929كما اهتمت بضحايا النزاعات المسلحة الداخلية بعدما وقفت قواعد اتفاقية 1929عاجزة أمام الحرب
األهلية اإلسبانية ألنها لم تعرف الحروب الداخلية ،باإلضافة إلى أنها عالجت وضعية حماية المدنيين تحت
االحتالل وزمن الحربُ ،يعبر هذا التطور على فهم الدول للدروس التي تمخضت على النزاعات السابقة.
-7البروتوكوالت اإلضافية الملحقة التفاقيات جنيف األربع:
-البروتوكولين اإلضافيين التفاقيات جنيف األربع المعتمدين في 08جوان :1977
*البرتوكول اإلضافي األول الملحق باتفاقيات جنيف 1949والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة
الدولية :ضم 102مادة ،وملحق واحد تضمن الالئحة المتعلقة بتحقيق الهوية.
*البرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف 1949والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير
الدولية :تميز بقلة مواده إذ تضمن 28مادة فقط ،رغم نوعية الحماية التي جاء بها ،كما ارفق بعدة ق اررات مهمة.
-البروتوكول اإلضافي الثالث التفاقيات جنيف ،بشأن اعتماد شارة مميزة إضافية المعتمد في 08ديسمبر
:2005يضيف شارة جديدة وهي مربع أحمر قائم على حده وأرضيته بيضاء.
ثانيا -االتفاقيات الدولية المبرمة في إطار قانون الهاي:
-1مؤتمر الهاي الدولي األول للسالم المنعقد في 29جويلية :1899دعت له روسيا وتمخضت عنه عدة
وثائق منها :اتفاقية حل النزاعات بالطرق السلمية ،واتفاقية الهاي األولى لقوانين وأعراف الحرب البرية ،وألحقت
بها الئحة الحرب البرية ،إلى جانب إبرام اتفاقية تطبيق المبادئ اإلنسانية على الحرب البحرية.
-2مؤتمر الهاي الثاني للسالم المنعقد في 18أكتوبر :1907انعقد بدعوة من أمريكا وانجر عنه إبرام ثالثة
عشر اتفاقية أهمها اتفاقية الهاي الرابعة المعنونة قوانين وأعراف الحرب البرية.
-3هذا باإلضافة إلى كل االتفاقيات الدولية الخاصة بحظر أو تقييد استخدام أسلحة معينة ،أهمها:
-اتفاقية حظر استعمال األسلحة البيولوجية والجرثومية لسنة .1982
11
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
-اتفاقية حظر استحداث األسلحة الكيمائية وانتاجها وخزنها واستعمالها وتدمير تلك األسلحة لسنة .1993
-اتفاقية حظر واستعمال وتخزين ونقل األلغام المضادة لألفراد وتدميرها أوسلو .1997
جاء قانون الهاي بالعديد من األحكام المتعلقة بتقييد وسائل استعمال القوة وقصرها على المقاتلين فقط،
كحظر :استعمال السم ،واألسلحة المسممة ،وقتل من ألقى سالحه ونحو ذلك ،فقانون الهاي هو القانون الذي
يبين القواعد الخاصة بأساليب ووسائل القتال .في حين تتعلق اتفاقيات جنيف بحماية األشخاص المدنيين
والعسكريين واألعيان المدنية أي حماية ضحايا النزاعات بصفة عامة ،وهذا هو الفرق بين قانون الهاي وجنيف.
المطلب الثاني :العرف كمصدر للقانون الدولي اإلنساني أو القانون الدولي اإلنساني العرفي:
-1أسباب اللجوء إلى القانون الدولي اإلنساني العرفي:
رغم إقرار عدة اتفاقيات متعلقة بالق.د.إ إال أنه تم تسجيل العديد من االنتهاكات التي كان يمكن تفاديها لو
تم احترامه ،عدم االحترام ال يرجع إلى ضعف في قواعده وانما لعدم رغبة الدول في االلتزام بها ،إلى جانب
ضعف الوسائل الكفيلة بتنفيذه ،لذا وصل الفقهاء إلى نتيجة مهمة فحواها أنه ال طائل من إقرار قواعد أخرى ،وانما
يكفي فقط تفعيل القواعد السارية النفاذ.
هذا ما أدى إلى التفكير في إقرار القواعد العرفية للق.د.إ المطبقة في النزاعات الدولية وغير الدولية في
2005تحت عنوان الق.د.إ العرفي ،بعد أن كان غائبا على جدول أعمال اللجنة الدولية للصليب األحمر،
الغرض منها التغلب على بعض إشكاالت القانون الدولي اإلنساني التعاهدي(االتفاقي) ،فرغم عدد االتفاقيات ذات
الصلة ،إال أنه يالحظ وجود عائقين خطيرين لتطبيقها في المنازعات المسلحة الحالية وهما:
-تنطبق المعاهدات على الدول التي صادقت عليها فقط ،كما أن الدول التي تكون معنية بالنزاعات أصال ال
تصادق عن قصد لتفادي انطباقها عليها.
-ال ينظم الق.د.إ بطريقة مفصلة نسبة كبيرة من النزاعات المسلحة ،وهي النزاعات المسلحة غير الدولية،
فالبروتوكول اإلضافي األول المتعلق بالنزاعات الدولية يتضمن أكثر من 102مادة ،أما البروتوكول اإلضافي
الثاني المتعلق بالنزاعات غير الدولية فيتضمن 28مادة .وهنا تكمن أهمية الق.د.إ العرفي ،فعندما ال تجد
المحاكم الدولية قاعدة مكتوبة قابلة للتطبيق على النزاع ،فإنها تلجأ إلى القواعد العرفية ،وهذا ما تبناه النظام
األساسي للمحكمة الجنائية ليوغسالفيا السابقة ،والتي تقر باختصاصها في حال انتهاك" :قوانين وأعراف الحرب".
-2شروط قيام القاعدة العرفية الدولية في إطار القانون الدولي:
حسب النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية فإن العرف هو ":العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون
دل عليه تواتر االستعمال" ،وهو ما يتطلب وجود عنصرين هما :ممارسة الدول واالعتقاد بأن هذه الممارسة
مطلوبة أو محظورة ،تبعا لطبيعة القاعدة(الضرورة تصبح اعتقادا قانونيا ،وهو ما اتجهت له محكمة العدل الدولية
في قضية الجرف القاري فقد توصلت إلى أنه ":من البديهي أن ُيبحث عن مادة القانون الدولي العرفي في المقام
األول في الممارسة الحقيقة واالعتقاد القانوني للدول".
12
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
ففيما يخص الممارسات فإنه يجب النظر إليها من زاويتين :األولى تتعلق بالممارسات التي تسهم في إنشاء
الق.د.إ ،وهل هذه الممارسات تكرس قاعدة في القانون الدولي اإلنساني العرفي؟.
يقصد بالممارسات األفعال المادية واللفظية للدول كـ :السلوك على أرض المعركة ،استخدام أسلحة معينة،
التعليمات المعطاة للقوات ،كتيبات التعليمات العسكرية ،أما ق اررات المحاكم الدولية فهي مصدر منفصل قائم
بذاته ،إال أنه يعتبر دليال كافيا لوجود قاعدة عرفية ،في حين ال تشكل جماعات المعارضة قواعدا معينة.
من ثم يجب تقييم الممارسات ووزنها من حيث ما إذا كانت كثيفة بما يكفي إلنشاء قاعدة دولية عرفية ،إذ
يجب أن تكون الممارسة منتظمة غير متناقضة ،إال أن االنتهاكات التي تصحبها اعتذارات أو تبريرات وتنديدات
من الدول األخرى تعتبر هي كذلك قاعدة عرفية.
يشترط كذلك أن تكون الممارسة منتشرة عالمية ومتماثلة ،األمر ال يتطلب عددا معينا ،مع التنويه إلى أن
محكمة العدل الدولية في قضية الجرف القاري لبحر الشمال توصلت إلى أن األمر يتعلق بـ ":ممارسات الدول
المتأثرة بشكل خاص" .على سبيل المثال إذا ما تحدثنا عن مشروعية استخدام األسلحة الليزر المسببة للعمى،
فالممارسة تتطلب غالبية الدول التي تستعمل هذا السالح ،ولو كانوا ثالثة.
علما أن الدول يمكن لها المطالبة بتطبيق الق.د.إ ،رغم أنها ليس لها مصلحة ،ولو لم تكن طرفا في النزاع.
كما ال يمكن القول بوجود إطار زمني معين لنشوء القاعدة العرفية ،ذلك أن العامل الحاسم هو تراكم الممارسة
الفعالة ،إذ يمكن في 5سنوات توافر 10ممارسات فعلية ،وهذا يكفي في إطار ما يسمى بالعرف المتوحش.
الركن الثاني هو االعتقاد القانوني ،أو الشعور بإلزامية القيام بالفعل أو االمتناع ،وأن الممارسة من قبل
الدول تنفذ كأنها قانون .للعلم أنه عادة ما يصعب فصل الركنين عن بعضهما فكل ممارس يستدعي أن يشعر
بإلزامية عمله وهذا هو سبب قيامه به.
من جهة أخرى تجدر اإلشارة إلى العالقة بين القواعد العرفية والقواعد االتفاقية ،قد استقر في الفقه اليوم أن
بعض القواعد االتفاقية خاصة تلك التي القت عدد مصادقات كبير يصل إلى عدد الدول القائمة اليوم تقريبا،
تشير إلى الطابع العرفي للقاعدة كمبدأ عدم التدخل ،فقد أضافت المحكمة في القضية أعاله ":قد يكون لالتفاقيات
المتعددة األطراف دور هام في تسجيل وتعريف القواعد المشتقة من العرف ،أو في الواقع في تطوير تلك القواعد".
ذلك أن المعاهدة قد تقنن قاعدة عرفية قائمة".
منه يمكن أن نتصور وجود قاعدة عرفية لم يتم تقنينها ،وقاعدة عرفية األصل تم تقنينها ،وقاعدة اتفاقية
لقبولها الواسع تعتبر عرفية في الوقت ذاته.
من القواعد ذات الطابع اإلنساني العرفي نجد :مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين واألهداف المدنية ،حظر
الهجمات العشوائية ،حظر االستخدام الغادر للشارات ،حماية الوحدات الطبية ،حظر استخدام األسلحة التي تسبب
إصابات مفرطة أو آالم ال مبرر لها ،ومبدأ أن كل طرف في النزاع عليه أن يضمن احترام قواته للق.د.إ.
المطلب الثالث :مصادر القانون الدولي اإلنساني المستحدثة:
-1ق اررات المنظمات الدولية:
13
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
على رأسها منظمة األمم المتحدة التي تعتبر ق ارراتها نواة التدخل الدولي اإلنساني ،في إطار ما أصبح يسمى
بقانون نيويورك ،وهو يعد أساس للق.د.إ المعاصر.
من بين القرارات اإلطار المتعلقة بالق.د.إ نجد قرار الجمعية العامة رقم 129/43الصادر في 1988
المتعلق بالنظام اإلنساني الدولي الجديد والذي جاء فيه بضرورة تثمين عمل الوكاالت المتخصصة فيما يتعلق
بالقضايا اإلنسانية وتعزيز االستجابة الدولية للمنظمات الحكومية وغير الحكومية بهدف تخفيف المعاناة اإلنسانية.
هذا القرار تبعه ق ار ارن مهمين تفسيريين :القرار 130/43المتعلق بترقية التعاون الدولي في المجال اإلنساني،
والقرار رقم 131/43المتعلق بالمساعدة اإلنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية والحاالت االستعجالية من النوع
نفسه ،المكمل بالقرار هو القرار رقم 100/45الصادر في 14ديسمبر 1990المتعلق بالموضوع نفسه الذي
جاء بفكرة فتح المنافذ االستعجالية اإلنسانية.
كما يلعب مجلس األمن دو ار هاما في تأمين حماية المدنيين في النزاعات المسلحة بالتوازي مع جهود إلنهاء
النزاع من بين أهم ق ارراته نذكر القرار رقم 770الصادر في 14أوت 1992والذي ُيرخص باستعمال القوة
إليصال مساعدات إنسانية للبوسنة والهرسك ،كما استحدث قرار الجمعية العامة رقم 764لسنة 1992الخاص
بالوضع في البوسنة والهرسك إنشاء ممرات آمنة تحت رقابة القوة األممية لضمان الحركة اآلمنة للمعونات
اإلنسانية والموظفين العاملين عليها.
هذا إضافة إلى العديد من الق اررات الصادرة عن المنظمات الدولية اإلقليمية ،فان مجمل هذه النصوص
جاءت بمفاهيم متطورة في الق.د.إ أهمها الترخيص بالتدخل اإلنساني في حاالت االنتهاكات الجسيمة للق.د.إ،
وبذلك أصبحت ق اررات المنظمات الدولية اليوم من المصادر المعاصرة للق.د.إ نظ ار لقدرتها على تحديثه وتطويره.
-2الق اررات واآلراء االستشارية للمحاكم الدولية المتعلقة بالقانون الدولي اإلنساني:
تعتبر مصادرا ،إذ يوجد اليوم اجتهاد في الق.د.إ فمجموع األحكام الصادرة عن مختلف الجهات القضائية
ذات الصلة ،أصبحت تعد مصد ار كسوابق قضائية يمكن للمحاكم الرجوع إليها إذا ما وجد فراغ في القانون.
من بين أهم هذه األحكام أحكام محكمة العدل الدولية ومنها :حكمها في قضية مضيق كورفو(المملكة
المتحدة ضد ألبانيا) الصادر في 09أفريل ،1949والذي جاء فيه أن أعضاء األمم المتحدة يجب أن يمتنعوا في
عالقاتهم عن التهديد أو استعمال القوة ،وكذا حكم محكمة العدل الدولية فيما يخص قضية األنشطة العسكرية
وشبه العسكرية في نيكاراغوا وضدها(نيكاراغوا ضد و.م.أ) الصادر في 27جوان 1986حيث جاءت المحكمة
بالطابع العرفي للق.د.إ ،باإلضافة لحكم محكمة العدل الدولية في قضية تطبيق اتفاقية منع جريمة اإلبادة
الجماعية والمعاقبة عليها(البوسنة والهرسك ضد يوغسالفيا) الصادر في 08أفريل 1993و 17ديسمبر 1997
في 11جويلية .1996
أخي ار ال أري االستشاري لمحكمة العدل الدولية حول مشروعية استخدام دولة ما لألسلحة النووية في نزاع مسلح
الصادر ،1996أين استعملت المحكمة عبارة المبادئ األساسية للقانون الدولي اإلنساني واعتبرت أن إيصال
المساعدات للمدنيين مهما كانت توجهاتهم السياسية ال يمكن أن يعتبر بأي حال من األحوال تدخل غير مشروع.
14
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
15
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
رابعا -مبدأ معادلة التناسب :يقصد به العمل على إيجاد التناسب بين تحقيق النصر في الحرب ،وهو الهدف
الذي يرجوه الطرفين المقاتلين ،وضرورة األخذ بعين االعتبار احترام الق.د.إ ،يقضي هذا المبدأ بضرورة المعادلة
بين األضرار التي ستتسبب فيها العملية العسكرية بمقابل النتائج التي سيضفر بها الطرف ،فإذا كانت الخسائر
أكبر من الميزة العسكرية فهو يعد هدف غير مشروع ،كما يشترط اتخاذ ما يلزم من التدابير االحتياطية أثناء
العمليات العدائية :كالسيطرة التامة على المرؤوسين ،االقتصار على العمليات الالزمة لقهر العدو ،عدم جواز
األمر بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة ،حظر الهجمات العشوائية ،مبدأ االحتياط عند توجيه الضربات للتقليل من
األضرار بين المدنيين واألهداف المحمية.
خامسا -مبدأ حظر اللجوء إلى الغدر واالنتقام أثناء القتال :ليس أطراف القتال أح ار ار في اختيار أساليب الحرب،
حرمت اتفاقيات جنيف استعمال الغدر ،وهو ما يختلف حتما عن الحيل إذ يكون على الطرفين القتال بشرف ،لذا ّ
الحربية التي تعد مشروعة فالحرب خدعة ،كالهجوم المفاجئ أو تعمد نقل المعلومات الخاطئة.
أما أساليب الحرب الممنوعة فهي الغدر والخداع باستعمال الشارات المحمية ،أو التقدم برفع الراية البيضاء ثم
الهجوم ،أو عدم ارتداء الزي العسكري والتخفي كمدني لمخادعة العدو ،واعطاء األمان لالستسالم ومن ثم الغدر.
كما يحظر االنتقام ويعتبر من أساليب الحرب الممنوعة ،وتعرف األعمال االنتقامية حسب معهد القانون
الدولي بأنها ":تدابير قسرية مخالفة للقواعد العادية لقانون الشعوب ،تتخذها دولة ردا على األفعال غير مشروعة
ارتكبتها في حقها دولة أخرى ،وتستهدف فرض احترام القانون على هذه الدولة عن طريق الحاق ضرر معين بها".
فإذا استهدف مدنيون تابعون للدولة ،فال يحق لها أن تستهدف مدنيي الطرف المقابل لالنتقام ،كما ُيحظر
االنتقام من كل األشخاص المحميين كالمدنيين واألسرى ،وحتى األعيان المدنية ،وفقا للبرتوكول األول ،واتفاقية
ج 3.التي جاء فيها":وتحظر تدابير االقتصاص من أسرى الحرب".
سادسا -شرط أو مبدأ مارتنز :فريديرك دي مارتنز هو فقيه قانوني روسي لعب دور هام في صياغة إعالن سان
بيترسبورغ وفقا لهذا المبدأ "يظل المدنيون والمقاتلون في الحاالت غير المنصوص عليها في االتفاقيات الدولية،
تحت حماية القانون العرفي والمبادئ اإلنسانية وما يمليه الضمير العام" ،ولقد نصت على هذا المبدأ عدة
اتفاقيات .كما اعتمدت محكمة نورمبورغ هذا المبدأ عند البت في قضايا كبار مجرمي الحرب العالمية الثانية.
يستشف واضحا اإلجماع حول المبدأ الذي يقضي بأن كل األشخاص واألماكن التي ال توجد قاعدة اتفاقية
تقضي بحمايتها ،تطبق عليها القواعد العرفية ومبادئ اإلنسانية ،وبالتالي يتوجب على األطراف المتنازعة تطبيق
الحد األدنى للحماية ،تطبيقا لمبدأ الشك يفسر لصالح الشخص أو الشيء المحمي.
سابعا -مبدأ حظر استخدام بعض أنواع األسلحة في الحرب :ال يكون ألطراف النزاع وأفراد قواتها المسلحة خيار
غير محدود بالنسبة ألساليب الحرب ،فاألمر ذاته يصدق على وسائل الحرب ،إذ يحظر الق.د.إ استخدام األسلحة
التي تسبب خسائر غير ضرورية أو معاناة مفرطة.
فالعالقة بين توافر األسلحة بين المدنيين وانتهاكات حقوق اإلنسان طردية ،هذا ما يعكسه ارتفاع معدالت
الجريمة في المناطق التي ترتفع فيها معدالت توافر األسلحة.
16
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
لهذا هناك عدة جهود للحد من توافرها حيث طرحت مسألة التجارة الدولية للسالح على جدول أعمال األمم
المتحدة ألول مرة في 1962وبقيت موضوعا محرما للـ 20سنة الموالية ،قبل أن تبرم أولى االتفاقيات حول الحد
من اآلثار السلبية للسالح من حيث التجارة واالستعمال في الحروب.
كما يحظر كل سالح بطبيعته إذا نتج عن استخدامه أي من النتائج التالية:
أن يكون عشوائي األثر بحيث ال يمكن توجيهه إلى هدف معين بدقة.
أن يحدث أض ار ار جسيمة وآالما ال مبرر لها.
أن يلحق بالبيئة الطبيعية أض ار ار بالغة االنتشار وطويلة األمد.
كما يمكن القول أن الق .د.إ قد تعامل مع األسلحة بمنهجين يقضي األول بتحريمها ،أما الثاني فيقيد من
استعمالها مثل البروتوكول الثالث التفاقية 1980الخاص بحظر أو تقييد استخدام األسلحة المحرقة.
وقد ثار الجدل حول القنابل العنقودية خاصة في الحروب ضد فلسطين وهي تدخل في األسلحة المقيدة
االستعمال وليست المحضورة ،بشرط أال تستعمل في مواجهة المدنيين ،بل ضد العسكريين والمنشآت العسكرية.
يجب اإلشارة إلى أن مبدأ القياس في تحريم األسلحة ال يعكس الواقع الدولي لألسف ،فعندما عرضت على
محكمة العدل الدولية قضية مشروعية استعمال األسلحة النووية ،ورغم أن كل شروط الحظر السالفة الذكر تتوافر
فيها ،إال أن المحكمة توصلت إلى أنه ال يوجد ما يمنع الدولة التي تكون مهددة في وجودها من استعماله.
هذا ما يصدق كذلك على سالح النابالم ،والقنابل المسمارية وغيرها التي لم يتوفق المجتمع الدولي إلى
تحريمها ،كما ال تنفك تظهر أسلحة تدمير جديدة سهلة الحمل واالستخدام وشديدة النتائج .والواقع أن البروتوكول
الرابع التفاقية األسلحة التقليدية 1980الخاص بحظر استخدام أسلحة الليزر المعمية هو الوحيد الذي تم حظره
قبل استعماله الفعلي ،بفضل جهود ل.د.ص.أ الحارس على تطبيق الق .د.إ.
الفصل الثالث :حماية المدنيين واألعيان المدنية خالل النزاعات المسلحة.
المبحث األول :حماية المدنيين خالل النزاعات المسلحة.
تكلفة الحرب المعاصرة والتي أصبحت أساسا حروبا جوية تستخدم فيها التكنولوجيات المتطورة(الطائرة من
دون طيار مثال) ،أصبحت فاتورتها من المدنيين تقارب 90بالمئة جلهم من النساء واألطفال.
لذا فإن الفئة التي تستوجب الحماية هي العزل من المدنيين ممن ال قدرة لهم على القتال وال يقومون بعمل
عدائي ،وبالتالي يقع على الجانبين عدم االعتداء عليهم بل وحمايتهم ،وفي هذا الصدد كانت اتفاقية جنيف الرابعة
المتعلقة بحماية المدنيين زمن الحرب الوحيدة التي تعرضت لكيفيات حمايتهم.
ويعرف المدنيين بأنهم األشخاص الذين ال ينتمون إلى القوات المسلحة ،كما نصت االتفاقية الرابعة على أن
تحمى األشخاص الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان ،في حالة قيام نزاع مسلح أو حالة احتالل،
تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتالل ليسوا من رعاياها.
17
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
ُيفهم أن هناك معيارين :معيار عدم القيام بفعل معاد أو حمل السالح واالنتماء إلى القوات المسلحة المعادية،
ومعيار الجنسية األجنبية حتى لو كان الشخص من عديمي الجنسية .وهو ما يستتبع أال تسري هذه األحكام على
رعايا الدولة أو رعايا الدولة المحايدة أو رعايا دولة ليست طرف في النزاع في ظل وجود تمثيل دبلوماسي.
تجدر اإلشارة إلى أن الق .د.إ خصص حماية عامة لهؤالء ،كما خص فئات معينة بأحكامه نظ ار لضعفها أو
لحساسية الدور الذي يضطلعون عليه.
أوال -حماية النساء خالل النزاعات المسلحة :من المتعارف عليه أن النساء من أكثر الفئات المستهدفة
في النزاعات المسلحة ،فأثر القتال عليهن شديد ،خاصة ما تعلق منه بالعنف الجنسي والمخاطر على
صحتهن اإلنجابية ،والق .د.إ يعترف بذلك في الحماية العامة التي يوفرها لكل من الرجال والنساء من دون
تمييز ،إال أنه يشملهن كذلك بأحكام خاصة إضافية لهن.
من بين هذه األحكام :حظر استخدام النساء كدروع بشرية لحماية المقاتلين من الهجوم ،والحماية من العنف
الجنسي ،وهي أفعال تشكل جرائم حرب ،كما يوجب القانون الدولي اإلنساني حبس السجينات بمعزل عن الرجال،
باإلضافة للمعاملة اإلنسانية في األسر.
كما يجب أن تعامل النساء الحوامل وأمهات األطفال الصغار ال سيما المرضعات منهن بالعناية الالزمة،
خاصة فيما يتعلق بتوفير الغذاء واللباس والرعاية الطبية واإلجالء والنقل واإلفراج عليهن إن كن أسيرات.
باإلضافة إلى منع بيع النساء ،والزام األطراف المتحاربة بفرض عقوبات قاسية على من يزاولها ،ومنع
استغاللهن في األعمال الشاقة.
ويمنح الق .د.إ األسر الحق في معرفة مصير أقاربها المفقودين ،ويلزم األطراف في النزاعات المسلحة على
اتخاذ جميع التدابير الممكنة للكشف عن مصير األشخاص الذين هم في عداد المفقودين.
كما يجدر التفريق بين النساء المدنيات والنساء المقاتالت ،فاألصل أنه يمنع تجنيد النساء قدر اإلمكان ،أما
جندن فإنهن يتحولن إلى مقاتالت ،هذا ناجم عن تغير األدوار التقليدية فالمدنيين هم النساء واألطفال ،أما
إذا ّ
الرجال فهل يعتبرون كذلك؟.
فال يمكن القول دائما بأن النساء جزء من المدنيين ،حتى لو كان الفعل بسيطا كاإلطعام والمساندة إلى جانب
التجسس ونقل الرسائل أو اإلخفاء وصوال إلى المشاركة الحقيقية في القتال ،طوعا كان أو كرها .هذا ما يجعل من
مهمة التفرقة ما بين النساء المدنيات والمقاتالت صعبا ففي الحرب في رواندا مثال دفع البعض بأنه ال يمكن
للمدني أن يقف على الحياد ،فكل جندي بدرجة ما طوعا أو كرها.
كما جاءت م 76ب 1.بإجراءات إضافية لصالح حماية النساء كالتالي:
-1يجب أن تكون النساء موضع احترام خاص ،وأن يتمتعن بالحماية ،والسيما ضد االغتصاب واإلكراه على
الدعارة ،وضد أية صورة أخرى من صور خدش الحياء.
-2تعطى األولوية القصوى لنظر قضايا أوالت األحمال وأمهات صغار األطفال ،اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن،
المقبوض عليهن أو المحتجزات أو المعتقالت ألسباب تتعلق بالنزاع المسلح.
18
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
-3تحاول أطراف النزاع أن تتجنب قدر المستطاع ،إصدار حكم باإلعدام على أوالت األحمال أو أمهات الرضع
اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن ،بسبب جريمة تتعلق بالنزاع المسلح ،وال يجوز أن ينفذ حكم اإلعدام عليهن.
ثانيا -حماية األطفال خالل النزاعات المسلحة:
جاء تحديد المقصود بالطفل في المادة األولى من اتفاقية حقوق الطفل لسنة ،1989وهو كل شخص يبلغ
أقل من 18سنة ،وكذا الميثاق اإلفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته(م ،)2وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة اإلتجار
باألشخاص وبخاصة النساء واألطفال المكمل التفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية(م
،)2/3أما الميثاق العربي لحقوق الطفل فقد أقر أنها 15سنة.
أما في الحرب وعلى األخص فيما يخص التجنيد فقد اعتمدت اتفاقية حقوق الطفل سن أقل وهي 15سنة،
هذا ما اعتمدته المادة 2/77ب ،1.والمادة /3/4ج ب 2.جاء فيها ":ال يجوز تجنيد األطفال دون الخامسة عشرة
في القوات أو الجماعات المسلحة .وال يجوز السماح باشتراكهم في األعمال العدائية".
أما النص األحدث وهو البروتوكول االختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك األطفال في
المنازعات المسلحة لسنة ،2000فقد جرم تجنيد الطفل الزاميا أو طوعيا دون 18سنة أو استخدامهم في األعمال
الحربية في النزاعات الدولية وغير الدولية واعتبرها جريمة حرب.
ما بين السنين وهذا التعارض الذي لم ُيفصل فيه يمكن القول بمشاركة من هم ما بين 15و ،18وبالتالي
فإنهم يفقدون حقوقهم كمدنيين غير مشاركين في األعمال العدائية ويصبحون هدفا مشروعا ،خاصة مع التطور
التكنولوجي وظهور األسلحة الخفيفة ،السهلة االستعمال ،فقد تزايد إشراك األطفال في النزاعات المسلحة خاصة
في الدول النامية ،وحتى من قبل دول متقدمة ككندا وأمريكا وبريطانيا وحتى بالنسبة للقوات األممية لحفظ السالم.
هذا التجنيد المبكر والذي في أحيان كثيرة يكون قسريا عن طريق اختطاف الطفل ،ينشئ الطفل على الحرب
والرعب ،وهو ما يتعارض مع التربية السليمة.
من الوثائق أعاله يمكن استخالص أن مظاهر حماية الطفل زمن الحرب تتمثل في:
-منع تجنيد الطفل األقل من 15سنة في النزاع المسلح الدولي وكذا الداخلي.
-يبقى الطفل المقاتل أقل من 15سنة يتمتع بحقوق المدني ،ألنه ال يجوز تجنيده أصال.
-الطفل غير المقاتل يستفيد من الحماية المطبقة من المادة 27إلى 34ج ،4.إذ يمنع قتل الطفل ،واالعتداء
عليه جسديا ،واكراهه على القيام بأعمال منافية للقيم واألخالق .ومعاملته بطريقة غير إنسانية ،والمساس سالمته
الجسدية والعقلية ،واسترقاقه وتعذيبه وتعريضه للعقوبات الجماعية.
-ال يجوز توقيف الطفل وحبسه بصفة غير قانونية وال فرض عقوبة اإلعدام وال السجن المؤبد عليه وهو ما يعد
جريمة ضد اإلنسانية ،كما يسجن في مكان منفصل عن البالغين.
-يعتبر الطفل المقاتل في الحقيقة ضحية تنفيذا لمبدأ المصلحة الفضلى للطفل ،فال يتحمل مسؤولية رفع السالح
وال خطأ مشاركته في األعمال الحربية .ففي حال ارتكابه النتهاكات جسيمة للقانون الدولي اإلنساني خاصة جرائم
حرب فإنه ال يمكن أن تطبق عليه عقوبة اإلعدام ،كما أن المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة في متابعة
19
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
األطفال المقاتلين (م .)26أما اتفاقية حقوق الطفل فلم تمنع متابعة الطفل المقاتل ،إال أنها وضعت معايي ار
خاصة لعدالة األطفال في النزاع الدولي .ويجب التشديد على أن الطفل في النزاع الداخلي ال يتمتع بهذا إذ يمكن
متابعته مع األخذ في الحسبان قدرة الطفل على التمييز والسن.
كما أصدر مجلس األمن العديد من التوصيات منذ 1999تهدف إلى إيقاف تجنيد األطفال واستعمالهم /في
الحرب باإلضافة إلى ضرورة متابعة المسؤولين على الجرائم ضد األطفال كالهجوم على المدارس والمستشفيات
واإلبادة الجماعية واقصائهم من إجراءات العفو ،وألول مرة قام األمين العام السابق لألمم المتحدة كوفي أنان في
27جويلية 2003بضبط قائمة الدول التي ال زالت تجند األطفال ،وطالب بفرض عقوبات مالية وعسكرية على
الدول التي ال تستجيب للتوصية.
كما ُأنشئ مكتب الممثل الخاص لألمين العام المعني باألطفال والنزاع المسلح في أعقاب تقرير حول أثر
النزاع المسلح على األطفال ،قُدم للجمعية العامة في ،1996بعد تزايد مثول األطفال أمام القضاء الدولي
والوطني ،إما كضحايا وشهود ،أو لمحاكمتهم كمتهمين في حاالت النزاع المسلح.
أما فيما يخص الحماية الخاصة بالطفل المدني فهي:
-أن يكون األطفال موضع احترام خاص ،وأن تكفل له الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء .ويجب
أن تهيئ لهم أطراف النزاع العناية والعون اللذين يحتاج إليهما ،سواء بسبب سنه ،أم ألي سبب آخر.
-على دولة االحتالل أن تتخذ جميع التدابير الالزمة لتيسير التحقق من هوية األطفال وتسجيل نسبهم .وال يجوز
لها بأي حال أن تُغير حالتهم الشخصية.
-ال يجوز إجالء األطفال بخالف الرعايا إلى بلد أجنبي إال إجالء مؤقتا ،إذا اقتضت ذلك أسباب قهرية.
-يجب توفير الرعاية والمعونة لألطفال بقدر ما يحتاجون إليه وبصفة خاصة :أن يتلقى األطفال التعليم ،بما في
ذلك التربية الدينية والخلقية تحقيقا لرغبات آبائهم أو أولياء أمورهم في حالة عدم وجود آباء لهم ،وأن تتخذ جميع
الخطوات المناسبة لتسهيل جمع شمل األسر التي تشتتت لفترة مؤقتة.
ثالثا -حماية الصحفيين خالل النزاعات المسلحة :االهتمام بوضع المراسل الصحفي ليس جديدا ،نظ ار
لحساسية وخطورة الوظائف التي يقوم بها لنقل الحقيقة ،إال أنه في إطار الق .د.إ يجب التمييز بين:
المراسل الصحفي الذي يباشر مهامه في مناطق المنازعات المسلحة والذي يعد شخصا مدنيا ،يجب حمايته
من أن يستهدف باألعمال العدائية ،بشرط أال يقوم بأي عمل يسيء إلى وضعه كمدني.
يجوز له الحصول على بطاقة هوية ،تصدر من حكومة الدولة التي يكون الصحفي من رعاياها ،أو التي يقيم
فيها ،أو التي يقع فيها جهاز األنباء الذي يستخدمه ،وتشهد على صفته كصحفي.
أما المراسلون الحربيون الذين يرافقون القوات المسلحة ،دون أن يكونوا جزءا منها ،فيعتبرون أسرى حرب في
حال وقوعهم في قبضة العدو.
أما فيما يخص النزاعات المسلحة غير الدولية ،فال أثر للصحفي في البروتوكول الثاني ،إال أنه يجب أن
يتمتع بالقدر األدنى من الحماية اإلنسانية وأن يتمتع بالحماية ذاتها.
20
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
تجدر اإلشارة إلى األعداد المتزايدة من الصحفيين الذين ُيستهدفون في النزاعات المسلحة عن عمد لتعتيم
ال أري العام الدولي وهو ما يعتبر انتهاكا للق.د.إ ،وهو ما أدى بعديد الهيئات الدولية إلى التنديد بذلك ،كالجمعية
العامة لألمم المتحدة التي تناولت وضعهم في دورتها (25لسنة ،)1970وكذا منظمة مراسلون بال حدود.
رابعا -حماية موظفي الخدمات اإلنسانية في النزاعات المسلحةُ :يقصد بهم األشخاص الذين يقومون على
كل أشكال الخدمات اإلنسانية في زمن الحرب لفائدة العسكريين والمدنيين على حد سواء ،المادية منها والمعنوية،
وال يشترط أن يكونوا فريقا واحد ،وال أن ينتموا لدولة محايدة أو دولة معينة ،فهم يتبعون دول وتنظيمات مختلفة،
يمكن حصرهم في:
-1األطقم الطبية خالل النزاعات المسلحة :يقصد بهم:
-األشخاص المتفرغون للبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى ونقلهم أو معالجتهم.
-األشخاص المتفرغون إلدارة الوحدات والمنشآت الطبية.
-2العسكريون المدربون :بالخصوص للعمل عند الحاجة كممرضين ،أو حاملين مساعدين للنقاالت ،والقيام
بالبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى ونقلهم أو معالجتهم.
-3رجال الخدمات الدينية :كرجال الدين الملحقين بالقوات المسلحة.
-4جمعيات اإلغاثة التطوعية :هم المنتمين إلى جمعيات الصليب والهالل األحمرين ،يضاف إليهم جمعيات
اإلغاثة التابعة لبلد محايد يقوم بالخدمات اإلنسانية ،بعد اإلبالغ بمشاركتهم في أعمال التطوع.
تعتبر اللجنة الدولية للصيب األحمر أكثر منظمة نشطة في هذا المجال ،وقد نصت اتفاقيات جنيف
وبروتوكوليها صراحة وضمنا إلى أنشطتها زمن الحرب ،بصفتها مؤسسة إنسانية محايدة مستقلة أو كبديل عن
نظام الدولة الحامية.
فال يمكن للجنة وكل التشكيالت السالف ذكرها أن تقوم بوظيفتها ،إال بعد تحصلها على الضمانات الدنيا
لحماية األفراد التابعين لها ،هؤالء األشخاص ال يعتبرون أسرى حرب إذا ما وقعوا في قبضة العدو ،إال أنه يمكن
استبقائهم لمساعدة أسرى الحرب ،فهم محايدون وينتمون إلى جمعيات خاصة حتى لو كانوا يحملون جنسية العدو،
وهم يتمتعون بهذه الحماية طالما لم يقوموا برفع السالح ،كما أن عملهم ال يعتبر تدخال في النزاع ،أما العسكريين
القائمين على وظائف صحية بصورة مؤقتة فيعتبرون أسرى حرب.
أما فيما يخص النزاعات غير الدولية فقد تضمن البروتوكول الثاني النص على احترام الجرحى والمرضى
والغرقى ،وهي المهمة التي ال يمكن القيام بها إال من خالل هذه الوحدات.
خامسا -حماية موظفي الحماية المدنية خالل النزاعات المسلحة:
أو الدفاع المدني ويعرفون بأنهم األشخاص الذين يخصصهم أحد أطراف النزاع لتأدية المهمات اإلنسانية
الرامية إلى حماية السكان المدنيين من أخطار العمليات العدائية أو الكوارث ويساعدونهم على تجاوز آثارها
المباشرة وتوفير الظروف الالزمة للبقاء دون غيرها من المهام.
21
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
لذا يجب توفير الحماية لموظفي الهيئات الخاصة التي ليس لها طابع عسكري ،القائمة قبال أو تلك التي تنشأ
بمناسبة النزاع المسلح ،لتأمين وسائل المعيشة للسكان المدنيين من خالل دعم خدمات المنفعة العامة األساسية،
وتوزيع مواد اإلغاثة وتنظيم اإلنقاذ ،وقد كرس البروتوكول األول دور الدفاع المدني في مساعدة المدنيين أثناء
الحروب فوضع له إطا ار خاصا واعتبرهم مدنيين ،وخصص لهم شارة مميزة وهي مثلث متساوي األضالع أزرق
اللون على أرضية برتقالية اللون.
تمتد الحماية إلى أرض القتال واألراضي المحتلة ،والى كل المدنيين الذين يتطوعون ويشاركون في أعمال
الغوث ،ومن المنظمات المتخصصة نجد المنظمة الدولية للدفاع المدني/الحماية المدنية ومقرها جنيف ،بشرط أال
يشاركوا في العمليات العدائية ،وأال تتسبب أعمالهم في اإلضرار بالعدو.
سادسا -موظفو المنظمات الدولية واألفراد المرتبطون بها:
تزايد نشاط المنظمات الدولية في خالل النزاعات المسلحة وعلى رأسها قوات حلف شمال األطلسي ومنظمة
األمم المتحدة ،وتزايد االعتداءات عليها أدى لعدم اكتفاء األمم المتحدة بقواعد الق.د.إ ،ما انجر عنه إقرار
الجمعية العامة التابعة لها اتفاقية بشأن سالمتهم لسنة .1994
كما يقع على القوات األممية التقيد بقوانين وأعراف الحرب ،هذا ما أدى باألمين العام في 10أوت 1999
إلى إصدار تعليمات توجيهية بمناسبة مرور 50سنة على اتفاقيات جنيف عنوانها" احترام القانون الدولي اإلنساني
من قبل قوات األمم المتحدة".
المبحث الثاني :حماية األعيان المدنية في النزاعات المسلحة.
أوال -حماية الممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة:
-1الحماية العامة للممتلكات الثقافية:
عرفت اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية(الحقا ح.م.ث) في م 1بأن الممتلكات الثقافية هي":الممتلكات
المنقولة أو الثابتة ذات األهمية الكبيرة لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية أو التاريخية الدينية أو
المدنية واألماكن األثرية ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية أو التحف الفنية
والمخطوطات والكتب واألشياء األخرى ذات القيمة الفنية والتاريخية أو األثرية ،والمجموعات العلمية ومجموعات
الكتب المهمة" ،منه ُيمنع استهداف المدارس التربوية والتعليمية باإلضافة للجامعات والمعاهد ،كما تتعهد الدولة في
حال االحتالل أن تحميها.
تستفيد من الحماية كذلك المباني المخصصة بصفة رئيسية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة
كالمتاحف ودور الكتب الكبرى باإلضافة إلى المراكز التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية والتي
يطلق عليها إسم" مراكز األبنية التذكارية".
منه يحظر ارتكاب أي من األعمال العدائية الموجهة ضد اآلثار التاريخية أو األعمال الفنية أو أماكن العبادة
التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب ،أو استخدامها في دعم المجهود الحربي ،أو اتخاذها محال لهجمات
الردع ،إذ يعد انتهاكا للق.د.إ كل هجوم عليه أو سرقة أو تخريب أو استخدام.
22
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
إال أن أكثر هذه األماكن التي تثار دائما معضلة حمايتها في أثناء النزاعات المسلحة نجد األعيان الدينية
المقدسة ،نظ ار الرتباطها العميق بإيمان الشعوب ،إال أنها تثير العدد من اإلشكاالت خاصة فيما يتعلق بتحديد
ماهيتها ،نظ ار الختالف االعتقادات ،فما يعتبر في اإلسالم صنم ،هو بالنسبة للبوذيين إله واجب االحترام ،أما
الق.د.إ فيعمد في تحديد مفهومه من خالل االستعانة بمعايير مختلفة ،كالمعيار الشخصي الذي يعني اعتقاد
مجموعة من األشخاص بأن هذا المكان يقربهم من القوى العليا ،وبالتالي فإنه يمكن القول باختالف تعريف
األماكن الدينية حسب الثقافة الدينية للفرد إال أنه يمكن حصرها في :أماكن العبادة ،القبور ،األضرحة ،األماكن
ذات الرمزية الدينية(غار حراء مثال) ،ويجدر احترامها حتى في ظل عدم االعتقاد بها.
يعتبر انتهاك حرمة األماكن المقدسة في صميم المادة 2/19من مواد لجنة القانون الدولي الخاصة
بالمسؤولية الدولية للدولة لسنة ،2001والمادة 7من الن.أ.م.ج.د باعتبارها جريمة ضد اإلنسانية.
سبب حظر انتهاك هذه األماكن هو أنها ال تحقق أي ميزة عسكرية ،وبالتالي فإن الدولة تلتزم في إطار
األعمال التحضيرية بحصر قائمة للممتلكات ،ووضع خطة في حال الطوارئ لنقلها وحمايتها من الحرائق ،كمنا
يتوجب اتخاذ االحتياطات الالزمة أثناء الهجوم لتجنب األضرار العرضي بالممتلكات الثقافية المحمية بما في ذلك
إلغاء أو تعليق هذا الهجوم ،كما يكون على الدول أال تقيم المنشآت العسكرية بجوار الممتلكات المحمية.
ال يجوز التذرع بالضرورة العسكرية الستهداف الممتلكات الثقافية إال في حال ما إذا استخدامها العدو
ألغراض عسكرية وبعد اإلنذار المسبق ،كما ال يبرر وجود القوات بالقرب من المعالم إال اذا اعتبرت تراثا إنسانيا
على جانب من األهمية ،تمتد حماية الممتلكات حتى في ظل األراضي المحتلة ،إذ يقع على المحتل منع
تصديرها ،وأي نقل غير مشروع ،أو نقل ملكيتها ،أو تغييرها أو إخفاءها ،باستثناء تك التدابير الرامية للحفاظ
عليها .كما تجرى أعمال التنقيب بالتنسيق مع السلطات المحلية.
رغم الحماية الدولية التي يقرها الق.د.إ للممتلكات الدينية فإن الموروث الثقافي لإلنسانية ال يزال يتعرض
لالعتداء في خالل النزاعات المسلحة ،فقد أصدر مجلس األمن قرار رقم 271لسنة 1969على إثر حريق
المسجد األقصى في 1969منوها إلى الخسارة التي لحقت بالتراث المشترك لإلنسانية.
كما قصفت إسرائيل المسجد األقصى في مدينة القدس ما أدى إلى تهديم بعض أجزائه ،باإلضافة إلى أجرائها
للحفريات المشهورة من تحته .كما طرح اإلشكال ذاته أثناء النزاع المسلح في يوغسالفيا السابقة ،حيث تم تدمير
المساجد والمواقع التاريخية في كرواتيا والبوسنة والهرسك.
ال يخفى على أحد نهب فرنسا لممتلكات ثقافية جزائرية تسعى الجزائر منذ سنين السترجاعها ،باإلضافة لنهب
المتاحف خالل الحرب على العراق ،وعديد هو ما سرق من مصر إبان االنتداب ويعرض اليوم في المتاحف
األوربية على مرأى من العالم.
-2الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية:
يقصد بها السماح بإضافة تدابير عسكرية وادارية ومادية للمحافظة على الممتلكات الثقافية ،تمنحها اللجنة
الدولية لحماية الممتلكات الثقافية ،وهي لجنة لغرض ad hocتنشأ لدى قيام نزاع مسلح تتكون من 12عضو،
23
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
تحترم تشكيلتها التمثيل العادل للمناطق وثقافات العالم ،تتمثل مهمتها في مراقبة احترام الممتلكات الثقافية في
خالل العمليات العدائية.
تُستحق التدابير هذه بتوافر شروط ثالث :أن تكون على جانب كبير من األهمية بالنسبة للبشرية ،أن تكون
محمية بتدابير وطنية ،أال تستخدم ألغراض عسكرية.
كما وتتعاون في سبيل تحقيق أهدافها مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية ،وعلى الخصوص مع منظمة
األمم المتحدة للتربية والتعلم والثقافة(اليونسكو) ،التي تختص دوليا بإعداد قوائم الممتلكات التي تعد تراثا مشتركا
لإلنسانية ،باإلضافة إلى اللجنة الدولية للدرع األزرق.
أخي ار ال يمكن االعتداء على الممتلكات الثقافية حتى في النزاعات المسلحة غير الدولية ،أما في االضطرابات
والتوترات الداخلية ،فإن االعتداء على الممتلكات الثقافية يعتبر من جرائم القانون العام ويطبق عليها القانون
الوطني للدولة ال الق.د.إ.
ثانيا -فئات األعيان المدنية المعنية بحماية خاصة:
-1حماية البيئة في زمن النزاعات المسلحة :يمكن أن يكون التعدي على البيئة من خالل االستعدادات
والتدريبات واالختبارات ،وأثناء سير العمل الحربي ومن بعده بالنظر إلى مخلفاته.
ظهرت الحاجة إلى مثل هذه األحكام بعد حرب الخليج الثانية خاصة ،نظ ار الستعمال السالح الكيميائي
خاللها وهو ما أثر على البيئة الطبيعية ،لذا بدأ البحث عن القواعد التي يجب أن توضع لحماية البيئة ،هذا ما
دعى إلبرام ثالث اتفاقيات تطرقت بشكل مباشر لحماية البيئة وقت الحرب وهي :اتفاقية حظر استخدام تقنيات
تغيير البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغراض عدائية أخرى لسنة ،1976خاصة تلك الواسعة االنتشار أو
الطويلة البقاء أو الشديدة من حيث اآلثار المدمر للبيئة من دون حظر صناعة تطوير هذه المواد ،وقد تميزت هذه
االتفاقية بالغموض والنقص ،وهو ما استدعى الحاق اتفاق تفسيري لها.
كما تطرق البروتوكول اإلضافي األول التفاقيات جنيف لها ،وقد تضمن حكمان األول يتعلق بحماية البيئة
من أساليب ووسائل القتال ويدخل ضمن مبدأ مهم للق.د.إ وهو حظر التسبب بآالم المفرطة أو التي ال مبرر لها.
أما المادة 55منه فقد نصت على أنه يراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغة واسعة
االنتشار وطويلة األمد .وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع
منها أن تسبب مثل هذه األضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان ،باإلضافة إلى حظر
هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية.
كما اعتبر جريمة حرب تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن إحداث ضرر واسع ضرر
واسع النطاق وطويل األجل وشديد على البيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحا بالقياس مع مجمل المكاسب
العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.
24
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
النص الثالث هو نظام روما 1998حيث جاء في المادة الثامنة منه..":أو إحداث ضرر واسع النطاق
وطويل األجل وشديد للطبيعة يكون إفراطه واضحا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة
المباشرة" ،واعتبر مثل هكذا هجوم جريمة حرب.
-2الممتلكات التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين:
أعطت المــادة 54ب 1.أمثلة عن هذه األعيان ولم تحصرها ،وقد عددت :المواد الغذائية والمناطق الزراعية
التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري.
الهدف الرئيسي من هذا الحظر هو منع تجويع المدنيين ،لذا تحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل
األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ،إذا كان القصد من ذلك هو منعها عن السكان المدنيين
أو الخصم لقيمتها الحيوية ،مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح...الخ ،كما
ال تكون محال لهجمات الردع ،إال إذا كان ذلك من أجل الدفاع عن اإلقليم الوطني ضد الغزو.
هذا الحظر ال يطبق على ما يعتبر زادا ألفراد قوات العدو المسلحة وحدهم ،أو يعتبر دعما مباش ار للعمل
ال عسكري ،شريطة أال تتخذ مع ذلك حيال هذه األعيان والمواد في أي حال من األحوال إجراءات ،قد يتوقع أن
تدع السكان المدنيين بدون مأكل ومشرب ،على نحو يسبب مجاعتهم أو يضطرهم إلى النزوح.
المالحظ هو عدم إشارة الوثائق األقدم إليها رغم أهميتها فيما عدا حماية مرفق الماء ،إذ نجد بعض القواعد
العرفية ذات الصلة ومنها المادة /23أ من الئحة الهاي ،والتي تحظر استعمال السم والمواد السمية فالضرورة
العسكرية ال تجيز بأي حال من األحوال استعماله.
-3المواقع المجردة من وسائل الدفاع :كالمدن والقرى والبيوت حسب المادة 25من الئحة قوانين وأعراف
الحرب البرية الملحق باتفاقية الهاي 1907والمادة 59ب ،1.هذه األخيرة التي تجيز للسلطات أن تعلن الطرف
الثاني أن مناطق معينة منزوعة السالح وهي آهلة بالسكان ،بشرط إجالء كل القوات المسلحة منها ،وأال ترتكب
أية أعمال عدائية من جانب السكان ،وأال يوجد بها غير األشخاص المدنيون المشمولين بالحماية ،بتوافر هذه
الشروط ال يمكن أن تكون هذه المناطق محال لعمليات عسكرية بالنسبة للطرفين.
-4المناطق منزوعة السالح :يتفق الطرفان على تحديد مناطق يسبغون عليها الحماية وقت النزاع بعيدا
عن المناطق الحضرية أو القريبة من المطارات أو المنشآت العسكرية ،باتفاق مكتوب أو شفهي مباشرة أو عن
طريق وسيط ،يحدد مكانها بدقة مع تحديد المسؤول على اإلشراف واألشخاص الذين يسمح لهم بالدخول ،كما
يسمح لقوات الشرطة بالتواجد لحفظ النزاع كما يجب تسميتها وابرازها بعالمات ظاهرة من بعيد وعلى الطرق
المؤدية لها (م 60ب .)1.وتجدر اإلشارة إلى أنه عادت ما تكون هذه المناطق عبارة عن مخيمات لالجئين.
-5المطارات والجسور :يخصص الق.د.إ حماية خاصة لها باعتبار أنها معابر حدودية لألغذية واألدوية
وغيرها من السلع الضرورية للمدنيين ،ففي حين تعتبر المطارات العسكرية أهدافا مشروعة ،تعتبر المطارات
العادية هدفا مزدوجا من حيث طبيعته ،فقد يستخدم ألغراض مدنية أو عسكرية بطريق عرضية ،وقد اختلف الفقه
في تحديد طبيعته ،إلى حين إقرار ب 1.والذي جاء في المادة 2/52منه أن ":تنحصر األهداف العسكرية فيما
25
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
يتعلق باألعيان على تلك التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم
باستخدامها ،والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو االستيالء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة
عسكرية أكيدة".
منه ال يمكن استهداف المطار المدني إال إذا استخدم ولو عرضيا ألهداف عسكرية ،وال يجوز ذلك بدعوى
أنه سيستعمل مستقبال لذلك ،وهذا ما بررت به إسرائيل ضرب مطار لبنان 2006الذي كان يعج بالمدنيين.
-6حماية المنشآت الحساسة والنووية :تطرقت إلى هذه النقطة المادة 56ب ،1.وقد بينت بأن كل
األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي قوى خطرة ،هي على سبيل الحصر :السدود ،الجسور ،المحطات النووية
لتوليد الطاقة الكهربائية.
كما أضافت المادة أنها ال يمكن أن تكون محال للهجوم ،حتى ولو كانت أهدافا عسكرية ،كما ال يجوز
تعريض األهداف العسكرية األخرى الواقعة عند هذه األشغال الهندسية أو المنشآت أو على مقربة منها للهجوم ،إذا
كان من شأن مثل هذا الهجوم أن يتسبب في انطالق قوى خطرة من األشغال الهندسية أو المنشآت ترتب خسائر
فادحة بين السكان المدنيين.
هذه الحماية ليست مطلقة فقد وضعت لها حدود ،إذ يمكن استهداف هذه المنشآت إذا :استخدمت في غير
استخداماتها العادية دعما للعمليات العسكرية على نحو منتظم وهام ومباشر ،وكان مثل هذا الهجوم هو السبيل
الوحيد المستطاع إلنهاء ذلك الدعم.
تسعى أطراف النزاع إلى تجنب إقامة أية أهداف عسكرية على مقربة من األشغال الهندسية أو المنشآت
المذكورة ،ويسمح مع ذلك بإقامة المنشآت التي يكون القصد الوحيد منها الدفاع عن األشغال الهندسية أو المنشآت
المتمتعة بالحماية ضد الهجوم ،ويجب أال تكون هي بذاتها هدفا للهجوم بشرط عدم استخدامها في األعمال
العدائية ،ما لم يكن ذلك قياما بالعمليات الدفاعية الالزمة للرد على الهجمات ضد األشغال الهندسية أو المنشآت
المحمية ،وكان تسليحها قاص ار على األسلحة القادرة على صد أي عمل عدائي ضدها ،كما يحظر أن تكون
المنشآت هذه أهداف لهجمات الردع.
المبحث الثالث :الشارة المميزة للصليب والهالل األحمرين الدوليين.
أوال -ظهور وتطور الشارات الدولية للحماية:
في اتفاقية سنة 1864اعتمدت أول شارة وهي الصليب األحمر على الرقعة البيضاء وقد تم استعمال ألوان
العلم السويسري تكريما لمجهوداتها في إبرام االتفاقيات ،ابتداء من هذا التاريخ اعتبرت الشارة العالمة المميزة
للمصالح الطبية لجميع الجيوش البرية.
في 1876طلبت تركيا(صادقت على االتفاقية في )1865التي كانت تخوض حروب الشرق ضد صربيا
وبروسيا من الحكومة السويسرية ،بصفتها الدولة المودع لديها اتفاقيات جنيف ،إبالغ أطراف االتفاقية بقرارها
باستخدام شارة الهالل األحمر مكان الصليب بنفس الشروط مراعاة لشعور الجنود المسلمين .أما ايران فقد قررت
استخدام األسد والشمس األحمرين ،رغم أن إيران لم تكن قد صادقت حينها في حين تحفظت مصر.
26
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
تحفظات الدول المسلمة أدت إلى االعتراف بشارة الهالل األحمر في مؤتمر الهاي للسالم لسنة 1907في
إطار المعاملة بالمثل ،أما االعتراف الرسمي فقد كان سنة 1929إذ نصت االتفاقية المتعلقة بتحسين حال
الجرحى والمرضى العسكرين في الميدان على الشارتين ،ومن ثم اعتمدت اتفاقيات جنيف األربع وبروتوكوالها
اإلضافيين الشارات الثالث .وفي 1980أبلغت إيران عن استعمالها مستقبال للهالل األحمر.
كما تم اعتماد شارة جديدة بموجب البروتوكول الثالث اإلضافي التفاقيات جنيف المعتمد في 08ديسمبر
،2005وهي مربع أحمر قائم على حده وأرضيته بيضاء ،وتسمى شارة البروتوكول الثالث ،وهي مساوية في
قيمتها القانونية للشارتين ،وتنطبق عليها األحكام القانونية وكيفيات االستعمال ذاتها.
ثانيا -نطاق حماية الشارة :للشارة أهمية بالغة في حماية الضحايا والقائمين على الخدمات اإلنسانية
والمنشآت الطبية والتجهيزات الالزمة للمساعدة واإلغاثة ،وهي تخدم أغراض إنسانية محضة ،يكمن دورها في
تأمين حصانة ال غنى عليها للمتطوعين لإلغاثة في النزاع الدولي وغير الدولي ،من خالل التعريف بهم وبيان
ارتباط الشخص أو الممتلكات بالهالل أو الصليب أو المربع األحمر.
كما يمكن أن تستعمل الشارة زمن السلم ،وتعتبر الجمعيات المعنية المستعمل الحصري لها ،بشرط أن يكون
استخدام الشارة طبقا للقوانين الوطنية ،كما يمكن لعربات اإلسعاف الوطنية استخدامها بترخيص من الجمعية بشرط
المجانية ،فالشارة ملك لل.د.ص.أ أي أنه في زمن السلم ال يمكن للجمعيات األخرى استعمال الشارة.
أما في زمن الحرب ،فيحق للجمعيات الوطنية استعمالها ،إال أنها تكون أصغر حجما ،كما ال توضع فوق
الذراع وال أعلى المباني.
تستخدم الشارة من قبل الوحدات الثابتة والمتنقلة والبرية والبحرية والجوية والسفن ألطراف النزاع أو لطرف
محايد إلى جانب المستشفيات المدنية إلى جانب المستشفيات العسكرية الدائمة أو االستثنائية التي تعترف بها
الحكومة وتسمح لها بالقيام بأعمال اإلغاثة ،وكل التجهيزات الصحية المرتبطة بها.
من حيث األشخاص نذكر موظفو الخدمات الطبية والدينية في الجيش وجمعيات اإلغاثة التطوعية المعترف
بها والمرخص لها كالصليب والهالل والجمعيات المحلية واألطقم في السفن والطائرات من المدنيين والعسكريين،
باإلضافة لمصالح الصحة التابعة للجيش.
ثالثا -زجر التعسف في استعمال الشارة :عديدة هي النصوص التي حظرت االستعمال السيء للشارة بهدف
الغدر بالخصم ،وهذا ما جاء في المادة /1/ 37د ب ":1.التظاهر بوضع يكفل الحماية وذلك باستخدام شارات أو
عالمات أو أزياء محايدة خاصة باألمم المتحدة أو بإحدى الدول المحايدة أو بغيرها من الدول التي ليست طرفا
في النزاع".
ألن الغدر محرم فقد اعتبر االستعمال الغادر للشارة حسب المادة 8ن.أ.م.ج.د جريمة حرب التي نصت
على أنه ":إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو شارته العسكرية وزيه العسكري أو علم األمم المتحدة أو
شاراتها وأزيائها العسكرية ،وكذلك الشعارات المميزة التفاقيات جنيف مما يسفر عن موت األفراد أو إلحاق إصابات
27
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
بالغة بهم" .لذا نصت المادة 54ج 1.على التزام الدول المتعاقدة باتخاذ التدابير الالزمة إذا لم يكن تشريعها كافيا
من أجل منع وزجر حاالت التعسف في استعمال الشارة.
الجزائر من جهتها استجابت لهذا اإللزام وكرسته في المادة 299من األمر 28-71المتضمن قانون القضاء
العسكري التي نصت على أنه ":يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ،كل شخص ،عسكريا كان أم ال،
يستعمل دون حق ،في زمن الحرب أو في منطقة العمليات لقوة أو تشكيلة ،مخالفا بذلك القوانين واألعراف
الحربية ،الشارات المميزة والشعا ارت المحددة في االتفاقات الدولية اآليلة لمراعاة األشخاص أو األموال وكذلك
األماكن الواقعة تحت حماية هذه االتفاقات".
أخي ار تجدر اإلشارة إلى أنه بهدف تجنب األشخاص المحمية واألهداف المدنية يتوجب اتخاذ عدة احتياطات
أثناء الهجوم تتمثل في أن تبذل إدارة العمليات العسكرية الجهود من أجل تفادي السكان المدنيين واألشخاص
واألعيان المدنية ،إ ذ يكون على من يخطط لهجوم أو يتخذ قرار بشأنه أن يبذل ما في طاقته للتحقق من أن
األهداف المقرر مهاجمتها ليست أشخاصا مدنيين أو أعيانا مدنية وأنها غير مشمولة بحماية خاصة ،ولكنها
أهداف عسكرية غير محظور مهاجمتها .وأن يتخذ جميع االحتياطات الممكنة عند تخير وسائل وأساليب الهجوم
من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين ،أو إلحاق اإلصابة بهم أو األضرار باألعيان المدنية ،وذلك
بصفة عرضية ،وعلى أي األحوال حصر ذلك في أضيق نطاق.
كما يكون عليه أن يمتنع أو يلغي اتخاذ قرار بشن أي هجوم قد يتوقع منه ،بصفة عرضية ،أن يحدث خسائر
في أرواح المدنيين أو إلحاق اإلصابة بهم ،أو األضرار باألعيان المدنية ،أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر
واألضرار ،مما يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
كما يكون عليه أن يوجه إنذار مسبق وبوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين ،ما
لم تحل الظروف دون ذلك ،وينبغي أن يكون الهدف الواجب اختياره حين يكون الخيار ممكنا بين عدة أهداف
عسكرية للحصول على ميزة عسكرية مماثلة ،هو ذلك الهدف الذي يتوقع أن يسفر الهجوم عليه عن إحداث أقل
قدر من األخطار على أرواح المدنيين واألعيان المدنية.
الفصل الرابع :حماية ضحايا النزاعات المسلحة من العسكريين
ال يعني أن يحمل شخص السالح أنه ال يتمتع بأي حماية بموجب الق.د.إ ،إال أن نوعية الحماية وسبلها
تتغير بتغير الشخص المحمي ،فالمقاتلين أنواع وال يتمتع كلهم بحماية ق.د.إ.
المبحث األول :أصناف العسكرين المشمولين وغير المشمولين بالحماية الدولية في النزاعات المسلحة.
يجب التمييز بين عدة فئات من المقاتلين على أساس التمتع بحماية القانون الدولي االنساني.
-1العسكريون الذين يجوز قتالهم:
هم كل من يرفع السالح لمواجهة الدولة من أفراد القوات المسلحة والميليشيات والمتطوعين ،وكذا األشخاص
الذين يرافقون القوات المسلحة النظامية وأفراد األطقم المالحية ،باإلضافة للمدنيين الذين يحملون السالح.
-2العسكريون الذين ال يجوز قتالهم:
28
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
حسب المادة 1/3ج 1.ال يجوز قتال أفراد القوات المسلحة الذين ليس لهم دور إيجابي في الحرب كالجرحى
والمرضى الذين أبعدوا عن األعمال العدائية.
كما ال يجوز قتال األفراد الذين يرافقون القوات المسلحة كرجال الدين ،واألطقم الطبية ،واألفراد المتخصصون
في البحث عن الجرحى والمرضى والغرقى والقتلى رغم أنهم ينتسبون للقوات المسلحة.
-3المقاتلون الذين ال يتمتعون بحماية القانون الدولي اإلنساني:ويخضعون للقوانين الوطنية وهم فئتين:
أ -الجواسيس :تلعب االستعالمات في الحروب الحديثة دو ار محوريا وتخصص لها أجهزة ذات تقنية عالية
وموارد ضخمة فكسب المعلومة يعني ربح الحرب ،ومن أهم مصادر المعلومات نجد الجواسيس.
قد عرفت الئحة الهاي للحرب البحرية الجاسوس بأنه ":الشخص الذي يعمل في خفية تحت ستار كاذب في
جمع أو محاولة جمع معلومات في منطقة األعمال العسكرية إلحدى الدول المتحاربة بقصد إيصال هذه المعلومة
إلى دولته" .أما اتفاقيات جنيف األربع فلم تتعرض له ،في حين أن البروتوكول اإلضافي األول خصص له المادة
46التي حسمت الجدل الفقهي وأفرغت عنه وصف أسير الحرب وكل حماية قانونية أخرى وبينت مميزاته:
-أال يرتدي الزي العسكري للعدو أثناء جمعه للمعلومات ،ففيما يخص وضعية الجاسوس إزاء الق.د.إ فإنه يجب
التفرقة بين نوعين من الجواسيس :الفئة التي تسمى بجنود االستطالع وهم عسكريون يتقدمون جيوشهم إلى
صفوف جيش العدو يرصدون تحركاتهم ويحاولون جمع المعلومات وايصالها إلى دولتهم وهؤالء يتمتعون بالحماية
وبصفة األسير بشرط ارتدائهم للمالبس العسكرية ،فالعرف في الحروب هو بجواز الحصول على المعلومات
بالطرق المشروعة في ميدان القتال .أما الصنف الثاني فهم أشخاص يزرعون من قبل دولتهم في صفوف العدو
كعسكريين أو كمدنيين وهم ال يتمتعون بحماية الق.د.إ.
-ال يعد جاسوسا فرد القوات المسلحة لطرف في النزاع الذي يقيم في إقليم يحتله الخصم والذي يقوم لصالح
الخصم الذي يتبعه بجمع أو محاولة جمع معلومات ذات قيمة عسكرية داخل ذلك اإلقليم ،ما لم يرتكب ذلك عن
طريق عمل من أعمال الزيف أو تعمد التخفي .وال يفقد المقيم ،فضالً على ذلك ،حقه في التمتع بوضع أسير
الحرب وال يجوز أن يعامل كجاسوس إال إذا قبض عليه أثناء مقارفته للجاسوسية.
لم يضف الق.د.إ الحماية القانونية للجاسوس ،ألن الجوسسة هي نوع من أعمال الغدر والتحايل وهو
محظور في أعراف الحرب ،إال أن الجاسوس يقوم بعمل استخباراتي لصالح بلده كعسكري مدرب ،وفي الغالب
ينتمي للقوات المسلحة ،كما أن التجسس من أقدم أساليب الحرب التي ال بد منها .والقول بأن الجاسوس ال يتمتع
بحماية الق.د.إ ال يعني بأنه ال يتمتع بأي حقوق ،وال يخول للدولة قتله بطريقة عشوائية وانما يكون عليها
إخضاعه لقانونها الوطني ومحاكمته محاكمة عادلة ،وان ثبتت عليه التهم يمكن تطبيق العقوبات المناسبة عليه.
أما المشرع الجزائري فاعتبر أنه ال يمكن أن يمكن أن يكون الجاسوس من جنسية الدولة وقد أسماه مرتكب
للخيانة ،أما األجنبي فأسماه الجاسوس وفي الحالتين يعاقب باإلعدام(المادتين 63و 64ق.ع) ،والمادة 280من
القانون العسكري.
29
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
ب -المرتزقة :بعض األشخاص يجعل من حمل السالح والقتال مهنته يعرض خدماته على كل من يدفع له
بالمقابل ،فهو ال ينتمي للدولة وال يؤمن بعدالة قضيتها ،وانما يبتغي المقابل المالي الذي عادة ما يكون مرتفعا ،قد
تعرضت المــادة 47ب 1.للمرتزق وعرفته بأنه الشخص الذي:
-يجرى تجنيده خصيصا ،محليا أو في الخارج ،ليقاتل في نزاع مسلح.
-يشارك فعال ومباشرة في األعمال العدائية.
-يحفزه أساسا إلى االشتراك في األعمال العدائية ،الرغبة في تحقيق مغنم شخصي ،ويبذل له فعال من قبل طرف
في النزاع أو نيابة عنه وعد بتعويض مادي يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في
القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم.
-ليس من رعايا طرف في النزاع وال متوطنا بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع.
-ليس عضوا في القوات المسلحة ألحد أطراف النزاع.
-ليس موفدا في مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفا في النزاع بوصفه عضوا في قواتها المسلحة.
إذا كان األسير يتمتع بشرف الدفاع عن وطنه وشعبه ،فإن المرتزق ال يختلف اثنان في ضرورة تجريده من
أية حماية قانونية ومنها مركز أسير حرب ،ففيما يفر الشداد من الحرب وأهوالها ،يتخذ المرتزق القتل وسيلة لكسب
الرزق ،وهم عادة ما يريدون مضاعفة غنائهم من خالل أعمال النهب والسلب ،وال توجد نصوص دولية لمحاربة
هؤالء ممن يهددون األمن والسلم الدوليين ،عدا اتفاقية منظمة الوحدة اإلفريقية للقضاء على أعمال المرتزقة في
إفريقيا لسنة ،1977وقد أكدت المادة الثالثة منها ضرورة تجريم المرتزق في القانون الوطني وتسليط أقصى
العقوبات عليه ورفض التسليم ،وهو ما استجاب له المشرع الجزائري في المادة 76من قانون العقوبات ،إذ ال
يتمتع المرتزق بالحماية المقررة للمقاتل أو المدني ،وبالتالي فإنه يجوز للدولة التي تلقي عليه القبض أن تحاكمه
وتطبق عليه قانونا الوطني.
كما ظهر ابتداء من الحرب على العراق لسنة 2003شكل أكثر تنظيما من المرتزقة وهو الشركات األمنية
الخاصة وهو ما يزيد من تعقيد تعريف المرتزق فهؤالء ال ينطبق عليهم وصف المرتزق من الناحية القانونية ،نظ ار
لكون المرتزق يعين لنزاع محدد أما المنتمي إلى هذه الشركات فقد يربطه عقد بالشركة لمدة محددة أو غير محددة
من دون أن يكون هناك نزاع معين فهم موظفين ،وهم يعاملون على أنهم مرتزقة رغم قانونية وضعيتهم ،وهو ما ال
يستسيغه الكثير من المحللين رغم أن المبدأ الذي يحكمهما واحد.
فالعبرة بالنسبة للق.د.إ هي القتال بدون مقابل ،فالمقاتل األجنبي الذي يقاتل بعد إيمانه بالقضية من دون
مقابل ليس مرتزق ،أما هذه الشركات فال عالقة لها بالمعتقدات وانما تقدم خدماتها لمن يدفع أكثر ،علما أن
الجنود العاديين يتلقون رواتب إال أن هذا األخير يكون مقداره معقول كموظف في الدولة على عكس المرتزقة
الذين يتقاضون مبالغ خيالية.
المبحث الثاني :حماية األسرى في النزاعات المسلحة.
أوال -المقصود باألسير وفق القانون الدولي اإلنساني:
30
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
يظهر من اتفاقية جنيف الثالثة وملحقها أنها لم تحدد تعريفا له نظ ار لكثرة األشخاص الذين تثبت لهم هذه
الصفة ،وهذا ما انعكس على المادة الرابعة من االتفاقية والتي لم تعرف األسير ،بل حدد حاالت ثالث يثبت
للشخص وضعية أسير حرب حسب المادتين الرابعة والخامسة:
-1األشخاص الذين يثبت لهم المركز القانوني ألسير الحرب بمجرد االنتماء :نصت عليهم المادة /4أ ال يشترط
فيهم أن يقوموا بأعمال عدائية وانما يجب أن تتوافر فيهم شرطان:
الشرط األول :االنتماء إلى إحدى الفئات التالية:
-أفراد القوات المسلحة.
-أفراد الميليشيات بشرط :وجود قيادة ،شارة وزي ،أن تحمل السالح جهرا ،أن تلتزم بقوانين الحرب.
-أفراد القوات الذين يعلنون والئهم لحكومة ال تعترف بها الدولة.
-األشخاص الذين يرافقون العدو من متعهدي التموين ،والعمال المدنيين بشرط تحصلهم على بطاقات شخصية.
-أفراد األطقم المالحية.
-الطيار هو أسير حرب فهو أحد أفراد القوات المسلحة ،أو يعتبر ضمن الطاقم المدني للطائرات الحربية ،هذا
التكييف جاء بعد السياسة المعادية تجاه الطيارين خالل الحرب العالمية الثانية والحرب الفيتنامية ،كما ال يمكن
إطالق النار على الطيارين بعد إسقاط طائراتهم إال في حال مبادرتهم باألعمال العدائية.
-سكان األراضي المحتلة.
يالحظ على هذه المادة أنها توسعت لتشمل أكبر عدد من األشخاص بهدف جعلهم يتمتعون بمركز األسير
وحماية الق.د.إ ،إال أنه قد يثور التساؤل حول :كيف يمكن إثبات هوية هؤالء.
بالرجوع إلى المادة 17ج 3.فإنه يثبت األفراد أعاله هويتهم من خالل بطاقات هوية تتضمن بياناتهم
الشخصية وصفاتهم في القوات المسلحة ،أو من خالل الوثائق الشخصية والرسمية التي يثبت بها هؤالء أنهم من
سكان األراضي قبل االحتالل.
الشرط الثاني :الوقوع في قبضة العدو .يشترط الوقوع الفعلي وليس االحتمالي كالمحاصرة أو التفاوض
بشأن االستسالم أو كون كفة الحرب إلى صالح العدو.
-2األشخاص الذين يضفى عليهم المركز القانوني ألسير الحرب:
-أفراد البلد المحتل خاصة من ُيبدي عدائه لها.
-أفراد القوات المسلحة(أعاله) الذين يعتقلون في دولة محايدة أو غير محايدة.
-3األشخاص الذين يكتسبون وصف أسير حرب قضائيا :في حال وجود أي شك بشأن انتماء أشخاص قاموا
بعمل حربي وسقطوا في يد العدو ،فإن هؤالء األشخاص يتمتعون بالحماية التي تكفلها هذه االتفاقية لحين البت
في وضعهم بواسطة محكمة مختصة".
فإذا قُبض على الشخص أثناء قيامه بأعمال عدائية ،ولم يكن في اإلمكان التأكد من هويته لتلفها أو
ضياعها ،يحق للشخص التمتع بمركز األسير والتقدم لسلطة االحتجاز بطلب االعتراف له بالمركز القانوني
31
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
لألسير حسب المادة 45ب.ج ،1.فيعرض الطلب على المحكمة للبت فيه ،إال أن المادة لم تبين شكل المحكمة
واجراءات تقديم الطلب .وبمفهوم المخالفة ال يستفيد من مركز أسير الحرب كل من المدنيين والمرضى والجرحى
واألطقم الطبية والدينية وقد أسمتهم اتفاقية جنيف الثالثة بالمستبقون ،وُيسمون كذلك ألنهم يستبقون األسرى إلى
األسر ،لخدمتهم ،وهم ليسوا أسرى مع أنهم محتجزين في المعسكر ذاته.
أخي ار يجب التفريق بين المعتقل واألسير ،فالمعتقل هو شخص مدني من الفئات المحمية ارتكب فعل أودى
بحياة أفراد قوات أو إدارة االحتالل ،ويعتقل لفترة معينة فهو شخص ال يجوز أسره وال يتمتع بهذا المركز.
ثانيا -الوضع القانوني لقوات المنظمات الدولية في األسر:
إذا ما حصل تحالف بين عدة دول كما حصل في الحرب العالمية األولى والثانية فمن يكون المسؤول عن
األسرى الدولة الحاجزة أم مجموع الدول المتحالفة؟ ،وهنا إذا كانت القوات المشتركة تستجيب لشروط القانون
الدولي التي تعرف المقاتل فإن الق.د.إ ينطبق عليها كما يتمتع بوصف أسير حرب كل من يقع في يد العدو.
إال أن اإلشكال يطرح فيما يخص القوات التي تنضم إلى منظمة األمم المتحدة أو االتحاد اإلفريقي في إطار
عمليات حفظ السالم؟
إذ ال تعتبر المنظمات الدولية واإلقليمية عضو في اتفاقيات جنيف إال أن أغلبية الدول األعضاء فيها تعتبر
كذلك ،ولقد تدخلت األمم المتحدة وقوات حلف شمال األطلسي(الناتو) وغيرها ،في عديد النزاعات المسلحة من
خالل قوات حفظ السالم ألهداف عدة :كقوات دفاع أو لتأمين بعض المناطق أو السكان أو المعابر لضمان
وصول السلع والخدمات.
تثير هذه القوات فيما يخص تطبيق الق.د.إ عدة إشكاالت قانونية ،إذ تدخلت م.أ.م في كوريا سنة
(1950بين كوريا الشمالية والجنوبية) ومن ثم سلمت زمام األمور للو.م.أ التي لم تكن صادقت آنذاك على
االتفاقيات إال أن األطراف تعهدوا بتطبيقها .أما في النزاع حول قناة السويس فقد صرح األمين العام بأن القوات
الموضوعة في خدمة األمم المتحدة ستطبق اتفاقيات جنيف.
في حالة إعالن القوات عن تطبيقها للق.د.إ فإن مسؤولية حماية األسير تقع على عاتق الدول التي أرسلت
القوات ،أما إذا قادت دولة واحدة القوات باسم األمم المتحدة فإن المسؤولية تقع عليها ،وهذا ال يعفي المنظمة من
المسؤولية الثانوية ،كما يتمتع من يقع من قواتها في يد العدو بمركز أسير الحرب.
لم تكتف األمم المتحدة بالحماية التي ترتبها قواعد الق.د.إ لقواتها ،فبعد تزايد العمليات األممية واالعتداءات
عليها ،أصدرت الجمعية العامة في دورتها رقم 49القرار المعنون" اتفاقية بشأن سالمة موظفي األمم المتحدة
واألفراد المرتبطين بها ،أشارت المادة 2/3منه على أنه ":تطبق على كل عملية لألمم المتحدة يأذن بها مجلس
األمن كإجراء من إجراءات اإلنفاذ بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة ويشارك فيها أي من األفراد
كمقاتلين ضد قوات مسلحة منظمة وينطبق عليها قانون النزاعات المسلحة الدولية .بشرط عدم المساس بتطبيق
القا.د.إ ومعايير حقوق اإلنسان المعترف بها عالميا".
32
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
33
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
أما المنكوبون في البحار فهم األشخاص العسكريون أو المدنيون الذين يتعرضون للخطر في البحار أو أية
مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم أو يصيب السفينة أو الطائرة التي تقلهم من نكبات ،والذين يحجمون عن أي عمل
عدائي ،ويستمر اعتبار هؤالء األشخاص منكوبين في البحار أثناء إنقاذهم إلى أن يحصلوا على وضع آخر
بمقتضى الق.د.إ ،وذلك بشرط أن يستمروا في اإلحجام عن أي عمل عدائي.
المالحظ هو عدم التمييز بين مدني وعسكري في المعامل الطبية على أي أساس كان ،وهذا تأكيد لمبدا عدم
التمييز الذي جاءت به كل اتفاقيات جنيف.
المبحث الرابع :حماية القتلى والمفقودين في النزاعات المسلحة:
-1حماية القتلى في النزاعات المسلحة:
تطور األسلحة الحربية أدى لزيادة أعداد القتلى في الحروب ،كم أن صعوبة تأمين ميادين القتال أدى إلى
صعوبة التعامل مع الجثث بطريقة إنسانية ،خاصة في ظل عدم توافر اإلمكانيات ،أو إذا ما كانت الجثث تابعة
للطرف الثاني ،إال أن الق.د.إ يوجب احترام جثث الذين توفوا بسبب األعمال العسكرية خاصة إذا توفوا في بلد
ليسوا من رعاياه أو بسبب االحتالل الحربي ،ومن الحقوق المترتبة:
-يجب على الدول التي توجد في أراضيها مواقع تضم رفات األشخاص هذه أن تعقد حالما تسمح بذلك الظروف
والعالقات بين األطراف المتخاصمة اتفاقيات بغية تسهيل إعادة رفات الموتى إلى أوطانهم وأمتعتهم ،كما يتخذ
األطراف بعد كل اشتباك التدابير الالزمة إلجالء الموتى دون أي تمييز ومنع سلبها.
-تعامل الجثث األشخاص الذين توفوا بسبب االحتالل أو األعمال العدائية باحترام وتصان القبور ،فالقبور
الجماعية محضورة ألنها ال تسمح بالتعرف على هويات القتلى ،ويمسك كل طرف سجل به كل المعلومات
المتاحة عن هوية القتلى وعالمات القبور ومكان الوفاة ،كما يجب تبادل المعلومات مع الطرف الثاني فيما يخص
الوفيات الذين تحت أيديهم ،واجراء فحص طبي للتأكد من حالة الوفاة ،أما الدفن الجماعي فهو مسموح في حاالت
االستثناء القصوى مع ضبط السجالت ،كما يسمح بالحرق لسببن :لديانة المتوفى ،أو ألسباب صحية.
-احترام الشعائر الدينية لدى الدفن وعدم تدنيسها ،وان أمكن الدفن حسب الجنسية حتى يكون يمكن التعرف على
المقاتل بعد الحرب ،ويبدأ الطرفين بالمطالبة بقتالهم لدفنهم بالطريقة المالئمة عرفانا لهم بأدائهم واجبهم الوطني.
-2الحماية القانونية للمفقودين في النزاعات المسلحة:
تنجر عن النزاعات المسلحة محن شديدة للعائالت إال أن أشدها هي حالة فقدان الشخص ،فالمفقود هو كل
شخص انقطعت األخبار عنه ولم يعرف مصيره ،كما يعتبر أن مجرد إبالغ الطرف الثاني طلب البحث عن مفقود
يكفي العتبار الشخص في عداد المفقودين ،دون أن يكون عسكريا بالضرورة.
لذا يلتزم الطرفان ،في موعد أقصاه انتهاء األعمال العدائية أن يقوم بالبحث عن األشخاص الذين أبلغ
الخصم عن فقدهم وتقديم المعلومات المجدية عنهم سواء سجنوا أو اعتقلوا أو توفوا.
تُبلغ المعلومات المتعلقة باألشخاص الذين أخطر عن فقدهم ،وكذلك الطلبات الخاصة بهذه المعلومات إما
مباشرة أو عن طريق الدولة الحامية أو الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب
34
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
األحمر ،التي تقوم بدور مهم في جمع المعلومات ونقلها لمن لهم الحق في ذلك ،أو للجمعيات الوطنية للصليب
والهالل األحمر ،واذا ما تم تبليغ هذه المعلومات عن غير طريق ل.د.ص.أ ووكالتها ،يعمل كل طرف في النزاع
على تأمين تزويد الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين بهذه المعلومات.
-3حماية القتلى والمفقودون في النزاعات غير الدولية:
اهتمت المادة الثالثة المشتركة باألحياء دون الموتى والمفقودين ،أما البروتوكول الثاني فقد اكتفى بالنص منه
على أن تتخذ كافة اإلجراءات الممكنة خاصة بعد أي اشتباك ،للبحث عن الجرحى والمرضى والمنكوبين في
البحار وتجميعهم ,كلما سمحت الظروف بذلك ،مع حمايتهم من السلب والنهب وسوء المعاملة وتأمين الرعاية
الكافية لهم ،والبحث عن الموتى والحيلولة دون انتهاك حرماتهم وأداء المراسم األخيرة لهم بطريقة كريمة.
بالمقارنة مع التفاصيل التي تضمنها البروتوكول األول فيما يخصم ،علما أن ضحايا النزاعات الداخلية ليسوا
قلة ،وأنهم يتعرضون لمعاملة غير إنسانية بعد الوفاة من تمثيل بالجثث ومقابر جماعية غير معرفة ،وبالتالي يمكن
القول أن الحماية التي يصبغها الق.د.إ على هذه الفئة في النزاعات المسلحة غير الدولية غير كافية.
الفصل الخامس:
دراسات تطبيقية على النزاعات المسلحة المعاصرة من منظور القانون الدولي اإلنساني.
أوال -القانون الدولي اإلنساني في ظل االحتالل الحربي:
يعرف االحتالل د الشاللدة أنه الوضع القائم ":عندما تتمكن قوات دولة من اقتحام إقليم دولة أخرى واالنتصار
على قواتها ثم الهيمنة على هذا اإلقليم أو جزء منه واقامة سلطة عسكرية تحل محل الحكومة الشرعية فيه" ،و"تعد
األرض محتلة عندما تكون السيطرة واإلدارة الفعلية للمحتل".
يذهب بعض الفقهاء إلى أن االحتالل أي سيطرة دولة على إقليم دولة أخرى هو نهاية الحرب ،إال أن
األصوب هو أن االحتالل يعتبر مرحلة من مراحل الحرب ،وامتدادا لها ،تستمر خالله العمليات العدائية بين
الطرفين حتى ولو اختلفت في شدتها أو في شكلها ،وحتى وأن انعدمت هذه األخيرة.
الدليل على ذلك هو المادة 2/2المشتركة ا.ج التي تنص ":تنطبق االتفاقية أيضا في جميع حاالت االحتالل
الجزئي أو الكلي إلقليم أحد األطراف السامية المتعاقدة ،حتى لو لم يواجه هذا االحتالل مقاومة مسلحة" .كما أن
مجرد تعرض اتفاقيات جنيف لحالة االحتالل يعني أنها مرحلة من مراحل الحرب.
فاالحتالل حالة مؤقتة ال يجوز للدولة المحتلة التصرف في اإلقليم المحتل في خاللها إذ يبقى اإلقليم المحتل
محتفظا بسيادته ،يفهم من هذا أنه ال ينتج عن االحتالل نقل سيادة اإلقليم إلى المحتل مهما طالت مدة االحتالل.
من جهة أخرى فإن احتالل األرض والنجاح في التغلب على العدو ال يعني أن تكون الدولة المحتلة حرة في
أن تفعل ما تشاء ،إذ يقع عليها تطبيق القواعد الخاصة باالحتالل الحربي المبينة في القسم الثالث من اتفاقية
جنيف الرابعة لسنة 1949والتي تقضي بأال يحرم األشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل من
االنتفاع بهذه االتفاقية ،وبموجبها يكون على دولة االحتالل أال ترغم األشخاص المحميين على الخدمة في قواتها
المسلحة ،أو العمل إال إذا كانوا فوق الثامنة عشرة من العمر ،ويعطون عن العمل أجر منصف.
35
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
من واجب دولة االحتالل أن تعمل على تزويد السكان بالمؤن الغذائية واإلمدادات الطبية ،كما تسمح دولة
االحتالل لرجال الدين بتقديم المساعدة الروحية ألفراد طوائفهم الدينية ،وتمكن الجمعيات الوطنية للصليب األحمر
(والهالل األحمر والشمس واألسد األحمرين) المعترف بها ،أن تباشر األنشطة اإلنسانية.
على دولة االحتالل أن تبقى التشريعات الجزائية الخاصة باألراضي المحتلة نافذة قدر اإلمكان ،وفي حالة
مخالفة القوانين الجزائية التي تصدرها دولة االحتالل ،يجوز لدولة االحتالل أن تقدم المتهمين لمحاكمها العسكرية
غير السياسية والمشكلة تشكيال قانونيا.
إذا اقترف شخص محمي مخالفة يقصد بها اإلضرار بدولة االحتالل ،ولكنها ال تنطوي على االعتداء على
حياة أفراد قوات أو إدارة االحتالل أو على سالمتهم البدنية ،أو على خطر جماعي كبير ،أو على اعتداء خطير
على ممتلكات قوات أو إدارة االحتالل أو على المنشآت التي تستخدمها ،جاز اعتقاله أو حبسه حبساً بسيطاً ،على
أن تكون مدة االعتقال أو الحبس متناسبة مع المخالفة التي اقترفها ،ال يجوز النطق بعقوبة اإلعدام على أشخاص
محميين خاصة اذا لم يبلغ ثمانية عشر سنة.
كما ال يج وز القبض على رعايا دولة االحتالل الذين لجأوا قبل بدء النزاع إلى األراضي المحتلة ،أو
محاكمتهم ،إال بسبب مخالفات اقترفوها بعد بدء األعمال العدائية ،مع احترام ضمانات المحاكمة العادلة.
أما فيما يخص األمالك فحسب المادة 55من الحة الهاي ال تعتبر دولة االحتالل إال مسؤول إداري ومنتفعا
بها وال يمكن االستيالء عليها ،أما الممتلكات الخاصة فال يجوز التعدي عليها ،ما عدا الحربية منها .إذ ال يجوز
أن تستغل مقدرات الدولة لصالحها ويقع عليها أن تراعي التوازن بين الضرورات العسكرية ومصالح السكان.
ثانيا -الثورة الجزائرية والقانون الدولي اإلنساني:
-1مدى التزام جبهة التحرير الوطنية بمبادئ القانون الدولي اإلنساني:
ألقت الثورة الجزائري والجبهة الوطنية للتحرير خاصة بضاللها على القانون الدولي اإلنساني وأثرت فيه من
حيث ضبطها وتنظيمها لحاملي السالح واألوامر الصارمة التي كانت توجه للمقاتلين فيما يتعلق بمعاملة األسرى
والتمييز بين المدنيين والعسكريين.
كما عمل القائمون على الثورة على االعتراف بحركات التحرير كنزاعات دولية ،باعتبار أن االحتالل هو
عمل عدائي يحق للشعوب الدفاع عن نفسها وكذا تقرير المصير الذي اعترفت به األمم المتحدة ،وبالتالي انطباق
اتفاقيات جنيف األربع على حالة الجزائر.
كما قام الثوار من طرف واحد بإيداع احترامهم وامتثالهم للقانون الدولي اإلنساني واعتمدوا نصوص على
شكل مدونات داخلية للسلوك العسكري وقد انضمت الجزائر رسميا التفاقيات جنيف األربع في 20جوان 1960
أي قبل سنتين من الحصول على االستقالل ،الهدف كان آنذاك هو تدويل القضية واعالن أن الجزائر دولة مستقلة
عن فرنسا تحترم التزاماتها الدولية .فرنسا كانت تطعن في أن النزاع هو ذو طبيعة دولية إال أن الحقيقة أن الجزائر
قبل االحتالل كانت دولة ذات سيادة ولها سفراء وهذا ما تدلل عليه حادثة المروحة وتقديم قروض.
36
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
كما التزم الطرف الجزائري بعدم عدم القيام باألعمال الثأرية ردا على انتهاكات القانون الدولي اإلنساني من
قبل العدو أو تلك التي سمحت بها من المجازر الجماعية للقرى ،احتراما لقواعد القانون الدولي اإلنساني.
في حين أن سلوك القوات الفرنسية تجاه األسرى الجزائريين كان يتعارض حتما والق.د.إ رغم أن فرنسا كانت
طرفا في اتفاقيات جنيف في .1951منه يمكن القول اليوم أن كفاح الشعب الجزائري كان وراء تغيير الذهنيات
واالعتراف بحروب التحرير على أنها نزاعات دولية.
-2اال نتهاكات الفرنسية للممتلكات المحمية خالل االحتالل الجزائر:
جاء في اتفاقية الجزائر أو القصبة المبرمة في 05جويلية 1830التي وقعها الداي حسين مع قائد الحملة
الفرنسية كونت دو بيرمون أنه "..لن يؤذن للجنود الفرنسيين بدخول المساجد الجزائرية ،"...وهو ما أكده بيان ملك
فرنسا شارل العاشر إال أن هذه االلتزامات لم تكن إال طريقة لجلب بعض التأييد وطمأنة المدنيين وسرعان ما
بدأت بإصدار القوانين التي تقضي بنهب ومصادرة األعيان المدنية وحتى األمالك الوقفية وتوزيعها مجانا على
المعمرين المستقدمين من فرنسا ،باإلضافة إلى تحويل المساجد إلى كنائس وأحيانا أخرى تدنيسها.
والى غاية اليوم لم تسترد الجزائر ما نهبه المستدمر الفرنسي خاصة األرشيف الوطني وكذا المخطوطات التي
تعرض في المتحف الفرنسية ،وعدة قطع اثرية منها مدفع بابا مرزوق الذي يعرض حاليا بميناء براست بفرنسا.
أخي ار تجدر اإلشارة إلى أنه ال يطبق الق.د.إ في حاالت اإلرهاب مهما كانت شدتها كما سبق اإلشارة إليه،
وقد أرسلت األمم المتحدة لجنة لتحري الوضع الجزائر بهدف تكييفه على أساس أنه حرب أهلية إال أن اللجنة
تأكدت من أن الوضع في الجزائر هو إرهاب مسلح ال يدخل ضمن نطاق الق.د.إ.
ثالثا -القضية الفلسطينية والقانون الدولي اإلنساني:
-1الوضع القانوني لفلسطين وفق القانون الدولي العام:
تتكون منظمة التحرير الفلسطينية من عدة فصائل تقاوم االحتالل اإلسرائيلي ،وقد أقر ميثاق الجامعة العربية
بفلسطين كدولة وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وبحقه في العودة وتقرير
المصير وقد اعترفت الجمعية العامة لألمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية في دورتها 29سنة ،1974
ومنحتها مركز مراقب في المنظمة ووكاالتها .ونظ ار العتراف عدة دول بفلسطين كدولة وتفاوض إسرائيل معها،
فإن هذا االعتراف هو اعتراف للمقاتلين بالحماية التي يستحقها المقاتلين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي
اإلنساني باإلضافة إلى معاملتهم كأسرى في حال القبض عليهم.
المالحظ أن إسرائيل ترفض تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة بخصوص حماية المدنيين وخاصة البروتوكول
اإلضافي األول باعتبار أنه يرفع من حروب التحرير إلى مصاف النزاعات الدولية ،وتدعي بأنها غير موقعة
عليه ،إال أن محكمة العدل الدولية في أريها االستشاري لسنة 1970في قضية ناميبيا ،أقرت بانطباق االتفاقية
أثناء االحتالل الحربي وطالبت دولة جنوب إفريقيا باعتبارها دولة االحتالل ،االلتزام بتطبيقها.
37
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
جاء في قضية األنشطة العسكرية وشبه العسكري 1986أن اتفاقيات جنيف هي التعبير عن المبادئ العامة
للق.د.إ وأن نصوصها قد اكتسب الطابع العرفي مع احتفاظها بصفتها كقواعد اتفاقية وهي بصفتها هذه ملزمة
للجميع حتى الدول التي لم تنضم إليها.
كما تثار المادة 38من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969المعنونة "القواعد الواردة في المعاهدة
التي تصبح ملزمة للدول الغير عن طريق العرف الدولي" التي تنص على أن القواعد المتضمنة في المعاهدة يمكن
أن تكون ملزمة للغير غير المصادق باعتبارها قاعدة عرفية من قواعد القانون الدولي معترف لها بهذه الصفة.
بالتالي ال يمكن االحتجاج بالمصادقة لدفع قواعد الق.د.إ العرفية ،خاصة بعد اعتراف األمم المتحدة واتخاذها
موقفا واضحا تجاه القضية الفلسطينية منذ سنة 1967باعتبار إسرائيل دولة محتلة لهذه األراضي ،فنضال الشعب
الفلسطيني هو حرب تحرير ،وقد اعترفت الجمعية العامة األمم المتحدة في قرارها رقم 62/6787في 16ديسمبر
1971صراحة بمشروعية نضال الشعوب التي تكافح لممارسة حقها في تولي أمورها بنفسها ولتتحرر من السيطرة
االستعمارية واألجنبية وبوجه خاص الشعب الفلسطيني.
قد تعددت ق اررات األمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية أولها قرار تقسيم فلسطين رقم 181لسنة ،1947
وقد توالت الق اررات مثل قرار عودة الالجئين الفلسطينيين رقم 194لسنة ،1948وآخرها قرار مجلس األمن رقم
1860الصادر في 08جانفي 2009الخاص بوقف إطالق النار في غزة.
إال أن اهم قرار إلى غاية اليوم هو قرار الجمعية العامة رقم 19/67لسنة 2012المتعلق باالعتراف
بفلسطين كدولة غير عضو بدل كيان غير عضو ،بعد رفض مجلس األمن االعتراف بها ،وتساوي الصفة الجديدة
لفلسطين صفة الفاتيكان .وقد مارست فلسطين حقها في التصويت ألول مرة بموجب صالحياتها الجديدة في
المنظمة األممية في 18نوفمبر .2013
ينتج عن االعتراف الدولي إمكانيه االنضمام لالتفاقيات الدولية ومطالبة الطرف اآلخر بالوفاء بالتزاماته،
إمكانية رفع إجراءات التقاضي ،أنها كدولة خليفة لمنظمة التحرير الفلسطينية أو المالحقة
هذا االعتراف يخول فلسطين االنضمام إلى عدة منظمات دولية ومنها المحكمة الجنائية الدولية وهذا ما
حصل فعال في 01أفريل 2015إذ أصبحت الدولة 123في المحكمة وقد حصلت قبال على العضوية الكاملة
في اليونسكو في ،2011رغم تهديدات األمريكو-اسرائيلية بسحب االشتراكات فيها.
-2التجاوزات اإلسرائيلية في فلسطين من زاوية القانون الدولي اإلنساني:
تخضع األراضي الفلسطينية منذ 1967لقواعد وقانون االحتالل الحربي ،منه فإن الممارسات اإلسرائيلية تقع
في إطار القانون الدولي لالحتالل الحربي المبينة في اتفاقية جنيف الرابعة ،وهو ما يلزم الدولة المحتلة حفظ األمن
والنظام داخل اإلقليم المحتل وفقا للقانون الذي كان معموال به قبل االحتالل قدر اإلمكان ،وأال تستغل مقدرات
الدولة لصالحها وأن تراعي التوازن بين الضرورات العسكرية ومصالح السكان.
38
محاضرات في القـانون الدولي اإلنساني ........جامعة امحمد بوقرة ...............كلية الحقوق بودواو.......د .لـ ـ ــوكال مريم.
انتهكت إسرائيل في خالل االحتالل الق.د.إ ،بصورة منتظمة ومستمرة ،ففيما يخص األمالك فحسب المادة
55من الحة الهاي ال تعتبر دولة االحتالل إال مسؤول إداري ومنتفعا بها وال يمكن االستيالء عليها ،أما
الممتلكات الخاصة فال يجوز التعدي عليها ،ما عدا الحربية منها.
في هذا الصدد ال يمكن حصر التجاوزات اإلسرائيلية من بينها بناء المستوطنات من خالل تهجير
الفلسطينيين واالستيالء على الممتلكات الخاصة ،كما لم تسلم الممتلكات الثقافية فقد تدمير حارة المغاربة
بالجرافات في جوان ،1967كما ال يخفى على احد الحفريات التي تقوم بها إسرائيل تحت المسجد األقصى
للوصول إلى ممر تم بناؤه قبل قرون تهدم جزء منه في 2004للوصول إلى موقع الهيكل اليهودي الذي يزعمون
أن الرومان دمروه في سنة 70للميالد.،
أما فيما يخص احترام األشخاص المحميين ،فيذكر أنه منذ االحتالل تتصاعد أرقام القتلى والجرحى
والمفقودين خاصة في خالل االشتباكات واألعمال العدائية التي تثور بين الفينة واألخرى.
كما ضربت إسرائيل حصا ار خانقا على قطاع غزة ابتداء من جوان ،2007وهو ما يشكل نوع من العقاب
الجماعي والسجن الجماعي وهو محظور دوليا.
إال أن اكثر وثيقة رصدت االنتهاكات إسرائيلية بالغة الخطورة خاصة خالل فترات األعمال العدائية نجد تقرير
غولدستون ،الذي كان نتاج أعمال بعثة األمم المتحدة لتقصي الحقائق حول الصراع في غزة ،والذي توصل إلى
أن "الحالة الممتدة من الحصانة قد خلقت أزمة عدالة في األراضي الفلسطينية المحتلة تتطلب اتخاذ إجراءات".
هذا ما يعززه الوضع القائم اليوم على خلفية عملية طوفان األقصى يوم 07كتوبر ،2023والتي ترتكب على
إثرها إسرائيل جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية ،وال تلتزم بأي من االلتزامات الدولية الناتجة
عن القانون الدولي اإلنساني المكتوب أو العرفي ،علما أن إسرائيل موقعة على اتفاقيات جنيف األربعة في 06
جويلية 1951مع تحفظات ،وأنها لم تصادق على البروتوكول األول لسنة 1977ألنه يعترف بحروب حركات
التحرير كنزعات دولية.
يذكر أنه في 05فيفري 2022أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرار أقرت فيه واليتها القضائية
اإلقليمية في فلسطين ،وهو ما يعتبر خطوة جد إيجابية تنتظر خطوات أخرى وجهود دولية لتقديم مجرمين
صهيونيين للمحاكمة أمامها بشان الجرائم الصهيونية المرتكبة في فلسطين بعد تاريخ .2015
39