You are on page 1of 5

‫ملخص المحاضرات المتعلقة بمقياس التحليل االجتماعي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫(الماهية‪ ،‬المصادر)‬

‫المستوى‪ :‬السنة الثالثة علوم اجتماعية (جميع األفواج)‬

‫أوال‪ :‬ماهية حقوق اإلنسان‬

‫‪ -1‬مدخل تاريخي لظهور قضية حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫أخذ مصطلح حقوق اإلنسان عدة تسميات قبل أن تستقر األوضاع والتوصيفات على االسم المتعارف‬
‫عليه اليوم‪ ،‬فمنذ بداية القرن ‪ 18‬م كان يطلق عليها مصطلح "الحقوق الطبيعية"‪ ،‬ثم سميت بعد ذلك بـ‬
‫"حقوق قانون الشعوب"‪ ،‬وذلك نسبة إلى إقرارها من طرف القوانين الوضعية‪ ،‬كما أخذت اسم "الحريات‬
‫الفردية األساسية"‪ ،‬وكذا " الحقوق األساسية للفرد"‪.‬‬

‫على العموم نالحظ اشتراك هذه التسميات في كلمة الحقوق أو تعويضها بكلمة الحريات؛ أي أن‬
‫الكلمتين تستخدمان كبدائل في ظل غياب تعريف اصطالحي مشترك بين المفكرين والعلماء والحقوقيين‪،‬‬
‫إذ أن اإلجماع لم يحدث حتى اآلن نظ ار لعوامل كثيرة وسياقات مختلفة‪ ،‬لكن أهم ما يمكن الوقوف عنده‬
‫هنا هو ضرورة الرجوع إلى أمثلة من تاريخ الحضارات القديمة لتقصي العالقة بين ما تحمله الطروحات‬
‫الماضية والراهنة‪.‬‬

‫سجل التاريخ أن مفهوم الحرية مثال في الحضارات القديمة كاليونانية والبابلية كان مرتبطا بنقيضه‬
‫المعروف بالعبودية‪ .‬وبمرور الزمن وتتطور العصور الزراعية‪ ،‬وظهور ما يسمى بحيازة األراضي‪ ،‬أي‬
‫الملكية الخاصة وتنامي النزعة االقتصادية‪ ،‬وانقسام المجتمعات إلى طبقات متباينة؛ أعالها طبقة المالك‬
‫اإلقطاعية‪ ،‬ثم طبقة العمال الذين ال يملكون‪ ،‬وأدناها طبقة العبيد المملوكين‪ .‬وللمحافظة على امتيازات‬
‫الطبقة اإلقطاعية المالكة والحاكمة فكل األساليب كانت مشروعة بما فيما استباحة الجشع وعدم المساواة‪،‬‬
‫والحرص على انتزاع الثروة والسلطة بالقوة طالما يمثلون الطبقة األقوى‪ ،‬وعليه ساد عصر اإلقطاع القرون‬
‫الوسطى تضييق شديد على الحريات واستنزاف جهود الطبقة الكادحة الفقيرة‪ ،‬وسلبها معظم حقوقها‬
‫خصوصا في ظل تواطؤ ديني مسيحي (كنسي) معها‪.‬‬
‫‪ -2‬العقد االجتماعي وأهم ما نص عليه‪:‬‬

‫أثناء القرنين ‪17‬م‪ 18 -‬م‪ ،‬بدأ بعض المفكرين إلى الدعوة إلقامة "عقد اجتماعي" وهو نموذج جديد‬
‫للنظام االجتماعي‪ ،‬بقوم على فكرة عقد يضمن للفرد حريته وأمنه واستق ارره‪ ،‬عرف الحقا باسم‪" :‬العقد‬
‫االجتماعي"‪ .‬ومن أهم هؤالء المفكرين الذين يحفظ التاريخ إنجازاتهم في االنتقال بالمجتمعات البشرية من‬
‫عصور الظالم إلى عصر األنوار‪ :‬نجد كال من‪ :‬جون لوك‪ ،‬جون جاك روسو‪ ،‬مونتيسكيو‪ ،‬توماس‬
‫هوبز‪ ،‬فولتير‪.‬‬

‫يمكن القول بأن هذا العقد االجتماعي يقوم أساسا على مبدأين أساسيين هما‪:‬‬

‫‪ -‬ضمان حرية الفرد‪.‬‬


‫‪ -‬مقاومة السلطة المطلقة واستبداد األمراء والملوك‪.‬‬

‫هذا اإلنجاز يعد واحدا من أهم األسباب والعوامل التي ساعدت وحفزت وألهمت كثي ار من النظريات‬
‫الفلسفية والسياسية‪ ،‬التي مثلت بدورها مرحلة تمهيدية لنشوء الدساتير الحديثة‪ ،‬كما اعتبرت مصد ار بار از‬
‫إللهام الثورة الفرنسية في مطالبها وشعاراتها‪ ،‬ومؤش ار حاسما إلنهاء الحكم المطلق الذي بقي مسيط ار على‬
‫القارة األوروبية بدعم من الكنيسة وسطوتها‪ ،‬لكن األمر لم يتعدى إلى الوصول للقارة اإلفريقية وأمريكا‬
‫الالتينية وآسيا‪ ،‬إذ أن تلك المواثيق والدساتير لم تمنع بعض الدول من فرض سيطرتها وإحكام قبضتها‬
‫على البلدان الضعيفة التي اتخذتها مستعمرات لها‪ ،‬مما نجم عنه توتر كبير وغضب أكبر تسبب في قيام‬
‫حربين عالميتين اللتان وضعتا العالم في مأزق رهيب من االختالالت المتوالية‪ ،‬أسفرت عن حدوث انهيار‬
‫على جميع األصعدة‪:‬‬

‫‪ -‬الصعيد السياسي من قبيل‪ :‬تقسيمات لمناطق النفوذ‪ ،‬ظهور حدود جغرافية جديدة‪...‬‬
‫الصعيد االجتماعي من خالل تمزق النسيج المجتمعي‪ ،‬حالة الفقر والمرض وانتشار المجاعات‬ ‫‪-‬‬
‫والوفيات الهائلة في تلك الدول‪.‬‬
‫‪ -‬الصعيد االقتصادي في صورة اقتصاد محطم‪ ،‬احتراق األراضي الزراعية‪ ،‬جفاف‪ ،‬فقر متنامي‪.‬‬
‫وكعملية لملمة ما عثت فيه الحربان العالميتان فقد سعت منظمة األمم المتحدة إلى معالجة هذه‬
‫الكارثة على المستوى األممي؛ ترجمها ما يسمى بـ "اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان" الذي صدر في‬
‫‪ 10‬ديسمبر ‪ .1948‬ومن أهم ما ركز عليه هذا اإلعالن‪ :‬مسألة الحريات الفردية‪ :‬من قبيل حرية‬
‫الفكر‪ ،‬حرية التعبير‪ ،‬حرية اإلعالم‪ ،‬حرية العقيدة‪ /‬المعتقد‪ .‬باعتبارها حقوقا حيوية ال تجوز مصادرتها‬
‫أو التحكم فيها‪.‬‬

‫بعد البلدان أخذت هذه الحقوق‪ /‬البنود بعين االعتبار وشرعت في تنفيذها‪ ،‬فيما بقيت بلدان‬
‫أخرى‪...‬‬

‫‪ -3‬بعض التعريفات الحديثة حول حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫تم الوصول إلى تعريف حقوق اإلنسان عبر الكثير من اإلسهامات‪ ،‬ألنه ال يوجد تعريف وحيد‬
‫جامع لها‪ ،‬بل هناك العديد منها‪ ،‬والتي تختلف بعضها عن بعض حسب معايير المجتمعات التي‬
‫وضعت في ضوئها وتنوع ثقافاتها‪ .‬وفي ما يلي بعض تلك التعريفات‪:‬‬

‫‪ -‬تعريف رينيه كاسان (وهو أحد واضعي اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان)‪ :‬حقوق اإلنسان هي‬
‫فرع خاص من الفروع االجتماعية يختص بدراسة العالقات بين الناس استنادا غلى كرامة‬
‫اإلنسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية الزدهار شخصية كل كائن إنساني‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ :‬هي ضمانات قانونية عالمية لحماية األفراد والجماعات‬
‫من إجراءات الحكومات التي تمس بالحريات األساسية والكرامة اإلنسانية‪ ،‬ويلزم قانون حقوق‬
‫اإلنسان الحكومات ببعض اإلجراءات ويمنعها من القيام بأخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف إيف ماديو‪ :‬هي دراسة الحقوق الشخصية المعرف بها وطنيا ودوليا والتي في ظل‬
‫حضارة معينة تضمن الجمع بين الكرامة اإلنسانية وحمايتها من جهة‪ ،‬والمحافظة على النظام‬
‫العام من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬محمد عبد الملك متوكل يعطيها تعريفا شامال وواسعا ينص على أنها‪ :‬مجموعة الحقوق‬
‫والمطالب الواجب الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬يعرفها رضوان زيادة بأنها‪ :‬الحقوق الطبيعية التي تكفل للكائن البشري والمرتبطة بطبيعته كحقه‬
‫في الحياة والمساواة وغير ذلك من الحقوق المتعلقة بذات الطبيعة البشرية التي ذكرتها المواثيق‬
‫واإلعالنات العالمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادر حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫‪ -1‬المصادر الدينية لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫يعد المصدر الديني سواء كان (دينا سماويا أو شخصية مقدسة) مصد ار رسميا ورئيسيا ومباش ار لحقوق‬
‫اإلنسان في الكثير من الدول خاصة التي تؤمن بتعاليم مقدسة تجعلها تحضا بقوة ومصداقية كبيرة؛‬
‫فتعاليم الديانة المسيحية مثال ركزت على الك ارمة اإلنسانية وإشاعة التسامح والمساواة بين جميع الناس‪،‬‬
‫فيما تركز تعاليم الدين اإلسالمي على القواعد والضمانات التي تحمي كرامة اإلنسان‪ ،‬لذلك يمثل النص‬
‫القرآني أوال والسنة النبوية ثانيا المصدر الذي تستمد منه الدول اإلسالمية قوانينها التشريعية ودساتيرها‬
‫الوطنية مع اختالف يميز بين الدول الدينية التي تعتبر النص القرآني والسني كمصدر دستوري وتشريعي‬
‫ّ‬
‫مباشر مثل المملكة العربية السعودية‪ ،‬في حين يعتبر مصد ار رسميا ورئيسيا ولكنه غير مباشر في الدول‬
‫التي تستند على دستور وضعي مستوحى من القرآن والسنة مثل الدولة الجزائرية‪.‬‬

‫‪ -2‬المصادر الدولية لحقوق اإلنسان‪:‬‬


‫‪ -‬العرف‪ :‬ال يعد العرف قانونا بالمفهوم التقليدي‪ ،‬لكنه يتمتع بقوة إلزامية ال تحملها فروع أخرى من‬
‫القانون الدولي؛ بمعنى أن يصبح السلوك على مدى فترة زمنية بصورة ما سلوكا معترفا به‬
‫كمصدر من مصادر القانون الدولي الملزمة للدول حتى وإن لم يأخذ الشكل المكتوب (التوثيق‬
‫الرسمي المكتوب)‪.‬‬
‫‪ -‬القانون التعاهدي‪ :‬يشمل القانون الدولي لحقوق اإلنسان المنصوص عليه في االتفاقيات‬
‫والمعاهدات الدولية مثل‪ :‬العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية لسنة ‪ .1996‬اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة ‪ .1981‬اتفاقية حقوق الطفل‬
‫سنة ‪.1989‬‬
‫‪ -3‬المصادر الوطنية لحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫يقصد بها كل ما يرد من نصوص متعلقة بحقوق اإلنسان في الدستور والتشريع والعرف‬
‫وأحكام المحاكم الوطنية‪ ،‬ويعد هذا المصدر مهما جدا وله األولوية على المصدر الدولي في‬
‫الحماية الوطنية لحقوق اإلنسان‪ ،‬يجب احترامها وإتباعها من قبل الجميع وباألخص السلطات‬
‫الثالث التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية‪ .‬وعند حدوث انتهاك لهذه الحقوق يتوجه الضحية إلى‬
‫وسائل الحماية القانونية الداخلية ألن القانون الداخلي هو الواجب تطبيقه أوال قبل اللجوء إلى أي‬
‫مصدر دولي للحماية‪.‬‬

You might also like