You are on page 1of 43

‫المركز الجامعي قلعة السراغنة‬

‫شعبة الدراسات القانونية‬


‫الفصل الرابع (الفوج الثاني)‬

‫محاضرات في مادة الحريات العامة‬


‫والحقوق اإلنسانية‬
‫الموسم الجامعي ‪2019/2020‬‬
‫محاضرة يوم الجمعة ‪ 27‬مارس ‪2020‬‬

‫إعداد األستاذ‪ :‬لحسن الحسناوي‬


‫القسم الثاني‪ :‬الحرية والحق في الفكر‬
‫السياسي‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫شرع المجتمع الدولي‪ ،‬بعد التجربة المريرة للحرب العالمية الثانية‪ ،‬في‬
‫وضع معايير دولية لحقوق اإلنسان والبحث عن إطار قانوني يسعى إلى‬
‫حماية هذه الحقوق بواسطة صكوك دولية تنشئ التزامات قانونية من‬
‫طرف الدول األعضاء‪ ،‬من أجل ضمان الحقوق األساسية لإلنسان‪.‬‬

‫ولقد ركز التنظيم الدولي اهتمامه بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬على تعزيز‬
‫واحترام حقوق اإلنسان كسبيل للحد من المعاناة والمآسي التي عرفها‬
‫التاريخ البشري‪ ،‬وانعكس ذلك على صياغة ميثاق األمم المتحدة الذي قام‬
‫بترسيخ مبدأ التعاون الدولي في مجال احترام الحقوق والحريات‬
‫األساسية لإلنسان‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• فما جاء به الميثاق شكل أرضية جعلت العديد من المنظمات والدول‬
‫والمدافعين عن حقوق اإلنسان يطالبون بتدشين مسلسل التدويل‪ ،‬واالنتقال‬
‫بذلك إلى مرحلة جديدة‪ ،‬تكون فيها التزامات الدول واضحة في مجال‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫• لذلك سنعالج هذا الفصل من خالل تناول بداية اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان(المبحث األول)‪ ،‬على أن نتناول في (المبحث الثاني) العهدان‬
‫الدوليان الخاصان لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• المبحث األول ‪:‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫بعد تأسيس األمم المتحدة‪ ،‬فتح النقاش حول ضرورة وضع مواثيق دولية‬
‫ملزمة في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬للحيلولة دون تكرار االنتهاكات التي‬
‫عرفتها الحرب العالمية الثانية‪ .‬وقد تم االتفاق بين الدول في البداية على‬
‫وضع اإلعالن العالمي كأول وثيقة دولية تتضمن المبادئ العامة لحقوق‬
‫اإلنسان والحريات العامة‪.‬‬

‫لذلك سنعالج هذا المبحث من خالل التطرق لطبيعة الحقوق المنصوص‬


‫عليها في هذا اإلعالن‪( ،‬المطلب األول)‪ ،‬وما هي قيمته القانونية في‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫المطلب األول‪ :‬المضمون الحقوقي لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫• إن أصل الحديث عن مرجعية حقوق اإلنسان ووجودها على المستوى‬
‫الدولي‪ ،‬يقترن بوجود اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان كتعبير عن إرادة‬
‫الجماعة الدولية في وضع قيم ومعايير دولية تخضع لها الدول في مجال‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫• ولعل أهمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬يتجلى في كونه يعكس على‬
‫الخصوص وبشكل جلي وواضح روح المبادئ العامة لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫حيث تؤكد جميعها في كون كل كائن بشري‪ ،‬بصرف النظر عن جنسه‬
‫ولونه وعقيدته‪ ،‬له حق ممارسة الحقوق السياسية واالقتصادية والثقافية‬
‫واالجتماعية التي تتمثل في رعاية كرامته اإلنسانية واحترام شخصيته‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• اتجهت األمم المتحدة في منحى تعزيز الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫بإصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعد إقراره من طرف الجمعية‬
‫العامة في العاشر من ديسمبر ‪ ،1948‬ليشكل ثمرة الجهود الدولية في‬
‫تحديد معايير احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬وأضحى يتضمن قيمة معنوية‬
‫وأخالقية في ظل غياب آليات المتابعة والمراقبة القانونية‪ ،‬واعتبرته الدول‬
‫األعضاء أول وثيقة دولية إرشادية في مجال حقوق اإلنسان تعود لها‬
‫كمرجعية لدساتيرها الوطنية وقوانينها الداخلية‪.‬‬

‫• ولقد جاء هذا اإلعالن بمجموعة من الحقوق‪ ،‬وبدأ بديباجة تؤكد بأن إقرار‬
‫الكرامة البشرية والحقوق المتساوية هو أساس الحرية والعدل والسالم‬
‫في العالم‪ ،‬وبأن األمم المنضوية تحت رعاية األمم المتحدة تعلن ما يلي‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• ‪″‬تنشر على المأل هذا اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بوصفه المثل‬
‫األعلى المشترك‪ ،‬الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم‪ .‬كما‬
‫يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته‪ ،‬واضعين هذا اإلعالن نصب أعينهم‬
‫على الدوام‪ ،‬ومن خالل التعليم والتربية‪ ،‬إلى توطيد احترام هذه الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬ويكفلوا‪ ،‬بالتدابير المطردة الوطنية والدولية‪ ،‬االعتراف‬
‫العالمي بها ومراعاتها الفعلية‪ ،‬فيما بين شعوب الدول األعضاء ذاتها‪،‬‬
‫وفيما بين شعوب األقاليم الموضوعة تحت واليتها على السواء‶‪.‬‬

‫• كما بدأ التمهيد بتحليل فلسفي ركز على ‪″‬الكرامة األصلية‶ لكل فرد‪،‬‬
‫والحقوق التي ال يمكن إنكارها لجميع أعضاء األسرة البشرية‪ ،‬وأن‬
‫‪″‬إهمال واحتقار حقوق اإلنسان قد أسفر عن أعمال همجية أغضبت ضمير‬
‫البشرية‶‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• وقد أكد اإلعالن على نقطتين هامتين‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫تطبيق جميع ما جاء في نص اإلعالن‬
‫‪″‬بدون تفرقة من أي نوع مثل الجنس‪،‬‬
‫أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين أو‬ ‫جميع البشر قد خلقوا أحرار‬
‫الرأي السياسي أو غير السياسي أو‬ ‫ومتساوين في الكرامة والحقوق وفي‬
‫األصل القومي أو الطبقي والملكية‬ ‫ذلك تبني لنظرية الحق الطبيعي‪.‬‬
‫والمولد أو أوضاع أخرى‶‪ ،‬أي التأكيد‬
‫على عالمية حقوق اإلنسان‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• وباإلضافة إلى الديباجة‪ ،‬يتكون اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من‬
‫ثالثين مادة‪ ،‬يمكن تقسيمها إلى ثالث أقسام‪:‬‬

‫• يتعلق بالحقوق الفردية التقليدية (المواد‬


‫من ‪ 1‬إلى ‪)20‬‬ ‫القسم األول‬

‫• يتطرق للحقوق السياسية (المادة ‪)21‬‬ ‫القسم الثاني‬


‫• يتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية (المواد ما بين ‪ 22‬و‪)29‬‬ ‫القسم الثالث‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ )1‬الحقوق الفردية التقليدية (المواد من ‪ 1‬إلى ‪)20‬‬
‫تضمن اإلعالن مجموعة من الحريات التي تهم اإلنسان كشخص طبيعي‪:‬‬

‫• الحق في الحياة وفي الحرية‬


‫المواد ‪ 1‬إلى ‪5‬‬
‫• منع الرق والتعذيب‬

‫• الحق في األمن‬ ‫المادة ‪9‬‬

‫• المساواة أمام القانون وحق اللجوء إلى المحاكم للدفاع عن الحقوق‬


‫المادة من ‪ 8‬إلى‬
‫‪ • 11‬عدم رجعية القانون الجنائي‪ ،‬وضمان حقوق الدفاع‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• حماية الحياة الخاصة‪.‬‬ ‫المادة ‪12‬‬

‫• حرية التنقل داخل الوطن وخارجه‪.‬‬ ‫المادة ‪13‬‬


‫و‪14‬‬

‫• الحق في الجنسية‪.‬‬ ‫المادة‬


‫‪15‬‬

‫المادة ‪ • 16‬الحق في الزواج‪.‬‬

‫• ضمان الحق في التملك‪.‬‬ ‫المادة ‪17‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ )2‬الحريات السياسية‪:‬‬
‫والتي نصت عليها المادة ‪ 21‬والتي تتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫حق المواطنين‬ ‫االعتراف بالشعب‬


‫في المشاركة في‬ ‫كمصدر للسلطة من‬
‫تسيير الشؤون‬ ‫خالل‪:‬‬
‫حق الجميع في‬ ‫العامة للبالد‬ ‫‪ -‬التعبير عن إرادته‬
‫ولوج الوظائف‬ ‫سواء بطريقة‬ ‫عن طريق انتخابات‬
‫العمومية‪.‬‬ ‫مباشرة أو عن‬
‫طريق انتخابات‬ ‫حرة ونزيهة ودورية‪،‬‬
‫حرة‪.‬‬ ‫وعن طريق االقتراع‬
‫العام المباشر‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ )3‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬
‫حيث تضمن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مجموعة من الحقوق ذات‬
‫المنحى االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬

‫• الحق في الضمان االجتماعي‪ ،‬وفي التعليم‪ ،‬وفي الثقافة‬


‫• الحق النقابي والحق في الراحة وأوقات الفراغ‪.‬‬
‫المواد من ‪ 22‬إلى ‪29‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• ومن خالل التنصيص على جميع هذه الحقوق‪ ،‬يكون اإلعالن قد حاول‬
‫الجمع بين المرجعيات الليبرالية واالشتراكية‪ .‬ومن ضمن الحقوق‬
‫السياسية التي حققت ثورة داخل اإلعالن‪ ،‬حق جميع الناس في االشتراك‬
‫في حكومة دولة كل منهم‪ ،‬إما مباشرة أو بشكل غير مباشر من خالل‬
‫ممثلين مختارين بحرية‪.‬‬
‫• وهي مقتضيات اعتبرت كمرجعية للمدافعين عن الديمقراطية في كل بقاع‬
‫العالم‪ ،‬وفي نفس الوقت خلقت مشاكل لألنظمة الغير ديمقراطية‪.‬‬
‫• كما تناول اإلعالن العالقة بين الحقوق والواجبات‪ ،‬من خالل التأكيد على‬
‫أن كل فرد واجبات نحو المجتمع‪ ،‬وأنه لممارسة الحقوق والحريات على‬
‫كل فرد مسؤولية احترام نفس الحقوق لآلخرين‪ ،‬وتحقيق المتطلبات‬
‫العادلة للسلوك والنظام العام والصالح العام‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• وقد تأكدت األهمية القانونية للمواد التي تقر حقوقا إنسانية للكائن البشري‪،‬‬
‫في المادة ‪ 2‬من اإلعالن‪ ،‬التي أشارت إلى أن‪:‬‬

‫• ‪″‬لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا‬


‫اإلعالن‪ ،‬دونما تمييز من أي نوع‪ ،‬والسيما التمييز بسبب العنصر‪ ،‬أو‬
‫اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو اللغة‪ ،‬أو الدين‪ ،‬أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي‪ ،‬أو‬
‫األصل الوطني أو االجتماعي‪ ،‬أو الثروة‪ ،‬أو المولد‪ ،‬أو أي وضع آخر‪.‬‬
‫وفضالا عن ذلك ال يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني‬
‫أو الدولي للبلد أو اإلقليم الذي ينتمي إليه الشخص‪ ،‬سواء أكان مستقالًّ أو‬
‫عا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو خاضعاا ألي قيد‬ ‫موضو ا‬
‫آخر على سيادته‶‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• وقد استخدم اإلعالن عبارات عالمية مثل الناس واإلنسان‪ ،‬واالبتعاد عن األلفاظ‬
‫ذات مفهوم سياسي قانوني مثل المواطنين‪ ،‬الرعايا‪ .‬ورغم الترحيب الدولي‬
‫الكبير باإلعالن‪ ،‬فقد ظهرت العديد من التيارات الرافضة لما جاء به‪ ،‬باعتباره‬
‫ينقص من السيادة الداخلية للدول‪ :‬االتحاد السوفياتي سابقا‪ ،‬بولندا‪ ،‬جنوب‬
‫إفريقيا‪.‬‬

‫• وظهرت هذه التيارات حتى في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث قال رئيس‬
‫نقابة المحامين آنذاك ‪″ :‬الوثيقة تمثل مفهوما ثوريا جديدا تماما في مجال‬
‫القانون والحكومة‪ ،‬مما يشكل تهديدا لمبدأ السيادة القومية‪.‬‬

‫• وعموا فقد نجح اإلعالن في وضع معايير قياسية للدول‪ ،‬وهو بمثابة وثيقة دولية‬
‫أولية‪ ،‬باعتباره األصل الذي تعود إليه الدول في قوانينها‪ ،‬كمرجعية رئيسية في‬
‫مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ومصدرا للمعايير الدولية وهو ما أكسبه أهمية قانونية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬القيمة القانونية لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫• قبل إصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬كان هناك خالف بين تيارين يختلفان حول‬
‫القيمة القانونية لإلعالن المزمع وضعه‪ .‬وظهر هذا التباين في الدورة األولى للجمعية‬
‫العامة المنعقدة في لندن سنة ‪ 1948‬في اتجاهين‪:‬‬
‫تيار ثاني من الدول‪ ،‬يرى ضرورة إعطاء‬
‫تيار يريد أن يعطي لإلعالن طابعا أخالقيا‬
‫مشروع اإلعالن شكل اتفاقية دولية‪ ،‬حيث أن‬
‫محضا‪ ،‬غير ملزم من الناحية القانونية‪ ،‬وأنه‬
‫المصادقة عليها تضفي قوة إلزامية إضافية‬
‫مجرد وثيقة أولية للحقوق‪ ،‬وبالتالي فهو‬
‫تقيد اإلرادة السياسية للدول بتعهدها باحترام‬
‫يكتسي قيمة معنوية في الضمير العالمي‪.‬‬
‫وتعزيز حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وقد انتصر في النهاية رأي التيار األول‪ ،‬حيث كانت‬


‫الغلبة وحصل على إجماع الدول األعضاء‪ .‬حيث صدر‬
‫اإلعالن على شكل توصية وفق اختصاصات الجمعية‬
‫العامة لألمم المتحدة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• ورغم أهمية منح الجمعية العامة الحق في التداول في قضايا حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬فإن ذلك ينحصر في إصدار توصيات قد يأخذ بها مجلس األمن‪،‬‬
‫وقد يرفضها أو ال يطبقها‪ ،‬خصوصا وأن الدول الخمس الدائمة في‬
‫مجلس األمن تتوفر على الفيتو لرفض أي قرار يتخذه مجلس األمن‪.‬‬

‫• وتبعا لذلك‪ ،‬ظل اإلعالن كأول وثيقة دولية تتضمن المبادئ العامة لحقوق‬
‫اإلنسان والحريات العامة يتمتع بقوة معنوية تعود إليه الدول كمرجعية‬
‫لتشريعاتها الوطنية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• إن غياب هذا الطابع اإللزامي لإلعالن خلق جدال فقهيا حول قيمته القانونية بين‬
‫اتجاهين‪:‬‬

‫تيار يدافع عن القيمة القانونية لإلعالن العالمي‬ ‫تيار يرى غياب اإللزامية عن‬
‫داخل النظام القانوني الدولي‬ ‫اإلعالن‬
‫• باعتباره يعكس إرادة شبه جماعية للدول‬ ‫• باعتباره مجرد وثيقة ذات‬
‫األعضاء في األمم المتحدة لعدم االعتراض‬ ‫قيمة أخالقية وأدبية‪ ،‬فهو‬
‫عليه‪ ،‬وأن صياغته بشكله الشمولي‪،‬‬ ‫مجرد نص ذو أهمية فلسفية‬
‫ومضمونه األقرب إلى العموميات‪ ،‬جعله‬ ‫أخالقية أكثر مما هو ذو‬
‫يتناسب مع كل االتجاهات السياسية‬ ‫أهمية قانونية‪ ،‬باعتباره ال‬
‫واالعتبارات اإليديولوجية المتواجدة داخل‬ ‫يتضمن ميكانيزم للجزاء‬
‫الهيئة األممية‪.‬‬ ‫والعقاب‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• فرغم الطابع األخالقي لإلعالن‪ ،‬باعتباره هدفا أسمى تسعى إليه جل‬
‫الشعوب‪ ،‬فإن قوته تتجاوز القيمة األخالقية إلى الطابع اإللزامي نظرا‬
‫لعدة عوامل‪:‬‬

‫▪ أوال) فكل المقتضيات التي وردت في اإلعالن تم إدراجها في المواثيق‬


‫األخرى‪ ،‬التي جاءت على شكل اتفاقيات كالعهدين الدوليين؛‬

‫▪ ثانيا) ألن جل الدول أدمجت معايير اإلعالن العالمي في وثائقها‬


‫الدستورية؛‬

‫▪ ثالثا) جانب من الفقه يرى أن المبادئ المعلنة في اإلعالن لها قيمة‬


‫القواعد العرفية‪ ،‬التي أصبحت مفروضة على الدول في مجال حقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• ولتجاوز مشكل إلزامية اإلعالن‪ ،‬اعترف المجتمع الدولي في إعالن طهران‪،‬‬
‫الذي اعتمده المؤتمر الدولي لحقوق اإلنسان لسنة ‪ ،1968‬على أن اإلعالن‬
‫العالمي يمثل تفاهما تشترك فيه شعوب العالم على ما لجميع أعضاء األسرة‬
‫البشرية من حقوق ثابتة‪ ،‬تشكل التزاما على كاهل أعضاء المجتمع الدولي‪.‬‬

‫• وعموما‪ ،‬فقد حصل اإلعالن على قوة أخالقية وسياسية كبيرة‪ ،‬وأثر على‬
‫األجهزة القانونية في كل الدول‪ ،‬وشكل مصدرا إللهام وتوجيه الجهود المصممة‬
‫على تقدير رؤاه المعلنة‪.‬‬

‫• فكل الدساتير التي صدرت بعد ذلك بدأت تستلهم منه مبادئها‪ .‬ولعل ما ساهم في‬
‫ذلك نشر اإلعالن وترجمته إلى العديد من اللغات مما وسع الوعي به‪ .‬وما يؤكد‬
‫على قيمة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬أنه كان منطلقا لعدد من اإلعالنات‬
‫والمعاهدات المتعلقة بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• المبحث الثاني ‪:‬العهدان الدوليان الخاصان لحقوق اإلنسان‬
‫• شكل العهدان الدوليان لعام ‪ 1966‬خطوة أساسية في تعزيز حماية حقوق‬
‫اإلنسان والتزام الدول باحترام حقوق الكائن البشري‪.‬‬

‫• إن طبيعة الحقوق المدنية والسياسية وهي حقوق فردية‪ ،‬تختلف عن طبيعة‬


‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬التي تندرج في الحقوق الجماعية‪،‬‬
‫وهو ما يفسر لماذا يتضمن العهدان اتفاقية خاصة بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬وأخرى تتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫• وقد تميز العهدين مقارنة باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعدم االكتفاء‬
‫باالعتراف بالحقوق‪ ،‬حيث نميز في العهدين بين ثالث مستويات‪ :‬االعتراف‬
‫بالحقوق (المطلب األول)‪ ،‬المطالبة باإلجراءات (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• المطلب األول‪ :‬الحمولة الحقوقية اإلعالنية للعهدين‬
‫• من خالل قراءة أولية للعهدين‪ ،‬يتضح أنهما ركزا على األسس التالية‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫تحرير اإلنسان من‬ ‫تحرير الشعوب من‬
‫قهر وظلم‬ ‫هيمنة واستبداد‬
‫تحرير الفئات‬
‫الحكومات‬ ‫تحرير اإلنسان من‬ ‫االستعمار القديم‬
‫الضعيفة من أسباب‬
‫والسلطات‬ ‫قهر وظلم اإلنسان‪،‬‬ ‫والجديد‪ ،‬بالنص على‬
‫ضعفهم عن طريق‬
‫الدكتاتورية‬ ‫بتحريم التمييز‬ ‫حق الشعوب في‬
‫تقرير حماية خاصة‬
‫المستبدة‪ ،‬وذلك‬ ‫العنصري‬ ‫تقرير مصيرها‪،‬‬
‫لتلك الفئات‬
‫بتقرير وتعزيز‬ ‫واالسترقاق‬ ‫والتصرف بحرية في‬
‫كاألطفال والنساء‬
‫الحريات العامة‬ ‫والمتاجرة بالرقيق‪.‬‬ ‫ثرواتها ومواردها‬
‫والعجزة‪.‬‬
‫والحقوق‬ ‫الطبيعية‪ ،‬ضمن إطار‬
‫السياسية‪.‬‬ ‫نظام اقتصادي عادل‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• وقد تضمن العهدان بعض البنود المشتركة بينهما من أهمها‪:‬‬

‫• ‪ )1‬ديباجة مشتركة بين العهدين‪ :‬تؤكد على أن تحقيق الكرامة البشرية‬


‫هي أساس الحرية والعدل والسالم في العالم‪ ،‬وأن هذه الحقوق تنبثق من‬
‫كرامة اإلنسان األصلية –حقوق طبيعية‪ -‬مع التأكيد على أن مرجعية‬
‫العهدين هي اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫• ‪ )2‬إلى جانب حقوق األفراد‪ ،‬جاء العهدان بالحقوق الجماعية –المادة ‪-1‬‬
‫عبر التأكيد على حق الشعوب في تقرير المصير وحق السيطرة على‬
‫الموارد الطبيعية ووسائل المعيشة‪ .‬كما أكدت المادة على واجبات الدول‬
‫التي تقع على عاتقها مسؤولية إدارة بعض األقاليم بناء على نظام‬
‫الوصاية‪ ،‬في العمل على تحقيق حق تقرير المصير لشعوب هذه الدول‪،‬‬
‫وربط تمتع الشعوب بالحريات بالحصول على االستقالل‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• وإلى جانب هذه البنود المشتركة‪ ،‬هناك مقتضيات مختلفة بين العهدين‪:‬‬
‫‪ -1‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫تمت صياغة هذا العهد بعد أن قدمت االتحاد السوفياتي وحلفاؤها مواد تدخل‬
‫ضمن الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬هذه الحقوق لقيت موافقة الدول‬
‫المتعاطفة مع الرفاهية االجتماعية‪ ،‬ولقيت بعد ذلك دعم اآلخرين‪.‬‬

‫وقد تم اعتماد هذا العهد بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم‬
‫(‪( )2200‬د‪ )21-‬المؤرخ في ‪ ،16/12/1966‬ودخل حيز التنفيذ في‬
‫‪ 3/1/1976‬طبقا للمادة ‪ 27‬منه‪ ،‬ذلك بعد مصادقة ‪ 35‬دولة وإيداع‬
‫وثيقة التصديق لدى األمانة العام لألمم المتحدة‪ ،‬وقد أقرته الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة بأغلبية ‪ 105‬أصوات وبدون معارضة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• وضم العهد ‪ 31‬مادة‪ ،‬ال تقوم فقط بحصر الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬
‫بل أحيانا تقرر اإلجراءات الواجب اتخاذها لضمان حمايتها‪ ،‬ويتكون العهد‬
‫من خمس أجزاء‪:‬‬

‫‪ )1‬حقوق جماعية‪ :‬حيث تم التنصيص على حق الشعوب في تقرير مصيرها‬


‫والمساواة وعدم التمييز بينها‪ ،‬وحق الشعوب في التصرف الحر بثروتها‬
‫ومواردها الطبيعية‪.‬‬

‫‪ )2‬المواد من ‪ 2‬إلى ‪ :6‬مدى التزام الدول باحترام وتأمين الحقوق المقررة‬


‫باالتفاقية‪ ،‬ووسائل حمايتها‪ ،‬وعدم جواز تقييد أي حق من حقوق اإلنسان‬
‫المقررة أو القائمة والتحلل منها بحجة عدم إقرار االتفاقية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ )3‬الحقوق المعترف بها في العهد (المواد‪ 6‬إلى ‪ ،)15‬والتي تتضمن‬
‫اعترافا بمجموعة من الحقوق ذات الطابع االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬
‫▪ الحق في العمل (المادة‪ ،)6‬وفي شروط عادلة ومرضية تكفل أجرا منصفا‬
‫وعيشا كريما وظروفا توفر السالم والصحة واالستراحة وأوقات الفراغ‬
‫(المادة ‪ .)7‬لكن رغم أن العهد فرض على الدولة العمل على صيانة هذا‬
‫الحق‪ ،‬ولكنه لم يضع التزاما على الدولة بأن توفر العمل للشخص‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫▪ الحرية النقابية مع إقرار مبدأ التعددية النقابية والحق في اإلضراب‬
‫وإمكانية تقييد ممارسته بالنسبة للقوات المسلحة ورجال الشرطة‬
‫وموظفي اإلدارات الحكومية (المادة‪ ،)8‬لكن االعتراف بالحق في‬
‫اإلضراب جاء في العهد مشروطا بممارسته وفقا لقوانين البلد المعني‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫▪ الحق في الضمان االجتماعي أي في التأمينات االجتماعية‪.‬‬
‫▪ إقرار رضا الطرفين في الزواج وحماية األمهات قبل الوالدة وبعدها‪ ،‬وإعطاء‬
‫تعويضات لألمهات الحامالت خالل راحة الوالدة (م‪ ،)10‬وحماية األطفال ضد‬
‫االستغالل االقتصادي واالجتماعي ومعاقبة المخالفين للقانون‪.‬‬
‫▪ الحق لكل فرد وأسرته في مستوى معيشي كاف (المادة‪.)11‬‬
‫▪ الحق في الصحة‪ ،‬مع ضرورة اتخاذ التدابير الالزمة لضمان هذا الحق (م‪.)11‬‬
‫▪ الحق في التربية والتعليم مع ضرورة إلزامية ومجانية التعليم االبتدائي وتعميمه‬
‫في المرحلة الثانوية‪ ،‬وتسهيل متابعة الدراسة في التعليم العالي‪ ،‬واألخذ تدريجيا‬
‫بمجانية التعليم (م ‪.)13‬‬
‫▪ الحق في الثقافة‪ :‬صيانة العلم والثقافة العلمية والفنية (م‪.)14‬‬
‫▪ حرية البحث العلمي والنشاط اإلبداعي‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫‪( )4‬المواد من ‪ 16‬إلى ‪ ،)25‬فتتضمن تنظيم اإلشراف الدولي على تطبيق الميثاق‪.‬‬

‫‪( )5‬الموارد من ‪ 26‬إلى ‪ ،)31‬تتناول إجراءات التصديق والتنفيذ‪.‬‬

‫ومن أهم االنتقادات الموجهة لهذا العهد أنه تضمن عبارات تمكن الدول من‬
‫التملص من التزاماتها فيما يخص الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫فمواد العهد تبدأ بعبارة ‪″‬تقر‪ ،‬بدل‪ ،‬تتعهد‶‪ ،‬ولربما الذي دفع في اتجاه تبني‬
‫هذه الصياغة هو أن هذه الحقوق تتطلب كلفة مادية‪.‬‬

‫وأخذا بعين االعتبار لعدم إمكانية البلدان النامية في ضمان الحقوق الواردة في‬
‫العهد‪ ،‬لم يركز العهد على معاقبة االنتهاكات المحتملة لهذه الحقوق‪ ،‬بل هو عهد‬
‫برغماتي يدعو إلى مساعدة تقنية دولية لهذه الدول لتحقيق هذه الحقوق‬
‫تدريجيا‪ .‬وهو ما من شأنه أن يساعد هذه الدول على التوقيع واالنضمام لهذا‬
‫العهد‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ -2‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫• لقد تبنى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬نص اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ولكنه قدم تحديدا قانونيا أكبر وتوسعا في عدد‬
‫الحقوق الواردة فيه‪.‬‬
‫• وقد اعتمد بقرار من الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 2200‬المؤرخ في‬
‫‪ 16/12/1966‬وأقرته الجمعية العامة بأغلبية ‪ 106‬أصوات وبدون‬
‫معارضة‪ ،‬وقد اعتبر بدء نفاده تاريخ ‪ 23/3/1976‬طبقا للمادة ‪ 49‬من‬
‫العهد‪.‬‬
‫• ولعل أهم ما سجل على العهد‪ ،‬أنه ميز في المادة ‪ 4‬بين الحقوق األساسية‬
‫التي تشكل النواة الصلبة التي ال يمكن خرقها في جميع األحوال‪ ،‬والحقوق‬
‫األخرى التي يمكن تقييدها في الحاالت االستثنائية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• فقد منح العهد لألطراف إمكانية وضع بعض القيود على الحقوق التي ينظمها‪،‬‬
‫متى كان ذلك ضروريا لحماية األمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو‬
‫األخالق أو حقوق اآلخرين وحرياتهم‪.‬‬
‫• ويتأفف العهد من مقدمة وثالث وخمسين مادة موزعة على ستة أجزاء‪:‬‬
‫• المقدمة والمادتين األولى والثانية من هذا الميثاق مشتركة مع العهد الخاص‬
‫بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫• وتضمن الجزء الثالث العديد من الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬والتي أصبحت‬
‫مدرجة في دساتير كل الدول تقريبا وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية (م‪.)4‬‬
‫‪ -2‬الحق في الحياة‪ :‬لم يلغي العهد عقوبة اإلعدام‪ ،‬ولكن منعها بالنسبة لألشخاص‬
‫الذين يقل سنهم عن ‪ 18‬سنة‪ ،‬وعدم تنفيذ العقوبة في حق النساء الحوامل‬
‫(م‪.)6‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ -3‬منع التعذيب والمعامالت الغير اإلنسانية المؤدية لكرامة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -4‬منع استرقاق األشخاص أو االتجار بالرق (م‪ )8‬ومنع األعمال الناتجة‬
‫عن عقوبات جنائية‪.‬‬
‫‪ -5‬الحق في الحرية واألمن الشخصي‪ :‬منع االعتقال التعسفي وحق اإلنسان‬
‫في الحرية واألمان على شخصه (م‪ ،)9‬ضرورة البث في أسباب االعتقال‬
‫من لدن محكمة مختصة‪ ،‬والحق في الضمانات القضائية والمساواة أمام‬
‫العدالة‪ ،‬واعتبار كل شخص بريئا إلى غاية إثبات شرعية الجريمة‬
‫الجنائية‪ ،‬والحق في الدفاع‪ ،‬وشرعية الجنح والجنايات (م‪ ،)14‬وعدم‬
‫رجعية القانون الجنائي (م‪ ،)15‬والحق في الحياة الخاصة وعدم التدخل‬
‫في حياة الشخص وحياة أسرته وعدم المساس بشرفه واحترام سرية‬
‫المراسالت‪ ،‬والحق في الزواج‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ -6‬حرية التنقل واختيار مكان اإلقامة ومغادرة البلد (م‪.)12‬‬
‫‪ -7‬حرية الفكر والعقيدة وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات‪.‬‬
‫‪ -8‬االعتراف بالحقوق السياسية‪.‬‬
‫‪ -9‬منع كل أشكال التميز‪.‬‬
‫‪ -10‬احترام األقليات في تنمية ثقافتها ولغتها ودينها‪.‬‬
‫إلى جانب التنصيص على كل هذه الحقوق‪ ،‬جاء العهد بإجراءات من جانب الدول‬
‫لتقديم الحق لألفراد المعتقلين في أن يعاملوا بإنسانية‪.‬‬
‫أما الجزء الرابع من العهد المواد (‪ ،)45-28‬فقد وضع اآلليات التي تضمن التزام‬
‫الدول األطراف في هذا العهد‪ ،‬حيث نصت المواد على إنشاء لجنة تسمى لجنة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬كما بين كيفية تشكيلها ووظائفها وطريقة عملها واألهداف التي‬
‫تقوم من أجلها‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• كما قام الجزء الخامس من العهد المواد (‪ ،)47-46‬بحظر تفسير أي حكم‬
‫أو نص من نصوص االتفاقية الحالية‪ ،‬بشكل يعطل نصوص ميثاق األمم‬
‫المتحدة ودساتير الوكاالت المتخصصة فيها التي تحدد المسؤوليات‬
‫الخاصة ألجهزة األمم المتحدة المختلفة‪ ،‬والوكاالت المتخصصة فيما يتعلق‬
‫باألمور التي يعالجها العهد‪ ،‬أو ما يمكن تفسيره بأنه تعطيل للحق المتأصل‬
‫لجميع الشعوب‪ ،‬والمتمثل في حق تقرير مصيرها والتمتع بثرواتها‬
‫ومواردها الطبيعية‪ ،‬واالنتفاع بها كلها وبحرية‪.‬‬

‫• أما الجزء السادس المواد من (‪ ،)53-48‬فيتضمن كيفية االنضمام إلى‬


‫العهد والتصديق عليه‪ ،‬وتنفيذه وسريانه‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• وبعد دراسة لمضمون العهدين‪ ،‬اتضح على أنهما نصا على مجموعة من‬
‫الحقوق الفردية والجماعية الواردة في اإلعالن العالمي‪ ،‬مع تفصيل أكثر‬
‫لهاته الحقوق‪ ،‬والتأكيد على مجموعة من اآلليات الهادفة إلنفاذ هذه‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫• وقد لعب العهدان دورا محوريا في إبراز دور الدولة في حقل حقوق‬
‫اإلنسان مع إبراز مسؤوليتها‪ .‬لكن يبقى أن أهم ما ميز العهدان أنهما لم‬
‫يكتفيا باالعتراف بالحقوق‪ ،‬بل طالبا الدول باتخاذ مجموعة من اإلجراءات‬
‫لضمان نفاذها‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬اإلجراءات الخاصة بالعهدين‬
‫• لقد جاء العهدان بمجموعة من اإلجراءات التي تروم حماية الحقوق المنصوص‬
‫عليها‪ ،‬ونميز في هذا السياق بين اإلجراءات العامة التي تخص جميع الحقوق‬
‫التي جاءت بها المادة الثانية من العهدين‪ ،‬ثم اإلجراءات الخاصة بعدد معين من‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫• ففيما يتعلق باإلجراءات العامة فهي تتمثل في أربع إجراءات وهي‪:‬‬

‫‪ )1‬اإلجراءات التشريعية التي تروم مالئمة التشريعات المحلية مع بنود العهدين‪:‬‬


‫حيث تتعهد كل دولة طرف في كل عهد عند غياب النص في إجراءاتها التشريعية‬
‫القائمة‪ ،‬أو غيرها من اإلجراءات باتخاذ الخطوات الالزمة‪ ،‬طبقا إلجراءاتها‬
‫التشريعية أو غيرها الالزمة لتحقيق الحقوق المقررة في العهدين‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫‪ )2‬إجراءات لمعالجة انتهاكات الحقوق الواردة في العهدين‪ ،‬عبر تبني سبل‬
‫التظلم سواء القضائية أو اإلدارية‪ ،‬حيث جاء في المادة الثانية من العهد‬
‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬أن على الدول األعضاء في‬
‫االتفاقية‪ ،‬أن تكفل لكل شخص عالجا فعاال في حالة وقوع أي اعتداء على‬
‫الحقوق والحريات المقرر له في العهد‪ ،‬حتى ولو ارتكب هذا االعتداء من‬
‫أشخاص يعملون بصفة رسمية‪.‬‬

‫وأن تكفل لكل من يطالب بمثل هذا العالج‪ ،‬أن يفصل في حقه بواسطة‬
‫السلطات المختصة القضائية أو اإلدارية أو التشريعية أو أية سلطة أخرى‬
‫مختصة بموجب النظام القانوني للدولة‪ ،‬وأن تطور إمكانات العالج‬
‫القضائية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫‪ )3‬اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع جميع أشكال التميز التي تحول دون‬
‫االستفادة من الحقوق الواردة في العهدين‪ ،‬حيث تتعهد كل دولة طرف في‬
‫العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬حسب المادة الثانية من العهد‬
‫باحترام‪ ،‬وتأمين الحقوق المقررة في العهد لكافة األفراد ضمن إقليمها‬
‫والخاضعين لواليتها دون تميز من أي نوع سواء كان ذلك بسبب العنصر‬
‫أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي أو غيره أو‬
‫األصل القومي أو االجتماعي أو الملكية أو صفة الوالدة أو غيرها‪.‬‬

‫‪ )4‬تبني خطة عمل وطنية شاملة لضمان حماية الحقوق الواردة في العهدين‪،‬‬
‫وهو التزام ال ينبع من بنود االتفاقية‪ ،‬بل تبعا الجتهادات العديد من‬
‫اإلعالنات التي توضح طبيعة التزامات الدول فيما يتعلق بالعهدين‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫• حيث جاء في تعليق للجنة حقوق اإلنسان رقم ‪ 3‬عام ‪ 1990‬بشأن طبيعة‬
‫التزامات الدول األطراف‪ ،‬ضرورة التزام جميع الدول األطراف باتخاذ‬
‫خطوات في المجالين االقتصادي والتقني من أجل التنفيذ للحقوق المعترف‬
‫بها في العهدين‪ ،‬وضرورة اتخاذ تدابير قانونية وإدارية وإجراءات في‬
‫ميزانياتها وتعديالت قانونية وقضائية تضمن حقوق اإلنسان لألفراد بشكل‬
‫فعال‪ ،‬وعلى أقل تقدير الحد األدنى لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫• كما أوصى إعالن فيينا لعام ‪ 1993‬بأن تقوم كل دولة بصياغة برنامج‬
‫عمل يتضمن الخطوات التي ستتبعها لحماية حقوق اإلنسان تنفيذا‬
‫اللتزاماتها في العهدين الدوليين‪ .‬وحسب المادة الثانية من العهدين على‬
‫الدول التعاون بينها ومع هيئة األمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لتعزيز‬
‫وحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫على المستوى الدولي‬
‫• أما فيما يتعلق باإلجراءات الخاصة بكل حق على حدى‪ ،‬فلم يكتفي‬
‫العهدان باالعتراف بالحق‪ ،‬بل تجاوز ذلك إلى المطالبة بإجراءات معينة‬
‫لضمان نفاذها على أرضا الواقع‪.‬‬

‫• ولإلشارة فإلى جانب اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والعهدان‬


‫الدوليان‪ ،‬قامت األمم المتحدة بوضع قانون دولي لحقوق اإلنسان أكثر‬
‫تحديدا في عدد من المعاهدات المتصلة بمختلف المواضيع التي حددتها‬
‫بصورة أولية الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن أهم هذه االتفاقيات‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫❑ اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها؛‬


‫❑ االتفاقية الخاصة بوضع الالجئين؛‬
‫❑ البروتوكول الخاص بوضع الالجئين؛‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على‬
‫المستوى الدولي‬
‫❑ االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري؛‬
‫❑ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة؛‬
‫❑ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية‬
‫أو الالإنسانية أو المهينة؛‬
‫❑ اتفاقية حقوق الطفل؛‬
‫❑ البرتوكول االختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة اإلعدام‪.‬‬
‫مالحظة هامة‪:‬‬
‫إعداد هذه المحاضرة تم باالعتماد بشكل أساسي على كتاب‬
‫األستاذ محمد المساوي‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة‬
‫بين القانون الدولي والتشريعات المحلية‪( ،‬أكادير‪ :‬دار‬
‫العرفان‪.)2016 ،‬‬
‫وكذا كتاب األستاذ يوسف البحيري‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات‬
‫العامة جدلية الكونية والخصوصية‪( ،‬مراكش‪ :‬المطبعة‬
‫والوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪.)2015 ،1‬‬

You might also like