Professional Documents
Culture Documents
ولقد ركز التنظيم الدولي اهتمامه بعد الحرب العالمية الثانية ،على تعزيز
واحترام حقوق اإلنسان كسبيل للحد من المعاناة والمآسي التي عرفها
التاريخ البشري ،وانعكس ذلك على صياغة ميثاق األمم المتحدة الذي قام
بترسيخ مبدأ التعاون الدولي في مجال احترام الحقوق والحريات
األساسية لإلنسان.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• فما جاء به الميثاق شكل أرضية جعلت العديد من المنظمات والدول
والمدافعين عن حقوق اإلنسان يطالبون بتدشين مسلسل التدويل ،واالنتقال
بذلك إلى مرحلة جديدة ،تكون فيها التزامات الدول واضحة في مجال
حقوق اإلنسان.
• لذلك سنعالج هذا الفصل من خالل تناول بداية اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان(المبحث األول) ،على أن نتناول في (المبحث الثاني) العهدان
الدوليان الخاصان لحقوق اإلنسان.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• المبحث األول :اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
بعد تأسيس األمم المتحدة ،فتح النقاش حول ضرورة وضع مواثيق دولية
ملزمة في مجال حقوق اإلنسان ،للحيلولة دون تكرار االنتهاكات التي
عرفتها الحرب العالمية الثانية .وقد تم االتفاق بين الدول في البداية على
وضع اإلعالن العالمي كأول وثيقة دولية تتضمن المبادئ العامة لحقوق
اإلنسان والحريات العامة.
• ولعل أهمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،يتجلى في كونه يعكس على
الخصوص وبشكل جلي وواضح روح المبادئ العامة لحقوق اإلنسان،
حيث تؤكد جميعها في كون كل كائن بشري ،بصرف النظر عن جنسه
ولونه وعقيدته ،له حق ممارسة الحقوق السياسية واالقتصادية والثقافية
واالجتماعية التي تتمثل في رعاية كرامته اإلنسانية واحترام شخصيته.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• اتجهت األمم المتحدة في منحى تعزيز الحماية الدولية لحقوق اإلنسان،
بإصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعد إقراره من طرف الجمعية
العامة في العاشر من ديسمبر ،1948ليشكل ثمرة الجهود الدولية في
تحديد معايير احترام حقوق اإلنسان ،وأضحى يتضمن قيمة معنوية
وأخالقية في ظل غياب آليات المتابعة والمراقبة القانونية ،واعتبرته الدول
األعضاء أول وثيقة دولية إرشادية في مجال حقوق اإلنسان تعود لها
كمرجعية لدساتيرها الوطنية وقوانينها الداخلية.
• ولقد جاء هذا اإلعالن بمجموعة من الحقوق ،وبدأ بديباجة تؤكد بأن إقرار
الكرامة البشرية والحقوق المتساوية هو أساس الحرية والعدل والسالم
في العالم ،وبأن األمم المنضوية تحت رعاية األمم المتحدة تعلن ما يلي:
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• ″تنشر على المأل هذا اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بوصفه المثل
األعلى المشترك ،الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم .كما
يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته ،واضعين هذا اإلعالن نصب أعينهم
على الدوام ،ومن خالل التعليم والتربية ،إلى توطيد احترام هذه الحقوق
والحريات ،ويكفلوا ،بالتدابير المطردة الوطنية والدولية ،االعتراف
العالمي بها ومراعاتها الفعلية ،فيما بين شعوب الدول األعضاء ذاتها،
وفيما بين شعوب األقاليم الموضوعة تحت واليتها على السواء‶.
• كما بدأ التمهيد بتحليل فلسفي ركز على ″الكرامة األصلية‶ لكل فرد،
والحقوق التي ال يمكن إنكارها لجميع أعضاء األسرة البشرية ،وأن
″إهمال واحتقار حقوق اإلنسان قد أسفر عن أعمال همجية أغضبت ضمير
البشرية‶.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• وقد أكد اإلعالن على نقطتين هامتين:
2 1
تطبيق جميع ما جاء في نص اإلعالن
″بدون تفرقة من أي نوع مثل الجنس،
أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين أو جميع البشر قد خلقوا أحرار
الرأي السياسي أو غير السياسي أو ومتساوين في الكرامة والحقوق وفي
األصل القومي أو الطبقي والملكية ذلك تبني لنظرية الحق الطبيعي.
والمولد أو أوضاع أخرى‶ ،أي التأكيد
على عالمية حقوق اإلنسان
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• وباإلضافة إلى الديباجة ،يتكون اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من
ثالثين مادة ،يمكن تقسيمها إلى ثالث أقسام:
• وظهرت هذه التيارات حتى في الواليات المتحدة األمريكية ،حيث قال رئيس
نقابة المحامين آنذاك ″ :الوثيقة تمثل مفهوما ثوريا جديدا تماما في مجال
القانون والحكومة ،مما يشكل تهديدا لمبدأ السيادة القومية.
• وعموا فقد نجح اإلعالن في وضع معايير قياسية للدول ،وهو بمثابة وثيقة دولية
أولية ،باعتباره األصل الذي تعود إليه الدول في قوانينها ،كمرجعية رئيسية في
مجال حقوق اإلنسان ،ومصدرا للمعايير الدولية وهو ما أكسبه أهمية قانونية.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• المطلب الثاني :القيمة القانونية لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
• قبل إصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،كان هناك خالف بين تيارين يختلفان حول
القيمة القانونية لإلعالن المزمع وضعه .وظهر هذا التباين في الدورة األولى للجمعية
العامة المنعقدة في لندن سنة 1948في اتجاهين:
تيار ثاني من الدول ،يرى ضرورة إعطاء
تيار يريد أن يعطي لإلعالن طابعا أخالقيا
مشروع اإلعالن شكل اتفاقية دولية ،حيث أن
محضا ،غير ملزم من الناحية القانونية ،وأنه
المصادقة عليها تضفي قوة إلزامية إضافية
مجرد وثيقة أولية للحقوق ،وبالتالي فهو
تقيد اإلرادة السياسية للدول بتعهدها باحترام
يكتسي قيمة معنوية في الضمير العالمي.
وتعزيز حقوق اإلنسان.
• وتبعا لذلك ،ظل اإلعالن كأول وثيقة دولية تتضمن المبادئ العامة لحقوق
اإلنسان والحريات العامة يتمتع بقوة معنوية تعود إليه الدول كمرجعية
لتشريعاتها الوطنية.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• إن غياب هذا الطابع اإللزامي لإلعالن خلق جدال فقهيا حول قيمته القانونية بين
اتجاهين:
تيار يدافع عن القيمة القانونية لإلعالن العالمي تيار يرى غياب اإللزامية عن
داخل النظام القانوني الدولي اإلعالن
• باعتباره يعكس إرادة شبه جماعية للدول • باعتباره مجرد وثيقة ذات
األعضاء في األمم المتحدة لعدم االعتراض قيمة أخالقية وأدبية ،فهو
عليه ،وأن صياغته بشكله الشمولي، مجرد نص ذو أهمية فلسفية
ومضمونه األقرب إلى العموميات ،جعله أخالقية أكثر مما هو ذو
يتناسب مع كل االتجاهات السياسية أهمية قانونية ،باعتباره ال
واالعتبارات اإليديولوجية المتواجدة داخل يتضمن ميكانيزم للجزاء
الهيئة األممية. والعقاب
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• فرغم الطابع األخالقي لإلعالن ،باعتباره هدفا أسمى تسعى إليه جل
الشعوب ،فإن قوته تتجاوز القيمة األخالقية إلى الطابع اإللزامي نظرا
لعدة عوامل:
• وعموما ،فقد حصل اإلعالن على قوة أخالقية وسياسية كبيرة ،وأثر على
األجهزة القانونية في كل الدول ،وشكل مصدرا إللهام وتوجيه الجهود المصممة
على تقدير رؤاه المعلنة.
• فكل الدساتير التي صدرت بعد ذلك بدأت تستلهم منه مبادئها .ولعل ما ساهم في
ذلك نشر اإلعالن وترجمته إلى العديد من اللغات مما وسع الوعي به .وما يؤكد
على قيمة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،أنه كان منطلقا لعدد من اإلعالنات
والمعاهدات المتعلقة بحقوق اإلنسان.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• المبحث الثاني :العهدان الدوليان الخاصان لحقوق اإلنسان
• شكل العهدان الدوليان لعام 1966خطوة أساسية في تعزيز حماية حقوق
اإلنسان والتزام الدول باحترام حقوق الكائن البشري.
• وقد تميز العهدين مقارنة باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعدم االكتفاء
باالعتراف بالحقوق ،حيث نميز في العهدين بين ثالث مستويات :االعتراف
بالحقوق (المطلب األول) ،المطالبة باإلجراءات (المطلب الثاني).
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• المطلب األول :الحمولة الحقوقية اإلعالنية للعهدين
• من خالل قراءة أولية للعهدين ،يتضح أنهما ركزا على األسس التالية:
4 3 2 1
تحرير اإلنسان من تحرير الشعوب من
قهر وظلم هيمنة واستبداد
تحرير الفئات
الحكومات تحرير اإلنسان من االستعمار القديم
الضعيفة من أسباب
والسلطات قهر وظلم اإلنسان، والجديد ،بالنص على
ضعفهم عن طريق
الدكتاتورية بتحريم التمييز حق الشعوب في
تقرير حماية خاصة
المستبدة ،وذلك العنصري تقرير مصيرها،
لتلك الفئات
بتقرير وتعزيز واالسترقاق والتصرف بحرية في
كاألطفال والنساء
الحريات العامة والمتاجرة بالرقيق. ثرواتها ومواردها
والعجزة.
والحقوق الطبيعية ،ضمن إطار
السياسية. نظام اقتصادي عادل.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• وقد تضمن العهدان بعض البنود المشتركة بينهما من أهمها:
• )2إلى جانب حقوق األفراد ،جاء العهدان بالحقوق الجماعية –المادة -1
عبر التأكيد على حق الشعوب في تقرير المصير وحق السيطرة على
الموارد الطبيعية ووسائل المعيشة .كما أكدت المادة على واجبات الدول
التي تقع على عاتقها مسؤولية إدارة بعض األقاليم بناء على نظام
الوصاية ،في العمل على تحقيق حق تقرير المصير لشعوب هذه الدول،
وربط تمتع الشعوب بالحريات بالحصول على االستقالل.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• وإلى جانب هذه البنود المشتركة ،هناك مقتضيات مختلفة بين العهدين:
-1العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية.
تمت صياغة هذا العهد بعد أن قدمت االتحاد السوفياتي وحلفاؤها مواد تدخل
ضمن الحقوق االقتصادية واالجتماعية ،هذه الحقوق لقيت موافقة الدول
المتعاطفة مع الرفاهية االجتماعية ،ولقيت بعد ذلك دعم اآلخرين.
وقد تم اعتماد هذا العهد بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم
(( )2200د )21-المؤرخ في ،16/12/1966ودخل حيز التنفيذ في
3/1/1976طبقا للمادة 27منه ،ذلك بعد مصادقة 35دولة وإيداع
وثيقة التصديق لدى األمانة العام لألمم المتحدة ،وقد أقرته الجمعية العامة
لألمم المتحدة بأغلبية 105أصوات وبدون معارضة.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• وضم العهد 31مادة ،ال تقوم فقط بحصر الحقوق االقتصادية واالجتماعية
بل أحيانا تقرر اإلجراءات الواجب اتخاذها لضمان حمايتها ،ويتكون العهد
من خمس أجزاء:
ومن أهم االنتقادات الموجهة لهذا العهد أنه تضمن عبارات تمكن الدول من
التملص من التزاماتها فيما يخص الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية،
فمواد العهد تبدأ بعبارة ″تقر ،بدل ،تتعهد‶ ،ولربما الذي دفع في اتجاه تبني
هذه الصياغة هو أن هذه الحقوق تتطلب كلفة مادية.
وأخذا بعين االعتبار لعدم إمكانية البلدان النامية في ضمان الحقوق الواردة في
العهد ،لم يركز العهد على معاقبة االنتهاكات المحتملة لهذه الحقوق ،بل هو عهد
برغماتي يدعو إلى مساعدة تقنية دولية لهذه الدول لتحقيق هذه الحقوق
تدريجيا .وهو ما من شأنه أن يساعد هذه الدول على التوقيع واالنضمام لهذا
العهد.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
-2العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية.
• لقد تبنى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،نص اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان ،ولكنه قدم تحديدا قانونيا أكبر وتوسعا في عدد
الحقوق الواردة فيه.
• وقد اعتمد بقرار من الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 2200المؤرخ في
16/12/1966وأقرته الجمعية العامة بأغلبية 106أصوات وبدون
معارضة ،وقد اعتبر بدء نفاده تاريخ 23/3/1976طبقا للمادة 49من
العهد.
• ولعل أهم ما سجل على العهد ،أنه ميز في المادة 4بين الحقوق األساسية
التي تشكل النواة الصلبة التي ال يمكن خرقها في جميع األحوال ،والحقوق
األخرى التي يمكن تقييدها في الحاالت االستثنائية.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• فقد منح العهد لألطراف إمكانية وضع بعض القيود على الحقوق التي ينظمها،
متى كان ذلك ضروريا لحماية األمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو
األخالق أو حقوق اآلخرين وحرياتهم.
• ويتأفف العهد من مقدمة وثالث وخمسين مادة موزعة على ستة أجزاء:
• المقدمة والمادتين األولى والثانية من هذا الميثاق مشتركة مع العهد الخاص
بالحقوق االقتصادية واالجتماعية.
• وتضمن الجزء الثالث العديد من الحقوق والحريات األساسية ،والتي أصبحت
مدرجة في دساتير كل الدول تقريبا وهي:
-1المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية (م.)4
-2الحق في الحياة :لم يلغي العهد عقوبة اإلعدام ،ولكن منعها بالنسبة لألشخاص
الذين يقل سنهم عن 18سنة ،وعدم تنفيذ العقوبة في حق النساء الحوامل
(م.)6
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
-3منع التعذيب والمعامالت الغير اإلنسانية المؤدية لكرامة اإلنسان.
-4منع استرقاق األشخاص أو االتجار بالرق (م )8ومنع األعمال الناتجة
عن عقوبات جنائية.
-5الحق في الحرية واألمن الشخصي :منع االعتقال التعسفي وحق اإلنسان
في الحرية واألمان على شخصه (م ،)9ضرورة البث في أسباب االعتقال
من لدن محكمة مختصة ،والحق في الضمانات القضائية والمساواة أمام
العدالة ،واعتبار كل شخص بريئا إلى غاية إثبات شرعية الجريمة
الجنائية ،والحق في الدفاع ،وشرعية الجنح والجنايات (م ،)14وعدم
رجعية القانون الجنائي (م ،)15والحق في الحياة الخاصة وعدم التدخل
في حياة الشخص وحياة أسرته وعدم المساس بشرفه واحترام سرية
المراسالت ،والحق في الزواج.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
-6حرية التنقل واختيار مكان اإلقامة ومغادرة البلد (م.)12
-7حرية الفكر والعقيدة وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات.
-8االعتراف بالحقوق السياسية.
-9منع كل أشكال التميز.
-10احترام األقليات في تنمية ثقافتها ولغتها ودينها.
إلى جانب التنصيص على كل هذه الحقوق ،جاء العهد بإجراءات من جانب الدول
لتقديم الحق لألفراد المعتقلين في أن يعاملوا بإنسانية.
أما الجزء الرابع من العهد المواد ( ،)45-28فقد وضع اآلليات التي تضمن التزام
الدول األطراف في هذا العهد ،حيث نصت المواد على إنشاء لجنة تسمى لجنة
حقوق اإلنسان ،كما بين كيفية تشكيلها ووظائفها وطريقة عملها واألهداف التي
تقوم من أجلها.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• كما قام الجزء الخامس من العهد المواد ( ،)47-46بحظر تفسير أي حكم
أو نص من نصوص االتفاقية الحالية ،بشكل يعطل نصوص ميثاق األمم
المتحدة ودساتير الوكاالت المتخصصة فيها التي تحدد المسؤوليات
الخاصة ألجهزة األمم المتحدة المختلفة ،والوكاالت المتخصصة فيما يتعلق
باألمور التي يعالجها العهد ،أو ما يمكن تفسيره بأنه تعطيل للحق المتأصل
لجميع الشعوب ،والمتمثل في حق تقرير مصيرها والتمتع بثرواتها
ومواردها الطبيعية ،واالنتفاع بها كلها وبحرية.
• وقد لعب العهدان دورا محوريا في إبراز دور الدولة في حقل حقوق
اإلنسان مع إبراز مسؤوليتها .لكن يبقى أن أهم ما ميز العهدان أنهما لم
يكتفيا باالعتراف بالحقوق ،بل طالبا الدول باتخاذ مجموعة من اإلجراءات
لضمان نفاذها.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• المطلب الثاني :اإلجراءات الخاصة بالعهدين
• لقد جاء العهدان بمجموعة من اإلجراءات التي تروم حماية الحقوق المنصوص
عليها ،ونميز في هذا السياق بين اإلجراءات العامة التي تخص جميع الحقوق
التي جاءت بها المادة الثانية من العهدين ،ثم اإلجراءات الخاصة بعدد معين من
الحقوق.
وأن تكفل لكل من يطالب بمثل هذا العالج ،أن يفصل في حقه بواسطة
السلطات المختصة القضائية أو اإلدارية أو التشريعية أو أية سلطة أخرى
مختصة بموجب النظام القانوني للدولة ،وأن تطور إمكانات العالج
القضائية.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
)3اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع جميع أشكال التميز التي تحول دون
االستفادة من الحقوق الواردة في العهدين ،حيث تتعهد كل دولة طرف في
العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،حسب المادة الثانية من العهد
باحترام ،وتأمين الحقوق المقررة في العهد لكافة األفراد ضمن إقليمها
والخاضعين لواليتها دون تميز من أي نوع سواء كان ذلك بسبب العنصر
أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي أو غيره أو
األصل القومي أو االجتماعي أو الملكية أو صفة الوالدة أو غيرها.
)4تبني خطة عمل وطنية شاملة لضمان حماية الحقوق الواردة في العهدين،
وهو التزام ال ينبع من بنود االتفاقية ،بل تبعا الجتهادات العديد من
اإلعالنات التي توضح طبيعة التزامات الدول فيما يتعلق بالعهدين.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة على
المستوى الدولي
• حيث جاء في تعليق للجنة حقوق اإلنسان رقم 3عام 1990بشأن طبيعة
التزامات الدول األطراف ،ضرورة التزام جميع الدول األطراف باتخاذ
خطوات في المجالين االقتصادي والتقني من أجل التنفيذ للحقوق المعترف
بها في العهدين ،وضرورة اتخاذ تدابير قانونية وإدارية وإجراءات في
ميزانياتها وتعديالت قانونية وقضائية تضمن حقوق اإلنسان لألفراد بشكل
فعال ،وعلى أقل تقدير الحد األدنى لحقوق اإلنسان.
• كما أوصى إعالن فيينا لعام 1993بأن تقوم كل دولة بصياغة برنامج
عمل يتضمن الخطوات التي ستتبعها لحماية حقوق اإلنسان تنفيذا
اللتزاماتها في العهدين الدوليين .وحسب المادة الثانية من العهدين على
الدول التعاون بينها ومع هيئة األمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لتعزيز
وحماية حقوق اإلنسان.
الفصل الثاني :تعدد مرجعيات حقوق اإلنسان والحريات العامة
على المستوى الدولي
• أما فيما يتعلق باإلجراءات الخاصة بكل حق على حدى ،فلم يكتفي
العهدان باالعتراف بالحق ،بل تجاوز ذلك إلى المطالبة بإجراءات معينة
لضمان نفاذها على أرضا الواقع.