Professional Documents
Culture Documents
كلية الحقوق
الدراسات العليا
دبلوم القانون العام
تحت اشراف
االستاذ الدكتور
عبدهللا محمد الهواري
استاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام
كلية الحقوق – جامعة المنصورة
اعداد الباحثه
منه هللا ايمن محمد محمد البربري
2023_2022
1
المقدمة
لقيم العالمية
إن المبادئ اِألساسية لحقوق اإلنسان ،التي وردت ألول مرة في اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان ،من قبيل العالمية والترابط وعدم التجزئة والمساواة والبعد عن التمييز ،إلى جانب شمول
حقوق اإلنسان في وقت واحد لكل من الحقوق وااللتزامات المتصلة بأصحاب الحقوق
والمسؤولين ،قد تكررت في العديد من اتفاقيات وإعالنات وقرارات حقوق اإلنسان الدولية .ومن
المالحظ اليوم أن كافة الدول األعضاء في األمم المتحدة قد وقعت ،على أقل تقدير ،معاهدة واحدة
من معاهدات حقوق اإلنسان الدولية األساسية ،وأن ثمانين في المائة من هذه الدول قد صدقت
على أربع معاهدات أو أكثر ،مما يوفر تعبيرا ً ملموسا ً عن عالمية اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
يتولى القانون الدولي لحقوق اإلنسان وضع التزامات يتحتم على الدول أن تحافظ عليها.
وعندما تصبح الدول أطرافا ً في معاهدات دولية ،يراعى أنها تضطلع بالتزامات وواجبات في
إطار القانون الدولي تتصل باحترام وحماية وتطبيق حقوق اإلنسان .وااللتزام باالحترام يعني أنه
يتعين على الدول أن تمتنع عن التدخل في حقوق اإلنسان أو تقليص التمتع بها .أما االلتزام بالحماية
فإنه يشترط على الدول أن تقي األفراد والجماعات من انتهاكات حقوق اإلنسان .وااللتزام بالتطبيق
يتضمن مطالبة الدول باتخاذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق اإلنسان األساسية.
2
ومن خالل التصديق على معاهدات حقوق اإلنسان الدولية ،تتعهد الحكومات بوضع تدابير
وتشريعات محلية تتسم باالتفاق مع التزاماتها وواجباتها التعاقدية .ومن ثم ،فإن النظام القانوني
المحلي يوفر الحماية القانونية األساسية لحقوق اإلنسان المكفولة في إطار القانون الدولي .وفي
حالة إخفاق اإلجراءات القضائية في التصدي النتهاكات حقوق اإلنسان ،يالحظ أن اآلليات
واإلجراءات المتعلقة بالتظلمات الفردية متاحة على المستويين اإلقليمي والدولي من أجل
المساعدة في القيام ،على نحو حقيقي ،باحترام وتنفيذ وتطبيق معايير حقوق اإلنسان الدولية على
الصعيد المحلي..
متن البحث
أنشئت بعد الحرب العالمية األولى هيئة عصبة األمم عقب مؤتمر السالم الذي عقد في باريس
سنة 1919م ،وكان الهدف من إنشائها هو العمل على حل النزاعات بالطرق السلمية لمنع قيام
وقد كفلت هيئة عصبة األمم بعض الضمانات القليلة للشعوب الواقعة تحت االحتالل أو
االستعمار ،مثل نظام االنتداب وحماية األقليات ،وذلك دون تعزيز فعلي لحقوق اإلنسان وحرياته
سوى أن نظام االنتداب المنصوص عليه في المادة 22من عهد عصبة األمم قدم حماية
متواضعة لسكان األقاليم المشمولة بالوصاية أو االنتداب ،بحيث تقدم السلطة القائمة على االنتداب
بتقديم تقرير لعصبة األمم سنويا عن حالة السكان الخاضعين لالنتداب ،
3
وكذلك نظام حماية األقليات الذين هم مجموعة من األفراد أقل من أغلبية مواطني الدولة
ولديهم خصائص عرقية أو دينية أو لغوية تختلف عن أغلبية السكان ،ويظهرون بشكل مستتر
وقد تضمنت معاهدات السالم ومعاهدات األقليات التي أبرمت بعد نهاية الحرب العالمية
األولى :نظام حماية األقليات ،وتأمين وضمان المساواة وعدم التمييز والحفاظ على الخصائص
وقد أشرف مجلس عصبة األمم على حسن تطبيق الدول لنظام حماية األقليات ،لكن هذا
النظام لم يكن يستهدف جميع األقليات وإنما استهدف بعض األقليات دون البعض ،بل ظهر هناك
زال هذا النظام بزوال عصبة األمم وتم إحياؤه من جديد بعد إنشاء هيئة األمم المتحدة ،تحت
منطق جديد ،يدعم حقوق اإلنسان ككل ،ظهر ذلك جليا ً في :اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان،
ولقد كان من أهم معالم حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية األولى :إنشاء منظمة العمل
الدولية في سنة ،1919والتي كانت بنودها بمثابة االتفاق العالمي األول لحقوق اإلنسان بشكل
عام ،وحقوق العامل بشكل خاص ،هذه المنظمة التي استهدفت حقوق العمال وضمان رفاهيتهم
وحصولهم على األجر العادل ،وتحريم العمل الجبري ،الحرية النقابية ،ومنع التمييز في المعاملة
ومن هنا يتضح أن االهتمام الدولي بحقوق اإلنسان قبل الحرب العالمية الثانية انصب فقط
على االهتمام بحقوق بعض الفئات :مثل األقليات والالجئين والعمال ،ولم يظهر االهتمام بحقوق
4
اإلنسان بصورة شاملة إال في أعقاب الحرب العالمية الثانية ،وبعد إنشاء هيئة األمم المتحدة.
ظهرت فكرة تدويل حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية الثانية ،إذ أكد قيام هذه الحرب فشل
منظمة عصبة األمم فيما قامت من أجله وهو أال تكون الحرب وسيلة لحل النزاعات بين الدول
وإشاعة العالقة الودية بينها ،حيث نشبت الحرب العالمية الثانية وترتب عليها من المآسي والقتل
أضعاف ما ترتب على الحرب العالمية األولى ،وارتكبت فيها أبشع مجازر شهدها تاريخ اإلنسانية
وكانت االنتهاكات والفظائع التي ارتكبت في هذه الحرب أهم أسباب تدويل حقوق اإلنسان
تم ذلك من خالل ميثاق األمم المتحدة سنة ،1945واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر
عن الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ،1948وكذلك العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية
جاء ميثاق األمم المتحدة ليمثل حجر الزاوية في التنظيم القانوني الخاص بكفالة حقوق اإلنسان
وضمان مراعاتها في المجتمع الدولي المعاصر) (وهو أول وثيقة دولية) (ذات طابع عالمي أو
شبه عالمي تضمنت النص على حقوق اإلنسان ،وصدر الميثاق في مدينة سان فرانسيسكو
بالواليات المتحدة األمريكية في شهر يونيو 1945م ،والذي يعد في نظر أهل القانون معاهدة
حماية توافقت فيها إرادة أعضاء المجتمع الدولي ،ودخل حيز التنفيذ في 14أكتوبر 1945م،
وعلى الرغم من أن ميثاق األمم المتحدة لم يحدد حقوق اإلنسان إال أنه أوالها عناية خاصة ظهرت
5
واضحة منذ البداية في النص على حماية حقوق اإلنسان في ديباجة الميثاق التي جاء فيها":نحن
شعوب األمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا :أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت الحرب التي خالل
جيل واحد جلبت على اإلنسانية مرتين أحزانا ً يعجز عنها الوصف ،وأن نؤكد من جديد إيماننا
بالحقوق األساسية لإلنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء واألمم كبيرها وصغيرها
ولقد ربط الميثاق بين المحافظة على السلم واألمن الدوليين ومسألة احترام حقوق اإلنسان
حيث نصت المادة 55من الميثاق على أنه " رغبة في تهيئة دواعي االستقرار والرفاهية
الضروريين لقيام عالقات سلمية وودية بين األمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية
في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها الحق في تقرير مصيرها تعمل األمم المتحدة على
أن تشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للمجتمع بال تمييز بسبب العنصر
وقد كان وال يزال لألمم المتحدة دور هام في حماية حقوق اإلنسان ،فالجمعية العامة لألمم
المتحدة يقع على عاتقها مهمة التعاون الدولي واالحترام العالمي لحقوق اإلنسان حيث للجمعية
وفقا ً للمادة 10من الميثاق أن " تناقش أيه مسألة أو أمر يدخل ضمن الميثاق" كما نصت المادة
13على أن للجمعية العامة سلطة إجراء دراسات وتقديم توصيات من أجل المساعدة في إعمال
حقوق اإلنسان وحرياته األساسية للناس كافة بال تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين
.
كما قامت الجمعية العامة لألمم المتحدة خالل نصف قرن بإنشاء العديد من االتفاقيات الدولية
في مجال حقوق اإلنسان ،وكذلك التوصيات والدراسات والتقارير في ذات المجال.
6
كذلك فإن المجلس االقتصادي واالجتماعي أنيط به مسؤولية فرض احترام حقوق اإلنسان
من الناحية األدبية ،حيث نص ميثاق األمم المتحدة على أن للمجلس االقتصادي واالجتماعي سلطة
تقديم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية ،ومراعاتها وله أن
يعد مشروعات اتفاقيات تعرض على الجميعة العامة في هذا الخصوص ،وكذلك له الحق في
ولقد قام المجلس االقتصادي واالجتماعي بتفعيل نص المادة ( )68من الميثاق التي تجيز له
حيث تقوم األولى بدراسة أوضاع حقوق اإلنسان في العالم ،وتقديم اقتراحات وتوصيات إلى
المجلس االقتصادي واالجتماعي في هذا الشأن ،وقد تفرعت عن لجنة حقوق اإلنسان لجنة فرعية
وكان من نتاج جهود لجنة حقوق اإلنسان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر سنة
.1948
فقد أنشأها المجلس االقتصادي واالجتماعي سنة ،1946وتتألف من اثنين وثالثين ممثال عن
7
وتتخلص مهمة هذه اللجنة في إعداد المواثيق الدولية والتوصيات المتعلقة بوضع المرأة والتي
ترفع إلى المجلس االقتصادي واالجتماعي ،ومن بعده للجمعية العامة لألمم المتحدة من أجل
اعتمادها.
كما أنشأ بموجب المادة ( )24من ميثاق األمم المتحدة :مجلس األمن الدولي الذي يلعب دورا ً
رئيسيا ً في حفظ األمن والسلم الدوليين ،ولقد حدد الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة التدابير
الواجب اتخاذها في حاالت تهديد السلم أو اإلخالل به أو وقوع عمل من أعمال العدوان ،وكثير
إال أن حق النقض الفيتو والذي يعطى لكل واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية في
مجلس األمن( )1الحق في نقض أي قرار يصدر عن مجلس األمن كثيرا ما يعيق قرارات مجلس
أما محكمة العدل الدولية فهي الجهاز القضائي لألمم المتحدة ،وللدول وحدها الحق في أن
تكون أعضاء فيها دون األفراد ،ولكن بالرغم من ذلك فقد نظرت محكمة العدل الدولية بعض
القضايا التي تمس حقوق اإلنسان وكذلك أصدرت العديد من الفتاوى في هذا المجال .
كما أن هناك وكاالت ومنظمات متخصصة تابعة لألمم المتحدة تلعب دورا ً هاما ً وحيويا ً في
ومنها :منظمة العلوم والثقافة " اليونيسكو" التي تعنى بالتعليم والحفاظ على التراث والمعالم
األثرية.
الخاتمة
ولقد أخذ على الميثاق كما سبق وأن أشرنا أنه لم يتضمن تحديدا ً لحقوق اإلنسان في حرياته
األساسية ،كما جاء خاليا ً من أية ضمانات تكفل حماية محددة وواضحة لحقوق اإلنسان .
حيث اقتصر دور األمم المتحدة في هذا الميثاق على التشجيع والحث على الحفاظ على حقوق
اإلنسان دون أن يصل إلى تحقيق اإللزام بالتمتع الفعلي بهذه الحقوق وتلك الحريات ،إال في حالة
واحدة وهي حالة ما إذا كان انتهاك حقوق اإلنسان سيترتب عليه تهديد السلم واألمن الدوليين
للخطر.
كذلك تحظر المادة 7من الميثاق على األمم المتحدة التدخل في الشئون الداخلية للدول
األعضاء ،كما أن مبدأ السيادة يقف حاجزا بين الدول والمنظمة الدولية.
هذا كله دعا المجتمع الدولي إلى ضرورة تحديد حقوق اإلنسان لتكون مجموعة في وثيقة
واحدة تحظى بمزيد من االحترام والتقدير ،وهو ما كانت ثمرته صدور اإلعالن العالمي لحقوق
9