You are on page 1of 3

‫أشخاص المجتمع الدولي‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -‬مركز الفرد في القانون الدولي‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫محاضرة من إعداد‬
‫األستاذين‪:‬‬
‫‪-‬األستاذ بن زحاف فيصل‬
‫‪ -‬األستاذة عصماني ليلى‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬مركز الفرد في القانون الدولي‬

‫بعد ‪ 1945‬انتقلت مسالة حماية حقوق الكانسان من مسالة ذات اختصاص داخلي إلى‬
‫مسالة ذات شأن دولي حيث اتجه المجتمع الدولي خاصة بعد صدور اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬إلى االهتمام بحقوق اإلنسان‪ ،‬وقي المقابل أصبح الفرد‬
‫يخضع لعقوبات مقررة بموجب قواعد قانونية دولية فبعد أن كان القراصنة وتجار الرقيق‬
‫يعاقبون من طرف القوة التي تلقي القبض عليهم وهذا نهاية القرن الماضي أصبح المجتمع‬
‫الدولي ينشئ آليات قضائية لمعاقبة مجرمي الحرب‪ .‬فهل يتمتع الشخص الطبيعي بمميزات‬
‫الشخصية القانونية الدولية؟‪.‬‬
‫اختلفت اآلراء في مركز الفرد في القانون الدولي للمسالة فقد رأت المدارس الوضعية‬
‫انه ليس بإمكان الشخص الطبيعي أن يسمو إلى مرتبة الشخص في القانون الدولي العام‪،‬‬
‫حيث يقتصر هذا القانون على تنظيم العالقات بين كيانات تختلف تماما عن األشخاص‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫أما المدارس الحديثة خاصة المدرسة األمريكية االجتماعية فترى انه بإمكان الشخص‬
‫وتجمعات األشخاص الطبيعية واألموال مثل الشركات المتعددة الجنسيات والجمعيات أن‬
‫ترتقي إلى درجة الشخصية القانونية في القانون الدولي‪ ،‬مستندة في ذلك إلى بعض األمثلة‬
‫الواقعية والمتمثلة في إمكانية رفع الفرد قضايا أمام محكمة حقوق اإلنسان األوربية ضد‬
‫الدول األعضاء في هذه المحكمة وكذلك المساءلة الدولية لبعض األشخاص عن الجرائم‬
‫الدولية‪ ،‬وكذلك إبرام العقود الدولية من طرف الشركات المتعددة الجنسيات‪.1‬‬
‫ويالحظ أن الموقف األول يعد موقفا متطرفا متشددا‪ ،‬أما الثاني يمكن الرد عليه كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬خلق فروع جديدة للقانون الدولي موضوعها االهتمام بالشخص الطبيعي‪:‬‬
‫فبعد الحرب العالمية الثانية اتجه المجتمع الدولي إلى إبرام العديد من االتفاقيات‬
‫الدولية التي تهتم بالفرد وحقوقه فقد أبرمت العديد من االتفاقيات التي تقر حقوقا لإلنسان‬
‫وتضع آليات لحمايتها كالعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬االقتصادية االجتماعية‬
‫والثقافية‪ ...‬وأدّت هذه االتفاقيات الى خلق فرع جديد للقانون الدولي العام وهو القانون الدولي‬
‫لحقوق اإلنسان إلى جانب هذا القانون وجدت العديد من القوانين كالقانون الدولي للمنازعات‬
‫ينظم كيفية استعمال القوة أثناء النزاع المسلح وهذا حماية‬ ‫ّ‬ ‫المسلحة وهو القانون الذي‬

‫‪1‬محمد بوسلطان ‪ ،‬المرجع السابق االشارة اليه‪.133-132 ،‬‬


‫‪1‬‬
‫لإلنسان‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وهو القانون الذي يحمي الفرد أثناء المنازعات المسلحة‪،‬‬
‫يجرم األفعال األشد‬
‫إلى جانب هذه القوانين ظهر القانون الدولي الجنائي وهو القانون الذي ّ‬
‫خطورة على المجتمع الدولي بأسره والتي تشكل خرقا جسيما لحقوق اإلنسان سواء أثناء‬
‫السلم آو الحرب كما يقرر معاقبة مرتكبي تلك االنتهاكات وتعد اتفاقية روما المنشئة للمحكمة‬
‫الجنائية الولية اتفاقية مدونة للقانون الدولي الجنائي‪.‬‬
‫‪ – 2‬للشخص الطبيعي رفع دعاوى أمام المحكمة األوربية لحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫يمكن للشخص الطبيعي وبعد رفع دعواه أمام القضاء الوطني أن يرفعها أمام القضاء‬
‫الدولي والمتمثل في المحكمة الدولية األوربية لحقوق اإلنسان ضد دولة من الدول العضوة‬
‫في المحكمة ولكن رفع مثل هذه الدعاوى يبقى مرتبطا بشروط تتعلق بإرادة الدولة ففي كل‬
‫الحاالت هناك الموافقة المسبقة لهذه الدول بانضمامها إلى المعاهدة المنشئة للمحكمة ومن حق‬
‫الدولة العضوة االنسحاب منها وبالتالي وفي هذه الحالة بالذات يفقد الشخص الطبيعي الحق‬
‫في مواجهة الدولة ورفع دعوى ضدها‪.‬‬
‫‪ – 3‬المسؤولية الجنائية الدولية للشخص الطبيعي‪:‬‬
‫اتفاقية فرساي لعام ‪ 1919‬وفي مادتها ‪ 227‬أقرت مساءلة غليوم الثاني إمبراطور‬
‫ألمانيا عن ما ارتكبه من جرائم ضد األخالق الدولية إال أن محاكمته لم تتم بسبب فراره الى‬
‫هولندا ورفضها تسليمه باعتبار أن الجرائم المتابع بها هي جرائم ذات طابع سياسي التي ال‬
‫يجوز التسليم فيها‪.‬‬
‫اقر ضرورة معاقبة‬ ‫بعد ‪ 1945‬أنشئت محكمة نورمبورغ بموجب ميثاق لندن الذي ّ‬
‫كبار مج رمي الحرب العالمية الثانية من دول المحور‪ ،‬وبالفعل انشئت هذه المحكمة غير ان‬
‫محاكمة هؤالء كانت محاكمة المنتصر للمنهزم اي طغى على هذه المحاكمات الطابع‬
‫السياسي كما تمت في ظل انعدام السلطة األلمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية بالنسبة‬
‫للمجرمين االلمان لهذا ال يمكن ان نتخذها قاعدة عامة‪.‬‬
‫في التسعينات أنشأت محكمتي يوغسالفيا سابقا ورواندا وهما محكمتين جنائيتين‬
‫مؤقتتين وعام ‪ 1998‬تم خلق المحكمة الجنائية الدولية وهي محكمة دولية دائمة ال تنتهي‬
‫بانتهاء فصلها في القضايا المحالة إليها‪ ،‬وقد أنشأت بموجب اتفاقية روما وهي االتفاقية التي‬
‫نصت في بندها ‪ 25‬على المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي على المستوى الدولي‪ .‬لكن‬
‫هذه المساءلة الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية تكون كقاعدة عامة معلقة على شرط‬
‫عضوية الدولة في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية وحالة عدم رغبتها أو عدم‬
‫قدرتها على مساءلة مرتكبي الجرائم األشد خطورة والمتمثلة في جريمة العدوان‪ ،‬الجرائم‬
‫ضد اإلنسانية‪ ،‬جرائم الحرب‪ ،‬وجريمة اإلبادة الجماعية‪.2‬‬
‫‪ – 4‬مدى إمكانية إبرام المعاهدات الدولية من طرف الشخص الطبيعي‪:‬‬
‫ال يمكن للشخص الطبيعي أن يبرم معاهدات دولية باسمه بل يبرمها باسم الدولة التي‬
‫يمثلها ولحسابها‪.‬‬

‫‪ 2‬للمزيد من التفاصيل حول الموضوع يرجع الى عصماني ليلى‪ ،‬التعاون الدولي لقمع الجرائم الدولية"‪ ،‬رسالة الدكتوراه في‬
‫القانون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق جامعة وهران‪.2013 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫بناء على هذه المعطيات ال يتمتع الشخص الطبيعي بالشخصية القانونية الدولية وال‬
‫يعد شخصا من أشخاص القانون الدولي رغم االهتمام الدولي بوضعيته والمسائل المتعلقة به‬
‫بل هو موضوع للقانون الدولي العام‪.3‬‬

‫مالحظة‪:‬‬
‫تم بتوفيق من هللا نشر المحاضرات على المنصة وعلى الطلبة االلتزام بما نشر على‬
‫المنصة الخاصة بجامعة وهران‪ 2‬وعلى صفحة الفيسبوك الخاصة بمخبر القانون‪ ،‬المجتمع‬
‫والسلطة ‪.‬‬

‫‪3‬محمد بوسلطان ‪ ،‬المرجع السابق االشارة اليه‪.133-132 ،‬‬


‫‪3‬‬

You might also like