Professional Documents
Culture Documents
المعنى الواسع فهو مجموعة األحكام القانونية سواء في التشريعات أو القوانين العامة التي تكفل احترام
الفرد وازدهـاره في السلم أو الحرب
المعنى الضيق للقانون الدولي اإلنساني :فهو مجموعة القواعد الدولية المستمدة من االتفاقيات أو
العرف الرامية على وجه التحديد إلى حل المشكالت اإلنسانية الناشئة بصورة مباشرة من النزاعات
المسلحة الدولية وغير الدولية ،والتي تقيد ألسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب
الحرب التي تروق لهم أو تحمي األعيان واألشخاص الذين تضرروا أو قـد يتضررون بسبب النزاعات
المسلحة .
المبحث األول :تعريف القانون اإلنساني وتطوره الفصل األول:القانون اإلنساني
ومن خالل تحديد مدلول القانون الدولي اإلنساني يتضح الهدف منه ونطاق تطبيقه
فهو يهدف:
توفير الحد األدنى من الحماية لإلنسان أثناء النزاعات المسلحة ,أو بعبارة أخرى يهدف إلى الحد من األضرار الناجمة
عن النزاعات المسلحة ,ألن حماية البيئة اليوم أصبح من حقوق الشعوب .
ويشمل القانون الدولي اإلنساني اتفاقيات الهاي ,1907 ,1899والتي يطلق عليها قانون الهاي أو قانون الحرب
حيث تحدد هذه االتفاقيات حقوق المتحاربين وواجباتهم في إدارة العمليات العسكرية ,وتقيد اختيار وسائل اإليذاء – أي
األسلحة المستخدمة.
المبحث األول :تعريف القانون اإلنساني وتطوره الفصل األول :القانون اإلنساني
أصبحت فيما بعد بما يعرف "اللجنة الدولية للصليب األحمر" وهذه اللجنة هي التي أجبرت الدولة السويسرية
للدعوة إلى مؤتمر دولي نتج عنه:
توقيع الدول المشتركة فيه على اتفاقية جنيف األولى سنة 1864م والمتعلقة بتحسين حال العسكريين الجرحى في
الميدان وتضمنت هذه االتفاقية عشر مواد فقط تتعلق بـــ:
حياد األجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي وأعوان الخدمات الصحية واحترام المتطوعين المدنيين الذين
يساهمون في أعمال اإلغاثة ،وتقديم اإلغاثة الصحية دون تمييز ،وحمل إشارة خاصة وهي صليب أحمر على رقعة
بيضاء .
وهذه االتفاقية كانت تقتصر على تقديم اإلغاثة للجرحى في الحرب البرية ولم تشمل االتفاقية الجرحى في الحرب
البحرية ،ولم تشمل الجرحى المدنيين وال توفير الحد األدنى من الحماية لهم .
تم التوقيع في الهاي على اتفاقية تطبيق مبادئ جنيف الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في وفي 1899
ميدان القتال ،وهي متممة التفاقية جنيف األولى
وفيها تم توسيع تقديم الرعاية للمرضى إلى جانب الجرحى ونصت من بين بنودها على شرط المعاملة بالمثل
إال أن هذه االتفاقية ال تطبق إال على المتحاربين التابعين للدول الموقعة عليها وفي الحرب البرية دون البحرية
.
وقعت اتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى والعسكريين في ميدان القتال وفي 1929
وهذه االتفاقية تضمنت:
مراجعة التفاقية جنيف 1904وصياغة جديدة لها
وألغت شرط المشاركة الجماعية الذي كان ينص على أن االتفاقية ال تسري إال على أفراد القوات المسلحة
التابعين للدول الموقعة على االتفاقية
فأصبحت االتفاقية سارية على المتحاربين من غير الدول الموقعة على االتفاقية ،وأن إعالن التحلل من
االتفاقية ال أثر له قبل إنهاء الحرب
واهتمت بالطيران الصحي وأقرت شارة الهالل األسد والشمس األحمرين .
وكان الجانب األظهر والتطور الملموس في هذه االتفاقية ما تعلق باألسير وحياته ،وكفلت له التمتع بخدمات
الدولة الحامية ،ونصت على تشكيل وكالة أبحاث لجمع المعلومات عن األسرى وتبادل األخبار مع ذويهم
وأهليهم .
وفي 1949وبعد االنتهاء من الحرب العالمية الثانية تم التوقيع على اتفاقيات جنيف األربع وهو ما يسمى بقانون
جنيف :
األولى :خاصة بتحسين أوضاع الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان
والثانية :خاصة بتحسين أوضاع جرحى ومرضى القوات المسلحة البحرية
والثالثة :خاصـة بمعاملة أسرى الحرب
والرابعة :خاصة بحماية المدنيين أثناء الحرب .
أما مصادر القانون الدولي اإلنساني في اإلسالم فهي قواعد وأحكام ومبادئ الشريعة العامة المستمدة من الكتاب
الكريم والسنة النبوية المطهرة واجتهـادات الفقهاء ،وهذه المصادر التي تقررت في عهده
وعليه فإن ما تقره األمم من قواعد ومبادئ وأعراف تخالف أحكام الشريعة فيما يتعلق بأحكام الحرب والنزاعات ال
يلزم الدولة اإلسالمية.
المبحث الثاني :مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه الفصل األول:القانون اإلنساني
وهذا موقف الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا من أية دولة إسالمية ترغب في أن يكون اإلسالم وأحكامه ومبادؤه
أساس نظامها العام ،وعدم رضائها عنها حتى تتخلى عن دينها وعن شريعتها
فتلجأ تلك الدول بدعوى عدم احترام حقوق اإلنسان أو بدعوى االستبداد أو حماية اإلنسانية إلى إثارة المشاكل للدول
اإلسالمية لثتنيها عن مشروعها
فتقوم بدعم كل من يخرج عن سلطة الدولة وتصور ذلك للعالم على أن هناك خطراً على اإلنسانية وعلى األمن والسلم
الدوليين يستدعي التدخل العاجل فتتخذ القرارات الدولية إلضفاء الصفة الشرعية على سياسات تلك الدول لبلوغ غاياتها
وتحقيق مآربها .
المبحث الثاني :مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه الفصل األول :القانون اإلنساني
ثانيا ً :مبدأ تقييد المقاتلين بوسائل قتالية ،تقتضيها المعركة ومنع استخدام الوسائل التي يمتد أثرها إلى المدنيين أو
األهداف المدنية أو التي ال تميز بين المقاتلين وغير المقاتلين
كالغازات السامة واألسلحة الجرثومية والكيميائية والذرية وإذا كان يمنع استخدامها المتداد أثرها لغير المقاتلين فأولى
حظر قصد استخدامها في غير المقاتلين أو األهداف غير العسكرية.
واإلسـالم أول من تحدث عما يجوز استخدامه من السالح في القتال وما ال يجوز بناء على أن مقصود الحرب في
اإلسالم هو دفع العدوان ومنع الفساد ال القتل والتدمير والخراب
وقد اختلف العلماء في استخدام النار في القتال فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من منع إال لضرورة والضرورة تقدر
بقدرها
وذهب بعض المالكية إلى تحريم استخدام السموم في القتال ونظيره اليوم األسلحة الكيميائية والبيولوجية البكتيرية
ومن باب أولى الذرية
وعليه فإن اإلسالم أول من دعا إلى عدم استخدام األسلحة التي تشتمل المقاتلين وغير المقاتلين
ومباديء اإلسالم وقواعده ال تمنع التوقيع على منع استخدام أسلحة الدمار الشامل ال حظر تملكها إذ أن تملكها
مشروع لمنع من ال تضبطه قواعد األخالق اإلنسانية أو حتى العقائد من استخدامها من اليهود والنصارى والالدينيين
وغيرهم من غير المسلمين وذلك لقوله تعالى َ :وأَ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما ْ
اس َت َط ْع ُت ْم مِنْ قــــــــ ُ َّو ٍة َومــــــِنْ ِربــــَاطِ ا ْل َخ ْي ِل ُت ْر ِه ُبونَ
آخ ِرينَ مِنْ دُونِ ِه ْم ال َت ْعلَ ُمو َن ُه ُم َّ
َّللا ُ َي ْعلَ ُم ُه ْم . ِب ِه َعد َُّو َّ ِ
َّللا َو َعد َُّو ُك ْم َو َ
المبحث الثاني :مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه الفصل األول:القانون اإلنساني
ثالثا ُ :مبدأ صيانة حرمات الفرد ؛ الحق في احترام حياته وسالمته البدنية والروحية وخصائصه الشخصية وذلك من
خالل المبادئ التطبيقية التالية :
-1صيانة وحرمة من يسقط في المعركة والمحافظة على حياته وحياة من يقع في األسر .
-2حظر التعذيب المادي والمعنوي والمعاملة غير اإلنسانية للفرد حتى وإن كان يقصد الحصول على المعلومات واعتباره جريمة
من جرائم الحرب ،وهذا المبدأ الذي دعا أمريكا للسعي للحصول على حصانة لجنودها من المالحقة الجنائية في البوسنة
والهرسك والعراق .
-3لكل إنسان حق االعتراف بشخصه أمام القانون ،باإلضافة إلى حماية سالمة اإلنسان البدنية والروحية ،وينبغي أيضا ً احترام
مركزه القانوني وضمـان ممارسته الكاملـة لحقوقـه المدنية بما في ذلك حق التقاضي وحق التعاقد ،وإن كان تمتعه بالحقوق في
الواقع ينقص عما هو عليه الحال في غير وقـت النزاعات المسلحة ،ولكن يبنغي أن يكون هذا النقص يقدر ما تتطلبه ظروف
االعتقال ،باإلضافة إلى أنه ال يجوز حرمان أي شخص من جنسيته بشكل تعسفي .
-4حق كل إنسان في احترام كرامته وإنسانيته وحقوقه العائلية ومعتقداته وعاداته ،خاصة وأن بعض األفراد يضعون قيمهم
األخالقية قبل الحياة ذاتها ،كتهديد اإلنسان في شرفه وعرضه ،وغير ذلك من األعمال التي تمس الشرف والكرامة اإلنسانية .
-5حق كـل إنسـان في تبـادل األنباء مع أسرته وتلقي طرود الغوث ،فال ينبغي أن يؤدي االعتقـال إلى قطـع هذه الروابط
األساسية بين األسرة الواحدة ،وما أنشئت لجنة الصليب األحمر الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين إال من أجل ذلك .
-6عدم حرمان الشخص من ممتلكاته بشكل تعسفي ،كهدم منزله أو إتالف مزرعته أو مصادرة أمواله ،إذ أن الممتلكات أيا ً كان
نوعها ال تقل أهمية عن الحياة في مجتمعاتنا اليوم .
المبحث الثاني :مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه الفصل األول:القانون اإلنساني
رابعا ً :مبدأ عدم التمييز بين األشخاص ،فيحظر على الدولة طرف النزاع أو من يقومون بتقديم الخدمات للمتضررين
من النزاعات المسلحة التمييز فيما يقدمـون من خدمـات على اختالفها بسبب الجنس أو اللون أو اللسان أو العنصر أو
المركز االجتماعي أو الثروة أو اآلراء السياسية والفلسفية أو الدينية أو أي معيار مماثل وما كان من تمييز بعض
الفئات كالنساء واألطفال والمسنين فمرجعه ظروفهم الخاصة بهم ،وهذا أمر طبيعي ال يخل بمبدأ المساواة .
خامسا ً :حق اإلنسان في األمن والسالمة الشخصية :ويتضمن هذا المبدأ المبادئ التطبيقية التالية :
-1ال يجوز تحميل الشخص مسئولية عمل لم يرتكبه .
-2حظر أعمال االنتقام والعقوبات الجماعية وأخذ الرهائن والنفي .
يجرم إال على أساس من القانون
-3حق اإلنسان في التمتع بالضمانات القانونية ،فال يقبض عليه بشكل تعسفي ،وال ّ
،والمتهم بريء حتى تثبت إدانته ،وعدم تطبيق القانون بأثر رجعي ،وحقه في الدفاع عن نفسه وحقه في االستماع
إلى الشهود وغير ذلك من الضمانات القانونية .
-4ال يحق للفرد التنازل عن الحقوق التي تقررها له االتفاقيات اإلنسانية ،ألن األفراد وهم في قبضة العدو ليسوا في
وضع يستطيعون فيه الحكم باستقالل وموضوعية وإدراك تام للنتائج المتربة على تنازالتهم كتنازل بعض المعتقلين في
غوانتونامو عن مقاضاة الحكومة األمريكية مقابل اإلفراج عنهم .
الفصل الثاني
حماية األسرى
وتضيف االتفاقية التالية بشأن أسرى الحرب فئتين تتمتعان بمعاملة أسرى الحرب ,أي ال يخضعون لنظام أسرى الحرب
وإنما يعاملون معاملة أسرى الحرب وهما :
أ -األشخاص الذين ينتمون أو كانوا ينتمون إلى القوات المسلحة للبلد المحتل إذا أعادت سلطات االحتالل اعتقالهم .
ب -األفراد الذين ينتمون أو كانوا ينتمون إلى القوات المسلحة الذين يلتحقـون بأرض طـرف محايـد أو غير محارب ويتم
إيواؤهم وفق القانون الدولي .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
صعوبة التفرقة بين المقاتل وغير المقاتل :
التفرقـة بين المقاتل وغير المقاتل في ضوء الحرب الحديثة فيه نوع من الصعوبة وهذا يرجع إلى :
-1نمو عدد المقاتلين خاصة بعد أن أخذت الدول بنظام التجنيد اإلجباري ,وأصبح الجيش يشمل جميع الذكور القادرين على حمل
السالح بل وبعض الدول تفسح المجال أمام النساء للخدمة العسكرية ,وكذلك نمو عدد غير المقاتلين الذين يقدمون الخدمـات
والمسـاعدات للمقاتلين ,حتى غدا جميـع أفـراد الشعب في خدمـة الحرب سواء أكان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر .
-2تطور أساليب الحرب وفنونها ,والتي أصبحت األهداف المدنية معها مقصودة من القتال لدفع الخصم إلى االستسالم كقصف المدن
وحصار المدن ,مما أدى إلى صعوبة التفرقة بين المقاتل وغير المقاتل ,وإلى تضاعف األخطار التي تلحق بغير المقاتلين ,ناهيك عن
ظهور أسلحة الدمار الشامل التي ال تميز بين المقاتل وغير المقاتل .
-3استخدام أساليب الحرب االقتصادية في القتال وفرض الحصار االقتصادي على الخصم لقهر إرادته وهذا ما فعلته دول الحلفاء حيث
فرضت حصاراً اقتصاديا ً على ألمانيا ,ضبطت بموجبه جميع السفن المتجهة إليها أيا ً كانت البضائع التي تحملها .
وطبقا ً للتحديد السابق للمقاتلين فإن أفراد المقاومة الفلسطينية للفصائل المختلفة أو أفراد الشعب الذين يهبون لمقاومة االحتالل
اإلسرائيلي وإن لم يكونوا نظاميين أو ضمن إطار تنظيم معين والذين يتم القبض عليهم من قبل سلطات االحتالل اإلسرائيلي
يتمتعون بنظام أسرى الحرب وكذلك المقاومون لالحتالل األمريكي في العراق إذا ما قبض عليهم فإنهم يعتبرون أسرى
حرب ,وكل من يعتقل من أفراد الجيش العراقي السابق بعد أن وضعت الحرب أوزارها وإن لم يعتقلوا من قبل أو اعتقلوا
وأفرج عنهم فجميعهـم يعتبرون أسرى حرب يتمتعون بالحماية التي يقررها القانون الدولي اإلنساني .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
الجواسيس والمرتزقة هل يعتبرون أسرى حرب :
يستثنى الجواسيس والمرتزقة من عداد المقاتلين فال يعتبرون أسرى حرب رغم مشاركتهم في العمليات العدائية وتحدث
البروتوكول األول الملحق باتفاقيات جنيف عن الوضع القانوني لهاتين الفئتين .
فتنص في المادة ( )111علـى أن الجاسوس هو الشخص الذي يعمل خفية أو في مظهر زائف لجمع أو محاولة جمع
معلومات في منطقة األعمال الحربية إلحدى األطراف المتحاربة بنية إيصال تلك المعلومات إلى الطرف العدو .
وإذا نجح الجاسوس في االلتحاق بالجيش الذي ينتمي إليه ووقع بعد ذلك في قبضة العدو فإنه يكون أسير حرب وال
مسئولية له عن أعمال التجسس السابقة .
المادة ( )114من البروتوكول األول:ال تعتبر الجاسوس بالتحديد السابق أسير حرب بينت أنه ال يعتبر جاسوسا ً فردالقوات
المسلحة لطرف في النزاع بمعنى أنه إن وقع في قبضة العدو فإنه يعد أسير حرب وإن مارس أعمال الجاسوس كل من :
-1الذي يجمع أو يحاول جمع معلومات لفائدة ذلك الطرف وهو يرتدي الزي العسكري للقوات التي يتبعها ويقوم بذلك العمل في إقليم
يسيطر عليه الخصم .
-2الذي يقيم في إقليم يحتله الخصم ويعمل لفائدة الطرف الذي يتبعه بجمع أو محاولة جمع معلومات ذات قيمة عسكرية داخل اإلقليم
دون تستر زائف أو تعمد التخفي ,وإن تعمد ذلك فال يكون جاسوسا ً إال إذا قبض عليه وهو متلبس بالجرم المشهود .
-3الذي ال يقيم في اإلقليم الذي يحتله الخصم وال يقوم بعمل تجسس في ذلك اإلقليم ,ويقبض عليه قبل التحاقه بالقوات المسلحة التي
ينتمي إليها .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
أما أفراد العدو الذين يعملون خلف خطوط الطرف اآلخر كالمظليين والكوماندوز ,وتتوفـر فيهم شروط المقاتل كالزي
العسكري لقواتهم فإن لهم الحق في وضع أسير حرب ,وال يجوز عقابهم لمباشرتهم أعمال تبيحها قوانين النزاعات المسلحة.
أما المرتزقة فال يتمتعون بصفة المقاتل أو أسير الحرب إال إذا توافرت فيهم الشروط التالية :
-1التجنيد محليا ً أو بالخارج للقتال في نزاع مسلح .
-2المشاركة الفعلية في األعمال العدائية .
-3الرغبة في الحصول على مغنم شخص في مقابل تلك المشاركة .
-4حمل جنسية غير جنسية أحد أطراف النزاع وعدم اإلقامة بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع .
-5عدم االنتماء إلى القوات المسلحة ألحد أطرا ف النزاع .
-6عدم القيـام بمهمـة رسمية كعضو في القوات المسلحة لدولة غير طرف في النزاع .
ويجب توافر هذه الشروط الستة حتى يُطلق على من توافرت فيه صفة المرتزقة فإن تخلف أحد هذه الشروط فإنه ال يعتبر
من المرتزقة الذين يتمتعون بصفة المقاتل أو أسير حرب .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
أسرى الحرب في الشريعة اإلسالمية :
اإلسـالم أول من فـرق بين المقاتلين وغيـر المقاتلين ,وقضى بأن ال يتعرض لغير المقاتلين ,وعـرف البعض األسير
بأنه المقاتل من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء .وهذا التعريف ال يشمل األسرى من أهل البغي .لذا فإنني أرى أن
يعـرف األسير بأنه المقاتل الذي ظفر به المسلمون حيا ً سواء أكان من الكفرة أم من أهل البغي أو غيرهم من المسلمين
خاصة حال تعدد الدول اإلسالمية .
واحتمـال ما يقع بينهم من نزاع مسلح كما وقع في العراق وإيران أو بين العراق والكويـت بعد اجتياحها ,وإن كانت
أحكام األسير من الكفار تختلف عن أحكـام األسير من المسلمين من أهل البغي أو غيرهم من الخارجين على اإلمام ,ويعد
من األسرى المقاتلون ومن في حكمهم ممن يعينون على القتال .
ويخرج من عداد األسرى من ال يقاتلون أو يعينون على القتال من الرجال والنساء والولدان والشيوخ فهؤالء حكمهم حكم
المدنيين ويتمتعون بالحماية التي يتمتع بها المدنيون .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
-5الحق في العناية الصحية الطبية :توجب المادة ( )15من اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب على الدولة الحاجزة توفير العناية
الطبية الالزمة لألسرى ,واتخاذ اإلجراءات الصحية الالزمة لضمان النظافة والصحة في معسكرات االحتجاز لمنع انتشار األمراض
واألوبئة بين األسرى ,وتخصيص مرافق مستقلة للنساء .
ويجب توفير مستوصف طبي لألسرى في معسكر االحتجاز ,وإذا دعت الظروف الصحية لألسير نقله على المستشفى يجب نقله
إلى المستشفيات المدنية أو العسكرية ,وذلك على نفقة الدولة الحاجزة ,ويتعين على الدولة الحاجزة معاملـة جميـع األسـرى على قدم
المساواة دون أي تمييز ضار على أساس الجنس أو العنصـر أو الدين أو االنتماء السياسي وأية معايير أخرى مماثلة .
-6حق األسرى في ممارسة الشعائر الدينية :توجب اتفاقية جنيف على الدولة الحاجزة ترك الحرية لألسرى في ممارسة شعائرهم
الدينية وأن تخصص أماكن لذلـك في إطـار نظام عام تضعه الدولة اآلسرة .
-7الحق في النشاط الذهني والبدني :تنص المادة ( )38من االتفاقية :على الدولة الحاجزة تشجيع األسرى على ممارسة األنشطة
الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية ,وعليها اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان ممارسة تلك األنشطة ,وذلك بتوفير األماكن المالئمة
واألدوات الالزمة لهم ,وتوفر ألسرى الحرب فرص القيام بالتمارين الرياضية بما في ذلك األلعاب والمسابقات والخروج إلى الهواء
الطلق ,وتخصيص مساحات كافية لهذا الغرض في جميع المعسكرات .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
-8الحق في اإلعاشة :ويشمل إيواء األسرى وحقهم في الغذاء والكساء فيجب توفر إيواء لألسـرى بشـروط مالئمة ومماثلة
للمعسكرات الخاصة بقوات الدولة الحاجزة في نفس المكان خاصة بالشروط الصحية ,وأن يخصص أماكن إقامة للعسكريين حسب
رتبهم ,وتخصص أماكن احتجاز خاصة بالنساء .
وأن تكون وجبات الطعام اليومية كافية من حيث الكمية والنوعية بما يكفل المحافظة على صحة األسير في حالة جيدة ويزود األسرى
بالوسائل التي تمكنهم من تهيئة األغذية ,وأن تكون األماكن المعدة لتناول الطعام مناسبة ,ويحظر اتخاذ أية تدابير تأديبية جماعية
تخص الغذاء .
وعلى الدولة اآلسرة تزويد األسرى بكميات كافية من المالبس واألحذية المالئمة لمناخ المنطقة التي يحتجز فيها األسرى .
-9حق األسرى في االتصال بالخارج :يسمح ألسير الحرب بمجرد وقوعه في األسر ,وخالل مدة ال تتجاوز أسبوعا ً من وصوله
إلى معسكر االحتجاز وإن كان معسكر انتقال أن يكتب إلى عائلته من جهة أو إلى المركز الرئيسي ألسرى الحرب أو وكالة البحث عن
األسرى والمفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر من جهة أخرى يخطرهم بأسره وغذائه وحالته الصحية ,وعلى الدولة الحاجزة
أن تسمح بإرسال واستالم الخطابات والبطاقات الخاصة بذلك وكما يسمح لألسير بتلقي الطـرود وعلى األخص التي تحتـوي مـواد
غذائية أو طبية أو مالبس أو نشرات دينية أو تعليمية .
المبحث األول :حماية األسرى في القانون اإلنساني. الفصل الثاني :حماية األسرى
أرسى اإلسالم مبادئ اإلنسانية في التعامل بين الشعوب حال السلم وحال الحرب ,وهي تتجلى في الرحمة
والعفو واإلحسان والكرامة اإلنسانية والعدالة والتمسك بالفضيلة واألخوة اإلنسانية
في ضوءها كفل اإلسالم لألسرى المعاملة اإلنسانية واحترام حقوقهم منذ وقوعهم في األسر وحتى عودتهم
إلى ديارهم وذويهم .
واألسير ومنذ وقوعـه في األسر ال يخضع لسلطة من أسره من الجنود أو الوحدات العسكرية وإنما
يخضـع لسـلطة اإلمـام ,أي الرئيس مباشرة أو لمن فوض اإلمام األمر في األسرى إليه
وإذا كانـت اتفاقيـة جنيف الخاصـة بحمايـة األسرى قد قالت بهذا ,فإن اإلسالم له السبق في تقرير المبدأ
وما يترتب عليـه من مسـئوليات على الرئيس بالنسبة لألسرى ومعاملة األسرى وحقوق األسرى.
المبحث الثاني :حقوق األسرى في اإلسالم الفصل الثاني :حماية األسرى
-1معاملة األسرى :
ضرب اإلسالم المثل األعلى في الرفق باألسرى والرحمة بهم والعناية بشأنهم فقد ثبت عنه أنه قال ألصحابه ( :استوصوا
باألسرى خيراً)
مما دفـع الصحابة إلى إيثار األسرى على أنفسهم بالطعام فكان الثناء عليهم من هللا سبحانـه وتعـالى بقولـه َ :و ُي ْط ِع ُمونَ ال َّط َعا َم َعلَى
ِسكِينا ً َو َيتِيما ً َوأَسِ يراً
ُح ِّب ِه م ْ
فقد روى أحمـد أن أبو عزيز بن عمير قال :مرَّ بي أخي مصعب بن عمير ورجل من األنصار بأسرى ,وكنت في رهط من
األنصار حين أقبلوا بي من بدر ,فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخير وأكلوا التمر لوصية رسـول هللا إياهم بنا ,ما
يقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إال نفحني بها ,قال :فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها عليّ ما يمسها .وكان يدفع باألسير
إلى بعض المسلمين ويقول له :أحسن إليه .
وعن عمران بن حصين قال :كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل ,فأسرت ثقيف رجلين من أصحـاب رسـول هللا وهو في الوثاق فقال
:يا محمـد فأتـاه ,فقال :ما شأنك ؟ قال ِ :ب َم أخذتني ,قال :أخذتك بجريرة حلفائك ثقيـف ,ثم انصرف فناداه فقال :يا محمد يا محمد ,
فقال :ما شأنك ؟ قال :إني مسلم ,قال :لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفالح ,ثم انصرف عنه فناداه :يا محمد يا محمد ,فأتاه
ي بعد ذلك فقال :ما شأنك ؟ قال :إني جائع فأطعمني وظمآن فأسقني ,قال :هذه حاجتك .أي حاضرة يؤتى إليك بها الساعة وفُ ِد َ
بالرجلين .وفي الحديث دليل على إجابة األسير إذا دعا والسماع إلى شكايته ،والقيام بما يحتاج إليه من طعام وشراب ،وفي شأن
بني قريظة وبعد أن حكم سعد فيهم بالقتل أمر رسول َّللا بأحمال التمر فنثرت بين أيديهم .
وبناء على ذلك نص الفقهاء على أنه ال يجوز تعذيب األسير بالجوع وغير ذلك من أنواع التعذيب ألن ذلك تعذيب من غير فائدة .
وروي عنه أنه قال في بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف :ال تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السالح قِيلوهم حتى
يبردوا .وإن رأى اإلمام نقل األسرى فينبغي أال يعذبهم بالعطش والجوع ولكنه يقتلهم قتالً كريما ً ,أي ال يمثل بهم .
المبحث الثاني :حقوق األسرى في اإلسالم الفصل الثاني :حماية األسرى
وهذا هو الغالب المتفق مع عموم أمر الرسول بالوصية بهم ,وكان وثاق األسير وأحكامه لقوله تعالى َ :ف ُ
شدُّوا
اق لمنعه من الفرار لعدم وجود أماكن مخصصة لحجزها ْل َو َث َ
وال مانع في اإلسالم من تخصيص أماكن مستقلة لألسرى وفق المصلحة العامة تتوافر فيها ما يتطلبه القانون الدولي
اإلنساني من شروط صحيحة وغيرها بما يحفظ على األسير كرامته وإنسانيته لعموم وصية رسول هللا بهم والعام على
عمومه يشمل جميع األمكنة واألزمنة ,فكل ما يتضايق منه األسير في حدود األسر يجب رفعه عنه وال يبقى عليه .
المبحث الثاني :حقوق األسرى في اإلسالم الفصل الثاني :حماية األسرى
وتنص المادة ( )4( , )3من البروتوكول الثاني على أنه يجب توفير الرعاية والمعونة لألطفال بالقدر الذي يحتاجون
إليه ,واعتبر البروتوكول األول في مادتـه الثامنة األوالد حديثي الوالدة من فئة الجرحى والمرضى باعتبارهم فئة تحتاج
إلى الحماية .
وتنص المادة ( )27الفقرة الثانية من اتفاقية جنيف الرابعة أنه يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على
شرفهن ,وال سيما ضد االغتصاب ,واإلكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن .وهذه الفقرة هي انعكاس عما كانت تعاني
منه المرأة على وجه الخصوص حال الحرب ,ومآسي البوسنة والهرسك شاهدة على ذلك .
المبحث األول :حماية المدنيين . الفصل الثالث:حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة
ثانيا ً :حماية المدنيين في اإلسالم :
اإلسالم كما قلت أول من فرق بين المقاتلين وغير المقاتلين ,وقضى أال يقتل إال من يقاتل وهللا سبحانه وتعالى يقول في
يل َّ ِ
َّللا الَّذِينَ ُي َقاتِلُو َن ُك ْم َوال َت ْع َتدُوا وتعاليم اإلسالم بعدم التعرض لغير المقاتلين واضحة محكم التنزيل َ :و َقاتِلُوا فِي َ
س ِب ِ
في ذلك ,فالحرب في اإلسالم لم تشرع إلزهاق األرواح ,وإنما شرعت لدفع العدوان ,وتأمين الدعوة لدين هللا ,ومنع
الظلم والفساد في البالد ,فأحكام اإلسالم تقضي تجنيب المدنيين ويالت الحرب وشرورها .
وكان إذا جهز جيشا ً أو سرية قال ( :انطلقوا باسم َّللا وعلى ملة رسول َّللا ال تقتلوا شيخا ً فانيا ً ،وال طفالً
صغيراً وال امرأة) ,ووجد الرسول في غزوة امرأة مقتولة فنهى عن قتل النساء والصبيان ,وفي رواية قال :هذه ما كانت
لتقاتل وأرسل رجالً إلى خالد وكان على المقدمة وقال ( :قل لخالد ال تقتلن امرأة وال عسيفا ً) – أي أجيراً , -وفي رواية
ابن ماجة قال الرسول ( ال تقتلن ذرية وال عسيفا ً).
وحذر الرسول من خالف فقتل صغيراً أو كبيراً فقال ( :من قتل صغيراً أو كبيراً أو أحرق نخالً أو قطـع شجرة
مثمـرة أو ذبح شاة إلهابها لم يرجع كفافا ً) .
المبحث األول :حماية المدنيين . الفصل الثالث:حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة
وهذا ما سار على هديه الصحابة رضوان هللا عليهم أجمعين ,فقد أوصى أبو بكر رضي هللا عنه أحد قادته إلى الشام :إنك ستجد
قوم زعموا أنهم حبسوا أنفسهم هلل ,فدعهـم وما حبسوا أنفسهم له ,وإني موصيك بعشر " :ال تقتلن امرأة وال صبيا ً و ال كبيراً هرما ً ،
وال تقطعن شجراً مثمراً وال تخربن عامراً ،وال تعقـرن شـاة أو بعيراً إال لمأكلة ،وال تحرقن نخالً وال تغرقنه ،وال تغلل وال تجبن" .
وهذه تعليمات عمر بن الخطاب للمجاهدين " :ال تغلوا وال تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا وليداً واتقوا َّللا في الفالحين الذين ال
ينصبون لكم الحرب" .واتفق جمهور الفقهاء على أن النساء والصبيان إذا قاتلوا قتلوا وهو قول مالك والليث وأبي حنيفة والثوري
واألوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور والحسن البصري ,أما الشيوخ والرهبان فال يقتلون عند مالك واألوزاعي وأجاز
الشافعي في أحد قوليه قتلهم واحتج بأن الرسول أمر بقتل دريد بن الصمة يوم حنين ,وأجمعوا على أن من قاتل من الشيوخ يقتل ,
وعند محمد بن الحسن إن أعان بالرأي يقتل ألن المعونة بالرأي أشد من كثير من القتـال ,إذ أن الرأي من أعظـم المعونة في الحرب
وعليه المعول في كسب الحروب .
وإذا ما وقعوا في األسر فحكمهم حكم األسرى ,إال أن المجنون والمعتوه بعد األسر ال يقتلون ,ألن قتلهم في ساحات القتال كان
لدفع شرهم وبعد األسر يُقتل األسير عقوبة له وهؤالء ليسوا من أهل العقوبة فال يقتلون ,ويقاس على غير المقاتلين كل من التزم جانب
السالم فيحرم قتاله ما دام أن العلـة في النهي عن قتال () النساء والصبيان والرهبان ونحوهم هي عدم القتال منهم والحكم يدور مع علته
وجوداً أو عدما ً كالفالحين واألجراء والعبيـد والتجـار فهؤالء إذا لم يقاتلـوا أو يعينـوا على قتال ال يقتلون وال يتعرض لهم .
المبحث األول :حماية المدنيين . الفصل الثالث:حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة
ويجـوز قتل غير المقاتلة للضرورة ،والضرورات تبيح المحظورات وذلك في حالتين :
الحالة األولى :عدم تمكن المسلمين من الوصول إلى المقاتلين كأن يتحصنوا بالمدن ,ففي هذه الحالة جاز ضرب المدن
دون أن يقصد بذلك المدنيين ,فالرسول نصب المنجنيق على أهل الطائف وهو يعلم أن فيهم النساء والصبيان والعجزة
وغيرهم ممن ال يجوز قتلهم .
الحالة الثانية :إذا تترس المقاتلون بمن ال يجوز قتلهم كتترس المشركين بالمسلمين أو األطفـال والنساء والشيوخ من
المشركين ,جاز ضرب من تترس به المشـركين قاصـداً ضرب األعداء المقاتلين ,حتى ال يتخذ الترس وسيلة للظهور
على المسلمين .
وفي هاتين الحالتين ال يقصد بالضرب بالذات من ال يجوز قتاله في نية وعزم المقاتل ,ألنه إذا تعـذر التمييز بين
المقاتلين وغيرهـم فعالً ,فلقد أمكن قصـداً ,والطاعـة بحسـب الطاقة ,وال يلجأ إلى ذلك إال عند الحاجة أو الضرورة .
الفصل الثالث:حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة
المبحث الثاني :حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة.
أوالً :حمايـة األعيــان المدنيــــة والثقافيــــة وأماكـن العبـــــــادة في القانون اإلنساني :
قلنا من المبادئ األساسية للقانون اإلنساني التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين ,وهذا ما أضافه البروتوكول األول في مادة ()48
حيث نص على وجوب التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين واألعيان المدنية والمنشآت العسكرية وحظـر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو
تعطيل األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين .
وهذه األعيـان تشـمل كـل ما يلزم لبقاء السكان المدنيين ,كالمواد الغذائيـة بشتى أنواعهـا واألراضي والمحاصيل الزراعية المنتجة
كمراع ,ومرافـق الشـرب وشبكاتهـا وغيرها مما هو ضروري لحيـاة السكان المدنيين ,وال يجوز أن تكون هذه ٍ للغذاء أو المستخدمة
األعيان والمواد محالً لهجمات الردع من قبل الخصم .
وتنص المادة ( )53من البروتوكـول األول علـى حظـر ارتكاب أي عمل ضـد اآلثـار التاريخيـة أو األعمال الفنية أو أماكن العبادة
باعتبارها تشكل زاداً روحيا ً للسكان المدنيين ,وتشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب بل تعد تراثا ً لإلنسانية كلها ,وحظرت المادة
نفسها استخدام هذه األعيان في أي مجهود حربي أو اتخاذها محالً لهجمات الردع من أطراف النزاع .
وعلى الرغم من هذه النصوص فإن الواقع العملي من خالل النزاعات المسلحة يشهد بخالف ذلك خاصة من الدول الموقعة على
اتفاقيات جنيف وملحقاتها ,ونجد المساجد ُتستهدف واألعيان المدنية ُتستهدف كما حدث من إسرائيل عندما أغارت على محطة
الكهرباء اللبنانية وتركت الشعب في ظالم دامس ناهيك عما سُمي بعناقيد الغضب الذي لم يستهدف إال تدمير األعيان المدنية اللبنانية .
المبحث الثاني :حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة. الفصل الثالث:حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة
وتنص المادة الثالثة من االتفاقية الثانية على أن األشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو االحتجاز
أو ألي سبب آخر ,يعاملون في جميع األحوال معاملـة إنسـانية دون أي تمييز ضـار يقوم على العنصر أو اللون أو الدين
أو المعتقـد أو الجنس أو المولـد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر ,وتنص نفس المادة في بند ( )2على أن جميع الجرحى
والمرضى والغرقى يعتنى بهم .
وينص البروتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف الصادرة سنة 1977علـى الحماية المقررة للجرحى والمرضى
والمنكوبين في البحار في المواد ( )12-7على وجوب احترامهم وحمايتهم حتى ولو لم يشتركوا في النزاع المسلح وأن
يعاملوا معاملة إنسانية ,وأن يلقوا في الحال العناية الطبية الالزمة دون أي تمييز ,ووجوب البحث عنهم بعد أي اشتباك ,
وتجميعهم كلما سمحت الظـروف بذلـك وحمايتهم من السلب والنهب وتأمين الرعاية الكاملة لهم .
وطبقا ً لهذه النصوص يمكن إجمال حقوق هذه الفئة على النحو التالي :
-1معاملتهم معاملة إنسانية دون أي تمييز ألي سبب .
-2العناية بهم طبيا ً ومنع إجراء األبحاث العلمية عليهم .
-3عدم االعتداء عليهم أو تعريضهم لخطر الموت أو لخطر العدوى والتلوث .
-4حمايتهم من أي اعتداء يقع عليهم .
المبحث األول :حماية الجرحى والمرضى والغرقى . الفصل الرابع
والرسول بعد فتح مكة وأظفره هللا بهم لم يتعرض ألحد من أهلها بسوء في نفس أو مال ثم نادى مناديه : أال
يجهزن على جرح ,وال يتبعن مدبر ,وال يقتلن أسير ,ومن أغلق بابه فهو آمن ,وهذه تعليمات عامة تشمل الحروب
والنزاعات الدولية وغير الدولية .
وقال علي بن أبي طالب رضي هللا عنه يوم الجمل :إذا ظهرتم على القوم فال تطلبوا مدبراً وال تجهزوا على جريح ,
وتعليمات الصحابة بشأن النزاعات الداخلية امتداد لهدي النبي .
وعليه فإن أحكام الشريعة ومبادئها العامة ال تمنع من االنضمام على اتفاقيات دولية خاصة بحماية الجرحى والمرضى
والغرقى من القتل والتعذيب والتعريض للمخاطر ,سواء كان النزاع مسلح دوليا ً أم داخليا ً .
المبحث الثاني :حماية الموتى والمفقودين. الفصل الرابع
يوجب القانون الدولي اإلنساني على أطراف النزاع احترام جثث األشخاص الذين توفوا بسبب األعمال العسكرية في بلد ليسوا هم
من رعاياه ومن ماتوا بسبب االحتالل ,أو أثناء اعتقالهم الناجم عن االحتالل أو األعمال العسكرية .
وتوجب أن يتم دفن الموتى باحترام ووفقا ً لشعائر دينهم ما أمكن ,وفي مقابر خاصة بهم ,وكل جثة على حدة بقدر اإلمكان ,وأن
تكون واضحـة المعالم حتى يسهل التعرف عليها ,ونقلها أو نقل رفاتها إلى بلد المنشأ الحقا ً .
ويتعين على أطراف النزاع عند بدء األعمال العدائية تشكيل إدارة تكون مهمتها تسجيل المعلومات الشخصية الخاصة بتحقيق هوية
الموفى بدقة وإرسـالها إلى وكالـة األبحاث التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر عن طريق مكتب المعلومات الوطني ,وعن طريقـه يتم
تبادل شهادات الوفاة وقوائم الموتى .
وأكد البروتوكول األول سنة 1977في المادة ( )34على تسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم ,ومساعدة
أسر الموتى وممثلي الدوائر الرسمية المعنية بتسجيل القبور في الوصول على مدافن الموتى ,وأكد على حماية المقابر وصيانتها بصفة
مستمرة ,وحظر على الطرف الذي تقع في أرضه المدافن ,إخراج رفـات الميت إال بعد إبالغ دولة المتوفى بنيته في إخراج الجثة
وإعطاء إيضاح عن الموقع الذي ينوى إعادة الدفن فيه .
المبحث الثاني :حماية الموتى والمفقودين. الفصل الرابع
تنص المادة ( )33من البروتوكول األول سنة 1977على أنه يتعين علـى كـل طـرف من أطراف النزاع بمجرد أن تسمح له
الظروف بذلك -في موعد ال يتجاوز انتهاء األعمال العدائية – أن يقوم بالبحث عن األشخاص الذين أخطره خصمه بفقدهـم
وعليه أن يبلغ جميع المعلومات التي توفرت لديه عنهم إلى دولتهـم مباشـرة أو عن طريق الدولة الحامية ,أو الوكالة المركزية
للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر أو الجمعيات الوطنية للهالل األحمر أو الصليب األحمر
وفي حال إبالغ هذه المعلومات عن غير طريق اللجنة الدولية للصليب األحمر ووكاالتها المركزية للبحث عن المفقودين ,يزود
كل طرف من أطراف النزاع الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين بهذه المعلومات .
المبحث الثاني :حماية الموتى والمفقودين. الفصل الرابع
اإلنسان في اإلسالم محل تكريم حيا ً وميتا ً ,فال يجوز المساس باألموات بالتمثيل بهم ,وإن مثل األعداء بموتى المسلمين
,ووصايا الرسول بعدم التمثيل كثيرة سبق ذكرها ,وعندما عزم أن يمثل بسبعين من األعداء كما مثلـوا بحمزة عمه
اص ِب ْر
اب ِرينَ * َو ْ
ص ِ نزل قول الحق سبحانه وتعالى َ :وإِنْ َعا َق ْب ُت ْم َف َعاقِ ُبوا ِب ِم ْث ِل َما ُعوقِ ْب ُت ْم ِب ِه َولَئِنْ َ
ص َب ْر ُت ْم لَ ُه َو َخ ْي ٌر لِل َّ
ض ْي ٍق ِم َّما َي ْم ُك ُرونَ فقال : نصبر وال نعاقب ,وأمسك عما أراد من ص ْب ُر َك إِ َّال ِب َّ ِ
اَّلل َوال َت ْح َزنْ َعلَ ْي ِه ْم َوال َت ُك فِي َ َو َما َ
التمثيل بهم و َك َّفر عن يمينه .
ومن تكريم الموتى الذي أمر اإلسالم به دفن جثث الموتى فال يتركون لجوارح الطير وسباع الوحوش ألن هذا يتنافى
وتكريم هللا لإلنسان ,ولما عجز ابن آدم عن دفن أخيه أرسل هللا له غرابا ً يعلمه كيف يواري جثة أخيه ,ومعنى هذا أن
الميت يجب أن يوارى الثرى وإال لما أرسل هللا سبحانه وتعالى الطير يعلم ابن آدم كيف يواري الميت .
وروى الدار قطني عن عمر بن عبد هللا بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيـه قال :سمعت معلى بن مرة يقول :سافرت مع
رسول هللا غير مرة فما رأيتـه يمر بجيفـة إنسـان فيجاوزها حتى يأمر بدفنها وال يسأل أمسلم هو أم كافر .
المبحث الثاني :حماية الموتى والمفقودين. الفصل الرابع
وعليه فإنه يتعين دفن جثث العدو ,ومراعاة البيانات الخاصة بشخصيته حتى يمكن االستدالل عليها بما يتفق وقواعد
جنيف السابق اإلشارة إليها ,وال يمنع اإلسالم من مساعدة األعداء في التعرف على موتاهم ونقلهم إلى ديارهم ودفنهم .هذا
بالنسبة لموتى غير المسلمين ,أما إذا كان القتلى من المسلمين كقتلى البغاة الخارجين على األمان فإن جمهور الفقهاء على
أنهم يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم ويدفنون ويتمتعون بكافة حقوق وضمانات موتى المسلمين التي يقررها اإلسالم ,
والرسول قال :والصالة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر .
المبحث الثاني :حماية الموتى والمفقودين. الفصل الرابع