You are on page 1of 55

‫إعداد‬

‫د‪ .‬منال محمد رمضان العشي‬


‫وفيه أربعة فصول ‪:‬‬
‫الفصل األول ‪:‬القانون اإلنساني( تعريفه ‪ ,‬تطوره‪ ,‬مصادره ‪,‬مبادئه)‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى ‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬حماية المدنيين واألعيان المدنية‬
‫الفصل الرابع‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى والمفقودين والموتى ‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫القانون اإلنساني‬
‫تعريفه – تطوره – مصادره ‪ -‬مبادؤه‬
‫وفيه مبحثان ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مصادر القانون اإلنساني ومبادؤه‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره‬
‫أوالً ‪ :‬تعريف القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬
‫القانون الدولي اإلنساني يعتبر جزءاً من القانون الدولي العـام وله معنيان ‪ :‬معنى واسع وآخر ضيق‪:‬‬

‫‪ ‬المعنى الواسع فهو مجموعة األحكام القانونية سواء في التشريعات أو القوانين العامة التي تكفل احترام‬
‫الفرد وازدهـاره في السلم أو الحرب‬

‫‪‬المعنى الضيق للقانون الدولي اإلنساني ‪ :‬فهو مجموعة القواعد الدولية المستمدة من االتفاقيات أو‬
‫العرف الرامية على وجه التحديد إلى حل المشكالت اإلنسانية الناشئة بصورة مباشرة من النزاعات‬
‫المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،‬والتي تقيد ألسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب‬
‫الحرب التي تروق لهم أو تحمي األعيان واألشخاص الذين تضرروا أو قـد يتضررون بسبب النزاعات‬
‫المسلحة ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫‪‬تعريف للقانون الدولي اإلنساني من وجهة نظر الشـريعة ‪:‬‬


‫هو مجموعـة األحكام المستمدة من القرآن أو السنة أو االجتهاد التي تهدف إلى حل المشكالت اإلنسانية الناشئة‬
‫عن النزاعات المسلحة الدولية والداخلية والتي تقيد ألسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق‬
‫وأساليب الحرب التي تروق لهم أو تحمي األعيان واألشخاص الذين تضرروا وقد يتضررون بسبب النزاعات‬
‫المسلحة ‪.‬‬

‫‪‬هذه التعريفات أنها تعريفات بالرسم كما يقول األصوليون ال بالحد‬


‫‪‬و واضع التعريف الشرعي تأثر تأثراً واضحا ً بالتعريف الوضعي مع فارق اإلشارة إلى اختالف المصدر بينهما‬
‫‪ ,‬والتعريف الوضعي هو الذي اعتمدته اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره‬ ‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬

‫‪‬ومن خالل تحديد مدلول القانون الدولي اإلنساني يتضح الهدف منه ونطاق تطبيقه‬
‫‪ ‬فهو يهدف‪:‬‬
‫توفير الحد األدنى من الحماية لإلنسان أثناء النزاعات المسلحة‪ ,‬أو بعبارة أخرى يهدف إلى الحد من األضرار الناجمة‬
‫عن النزاعات المسلحة‪ ,‬ألن حماية البيئة اليوم أصبح من حقوق الشعوب ‪.‬‬

‫‪‬نطاق تطبيق قواعد القانون اإلنساني من حيث الزمان‪:‬‬


‫‪ ‬زمن الحرب(حال النزاعات المسلحة الداخلية أو الدولية)‪ :‬تطبق قواعد القانون اإلنساني‬
‫‪ ‬أما حال السلم القانون المطبق هو قانون حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫‪‬ويشمل القانون الدولي اإلنساني اتفاقيات الهاي ‪ ,1907 ,1899‬والتي يطلق عليها قانون الهاي أو قانون الحرب‬
‫حيث تحدد هذه االتفاقيات حقوق المتحاربين وواجباتهم في إدارة العمليات العسكرية‪ ,‬وتقيد اختيار وسائل اإليذاء – أي‬
‫األسلحة المستخدمة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره‬ ‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬

‫ثانيا ً ‪ :‬تطور القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬


‫مر القانون الدولي اإلنساني بمراحل عديدة منذ نشأته وحتى توقيع البروتوكولين سنة ‪:1977‬‬
‫‪ ‬نشأت فكرة التخفيف من ويالت الحرب لدى هنري دونان‪ ،‬فاقترح إنشاء لجنة محايدة من المتطوعين لتقديم‬
‫اإلعانة للجرحى وهي "اللجنة الدولية إلغاثة الجرحى" ‪.‬‬

‫‪ ‬أصبحت فيما بعد بما يعرف "اللجنة الدولية للصليب األحمر" وهذه اللجنة هي التي أجبرت الدولة السويسرية‬
‫للدعوة إلى مؤتمر دولي نتج عنه‪:‬‬
‫‪ ‬توقيع الدول المشتركة فيه على اتفاقية جنيف األولى سنة ‪1864‬م والمتعلقة بتحسين حال العسكريين الجرحى في‬
‫الميدان وتضمنت هذه االتفاقية عشر مواد فقط تتعلق بـــ‪:‬‬
‫‪‬حياد األجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي وأعوان الخدمات الصحية واحترام المتطوعين المدنيين الذين‬
‫يساهمون في أعمال اإلغاثة‪ ،‬وتقديم اإلغاثة الصحية دون تمييز‪ ،‬وحمل إشارة خاصة وهي صليب أحمر على رقعة‬
‫بيضاء ‪.‬‬
‫‪ ‬وهذه االتفاقية كانت تقتصر على تقديم اإلغاثة للجرحى في الحرب البرية ولم تشمل االتفاقية الجرحى في الحرب‬
‫البحرية‪ ،‬ولم تشمل الجرحى المدنيين وال توفير الحد األدنى من الحماية لهم ‪.‬‬
‫تم التوقيع في الهاي على اتفاقية تطبيق مبادئ جنيف الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في‬ ‫وفي ‪1899‬‬
‫ميدان القتال‪ ،‬وهي متممة التفاقية جنيف األولى‬
‫وفيها تم توسيع تقديم الرعاية للمرضى إلى جانب الجرحى ونصت من بين بنودها على شرط المعاملة بالمثل‬
‫إال أن هذه االتفاقية ال تطبق إال على المتحاربين التابعين للدول الموقعة عليها وفي الحرب البرية دون البحرية‬
‫‪.‬‬

‫وقعت اتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى والعسكريين في ميدان القتال‬ ‫وفي ‪1929‬‬
‫وهذه االتفاقية تضمنت‪:‬‬
‫مراجعة التفاقية جنيف ‪ 1904‬وصياغة جديدة لها‬
‫وألغت شرط المشاركة الجماعية الذي كان ينص على أن االتفاقية ال تسري إال على أفراد القوات المسلحة‬
‫التابعين للدول الموقعة على االتفاقية‬
‫فأصبحت االتفاقية سارية على المتحاربين من غير الدول الموقعة على االتفاقية‪ ،‬وأن إعالن التحلل من‬
‫االتفاقية ال أثر له قبل إنهاء الحرب‬
‫واهتمت بالطيران الصحي وأقرت شارة الهالل األسد والشمس األحمرين ‪.‬‬
‫وكان الجانب األظهر والتطور الملموس في هذه االتفاقية ما تعلق باألسير وحياته‪ ،‬وكفلت له التمتع بخدمات‬
‫الدولة الحامية‪ ،‬ونصت على تشكيل وكالة أبحاث لجمع المعلومات عن األسرى وتبادل األخبار مع ذويهم‬
‫وأهليهم ‪.‬‬
‫وفي ‪ 1949‬وبعد االنتهاء من الحرب العالمية الثانية تم التوقيع على اتفاقيات جنيف األربع وهو ما يسمى بقانون‬
‫جنيف ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬خاصة بتحسين أوضاع الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان‬
‫والثانية‪ :‬خاصة بتحسين أوضاع جرحى ومرضى القوات المسلحة البحرية‬
‫والثالثة‪ :‬خاصـة بمعاملة أسرى الحرب‬
‫والرابعة‪ :‬خاصة بحماية المدنيين أثناء الحرب ‪.‬‬

‫وفي ‪ 1977‬صدر البروتوكوالن اإلضافيان التفاقيات جنيف األربع‬


‫والبروتوكول األول‪ :‬يتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية وهو متمم لالتفاقيات األربع‬
‫والبروتوكول الثاني‪ :‬يتعلـق بحمايـة ضحايـا النزاعات غير الدولية ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القانون اإلنساني وتطوره‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫‪ ‬ونالحظ من هذا التطور أن القانون اإلنساني‪:‬‬


‫‪‬بدأ بتقديم الرعاية للجرحى ثم للمرضى في الحروب البرية دون البحرية ثم ألحق بها الحروب‬
‫البحرية وكان ذلك قصراً على الدول الموقعة على االتفاق‬
‫‪‬ثم تطور القانون ليشمل تحديد الوسائل القتالية ما يحرم استخدامه منها وما ال يحرم وهذا ما‬
‫شمله قانون الحرب ‪ ،‬وهو قانون الهاي‬
‫‪‬ثم شملت الرعاية ضحايا النزاعات الدولية واألسرى‬
‫‪ ‬وبعد ذلك شملت الرعاية ضحايا النزاعات غير الدولية والحفاظ على الممتلكات الثقافية وحماية‬
‫البيئة‬
‫وهكذا اتسع نطاق الحماية التي يقررها القانوني الدولي اإلنساني‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬

‫أوالً ‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬


‫‪ -1‬قانون جنيف ويشمل اتفاقيات جنيف األربع والبروتوكوالن اإلضافيان ‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون الهاي أو قانون الحرب ويشمل اتفاقيات الهاي ‪.‬‬
‫‪ -3‬المبادئ العامة المستوحاة من نصوص القانون الدولي اإلنساني ‪ ،‬والعرف السائد وما يمليه الضمير العام ‪.‬‬
‫‪ -4‬الجهود المستمرة لمنظمة األمم المتحدة لتأمين احترام حقوق اإلنسان في أوقـات النزاعات والحد من استخدام بعض‬
‫األسلحـة ذات طابـع اإلبادة الجماعي ‪.‬‬

‫‪ ‬أما مصادر القانون الدولي اإلنساني في اإلسالم فهي قواعد وأحكام ومبادئ الشريعة العامة المستمدة من الكتاب‬
‫الكريم والسنة النبوية المطهرة واجتهـادات الفقهاء ‪ ،‬وهذه المصادر التي تقررت في عهده ‪‬‬

‫‪‬وعليه فإن ما تقره األمم من قواعد ومبادئ وأعراف تخالف أحكام الشريعة فيما يتعلق بأحكام الحرب والنزاعات ال‬
‫يلزم الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫مبدأ التدخل اإلنساني‪:‬‬


‫‪ ‬تلجأ الدول القوية إلى استخدام مبدأ التدخل اإلنساني وسيلة للتأثير على سياسات الدول الضعيفة بحجة الحفاظ على‬
‫اإلنسانية والقيم اإلنسانية‬
‫‪‬وتسخر في سبيل الوصول إلى ذلك المنظمات الدولية حيث تقوم باستصدار قرارات دولية تعطي هذه الدول الصفة‬
‫الشرعية في التدخل في شئون الدول الداخلية‬
‫‪‬وذلك عن طريق إثارة قضية من القضايا للدولة التي ال ترضى عن سياساتها‪.‬‬
‫‪ ‬كما حدث في دارفور إذ عمدت اإلدارة األمريكية إلى إثارة قضية جنوب السودان والضغط على الحكومة السودانية‬
‫لحل المشكلة الجنوبية وما أن تم االتفاق على حل النزاع والتوقيع على نصوصه حتى أثارت للحكومة السودانية قضية‬
‫دارفور وأن هناك كارثة إنسانية تستدعي تدخالً دوليا ً عاجالً لمنع وقوعها‪ ،‬فتلك الدول ال يهمها مصالح الشعوب أكثر‬
‫مما يهمها مصالحها‬
‫‪ ‬وكما حدث في فنزويال حيث أثارت أمريكا ما يسمى بالمعارضة ودعمتها لإلطاحة برئيسها المنتخب ديمقراطيا ً حتى‬
‫أجبر على إجراء استفتاء ‪ ،‬وبعد فوزه في االستفتاء الذي يمكنه من االستمرار في الحكم المدة المتبقية وبشهادة‬
‫رؤساء أمريكيين سابقين بنزاهة االنتخابات إال أن اإلدارة األمريكية لم يرق لها ذلك وطعنت في نزاهة االنتخابات ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬

‫‪‬وهذا موقف الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا من أية دولة إسالمية ترغب في أن يكون اإلسالم وأحكامه ومبادؤه‬
‫أساس نظامها العام‪ ،‬وعدم رضائها عنها حتى تتخلى عن دينها وعن شريعتها‬

‫‪‬فتلجأ تلك الدول بدعوى عدم احترام حقوق اإلنسان أو بدعوى االستبداد أو حماية اإلنسانية إلى إثارة المشاكل للدول‬
‫اإلسالمية لثتنيها عن مشروعها‬

‫‪‬فتقوم بدعم كل من يخرج عن سلطة الدولة وتصور ذلك للعالم على أن هناك خطراً على اإلنسانية وعلى األمن والسلم‬
‫الدوليين يستدعي التدخل العاجل فتتخذ القرارات الدولية إلضفاء الصفة الشرعية على سياسات تلك الدول لبلوغ غاياتها‬
‫وتحقيق مآربها ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪ :‬القانون اإلنساني‬

‫ثانيا ً ‪ :‬مبادئ القانون اإلنساني‪:‬‬


‫أوالً ‪ :‬مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين وبين األهداف العسكرية وغير العسكرية‬
‫يجب تجنيب غير المقاتلين واألهداف غير العسكرية األعمال العسكرية فال تكون هدفا ً من قبل المقاتلين بل ويمتنع‬
‫تعريض هذه األهـداف للمخاطـر أيا ً كانـت‬
‫كالتترس بالمدنيين(الدروع البشرية) أو المنشآت المدنية‪ ،‬أو اتخاذها هدفا ً لحمل الخصم علـى االستسالم ‪ ،‬كما حدث في‬
‫الحرب العالمية الثانية عندما قصفت هيروشيما ونجازاكي بالقنابل الذرية ‪.‬‬
‫واإلسالم أول من فرق بين المقاتلين وغير المقاتلين وأمر بعدم التعرض لغير المقاتلين بشتى فئاتهم ما داموا لم يقاتلوا‬
‫أو يعينوا على قتال فإن قاتلوا أو أعانوا على قتال جاز قتالهم وقتلهم ابتدا ًء‪ ،‬وإذا تترس بهم األعداء جاز قتلهم كذلك‬
‫تبعا ً ال قصداً ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫ثانيا ً ‪ :‬مبدأ تقييد المقاتلين بوسائل قتالية ‪ ،‬تقتضيها المعركة ومنع استخدام الوسائل التي يمتد أثرها إلى المدنيين أو‬
‫األهداف المدنية أو التي ال تميز بين المقاتلين وغير المقاتلين‬
‫كالغازات السامة واألسلحة الجرثومية والكيميائية والذرية وإذا كان يمنع استخدامها المتداد أثرها لغير المقاتلين فأولى‬
‫حظر قصد استخدامها في غير المقاتلين أو األهداف غير العسكرية‪.‬‬
‫‪ ‬واإلسـالم أول من تحدث عما يجوز استخدامه من السالح في القتال وما ال يجوز بناء على أن مقصود الحرب في‬
‫اإلسالم هو دفع العدوان ومنع الفساد ال القتل والتدمير والخراب‬
‫‪‬وقد اختلف العلماء في استخدام النار في القتال فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من منع إال لضرورة والضرورة تقدر‬
‫بقدرها‬
‫‪‬وذهب بعض المالكية إلى تحريم استخدام السموم في القتال ونظيره اليوم األسلحة الكيميائية والبيولوجية البكتيرية‬
‫ومن باب أولى الذرية‬
‫‪‬وعليه فإن اإلسالم أول من دعا إلى عدم استخدام األسلحة التي تشتمل المقاتلين وغير المقاتلين‬
‫‪ ‬ومباديء اإلسالم وقواعده ال تمنع التوقيع على منع استخدام أسلحة الدمار الشامل ال حظر تملكها إذ أن تملكها‬
‫مشروع لمنع من ال تضبطه قواعد األخالق اإلنسانية أو حتى العقائد من استخدامها من اليهود والنصارى والالدينيين‬
‫وغيرهم من غير المسلمين وذلك لقوله تعالى ‪َ  :‬وأَ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما ْ‬
‫اس َت َط ْع ُت ْم مِنْ قــــــــ ُ َّو ٍة َومــــــِنْ ِربــــَاطِ ا ْل َخ ْي ِل ُت ْر ِه ُبونَ‬
‫آخ ِرينَ مِنْ دُونِ ِه ْم ال َت ْعلَ ُمو َن ُه ُم َّ‬
‫َّللا ُ َي ْعلَ ُم ُه ْم ‪.‬‬ ‫ِب ِه َعد َُّو َّ ِ‬
‫َّللا َو َعد َُّو ُك ْم َو َ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫ثالثا ُ ‪ :‬مبدأ صيانة حرمات الفرد ؛ الحق في احترام حياته وسالمته البدنية والروحية وخصائصه الشخصية وذلك من‬
‫خالل المبادئ التطبيقية التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬صيانة وحرمة من يسقط في المعركة والمحافظة على حياته وحياة من يقع في األسر ‪.‬‬
‫‪ -2‬حظر التعذيب المادي والمعنوي والمعاملة غير اإلنسانية للفرد حتى وإن كان يقصد الحصول على المعلومات واعتباره جريمة‬
‫من جرائم الحرب ‪ ،‬وهذا المبدأ الذي دعا أمريكا للسعي للحصول على حصانة لجنودها من المالحقة الجنائية في البوسنة‬
‫والهرسك والعراق ‪.‬‬
‫‪ -3‬لكل إنسان حق االعتراف بشخصه أمام القانون ‪ ،‬باإلضافة إلى حماية سالمة اإلنسان البدنية والروحية ‪ ،‬وينبغي أيضا ً احترام‬
‫مركزه القانوني وضمـان ممارسته الكاملـة لحقوقـه المدنية بما في ذلك حق التقاضي وحق التعاقد ‪ ،‬وإن كان تمتعه بالحقوق في‬
‫الواقع ينقص عما هو عليه الحال في غير وقـت النزاعات المسلحة ‪ ،‬ولكن يبنغي أن يكون هذا النقص يقدر ما تتطلبه ظروف‬
‫االعتقال ‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ال يجوز حرمان أي شخص من جنسيته بشكل تعسفي ‪.‬‬
‫‪ -4‬حق كل إنسان في احترام كرامته وإنسانيته وحقوقه العائلية ومعتقداته وعاداته ‪ ،‬خاصة وأن بعض األفراد يضعون قيمهم‬
‫األخالقية قبل الحياة ذاتها ‪ ،‬كتهديد اإلنسان في شرفه وعرضه ‪ ،‬وغير ذلك من األعمال التي تمس الشرف والكرامة اإلنسانية ‪.‬‬
‫‪ -5‬حق كـل إنسـان في تبـادل األنباء مع أسرته وتلقي طرود الغوث ‪ ،‬فال ينبغي أن يؤدي االعتقـال إلى قطـع هذه الروابط‬
‫األساسية بين األسرة الواحدة ‪ ،‬وما أنشئت لجنة الصليب األحمر الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين إال من أجل ذلك ‪.‬‬
‫‪ -6‬عدم حرمان الشخص من ممتلكاته بشكل تعسفي‪ ،‬كهدم منزله أو إتالف مزرعته أو مصادرة أمواله ‪ ،‬إذ أن الممتلكات أيا ً كان‬
‫نوعها ال تقل أهمية عن الحياة في مجتمعاتنا اليوم ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني ومبادؤه‬ ‫الفصل األول‪:‬القانون اإلنساني‬

‫رابعا ً ‪ :‬مبدأ عدم التمييز بين األشخاص ‪ ،‬فيحظر على الدولة طرف النزاع أو من يقومون بتقديم الخدمات للمتضررين‬
‫من النزاعات المسلحة التمييز فيما يقدمـون من خدمـات على اختالفها بسبب الجنس أو اللون أو اللسان أو العنصر أو‬
‫المركز االجتماعي أو الثروة أو اآلراء السياسية والفلسفية أو الدينية أو أي معيار مماثل وما كان من تمييز بعض‬
‫الفئات كالنساء واألطفال والمسنين فمرجعه ظروفهم الخاصة بهم ‪ ،‬وهذا أمر طبيعي ال يخل بمبدأ المساواة ‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬حق اإلنسان في األمن والسالمة الشخصية ‪ :‬ويتضمن هذا المبدأ المبادئ التطبيقية التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يجوز تحميل الشخص مسئولية عمل لم يرتكبه ‪.‬‬
‫‪ -2‬حظر أعمال االنتقام والعقوبات الجماعية وأخذ الرهائن والنفي ‪.‬‬
‫يجرم إال على أساس من القانون‬
‫‪ -3‬حق اإلنسان في التمتع بالضمانات القانونية ‪ ،‬فال يقبض عليه بشكل تعسفي ‪ ،‬وال ّ‬
‫‪ ،‬والمتهم بريء حتى تثبت إدانته ‪ ،‬وعدم تطبيق القانون بأثر رجعي ‪ ،‬وحقه في الدفاع عن نفسه وحقه في االستماع‬
‫إلى الشهود وغير ذلك من الضمانات القانونية ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال يحق للفرد التنازل عن الحقوق التي تقررها له االتفاقيات اإلنسانية‪ ،‬ألن األفراد وهم في قبضة العدو ليسوا في‬
‫وضع يستطيعون فيه الحكم باستقالل وموضوعية وإدراك تام للنتائج المتربة على تنازالتهم كتنازل بعض المعتقلين في‬
‫غوانتونامو عن مقاضاة الحكومة األمريكية مقابل اإلفراج عنهم ‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫حماية األسرى‬

‫وفيه مبحثان ‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬
‫ظاهرة األسر مالزمة للحروب ‪:‬‬
‫‪ ‬األسر ظاهرة مالزمة للحروب من قديم الزمان ‪ ,‬ومعاملة األسرى تختلف من زمان إلى زمان ؛ فقد كان‬
‫األسرى قديما ً يذبحون ويقدمون قرابين لآللهة ‪ ,‬ثم صاروا يستعبدون ويتخذون رفيقا ً للبيع والشراء ‪ ,‬فكان‬
‫الفرس يعاملون أسراهم بقسوة ال هوادة فيها ‪ ,‬إذ كان األسرى يقعون ضحية التنكيل والتعذيب والقتل والصلب‬
‫‪ ,‬وكذلك اإلغريق كانوا يفعلون بأسراهم ‪ ,‬والعرب تأثروا بعادات مجاوريهم من الفرس والرومان ‪ ,‬فكانوا‬
‫يقتلون األسرى والجرحى بحد السيف أو حرقا ً ‪ ,‬ناهيك عن التنكيل والتمثيل بهم ‪ ,‬وقد يترفعون فيعفون عنهم‬
‫بمقابل أو بغير مقابل ‪ ,‬وقد يُكتفى بوسم األسير بعالمة في جبينه يعرف بها طوال حياته ‪ ,‬مما حدا بالبعض‬
‫إلى تفضيل الموت على الوقوع في األسر ‪ ,‬وقد يُسترقون إذ كان األسرى في الحروب من أهم الموارد‬
‫الممونة للرق عند الشعوب القديمة بصفة عامة ‪.‬‬

‫تحديد وصف األسرى في القانون الدولي اإلنساني ‪:‬‬


‫ارتبط تحديد وصف أسرى الحرب في القانون الدولي اإلنساني بتحديد المقاتل الذي يعامل كأسير حرب إذا‬
‫وقع في قبضة العدو ‪ ,‬وتحديد الوضع القانوني للمقاتل تطور بتطور القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫أ‪ -‬المقاتلون في ظل قانون الهاي ‪:‬‬
‫المقاتلون هم أفراد القوات المسلحة النظامية لطرف النزاع ‪ ,‬ويشمل الجيش بصفة عامة العاملين واالحتياطيين‬
‫والحرس الوطني ‪ ,‬والميليشيات والوحدات المتطوعة بشروط ‪:‬‬
‫أ‪ -‬قيادة شخص مسئول عن مرؤوسيه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬عالمة مميزة ثابتة تعرف عن بعد ‪.‬‬
‫ج‪ -‬حمل السالح بشكل ظاهر ‪.‬‬
‫د‪ -‬احترام قوانين الحرب وتقاليدها ‪.‬‬
‫وسكان األرض غير المحتلة بعد الذين يقومون في وجه العدو المداهم في هبة جماهيرية أو نفير لهم صفة‬
‫المقاتل بشروط ‪:‬‬
‫‪ -2‬أن يحترموا قواعد الحرب وتقاليدها ‪.‬‬ ‫‪ -1‬حمل السالح بشكل مباشر ‪.‬‬
‫أما غير المقاتلين الذين ينتمون إلى القوات المسلحة مثل المراسلين الحربيين ‪ ,‬والقائمين بالتموين واإلمدادات‬
‫الذين يقعون في قبضة العدو لهم صفة أسرى الحرب بشرط أن تكون لهم بطاقة شخصية مسلمة من السلطة‬
‫العسكرية التي يتبعونها ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫ب‪ -‬المقاتلون حسب قانون جنيف ‪:‬‬
‫َوسَّع قانـون جنيـف مفهوم المقاتل الذي حدده قانون الهاي حيـث أضاف إليـه ست فئـات لم يشملها قانون الهاي تتمتع بنظام‬
‫أسرى الحرب وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أفراد القوات المسلحة والميليشيات أو الوحدات المتطوعة األخرى التي تشكل جزءاً منها ‪.‬‬
‫‪ -2‬أفراد القوات المسلحة والوحدات المتطوعة األخرى بمن فيهم عناصر المقاومة المنتمون إلى أحد أطراف النزاع سواء‬
‫أكانوا خارج أم داخل وطنهم وسواء كانت أرضهم محتلة أم ال على أن تتوافر فيهم الشروط األربعة التي حددتها اتفاقية‬
‫الهاي ‪.‬‬
‫‪ -3‬أفراد القوات النظامية لحكومة أو سلطة ال تعترف الدولة الحاجرة بها ‪.‬‬
‫‪ -4‬العناصر التي تتبع القوات المسلحة دون أن تكون مباشرة جزءاً منها مثل المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطيران‬
‫الحربي ‪ ,‬ومراسلي الحرب والقائمين بالتموين والمكلفين برفاه القوات المسلحة بشرط أن يحمل جميع هؤالء ترخيصا ً من‬
‫قبل القوات التي يتبعونها ‪.‬‬
‫‪ -5‬عناصر أطقم البحرية التجارية والطيران المدني ألطراف النزاع والقادة ومساعدوهم إذا لم تكن لهم معاملة أفضل‬
‫بموجب أحكام القانون الدولي األخرى ‪.‬‬
‫‪ -6‬أهالي األرض التي لم يقع احتاللها بعد ‪ ,‬الذين يهبون في وجه العدو المداهم أو ينفرون نفيراً عاما ً بشرط حملهم السالح‬
‫بشكل ظاهر ‪ ,‬واحترام قوانين الحرب وتقاليدها ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫ب‪ -‬المقاتلون حسب قانون جنيف ‪:‬‬

‫وتضيف االتفاقية التالية بشأن أسرى الحرب فئتين تتمتعان بمعاملة أسرى الحرب ‪ ,‬أي ال يخضعون لنظام أسرى الحرب‬
‫وإنما يعاملون معاملة أسرى الحرب وهما ‪:‬‬

‫أ‪ -‬األشخاص الذين ينتمون أو كانوا ينتمون إلى القوات المسلحة للبلد المحتل إذا أعادت سلطات االحتالل اعتقالهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬األفراد الذين ينتمون أو كانوا ينتمون إلى القوات المسلحة الذين يلتحقـون بأرض طـرف محايـد أو غير محارب ويتم‬
‫إيواؤهم وفق القانون الدولي ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫صعوبة التفرقة بين المقاتل وغير المقاتل ‪:‬‬
‫التفرقـة بين المقاتل وغير المقاتل في ضوء الحرب الحديثة فيه نوع من الصعوبة وهذا يرجع إلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬نمو عدد المقاتلين خاصة بعد أن أخذت الدول بنظام التجنيد اإلجباري ‪ ,‬وأصبح الجيش يشمل جميع الذكور القادرين على حمل‬
‫السالح بل وبعض الدول تفسح المجال أمام النساء للخدمة العسكرية ‪ ,‬وكذلك نمو عدد غير المقاتلين الذين يقدمون الخدمـات‬
‫والمسـاعدات للمقاتلين ‪ ,‬حتى غدا جميـع أفـراد الشعب في خدمـة الحرب سواء أكان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر ‪.‬‬
‫‪ -2‬تطور أساليب الحرب وفنونها ‪ ,‬والتي أصبحت األهداف المدنية معها مقصودة من القتال لدفع الخصم إلى االستسالم كقصف المدن‬
‫وحصار المدن ‪ ,‬مما أدى إلى صعوبة التفرقة بين المقاتل وغير المقاتل ‪ ,‬وإلى تضاعف األخطار التي تلحق بغير المقاتلين ‪ ,‬ناهيك عن‬
‫ظهور أسلحة الدمار الشامل التي ال تميز بين المقاتل وغير المقاتل ‪.‬‬
‫‪ -3‬استخدام أساليب الحرب االقتصادية في القتال وفرض الحصار االقتصادي على الخصم لقهر إرادته وهذا ما فعلته دول الحلفاء حيث‬
‫فرضت حصاراً اقتصاديا ً على ألمانيا ‪ ,‬ضبطت بموجبه جميع السفن المتجهة إليها أيا ً كانت البضائع التي تحملها ‪.‬‬
‫وطبقا ً للتحديد السابق للمقاتلين فإن أفراد المقاومة الفلسطينية للفصائل المختلفة أو أفراد الشعب الذين يهبون لمقاومة االحتالل‬
‫اإلسرائيلي وإن لم يكونوا نظاميين أو ضمن إطار تنظيم معين والذين يتم القبض عليهم من قبل سلطات االحتالل اإلسرائيلي‬
‫يتمتعون بنظام أسرى الحرب وكذلك المقاومون لالحتالل األمريكي في العراق إذا ما قبض عليهم فإنهم يعتبرون أسرى‬
‫حرب ‪ ,‬وكل من يعتقل من أفراد الجيش العراقي السابق بعد أن وضعت الحرب أوزارها وإن لم يعتقلوا من قبل أو اعتقلوا‬
‫وأفرج عنهم فجميعهـم يعتبرون أسرى حرب يتمتعون بالحماية التي يقررها القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫الجواسيس والمرتزقة هل يعتبرون أسرى حرب ‪:‬‬
‫‪ ‬يستثنى الجواسيس والمرتزقة من عداد المقاتلين فال يعتبرون أسرى حرب رغم مشاركتهم في العمليات العدائية وتحدث‬
‫البروتوكول األول الملحق باتفاقيات جنيف عن الوضع القانوني لهاتين الفئتين ‪.‬‬
‫‪‬فتنص في المادة (‪ )111‬علـى أن الجاسوس هو الشخص الذي يعمل خفية أو في مظهر زائف لجمع أو محاولة جمع‬
‫معلومات في منطقة األعمال الحربية إلحدى األطراف المتحاربة بنية إيصال تلك المعلومات إلى الطرف العدو ‪.‬‬
‫‪‬وإذا نجح الجاسوس في االلتحاق بالجيش الذي ينتمي إليه ووقع بعد ذلك في قبضة العدو فإنه يكون أسير حرب وال‬
‫مسئولية له عن أعمال التجسس السابقة ‪.‬‬
‫‪‬المادة (‪ )114‬من البروتوكول األول‪:‬ال تعتبر الجاسوس بالتحديد السابق أسير حرب بينت أنه ال يعتبر جاسوسا ً فردالقوات‬
‫المسلحة لطرف في النزاع بمعنى أنه إن وقع في قبضة العدو فإنه يعد أسير حرب وإن مارس أعمال الجاسوس كل من ‪:‬‬
‫‪ -1‬الذي يجمع أو يحاول جمع معلومات لفائدة ذلك الطرف وهو يرتدي الزي العسكري للقوات التي يتبعها ويقوم بذلك العمل في إقليم‬
‫يسيطر عليه الخصم ‪.‬‬
‫‪ -2‬الذي يقيم في إقليم يحتله الخصم ويعمل لفائدة الطرف الذي يتبعه بجمع أو محاولة جمع معلومات ذات قيمة عسكرية داخل اإلقليم‬
‫دون تستر زائف أو تعمد التخفي ‪ ,‬وإن تعمد ذلك فال يكون جاسوسا ً إال إذا قبض عليه وهو متلبس بالجرم المشهود ‪.‬‬
‫‪ -3‬الذي ال يقيم في اإلقليم الذي يحتله الخصم وال يقوم بعمل تجسس في ذلك اإلقليم ‪ ,‬ويقبض عليه قبل التحاقه بالقوات المسلحة التي‬
‫ينتمي إليها ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫أما أفراد العدو الذين يعملون خلف خطوط الطرف اآلخر كالمظليين والكوماندوز ‪ ,‬وتتوفـر فيهم شروط المقاتل كالزي‬
‫العسكري لقواتهم فإن لهم الحق في وضع أسير حرب ‪ ,‬وال يجوز عقابهم لمباشرتهم أعمال تبيحها قوانين النزاعات المسلحة‪.‬‬

‫أما المرتزقة فال يتمتعون بصفة المقاتل أو أسير الحرب إال إذا توافرت فيهم الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬التجنيد محليا ً أو بالخارج للقتال في نزاع مسلح ‪.‬‬
‫‪ -2‬المشاركة الفعلية في األعمال العدائية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الرغبة في الحصول على مغنم شخص في مقابل تلك المشاركة ‪.‬‬
‫‪ -4‬حمل جنسية غير جنسية أحد أطراف النزاع وعدم اإلقامة بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع ‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم االنتماء إلى القوات المسلحة ألحد أطرا ف النزاع ‪.‬‬
‫‪ -6‬عدم القيـام بمهمـة رسمية كعضو في القوات المسلحة لدولة غير طرف في النزاع ‪.‬‬

‫ويجب توافر هذه الشروط الستة حتى يُطلق على من توافرت فيه صفة المرتزقة فإن تخلف أحد هذه الشروط فإنه ال يعتبر‬
‫من المرتزقة الذين يتمتعون بصفة المقاتل أو أسير حرب ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫أسرى الحرب في الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬
‫‪ ‬اإلسـالم أول من فـرق بين المقاتلين وغيـر المقاتلين ‪ ,‬وقضى بأن ال يتعرض لغير المقاتلين ‪ ,‬وعـرف البعض األسير‬
‫بأنه المقاتل من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء ‪ .‬وهذا التعريف ال يشمل األسرى من أهل البغي ‪ .‬لذا فإنني أرى أن‬
‫يعـرف األسير بأنه المقاتل الذي ظفر به المسلمون حيا ً سواء أكان من الكفرة أم من أهل البغي أو غيرهم من المسلمين‬
‫خاصة حال تعدد الدول اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ ‬واحتمـال ما يقع بينهم من نزاع مسلح كما وقع في العراق وإيران أو بين العراق والكويـت بعد اجتياحها ‪ ,‬وإن كانت‬
‫أحكام األسير من الكفار تختلف عن أحكـام األسير من المسلمين من أهل البغي أو غيرهم من الخارجين على اإلمام ‪ ,‬ويعد‬
‫من األسرى المقاتلون ومن في حكمهم ممن يعينون على القتال ‪.‬‬

‫‪‬ويخرج من عداد األسرى من ال يقاتلون أو يعينون على القتال من الرجال والنساء والولدان والشيوخ فهؤالء حكمهم حكم‬
‫المدنيين ويتمتعون بالحماية التي يتمتع بها المدنيون ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫حقوق األسرى في اتفاقيات جنيف ‪:‬‬


‫‪ -1‬عدم قتل األسير (الحفاظ على حياة األسير) ‪ :‬المقاتل بمجرد إلقاءه السالح واستسالمه للعدو ‪ ,‬يجـب علـى الدولـة اآلسـرة عدم‬
‫قتله أو تعريضه للقتل بوضعه في أماكن القتال ‪ ,‬وعليها أن ترحل األسير إلى معسكرات بعيدة عن أماكن القتال وأن يتم النقل بطريقة‬
‫إنسانية تليق بهم كآدميين وأن ال تعرضهم أثناء النقل للخطر ‪ ,‬وال تجرده من رتبه ونياشينه العسكرية ‪ ,‬وكل ما له قيمة شخصية أو‬
‫تذكارية ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم تعذيب األسير بدنيا ً أو معنويا ً أو إكراهه على حمل السالح إلجبـاره على اإلدالء بالمعلومات أيا ً كان نوعها ‪,‬‬
‫ويجوز حرمان األسير من بعض المزايـا إذا امتنع من اإلدالء بأية معلومات تتعلق بشخصه كاالسم والرتبة العسكرية وتاريخ الميالد‬
‫والفرقة أو رقمه الشخصي ‪.‬‬
‫‪ -‬حق األسير في المعاملة اإلنسانية ‪ :‬تنص المادة (‪ )13‬من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب على أنه يجب معاملة‬
‫األسرى معاملة إنسانية في جميع األوقات والظروف ويحظر على الدولة الحاجزة أن تقترف أي إجراء أو أي فعل أو إهمال‬
‫يؤدي على موت األسير ‪ ,‬أو تعريض صحته للخطر ‪ ,‬فال يجوز تعريض األسير للتشويه البدني أو إجراء التجارب الطبية أو‬
‫العلمية من أي نوع كان ‪ ,‬ال تتطلبه الحاجة لعالج األسير أو ال يكون في مصلحته ‪.‬‬
‫‪ -4‬حق األسرى في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع األحوال ‪ ،‬ويحتفظون بأهليتهم المدنية التي كانوا عليها عند‬
‫وقوعهم في األسر وفقا ً لقانون بالدهم وليس للدولة اآلسرة تقييد حقه في التمتع باألهلية المدنية إال بالقدر الذي يقتضيه األسر‬
‫‪ .‬ويجب أن تعامل النساء األسيرات نفس معاملة الرجـال دون تمييـز وأن يمنحن المعاملة التي تتفق مع جنسهن فال يخدش‬
‫حياؤهن ويحجزن في أماكن خاصة بهن ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫‪ -5‬الحق في العناية الصحية الطبية ‪ :‬توجب المادة (‪ )15‬من اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب على الدولة الحاجزة توفير العناية‬
‫الطبية الالزمة لألسرى ‪ ,‬واتخاذ اإلجراءات الصحية الالزمة لضمان النظافة والصحة في معسكرات االحتجاز لمنع انتشار األمراض‬
‫واألوبئة بين األسرى ‪ ,‬وتخصيص مرافق مستقلة للنساء ‪.‬‬

‫‪ ‬ويجب توفير مستوصف طبي لألسرى في معسكر االحتجاز ‪ ,‬وإذا دعت الظروف الصحية لألسير نقله على المستشفى يجب نقله‬
‫إلى المستشفيات المدنية أو العسكرية ‪ ,‬وذلك على نفقة الدولة الحاجزة ‪ ,‬ويتعين على الدولة الحاجزة معاملـة جميـع األسـرى على قدم‬
‫المساواة دون أي تمييز ضار على أساس الجنس أو العنصـر أو الدين أو االنتماء السياسي وأية معايير أخرى مماثلة ‪.‬‬

‫‪ -6‬حق األسرى في ممارسة الشعائر الدينية ‪ :‬توجب اتفاقية جنيف على الدولة الحاجزة ترك الحرية لألسرى في ممارسة شعائرهم‬
‫الدينية وأن تخصص أماكن لذلـك في إطـار نظام عام تضعه الدولة اآلسرة ‪.‬‬

‫‪ -7‬الحق في النشاط الذهني والبدني ‪ :‬تنص المادة (‪ )38‬من االتفاقية ‪ :‬على الدولة الحاجزة تشجيع األسرى على ممارسة األنشطة‬
‫الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية ‪ ,‬وعليها اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان ممارسة تلك األنشطة ‪ ,‬وذلك بتوفير األماكن المالئمة‬
‫واألدوات الالزمة لهم ‪ ,‬وتوفر ألسرى الحرب فرص القيام بالتمارين الرياضية بما في ذلك األلعاب والمسابقات والخروج إلى الهواء‬
‫الطلق ‪ ,‬وتخصيص مساحات كافية لهذا الغرض في جميع المعسكرات ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫‪ -8‬الحق في اإلعاشة ‪ :‬ويشمل إيواء األسرى وحقهم في الغذاء والكساء فيجب توفر إيواء لألسـرى بشـروط مالئمة ومماثلة‬
‫للمعسكرات الخاصة بقوات الدولة الحاجزة في نفس المكان خاصة بالشروط الصحية ‪ ,‬وأن يخصص أماكن إقامة للعسكريين حسب‬
‫رتبهم ‪ ,‬وتخصص أماكن احتجاز خاصة بالنساء ‪.‬‬
‫وأن تكون وجبات الطعام اليومية كافية من حيث الكمية والنوعية بما يكفل المحافظة على صحة األسير في حالة جيدة ويزود األسرى‬
‫بالوسائل التي تمكنهم من تهيئة األغذية ‪ ,‬وأن تكون األماكن المعدة لتناول الطعام مناسبة ‪ ,‬ويحظر اتخاذ أية تدابير تأديبية جماعية‬
‫تخص الغذاء ‪.‬‬
‫وعلى الدولة اآلسرة تزويد األسرى بكميات كافية من المالبس واألحذية المالئمة لمناخ المنطقة التي يحتجز فيها األسرى ‪.‬‬

‫‪ -9‬حق األسرى في االتصال بالخارج ‪ :‬يسمح ألسير الحرب بمجرد وقوعه في األسر ‪ ,‬وخالل مدة ال تتجاوز أسبوعا ً من وصوله‬
‫إلى معسكر االحتجاز وإن كان معسكر انتقال أن يكتب إلى عائلته من جهة أو إلى المركز الرئيسي ألسرى الحرب أو وكالة البحث عن‬
‫األسرى والمفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر من جهة أخرى يخطرهم بأسره وغذائه وحالته الصحية ‪ ,‬وعلى الدولة الحاجزة‬
‫أن تسمح بإرسال واستالم الخطابات والبطاقات الخاصة بذلك وكما يسمح لألسير بتلقي الطـرود وعلى األخص التي تحتـوي مـواد‬
‫غذائية أو طبية أو مالبس أو نشرات دينية أو تعليمية ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية األسرى في القانون اإلنساني‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫المسئولية عن األسرى ‪:‬‬


‫‪‬وتقع مسئولية الحافظ على حقوق األسرى السابق بيانها على الدولة الحاجزة ال على األفراد أو الوحدة العسكرية التي أسرته ألن‬
‫األسير يتبع بمجرد اعتقاله الدولة الحاجزة ال األفراد الذين أسروه وعليه فإن الدولة اآلسرة تكون مسئولة عن المعاملة التي يلقاها األسير‬
‫‪ ‬فإن المسئولية عن جرائم تعذيب األسرى العراقيين في سجن أبو غريب تقع على اإلدارة األمريكية ال على األفـراد الذين باشروا‬
‫التعذيب أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم ‪ ,‬وأن ما تقـوم به أمريكا من محاكمة لبعض من باشروا تعذيب العراقيين هو تهرب من‬
‫المسئولية التي تلقيها عليها اتفاقيات جنيف ‪.‬‬

‫انتهاء األسر في القانون اإلنساني ‪ :‬ينتهي األسر في الحاالت التالية ‪:‬‬


‫‪ -1‬وفاة األسير ‪ ,‬ينتهي األسر بوفاة األسير ويتم دفنه طبقا ً إلجراءات حددتها المادة (‪ )120‬من اتفاقية جنيف الرابعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬الهروب الناجح من األسر ‪ ,‬وإذا أسر بعد ذلك فال يسأل عن هروب ‪ ,‬وال عقوبة بحقه بسبب هروبه ‪.‬‬
‫‪ -3‬إعادة األسرى إلى أوطانهم أو نقلهم على بلد محايد بسبب ظروفهم الصحية قبل انتهاء النزاع وجددت المادتان (‪ )110( , )109‬من‬
‫اتفاقية جنيـف الرابعـة فئات الجرحى والمرضى الذين يتم إعادتهم إلى أوطانهم أو نقلهم إلى بلد محايد حتى انتهاء النزاع ‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلفراج عن األسرى وإعادتهم إلى أوطانهم عند انتهاء األعمال العدائية ‪ ,‬ولكن ذلك ليس باألمر الهين ألنه منوط بإرادة الدولة‬
‫الحاجزة ورغبتها في الوفاء بالتزام واضح ‪ ,‬إذ أن كثيراً من النزاعات تنتهي وال تنتهي قضية األسرى ‪ ,‬وقد تستمر سنوات طويلة كما‬
‫حدث في الحرب الكورية والحرب الفيتنامية والحرب العراقية اإليرانية ‪ ,‬على الرغم من أن تلك الدول األطراف موقعة على اتفاقيات‬
‫جنيف ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬حماية األسرى‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬

‫‪ ‬أرسى اإلسالم مبادئ اإلنسانية في التعامل بين الشعوب حال السلم وحال الحرب ‪ ,‬وهي تتجلى في الرحمة‬
‫والعفو واإلحسان والكرامة اإلنسانية والعدالة والتمسك بالفضيلة واألخوة اإلنسانية‬
‫‪ ‬في ضوءها كفل اإلسالم لألسرى المعاملة اإلنسانية واحترام حقوقهم منذ وقوعهم في األسر وحتى عودتهم‬
‫إلى ديارهم وذويهم ‪.‬‬
‫‪ ‬واألسير ومنذ وقوعـه في األسر ال يخضع لسلطة من أسره من الجنود أو الوحدات العسكرية وإنما‬
‫يخضـع لسـلطة اإلمـام ‪ ,‬أي الرئيس مباشرة أو لمن فوض اإلمام األمر في األسرى إليه‬
‫‪ ‬وإذا كانـت اتفاقيـة جنيف الخاصـة بحمايـة األسرى قد قالت بهذا ‪ ,‬فإن اإلسالم له السبق في تقرير المبدأ‬
‫وما يترتب عليـه من مسـئوليات على الرئيس بالنسبة لألسرى ومعاملة األسرى وحقوق األسرى‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬
‫‪ -1‬معاملة األسرى ‪:‬‬
‫‪ ‬ضرب اإلسالم المثل األعلى في الرفق باألسرى والرحمة بهم والعناية بشأنهم فقد ثبت عنه ‪ ‬أنه قال ألصحابه ‪( :‬استوصوا‬
‫باألسرى خيراً)‬
‫‪ ‬مما دفـع الصحابة إلى إيثار األسرى على أنفسهم بالطعام فكان الثناء عليهم من هللا سبحانـه وتعـالى بقولـه ‪َ  :‬و ُي ْط ِع ُمونَ ال َّط َعا َم َعلَى‬
‫ِسكِينا ً َو َيتِيما ً َوأَسِ يراً ‪‬‬
‫ُح ِّب ِه م ْ‬
‫‪ ‬فقد روى أحمـد أن أبو عزيز بن عمير قال ‪ :‬مرَّ بي أخي مصعب بن عمير ورجل من األنصار بأسرى ‪ ,‬وكنت في رهط من‬
‫األنصار حين أقبلوا بي من بدر ‪ ,‬فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخير وأكلوا التمر لوصية رسـول هللا ‪ ‬إياهم بنا ‪ ,‬ما‬
‫يقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إال نفحني بها ‪ ,‬قال ‪ :‬فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها عليّ ما يمسها‪ .‬وكان ‪ ‬يدفع باألسير‬
‫إلى بعض المسلمين ويقول له ‪ :‬أحسن إليه ‪.‬‬
‫‪ ‬وعن عمران بن حصين قال ‪ :‬كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل ‪ ,‬فأسرت ثقيف رجلين من أصحـاب رسـول هللا ‪ ‬وهو في الوثاق فقال‬
‫‪ :‬يا محمـد فأتـاه ‪ ,‬فقال ‪ :‬ما شأنك ؟ قال ‪ِ :‬ب َم أخذتني ‪ ,‬قال ‪ :‬أخذتك بجريرة حلفائك ثقيـف ‪ ,‬ثم انصرف فناداه فقال ‪ :‬يا محمد يا محمد ‪,‬‬
‫فقال ‪ :‬ما شأنك ؟ قال ‪ :‬إني مسلم ‪ ,‬قال ‪ :‬لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفالح ‪ ,‬ثم انصرف عنه فناداه ‪ :‬يا محمد يا محمد ‪ ,‬فأتاه‬
‫ي بعد ذلك‬ ‫فقال ‪ :‬ما شأنك ؟ قال ‪ :‬إني جائع فأطعمني وظمآن فأسقني ‪ ,‬قال ‪ :‬هذه حاجتك ‪ .‬أي حاضرة يؤتى إليك بها الساعة وفُ ِد َ‬
‫بالرجلين ‪ .‬وفي الحديث دليل على إجابة األسير إذا دعا والسماع إلى شكايته ‪ ،‬والقيام بما يحتاج إليه من طعام وشراب ‪ ،‬وفي شأن‬
‫بني قريظة وبعد أن حكم سعد فيهم بالقتل أمر رسول َّللا ‪ ‬بأحمال التمر فنثرت بين أيديهم ‪.‬‬
‫‪‬وبناء على ذلك نص الفقهاء على أنه ال يجوز تعذيب األسير بالجوع وغير ذلك من أنواع التعذيب ألن ذلك تعذيب من غير فائدة ‪.‬‬
‫‪‬وروي عنه ‪ ‬أنه قال في بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف ‪ :‬ال تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السالح قِيلوهم حتى‬
‫يبردوا ‪ .‬وإن رأى اإلمام نقل األسرى فينبغي أال يعذبهم بالعطش والجوع ولكنه يقتلهم قتالً كريما ً ‪ ,‬أي ال يمثل بهم ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫‪ - 2‬توفير المأوى لألسرى ‪:‬‬


‫‪ ‬لم يتخـذ المسلمون في صـدر اإلسـالم أماكن مخصصة لالعتقال أو الحبس ‪ ,‬فكان األسير إما أن يوضع في المسجد أو‬
‫يدفع إلى أحد المسلمين حتى ي ّ‬
‫ُبت في أمره‬

‫‪ ‬وهذا هو الغالب المتفق مع عموم أمر الرسول ‪ ‬بالوصية بهم ‪ ,‬وكان وثاق األسير وأحكامه لقوله تعالى ‪َ  :‬ف ُ‬
‫شدُّوا‬
‫اق ‪ ‬لمنعه من الفرار لعدم وجود أماكن مخصصة لحجزه‬‫ا ْل َو َث َ‬

‫‪ ‬وال مانع في اإلسالم من تخصيص أماكن مستقلة لألسرى وفق المصلحة العامة تتوافر فيها ما يتطلبه القانون الدولي‬
‫اإلنساني من شروط صحيحة وغيرها بما يحفظ على األسير كرامته وإنسانيته لعموم وصية رسول هللا ‪ ‬بهم والعام على‬
‫عمومه يشمل جميع األمكنة واألزمنة ‪ ,‬فكل ما يتضايق منه األسير في حدود األسر يجب رفعه عنه وال يبقى عليه ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫‪ - 3‬كساء األسرى ‪:‬‬


‫‪ ‬يوجب اإلسالم على الدولة اإلسالمية توفير المأكل والمسكن والملبس لألسرى‬
‫‪ ‬وهذه من أخالقيات المسلم التي ربى اإلسالم أتباعه عليها ‪ ,‬فمما تأباه الطبائع السليمة وال تستسيغه النفوس أن يترك‬
‫المرء عاريا ً أو مهلهل الثيـاب‬
‫‪ ‬باإلضافة على أن اإلسـالم ال يبيـح النظـر إلى العـورات إال لضـرورة‬
‫‪ ‬وروي عن جابـر أنه قال ‪ :‬لما كان يوم بدر أُتي بأسارى وأُتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنـذر له النبي ‪ ‬قميصا ً ‪,‬‬
‫فوجد قميص عبد هللا بن أبي يقدر عليه فكساه النبي ‪ ‬إياه ‪ .‬قال المهلب ‪ :‬وفي الحديث كسوة األسارى واإلحسان إليهم وال‬
‫يتركوا عراة فتبدو عوراتهم وال يجوز النظر إلى عورات المشركين‬
‫‪ ‬باإلضافة إلى أن أمر الرسول ‪ ‬باإلحسان لألسرى يشمل مطعمه ومشربه وملبسـه ومعاملته ‪ ,‬فليس من اإلحسان إليه‬
‫في شيء تركه بدون كسوة تليق به ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫المحافظة على وحدة األسرة ‪:‬‬


‫‪ ‬أجمع الفقهاء على أنه ال يفرق في السبايا بين األم وولدها الصغير ‪ ,‬وإن رضيت األم بذلـك ‪ ,‬لما في ذلـك من اإلضرار‬
‫بالولد ‪ ,‬ولقوله ‪( : ‬ال يفرق بين الوالدة وولدها) ‪ .‬أما إذا كبر الصغير فالبعض أجاز التفريق والبعض أبقى على التحريم‬
‫في التفريـق بينهمـا ‪ ,‬واختلفـوا في حـد الكبر ‪ ,‬فالبعض قال يبلغ الصغير حـد الكبير الذي يجـوز معـه التفريـق إذا بلغ سبعا ً‬
‫أو ثماني سنين ‪ ,‬والبعض قال ‪ :‬حد الكبر هـو السن الذي يمكن معـه الصغير اللبس وحـده والوضـوء وحـده ألنه يستغني‬
‫بذلـك عن أمـه ‪ ,‬والبعض اآلخـر قال ‪ :‬حـد الكبر سـن البلـوغ لقولـه ‪( : ‬ال يفرق بين الوالدة وولدها) فقيل إلى متى ؟ قال‪:‬‬
‫(إلى أن يبلغ الغالم وتحيض الجارية) ‪.‬‬
‫‪‬وال يفرق كذلك بين الولد الصغير ووالـده وال بينـه وبين جدتـه أو جـده ألن الجـد كاألب والجدة كاألم ‪ ,‬وال يفرق كذلك‬
‫بين أخوين وال بين أختين ‪.‬‬
‫حق األسرى في االتصال بذويهم ‪:‬‬
‫‪‬ال يمنع اإلسـالم من اتصال األسرى بأسرهم وأقاربهم لالطمئنان عليهـم فهـذا مما يتفـق مع روح اإلسـالم وقيمـه ومبادئه‬
‫السامية القائمـة على الرحمـة والكرامـة اإلنسانية والفضيلة واألخوة اإلنسانية وغيرهـا ‪ ,‬ولكن يحـق للدولـة اإلسالمية اتخاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة للمحافظـة على أمنهـا عند تبادل الرسائل والطرود بين األسرى وذويهم حتى ال يؤدي ذلك إلى إفشـاء‬
‫سـر من أسرار الدولة اإلسالمية أو إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حقوق األسرى في اإلسالم‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬حماية األسرى‬

‫حكم األسرى في اإلسالم (مصير األسرى) ‪:‬‬


‫‪ ‬قلنا إن األسير يتبع الدولة اآلسرة وال يتبع األفراد وال الوحدة العسكرية التي أسرته ‪ ,‬وعليه فإن تقرير مصيره يرجع إلى‬
‫اإلمام رئيس الدولة بما يرى فيه المصلحة العامة ألن اإلمام تصرفه منوط بالمصلحة ‪ .‬وقال العلماء ‪ :‬هو بالخيار بين القتل‬
‫واالسترقاق والمن والفداء ‪ ,‬أما القتل فقد تقرر ابتدا ًء على عهد رسول هللا ‪ ‬عند قيام الدولة اإلسالمية وقبل اإلثخان في‬
‫األرض ‪ ,‬وبعد ذلك ال يقتل األسير إال للضرورة ‪.‬‬
‫‪‬أما االسترقاق فلم يعد له من وجود في العالم ‪ ,‬وهذا يتفق مع روح اإلسـالم وتشـريعاته ‪ ,‬ويتفق مع أصل تشريع الرق‬
‫الذي ما أبيح في الواقع إال معاملة بالمثل ‪.‬‬
‫ب أَ ْو َز َ‬
‫ارهَا ‪‬‬ ‫‪‬بقي أن لإلمـام الخيـار في األسـرى بين المن والفداء لقوله تعالى ‪َ  :‬فإِ َّما َم ّنا ً َب ْع ُد َوإِ َّما فِدَا ًء َح َّتى َت َ‬
‫ض َع ا ْل َح ْر ُ‬
‫والمن ‪ :‬يراد به إطالق سراح األسرى دون مقابل ‪ ,‬والفداء ‪ :‬هـو إطـالق سراح األسير على عوض من مال أو مبادلته‬
‫بأسرى المسلمين ممن وقعوا في قبضة العدو ‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حماية المدنيين واألعيان المدنية‬
‫والثقافية وأماكن العبادة‬

‫وفيه مبحثان ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬حماية المدنيين في القانون اإلنساني ‪:‬‬
‫‪ ‬تنص المادة (‪ )4‬من اتفاقية جنيف الرابعة على أن هذه االتفاقية تحمي أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي‬
‫شكل كان ‪ ,‬في حالة قيام نزاع مسلح أو حالة احتالل تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتالل ليسوا‬
‫من رعاياهـا وعليـه فكـل من ال يحمل جنسية الدولة المحتلة أو جنسية أحد أطراف النزاع يعـد من المدنيين وتنطبـق كذلك‬
‫على من جنسية لهم إذا كانوا تحت سلطة دولـة طرف في النزاع وطبقا ً للمادة (‪ )50‬من البروتوكول األول حال الشك يعتبر‬
‫الشخص مدنيا ً ‪.‬‬
‫‪ ‬وأضافت االتفاقية في المادة (‪ )70‬فئـة من رعايـا دولـة االحتالل إذا كانوا قد لجأوا إلى البلد قبل احتالله من قبل دولتهم‪.‬‬
‫‪‬وعليـه فإن االتفاقية ال تطبق حال قيام النزاع أو االحتالل على الفئات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬رعايا دولة غير طرف في االتفاقية ‪.‬‬
‫‪ -2‬رعايا دولة محايدة أو غير محاربة ما دام لها تمثيل دبلوماسي عادي لدى الدولة التي يوجدون فيها ‪.‬‬
‫‪ -3‬األشخاص الذين يتمتعون بالحماية التي تقررها اتفاقيات جنيف الثالثة األخرى ‪ ,‬أي ال تشمل أسرى الحرب وال‬
‫الجرحى والمرضى في ميدان المعركة البرية وال الجرحى والمرضى والغرقى في الحرب البحرية ‪.‬‬
‫‪‬وتمتد الحماية التي تقررها االتفاقية طبقا ً للبروتوكول األول الصادر سنة ‪ 1977‬إلى األشخاص المشاركين في أعمال‬
‫الغوث ‪ ,‬والصحفيين وأفراد أجهزة الدفاع المدني شريطة االمتناع عن كل ما يتصل بالعمليات العسكرية ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬

‫الحماية المقررة للمدنيين ‪:‬‬


‫‪ -1‬حماية المدنيين من األخطار الناجمة عن العمليـات العسكريـة الدفاعية أو الهجومية ضد الخصم في أي إقليم تشن فيه بما في ذلك‬
‫اإلقليم الوطني ألحد أطـراف النزاع الواقع تحت سيطرة الخصـم سواء في البر أو البحر أو الجو ‪ ,‬وال يجوز أن يكون محالً للهجوم ‪,‬‬
‫كما يجب حمايتهم من الهجمات العشـوائية التي تصيـب األهداف العسكرية واألشخاص المدنيين واألعيان المدنية ‪.‬‬
‫‪ -2‬معاملة المدنيين معاملة إنسـانية دون تمييز علـى أساس الجنس أو اللون أو العنصر أو العقيدة أو اآلراء السياسية أو غيرها من‬
‫اآلراء أو االنتماء القوي واالجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو على أساس أية معايير أخرى مشابهة ‪ ,‬واحترام‬
‫أشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وممارستها ‪ ,‬وعاداتهم وتقاليدهم ‪ ,‬وأن يعاملوا في جميع األوقات معاملة إنسانية‬
‫‪ ,‬وال يجوز القيام بأي عمل من أعمال السلب والنهب أو االنتقام ضدهم أو ضد ممتلكاتهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬على دولة االحتالل توفير ما يلزم لبقاء السكان المدنيين من اإليواء والغذاء والكساء والفراش والدواء وما يلزم للعبادة ‪ ,‬والقيام‬
‫بأعمال الغوث ذات الصفة المدنية المحايدة دون تميز بين المدنيين في إقليم خاضع لسيطرة أحد أطراف النزاع إذا لم يزودوا بالمؤن‬
‫واإلمدادات الالزمة لحياتهم ‪.‬‬
‫‪ -4‬توفير العناية الطبية للسكان المدنيين وبصفة خاصة الجرحى والمرضى والعجزة والنساء الحوامل واألطفال حديثو الوالدة وذوو‬
‫العاهات ‪.‬‬
‫‪ -5‬حظر اإلكراه وأعمال التعذيب والعقاب الجماعي واالنتقام واحتجاز الرهائن المدنيين أو ترحيلهم ‪.‬‬
‫‪ -6‬تسهيل جميع شمل األسر التي شتتها النزاع ‪ ,‬وعلى أطراف النزاع تشجيع المنظمات اإلنسانية التي تقوم بهذه المهمة وتوفير‬
‫الحماية لهم ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫الحماية المقررة للمدنيين ‪:‬‬
‫‪ -7‬عدم استخدام المدنيين كدروع بشرية والتترس بهم ‪.‬‬
‫‪ -8‬حماية المدنيين األجانب المقيمين في إقليم أحد أطراف النزاع ‪ ,‬وحقهم في مغادرة البالد عند نشوب الحرب أو خالل سيرها وتوفير‬
‫الظروف المناسبة لرحيلهم من ناحية األمن والصحة والغذاء ‪.‬‬
‫‪ -9‬توفير حماية خاصة لألطفال والنساء ‪ ,‬فنصت المادة (‪ )77‬من البروتوكول األول على أنه يجب أن يكون لألطفال موضع احترام‬
‫خاص ‪ ,‬وأن تكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء ‪ ,‬ويجب أن يهييء لهم أطـراف النزاع العناية والعون للذين‬
‫يحتاجون إليهما سواء بسبب سنهم أم ألي سبب آخر ‪.‬‬

‫‪ ‬وتنص المادة (‪ )4( , )3‬من البروتوكول الثاني على أنه يجب توفير الرعاية والمعونة لألطفال بالقدر الذي يحتاجون‬
‫إليه ‪ ,‬واعتبر البروتوكول األول في مادتـه الثامنة األوالد حديثي الوالدة من فئة الجرحى والمرضى باعتبارهم فئة تحتاج‬
‫إلى الحماية ‪.‬‬
‫‪‬وتنص المادة (‪ )27‬الفقرة الثانية من اتفاقية جنيف الرابعة أنه يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على‬
‫شرفهن ‪ ,‬وال سيما ضد االغتصاب ‪ ,‬واإلكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن ‪ .‬وهذه الفقرة هي انعكاس عما كانت تعاني‬
‫منه المرأة على وجه الخصوص حال الحرب ‪ ,‬ومآسي البوسنة والهرسك شاهدة على ذلك ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫ثانيا ً ‪ :‬حماية المدنيين في اإلسالم ‪:‬‬
‫‪ ‬اإلسالم كما قلت أول من فرق بين المقاتلين وغير المقاتلين ‪ ,‬وقضى أال يقتل إال من يقاتل وهللا سبحانه وتعالى يقول في‬
‫يل َّ ِ‬
‫َّللا الَّذِينَ ُي َقاتِلُو َن ُك ْم َوال َت ْع َتدُوا ‪‬وتعاليم اإلسالم بعدم التعرض لغير المقاتلين واضحة‬ ‫محكم التنزيل ‪َ  :‬و َقاتِلُوا فِي َ‬
‫س ِب ِ‬
‫في ذلك ‪ ,‬فالحرب في اإلسالم لم تشرع إلزهاق األرواح ‪ ,‬وإنما شرعت لدفع العدوان ‪ ,‬وتأمين الدعوة لدين هللا ‪ ,‬ومنع‬
‫الظلم والفساد في البالد ‪ ,‬فأحكام اإلسالم تقضي تجنيب المدنيين ويالت الحرب وشرورها ‪.‬‬
‫‪ ‬وكان ‪ ‬إذا جهز جيشا ً أو سرية قال ‪( :‬انطلقوا باسم َّللا وعلى ملة رسول َّللا ‪ ‬ال تقتلوا شيخا ً فانيا ً ‪ ،‬وال طفالً‬
‫صغيراً وال امرأة)‪ ,‬ووجد الرسول ‪ ‬في غزوة امرأة مقتولة فنهى عن قتل النساء والصبيان‪ ,‬وفي رواية قال ‪ :‬هذه ما كانت‬
‫لتقاتل وأرسل رجالً إلى خالد وكان على المقدمة وقال ‪( :‬قل لخالد ال تقتلن امرأة وال عسيفا ً) – أي أجيراً ‪ , -‬وفي رواية‬
‫ابن ماجة قال الرسول ‪( ‬ال تقتلن ذرية وال عسيفا ً)‪.‬‬
‫‪‬وحذر الرسول ‪ ‬من خالف فقتل صغيراً أو كبيراً فقال ‪( :‬من قتل صغيراً أو كبيراً أو أحرق نخالً أو قطـع شجرة‬
‫مثمـرة أو ذبح شاة إلهابها لم يرجع كفافا ً) ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫‪‬وهذا ما سار على هديه الصحابة رضوان هللا عليهم أجمعين ‪ ,‬فقد أوصى أبو بكر رضي هللا عنه أحد قادته إلى الشام ‪ :‬إنك ستجد‬
‫قوم زعموا أنهم حبسوا أنفسهم هلل ‪ ,‬فدعهـم وما حبسوا أنفسهم له ‪ ,‬وإني موصيك بعشر ‪" :‬ال تقتلن امرأة وال صبيا ً و ال كبيراً هرما ً ‪،‬‬
‫وال تقطعن شجراً مثمراً وال تخربن عامراً ‪ ،‬وال تعقـرن شـاة أو بعيراً إال لمأكلة ‪ ،‬وال تحرقن نخالً وال تغرقنه ‪ ،‬وال تغلل وال تجبن" ‪.‬‬

‫‪‬وهذه تعليمات عمر بن الخطاب للمجاهدين ‪" :‬ال تغلوا وال تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا وليداً واتقوا َّللا في الفالحين الذين ال‬
‫ينصبون لكم الحرب" ‪ .‬واتفق جمهور الفقهاء على أن النساء والصبيان إذا قاتلوا قتلوا وهو قول مالك والليث وأبي حنيفة والثوري‬
‫واألوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور والحسن البصري ‪ ,‬أما الشيوخ والرهبان فال يقتلون عند مالك واألوزاعي وأجاز‬
‫الشافعي في أحد قوليه قتلهم واحتج بأن الرسول ‪ ‬أمر بقتل دريد بن الصمة يوم حنين ‪ ,‬وأجمعوا على أن من قاتل من الشيوخ يقتل ‪,‬‬
‫وعند محمد بن الحسن إن أعان بالرأي يقتل ألن المعونة بالرأي أشد من كثير من القتـال‪ ,‬إذ أن الرأي من أعظـم المعونة في الحرب‬
‫وعليه المعول في كسب الحروب ‪.‬‬

‫‪‬وإذا ما وقعوا في األسر فحكمهم حكم األسرى ‪ ,‬إال أن المجنون والمعتوه بعد األسر ال يقتلون ‪ ,‬ألن قتلهم في ساحات القتال كان‬
‫لدفع شرهم وبعد األسر يُقتل األسير عقوبة له وهؤالء ليسوا من أهل العقوبة فال يقتلون ‪ ,‬ويقاس على غير المقاتلين كل من التزم جانب‬
‫السالم فيحرم قتاله ما دام أن العلـة في النهي عن قتال () النساء والصبيان والرهبان ونحوهم هي عدم القتال منهم والحكم يدور مع علته‬
‫وجوداً أو عدما ً كالفالحين واألجراء والعبيـد والتجـار فهؤالء إذا لم يقاتلـوا أو يعينـوا على قتال ال يقتلون وال يتعرض لهم ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية المدنيين ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫ويجـوز قتل غير المقاتلة للضرورة ‪ ،‬والضرورات تبيح المحظورات وذلك في حالتين ‪:‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى ‪ :‬عدم تمكن المسلمين من الوصول إلى المقاتلين كأن يتحصنوا بالمدن ‪ ,‬ففي هذه الحالة جاز ضرب المدن‬
‫دون أن يقصد بذلك المدنيين ‪ ,‬فالرسول ‪ ‬نصب المنجنيق على أهل الطائف وهو يعلم أن فيهم النساء والصبيان والعجزة‬
‫وغيرهم ممن ال يجوز قتلهم ‪.‬‬

‫‪‬الحالة الثانية ‪ :‬إذا تترس المقاتلون بمن ال يجوز قتلهم كتترس المشركين بالمسلمين أو األطفـال والنساء والشيوخ من‬
‫المشركين ‪ ,‬جاز ضرب من تترس به المشـركين قاصـداً ضرب األعداء المقاتلين ‪ ,‬حتى ال يتخذ الترس وسيلة للظهور‬
‫على المسلمين ‪.‬‬

‫‪‬وفي هاتين الحالتين ال يقصد بالضرب بالذات من ال يجوز قتاله في نية وعزم المقاتل ‪ ,‬ألنه إذا تعـذر التمييز بين‬
‫المقاتلين وغيرهـم فعالً ‪ ,‬فلقد أمكن قصـداً ‪ ,‬والطاعـة بحسـب الطاقة ‪ ,‬وال يلجأ إلى ذلك إال عند الحاجة أو الضرورة ‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬حمايـة األعيــان المدنيــــة والثقافيــــة وأماكـن العبـــــــادة في القانون اإلنساني ‪:‬‬
‫‪ ‬قلنا من المبادئ األساسية للقانون اإلنساني التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين ‪ ,‬وهذا ما أضافه البروتوكول األول في مادة (‪)48‬‬
‫حيث نص على وجوب التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين واألعيان المدنية والمنشآت العسكرية وحظـر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو‬
‫تعطيل األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ‪.‬‬
‫‪‬وهذه األعيـان تشـمل كـل ما يلزم لبقاء السكان المدنيين ‪ ,‬كالمواد الغذائيـة بشتى أنواعهـا واألراضي والمحاصيل الزراعية المنتجة‬
‫كمراع ‪ ,‬ومرافـق الشـرب وشبكاتهـا وغيرها مما هو ضروري لحيـاة السكان المدنيين ‪ ,‬وال يجوز أن تكون هذه‬ ‫ٍ‬ ‫للغذاء أو المستخدمة‬
‫األعيان والمواد محالً لهجمات الردع من قبل الخصم ‪.‬‬
‫‪‬وتنص المادة (‪ )53‬من البروتوكـول األول علـى حظـر ارتكاب أي عمل ضـد اآلثـار التاريخيـة أو األعمال الفنية أو أماكن العبادة‬
‫باعتبارها تشكل زاداً روحيا ً للسكان المدنيين ‪ ,‬وتشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب بل تعد تراثا ً لإلنسانية كلها ‪ ,‬وحظرت المادة‬
‫نفسها استخدام هذه األعيان في أي مجهود حربي أو اتخاذها محالً لهجمات الردع من أطراف النزاع ‪.‬‬
‫‪‬وعلى الرغم من هذه النصوص فإن الواقع العملي من خالل النزاعات المسلحة يشهد بخالف ذلك خاصة من الدول الموقعة على‬
‫اتفاقيات جنيف وملحقاتها ‪ ,‬ونجد المساجد ُتستهدف واألعيان المدنية ُتستهدف كما حدث من إسرائيل عندما أغارت على محطة‬
‫الكهرباء اللبنانية وتركت الشعب في ظالم دامس ناهيك عما سُمي بعناقيد الغضب الذي لم يستهدف إال تدمير األعيان المدنية اللبنانية ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬حماية المدنيين واألعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة‬

‫ثانيا ً ‪ :‬حماية األعيان المدنية والثقافية وأماكن العبادة في اإلسالم ‪:‬‬


‫‪ ‬الحرب في اإلسالم لم تكن يوما ً ما حرب تدمير ‪ ,‬إنما هي حرب تعمير فليس من أهداف الحرب في اإلسالم التخريب والتدمير لكل‬
‫ما له صلة بالحرب كاألعيـان المدنيـة والثقافية وأماكن العبادة وغيرها من األعيان المدنية ألن هذا يعد ضربا ً من الفساد في البالد نهى‬
‫ض ُم ْفسِ دِينَ ‪‬وإن الفسـاد في األرض ليس من شـيم المؤمنين وأتبـاع الديانـات السماوية‬ ‫عنه الشرع فقال سبحانه ‪َ  :‬وال َت ْع َث ْوا فِي ْاألَ ْر ِ‬
‫‪ ,‬وإنما هو ديدن الذين يجحدون الرساالت ‪ ,‬ويعادون المؤمنين من الكفـار والمنافقين ‪ ,‬وإن كانـوا يدعـون اإلصالح في األرض فإن هللا‬
‫صلِ ُحونَ * أَال إِ َّن ُه ْم ُه ُم ا ْل ُم ْفسِ دُونَ َولَكِنْ‬ ‫أخبر أنهم هـم المفسـدون فقـال سبحانـه ‪َ  :‬وإِ َذا قِيل َ لَ ُه ْم ال ُت ْفسِ دُوا فِي ْاألَ ْر ِ‬
‫ض َقالُوا إِ َّن َما َن ْحنُ ُم ْ‬
‫ال َي ْ‬
‫ش ُع ُرونَ ‪. ‬‬
‫‪ ‬ووصية أبي بكر رضي هللا تعالى عنه واضحة في النهي عن تخريب العمران وإتالف األعيان التي ال غنى عنها لحياة اإلنسان إذ‬
‫قال رضي هللا عنه (وال تقطعـن شجراً مثمـراً ‪ ،‬وال تخربن عامراً وال تعقرن شاة وال بعيراً إال لمأكلة وال تحرقن نخالً وال تغرقنه) ‪.‬‬
‫‪‬وهذا يشمل جميع األعيان سواء أكانت مدنية أم ثقافية أو أماكن عبادة فيجب تجنيب هذه األعيان األعمال العسكرية ودعمها ‪ ,‬أو أن‬
‫تكون محالً لهجمات الردع من أطراف النزاع ‪.‬‬
‫‪‬ويكفي أن نشير إلى أماكن العبادة لغير المسلمين على مر التاريخ اإلسالمي لم تكن يوما ً هدفا ً عسكريا ً للمسلمين بالهدم أو التدمير أو‬
‫المصادرة بل إن التاريخ يشهد أن هذه األماكن تركت ألصحابها ‪ ,‬ورد المصادر منها ‪ ,‬فهذا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه لم يصل‬
‫في كنيسة القيامة عندما تسلم مفاتيح القدس ؛ ألنه يعلم أن الصالة فيها يتضمن مصادرة لها وتحويلها مسجداً من قبل المسلمين ‪ ,‬فلم‬
‫يصادر ولم يترك للمسلمين من سبيل على أهل الذمة ‪ ,‬وبقيت شاهدة على صنيع عمر رضي هللا عنه إلى يومنا هذا ‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫حماية الجرحى والمرضى والغرقى‬
‫والموتى والمفقودين‬

‫وفيه مبحثان ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حماية الموتى والمفقودين ‪.‬‬
‫الفصل الرابع ‪:‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى والموتى والمفقودين‬
‫المبحث األول ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى ‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى في القانون اإلنساني ‪:‬‬
‫‪ ‬الحماية المقررة للجرحى والمرضى والغرقى في اتفاقيات جنيف تشمل األشخاص الذين حددتهم المادة الثالثة من‬
‫االتفاقية الثانية المشار إليها سابقا ً في النزاعات الدولية وغير الدولية وتنص المادة (‪ )12‬من االتفاقية الثانية على أنه ‪ :‬يجب‬
‫في جميع األحوال احترام وحماية الجرحى والمرضى والغرقى ممن يكونون في البحر من أفراد القوات المسلحة وغيرهم‬
‫من األشخاص المشار إليهم في المادة التالية (‪ )13‬أيا ً كان سبب الغرق بما في ذلك حاالت الهبوط االضطراري للطائرات‬
‫على الماء أو السقوط في البحر ‪.‬‬
‫‪ ‬وتوجب االتفاقية على طرف النزاع الذي يكون تحت سلطته الجرحى والمرضى والغرقى معاملتهم معاملة إنسانية‬
‫والعناية بهم دون أي تمييز على أساس الجنس أو العنصر أو الجنسية أو الدين أو اآلراء السياسية أو أي معايير مماثلة‬
‫أخرى ‪ .‬ويحظر بشدة أي اعتداء على حياتهم أو استعمال العنف معهم ويجب على األخص عدم قتلهم أو إبادتهم أو‬
‫تعريضهم للتعذيب أو لتجارب خاصة بعلم الحياة أو تركهم عمداً دون عالج أو رعاية طبية أو خلق ظروف تعرضهم‬
‫لمخاطر العدوى باألمراض أو تلوث الجروح وتتقرر األولوية في نظام العالج على أساس الدواعي الطبية العاجلة وتعامل‬
‫النساء – الجرحى والمرضى والغرقى – بكل االعتبار الواجب إزاء جنسهن ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى ‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬وتنص المادة الثالثة من االتفاقية الثانية على أن األشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو االحتجاز‬
‫أو ألي سبب آخر ‪ ,‬يعاملون في جميع األحوال معاملـة إنسـانية دون أي تمييز ضـار يقوم على العنصر أو اللون أو الدين‬
‫أو المعتقـد أو الجنس أو المولـد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر ‪ ,‬وتنص نفس المادة في بند (‪ )2‬على أن جميع الجرحى‬
‫والمرضى والغرقى يعتنى بهم ‪.‬‬
‫‪‬وينص البروتوكول الثاني الملحق باتفاقيات جنيف الصادرة سنة ‪ 1977‬علـى الحماية المقررة للجرحى والمرضى‬
‫والمنكوبين في البحار في المواد (‪ )12-7‬على وجوب احترامهم وحمايتهم حتى ولو لم يشتركوا في النزاع المسلح وأن‬
‫يعاملوا معاملة إنسانية ‪ ,‬وأن يلقوا في الحال العناية الطبية الالزمة دون أي تمييز ‪ ,‬ووجوب البحث عنهم بعد أي اشتباك ‪,‬‬
‫وتجميعهم كلما سمحت الظـروف بذلـك وحمايتهم من السلب والنهب وتأمين الرعاية الكاملة لهم ‪.‬‬

‫‪‬وطبقا ً لهذه النصوص يمكن إجمال حقوق هذه الفئة على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬معاملتهم معاملة إنسانية دون أي تمييز ألي سبب ‪.‬‬
‫‪ -2‬العناية بهم طبيا ً ومنع إجراء األبحاث العلمية عليهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم االعتداء عليهم أو تعريضهم لخطر الموت أو لخطر العدوى والتلوث ‪.‬‬
‫‪ -4‬حمايتهم من أي اعتداء يقع عليهم ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى ‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ثانيا ً ‪ :‬معاملة الجرحى والمرضى والغرقى في الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬


‫‪ ‬قلنا إن اإلسالم قضى بعدم التعرض لغير المقاتلين ‪ ,‬وفئة الجرحى والمرضى والغرقى الذي لم يعودوا قادرين على‬
‫مباشرة القتال أو اإلعانة عليه حكمهـم حكـم من لم يقاتل من النساء والولدان والشيوخ والفالحين ‪ ,‬يجـب حمايتهـم من القتل‬
‫أو تعريضهم للموت أو األخطار كعدوى المرض أو تلوث الجروح ‪.‬‬
‫‪‬ومبادئ الرحمة والكرامة اإلنسانية واألخوة والفضيلة التي أقرها اإلسالم توجب حماية الجرحى والمرضى والغرقى‬
‫ومعاملتهم معاملة إنسانية وعدم تعذيبهم بتركهم يعانون آالم جروحهم وأمراضهم ‪ ,‬خاصة وأن هذه الفئة من المقاتلين لم‬
‫يعودوا قادرين على القتال ووقعوا في قبضة المسلمين فحكمهم حكم األسير تشملهم وصية الرسول ‪ ‬باإلحسان إلى األسرى‬
‫‪ ,‬واإلسالم نهى عن تعذيب األصحاء فضالً عن الجرحى والمرضى والغرقى وحذر من هـذا المسـلك فأخبر ‪ : ‬أن هللا‬
‫يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا ‪.‬‬
‫‪‬هذا باإلضافة إلى أن الحرب في اإلسالم اقتضتها الضرورة ‪ ,‬والضرورة تقدر بقدرها ‪ ,‬فإذا زال خطر هؤالء فإن‬
‫الضرورة تزول فيتعين حمايتهم وعدم اإلجهاز عليهم أو تعذيبهم ‪ ,‬خاصة وأن قتلهم أو تعذيبهم أو انتهاك إنسانيتهم ال يحقـق‬
‫أيـة ميزة عسكرية ‪ ,‬بل يعتبر نوعا ً من اإلفساد وإلحاق الضرر بالغير بال مسوغ أو مبرر ‪ ,‬وهـو ما يتنافى مع روح‬
‫التشريع اإلسالمي ومبادئه العامة ‪.‬‬
‫‪‬والرسول ‪ ‬بعد فتح مكة وأظفره هللا بهم لم يتعرض ألحد من أهلها بسوء في نفس أو مال ثم نادى مناديه ‪ : ‬أال‬
‫يجهزن على جرح ‪ ,‬وال يتبعن مدبر‪ ,‬وال يقتلن أسير‪ ,‬ومن أغلق بابه فهو آمن‪ ,‬وهذه تعليمات عامة تشمل الحروب‬
‫والنزاعات الدولية وغير الدولية ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى ‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪‬والرسول ‪ ‬بعد فتح مكة وأظفره هللا بهم لم يتعرض ألحد من أهلها بسوء في نفس أو مال ثم نادى مناديه ‪ : ‬أال‬
‫يجهزن على جرح ‪ ,‬وال يتبعن مدبر‪ ,‬وال يقتلن أسير‪ ,‬ومن أغلق بابه فهو آمن‪ ,‬وهذه تعليمات عامة تشمل الحروب‬
‫والنزاعات الدولية وغير الدولية ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال علي بن أبي طالب رضي هللا عنه يوم الجمل ‪ :‬إذا ظهرتم على القوم فال تطلبوا مدبراً وال تجهزوا على جريح ‪,‬‬
‫وتعليمات الصحابة بشأن النزاعات الداخلية امتداد لهدي النبي ‪. ‬‬
‫‪ ‬وعليه فإن أحكام الشريعة ومبادئها العامة ال تمنع من االنضمام على اتفاقيات دولية خاصة بحماية الجرحى والمرضى‬
‫والغرقى من القتل والتعذيب والتعريض للمخاطر ‪ ,‬سواء كان النزاع مسلح دوليا ً أم داخليا ً ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الموتى والمفقودين‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أوالً ‪ :‬حماية الموتى والمفقودين في القانون اإلنساني ‪:‬‬


‫‪ -1‬حماية الموتى ‪:‬‬

‫‪‬يوجب القانون الدولي اإلنساني على أطراف النزاع احترام جثث األشخاص الذين توفوا بسبب األعمال العسكرية في بلد ليسوا هم‬
‫من رعاياه ومن ماتوا بسبب االحتالل ‪ ,‬أو أثناء اعتقالهم الناجم عن االحتالل أو األعمال العسكرية ‪.‬‬
‫‪‬وتوجب أن يتم دفن الموتى باحترام ووفقا ً لشعائر دينهم ما أمكن ‪ ,‬وفي مقابر خاصة بهم ‪ ,‬وكل جثة على حدة بقدر اإلمكان ‪ ,‬وأن‬
‫تكون واضحـة المعالم حتى يسهل التعرف عليها ‪ ,‬ونقلها أو نقل رفاتها إلى بلد المنشأ الحقا ً ‪.‬‬
‫‪‬ويتعين على أطراف النزاع عند بدء األعمال العدائية تشكيل إدارة تكون مهمتها تسجيل المعلومات الشخصية الخاصة بتحقيق هوية‬
‫الموفى بدقة وإرسـالها إلى وكالـة األبحاث التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر عن طريق مكتب المعلومات الوطني ‪ ,‬وعن طريقـه يتم‬
‫تبادل شهادات الوفاة وقوائم الموتى ‪.‬‬
‫‪‬وأكد البروتوكول األول سنة ‪ 1977‬في المادة (‪ )34‬على تسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم ‪ ,‬ومساعدة‬
‫أسر الموتى وممثلي الدوائر الرسمية المعنية بتسجيل القبور في الوصول على مدافن الموتى ‪ ,‬وأكد على حماية المقابر وصيانتها بصفة‬
‫مستمرة ‪ ,‬وحظر على الطرف الذي تقع في أرضه المدافن ‪ ,‬إخراج رفـات الميت إال بعد إبالغ دولة المتوفى بنيته في إخراج الجثة‬
‫وإعطاء إيضاح عن الموقع الذي ينوى إعادة الدفن فيه ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الموتى والمفقودين‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أوالً ‪ :‬حماية الموتى والمفقودين في القانون اإلنساني ‪:‬‬


‫‪ -2‬حماية المفقودين ‪:‬‬

‫‪‬تنص المادة (‪ )33‬من البروتوكول األول سنة ‪ 1977‬على أنه يتعين علـى كـل طـرف من أطراف النزاع بمجرد أن تسمح له‬
‫الظروف بذلك ‪ -‬في موعد ال يتجاوز انتهاء األعمال العدائية – أن يقوم بالبحث عن األشخاص الذين أخطره خصمه بفقدهـم‬

‫‪ ‬وعليه أن يبلغ جميع المعلومات التي توفرت لديه عنهم إلى دولتهـم مباشـرة أو عن طريق الدولة الحامية ‪ ,‬أو الوكالة المركزية‬
‫للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب األحمر أو الجمعيات الوطنية للهالل األحمر أو الصليب األحمر‬

‫‪ ‬وفي حال إبالغ هذه المعلومات عن غير طريق اللجنة الدولية للصليب األحمر ووكاالتها المركزية للبحث عن المفقودين ‪ ,‬يزود‬
‫كل طرف من أطراف النزاع الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين بهذه المعلومات ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الموتى والمفقودين‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ثانيا ً ‪ :‬حماية الموتى والمفقودين في الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬


‫‪ -1‬حماية الموتى ‪:‬‬

‫‪‬اإلنسان في اإلسالم محل تكريم حيا ً وميتا ً ‪ ,‬فال يجوز المساس باألموات بالتمثيل بهم ‪ ,‬وإن مثل األعداء بموتى المسلمين‬
‫‪ ,‬ووصايا الرسول ‪ ‬بعدم التمثيل كثيرة سبق ذكرها ‪ ,‬وعندما عزم ‪ ‬أن يمثل بسبعين من األعداء كما مثلـوا بحمزة عمه‬
‫اص ِب ْر‬
‫اب ِرينَ * َو ْ‬
‫ص ِ‬ ‫‪ ‬نزل قول الحق سبحانه وتعالى ‪َ  :‬وإِنْ َعا َق ْب ُت ْم َف َعاقِ ُبوا ِب ِم ْث ِل َما ُعوقِ ْب ُت ْم ِب ِه َولَئِنْ َ‬
‫ص َب ْر ُت ْم لَ ُه َو َخ ْي ٌر لِل َّ‬
‫ض ْي ٍق ِم َّما َي ْم ُك ُرونَ ‪‬فقال ‪ : ‬نصبر وال نعاقب ‪ ,‬وأمسك عما أراد من‬ ‫ص ْب ُر َك إِ َّال ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َوال َت ْح َزنْ َعلَ ْي ِه ْم َوال َت ُك فِي َ‬ ‫َو َما َ‬
‫التمثيل بهم و َك َّفر عن يمينه ‪.‬‬
‫‪‬ومن تكريم الموتى الذي أمر اإلسالم به دفن جثث الموتى فال يتركون لجوارح الطير وسباع الوحوش ألن هذا يتنافى‬
‫وتكريم هللا لإلنسان ‪ ,‬ولما عجز ابن آدم عن دفن أخيه أرسل هللا له غرابا ً يعلمه كيف يواري جثة أخيه ‪ ,‬ومعنى هذا أن‬
‫الميت يجب أن يوارى الثرى وإال لما أرسل هللا سبحانه وتعالى الطير يعلم ابن آدم كيف يواري الميت ‪.‬‬
‫‪‬وروى الدار قطني عن عمر بن عبد هللا بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيـه قال ‪ :‬سمعت معلى بن مرة يقول ‪ :‬سافرت مع‬
‫رسول هللا ‪ ‬غير مرة فما رأيتـه يمر بجيفـة إنسـان فيجاوزها حتى يأمر بدفنها وال يسأل أمسلم هو أم كافر ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الموتى والمفقودين‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تابع حماية الموتى ‪:‬‬

‫‪‬وعليه فإنه يتعين دفن جثث العدو ‪ ,‬ومراعاة البيانات الخاصة بشخصيته حتى يمكن االستدالل عليها بما يتفق وقواعد‬
‫جنيف السابق اإلشارة إليها ‪ ,‬وال يمنع اإلسالم من مساعدة األعداء في التعرف على موتاهم ونقلهم إلى ديارهم ودفنهم ‪ .‬هذا‬
‫بالنسبة لموتى غير المسلمين ‪ ,‬أما إذا كان القتلى من المسلمين كقتلى البغاة الخارجين على األمان فإن جمهور الفقهاء على‬
‫أنهم يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم ويدفنون ويتمتعون بكافة حقوق وضمانات موتى المسلمين التي يقررها اإلسالم ‪,‬‬
‫والرسول ‪ ‬قال ‪ :‬والصالة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الموتى والمفقودين‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -2‬حماية المفقودين ‪:‬‬


‫‪ ‬المفقـود هـو الذي لم يعـرف مصيره هل هو حي أم ميت ‪ ,‬أسير أم غير أسير ‪ ,‬جريح أم غير جريح ‪ ,‬واإلسالم يوجـب‬
‫على قائد الجيش تفقد جنده في المعركة وبعد المعركة ‪ ,‬والتعرف على أحوالهم ‪ ,‬والرسول ‪ ‬بعد انتهـاء المعركة في أحد‬
‫أخذ بنفسه يتفقد أصحابه ليعرف من هو الحي ومن الميت ومن الجريح ‪ ,‬ووقف ‪ ‬بنفسه أمام جثمان عمه حمزة ‪ ,‬وكلف‬
‫أصحابه بالبحث عن الصحابة الذين حضروا المعركة لمعرفة مصير كل منهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وفعل الرسول ‪ ‬في مقام الحاجة بيان وتشريع ‪ ,‬فيجب على الحاكم أن يسعى لمعرفة مصير كل فرد من أفراد جيشه‬
‫ولو بتبادل المعلومات مع العدو مباشرة وعن طريق طرف آخر محايد ‪ ,‬إذ ال ضرر في ذلك إنما الضرر في ترك السعي‬
‫لمعرفة مصير جنده ‪ ,‬ما دام العدو ملتزم بالبحث ‪ ,‬وبتبادل المعلومات بشأن المفقودين من المسلمين في اإلقليم الذي يسيطر‬
‫عليه ‪ ,‬فال يوجد ما يمنع ومعاملة بالمثل من أن تقـوم الدولـة اإلسالمية بالبحث عن المفقودين من جنود األعداء في إقليم‬
‫الدولة اإلسالمية ‪.‬‬

You might also like