Professional Documents
Culture Documents
Article Ed8 3
Article Ed8 3
الملخص
تعد النزاعات المسلحة غير الدولية من النزاعات القديمة التي عرفها القانون الدولي ,فقد تميزت
ه ذه النزاع ات بالط ابع المأس اوي نتيج ة انتش ار العن ف واألس لحة فيه ا واالنتهاك ات الخط يرة للمب ادئ
األساس ية للق انون ال دولي اإلنس اني ,وم ع ذل ك ج اء ه ذا األخ ير بتنظيم مح دود وقاص ر ال يكفي لض مان
151
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
الحماية القانونية الدولية الالزمة والمساعدة اإلنسانية لضحايا هذا النوع من النزاعات ,خصوص ًا إذا ما
نظرنا إلى التنظيم الدولي الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية.
أما فيما يتعلق بالقواعد المتعلقة بوسائل القتال وأساليبه ,نجد ان القانون الدولي اإلنساني قد نظم
بش كل واض ح وص ريح معظم القواع د المتعلق ة بوس ائل القت ال وأس اليبه أثن اء النزاع ات المس لحة غ ير
الدولية ,على الرغم من خلو المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام 1949والبروتوكول
اإلض افي الث اني لع ام 1977من األحك ام ال تي تتعل ق بوس ائل القت ال وأس اليبه ,إال ان المش رع ال دولي
ت دارك ه ذا النقص عام 1990عن دما أص در اإلعالن المتعل ق بتس يير األعم ال العدائي ة أثن اء النزاعات
المس لحة غ ير الدولي ة ,فق د احت وى ه ذا األخ ير على العدي د من المب ادئ ذات األهمي ة من أبرزه ا مب دأ
التمييز بين المدنيين والمقاتلين ,كما تضمن جانب من القواعد المتعلقة بحظر بعض األسلحة أو تقيدها
أثناء القتال.
في حين بقي البعض اآلخ ر كقاع دة عرفي ة آم رة تس ري أثن اء نش وب ه ذا الن وع من النزاع ات
المسلحة وتلتزم أطراف النزاع المسلح باحترامها ,فالتحديات التي تواجه النزاعات المسلحة غير الدولية
والتي تفرضها بعض وسائل القتال وأساليبه تسري أيضا على النزاعات المسلحة الدولية نتيجة لوجود
بعض الغم وض في تنظيم ه ذه الوس ائل الس يما في م ا يتعل ق باس تخدام بعض األس لحة وخصوص ا
األسلحة التقليدية ,كاألسلحة النووية مثًال.
المقدمة
يتضمن القانون الدولي اإلنساني بعض االتفاقيات الدولية التي تهدف إلى تنظيم األعمال العدائية
,واستخدام أدوات ووسائل القتال (قانون الهاي) ,حيث توجد العديد من القواعد الدولية التي تحكم سير
وإ دارة العمليات العدائية ,فهناك بعض األحكام التي تحد من استخدام وسائل وأساليب معينة أثناء
152
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
النزاعات المسلحة ,سواء كان ذلك بحظر اللجوء إلى أساليب محددة في القتال أو حظر أو تقييد
استخدام أنواع معينة من األسلحة ,ويأتي تكريس هذه القواعد في قانون النزاعات المسلحة تطبيقًا لمبدأ
قانون الحرب الذي يقيد من سلطة أطراف النزاع في اختيار وسائل األضرار بالعدو.
وتهدف القواعد المتعلقة بالحد من وسائل القتال وأساليبه ,إلى تنظيم سير األعمال العدائية
ومراعاة مقتضيات الضرورات العسكرية في المقام األول ,وإ ذا كانت هذه القواعد تجد أساسها
القانوني بشكل مباشر في اتفاقيات الهاي ,إال إن قانون جنيف أخذ بالعديد من هذه القواعد خصوصا
في نطاق البروتوكولين اإلضافيين لعام ,1977فبعد اتساع دائرة المحظورات والقيود التي يفرضها
قانون النزاعات المسلحة على حق أطراف النزاع المسلح واختيار وسائل القتال وأساليبه ,أصبح مجال
تطبيق هذه القواعد التي تتضمن تلك القيود والمحظورات من المجاالت األساسية للقانون الدولي
اإلنساني.
وقد أوردت األحكام المتعلقة بالنزاعات المسلحة الدولية ,القواعد التي تلزم أطراف النزاع
المسلح بضرورة اتخاذ جميع االحتياطات الالزمة عند اختيار وسائل القتال وأساليبه (المادة )57من
البروتوكول اإلضافي األول لعام , 1977وعلى العكس من ذلك بالنسبة لألحكام المنظمة للنزاعات
المسلحة غير الدولية ,إذ لم تتضمن األحكام المنظمة لهذا النوع من النزاعات أي إشارة صريحة
لواجب اتخاذ االحتياطات الالزمة.
وعلى الرغم من االهتمام المحدود بالنزاعات المسلحة غير الدولية ,وضيق التنظيم القانوني
الدولي لها مقارنًة بالنزاعات المسلحة الدولية ,إال إن معظم القواعد المتعلقة بالحد من وسائل القتال
وأساليبه هي في األصل قواعد عرفية ,وعادة ما تتميز هذه األخيرة بأنها قواعد عامة ومرنة تطبق
على جميع النزاعات المسلحة.
وتعد مسألة تنظيم الحد من وسائل القتال وأساليبه من المواضيع المهمة ,فإذا كان القانون الدولي
اإلنساني جاء لغرض الحماية اإلنسانية بالدرجة األولى ,فيجب أن يقيد حق أطراف النزاع المسلح من
خالل تحريم استخدام الوسائل واألساليب التي تخلف آثارًا تخرج عن إطار اإلنسانية ,أي بتعبير أخر
أن تكون أحكام هذا القانون ذات طبيعة وقائية تهدف إلى حماية اإلنسان وتجنبه مخاطر العمليات
العدائية التي ال يمكن تداركها ومعالجتها فيما لو وقعت.
153
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ولتسليط الضوء على القواعد واألحكام المتعلقة بوسائل القتال وأساليبه أثناء النزاعات المسلحة
غير الدولية ,سنتناول هذا الموضوع من خالل مبحثين وكاالتي-:
المبحث األول -:النزاعات المسلحة غير الدولية والمبادئ األساسية في القتال.
المبحث الثاني -:أساليب القتال وقواعد الحظر والتقييد لألسلحة المستخدمة.
المبحث األول
النزاعات المسلحة غير الدولية والمبادئ األساسية في القتال
من المعلوم ان المبادئ األساسية التي تنظم قواعد القتال وسلوكه تسري على أي نزاع مسلح ,
وبغض النظ ر عن طبيع ة ذل ك ال نزاع المس لح س واء ك ان دولي أم غ ير دولي ,وس نحاول دراس ة ه ذا
المبحث من خالل مطلبين ,نتناول في المطلب األول مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية ,ون بين في
المطلب الثاني المبادئ األساسية المتعلقة بقواعد القتال وسلوكه.
المطلب األول
مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية
إن البحث في مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية ,يتضمن الكثير من التفاصيل واألمور التي
تحتاج إلى بحث مطول ,خصوصًا إذا ما تطرقنا إلى موقف الفقه والقضاء الدوليين من هذا
154
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
الموضوع ,وسنحاول بيان مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية في ضوء ما ورد في االتفاقيات
الدولية فقط ,إذ توجد ثالث مفاهيم محددة للنزاع المسلح غير الدولي وردت في االتفاقيات الدولية ,لذا
سنقسم هذا المطلب إلى ثالثة فروع ,نتناول في الفرع األول مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية في
ظل المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام ,1949ونتطرق في الفرع الثاني إلى مفهوم
النزاعات المسلحة غير الدولية طبقًا للبروتوكول اإلضافي الثاني لعام , 1977ونكرس الفرع الثالث
لبيان مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية وفقًا لنظام روما األساسي لعام .1998
الفرع األول
مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية في ظل المادة الثالثة المشتركة
لعل من أبرز ما ورّد في اتفاقيات جنيف لعام , 1949هو إخضاع النزاعات المسلحة غير
الدولية للقانون الدولي بشكل رسمي ,وذلك بموجب المادة الثالثة المشتركة لتلك االتفاقيات( .)1فقد شكل
المؤتمر الدبلوماسي لعام 1949الخطوة األولى للدول في مجال معالجة مشكلة النزاعات المسلحة غير
الدولية ,من خالل وضع تشريع دولي قابل للتطبيق على هذه النزاعات ,إال إن هذه المادة لم تبين
صراحًة المقصود بالنزاعات المسلحة غير الدولية لكي تنطبق عليها أحكامها.
و يالحظ على هذه المادة بأنها لم تأخذ بالمصطلحات المستخدمة في ظل القانون الدولي التقليدي
,للتعبير عن النزاعات المسلحة الداخلية ,كالحرب األهلية ,والثورة ,والتمرد ,وإ نما جاءت بمصطلح
جديد لتطبق أحكامها عليه وهو مصطلح "النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي" ,من دون أن
تضع له تعريفًا واضحًا ومحددًا ,وإ نما اكتفت بذكر صفته غير الدولية ,والدائر في أراضي أحد
األطراف السامية المتعاقدة( , )2إذ تنص المادة المذكورة على أنه (في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع
دولي ,في أراضي احد اإلطراف السامية المتعاقدة ,يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى
األحكام التالية.)......
)?(1يقصد بتعبير المادة الثالثة المشتركة أنها وردت في كل اتفاقيات جنيف األربع المبرمة في عام 1949
إذ وردت في االتفاقية األولى والثانية والثالثة والرابعة وبنفس الشكل والمضمون.
155
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ويرى البعض ,إن المؤتمرين في جنيف عندما ذهبوا إلى تبني مصطلح النزاعات المسلحة
غير الدولية ,كانوا يقصدون بذلك الحرب األهلية بمعناها الفني الدقيق ,التي بمناسبتها يبلغ التمرد
أقصى ذروته ومنتهاه من جهة تفتيت الوحدة الوطنية داخل الدولة التي أندلع فيها التمرد ,مما يعني إن
التنظيم الدولي بموجب المادة الثالثة المشتركة ,أنصرف إلى الحرب األهلية دون غيرها من صور
النزاعات المسلحة غير الدولية األخرى(.)3
وقد اقترحت اللجنة الدولية للصليب األحمر ,بعض المعايير الموضوعية في محاولة منها
إليجاد تعريف محدد للنزاع المسلح غير الدولي ,يمكن أن تنطبق عليه اتفاقيات جنيف األربع لعام
1949وتتلخص هذه المعايير باالتي-:
أ -أن يملك الطرف المتمرد قوة عسكرية منظمة ,وسلطة مسئولة عن أعمالها ,تعمل على جزء من
اإلقليم ولديها القدرة على احترام أحكام اتفاقيات جنيف األربع.
ب -أن تكون الحكومة الشرعية مضطرة الستدعاء جيشها المنظم لمحاربة المتمردين.
ت -أن تكون قد اعترفت للمتمردين بصفة المحاربين ,وأن تدعي أنها في حالة حرب.
ث -إذا كان النزاع قد أدرج في جدول أعمال مجلس األمن أو الجمعية العامة لألمم المتحدة ,على انه
يهدد السلم واألمن الدوليين ,أو يشكل حالة العدوان.
ج -أن يكون للمتمردين نظام تتوافر فيه بعض خصائص الدولة( , )4إال إن المؤتمر الدبلوماسي لم يتمكن
من وضع تعريف مقبول للنزاع المسلح غير الدولي(.)5
وفي ظل غياب تعريف النزاعات المسلحة غير الدولية بموجب المادة الثالثة المشتركة ,بسبب
عدم اتفاق أعضاء المؤتمر الدبلوماسي لعام 1949على ذلك ,أصبح هذا األمر موضع اهتمام اللجان
والمؤتمرات الدولية ,لذلك أعيد النظر في موضوع النزاعات المسلحة غير الدولية من جديد في
المؤتمر الدبلوماسي المنعقد من عام ,1977-1974الذي انتهى إلى وضع البروتوكولين اإلضافيين
األول والثاني لعام 1977وما يهمنا ضمن موضوع البحث اإلشارة إلى البروتوكول اإلضافي الثاني(.)6
د .حازم محمد عتلم ,قانون النزاعات المسلحة الدولية ,المدخل -النطاق الزماني ,دار النهضة العربية ,الطبعة الثانية ))3
,القاهرة , 2002,ص.166
شريف عتلم ,محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ,اللجنة الدولية للصلب األحمر ,الطبعة ,الخامسة )?(2
, 2005,ص , 38وينظر أيضا احمد غازي فخري الهرمزي ,المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا
السابقة ,رسالة ماجستير ,كلية القانون ,جامعة بابل , 1997 ,ص.55
156
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
الفرع الثاني
مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية طبقًا للبروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977
حاول المؤتمر الدبلوماسي لعام ,1977-1974أن يعالج النقص الوارد في المادة الثالثة
المشتركة ,والمتمثل بغياب تعريف النزاعات المسلحة غير الدولية ,لذلك جاء البروتوكول اإلضافي
الثاني الذي يتمم ويكمل المادة الثالثة المشتركة بوصفه نتاجًا لسعًي جاد للتعريف بهذا النوع من
النزاعات المسلحة ,وقد نص بشكل صريح على تعريف النزاعات المسلحة غير الدولية ,بأنها
(النزاعات التي تدور على إقليم احد األطراف السامية المتعاقدة ,بين قواته المسلحة وقوات مسلحة
منشقة ,أو جماعات نظامية مسلحة أخرى ,وتمارس تحت قيادة مسئولة على جزء من اإلقليم من
السيطرة ,ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة ,وتستطيع تنفيذ هذا البروتوكول)(.)7
ويالحظ إن البروتوكول المذكور ,قد عرف النزاعات المسلحة غير الدولية من ناحية ايجابية ,
بأنها ليست نزاعات دولية أو بين الدول ,وأنها نزاعات مسلحة تدور في إقليم احد األطراف المتعاقدة
(.)8
والحقيقة أن البروتوكول اإلضافي الثاني ,قد ضيق من مفهوم النزاع المسلح غير الدولي
مقارنة مع المفهوم الوارد في المادة الثالثة المشتركة ,خصوصًا عندما أشترط عنصر الرقابة
اإلقليمية ,إلى جانب اشتراطِه كون الدولة طرفًا في ذلك النزاع ,وهي الشروط الكالسيكية نفسها التي
أخذ بها القانون الدولي التقليدي( ,)9مما يعني أنه أقتصر على تنظيم صورة واحدة من صور النزاعات
المسلحة غير الدولية ,وهي الحرب األهلية بمعناها الفني الدقيق ,وبالتالي فأن النزاعات التي تدور
بين مجموعتين أو أكثر من الجماعات المتمردة ,ال تعد على وفق هذا البروتوكول نزاعات مسلحة
غير دولية ,حتى وان استوفت العناصر المذكورة في أعاله(.)10
وعلى الرغم من أهمية هذا التعريف ,إال انه لم يعالج جميع المشاكل التي أثارتها المادة
الثالثة ,المشتركة لألسباب التي ذكرناها ,وهي(السيطرة على جزء من اإلقليم ,وكون الحكومة القائمة
طرف في النزاع) ,لذلك لم يكن هذا التعريف محل اتفاق بين كثير من الدول التي ساهمت في وضع
هذا البروتوكول ,كما انه يعد السبب في عزوف العديد من الدول عن القبول بوصفها أطرافًا في هذا
البروتوكول ,والتزمت فقط بأحكام المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام ,1949وهذا ما
157
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
أكدته بعض الوفود المشاركة في المؤتمر الدبلوماسي , 1977-1974ومنها الوفد التركي الذي قال
بأن هذا البروتوكول ,وأن كان يطور ويكمل المادة الثالثة المشتركة ,ويعطي وصفًا دقيقًا للنزاع
المسلح غير الدولي ,إال أنه مع ذلك ال يغطي جميع األشكال التي تتخذها النزاعات المسلحة غير
الدولية(.)11
وفي ضوء ما سبق ,يتضح لنا أن مصطلح النزاعات المسلحة غير الدولية الوارد في المادة (
)1/1من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ,1977مرادف لمصطلح الحرب األهلية بمعناها الفني
الدقيق ,لذا فهو مصطلح ضيق جدا.
الفرع الثالث
مفهوم النزاعات المسلحة غير الدولية وفقا لنظام روما األساسي لعام 1998
عند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما األساسي ,واجهت الدول األطراف في
هذا النظام مشكلة تحديد مفهوم النزاع المسلح غير الدولي ,وقد ابتعدت األطراف المشاركة في معاهدة
روما كثيرًا عن المفهوم الذي جاء به البروتوكول اإلضافي الثاني لعام , 1977وتبنت مفهوم أخر
,وذلك في المادة (/8/2و) مشابه للتعريف الذي وضعته المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة
()12
من النظام األساسي لمحكمة روما بنصها ( ....المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد
صراع مسلح متطاول األجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة ,أو فيما بين هذه
الجماعات)(.)13
المطلب الثاني
المبادئ األساسية المتعلقة بقواعد القتال وسلوكه
158
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
كان القانون الدولي التقليدي الذي يسلم بحق الدولة المطلق في شن الحرب يقوم على أساس إن
,أقتضى ضرورة تقييد ()14
"الضرورة العسكرية ترجح قواعد الحرب" ,إال إن تطور أساليب القتال
حرية المتحاربين في اختيار وسائل إلحاق األذى ,بالخصم عن طريق وضع قيود عديدة على سلوك
أطراف النزاع أثناء العمليات القتالية ,من أجل تخفيف المعاناة واآلالم التي تخلفها النزاعات المسلحة
سواء كانت دولية أم غير دولية ,التي يعاني منها المدنيين والعسكريين على حٍد سواء(.)15
وتعد اتفاقيتي الهاي لعامي 1899و , 1907أول محاولة لوضع قانون ملزم يقيد حرية أطراف
النزاع المسلح في اختيار وسائل القتال وأساليبه ,فقد أوردت المادة ( )22من اتفاقية الهاي لعام
1907المبدأ الذي يقيد حرية المحاربين في اختيار وسائل األضرار بالخصم بنصها (ليس للمتحاربين
حق مطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو) ,كما ورد هذا المبدأ في البروتوكول اإلضافي
األول لعام 1977وتحديدا في المادة ( )35/1منه(.)16
وتشكل هذه القواعد بمجموعها سواء كانت عرفية أم اتفاقية ,المبادئ األساسية التي يقوم عليها
القانون الدولي اإلنساني ,وهي في الحقيقة نتاج تسويَة بين مبدأين متعارضين وهما مبدأ اإلنسانية
ومبدأ الضرورة العسكرية ,ويحكم هذين المبدأين مبدأ ثالث يعمل على التوفيق بين تلك االعتبارات
اإلنسانية والضرورة العسكرية وهو مبدأ التناسب ,وهذا ما سنحاول بيانه من خالل ثالثة فروع
كاآلتي:
الفرع األول
مبدأ اإلنسانية
يقتضي هذا المبدأ توفير حماية خاصة لإلنسان ,فيلزم إطراف النزاع المسلح بالكف عن كل ما
هو دون الضرورة العسكرية ,ويدعو إلى تجنب أعمال القسوة والوحشية في القتال ,خصوصا إذا كان
استعمال هذه األساليب ال تجدي في تحقيق الهدف من الحرب وهو تحقيق النصر وهزيمة العدو ,فقتل
الجرحى أو األسرى أو االعتداء على النساء واألطفال أو على المدنيين غير المشاركين في األعمال
القتالية بوجه عام كلها أمور تخرج عن إطار أهداف الحرب ,ومن ثم تعد أعمال غير إنسانية(.)17
وعادة ما يميز هذا المبدأ قانون حماية ضحايا النزاعات المسلحة ,وذلك الن مبدأ الضرورة
العسكرية ,ال يمكن أن يسوغ القضاء على من لم يعد قادرا على حمل السالح ومواصلة القتال ,أو من
ال يشارك فيه أصال( ,)18وقد قامت اتفاقيات جنيف لعام 1949على أساس االلتزام بتوفير المعاملة
159
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
اإلنسانية لألشخاص المحميين ,وأوجبت أن يحكم هذا المبدأ أطراف النزاع المسلح بوصف ذلك حدًا
أدنى من جهة سلوك القتال والوسائل المستخدمة فيه ,وهذا ما أخذ به البروتوكول اإلضافي األول لعام
.)19(1977
كما أخذ قانون النزاعات المسلحة غير الدولية بهذا المبدأ و أكده ,إذ ألزم أطراف النزاع المسلح
غير الدولي أن يعاملوا األشخاص المحميين في جميع األحوال معاملة إنسانية من دون أي تمييز
مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة أو أي
معيار مماثل أخر(.)20
الفرع الثاني
مبدأ الضرورة العسكرية
يعد هذا المبدأ ,من أهم المبادئ األساسية التي قام عليها القانون الدولي اإلنساني ,ويقصد
بمبدأ الضرورة العسكرية بشكل عام ,هو التزام أطراف النزاع المسلح باستخدام القوة الضرورية
لتحقيق هدف القتال الذي يتمثل بشل قوة الخصم واالنتصار عليه ,ومن ثم فإن كل استخدام للقوة
المسلحة يتجاوز تحقيق الهدف من القتال يصبح دون مسوغ من مسوغات الضرورة العسكرية ,ومن
,فهذا المبدأ يدور في إطار فكرة تتمثل في إن استخدام أساليب القوة ()21
ثم يعد عمال غير مشروع
والعنف والخداع في الحرب ,تقف عند قهر العدو وتحقيق الهدف من الحرب وهو االنتصار على
العدو ,وال يجوز للطرف المنتصر االستمرار والتمادي في مواصلة األعمال العدائية ضد الطرف
األخر(.)22
وال يمكن األخذ بهذا المبدأ بشكل مطلق ,فقد وضع القانون الدولي اإلنساني حدودًا له ,إذ لم
ُي جز الدفع بوجود ضرورة عسكرية لتسويغ القيام بفعل محظور ,كتدمير األعيان والمواد التي ال غنى
عنها لبقاء السكان المدنيين أو مهاجمة األهداف التي تحتوي على قوى خطرة حتى إذا كانت هدفًا
عسكريًا في بعض األحيان(.)23
160
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ويدخل هذا األمر في ضمن واجبات القادة العسكريين في الميدان ,فهم ُم لزمون بالعمل على
منع انتهاك القانون الدولي اإلنساني ,ومما ال شك فيه إن تجاوز حالة الضرورة العسكرية يشكل
انتهاكًا لهذا القانون ,فإذا كان عمل القادة العسكريين في الميدان يقتصر بشكل أساسي على هزيمة
العدو واالنتصار عليه ,إال إن هذا العمل مقيد بعدم تجاوز الحدود التي ال يقرها القانون الدولي
اإلنساني ومن ثم فهم ملزمون باتخاذ االحتياطات الالزمة لحصر الخسائر واإلضرار التي تلحق
بالمدنيين واألعيان المدنية في أضيق نطاق ممكن(.)24
وعلى الرغم من تباين أراء الفقهاء حول مشروعية العمليات العسكرية الحربية أو عدم
مشروعيتها تلك التي تقع في ظل قيام حالة الضرورة ( ,)25إال إننا نتفق مع االتجاه الذي يذهب إلى أنها
من المبادئ المهمة التي اخذ بها القانون الدولي اإلنساني ,ولكن يجب أن تقدر هذه الضرورة بقدرها
فال يجوز أن تتخذ ذريعًة لخرق قوانين الحرب و أعرافها ,ففي هذه الحالة تنتفي الغاية من وجودها
وتخرج من إطار األعمال المشروعة وتصبح عمال محظورًا.
فمبدأ الضرورة يعني عدم تجاوز مقتضيات الحرب ,وهي تحقيق النصر وإ ضعاف قدرة العدو
بالطرق و األساليب التي ال تخالف أي حكم من قوانين الحرب ,سواء كان هذا الحكم قد تقرر بموجب
قاعدة عرفية أو اتفاقية ,فمثال ال يجوز مهاجمة األهداف المدنية حتى لو كانت خالية من السكان
المدنيين لعدم وجود ضرورة تسوغ ذلك (.)26
وقد أخذت اتفاقيات جنيف لعام 1949بفكرة الضرورة العسكرية التي قد تمليها ظروف القتال
,وجعلت منها مسوغًا لبعض االنتهاكات الجسيمة ألحكامها ,فقد أشارت هذه االتفاقيات إلى أن تدمير
الممتلكات أو االستيالء عليها على نطاق واسع ُيعد انتهاكا جسيما لهذه االتفاقيات ما لم تبرره
الضرورات الحربية (.)27
كما أخذ قانون النزاعات المسلحة غير الدولية بمبدأ الضرورة العسكرية ,فقد أشارت المادة (
)15من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ,1977إلى حظر مهاجمة المنشآت المحتوية على قوى
خطرة حتى لو كانت أهدافًا عسكرية ,إذا كان من شان ذلك أن يلحق خسائر فادحة بالسكان المدنيين ,
كما حظرت المادة ( )17من البروتوكول ذاته الترحيل القسري للمدنيين ,ما لم تبرره الضرورات
العسكرية الملحة.
161
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وأخذ بهذا المبدأ أيضا اإلعالن المتعلق بتسيير األعمال العدائية أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية
لعام 1990في الفقرة ( )8منه ,التي تلزم أطراف النزاع باتخاذ تدابير احتياطية عند شن أي هجوم.
الفرع الثالث
مبــــــــدأ التناسب
يعد مبدأ التناسب ,أحد المبادئ الجوهرية التي يجب تطبيقها أثناء النزاعات المسلحة سواء
كانت دولية أم غير دولية ,ألنه يهدف إلى الحد أو التقليل من الخسائر و أوجه المعاناة المترتبة على
العمليات العسكرية سواء بالنسبة لألشخاص أو األشياء(.)28
ويعد هذا المبدأ من المسائل الدقيقة التي يصعب تحقيقها في بعض األحيان أثناء القتال وإ دارة
,إذ يحظر القانون الدولي اإلنساني الهجمات غير المتناسبة من أجل إنقاذ المدنيين ()29
العمليات الحربية
واألعيان المدنية من آثار الحرب بقدر اإلمكان.
ويقصد بالهجوم غير المتناسب ,بأنه (الهجوم الذي يتوقع منه أن يسبب خسائر في أرواح
المدنيين أو أصابتهم ,أو يلحق أضرارا باألعيان المدنية ,أو أن يجمع بين هذه الخسائر واألضرار
بشكل يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة).
()30
ويعتمد مبدأ التناسب على تحقيق التوازن بين أمرين جوهريين ,هما الميزة العسكرية المتوقعة
من أعمال القتال من جانب ,والخسائر التي تلحقها هذه العمليات بالمدنيين واألعيان المدنية من جانب
أخر ,ويشترط في الميزة العسكرية أن تكون متوقعة ,وتتحقق عادة من خالل السيطرة على جزء من
اإلقليم أو تدمير القوات العسكرية للعدو أو أضعافها ,كما يشترط فيها أن تكون "ملموسة ومباشرة" وقد
أشار النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ,1998إلى هذه الشروط بنصه (....بالقياس إلى
,بمعنى أن تكون هذه الميزة كبيرة مجمل الميزات العسكرية المتوقعة والملموسة والمباشرة)
()31
ومباشرة نسبيًا ,وال يجوز أن تكون محتملة الوقوع في المدى البعيد ,وبخالف ذلك نكون أمام مشكلة
عدم التناسب بين الخسائر واألضرار المدنية الواقعة من جانب والميزة العسكرية المتوقعة من جانب
آخر ,وهو ما يشكل انتهاكًا صارخا لمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي اإلنساني ,وفي حالة
حصول شك أو تردد في مسألة تحقق مبدأ التناسب أو عدم تحققه ,فيجب أن يفسر هذا الشك لمصلحة
162
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
السكان المدنيين والقول بعدم تحقيق التناسب ,ألن القانون الدولي اإلنساني يشترط دائما إعطاء
األولوية في االهتمام لمصلحة السكان المدنيين واألعيان المدنية ,وذلك ألنه حتى في الهجمات التي قد
تكون مشروعة وتستند إلى قاعدة التناسب وغيرها من المبادئ القانونية األخرى تتسبب في معاناة
رهيبة للمدنيين(. )32
وجدير بنا أن نذكر بأن مبدأ التناسب لم يرد في األحكام المنظمة للنزاعات المسلحة غير الدولية
بشكل صريح ,ال في المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام ,1949وال في البروتوكول
اإلضافي الثاني لعام 1977وانما ورد بشكل ضمني ,غير انه تم دمجه في نصوص أخرى تنطبق على
النزاعات المسلحة غير الدولية ,إذ ورد المبدأ المذكور في الفقرة ( )8من اإلعالن المتعلقة بتسيير
اإلعمال العدائية في النزاعات المسلحة غير الدولية الصادر عام .)33(1990
كما أخذ به النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ,الذي عد إن "تدمير ممتلكات العدو أو
االستيالء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو االستيالء ما تحتمه ضرورات الحرب ,في ضمن
االنتهاكات الجسيمة التي تعد من جرائم الحرب ,إذ يشير هذا النص إلى مفهوم الضرورة العسكرية
والى مبدأ التناسب التي ال يجوز الخروج عليها في النزاعات المسلحة غير الدولية(.)34
فضال عن ذلك ,ورد مبدأ التناسب في القانون الدولي العرفي الذي يطبق في النزاعات
المسلحة الدولية وغير الدولية ( ,)35لذا يمكن القول إن مبدأ التناسب يعد قاعدة عرفية تواتر على
تطبيقها أطراف النزاعات المسلحة ,واستقرت في ضمير الجماعة الدولية منذ القدم ,وهذا بحد ذاته
كفيل على توفير الحماية الدولية للمدنيين واألعيان المدنية ضد أخطار النزاعات المسلحة ,كما أشار
قانون الهاي إلى هذا المبدأ في نصوص عديدة ,فعلى سبيل المثال ورد مبدأ التناسب في البروتوكول
الثاني بشأن حظر أو تقييد استعمال األلغام واإلشراك والنبائط األخرى لعام ,1980حيث نصت
المادة ( )3/3منه على أن (يحظر استعمال العشوائي لألسلحة التي تنطبق عليها هذه المادة ,ويعد
استعماال عشوائيا أي نصت لمثل هذه األسلحة ,.......ج -يمكن أن يتوقع منه أن يودي عرضًا إلى
قتل مدنيين أو جرحهم أو إتالف أعيان مدنية أو إلى مزيج من ذلك على وجه يكون مفرطًا بالقياس
إلى الفائدة العسكرية الملموسة والمباشرة المنتظرة منه).
كما أخذ دليل سان ريمو بشأن القانون الدولي المنطق في النزاعات المسلحة في البحار الذي
أعد في المدة من عام ( )1994-1988بمبدأ التناسب إذ نص البند (/46ج) منه على انه (يجب
163
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
االمتناع عن شن أي هجوم إن كان من المتوقع أن يسبب خسائر أو أضرار عرضية مفرطة ,مقارنة
مع الفائدة العسكرية المباشرة والملموسة التي يرتقب جنيها)
وخالصة القول نرى انه يجب على األطراف في أي نزاع مسلح ,أن يلتزموا بقاعدة التوازن
بين االعتبارات اإلنسانية والضرورة العسكرية ,فإذا كانت األعمال العسكرية مشروعة من الناحية
القانونية من اجل إلحاق الهزيمة بالعدو وتحقيق النصر ,فإن هذه اإلعمال مقيدة بحدود معينة يجب أن
ال تتجاوزها بما يؤدي إلى إلحاق األذى بالمدنيين أو األضرار بهم ,فهذه األمور تعد محظورة بموجب
القانون الدولي اإلنساني ,لذلك فعلى األطراف المتحاربة أن ال يحدثوا من األذى على الخصم بما ال
يتناسب مع هدف القتال.
المبحث الثاني
أساليب القتال وقواعد الحظر والتقييد لألسلحة المستخدمة
نظم القانون الدولي اإلنساني القواعد المتعلقة بوسائل القتال وأساليبه ,وأورد عليها بعض القيود
التي يتعلق بعضها بأساليب القتال ويرد البعض اآلخر على األسلحة المستخدمة فيه ,ولبيان هذا
الموضوع وجدنا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ,نتناول في المطلب األول القيود المفروضة على
أساليب القتال ,ونتطرق في المطلب الثاني إلى القواعد المتعلقة بحظر أو تقييد بعض األسلحة أثناء
القتال.
المطلب الثالث
القيود المفروضة على أساليب القتال
164
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
إذا كان تنظيم وسائل القتال وأساليبه قد ورد بشكل أساسي في اتفاقيات الهاي لعامي (-1899
,)1907فإن هذه األخيرة تتضمن قواعد قليلة تتعلق بتنظيم أساليب الحرب ,مقارنة بالتطور الالحق
على اعتماد هذه االتفاقيات في مجال وسائل الحرب وطرق استخدامها ,لذلك ظهرت الحاجة إلى وضع
قواعد جديدة تتماشى مع التطور الحاصل في أساليب القتال ,وقد تضمنت اتفاقيات جنيف األربع لعام
1949والبروتوكوالن اإلضافيان لعام 1977األحكام التي تتعلق بتنظيم بعض وسائل القتال وأساليبه.
وسنحاول بيان القيود المفروضة على وسائل القتال وأساليبه الواردة في القواعد المنظمة
للنزاعات المسلحة غير الدولية ,بوصفها داخله في نطاق بحثنا ,وذلك من خالل أربعة فروع على النحو
األتي:
الفرع األول
التمييز بين المحاربين واألشخاص المدنيين
يعد مبدأ التمييز بين المحاربين والمدنيين ,من أهم القيود الواردة على وسائل القتال وأساليبه
المطبقة على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية ,ويلعب هذا المبدأ دورا أساسيا في الحد من آثار
النزاع المسلح العتبارات إنسانية ( ,)36وقد ورد هذا المبدأ ألول مرة في إعالن سان بطرسبرغ ,الذي
نص على إن الهدف المشروع الوحيد الذي يجب على الدول أن تسعى إلى تحقيقه أثناء الحرب ,هو
إضعاف القوات العسكرية ( ,)37كما ورد بشكل ضمني في الئحة الهاي لعام .)38(1907
وقد واجه تطبيق هذا المبدأ صعوبات كبيرة ,على الرغم من إن المادة ( )48من البروتوكول
اإلضافي األول لعام ,1977بينت أهمية التزام أطراف النزاع المسلح بهذه القاعدة من أجل تأمين
احترام السكان المدنيين واألعيان المدنية وحمايتهم من آثار القتال ,بسبب الغموض الذي يكتنفه
خصوصا عندما أصبحت الشعوب أطرافا في النزاعات الحديثة ,كما إن هنالك عوامل أخرى ساعدت
على انهيار هذا المبدأ ,منها على سبيل المثال زيادة عدد المقاتلين ,وتطور أساليب الحرب وفنونها ,
واستخدام الحرب االقتصادية ,وتزايد النزاعات لمسلحة (.)39
وإ ذا كان األمر كذلك فإن النزاعات المسلحة غير الدولية تمثل التحدي األكبر أمام تطبيق هذا
المبدأ ,وذلك بحكم طبيعة هذه النزاعات التي تدور بين طرفين احدهما على األقل ليس من أفراد
165
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
القوات المسلحة ,وال يرتدي زيا عسكريا لغرض التمييز ,كما في النزاعات المسلحة الدولية هذا من
جانب( ,)40ومن جانب آخر إن البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ,1977لم ينص صراحة على مبدأ
التمييز بين المقاتلين والمدنيين ,كما هو الحال بالنسبة للبروتوكول اإلضافي األول لعام ,1977إال إن
بعض مواد البروتوكول الثاني لعام 1977أشارت ضمنا إلى هذا المبدأ ,فمثال تحظر المادة ()13/2
من هذا البروتوكول جعل السكان المدنيين وكذلك األفراد المدنيين محال للهجوم ,كما تشير الفقرة
الثالثة من المادة ذاتها من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام , 1977وكذلك المادة الثالثة المشتركة
التفاقيات جنيف األربع لعام 1949إلى "حماية األشخاص الذين ال يشاركون مباشرة في األعمال
العدائية".
وهذا يعني إن شرط التمييز بين المقاتلين والمدنيين يسري على النزاعات المسلحة غير الدولية ,
وقد أكد اإلعالن الصادر عن المعهد الدولي للقانون الدولي اإلنساني عام 1990هذا المبدأ بشكل
صريح فقد جاء في ديباجته على "أن القواعد التالية تعتبر من قواعد القانون الدولي الوضعي الذي هو
في طور التكوين" وقد أشارت الفقرة األولى إلى إن "االلتزام بالتميز بين المحاربين واألشخاص
المدنيين ,هو قاعدة عامة تسري أثناء أي نزاع مسلح غير دولي ,وتحظر بخاصة الهجمات
العشوائية"(.)41
كما جاء النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998ببعض األحكام القانونية التي تتعلق
بالنزاعات المسلحة غير الدولية ,وقد أكد بعضها على وجوب التمييز بين المدنيين والمقاتلين(.)42
ولكن مع ذلك توجد بعض التحديات التي تواجه تطبيق مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين في
النزاعات المسلحة غير الدولية ,ومن أهمها هو كيفية التميز بينهما ,ففي النزاعات المسلحة الدولية
عادة ما يعرف المقاتلون من جهة مشروعية مشاركتهم في القتال من خالل كونهم أعضاء في القوات
المسلحة ,ويرتدون الزي العسكري للطرف الذي ينتمون إليه ,ولكن الوضع يختلف تمامًا بالنسبة
للنزاعات المسلحة الداخلية ألن أحد أطراف النزاع أو كالهما ال ينتمون إلى القوات المسلحة النظامية ,
وال يرتدون زيًا محددًا ,فما هو معيار التمييز إذًا بين المدنيين والمقاتلين؟
في الحقيقة يرى بعض الفقهاء إن معيار التمييز بين المقاتلين والمدنيين في النزاعات المسلحة
غير الدولية ,يتحدد من خالل المشاركة بصورة مباشرة في العمليات العدائية ,فالمقاتلون هم فقط
األشخاص الذين يكون لهم دور مباشر في العمليات القتالية ,ومن ثم يفقد المدنيون صفتهم هذه
166
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ويصبحون مقاتلين أو محاربين عندما يقومون بدور مباشر في العمليات القتالية ,ويفقدون الحماية
الدولية الممنوحة لهم ,وذلك أستناد إلى المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام 1949
والبروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977المادة ( ,)13/3إذ يعدان األشخاص الذين ال يشاركون
مباشرة في األعمال العدائية ,من طائفة المدنيين الذين يجب أن يتمتعوا بالحماية العامة من خطر
األعمال العدائية(.)43
وهذا يعني إن أطراف النزاع المسلح غير الدولي ملزمون بتطبيق هذا المبدأ ,وقد أكد القضاء
في نيجيريا ذلك في قضية رفعت أمام محكمة نيجيريا العليا ,وقررت بأنُه ال يجوز للمتمردين التظاهر
بأنهم مدنيون أثناء اشتراكهم في العمليات القتالية (.)44
ونقترح أن أفضل سبيل لهذا التمييز ,هو سلوك االتجاه نفسه الذي اخذ به البروتوكول اإلضافي
األول لعام 1977بالنسبة لمقاتلي حروب التحرير الوطني ,إذ اشترط "العالمة المميزة ,وحمل
السالح بشكل ظاهر" بوصفهما شرطين أساسين لتمييز المقاتلين ,بل نقترح إن يكون توافر أحد هذين
الشرطين يكفي لتمييز المقاتلين في النزاعات المسلحة غير الدولية ,وعلى األخص الشرط الثاني
المتمثل بحمل السالح بشكل ظاهر.
الفرع الثاني
حظر اللجوء إلى الغدر إثناء القتال مع جواز الحيل الحربية
لقد فرق القانون الدولي اإلنساني بين الغدر والحيل الحربية من جهة مشروعية كّل منهما أثناء
القتال ,فقد حظر األول وأجاز الثاني بوصفه وسيلة من وسائل القتال(.)45
والواقع أن هذه القاعدة الراسخة في قانون النزاعات المسلحة ليست قاعدة حديثة ,بل هي قاعدة
,إذ عدت ()46
قديمة العهد ,تستمد أصولها من قوانين الحرب وأعرافها قبل تجسيدها في الئحة الهاي
هذه األخيرة ,أن من بين المحظورات الواردة فيها على األخص "قتل أو جرح أفراد الدولة المعادية أو
الجيش المعادي باللجوء إلى الغدر"( ,)47وقد نص البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977على حظر
الغدر بوصفه أسلوبًا من أساليب القتال ,وذلك في المادة ( )37/1التي عرفت الغدر بأنه (األفعال التي
تستثير ثقة الخصم مع تعمد خيانة هذه الثقة ,وتدفع الخصم إلى االعتقاد بأن له الحق في الحماية ,وأن
عليه التزامًا بمنح الحماية طبقا لقواعد القانون الدولي المنطبقة في النزاعات المسلحة)(.)48
167
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ولم يرد في المادة الثالثة المشتركة وال في البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977نص صريح
يحرم اللجوء إلى الغدر أثناء القتال ,ولكن حرم إعالن المعهد الدولي للقانون اإلنساني لعام
1990الغدر بشكل صريح في الفقرة ( )4التي نصت على "حظر قتل أي شخص أو إصابته بجروح أو
اعتقاله باللجوء إلى الغدر هو قاعدة عامة تسري أثناء أي نزاع مسلح غير دولي.".....
هذا على خالف الحيل الحربية أو ما يسمى بالخداع أثناء الحرب ,فهي ليست محظورة وال تعد
من أفعال الغدر ,وقد أشار البعض إلى أن الحيل الحربية تعد من المبادئ المشتركة التي وردت في
ألنها ال تثير ثقة الخصم بقصد خيانته(.)50 قانون الهاي وقانون جنيف.
()49
,أو هي ويعرف البعض الخدع الحربية ,بأنها (األفعال التي يقصد بها تظليل العدو)
()51
(األعمال التي تستهدف إيقاع الخصم بالخطأ ,أو جعله يقوم بأفعال ليست حذرة ,ولكن بدون أن تخرق
أي قاعدة من قواعد القانون الدولي المنطبق في النزاعات المسلحة)(.)52
وُتمثل الخدع الحربية بوصفها أسلوبًا مباحًا في أثناء النزاعات المسلحة بأعمال عديدة ,مثل
"استخدام التمويه أو التظليل ,أو اإليهام أو الترويج لمعلومات خاطئة ,أو استخدام عنصر المفاجأة أو
الكمائن ,أو إصدار إشارات غير صحيحة للطائرات المعادية التي تهبط في إقليم العدو ,و غيرها من
األساليب األخرى"(.)53
وعلى الرغم من خلو البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977من أي حكم ينص صراحة على
إباحة الخدع الحربية بوصفها أسلوبًا من أساليب القتال ,إال إن هذه القاعدة وردت في كتيبات الدليل
العسكري التي تنطبق أو جرى تطبيقها في النزاعات المسلحة غير الدولية( ,)54وقد أقرت المحكمة
الدستورية في كولومبيا ضمنا بإمكانية تطبيق الخدع الحربية في النزاعات المسلحة غير الدولية ,وذلك
في الحكم الذي أصدرته عام , 1997عندما أشارت إلى أن استخدام التكتيك العسكري والخدع الحربية
,يجب أن يكون على وفق القواعد الدستورية(.)55
الفرع الثالث
حظر األمر بعدم إبقاء احد على قيد الحياة
يحظر القانون الدولي اإلنساني إدارة العمليات العدائية على أساس أعطاء األمر بعدم إبقاء احد
على قيد الحياة أو تهديد الخصم بذلك ,فهذا القانون وان كان يبيح استخدام الوسائل واألساليب
168
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
الضرورية لتحقيق الهدف من القتال في إطار مبدأ التناسب ,بما في ذلك قتل مقاتلي الطرف الخصم
طالما ظلوا قادرين على مواصلة القتال ,إال انه يحظر قتل األفراد (المقاتلين) الذين يعلنون عن نيتهم
باالستسالم بعد أن يلقوا السالح ويصبحون عاجزين عن القتال ,ومن ثم ال يجوز أن يكونوا هدفًا للقتال
,فهذه القاعدة تستهدف حماية المقاتلين العاجزين عن القتال ,بسبب استسالمهم و إلقائهم السالح
ووقوعهم في قبضة الخصم فعليا(.)56
فهذه القاعدة تعني أن الطرف الذي يصدر األمر بعدم إبقاء احد على قيد الحياة يعلن صراحة
انتهاكه للقواعد القانونية المتعلقة بأسرى الحرب ,التي ُتعد من أهم المبادئ التي أكدها القانون الدولي
اإلنساني( ,)57ومنعت أكثر القوانين واالتفاقيات الدولية األمر بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة ,فقد ورد
,كما تم حظره في دليل سان ريمو ()58
عليه الحظر في قانون ليبر وإ عالن بروكسل ودليل أكسد فورد
بشان القانون الدولي المطبق على النزاعات المسلحة في البحار(.)59
كما وردت هذه القاعدة في بعض االتفاقيات الحديثة للقانون الدولي اإلنساني ,منها مثال
البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الذي نص في المادة ( )40بشكل صريح على "حظر األمر
بعدم إبقاء احد على قيد الحياة أو تهديد الخصم بذلك ,أو أدارة العمليات العدائية على هذا األساس"(.)60
وعلى قدر ما يتعلق األمر بالنزاعات المسلحة غير الدولية ,أشار البروتوكول اإلضافي الثاني
لعام , 1977إلى حظر مبدأ إعطاء األمر بعدم إبقاء احد على قيد الحياة ,فقد نصت على ذلك المادة (
) 4/1التي جاءت تحت عنوان "الضمانات األساسية" بنصها (.....ويحظر األمر بعدم إبقاء احد على
قيد الحياة) ,كما اعتبر النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن "إعالن انه لن يبقى احد على قيد
الحياة" يعد من االنتهاكات الجسيمة التي تشكل جريمة حرب أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية(.)61
باإلضافة إلى ذلك تتضمن كتيبات الدليل العسكري المنطبقة أو التي جرى تطبيقها في النزاعات
فهذا العمل يشكل انتهاكا المسلحة غير الدولية ,حظر إعطاء أمر بعدم إبقاء احد على قيد الحياة.
()62
جسيما لجميع األحكام المنظمة للنزاعات المسلحة غير الدولية ,ألنه يؤدي إلى قتل األشخاص
العاجزين عن القتال(. )63
وقد أشارت اللجنة الدولية للصليب األحمر إلى مبدأ حظر األمر بعدم إبقاء احد على قيد الحياة ,
ففي أثناء النزاع المسلح الداخلي الذي وقع في انغوال عام 1992أطراف النزاع ( .....بوجوب
االمتناع دائما عن األمر بقتل جميع الباقين على قيد الحياة .)64().....
169
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
الفرع الرابع
حظر األعمال االنتقامية واآلالم التي ال مبرر لها
أكد القانون الدولي اإلنساني ,ضرورة تجنب األعمال االنتقامية في النزاعات المسلحة ,لذلك
استقر مبدأ حظر األعمال االنتقامية ضد األشخاص المحميين في القانون الدولي العرفي والتشريعي ,
وتعد األعمال االنتقامية التي تتخذ أثناء النزاع المسلح إجراءات استثنائية وغير مشروعة في ذاتها ,
يطبقها طرف في النزاع إلجبار الطرف األخر على احترام قانون النزاعات المسلحة(.)65
ويقصد باألعمال االنتقامية ,بأنها (إجراءات أكراه ,مخالفة للقواعد العادية للقانون الدولي ,
تتخذها دولة ما اثر أعمال غير مشروعة ارتكبتها ضدها دولة أخرى ,وتهدف إلى إجبار هذه األخيرة
بواسطة الضرر على احترام القانون الدولي)(.)66
وجاءت اتفاقيات جنيف األربع لعام 1949بأحكام تحرم األعمال االنتقامية بوصفها أسلوبًا من
,وقد حظر البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977األعمال االنتقامية بشكل صريح ()67
أساليب القتال
في مواضع عديدة( ,)68ولم يرد البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977ذكر األعمال االنتقامية بشكل
صريح ,إال أنه يمكن االستدالل على هذا المبدأ بشكل ضمني في الفقرة الثانية من اإلعالن المتعلق
بتسيير األعمال العدائية في النزاعات المسلحة غير الدولية لعام ,1990التي جاءت بحكم عام تحت
عنوان "حصانة السكان المدنيين"(.)69
أما مبدأ حظر اآلالم التي ال مبرر لها ,فُيعد من أبرز القيود التي ترد على حق األطراف
المتنازعة في اختيار وسائل القتال وأساليبه ,ويتمثل هذا المبدأ أساسَا في التزام األطراف المتحاربة
عند استخدامها أي وسائل أو أساليب قتالية ,باتخاذ العناية الواجبة واالحتياطات الالزمة من أجل
, حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية من اآلثار الضارة والمدمرة لهذه الوسائل أو تلك األساليب
()70
وقد عرفت محكمة العدل الدولية اآلالم الغير مبررة ,بأنها (الضرر الذي ال محيد عن أحداثه من أجل
تحقيق أهداف عسكرية مشروعة)(.)71
170
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وإ ذا كانت أكثر االتفاقيات واإلعالنات والقرارات الدولية قد نصت على حظر مبدأ اآلالم التي ال
مبرر لها ,إال إن هناك بعض الصعوبات الموضوعية التي تعترض تطبيق هذا المبدأ من الناحية
الواقعية ,و تكمن هذه الصعوبة في تحديد ماهية اآلالم التي ال مبرر لها ,التي يمكن الوصول إليها من
خالل التمييز بين القدر المتوقع أو المفترض تحمله من اآلالم الناشئة عن أعمال القتال وبين اآلالم التي
تتجاوز هذا النطاق ,ومن ثم تكون غير مبررة أو زائدة عن الحد المعقول والممكن تحمله.
كما أن هناك مشكلة أخرى ,تتمثل في أن أي آالم حتى ولو كانت ضئيلة تعد من وجهة نظر
الطرف المضار آالم ال مبرر لها ,ولهذا يجب األخذ بنظر االعتبار مبدأ الموازنة بين طبيعة وحجم
اآلالم التي لحقت بالطرف المعني ,وبين ما تفترضه مقتضيات الضرورة العسكرية ,وفضال عن ذلك
تؤدي االعتبارات والمصالح السياسية دورًا واسعًا في تحديد ما إذا كانت اآلالم الحاصلة ًتعد من نوع
اآلالم التي ال مبرر لها أم ال( ,)72ومع اختالف اآلراء حول كيفية التحديد فعليًا بأن وسيلًة أو أسلوبًا ما
يسبب إصابات أو أالما ال مبرر لها ,فإن الدول كافة ,تتفق على أن اآلالم التي ليس لها غرض
عسكري هي انتهاك لهذه القاعدة ,فهذه األخيرة تتطلب احتساب التوازن بين الضرورة العسكرية من
جهة واآلالم المتوقعة من جهة أخرى(.)73
وينطبق مبدأ حظر اآلالم التي ال مبرر لها في النزاعات المسلحة الدولية على النزاعات المسلحة
غير الدولية على الرغم من عدم النص عليه في المادة الثالثة المشتركة والبروتوكول اإلضافي الثاني
لعام , )74(1977وأن قابلية التطبيق في هذا النوع من النزاعات المسلحة مفروض ألسباب إنسانية
أولية.
ومع ذلك ورد حظر هذا المبدأ في اإلعالن المتعلق بتسيير األعمال العدائية في المنازعات
المسلحة غير الدولية لعام , 1990إذ جاءت الفقرة الثالثة بعنوان "حظر اآلالم التي ال داعي لها"
بنصها (حظر اآلالم التي ال داعي لها ,هو قاعدة عامة تسري أثناء أي نزاع مسلح غير دولي ,
وتحظر وبخاصة اللجوء إلى وسائل القتال التي تضاعف دون جدوى عذاب األشخاص العاجزين عن
القتال ,أو التي تجعل موتهم أمرًا محتومًا) ,هذا فضًال عن إدراج العديد من الدول هذه القاعدة في
كتيبات الدليل العسكري المطبقة أو التي جرى تطبيقها في النزاعات المسلحة غير الدولية ,كما
تضمنتها تشريعات دول عديدة(. )75
المطلب الرابع
171
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
حظر أو تقييد استعمال أسلحة معينة أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية
إن التنظيم القانوني الستخدام بعض األسلحة أثناء النزاعات المسلحة يتضمن نوعين من
القواعد ,نوع يقيد استخدام بعض األسلحة بينما يحظر النوع األخر بعض األسلحة ,ويستند هذا الحظر
والتقييد( ,)76إلى قواعد القانون الدولي اإلنساني والعرفي ,وذلك بالنظر إلى طبيعة اآلثار التي تترتب
عليها ,ألن األسلحة تختلف في مدى تأثيرها وما تخلفه من آالم وما تسببه من إصابات تبعا للغرض
الذي صنعت لتحقيقه ,والهدف الذي خصصت من أجل التعامل معه ,لذلك تم حظر بعضها بينما قيد
استعمال بعضها األخر ,بهدف حصر آثار النزاع المسلح بين المقاتلين واألهداف العسكرية فقط.
ويرد األساس القانوني لحظر استخدام بعض األسلحة أو تقييد استخدامها في النزاعات المسلحة
في قواعد قانونية عديدة ,فقد اخذ القانون الدولي أالتفاقي هذه القاعدة منذ صدور أول وثيقة قانونية
دولية مدونة ,تتمثل في إعالن "سان بطرسبرج" لعام 1868الذي يتعلق بحظر استعمال بعض القذائف
,وأن استخدام أي نوع من أنواع األسلحة لم ()77
في زمن الحرب التي ال يقل وزنها عن ( )400غرام
يذكر بشكل صريح في االتفاقيات الدولية ,فإنه يبقى خاضعا للمبدأ الذي ينص على أن "يظل المدنيون
والمقاتلون تحت حماية وسلطة مبادئ القانون الدولي العرفي ,ومبادئ اإلنسانية ,وما يمليه الضمير
العام " وذلك استنادا إلى شرط مارتنز( ,)78الذي أصبح جزًأ أساسيًا في كل من فرعي القانون الدولي
اإلنساني (قانون الهاي وقانون جنيف) ,وهذا يعني ان هذا الشرط األخير له دور مكمل لكل قواعد
القانون الدولي اإلنساني ,ومنها القواعد التي تحظر بعض األسلحة أو تقيد من استخدامها ,ألنه يندر
وجود اتفاقية دولية تحرم او تقيد استخدام سالح ما كاملة او غير ناقصة(.)79
وفي نطاق الحظر والقيود الواردة على استخدام األسلحة ,ال يوجد أي تمييز بين النزاعات
المسلحة الدولية وغير الدولية ,فإذا كانت المادة الثالثة المشتركة والبروتوكول اإلضافي الثاني لعام
,1977ال يتضمنان أي قاعدة تحظر بعض األسلحة ,إال أنها تكون محظورة بموجب العرف الدولي ,
ولكن مع ذلك ورد الحظر أثناء النزاعات المسلحة الداخلية في بعض االتفاقيات والوثائق الدولية التي
سنأتي على ذكرها ,هذا باإلضافة إلى أن الدول ال تملك عادة منظومة أسلحة عسكرية تختلف في
النزاعات المسلحة الدولية عنها في النزاعات المسلحة غير الدولية.
172
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وعدت العديد من الدول أن حظر األسلحة العشوائية( ,)80يستند إلى مبدأ وجوب التمييز بين
,وهذا مبدأ ورد في جميع االحكام ()81
المدنيين والمقاتلين ,وبين األعيان المدنية واألهداف العسكرية
التي تتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية أيضا .
وسنحاول أن نذكر على سبيل المثال بعض األسلحة العشوائية التي ورد عليها الحظر في
القواعد المنظمة للنزاعات المسلحة غير الدولية فيما يأتي:
173
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وقد ذكرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة في قضية تاديش عام 1995بهذا الحظر
,عندما أشارت إلى أن المجتمع الدولي أدان استخدام العراق لالسلحة الكيميائية ضد األكراد ,كما
ذكرت هذه المحكمة في نفس القضية أن هناك إجماعا عاما قد نشأ من المجتمع الدولي حول المبدأ الذي
يفيد بأن استخدام األسلحة الكيميائية محظور أيضا في النزاعات المسلحة الداخلية(.)86
كما ذكرت اللجنة الدولية للصليب االحمر اثناء النزاع المسلح في انغوال عام , 1949اطراف
النزاع المسلح بحظر استخدام االسلحة الكيميائية ,على الرغم من ان انغوال لم تكن طرفًا في اتفاقية
حظر االسلحة الكيميائية(.)87
وأشارت اللجنة الدولية للصليب االحمر أيضا ,إلى أن استخدام األسلحة – الكيميائية يشكل
انتهاكًا للحق في الحياة ,كما نصت عليه المادة ( )6من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام
,1966وقد استنكرت هذه اللجنة بشدة استخدام العراق لالسلحة الكيميائية في قرية حلبجة في منطقة
كردستان العراق في بيان صحفي رقم 1567الصادر في /13اذار 1988عندما قالت بأن (استعمال
األسلحة الكيميائية ضد العسكريين او المدنيين محرم في كل االوقات ألن القانون الدولي يمنعه منعا
باتا)( ,)88وهذا يعني أن هذا السالح محظور في كل النزاعات المسلحة أيًا كان نوعها دولية أم غير
دولية.
174
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وقد أشارت هذه االتفاقية ,إلى بيان االلتزام االساسي للدول االطراف بنصها (تتعهد كل دولة من
الدول االطراف في هذه االتفاقية ,بأن ال تتعمد أبدًا في أي ظرف من الظروف الى استحداث او انتاج
او تخزين ما يأتي ,أو اقتنائه أو حفظه على أي نحو اخر:
.1العوامل الجرثومية او العوامل البيولوجية االخرى او التكسينات ايا كان منشؤها او اسلوب إنتاجها ,
من األنواع وبالكميات التي ال تكون موجهه ألغراض الوقاية أو الحماية ,أو األغراض السلمية
األخرى.
.2األسلحة أو المعدات أو وسائل اإليصال الموجهة الستعمال تلك العوامل او التكسينات في األغراض
العدائية أو المنازعات المسلحة(.)91
وقدر تعلق األمر باالتفاقية المذكورة ,يمكن إيراد المالحظات التالية:
أوًال -:أنها لم تعرف هذا النوع من األسلحة أو األهداف التي يتعلق بها هذا الحظر ,وإ نما اكتفت
ببيان تفاصيل الحظر واآلليات التي يتم بها تدمير تلك األسلحة ,ومع ذلك عرف البعض هذا النوع من
األسلحة بأنها (كل سالح يشتمل على عامل حربي بيولوجي ويقوم بإيصاله وإ سقاطه وتوزيعه ونشره
على هيئة هباء او جسيمات من مادة سائلة او صلبة مجزأة تجزيئا دقيقا وموزعة من خالل احد
الغازات او الهواء ,وقد تستخدم الحشرات او الهواء او المياه الملوثة بالمرض)( ,)92كما يوجد تعريف
آخر للعوامل البيولوجية صدر عن منظمة الصحة العالمية والذي عرفته في تقريرها الصادر في عام
1970على أنها العوامل التي تتوقف آثارها على قدرتها عن التكاثر في الجسم المستهدف ,وتخصص
لالستعمال في حالة الحرب بغية إلحاق الموت أو المرض باإلنسان أو الحيوان أو النبات ,ومن
()93
المحتمل أن تكون األمراض التي تسببها معدية أو غير معدية.
ثانيًا -:أن الحظر الوارد في هذه االتفاقية حظر غير مطلق ,فالحظر ال ينطبق سوى على األنواع
والكميات التي ال تخصص ألغراض الوقاية أو الحماية أو ألي أغراض سلمية أخرى ,ووفقًا للشروح
المقدمة وقت المفاوضات ,يشمل مصطلح "الوقاية" األنشطة الطبية كالتشخيص والمعالجة ,في حين
يشمل مصطلح "الوقاية" استخدام أقنعة ومالبس حامية ,ونظم ترشيح الهواء والماء ,وأدوات الكشف
واإلنذار.
175
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
ثالثًا -:ال تشمل االتفاقية أعاله على أي حكم يقيد أنشطة البحث في المجال البيولوجي ,وربما
تمكينه ,ذلك في صعوبة التمييز بين أعمال البحث التي تجري ألغراض مدنية وتلك التي تباشر
ألغراض عسكرية ذات طابع دفاعي وهجومي على السواء.
()94
ويسري الحظر على استخدام هذا النوع من األسلحة في النزاعات المسلحة غير الدولية كما هو
الحال في النزاعات المسلحة الدولية ,إذ أن الدول ال تملك عادة منظومة أسلحة عسكرية تختلف في
النزاعات المسلحة الدولية عنها في النزاعات المسلحة غير الدولية(.)95
فضًال عن ذلك ورد الحظر على استخدام هذا النوع من األسلحة في النزاعات المسلحة غير
الدولية في اإلعالن الخاص بقواعد القانون الدولي اإلنساني المتعلق بتسيير االعمال العدائية في
المنازعات المسلحة غير الدولية لعام ,1990وتحديدا في الفقرة األولى من البند الثاني ,التي جاءت
بعنوان "األسلحة الكيميائية والبكتريولوجية" وكان نصها كاألتي {ينطبق اثناء أي نزاع مسلح غير دولي
الحظر العرفي الستعمال األسلحة الكيميائية ,كاألسلحة التي تتكون من عوامل خانقة واستعمال
األسلحة البكتريولوجيه (البيولوجية )}.
176
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
بآثار اختراق الجسم او النسف او االنشطار )( ,)103او هي (أي سالح او ذخائر يقصد بها في المقام
األول إشعال النار في األعيان ,او إصابة األشخاص بحروق بفعل اللهب او الحرارة او االثنين معا
177
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
كانون األول لعام 2001ليشمل النزاعات المسلحة غير الدولية(, )105لذلك فإن هذا السالح أصبح
محظورا في هذه النزاعات أيضا.
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول ,أن أي وسيلة من وسائل القتال تتعارض مع المبادئ اإلنسانية
الواردة في القانون الدولي اإلنساني سواء كان ذلك بطبيعتها أم باستخدامها ُتعد محظورة ,ويعد
استخدامها انتهاكا صريحا ألحكام القانون الدولي اإلنساني.
جديُر بنا أن نذكير بأنه توجد أنواع عديدة من األسلحة ال يسع المجال هنا لبيانها ,واقتصرنا
على ذكر بعض هذه األسلحة على سبيل المثال ال الحصر ,ووجدنا ان هذه األسلحة محظورة في
نطاق النزاعات المسلحة غير الدولية أيضا ,بموجب العرف الدولي واالتفاقيات الدولية ,فإذا كانت
القواعد المتعلقة بتسيير األعمال العدائية اثناء النزاعات المسلحة غير الدولية قد غفلت عن إيراد حكم
لحظر بعض األسلحة المستخدمة من جانب أطراف النزاع ,فهذا ال يعني ان استخدامه مباح ,وإ نما
يبقى محرما ويرد عليه الحظر والتجريم في قواعد القانون الدولي العرفي.
الخاتمة
بعد أن انتهينا من هذا البحث ,حاولنا قدر اإلمكان أن نتعرض لمجمل المسائل المتعلقة بدور
القانون الدولي اإلنساني في الحماية اإلنسانية ,وقد خلصنا من العرض السابق إلى بعض النتائج التي
ضمناها بعض التوصيات:
178
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
أوال :النتائج
على الرغم من إيراد تعريف للنزاعات المسلحة غير الدولية في البروتوكول .1
اإلضافي الثاني لعام , 1977إال إن هذا التعريف لم يكن محل اتفاق لدى كثير من فقهاء القانون
الدولي المعاصر ,وكذلك القضاء الدولي ,فقد اشترط هذا األخير لقيام النزاع المسلح غير الدولي
ضرورة قيام بعض المعايير األساسية التي تتمثل بآالتي :
ا -وجود نزاع مسلح ,يصل إلى درجة معينة من العنف والخطورة.
ب-أن يكون هذا النزاع المسلح مطوًال ,أي يشترط أن يستمر لمدة زمنية معينة.
ج -أن تكون الجماعات المتمردة على درجة كافية من التنظيم داخل صفوفها ,فاألفراد الذين يعملون
بشكل غير منظم أو منفرد من اجل القيام بأعمال عنف ال يعد نزاعًا مسلحًا غير دولي.
أن التنظيم الدولي للنزاعات المسلحة غير الدولية جاء محدودًا وقاصرًا .2
مقارنًة بالنزاعات المسلحة الدولية ,وقد انعكس هذا القصور بشكل سلبي على األحكام التي تنظم
وسائل القتال وأساليبه ,األمر الذي قد يغيب بعض المبادئ اإلنسانية خالل هذه النزاعات.
إن القانون الدولي اإلنساني قام على مبدأ اإلنسانية وقيده بمبدأ الضرورة .3
العسكرية ,ويعد المبدأ األول من المبادئ العامة بالقانون الدولي اإلنساني ويتعلق بحماية ضحايا
النزاعات المسلحة ,أما المبدأ الثاني فيمثل مبادئ خاصة يتعلق بظروف النزاعات المسلحة ,
ولتحقيق التوازن بين هذين المبدأين أوجد القانون الدولي اإلنساني مبدأ التناسب ,الذي يعد من أهم
مبادئ القانون الدولي اإلنساني ,كما أن تحقيق الحماية اإلنسانية أثناء النزاعات المسلحة يتطلب
ضرورة مراعاة االعتبارات اإلنسانية وتحديد الضرورة العسكرية بشكل دقيق ,وتعتبر هذه األخيرة
استثناء من األصل العام وهي الحماية اإلنسانية ال يمكن اللجوء إليها في كل الظروف.
إن األطراف المتحاربة ملزمة بمراعاة المبادئ األساسية التي تحكم وسائل .4
القتال وسلوكه أثناء النزاعات المسلحة ,وذلك من خالل التطبيق الصحيح لهذه المبادئ ,وخصوصًا
مبدأ التناسب الذي يعمل على التوفيق بين أهمية األهداف العسكرية المراد تدميرها ,واألضرار
الجانبية التي يمكن أن تترتب على ذلك الهجوم العسكري ,من اجل الحماية اإلنسانية للمدنيين.
إن اغلب القواعد المتعلقة بوسائل القتال وأساليبه أثناء النزاعات المسلحة هي .5
قواعد عرفية ,وقد منحت الطبيعة العرفية لهذه القواعد سعة في التطبيق في مختلف النزاعات
179
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
المسلحة ,حيث شملت النزاعات المسلحة غير الدولية التي لم تتطرق إليها اغلب قواعد القانون
الدولي اإلنساني التي اقتصر في العديد من اتفاقياته على النزاعات المسلحة الدولية.
أن اإلخالل بمبدأ التناسب يشكل جريمة حرب وفقا للنظام األساسي للمحكمة .6
الجنائية الدولية لعام , 1998وهذا يعتبر بحد ذاته تطور كبير في مجال حماية حقوق اإلنسان وإ نفاذ
القواعد القانونية القائمة عليه.
أن القانون الدولي اإلنساني قيد من حرية أطراف النزاع المسلح في استخدام .7
ما تريد من وسائل القتال وأساليبه ,من خالل الجزء األكبر من قواعده الذي يسعى إلى تنظيم
أسلوب استخدام القوة بين أطراف النزاع.
أن حظر األسلحة العشوائية في القانون الدولي اإلنساني يجد أساسه في .8
الئحة الهاي لعام ,1907التي تقضي بأن حق أطراف النزاع في اختيار وسائل القتال وأساليبه هو
حق مقيد ,وأن القيود التي أوردها القانون الدولي اإلنساني والخاصة باستخدام األسلحة ُتعد األساس
القانوني التي يستند أليها في اعتبار األسلحة العشوائية من ابرز األسلحة المحظورة أثناء النزاعات
المسلحة الدولية وغير الدولية.
أن القواعد التي تحكم وسائل القتال وأساليبه أثناء النزاعات المسلحة غير .9
الدولية ومن ضمنها القواعد الخاصة بحظر بعض األسلحة ,هي قواعد قائمة من الناحية النظرية
ولكنها بعيدة عن التطبيق الفعلي ,بسبب افتقار هذه القواعد إلى الوسيلة الفعالة التي تلزم أطراف
النزاع المسلح باحترامها وتطبيقها.
ثانيا :المقترحات
.1التشديد على أطراف النزاعات المسلحة الداخلية ,بضرورة مراعاة المبادئ اإلنسانية باعتبارها
قواعد قانونية ملزمة ,والسعي قدر اإلمكان على خلق التوازن بينها وبين الضرورة العسكرية بشكل
يمكن من خالله تحقيق أكبر قدر ممكن من الحماية اإلنسانية لضحايا هذه النزاعات.
.2ضرورة إلزام أطراف النزاع المسلح باحترام المبادئ األساسية للقانون الدولي اإلنساني ,ألنها
تهدف إلى حماية حقوق اإلنسان أثناء النزاعات المسلحة بصورة عامة ,عن طريق بيانها لوسائل
180
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
وأساليب القتال بما ال يتجاوز الضرورة العسكرية ,وإ قرارها أن لإلنسان حرمة مصونة ال يجوز
خرقها.
.3نوصي بضرورة وضع اتفاقيات دولية محددة وواضحة تنظم مسألة األعمال العدائية أثناء النزاعات
المسلحة بشكل عام ,ألن القواعد النافذة حاليًا بحاجة إلى تطوير وإ عادة نظر ,من أجل مواكبة
التطور الحاصل في مجال األسلحة الحديثة وتوسيع اإلمكانيات العسكرية للدول ,ازدادت معها
المخاطر التي يتعرض لها ضحايا النزاعات المسلحة.
.4ضرورة تطبيق قواعد المسؤولية الدولية أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية ,من أجل رصد
االنتهاكات الجسيمة ألحكام القانون الدولي اإلنساني المطبقة على هذه النزاعات المسلحة ,ونعتقد أن
أفضل سبيل لتطبق هذا األمر يكون من خالل أعطاء اللجنة الدولية للصليب األحمر الدور الفعال
في مراقبة تطبيق قواعد القانون الدولي اإلنساني أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية.
.5ضرورة إيراد الحظر المطلق على استخدام جميع األسلحة التي تترك آثارًا ضارة عند استخدامها ,
كاألسلحة العشوائية مثًال ,التي ال تميز بين المقاتلين وغير المقاتلين.
الهوامش
181
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
182
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
183
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
184
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
185
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
186
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
187
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
188
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
189
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
190
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
191
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
192
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
193
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
194
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
195
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
196
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
197
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
198
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
199
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
200
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
العدد الثاني /السنة الرابعة
201