Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
يحوز قانون الصفقات العمومية أهمية كبيرة في القانون اإلداري ،نظرا الحتوائه على
أحكام قانونية مميزة عن أحكام القانون الخاص ،إذ تتميز الصفقة العمومية بنفس مميزات
العقد اإلداري ،لكن المتمعن للمرسوم الرئاسي 15/247المتعلق بتنظيم الصفقات
العمومية خاصة المادة الثانية منه،يجد أن المشرع عند تعريفه للصفقة العمومية أكتفي
بوصفها بأنها عقود مكتوبة دون تحديد طبيعتها القانونية فيما إذا كانت تنمي إلى طائفة
العقود المدنية والتجارية ،أو إلى طائفة العقود اإلدارية ،خاصة وأن الحياة القضائية في
الجزائر عرفت االزدواجية منذ دستور .1996
من جهة أخرى اقتصر تنظيم الصفقات العمومية الحالي بخصوص تسوية نزاعات
الصفقات العمومية على المواد 153و154و ،155دون ذكر التفاصيل المتعلقة بالجهات
القضائية المختصة بالفصل في نزاعاتها بصفة صريحة]1[.وفي مواضع أخرى يحيل فض
المنازعة إلى القواعد العامة المعمول بها كما جاء في نص المادة 82من المرسوم
الرئاسي 15/247سالف الذكر ،كل هذا جعل النظام القانوني للصفقات العمومية يتوزع
بين النص العام ممثال في القانون 08/09المؤرخ في 15فبراير 2008المتضمن قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية من جهة،وبين النص الخاص ممثال في المرسوم الرئاسي
،15/247وهو أمر انعكس عن طبيعة المنازعة الناشئة عن الصفقة العمومية في حد
ذاتها لذا يتعين علينا بداية ضبط مفهوم لمنازعة الصفقات العمومية ثم محاولة إعطاء
تصنيف لها:
إن الفصل في "منازعات الصفقات العمومية " أمر متوقف على ضرورة ضبط مفهوم لها،
خاصة وأن هذا المصطلح يتشابه مع مصطلحات أخرى على غرار مصطلح "المنازعات
اإلدارية"،ومصطلح" منازعات العقود اإلدارية" خصوصا ،لذا سنحاول إيجاد تعريف
لمنازعات الصفقات العمومية ثم نحاول تمييزه عن باقي المنازعات التي تتشابه معها،من
خالل تسليط الضوء على جهود كل من التشريع والقضاء وكذا الفقه في محاولة إيجاد
تعريف لمنازعات الصفقات العمومية.
-1التعريف التشريعي:
باستقراء مواد المرسوم الرئاسي 15/247سالف الذكر وجدنا أن التشريع الجزائري،
وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة ،لم يتطرق إلى تعريف منازعات الصفقات
العمومية،وإ نما اكتفي باإلشارة إلى الطرق واإلجراءات المتبعة في تسويتها ،حيث جاء
ذلك في قسم فرعي مستقل تحت عنوان":التسوية الودية للنزاعات"،من خالل ثالث مواد
أساسية هي المواد 153،154و .155وهو ما سيتم التعرض إليه بكثير من التفصيل الحقا
في المحور الثاني من هذه المطبوعة.
ب-في النصوص القانونية العامة (ممثلة في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية) :
نجد أن الطابع اإلجرائي لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية يحتم عليه في العديد من
المواضيع\ عدم الخوض في إعطاء تعريفات لبعض المسائل القانونية.كذلك هو الحال
بالنسبة لمنازعات الصفقات العمومية ،والتي أشير إليها ضمنا بنص المادة 800من ق إم
إ المتعلقة باالختصاص القضائي بالنسبة ألشخاص القانون العام والتي تنص " :المحاكم
اإلدارية هي جهة الوالية العامة في المنازعات اإلدارية.
تختص بالفصل في أول درجة،بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة
أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها".
وعليه فإن كل النزاعات بها فيها منازعات الصفقات العمومية اختصاص القضاء اإلداري
هذا من جهة.من جهة أخرى،نص الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون اإلجراءات
المدنية و اإلدارية " في االستعجال"،ومن خالل المادتين 946و 947على اإلستعجال في
مادة إبرام العقود والصفقات العمومية[ ،]2وهي إشارة ثانية لمنازعات الصفقات العمومية.
وعليه فإن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أكتفي فقط باإلشارة إلى منازعات الصفقات
العمومية دون إعطاء تعريف لها.
-2التعريف القضائي:
اجتهد القضاء اإلداري كثيرا في مادة الصفقات العمومية،لكن اجتهاده لم يرق لدرجة
إعطاء تعريف لمنازعة الصفقات العمومية يسد به غياب التعريف التشريعي ،فقط أحاط
بجوانب كثيرة لهذا النوع من المنازعات ،على سبيل المثال أشار إلى معايير المعتمدة
لتحديد االختصاص القضائي لهذا النوع من المنازعات،كقرار محلى الدولة رقم 34786
الصادر بتاريخ 09/05/2007في قضية المؤسسة ذات المسؤولية المحددة أشغال
الغرب،ضد ديوان الترقية والتسيير العقاري لبشار الذي كرس المعيار المادي لتحديد
اختصاصالقاضي اإلداري في نزاع يتعلق بصفته عمومية]3[.
-3التعريف الفقهي:
لم يهتم الفقه اإلداري الجزائري بالبحث عن تعريف للمنازعة اإلدارية بقدر ما أهتم بإيجاد
تصنيفات لها ،فأغلب الفقهاء الجزائريين أمثال "عمار بوضياف" و"محمد الصغير بعلي"
وغيرهم لم يوردوا أي تعريف لهذا النوع من المنازعات ،فقط تطرقت األستاذة "دغبار
نورة" في مقال لها إلى تعريف وجيز وعرضي للمنازعات الصفقات العمومية جاء فيه :
"يقصد بالمنازعة في مجال الصفقات العمومية تلك التي تنشأ بين المصلحة المتعاقدة
والمتعامل المتعاقد بخصوص تفسير أو تنفيذ بنود الصفقة" وأضافت بعدها":أنها ال تشمل
المنازعات التي تكون النيابة العامة طرفا فيها والمتمثلة ،في قضايا الفساد في الصفقات
العمومية]4[.
أما الفقه الفرنسي فقد أبدىاهتماما بضرورة وضع تعريف لمنازعات الصفقات
العمومية.نذكر على سبيل المثال التعريف الذي قدمه"" "Xavier Boissyكسافي بواسي":
بأنها المنازعات المتعلقة بالمساس بالمبادئ التي تحكم إبرام الصفقات العمومية ،وهي مبدأ
مساواة المرشحين ،ومبدأ حرية الوصول إلى الطلب العمومي،ومبدأ\ الشفافية في إجراءات
إبرام الصفقات العمومية]5[.
نالحظ أن التعريف األول حصر المنازعة في مسائل التفسير والتنفيذ فقط في حين أن
المنازعة قد تنشأ حتى قبل عملية التنفيذ ،أما التعريف الثاني فأكد على المبادئ التي إذا تم
اإلخالل بها تنشأ المنازعة ،وبالجمع بين التعريفيين،وتداركا للنقائص التي تشوب كل منها
يمكننا اقتراح التعريف التالي":هي تلك المنازعة التي تنشأ بين المصلحة المتعاقدة
والمتعامل المتعاقد في أي مرحلة من مراحل الصفقة العمومية"
إن أهم المصطلحات التي تتشابه ومصطلح منازعات الصفقات العمومية هي مصطلح
"المنازعة اإلدارية"،وكذا مصطلح "منازعات العقود اإلدارية".
ال يمكننا تمييز مصطلح منازعات الصفقات العمومية عن مصطلح المنازعة اإلدارية إال
بعد إعطاء تعريف للمنازعة اإلدارية،وأمام كثره التعاريف وتنوعها سنستشهد فقط
بالتعريف الذي قدمه األستاذ رشيد خلوفي ،والذي جاء فيه":المنازعة اإلدارية هي كل
القضايا اإلدارية التي يعود النظر فيها للقاضي اإلداري الذي يطبق قواعد القانون
اإلداري]6[".
يظهر للوهلة األولى أن هناك تشابه كبير بين المنازعتين ،باعتبار أن كالهما يشكل ما
يسمى الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة ،لكنهما يختلفان من حيث أن كل منازعات
الصفقات العمومية ليست بالضرورة منازعات إدارية،ذلك أن بعض منازعاتها تخضع
للقانون العادي،هذا ألن نطاق المادة 06من المرسوم الرئاسي ،15/247أشمل من نطاق
المادة 800من ق إم إ ،وهو أمر ستناوله تفصيال عند التطرق إلى االختصاص
القضائي لمنازعات الصفقات العمومية ال حقا.
سبق وأن انتهينا في القسم األول إلى نتيجة هامة مفادها أنه ليست كل العقود واإلدارية
صفقات عمومية الن المشرع الجزائري اشترط ضرورة توافر معايير وضوابط خاصة
إلصباغها بهذه الصفة .وعليه ال يمكن اعتبار كل منازعات الصفقات العمومية خاضعة
للقضاء اإلداري،إذ تكيف بعض منازعاتها على أنها منازعات عادية تخضع للقضاء
العادي.
بعد هذا العرض الموجز لماهية المنازعة في مادة الصفقات العمومية وتمييزها عما
يتشابه معها من مصطلحات،بقي علينا أن نحاول إعطاء تصنيف لمنازعات الصفقات
العمومية وهو ما سنتعرض إليه آلن.
إن الصفقة العمومية شأنها شأن باقي العقود اإلدارية األخرى تمر بعدة مراحل وإ جراءات.
ومادامت تتم بين طرفين مختلفين:المصلحة المتعاقدة التي تسعى إلى تحقيق الصالح العام،
والمتعامل المتعاقد الذي غايتهمصلحة خاصة هي تحقيق الربح،فإن هذا العقد ال يخلو من
الوقوع في النزاع ،الذي قد يحدث في مرحلة اإلبرام أو في مرحلة التنفيذ ( ]7[.أنظر
المخطط التوضيحي -1\-في الملحق).
وعادة ما يكون سبب نشوب النزاع بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد في هذه
المرحلة بسبب عدم احترام المبادئ التي تحكم عملية اإلبرام،كمبدأ العلنية المحكوم بنص
المادة 461من المرسوم الرئاسي ، 15/247ومبدأ المنافسة العامة المكرس بنص
المادتين 40و، 78والذي عادة ما يكون سببا في نشوب النزاع في هذه المرحلة بسبب
اإلخالل به .وكذلك بسبب عدم احترام مبدأ المساواة والشفافية المنصوص عليه في المادة
.09كما قد ينشأ النزاع بسبب الطريقة التي اختارتها المصلحة المتعاقدة إلبرام الصفقة
العمومية ،كاعتماد أسلوب التراضي على حساب طلب العروض ]8[.وعليه يمكن تصنيف
منازعات اإلبرام إلى ثالثةأصناف:
تتعدد أسباب نشوب منازعة بسبب سحب دفتر الشروط وإ يداع العروض ،ومن أكثرها
شيوعا:
طبع عدد محدود من دفاتر الشروط ،أو وضع عراقيل تمنع المتنافسين من سحبها.
تحديد مدة قصيرة لسحب دفتر الشروط أو إيداع طلب العروض أو تمديده دون
مبرر.
تعديل محتوى دفتر الشروط بعد عمليات السحب دون إعالم من سبق وأن سحبوه
-التالعب في إمضاء محضر فتح العروض كتوقيع الصفحة األخيرة فقط أو غياب
توقيع بعض األعضاء.
يعتبر المنح المؤقت للصفقة إجراءا إعالميا ،تحظر بموجبه المصلحة المتعاقدة المتعهدين
والجمهور باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما ،وهذا وفقا ألحكامنص المادة 65
من المرسوم الرئاسي 15/247سالف الذكر.
عدم وضوح معايير االختيار أو غموضها (كعدم تحديد درجة الجودة أو النوعية
المطلوبة)]11[.
إن الغرض األساسي من إبرام الصفقة العمومية هو تنفيذها ،و هو ما يرتب آثار قانونية
بالنسبة للمصلحة المتعاقدة وكذا المتعامل الحائز على الصفقة.حيث تتولد حقوق والتزامات
متبادلة بين الطرفيين ،لكن قد يتعثر هذا التنفيذ فتنشأ نزاعات بين الطرفين عند البدء في
التنفيذ أو أثناء التنفيذ أو عند التسليم النهائي للصفقة ]12[.وعليه يمكن تقسيم المنازعات
الناشئة عن تنفيذ عقد الصفقة العمومية إلى قسمين:
ينشأ هذا النوع من المنازعات في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية،بسبب إخالل المتعامل
المتعاقد بالتزاماته التعاقدية ،إما باالمتناع عن التنفيذ،أو أن األداء جاء مخالفا لبنود العقد،أو
الخروج عن اآلجال المحددة لتنفيذ الصفقة ،وهو ما يدفع المصلحة المتعاقدة إلى التدخل
إما بالمتابعة القضائية،أو استعمال امتيازاتها كسلطة عامة إما بتوقيع جزاءات على
المتعامل المتعاقد المخل بالتزاماتهو التي قد تكون طبيعة مالية أو غير مالية .
أ1/الجزاءات المالية:
نص المرسوم رئاسي 15/247في مادته 147على سلطة المصلحة المتعاقدة في توقيع
جزاءات مالية في حال إخالل المتعامل المتعاقد بالتزاماته في التنفيذ في األجل المحدد،أو
التنفيذ غير المطابق لما جاء في دفتر الشروط ،وتسمى هذه الجزاءاتبالجزاءاتاالتفاقية ،ألنه
يتم النص عليها في بنود العقد ،وهي عبارة عن جزاءات جزافية أو تأتي في صورة
مصادرة مبلغ الضمان (ضمان التعهد)،كفالة حسن التنفيذ،كفالة رد التسبيقات وهي كلها
عبارة عن ضمانات تضمن تنفيذ الصفقة في أحسن الظروف[]13
أ 2/الجزاءات غير مالية :وتنقسم إلى ثالثة أنواع جزاءات ضاغطة،الفسخ ،اإلقصاء من
المشاركة في الصفقات العمومية
من أهم صور هذه الجزاءات،الشراء على حساب المورد،وضع\ المتعامل تحت
الحراسة،وضع المقاولة تحت اإلدارة المالية وغيرها .وتجدر اإلشارة انه في حال تنفيذ
عقد مناولة المنصوص عليه في المواد من 140إلى 144الذي يمكن اللجوء إليه من
طرف المتعامل المتعاقد لتنفيذ جزء من الصفقة ال يتجاوز 40يبقي هذا األخير هو
المسؤول عن عمل المناول اتجاه المصلحة المتعاقدة[]15
/2فسخ العقد:
نصت عليه في المواد من 132إلى 149من المرسوم 15/247في حال عدم تنفيذ
المتعامل المتعاقدة اللتزاماته التعاقدية في األجل المحدد ويتخذ الفسخ شكلين:
يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تفسخ عقد الصفقة بإرادتها المنفردة،عندما يكون هناك مبرر
بسبب المصلحة العامة ،وحتى من دون ثبوت وجود أي خطأ من جانب المتعامل المتعاقد
حسب المادة 150من المرسوم الرئاسي ،]16[15/247وهذا بعد توجيه أعذار له ومنحه
أجال الستكمااللتزاماته[ .]17وهذا الفسخ يمكن أن يكون فسخا كليا أو فسخا جزئيا في
جانب واحد فقط من جوانب التنفيذ ،طبقا ألحكام المادة.151
يسمى كذلك ألن إرادة الطرفين (المصلحة المتعاقدة ،والمتعامل المتعاقد) يشتركان في
إقراره عندما يكون المبرر ال يد للمتعامل المتعاقد فيه،لظروف تخرج عن إرادته .وهو ما
تم النص عليه في المادة 151من المرسوم 15/247وهو يعتبر إمتياز مقرر لحماية
المصلحة العامة األمر ،الذي يمنح المصلحة المتعاقدة حق مباشرته حتى لو لم يتم النص
عليه في دفتر الشروط الذي يحكم الصفقة.
-3اإلقصاء من المشاركة:
وهو جزاء نصت عليه 75من المرسوم 15/247يؤدي إلى اإلقصاء من المشاركة في
الصفقات العمومية بشكل نهائي أو مؤقت ،وفقا للسبب الذي ألجله فرض اإلقصاء بحسب
الحاالت التي حددتها هذه المادة.
قدال يكون المتعامل المتعاقد هو المقصر الوحيد في عقد الصفقة،بل قد يكون هو نفسه
ضحية عدم وفاء المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها المنصوص عليها في عقد الصفقة
العمومية،هذهااللتزامات قد تكون من طبيعة مالية أو غير مالية ،وعليه يمكن تقسم
المنازعات الناشئة سبب إخالل المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها في تنفيذ الصفقة إلى قسمين:
إما بسبب اإلخالل بالتزاماتها المالي أواإلخالل بالتزاماتها غير مالية.
إن تنفيذ المتعامل المتعاقد لموضوع الصفقة على الوجه المنصوص عليه في دفتر الشروط
يقتضي حصوله على المقابل المالي ،قصد تغطية األعباء المالية لتنفيذ الصفقة والحصول
على األرباح المحققة بهذه الطريقة المشروعة.
لكن قد يحدث أن تخل المصلحة المتعاقدة بالتزامها المالي بعدم تسديد المبلغ المالي المتفق
عليه كليا أو جزئيا،أو عدم تسديده في األجل المتفق عليه[]18ما يسبب أضرار للمتعامل
المتعاقد،ومن أهم صور إخالل المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها المالية،عدم الوفاء بثمن السلع
والبضائع في عقود التوريد ،وقد يكون ثمن العمل المقدم في عقود األشغال العمومية[
،]19رفض مراجعة األسعار أثناء التنفيذ أو بسبب حجز مبلغ الضمان بعد التسليم.
ب-2/إخالل المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها غير المالية:
يتخذ عدم التزام اإلدارة بالوفاء بالتزاماتها غير المالية عدة صور أهمها:
وهو يتمثل هذا اإلخالل في عدم التزام المصلحة المتعاقدة بتنفيذ التزام معين تم النص
عليه في عقد الصفقة ،كأن تمتنع عن تقديم المواد الضرورية لتنفيذ الصفقة.
قد تستعمل المصلحة المتعاقدة االمتيازات الممنوحة لها كسلطة تتمتع بامتيازات السلطة
العامة تحقيقا للصالح العام على نحو غير مشروع (تعسفي) ،ما يسبب أضرار للمتعاقد
معها.بل وقد تستعمل هذه االمتيازات بصفة مشروعة ومع ذلك تتسبب في ضرر للمتعاقد
معها .وفي كلتا الحالتين بحق التعويض للمتعاقد معها]20[.
قد يكون مصدر المنازعة الناشئة بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد ظروف
خارجة عن إدارة الطرفين ،بسبب وقائع وأحداث غير متوقعة تؤدي إلى استحالة تنفيذ
الصفقة وهي بدورها تأخذ عدة أشكال:
الظرف الطارئ هو ظرف غير متوقع ال يؤدي إلى استحالة التنفيذ وإ نما يؤثر على خطة
وشروط التنفيذ،ما قد يوقع المتعامل المتعاقد في خسارة كبيرة مع بقاءه ملزما بمتابعة
التنفيذ:كارتفاع أسعار أوندرة المواد الضرورية\ للصفقة .في هذه الحالة ،ووفقا لنظرية
الظروف الطارئة للمتعامل المتعاقد الحق في الحصول على تعويض جزئي ،يكون بمثابة
تحمل المصلحة المتعاقدة لجزء من هذه الخسارة،ويتم التعويض تحت رقابة القضاء[.]21
الصعوبة المادية التي قد تطرأ على موضوع الصفقة العمومية هي أيضا من طبيعة غير
متوقعة ،تكون بسبب استحالة مادية ما ،كأن تكون أرضية تنفيذ الصفقة من طبيعة
استثنائية غير متوقعة ،فتزيد من األعباء المالية على المتعاقد مما يؤدي إلى تعويض
المتعاقد المرهق ماديا[.]23
كان هذا تصنيف للمنازعات التي تثيرها الصفقات العمومية في الواقع العملي ،سواء في
مرحلة إبرامها أو تنفيذها ،محدثة عراقيل تحول دون ذلك ،مما يؤدي إلى تعطيل عجلة
التنمية ،ما يستوجب البحث عن آليات من أجل إزالة هاته العراقيل،وتسوية\ المنازعات
المتعلقة بالصفقات العمومية في أقرب اآلجال ،وضمان السير الحسن للحياة التنموية
واستمرار تقديم الخدمات وتنفيذ المشاريع على أكمل وجه ،وهو ما سنتطرق إليه في
المحور الثاني.
[ -]1جاءت المواد 153و152و 154ضمن القسم الحادي عشر المعنون بـ"التسوية الودية
للنزاعات" ضمن الفصل الرابع المعنون بـ"تنفيذ الصفقات العمومية وأحكام تعاقدية" من
المرسوم الرئاسي 15/247سالف الذكر.
[ -]2جاء في نهاية المادة 946ق إ م إ ...":التي تخضع لها عمليات إبرام العقود
اإلدارية والصفقات العمومية وهو دليل آخر على أن المشرع الجزائري ال يعتبر كل
العقود واإلدارية صفقات عمومية
صادر عن الغرفة، 09/05/2007 الصادر بتاريخ34786 قرار مجلس الدولة رقم-]3[
.)األولى لمجلس الدولة (قرار غير منشور
دار،تسيير المشاريع في إطار تنظيم الصفقات العمومية، النوي حرشي: للمزيد أنظر-]9[
.401 ص،2012 طبعة،القبة القديمة الجزائر، الخلدونية
[ -]13تم النص على الضمانات في المواد من 124إلى 134من المرسوم 15/247
سالف الذكر.
-2انظر :إبراهيم السيد احمد ،الحماية الجنائية للعقود اإلدارية و المدنية طبقا ألحكام
الفقه و القضاء ،الطبعة األولى ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،2000 ،ص
.14
[]14
[ -]15أورد المرسوم الرئاسي 15/274سالف الذكر التعاقد من الباطن ،أو ما يعرف
بالمناولة ،ضمن القسم السادس من الفصل الرابع تحت تسمية "المناولة" .و خصص لها
المواد من 140إلى ، 144و اعتبرها عقد من الباطن يتم بين المتعامل المتعاقد و المناول
بموجب عقد المناولة .للمزيد انظر :عمار بوضياف ،شرح تنظيم الصفقات العمومية
طبقا للمرسوم الرئاسي 15/247المؤرخ في 16سبتمبر ،2015جسور للنشر
والتوزيع،2017،ص.28
[ -3]17نظرا لخطورة الفسخ فان المصلحة المتعاقدة ملزمة بأعذار المتعامل المتعاقد ،و
هو أمر تم إقراره في اغلب التشريعات المقارنة ،للمزيد انظر :سليمان محمد
الطماوي،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دراسة مقارنة ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،
،1991ص .195
[ -]21أنظر :محمود عبد المجيد المغربي ،مرجع سابق ,ص .126
[ -]22وهو ما أ ورده المشرع بنص المادة 147فقرة 3و 4من المرسوم الرئاسي
15/247سالف الذكر.