You are on page 1of 18

‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫الفصل الرابع – الفوج "أ"‬


‫المادة‪ :‬حقوق اإلنسان و الحريات العامة‬
‫المحور الثالث‪ :‬ضمانات الحقوق و الحريات‬
‫ثانيا ‪-‬الضمانات الدولية لحقوق اإلنسان‬

‫األستاذ‪ :‬أحمد بوجداد‬

‫‪1‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫تدويل حقوق اإلنسان‬


‫لقد وعى المجتمع الدولي باكرا بأن الضمانات الوطنية لممارسة حقوق اإلنسان و الحريات‬
‫رغم أهميتها فإنها ال تكفي‪ ،‬بل ال بد لها من ضمانات فوق وطنية حتى تلتزم الدول‬
‫باحترامها‪ ،‬لدرجة أن أحد األمناء العامين السابقين لمنظمة األمم المتحدة صرح بأنه بدون‬
‫الطابع الكوني لحقوق اإلنسان فلن توجد هناك حقوق‪ .‬فالحقوق أصبحت داللة على التمدن‬
‫والتحضر‪ ،‬و سمة المجتمع العصري الديمقراطي‪.‬‬

‫وموازاة مع هذه اآلليات األممية و المواثيق الدولية في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬لعب المجتمع‬
‫المدني العالمي دورا رائدا من خالل تأسيسه لمنظمات حقوقية غير حكومية كمنظمة العفو‬
‫الدولية مثال‪ ، ..‬ساهمت في تطوير أساليب حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬و في تشكيل ضغط دولي‬
‫هائل على المنتهكين لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمانات حقوق اإلنسان في الميثاق األممي‬

‫لقد أكدت منظمة األمم المتحدة في مستهل ديباجة ميثاقها على إيمان المجتمع الدولي‬
‫بالحقوق األساسية لإلنسان و بكرامة الفرد و قدره و بما للرجال و النساء و األمم من حقوق‬
‫متساوية‪ .‬و اعتبرت أن حماية حقوقه من شأنها دعم األمن و السلم في العالم‪.‬‬

‫ونصت في المادة ‪ 13‬من ميثاقها‪ ،‬بخصوص وظائف الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬أنها‬
‫تصدر توصيات و دراسات‪ ،‬و تعد توصيات بخصوص اإلعانة على حقوق اإلنسان و‬
‫الحريات األساسية للناس كافة بدون أي تمييز‪ .‬و أوكل إلى المجلس االجتماعي واالقتصادي‬
‫مهمة تقديم توصيات فيما يخص إشاعة احترام حقوق اإلنسان و الحريات األساسية و‬
‫مراعاتها(المادة ‪ 62‬فقرة ‪ .)2‬وكذا تشكيل لجان لتعزيز حقوق اإلنسان (المادة ‪ .)68‬ونظرا‬
‫لالنتقادات التي وجهت إلى هذه اللجنة بسبب ضعف أداءها و قصورها وانتقائيتها‪ ،‬سيتم‬
‫خلق هيئة جديدة سترقى إلى مستوى باقي األجهزة الرئيسية األخرى (مجلس حقوق اإلنسان‬
‫بجنيف ‪، )2006‬تتمتع باختصاصات قوية يمكن أن تجاري بها تطورات حقوق اإلنسان‬

‫‪2‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫ورصد انتهاكاتها‪ ،‬و تكفل احترامها في العالم‪ ،‬بحيث ترفع تقاريرها إلى أعلى هيئة أممية‪،‬‬
‫و هي الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪،‬و ليس إلى المجلس االجتماعي و االقتصادي كما كان‬
‫األمر في السابق‪.‬‬

‫وال يجب أن ننسى بان منظمة األمم المتحدة كانت وراء إعداد مشروع اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان الذي صادقت عليه الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪.1948‬‬

‫و تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى دور محكمة العدل الدولية في فض النزاعات بالوسائل‬
‫السلمية‪ ،‬والى نشاط بعض المنظمات الدولية المتخصصة الرائدة ‪،‬مثل منظمة العمل الدولية‬
‫و منظمة الصحة العالمية‪ ،‬و اليونيسكو واليونيسيف ‪...‬من خالل إسهامهما في تعزيز‬
‫وإشاعة حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫إن منظمة األمم المتحدة لعبت دورا أساسيا في مجال حقوق اإلنسان و في مجال حفظ‬
‫األمن و السلم الدوليين‪ ،‬و تفادي نشوب الحروب و النزاعات‪ .‬لقد كان لالتفاقيات الدولية‬
‫تأثير كبير في ترسيخ ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬منها‪ :‬االتفاقيات الدولية للحقوق المدنية‬
‫والسياسية و االتفاقيات الدولية للحقوق االقتصادية و االجتماعية و االتفاقيات الدولية‬
‫الخاصة بالحقوق التضامنية ‪.‬‬

‫وكان العتماد جل الدساتير قاعدة سمو االتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي‪ ،‬دورا مهما‬

‫في تعزيز حماية حقوق اإلنسان وطنيا‪ ،‬وتقوية مكانة الفرد في القانون الدولي و العالقات‬
‫الدولية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫ثانيا‪ :‬آليات حماية حقوق اإلنسان على الصعيد الدولي‬


‫تشكل المواثيق الدولية من ميثاق األمم المتحدة و اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان و العهدين‬
‫الدوليين للحقوق المدنية و السياسية و االقتصادية و االجتماعية أهم المصادر التي تعتمد‬
‫عليهما آليات مراقبة و حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫و قد تعززت بإبرام عدد من اإلعالنات الدولية كتلك المتعلقة بحقوق األقليات(‪)1992‬‬


‫والحق في التنمية و مؤتمر فيينا(إعالن فيينا ‪1993‬سنة)‪ ،‬الذي كان وراء إحداث مفوض ّية‬
‫سامية تابعة لألمم المتحدة مكلفة بحقوق اإلنسان‪ .‬و نظرا ألهمية هذه الهيئة سنستعرض‬
‫بتركيز مكانتها و وظيفتها‪.‬‬

‫مفوضيّة األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان‬

‫تعتبر المفوضية السامية هي الجهاز المسؤول األول عن حقوق اإلنسان في األمم المتّحدة‪،‬‬
‫وحجر الزاوية في نظام تعزيز وحماية حقوق اإلنسان‪ .‬فالمجتمع الدولي أوكل للمفوض‬
‫السامي مهمة مراقبة حقوق اإلنسان على الصعيد العالمي ‪.‬‬

‫و تشتمل المفوضية السامية على مجلس حقوق اإلنسان الذي حل محل لجنة حقوق اإلنسان‬
‫في عام ‪ ،2006‬وهي تعمل أيضا ً بوصفها أمانة مجلس حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫سيس مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان إلى شهر ديسمبر ‪1993‬‬
‫يعود تاريخ تأ ّ‬
‫بنا ًء على التوصيات التي خرج بها مؤتمر فيينا ‪،‬من خالل "إعالن فيينا‪ ".‬وفي سنة ‪1997‬‬
‫سيت ّم دمج مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان مع مركز األمم المتحدة لحقوق‬
‫اإلنسان الذي كان قائما بجنيف في هيئة واحدة‪.‬‬

‫فمهمة مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان تتمثل في‪" :‬ضمان التمتع بجميع‬
‫حقوق اإلنسان على المستوى العالمي بواسطة التطبيق العملي إلرادة وقرارات المجتمع‬
‫الدولي التي عبّرت عنها األمم المتحدة من اجل عالقات سليمة و ودية بين األمم‪ ،‬التي‬
‫ترتكز على احترام مبادئ المساواة في الحقوق وتعزيز مصير الشعوب"‪ ،‬وكذلك التزامها‬
‫بتعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للجميع بدون تمييز‪ .‬إضافة إلى تطوير‬
‫‪4‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫التعاون و تنسيق جميع األنشطة ذات العالقة بحقوق اإلنسان بين جميع أعضاء المنظمة‬
‫األممية‪ ،‬وحماية الالجئين في كافّة أنحاء العالم ‪ ،‬وتأمين الملجأ والغذاء للمحتاجين‬
‫ّ‬
‫والالجئين‪ .‬كما أنها ال تتردد في تقديم االستشارات الالزمة‪ .‬و تستند المفوضية في مهامها‬
‫على بنية مؤسساتية تتشكل من المكاتب اإلقليمية و الوطنية المنتشرة في العالم ‪،‬إضافة إلى‬
‫تواجدها داخل بعثات حفظ السالم األممية‪...‬كما تولي عناية خاصة للمنظمات غير الحكومية‬
‫‪،‬بالنظر لنشاطها و ديناميتها في هذا المجال‪ ،‬لذا تحضي بمكانة خاصة لديها‪.‬‬

‫وقد لعبت االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الالجئين و حماية الطفولة دورا في القضاء على‬
‫جميع أشكال التمييز‪ ،‬والمساواة بين الرجل و المرأة في العمل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬آليات الحماية‬


‫باإلضافة إلى ما سبق ذكره حول الدور الريادي الذي منح للمفوضية السامية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬و منحها أعلى درجة في سلم المنظمة األممية قصد حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬فقد‬
‫أحدثت عدة آليات لحماية الحقوق‪ ،‬تتعدد بتعدد مجاالت اهتمامها و أهدافها‪.‬‬

‫يمكن تقسيم آليات الحماية الدولية إلى آليات تعاقدية و آليات غير تعاقدية‪.‬‬

‫‪ -1‬اآلليات التعاقدية‬
‫هناك ‪ 8‬آليات تعاقدية‪ ،‬وهي اتفاقية دولية تهدف إلى مراقبة الدول لمدى احترامها لحقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬و هي‪:‬‬

‫‪ -1‬لجنة القضاء على التمييز العنصري ‪،‬اعتمدت سنة ‪ ،1965‬ودخلت حيز التنفيذ سنة‬
‫‪ ،1969‬وهدفها القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومراقبة الدول لمدى احترامها‬
‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -2‬اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان تأسست سنة ‪ ،1966‬والعهد الدولي للحقوق المدنية‬
‫والسياسية لم يدخل حيز التنفيذ إال سنة ‪1976‬وقد نصت هذه اللجنة على إحداث لجنة خاصة‬
‫بحقوق اإلنسان‪( .‬انظر الرابط‪) http://hrlibrary.umn.edu/arab/b003.html :‬‬

‫‪5‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫‪-3‬اللجنة المعنية بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية‪ ،‬هذه اللجنة تعد تقريرا سنويا‬
‫ترفعه للجمعية العامة لألمم المتحدة خاصة إلى المجلس االقتصادي و االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬اللجنة الخاصة بمكافحة التمييز ضد المرأة اعتمدت سنة ‪1979‬ولم تدخل حيز التنفيذ إال‬
‫سنة ‪.1981‬‬
‫‪ -5‬لجنة المناهضة التعذيب‪ ،‬واعتمدت هذه اللجنة سنة ‪1984‬وتعد تقريرا سنويا تقدمه إلى‬
‫المجلس االجتماعي واالقتصادي باألمم المتحدة‪ .‬وهناك لجنة فرعية لمنع التعذيب‪ ،‬شرعت‬
‫في عملها سنة ‪،2007‬و هي تعتبر نوعا جديدا‪ ،‬أو جيل جديد من آليات حماية حقوق‬
‫اإلنسان‪" .‬ولها والية وقائية تركز على نهج ابتكاري ومستدام واستباقي لمنع التعذيب‬
‫(‪)https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/CAT.aspx‬‬ ‫وإساءة المعاملة‪.".‬‬

‫‪-6‬اللجنة المعنية بحقوق الطفل‪ ،‬وقد اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة هذه الجمعية سنة‬
‫‪.1989‬‬
‫‪ -7‬اللجنة المعنية بحقوق العمال و المهاجرين‪ ،‬اعتمدت من طرف الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة سنة ‪ ،1999‬ولم تدخل حيز التنفيذ إال سنة ‪.2003‬‬

‫‪ -8‬اللجنة المعنية باألشخاص ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬انبثقت عن االتفاقية المتعلقة‬


‫بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة المبرمة في دجنبر ‪.2006‬‬

‫و تتولى هذه اآلليات معالجة وتحليل التقارير المرفوعة لها‪ ،‬و النظر في جميع الشكاوي‬
‫المقدمة لها من طرف المتضررين‪ ،‬أفرادا أو دوال‪ ،‬كما يمكنها القيام بزيارات ميدانية عبر‬
‫بعث ممثليها أو خبراءها للتأكد من الخروقات بعين المكان‪ .‬و بعدها تتخذ كل لجنة فيما‬
‫يخصها القرار المناسب و تصدر التوصيات في الموضوع ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫ثانيا ‪ :‬اآلليات غير التعاقدية (مجلس حقوق اإلنسان)‬


‫كما سبق القول فقد أصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪ ،2006‬قرارا يقضي بإنشاء‬
‫مجلس حقوق اإلنسان بديال عن لجنة حقوق اإلنسان التابعة للمجلس االجتماعي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬وقد صوت لصالح هذا القرار ‪ 170‬دولة ‪،‬بينما صوتت أربع دول ضدها‪،‬‬
‫وهي‪ :‬إسرائيل و الواليات المتحدة األمريكية و جزر مارشال و مالو ‪ .‬وامتنع عن‬
‫التصويت كل من روسيا البيضاء و إيران و فنزويال‪.‬‬

‫يتألف مجلس حقوق اإلنسان من ‪ 47‬دولة عضوه‪ ،‬تنتخبها الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫عن طريق االقتراع المباشر ‪،‬يراعي فيها التمثيل الجغرافي‪ ،‬و ذلك على الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪ 13‬عضو من إفريقيا ‪،‬و‪ 13‬عضو من آسيا‪ 6 ،‬أعضاء من أوربا الشرقية‪ 8 ،‬أعضاء من‬
‫أمريكا الالتينية‪7 ،‬أعضاء من أمريكا الشمالية‪.‬‬

‫وينتخب المجلس لمدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬و يراعى في انتخاب األعضاء إسهامهم وتعزيزهم لحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫كما يجوز للجمعية العامة بثلث األعضاء الحاضرين تعليق عضوية دولة معينة‪ .‬ويتم تعليق‬
‫حقوق العضوية إذا ما انتهكت حقوق اإلنسان أو رفضت التعاون‪ .‬ويجتمع المجلس في ثالث‬
‫دورات في السنة‪ ،‬وتمتد لفترة ال تقل عن عشرة أسابيع‪ ،‬ويجوز عقد دورات استثنائية‪.‬‬

‫و كانت المه ّمة األساسية من وراء إحداث هذا المجلس في صيغته األولى(اللجنة)‪ ،‬هو‬
‫ي للحقوق‪ ،‬الذي هو‬
‫صياغة النصوص القانونيّة الدوليّة؛ وإعداد مشروع قانون دول ّ‬
‫ي لحقوق اإلنسان لعام (‪ ، )1948‬والعهدين الدوليّين‬
‫المشروع األولي لإلعالن العالم ّ‬
‫للحقوق المدنيّة والسياسيّة والحقوق االقتصاديّة واالجتماعيّة لعام (‪.)1966‬‬

‫وقد نص القرار في الجزء التنفيذي على ما يلي ‪:‬‬

‫"تقرر إنشاء مجلس لحقوق اإلنسان مقره جنيف ويحل محل لجنة حقوق اإلنسان بوصفها‬
‫هيئة فرعية تابعة لألمم المتحدة‪ ،‬وتستعرض الجمعية وضعه في غصون خمس سنوات‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫ويكون المجلس مسؤوال عن تعزيز االحترام العالمي لحماية حقوق اإلنسان والحريات‬
‫األساسية للجميع دون تمييز من أي نوع وبطريقة عادلة‪ .‬وان يقوم المجلس بمعالجة حاالت‬
‫انتهاك حقوق اإلنسان بما فيها االنتهاكات الجسمية‪ ،‬وتقديم توصيات بشأنها‪".‬‬

‫ويسترشد المجلس في عمله بمبادئ الحياد و الموضوعية وعدم االنتقائية وبالحوار والتعاون‬
‫الدوليين‪ ،‬وان تتسم طرق عمل المجلس بالشفافية و العدالة و الحياد‪.‬‬

‫تنقسم اآلليات غير التعاقدية أو آليات رصد حقوق اإلنسان إلى ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -1‬نظام اإلجراءات الخاصة‪ ،‬و يطلق عليه أيضا نظام المقررين الخاصين‪ ،‬ويشمل نوعين‬
‫من اإلجراءات‪ ،‬أو نوعين من المقررين‪:‬‬
‫أ‪ -‬المقررين الخاصين المعنيين بموضوعات معينة في مجال حقوق اإلنسان‪ :‬أكانت مدنية‪،‬‬
‫أو سياسية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬أو ثقافية ‪...‬‬
‫ب‪-‬أو مقررين خاصين بأوضاع حقوق اإلنسان بدول معينة‪ ،‬مثال ذلك المقرر الخاص‬
‫المعني بحالة حقوق اإلنسان في األراضي الفلسطينية المحتلة‪...‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلجراءات المتعلقة بالشكاوي السرية (و يطلق عليها أيضا اإلجراء ‪)1503‬‬
‫قام مجلس األمم المتحدة لحقوق اإلنسان بوضع "إجراء شكاوى جديد من أجل التصدي‬
‫لألنماط الثابتة لالنتهاكات الجسيمة‪ ،‬والمؤيَّدة بأدلة موثوق بها‪ ،‬لجميع حقوق اإلنسان وجميع‬
‫الحريات األساسية التي تقع في أي جزء من أجزاء العالم وفي أي ظرف من الظروف"‪..‬‬

‫وهذا اإلجراء الجديد هو امتثال للوالية التي أسندتها الجمعية العامة إلى مجلس حقوق‬
‫اإلنسان بواسطة قرار‪ 251/ 60‬الصادر في ‪15‬مارس ‪.2006‬‬

‫و قد اعتمد مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬في شهر يونيه ‪ ،2007‬قرارا تم بموجبه إنشاء إجراء‬
‫جديد للشكاوى من أجل معالجة االنتهاكات الجسيمة والمثبتة لحقوق اإلنسان و الحريات‬
‫األساسية ‪،‬والتي يمكن أن تقع في أي جزء من العالم‪ ،‬و ذلك بكل حياد وموضوعية ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫مع ضمان أن يعمل بهذا اإلجراء في الوقت المناسب‪ ،‬مع االحتفاظ بطابعه السري‪..‬‬

‫ويعالج إجراء الشكاوى هذا‪ ،‬البالغات المقدمة سواء من طرف أفراد أو مجموعات أو‬
‫منظمات غير حكومية‪ ،‬كانوا ضحايا انتهاكات لحقوق اإلنسان‪ ،‬أو أنهم على علما مباشر‬
‫بهذه االنتهاكات‪.‬‬

‫‪- 3‬آلية "االستعراض الدوري الشامل"‬

‫يعود الفضل للجمعية العامة لألمم المتحدة إلحداثها آلية االستعراض الدوري الشامل‪،‬‬
‫باعتباره آلية جديدة من آليات حماية حقوق اإلنسان‪ .‬و قد تم ذلك بموجب قرار الجمعية‬
‫العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 60/251‬سنة ‪ ،2006‬وهي آلية تعاونية‪.‬‬
‫يقصد باالستعراض الدوري الشامل‪ ،‬استعراض أداء كل دولة من الدولة األعضاء باألمم‬
‫المتحدة في" مجال تنفيذ تعهداتها و التزاماتها في مجال حقوق اإلنسان"‪ .‬و الذي يتم‬
‫بمجلس حقوق اإلنسان بجنيف‪ ،‬في إطار فريق من ‪ 47‬عضوا من أعضاء المجلس‪.‬‬
‫و تمتد دورة هذا االستعراض الدوري على أربع سنوات‪ .‬و يجتمع الفريق العامل في ‪3‬‬
‫دورات في كل مجلس لمدة أسبوعين لكل منها‪ ،‬و يستعرض ‪ 16‬دولة في كل دورة(أي ‪48‬‬
‫دولة في كل سنة)‪.‬‬
‫و هذا االستعراض هو بمثابة عرض و نقاش يمتد على ثالث ساعات ونصف بين الدولة‬
‫صاحبة االستعراض‪ ،‬و تقرير يعده مكتب المفوضية السامية لحقوق اإلنسان والدول‬
‫األعضاء والمراقبة في المجلس‪ .‬وتقرير يعده أصحاب المصلحة‪ .‬و بناء على هذا الحوار‬
‫التفاعلي يعد تقرير المداوالت‪.‬‬
‫وهذا االستعراض الدوري الشامل‪ ،‬يستند على ‪ 3‬وثائق‪:‬‬
‫أ‪ -‬معلومات ّ تعدها الدولة موضوع االستعراض )التقرير الوطني)‪،‬‬
‫ب‪ -‬تجميع لمعلومات األمم المتحدة عن الدولة موضع االستعراض تعده مفوضية األمم‬
‫المتحدة لحقوق اإلنسان؛‬

‫‪9‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫ج‪ -‬ملخص للمعلومات المقدمة من أصحاب المصلحة‪( ،‬بما فيهم عناصر المجتمع‬
‫المدني(‪ ،‬وتعده المفوضية أيضا‪.‬‬

‫و تتم هذه العملية من دورة كاملة تتألف من ‪ 3‬مراحل أساسية‪:‬‬


‫‪ -1‬استعراض وضع حقوق اإلنسان في الدولة موضوع االستعراض؛‬
‫‪ -2‬تنفيذ الدولة المعنية في الفترة ما بين عمليتي االستعراض‪ ،‬للتوصيات التي تلقتها‬
‫والتعهدات الطوعية التي قطعتها على نفسها؛‬
‫‪ -3‬إعداد تقرير في اال ستعراض المقبل عن تنفيذ تلك التوصيات والتعهدات‪ ،‬وعن وضع‬
‫حقوق اإلنسان في البلد منذ االستعراض السابق‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬آلية الدفاع عن المدافعين عن حقوق اإلنسان‬


‫ابتداء من سنة ‪ 2007‬سندخل مرحلة جديدة في توطيد دعائم حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬وهي‬
‫التركيز على أولئك الذين يدافعون عن حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ولهذا نجد عدد من الجمعيات الحقوقية‪ ،‬بسبب دورها الريادي في الدفاع عن الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬و التصدي النتهاكاتها‪ ،‬غالبا ما تكون عرضة للقمع و التضييق عليها‪ ،‬لذا وجب‬
‫على المجتمع الدولي حماية ناشطيها‪ ،‬أي المدافعين عن حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫فوفقا لإلعالن الخاص بالمدافعين عن حقوق اإلنسان الصادر في ‪ 10‬نوفمبر ‪2007‬‬


‫‪،‬تخضع الحكومات للمساءلة عن أي انتهاكات ترتكبه ضد المدافعين عن حقوق اإلنسان‬
‫على أيدي موظفيها الرسميين‪ ،‬بما فيهم أفراد قوات األمن‪ .‬كما ينبغي على جميع الدول‬
‫اتخاذ التدابير الممكنة لمنع ارتكاب انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫وفي حال صدور مزاعم تتعلق بانتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬يجب على الدولة في هذا اإلطار‬
‫أن تعتمد قوانين وإجراءات إدارية تضمن بها حقوق الجميع‪ .‬كما يترتب على الدولة واجب‬

‫‪10‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫منع األفعال التي يرتكبها األفراد بصفتهم الخاصة أو الرسمية‪ .‬فكل األفعال التي من شانها‬
‫أن تمس بحقوق اإلنسان يجب على الدولة القيام بمنعها‪.‬‬

‫وإذا تقاعست الدولة عن القيام بمهامها في هذا الصدد‪ ،‬فيجب مساءلتها بموجب القانون‬
‫الدولي ‪ .‬ألن المدافعين عن حقوق اإلنسان غالبا ما يكونون في موضع قمع أو إهمال عندما‬
‫يتعرضون للتهديدات من طرف بعض الجهات‪ ،‬وقد يوصلهم عملهم إلى فضح حقائق‬
‫مزعجة للسياسة الحكومية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الضمانات القضائية الجنائية الدولية(المحكمة الجنائية الدولية)‬


‫تعتبر هذه المحكمة بمثابة الهيئة القضائية الرئيسية لمنظمة األمم المتحدة‪.‬‬
‫إن فكرة إحداث قضاء جنائي دولي‪ ،‬فكرة راودت المفكرين والفالسفة و الفقهاء منذ وقت‬
‫طويل‪( ،‬على األقل منذ الخمسينات)‪.‬و الغاية هي أنه من شأن تطبيق مبادئ و قواعد‬
‫القانون الدولي على الجميع‪ ،‬و عدم استثناء أي فرد من المحاسبة‪ ،‬مهما كانت درجته‬
‫ووظيفته‪ ،‬هو إعمال لمبدأ عدم اإلفالت من العقاب‪ ،‬وهو أمر من شانه أن يردع مجرمي‬
‫الحرب ومنتهكي القانون الدولي اإلنساني ‪.‬و أن يضمن سيادة األمن والسلم االستقرار في‬
‫العالم‪ .‬وحماية حقوق األفراد و الجماعات‪..‬‬

‫و لقد كانت لتجربة المحاكم المؤقتة‪ ،‬كتلك المتعلقة بالتطهير العرقي بيوغسالفيا‬
‫سابقا(‪ )1993‬و باإلبادة الجماعية برواندا(‪ ،)1994‬دورا ايجابيا في تطوير فكرة إحداث‬
‫قضاء جنائي دولي دائم‪.‬‬

‫في اجتماع للجمعية العامة لألمم المتحدة بروما سنة ‪ ،1998‬وافقت على ميثاق روما‪ ،‬بعد‬
‫ما أنهت اللجنة التحضيرية صياغة النظام األساسي للمحكمة‪ .‬و في فاتح يوليو سنة ‪2002‬‬
‫دخلت اتفاقية روما حيز التنفيذ‪ ،‬و أصبحت المحكمة الجنائية الدولية مؤسسة قضائية قائمة‪،‬‬
‫بعدما صادقت عليها ‪ 60‬دولة‪ .‬يوجد مقر المحكمة حاليا بالهاي (هولندا)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫و تعتبر هذه المحكمة بمثابة قضاء تكميلي‪ ،‬أي يكمل القضاء الوطني‪ ،‬بحيث تتدخل المحكمة‬
‫عندما تكون الدولة المعنية غير قادرة أو غير راغبة ‪،‬األمر الذي يستلزم أن تتوفر الدول‬
‫على قضاء نزيه و بإمكانه محاكمة الجرائم الدولية المنصوص عليها في القانون األساسي‬
‫للمحكمة‪ ،‬و أن تكون لها اإلرادة على القيام بذلك‪ .‬و الغاية هي أن مرتكبي الجرائم ال‬
‫يمكنهم اإلفالت من العقاب أو المتابعة‪ .‬أما فيما يتعلق باختصاصها الزماني‪ ،‬فإنه يبدأ من‬
‫تاريخ دخولها حيز التنفيذ و ليس قبل ذلك‪.‬‬

‫و تختص المحكمة بالنظر في جرائم اإلبادة البشرية‪ ،‬و جرائم الحرب‪ ،‬و جرائم ضد‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وجريمة العدوان‪ ،‬كما تتابع كل من تورط في هذه الجرائم سواء بطريقة مباشرة‬
‫أو غير مباشرة‪.‬‬

‫و يدخل في اختصاصات المحكمة متابعة جميع منتهكي حقوق اإلنسان التي تنتج عن جرائم‬
‫الحرب و اإلبادة البشرية و الجرائم ضد اإلنسانية و جرائم العدوان‪ ،‬تماما كما توبعوا‬
‫مجرمي الحرب بطوكيو و نيوريمبرغ بألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية‬

‫إن هذه اآلليات تعتبر فرصة مهمة لجميع الفاعلين الرسميين و الحقوقيين(من حكومات و‬
‫مجتمع مدني و حقوقيين)‪ ،‬في تعزيز التعاون حول قيم الحقوق و الحريات‪ ،‬وإشاعة ثقافة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وترسيخ قيم و ثقافة المساءلة و المحاسبة‪ .‬فهي تأكيد على التشبث بمبادئ‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ :‬الكونية والترابط وعدم تجزئتها والمساواة ومكافحة جميع‬
‫أشكال التمييز‪ .‬فهذا من شأنه دعم أسس قيام دولة الحق و القانون‪ ،‬و دعم مكانة الدولة على‬
‫كافة األصعدة اإلقليمية و الدولية‪.‬‬
‫إن إرساء هذه اآلليات دفعت عددا من الدول ‪،‬من أجل الوفاء بواجباتها في مجال حقوق‬
‫ففي‬ ‫اإلنسان إلى توسيع فضاءات الحرية و إنشاء مؤسسات وطنية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫المغرب مثال أحدث مجلس استشاري لحقوق اإلنسان الذي سيتحول إلى مجلس وطني‬
‫لحقوق اإلنسان ‪،‬و المندوبية الوزارية لحقوق اإلنسان‪ ،‬و مؤسسة الوسيط‪...‬إضافة إلى‬
‫وجود وزارة الدولة مكلفة بحقوق اإلنسان‪...‬‬

‫‪12‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫سادسا ‪:‬الضمانات اإلقليمية لحماية حقوق اإلنسان‬


‫تنضاف إلى الضمانات التي توفرها أجهزة األمم المتحدة و وكاالتها المتخصصة‬
‫والمنظمات الغير الحكومية ‪،‬آليات أخرى ذات طبيعة قارية أو إقليمية لحماية حقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫إذ نجد في كل قارة أو تجمع إقليمي منظمات تختص بحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان التي تم التوقيع عليها سنة ‪ ،1950‬و دخلت حيز‬
‫التنفيذ سنة ‪ .1953‬مرجعيتها هو اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان و هدفها احترام و حماية‬
‫حقوق اإلنسان و الحريات األساسية داخلها ‪.‬و قد ألحقت بها عدة بروتوكوالت إضافية ‪،‬‬
‫و تبعتها عدة تعديالت على مر السنين ‪،‬قبل أن تستوي على الحالة المثلى‪.‬‬
‫و من اجل إعمال رقابة فعلية على البلدان أعضاء هذه االتفاقية‪ ،‬أحدثت اللجنة األوروبية‬
‫لحقوق اإلنسان التي تستقبل الشكاوي في موضوع خرق حقوق اإلنسان ‪،‬و المحكمة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬التي تتوصل من اللجنة المذكورة بالشكايات المحالة عليها‪.‬‬
‫و منذ أن أصبحت المحكمة األوروبية محكمة دائمة سنة ‪ ،1998‬ألغيت اللجنة السابقة‪،‬‬
‫وأصبح اللجوء إلى المحكمة يتم بطريقة مباشرة‪ ،‬سواء من طرف الدول أو األفراد أو‬
‫المنظمات‪.‬‬
‫و بإفريقيا نجد ‪:‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان و الشعوب‪ ،‬الذي كان مشروعا طموحا‬
‫راود عدد من الزعماء األفارقة بعد مرحلة االستقالل و خاصة منذ ‪،1961‬و كان الهدف هو‬
‫إقرار نظام إفريقي لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬وقد لعبت السنغال دورا متميزا في هذا اإلطار‪.‬‬
‫وسوف ننتظر مؤتمرا لقمة اإلفريقية المنعقد بمنروفيا(ليبريا) سنة ‪،1979‬الذي أصدر‬
‫توصية من اجل إعداد ميثاق إفريقي لحقوق اإلنسان و الشعوب‪ ،‬انبثقت عنه اللجنة‬
‫اإلفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬التي تباشر آليات حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫يتميز هذا الميثاق اإلفريقي بخصوصية عن باقي المواثيق الدولية و القارية األخرى‪ ،‬إذ أنه‬
‫ال يتحدث عن حقوق األفراد فقط‪ ،‬بل عن حقوق الشعوب أيضا‪.‬‬
‫و على منوال باقي المواثيق الدولية‪ ،‬لم تتأخر جامعة الدول العربية في تبني "الميثاق‬
‫العربي لحقوق اإلنسان" في شهر مايو سنة ‪ ،2004‬والذي أوكل مهمة مراقبة االلتزام‬
‫بحقوق اإلنسان إلى لجنة الخبراء‪ .‬كما وافقت الجامعة العربية على إصدار النظام األساسي‬
‫للمحكمة العربية لحقوق اإلنسان في شهر مارس ‪.2004‬‬
‫‪http://www.lasportal.org/ar/humanrights/Committee/Pages/CommitteeCharter.aspx‬‬

‫سابعا‪ :‬المنظمات الدولية غير الحكومية‬


‫على غرار المنظمات الحكومية السابقة الذكر كاليونسكو و اليونيسيف و‪...‬تلعب هذه‬
‫المنظمات غير الحكومية في مقدمتها منظمة العفو الدولية و منظمة مراقبة حقوق اإلنسان‬
‫واللجنة الدولية للصليب األحمر الدولي و أطباء بدون حدود ‪..‬‬
‫‪:‬‬ ‫في مقدمة هذه المنظمات نجد منظمة العفو الدولية (‪)Amnesty International‬‬

‫هذه المنظمة لعبت دورا مهما في رصد انتهاكات حقوق اإلنسان في العالم في فترة عصيبة‪،‬‬
‫و بشرت بعهد جديد‪ ،‬من خالل الحث على االحترام و االلتزام بمقتضيات اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان و إشاعة ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬و تنوير الرأي العام بمخاطر االنتهاكات التي‬
‫يتعرض لها المواطنون ‪،‬و التعاون مع المنظمة األممية في هذا الصدد‪ .‬و يعود تاريخ إنشاء‬
‫من طرف المحامي البريطاني بيتر بنينسون‬ ‫هذه المنظمة إلى سنة ‪1961‬‬
‫بلندن(بريطانيا)‪،‬وقد لعبت دورا مهما في كشف و إدانة كل أنواع االنتهاكات التي تلحق‬
‫حقوق اإلنسان و الحريات في أي مكان في العالم‪.‬‬

‫و قد لعبت صحيفة "االبزرفر" دورا رائدا في تأسيس" امنستي انترناسيونال" عندما‬


‫استجابت لطلب مؤسسها‪ ،‬و نظمت حملة عالمية سنة ‪،1961‬استمرت سنة كاملة‪ ،‬تطالب‬
‫فيها بإطالق سراح سجناء الرأي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫و تقديرا لنشاطها‪ ،‬و تثمينا إلضافتها في مجال حماية الحقوق و الحريات و تكريس ثقافتها‬
‫و ممارستها على الصعيد العالمي‪ ،‬منحت هذه المنظمة جائزة نوبل للسالم سنة ‪.1977‬‬

‫أما منظمة "مراقبة حقوق اإلنسان "‪،‬المعروفة ب "هيومن رايتس واتش"‬


‫)‪(Human Rights Watch‬‬

‫التي تأسست سنة ‪ ،1978‬كانت تعرف آنذاك ب"هيئة مراقبة اتفاقيات هلسنكي"‪ ،‬و كان‬
‫نشاطها مركزا على مراقبة وضعية حقوق اإلنسان بالمنظومة االشتراكية‪ ،‬و لم تأخذ اسمها‬
‫الحالي إال في سنة ‪.1988‬‬

‫وتضم في عضويتها شخصيات فكرية و ثقافية عالمية من جنسيات مختلفة‪ ،‬من بينهم‬
‫صحافيون وأساتذة الجامعات و محامون و أطباء معروفين بدافعهم عن حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫إضافة إلى جيش من الناشطين و المتطوعين‪.‬‬

‫فباإلضافة لألدوار التي تقوم بها عادة‪ ،‬فهي تتوفر على شبكة واسعة من المكاتب اإلقليمية‬
‫موزعة على جميع العواصم العالمية‪ ،‬و بخاصة بمناطق النزاع‪ ،‬كمكاتبها بآسيا و الشرق‬
‫األوسط و شمال إفريقيا‪.‬‬

‫تعتبر من بين اكبر المنظمات الحقوقية ‪،‬و أقواها تأثيرا‪ ،‬فباإلضافة إلى دفاعها عن حقوق‬
‫اإلنسان و حرياته ‪ ،‬تقوم بتشكيل لجان تحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان ‪،‬و تنتقل الى عين‬
‫المكان لمعاينة الخروقات‪ ،‬و زيارة السجون و مقابلة الضحايا‪.‬‬

‫و قد كان لدورها تأثير كبير في محاكمة الدكتاتور الشيلي "بينوشيه"‪،‬ببريطانيا سنة ‪2002‬‬
‫عندما اعتقل بمذكرة تفويض من القاضي االسباني بالتسار غارسون‪ ،‬النتهاكه حقوق‬
‫اإلنسان من تعذيب و اختطاف و اغتيال ‪...‬وإصرارها على عدم إفالت كبار المسؤولين‬
‫السابقين من العقاب‪.‬‬

‫كما تتعاون مع أجهزة األمم المتحدة في هذا الصدد‪ .‬و قد لعبت دورا مهما في تقديم بعض‬
‫مجرمي الحرب إلى المحاكمة‪ ،‬حالة يوغسالفيا و رواندا سابقا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫كما تعد و تنشر تقارير في الموضوع تحظى بتغطية شاملة من طرف وسائط اإلعالم‪ ،‬مما‬
‫يخلف ردود فعل قوية ضد جميع انتهاكات حقوق اإلنسان‪ .‬و تقديرا لجهودها نالت جائزة‬
‫نوبل للسالم سنة ‪ 1997‬لمناهضتها استخدام األلغام األرضية‪ .‬و قد سبق للمنظمة في أكثر‬
‫من مناسبة أن عبرت عن خيبة أملها من لجوء الواليات المتحدة الى التعذيب في حربها‬
‫على اإلرهاب ‪.‬و يعتبر تقريرها السنوي مرجعا يتمتع بمصداقية كبيرة لدى عدد من‬
‫األوساط الدولية لتفقد وضعية حقوق اإلنسان في العالم‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫خالصة‬

‫إن هذه اآلليات تعتبر أداة فعالة بيد جميع الفاعلين الرسميين و الحقوقيين(من حكومات‬
‫و مجتمع مدني)‪ ،‬في تعزيز التعاون حول قيم الحقوق و الحريات‪ ،‬وإشاعة ثقافة حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وترسيخ قيم و ثقافة المساءلة و المحاسبة‪ .‬فهي تأكيد على التشبث بمبادئ اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان ‪ :‬بكونها كونية ومترابطة وغير قابلة للتجزئة‪ ،‬أو التصرف‪ ،‬وإيمانها‬
‫بالمساواة ومكافحة جميع أشكال التمييز‪ .‬كل هذا من شأنه دعم أسس قيام دولة الحق‬
‫والقانون‪ ،‬ودعم مكانة الفرد و حقوقه على كافة األصعدة الوطنية و اإلقليمية و الدولية‪.‬‬
‫إن إرساء هذه اآلليا ت دفعت عددا من الدول ‪،‬من أجل الوفاء بواجباتها في مجال حقوق‬
‫اإلنسان إلى توسيع فضاءات الحرية و إنشاء مؤسسات وطنية لحقوق اإلنسان‪ .‬ففي‬
‫المغرب مثال احدث مجلس استشاري لحقوق اإلنسان الذي سيتحول إلى مجلس وطني‬
‫لحقوق اإلنسان ‪،‬و المندوبية الوزارية لحقوق اإلنسان‪ ،‬و مؤسسة الوسيط‪...‬إضافة إلى‬
‫وجود وزارة للدولة مكلفة بحقوق اإلنسان‪..‬‬

‫‪17‬‬
‫‪2019-2020‬‬ ‫أحمد بوجداد‬

‫بعض المراجع التي يمكن االستعانة بها من أجل توسيع و تعميق مدارككم في مجال‬
‫حقوق اإلنسان و الحريات العامة‬

‫أحمد شوقي بنيوب ‪ :‬دليل حول المؤسسات و اآلليات الوطنية لحماية حقوق اإلنسان في‬
‫ضوء المعايير الدولية و القانون و االجتهاد القضائي‪ ،‬منشورات مركز التوثيق واإلعالم‬
‫والتكوين في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬وزارة حقوق اإلنسان‪،‬ط‪1،2002‬‬

‫أحمد شوقي بنيوب ‪ :‬دور المنظمات غير الحكومية في حماية حقوق اإلنسان و النهوض‬
‫بها‪ .‬ورقة قدمت في أشغال الدورة التكوينية اإلقليمية في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬دورة‬
‫عنتباوي ‪،13‬تونس ‪2003‬‬

‫عبد العزيز العروسي ‪ :‬التشريع المغربي و االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ :‬مالءمات‬
‫قانونية و دستورية‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية – رقم ‪2014-87‬‬

‫عمر بندورو‪ :‬حقوق اإلنسان و الحريات العامة – دراسة ووثائق‪ ،‬ط ‪2002-2‬‬

‫عبد القادر نزار‪ :‬اآلليات الدولية في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات معهد جينيف لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬ط‪2011-1‬‬

‫المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان و النظام القانوني‬
‫المغربي‪-‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات م‪.‬و‪.‬ح‪.‬ا‪ -.‬مطبعة نابولي ‪-‬الرباط‪2001-‬‬

‫محمد سبيال‪ ،‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬مصطفى أعريصة ‪ :‬في التأسيس الفلسفي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ -‬نصوص مختارة‪،‬ط‪2013 -1‬‬

‫الوزارة المكلفة بحقوق اإلنسان‪ :‬المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‪-‬الكتاب األول‪،‬‬
‫االتفاقيات التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ط ‪1998-1‬‬

‫الوزارة المكلفة بحقوق اإلنسان‪ :‬المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‪-‬الكتاب الثاني‪،‬‬
‫معاهدات جنيف الذي انضم إليها المغرب في مجال القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ط ‪.1998-1‬‬

‫‪18‬‬

You might also like