You are on page 1of 25

‫المجلد‪ 20‬العدد‪ ،)2021(02‬ص‪ 52‬ــــــ ‪76‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬

‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫المواثيق األخالقية بين الحرية اإلعالمية والقيم الكونية‬


‫دراسة في ضوء المباديء اإلنسانية العالمية‬
‫‪Ethical Charters between media freedom and universal‬‬
‫‪Values‬‬
‫‪A study on universal human principles‬‬
‫*‬
‫د‪ .‬نصير بوعلي‬
‫تاريخ االستالم ‪ 2021/05/31 :‬؛ تاريخ القبول ‪2021/09/29 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫تنطلق هذه الدراسة من تساؤل محوري‪ :‬من الذي سيحدث ذلك التوازن‬
‫المنطقي بين الحرية اإلعالمية والحقوق العامة المنبثقة عن القيم الكونية؟‪.‬‬
‫كالحقوق الفردية ( ‪ ،)Privacy‬والحقوق المجتمعية‪ ،‬والحقوق اإلنسانية‪،‬‬
‫وحقوق الدولة نحو وسائل اإلعالم‪ ،‬وحقوق مصادر المعلومات إلخ ‪.‬‬
‫وبتعبير أكثر وضوحا أين تكمن مسؤولية وسائل اإلعالم نحو األفراد؟ و‬
‫نحو المجتمع؟ و نحو الدولة؟ ونحو اإلنسانية؟ ومسؤولية وسائل اإلعالم‬
‫نحو مصادر المعلومات؟ ‪ .‬تعتبر هذه المسؤوليات من المبادئ األساسية‬
‫العالمية التي تنص عليها كل المواثيق األخالقية اإلعالمية العالمية‪ ،‬وقد‬
‫كانت موجودة منذ النصف األول من القرن العشرين منذ أن ظهر أول ميثاق‬
‫أخالقي إعالمي لجمعية الصحفيين المحترفين في أمريكا عام ‪1926‬م‪.‬‬
‫فعدم التمييز العنصري على سبيل المثال حق و مبدأ إنساني عالمي وهو‬
‫من واجبات رجال اإلعالم‪ ،‬وكذا الشأن فإن احترام األديان حق منصوص‬
‫عليه في معظم المواثيق األخالقية على المستوى اإلقليمي أو العالمي وهو‬

‫*استاذ مشارك‪.‬كلية االتصال بجامعة الشارقة ‪nbouali@sharjah.ac.ae‬‬

‫‪52‬‬
‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
76-52 ،)2021(01‫ العدد‬20‫المجلد‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
ISSN:1111-536X EISSN:2676-1793

‫ إن المواثيق األخالقية ضرورية‬.‫في نفس الوقت من واجبات اإلعالميين إلخ‬


‫للتنظيمات المهنية اإلعالمية وهي التي تحدث ذلك التوازن بين الحرية‬
ِّ ‫ وان االلتزام بهذه المواثيق واالسترشاد بها‬، ‫اإلعالمية والحقوق العامة‬
‫يجنبنا‬
‫ وقد أصبح اإلعالم طرفا كبي ار فيما يحصل‬...‫الكثير من الهفوات اإلعالمية‬
‫مع األسف في بعض المجتمعات نتيجة عدم االلتزام بهذه المعايير المهنية‬
...‫واألخالقية اإلنسانية والعالمية‬

،‫ القيم الكونية‬،‫ الحرية اإلعالمية‬،‫ المواثيق األخالقية‬: ‫الكلمات المفتاحية‬


.‫ المباديء اإلنسانية‬،‫الحقوق والواجبات‬

Abstract:

This study is based on a pivotal question: Who will produce this


logical balance between “Media freedom” and the “universal
values”? Such as Individual rights, social rights, human rights,
privacy, etc. In more explicit terms, where is the responsibility of
the media towards individuals, towards society, towards humanity,
towards the state, and the responsibility of the media towards the
information sources? These responsibilities are among the basic
global principles existing and stipulating in the ethical charters, and
have been in existence since the first half of the twentieth century.
The Association of professional Journalists in America appeared in
1926 proposed in her first ethical charter a set of related principles,
which have a relationship with media practice. For example, “Non
– racial discrimination “is a universal human principal and it is one
of the duties of Journalists, etc. This study suggests to Journalists a
deeper review into these ethical charters for its benefits in
professional work.
Keywords: Ethical Charters; Media freedom; Universal values;
Human principles; Rights and Duties.

53 WWW.ACR-DZ.COM
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪ .1‬مقدمة ‪:‬‬
‫تُعد مواثيق الشرف األخالقية من المواثيق الهامة التي يسترشد بها المهنيون‬
‫في قطاع اإلعالم أثناء تأديتة واجباتهم المهنية ‪ .‬فهي التي تُ ِّ‬
‫حدد العالقة‬
‫بين وسائل اإلعالم والمجتمع‪ ،‬وسائل اإلعالم واألفراد‪ ،‬وسائل اإلعالم‬
‫والدولة‪ ،‬ووسائل اإلعالم واإلنسانية‪ ...‬ولقد شغل مفهوم الحرية اإلعالمية‬
‫أو حرية الصحافة اإلنسانية منذ فترة طويلة من الزمن‪ ،‬ومازال الجدل حول‬
‫الحرية اإلعالمية متواصال ومتشابكا والمناقشة ممتدة ومحتدمة خاصة مع‬
‫ظهور اإلعالم الجديد وانفجار شبكات التواصل اإلجتماعي ‪ ...‬وال شك أن‬
‫هذه المناقشة قد أنتجت تراثا علميًّا يتميز بالثراء ويكشف عن اإلدراك‬
‫اإلنساني ألهمية هذه الحرية وضرورتها للمجتمع‪ .‬ولقد كان الخالف حول‬
‫لتنوع المجتمعات اإلنسانية دينيا‪ ،‬إثنيًّا‪ ،‬ثقافيًّا‬
‫مفهوم الحرية نتيجة طبيعية ُّ‬
‫وحضاريًّا‪ .‬ومن الطبيعي أن تتنوع االجتهادات وتختلف اآلراء حول عالقة‬
‫الحرية اإلعالمية بالقيم الكونية ( ‪ ... )Global Values‬فبالنسبة للمجتمع‬
‫الذي ننتمي إليه أال وهو المجتمع العربي اإلسالمي ‪ ،‬الخصوصية الثقافية‬
‫والحضارية قد تلعب دو ار اليستهان به في ضل هذه الخريطة الثالثية ‪:‬‬
‫المواثيق األخالقية من جهة ‪ ،‬الحرية اإلعالمية والحقوق العامة المنبثقة عن‬
‫القيم الكونية من جهة أخرى‪ .‬فحقوق المجتمع كالدفاع عن الحريات العامة‪،‬‬
‫وحق الجمهور في المعرفة وادارة المناقشة الحرة في المجتمع ونقلها إلى‬
‫الجمهور ‪ ،‬والدفاع عن مصالح المجتمع واحترام القيم العامة للمجتمع‬
‫والحفاظ على الهوية ‪ ،‬هذه المباديء على سبيل المثال ال الحصر تعتبر‬
‫من واجبات وسائل اإلعالم وهي من هذه الزاوية ال تتعارض وال تتناقض‬
‫البتة مع الحرية اإلعالمية التي يتمتع بها هؤالء الصحفيين ‪ .‬كذلك حقوق‬

‫‪54‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫األفراد كإحترام حق الخصوصية (‪ ،)Privacy‬واحترام الكرامة اإلنسانية‬


‫للفرد‪ ،‬هذه المباديء وغيرها هي األخرى تعتبر من واجبات رجال اإلعالم‪،‬‬
‫والحفاظ عليها ال يتناقض مع الحرية اإلعالمية‪ ،‬وما يقال عن الحقوق الفردية‬
‫والمجتمعية يمكن أن يقال عن حقوق الدولة كالدفاع عن األمن القومي‪،‬‬
‫واحترام المؤسسات الديمقراطية‪ ،‬واحترام الدستور والقوانين وعدم نشر‬
‫المعلومات السرية التي يشكل نشرها ضر ار بالمصلحة العامة ‪ ،‬هذه المبادي‬
‫تعتبر من واجبات اإلعالم وينبغي للصحفيين اإللتزام بها كما تنص على‬
‫ذلك المواثيق ‪.‬أما المسؤولية اإلنسانية لوسائل اإلعالم كتدعيم السالم والتفاهم‬
‫الدولي ‪ ،‬واإلمتناع عن الدعوة إلى الحرب أو تبريرها ‪ ،‬إحترام كرامة الدول‬
‫‪ ،‬مقاومة التفرقة العنصرية‪ ،‬مقاومة الفقر وسوء التغذية ‪،‬الدفاع عن حقوق‬
‫اإلنسان ‪ ،‬العمل على تحقيق المساوات ‪،‬إحترام األديان ‪ ،‬إلخ‪ .‬هذه المباديء‬
‫اإلنسانية العالمية وغيرها تعتبر هي األخرى من واجبات وسائل اإلعالم و‬
‫ال تتعارض مع المفهوم العام للحرية اإلعالمية ‪ .‬أما المسؤولية األخالقية‬
‫لإلعالميين نحو مصادر المعلومات كاستخدام وسائل عادلة في الحصول‬
‫على المعلومات وعدم استخدام وسائل الخداع وعدم إساءة الصحفيين تقديم‬
‫أنفسهم إلى المصادر واسناد المعلومات إلى مصادرها إلخ ‪ .‬هذه المباديء‬
‫ليست من البديهيات في العمل اإلعالمي بل تنص المواثيق األخالقية على‬
‫إلزامية احترامها ‪،‬وأن احترامها ال يتعارض مع الحرية اإلعالمية التي يتمتع‬
‫بها الصحفيون ‪.‬‬
‫من الذي أذن سيحدث ذلك التوازن بين الحرية اإلعالمية والقيم الكونية ؟‬
‫لعل مواثيق الشرف اإلعالمية هي التي تحدث ذلك التوازن بين حرية اإلعالم‬
‫والحقوق الفردية والمجتمعية واإلنسانية وحقوق الدولة ومصادر المعلومات‬

‫‪55‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫المنبثقة عن القيم الكونية‪ .‬السؤال المحوري الذي ستنطلق منه إشكالية هذه‬
‫االدراسة وستجيب عليه وفق مقاربة منهجية تحليلية من خالل المفردات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ .2‬مواثيق الشرف اإلعالمية‪ :‬مقاربة تاريخية‪:‬‬
‫يرى أشرف فهمي خوجة أن أول ميثاق أخالقي هو ذلك الذي أصدرته رابطة‬
‫المحررين في والية تكساس (‪ )Texas‬األمريكية في سنة ‪ ، 1910‬لكن‬
‫ذلك ال يعني تحديدا لنشأة مفهوم أخالقيات اإلعالم ‪ ،‬ذلك أن مصطلح‬
‫األخالقيات ‪ Ethics‬ظهر ألول مرة عام ‪1889‬م في مقال بعنوان أخالقيات‬
‫الصحافة ( فهمي‪. )2013 ،‬‬
‫لكن هل يمكن االعتماد على ذلك في تحديد النشأة ؟ قد يكون ذلك هو بداية‬
‫التراث المكتوب في مجال أخالقيات اإلعالم ‪ ،‬الذي بدأ بالقوانين ثم تطور‬
‫في شكل المواثيق األخالقية فيما بعد ‪ ،‬لكن أخالقيات اإلعالم مثل أي مهنة‬
‫أخرى ظلَّت غير مكتوبة لفترة طويلة من الزمن ‪ ،‬وما زالت غير مكتوبة في‬
‫الكثير من المجتمعات ‪ ،‬ولذلك فإن تحديد عام ‪ 1889‬كبداية لظهور‬
‫مصطلح أخالقيات الصحافة أو عام ‪ 1910‬كبداية لظهور المواثيق‬
‫األخالقية ال يعني تجاهل حقيقة أن الصحفيين خالل القرنين الثامن عشر‬
‫والتاسع عشر كانت لهم مجموعة من القيم والتقاليد واألخالقيات ( ‪Clifford,‬‬
‫‪ . ) 2014‬مع ذلك فإن القرن العشرين قد شهد تطور مفهوم أخالقيات‬
‫اإلعالم ‪ ،‬وتطور المواثيق األخالقية ‪ ،‬حيث ظهرت مواثيق أخالقية في‬
‫‪1918‬‬
‫‪ ،‬ثم شهدت عشرينيات القرن‬ ‫السويد عام ‪ ، 1916‬وفي فرنسا عام‬
‫العشرين ظهور عدد معتبر من المواثيق األخالقية في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية من أهمها ميثاق جمعية رؤساء تحرير الصحف األمريكية عام‬

‫‪56‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪ ، 1923‬وفي عام ‪ 1926‬ظهر ميثاق جمعية الصحفيين المحترفين في‬


‫أمريكا‪ ،‬ثم توالى بعد ذلك ظهور المواثيق األخالقية في المجتمعات األوربية‬
‫( سليمان‪ ... )2005 ،‬ولكن الجيل األول من المواثيق األخالقية الذي ظهر‬
‫خالل النصف األول من القرن العشرين كان يمثل حلوال للمشكالت التي‬
‫ظهرت خالل هذه الفترة ( ما بين الحربين العالميتين خاصة ) وبالتالي لم‬
‫يكن هذا الجيل من المواثيق األخالقية قاد ار على مواجهة المشاكل الجديدة‬
‫التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين خاصة مشكلة التركيز‬
‫واالحتكار وتنامي تكنولوجيا االتصال ونمو الوعي السياسي لدى الجماهير‬
‫وما خلقته من مشكالت أخالقية ‪ ،‬فقد كانت مواثيق النصف األول من القرن‬
‫العشرين مختصرة إلى حد كبير ِّ‬
‫وتركز على المبادئ العامة فقط دون إعطاء‬
‫تفاصيل أكثر عن سياق هذه المباديء و من دون أن تتطرق إلى الجو العام‬
‫الذي ظهرت فيه هذه المواثيق ‪ .‬لذلك ظهر جيل ثان من المواثيق األخالقية‬
‫خالل السبعينيات ‪ ،‬حيث تزايد االهتمام بأخالقيات الصحافة المكتوبة‬
‫واإلذاعة والتلفزيون ‪ ،‬ولذلك قامت بعض النقابات أو الجمعيات المهنية‬
‫األمريكية بتحديث مواثيقها األخالقية وجعلها مواكبة للعصر حيث تبنت‬
‫جمعية الصحفيين المحترفين األمريكيين ميثاقا أخالقيا جديدا عام ‪( 1973‬‬
‫سليمان ‪ ،)2005 ،‬وكذلك قامت جمعية رؤساء تحرير الصحف األمريكية‬
‫بتحديث ميثاقها ‪ ،‬مع ذلك فإن الصحفيين األمريكيين لم يتوصلوا إلى إجماع‬
‫حقيقي حول موضوع أخالقيات اإلعالم ‪ ،‬كما انتشرت فكرة إصدار مواثيق‬
‫أخالقية خالل السبعينيات في الكثير من المجتمعات والدول وخاصة لدى‬
‫النقابات والجمعيات اإلعالمية في دول الجنوب سواء أكانت جمعيات محلية‬
‫أو إقليمية كإتحاد الصحفيين في إفريقيا وأمريكا الالتينية واتحاد الصحفيين‬

‫‪57‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫األسيويين باإلتفاق والتنسيق مع منظمة اليونيسكو ( ‪ . ) Dale, 2007‬لكن‬


‫هذا الجيل الثاني أيضا من المواثيق األخالقية لم يكن قاد ار على مواجهة‬
‫الكثير من المشكالت األخالقية التي ظهرت نتيجة للمنافسة الحادة بين‬
‫الصحافة المكتوبة من ناحية ووسائل اإلعالم األخرى من ناحية أخرى ‪ ،‬و‬
‫تطور تقنيات االتصال وغير ذلك من العوامل التي أدت إلى تزايد المشكالت‬
‫األخالقية خصوصا مع ظهور وتنامي شبكات التواصل االجتماعي والمواقع‬
‫والمدونات الخاصة بعد نشأة اإلنترنت وتطورها‪.‬‬
‫وبالرغم من أن الحضارة العربية واإلسالمية أخالقية باألساس إال أنها لم‬
‫تشهد إنتاجا معرفيا يذكر في مجال أخالقيات الصحافة واإلعالم ‪ ،‬كما لم‬
‫تتصد أي مؤسسة صحفية عربية أو إسالمية إلصدار دليل عمل أو ميثاق‬
‫أخالقي ‪ ،‬يذكر عالميا ‪ ،‬في وقت لم يثار فيه الموضوع أصال بالمنطقة‬
‫العربية إال في العقود األخيرة ‪ ،‬بعد أن استفحل خطر ما يسمى بـ ‪" :‬‬
‫تجاوزات الصحفيين في بعض الدول العربية ذات الكثافة السكانية " ومع‬
‫أحداث ما يسمى الربيع العربي وتنامي رقعة اإلحتجاجات والحراك الشعبي‬
‫في عدد ال يستهان به من الدول العربية ‪ .‬وبينما تختلف قواعد السلوك‬
‫المهني من بلد إلى بلد ‪ ،‬إال أنه يبرز قاسم مشترك ‪ ،‬ال خالف عليه فيما‬
‫بينها ويشمل مباديء ‪ " :‬عدم اإلنحياز ‪ ،‬الموضوعية ‪ ،‬وأن يتجرد الصحفي‬
‫من أهوائه الحزبية والفكرية والسياسية وأال يلجأ إلى تحريف الحقائق وأن‬
‫يلتزم بالحفاظ على اآلداب واألخالق العامة التي تعني كل ما يتصل بأسس‬
‫تجنب تضخيم األمور ‪ ،‬واثارة النعرات‬
‫الكرامة األدبية ألفراد المجتمع ‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫العنصرية والطائفية والتعصب الديني والعنف والجنوح "‪ .‬هذه المبادئ في‬
‫األصل وليدة النصوص الدينية أو التراثية وليست مواثيق أخالقية إعالمية‬

‫‪58‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫من إنتاج رجال الصحافة واإلعالم‪ .‬إلى غاية ظهور الميثاق األخالقي‬
‫العربي سنة ‪ 2004‬عن جامعة الدول العربية والذي اعتمد الئحة حقوق‬
‫اإلنسان األممية مصد ار رئيسيا له ( عالء ‪.)2009 ،‬‬
‫وتنص الخطوط العريضة ألخالقيات اإلعالم العربي على أن ‪ " :‬وسائل‬
‫اإلعالم العربية تتحمل مسؤولية تجاه اإلنسان العربي ‪ ،‬وأنها تلتزم بأن تقدم‬
‫له الحقيقة الخالصة ‪ ،‬وأنها تحرص على رفض مباديء التمييز العنصري‬
‫والعصبية الدينية والتعصب بجميع أشكاله ‪ ،‬وأنها تمتنع عن إتباع األساليب‬
‫التي تتعرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للطعن في كرامة الشعوب مع‬
‫احترام سيادتها الوطنية ‪ ،‬واختياراتها األساسية ‪ ،‬وعدم التدخل في شؤونها‬
‫الداخلية ‪ ،‬وعدم تحويل اإلعالم إلى أداة للتحريض على استعمال العنف "‪.‬‬
‫وتنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار‬
‫البيضاء في ‪ 15‬سبتمبر عام ‪ 1965‬أقر مجلس جامعة الدول العربية إعالن‬
‫ميثاق الشرف اإلعالمي العربي ‪ .‬وأوجب الميثاق على اإلعالم العربي ‪" :‬‬
‫أن يعمل على تأكيد القيم الدينية واألخالقية الثابتة والمثل العليا المتراكمة‬
‫في التراث البشري وأن ينشد الحقيقة المجردة في خدمة الحق والخير ويسعى‬
‫إلى شد األواصر وتعميق التفاهم والتفاعل والتبادل ‪ ،‬ماديا ومعنويا في‬
‫المجتمع العربي والدولي خدمة للمبادئ اإلنسانية والعالمية ‪ ( .‬ميثاق الشرف‬
‫اإلعالمي العربي ‪ ) 1965 ،‬وأضاف الميثاق ‪ " :‬تحرص وسائل اإلعالم‬
‫العربية على مبدأ التضامن العربي في كل ما تقدمه للرأي العام في الداخل‬
‫والخارج وتسهم بإمكاناتها جميعا في تدعيم التفاهم والتعاون بين الدول العربية‬
‫‪ ،‬وتتجنب نشر كل ما من شأنه اإلساءة إلى التضامن العربي وتمتنع عن‬
‫توجيه الحمالت ذات الطابع الشخصي "‪ .‬كما تحرص وسائل اإلعالم العربية‬

‫‪59‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫طبقا للميثاق على رفض مبادئ التمييز العنصري والعصبية الدينية‬


‫والتعصب بجميع أشكاله وهي تناضل في سبيل مباديء العدالة وحق‬
‫الشعوب في تقرير مصيرها وحق األفراد في الحرية الكاملة (نفس الميثاق)‬
‫‪ .‬ويلتزم اإلعالميون العرب بالصدق واألمانة في تأدية رسالتهم ويمتنعون‬
‫عن إتباع األسباب التي تتعرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للطعن في‬
‫كرامة الشعوب مع احترام سيادتها الوطنية واختياراتها األساسية وعدم التدخل‬
‫في شؤونها الداخلية وعدم تحويل اإلعالم إلى أداة للتحريض على استعمال‬
‫العنف وعدم التجريح بالنسبة لرؤساء الدول وعدم االنحراف بالجدل عن جادة‬
‫اإلعتدال ‪ .‬وطبقا للميثاق أيضا يلتزم اإلعالميون العرب بالصدق‬
‫والموضوعية في نشر األنباء والتعليقات ويمتنعون عن اعتماد الوسائل غير‬
‫المشروعة في الحصول على األخبار والصور والوثائق وغيرها من‬
‫المضامين اإلعالمية ويحافظون على سرية مصادر األخبار والمعلومات إال‬
‫فيما يمس األمن الوطني والقومي ‪ ،‬ويعتبر اإلفتراء أو االتهام دون دليل من‬
‫األخطاء الجسيمة التي تتعارض مع أخالقيات مهنة اإلعالم ‪ ،‬ويلتزم‬
‫اإلعالميون بتكذيب أو تصويب األنباء التي يثبت عدم صحتها ( أشرف ‪،‬‬
‫‪. (2004‬‬
‫‪ .3‬المواثيق األخالقية‪ :‬محاولة تعريفية‪:‬‬
‫يرى أشرف رمضان بأن المواثيق األخالقية هي مجموعة من اآلداب‬
‫والقيم أو القواعد التي تعتبر صوابا بين أصحاب مهنة معينة ‪ .‬وكلمة ميثاق‬
‫أخالقي تعني وثيقة تحدد المعايير األخالقية والسلوكية المهنية المطلوب أن‬
‫يتبعها أفراد جمعية مهنية‪ .‬وتعرف بأنها بيان المعايير المثالية لمهنة من‬
‫المهن تتبناه جماعة مهنية أو مؤسسة لتوجيه أعضائها لتحمل مسؤولياتهم‬

‫‪60‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫المهنية ( أشرف‪ . )2004 ،‬وتختلف المسؤولية القانونية عن المسؤولية‬


‫األخالقية باختالف أبعادها ‪ ،‬فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون‬
‫أمام شخص أو قانون ‪ ،‬لكن المسؤولية األخالقية فهي أوسع وأشمل من‬
‫دائرة القانون ألنها تتعلق بعالقة اإلنسان بخالقه وبنفسه وبغيره ‪ ،‬فهي‬
‫مسؤولية ذاتية أمام اهلل والضمير ‪ .‬أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك‬
‫اإلنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به ‪ ،‬وتنفذها سلطة خارجية‬
‫من قضاة ‪ ،‬رجال أمن ونيابة ‪ .‬أما المسؤولية األخالقية فهي ثابتة وال تتغير‬
‫وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير اإلنسان الذي هو سلطته األولى ‪ .‬هنا‬
‫يمكن القول أن األخالق بقوتها الذاتية ال تكون بديال عن القانون ولكن كالًّ‬
‫من المسؤولية األخالقية والمسؤولية القانونية متكاملتان وال يمكن الفصل‬
‫بينهما في أي مهنة مهما كانت ( ‪.)Merrill, 2009‬‬
‫إن الميثاق األخالقي ألي مهنة يضم القواعد المرشدة لممارسة مهنة ما‬
‫لإلرتقاء بمثالياتها وتدعيم رسالتها ‪ ،‬ورغم أهميته في تحديد الممارسات‬
‫واألولويات داخل مهنة معينة إال أننا ال يمكن أن نفرضه باإلكراه ولكن‬
‫بااللتزام وأن الطريقة الوحيدة للحكم على مهنة معينة هو سلوك أعضاء تلك‬
‫المهنة إزاءها ‪ ،‬والحفاظ على قيم الثقة واالحترام والكفاءة والكرامة ‪ .‬ويجب‬
‫أن يتميز الميثاق األخالقي للمهنة بالتالي ‪ :‬اإلختصار ‪ ،‬السهولة والوضوح‬
‫‪ ،‬تكون معقولة ومقبولة عمليا ‪ ،‬شاملة ‪ ،‬إيجابية ‪ ،‬توضِّح جميع االلتزامات‬
‫أمام زمالء المهنة الواحدة ‪ ،‬المهنة نفسها ‪ ،‬المؤسسات التابعين لها ‪،‬‬
‫المستفدين منها ‪ ،‬الدولة ‪ ،‬المجتمع ‪ .‬ويسمي سليمان صالح المواثيق‬
‫األخالقية بأخالقيات المواثيق واإلجراءات والمعايير وهي تعتمد على‬
‫مجموعة منتقاة من المباديء الموجهة للسلوك األخالقي ‪ .‬وهذه المباديء‬

‫‪61‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫مهمة للمؤسسات اإلعالمية خاصة في أوقات األزمات ‪ ،‬وتستهدف هذه‬


‫المبادئ تشكيل ذاتية المؤسسة اإلعالمية أو الجماعة المهنية ( سليمان‪،‬‬
‫‪. ) 2005‬‬
‫‪ .4‬الحرية اإلعالمية‪ :‬المفهوم والمقاربة البيئية والحضارية‪:‬‬
‫تعددت آراء العلماء والفقهاء حول إيجاد تعريف جامع مانع لحرية الصحافة‬
‫( أو الحرية اإلعالمية عامة ) ويرجع ذلك إلى اختالفهم حول العناصر التي‬
‫تدخل في إطار هذه الحرية وهي ‪ :‬حق إصدار الصحف لكل التيارات ‪،‬‬
‫حق الحصول على األخبار والمعلومات ونشرها ‪ ،‬حق التعبير عن اآلراء‬
‫واألفكار و وجهات النظر المختلفة ‪ ،‬حق مراقبة السلطة وقطاعات المجتمع‬
‫‪ ،‬التوازن بين حقوق األفراد والجماعات ‪ ،‬اإللتزام بالقيم الدينية واألخالقية‬
‫كضوابط لممارسة هذه الحقوق ‪ ،‬خدمة المصالح العامة للمجتمع ( سعد‪،‬‬
‫‪ . )1966‬وتأسيسا على ذلك ‪ ،‬فإنه الينبغي إغفال أحد هذه العناصر عند‬
‫وضع تعريف دقيق للحرية اإلعالمية ‪ ،‬ألن مفهوم حرية اإلعالم يتعيَّن أن‬
‫يتسع ِ‬
‫ليشمل كل ما من شأنه أن ُيوفِّر حرية إصدار الصحف واطالق القنوات‬
‫وعدم خضوعها للرقابة سابقة أو الحقة ( قبلية أو بعدية ) من جانب السلطة‬
‫‪ ،‬فضال عن كفالة حرية الصحفيين واقرار حقهم في استيفاء األنباء ونشرها‬
‫وحرية الرجوع إلى مصادر المعلومات وكفالة الضمانات التي تُوفِّر لهم‬
‫الحماية عند ممارسة العمل الصحفي أو اإلعالمي وثائقي أو درامي أو‬
‫إخباري ‪...‬‬
‫وقد اجتهد حسين عبد اهلل قايد في تقديم تعريف للحرية اإلعالمية بأنها "‬
‫حرية األفراد والجماعات في الحصول على األخبار والتعبير عنها ‪ ،‬وعن‬
‫أفكارهم بالنشر في إطار ديمقراطي حر وفي ظل احترام المباديء اإلنسانية‬

‫‪62‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫العالمية ( قايد ‪ . )1994 ،‬يتميز هذا التعريف بأنه يتضمن أهم مقومات‬
‫أو عناصر حرية اإلعالم المتمثلة في حرية تلقي األخبار وحرية التعبير عن‬
‫اآلراء واألفكار وحرية إصدار الصحف أو إقامة منشآت إعالمية ‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك ‪ ،‬فقد اشترط التعريف ممارسة هذه الحريات في ظل نظام ديمقراطي‬
‫حر وفي ظل احترام المباديء الكونية ‪ ،‬وهذا التعريف أخترناه ألنه ينطبق‬
‫مع عنوان هذه الدراسة ‪ ،‬ولم يشترط ممارستها في إطار القانون تأسيسا على‬
‫أن هذا األخير ما هو إال انعكاس لطبيعة النظام السياسي في الدولة ‪ ،‬فإذا‬
‫كان ديمقراطيا فمن الطبيعة أن يقرر قوانين تعبر عن إرادة الشعب وآماله‬
‫وتفسح الطريق لحرية الصحافة ‪ .‬وهذا الرأي ُيعبِّر عن النظرة الغربية لحرية‬
‫الصحافة واإلعالم التي ال تنضبط بأي ضابط ماعدا الضمير الفردي‪ .‬هكذا‬
‫فإن حرية الصحافة واإلعالم شأنها شأن كل الحريات ترتبط ارتباطا وثيقا‬
‫بالبعد الحضاري السائد في الدولة ‪ ،‬فهي تضيق وتتسع بحسب المذهب‬
‫المشرع في هذا البلد أو ذاك ‪ ،‬والتي‬
‫ِّ‬ ‫الفلسفي أو اإليديولوجية التي يعتنقها‬
‫يمكن مطالعتها إذا نظرنا إلى تاريخ الصحافة منذ دخول المطبعة مع الحملة‬
‫الفرنسية ( أشرف ‪.) 2004 ،‬‬
‫تحدثنا عن المقاربة البيئية ( ‪ ) Geographic‬للحرية اإلعالمية‪ ،‬فكيف‬
‫يمكن الحديث عن الحرية اإلعالمية وفق المقاربة الحضارية (‬
‫‪ .)Civilization‬يقال في األدبيات العامة لكل مجتمع ثقافته وعاداته‬
‫وتقاليده المتجذرة في عمق التاريخ والتراث ‪ ،‬ومن هذه الزاوية الحرية‬
‫اإلعالمية مفهومها يختلف من مجتمع إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى ‪،‬‬
‫وهنا قد نتحدث عن المرجعيات الفكرية واألدبية التي تأسس لمفهوم الحرية‬
‫سواء الفردية أو الجماعية ‪ .‬فإذا كانت الفلسفة التنويرية تستمد روحها‬

‫‪63‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫ومبادئها من الحق الطبيعي لإلنسان ( الحرية حالة طبيعية في اإلنسان على‬


‫حد قول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو ) وبأن الحرية هي حالة فردية‬
‫وطبيعية ونزعة فردانية*‪ ،‬فإن الحرية اإلعالمية في المجتمعات التي ننتمي‬
‫إليها لها مرجعيات أخرى ومنابع أخرى ومصادر أخرى تجعلها تختلف عن‬
‫الحرية في المجتمع الغربي ‪ .‬إن الحرية وفق المنظور الحضاري العربي‬
‫اإلسالمي ممارسة تعكس كل مجرد موجه للسلوك الفردي والجماعي حسب‬
‫المفكر مالك بن نبي ‪ ،‬فاإلنسان حر في ظل قيم المجتمع وثقافته وهو‬
‫يتحرك مع المبادئ والمعايير وينشط في إطارها ‪ .‬فتصبح عندئذ الحرية‬
‫مسؤولية اجتماعية بالدرجة األولى ‪ ،‬وهذا الطرح ال يختلف كثي ار عن تلك‬
‫النزعة الغربية التي ظهرت في عام ‪ ، 1948‬وكان من نتيجتها ظهور مذهب‬
‫أو نظرية المسؤولية االجتماعية في اإلعالم ( ‪Social Responsibility‬‬
‫‪ )Theory‬بقيادة لجنة "هوت تشينز" البريطانية ‪ .‬مع أن الغرب نفسه تجاوز‬
‫اآلن مفهوم المسؤولية اإلجتماعية وأصبحت هناك دوائر فكرية غربية تنادي‬
‫بإعتناق المسؤولية األخالقية ( ‪ )Ethical Responsibility‬عند تعريف‬
‫مفهوم الحرية اإلعالمية ‪ .‬أي االنتقال الطبيعي والسلس من المسؤولية‬
‫اإلجتماعية إلى المسؤولية األخالقية ( عبد الرحمن ‪.)2014 ،‬‬
‫‪ .5‬القيم الكونية ‪:‬‬
‫أصبح مفهوم القيم الكونية من المفاهيم األكثر رواجا واألكثر استهالكا لدى‬
‫يسمون‬
‫السياسيين والمثقفين المعاصرين ولدى عامة المنظمات الحقوقية ومن َّ‬
‫بالنشطاء الحقوقيين ‪ ،‬بل أصبحت عبارة القيم الكونية تمثل عندهم مرجعية‬
‫عليا ‪ ،‬مسلمة ومقدسة ‪ .‬وعلى الرغم من كون مصطلح ( القيم الكونية )‬
‫المسلَّمة في مجملها‬
‫أصبح يحيل على عدد من المعاني اإليجابية والممتازة و َ‬

‫‪64‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫فإن التأمل فيه والتمحيص النقدي لمضامينه يكشفان عن جملة من‬


‫اإلشكاليات والثغرات مازالت قائمة في هذا المصطلح وفي مضامينه ‪ ،‬مما‬
‫يسمح بسوء استخدامه وتوظيفه ‪ .‬ومن ذلك ما معنى وصف " الكوني " و "‬
‫الكونية " ؟ وما حدود هذه الكونية ؟ وهل هي فعال نسبة إلى الكون ‪ ،‬بمعنى‬
‫وم َج َّراته ‪ ...‬إن الكون ليس سوى الكوكب‬ ‫َّ‬
‫الوجود كله بأرضه وسماواته َ‬
‫األرضي الصغير ومن عليه من الناس ؟ إن المقصود بالقيم الكونية هو ما‬
‫كان مقبوال ومتَّبعا لدى كافة شعوب الكرة األرضية وهي تلك التي تُ ِ‬
‫جمع على‬
‫اإليمان بها والعمل بمقتضاها كل األمم والشعوب بغظ النظر عن إنتمائهم‬
‫الديني واإلثني والعرقي ( ‪. ) Damien,2007‬‬
‫ويقصد بالقيم الكونية في هذه الدراسة اختصا ار الحقوق الفردية ( وعلى رأسها‬
‫الخصوصية ‪ )Privacy‬والحقوق المجتمعية وحق الدولة والحقوق اإلنسانية‬
‫(‪ .)Humanism‬وهي إجماال تلك القيم التي تحدد العالقة بين وسائل‬
‫اإلعالم والمحيط الداخلي والخارجي‪ .‬وتنص بعض المواثيق األخالقية منذ‬
‫العشرينيات من القرن الماضي على العالقات الوثيقة التي تحكم وسائل‬
‫اإلعالم باألفراد والمجتمع والدولة واإلنسانية في جملة من المباديء والمعايير‬
‫تُحدد هذه العالقات ‪.‬‬
‫‪ 1 .5‬القيم الفردية ‪:‬‬
‫وهي تلك المسؤولية األخالقية التي تمارسها وسائل اإلعالم نحو األفراد‬
‫وعلى رأسها احترام الخصوصية ( ‪ . )Privacy‬وقد ظهر هذا المبدأ في ‪48‬‬
‫ميثاقا أخالقيا من بين المواثيق التي قام سليمان صالح بتحليلها في دراسته‬
‫عن أخالقيات اإلعالم ( صالح ‪ . ) 2005 ،‬هناك الكثير من التعريفات‬
‫لحق الخصوصية لكن األساس الذي تدور حوله تلك العبارة التي وضعها‬

‫‪65‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫لويس برانديز القاضي في المحكمة العليا األمريكية عام ‪ ، 1980‬هي حق‬


‫اإلنسان في أن يترك وحده وأعتبر هذا القاضي أن هذا الحق هو أساس كل‬
‫الحريات ‪ .‬كما يرى البعض أن هذا الحق ِّ‬
‫يشكل االستقالل الذاتي لإلنسان‬
‫ويشكل ذاتيته ‪ .‬ويعني التمتع بحق الخصوصية أن يحتفظ كل إنسان بأس ارره‬
‫التي يجب أن ال يطلع عليها آخرون ‪ .‬و يضيف بيلسي بأن هناك ثالثة‬
‫أنواع من حق الخصوصية يجب على رجال اإلعالم حمايتها ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫الخصوصية الفيزيائية أو الجسدية ‪ ،‬الخصوصية االتصالية والعقلية‬
‫‪،‬والخصوصية المعلوماتية‪ .‬ويعرف عزي عبد الرحمن الخصوصية على أنها‬
‫حق الفرد في أن يترك لحاله في شخصه وبيته وعائلته ومعلوماته الشخصية‬
‫يوُّد الفرد أن تأتي إلى العلن عبر وسائل اإلعالم إلعتبارات‬
‫وغيرها من تلك ال َ‬
‫عدة ‪ .‬وتختلف الخصوصية من منضومة قيمية إلى أخرى ومن ثقافة إلى‬
‫وي ُّ‬
‫عد البيت على حد قول‬ ‫أخرى ومن فرد إلى آخر ومن حالة إلى أخرى ‪ُ .‬‬
‫عبد الرحمن عزي المجال األوضح الذي تتجلى فيه الخصوصية ‪ ،‬وتنبت‬
‫العديد من قوانين الخصوصية فكرة إرتباط الخصوصية بالمكان الذي يتوقع‬
‫فيه الفرد خصوصيته ‪ ،‬أي بيته‪ .‬فأخذ صورة اآلخر في مكان عمومي قد ال‬
‫يخل بالخصوصية ولكن أخذ تلك الصورة في بيت صاحبها باستخدام كام ار‬
‫بعدسة خاصة تَ ٍّ‬
‫عد على الخصوصية ( عزي ‪ .)2014 ،‬ومعرفيا فقد ذكر‬
‫العالم األكاديمي جاكيت ( ‪ )Dale Jacquette‬أن مسألة الخصوصية‬
‫تمس الفرد وحقه في اإلعالم واالتصال من ثالث جوانب على األقل ‪/1 :‬‬
‫إن الخصوصية شرطا ضروريا في تحقيق حرية التعبير ‪ /2،‬إن الخصوصية‬
‫حق في حد ذاته وجوهره إحترام الفرد واستقالليته ‪،‬و‪ /3‬إن الخصوصية‬

‫‪66‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫تحدث السعادة وتجاوزها يحدث األلم لدى الفرد " المتضرر" أو الذي يعتقد‬
‫تضرر من نقل خصوصيته إلى العلن( ‪.) Dale , 2007‬‬
‫أنه َّ‬
‫‪ 2 .5‬القيم المجتمعية‪:‬‬
‫يقصد بالحقوق والقيم المجتمعية مسؤولية وسائل اإلعالم نحو المجتمع الذي‬
‫ينتمون إليه ‪ .‬وتتمثل هذه الحقوق والقيم في الدفاع عن الحريات العامة‬
‫للمجتمع ‪ ،‬حيث أن هناك عالقة وطيدة بين حرية اإلعالم وحرية المجتمع‬
‫‪ ،‬ففي مناخ الحرية تزدهر حرية اإلعالم والعكس صحيح ‪ ،‬ولذلك فإن دفاع‬
‫وسائل اإلعالم عن الحريات العامة للمواطنين هو مسؤولية مجتمعية ‪.‬‬
‫وتتلخص الحريات العامة للمجتمع في حرية العقيدة ‪ ،‬حرية الفكر‪ ،‬حرية‬
‫الرأي والتعبير ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ، ،‬حق الجمهور في المعرفة ‪ ،‬حماية حق‬
‫الجمهور في الحصول على المعلومات ‪ ،‬حق وسائل اإلعالم في الحصول‬
‫على المعلومات ونشرها ‪ ،‬واجب وسائل اإلعالم في التغطية الشاملة‬
‫والمتكاملة لألحداث من حيث التفسير والتحليل ومشاركة المجتمع في‬
‫التعليقات على الوقائع بكل موضوعية ونزاهة وعدم التحيز وكذا عدم إساءة‬
‫تقديم المعلومات والصور المخلِّة بالحياء ‪ ،‬الدقة (‪ ) Accuracy‬في نقل‬
‫الوقائع والفصل بين الرأي والواقعة ‪ ،‬إدارة المناقشة الحرة في المجتمع ونقلها‬
‫إلى الجمهور مع احترام حقوق كل األطراف في المجتمع في التعبير عن‬
‫آرائها وكذا احترام حق النقد والنقد البناء ( ‪. )Constructive critic‬‬
‫‪ 3 .5‬الحقوق اإلنسانية ‪:‬‬
‫هناك مبادئ إنسانية عالمية ينبغي لرجال الصحافة و اإلعالم االلتزام بها‬
‫في كل أنحاء العالم‪ .‬فقد قامت اليونسكو في السبعينيات من القرن العشرين‬
‫بالدفاع عن فكرة التوصل إلى ميثاق أخالقي عالمي لوسائل اإلعالم‪،‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫ولتحقيق هذا الهدف بذلت جهودا عديدة باإلشتراك مع العديد من المنظمات‬


‫اإلعالمية المهنية الدولية واإلقليمية ‪ .‬وتتمثل المسؤولية اإلنسانية في وسائل‬
‫اإلعالم في النقاط التالية ‪ :‬تدعيم وسائل اإلعالم عبر العالم للسالم والتفاهم‬
‫الدولي ‪ ،‬اإلمتناع عن الدعوة إلى الحرب أو تبريرها ‪ ،‬احترام تنوع الثقافات‬
‫واحترام الذاتية الثقافية للشعوب المختلفة ‪ ،‬احترام كرامة الشعوب واألفراد ‪،‬‬
‫مقاومة التفرقة العنصرية ‪ ،‬مقاومة الفقر وسوء التغذية والمرض ‪ ،‬احترام‬
‫حق الشعوب في الكفاح ضد االستعمار ‪ ،‬احترام سيادة الدول واستقاللها ‪،‬‬
‫الدفاع حن حقوق اإلنسان ‪ ،‬العمل على تحقيق المساواة ‪ ،‬احترام حقوق‬
‫الشعوب في اختيار نظمها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫‪،‬تشجيع التدفق الحر والمتوازن للمعلومات ‪ ،‬احترام حق الدول والشعوب‬
‫واألفراد في االتصال إلخ‪ ...‬ولعل أهم مايمكن أن تحرص عليه وسائل‬
‫اإلعالم هو رفض الظلم والهيمنة والسيطرة والحصار واإلبادة الجماعية‬
‫واإلضطهاد والتعذيب وانتهاك حقوق اإلنسان والتمييز العنصري ‪ ،‬وفي‬
‫الوقت نفسه اإللتزام باإلنحياز للحق والعدالة والمساواة واحترام كرامة اإلنسان‬
‫وانسانيته وحقه في الحياة وحماية األسرة وحماية الحضارات وثقافات الشعوب‬
‫وتنوعها ( صالح ‪...)2005 ،‬‬
‫‪ 4 .5‬حقوق الدولة كقيمة إعالمية ‪:‬‬
‫تتمثل المسؤولية األخالقية لوسائل اإلعالم نحو الدولة حسب المواثيق‬
‫األخالقية في تحقيق المباديء التالية ‪ :‬حماية األمن القومي‪ ،‬عدم نشر‬
‫نشرَها ضر ار بالمصلحة العامة ‪ ،‬احترام‬
‫المعلومات السرية التي يشكل َ‬
‫مؤسسات الدولة ‪ ،‬إحترام الدستور وقوانين الدولة السارية المفعول ‪ .‬إن‬
‫المسؤولية األخالقية نحو الدولة كما يرى لويس ألفين داي ( ‪Louis Alvin‬‬

‫‪68‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪ ) Day‬تقوم على ‪ :‬العمل على تحقيق تماسك المجتمع وتوحده ‪ ،‬الدفاع‬


‫عن إستقالل الدولة ‪ ،‬الحفاظ على منظومة القيم األخالقية واإلجتماعية‬
‫المحلية ‪ ،‬المساهمة في اإلدارة الديمقراطية للمجتمع عن طريق إدارة المناقشة‬
‫الحرة لكل قضايا المجتمع بين كل االتجاهات الفكرية والسياسية ‪ ،‬احترام‬
‫دور السلطات الثالثة ووظائفها مع حق وسائل اإلعالم في النقد وكشف‬
‫اإلنحرافات ‪ ،.‬المساهمة في تحقيق التغير السلمي للمجتمع وتعديل الدستور‬
‫أو القوانين باألساليب الديمقراطية( ‪.) 2006، Alvin Day‬‬
‫‪ .6‬كيفية إحداث التوازن بين الحرية اإلعالمية والقيم الكونية ؟‬
‫تعتبر الحقوق العامة‪ ،‬أي القيم الفردية والمجتمعية واإلنسانية وحقوق رجال‬
‫اإلعالم نحو الدولة ونحو مصادر المعلومات من واجبات الصحفيين‬
‫واإلعالميين وينبغي االلتزام بها وتطبيقها أثناء الممارسة العملية‪ ،‬أي أثناء‬
‫التغطيات اإلعالمية لألنشطة المختلفة وخاصة تلك المناطق التي تعاني‬
‫إضطرابات سياسية أو هزات إقتصادية وتكثر فيها األحداث المتداولة إعالميا‬
‫‪ .‬فهذه الحقوق العامة المتضمنة في المواثيق والتي أشرنا لها ال تتعارض‬
‫وال تتناقض مع الحرية اإلعالمية التي يتمتع بها اإلعالميون‪ .‬وقد نستخلص‬
‫إلى أن المواثيق األخالقية ليست وسيلة يسترشد بها اإلعالميون فحسب بل‬
‫هي التي تحدث ذلك التوازن المنطقي بين الحرية اإلعالمية من جهة‬
‫والحقوق العامة من جهة أخرى‪ .‬وكلما ارتبطت الحرية اإلعالمية بااللتزام‬
‫األخالقي من خالل األخذ بعين االعتبار بنصوص هذه المواثيق والمتمثلة‬
‫في المبادئ والمعايير األخالقية الفردية والمجتمعية واإلنسانية كلما تقل‬
‫المشاكل والمغالطات الصحفية ‪ .‬ونحن نعتقد أن المسألة هي عالمية‪،‬‬
‫وتخص جميع الصحفيين بغض النظر عن مستوياتهم وتباينهم الفكري‬

‫‪69‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫واإليديولوجي والمذهبي‪ .‬إن هذا الطرح يضع الممارسة اإلعالمية في سياقها‬


‫األخالقي الصحيح ‪ ،‬فالحرية اإلعالمية تعكس رؤية معرفية واجتماعية‬
‫وحضارية في هذه الحالة وليست أداة معزولة وشخصية بقدر ماهي دستو ار‬
‫للنظام األخالقي في المجتمع وكلما كانت الصلة بين الحرية واإللتزام‬
‫األخالقي حاضرة كان القانون فاعال حضاريا في الممارسة اإلعالمية ‪ .‬إن‬
‫األخطاء التي يقع فيها الصحفيون في أيامنا هذه هي أخطاء باألساس لها‬
‫عالقة بعدم اإللتزام بمواثيق الشرف اإلعالمي المحلية واإلقليمية والدولية‬
‫والتي هي في األصل من إنتاج رجال اإلعالم أنفسهم عبر تنظيماتهم المهنية‬
‫‪ ،‬فاإللتزام بالمعايير المهنية والفنية للمهنة وحدها ال يلبي الغرض ‪ ،‬والموجه‬
‫الحقيقي للمهنة اإلعالمية ليس من خالل اإللتزام بقوانين اإلعالم بل تُ َع ُّد‬
‫المواثيق األخالقية واإلسترشاد بها عند الحاجة ضرورة ملحة لتقليص‬
‫النقائص الكثيرة الموجودة في الممارسة اإلعالمية ‪ .‬إن اإللتزام بنظرية‬
‫الواجب األخالقي قبل المسؤولية االجتماعية يعتبر حال لهذه المشكلة‪،‬‬
‫فالعودة إلى الواجب األخالقي بوصفه أداة و مرجعية ومرتكز في مواثيق‬
‫الشرف و في اتخاذ الق اررات األخالقية في الممارسة اإلعالمية شيء إيجابي‬
‫جدا ‪ .‬ويعني الواجب األخالقي في المطلق أن مسؤولية اإلعالمي و المؤسسة‬
‫اإلعالمية أخالقية بالدرجة األولى و تأتي أخرى االعتبارات مثل العقالنية‬
‫و االجتماعية و المنفعة (مكملة) بمستويات مختلفة عندما ال تتعارض مع‬
‫المسؤولية األخالقية األولى‪ .‬تعد نظرية الواجبات األخالقية ضرورية و‬
‫مفهوم االلزام اإليجابي بين البعدين العقالني و الروحي يتضح من خاللها ‪،‬‬
‫كما و تسعى الى ربط الممارسة بالوعي األخالقي الفردي و المرجعية القيمية‪.‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫املواثيق‬
‫األخالقية‬

‫القيم الكونية‬ ‫الحرية اإلعالمية‬

‫الحقوق الفردية‬ ‫حرية الوصل إلى املعلومة‬


‫الحقوق املجتمعية‬
‫حرية الرأي‬
‫حقوق الدولة‬
‫حرية الفكر‬
‫الحقوق اإلنسانية‬
‫حرية التعبير‬

‫املسؤولية االجتماعية‬

‫الواجب األخالقي أو املسؤولية‬


‫األخالقية‬

‫‪71‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪ .7‬الخاتمة‪:‬‬
‫وقد تأكد بناء على ما تقدم من معلومات وانطالقا من الواقع اإلعالمي‬
‫المتردي أن المواثيق األخالقية ‪ ،‬رغم أهميتها ‪ ،‬ال يلتزم بها كثير من‬
‫اإلعالميين ولذلك تظل مجرد نصوص جامدة‪ ،‬كما تأكد أنه ليس هناك‬
‫عقوبات يتعرض لها اإلعالمي الذي ال يلتزم بهذه األخالقيات (في شكل‬
‫مواثيق أو نصوص) ‪ ،‬أو ينتهكها‪ .‬وتوصف المواثيق األخالقية بأنها دون‬
‫أنياب وأنها قليلة األهمية من حيث الفعل والممارسة المهنية إذا ما قورنت‬
‫بالتشريعات اإلعالمية األخرى ومنها قوانين اإلعالم المتضمنة لمواد تخضع‬
‫للقاعدة الحقوقية والقانونية بأنها إلزامية ‪ ،‬عامة ومجردة ‪ ...‬و بالرغم من‬
‫المحاوالت التي بذلت للبحث عن وسائل لتوقيع عقوبات على عدم االلتزام‬
‫بالمواثيق األخالقية اإلعالمية إال أنها تظل عقوبات ال قيمة لها ‪ ،‬وال تؤدي‬
‫إلى االلتزام باألخالقيات ‪ .‬وتوصي هذه الدراسة المتواضعة الصحفيين‬
‫باإلطالع على بعض المواثيق األخالقية لإلعالم واستعراض بنودها وموادها‬
‫لمعرفة الواجبات واألخالقيات التي يجب على وسائل اإلعالم أن تلتزم بها‪،‬‬
‫ألن معرفة المتلقي للمواثيق األخالقية تمثل المقياس الذي يقيس به أداء‬
‫الوسيلة اإلعالمية ومدى التزامها‪ .‬ويبتعد بذلك عن التفكير الخاطيء الذي‬
‫يفترض بشكل غير صحيح أن مالك الصحيفة ( أو أي مؤسسة إعالمية‬
‫مكتوبة) له أن ينشر فيها ما يشاء وأن مالك القناة الفضائية له أن يعرض‬
‫فيها ما يشاء بدون أي ضوابط وأي التزامات وأي أخالقيات ‪ .‬إن المواثيق‬
‫األخالقية هي "األنا األعلى" اإلعالمي الذي يحدث التوازن ( ‪)Balance‬‬
‫بين الحرية اإلعالمية التي يتمتع بها اإلعالمي والمباديء الكونية واإلنسانية‬
‫‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫التهميش ‪:‬‬
‫‪ .1‬خوجة ‪ ،‬أشرف فهمي ‪ . )2013 ( .‬التشريعات اإلعالمية بين الرقابة وحرية‬
‫التعبير ‪ .‬اإلسكندرية ‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية ‪ .‬ص‪.12‬‬
‫‪2. Clifford G. Christians. (2014). Recent trends in global‬‬
‫‪media,‬‬ ‫‪conference‬‬ ‫‪given‬‬ ‫‪at‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪college‬‬ ‫‪of‬‬
‫‪Communication. university of Sharjah. March 11.‬‬
‫‪ .3‬صالح ‪ ،‬سليمان ‪ . ) 2005 ( .‬أخالقيات اإلعالم ‪ .‬اإلمارات العربية‬
‫المتحدة ‪ :‬مكتبة الفالح للنشر والتوزيع ‪ .‬ص ‪.23‬‬
‫‪4. Jacquette, Dale. (2007). Journalistic Ethics: Moral‬‬
‫‪Responsibility in the media. Pearson. New Jersey. pp23.‬‬
‫‪ .5‬لفتة موسى ‪ ،‬عالء ‪ 2009( .‬م)‪ .‬العوامل المؤثرة على الحريات الصحفية‬
‫‪ ،‬دراسة مسحية للدساتير و قوانين الصحافة في الوطن العربي ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير غير منشورة ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية ‪ ،‬جامعة الدول‬
‫العربية ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ .6‬رمضان‪ ،‬أشرف ‪ . ) 2004 ( .‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة تحليلية في التشريع‬
‫العربي‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة المصرية ‪ .‬ص ‪. 27‬‬
‫‪7. John, Merrill. (2009) Ethical Communication: Moral‬‬
‫‪Stances in Human dialogue. University of Missouri‬‬
‫‪Press. London.pp 56.‬‬
‫‪ .8‬صالح ‪ ،‬سليمان ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪73‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪ .9‬محمد‪ ،‬سعد إبراهيم‪ .)1966 (.‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة مقارنة في السياسة‬


‫التشريعية وعالقاتها بالمنظور الديمقراطي ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫ص ‪.27‬‬
‫رمضان‪ ،‬أشرف‪ .) 2004 ( .‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪.10‬‬
‫عبد الرحمن‪ ،‬عزي‪ . )2014 ( .‬قوانين اإلعالم في ضوء اإلعالم‬ ‫‪.11‬‬
‫االجتماعي‪ .‬تونس ‪ :‬الدار المتوسطية للنشر ‪ .‬ص‪.45‬‬
‫‪12.‬‬ ‫‪Damien Keown. (2006). Buddhism: Morality without‬‬
‫‪Ethics. in Damien Keown, Buddhist studies from India to‬‬
‫‪America. New York: Routledge. P 67.‬‬
‫صالح ‪ ،‬سليمان ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.48‬‬ ‫‪.13‬‬
‫عبد الرحمن‪ ،‬عزي‪ . )2014 ( .‬المرجع السابق نفسه ‪ .‬ص ‪.33‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪15.‬‬ ‫‪Louis,‬‬ ‫‪Alvin‬‬ ‫‪Day.‬‬ ‫‪(2006).‬‬ ‫‪Ethics‬‬ ‫‪in‬‬ ‫‪Mass‬‬
‫‪Communication.‬‬ ‫‪Cases‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Controversies.‬‬ ‫‪USA:‬‬
‫‪Thompson and Wadsworh. p 89.‬‬
‫قائمة المراجع ‪:‬‬
‫‪ -‬أشرف فهمي خوجة ‪ ،‬التشريعات اإلعالمية بين الرقابة وحرية التعبير ‪،‬‬
‫مكتبة الوفاء القانونية ‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية ‪)2013 ،‬‬
‫‪-‬أشرف رمضان ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة تحليلية في التشريع العربي‪،‬‬
‫دار النهضة المصرية ‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ‪)2004 ،‬‬
‫‪-‬حسين عبد اهلل قايد ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة مقارنة في القانونين المصري‬
‫والفرنسي ‪( ،‬القاهرة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪)1994 ،‬‬

‫‪74‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
‫المجلد‪ 20‬العدد‪76-52 ،)2021(01‬‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
‫‪ISSN:1111-536X‬‬ ‫‪EISSN:2676-1793‬‬

‫‪-‬سليمان صالح ‪ ،‬أخالقيات اإلعالم ‪ ،‬ط‪( ،2‬اإلمارات العربية‪ :‬مكتبة‬


‫الفالح للنشر والتوزيع ‪)2005 ،‬‬
‫‪-‬محمد سعد إبراهيم ‪ ،‬حرية الصحافة ‪ ،‬دراسة مقارنة في السياسة التشريعية‬
‫وعالقاتها بالمنظور الديمقراطي ‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪)1966 ،‬‬
‫‪-‬علم الدين محمود ‪ ،‬أساسيات الصحافة في القرن الحادي والعشرين ‪،‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ‪)2008 ،‬‬
‫‪-‬عزي عبد الرحمن ‪ ،‬قوانين اإلعالم في ضوء اإلعالم االجتماعي ‪،‬‬
‫(تونس‪ :‬الدار المتوسطية للنشر ‪)2014 ،‬‬
‫‪-‬عزي عبد الرحمن ‪ ،‬نظرية الواجب األخالقي ‪ ،‬مع تعليق للبروفسر‬
‫كليفورد كريستنز ‪( ،‬تونس‪ :‬الدار المتوسطية للنشر ‪)2016 ،‬‬
‫‪-‬ميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء‬
‫في ‪ 15‬سبتمبر عام ‪.1965‬‬
‫رسائل جامعية‪:‬‬
‫‪-‬عالء لفتة موسى ‪ ،‬العوامل المؤثرة على الحريات الصحفية ‪،‬‬
‫دراسة مسحية للدراسير و قوانين الصحافة في الوطن العربي ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬مايو ‪.2009 ،‬‬
‫إحاالت ‪:‬‬
‫عاشت أوربا خالل القرنين السادس عشر والسابع عشر فترة نضال كبيرة من أجل الحرية‬ ‫*‬
‫الطبيعية لإلنسان حيث تبلورت أفكار كل من جان جاك روسو ‪ ،‬دفيد هيوم ‪ ،‬جون لوك ‪ ،‬فولتير‬
‫‪ ،‬منتسكيو ‪ ،‬جون ميلتون وجون ستيورت مل وغيرهم في ميالد فلسفة سميت آنذال بالفلسفة‬
‫التنويرية التي كانت هي العامل الفكري األساس في إندالع الثورة الفرنسية عام ‪ 1789‬وسقوط‬
‫النظام اإلقطاعي أو حكم النبالء الذي حل محله النظام الليبرالي أو نظام البرجوازية الصغيرة‬
‫‪ ،‬وظهور المباديء األربعة المعروفة ‪ :‬الحرية ‪ ،‬العدالة ‪ ،‬المساوات واألخوة ‪ .‬وقد كانت هذه‬
‫الفلسفة التنويرية المبنية على الحق الطبيعي للفرد في الحرية هي العامل الرئيس في انبثاق‬
‫الئحة الحرية وحقوق اإلنسان التي ظهرت نتيجة للثورة الفرنسية ‪ .‬كما ساهمت هذه الفلسفة‬

‫‪75‬‬ ‫‪WWW.ACR-DZ.COM‬‬
76-52 ،)2021(01‫ العدد‬20‫المجلد‬ ‫المجلة الجزائرية لالتصال‬
ISSN:1111-536X EISSN:2676-1793

، ‫ الذي كان يسمى قانون منع الرقابة‬1881 ‫التنويرية في صدور قانون اإلعالم الفرنسي عام‬
‫وهو قانون اإلعالم األول الذي ألغي تلك القيود التي كانت مفروضة على رجال الفكر والسياسة‬
‫والصحفيين إبان القرنين الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر في بريطانيا وألمانيا‬
‫ ويستلهم قانون اإلعالم الفرنسي روحه ومبادءه من الئحة‬. ‫وبغض دول أوربا في تلك الفترة‬
‫الثورة الفرنسية الخاصة بالحرية وحقوث اإلنسان التي استفاد منها الفرد في أوربا ولم يكن‬
.‫األمر كذلك في إفريقيا وأمريكا الالتينية مثال‬

:‫املراجع باللغة اإلنجليزية‬

1. Clifford G. Christians, Recent trends in global media,


conference given at the college of Communication,
university of Sharjah, March 11 ,2014.
2. Dale Jacquette, Journalistic Ethics: Moral Responsibility
in the media, Pearson, New Jersey, 2007.
3. Damien Keown, Buddhism: Morality without Ethics, in
Damien Keown, Buddhist studies from India to America,
Routledge, New York, 2006.
4. John Merrill, Ethical Communication: Moral Stances in
Human dialogue, University of Missouri Press, London,
2009.
5. Louis Alvin Day, Ethics in Mass Communication, Cases
and Controversies, Thompson and Wadsworh, USA, 2006.

76 WWW.ACR-DZ.COM

You might also like