You are on page 1of 69

‫‪-1-‬‬

‫اإلخالقيـات وحقـوق اإلنسـان‬

‫إعداد‬

‫د‪ .‬مروة ممدوح كدوانى‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد السالم على نوير‬


‫مــدرس العلــوم السياســية‬ ‫أستاذ العلوم السياسية واإلدارة العامة‬
‫واإلدارة العامة‬ ‫عميد كلية التجارة (السابق)‬
‫كلية التجارة ‪ -‬جامعة أسيوط‬ ‫كلية التجارة ‪ -‬جامعة أسيوط‬
-2-
‫‪-3-‬‬

‫الفصل األول‬

‫مفهوم حقــوق اإلنســان‬

‫مفهوم حقوق اإلنسان من املنظور الدويل (‪: )1‬‬ ‫‪-١‬‬

‫عادة ما يعرف الباحثون حقوق اإلنسان بأنها مجموعة الحقوق التي‬


‫يتمتع بها اإلنسان بوصـفه إنسانا‪ .‬هذا التعريف يجد سنده فيما نصت عليه‬
‫المادة األولى من اإلعـالن العـالمي لحقـوق اإلنسان بقولها "يولد جميع‬
‫الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ‪ .‬وهم قد وهبوا العقل‬
‫والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم البعض بروح اإلخاء"‪.‬‬
‫كما تجد هذه الصفة اإلنسانية الشاملة للحقوق سندها أيضا من نص‬
‫المادة الثانية من اإلعـالن التي تقرر أن "لكل إنسان حق التمتع بجميع‬
‫الحقوق والحريات المذكورة في هذا اإلعالن دونما تمييز من أي نوع وال‬
‫سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغـة أو الـدين أو الرأي‬
‫سياسيا وغير سياسي أو األصل الوطني أو االجتماعي أو الثروة أو المولد‬
‫أو أي وضع آخر"‪.‬‬
‫هذا الطابع اإلنساني الشامل للحقوق يضفي عليها طابعا أخالقيا ‪،‬‬
‫ويجعلها حقوقا غيـر قابلـة للتنازل عنها‪ ،‬وغير مشروعة االنتهاك ألي سبب‬
‫من األسباب‪.‬‬
‫وتصبح هذه الحقوق هي بذاتها مصدر الشرعية وال تستمد شرعيتها‬
‫مـن أي نظـام قـانوني وضعي ‪ .‬فإذا أصدرت الدولة الوطنية تشريعا ينتهك‬
‫حقوق اإلنسان لمواطنيها بأن يحرمهم من حرياتهم الطبيعية مثال‬
‫أو يميز بينهم بسبب الدين أو األصل أو اللغة أو العرق كان هذا القانون‬
‫عاريا من الشرعية القانونية وكانت الدولة التي أصدرته عارية من الشرعية‬
‫السياسية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد نور فرحاات‪ ،‬القاانون الادولى لحقاوق اإلنساان والحقاوق المترابطاة‪ ،‬الادليل‬
‫العربى (حقوق اإلنسان والتنمياة)‪ ،‬متااح بموقاع المنظماة العربياة لحقاوق اإلنساان‬
‫على األنترنت ‪www.aohr.net‬‬
‫‪-4-‬‬

‫وبطبيعة الحال يمكن تتبع حقوق اإلنسان في التراث الديني والفكري‬


‫للبشرية لقرون عدة سابقة على اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عام‬
‫‪ .1٩4٨‬فال تخلو ديانة من الـديانات مـن نصوص حول تكريم اإلنسان ‪ .‬وال‬
‫تخلو ثقافة من الثقافـات مـن مبـادئ للرحمـة والعـدل واإلنصاف‪.‬‬
‫ولكننا عندما نتحدث عن التراث العالمي المعاصر لحقوق اإلنسان‬
‫فإنما نعنـى بـه مجموعـة المبادئ الملزمة التي اتفقت الجماعة اإلنسانية منذ‬
‫انتهاء الحرب العالمية الثانية تحديـدا علـى االلتزام بها التزاما قانونيا يجد‬
‫سنده في آليات دولية وداخلية تكفل تحقق ذلك االلتـزام ‪ .‬أي أن حقوق‬
‫اإلنسان في عصرنا هذا لم تعد مجرد مبادئ فا ضلة تحض عليها األخـالق‬
‫القويمـة أو تعاليم تحض عليها األديان ولكنها تحولت إلى التزامات قانونية‬
‫يتعرض من يخالفها لجـزاءات على المستويات الدولية واإلقليمية والوطنية‪.‬‬
‫فمصطلح حقوق اإلنسان إذن يشير إلى مجموعة الحقوق اللصيقة‬
‫بالشخصية اإلنسـانية التـي نصت عليها المواثيق الدولية والتي يتمتع بها‬
‫اإلنسان وال يجوز تجريده منها ألي سبب كـان بصرف النظر عن كل‬
‫مظاهر التمييز مثل الدين واللغة واللون واألصـل والعـرق والجـنس وغير‬
‫ذلك‪.‬‬

‫خصائص حقوق اإلنسان (‪: )1‬‬ ‫‪-2‬‬

‫حقوق اإلنسان ال تُشترى وال تُكتسب وال تورث‪ ،‬فهي ببساطة ملك‬ ‫*‬
‫الناس ألنهم بشـر ‪ ..‬فحقوق اإلنسان "متأصلة" في كل فرد‪.‬‬
‫حقوق اإلنسان واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو‬ ‫*‬
‫الجـنس أو الـدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر‪ ،‬أو األصل‬
‫الوطني أو االجتماعي ‪ .‬وقد ولدنا جميعـا أحرارا ومتساوين في‬
‫الكرامة والحقوق ‪ ..‬فحقوق اإلنسان "عالمية"‪.‬‬
‫حقوق اإل نسان ال يمكن انتزاعها؛ فليس من حق أحد أن يحرم‬ ‫*‬
‫شخصا آخر من حقـوق اإلنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪http"//ghrorg.jeeran.com/%20definited.html.‬‬
‫‪-5-‬‬

‫أو عندما تنتهكها تلك القوانين ‪ ..‬فحقـوق اإلنسان ثابتة "وغير قابلة‬
‫للتصرف"‪.‬‬
‫كي يعيش جميع الناس بكرامة‪ ،‬فإنه يحق لهم أن يتمتعوا بالحرية‬ ‫*‬
‫واألمن‪ ،‬وبمستويات معيشة الئقة‪ .‬فحقوق اإلنسان "غير قابلة‬
‫للتجزؤ"‪.‬‬

‫‪ -3‬فئــات الحقــوق ‪:‬‬


‫يمكن تصنيف الحقوق إلى ثالث فئات ‪:‬‬
‫الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضا "الجيل األول من الحقوق")‬ ‫‪-1‬‬
‫وهـي مرتبطـة بالحريات‪ ،‬وتشمل الحقوق التالية ‪ :‬الحق في الحياة‬
‫والحرية واألمن؛ وعـدم التعـرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛‬
‫المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبيـر والتفكيـر والضمير‬
‫والدين؛ وحرية االشتراك في الجمعيات والتجمع‪.‬‬
‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية (وتسمى أيضا "الجيل الثاني مـن‬ ‫‪-2‬‬
‫الحقـوق") ‪ ،‬وهـي مرتبطة باألمن وتشمل ‪ :‬العمل والتعليم والمستوى‬
‫الالئق للمعيشة ؛ والمأكل والمـأوى والرعاية الصحية‪.‬‬
‫الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضا "الجيل الثالث من‬ ‫‪-3‬‬
‫الحقوق") ‪ ،‬وتشـمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛‬
‫والحق في التنمية الثقافية والسياسـية واالقتصادية‪.‬‬
‫تستند بعض الرؤى الفكرية في مجال حقوق اإلنسان إلـى تمـايز‬
‫الحقـوق المدنيـة والسياسية والحقوق االقتصادية واالجتماعية في عهدين‬
‫مستقلين عن األمم المتحدة لإلشارة إلى ترتيب معين لهذه الحقوق حتى أن‬
‫هذه الرؤى تشير ألجيال متتالية لحقوق اإلنسان كتصـنيف تاريخي وتدرجي‬
‫فالحقوق المدنية والسياسية تعد الجيل األول من الحقوق اإلنسانية‪ ،‬بينما تمثل‬
‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية الجيل الثاني‪ ،‬أما الجيل الثالث فيتمثل في‬
‫مجموعـة الحقـوق التي جرى التعبير عنها كمفهوم جماعي شامل مثل الحق‬
‫في بيئة نظيفة والحق في التنمية‪.‬‬
‫‪-6-‬‬

‫وقد تعززت هذه الرؤية مع تحول العولمة لتصبح بمثابة "روح‬


‫العصر "بمـا تتضـمنه من حرية التجارة وحركة رؤوس األموال‬
‫واالستثمارات‪ ،‬ومن ثم االتجـاه لتهمـيش بعـض الحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية لصالح حقوق أخرى وخاصة أن هذه الرؤى الفكرية تعتبر أن‬
‫الحقوق المدنية والسياسية كحريات للفرد في مواجهة تدخل الدولة تعني‬
‫مفهوما عكسيا للحقوق االقت صادية واالجتماعية التي تعني وجوب تدخل‬
‫الدولة‪ ،‬وأن الطائفة األولى من الحقوق هـي الحقوق اإلنسانية األساسية‪،‬‬
‫وأنه ال يمكن إعمال الحقوق األخرى إال بتحقيق هذه الحقوق وذلك على‬
‫الرغم من أن الممارسة تشير إلى أن انتهاكات حقوق اإلنسان "األساسية "‪-‬‬
‫في عالقتهـا بالحقوق االقتصادية واالجتماعية ‪ -‬ترجع إلى سياسات‬
‫حكومية اقتصادية واجتماعيـة معينـة أو الفشل في تقديم الدعم والمساندة‬
‫للمتضررين‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإنه ال مجال للحديث عن تمتع اإلنسان بحقوقه‬
‫المدنية والسياسية كالحق في المشاركة دون توافر جميع الضرورات‬
‫األساسية للحياة كالعمل والغـذاء والسـكن المناسـب والرعاية الصحية‬
‫والتعليم والثقافة‪.‬‬
‫فحقوق اإلنسان حقوق عالمية مترابطة فيما بينها وغير قابلة للتجزئة‬
‫أو االنتقـاص أو التقسيم وسواء كانت حقوقا مدنية وسياسية أو اقتصادية‬
‫واجتماعية فإنها حقوق متسـاوية وال تقبل إعطاء أولوية أو أفضلية إلحداها‬
‫على اآلخر بل إنها تترابط بعضها مع بعض بما يجعـل ثمة نوعا من التفاعل‬
‫والتضامن والتضام بينها باعتبار الكرامة اإلنسانية هي الجوهر والمبـدأ‬
‫الناظم لكافة الحقوق‪ ،‬وحماية هذه الكرامة هي الهدف النهائي من إقرارها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ :‬حقوق اإلنسان يف التصور اإلسالمي ‪:‬‬

‫ينطلق اإلسالم من اعتقاد راق في نظرته إلى اإلنسان‪ ،‬حيث جعل هللا‬
‫عز وجل اإلنسان خليفـة في األرض‪ ،‬لعمارتها‪ ،‬وإقامة أحكام شريعته فيها‪،‬‬
‫قال عزوجل ‪( :‬وهو الذي جعلكـم خالئـف األرض) األنعام ‪ . 165 /‬وقال‬
‫تعالى ‪( :‬وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل فـي األرض خليفـة) البقرة ‪. 3٠ /‬‬
‫و يرى اإلسالم لذلك أن اإلنسان موضع التكريم من هللا عز وجل الذي حباه‬
‫‪-7-‬‬

‫بـذلك التكريم‪ ،‬ومنحه إياه فضال منه تعالى‪ ،‬ويتساوى بهذا التكريم جميع‬
‫البشر بصـفتهم اإلنسـانية‪ ،‬مهما اختلفت ألوانهم ومواطنهم وأنسابهم‪ ،‬كما‬
‫يتساوى في ذلك الرجال والنساء‪ ،‬وفي ذلك يقول هللا سبحانه وتعالى ‪( :‬ولقد‬
‫كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم مـن الطيبـات وفضلناهم‬
‫على كثير ممن خلقنا تفضيال ) اإلسراء ‪/7٠.‬‬

‫ويؤكد التصور اإلسالمي‪ ،‬أن ميزان التكريم يعتمد على االرتباط‬


‫العقائدي لإلنسان‪ ،‬حيـث إن منزلة التكريم تحددها تقوى اإلنسان‪ ،‬وقبوله‬
‫هداية الرسل‪ ،‬ومنهج الوحي‪ ،‬وفي ذلك يقـول هللا تعالى ‪( :‬لقد خلقنا اإلنسان‬
‫في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إال الـذين آمنـوا وعملـوا الصالحات)‬
‫التين‪ .6-4 /‬كما يقول الرسول (ص)‪" :‬إن هللا تعالى قد أذهـب عـنكم عبيـة‬
‫الجاهلية‪ ،‬وفخرها باآلباء ‪ .‬إنما هو مؤمن تقي‪ ،‬أو فاجر شقي‪ ،‬الناس كلهم‬
‫بنو آدم‪ ،‬وآدم خلـق من تراب" ‪ ،‬ويقول تعالى ‪( :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من‬
‫ذكر وأنثى وجعلناكم شـعوبا وقبائـل لتعارفوا إن كرمكم عند هللا أتقاكم)‬
‫الحجرات ‪.)1( 13/‬‬
‫كما يرتبط إحقاق حقوق اإلنسان باإلصالح االجتماعي‪ ،‬فال إحقاق‬
‫للحقوق في ِظـلِّ الفسـاد واإلفساد القائم على الجور والظلم‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫الشريعة اإلسالمية الغراء قد أقـرت المقاصـد الشرعية اإلسالمية لتحقيق‬
‫اإلصالح االجتماعي القائم على إنصاف اإلنسان وإعطائـه كامـل حقوقه في‬
‫ظلِّ العدل والمساواة‪ ،‬وبناء على ذلك تتطابق نتائج حكمة الحكم وعلته‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك في المقصد الذي ترمي إليه األحكام من خالل درء المفاسد‪،‬‬
‫وجلب المصالح للمخلوقات‪.‬‬
‫وإن استقراء المقاصد الكلية للشريعة اإلسالمية يوضح أن الشريعة قد‬
‫جاءت من أجل حماية الكون‪ ،‬وفي مقدمته إنصاف اإلنسان‪ ،‬وتحريره من‬
‫الظلم‪ ،‬وفرضت أحكام الحـالل والحـرام‪ ،‬وأباحت الرخص بش روطها‬
‫المعقولة في حاالت استثنائية من أجل حفـظ المهجـة‪ ،‬ورعايـة المصالح‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد أحمد مفتى‪ ،‬سامى صاالح الوكيال‪ ،‬حقاوق اإلنساان فاى التصاور اإلساالمى‪،‬‬
‫متاح فى ‪:‬‬
‫‪http://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=763‬‬
‫‪-٨-‬‬

‫العامة والخاصة‪ ،‬واعتماد تقعيد العموم والخصوص‪ ،‬وإقرار فقه الحقـوق‬


‫اإلنسـانية العامة والخاصة عمال بقاعدة "ال ضرر وال ضرار"‪ .‬ومن‬
‫يستقرئ أصول األحكـام الشـرعية وفروعها يجد توافقا عقليا وشرعيا على‬
‫ضرورة توفر الشروط الخاصة بكل حكـم‪ ،‬والشـرطُ العام هو توفر األهلية‬
‫األمر بطاع ٍة‪ ،‬والنهي عـن‬
‫ِ‬ ‫باعتبارها مناط التكليف الشرعي القائم على‬
‫معصي ٍة‪ ،‬واشتراطُ األهلية لوجوب التكليف هو الضمان األساسي لحقوق‬
‫اإلنسـان ألن انعـدام األهلية يسقط التكليف لعدم وجود االستطاعة‪.‬‬
‫وال تقتصر حقوق اإلنسان في الشريعة اإلسالمية على الضـروريات‪،‬‬
‫بـل تتجاوزهـا إلـى الحاجيات والتحسينيات والتكميليات‪ ،‬فأما الحاجيات فهي‬
‫ما يفتقر إليه من حيث التَّو ِسعة علـى الناس‪ ،‬ورفع الضيق المؤدي في الغالب‬
‫إلى الحرج والمشقة الالحقة بفوت المطلوب‪ ،‬وتشـمل ما يتعلق بالحاجات‬
‫العامة‪ ،‬وال يصل إلى مرتبة الضروريات‪ ،‬وأما التحسينيات فتشمل مكـارم‬
‫األخالق‪ ،‬ومستحسن العادات والتقاليد‪ ،‬وتستبعد ما يؤذي الذوق العام ممـا‬
‫يأنفـه العـاقلون‪ ،‬واستقراء ما تضمنته الشريعة اإلسالمية من مقاصد‬
‫الشريعة وما نطوت عليه من الضروريات والحاجيات والتحسينيات‬
‫والتكميليات يوضح لنا أن الشريعة اإلسـالمية قـد ضـمنت حقـوق اإلنسان‬
‫كأفضل ما يكون‪ ،‬وأن دعاوى النقاد المعادين ما هي إال غمامة صيف‬
‫ال مطـر فيهـا وال خير لإلنسانية‪ ،‬بل هي دعاوى شاذة تقوم على الجهل‬
‫والتجني‪.‬‬
‫وتضمنت الشريعة اإلسالمية آلية لحفظ الحقوق اإلنسانية‪ ،‬وذلـك‬
‫بفـرض العقوبـات علـى المخالفين لتردعم عن إلحاق األذى بغيرهم‪،‬‬
‫وتناسبت الحدود الشرعية مع نوعية المخالفة ومـا تنتجه من ضرر خاص أو‬
‫عام‪ ،‬فهنالك حد الردة لحفظ الدين‪ ،‬وحـد القتـل العمـد العـدوان قصاصا لحفظ‬
‫النفس‪ ،‬وحد الزنى لحفظ النسب أو النسل ‪ ،‬وحد شرب الخمر لحفظ نعمة‬
‫العقل‪ ،‬وحد قطع السارق لحفظ المال‪ ،‬وحد القذف لحفظ ال ِعرض والسمعة‬
‫مـن افتـراء المفتـرين‪ ،‬وتطبيق هذه الحدود هو من أجل ردع من تسول له‬
‫نفسه تدمير القيم اإلنسانية‪ ،‬وليسـت مـن أجل التنكيل بالمجرم (‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمااد الساايد الاادغيم‪ ،‬الجااامع المشااترك بااين مقاصااد الشااريعة اإلسااالمية وحقااوق‬
‫اإلنسان متاح فى ‪:‬‬
‫‪http://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?artID=86.‬‬
‫‪-٩-‬‬

‫وتُرجع حقوق اإلنسان إلى ما ورد بشأنها من آيات قرآنية وأحاديث‬


‫نبوية فضال عما ورد فـي سيرة الخلفاء الراشدين وفقه األئمة المعتمدين ‪،‬‬
‫ويذكر منها (‪: )1‬‬
‫(‪ )2‬حــق الحيــاة‪.‬‬
‫(أ ) حق الحياة مقدسة ‪ ...‬ال يجوز ألحد أن يعتدي عليها ‪( :‬من قتل نفسا‬
‫بغير نفس أو فسـاد في األرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها‬
‫فكأنما أحيا الناس جميعـا) وال تسـلب هـذه القدسية إال بسلطان‬
‫الشريعة وباإلجراءات التي تقرها‪.‬‬
‫(ب) كيان اإلنسان المادي والمعنوي حمى ‪ ،‬تحميه الشريعة في حياته‪،‬‬
‫وبعد مماته‪ ،‬ومن حقـه الترفق والتكريم‪ ،‬في التعامل مع جثمانه ‪" :‬إذا‬
‫كفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنـه"‪ ،‬ويجـب سـتر سوءاته وعيوبه‬
‫الشخصية ‪" :‬وال تسبوا األموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا"‪.‬‬
‫‪ -2‬حق الحرية ‪:‬‬
‫(أ ) حرية اإلنسان مقدسة ـ كحياته سواء ـ وهي الصفة الطبيعية األولـى‬
‫التـي بهـا يولـد اإلنسان ‪" :‬ما من مولود إال ويولد على الفطرة"‪ ،‬وهي‬
‫مستصحبة ومسـتمرة‪ ،‬لـيس ألحـد أن يعتدي عليها ‪" :‬متى استَعبدتُم‬
‫الناس وقد ولَد ْتهم أمهاتهم أحرارا"‪ ،‬ويجـب تـوفير الضـمانات الكافية‬
‫لحماية األفراد‪ ،‬وال يجوز تقييدها أو الحد منها إال بسلطان الشريعة‪،‬‬
‫وباإلجراءات التي تقرها‪.‬‬
‫(ب) ال يجوز لشعب أن يعتدي على حرية شعب آخر‪ ،‬وللشعب المعتدي‬
‫عليه أن يرد العدوان ويسترد حريته بكل السبل الممكنة ‪( :‬ولمن‬
‫انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) ‪ ،‬وعلى المجتمع الدولي‬
‫مساندة كل شعب يجاهد من أجل حريته‪ ،‬ويتحمل المسلمون في هذا‬
‫واجبـا ال ترخص فيه ‪( :‬الذين إن مكناهم في األرض أقاموا الصالة‬
‫وأتوا الزكـاة وأمـروا بـالمعروف ونهوا عن المنكر)‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد محمد شريف بسيونى‪ ،‬حقوق اإلنسان فى اإلسالم‪ ،‬متاح فى ‪:‬‬
‫‪http://www.amangordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=15‬‬
‫‪-1٠-‬‬

‫‪ -3‬حق المساواة ‪:‬‬


‫(أ ) الناس جميعا سواسية أمام الشريعة ‪" :‬ال فضل لعربي علـى عجمـي ‪،‬‬
‫وال لعجمـي علـى عربي ‪ ،‬وال ألحمر على أسود‪ ،‬وال ألسود على‬
‫أحمر إالَّ بالتقوى"‪ ،‬وال تتمايز بين األفراد فـي تطبيقها عليهم ‪" :‬لو‬
‫أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"‪ ،‬وال في حمايتها إيـاهم ‪:‬‬
‫ق له‪ ،‬وأقواكم عندي‬ ‫"أَالّ إن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ الح ّ‬
‫الضعيف حتى آخذ الحق منـه"‪.‬‬
‫(ب) الناس كلهم في القيمة اإلنسانية سواء ‪" :‬كلُّكم آلدم وآدم من تراب"‪،‬‬
‫وإنما يتفاضـلون بحسـب عملهم ‪( :‬ولكل درجات مما عملوا) ‪ ،‬وال‬
‫يجوز تعريض شخص لخطر أو ضرر بـأكثر ممـا يتعرض له غيره ‪:‬‬
‫"المسلمون تتكافأ دماؤهم "‪ ،‬وكل فكرة وكل تشريع وكل وضع يسوغ‬
‫التفرقة بين األفراد على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الدين هو‬
‫مصادرة مباشرة لهـذا المبـدأ اإلسالمي العام‪.‬‬
‫(ج) لكل فرد حق في االنتفاع بالموارد المادية للمجتمع من خالل فرصة‬
‫عمل مكافئة لفرصـة غيره ‪( :‬فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه‪ ،‬وال‬
‫يجوز التفرقة بين األفراد في األجـر مـا دام الجهد المبذول واحدا‪،‬‬
‫والعمل المؤدى واحدا كما وكيفا ‪( :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‪،‬‬
‫ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)‪.‬‬

‫‪ -4‬حق العدالة ‪:‬‬


‫(أ ) من حق كل فرد أن يتحاكم إلى الشريعة‪ ،‬وأن يحاكم إليها دون سواها‪:‬‬
‫(فإن تنازعتم فـي شيء فردوه إلى هللا والرسول) ‪( ،‬وأن احكم بينهم‬
‫بما أنزل هللا وال تتبع أهواءهم)‪.‬‬
‫(ب) من حق الفرد أن يدفع عن نفسه ما يلحقه من ظلم ‪( :‬ال يحب هللا‬
‫الجهر بالسوء من القول إال من ظلم) ‪ ،‬ومن واجبه أن يدفع الظلم عن‬
‫غيره بما يملك ‪" :‬لينصر الرج ُل أخـاه ظَالِمـا أو مظلوما ‪ :‬إن كان‬
‫ظالما ْفلي ْنهه وإن كان مظلوما فلينصره"‪.‬‬
‫‪-11-‬‬

‫ومن حق الفرد أن يلجأ إلى سلطة شرعية تحميه وتنصفه وتدفع عنه‬
‫ما لحقه من ضـرر أو ظلم‪ ،‬وعلى الحاكم المسلم أن يقيم هذه السلطة‪،‬‬
‫ويـوفر لهـا الضـمانات الكفيلـة بحيـدتها واستقاللها ‪" :‬إنما اإلمام جنَّةٌ‬
‫يقاتل ِمن ورائه‪ ،‬ويحتَمى به"‪.‬‬
‫َ‬
‫(ج) من حق الفرد ـ ومن واجبه ـ أن يدافع عن حق أي فرد آخر‪ ،‬وعـن‬
‫حـق الجماعـة "حسبة "‪" :‬أَالَ أُخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي قبل‬
‫أن يسأَلها" (يتطوع بها حسبة دون طلـب من أحد)‪.‬‬
‫(د ) ال تجوز مصادرة حق الفرد في الدفاع عن نفسه تحت أي مسوغ ‪:‬‬
‫"إن لصـاحب الحـق مقاال"‪" .‬إذا جلس بين يديك الخصمان فال‬
‫ضين حتى تسمع من اآلخر كما سمعت من األول‪ ،‬فإنه أحرى أن‬‫تق ِ‬
‫يتبين لك القضاء"‪.‬‬
‫(هـ) ليس ألحد أن ي ْل ِزم مسلما بأن يطيع أمرا يخالف الشريعة‪ ،‬وعلى الفرد‬
‫المسلم أن يقول "ال "في وجه من يأمره بمعصية‪ ،‬أيا كان األمر ‪" :‬إذا‬
‫مر بمعصي ٍة فال سمع وال طاعةٌ"‪ ،‬ومن حقـه على الجماعة أن‬ ‫ُ‬
‫أ ِ‬
‫تحمي رفضه تضامنا مع الحق ‪" :‬المسلم أخو المسلم ال يظلمه وال‬
‫يسلمه"‪.‬‬

‫‪ -5‬حق الفرد في محاكمة عادلة ‪:‬‬


‫(أ ) البراءة هي األصل ‪ُ " :‬كلُّ أُمتي معافى إال المجاهرين"‪ ،‬وهو‬
‫مستصحب ومستمر حتى مـع اتهام الشخص ما لم تثبت إدانته أمام‬
‫محكمة عادلة إدانة نهائية‪.‬‬
‫(ب) ال تجريم إال بنص شرعي ‪( :‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال) ‪،‬‬
‫وال يع َذر مسلم بالجهل بما هو معلوم من الدين بالضر ورة‪ ،‬ولكن‬
‫ينظَر إلى جهله ـ متى ثبت ـ على أنه شبهة تُـدرأ بها الحدود فحسب ‪:‬‬
‫(وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)‪.‬‬
‫(ج) ال يح َكم بتجريم شخص وال يعاقَب على جرم إال بعد ثبوت ارتكابه لـه‬
‫بأدلـة ال تَ ْقبـل المراجعة‪ ،‬أمام محكمة ذات طبيعة قضائية كاملة ‪( :‬إن‬
‫جاءكم فاسق بنبإ ِ فتبينوا) (وإن الظن ال يغني من الحق شيئا)‪.‬‬
‫‪-12-‬‬

‫(د ) ال يجوز ـ بحال ـ تجاوز العقوبة التي قدرتها الشريعة للجريمة ‪( :‬تلـك‬
‫حـدود هللا فـال تعتدوها) ‪ ،‬ومن مبادئ الشريعة مراعاة الظروف‬
‫والمالبسات التي ارتكبت فيها الجريمـة درءا للحدود ‪" :‬ادرأوا الحدود‬
‫عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله"‪.‬‬
‫(هـ) ال يؤخذ إنسان بجريرة غيره ‪( :‬وال تزر وازرة وزر أخـرى) ‪ ،‬وكـل‬
‫إنسـان مسـتقل بمسؤوليته عن أفعاله ‪( :‬كل أمرئ بما كسب رهين) ‪،‬‬
‫وال يجوز بحال أن تمتد المسـاءلة إلـى ذويه من أهل وأقارب‪ ،‬أو‬
‫أتباع وأصدقاء ‪( :‬معاذ هللا أن نأخذ إال من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا‬
‫لظالمون)‪.‬‬
‫‪ -6‬حق الحماية من تعسف السلطة ‪:‬‬
‫لكل فرد الحق في الحماية من تعسف السلطات معه‪ ،‬وال يجوز‬
‫مطالبته بتقديم تفسير لعمل من أعماله أو وضع من أوضاعه وال توجيه اتهام‬
‫له إال بناء على قرائن قوية‪ ،‬تدل على تور طـه فيما يوجه إليه ‪( :‬والذين‬
‫يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثمـا مبينا)‪.‬‬
‫‪ -7‬حق الحماية من التعذيب ‪:‬‬
‫(أ ) ال يجوز تعذيب المجرم فضال عن المتهم ‪" :‬إن هللا يع ِّذب الذين‬
‫يع ِّذبون الناس في الـدنيا" ‪ ،‬كما ال يجوز حمل الشخص على‬
‫االعتراف بجريمة لم يرتكبها‪ ،‬وكل ما ينتزع بوسائل اإلكراه باطل ‪:‬‬
‫"إن هللا وضع عن أُمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"‪.‬‬
‫(ب) مهما كانت جريمة الفرد‪ ،‬وكيفما كانت عقوبتها المقدرة شرعا‪ ،‬فإن‬
‫إنسـانيته‪ ،‬وكرامتـه اآلدمية تظل مصونة‪.‬‬
‫‪ -8‬حق الفرد فى حماية عرضه وسمعته ‪:‬‬
‫عرض الفرد وسمعته حرمة ال يجوز انتهاكها ‪" :‬إن دماءكم وأموالكم‬
‫وأعراضكم بينكم حـرام كحرمة يومكم هذا‪ ،‬في شهركم هذا‪ ،‬في بلدكم هذا"‪.‬‬
‫ويحرم تتبع عوراته‪ ،‬ومحاولة النيل مـن شخصيته وكيانه األدبي ‪( :‬وال‬
‫تجسسوا وال يغتب بعضكم بعضـا)‪( ،‬وال تلمـزوا أنفسـكم وال تنابزوا‬
‫باأللقاب)‪.‬‬
‫‪-13-‬‬

‫‪ -9‬حــق اللجــوء ‪:‬‬


‫(أ ) من حق مسلم مضطهد أو مظلوم أن يلجأ إلى حيث يأمن في نطاق دار‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهو حق يكفله اإلسالم لكل مضطهد‪ ،‬أيا كانت جنسيته أو‬
‫عقيدته أو لونه‪ ،‬ويحمـل المسـلمين واجـب توفير األمن له متى لجأ‬
‫إليهم ‪( :‬وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كـالم هللا‬
‫ثم أبلغه مأمنه)‪.‬‬
‫(ب) بيت هللا الحرام ـ بمكة المشرفة ـ هو مثابة وأمن الناس جميعا ال يصـد‬
‫عنـه مسـلم ‪( :‬ومن دخله كان آمنا)‪( .‬وإذ جعلنا البيت مثابة للناس‬
‫وأمنا)‪( ،‬سواء العاكف فيه والباد)‪.‬‬
‫‪ -10‬حقوق األقليات ‪:‬‬
‫(أ ) األوضاع الدينية لألقليات يحكمها المبدأ القرآني العام ‪( :‬ال إكراه في‬
‫الدين)‪.‬‬
‫(ب) األوضاع المدنية‪ ،‬واألحوال الشخصية لألقليات تحكمها شريعة‬
‫اإلسالم إن هم تحـاكموا إلينا ‪( :‬فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض‬
‫عنهم‪ ،‬وإن تعرض عنهم فلن يضروك شـيئا‪ ،‬وإن حكمت فاحكم بينهم‬
‫فالقسط) ‪ ،‬فإن لم يتحاكموا إلينا ك ان عليهم أن يتحاكموا إلى‬
‫شـرائعهم مـا دامت تنتمي ـ عندهم ـ ألصل إلهي ‪( :‬وكيف يحكمونك‬
‫وعندهم التوراة فيهـا حكـم هللا ثـم يتولون من بعد ذلك)‪( ،‬وليحكم أهل‬
‫اإلنجيل بما أنزل هللا فيه)‪.‬‬
‫‪ -11‬حق المشاركة في الحياة العامة ‪:‬‬
‫(أ ) من حق كل فرد في األمة أن يعلم بما يجري في حياتها‪ ،‬من شؤون‬
‫تتصـل بالمصـلحة العامة للجماعة‪ ،‬وعليه أن يسهم فيها بقدر ما تتيح‬
‫له قدراته ومواهبه أعماال لمبـدأ الشـورى‪( :‬وأمرهم شورى بينهم)‪،‬‬
‫وكل فرد في األمة أهل لتولّي المناصـب والوظـائف العامـة متـى‬
‫توافرت فيه شرائطها الشرعية‪ ،‬وال تسقط هذه األهلية أو تنقص تحت‬
‫أي اعتبار عنصـري أو طبقي المسلمون تتكافأ دماؤهم‪ ،‬وهم يد من‬
‫سواهم‪ ،‬يسعى بذمتهم أدناهم‪.‬‬
‫‪-14-‬‬

‫(ب) الشورى أساس العالقة بين الحاكم واألمة‪ ،‬ومن حق األمة أن تختار‬
‫حكامهـا‪ ،‬فإرادتهـا الحرة‪ ،‬تطبيقا لهذا المبدأ‪ ،‬ولها الحق في محاسبتهم‬
‫وفي عزلهم إذا حادوا عن شـريعة ‪" :‬إنـي ولِّ ُ‬
‫يت عليكم ولست بخيركم‬
‫ق فأعينوني‪ ،‬وإن رأيتمـوني علـى باطـل‬ ‫فإن رأيتموني على ح ّ‬
‫ُ‬
‫عصيت فال طاعة لي‬ ‫أطعت هللا ورسولَه‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬ ‫فَقَوموني‪ ،‬أطيعوني ما‬
‫عليكم"‪.‬‬
‫‪ -12‬حق حرية التفكير واالعتقاد والتعبير ‪:‬‬
‫(أ ) لكل شخص أن يفكر‪ ،‬ويعتقد‪ ،‬ويعبر عن فكره ومعتقده‪ ،‬دون تد خل‬
‫أو مصادرة من أحد ما دام يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة‪،‬‬
‫وال يجوز إذاعة الباطل‪ ،‬وال نشر ما فيه ترويجا للفاحشة أو تخذيال‬
‫لألمة ‪( :‬لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مـرض والمرجفـون‬
‫فـي المدينة لنغرينك بهم ثم ال يجاورونك فيها إال قليال ملعونين أينما‬
‫ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيال)‪.‬‬
‫(ب) التفكير الحر ـ بحثا عن الحق ـ ليس مجرد حق فحسب‪ ،‬بل هو واجب‬
‫كذلك ‪( :‬قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا هللا مثنى وفرادى ثم‬
‫تتفكروا)‪.‬‬
‫(ج) من حق كل فرد ومن واجبه ‪ :‬أن يعلن رفضه للظلم‪ ،‬وإنكاره له‪ ،‬وأن‬
‫يقاومه‪ ،‬دون تهيـب من مواجهة سلطة متعسفة‪ ،‬أو حاكم جائر‪ ،‬أو‬
‫نظام طاغ ‪ ..‬وهذا أفضل الجهاد ‪" :‬سئل رسـول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ :‬أي الجهاد أفضل؟ قال ‪ :‬كلمة حق عند سلطان جائر"‪.‬‬
‫(د ) ال حظر على نشر المعلومات والحقائق الصحيحة‪ ،‬إال ما يكون في‬
‫نشره خطر على أمـن المجتمع والدولة ‪( :‬وإذا جاء هم أمر من األمن‬
‫أو الخوف أذاعوا به‪ ،‬ولو ردوه إلـى الرسـول وإلى أولي األمر منهم‬
‫لعلمه الذين يستنبطونه منهم)‪.‬‬
‫(هـ) احترام مشاعر المخالفين في الدين من ُخلُق المسلم‪ ،‬فال يجـوز ألحـد‬
‫أن يسـخر مـن معتقدات غيره‪ ،‬وال أن يستعدي المجتمع عليه ‪( :‬وال‬
‫تسبوا الذين يدعون مـن دون هللا فيسـبوا هللا عدوا بغير علم‪ ،‬كذلك‬
‫زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم)‪.‬‬
‫‪-15-‬‬

‫‪ -13‬حق الحرية الدينية ‪:‬‬


‫لكل شخص ‪ :‬حرية االعتقاد‪ ،‬وحرية العبادة وفقا لمعتقده ‪( :‬لكم دينكم‬
‫ولي دين)‪.‬‬
‫‪ -14‬حق الدعوة والبالغ ‪:‬‬
‫(أ ) لكل فرد الحق أن يشارك ـ منفردا ومع غيره ـ في حياة الجماعـة ‪:‬‬
‫دينيـا واجتماعيـا وثقافيا وسياسيا‪ ،‬الخ‪ ،‬وأن ينشئ من المؤسسات‬
‫ويصطنع من الوسـائل مـا هـو ضـروري لممارسة هذا الحق ‪( :‬قل‬
‫هذه سبيلي أدعوا إلى هللا‪ ،‬على بصيرة أنا ومن اتبعني)‪.‬‬
‫(ب) من حق كل الفرد ومن واجبه أن يأمر بالمعروف وينهـى عـن‬
‫المنكـر‪ ،‬وأن يطالـب المجتمع بإقامة المؤسسات التي تهيئ لألفراد‬
‫الوفاء بهذه المسؤولية‪ ،‬تعاونا على البر والتقوى‪:‬‬
‫(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن‬
‫المنكر)‪( ،‬وتعاونوا علـى البر والتقوى)‪" ،‬إن الناس إذا رأوا الظالم‬
‫فلم يأخذوا على يديه أو َشك أن يعمهم هللا بعقاب"‪.‬‬
‫‪ -15‬الحقوق االقتصادية ‪:‬‬
‫(أ ) الطبيعة ـ بثرواتها جميعا ـ ملك هللا تعالى (هللا ملك السماوات‬
‫واألرض وما فيهن) ‪ ،‬وهي عطاء منه للبشر‪ ،‬منحهم حق االنتفاع‬
‫بها‪( :‬وسخر لكم ما في السـماوات ومـا فـي األرض جميعا منه)‪.‬‬
‫وحرم عليهم إفسادها وتدميرها ‪( :‬وال تعثوا في األرض مفسدين) ‪،‬‬
‫وال يجوز ألحد أن يحرم آخر أو يعتدي على حقه في االنتفاع بما في‬
‫الطبيعة من مصادر الرزق (ومـا كـان عطاء ربك محظورا)‪.‬‬
‫(ب) لكل إنسان أن يعمل وينتج‪ ،‬تحصيال للرزق من وجوهه المشروعة ‪:‬‬
‫(وما من دابـة فـي األرض إالّ على هللا رزقها)‪( ،‬فامشوا في مناكبها‬
‫وكلوا من رزقه)‪.‬‬
‫(ج) الملكية الخاصة مشروعة ـ على انفراد ومشاركة ـ ولكل إنسان أن‬
‫يقتني مـا اكتسـبه بجهده وعمله ‪( :‬وأنه هو أغنى وأقنى) ‪ ،‬والملكية‬
‫‪-16-‬‬

‫العامة مشروعة‪ ،‬وتوظـف لمصـلحة األمـة بأسرها ‪( :‬ما أفاء هللا على‬
‫رسوله من أهل القرى فللـه وللرسـول ولـذي القربـى واليتـامى‬
‫والمساكين وابن السبيل كي ال يكون دولة بين األغنياء منكم)‪.‬‬
‫(د ) لفقراء األمة حق مقرر في مال األغنياء‪ ،‬نظمته الزكاة ‪( :‬والذين في‬
‫أموالهم حـق معلـوم للسائل والمحروم) ‪ ،‬وهو حق ال يحوز تعطيله‪،‬‬
‫وال منعه‪ ،‬وال الترخيص فيه‪ ،‬من قبل الحـاكم ولو أدى به الموقف إلى‬
‫قتال مانعي الزكاة ‪" :‬وهللا لو منعوني عقاال‪ ،‬كانوا يؤدونه إلى رسـول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬لقاتلتهم عليه"‪.‬‬
‫(هـ) توظيف مصادر الثروة ووسائل اإلنتاج لمصلحة األمة واجب‪ ،‬فـال‬
‫يجـوز إهمالهـا وال تعطيلها ‪" :‬ما من عبد استرعاه هللا رعية فلم‬
‫يح ْ‬
‫طها بالنصيحة إال لم يجد رائحة الجنّة"‪ ،‬كـذلك ال يجوز استثمارها‬ ‫ِ‬
‫فيما حرمته الشريعة‪ ،‬وال فيما يضر بمصلحة الجماعة‪.‬‬
‫(و ) ترشيدا للنشاط االقتصادي‪ ،‬وضمانا لسالمته‪ ،‬حرم اإلسالم ‪:‬‬
‫الغش بكل صورة ‪" :‬ليس ِمنَّا من غَشّ "‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الغرر والجهالة‪ ،‬وكل ما يفضني إلى منازعات ال يمكن إخضاعها‬ ‫‪-2‬‬
‫لمعـايير موضـوعية ‪" :‬نهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع‬
‫الحصاة وعن بيع الغرر ‪" ،‬نهي النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيع‬
‫العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد"‪.‬‬
‫االستغالل والتغابن في عمليات التبادل ‪( :‬ويل للمطففين الـذين إذا‬ ‫‪-3‬‬
‫اكتـالوا علـى النـاس يستوفون ‪ .‬وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)‪.‬‬
‫االحتكار‪ ،‬وكل ما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة ‪" :‬ال يحتكر إال‬ ‫‪-4‬‬
‫خاطئ"‪.‬‬
‫الربا‪ ،‬وكل كسب طفيلي يستغل ضوائق الناس ‪( :‬وأحل هللا البيع‬ ‫‪-5‬‬
‫وحرم الربا)‪.‬‬
‫الدعايات الكاذبة والخادعة ‪" :‬البيعان بالخيار ما لم يتفرفا‪ ،‬فإن صدقَا‬ ‫‪-6‬‬
‫محقت بركة بيعهما"‪.‬‬‫وبينَّا بورك لهما فـي بيعهما‪ ،‬وإن َغ َّشا وكذبا ِ‬
‫‪-17-‬‬

‫(ز ) رعاية مصلحة األمة‪ ،‬والتزام قيم اإلسالم العامة‪ ،‬هما القيد الوحيد‬
‫على النشاط االقتصادي في مجتمع المسلمين‪.‬‬

‫‪ -16‬حق حماية الملكية ‪:‬‬


‫ال يجوز انتزاع ملكية‪ ،‬نشأت عن كسب حالل‪ ،‬إال للمصلحة العامة ‪:‬‬
‫(وال تأكلو ا أموالكم بيـنكم بالباطل) ‪ ،‬ومع تعويض عادل لصاحبها ‪" :‬من‬
‫أخذ ِمن األرض شيئا بغير حقّه ُخ ِسفَ بـه يـوم القيامة إلى سبع أرضين"‪،‬‬
‫وحرمة الملكية العامة أعظم‪ ،‬وعقوبة االعتداء عليهـا أشـد ألنـه عدوان على‬
‫المجتمع كله‪ ،‬وخيانة لألمة بأسرها ‪" :‬ومن استعملناه منكم على عمل فك‬
‫تمنـا منـه مخيطا فما فوقه‪ ،‬كان غلوال يأتي به يوم القيامة"‪" .‬قيل يا رسول‬
‫هللا ‪ :‬إن فالنا قد استشهد ! قال ‪ :‬كال ! لقد رأيته في النار بعباءة قد غلّها ‪ .‬ثم‬
‫قال ‪ :‬يا عمر ‪ :‬قُم فنِـاد ‪ :‬إنـه ال يـدخل الجنّـة إال المؤمنون ـ ثالثا ـ"‪.‬‬

‫‪ -17‬حق العامل وواجبه ‪:‬‬


‫العمل شعار رفعه اإلسالم لمجتمعه‪( :‬وقل اعملوا)‪ .‬وإذا كان‬
‫حق العمل اإلتقان"‪ :‬إن هللا يحب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه" فإن‬
‫حق العامل‪:‬‬
‫أن يوفى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له ‪" :‬أعطوا‬ ‫‪-1‬‬
‫ّ‬
‫يجف عرقه"‪.‬‬ ‫األجير أجره قبـل أن‬
‫أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يب ذله من جهد وعرق ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(ولكل درجات مما عملوا)‪.‬‬
‫أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له ‪( :‬وقـل اعملـوا‬ ‫‪-3‬‬
‫فسـيرى هللا عملكـم ورسوله والمؤمنون)‪" ،‬إن هللا يحب المؤمن‬
‫المحترف"‪.‬‬
‫أن يجد الحماية‪ ،‬التي تحول دون غبنه واستغالل ظروفه‪ ،‬قـال هللا‬ ‫‪-4‬‬
‫تعـالى ‪" :‬ثالثـة أنـا خصمه يوم القيامة ‪ :‬رجل أعطى بي ثم غدر‪،‬‬
‫ورجل باع حرا فأكل ثمنه‪ ،‬ورجـل اسـتأجر أجيرا فاستوفى منه ولم‬
‫يعطه أجره"‪.‬‬
‫‪-1٨-‬‬

‫‪ -18‬حق الفرد في كفايته من مقومات الحياة ‪:‬‬


‫من حق الفرد أن ينال كفايته من ضروريات الحياة ‪ :‬من طعام‬
‫وشراب وملبس ومسكن‪ ،‬ومما يلزم لصحة بدنه من رعاية‪ ،‬وما يلزم لصحة‬
‫روحه وعقله من علم ومعرفة وثقافة في نطـاق ما تسمح به موارد األمة‪،‬‬
‫ويمتد واجب األمة في هذا ليشمل ما ال يستطيع الفـرد أن يسـتقل بتوفيره‬
‫لنفسه من ذلك ‪( :‬النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)‪.‬‬
‫‪ -19‬حـق بنـاء األسـرة ‪:‬‬
‫(أ ) الزواج ـ بإطاره اإلسالمي ـ حق لكل إنسان ‪ .‬وهو الطريق الشـرعي‬
‫لبنـاء األسـرة وإنجاب الذرية‪ ،‬وإعفاف النفس ‪( :‬يا أيها الناس اتقوا‬
‫ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلـق منهما زوجها وبث منهما‬
‫رجاال كثيرا ونساء)‪.‬‬
‫بل اآلخر ـ وعليه له ـ حقوق وواجبات متكافئة‬ ‫ولكل من الزوجين قِ َ‬
‫قررتها الشريعة ‪( :‬ولهن مثل الذي عل يهن بالمعروف وللرجال‬
‫عليهن درجة)‪ .‬ولألب تربية أوالده بدنيا وخلقيا ودينيـا‪ ،‬وفقا لعقيدته‬
‫وشريعته‪ ،‬وهو مسؤول عن اختياره الوجهة التي يوليهم إياها ‪" :‬كلُّكم‬
‫راع وكلكـم مسؤول عن رعيته"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بل اآلخر حق احترامه‪ ،‬وتقدير مشاعره وظروفه‪،‬‬‫(ب) لكل من الزوجين قِ َ‬
‫في إطار من التواد والتراحم ‪( :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم‬
‫أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)‪.‬‬
‫(ج) على الزوج أن ينفق على زوجته وأوالده دون تقتير عليهم‪ ) :‬لينفق ذو‬
‫سعة مـن سـعته‪ ،‬ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا)‪.‬‬
‫(د ) لكل طفل على أبويه حق إحسان تربيته‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬وتأديبه ‪( :‬وقل رب‬
‫ارحمهما كما ربياني صغيرا)‪ .‬واليجوز تشغيل األطفال في سن‬
‫باكرة‪ ،‬وال تحميلهم من األعمال مـا يـرهقهم أو يعوق نموهم أو يحول‬
‫بينهم وبين حقهم في اللعب والتعلم‪.‬‬
‫(هـ) إذا عجز والدا الطفل عن الوفاء بمسؤوليتهما نحوه‪ ،‬انتقلت هذه المس‬
‫ؤولية إلى المجتمـع‪ ،‬وتكون نفقات الطفل في بيت مال المسلمين ـ‬
‫‪-1٩-‬‬

‫الخزانة العامة للدولة ـ ‪" :‬أنا أولَى بك ّل مـؤمن من نفسه‪ ،‬فمن ترك‬
‫دينا أو ضيعة فَعلي ‪،‬ومن ترك ماال فلِورثَته"‪.‬‬
‫(و ) لكل فرد في األسرة أن ينال منها ما هو في حاجة إليه ‪ :‬من كفاية‬
‫ماديـة‪ ،‬ومـن رعايـة وحنان‪ ،‬في طفولته وشيخوخته وعجزه‪،‬‬
‫وللوالدين علـى أوالدهمـا حـق كفالتهمـا ماديـا‪ ،‬ورعايتهما بدنيا‬
‫ونفسيا ‪" :‬أنت ومالُك لِوالِ ِدك"‪.‬‬
‫(ز ) لألمومة حق في رعاية خاصة من األسرة ‪" :‬يا رسول هللا ‪ :‬مـن‬
‫ق النـاس بحسـن صحابتي؟ قال ‪ :‬أمك ‪ :‬قال ـ السائل ـ ‪ :‬ثم من؟‬ ‫أحـ ّ‬
‫قال ‪ :‬أمك ‪ .‬قال ‪ :‬ثم من؟ قال ‪ :‬أمك ‪ .‬قـال ‪ :‬ثـم من؟ قال ‪ :‬أبوك"‪.‬‬
‫(ح) مسؤولية األسرة شركة بين أفرادها‪ ،‬كل بحسب طاقته وطبيعة‬
‫فطرته‪ ،‬وهـي مسـؤولية تتجاوز دائرة اآلباء واألوالد لتعم األقارب‬
‫وذوي األرحام ‪" :‬يا رسول هللا ‪ :‬من أبر؟ قال ‪ :‬أمـك ! ثم أمك ! ثم‬
‫أمك ! ثم أباك ثم األقرب فاألقرب"‪.‬‬
‫(ط) ال يجبر الفتى أو الفتاة على الزواج ممن ال يرغب فيه ‪" :‬جاءت‬
‫جاريةٌ بِ ْكـر إلـى النبـي صلى هللا عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها‬
‫وهي كارهة ف َّخيرها النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -20‬حقوق الزوجة ‪:‬‬


‫(أ ) أن تعيش مع زوجها حيث يعيش ‪( :‬أسكنوهن من حيث سكنتم)‪.‬‬
‫(ب) أن ينفق عليها بالمعروف طوال زواجهما‪ ،‬وخالل فترة عدتها إن هو‬
‫طلقهـا ‪ ) :‬الرجـال قوامون عل النساء بما فضل هللا بعضهم على‬
‫بعض وبما أنفقوا من أموالهم)‪( ،‬وإن كن أوالت حمل فأنفقوا عليهن‬
‫حتى يضعن حملهن)‪ ،‬وأن تأخذ من مطلقها نفقة من تحضنهن مـن‬
‫أوالده منها‪ ،‬بما يتناسب مع كسب أبيهم ‪( :‬فإن أرضعن لكم فأتوهن‬
‫أجورهن)‪.‬‬
‫(ج) تستحق الزوجة هذه النفقات أَيا كان وضعها المالي وأيا كانت ثروتها‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪-2٠-‬‬

‫(د ) للزوجة أن تطلب من زوجها ‪ :‬إنهاء عقد الزواج ـ وديا ـ عن طريق‬


‫الخلع) ‪ :‬فإن خفـتم أال يقيما ـ (الزوجان) ـ حدود هللا فال جناح عليهما‬
‫فيما افتدت به)‪ ،‬كما أن لهـا أن تطلـب التطليق قضائيا في نطاق أحكام‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫(ج) للزوجة حق الميراث من زوجها‪ ،‬كما ترث من أبويها وأوالدها وذوي‬
‫قرابتهـا‪ ( :‬ولهـن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد‪ ،‬فإن كان لكم ولد‬
‫فلهن الثمن مما تركتم)‪.‬‬
‫(د ) على كال الزوجين أن يحفظ غيب صاحبه‪ ،‬وأال َّ يفشي شيئا‬
‫من أسراره‪ ،‬وأالَّ يكشف عمـا قد يكون به من نقص ِخ ْلقِي‬
‫أو ُخلُقِي ‪ ،‬ويتأكد هذا الحق عند الطالق وبعده ‪( :‬وال تنسوا الفضـل‬
‫بينكــم)‪.‬‬

‫‪ -21‬حــق التربيــة ‪:‬‬


‫(أ ) التربية الصالحة حق األوالد على اآلباء‪ ،‬كما أن البر وإحسان ال‬
‫معاملة حق اآلبـاء علـى األوالد ‪( :‬وقضى ربك أالّ تعبدوا إالّ إياه‬
‫وبالوالدين إحسانا‪ ،‬إما يبلغن عندك الكبر أحـدهما أو كالهما فال تقل‬
‫لهما أف‪ ،‬وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما‪ ،‬واخفض لهما جنـاح‬
‫الـذل مـن الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)‪.‬‬
‫(ب) التعليم حق للجميع ‪ .‬وطلب العلم واجب على الجميع ذكورا‬
‫وإناثا على السـواء"‪ :‬طلب العلم فريضة على ك ّل مسلم ومسلمة"‪.‬‬
‫والتعليم حق لغير المتعلم على المـتعلم‪( :‬وإذ أخـذ هللا ميثاق‬
‫الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه فنبذوه وراء‬
‫ظهورهم واشـتروا بـه ثمنـا قليال‪ ،‬فبئس ما يشترون)‪" .‬ليبلغ الشاهد‬
‫الغائب"‪.‬‬
‫(ج) على المجتمع أن يوفر لكل فرد فرصة متكافئة ليتعلَّم ويستنير ‪" :‬من‬
‫يرد هللا به خيرا يفقِّهه في الدين ‪ .‬وإنما أنا قاسم وهللا ـ عز وجل ـ‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫يعطي"‪ ،‬ولكل فرد أن يختار ما يالئـم مواهبـه وقدراته ‪" :‬كلٌّ ميسر‬
‫لما ُخلِ َ‬
‫ق له"‪.‬‬
‫‪-21-‬‬

‫‪ -22‬حق الفرد في حماية خصوصياته ‪:‬‬


‫سرائر البشر إلى خالقهم وحده ‪" :‬أفال شققت عن قلبه"‪،‬‬
‫وخصوصياتهم حمى‪ ،‬ال يحل التسـور عليهم ‪( :‬وال تجسسوا)‪" ،‬يا معشر‬
‫من أسلم بلسانه‪ ،‬ولم ي ْف ِ‬
‫ض اإليمـان إلـى قلبـه ‪ :‬ال تـؤذوا المسلمين وال‬
‫تعيروهم وال تتَّبعوا عوراتهم‪ ،‬فإنه من تتَبع عورةَ أخيه المسلم تتبع هللا‬
‫عورتـه‪ ،‬ومن تتبع هللا عورته يفضحه ولو في جوف رحلِ ِه"‪.‬‬

‫‪ -23‬حق حرية االرتحال واإلقامة ‪:‬‬


‫(أ ) من حق كل فرد أن تكون له حرية الحركة‪ ،‬والتنقل من مكان إقامته‬
‫وإليه‪ ،‬وله حق الرحلة والهجرة من موطنه والعودة إليه دون ما‬
‫تضييق عليه أو تعويق له ‪( :‬هو الـذي جعـل لكـم األرض ذلوال‬
‫فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)‪( .‬قل سيروا في األرض ثم‬
‫انظـروا كيـف كان عاقبة المكذبين)‪( ،‬ألم تكن أرض هللا واسعة‬
‫فتهاجروا فيها)‪.‬‬
‫(ب) ال يجوز إجبار شخص على ترك موطنه وال إبعاده عنه تعسفا أو دون‬
‫سبب شـرعي‪( :‬يسأل ونك عن الشهر الحرام قتال فيه‪ ،‬قل قتال فيه‬
‫كبير‪ ،‬وصد عـن سـبيل هللا وكفـر بـه والمسجد الحرام وإخراج أهله‬
‫منه أكبر عند هللا)‪.‬‬
‫(ج) دار اإلسالم واحدة‪ ،‬وهي موطن لكل مسلم‪ ،‬ال يجوز أن تقيد حركتـه‬
‫فيهـا بحـواجز جغرافية أو حدود سياسية ‪ .‬وعلى كل بلد أن يستقبل‬
‫من يهاجر إليه أو يدخله مـن المسـلمين استقبال األخ ألخيه ‪( :‬والذين‬
‫تبوأوا الدار واإليمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم وال يجدون في‬
‫صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم‬
‫خصاصة‪ ،‬ومن يـوق شـح نفسه فأولئك هم المفلحون)‪.‬‬
‫‪-22-‬‬

‫ً‬
‫ثالثا ‪ :‬الشرعة الدولية حلقوق اإلنسان (‪: )1‬‬

‫(أ ) حقوق اإلنسان في االتفاقيات والمواثيق الدولية ‪:‬‬


‫شهدت االتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان وتوفير‬
‫الضمانات الكافية لحمايتها وتعزيزها تطورا كبيرا منذ أقرت عصبة األمم‬
‫المتحدة نظام االنتداب لالرتقاء بسكان المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي‪،‬‬
‫وحماية العمال في منظمة العمـل الدوليـة ‪ ،‬وحماية األقليات باإلمتيازات‬
‫األجنبية ومبدأ التدخل اإلنسانى والحماية الدبلوماسية‪.‬‬
‫ومع إنشاء منظمة األمم المتحدة التي يشير ميثاقها إلي إيمـان‬
‫الشـعوب بـالحقوق األساسـية لإلنسان وبكرامة الفرد ‪ ،‬والحقوق المتساوية‬
‫للشعوب كبيرها وصغيرها‪ ،‬والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق ‪ ،‬ثم‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪1٩4٨‬م‪ ،‬والعهدان الدوليان للحقـوق المدنية‬
‫والسياسية ‪ ،‬والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية فـي عـام ‪1٩66‬م ‪،‬‬
‫وهمـا العهدان اللذان يعتبران األساس بالنسبة إلي كافة التطورات الدولية‬
‫الالحقة فيما يتعلق موضوع اإلنسان وحقوقه ‪ .‬كما تنوعت اآلليات الدولية‬
‫والوطنية التي تعني بحماية حقوق اإلنسان ونشـر الوعي بها وعلي رأسها‬
‫اللجنة المعنية بالمسائل االجتماعية واإلنسانية والثقافية ولجنة حقـوق‬
‫اإلنسان التي تعني برصد االنتهاكات وكشفها وتلقي الشكاوي وإجراء‬
‫اتصاالت مع الدول عنها باإلضافة إلي اآلليات المنبثقة عن االتفاقيات الدولية‬
‫المعنية بحقوق اإلنسان وتلتزم الدول بتقديم تقارير لها عن إنفاذ تعهداتها‬
‫المتعلقة باالتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫ويضاف إلي هذه االتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‬
‫مجموعة قواعد "القانون اإلنساني الدولي" ذات الصلة بتنظيم حقوق اإلنسان‬
‫وحرياته األساسية فـي ظـل النزاعـات المسلحة‪ ،‬سواء أكانت نزاعات دولية‬
‫بالمعني الدقيق‪ ،‬أو نزاعات داخلية ذات طـابع دولـي‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬طالب عوض‪ ،‬الشرعية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬متاح فى ‪:‬‬
‫‪http://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=96‬‬
‫‪-23-‬‬

‫ومع التوقيع والتصديق الدولي علي االتفاقيات والمعاهدات الدولية‬


‫الخاصة بحقوق اإلنسـان‪ ،‬ساد االعتقاد بأن مسئولية الدفاع عن هذه الحقوق‬
‫اإلنسانية في أي مكان في العالم هي مسئولية دولية مشتركة ‪ ،‬وبالتالي ساد‬
‫االعتقاد بان حماية حقوق اإلنسان في كل المجـاالت السياسـية واالجتماعية‬
‫والثقافية والتنموية من األمور التي ال تندرج ضمن االختصاص الـداخلي‬
‫للـدول فقط‪ ،‬بل صار المجتمع الدولي يقف إزاء صيانتها وحمايتها علي قدم‬
‫المساواة مع الدول التـي تنتهك فيها هذه الحقوق ‪ ،‬خاصة في األحوال التي‬
‫يحدث فيها انتهاك صـارخ ومتعمـد علـي مجموعـة القواعـد واألحكـام ذات‬
‫الصـلة بحقـوق اإلنسـان وحرياتـه األساسـية‪.‬‬
‫إال أن تجارب الواقع أثبتت أن الجهود الدولية ال تستطيع وحدها القيام‬
‫بهذا الدور ‪ ...‬إذ يجـب االعتراف بالخصوصية الثقافية للشعوب مع وجود‬
‫مقاييس عالميـة مشـتركة لتحديـد هـذه االنتهاكات مثل مناهضة التعذيب‬
‫والحجز التعسفي ‪ ،‬والمحاكمات غيـر العادلـة وما يسود السياسة الدولية من‬
‫مصالح ذاتية‪ ،‬وأنانية مباشرة‪ ،‬وسياسة القوة‪.‬‬
‫وبناءا علي ذلك أصبحت حماية حقوق األفراد وتعزيزها مسئولية‬
‫مشتركة بين المجتمع الدولي ومؤسساته وبين المجتمعات الوطنية ‪،‬‬
‫ومؤسسات المجتمع المدني النشطة ‪ ،‬والرأي العام الواعى والمثقف على‬
‫المستويين المحلى والدولى‪.‬‬
‫ويمكـن تقسـيم االتفاقيـات والمواثيـق الدوليـة ذات الصـلة بحقـوق‬
‫اإلنسـان إلـى‪:‬‬
‫اتفاقيــــــات ومواثيــــــق ذات طــــــابع عــــــام‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اتفاقيات ذات طابع خاص ‪ ،‬ومجموعة المبادئ والقواعد التي صدرت‬ ‫‪-‬‬
‫عن األمم المتحـدة‪.‬‬
‫مجموعــــة االتفاقيــــات المنظمــــة لموضــــوعات معينــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مجموعــة المبــادئ والقواعــد الصــادرة عــن األمــم المتحــدة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أخيـــرا االتفاقيـــات والمواثيـــق علـــي المســـتوي اإلقليمـــي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-24-‬‬

‫االتفاقيات واملواثيق ذات الطابع العام ‪:‬‬

‫يعتبر ميثاق األمم المتحدة هو أول وثيقة تشير صراحة إلى مسئولية‬
‫المجتمع الدولي ككل فـي إقرار وحماية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ‪،،‬‬
‫ويليه في الترتيب الزمني اإلعالن العـالمي لحقوق اإلنسان ‪1٩4٨‬م ‪،‬‬
‫والعهـد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافيـة ‪1٩66‬م‪ ،‬والعهد‬
‫الدولى للحقوق المدنية والسياسية ‪1٩66‬م‪.‬‬
‫وقد انضمت لقائمة المواثيق الدولية عدد من االتفاقيات الدولية السابقة‬
‫علي إنشاء األمم المتحدة مثل اتفاقية السخرة وتجريم السخرة وتم إعالنهما‬
‫في إطار منظمة العمل الدوليـة‪ ،‬واتفاقية الرق‪.‬‬
‫وعقب إنشاء األمم المتحدة تم إضافة عدة اتفاقيات أخرى مثل‬
‫اتفاقية تجريم اإلبـادة الجماعيـة ‪ ،1٩4٨‬واتفاقية منع استغالل دعارة الغير‬
‫‪1٩4٩‬م واتفاقيات الالجئين والبروتوكول الملحـق بها ‪ ،‬واتفاقية التفرقة‬
‫العنصرية في الرياضة ‪ ،‬واتفاقية حقوق العمال المهـاجرين ‪ ،‬وبعـض‬
‫البروتوكوالت الملحقة باالتفاقيات الدولية مثل البروتوكولين الملحقين‬
‫باتفاقية الطفل‪.‬‬

‫االتفاقيات واملواثيق ذات الطابع اخلاص واملنظمة ملوضوعات‬

‫معينة ‪:‬‬

‫منها اتفاقيات جنيف األربع لسنة ‪1٩4٩‬م ‪ ،‬وإعالن األمم المتحدة‬


‫للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري سنة ‪1٩63‬م ‪ ،‬واالتفاقية الدولية‬
‫بشأن إلغاء كافة أشكال الفصل العنصري لسنة ‪1٩65‬م ‪ ،‬واالتفاقية الخاصة‬
‫بمنع إبادة الجنس البشري والمعاقب عليها لسنة ‪1٩4٨‬م ‪ ،‬واالتفاقية الدولية‬
‫لمناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية والحاطه من كرامة‬
‫اإلنسان لسنة ‪1٩٨4‬م ‪ ،‬واالتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد‬
‫المرأة لسنة ‪1٩7٩‬م‪ ،‬واالتفاقية الدولية بشأن حقوق الطفل ‪1٩٨٩ ،‬م‬
‫والنظام األساسي للمحكمة الجنائية ‪1٩٩٨‬م‪.‬‬
‫‪-25-‬‬

‫جمموعة املبادئ والقواعد التي صدرت عن األمم املتحدة منها ‪:‬‬

‫القواعد المنظمة لمعاملة السجناء ‪1٩55‬م ‪ ،‬الضمانات الخاصة‬


‫بحماية حقوق الذين يواجهون عقوبة اإلعدام ‪1٩٨4‬م ‪ ،‬استقالل السلطة‬
‫القضائية ‪1٩٨5‬م ‪ ،‬والمبادئ األساسية بشأن استخدام القوة واستعمال‬
‫األسلحة النارية ‪1٩٩٠‬م ‪ ،‬واإلعالن المتعلق بحماية جميع األشخاص من‬
‫االختفاء القسري ‪1٩٩2‬م ‪ .... ،‬وغيرها‪.‬‬

‫االتفاقيات واملواثيق علي املستوي اإلقليمي ‪:‬‬

‫االتفاقيات والمواثيق اإلقليمية هي التي تخاطب نطاقا إقليميا محددا أو‬


‫جموعه جغرافية يجمعها جامع ثقافي متميز وهي تصدر لرغبة المجموعات‬
‫اإلقليمية في تأكيد المواثيق العالمية وإكسابها طابعا إلزاميا إقليميا أو لتتضمن‬
‫حقوق جديدة لم تتضمنها المواثيق العالمية باإلضافة إلي رغبة المجموعة‬
‫اإلقليمية في إنشاء آليات للرصد والرقابة من خالل إنشاء لجان لحقوق‬
‫اإلنسان ومحاكم إقليمية تفصل في أي انتهاك لتلك الحقوق بقضاء نهائي‬
‫تلتزم فيه الدول األعضاء بتصحيح تشريعاتها الوطنية المخالفة وتعوض‬
‫الضحايا ‪.‬‬
‫وأسفر المسار اإلقليمي عن صدور عدة مواثيق هي ‪:‬‬
‫الميثاق األوروبي لحقوق اإلنسان والحريات األساسية ‪1٩5٠‬م دخل‬ ‫‪-‬‬
‫حيز النفاذ في ‪ 1٩53/٩/3‬وانضمت إليه ‪ 4٠‬دولة‪.‬‬
‫الميثاق األمريكي لحقوق اإلن سان ‪1٩67‬م دخل حيز النفاذ في‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 1٩7٨/7/1٨‬وانضمت إليه ‪ 35‬دولة ‪.‬‬
‫الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪1٩٨٠‬م ‪ .‬دخل حيز النفاذ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 1٩٨6‬وانضمت إليه ‪ 53‬دولة‪.‬‬
‫الميثاق العربي لحقوق الطفل عام ‪1٩٨٨‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في اإلسالم أغسطس ‪1٩٩٠‬م‪.‬‬
‫والميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪1٩٩4‬م ولم يدخل حيز التنفيذ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-26-‬‬

‫(ب) الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان ‪:‬‬


‫تتكون الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان من اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسـان (‪ )1٩4٨‬والعهـد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫(‪ ،)1٩66‬والعهد الـدولي للحقـوق المدنيـة والسياسية (‪،)1٩66‬‬
‫والبروتوكولين االختياريين اإلضافيين‪.‬‬
‫وقد سبق التعبير عن حقوق اإلنسان في عهد عصبة األمم المتحدة‬
‫الذي أدى إلى أمـور منهـا إنشاء منظمة العمل الدولية (‪ ،)1٩1٩‬وفي مؤتمر‬
‫سان فرانسيسكو لعام (‪ ،)1٩45‬الـذي عقـد لوضع ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫عرض اقتراح بصوغ إعالن بشأن حقـوق اإلنسـان األساسـية ‪ .‬ويشير ميثاق‬
‫األمم المتحدة صراحة عن "تعزيز وتشجيع احترام حقـوق اإلنسـان‬
‫والحريـات األساسية للناس جميعا بال تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو‬
‫اللغـة أو الـدين" كمـا اعتبـر الكثيرون أن فكرة إصدار شرعة دولية لحقوق‬
‫اإلنسان أمر مستفاد في األساس من الميثاق‪.‬‬
‫لقد تم التوقيع على ميثاق األمم المتحدة في ‪ ،1٩45/6/16‬بمدينة سان‬
‫فرانسيسكو من طـرف خمسون دولة كنتيجة للحرب العالمية الثانية التي‬
‫شاهدت اعتداءات كثيـرة ووحشـية علـى اإلنسان من طرف الكيان النازي‪،‬‬
‫وكان الهدف األساسي للمنظمة األمم المتحدة هو الحفاظ على السلم في‬
‫العالقات الدولية والحريات‪ ،‬وقد جاء في ديباجة الميثاق أن شعوب األمـم‬
‫المتحـدة تؤكد على إيمانها بالحقوق األساسية لإلنسان وبكرامة الفرد وبما‬
‫للرجال والنساء واألمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ‪ .‬وتضمن‬
‫ميثاق األمم المتحدة اإلشارة إلى حقوق اإلنسان في سبعة مواضيع على‬
‫األقل "ديباجـة والمواد ‪ 72 ، 6٨ ، 62 ، 55 ، 13 ، 1‬وفيما يلي أهم هذه‬
‫النصوص ‪:‬‬
‫نصت المادة األولى من الميثاق في النقطتين الثالثة والرابعة من‬
‫مقاصد األمم المتحدة على ‪:‬‬
‫تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدوليـة ذات الصـبغة‬ ‫‪-‬‬
‫االقتصـادية واالجتماعيـة والثقافية واإلنسانية‪ ،‬وعلى تعزيز احترام‬
‫حقوق اإلنسان والحريات األساسـية للنـاس جميعـا والتشجيع على ذلك‬
‫‪-27-‬‬

‫انطالقا بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بـين‬
‫الرجـال والنساء‪.‬‬
‫وتضمنت الفقرتين األولى والثانية من المادة (‪ )55‬من الميثاق‬
‫تأكيدا مفاده "رغبة فـي تهيئـة دواعي االستقرار والرفاهية الضروريين‬
‫لقيام عالقات سلمية ودية بين األمم والشعوب مؤسسة على احترام‬
‫المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبان يكون لكل منهـا‬
‫حـق تقرير مصيرها‪ ،‬وتعمل األمم المتحدة على ‪ . ...‬أن يشيع في العالم‬
‫احتـرام حقـوق اإلنسـان والحريات األساسية للجميع بال تمييز بسبب الجنس‬
‫أو اللغة أو الدين وال تفريق بـين الرجـال والنساء ومراعاة تلك الحقوق‬
‫والحريات فعال‪.‬‬
‫هذا وقد أوصت اللجنة التحضيرية لألمم المتحدة‪ ،‬التي اجتمعت فور‬
‫انتهاء الجلسـة الختاميـة لمؤتمر سان فرانس يسكو‪ ،‬بان ينشئ المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي في دورته األولى لجنـة لتعزيز حقوق اإلنسان على‬
‫النحو المنصوص من المادة (‪ )6٨‬مـن الميثـاق‪ ،‬وعمـال بهـذه التوصية‪،‬‬
‫انشأ المجلس لجنة حقوق اإلنسان في وقت مبكر من عام ‪.1٩46‬‬
‫وقد نظرت الجمعية العامة‪ ،‬في الجزء األول من دورتها األولى‬
‫المنعقدة في لندن‪ ،‬في كـانون الثاني ‪ /‬يناير ‪1٩46‬م ‪ ،‬في مشروع إعالن‬
‫لحقوق اإلنسان األساسـية‪ ،‬إحالتـه إلـى المجلـس االقتصادي واالجتماعي‬
‫إلحالته إلى لجنة حقوق اإلنسان في إعدادها شرعة دولية للحقوق‪.‬‬

‫اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫في العاشر من شهر كانون األول (ديسمبر) ‪ ، 1٩4٨‬اعتمدت‬


‫الجمعية العامة لألمـم المتحـدة اإلعالن بـ ‪ 4٨‬صوت إيجابي وامتناع ‪ ٨‬عن‬
‫التصويت الذي قـدم عـن طريـق المجلـس االقتصادي واالجتماعي إلى‬
‫الجمعية العامة في اجتماعها في باريس‪.‬‬
‫وبعد صدور اإلعالن ظهر نقاش واسع حول قيمته القانونية حيث‬
‫صـرح ممثـل الواليـات المتحدة عقب المصادقة بان هذا النداء ليس معاهدة‬
‫وليس اتفاقية وال يكون نصا قانونيا تترتـب عليه آثارا قانونية‪.‬‬
‫‪-2٨-‬‬

‫هذا ويتألف اإلعالن من ديباجة و ‪ 3٠‬مادة تحدد حقوق اإلنسان‬


‫والحريات األساسية التي تحقق لجميع الرجال والنساء في أي مكان في العالم‬
‫دون تمييز‪ ،‬وتقول المادة ‪ 11‬التي تضع الفلسفة التي يعتمد عليها اإلعالن‬
‫" يولد جميع الناس أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق ‪ .‬وهم قـد وهبوا‬
‫العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح اإلخاء"‪.‬‬
‫أكدت المادة (‪ )2‬على المبدأ األساسي للمساواة وعدم التمييز فيمـا‬
‫يتعلـق بحقـوق اإلنسـان والحريات األساسية‪ ،‬فتحظر "التمييز من أي نوع‪،‬‬
‫وال سيما التمييز بسبب العنصر‪ ،‬أو اللـون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو‬
‫الرأي سياسيا أو غير سياسي أو األصل الوطني أو االجتمـاعي أو الثروة أو‬
‫المولد أو أي وضع آخر"‪.‬‬
‫وتعلن المادة (‪ )3‬وهي حجر الزاوية األولى في اإلعالن أن لكل فرد‬
‫الحق في الحياة والحرية وفي األمان على شخصه ‪ -‬وهو حق أساسي للتمتع‬
‫بكل الحقوق األخرى‪.‬‬
‫وفي المواد ‪ 21-4‬تنص هذه المواد على كافة الحقوق المدنية‬
‫والسياسية منها ‪ :‬التحـرر مـن االسترقاق واالستعباد‪ ،‬والتحرر من التعذيب‬
‫أو المعاملة أو العقوبة القاسـية أو الال إنسـانية أو الحط بالكرامة‪ ،‬وحق لكل‬
‫إنسان في كل مكان بان يعترف له بالشخصية القانونية والحق فـي‬
‫االنتصاف القضائي الفعلي ‪ .‬والتحرر من االعتقال أو الحجز أو النفـي‬
‫تعسـفا‪ ،‬والحـق فـي محاكمة عادلة وفي أن تنظر قضية محكمة مستقلة‬
‫محايدة نظرا منصفا وعلنيا‪ ،‬والحـق فـي اعتباره بريئا إلى أن تثبت إدانته ‪.‬‬
‫والتحرر من التدخل التعسفي في حياته الخاصـة أو شـؤون أسرته أو مسكنه‬
‫أو مراسالته‪ ،‬وحرية التنقل واإلقامة وحق اللجوء وحق التمتع بجنسـية مـا‪،‬‬
‫والحق في الزواج وتأسيس أسرة‪ ،‬والحق في التملك وحرية الفكر والوجدان‬
‫والـدين وحريـة الرأي والتعبير‪ ،‬والحق في االشتراك في االجتماعات‬
‫والجمعيات السلمية والحق في المشـاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده وفي‬
‫تقلد الوظائف العامة في بلده بالتساوي مع اآلخرين‪.‬‬
‫وأكدت المادة ‪ 22‬وهي حجر الزاوية الثاني في اإلعالن على أن لكل‬
‫شخص بصفته عضـوا في المجتمع الحق في الضمانة ا الجتماعية وفي أن‬
‫تتحقق بوساطة المجهود القومي والتعـاون الدولي وبما يتفق ونظم كل‬
‫‪-2٩-‬‬

‫دولة ومواردها الحقوق االقتصادية واالجتماعية والتربوية التـي ال غنى‬


‫عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته‪ ،‬وتشمل الحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافيـة المعترف بها في المواد ‪ 27-23‬الحق في الضمان‬
‫االجتماعي ‪ ،‬والحق في العمل والحق فـي اجر متساو على العمل المتساوي‪،‬‬
‫والحق في الراحة وأوقات الفراغ‪ ،‬والحـق فـي مسـتوى معيشة يكفي‬
‫لضمان الصحة والرفاهية والحق في التعليم والحق في المشاركة في حياة‬
‫المجتمع الثقافية‪.‬‬
‫وتشير المادة (‪ )2٨‬إلى أن لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي‬
‫يمكن من تحقيق هـذه الحقوق ‪ .‬وتحذر المادة ‪ 3٠‬من أن ليس في هذا‬
‫اإلعالن أي نص ينطوي على تخويل أية دولة أو جماعة أو أي فرد أي حق‬
‫"في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات‬
‫المنصوص عليها" في هذا اإلعالن‪.‬‬

‫أهمية اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫إن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬باعتباره "مثال أعلى مشتركا‬


‫ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم" قد اصبح محكا تقاس به درجة‬
‫احترام المعايير الدولية لحقوق اإلنسان والتقيد بها‪.‬‬
‫ومنذ صدور اإلعالن حتى اآلن يعتبر هذا اإلعال ن من أهم إعالنات‬
‫األمم المتحدة وأبعدها أثرا ويشكل مصدرا أساسيا يلهم الجهود الوطنية‬
‫واإلقليمية والدولية من اجل تعزيز وحماية حقـوق ‪ 2٨‬اإلنسان والحريات‬
‫األساسية‪ ،‬وقد حدد االتجاه لكل األعمال الالحقة في ميدان تعزيز وحمايـة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ووفر الفلسفة األساسية لعدد واسع من الصكوك الدوليـة‬
‫واإلقليميـة الملزمـة قانونا والتي تستهدف حماية الحقوق والحريات التي‬
‫يعلنها‪.‬‬
‫هذا وقد جاء في إعالن طهران الذي اعتمده المؤتمر الدولي األول‬
‫لحقوق اإلنسان في ‪ 1٩6٨‬الذي اتفق على أن "اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان يمثل تفاهما تسترك فيه شـعوب العـالم على ما لجميع أعضاء‬
‫األسرة البشرية من حقوق ثابتة منيعة الحرمة ويشكل التزاما على كاهل‬
‫أعضاء المجتمع الدولي" وفي األعوام األخيرة ازداد ميل هيئات األمم‬
‫‪-3٠-‬‬

‫المتحدة عنـد إعـداد صكوك دولية في ميدان حقوق اإلنسان‪ ،‬إلى اإلشارة‬
‫ال إلى اإلعالن العـالمي فحسـب بـل اإلشارة أيضا إلى أجزاء في الشرعية‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫أكد إعالن وبرنامج فيينا الصادر عن المؤتمر الدولي الثاني لحقوق‬
‫اإلنسان – فيينا – ‪ 1٩٩3‬أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي يشكل‬
‫المثال المشترك الـذي ينبغـي أن تحققـه الشعوب كافة واألمم‪ ،‬هو مصدر‬
‫اإللهام قد اتخذته األمم المتحدة أساس إلحراز التقدم في وضع المعايير على‬
‫النحو الوارد في الصكوك الدولية القائمة لحقوق اإلنسان وخاصة العهد‬
‫الـدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫االقتصـادية واالجتماعيـة والثقافية‪.‬‬

‫العهد الدويل اخلاص باحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪:‬‬

‫هو أحد اتفاقيتين دوليتين كبيرتين حولت الحقوق الوا ردة في اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسـان إلى قواعد ملزمة‪ ،‬واعدته لجنة حقوق اإلنسان التي‬
‫تضم في عضويتها (‪ )1٨‬خبيرا وذلك فـي عام ‪ ، 1٩54‬ورفعته إلى‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة التي لم تتمكن من اعتماده إال في عـام ‪1٩66‬‬
‫بموجب القرار رقم (‪ )22٠٠‬أو (د – ‪ )21‬وفي الثالث من كانون الثاني‬
‫(ينـاير) عـام ‪ 1٩76‬وضع العهد محل التنفيذ وذلك بعد إيداع وثيقة التصديق‬
‫أو االنضمام الخامسة والثالثين لدى األمين العام لألمم المتحدة وبلغ عدد‬
‫الدول التي صدقت على العهد وانضمت إليـه حتـى عام ‪ ، 1٩٩6‬مائة وتسع‬
‫وعشرين دولة منها (‪ )13‬دولة عربية وهي األرد ن تونس‪ ،‬الجزائـر‪،‬‬
‫السودان‪ ،‬سوريا‪ ،‬الصومال‪ ،‬العراق‪ ،‬الكويت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ليبيا‪ ،‬مصر‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫واليمن‪.‬‬
‫وتتطابق تقريبا ديباجة العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية ومـواده (‪ )5 ، 3 ، 1‬مع ديباجة العهد الدولي للحقوق‬
‫المدنية والسياسية ومواده (‪ )5 ، 3 ، 1‬إذ أكدت تلك المواد في الحق في‬
‫تقرير المصير بوصفه من الحقوق العالمية ودعت إلى السـعي ألعمالـه‬
‫‪ 2٩‬واحترامه‪ ،‬كما أكدت بمساواة الرجال والنساء واشتمل على ضمانات‬
‫عددية ضد إهدار أي من الحقوق أو حرياته األساسية‪.‬‬
‫‪-31-‬‬

‫وتشير المواد من (‪ )15-6‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق‬


‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية بالحق في العمل (المادة ‪ )6‬وفي التمتع‬
‫بشروط عمل عادلة ومرضية (المادة ‪ )7‬وفي تكـوين النقابات واالنضمام‬
‫إليها (المادة ‪ )٨‬وفي الضمان االجتماعي بما في ذلك التأمينات االجتماعيـة‬
‫(المادة ‪ )٩‬وفي توفير اكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة لألسـرة‬
‫واألمهـات واألطفـال والمراهقين (المادة ‪ )1٠‬وفي مستوى معيشي مقبول‬
‫وكاف (المادة ‪ )11‬وفى الصحة والتعليم والحياة الثقافية (المواد ‪، 13 ، 12‬‬
‫‪.)15 ، 14‬‬
‫هذا وتنقسم حقوق اإلنسان التي يسعى العهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعيـة والثقافية إلى تعزيزها وحمايتها إلى ثالث أنواع‬
‫وهي توجز باختصار‪ ،‬وفيما يلي‪:‬‬
‫الحق في العمل في ظروف عادلة ومرضية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الحق في الحماية االجتماعية وفي مستوى معيشي الئق وفي بلوغ‬ ‫‪-‬‬
‫أعلى معايير يمكن تحقيقها من الصحة البدنية والعقلية‪.‬‬
‫الحق في تعليم والتمتع بمزايا الحرية الثقافية والتقديم العلمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويؤكد العهد على ضرورة وضع قوانين تضمن للحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافيـة أن تكون حقيقية بالنسبة للجميع أو أنها ستصبح كذلك‪،‬‬
‫وضرورة وجود ضمانات من الدول تكفـل إمكان التمتع بهذه الحقوق دون‬
‫أي شكل من أشكال التمييز‪.‬‬
‫وتشير المادة ‪ 16‬إلى تعهد الدول األطراف في هذا العهد بان تقدم‬
‫طبقا ألحكام هذا الجزء من العهد تقارير عن التدابير التي تكون قد اتخذتها‬
‫وعن التقدم المحرز عن طريق ضمان احتـرام الحقوق المعترف بها في هذا‬
‫العهد ‪ .‬وينص نظام تقديم التقارير الساري اآلن على أن تقدم كـل دولة‬
‫طرف تقريرا أوليا في غضون سنتين من التصديق على العهد أو االنضمام‬
‫إليه‪ ،‬ثـم أن نقدم بعد ذلك تقارير على مراحل من ‪ 5‬سنوات‪.‬‬
‫وينتخب المجلس االقتصادي واالجتماعي أعضاء اللجنة في اقتراع‬
‫سري مـن قائمـة مـن األشخاص ترشح الدول األطراف في العهد وتراعي‬
‫‪-32-‬‬

‫في ذلـك مبـادئ التوزيـع الجغرافـي ‪ 3٠‬المنصف وتمثيل مختلف األنظمة‬


‫االجتماعية واالقتصادية وينتخب أعضـاء اللجنـة لمـدة ‪ 4‬سنوات وتجري‬
‫انتخابات مرة كل سنتين لنصف األعضاء‪.‬‬

‫وتعقد اللجنة المعنية بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية دورة‬


‫سنوية مدتها ثالث أسابيع في جنيف وعادة تكون الجلسات علنية وتصدر‬
‫ملخصات بالمناقشات لتوزيعها علـى وسـائل اإلعالم‪.‬‬

‫ومن أهمية أن يعمد دعاة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬


‫بصورة مستمرة إلى تأكيـد أن جميع حقوق اإلنسان هي حقوق مترابطة ال‬
‫تتجزأ فـالتركيز علـى الحقـوق االقتصـادية واالجتماعية والثقافية ال يعني أن‬
‫هذه الحقوق اكثر أهمية م ن الحقوق المدنية والسياسية أو أنها منفصلة عنها‪،‬‬
‫إذ أكد برنامج عمل فيينا الصادر عن المؤتمر العالمي الثاني لحقوق اإلنسان‬
‫في فيينا ‪ ،1٩٩3‬على أن "جميع حقوق اإلنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة‬
‫ومترابطة ومتشـابكة ويجب على المجتمع الدولي أن يعامل حقوق اإلنسان‬
‫على نحـو شـامل وبطريقـة منصـفة ومتكافئة وعلى قدم المساواة وبنفس‬
‫القدر من التركيز وفي حين انـه يجـب أن توضـع فـي االعتبار أهمية‬
‫الحاجيات الوطنية واإلقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية‬
‫والدينية فـان من واجب الدول‪ ،‬بصرف النظر عن نظمها السياسية‬
‫واالقتصـادية واالجتماعيـة والثقافيـة‪ ،‬تعزيز وحماية جميع حقوق اإلنسان‬
‫والحريات األساسية‪.‬‬

‫وأضاف بان الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق اإلنسان والحريات‬


‫األساسية أمور مترابطـة ويعزز بعضها بعضا‪ ،‬وتقوم الديمقراطية على‬
‫إرادة الشعب المعبر عنها بحريـة فـي تقريـر نظمه السياسية واالقتصادية‬
‫واال جتماعية والثقافية ومشاركته الكاملة في جميع جوانب حياته‪.‬‬

‫ويعيد المؤتمر التأكيد على الحق في التنمية‪ ،‬كما هو مبين في‬


‫إعالن الحق في التنمية بوصـفه حقا عاما وغير قابل للتصرف وجزء‬
‫ال يتجزأ من حقوق اإلنسان األساسـية‪ ،‬واإلنسـان هـو الموضوع الرئيسي‬
‫للتنمية‪.‬‬
‫‪-33-‬‬

‫العهد الدويل اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية ‪:‬‬

‫يمثل هذا العهد االتفاقية الدولية الرئيسية األخرى التي استهدفت بـل‬
‫عملـت علـى تكـريس وإكساب الحقوق الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان صفة اإللزام القانوني وقد عملـت لجنة حقوق اإلنسان على صياغة‬
‫العهد ورفعته إلى الجمع ية العامة لألمم المتحدة عام ‪ ،1٩54‬التي لم تعتمده‬
‫إال عام ‪ 1٩66‬بموجب القرار رقم (‪( )22٠٠‬د–‪ )12‬وليبدأ سريان تطبيقـه‬
‫‪ 31‬في ‪ 23‬آذار من عام ‪ 1٩76‬وذلك بعد انضمام أو التصديق الخامس‬
‫والثالثـين‪ ،‬وبلـغ عـدد الدول المصادقة على هذا العهد حتى عام ‪ 1٩٩6‬مائة‬
‫وسبع وعشرين دولة منهـا ‪ 13‬دولـة عربية‪.‬‬
‫وأكدت المادة (‪ )1‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية على أن حـق تقريـر المصير حق عالمي ولجميع الشعوب تحقيقا‬
‫لغاياتها الخاصة أن تتصرف بحرية فـي ثروتهـا ومواردها الطبيعية دون‬
‫إخالل عن االلتزامات الناشئة عن التعاون االقتصادي الـدولي القـائم على‬
‫مبادئ المنفعة المشتركة‪.‬‬
‫وتوفر المواد من (‪ )27-6‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية حماية الحق في الحياة (المادة ‪" )6‬لكل إنسان الحق الطبيعي في‬
‫الحياة ويحمي القانون هـذا الحـق‪ ،‬وال يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل‬
‫تعسفي ‪ .‬وال يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو لعقوبـة أو معاملة قاسية‬
‫والالإنسانية أو مهنية بالكرامة (المادة ‪ .)7‬وتنص مواد العهـد علـى مسـاواة‬
‫الناس أمام القضاء وعلى ضمان اإلجراءات الجنائية والمدنية وتحظر تطبيق‬
‫التشريع الجنـائي بأثر رجعي (المادة ‪ )15‬وحول حرية اإلقامة والنقل‬
‫والسفر ‪ ،‬فقد أكدت المادة ‪ 12‬على انـه لكل فرد مقيم بصفة قانونية ضمن‬
‫إقليم دولة ما الحق في حرية االنتقال وفي أن يختار مكـان إقامته ضمن ذلك‬
‫اإلقليم‪.‬‬
‫وكذلك لكل فرد حرية مغادرة أي قطر بما فيه ذلك بالده وال يجوز‬
‫حرمان أحد بشكل تعسـفي من حق الدخول إلى بالده ‪.‬‬

‫وأكدت المادة (‪ )14‬على أن جميع األشخاص متساوون أمام القضاء‬


‫ولكل فرد الحـق‪ ،‬عنـد النظر في أية تهمة جنائية ضده أو في حقوقه‬
‫‪-34-‬‬

‫والتزاماته في إحـدى القضـايا القانونيـة‪ ،‬فـي محاكمة عادلة وعلنية بواسطة‬


‫محكمة مختصة و مستقلة وحيادية قائمة استنادا على القانون‪.‬‬
‫وفي مجال حرية الرأي والتعبير فقد أكدت (المادة ‪ )1٩‬على أن لكل‬
‫فرد حق في اتخـاذ اآلراء دون تدخل ولكل فرد الحق في حرية التعبير‪ ،‬وهذا‬
‫الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو األفكار من أي نوع واستالمها‬
‫ونقلها بغض النظر عن الحدود وذلك إما شـفاهه أو كتابـة أو طباعة وسواء‬
‫كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها‪.‬‬
‫وتعترف المواد بحق التجمع السلمي (المادة ‪ ، )21‬كما تعترف بحق‬
‫الرجل والمرأة ابتـداء مـن سن البلوغ بالزواج وتكوين األسر وبمبدأ‬
‫المساواة في الحقوق والمسـؤوليات بـين الـزوجين ‪ 32‬وعند التزوج وإبان‬
‫إقامته ولدى انحالله (المادة ‪ .)23‬وكذلك تدابير لحم اية حقـوق األطفـال‬
‫(‪ ،)24‬وتعترف بحق المواطن في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة وفي‬
‫أن ينتخب وينتخب ضمن انتخابات حرة ونزيهة ودورية (المادة ‪ .)25‬وتؤكد‬
‫المادة (‪ )27‬على حقـوق االقليـات االثنية أو الدينية أو اللغوية التي قد تكون‬
‫موجودة في أقاليم الدول األطراف في العهد ‪.‬‬
‫وأوضحت المادة (‪ )2٨‬طريقة تشكيل لجنة حقوق اإلنسان‪ ،‬وهي‬
‫تضم ‪ 1٨‬عضوا من مواطني الدول األطراف في العهد ذو الصفات‬
‫األخالقية العالية والمشهور باختصاصهم فـي ميـدان حقوق اإلنسان على أن‬
‫يؤخذ بعين االعتبار أهمية إشراك بعض األشخاص من ذوي الخبـرة‬
‫القانونية ‪ .‬وينتخب أعضاء اللجنة ويؤدون وجباتهم بصفاتهم الشخصية‪.‬‬
‫وال يجوز أن تضم اللجنة اكثر من شخص واحد من مواطني الدولة‬
‫الواحـدة (المـادة ‪ )31‬ويراعى عند انتخابهم التوزيع الجغرافي العادل‬
‫لألعضاء ‪ .‬مدة اللجنة أربع سنوات‪ ،‬والنصـاب القانوني ‪ 12‬عضوا أي ‪3/2‬‬
‫وتكون قرارات اللجنة باغلبية أصوات الحاضرين‪.‬‬
‫وبموجب العهد ثمة آلية دولية تضمن مراقبة االمتثال الفعلي للحقوق‬
‫المقررة فـي العهـد‪ ،‬إذ تنظر اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان في التقارير التي‬
‫تقدمها الدول األطراف بشأن التدابير التي اتخذتها أعماال للحقوق المقررة‬
‫في هذا العهد‪ ،‬والعوامل والصعوبات التي تؤثر فـي تطبيقـه ‪ .‬وتأتي أهمية‬
‫العهد من كونه أداة قانونية ملزمة للدول األطراف‪.‬‬
‫‪-35-‬‬

‫الربوتوكول االختياري ‪:‬‬

‫إن البروتوكول االختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق‬


‫المدنيـة والسياسـية تمكـن اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان المنشأة بموجب‬
‫نصوص العهد من استالم ونظر الرسائل المقدمة من األفراد الذين يدعون‬
‫انهم ضحايا انتهاكات ألي حق من الحقوق المقررة في العهد‪.‬‬
‫وبمقتضى المادة (‪ )1‬من البروتوكول االختياري تعترف كل دولة‬
‫طرف بهذا العهد‪ ،‬تصـبح طرف في البروتوكول‪ ،‬باختصاص اللجنة المعنية‬
‫بحقوق اإلنسان في استالم ونظر الرسـائل المقدمة من األفراد الداخلين في‬
‫والية تلك الدولة الطرف والذين يدعون انهم ضحايا انتهاك من جانبها ألي‬
‫حق من الحقوق المقررة في العهد ويحق لألفراد الذين يقدمون مثل هـذا‬
‫االدعـاء والذين استنفذوا جميع وسائل االنتصاف المحلية المتاحة‪ ،‬تقديم‬
‫رسائل كتابيـة إلـى اللجنـة (المادة ‪.)2‬‬
‫وحتى ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1٩٨7‬كانت ‪ 4٠‬دولة طرف في العهد الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية قد أصبحت أطرافا للبروتوكول االختياري‪.‬‬
‫ويختص البروتوكول الثاني االختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية بإلغـاء عقوبة اإلعدام‪ ،‬إذ يؤكد على أن الدول األطراف‬
‫تؤمن بان إلغاء عقوبة اإلعـدام يسـهم فـي تعزيز الكرامة اإلنسانية والتطوير‬
‫التدريجي لحقوق اإلنسان وتشير المادة (‪ )1‬منه علـى أن ال يعدم شخص‬
‫خاضع للوالية القضائية لدول طرف في هذا البروتوكول ‪ .‬وتتخذ كل دولة‬
‫طـرف جميع التدابير الالزمة إللغاء عقوبة اإلعدام داخل نطاق واليتها‬
‫القضائية‪.‬‬

‫املواثيق اإلقليمية حلقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪. 1٩5٠ ،‬‬ ‫‪-1‬‬


‫االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان ‪. 1٩7٨‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان مع الشعوب ‪. 1٩7٩‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪-36-‬‬

‫إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم ‪. 1٩٩٠‬‬ ‫‪-4‬‬


‫الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪.1٩٩4‬‬ ‫‪-5‬‬

‫إتفاقيات هامة حلقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ‪( 1٩٨1‬حيز‬ ‫‪-1‬‬


‫التنفيذ)‪.‬‬
‫اتفاقية حقوق الطفل ‪1٩٨٩‬م ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصـري ‪.1٩6٩‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪-37-‬‬

‫ً‬
‫ثالثا ‪ :‬حالة احلقوق االقتصادية واالجتماعية فى مصر (‪: )1‬‬

‫‪ -1‬تطور االوضاع االقتصادية (‪: )2‬‬


‫كانت برامج إعادة التكيف الهيكلي الذي تسمية الحكومـة المصـرية‬
‫بـرامج اإلصـالحات االقتصادي في إطار وصفة صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫بمثابة محاولـة جديـدة مـن الرأسـمالية المصرية للخروج من أزمتها‬
‫المستحكمة بعد أن فشلت سياسـات رأسـمالية الدولـة‪ ،‬علـي الطريقة‬
‫الناصرية في إنقاذ معدالت أرباحها من التـدهور وبالتـالي بـطء نموهـا‬
‫وتهديـد استمرارها‪.‬‬
‫ويعد قانون استثمار رأس المال العربي واألجنبي (القانون ‪ 43‬لعام‬
‫‪ )1٩74‬الشهير باسم قانون االنفتاح‪ ،‬البداية الرمزية لعملية إعادة هيكلة‬
‫الرأسمالية المصرية بقيادة السلطة في اتجاه السياسات الليبرالية الجديدة‬
‫الهادفة إلي تقليص الدور المباشر للسـلطة فـي االقتصـاد‪ ،‬والي توسيع دور‬
‫رأس المال الخاص عن طريق جذب االستثمارات العالميـة‪ ،‬والـي إعـادة‬
‫السيطرة وفقا لقوانين السوق الحر التي تحددها قوي العرض والطلب‪.‬‬
‫أوالا ‪ :‬سياسات الحكومة لتنفيذ برامج التكيف الهيكلى ‪:‬‬
‫شهدت بدايات حقبة التسعينات منعطفا هاما في برنامج اإلصالح‬
‫االقتصـادي حيـث وقعت مصر اتفاقية صندوق الدولي (مايو ‪ ،)1٩٩1‬ومن‬
‫يومها وحتى اآلن تم اتخاذ العديـد من اإلجراءات وتنفيذ حزمة من السياسات‬
‫االقتصادية فـي طريـق التحـول نحـو السـوق الرأسمالي‪.‬‬
‫أن الهدفين األولين لبرامج إعادة الهيكلة والذي تسمية الحكومـة‬
‫بـرامج اإلصـالح االقتصادي هما تخفيض عجز الميزانية من جانب‬
‫واالستقرار المؤقت في العملة مـن جانـب آخر‪ ،‬وهذا ينعكس مباشرة في‬
‫التخفيض المطلق والنسبي لنصيب الطبقـة العاملـة وفقـراء الفالحين من‬

‫(‪)1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،2٩2‬ص ‪. 325‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مركز األرض لحقوق االنسان‪ ،‬أوضاع حقوق االنسان فى مصار خاالل السانوات‬
‫العشاار الماضااية بااين حريااة السااـوق وتاادهور أوضاااع المااواطنين سلساالة حقااوق‬
‫اقتصادية واجتماعية‪ ،‬العدد رقم ‪ ،33‬يونيو ‪ ،2٠٠4‬ص ص ‪.3٩-32‬‬
‫‪-3٨-‬‬

‫أجمالي الدخل‪ ،‬بهذا المنطق بدأت السلطة في تنفيذ حزمة من السياسـات‬


‫التـى تهدف إلى تحقيق ذلك وهي‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلصالحات في القطاع المالي ‪:‬‬
‫كان أول إجراء في إصالح القطاع المالي هو تحديد أسعار الفائدة‬
‫الدائنة والمدينة‪ ،‬وأصـبحت الفائدة خاضعة آلليات العرض والطلب بدال من‬
‫الهيكل الجامد ألسعار الفائدة الذي كان يوزع علي البنوك التجارية من البنك‬
‫المركزي مع بداية السنة المالية من كل عام‪ .‬وتم العمل بنظام أذون إلخزانة‬
‫التي تمثل أحد أدوات المديونية علي الحكومة لدي األفراد لتمويل عجز‬
‫الموازنة من مصادر حقيقية‪ ،‬وتم ربط سعر الفائدة علي الودائع لمدة ثالثة‬
‫شهور بسعر الفائدة علـي أذون إلخزانة‪ ،‬وبدأ أثر هذه اإلصالحات فى‬
‫ارتفاعات مستمرة ألسعار الفائدة‪.‬‬
‫وقد صاحب ارتفاع أسعار الفائدة علي الودائع بالعملة المحلية فـي‬
‫بدايـة التسـعينات انخفاض أسعار الفائدة علي الودائع الدوالرية لمستويات لم‬
‫تكن متوقعة من (‪ %15‬إلي ‪ )%3‬وقد ساعدت هذه اإلجراءات علي دعم‬
‫قدرة الحكومة علي التحكم في قيمة الجنيه بالنسـبة للدوالر والتحكم في‬
‫التضخم المالي‪ ،‬ولكن هذه اإلجراءات أثرت بشكل سالب علـي البنـوك‬
‫وأدت إلي انكماش االستثمار وزيادة الدين المحلي فقد أدي ارتفاع سعر‬
‫الفائدة علـي الودائـع بالعملة المحلية والتي وصلت في بعض األحيان إلي‬
‫‪ %32‬إلي تفضيل المستثمرين اسـتثمار أموالهم أما في ودائع بالعملة المحلية‬
‫قصيرة األجل (‪ 3‬شهور) أو استثمارها في شـراء أذون إلخزانة ذات العوائد‬
‫المرتفعة وذلك بدالُ من االستثمار في مشاريع إنتاجيـة‪ ،‬وقـد انعكـس‬
‫االرتفاع في أسعار الفائدة علي القروض في تراجع المستثمرين في الطلب‬
‫في االئتمـان مـن ‪ 1‬البنوك الرتفاع تكلفة األموال (‪.)1‬‬
‫من جانب آخر أدي التوسع في إصدار أذون إلخزانة إلي زيادة الدين‬
‫العـام الـداخلي الذي وصل إلي ‪ 123‬مليار جنيه في عام ‪ ،1٩٩5‬وقد‬
‫حاولت الحكومة إلخروج باالقتصـاد من حالة االنكماش بالعديد من‬
‫اإلجراءات المصرفية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫من قاسم‪ ،‬اإلصالح االقتصادى فى مصر‪ ،‬القاهرة ‪ ،1٩٩٨‬ص ‪.23‬‬
‫‪-3٩-‬‬

‫لكن كل هذه التسهيالت لم تحل المشكلة (انكماش االستثمارات‬


‫وفائض السـيولة لـدي البنوك) مما يعني أن سبب أحجام المستثمرين عن‬
‫االقتراض البنكى لم يكـن أساسـا ارتفـاع أسعار الفائدة‪ ،‬ولكن حالة الكساد‬
‫شبه الدائمة للسوق المصري‪ ،‬أظهر بوضـح أن المشـكلة ليست في‬
‫السياسات النقدية واالئتمانية ولكن في انخفاض ربحية المشاريع اإلنتاجية‪،‬‬
‫وقد ظل الطلب علي االئتمان في االنخفاض علي الرغم من انخفاض أسعار‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫‪ -2‬خصخصة وشركات وهيئات الدولة ‪:‬‬
‫بدأت إجراءات تنفيذ برنامج إلخصخصة في مصر بصدور القانون‬
‫‪ 2٠3‬لسنة ‪ .)1( 1٩٩1‬الذي سمي بقانون قطاع األعمال العام‪ ،‬والذي أدى‬
‫صدوره إلي إعادة تشكيل القطاع العـام علي أساس نوعي من خالل ‪17‬‬
‫شركة قابضة في مختلف األنشطة‪ ،‬ويتبع كل شركة قابضـة شركات تابعة‬
‫لها في نفس مجال النشاط‪ ،‬وقد كان أهم عناصرهذا القانون ‪:‬‬
‫الفصل بين الملكية واإلدارة من خالل الشركات القابضة‪ ،‬كما تـم‬ ‫‪-‬‬
‫الفصـل بـين موازنـات الشركات والموزانة العامة للدولة كي تصبح‬
‫كل شركة مواجهة بنتائج أعمالهـا وقـد سـاعد ذلك علي تخفيف‬
‫الضغط علي الموازنة العامة للدولة‪ ،‬ولكنه كان بمثابة كارثة بالنسبة‬
‫لقطاع األعمال العام‪ ،‬فقد أصبح يواجه بشكل مباشر صعوبات‬
‫االستمرار والبقاء في ظـل المنافسـة وآليات السوق‪.‬‬
‫يتكون برنامج إلخ صخصة من عدة قطاعات تجزأ من اجل البيع‪،‬‬
‫أوال ‪ :‬األسهم التـي تمتلكها الشركات القابضة في رؤوس أموال الشركات‬
‫المشتركة إلخاضعة ألحكام القانون ‪ ،2٠3‬والشركات المساهمة إلخاضعة‬
‫الحكام القانون ‪ ،15٩‬وثانيا ‪ :‬األسهم التي تمتلكها الشركات القابضة في‬
‫رؤوس أموال الشركات التابعة وإلخاضعة ألحكام قـانون ‪ 2٠3‬والتـي‬
‫مـازال القطاع الخاص يساهم فيها منذ إنشائها‪ .‬ثالثا ‪ :‬األسهم التي تمتلكها‬
‫الشركة القابضـة بالكامـل‪ ،‬ورابعا ‪ :‬ما تحدده الشركات التابعة من أصول‬

‫(‪)1‬‬
‫احتياجات العمال فى بر مصار"‪ ،‬سانة ‪ ،2٠٠٠‬اصادارات مركاز األرض لحقاوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪-4٠-‬‬

‫يمكن أن تطرح للبيع (محالت‪ ،‬خطوط إنتاج‪ ،‬فنادق ‪ ..‬إلخ)(‪ ،)1‬ويمنح‬


‫مشترو وحدات قطاع األعمال العام جميـع الحقـوق والحريـات المتاحة‬
‫لشركات القطاع الخاص والتي تحددها القوانين والتشريعات السـائدة‬
‫وبـاألخص التفرض أي قيود علي المشترين الجدد‪ ،‬فيما يتعلق باإلنتاج‬
‫المسـتهدف للوحـدات اإلنتاجيـة والمبيعات باألسواق المحلية وإلخارجية‪،‬‬
‫فيما عدا قطاع إلخدمات العامة‪ ،‬كذلك لهم الحريـة لتحديد الحجم األمثل‬
‫للعمالة‪.‬‬
‫جاءت التجربة األولي للخصخصة في مصر من خالل طرح أسـهم‬
‫شـركة مصـر لصناعة الكيماويات والتي قام بها بنك مصر في بداية ‪1٩٩3‬‬
‫وقد القت نجاحا كبيراُ‪ ،‬حيث تم طرح ‪ 5،5‬مليون سهم وجاءت الطلبات بــ‬
‫‪ 5،6‬مليون سهم‪ ،‬وجاءت المرحلة الثانية بعـد اإلعالن الرسمي ببدء تطبيق‬
‫برنامج إلخصخصة بعد استقرار أوضـاع الشـركات القابضـة بالقانون ‪2٠3‬‬
‫لسنة ‪ .1٩٩2‬بالفعل بدأ طرح أسهم شركات القطاع العام بنسـبة ‪ %1٠‬مـن‬
‫أجمالي الشركات المطروحة بسعر التقييم‪.‬‬
‫وقد تمت عمليات خصخصة ناجحة في تلك الفترة منها شركة‬
‫البويـات والصـناعات الكيماوية وشركة العامرية لألسمنت‪ ،‬ولكن مع حالة‬
‫التراجع في البورصة المصـرية بـدأت أساليب جديدة للخصخصة مثل عملية‬
‫البيع عن طريق شركات السمسرة والتي من خاللها بيـع بعض الشركات‬
‫(‪ ،)2‬ومن شهري مايو ويونيو ‪ 1٩٩6‬شهد برنامج الخصخصة حالة من‬
‫اإلسراع نجم عنها طرح العديد من أسهم الشركات بالكامل والتخلي عن‬
‫أسلوب الـ ‪ %1٠‬وقد شـملت هذه المرحلة ‪ :‬أوال ‪ :‬بيع أسهم الشركات التي‬
‫سبق طرح ‪ %2٠‬من أسهمها في عام ‪ 1٩٩5‬في البورصة وبلغ عددها ‪16‬‬
‫شركة بما ال يجاوز ‪ %51‬من اسهم هذه الشركات‪ ،‬ثانيا ‪ :‬طـرح شرائح‬
‫شركات لم يسبق طرحها في السوق وعددها ‪ 46‬شركة مع استمرار البيع‬
‫بما تجـاوز ‪ %،51‬وتتدرج تحت هذه الشركات قطاعات الصناعات الغذائية‬
‫والغزل والنسيج والهندسـية والمعدنية وغير المعدنية والمقاالت واإلسكان‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫منى قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 1٠٠ ، ٩٩‬‬
‫‪-41-‬‬

‫ثالثا ‪ :‬طرح ‪ 14‬شركة بالكامـل للبيـع فـي قطاعي الصناعات الغذائية‬


‫والصناعات الهندسية‪ ،‬رابعا ‪ :‬بيع ‪ 37‬فندقا مملوكا للقطاع العـام و ‪ 27‬فندقا‬
‫مبنيا وبواخر عائمة‪ ،‬خامسا ‪ :‬طرح محالت التجارة الداخلية المملوكة‬
‫للقطاع العام للبيع مثل صيدناوي وعمر أفندي وهانو‪ ..‬إلخ‪ ،‬سادسا ‪ :‬طرح‬
‫حصة بنوك القطاع العام في البنوك المشتركة وعددها ‪ 13‬بنكا (‪.)1‬‬
‫وقد أدت سياسات إلخصخصة إلي خروج ‪ 7٠‬إلف عامل بنظام‬
‫المعاش المبكر خالل الشهور الستة االخيرة من ‪ ،1٩٩٨‬وبذلك يصل عدد‬
‫العاملين الذين تم االستغناء عـنهم بهـذا ‪ 2‬النظام إلي ‪ 13٠‬ألف عامل خالل‬
‫عام واحد فقط (‪.)2‬‬
‫‪ - 3‬اإلصالح الزراعي ‪:‬‬
‫تطور برنامج اإلصالح االقتصادي في الريف من خالل مرحتين‬
‫أساسيتين‪ ،‬المرحلة األولـى من ‪ 1٩٨7‬إلي ‪ 1٩٨٩‬شملت بداية تحرير‬
‫األسعار وإنهـاء التحصـيل اإلجبـاري لعشـرة محاصيل أساسية والبدء في‬
‫عملية فتح األسواق لالستثمار الخاص‪ ،‬وكانت النتائج األساسـية لهذه‬
‫المرحلة هي رفع ثمن السماد ‪ %75‬وتحرير ‪ 1٠‬محاصيل نهائيـا ُ والسـماح‬
‫للقطـاع ‪ 3‬الخاص بتصدير الموالح وفصل البند الزراعي عن تسويق‬
‫مستلزمات اإلنتاج (‪.)3‬‬
‫أما المرحلة الثانية من ‪ 1٩٩٠‬إلي ‪ 1٩٩4‬ورفع التحصيل اإلجباري‬
‫وإلغـاء الـدعم لجميـع مستلزمات اإلنتاج وتقييد ثم إلغاء االئتمان المدعم‬
‫للفالحين وإصالح البزور وتسوقيها‪.‬‬
‫وقد ارتفع سعر القمح من ‪ 35‬جنيه لإلردب في ‪ 1٩٨6‬إلي ‪ 75‬جنيه‬
‫لـإلردب فـي ‪ ،1٩٨٩‬أي بزيادة تجاوز ‪.)4( %1٠٠‬‬

‫(‪)1‬‬
‫من قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 1٠4 ، 1٠3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر تقرير مركز األرض ‪ ..‬حقوق العمال فى مصر‪ ،‬المصدر السابق ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ليمان فلتشر‪ ،‬زراعة مصر فى زمن اإلصالح‪ ،‬والية أيو (بدون تاريخ)‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪)4‬‬
‫المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪-42-‬‬

‫لكن التطور األهم في إجراءات اإلصالح االقتصادي في الريف‬


‫هو تحرير العالقـات االيجارية‪ ،‬حيث كان قانون اإليجارات الزراعية‬
‫القديم يحدد اإليجار بسبعة أمثال الضـريبة ويمنع عمليات طرد الفالح من‬
‫األرض‪.‬‬
‫وبعد تحرير سوق المستلزمات وسوق المحاصيل كان البد من إلغاء‬
‫القـوانين القديمـة التـى تعوق سوق األرض الزراعية‪ .‬وقد انطوي التعديل‬
‫الذي بدأ في تنفيذه في السـنة الزراعيـة ‪ ،1٩٩3-٩2‬علي زيادة القيمة‬
‫االيجارية من ‪ 7‬أمثال الضريبة علي األطيان إلـي ‪ 22‬مثـل الضريبة وظل‬
‫هذا الوضع في مرحلة انتقالية حتى عام ‪ ،1٩٩7‬تم بعدها تحريـر العالقـات‬
‫االيجارية تماما لتترك لقوي للسوق‪ ،‬حتى وصل االيجار مؤخرا إلى ‪13‬‬
‫ضعف ما كان عليه عام ‪.)1( 1٩٩1‬‬
‫اصبح الفالح الصغير المستأجر والمالك ‪ -‬مطاردا من كـل‬
‫االتجاهـات‪ ،‬فأسـعار مستلزمات اإلنتاج تضاعفت عدة المرات وأسعار‬
‫المحاصيل الزراعية أصبحت متروكة لسوق عالمي شديد التقلب ومنافسة‬
‫من بلدان اكثر قدرة وكفاءة في إنتاج نفس المحاصيل‪ ،‬واصـبح االئتمان من‬
‫البنوك شبة مستحيل بعد إلغاء دعمها وتركها للسوق‪ ،‬وجاءت الضـربة‬
‫النهائيـة بقانون االيجارات الجديد الذي أدي إلى عملية طرد واسعة النطاق‬
‫لمئات اآلالف من الفالحـين المستأجرين والمالكين الصغار‪ ،‬وقد تمت هذه‬
‫العملية بطريقة وحشية نفذتها قـوات األمـن المركزي وراح ضحيتها الكثير‬
‫من الجرحى والقتلى في محاولة الشرطة اقتالع المسـتأجرين من أراضيهم‪.‬‬

‫ثانيا ا ‪ :‬مؤشرات االزمة االقتصادية ‪:‬‬


‫تشير العديد من الظواهر االجتماعية فى المجتمع المصري في‬
‫السنوات االخيرة علي وجـود أزمة اقتصادية حقيقية ليست وليدة يوم وليلة‬
‫وإنما هي حصاد تجربة اإلصالح التي امتدت مـا يزيد عن العقد من الزمان‪،‬‬
‫ويمكن رصد هذه األزمة من خالل المؤشرات الرئيسية التي تحكم أداء أي‬
‫اقتصاد‪ ،‬وتحدد مدي فعاليته‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 21‬‬
‫‪-43-‬‬

‫وكانت أهم هذه المؤشرات كاألتى ‪:‬‬


‫تدهور معدالت النمو ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تشير النشرة االقتصادية الشهرية التي تصدرها وزارة التجارة‬
‫إلخارجيـة المصـرية إلـى أن معدل النمو الحقيقي للناتج اإلجمالي المحلي‬
‫المصري قد تراجع من ‪ %5.٩‬في العـام المـالي ‪ 2٠٠٠/1٩٩٩‬إلي‬
‫‪ %3.4‬في العام المالي ‪ .2٠٠1/2٠٠٠‬ثم واصـل تراجعـه ليبلـغ ‪%3.2‬‬
‫فى العام المالى ‪ .)1(2٠٠2/2٠٠1‬أما بيانات صندوق النقد الدولى تشير إلى‬
‫أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي المصري قد تراجع من ‪ %5.1‬عام‬
‫‪ 2٠٠٠‬إلي ‪ %3.3٠‬عـام ‪ ،2٠٠1‬وواصل تدهوره حتى وصل إلي ‪%2‬‬
‫عام ‪.)2( 2٠٠2‬‬
‫ويالحظ أن معدالت التدهور في معدالت النمو في السنوات الثالث‬
‫األولى من األلفيـة الجديدة تسارعت بالمقارنة بمعدالت النمو في النصف‬
‫األخير من التسعينات‪ ،‬ففي حين كـان معدل النمو الحقيقي للناتج اإلجمالي‬
‫المحلي المصري قد وصل إلي ‪ %5‬فـي العـام المـالي ‪ ٩6/٩5‬واستمر في‬
‫االرتفاع حتى عام ‪ 2٠٠٠/6٩‬حيث وصل إلي ‪.)3( %5.1‬‬
‫‪ -2‬البطالـــة ‪:‬‬
‫ترتبط حركة معدل البطالة بشكل عكسي ‪ -‬لكنه وثيق ‪ -‬بحركة معدل‬
‫النمو الحقيقـي للنـاتج المحلى اإلجمالي‪ ،‬وأيضا بحركة معدل االستثمار‪،‬‬
‫وهناك تناقضات بين البيانـات الرسـمية بشأن هذه القضية مما يشكك في‬
‫صحتها إجماال‪.‬‬
‫فتشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته اإلحصائية الشهرية‬
‫(أكتوبر ‪ )2٠٠2‬إلـي أن معدل البطالة في مصـر بلـغ ‪ %7.4 ، %7.٩‬فى‬
‫العامين الماليين ‪ 2٠٠1/2٠٠٠ ، 2٠٠٠/٩٩‬على التوالى (‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وزارة التجارة الخارجية‪ ،‬النشرة االقتصادية الشهرية‪ 2 ،‬نوفمبر ‪. 2٠٠2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مركاز الدراساات االساتراتيجية (األهاارام)‪ ،‬االتجاهاات االقتصاادية اإلسااتراتيجية‪،‬‬
‫‪. 2٠٠2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وزارة التجارة الخارجية‪ ،‬النشرة االقتصادية‪ ،‬نوفمبر ‪. 2٠٠2‬‬
‫(‪)4‬‬
‫البنك المركزى المصرى‪ ،‬النشرة االقتصادية‪ ،‬نوفمبر ‪. 2٠٠2‬‬
‫‪-44-‬‬

‫بينما تشير بيانات وزارة التجارة إلخارجية (النشرة االقتصادية‬


‫الشهرية نوفمبر ‪ )2٠٠2‬إلـي أن معدل البطالة في مصر بلغ ‪%7.7٠‬‬
‫‪ %٨.3‬في العامين الماليين المذكورين بالترتيب‪.‬‬
‫وتبدو اإلحصاءات غير الرسمية هي األقرب إلي الصحة‪ ،‬حيث تذكر‬
‫بعض الدراسـات(‪ )1‬أن معدل البطالة طبقا للنتائج األولية لبحث العمال‬
‫بالعينة الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة في الفترة من عام ‪،1٩٩2-٨٩‬‬
‫يصل إلي ‪ %17.5‬من قوة العمل بواقع ‪ 1672‬ألف متعطـل في العام‬
‫‪.1٩٩2‬‬
‫وفي ضوء ضعف معدالت النمو كما سبق وذكرنا‪ ،‬وما رافقة من‬
‫ضعف معـدالت استيعاب العمالة في السنوات األخيرة‪ ،‬ناهيك عن حاالت‬
‫الكساد واالفالسـات فـي القطـاع الخاص‪ ،‬هذا باإلضافة ألي ضحايا‬
‫إلخصخصة والمعاش المبكر فان رقما فعليا للبطالة يـدور حول ‪ 5‬ماليين‬
‫عاطل‪.‬‬
‫وال شك أن البطالة واحدة من اخطر المشكالت التي تواجهها مصر‬
‫اآلن‪ ،‬ومكمـن إلخطورة هنا ال يمكن فقط في إهدار القوي البشرية وما ينتج‬
‫عن ذلك من خسائر اقتصـادية‪ ،‬وإنما تكمن أيضا من النتائج االجتماعية‬
‫إلخطيرة التي ترافق حالة التعطل وخاصة في أوسـاط الشباب‪ ،‬حيث تعد‬
‫البطالة البيئة الحقيقية لنمو الجريمة والتطرف وأعمال العنف واإلرهـاب‪،‬‬
‫وهي األمور التى عانت مصر منها طوال العقد الماضى‪.‬‬
‫‪ -3‬التضخم (ارتفاع االسعار) ‪:‬‬
‫تشير بيانات وزارة التجارة إلخارجية إلي أن معدل التغير في أسـعار‬
‫المسـتهلكين (مؤشـر معدل التضخم) قد بلغ ‪ %4.2‬في العام المالي‬
‫‪ ،2٠٠1/2٠٠٠‬واستقر عند نفس المعدل في العام (‪،)2()2٠٠2 ، 2٠٠1‬‬
‫وبالمقابل تشير بيانات صندوق النقد الدولي‪ ،‬إلي أن معدل التغير فى أسعار‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬رماازى ذكااى‪ ،‬فااى ودافااع القاارن العشاارين‪ ،‬دار المسااتقبل العربااى‪ ،‬القااااهرة‪،‬‬
‫‪.1٩٩٩‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وزارة التجارة الخارجية‪ ،‬النشرة االقتصادية‪ ،‬نوفمبر ‪. 2٠٠2‬‬
‫‪-45-‬‬

‫المستهلكين فى مصر‪ ،‬قد بلغ ‪ %2.4‬عام ‪ ،2٠٠1‬وارتفع إلى ‪ %2.5‬فى‬


‫عام ‪ ،2٠٠2‬وأنه من المتوقع أن يرتفع إلى ‪ %3.4‬عام ‪.2٠٠3‬‬
‫لكن من الضروري اإلشارة الي أن هناك خطر حقيقي الرتفاع معدل‬
‫التضخم‪ ،‬بسبب التراجع الذي حدث في سعر صرف الجنيه المصري مقابل‬
‫الدوالر األمريكي والعمالت الحرة الرئيسية‪ ،‬والذي يتلوها بشكل فوري‬
‫ارتفاع أسعار كل السلع المستوردة بنفس نسـبة ارتفـاع تلك العمالت أمام‬
‫الجنيه المصري‪ .‬وإذا كانت قيمة الواردات السلعية المصرية قد بلغت نحـو‬
‫‪ 14644‬مليون دوالر في العام المالي ‪ 2٠٠2/2٠٠1‬فإن ذلك يعنى أنها‬
‫تشكل نحـو ‪ 16.6‬من الناتج المحلي اإلجمالي المصري‪ ،‬أو سدسه تقريبا‪،‬‬
‫علما بان هذا الناتج الذي كان يبلـغ نحو ‪ ٩7‬مليار دوالر في العام المالي‬
‫‪ 2٠٠2/2٠٠1‬بسبب تراجع الجنيه مقابـل الـدوالر األمريكي‪.‬‬
‫وبالتالي فان ارتفاع سعر الدوالر األمريكي مقابل الجنيه من ‪3.7٠7‬‬
‫جنيه لكل دوالر عام ‪ 2٠٠1/2٠٠٠‬إلي ‪ 4.33٩‬جنيه لكل دوالر عام‬
‫‪ 2٠٠2/2٠٠1‬بنسبة ارتفـاع قـدرها ‪ %17‬ثم اإلنحدار الكبير لسعر الجنيه‬
‫بعد قرار تحرير سعر الصرف فى بداية عام ‪ ،2٠٠3‬ليصل إلى ‪ 7‬جنيهات‬
‫للدوالر الواحد بنسبة زيادة ‪ %45‬يعنى أن قيمة الـواردات المصـرية مقدرة‬
‫بالجنيه المصري قد ارتفعت بنفس هذه النسبة‪ ،‬وهذا يؤدى وفقا لنسبة‬
‫الـواردات الـي ‪ 2‬الناتج المحلي االجمالي‪ ،‬الي ارتفاع معدل التضخم الي‬
‫نحو ‪ %6‬علي األقل (‪.)1‬‬
‫‪ -4‬هروب االستثمارات ‪:‬‬
‫وفقا لبيانات األمم الم تحدة فان تدفق االستثمارات األجنبية المباشرة‬
‫إلى مصـر بلغـت نحـو ‪ 532 ، 51٠.1 ، 16٩1.2‬مليون دوالر فى‬
‫األعوام المالية ‪ ، 2٠٠2/2٠٠1 ،2٠٠1/2٠٠٠ ، 2٠٠٠/٩٩‬علي التوالي‪،‬‬
‫أما إجمالي االستثمارات األجنبية المتراكمة في مصر منـذ ‪ 3‬بدء تدفق تلك‬
‫االستثمارات حتي نهاية عام ‪ 2٠٠1‬فقد بلغ ‪ 21.4‬مليار دوالر (‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫مركاااز الدراساااات االساااتراتيجية (األهااارام)‪ ،‬االتجاهاااات االقتصاااادية‪ ،‬القااااهرة‪،‬‬
‫‪. 2٠٠2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫اتجاهات اقتصادية‪ ،2٠٠2 ،‬مصر‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪-46-‬‬

‫وفيما يتعلق بنسبة االستثمارات القومية إلى الناتج المحلي اإلجمالي‬


‫فإنهـا تراجعـت بشطل مطرد من ‪ %21.3‬فى العام المالى ‪ 1٩٨٩/٩7‬إلى‬
‫‪ %17.6 ،%17.7 ، %1٨.٩ ، %2٠.٨‬فى األعوام المالية ‪،1٩٩٩/٩٨‬‬
‫‪ ،2٠٠2/2٠٠1 ،2٠٠٠/٩٩‬على التوالى (‪ ،)1‬وإذا كان النمو الحقيقي‬
‫في الناتج من السلع وإلخـدمات يـأتي مـن رفـع كفـاءة ومستوي تشغيل‬
‫الجهاز اإلنتاجي القائم‪ ،‬ومن االستثمارات الجديدة‪ ،‬فان هذا المسـتوي‬
‫مـن االستثمارات القومية كنسبة من الناتج المحلي اإلجمالي من الصعب‬
‫أن يؤدي إلى تحقيق نمـو حقيقي للناتج المحلي اإلجمالي وإذا أضفنا إلي‬
‫ذلك نزيف األموال التي تتدفق من مصر إلـى إلخارج بلغت فيمتها ‪6٠46‬‬
‫مليون دوالر في األعوام الثالثة األخيرة من مصر‪ ،‬ألصـبحت الصورة أكثر‬
‫سوء (‪.)2‬‬
‫‪ -5‬الديون إلخارجية والمحلية ‪:‬‬
‫ظلت الديون إلخارجية المصرية تتخذ اتجاها تراجعيا منذ‬
‫حرب إلخليج الثانية وما تالهـا مـن تطبيق برنامج اإلصالح االقتصادي‬
‫في مصر‪ ،‬وما ترتب علي كليهما من إسقاط جانب مهـم من الديون‬
‫الخارجية لمصر‪.‬‬
‫لكن هذا االتجاه التراجعي للديون إلخارجية المصرية قد انعكس فـي‬
‫العـام المـالي ‪ 2٠٠2/2٠٠1‬حيث ارتفعت قيمة الديون إلخارجية المصرية‬
‫إلى نحـو ‪ 2٨.7‬مليـار دوالر مقارنة بنحو ‪ 26.6‬مليار دوالر في العام‬
‫المالي ‪.2٠٠1/2٠٠٠‬‬
‫وقد بلغت نسبة الديون إلخارجية لمصر إلى إجمالي الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي المصـري نحو ‪ %6.23‬في العام المالي ‪ ،2٠٠2/2٠٠1‬مقارنة‬
‫بنحـو ‪ %2٨.5‬فى العام المالى ‪ 2٠٠1/2٠٠٠‬أما بالنسبة إلجمالى‬
‫الديون الحكومية المحلية ‪ ،‬فإنها بلغت نحو ‪ 221‬مليار جنيه مصرى‬
‫فى العام المالى ‪ 2٠٠2/2٠٠1‬مقارنة بنحو ‪ 1٩5‬مليار جنيه فى العام‬

‫(‪)1‬‬
‫وزارة التجارة الخارجية‪ ،‬النشرة االقتصادية الشهرية‪ ،‬نوفمبر ‪. 2٠٠2‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪-47-‬‬

‫المالى ‪ 2٠٠1/2٠٠٠‬ونحو ‪ 164‬مليار فى العام المالى ‪، 2٠٠٠/٩٩‬‬


‫ونحو ‪ 147‬مليار جنيه فى العام الماضى ‪ .)1(1٩٩٩/٩٨‬وهكذا يتضح‬
‫ان الديون الداخلية وإلخارجية ترتفع بشكل كبير‪ 2 ،‬العام الماضي‬
‫‪ 1٩٩٩/٩٨‬مما يعطي مؤشرا مهما علي حجم األزمة التى يمر بها االقتصاد‬
‫المصري‪.‬‬
‫(جدول يوضح البيانات الحكومية الخاصة بالناتج المحلي االجمالي‬
‫والمؤشـرات الرئيسـية المعبرة عن اداء االقتصاد المصري في العام المالى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪)2٠٠2 ، 2٠٠1‬‬
‫البيانات الحكومية الخاصة بالناتج المحلى اإلجمالى‬
‫عجز‬ ‫االستثمار‬
‫اإلدخار‬ ‫سعر‬
‫الموازنة‬ ‫القومى‬ ‫إدخار‬ ‫معدل‬ ‫الناتج‬
‫معدل‬ ‫القومى‬ ‫الدوالر‬
‫العامة‬ ‫كنسبة‬ ‫الجنيه‬ ‫التغير فى‬ ‫المحلى‬
‫النمو‬ ‫كنسبة‬ ‫بالجنيه‬
‫للدولة‬ ‫من‬ ‫من‬ ‫أسعار‬ ‫معدل‬ ‫بسعر‬
‫الحقيقى‬ ‫من‬ ‫المصرى‬ ‫العام المالى‬
‫من‬ ‫اإلنتاج‬ ‫الناتج‬ ‫المستهلكين‬ ‫البطالة‬ ‫السوق‬
‫للناتج‬ ‫الناتج‬ ‫(فى‬
‫الناتج‬ ‫من‬ ‫المحلى‬ ‫(معدل‬ ‫بالمليار‬
‫اإلجمالى‬ ‫المحلى‬ ‫نهاية‬
‫المحلى‬ ‫المحلى‬ ‫اإلجمالى‬ ‫التضخم)‬ ‫جنيه‬
‫اإلجمالى‬ ‫المدة)‬
‫اإلجمالى‬ ‫اإلجمالى‬
‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪16.6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪12.7‬‬ ‫‪7.3‬‬ ‫‪9.20‬‬ ‫‪3.33‬‬ ‫‪299‬‬ ‫‪96/95‬‬

‫‪0.9‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪20.9‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪11.5‬‬ ‫‪6.2‬‬ ‫‪8.80‬‬ ‫‪3.389‬‬ ‫‪266‬‬ ‫‪97/96‬‬

‫‪2.9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪21.3‬‬ ‫‪16.7‬‬ ‫‪10.9‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪8.80‬‬ ‫‪3.395‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪98/97‬‬

‫‪2.9‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪20.8‬‬ ‫‪17.2‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪3.8‬‬ ‫‪8.10‬‬ ‫‪3.396‬‬ ‫‪308‬‬ ‫‪99/98‬‬

‫‪3.9‬‬ ‫‪5.9‬‬ ‫‪18.8‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪7.70‬‬ ‫‪3.446‬‬ ‫‪340‬‬ ‫‪2000/99‬‬

‫‪5.6‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪17.7‬‬ ‫‪16.3‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪8.30‬‬ ‫‪3.860‬‬ ‫‪359‬‬ ‫‪2001/2000‬‬

‫‪5.8‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪17.6‬‬ ‫‪14.9‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪4.338‬‬ ‫‪382‬‬ ‫‪2002/2001‬‬

‫(‪)1‬‬
‫اتجاهات اقتصادية‪ ، 2٠٠2 ،‬مصدر سابق ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المصدر‪ ،‬وزارة التجارة الخارجية‪ ،‬النشرة االقتصادية الشهرية‪ ،‬نوفمبر ‪.2٠٠2‬‬
‫‪-4٨-‬‬

‫حالة الحقوق االقتصادية واالجتماعية فى مصر ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫للفرد وبالفرد "شعار التنمية االقتصادية في أي دولة في العالم‪ ،‬حيث‬
‫الفرد هو"الهدف" "والوسيلة"‪ ،‬وإذا لم تنعكس سياسة الحكومة االقتصادية‬
‫وبرامج اإلصالح االقتصادي باإليجاب على مستوى معيشته ونوعية حياته‬
‫تكون هذه السياسـة وهـذه البـرامج سياسـات وبـرامج عقيمة‪ .‬وتتمثل أهم‬
‫حقوق اإلنسان االقتصادية واالجتماعية فيما يلى (‪: )1‬‬

‫(أ ) الحق والحرية في العمل ‪:‬‬


‫تكفل المواثيق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان الحق في العمل‪ ،‬ومن‬
‫بينها المـادة (‪ )23‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وكفلت المادتان ‪13‬‬
‫و ‪ 14‬من الدستور المصري الحـق في العمل‪ ،‬ومما ال شك فيه أن تطبيق‬
‫مصر لما نص عليه الدستور والمواثيق الدوليـة التـي تكفل حق العمل كاف‬
‫لتحقيق الضمانات الفعلية الالزمـة لحمايـة حقـوق العمـال مـن أي انتهاكات‪.‬‬
‫ومن الضروري إحداث توازن بين مصالح أصحاب األعمال ومصالح‬
‫العمـال دون سيطرة أي منهما على اآلخر‪ ،‬مع مراعاة تحقيق تقدم واستقرار‬
‫اجتماعي واقتصادي يـنعكس إيجابيا على مستويات دخل ومعيشة‬
‫المواطنين‪.‬‬
‫وهناك ارتباط وثيق بين النمو االقتصادى وخلق فرص العمل‪ ،‬حيث‬
‫يمثالن معا حلقـة مهمة فى أية استراتيجية تستهدف الحد من مشكلة البطالة‬
‫المستمرة (‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المنظمة االمرةة الوقةاإلااان‪،‬ة ا"و لة اوقةاإلااان‪،‬ة افة امرةة" االتقة ةةا‬
‫ال‪،‬ناىالع ما‪ 2003‬امنشاةابماقعاالمنظم اعلىا‪،‬بك ااالنتةنت‪ .‬ا‬
‫‪www.eohr.org/ar/annual/re/2htm.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بطب ع االو ل االا عتمدانمااتاظ ة االعم لة اعلةىانمةااالنة تبافو‪،‬ةأ ابةلا ة ا‬
‫علـىامةاانـ االتاظ اب لن‪،‬ب اإلىاالن تب ا ىاكث ف اتاظ ة االعمة لاالمتالةداعة ا‬
‫هذااالنما اابـ فتةاضادةجـ امةان امةتفعة ان‪،‬ةب اووةاالىا‪)0.7‬ا رةب امعةدلا‬
‫التاظ االمطلاأامةتاهن ابتوق إلانماا‪،‬ـناىام‪،‬تمةافىاالن تباالوق قىابااقةـعا‬
‫‪%٦‬اتقة بـ ‪.‬اةاجـعا‪:‬اجـاةجاتاف ـإلاالعبد اوم ـداة ـ اداادى ا"تود تاالنمةاا‬
‫االعالم افىاالشةإلااألا‪،‬طااشم لا فة ق "ا ارةنداإلاالنقةداالةدالى اااشةنط ا‬
‫‪ 2003‬اص‪7‬ا‪ .‬ا‬
‫‪-4٩-‬‬

‫وقد أظهرت أولى نتائج الدراسات التى قامت بها الحكومة باالشتراك‬
‫مع البنك الدولي من أجل وضع استراتيجية شاملة للحد من الفقر في مصر‪،‬‬
‫ما يلـي (‪: )1‬‬
‫ال يزال تخفيف حدة الفقر أشد التحديات إلحاحا‪ ،‬وببلوغ دخل للفرد‬ ‫*‬
‫‪ 153٠‬دوالر في عام ‪ 2٠٠1-2٠٠٠‬وقع اتفاق واسع النطاق على أن‬
‫الفقر قد خفت حدته في العقد الماضي‪ .‬غير أنه فى غيبة تقييم دقيق‬
‫ومنظم للفقر‪ ،‬كانت هناك اعتراضات حادة على التقييم الصحيح لمدى‬
‫حدوث الفقر‪.‬‬
‫انخفض الفقر في مصر من ‪ %1٩.4‬عام ‪ 1٩٩6/1٩٩5‬إلى‬ ‫*‬
‫‪ %16.7‬فى عام ‪ ،2٠٠٠/1٩٩٩‬لكن على الرغم من انخفاضه في‬
‫المدن الحضرية ومصر السفلى‪ ،‬إال أنه في ارتفاع في الوجه القبلي‪،‬‬
‫ويثير بطء االقتصاد المصري منذ ‪ 2٠٠٠/1٩٩٩‬القلق حول احتمال‬
‫زيادة الفقر‪.‬‬
‫يمثل الفقر في مصر‪ ،‬بالمؤشرات التى ال تتعلق بالدخل مثل الصحة‬
‫والتعلـيم‪ ،‬تحديا كبيرا أيضا فعلى الرغم من أن معدل االلتحاق الصافي‬
‫بالمدارس االبتدائية يبلغ ‪ %٨٨‬إال أن أمية البالغين ال تزال عالية حيث تبلغ‬
‫حوالي ‪ %35‬وبالنسبة للصحة ال يزال عـدد األطفـال الذين يموتون قبل‬
‫بلوغهم ‪ 5‬سنوات يبلغ ‪ 3٩‬طفال (لكل ألف من المواليد األحياء)‪ .‬وهى نسبة‬
‫أعلى من كثير من الدول التي يمكن المقارنة معها‪.‬‬
‫ويالحظ تزايد معدالت البطالة والفقر فى مصر‪ ،‬وهو مـا يتطلـب‬
‫ضـرورة ضـخ استثمارات جديدة لمواجهة حدة هذه المشكلة التي تتراكم‬
‫يوما بعـد اآلخـر‪ ،‬مـع انعكاسـاتها السلبية على المجتمع المتمثلة في انتشار‬
‫الجرائم االجتماعية‪ ،‬وارتفاع نسبة اإلعالة وتأخر سن الزواج‪ ،‬فضال عن‬
‫اآلثار األمنية والنفسية‪ .‬أيضا يشير تقرير التنمية فى العالم الصـادر عـن‬
‫البنك الدولي لعام ‪ 2٠٠5‬إلى أن ‪ %43.٩‬من المصريين يعيشون على أقل‬
‫من دوالرين يوميا وأن نحو ‪ %16.7‬يعيشون تحت خط الفقر(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫التقرير السنوى للمجلس القومى لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2٩6-2٩5‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪World Bank, World Development Report, 2005, A Better Investment‬‬
‫‪Climate for Everyone, Washington, DC., 2004, P. 258.‬‬
‫‪-5٠-‬‬

‫(ب) الحقوق التأمينية والتقاعدية (‪:)1‬‬


‫تعتبر الحقوق التأمينية من أهم الحقوق االقتصادية االجتماعية‪،‬‬
‫ويقاس مدى التقدم االجتماعي بمدى اتساع هذه الحقوق حجما وتغطية‪.‬‬
‫وتلعب صناديق التأمين والضمان االجتماعي دورا هاما في إعمال هذه‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫وتشوب األوضاع التأمينية في مصر ثغرات متعددة أهمها عدم‬
‫وجود نظام تأمين ضد البطالة‪ ،‬وعدم تغطيتها للجمهرة العريضة من‬
‫العاملين في القطاع غير الرسمي وعائالتهم‪ ،‬حيث ال يخضعون ألية‬
‫ترتيبات مؤسسية للحقوق التقاعدية‪ ،‬وال يستخدم نظام اليتقيس‬
‫)‪ (Indexation‬الذى يقوم بالربط اآللى بين الرواتب التقاعدية ومعدالت‬
‫التضخم السنوية أوال بأول‪ ،‬واالكتفاء بزيادة سنوية فى ‪ %1٠‬على أال تزيد‬
‫على ‪ 6٠‬جنيها شهريا ‪.‬‬
‫(ج) الحق في التمتع بالصحة والرعاية الصحية ‪:‬‬
‫كفلت المادة ‪ 25‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمادة ‪ 12‬من‬
‫العهـد الـدولي الخاص بالحقوق االجتماعية واالقتصادية الحق في التمتع‬
‫بالصحة والرعاية الصـحية‪ ،‬وقـد صدقت مصر عليهما‪ .‬وفي الدستور‬
‫المصري نصت المادتـان ‪ ،16‬و‪ 17‬علـى الحـق فـي الصحة‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 16‬على أن "تكفل الدولة إلخدمات الثقافية واالجتماعية والصـحية‬
‫وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظار رفع لمستواها"‪.‬‬
‫أمـا المـادة (‪ )17‬فتنص على أن "تكفل الدولة خدمات التأمين االجتماعي‬
‫والصحي‪ ،‬ومعاشات العجز عن العمل والبطالـــة والشـــيخوخة للمـــواطنين‬
‫جميعـــا‪ ،‬وذلـــك وفقا للقـــانون"‪ .‬وقد حددت منظمة الصحة العالمية تسعة‬
‫عناصر أساسية ومتكاملة حول الحق فـي الرعايـة الصحية‪ ،‬وهي ‪ :‬أن تكون‬
‫مباحة‪ ،‬ومتاحة‪ ،‬ومقبولة‪ ،‬وعادلة‪ ،‬وبتكلفة مناسبة‪ ،‬وبنوعية جديـدة‪ ،‬ومنسقة‬
‫من حيث التخصص الطبى‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫راجااااع التقرياااار الساااانوى للمجلااااس القااااومى لحقااااوق اإلنسااااان‪ ،‬مرجااااع سااااابق‪،‬‬
‫ص‪.5-3‬‬
‫‪-51-‬‬

‫وفي هذا الصدد أشار تقرير التنمية البشرية لعام ‪ 2٠٠5‬الى أن‬
‫اجمالى االنفاق العـام على الصحة فى مصر يبلغ ما يقرب من ‪ %1.٨‬من‬
‫إجمالي الناتج المحلـى االجمـالى علـى الصحة‪ ،‬فى حين تنفق نحو ‪%2.6‬‬
‫من إجمالي الناتج المحلى االجمالى على اإلنفاق العسكري‪.‬‬
‫ويشير الواقع المصري إلى ضرورة االسـتثمار وتـوفير المـوارد‬
‫الماليـة وإعـادة تخصيصها داخل قطاع الصحة‪ ،‬بما يقضي على عدم‬
‫التوازن في اإلنفـاق علـى متطلبـات الرعاية الصحية األولية والوقائية‬
‫والعالجية التي تستأثر بالجانب األكبر من اإلنفاق‪.‬‬
‫(د ) الحق في السكن ‪:‬‬
‫تمس مشكلة اإلسكان كل أسرة مصرية؛ فالمسكن أحد االحتياجات‬
‫األساسية لإلنسـان‪ ،‬شأنه في ذلك شأن الغذاء والكساء‪ ،‬وهو أحد الحقوق‬
‫األساسية لإلنسان‪ ،‬وليس أدل على أهمية المسكن من ارتباطه بالسكينة‬
‫واألمان وإلخصوصية‪ ،‬ومن ثم فهو قضـية تـؤثر علـى أمـن واستقرار ور‬
‫فاهية وصحة وسالمة الفرد واألسرة والمجتمع‪ .‬وتعد مشكلة اإلسكان مـن‬
‫أهـم القضايا التي تواجه الدول النامية ومنها مصر‪ ،‬نظرا لما لها من آثار‬
‫اجتماعية واقتصادية على الدولة وعلى فئات كثيرة من المواطنين خاصة‬
‫الشباب ومحدودي الدخل‪ .‬كما تـزداد أهميتهـا في ضوء ما لها من آثار‬
‫سياسية مهمة‪ ،‬فهي تؤثر على عالقـة المـواطن بالدولـة‪ ،‬فتـوفير المسكن‬
‫اآلمن والمالئم للمواطن يمثل له االستقرار واالنتمـاء للدولـة ويعـزز ثقتـه‬
‫فيهـا‪.‬‬
‫وتؤكد المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان أن مشكلة اإلسكان في‬
‫مصـر متراكمـة ومتعـددة األبعاد‪ ،‬فال تقتصر على عدم وفرة المعروض‬
‫من الوحدات السكنية لمقابلـة نوعيـة الطلـب عليها‪ ،‬بل تشمل أبعادا‬
‫أخرى كاإلسكان العشوائي‪ ،‬والوحدات المغلقة واختالل العالقـة بـين‬
‫المالك والمستأجر‪ ،‬وإهمال صيانة الثروة العقارية‪ ،‬وسوء توزيع‬
‫السـكان وارتفـاع الكثافـة السكانية‪ ،‬وعدم كفاية بعض المرافق فى بعض‬
‫المناطق واالمتداد العمراني علـى األراضـي الزراعية‪ ،‬وغيرها‪ .‬وتتجلى‬
‫أهمية الدور الذى يمكن أن يلعبه االستثمار فى مواجهـة مشـكلة اإلسكان‬
‫بأبعادها المختلفة‪.‬‬
‫‪-52-‬‬

‫(هـ) الحق في التعليم ‪:‬‬


‫يمثل رأس المال البشرى عامال مهما للنمو االقتصادى وخلق فرص‬
‫العمل والمشاركة فى العولمة ‪ -‬سواء كان مقيسا بالعمر المتوقع أو بسنوات‬
‫الدراسة أو بإلخبرة المكتسبة فى سوق العمل أو بمعدالت اإللمام بالقراءة‬
‫والكتابة أو بمعدالت االلتحاق بالمدارس أو بدرجات الطالب فى‬
‫االختبارات‪ .‬ومن المعروف منذ وقت طويل أن توافر رأس المال المادى‬
‫والبشرى وبخاصة العمالة هو عامل مهم فى تحديد موقع النشاط االقتصادى‪.‬‬
‫ويصدق هذا على وجه الخصـوص فى اقتصاد تتزايد فيه العولمة وتكثر فيه‬
‫تنقالت رؤوس األموال‪ .‬ورغـم أن رؤوس األمـوال االستثمارية تحتاج الى‬
‫القوى العاملة الماهرة والمتعلمة كما تحتاج الى القوى العاملة الرخيصة‬
‫وغير الماهرة‪ ،‬فمن المسلم به عموما أن النمو وبالتأكيـد ارتفـاع مسـتوى‬
‫المعيشـة‪ ،‬يكـون استمرارهما أرجح فى وجود قوى عاملة متعلمة تستطيع‬
‫تطويـع مهارتهـا وتنفيـذ األفكـار الجديدة‪ .‬وتفيد األبحاث الحديثة بأن الدول‬
‫التى تبدأ بإنتاجيه منخفضة وبقوى عاملة أكثر تعلمـا تستطيع تضييق فجوة‬
‫الدخل الفردى بينها وبين الدول األكثر ثراء بسـرعة مـن الـدول ذات القوى‬
‫العاملة األقل تعلما‪ .‬وقد تبين أيضا أن إسهام االستثمار األجنبى المباشر فى‬
‫النمو يـزداد كلما كانت القوى العاملة أكثر تعلما(‪.)1‬‬
‫ويعتبر التعليم قضية محورية تمس األمن القومي‪ ،‬وهو الذي يرسم‬
‫صورة المسـتقبل ألي دولة باعتباره استثمارا في المستقبل له عائد ومردود‬
‫أعلـى بكثيـر مـن أي اسـتثمار آخر‪ .‬وألهمية التعليم كفلته المواثيق والعهود‬
‫الدولية‪ ،‬المادة (‪ )26‬من اإلعالن العالمي لحقـوق اإلنسان الذي صادقت‬
‫عليه الجمعية العامة لألمم المتحدة في ديسمبر ‪ ،1٩4٨‬والمادتـان (‪،13‬‬
‫و‪ )14‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعيـة والثقافيـة‪،‬‬
‫أمـا الدسـتور المصري فكفل حق التعليم فى مادته ‪ 1٨‬بنصه على أن‬
‫"التعليم حق لكل مواطن وهو إلزامـي في المرحلة االبتدائية‪ ،‬وتعمل الدولة‬
‫على مد اإللزام إلى مراحل أخرى وتشرف على التعلـيم كله وتكفل استقالل‬

‫(‪)1‬‬
‫جااورج توفيااق العبااد‪ ،‬حميااد رضااا داودى‪" ،‬تحااديات النمااو والعولمااة فااى الشاارق‬
‫األوسط وشمال أفريقيا"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪-53-‬‬

‫الجامعات ومراكز البحث العلمي‪ ،‬وذلك كله بما يحقق الربط بينـه وبـين‬
‫حاجات المجتمع واإلنتاج"‪ ،‬بل وقد توسع المشرع الدستوري المصري بأنه‬
‫جعله بالمجان فـي المراحل التعليمية المختلفة طبقا للمادة ‪.21‬‬
‫ويرصد تقرير التنمية البشرية عن مصر‪ ،‬الصادر عام ‪،2٠٠4‬‬
‫خمسة من مظاهر غياب العدالة في التعليم(‪:)1‬‬
‫بلغ صافى معدل االلتحاق بالتعليم االبتدائي في صعيد مصر وبين‬ ‫*‬
‫األطفال من األسر ذات الوضع االقتصادي واالجتماعي المنخفض‬
‫‪ %٨4‬مقابل ‪ %٩7‬في المحافظات الحضرية وبين األسر ذات‬
‫الوضع االقتصادي واالجتماعي األعلى‪ .‬وفى المناطق الحضرية‬
‫يصل معدل االلتحاق بالتعليم االبتدائي إلى ‪ %٨٨‬بالنسبة للفقراء‪،‬‬
‫و ‪ %٩6‬لغير الفقراء‪ .‬أما في المناطق الريفية‪ ،‬فإن الرقم يبلغ ‪%72‬‬
‫مقابل ‪ %،٨5‬ويأتي نصف عدد األطفال غير المسجلين بالمدارس‬
‫(‪ 11 : 7‬سنة) من الفئات منخفضة الدخل (‪.)5‬‬
‫تحيز اإلنفاق العام للتعليم العالي حيث يوجه ثلث المصروفات للتعليم‬ ‫*‬
‫العالي الذي يشكل ‪ %6‬فقط من إجمالي االلتحاق بالمدارس‪ ،‬بينما لم‬
‫يحصل التعليم األساسي الذي يشكل قرابة ‪ %٨٠‬من إجمالي االلتحاق‬
‫بالمدارس إال على ‪ %36‬فقط من ميزانية التعليم العامة سنة ‪-2٠٠2‬‬
‫‪.)5( 2٠٠3‬‬
‫تحيز اإلنفاق العام فى المدخالت التعليمية (أي المدارس واألجهزة‬ ‫*‬
‫والفصول الجديدة) لصالح المدارس في المناطق الحضرية وفى‬
‫مجتمعات الطبقة العليا والمتوسطة‪ .‬األمر الذي يؤدى إلى انخفاض‬
‫اإلنجاز في المدارس التي تخدم المجتمعات الفقيرة في المناطق‬
‫الحضرية والنائية (‪.)5‬‬
‫التفاوت في المنتج التعليمي ‪ :‬فغالبية الفقراء ال يحصلون إال على‬ ‫*‬
‫التعليم األساسي أو ال يحصلون على أي تعليم (‪ %٨6.2‬ال يحصلون‬
‫إال على التعليم األساسي فقط أو أقل‪ ،‬بينما ‪ %1.1‬فقط هم الذين‬
‫يحصلون على تعليم جامعي) (‪.)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫التقرير السنوى للمجلس القومى لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3٠٠-2٩٩‬‬
‫‪-54-‬‬

‫ومن بين كل األطفال المسجلين في الصف األول االبتدائي يصل‬


‫‪ %٩7‬منهم إلى نهاية التعليم األساسي‪ ،‬مقابل ‪ %٨2‬في ريف الوجه البحري‬
‫وحضر الوجه القبلي‪ ،‬و ‪ %72‬فقط في ريف الوجه القبلي‪ ،‬وخالل العامين‬
‫الماضيين ضاقت الفوارق بين معدالت التحاق بين الذكور واإلناث‪ ،‬لكنها‬
‫ال تزال موجودة‪.‬‬
‫التفاوت في االنتقال إلى التعليم الثانوي العام والتعليم الجامعي ‪ :‬يحول‬ ‫*‬
‫انخفاض نوعية التعليم دون مواصلة الطالب الفقراء تعليمهم العالي‪،‬‬
‫ذلك أن ثلث األطفال فقطهم الذين يذهبون إلى التعليم الثانوي العام‪.‬‬
‫بينما انتهى األمر بالثلثين الباقيين‪ ،‬وهم أساسا من الفقراء‪ ،‬إلى‬
‫االلتحاق بالتعليم الثانوي الفني (الزراعي والتجاري والصناعي)‬
‫وعالوة على ذلك فإن فرص التعليم العالي لخريجي المدارس الفنية‬
‫(الجامعة العمالية‪ ،‬والجامعة المفتوحة‪ ،‬والمعاهد الفنية العليا‪ ..‬إلخ)‬
‫محدودة ومكلفة‪ ،‬كما أن مستوى جودتها موضع تساؤل كبير‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا ‪ :‬أهم مؤشرات األداء االقتصادى ومستوى املعيشة فى مصر ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أكد تقرير التنمية البشرية لعام ‪ 2٠٠5‬الصادر عن األمم المتحدة‬
‫أن مصر مـا زال أمامهـا العديد من التحديات الرئيسية التي ينبغي‬
‫مواجهتها بصورة سـريعة‪ .‬فتشـير مؤشـرات األداء االقتصادى التى‬
‫أوردها التقرير الى الحاجة الماسة لبذل مزيد من الجهود‪ ،‬وفى هـذا اإلطـار‬
‫نورد ما يلى(‪:)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪UNDP, Human Development Report 2005: International Cooperation‬‬
‫‪at Cross Roads, Aid, Trade and Security in an Unequal World,‬‬
‫‪available at: hdr.undp.org/reports/global/2005‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يشير أحدث تقرير أعدته المجموعة االقتصادية حول المؤشرات الرئيسية‬
‫لالقتصاد القـومى بأن معدل النمو الحقيقى قد ارتفع من ‪ %4.1‬فى العام المإلى‬
‫‪ 2٠٠4/2٠٠3‬إلى ‪ %5‬فى العام المإلى ‪ ،2٠٠5/2٠٠4‬كما ارتفع معدل النمو‬
‫الحقيقى لدخل الفرد فى ذات الفترة مـن ‪ %2.1‬إلى ‪ %2.٩‬كما ارتفعت نسبة‬
‫االستثمار إلى الناتج المحلـى االجمـإلى مـن ‪ %16.6‬إلى ‪ %17.7‬بالرغم من‬
‫التراجع الطفيف فى نسبة االدخار إلى الناتج المحلـى االجمـإلى التـى انخفضت‬
‫من ‪ %16.2‬إلى ‪ %16.1‬خالل ذات الفترة‪ .‬وأشار التقرير أيضا إلى انخفاض‬
‫معدل البطالة من ‪ %1٠‬إلى ‪ %٩.5‬كما انخفـض معـدل النمـو السـكانى مـن‬
‫‪-55-‬‬

‫الناتج المحلى اإلجمالي(‪ :)1‬تراجع الناتج المحلى االجمالى (مقوما‬ ‫*‬


‫بالـدوالر األمريكـي) خالل عام ‪ 2٠٠3‬بنحو ‪ %٩.٩‬مقارنة بعام‬
‫‪ ،2٠٠2‬وبنحو ‪ %1٩.3‬مقارنـة بعـام ‪ ،1 2٠٠1‬فى حين ارتفع‬
‫بنحو ‪ %3.5‬خالل عام ‪ 2٠٠3‬مقارنة بعـام ‪ )2٠٠2‬مقومـا بالدوالر‬
‫األمريكي حسب تعادل القوة الشرائية) (‪.)2‬‬
‫إمكانية الحصول على الموارد الالزمة لمستوى معيشة مقبول‪:‬‬ ‫*‬
‫بلغ متوسط معدل النمو السنوي لنصيب الفرد من الناتج المحلى‬ ‫‪-‬‬
‫اإلجمالي خالل الفترة (‪ )2٠٠2-1٩٩٠‬نحو ‪ %2.5‬فى حين بلغ‬
‫متوسط التغير السنوي فى الرقم القياسـي ألسعار المستهلكين خالل‬
‫ذات الفترة نحو ‪. %7.5‬‬
‫بلغ متوسط معدل النمو السنوي لنصيب الفرد من الناتج المحلى‬ ‫‪-‬‬
‫اإلجمالي خالل الفترة (‪ )2٠٠3/2٠٠2‬نحو ‪ %1.4‬فى حين بلغ‬
‫متوسط التغير السنوي فى الرقم القياسـي ألسعار المستهلكين خالل‬
‫ذات الفترة نحو ‪. %4.5‬‬

‫‪ %1.٩٨‬إلى ‪ .%1.٩6‬أيضا انخفض معدل التضخم السنوى ألسعار المستهلكين‬


‫مـن ‪ %16.7‬فـى يونيـو ‪ 2٠٠4‬إلى ‪ %7.4‬فى يونيو ‪ ،2٠٠5‬بينما انخفض‬
‫معدل التضخم ألسعار الجملة من ‪ %16.٨‬فى مايو ‪ 2٠٠4‬إلى ‪ %4.2‬فى مايو‬
‫‪ .2٠٠5‬راجع جريدة األهـرام المصـرية‪ ،‬العدد ‪ ،4337٨‬السنة ‪ ،13٠‬األحد‪،‬‬
‫‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2٠٠5‬ص ‪.16‬‬
‫وبالرغم من هذا التحسن الملحوظ والاذى يصاـل إلاى درجاـة اإلنجاـاز إال أن هاـذه‬
‫المؤشاارات مازالاات بحاجااة إلااى مزيااد ماان التحسااين‪ ،‬حيااث يعااد معاادل االدخااار‬
‫منخفضا بالمقارنـة بالمتوسط السائد فى الدول النامية (‪ %3٠‬تقريبا)‪ ،‬وأيضاا يعاد‬
‫معاادل االسااتثمار منخفضااا بالنسااـبة للطموحااات ومعاادالت النمااو المرغوبااة حيااث‬
‫ينبغى أن يتعدى معدل االستثمار للنـاتج المحلـى ‪ %25‬سنويا‪ .‬أيضا مازال معادل‬
‫التضخم السنوى البالغ ‪ %7.4‬فاى يونياو ‪ ،2٠٠5‬يفاوق معادل نماو متوساط دخال‬
‫الفارد والبااالغ ‪ %2.٩‬خاالل نفااس الفتارة‪ .‬ناهيااك عان نساابة البطالاة التااى مازالااـت‬
‫بحاجة إلى عديد من الجهود لتقليلها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يمكن إرجاع ذلك بصفة أساسية إلى تراجع ساعر صارف الجنياه المصارى مقوماا‬
‫بالدوالر األمريكى بين عامى المقارنة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يتم تقدير تعادل القوة الشرائية عبر مقارنة تكلفة شاراء سالة مان السالع فاى الدولاة‬
‫المعنية بتكلفة شراء ذات السلة فى أمريكا‪.‬‬
‫‪-56-‬‬

‫بلغ المتوسط السنوي لنصيب الفرد من الناتج المحلى اإلجمـالي خـالل‬ ‫‪-‬‬
‫عـام ‪ 2٠٠3‬نحو ‪ 122٠‬دوالر أمريكي مقابل ‪ 1354‬دوالر أمريكي‬
‫عام ‪ ،2٠٠2‬ومقابـل ‪ 1511‬دوالر أمريكي فى عام ‪. 2٠٠1‬‬
‫بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى اإلجمالي (مقوما بالدوالر‬ ‫‪-‬‬
‫األمريكي حسب تعادل القوة الشرائية) خالل عام ‪ 2٠٠3‬نحو ‪3٩5٠‬‬
‫دوالر أمريكـي مقابـل ‪ 3٨1٠‬دوالر أمريكي فى العام السابق‪.‬‬
‫التضخم ‪ :‬ارتفع متوسط التغير السنوي فى الرقم القياسي ألسعار‬ ‫*‬
‫المسـتهلكين خـالل (‪ )2٠٠3-2٠٠2‬ليصل إلى ‪ %4.5‬مقارنة بنحو‬
‫‪ %2.7‬خالل (‪ ،)2٠٠2-2٠٠1‬وهو األمر الذى ال يتوافق مع جهود‬
‫الدولة للسيطرة على معدالت التضخم‪.‬‬
‫االستثمار األجنبى ‪ :‬تراجع صافى تدفقات االستثمار األجنبى المباشر‬ ‫*‬
‫كنسبة من النـاتج المحلى اإلجمالى لتقتصر على نحو ‪ %٠.3‬عام‬
‫‪ 2٠٠3‬مقارنة بنحو ‪ %٠.7‬فى عـام ‪ ،2٠٠2‬نحو ‪ %1.7‬فى عام‬
‫‪ .1٩٩٠‬فى حين بلغت تلك النسبة فى عام ‪ 2٠٠3‬فى كل من‬
‫مجموعة الدول النامية‪ ،‬الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة‪ ،‬والدول‬
‫ذات الـدخل المتوسط نحو ‪ %2.4 ، %2.2 ، %2.3‬على الترتيب‪.‬‬
‫تدنى مستويات االدخار واالستثمار ‪ :‬يؤدى تدنى مستويات االدخـار‬ ‫*‬
‫واالسـتثمار فـى مصر الى صعوبة تحقيق معدالت نمو سريعة‪ ،‬حيث‬
‫أن مصر تحقق واحدا من أدنـى معدالت االدخار فى العالم‪ ،‬حيث بلغ‬
‫هذا المعدل نحو ‪ %1٠‬فى عام ‪ )1( 2٠٠2‬مقارنـة بنحو ‪ %2٠‬فى‬
‫المتوسط العالمى‪ ،‬ونحو ‪ %26‬فى الدول منخفضة ومتوسطة الـدخل‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يتطلب ذلك ضرورة العمل على اتباع سياسة مشجعة لالدخار لتمويل‬
‫االسـتثمارات التـى تضيف طاقات جديدة للجهاز االنتاجى‪ ،‬وترفع مسـتويات‬
‫التشـغيل والـدخل وتحقيـق النمـو االقتصادى السريع فى المستقبل‪ .‬وفى ظل هذه‬
‫المعدالت المنخفضة للغاية من االدخار المحلـى والقومى (حوالى ‪ %15.4‬خالل‬
‫عام ‪ )2٠٠2‬فإنه من الصعب تحيق معدالت مرتفعة لالستثمار والنمو‬
‫االقتصادى‪ ،‬ألن تحقيق مثل هذه المعدالت المرتفعـة دون وجـود معـدالت‬
‫مرتفعـة لالدخار‪ ،‬سوف يتطلب اللجوء إلى االقتراض من إلخارج والتورط فى‬
‫أزمة مديونية كبيـرة‪ ،‬أو جذب مزيد من االستثمارات األجنبية‪ ،‬وهو ما لم يتم‬
‫تحقيقه كما تشير البيانات‪.‬‬
‫‪-57-‬‬

‫ونحو ‪ %2٩‬فى دول الشرق األوسط وشمال أفريقيا فى العام نفسه‪،‬‬


‫(‪)1‬‬
‫وذلك وفقا لبيانات البنك الدولى‪.‬‬
‫المساعدات اإلنمائية والدين إلخارجى ‪ :‬ارتفعت المساعدات اإلنمائية‬ ‫*‬
‫الحكومية المقدمـة لمصر كنسبة من الناتج المحلى اإلجمالي لتصل‬
‫الى على نحـو ‪ %1.4‬عـام ‪ 2٠٠2‬مقارنة بنحو ‪ %1.3‬فى عام‬
‫‪ .2٠٠1‬كما ارتفعت خدمة الديون كنسـبة مـن النـاتج المحلى‬
‫اإلجمالى لتصل الى ‪ %4،3‬خالل عام ‪ 2٠٠3‬مقارنـة بنحـو ‪%3،2‬‬
‫عـام ‪ ،2٠٠2‬وهو األمر الذى يعكس تنامى درجة اعتماد التنمية‬
‫(‪)2‬‬
‫االقتصادية فى مصر ولو بصورة طفيفة على الموارد األجنبية‪.‬‬
‫ً‬
‫سادسا ‪ :‬حماور التنمية لتعظيم متتع املواطن املصرى حبقوقه االقتصادية ‪:‬‬

‫هناك عديد من المحاور لتعظيم تمتع المواطن المصرى بحقوقه‬


‫االقتصادية ويتم هنا االشارة الى‪:‬‬
‫‪ -1‬تحسين مناخ االستثمار‪:‬‬
‫ينصرف تعبير مناخ االستثمار الى مجمل األوضاع والظروف‬
‫المكونة للمحيط الـذى تتم فيه العملية االستثمارية‪ ،‬وتأثير تلك األوضاع‬
‫والظروف سلبا وإيجابا على فـرص نجـاح المشروعات االستثمارية‪،‬‬
‫وبالتالى على حركة واتجاهات االستثمارات‪ ،‬وهى تشـمل األوضـاع‬
‫والظروف السياسة واالقتصـادية واالجتماعيـة واألمنيـة‪ ،‬كما تشـمل‬
‫األوضـاع القانونيـة والتنظيمات االدارية‪ .‬وهذه العناصر عادة ما تكون‬
‫متداخلة ومترابطة‪ ،‬بعضها ثابت أو شـبه ثابت‪ .‬إال أن غالبيتها ذات طبيعة‬
‫متغيرة‪ ،‬ومن ثم فهى تؤثر وتتأثر ببعضها البعض‪ ،‬مما يخلـق بالتفاعل مرة‬
‫وبالتداعى مرة‪ ،‬أوضاعا جديدة بمعطيات مختلفة تترجم فى محصلتها إلى‬
‫عوامل جذب أو نوازع طرد لرأس المال‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬يمكن ربط مفهوم‬

‫(‪)1‬‬
‫‪World Bank, World Development Indicators 2004, Washington DC.,‬‬
‫‪2004, PP. 214-216.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫برنامج األمم المتحدة االنمائى‪ ،‬تقرير التنمية البشرية لعام ‪ ،2٠٠4‬الحرية الثقافية‬
‫فى عالمنا المتنوع (النسحة العربية)‪ ،‬نيويورك‪ ،2٠٠4 ،‬ص‪.1٩٩‬‬
‫‪-5٨-‬‬

‫مناخ االسـتثمار بمجـال السياسات االقتصادية التجميعية وذلك من خالل‬


‫تعريف البيئة االقتصادية المستقرة والمحفـزة والجاذبة لالستثمار على‬
‫مستوى االقتصاد التجميعى‪ ،‬بأنها تلك التى تتسم بعجـز طفيـف فـى الموازنة‬
‫العامة‪ ،‬وعجز محتمل فى ميزان المدفوعات بحيث يمكن تمويله بواسـطة‬
‫التـدفقات العادية للمساعدات األجنبية أو االقتراض العادى من أسواق المال‬
‫العالمية‪ .‬والتى تتصف أيضا بمعدالت متدنية للتضخم‪ ،‬سعر صرف مستقر‪،‬‬
‫بيئة سياسية ومؤسسية ثابتة وشفافة يمكن التنبـؤ بها ألغراض التخطيط‬
‫المـالى والتجـارى واالسـتثمارى بواسـطة األفـراد والم ؤسسـات والهيئات‪..‬‬
‫وللسياسات والسلوكيات الحكومية تأثير قوى على مناخ االستثمار من خالل‬
‫تأثيرهـا على ‪ :‬التكاليف‪ ،‬والمخاطر‪ ،‬والعوائق أمام المنافسة‪ .‬ولهذا فان‬
‫تقرير التنمية فى العالم لعام ‪ 2٠٠5‬يؤكد على الدور الهام الذى تلعبه‬
‫الحكومة فى ايجاد بيئة آمنة ومستقرة‪ ،‬بما فى ذلـك حمايـة حقوق الملكية‪ .‬فقد‬
‫أشار التقرير إلى أن غموض السياسات وعدم االستقرار فى االقتصاد الكلى‬
‫واللوائح التنظيمية العشوائية تشكل ‪ %51‬من المخاطر المرتبطة بالسياسات‬
‫علـى مخـاوف الشركات المتعلقة بمناخ االستثمار‪ .‬كما خلص التقرير إلى‬
‫أنه مـن شـأن تحسـين وضـوح ومعلومية السياسات وحده أن يؤدى إلى زيادة‬
‫(‪)1‬‬
‫االستثمارات الجديدة بنسبة ‪.%3٠‬‬
‫ويساهم تحسين مناخ االستثمار بدور رئيسي فى تحسـين مسـتوى‬
‫المعيشـة وتمتـع المواطنين بحقوقهم االقتصادية واالجتماعية من خالل دفع‬
‫(‪)2‬‬
‫عجلة التنمية مـن ناحية‪ ،‬وتحسـين حياة الناس بصورة مباشرة‪.‬‬
‫‪ -1‬دفع عجلة التنمية ‪:‬‬
‫مع تزايد أعداد السكان فان التنمية االقتصادية هى الطريق لتحسين‬
‫مستويات المعيشـة‪ ،‬ويؤدى مناخ االستثمار المالئم لدفع عجلة التنمية عن‬
‫طريق زيادة االستثمارات وتحسـين مسـتويات اإلنتاجية‪ .‬فمناخ االستثمار‬
‫الجيد يخفض التكاليف غير المبررة ويقلل من المخـاطر ويقضـى على‬

‫(‪)1‬‬
‫لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬
‫‪http://econ.worldbank.org/wdr/wdr2005/‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪World Bank, World Development Report, 2005, Op. Cit., PP2-4.‬‬
‫‪-5٩-‬‬

‫العقبات التى تعوق المنافسة‪ .‬فقد أكد تقرير التنمية فى العام الصادر عن‬
‫البنك الدولي لعام ‪ 2٠٠5‬أن إجراءات تحسين مناخ االستثمار أدت إلى‬
‫تضاعف نسبة استثمار القطاع الخاص إلى الناتج المحلى االجمالى فى‬
‫الصين والهند‪ .‬كما أشار التقرير أيضا إلى أن زيـادة وضـوح ومعلومية‬
‫السياسات يمكن أن ترفع من احتمالية قيام الشركات باستثمارات جديدة بنسبة‬
‫تزيـد على ‪ .%3٠‬أيضا يشجع مناخ االستثمار الجيد على تحسين اإلنتاجية‪،‬‬
‫عن طريق إتاحة الفرص والحوافز للشركات لكي تقوم بتطوير أنشطتها‬
‫والتوسع فيها واستخدام أساليب أفضـل لتنظـيم عمليات اإلنتاج‪ .‬كما يساعدها‬
‫على الدخول وإلخروج من األسواق بما يساهم فى زيادة اإلنتاجية ودفع‬
‫عجلة التنمية‪ .‬وقد أشار تقرير التنمية لعام ‪ 2٠٠5‬بأن احتمال قيام الشركات‬
‫التى تتعرض للمنافسة القوية باالبتكار أكثر بنسبة ال تقل عن ‪ %5٠‬من‬
‫احتمال قيـام الشـركات التـى لـم تتعرض لضغوط المنافسة‪.‬‬

‫‪ -2‬تحسين حياة الناس ‪:‬‬


‫يساهم مناخ االستثمار الجيد فى تحسين حياة الناس فى العديد من‬
‫أوجـه نشـاطهم بصـورة مباشرة‪ ،‬وذلك كما يلى‪:‬‬
‫بصفتهم عاملين ‪ :‬من شأن تحسين مناخ االستثمار إتاحة الفرص‬ ‫*‬
‫أمـام األفـراد للحصول على عمل سواء من خالل العمل الحر أو من‬
‫خالل الحصول علـى عمل بأجر‪ .‬فمن شأن تحسين فرص العمل حفز‬
‫األفراد على استثمار معارفهم ومهاراتهم‪ ،‬مما يكمل الجهود لتحسين‬
‫التنمية البشرية‪ .‬أيضا تستطيع الشـركات األكثر إنتاجية التى تنشأ من‬
‫خالل مناخ استثمار جيد‪ ،‬أن تدفع أجـورا أفضـل وأن تخصص مزيدا‬
‫من االستثمارات لبرامج التدريب‪.‬‬
‫بصفتهم أصحاب عمل حر‪ :‬يساعد منـاخ االسـتثمار الجيـد علـى‬ ‫*‬
‫تشـجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وأصحاب األعمال‬
‫الحرة للدخول فى االقتصاد الرسمى‪ ،‬حيث يعمل أكثر من نصف‬
‫سـكان الـدول الناميـة فـى االقتصاد غير الرسمى‪ .‬فهذه المشروعات‬
‫تواجه نفس المشكالت التى تواجهها الشركات األخرى‪ ،‬بما فى ذلك‬
‫الفساد‪ ،‬وعدم وضوح السياسـات‪ ،‬وحفظ حقـوق الملكية‪ ،‬ومحدودية‬
‫‪-6٠-‬‬

‫القدرة على الحصول على التمويل وإلخدمات العامة‪ .‬ويؤدى تخفيف‬


‫هذه العوائق إلى زيادة دخل أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية‬
‫الصغر وأصحاب األعمال الحرة‪ ،‬وتمكينهم من توسيع أعمالهم‪.‬‬
‫بصفتهم مستهلكين ‪ :‬يساعد مناخ االستثمار الجيد على إتاحة السلع‬ ‫*‬
‫وإلخـدمات وتنوعها من ناحية وتخفيض أسعارها من ناحية أخرى بما‬
‫فى ذلك السلع التى يستعملها محدودي الدخل وغير القادرين‪.‬‬
‫بصفتهم مستخدمي للبنية األساسية والموارد التمويلية والممتلكـات‪:‬‬ ‫*‬
‫يمكـن أن ينتج عن تهيئة البنية األساسية وتحسين شـروط الحصـول‬
‫علـى المـوارد التمويلية‪ ،‬وحماية حقوق الملكية‪ ،‬العديد من المزايا‬
‫التى تستفيد منها كافة فئـات المجتمع‪ .‬فمثال ساهم بناء الطرق فى‬
‫المغرب فى زيـادة معـدالت االلتحـاق بالمدارس االبتدائية من ‪%2٨‬‬
‫إلى ‪ .%6٨‬أيضا يؤدى التوسع فى القدرة علـى الحصول على‬
‫المـوارد الماليـة إلـى مسـاعدة الشـركات علـى تطـوير أعمالها‪ .‬فضال‬
‫عن مساعدة محدودي الدخل علـى لـدفع مصـاريف تعلـيم أبنائهم‪،‬‬
‫وتحمل نفقات الطوارىء التى تتعرض لها أسرهم‪ ..‬أيضا يساعد‬
‫تسـهيل تملك األراضى وتخفيض أسعارها على تشجيع االسـتثمار‬
‫وبنـاء المصـانع وتسهيل الحصول على التمويل الالزم‪.‬‬
‫بصفتهم متلقين لخدمات تمولها الضـرائب أو التحـويالت‪ :‬تعتبـر‬ ‫*‬
‫أنشـطة الشركات المصدر الرئيسى إليرادات الضرائب بالنسبة‬
‫للحكومات‪ .‬لذا يسـاهم مناخ االستثمار الجيد فى توسيع المصادر‬
‫المتاحة لدى الحكومات للعثور على التمويــل للخــدمات العامــة‪ ،‬بما‬
‫فــى ذلـك خــدمات قطــاعي الصــحة والتعليم‪ ،‬التحويالت النقدية‬
‫المخصصـة للطبقات الفقيـرة والمحتاجـة فـى المجتمع‪ .‬تؤدى بعض‬
‫التحسينات التى تجرى على مناخ االستثمار إلى العديـد من المنافع‬
‫لكافة قطاعات المجتمع‪ ،‬كتحسين استقرار االقتصاد الكلى‪ ،‬والتقليـل‬
‫من تفشى الفساد‪ ،‬وبعض اإلصـالحات األخـرى فـى قطاعـات أو‬
‫أنشـطة بعينها‪ ،‬مما يتيح الفرص للحكومات للتأثير فى توزيع هـذه‬
‫المنـافع‪ .‬ويمكـن للحكومات أن تضع خطط لهذه اإلصالحات بحيث‬
‫تزيد التركيز على صـالح محدودي الدخل من خالل التركيز على‬
‫‪-61-‬‬

‫القيود المفروضة على أماكن معيشتهم وعلى األنشطة التـى يسـتفيدون‬


‫منها‪ ،‬بمـا فـى ذلـك مختلـف مجـاالتهم كعاملين‪ ،‬وأصحاب أعمال‬
‫حـرة‪ ،‬ومستهلكين‪ ،‬ومسـتخدمي للبنيـة األساسـية والموارد التمويلية‬
‫والممتلكات‪.‬‬
‫ولذا فإنه من الضرورى التأكيد على أن بيئة االستثمار النموذجيـة ال‬
‫تقتصـر علـى مجرد منح االعفاءات الضريبية وتسهيل اجراءات التسجيل‬
‫والترخيص‪ ،‬بل تتعداه لتشمل حزمة متكتملة من العناصر الضرورية التى‬
‫البد من توافرها مجتمعة منها ‪:‬‬
‫(أ ) استقرار السياسات االقتصادية الكلية ‪ :‬حيث يعتبر وجود سياسة‬
‫اقتصادية كليـة عامـة ثابتة ومستديمة شرطا ضروريا لجذب مزيد‬
‫مـن االسـتثمارات سـواء المحليـة أو األجنبية‪.‬‬
‫(ب) تكامل السياسات الصناعية والنقدية والمالية والتجارية والتشغيلية مـع‬
‫مبـدأ تشـجيع االستثمار وتعزيز البيئة االستثمارية‪.‬‬
‫(ج) وجود منظومة قوانين وأنظمة اقتصادية فعالة وكفؤة مما يتطلب‬
‫مراجعة القوانين بهـا وتحديثها لتنسجم مع التوجه العام لتنشيط حركة‬
‫االستثمار وسن قوانين جديدة تـتالءم مع المستجدات على الساحتين‬
‫المحلية والدولية‪.‬‬
‫(د ) تبسيط االجراءات االدارية فى جميع المؤسسات المرتبطة بالنشـاط‬
‫االسـتثمارى وأال يقتصر فقط على فترة الترخيص والتسجيل‪ ،‬بل‬
‫يتضـمن أيضا تشـخيص العوائـق والمشاكل التى تواجه المستثمر‬
‫على جميع المستويات وايجاد الحلول لها‪.‬‬
‫(هـ) تكثيف الجانب الرقابى لتعزيز الثقة فى البيئـة االسـتثمارية وبمـا‬
‫يكفـل الطمأنينـة للمستثمر على حقوقه فى المشاريع التى يستثمر فيها‪،‬‬
‫باالضافة الى ضرورة محاربـة الفساد وسوء االدارة‪.‬‬
‫(و ) تقنين وترشيد الحوافز المالية واالعفاءات الممنوحة بحيث تكون أداة‬
‫لتوجيه وتحفيـز االستثمار فى المشاريع التى تضيف الى االقتصاد‬
‫الوطنى بما يتطلب وجود خريطـة استثمارية واضحة ومتكاملة مع‬
‫إلخطة التنموية‪.‬‬
‫‪-62-‬‬

‫‪ -2‬العدالة وتكافؤ الفرص ‪:‬‬


‫تؤكد الدراسات الحديثة على أهمية العدالة وتكافؤ الفرص لدفع عجلة‬
‫التنميـة ورفـع مستويات المعيشة‪ ،‬فتقرير"التنمية في العالم"لعام ‪2٠٠6‬‬
‫الصادر عن للبنـك الـدولي تحـت عنوان ‪":‬اإلنصاف يعزز قوة النمو من‬
‫أجل تخفيض أعداد الفقراء"(‪ ،)1‬يؤكد على أن العدالة (‪ )2‬البد أن تكون جزءا‬
‫ال يتجزأ من أية استراتيجية ناجحة لتخفيض أعداد الفقراء فى أى مكان من‬
‫العالم النامى‪.‬‬

‫ويمكن القول بأن هذا التحول فى الفكر الرأسمالى قـد بـدأ فـى‬
‫تسـعينيات القـرن العشرين‪ ،‬فنظريات التنمية األولى افترضت أنه على‬
‫الرغم من أن عدم المساواة غير مرغـوب فيه كغاية فى حد ذاته‪ ،‬اال أنه‬
‫وسيلة لتحقيق النمو فى األجل الطويل حيـث أن الميـل الحـدى لالدخار‬
‫مرتف ع عند األغنياء فهم عادة ما يدخرون ويستثمرون جزء كبيرا من‬
‫دخولهم (يزيـد االستهالك مع زيادة الدخل ولكن بنسبة أقل من زيادة الدخل)‪.‬‬
‫وفى سبعينيات القرن العشـرين ظهر اتجاه يدعوا إلى وضع استراتيجيات‬
‫من أجل النمو مع اعادة التوزيع‪ ،‬واتخـاذ اجـراءات تدخلية قصيرة‬
‫األجل (غير ديناميكية) مثل معدالت الضرائب المرتفعة‪ ،‬أو نزع‬

‫(‪)1‬‬
‫هذا التقرير متاح على موقع البنك الدولى على شبكة اإلنترنت‪ ،‬الموقع التالى‪:‬‬
‫‪http://econ.worldbank.org/wdr/wdr2006/‬‬

‫(‪)2‬‬
‫قرداب لعدال اتك فؤاف االفةصاب االن س‪.‬افهن كافةةإلابة االم‪،‬ة اااااالعدالة ‪.‬ا‬
‫ف لعدالـ االا قردابهة االم‪،‬ة ااا اك لم‪،‬ة اااافة االةدأال ا ااالو لة االرةو ا اا‬
‫انت ئبا أةىاموددا‪.‬ابـلاإنها‪،‬ةع اللارةالاإلةىاا ةعاتت‪،‬ة اىاف ةهاالفةةصا‬
‫مةةة ماالجم ةةةع ابمعنةةةىاعنةةةدم اتكةةةا اف ةةةهاالجهةةةادااالتف ةةة تااةا االمبةةة دةاا‬
‫الشأرة اـاال ‪،‬ةتاإلألف ة االع ئل ةـ ا ااالطبقةـ ااالجتم ع ةـ ا ااالعةةإلا ااالنةا ا‬
‫ه االف رلاف االتم زابة االمنجةزاتااالقترة د اللنة س‪.‬اف لمقرةـاداهنةـ الة سا‬
‫الم‪ ،‬ااااف ااألجاة ابلاز دااقدةااالفقةاءاعلىاالورالاعلىاأدم تاالةع ة ا‬
‫الرةةو ااالتعل ة م اافةةةصاالعمةةل ااة ساالم ة ل ااوقةةاإلاالملك ة اا من ة اف ة ا‬
‫األةا ‪.‬اا قت اتوق ـإلاالعدال از دااالم‪ ،‬اااافة االورةالاعلةىاالوة ة تا‬
‫ال‪ ، ،‬ااالنفاذاال‪، ،‬ـ ‪.‬اا عنـ اذلةـكا ة اك‪،‬ةةاالقاالةأاالنمط ة ااالتم ةز ا‬
‫اتو‪ ،‬االقدةااعلـىاالارـالاإلىا نظمـ االعدالـ ااالورالاعلىاأدم تاالبن ا‬
‫األ‪. ، ،‬‬
‫‪-63-‬‬

‫ملكية األصول لتحقيق عدالة التوزيع وتحقيق المساواة فى الد خل والثروة‪،‬‬


‫وهو ما يعنى تـوترا بـين النمـو والعدالة‪ ،‬بسبب ما يمكن أن تحدثه من‬
‫ضعف حوافز العمل واالستثمار واالبتكار لدى األفـراد والفاعلين فى‬
‫ا القتصاد‪ ،‬ولذلك تمثل التحدى فى تحقيق معدالت نمو مرتفعة ثم بعد ذلـك‬
‫يـتم اعادة التوزيع‪.‬‬
‫فالعدالة‪ ،‬ليست غاية بحد ذاتها فحسب‪ ،‬ولكنها وسيلة لزيادة‬
‫االستثمارات وجعلها أكثـر إنتاجية‪ ،‬األمر الذي يفضي إلى تسريع عجلة‬
‫النمو‪ .‬فالهوة الشاسعة فـي عـدم المسـاواة فـي الثروات والفرص‪ ،‬داخل‬
‫البلدان وفيما بينها تتسبب في استمرار الفقر المدقع لشـريحة كبيـرة من‬
‫السكان‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى هدر اإلمكانيات البشرية‪ ،‬ومن شأنه في كثيـر‬
‫مـن الحـاالت إبطاء وتيرة تحقيق النمو االقتصادي القابل لالستمرار‪ .‬ومن‬
‫شأن السياسات الهادفة إلى تحقيق مزيد من العدالة وتكافؤ الفرص أن تسد‬
‫هذه الهوة‪.‬‬
‫والشك فى أهمية تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص‪ ،‬فاالقتصاد ينمو‬
‫ويتطور عندما يكـون لدى السواد األعظم من السكان األدوات الالزمة‬
‫للمشاركة فى المنـافع الناتجـة عـن النمـو االقتصادى‪ ،‬ولهذا ينبغى أن‬
‫تستهدف استراتيجيات التنمية تخفيض حدة عدم المساواة ومن ثـم تحقيق‬
‫المساواة فى الفرص وتحسين كل من الكفاءة والعدالة‪ .‬وعلى سبيل المثال‬
‫يؤدى ضـمان القدرة على الحصول على إلخدمات التعليمية والرعاية‬
‫الصحية إلى تحسن انتاجية الفقراء‪ ،‬ممـا يعطى دفعة لنوعية حياتهم وأيضا‬
‫لديناميكية وحيوية المجتمع عموما‪ .‬كمـا أن القـدرة علـى الحصول على‬
‫فرص العمل تؤدى إلى تخفيض احتمال لجوء الناس إلى الجريمة‪ .‬وبما أن‬
‫القوة االقتصادية غالبا ما تترجم إلى قوة سياسية‪ ،‬فإنه اذا جرى تنفيذ‬
‫اجراءات تحقيق المسـاواة فـى الفرص أمام الناس تنفيذا جيدا فإنهم يحيون‬
‫حياة منتجة‪ ،‬مما يؤدى إلـى االتفـاق فـى الـرأى والعدالة االجتماعية‬
‫(‪)1‬‬
‫واالستقرار السياسى وزيادة االنتاجية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ج ة مساد‪.‬ااالفن‪،‬ةةا افةان‪،‬ةةاااباةن نةةا ا"التنم ة ااتأف ة ضا عةةداداالفقةةةاء‪:‬ا‬
‫النظةاإلىام اف ت ااالتطلعالم اهااآت ا"مةجعا‪ ،‬بإل اص‪.8‬‬
‫‪-64-‬‬

‫وتجدر االشارة هنا الى قضية فى غاية إلخطورة وهى ما يسمى خف‬
‫"عدم المسـاواة" وتعنى أن عدم المساواة يستمر بين األفراد والمجموعات‬
‫مع مرور الوقت من جيل إلى آخـر وداخل كل جيل‪ .‬وهذا الفخ يتسم بارتفاع‬
‫في معدالت وفيات األطفال‪ ،‬وانخفاض في معـدالت إتمام الدراسة‪ ،‬والبطالة‬
‫وانخفاض الدخول‪ ،‬وهو أمر يتكرر مع مرور الوقت وعبر األجيـال‪.‬‬
‫فالفرص‪ ،‬كبرت أم صغرت‪ ،‬تنتقل من اآلباء إلى األبناء ومن األمهات إلى‬
‫البنات‪ .‬ويؤدي ذلك إلى تقليل الحوافز أمام االستثمار واالبتكار الفردي‪،‬‬
‫فضال عن إضعاف عملية التنمية‪ .‬وحالـة عدم المساواة تستمر من خالل‬
‫تشابك اآلليات االقتصادية والسياسية واالجتماعية والثقافية معا‪ ،‬كما هو‬
‫الحال بالنسبة للمواقف والممارسات التمييزية المتعلقة بـالعرق‪ ،‬واالنتماء‬
‫‪)1( .‬‬
‫األثنى‪ ،‬والنوع‪ ،‬والطبقة االجتماعية‬

‫ولزيادة العدالة البد من وضع سياسات تعمل على تصحيح أشكال‬


‫استمرار عدم تكافؤ الفرص‪ ،‬وذلك من خالل تحقيق المساواة في الفرص‬
‫أمام الجميع فـي المجـالين االقتصـادي والسياسي‪ .‬وسيؤدي الكثير من هذه‬
‫السياسات إلى زيادة الكفاءة االقتصادية وتصحيح إخفاقـات األسواق وزيادة‬
‫المساهمة االقتصادية للفقراء في مجتمعاتهم‪ ،‬ومن ثم تخفيض حـدة فقـرهم‪.‬‬
‫وتشمل هذه السياسات ما يلي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫لم‪ ،‬عدااالمجتمع تاعلىاااف تام افة اعةدماالم‪،‬ة ااا ا ؤكةداتقة ةالتنم ة افة ا‬
‫الع لم"لعـ ما‪ 200٦‬الر دةاع اللبنكاالدال اعلىا هم اتدع مامشة ةك ااتمكة ا‬
‫الفقةاءااالفئ تاالمهمش ا ياقدةتهماعلىااارةاةاعلىاتمتعهمابآل تا كثةاقااا‬
‫للتعب ةـةاعةـ اآةائهةـم اااأ ةـ اال‪، ،‬ة اللم‪،‬ة ءل ‪.‬اا مكة اللفقةةاءااالفئة تا‬
‫المهمش االت اتشةملاالن‪،‬ة ءاكفئة امة افئة تاالمجتمةع امة اأة لااارةةاةاعلةىا‬
‫ز ة دااال ةةاابطااالتاازن ة تاف مةةـ ا تعلةةـإلابـ‪،‬ةةـ ءااا‪،‬ةةـتأداماالنفةةـاذااالقتر ة ديا‬
‫اال‪ ، ،‬ة ام ة اقبةةلاال قنأةةأ اإق مةةـ االتو لفةةـ تامةةـعاالطبق ة تاالمتا‪،‬ةةـط ادعمةةـ ا‬
‫لإل‪،‬ةةتةات ج تاالمؤ ةةدااللت ةةةاالمنر ة ‪.‬اا‪،‬ةةتعملاهةةذاااا‪،‬ةةتةات ج تاعلةةـىا‬
‫تقةةةـا ضاه منةةة ا وكامةةة ااألقل ةةة ااتوق ةةةإلاالم‪،‬ةةة اااا مةةة ماالجم ةةةعاعلةةةىاال‪،‬ةةة و ا‬
‫ال‪ ، ،‬ااذ لكادا االلجاءاإلىانا اال‪، ،‬ة تاالشةعب ان ةةاالق بلة ال ‪،‬ةتمةاةا‬
‫‪.‬‬ ‫الت اثبتافشله اف االم‬
‫‪-65-‬‬

‫االستثمار في الناس من خالل توسيع نطاق القدرة على الحصول على‬ ‫*‬
‫خدمات جيـدة النوعية في مجالي الرعاية الصحية والتعليم‪ ،‬وإتاحة‬
‫شبكات األمان للفئات الضعيفة‪.‬‬

‫توسيع نطاق الوصول إلى العدالة‪ ،‬والحصول على األراضي‬ ‫*‬


‫وخدمات البنية األساسية االقتصادية‪ ،‬كالطرق والكهرباء‪ ،‬والمياه‪،‬‬
‫والصرف الصحي‪ ،‬واالتصـاالت السـلكية والالسلكية‪.‬‬

‫تشجيع اإلنصاف في األسواق المالية وأسواق العمل وأسواق‬ ‫*‬


‫المنتجات‪ ،‬وذلك لتسـهيل قدرة الفقراء في الحصول على االئتمانات‬
‫وفرص العمل‪ ،‬ولضمان عدم التمييز ضدهم في األسواق‪.‬‬

‫التركيز على المشروعات الصغيرة كركيزة لبرامج التنمية ‪ :‬تشجيع‬ ‫‪-3‬‬


‫المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر‪ ،‬فهذه المشروعات تتميز‬
‫بقدرتها العالية على توفير فرص العمل مـن حيـث انخفاض تكلفة‬
‫فرصة العمل المتولدة فى هذه المشروعات‪ ،‬كما أنها وسيلة جيدة‬
‫لتحفيز التشغيل الذاتى والعمل الخاص‪ ،‬فضال عن أنها تحتاج إلى‬
‫تكلفة رأسمالية منخفضة نسبيا لبـدء النشـاط مما يشجع الكثيرين على‬
‫بدء النشاط باالستثمار فيها‪ .‬من جانب آخر فـان هـذه المشـروعات‬
‫تتميز بقدرتها على توظيف العمالة نصف الماهرة وغير المـاهرة‬
‫وذلـك النخفـاض نسـبة المخاطرة من ناحية‪ ،‬ووجود فرصة أفضل‬
‫للتدريب أثناء العمل لرفع القدرات والمهارات مـن ناحية أخرى‪..‬‬
‫ويمكن أن تحسن هذه المشروعات فرص قيام النساء بأعمال‬
‫لحسـابهن الخاص من خالل توفير االئتمان والقروض وتوفير‬
‫التدريب الالزم لهن‪ .‬كما أنها تتالءم مع رغبة كثير من النساء فى عدم‬
‫العمل فى أماكن بعيدة عن مساكنهم(‪ .)1‬وقد أثبتـت الدراسـات أن‬
‫التمويـل األصغر‪ ،‬خاصة القروض متناهية الصغر وزيادة دخل‬
‫األسرة يلعب دورا مهما في االلتحـاق بالتعليم بجميع مراحله‪ ،‬أيضا‬

‫(‪)1‬‬
‫للتف ر لاةاجعا‪:‬او‪ ،‬اعبداالمطلةأااأل‪،‬ةةج ا"م‪،‬ةتقبلاالمشةةاع تاالرة ةاا‬
‫فىامرة" اكت أااألهةامااالقتر دى االعددا‪ 229‬ا كتابةا‪.200٦‬‬
‫‪-66-‬‬

‫يساعد الحصول على مزيـد مـن الـدخول مـن خـالل هـذه‬


‫المشروعات على تحسين المستوى الصحى وتوفير الحياة الكريمة‬
‫(‪)1‬‬
‫للعاملين بها‪.‬‬

‫ضرورة ترقية شبكات األمان االجتماعي ‪ :‬تعد شبكات األمان‬ ‫‪-4‬‬


‫االجتماعي أدوات أكثر كفـاءة لتخفيض أعداد الفقراء والتنمية‬
‫البشرية‪ .‬ولكن نظرا للظروف التى مر بها االقتصاد المصرى(‪،)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫تؤدي إمكانية الحصول على التمويل‪ ،‬في كثير من األحيان‪ ،‬إلى‬
‫تعزيز القدرة على مواجهة الصدمات غير المتوقعة‪ .‬وحيث ان البنوك‬
‫التجارية نـادرا مـا تقـوم بـإقراض أصـحاب مشروعات العمل الحر‬
‫المحتملين من الفقراء أو القريبين من خط الفقر‪ ،‬فإن قطـاع التمويـل‬
‫متناهى الصغر يعتبر أكثر المصادر مالئمة لهم‪ .‬وتُظهر دراسات‬
‫حديثة العهد أن هناك حوالي ‪ 3‬ماليين من أصحاب مشروعات العمل‬
‫الحر الفقرا ء في منطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا يفتقرون إلى‬
‫القدرة على الحصول حتى على مبالغ مالية صغيرة يمكن أن تساعدهم‬
‫في تشغيل مشروعات صغرى‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬هناك بوادر تشير إلى‬
‫تحقيق بعض التقدم‪ .‬فقد شهدت درجة النفاذ إلى األسواق أو عدد‬
‫األشخاص الذين وصل إليهم التمويل متناهى الصغر بالنسبة إلـى عدد‬
‫العمالء المحتملين) ويتم تعريفهم على أنهم األشخاص الذين يعيشون‬
‫عند نسبة ‪ 12٠‬في المائة من خط الفقر أو أدنى منها ‪ ،‬نموا مطردا‬
‫في العقد الماضي من السـنين‪ ،‬وتُقـدر اآلن بحوالي ‪ 1٩‬في المائة‪.‬‬
‫وتقدر معظم حكومات بلدان المنطقة القِيمة المحتملـة مـن التمويـل‬
‫متناهى الصغر‪ ،‬وتعمل بصورة متزايدة على تخفيض العوائق أمام‬
‫نموه‪ .‬للتفاصيل راجع‪:‬‬
‫‪Farrukh Iqbal, Sustaining Gains in Poverty Reduction and Human‬‬
‫‪Development in the Middle East and‬‬
‫‪North Africa. The World Bank, Washington, DC. , 2006.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مك ة ااأتةةزالاالتةة ة ااالقترةة دىاالوةةد المرةةةاأةة لاال‪،‬ةةنااتااألةبعةةـ ا‬
‫الم ـ اإلـىامةولت ااثنت ا‪:‬امةول ااالقتر داالق ئماعلىاالدال اوتىامنتر ا‬
‫‪،‬بع ن تاالقة االم ـ اامةول اانتق ل امنذاذلكاالو ااوتىاالاقةتاالوة ل ‪.‬ا‬
‫اات‪،‬ةةمتامةول ة ااالقتر ة داالقةةـ ئماعلةةـىاالدال ة او‪،‬ةةبم ا ةةاو اا‪،‬ةةمه ابةةها من ة ا‬
‫الدال اعلةىامقةدةاتاالنظة مااالقترة دي ااتبنة اإ‪،‬ةتةات ج ااقترة د اان ق ة ا‬
‫ااالعتم داالشد داعلىااال‪،‬تثم ةاتاالع م ااقلمأططـ اتأط طـ امةكز ةـ اكموةةكا‬
‫‪-67-‬‬

‫يالحظ أن أجزاء شبكة األمان التي تتسم بالفعالية تفتقر إلى الكفاءة‪،‬‬
‫أما األجزاء التـي تتسـم بالكفاءة نسبيا فإنها تفتقر إلى الفعالية‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬يصل دعم السلع الغذائية والطاقة إلـى عد ٍد كببر من‬
‫األشخاص وهي‪ ،‬في إطار هذا المعنى‪ ،‬تتسم بالفعالية من حيث‬
‫وصولها أيضا إلى الفقراء‪ .‬بيد أن هذا الدعم يفتقر إلى الكفاءة‪ ،‬حيث‬
‫أنه ينطوي على تسرب قدر كبير من الموارد إلى غير الفقراء‪.‬‬
‫فتحويالت المنافع من الدعم الموجه إلى الطاقة‪ ،‬على وجه‬
‫إلخصوص‪ ،‬تميـل بشدة لصالح غير الفقراء ‪ :‬إذ تشير التقديرات إلى‬
‫أن ما يصل إلى ‪ ٩3‬في المائة من دعم البنزين في مصر تذهب إلى‬
‫أغنى ‪ 2٠‬فى المائة من المستهلكين‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬يتم توجيه‬
‫التحويالت النقدية‪ ،‬بشكل أفضل نسبيا‪ ،‬إلى الفقراء والفئات اُلمعرضة‬
‫للمعاناة‪ ،‬ولكنهـا تعـاني مـن تـدني مستويات تمويلها‪ ،‬مما يجعلها غير‬
‫م ّؤثرة بالمرة في تحسين األحوال المعيشية للفقـراء‪ .‬وبينمـا شهدت في‬
‫السابق بعض التحسن في مستوى الكفاءة فيما يتعلق بتصميم دعم‬
‫السلع الغذائية‪ ،‬فقد ضاعت عليها‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬فرص إحداث تغيير‬

‫ةئ ‪ ،‬التوق إلاالنما‪.‬ا م االمةول ااالنتق ل االتة اتبلةااا امة االعمةةا كثةةامة ا‬
‫ث ثةةـ اعِ قةةادام ة االةةزم افقةةداات‪،‬ةةمتابتب ة اف ة امةةدىاشةةداااإرةةةاةاالجهةةادا‬
‫المبذالةةـ اللم ةةـ اققةةـدم ارةةاأااعتمة دا نظمة ااقترة د ا كثةةةاانفت وة ااماجهة ا‬
‫نوااال‪،‬اإل اكم اشهدتاتعز زاامقـ ب ااف اداةاالقط االأة ص‪.‬ااأة لاالفتةةاا‬
‫األالةةىاتةةماتفع ةةلاالنمةةاذجاالتقل ةةدىالل‪ ، ،‬ة تااالجتم ع ةة االةةذىاات ةةم اهةةذاا‬
‫النماذجاث ث امكانة تاةئ ‪،‬ة ااهة ا‪:‬امكةا االتعلة مااالةع ة االرةو او ة ا‬
‫اعداجم عاالمااطن اب لورالاعلىاأدم تاالتعل مااالةع االرةـو ااألال ةـ ا‬
‫بةةـ لمج واامكةةا ادعةةماالمةةاادااال‪،‬ةةته ك او ة اجةةةتاإت وة ا‪،‬ةةلعاا‪،‬ةةته ك ا‬
‫‪، ،‬ةةـ اك‪،‬ةةـلعاالمةةـااداال ذائ ةة ااالط قةة ابع‪،‬ةةع ةامدعمةة المعظةةماالمةةااطن وا‬
‫امكةةا االتاظ ةة افةة االقطةة االعةة م او ةةـ اجةةةىاتةةاف ةافةةةصاعمةةلادائمةة ا‬
‫وترةة وبه امزا ةة االمعةة ااالتق عةةدياعنةةداالشةة أاأ )اللكث ةةةامةةـ االمةةااطن ‪.‬ا‬
‫اات‪،‬متاالمةول ااالنتق ل ابز داازأماالموعاالتاالةام اإلىااالنتق لامـ انظـ ما‬
‫االقترة داالقة ئماعلةةىاالدالة اإلةةىانظة مااالقترة داالماجةةهانوةةااال‪،‬ةةاإلاتعة ةةتا‬
‫شـبك تااألمـ ااالجتم عىال اطانت ج التق دامااةداالم ل االع مة ‪.‬ااا‪،‬ةتج ب ا‬
‫لذلك اتمات ةاشبك تااألم ااذلكابتأف ضااانف إلاعلىابعةضا شةك لاالةدعم ا‬
‫اتشد داشةاطاالورـالاعلـىا شـك لا أةى ااا‪،‬تبدالاالدعماالع نىابتوةا تا‬
‫نقد ااتأف ضاالعم ل اف االقطـ االعـ م ااتاف ةافةصاعملامؤقتة امة اأة لا‬
‫بةةةةامبالاشةةة لاالع مةةة ااالم‪،‬ةةة عداااألطةةةالا مةةةداامةةة اأةةة لا شةةةك لاتما ةةةلا‬
‫المشةاع تاالر ةا‪.‬‬
‫‪-6٨-‬‬

‫كبير من خالل إصالح الـدعم الموجـه إلـى الطاقة‪ ،‬الذى ينطوي على‬
‫عائد أكبر بكثير للمالية العامة‪.‬‬
‫لهذا فإنه من الضرورى أن تكون شبكات األمان االجتماعي أدوات‬
‫أكثر أهمية في إستراتيجيات تخفيض الفقر في المستقبل من خالل التركيز‬
‫على األهداف المتعلقة بتحقيق الكفاءة والتأمين‪ .‬في حين مازالت اإلجراءات‬
‫التي تستهدف زيادة معدالت النمو وتعزيز قدرة الفقراء على الحصول على‬
‫خدمات الرعاية الصحية والتعليم تشكل الركيزتين الرئيسيتين إلستراتيجية‬
‫تخفيض الفقر‪ ،‬فمن الضروري أيضا إيالء االهتمام إلى الركيزة الثالثة‪ ،‬أال‬
‫وهي شبكات األمـان االجتمـاعي‪ .‬وينبغي إصالح هذه الركائز من خالل‬
‫مراعاة هدفين اثنين‪ :‬زيادة مستوى الكفاءة بحيـث يـتم توجيه الموارد‬
‫المحدودة إلى احتياجات الفقراء واُلمعرضين للمخاطر‪ ،‬وتحسين قـدراتهم‬
‫علـى التكيف مع صدمات الدخل غير المواتية التي قد تحدث فى ظل آليات‬
‫السـوق والتوجـه نحـو القطاع الخاص‪ ،‬وتحرير التجارة‪ ،‬واالندماج فى‬
‫السوق العالمية‪ .‬وسيكون لتحسـين مسـتوى الكفاءة أثر أكبر على تخفيض‬
‫أعداد الفقراء عند أي مستوى من معدالت نمو االقتصاد وحجـم موارد‬
‫المالية العامة المخصصة لهذه المهمة؛ كما يمكن أن يتيح ذلك أيضا قدرا من‬
‫المـوارد اليكفي فقط لمساعدة أولئك الذين يحتاجون مساعدات شبكة األمان‪،‬‬
‫ولكن أيضا لزيادة اإلنفاق الذي يراعي مصالح الفقراء في مجاالت أخرى‪،‬‬
‫كخدمات الرعاية الصحية العامة‪ ،‬وتحسين إمـدادات المياه‪ ،‬وتحسين البنية‬
‫األساسية في المناطق الريفية‪.‬‬
‫ورفع كفاءة شبكات األمان عرضة لقيود تفرضها في الوقت الحالي‬
‫أوجه النقص في القدرة على الوصول إلى البيانات‪ ،‬ونوعية تلك البيانات‪،‬‬
‫باإلضافة إلى بعض االعتبارات الفنية‪ .‬ويمكن جعل شبكات األمان أكثر‬
‫كفاءة من خالل إعادة تصميمها لتركيز الجزء األكبر من الموارد المتاحـة‬
‫على الفقراء واُلمعرضين للمخاطر‪ ،‬وذلك من خالل تحسين استهدافها‪.‬‬
‫ولذلك بعـدان‪ ،‬سياسـي وفني‪ .‬يتصل البعد السياسي بحقيقة أن اعتماد توجيه‬
‫الموارد على نحو يراعي مصالح الفقـراء كهدف يتعلق بالسياسة المعنية‬
‫يمكن أن يثير قالقل ويلقى مقاومة من الفئات األيسر حاال‪ ،‬وهـي أعلى‬
‫صوتا وأكثر قوة من الناحية السياسية‪ ،‬نظرا ألنها فى وضعية تؤهلها‬
‫‪-6٩-‬‬

‫للتعرض للخسـارة بسبب هذا اإلجراء‪ .‬ويتصل البعد الفني بأمور التصميم‬
‫والتنفيذ‪ ،‬فضال عن مدى توافر البيانـات المالئمة واستخدامها‪ .‬حيث يتطلب‬
‫حسن االستهداف توافر بيانات جيدة لتحديد الفقراء وأماكنهم‪ ،‬وإجراء تحليل‬
‫جيد لتصحيح الصلة بين السياسات والنتائج المتعلقة بتخفـيض الفقـر‪،‬‬
‫ووضـع ترتيبات تنظيمية كافية للتعلم من إلخبرة العملية‪.‬‬
‫ويمكن أيضا تدعيم شبكات األمان من خالل اعتماد تدابير تساعد على‬
‫توفير التأمين ضد مخاطر فقدان العمل والدخل‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكن‬
‫لبرامج التأمين ضد البطالة‪ ،‬الممولة مـن االشتراكات التي تؤديها الشركات‬
‫والعاملون‪ ،‬المساعدة في تخفيف ما يالقيه العامل عند االنتقال من وظيفة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬ولذا ينبغي توخي العناية في جعلها متسقة مع االستدامة المالية‪،‬‬
‫والعدالة‪ ،‬والحوافز الخاصة بالعاملين‪ ،‬وذلك لتشجيعهم على إلخروج من‬
‫دائرة البطالة‪ .‬كما يمكن لبرامج العمالة المؤقتة المساعدة في هذا الصدد‪،‬‬
‫ومن اُلممكن استخدامها لجعل تلك البرامج أكثر فعالية من خالل التركيز‬
‫على كثافة العمالة في المشروعات‪ ،‬وجعلها أكثر كفاءة من خالل التأكيد‬
‫على استهدافها للفقراء عن طريق تحديد مالئم لألجور‪.‬‬

You might also like