You are on page 1of 14

‫تطور القانون الدولي اإلنساني وعالقته بغيره من القوانين‬

‫إن دراسة التطور التاريخي لقواعد القانون الدولي اإلنساني تتالزم مع فكرة تنظيم‬
‫الحرب باعتبارها واقعا قديما قدم التاريخ ‪ ،‬وبما أن القانون الدولي اإلنساني يهدف أساسا‬
‫للتخفيف من ويالت الحرب والمآسي اإلنسانية الناجمة عنها‪ ،‬فبعد أن انبثقت هذه القواعد عن‬
‫الشرائع السماوية واألفكار الفلسفية ‪،‬التي تدعو إلى الرفق والرحمة والتحلي بالرحمة والمروءة‬
‫في معاملة العدو في اتون الحرب‪ ،‬تطورت حتى استقرت في شكل مجموعة من األعراف‬
‫والعادات التي التزمت بها األطراف المتحاربة في بداية العصور الحديثة‪ ،‬ثم تمت صياغتها‬
‫بعد عدة محاوالت في شكل اتفاقيات دولية ‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫تطور القانون الدولي اإلنساني‬
‫في الحقيقة القواعد األولى لما يسمى القانون الدولي اإلنساني لم تنشأ إال نحو ‪2000‬‬
‫قبل الميالد ‪ ،‬وذلك مع تشكل األمم وتطور العالقات مع الشعوب ‪ ،‬ولقد تطورت األعراف‬
‫والقواعد القانونية التي تهدف الى التخفيف من ويالت الحرب ‪ ،‬مع تطور الحضارة االنسانية‬
‫حتى تشكلت تدريجيا المبادئ األساسية التي تحكم السلوك في الحرب‪.‬‬
‫وفي عااام‪1859‬جرت حرب قرب بلاادة ‪ )Solferino‬في مقاااطعااة لومبااارد االيطاااليااة‬
‫بين النمس ا ا ا ا ااا من جانب وفرنس ا ا ا ا ااا وايطاليا من جانب آخر‪ ،‬وخلفت ما يقارب ‪ 40‬ألف قتيل‬
‫باإلضاافة إلى عدد كبير من الجرحى ‪ ،‬وقد صاادف أن مر هناك رجل أعماش شااب ساويسر‬
‫هنر دونان‪ )Henri Dunant‬أثرت فيه هذه المأسااة ‪ ،‬واصادر كتابا صاري ار سماه تذكار‬
‫س ا ااولفرينو ‪ )solferino‬وقدم اقتراحات إلنشا ا اااء جمعيات غوي تطوعية‪ ،‬وقد احدي ثورة كبيرة‬
‫في الدوائر الس ااياس ااية األوربية ‪ ،‬وفعال ثم تأس اايل اللجنة الدولية للص االيب األحمر في أ توبر‬
‫‪1863‬من طرف ‪ 16‬دولاة آناذاك ‪،‬وبعاد عاام تقريباا تم عقد اتفاقية دولية تعنى بجرحى الحرب‬
‫هي اتفاقية جنيف لعام ‪1864‬بشأن تحسين حاش جرحى الحرب في الميدان‪.‬‬
‫وتواصلت حركة تدوين هذا القانون الى غاية اتفاقيات جنيف ‪ 9191‬التي تعتبر ثمرة‬
‫جهود جبارة إلرساء قواعد هذا القانون‪ ،‬ثم البروتوكوالن اإلضافيان لعام ‪ ،9111‬وغير ذلك‬
‫من االتفاقيات الالحقة لمواجهة التحديات التي فرضتها النزاعات المسلحة‪ ،‬وعليه فقواعد‬

‫‪1‬‬
‫القانون الدولي اإلنساني قد تطورت عبر مرحلتين أساسيتين‪ :‬تمثل األولى مرحلة ما قبل‬
‫التدوين والمرحلة الثانية تبدأ من بداية التدوين لقواعد القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫الفرع االول‬
‫مرحلة ما قبل تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني‬
‫لقد اتسمت الحروب في العصور القديمة بالقوة والمراالة وسفك الدماء وعدم التفرقة بين‬
‫المقاتلين وغير المقاتلين‪ ،‬وكذا بين األعيان المدنية واألعيان الفكرية‪ ،‬ورغم هذا فقد ظهرت‬
‫بعض القواعد اإلنسانية التي تقيد من سلوك المتحاربين لصالح االعتبارات اإلنسانية وهذه‬
‫المحطات التاريخية هي‪ :‬العصور القديمة‪ ،‬العصور الوسطى‪ ،‬وعصر النهضة)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القانون الدولي اإلنساني في العصور القديمة‬
‫إن الحروب في العصور القديمة تميزت بالوحشية والقسوة‪ ،‬ولم ت ن تخضع أل قيد وال‬
‫أل قانون‪ ،‬ول ن بسب فظائعها واآلالم التي يسببها اإلنسان لنفسه وفي حق غيره‪ ،‬ظهرت‬
‫الحاجة لوضع قواعد في إطار متبادش‪ ،‬اصبحت فيما بعد أعرافا ومواثيقا وصارت قيدا عليه‬
‫وعلى غيره فكونت قانونا‪.‬‬
‫لقد عرفت مختلف الحضارات القديمة نوعا من الطقول والتقاليد تبين بعض مواقف اللين‬
‫والرحمة ‪،‬رغم ان القاعدة السائدة هي القسوة والطريان ‪،‬فقد عرفت الحضارة الهندية مجموعة‬
‫من القواعد عرفت بقانون مانو ) ‪،‬والتي تضمنت قواعد إنسانية حيي كانت تحرم على‬
‫المحارب الشريف قتل النائم او األعزش الذ فقد درعه ‪ ،‬وكذا العدو المستسلم واألسير وكذا‬
‫غير المحارب ‪ ،‬كذلك عرفت الحضارة اإلفريقية القديمة قانونا يسمى قانون الشرف ينظم‬
‫طرق وأساليب القتاش ‪ ،‬بحيي يحرم الردر والخيانة واستخدام بعض األسلحة كاألسلحة‬
‫السامة ‪،‬وكذا إبعاد غير المقاتلين عن ويالت الحرب‪.‬‬
‫اما الحرب عند السومريين فقد كانت نظاما راسخا حيي عرفوا إعالن الحرب وحصانة‬
‫المفاوضين‪ ،‬والتحكيم‪ ،‬ومعاهدات الصلح‪.‬‬
‫كما ان الحضارة المصرية قد عرفت بعض المعامالت اإلنسانية لضحايا الحروب‬
‫ويتجلى ذلك من خالش األعماش السبعة للرحمة الحقيقية والتي جاء فيها‪ :‬إطعام الجياع‬
‫إرواء العطاش‪ ،‬كساء العراة‪ ،‬إيواء الررباء‪ ،‬تحرير األسرى‪ ،‬العناية بالمرضى ‪ ،‬دفن الموتى‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اما الحيثيون فقد كانت تصرفاتهم في الحرب تتسم باإلنسانية بشكل كبير وكانت لهم‬
‫قوانين تقوم على العدالة واالستقامة‪ ،‬وكانوا أيضا يعرفون إعالن الحرب ومعاهدات الصلح‬
‫وعند اصطدام اإلمبراطوريتان المصرية والحيثية عقدتا معاهدة تنظم اإلعماش العدائية عام‬
‫‪ 9621‬قبل الميالد‪.‬‬
‫وبخصوص الحضارة اليونانية فهناك من المفكرين والفالسفة من ساهم في بعض‬
‫القواعد اإلنسانية الخاصة بالحرب بين المدن اليونانية‪ ،‬مثل ضرورة إعالن الحرب واال كانت‬
‫غير مشروعة‪ ،‬وتحريم الحرب او وقفها في فترات معينة‪ ،‬كفترات اال لعاب األولمبية‬
‫وفترات السالم المقدل الذ يعرف أثناء االحتفاالت اإلغريقية ‪ ،‬كما عرفت التحكيم لمنع او‬
‫وقف الحرب بين دولتين يونانيتين‪ ،‬كما ظهرت بعض الممارسات العملية كقيام اليونانيين‬
‫في بعض الحروب ‪ ،‬باحترام بعض القواعد اإلنسانية ‪ ،‬مثل قيام االسكندر المقدوني بالعفو‬
‫عن أميرة ملك برول) عام ‪ 662‬قبل الميالد‪ ،‬ومنحه كامل بالد الهند بعد فتحها‪.‬‬
‫أما الحضارة الرومانية فقد كانت األفكار الفلسفية قد دعت إلى بعض القواعد‬
‫اإلنسانية‪ ،‬كمدرسة القانون الطبيعي والمدرسة الرواقية‪ ،‬والتي أشهر أتباعها من الرومان‬
‫سيشرون وسينيك)‪ ،‬وكانت تدعوا إلى الحد من القسوة وحاالت االسترقاق الجماعي الناجمة‬
‫عن الحروب‪ ،‬عن طريق الدعوة إلى المساواة بين البشر ومهاجمة االسترقاق والتأ يد على ان‬
‫الحرب ال تحطم جميع روابط القانون‪ ،‬كما يظهر الطابع اإلنساني المقيد لسلوك المقاتلين في‬
‫الحروب الرومانية في مؤلفات الفالسفة الرومان بعد اعتناقهم الديانة المسيحية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القانون الدولي اإلنساني في العصور الوسطى‬
‫لقد ظهرت أولى المحاوالت في إطار تنظيم الحرب أو إضفاء طابع إنساني عليها من‬
‫خالش ما يسمى سلم الرب) و هدنة الرب) ‪ ،‬وقد رفض مسيحيو القرون األولى االنضمام‬
‫إلى الجيش الروماني بسب الطابع الوثني لهذا الجيش‪ ،‬وكذا بسب األلوهية المزعومة‬
‫لشخص اإلمبراطور‪.‬‬
‫وفي عام‪696‬م صدر مرسوم ميالنو الشهير الذ أصدره اإلمبراطور قسطنطين بعد‬
‫اعتناق المسيحية‪ ،‬كما قام القديل'' سانت اوغستين ''بإرساء نظرية الحرب العادلة في‬
‫كتابه ''‪ ، '' lacite’ de dieu‬أما بالنسبة لتأثير الحضارة اإلسالمية فيمكن القوش انه مند‬
‫‪299‬م ) ‪،‬بدأت ترسخ وتؤكد‬ ‫ان بدأ نورها يمأل أرجاء المعمورة في القرن السابع الميالد‬

‫‪3‬‬
‫الطابع اإلنساني أثناء اندالع النزاعات المسلحة ‪،‬وعليه فالشريعة اإلسالمية تسمو وتتفوق‬
‫على المسيحية واليهودية في إرساء قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،1‬فلم يقتصر اإلسالم على‬
‫الحرب بعد وقوعها وحسب‪ ،‬بل اهتم بالحرب ومدى مشروعية اللجوء إليها قبل وقوعها‪ ،‬حيي‬
‫جاءت الشريعة اإلسالمية بأوش قاعدة للتميز بين المقاتلين وغير المقاتلين في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وَق ِاتلوا ِفي سِب ِ َّ ِ َّ ِ‬
‫ونك ْم َوَال تَ ْعتَدوا ِإ َّن الل َه َال يح ُّب اْلم ْعتَد َ‬
‫ين)‪.2‬‬ ‫ين يَقاتل َ‬
‫يل الله الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لقد وضعت الشريعة اإلسالمية نظاما إنسانيا مت امال لسير العمليات القتالية التي‬
‫تخوضها الجيوش اإلسالمية في حروبها ضد األعداء‪ ،‬حيي ورد عن رسوش الله صلى الله‬
‫ال تقتلوا وليدا وال امرأة وال كبي ار‬ ‫عليه وسلم في وصية لزيد بن حارثه عندما بعثه إلى مؤتة‬
‫وال فانيا وال منعزال بصومعته)) ‪ ،‬كذلك قوله صلى الله عليه وسلم‪...... :‬أغزو وال ترلو وال‬
‫تردروا‪ ،‬وال تمثلوا‪ ،‬وال تقتلوا وليدا‪ ،‬واذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثالي‬
‫ط ِعمو َن‬
‫خصاش‪ ))....‬كما أمر اإلسالم بحسن معاملة األسير وا رامه‪ ،‬حيي قاش تعالى‪َ :‬وي ْ‬
‫يما َوأ َِس ًا‬
‫ير))‪.3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ام َعَل ٰى حبه م ْسك ًينا َوَيت ً‬
‫الط َع َ‬
‫باإلضافة إلى ذلك يمكن أن نشير الى ما قام به الصحابة رضوان الله عليهم في هذا‬
‫الباب‪ ،‬فنذكر مثال حين تولى أبو بكر الصديق رضي الله عليه الخالفة‪ ،‬أوصى قائد جيشه‬
‫أسامة بن زيد بقوله ‪....‬واني موصيك بعشر ‪ ،‬ال تقتلن امرأة وال صبيا وال كبي ار هرما وال‬
‫تقطعن شج ار مثم ار وال نخال وال تحرقها‪ ،‬وال تقعرن شاة وال بقرة إال لمأ لة وال تجبن وترلل))‪.‬‬
‫وختاما يمكن القوش ان اإلسالم أباح الحرب لرد العدوان واتى بقواعد إنسانية لم تصلها‬
‫أيه حضارة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫مرحلة تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫انه مع ظهور الدوش بمفهومها الحديي واالعتماد على القوات المسلحة النظامية‬
‫كإحدى المؤسسات العامة في الدولة الحديثة‪ ،‬التي تخضع لقواعد وتشريعات خاصة بدأ‬
‫االتجاه نحو تقنين أو تدوين القواعد العرفية‪ ،‬التي تحكم سلوك المقاتلين في شكل إعالنات‬

‫‪ 1‬المسيحية المحرفة لم تكن تتصور وقوع قتال او نزاع مسلح بين اإلنسان وأخيه اإلنسان‪ ،‬بينما اليهودية المحرفة فانه نتيجة‬
‫انطالقها من عقيدة (شعب الله المختار) ‪ ،‬فقد كانت القوة والعنف واالسترقاق واالنتقام هي القواعد السائدة في حروبهم ضد‬
‫غيرهم من األمم ‪ ،‬بل ان الرب عندهم ( رب االنتقام)‪.‬‬
‫‪ 2‬اآلية ‪ 190‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ 3‬اآلية ‪ 8‬من سورة اإلنسان‬
‫‪4‬‬
‫واتفاقيات دولية ‪ ،‬أو في شكل تعليمات عسكرية موجهة إلى الجيوش النظامية في الميدان‬
‫وتعود بداية مرحلة تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني بصدور معاهدة جنيف لعام ‪1864‬‬
‫ويمكن تناوش تطور تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني عبر مرحلتين‪ :‬األولى قبل ‪1949‬‬
‫والثانية ابتداء من‪ ، 1949‬وذلك ألهمية اتفاقيات جنيف لعام‪.1949‬‬
‫أوال‪ :‬مرحلة تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني قبل عام‪1949‬‬
‫وقد تميزت هذه المرحلة بعقد عده اتفاقيات حسب التسلسل التاريخي‪:‬‬
‫‪-1‬اتفاقية جنيف لعام ‪1864‬‬
‫تم إقرار هذه االتفاقية في ‪66‬اوت‪ 9629‬وقد جاءت في عشر مواد قانونية تتعلق بتحسين‬
‫حاش العسكريين الجرحى في الميدان وتمثل نقطة االنطالق للقانون الدولي اإلنساني واهم ما‬
‫تناولته‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم اإلسعافات األولية والرعايا الطبية للمحاربين الجرحى دون أ تمييز وبرض النظر عن‬
‫المعسكر الذ ينتمون إليه‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة وجود شارة خاصة على المستشفيات وان يحملها أفراد الخدمات الطبية هي صليب‬
‫احمر على رقعة بيضاء))‪.‬‬
‫‪-2‬إعالن سان بيتر سبورغ عام‪1868‬‬
‫لقد جاء هذا اإلعالن منبثقا عن مؤتمر دعا إليه ال سندر الثاني قيصر روسيا في‬
‫الفترة مابين ‪29‬نوفمبر و‪11‬ديسمبر‪ )1868‬حيي أقر اهم مبدأ من مبادئ القانون الدولي‬
‫اإلنساني والمتمثل في عدم احداي اضرار ال مبرر لها مبدأ الضرورة العسكرية)) وبذلك‬
‫يعد هذا اإلعالن وثيقة دولية تقيد حق الدوش في استخدام بعض أنواع األسلحة‪.‬‬
‫‪-3‬إعالن بروكسل حول الحرب البرية عام ‪.1874‬‬
‫صدر هذا اإلعالن بناء على دعوة قيصر روسيا مؤتم ار دوليا لدراسة مشروع اتفاقية دولية‬
‫تتعلق بقوانين واعراف الحرب البرية‪ ،‬وقد تضمن هذا اإلعالن ‪ )56‬مادة‪ ،‬ل نه لم يدخل‬
‫حيز النفاذ إذ لم يحصل على مصادقة الحكومات‪.‬‬
‫‪-4‬اتفاقية الهاي لعام ‪.1899‬‬
‫انعقد مؤتمر السالم الدولي األوش‪ ،‬بناء على دعوة روسيا في الفترة ما بين ‪ 96‬ما‬
‫و‪61‬جويلية ‪ )9611‬حضره ممثلون عن ‪ )62‬دولة‪ ،‬وقد تلخص عنه ثالي‬

‫‪5‬‬
‫اتفاقيات تتعلق بقانون الحرب‪:‬‬
‫‪ -‬اتفاقية حل المنازعات بالطرق السلمية‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية قوانين وأعراف الحرب البرية باإلضافة إلى الئحة الحرب البرية‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية تطبيق المبادئ اإلنسانية على الحرب البرية‪.‬‬
‫كما أسفر عن ثالثة تصريحات‪:‬‬
‫‪ -‬تصريح متعلق بالحرب البرية‪.‬‬
‫‪ -‬تصريح خاص بحضر المقذوفات التي يكون الررض منها نشر غازات خانقة‪.‬‬
‫‪ -‬تصريح خاص بحضر استعماش المقذوفات التي تتفرطح داخل الجسم‪.‬‬
‫‪-5‬اتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان‬
‫لعام‪.1906‬‬
‫تعد هذه االتفاقية تعديال وتطوي ار إلحكام اتفاقية جنيف لعام ‪ 1864‬حيي اضفت‬
‫الحماية على فئة جديدة وهم المرضى‪ ،‬ومن أهم ما جاءت به توضيح العالقة بين شارة‬
‫الصليب األحمر ودولة سويسرا‪ ،‬فبينت االتفاقية الجديدة اعتماد هذه الشارة يمثل عرفانا‬
‫لسويسرا‪ ،‬فهي عبارة عن معكول العلم السويسر ‪ ،‬كما نصت على زجر انتها ات استعماش‬
‫الشارة‪.‬‬
‫‪-6‬اتفاقية الهاي لعام ‪1907‬‬

‫تمخضت هذه االتفاقية عن مؤتمر الها الثاني للسالم الذ حضره ممثلون عن‬
‫‪ )99‬دولة‪ ،‬وتضمنت عدة وثائق دولية بلغ عددها ‪ 91‬اتفاقية واعالن‪ ،‬أهمها االتفاقية الثالثة‬
‫المتعلقة ببدء حالة الحرب‪ ،‬واالتفاقية الرابعة حوش قوانين وأعراف الحرب البرية والملحق‬
‫المرفق بها‪ ،‬واالتفاقية الخامسة حوش حقوق وواجبات المحايدين في الحروب البرية وتعد‬
‫االتفاقية الرابعة التي جاءت في تسع مواد والالئحة المتعلقة بقوانين و أعراف الحرب البرية‬
‫التي جاءت بها ‪ )12‬مادة‪ ،‬أهم وثيقة على اإلطالق ويطلق على هذه االتفاقية والالئحة‬
‫المرفقة بها اختصا ار اتفاقية الها الرابعة) فهي قد حلت محل اتفاقية الها لعام ‪9611‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-7‬برتوكول جنيف لعام‪.1925‬‬
‫أقر هذا البرتوكوش في ‪ 91‬جوان ‪ 9161‬ويخص حظ ار استعماش الرازات الخانقة والسامة‬
‫او ما شابهها والوسائل الجرثومية في الحرب‪ ،‬ويشكل هذا البروتوكوش أهمية كبيرة في القانون‬
‫الدولي اإلنساني‪ ،‬رغم الثررات القانونية من حيي الصياغة ونطاق تطبيقه‪.‬‬
‫‪-8‬اتفاقيتا جنيف لعام‪.1929‬‬
‫لقد اعتمدت في جنيف اتفاقيتان دوليتان بتاريخ‪27‬جويلية ‪ 1929‬األولى هي اتفاقية‬
‫جنيف المتعلقة بتحسين حاش الجرحى والمرضى والعسكريين في الميدان‪ ،‬وهي صيرة جديدة‬
‫ومعدلة ومطورة التفاقيات جنيف لعام‪1864‬وجنيف لعام ‪ ،1906‬وذلك في ضوء التطورات‬
‫التي حدثت خالش الحرب العالمية األولى ‪ )9199-9196‬على غرار عدم شرعية التعرض‬
‫لطائرات النقل الطبي‪ ،‬باعتبارها إحدى رسائل النقل المجهزة خصيصا لررض إنساني‬
‫باإلضافة إلى تضمنها آلية جديدة لقمع االنتها ات الدولية في هذا الشأن‪ ،‬كآلية التحقيق في‬
‫االدعاء بانتهاك أحكامها‪.‬‬
‫اما االتفاقية الثانية والمتعلقة بمعاملة أسرى‪ ،‬الحرب فقد تناولت في موادها السبعة‬
‫والثالثين أهم ما يتصل بحياة األسير على غرار إنشاء وكالة بحي لجمع المعلومات عن‬
‫األسرى‪ ،‬وتسهيل تبادش األخبار مع أهاليهم وذويهم‪ ،‬ورغم عدم مصادقه دوش كبرى عليها‬
‫مثل اليابان واالتحاد السوفياتي‪ ،‬وقد أقرت محكمه نورنمبورغ في أعقاب الحرب العالمية‬
‫الثانية طابعها العرفي‪ ،‬أ امتداد أثارها إلى جميع الدوش األطراف المتحاربة وليست األطراف‬
‫المصادقة عليها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مرحلة تدوين قواعد القانون الدولي اإلنساني ابتداء من عام ‪1949‬‬
‫لقد كان لنتائج الحرب العالمية الثانية وفظاعتها تأثي ار كبي ار نتيجة ما شهده العالم من‬
‫ماسي وأضرار لحقت بالمدنيين والعسكريين على حد سواء‪ ،‬مما عجل بإبرام أهم اتفاقيات‬
‫تتعلق بالقانون الدولي اإلنساني وهي اتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1949‬ثم تلتها عدة اتفاقيات‬
‫أخرى باإلضافة إلى بروتوكوالت‪.‬‬
‫‪ -9‬اتفاقيات جنيف لعام‪. 1949‬‬
‫في أعقاب الحرب العالمية الثانية ونتيجة لفظاعة الجرائم المرت بة هز الضمير العالمي ذلك‬

‫‪7‬‬
‫فدعت الحكومة السويسرية إلى مؤتمر دبلوماسي بجنيف بتاريخ ‪96‬اوت ‪1949‬والذ أسفر‬
‫عن إبرام أربع اتفاقيات هي‪:‬‬
‫االتفاقية األولى‪ :‬اتفاقية جنيف لتحسين حاش الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان‬
‫وهي تعديل وتنقيح التفاقية جنيف األولى لعام ‪.1929‬‬
‫االتفاقية الثانية‪ :‬اتفاقية جنيف لتحسين حاش جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في‬
‫البحار وهي تعديل وتطوير التفاقية الها لعام‪.1907‬‬
‫االتفاقية الثالثة‪ :‬اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب وهي تعديل وتطوير‬
‫إلحكام اتفاقية جنيف الثانية لعام ‪.1929‬‬
‫االتفاقية الرابعة‪ :‬اتفاقية جنيف بشأن حماية األشخاص المدنيين في وقت النزاع المسلح وهي‬
‫أوش وثيقة من نوعها تتناوش حماية المدنيين زمن النزاعات المسلحة‪ ،‬ونشير هنا الى ان هناك‬
‫مادة فريدة ت ررت في االتفاقيات األربع‪ ،‬وهي المادة الثالثة المشتركة المتعلقة بحماية ضحايا‬
‫النزاعات المسلحة غير الدولية‪.‬‬
‫‪-2‬اتفاقية الهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام ‪:1954‬‬
‫نتيجة للتدمير الهائل الذ عرفه التراي الثقافي أعقاب الحرب العالمية الثانية‬
‫بادرت منظمة اليونسكو الى عقد مؤتمر دبلوماسي في الها وفي نهاية المؤتمر في‬
‫‪4‬مارل‪ ،1954‬ث م إقرار اتفاقية خاصة بحماية الممتل ات الثقافية في حالة النزاع المسلح وقد‬
‫شملت هذه االتفاقية وثيقتين دوليتين‪ :‬ملحق بعنوان الالئحة التنفيذية التفاقية حماية‬
‫الممتل ات في حالة النزاع المسلح‪ ،‬وتضمنت قواعد رقابية لحماية الممتل ات الثقافية وتنظيمها‬
‫والوثيقة الثانية هي بروتوكوش من اجل حماية الممتل ات الثقافية في حالة النزاع المسلح‪.‬‬
‫‪-3‬البروتوكوالن اإلضافيان لعام ‪.1977‬‬
‫اقر المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف ما بين ‪1974‬و‪1977‬بدعوة من الحكومة‬
‫السويسرية بروتوكولين إضافيين التفاقيات جنيف لعام ‪.1949‬‬
‫أ‪-‬البرتوكول اإلضافي األول الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية‬
‫جاء هذا البروتوكوش في أربعة أبواب تضمن الباب األوش منه قاعدة هامة لشعوب‬
‫العالم الثالي وحركات التحرر‪ ،‬حيي نص على ان حروب التحرير تعد نزاعا مسلحا دوليا اما‬
‫الباب الثاني منه فقد جاء خاصا بالجرحى والمرضى والمنكوبين مكمال إلحكام االتفاقين‬

‫‪8‬‬
‫األولى والثانية من اتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1949‬وتناوش الباب الثالي اساليب ووسائل القتاش‬
‫والوضع القانوني للمقاتل واسير الحرب‪ ،‬اما الباب الرابع فقد اهتم بالسكان المدنيين بهدف‬
‫توفير حماية أ بر لهم من اخطار النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫ب‪-‬البرتوكول اإلضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية‬
‫جاء هذا البروتوكوش أ ثر تفصيال من المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام‬
‫‪1949‬ومكمال لها‪ ،‬حيي وسع نطاق الضمانات األساسية الواردة في المادة الثالثة المشتركة‬
‫خاصة فيما يتعلق بالحقوق القضائية‪ ،‬وحظر بعض اإلعماش‪ ،‬ومما يالحظ عنه عدم اإلشارة‬
‫إلى آلية تنفيذه باستثناء نشره على نطاق واسع‪.‬‬
‫‪-4‬االتفاقيات الدولية الحديثة التي تفرض قيودا على استعمال األسلحة‬
‫ان فرض قيود على استعماش أسلحة معينة لم تنص عليه االتفاقيات السابقة خاصة‬
‫اتفاقيات جنيف لعام ‪1949‬رغم أهميتها‪ ،‬ولهذا جاءت عدة اتفاقيات وبرتوكوالت لسد بعض‬
‫هذا النقص نذكر منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬اتفاقية حظر او تقييد استعماش أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر او عشوائية‬
‫الموقعة في جنيف بتاريخ‪ 10‬أ توبر‪ 1980‬وتضمنت البروتوكوالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬البروتوكوش األوش بشأن الشظايا التي ال يمكن ال شف عنها‬
‫‪ -‬البروتوكوش الثاني المتعلق بحظر او تقييد استعماش األلرام واالشراك الخداعية والنبائط األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬البروتوكوش الثالي المعدش في ‪3‬جانفي‪ 1996‬بشأن حظر او تقييد استعماش األسلحة المحرقة‪.‬‬
‫‪ -‬البروتوكوش الرابع بشأن أسلحة الليزر المعمية المعتمد في فينا في ‪13‬ا توبر‪.1995‬‬
‫ب –اتفاقية بشأن حظر استحداي وضع وتخزين واستخدام األسلحة ال يميائية وتدميرها الموقعة‬
‫في باريل في‪13‬جانفي ‪1993‬‬
‫ج –اتفاقية بشأن حظر استعماش وتخزين وانتاج ونقل األلرام المضادة لإلفراد وتدميرها الموقعة‬
‫في أوتاوا بتاريخ ‪96‬سبتمبر‪.9111‬‬
‫د ‪-‬النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعروف بنظام روما األساسي ‪.1998‬‬

‫‪9‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫عالقة القانون الدولي اإلنساني بغيره من القوانين‬
‫برية الوقوف على عالقة القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬البد من دراسة العالقة أوال بينه‬
‫وبين القانون الدولي لحقوق اإلنساني‪ ،‬الذ هو فرع من فروع القانون العام ويهتم بحماية‬
‫حقوق اإلنسان في حالة السلم وبهذا فهو وثيقة الصلة به‪ ،‬وثانيا عالقته بالقانون الدولي‬
‫الجنائي الذ هو أيضا فرع من فروع القانون الدولي العام‪ ،‬والذ يتولى تحديد األفعاش التي‬
‫ت يف على أنها جرائم دولية ويقرر عقوبات دولية لها‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان‬
‫لقد رأينا ان القانون الولي اإلنساني هو فرع من فروع القانون الدولي العام الذ ينظم‬
‫العالقة بين أطراف النزاع المسلح او بينها وبين األطراف بهدف تنظيم سير العمليات القتالية‬
‫على نحو يراعي االعتبارات اإلنسانية للتخفيف من المآسي واآلالم التي تلحق بالفئات غير‬
‫المشاركة في العمليات العسكرية‪.‬‬
‫أما القانون الدولي لحقوق اإلنسان فيعرف بأنه فرع من فروع القانون الدولي العام‬
‫الذ يتضمن مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬التي تهدف إلى حماية الحقوق والمصالح الحيوية‬
‫للذات اإلنسانية في أحواش السلم كما في أحواش الحروب والظروف المماثلة)‬
‫ويمكن القوش ان مظاهر االتصاش بين القانونين أ ثر من مظاهر االنفصاش وهو ما أ دته‬
‫محكمة العدش الدولية في قضيتين‪ :‬األولى في رأيها االستشار حوش مشروعية التهديد‬
‫باألسلحة النووية أو استخدامها بتاريخ ‪08‬جويلية‪ ،1996‬وكذلك في فتوى اآلثار القانونية‬
‫الناشئة عن بناء الجدار العازش في األراضي الفلسطينية المحتلة بتاريخ ‪09‬جويلية ‪2004‬‬
‫حيي أشارت هذه الفتوى الى ان هناك ثالثة حاالت محتملة فيما يتصل بالعالقة بين القانون‬
‫الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان وهي‪:‬‬
‫‪-1‬بعض الحقوق يمكن ان تقتصر تماما على القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحقوق يمكن ان تقتصر تماما على القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -3‬غير ان هناك بعض الحقوق األخرى يمكن ان تدخل ضمن فرعي القانونين معا ومن‬
‫بين هذه الحقوق تلك المسماة الحقوق غير القابلة لالنتقاص) ‪ ،‬والتي تبقى نافذة في جميع‬

‫‪10‬‬
‫األحواش ‪،‬وهذه الحقوق وردت بصفة عامة في المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف‬
‫لعام‪ ،1949‬كحضر التعذيب والمعاملة القاسية او حضر االستعباد وغيرها‪.‬‬
‫ورغم هذه العالقة الت املية بينهما فان هناك عدة فوارق يمكن إجمالها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -9‬من حيي صفة القانونين‪ :‬حيي يوصف القانون الدولي اإلنساني بأنه قانون استثنائي وعليه‬
‫فانه ينطو على حقوق أساسية منتقاة تمثل النواة الصلبة لحقوق اإلنسان‪ ،‬والتي يتعين‬
‫احترامها في جميع األحواش أثناء النزاع المسلح‪ ،‬باعتبارها ضمانات أساسية لحماية ال ائن‬
‫اإلنساني الذ يجد نفسه متورطا في وضع استثنائي هو وضع الحرب بينما القانون الدولي‬
‫لحقوق اإلنسان يشمل دائرة واسعة من حقوق اإلنسان ما فتئت تت ون باستمرار‪.‬‬
‫‪ -6‬من حيي النطاق الزمني‪ :‬يطبق القانون الدولي اإلنساني أثناء النزاعات المسلحة الدولية‬
‫وغير الدولية‪ ،‬حيي يتوقف تطبقيه بعد انتهاء النزاع المسلح مثل تسليم األسرى وتسهيل‬
‫عودتهم‪ ،‬نقل الجثامين‪ ،‬البحي عن المفقودين‪ ،‬بينما يطبق القانون الدولي لحقوق اإلنسان في‬
‫كل األوضاع ألجل حماية الفرد سواء في وقت السلم او الحرب‪ ،‬وان كان تطبيقه يكون في‬
‫حالة السلم فانه ال يستبعد تطبيقه أيضا أثناء النزاع المسلح‪.‬‬
‫‪ -6‬من حيي النطاق الشخصي‪ :‬يطبق القانون الدولي اإلنساني على الفئات المشمولة بحمايته‬
‫من رعايا أطراف النزاع المسلح‪ ،‬اما القانون الدولي لحقوق اإلنسان يطبق على المواطنين‬
‫رعايا الدولة بصورة رئيسية ويطبق كذلك على األجانب بمقتضى القانون الدولي العام‬
‫‪ -9‬من حيي أنواع الحقوق المشمولة بالحماية يهدف القانون الدولي اإلنساني الى حماية فئات‬
‫معينة أثناء ظروف استثنائية‪ ،‬فهو يحمي األشخاص الذين ال يشاركون في القتاش كالمدنيين‬
‫وأفراد الخدمات الطبية‪ ،‬وكذلك االشخاص الذين توقفوا عن المشاركة في القتاش كالجرحى‬
‫والمرضى‪ ،‬اما القانون الدولي لحقوق اإلنسان فهو يشمل بحمايته جميع الفئات ومن بين‬
‫الحقوق نذكر‪ :‬الحقوق السياسية والحقوق المدنية لألفراد بقصد دعم تنميتهم وتطورهم‪.‬‬
‫‪ -1‬من حيي وسائل الرقابة على تطبيقها‪ :‬يسهر على تطبيق القانون الدولي اإلنساني الدولة‬
‫الحامية والمنظمات اإلنسانية غير الحكومية ‪ ،‬كاللجنة الدولية للصليب األحمر بينما يت فل‬
‫بالرقابة على تطبيق القانون الدولي لحقوق اإلنسان منظمة دولية عالمية‪ ،‬هي منظمة األمم‬
‫المتحدة على اعتبار ان احترام حقوق االنسان وتعزيزها من األهداف األساسية للمنظمة‬

‫‪11‬‬
‫بموجب الميثاق ‪ ،4‬باإلضافة الى ما سبق تعتبر المحا م الجنائية الدولية المؤقتة‬
‫او الخاصة) او المحكمة الجنائية الدولية الدائمة) من الوسائل الفعالة التي تضمن ردع‬
‫االنتها ات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬كما يالحظ ان الدور الرقابي للمنظمات‬
‫اإلنسانية غير الحكومية الجديدة العاملة في ميدان حقوق اإلنسان على المستوى الدولي ال‬
‫يتميز بالحياد ويستخدم في بعض األحيان معايير مزدوجة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقانون الدولي الجنائي‬
‫يعرف القانون الدولي الجنائي من طرف ‪ ) Graven‬بانه‪ :‬مجموعة القواعد‬
‫القانونية المعترف بها في العالقات الدولية والتي يكون الررض منها حماية النظام‬
‫االجتماعي الدولي بالمعاقبة على األفعاش التي تتضمن اعتداء عليه)‪.‬‬
‫ويعرفه نزار العنبكي بأنه ‪ :‬مجموعة القواعد القانونية الموضوعية واإلجرائية ذات الصفة‬
‫الجنائية ‪،‬والتي تتعلق بتحديد وتجريم االنتها ات الخطيرة لقواعد النظام القانوني الدولي‬
‫وفرض العقاب على مرت بيه بمقتضى القانون العام)‪.‬‬
‫وبما ان القانون الدولي اإلنساني هو القانون المطبق أثناء النزاع المسلح‪ ،‬فان العالقة‬
‫بينه وبين القانون الدولي الجنائي‪ ،‬تبرز بشكل سلبي في االفعاش التي ترت ب أثناء سير‬
‫العمليات العسكرية والتي تشكل مخالفة لقوانين وأعراف الحرب والتي تهدد‪ -‬في نفل الوقت‪-‬‬
‫مصالح جوهرية وأساسية للمجتمع الدولي ‪ ،‬ويمكن أن نلخص بعض األفعاش التي ترت ب‬
‫أثناء سير العمليات العسكرية‪ ،‬والتي تستدعي تدخل القانون الدولي الجنائي لتقرير عقوبات‬
‫دولية رادعه‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫‪-‬استعماش األسلحة المتفجرة والحارقة والمسمومة وقد تم تجريمها بمقتضى عدة اتفاقيات‬
‫دولية إنسانية منها اتفاقيات الها لعامي ‪1899‬و‪1907‬وكذلك تم حظرها من طرف النظام‬
‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ‪ 1998‬المادة‪/8‬ب ‪18‬و‪)19‬‬
‫‪-‬استعماش األسلحة ال يميائية والجرثومية والبكترولوجية تم حظرها بمقتضى بروتوكوش جنيف‬
‫لعام‪ ، 1925‬وكذلك بمقتضى النظام األسال للمحكمة الجنائية الدولية المادة ‪-8‬ب‪.)18/‬‬

‫‪ 4‬انظر الفقرة (‪ )3‬من المادة األولى من ميثاق األمم المتحدة‬


‫‪12‬‬
‫‪-‬االعتداء على المدنيين‪ :‬القتل‪ ،‬التعذيب‪ ،‬المعاملة الالإنسانية وغيرها تم حضرها باتفاقيات‬
‫القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وكذا من طرف النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬
‫وعليه يمكن أن نتعرف على مظاهر االختالف‪:‬‬
‫‪-1‬من حيث المصادر‬
‫لقد رأينا أن قواعد القانون الدولي اإلنساني تعود في مجملها إلى األعراف الدولية‬
‫والشرائع السماوية واألفكار الفلسفية‪ ،‬وعليه فالعرف ظل حتى منتصف القرن العشرين‬
‫المصدر األوش للقانون الدولي اإلنساني الذ كان يعرف بقانون الحرب سابقا) وظهر هذا‬
‫جليا في محا مات الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫أما القانون الدولي الجنائي يعتمد ويرت ز على القوانين الجنائية الوطنية‪ ،‬وهذا لحداثته‬
‫ويستمد منها أصوله الموضوعية واإلجرائية‪ ،‬وبهذا يقوش البعض عن القانون الدولي الجنائي‬
‫بأنه يرتبط عضويا بالقانون الدولي العام‪ ،‬غير انه يرتبط فنيا بالقانون الجنائي الوطني‬
‫‪-2‬من حيث األهداف‪.‬‬
‫يهدف القانون الدولي اإلنساني إلى التخفيف من اآلالم والمآسي الناتجة عن الحرب‬
‫وذلك عن طريق تقييد األطراف المتنازعة المتحاربة)‪ ،‬في استخدام بعض الوسائل واألساليب‬
‫القتالية للحد من تلك اآلثار‪ ،‬بينما يهدف القانون الدولي الجنائي إلى تحقيق العدالة عن‬
‫طريق تجريم بعض األفعاش وتحديد عقوبات جنائية لها‪ ،‬وكذا يهدف إلى الحد من انتهاك‬
‫المصالح الدولية الجوهرية التي تهم المجتمع الدولي‪ ،‬فالجزاء وتوقيع العقاب بالجناة والردع‬
‫العام والخاص هو الراية النهائية للقانون الدولي الجنائي‬
‫‪-3‬من حيث النطاق‬
‫ان نطاق القانون الدولي اإلنساني يقتصر على حماية المصالح الجوهرية للمجتمع‬
‫الدولي أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬بينما القانون الدولي الجنائي يمتد نطاقه إلى حماية المصالح‬
‫التي يحميها القانون الدولي اإلنساني أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬فضال عن حماية المصالح‬
‫الجوهرية للمجتمع الدولي في جميع األوقات‪.‬‬
‫وهناك وجهة نظر ترى انه ربما يصل هذا التداخل منتهاه بالتقارب ال بير بين‬
‫القانونين‪ ،‬ليستوعب القانون الدولي الجنائي القانون والدولي اإلنساني بما قد يكون قانونا‬
‫واحدا وهذا من خالش‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫أ‪ -‬ان كال من القانونين يعمل في إطار واحد وهو تحقيق األمن والسالم للفرد‪.‬‬
‫ب‪-‬ان القانون الدولي الجنائي يجرم من بين األفعاش إلى تجريمها جميع االنتها ات الجسيمة‬
‫التي يسعى القانون الدوش اإلنساني الى تجريمها وحظرها‪.‬‬
‫ج – مصلحة المجتمع الدولي في إعادة صياغة قواعد التجريم‪ ،‬التي يحددها القانون الدولي‬
‫اإلنساني في قالب جديد ومن المؤكد أن إضفاء الطابع الجنائي اآلمر على قواعد القانون‬
‫الدولي اإلنساني يمثل األداة األ ثر فعالية وتأثير رادع‪.‬‬
‫د –إن استثناء المحكمة الجنائية الدولية سيؤد إلى تالشي الفروق بين القانونين خاصة وان‬
‫المحكمة تمثل الجانب اإلجرائي للقانون الدولي الجنائي والقانون الدولي اإلنساني هو الجانب‬
‫الموضوعي للمحكمة‪.‬‬

‫‪14‬‬

You might also like