You are on page 1of 19

‫التهرب ال�ضريبي بالمغرب‪ :‬المفهوم‪ ،‬الأ�سباب و�سبل المكافحة‬

‫البوهالي‬
‫ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ‪ ،‬ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﺳﺒﻞ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻬﺮﺏ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲصفاء‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫بالرباطﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ‪-‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔالخام�س‬ ‫ﺍﻟﻤﻬﻦ‬
‫بجامعة محمد‬ ‫ب�سلك ﻣﺠﻠﺔ‬
‫الدكتوراه‬ ‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬
‫باحثة‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‬
‫القانونية واالقت�صادية واالجتماعية – �سال‬ ‫كلية العلوم‬
‫ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺴﻜﺘﺎﻧﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺒﻮﻫﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺻﻔﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪2‬‬ ‫الملخ�ص‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢال�ضريبي ظاهرة عالمية‪ ،‬فهي ال تخ�ص الدول ال�سائرة في‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪�:‬إن ظاهرة التهرب‬
‫أخرى‪ ،‬فهي مالزمة للنظام ال�ضريبي‪ ،‬وتعد �إحدى المعوقات‬ ‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬فقط دون �‬
‫‪2018‬‬ ‫طريق النمو‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫االقت�صادية والوفرة المالية‪ ،‬والتي ت�ستوجب محاربتها ب�صفة‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬أ�سا�سية للتنمية ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ‬ ‫ال‬
‫‪ 27‬والواقع �أن تداول مفهوم التهرب ال�ضريبي جاء بعد‬ ‫اكت�شافها‪.‬‬
‫م�ستمرة وبمجرد ‪- 44‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪940123‬تجاه الأداء‪ ،‬فبات �إذاك تداول مفهوم التهرب ال�ضريبي‬ ‫‪:MD‬كل ال�سلوكات ال�سلبية‬ ‫ﺭﻗﻢجرد‬
‫ال�سلوكيات التالية‪ ،‬من‪ :‬غ�ش‪ -‬تمل�ص‪ -‬امتناع مع‬ ‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬‫ﺑﺤﻮﺙ من‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ :‬ليق�صد به كل‬
‫ﻧﻮﻉ ب�شكل عام‬
‫االختالف بين كل هذه الأ�شكال‪.‬‬
‫�ضرورة �إبراز نقط ‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫الدرا�سة يتناول بالبحث والتمحي�ص ظاهرة التهرب‬ ‫فمو�ضوع هذه‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ لذلك‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫تطلب منا‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ‪ ،‬الذي‬
‫ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ‬ ‫وحيثياتها‪ ،‬الأمر‬ ‫وجوانبها‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻐﺶ‬ ‫نواحيها‬
‫ﺍﻟﺘﻬﺮﺏ‬ ‫ال�ضريبي من مختلف‬
‫ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫مجهودا م�ضاعفا من �أجل البحث عن مختلف المفاهيم المرتبطة بمو�ضوع‬ ‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/940123‬‬
‫االقت�صادي‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬التهرب ال�ضريبي‪ ،‬و�أي�ضا عن الآثار المرتبة عنه �سواء على الم�ستوى‬
‫واالجتماعي‪ ،‬محاولين �إبراز مختلف الو�سائل الإدارية التي ت�ستخدمها الإدارة‬
‫ال�ضريبية من �أجل الردع والتقليل من هذه الظاهرة‪ ،‬و�أي�ضا الو�سائل القانونية‬
‫الزجرية التي تحد من ت�أثيراتها على مالية الدولة بالخ�صو�ص‪.‬‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬التهرب ال�ضريبي‪ -‬الغ�ش ال�ضريبي‪ -‬الملزم‪ -‬الإدارة‬
‫أ�سباب التهرب‪ -‬زجر التهرب‪ -‬المراقبة ال�ضريبية‪-‬‬ ‫التهرب‪� -‬‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫مفاهيم ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ال�ضريبية‪-‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫القانونية‪.‬ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫الجزاءات‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫التهرب ال�ضريبي بالمغرب‪ :‬المفهوم‪ ،‬الأ�سباب و�سبل المكافحة‬

‫صفاء البوهالي‬
‫باحثة ب�سلك الدكتوراه بجامعة محمد الخام�س بالرباط‬
‫كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية – �سال‬

‫الملخ�ص‪:‬‬
‫�إن ظاهرة التهرب ال�ضريبي ظاهرة عالمية‪ ،‬فهي ال تخ�ص الدول ال�سائرة في‬
‫طريق النمو فقط دون �أخرى‪ ،‬فهي مالزمة للنظام ال�ضريبي‪ ،‬وتعد �إحدى المعوقات‬
‫الأ�سا�سية للتنمية االقت�صادية والوفرة المالية‪ ،‬والتي ت�ستوجب محاربتها ب�صفة‬
‫م�ستمرة وبمجرد اكت�شافها‪ .‬والواقع �أن تداول مفهوم التهرب ال�ضريبي جاء بعد‬
‫جرد كل ال�سلوكات ال�سلبية تجاه الأداء‪ ،‬فبات �إذاك تداول مفهوم التهرب ال�ضريبي‬
‫ب�شكل عام ليق�صد به كل من ال�سلوكيات التالية‪ ،‬من‪ :‬غ�ش‪ -‬تمل�ص‪ -‬امتناع مع‬
‫�ضرورة �إبراز نقط االختالف بين كل هذه الأ�شكال‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فمو�ضوع هذه الدرا�سة يتناول بالبحث والتمحي�ص ظاهرة التهرب‬
‫ال�ضريبي من مختلف نواحيها وجوانبها وحيثياتها‪ ،‬الأمر الذي تطلب منا‬
‫مجهودا م�ضاعفا من �أجل البحث عن مختلف المفاهيم المرتبطة بمو�ضوع‬
‫التهرب ال�ضريبي‪ ،‬و�أي�ضا عن الآثار المرتبة عنه �سواء على الم�ستوى االقت�صادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬محاولين �إبراز مختلف الو�سائل الإدارية التي ت�ستخدمها الإدارة‬
‫ال�ضريبية من �أجل الردع والتقليل من هذه الظاهرة‪ ،‬و�أي�ضا الو�سائل القانونية‬
‫الزجرية التي تحد من ت�أثيراتها على مالية الدولة بالخ�صو�ص‪.‬‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬التهرب ال�ضريبي‪ -‬الغ�ش ال�ضريبي‪ -‬الملزم‪ -‬الإدارة‬
‫ال�ضريبية‪ -‬مفاهيم التهرب‪� -‬أ�سباب التهرب‪ -‬زجر التهرب‪ -‬المراقبة ال�ضريبية‪-‬‬
‫الجزاءات القانونية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد التنمية االقت�صادية واالجتماعية ال�شغل ال�شاغل للمفكرين االقت�صاديين والباحثين‪،‬‬
‫وهذا االهتمام لي�س وليد ال�صدفة بل هو نتيجة طبيعة التغيرات التي حدثت في �أعقاب الحرب‬
‫العالمية الثانية‪ .‬فالدول �أ�صبحت ت�سعى قدر الإمكان لتنويع م�صادر تمويل م�شاريعها التنموية‪.‬‬
‫وت�شكل ال�ضرائب �أهم الموارد المالية التي تقوم عليها التزامات الدولة‪ ،‬مما يجعل من‬
‫الواجب �إخ�ضاعها لنظام معقلن‪ ،‬يقيها من كل محاوالت الغ�ش والتهرب الذي يكلف خزينة‬
‫الدولة الكثير من المداخيل‪ ،‬التي ت�شكل جزءا هاما من الموارد المالية‪ .‬ويترتب عن ذلك‬
‫عدم قيام الدولة بالإنفاق العام على الوجه الأكمل‪ ،‬وبالتالي ت�صبح عاجزة عن �أداء واجباتها‬
‫الأ�سا�سية اتجاه مواطنيها‪ ،‬وفي ظل عجز الميزانية ت�ضطر الدولة اللجوء �إلى و�سائل تمويلية‬
‫�أخرى كالإ�صدار النقدي و اللجوء �إلى االقترا�ض‪.‬‬
‫ويعد التهرب ال�ضريبي‪ ،‬الذي يعتبر �أحد �أكبر مظاهر ال�سخط والتمرد على الفر�ض‬
‫ال�ضريبي‪ ،‬ظاهرة من الظواهر الأكثر انت�شارا في اقت�صاديات الدول الحديثة‪ ،‬وي�ؤثر �سلبا‬
‫على مداخيل هذه الدول‪ ،‬وبالتالي على �أن�شطتها ووظائفها المتعددة‪ .‬وبالتالي ف�إن مختلف‬
‫الت�شريعات ت�ستخدم كل الو�سائل القانونية لمكافحة هذه الظاهرة التي ت�ستهدف مخالفة‬
‫الواجب ال�ضريبي‪.‬‬
‫وتختلف طرق المكافحة تب ًعا للنظام ال�ضريبي ب�شكل عام ولكل �ضريبة ب�شكل خا�ص‪،‬‬
‫وت�سعى الدولة جاهدة �إلى مكافحة التهرب بالو�سائل الممكنة كافة‪ .‬وفي واقع الأمر ف�إن‬
‫مكافحة التهرب ال�ضريبي يتم بالعمل على منع وقوعه وعلى معاقبة مرتكبيه‪ .‬ويلعب الت�شريع‬
‫ال�ضريبي دو ًرا محور ًيا في محاربة التهرب ال�ضريبي وخا�صة بعد �أن ازدادت �أهمية ال�ضرائب‬
‫وتعاظم دورها في الأنظمة المالية المعا�صرة‪.‬‬
‫فما هي �أ�سباب التهرب ال�ضريبي ودوافعه؟ وما الو�سائل الكفيلة بمحاربته والحد منه‬
‫كظاهرة تقو�ض الموارد المالية للدولة وتعيق تنفيذ الم�شاريع التنموية؟‬
‫المبحث الأول‪ :‬ماهية التهرب ال�ضريبي‬
‫الغ�ش �أو التهرب ال�ضريبي كهدف‪ ،‬و�أحيا ًنا كنتيجة‪ ،‬هو �سلوك يتوخى الهروب من كل �أو جزء‬
‫من االلتزام ال�ضريبي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن هناك �سلوكات ذات طبيعة مختلفة يمكن �أن ت�ؤدي �إلى‬
‫نف�س الم�شكلة‪ ،‬حيث ي�سعى من خاللها الملزم �إلى التمل�ص من الواجب ال�ضريبي‪ .‬فالتمييز‪،‬‬
‫من الناحية القانونية‪ ،‬بين مختلف �أنواع ال�سلوك التي يتجلى من خاللها رف�ض ال�ضرائب �أمر‬

‫‪28‬‬
‫�صعب لأن ما ي�سمه هو عدم التحديد‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬يت�أثر هذا التمييز عبر المفاهيم والظواهر‪.‬‬
‫وبالنظر �إلى ال�شكلين الرئي�سيين لتقليل ال�ضرائب‪ ،‬وهما االحتيال والتهرب ال�ضريبي‪ ،‬يالحظ‬
‫«جرنيفيك» �أن «الم�صطلحات ت�ستخدم مع معان مختلفة ح�سب الم�ؤلفين»‪ .1‬ومع هذا االرتباك‬
‫الوا�ضح‪ ،‬يمكن للمرء �أن يعار�ض �أن ال�سلوكيات التي تحمل هذه المفاهيم تحتوي على نقاط‬
‫م�شتركة كثيرة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن تحديد معيار يجعل من الممكن التحديد الوا�ضح للحدود‬
‫الخا�صة بكل �سلوك �أم ًرا �إ�شكال ًيا‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فالمكلف بال�ضريبة غالبا ما يلج�أ �إلى �سلوكات وت�صرفات من �أجل التخل�ص من‬
‫دفع ال�ضريبة‪ ،‬وهذا ال�سلوك هو ما يعرف بالتهرب ال�ضريبي‪ .‬فهذا الأخير جريمة تعرفها‬
‫مختلف المجتمعات‪ ،‬باعتبارها وجدت بتواجد ال�ضريبة نف�سها‪ ،‬وهي من �أهم ان�شغاالت‬
‫الم�شرع لأنها تهدد وجود النظام ال�ضريبي وتقلل من �أهميته‪.‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬مفهوم التهرب ال�ضريبي‬
‫غالبا ما تكون م�شاعر المواطن الملزم بال�ضرائب مرتبكة‪ :‬فهو بوجه عام �ضد ال�ضرائب‬
‫و�ضد الإدارة المكلفة بالجلو�س وجمعها‪ .‬يمكن لهذا الرف�ض الكامن �أن يتخذ � اً‬
‫أ�شكال ومحتوىً‬
‫�سيا�س ًيا عندما يتطور على �أر�ضية اقت�صادية واجتماعية مواتية ب�شكل خا�ص‪ .‬لكن في �أغلب‬
‫الأحيان‪ ،‬ينحدر هذا الرف�ض �إلى موقف �سلبي تجاه ال�ضرائب‪ ،‬موقف يجب �أن يكون دقيقا فيما‬
‫يتعلق بنوع ال�ضريبة المعنية‪ .‬فالهروب من ال�ضريبة هو قبل كل �شيء هرب من قيود الدولة؛‬
‫وبالن�سبة للبع�ض‪ ،‬ف�إن العالقة مع الإدارة ال�ضريبية يتم اختبارها على �أنها لعبة معروفة‬
‫بقواعدها ولي�س من غير المالئم اللعب مع �إدارة لم تعد �سمعتها القمعية تثبت ذلك‪.‬‬
‫وت�ستخدم العديد من المفاهيم في الأدبيات �أو النقا�ش العام لتمييز موقف عدم امتثال‬
‫الملزمين اللتزاماتهم ال�ضريبية‪ .‬فهناك تعريفات دقيقة لمفاهيم االحتيال والتهرب والتجنب‬
‫ال�ضريبي ال يتم تحديدها ب�شكل وا�ضح دائ ًما‪.‬‬
‫فمن ال�صعب تمييز الحد الفا�صل بين الغ�ش والتهرب ال�ضريبي‪ .‬ومع ذلك نود �أن نعار�ض‬
‫بو�ضوح ما قد يعتبر غير قانوني ويعاقب عليه بغرامة �أو بال�سجن‪ ،‬وما هو �أمر قانوني‪ .‬فالغ�ش‬
‫من جهة‪ ،‬هو مخالفة للت�شريعات ال�ضريبية المعمول بها‪ ،‬ومن ناحية �أخرى التهرب ال�ضريبي‬
‫�أو تعديل ال�ضريبة‪ ،‬هو رمز لال�ستخدام الماهر للن�صو�ص‪ .‬فاختالف الو�ضعية المادية‬
‫�أو القانونية يجعل من ال�صعب التمييز بينهما بدقة دائما‪ .‬وت�ضعف هذه الحدود بين الغ�ش‬
‫‪1. JARNEVIC, J.P., « Fraude et évasion fiscales : la relativité d’une distinction», n° spécial‬‬
‫‪ACTES n°52, 1985, p.16.‬‬

‫‪29‬‬
‫والتهرب �إلى درجة تمحى عند التمييز بين مفهومي االحتيال القانوني واالحتيال غير القانوني‬
‫وبين التهرب القانوني والتهرب غير القانوني‪.‬‬
‫ويمكن تعريف التهرب ال�ضريبي كو�سيلة لتجنب ال�ضرائب �أو تخفي�ضها �أو ت�أخيرها‬
‫بو�سائل غير الغ�ش‪ .‬فهو ي�سمح بحرية ا�ستخدام القدرة المالية‪ ،‬ولكن لأن �أي حرية لها حدود‪،‬‬
‫ف�إن تجريم التهرب يجد هدفه في اال�ستخدام التع�سفي للمعرفة المالية‪ .‬فالهدف من فكرة‬
‫التهرب ال�ضريبي هو تحديد متى ننتقل من القانونية �إلى �سوء اال�ستعمال‪.‬‬
‫فالتهرب ال�ضريبي يعتبر �آفة �شديدة الخطر على �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬وانت�شاره يعمل‬
‫على تقوي�ض هذا الأ�سا�س‪ .‬فالمكلف يكون قد تهرب من ال�ضريبة �إذا لج�أ �إلى بع�ض و�سـائل‬
‫الغـ�ش �أو التحايل لإخفاء حقيقة المادة الخا�ضعة لل�ضريبة �أو �إخفاء �أمواله التي يمكن التنفيذ‬
‫عليها لتح�صيل ما ترتب في ذمته من �ضرائب �أو ما حجز ما تحت يده منها تطبيق ًا لأحكام‬
‫القانون لتوريـده �إلـى خزينة الدولة‪ .‬ويعني التهرب من ال�ضريبة الإفالت منها بعدم دفعها كليـ ًا‬
‫�أو جزئيـ ًا �أو مـن تحمل عبئها وذلك في وقت واحد‪.‬‬
‫والتهرب ال�ضريبي هو ظاهرة ذات ت�أثير كبير على االقت�صاد الوطني‪� ،‬إذ يتمثل في تجاوز‬
‫النظم ال�ضريبية عن طريق اللجوء �إلى �أعمال غير قانونية من �أجل التهرب من ال�ضرائب‬
‫الم�ستحقة لخزانة الدولة‪ .‬فهو يت�شكل من عن�صر مادي وعن�صر �إرادي مبني على التعمد‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي يختلف عن الخط�أ الذي هو مجرد ن�سيان بح�سن نية‪.‬‬
‫وي�شمل التهرب ال�ضريبي ا�ستخدام �آليات غير قانونية‪ ،‬يحظرها �صراحة القانون �أو‬
‫االجتهادات الق�ضائية (بما في ذلك �إ�ساءة ا�ستخدام الحقوق‪ ،‬والإدارة غير الطبيعية وغيرها‬
‫من التقنيات التي يمكن و�صفها ب�أنها التهرب ال�ضريبي مع العقوبات الجنائية)‪ ،‬وهذا‬
‫اال�ستخدام المفرط للآليات يحتمل �أن تكون �ضارة ومخالفة للم�صلحة العامة‪ .‬وت�ستند هذه‬
‫الآليات‪ ،‬التي ت�ستخدمها ال�شركات والأفراد‪ ،‬ب�شكل خا�ص على الثغرات الت�شريعية للقانون من‬
‫‪3‬‬
‫خالل ترتيبات معقدة للهروب من ال�ضريبة‪.‬‬
‫فم�شكلة التهرب ال�ضريبي هي ظاهرة معقدة‪� ،‬إذ يبدو �أنه تجاوز ل�سلطة الإلزام‪ ،‬وبالتالي‬
‫ينطوي على تحدي لدافعي ال�ضرائب والدولة‪ ،‬وبالتالي ي�شكل م�صدر قلق للحكومات‪ .‬هذا‬
‫القلق يم�س عدة نواح‪ ،‬فمن جهة �أولى يم�س البعد المالي البحت لأن االحتيال يولد خ�سارة في‬
‫‪2. MARTINEZ J. C. «La fraude fiscale» PUF Ed. : Que sais-je ? 1984, p.13‬‬
‫‪3. Antoine Dulin : Les mécanismes d’évitement scal, leurs impacts sur le consentement à‬‬
‫‪l’impôt et la cohésion sociale, Diffusion Direction de l’information légale et administrative‬‬
‫‪Les éditions des Journaux officiels, 2016, p. 18.‬‬

‫‪30‬‬
‫الموارد المالية للدولة‪ .‬ومع ذلك‪� ،‬إذا كان االحتيال يجهد قدرة الحكومات على تحمل نفقاتها‪،‬‬
‫ف�إنه يفر�ض عدم التوزيع العادل لعبء التمويل العام بين دافعي ال�ضرائب من خالل زيادة‬
‫عبء �أولئك الذين يظلون �صادقين في �أداء ال�ضرائب‪.‬‬
‫�أما الغ�ش ال�ضريبي فيق�صد به تمكن الملزم كليا �أو جزئيا من التخل�ص من ت�أدية‬
‫ال�ضرائب الم�ستحقة عليه‪ ،‬وذلك عبر ممار�سة الغ�ش والتزوير في القيود ومخالفة القوانين‬
‫والأنظمة ال�ضريبية المعتمدة‪ .‬فقد يلج�أ الملزم �إلى �ستر طبيعة وحجم عمله عن الدولة �أو‬
‫يمتنع عن تقديم الت�صريح المطلوب منه �أو يقدم ت�صريحا غير حقيقي ومدعوما بم�ستندات‬
‫مزورة عن حقيقة �أرباحه‪ ،‬فيخفي بع�ض �أوجه ن�شاطاته‪� ،‬أو يزيد من قيمة تكاليف الدخل‬
‫القابلة للإعفاء ال�ضريبي �أو ي�ستعين ببع�ض القوانين التي ت�ساعده على �إخفاء حقيقة �أرباحه‪.‬‬
‫فالغ�ش ينطوي على عمل متعمد من جانب دافع ال�ضرائب‪ ،‬قرر االلتفاف على القانون للتهرب‬
‫‪4‬‬
‫من دفع ال�ضريبة‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪� :‬أ�سباب التهرب ال�ضريبي و�أنواعه‬
‫تعد ال�ضريبة بمثابة فري�ضة مالية يدفعها الملزم ق�سرا �إلى الدولة وفق ما تق�ضي به‬
‫الت�شريعات ال�ضريبية‪ ،‬م�ساهمة منه في التكاليف والأعباء العامة دون �أن يعود عليه نفع منها‪.‬‬
‫غير �أنه عادة ما يلج�أ بع�ض الملزمين �إلى التمل�ص من ال�ضريبة �سواء عن طريق ممار�سة الغ�ش‬
‫�أو عن طريق التهرب‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪� :‬أ�سباب التهرب ال�ضريبي‬
‫بالرجوع �إلى الأ�سباب التي تدفع �أو ت�شجع الملزمين على ممار�سة التهرب ال�ضريبي نجد‬
‫�أن هناك مجموعة من الأ�سباب‪ ،‬ومن �أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫ف�أحيانا يخالج الملزم نوع من الإح�سا�س ب�ضعف الم�ؤ�س�سات وعجز الدولة عن �إعمال‬
‫القانون وفر�ض �سيادته‪ ،‬وعدم قدرتها على ممار�سة م�س�ؤولياتها الرقابية من �أجل و�ضع اليد‬
‫على الممار�سات التي تعد تهربا �ضريبيا و�إحالة �أ�صحابها �إلى الق�ضاء‪ .‬فغالبا ما ت�صطدم‬
‫ال ّدولة بافتقار لأنظمة �ضريبية متط ّورة ت�ستجيب لمقت�ضيات التنمية‪ .‬فوجود فراغ قانوني‬
‫في المجال المالي يجعل النظام الجبائي يتناق�ض والواقع الجديد في البالد‪ .5‬وبالتالي يجد‬
‫الملزم نوعا من ال�سهولة في االلتفاف على النظام ال�ضريبي المعمول به‪.‬‬
‫‪4. Lucien Mehl, Sciences et techniques fiscales, Tome 2, PUF, Thémis, p.733.‬‬
‫‪ 55‬ح�سن عوا�ضة‪ :‬املالية العامة‪ ،‬دار اخللود‪،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪� ،1995 ،‬ص‪.391 .‬‬

‫‪31‬‬
‫ورغم وجود �أجهزة متخ�ص�صة في الإدارة ال�ضريبية ومتعددة داخل الدولة‪ ،‬ف�إنها ال تكفي‬
‫لح�سن تنفيذ ال�سيا�سة ال�ضريبية‪ ،‬بل يجب بموازاة مع ذلك تدعيمها بمجموعة من الو�سائل‬
‫المادية لتحقيق المردودية المتوخاة‪ .‬ف�إدارة ال�ضرائب ال تتوفر على الو�سائل المادية الالزمة‬
‫للقيام بعملية الإح�صاء التي تناط بها على ر�أ�س كل �سنة‪ ،‬بحيث �أن �أغلبية الموظفين يقومون‬
‫بالمهام المنوطة بهم ب�إمكانياتهم الخا�صة دون م�ساعدة من الجهات الم�س�ؤولة رغم ما تجنيه‬
‫‪6‬‬
‫الخزينة العامة من م�ستخل�صات جبائية‪.‬‬
‫كما تلعب العوامل النف�سية دورا هاما في الغ�ش ال�ضريبي‪ ،‬فكلما زاد الوعي بدفع ال�ضريبة‬
‫لدى الملزم بها �ضعف الباعث على الغ�ش والنق�ص فيها‪ ،‬وكلما كان الوعي ال�ضريبي �ضعيفا‬
‫‪7‬‬
‫كان الباعث النف�ساني على التهرب قويا وملمو�سا‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬يمكن �أن ي�شكل فر�ض عقوبات غير مت�شددة على ال ُمدانين بتهمة التهرب‬
‫ال�ضريبي حافزا على الغ�ش ال�ضريبي‪ ،‬الأمر الذي ال يحقق الردع المطلوب من العقوبة‪ ،‬مما‬
‫المتح�صل من خالله �أكبر من العقوبة‬
‫َّ‬ ‫ي�شجع المكلفين بال�ضريبة على التهرب �إذا كان العائد‬
‫‪8‬‬
‫المترتبة عنه‪.‬‬
‫كما �أن ال�شعور بارتفاع معدالت ال�ضريبة وثقل العبء ال�ضريبي على الملزمين يمكن �أن‬
‫ي�ؤدي �إلى التهرب ال�ضريبي �أو الغ�ش في الت�صريح بال�ضريبة‪ .‬فال يرى الملزم حينئذ �أثرا‬
‫لل�ضرائب التي ي�ؤديها للدولة يعود عليه بالنفع‪ ،‬مما ي�ساعد على انت�شار روح التمرد على‬
‫االلتزامات العامة وبالتالي تنت�شر ثقافة التهرب التي تلعب دورا مهما في التهرب من دفع‬
‫ال�ضريبة‪ .‬فهناك مجتمعات تنظر الى التهرب ال�ضريبي نظرة ازدراء وا�ستهجان بعك�س‬
‫بع�ض المجتمعات التي تعتبر التهرب من دفع ال�ضريبة دليال على الذكاء والبراعة وت�ستحق‬
‫‪9‬‬
‫الإعجاب‪.‬‬
‫فالإح�سا�س بعدم �شرعية ال�ضرائب في الأ�سا�س ي�ساهم في التهرب من �أدائها الطوعي‪� ،‬إذا‬
‫كان النظام الحاكم نف�سه فاقدا لل�شرعية الديمقراطية وغير منبثق من الإرادة ال�شعبية ومعبر‬

‫‪66‬موالي احل�سن متازي‪«،‬م�صري ثقافة املواطنة يف عالقة اخلا�ضع لل�رضيبة بالإدارة اجلبائية”‪ ،‬املجلة املغربية للإدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،45 -44‬مايو غ�شت ‪� .2002‬ص‪.72 .‬‬
‫‪77‬معني عبا�س احل�سون‪� ،‬أثر الوعي ال�رضيبي يف حتقيق التنمية االقت�صادية‪ ،‬جملة القاد�سية للعلوم االدارية واالقت�صادية‪،‬‬
‫العدد ‪ 2‬ال�سنة ‪� ،2013‬ص‪.144 .‬‬
‫‪8. DUBERGE J. « Les français face à l’impôt : Essai de psychologie fiscale », LGDI,1990, p.‬‬
‫‪100.‬‬
‫‪�99‬ضياء احمد حمدي‪ :‬التهرب ال�رضيبي يف العراق‪ ،‬ر�سالة دبلوم عايل‪ ،‬كلية الإدارة واالقت�صاد‪ ،‬جامعة بغداد‪،1978،‬‬
‫�ص‪.99.‬‬

‫‪32‬‬
‫عنها‪ .‬ويزداد هذا الإح�سا�س �إذا ا�ست�شرى الف�ساد داخل �أجهزة الدولة‪ ،‬و�صار المال العام‬
‫مباحا �أمام النهب وال�سلب دون ح�سيب �أو رقيب‪ ،‬و�إذا ر�أى المواطنون �أن الموارد العمومية‬
‫�أ�صبحت غنيمة يتنعم بها رجال ال�سلطة والمقربون منهم‪ ،‬ويتم تبذيرها في نفقات ا�ستهالكية‬
‫‪10‬‬
‫خارجة عن الق�صد‪.‬‬
‫كما �أن ال�شطط في ا�ستعمال ال�سلطة التقديرية من قبل الإدارة ال�ضريبية في تقدير الوعاء‬
‫ال�ضريبي المفرو�ض على الملزمين ي�ؤدي في الكثير من الحاالت �إلى التهرب ال�ضريبي‪ .‬فهذا‬
‫ال�شطط ي�ساهم ب�شكل كبير في ت�شجيع بع�ض المهنيين على ممار�سة �أن�شطتهم ب�شكل �سري وفي‬
‫القطاعات غير المهيكلة وعدم الت�صريح بها‪� ،‬أو عدم ت�سجيل �أنف�سهم لدى الإدارة ال�ضريبية‬
‫�أ�سا�سا‪ .‬والحقيقة �أن مطلب العدالة ال�ضريبية هو الدعامة الأ�سا�سية لتر�سيخ الوعي ال�ضريبي‬
‫كما �أن تر�شيد النفقات العمومية لن ي�ؤدي بدوره �إال �إلى دعم الوعي ال�ضريبي‪ .‬فالمجهودات‬
‫التي تبذلها الدولة �أكثر ما يمكن من العائدات الجبائية يجب �أن يقابلها مجهودات �أكبر في‬
‫‪11‬‬
‫تر�شيد النفقات العمومية وعقلنتها لتجنب التمل�ص ال�ضريبي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪� :‬أنواع التهرب ال�ضريبي‬
‫غالبا ما يف�ضي التهرب ال�ضريبي �إلى تقزيم ح�صيلة الإيرادات العامة وبالتالي �إلى �إتباع‬
‫�سيا�سة مالية من �ش�أنها تقلي�ص حجم النفقات العامة التي تعد الو�سيلة الوحيدة لإ�شباع حاجة‬
‫المجتمع‪ ،‬للدفاع والتنمية االقت�صادية والتقدم االجتماعي‪ ،‬وبالتالي ي�ؤدي في النهاية �إلى‬
‫انخفا�ض اال�ستثمارات و�إلى هبوط الم�ستوى المعي�شي للأفراد ناهيك عن �إ�ضعاف مقدرة‬
‫الدولة في المحافظة على الأمن و�إعادة توزيع الدخول‪ .‬وبذلك تتعدد �صور التهرب ال�ضريبي‬
‫وتتباين �أنواعه �سواء من حيث مطابقته للمعايير الت�شريعية �أو من حيث الق�صد الإرادي للملزم‪.‬‬
‫فالتهرب ال�ضريبي غير الم�شروع يتمثل في �سعي المكلف للتخل�ص الكلي �أو الجزئـي مـن‬
‫التزامه القانوني‪ ،‬بدفع ال�ضريبة الم�ستحقة عليه‪ ،‬م�ستعين ًا في ذلك بمختلـف الو�سائل غير‬
‫الم�شروعة قانونا‪ .‬فقد يتبع الملزم وحده‪� ،‬أو بم�ساعدة موظفي ال�سلطات الـ�ضريبية‪ ،‬طرقـ ًا‬
‫للغـ�ش والتزويـر والإخفاء وتجنب تقديم المعلومات الحقيقية عن ن�شاطاته‪ ،‬ودخوله الخا�ضـعة‬
‫‪.‬‬
‫لل�ضريبة‪ ،‬بغية التمل�ص من دفع ال�ضريبة‪� ،‬أو �أي جزء منها‬

‫‪10. BENSALAH Z. A. « La fiscalité face au développement économique et social au Maroc»,‬‬


‫‪LGDJ 1981, p. 355.‬‬
‫‪111‬فاطمة ندير‪� :‬إ�شكالية التهرب يف القانون ال�رضيبي املغربي‪ ،‬حماولة يف التحليل‪ ،‬ر�سالة ما�سرت يف القانون العام جامعة‬
‫موالي �إ�سماعيل مكنا�س‪� ،2009 ،‬ص‪.64 .‬‬

‫‪33‬‬
‫�أما التهرب ال�ضريبي الم�شروع فيمكن �أن ندرج في �إطاره كال من التجنب ال�ضريبي‬
‫المق�صود والتجنب ال�ضريبي غير المق�صود‪ .‬ويق�صد به تخل�ص المكلف من �أداء ال�ضريبة‬
‫نتيجة ا�ستفادته من الثغرات الجبائية الموجودة بفعل تعقد النظام الجبائي �أو عدم �إحكام‬
‫�صياغة القوانين‪ ،‬هذا ما يف�سح المجال �إلى العديد من الت�أويالت‪ .‬فهذه اال�ستفادة ال تعد‬
‫مخالفة للقانون ما دام يت�صرف في �إطار قانوني جعلها له الم�شرع من خالل �سل�سلة من‬
‫�إيرادات القيم المنقولة �أو الخدمات‪ ،‬وذلك في حالة عدم تناول الن�ص القانوني لمثل هذه‬
‫‪12‬‬
‫الأوعية وهي الأ�سهم‪.‬‬
‫ويمكن الحديث �أي�ضا عن التهرب ال�ضريبي الب�سيط‪ ،‬وهو كل فعل مرتكب ب�سوء نية من‬
‫�أجل مخادعة الإدارة الجبائية للو�صول �إلى خ�ضوع �أقل لل�ضريبة من خالل تقديم ت�صاريح‬
‫ناق�صة تت�ضمن بيانات خاطئة لتقدير ال�ضريبة على �أ�سا�سها‪.‬وق�صد بالنية ال�سيئة كون المكلف‬
‫واع بعدم م�شروعية العمل الذي يقوم به‪.‬‬
‫ومقابل هذا النوع هناك التهرب ال�ضريبي المركب‪ ،‬وهو ذلك النوع من الغ�ش الذي‬
‫يتبع طرق تدلي�سية من �أجل تج�سيد �إدارة تجنب ال�ضريبة‪ .‬وفي �إطار هذا النوع يتهم الملزم‬
‫ب�إتباعه الأ�ساليب التدلي�سية‪ ،‬عن طريق محو كل الآثار الحقيقية للأن�شطة‪ ،‬وهي حالة الملزم‬
‫‪13‬‬
‫الذي يقدم لإدارة ال�ضرائب محا�سبة مزيفة وفواتير كاذبة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪� :‬آثار التهرب ال�ضريبي‬
‫ت�شكل ظاهرة التهرب ال�ضريبي ظاهرة �سلبية وغير �صحيحة وذات �أثار بالغة الخطورة �سواء‬
‫كانتعلىالناحيةاالقت�صادية�أوالناحيةالمالية�أوالناحيةاالجتماعية‪.‬فهذهالظاهرةتعدتقوي�ض ًا‬
‫لفعالية جهود الدولة في تحقيق التنمية المالية واالقت�صادية واالجتماعية‪ .‬والمالحظ �أنه كلما زاد‬
‫حجم التهرب ال�ضريبي زادت �آثاره ال�سلبية على كافة النواحي االقت�صادية واالجتماعية والمالية‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬الآثار االقت�صادية‬
‫تعمل الدولة لتحقيق ما ت�صبو �إليه من تنمية اقت�صادية‪ ،‬على ا�ستخدام ال�ضريبة ك�أداة‬
‫لدفع مختلف قطاعات الن�شاط االقت�صادي لتعمل ب�أق�صى معدالتها مـع المحافظة على النمو‬
‫المتوازن بين القطاعات ال�صـناعية والزراعيـة والخـدمات‪ .‬فالنظام ال�ضريبي الذي تتخذه‬
‫الدولة ي�ستند على ما يكفي من الحوافز لت�شجيع اال�سـتثمار فـي مجـاالت التنمية المطلوبة‪،‬‬
‫‪ 112‬غازي عناية‪ :‬املالية العامة والت�رشيع ال�رضيبي‪ ،‬دار الآفاق‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن‪� ،1998 ،‬ص‪.181 .‬‬
‫‪ 113‬خالد اخلطيب‪ :‬التهرب ال�رضيبي‪ ،‬جملة جامعة دم�شق‪ ،‬املجلد ‪ ،16‬العدد ‪� ،2000 ،2‬ص‪.186-157.‬‬

‫‪34‬‬
‫حيث ت�ستخدم فيها الإعفاءات والت�صاعد ال�ضريبي لتحقيق �أهداف العدالة فـي توزيـع الدخول‬
‫والحوافز لتحقيق �أهداف التنمية االقت�صادية‪.‬‬
‫غير �أن التنمية االقت�صادية عندما ت�ستند �إلى النظام ال�ضريبي ك�أ�سا�س لها‪ ،‬ف�إنها‬
‫تت�أثر بمدى امتثال الملزمين في �أداء التزاماتهم الجبائية دون تهرب �أو غ�ش‪ .‬وما دام �أن‬
‫االزدهار االقت�صادي مرهون بتكاف�ؤ الفر�ص وتعادل االلتزامات والحقوق بالن�سبة للفاعلين‬
‫االقت�صاديين‪ ،‬ف�إن المتهرب ال�ضريبي من الفاعلين االقت�صاديين تكون تكلفة �إنتاجه �أقل من‬
‫تكلفة �إنتاج الفاعلين االقت�صاديين �أو المن�ش�آت االقت�صادية الأخرى‪ .‬و هذا مما يخل بقواعد‬
‫المناف�سة الم�شروعة‪ ،‬و ي�ؤدي بالتالي �إلى انكما�ش اقت�صادي نتيجة �إفال�س الم�ؤ�س�سات التي‬
‫تعجز عن المناف�سة‪.‬‬
‫كما �أن التهرب ال�ضريبي ي�ؤدي �إلى انخفا�ض حجم الإيرادات الحكومية وبالتالي انخفا�ض‬
‫الإنفاق الحكومي على اال�ستثمارات وعرقلة م�شاريع التنمية‪ .‬وبالتالي تلج�أ الحكومة �إلى رفع‬
‫�سعر ال�ضريبة ل�سد العجز الحا�صل في الإيرادات‪ .‬كما �أنها تلج�أ �إلى عملية االقترا�ض لتمويل‬
‫م�شاريعها �سواء عن طريق القرو�ض المحلية �أو الخارجية وما ي�شكله ذلك من �إنهاك لإيرادات‬
‫الدولة وتحولها لخدمة الدين العمومي عو�ض تحقيق التنمية‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى ي�ؤثر التهرب ال�ضريبي على الميزة التناف�سية بين ال�شركات والوحدات‬
‫االقت�صادية‪ ،‬حيث �أن الملزمين الذين ال يدفعون ال�ضرائب �أو يتهربون من �أدائها تقل التكلفة‬
‫عليهم وبالتالي تت�سع هوام�ش الربحية في م�شروعاتهم‪ .‬وبالتالي ف�إن هذه الظاهرة ت�ساهم‬
‫في ظهور االقت�صاد الخفي الذي يعمل خارج �سيطرة القانون‪ .‬فالمبالغة في فر�ض الأعباء‬
‫ال�ضريبية وتهرب الملزمين من �أدائها ت�ؤدي �إلى انخفا�ض ح�صيلة ال�ضرائب وذلك من خالل‬
‫�إخفاء الأن�شطة االقت�صادية‪ ،‬بحيث ي�سود االقت�صاد الموازي والتهريب بجميع �أ�شكاله وفي‬
‫جميع المناحي االقت�صادية‪ ،‬خا�صة و�أن �سبله �أ�صبحت متوفرة مع �سيادة الحوا�سب الإلكترونية‬
‫‪14‬‬
‫وتطور و�سائل االت�صال الال�سلكي التي عبرها يتم البيع و�أداء الخدمات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الآثار االجتماعية‬
‫يت�سبب التهرب ال�ضريبي في انخفا�ض الموارد الجبائية التي ت�شكل عن�صرا �أ�سا�سيا على‬
‫م�ستوى االدخار واال�ستثمار‪ .‬كما �أنه ي�ؤدي �إلى انعكا�سات وخيمة على ال�سيا�سة االقت�صادية‬
‫واالجتماعية خا�صة فيما يتعلق بتوجه االقت�صاد الوطني‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى ت�سببه في انخفا�ض‬

‫‪ 114‬غازي النقا�ش‪:‬املالية العامة حتليل �أ�س�س االقت�صاديات املالية‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪� ،2003 ،‬ص‪.160.‬‬

‫‪35‬‬
‫م�ستوى الإنتاج وانت�شار البطالة والفقر ثم م�ساهمته في التوزيع غير العادل للدخول والثروات‬
‫‪15‬‬
‫بين مختلف مكونات المجتمع‪ .‬وهو ما يعيق تحقيق عدالة اجتماعية‪.‬‬
‫و�إذا كانت ال�ضريبة تعد �أحد مظاهر الت�ضامن االجتماعي‪ ،‬ف�إن التهرب ال�ضريبي يعد‬
‫�إخال ًال خطير ًا بمبد�أ الت�ضامن االجتماعي و�إهدارا �سافرا للعدالة االجتماعية التي هي �أ�سا�س‬
‫فر�ض ال�ضرائب‪ .‬فالتهرب ال�ضريبي ينعك�س ب�شكل طردي على قيم الت�ضامن االجتماعي بين‬
‫�أفراد الأمة الواحدة‪ .‬حيث �أ�صبح مفهوم العدالة االجتماعية بمعناها الوا�سع يعني مراعاة‬
‫الأو�ضاع ال�شفهية للملزم ومراعاة مقدار الدخل بحيث يعفى منه الق�سم ال�ضروري للعي�ش‬
‫وتفر�ض معدالت ت�صاعدية على الباقي وترتفع كلما ارتفع الدخل‪.‬‬
‫كما �أن �أهم الأهداف التي ت�سعى الدولة لتحقيقها من فر�ض ال�ضرائب يتمثل في �إعادة‬
‫توزيع الدخول وم�صادر الثروة الأخرى‪ ،‬ويتحقق ذلك با�ستخدام ال�ضرائب الت�صاعدية بحيث‬
‫يدفع ذوي الدخل المرتفع �ضريبة ن�سبية �أعلى من تلك التي يدفعها ذوي الدخل المحدود مع‬
‫مراعاة وجود الأنفاق الحكومي‪ .‬غير �أن التهرب ال�ضريبي ي�ؤدي �إلى المزيد من �أنواع التهرب‪،‬‬
‫حيث ي�أخذ �شكال» �شمولي ًا بمعنى �أن التهرب من ال�ضريبة قد ي�ؤدي �إلى التهرب من �ضريبة‬
‫�أخرى‪.‬‬
‫واعتبارا لذلك ف�إن تقييم حجم ت�أثير التهرب ال�ضريبي وانعكا�ساته على الفعالية‬
‫االجتماعية ومعها الفعالية االقت�صادية‪ ،‬الفعالية في ا�ستخدام القدرات والإمكانيات المتاحة‬
‫في المنظمة لتحقيق الأهداف العامة والخا�صة‪ ،‬من حيث �إدارة الوقت و�سرعة االنجاز و�إدارة‬
‫النوعية وتحفيز المهارات الب�شرية ودفعها �إلى الإبداع واالبتكار‪ ،‬مما يحقق اال�ستمرار والنمو‬
‫والتطوير الدائم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪� :‬آليات مكافحة التهرب ال�ضريبي‬
‫تتباين و�سائل مكافحة التهرب ال�ضريبي تبعا للنظام ال�ضريبي المتخذ ب�شكل عام ولكل‬
‫�ضريبة ب�شكل خا�ص‪ .‬فالدولة تعمل جاهدة على مكافحة التهرب ال�ضريبي بكل الو�سائل‬
‫الممكنة‪ .‬ولذلك فـ�إن مكافحـة التهرب ال�ضريبي تتم بالعمل على منع وقوعه وعلى معاقبة‬
‫مرتكبيه عبر اتخاذ مجموعة من التدابير التي تختلف في فعاليتها وجدواها في الحد من‬
‫‪16‬‬
‫�إفالت الملزمين من �أداء ما بذممهم من �أموال عامة لفائدة خزينة الدولة‪.‬‬

‫‪ 115‬الطاهر الق�ضاوي‪ « :‬التهرب ال�رضيبي و�سبل احلد منه»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.376 .‬‬
‫‪116‬حميى حممد �سعد‪ :‬الإطار القانوين للعالقة بني املمول والإدارة ال�رضيبية‪ ،‬مكتبة ومطبعة الإ�شعاع الفنية‪ ،‬الإ�سكندرية‪،‬‬
‫بال �سنة‪� ،‬ص‪.178.‬‬

‫‪36‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬الرقابة الجبائية‬
‫�إذا كان النظام ال�ضريبي يمنح الحرية الن�سبية للملزمين بتقديم ت�صريحاتهم ال�ضريبية‬
‫ب�شكل يوافق ن�شاطاتهم ومداخيلهم الحقيقية تلقائيا‪ ،‬ف�إن الم�شرع رغم ذلك �أجاز للإدارة‬
‫الجبائية كل الو�سائل القانونية والتنظيمية الالزمة من �أجل مراقبة مختلف الت�صريحات التي‬
‫يدلي بها الملزمون‪ ،‬مخافة �أن تكون غير �صحيحة وغير �صادقة‪ ،‬نظرا للأخطاء التي يمكن‬
‫�أن تت�سرب �إليها �أثناء الت�صريح‪� ،‬سواء بح�سن النية �أو ب�سوء النية من �أجل التهرب ال�ضريبي‪.‬‬
‫فالرقابة الجبائية بمختلف هياكلها و�آلياتها ت�سعى للت�أكد من الت�صريحات الجبائية‬
‫التي يتم تقديمها من طرف الملزمين بال�ضريبة والتي من خاللها يتم ك�شف كل الإ�سقاطات‬
‫والتجاوزات التي يمكن �أن ي�ستعملها الملزم للتمل�ص من �أداء ال�ضريبة‪ .‬فهي ت�شكل و�سيلة‬
‫فعالة ت�ضمن م�صلحة الخزينة العمومية من جهة‪ ،‬ومن جهة �أخرى لردع الملزمين بال�ضريبة‬
‫وتح�سي�سهم ب�أن �إدارة ال�ضرائب ذات ح�ضور دائم‪ ،‬وهذا ما ينعك�س على ت�صريحاتهم‬
‫و�سلوكاتهم اتجاه التزاماتهم ال�ضريبية‪.‬‬
‫وقد عرف «فايول» الرقابة الجبائية ب�أنها «التحقق مما �إذا كان كل �شيء ي�سير وفقا للخطـة‬
‫المر�سومة والتعليمات ال�صادرة‪� ،‬أما مو�ضوعها فهو تبيـان نـواحي ال�ضـعف �أو الخط�أ من �أجل‬
‫‪17‬‬
‫تقويمها ومنع تكرارها»‪.‬‬
‫�أما « كولین فیلیب ‪ » Fillipe Colline‬فقد عرف الرقابة الجبائیة ب�أنها هي الو�سیلة‬
‫ال�ضروریة ل�ضمان الم�ساواة بین الأفراد في دفع لل�ضریبة‪ .‬وت�شكل �شرطا من ال�شروط الرئی�سیة‬
‫‪18‬‬
‫والفعالة لتحقیق المناف�سة ال�شریفة والعدالة بین الم�ؤ�س�سات‪.‬‬
‫كما ذهب البع�ض الآخر �إلى �أن الرقابة الجبائية هي «فح�ص الت�صریحات وكل �سجالت‬
‫ووثائق وم�ستندات المكلفین بال�ضریبة الخا�ضعین لها �سواء كانوا �أ�شخا�صا طبیعیة �أو معنویة‬
‫‪19‬‬
‫وذلك بق�صد الت�أكد من �صحة المعلومات التي تحتویها ملفاتهم الجبائیة «‪.‬‬
‫فالرقابة الجبائية هي مجموع العمليات التي تقوم بها الإدارة الجبائية‪ ،20‬وت�سعى من‬
‫ورائها �إلى المحافظة على حقوق الخزينة العامة من خالل محاربة التهرب ال�ضريبي‪ .‬وبمعنى‬
‫‪117‬حمدي �سلیمان القبیالت‪ :‬الرقابة الإدارية واملالیة على الأجهزة احلكومیة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬الأردن‪،1998 ،‬‬
‫�ص‪.13.‬‬
‫‪18. Colline Fillipe: Le vérificateur fiscale, Edition économique, paris, 1979, p : 25.‬‬
‫‪119‬ولهي بوعالم‪ :‬نحو �إطار مقرتح لتفعیل �آلیات الرقابة اجلبائیة للحد من �أثار الأزمة‪ ،‬حالة اجلزائر ‪ ،2009‬ملتقى‬
‫الأزمة املالیة واالقت�صادیة جامعة �سطیف‪ ،‬اجلزائر‪� ،2009/10/20 ,‬ص‪.7.‬‬
‫‪20. M. BOUVIER, M.C. ESCLASSAN, J.P. LASSALE : Finances Publiques.8ème édition,‬‬
‫‪LGDJ, p. 632.‬‬

‫‪37‬‬
‫�آخر فهي الو�سيلة التي تمكن الإدارة الجبائية من التحقيق بن الملزمين بال�ضريبة ملتزمين‬
‫‪21‬‬
‫في �أداء واجباتهم‪ ،‬وت�سمح لها بت�صحيح الأخطاء المالحظة‪.‬‬
‫فالرقابة الجبائية تهدف الت�أكد من �صحة وم�صداقية الإقرارات �أو الت�صريحات المقدمة‬
‫من طرف الملزم بال�ضريبة‪ ،‬واكت�شاف الأخطاء واالنحرافات الجبائية المتعلقة بها‪ .‬وتختلف‬
‫عملية مراجعة وفح�ص الإقرارات باختالف �أ�شكال الرقابة‪� ،‬سواء تعلق الأمر بفح�ص‬
‫المحا�سبة �أو ت�صحيح الو�ضعية الجبائية للملزم‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بم�سطرة الفح�ص ال�ضريبي‪ ،‬ف�إنها تعد نوعا من الرقابة التي تمار�سها‬
‫الإدارة ال�ضريبية على مجموع الإجراءات الرامية �إلى مقارنة العمليات المحا�سبية للملزمين‬
‫مع المعلومات المح�صل عليها من طرف هذه الإدارة ال�ضريبية لقيا�س مدى م�صداقية‬
‫‪22‬‬
‫الت�صريحات المدلى بها من طرفهم‪.‬‬
‫وفي المغرب‪ ،‬يتم القيام بمهمة الفح�ص ال�ضريبي من قبل م�صالح المديرية العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬التي تحدد �صالحياتها بموجب المر�سوم ال�صادر في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1978‬ب�ش�أن تنظيم‬
‫وزارة المالية‪ .‬كما تتكون من م�صالح «�إدارة الرقابة المالية»‪ ،‬التي تم �إن�شا�ؤها في عام ‪2005‬‬
‫داخل المديرية العامة للرقابة‪ ،‬على الم�ستوى المركزي‪ ،‬وو�ضعها تحت ال�سلطة المبا�شرة‬
‫للمدير العام لل�ضرائب‪.‬‬
‫والمالحظ �أن الم�شرع المغربي قد �أفرد م�سطرة الفح�ص المحا�سبي مجموعة من‬
‫ال�شروط ال�شكلية تفاديا لتع�سف الإدارة ال�ضريبية في ممار�سة هذا الحق‪ ،‬وتعزيزا لل�ضمانات‬
‫التي يتمتع بها الملزم بمنا�سبة �سلوك هذه الم�سطرة‪ .‬وهي �شروط تجعل تطبيقها يتطلب توافر‬
‫العنا�صر الآتية ‪:‬‬
‫يخ�ضع لم�سطرة الفح�ص ال�ضريبي الخا�ضعون لل�ضرائب والر�سوم الملزمون قانونا‬ ‫♦‬

‫بم�سك محا�سبة منتظمة‪.‬‬


‫يعهد بممار�سة هذه المهمة �إلى �أحد الموظفين المحلفين على �أن يكون له رتبة مفت�ش‬ ‫♦‬

‫م�ساعد على الأقل‪ ،‬و�أن يكون معتمدا للقيام بمراقبة ال�ضرائب‪.‬‬


‫ينبغي االحتفاظ بالوثائق مدة ‪� 10‬سنوات لتقدم �إلى المكلف بالفح�ص عند الحاجة‪.‬‬ ‫♦‬

‫‪21. CLAUDE Laurent, contrôle fiscale, la vérification personnelle, bayeusaine, France, 1995,‬‬
‫‪p. 13.‬‬
‫‪222‬كرمي حلر�ش‪ :‬املنازعات ال�رضيبية يف القانون املغربي‪� ،‬سل�سلة الالمركزية والإدارة الرتابية‪ ،‬العدد ‪� 21‬سنة ‪،2013‬‬
‫�ص‪.19 .‬‬

‫‪38‬‬
‫وتتميز م�سطرة الفح�ص ال�ضريبي بنوع من الخ�صو�صية‪ ،‬لكونها تتج�سد في انتقال‬
‫المفت�ش المحقق �إلى مكاتب المقاولة‪ ،‬داخل محل الإقامة االعتيادية �أو المقر االجتماعي �أو‬
‫الم�ؤ�س�سة الرئي�سية للملزمين‪ .‬كما يمنع الم�شرع على المحقق �أن ينقل �أية وثيقة محا�سبية �إلى‬
‫‪23‬‬
‫مقر الإدارة ال�ضريبية �إال بترخي�ص من الخا�ضع لل�ضريبة ومقابل ت�سليمه و�صال بذلك‪.‬‬
‫�أما بخ�صو�ص �آجال هذه الم�سطرة فقد حددتها مدونة ال�ضرائب كالآتي ‪:‬‬
‫الحد الأدنى‪� :‬أكثر من ‪� 6‬أ�شهر للمن�ش�آت التي يعادل �أو يقل مبلغ رقم معامالتها‬ ‫♦‬

‫الم�صرح به عن ‪ 50‬مليون درهم دون احت�ساب ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪.‬‬


‫الحد الأق�صى‪� :‬أكثر من ‪� 12‬شهرا بالن�سبة للمن�ش�آت التي يفوق مبلغ رقم معامالتها‬ ‫♦‬

‫الم�صرح به ‪ 50‬مليون درهم دون احت�ساب ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪.‬‬


‫ولقد �أح�سن الم�شرع �صنعا حينما تدخل وحدد المدة الأق�صى التي يمكن �أن ت�ستغرقها‬
‫م�سطرة فح�ص المحا�سبة‪ ،‬لما في ذلك من تحقيق التوازن بين م�صالح الإدارة ال�ضريبية‬
‫وال�ضمانات المخولة للملزمين‪ .‬ويمكن الإ�شارة �إلى �أن القوانين ال�ضريبية ال�سابقة لم تكن‬
‫تن�ص �سوى على مدة موحدة وهي ‪� 6‬أ�شهر‪ ،‬لذلك فالمدة الجديدة تعبر عن رغبة الإدارة‬
‫‪24‬‬
‫ال�ضريبية في الح�صول على وقت كاف يمكنها من فح�ص المقاوالت الكبرى‪.‬‬
‫و�إلى جانب هذه الم�سطرة يمكن الحديث في �إطار المراقبة الجبائية عن م�سطرة �أخرى‬
‫هي م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي‪ .‬فبعد انتهاء �إجراءات المراقبة والفح�ص‪ ،‬تبد�أ الإدارة‬
‫ال�ضريبية في �إجراءات ت�صحيح �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة من �أجل احت�ساب مبالغها‪ ،‬وفي هذا‬
‫الإطار‪ ،‬تن�ص المدونة العامة لل�ضرائب على �أنه في حالة ت�صحيح �أ�س�س فر�ض ال�ضريبة يجب‬
‫على الإدارة الجبائية �إخبار الملزم بوا�سطة ر�سالتين ق�صد تبليغه بنتائج عملية الفح�ص‪.25‬‬
‫حيث تتلخ�ص م�سطرة ت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي في كل من الر�سالة الأولى لت�صحيح الأ�سا�س‬
‫ال�ضريبي‪ ،‬ثم الر�سالة الثانية لت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي‪ ،‬حيث يعر�ض كل طرف‪ ،‬الإدارة‬
‫من جهة والملزم من جهة �أخرى‪ ،‬موقفه ومالحظاته بغية التو�صل �إلى اتفاق حول الأ�سا�س‬
‫ال�ضريبي الجديد‪.‬‬
‫وهذه الم�سطرة ت�شكل �ضمانات �أ�سا�سية وحقيقية للملزم لما لها من ارتباط بحقوق الدفاع‬
‫المخولة له في �إطارها كم�سطرة تواجهية وح�ضورية تهدف �إلى �إ�شراك الملزمين في عملية‬
‫‪223‬وزارة االقت�صاد واملالية‪ :‬ميثاق امللزم يف جمال املراقبة ال�رضيبية‪ ،‬من�شورات املديرية العامة لل�رضائب‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪� ،2014‬ص‪.7 .‬‬
‫‪ 224‬نف�س امل�صدر‪� ،‬ص‪.8 .‬‬
‫‪ 225‬وزارة االقت�صاد واملالية‪ :‬ميثاق امللزم يف جمال املراقبة ال�رضيبية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.11 .‬‬

‫‪39‬‬
‫ت�صحيح الوعاء ال�ضريبي لمعرفة و�سائلهم وحججهم و�إثباتاتهم ومواقفهم من الأ�سا�س المعتمد‬
‫في ت�صفية ال�ضريبة في �إطار المراجعة‪ .‬ولذلك ف�إن كل �إخالل بمقت�ضيات هذه الم�سطرة‬
‫ي�ؤدي �إلى بطالن �إجراءاتها‪ ،‬ويحول دون المرور �إلى مرحلة التح�صيل ال�ضريبي‪ ،‬التي تثير‬
‫بدورها نقا�شا قانونيا وفنيا حول مدى احترام �إجراءاتها و�آجالها الم�سطرية ل�ضمانات الملزم‬
‫وتكري�س حمايته القانونية في مواجهة الإدارة ال�ضريبية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحقيقات الجبائية‬
‫�إذا كان النظام الجبائي يعطي الحرية للملزمين بال�ضريبة للقيام بالت�صريح بمداخيلهم‬
‫المحققة كما هو مفتر�ض بح�سن نية‪ ،‬ف�إن هذه الحرية ت�ستوجب على الإدارة ال�ضريبية �ضرورة‬
‫القيام بالرقابة على هذه الت�صريحات بهدف الت�أكد من �صحتها و�صدقها والك�شف عن نقاط‬
‫الغ�ش والتهرب فيها‪ .‬ويعد التحقيق الجبائي من �أهم و�سائل المراقبة الجبائية‪ ،‬ويتمثل في‬
‫مجموع العمليات التي تهدف �إلى مراقبة الت�صريحات الجبائية الم�صرح بها من طرف الملزم‬
‫بال�ضريبة لمدة غير متقادمة‪ ،‬بغية تحري قانونية الت�سجيالت المحا�سبية ومقارنتها مع‬
‫الو�ضعية الحقيقية للن�شاط الممار�س‪ .‬كما ي�شمل التحقيق الجبائي مجموع ال�ضرائب والر�سوم‬
‫التي يخ�ضع لها الملزم بال�ضريبة‪.‬‬
‫وتتم م�سطرة التحقيق الجبائي داخل �إدارة ال�ضرائب‪ ،‬حيث تكلف بالدرا�سة والتحقيق في‬
‫المطالبة ق�سم خا�ص بمديرية ال�ضرائب هو ق�سم المنازعات المتكون من �أربع م�صالح هي‪:‬‬
‫الم�صلحة المكلفة بالنزاعات في ال�ضرائب المبا�شرة‪.‬‬ ‫♦‬

‫الم�صلحة المكلفة بالنزاعات في ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪.‬‬ ‫♦‬

‫الم�صلحة المكلفة بالنزاعات في ر�سوم الت�سجيل والتنبر‬ ‫♦‬

‫‪26‬‬
‫الم�صلحة المكلفة بالتحقيقات‪.‬‬ ‫♦‬

‫فمفت�ش ال�ضرائب بعد تو�صله بالمطالبة يقوم بفح�ص الوقائع المثارة من �أجل الت�أكد‬
‫من مدى مطابقتها للمقت�ضيات القانونية‪ ،‬ومن مدى جدية الحجج المقدمة وت�أثيرها على‬
‫النزاع ال�ضريبي مو�ضوع المطالبة‪ .‬كما يمكنه كذلك من �أجل ا�ستكمال التحقيق‪� ،‬أن ي�ستدعي‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة من �أجل ا�ستف�ساره �أو تقديم محا�سبته �أو تقديم مزيد من الحجج ‪ ،‬كما‬
‫يمكنه �إجراء جميع التحريات الالزمة على �ضوء الوثائق المقدمة والمعلومات المتوفرة‪،‬‬
‫‪226‬عبد القادر التعالتي‪ ،‬النزاع ال�رضيبي يف الت�رشيع املغربي‪ .‬دار الن�رش املغربية‪ .‬الدار البي�ضاء‪ .‬الطبعة الأوىل ‪2000‬‬
‫�ص‪.154 .‬‬

‫‪40‬‬
‫�إما بعين المكان �أو بمقرات الأ�شخا�ص الطبيعيين �أو المعنويين الذين لهم عالقة بالخا�ضع‬
‫‪27‬‬
‫لل�ضريبة‪ ،‬كزبنائه ومورديه والأبناك و المقاوالت والإدارات التي يتعامل معها‪.‬‬
‫وبعد انتهاء البحث الذي تقوم به الم�صلحة المخت�صة في المو�ضوع‪ ،‬يتولى الوزير المكلف‬
‫بالمالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض القيام بالبت في المطالبة المرفوعة �إلى‬
‫الإدارة‪ .‬ونظرا للعدد الكبير للمطالبات التي تحال على المديرية العامة لل�ضرائب ف�إنه غالبا‬
‫ما يتم تفوي�ض هذه ال�سلطة �إلى ر�ؤ�ساء الأق�سام �أو الم�صالح ح�سب قيمة النزاع ومبلغ ال�ضريبة‬
‫‪28‬‬
‫المتنازع حوله‪.‬‬

‫ويجب �أن تقوم �إدارة ال�ضرائب بعد فح�ص مطالبة الملزم بالجواب عليها داخل �أجل �ستة‬
‫�أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة‪ ،‬و�أن تتخذ القرار المنا�سب حولها‪ .‬كما �أنه بعد اتخاذ القرار‬
‫من طرف الإدارة الجبائية وتعليله يتم تبليغه‪� ‬إلى الملزم المعني بالنزاع‪ .29‬وعلى هذا الأخير‬
‫�إذا لم يقبل القرار ال�صادر عن الإدارة �أن يطعن فيه �أمام المحكمة الإدارية المخت�صة داخل‬
‫�أجل‪  30‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجزاءات والحلول الوقائية‬
‫تحظى عملية توقيع الجزاءات والعقوبات في المجال ال�ضريبي ب�أهمية كبيرة‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫�إلى كون هذه العقوبات تهدف بالأ�سا�س �إلى �صيانة م�صالح الدولة وم�صالح الخزينة العامة‬
‫من توقيع العقاب على كل عمل غير �شرعي ي�سعى �إلى التهرب والغ�ش ال�ضريبيين‪ ،‬باعتبارهما‬
‫ي�سببان العديد من الأ�ضرار للمجتمع‪ .‬فالغ�ش �أو التهرب ال�ضريبي ي�ؤدي تقلي�ص مداخيل الدولة‬
‫�إلى درجة ي�صعب معها تغطية التكاليف والنفقات العامة التي تتجلى بالأ�سا�س في بناء المرافق‬
‫ال�ضرورية‪ ،‬وهذا ما ينتج عنه �شلل عمل هذه المرافق وبالتالي �ضياع حقوق المواطنين‪.‬‬

‫‪27. HAMMOU LAAFOU, Le contrôle fiscal au Maroc : cadre légal et rôle de l’expert comptable,‬‬
‫‪mémoire présenté en vue de l’obtention du diplôme national d’expert-comptable, ISCE,‬‬
‫‪2004. p. 38.‬‬
‫‪28. El OTMANI FOUAD: LES PROCEDURES DU CONTROLE FISCAL EN DROIT‬‬
‫‪MAROCAIN RAPPEL ET ESSAIE D’ANALYSE, Université HASSAN 1, faculté des‬‬
‫‪sciences Juridiques, Economique et Social –Settat, 2015, p. 49.‬‬
‫‪229‬موالي عبد الرحمان العلمي‪ ،‬املنازعات يف املرحلة ما قبل الق�ضائية‪ ،‬ر�سالة لنيل دبلوم املا�سرت القانون اخلا�ص‪،‬‬
‫جامعة القا�ضي عيا�ض كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية مراك�ش ال�سنة اجلامعية ‪� ،2011/2010‬ص‪.‬‬
‫‪.26‬‬

‫‪41‬‬
‫وقد عرف المغرب �أولى محاوالت تجريم التهرب ال�ضريبي من خالل م�شروع قانون الإطار‬
‫ل�سنة ‪ 1984‬في ف�صله ‪ ،27‬حيث اقترحت لأول مرة عقوبة الحب�س في حق كل من ثبت تورطه في‬
‫ارتكاب الغ�ش ال�ضريبي‪ .‬غير �أن لجنة المالية المكلفة بدرا�سة هذا الم�شروع قررت بالإجماع‬
‫حذف هذا الف�صل‪ ،‬و�صدر قانون الإطار بدون عقوبة الحب�س‪ .‬ثم جاء م�شروع قانون المالية‬
‫لل�سنة المالية ‪ 1997-1996‬لتعتبر �أول مرة الغ�ش ال�ضريبي مخالفة معاقب عليها بغرامات‬
‫‪30‬‬
‫مالية وعقوبات حب�سية‪.‬‬
‫تتنوع العقوبات التي ت�ضمنها قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي بين العقوبات الجبائية‬
‫والعقوبات الزجرية‪ .31‬وهي جزاءات ت�سعى �إلى زجر عمليات التهرب ال�ضريبي التي قد يرتكبها‬
‫الملزمون‪ ،‬رغم �أنها خفيفة الوقع و�أن مجالها محدود وتطبيقها تلفه العراقيل الم�سطرية‪ ،‬مما‬
‫ي�شجع المكلفين على التمادي في التهرب ال�ضريبي‪.‬‬
‫وقد ورد في المادة ‪ 182‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪ 32‬بر�سم قانون المالية ل�سنة ‪2007‬‬
‫ما يلي‪« :‬ب�صرف النظر عن الجزاءات ال�ضريبية المن�صو�ص عليها في هذه المدونة يتعر�ض‬
‫لغرامة من خم�سة �آالف درهم �إلى خم�سين �ألف درهم كل �شخ�ص ثبت في حقه ق�صد الإفالت‬
‫من �إخ�ضاعه لل�ضريبة او التمل�ص من دفعها �أو الح�صول على خ�صم منها �أو ا�سترجاع مبالغ‬
‫بغير حق‪ ،‬ا�ستعمال �إحدى الو�سائل التالية‪:‬‬
‫ت�سليم �أو تقديم فاتورات �صورية‬ ‫♦‬

‫تقديم تقييدات محا�سبية مزيفة �أو �صورية‬ ‫♦‬

‫بيع بدون فاتورات ب�صفة متكررة‬ ‫♦‬

‫�إخفاء �أو �إتالف الوثائق المحا�سبية المطلوبة قانونيا‬ ‫♦‬

‫اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية في خ�صومها‬ ‫♦‬

‫ق�صد افتعال �إع�سارها‪.‬‬

‫‪330‬ال�صديق جعوان‪� :‬إ�شكالية التهرب ال�رضيبي يف املغرب‪� ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف احلقوق �شعبة القانون اخلا�ص‪،‬‬
‫جامعة حممد اخلام�س �أكدال كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية الرباط‪ ،‬ال�سنة اجلامعية ‪.2002-2001‬‬
‫�ص‪302.‬‬
‫‪331‬حممد �شكري‪� :‬أهمية التوا�صل يف تدبري ال�رضيبة‪ ،‬من�شورات املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪،59‬‬
‫‪� ،2005‬ص‪.64 .‬‬
‫‪332‬ظهري �رشيف رقم ‪� 1.07.195‬صادر يف ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمرب ‪ )2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.06‬املتعلق‬
‫بجبايات اجلماعات املحلية‪ ،‬من�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 22 5583‬ذو القعدة ‪.)2007/12/03 ( 1428‬‬

‫‪42‬‬
‫وفي حالة العود �إلى المخالفة قبل م�ضي خم�س �سنوات على الحكم بالغرامة المذكورة‬
‫الذي اكت�سب قوة ال�شيء المق�ضي به‪ ،‬يعاقب مرتكب المخالفة‪ ،‬زيادة على الغرامة المقررة‬
‫�أعاله‪ ،‬بالحب�س من �شهر واحد �إلى ‪� 3‬أ�شهر‪.‬‬
‫تطبق الأحكام �أعاله وفق الإجراءات وال�شروط المن�صو�ص عليها في المادة ‪� 231‬أدناه»‪.‬‬
‫وبالرجوع �إلى المادة ‪ 231‬من القانون المتعلق بمدونة ال�ضرائب‪ 33‬نجدها تن�ص على‬
‫مايلي‪:‬‬
‫«تثبت المخالفات المن�صو�ص عليها في المادة‪� 192‬أعاله بمح�ضر يحرره م�أموران ب�إدارة‬
‫ال�ضرائب من درجة مفت�ش على الأقل ينتدبان خ�صي�صا لهذا الغر�ض ومحلفين وفق الت�شريع‬
‫الجاري به العمل‪.‬‬
‫مهما يكن النظام القانوني للخا�ضع لل�ضريبة‪ ،‬ف�إن عقوبة الحب�س المقررة في المادة‬
‫الم�شار �إليها في الفقرة �أعاله‪ ،‬ال يمكن �أن تطبق �إال على ال�شخ�ص الطبيعي الذي ارتكب‬
‫المخالفة �أو على كل م�س�ؤول ثبت �أن المخالفة ارتكبت بتعليمات منه و بموافقته‪.‬‬
‫ويتعر�ض لنف�س العقوبة كل �شخ�ص ثبت �أنه �ساهم في ارتكاب الأفعال المذكورة �أو �ساعد‬
‫�أو �أر�شد الأطراف في تنفيذها‪.‬‬
‫ال يمكن �إثبات المخالفات المن�صو�ص عليها في المادة ‪� 192‬أعاله �إال في �إطار مراقبة‬
‫�ضريبية‪.‬‬
‫�إن ال�شكاية الرامية �إلى تطبيق الجزاءات المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 192‬المذكورة‪،‬‬
‫يجب �أن يعر�ضها �سلفا وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض على �سبيل‬
‫اال�ست�شارة على لجنة للنظر في المخالفات ال�ضريبية‪ ،‬ير�أ�سها قا�ض وت�ضم ممثلين اثنين‬
‫لإدارة ال�ضرائب وممثلين اثنين لخا�ضعين لل�ضريبة يختاران من القوائم التي تقدمها‬
‫المنظمات المهنية الأكثر تمثيال‪ ،‬ويعين �أع�ضاء هذه اللجنة بقرار للوزير الأول‪.‬‬
‫يجوز لوزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض �أن يحيل ا�ست�شارة للجنة‬
‫المذكورة ال�شكاية الرامية �إلى تطبيق الجزاءات الجنائية المن�صو�ص عليها في المادة ‪192‬‬
‫�أعاله �إلى وكيل الملك المخت�ص التابع له مكان ارتكاب المخالفة‪.‬‬
‫يجب على وكيل الملك �أن يحيل ال�شكاية �إلى قا�ضي التحقيق»‪.‬‬

‫‪333‬املحدثة مبوجب املادة ‪ 5‬من قانون املالية رقم ‪ 06.43‬لل�سنة املالية ‪ 2007‬ال�صادر بتنفيذه الظهري ال�رشيف رقم ‪232.06.1‬‬
‫بتاريخ‪ 10 :‬ذي احلجة ‪ 1427‬املوافق ‪ 31‬دجنرب ‪.2006‬‬

‫‪43‬‬
‫ونلفت النظر هنا �إلى �أن موقف الم�شرع المغربي يكتنفه الغمو�ض والتردد لأن ا�ستبعاد‬
‫تطبيق قانون تجريم التهرب ال�ضريبي على باقي ال�ضرائب الأخرى ال ي�ستند �إلى �أي مبرر‬
‫م�شروع‪ ،‬كما يتنافى ومبد�أ م�ساواة الملزمين �أمام التهرب ال�ضريبي‪ .‬وبالتالي يظل هذا‬
‫القانون عاجزا عن مالحقة ما يرتكب من �أفعال الغ�ش والتهرب ال�ضريبي بالن�سبة لل�ضرائب‬
‫الأخرى التي ت�شكل مرتعا للغ�ش ال�ضريبي ك�ضريبة الت�سجيل �أو ال�ضريبة على الأرباح العقارية‪.‬‬
‫في حين يالحظ �أن الم�شرع الفرن�سي مدد �صور الغ�ش المعاقب عليه جنائيا �إلى كافة �أ�صناف‬
‫ال�ضرائب الأخرى‪ ،‬كما �أ�ضاف �إلى ذلك كل �إغفال عمدي للإدالء بالإقرارات داخل الآجال‬
‫‪34‬‬
‫المحددة لها‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫تعد جريمة التهرب ال�ضريبي في �أي مجتمع داللة وا�ضحة على وجود خلل في �أهم عالقة‬
‫بين المواطن والدولة وهي التزامه بالم�شاركة في تحمل النفقات العامة‪ .‬فال�ضغط ال�ضريبي‬
‫ي�ؤدي ب�شكل طردي �إلى مزيد من التمل�ص والتهرب من �أداء ال�ضريبة من جراء �إح�سا�س‬
‫المواطن بانعدام الم�ساواة في تحمل الأعباء المالية بين الملزمين‪ ،‬الأمر الذي ي�ستدعي‬
‫الك�شف عن الأ�سباب الم�ؤدية �إلى ارتكاب جريمة التهرب ال�ضريبي‪.‬‬
‫وفي هذا ال�صدد نرى �أنه يجب على الم�شرع المغربي �أن ي�سير على خطى الم�شرع الفرن�سي‬
‫الذي عمد �إلى �إن�شاء نقابات لل�ضرائب من �أجل محاربة الغ�ش منذ �سنة ‪ .1985‬فالمالحظ‬
‫�أن �أع�ضاء هذه النقابات هم مجرد عمال في القطاعين العام والخا�ص‪� ،‬إلى جانب موظفين‬
‫من بين مفت�شي المديرية العامة لل�ضرائب‪ ،‬حيث ت�سعى �إلى توعية المواطنين بخطورة الغ�ش‬
‫ال�ضريبي �إذا تم تركه يتطور داخل المجتمع‪.‬‬
‫وال يفوتنا �أن ن�شير �إلى �أن توقيع الجزاءات والعقوبات في المجال ال�ضريبي له �أهمية‬
‫كبيرة‪ ،‬وذلك بالنظر �إلى كون هذه العقوبات تهدف �صيانة م�صالح الدولة وم�صالح الخزينة‬
‫العامة من خالل معاقبة كل عمل غير �شرعي ي�سعى بالأ�سا�س �إلى التهرب والغ�ش ال�ضريبيين‪،‬‬
‫نظرا لما ي�سببانه من �أ�ضرار على المجتمع ولو ب�صفة غير مبا�شرة‪ .‬فالتهرب ال�ضريبي يجعل‬
‫مداخيل الدولة تتقل�ص �إلى درجة ي�صعب معها تغطية التكاليف والنفقات العامة التي تتجلى‬
‫بالأ�سا�س في بناء المرافق ال�ضرورية‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى �شلل عمل هذه المرافق وبالتالي �ضياع‬
‫حقوق المواطنين‪.‬‬
‫— ‪34. Bazart Cécile. Les comportements de fraude fiscale. Le face à face contribuables‬‬
‫‪administration fiscale. In: Revue française d'économie, volume 16, n°4, 2002. pp. 171-212.‬‬

‫‪44‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like