You are on page 1of 22

‫جامعة محمد الخامس بالرباط‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – أكدال‪-‬‬


‫ماستر التدبير اإلداري و المالي‬

‫مادة ‪/‬القانون الضريبي‬

‫تحت اشراف االستاذة ‪:‬‬ ‫من اعداد الطلبة ‪:‬‬


‫فاطمة الحمدان‬ ‫‪ -‬الطالب محمد فال‬
‫‪-‬رحمة المداح‬
‫أيوب عبد الدين ‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬مقدمة‬

‫تحتل الضريبة مركزاً متميزاً في الدراسات المالية إذ كانت وال زالت الوسيلة‬
‫الرئيسية والمهمة في تحقيق أهداف الدولة في العديد من دول العالم وخاصة الدول ذات‬
‫الموارد والثروات الطبيعية والصناعية المحدودة‪ ،‬ليس العتبار الضريبة إحدى المصادر‬
‫الرئيسية للتمويل فسحب بل أيضا كوسيلة استراتيجية فاعلة تمكن الدولة من التدخل‬
‫اإليجابي في الحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية حيث تسهم األموال المستحصلة من‬
‫الضرائب في تمويل نفقات الدولة في شتى القطاعات‪.‬‬

‫وبالنظر لتوسع نطاق وأنواع الضرائب تفشت ظاهرة خطيرة سميت بالتهرب‬
‫الضريبي والتي أصبحت تهدد اقتصاديات الدول‪ ،‬وهذه الظاهرة تحول دون تحقيق الدولة‬
‫ألهداف سياستها االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫والتهرب الضريبي كما عرفه أحد المهتمين بالعلوم المالية "‪ "Tax Evasion‬هو‬
‫قيام المكلف الخاضع للضريبة (فرد أو شركة) بعدم دفع الضرائب المستحقة للدولة‬
‫والمترتبة على دخله أو ثروته أو على أي واقعة أخرى منشئة للضريبة (االستهالك أو‬
‫اإلستيراد مثال)‪ ،‬أو تخفيض مبالغ هذا الضرائب‪ ،‬من خالل استعمال طرق وأساليب غير‬
‫مشروعة بحكم القانون وتنطوي على الغش والخداع وسوء النية‪.‬‬

‫فما هي أشكال هذا التهرب الضريبي؟ وما هي أسبابه؟ وما هي آثاره؟ وما هي‬
‫عالقته باختالل المنظومة الضريبية؟‬

‫ستتم اإلجابة عن هذه األسئلة وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التهرب الضريبي أشكاله وأسبابه‬


‫المطلب األول‪ :‬أشكال التهرب الضريبي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب التهرب الضريبي الكبرى‬

‫‪2‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التهرب الضريبي‬
‫المطلب األول‪ :‬اآلثار المالية واالقتصادية واالجتماعية للتهرب الضريبي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار التهرب الضريبي على المنظومة الضريبية‬

‫المبحث األول ‪ :‬أشكال التهرب الضريبي و أهم أسبابه الكبرى‬

‫المطلب األول ‪:‬أشكال التهرب الضريبي‬

‫إن فكرة التهرب الضريبي هي فكرة قديمة ارتبطت بمجموعة من األسباب ‪ ،‬ويمكن تقسيم‬
‫‪ :‬التهرب الضريبي إلى عدة اشكال‬

‫أوال ‪ :‬التهرب الضريبي المشروع و التهرب الغير مشروع‬

‫التهرب الضريبي المشروع‪1-‬‬

‫من التعريفات األنيقة للتهرب الضريبي أنه فن تحاشي السقوط في حقل جاذبية القانون‬
‫الضريبي‪ ، 1‬و يتجلى هذ الفن في تحاشي الملزم أنشطة مشمولة بوعاء ضريبي أو‬
‫مفروضة عليها ضرائب مرتفعة و بذالك يبدو التهرب الضريبي بهذا المعنى منطويا على‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬كمال مرصالي‪ ،‬الوجيز في القانون الضريبي المغربي‪ ،‬الطبعة‪ ،‬الثانية ‪2014‬‬

‫‪3‬‬
‫قصد التملص من تغذية الخزينة عبر اقحام الملزم على الحيلولة دون توفر األساس الذي‬
‫ترسي عليه الضريبة كما يبدو من جهة أخرى خال من أي عرقلة أو مخالفة للقانون‬
‫الضريبي و هذ ما يصطلح عليه بالتجنب الضريبي الذي هو العمل على عدم االلتزام‬
‫بالضريبة بصورة مشروعة دون مخالفة القانون و يحصل بلجوء الملزم إلى وسائل تمكنه‬
‫من المرور بالثغرات الموجودة في التشريعات الضريبية للتخلص من الضريبة و من أمثلة‬
‫ذالك نجد مثال امتناع الملزم عن القيام بالعمل الذي تؤدي عنه الضريبة ‪ ،‬فالشخص المدمن‬
‫على شرب الخمر إذا أراد عدم دفع الضريبة غير المباشرة التي تؤدى ضمن ثمن الخمر ما‬
‫عليه إال أن يمتنع عن شرب الخمر ‪ ،‬و مثال ثاني كتوزيع أرباح شركات األموال على‬
‫المساهمين بشكل رواتب و أجور أو على شكل مخصصات ألعضاء مجالس اإلدارة و‬
‫بذالك تصبح الضريبة ذات معدل منخفض كما يمكن التهرب من الخضوع لضريبة ذات‬
‫معدل مرتفع إلى ضريبة ذات معدل معدل منخفض بتغيير صفة العمل بحيث تكون بعض‬
‫األرباح مخصصة أو ناتجة عن ممارسة أعمال معفاة من قسم من الضريبة في حين أن‬
‫أعمال أخرى مماثلة غير معفاة و يتحقق ذالك عندما يمنع المشرع مهنة أو بعض المهن من‬
‫اعفاءات الضريبية ‪ ،‬عندها يمكن للملزم اللجوء إلى هذه المهن المعفاة لتجنب أداء الضريبة‬
‫و بالتالي يتخذ التهرب الضريبي صبغته المشروعة بالتركيز على ثغرات النص القانوني‬
‫المتجلية أساسا في غياب التحديد الدقيق ‪ ،‬غير أن التهرب المشروع قد يكون مقصودا من‬
‫الدولة لغايات اجتماعية فتفرض ضريبة مرتفعة على بعض السلع بقصد حمل المستهلكين‬
‫‪ ،‬عن العدول عن استهالكها كالخمور أو التبغ‬

‫‪ :‬التهرب الضريبي الغير مشروع‪2-‬‬

‫و قد عرفه لوسيان ميشل بأنه المخالفة الصريحة للقانون بهدف التخلص من فرض لضريبة‬
‫وتخفيف أساسها كما عرف بأنه الغش الضريبي أي االخفاء المقصود اتجاه االدارة الجبائية‬
‫للموارد و المداخيل و الذي يستهدف من وراءه التملص من أداء الضريبة و بالتالي فهو‬
‫تصرف غير مشروع يمثل عدم احترام للقانون و عدم احترام ارادي ألنه انتهاك لروح‬
‫القانون و إرادة المشرع و يمكن اعطاء بعض األمثلة عن التهرب الضريبي الغير مشروع‬
‫كأن يعمل الملزم على عدم االلتزام بالضريبة أساسا كما لو عمد التاجر إلى كتم عمله عن‬
‫الدولة أو امتنع عن تقديم التصريح المطلوب ثم مثال ثاني كأن يلجأ الملزم في بعض‬
‫عملياته التجارية إلى البيع دون فاتورة و بالتالي فالتهرب الضريبي الغير مشروع يتكون‬
‫من عنصرين عنصر مادي يتمثل في سلوك إرادي يتجسد في الطرق الغير مشروعة و‬
‫‪ ،‬الوسائل االحتيالية ‪ ،‬ثم عنصر معنوي قوامه نية الملزم في التخفيف من العبء الضريبي‬

‫‪4‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التهرب الداخلي و التهرب الدولي‬

‫‪ :‬التهرب الضريبي الداخلي‪1-‬‬

‫فالتهرب الداخلي يحدث داخل إقليم الدولة بالمخالفة ألحكام القانون الضريبي الداخلي ‪ ،‬و‬
‫ذالك بصرف النظر عن جنسية الملزم و ما إذاكان من رعايا الدولة أو شخصا أجنبيا عنها‬
‫و بالتالي فالتهرب الضريبي الداخلي هو كل عمل أو تصرف يقوم به الملزم بهدف التخلص‬
‫من أداء الضريبة بشرط أن ال تتعدى هذه األعمال نطاق حدود الدولة سواء كانت مخالفة‬
‫‪ ،‬للقانون أو باستغالل الثغرات التشريعية و الوضعيات االستثنائية‬

‫‪ :‬التهرب الضريبي الدولي‪2-‬‬

‫وهو صورة من صور التهرب الضريبي بصفة عامة و أن ما يميزه أنه ذو صفة دولية ‪،‬‬
‫فهو يحدث عبر إقليم الدولة يستوي في ذالك أن يحدث بين دولتين أجنبيتين أو اكثر فالملزم‬
‫يحاول أن يخفف من عبئه الضريبي مستخدما في ذالك كافة الطرق و السبل المشروعة و‬
‫الغير المشروعة فقد يقوم بتحويل أرباحه إلى خارج اقليم الدولة‪ 2‬الكائن به أو باستثمار‬
‫امواله في الخارج لكي يتمتع باالمتيازات و االعفاءات الضريبية التي قد يقررها القانون‬
‫الضريبي في البلد المضيف و انتشرت هذه الظاهرة على المستوى الدولي بفعل انتشار‬
‫األسواق الدولية و ظاهرة العولمة االقتصادية و في اطار التهرب الضريبي الدولي يستفيد‬
‫الملزم من مبدأ السيادة الضريبية أي تطبيق الضريبة داخل إقليم الدولة دون أن يكون لها‬
‫سلطة االمتداد أو تتبع األموال في الخارج إال في احوال استثنائية كحالة وجود اتفاقية بين‬
‫دولتين و قد يستفيد الملزم بغرض تخفيف عبئه الضريبي من اتفاقيات منع االزدواج‬
‫الضريبي فلهذه االتفاقية جانب ايجابي يتمثل باألساس إلى تخفيف عبء الضريبة على‬
‫الملزم ذو النشاط الدولي الذي يمتد خارج حدود إقليم الدولة التي يقيم فيها ‪ ،‬فتنظم هذه‬
‫االتفاقيات عملية دفع الضريبة بحيث ال يكلف الملزم بدفع الضريبة ذاتها مرتين أو أكثر كما‬
‫أن لها جانب سلبي يتمثل في أن الملزم قد يستغل هذه االتفاقية ليتهرب من الضريبة كأن‬
‫ينقل ارباحه و استثماراته إلى دولة تقرر اعفاءات أو امتيازات ضريبية و يكون قد تخلص‬
‫من عبء الضريبة كليا أو جزئيا كما أن للتهرب الضريبي الدولي عدة مظاهر منها ‪ :‬على‬
‫وجه الخصوص التهرب عن طريق الجنات الضريبية حيث تعد دول الجنات الضريبية‬
‫مراكز مالية أو تمويلية بالنسبة للشركات دولية النشاط بصورة خاصة و الشركات‬
‫والمجموعات الدولية بصورة عامة ‪ ،‬فهي تمثل بما تقرره من امتيازات ضريبية تصل في‬
‫الكثير من االحيان إلى االعفاءات الضريبية لبعض انواع الدخول و االنشطة مناخا مناسبا و‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬‬
‫سوزي عدلي ناشد‪.‬ظاهرة التهرب الضريبي واثارها على اقتصاديات الدول النامية‬

‫‪5‬‬
‫اكثر مالئمة لالستثمار‪ 3‬و لهذ فشركات دولية النشاط تحاول ان تخلق في هذه الدول مراكز‬
‫للشركات الوليدة لتحقق غرضها الرئيسي نحو تعظيم ارباحها و تخفيفي اعباءها الضريبية‬
‫فالشركات دولية النشاط باستخدامها للجنات الضريبية تكون قد استفادة مرتين فمن جهة‬
‫استطاعت أن تخفف من عبئها الضريبي في دولة الشركة األم و من جهة اخرى استفادة من‬
‫االستثمارات في دول الجنات الضريبية و لعل من اشهر دول الجنات الضريبية نجد‬
‫سويسرا نظرا لعوامل االستقرار السياسي و اتجاهاتها االقتصادية الحرة و استقرار عملتها‬
‫الوطنية و شبكة من البنوك ذات مصادر مالية قوية ثم ثانيا ‪ :‬اسعار التحويل ‪ :‬و هي القيمة‬
‫المخصصة للسلع والخدمات التي يقدمها احد اقسام الشركة إلى قسم آخر داخل الشركة و‬
‫تمثل اسعار التحويل أهم آليات التهرب الضريبي الدولي بالنسبة للشركات دولية النشاط‬
‫فقيمة االرباح تحدد مقدما وفقا ألسعار التحويل التي تتم بناءا عليها عمليات البيع والشراء‬
‫للسلع والخدمات داخل مجموعة الشركات ومن ثم يسهل تحقيق العبء الضريبي ‪ ,‬فاألصل‬
‫هو أن األرباح التي تحققها الشركات دولية النشاط من عمليات محدد يجب أن يصب جميعا‬
‫لدى الشركة األم ‪ ,‬باعتبارها مقر المركز الرئيسي للشركة وصاحبة سلطة اتخاذ القرار‬
‫والسيطرة على جميع الشركة إال ان ما قد يحدث من الناحية العلمية هو أن ال يتم تحويل‬
‫‪ ,‬االرباح إلى الشركة األم استنادا إلى إرتفاع سعر الضريبة في دولة شركة األم‬

‫وفي ما يتعلق بطرق وأساليب ممارسة التهرب الضريبي فعلى المستوى الوطني نجد‬
‫التخفيف من قيمة اإلرادات حيث يلجأ الملزم بالضريبة إلى تخفيض إراداته وهي طريقة‬
‫غالبا ما يلجأ إليها الملزمون الخاضعون للنظام الحقيقي والمجبرون على مسلك محاسبة‬
‫حقيقية كالشراء بدون فواتير ومثاال على ذالك نجد ‪ :‬منتوج (أ) تم بيعه ب ‪ 5,000‬درهم‬
‫للوحدة ‪ ,‬والكمية المباعة هي ‪ 20,000‬وحدة وتم تسجيله في الدفاتر المحاسبية ب ‪4,000‬‬
‫درهم للوحدة ‪ ,‬فرقم األعمال األ المحققة = ‪100,000,000 = 20,000* 5,000‬‬

‫أما رقم األعمال المسجل في الدفاتر المحاسبية = ‪80,000,000= 20,000* 4,000‬‬

‫ويقدر الفارق با ‪ 20,000,000‬وهو مبلغ ال يظهر في المحاسبة وبالتالي اليخضع‬


‫للضريبة ثم الطرقة الثانية وهي الزيادة في قيمة التكاليف مثل المستخدمون الوهميون حيث‬
‫يقوم الملزم بتقييد أجور ورواتب مستخدمين ال وجود لهم في الواقع ‪ ,‬ثم ثانيا الزيادة في‬
‫نفقات اإلستغالل كتسجيل أعباء مثل صيانة سيارة خاصة برئيس المؤسسة أو تكاليف‬
‫الهاتف والكهرباء أو شراء مواد أو لوازم بأثمنة مرتفعة جدا‬

‫‪3‬‬
‫‪voir.j.neuer.frade fiscale internationale.et repression . paris p u f 1986‬‬

‫‪6‬‬
‫ثم التهرب عن طريق عمليات مادية وقانونية فاألول يقصد به عدم التصريح أو االمتناع‬
‫عن اإلقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة ‪ ,‬أما الثاني وهو استغالل ما يتيحه القانون من‬
‫‪ ,‬ثغرات‬

‫أما أساليب ممارسة التهرب ذي الصبغة الدولية ‪ :‬فنجد ‪ :‬أوال التهرب من خالل استغالل‬
‫العالقة بين الشركات القابضة والشركات التابعة لها فإذا كانت الشركة التابعة أجنبية وكانت‬
‫أسعار الضريبة فيها مرتفعة جدا عندئذ تلجأ الشركة القابضة إلى تخفيف عبء الشركة‬
‫التابعة لها عن طريق شراء منتجات هذه األخيرة بأسعار منخفضة جدا ‪ ,‬مما يؤدي إلى‬
‫تخفيض أرباح الشركة التابعة‪ , 4‬وبالتالي تخفيض األرباح الخاضعة لضريبة وقد يحدث‬
‫العكس ‪ ,‬ثم ثانيا ‪ :‬أسلوب التهرب باستخدام الشركات الوهمية ويتلخص هذا األسلوب في‬
‫أربعة مراحل هي أوال يقوم الرئيس المدير العام للشركة بعقد صفقة شراء منتجات من‬
‫شركة وهمية يكون مقرها عادة في الخارج أما الشيك الذي يحمل مبلغ الصفقة فهو شيك‬
‫حقيقي في إسم الشركة األجنبية ‪ ,‬ثم المرحلة الثانية حيث تقوم الشركة الوهمية بإيداع مبلغ‬
‫الشيك في بنك أجنبي ثم المرحلة الثالثة يقوم عامل من عمالء الرئيس المدير العام يسمى‬
‫الرجل السيار بسحب مبلغ الشيك بواسطة شيك لحامله ثم المرحلة الرابعة يقوم الوسيط بدفع‬
‫مبلغ الشيك المسحويب نقدا إلى رئيس المدير العام للشركة أو من ينوب عنه ‪ ,‬وبعد انتهاء‬
‫العملية يقوم المدير العام باحتساب عملية الشراء الوهمي من المصروفات العامة للشركة‬
‫‪ ,‬فيقتطع مبلغا من األرباح‬

‫أما فيما يتعلق بتقنيات تقدير نسبة التهرب الضريبي ‪ :‬فهناك تقدير بواسطة ضبط حركة‬
‫رؤوس األموال الوطنية إذ حسب هذه الطريقة فتهرب الضريبي كثيرا ما يتخذ صورة‬
‫هجرة األموال تجاه دول أجنبية ‪ ,‬والتي عادة ما تعفي األموال المهربة كليا أو جزئيا من‬
‫الضرائب والرسوم المماثلة‪ 5‬ثم الطريقة الثانية ‪:‬التقدير عن طريق الفرق من المحاسبة‬
‫الوطنية والتصريحات الجبائية حيث تعتمد على مقاربة المداخيل المصرح بها لدى اإلدارة‬
‫الضريبية مع تلك المحتسبة بشكل إجمالي بطرق أخرى وعبر مصاريف أخرى من طرف‬
‫المحاسبيين الوطنيين ثم الثالثا ‪ :‬التقدير بواسطة تعميم نتائج المراقبة الجبائية حيث تستند‬
‫هذه الطريقة إلى مبلغ التقويم السنوي الذي يتوصل إليه المفتشون الضريبيون إثر قيامهم‬
‫بمراقبة عدد الملفات الملزمين ‪ ,‬والوقوف على حجم المبالغ التي فقدتها الخزينة العامة‬
‫للدولة ‪ ,‬ثم الرابعة ‪ :‬التقدير بواسطة مجاميع القطاع غير المهيكل ‪ :‬أي قياس الدخل أو‬
‫المنتجات الغير محسوبة في أرقام إجمالي الناتج القومي ‪ ,‬بمعنى القطاع الغير مهيكل غير‬

‫‪4‬‬
‫د‪.‬حسين البر ‪ ،‬التهرب الضريبي بالمغرب ط ‪2013‬‬
‫‪5‬‬
‫عبدالسالم اديب ‪ .‬االصالح الجبائي و التنمية في المغرب‪1994 .‬‬

‫‪7‬‬
‫محسوب في حسابات الدخل الوطني ‪ ,‬وبذالك فتقديرات االقتصاد السري يمكن أن تستخدم‬
‫‪ ,‬كوسيلة لتقدير للتهرب الضريبي‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬األسباب الكبرى للتهرب الضريبي‬

‫أوال ‪ :‬األسباب االقتصادية‬

‫من المعروف أن لكل دولة سياسة ضريبية تروم من خاللها التحكم في الوضع المالي‬
‫واالقتصادي وتعرف السياسة الضريبية بكونها مجموعة البرامج المتكاملة التي تخططها‬
‫وتنفذها الدولة ‪ ,‬مستخدمة كافة مصادرها الضريبة الفعلية والمحتملة إلحداث آثار اقتصادية‬
‫واجتماعية وسياسية مرغوبة وتجنب آثار غير مرغوبة للمساهمة في تحقيق أهداف المجتمع‬
‫وتبعا لذالك فإن الظرو اإلقتصادية التي يمر بها الملزمون والتي تكون غالبا نتيجة للسياسة‬
‫التي تنتهجها الدولة والتي تأثر بشكل كبير على مدى التزامهم بأداء الضريبة ‪ ,‬فنجد ارتفاع‬
‫الضغط الضريبي ‪ ,‬حيث أن تزايد العبء الضريبي على الفرد من األسباب الرئيسية‬
‫لظاهرة التهرب الضريبي نظرا لتطور دور الدولة وتدخلها في مجاالت متعددة من ما‬
‫يستلزم زياة النفقات العامة التي أدت إلى زيادة أسعار الضرائب وتحت زيادة وطأة العبء‬
‫الضريبي الذي يحمله الفرد يشجعه على التهرب من الضريبة إما كليا أو جزئيا وبالتالي‬
‫فالضغط الضريبي هو العالقة التي تقوم بين االقتطاع الجبائي الذي يحمله شخص طبيعي أو‬
‫معنوي أو مجموعة اجتماعية أو جماعة ترابية ‪ ,‬والدخل الذي يحصل عليه هذا الشخص أو‬
‫هذه المجموعة أوهذه الجماعة الترابية ‪ ,‬كما أن مستوى الضغط الجبائي يتأثربمستوى‬
‫التطور االقتصادي وهذا مايتأكد من خالل ضعف المردودية الجبائية‪ 6‬في دول العالم الثالث‬
‫الناتج عن ضعف اإلنتاج الوطني ‪ ,‬كما أن من بين ‪ 15‬دولة األكثر تقدما في العالم توجد‬
‫‪ 10‬بلدان أكثر تضريبا ويقول ‪" :‬موريس كوزيون" ‪ :‬أن الفرنسيين يعملون أيام اإلثنين‬
‫والثالثاء واألربعاء لتمويل حاجياتهم الشخصية والخميس والجمعة والسبت صباحا ألداء‬
‫الضرائب والمساهمات االجتماعية أما في المغرب حيث بلغ معدل الضغط الجبائي ‪21.5‬‬
‫سنة ‪ 2006‬و ‪ %22‬سنة ‪ 2010‬و ‪ %23‬سنة ‪ 2012‬مما جعل العديد من الباحثين في‬
‫المالية العمومية على وصف مستوى الضغط الضريبي في المغرب بالمرتفع و عليه فإن‬
‫مسألة ربط اشكالية التهرب الضريبي بالضغط الضريبي رهين بفهم وتحليل رؤية االقتصاد‬
‫الوطني في شموليته ‪ ،‬والتي تتميز باالزدواجية على مستوى بعض القطاعات خاصة‬
‫القطاع الفالحي ‪ ،‬حيث نجد قطاعا فالحيا عصريا عند أقلية من االشخاص و آخر تقليدي‬
‫يعيش على الفالحة المعاشية عند أغلبية الناس ‪ ،‬وهذه االزدواجية أثرت سلبا على تطور‬
‫القطاع ذالك أن الدولة ركزت جهودها االستثمارية على الجزء المتطور في حين اغفلت‬

‫‪6‬‬
‫عبدالسالم اديب ‪ .‬االصالح الجبائي و التنمية في المغرب‪1994 .‬‬

‫‪8‬‬
‫القطاع اآلخر الذي يضم الفالح الصغير و المتوسط الذي يمثل الشريحة الواسعة من‬
‫الفالحين ‪ ،‬و هذ بدل وضع استراتجية تنموية تهم الفالحة من اجل دفع االقتصاد القروي‬
‫إلى المساهمة في االقتصاد الوطني و بتالي خلف قاعدة جبائية مهمة تم االستغناء عن ذالك‬
‫بنقل العبء الضريبي إلى المدينة المتخمة اصال بالضرائب و الرسوم باإلضافة إلى‬
‫اختالالت اخرى علي مستوى البنيات القطاعية و سوء توزيع الموارد المتأتية من الضرائب‬
‫‪،‬‬

‫وجود قطاع غير مهيكل‪2-‬‬

‫الذي يزكي ظاهرة التهرب الضريبي فاألنشطة الممارسة في هذ القطاع هي نوعان سرية‬
‫أو ظاهرة و يعتبر هذ النشاط غير مصرح به لدى سلطات الضرائب حيث تنقلت انشطة من‬
‫االحصائيات االدارية إلدارة الضرائب و هو ما يشكل انتهاكا لقوانين الضرائب باعتباره‬
‫يحقق دخال ال يخضع قانونا للضريبة و هو ما يطرح صعوبة التضريب من طرف الدولة و‬
‫تتجلى في مشكلة تحديد الملزمين و االنشطة االقتصادية غير المنظمة نظرا لقلة الدراسات و‬
‫االحصائيات المتعلقة بهذ الموضوع كما أن الموارد المتأتية من هذ القطاع ال تخضع‬
‫لفرض الضريبة ألنها ال تكون محل تصريحات شفوية أو كتابية لدى اإلدارات الجبائية و‬
‫‪ ،‬هو ما يفسح المجال للمقاوالت والوحدات االنتاجية للتهرب‬

‫و هكذا فهذا النشاط السري يساهم في حرمان الخزينة من ارادات هامة كان من المستوجب‬
‫اخضاعها للضريبة لما لها من امكانيات لتوسيع األساس الضريبي و التخفيف من العبء‬
‫الضريبي على المؤسسات المنظمة التي تلجأ في ظل هذ الحيف إلى التملص من الضريبة و‬
‫في واقع األمر هذ النشاط السري ما هو إال نتيجة مباشرة االرتفاع سعر الضرائب و ثقل‬
‫الضغط الضريبي‬

‫‪ :‬ثانيا ‪ :‬األسباب االجتماعية و النفسية‬

‫‪ :‬الدوافع النفسية‪1-‬‬

‫يقول اكرم زيدان ‪ :‬في مؤلفه "سيكولوجية المال " الضرائب تأخذ جزءا من مالك وشيئا من‬
‫كل شيء تملكه ‪ ،‬إال ما تملكه من هموم المال و آالمه‪ ، 7‬فالضريبة هي عقد اجتماعي‬
‫اجباري بين الفرد المقتدر ماليا و الدولة ‪ ،‬و يدفع الفرد جزءا من ماله للدولة كمساهمة في‬
‫األعباء العامة ‪ ،‬وهي بذالك وسيلة لتحقيق بعض من توقعات و طموحات البسطاء وغي‬
‫المقتدرين ماليا ‪ ،‬و يؤدي فرض ضريبة على اعتبار أنها أداء إلزامي إلى التأثير على‬
‫سلوك االفراد في أي مجتمع ويعتبر سلوك التهرب من الضرائب من القيم االخالقية‬
‫‪7‬‬
‫اكرم زيدان‪.‬سيكولجية المال‪.‬سوس الثراء و امراض الثروة‪2008.‬‬

‫‪9‬‬
‫المكتسبة و المتعلمة التي تعكس االتجاه السلبي للرغبة في االحتفاظ بكثير من االموال ‪ ،‬و‬
‫الطمع في تحقيق العديد من المكاسب االقتصادية و هو اتجاه قائم على الغش والمراوغة و‬
‫‪ ،‬االحتيال‬

‫و يرى اكرم زيدان أن هذ السلوك يلقى قبوال كبيرا لدى فئات كثيرة من الناس ‪ ،‬نظرا إلى‬
‫أن سيكولوجية تلك الفئات قائمة على فكرة أساسية و هي أن الكل غشاشون و محتالون بما‬
‫فيهم الدولة نفسها ‪ ،‬و أن الفرد إذا أدى كل ما عليه من ضرائب و قع ضحية لحكومة فاسدة‬
‫و مرتشية ‪ ،‬فالضرائب في اعتقاد المتهربين منها هي من اجل مصالح القادة و اصحاب‬
‫النفوذ ‪ ،‬فليس هناك من هم يشغل االنسان في حياته الدنيا اكثر من جمع المال و تكديسه و‬
‫الطمع بالمزيد منه ‪ ،‬لذالك فلن يكون اقتطاع ذالك الجزء من المال كالتزام ضريبي بسهولة‬
‫و عن طيب خاطر دون هزات و صراعات ‪ ،‬يكاد يكون هذ السلوك ظاهرة عامة يشترك‬
‫فيها كل الملزمين فاألفراد بسبب تغليبهم لمصالحهم الخاصة يقيمون نظرتهم لاللتزام‬
‫الضريبي بناء على اعتبارات انانية و مصلحية تجعل كل ضريبة مهما كانت درجتها من‬
‫االتقان و االنسجام ضريبة غير مرغوبة فيها ما دامت تمسهم في اموالهم و في حرياتهم ‪،‬‬
‫فالعديد من المكلفين ليس لديهم وعي بأنهم يقومون بخطأ أخالقي كبير عند قيامهم بأعمال‬
‫تؤدي إلى انقاص مداخيلهم الضريبة المصرح بها إلنقاص واجباتهم الجبائية ‪ ،‬كما أن سلوك‬
‫التهرب من الضرائب غالبا ما يؤسس له عدم الثقة بين الفرد و الدولة يتولد احساس عدم‬
‫‪ ،‬الشعور بالعدالة و الكراهية للدولة‬

‫الدوافع السوسيولوجية‪2-‬‬

‫فعلم االجتماع هو العلم الذي يدرس المنظومة االجتماعية الماثلة في تفاعالت المسالك التي‬
‫تكون موجهة شطر سلم مشترك من القيم في تأسيسها للنماذج الثقافية أو هو العلم الذي‬
‫يحاول الوصول إلى فهم تفسيري للفعل االجتماعي من اجل التوصل إلى تفسير علمي‬
‫لمجراه ونتائجه ‪ ،‬و هو ما يساعدنا على القول بأن الوضعية المادية و االجتماعية للخاضع‬
‫‪ ،‬للضريبة تؤثر إلى حد بعيد في تحديد طبيعة العالقة القائمة بينه و بين االدارة الضريبة‬

‫و في هذ الصدد يرى "فوغل"‪ 8‬أن هناك ثالث عوامل موضوعية تحدد إلى درجة كبيرة‬
‫‪:‬اتجاهات الناس نحو التهرب من الضرائب منها‬

‫عالقة التبادل الفردي مع الحكومة والدولة‪1-‬‬

‫التوجه االجتماعي‪2-‬‬

‫‪8‬‬
‫‪.‬اكرم زيدان‪.‬مرجع سابق‬

‫‪10‬‬
‫فرص التهرب من الضرائب‪3-‬‬

‫فبالنسبة للعامل األول فإن التبادل يعد مصدرا من مصادر التضامن االجتماعي تهدف إلى‬
‫المنفعة لألفراد والمجتمع ‪ ،‬و عندما تكون العالقة بين الفرد و الدولة غير تبادلية أو من‬
‫اتجاه واحد قائم على األخذ من جانب الحكومة من دون رد أو إعطاء لألفراد ‪ ،‬عندها تتولد‬
‫أزمة ثقة بين الناس و دولتهم فيصبح سلوك التهرب من الضرائب مطلبا أساسيا لكل فرد و‬
‫بالنسبة للعامل الثاني فإن لكل مجتمع بعضا من القيم االقتصادية التي تحدد توجهاته و‬
‫سلوكياته نحو التهرب من الضرائب ‪ ،‬وما يحدد اجابية هذه القيم هو حجم االنفاق الذي ال بد‬
‫أن يكون ملموسا لكل فرد من افراد المجتمع فإذا كان حجم االنفاق ضعيفا و ال يشعر به‬
‫االفراد تصبح قيم االفراد و معاييرهم سلبية اتجاه الدولة ‪ ،‬فيصبح سلوك التهرب من‬
‫‪9 ،‬الضرائب أمرا طبيعيا بالنسبة إليهم‬

‫فالمساهمة في دفع الضريبة يصبح مطلبا اجتماعيا و وطنيا لكن واقع الحال عكس ذالك ‪،‬‬
‫فبالنسبة لعدد كبير من المواطنين يعتبر الوعي الجبائي أقل قيمة من الوعي االخالقي و‬
‫لهذا فسرقة االدارة الجبائية بالنسبة إليهم ال تعد سرقة ‪ ،‬فالواجب الجبائي ال يصبح له معنى‬
‫في عقلية الملزم الذي يتزايد إليه االقتناع بأنه خاضع لنوع من االستغالل بواسطة الضريبة‬
‫كما هو الشأن في مجاالت أخرى و قد يعتبر نفسه عندما يتهرب من هذه الضريبة أنه في‬
‫‪ .‬حالة الدفاع المشروع عن النفس ‪ ،‬فال يثير لديه احساس بانتهاك القانون‬

‫ثالثا‪ .‬االسباب االدارية و التشريعية للتهرب الضريبي‪.‬‬

‫‪-1‬االسباب المتعلقة بالجهاز االداري‬

‫نجد تعقد االجراءات حيث ان تعقيد النظام الضريبي من العوامل التقنية التي تدفع الملزم الى‬
‫التهرب خاصة مع وجود ادارة ضريبية ضعيفة كما وكيفا في االجراءات الروتينية الكثيرة‬
‫التعقيد عادة ما تبعت روح الكراهية للضريبة وكثرة االجراءات االدارية هو ما يفسر‬
‫ضعف التواصل بين االدارة الجبائية و الملزمين‪.‬‬

‫هوال صعوبات تحديد الوعاء حيث ان الصعوبات التي تواجهها المصالح الضريبية في‬
‫تقديري بعض اوعية الضرائب هي ما يشجع على التهرب حيث عن اساليب تحديد وعاء‬
‫الضريبة هي من الداخل اذ ان مصلحة الوعاء تقوم في ان واحد بتدبير الضريبة و مراقبتها‬
‫مما يؤدي في حالة المنازعات الي ان تكون المصلحة التي قامت بتاسيس الضريبة هي‬
‫التي تحقق في فعال في هذه المنازعة ‪.‬كما ان التقدير الجزافي المطلق في بعض االقتطاعات‬

‫‪9‬‬
‫د‪ .‬كمال مرصالي ‪ ،‬الوجيز في القانون الضريبي ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪11‬‬
‫يسجل عملية التهرب وهذه الطريقة نفسها تطبق عشوائية‪ .‬في غالب االحيان حيث تتضرر‬
‫منها المصالح الملزمة بالضريبة ‪.‬‬

‫‪-2‬تعقد إجراءات التحصيل‬

‫ان االساليب المستعملة في التحصيل تساعد بشكل كبير في تحفيز المكلف على دفع‬
‫الضريبهة‪.‬او التهرب منها ويكون اسلوب التحصيل عامال يتهرب المكلفين من الضرائب‬
‫عندما تكون اجراءات التحصيل معقدة ومتعسفة‪ .‬كما يميل الملزمين من التهرب من‬
‫الضرائب اذا ما فرضت عليهم الضرائب بصورة عشوائية دون مراعاة الحالة المالية لهم‪.‬‬

‫حيث غالبا ما ترتكب في حقهم اخطاء حسابية مما تفقد ثقة الملزمين في كفاءة االدارة‬
‫‪10‬‬
‫الضريبية‪.‬‬

‫‪-3‬ضعف كفاءة الجهاز االداري ضعف التاطير و التكوين حيث يعتبر مسالة التدريب‬
‫والتكوين غاية االهمية بالنظر الى انهم يدخلون في صلب اي سياسة اصالحية تروم تحقيق‬
‫احسن صور التدبير االداري حيث ان العنصر البشري يعتبر المحدد االساسي للرفع من‬
‫مستوى انتاجية االدارة الجبائية‪ .‬سواء من حيث الخدمات او الجانب المادي الصرف ‪.‬هذا‬
‫وينقسم التكوين الذي يستفيد منه موظفي االدارة الضريبية الى قسمين اوال تكوين اولى‬
‫واخر مستمر الكفيلة لمنع التهرب الضريبي ‪ .‬ثانيا هناك بعض امراض الجهاز االداري‬
‫منها هيمنة البيروقراطية التي تعبر عن ضخامة التنظيم االداري الذي يؤدي الى عرقلة‬
‫االدارة و يحد من سيرها العادي و الوظيفي‪ .‬وتدخل االداري من الجوانب السلبية التي من‬
‫شانها ان تساهم في تاجيج ازمة النظام التواصلي داخل االدارة الضريبية حيث ان تعدد‬
‫هيكلتها يؤدي الى صعوبة التنسيق و االتصال بين مختلف مكوناتها‪ .‬ثم سوء التدبير نتيجة‬
‫انتشار مظاهر الفساد االداري ومن اهمها الرشوة حيث يقول االستاذ اكرم زيدان ان كل‬
‫المرتشين في طفولتهم ادركوا ادراكا خاطئا ان المال هو كل شيء‪ .‬و عندما نضجت‬
‫شخصيتهم امنوا بذلك ‪.‬والرشوة بذلك سلوك ال اخالقي و جريمة يعاقب عليها القانون‪.‬و‬
‫عائق امام فعالية الجهاز االداري وتؤدي الى اضرار اقتصادية وخيمة وتعرقل توسيع‬
‫الوعاء الجبائي ‪.‬ثم االختالس وهو الحصول على اموال الدولة و الجماعات و المؤسسات‬
‫العمومية و التصرف بها من غير وجه حق‪ .‬و بشكل سري وتتجسد في االستيالء على‬
‫االموال التي تكون بعهدة الموظف العام او عندما يقوم الموظف بتحصيل اموال غير‬
‫مستحقة على جباية او رسوم ‪.‬ثم التزوير وهو تغيير حقيقة في محرر رسمي بقصد الغش‬
‫باحدى الطرق التي منعها القانون ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪.‬حسين البر ‪ ،‬التهرب الضريبي بالمغرب ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪12‬‬
‫رابعا ‪:‬االسباب التشريعية‬

‫تعقيدات القوانين الضريبية وعدم استقرارها ‪.‬حيث اثبتت التجارب ان المسالة استقرار‬
‫القوانين دور كبير في تقبلها ‪.‬وهذا ما يجعل الضرائب القديمة تلقى قبوال من لدن الملزمين‬
‫نظرا لتعود عليها اكثر من تحملهم الضريبة الجديدة‪ .‬حيث غالبا ما تثير احداث ضرائب‬
‫جديدة صعوبات ال حصر لها للملزم المغربي ‪.‬الذي يقابلها باالحتجاج عادة‪.‬على عكس‬
‫نظيرهةفي البلدان االنجلوسكسونية المعروفة ببساطة واستقرار انظمتها الضريبية‪.‬‬

‫*ثم ضعف فعالية الجزاءات القانونية فيما يتعلق بتشخيص الجزاءات في القانون الضريبي‬
‫نجد الجزاءات االدارية او الغرامات المالية‪ .‬حيث ان من اهم اسباب فرض الغرامات في‬
‫مرحلة تحديد وعاء الضريبة‪ .‬نجد عدم االقرار الضريبي او خارج االجل في العقود‬
‫واالتفاقات وعدم تقديم الملزم بالضريبة الوثائق المحاسبية‪ .‬كما ان المشرع افرد لكل مخالفة‬
‫غرامة مالية خاصة بها مثل الجزاء المترتب عن مخالفه االحكام المتعلقه باالقرار في حالة‬
‫تغيير مكان فرض الضريبة يتعرض الملزم غرامه قدرها‪ 500‬درهم‪.11‬‬

‫‪.‬‬

‫تم الجزاءات الجنائية‪.12‬تم اقرارها لمواجهة االفعال المخالفة للقانون قصد التملص من‬
‫الواجب الضريبي وتنص المادة ‪ 192‬من المدونة العامة للضرائب على خمسة افعال وهي‬
‫تقديم فاتورة سورية او تقديم محاسبة مزيفة او بدون فواتير او اخطاء وثائق المحاسبة‬
‫المطلوبة قانون او اختالس اصول الشركة او الزيادة فيها بصورة تدليسية ‪.‬‬

‫باالضافه الى جزاءات اخرى المترتبة عن االداء المتاخر للضريبة حيث تطبق دعيرة‬
‫نسبتها ‪ 10‬في المئة و زيادة قدرها ‪ 5‬في المئة عن الشهر االول من التاخير باالضافة الى‬
‫جزاءات االستثنائية بالتحصيل الجبري كاالنذار او الحجز او البيع او االكراه البدني‪.‬‬
‫وبالتالي تبقى هذه العقوبات ضعيفة بالمقارنة مع ما يجري به العمل في نطاق القانون‬
‫المقارن المتمثلة في الغرامات وفي الحد االقصى ‪ 50‬الف درهم‪.‬اما العقوبات السالبة‬
‫للحرية فال تطبق اال في حالة العود بمضي خمس سنوات‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪.‬المادة ‪ 189‬من المدونة العامة للضرائب ‪ .‬الطبعة ‪2011‬‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬مواد من المدونة العامة للضرائب ‪ .‬الطبعة ‪2011‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التهرب الضريبي على المنظومة الضريبية‬
‫يشكل التهرب الضريبي عائقا ً يحول دون تحقيق أهداف الضريبة والمتمثلة أساسا ً في‬
‫األهداف المالية واالقتصادية واالجتماعية ألنه يقلل من الموارد المالية للدولة‪ ،‬ويحد من‬
‫إمكانياتها للتدخل في المجال االقتصادي لزيادة الدخل القومي وتوجيهه األمر الذي يترتب‬
‫عنه نتائج تمس الخزينة والمكلفين أو المواطنين في آن واحد بل والمجتمع برمته‪.‬‬

‫هذا المبحث مقسم إلى مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلثار المالية واالجتماعية واالقتصادية للتهرب الضريبي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار التهرب الضريبي على المنظومة الضريبية‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلثار المالية واالجتماعية واالقتصادية للتهرب الضريبي‬


‫هذا المطلب سنقسمه إلى ثالث فقرات‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اآلثار المالية‬

‫كما سبقت اإلشارة فإن التهرب الضريبي يحرم خزينة الدولة من جزء مهم من‬
‫الموارد المالية مما يترتب عنه عدم قيام الدولة باإلنفاق العام على الوجه األكمل‪، 13‬‬
‫وبالتالي تصبح عاجزة عن أداء واجباتها األساسية اتجاه مواطنيها‪ ،‬وفي ظل عجز الميزانية‬
‫تضطر الدولة إلى اللجوء إلى وسائل أخرى كاإلصدار النقدي أو اللجوء إلى االقتراض‪.‬‬

‫ويمكن إجمال اآلثار المالية للتهرب الضريبي في‪:‬‬

‫‪ -1‬تكريس عجز الميزانية‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫اشكالية التهرب الضريبي في المغرب دراسة قانونية ‪ ،‬محمد مكو ‪ ،‬اشراف حميد النهري ‪ ،‬السنة الجامعية ‪2008-2007‬‬

‫‪14‬‬
‫تعتبر الضرائب في المغرب المورد الرئيسي للميزانية العامة كما تطغى الضرائب‬
‫غير المباشرة على المداخيل الجنائية‪ ،‬إال أنه ورغم أهمية الضرائب غير المباشرة في‬
‫تمويل الميزانية خاصة الضريبة على القيمة المضافة ‪ TVA‬فإن مردوديتها ما تزال محدودة‬
‫بسبب ما يشوب مجالها من غش عن طريق اإلخالل بنظام الفواتير والتحايل في استرجاع‬
‫مبالغ منها‪ .‬كما نجد إشكالية‪.‬‬

‫‪ -2‬ارتفاع حجم المديونية الخارجية‪:‬‬

‫يعد المغرب من بين الدول التي تشهد تضخما ً فيما يخص المديونية التي تعاني من‬
‫نتائج تسديدها على الصعيد الداخلي‪ ،‬فدائما ً تقارير بنك المغرب تؤكد على حاجة الخزينة‬
‫إلى التمويل‪.14‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اآلثار االقتصادية‬

‫إن االزدهار االقتصادي مرهون بتكافؤ الفرص وتعادل االلتزامات والحقوق بالنسبة‬
‫للفاعلين االقتصاديين‪ .‬لكن التهرب الضريبي هو عامل معرقل لكل تخطيط اقتصادي يصبو‬
‫إلى االلتحاق بالركب الحضاري للدول المتقدمة نتيجة اإلخالل بقواعد المنافسة المشروعة‪.‬‬

‫هناك العديد من آثار التهرب الضريبي منها‪:‬‬

‫آثار التهرب الضريبي على المشاريع التنموية‪:‬‬

‫لقد تمت اإلشارة سابقا أن الضريبة مورد من موارد المالية العمومية وبالتالي‬
‫التهرب الضريبي يؤدي إلى إنقاص الموارد العمومية مما يدفع الحكومات إال في البلدان‬
‫النامية مثل المغرب إلى اتباع سياسة تقشفية‪ ،‬تقوم على تقليص حجم النفقات‪ ،‬وهو ما يؤثر‬
‫على سلبا على الحاجيات األساسية للبالد كالتنمية االقتصادية مثال‪.‬‬

‫ويعتبر االستمرار في تنفيذ مشاريع التنمية التي تحظى باألولوية من بين التحديات‬
‫التي تواجه الدولة المغربية خصوصا ً وأنها انخرطت في تنفيذ مجموعة من االتفاقيات‬
‫الدولية التي تتعلق برفع وثيرة التبادل الحر مع مختلف الدول‪ ،‬كاتفاقية الشراكة الموقعة مع‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من سنة ‪ 2000‬والمتعلقة بإنشاء مناطق‬
‫للتبادل الحر في كل من المغرب ودول السوق األوروبية المشتركة‪.15‬‬

‫وهذه االتفاقيات تستوجب حتما ً تنفيذ بعض المشاريع التي تفرض نفسها بكل إلحاح‬
‫‪14‬‬
‫رسالة التجانس الضريبي كآلية لتفعيل التكامل االقتصادي دراسة حالة بلدان المغرب العربي ‪ ،‬العاقر جمال الدين ‪ ،‬اشراف د‪.‬شمام عبد الوهاب‬
‫السنة ‪2009‬‬
‫‪15‬‬
‫اشكالية التهرب الضريبي في المغرب دراسة قانونية ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪15‬‬
‫كتزويد العالم القروي بالكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬تنمية المنطقة الشمالية والعديد من‬
‫المشاريع التنموية التي تستوجب مجهودات مالية كبيرة لتطوير البنيات التحتية تقتضي‬
‫تضافر جهود مختلف الفعاليات االقتصادية واالجتماعية والسياسية في المجتمع حتى يسهم‬
‫كل من موقعه في وضع سياسة تنموية تستند في توجهاتها المستقبلية إلى أسس علمية‬
‫وعملية وهذا لن يتأتى إال بالتزام يدف الضرائب‪.‬‬

‫كما يؤثر التهرب الضريبي على السياسة التوجهية لالقتصاد‪.‬‬

‫اآلثار االجتماعية‪:‬‬
‫الشك أن التهرب الضريبي بالمغرب شكل وال يزال أحد أهم العوامل التي تؤثر سلبا ً‬
‫على المواطن من خالل حرمان الخزينة من أموال ما كانت لتفقدها لوال حدوث هذا‬
‫التهرب‪ .‬وهذا الفقد من شأنه إضعاف الميزانية العامة مما قد يقود إلى إضعاف قدرة الدولة‬
‫على تمويل نفقاتها العامة الالزمة لتسيير المرافق والخدمات التي تعود بالنفع على المجتمع‪،‬‬
‫كما تتجلى اآلثار االجتماعية للتهرب الضريبي من خالل المس بمبدأ العدالة االجتماعية‬
‫وهو أحد األهداف الرئيسية للضريبة لما لهذا المبدأ من دور فعال في إزالة التفاوت الطبقي‬
‫بين فئات المجتمع أو على األقل تقليل الفجوة بينها من خالل إعادة توزيع الدخل القومي‪.‬‬

‫لكن التهرب الضريبي يقود إلى إحباط أهداف الهدف االجتماعي للضريبة‪ :‬ألنه يزيد‬
‫الهوة بين طبقات المجتمع باعتباره يحرض الدولة بدافع اإلبقاء على الحد المطلوب من‬
‫الحصيلة الضريبية لتمويل اإلنفاق العام على عدم مراعاة العدالة الضريبية في فرض‬
‫الضرائب‪ ،‬فيتحمل المكلفون غير القادرين على التهرب وهم عادة أصحاب الدخول‬
‫المنخفضة والمحدودة العبء األقل مما يباعد المسافة بين الطبقات‪ ،‬ويمس باالستقرار‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫كما أن التهرب الضريبي يهدر القيم األخالقية‪ ،‬ويضعف روح االنتماء والتضامن‬
‫االجتماعي القومي لدى المكلفين الشرفاء‪ ،‬وينمي فيهم روح األنانية وذلك إلحساسهم بعدم‬
‫المساواة من جهة واستنكارهم لخضوعهم وحدهم للعبء الضريبي وإفالت اآلخرين منه‪،‬‬
‫مما يولد لديهم شعور اإلزدراء نحو القانون‪ .‬كما ينص الفصل ‪ 39‬من دستور ‪.2011‬‬

‫كما تظهر التأثيرات االجتماعية للتهرب الضريبي من خالل تعدد الضرائب غير‬
‫المباشرة التي تطال الفقير والغني على السواء وبذلك فإن الجزء األكبر من الضغط الجبائي‬
‫يتحمله الملزمون الصغار والمتوسطون والذين تتشكل منهم فئة كبيرة من المأجورين مما‬
‫يجعل االتجاه يسير نحو رفع أسعار الضرائب غير المباشرة مادام الملزم يجهل المبلغ الذي‬

‫‪16‬‬
‫يدفعه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار التهرب الضريبي على المنظومة الضريبية‬


‫يعرف النظام الضريبي بالمغرب العديد من االختالالت تمس بمبدأ مهم في المجال‬
‫الضريبي أال وهو مبدأ العدالة الجبائية بحيث يالحظ أن اقتصادات الدول النامية ومنها‬
‫المغرب تعتمد على سياسة اإلعفاءات في التشريع الضريبي من أجل تشجيع اقتصادها‪.16‬‬

‫وفي إطار الحديث عن إعفاءات البد من طرح مفهوم النفقات الجبائية‪ ،‬وهي آلية‬
‫توظفها السلطات العمومية لمنح مجموعة من االمتيازات لفائدة األفراد أو الشركات بغية‬
‫تحقيق بعض الغايات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وتتخذ عدة أشكال كاإلعفاءات الجزئية‬
‫والكلية أو التخفيضات أو الخصوم أو اإلسقاطات من القاعدة الضريبية أو األسعار‬
‫التفضيلية‪ .‬وألنها تقلص من حجم المداخيل المفترض جبايتها فهي بمثابة نفقة عمومية من‬
‫نوع خاص‪ ،‬وهي في األصل تتوخى تحقيق بعض األهداف المتصلة بالمصلحة العامة‪،‬‬
‫كدعم االستثمار أو تقوية نشاط اقتصادي محدد أو تشجيع المبادرة الحرة ‪ ...‬فإن ضعف‬
‫عقلنة هذه اآللية‪ ،‬قد يؤدي إلى تحول وظيفتها من خدمة المصلحة العامة إلى خدمة المصالح‬
‫الخاصة لألفراد والجماعات‪ ،‬خاصة تلك التي تمتلك وسائل التأثير في اتجاه حماية مصالحها‬
‫الفئوية‪.‬‬

‫وباإلطالع على التكلفة المالية للنفقات الجبائية خالل القوانين المالية السنوية األخيرة‬
‫نجدها ال تنزل في جميع الحاالت على سقف ‪ 31‬مليار درهم‪ ،‬في ظل أزمة تعرفها‬
‫الميزانية العامة بسبب األوضاع االقتصادية واالجتماعية الوطنية والدولية التي فاقمت من‬
‫حدة الدين العمومي‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى التقارير الصادرة عن وزارة االقتصاد والمالية الخاصة بالنفقات‬


‫الجبائية ويتعلق األمر بالتقرير المرفق بمشروع قانون مالية ‪ 2017‬نجد أن هذه االمتيازات‬
‫تستفيد منها بالدرجة األولى الضريبة على القيمة المضافة بما يزيد عن ‪ 15‬مليار درهم‬
‫بالنسبة لقانون مالية ‪ .2016‬وتبقى المقاوالت هي األكثر استفادة بما يقارب ‪ 17‬مليار‬
‫درهم بالنسبة لقانون مالية ‪ 2016‬نسبة ‪ ،%52‬كما نجد األنشطة العقارية تحتل الصدارة‬
‫من حيث قيمة االمتيازات الجبائية التي تستفيد منها باعتبارها قطاع إنتاجي بنسبة تفوق ‪7,5‬‬
‫‪16‬‬
‫رسالة التجانس الضريبي كآلية لتفعيل التكامل االقتصادي دراسة حالة بلدان المغرب العربي ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪17‬‬
‫مليار درهم متبوع بقطاع الفالحة والصيد البحري بمبلغ يزيد عن ‪ 3‬ماليير درهم‪.‬‬

‫فهو يحبط أي خطة في اتجاه التنمية فيضطرها إلى تغيير مسارها ما يؤدي إلى‬
‫اختالل السياسة التوجيهية لالقتصاد‪ ،‬حيث تعمد الدولة إلى الزيادة في أسعار الضرائب أو‬
‫تفرض ضرائب جديدة تعويضا عن النقص الحاصل في خزينتها وهي ضرائب تنزل بثقلها‬
‫على الملزم ذو الدخل الثابت أو المحدد‪.‬‬

‫كما يؤدي انتشار التهرب الضريبي وشيوعه في نوع معين من األنشطة االقتصادية‬
‫إلى اجتذاب األفراد وأموالهم إلى حيث تتوافر فرص التخلص من الضريبة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تنخفض نفقة اإلنتاج في هذا النشاط بمقدار الضريبة‪ ،‬أو تمثل زيادة في اإليراد مما يشكل‬
‫ميزة لالستثمار فيه‪ ،‬وقد ال يكون ذلك النشاط مفيداً بالنسبة للمجتمع‪ ،‬أو ال تسعى الدولة إلى‬
‫تشجيعه‪ ،‬ومع ذلك يلقى إقباالً لما يتميز به من إمكانية التهرب والتخلص من الضريبة في‬
‫مجاله‪.‬‬

‫كما أن التهرب الضريبي يفسد شروط ممارسة المنافسة الحرة بين مختلف الشركات‪،‬‬
‫ذلك أن الشركة المتهربة باستحواذها على األموال العامة بطرق غير مشروعة تستطيع‬
‫حينئذ أن تخفض من تكلفة منتجاتها على األموال العامة بطرق غير شرعية تستطيع حينئذ‬
‫أن تخفض من تكلفة منتجاتها بنسب متفاوتة بالشكل الذي تصبح معه أسعارها رخيصة‬
‫بالمقارنة مع أسعار السوق‪ ،‬وهذا االمتياز يجعلها في مركز قوة أمام الشركات المنافسة لها‬
‫والتي تقوم بأداء الضرائب المستحقة لفائدة الخزينة العامة بحيث تنجح الشركات المتهربة‬
‫في احتكار السوق لصالحها‪.‬‬

‫كما أن تعدد اإلعفاءات الضريبية على قطاعات معينة تؤدي إلى ارتفاع الضغط‬
‫الضريبي على فئات أخرى من الملزمين وهو ما يشكل حافزا على اللجوء إلى التهرب‬
‫الضريبي‪.‬‬

‫❖ سبل الحد من ظاهرة التهرب الضريبي‬


‫مهما كانت حجية الدوافع التي تؤدي إلى تملص الملزمين من دفع الضريبة‪ ،‬فإن‬
‫التهرب الضريبي يبقى في آخر المطاف آفة تمس بشرعية توزيع عبء الضريبة بين‬
‫الملزمين وتضر بالتالي بمردودية النظام الضريبي وفعاليته مما يستوجب محاربة‬
‫التهرب‪.‬‬
‫وتتعدد وسائل مكافحته‪ ،‬والتي يجب توظيفها في إطار إستراتيجية دقيقة ومضبوطة من‬
‫خالل عقلنة التدبير الضريبي‪ .‬ونشر الوعي الضريبي للمواطن‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إن مقاومة التهرب الضريبي تبدأ أوال من التدبير القانوني للضريبة‪ ،‬يؤسس لفاعلية النظام‬
‫الجبائي وقوته‪ ،‬ويحض المنظومة الضريبية ضد كل اختراق سواء من لدن هواة التهرب‬
‫الضريبي أو محترفيه‪.‬‬
‫أوال‪ :‬عصرنة تدبير التشريع الضريبي‬
‫إن إستراتيجية تدبير التشريع الضريبي تقوم على مقاربات جديدة قد تساعد على مكافحة‬
‫التهرب الضريبي ومنها أن نقطة البدء في سياسة مقاومة التهرب الضريبي يجب أن تكون‬
‫بإصالح النظام الجبائي[‪ ،]1‬لتجاوز ثغراته‪ ،‬والعمل على تحديثه لجعله أداة رئيسية في‬
‫عملية إنجاح السياسة االقتصادية ‪ ،‬واإلصالح الجبائي يبدأ من‪:‬‬
‫ثانيا تبسيط وتحسين صياغة القوانين الضريبية‬
‫إن غموض التشريع الضريبي وتعقيده األحكام الجبائية وتعددها‪ ،‬إلى جانب غلبة‬
‫المصطلحات التقنية القليلة التداول وغير الواضحة الداللة والمعنى نظرا لسوء ترجمتها من‬
‫الفرنسية الى العربية ال يخدم مبدا العدالة‪.‬‬
‫كما أنه على اإلدارة الجبائية أن تتجنب التقليد العشوائي للنصوص المستوردة من بعض‬
‫الدول[‪ ]2‬وأن توفق بين القوانين والمنظومة االجتماعية التي سوف يتم تنفيذ هذه القوانين‬
‫داخلها‪ ،‬وهكذا فالخبراء الذين يضعون قوانين الدول التي يتم منها استيراد القوانين ال‬
‫يعملون شيئا بالواقع االقتصادي واالجتماعي الذي تكون الدولة التي أخذت تلك القوانين‬
‫بشكل عشوائي‪ ،‬كما على الدول النامية قبل أن تطلب أي قانون يجب عليها أن تخلق أرضية‬
‫مالئمة الستيعابه‪ ،‬بدل تقليد القوانين الضريبية الغربية الجاهزة‪ ،‬والمغرب خير مثال على‬
‫هذه الدول فمنذ االستقالل وهو يستورد القوانين الفرنسية بإيجابياتها وسلبياتها ومن دون‬
‫مراعاة للواقع االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يقول األستاذ مصطفى الكثيري[‪ ” :]3‬يدخل النظام الضريبي المغربي في‬
‫إطار األنظمة الضريبية للبلدان السائرة في طريق التنمية مع متغيرات وطنية خاصة يقتبس‬
‫صفاته وتقنياته بكيفية واسعة من نماذج البلدان المصنعة‪ ،‬وعيب هذه النماذج عدم مطابقتها‬
‫لوضعية ومستوى تنمية البالد وقد تأثر هذا النظام بكيفية كبيرة بتقنيات وتقاليد مستعارة من‬
‫الدول المتقدمة‪.‬‬
‫ولم تتكيف هذه التقنيات واألعراف إال نادرا مع المؤسسات الوطنية واألسبقيات المعطاة‬
‫لألهداف االقتصادية التي حددتها البلدان لتنميتها وهذا التقليد لنماذج اقتصاد متقدم مطبقة‬
‫على اقتصاد متخلف لذا يتميز هذا النظام الضريبي نظرا لتنوعه وتشعبه ومسلسل تطوره‬
‫بعدد من مواطن الضعف التي قد ال تتمكن من حصرها… “‪.‬‬
‫هذا التعقيد والغموض وغياب الوضوح في القانون الضريبي يتعين تداركه‪ ،‬والعمل على‬
‫تيسيره‪ ،‬ليكتسب اإلصالح الضريبي مصداقية علمية وفعالية في أوساط الهيآت اإلدارية‬
‫الساهرة على تنفيذ القوانين الضريبية‪ ،‬وبين الملزمين الذين يرون في التعقيد الضريبي‬

‫‪19‬‬
‫حيف وظلما جبائيا‪ ،‬يدفعهم إلى الشعور بأن التهرب الضريبي هو اآللية الدفاعية المشروعة‬
‫في مواجهة ضريبة غير عادلة في صياغة قوانينها وتحديدا حكامها وتطبق جزاءاتها‪.‬‬
‫فإذا كانت النظم القانونية قد أصبحت بالغة التنظيم والدقة أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬فإن‬
‫االهتمام حاليا ينبغي أن ينصب على ضرورة تدعيم التبسيط على مستوى صياغة النص‬
‫القانوني لجعله أكثر إيجازا وأشمل دقة‪ ،‬وأقوى ضبطا‪.‬‬
‫إن السوسيولوجيا الضريبية الزالت لم تأخذ حظها األوفر في الدول النامية‪ ،‬إذ أن اختيار‬
‫الصورة الفنية للضريبة وصياغة تفصيالتها التشريعية يتحدد على ضوء الهدف من فرضها‬
‫ومالئمة أسلوب تحقيقه إليديولوجية المجتمع وموافقة ألوضاعه‪.‬‬
‫كما أن عدم وجود مؤسسات دائمة كما هو الشأن في فرنسا تساعد على خلق القاعدة‬
‫الضريبية‪ ،‬كالمجلس االقتصادي واالجتماعي والغرف البرلمانية الدراسية التي تسهر في‬
‫عالقات دائمة مع ممثلي التنظيمات السوسيومهنية للمكلفين من أجل اقتراح كل التعديالت‬
‫الضريبة والتي تهم هذه الشرائح‪.‬‬
‫مع أن المغرب بدوره توجد فيه الكونفدرالية العامة للمقاولين المغاربة تتوفر على لجنة‬
‫خاصة بالشؤون القانونية والجبائية والتي تقوم بإعداد الدراسات المتعلقة باإلجراءات‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬وبالتالي إعداد االقتراحات الرامية إلى تخفيف العبء الضريبي أو‬
‫الوساطة فيما يتعلق بالتصالح بين الملزم وإدارة الضرائب عند سوء تفاهم ما‪ ،‬غير أن هذه‬
‫الكونفدرالية ال تخوض فيما يتعلق بالتشريع الضريبي‪.‬‬
‫ثالثا تيسير اإلجراءات الضريبية‬
‫يؤسس النظام الضريبي اإليجابي على المبدأ الذي مفاده تحصيل األموال الخاصة بالطريقة‬
‫األكثر فعالية واألكثر عدالة ممكنة‪ ،‬مع الحفاظ على استمرارية الصورة الشرعية في عيون‬
‫األشخاص المكلفين‪ ،‬الناخبين والرأي العام” غير أن الصورة الشرعية ال يجب أن تنحصر‬
‫في المضمون القانوني الصرف والبحث على مستوى النص القانوني المجرد فقط‪.‬‬
‫وإنما الشرعية يجب أن تصاحب الفعل الضريبي من وضع النص الضريبي كقانون إلى‬
‫انتهاء الفعل الضريبي في شكله المالي بخزينة الدولة وان تكون هذه المسافة التي يقطعها‬
‫الفعل الضريبي ميسرة بإجراءات بسيطة وخفيفة‪ ،‬وهي الشرعية التي يجب أن يقتنع ويمتد‬
‫بها الملزمون والتي لن تتحقق عندهم إال بإدراكهم اليقيني للعملية الضريبية في تحدي‬
‫وعائها وكيفية تحصيلها وال يمكن أن يدركوا لهذه العملية إال تبسيط أجرأتها‪.‬‬
‫كما أن كثرة الوثائق المتعلقة باإلقرارات التي يتعين ملؤها تجعل الملزمين من يشعرون‬
‫بنفور وتعب في ملئها‪ ،‬فكل ضريبة إال وتجدها تحتوي على بيانات كثيرة ومعقدة وتكون‬
‫نتيجة ذلك تشجيع الملزمين على التهرب الضريبي نتيجة كثرة التعقيدات‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك ارتباط هذه المسألة مع شريحة واسعة من الملزمين بالضريبة الذين يعانون‬
‫من األمية بحيث ال يعرفون محتوى هذه اإلقرارات بل حتى إذا ما تم ملؤها نجدها في بعض‬
‫األحيان خاطئة مما ينتج عنه إعادة مأل المطبوع عدة مرات‪ ،‬فأحيانا قد يتم ملئ هذه‬

‫‪20‬‬
‫اإلقرارات بحسن نية إال أن هذه الشكليات المعقدة تجعله في حالة نفور‪ ،‬وأحيانا قد يتم أخذ‬
‫هذه اإلقرارات إلى شخص آخر لمألها مثل الخبراء المحاسبين والمحامين وذوي الخبرة‬
‫وبذلك يجب على اإلدارة الجبائية أن تقوم بتبسيط اإلجراءات الخاصة بملء المطبوعات واإلقرارات‬
‫الضريبية‪ ،‬حتى تتمكن من توفير الوقت للملزمين وتجنبهم النفور من ملء اإلقرارات الذي يؤدي في‬
‫بعض الحاالت إلى ممارسة التهرب الضريبي نتيجة تعقيد المساطر واإلجراءات‪.‬‬
‫إن التدبير العلمي ” المنجمانتي ” يقوم في أساسه على تبسيط اإلجراءات والمساطر واألحكام حتى يدرك‬
‫الملزم أن الفعل الضريبي يتم حسب ما يرسمه القانون‪ ،‬وحدده بكل شفافية‪ ،‬وال مجال للغبن أو الحيف‬
‫من لدن إدارة الضرائب‪.‬‬
‫ويتجلى أهم تبسيط لإلجراءات في ضرورة تعميم نشر القوانين والمذكرات التفسيرية الصادرة عن إدارة‬
‫الضرائب وكل التوجيهات واإلرشادات قصد تحسين مستوى أداء الخدمات‪ ،‬بهدف دعم ثقة الملزمين‬
‫وكسبها‪ ،‬وذلك لجعل الملزم مدركا للفعل الضريبي من خالل فهمه للعقل القانوني الضريبي لتتكرس‬
‫شفافية المنظومة الضريبية لديه‪ ،‬مما سيعزز وفاءه الضريبي‬

‫‪ :‬قائمة المراجع*‬

‫د‪.‬كمال مرصالي‪ ،‬الوجيز في القانون الضريبي المغربي‪ ،‬الطبعة‪ ،‬الثانية ‪*- 2014‬‬

‫‪.‬سوزي عدلي ناشد‪.‬ظاهرة التهرب الضريبي واثارها على اقتصاديات الدول النامية ‪*-‬‬

‫‪*- voir.j.neuer.frade fiscale internationale.et repression . paris p‬‬


‫‪u f 1986‬‬

‫د‪.‬حسين البر ‪ ،‬التهرب الضريبي بالمغرب ط ‪*- 2013‬‬

‫عبدالسالم اديب ‪ .‬االصالح الجبائي و التنمية في المغرب‪*- 1994 .‬‬

‫اكرم زيدان‪.‬سيكولجية المال‪.‬سوس الثراء و امراض الثروة‪*- 2008.‬‬

‫المدونة العامة للضرائب ‪ .‬الطبعة ‪*- 2011‬‬

‫اشكالية التهرب الضريبي في المغرب دراسة قانونية ‪ ،‬محمد مكو ‪ ،‬اشراف حميد ‪*-‬‬
‫النهري ‪ ،‬السنة الجامعية ‪2008-2007‬‬

‫رسالة التجانس الضريبي كآلية لتفعيل التكامل االقتصادي دراسة حالة بلدان المغرب ‪*-‬‬
‫العربي ‪ ،‬العاقر جمال الدين ‪ ،‬اشراف د‪.‬شمام عبد الوهاب السنة ‪2009‬‬
‫قانون المالية لسنة ‪*-2017‬‬

‫قانون المالية لسنة ‪*-2016‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ .‬الوجيز في المالية العامة و التشريع الضريبي رمضان صديق‪*-‬‬

‫‪22‬‬

You might also like