Professional Documents
Culture Documents
بدعة المولد- منسق
بدعة المولد- منسق
1
احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله ،وصحبه ،وبعد:
فهذا رد على كالم نشره حممد بن عبد الواحد ،حياول فيه جعل املولد موافقا
ملذهب احلنابلة بطرق إبليسية ،هداه هللا وأصلحه.
1
ــــــــــــــــــــــــ
2
أما القول أبن ذلك بدعة يف غري اجلمعة والعيدين؛ فنعم هو بدعة وليس فيه
نص عن أمحد أصال ونلتزم بذلك وال إشكال ،وأما أنه هذا فهم حمقق من ابن
النجار ،والبهويت ،وغريه بل عكسه؛ دليل ذلك:
الوجه األول:
*أن اإلمام أمحد قال بسنية خمالفة الطريق يف يوم اجلمعة؛ ملا أخرجه
البخاري أن النيب ﷺ إذا كان يوم عيد خالف الطريق ،ورجح اإلمام أمحد أنه
عن أيب هريرة ،وقد ثبت من حديث أيب هريرة موقوفا كما رجحه الدارقطين أن
اجلمعة عيد فال جتعلوا يوم اجلمعة صياما ،وثبت كذلك عن عثمان رضي هللا
عنه يف صحيح البخاري أنه قال .... :اي أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع
لكم فيه عيدان .فسمى اجلمعة عيدا= فدخل يوم اجلمعة يف عموم قوله إذا كان
يوم عيد خالف الطريق.
*فهذا استدالل ابلعموم وليس ابلقياس أصال ،فلم يقس أمحد يف هذه
2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
3
املسألة بل أخذ بعموم النص ،فتومهوا أنه قاس ،فذهبوا للبحث عن العلل وهذا
غلط ،ونبه على مثل هذه األغالط عند أصحاب املذاهب البيهقي يف كذا
موطن وكذا أبو شامة الشافعي(665ت) رمحه هللا يف مقدمة كتابه "الفقه
اجلامع بني العلم واألثر واملطبوع ابسم " املؤمل للرد إىل األمر األول" ص 116
فقال :مث إن املتصفني من أصحابنا ابلصفات املتقدمة من االتكال على
نصوص إمامهم ،معتمدون عليها اعتماد األئمة قبلهم على األصلني الكتاب
والسنة ،قد وقع يف مصنفاهتم خلل كثري ...انتهى .أقول :وقد نبه يف ابقي
كالمه على خللهم يف االستدالل لقول ذلك اإلمام فراجعه فهو كالم حمرر،
وهذا أحد أنواع اخللل فتومهوا أن اإلمام أمحد قاله قياساً ،فذهبوا الستخراج
العلل فلزمهم من ذلك طردها ،وهذا غلط قال يف قواعد األصول ومعاقد
الفصول :190فإن نص يف مسألة على حكم ،وعلله :فمذهبه يف كل ما
وجدت فيه تلك العلة كذلك فإن مل يعلل :مل خيرج إىل ما أشبهها.
أقول :وكذلك هنا يف مسألتنا هذه ،فاإلمام أمحد رمحه هللا مل يعلل هلا ،ومل
يقس كما تقدم فبطل قوهلم.
الوجه الثاين:
*قال يف املبدع :لكن الظاهر أن املخالفة فيه شرعت ملعىن خاص فال
يلتحق به غريه1٨٤/٣
3
ــــــــــــــــــــــــ
4
أن هناك أكثر من علة مذكورة يف كتب املذهب واملصري إىل علة دون
أخرى حتكم بال دليل ،وبعض العلل تفيد خصوصية للنيب ﷺ ،فتعود على
العلة األخرى للقياس ابإلبطال.
الوجه الرابع:
أن هذه املسألة تعارض فيها مفهوم الشرط مع القياس ،وحسب ما قرره ابن
النجار نفسه أن :مفهوم الشرط هو أقوى أنواع املفاهيم قال ابن النجار :وهو
أقوى منهما [أي من مفهوم الصفة ومفهوم التقسيم] ،506/٣فال يعارض
مفهوم خمالفة الشرط ابلقياس.
أقول :وبيان ذلك أن لفظ احلديث :كان النيب ﷺ إذا كان يوم عيد خالف
الطريق .فمفهوم الشرط :أنه إذا مل يوجد الشرط وهو :أن يكون يوم عيد فال
يوجد املشروط ،وهو خمالفة الطريق ،وإذا وجد الشرط وجد املشروط ،والقياس
أن يوم العيد وصف طردي ال أتثري له يف احلكم فيجري احلكم لكل مشي لكل
صالة ولكل طاعة= فهنا يقدم مفهوم خمالفة الشرط ،وهو أنه اليشرع قصد
املخالفة يف الطريق لغري يوم عيد ،قال يف املسودة :احلكم إذا علق بشرط دل
على انتفائه فيما عداه.
أقول :وهذا كقول أمحد يف اترك الصالة تكاسال قال الطويف يف اإلشارات
الزكاةَ فَِإخوانكم ِيف ِ
الدي ِن اإلهلية ص{ :٣12فَِإ ْن اتبوا َوأَقاموا َّ
الصالةَ َوآتَوا َّ
ْ ْ
4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
5
ايت لَِق ْوم يَ ْعلَمو َن} ([ )11التوبة ]11 :حيتج به من رأى تكفري
صل ْاْل ِون َف ِ
َ
اترك الصالة تكاسال ،وهو مذهب أمحد ،وتقريره أنه علق كوهنم إخواننا يف
الدين على إقامة الصالة وإيتاء الزكاة حبرف إن ،واملعلق هبا عدم عند عدم ما
علق عليه عمال مبوجب مفهوم الشرط ،فكوهنم إخواننا يف الدين منتف عند
انتفاء إقامتهم الصالة ،وذلك يقتضي كفرهم؛ ألن املؤمنني إخواننا وهؤالء ليسوا
إخواننا انتهى.
أقول :فاستدل اإلمام أمحد مبفهوم الشرط على التكفري ،وال يكفر بقياس
الشبه وأمثاله ،فدل على أن مفهوم الشرط كالنص يبطل به؛ ألنه مأخوذ من
داللة األلفاظ.
الوجه اخلامس:
أن أمحد يف رواية امليموين أعجبه قول الشافعي عن القياس أنه إمنا يصار له
عند الضرورة العدة ،1٣٣6/٤وقال الشعيب :القياس كامليتة إذا احتجت إليها
فشأنك هبا ،وقد قرر ابن مفلح يف أصوله 2٣5/1أن :التأسي أن نفعل مثل ما
فعله على وجهه ألجل فعله ،وكذلك الرتك ،وقال ابن النجار يف
الكوكب :196/2التأسي يف الرتك فهو أن ترتك ما تركه ألجل أنه تركه ،وقال
اْلمدي يف اإلحكام :2٤6/1التأسي يف الرتك فهو :ترك أحد الشخصني مثل
ما ترك اْلخر من األفعال على وجهه وصفته من أجل أنه ترك.
أقول :وعليه فرتك املخالفة يف الطريق يف غري يوم عيد سنة تركية علمناها،
وكذا إمجاع من الصحابة يف تركهم -كما سيأيت مفصال يف مقدمات الرد على
5
ــــــــــــــــــــــــ
6
القياس يف املولد فال حاجة للتكرار ،-والقياس للضرورة فال يعمل ابلقياس
فيها؛ ألن القياس ال يصار إليه إال عند عدم العلم ابلسنة واإلمجاع ،فنحن
نتأسى برتك ذلك؛ ألن النيب ﷺ مل يفعله يف غري يوم عيد والتأسي برتك النيب
سنة وبرتك الصحابة إمجاع وترك التأسي خالف للنص واإلمجاع ،ويف ذلك
يقول ابن كثري يف تفسريه :٤01/٤وابب القرابت يقتصر فيه على النصوص،
وال يتصرف فيه أبنواع األقيسة واْلراء .
الوجه السادس:
أهنا ال تصح نسبة موجب هذا القياس من ابن النجار ،وال البهويت ،وال
املرداوي وال غريهم إىل مذهب أمحد من وجهني:
6
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
7
هبذا القول يف الصلوات اخلمس ويف غريها من الطاعات مذهباً ،فالتخريج على
قول أمحد يف اجلمعة ابطل قال يف معاقد الفصول أيضا ص :190وكذلك :ال
ينقل حكمه يف مسألتني متشاهبتني كل واحدة إىل األخرى.
أما كونك تصطلح أنت وغريك على أن قول فالن وفالن مذهب فال ،بل
حناكمك أنت وغريك إىل أصول التخريج ونسبة املذهب إىل أمحد.
====================
أقول :أما االستدالل ابلقياس على مولد النيب ﷺ قبل أن أشرع فيه فالبد أن أقدم
مبقدمات وممهدات مما هو يتعلق هبذا املوضوع:
7
ــــــــــــــــــــــــ
8
املمهدات
السنة :هي أقوال النيب ﷺ وأفعاله وتقريراته ،وقال ابن النجار :وإذا نقل
عن النيب ﷺ أنه ترك كذا .كان أيضا من السنة الفعلية .إذ الرتك أيضا من
السنة الفعلية.
* قال ابن مفلح :والتأسي :أن نفعل مثل ما فعله على وجهه ألجل فعله،
وكذلك الرتك .أصول ابن مفلح٣٣5/1
*وقال ابن النجار :التأسي يف الرتك فهو أن ترتك ما تركه ألجل أنه تركه
196/2
األول :قال يف الفروع :ويكره حضور املسجد ملن أكل بصال أو فجال
وحنوه حىت يذهب رحيه ...إىل أن قال وترك النيب ﷺ املغرية يف املسجد وقد
أكل ثوما ،وقال :إن لك عذرا حديث صحيح رواه أمحد وأبو داود ،واحتج به
الشيخ على أنه ال حيرم وظاهره أنه ال خيرج .انتهى
اثنيها :على أنه ال خيرج من املسجد؛ ألن النيب ﷺ ترك املغرية يف املسجد.
8
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
9
الثاين :قال اإلمام أمحد :اجلهمية والرافضة ال يصلى عليهم ،قد ترك النيب ﷺ
الصالة أبقل من هذا.
أقول :استدل برتك النيب ﷺ الصالة على صاحب الدين ،وقاس عليه قياس
أويل يف اجلهمية ،وغريهم فجعل ترك النيب ﷺ نصا.
الثالث :قال يف اإلقناع :والتلفظ هبا [أي النية] ،ومبا نواه هنا ويف سائر
العبادات بدعة ،واستحبه سرا مع القلب كثري من املتأخرين ،ومنصوص أمحد
ومجع من احملققني خالفه ،قال صاحب الكشاف تعليال لبدعيته :قاله يف
الفتاوى املصرية ،وقال مل يفعله النيب ﷺ وال أصحابه.
أقول :صاحب اإلقناع جعل التلفظ ابلنية بدعة ،وسبب ذلك بينه صاحب
الكشاف أبنه مل يفعله النيب ﷺ وال أحد من صحابته رضي هللا عنهم؛ فجعل
ترك النيب ﷺ حجة ،وترك صحابة رسول هللا حجة كذلك ،وهو منصوص
اإلمام أمحد أيضا.
الرابع :قال يف اإلقناع :وال يستحب مسح عنق ،قال يف املبدع :ظاهر
كالمه أنه ال يسن مسح العنق ،وهو الصحيح لعدم ثبوت ذلك يف احلديث،
وقال يف الشرح الكبري :ال يستحب؛ ألن هللا تعاىل مل أيمر به وألن الذين حكوا
وضوء رسول هللا ﷺ عثمان ،وعلي ،وعبد هللا بن زيد ،وابن عباس ،مل يذكروه،
ومل يثبت فيه حديث.
أقول :استدلوا أبنه ال يستحب وصرحوا ابلكراهة؛ ألن هللا مل أيمر به؛ وألن
الذي حكوا وضوء رسول هللا ﷺ مل يذكروه ،فاستدلوا ابلرتك.
9
ــــــــــــــــــــــــ
10
اخلامس :قال ابن قدامة يف املغين عند قول اخلرقي (بال أذان وال إقامة) :
وال نعلم يف هذا خالفا ممن يعتد خبالفه ،إال أنه روي عن ابن الزبري أنه أذن
وأقام .وقيل :أول من أذن يف العيد ابن زايد .وهذا دليل على انعقاد اإلمجاع
قبله ،على أنه ال يسن هلا أذان وال إقامة.
السادس :قال ابن قدامة يف املغين( :وال يرمل يف مجيع طوافه إال هذا) ومجلة
ذلك أن الرمل ال يسن يف غري األشواط الثالثة.
أقول :مستنده يف ذلك أن النص جاء فقط يف األشواط الثالثة ،والرتك يف
الباقي ،فال يقال ابستحبابه؛ ألن الرتك نص= فلذلك ال يقال ابستحباب الرمل
يف الباقي مع أن العلة واحدة والعمل واحد ،فال قياس مع النص.
السابع :قال أبو يعلى يف التعليق الكبري :والظاهر :أنه مل يقعد يف الركعة
الرابعة لوجوه :مث ذكرها ،وأحد هذه الوجوه اليت ذكرها قال :والثاين :أنه لو قعد
دل على أنه مل يقعد.فيها ،لنقل ،وملا مل ينقلَّ ،
أقول :فاستدل أبو يعلى أبنه مل ينقل عنه ﷺ أنه قعد ،فدل على أنه مل
يقعد ،فعدم النقل دليل على عدم الفعل وعدم الفعل ما هو إال ترك ،فاستفدان
أنه إذا مل ينقل عن عنه ﷺ مع وجود املقتضي ،وانتفاء املانع أن ذلك منه ترك.
الثامن :قال أبو يعلى يف التعليق الكبري :فإن قيل :على املنقول يف هذا أن النيب
10
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
11
ﷺ خرج من املدينة لفتح مكة لعشرين مضني من شهر رمضان ،وفتحها وأقام
يوما ،ومعلوم أن العيد صادف مكة .قيل له :لو صادف مكةفيها عشرين ً
مسافرا ،وإذا ثبت هبذا
ألقامها ،ولو أقامها لنقل ،فلما مل ينقل ،علم أنه كان ً
اخلرب أن من شرطها االستيطان ،وجب أن يكون من شرطها العدد.
أقول :استدل بعدم وجود النقل عن النيب ﷺ أنه أقام صالة العيد يف مكة،
وعدم النقل دل على تركه إلقامتها وهو الشاهد هنا ،مث علل الرتك.
-عدم النقل عن النيب ﷺ صلى هللا عليه وسلم مع وجود املقتضي وانتفاء
املانع يدل على أنه تركه.
11
ــــــــــــــــــــــــ
12
تفصيلية.
• الوجه الثاين :أن النيب ﷺ كما عند البخاري وأمحد واللفظ له قال:
"ال تطروين كما أطرت النصارى عيسى ابن مرمي ،فإمنا أان عبد ،فقولوا :عبده
ورسوله" ،وهذا احلديث له سبب وهو اإلطراء ابلقول ،والعربة بعموم اللفظ ال
خبصوص السبب ،قال أبو يعلى يف العدة :609/٣ألن العام إمنا خيص مبا
يعارضه وينفيه ،والسبب الوارد عليه اللفظ مماثل له ومطابق له يف حكمه؛ فال
جيوز ختصيصه .وألن اخلطاب قد ورد يف مكان وزمان ،مث ال يقتصر به على
املكان والزمان؛ كذلك ال يقتصر به على السب .،وقد قال السخاوي يف الترب
املسبوك ص :1٤وإذا كان أهل الصليب قد اختذوا ليلة مولد نبيهم عيدا أكرب
فأهل اإلسالم أوىل ابلتكرمي وأجدر
12
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
13
ومن األمثلة عند األصحاب يف األخذ بعموم اللفظ دون خصوص السبب
ما يلي:
• قال صاحب الشرح الكبري :أن اليمني حممولة على العموم؛ ألن أمحد
سئل عن رجل حلف ال يدخل بلدا ،لظلم رآه فيه ،فزال الظلم .فقال :النذر
يوىف به .يعين ال يدخله .ووجه ذلك أن لفظ الشارع إذا كان عاما لسبب
خاص ،وجب األخذ بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ،كذلك ميني احلالف.
• قال يف املبدع :قال ابن عبد الرب أمجعوا على فساد صالة من ترك ثوبه
وهو قادر على االستتار به أو صلى عرايان لقوله تعاىل {خذوا ِزينَ تَك ْم ِعْن َد ك ِل
َم ْس ِجد} [ألعراف ]٣1 :ألهنا وإن كانت نزلت بسبب خاص فالعربة بعموم
اللفظ ال خبصوص السبب ،وأقره.
• الوجه الثالث:
أن النيب صلى هللا عليه وسلم هنى عن اإلطراء ابلقول ،فثبت ذلك لإلطراء
ابلفعل من طريق التنبيه فهو مفهوم اخلطاب وفحواه ،وليس بقياس عندان نص
على ذلك يف العدة .1٣٣٣/٤
• الوجه الرابع:
أخرج أبو داود يف سننه إبسناده وسكت عنه أن النيب ﷺ قال :من تشبه
13
ــــــــــــــــــــــــ
14
بقوم فهو منهم .أقول :فدل بعمومه على حترمي أي تشبه ،وهذا إمنا فعلوه يف
األصل مضاهاة للنصارى فابتدعوا هذه البدعة وهذا بني ،فحرم هذا املولد
الذي يدعون إليه للتشبه ،ولذلك قال السخاوي يف الترب املسبوك ص :1٤وإذا
كان أهل الصليب قد اختذوا ليلة مولد نبيهم عيدا أكرب فأهل اإلسالم أوىل
ابلتكرمي وأجدر
• الوجه اخلامس:
• الوجه السادس:
أن األصل املنع من األعياد غري الواردة يف الشرع ،فنستصحب املنع من
ِ
وجوب يوم عيدا. ذلك فال يصار إىل القول ِ
بندب أو
أن أصل العلل اليت ذكروها فاسد من أربع جهات بيان ذلك:
-اجلهة األوىل :أن الشهور اليت نقل استحباب صيامها ،أو االحتفال
فيها حمصورة ،وبقية الشهور ليس يف صيامها استحباب ،وال ندب وال عيد ،وال
اليوم ال12منها ،وشهر ربيع األول شهر ،وكذلك اليوم 12منه ،ومل ينقل فيه
كذلك فيه شي ،فليس يف صوم الشهر وال صوم يوم ال 12منه ،وال االحتفال
14
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
15
به استحباب جبامع أنه شهر ويوم منه مل ينقل فيه شيء كمثل ابقي الشهور.
-صورة القياس :أن ربيع األول وال 12منه كباقي الشهور وال 12منها،
اليت مل يرد فيها نص مبزية= فال عيد فيها وال صيام مستحب؛ جبامع أنه شهر
واليوم الذي يف ال 12منه مل يرد فيه شيء.
-فعلة استحباب الصيام ،أو استحباب اختاذه عيدا ،أو وجوبه انقضتها
علة اقتضت نقيض حكم هذه العلة= ففسدت هذه العلة ،فهي علة فاسدة؛
ألن املصيب واحد.
اجلهة الثانية :أن ميالد عيسى بن مرمي عليه السالم معلوم ،وقد أمجع
الفقهاء على حترمي االحتفال به فضال عن صيامه والتهنئة به= وكذلك حيرم
اختاذ مولد نبينا ﷺ عيدا حيتفل به فضال عن أن يصام؛ جبامع أن كليهما نيب
وكليهما هلما يوم ولد.
اجلهة الثالثة :علل بعضهم أبنه يوم عيد احتفل فيه ابلصيام ،فحرم صيام
يوم مولده ،وهذه عادت على أصلها ابإلبطال فأبطلوا أن يصام ما هو مشروع
بنص السنة ابلقياس وهو بني .قال اإلمام أمحد رمحه هللا يف رواية أمحد بن
"إمنا القياس أن يقيس الرجل على أصل ،فأما أن جييء إىل احلسني بن حسانَّ :
أصل فيهدمه فال".
اجلهة الرابعة :أن النيب ﷺ صام يوم مولده ،فبطل تعليلك بكونه عيداً؛
ألنه يوم العيد حيرم صومه والنيب ﷺ صامه ،وهذا بني أيضا.
اجلهة اخلامسة :أن النيب ﷺ تويف يف شهر ربيع يف اليوم الثاين عشر منه
15
ــــــــــــــــــــــــ
16
ابالتفاق ،والفرح يف بيوم موته حماربة هلل ورسوله= فحرم االحتفال يف ال 12
من ربيع األول؛ جبامع حرمة السرور مبوته ﷺ.
أن شهر ربيع األول ،واليوم الثاين عشر منه منصوص على عدم استحباب
صيامه كامال فضال عن اختاذه عيدا من فعل النيب ﷺ ،فنحن نعلم ترك النيب
لصيامه واختاذ عيد فيه ،وترك الصحابة صيامه فلم يستحبوا صيامه ،أو إحداث
عيد فيه فكان إمجاعا ،فال يصح القياس مع وجود النص وال مع وجود اإلمجاع،
وملا علمنا أن النيب ﷺ مل يصمهما ومل يتخذمها عيدا وال صحابته علمنا أنه مل
يكن وقتا مستحبا للصيام وال وقتا للعيد ،فال يصح القياس مع النص
واإلمجاع= فبطل نقل احلكم من األصل إىل الفرع؛ ملخالفته النص واإلمجاع.
-اجلهة الثانية :املعارضة من كون مولده فقط سببا لصيامه بيان ذلك:
-أنه قد أخرج اإلمام أمحد من حديث أسامة بن زيد قال :إن رسول هللا
ﷺ كان يصوم االثنني واخلميس ،فقلت :اي رسول هللا ،مل تصوم االثنني
واخلميس؟ قال :إن األعمال تعرض يوم االثنني ويوم اخلميس ،وأخرجه مسلم
16
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
17
-أن العلة عندك هي أنه ولد النيب ﷺ يوم االثنني ،وقد صام النيب كل
اثنني يف كل شهر ،فالعلة مؤثرة يف كل اثنني يف كل شهر ،فجعلتها مؤثرة يف
شهر ربيع األول ،وصيام االثنني ألجل مولده علة موجودة يف كل شهر ،فهي
مؤثرة يف كل شهر ،فاقتضت نقيض حكمك يف ختصيص شهر ربيع األول
ابستحباب الصيام ،وكذلك يف ال 12منه دون ابقي شهور السنة.
-سلمنا أنه من أجل مولده فقط ،فإنكم تقولون أن النيب ﷺ ولد من
17
ــــــــــــــــــــــــ
18
أنوار قبل خلق الكون وأن الكون احلادث إمنا هو من نوره ،يقول البصريي يف
الربدة :فإن من جودك الدنيا وضرهتا*** ومن علومك عل م اللوح والقل ِم ،فقوله:
يوم ولدت فيه مننع من أن مولده له شهر أو سنة؛ ألن مولده املعين به قبل أن
تكون هناك أشهر أو سنني وذلك يف عامل األنوار قبل الكائنات؛ فلذلك صامه
يف كل أسبوع النتفاء الشهر والسنة آنذاك ،فبطل استحباب صيامه واختاذه
عيدا يف كل شهر فضال عن جعله يف ربيع األول فضال عن جعله يف ال12
منه.
تنبيه :وال أدين هلل هبذا القول الفاسد؛ ولكنه إلزام للخصم مبا يدين.
-ذهب بعضهم أنه إمنا صامه لكونه عيدا حيتفل به كما سبق ،فنطالب
ابلدليل على أنه إمنا صامه لكونه عيدا ،وكيف ألغى العلل الواردة املنصوص
عليها يف األحاديث؟ ،وهي تعود على أصلها ابإلبطال كما سبق.
18
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
19
فانتقض القياس ،قال أمحد -رضي هللا عنه -يف رواية أمحد بن احلسني بن
أدبرت
فأقبلت به و َ
َ حسان فقال " :فإذا كان [أي القياس] مثله يف كل أحواله
به ،فليس يف نفسي منه شيء ،".فإذا مل تطرد مل تقبل.
أقول :وما قيل يف القياس على صوم االثنني يقال يف صيام يوم عاشورا فال
حاجة للتكرار.
وأما قوله :أبن هذه طريقة الفقهاء ومن قاس أوىل بطريقة الفقهاء.
أقول :هذا كالم ساقط تبني بطالنه مبا سبق ،فإن املعرتض على من قاس
عارضه بقياس وعلل أخرى تقدح يف قياسه وأصل علته ،وعارضه بنصوص و
القائل أن
إمجاعات ،وأنتم جممعون معنا فيها ،وهي تبطل ذلك القياس ،ويلزم َ
ابن تيمية ال يعلم طريقة الفقهاء وهو أشهر القائلني ابلتحرمي ،وقد نقل الفتوحي
يف شرح الكوكب املنري 570/٤قول املرداوي مقرا حينما كان يتكلم عن عدم
وجود جمتهدين بعد سنة كذا فقال معرتضا :فإنه وجد من اجملتهدين بعد ذلك
مجاعة ،منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية ..انتهى ،فال أعلم كيف يصبح املرء
جمتهدا وهو ال يعلم طريقة الفقهاء اليت تتكلم عنها كما زعمت ،كما أنه قد
نقل التحرمي عن مجاعات من فقهاء املذاهب األخرى ال حاجة لإلطناب
بذكرهم.
وجيب على أصول حممد بن عبد الواحد أن يقول ابلتحرمي؛ ألنه مقلد ،فابن
تيمية رمحه هللا معلوم قوله بتحرمي املولد وأنه بدعة ،وليس هناك نص خبالفه من
جمتهدي املذهب ،وعند فقد الرواية واملنصوص فقد عمد املتأخرين إىل جعل
قول ابن تيمية هو املذهب والدليل على ذلك:
19
ــــــــــــــــــــــــ
20
قال يف املنتهى :وحيتاط إن خيف هروبه مبالزمته أو كفيل ،أو ترسيم ،قال
يف املعونة قاله الشيخ تقي الدين ،فلعدم النص من أمحد أو من جمتهدي
املذهب جعلوا قول ابن تيمية هو املذهب ،وغريه كثري.
فإن أىب إال أن يقول أبنه مكروه يف أقل األحوال ،أو مباح بعد ما سبق ،فيضاف إىل
ذلك وجها:
األول :يف مسألة الرتخيص يف بيع العرااي ،وأنه البد أن أيكلها أهلها رطبا فإن
سدا
تركها أهلها لعذر مل جيز قال الزركشي :وال فرق بني الرتك لعذر أو غريه ً
للذريعة.
أقول :مل يلتفت إىل حسن املقصد وال عذرهم ،مع أهنا يف األصل جائزة هلم
20
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
21
سدا للذريعة ومل يعترب بكون الذريعة متحققة اإلفضاء وهو واضح.
الثاين :مسألة بيع الثمرة قبل بدو صالحها ،فإن البيع يف أصله مباح لقول
هللا :وأحل هللا البيع ،ولكن حرموه قال الزركشي :سدا للذريعة لئال يتخذ ذلك
حيلة ملا هو ممنوع منه شرعا.
أقول :مل يلتفت حلسن القصد ،وال ألصل احلل ،وال غريه سدا للذريعة ،مع أن
هذه الذريعة ليست مبتحققة.
الرابع :وإذا اشرتط اجلماعة يف سرقة قيمتها ثالثة دراهم قطعوا قال الزركشي:
...فكما أن يف األنفس يقتل اجلماعة ابلواحد سدًّا للذريعة ،فكذلك يف
األموال.
أقول :استباح قطع أيديهم مجيعا ،مع أنه لو وزع املال عليهم ملا بلغ واحد
منهم النصاب ،ومع أنه األصل حرمة املسلم ،وكان ذلك سدا للذريعة ،وأشار
إىل قتل اجلميع ابلواحد مع أن الواحد منهم فعله ال يقتل ،سدا للذريعة كذلك.
21
ــــــــــــــــــــــــ
22
فقد استبحنا دماء أانس وأبداهنم ،وحرمناهم من أموال يرثوهنا ،ومنعناهم من
معامالت األصل فيها احلل ،وأبطلنا بيوعهم بسد الذرائع= فاملصري إىل القول
بتحرمي املولد سدا للذرائع أوىل وآكد.
ختاما:
أقول :إذا عرف هذا ،عرف أن من استدل برتك النيب ﷺ والصحابة
والتابعني واتبعيهم واتبعيهم فقد أتسى والتأسي واجب وخمالفته حرام وابتداع
واحنياز وبعد عن طريقة األئمة احملدثني الفقهاء ،وهو خمالف إلمجاعهم كما
سبق.
ني لَه ا ْهل َد ٰى َويَتَّبِ ْع َغ ْ َري َسبِ ِيل الرس َ ِ ِ قال هللاَ :وَمن ي َشاقِ ِق َّ
ول من بَ ْعد َما تَبَ َّ َ
تمِ
ص ًريا الْم ْؤِمنِني ن ولِِه ما تَوَّ ٰىل ون ِ ِ
صله َج َهن ََّم ۖ َو َساءَ ْ ََ َ َ َ َ ْ
*قال مالك :من ابتدع يف اإلسالم بدعةً يراها حسنة ،فقد زعم أن حممداً
ﷺ خان الرسالة.
وعلم مما تقدم أن الكالم الذي ذكره حممد بن عبد الواحد ال أصل له يف
كالم أمحد ،وال دليل عليه ،ال من صحيح نقل وال صحيح قياس ،بل أحد
أساطني املذهب قائل خبالفه ،وصلى هللا حممد وآله وسلم.
22