You are on page 1of 58

‫كتاب‬

‫المختصر الوافي‬

‫بقلم‬
‫عبدالله بن محمد العسكر‬

‫‪-1-‬‬
‫تقديم فضيلة الشيخ العالمة الدكتور‬
‫عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين‬
‫لكتاب ( المختصر الوافي )‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العالمين ‪،‬وصلى اهلل وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فقد قرأت هذه الرسالة في بعض أحكام الطهارة من باب المياه إلى آخر باب الحيض والنفاس‬
‫فوجدت الكاتب قد أحسن في االنتقاء واالختيار للمهم مما يحتاج الناس إليه في مسائل الطهارة ‪ ،‬مع‬
‫ذكر الدليل ومن قال بالمسألة من األئمة األربعة ومن اختارها من مشاهير العلماء كشيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية وبعض المشايخ في هذه األزمنة من المملكة ؛ حيث أن ذلك مما يقوي المسألة في نفوس القراء‬
‫فجزاه اهلل خيرا وأثابه على جهده ‪ .‬وهو أخونا عبداهلل بن محمد العسكر من سكان مدينة الخرج وممن له‬
‫جهد في التعليم والدعوة إلى اهلل تعالى فجزاه اهلل خيرا ‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم ‪.‬‬

‫عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين‬


‫‪1425 -9-4‬هـ‬

‫‪-2-‬‬
‫المقدمة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العــالمين ‪ ،‬والعاقبة للمتقين ‪ ،‬وأشــهد أن ال إله إال اهلل وحــده ال شــريك له ولي الصــالحين ‪،‬‬
‫وأشهد أن محمداً عب ُد اهلل ورسـولُه األمين ‪ ،‬بعثه اهلل بين يــدي السـاعة بشــيرا ونـذيرا ‪ ،‬وداعيا إلى اهلل بإذنه‬
‫وسـ ــراجا منـ ــيرا ‪ .‬صـ ــلى اهلل وبـ ــارك عليه وعلى آله وأصـ ــحابه والتـ ــابعين ‪ ،‬وسـ ــلم تسـ ــليما كثـ ــيراً إلى يـ ــوم‬
‫الدين ‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫فإن من أعظم ما يمتن اهلل به على عبده المسلم ويكرمه به أن يرزقه الفقه في دينه ‪ ،‬فيعرفـ ما أوجبه‬
‫عليه وما حرمه ونهاه عنه ‪.‬فيكون ممن يعبد ربه على علم وبصيرة َوفْق ما يريده تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫ومتى سار المسلم على بصيرة في عبادته لربه كان ذلك من دالئل الخير وأمارات التوفيق ‪ .‬لذا نجد‬
‫ِّ‬
‫المتفقه في علم الشريعة قد أكرمه اهلل بإرادة الخير به ‪،‬‬ ‫النبي _صلى اهلل عليه وسلم _ قد أبان لنا بأن‬
‫كما جاء في صحيح البخاري من حديث معاويةـ بن أبي سفيان _ رضي اهلل عنه _ قال ‪ :‬قال _صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬من يرد اهلل به خيراً ِّ‬
‫يفق ْهه في الدين " ‪.‬‬
‫وأبواب الطهارة من األبواب المهمة في ديوان الفقه ‪ .‬ومعرفةُـ أحكامها ومسائلها مما يحتاجه المسلم‬
‫كثيراً في حياته ‪.‬‬
‫ومن هنا جاءت فكرة جمع مهمات هذه المسائل في كتاب يكون برزخاً بين الطول الممل واإليجاز‬
‫المخل ؛ ليعين طالب العلم المبتدئ على ولوج هذا الباب من أبواب العلم ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأحسب أن مادة هذا الكتاب مناسبة لمن أراد االستعانة بها في وضع منهج مختصر في كتاب‬
‫الطهارة للطالب من ذوي التخصصات غير الشرعية ‪ ،‬كما أنه يمكن االستفادة منها في إقامة دورة قصيرة‬
‫في هذا الموضوع في حدود أربعة أيام أو خمسة ‪.‬‬
‫ولعلّي أن أذكر أبرز ما قمت به في هذا العمل وذلك من خالل النقاط التالية ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬تم إيراد ما يزيد على مئة وعشرين مسألة من مسائل الطهارة موزعة على عشرة أبواب وهي ‪:‬‬
‫( المياه ـ اآلنية ـ إزالة النجاسة ـ الوضوء ـ المسح على الخفين ـ نوا قض الوضوء ـ آداب قضاءـ الحاجة ـ‬
‫الغُسل ـ التيمم ـ الحيض و االستحاضة و النفاس ) ‪.‬‬
‫وقد حرصت على صياغة هذه المسائل بحيث تكون موجزة وشاملةـ في الوقت نفسه ألطراف كل‬
‫مسألة ‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫أشرت في الغالب بعد كل مسألة إلى من قال بها من األئمة األربعة ومن اختارها من أكابر‬
‫ُ‬ ‫ثانيا ‪:‬‬
‫الفقهاءـ المتأخرين كشيخ اإلسالم ابن تيمية و تلميذه ابن القيم ‪ ،‬ثم أتبعت ذلك بذكر واحد ممن اختارها‬
‫من أعالم العلماء المعاصرين كالشيخ محمد بن إبراهيم والسعدي وابن باز وابن عثيمين ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أوردت دليالً على كل مسألة ما أمكنني ذلك ‪ ،‬وقد بذلت وسعي في أن تكون جميع األدلة‬
‫ثابتة صحيحة أو حسنة ‪ ،‬واستفدت في هذا الباب من تحقيقات وتصحيحات عدد من الحفاظ والمحدثين‬
‫عبد البر األندلسي والنووي وابن حجر وأحمد شاكر واأللباني وابن باز وغيرهم ‪.‬‬ ‫كابن‬
‫رابعاً ‪ :‬اجتهدت في توثيق أقوال العلماء واختياراتهم في الهوامش وأرجعتها إلى مصادرها ‪ ،‬وذلك‬
‫لتكون معينة لمن أراد التوسع في المسألة والرجوع إلى تفاصيل الخالف فيها وأقوال أهل العلم‬
‫ومناقشاتهم وأدلتهم ‪.‬‬
‫خامساً ‪ :‬ذكرت في هوامش بعض المسائل نُتفاً من الفوائد واإليضاحات لبعض المصطلحات‬
‫والكلمات الغامضةـ ‪ ،‬ولم أدونها في األصل حرصا على اإليجاز وإعراضاً عن اإلطالة ‪.‬‬
‫تعليقات سماحة والدنا الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين الذي تكرم‬
‫ُ‬ ‫وجمله‬
‫وقد زان هذا العمل ّ‬
‫_ مشكوراً_ بالتقديم والتعليق على الكتاب بالرغم من كثرة أعماله ومشاغلهـ ‪ ،‬وقد كنت عرضت عليه‬
‫هذا الكتاب بعد أن فرغت منه ‪ ،‬واستأذنته في أن يبدي رأيه في كل مسألة يرى خالفها ليتعرف القارئ‬
‫على رأي سماحته في المسائل التي تم اختيارها فأجابني إلى ذلك جزاه اهلل عني وعن المسلمين خير ما‬
‫يجزي عبداً من عباده ‪ ،‬وأسأل اهلل أن يبارك له في عمره وعلمه وذريته ‪.‬وأن يعلي في الدارين درجته‬
‫آمين ‪.‬‬
‫وختاماً ‪ :‬فهذا جهد المقل ‪ ،‬فما كان فيه من صواب فالفضل فيه هلل تعالى وهو أهل الفضل والجود‬
‫مقصرة وشيطان رجيم ‪ ،‬واهلل ورسوله بريئان منه‬ ‫‪ ،‬و ما كان فيه من نقصان وخطأ فمردُّه إلى ٍ‬
‫نفس ّ‬
‫‪.‬وأستغفر اهلل وأتوب إليه ‪.‬‬
‫أسأل اهلل أن يجعل هذا العمل متقبالً عنده نافعاً لعباده وإمائه ‪ ،‬نقياً من شائبة الرياء والسمعة ‪ ،‬وأن‬
‫يلحقنا ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا بصالح عباده المؤمنين في دار الكرامة والنعيم ‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ‪.‬‬
‫عبد اهلل بن محمد العسكر‬
‫السعودية _ الخرج‬
‫‪1425 / 3 / 9‬هـ‬
‫ص‪.‬ب (‪ )20101‬الرمز البريدي ( ‪)11942‬‬

‫‪-4-‬‬
ALASKAR@ISLAMWAY.NET ‫البريد اإللكتروني‬

-5-
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫باب المياه‬
‫‪-1‬الم ــاء ط ــاهر ما لم يتغ ــير أحد أوص ــافه الثالثة (لونه ‪ -‬طعمه – ريحه ) ؛ ف ــإن تغ ــيرت إح ــدى الص ــفات‬
‫قل الماء أو كثر ‪.‬‬
‫السابقة بسبب ما وقع فيه من نجاسة فهو نجس ‪َّ :‬‬
‫أما إذا لم يتغــير المــاء مع وجــود النجاسة فيه فهو طــاهر ســواء أكــان دون القلــتين‪ 1‬أو أكــثر ‪ ،‬فالضــابط هو‬
‫التغير وليس قلة الماء وكثرته ‪ ،‬وهو مذهب اإلمام مالك ‪2‬ورجحه شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ 3‬واختاره الشيخ‬
‫ابن باز‪. 4‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي سعيد ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ " : ‬إن الماء طهور ال ينجسه شــيء " رواه الترمــذي‬
‫والنسائي وصححه اإلمام أحمد‪. 5‬‬
‫‪6‬‬
‫قل أو كثر ‪.‬‬
‫وقد انعقد اإلجماع على أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته فهو نجس ‪َّ ،‬‬
‫‪ -2‬الماء نوعان فقط ‪ :‬طَهور ونجس وهو اختيار شيخ اإلسالم‪ 7‬ورجحه السعدي‪0 8‬‬
‫والطهور ‪ :‬هو الماء الباقي على خلقته التي خلقه اهلل عليها ‪0‬‬
‫والنجس ‪ :‬هو الماء الذي تغيَّر أحد أوصافه الثالثة بسبب ما استقر فيه من نجاسة ‪0‬‬
‫‪-3‬ال يجوز االغتسال للجنب في الماء الراكد غير المتحرك ‪.‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث أبي هريــرة ‪ ‬قــال‪ " :‬ال يغتسل أحــدكم في المــاء الــدائم (أي الراكــد) وهو جنب "رواه‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫والبول وقضاءُ الحاجة في هذا الماء ُّ‬
‫أشد في النهي ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪1‬‬
‫كل ب ٍ‬
‫عد من أبعاده ذراع وربع ذراع ‪،‬‬‫جرة بقدر ما يطيق اإلنسان المتوسط حملها لو ملئت ماء ‪ ،‬وق ّدر الشافعية القلتين بمكعب ُّ ُ‬
‫القلة ‪ّ " :‬‬
‫بذراع اآلدمي ‪ ،‬وهي تساوي ‪ 93.75‬صاعا = ‪ 160.5‬لتراً " ‪ (.‬معجم لغة الفقهاء ص ‪. ) 336‬‬
‫‪2‬‬
‫المجموع ‪1/163‬‬
‫‪3‬‬
‫مجموع الفتاوى ‪ ، 21/32‬الفروع ‪1/231‬‬
‫‪4‬‬
‫مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة ‪10/16‬‬
‫‪5‬‬
‫بلوغ المرام ص‪ ، 2‬وصححـ الحديث األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪)66‬‬
‫‪ 6‬اإلجماع البن المنذر ص‪33‬‬
‫‪7‬‬
‫مجموع الفتاوى ‪237 ،19/236‬‬
‫‪8‬‬
‫فقه ابن سعدي ‪1/182‬‬

‫‪-6-‬‬
‫‪-4‬يجوز للرجل أن يغتسل بما تبقى من الماء الذي اغتسلت منه المــرأة ‪ ،‬كما أنه يجــوز للمــرأة أن تغتسل‬
‫بما تبقى من الماء الذي اغتسل منه الرجل ‪.‬‬
‫الدليل‪ :‬حديث ابن عباس ‪ ‬قال ‪ " :‬اغتسل النبي ‪ ‬بفضل ميمونة " رواه مسلم ‪ ،‬وألصحاب السنن ‪:‬‬
‫" اغتسل بعض أزواج النــبي ‪ ‬في َج ْفنـ ٍـة فجــاء يغتسل منها فقــالت إني كنت جنبـاً‪ ،‬فقــال ‪" :‬إن المــاء‬
‫ال يُجنِب "‪.1‬‬
‫‪ -5‬لُع ـ ــاب الكلب نجس ‪ .‬وإذا ولغ في اإلن ـ ــاء وجب أن ي ـ ــراق ما في ه ـ ــذا اإلن ـ ــاء ثم يغسل اإلن ـ ــاء س ـ ــبع‬
‫غسالت أوالها بالتراب الممزوج بالماء ‪ ،‬ثم ُي ْتبـَع بست غسالت بالماء ‪.‬‬
‫وهذا الحكم خاص بالكلب دونه غيره ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أبي هري ــرة ‪ ‬ق ــال ‪ " : ‬طه ــور إن ــاء أح ــدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغس ــله س ــبع مـ ــرات‬
‫أوالهن بالتراب " رواه مسلم ‪0‬‬
‫وجسد الكلب طـ ـ ـ ــاهر غـ ـ ـ ــير نجس وإنما النجاسة في لعابه وروثه وبوله ‪ ،‬وهو قـ ـ ـ ــول أبي حنيفة ‪ 2‬ورجحه‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية‪. 3‬‬
‫س الكلب فال ينتقض وض ــوؤه ‪ ،‬وال يجب عليه غسل ي ــده ؛ حيث إن الكالب ك ــانت‬
‫وعلى ه ــذا ‪َ :‬م ْن َم َّ‬
‫تقبل وتدبر في المسجد في عهد رسول اهلل ‪ ، ‬ولم ينقل عن النبي ‪ ‬وال عن الصحابة أنهم كانوا يتوقــون‬
‫مسها ‪ ،‬ولو كانت نجسة لوجب البيان ‪ ،‬ألن تأخير البيان عن وقتـ الحاجة ال يجوز ‪0‬‬
‫من َّ‬
‫‪4‬‬
‫ـير فهو‬
‫‪-6‬الم ــاء ال ــذي ولغ فيه الكلب إذا لم يتغ ــير فهو ط ــاهر ‪ ،‬وهي رواية عن اإلم ــام مالك ‪ ،‬أما إن تغ ـ َّ‬
‫نجس ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬عموم حديث أبي سعيد ‪ ‬السابق قال‪ " : ‬إن الماء طهور ال ينجسه شيء " رواه الترمذي ‪.‬‬
‫ويمكن معرفةـ وجــود النجاسة ( لعــاب الكلب ) برؤيتها طافية على ســطح المــاء ؛ حيث تظهر هنــاك لزوجة‬
‫بيّنة ‪ ،‬أو تكون هناك رائحة مميزة تدل على وجود هذا النوع من النجاسة ‪.‬‬
‫أما إن كان اإلناء صغيراً وولغ فيه الكلب فاألحوط أن يقال بنجاسة الماء الذي فيه ‪0‬‬

‫‪1‬‬
‫صححه األلباني في إرواء الغليل ‪1/64‬‬
‫‪2‬‬
‫حاشية ابن عابدين ‪1/322‬‬
‫‪3‬‬
‫الفتاوى ‪21/530‬‬
‫‪4‬‬
‫بداية المجتهد ‪1/58‬‬

‫‪-7-‬‬
‫ت من إناء فإنه ال ينجس وهو مذهب الجمهور‪. 5‬‬ ‫الهرة (لعابها) طاهر ‪ .‬فلو َش ِربَ ْ‬
‫‪ -7‬سؤر ّ‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي قتادة ‪ ‬قال ‪ :‬قــال ‪ ‬في الهــرة ‪ " :‬إنها ليست بِنَ َجس ‪ ،‬إنما هي من الطــوافين عليكم‬
‫" رواه أهل السن‪0 2‬‬
‫‪ -8‬تطهير النجاسة يختلف بحسب نوعها ‪ :‬فقد يكون تطهيرها عن طريق غسلها بالماء وهذا هو األكثر‬
‫‪ ،‬وقد يكون بالريح أو بالشمس أو بالتراب كما إذا َعلِ َق ْ‬
‫ت النجاسة بالحذاء ‪ ،‬وقد يكون بالنَّ ْـزح‪،3‬‬
‫عين تلك النجاسة ‪ .‬وهذا كما لو وقعت النجاسة في ماء ويراد‬ ‫أو بإضافة ماء طهور عليها حتى تذهب ُ‬
‫استعمال هذا الماء ‪ .‬ويمكن أن يكون التطهير بالوسائل الحديثة إذا كانت طاهرة في نفسها ‪0‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أنس بن مالك ‪ ‬في قصةـ ب ــول األع ــرابي ال ــذي ب ــال في طائفة المس ــجد ف ــأمر الن ــبي ‪ ‬أن‬
‫ذنوب‪ 4‬من ماء فأهريق عليه " متفق عليه ‪0‬‬
‫ُ‬ ‫ب على بوله‬
‫ص َّ‬
‫يُ َ‬
‫الدليل على التطهير بالتراب ‪:‬أن امـرأة من بـني عبد األشـهل قـالت للنـبي ‪ : ‬إن لنا طريقـاً منتنة فمـاذا نفعل‬
‫‪5‬‬
‫إذا أمطرنا؟ قــال ‪ " :‬أليس بعــدها طريق هو أطيب منها "؟ قــالت ‪ :‬بلى ؛ قــال فهــذه بهــذه " رواه أبو داود‬
‫‪.‬‬
‫‪ -9‬قَطْع جزء من البهيمة حال حياتها حرام ؛ إال الشعر فهو جائز لمصلحتها ‪ ،‬وهو طاهر غير نجس ‪.‬‬
‫أما كل عضو يُقطع من البهيمة وهي حية فهو نجس ؛ ألنه صار في حكم الميتة ‪. 6‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث أبي واقد الليــثي ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال ‪ " : ‬ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت " أخرجه أبو‬
‫داود والترمذي وحسنه‪0 7‬‬
‫‪ -10‬جسد الميتة من الحيوان ــات (باس ــتثناء ص ــيد البحر وما ليس له َن ْفس س ــائلة ‪ 8‬وباس ــتثناء الخنـ ــزير‪) 9‬‬
‫ينقسم من حيث النجاسة وعدمها إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫االستذكار ‪ ، 1/203‬المجموعـ ‪ ، 1/225‬المغني ‪1/70‬‬
‫‪2‬‬
‫وحسن إسناده الشيخ ابن باز في حاشيته على بلوغ المرام ج‪1/61‬‬
‫كما لو كانت النجاسة وقعت في ماء فتزال منه ويُن َـزح من الماءـ بقدر ما يذهب أثر النجاسة ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫الذنوب ‪ :‬الدلو الكبيرة ( معالم السنن ‪)1/100‬‬
‫‪5‬‬
‫وصححه األلباني في مشكاة المصابيح حديث رقم ( ‪)512‬‬
‫‪6‬‬
‫المغني ‪100- 99 /1‬‬
‫‪7‬‬
‫وحسن إسناده الشيخ ابن باز في حاشيته على بلوغ المرام ج‪65 /1‬‬
‫‪ 8‬فهي طاهرة وسيأتي ذكر ذلك في المسألة ‪ ، 27‬و المراد بما ليس له نفس سائلة ‪ :‬أي ليس له دم يسيل كالبعوض والذباب ونحوها ‪.‬‬
‫وميتا ‪.‬‬ ‫فهو نجس كله حيا‬ ‫‪9‬‬

‫‪-8-‬‬
‫ص ـلبة في الميتة ط ــاهرة ‪ ،‬كالض ــرس والعظم وال ــريش ونحو ذلك ؛ فه ــذه ليست نجسة وهو‬
‫أ‪ -‬األش ــياء ال ُّ‬
‫مذهب الحنفية‪ 1‬ورجحه شيخ اإلسالم وعزاه إلى جمهور السلف‪. 2‬‬
‫مر بشاة ميتة فقال ‪ " :‬هال استمتعتم بإهابها " ؟ قــالوا ‪ :‬إنها‬
‫الدليل ‪ :‬حديث ابن عباس ‪ ‬أن رسول اهلل ‪َّ ‬‬
‫ميتة ‪ ،‬قال " إنما حرم أكلها " متفق عليه‪0 3‬‬
‫الرطبة كاللحم والدم والعصب فهذه نجسة باإلجماع‪. 4‬‬
‫ب‪ -‬األشياء َّ‬

‫باب اآلنية‬

‫‪ -11‬يحرم األكل والشراب في آنية الذهب والفضةـ ‪ .‬ويعد ذلك من الكبائر ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث حذيفة ‪ ‬ق ــال‪ :‬ق ــال ‪ " : ‬ال تش ــربوا في آنية ال ــذهب والفضة والت ــأكلوا في ص ــحافهما‬
‫فإنها لهم في الدنيا ولكم في اآلخرة " متفق عليه ‪0‬‬
‫وعن أم سـ ـ ــلمة رضي اهلل عنها قـ ـ ــالت ‪ :‬قـ ـ ــال ‪ " : ‬الـ ـ ــذي يأكل أو يشـ ـ ــرب في آنية الـ ـ ــذهب والفضة إنما‬
‫يجرجر في بطنه نار جهنم " متفق عليه ‪0‬‬
‫‪ -12‬ال يج ــوز اس ــتخدام آنية ال ــذهب والفضةـ ح ــتى ولو لم يكن ألجل الش ــرب واألكل فيها ‪ ،‬ك ــأن تتخذ‬
‫زينة في الجـدران ‪ . 5‬قـال ابن القيم عن هـذا الحكم ‪ " :‬هـذا أمر ال يشك فيه عـالم "‪ 6‬وهو قـول الجمهـور‬
‫‪07‬‬

‫‪1‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/200‬‬
‫‪2‬‬
‫مجموع الفتاوى ‪21/100‬‬
‫‪3‬‬
‫س له سائله‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل ‪ 000 " :‬وإذا كان كذلك علم أن علة نجاسة الميتة هي احتباس الدم فيها ‪ ،‬فماال َن ْف َ‬
‫وليس فيه دم فإذا مات لم يحتبس فيه الدم فال ينجس ‪ ،‬فالعظم ونحوه أولى بعدم التنجيس " الفتاوى ‪21/99‬‬
‫‪4‬‬
‫المجموع ‪1/291‬‬
‫‪5‬‬
‫وأجاز ذلك األحناف ( الفروع ‪ ، )1/97‬ورجحه الصنعاني ( سبل السالم ‪ )139 /1‬و الشوكاني ( نيل األوطار ‪ ) 1/66‬والشيخ ابن‬
‫عثيمين (الشرح الممتع ‪.)1/62‬‬
‫‪6‬‬
‫حاشية الروض المربع ‪.1/103‬‬
‫‪7‬‬
‫المجموع ‪ ، 1/305‬فتح الباري ‪ ، 10/97‬وانظر مناقشة ابن حزم لهذه المسألة في المحلىـ ‪) 216 -1/215‬‬

‫‪-9-‬‬
‫الــدليل ‪ :‬قوله ‪ ‬في حــديث حذيفة الســابق ‪ " :‬فإنها لهم في الــدنيا ولكم في اآلخــرة " وهــذه هي العلة في‬
‫المنع ‪ ،‬وهو ادخارها للمسلم في اآلخرة ‪ ، 8‬وهذا يكون في اســتعمالها كآنية لألكل والشــرب ولغيرها من‬
‫األغ ـ ــراض المختلفة ‪ ،‬وإنما ذُكِر األكل والش ـ ــرب في الح ـ ــديث ألن األصل في اآلنية أنها ص ـ ــنعت ل ـ ــذلك‬
‫فخرجت مخرج الغالب ‪.‬‬
‫والتزين بها للنساء في حليهن جائز ال حرج فيه ‪.‬‬
‫وأما الرجــال فيحــرم عليهم التحلي بالــذهب مطلق ـاً ‪ .‬أما الفضة فيجــوز للرجل اتخاذها خاتم ـاً ‪ ،‬واختلف‬
‫فيما عداه ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ " : ‬ولكن عليكم بالفضة العبوا بها لعباً" رواه أحمد‪. 2‬‬
‫لكن وضوءه صحيح‬
‫‪ -13‬من توضأ بماء موضوع في آنية الذهب أو الفضة مع علمه بالتحريم فهو آثم ؛ َّ‬
‫وهو قول جماهير العلماء ‪ 3‬ورجحه الشيخ ابن عثيمين‪0 4‬‬
‫‪ -14‬يجوز تضبيب اإلناء إذا انكسر بشيء من الفضة ‪5‬وذلك بشروط أربعة‪:6‬‬
‫‪-1‬أن تكون ضبة ‪ ،‬فلو جعل غطاء اإلناء أو يده من فضه َح ُرم ‪0‬‬
‫‪-2‬أن يكون التضبيب يسيراً ‪0‬‬
‫‪-3‬أن يكون بفضة فيخرج بذلك الذهب ‪0‬‬
‫‪-4‬أن يكون ذلك لحاجة ‪.‬‬
‫شـ ـعب ِس ْلس ــلة من فضةـ " رواه‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أنس بن مالك ‪ ‬أن ق ــدح الن ــبي ‪ ‬انكسر فاتخذ مك ــان ال َّ‬
‫البخاري ‪0‬‬
‫‪ -‬أما التضـ ـ ــبيب بالـ ـ ــذهب فال يجـ ـ ــوز إال في الضـ ـ ــرورة بحيث ال يوجد ما يقـ ـ ــوم مقامهـ ‪ ،‬وال يكفي التعلُّل‬
‫بالحاجة كالفضة ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وقال ابن القيم _ رحمه اهلل _ ‪ " :‬الصواب أن العلة واهلل أعلم ما يكسب استعمالها القلب من الهيئة والحالة المنافية للعبودية منافاة‬
‫ظاهرة ‪ ،‬ولهذا علل النبي ‪ ‬بأنها للكفار في الدنيا إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في اآلخرة نعيمها فال يصلحـ استعمالها‬
‫لعبيد اهلل في الدنيا وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته ورضي بالدنيا وعاجلها من اآلخرة " ‪ 0‬زاد المعاد( ‪. )351/ 4‬‬
‫‪2‬‬
‫وقال عنه البنا ( شارح المسند ) " صالح لالحتجاج ‪ ، 17/264‬وحسنه األرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد ‪. 4/349‬‬
‫‪3‬‬
‫المجموع ‪1/307‬‬
‫‪4‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/64‬‬
‫‪5‬‬
‫أي رقع المنكسر منه أوربطه بشيء من الفضة ‪ ،‬قال الصنعاني ‪ " :‬ال خالف في جوازه " ( سبل السالم ‪) 1/48‬‬
‫‪6‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/64‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث عرفجة بن أس ــعد أنه قطع أن ُفه ي ــوم ال ُكالب فاتخذ أنف ـاً من و ِرق ( فضةـ ) ف ــأنتن عليه ‪،‬‬
‫فأمره النبي ‪ ‬أن يتخذ أنفاً من ذهب " ‪ .‬رواه الترمذي‪. 1‬‬
‫‪ -15‬جلود الميتة تطهر بالدبغ ‪ ، 2‬ولكن يشترط في هذه الميتة أن تكون من الحيوانات الطاهرة في حال‬

‫حياتها ‪ ،‬وهو ق ـ ــول أك ـ ــثر أهل العلم كالش ـ ــافعي‪ 3‬وأحمد في الرواية األخ ـ ــيرة عنه‪ 4‬وهو أحد ق ـ ــولي ش ـ ــيخ‬
‫اإلسالم ‪.5‬‬
‫الدليل على طهارة جلد الميتة بالدبغ ‪ :‬حديث ابن عباس ‪ ‬قال ‪ :‬قال ‪ " : ‬إذا دبغ اإلهاب ‪ 6‬فقد طهر "‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -16‬يجوز استعمال أواني المشركين ولكن بالتفصيل التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا رئي فيها أثر النجاسة كـ ـ ــأن يكـ ـ ــون فيها بقايا من لحم الخـ ـ ــنزير مثالً ‪ ،‬فهنا يجب غسـ ـ ــلها أوالً قبل‬
‫استعمالها ‪0‬‬
‫ب‪ -‬أن ال يُــرى فيها أثر للنجاسة ‪ ،‬ولكن يُعلم من حــال هــؤالء القــوم أنهم يســتعملون النجاسة في أوانيهم‬
‫‪ ،‬فهنا يُكره استعمالها قبل غسلها ‪0‬‬
‫ج‪ -‬أن يعلم من ح ــالهم أنهم ال يس ــتعملون النجاسة في ه ــذه األواني ‪ ،‬فهنا يج ــوز اس ــتعمالها بال كراهة ‪،‬‬
‫وال يلزم غسلها ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أبي ثعلبة الخش ــني ‪ ‬ق ــال ‪ :‬قلت يا رس ــول اهلل إنا ب ــأرض ق ــوم أهل كت ــاب أفنأكل في‬
‫آنيتهم ؟ قال ‪ :‬ال تأكلوا فيها إال أال تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها " متفق عليه ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وحسنه األلباني في صحيح الترمذي حديث رقم ( ‪)1770‬‬
‫‪2‬‬
‫الدبغ ‪ :‬إزالة النتن والرطوبة من الجلد بمواد خاصة ( معجم لغة الفقهاء ص‪)183‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪1/102‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلنصاف ‪1/162‬‬
‫‪5‬‬
‫المصدر السابق ‪ ، 1/163‬والقول الثاني لشيخ اإلسالم عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ إال ما كان مأكول اللحم حال حياته ‪ .‬أما ماال‬
‫يجوز أكل لحمه حال الحياة كالسباع فال تطهر حتى ولو دبغت وهو قول إسحاق بن راهوية وابن القيم ‪ (.‬انظر مجموع الفتاوى‬
‫‪ ، 21/95‬االختيارات الفقهية ص‪ ،42‬زاد المعاد ‪) 758-5/757‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلهاب ‪" :‬الجلد المغلف لجسم الحيوان قبل أن يدبغ "المعجم الوسيط ‪1/31‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫باب إزالة النجاسة‬

‫‪ -17‬ال يجوز إبقاء الخمر عند المسلم حتى ولو لم يستعملها في شرب ونحوه ‪.‬‬
‫وأما تحويلها إلى َخ ٍّل فعلى النحو التالي ‪:‬‬
‫ـل ب ــدون فعل آدمي ‪ ،‬كما لو ظلت الخمر ف ــترة طويلة أو تغ ــير عليها الجو من ظل إلى‬
‫إن تح ــولت إلى خ ـ ّ‬
‫شمس أو العكس ‪ ،‬فهنا تصبح طاهرة ويجوز استعمالها ‪ .‬وهذا الحكم مجمع عليه‪0 1‬‬
‫فمحرم ال يجوز وهو قول الجمهور‪. 2‬‬
‫ّ‬ ‫أما تحويلها إلى خل بفعل اآلدمي نفسه‬
‫الـ ــدليل ‪ :‬حـ ــديث أنس بن مالك ‪ ‬قـ ــال ‪ :‬سـ ــئل رسـ ــول اهلل ‪ ‬عن الخمر تتخذ خالً ؟ قـ ــال ‪ " :‬ال " رواه‬
‫مسلم‬
‫والمقص ـ ــود بتخليل الخمر ‪ :‬إض ـ ــافة ش ـ ــيء عليها ك ـ ــالخبز أو البصل أو الملح فتص ـ ــبح بعد ذلك خالً ‪ ،‬أو‬
‫يكون بإضافة خل كثير لها ‪ ،‬أو بنقلها من الشمس إلى الظل أو العكس ‪.‬‬
‫‪ -18‬الخمر نجاس ــتها معنوية وليست حس ــية ‪ ،‬فلو وقعت على الث ــوب فال يل ــزم غس ــله ‪ .‬وه ــذا هو ق ــول‬
‫ربيعة‬
‫والليث والمزني‪ 3‬ورجحه من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين ‪. 4‬‬
‫الـدليل ‪ :‬أن النـاس كـانوا يشـربون الخمر قبل تحريمها فربما انسـكبت على أثـوابهم ‪ ،‬وكـذلك فقد سـكبها‬
‫الناس فـي الشوارع حتى جلست المدينة أســبوعاً وشــوارعها تســيل فيها الخمــور‪ ،‬ولم ينقل عن النــبي ‪ ‬أنه‬

‫‪1‬‬
‫مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪21/71‬‬
‫‪2‬‬
‫المجموع ‪2/594‬‬
‫‪3‬‬
‫المجموع ‪ ، 1/581‬أضواء البيان ‪2/99‬‬
‫‪4‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/366‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫فلما لم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر بالتوقي منها عند الذهاب إلى المسجد ‪ ،‬وال نُقل أن أحداً أُم َر بإعــادة الوضــوء أو غسل ثوبه ‪ّ .‬‬
‫**‬
‫دل ذلك على أن األصل فيها الطهارة ‪.‬‬
‫ينقل ّ‬
‫‪ -19‬بن ــاء على ما س ــبق في المس ــألة الس ــالفة ال ح ــرج في اس ــتعمال الخمر في غ ــير الش ــرب ‪ ،‬خاصة فيما‬
‫دعت إليه الحاجة كاس ـ ــتعمالها في التعقيم الطـ ــبي ‪ .‬بل ح ـ ــتى لو قيل بنجاسـ ــتها الحسـ ــية فإنه ال ح ـ ــرج في‬
‫استعمال النجاسة في التداوي من غير الشرب واألكل ‪. 1‬‬
‫‪ -20‬ال يجوز أكل الحمر األهلية ‪:‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أنس بن مالك ‪ ‬ق ــال ‪ :‬لما ك ــان ي ــوم خي ــبر أمر رس ــول اهلل ‪ ‬أبا طلحة فن ــادى ‪ :‬إن اهلل‬
‫ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر األهلية فإنها رجس " متفق عليه ‪0‬‬
‫‪ -21‬سـ ــؤر الحمـ ــار( أي لعابه ) طـ ــاهر غـ ــير نجس ؛ بل وكل السـ ــباع كاألسد والنمر والـ ــذئب فسـ ــؤرها‬
‫طاهر‪ .‬وهو قول مالك والشافعي‪ 2‬و أحمد في إحدى الروايتين ‪. 3‬‬
‫الدليل ‪ :‬حـديث جـابر ‪ ‬قـال ‪ :‬قيل لرسـول اهلل ‪ : ‬أنتوضأ بما أفضـلت الحمر ؟ قـال ‪ :‬نعم وبما أفضـلت‬
‫السباع كلها " رواه الدار قطني وقوى سنده البيهقي‪. 4‬‬
‫‪ -22‬كل الحيوانات التي يجوز أكلها فلعابها طاهر ‪ ،‬وهذا باالتفاق ‪.5‬‬

‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬والقول الثاني أنها نجسة حسياً فيجب غسل ما أصاب الثوب أو البدن منها ؛‬
‫ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم سماها أم الخبائث ‪ ،‬وسماها اهلل رجسا من عمل الشيطان ‪ ،‬ولم ينقل أن الشوارع امتألت وسالت‬
‫أسبوعا ‪ .‬وقولهم ‪ ":‬جرت في سكك المدينة " ال يدل على أنها مألت الطريق إلى جانبيه ‪ ،‬إال أن تكون كالبحار فيمكن أنها شغلت قدر‬
‫شبر من الطريق بطول عشرين مترا في خمسة أو أربعة طرق ‪ .‬ومعلوم أن اإلنسان بفطرته ال يتعمد أن يطأ في ماء يسيل في الطريق‬
‫ولو كان منتعالً ‪ ،‬فكيف يتعمد أن يطأ في مستنقع الخمر وقد علم أنها رجس من عمل الشيطان ؟! فعلى هذا يجب غسل أثرها وما‬
‫أصاب البدن أو الثوب منها كغسله من البول والبراز "‬
‫‪1‬‬
‫انظر أحكام الجراحة الطبية ص‪ ، 286‬وقال شيخ اإلسالم في مجموع الفتاوى ‪ " :24/270‬التداوي بأكل شحم الخنزير ال يجوز ‪ ،‬أما‬
‫التداوي بالتلطخ به ثم يغسله بعد ذلك فهذا مبني على جواز مباشرة النجاسة في غير الصالة ‪ ،‬وفيه نزاع مشهور ‪ ،‬والصحيحـ أنه يجوز‬
‫للحاجة وما أبيح للحاجة جاز التداوي به "‬
‫‪2‬‬
‫‪.-‬المغني ‪1/67‬‬
‫‪3‬‬
‫الكافي ‪28 /1‬‬
‫‪4‬‬
‫عون المعبود ‪ ، 1/100‬ولو فرض عدم صحة الحديث كما قال بذلك بعض العلماء فإن القول بطهارة سؤر الحمير والبغال ونحوها يقال‬
‫به قياساً على طهارة سؤر الهرة وذلك لصعوبة التحرز منها وكثرة مخالطتها الناس ‪ ،‬ولم ينقل عنه عليه الصالة و السالم أنه أمر بالتحرز من‬
‫لعابها ‪.‬فيبقى القول بطهارتها هو األصل ‪0‬‬
‫‪5‬‬
‫اإلجماع ص‪ ، 33‬المغني ‪1/70‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫ـنى وهو على راحلته ولعابها يســيل على‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عمرو بن خارجة ‪ ‬قال ‪ :‬خطبَنا رسول اهلل ‪ ‬بمـ ً‬
‫كتفي " ‪ .‬رواه أحمد وابن ماجة‪01‬‬
‫‪ -23‬ما يخرج من ذكر الرجل حكمه على التفصيل التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬البول ‪ :‬وهو نجس باإلجماع ‪ ،‬ومن بال وجب عليه غسل ذكره قبل أن يتوضأ **‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ب‪ -‬الودي‪ :‬وهو عصارة تخرج بعد البول على شكل نقط بيضاء وحكمه حكم البول ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الم ـ ــني ‪ :‬وهو س ـ ــائل غليظ له رائحة ويخ ـ ــرج دفقـ ـ ـاً عند اش ـ ــتداد الش ـ ــهوة ‪ .‬وهو ط ـ ــاهر ليس بنجس‬
‫وي ــوجب الغُ ْس ــل لمن أراد التطهر ألجل الصـــالة ونحوها ‪ ،‬وال يل ــزم غسل الث ــوب ال ــذي أصـــابه بل يكفي‬
‫ح ّكه ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث عائشة رضي اهلل عنها ق ــالت ‪ :‬لقد كنت أحك الم ــني يابسـ ـاً بظف ــري من ث ــوب رس ــول‬
‫اهلل ‪  "0‬رواه مسلم ‪ ،‬وفي لفظ له‪ " :‬لقد كنت أفركه من ثوب رسول اهلل ‪ ‬فركاً فيصلي فيه " ‪.‬‬
‫د‪ -‬الم ـ ــذي ‪ :‬وهو م ـ ــاء رقيق ليس له رائحة كرائحة الم ـ ــني ويخ ـ ــرج ب ـ ــدون دفق عند فت ـ ــور الش ـ ــهوة بعد‬
‫اشتدادها ‪ .‬وهو موجب لغسل الذكر والخصيتين قبل الوضوء ‪ .‬وما وقع عليه يكفي فيه النضح ‪.3‬‬
‫اء وكنت أستحي أن أسأل النبي ‪ ‬لمكان ابنته‬
‫الدليل ‪ :‬حديث علي بن أبي طالب ‪ ‬قال ‪ :‬كنت رجال م ّذ ً‬
‫ضأ " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫فأمرت المقداد بن األسود فسأله ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يغسل ذكره ويتو ّ‬
‫‪ -24‬ما يخرج من فرج المرأة فحكمه على التفصيل التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬البول ‪ :‬وهو نجس كبول الرجل ويجب منه غسل الفرج **‪.‬‬
‫ب‪ -‬دم الحيض ‪ :‬وهو دم نجس ‪ ،‬يمنع الصالة والصوم ‪ ،‬ويجب االغتسال منه بعد انقطاعه لمن تســتطيع‬
‫استخدام الماء ‪ ،‬فإن لم تقدر على استخدامه وجب التيمم ‪.‬‬
‫كالمني بالنسبة للرجل يوجب الغسل ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬ماء االحتالم ‪ :‬وهو‬
‫ال ـ ــدليل ‪ :‬ح ـ ــديث أم س ـ ــليم رضي اهلل عنها ق ـ ــالت ‪ :‬يا رس ـ ــول اهلل إن اهلل ال يس ـ ــتحيي من الحق ‪ :‬هل على‬
‫المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ قال ‪ " :‬نعم إذا هي رأت الماء " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وصححه األلباني في إرواء الغليل ‪6/88‬‬
‫مسحه بحجر ونحوه وهو االستجمار "‬
‫علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬أو ُ‬
‫**‬

‫‪2‬‬
‫المغني ‪1/233‬‬
‫‪3‬‬
‫االختيارات ص ‪ ، 43‬السيل الجرار‪1/35‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬أو االستجمار باألحجار ونحوها "‬

‫‪- 14 -‬‬
‫العـ ـ َـرق‬
‫د‪ -‬السـ ــوائل الخارجة من الفـ ــرج والمسـ ــماة بالرطوبة ‪ ،‬وهـ ــذه طـ ــاهرة ليست بنجسة شـ ــأنها شـ ــأن َ‬
‫الخارج‬
‫من الجسم ‪ ،‬وه ــذا هو المش ــتهر من ق ــول األحن ــاف‪ 1‬والص ــحيح من م ــذهب الحنابلة‪ 2‬ورجحه الن ــووي ‪.3‬‬
‫واألولى أن تتوضأ المرأة منه إذا أرادت فعل ما يوجب الطهارة كالصالة ومسـ المصحف ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬دم االستحاضة ‪ :‬وهو دم نجس يوجب الوضوء وإذا اســتمر فال يمنع الصــال َة والصــيام ؛ لكن ال يلــزم‬
‫االغتسال بعد انقطاعه كما في الحيض ( وسيأتي تفصيله في باب الحيض ) ‪.‬‬
‫‪ -25‬إذا وقع بول الطفل على ثوب أو سجادة فحكمه ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن كان الطفل ذكراً لم يطعم إال اللبن الذي يرضعه أو العسل أو الدواء أو نحو ذلك من الســوائل فإنه‬
‫يكفي في تنظيف الثوب أن يُرش بالماء ‪0‬‬
‫ب‪ -‬إن كــان الطفل الــذكر بــدأ يطعم بنفسه غــير اللبن والســوائل فالبد من غسل ما وقع عليه البــول ‪ ،‬وال‬
‫يُكتفى بالرش ( النضح) ‪0‬‬
‫ج‪ -‬إن كان الطفل أنثى فالبد من غسل ما وقع عليه بولها ؛ سواء طعمت غير اللبن أم لم تطعم سواه ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬حـــديث أبي الســـمح ‪ ‬قـ ــال ‪ :‬قـــال رســـول اهلل ‪ " : ‬يغسل من ب ــول الجارية وي ــرش من ب ــول‬
‫الغالم" رواه أبو داود والنسائي‪. 4‬‬
‫‪ -26‬بول الحيوان على نوعين ‪:‬‬
‫بـ ـ ــول ما يؤكل لحمه ؛ فهـ ـ ــذا ليس بنجس ‪ ،‬بل وروثه طـ ـ ــاهر أيض ـ ـ ـاً ‪ .‬وهو قـ ـ ــول الحنابلة‪ 5‬ورجحه شـ ـ ــيخ‬
‫اإلسالم‪ 6‬خالفاً للجمهور‪.7‬‬
‫‪1‬‬
‫حاشية ابن عابدين ‪1/274‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلنصاف ‪1/352‬‬
‫‪3‬‬
‫شرح مسلم ‪2/531‬‬
‫‪4‬‬
‫وصححه األلباني صحيح النسائي حديث رقم ( ‪ ، )303‬وقال الشيخ ابن باز ‪" :‬و[جاء ]في المسند (‪ )1/97،98‬بسند جيد على شرط‬
‫مسلم عن علي رضي اهلل عنه مرفوعا مثله " حاشية الشيخ ابن باز على بلوغ المرام ‪.1/72‬‬
‫‪5‬‬
‫الشرح الكبير ‪ ، 2/345‬مسائل اإلمام أحمد برواية ابنه صالح ص‪ ، 72‬االختيارات الفقهية ص‪42‬‬
‫‪6‬‬
‫االختيارات ص ‪ 42‬وقال رحمه اهلل ‪ " :‬وبول ما أكل لحمه وروثه ومنيه طاهر لم يذهب أحد من الصحابة إلى تنجسه ؛ بل القول‬
‫بنجاسته قول مح َدث ال سلف له من الصحابة "‬
‫‪7‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ، 1/223‬مواهب الجليل ‪ ، 1/222‬حاشية ابن عابدين ‪ ، 1/453‬ونقل زفر عن اإلمام مالك أن روث‬
‫ما يؤكل لحمه طاهر ( بدائع الصنائع ‪)1/197‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫ال ـ ــدليل ‪ :‬ح ـ ــديث أنس بن مالك ‪ t‬ق ـ ــال ‪ :‬ك ـ ــان رس ـ ــول اهلل ‪ ‬يص ـ ــلي في م ـ ــرابض الغنم قبل أن يب ـ ــني‬
‫المسجد ‪.‬رواه مسلم ‪ .‬وهذه المرابض ال تخلو من روث وبول ‪0‬‬
‫وكــذلك فقد أمر النــبي ‪ ‬العرنــيين أن يلحقــوا بإبل الصــدقة فيشــربوا من أبوالها وألبانها "رواه البخــاري عن‬
‫أنس ‪ .‬والنجس ال يبـ ـ ــاح شـ ـ ــربه ‪ ،‬ولو أبيح للضـ ـ ــرورة ألمـ ـ ــرهم بغسل أثر أبـ ـ ــوال اإلبل على أفـ ـ ــواههم أو‬
‫أوانيهم ‪0‬‬
‫ب‪ -‬بول ما ال يؤكل لحمه ‪ :‬وهذا نجس ‪.‬‬
‫‪ -27‬الدم من حيث النجاسة والطهورية أنواع ‪:1‬‬
‫دم نجس ال يعفى عن شيء منه ‪ .‬وهو ‪:‬‬
‫أ _ ما خرج من أحد السبيلين ‪.‬‬
‫ب _ ما خرج من حيوان نجس ‪.‬‬
‫ج _ ما كان دما مسفوحاً ‪.‬‬
‫دم طاهر ‪ ،‬وهو أنواع ‪:‬‬
‫أ _ دم األسـ ــماك والحيتـ ــان وكل حيوانـ ــات البحر ‪ ،‬ألن ميتتها طـ ــاهرة ‪ .‬قـ ــال ‪ ‬في البحر ‪ " :‬هو الطهـ ــور‬
‫ماؤه الحل ميتته " رواه أهل السنن عن أبي هريرة ‪. 2 ‬‬
‫ب‪ -‬الــدم اليســير الــذي ال يســيل ‪ ،‬كــدم البعوضة والــذباب ‪ .‬فلو تلــوث الثــوب بشــيء من ذلك الــدم فهو‬
‫ط ــاهر ال يجب غس ــله ‪ .‬ومما يـــدل على ذلك ح ــديث أبي هريـــرة ‪ ‬ق ــال ‪ : ‬إذا وقع ال ــذباب في ش ــراب‬
‫أحدكم فليغمسه ؛ فإن في أحد جناحيه داء ‪ ،‬وفي اآلخر شفاء " رواه البخاري‪.‬‬
‫ج _ الدم الذي يبقى في الذبيحة المذكاة بعد تذكيتها كالذي يكـون في العـروق والقلب والكبد ؛ فهـذا‬
‫قل أو كثر ‪.‬‬
‫طاهر‪َّ :‬‬
‫د – دم اآلدمي طــاهر ما لم يكن خارجا من أحد الســبيلين ‪.‬والــدليل على ذلك ‪ :‬أن األصل الطهــارة حــتى‬
‫يقوم دليل على النجاسة ‪ .‬ولم يثبت دليل صريح على نجاسة دم اآلدمي غــير دم الحيض ‪ .‬مع أنه كثــيراً ما‬
‫يخرج من اإلنسان دم من رعاف أو حجامة أو جروح ‪ ،‬ولو كانت تلك الدماء نجسة لبينها ‪. ‬‬

‫‪1‬‬
‫الشرح الممتع ‪378 -374 /1‬‬
‫‪2‬‬
‫وحسن إسناده الشيخ ابن باز في حاشيته على بلوغ المرام ‪.1/55‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫‪1‬‬
‫وقد كان الصحابة يصلون في جراحاتهم ودماؤهمـ تسيل على ثيابهم ‪،‬ولم يـؤمروا بغسـلها أو التحـرز منها‬
‫**‬

‫باب الوضوء‬

‫‪ -28‬السواك من سنن الوضوء ‪ :‬سواء قبل الشروع فيه ‪ ،‬أو عند المضمضةـ ‪. 2‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث أبي هريــرة قــال ‪ :‬قــال ‪ " : ‬لــوال أن أشق على أمــتي ألمــرتهم بالســواك مع كل وضــوء "‬
‫أخرجه مالك وأحمد‪0 3‬‬
‫‪ -29‬ص ـ ــفة الوض ـ ــوء تؤخذ من ح ـ ــديث حم ـ ــران أن عثم ـ ــان ‪ ‬دعا بوض ـ ــوء فغسل كفيه ثالث م ـ ــرات ثم‬
‫تمضـــمض واستنشق واســـتنثر ‪ ،‬ثم غسل وجهه ثالث مـــرات ‪ ،‬ثم غسل ي ــده إلى المرفق ثالث م ــرات‪ ،‬ثم‬

‫وقال شيخ اإلسالم في ( االختيارات الفقهية ص‪ " : ) 28‬والدم والقيء وغيرهماـ من النجاسات الخارجة من غير المخرج المعتاد ال‬ ‫‪1‬‬

‫تنقض الوضوء ولو كثرن‪ ،‬وهو مذهب مالك والشافعي "‬


‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬والصحيح أنه نجس ‪ .‬فقد أمر النبي صلى اللع عليه وسلم من أحدث في‬
‫الصالة أن يأخذ بأنفه ليوهم أنه مرعوف ‪ .‬فد ّل ذلك على أن من رعف انصرف من صالته وأمسك بأنفه لئال يتقاطر على ثوبه وال على‬
‫ث دائم فما زال يسيل حتى مات ‪.‬‬
‫حد ٌ‬
‫المسجد وأن ما وقع عليها فإنه يغسل لنجاسته ‪ .‬وأما صالة عمر وجرحه يثعب دما فإن ذلك َ‬
‫فصالته بالدم للضرورة ‪ ،‬وهكذا صالة الصحابي الذي رمي وهو يصلي واستمر في الصالة فإنه لو قطع الصالة ما توقف الدم ‪ ،‬فقد‬
‫يبقى الدم يوما أو أكثر ‪ .‬وأ ما بقية الصحابة فإنما خرج منهم دم يسير ال ينقض الوضوء ‪ .‬ومما يدل على نجاسة الدم أن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أمر بغسل دم الحيض بقوله ‪ " :‬تحتّه ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه " مع أن دم الحيض أولى أن يتساهل فيه ؛ ألنه مادة‬
‫اإلنسان التي يتغذى منها في الرحم واهلل أعلم "‬
‫‪2‬‬
‫وهو أيضاً مسنون في خمسة مواضع أخر ‪ :‬األول ‪ :‬عند كل صالة لرواية في حديث أبي هريرةـ السابق وهي في صحيح مسلم " عند كل‬
‫صالة " ‪ .‬الثاني ‪ :‬عند االستيقاظ من النوم لحديث حذيفة أن النبي ‪ ‬كان إذا قام من الليل يشوص فاه " رواه الشيخان‪ 0‬الثالث‪:‬ـ عند دخول‬
‫البيت وقد سئلت عائشة ‪ :‬بأي شيء كان يبدأ رسول اهلل ‪ ‬إذا دخل البيت؟ قالت بالسواك ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬الرابع‪ :‬عند قراءة القرآن‬
‫لحديث علي بن أبي طالب قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن المصلي إذا قرأ في الصالة فإن الملك يدنو منه حتى يضع فاه على فيه ‪ ،‬فما‬
‫وجود إسناده المنذري وابن حجر في ( تلخيص الحبير ‪ )1/242‬وصححه األلباني في‬
‫يخرج من فم المصلي فإنه في فم الملك" رواه البزار ّ‬
‫( صحيح الترغيب حديث رقم (‪ )215‬الخامس ‪ :‬عند الحاجة إليه كأن تظهر رائحة الفم لحديث عائشة رضي اهلل عنها قال ‪ : ‬السواك‬
‫مطهرة للفم مرضاة للرب ‪ .‬رواه أحمد والنسائي وحسن إسناده ابن حجر ( هداية الرواةـ ‪)1/214‬‬
‫‪3‬‬
‫وصححه ابن عبدالبر في التمهيد ‪1/472‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫اليس ـ ــرى مثل ذلك ‪ ،‬ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليم ـ ــنى إلى الكع ـ ــبين ثالث م ـ ــرات ‪ ،‬ثم اليس ـ ــرى مثل‬
‫ذلك ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬رأيت رسول اهلل ‪ ‬توضأ نحو وضوئي هذا " متفق عليه ‪0‬‬
‫‪-30‬غسل الكفين ســنة وليس بــواجب إال إذا كــان قد قــام من نــوم ليـ ٍـل فإنه ال يجــوز له أن يــدخل يديه في‬
‫اإلناء إال بعد أن يغسلهما خارجه وهو المشتهر من مذهب الحنابلة ‪. 1‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أبي هري ــرة ‪ ‬ق ــال ‪ " : ‬إذا اس ــتيقظ أح ــدكم من نومه فال يغمس ي ــده في اإلن ــاء ح ــتى‬
‫يغسلها ثالثاً ‪ ،‬فإنه ال يدري أيـن باتت يده" متفق عليه ‪.‬‬
‫ـل‬
‫وهنا مســألتان ‪ :‬األولى ‪ :‬أن النــوم الــذي يجب منه غسل الكفين هو نـوم الليل لمن أراد الوضــوء ‪ ،‬وتُغسـ ُ‬
‫اليــدان خــارج اإلنــاء إن كــان المــاء موضــوعاً في إنــاء ‪ .‬والــذي يــدل على تخصــيص الحكم بنــوم الليل دون‬
‫غيره قوله ‪ ‬في الحديث ‪ " :‬أين باتت يده " والبيتوتة ال تكون إال في الليل ‪02‬‬
‫الثانية ‪ :‬الغَ ْسل في الحالة السابقة واجب مرة ‪ ،‬أما الثالث فسنّة لتحقق الطهارة بواحدة ‪.‬‬
‫‪ -31‬المضمضة واالستنشاق واجبان في الوضوء والغسل وهو قول الحنابلة ‪. 3‬‬
‫ـاء ثم ليس ـ ــتنثر " رواه‬
‫ال ـ ــدليل ‪ :‬ح ـ ــديث أبي هري ـ ــرة ‪ ‬ق ـ ــال ‪ " : ‬إذا توضأ أح ـ ــدكم فليجعل في أنفه م ـ ـ ً‬
‫الشيخان ‪ ،‬وحديث لقيط بن صبرة ‪ ‬قال ‪ " ::‬إذا توضأت فمضمض " رواه أبو داود‪0 4‬‬
‫‪ -32‬المرفق داخل في غسل اليد أثناء الوضوء وهو قول جمهور أهل العلم ‪. 5‬‬
‫الــدليل ‪ :‬ما روي عن أبي هريــرة ‪ ‬أنه توضأ فغسل يــده اليمــنى حــتى أشــرع في العضــد‪ ،‬ثم غسل اليســرى‬
‫حتى أشرع في العضد وقال ‪ :‬هكذا رأيت النبي ‪ " ‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫ولحديث جابر بن عبد اهلل أن النبي ‪ ‬أدار الماء على مرفقيه " رواه الدارقطني والبيهقي‪0 6‬‬

‫‪1‬‬
‫زاد المستقنع ص‪ ، 9‬وقال الشيخ محمد بن ابراهيم ‪ " :‬فال يحل إدخالهما قبل غسلهماـ ثالثاً ‪ ،‬فإن أدخلهما قبل ذلك فهو ٍ‬
‫عاص آثم‬
‫مخالف ألمر رسول اهلل ‪ " ‬مجموع الفتاوى ‪2/29‬‬
‫‪2‬‬
‫شفاء العليل شرح منار السبيل ‪1/112‬‬
‫‪3‬‬
‫الكافي ‪ ، 1/57‬الفروع ‪1/116‬‬
‫‪4‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪)144‬‬
‫‪5‬‬
‫المجموع ‪1/419‬‬
‫‪6‬‬
‫وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ‪)2067‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫‪ -33‬مسح الــرأس مــرة واحــدة فقط ‪ ،‬ويكــون لجميع الــرأس ال بعضه وهو مــذهب اإلمــام مالك‪ 1‬واإلمــام‬
‫أحمد‪ 2‬وقول شيخ اإلسالم‪ 3‬وابن القيم‪0 4‬‬
‫ال ـ ــدليل ‪ :‬ح ـ ــديث عبداهلل بن زيد بن عاصم ‪ ‬أن الن ـ ــبي ‪ ‬مسح رأسه فأقبل بهما ( أي بيديه ) وأدبر م ـ ــرة‬
‫واحدة "رواه البخاري ‪.‬‬
‫ومن مسح بعض رأسه ال ينطبق عليه أنه مسح رأسه ؛ بل بعضه ‪.‬‬
‫‪ -34‬األذنان تمسحان مع الرأس وهو من مفردات المذهب الحنبلي‪ 5‬واختاره ابن القيم‪. 6‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي أمامة ‪ ‬قال ‪ :‬قال‪ " : ‬األذنان من الرأس " رواه أبو داود والترمذي‪07‬‬
‫وطريقة مسح الرأس كما يلي ‪:‬‬
‫يبل يديه بالمــاء‪ ،‬ثم يمسح بها على رأسه ابتــداء من ناصــية رأسه إلى آخــره من الخلف ‪ ،‬ثم يعــود بهما مــرة‬
‫ُّ‬
‫أخرى إلى الناصية مع استيفاء جميع الرأس ‪ .‬ويُعفى عن الشعرات اليسيرة ‪ .‬وأما األذنان فيكون اإلبهامــان‬
‫الصماخين ‪.‬‬
‫خلف األذنين يحركهما على ظهر األذنين ويدخل إصبعيه السبابتين داخل ِّ‬

‫ـاء جدي ــداً لألذنين‪ 8‬إال إذا احت ــاج إلى ذلك ك ــأن يك ــون‬
‫وأما الغض ــاريف فال يل ــزم مس ــحها ‪ .‬وال يأخذ م ـ ً‬
‫الشعر كثيفاً ‪.‬‬
‫وهذا الوصف لمسح الرأس عام للرجل والمرأة وال فرق بينهما‪0‬‬
‫‪ -35‬الترتيب في فروضـ الوضوء واجب ‪ ،‬وهو مذهب الشافعية‪ 9‬والحنابلة‪. 10‬‬

‫‪1‬‬
‫مواهب الجليل ‪1/293‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلنصاف ‪1/358‬‬
‫‪3‬‬
‫الفتاوى ‪21/123‬‬
‫‪4‬‬
‫زاد المعاد ‪1/193‬‬
‫‪5‬‬
‫اإلنصاف ‪1/352‬‬
‫‪6‬‬
‫زاد المعاد ‪1/194‬‬
‫‪7‬‬
‫وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم (‪)36‬‬
‫‪8‬‬
‫االختيارات ص‪ ، 12‬زاد المعاد ‪1/195‬‬
‫‪9‬‬
‫بداية المجتهد ‪1/42‬‬
‫‪10‬‬
‫الكافي‪68 /1‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫الدليل ‪ :‬آية الوضوء ؛ حيث ذكر اهلل جل وعال ممسوحاً (وهو الرأس) بين مغسولين ‪.‬فــدل على وجــوب‬
‫الــترتيب ‪ ،‬ولو لم يكن الــترتيب واجب ـاً ألخَّره حــتى ينتهي من ذكر المغســوالت ‪ .‬كما أن النــبي ‪ ‬لم ينقل‬
‫أخل بهذا الترتيب طيلة حياته ‪.‬‬
‫عنه أنه َّ‬
‫‪ -36‬المواالة في الوضوء هي ‪ :‬أن ال يؤخِّر المتوضَّئ غسل عضو إلى أن َّ‬
‫يجف الذي قبله ‪.‬‬
‫وهي واجبة إال إذا وجد ع ــذر ‪ ،‬كما لو انقطع الم ــاء والحاجة إليه قائمة ‪ ،‬أو اش ــتغل بتنظيف بعض أعض ــاء‬
‫الوضوء ‪ .‬وهو مذهب اإلمام مالك‪ٌ 1‬‬
‫وقول لإلمام أحمد‪ 2‬رجحه شيخ اإلسالم ‪. 3‬‬
‫الـ ــدليل على وجـ ــوب المـ ــواالة ‪ :‬حـ ــديث خالد بن معـ ــدان عن بعض أصـ ــحاب النـ ــبي ‪ ‬أنه عليه الصـ ــالة‬
‫ـل الظفر (يعـ ـ ــني لم يصـ ـ ــبها المـ ـ ــاء) فقـ ـ ــال له ‪" :‬ارجع فأحسن‬
‫والسـ ـ ــالم أبصر رجالً توضأ وعلى قدمهـ مثـ ـ ـ ُ‬
‫وضوءك " فرجع فتوضأ ثم صلى ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -37‬ال يجوز أن يزيد المسلم في غسل أعضائه في الوضوء عن ثالث غسالت‪. 4‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عمــرو بن شــعيب عن أبيه عن جــده ‪ :‬أن أعرابيـاً ســأل الرســول ‪ ‬أن يعلَّمه صــفة الوضــوء‬
‫فتوضأ ‪ ‬وض ــوءه المعت ــاد وغسل كل عضو ثالثــاً إال ال ــرأس ثم ق ــال ‪ " :‬ه ــذا الوض ــوء فمن زاد فقد أس ــاء‬
‫‪5‬‬
‫وتعدى وظلم " رواه أبو داود‬

‫‪ -38‬االستنثار واجب في الوضوء ‪ ،‬وهو قول لإلمام أحمد‪ 6‬رجحه ابن حجر‪. 7‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث أبي هري ــرة ‪ ‬ق ــال ‪ :‬ق ــال ‪ " : ‬إذا توضأ أح ــدكم فليجعل في أنفه م ــاء ثم لينت ــثر " رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪ .‬واألمر ظاهره الوجوب ‪ ،‬وال يوجد صارف له عن ذلك ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حاشية الدسوقي ‪1/153‬‬
‫‪2‬‬
‫المغني ‪1/192‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال _ رحمه اهلل _ في مجموع الفتاوى ‪ " :167-21/135‬هذا القول هو األظهر واألشبه بأصول الشريعة ‪ ،‬وبأصول مذهب أحمد‬
‫المفرط ‪ ،‬ال تتناول العاجز عن المواالة "‬
‫وغيره ‪ ،‬وذلك أن أدلة الوجوب ال تتناول إال ِّ‬
‫‪4‬‬
‫الشرح الكبير ‪1/367‬‬
‫‪5‬‬
‫وصححـ إسناده النووي في شرحه لصحيح مسلم ‪3/479‬‬
‫‪6‬‬
‫الفروع ‪ ، 1/116‬اإلنصاف ‪327 /1‬‬
‫‪7‬‬
‫فتح الباري ‪1/315‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫‪ -39‬المراد بإسباغ الوضوء ‪ :‬تبليغ الماء إلى المحل المفروض وليس تعدَّيه ‪.1‬‬
‫ال ــدليل على اإلس ــباغ ح ــديث لقيط بن ص ــبرة ‪ ‬وفيه ‪ " :‬أس ــبغ الوض ــوء " رواه أهل الس ــنن وص ــححه ابن‬
‫خزيمة ‪. 2‬‬
‫‪ -40‬المبالغة في االستنشاق سنة لغير الصائم ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث لقيط السالف وفيه ‪ " :‬وبالغ في االستنشاق إال أن تكون صائماً "‪.‬‬
‫‪ -41‬تخليل األصابع سنّة ‪ .‬ويكون بالنسبة ألصابع اليدين بإدخال بعضها في بعض ‪ ،‬وأما أصــابع الــرجلين‬
‫فيكون بإدخال خنصر يده اليسرى في أصابع الرجلين ‪. 3‬‬
‫الدليل ‪ :‬على مشروعية تخليل األصابع ‪ :‬حديث لقيط السابق وفيه " وخلل بين األصابع " ‪.‬‬
‫وأما الدليل على الصفة المذكورة للتخليل فحديث المستورد بن شــداد ‪ ‬قــال ‪ :‬رأيت النــبي ‪ ‬إذا توضأ‬
‫يدلك أصابع رجليه بخنصره " رواه أبو داود‪. 4‬‬
‫‪ -42‬يجب غسل ما تحت اللحية بالمـاء ‪ ،‬فـإن لم يمكن غسـله إال بالتخليل وجب التخليل ‪،‬وماعـدا ذلك‬
‫فســنة ال واجب ‪.‬فصــاحب اللحية الخفيفة _ وهو من تبــدو بشــرة وجهه من خاللها _ يجب عليه غسل ما‬
‫تحتها ‪ ،‬أما صاحب اللحية الكثّة وهي التي تستر البشرة فيأخذ كفاً من ماء ‪ ،‬ثم يخلل به الشعر حتى يــرى‬
‫روى البشرة ‪.‬‬
‫أنه ّ‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عثمان بن عفان ‪ ، ‬وفيه أن النبي ‪ ‬كان يخلل لحيته في الوضوء " رواه ابن ماجة ‪.5‬‬
‫‪6‬‬
‫ما يقال في اللحية وكذا باقي شعر الوجه ‪.‬‬ ‫ويقال في العنفقة‬

‫‪1‬‬
‫وأما حديث أبي هريرةـ "فمن استطاع أن يطيل منكم غرته فليفعل "رواه الشيخان فهو مدرج من كالم أبي هريرة ‪ ،‬وليس من كالم النبي‬
‫فهم ألبي هريرة لم يوافقه غيره من الصحابة ‪ ،‬والعبرة بما روى الصحابة ال بما رأى ‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،1/285‬زاد المعاد‬
‫‪ ، ‬وهو ُ‬
‫‪1/196‬‬
‫‪2‬‬
‫بلوغ المرام ص‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫حاشية الروض المربع ‪1/173‬‬
‫‪4‬‬
‫وحسنه ابن حجر في هداية الرواةـ ‪ ، 1/221‬وقد صحح الحديثـ األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪ . )148‬ولعل ترجيح أن‬
‫المراد الخنصر األيسر دون األيمن كون الموضع موضع تنظُّف فاستعملت الشمال ألنها المستعملة في إزالة القذى ‪0‬‬
‫‪5‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح ابن ماجة حديث رقم ( ‪) 350‬‬
‫‪6‬‬
‫العنفقة ‪ :‬هي شعيرات بين الشفة السفلى والذقن (المعجم الوسيط ‪)1/631‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫‪ -43‬أقل ما ثبت عن النبي ‪ ‬أنه توضأ بثلثي مـ ّد ‪.‬والم ُّـد ‪ :‬ربع الصـاع ‪ ،‬وهو ملءُ َّ‬
‫كفي اإلنسـان المعتـدل‬
‫إذا مألهما وم ـ ّد يــده بهما ‪ 7.‬الــدليل ‪ :‬حــديث أم عمــارة رضي اهلل عنها ‪ :‬أن النــبي ‪ ‬توضأ فــأتي بإنــاء فيه‬
‫ماء قدر ثلثي المد ‪ .‬رواه النسائي ‪. 8‬وعند أحمد من حديث عبداهلل بن زيد ‪ " ‬فجعل يدلك ذراعيه " ‪.9‬‬
‫ويؤخذ منه سنية دلك األعضاء ‪.‬‬
‫‪ -44‬البدء باليمين في غسل األعضاء هو السنة ؛ لكن لو قــدَّم المســلم غسل يــده اليســرى على اليمــنى أو‬
‫ـح وضــوؤه ‪ .‬وقد حكــاه ابن المنــذر إجماعا ‪ ، 4‬وقــال ابن قدامة ‪ " :‬ال نعلم‬
‫رجله اليســرى على اليمــنى صـ َّ‬
‫فيه خالفا " ‪. 5‬‬
‫‪- 45‬التس ـ ــمية عند الوض ـ ــوء س ـ ــنة وليست بواجبة ‪ ،‬وهو ق ـ ــول الجمه ـ ــور‪ ، 6‬واخت ـ ــاره الش ـ ــيخ محمد بن‬
‫إبراهيم‪. 7‬‬
‫ـبي ‪‬‬
‫الـ ــدليل ‪ :‬عـ ــدم ذكر البسـ ــملة في آية الوضـ ــوء ‪ ،‬وكـ ــذلك حـ ــديث عمـ ــرو بن شـ ــعيب حين علّم النـ ـ ُ‬
‫األعرابي الوضوء (وقد سبق الحديث) ولم يذكر الراوي أنه ّسمى ‪ ‬أو أمر األعرابي بالتسمية ‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ -46‬الس ـ ـ ـ ــنة في المضمضة واالستنش ـ ـ ـ ــاق أن يكونا من ك ـ ـ ـ ـ ََّ‬
‫ـف واح ـ ـ ـ ــدة ‪ ،‬بحيث يؤخذ بعض ما في اليد‬
‫للمضمضةـ ويكون الباقي لالستنشاق‪. 8‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عبد اهلل بن زيد ‪ ‬قــال في صــفة وضــوء النــبي ‪ " ‬ثم أدخل يــده فمضــمض واستنشق من‬
‫كف واحدة يفعل ذلك ثالثاً " متفق عليه ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫القاموس المحيط مادة ( م ّد ) ص‪407‬‬
‫‪8‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح النسائي حديث رقم ( ‪)74‬‬
‫‪9‬‬
‫صحح إسناده شعيب األرناؤوط في تحقيقه المسند حديث رقم ( ‪)370‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلجماع ص‪34‬‬
‫‪5‬‬
‫بأي أعضائي بدأت "‬
‫علي بن أبي طالب ‪ ‬أنه توضأ بالشمال قبل اليمين وقال ‪ " :‬ما أبالي َّ‬
‫المغني ‪ ، 1/190‬وقد ورد في هذا الباب عن َّ‬
‫رواه البيهقي والدارقطني ‪ .‬وفي سنده مقال ‪ ،‬انظر ( تلخيص الحبير ‪) 279 /1‬‬
‫‪6‬‬
‫بدائع الصنائع ‪، 1/107‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ، 1/137‬المغني ‪ ،1/145‬نيل األوطار ‪ 1/130‬وخالف الحنابلة في‬
‫المشهور من المذهبـ فقالوا بالوجوب مع الذكر ‪ ،‬حاشية الروض المربع ‪1/157‬‬
‫‪7‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن ابراهيم ‪2/39‬‬
‫‪8‬‬
‫زاد المعاد ‪1/192‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫‪ -47‬من السنة أن يقول بعد الفراغ من الوضوء " أشهد أن ال إله إال اهلل وحــده ال شــريك له ‪ ،‬وأشــهد أن‬
‫محمداً عبده ورسوله " رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر ‪. ‬‬

‫وله أن يزيد " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " رواه الترمذي‪0 1‬‬
‫‪-48‬األدعية ال ــواردة عند غسل كل عضو ال أصل لها ‪ ،‬ولم يصح فيها ح ــديث كما ق ــال ابن الص ــالح ‪،2‬‬
‫وابن القيم‪.3‬وعلى هذا فقولها من البدع المحدثة ‪.‬‬

‫المسح على الخفين‬

‫‪ -49‬الخف ‪ :‬اسم لنعل مصنوع من جلود ويجعل فوق ظهرها جلد آخر تربط به ويخرز فيه‪. 4‬‬
‫‪5‬‬
‫والمسح عليه ثابت من فعل رسـول اهلل ‪ ‬وهو مما نقل بـالتواتر ‪ ،‬ولم ينقل عن أحد من السـلف إنكــاره‬
‫إال عن المبتدعة والخـ ـ ــوارج والـ ـ ــروافض ‪ ،‬قـ ـ ــال اإلمـ ـ ــام أحمد ‪ " :‬ليس في نفسي من المسح شـ ـ ــيء ‪ ،‬فيه‬
‫أربعون حديثاً عن النبي ‪. 6" ‬‬
‫وأما الجورب ‪ :‬وهو الشراب ‪ ،‬فالصواب جواز المسح عليه كما هو مذهب اإلمام أحمد ‪ ، 7‬واختاره ابن‬
‫حزم ‪ . 8‬وقد روي عن تسعة من الصحابة أنهم مسحوا على الجوارب ‪. 9‬‬

‫‪1‬‬
‫حسن هذه الزيادة األرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد ‪ ، 1/196‬وورد ذكر آخر وهو قول " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال‬
‫أنت أستغفرك وأتوب إليك " رواه النسائي ‪ ،‬وصحح إسناده ابن حجر موقوفا على أبي سعيد ‪،‬انظر ( تحفة األحوذي ‪)1/151‬‬
‫‪2‬‬
‫تلخيص الحبير ‪1/297‬‬
‫‪3‬‬
‫الوابل الصيب ص‪215‬‬
‫‪4‬‬
‫إبهاج المؤمنين ‪1/87‬‬
‫‪5‬‬
‫روي عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس إنكارهم للمسحـ بمرويات حكاها ابن أبي شيبة في المصنف ‪ 1/169‬وهي مرويات ضعيفة ال‬
‫تثبت عنهم ‪ .‬انظر ( التمهيد ‪ ، 2/229‬االستذكار ‪)1/259‬‬
‫‪6‬‬
‫الشرح الكبير‪1/378‬‬
‫‪7‬‬
‫المغني ‪373 /1‬‬
‫‪8‬‬
‫المحلىـ ‪2/57‬‬
‫‪9‬‬
‫المغني ‪1/374‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫الدليل ‪:‬حديث المغيرة بن شعبة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬مسح على الجوربين والنعلين "رواه وأحمد أبو داود‪.10‬‬
‫‪ -50‬يشترط في صحة المسح على الخفين أن يكون قد لبسهما على طهارة مائية كاملة ‪ .‬ويخــرج بــذلك‬
‫ما كان ملبوسا بطهارة التيمم ‪ .‬فلو تيمم لعدم استطاعته الوضــوء بالمــاء ولبس الخف ثم وجد المــاء وجب‬
‫نزع الخف إذا أراد الوضوء ‪ ،‬وال يجوز له المسح عليه ‪ ،‬وهذا مذهب اإلمام أحمد ‪.2‬‬
‫الــدليل حــديث أبي ذر ‪ ‬قــال النــبي ‪ " : ‬الصــعيد الطيب وضــوء المســلم وان لم يجد المــاء عشر ســنين‬
‫فإذا‬
‫وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير " رواه أحمد وأبو داود‪0 3‬‬
‫والس ـ ــنّة أن ال يلبس الخفين إال بعد أن ينتهي تمامـ ـ ـاً من الوض ـ ــوء ؛ لكن لو غسل رجالً ثم لبس خفها قبل‬
‫غسل‬
‫األخرى فالذي عليه الجمهور عدم صحة المسح‪ ، 4‬وعند األحناف يصح‪ 5‬وهو اختيار شيخ اإلسالم‪. 6‬‬
‫الدليل على اشتراط كمال الطهارة ‪ :‬حديث المغيرة ‪ ‬قال ‪ :‬كنت مع النبي ‪ ‬فتوضأ فأهويت ألنزع خفيه‬
‫فقال ‪ :‬دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " رواه البخاري ومسلمـ ‪.‬‬
‫‪ -51‬مدة المسح يوم بليلته للمقيم وثالثة أيام بلياليهن للمسافر‪ ،‬وهو قول جمهور العلماء‪.7‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث علي بن أبي طالب ‪ ‬قال ‪:‬جعل رسول اهلل ‪ ‬للمسافر ثالثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما‬
‫‪8‬‬
‫وليلة " رواه أحمد ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫و حسن إسناده الشيخ ابن باز في حاشيته على بلوغ المرام‪ .1/91‬علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬وضعفه‬
‫اإلمام مسلم في كتابه " التمييز " وبين أنه غلط من الراوي "‬
‫‪2‬‬
‫اإلنصاف ‪1/396‬‬
‫‪3‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪)332‬‬
‫‪4‬‬
‫صحيح مسلم بشرح النووي ‪2/510‬‬
‫‪5‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/82‬‬
‫‪6‬‬
‫االختيارات ص‪26‬‬
‫‪7‬‬
‫اإلجماع ص‪ ، 35‬المجموع ‪ ، 1/508‬وخالف مالك فجعلها مطلقة ‪( ،‬بداية المجتهد ‪. ) 1/47‬‬
‫‪8‬‬
‫وصححه شعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند حديث رقم ( ‪)1126‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫وفي حال الضرورة يجوز تجاوز هذه المدة فيمسح بقدر وجود هذه الضرورة فمتى زالت وجب نزع‬
‫الخف وااللتزام بالمدة المحددة شرعاً ‪ ،‬وهو قول شيخ اإلسالم‪. 1‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عقبة بن عامر ‪ ‬أنه قدم على عمر ‪ ‬من الشام وقد لبس خفيه من الجمعة إلى الجمعة‬
‫فقال عمر ‪ :‬أصبت ‪ ،‬وفي رواية أصبت السنة ‪،‬رواه البيهقي وابن ماجة‪. 2‬‬
‫‪ -52‬ال يقال بأفضلية الغَ ْسل للقدمين مطلقاً وال بالمسح على الخفين مطلقاً ؛ بل من كان البساً للخف‬

‫فالمسح في حقه أولى ‪ ،‬ومن كان كاشفاً قدميه فالغسل في حقه أولى ‪ ،‬وهو اختيار شيخ اإلسالم‪ 3‬وابن‬
‫القيم‪. 4‬‬
‫‪ -53‬مدة المسح تبدأ من أول مسح يعقب أول حدث ‪ ،‬وهي رواية في مذهب اإلمام أحمد‪ ، 5‬واختار‬
‫هذا القول النووي‪ 6‬والسعدي‪ 07‬فلو لبس الخف بعد وضوئه للظهر ثم جلس طاهراً وصلى به العصر‬
‫والمغرب ثم أحدث فمسح ؛ فَ ِم ْن مسحه هذا تبدأ المدة **‪.‬‬
‫‪ -54‬يج ـ ــوز المسح على الخف المخ ـ ـ َّـرق من غ ـ ــير تحديد لحجم الخ ـ ــرق ‪ ،‬فما دام أنه يُمشى به ويطلق‬
‫عليه اسم الخف فيجوز المسح عليه ‪ ،‬وهو قول شيخ اإلسالم‪. 8‬‬
‫الدليل ‪ :‬فعل الصحابة رضي اهلل عنهم حيث كان كثــير منهم فقــراء ‪ ،‬وإمكانية وجــود خــروق في خفــافهمـ‬
‫وجـ ــواربهم واردة ‪ ،‬وكـ ــذلك فقد كـ ــانوا يمشـ ــون بها في غـ ــزواتهم وأسـ ــفارهم ‪ .‬وال شك أنها سـ ــتتعرض‬

‫‪1‬‬
‫الفتاوى ‪ 177 /21‬وقال _ رحمه اهلل _ في ( االختيارات ص‪ " :)26‬وال تتوقف مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع‬
‫واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمينـ "‬
‫‪2‬‬
‫وصححه شيخ اإلسالم في الفتاوى ‪ ،21/177‬وكذلك صححه األلباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ‪)2622‬‬
‫‪3‬‬
‫االختيارات ص‪24‬‬
‫‪4‬‬
‫زاد المعاد ‪1/199‬‬
‫‪5‬‬
‫الكافي ‪1/80‬‬
‫‪6‬‬
‫المجموع ‪1/512‬‬
‫‪7‬‬
‫المختارات الجلية ص‪27‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬وتبدأ من العصر إن مسح قبل الحدث لظاهر الحديث "‬
‫‪8‬‬
‫الفتاوى‪21/173‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫للشــقوق من الحجــارة والشــوك ونحوها ‪ ،‬ومع هــذا لم يــرد نص عن النــبي ‪ ‬ينهى عن المسح على الخف‬
‫المخرق‪.1‬‬
‫َّ‬
‫الش َّفاف من الجــوارب أو الخفـاف فالصــواب جــواز المسح عليه أيضـاً؛ لعـدم ورود ما يُ َحــدَّد به نـوع‬
‫وأما َّ‬
‫الخف والجـ ــورب وسـ ــمكهما ومـ ــادة صـ ــنعهما ‪ ،‬فما دام يطلق عليه جـ ــورب أو خف فال يمنع من المسح‬
‫عليه إال بدليل وال دليل ينص على المنع ‪ ،‬قال بذلك الشيخ ابن عثيمين‪0** 2‬‬
‫‪ -55‬من لبس خفـ ـ ـاً ومسح عليه قبل الحـ ــدث ‪ ،‬ثم لبس آخر فوقه ولم يكن قد أحـ ــدث بعد لبسه للخف‬
‫األول جــاز المسح على األخــير ‪ ،‬لكن لو لبســهما في وقتـ واحد فالمسح على األعلى منهما ‪ ،‬وال يلزمهـ‬
‫أن ينـزعه ويمسح على األسفل ‪0‬‬

‫‪ -56‬طريقة المسح على الخفين يكون بالمسح على ظاهر الخفين ال على باطنهما الذي يلي األرض ‪.‬‬
‫الـ ــدليل ‪ :‬قـ ــال علي ‪" : ‬لو كـ ــان الـ ــدين بـ ــالرأي لكـ ــان أسـ ــفل الخف أولى بالمسح من أعاله ‪ ،‬وقد رأيت‬
‫رسول اهلل ‪ ‬يمسح على ظاهر خفيه " رواه أبو داود ‪.3‬‬
‫يبل يديه االثنــتين بالمــاء ثم يمسح بــاليمنى على اليمــنى واليســرى على اليســرى في نفس الـوقت ابتــداء‬
‫‪ُّ -2‬‬
‫من أطراف أصابع القدمين حتى يشرع في الساقين ‪.‬‬
‫الـدليل ‪ :‬قـول المغـيرة بن شـعبة ‪ ( ‬وقد سـبق ) " فمسح عليهما " ولم يقل بـدأ بـاليمنى ‪ ،‬ولكن لو مسح‬
‫كل ذلك‪04‬‬ ‫بيد أجزأ ُّ‬ ‫كالً منهما على ِحدة بيديه االثنتين ‪ ،‬أو مسح اليمنى ٍ‬
‫بيد ثم اليسرى ٍ‬
‫‪ -57‬المسح على العمامة ‪:‬‬
‫أ‪ -‬يجوز المسح عليها وهو مذهب الحنابلة ‪ 5‬خالفاً للجمهور‪. 6‬‬

‫‪1‬‬
‫مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ‪ ، 21/172‬إبهاج المؤمنين ‪188 /1‬‬
‫‪2‬‬
‫فتاوى المسح على الخفين ص‪10‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬والصحيح أن جوارب الصحابة من الصوف الغليظ ‪ ،‬وقد كانوا يمشون فيها‬
‫المخرق منها دون الخفاف "‬
‫ّ‬ ‫بدون نعل مما يدل على أنها سميكة ال يخرقها الماء ؛ فلذلك ال ُيمسح على الشفاف وال‬
‫‪3‬‬
‫وحسنه ابن حجر في هداية الرواةـ ‪1/265‬‬
‫‪4‬‬
‫إبهاج المؤمنين ‪1/92‬‬
‫‪5‬‬
‫زاد المستقنع ص‪10‬‬
‫‪6‬‬
‫المغني ‪1/379‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث المغيرة بن شعبة ‪ ‬قال‪ ":‬مسح النبي ‪ ‬بناصيته وعلى العمامة " رواه مسلم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال يشترط في هذه العمامة أن تكون محنّكة (وهي التي يدار بعضها تحت الحنك) ‪ ،‬وال ذات ذؤابة‬
‫** ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫مرخى ) ‪ .‬وهو اختيار شيخ اإلسالم‬
‫ً‬ ‫(وهي جعل طرف العمامة‬
‫ج‪ -‬نـ ـ ـ ـ ـ ــزع العمامة ال يبطل المسح عليها ‪ .‬وهو قـ ـ ـ ـ ـ ــول ابن حـ ـ ـ ـ ـ ــزم‪ ،2‬واختيـ ـ ـ ـ ـ ــار شـ ـ ـ ـ ـ ــيخ اإلسـ ـ ـ ـ ـ ــالم‪. 3‬‬
‫وعلى هذا فال يلزم لبسها على طهارة مائية كالخف‪ ، 4‬والقياس على الخف يحتاج إلى دليل **‪.‬‬
‫د‪ -‬طريقة المسح على العمامة ‪ :‬أن يمسح مق ـ ــدَّم رأسه ( الناص ـ ــية ) ثم يكمل المسح على العمامة ‪ ،‬ف ـ ــإن‬
‫فعل‬
‫صح المسح ‪ .‬وال يلــزم مسح األذنين لعــدم النقل‬
‫فحسن ‪ ،‬ولو مسح على العمامة بدون أن يمسح الناصية َّ‬
‫في ذلك‪.5‬‬

‫‪ -58‬يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها إذا شق نزعه لبرد ونحوه ‪ .‬وهو قول الحنابلة ‪.6‬‬
‫‪ -59‬المسح على جبيرة أو لفافة مشدودة على كسر أو جرح جائز ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث ابن عباس ‪ ‬أن رجالً أصابته شجة في رأسه فاغتسل فمات ‪ ،‬فقال النبي ‪ " : ‬إنما كان‬
‫يكفيه أن يعصب على رأسه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده " رواه أبو داود‪07‬‬

‫‪1‬‬
‫االختيارات ص‪26‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬والمسح عند مشقة نزعها ال مع عدم المشقة "‬
‫‪2‬‬
‫المحلىـ ‪68 /2‬‬
‫‪3‬‬
‫االختيارات ص‪26‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلنصاف ‪1/388‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬لكن األصل أنها كالخف "‬
‫‪5‬‬
‫قال في الشرح الكبير ‪ " :1/421‬ال نعلم فيه خالفاً " أي ‪ :‬في المذهبـ ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫الروض المربع ‪ .1/316‬وقال شيخ اإلسالم في مجموع الفتاوى ‪ : 21/218‬إن خافت المرأة من البرد ونحوه مسحت على خمارها ‪،‬‬
‫فإن أم سلمة كانت تمسح على خمارها ‪ ،‬وينبغي أن تمسح مع هذا بعض شعرها ‪ ،‬وأما إذا لم يكن بها حاجة إلى ذلك ففيه نزاع بين‬
‫العلماء "أ‪.‬هـ ‪ .‬ومسح أم سلمة على الخمار رواه ابن المنذر وابن أبي شيبة بسند صحيح‪.‬‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى المسح على الخفين ص‪ " :22‬وأما ما يُلبس في أيام الشتاء من القبع الشامل للرأس واألذنين والذي في‬
‫أسفله لفة على الرقبة ؛ فإن هذا مثل العمامة لمشقة نزعه فيمسح عليه "‬
‫‪7‬‬
‫حسن الحديثـ األلباني دون زيادة " إنما كان يكفيه ‪ "...‬ولكن قال الشيخ ابن جبرين ‪ " :‬روي من طريق أخرى عن ابن عباس يتقوى به‬
‫الحديث ويعلم أنه صحيح " إبهاج المؤمنين ‪1/91‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫‪ -60‬يختلف المسح على الجبيرة عن المسح على الخف بأمور منها ‪: 1‬‬
‫‪ -1‬أنها ال يشترط لجواز المسح عليها ت َقدم الطهارة لها ‪ ،‬بخالف الخف ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم التوقيت بمدة للمسح ‪ ،‬بل متى وجدت الحاجة لبقائها تعين المسح عليها ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال ينتقض المسح عليها بالحدث األكبر بعكس الخف ‪.‬‬
‫‪ -4‬وجوب المسح على جميع ما كان مغطيا منها للعضو الواجب غسله ‪ ،‬أما الخف فالمسح على ظاهره‬
‫دون باطنه ‪.‬‬
‫‪ -61‬إذا وجد جرح أو حــرق في أحد أعضــاء الوضــوء المســتحقة للغسل فتكــون طهــارة ذلك العضو على‬
‫النحو التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كان الجرح على عضو من أعضاء الوضوء وكان مكشوفا وال يضره الغَ ْسل وجب غسله ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان مكشوفاً ويضره الغسل دون المسح فيجب المسح ‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كان مكشوفاً ويضره الغسل والمسح ؛ فعليه أن يــتيمم لهــذا الجــرح بنفس طريقة الــتيمم المعروفة‬
‫‪ ،‬ويكون ذلك إما قبل الوضوء أو بعده ‪.‬‬
‫د‪ -‬أن يكـ ــون مسـ ــتوراً بلفافةـ وشـ ــبهها ويكـ ــون محتاجا إليها ‪ ،‬فهنا ‪ :‬يمسح على السـ ــاتر ويغنيه عن غسل‬
‫العضو وال يتيمم‪ .2‬والمسح على محل الجرح يكون مرة واحدة فقط حتى لو كان ذلك العضو يشرع فيه‬
‫تثليث الغسل كالوجه أو اليدين‪. 3‬‬
‫‪ -62‬من مسح في سفر ثم رجع إلى بلده فله حكم المقيم ‪.‬‬
‫وعلى ذلك ‪ :‬ف ـ ــإن ك ـ ــان قضى أك ـ ــثر من ي ـ ــوم وليلة في س ـ ــفره ثم رجع إلى بل ـ ــده وجب عليه ن ـ ــزع الخف‬
‫وغسل القدمين عند الوضوء ‪ ،‬وهذا مذهب الحنابلة‪. 4‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلنصاف ‪1/193‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلنصاف ‪1/424‬‬
‫‪3‬‬
‫السابق ‪1/360‬‬
‫‪4‬‬
‫المغني ‪1/372‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫ـاليهن‬
‫وإن كان مقيماً ثم سافر قبل إتمــام مــدة اإلقامة ( يـوم بليلته ) فله حكم المســافر فيكمل ثالثة أيــام بليـ َّ‬
‫ـع إليها اإلمــام أحمد‪ 2‬؛ وذلك ألن النــبي ‪ ‬وقَّتـ للمســافر ثالثة‬
‫رجـ َ‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬وهو مــذهب الحنفية ‪ ،‬والرواية الــتي َ‬
‫أيام بلياليهن ‪ ،‬ولم يفرق بين سفر وسفر **‪.‬‬

‫نواقض الوضوء‬
‫‪ -63‬من ن ــام نومـ ـاً مس ــتغرقاًـ زال معهـ ش ــعوره ولم يبق إدرا ُكـه معهـ ‪ ،‬ح ــتى إنه ال يش ــعر بما حوله فحينئ ـ ٍـذ‬
‫ينتقض وضوؤه ؛ ألنه ربما أحدث وهو ال يشعر ‪ .‬وهو اختيار شيخ اإلسالم‪ 3‬والشيخ ابن باز‪.4‬‬
‫والنوم ليس بذاته حدثاً ؛ إنما هو مظنة الحدث وهو قول جماهير العلماء ‪. 5‬‬
‫سـ ـ ِه (أي‪ :‬رب ــاط ال ــدبر) فمن ن ــام‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث علي بن أبي ط ــالب ‪ ‬ق ــال ‪ :‬ق ــال ‪ " : ‬العين ِوك ــاء ال َّ‬
‫فليتوضأ " رواه ابن ماجة ‪.6‬‬
‫أما من ك ـ ــان نومه دون ذلك بحيث قد يس ـ ــمع كالم من حوله ولو خ ـ ــرج منه ش ـ ــيء ش ـ ــعر به فوض ـ ــوؤه ال‬
‫ينتقض ؛ سواء أكان قائماً أو قاعداً أو متكئاً أو مضطجعاً‪. 7‬‬

‫الدليل حديث أنس ‪ ‬قال ‪":‬كان أصحاب رسول اهلل ‪ ‬ينتظرون العشاء اآلخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم‬
‫البزار " ويضعون جنوبهم "‪.8‬‬
‫يصلون وال يتوضئون "رواه مسلم ‪ ،‬وفي رواية عند َّ‬

‫‪1‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/80‬‬
‫‪2‬‬
‫الفروع ‪1/135‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬لكن االحتياط مسحه كمقيم تغليبا لجانب الحظر "‬
‫‪3‬‬
‫الفتاوى ‪21/82‬‬
‫‪4‬‬
‫مجموع فتاوى ابن باز ‪4/82‬‬
‫‪5‬‬
‫فتاوى ابن تيمية ‪ ،21/118‬وانظر سرد النووي ألقوال العلماء ومناقشة ذلك في مسألة النوم هل هو ناقض للوضوء أم ال ؟ المجموعـ‬
‫‪2/20‬‬
‫‪6‬‬
‫وحسنه األلباني في صحيح ابن ماجة حديث رقم ( ‪)391‬‬
‫‪7‬‬
‫األم ‪ ،1/63‬الشرح الممتع ‪1/228‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫‪ -64‬دم الحيض واالستحاضة ناقضان للوضوء(وسـيأتي بيـان ذلك في بـاب الحيض واالستحاضة والنفـاس‬
‫)‪.‬‬
‫مني ُّ‬
‫فيعد من نواقض الوضوء ‪،‬‬ ‫‪ -65‬كل خارج من السبيلين من بول أو غائط أو دم أو مذي أو ودي أو ّ‬
‫وهذا بإجماع العلماء‪.1‬‬
‫‪ -66‬كل خـارج من غـير السـبيلين ال ينقض الوضـوء كـالقيء والصـديد والقيح والـدم ** إال إذا كـان الـذي‬
‫خرج من غير السبيلين ٌ‬
‫بول أو غائط ‪ ،‬كمن ال يستطيع التبــول والتغــوط من مكانهما الطــبيعي كحــال بعض‬
‫‪2‬‬
‫واختـاره‬ ‫المرضى ‪ ،‬فهـذا ينتقض وضـوؤه بخـروج البـول والغائط ‪ 0‬وهو مـذهب اإلمـام مالك والشـافعي‬
‫شيخ اإلسالم‪. 3‬‬
‫الــدليل على عــدم نقض ما خــرج من غــير الســبيلين للوضــوء ‪ :‬عــدم ثبــوت ما يــدل على ذلك ‪ ،‬فاألصل‬
‫** ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫عدم النقض حتى يثبت الدليل‬
‫‪ -67‬خروج الريح أو الصوت من الدبر ناقض من نواقض الوضوء ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ " : ‬ال وضوء إال من صوت أو ريح " رواه أحمد والترمذي‪0 5‬‬
‫أما خروج الريح من القبل فالصواب أنه ال َّ‬
‫يعد ناقضاً ‪06‬‬

‫‪8‬‬
‫وهي رواية صحيحة صححها ابن حجر في فتح الباري ‪ . 1/376‬علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬ولعله لم‬
‫يثبت عنهم الحترامهم المسجد عن االضطجاع "‬
‫‪1‬‬
‫اإلجماع ص‪ ، 29‬وقد سبق تفصيل ذلك في باب إزالة النجاسة‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬اليسير كنقطة أو نقطتين "‬
‫‪2‬‬
‫مواهب الجليل ‪ ، 422 /1‬اإلقناع في حل الفاظ أبي شجاع ‪ ، 1/163‬سبل السالم ‪ ، 1/123‬السيل الجرار ‪1/97‬‬
‫‪3‬‬
‫الفتاوى ‪21/222‬‬
‫‪4‬‬
‫وأما حديث " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ‪ ،‬ثم ليبن على صالته " رواه ابن ماجة ‪ ،‬فهو حديث ضعيف‬
‫انظر ( ضعيف ابن ماجة حديث رقم( ‪ )225‬وضعيف الجامع حديث رقم (‪) 5426‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال‪ " :‬لكن في الرعاف قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬إذا أحدث أحدكم فليمسك‬
‫بأنفه ولينصرف " صححه األلباني في " المشكاة " وهو دليل على أنهم إذا رعف أحدهم أمسك بأنفه وانصرف فيكون الرعاف ناقضا‬
‫ويلحق به بقية الدماء إذا كثرت "‬
‫‪5‬‬
‫وصححه شعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند حديث رقم ( ‪)10092‬‬
‫‪6‬‬
‫الوضوء الهواءُ الخارج من فرج المرأةـ ؛ ألنه ال يخرج من محل‬
‫َ‬ ‫قال الشيخ ابن عثيمين في ( مجموع الفتاوى ‪ " :)4/197‬ال ينقض‬
‫نجس كالريح التي تخرج من الدبر"‬

‫‪- 30 -‬‬
‫مس الم ــرأة بش ــهوة أو ب ــدون ش ــهوة ال ينقض الوض ــوء إال إن خ ــرج من أح ــدهما ش ــيء بس ــبب ذلك‬
‫‪ّ -68‬‬
‫حينئذ ‪ ،‬وهو قول أبي حنيفة ‪ ،1‬والرأي األخير لشيخ اإلسالم‪ ،2‬ورجحه الشيخ ابن باز‪.3‬‬ ‫ٍ‬ ‫فينتقض الوضوء‬
‫ال ــدليل ‪ :‬على ع ــدم النقض لغ ــير ش ــهوة ‪ :‬ح ــديث عائشة رضي اهلل عنها أن الن ــبي ‪ ‬ك ــان يص ــلي وهي في‬
‫قبلته فإذا سجد غمزها فقبضتـ رجلها وإذا قام بسطتها " رواه الشيخان ‪.‬‬
‫وأما الدليل على عدم النقض لشهوة ‪ :‬فحــديث عائشة رضي اهلل عنها أن النــبي ‪ ‬قبل امــرأة من نســائه ثم‬
‫خرج إلى الصالة ولم يتوضأ " رواه أحمد وأبوداود ‪0** 4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -69‬من شك ‪ :‬هل انتقض وضوؤه أم ال فهو طاهر ؛ ألن األصل بقاء الطهارة ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ " : ‬إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه ‪ :‬أخرج شيء أم ال‬
‫يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " رواه مسلم ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫؟ فال‬
‫مستحب ‪ .‬وهذا أحوط ‪ ،‬وهو مذهب الحنفية‪،6‬‬
‫ٌ‬ ‫الوضوء منه‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫مس الذكر ال ينقض الوضوء ّ‬
‫‪ُّ -70‬‬
‫ورواية عن اإلمام أحمد‪،7‬رجحها شيخ اإلسالم‪ ،8‬واختارها الشيخ ابن عثيمين‪.9‬‬
‫الــدليل على عــدم النقض‪ :‬حــديث طلق بن حــبيب ‪ ‬قــال ‪ :‬جــاء رجل إلى النــبي ‪ ‬فقــال ‪ :‬ما تــرى في مس‬
‫ذكره بعد ما يتوضأ ؟ فقال ‪ " :‬وهل هو إال بضعة منك ؟ " رواه أبو داود والترمذي‪.10‬‬
‫الرجل َ‬

‫‪1‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/131‬‬
‫‪2‬‬
‫االختيارات ص‪28‬‬
‫‪3‬‬
‫فتاوى ابن باز ‪4/83‬‬
‫‪4‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪ ، )179‬وكذلك قوى إسناده الشيخ ابن باز‪.‬في حاشيته على بلوغ المرام ‪1/98‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال ‪ " :‬لكن ُحمل على أنه تقبيل شفقة ورحمة وغمزة لها ليس لشهوة ‪ ،‬وقد قرأ‬
‫سـتم النساء ) من اللمس بشهوة جمعاً بين القراءتين "‬
‫بعض القراء السبعة قول اهلل تعالى ( أو لَ َم ْ‬
‫‪5‬‬
‫شفاء العليل ‪1/294‬‬
‫‪6‬‬
‫المغني ‪241 /1‬‬
‫‪7‬‬
‫مسائل أحمد براواية عبد اهلل ص‪16‬‬
‫‪8‬‬
‫الفتاوى ‪ ،21/241‬االختيارات ص‪28‬‬
‫‪9‬‬
‫الشرح الممتع ‪234 /1‬‬
‫‪10‬‬
‫قال ابن حجر " وهو إما حديث صحيح أو حسن " الفتح ‪ ،1/306‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪)182‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫وهذا الحكم عام للرجل والمرأة ‪.** 1‬‬
‫مس األم لفرج طفلها عند تنظيفه (ذكراً أو أنثى) ال ينقض الوضوء ويكفي أن تغسل يدها ‪.‬‬
‫‪ُّ -71‬‬
‫مس ذكر المـــريض وخصـــيتيه ال ينقض الوضـــوء‪ ،2‬وذلك بن ــاء على ما س ــبق تقري ــره في المس ــألة‬
‫وك ــذلك ُّ‬
‫السالفة فكيف والحاجة داعية إليه هنا ؟! ‪.‬‬
‫‪ -72‬أكل لحم اإلبل ن ـ ـ ــاقض للوض ـ ـ ــوء وهو من مف ـ ـ ــرداتـ الم ـ ـ ــذهب الحنبلي‪ ،3‬وهو اختي ـ ـ ــار ابن القيم‪،4‬‬
‫ورجحه الشيخ ابن باز‪.5‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث جابر بن سمرة ‪ ‬أن رجالً جاء إلى الرسول ‪ ‬فقال ‪ :‬أتوضأ من لحــوم الغنم ؟ قــال ‪ " :‬إن‬
‫شئت " قال ‪ :‬أتوضأ من لحوم اإلبل ؟ قال ‪ " :‬نعم " رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أكل بقية أجزاء اإلبل كالكبد والكرش ونحوها‪.‬‬
‫ويتبع في هذا الحكم ُ‬
‫وأما َم َرقةـ لحم اإلبل ف ـ ــإن ظهـر طعم اللحم فيها انتقض الوض ـ ــوء ‪ ،‬وإن لم يظهر له أثر فال يجب إع ـ ــادة‬
‫الوضوء ‪ ،‬إال أن األحوط اإلعادة ‪0 7‬‬

‫مس ذكره فليتوضأ " رواه مالك وأبو داود وصححـ إسناده ابن عبد البر في ( التمهيد ‪) 1/265‬‬
‫وأما حديث بسرة بنت صفوان ‪ ":‬من َّ‬
‫مسه بشهوة ‪ ،‬انظر ( اإلنصاف ‪)28 /2‬‬
‫واأللباني ( صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪ )181‬فمحمول على االستحباب ‪ ،‬وقيل على من َّ‬
‫‪1‬‬
‫مس فرجه فليتوضأ ‪ ،‬وأيما امرأة مست‬
‫ولعل مما يدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال ‪ " : ‬أيُّما رجل َّ‬
‫صح فهو محمول على استحباب الوضوء كحديث بُ ْس َرةَ‬
‫فرجها فلتتوضأ " رواه أحمد وصححه البخاري وابن القيم ‪...‬ـ وهذا الحديث إن َّ‬
‫السالف ‪.‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال ‪ " :‬واألقرب أنه ينقض لحديث بسرة وحديث سعد عند مالك وغيرها ] أي من‬
‫األحاديث [‬
‫‪2‬‬
‫فتاوى الشيخ ابن عثيمين ‪4/203‬‬
‫‪3‬‬
‫مسائل اإلمام أحمد برواية ابنه صالح ص‪ ، 105‬الكافي ‪1/94‬‬
‫‪4‬‬
‫تهذيب السنن ‪1/217‬‬
‫‪5‬‬
‫فتاوى ابن باز ‪4/85‬‬
‫‪6‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي ‪" :‬الصحيح أن جميع أجزاء اإلبل كالكرش والقلب والمصران ونحوها ناقض ؛ ألنه داخل في حكمها‬
‫ولفظها ومعناها ‪ ،‬والتفريق بين أجزائها ليس له دليل وال تعليل " فقه ابن سعدي‪1/275‬‬
‫‪7‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/253‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫وأما لبنها فال ينقض الوض ـ ـ ــوء ‪ ،‬وهي رواية عن اإلم ـ ـ ــام أحمد‪ 1‬رجحها الش ـ ـ ــيخ ابن ب ـ ـ ــاز ‪ 2‬؛ ألنه ليس في‬
‫مسمى اللحم ‪ ،‬وألن النبي ‪ ‬لم يأمر العرنيين الذين دلَّهم على شرب ألبان اإلبل بالوضوء بعد شربها ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -73‬قـــراءة القـــرآن للمحـــدث حـــدثاً أصـــغر عن ظهر قلب جـــائزة باإلجم ــاع ‪ ، 3‬أما من ك ــان على جنابة‬
‫فيحرم عليه قراءة القرآن‪.4‬‬
‫مس المص ــحف ‪ :‬فال يج ــوز في حق المح ــدث ح ــتى يتوضأ وهو ق ــول األئمة األربعة‪ ، 5‬وال شك أن‬
‫وأما ُّ‬
‫الجنب يحرم عليه من باب األولى ‪.‬‬
‫يمس‬ ‫الدليل ‪ :‬حديث عبد اهلل بن أبي بكر َّ‬
‫أن في الكتاب الذي كتبه الرسول ‪ ‬لعمر بن حزم ‪ " :‬أال َّ‬
‫القرآن إال طاهر " رواه مالك ووصله النسائي‪.6‬‬
‫س ـه بحائل فج ــائز لكن ال يمسه بيديه مباش ــرة ‪ ،‬وهو اختي ــار ابن قدامة ‪ ، 7‬وق ــول‬
‫أما حمل المص ــحف وم ّ‬
‫شيخ اإلسالم‪.8‬‬
‫ومس جسده ال ينقض الوضوء ‪. 9‬‬
‫‪ -74‬تغسيل الميت ُّ‬

‫‪1‬‬
‫المغني ‪1/254‬‬
‫‪2‬‬
‫مجموع فتاوى ابن باز ‪86-85 /1‬‬
‫‪3‬‬
‫المجموع ‪2/188‬‬
‫‪4‬‬
‫معالم السنن ‪1/66‬‬
‫‪5‬‬
‫الفتاوى البن تيمية ‪21/266‬‬
‫‪6‬‬
‫قال الشيخ ابن باز ‪ " :‬وهو حديث جيد اإلسناد رواه أبو داود وغيره متصالً ومرسالً وله طرق تدل على صحته واتصاله " فتاوى الشيخ‬
‫ابن باز ‪4/90‬‬
‫‪7‬‬
‫المغني ‪1/204‬‬
‫‪8‬‬
‫الفتاوى ‪ ، 21/267‬أما التفسير فيقول الشيخ ابن عثيمين ‪ " :‬كتب التفسير يجوز مسها بغير وضوء ألنها تعتبر تفسيراً ‪ ،‬واآليات التي‬
‫فدل هذا على أن الحكم لألغلب‬ ‫فيها أقل من التفسير ‪ ،‬ويستدل لذلك بكتابة النبي ‪ ‬الكتب للكفار وفيها آيات من القرآن الكريم ‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫برجحان فإنه‬ ‫واألكثر‪ .‬أما إذا تساوى التفسير واآليات فعلى القاعدة المعروفة عند أهل العلم أنه إذا اجتمع مبيح وحاظر ولم يتميز أحدهما‬
‫يغلّب جانب الحظر ‪ ،‬وعلى هذا فإذا كان القرآن والتفسير متساويين أعطي الحكم للقرآن ‪ ،‬وإذا كان التفسير أكثر ولو بقليل أعطي حكم‬
‫التفسير " فتاوى الشيخ ابن عثيمين ‪215-4/214‬‬
‫‪9‬‬
‫شفاء العليل ‪289 /1‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫الـدليل ‪ :‬حـديث ابن عبـاس ‪ ‬قـال ‪ :‬قـال رسـول اهلل ‪ " : ‬ليس عليكم في غسل ميتكم غسل ‪ ،‬إنه مـؤمن‬
‫‪** 1‬‬
‫مسلم طاهر ‪ ،‬وإنما يكفيكم أن تغسلوا أيديكم " رواه البيهقي ‪0‬‬

‫باب آداب قضاء الحاجة‬

‫‪ -75‬األولى اجتناب دخول الخالء بشيء فيه ذكر اسم اهلل إال إذا خشي على تركه خارج الخالء ‪.‬‬
‫ّأما من ك ـ ــان معهـ أوراق نقدية فيها اسم اهلل ‪ ،‬أومن ك ـ ــان البسـ ـ ـاً خاتمـ ـ ـاً منقوشا عليه لفظ الجاللة ف ـ ــإن‬
‫استطاع إخفاء ذلك فهو أولى وال شك ‪ ،‬وإن لم يفعل فال حرج عليه ‪. 2‬‬
‫وأما المصــحف فحــرم بعض أهل العلم الــدخول به مطلقا ‪ ،‬ألنه أشــرف الكالم ‪ ،‬ودخــول الخالء فيه نــوع‬
‫من اإلهانة إال إذا خشي أن يُســرق ‪ ،‬ولم يجد أحــدا يحفظه له ‪ ،‬أو إن كــان يخشى إن وضــعه في الخــارج‬
‫أن يصيبه وسخ أو تراب فلعله يباح له الدخول به ‪ ،‬ولكن يجعله مخفيا داخل أثوابه ال بارزا ‪.3‬‬
‫‪ -76‬يسن لمن دخل الخالء أن يقـ ـ ـ ــدم رجله اليسـ ـ ـ ــرى ويقـ ـ ـ ــول عند دخوله ‪ " :‬اللهم إني أعـ ـ ـ ــوذ بك من‬
‫الخبث والخبائث " متفق عليه من حديث أنس ‪. 4‬‬
‫ولو سـ ّـمى قبل هــذا الــذكر لكــان ذلك حســناً لقــول النــبي ‪ " : ‬ســتر ما بيت أعين الجن وعــورات بــني آدم‬
‫إذا دخل الخالء أن يقول ‪" :‬بسم اهلل " رواه الترمذي من حديث علي بن أبي طالب‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫وحسن إسناده ابن حجر في تلخيص الحبير ‪ ، 1/372‬وكذلك حسنه األلباني في أحكام الجنائز ص‪72‬‬
‫** علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال ‪ " :‬واالحتياط االغتسال منه لقول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬من غسل ميتا‬
‫فليغتسل ومن حمله فليتوضأ " وهو حديث صحيح ‪ ،‬وحمل على االستحباب ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أقل ما فيه الوضوء ‪ ،‬فيكون الوضوء واجبا‬
‫واالغتسال مستحبا "‬
‫‪2‬‬
‫المجموع ‪ ، 2/87‬المغني ‪1/228‬‬
‫‪3‬‬
‫حاشية الدسوقي ‪ ، 1/179‬حاشية الروض المربع ‪ ، 1/129‬الشرح الممتع ‪1/90‬‬
‫‪4‬‬
‫الخبث ‪ :‬جمع خبيث ‪ ،‬والخبائثـ ‪ :‬جمع خبيثة ‪ ،‬فكأنه استعاذ من ذكران الجنـ وإناثهم "‬
‫‪ .‬قال الخطابي في ( معالم السنن ‪ُ " :)1/10‬‬
‫‪5‬‬
‫صحح الحديثـ األلباني في اإلرواء ‪1/87‬‬
‫ّ‬

‫‪- 34 -‬‬
‫وإذا كان في الخالء يقول هذا الذكر عند تشميره ثيابه وهو مذهب الجمهور‪. 6‬‬
‫‪3‬‬
‫وعند الخروج من الخالء يقدم رجله اليمنى‪ 2‬ويقول ‪" :‬غفرانك"‬
‫ولو زاد " الحمد هلل الذي أذهب عني األذى وعافاني " فال بأس‪0 4‬‬
‫‪ -77‬االستبراء والتنظف من الخارج من السبيلين على ثالث مراتب ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬االستجمار بما يجوز به االســتجمار ( وســيأتي بيانه ) ‪ ،‬ثم يتبعه المــاء وهــذه أكمل المــراتب ؛ ألن‬
‫‪5‬‬
‫فيها زيادة في التنظف‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬االستنجاء بالماء فقط ‪ ،‬وهو أفضل من االستجمار بالحجارة ونحوها‪06‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عائشة رضي اهلل عنها قــالت لبعض النســاء ‪ُ " :‬مـ ْـر َن أزواجكن أن يســتطيبوا بالمــاء ؛ فــإني‬
‫أستحييهم ‪ ،‬فإن رسول اهلل ‪ ‬كان يفعله " رواه أحمد الترمذي‪. 7‬‬
‫الثالثة ‪ :‬االستجمار فقط وهو إزالة األذى من الم ْخ َرج باألحجار ‪ 8‬ونحوها ‪.‬‬
‫وسمي استجماراً اشتقاقاً من الجمرات وهي الحصيات الصغيرة ‪. 9‬‬

‫‪6‬‬
‫نيل األوطار ‪1/71‬‬
‫‪2‬‬
‫فائدة ‪ :‬قال الشيخ ابن قاسم في ( حاشية الروض المربع ‪ )1/123‬عن تقديم اليمين والشمال في أوامر الشريعة ‪ " :‬األحوال ثالثة ‪ ( :‬أ‬
‫) ‪ :‬ما كان من باب التكريم فتقدم فيه اليمنى ِرجالً أو يداً ‪(.‬ب)ـ ‪ :‬ما كان من باب األذى فتقدم فيه اليسرى ِرجالً أو يداً ‪ (.‬ج ) ‪ :‬ما تردد‬
‫فيه ‪ ،‬فاألصل فيه اليمين ؛ لقول عائشة رضي اهلل عنها ‪ :‬كان النبي ‪ ‬يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ‪ .‬متفق عليه "‬
‫‪3‬‬
‫رواه أبو داود والترمذي وصححه النووي في كتاب األذكار ص ‪. 28‬واأللباني في اإلرواء ‪1/91‬‬
‫‪4‬‬
‫رواه ابن ماجة وحسنه إسناده ابن حجر في هداية الرواةـ ‪ . 211 /1‬وقال ابن القيم في ( إغاثة اللهفان‪ )1/58‬في سر الدعاء بهذا الذكر‬
‫‪ " :‬وفي هذا من السر – واهلل أعلم – أن النجو يث ّقل البدن ويؤذيه باحتباسه ‪،‬والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه ‪،‬فهما مؤذيان‬
‫خالص ِه من هذا المؤذي ببدنه وخفة البدن وراحته ‪،‬وسأل أن يخلصه من المؤذي اآلخر ويريح‬ ‫ِ‬ ‫فح ِم َد اهلل عند خروجه على‬
‫للبدن والقلب َ‬
‫قلبه منه ويخففه "‬
‫‪5‬‬
‫وردت فيه أحاديث ال تثبت ‪ ،‬انظر ( تلخيص الحبير ‪ ،)1/322‬و ( إرواء الغليل ‪ . )1/82‬علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا‬
‫الموضع فقال ‪ " :‬وثبت موقوفا عن علي – رضي اهلل عنه – "‬
‫‪6‬‬
‫قال أبو عيسى الترمذي ‪ " :‬وعليه العمل عند أهل العلم يختارون االستنجاء بالماء ‪ ،‬وإن كان االستنجاء بالحجارةـ يجزئ عندهم ؛ فإنهم‬
‫استحبوا االستنجاء بالماء ورأوه أفضل " صحيح سنن الترمذي ‪ 1/31‬وانظر ( إبهاج المؤمنين ‪. ) 1/68‬‬
‫‪7‬‬
‫صحح إسناده األلباني في صحيح الترمذي حديث رقم ( ‪ )19‬وشعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند حديث رقم (‪)24639‬‬
‫‪8‬‬
‫االستذكار ‪1/174‬‬
‫‪9‬‬
‫إبهاج المؤمنين ‪1/67‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫الــدليل على أن االســتجمار وحــده كـ ٍ‬
‫ـاف ‪:‬حــديث المغــيرة ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال لي النــبي ‪ ‬خذ اإلداوة ‪ ،1‬فــانطلق‬
‫حــتى تــوارى عــني فقضى حاجته " متفق عليه ‪َ .‬فتـ ْـر ُك اإلداوة مع المغــيرة وفيها المــاء وذهابه عليه الصــالة‬
‫والسالم بال ماء يدل على أنه استجمر ‪ .‬فمن استجمر فال يلزمهـ أن يتبع استجماره بالماء‪0 2‬‬
‫‪ -78‬األماكن التي ينهى عن قضاءـ الحاجة فيها هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬طريق الناس وأماكن الظل التي يجلسون فيها ‪.‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث أبي هريــرة ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال ‪ " : ‬اتقــوا الالعــنين ‪ :‬الــذي يتخلى في طريق النــاس أو ظلهم "‬
‫رواه مسلم ‪0 3‬‬
‫ب‪ -‬مــوارد النــاس ‪ :‬أي األمــاكن الــتي يردونها إما لكونها مجتمع مــاء يستســقون منه أو يشــربون أو أمــاكن‬
‫يردها الناس لحاجات أخرى ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث مع ــاذ‪ ‬ق ــال ‪ " : ‬اتق ــوا المالعن الثالث ‪ :‬ال ــبراز في الم ــوارد وقارعة الطريق والظل "‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬‬ ‫رواه أبوداود‬
‫ج‪ -‬نقع الماء أو الماء الراكد ‪ :‬لحديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ " : ‬ال يبولن أحدكم في الماء الــدائم الــذي ال‬
‫يجري ثم يغتسل فيه " رواه البخاري ‪0‬‬
‫الجحر ‪ :‬وهذا باتفاق األئمة األربعة‪.5‬‬
‫د‪ -‬البول في ُ‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عبد اهلل بن سرجس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال ‪ " :‬ال يبـولن أحــدكم في الجحر " رواه أحمد وأبو‬
‫داود‪. 6‬والحكمة في ذلك ‪ :‬أنه ذريعة إلى خــروج ما يؤذيه من هــذا الجحر ‪ ،‬وقد يكــون من مســاكن الجن‬
‫فيؤذيهم بالبول فربما آذوه ‪0 7‬‬
‫‪1‬‬
‫اإلداوة ‪ :‬إناء صغير يحمل فيه الماءـ ( معجم لغة الفقهاء ص‪)30‬‬
‫‪2‬‬
‫األم ‪ ،1/74‬االستذكار ‪1/255‬‬
‫‪3‬‬
‫قال النووي في ( شرح مسلم ‪ " : )3/503‬اتقوا الالعنين أي ‪ :‬صاحبَ ْي اللعن ‪ ،‬وهما اللذان يلعنهما الناس في العادة " ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وحسنه األلباني في ( إرواء الغليل ‪)1/100‬‬
‫‪5‬‬
‫وحكاه النووي إجماعاً (المجموع ‪)101 /2‬‬
‫‪6‬‬
‫وصححه النووي في المجموع ‪ ، 2/100‬والشوكاني في السيل الجرار ‪ ، 1/66‬وقال الشيخ شعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند‪" :‬‬
‫رجاله ثقات رجال الصحيح " ‪ .‬حديث رقم ( ‪)20775‬‬
‫‪7‬‬
‫ذكر بعض المؤرخين أن سعد بن عبادة ‪ ‬سيد الخزرج بال في جحر بالشام وما أن فرغ من بوله حتى استلقى ميتاً ‪ ،‬فسمعوا هاتفا يهتف‬
‫‪:‬‬
‫نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده ‪ ،‬انظر ‪ :‬المغني ‪ ، 1/225‬سير أعالم النبالء ‪1/277‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫هـ‪ -‬قضاءـ الحاجة على القبر ‪ .‬الدليل ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قــال ‪ :‬قـال رسـول اهلل ‪ " : ‬ألن يقعد أحـدكم‬
‫على جمرة حتى تخرق ثيابه وتصل إلى جلده خير له من أن يقعد على قبر مسلم أو على قبر " رواه مسلم‬
‫‪ .‬وهذا في القعود على القبر فكيف بقضاء الحاجة ؟!‬
‫المستح ّم ( مكان االغتسال) إذا كان يبقى الماء فيه ‪ ،‬أما إذا كــان له مجــرى كما هو الحــال‬
‫َ‬ ‫و‪ -‬البول في‬
‫اآلن فال ينهى عن التبول فيه ‪.‬‬
‫مستحمه " رواه ابن ماجة ‪01‬‬
‫ِّ‬ ‫الدليل ‪ :‬حديث عبد اهلل بن مغفل ‪ ‬قال ‪ :‬نهى النبي ‪ ‬أن يبول الرجل في‬
‫‪ -79‬من آداب قضاءـ الحاجة ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االستتار أثناء قضاءـ الحاجة ‪. 2‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث المغيرة ‪ ‬وفيه " حتى توارى عني فقضى حاجته " متفق عليه ‪0‬‬
‫مس الفرج باليمين ‪0‬‬
‫ب‪ -‬عدم ّ‬
‫ج‪ -‬عــدم االســتنجاء بــاليمين ‪0‬دليلهما ‪ :‬حــديث أبي قتــادة ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال ‪ " : ‬ال يمسـ ّـن أحــدكم ذكــره‬
‫بيمينه وهو يبول ‪ ،‬وال يتمسح من الخالء بيمينه ‪ ،‬وال يتنفس في اإلناء " متفق عليه ‪.‬‬
‫د‪ -‬أن يبحث عن مكــان رخـ ٍو إذا كــان في فضــاء ألجل أال يصــيبه شــيء من رذاذ بوله ‪ .‬ويكــره أن يســتقبل‬
‫الريح لئال يرتد إليه بوله ‪ .‬وهذا باتفاق األئمة األربعة ‪.3‬‬
‫هـ‪ -‬عدم الكالم أثناء قضاء الحاجة ‪ ،‬وهو قول جمهور أهل العلم ‪. 4‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث المهاجر بن قنفذ ‪ ‬أنه أتى النــبي ‪ ‬وهو يبــول فسـلّم عليه فلم يــرد عليه حــتى توضأ ‪ ،‬ثم‬
‫اعتذر إليه فقال ‪ " :‬إني كرهت أن أذكر اهلل عز وجل إال على طهر " رواه أبو داود وأحمد‪0 5‬‬
‫‪ -80‬يكره استقبال القبلة واستدبارها سواء في البنيان أو الصحراء ‪ ،‬وهو قول الحنفية ‪. 6‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث أبي أيــوب ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال ‪ : ‬إذا أتيتم الغائط فال تســتقبلوا القبلة بغائط وال بــول ‪ ،‬وال‬
‫تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا" متفق عليه ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح ابن ماجة حديث رقم ( ‪)249‬‬
‫‪2‬‬
‫زاد المعاد ‪1/171‬‬
‫‪3‬‬
‫المغني ‪ ، 1/222‬المجموع ‪ ، 2/109‬حاشية الدسوقي ‪1/178‬‬
‫‪4‬‬
‫الروض المربع ‪ ،1/224‬المجموعـ ‪ ، 2/103‬السيل الجرار ‪1/68‬‬
‫‪5‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪) 17‬‬
‫‪6‬‬
‫نيل األوطار ‪1/76‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫ويحمل هــذا الحــديث على الكراهة لوجــود صــوارف من فعل النــبي ‪ ‬منها ‪ :‬حــديث ابن عمر ‪ ‬قــال ‪:‬‬
‫ارتقيت على ظهر بيت لنا فـ ـ ــرأيت النـ ـ ــبي ‪ ‬على لبنـ ـ ــتين مسـ ـ ــتقبالً بيت المقـ ـ ــدس مسـ ـ ــتدبراً الكعبة " رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪ ،‬وهذا دليل على جواز استدبار القبلة ‪.‬‬
‫وأما ما يدل على جواز االستقبال فحـديث جـابر ‪ ‬قـال ‪ " :‬نهانا النـبي ‪ ‬أن نسـتقبل القبلة بغائط أو بـول‬
‫فرأيته قبل أن يموت يستقبلها " رواه أحمد والترمذي وحسنه ‪ ،‬وصححه البخاري ‪. 1‬‬
‫وال شك أن األحوط ترك االستقبال واالســتدبار للقبلة في الصــحراء وهـذا ال مشـقةـ فيه ‪ ،‬وفي البنيــان بــأن‬
‫ينحرف قليالً يميناً أو شماالً ‪.‬‬
‫‪ -81‬من استجمر فالبد من ثالث مسحات ‪ ،‬وهو مذهب الشافعية‪ 2‬والحنابلة‪. 3‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث سلمان ‪ ‬قال ‪ ":‬نهانا النبي ‪ ‬عن االستجمار بأقل من ثالثة أحجار " رواه مســلم ‪ .‬فــإن‬
‫ت وإال زاد ‪ ،‬واألفضل أن يجعلها وتراً (خمساً أو سبعا‪ ) ً...‬حتى ينقي ‪.‬‬
‫أ ْن َق ْ‬
‫الدليل ‪ :‬حديث جابر بن عبد اهلل ‪ ‬قال ‪ :‬قال ‪ " : ‬إذا استجمر أحدكم فليوتر " رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -82‬ال يشترط في االســتجمار أن يكــون بحجــر‪ ،‬بل كل طــاهر مبــاح كالخشب ِـ‬
‫والخ َرق والمناديل ونحو‬
‫ذلك ‪،‬‬
‫وهو قول أكثر أهل العلم ‪ 4‬غير ما نُهي عن االستجمار به ( وسيأتي ) ‪.‬‬

‫‪ -83‬األشياء التي ينهى عن االستجمار بها ‪:‬‬


‫أ‪ -‬العظم ؛ ألنه طعام الجن ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الروث ؛ ألنه طعام دواب الجن ‪.‬‬
‫ودليلهما ‪ :‬حــديث ابن مســعود ‪ ‬وفيه ذكر مجيء الجن للنــبي ‪ ‬وأنهم ســألوه الــزاد فقــال‪ " :‬كل عظم‬
‫علف لدوابكم " رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ذُكر اسمه اهلل عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً ‪ ،‬وكل ٍ‬
‫بعرة ٌ‬

‫‪1‬‬
‫وحسن إسناده شعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند حديث رقم ( ‪)14872‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪1/153‬‬
‫‪3‬‬
‫المغني ‪1/209‬‬
‫‪4‬‬
‫االستذكار ‪ ، 1/175‬المقنع ‪1/221‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫‪2‬‬
‫ـح وأج ــزأه وهو ق ــول الحنفية‪ 1‬والمالكية‬
‫ولو اس ــتجمر ب ــروث أو عظم مخالفــاً األمر بع ــدم االس ــتجمار ص ـ ّ‬
‫ورجحه شيخ اإلسالم‪ 3‬؛ لكن يبقى من فعل ذلك مستحقاً لإلثم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الطعام كالفواكه وغيرها ؛ ألن فيه امتهاناً للنعم ‪0‬‬
‫د‪ -‬الشيء المحترم ككتاب علم أو تفسير ‪ ،‬أو كل مكتوب يظن فيه اسم اهلل‪. 4‬‬
‫هـ‪ -‬الشيء النجس ؛ ألنه ال يصح إزالة النجاسة بنجاسة ‪ .‬وهو قول الجمهور‪ 5‬خالفاً للحنفية‪. 6‬‬
‫ال ـ ــدليل ‪:‬ح ـ ــديث ابن مس ـ ــعود ‪ ‬حين أتى للن ـ ــبي ‪ ‬بروثة ليس ـ ــتنجي بها فألقاها وق ـ ــال‪ :‬ه ـ ــذا ركس"رواه‬
‫البخاري ‪ ،‬وزاد أحمد " ائتني بحجر " ‪.7‬‬

‫باب الغسل‬

‫‪ -84‬موجبات الغسل ‪:‬‬


‫أ‪ -‬الجنابة ‪ :‬وهي إنزال المني بوطء أو غيره أو بالتقاء الختانين ولو لم يكن هناك إنزال ‪. 8‬‬

‫‪1‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/102‬‬
‫‪2‬‬
‫مواهب الجليل ‪1/418‬‬
‫‪3‬‬
‫االختيارات ص ‪17‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلنصاف ‪1/225‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ ،‬مواهب الجليل ‪ ، 414 /1‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ، 154 /1‬شرح الزركشي ‪. 1/227‬‬
‫‪6‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/102‬‬
‫‪7‬‬
‫وصححـ إسنادها أحمد شاكر في تحقيقه للمحلى ‪.1/145‬‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫‪8‬‬
‫اض ال َْم ْرأ َِة ُه َو َم ْقطَ ُع ِج ْل َد ٍة فِي أَ ْعلَى‬ ‫اض ال َْم ْرأ َِةـ ‪َ ,‬و ِختَا ُن َّ‬
‫الر ُج ِل ُه َو َم ْقطَ ُع ِج ْل َدة َك َم َرته ‪َ ،‬وخ َف ُ‬
‫ِ‬ ‫ان ِختَا ُن َّ‬
‫الر ُج ِل َوخ َف ُ‬
‫ادـ بِال ِ‬
‫ْختَانَ ِ‬ ‫ال ُْم َر ُ‬
‫َف ْر ِج َها(تحفة األحوذي ‪ . )1/305‬وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ " :‬لو التزق الختان من غير إيالج فال غسل ‪ ،‬وكذلك قال ‪ " : ‬إذا‬
‫جاوز الختان الختان وجب الغسل" رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح " شرح العمدة ‪ . 1/359‬وحكى النووي إجماع العلماء‬

‫‪- 39 -‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي سعيد ‪ ‬قــال ‪:‬قــال ‪ " : ‬إنما المــاء من المــاء " رواه مســلم ‪ ،‬ولحــديث عائشة رضي‬
‫مس الختان الختان فقد وجب الغسل " رواه مسلم ‪.‬‬
‫اهلل عنها قال ‪ " : ‬إذا ّ‬
‫ب‪ -‬دم الحيض والنفاس ‪ :‬فإذا طهرت المرأة من حيضها أو نفاسها وجب عليها الغسل ‪ ،‬وسيأتي تفصــيله‬
‫في باب الحيض ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الموت لغير الشهيد ‪.‬‬
‫الــدليل على وجــوب الغسل للميت ‪ :‬حــديث ابن عبــاس ‪ ‬في قصة الــذي وقصــتهـ ناقته في حجة الــوداع‬
‫قال النبي ‪ ‬في شأنه‪ :‬اغسلوه بماء وسدر " متفق عليه ‪.‬‬
‫أما دليل تــرك الشــهيد بال غسل ‪ :‬حــديث جــابر ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال النــبي ‪ ‬في شــهداء أحد ‪ " :‬ادفنــوهم في‬
‫دمائهم ولم يغسلهم " رواه البخاري ‪.‬‬
‫‪ -85‬إذا نزل المني بدون دفق ولذة فال يوجب ذلك الغسل ‪ ،‬وهو قول الجمهور خالفاً للشافعي‪. 1‬‬
‫‪ -86‬المــرأة إذا أســقطت ما في بطنها فــإن كــان بلغ أربعة أشــهر وجب تســميته وتغســيله وتكفينه والصــالة‬
‫عليه ؛ ألنه قد نفخت فيه الروح ‪ ،‬وإن لم يصل عمره ذلك فإنه يدفن فقط ‪.2‬‬
‫‪ -87‬إذا استيقظ اإلنسان فوجد بلالً فال يخلو من الحاالت التالية ‪: 3‬‬
‫األولى ‪ :‬أن يتيقن أنه مني ‪ ،‬فيجب عليه حينئذ االغتسال سواء ذكر احتالماً أم لم يذكر ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يتيقن أنه ليس بمني ‪ ،‬فال يجب عليه الغسل في هذه الحال ‪ ،‬ولكن يجب عليه أن يغسل ما‬
‫أصابه ألن حكمه حكم البول ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أن يجهل هل هو مني أم ال ؟ ففيه تفصيل ‪ :‬أ‪-‬إن ذكر أنه احتلم في منامهـ فإنه يجعله منياً‬
‫ويغتسل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن لم ير شيئاً في منامهـ ‪ :‬فإن كان قد سبق نومه تفكير في الجمــاع جعله مــذياً‪ ، 4‬وإن لم يســبق نومه‬
‫تفكير فالصواب أنه ال يجب عليه الغسل ؛ ألن األصل براءة الذمة ‪.‬‬
‫‪ -88‬صفة االغتسال على حالين ‪:‬‬

‫على ذلك ( شرح مسلم ‪) 4/34‬‬


‫‪1‬‬
‫المغني ‪ ، 1/266‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع‪ . 178 /1‬جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ‪ " : 5/325‬من اغتسل بسبب خروج‬
‫المني ثم اغتسل وبعد االغتسال بال ومع البول خرج شيء من المني فالواجب عليه االستنجاء والوضوء فقط ‪ ،‬وال يلزمه إعادة االغتسال"‬
‫‪2‬‬
‫الشرح الممتع ‪374-373/ 5‬‬
‫‪3‬‬
‫فتاوى العثيمين ‪4/221‬‬
‫‪4‬‬
‫فيغسل ذكره وخصيتيه ويتوضأ‪0‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫مجزئة ‪ :‬وهي أن يعمم سائر جسده بالماء مع المضمضة واالستنشاق مصطحباً النية في ذلك‪01‬‬
‫مسنونة ‪ :2‬وهي أن يسمي ثم ينوي بقلبه أن يغتسل غُ ْسل كذا ‪ ،‬ثم يغسل كفيه ثالثاً ‪ ،‬ثم ي ْف ِرغ المــاء بيـده‬
‫اليمــنى على الشــمال فيغسل فرجه ‪ ،‬ثم يــدلك يــده بــالتراب‪ ، 3‬ثم يتوضأ وضــوءه للصــالة ‪ ،‬ثم يأخذ بيديه‬
‫ـروي أصـول شـعر رأسه ‪ ،‬ثم يصب على رأسه ثالث حفنـات من المـاء ‪ ،‬ثم يفيض المــاء على ســائر‬
‫الماء ويـ ِّ‬
‫جسده ‪ .‬ويستحب له أن يبدأ باليمين من أعضائه ‪.‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عائشة رضي اهلل عنها في الصــحيحين ‪ .‬وقد ورد فيه ذكر صــفة غسل النــبي ‪ ‬قريبـاً مما‬
‫ذُكِر آنفاً ‪.‬‬
‫وإن ك ــان في مك ــان فيه ت ــراب فإنه يبتعد قليالً ويغسل قدميه بعد انتهائه من الغسل كما ج ــاء في ح ــديث‬
‫ميمونة المتفق عليه ‪.‬‬
‫‪ -89‬الغُ ْسـل بالنســبة للمــرأة كالرجل تمامـاً وال يشــترط أن تنقض شــعر رأســها‪ ،‬ســواء في غسل الجنابة أو‬
‫الحيض ؛ بل يكفيها أن تفيض الم ــاء على رأس ــها ثالث م ــرات وتغم ــره بالم ــاء وتدلكه عند كل م ــرة دلكـ ـاً‬
‫شديداً‬
‫حتى يبلغ الماء رأسها ‪ ،‬وهو قول أكثر الفقهاء‪،4‬واختاره الشيخ ابن باز‪.5‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬حـــديث أم ســـلمة رضي اهلل عنها حين قـــالت للنـــبي ‪ " : ‬إني ام ــرأة أشد ض ــفر رأسي أفأنقضه‬
‫للحيض والجنابة ؟ ق ـ ـ ــال ‪ :‬ال إنما يكفي ـ ـ ـ ِ‬
‫ـك أن تح ـ ـ ــثي على رأسك ثالث حثي ـ ـ ــات ثم تفيضي عليك الم ـ ـ ــاء‬
‫فتطهرين" رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫زاد المستقنع ص‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫وهذه الصفة عامة لكل غسل ‪ :‬كالجنابة والجمعة ‪ ،‬وكذلك للطهارة من الحيض والنفاس بالنسبة للمرأةـ ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويقوم مقامه الصابون‬
‫‪4‬‬
‫المغني ‪1/300‬‬
‫‪5‬‬
‫مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة ‪182 /10‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫‪ -90‬إذا دخل الكـ ـ ــافر في اإلسـ ـ ــالم وجب عليه االغتسـ ـ ــال ‪ ،‬وهو مـ ـ ــذهب المالكية ‪1‬والحنابلة ‪2‬ورجحه‬
‫الشيخ السعدي‪. 3‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث قيس بن عاصم ‪ ‬ق ــال ‪ " :‬أتيت الن ــبي ص ــلى اهلل عليه وس ــلم أريد اإلس ــالم ف ــأمرني أن‬
‫أغتسل بماء وسدر " رواه أبوداود ‪.4‬‬
‫‪ -91‬غسل يوم الجمعة سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم ‪. 5‬‬
‫أما من به رائحة تؤذي المصلين فيجب عليه الغسل ‪ ،‬وهو قول شيخ اإلسالم‪. 6‬‬
‫الدليل ‪ :‬على عــدم الوجــوب حــديث سـمرة بن جنــدب ‪ ‬قـال ‪ " : ‬من توضأ يـوم الجمعة فبها ونعمت ‪،‬‬
‫ومن اغتسل فالغسل أفضل " رواه أحمد أبو داود‪. 7‬‬
‫وأما األحاديث اآلمرة بالغسل فمحمولة على االستحباب أو على وجوبه في حق من به رائحة مؤذية ‪.‬‬
‫يسن لمن كانت عليه جنابة وأراد أن ينام ويؤخر الغسل أن يتوضأ قبل ذلك ‪ ،‬وال يلزمهـ الغسـل‪. 8‬‬
‫‪ّ -92‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عائشة رضي اهلل عنها قــالت ‪ :‬كــان رســول اهلل ‪ ‬إذا أراد أن ينــام وهو جنب غسل فرجه‬
‫وتوضأ وضوءه للصالة " متفق عليه ‪.‬‬
‫أما النوم للجنب بدون وضوء فمكروه وهو الصحيح عند الحنابلة‪ 9‬واختاره شيخ اإلسالم‪0 10‬‬

‫‪1‬‬
‫مواهب الجليل ‪453 /1‬‬
‫‪2‬‬
‫المغني ‪1/275‬‬
‫‪3‬‬
‫فقه ابن سعدي ‪282 /1‬‬
‫‪4‬‬
‫وصححه األلباني في إرواء الغليل ‪1/164‬‬
‫‪5‬‬
‫المغني ‪ ، 3/225‬المجموع ‪ . 2/232‬أما حديث أبي سعيد في الصحيحين " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " فيقول الشيخ‬
‫علي واجب )‪ ،‬ويدل على هذا اكتفاؤه‬
‫ابن باز _ رحمه اهلل _ ‪ " :‬معناه عند أكثر أهل العلم متأكد ‪ ،‬كما تقول العرب ‪ ( :‬العدة دين وحقك َّ‬
‫‪ ‬بالوضوء في بعض األحاديث " مجموع فتاوى ابن باز ‪.4/102‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلنصاف ‪2/117‬‬
‫‪7‬‬
‫حسنه شعيب األرناؤوط في تحقيقه للمسند ( ‪ ، )20174‬وحسنه األلباني كذلك في تحقيقه مشكاة المصابيح حديث رقم ( ‪)540‬‬
‫‪8‬‬
‫زاد المعاد ‪1/154‬‬
‫‪9‬‬
‫اإلنصاف ‪2/153‬‬
‫‪10‬‬
‫الفتاوى ‪21/343‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫‪ -93‬الم ــرأة إذا ك ــان عليها غس ــالن كغسل الجنابة والحيض و َنـ َـوت رفع االث ــنين أجزأها ذلك ‪ ،‬وك ــذلك‬
‫صح ‪.‬‬
‫من نوى رفع الجنابة وغسل الجمعة أو العيد َّ‬

‫ومن اغتسل وهو ين ـ ــوي رفع الح ـ ــدث األك ـ ــبر أج ـ ــزأه ذلك عن األص ـ ــغر وارتفع ‪ ،‬وهو ق ـ ــول الجمه ـ ــور‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫فح َسن ‪.‬‬
‫واختيار الشيخ السعدي ‪ .‬وال يلزمه الوضوء بعد الغسل وإن فعل َ‬
‫الــدليل ‪ :‬قوله تعــالى ‪ ﴿ :‬وإن كنتم جنبـاً فــاطهروا ‪ ﴾ ...‬أي اغســلوا جميع البــدن ‪ ،‬ولم يــأمر بالوضــوء ‪،‬‬
‫وألن جميع ما يجب في الحدث األصغر يجب نظيره في األكبر وزيادة ‪.‬‬
‫ولعموم حديث عمر ‪ ‬قال ‪ :‬قال ‪ " : ‬إنما األعمال بالنيات " رواه البخاري ‪.‬‬
‫‪ -94‬ال يجوز للجنب البقاء في المسجد ؛ لكن يجوز له المرور به للحاجة ‪.‬‬
‫الــدليل ‪ :‬قــال تع ــالى ‪ ﴿ :‬يا أيها الــذين آمنــوا ال تقربــوا الصــالة وأنتم ســكارى حــتى تعلمــوا ما تقولــون وال‬
‫‪3‬‬
‫جنباً إال عابري سبيل حتى تغتسلوا ‪﴾ ...‬‬
‫‪ -95‬أقل ما ثبت عن الن ــبي ‪ ‬أنه اغتسل بثالثة أم ــداد ‪ ،‬وثبت أنه اغتسل بص ــاع ‪ .‬فال ح ـ ّد ألك ــثره ما لم‬
‫يبلغ حد اإلسراف‪. 4‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ :‬اغتسل النبي ‪ ‬بثالثة أمداد" رواه مسلم‪0‬‬

‫باب التيمم‬
‫‪1‬‬
‫المغني ‪292 /1‬‬
‫‪2‬‬
‫المختارات الجلية ص ‪30‬‬
‫‪3‬‬
‫جوز بعض أهل العلم البقاء في المسجد للجنب إذا كان ذلك لحاجة لكن بشرط ‪ :‬أن يتوضأ ألن الوضوء يخفف الجنابة ‪ ،‬وقد استدلوا‬
‫ّ‬
‫بما رواه سعيد بن منصور في سننه عن عطاء قال ‪ :‬رأيت رجاالً من أصحاب الرسول صل يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضأوا‬
‫وضوء الصالةـ ‪0‬قال ابن كثير‪ ":‬هذا إسناد صحيح على شرط مسلم " انظر ( عون المعبود ‪)269 /1‬‬
‫‪4‬‬
‫الروض المربع ‪394 /1‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫سـح به على صـفة مخصوصة ‪ .1‬وهو بـدل عن‬
‫‪ -96‬الـتيمم هـو‪ :‬التعبد هلل تعـالى بقصد الصـعيد الطيب للتم ّ‬
‫الطه ـ ــارة بالم ـ ــاء ‪ ،‬جعله اهلل رخصة وتوس ـ ــعة على األمة إذا تع ـ ــذر اس ـ ــتعمال الم ـ ــاء ‪.‬وقد ثبتت مش ـ ــروعيته‬
‫بالكتاب والسنة ‪ .‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً ﴾ ‪ .‬وفي حديث جابر بن عبد اهلل ‪‬‬
‫ـل " رواه‬
‫قــال ‪:‬قــال ‪ " : ‬جعلت لي األرض مســجداً وطهــوراً ‪ ،‬فأيما رجل من أمــتي أدركته الصــالة فليصـ َّ‬
‫البخاري ‪0‬‬
‫ـتيمم رافع للحــدث إلى أن يوجد المــاء وهو مــذهب أبي حنيفة‪ ،2‬ورواية في مــذهب اإلمــام أحمد‪،3‬‬
‫‪ -97‬الـ ُّ‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬
‫ـتيمم أن يصــلي بــالتيمم صــالة الفــرض‬
‫رجحها شــيخ اإلســالم ‪ ،‬والشــيخ ابن عــثيمين ‪ .‬وعلى هــذا يجــوز للمـ َّ‬
‫مس المصـ ــحف ‪ ،‬كما أنه يجـ ــوز له الصـ ــالة للفـ ــرض اآلخر بهـ ــذا الـ ــتيمم ما دام أنه لم‬
‫والنافلة ويجـ ــوز له ُّ‬
‫يحدث ‪ .‬وال يلزمهـ تكرار التيمم إذا دخل الوقت الثاني ‪.6‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي ذر ‪ ‬قال ‪ :‬قال ‪" : ‬الصـعيد الطيب طهــور المســلم وإن لم يجد المـاء عشر ســنين "‬
‫مطهر للمتيمم ‪ ،‬ولم يقيد ذلك بوقت وال بعبادة دون‬ ‫دل الحديث على أنه ِّ‬ ‫رواه أحمد وأبو داود ‪ .7‬وقد َّ‬
‫أخرى ‪0‬‬
‫ـتيمم الص ـ ــحيحة هي ‪ :‬أن يض ـ ــرب بيديه على األرض ض ـ ــربة واح ـ ــدة فقط ‪ ،‬ثم يمسح بهما‬
‫‪ -98‬ص ـ ــفة ال ـ ـ ُّ‬
‫وجهه ‪ ،‬ثم يمسح ببــاطن اليمــنى على ظــاهر الكف اليســرى وببــاطن اليد اليســرى على ظــاهر الكف اليمــنى‬
‫ابت ــداء من أط ــراف األص ــابع إلى مفصل الكف في كل منهما‪ ، 8‬وإن ش ــاء نفخ في يديه قبل أن يمسح بهما‬
‫وجهه ‪.9‬‬

‫‪1‬‬
‫شفاء العليل ‪1/343‬‬
‫‪2‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/186‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2/167‬‬ ‫اإلنصاف‬
‫‪4‬‬
‫الفتاوى ‪ ، 21/355‬االختيارات ص‪36‬‬
‫‪5‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/314‬‬
‫‪6‬‬
‫المحلىـ ‪ ، 82 /2‬مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ‪21/473‬‬
‫‪7‬‬
‫سبق تخريجه ص‪16‬‬
‫‪8‬‬
‫السيل الجرار ‪133 /1‬‬
‫‪9‬‬
‫فتح الباري ‪1/529‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫ـتيمم الــتي علمه إياها الرســول ‪ ‬وفيها ‪" :‬فضــرب الن ــبي ‪‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عم ــار بن ياسر‪ ‬في ص ــفة الـ ُّ‬
‫بكفيه األرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه " رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪ -99‬من كــان جنب ـاً فاســتيقظ في ليلة بــاردة وخشي على نفسه الضــرر من المــاء فعليه أن يســخَّن المــاء ‪،‬‬
‫ـتيمم ويصـلي ؛ لكن إذا وجد المـاء وجب عليه أن يغتسل ‪ ،‬وال‬
‫فـإن لم يمكنه ذلك ‪ ،‬أو لم يجد مـاء فإنه ي َّ‬
‫يجب عليه إعادة الصالة ‪.‬‬
‫الــدليل ‪ :‬عمــوم قوله تعــالى ﴿ فــاتقوا اهلل ما اســتطعتم ﴾ ‪ ،‬ولحــديث عمــران بن حصــين ‪ ‬أن النــبي ‪ ‬رأى‬
‫ـل مع الق ــوم فق ــال ‪ " :‬ما منعك ؟ ق ــال ‪ :‬أص ــابتني جنابة وال م ــاء ‪ ،‬فق ــال له الن ــبي ‪: ‬‬
‫رجالً مع ــتزالً لم يص ـ َّ‬
‫ـاء وقــال ‪ " :‬أفرغه على‬
‫ـبي ‪ ‬مـ ً‬
‫عليك بالصــعيد الطيب فإنه يكفيك " ‪ ،‬ثم حضر المــاءُ بعد ذلك فأعطــاه النـ ُّ‬
‫نفسك " رواه البخاري ‪.‬‬
‫‪ -100‬يُصار إلى التيمم بدالً عن الماء في الحاالت التالية ‪:1‬‬
‫أ‪ -‬إذا لم يجد الماء ‪0‬‬
‫ب‪ -‬إذا وجده لكن بقيمة أغلى من ثمنه المعتاد في مكانه وفي الشراء بهذه الزيادة كلفة ومشقة عليه ‪02‬‬
‫التيمم ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ج‪ -‬إذا كان الماء الذي معه ال يكفي إال لشربه أو طعامه ‪ ،‬فيصير إلى‬
‫د‪ -‬إذا خاف من استعمال الماء بحصول ضرر على نفسه كــالمريض ونحــوه أو خــاف تــأخر الشــفاء بســبب‬
‫اســتعمال المــاء ‪ .‬الــدليل ‪ :‬قوله تعــالى ‪ ﴿ :‬فــاتقوا اهلل ما اســتطعتم ‪ ﴾ ..‬وقوله ‪ ﴿ :‬وال تقتلــوا أنفســكم إن‬
‫اهلل كان بكم رحيماً ﴾ ‪.‬‬
‫ـتيمم بعد‬
‫‪ -101‬من كان عنده ماء ال يكفيه إال لبعض أعضائه وجب عليه أن يستعمله إلى أن ينتهي ‪ ،‬ثم يـ َّ‬
‫‪4‬‬
‫ذلك لبقية األعض ــاء ال ــتي لم يص ــبها الم ــاء ‪ ،‬وه ــذه رواية عن اإلم ــام أحمد‪ ، 3‬ق ــال بها ابن ح ــزم الظ ــاهري‬
‫ورجحها الشيخ ابن عثيمين‪. 5‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ :‬قال ‪ " : ‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " رواه البخاري ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫زاد المستقنع ص‪12‬‬
‫‪2‬‬
‫قال اإلمام أحمد ‪ " :‬إذا كان ذا مال كثير ال تجحف به زيادة لزمه الشراء " الشرح الكبير ‪ ، 2/184‬وقال شيخ اإلسالم بعد أن ساق‬
‫النص السالف المروي عن اإلمام أحمد ‪ " :‬وأكثر العلماء على أنه ال يجب " الفتاوى ‪21/445‬‬
‫‪3‬‬
‫المغني ‪1/315‬‬
‫‪4‬‬
‫المحلىـ ‪2/87‬‬
‫‪5‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/322‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫التيمم بكل ما تصاعد على وجه األرض من تراب له غبار أو ليس له غبار ‪ ،‬أو رمل‬
‫‪ -102‬يصح ُّ‬
‫أو حجر‪ ،‬وهو قول اإلمام أبي حنيفة واإلمام مالك ‪ 1‬ورواية في مذهب اإلمام أحمد رجحها شيخ‬

‫اإلسالم‪2‬وابن القيم‪.3‬‬
‫فتيمموا صعيداً طيباً ﴾ ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬عموم قوله تعالى ‪َّ ﴿ :‬‬
‫والصعيد هو ‪ :‬وجه األرض‪ ، 4‬وقد كان النبي ‪ ‬يسافر ومعهـ الصحابة وربما أصــابتهم الســماء ولم يــرو عنه‬
‫أنه حمل التراب أو أمر به ‪. 5‬‬
‫ـتيمم على الجــدار إن كــان مبنيـاً من حجر أو لَبِ ٍن ؛ أما إذا كــان من خشب عليه ِطالء فــإن‬
‫‪ -103‬يجــوز الـ ُّ‬
‫كان عليه تراب جاز التيمم به ‪ ،‬وإال فال يجوز ‪.‬‬
‫وك ــذلك الف ــراش بالنس ــبة للم ــريض الع ــاجز عن اس ــتخدام الم ــاء إن ك ــان على الف ــراش ت ــراب ج ــاز وإال ُمنع‬
‫التيمم به ‪0 6‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -104‬من تيمم لعــدم وجــود المــاء وشــرع في الصــالة ثم حضر المــاء أثنــاء الصــالة ‪ :‬فــاألحوط أن يقطع‬
‫الصالة ويتوضأ ‪ ،‬وقال بوجوب القطع اإلمام أبو حنيفة‪ ،7‬واإلمام أحمد‪ ،8‬ورجحه الشوكاني‪ 9‬والشــيخ ابن‬
‫عثيمين‪.10‬‬

‫‪1‬‬
‫المجموع ‪2/246‬‬
‫‪2‬‬
‫االختيارات ‪34/‬‬
‫‪3‬‬
‫زاد المعاد ‪1/200‬‬
‫‪4‬‬
‫القاموس المحيط ص‪ ، 374‬وانظر مبحثا مستقال في المرادـ بالصعيد في مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ‪21/364‬‬
‫‪5‬‬
‫زاد المعاد ‪1/200‬‬
‫‪6‬‬
‫فتاوى الشيخ ابن عثيمين ‪4/241‬‬
‫‪7‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/190‬‬
‫‪8‬‬
‫شرح الزركشي ‪1/366‬‬
‫‪9‬‬
‫نيل األوطار ‪1/257‬‬
‫‪10‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/343‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫ـاء ﴾ وهــذا قد وجد المــاء فبطل حكم الــتيمم ‪ ،‬وإذا بَطَـ َـل‬ ‫الــدليل ‪ :‬عمــوم قوله تعــالى ‪ ﴿ :‬فلم تجــدوا مـ ً‬
‫سـه بشــرته "رواه أبو‬ ‫بطلت الصالة ‪ .‬ولقوله ‪ ‬في حديث أبي ذر السابق ‪" :‬فإذا وجد المــاء فليتق اهلل وليم َّ‬ ‫ْ‬
‫داود ‪.‬‬
‫تيقن الحصــول على المــاء قبل خــروج الــوقت‬ ‫‪ -105‬من دخل عليه وقت الصــالة وليس عنــده مــاء ‪ ،‬لكن َّ‬
‫ـتيمم حــتى نهاية الـوقت ‪ ،‬فــإن تــرجح لديه عــدم الحصــول على المــاء‬
‫ـرجح عنــده ذلك فــاألولى تــأخير الـ ُّ‬
‫أو تـ َّ‬
‫ألول الــوقت وصــلى ‪ ،‬وال إعــادة عليه لو حضر المــاء‬
‫تيمم ّ‬
‫قبل نهاية الــوقت أو لم يتــبين له شــيء في ذلك َّ‬
‫قبل خروج الوقت‪. 1‬‬
‫تيمما وصلَّــيَا ثم وجـدا المـاء فأعـاد أحـدهما‬
‫الـدليل ‪ :‬حـديث أبي سـعيد ‪ ‬أن رجلين من أصـحاب النـبي ‪َّ ‬‬
‫ـبت الســنة وأجزأتك صــالتك "‪ .‬وقــال للــذي أعــاد ‪":‬‬‫ولم يعد اآلخر ‪ ،‬فقــال النــبي ‪ ‬للــذي لم يُِعد ‪ " :‬أصـ َ‬
‫لك األجر مرتين " رواه أبو داود‪.2‬‬
‫ـاء وال ترابــاً أو رمالً ؛ ك ــأن يك ــون محبوسـ ـاً أو مريض ـاً ال يق ــدر على الم ــاء ‪ ،‬وليس‬
‫‪ -106‬من لم يجد م ـ ً‬
‫عنــده تــراب ؛ فيجب عليه أن يصــلي ولو بغــير طهــارة ‪ ،‬وال ينتظر حــتى يخــرج الــوقت ‪ ،‬وهو قــول اإلمــام‬
‫الشــافعي ورواية عن اإلمــام مالك ‪ . 3‬إال إذا كــان الوقتــان مما يمكن جمعهما كــالظهر والعصر أو المغــرب‬
‫والعشاء فيجوز تأخير الصالة إلى الوقت الثاني إذا رجي حصوله على الماء أو التراب ‪. 4‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عائشة رضي اهلل عنها أن النــبي ‪ ‬بعث أناسا لطلب قالدتها الــتي أضـلَّتها فحضــرتـ الصــالة‬
‫فص ــلوا بغ ــير وض ــوء ‪ ،‬ف ــأتوا الن ــبي ‪ ‬ف ــذكروا له ذلك ‪ ،‬فنـ ــزلت آية ال ــتيمم ‪ ،‬ولم ينكر الن ــبي ‪ ‬ذلك وال‬
‫أمرهم باإلعادة ‪ .‬رواه البخاري و مسلم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ‪ " :‬المسافر إذا وصل إلى ماء وقد ضاق الوقت فإنه يصلي بالتيمم عند جمهور العلماء ‪ ،‬وكذلك لو كان هناك بئر‬
‫لكن ال يمكن أن يضع له حبال حتى يخرج الوقت ‪ ،‬أو يمكن حفر الماءـ وال يحفر حتى يخرج الوقت ؛ فإنه يصلي بالتيمم " الفتاوى‬
‫‪21/471‬‬
‫‪2‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أي داود حديث رقم ( ‪) 338‬‬
‫‪3‬‬
‫المغني ‪، 1/327‬المجموعـ ‪2/325‬‬
‫‪4‬‬
‫مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ‪21/451‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫باب‬
‫الحيض واالستحاضة والنفاس‬

‫‪ -107‬الحيض ‪ " :‬هو دم طبيعة وجبلَّة يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة "‪.1‬‬
‫وهو في األصل غذاء للجنين ‪ ،‬ولهذا فالمرأة في الغالب إذا حملت احتبس الدم فلم تَ ِحض ‪.‬‬
‫وقد يسمى الحيض بالطمث ِ‬
‫والع َراك والنِّفاس‪0 2‬‬ ‫ْ‬
‫ـل من‬ ‫الحيض الم ــرأ َة قبله ‪ ،‬وإن ك ــان الغ ــالب أنه ال أق ـ َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -107‬ليس هن ــاك س ـ ًّـن مح ـ ُّ‬
‫ـدد في الش ــرع ال ي ــأتي‬
‫تسع سنين ‪.‬‬
‫كما أنه ال ح ـ ـ َّـد للس ـ ـ َّـن ال ـ ــذي يقف عن ـ ــده ‪ ،‬واألغلب أنه يقف عند الخمس ـ ــين ‪ ،‬وه ـ ــذا هو اختي ـ ــار ش ـ ــيخ‬
‫اإلســالم‪ ،3‬والشــيخ ابن عــثيمين‪ .4‬فمــتى رأت المــرأة الحيض فهي حــائض ولو دون تسع ســنين ‪ ،‬وهكــذا لو‬
‫اس ــتمر معهاـ بعد الخمس ــين ‪ :‬إن ك ــان على نفس هيئته ووقتهـ فهو حيض ‪ ،‬أما إذا اض ــطرب بعد ه ــذا السن‬
‫فهو دم استحاضة (فساد) ‪0‬‬
‫الــدليل ‪ :‬قوله تعــالى ‪ ﴿ :‬والالئي يئسن من المحيض من نســائكم إن ارتبتم فعــدتهن ثالثة أشــهر والالئي لم‬
‫يحضن ‪ ﴾ ...‬فقوله ‪ ﴿ :‬يئسن من المحيض ﴾ وكـ ـ ـ ـ ـ ــذلك قوله ﴿ لم يحضن ﴾ ليس فيه تحديد بسن‬
‫معين ؛ بل العبرة بوجود الدم ‪.‬‬
‫‪ -109‬األصل أن الحامل ال تحيض كما سبق لكن لو نزل منها دم فهو على حالين ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الروض المربع ‪1/493‬‬
‫‪2‬‬
‫المجموع ‪2/380‬‬
‫‪3‬‬
‫الفتاوى ‪19/237‬‬
‫‪4‬‬
‫مجموعة رسائل للمرأة المسلمة للشيخ ابن عثيمين ص ‪43‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫متغير ؛ فهذا دم فساد ال يمنع صــالة وال صــياماً‬
‫أ‪ -‬إذا كان الذي ينـزل عبارة عن صفرة أو كدرة أو شيء َّ‬
‫‪ ،‬ويباح لزوجها إتيانها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان ينـزل معها الدم على هيئة دم الحيض المعتاد في لونه وريحه ( وهذا يحدث إذا كــان الجــنين‬
‫مريضـ ـاً لم يقبل الغ ــذاء ) فال ــدم هنا هو دم الحيض ال ــذي يمنع الص ــالة والص ــيام ‪ ،‬وه ــذا م ــذهب المالكية‬
‫والشـافعيةـ‪.1‬الـدليل ‪ :‬قـول عائشة رضي اهلل عنها ‪ " :‬إذا رأت الحبلى الـدم فلتمسك عن الصـالة فإنه حيض‬
‫" رواه الدارمي‪ .2‬ولم يرد في الشرع دليل صريح صحيح يمنع من نزول الحيض من الحامل ‪.‬‬
‫‪ -110‬ال ح ـ َّـد ألقل الحيض وال ألك ــثره ‪ ،‬فقد يك ــون يومـ ـاً أو أقل ‪ ،‬وقد يصل إلى خمسة عشر يومـ ـاً أو‬
‫يزيد ‪ ،‬والضابط في هذا هو شكل الدم ؛ فإن كـان هـ َـو ُه َـو على هيئته المعتــادة فــالمرأة حــائض ‪ ،‬وهو قــول‬
‫المالكية‪ ،3‬واختي ــار ابن ح ــزم‪ 4‬وش ــيخ اإلس ــالم‪ 5‬؛ لكن لو اس ــتمر ال ــدم معهاـ أب ــداً فهي مستحاضة قطعـ ـاً ‪،‬‬
‫وسيأتي تفصيل ذلك ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬عدم وجود الدليل الصحيح القاضي بالتحديد ‪ ،‬فيبقى األمر مختلِفاً من امرأة إلى أخرى ‪.‬‬
‫قــال األوزاعي ‪ " :‬عنــدنا امــرأة تحيض غــدوة وتطهر عشــياً " ‪ . 6‬وقــال شــريك ‪" :‬عنــدنا امــرأة تحيض كل‬
‫شــهر خمسة عشر يومـاً حيضـاً مســتقيماً "‪ ، 7‬وغــالب النســاء تحيض ســتة أيــام أو ســبعة لحــديث حمنة بنت‬
‫جحش‪. 8‬‬

‫‪1‬‬
‫بداية المجتهد ‪1/88‬‬
‫‪2‬‬
‫وإسناده صحيح انظر ( الحيض والنفاس رواية ودراية ‪ ) 127-1/126‬الشيخ دبيان الدبيان‬
‫‪3‬‬
‫حاشية الدسوقي ‪ ، 276 /1‬المغني ‪1/389‬‬
‫‪4‬‬
‫المحلىـ ‪2/127‬‬

‫ممن‬ ‫‪5‬الفتاوى ‪ ، 19/237‬للشيخ عبد الرحمن السعدي تفصيل ٍ‬


‫واف في هذه المسألة ذكره في ( المختارات الجلية ) ص‪ ، 40-38‬وهو َّ‬
‫يرى عدم التحديد ‪.‬‬
‫واالختيارات ص‪28‬‬
‫‪6‬‬
‫التمهيد ‪2/424‬‬
‫‪7‬‬
‫المغني ‪1/389‬‬
‫‪8‬‬
‫سيأتي بتمامه ص‪45‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -111‬ال ح ّد أيضاً ألقل فترة للطهر بين الحيضتين ‪ .‬وهي رواية عن اإلمام أحمد‪ 1‬رجحها شيخ اإلسالم‬
‫واختارها الشيخ السعدي‪.3‬‬
‫هرها ثالثة عشر يوم ـاً‬ ‫ِ‬
‫وعلى هــذا فقد يكــون الطهر بين الحيضــتين شــهراً أو أكــثر أو أقل ‪ ،‬وقد ُوجد َم ْن طُ ُ‬
‫في عهد علي ‪ ‬كما في سنن الدارمي‪.4‬‬
‫كما أنه ال ح ّد ألكثر الطهر ‪ ،‬فقد تطهر المرأة أشهراً ! وهذا القول مجمع عليه‪.5‬‬
‫‪ -112‬يحرم بسبب وجود الحيض أمور ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الوطء في الفرج ‪.‬‬
‫أذى فاعتزلوا النساء في المحيض وال تقربوهن حتى‬
‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬يسألونك عن المحيض قل هو ً‬
‫يطهرن‪ ﴾...‬ولحديث أنس بن مالك ‪ ‬قال ‪ :‬كان اليهود إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم‬
‫النبي ‪ ‬فأنزل اهلل تعالى ﴿ ويسألونك عن المحيض‪﴾...‬‬
‫يجامعوهن في البيوت ‪ ،‬فسأل أصحاب النبي ‪َّ ‬‬
‫ّ‬
‫فقال الرسول ‪" : ‬اصنعوا كل شيء إال النكاح " رواه مسلم ‪.‬‬
‫وإتيان الحائض فيما دون الفرج جائز ‪ .‬الدليل ‪ :‬حديث عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ :‬كان النبي ‪ ‬يأمر‬
‫إحداهن إزاراً فوق العورة ثم يباشرها " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهن حيّض أن تلبس‬
‫أزواجه ّ‬
‫ّأما إتيان المرأة من دبرها فحرام بكل وجه وقتـ الحيض وفيما عداه ‪ .‬الــدليل ‪ :‬حــديث خزيمة بن ثــابت ‪‬‬
‫ـارهن" رواه ابن ماجة‪، 6‬‬
‫قال ‪ :‬قال ‪ " : ‬إن اهلل ال يستحيي من الحق (ثالث مرات) ال تأتوا النســاء في أدبـ ّ‬
‫ولحديث أبي هريرة ‪ ‬قال ‪" : ‬ملعون من أتى امرأته في دبرها" رواه أبو داود‪07‬‬
‫ب ‪ -‬الطالق ‪ :‬حيث يحرم على الرجل تطليقه زوجته وهي حائض‪. 8‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلنصاف ‪2/396‬‬
‫‪2‬‬
‫الفتاوى ‪19/237‬‬
‫‪3‬‬
‫المختارات الجلية ص ‪39‬‬
‫‪4‬‬
‫وصححه ابن حجر فتح الباري ‪1/506‬‬
‫‪5‬‬
‫المجموع ‪2/409‬‬
‫‪6‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح ابن ماجة حديث رقم ( ‪)1561‬‬
‫‪7‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم (‪)1894‬‬
‫الحيض من وقوع الطالقـ في كال الحالتين ‪ ،‬وهو قول أكثر أهل العلم ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يستثنى من ذلك غير المدخول بها وفي حال الخـُلْع فال يمنع‬ ‫‪8‬‬

‫انظر ( فتاوى ابن تيمية ‪ ، 33/21‬زاد المعاد ‪)5/220‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫ـبي ‪ ‬أن ابنه عب َداهلل طلَّق امرأته وهي حــائض ‪ ،‬فتغيّظ‬ ‫عمر حين أخــبر عمـ ُـر النـ َّ‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عبد اهلل بن َ‬
‫"مرهُ فليراجعها ‪ ،‬ثم ليطلِّ ْقها طاهراً أو حامالً " رواه البخاري ومسلمـ ‪.‬‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬ثم قال ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫ج‪ -‬الص ـ ــالة والص ـ ــوم ‪ :‬فوج ـ ــود الحيض من الم ـ ــرأة يمنعها الص ـ ــالةَ والص ـ ــيام ‪ ،‬وال يج ـ ــوز لها أداء تلك‬
‫العبادتين في وقت حيضتها ‪ ،‬إال أنها تقضي الصوم وال تقضي الصالة ‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬حــديث معـاذة قــالت ‪ :‬سـألت عائشة رضي اهلل عنها فقلت ‪ " :‬ما بــال الحــائض تقضي الصــوم وال‬
‫تقضي الص ــالة ؟ فق ــالت ‪ " :‬أحرورية ِ‬
‫أنت ؟! " ‪ 1‬قلت ‪ :‬لست بحرورية ‪ ،‬ولك ــني أس ــأل ‪ ،‬ق ــالت ‪ " :‬ك ــان‬
‫يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم وال نؤمر بقضاء الصالة " رواه البخاري ومسلم ‪0‬‬
‫‪ -113‬الطواف بالبيت ال يجوز في حق الحائض ‪.‬‬
‫ال ــدليل ‪ :‬ح ــديث عائشة رضي اهلل عنها حين حاضت وهي في الحج فق ــال لها الن ــبي ‪ " : ‬افعلي ما يفعل‬
‫الحاج غير أن ال تطوفي بالبيت " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫إال أنه في حال الضـرورة يُـتر ّخص للحـائض في الطـواف بـالبيت ؛ وذلك فيما لوكـانت ال تسـتطيع الطـواف‬
‫انتظارها ‪ ،‬ورجوعها إلى مكة فيه عسر وحــرج ؛ عند‬
‫ُ‬ ‫إال وهي كــذلك ‪ .‬كــأن تكــون معها رفقةـ يشق عليهم‬
‫ذلك‬
‫لعله أن يُفتى لها بالطواف ‪ ،‬وهو قول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ 2‬وتلميذه ابن القيم‪0 3‬‬

‫‪1‬‬
‫قال ابن حجر في الفتح‪ " :1/502‬حروراء بلدة علي ميلين من الكوفة – يقال لمن يعتقد مذهب الخوارج حروري ؛ ألن أول فرقة منهم‬
‫علي بالبلدة المذكورة فاشتهروا بالنسبة إليها ‪ ،‬وهم فرق كثيرة ؛ لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم األخذ بما دل عليه‬
‫خرجوا على ّ‬
‫القرآن ور ّد ما زاد عليه من الحديث مطلقاً ‪ ،‬ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار" ‪0‬‬
‫‪2‬‬
‫قال شيخ اإلسالم في الفتاوى ‪ 186-26/185‬بعد أن قرر أن الصواب جواز طواف الحائض للضرورة ‪ " :‬وكثير من النساء إذا لم ترجع‬
‫محرماً مع رجوعها إلى أهلها‬
‫مع من حجت معه لم يمكنها الرجوع ‪ ،‬ولو قدر أنه يمكنها الرجوع بعد ذلك فال يجب عليها أن يبقى وطؤها ّ‬
‫‪ ،‬وال تزال كذلك إلى أن تعود ؛ فهذا أيضاً من أعظم الحرج الذي ال يوجب اهلل مثله ‪ ،‬إذ هو أعظم من إيجاب حجتين ‪ ،‬واهلل تعالى لم‬
‫يوجب إال حجة واحدة "‬
‫‪3‬‬
‫إعالم الموقعين ‪3/24‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫‪ -114‬يجــوز للحــائض أن تقــرأ القــرآن من غــير أن تمس المصــحف إذا احتــاجت إلى ذلك ‪ ،‬كــأن تكــون‬
‫معلمة للق ـ ــرآن أو طالبة تخت ـ ــبر‪ .‬ولو ق ـ ــرأت في غ ـ ــير ذلك لم يكن عليها ح ـ ــرج ‪ ،‬وإن ك ـ ــان األولى تركه‬
‫خروجاً من الخالف ‪ .‬وهو مذهب اإلمام مالك‪ 1‬ورجحه ابن القيم‪ 2‬واختاره الشيخ ابن باز‪. 3‬‬
‫الدليل ‪ :‬عـدم ثبــوت دليل يمنع الحــائض من قـراءة القـرآن ‪ ،‬وقد كـان النســاءُ يحضن على عهد رســول اهلل‬
‫ينهاهن عن قراءة القرآن ‪04‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬ولم يكن‬
‫تمر بالمسجد ‪ ،‬أو تدخله ألخذ حاجة ؛ لكن ال يجوز لها المكث فيه ‪.‬‬
‫‪ -115‬يجوز للحائض أن ّ‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث عائشة رضي اهلل عنها قــالت ‪ :‬قــال لي رســول اهلل ‪ " : ‬نــاوليني ال ُخمــرة من المســجد "‬
‫قالت ‪ :‬فقلت ‪ :‬إني حائض ‪ .‬قال ‪ " :‬إن حيضتك ليست في يدك " رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -116‬يعرف طهر المرأة من الحيض بإحدى العالمات التالية ‪:5‬‬
‫أ‪ -‬إذا توقف الدم المعروف( دم الحيض ) عن الخروج توقفاً كامالً ‪ ،‬بحيث تحس المرأة بانقطاعه ‪0‬‬
‫ب‪ -‬أن تحتشي بقطنة فتخرج بيضاء نقية من الدم ‪.‬‬
‫سـه من آالم‬
‫ج‪ -‬إذا انقطعت آالم الحيض وآثــاره ‪ .‬فكثــير من النســاء تعــرف إقبــال الحيض وإدبــاره بما تح ّ‬
‫داخلية تعرف بها وجوده من عدمه ‪ ،‬وإن كان هذا ليس عاماً لكل النساء ‪.‬‬
‫صة البيضاء ‪ ( :‬وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض ) ‪ .‬قال اإلمام مالك ‪:‬‬
‫د‪ -‬بخروج ال َق ّ‬

‫عندهن يرينه عند الطهر"‪. 6‬‬


‫ّ‬ ‫" سألت النساء عن القصة البيضاء فإذا هو أمر معلوم‬

‫‪1‬‬
‫مواهب الجليل ‪2/552‬‬
‫‪2‬‬
‫إعالم الموقعين ‪24 ، 3/23‬‬
‫‪3‬‬
‫مجموع فتاوى ابن باز ‪4/123‬‬
‫‪4‬‬
‫أما حديث ال تقرأ الحائض والجنب شيئاً من القرآن " فقال عنه شيخ اإلسالم ‪ " :‬هو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث "‬
‫مجموع الفتاوى ‪21/459‬‬
‫‪5‬‬
‫شفاء العليل ‪1/466‬‬
‫‪6‬‬
‫فتح الباري ‪1/501‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫ٌّرجة فيها‬
‫ودليلها ‪ :‬ح ــديث مرجانة م ــوالة عائشة رضي اهلل عنها ق ــالت ‪ :‬ك ــان النس ــاء يبعثن إلى عائشة بالد ْ‬
‫الكرسف فيه الصفرة ‪ ،‬فتقول ‪ " :‬ال تعجلن حـتى تـرين َ القصة البيضـاء‪ "1‬رواه مالك في الموطأ والبخـاري‬
‫في صحيحه معلقا وجزم به ‪.‬‬
‫‪ -117‬الصفرة والكدرة التي تراها النساء تأتي على ثالثة أحوال ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن ك ــانت قد ن ــزلت من الم ــرأة في زم ــان حيض ــها المعت ــاد فهي من الحيض ‪ ،‬ولها أحكامه ‪ ،‬وهو ق ــول‬
‫اإلمام أبي حنيفة و اإلمام الشافعي ‪.2‬‬
‫ب‪ -‬إن وجــدت بعد طهر المــرأة فال تعــدُّها شــيئاً ‪ ،‬وال يمنعها ذلك من الصــالة والصــيام ‪ .‬لكن تضع ما‬
‫يمنع نزوله وتتوضأ وتصلي وال يضرها ‪ .‬وهذا قول اإلمام أحمد‪ 3‬واختاره الشيخ ابن باز ‪. 4‬‬
‫الــدليل‪ :‬حــديث أم عطية رضي اهلل عنها قــالت ‪ " :‬كنا ال نع ـ ّد الكــدرة والصــفرة بعد الطهر شــيئاً " رواه أبو‬
‫داود‪. 5‬‬
‫ج‪ -‬إذا نــزلت الصــفرة أو الكــدرة قبل زمــان حيضــتها المعتــادة ‪ ،‬فــإن كــانت متصــلة بــالحيض كــأن تكــون‬
‫اســتمرت يوم ـاً أو يــومين ثم تبعها الحيض ‪ ،‬فهــذه تكــون من الحيض ‪ .‬أما إذا لم تكن متصــلة بــالحيض بل‬
‫تــوقفت وبعد أيــام نــزل الحيض فال تعـ ّد هــذه الصــفرة حيضـاً ‪ ،‬فتــدخل تحت الحــال الثانية ‪ :‬أي أنها تكــون‬
‫‪6‬‬
‫صفرة وكدرة جاءت بعد الطهر فال تع ّد شيئاً ‪.‬‬
‫ذاكر‬
‫‪ -118‬يحرم إتيان الزوجة في الفرج حال حيضها( كما سبق ذكره ) ‪ .‬ومن فعل وهو عالمٌبالحكم ٌ‬
‫مختار فهو مستحق لإلثم وعليه الكفارة ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫والكفارة ‪ :‬دينار أو نصف دينار‪ 7‬وهو من مفردات المذهب الحنبلي‪ 8‬وقال به شيخ اإلسالم‪. 9‬‬
‫وعلى المرأة مثل ذلك إن كانت مختارة عالمة بالحكم ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الدُّرجة ‪ :‬ما تحتشي به المرأة من قطنة وغيرها ؛ لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء أم ال ‪ ،‬والكرسف ‪ :‬القطن ( فتح الباري ‪/ 1‬‬
‫‪) 500‬‬
‫‪2‬‬
‫بداية المجتهد ‪1/88‬‬
‫‪3‬‬
‫الشرح الكبير ‪2/449‬‬
‫‪4‬‬
‫مجموع فتاوى ابن باز ‪4/120‬‬
‫‪5‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ‪)300‬‬
‫‪6‬‬
‫مجموعة رسائل للمرأة المسلمة ص‪51‬‬
‫‪7‬‬
‫الس ّكة من الذهب ‪ ،‬ووزنه مثقال ذهب‪.‬ـ وهو بمقدار أربعة أسباع‬
‫قال الشيخ محمد بن إبراهيم في مجموع الفتاوى ‪ " : 2/98‬الدينار هو َّ‬
‫الجنيه السعودي وما وازنه ‪ ،‬ألن الجنيه المذكور ديناران إال ربعا "‬

‫‪- 53 -‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث ابن عباس ‪ ‬عن رسول اهلل ‪ ‬أنه قال في الــذي يــأتي امرأته وهي حــائض قــال ‪ " :‬يتصــدق‬
‫بدينار أو نصف دينار " رواه أبو داود‪.1‬‬
‫ـل ما كــان ممنوع ـاً حــال الحيض يبقى ممنوعا حــتى‬
‫‪ -119‬إذا طهــرت الحــائض لكنها لم تغتسل ‪ ،‬فــإن كـ ّ‬
‫تغتسل ما عدا ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الصوم ‪ :‬قياساً على الجنب ‪. 2‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪" :‬كـان النــبي ‪ ‬يصــبح جنبـاً من جمــاع غـير احتالم ثم يصـوم"‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الطالق ‪ :‬ألنه إنما حرم الطالق حال الحيض لتطويل المدة وقد زال هذا المعنى هنا‪0 3‬‬
‫‪ -120‬االستحاضة ‪ :‬جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه ‪ ،‬وخروجهـ من ِع ْرق يقال له " العاذل "‪. 4‬‬
‫واالستحاضة دم يختلف عن دم الحيض بأربعة فروق‪: 5‬‬
‫‪ -1‬دم الحيض أسود ‪ ،‬ودم االستحاضة أحمر ‪.‬‬
‫‪ -2‬دم الحيض ثخين غليظ ‪ ،‬ودم االستحاضة رقيق ‪.‬‬
‫‪ -3‬دم الحيض منتن الرائحة ‪ ،‬ودم االستحاضة ليس كذلك ألنه ِعرق ‪.‬‬
‫‪ -4‬دم الحيض ال يتجمد إذا ظهر ‪ ،‬ودم االستحاضة يتجمد ‪.‬‬
‫‪ -121‬المستحاضة تكون على إحدى ثالث حاالت ‪:‬‬
‫معتادة أو مميَّزة أو متحيَّرة ‪ٍ ،‬‬
‫ولكل منها حكم خاص به على النحو التالي‪: 6‬‬
‫المعت ــادة ‪ :‬وهي ال ــتي لها ع ــادة قد عرفتها اس ــتمرت معها نحو عشر س ــنين أو عش ــرين س ــنة ‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فعــرفتـ بــأن حيضــتها تكــون ســتة أيــام أو ســبعة مثالً ‪ ،‬واســتمرت على هــذه الحــال طــوال هــذه الســنين ‪ ،‬ثم‬

‫‪8‬‬
‫اإلنصاف ‪2/377‬‬
‫‪9‬‬
‫االختيارات ص ‪44‬‬
‫‪1‬‬
‫وصححه ابن القيم في تهذيب السنن ‪ 1/306‬واأللباني في اإلرواء ‪1/217‬‬
‫‪2‬‬
‫زاد المستقنع ص‪13‬‬
‫‪3‬‬
‫حاشية الروض المربع ‪1/383‬‬
‫‪4‬‬
‫فتح الباري ‪1/487‬‬
‫‪5‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/423‬‬
‫‪6‬‬
‫شفاء العليل ‪1/417‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫تفرق بين الدمين ؛ فهــذه تجلس‬
‫اختلط عليها األمر فأصبحت تزيد أيام الدم على ما كانت عليه ‪ ،‬ولم تعد َّ‬
‫وقت حيضـ ــتها الـ ــتي اعتادتها فقط ‪ ،‬وما عـ ــداها فهو استحاضة ‪ ،‬فتغتسل لحيضـ ــها ثم تصـ ــلي وتصـ ــوم بعد‬
‫ذلك ‪ ،‬ولزوجها جماعها وهو قول جمهور العلماء‪ ،1‬واختاره الشيخ ابن عثيمين‪0 2‬‬
‫الدليل ‪ :‬حديث فاطمة بنت أبي حبيش قالت ‪ :‬يارســول اهلل إني امــرأة أُســتحاض فال أطهر أفــأدع الصــالة ؟‬
‫قال ‪ " :‬ال ِإنما ذلك ِع ْرق وليس بحيض ‪ ،‬فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصالة ‪ ،‬وإذا أدبرت فاغسلي عنك‬
‫الدم ثم صلي " رواه البخاري ومسلمـ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المميَّزة ‪ :‬وهي من ال يك ــون لها حيض معل ــوم قبل االستحاضة ؛ ب ــأن تك ــون االستحاضة مس ــتمرة بها‬
‫من أول ما رأت الدم ‪ ،‬أو أنها كانت لها حيضة لكنها غير ثابتة في عدد األيام وال في زمانها ‪ ،‬فمــرة تأتيها‬
‫خمسة أيام ومرة عشرة ‪ ،‬ومرة تأتيها في أول الشهر ومرة في آخــره ؛ فهــذه تنظر إلى الــدم الغليظ األســود‬
‫األول حيضـاً ‪ ،‬والثـاني دم استحاضة ‪.‬‬
‫المنتن فإذا انقطع ثم أتى بعده دم أخف منه رقيق ؛ فهنا تجعل الـدم َّ‬
‫وهو مذهب اإلمام الشافعي‪0 3‬‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث فاطمة بنت أبي حــبيش رضي اهلل عنها حيث قــال لها النــبي ‪ " : ‬إذا كــان دم الحيض فإنه‬
‫أســود يُعـ َـرف ‪ ، 4‬فــإذا كــان ذلك فأمســكي عن الصــالة ‪ ،‬فــإذا كــان اآلخر فتوضــئي وصــلي " رواه أبو داود‬
‫والنسائي‪0 5‬‬
‫ج‪ -‬المتحيِ َّرة ‪:‬‬
‫وهي من اختلط عنـ ـ ــدها دم الحيض بـ ـ ــدم االستحاضة ‪ ،‬فلم تعـ ـ ــرف هـ ـ ــذا من هـ ـ ــذا بـ ـ ــأن يكـ ـ ــون مثالً كلّه‬
‫لونا واحــداً ‪ ،‬أو في يــوم أحمر وفي يــوم أســود وفي يــوم كــدرة أو صــفرة ‪ ،‬أو أنها نســيت عادتها ال تــدري‬
‫ـيرة في أمرها ‪ ،‬فهــذه ‪ :‬تجلس كعــادة أغلب نســائها‬
‫هل هي في أول الشــهر أو وســطه أو آخــره ؛ فهي متحـ َّ‬
‫(أخواتها أو أمهـ ــا) ‪ ،‬فـ ــإن لم يكن لها قريبة تجلس كعـ ــادة أغلب النسـ ــاء وهي سـ ــتة أيـ ــام أو سـ ــبعة تتوقف‬
‫فيها عن الص ـ ـ ــالة والص ـ ـ ــوم ‪ ،‬ثم تغتسل بعد ذلك وتص ـ ـ ــلي وتص ـ ـ ــوم ‪ ،‬وال يض ـ ـ ــرها ن ـ ـ ــزول ال ـ ـ ــدم إال أنها‬

‫‪1‬‬
‫المجموع ‪2/561‬‬
‫‪2‬‬
‫مجموعة رسائل للمرأة المسلمة ص‪74‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪1/242‬‬
‫رف ‪ :‬هو الرائحة ‪.‬‬
‫والع ْ‬
‫وفي رواية َي ْع َرف َ‬
‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫وحسنه األلباني في إرواء الغليل ‪.1/224‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫تتوضأ لكل وقتـ ص ــالة وتص ــلي به ما ش ــاءت ما لم تح ــدث ‪ .‬وإن ق ــويت على االغتس ــال لكل وقتـ فهو‬
‫حسن ؛ لكنه ال يجب ‪.‬‬
‫فلما‬
‫الــدليل ‪ :‬حــديث حمنة بنت جحش رضي اهلل عنها وهي من الالتي استحضن على عهد رســول اهلل ‪ّ ‬‬
‫ش ــكت إليه ال ــدم أوص ــاها أن تتحيّض س ــتة أي ــام أو س ــبعة أي ــام ‪ ،‬ثم تغتسل وتص ــلي بعد ذلك بقية الش ــهر ‪،‬‬
‫وتفعل ذلك كل شهر ‪ .‬رواه أبو داود وابن ماجة وحسنه البخاري ‪0 1‬‬
‫‪ -122‬من تقطَّع مجيء الدم معهاـ ‪ ،‬فيوماً ترى الدم ‪ ،‬ويوماً يكون ً‬
‫نقاء ‪ ،‬فهذه لها حاالن‪: 2‬‬
‫الحال األولى ‪ :‬أن يكون الدم مع المرأة دائماً كل وقتها فهذا دم استحاضة ‪0‬‬
‫الحـال الثانية ‪ :‬أن ال يكـون مع المـرأة مسـتمراً ؛ بل يأتيها أحيانـاً ‪ ،‬وأحيانـاً يكـون لها وقتـ طهر صـحيح ‪،‬‬
‫فالصـــواب ‪ :‬أن النقـــاء إذا كـــان أقل من يـــوم فال تكـــون المـــرأة حائضـ ـاً إال إذا رأت ما ي ــدل على أنه طهر‬
‫ك ــأن يك ــون ه ــذا النق ــاء في آخر حيض ــها المعت ــاد ‪ ،‬أو أنها رأت القصة البيض ــاء ‪ ،‬أما إذا ك ــان النق ــاء يوم ـاً‬
‫فأكثر فتكون المرأة طاهراً فتغتسل وتصلي ‪ .‬وهو قول ابن قدامة‪ 3‬ورجحه الشيخ ابن عــثيمين‪ ، 4‬ولو عــاد‬
‫الدم وكان دم حيض فهي حائض ‪.‬‬
‫‪ -123‬ال حـ ـ ـ َّـد ألقل النف ـ ـ ــاس وهو ق ـ ـ ــول جمه ـ ـ ــور أهل العلم‪ ، 5‬وال حـ ـ ـ َّـد ألكـ ـ ــثره ما دام متص ـ ـ ـالً وعلى‬
‫حال واحدة في هيئته ‪ ،‬وهو قول شيخ اإلسالم‪ ، 6‬واختيار السعدي‪. 7‬‬
‫وهناك من النساء من ال يخــرج منها دم بعد الــوالدة ‪ ،‬وقد وجد على عهد رســول اهلل ‪ ‬امــرأة ولــدت فلم‬
‫تر دماً فسميت ( ذات الجفوف )‪. 8‬‬

‫‪1‬‬
‫وحسنه األلباني كذلك في صحيح ابن ماجة حديث رقم (‪)510‬‬
‫‪2‬‬
‫مجموعة رسائل للمرأة المسلمة ص‪52‬‬
‫‪3‬‬
‫المغني ‪1/355‬‬
‫‪4‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/436‬‬
‫‪5‬‬
‫المجموع ‪2/542‬‬
‫‪6‬‬
‫االختيارات ص‪46‬‬
‫‪7‬‬
‫المختارات الجلية ‪40/‬‬
‫‪8‬‬
‫رواه البيهقي ‪ ، 1/343‬وانظر المغني ‪1/428‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫وقد روي أيض ــاً أن امـــرأة َولَـــدت فلم تر دم ــاً ‪ ،‬فلقيت عائش ــةَ رضي اهلل عنه ــا‪ ،‬فق ــالت لها ‪ ":‬أنت ام ــرأة‬
‫طهرك اهلل "‪ .9‬ويقال في التعليل بعدم التحديد ألكثر النفاس وأقله ما قيل في أكثر الحيض وأقله ‪.‬‬

‫‪ -124‬يثبت حكم النف ــاس إذا ن ــزل ال ــدم بس ــبب ما وض ــعته الم ــرأة مما قد يت ــبين فيه َخلْق اإلنس ــان وهو‬
‫مذهب‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫متجمداً ولم يتــبين فيه تفاصــيل َخلْق اإلنســان فالــدم‬
‫الحنفية ‪ ،‬والحنابلة ‪ .‬فإن كان ما نزل مضغةً أو لحماً َّ‬
‫فتتحيض‬
‫ّ‬ ‫النـ ــازل دم استحاضة ‪ ،‬ال يمنع من الصـ ــالة ‪ .‬فـ ــإذا اسـ ــتمر معهاـ ثم وافق وقتـ حيضـ ــتها المعتـ ــادة‬
‫حينئذ ‪ ،‬وإذا انتهت مدة حيضتها تغتسل وتصلي وال يضرها نزول الدم لو استمر ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ـاحبَهُ طَ ْلـ ـ ـ ٌق فهو دم نف ـ ــاس وهو‬
‫‪ -125‬ال ـ ــدم الن ـ ــازل قبل ال ـ ــوالدة بي ـ ــومين أو ثالثة والمتصل بها ف ـ ــإن ص ـ ـ َ‬
‫قول الحنابلة ‪ 4‬واختاره الشيخ السعدي‪0 5‬‬
‫‪ -126‬لو توقف الــدم مع النفــاس أيام ـاً أثنــاء األربعين ثم عاودها مــرة أخــرى فهــذا النقــاء بين الــدمين يعـ ُّـد‬
‫طهراً ‪ .‬وهو المشهور من مذهب الحنابلة ‪ 6‬ورجحه الشيخ محمد بن إبراهيم‪. 7‬‬
‫ويج ــوز للرجل وطء امرأته خالل ه ــذا الطهر وهي إح ــدى الرواي ــتين عند الحنابلة ‪ 8‬واختي ــار الش ــيخ ابن‬
‫‪9‬‬
‫زوجها إال بــدليل وال دليل على المنع‬
‫عثيمين ‪ .‬وذلك ألنه ما دام أن الصـالة تصح منها فال يجــوز أن يُمنَع ُ‬
‫‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫رواه البخاري في "التاريخ الكبير " ‪4/194‬‬
‫‪2‬‬
‫بدائع الصنائع ‪1/161‬‬
‫‪3‬‬
‫الروض المربع ‪1/530‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلنصاف ‪2/481‬‬
‫‪5‬‬
‫فقه ابن سعدي ‪ 1/340‬والشيخ ال يحدده بيومين أو ثالثة أيام ؛ بل لو زاد فهو دم نفاس ما دام أنه متصل بالوالدة ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المغني ‪1/430‬‬
‫‪7‬‬
‫فتاوى ابن إبراهيم ‪2/102‬‬
‫‪8‬‬
‫شرح الزركشي ‪1/443‬‬
‫‪9‬‬
‫الشرح الممتع ‪1/448‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‬

‫‪- 58 -‬‬

You might also like