بطل الروايات (أدهم صبري) في قلب سيناء ليلة 6أكتوبر 1973و كانت عملية إنزال في الممرات الجبلية في قلب سيناء.
و الحقيقة ان هذة العملية حقيقية /100
،%100و حدثت فعال و كان لها أثر مرعب على القيادة اإلسرائيلية =،و على المخابرات الحربية اإلسرائيلية أيضا ،التي فوجئت بعملية تكتيكية من العيار الثقيل ،و بجرأة غير عادية من الجيش المصري و رجال الصاعقة في الوصول إلى أصعب المواقع العسكرية خلف خطوط العدو بالرغم من التقارير المخابراتية و اإلستطالعية عن قدرات الجيش المصري طوال السنوات االحقة لحرب يونيو 1967والتي كانت توضح إستحالة وصول المصريين لهذة الجرأة إال في حدود معقولة حيث مهاجمة بعض المواقع القريبة من خط بارليف حيث مواقع الذخيرة أو التشوين و اإلمداد و غيرها من المواقع القريبة إلى حد ما من القناة (إال بعض العمليات القليلة التي تؤتي بثمار سياسية فقط) ،كما أوضحت هذه التقارير إستحالة وجود عمليات عسكرية في عمق سيناء في ظل حالة التراخي للجيش المصري في تلك الفترة الي تلت فترة تولي الرئيس المصري (أنور السادات) الحكم في مصر.
و لكن كيف بدأت هذة العملية التي أذهلت
عقول العسكريين في العالم كله بجانب المعجزات األخرى للجيش المصري و أبناءة البواسل ؟ و ما هي أسبابها و كيف تم التوصل إلى فكرتها ؟
الحكاية تعود إلى مابعد مرحلة (النكسة) و
عزل المشير (عبد الحكيم عامر) و (شمس بدران) و تعيين (محمد فوزي) وزيرا للحربية و اللواء (أحمد إسماعيل) مديرا عاما للجبهة ،حيث بدا اإلعداد من جديد للجيش المصري و إعادة تدريب القوات المصرية بشكل مختلف و كسر حاجز الخوف عبر عمليات اإلستنزاف في قلب سيناء و على حدود (خطب بارليف) و داخله ،و بدأ الحكومة إعادة تسليح الجيش من جديد ،و بدأ معه القادة العسكريين إعادة تشكيل الخطة الدفاعية للبالد و أيضا محاولة تطويرها لخطة هجومية و لكن لم تكن هذة النقطة محل إتفاق في تلك الفترة بس ما كان حدث من تطور حيث مبادرة (روجرز) و بعدها وفاة عبد الناصر و أيضا قبل وفاته مذبحة الفلسطينين في اآلردن ،و من ثم تولي الرئيس السادات الحكم ،وقد كانت الحكومة السوفيتية في فترة حرب اإلستنزاف تمد (مصر) بخبراء عسكريين (سوفييت) في الجيش المصري، و كان لهم تعليق ساخر و هو ان عبور خط بارليف يحتاج إلى قنبلة نووية أو قنبلتان على األرجح ،كانت القيادة العسكرية في مصر تدور في فلك مشكلة خط بارليف و لكن المشكلة األكبر التي كانت تواجهم هي سيناء نفسها حيث أن سيناء طبيعتها جبلية بشكل قوي و المشكلة في التوغل العسكري للجيش المصري في سيناء بعد العبور حيث ان القيادة اإلسرائيلية ستدفع بقواتها عبر ممرات سيناء الجبلية التي تمر بين الجبال و التي كانت من بينها ممرات شهيرة مثل ممر (متال) و بالتالي فإن هذة الممرات مشكلة أخرى في حد ذاتها بجانب المشكالت التي كانت صداعا مزمنا في رأس القيادة المصرية.
و مع بداية السبعينيات و بالتحديد بعد تعيين
المشير (احمد إسماعيل) وزيرا للحربية و اللواء (سعد الدين الشاذلي) رئيسا لألركان و بداية اإلستعداد لحرب أكتوبر و تطوير الخطة الدفاعية (بدر) إلى خطة هجومية هدفها تدمير خط (بارليف) و كسر حالة الجمود و التوغل بشكل منظم و محدود في قلب سيناء مع التطوير للهجوم وقت الحاجة ،بدأت المشكلة التي شكلة صداعا منذ سنوات تعود من جديد و تأكيد الخبراء السوفييت قبل رحيلهم ان (مصر) تحتاج إلى قنبلة نووية لعبور القناة و ان عبر جيشها فسيخر في معركة غير متكافئة ،و لكن كان للعسكريين المصريين راي آخر، رأي كان منه قلب موازين العلوم العسكرية و أسلوب الخطط و العمليات في الحروب التي أتت فيما بعد ،حيث رأى القادة في مشكلة الممرات أن حلها يكمن في إنزال فرق في قلب هذة الممرات لتلغيمها و إيقاف أي وحدات معادية تمر بها و بالتالي شل حركة الجيش اإلسرائيلي في قلب سيناء و بالتالي فشل عسكري مدمر إلستحالة وصول اإلمدادات العسكرية لخط المواجهة مع الجيش المصري ،و مع عنصر المفاجئة قبلها عنصر الخداع و التكيك ستفقد إسرائيل السيطرة على قواتها و سيصبح عليها التفكير= بشكل جدي في اإلنسحاب و ترك المواقع و النقاط الحصينة في خط بارليف و خلفه ايضا من اجل الحفاظ على قواتها من مواجهة غير متكافئة أبدا ،و بالتالي يتقدم الجيش المصري خطوات لألمام بثبات مع وجود عنصر التقدم اإلستجراتيجي في الحرب على عدوه اللدود.
و بالفعل كان هذا السيناريو الذي توقعه
رجال المخابرات الحربية و رجال هيئة العمليات بالقوات المسلحة تحت قيادة اللواء (عبد الغني الجمسي) ،هو ماحدث فعال في الحرب و بنفس األسلوب و كأنهم كانوا يعلمون ما سيحدث في المستقبل =،و فقدت إسرائيل فعال توازنها بشكل عنيف= في الحرب في الساعات األول ،و ذلك ألسباب عديدة أبسطها: -1المفاجئة العنيفة لجيش إسرائيل ،و التي سبقها خداع منظم من القيادة العسكرية و السياسية في مصر. -2ظهور تفوق الطيران المصري على حساب الطيران اإلسرائيلي مما افقد اإلسرائلين القدرة على الهجوم المضاد بالطائرات المقاتلة أما طائراتنا. -3الفجوة العنيفة بين قيادة قطاع الوسط اإلسرائيلي و الوحدات المشتبكة مع الجيش المصري بسبب إيقاف و شل حركة اإلمدادات و الذخائر ،مما وضع القوات الموجودة في المقدمة هدف سهل التعامل معه للجيش المصري. -4مصيدة الصواريخ المضادة التي نصبت في القناة =،و أيضا تطوير المصيدة بصواريخ متنقلة و خفيفة إلى األمام بعد عبور قوات المشاة القناة مما قضى على اسطورة سالح الجو اإلسرائيلي و أحدت من خطورتة إلى األبد.
و كانت لعملية (عنق الزجاجة) أثر عنيف
في القيادة اإلسرائيلية حيث تسببت هذه العملية بإصابة وزير الدفاع (موشي ديان) بحالة هياج عصبي شديدة بسبب فشله في الوصول بقواته المدعمة إلى خط المواجهه بسبب مجموعات من الصاعقة المصري أوقفوا تقدم القوات من قلب سيناء إلى أرض المعركة المباشرة ،مما اصابه الجميع بحالة زهول و شلل في تفكيرهم ،فلقد قلبت العملية بالفعل كل الموازين العسكرية في العالم ،فكيف تأتي فصائل (كوماندوز) مصري بسيطة العدد و ليس كثيرة بكل هذه الخسائر المدمرة و لمن ؟ لجيش إسرائيل الذي كما إدعوا جيش اليقهر؟ و إذا كانوا المصريين بهذة القوة فأين كانوا من قبل؟ و كيف تطوروا بهذة السرعة المذهلة؟ و إذا تطوروا بهذة السرعة؟ فليس أكيد تطوروا كافيا لقلب موازين العلوم و القواعد العسكرية في خطط الحرب و القتال! فكيف وصلوا لهذة المرحلة مع قلة تسلحهم التكنولوجي و قلة تقدمهم العسكري و إعتمادهم على السالح الروسي كمصدر وحيد؟ أسئلة كثيرة= دارت في رأس المحللين العسكريين لملحمة أكتوبر و لهذة العملية و غيرها من العمليات =،و لكن الذكاء المصري الذي تفوق على الذكاء اإلسرائيلي و األمريكي في هذة الجولة من الصراع العربي اإلسرائيلي =،كان هو السالح األول و األخير للمصريين ،و هو السالح الذي نجح في العبور بعقول القادة إلى قلب سيناء بخيالهم الواسع و تفكيرهم االمحدود و المنظم في نفس الوقت قبل عبورهم بشكل حقيقي ،لقد نجحت الخدعة المسماه (بعنق الزجاجة) في شل إسرائيل لفترة طويلة في الحرب ،حيث أن الممرات حينما تقف الحركة فيها ألي سبب تصبح مثل (عنق الزجاجة) صعب الخروج منها و من هنا بدأ القادة العسكريون يضعون قواعد اللعبة بذكاء و بدوا يخططوا في هدوء و صمت إلنزال مجموعة قوات (صاعقة) في الممرات الهامة ،ليلعبوا دور خناقة الكلب لرقبة الجيش اإلسرائيلي ،و شل حركة إمداده و تموينة بشكل قوي.
و كانت المشكلة األول التي تواجههم هي
كيفية حماية أولئك الرجال و تأمين عودتهم خاصة و أن عودتهم ستكون مرهونة بمدة تفوق و تغطية الطيران المصري للوحدات األرضية التي ستتوغل في قلب سيناء بشكل منظم من اجل إلتقاط هذة الفرق و العودة بها سالمة ،و لكن و الحق يقال و الف شاهد له موجود من أهل بالد الفراعنة و بالد خير أجناد األرض التي رفض أبنائها التخلي عن مهم أقل ما يقال عنها أنها مهمة موت ال عودة فيها و ال سبيل للنجاة و مطلوب فيها الموت أيضا بشجاعةو إستبسال =،إذا لزم األمر الموت يكون بأكبر تدمير للعدو ،رفض رجال يندر وجودهم في هذا الزمان ان يتخلوا عن المهمة و ذاد عدد المتطوعين بشكل واضح ولكن الذي كان يحكم هذا العدد هو مدى الكفائة و الصالحية و القدرات الفردية لكل جندي ألنها مهمة ال تحتاج إلى مجرد فدائي بل تحتاج إلى مقاتل زكي بروح فدائي ،يعرف متى يضرب بعنف و متى يتوارى عن األنظار و متى يضحي بنفسه بدون أي تردد لتحقيق النصر =،مما ادى إلى تصفية ضخمة ألعداد المتطوعين في هذة العملية ،و لألسف لم يتح لي معلومات عن عدد الفرق أو أسماء أفرادها بشكل في تاكيد رسمي ،لكن المؤكد انهم كانوا فرق صغيرة العدد ،و مدربين على مستوى عالي و قوي و إن كانوا قليلين لكنهم أقوياء بقلوبهم العامرة باإليمان بحق بالدهم في الحرية و الكرامةو إستعادة التراب الغالي المجنس بأوالد الخنازير.
و بدأت عملية اإلنزال في ليلة السادس
من أكتوبر ،حيث تحركات بعض المروحيات التي تقل الفرق اإلنتحارية عبر خط متعرج و إرتفاع منخفض حتى وصلت إلى األماكن ذات األفضلية في النزول من حيث إمكانية النزول بعيدا عن أعين العدو و نزلت الفرق اإلنتحارية و أتخذت مواقعها في صمت و سكون و هدوء و بدون اي توتر أو خطأ و أتخذوا مواقعهم في سواتر مخفية في إنتظار اللحظة الحاسمة. و مع بداية شروق شمس السادس من أكتوبر و بداية التحضيرات في الضفة الغربية للهحوم المصري كانوا أبطال العملية يتخذوا إستعدادهم الواضح ،و يشغلون مواقعهم بشكل سريع و دقيق في إنتظار اللحظة الحاسمة ،و مع بداية الحرب و بدأ العبور و سقوط خط بارليف بدأت إسرائيل بالدفع بمنتهى السرعة بقواتها عبر الممرات الجلية من أجل أن تمنع المصريين من تحطيم أسطورة (الجيش الذي اليقهر) ،و بدل من أن تصل القوات في سالم إلى أرض المعركة فوجئوا بجحيم من المعارك العنيفة في الممرات على قواتهم التي توقف عبورها قبل أن يبدأ في الممرات بسبب (وحوش بشرية) تقاتل كما لو كان اليوم هو آخر يوم في عمرها ،أسود برية أقسموا على دفع ضريبة الوطنية بدون مقابل أو ثمن، فقط من أجل مصر و من أجل ترابها، تهون الروح و يهون الجسد و يهون كل شيء ،إال (مصر) ،ليكتب أولئك األبطال بدمائهم الذكية في صفحات من دهب و ليدون التاريخ أعظم بطوالت الحروب في العصر الحديث و أعظم تفوق عقلي من عقل مصري برغم ضعف إمكانياته لكنه تفوق على من أعلى منه في اإلمكانيات التكنولوجية و لكن في الحرب و الخطط و الحياة العسكرية الصراع العقلي هو الحاكم األول و األخير في الميدان ،و أنهارت قيادة قطاع الوسط اإلسرائيلي و أصيب قائدها الجنرال (ارييل شارون) بذهول و فظع و أخذ يتوسل إلى القيادة اإلسرائيلية ان تحاول إمداده بالمزيد من القوات لكن هيهات يا (شارون) فلقد خسرت المعركة قبل أن تبدأها ،و إنتصر جيش أدعيتم أنه لن يستطيع القيام بحرب لسنوات طويلة لضعفه و قلة حيلته و قلة مواردة و سوء تنظيمة ،فجاء أبناء هذا الجيش لييفتحوا أبواب جهنم الحمراء عليكم جميعا ،و تتحطم معها أسطورة جيش إسرائيل الذي ال يقهر ،و تنهار رئيسة وزراء (إسرائيل) (جولدا مائير) و تطلب المزيد و المزيد من أمريكا من أجل مواصلة حرب خسرتها بالفعل.
و انتهت العملية بنجاح ساحق و أبيد
اإلحتياطي= اإلسرائيلي قطاع الوسط في سيناء بنسبة %89و ال % 11الباقون إنسحبوا في إنتظار المدد من (تل أبيب).
لقد سجلت هذة العملية جزء بسيط من
العبقرية المصرية في الحرب و سجلت ايضا شجاعة و بسالة رجال من ذهب، قلوبهم من الماس ،و دمائهم تغلي بنيران حارقة بحب بلد علم و يعلم و سيظل يعلم العالم كله (فن الدفاع عن الوطن)