Professional Documents
Culture Documents
2
"ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻠﻴﻮن ﻣﺘﻔﻘﻮن ﻣﻊ ﻣﺎ أداﻓﻊ ﻋﻨﻪ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ
أﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﺒﺆوا ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﳌﺸﻬﻮدة ﺮد ﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﺧﺘﻄﺎﻓﻲ .
أﺧﺮﺟﻮﻧﻲ ﻣﻦ اﳉﺤﻴﻢ وﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ واﺣﺪة ".
4
ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ وﺷﻬﺎدة ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻀﻤﺎﺋﺮ اﳊﻴﺔ ﺛﻢ ﳝﻀﻮن واﺛﻘﲔ ﻣﻦ أن اﳌﻮت
ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮورة اﻟﻔﻨﺎن ﻟﻴﺲ إﻻ وﻛﺄن ﻣﻌﺘﻮب ﻳﺴﺘﻮﺣﻲ ﻫﻨﺎ
ﻗﻮﻟﺔ اﻟﺮواﻗﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ) (Epicteteﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل la Mort n’est pas red-):
outable , seul est redoutable le jugement selon lequel la mort
. (. est redoutable
7 6
ﻣﻌﺴﻜﺮ اﳌﻘﺼﻴﲔ واﻟﺒﺴﻄﺎء وﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﺋﺔ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻔﻦ ﻣﻦ ﺗﻬﻤﺔ
اﻟﻐﻨﺞ اﳌﻠﺼﻘﺔ ،ﻛﺬﺑﺎ وزورا ،ﻟﻠﺸﻌﺮ أﻳﻀﺎ ﺧﺸﻮﻧﺘﻪ ﻳﺘﺪﺛﺮ ﺑﺒﻬﺎء اﻟﻜﻠﻤﺔ
واﻟﻨﻈﻢ اﻟﺴﻬﺎم " .ﻗﺪ ﻳﺠﺴﺪ "اﳌﺘﻤﺮد" ﺟﻴﺪا ﻃﻤﻮح )ﻫﻴﻐﻞ( اﻟﻘﺪﱘ ﻓﻲ
ﻗﺪرة اﺮد ﻋﻠﻰ اﻹرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﺬاﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻟﻴﻜﻮن اﻟﻔﺮد اﻹﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ
ﺑﺬﻟﻚ "ﻣﺨﺘﺼﺮا رﻣﺰﻳﺎ ﻛﺜﻴﻔﺎ" ﻟﺰﻣﺎﻧﻪ وﺷﺎﻫﺪا ﻋﻠﻴﻪ ،إﻧﻪ ﺻﺮﺧﺔ ﻣﺰدوﺟﺔ
ﺿﺪ ﺗﻮأﻣﲔ ﻟﺌﻴﻤﲔ ،ذﻣﻴﻤﻲ اﳋﻠﻘﺔ ﻫﻤﺎ اﳊﺰب اﻟﻮﺣﻴﺪ واﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ
،وﻧﺴﻴﺨﻴﻬﻤﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﲔ :اﻹرﻫﺎب اﻟﻨﻔﺴﻲ واﳉﺴﺪي .ﻗﺎل ﻟﻮﻧﺎس
ﻛﻠﻤﺘﻪ وﻣﻀﻰ وﻗﺪ ﻳﻜﻮن واﺟﺐ اﻹﻧﺼﺎت إﻟﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ
اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻧﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﺑﻪ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ أﺗﺖ ﻓﻜﺮة ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺳﻴﺮة اﳌﺘﻤﺮد ﻟﻠﻤﻐﻨﻲ
اﳉﺰاﺋﺮي اﻟﻘﺘﻴﻞ ﻣﻌﺘﻮب ﻟﻮﻧﺎس ﻹﺷﺮاك اﻟﻘﺎرىء ﻓﻲ ﺗﺪﺑﺮﻫﺎ .
ﻛﻨﺖ أﺑﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻋﻨﺪﻣﺎ أوﺷﻜﺖ ﻋﻠﻰ إﺣﺮاق
اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﻬﺎ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻲ ،وﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻤﺎﻗﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﺑﻠﻪ
أول ﻋﻤﻞ ﻣﺴﻠﺢ أﻗﻮم ﺑﻪ وﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻮاﻗﺒﻬﺎ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺔ ،
ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،ﻛﻨﺖ أﻧﺎ وأﺻﺤﺎﺑﻲ وﻛﻠﻬﻢ أﻗﺮاﻧﻲ ﻧﻠﻬﻮ وﻧﻠﻌﺐ ،ﻧﻄﻔﺢ
ﺑﺮاءة إﻻ أن اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة آﻧﺬاك ﺗﺸﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻬﻤﺎ ﺻﻐﺮ
ﺷﺄﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ اﳉﺰاﺋﺮ ﻓﻲ ﻋﺰ اﳊﺮب اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻮﺿﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺳﺘﻘﻼل وﻻ
ﺣﺪﻳﺚ ﺑﲔ اﻟﻨﺎس إﻻ ﻋﻦ رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ واﳌﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،أﻣﻲ ﻟﻢ
ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﺮاﻗﺒﻨﻲ ،ﺗﻌﻴﺶ ﻟﻮﺣﺪﻫﺎ ﻣﻊ ﺟﺪﺗﻲ
ﺑﺒﻴﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﺎورﻳﺮت ﳕﻮﺳﻲ وﻫﻲ ﻣﻦ ﻗﺮى اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻣﻲ وﺟﺪﺗﻲ
ﻣﻨﺴﺠﻤﺘﲔ ،ﺟﺪﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻃﺒﻊ ﻗﻮي وﺧﺎرق ﻟﻠﻌﺎدة وﲤﺜﻞ دﻋﺎﻣﺔ اﻟﺒﻴﺖ
اﻟﺬي ﺗﺴﻴﺮ ﺷﺆوﻧﻪ وﺗﻨﻈﻢ أﺷﻴﺎءه وﺗﺸﻌﺮ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن
أﺑﻨﺎؤﻫﺎ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﺑﺄرض اﳌﻬﺠﺮ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﻢ واﻟﺪي اﻟﺬي أﺧﺘﺎر اﻹﻗﺎﻣﺔ
ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ،ﻳﻨﻌﺪم اﻟﺸﻐﻞ ﲟﻨﻄﻘﺘﻨﺎ أﺑﻲ
ﻳﺮﺳﻞ اﳌﺎل اﻟﺬي ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻲ وﳝﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﺎل اﳌﺼﺪر اﻷﺳﺎﺳﻲ
ﻟﻌﻴﺸﻨﺎ .
8
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻷﺣﺎﻛﻲ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺛﻮة وﻣﺪﻫﺸﺔ .ﻻزﻟﺖ أذﻛﺮ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ
اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻀﻴﻬﺎ ﺳﻮﻳﺎ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﳌﺪﻓﺌﺔ وﺗﻮﻗﻆ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﺑﺎﳊﻜﺎﻳﺎت اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ
ﻛﻨﺖ وﺣﻴﺪ أﺑﻮي ،ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد إﻻ ﺑﻌﺪ إﺳﺘﻘﻼل
اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺣﻮل اﻟﺴﻼﻃﲔ واﶈﺎرﺑﲔ وأﺟﻤﻞ اﻟﻨﺴﺎء .ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺳﺎﺣﺮة ،ﻛﻞ
اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﺴﻨﺔ ،وﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻲ ﻃﻔﻼ ﻣﺸﺎﻛﺴﺎ ﻛﻨﺖ "اﻟﺮﺟﻞ"
ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﺪﻗﺔ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ وﺗﺘﺤﻮل ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ
اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻻ وﺟﻮد ﻓﻴﻪ إﻻ ﻟﻠﻨﺴﺎء وﻛﻨﺖ ﻣﺪﻟﻼ ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ
ﺑﻔﻌﻞ ذﻟﻚ اﻟﻰ أﺷﻌﺎر ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .
ﻣﻦ ﺗﻮاﺿﻊ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ،ﻻ أﺗﻮﻓﺮ ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺻﻨﻌﻪ
ﻛﺎن اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻄﺄ ﻗﺪﻣﺎﻫﺎ ﻗﻂ اﳌﺪرﺳﺔ ﺑﻴﺪي ،ﻛﺎن ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺳﻨﻲ وﻣﻦ وﺳﻄﻲ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أن
.ﺷﻴﺌﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،وﺟﺐ ﻋﻠﻲ ﲢﺼﻴﻞ اﳌﻌﺮﻓﺔ واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﲤﻨﺖ ﻫﻲ ﻳﻨﺰﻋﻮا إﻟﻰ اﳋﻠﻖ واﻹﺑﺘﻜﺎر .
ﻟﻮ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ .أردت أن أﺻﺒﺢ ﻋﺎﳌﺎ ﺣﺘﻰ أﺛﺄر ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ
وﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﻫﺬه اﳊﻘﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﳉﺰاﺋﺮ ﻹدراك درﺟﺔ اﻟﺘﻮﺗﺮ
اﻟﺘﻌﻠﻢ .أﻣﺎ أﻧﺎ وﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻗﺮاﻧﻲ ﻓﻠﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻌﻠﻢ
اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،إذن ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮب اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ
ﺷﻴﺌﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ،أﻗﻀﻲ ﻣﻌﻈﻢ أوﻗﺎﺗﻲ ﺧﺎرج اﻟﺒﻴﺖ ،ﻓﻲ اﳊﻘﻮل واﻟﻠﻌﺐ
ﻣﻌﺸﺮ اﻷﻃﻔﺎل ،ﻫﺒﺔ ﺳﻤﺎوﻳﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺮﻳﺔ أﻛﺒﺮ
ﻣﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء وﻟﻴﺲ ﺑﻘﺎﻋﺔ اﻟﺪرس .أﻗﻀﻲ أﻳﺎﻣﻲ ﻣﺘﺴﻜﻌﺎ ﺑﺪل اﻟﺬﻫﺐ
ﻓﺈن اﻟﻜﺒﺎر ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﲟﺮاﻗﺒﺘﻨﺎ ﻷﻧﻬﻢ
اﻟﻰ اﳌﺪرﺳﺔ وﺻﺎر ذﻟﻚ ﻃﺮﻳﻘﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻗﻠﺖ
ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻹﺣﺘﻼل وﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻺذﻻل .
ﻟﻨﻔﺴﻲ :إن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺪرﺳﻲ ﻟﻦ ﻳﻔﻴﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﺷﻲء وﻻ ﻫﻮ ﻳﻨﺎﺳﺒﻨﻲ
ﻛﺎن ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻜﻮﺛﻲ ﺑﻘﺎﻋﺔ اﻟﺪرس ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻠﻜﻨﻲ اﻟﻀﺠﺮ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻟﻨﺎ وﺣﻘﻮل ﻏﻴﺮﻧﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أذﻫﺐ إﻟﻴﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ
وأﻣﻘﺖ ﺧﺮوﺟﻲ ﻣﻦ اﳌﺪرﺳﺔ وﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﻌﻄﻞ ،ﻻﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻐﻨﺎء ﺻﺤﺒﺔ ﻧﺴﺎء
أﺧﺮﻳﺎت .ﻛﻦ ﻳﺘﺒﺎدﻟﻦ اﻷﻫﺎزﻳﺞ واﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺑﺼﻮت ﺟﻤﺎﻋﻲ
ﻟﻢ ﻳﺴﻴﺒﻖ ﻟﻬﻢ أن ﺣﺎوﻟﻮا إﻣﻼء أي ﻋﻘﻴﺪة ﻋﻠﻴﻨﺎ أو ﺗﻠﻘﻴﻨﻨﺎ أي
وﻫﻦ ﻣﻨﻬﻤﻜﺎت ﻓﻲ ﻗﻄﻒ ﺣﺒﺎت اﻟﺰﻳﺘﻮن .
ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺪﺛﻮﻧﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ وﻳﻠﻘﻮﻧﻨﺎ دروﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ
اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻬﻢ أن ﻟﻘﻨﻮﻧﻨﺎ دروﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .إن وأﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲤﻜﺚ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻐﻨﺎء ﺳﻮاء
ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﻓﺘﺢ أﻣﺎﻣﻲ آﻓﺎﻗﺎ رﺣﺒﺔ وﺣﺮرﻧﻲ ﻣﻦ اﻹﻧﻐﻼق واﻟﺘﺒﻌﻴﺔ . ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﺘﻞ اﻟﻜﺴﻜﺲ أو ﺗﺮﺗﺐ أﻏﺮاض اﻟﺒﻴﺖ وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ
أدﺧﻠﺘﻨﻲ اﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻨﺎء .
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﺮدد اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ ﻓﻲ اﻹﻧﺨﺮاط ﺑﺎﳌﻌﺮﻛﺔ
اﻟﺪاﺋﺮة ﺿﺪ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﻟﻜﻦ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ ،ﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﻋﻦ إﻟﺘﺤﺎق أي ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﳉﻤﺎل ،أﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻲ ،ﻓﺎﺗﻦ ودﻳﻊ وﻗﻮي ﻓﻲ آن
واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻲ ﺻﻔﻮف اﳌﻘﺎوﻣﲔ ﻳﺤﺎرﺑﻮن ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﻢ اﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻳﺴﺘﺪﻋﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﻴﺎد وﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﺰء ﻟﺘﻤﺘﻌﻬﻢ
ﺗﻌﻠﻴﻤﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺷﺒﺎب اﳌﻨﻄﻘﺔ اﳌﺒﺎدىء اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ وﺗﻠﻘﻴﻨﺎ ﺑﺼﻮﺗﻬﺎ اﻟﺸﺎدي اﻟﺬي ﻫﺪﻫﺪﻧﻲ ﻃﻴﻠﺔ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ .
ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﺎ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻨﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ .
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻌﻠﻤﺔ وﻻ ﻫﻲ ﺗﻌﺮف اﻟﻘﺮاءة ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻣﻮﻫﺒﺔ
11 10
ﻛﺎن اﻟﻴﻮم اﻷول ﻣﻦ اﻹﺳﺘﻘﻼل ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﻋﻴﺪا ﻻﻳﺸﺒﻪ ﻫﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﳌﺴﺎء أﺣﻜﻲ ،ﺑﺈﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻎ ،ﻷﻣﻲ وﺟﺪﺗﻲ ،
اﻷﻋﻴﺎد اﻷﺧﺮى ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ أﺳﺘﻐﺮﻗﺘﻬﺎ اﳊﺮب ،ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻲ أن ﻣﻼﺣﻤﻲ وﻫﻤﺎ ﺗﺴﺘﻤﻌﺎن اﻟﻰ ﺑﺂذان ﺷﺎردة وﻟﻢ أﻛﻦ أﺑﺎﻟﻲ ﺑﻼﻣﺒﺎﻻﺗﻬﻤﺎ .
ﻋﺎﻧﻴﺖ ﻣﻦ اﳉﻮع أو ﻣﻦ أي ﻣﻌﺎﻧﺎة أﺧﺮى ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻲ ﺗﺘﺪﺑﺮ اﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ
اﳉﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ﺑﻘﺮﻳﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻮاﻗﻊ
ﻻﻧﻜﻮن ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻰ أي ﺷﻲء وﻧﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺘﻘﻨﲔ اﻟﻐﺬاﺋﻲ .
ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ .اﻷول ﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ وﺳﻄﻬﻤﺎ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ
ﻻ أﻋﺮف ﻛﻴﻒ ﳒﺤﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻷﻧﻨﻲ ﻋﻠﻤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ أﻟﺴﻨﺔ ﻧﻘﻄﺔ اﳋﺮوج .ﺗﻄﺎل اﳌﺮاﻗﺒﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺔ
اﻟﻨﺎس ،أن اﳊﺮب ﻣﺮادﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﻮاﺋﻞ ﻛﺜﻴﺮة ،ﻟﻠﺒﺆس ،ﻛﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮا ﺟﺪا اﳌﺎرة .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،ﻣﺎ أﺣﺘﻔﻈﺖ ذاﻛﺮﺗﻲ ﺑﺄدﻧﻰ ﲡﺎوز ﺻﺎدر ﻋﻦ اﳉﻨﻮد
ﺣﺘﻰ أﻋﺮف ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ وﻛﻞ أﻧﻮاع اﳌﺘﺎﻋﺐ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﺒﺘﻬﺎ اﳊﺮب . اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻓﻲ ﺣﻘﻲ أو ﻓﻲ ﺣﻖ أﻗﺮاﻧﻲ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻠﻄﻒ
.أﺗﺬﻛﺮ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﺘﺮب ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﳌﻮﻗﻊ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﳌﺘﻮاﺟﺪ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪة ﻣﻦ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﺗﺒﲔ ﻟﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﺮاﻓﻘﺘﻲ ﻟﻮاﻟﺪﺗﻲ ،ﺣﺠﻢ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ
أﺟﻞ اﻟﺘﺴﻠﻞ اﻟﻰ داﺧﻠﻪ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ أﻧﻈﺎر اﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ رﺟﻞ
ﺗﻌﺘﺮﺿﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب .ﻋﺎﺷﺖ أﻣﻲ ﺳﻨﻮات اﳊﺮب
اﳌﻘﺎوﻣﺔ وﻧﻘﻮل
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺪاﺋﻢ وﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤﺔ اﻷﺳﻰ ﻋﻦ ﻏﻴﺎب أﺑﻲ ﻋﻨﺎ .
وﻓﺪوا ﻣﻦ "اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة" ﻛﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻘﺮوﻳﲔ ﻣﻌﺘﺰﻳﻦ ﺑﺬواﺗﻨﺎ
ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻓﻈﺎﺋﻊ اﳊﺮب أﻧﺘﻬﺖ ﻣﻊ اﻹﺳﺘﻘﻼل وﻫﻮ ﻣﺎ
وﻛﺎن ﻫﺆﻻء "اﻟﺪﺧﻼء" اﻟﺬﻳﻦ ﻻﻳﻜﻔﻮن ﻋﻦ إﺳﺘﻌﺮاض ﺗﻔﻮﻗﻬﻢ "اﳌﺪﻳﻨﻲ"
ﻛﺬﺑﺘﻪ اﻷﺣﺪاث .ﻓﺒﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺘﻘﻼل إﻧﺪﻟﻌﺖ أﻋﻤﺎل
وﳝﻌﻨﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻨﺎ ﻛﺄﺟﻼف ،ﻳﻐﻴﻈﻮﻧﻨﺎ وﻳﻌﻘﺪون ،ﻳﻐﺎر أﻃﻔﺎل
ﻋﻨﻒ ﲟﻨﻄﻘﺘﻨﺎ :اﻧﺘﻔﺾ ﺿﺒﺎط اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺿﺪ اﺑﻦ ﺑﻠﺔ وأﺷﺘﺪت
ﻗﺮﻳﺘﻲ ﻣﻦ أﻃﻔﺎل اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﳝﺘﻠﻜﻮن "ﻟﻌﺒﺎ" ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وأﺷﻴﺎء ﺗﺒﺪو
اﳌﻮاﺟﻬﺎت وﺗﻌﺮﺿﺖ ﻗﺮاﻧﺎ ﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﻓﺎق ﻣﺎ ﺷﻬﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ
ﻟﻨﺎ راﺋﻌﺔ ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻀﻲ أوﻗﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ رﺗﻖ أﺷﻴﺎء ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻷﻟﻌﺎب
أﺳﻔﺮت ﻋﻦ ﻣﻘﺘﻞ ﻣﺌﺔ ﺷﺨﺺ .
ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﻧﻔﺮغ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻬﺎ .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻛﺎن أﻃﻔﺎل
ﻏﺪاة اﻟﻨﺰاع اﳊﺪودي ﻣﻊ اﳌﻐﺮب ،ﻇﻬﺮت اﻧﺸﻘﺎﻗﺎت ﺑﲔ اﻟﺰﻋﻤﺎء اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻻﻳﻌﻴﺮوﻧﻨﺎ أﻟﻌﺎﺑﻬﻢ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺸﺎﺟﺮ ﻣﻌﻬﻢ داﺋﻤﺎ وﻧﺘﺒﺎدل
اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ وﺳﺎد ﻟﺒﺲ ﻣﺤﻤﺪ أوﳊﺎج اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﻘﺪﱘ أﺧﺘﻠﻒ اﻟﻠﻜﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻻزال أﺑﺎؤﻧﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮوﻧﻬﺎ ﺟﻴﺪا .
ﻓﻲ اﻟﺮأي ﻣﻊ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﺴﲔ آﻳﺖ أﺣﻤﺪ وﻛﺮﱘ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ اﳌﻮﻗﻊ
ى أﺣﺘﻔﻆ ﻋﻦ ﺣﺪث اﻹﺳﺘﻘﻼل ﺳﻮى ﺑﺬﻛﺮﻳﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻳﺤﻜﻮن
ﻋﻠﻰ اوﻓﺎق إﻓﻴﺎن ﻟﻢ ﻳﻨﻀﻢ اﻟﻰ ﻫﺬه اﳌﻌﺎرﺿﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺆﳌﺔ
ﻟﻲ ﺑﺄن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻣﻦ أرﺿﻨﺎ وﻛﻨﺖ أﺣﺒﺬ ذﻟﻚ
وﺿﻊ اﳌﻘﺎﺗﻠﻮن أﺳﻠﺤﺘﻬﻢ وآﻳﺖ اﺣﻤﺪ ﻓﻀﻞ ﺟﺰاﺋﺮﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻻﺷﻚ أن
ﻛﺜﻴﺮا ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن وﻳﻔﻜﺮون إﻻ ﻓﻲ
اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻬﺎ .إن ﻛﻨﺖ ﻻذﻋﺎ ﻓﻴﻤﺎ أﻗﻮل ﻓﻸﻧﻨﻲ أﺳﺘﺸﻌﺮ
ذﻟﻚ وﻳﻐﻤﺮﻫﻢ إﺣﺴﺎس ﺟﺎرف ﺑﺎﻹﺑﺘﻬﺎج ،ﻟﻢ أﺧﺮج ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻷول ﻣﻦ
اﻟﻀﺮر اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﺬي أﳊﻘﺘﻪ ﺑﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﻣﻀﺖ .اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻓﻲ
اﻹﺳﺘﻘﻼل ﺣﺎﻣﻼ أﻋﻼﻣﺎ ﺻﻐﻴﺮة ﻟﻜﻨﻲ ﺻﺤﺖ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻔﺮح ﻛﺒﻘﻴﺔ
ﺗﺼﻮري ﺣﻆ ﻓﺮﺻﺔ أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻔﻜﺮي أن ﻳﺘﻔﺘﺢ وأﻣﺪﺗﻨﻲ ﲟﻌﺎرف وﺑﺼﺮاﻣﺔ
اﻟﻨﺎس أﺑﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ آﻧﺬاك ﺳﺖ ﺳﻨﻮات .
ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﺑﺪوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ وﻣﺒﺪﻋﲔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ دﻳﻜﺎرت وزوﻻ
13 12
ﺣﻖ ﻓﻬﻤﻪ ،ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ إﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ وﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أﻳﻀﺎ ﻓﻬﻢ وﻫﻮﻏﻮ وﻣﺴﺮح راﺳﲔ وﺷﻌﺮ ﺑﻮدﻟﻴﺮ وآﺧﺮﻳﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﺳﺎﻫﻤﺖ
اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ،رأس رﻣﺢ اﳌﻘﺎوﻣﺔ .ﻛﻨﺎ ﻋﺮﺿﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ )ﺗﺜﻮﻳﺮ( ﻧﻈﺮﺗﻲ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ .
ﻟﻠﻘﻤﻊ وﻟﻐﺰوات ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮوﻣﺎن واﻷﺗﺮاك واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ واﻟﻌﺮب
ﻗﺮأت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﳑﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﻫﻢ ،ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ
.وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻣﺴﻠﻤﻮن وﻣﺴﻴﺤﻴﻮن
ﻛﺘﺎب راﺋﻌﻮن ﻛﻤﻮﻟﻮد ﻣﻌﻤﺮي وﻣﻮﻟﻮد ﻓﺮﻋﻮن ﻫﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﻫﻮ ﺻﺪﻳﻖ
وﻣﺆﻣﻨﻮن وﻏﻴﺮ ﻣﺆﻣﻨﲔ .ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻨﺎ أن رﻓﻀﻨﺎ اﻹﺳﻼم ﺑﻞ ﻛﻴﻔﻨﺎه ﻣﻊ
ﻷﻟﺒﻴﺮ ﻛﺎﻣﻮ وﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﺠﺎورة ﻟﻘﺮﻳﺘﻲ ﺑﻞ وﻛﺎن ﻣﺪﻳﺮا ﳌﺪرﺳﺘﻬﺎ ﺳﻨﺔ
ﻋﻮاﺋﺪﻧﺎ .اﻟﺒﻌﺾ ﻗﺪ ﻻﻳﺮوﻗﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم اﻻ اﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ
، ١٩٦٢أﻏﺘﺎﻟﺘﻪ OASﻳﺘﺤﺪث ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﻳﺮى ذﻟﻚ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ
ﻳﻌﺒﺮ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ أﻣﺜﺎﻟﻨﺎ اﳌﺄﺛﻮرة ﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ "ﻣﻦ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺸﺘﻬﻴﻪ
وﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﻪ أﻋﻈﻢ اﻟﺘﺄﺛﺮ .
ﺳﻴﺠﺪه ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﺮ اﳌﺬاق " ﻧﺮﻳﺪ اﻟﻴﻮم ان ﻳﻜﻮن ﻟﻨﺎ اﳊﻖ ﻓﻲ اﻹﺧﺘﻴﺎر ﺑﻞ
إن ﻫﺬا اﳊﻖ ﻫﻮ اﻟﺮﻫﺎن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ . ﻋﺎد ﻋﻠﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺄﻋﻈﻢ اﻟﻔﻮاﺋﺪ .أﺷﻌﺮ اﻵن ﺑﺄﻧﻨﻲ أﻣﺘﻠﻚ
ﺑﻔﻀﻠﻪ أﺷﻴﺎء ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪا وﺛﻤﻴﻨﻪ أﻳﻀﺎ ،أﻣﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ آﺳﻒ ،ﻟﻢ ﺗﻌﻂ
ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺮاﻫﻘﺘﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ﺻﻌﺒﺔ وﺣﻴﺎﺗﻲ
ﻟﻠﺠﺰاﺋﺮ ﻧﺨﺒﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻢ .إﻧﻬﺎ ﺗﻘﻤﻊ وﺗﺨﻨﻖ اﻷﻧﻔﺎس وأﺧﺮﺟﺖ
اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ اﻻ أن ﻳﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ ،دأﺑﺖ
اﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد ﻣﺎ ﻧﺮاه أﻣﺎﻣﻨﺎ اﻟﻴﻮم ،أﻗﺼﺪ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻓﺎﻗﺪا ﻟﻠﺒﻮﺻﻠﺔ وﺿﺎﺋﻊ
ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻹﺣﺘﻼل وﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻺذﻻل .
اﻟﻬﻮﻳﺔ .
ﺛﻤﺔ رﺟﺎل ﻣﻘﺎوﻣﺔ وﺛﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﻮن وﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﻃﻔﺎل ﳕﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻢ
اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻫﻲ ﻟﻐﺘﻲ اﻷم ،ﺗﻌﻠﻤﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻷوﻟﻰ وأﻟﻔﺖ
،ﺑﻮﺿﻮح اﻷوﻟﻮن ﻫﻢ اﻷﺧﻴﺎر واﻵﺧﺮون ﻫﻢ اﻷﺷﺮار ،ﻛﻨﺖ أﺑﺘﻐﻲ أن أﻛﻮن
ﺑﻬﺎ ﻧﺼﻮﺻﻲ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻟﻐﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ وﻻ
ﻛﺎﻟﻜﺒﺎر اﻟﺬﻳﻦ رأﻳﺘﻬﻢ ﻳﺘﺴﺎﻣﺮون ﺑﺼﻮت ﺧﻔﻴﺾ وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﻂ إﻋﺠﺎﺑﻲ
ﺗﺪرس وﻛﻠﻤﺎ ﻧﻄﻘﺖ ﺑﻬﺎ أﺗﺼﻮر ﻧﻔﺴﻲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻨﻲ أﻗﺎوم .
ﻛﻨﺖ أرﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﳑﻨﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻐﺎر ﻣﺜﻠﻲ ،ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ،ﻛﻨﺖ اﻋﺘﺒﺮﻧﻲ ،ﻣﺠﺎﻫﺪا ﻧﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺔ وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﳊﻴﻒ إزداد وﻋﻴﻨﺎ ﺑﻬﺬه
وﻣﺤﺎرﺑﺎ رﻏﻢ أﻧﻨﻲ ﻻ أﲡﺎوز اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮي . اﻟﻬﻮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺠﻨﺖ ﻗﺎوﻣﻨﺎ ،ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ ،اﺑﻨﻲ ذاﺗﻲ وأﺣﻼﻣﻲ .
ذات ﻳﻮم ،ﻏﺎدرت ﲟﻌﻴﺔ ﻋﺼﺎﺑﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻐﺎر ﺣﺪود اﻟﻘﺮﻳﺔ وﺻﺎدﻓﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺘﻤﻊ ﻷﻏﺎﻧﻲ وﺣﻜﺎﻳﺎت ﲢﻤﻞ ﺑﻄﻴﺎﺗﻬﺎ ﻗﻴﻤﺎ رﻓﻴﻌﺔ
ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻛﻮﺧﲔ ﻣﺒﻨﻴﲔ ﺑﺄﻏﺼﺎن اﻟﺸﺠﺮ وأﻛﻮام ﻣﻦ اﻟﻘﺶ .ﻫﺬان وﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ،اﻟﺸﺮف واﳊﺰم أي ﻛﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ
اﻟﻜﻮﺧﺎن ﻫﻤﺎ ﳉﻴﺮان ﻟﻨﺎ إﻻ أن واﻟﺪﺗﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮدع ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺗﺒﻨﺎ وﺗﻌﻮدت ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻃﻴﻨﺘﻬﺎ ﻋﺒﺮ آﻻف اﻟﺴﻨﲔ أﺣﺲ ﺑﻮﺟﻮدي .ﺣﺎوﻟﻮا ﺗﻠﻘﻴﻨﻨﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺠﻮء اﻟﻴﻬﻤﺎ ﻛﻠﻤﺎ رﻏﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺐ أو اﻹﺧﺘﺒﺎء ﻋﻦ اﻷﻋﲔ ،أﻛﺜﺮ ﻗﻴﻤﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻗﻴﻤﻨﺎ وﻣﺮﺟﻌﻴﺎت ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻨﺎ ،ﻧﺮﻓﺾ ذﻟﻚ وﺳﻨﺴﺘﻤﺮ
ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻨﺖ أﺟﻤﻊ أﻋﻘﺎب اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ أﺟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ وأﻋﻮاد ﻓﻲ رﻓﻀﻪ .
اﻟﺜﻘﺎب واﲡﻪ ﻣﻊ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻲ اﻟﻰ اﻟﻜﻮﺧﲔ ﻟﻨﺪﺧﻨﻬﺎ .
اﻷﻫﻢ اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﻔﺎح
15 14
اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﻻزاﻟﺖ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ أﻗﺪم ﻣﺪارس اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ . وﺑﺪاﺧﻞ أﺣﺪ اﻟﻜﻮﺧﲔ اﻟﺬي أﺷﻌﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻮد ﺛﻘﺎب ﻣﻦ أﺟﻞ
اﻟﺘﺪﺧﲔ ،أﺷﺘﻌﻠﺖ اﻟﻨﻴﺮان وأﺗﺖ ﻋﻠﻰ أﺣﺰﻣﺔ اﻟﺘﱭ وأﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ اﳌﻜﺎن
ﺳﻨﻲ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺳﺘﺔ أﻋﻮام ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻃﺄت ﻗﺪﻣﺎي ﻷول ﻣﺮة أرض
ﻛﻠﻪ وأﻣﺘﺪت أﻟﺴﻨﺘﻬﺎ اﻟﻰ اﳋﺎرج وﻫﺪدت اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﻹﺣﺘﺮاق .
اﳌﺪرﺳﺔ وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ ، ١٩٦١ذﻫﺒﺖ ﺟﺪﺗﻲ ﻋﻨﺪ اﳌﻌﻠﻤﲔ وﻃﻠﺒﺖ
ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺴﺠﻴﻠﻲ ..ﻷﻧﻬﺎ آﻧﺴﺖ ﻓﻲ اﻹﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺬﻟﻚ ،وﻟﺮﻏﺒﺘﻬﺎ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻬﻠﻊ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺸﻌﻮر ﺟﺎرف ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ﻛﻨﺖ
اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻟﻲ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻬﺎ وﻫﻲ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻷﻛﻴﺎس أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﻌﻤﻞ ﻋﻈﻴﻢ .
ﻣﻦ اﳌﺆوﻧﺔ .اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻬﻢ اﻷﻣﺮ اﻟﻰ ﻗﺒﻮﻟﻲ وﻛﺎن ذﻟﻚ أول "دﺧﻮل" ﻟﻲ إﻟﻰ
ﻇﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎﺻﺮوا ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﻣﻌﺴﻜﺮات
اﳌﺪرﺳﺔ ﺟﻌﻞ أﻣﻲ وﺟﺪﺗﻲ ﲢﺴﺎن ﺑﺈﻋﺘﺰاز ﻏﺎﻣﺮ .
أن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﺳﺘﻔﺰاز ﻣﻘﺼﻮد أو ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﺮﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ،ﲡﻤﻊ
أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻌﺪﻧﻲ ذﻟﻚ إذ ﺳﺎورﻧﻲ ،ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،إﺣﺴﺎس ﻛﻞ ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ ،رﺟﺎﻻ وﻧﺴﺎء وأﻃﻔﺎﻻ ،ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ،وﻓﻲ
ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻟﻲ ،ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻹﺳﺘﻌﺒﺎد ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺑﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻏﻀﻮن ذﻟﻚ أدرﻛﺖ أﻧﻨﻲ ﻗﻤﺖ ،ﻓﻌﻼ ﺑﺤﻤﺎﻗﺔ ﻛﺒﻴﺮة وﻟﻢ أﻋﻠﻦ أﻧﺎ ورﻓﺎﻗﻲ
ﻋﻦ إﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻲ وﺣﺮﻳﺘﻲ ﻫﺎ أﻧﺎ أﺟﺪ ﻧﻔﻴﺲ ﻣﺤﺎﺻﺮا ﺑﲔ أرﺑﻌﺔ ﺟﺪران ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻨﺎ ﻋﻦ اﳊﺎدث ﳋﻮﻓﻨﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻗﺐ .
ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﻐﻠﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺄﺳﺘﻌﻴﺪ
ﺑﻌﺪ أن ﰎ إﺧﻤﺎد اﻟﻨﻴﺮان ،ﺑﺪأ اﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠﲔ
ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺮﻳﺘﻲ واﻧﻄﻠﻖ ﺧﺎرج ﺗﻠﻚ اﳉﺪران .
واﺳﺘﻌﻤﻠﻮا ﻛﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻈﺮا ﳋﻄﻮرة ﻣﺎ أﻗﺪﻣﻮا
ﺗﻌﻮدت إذن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻜﻊ ﻋﻮض اﻟﺬﻫﺎب اﻟﻰ اﳌﺪرﺳﺔ وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ .
اﳌﺪرﺳﻮن ﻳﺸﺘﻜﻮن ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻰ أﻫﻠﻲ وأﻋﺎﻗﺐ ﺟﺮاء ذﻟﻚ .أﻣﺘﺜﻞ وأﻧﺼﺎع
ﻟﻢ أﻋﺪ أﺗﺬﻛﺮ ﺷﺮﻳﻂ اﻷﺣﺪاث ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ،اﳌﻬﻢ إﻧﻪ أﻓﺘﻀﺢ
ﻟﺒﻀﻌﺔ أﻳﺎم وأﻋﺎود اﻟﻜﺮة ،أﻣﻀﻴﺖ ﻛﻞ أﻳﺎم ﻛﻞ أﻳﺎم دراﺳﺘﻲ ﺑﻬﺬه
أﻣﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .
اﻟﻮﺗﻴﺮة ،أﻗﺎﻃﻊ اﳌﺪرﺳﺔ ﺛﻢ أﻋﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﲢﺖ اﻟﻀﻐﻂ ﻛﻨﺖ أﻧﺎ وﺻﺤﺎﺑﻲ
وﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﻧﻐﺎدر ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ ﻧﺨﻔﻲ ﻣﺤﻔﻈﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن وﻧﻨﻄﻠﻖ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ أﻟﺘﺠﺄ أﺻﺤﺎب اﻟﻜﻮﺧﲔ اﻟﻰ رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻃﺎﻟﺒﲔ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺘﺼﺮف
اﳌﻐﺎﻣﺮة . ﺿﺪ اﳉﺎﻧﻲ وﻟﺌﻦ ﻛﺎن رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺔ إﻻ أﻧﻬﻢ ﻳﺪﺑﺮون
ﻛﻞ ﺷﺆون اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى وﻣﺴﻤﻊ ﻗﻮى اﻹﺣﺘﻼل .وﻳﺘﺪﺧﻠﻮن ،ﻛﻠﻤﺎ
ﻧﻘﻀﻲ ﻣﻌﻈﻢ أوﻗﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺼﺐ اﳌﺼﺎﺋﺪ ﻟﻸراﻧﺐ أو اﻟﺰرزور ﺑﺪل
ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺿﺮورﻳﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻧﺼﺎف وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاراﺗﻬﻢ ﻧﺎﻓﺬة ﻻ ﻋﺪول
اﻹﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺪروس .ﻧﺘﺠﻪ اﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ وﻧﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻄﻦ
ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻻ أﺣﺪ ﲟﻘﺪوره اﻟﻮﻗﻮف ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ .
اﻷرض دﻳﺪاﻧﺎ ﺻﻐﻴﺮة ﺑﻌﺪ أن ﻧﻨﺼﺐ ﻟﻬﺎ ﻓﺨﺎﺧﺎ وﻛﻨﺎ ﻧﻘﻠﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺎ
ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻜﺒﺎر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺼﺒﻮن ﻛﻤﺎﺋﻨﺎ ﻟﻠﻌﺪو .ﻧﻌﻮد أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺨﻔﻲ ﺣﻨﲔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻠﻜﻨﻲ اﻟﻀﺠﺮ وأﻣﻘﺖ اﳌﻜﺎن إﻻ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ
وأﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى ﻧﺼﻄﺎد ﻃﺎﺋﺮ ﺳﻤﻨﺔ .أﻣﻲ ﺗﺼﺮخ ﻓﻲ وﺟﻬﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ اﻹﻗﺮار ﺑﺄن اﳌﺪرﺳﺔ وﻗﺘﺬاك ﻛﺎن ﻟﻬﺎﻣﻌﻨﻰ إذ ﻛﺎﻧﺖ ﲤﺪﻧﺎ ﲟﻌﺎرف ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ
وﺣﲔ .وﺣﺘﻰ ﻻ أﺗﺬرع ﺑﻬﻮاﻳﺔ اﳉﺮى ﻓﻲ اﻟﺒﺮاري ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﻟﻰ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ وﻣﺘﻴﻨﺔ ﻣﺪرﺳﺔ ﻗﺮﻳﺘﻲ ﺷﺘﺎﻣﺖ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺮاز
17 16
ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ إﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻳﻌﻠﻤﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﳋﻴﺎﻃﺔ واﻟﻔﺼﺎﻟﺔ ﻧﺼﺐ اﻟﻔﺨﺎخ وإﺻﻄﻴﺎد اﻟﺰارازر واﻟﺴﻤﺎﺋﻦ أﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ أي رﺟﻞ
واﻟﻄﺮز ﻣﻊ إﺣﺘﺮاﻣﻬﻦ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻌﻮاﺋﺪﻧﺎ . ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﺔ .أﲢﲔ وﻗﺖ ﻋﻮدﺗﻬﺎ ﻷرى ﻛﻢ أﺻﻄﺎدت ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎﺋﻦ اﻟﺘﻲ ﻧﺰدردﻫﺎ
ﺑﺎﻟﻜﺴﻜﺲ واﻟﻠﻮﺑﻴﺎء اﻟﺒﻴﻀﺎء .ﻗﺒﻞ اﳉﻠﻮس اﻟﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻷﻛﻞ ،ﻧﺘﻠﺬذ ﲟﺎ
ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻔﻀﻞ ﻳﻌﻮد ﻟﻶﺑﺎء واﻷﺧﻮات اﻟﺒﻴﺾ ﻓﻲ
ﺳﻨﺄﻛﻠﻪ وأراﻗﺐ أﻣﻲ وﻫﻲ ﺗﻄﺒﺦ ﻃﺮﻳﺪﺗﻬﺎ ﻣﻨﺘﺒﻬﺎ اﻟﻰ أدق اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ .
ﺣﻔﺎﻇﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻨﺎ .ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺘﻘﻼل أﺛﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ
اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﳊﻜﻢ ﳝﻌﻦ ﻓﻲ
ﲡﺎﻫﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﻳﻘﺼﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻜﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ
ﻻزﻟﺖ أﺣﺘﻔﻆ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎت راﺋﻌﺔ ﻋﻦ اﳌﻌﻠﻤﲔ
ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺒﻠﺒﻠﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﻘﻮم ﺑﺄدﻧﻰ
ﺷﻲء ﻣﻦ أﺟﻞ ﺿﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة . وﻻﻧﺘﻌﻠﻢ ﻻ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﻻ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻻ ﻧﺪرس اﻟﻘﺮآن .ﺛﻤﺔ ﻣﺪارس
دﻳﻨﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺰواﻳﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺸﺆون اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻲ
أﻣﺎ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﻀﻔﻘﺪ أﺻﺪروا اﳌﻌﺎﺟﻢ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ اﻷوﻟﻰ وﻗﺎﻣﻮا
أن ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻬﻤﻨﻲ ﻻ أﺗﺮدد ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺠﺪ اﻻ ﻧﺎدرا ﻓﻲ
ﺑﺠﻬﺪ ﺟﺒﺎر ﻓﻲ ﻫﺬا اﺎل واﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﻮن ﳑﺘﻨﻮن ﻟﻬﺪ ﲟﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﻣﻦ أﺟﻞ
ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن أﺻﻠﻲ دون أن أﻓﻬﻢ ﻣﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﺧﻼل اﻟﺼﻼة ﻣﻦ آﻳﺎت وأذﻛﺎر
ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ .
،وﻫﻮ أﻣﺮ ﺑﺪﻳﻬﻲ ﲤﺎﻣﺎ ﻷن ﻟﻐﺘﻲ اﻷم ﻫﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ وﻟﻐﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻲ
ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺒﻴﻞ اﻹﺳﺘﻘﻼل ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .
ﻳﺴﺎﻋﺪون رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﳝﺪوﻧﻬﻢ ﺑﺎﳌﺆﻧﺔ وﻳﺨﻔﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ أﻧﻈﺎر
ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﺒﺮ أﺣﺪ ﻋﻠﻰ أداء اﻟﺼﻠﻮات ،ﺷﺎﻫﺪت أﻓﺮادا ﻣﻦ
اﳌﻼﺣﻘﲔ واﳌﻄﺎردﻳﻦ ﻟﻬﻢ ﻻزﻟﺖ ﻷﺗﺬﻛﺮ أﺣﺪﻫﻢ وﻳﺴﻤﻰ اﻷب ﻣﺎﻛﺲ
ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ،وﺑﺎﻷﺧﺺ اﻟﻜﻬﻮل واﻟﻨﺴﺎء وﻫﻢ ﻳﺼﻠﻮن ،اﳌﺼﻠﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺼﻠﻲ
ﳌﺎ أﻛﺘﺸﻒ اﳉﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ أﻧﻪ ﻳﻘﺪم اﳌﺆوﻧﺔ ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﲔ ﻋﻦ اﳌﻘﺎوﻣﺔ
ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ اﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻪ ووﻓﻖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻀﻴﻬﺎ .ﻫﺬه
ﻧﻘﻠﻪ اﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .
اﳊﺮﻳﺔ اﳊﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﳑﺎرﺳﺔ اﻟﻌﺒﺎدة أﺣﺘﺮﻣﺖ داﺋﻤﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ .
ﻛﻞ ﻣﺎ ﳒﺪه أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺧﻮض
ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﻧﺘﻠﻮ اﻟﻘﺮآن أو أن ﻧﻀﻌﻪ ﺑﲔ أﻳﺪﻳﻨﺎ ﺣﺘﻰ
اﳊﺮب .
ﻧﺘﻘﺮب ﻣﻦ اﷲ ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮر ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام .
ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺪﺧﻞ اﳌﻮﻗﻊ ﺛﻤﺔ ﻣﺴﺘﻮدع ﻳﻔﺮغ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن
أﻋﻮد اﻟﻰ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ
ﻣﺮارا اﻷﺳﻼك اﶈﻴﻄﺔ ﺑﺎﳌﻮﻗﻊ ﻟﻠﺘﻔﺘﻴﺶ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻛﻮام ﻗﻤﺎﻣﺘﻬﻢ
وﻳﻜﻨﻮن اﺣﺘﺮاﻣﺎ ﺷﺪﻳﺪا ﺘﻤﻌﻨﺎ وﻳﻘﺪﻣﻮن ﻟﻨﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﺟﻠﻲ ﻧﺤﻦ
ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ وﺗﻠﻘﻔﻨﺎ ﻋﻠﺐ اﻟﺴﺮدﻳﻦ واﻟﺘﻮن وﺟﺒﻨﺔ اﻟﻜﺎﻣﻴﻤﺒﺮت وﻋﻠﺐ
اﻷﻃﻔﺎل ،ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﻮات اﻟﺒﻴﺾ
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﺄﺗﺖ ﻣﺪة ﺻﻼﺣﻴﺔ اﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ .ﻳﺮﻣﻮﻧﻬﺎ وﻧﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻰ
،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن أﻣﺮأة ﺣﺎﻣﻼ أو ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻟﻮﺿﻊ ﻛﺎن ﻫﺆﻻء "اﻷﺧﻮات"
ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ ﻟﻨﺄﻛﻠﻬﺎ وﻟﻢ ﳕﺮض أﺑﺪا ﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺠﺎﻋﺘﻨﺎ
ﻳﻘﺪﻣﻦ ﻟﻬﺎ ﻳﺪ اﳌﺴﺎﻋﺪة وﻳﻬﻴﺌﻨﻬﺎ ﻟﺘﺼﻴﺮ أﻣﺎ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻳﻘﻤﻦ
19 18
ﻟﻨﻔﺴﻲ أﻟﻒ ﻣﺮة اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺬي ﺳﺄﺣﻜﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ﻻﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﺗﻨﻮب ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﺎ ﺿﺪ اﻷﻣﺮاض .
ذات ﻟﻴﻠﺔ ﻛﻨﺎ أﻧﺎ وأﻣﻲ وﺟﺪﺗﻲ ﺳﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﻰ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ
أﺗﺬﻛﺮ اﻳﻀﺎ أن أﻣﻲ ﺗﺮﺑﻲ دﺟﺎﺟﺎت وأراﻧﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ ﲢﺴﲔ ﻣﺴﺘﻮى
ووﻓﺪوا
ﻋﻴﺸﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻗﺪم ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻨﺪي ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻟﻴﺒﺘﺎع أرﻧﺒﺎ وﺑﻌﺪ
اﳌﻨﻔﻲ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ أﻣﺎ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﻮن ﻓﻘﺪ ﺻﺪﻣﺘﻬﻢ ذﻟﻚ ﺑﺄﻳﺎم ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ اﻻرﻧﺐ ﻧﻔﺴﻪ وﻫﻮ ﻻزال ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة .ﺳﺎﻋﺪﺗﻨﻲ
ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻻﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻋﻮاﺋﺪﻫﻢ ﻓﻲ اﳌﻘﺎوﻣﺔ أﻣﻲ ﻟﺘﺴﻠﻖ ﺣﺎﺋﻂ اﻟﺜﻜﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻌﺎدة اﻷرﻧﺐ .أﺳﺒﻮع ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ
وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ . أﻋﺎدت أﻣﻲ اﻻرﻧﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺬﻟﻚ اﳉﻨﺪي وﲟﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ،ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ
أﻧﻨﺎ ﺷﻤﺘﻨﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ رﺑﺤﻨﺎ ﻣﺮﺗﲔ ﺿﻌﻒ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ دون ﺿﺒﻄﻨﺎ
ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻨﻄﻖ وﻟﻮ ﺑﻜﻠﻤﺔ أﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
وﻧﺤﻦ ﻣﺘﻠﺒﺴﲔ ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﳌﻮاﻟﻴﺔ ﻛﻨﺖ أﺗﺮﺻﺪ اﳌﻌﺴﻜﺮ ﻟﻜﻦ ﻻ أﺛﺮ
ﻓﻲ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺜﻼ ،ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻛﻤﺸﺒﻮﻫﲔ وﻣﻨﻌﺖ
ﻷرﻧﺐ ﻓﻴﻪ .
ﻟﻐﺘﻨﺎ .
ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﻼزم ﻳﺮﻫﺒﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﻃﻔﺎل وﺧﺎﺻﺔ أﻧﺎ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻻﻧﻪ
ﻛﺎن ﻳﺠﺐ إﻧﺘﻈﺎر ﺟﻴﻞ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺘﻘﻼل ﻹﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر
ﻣﻌﺮوف ﺑﺤﺒﻪ ﻟﻠﻘﻄﻂ أن ﻳﺤﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﻮري ﻛﺎن ﻣﻌﻨﺎه أن ﺗﺄﻛﻠﻪ
ﳌﻨﻄﻘﺘﻨﺎ وﺑﺎﻷﺧﺺ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻟﻨﻀﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺬي
وأﻧﺎ أﺧﺎف ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻷﻧﻲ أﻣﻠﻚ ﻗﻄﺎ أﺣﺒﻪ ﻛﺜﻴﺮا .ﻛﻠﻤﺎ أﻗﺘﺮب ﻣﻨﻲ ﻫﺬا
ﻻزﻟﻨﺎ ﻧﺨﻮﺿﻪ .
اﳌﻼزم ﺳﺎرﻋﺖ اﻟﻰ إﺧﻔﺎء ﻗﻄﻲ ﻋﻦ أﻧﻈﺎره ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻳﺄﻛﻠﻮن
ﻣﺎﺑﲔ ١٩٦٤– ١٩٦٣ﻛﺎن ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻫﺰة وﻟﺪت ﻓﻴﻨﺎ رﻓﻀﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﻄﻂ ﻓﻴﺠﺐ أن ﻧﺤﺘﺎط ﻣﻨﻬﻢ أﻛﺜﺮ
ﻋﺮﺑﻲ .ﻓﺎﻟﻘﺘﻞ اﳌﻌﻨﻮي ﻛﺎن أﺷﺪ وﻃﺄة ﻣﻦ ﻛﻞ اﻹﺿﻄﻬﺎدات اﳉﺴﺪﻳﺔ .
وﻫﻨﺎك أوﻗﺎت ﻋﺼﻴﺒﺔ أﻳﻀﺎ أﺧﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم
ﻫﻜﺬا ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،ﻛﻨﺖ اﻧﻈﺮ اﻟﻰ اﻷﻣﻮر أﻣﺎﻣﻲ .ﻣﻨﺬ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻴﻬﺎ اﳉﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﲤﺸﻴﻂ واﺳﻌﺔ ﻟﻸﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮاﺟﺪ
ووﻋﻴﻲ ﺑﻬﻮﻳﺘﻲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺎم .ﻛﺎن اﳊﻜﻢ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻨﺎ وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﺘﺶ اﳌﺮاﻛﺰ اﳌﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﲤﺪﻫﻢ ﺑﺎﳌﺆوﻧﺔ
ﺻﻔﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻤﺎل وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻐﱭ ﻳﺜﻴﺮ ﺣﻨﻘﻲ . ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت ﻧﺴﺘﻴﻘﻆ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ وﳒﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ أﻣﺎم
ﻋﺴﺎﻛﺮ ﻳﻔﺘﺸﻮن ﻛﻞ ﺷﻲء وﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻌﻞ أي ﺷﻲء وﻻ ﺣﺘﻰ
ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﺎدﺗﻬﺎ اﺿﻄﺮاﺑﺎت وﻗﻼﻗﻞ أﻋﺎود اﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﺘﻔﻮه ﺑﻜﻠﻤﺔ واﺣﺪة ﻗﺪ ﺗﺪوم ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮاﻻ ﺗﺴﻔﺮ
ذﻛﺮﻳﺎت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻤﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ اﻷﺣﺪاث اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻗﻤﺖ ﻋﻦ ﲡﻤﻴﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻃﺎﻟﺘﻪ ﻳﺪ اﻧﺒﺶ واﻟﺘﻔﺘﻴﺶ وﻳﻌﺎد ﺗﺮﺗﻴﺒﻪ .
ﺑﻨﺰﻫﺔﺻﺤﺒﺔ ﺗﻼﻣﺬة ﻗﺴﻤﻲ اﻟﻰ أﺣﺪ اﻷﻧﻬﺎر ،ﻓﺈذا ﺑﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻃﻠﻘﺎت
رﺷﺎش ﺗﻠﺘﻬﺎ ﻟﻌﻠﻌﺎت رﺻﺎص ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ .أﺳﺮع اﳌﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻨﺎ وذﻫﺐ إﻗﺘﺮاب ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳊﺮب ﺳﻨﺔ ١٩٦١ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﺘﻜﺮر
ﺑﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺎل ،اﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﻗﺮوﻳﲔ ﻳﻌﻤﻼن ﻓﻲ اﳊﻘﻮل ﻛﺜﻴﺮا ،ﻳﺨﻴﻞ ﻟﻲ أن رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺰﻟﻮن ﻣﻦ اﳉﺒﺎل ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻠﺪات
،ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺮ ﻗﺪ ﻗﺘﻼ ﻣﻦ ﻟﺪن "أﺟﺎﻧﺐ" ﺗﻌﺒﺎ ﻋﻠﻰ أﺛﺮ ذﻟﻚ ﺳﻜﺎن ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم .ﺷﺎﻫﺪﺗﻬﻢ وﺷﻌﺮت ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺰاز ﻛﺒﻴﺮ .أﺣﻜﻲ
21 20
واﻟﺒﺮازﻳﻞ .ﻏﺎدرت اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻀﻮرﻫﺎ وﻋﺪت ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﺟﺪا اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻀﺤﻴﺘﲔ وﻋﻨﺪ اﻗﺘﺮاﺑﻬﻢ ﻣﻨﻤﻜﺎن اﳊﺎدث ﺳﻤﻊ
ورﻓﺾ اﳊﺎرس اﻟﻌﺎم أن ﻳﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ وﺟﻬﻲ ﻓﻮﺟﻬﺖ ﻟﻪ أﺣﺪﻫﻢ اﻧﻴﻨﺎ آت ﻣﻦ ﺧﻴﺲ وﻫﻮ ﻻﺣﺪى اﻟﻀﺤﻴﺘﲔ وﻫﻮ ﻻزال ﻳﺘﻨﻔﺲ
ﻟﻜﻤﺎت وﻃﺮدت أﺛﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ . ﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪ دﻣﺎ ﻛﺜﻴﺮا واﺳﺘﻘﺮت رﺻﺎﺻﺎت ﻓﻲ ﺟﺴﺪه .ﻧﻘﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ
اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻰ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ وﻻ زال ﺣﻴﺎ ﻳﺮزق ،ﻣﺘﺰوج واب ﻷﻃﻔﺎل أﻣﺎ اﻵﺧﺮ
ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻛﻨﺖ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺘﺴﻜﻊ ﺑﻞ وﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ
ﻓﻘﻀﻰ ﻣﺘﺄﺛﺮا ﺑﺠﺮوﺣﻪ وﺗﺮك وراءه ﺧﻤﺴﺔ أﻃﻔﺎل .ﺗﺄﺛﺮ أﻫﻞ ﻗﺮﻳﺘﻲ
ﺳﺮﻗﺔ أﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك وإﺣﺘﺴﺎء اﳋﻤﺮة ﻣﻊ ﺷﺒﺎن آﺧﺮﻳﻦ ،ﻛﻨﺖ
ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻬﺬا اﳌﺼﺎب .ﰎ اﻋﺘﻘﺎل اﻟﻘﺘﻠﺔ ﺷﻬﻮرا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ ﺑﲔ
أﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻄﻴﺮة وﻛﺎن ﺳﻴﻨﻘﻠﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺿﺪي ،اﺗﺬﻛﺮ ﺣﺎدﺛﺎ
اﻟﻬﺎرﺑﲔ ﻣﻦ ﺻﻔﻮف اﳉﻴﺶ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻻﺑﻦ ﺑﻠﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺘﺮددوا ﻓﻲ
ﺧﻄﻴﺮا .ﺷﻜﻠﻨﺎ أﻧﺎ ورﻓﺎﻗﻲ ﻋﺼﺎﺑﺔ ودﺧﻠﻨﺎ اﻟﻰ ﺻﺎﻟﻮن ﺣﻼﻗﺔ ﻟﺴﺒﺐ
ﻗﺘﻞ اﻟﻘﺮوﻳﲔ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﺎﻳﺔ ﺑﻬﻢ .
ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب ،ﺷﺮع واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻓﻲ ﺳﺒﻲ وﺷﺘﻤﻲ وﻛﺎن أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻲ
ﺳﻨﺎ وأﻗﻮى ﺑﻨﻴﺔ .إﺳﺘﺸﺎط ﻏﻀﺒﻲ ووﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎي ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﺣﻼﻗﺔ ﻫﻜﺬا ،ﻋﺎﻳﺸﺖ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻻوﻟﻰ واﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺎ
وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﻣﺴﻜﺘﻪ وﺗﻌﺎرﻛﺖ ﻣﻌﻪ وﻟﺜﻤﺘﻪ ﺑﺎﳌﻮﺳﻰ ﻣﻠﺤﻘﺎ ﺑﻪ ﺟﺮﺣﺎ أﺣﺪاث اﺧﺮى ﺑﻮﺗﻴﺮة ﺳﺮﻳﻌﺔ .ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ اﳉﻬﺮ ﺑﺮﻓﻀﻲ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻋﺮﺑﻲ
ﺧﻄﻴﺮا ﺛﻢ أﻃﻠﻘﺖ ﺳﺎﻗﻲ ﻟﻠﺮﻳﺢ وأﻧﺎ ﻣﻮﻗﻦ ﺑﺄﻧﻲ أردﻳﺘﻪ ﻗﺘﻴﻼ .ﻓﻲ اﳌﺴﺎء وﺗﻔﻀﻴﻠﻲ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﻧﺴﻲ وﻛﻨﺖ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ دروس ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ
وﻗﻔﺖ أﻣﺎم اﻟﺒﻴﺖ أﻧﺘﻈﺮ وﺻﻮل رﺟﺎل اﻟﺪرك ﻹﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ أﻣﺎ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻘﺼﻴﺔ .ﺗﺒﻨﻴﺖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ
ﻟﻢ ﻳﺄﺗﻮا ،ﻓﺄﺛﺮت ﲤﻀﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﺧﺎرج اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ، ﻟﻐﺔ ﺗﻌﻠﻢ .ﳌﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﻠﻤﻴﺬا ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻮي ،ﻓﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﺳﻴﺎﺳﺔ
أﺳﺘﻘﻠﺖ اﳊﺎﻓﻠﺔ اﻟﺮاﺑﻄﺔ ﺑﲔ اﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ وﺗﻴﺰي ووزو .ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﺖ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻣﻮت اﻧﻴﻨﺎ .
اﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،وﻓﺪت ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺘﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻓﻬﻤﺖ ﻟﻠﺘﻮ ،ان ﺷﻴﺌﺎ ﺧﻄﻴﺮا ﻣﺎ
ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺮاﻫﻘﺘﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ،ﺻﻌﺒﺔ وﺣﻴﺎﺗﻲ
ﺣﺪث ،ﻛﻨﺖ ﻣﻠﻄﺨﺎ ﺑﺒﻘﻊ اﻟﺪم وﻣﻜﺴﻮا ﺑﺎﻟﻮﺣﻞ وﻣﻨﻈﺮي ﻏﻴﺮ ﻻﺋﻖ
اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ اﻻ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،دأﺑﺖ
ﲤﺎﻣﺎ .ﺣﻜﻴﺖ ﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء وراﻓﻘﺘﻨﻲ اﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ ،ذرﻓﺖ أﻣﻲ دﻣﻮﻋﺎ
ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻜﻊ ﻋﻮض اﻟﺬﻫﺎب اﻟﻰ اﻟﻔﺼﻞ وﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ
وأﳌﻨﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺮ اﻟﺪرك ،أﺧﺬت ﻟﻲ ﺻﻮر اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺺ وﰎ
اﻧﺘﻈﺎﻣﺎ ﳑﺎ ﺳﺒﻖ .أﻣﻞ ﻣﻦ اﳉﻠﻮس ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻟﺔ اﻟﺪرس وﻣﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺤﺎﻗﻲ
اﻗﺘﻴﺎدي اﻟﻰ اﳌﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎم .
ﺑﺎﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻧﻨﻲ ﺳﻲء ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺴﺎدس ﺗﺸﺎﺟﺮت
ﺑﻌﺪ اﳌﻌﺎﻳﻨﺔ وﲢﺮﻳﺮ اﶈﻀﺮ وﺿﻌﺖ ﲢﺖ اﳊﺮاﺳﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﳌﺪة ٤٨ ﻣﻊ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ .آﺛﺮت أن أﺗﻮاﺟﺪ ﺧﺎرج ﺟﺪران اﳌﺪرﺳﺔ ﻓﻲ اﳊﻘﻮل ﻻﺻﻄﻴﺎد
ﺳﺎﻋﺔ ﻗﺒﻞ أن أﻣﺜﻞ ،ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،أﻣﺎم اﳌﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﻄﻴﻮر وﻫﻲ ﻫﻮاﻳﺘﻲ اﳌﻔﻀﻠﺔ .ﻓﻤﻦ اﻟﺘﺄﺧﺮات اﳌﻨﺘﻈﻤﺔ اﻟﻰ اﻟﺘﻐﻴﺒﺎت
ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺪروس اﻟﻰ وﻧﺼﺤﻲ ﺑﻌﺪم اﻟﻌﻮد .اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﺟﺮﺣﺘﻪ ﺑﺎﳌﻮﺳﻰ اﳌﺘﻜﺮرة ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻃﺮدي ﻣﻦ ﻛﻞ ﺛﺎﻧﻮﻳﺎت ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ .ﻛﻤﺎ ﻃﺮدت
ﻟﻢ ﳝﺖ ﳊﺴﻦ اﳊﻆ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن اﳌﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﻳﺘﻬﻴﺄ ﻹﻃﻼق ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ أرﺳﻠﺖ اﻟﻰ أﺧﺮى أﺑﻌﺪ ﻣﻨﻬﺎ .ﻻ أﺗﺬﻛﺮ ﻋﺪد اﳌﺮات اﻟﺘﻲ ﻃﺮدت
ﺳﺮاﺣﻲ ﺑﺪﻋﻮى اﻧﻨﻲ ﻗﺎﺻﺮ ﲡﺮأت ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺳﻴﺠﺎرة ﺻﺪﻣﻪ ﻃﻠﺒﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺜﻴﺮ ﺑﻼ ﺷﻚ .أﺗﺬﻛﺮ أﺣﺪ أﻳﺎم ﺳﻨﺔ ١٩٧٤وﻛﻨﺖ ﺗﻠﻤﻴﺬا
اﻟﻮﻗﺢ وﻃﻠﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﺪرﻛﻲ اﻗﺘﻴﺎدي اﻟﻰ اﻟﺴﺠﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻜﺜﺖ داﺧﻠﻴﺎ ﺑﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺮج ﻣﻨﺎﻳﻞ ،ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﺟﺮت ﻣﺒﺎراة ﻣﻬﻤﺔ ﺑﲔ اﳉﺰاﺋﺮ
23 22
ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮة وﻗﺘﺬاك اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻀﻤﺎن ﻗﻮت اﻷﺳﺮ .ﻧﺘﻮﺻﻞ ﺷﻬﺮا ﻛﺎﻣﻼ .ﺷﻬﺮ ﻛﺎﻣﻞ ﻷﻧﻨﻲ ﲡﺮأت ﻓﻄﻠﺒﺖ ﺳﻴﺠﺎرة ﻣﻦ ﻗﺎض .أرى
ﺑﺄﺧﺒﺎر ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﻦ واﻟﺪي ،ﺗﺼﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﲔ ﻵﺧﺮ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﲢﻜﻲ ﻋﻦ اﳊﻴﺎة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺴﻒ ،ﺳﺠﻨﺖ ﻣﻊ اﻟﻜﺒﺎر وأﻧﺎ اﻟﻘﺎﺻﺮ
اﻟﺼﻌﺒﺔ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻷﻫﻞ واﻟﺸﻮق اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﻰ ﺟﺒﺎل اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ واﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ ﻓﻮر اﻟﺘﺤﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ
واﻷﺻﻮل ﻛﻜﻞ .ﳌﺎ أﻧﻄﻠﻘﺖ اﻷﺣﺪاث اﻷوﻟﻰ ﻟﺜﻮرة اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺳﻨﺔ ١٩٥٤
اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻃﺎﻟﺒﲔ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺘﺼﺮف ﺿﺪ اﳉﺎﻧﻲ وﻟﻜﻦ رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ
،ﻛﺎن اﻟﻮاﻟﺪ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ،وﻫﻲ "اﻷﺣﺪاث" اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻮﻟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ
ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺔ إﻻ اﻧﻬﻢ ﻳﺪﺑﺮون ﻛﻞ ﺷﺆون اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى
ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ .
وﻣﺴﻤﻊ ﻗﻮى اﻻﺣﺘﻼل وﻳﺘﺪﺧﻠﻮن ،ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺿﺮورﻳﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻬﻤﺔ واﻟﺪﺗﻲ ﺳﻬﻠﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻹﻧﺼﺎف وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاراﺗﻬﻢ ﻧﺎﻓﺬة ﻻ ﻋﺪول ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻻ أﺣﺪ ﲟﻘﺪوره اﻟﻮﻗﻮف
ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﺪورﻫﺎ ودور واﻟﺪي وﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ .
ﻛﻨﺖ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﳊﻘﻮل واﻟﺒﺮاري وأﲤﻠﻰ ﻃﻠﻌﺘﻬﺎ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال
ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻰ ﺑﻴﺘﻨﺎ وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ واﻟﺪﺗﻲ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﻢ "اﳌﺘﻬﻢ" ﺑﻌﺪ أن
وأﻋﺠﺐ ﺑﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ اﻹﻋﺠﺎب .
ﻋﻠﻤﻮا ﺑﺄﺳﻤﻪ ﻗﺼﺪ ﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻪ .ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻨﻲ ﺑﺎﳌﻨﺰل ،وﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮا
واﻟﺴﻤﺎﺋﻦ أﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ أي رﺟﻞ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﺔ .أﲢﲔ وﻗﺖ ﻋﻮدﺗﻬﺎ ﺣﻤﻠﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺄﻃﻔﺎﻟﻬﻦ وأﲡﻬﺖ ﺑﻲ
ﻷرى ﻛﻢ أﺻﻄﺎدت ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎﺋﻦ اﻟﺘﻲ ﻧﺰدردﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺴﻜﺲ واﻟﻠﻮﺑﻴﺎء ﺻﻮﺑﻬﻢ .وﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪوﻫﺎ ،ﺳﺄﻟﻮﻫﺎ ﺑﻨﺮﻓﺰة :أﻳﻦ ﻫﻮ اﳉﺎﻧﻲ ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ
اﻟﺒﻴﻀﺎء .ﻗﺒﻞ اﳉﻠﻮس اﻟﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻷﻛﻞ ،ﻧﺘﻠﺬذ ﲟﺎ ﺳﻨﺄﻛﻠﻪ واراﻗﺐ أﻣﻲ "ﻫﺎﻫﻮ" ﻣﺸﻴﺮة اﻟﻲ ﺑﺄﺻﺒﻌﻬﺎ .ﺗﻮﻗﻌﻮا أن ﻳﺠﺪوا أﻣﺎﻣﻬﻢ رﺟﻼ ﻓﺈذا ﺑﻬﻢ
وﻫﻲ ﺗﻄﺒﺦ ﻃﺮﻳﺪﺗﻬﺎ ﻣﻨﺘﺒﻬﺎ اﻟﻰ أدق اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ . أﻣﺎم ﻃﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ،أﻣﺎم ﻻ ﺷﻲء .ﲤﻠﻜﻬﻢ ﺿﺤﻚ ﻫﺴﺘﻴﺮي ،ﻓﻜﺮوا
وﻗﺪروا ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮا "أﻃﻔﺎل ﻛﻬﺬا ﻳﺮﻳﺪون إﺣﺮاق اﻟﻘﺮى ؟ إﻧﻬﻢ ﻋﲔ اﻟﺒﺮاءة "
ﻻ زﻟﺖ أﺣﺘﻔﻆ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎت راﺋﻌﺔ ﻋﻦ اﳌﻌﻠﻤﲔ اﻟﺬﻳﻦ درﺳﺖ ﻋﻠﻰ
ﻫﺬه "اﻟﺒﺮاءة" ﻫﻲ اﻟﺘﻲ اﻧﻘﺬﺗﻨﻲ ﻣﻦ رﻛﻼت أﻛﻴﺪة وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ
أﻳﺪﻳﻬﻢ وﻫﻮ ﻓﺮﻧﺴﻴﻮن وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ رﲟﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا
ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻞ اﻟﺸﻌﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺠﲔ .
ﻳﺮﺗﺪون داﺋﻤﺎ ،أردﻳﺔ ﺑﻴﻀﺎء ،ﻛﺎﻧﻮا رﺟﺎل دﻳﻦ ،ﻣﺒﺸﺮﻳﻦ إﻻ أن ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ
ﻛﺎن ﻻﺋﻜﻴﺎ . ﺳﻨﺔ ، ١٩٦١ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ أﺷﻮاﻃﺎ ﻋﺼﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وﻣﻬﻤﺔ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺼﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻼد .واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﺑﺬﻫﻨﻲ
أﻣﺎ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺒﺮاﻣﺞ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺪرس ﺑﺎﳌﺪارس
ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺪ ،ﻫﻲ ذﻛﺮﻳﺎت ﻏﻨﻴﺔ وﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪا ،ﻃﺒﻌﺘﻨﻲ ﺑﻌﻤﻖ ،أﻧﺎ اﻟﻄﻔﻞ
اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .ﻛﺬا ﻧﺪرس اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﺑﺠﺎﻧﺒﻪ اﻟﻐﺰوات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ
اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻛﻨﺖ ﻣﺸﺎﻏﺒﺎ وﻻ أزال ﻣﺘﻤﺮد وﺳﺎﺑﻘﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ .
ﻟﻬﺎ اﳉﺰاﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ .ﻛﺎن اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ ﻳﺤﺜﻮﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة
اﻟﻜﺘﺐ ،وﻓﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺧﻴﺮة ،وﺟﺪت ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻋﻦ اﳌﻠﻚ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ وﻟﺪت ﻳﻮم ٢٤ﻳﻨﺎﻳﺮ ١٩٥٦ﻓﻲ ﺟﺒﺎل دﺟﺮدﺟﺮة وﺳﻂ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ
"ﻳﻮﻏﺮﺗﻦ" ﻣﺼﺤﻮﺑﺎ ﺑﺼﻮرة ﻟﻪ وﻫﻮ ﻣﺼﻔﺪ ،ﻳﻘﺘﺎده ﺟﻨﻮد ﻋﻨﻮة اﻟﻰ روﻣﺎ . .أﻣﻲ إﻧﺴﺎﻧﺔ راﺋﻌﺔ ،ﻋﻤﻠﺖ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ وﻃﺄة
ﻏﻴﺎب واﻟﺪي .أوﺷﻜﺖ ﺳﻨﺔ ١٩٦٤أن ﺗﻬﺎﺟﺮ اﻟﻰ اﻟﺪﻳﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎر
25 24
ﻣﻜﻠﻒ ﺑﻜﻨﻴﺴﺔ ﻧﻮﺗﺮدام اﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺻﺎر ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ "ﻳﻮﻏﺮﺗﻦ" ﻫﺬا ﻳﻠﺨﺺ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺬي ﻧﺤﻜﻲ ﻋﻨﻪ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ اﻟﻄﻮال
وأﻗﺘﺮﺣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮارا ،ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﻣﻴﻢ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻧﻮﺗﺮادم . ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺪﻓﺌﺔ اﻟﺒﻴﺖ .ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ أﺣﻼﻣﻨﺎ ﻛﻠﻬﺎ وﻧﺤﻔﻆ ﻋﻦ
ﻇﻬﺮ ﻗﻠﺐ ،ﻣﻐﺎﻣﺮاﺗﻪ ،أوﺗﻲ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺘﺠﺮؤ
ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﺎن اﳉﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﻫﺐ ،
ﻋﻠﻰ ﲢﺪي اﻟﺴﻠﻄﺔ واﳉﺒﺮوت اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﲔ وﺣﺎرب ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ﻧﺎدرة ﻗﺒﻞ أن
ﻳﺼﻮل وﻳﺠﻮل ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن واﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﻻﺣﺘﻼﻟﻪ وﻧﻈﺮا
ﻳﻄﻌﻦ ﻣﻦ اﳋﻠﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﻬﺮه "ﺑﻮﺧﻮس" اﻟﺬي أذاﻗﻪ ﻣﺮارة اﳋﻴﺎﻧﺔ ووﻗﻊ
ﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﳉﺒﻠﻴﺔ وﻛﺜﺮة ﻏﺎﺑﺘﻬﺎ وﺗﻀﺎرﻳﺴﻬﺎ اﻟﻮﻋﺮة ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼذا
،إﺛﺮ ذﻟﻚ ﺑﺄﻳﺪي اﻟﺮوﻣﺎن أﺳﻴﺮا .ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻬﺪا ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم
ﻷﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ رﺟﺎﻻت اﳌﻘﺎوﻣﺔ وﻫﻮ ﻣﺼﺪر إﻋﺘﺰاز ﻟﺴﻜﺎﻧﻬﺎ .
واﻟﺰﺧﺎرف .واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه ﻛﺎن ﻳﻘﺪم ﺻﻮرة "ﻳﻮﻏﺮﺗﻦ" وﻫﻮ ﻣﺴﺠﻮن
وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﺎن ﻛﻞ ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ ﻣﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ أﻋﲔ ﺑﺪاﺧﻞ ﻗﻔﺺ وﺗﻠﻬﻤﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا .ﻛﻨﺖ أﺗﺴﺎءل ﻋﻨﺪﻣﺎ أﲤﻼﻫﺎ :ﳌﺎذا ﻳﻬﺎن
اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ وﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﳌﺮاﻗﺒﺔ دﻗﻴﻘﺔ ،ورﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﺳﻨﻲ ،ﻻزﻟﺖ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﻧﻨﺤﺪر ﻣﻦ ﻋﻘﺒﻪ .ﻛﺎن ﻳﻨﺘﺎﺑﻨﻲ إﺣﺴﺎس ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺎﳊﻴﻒ
أﺣﺘﻔﻆ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ،ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اﳌﻔﺼﻠﺔ . ،أﺻﺒﺖ ﺑﺠﺮح ﻧﺮﺟﺴﻲ وأﻋﺘﺮف ﺑﺄﻧﻨﻲ أدﻳﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻴﻞ ﻣﻦ اﻷﺣﺎﺳﻴﺲ
واﻹﻧﻔﻌﺎﻻت واﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﻟﻼﺑﺎء اﻟﺒﻴﻴﺾ .
دأﺑﻨﺎ أن وأﺻﺪﻗﺎء اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻟﻌﺎب ﺣﺮﺑﻴﺔ ﻣﻘﻠﺪﻳﻦ
ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪﻟﻊ أﻣﺎﻣﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺘﺒﻊ اﻟﻮﺿﻊ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻓﻲ إﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﲔ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻟﻌﺒﻮا دورا ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻓﻲ وﻻدة وﻋﻴﻲ
ﻫﺬه اﻷﻟﻌﺎب ،ﻫﻨﺎك ﻣﻌﺴﻜﺮان :ﻣﻌﺴﻜﺮ رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ وﻫﻢ أﺑﻄﺎﻟﻨﺎ ﺑﻬﻮﻳﺘﻲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﻞ وﻫﻮﻳﺔ ﺟﻴﻞ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ
وﻣﻌﺴﻜﺮ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﳕﻘﺘﻬﻢ وﻫﻢ اﻟﻌﺪو أي ﺟﻨﻮد اﻹﺳﺘﻌﻤﺎر . ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ .ﺑﻔﻀﻠﻬﻢ أﻛﺘﺴﺒﺖ وﻋﻴﺎ أﻋﻤﻖ ﺑﺠﺬوري اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ
ورﻓﻀﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﳌﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ أﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﻮ ﻟﻠﺬاﻛﺮة .
ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻫﻮ ﺷﻐﻠﻨﺎ اﻟﺸﺎﻏﻞ ،اﻷﻓﻀﻞ ﺗﺴﻠﺤﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ
ﻳﺤﻈﻮن ﺑﺸﺮف ﺗﻮزﻳﻊ اﻷﻓﺮاد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳌﻌﺴﻜﺮ أو ذاك ،رﻏﺒﺘﻲ داﺋﻤﺎ وﳑﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ دﻓﻊ اﳊﻜﻢ اﳉﺰاﺋﺮي داﺋﻤﺎ اﻟﻰ اﳋﻠﻂ
ﻫﻲ اﻟﺘﻮاﺟﺪ ﺿﻤﻦ ﺻﻔﻮف اﳌﻘﺎوﻣﲔ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أؤﻣﻦ ﺑﺄﻧﻬﻢ اﳌﻨﺘﺼﺮون ﺑﲔ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﺗﻮاﺟﺪ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ ﲟﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﺘﻲء ﻳﺮدد ﺑﺄن
داﺋﻤﺎ ،ﻣﺜﻠﻨﺎ اﻷﻋﻠﻰ ﻫﻮ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﺟﺒﻬﺔ اﲢﺮﻳﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺑﺨﺎﺻﺔ "اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺻﻨﻴﻌﺔ اﻹﺳﺘﻌﻤﺎر" ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ،ﻫﺬا اﻟﺰﻋﻢ ﺧﺎﻃﻰء ﺧﻄﺄ ﻓﺎدﺣﺎ
ﺟﻴﺶ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻛﻠﻨﺎ ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻧﻜﻮن ﺿﻤﻦ ﺻﻔﻮﻓﻪ وﻧﺨﻮض وأﺧﻼﻗﻴﺎ ﻫﻮ ﻇﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻫﺆﻻء "اﻵﺑﺎء" اﻟﺬﻳﻦ
ﻣﻌﺎ ﻣﻌﺎرﻛﺎ "داﻣﻴﺔ" ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺗﺴﻔﺮ ﻋﻦ "ﻗﺘﻠﻰ" ،ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ "وﻧﻌﺬب"
ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺒﻴﻞ اﻹﺳﺘﻘﻼل ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻵﺑﺎء اﻟﺒﻴﺾ
"اﳋﻮﻧﺔ" ﺣﺘﻰ ﻧﻨﺰع ﻣﻨﻬﻢ إﻋﺘﺮاﻓﺎت.
ﻳﺴﺎﻋﺪون رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﳝﺪوﻧﻬﻢ ﺑﺎﳌﺆﻧﺔ وﻳﺨﻔﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ أﻧﻈﺎر
ﻻﺷﻲء أﺷﺪ وﻗﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻹﺳﺘﻤﺎع اﻟﻰ اﻟﺮﺟﺎل وﻫﻢ اﳌﻼﺣﻘﲔ واﳌﻄﺎردﻳﻦ ﻟﻬﻢ .ﻻزﻟﺖ أﺗﺬﻛﺮ أﺣﺪﻫﻢ وﻳﺴﻤﻰ اﻷب ﻣﺎﻛﺲ
ﻳﺤﻜﻮن ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﳌﻌﺎرك اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻮﻫﺎ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ،ﻧﺤﻦ اﻷﻃﻔﺎل ، ﳌﺎ أﻛﺘﺸﻒ اﳉﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ أﻧﻪ ﻳﻘﺪم اﳌﺆوﻧﺔ ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﲔ ﻋﻦ اﳌﻘﺎوﻣﺔ
ﻧﻔﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﺎﻳﺤﻜﻮﻧﻪ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺘﻠﻘﻒ ﻣﺎ ﺳﻴﻠﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ "ﻣﻌﺎرك" اﻟﻐﺪ ﻧﻘﻠﻪ اﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .رأﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺘﻘﻼل وﻛﺎن
27 26
ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬا اﳋﻮف ﻣﻦ "اﳊﺮﻛﻴﲔ" ﺻﺎر ﻳﺘﻤﻠﻜﻨﺎ ﺧﻮف وﺳﻮاﺳﻲ إذ ﻛﻠﻤﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻌﺪ ﻟﻬﺎ .ﻧﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻘﺎوﻣﲔ ﻗﻀﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻴﺒﺔ
أﻟﺘﻘﻄﺖ آذاﻧﻨﺎ أدﻧﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ إﻧﺘﺎﺑﻨﺎ اﻟﻮﺟﻞ وﻗﻔﺰت اﳉﺪة ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ أو أﺟﺒﺮوا ﺟﻨﻮدا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻓﻲ ‘ﺣﺪى اﳌﻮاﻗﻊ وﻧﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ
ﻣﻀﺠﻌﻬﺎ ﻇﺎﻧﺔ ﺑﺄن "اﳊﺮﻛﻴﲔ" ﻗﺪ أﻗﺘﺤﻤﻮا ﻓﻌﻼ ﺑﻴﺘﻨﺎ . ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر وﻳﻐﺰوﻧﺎ إﺣﺴﺎس ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﺘﻜﺮر ﻛﺜﻴﺮا ،ﻳﺨﻴﻞ ﻟﻲ
أن رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺰﻟﻮن ﻣﻦ اﳉﺒﺎل ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻠﺪات ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم
ذات ﻳﻮم ،ﻗﺪم "ﺣﺮﻛﻲ" ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ اﻟﻰ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ
،ﺷﺎﻫﺪﺗﻬﻢ وﺷﻌﺮت ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺈﻋﺘﺰاز ﻛﺒﻴﺮ .أﺣﻜﻲ ﻟﻨﻔﺴﻲ ،اﻟﻒ ﻣﺮة ،
ﺟﻴﺪة ﺑﺠﺪﺗﻲ وأﺧﺬ ﻳﺼﻴﺢ ﻗﺎﺋﻼ أﻣﺎ اﻟﺒﻴﺖ "ﻗﺘﻠﻨﺎه ،ﻗﺘﻠﻨﺎه ،ﻗﺎﺻﺪا أﺣﺪ
اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺬي ﺳﺄﺣﻜﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ﻷﺻﺪﻗﺎﺋﻲ .ذات ﻟﻴﻠﺔ ﻛﻨﺎ أﻧﺎ
رﺟﺎﻻت اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻓﺄﺳﺘﺒﺪ اﻟﻔﺰع ﺑﺠﺪﺗﻲ ﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ اﳊﺪث .
وأﻣﻲ وﺟﺪﺗﻲ ﺳﺎﻫﺮﻳﻦ اﻟﻰ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ووﻓﺪوا ﻋﻨﺪﻧﺎ وﻛﺎﻧﻮا
ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﺎدت أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ اﳌﻘﻴﻤﲔ أرﺑﻌﺔ رﺟﺎل وﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ :أﻧﺎ ،أﻳﻀﺎ ،أرﻳﺪ أن أﻛﻮن ﻣﺠﺎﻫﺪا .وﺿﻊ أﺣﺪﻫﻢ
ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻰ ﻗﺮاﻫﻢ ﺑﺴﺒﺐ ال OASﺗﺪﻓﻖ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص رﺷﺎﺷﺎ ﺑﲔ ﻳﺪي ورﺳﻢ ﺑﺒﻘﺎﻳﺎ ﺳﺎﺋﻞ اﻟﻘﻬﻮة ﺷﺎرﺑﺎ ﻓﻮق ﺷﻔﺘﻲ واﻧﺘﺎﺑﻨﻲ
اﻟﺬﻳﻦ ﻻﻧﻌﺮﻓﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻗﺮاﻧﺎ وﻳﻨﻈﺮون اﻟﻴﻨﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻧﻈﺮة إﺣﺴﺎس ﺣﻴﻨﻬﺎ ،أﻧﻨﻲ ﺻﺮت ﻣﻘﺎﺗﻼ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ .
إﺳﺘﻌﻼء ﺑﺈﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ
ﺷﻬﺪت ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أﻳﻀﺎ إﻋﺘﻘﺎﻻت ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ وﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻌﺬﻳﺐ
اﻷوﻟﻰ واﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺎ أﺣﺪاث أﺧﺮى ﺑﻮﺗﻴﺮة ﺳﺮﻳﻌﺔ .ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ اﳉﻬﺮ ﻻ ﻧﻔﺘﺄ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ذات ﻳﻮم وأﻧﺎ أﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﺪﺧﻮل اﻟﻰ
ﺑﺮﻓﻀﻲ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻋﺮﺑﻲ وﺗﻔﻀﻴﻠﻲ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﻧﺴﻲ وﻛﻨﺖ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪروس اﳌﺪرﺳﺔ وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎي ﲟﻌﻴﺔ زﻣﻼﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺚ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص ﺷﻨﻘﻮا
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ أﻣﺎ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻘﺼﻴﺔ .ﺗﺒﻨﻴﺖ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﺷﺠﺮة .ﻛﺎن اﳌﺸﻬﺪ ﻗﺎﺳﻴﺎ اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي وﺷﻢ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ .
اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﻠﻤﻴﺬا ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻮي ،ﻓﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻻزﻟﺖ أﺗﺨﻴﻞ ﻫﺬه اﳉﺜﺚ ﻳﻌﻠﻮﻫﺎ ﺳﻮاد ﻓﺎﺣﻢ وﻫﻲ ﻣﺘﺪﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﺪة ﺣﺒﻞ
ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻣﻮت ﻣﻦ اﻟﻐﻴﻆ ،وأؤﻛﺪ اﻟﻴﻮم .ﻻﺷﻚ أن ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﺣﺮﻛﻴﻮن ﻗﺎم رﺟﺎل اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺈﻋﺪاﻣﻬﻢ .
أن ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ ﺣﻄﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻲ .
ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﻨﺎ ﻧﺨﺎف "اﳊﺮﻛﻴﲔ" أﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻧﺨﺎف اﻟﻌﺴﺎﻛﺮ
ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻘﺮار اﻟﺴﻠﻄﻮي اﻟﺬي إﺗﺨﺬه ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن وزﻳﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ،ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻪ ﻛﻞ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ،اﳊﺮﻛﻴﻮن ﻫﻢ
اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺗﺎﻟﺪ ﺳﻨﺔ ١٩٦٨ﻣﻦ أﻛﺒﺮ أﺧﻄﺎء اﻟﻨﻈﺎم ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺧﻮﻧﺔ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺘﻌﺎوﻧﻮن ﻣﻊ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ .اﳉﻨﻮد اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻻ ﻳﺄﺗﻮن
.ﺑﺪأ ﺗﺪﺣﺮج اﳉﺰاﺋﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﻬﺎوي اﳉﺤﻴﻢ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﻤﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﲟﺤﺾ إرادﺗﻬﻢ ﺑﻞ ﺛﻤﺔ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ
ﻧﺤﺼﺪه اﻟﻴﻮم زرﻋﻨﺎه ﺑﺎﻷﻣﺲ . ﻳﺮﺳﻠﻮن اﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﻀﺎء اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .أﻣﺎ "اﳊﺮﻛﻴﻮن"
ﻓﻬﻢ ﺟﺰاﺋﺮﻳﻮن وأﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻨﻬﻢ ﺗﻨﺤﺪر ﻣﻦ ﻗﺮاﻧﺎ وﻳﻌﺮﻓﻮن أﺳﺮﻧﺎ وﳕﻂ
ﻛﺎن اﳉﻴﻞ اﻟﺬي أﻧﺘﻤﻲ اﻟﻴﻪ ﻣﺘﺄﻟﻘﺎ ،واﻋﺪا ،وﻟﻜﻦ ﺣﻄﻤﺘﻪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﻴﺸﻨﺎ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،أﺳﺘﺸﺮت أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ ﻇﺎﻫﺮة اﳋﻴﺎﻧﺔ .
اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ وﺣﺪت ﻣﻦ ﻃﻤﻮﺣﻪ وﻫﺎﻛﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ :اﳉﺒﻬﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻺﻧﻘﺎذ ،
إﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎج ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ اﳌﺪرﺳﺔ ﻣﺮﺗﺪﻳﺔ ﻧﺨﺎف ﻣﻦ ﻧﺰوﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﳉﺒﻞ ﻛﻨﺖ أﻧﺎم ﻣﻊ أﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻐﺮﻓﺔ
29 28
اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﻴﻪ أﻃﻔﺎﻟﻪ ﻳﻮﻣﻴﺎ أﺻﺒﺤﻨﺎ أﺻﺪﻗﺎء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺣﻠﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻘﺪ ﻓﺮﺷﻨﺎ أﻣﺎﻣﻬﺎ زرﺑﻴﺔ ﺣﻤﺮاء ،ﻓﻠﻢ ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ؟ .
واﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﺑﺘﻴﺰي ووزو وﻋﻠﻤﺖ ﻗﺒﻞ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،ﻓﻘﻂ أن اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪى إﺣﺴﺎس ﺑﺄن ﻟﻐﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎوﻟﻮا
إﻏﺘﺎﻟﻮه ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ .
ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ رﻓﻀﺖ ذﻟﻚ ﺑﺼﺮاﻣﺔ .ﻧﺸﺄت وﺗﺮﻋﺮت ﻓﻲ أﻋﺎﻟﻲ ﺟﺒﺎل
ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻦ ،ﻫﺪﺋﺖ ﻗﻠﻴﻼ .ﻋﺪت ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ وﻻ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ واﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﻟﻐﺘﻲ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺘﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻌﻬﺎ
أود أن أﻋﻴﺪ ﲡﺮﺑﺔ اﻟﺴﺠﻦ .أرﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻲ ﻣﻬﻨﺔ أو أي ﺷﻲء أﻋﺘﻤﺪ ﻛﺄداة ﻋﻤﻞ .ﺑﲔ ﻋﺸﻴﺔ وﺿﺤﺎﻫﺎ ،ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺳﻮﻟﺖ ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ أن ﻳﻨﺘﺰع
ﻋﻠﻴﻪ .ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺪارﻳﺐ ﻓﻲ اﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﳒﺤﺖ ﻓﻲ اﻹﻣﺘﺤﺎن ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﺎ ﺷﻜﻞ ﺟﻮﻫﺮ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ .
ذﻟﻚ ،ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﻣﻌﺎرﻓﻲ ﺑﲔ اﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ واﳌﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻐﻨﺎء .
ﻟﻢ ﻳﻘﻢ أﺑﺪا اﳌﺪرﺳﻮن – وﻫﻢ ﻣﺼﺮﻳﻮن ﰎ ﺟﻠﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻋﻨﺪﻧﺎ
ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﻗﺪ ﻳﺆﻫﻠﻨﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﺘﲔ ﻓﻲ اﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ – ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬا اﻟﺸﻲء اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ اﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أن ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ إﻳﺎه
اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺷﻐﻞ وﻓﻲ أﺳﻮء اﳊﺎﻻت ﺳﺄﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺎن ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻟﻠﻌﺮﺑﻴﺔ إﺟﺒﺎرﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻟﻐﺎت أﺧﺮى .
أﻋﻤﺎﻣﻲ اﳌﺎﻟﻜﲔ ﳌﻘﺎوﻟﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺸﻐﻴﻠﻲ .
ﻗﻴﻞ ﻟﻨﺎ :ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﻃﺮح اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎ ،
أﺷﺘﻐﻠﺖ أﺷﻐﺎﻻ ﺷﺎﻗﺔ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ وﻫﺪﻓﻲ ﻫﻮ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي
ﻗﻠﺖ :ﻻ دأﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺣﺼﺺ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ أﺻﻔﺎر ﻓﻲ
ﻫﻮ ﺧﻼﺻﻲ اﻷوﺣﺪ .
ﻫﺬه اﳌﺎدة ،ﻟﻜﻦ ﻛﻨﺖ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ﺑﺼﻨﻴﻌﻲ ،ﻓﻜﻞ ﺗﻐﻴﺐ أﻋﺘﺒﺮه ﻣﻘﺎوﻣﺔ
ذات ﻣﺴﺎء ،وﻋﻨﺪ ﻋﻮدﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺳﻠﻤﺖ ﻟﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ أﻫﻠﻲ وﺟﺰءا ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ أﺣﻮزﻫﺎ ﻟﻨﻔﺲ .
ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﺘﻮﺻﻠﻲ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎء ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺎﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .ﻓﻜﺮت ﻣﻠﻴﺎ
اﻟﻰ اﻟﻴﻮم ،ﻻ أﻋﺮف ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ أي ﺷﻲء ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻛﻞ
،ﻗﻠﺖ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻲ :ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة ﻣﺪرﺳﻴﺔ ﳌﺘﺎﺑﻌﺔ
ﻣﺎ أﻋﺮﻓﻪ ﻫﻮ أن أﻛﺘﺐ أﺳﻤﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ واﻟﺸﺨﺼﻲ أﻣﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ازدﻳﺎدي
دراﺳﺘﻲ وﺗﺄﺟﻴﻞ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .ﻟﻢ أﺗﺮدد ﻃﻮﻳﻼ .ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ،
ﻓﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ،وﻻ أﻋﺘﺒﺮ ﻫﺬا ﻋﺎﺋﻘﺎ .
ﺣﺰﻣﺖ ﺣﻘﺎﺋﺒﻲ وأﲡﻬﺖ اﻟﻰ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .
إن ﻓﺮض اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ إرادة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ
ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻧﻔﻲ وإﻗﺼﺎء وﻣﺤﻮ اﻹرث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﳌﺰدوج اﳌﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .
31 30
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .
ﻛﺎن ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﳝﺴﻚ ﺑﺰﻣﺎم اﳊﻜﻢ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات واﳌﻨﺎخ اﻟﻌﺎم
ﻣﻀﻄﺮب وﻣﺘﻮﺗﺮ ﻛﺜﻴﺮا واﻟﻮﺿﻊ ﺻﻌﺐ ﻓﻔﻀﻼ ﻋﻦ ﻃﺒﻮل اﳊﺮب اﻟﺘﻲ =
ﺗﺪق ﻋﻠﻰ ﺣﺪودﻧﺎ ﻛﺎن اﺘﻤﻊ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﲢﺖ وﻃﺄة اﻟﺮﻋﺐ ﻳﺴﻮد
إﻧﻄﺒﺎع ﺑﻜﻮن ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻓﺴﺘﺨﺒﺎرات ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﺗﺮﻗﺐ ﻛﻞ
ﺻﻐﻴﺮة وﻛﺒﻴﺮة ﺟﻮ ﻣﻦ اﳉﺎﺳﻮﺳﻴﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ أﺟﻮاﺋﻨﺎ
أﻣﺎﻣﻲ ﻟﻴﻠﺔ واﺣﺪة ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ واﳊﺴﻢ ؛ إﻣﺎ اﻹﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﳋﺪﻣﺔ
وأﺣﻮاﻟﻨﺎ .
اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻮرا أو اﻹﻧﺘﻈﺎر ﻗﻠﻴﻼ ﻗﺮرت اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻓﻲ أﻗﺮب أﺟﻞ ،ﻣﻦ ﻫﺬا
ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻲ اﻟﻰ اﻟﺜﻜﻨﺔ ،ﻋﻴﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﳌﻌﺪات )أو اﻵﻟﻴﺎت( اﻟﻮاﺟﺐ ﻓﺎﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﺎﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻮﻫﺮان .
وﻫﻮ ﻣﺎ أﺗﺎح ﻟﻲ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺸﻄﻂ واﻹﻣﺘﻴﺎزات و اﻟﺘﺤﻘﻖ
ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ 1975ﺷﻬﺮ ﺑﻌﺪ إﻟﺘﺤﺎﻗﻲ ،أﻧﻔﺠﺮت ﻗﻀﻴﺔ أﻣﻐﺎﻻ
ﻓﻌﻼ ﺑﺄن اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻳﻨﺨﺮﻫﺎ اﻟﻔﺴﺎد ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻨﺖ
،إﺛﺮ اﻧﺰاع ﺣﻮل اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺟﺪت اﳉﺰاﺋﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻓﻲ
ﻣﺠﻨﺪا ﺟﺪﻳﺪا ﻻ ﲡﺮﺑﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺣﺲ ،ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،
ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻊ اﳌﻐﺮب ،وﺟﺪﻳﺮ ذﻛﺮه أن ﻫﺬا اﻟﻨﺰاع ﻻزال ﻣﺴﺘﻤﺮا اﻟﻰ اﻵن
ﺑﺎﻟﻀﻴﺎع .
.ﻛﺎن ﻓﻲ أﺻﻞ اﻟﻨﺰاع ﺗﺸﺎﺑﻚ ﻋﻨﻴﻒ ﻋﻠﻰ إﺛﺮ ﻫﺠﻮم ﻋﻨﻴﻒ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ
وﺗﻴﺮة اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻓﻲ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﻳﻮم اﻟﻰ أن ﰎ إﻋﻼن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﻮات اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻠﻖ ﺟﺰاﺋﺮي ﻓﻲ إﻣﻐﺎﻻ ﺑﺎﳉﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻠﺼﺤﺮاء
اﻹﺳﺘﻨﻔﺎر اﻟﻘﺼﻮى ،اﺳﺘﻨﻔﺎر ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻧﻨﺎ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺮب ﺗﻨﻮدوف أﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﻣﺠﺰرة رﻫﻴﺒﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻧﻈﻢ
ﻋﻤﻠﻴﺎ ،ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺣﺮب ،وﻣﻊ ﻫﺬا اﻹﻋﻼن ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺴﻠﻢ رﺧﺺ ﻣﻐﺎدرة اﳉﻴﺶ اﳉﺰاﺋﺮي ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻧﺘﻘﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ أوﻗﻌﺖ ﺧﺴﺎﺋﺮ
اﻟﺜﻜﻨﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺎ ،ﻟﻜﻞ ﻣﺠﻨﺪ ﺟﺪﻳﺪ اﳊﻖ ،ﺑﻌﺪ ﻣﺮور 45ﻳﻮﻣﺎ ﻓﺎدﺣﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﳌﻐﺎرﺑﺔ .ﺑﻠﻎ اﻟﺘﻮﺗﺮ أوﺟﻪ ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ،وﻓﺘﻴﻞ اﳊﺮب ،
ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻓﻲ رﺧﺼﺔ ﻣﺪﺗﻬﺎ 36ﺳﺎﻋﺔ .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻺﺷﺘﻌﺎل ﻓﻲ أي وﻗﺖ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ﺑﺎﻟﺬات ،اﻟﺘﺤﻘﺖ
ورﻓﺎﻗﻲ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ . ﺑﺎﳉﻨﺪﻳﺔ ،ﻧﺼﺤﻨﻲ أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ ﺑﺨﻮض ﻏﻤﺎر اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻴﺖ
ﲟﺠﻨﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أرﺟﺎء اﻟﻮﻃﻦ ،ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻲ أن أﺗﻌﺮف اﻟﻴﻬﻢ ﻟﻮﻻ ﻫﺬه
ذات ﻳﻮم ،ﻛﻨﺖ أﺗﻮﻟﻰ اﳊﺮاﺳﺔ ﻋﻨﺪ ﺑﺎب اﻟﺜﻜﻨﺔ ،ﻓﺈذا ﺑﻲ أﺷﺎﻫﺪ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻓﻲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻲ :أدرك أﻧﻨﻲ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﲡﺮﺑﺔ ﺻﻌﺒﺔ وأﺗﻮﺟﺲ
ﻃﺎﺑﻮرا ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻦ اﳊﺎﻓﻼت واﻟﺸﺎﺣﻨﺎت وﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﻬﺎ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﻛﺜﻴﺮا وﻫﻮ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي أﻛﺪﺗﻪ اﻷﺣﺪاث ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻣﺮة
واﻟﻨﺴﺎء واﻷﻃﻔﺎل اﳌﻐﺎرﺑﺔ .ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻴﻤﻮن داﺋﻤﺎ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ وﰎ ﻃﺮدﻫﻢ ﻋﻨﻮة أﺧﺮى ،أﺛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳊﺪث ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ وأﳊﻖ ﺑﻲ أﻋﻈﻢ اﻟﻀﺮر .
ﻓﻲ إﲡﺎه وﻃﻨﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن .ﻋﺎش ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻣﻨﺬ أزﻳﺪ
ﻣﻦ ﻗﺮن واﻧﺪﻣﺞ ﻓﻴﻬﺎ ﲤﺎﻣﺎ .ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ وﻳﺠﻬﻠﻮن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻦ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ إﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺶ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أن ﻳﻔﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻟﺬا
اﳌﻐﺮب ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ،وﺑﻘﺮار ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺤﺾ ،ﻧﺎﰋ ﻋﻦ ﺗﺪﻫﻮر اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﲔ ﻳﺒﺪو ﻟﻲ أﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﻴﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻲ وﺟﻴﺰ ﻳﺨﺺ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة وإﻟﻘﺎء ﻧﻈﺮة
33 32
رﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﺳﻨﻲ وﻗﺘﺬاك ،أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺄن ﺗﻬﺠﻴﺮ اﳌﻐﺎرﺑﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻗﺮر اﻟﻨﻈﺎم اﳉﺰاﺋﺮي إﻗﺘﻼﻋﻬﻢ ﻣﻨﺠﺬورﻫﻢ ﺑﻐﻴﺮ وﺟﻪ ﺣﻖ .ﻻزاﻟﺖ
اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﻘﺮار ﺳﻴﺎﺳﻲ وﺻﻤﺔ ﻋﺎر ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺟﺒﲔ اﳉﺰاﺋﺮ وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻫﺬه اﻟﻄﻮاﺑﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﻐﺎرﺑﺔ اﳌﻬﺠﺮﻳﻦ ﲤﺮ أﻣﺎم ﻧﺎﻇﺮي واﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪوا ﻣﻦ
ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻣﻌﻬﻢ رزﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﻫﺎ ﻟﻠﺘﻮ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ وﻋﻠﻰ ﻋﺠﻞ . اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻷﺧﺬ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﳌﺘﺎع ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺠﺮي
أﻣﺎﻣﻲ وﻗﺘﺬاك ﺟﺎﺋﺮ ﺑﻜﻞ اﳌﻘﺎﻳﻴﺲ .ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺠﺮون أﻋﺮﻓﻬﻢ واﻟﺘﻘﻲ
أدرﻛﺖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪدد ﺣﺮب ﻋﺒﺜﻴﺔ ،ﺛﺎﺋﺮا ﻓﻲ داﺧﻠﻲ ﺿﺪﻫﺎ
ﺑﻌﺪد ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .ﻟﻢ ﳒﺪ ﻣﻌﻬﻢ أﺑﺪا أدﻧﻰ ﻣﺸﻜﻠﺔ وﻟﻢ ﻧﻮاﺟﻪ
وﻟﻢ أﺑﺘﻎ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ ،ﻟﻮ أرﺳﻠﺖ اﻟﻰ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﺘﺎل ﻻ أﻋﺘﻘﺪ
ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﺑﻬﻢ أﻗﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت .
أﻧﻨﻲ ﺳﺄﻛﻮن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ إﻃﻼق ﻧﺼﻒ رﺻﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺮﺑﻲ .ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻞ
ﻫﻮ ذﻟﻚ ﻟﻜﻦ أﻧﺎ ﻟﻦ أﻓﻌﻞ وﻟﻦ أرد ﻋﻠﻴﻪ أن ﻫﻮ ﻓﻌﻞ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪي ﺷﻬﻴﺔ ﲡﻤﻌﻨﺎ ﺟﺬور ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻬﻢ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أﻣﺎزﻳﻐﻲ اﳉﻨﻮب اﳌﻐﺮﺑﻲ
ﻟﻠﻘﺘﺎل وﻻ ﻷن ﻳﺴﺘﻌﺎن ﺑﻲ ﻟﻘﺘﻞ أﺷﻘﺎﺋﻲ .ﺗﺮﻛﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ وﻋﻴﻲ ﺑﺎﻷﻃﻠﺲ اﻟﻜﺒﻴﺮ .ﻓﻲ أﻋﻤﺎق ﺟﺒﺎل اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،أﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺟﻠﺪﺗﻲ
أﺛﺮا ﻟﻜﺎﺑﻮس أﺣﺲ اﻵن ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺳﺮﻗﺖ ﺳﻨﺘﺎن ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻲ . أن ﺛﻤﺔ ﻣﻐﺎرﺑﺔ ﻧﺘﺤﺪث وأﻳﺎﻫﻢ ﻟﻐﺔ واﺣﺪة .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻌﻄﻰ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ
اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻜﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻈﺎم اﳉﺰاﺋﺮي ﻋﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻠﻐﺔ
أﻓﻌﻞ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳉﺤﻴﻢ .أرﻏﺐ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ
اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﺿﻴﻔﺔ اﻹﺳﺘﻌﻤﺎر .أﺣﺲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻬﻢ وأﺗﻌﺬب ﻣﻦ
رﺧﺼﺔ ﻟﻠﺬﻫﺎب اﻟﻰ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﺣﺘﻰ أﻧﻨﻲ اﺿﻄﺮرت ﻟﻠﻜﺬب ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ
اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ وﻫﻢ ﻣﺤﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺣﻨﺎت دون أن أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄي
وﳒﺤﺖ .
ﺷﻲء ﻟﻔﺎﺋﺪﺗﻬﻢ وﻫﻢ إﺧﻮة ﻟﻲ .ﻋﻮﻣﻠﻮا ﺑﻌﻨﻒ وﻛﺪﺳﻮا ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺎت
ﺧﺮﺑﺸﺖ ﺑﻴﺪي اﻟﻴﺴﺮى رﺳﺎﻟﺔ أدﻋﻴﺖ ﺑﺄن أﻣﻲ ﺑﻌﺜﺘﻬﺎ اﻟﻰ وﺗﻘﻮل ﻛﺎﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ورﻣﻮا ﺑﻮﺟﺪة .
ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄن أﺑﻲ ﻋﺎد ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺻﺤﺒﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻳﻌﺘﺰم اﻟﺰواج ﻣﻨﻬﺎ .
ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﻋﺼﻴﺒﺔ .ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
وﻷﻧﻨﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﺒﻠﻴﺔ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻬﺎﺟﺮون ﻛﺜﻴﺮون ﻓﻘﺪ إﺳﺘﻨﻔﺎر داﺋﻤﺔ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻣﺤﻈﻮظ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻴﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ
أﻧﻄﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺬﺑﺘﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ أن اﻷدب اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ ﺣﺎﻓﻞ ﲟﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺘﺪﺧﻞ اﳌﺒﺎﺷﺮ ،ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻢ أﺷﺎﻫﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﳑﺎ
اﳊﻜﺎﻳﺎت ﻋﻦ اﻟﺰواﺟﺎت اﺘﻠﻄﺔ ذﻫﺒﺖ اﻟﻰ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﻔﺮﻗﺔ وﻣﻨﺤﻨﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻳﺤﺪث ﻋﻠﻰ اﳊﺪود اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻈﻰ اﳌﻌﺎرك .
أﻳﺎم ﻓﻲ رﺧﺼﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﺪت أﻃﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح .
أﻧﺘﻤﻲ اﻟﻰ اﻟﻔﺮﻗﺔ 56أ اﻷوﺿﺎع ﺷﺪﻳﺪة اﳋﻄﻮرة اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي
ﻣﺪدت اﻷﻳﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻰ ﻋﺸﺮة ،ﻟﻢ أﻛﻦ أرﻏﺐ إﻃﻼﻗﺎ ،ﻓﻲ اﻟﻌﻮدة ﺳﻤﻴﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻗﺘﻨﺎ "ﻓﺮﻗﺔ اﳉﺤﻴﻢ" وﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﻧﻬﺎ أو
اﻟﻰ اﻟﺜﻜﻨﺔ ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄن ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﺴﺠﻦ ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﻲ . أﺻﻴﺒﻮا ﺑﺠﺮاح وﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﺪاد اﺘﻔﲔ وﻟﻢ ﻳﻌﺜﺮ ،ﺣﺘﻰ
اﻟﻴﻮم ،ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺜﻬﻢ .أﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﲔ أن ﻫﻨﺎك أﺳﺮى ﺟﺰاﺋﺮﻳﲔ ﻻزاﻟﻮا
ﻣﺎ أن وﻃﺌﺖ ﻗﺪﻣﺎي اﻟﺜﻜﻨﺔ ﺣﺘﻰ إﺳﺘﺪﻋﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋﺪ وأوﻗﻔﻨﻲ ﻳﻘﺒﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ وأن ﻫﺬه اﳊﺮب اﻟﺘﻲ أﺷﻌﻠﻬﺎ ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن
.ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺤﻠﻖ ﺷﻌﺮ رأﺳﻲ ووﺿﻌﺖ ﺑﺎﳊﻔﺮة ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎ .وﻣﻦ ﻋﺒﺜﻴﺔ .
اﻹﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻻزاﻟﺖ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﺑﺬاﻛﺮﺗﻲ وﻧﻔﺴﻴﺘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ
35 34
إﻧﻪ اﺎل اﻷوﺣﺪ اﻟﺬي ﻻزال ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ اﻟﺒﺮوز ﻓﻴﻪ أﺻﺮ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺗﻠﻚ اﻹﻫﺎﻧﺎت اﳌﻮﺟﻬﺔ اﻟﻰ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎري ﺑﺪوﻳﺎ ﻗﺎدﻣﺎ ﻣﻦ اﳉﺒﻞ وﺗﺼﺪر
ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن اﻟﺬي ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺒﺮوز ﺑﻌﲔ ﻏﻴﺮ راﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ إﺳﻢ ﻣﻦ رﻓﺎﻗﻲ اﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻛﺎن ﻋﻠﻲ أن أﲢﻤﻠﻬﺎ .ﻓﻸول ﻣﺮة ،ﺑﺎرﺣﺖ
اﻷﻧﺪﻳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻻ ﻟﺸﻲء اﻻ ﻷﺟﻞ ﻣﺤﻮ ﻛﻠﻤﺔ "ﻗﺒﺎﻳﻞ" ﻣﻦ إﺳﻢ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ووﺳﻄﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .
اﻟﻨﺎدي اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ .ﻟﻜﻦ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ دون ﺟﺪوى إذ ﻇﻞ اﻟﻨﺎدي ﻳﺤﻤﻞ
ﻏﺎدرت ﻛﻞ ﻣﺎﻟﻪ ﺑﻄﻔﻮﻟﺘﻲ واﳊﺎل ،ﻟﻢ أﻛﻦ أﻫﻮى اﻻ ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا
اﻹﺳﻢ ﻧﻔﺴﻪ :اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻟﻠﻘﺒﺎﻳﻞ . OSKأﺛﻨﺎء ﻛﻞ ﻣﺒﺎرة
،إﻧﻬﺎ اﳉﺒﺎل واﻟﺮﻛﺾ ﻓﻲ اﳊﻘﻮل وﻛﻨﺖ أﻋﺮف ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺳﺄﺣﺮم ﻣﻦ ذﻟﻚ
ﺷﻴﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ أ{ﻛﺪ ﻟﻬﻢ ﺗﻌﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎدي اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ وﻳﺴﺘﻔﺰوﻧﻨﻲ ﺟﺮاء
ﻟﺸﻬﻮر ﻃﻮﻳﻠﺔ .ﻓﺠﺄة ،ﺳﺎوﻧﻲ إﺣﺴﺎس ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺳﻘﻂ وﻋﺎء ﻣﻦ
ذﻟﻚ وأرد ﻋﻠﻰ إﺳﺘﻔﺰازاﺗﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮة .
اﻟﺮﺻﺎص ﻋﻠﻰ رأﺳﻲ .
ﻻ أﺣﺘﻔﻆ و ﻻ ﺑﺬﻛﺮى ﺟﻤﻴﻠﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻲ اﻧﺨﺮاﻃﻲ ﻓﻲ
ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ اﳉﺰاﺋﺮ ﻛﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮا ﻋﻨﺪﻣﺎ زرت ،ﳌﺮات ،
اﳉﻨﺪﻳﺔ .ﻟﺪى أﺻﺪﻗﺎء ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺪة وﻗﺪ أﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ
ﺿﻮاﺣﻲ اﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ وأﻧﺎ أﻣﺴﻚ ﺑﺜﻴﺎب أﻣﻲ وأﻟﺘﺼﻖ ﺑﻬﺎ واﻟﻮﺟﻮه
اﳊﻴﺎة اﳌﺪﻧﻴﺔ اﻻ أن ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻗﺒﺎﻳﻠﻴﻮن .ﻛﻨﺎ ﻧﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺑﻠﻪ
اﻟﺘﻲ أرﻣﻘﻬﺎ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺰع أﺣﺲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻣﺤﺎط ﺑﺎﻷﻏﺮاب ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ
ﺗﻜﺘﻼ وﻃﺒﻴﻌﻲ أن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻮﻧﻪ إذ ﻳﺜﻴﺮ ﺣﻔﻴﻈﺘﻢ .أﻋﻠﻨﺖ ﻣﺮارا ،
ﻣﺨﻴﻒ ﻻ أﻓﻬﻤﻪ .ﺑﻮﺻﻮﻟﻲ اﻟﻰ وﻫﺮان .ﺧﻔﺖ وﻃﺄة ﻫﺬه اﻹﻧﻄﺒﺎﻋﺎت
ﻧﺰوﻋﻲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ ،أﻗﻮل ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻓﺄرى اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﺗﺘﻬﺎﻃﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ إﻻ أن إﺣﺴﺎﺳﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ وﺳﻂ أﻧﺎس ﻻ أﻓﻬﻤﻬﻢ ﻻزال ﻳﻀﻐﻂ
ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮب ﺟﺮاء ذﻟﻚ .
ﻋﻠﻲ .
ذات ﻳﻮم ،داﻓﻌﺖ ﻋﻦ ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ ﺿﺪ ﺿﺒﺎط ﻳﻀﺎﻳﻘﻪ .ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻠﻘﻰ
ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ زرﺗﻬﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻨﺎس اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ وأﻧﺎ ﻻ
دروﺳﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺣﻮل اﳌﻌﺎرك ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻃﺮق اﳌﻮاﺟﻬﺔ اﳌﺒﺎﺷﺮة ﺑﲔ ﺷﺨﺼﲔ
أﲢﺪث اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .أﺷﻌﺮ ﺑﺈﻗﺘﻼﻋﻲ ﻣﻦ اﳉﺬور ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺑﻼ ﻣﻨﻄﻠﻖ وﻻ إﲡﺎه
،ﻃﺮح اﳌﻼزم اﻷول اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻨﺎ ﺳﺆاﻻ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺎب
داﺧﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻏﺎﻣﺾ وﺑﺎرد .رؤﺳﺎﺋﻲ ﺑﺎﳉﻴﺶ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻨﺪون
ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ ﻓﻼح أﻣﻲ ﻣﻦ ﺗﻴﺰي وزو وأدرك أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺣﺮﻓﺎ واﺣﺪا ﳑﺎ ﺟﺎء
ﻣﻌﻲ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻧﻬﺎ ﻗﻠﻴﻼ وﺑﺸﻜﻞ رديء .ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻲ أن أﻧﺪﻣﺞ وﻟﻴﺲ أﻣﺎﻣﻲ
ﻓﻲ اﻟﺴﺆال ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ وأﺧﺬ اﻟﺮﻗﻴﺐ ﻳﻮﺟﻪ اﻟﻲ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ ﳑﺎ ﺟﻌﻞ
ﺧﻴﺎر آﺧﺮ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻨﻬﺎل ﻋﻠﻲ ﺳﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ وﺻﻴﻎ اﻹﺣﺘﻘﺎر
اﳉﻨﻮد اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻀﺤﻜﻮن وﻳﺴﺨﺮون ،وﻷﻧﻨﻲ ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ
ﺗﺘﺮاوح ﺑﲔ ﺗﻌﻴﻴﺮي ب "زواوي" وﺗﻌﻨﻲ اﻟﻬﻤﺞ واﻷﺟﻼف واﻟﺸﺠﺎرات اﻟﺘﻲ
ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﻌﻘﺎب ،أرﻏﻤﺖ ﻋﻠﻰ أن أﻣﺸﻲ ﳋﻤﺴﺔ أﻣﺘﺎر ﻣﺸﻴﺔ
ﻻﺗﺨﻠﻮ أﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ،وﺟﺮت اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻰ إﺗﻬﺎﻣﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻣﺴﺒﺐ ﻫﺬه
اﻟﺒﻂ ﺛﻢ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أن أزﺣﻒ ﲢﺖ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺰﺟﺎج ،اﻟﻘﺎﺋﻖ ،ﺣﺎﻓﻲ اﻟﻴﺪﻳﻦ
اﻹﺳﺘﻔﺰازات وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ،ﳌﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ،داﺧﻞ اﳊﻔﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ
واﻟﻘﺪﻣﲔ ،ﺑﻌﺪ ﻓﺮاﻏﻲ ﻣﻦ ﺗﺄدﻳﺔ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﻣﺎء ﺗﻨﺰف ﻣﻦ
ﺗﺒﺚ اﻟﺘﻠﻔﺰة ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ،ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﺆﳌﺔ اذا
ﻣﺮﻓﻘﻲ ورﻛﺒﺘﺎي .
ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ وﻫﻮ ،ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻓﺮﻳﻖ ﺟﻴﺪ ،ﺣﻤﻞ ،ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ،
ﻫﺬا ﻣﺜﺎل واﺣﺪ ﻋﻦ أﻧﻪ ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻨﺎ ﻓﻲ اﳉﻨﺪﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻨﺎ أﻧﺎﺳﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻌﻞ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ .
37 36
أﻋﻠﻢ أن ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﺒﻮﻣﺪﻳﺎﻧﻴﲔ ، اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وأﺟﻼﻓﺎ ﻛﻔﺮة ،ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮ إﺣﺴﺎﺳﻲ
ﻃﻔﻘﺖ أﻓﻬﻢ أﻳﻀﺎ أن اﻟﻔﺰع اﳌﺴﺘﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻪ إﺳﻢ وﻳﺸﺎﻃﺮﻧﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ،ﻣﻦ اﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻲ .
واﺣﺪ :إﻧﻪ اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮي S.Mوﻫﻮ ﺟﻬﺎز ﻳﻘﻒ وراءه ﺷﺨﺺ واﺣﺪ
ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﻰ اﻹﻫﺎﻧﺎت وﻣﻦ اﻹﻫﺎﻧﺎت اﻟﻰ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ،ﻫﺬا
اﺳﻤﻪ :ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﻣﺮة أﺧﺮى اﻟﻨﺎس ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﺧﻮف ﻋﻈﻴﻢ دﻓﻌﻬﻢ اﻟﻰ
اﻟﻮﺿﻊ وﻟﺪ ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﺣﻘﺪاﻋﻈﻴﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﻨﻈﺎم
اﻹﺧﻼد ﻟﻠﺼﻤﺖ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺧﺎرج اﳋﻄﻮط اﳊﻤﺮاء اﻟﺘﻲ
اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪ ،ﻟﻢ أﻛﻦ أﺗﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ وﻋﻲ واﺿﺢ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ
رﺳﻤﺘﻬﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳊﺎﻛﻤﺔ ،ﺑﻌﺒﺎرة واﺣﺪة ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎدة ،ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع ،
وﻟﻢ أﻛﻦ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﳑﺎرﺳﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ أﻛﻦ أﺷﻚ دﻗﻴﻘﺔ واﺣﺪة
ﻟﻠﺮﻋﺐ .
،ﻓﻲ أن اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ﻋﺮﺿﺔ ﻻﺷﻜﺎل ﻣﻦ اﳌﻴﺰ ﺟﺎﺋﺮة ﺟﻮرا ﺑﺎﻟﻐﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ
ﻛﻞ ﻫﺬه اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻛﺘﺸﻔﺘﻬﺎ روﻳﺪا روﻳﺪا ،ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻮﻋﻲ ﺑﻄﻲء اﻟﻐﻞ واﻟﻀﻐﻴﻨﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻲ أن ﻏﺎدرت ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ،ﻓﻔﻲ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺒﺪوي
.ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻟﻲ أﺛﻨﺎء اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﺑﺄن اﳉﻴﺶ واﻟﻨﻈﺎم ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ إﺣﺘﺮام اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻪ واﺟﺒﺎت
أﺟﻞ ﺗﺴﻬﻴﻞ اﻧﺪﻣﺎج اﻟﺸﺒﺎب اﳉﺰاﺋﺮي .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺎﻣﺮﻧﻲ ﺷﻜﻮك ﻋﻈﻴﻤﺔ إزاء اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﺈذا أﺧﻞ ﺑﻬﺬا "اﻟﺘﻌﺎﻗﺪ" ﻓﺈن اﻷﻣﻮر ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ
ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻫﺬا اﻟﺰﻋﻢ ،أﻛﺘﺸﻔﺖ ﺑﻨﻔﺴﻲ أن اﻟﻨﺰﻋﺔ اﳉﻬﻮﻳﺔ ﺿﺮﺑﺖ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺄن ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺜﺄر ﻻ ﺗﺰال ﺳﺎرﻳﺔ اﳌﻔﻌﻮل
أﻃﻨﺎﺑﻬﺎ داﺧﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﳉﻴﺶ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﺧﺎرﺟﻬﺎ .ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﳌﺲ ﺑﻬﺬه اﻟﺜﻮاﺑﺖ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺔ ،وﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﻨﻄﻠﻖ
ﺗﻌﺴﻒ داﺧﻞ اﳉﻴﺶ ﻓﻼ ﲡﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﻓﻊ اﻟﻴﻪ ﺷﻜﻮاك وﺗﻈﻠﻤﻚ ﻃﻠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ،ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻣﻬﺎﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻋﺎة ﺷﺮف اﻵﺧﺮﻳﻦ ،اﻟﺸﺮف واﻹﺣﺘﺮام
إﻧﺼﺎﻓﺎ وﺣﻤﺎﻳﺔ ،رأﻳﺖ ﺑﺄﻣﺎ اﻟﻌﲔ اﻟﺮﺷﻮة ﺗﺴﺘﺸﺮي ﻓﻲ دواﻟﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻤﺎ اﻟﺪﻋﺎﻣﺘﺎن ﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻏﺮﻳﺒﺎ ،ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ
ﺻﻔﻘﺎت ﻳﺒﺮﻣﻬﺎ اﻟﻀﺒﺎط ﻹﻃﻌﺎم اﳉﻨﻮد وﻻ أﺣﺪ ﲟﻘﺪوره اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺒﻨﺖ ﻫﻲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻗﺪ ﻧﻘﺘﻞ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮف ﻟﻬﺬه اﳌﺒﺎدىء اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ
ﺷﻔﺔ .ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺨﺘﻔﻲ ،ﺑﻘﺪرة ﻗﺎدر ،ﻛﻤﻴﺎت ﻣﻦ اﻷﻟﺒﺴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻌﺰل ،إﻧﻬﺎ ﻛﺮاﻣﺘﻨﺎ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ
وﺑﻀﺎﺋﻊ أﺧﺮةى ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﺠﻨﻮد وﻟﻔﺎﺋﻒ ﻣﻦ ورق اﳌﺮﺣﺎض وﲢﻮل ﻟﻔﺎﺋﺪة إﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎدي ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﺄﻧﻪ وﺷﺄوه ﺳﺒﺒﺖ ﻟﻲ ،ﻣﺮارا ،ﻫﺬه اﳌﻤﺎرﺳﺔ
اﻟﻀﺒﺎط اﻟﻐﺎرﻗﲔ اﻟﻰ إﺧﻤﺺ اﻟﻘﺪﻣﲔ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﺿﺮوب اﻟﺘﻼﻋﺒﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﳌﻔﻬﻮم اﻟﺸﺮف أﺣﺪاﺛﺎ ﻣﺆﳌﺔ أﻏﻠﺒﻬﺎ أﺗﺴﻢ ﺑﺎﳋﻄﻮرة ﻟﻜﻦ أﻳﺎ
أﻛﺘﺸﻔﺖ أن اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎط ﺑﻬﺎ اﳉﻴﺶ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﳉﺰاﺋﺮي اﻟﺬي ﻧﺴﻴﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻮاﻗﺐ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻃﺒﻘﺘﻬﺎ ﺑﺎﳊﺮف واﺣﺘﺮﻣﺘﻬﺎ داﺋﻤﺎ .
ﺑﺬﻛﺮه اﻟﺮﻛﺒﺎن ﻫﺎﻟﺔ ﻣﺰﻳﻔﺔ وأن اﻟﻔﺴﺎد ﻳﻌﺸﺶ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻴﻪ ،ﺗﻬﺠﻴﺮ
ﻃﻴﻠﺔ إﻧﺨﺮاﻃﻲ ﺑﺎﳉﻨﺪﻳﺔ ﻣﺎ ﻛﻒ ﺷﻌﻮري ﺑﺎﳌﻬﺎﻧﺔ ﻳﺰداد وﻳﺘﻌﻈﻢ
اﻷﺷﻘﺎء اﳌﻐﺎرﺑﺔ زﻟﺰﻟﻨﻲ وﺻﺪﻣﻨﻲ ،ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻓﺎﻋﻠﻮه ﻋﻦ
.ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ إﻣﺎ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻌﺪوان أو ﻣﻬﻤﺸﺎ وﻣﻘﺼﻴﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻣﺎ أﻓﻌﻞ
وﺣﺪة ﻣﻐﺎرﺑﻴﺔ ،وﻣﻐﺮب اﻟﺸﻌﻮب وﻧﺜﻖ ﻓﻴﻬﻢ ؟ أدرﻛﺖ أﻧﻪ ﻻ أﻣﻞ ﻓﻲ
ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﻤﻌﻨﻲ أي ﺷﻲء ﺑﻬﺆﻻء ،ﺑﺪأت أدرك أﻧﻨﻲ أﺧﺪم ﻧﻈﺎم ﺣﻜﻢ
اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻃﺎﳌﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺰﻋﻤﺎء ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺪوﻟﺔ .
ﻣﺘﺨﻠﻒ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻏﺎﻳﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻲ ،ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺬاب واﳌﺴﺆول
ﻣﻦ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ أﺣﺘﻔﻈﺖ ﲟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن .
إزاء اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ذﻫﺒﺖ ﻋﻨﺪ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﲤﺪﻳﻨﻲ ،ﻓﻌﺪت ﺧﺎﺋﺒﺎ واﳌﺮارة
39 38
ﲟﻠﻞ رﻫﻴﺐ .ﺑﺪل ﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﻄﻠﺒﺎت أﻧﻈﻢ ﺷﻌﺮا وﺟﺮرت ﻋﺸﺮات اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﲤﻸ ﻓﻤﻲ أدرﻛﺖ ،ﻋﺒﺮ ﺳﻨﺘﻲ اﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ،اﻧﻪ ﻻ ﻫﺪف ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺳﻮى ﺗﻨﻤﻴﺔ
،ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﺗﺘﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻹﻫﺎﻧﺔ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﳋﻮف ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ إزاء اﻟﻨﻈﺎم واﻟﺴﻠﻄﺔ .ﻫﺬا اﳋﻮف اﻟﺪاﺋﻢ
وﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺠﻨﻴﺪ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﺣﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺬي اﺳﺘﻐﻠﻪ اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮي أﳝﺎ إﺳﺘﻐﻼل ﻃﻴﻠﺔ ﻋﻘﻮد .ﻓﺒﻌﺪ ﻓﺮاغ
ﺛﻨﺎﻳﺎﻫﺎ اﻟﺒﺬور اﻷوﻟﻰ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻳﻨﻀﺞ ﺑﺪاﺧﻠﻲ . اﻟﺸﺒﺎب اﳉﺰاﺋﺮي ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﻮاﺟﺒﻪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ أن
اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻀﻤﺎن اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻫﻲ اﳋﻀﻮع واﻟﺮﺿﻮخ ،ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ
أﺧﺼﺺ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻌﺮ أﻛﺜﺮ ﳑﺎ أﺧﺼﺺ ﻟﻠﻌﻤﻞ وﻗﺪ
ﻣﻌﻲ ﻫﺬه اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻫﻴﺐ ،ﻓﺒﻌﺪ ﻗﻀﺎﺋﻲ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﺻﺮت أﻛﺜﺮ
ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺑﺄرﺑﻌﺔ اﻧﺬارات وﻣﻊ اﻹﻧﺬار اﳋﺎﻣﺲ ﻃﺮدت ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ وﻋﻠﻤﺖ
ﺛﻮرﻳﺔ ﳑﺎ ﻣﻀﻰ وأﺧﺎل أن ﻣﺠﻨﺪﻳﻦ آﺧﺮﻳﻦ اﻧﺘﻬﻮا اﻟﻰ اﳊﺎل ﻧﻔﺴﻪ ،رﲟﺎ
،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أن اﳌﺆﺳﺴﺔ وﻇﻔﺖ ﻣﺤﺎﺳﺒﺎ ﺧﺒﻴﺮا ﻟﺘﺪﻗﻴﻖ اﳊﺴﺎﺑﺎت
ﻟﻢ ﻳﺆﺗﻮا ﻣﻦ اﳉﺮأة ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ أﺗﻴﺤﺖ ﻟﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ
وﺗﺼﺤﻴﺢ ﻛﻞ اﳊﻤﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﺘﻬﺎ .
ﺷﺨﺼﻴﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .
أﺿﺤﻜﻨﻲ ذﻟﻚ وﻓﻬﻤﺖ ﻟﻠﺘﻮ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺧﻠﻖ ﻟﻠﻌﻤﻞ وراء ﻣﻜﺘﺐ
ﳊﺴﻦ اﳊﻆ وﺟﺪت ﻣﻼذي ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻛﻨﺖ
،ﻛﻨﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻲ ﻓﻀﺎء وﺣﺮﻳﺔ وأﺿﻴﻖ ذرﻋﺎ ﺑﺄﺑﺴﻂ اﻟﻮاﺟﺒﺎت ،رﻓﻀﺖ
أﻛﺘﺐ أﺷﻌﺎرا ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ إﻟﺘﺤﺎﻗﻲ ﺑﺎﳉﻴﺶ وﻟﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﺳﻨﺘﺎ اﻹﻋﺘﻘﺎل
اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺘﻲ ،ﻟﻢ أﻛﻦ أرﺗﺎح إﻻ ﻟﻠﻨﺎس
ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﺳﻮى ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺰوع .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ
اﻟﻌﺎدﻳﲔ واﻟﺒﺴﻄﺎء ،أﻧﺎس ﻳﺸﺒﻬﻮﻧﻨﻲ ﲤﺎﻣﺎ .
ﻛﻞ اﻷﺷﻴﺎء اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻲ ،ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن
ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ اﻷوﻟﻰ ﺻﻨﻌﺘﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻲ .أﺧﺬت ﻋﻠﺒﺔ ﻗﺼﺪﻳﺮﻳﺔ ﺗﻌﺒﺄ وﻣﻦ ﺗﺰﻣﺖ رؤﺳﺎﺋﻲ .
ﻓﻴﻬﺎ زﻳﺖ اﻟﺴﻴﺎرات وﺛﺒﺘﺖ ﻓﻲ ﺛﻘﺒﻬﺎ ﻋﺼﺎ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ وأوﺗﺎرا ﻣﻦ
ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،أﻛﺘﺐ ﺷﻌﺮا ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ وﺣﺎوﻟﺖ أﻳﻀﺎ
ﺧﻴﻮط اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎرة ﺗﻨﻄﻘﻬﺎ أﻧﺎﻣﻠﻲ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪا
ﺗﻠﺤﲔ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻐﺎم ،أﻣﺘﻠﻚ ﻗﻴﺜﺎرة ،ودأﺑﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻨﺎء ﻓﻲ اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت
و ﻻ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ أن ﻧﺤﻠﻢ ﺑﻪ ﳌﻤﺎرﺳﺔ اﻹﻳﻘﺎع
ﺑﺒﻠﺪات اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،ﻟﻢ أﻛﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ ،أﻓﻜﺮ ﻓﻲ أن أﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﻴﻮﻻﺗﻲ
اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎﺳﺒﻨﻲ ،ﺑﻞ وﳒﺤﺖ ﻓﻲ أن أﻏﻨﻲ ،ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ ،ﻣﻌﺰوﻓﺔ
اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﻐﻨﺎء ﻣﺸﻮارا ﻣﻬﻨﻴﺎ.
ﻣﺘﺪاوﻟﺔ ،وﻗﺘﺬاك ،ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ وﻫﻲ "أﻣﺪام ﺳﺮﻳﻲ أﺛﺎي" ﻛﻠﻤﺎت ﻫﺬه
اﻷﻏﻨﻴﺔ ﺳﺨﻴﻔﺔ ﺟﺪا ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺎﻋﻔﺘﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻃﺎﳌﺎ ﳝﻜﻦ ﻏﻨﺎءﻫﺎ ﺑﻮﺗﺮ ﺑﻌﺪ ﻓﺮاﻏﻲ ﻣﻦ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ،إﺛﺮ ﻋﻮدة أﺑﻲ
ﻣﻨﻔﺮد .أﻗﻀﻲ أﻳﺎﻣﻲ وأﻧﺎ ﻻأﻛﻒ ﻋﻦ ﺗﺮدﻳﺪﻫﺎ اﻟﻰ ﺣﺪ ﺗﻜﺴﻴﺮ آذان ﻛﻞ ﻣﻦ اﳌﻬﺠﺮ ﺳﻨﺔ ، 1972أﺷﺘﻐﻞ ﻃﺒﺎﺧﺎ ﻓﻲ إﻋﺪادﻳﺔ ﺑﺂﻳﺖ دواﻻ ﻋﺎﺻﻤﺔ
اﶈﻴﻄﲔ ﺑﻲ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻬﺎ أو أﻧﻐﺎﻣﻬﺎ .ﻟﻢ أﻋﺪ أﻃﻴﻖ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ وﻟﺪت ﺑﻬﺎ ،ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﺮ اﻹﻋﺪادﻳﺔ ﻋﻤﻼ ﻟﻲ ﻓﺸﻐﻠﻨﻲ
.ﻋﻼﻗﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻻﻻت اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻠﺒﺔ اﻟﻘﺼﺪﻳﺮﻳﺔ . ﻓﻲ اﳌﻘﺘﺼﺒﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ دﻧﺎﻧﻴﺮ ﻟﻠﺸﻬﺮ ،ﺑﺆس ﻣﺎ ﺑﻌﺪه ﺑﺆس ،ﻛﺎن
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻣﺎﻣﻲ ﺧﻴﺎر آﺧﺮ إذا ﻛﻨﺖ ﻣﻌﺪﻣﺎ وﺛﻤﻦ اﻟﻘﻴﺜﺎرة اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﺴﺎوي ﺛﻤﻦ ﻛﻴﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺒﻠﻎ 70اﻟﻰ 80دﻳﻨﺎرا ،ﻳﻨﺤﺼﺮ
،وﻗﺘﺌﺬ ،ﺛﺮوة ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ وﻛﺎن ﻋﻤﺮي ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮات . ﻋﻤﻠﻲ اﳉﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ أوراق ﻃﻠﺒﺎت ﳑﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺷﻌﺮ
41 40
ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻲ . ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﳌﻮاﻟﻴﺔ ،أذﻛﺮ أﻧﻲ أﺣﻴﻴﺖ ﺣﻔﻼ ﺣﺘﻰ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻛﺎن
اﳉﻤﻬﻮر اﳊﺎﺿﺮ ﻏﻔﻴﺮا وأﻏﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻪ اﳊﺎﻧﺎ ﲤﺜﻞ آﺧﺮ ﺗﻘﻠﻴﻌﺔ ﻓﻲ
ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻛﺎن اﻟﺸﻴﻮخ ﻳﺪﻟﻮﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺠﺎل اﻟﻐﻨﺎء ،ﺷﺠﻌﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا وﻛﻨﺖ ،ﻳﺨﻴﻞ اﻟﻲ ،أﻏﻨﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﺑﺄس
اﳌﻘﺎﻣﺎت اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ واﺳﺘﻈﻬﺮﻫﺎ ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻲ ،أﻋﺘﺎدت آذﻧﺎي ﻋﻠﻰ
ﺑﻪ .
ﺳﻤﺎع اﻷﻧﻐﺎم ،اﳌﻤﻴﺰة وﳒﺤﺖ ﻓﻲ إﻧﺸﺎد ﻗﻄﻊ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ رﻏﻢ ﺗﻌﻘﺪﻫﺎ
اﻟﻨﺴﺒﻲ .ﻟﻢ أﺣﺘﻔﻆ ﺑﻬﺬا اﳌﺎﻧﺪول إﻻ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة .ﻛﻨﺖ ﻣﺪﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ، 1972ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ،ﻻأﻛﻒ ﻋﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ
ﻟﻌﺐ اﻟﻮرق وﺿﻴﻌﺖ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﻘﺎﻣﺮة أﺟﺒﺮﺗﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻴﺜﺎرة و اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ وﻛﺎن أﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺒﺮ أﻣﻲ اﻟﺘﻲ أﺿﻨﻴﺘﻬﺎ
ﻻﺑﻦ ﻋﻤﻲ ،ﻋﺎﻧﻴﺖ ﻛﺜﻴﺮا ﺟﺮاء ذﻟﻚ ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪي ﺧﻴﺎر آﺧﺮ .اﳌﺴﺄﻟﺔ وﻗﺪ رﻣﺖ ،ﻣﻨﺬ ﻣﺪة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺑﻘﻄﻌﺘﻲ اﻟﻘﺼﺪﻳﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﺮف .م ﻳﻌﻠﻢ أﺑﻲ ﺑﺬﻟﻚ اﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﳑﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﻴﻪ أﻧﻪ أﲤﻠﻰ ﺑﺈﻋﺠﺎب ﺷﻴﻮخ ﺑﻠﺪﺗﻲ وﺑﺨﺎﺻﺔ أﺣﺪﻫﻢ اﻟﺬي ﺑﺤﻮزﺗﻪ ﻣﺎﻧﺪوﻻ وﻫﻲ
اﺷﺘﺮاه ﺑﺜﻤﻦ ﺑﺎﻫﻆ ﻟﻜﻦ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﳌﺎدﻳﺔ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻗﻨﺎ ﺑﺄن اﻵﻟﺔ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ .أﻧﻈﺮ اﻟﻴﻪ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال ﻣﺸﺪوﻫﺎ
ﻗﻴﻤﺘﻪ اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﳌﻴﺰان .أدرﻛﺖ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ اﻟﻌﻤﻞ وﻣﺴﺤﻮرا .ﻋﺎد أﺑﻲ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻨﺔ 1972ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻃﻴﻠﺔ
؟ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻔﺦ ،ﻛﻨﺖ ﻣﻮزﻋﺎ ﺑﲔ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ اﳌﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ اﳌﻘﺎﻣﺮة اﻟﺬي 39ﺳﻨﺔ .وﻗﺮر اﻟﻌﻮدة اﻟﻰ ذوﻳﻪ ﻷﻧﻪ آن اﻵوان ،ﻗﺒﻞ ﻋﻮدﺗﻪ ﺑﺄﺳﺎﺑﻴﻊ
ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻲ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﻪ واﻟﻌﺬاب اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺳﺒﺒﻪ ﻟﻮاﻟﺪي اﳊﻖ أﻧﻲ ﻣﻌﺪودة ،اﻧﻄﻠﻘﺖ اﳊﻔﻼت ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻨﺎ .أﺑﻲ :ﻛﻨﺖ أﻋﺮﻓﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎد ،ﻟﻢ
ﻛﺮﻫﺖ ﻧﻔﺴﻲ . ﻳﻜﻦ ﺑﲔ ﻇﻬﺮاﻧﻴﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت أﻛﺒﺮ .أﻣﻲ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻠﺖ ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻨﺎ أﻧﺎ
وﺷﻘﻴﻘﺘﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ .ﻛﻨﺖ أﺗﻠﻬﻒ ﻟﺮؤﻳﺘﻪ وﺧﺼﻮﺻﺎ أﻧﻪ وﻋﺪﻧﻲ ﺑﺄن ﻳﺤﻤﻞ
ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﳌﻮاﻟﻴﺔ ،ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺜﺎرة أﺧﺮى وﺑﺪأت ﻓﻲ إﺣﻴﺎء
ﻟﻲ ﻣﻌﻪ ﻫﺪﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ .أﻧﺘﻈﺮه ﻋﻠﻰ أﺣﺮ ﻣﻦ اﳉﻤﺮ .ﻣﺎ أن وﻗﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ
ﻣﻨﺘﻈﻢ ﳊﻔﻼت .إن اﻟﻐﻨﺎء واﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﺟﺰء ﻻﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ
ﻋﻴﻨﺎي وﻫﻮ ﻳﻨﺰل ﻣﻦ اﳊﺎﻓﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻬﻤﺖ أﻧﻪ ﺣﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻫﺪﻳﺔ ﻫﻲ آﻟﺔ
وﺳﻜﻨﺎ ،دوﻣﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻲ .
اﳌﺎﻧﺪول .أﺷﺘﺮاﻫﺎ ﻋﻨﺪ "ﻳﻮل ﺑﻮﺷﺮ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وأﺳﻔﻞ اﻹﺳﻢ
ﻛﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻳﻐﻨﲔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت .أﻣﻲ ﺗﻘﻀﻲ ﻛﻞ أﻗﺮأ "ﻧﻬﺞ ﺑﻮﻣﺎرﺷﻴﻪ ،ﺑﺎرﻳﺰ " ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﻛﺎن اﳊﺪث ﲟﺜﺎﺑﺔ زواج .
وﻗﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء وأﺑﺴﻂ ﺣﺪث ﻗﺪ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﻰ ﺣﻔﻠﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
آﻟﺘﻲ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻷوﻟﻰ أﺗﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﺎرﻳﺰ وﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻏﺮق ﻓﻲ اﻷﺣﻼم
اﻟﻰ ﻃﺮب وﻏﻨﺎء .
.اﻵﻟﺔ راﺋﻌﺔ ،ﻟﻬﺎ ﻋﺸﺮة أوﺗﺎر وﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ ﺻﻘﻴﻞ ﻟﻢ أﻛﻦ
وﻟﻠﻐﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻪ ﻳﺤﻜﻲ ﻋﻦ اﻟﻬﺠﺮة ،ﻟﻮﻋﺔ اﻟﻔﺮاق أﻋﺮف ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻲ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻫﻤﺖ ﻋﺸﻘﺎ ﺑﻘﻴﺜﺎرﺗﻲ ﺣﺎﻻ .ﺗﺨﻴﻠﺖ
واﳌﻐﺎدرة ،اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﺎﳋﺎرج ﺳﻮاء ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ أن واﻟﺪي أﻓﺮغ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻴﻮﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻮد ﻟﻴﻘﺘﻨﻲ ﻟﻲ ﻫﺬه اﻵﻟﺔ .ﻓﻲ
أو ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ووﻫﺮان ﺗﺘﻐﻨﻰ اﻟﻨﺴﺎء ،داﺋﻤﺎ ،ﺑﻬﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ اﳌﺆﺛﺮة اﻟﺒﺪء ،ﻟﻢ أﻛﻦ أﻗﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮد اﻹﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺧﺪش ﺧﺸﺒﻬﺎ أو
واﳊﺰﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﲢﻜﻲ ﺳﻮى ﻋﻦ ذﻫﺎب اﻟﺰوج أو اﻷب أو اﻷخ . ﻛﺴﺮ أﺣﺪ أوﺗﺎرﻫﺎ أو ﻳﺪﻫﺎ أذﻛﺮ أﻧﻨﻲ أﻣﻀﻴﺖ ﺳﺎﻋﺎت وﺳﺎﻋﺎت وأﻧﺎ أﲤﻼﻫﺎ
.ﻓﻌﻼ أﻏﻮﺗﻨﻲ .ﻫﻲ أﺣﺴﻦ ﻫﺪﻳﺔ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ وواﻟﺪي ﻫﻮ اﻟﺬي
43 42
ﻫﻮ ذا ﻣﻨﺒﻊ ﺛﻘﺎﻓﺘﻲ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ أﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ﻓﺄﻋﺘﺮف أﻧﻨﻲ ﺗﻐﻨﻲ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻨﺪﻧﺎ دوﳕﺎ أدﻋﺎء أو ﺗﺼﻨﻊ ﻳﻌﺒﺮن ﻋﻦ أﺣﺎﺳﻴﺴﻬﻦ
ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﻔﻜﻴﻚ أﺑﺴﻂ ﻧﻮﺗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي ،ﻟﻦ أﲤﻜﻦ ﻣﻦ دوﳕﺎ ﻣﻮارﺑﺔ وﺑﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻬﻦ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻨﻲ
ﲤﻴﻴﺰ اﳊﺎﻧﻲ اﳋﺎﺻﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﻘﻄﻴﻊ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﻜﺘﻮب ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ واﻟﺪﺗﻲ ،أﺣﺲ أن ﻫﺎﻟﺔ ﻣﻼﺋﻜﻴﺔ ﺗﻠﻒ ﺻﻮﺗﻬﺎ ورﻧﺔ ﳑﻴﺰة ،ﻛﻠﻤﺎت أﻏﺎﻧﻴﻬﺎ
أﻋﺘﻤﺪت ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ أذﻧﻲ ،أﺧﺬ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ وأﺣﺎول أﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻏﻤﺎت ﺛﻢ ﻣﺤﺘﺸﻤﺔ ﺟﺪا ﻟﻜﻦ ﻧﺘﺒﲔ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻌﺎﻧﺎة واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻓﻘﺪاﻧﺎت ﻋﻤﻴﻘﺔ ،
أﳊﻦ ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ أﻣﺎ أﻏﻨﻴﺔ وﻷﻧﻨﻲ ﺗﻌﻮدت ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻓﻘﺪ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻏﻴﺎب واﻟﺪي وﺗﺨﻔﻲ ذﻟﻚ وﻻ ﺗﺘﺸﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﺻﺮاﺣﺔ وأﻣﺎم
أﺳﺠﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﺎﻏﻤﺎت ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ وأﺣﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ ﻫﻨﺎك .أوﻓﻖ ﺑﲔ اﻷﻧﻐﺎم اﳌﻸ .
واﻟﺼﻮت وﻻ أﺳﺘﻌﻤﻞ ﻗﺪ ﻳﻔﺎﺟﻰء ﻫﺬا ﺑﻌﺾ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﲔ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ
ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻲ ،أﻟﻬﻤﻨﻲ ﻋﺪد ﻻﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻦ اﳌﻐﻨﻴﲔ ،أﺧﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ
أﺳﺘﻌﻤﻞ أﺑﺪا ،ﻣﻌﻴﺎر اﻟﻨﻐﻢ ﻻﻋﻠﻢ ﻟﻲ ﲟﻘﺎم
ﻣﻨﻬﻢ "ﺗﻠﻮا" وﻛﺎن ﺷﺨﺼﺎ ﻓﺮﻳﺪا ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ وأدﻣﻦ اﻹﺳﺘﻤﺎع اﻟﻴﻪ
) (LAوأﺟﻬﻞ اﻟﻔﺮق ﺑﲔ ) (SOLو ) (FAﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻏﺮﻳﺒﺔ .ﻣﺎت وﻫﻮ ﻓﻲ رﻳﻌﺎن ﺷﺒﺎﺑﻪ .أدﻳﻦ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻟﻜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﺳﻮاء
ﻋﻨﻲ .ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻏﻨﻲ أﻣﺎم اﳉﻤﻬﻮر ﻛﻞ ﻣﺎ أﻃﻠﺐ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻣﻨﻬﻢ أو ﻣﻐﻤﻮرا ﻛﻤﺎ أﻋﺘﺮف ﺑﺎﳉﻤﻴﻞ ﻟﻮاﻟﺪﺗﻲ وﻟﻜﻞ
ﺗﻐﻨﻲ ﻣﻌﻲ ﻫﻲ أن ﺗﺴﺎﻳﺮ ﺻﻮﺗﻲ أﺳﺘﻐﻠﺖ دوﻣﺎ وﻓﻖ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ وﺑﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮدت ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ﻟﻠﻴﺎل ﻃﻮال .
ﺳﺠﻠﺖ اﺳﻄﻮاﻧﺎﺗﻲ .ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﺮارا :آن اﻵوان ﻷﺗﻌﻠﻢ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ أوﻇﻔﻬﺎ ﻓﻲ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ أﻏﻨﻲ ﻫﻲ ﺗﻜﺮﱘ
وﻓﻖ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﻟﻜﻨﻲ ﻗﺪرت أن ﻫﺬا اﻹﻛﺮاه ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ .ﻫﺬه اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﺑﻨﻈﺮي ،أﺳﺎﺳﻴﺎن .ﻏﺎﻟﺒﺎ
اﻷﻣﺮ ،إﺣﺮاﺟﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﺬ ﺑﻴﺪي ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻄﻮر وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ أﻏﻨﻲ أﳊﺎﻧﺎ ﺷﻨﻔﺖ أﺳﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ أو أﻏﻨﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻗﺪﳝﺔ
ﺷﻞ ﻗﺪراﺗﻲ ﺗﺨﻠﻴﺖ إذا ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮة وأﻧﺎ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﺣﺎل ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻟﻢ أﺗﻠﻖ ﻣﻀﻴﻔﺎ اﻟﻴﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﻋﺼﺎرة ﲡﺎرﺑﻲ ﻓﻲ اﳊﻴﺎة .أﻋﺘﻘﺪ أن
ﺗﻌﻠﻴﻤﺎ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺣﺪس أﺣﺪﻫﻢ ﺣﲔ ﻳﺮﺗﻜﺐ زﻟﺔ أﺛﻨﺎء أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺰج ﺑﲔ اﻟﻘﺪﱘ واﳉﺪﻳﺪ .
اﻟﻐﻨﺎء أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﺜﺎرة ﻓﻲ وﺿﻊ ﻧﺸﺎز ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻐﺮﻳﺰة
ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻲ أن درﺳﺖ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻄﺮب .وﻓﻲ اﳊﻔﻼت اﻟﺘﻲ
ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ .ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ أﻳﻀﺎ ﻟﻴﺴﺖ أﻣﺘﺜﺎﻟﻴﺎ ﺑﻞ وﻣﺘﻤﺮدا ﻋﻠﻰ
أﺣﻴﻴﻬﺎ ﻻ أﻋﺘﻤﺪ ،ﺑﺘﺎﺗﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮأ ،ﻻ
اﻟﻘﻮاﻧﲔ واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﳌﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻃﺎﳌﺎ أن اﻷﻣﻮر ﺗﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻲ
ﺷﻲء ﻣﻦ ﻫﺬا .أﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻷذن وﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺤﺴﺐ وﻗﺪ أﻛﺘﺴﺒﺖ أذﻧﺎ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ أﻃﺮح أﺳﺌﻠﺔ .
ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺮط إﺳﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺸﻴﻮخ اﻷﻏﻨﻴﺔ ،وﺣﻀﻮري ﻟﻸﻣﺴﻴﺎت
ﻗﺮرت ذات ﺻﺒﻴﺤﺔ اﻹﻧﻄﻼق ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻐﻨﺎء وﺣﻤﻠﺖ ﻣﻌﻲ اﳉﻨﺎﺋﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺪ ﻓﻴﻬﺎ واﻟﺪﺗﻲ ﻣﺮﺛﻴﺎت ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ راﺋﻌﺔ وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ
اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺘﻬﺎ أﺛﻨﺎء وﺑﻌﺪ اﳋﺪﻣﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ وﺑﻌﺾ اﳌﻌﻄﻴﺎت أﻏﺎﻧﻲ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻌﺒﺪﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷزﻣﺔ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﳊﻴﺎة
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻮل اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﺧﻴﻞ ﻟﻲ أن ﻛﻞ اﳊﻔﻼت اﻟﺘﻲ أﺣﻴﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ واﳌﻤﺎت .ﻫﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﺗﺮاﺛﻨﺎ وﺗﻐﻨﺖ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻠﻨﺎ أﺟﻴﺎل
ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻫﻲ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﳒﺎح ﻟﻢ ﻻ أﺣﺎول ﺑﺄﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى؟ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻣﺜﻼ ؟ ﻛﺎن وأﺟﻴﺎل ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﻮان .
ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ 1978وﻛﺎن ﻟﺰاﻣﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﳌﻐﺎدرة اﻟﺘﺮاب
45 44
ﺑﺼﺤﺒﺘﻲ ﺻﺪﻳﻖ اﺳﻤﻪ رﻣﻀﺎن .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﺎ ﻻﻗﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻼ وﺣﻄﻄﺖ اﻟﺮﺣﺎل ب . Haute de SAVOIE
ﳒﺎح ﺷﺠﻌﻨﻲ .ﻟﻢ أﻛﻦ أﺻﺪق ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮا اﻻ أﻧﻪ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﻌﻜﺲ وأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ أﻣﺮا ﺑﺴﻴﻄﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﳌﺘﻮﺳﻂ ﻣﺜﻠﻲ إﻻ أﻧﻨﻲ
ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻰ أن أواﺻﻞ .ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻋﺮﻓﻨﻲ ﺑﺒﺈﻳﺪﻳﺮ واﺳﻤﻪ ﺳﻤﻌﺖ أن اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺗﻀﻢ ﺟﺎﻟﻴﺔ ﻗﺒﺎﻳﻠﻴﺔ ﻻ ﺑﺎس ﺑﻬﺎ وﻛﻨﺖ ﻋﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ
اﳊﻘﻴﻘﻲ ﺷﺮﻳﺖ ﺣﻤﻴﺪ .ﺧﻤﻦ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻣﺆﻫﻞ ﻷذﻫﺐ أﺑﻌﺪ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺼﺎﺋﺤﻪ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ إن واﺟﻬﺘﻨﻲ ﺻﻌﻮﺑﺎت .وﺻﻠﺖ اﻟﻰ Annemasseﻋﺪﱘ
ﻟﻲ وازﻧﺔ اﻳﺪﻳﺮ ﻣﺸﻬﻮر وﻗﺘﺌﺬ ﺑﺄﻏﻨﻴﺘﻪ "ﺑﺎﺑﺎء ﻳﻨﻮﻓﺎ" )أي :اﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب( وﻗﺪ اﳊﻴﻠﺔ واﳋﺒﺮة .ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻌﺒﺘﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ﺣﻮل اﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ
ﻃﺒﻘﺖ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ اﻵﻓﺎق ﻣﻨﺬ أول أﺗﺼﺎل ،اﻋﺘﺒﺮﺗﻪ ﳕﻮذﺟﺎ وﻗﺪوة . اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻬﻮﻳﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺼﺮاﺣﺔ ،وﺣﺪﻫﺎ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ
اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻲ.
دﻋﺎﻧﻲ ﻓﻲ إﺣﺪى ﺣﻔﻼﺗﻪ ﺑﺎﳌﻮﺗﻴﺎ ﻟﻴﺘﻲ ﻟﻠﻐﻨﺎء وﻛﺎن ذﻟﻚ أول
ﻇﻬﻮر ﻟﻲ أﻣﺎم اﳉﻤﻬﻮر ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻛﻨﺖ ،ﻓﻌﻼ ﺳﻌﻴﺪا أو ﻣﺘﺄﺛﺮا .ﺻﻔﻖ )أﳕﺎس( ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻀﺞ ﺑﺎﳊﻴﺎة وﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﻘﺎﻫﻲ
ﻟﻲ اﳉﻤﻬﻮر ﺗﺼﻔﻴﻘﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺣﺎرة .وﻓﻲ ﻫﺬا اﳊﻔﻞ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺮﻣﺰي ﻛﺜﻴﺮة وإﺣﺪاﻫﺎ ﲟﻠﻜﻴﺔ رﺟﻞ ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ ذات ﻣﺴﺎء ﻏﻨﻴﺖ ﺑﻬﺎ اﳌﻘﻬﻰ
اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ )ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻋﺰام( و )ﺣﻨﻴﻔﺔ( وﲢﺪﺛﺖ ﻣﻌﻬﻤﺎ :ﻛﻨﺖ وﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﳌﺎل وأﻧﺎ أﻛﺎد ﻻ أﺻﺪق ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ 4000ﻓﺮﻧﻚ
أﻃﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح .ﻫﻤﺎ اﻵن ﻣﺘﻮﻓﻴﺎن ﻋﺰام ﻣﺎت ﺑﺴﺮﻃﺎن ﻓﻲ اﳊﻨﺠﺮة ﻓﺮﻧﺴﻲ .ﻟﻢ أﺻﺪق ﻋﻴﻨﻲ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻲ أن ﺷﺎﻫﺪت ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﺒﻠﻎ
ﻗﺒﻞ ﻋﻘﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ وﻛﺎن ﻧﻈﺎم ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﻗﺪ أﺟﺒﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻲ ﻷن أﻏﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ اﳌﺎل وﻓﻮق ذﻟﻚ ،رﺑﺤﺘﻪ ﻣﻦ أﻏﻨﻲ ﻏﻨﻴﺘﻬﺎ .
ﺗﻨﺘﻘﺪ ﻧﻈﺎم ﺣﻜﻤﻪ .اﻣﺎ ﺣﻨﻴﻔﻪ اﳌﻠﻘﺒﺔ ب "اﻟﺼﻮت اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻟﻸﻏﻨﻴﺔ
أذﻛﺮ أﻧﻨﻲ ﻋﻤﺪت ،ﻣﺮارا وأﻧﺎ ﺑﻐﺮﻓﺘﻲ اﻟﻰ إﺣﺼﺎء ﻫﺎ اﳌﺒﻠﻎ ،ﻓﻘﺪ
اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ" ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺗﺖ وﻫﻲ ﻣﻨﺴﻴﺔ ﻣﻦ اﳉﻤﻴﻊ ﻟﻢ ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺘﻬﺎ
ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﺧﺎرﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎدة ﻓﻌﻼ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﺘﻌﻄﺸﻲ اﻟﻰ اﳌﺎل ﺑﻞ
اﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﺑﺄﻳﺎم ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﻔﻨﺪق ﺑﺎﺋﺲ ﺑﺈﺣﺪى ﻧﻮاﺣﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ
ﻻﻧﺒﻬﺎري اﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ ان اﻟﻐﻨﺎء ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻌﻼ إﻧﺸﻐﺎﻟﻲ
ﺣﺰﻳﻨﺔﻓﻌﻼ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻠﺒﻞ اﻟﻐﺮﻳﺪ .ﻟﻴﺮﻗﺪا ﺑﺴﻼم ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﳌﺸﺎرﻛﺔ
اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ .
اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻟﻴﻜﻦ ﰎ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻣﺎ ﻏﻨﻴﺘﻪ ﻓﻲ إﺳﻄﻮاﻧﺔ ﺣﻘﻘﺖ
ﳒﺎﺣﺎ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،أﻗﺘﻨﻌﺖ ﺑﺸﻲء واﺣﺪ ﻻ ﺛﺎﻧﻲ ﻟﻪ :أﻋﺸﻖ اﻟﻐﻨﺎء وأﺑﺘﻐﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ زادا ﺛﺮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻗﺮرت اﻟﺴﻔﺮ اﻟﻰ
أن أﺗﺨﺬه ﻣﻬﻨﺔ ﻟﻲ . ﺑﺎرﻳﺲ .ﻫﺎ ﻫﻮ ﺣﻠﻤﻲ اﻟﻘﺎدم ﻓﻲ ﻃﻮر اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﺎ أن وﻃﺌﺖ ﻗﺪﻣﺎي أرﺿﻬﺎ
ﺣﺘﻰ ﺑﺪأت أﻏﻨﻲ ﻓﻲ اﳌﻘﺎﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺮدد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻬﺎﺟﺮون ﻛﺜﺮ .أﲡﻪ اﻟﻰ
ﺑﻌﺌﺬ ،ﺗﺴﻠﺴﻠﺖ اﻷﺣﺪاث ﲤﻠﻜﻨﻲ إﻧﻄﺒﺎع ﻛﻮن ﺷﻲء ﺧﺎرق ﻟﻠﻌﺎدة
اﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮة ﺑﺤﻲ ﺑﺎرﻳﺲ واﻟﻰ اﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ
ﻓﻲ ﻃﻮر اﳊﺪوث وﻟﻢ أﻋﺪ أراﻗﺐ ﺷﻴﺌﺎ أو أﻧﺘﺒﻪ ﻟﺸﻲء ﻧﻌﻢ ،ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ
ﺷﺎرع )ﻛﺮاﻓﻴﻠﻲ( وﻳﻀﻊ ﻟﻲ اﳉﻤﻬﻮر ﻧﻘﻮدا ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻨﻴﺔ .ﻏﻨﻴﺖ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ
ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﺮود اﻟﻰ ﺣﺪ أﻧﻨﻲ ذﻫﺒﺖ ﺿﺤﻴﺔ ﻧﺼﺐ وﻧﻬﺐ ﳉﻬﻠﻲ
16ﺷﺎرﻋﺎ ﻓﻮﻟﺘﺎ ﺑﺎﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻷﻣﻮر ﺗﺴﻴﺮ ﺟﻴﺪا ﻛﻤﺎ
اﻟﻜﺎﻣﻞ ﲟﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي وﳉﺘﻪ ﻟﻠﺘﻮ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﳌﺎل ﻫﻮ
ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ )اﳕﺎس( ﻟﻜﻦ ﻛﻨﺖ ﺳﻌﻴﺪا )ﺑﺎرﻳﺰ( ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ )ﻫﻮت
ﺷﻐﻠﻲ اﻟﺸﺎﻏﻞ .ﻛﻞ ﻣﺎ أﺑﺘﻐﻴﻪ ﺣﻘﺎ ،ﻫﻮ أن أﻏﻨﻲ وأﺳﺠﻞ ﻣﺎ أﻏﻨﻴﻪ .
دوﺳﺎﻓﻮا( ﻓﺒﺒﺎرﻳﺰ اﳌﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﻠﻰ أﺷﺪﻫﺎ .
أﺻﺪرت ﺷﺮﻳﻄﲔ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺞ ﻟﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﲡﺎرﻳﺔ إﺳﻤﻬﺎ "أزواو" وﻗﺪ أﻏﻠﻖ
47 46
ﻣﺤﻠﻪ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺳﻠﻤﻨﻲ 3000ﻓﺮﻧﻚ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ
ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺸﺮﻳﻄﲔ ﻓﻲ ﺣﲔ ﺣﻘﻘﺎ ﳒﺎﺣﺎ ﻛﺒﻴﺮا وﻟﻢ أﺣﺼﻞ ،ﻗﻂ ﻋﻠﻰ
ﺣﻘﻮق اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ .ﻛﻨﺖ ﻣﻐﻔﻼ وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﻣﻮﻛﻞ وأﺟﻬﻞ ،ﲤﺎﻣﺎ ،ﻛﻴﻒ
ﺗﺴﻴﺮ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻨﺎء ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻫﺬا اﳉﻬﻞ
اﺳﺘﻐﻼﻻ ﻓﻈﻴﻌﺎ .
49 48
ﻣﺤﻠﻪ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺳﻠﻤﻨﻲ 3000ﻓﺮﻧﻚ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ
ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺸﺮﻳﻄﲔ ﻓﻲ ﺣﲔ ﺣﻘﻘﺎ ﳒﺎﺣﺎ ﻛﺒﻴﺮا وﻟﻢ أﺣﺼﻞ ،ﻗﻂ ﻋﻠﻰ
ﺣﻘﻮق اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ .ﻛﻨﺖ ﻣﻐﻔﻼ وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﻣﻮﻛﻞ وأﺟﻬﻞ ،ﲤﺎﻣﺎ ،ﻛﻴﻒ
ﺗﺴﻴﺮ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻨﺎء ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻫﺬا اﳉﻬﻞ
اﺳﺘﻐﻼﻻ ﻓﻈﻴﻌﺎ .
ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﻬﺎ ،ﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﻮﻟﻮد ﻣﻌﻤﺮي ،اﻟﻜﺎﺗﺐ واﳉﺎﻣﻌﻲ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﻲ 20اﺑﺮﻳﻞ ، 1980ﺗﻌﺮض اﻟﺮﺑﻴﻊ
،ﻳﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻘﺎء ﻛﺮﺳﻲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ،اﻟﺬي ﻳﻠﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ دروﺳﺎ ، اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ اﻟﺬي ﻧﻈﻤﺘﻪ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻟﻘﻤﻊ ﻋﻨﻴﻒ وﻫﻮ
ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﳉﺰاﺋﺮ .ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﺒﺮه ﻗﺪوة ﻟﻨﺎ ،إﻧﻪ ﻛﺎﺗﺐ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮﻧﻲ اﻻ اﻧﻪ ﺑﺬل ﻣﺎ ﻟﻢ ﳝﻨﻌﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﺮ ﻗﺪﻣﺎ اﻟﻰ اﻷﻣﺎم وﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ اﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا .
ﺟﻬﻮدا ﺟﺒﺎرة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﻏﺪى ﺟﻴﻠﻨﺎ ﺑﻜﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ،ﲢﻮل
اﻟﻰ رﻣﺰ وﻣﺎ ﻳﺪرﺳﻪ ﺑﺎت ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮ اﻟﺮﻋﺐ اﻟﺴﺎﺋﺪ آﻧﺬاك
،ﻛﺎن ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﻧﺎدرة ﻟﻺﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﺗﺪرﻳﺲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ،وﺗﻌﺮﺿﺖ
دروﺳﻪ ﻟﺘﻬﺪﻳﺪات ﻣﺘﻜﺮرة .
49 48
ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث ،ﺗﻮﺗﺮ ﺧﻔﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﺗﻪ ﻏﻨﺎﺋﻲ ﺑﺎﻷوﳌﺒﻴﺎد وﺧﻄﻮﺗﻲ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ دون إدراك ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻌﻮاﻗﺐ اﺣﺘﺠﺎﺟﻬﻢ أو ﻟﻨﻘﻞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻳﻬﻤﻬﻢ
اﻟﻐﻨﺎء ﺑﺒﺎرﻳﺰ ﻛﻨﺖ ﳑﺰﻗﺎ ﺑﲔ رﻏﺒﺘﻲ اﳉﺎﻣﺤﺔ ﻓﻲ أن أﻛﻮن ﺑﲔ ﻇﻬﺮان أﺑﻨﺎء .ﲡﻤﻌﻮا ﺣﻮل ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻴﺰي وزو ودﻋﻮا اﻟﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮة ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ،
ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ واﻟﺘﺰاﻣﻲ اﻟﻔﻨﻲ . ﺣﺪث ذﻟﻚ ﻳﻮم 11ﻣﺎرس 1980ﻣﻨﺬ اﻹﺳﺘﻘﻼل ﺳﻨﺔ ، 1962اﻋﺘﺒﺮت ﻫﺬه
اﻟﺘﻈﺎﻫﺮة اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﳉﺮاﺋﺪ وﻧﻈﻤﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
ﻏﻨﻴﺖ أﻣﺎم اﳉﻤﻬﻮر وﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ إرﺗﺪاء ﺑﺬﻟﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺣﺘﻰ أرﻣﺰ
اﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﺨﻮض ،ﻓﻌﻼ ﻣﻌﺮﻛﺔ ،وﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﻀﺎﻣﻨﻲ ﻣﻊ أﻫﻠﻲ إﻧﻄﻠﻘﺖ ﺷﺮارة اﻹﺣﺘﺠﺎج ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻴﺰي وزو وأﻣﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ
اﻟﺬﻳﻦ ،أﻋﺘﻘﺪ ،ﺑﺎﻧﻬﻢ دﺧﻠﻮا ﻓﻌﻼ ،ﻓﻲ ﺣﺮب ﻗﺒﻞ أن أﻏﻨﻲ أﻏﻨﻴﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﻋﻤﻮم ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .أﺿﺮﺑﺖ اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺎت وﺗﺪﺧﻞ
،ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﳉﻤﻬﻮر اﻟﺘﻮﻗﻒ دﻗﻴﻘﺔ ﺻﻤﺖ ،ووﻗﻒ اﳉﻤﻴﻊ دﻗﻴﻘﺔ ﺻﻤﺖ اﻟﻄﻼب ﳊﻤﻞ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺘﺤﺎق ﺑﻌﻤﻮم اﳌﻮاﻃﻨﲔ وﺷﻜﻠﺖ ﳉﺎن
ﻛﺎﻣﻞ .ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ذﻟﻚ ،ﻧﻈﻤﺖ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ﻳﻘﻈﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺸﻚ ان اﻟﻨﻈﺎم ﺳﻴﻘﻮم
ﺗﻈﺎﻫﺮة أﻣﺎم ﺳﻔﺎرة اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﺒﺎرﻳﺲ وﻛﺎﻧﺖ ،ﺣﻴﻨﺬاك ،اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﲔ اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﺮد ﻓﻌﻞ ﻧﻈﺮا ﻟﻠﺘﻄﻮرات اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ اﻷﺣﺪاث .
وﺑﺎرﻳﺲ ﳑﺘﺎزة ﳑﺎ ﺣﺬا ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻨﻌﻬﺎ .
ﻓﻲ ﻳﻮم 16اﺑﺮﻳﻞ ،ﺣﺼﻞ إﺿﺮاب ﻋﺎم ﺷﻞ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﻷول
ﻓﻔﺮﻧﺴﺎ ﻻ ﺗﻄﻴﻖ "اﻟﻔﻮﺿﻰ" ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ .أﻋﺘﻘﻠﺘﻨﺎ اﻟﺸﺮﻃﺔ وأﻋﺘﻘﻠﺖ
ﻣﺮة ﻣﻨﺬ اﻹﺳﺘﻘﻼل ،ﻗﺎﻣﺖ إﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺿﺪ اﳊﻜﻢ اﻟﺬي ﻳﺰﻋﻢ
ﻣﻌﻨﺎ ﻣﺎرة ﻋﺎﺑﺮﻳﻦ وذﻫﺒﺖ ﺑﻨﺎ اﻟﻰ ﻓﺎﻧﺴﺎن ﺣﻴﺚ وﺿﻌﺘﻨﺎ ﺑﺰﻧﺎزن ﺣﺸﺮ ﻓﻲ
ﺑﺈﻧﻪ ﺳﻠﻴﻞ اﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﻂ إﻋﺠﺎب ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻞ
ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ 40ﺷﺨﺼﺎ ﺛﻢ إﻧﻬﺎﻟﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ .
وﳕﻮذﺟﺎ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ .اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺳﻠﻄﺖ اﻷﺿﻮاء ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﺑﻠﻐﻨﻲ إن اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮي إﻟﺘﻘﻂ ﺻﻮرا ﻋﻦ ﻫﺬه ﻓﻴﻤﺎ ﻟﺰﻣﺖ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺼﻤﺖ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ
اﻟﺘﻈﺎﻫﺮة ،وﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺪﻋﻴﺖ ﻣﺮارا اﳊﺰب اﻟﻮﺣﻴﺪ .
،ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻲ اﻟﻰ ﻣﻄﺎر اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة واﻟﻘﻤﻊ اﻟﺬي
ﺑﻌﺪ أرﺑﻌﺔ أﻳﺎم ﻣﻦ إﻧﻄﻼق اﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ،أﻋﻄﻴﺖ اﻷواﻣﺮ ﻟﻠﺠﻴﺶ
أﻋﻘﺒﻬﺎ ﻗﺎﺳﻴﺎن ﺟﺪا ،ﻟﻢ أﻓﻬﻢ ﻟﻢ ﺗﺼﺪت اﻟﺴﻠﻄﺎت ،ﺑﻌﻨﻒ ،ﳊﺮﻛﺘﻨﺎ
ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻬﺠﻮم ﻟﻴﻠﺔ 19و 20اﺑﺮﻳﻞ ،أﺧﺬ ﻳﻔﺘﺶ ﻛﻞ ﺑﺆر اﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺔ
واﳊﺼﻴﻠﺔ ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 400ﺟﺮﻳﺢ ،ﺟﺮوح ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺧﻄﻴﺮة ﺟﺪا .ﺧﺮﺟﺖ
ﺑﻄﺮق ﺗﻌﺴﻔﻴﺔ :اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺎت واﳉﺎﻣﻌﺔ واﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻛﻤﺎ أن ﻋﻨﺎﺑﺮ اﳊﻲ
اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث وﻫﻲ ﺗﻨﺰف دﻣﺎ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ
اﳉﺎﻣﻌﻲ دﻣﺮت ﻋﻦ آﺧﺮﻫﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻤﺎت ﻣﺌﺎت اﳉﺮح
ﺗﻌﺮف ﺑﺎﻟﺮﺑﻴﻊ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ ﻛﺎﻧﺖ إﻧﻄﻼﻗﺔ ﻟﻌﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺣﺪث ﺷﻲء ﺟﺪﻳﺪ ﻻ
وﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﺴﻔﺮ وﻻ ﻋﻦ ﻗﺘﻴﻞ واﺣﺪ ! ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﻫﺬا اﻟﻘﻤﻊ اﻷﻫﻮج
رﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻫﻮة ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺷﻘﺖ وﻻ ﺷﻲء ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن
،إﻋﺘﻘﻠﺖ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﳌﺌﺎت ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص .ﺗﺎﺑﻌﺖ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ .أﻛﻴﺪ أﻧﻨﺎ ﺗﺮاﺟﻌﻨﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺧﻴﺎر آﺧﺮ .إﻻ أﻧﻨﺎ
ﻷﻧﻬﺎ ﺻﺎدﻓﺖ وﺟﻮدي ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ اﻟﺘﻬﻢ اﻟﺼﺤﻒ إﻟﺘﻬﺎﻣﺎ ﺑﺤﺜﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ
أﻛﺜﺮ ﻗﻮة .ﲢﺪﻳﻨﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﻊ اﻟﺸﺮس ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ
اﻷﺧﺒﺎر وأﻗﻀﻲ وﻗﺘﻲ ﻓﻲ اﻹﺗﺼﺎل ﻫﺎﺗﻔﻴﺎ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻃﻤﻌﺎ ﻓﻲ اﳊﺼﻮل
اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ .
ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﺠﺪات أوﻻ ﺑﺄول .ﻛﻨﺖ ﻣﺘﻮﺗﺮا ﺣﺪ اﻟﺴﻌﺎر ﻟﻌﺪم ﻣﺸﺎرﻛﺘﻲ
51 50
ﺧﻄﻴﺮ ﺟﺪا .ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻧﺒﺎدر ﺑﺎﻟﺘﺤﺮك اﻟﺴﺮﻳﻊ ﺳﻴﻜﻮن اﻷوان ﻗﺪ ﻓﺎت وﻫﻮ وإذا ﺟﺎزت اﳌﻘﺎرﻧﺔ ،ﺻﺢ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن 20اﺑﺮﻳﻞ 1980ﻫﻮ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻣﺎ أﻛﺪﺗﻪ اﻷﺣﺪاث اﳉﺎرﻳﺔ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺗﺄﻛﻴﺪات ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ . ﳉﻴﻠﻲ اﳌﻌﺎدل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻨﻮﻓﻤﺒﺮ 1954ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺑﻲ ،أي اﳋﻄﻮات
اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ إﲡﺎه اﻹﺳﺘﻘﻼل 20 ،اﺑﺮﻳﻞ ﻳﺮﻣﺰ اﻟﻰ ﺟﻴﻞ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ،ﺟﻴﻞ ﻣﺎ
ﳌﺎذا ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻹﻋﺘﺮاف ﺑﻬﻮﻳﺘﻨﺎ ؟ ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﳕﺘﻠﻚ ﺷﻴﺌﺎ آﺧﺮ ﻏﻴﺮﻫﺎ
ﺑﻌﺪ اﳊﺮب اﻟﺬي اﻧﺘﺾ ﺿﺪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪد اﳋﻨﺎق ﻋﻠﻴﻪ .ﺗﻠﻘﻴﻨﺎ
أﻛﺎﻓﺢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺟﺬوري وﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻀﻮﻳﺔ .أﻧﻈﺮ اﻟﻰ
ﻷول ﻣﺮة ﺿﺮﺑﺎت اﻻ أﻧﻨﺎ أدرﻛﻨﺎ ﲤﺎﻣﺎ أﺳﺒﺎب ذﻟﻚ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ
ﺑﻠﺪي ،ﻓﻬﻲ ﻛﻘﻄﻌﺔ ﺣﺠﺮ ﻓﺼﻠﺖ ﻓﺼﻼ ﻋﻦ ﻛﺘﻠﺘﻬﺎ اﻷﺻﻞ .ﻧﺤﻦ
إﳊﺎﺣﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻬﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺎن ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ .ﻓﻤﻨﺬ
اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ﻧﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺟﻴﻮ-ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﳊﺪود اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ وﲤﺘﺪ
ﺣﺼﻮل اﳉﺰاﺋﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻘﻼل وﻣﻮﺿﻮع اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻫﺬا ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺗﺎﺑﻮ ﺗﺮى ﻓﻴﻪ
ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ اﻟﻰ اﳌﻐﺮب .
اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﻬﺎ .ﻳﻮم 20اﺑﺮﻳﻞ ،وﻗﻔﻨﺎ وﻗﻔﺔ رﺟﻞ واﺣﺪ ودﺧﻠﻨﺎ
ﺑﻔﻀﻞ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ اﳌﻌﺮﻛﺔ وﻋﺎﻳﺸﺖ ،ﺷﺨﺼﻴﺎ ،ﻫﺬه اﶈﻄﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﻛﻮﻻدة ﺟﺪﻳﺪة .
ﲤﻠﻤﻞ اﻷﻣﺎزﻳﻎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى وﺑﺪأوا ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺴﺒﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ اﻷﻣﺎزﻳﻎ
ﺳﻮاء ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻷوراس وﻣﺰاب واﻟﻄﻮارق واﻟﻬﻮﻏﺎر أو ﻓﻲ وﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﺬﻛﺮاه ﻛﻞ ﺳﻨﺔ .ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ أﻋﻮد اﻟﻰ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻷﺣﺘﻔﻞ
اﳌﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺪرك ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ إﻧﺘﻔﺎﺿﺘﻨﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻓﺘﺤﻨﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﺬﻛﺮى ﻣﻊ اﳌﺌﺎت ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﳊﺎﺿﺮﻳﻦ دوﻣﺎ وﺗﺘﺰاﻳﺪ أﻋﺪادﻫﻢ
إﻧﺒﻌﺎث ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﻐﺮب اﻟﻜﺒﻴﺮ .ﻣﺎ ﻳﺠﺐ اﻹﻋﺘﺮاف ﺑﻪ ﻫﻮ أن وﺟﻮدﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺎق ﺷﺒﺎن ﺟﺪد ﺑﺎﳊﺮﻛﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ
اﳉﻐﺮاﻓﻲ ﺷﺎﺳﻊ وﻳﺠﺐ اﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﳌﺆﺳﺴﺎﺗﻲ .ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻪ ﲟﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻻﻳﺘﺠﺎوز ﻋﻤﺮﻫﻢ 20ﺳﻨﺔ وﻛﺎﻧﻮا ،ﻋﻨﺪ إﻧﺪﻻع
اﻟﻮاﻗﻊ ،إن اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺗﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﳌﻐﺎرﺑﻲ أﺣﺪاث "ﺗﺎﻓﺴﻮت" ﻻ ﻳﺘﺠﺎوزون اﻟﺴﺘﺔ رﺑﻴﻌﺎ .
ﺑﺮﻣﺘﻪ ﺑﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺘﻮﺳﻄﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ﺑﺈﻋﺘﺒﺎره ﻣﻌﻨﻰ ،ﻫﻮ
ﺗﺨﺘﺘﻢ اﳌﻈﺎﻫﺮات ﲟﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ .ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺮﺑﻴﻊ ﻧﻔﺴﻪ
اﻵﺧﺮ ،ﺑﻬﺬه اﳊﺮﻛﺔ .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،وﺧﺎرج اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ، 1994ﻛﺎن ﻣﻠﻌﺐ ﺗﻴﺰي وزو ﻣﻠﻴﺌﺎ ﻋﻦ آﺧﺮه ﺑﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺣﺎﺷﺪة
ﻟﻬﺬا اﻹرﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،أﺷﻌﺮ ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﺑﺄن ﻗﻀﻴﺘﻲ واﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ
وﻫﻮ ﻣﺎﻳﻌﻄﻲ ﺻﻮرة ﻋﻦ ﻋﻴﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ .ﻏﻨﻴﺖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺿﺪ
ﺷﻲء واﺣﺪ ذﻟﻚ أن ﻣﺸﺎﻋﺮا ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص ﺗﺸﺪﻧﻲ اﻟﻰ ﻫﺬه اﳌﻨﻄﻘﺔ .
اﻹرﻫﺎب وﻋﻦ إﻏﺘﻴﺎل اﳌﺜﻘﻔﲔ ﻣﻦ ﻟﺪن اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ اﻟﺪﻳﻨﻴﲔ وﻋﻦ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ
إذا وﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺪث أو أﳌﺖ ﺑﻬﺎ ﻛﺎرﺛﺔ وﻟﻢ أﻛﻦ ﻣﻮﺟﻮدا ﻓﻲ ﻋﲔ اﻟﺴﻮداء اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﺘﺄ ﺗﺘﻌﺪد ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﻳﻮم .ﺷﺠﺒﺖ ﲡﺎوزات اﻟﺴﻠﻄﺔ
اﳌﻜﺎن ،ﺗﻘﺘﻠﻨﻲ اﳌﻌﺎﻧﺎة ﺟﺮاء ذﻟﻚ ﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻤﺮﻫﺎ زﻫﺎء وﻏﻨﻴﺖ ﺿﺪ ﲤﺎﻃﻞ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ي ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻷﻋﻤﻰ ﻟﻠﻤﺘﻄﺮﻓﲔ
أرﺑﻌﲔ ﺳﻨﺔ .أرض اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻣﻼذي وﻣﻬﺪي وﻋﺰاﺋﻲ :إﻧﻬﺎ اﳌﻜﺎن اﻷوﺣﺪ .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻐﻀﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ ﲡﺪﻫﻢ
اﻟﺬي أﺣﺲ ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺑﺨﻴﺮ . ﻳﻘﻤﻌﻮن ﻣﻄﺎﻟﺒﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻗﻤﻌﺎ ﻻ ﻫﻮادة ﻓﻴﻪ .
أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺸﺪﻧﺎ اﻟﻰ ﺑﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ وﺧﺼﻮﺻﺎ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺪق ﻧﺎﻗﻮس اﳋﻄﺮ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ وأﻋﻠﻨﺎ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﻴﻮم
53 52
اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻳﺪﻋﻰ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ أن ﻣﺆﺳﺴﻴﻬﺎ ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ واﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺨﻮﺿﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺒﻘﺎء .ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ
ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﳌﻮﺣﺪي .وﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺳﻠﻴﻠﻲ اﻟﻨﺒﻮة ﻓﻘﺪ وﺣﻤﺎﻳﺔ ﳑﺘﻠﻜﺎﺗﻨﺎ واﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﻨﺎ .ﻻ أﻧﻮي اﻹﺳﺘﻘﺎﻟﺔ .ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث
ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﻌﻮن ﻧﺼﺐ أﻋﻴﻨﻬﻢ ﻫﺪﻓﺎ واﺣﺪا ﻫﻮ أﺳﻠﻤﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .ﲤﺎرس ﻫﻨﺎك ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ﻷﻧﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ إن اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺬي ﲢﺮزه اﻟﻨﺰﻋﺔ
أﻣﻬﺎﺗﻨﺎ وﺟﺪاﺗﻨﺎ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻦ .ﻟﺬا ﲡﺪﻫﻦ ﻳﻠﺠﺄن ،ﻛﺜﻴﺮا ،اﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﻮرة ﻋﻠﻴﻨﺎ .ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ،ﺗﺆﻛﺪ
اﻟﺰواﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﺳﺬاﺟﺘﻬﻦ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﺑﺈﳝﺎﻧﻬﻦ وأﻓﻜﺎرﻫﻦ .وﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺷﻬﺎدات ﺿﺤﺎﻳﺎ اﻟﻌﻨﻒ اﻹﺳﻼﻣﻲ أن ﺗﺸﺎؤﻣﻨﺎ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﺮره ،اﳋﻄﺮ ﻣﺤﺪق
اﻟﻀﺮوري اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻛﺘﻬﺎ وﺑﺄي ﺛﻤﻦ ، ،ﻓﺈن اﻟﻘﻴﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺰواﻳﺎ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ أﺑﻮاﺑﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﻮارىء .أﺳﻤﻊ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﻘﻮل ﺑﺄن
،ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺳﺨﺮة ﻛﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳌﺎء وﻗﻄﻊ اﳌﻌﺮﻛﺔ اﻟﺪاﺋﺮة رﺣﺎﻫﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻗﺪ ﺗﺆدي ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﻰ ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ
اﳊﻄﺐ وﺟﻠﺐ اﻟﻄﻌﺎم وﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻳﺤﺼﻠﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮﻛﺔ اﳌﺰﻋﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ أو ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺟﻬﻮﻳﺔ .أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺄرى اﻟﻌﻜﺲ .أرى أن ﻋﻠﻰ اﳉﻬﺎت اﻷﺧﺮى أن
ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻬﻦ اﳊﺮز وﺣﺴﻦ اﻟﻄﺎﻟﻊ .ﻫﻜﺬا ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰواﻳﺎ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﲢﺬو ﺣﺬوﻧﺎ أﻣﻼ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻼ ﻧﺨﻠﻂ اﻷوراق وﻧﺸﻮه اﳌﺸﻜﻼت
ﻟﻌﻬﻮد وﻋﻬﻮد ﺑﻞ وأﻓﺴﺪت أﺧﻼق ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ اﺘﻤﻊ وﻻﺗﺰال .ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﻘﺒﻮل ﲟﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻗﺒﻮل ﺗﻌﺎﻳﺶ ﻣﺰﻋﻮم ﺑﲔ
ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﲟﻨﺎﻃﻖ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ . اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ،اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻷرﻋﻦ واﻟﻌﻨﻴﻒ ﻣﻦ
ﺟﻬﺔ وإﺳﻼم آﺑﺎﺋﻨﺎ وأﻣﻬﺎﺗﻨﺎ اﻟﺬي ﻣﺎرﺳﺘﻪ ﻋﻮاﺋﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻘﺮون ﻟﻦ
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﻮي أﺣﺪ اﻟﺘﺼﺪق ﺑﻘﺪر ﻣﻦ اﳌﺎل ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻠﻤﻪ ،ﻣﺒﺎﺷﺮة ،
ﻳﻠﺘﻘﻴﺎ إﻃﻼﻗﺎ .ﳒﺤﻨﺎ ،ﻓﻌﻼ ،ﻓﻲ دﻣﺞ إﺳﻼم ﻣﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ،
اﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺬي ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء .وﻃﺎﳌﺎ أن اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻓﺈن
اﻻ أن اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺎت ﻟﻦ ﻳﻘﺒﻠﻦ ﻣﺎﺣﻴﲔ – ﻃﺮح اﻟﻔﺴﺘﺎن اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ
اﻟﺸﻴﻮخ ﻓﻲ اﻟﺰواﻳﺎ ﻻ ﻳﺨﻀﻌﻮن ﳊﺴﻴﺐ أو رﻗﻴﺐ .
واﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﺑﺎﳊﺠﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻟﻦ ﻧﺘﻨﺎزل ﻗﻴﺪ أﳕﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﺎل .ﻛﻴﻒ
ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،راﻛﻢ اﻟﺸﻴﻮخ ﺛﺮوات ﻫﺎﺋﻠﺔ وأﺣﺘﻠﺖ اﻟﺰواﻳﺎ إن ﻋﻠﻰ ﳝﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ وﺟﻮد ﻣﻌﺎﻗﻞ ﻟﻺﺳﻼﻣﻴﲔ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ؟ أذﻫﺐ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ
اﳌﺴﺘﻮى اﻹﻗﺘﺼﺎدي أو اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻫﺎﻣﺔ .أﻣﺎ ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ ﻓﻘﺪ وأﻗﻮل ،إﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺰاﻳﺪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺧﻄﺮ .ﻟﻠﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ،ﻻ
أﺳﺘﻐﻠﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﻷﻧﻪ رأى ﻓﻴﻬﺎ وﺳﻴﻄﺎ ﺑﲔ اﻟﺴﻜﺎن واﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة ،ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،اﻟﻰ اﻟﻮراء .
.وﻫﻨﺎ ﺳﺎﻓﺘﺢ ﻗﻮﺳﺎ ﻷﻗﻮل :ﻣﻨﺬ اﻹﺳﺘﻘﻼل وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻮزراء ﻣﻦ أﺻﻞ
ﻳﻌﻮد وﺟﻮد أدﻏﺎل ﻟﻺﺳﻼﻣﻴﲔ ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﻰ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ
ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ ﻫﻢ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﺰواﻳﺎ ،وﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﻣﺤﺾ ﺻﺪﻓﺔ .ﻛﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ
دﻋﻢ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﺗﺘﺸﻜﻞ ،ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺗﺒﺎع
اﻟﻴﻬﻢ ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا ﻫﻢ "اﻟﺴﻠﻄﺔ" وﻣﻜﻨﺘﻬﻢ ﻫﺬه اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ
اﻟﺰواﻳﺎ .ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،ﺗﺴﺘﺄﺛﺮ اﻟﺰواﻳﺎ وأﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺑﻘﺴﻂ واﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ
إﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ،إن ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺰواﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت
اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺗﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﺎل اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻻ أن ﺑﻌﺾ ﺗﻨﻄﻌﺎﺗﻬﺎ
واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﺑﻔﻀﻞ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ اﻟﺘﻲ دأﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﺠﺐ
ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺮﺗﺎﺑﻮن ﻓﻲ أﻣﺮﻫﺎ وﻳﺄﺧﺬون ﻣﺴﺎﻓﺔ إزاء اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ
ﻫﻴﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ ﺗﺎﺑﻮ ،ﻋﺎدت ﻟﻠﻈﻬﻮر ،ﻟﻸﺳﻒ وﺑﻘﻮة
ﻏﺮار اﻟﻔﺮق اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺗﺪﻳﻦ ﻫﺬه اﻟﺰواﻳﺎ ﻓﻲ وﺟﻮدﻫﺎ ﻟﻠﻬﺒﺎت واﻷﺿﺎﺣﻲ
أﻛﺒﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﻷزﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺰ اﻟﺒﻠﺪ .واﻷﻣﺮ ﻳﺰداد
واﻷﻣﻮال واﳌﺆن اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺎس .ﻳﺮﻗﻰ وﺟﻮدﻫﺎ اﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ
ﺧﻄﻮرة إذا ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺄن اﻟﺮواﺑﻂ ﺗﺘﻮﺛﻖ .وﻫﺬا ﺷﻲء ﻣﺆﻛﺪ .ﺑﲔ ﺑﻌﺾ اﻟﺰواﻳﺎ
55 54
ﻳﻄﺄ ﺑﺄﻗﺪاﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﻨﺎ .أﻧﺎ أﻋﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻏﻨﻴﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﺷﺎﻋﺮ وآﺧﺮون وﺷﺒﻜﺎت اﻹرﻫﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ .ﻓﺎﻹﺳﻼﻣﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻧﻘﺎط دﻋﻢ
ﻳﻔﻌﻠﻮن اﻟﺸﻲء ذاﺗﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .إن ﺣﺪث اﺧﺘﻄﺎﻓﻲ واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺬي ﻓﻲ اﻟﻘﺮى ﻳﺴﺨﺮون اﻟﺰواﻳﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض .وﺳﺄﻋﻮد اﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ
ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻨﻪ ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ .ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﻮن ﻣﺘﻔﻘﻮن ﻣﻊ ﻣﺎ أداﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .اﻟﻮاﻗﻊ ﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ ،وأﺣﺐ ﻣﻦ أﺣﺐ وﻛﺮه ﻣﻦ ﻛﺮه ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻮل أن
واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ أﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﺒﺆوا ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﳌﺸﻬﻮدة ﺮد ﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ﺛﻤﺔ ﻋﺎﺋﻼت ﻛﺒﻴﺮة ﺗﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ زواﻳﺎ ﲤﻮل اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ .ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،
ﺑﺈﺧﺘﻄﺎﻓﻲ .اﺧﺮﺟﻮﻧﻲ ﻣﻦ اﳉﺤﻴﻢ وﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ واﺣﺪة . ﻣﻌﺎﻗﻞ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻣﻌﺎﻗﻞ ﻟﻠﺰواﻳﺎ .
أرﻣﺰ ﻓﻲ أﻋﲔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي أﻧﺘﻌﻲ إﻟﻴﻪ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻷﻣﻞ . ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﲔ إذا أن ﻳﻘﺎوﻣﻮا ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ﺟﺒﻬﺎت :
ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻜﻞ اﳊﻔﻼت اﻟﺘﻲ أﺣﻴﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ﻻ أﺣﺼﻞ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﳌﺘﻄﺮﻓﻮن واﻟﺰواﻳﺎ .ﳊﺴﻦ اﳊﻆ أن اﻷﻣﻮر ﺗﺘﻄﻮر ول ﺑﺒﻂء .
ﻓﻠﺲ ﻷﻧﻨﻲ أرﻓﺾ ذﻟﻚ .ﻻأﺣﺲ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺠﻮز ﻟﻲ ذﻟﻚ .ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﻤﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻋﻠﻰ إﻧﺪﻻع اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﻷوﻟﻰ
أن أﻏﻨﻲ ﳉﻤﻬﻮري اﻟﺬي ﻳﺤﺒﻨﻲ ،واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أﻋﺒﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ أدرك اﻟﻨﺎس أن اﳋﻄﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻬﺪدﻫﻢ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ .
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺄﻧﻨﻲ أﺑﺎدﻟﻪ ﺣﺒﺎ ﺑﺤﺐ ،ﻫﻮ أن أﻏﻨﻲ ﻟﻪ ﻣﺠﺎﻧﺎ . ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ اﳌﺴﺘﻌﺠﻠﺔ ﺗﻔﺮض اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻠﻘﺪ ﻗﺮرت ﻗﺮى ﻋﺪﻳﺪة
ﺗﻨﻈﻴﻢ ﳉﺎن ﻟﻠﻴﻘﻈﺔ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺄﻛﺪ اﳋﻄﻮرة ﻳﻨﻈﻢ اﻟﻘﺮﻳﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ
ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﻏﻨﻴﺖ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ﲟﻘﺎﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت اﻟﻨﺎدرة ،
ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺻﻐﻴﺮة وﻋﻨﺪ ﻗﺪوم اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺸﻜﻠﻮن دورﻳﺎت ﻟﻠﺤﺮاﺳﺔ وﻫﻢ
ﻓﻐﻨﻨﻲ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺗﺒﺮع ﺑﺎﳌﺪاﺧﻴﻞ ﳉﻤﻌﻴﺔ أو ﻟﻌﻤﻞ ﺧﻴﺮي .اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﻮن
ﻣﺴﻠﺤﻮن ﺑﺒﻨﺎدق ﺻﻴﺪ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻰ ﺣﺮب اﻹﺳﺘﻘﻼل اﻟﻮﻃﻨﻲ .ﻫﺬه
ﻳﺘﻤﺎﻫﻮن ،ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻲ .ﻛﻨﺖ دوﻣﺎ ﻣﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻮل اﳊﺮة
اﻟﻠﺠﺎن ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻟﺖ دون ﺣﺪوث ﻫﺠﻤﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻟﻠﺘﺤﺰب اﻟﻀﻴﻖ واﻟﻮﻻءات اﻟﺼﻐﻴﺮة وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻛﺎﻧﺖ
اﳌﺴﻠﺤﺔ ،واﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ واﻓﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻮم اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﻫﺬه
دوﻣﺎ ،ﻣﻌﻘﻼ ﻟﻠﺘﻤﺮد ﺿﺪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ،اﳌﻌﺮﻛﺔ واﻟﻜﻔﺎح ﺛﺎﺑﺘﺎن
اﻟﻘﺮﻳﺔ أو ﺗﻠﻚ ﺗﺼﺪت ﻹرﻫﺎﺑﻴﲔ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻔﻼﻧﻲ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ اﳊﺎﻟﻲ
أﺳﺎﺳﻴﺎن ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻨﻲ أﻣﺜﻞ "أﺳﻄﻮرة
ﻓﺄﻣﺎم ﻋﺠﺰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺴﻜﺎن ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ أن ﻳﻬﺒﻮا ﻟﻠﺪﻓﺎع
ﺣﻴﺔ" ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻹﻋﺘﻘﺎد ﺷﻲء ﻣﻦ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ إﻻ أن اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺮون
ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ .
ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻲ ﻗﺪوة ﻟﻬﻢ .ﻟﻢ اﺧﻒ أﺑﺪا اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﻴﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ
ﺣﻴﺎﺗﻲ واﻟﻔﺘﺮات اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺘﺰﺗﻬﺎ وﺣﺘﻰ زﻻﺗﻲ ﻟﻢ أﺧﻒ أﺑﺪا ﻋﻠﻰ إﻧﻨﺎ ﻣﻬﺪدون ﻓﻲ وﺟﻮدﻧﺎ وﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻛﺮاﻣﺘﻨﺎ وﺣﺮﻳﺘﻨﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ
ﺟﻤﻬﻮري اﻟﺸﺎب ﻛﻮﻧﻲ ﺳﺠﻨﺖ وأﻧﻪ ﻳﺘﻌﲔ اﳊﺬر ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷﻣﻮر اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء .ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﻴﺶ وﻧﻔﻜﺮ وﻧﻜﺘﺐ وﻧﻐﻨﻲ
ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻳﺪ . .ﻟﻠﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ اﳊﻖ ﻓﻲ اﳊﺮﻳﺔ ﲟﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺣﻖ إﺧﺘﻴﺎر اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪون ﺑﻬﺎ ﳑﺎرﺳﺘﻬﺎ وﻟﻨﺴﺎﺋﻬﻢ اﳊﻖ ﻓﻲ ﻋﺪم إرﺗﺪاء اﳊﺠﺎب ﻋﻨﺪ
ﻟﻠﺴﺠﻦ ﻋﻨﺪي اﺳﻢ وﻋﻨﻮان ، 42 :ﺷﺎرع ﻻ ﺳﺎﻧﻄﻲ ،ﺑﺎرﻳﺰ
ﺧﺮوﺟﻬﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻮﺗﻬﻦ .ﻧﺮﻳﺪ أن ﻳﻨﻤﻮ وﻳﺘﺮﻋﺮع أﺑﻨﺎؤﻧﺎ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺛﻘﺎﻓﻲ
،ﺑﻠﻮك د ،ﻗﻀﻴﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻜﺎن ﺷﻬﺮا ﻛﺎﻣﻼ وﻻ أﺣﺘﻔﻆ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻨﻬﻢ .ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻫﺬه اﳊﺮﻳﺔ ،ﻧﺤﺎرب اﻟﻴﻮم وﻣﺴﺘﻌﺪون
ذاﻛﺮﺗﻲ ﺑﺬﻛﺮى ﻣﺆﳌﺔ ﺟﺪا .اﳊﺪث ﺷﻴﻖ وﻳﺴﺘﺤﻖ اﳊﻜﻲ ﻓﻲ 1985ﻟﺪي
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎد .ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺟﻮد وﻻ ﺣﻖ ﻷﺣﺪ ﻓﻲ أن
57 56
إﻗﻨﺎﻋﻲ ﺑﺄن اﳌﻨﺘﺞ ﻣﺎت واﳊﺎل إﻧﻪ ﺟﺮح ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ،ﻧﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻋﻮﻳﺼﺔ ﻣﻊ ﻣﻨﺘﺞ دار دﻳﺴﻜﻮ اﻟﻠﻴﺰر اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻬﻨﻲ وﻳﺪﻳﻦ
اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ اﻟﻰ ﺳﺠﻦ ﻻﺳﺎﻧﻄﻲ .ﻛﻨﺎ أرﺑﻌﺔ ﻓﻲ زﻧﺰاﻧﺔ وﻛﻠﻨﺎ ﺟﺰاﺋﺮﻳﻮن ﻟﻲ ﲟﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻛﻨﺖ ﺑﺼﺪد ﺗﺴﺠﻴﻞ إﺳﻄﻮاﻧﺔ ﻓﻲ Nogent
،ﻣﺎ أن وﺻﻠﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺮﻓﻮا ﻋﻠﻲ وﺻﺎﺣﻮا "ﻣﻌﺘﻮب!" ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﻮم ، sur Marneوﻋﺪت ﻣﺘﺄﺧﺮا اﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺑﻔﻨﺪق ﻗﺮب ﺑﺎرﻳﺲ .ذات ﻣﺴﺎء
ﺑﺄﻋﻤﺎل ﺷﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎوب وﻟﻢ ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ أﺑﺪا أﻗﻮم ﺑﻬﺎ وﻳﺘﻮﻟﻮن ذﻟﻚ ﻣﻜﺎﻧﻲ وﺟﺪت اﳌﻨﺘﺞ ﻓﻲ إﻧﺘﻈﺎري ﺑﺎﻹﺳﺘﻘﺒﺎﻻت ،ﻓﻲ اﻟﻔﻨﺪق وﲢﺖ ﺑﺬﻟﺘﻪ ﻛﻨﺖ
.ﻧﺘﺤﺪث ﻛﺜﻴﺮا وﻧﺘﺒﺎدل اﻹﻧﻄﺒﺎﻋﺎت واﳋﻮاﻃﺮ .أﺣﻜﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ وﻣﺎ أرﻣﻖ ﺳﻜﻴﻨﺎ ﺷﺮع ﻓﻲ ﺷﺘﻤﻲ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻓﺮط ﻓﻲ اﻟﺸﺮب وﺣﺪﺳﺖ أن
ﻳﺠﺮي ﻓﻴﻬﺎ ،أﺣﺪ رﻓﻘﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﺰﻧﺰاﻧﺔ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ب 12ﺳﻨﺔ ﻗﺘﻞ ﺻﺪﻳﻘﺘﻪ اﻷﻣﻮر ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻳﺤﻤﺪ ﻋﻘﺒﺎه ﺑﺤﻮزﺗﻲ أﻧﺎ أﻳﻀﺎ ﺳﻜﲔ ﺑﻐﺮﻓﺘﻲ
وﻫﻲ ﺗﻬﻤﺔ ﻣﺎ ﻓﺘﻲء ﻳﻨﻔﻴﻬﺎ ،ﻧﺘﺪﺑﺮ أﻣﺮﻧﺎ ﻟﺘﺴﺨﲔ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻘﻬﻮة . اﻟﺘﻤﺴﺖ أﻋﺬارا ﻻﺣﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﻮﻧﻲ ﻻﺣﻈﺖ أن اﳌﻨﺘﺞ ﻟﻢ
ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺤﻮزﺗﻨﺎ ﻓﺘﺎﺋﻞ وﻫﻮ ﺷﻲء ﳑﻨﻮع ﺑﺎﳌﺮة ،إﻻ أن اﳊﺮاس ﻳﻐﻀﻮن اﻟﻄﺮف ﻳﻬﺪأ ﺑﻞ زاد ﻣﻦ إﺳﺘﻔﺰازه ﻟﻲ وﻛﺎن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺸﺮف ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻲ اﻟﺘﺪﺧﻞ .
ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻛﻨﺖ ﻗﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻲ وﻣﺎﻟﻲ وﺑﺎﻷﺧﺺ أﻧﻪ ﺗﻌﻮزﻧﻲ اﻷﺧﺒﺎر
ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺪق وﻓﻲ ﻳﺪ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺳﻜﻴﻨﻪ ،ﻛﺎن اﳌﺸﻬﺪ
ﺣﻮل ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺟﺮى ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻮز اﶈﺎﻣﻲ اﳌﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻲ ،ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه
ﺷﺒﻴﻬﺎ ﲟﺼﺎرﻋﺔ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ،ﻋﻨﺪ ﻣﺮور ﺳﻴﺎرة ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﺎ ﻋﺪﻧﺎ اﻟﻰ ﺻﻮاﺑﻨﺎ
اﻟﻔﺘﺮة ﻟﻢ اﳊﻦ وﻻ أﻏﻨﻴﺔ واﺣﺪة ،اﻹﻋﺘﻘﺎل ﺻﻌﺐ ﲢﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﻌﻮد
،ﻛﺄن ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﻣﺎ إن أﺑﺘﻌﺪت ﺣﺘﻰ أﺳﺘﺄﻧﻔﻨﺎ اﳌﺒﺎرزة ﺑﻘﻮة أﻛﺒﺮ
ﻋﻠﻰ اﳊﺮﻳﺔ واﻟﺘﺴﻜﻊ ﻟﻴﻼ ،ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻨﺎ اﳋﺮوج ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺔ اﻻ ﻣﺪة 15دﻗﻴﻘﺔ
،وﻓﻲ ﳊﻈﺔ ﻣﺎ وﻟﺮﲟﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﺮوﻧﺔ ﻣﻨﻪ ﻃﻌﻨﺘﻪ ﻓﻲ اﳊﻮض
وﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻘﻀﻴﻪ ﺑﲔ اﳊﺠﺮات اﳌﺘﺴﺨﺔ ﻟﻠﺰﻧﺰاﻧﺔ .
وﺳﻘﻂ ﻣﻀﺮﺟﺎ ﺑﺪﻣﺎﺋﻪ .
ﺑﻌﺪ ارﺑﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،اﺳﺘﺪﻋﺎﻧﻲ اﳌﺪﻳﺮ وﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﻜﻼم ﻻ ﻳﺼﺪق
ﻓﻘﺪت ﺻﻮاﺑﻲ ،وأﻃﻠﻘﺖ ﺳﺎﻗﺎي ﻟﻠﺮﻳﺢ ،ﺗﻮﺟﻬﺖ اﻟﻰ ﻋﻠﺒﺔ ﻟﻴﻠﺔ
":آﺳﻒ ﺗﺄﻛﺪوا ﺑﺄﻧﺎ ﻧﻘﺪرﻛﻢ ﻛﺜﻴﺮا ،ﺳﻮف ﺗﺬﻛﺮون اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﺘﻲ
ﻣﺤﺎوﻻ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺪث وﺻﻤﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدرة ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻓﻜﺮت ﻓﻲ
ﻗﻀﻴﺘﻤﻮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ،إﻧﻬﺎ ﲡﺮﺑﺔ ﻋﺎﺑﺮة ،أﺗﻌﺮﻓﻮن رﺟﺎل ﻋﻈﺎم ﻛﺜﺮ ﻣﺮوا ﻣﻦ
اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻰ "اﳕﺎس" اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻠﺔ أﺻﺪﻗﺎء وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻮﺟﻪ
ﺳﺠﻦ ﻻﺳﺎﻧﻄﻲ…" وأردف ﻗﺎﺋﻼ " :إﻧﻚ أﺳﺘﻌﺪت ﺣﺮﻳﺘﻚ وأن اﳌﺼﺎب
اﻟﻰ ﻣﻄﺎر ﺟﻨﻴﻒ ﻹﺳﺘﻘﻞ أول ﻃﺎﺋﺮة ﻓﻲ إﲡﺎه اﳉﺰاﺋﺮ .ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺒﺎﻛﺮ
ﺑﺠﺮوح ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻣﻌﺮوف ﺑﺠﺮاﺋﻤﺔ ،اﻟﻜﺜﻴﺮة واﳌﺘﻜﺮرة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ
،ﻗﻔﻠﺖ ﻋﺎﺋﺪا اﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻷﺣﻤﻞ أﻏﺮاﺿﻲ .ﲟﺮوري ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻘﺒﺎﻻت ،
ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻼح اﻷﺑﻴﺾ ".ﻟﻢ ﻳﻌﺜﺮوا ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء ﺿﺪي .
ﺧﻤﻨﺖ أن أﺷﻴﺎء ﻏﺮﻳﺒﺔ ﲢﺪث وﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻲ ﺑﻬﺎ .ﺻﻌﺪت اﻟﻰ اﻟﻐﺮﻓﺔ وإذا
أﺳﺘﻨﺸﻘﺖ أول ﻫﺒﺔ ﻧﺴﻴﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻐﺎدرﺗﻲ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺴﺠﻦ ، ﺑﻲ أﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗﺎ ﻳﻘﻮل "ﺣﺮﻛﺔ واﺣﺪة وﺳﺄﻓﺠﺮ ﻣﺨﻴﺨﻚ" ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل
وأﺣﺴﺴﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺄﻧﻨﻲ أﻛﺘﺸﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،داﻫﻤﻨﻲ إﺣﺴﺎس ،ﺗﺴﻤﺮت ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ وإذا ﺑﻲ أﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺷﺮﻃﻲ ﺑﺰي ﻣﺪﻧﻲ ﻛﺎن
ﻋﻤﻴﻖ أﻧﺎ اﻟﺬي ﻟﻢ أﻣﺾ ﻓﻴﻪ اﻻ ﺷﻬﺮا واﺣﺪا ،ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﲟﻦ ﻗﻀﻲ ﺑﲔ ﺑﺈﻧﺘﻈﺎري ﻗﻴﺪ ﻳﺪي وﻏﺎدرﻧﺎ اﻟﻔﻨﺪق ،وﻓﻲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﻜﺮاﻧﺪا
ﻗﻀﺒﺎﻧﻪ ﻋﺸﺮ أو إﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﺔ !. ﻛﺎرﻳﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة 18ﻇﻠﻠﺖ ﲢﺖ اﳊﺮاﺳﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ 48ﺳﺎﻋﺔ .ﻗﻴﻞ ﻟﻲ
ﻣﺮارا ،ﺑﺄن اﳌﻨﺘﺞ ﻟﻔﻆ أﻧﻔﺎﺳﻪ اﻷﺧﻴﺮة وأﻧﻨﻲ أواﺟﻪ 15اﻟﻰ 20ﺳﻨﺔ
ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻲ وﻻزاﻟﺖ ،ﻟﻢ أﺧﻒ أﺑﺪا اﻟﻔﺘﺮات اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﻣﻦ
ﺳﺠﻨﺎ .ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر ﻛﻨﺖ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻻ أﺣﺴﺪ ﻋﻠﻴﻪ .ﻟﺴﺖ أدري ﳌﺎذا أرادوا
59 58
ﳌﺎ ﻳﺤﺪث وﻳﺠﺮي ﻓﻘﺒﻴﻞ اﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻲ أﺣﺎدﻳﺚ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺣﺘﻰ أﻋﻄﻰ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﺻﻮرة ﻣﻨﻤﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ
اﻟﺸﻴﻮخ واﻟﺸﺒﺎن واﻟﺒﺴﻄﺎء ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﳌﻘﺎﻫﻲ وﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﻜﺎن آﺧﺮون ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ .أﻗﻒ أﻣﺎم ﺟﻤﻬﻮري ﻛﻤﺎ أﻧﺎ ﲤﺎﻣﺎ وﻛﻤﺎ ﻋﺸﺖ ﻛﻞ
أﺧﺘﻄﻔﺘﻨﻲ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ ،ﻛﻨﺎ ﻧﺨﻮض ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ، أﻃﻮار ﺣﻴﺎﺗﻲ ،أﻋﺘﺒﺮ ذﻟﻚ اﳊﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺬي أدﻳﻦ
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﻣﺨﺎوﻓﻬﻢ واﳌﺼﺎﻋﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻮﻧﻬﺎ ،ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﻪ ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻌﲔ اﻟﻲ .أﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄن اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺤﺒﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن
ﺣﻴﺚ ﻫﻢ ﻫﻨﺎك ،أﻋﺮف ﻛﻞ اﻟﻨﺎس وﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻨﻲ أﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﺟﻴﺪا ﺑﺄﻧﻲ أدرى اﻟﻨﺎس ﲟﺘﺎﻋﺒﻬﻢ ﺑﻞ وﻗﺪ ﻋﺸﺖ أﻧﺎ أﻳﻀﺎ ﻫﺬه اﳌﺘﺎﻋﺐ .
إﺑﻨﺎ ﳉﻤﺎﻋﺔ إﻧﺘﻤﺎﺋﻲ .ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣﺪث اﻟﻨﺎس ﻳﺪرﻛﻮن أﻧﻨﻲ أﺻﺪﻗﻬﻢ اﻟﻘﻮل ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﲤﻴﺪ ﺗﺰل ﺑﻪ ﻗﺪﻣﺎه ﻳﺪرك ﲤﺎﻣﺎ أﻧﻨﺎ ﻣﺪرك ،ﺑﺪوري ،ﳌﺎ ﻫﻮ
ﺑﻞ وﻗﺪ ﻳﺮون ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻲ ﻧﺎﻃﻘﺎ ﺑﺎﺳﻤﻬﻢ . ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻪ ،اﳌﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺘﺪارك واﻟﻌﻮدة اﻟﻰ اﳉﺎدة ،ﻳﻌﺮف اﻧﻪ ﺳﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ
،وﻻﺑﺪ ،ﻓﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ .
أﻋﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﻻﻳﺠﺮؤن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ ،أﺣﻤﻞ راﻳﺘﻬﻢ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﺑﺪﻓﺎﻋﻲ ﻋﻦ
اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﻤﻠﻬﺎ ﻛﻤﺸﻌﻞ .ﺳﺄﲢﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﻜﺤﻮل ،ﻻ أرى ﳌﺎذا ﻃﺮﻳﻘﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪد ﻓﻲ ﻣﻨﺤﻲ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﻬﻤﺸﲔ واﳌﻘﺼﻴﲔ .ﻫﻨﺎك
ﻳﺠﺐ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺸﺮب ﻷن ﻛﻤﺸﺔ ﻣﻦ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻔﺮض ﺷﺒﺎب ﻛﺜﻴﺮون أﺳﺮوا ﻟﻲ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ
ﻋﻠﻲ ﺷﺮﻳﻌﺘﻬﺎ ،ﻓﻜﻞ دﻳﺎﻧﺔ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻫﻲ ﻋﺎﺋﻖ أﻣﺎم ﺗﻘﺪم ،اﻻ أﺣﺪ ﻗﺎدر ﻋﻠﻲ اﻹﻧﺼﺎت اﻟﻴﻬﻢ وﺗﻔﻬﻤﻬﻢ .ﻟﺮﲟﺎ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ
اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻌﻘﻠﻴﺎت وﺗﺸﻞ ﺗﻄﻮر اﳌﻌﺎرف ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ زاﺧﺮ ﺑﺎﻷﻣﺜﻠﺔ :اﻟﻌﺼﺮ ﻳﺘﺄﺛﺮون ﺑﺎﺟﺮاس اﻟﺘﻄﺮف ،ﻳﻜﻔﻲ اﻟﻘﻠﻴﻞ ،أﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﺣﺖ ﳒﻌﻠﻬﻢ ﻗﺎدرﻳﻦ
اﻟﻮﺳﻴﻂ ﺣﺮوب اﻷدﻳﺎن ،ﻣﻮﻗﻒ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﻫﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ رﻧﻴﻨﻬﺎ وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻫﻮ اﻹﻧﺼﺎت اﻟﻴﻬﻢ .إﻧﺘﻬﻴﻨﺎ
ﺟﺮا ،اﻟﺪﻳﻦ ﻳﺴﺘﻐﻞ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ وﻻ أرﻳﺪ أن أﻛﻮن ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻹﺳﺘﻐﻼل . ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ "ﺳﺠﻦ ﻻﺳﺎﻧﻄﻲ" ﻓﻠﻨﻌﺪ اﻟﻰ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﺷﻌﺎري ﺗﺸﺒﻬﻨﻲ
ﻓﻲ ﻋﺪم اﻹﻧﻀﺒﺎط واﻹزﻋﺎج ،أﲢﺪث ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ،ﻣﻦ
ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻧﻘﺘﻞ اﻟﻨﺎس ،ﻳﻮﻣﻴﺎ ،ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ،ﻓﻬﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﺪم
اﳊﻴﺎة واﳊﺐ اﻟﻰ اﳌﻮت أﺗﻨﺎول ﻛﻞ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت وأﺷﺠﺐ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل
اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺮﻋﻮﻧﺔ .ﻛﻞ رﻣﻮز اﻟﺘﻘﺪم ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﲔ وأﻃﺒﺎء
اﻟﺸﻄﻂ ﻧﻌﻢ ،أﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻣﻐﻦ ﻣﻠﺘﺰم ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﻌﻨﻰ
وﺻﺤﺎﻓﻴﲔ وأﺳﺎﺗﺬة وﻧﺴﺎء راﻓﻀﺎت ﻟﻠﺤﺠﺎب ﺑﻞ وﻳﺴﺘﻌﺎن ﺣﺘﻰ
اﻹﻟﺘﺰام ،ﻫﻮ ﻧﻘﺪ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺰﻋﺖ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻲ وأﺣﺘﻘﺮت ﻫﻮﻳﺘﻲ
ﺑﺎﻻﻃﻔﺎل ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء ﻗﺘﻞ أﺷﺨﺎص أﻋﺰﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮا
وﺛﻘﺎﻓﺘﻲ وأرﻓﺾ أن ﲤﻠﻲ ﻋﻠﻲ أواﻣﺮﻫﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻊ اﻹﻟﺘﺰام ،اﺧﺘﻄﻔﻮﻧﻲ
ﻻ ﻟﺸﻲء إﻻ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻔﻜﺮون وﻳﻜﺘﺒﻮن وﻷﻧﻬﻢ ،ﻓﻌﻼ ،ﻋﻘﻮل ﺣﺮة أﺧﺺ
،ﻷﻧﻨﻲ أزﻋﺠﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻣﻨﻌﻮا ﺑﺚ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن واﻹذاﻋﺔ
ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻃﺎﻫﺮ ﺟﺎﻋﻮط أول ﺻﺤﺎﻓﻲ ﺳﻘﻂ ﺻﺮﻳﻊ رﺻﺎﺻﺎت
اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ اﳉﺰاﺋﺮ ،ﳑﻨﻮع أﻧﺎ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ
اﻹرﻫﺎب .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﺮﳝﻪ ﺗﻜﺮﳝﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﻏﻨﻴﺖ ﻷﺑﻨﺘﻪ اﻷﺻﻐﺮ ﻛﻨﺰا
اﻹﻋﻼم وﻟﻢ ﺗﺒﺚ أﺑﺪا واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﺴﻬﺮات اﻟﺘﻲ أﺣﻴﻴﺘﻬﺎ وﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن
ﺗﺨﻴﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻮﺗﺎ ﻳﺘﻮﺟﻪ اﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺎة ﻓﻲ رﺑﻴﻌﻬﺎ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ وراء
ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ،ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﻌﺠﺐ اﻟﻌﺠﺎب ﻓﻬﻮ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ .أﻧﺎ اﳌﻐﻨﻲ اﻷﻛﺜﺮ
ﺣﺠﺎب اﳌﻮت ،إﻧﻪ ﺻﻮت رﺟﻞ ﺛﺎﺋﺮ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﺪﻣﻮع أﻣﺎم ﻫﺬا
ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ وﳑﻨﻮع ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﳌﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ
اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﳝﺜﻞ اﻟﺒﺮاءة .ذﻫﺒﺖ ﻟﺰﻳﺎرة اﳌﺮﺣﻮم ﻓﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ
ﻓﻌﻼ .ﻳﻌﻮد ﳒﺎﺣﻲ اﻟﻰ ﻛﻮﻧﻲ أﺧﺎﻃﺐ اﻟﻨﺎس ،ﻣﺒﺎﺷﺮة وأﺻﻐﻲ اﻟﺴﻤﻊ
ﺑﻐﺮﻓﺔ اﻹﻧﻌﺎش وﺣﻀﺮت ﻣﺮاﺳﻴﻢ ﺗﺸﻴﻴﻊ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ،ﻟﻢ أﻃﻖ ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ اﳊﺰن
61 60
أﺟﻦ وﻛﺮﻫﺖ اﳉﻤﻴﻊ ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ أو ﻓﻲ أوﺳﺎط اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮه ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺼﺎدق ،ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ذو اﳋﺼﺎل اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ
اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻲ ﻛﺎن اﳊﻴﻒ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ رﻫﻴﺒﺎ اﻟﻨﺎدرة ﻗﺘﻠﻮه ! أﻧﻬﻢ ﻳﺒﺘﻐﻮن إﺳﻜﺎﺗﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ،
وﺣﺠﻢ اﻹﺳﺘﻔﺰاز ﻣﻬﻮﻻ .ﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ اﻟﺴﺒﻴﻞ ﻹﻓﻬﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون إﺧﺮاس اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﻞ وإﺳﻜﺎت اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ،ﻣﺼﻴﺮ
ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺎك ﺿﺪي ؟ اﻹﺷﺎﻋﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﻞ وﻫﻲ ﺧﺴﻴﺴﺔ ﺗﺮاﻫﺎ ﺷﻌﺐ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ،ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ارﻳﺪ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ
ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وأﻧﺖ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ إﻳﻘﺎﻓﻬﺎ وﺑﻴﺎن ﻣﺼﺎدرﻫﺎ وآﻟﻴﺎﺗﻬﺎ . أﻏﻨﻴﺔ :ﻛﻨﺰا .
ﺟﺮت اﻷﻣﻮر ﻛﻤﺎ ﺧﻄﻂ ﻟﻬﺎ .وأذﻛﺮ أﻧﻨﻲ ﺧﺮﻗﺖ ﻣﺮارا ،ﺣﻮاﺟﺰ أﻣﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ
ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أن أدﻓﻊ ﻏﺎﻟﻴﺎ ﺛﻤﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﻳﻮﻗﻔﻮﻧﻲ وﻳﻌﻠﻢ اﳉﻤﻴﻊ ﺗﻬﺎﻓﺖ ﻣﺎ ﻳﺮوج ﺣﻮﻟﻲ ﻣﻦ إﺷﺎﻋﺎت .أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ
ﻣﺪى ﺳﻨﲔ ﻛﺘﺒﺖ ﻛﻠﻤﺎت ﻷﻏﻨﻴﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺿﺪ اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﺑﻨﺠﺪﻳﺪ ﺳﻨﺔ
ﺗﻄﺎردﻫﻢ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن دون ﻛﻠﻞ وأﻧﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ أﺣﺪ .
1980وأﳌﺲ ﺑﺸﺨﺺ رﺋﻴﺲ اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ وﻗﺘﺬاك ،ﻳﻌﺎدل إرﺗﻜﺎب ﺟﺮﳝﺔ
ﻗﺪ أﻗﺒﻞ ﺣﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮة اﻻ ﻫﺬا اﳌﺎل ﺷﺮﻓﻲ وﻧﺰاﻫﺘﻲ ﻓﻲ اﳌﻴﺰان ﻟﻦ ﻛﺒﺮى .وﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ أﻋﺘﻘﻠﺖ وﻟﻢ ﳝﻨﻌﻨﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
أﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻟﻦ أﻗﺒﻞ ذﻟﻚ أﺑﺪا وﻫﻮ ﻣﺎ ﳒﺤﺖ وﻗﻮل ﻣﺎ أﻓﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﳉﺄت اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻣﻦ اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﻰ أﺷﻨﻊ
ﺣﻤﻼت اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ اﳌﺪروﺳﺔ واﶈﺒﻮﻛﺔ ﻓﻲ إﺷﺎﻋﺘﻪ ﻋﻠﻰ أوﺳﻊ ﻧﻄﺎق . اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﻤﺲ ﺑﺸﺨﺼﻲ ،إﻧﻬﺎ وﺳﻴﻠﺔ اﻟﺘﺸﻬﻴﺮ .
أﻟﻔﺖ أﻏﻨﻴﺔ ﻋﺒﺮت ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺤﻨﺘﻲ وأﻧﻄﻘﺖ ،ﻋﺒﺮﻫﺎ ،ﻣﺎﻳﺪور ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ، 1985ﻗﻴﻠﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻗﺎوﻳﻞ ﻋﻨﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ
ﺧﻠﺪ اﻟﻨﺎس ﺑﺨﺼﻮﺻﻲ ،ﺗﻘﻮل : ﻣﺼﺎدرﻫﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻨﺘﺸﺮ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻬﺸﻴﻢ .ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺸﺎﺋﻌﺔ
رﻫﻴﺒﺔ وﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﻘﻮل ﺑﺄﻧﻨﻲ أﻋﻤﻞ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة
-ﻟﻢ اﻋﺘﻘﻠﻮا ﻛﻞ ﻫﺆﻻء
ﺑﺎﻟﺬات اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﺗﻮﺗﺮا ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ،ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺤﻤﻠﺔ إﻋﺘﻘﺎﻻت
وأﻧﺖ ﺗﺮﻛﻮك ﻃﻠﻴﻘﺎ - ﻓﻲ أوﺳﺎط اﳌﻌﺎرﺿﲔ ﻣﻨﻬﻢ أﺻﺪﻗﺎء وأﻗﺮﺑﺎء ﻓﻲ ﺣﲔ ﻟﻢ ﺗﻄﻠﻨﻲ ﻳﺪ
اﻹﻋﺘﻘﺎل ﺑﺪأت ﺷﻮﺷﺮات ﺗﻌﻠﻮ ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ﻣﺘﺴﺎﺋﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ وراء
أﻧﺖ ،ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻼذﻋﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺘﺮق ﺑﻠﻬﺒﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮون ، - اﻋﺘﻘﺎل ﻛﻞ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﻋﺼﺒﺔ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن
إذا ﺧﻠﺖ أﻧﻚ ﺧﺪﻋﺘﻨﺎ - واﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ .ﺑﺪأت اﻟﺸﻜﻮك اذا ﲢﻮم ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻲ .اﳋﺪﻋﺔ
ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ اﳉﻤﻴﻊ ﻳﻌﺮف ﻣﻜﺎﻧﺘﻲ وﻧﻔﻮذي وﺳﻂ
ﻓﺄﻧﺖ اﺪوع - اﻟﻨﺎس وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺪ اﻟﻄﻮﻟﻰ ﻟﻺﻋﺘﻘﺎل ،ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ،أﻻ
ﺗﺴﺘﺜﻨﻴﻨﻲ ﻛﺎدت اﳋﺪﻋﺔ أن ﺗﻨﻄﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس وﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ ،ﻓﻲ ﻫﺬه
أﻧﺖ وﺣﺪك اﳌﻌﻔﻲ -
اﻟﻔﺘﺮة ،ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺟﺮﺣﺎ ﻏﺎﺋﺮا ﻻﻳﻨﺴﻰ .
ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ واﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .أﻣﺎ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ
ﻗﺮرت اﳊﻜﻮﻣﺔ ﺑﻬﺬه اﳋﺪﻋﺔ ﻓﺼﻠﻲ ﻋﻦ ﻗﺎﻋﺪﺗﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .ﻛﺪت
اﻷوﺿﺎع ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام اﳉﻤﻴﻊ ﻣﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺬي ﺳﺠﻠﺘﻪ ﺿﺪ
63 62
اﻟﺸﺮﻳﻂ ﺣﻮل "اﺗﻔﺎق ﻟﻨﺪن" ﺑﻠﻐﻨﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أﻧﻬﻢ ﺗﻠﻘﻮا ﺗﻬﺪﻳﺪات اﺑﻦ ﺑﻠﺔ وآﻳﺖ اﺣﻤﺪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺳﻤﻲ "ﺑﺎﺗﻔﺎق ﻟﻨﺪن" ﺳﻨﺔ 1985
زرﻋﺖ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺣﺘﻰ ﺑﺒﺎرﻳﺲ ﺣﻴﺚ أﻋﺘﺪت ﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﲢﺎﻟﻒ ﺑﲔ اﻟﺸﺨﺼﲔ وﻳﻨﻈﺮ اﻟﻴﻪ ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ ﺑﻌﲔ ﺷﺰراء
ﺗﺴﺠﻴﻞ أﺷﺮﻃﺘﻲ رﻓﻀﻮا ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻳﻬﻮدي ﺗﻮﻧﺴﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺮض ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﻮﻗﻊ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻴﺜﺎﻗﺎ ﺿﺪ "ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺷﻴﺎء"
وﻗﺎم ﺑﺈﻧﺘﺎج ﻫﺬا اﻟﺸﺮﻳﻂ واﺷﻜﺮه ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ . وﻛﻼﻫﻤﺎ ﺣﺎرب اﻵﺧﺮ ﺣﺮﺑﺎ ﻻﻫﻮادة ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﺔ 1963ﻓﻲ إﻃﺎر ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺑﲔ
ﻣﻌﺴﻜﺮﻳﻦ ﻻزﻟﺖ أذﻛﺮ اﻧﻬﺎ ﺧﻠﻔﺖ ﻣﺌﺎت اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﳉﺎﻧﺒﲔ .
ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺪار اﻟﺘﻲ ﻳﺮأﺳﻬﺎ le grand comptor de la cha-pelle
وﻗﺪ أﺧﺘﻔﺖ اﻟﻴﻮم وﺷﺮﻳﻄﻲ ﻣﻔﺘﻘﺪ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق رﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﺒﻪ ﻟﻲ ﺑﻌﺪ 23ﺳﻨﺔ ﻳﺠﺪ اﳉﺰاﺋﺮﻳﻮن اﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺈﺑﺮام ﻫﺬا اﻹﺗﻔﺎق ،أﻣﺎم
ﻫﺬا اﻟﺸﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻋﺐ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻻ أﺗﺄﺳﻒ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻻزﻟﺖ أﺗﺸﺒﺚ ﺑﻜﻞ اﻟﻠﺬﻳﻦ دﻓﻌﺎ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻰ ﺣﺮب ﺑﲔ اﻷﺷﻘﺎء وﻫﻤﺎ ﻳﺘﺼﺎﻓﺤﺎن وﻳﺘﺼﺎﳊﺎن
ﻣﺎورد ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳊﺮف . واﳉﺮوح ﺗﻨﺰف وﻻﺗﺰال إﺧﺘﺮت اﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﻘﻮة ،ﺿﺪ ﻫﺬه اﳋﻴﺎﻧﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ
ﻳﻨﺼﻔﻨﻲ اﻟﻴﻮم ﻓﻴﻤﺎ ذﻫﺒﺖ اﻟﻴﻪ .
ﻛﻨﺖ أراﻫﻦ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻹﻋﺘﺒﺎر ﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪي .ﻛﺎن ﻳﺠﺐ
اﻧﺘﻈﺎر ، 1988اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺨﻤﺲ رﺻﺎﺻﺎت ،وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ أﻣﺎ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﻜﺎن ﻟﻬﺎ رأي آﺧﺮ ،ﻓﻘﺪ أﺧﺘﺎرت اﻟﺘﻬﺠﻢ ﻋﻠﻲ أذﻛﺮ
ﻓﻲ ﺷﻬﺮ اﻛﺘﻮﺑﺮ ،ﻟﺘﺮﺗﻔﻊ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﺳﻮاء ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ أو ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ .أدرك ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺘﻪ "ﻟﻴﺒﺮاﺳﻴﻮن " ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻳﺸﺠﺐ ﻣﺎ أﺳﻤﺎه "ﻓﺎﺷﻴﺔﺷﺨﺺ
اﻟﻨﺎس إذا أﻧﻬﻢ ذﻫﺒﻮا ﺿﺤﻴﺔ ﺣﻤﻠﺔ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﺿﺨﻤﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻳﺪﻋﻰ ﻣﻌﺘﻮب ﻟﻮﻧﺎس ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻮﺗﺮي ﻗﻴﺜﺎرة ،اﻟﻰ اﻹﻟﻘﺎء ﺑﺎﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ
ﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺳﻤﻌﺘﻲ ﻟﻸﺳﻒ ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﳒﺤﺖ ﻓﻲ إﺳﺘﻌﺎدة ﺛﻘﺘﻬﻢ " ﳌﺎ ﻗﺮأت ﻫﺬا اﳌﻘﺎل ﻛﺪت أﺟﻦ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﺿﺪ
ﻟﻦ أﻏﻔﺮ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ،ﻣﺎﺣﻴﻴﺖ ﻫﺬه اﶈﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻠﻔﺘﻨﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﺎوﻳﻞ ﻟﻜﻦ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻲ ذﻟﻚ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ .ﻓﺠﺮﻳﺪة "ﻟﻴﺒﺮاﺳﻴﻮن"
اﳌﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻨﻬﺎ اوﻻ وأﺧﻴﺮا . ﻣﻦ ﻛﺒﺮﻳﺎت اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻄﻦ ﺟﺎﻟﻴﺔ ﻣﻐﺎرﺑﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ .
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﺮأت ﻫﺬه اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﺖ أﻗﻮاﻟﻲ ﺑﺎﻟﻔﺎﺷﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
ﻧﻌﺘﻲ أﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺑﺬﻟﻚ ،أﻇﻦ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺖ ﻛﺜﻴﺮا .
65 64
،ﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺮح واﻹﺑﺘﻬﺎج ،ﻻﻳﻜﺎد ﺑﻴﺘﻲ ﻳﻔﺮغ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .إﻧﻪ اﻟﻌﻴﺪ
وﻓﺮﺣﺔ اﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻲ .أﺗﻠﻘﻰ ﺷﻬﺎدات اﻟﺪﻋﻢ واﳌﺴﺎﻧﺪة
ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ﺗﺼﻠﻨﻲ اﻟﺪﻋﻮات ﻣﻦ ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك .ﻋﺸﺖ ﻷﻳﺎم ﻋﺪﻳﺪة ،
وأﻧﺎ أﻃﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﻋﺎﻟﻲ .رﻏﻢ ﺗﻌﺒﻲ واﻹﻧﻬﺎك اﻟﺬي ﻳﻬﺪدﻧﻲ ،ﻛﻨﺖ ﺳﻌﻴﺪا
وﻣﻌﺠﺒﺎ ﺑﻨﻔﺴﻲ وﻣﺴﺮورا ﺟﺪا أﻣﺎ إﺗﺴﺎع ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻲ
.أو ﺣﺖ ﻟﻲ اﳌﻘﺎﻻت اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﺄﻧﻨﻲ
إﻧﺴﺎن ﻣﻬﻢ .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻻت وﻓﻴﺮة وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺆﺛﺮ ﺟﺪا اﻟﻰ
اﳊﺪ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻜﺒﺮﻳﺎء .وﺿﻌﻲ ﺷﺒﻴﻪ ﲟﻦ ﺗﻌﺎﻃﻰ ﻣﻨﺸﻄﺎت ،
أﺣﻜﻲ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻣﺎ ﻋﺸﺘﻪ وﻛﻞ ﳊﻈﺎت اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺘﻲ ﺻﺎﺣﺐ ذﻟﻚ ،أﺿﺎﻋﻒ
اﻷﺣﺎدﻳﺚ واﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﻋﻦ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ وﻗﻮاﻫﺎ وﻧﻘﺎط ﻫﻞ أﻧﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻴﻮم ؟ ﻃﺮح ﻋﻠﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻣﻨﺬ ﺧﺮوﺟﻲ ﻣﻦ
ﺿﻌﻔﻬﺎ .ﺑﻜﻠﻤﺔ واﺣﺪة ،أﲢﺚ ﻛﺜﻴﺮا . ذﻟﻚ اﳉﺤﻴﻢ .اﳉﻮاب ،ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،ﻫﻮ ﺑﺎﻹﻳﺠﺎب .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌﻴﺶ ،ﳌﺪة
ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎ ،ذﻟﻚ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺪاﺋﻢ ،ﻣﻬﺪدﻳﻦ ﺑﲔ اﻟﻔﻴﻨﺔ واﻷﺧﺮى
ﻟﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺮت ﻟﻮﺣﺪي ،ﺑﺪأت اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻘﺪ . ﲟﻮت ﻳﺤﻮم ﺣﻮﻟﻨﺎ دوﳕﺎ ﺗﻮﻗﻒ ،ﻓﻼ ﳝﻜﻦ أن ﻧﺨﺮج ﻣﻦ ﲡﺮﺑﺔ ﻛﻬﺬه ﻛﻤﺎ
ﻳﻠﺢ ﻋﻠﻲ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻷﻏﺎدر اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .وﻟﺌﻦ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻲ دﺧﻠﻨﺎ اﻟﻴﻬﺎ .ﳝﺮ ﻓﻴﻠﻢ إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺘﻲ ﺑﺈﺳﺘﻤﺮار ﺑﺼﻮره اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ
ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ﲤﺎﻣﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﳊﻤﻖ اﻟﺒﻘﺎء ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻋﺎﺟﺰا ﻋﻦ ﺟﺪا واﻟﻌﻨﻴﻔﺔ واﻟﻘﻨﻮﻃﺔ .
اﳊﺴﻢ وإﺗﺨﺎذ ﻗﺮار .اﳉﺰاﺋﺮ وﺑﻠﺪﺗﻲ ﻫﻤﺎ ﺟﺬوري .ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻗﻨﺎ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺳﺄﺟﺪ
ﻣﺨﺮﺟﺎ ﳊﺎﻟﺘﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ،ﺑﺒﻘﺎﺋﻲ وﺳﻂ اﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻲ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻤﻨﺬ إﻃﻼق ﺳﺮاﺣﻲ ﺣﺼﻞ ﺗﻐﻴﺮ ،ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻲ .ﺻﺮت
ﻛﻨﺖ واﻋﻴﺎ أﻳﻀﺎ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﻓﻠﺖ ﻣﻦ اﳌﻮت إذا وﻗﻌﺖ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﻋﺼﺒﻴﺎ أﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻣﻀﻲ .ﻳﺤﺪث أن أﻋﻴﺶ ﺣﺎﻻت ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ
اﻹرﻫﺎﺑﻴﲔ .ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻮﺗﻲ ،ﻋﻨﺪﺋﺬ ،ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺤﻘﻘﺎ .ﻛﺎن ﻋﻠﻲ إذن أن أﺗﺨﺬ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒﺔ ﻟﻢ أﻋﺪ أﻋﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ أﻓﻌﻠﻪ ﺑﻞ ﻗﺪ أﺻﻴﺮ ﻋﻨﻴﻔﺎ ﺣﺘﻰ
اﻟﻘﺮا ر اﳌﺮﻳﺮ ، ،ﻗﺮار ﻣﻐﺎدرة اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ اﻟﻌﺰﻳﺰة .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪي ﺧﻴﺎر آﺧﺮ . .ﻟﻢ أدرك ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل إﻻ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﳊﻘﻨﻲ ﻣﻦ ﺷﺮ وأذى .ﻟﻦ أذﻫﺐ اﻟﻰ ﺣﺪ
اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻨﻲ أرﻏﺐ ﻓﻲ اﻹﻣﺴﺎك ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ وﻗﺘﻞ اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌﲔ ،ﻻ ،اﻷﻣﺮ
ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ،أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻀﻴﺎع واﳊﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ أﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل ،أرﻏﻲ وأزﺑﺪ ﻓﺠﺄة دون ﻣﺒﺮر ﻣﻌﻘﻮل وﻇﺎﻫﺮ .
واﳌﺮﺟﻌﻴﺎت اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺪ إﻟﻴﻬﺎ .ﻣﻨﺬ وﺻﻮﻟﻲ أواﺧﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت ،ﻳﻨﺘﺎﺑﻨﻲ إﺣﺴﺎس ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺷﺨﺼﺎن ﻓﻲ ﺷﺨﺺ
،أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺸﺮخ وﻫﻮ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﺑﺪاﺧﻠﻲ رﻏﻢ أن ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء واﺣﺪ .ﻟﻮﻧﺎس ،أﻋﺮﻓﻪ ﻣﻨﺬ 38ﺳﻨﺔ وآﺧﺮ ﻏﺮﻳﺐ ،إﻛﺘﺸﻔﺘﻪ ﻣﻨﺬ إﻃﻼق
ﻳﺤﻴﻄﻮن ﺑﻲ وﻳﺄﺧﺬون ﺑﻴﺪي ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ زوﺟﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻟﻢ ﺳﺎﺣﻲ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻹرﻫﺎﺑﻴﲔ .
ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺳﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﺮاغ اﳌﻬﻮل اﻟﺬي أﺟﺘﺎﺣﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﻣﻐﺎدرة اﳉﺰاﺋﺮ .
وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻧﻔﺴﻲ ذاﺗﻬﺎ .ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ ﺑﻬﺠﺔ ﻟﻢ أﻗﺪر ﺣﻖ ﻗﺪرﻫﺎ ﻓﻲ اﳊﺎل ﺣﺠﻢ اﳋﺴﺎﺋﺮ ﻷن ﻣﺎ ﻃﻌﻦ ،ﻓﻲ اﻟﺒﺪء
67 66
وأﻋﻤﺎﻟﻲ اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ واﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ .ﻳﻮم 18أﻛﺘﻮﺑﺮ أي أﺳﺒﻮع ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺮاج إﻃﻼق اﻟﺴﺮاح ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة وﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺂﺑﺔ .وﻓﻲ ﳊﻈﺎﺗﻬﺎ
ﻋﻨﻲ ،أﻟﻔﺖ أﻏﻨﻴﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﻣﺘﺒﻮﻋﺔ ﺑﺄﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ،ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ،ﻻﺗﻨﺠﺢ ﻛﻞ اﶈﺎوﻻت اﻟﺘﻲ أﺑﺬﻟﻬﺎ ﻟﻀﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﻲ
ﺻﺪﻓﺔ إﻧﻬﻤﺎ أﻏﻨﻴﺘﺎن ﺗﻌﺒﺮان ﻋﻦ أﺣﺴﺎﻳﺴﻲ وﻣﺸﺎﻋﺮي ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه .ﻳﺠﺘﺎﺣﻨﻲ إﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻌﺰﻟﺔ رﻫﻴﺐ وﺗﻌﺎودﻧﻲ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺼﻌﺒﺔ
اﶈﻨﺔ ﺑﻜﻠﻤﺎت ﺗﺬﻛﺮ ،إذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ ،ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺸﺘﻬﺎ ﻣﺪة إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ وﻳﻜﻮن اﳋﻮف ﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﳌﻮﻗﻒ ،ﻋﻨﺪﻫﺎ
ﻋﺎﻳﺸﺘﻪ ﻓﺈن أﺣﺎﺳﻴﺴﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﻫﻲ ﻫﻲ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﳑﺎ ﺻﻨﻌﻮا ﺑﻲ ﻟﻦ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أن اﻓﻜﺮ ﺑﻌﻘﻼﻧﻴﺔ وأن أﻫﺪأ ﻟﻮﺣﺪي .ﻓﻲ اﳌﺮة اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ
أﺗﻨﺎزل أﺑﺪا .ﻫﺬا اﻟﻨﺼﺎن أﺳﺎﺳﻴﺎن ،ﻳﻘﻮﻻن :ﻻ ﻟﻠﺮﺿﻮخ ،ﻻ ﻟﻠﺘﻌﺴﻒ . ﻋﺎﻧﻴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أزﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﺳﺎرﻋﺖ زوﺟﺘﻲ اﻟﻰ إﺣﻀﺎر اﻟﻄﺒﻴﺐ
اﻷول ﻳﻔﺴﺮ رﻓﻀﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ واﻟﺸﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﳊﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﻬﺰﻳﻊ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ .اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﺣﻴﺚ
.ﻻزاﻟﺖ اﻵﻳﺎت اﻟﺘﻲ رﺗﻠﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن وﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال ﻣﺪة ﻛﻨﺖ أﺳﺘﺤﻢ ،ﻓﺠﺄة أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺎﻹﺧﺘﻨﺎق وﺻﺎر ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ أن أﺳﺘﺮﺧﻲ
إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ،ﻳﺘﺮدد ﺻﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ .ﺑﺎﺳﻢ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ،ﺗﺰﻫﻖ أرواح وأﺳﺘﻌﻴﺪ ﺗﻨﻔﺴﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .
.أردت اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳊﻘﻴﻘﺔ ،أﻋﻠﻨﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ أن ﺑﻠﺪي ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﺐ إﻻ أن ﺣﻘﻨﻲ ﺑﺎﻟﻔﺎﻟﻴﻮم .ﺗﻌﻴﺪ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت
ﺷﻔﺎ اﻟﻬﺎوﻳﺔ إذا ﻟﻢ ﻳﺘﻢ إﻧﻘﺎذه ﺑﺴﺮﻋﺔ .أﺗﺎﻧﻲ اﻹﻟﻬﺎم ﺣﻮل ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع
اﳌﻔﺮﻃﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﻠﻊ ،ﲤﺎﻣﺎ ،اﳊﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻋﺸﺘﻬﺎ ﻓﻲ أﻳﺎم إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ .إﻧﻪ
ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺮد واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄن أﺷﻌﺎري أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺤﻨﺔ
ﻫﻠﻊ اﳌﻮت اﻟﻮﺷﻴﻚ .ﲡﺘﺎﺣﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳊﺎﻻت ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت
.واﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻬﺪاة ﻟﺮوح ﺻﺪﻳﻖ ﻋﺰﻳﺰ وﻏﺎل ﺗﻮﻓﻰ ﻗﺒﻞ
ﺗﻬﻴﺆي ﻟﻺﺧﻼد ﻟﻠﻨﻮم .إﻧﻬﺎ ﻣﺤﻨﺔ ﻻ زاﻟﺖ ﺗﺮﻋﺒﻨﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم وﺑﻌﺪ ﻋﺪة
أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻋﻠﻰ إﺛﺮ ﺳﻜﺘﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ .ﺷﺨﺺ ﻣﻨﺎﺿﻞ ودﳝﻘﺮاﻃﻲ .اﻟﻜﻔﺎح
أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻣﻦ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ .ﻋﺎدة ﻣﺎ أﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ،ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻲ
اﻟﺬي ﺧﺎﺿﻪ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﺳﻨﻮاﺻﻠﺔ .أﻋﺪ ﺑﺬﻟﻚ .
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،أﻓﻀﻞ ﺗﻔﺎدي اﻷﻗﺮاص
ﻣﻨﺬ وﻓﺎﺗﻪ ،اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻪ آﺧﺮون ﻛﺜﺮ وأﻏﻨﻴﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺬﻟﻚ .ﺷﺠﺎﻋﺘﻨﺎ اﳌﻨﻮﻣﺔ واﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﺗﻌﺎﻃﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ .
ﻻزاﻟﺖ ﻫﻲ ﻫﻲ وﻛﻔﺎﺣﻪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺳﻨﻮاﺻﻠﺔ .
ﻻ ارﻳﺪ اﻟﺴﻘﻮط ﻣﺠﺪدا ﻓﻲ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﳌﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﺮاص اﻟﻴﻮم
ﻧﺼﻮﺻﻲ ﻫﻲ إﻋﺘﺮاﻓﺎت .ﺑﺪل اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة رﺟﻞ دﻳﻦ ﻓﻲ .اﻵن وﺿﻌﻲ ﲢﺴﻦ رﻏﻢ اﻟﻜﻮاﺑﻴﺲ اﳌﻜﺮرة اﻟﺘﻲ أﺷﺎﻫﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﺴﻲ
ﻛﻨﻴﺴﺔ أو ﻃﺒﻴﺐ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻋﻴﺎدة ،أﻣﺎرس إﻋﺘﺮاﻓﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ وﻓﻲ ﻣﺴﺠﻮﻧﺎ وﺳﺎﺑﺤﺎ ﻓﻲ ﺑﺮك ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎء .ﻻ أرﻳﺪ إﺳﺘﺸﺎرة ﻃﺒﻴﺐ ﻧﻔﺴﻲ
أﺷﻌﺎري ،إﻧﻪ ﻣﻴﺪاﻧﻲ واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أﲢﺮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .اﻟﻘﺮاء وﻻ أن أﻋﺎﻟﺞ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﻄﺒﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ .
اﻷواﺋﻞ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﺼﻮص رأوا ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻧﻀﺠﻲ وﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﺠﺎل
أﻟﺘﻘﻲ ﺑﺄﺻﺪﻗﺎء ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎء وأﺗﻨﺎﻗﺶ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻊ اﻟﻨﺎس .أؤﻣﻦ
ﻛﻔﺎﺣﻲ ،ﺣﻜﻤﻮا ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،أﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻓﻌﻠﺖ ،ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮري .ﻛﻞ ﻣﺎ
ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﻼم ﻟﻜﻦ ﻻ أرﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﻮح ﺑﺄﻣﻮري ﻷي ﻛﺎن .أﳉﺄ إﻟﻰ ﺗﻘﻨﻴﺔ
أﻋﺮﻓﻪ ﻫﻮ أن ﻗﻮة ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺪﻓﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ،وأﻧﻨﻲ ﻛﺘﺒﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص
اﻟﺒﻮح ﻟﻨﻔﺴﻲ وأﻗﺮﺑﺎﺋﻲ وأراﻫﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﺖ .
ﺑﺴﻌﺎر ﻣﻀﺎﻋﻒ ،وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﺮ ،ﻓﻮق ذﻟﻚ وﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﺰاﻣﻲ
ﻓﺄﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺬﻟﻚ وﻓﺨﻮر أﻳﻀﺎ . وﺗﺒﻘﻰ أﺣﺴﻦ اﻟﻌﻼﺟﺎت ﻫﻲ اﻟﻜﺘﺎب .ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻧﻔﺴﻪ
69 68
أﺳﺘﻌﻴﺪ ﺗﻮازﻧﻲ ﺣﺘﻰ أﻗﻔﻞ ﻋﺎﺋﺪا اﻟﻰ ﺑﻠﺪي .أﻧﺎ اﻵن ﻣﻨﻬﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻴﻮم ،أﻧﺎ ﻣﻀﻄﺮ اﻟﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺳﻠﻮﻛﻲ .أﻋﺮف ﺑﺄﻧﻨﻲ ﲢﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ
.ﻣﻨﺬ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ،ﻟﻢ أﻏﻦ ﺑﺒﺎرﻳﺲ .ﻗﺮرت إذا إﺣﻴﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﻮﻗﻮف اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ .اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺣﺮرﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺑﻮس
اﳌﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ .وﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﺳﺄﺗﻮﺟﻪ اﻟﻰ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ اﻟﺘﻲ .ﻓﻲ اﳌﺮة اﳌﻘﺒﻠﺔ ،ﺳﻴﻘﺘﻠﻨﻲ ﻣﻦ اﺧﺘﻄﻔﻨﻲ دون إﻧﺬار .أﻧﺎ واﺛﻖ ﻣﻦ ذﻟﻚ
أﻓﺘﻘﺪﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮا اﻵن .ﻻ أﺣﺲ ﺑﺬاﺗﻲ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،أﻋﻠﻦ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻲ وﺑﻜﻞ ﻗﻮاي :ﻟﻢ أﺗﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ
.ﻋﻼﻗﺘﻲ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺴﺪﻳﺔ وﻋﻀﻮﻳﺔ .إن ﺑﻴﺌﺘﻲ وﺣﻴﺎﺗﻲ اﻹﻃﻼق .ﻟﻦ أﺷﺠﻊ أﺑﺪا ﻣﺠﺮﻣﲔ وﻗﺘﻠﺔ ﻳﻘﺘﻠﻮن ﻗﺘﻼ أﻋﻤﻰ ﺑﺎﺳﻢ
اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻳﺘﻜﺜﻔﺎن ﻓﻲ ﺟﺒﺎل دﺟﺮﺟﺔ وﻗﺮﻳﺘﻲ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻲ واﻟﻜﻬﻮل اﻟﺬﻳﻦ اﻹﺳﻼم .أﻧﺎ إذا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻲ ﻣﺴﺘﻬﺪف .ﻣﺎ ﻳﺰﻋﺠﻬﻢ أﻛﺜﺮ
أﲢﺚ ﻣﻌﻬﻢ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال واﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬي أﲡﺎذب ﻣﻌﻬﻢ أﻃﺮف اﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺷﻌﺒﻴﺘﻲ اﻟﺘﻲ أزداد ﻣﺪﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ وﻫﺬا اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ
ﺣﻮل ﻛﻞ ﺷﻲء وﻻ ﺷﻲء .ﺗﻨﻘﺼﻨﻲ اﻟﻘﺎﻳﻞ .أﺣﺲ اﻵن وﲟﺮارة ،ﺑﺄﻧﻨﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻌﻲ ﻳﻐﻴﻈﻬﻢ وﻳﺘﺤﺪى ﻋﻨﻔﻬﻢ اﻷﻫﻮج .أﺗﻮﺻﻞ ﺑﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ
ﻣﻔﺼﻮل ﻋﻦ ﺟﺬوري .ﻗﺪ أدﺧﻞ اﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﺘﻮﻗﻊ .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺳﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .أﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ
اﳊﺎل ،ﻟﻦ أﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ إﺗﺨﺎذ ﻛﻞ اﻹﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﻼزﻣﺔ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﻋﺮض ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،ﻫﻨﺎ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ أﺻﺎدف أﻣﺮﻳﻜﻴﲔ واﳒﻠﻴﺰ وإﺳﺒﺎﻧﻴﲔ
ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺠﺎﻧﻲ .وﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﻫﻮى اﳌﻘﺎﻫﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ وﻣﻐﺎرﺑﻴﲔ ،ﻳﺄﺗﻮن ﻋﻨﺪي وﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻣﻌﻲ ﺑﻜﺎﻣﻞ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ
ﺳﺄﻗﻠﻞ ﻣﻦ ﺗﺮددي ﻋﻠﻴﻬﺎ .أﻗﻮل ﻫﺬا وأﻧﺎ أﲢﺴﺮ .ﻓﺎﳌﻘﺎﻫﻲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻀﻴﺎﻓﺔ أﻧﻨﻲ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ،أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ .
أﻛﺜﺮ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ .ﻧﺒﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﺳﻮاء اﺳﺘﻬﻠﻜﻨﺎ
ﻗﺒﻞ إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ،ﻛﻨﺖ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ وﻧﻈﺎم
ﺷﻴﺌﺎ أو ﻻ وﳕﺎرس ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،أﻧﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﺳﻼح
اﳊﻜﻢ اﳉﺰاﺋﺮي .أﻣﺎ اﻵن ،ﻓﺼﺮت ﻣﻬﺪدا ﻣﻦ اﻷﳑﻴﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ اﳌﺘﻄﺮﻓﺔ
ﻷداﻓﻊ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ .إذا ﻟﻢ ﺗﺴﻠﻢ ﻟﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺮﺧﻴﺼﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﺄﺗﺪﺑﺮ
.ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻹﺧﺘﻄﺎف ﺳﺒﻖ أن أﻧﺬروﻧﻲ ﺑﺎﻟﻘﻮل ":إذا ﻟﻢ ﲢﺘﺮم ﺗﻌﻬﺪاﺗﻚ
أﻣﺮي .ﻳﻮم إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ،ﻛﻨﺖ أﺣﻤﻞ ﻣﺴﺪﺳﺎ ﻣﻦ 9ﻣﻴﻠﻤﺘﺮات ﺟﺮدﻧﻲ ﻣﻨﻪ
ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻐﻨﺎء وأﺷﻴﺎء أﺧﺮى" ﺳﻨﺠﺪك ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ أﻃﺮاف
اﳌﺘﻄﺮﻓﻮن .ﻟﻜﻦ ﻟﻦ أؤﺧﺬ ،ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﻏﺮة ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻨﺪ
اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺳﻨﻄﺎردك ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮه .ﻟﻦ ﲡﺪ ﻣﻜﺎﻧﺎ واﺣﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮة
إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ أﻗﻢ ﺑﺸﻲء ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ .ﻳﻘﻮل ﻣﺜﻞ ﻗﺒﺎﻳﻠﻲ :
اﻷرﺿﻴﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻵﻣﺎن " .ﻻﻳﺠﺐ اﻹﺳﺘﺨﻔﺎف ﲟﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ
" ﻣﻦ ﻟﺪﻏﺘﻪ ﺣﻴﺔ ﻳﺨﺸﻰ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ" .ﺳﺄرﺗﺎب إذغ ﻣﻦ ﻛﻞ اﳊﺒﺎل اﻟﻘﺪﳝﺔ
.ﻓﺒﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﻤﻮن ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻬﻮر وإﺗﺴﺎع ﺷﺒﻜﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ
.ﻳﻨﺒﻐﻲ أن أﺿﺎﻋﻒ ﻣﻦ اﻹﺣﺘﻴﺎط ﻓﻲ ﺗﻨﻘﻼﺗﻲ ﻷﻧﻨﻲ أرﻓﺾ أن أﺑﻘﻰ
ﻫﻢ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻛﻞ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪات اﻟﺼﺎدرة ﻋﻨﻬﻢ وﻗﺪ ﺑﺮﻫﻨﻮا ﻋﻦ
ﺳﺠﲔ اﻟﺒﻴﺖ ﺑﲔ أرﺑﻌﺔ ﺟﺪران .
ذﻟﻚ ﻣﺮارا .ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ ،أؤﻛﺪ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﺗﻨﺎزل أو أﺗﺮاﺟﻊ ،ﺳﺄواﺻﻞ اﻟﻐﻨﺎء
أﺷﺮت ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﻰ اﻟﻨﻀﺞ اﻟﺬي أﺣﺲ ﺑﺄﻧﻪ داﺧﻠﻨﻲ ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه وﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻄﺮف .ﻟﺴﺖ ﻋﺮﺑﻴﺎ وﻻ ﻣﻠﺰﻣﺎ ﺑﺄن أﻛﻮن ﻣﺴﻠﻤﺎ .ﻗﺪ ﺗﻜﻮن
اﻷﻳﺎم اﳋﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ اﻟﻜﺎﺑﻮﺳﻴﺔ .وﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻨﻀﺞ واﻗﻌﻴﺎ ﻷن ﻫﺬه اﳉﻤﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﳌﻮت ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻫﻲ ،ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،اﻟﺘﻲ
أﺣﺲ ﺑﻘﻮة أﻛﺒﺮ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ إزاء اﳊﺪث .أﻟﻴﺲ ﻫﺬا اﻹﺣﺴﺎس ﺗﺨﺘﺼﺮ أﳝﺎ إﺧﺘﺼﺎر ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ .ﻃﺎﳌﺎ ﻟﻢ ﲢﺘﺮم ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻲ ﺳﺄواﺻﻞ اﳌﻌﺮﻛﺔ
ﻧﺎﰋ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي أﻋﻘﺐ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ أو ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﺄﻣﻼت .وﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ ،ﻻ أﺗﺼﻮر إﻣﻜﺎن إﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ إﻻ ﻓﻲ ﺑﻠﺪي اﳉﺰاﺋﺮ .ﻣﺎ أن
71 70
ﺷﺒﻴﻪ ﺑﻨﻄﺤﺔ اﳊﻘﺖ ﲤﺰﻗﺎ ﺑﺪرع .ﻟﻴﺲ اﳌﺘﻄﺮﻓﻮن ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻤﻮن أﺷﺨﺎﺻﺎ اﻟﺘﻲ راﻓﻘﺘﻨﻲ ﻃﻴﻠﺔ إﺣﺘﺠﺎزي واﻟﺘﻲ ﺣﻠﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻲ وﻣﻮاﻗﻔﻲ
ﻻﻳﻘﻬﺮون .ﻓﺘﺢ اﻟﺸﺮخ اﻷول ﻓﻲ ﺟﺪراﻧﻬﻢ .أول ﺟﺰاﺋﺮي ﻳﺨﺮج ﺣﻴﺎ ﻣﻦ وﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ؟ ﻗﺪ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ .
ﻣﺨﺎﻟﺒﻬﻢ ﻣﻘﻴﻤﺎ اﳊﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﻬﻢ .إﻧﻪ درس ﺟﻤﻴﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﻞ .
ﻓﻲ ﻣﻄﻖ اﻷﺣﻮال ،ﻗﻮة ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺴﻜﻨﻨﻲ .ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،ﻛﻨﺖ
ﻫﻞ أﺳﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﺷﻬﺎدات اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﻘﻲ ؟ ﻟﻴﺲ أﺣﺼﺮ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،أﻣﺎ اﻵن ،ﻓﺄﻧﺎ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻮم اﳉﺰاﺋﺮ
ﻟﻲ أن أﺟﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻷﻧﻨﻲ أﺗﺒﲔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻌﺾ اﳌﺰاﻳﺎ واﻟﺸﺮ اﻟﺬي أﺧﺬ ﻳﺠﺘﺎح ﻛﻞ أﻃﺮاﻓﻬﺎ .ﻳﻨﺒﻐﻲ أن أﺗﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ أﺣﺎرب
واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب .إذا رﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺘﻤﻊ اﳉﺰاﺋﺮي ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ .ﻓﺎﻟﺸﻬﺎدات اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﻄﺔ
ﻧﻘﻮل ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ :ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﳊﻖ ﻓﻲ اﳋﻄﺄ .ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺼﺮاﻣﺔ واﻟﻄﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ ،ﻣﻦ ﺗﻠﻤﺴﺎن وﻋﻨﺎﺑﺔ ووﻫﺮان وﻣﺎ راﻓﻘﻬﻤﺎ ﻣﻦ دفء وﺗﻌﺎﻃﻖ
ﻳﻔﺮﺿﺎن ،ﻧﻔﺴﻴﻬﻤﺎ ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ .أﻋﺘﺮف ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻻزﻟﺖ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ واﻟﺘﺸﺠﻴﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﲢﺘﻮﻳﻬﺎ ،ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻓﻜﺮ ﺑﻌﻤﻖ .ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﺼﻴﺮ أﻣﻪ
اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ ﻫﺬا اﳌﺜﺎل .إن اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﰎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ إزاﺋﻲ ،ﻓﻲ ﻫﺬه ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻒ ﻋﻔﺮﻳﺖ .ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ أن ﻧﻀﺤﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ
اﻷوﻗﺎت اﻷﺧﻴﺮة ،ﲢﺮﺟﻨﻲ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ .ﻻ أرﻳﺪ أن أﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ .ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،أﻛﺎد أﻗﻮل أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻋﺪ أﻧﺘﻤﻲ ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﻀﻴﻖ ﻟﻺﻧﺘﻤﺎء .ﻫﺬا
ﺳﻠﻮﻛﻲ اﳌﻌﺘﺎد .أﻧﺎ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻣﺘﺴﻜﻊ اﻟﻨﻔﺲ اﳉﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة ،ﻫﺬا اﻟﺒﻌﺚ وﻛﻞ ﻣﺎ أدﻳﻦ ﺑﻪ ﻷﻫﻠﻲ ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ،
ﻳﺒﺤﺚ ،ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺠﺮي ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ وﻳﺤﺎرب ﻣﻦ أﺟﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ .ﺣﺪﺛﻮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﻔﺮح واﻹﺑﺘﻬﺎج اﻟﺬﻳﻦ أﻋﻘﺒﺎ
اﳊﻘﻴﻘﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺴﻠﻢ واﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻘﻮﻗﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺎل إﻃﻼق ﺳﺮاﺣﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺪن اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﺑﻠﻐﻨﻲ أﻳﻀﺎ وﻫﺬا ﻫﻮ اﳌﺪﻫﺶ .
ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺻﺮت واﺣﺪا ﻣﻦ "ﻣﺠﺮة اﳌﺸﺎﻫﻴﺮ" أﺣﺲ ﺑﺎﻟﺰﻫﻮ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻟﻜﻦ أﻧﻪ أﻃﻠﻘﺖ ﻃﻠﻘﺎت ﻧﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺣﻴﺎء اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ
أﻧﺰﻋﺞ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧﻨﻲ أﺗﺴﺎءل إن ﻛﻨﺖ ﺟﺪﻳﺮا ،ﻓﻌﻼ ، ﻋﻦ ﻓﺮﺣﺘﻬﻢ .ﻳﺒﺪو أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت ﻟﻢ ﺗﻌﺶ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ اﳊﺼﻮل
ﺑﺬﻟﻚ أم ﻻ . ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻘﻼل ﺳﻨﺔ . 1962ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻣﺜﻔﺔ وﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ وﻛﺮﳝﺔ
وﻋﺎﻣﺔ .ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ؟ اﳉﻮاب ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .
ﺗﺴﻠﻤﺖ ﻣﺆﺧﺮا – 6دﺟﻨﺒﺮ – 1994ﺟﺎﺋﺰة أﺳﻌﺪﺗﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا ،
إﻧﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻢ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻃﺒﻌﺖ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ ﻓﻤﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻋﺎش اﺘﻤﻊ اﳉﺰاﺋﺮي ﻓﻲ أﺟﻮاء ﻣﻦ
وﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺗﺄﺛﺮت ﻛﺜﻴﺮا ﻟﺬﻟﻚ ،إﻧﻪ إﻣﺘﻴﺎز ﻋﻈﻴﻢ .وﻗﺪ ﺳﻠﻤﺘﻨﻲ اﳉﺎﺋﺰة اﻟﺮﻋﺐ واﻟﻔﺰع ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻃﻴﻠﺔ ﺣﺮب اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ .ﻓﻔﻲ
اﻟﺴﻴﺪة داﻧﻴﻴﻞ ﻣﻴﺘﺮان .ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ وﻧﻮﻫﺖ ﺑﺸﺠﺎﻋﺘﻲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻹﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﻮﺑﺎوﺑﻴﲔ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻠﻤﻮن ﺑﺤﺼﻮل
أرﻳﺪ أن أذﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﻲ وردت ﻟﻲ اﳋﻄﺎب اﻟﺬي أﻟﻘﻴﺘﻪ اﳉﺰاﺋﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻘﻼل .أﻃﻖ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﻞ ﻓﻲ أوﺳﺎط
ﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺼﺮ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﺘﺮام ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﻷﻧﻪ ،ﻷول ﻣﺮة ،ﺗﺒﲔ ﻟﻬﻢ ﺑﺄن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺮاﺟﻊ اﳌﺘﻄﺮﻓﻮن
":إن ﻫﺬا اﻟﻨﻔﻲ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ وﻫﺬه اﻟﺬاﻛﺮة اﳌﻘﻄﻮﻋﺔ ﻋﻦ ﺟﺬورﻫﺎ ﻳﺸﻜﻼن ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ .ﻗﺒﻞ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮارد
ﺧﺎﺻﺔ ﳑﻴﺰة ﻟﺘﺎرﻳﺨﻨﺎ .ﺳﻤﻮﻧﺎ روﻣﺎﻧﺎ ،ﺑﻴﺰﻧﻄﻴﲔ ،ﻋﺮﺑﺎ ،ﺗﺮﻛﺎ ،ﻏﺎﻟﻴﲔ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﺗﺼﻮر ﺗﻨﺎزل أو ﺗﺮاﺟﻊ أو ﻫﺰﳝﺔ ﻓﻲ اﳌﻌﺴﻜﺮ اﳌﺘﻄﺮف .ﻛﺎن
وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻲ أﻧﻌﺘﻘﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ وﺻﺎﻳﺔ ذﻟﻚ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻳﻮﺗﻮﺑﻴﺎ ﺟﺪﻳﺪة .أﻣﺎ اﻵن ،ﻓﻜﻞ ﺷﻲء ﺗﻐﻴﺮ .اﻹﻓﺮاج ﻋﻨﻲ
73 72
ﺗﻔﺼﻠﻨﻲ ﻋﻦ أﻳﺎم اﻹﺧﺘﻄﺎف وﻣﻜﺎﻧﺔ ﺳﻨﻮات ﺿﻮﺋﻴﺔ ﻣﻊ أن ﺻﻮر اﳌﻮت اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،ﻟﺴﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ أﻣﺎزﻳﻐﺎ
ﻻﺗﻜﺎد ﺗﻔﺎرق ﻣﺨﻴﻠﺘﻲ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻃﺮدﻫﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻔﺮض ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﳌﺎذا ؟ "ﻳﺮﻳﺪون ﺳﺠﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺎض ﺑﻼ ذاﻛﺮة وﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ " ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ
ﻓﺮﺿﺎ .أﺷﻴﺮ اﻟﻰ أﻧﻨﻲ ﻋﻠﻤﺖ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﻓﻘﻂ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﳊﻔﻞ ﺑﺄن ﺻﺪﻳﻘﺎ
ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻛﺘﺎﺑﺔ "ﺟﺎن ﻋﻤﻴﺮوش ﺳﻨﺔ 1958ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺷﻌﺎر :
ﺻﺤﺎﻓﻴﺎ ﺳﻘﻂ ﲢﺖ رﺻﺎص اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،وﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ
ﻛﻨﺖ أﻏﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮرﺑﻮن وﰎ ﺗﺸﺮﻳﻔﻲ واﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺸﺨﺼﻲ ،ﻳﻮاري -ﻗﺪ ﳒﻮع اﻷﺟﺴﺎد،
ﺟﺜﻤﺎن ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻘﺒﺎل اﻟﺘﺮاب .ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻴﺴﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﻀﻮر
ﻗﺞ ﻧﻬﺰم اﻹرادات ، -
ﺣﻔﻞ ﺟﻨﺎزﺗﻪ .ﺻﺤﺎﻓﻲ آﺧﺮ …
75 74
ﻣﻦ ﻣﺮة رددت ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻲ " :أﻧﺖ اﻵن ﻓﻲ ﻋﺪاد اﻟﻘﺘﻠﻰ ،ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻛﺎن اﳊﺎل ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة وﺗﺒﻘﻰ آﺛﺎره إن ﺧﻴﺮا ﻓﺨﻴﺮا وإن ﺷﺮا ﻓﺸﺮ .أﺛﻨﺎء إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ
أﻧﺖ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ " . ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻫﺎ أﻧﺎ ﺳﺄﻧﺼﺮف وأﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪي
ﻣﺘﺴﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻹﳒﺎزﻫﺎ .أﺳﺘﻌﺎدت ذاﻛﺮﺗﻲ ذﻛﺮﻳﺎت وأﺣﺪاث ﻛﻨﺖ
اﻟﻔﺮق ﺑﲔ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ وإﺻﺎﺑﺘﻚ ﲟﺮض ﺧﻄﻴﺮ وﺗﻮﻗﻔﻚ ﻋﻠﻰ
أﻇﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن وﻫﻲ أﻣﺎ ﺟﺰﺋﻴﺎت ﺻﻐﻴﺮة أو أﺷﻴﺎء ذات
اﺳﺘﺸﻔﺎءات ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻫﻮ أﻧﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺘﺸﺎﺋﻢ ،
أﻫﻤﻴﺔ وأوﺟﻪ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﺆﺧﺬات ،ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت .ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ آﻟﺔ
ﻳﺒﻘﻰ ﻟﺪﻳﻚ داﺋﻤﺎ أﻣﻞ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ ،ﺣﺎﻟﺔ اﺘﻄﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺷﺪ
ﺗﺼﻌﺪ ﺑﻨﺎ اﻟﻰ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﻨﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻔﻌﻠﻪ
أﻧﻮاع اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﺗﺸﺨﻴﺺ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ
ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ .ﻟﻜﻦ ﻓﺎت اﻵوان .
ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﻣﻞ .ﺗﻬﺠﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﻬﻢ ،وﻫﻲ ﻗﻴﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻬﺎ أﺳﺎﺳﻴﺔ
،وﻋﻠﻰ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ .ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻻﻣﺴﻨﻲ اﳌﻮت وﳒﻮت اﳋﻄﺄ ﺻﺎر ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ وﻻ أﺣﺪ ﲟﻘﺪوره ﺗﻐﻴﻴﺮ أي ﺷﻲء
ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ .اﻵن أﻋﻴﺶ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﳌﻮت ﻣﻮﻗﻮف اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ وﻣﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺪث وﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ ﻫﻲ اﳌﻌﺎﻧﺎة .ﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﻨﺘﻪ .ﻣﺮ ﻓﻴﻠﻢ ﺣﻴﺎﺗﻲ
ذﻟﻚ ﻓﺈن روﺣﻲ اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺰدد إﻻ ﻗﻮة .ﻟﺴﺖ رﺟﻼ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أﻣﺎﻣﻲ ﻣﺮارا وﺗﻜﺮارا دون ﻗﺪرة ﻟﻲ ﻋﻠﻰ إﻳﻘﺎﻓﻪ .
ﺑﺎﳌﻌﻨﻰ اﻟﻀﻴﻖ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ .أﻧﺎ ﺷﺎﻋﺮ ،أﻋﻠﻦ ذﻟﻚ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻲ .اﻷﻏﻨﻴﺔ
ﻋﺎد اﻟﻰ ذاﻛﺮﺗﻲ ﻣﺎﺿﻲ اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺣﻠﻠﻪ
ﻫﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﻌﺒﻴﺮي ،وأﻧﺎ ﺑﺠﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻣﻮاﻃﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺪوره ﻛﺎﻣﻼ ﻏﻴﺮ
ﺣﺘﻰ أﻗﻮم ﺑﺤﺼﻴﻠﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ .ﻋﺸﺖ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻲ ،ﳌﺮات اﻟﻮﺿﻌﻴﺎت
ﻣﻨﻘﻮص إزاء ﺷﻌﺒﻪ ﻛﺄي أﻣﺎزﻳﻐﻲ ﺛﺎﺋﺮ ،ﻛﺄي ﺟﺰاﺋﺮي ،ﻟﻦ أﻛﻮن ﻻ ﻣﺒﺎﻟﻴﺎ
اﻟﺸﺎﻗﺔ واﻟﺼﺮاﻋﺎت اﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ وأﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ واﳌﻘﺮﺑﲔ اﻟﻲ .
إزاء ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺒﻠﺪي .أﻫﻠﻲ ﻳﻀﻌﻮن ﻓﻲ ﺛﻘﺘﻬﻢ وﺑﺮﻫﻨﻮا اﻟﻰ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ
ﺳﺎدﻧﻲ إﻧﻄﺒﺎع ﺑﺄن ﻛﻞ ﻫﺬا ﺑﺼﺪد اﻹﻧﻔﺠﺎر اﻟﻰ أﺟﺰاء وﺗﻔﺎرﻳﻖ ﻳﺼﻌﺐ ،
ﻣﺮارا وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻘﻲ أن أﺧﻴﺐ ﻇﻨﻬﻢ .ﻻ ﳝﻜﻦ أن أﻛﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺮث إزاء
ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟﻤﻌﻬﺎ .ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺻﺮت ﻣﻄﻮﻗﺎ ﺑﻜﻞ ذﻟﻚ وأﻧﻬﺮت ﺛﻢ رﺿﻴﺖ
اﳌﺄﺳﺎة اﻟﺘﻲ ﲤﺰق اﳉﺰاﺋﺮ .
ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻗﺪر ﻣﻮﺗﻲ اﶈﻘﻖ اﻟﺬي أراه أﻣﺎﻣﻲ وﻣﺸﻬﺪ ﺣﻔﻞ ﺟﻨﺎزﺗﻲ .
ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك دﳝﻘﺮاﻃﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ واﺣﺪ ،ﺟﺰاﺋﺮﻳﺎ ﻛﺎن أم ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻴﺔ
أﻋﺰي ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﻘﻮل أن ﻣﻮﻛﺐ ﺟﻨﺎزﺗﻲ ﺳﻴﺸﻴﻌﻪ ﺟﻤﻬﻮر ﻏﻔﻴﺮ
أﺧﺮى ،ﻳﺮﺿﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ أن ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ أﻣﺎم اﻟﺮﻋﺐ اﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﳉﺰاﺋﺮ .
وأن ﻧﻌﺸﻲ ﺳﻴﻐﻄﻰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﻮﻃﻨﻲ وأن اﻟﻨﺎس ﺳﻴﻐﻨﻮن أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ
اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻮ ﻟﻠﻌﻤﻞ .اﳊﻴﺎد ﻻ ﻣﻜﺎن ﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻠﺪي .ﻓﺈﻣﺎ ﻫﺬا اﳌﻌﺴﻜﺮ أو
.ﺳﺘﺤﻀﺮ ﻓﻴﻪ ﻧﺴﺎء ﺑﺎﻟﺰي اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ اﳌﺰرﻛﺶ ورﺟﺎل وأﻃﻔﺎل .ﺑﺪا ﻟﻲ
ذاك واﳌﻜﺎن اﻟﻮﺳﻂ ﻫﻮ ﺳﺮاب ،ﻫﻮ إﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ،ﻫﻮ إﺗﺨﺎذ ﳌﻮﻗﻒ ﺳﻠﺒﻲ
اﳌﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺘﻪ ﺟﻤﻴﻼ وﻣﻄﻤﺌﻨﺎ .أﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻗﺘﻠﺖ
وﺧﻄﻴﺮ .اﳉﺰاﺋﺮ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﲔ أو أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ اﻟﻬﺎوﻳﺔ واﻟﺘﺮدي
ﺳﺄﻇﻞ ﺣﺎﺿﺮا ﻓﻲ ذاﻛﺮة اﻟﻨﺎس وﺳﺘﺒﻘﻰ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺳﺠﻞ اﳋﻠﻮد
ﻓﻲ ﺑﺌﺮ ﺑﻼ ﻗﺎع .ﻣﻀﻄﺮ ﻟﻠﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺘﺠﺎوزات اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺑﺮﻋﺐ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ
وﺳﺘﺤﻈﻰ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﺑﺎﻹﺣﺘﺮام وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ .ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺑﺪا
ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء .ﺑﺼﻔﺘﻲ ﺷﺎﻋﺮا ﻻﳝﻜﻦ ﻟﻲ إﻻ أن أﻛﻮن ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ
ﻫﺬا ﻏﺮﻳﺒﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،ﻻ أﺧﻔﻲ أن ﻓﻜﺮة اﳌﻮت وﺗﺼﻮر ﻣﻮﺗﻲ اﻟﺸﺨﺼﻲ
ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ .اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺈﻧﻘﺎذﻧﺎ .إن اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ
ﻫﻤﺎ اﻟﻠﺬان أﺗﺎﺣﺎ ﻟﻲ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة واﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻫﺪاب اﳊﻴﺎة .ﻛﻢ
واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﻣﻘﻮﻟﺘﺎن أﺳﺎﺳﻴﺘﺎن ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻹﻇﻼﻣﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،
77 76
ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﲔ أﻫﻠﻴﻬﻢ ،ﻫﻲ ذي اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ . ﻣﻘﻮﻟﺘﺎن أﻗﺘﻨﻌﺖ ﺑﺠﺪواﻫﻤﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ،وﻫﻤﺎ اﻟﻴﻮم ،ﺿﺮورﻳﺘﺎن ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻲ ،ﺿﺮورة اﳌﺎء واﳋﺒﺰ .ﻗﺒﻞ اﻧﻔﺠﺎر ﻗﻨﺒﻠﺔ اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ،
ﻻ أﻗﺪر أن أﺗﺨﻴﻞ وﻟﻮ ﻟﻠﺤﻈﺔ ،اﻟﺴﻘﻮط اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﺠﺰاﺋﺮ .أﻃﻠﺐ
ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻘﻮﻟﺘﺎن ﻓﻀﻔﻀﺘﺎن ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ،ﻛﺎن اﳊﺰب اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ اﻟﺴﺎﺋﺪ
ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻣﻨﺎ اﳊﺎﻟﻴﲔ ،إن ﻛﺎن ﻻزال ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﳝﺘﻠﻚ ذرة إﺣﺴﺎس
ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع .
ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ،اﻟﺘﺤﺮك ﺑﺴﺮﻋﺔ وﻓﻌﺎﻟﻴﺔ .ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﳉﺰاﺋﺮي أن
ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ وأن ﻳﺤﺲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮه ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ اﻟﺘﻲ وﻏﻴﺎب اﳊﺴﻢ اﻟﻰ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﺎدﺣﺔ ﻳﺴﺘﻤﺮ
ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ .ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ أن ﻳﺤﺲ ﺑﺎﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ .ﺑﻌﺪ اﳌﺴﺆوﻟﻮن ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﻤﺔ اﻟﻜﻮارث .أﻃﻠﻘﻮا ﺳﺮاح ﻋﺒﺎﺳﻲ ﻣﺪﻧﻲ وﻋﻠﻲ
ﺳﻨﻮات ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن اﻟﺴﻮداء أﺗﺖ ﺳﻨﻮات ﺷﺎذﻟﻲ اﻟﺮﻣﺎدﻳﺔ .ﻧﺤﺎرب ﺿﺪ ﺑﻠﺤﺎج وﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺴﺮوا ﺷﻮﻛﺔ اﳉﺰاﺋﺮ ودﻓﻌﻮا ﺑﻬﺎ
ﻧﻈﻈﺎم اﳊﻜﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ وﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻘﻮﻗﻨﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وﻫﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﻬﻤﺠﻴﺔ وﻳﺘﻬﻴﺆون ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻮار .ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ اﻟﻘﺒﻮل
:اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وﺗﺪرﻳﺴﻬﺎ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ وإﻗﺮارﻫﺎ ﻛﻠﻐﺔ وﻃﻨﻴﺔ ورﺳﻤﻴﺔ .أﻣﺎ ﲟﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﺆس ؟ ﻫﻞ ﳝﻜﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﻗﺘﻠﺔ ﻃﺎﻫﺮ ﺟﺎﻋﻮط وﺑﻮﺳﻴﺴﻲ
اﻟﻴﻮم ،وﻗﺪ أﺻﺪم ﺑﺬﻟﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ واﺣﺪ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ أرى ﺑﺄن اﻟﻮﺿﻊ اﳊﺎﻟﻲ وﻣﻘﺒﺎل وﻛﻞ إﺧﻮﺗﻨﺎ وآﻻف اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء واﻷﻃﻔﺎل ﺿﺤﺎﻳﺎ اﻟﻌﻨﻒ
ﻟﻠﻨﺴﻖ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﺣﺬرا ودﻗﺔ .ﻻ أرﻳﺪ ﺗﺪرﻳﺲ اﻷﻋﻤﻰ ؟ اﳉﻠﻮس اﻟﻰ ﻃﺎوﻟﺔ اﳌﻔﺎوﺿﺎت ﻣﻊ ﻫﺆﻻء ؟ اﻟﺘﺤﺎور وﻗﺒﻮل
اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﺮﻳﻀﺔ .إن اﻟﻨﺴﻖ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻫﻮ اﻟﺬي اﻟﺘﺤﺪث اﻟﻰ أﻓﺮاد ﻟﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﺳﺮ واﺣﺪة ﻫﻲ "ﻗﺘﻞ"؟ أﺷﺨﺎص ﻳﻌﺘﺒﺮون
أﻓﺮز اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ واﳊﻘﺪ واﳌﻮت .ﻻ أرﻳﺪ أن أﺷﺎﻫﺪ ﻟﻐﺘﻨﺎ ﺗﺪرس داﺧﻞ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻃﺎﻏﻮﺗﺎ واﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻛﻔﺮا وﺑﺪﻋﺔ ؟ اﻟﺴﻴﺪ زروال :ﻻﺣﻮار ﻣﻊ
ﻧﺴﻖ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﻗﻴﻢ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺎﳊﺮﻳﺔ وإﺣﺘﺮام اﻵﺧﺮ اﻟﻘﺘﻠﺔ .اﶈﺎورون اﻟﻮﺣﻴﺪون ﳌﺜﻞ ﻫﺆﻻء ﻫﻢ اﻟﻘﻀﺎة ورﺟﺎل اﻹدﻋﺎء اﻟﻌﺎم
واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ . ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻧﺰﻫﺎء .ﻫﺎﻫﻢ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺘﺤﺎور ﻣﻌﻬﻢ
اﻟﻘﺎﺗﻞ ﶈﺎﻛﻤﺘﻪ وإداﻧﺘﻪ ﻻ ﻹﻃﻼق ﺳﺮاﺣﻪ وﺗﺒﺮﺋﺔ ذﻣﺘﻪ .ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺸﺮ
أرﻳﺪ ﺗﺪرﻳﺲ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ وﻣﺰدﻫﺮة .إﺧﻔﺎق
اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﲔ ﻻ ﻳﺮﻫﺒﻮﻧﻨﺎ إﻧﻬﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻨﺎ وﻳﺨﺘﻄﻔﻮﻧﻨﺎ وﻧﻘﺎوم .ﻃﺎﳌﺎ
اﳌﺪرﺳﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﻻ ﻏﺒﺎر ﻋﻠﻴﻪ .ﻟﻘﺪ ﺗﻘﻬﻘﺮﻧﺎ ﺛﻼﺛﲔ ﺳﻨﺔ
ﺛﻤﺔ ﻧﺴﺎء ورﺟﺎل ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﺴﻠﻢ .
اﻟﻰ اﻟﻮراء ﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﲔ .ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﻔﺮاﻧﻜﻔﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ واﻗﻌﺎ ﻻ
اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .وﻫﻢ ﻋﻠﻰ أﻋﺼﺎﺑﻬﻢ وأﺗﻔﻬﻤﻬﻢ ﻷن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ
ﻣﺤﻴﺪ ﻋﻨﻪ ﺛﻢ أﺗﻰ اﻟﺘﻌﺮﻳﺐ اﻟﻌﺪواﻧﻲ واﻹﻗﺼﺎﺋﻲ ﻟﻴﻘﻀﻲ اﻟﻘﻀﺎء اﳌﺒﺮم
ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﻰ اﻹﺣﺒﺎط ﻓﻌﻼ . .ﻳﻘﻮل ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺛﻤﺔ أﻣﻞ واﻷﺣﺴﻦ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﺴﻘﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ .
ﻫﻮ اﻟﺘﺨﻠﻲ واﻟﺬﻫﺎب اﻟﻰ اﳋﺎرج .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﻫﻨﺎك أﻋﺪاد ﻣﻦ رﺣﺎﻻت
ﻧﺼﻨﻊ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﻣﻬﺠﻨﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﲟﻘﺪورﻫﺎ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ وﺑﻌﺪ أن ﻧﻬﺒﻮا أﻣﻮال اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﺮﺑﻮا اﻟﻰ اﳋﺎرج
وﻻ ﻧﻮﻓﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮﺟﻬﺎ أﻳﺔ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺷﻐﻞ .ﻳﻠﺘﺤﻖ اﻟﺸﺒﺎب ﲟﺠﺮد ﻟﻺﺳﺘﻘﺮار ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ واﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔن اﳊﻘﻴﻘﻴﻮن ﻓﻀﻠﻮا اﻟﺒﻘﺎء
ﺗﺨﺮﺟﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﺪرﺳﺔ أو ﺧﺮوﺟﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻰ اﻷدﻏﺎل ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺤﺴﻮن ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ واﻹﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺎح .ﻓﻀﻠﻮا اﻟﻌﻴﺶ ﺣﻴﺚ اﻟﺒﻠﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ
ﺑﺎﻟﻀﻴﺎع .ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ أي إﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻤﻬﺎ اﻟﻴﻬﻢ أي ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﲢﺖ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ واﻹﻏﺘﻴﺎل
79 78
ﺣﺘﻰ ﻳﺬﺑﺤﻮﻧﻨﻲ .ﻟﺴﺖ ﳑﻦ ﻳﻬﻮى اﻟﺸﻬﺎدة ﻷدﺧﻞ ﺟﻨﺔ ﲡﺮي ﻣﻦ ﲢﺘﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﳌﺪرﺳﺔ وﻻﻳﺠﺪون ﺷﻐﻼ ﻷن ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﻢ ﻧﺎﻗﺺ وﺿﻌﻴﻒ .اﻟﺒﻠﺪ
أﻧﻬﺎر ﻣﻦ ﻋﺴﻞ وﺣﻠﻴﺐ .أرﻳﺪ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ .اﳌﻘﺎوﻣﺔ دﻓﺎع ﻣﺸﺮوع اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ اﺑﻨﺎؤه ﻫﻮ ﺑﻠﺪ ﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻪ .
ﻳﺘﻄﻠﺐ وﺳﺎﺋﻞ .ﻻ أﺣﺮض ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ .ﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎن اﻟﺪﻓﺎع
أﻛﺮر اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ ﻫﻮ اﻟﺬي أﻓﺮز اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ .أﺣﺎرب
ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻘﻴﻢ واﻟﻘﻨﺎﻋﺎت ﺣﺮﺑﺎ أﻫﻠﻴﺔ ﻓﺄﻧﺎ ،ﻋﻠﻰ إﺳﺘﻌﺪاد ﻛﺎﻣﻞ
ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﳌﺴﺎواة ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ واﳌﺘﻄﺮﻓﲔ
ﳌﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ .ﻟﻦ أدﻋﻬﻢ ،ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ،ﻳﻔﻌﻠﻮن ﺑﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﺎؤون .أدرك ﻣﺎ
ﺳﻮاء ﻣﻦ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ أو ﺟﺒﻬﺔ اﻹﻧﻘﺎذ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ .ارﻓﺾ ﺗﻌﺼﺒﻬﺎ واﻧﺪﻓﺎﻋﻬﺎ اﻷﻋﻤﻰ .
أو ﻏﻴﺮﻫﻢ .ﺷﺎذﻟﻲ ﺑﻨﺠﺪﻳﺪ اﺳﺘﺴﻠﻢ وﺳﻘﻂ ﻧﻈﺎم ﺣﻜﻤﻪ اﳌﻨﺨﻮر
أرﻳﺪ أن أﻋﻴﺶ وأﻏﻨﻲ ﺑﻜﺎﻣﻞ اﳊﺮﻳﺔ .اﳉﺰاﺋﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻔﺴﺎد وﺑﺼﺮاع اﻷﺟﻨﺤﺔ .ﻟﻴﺎﻣﲔ زروال ﻟﻴﺲ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ .ﺗﻐﻴﺮ
ﻟﻬﺎ وﺟﻮد .إذا أﻗﺘﻀﻰ اﳊﺎل أن أﻫﺐ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﻔﺎح ﻓﻠﻦ أﺗﺮدد اﻷﺷﺨﺎص ،اﻟﻴﻮم ،ﻋﻠﻰ ﻫﺮم اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻟﻴﺲ إﻻ ﻣﻬﺎزﻻ وﺿﺤﻜﺎ
ﻓﻲ ذﻟﻚ .ﻋﺠﺰوا ﻋﻦ ﻛﺴﺮ ﺷﻮﻛﺘﻲ ﻃﻴﻠﺔ 15ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ اﻹﻋﺘﻘﺎل واﻵن ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻗﻮن .ﻓﻤﻦ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮدد واﳊﺪﻳﺚ اﻟﻰ
ﺳﺎؤﻛﺪ ﻟﻬﻢ ﺑﻞ وﺳﻨﺆﻛﺪ ﻟﻬﻢ أﻧﻨﺎ أﻗﻮى ﻣﻨﻬﻢ .ﻻ أﺣﺪ ﲟﻘﺪوره اﻟﻮﻗﻮف اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ .ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ وﺣﺮﻛﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﲡﺎه .ﻳﺠﺐ
ﻓﻲ وﺟﻬﻨﺎ .ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ ﻋﺎدﻟﺔ وﻧﺒﻴﻠﺔ .أﻗﺴﻢ ﺑﺬﻟﻚ . أﻻ ﻧﻘﺒﻞ ذﺑﺢ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ اﻟﻮرﻳﺪ اﻟﻰ اﻟﻮرﻳﺪ ﻷﻧﻬﻦ رﻓﻀﻦ إرﺗﺪاء اﳊﺠﺎب
واﻟﺪﻳﻜﺘﺎت اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻋﻬﺪﻧﺎ ﻓﻲ اﳌﺮأة اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ أﻧﻬﺎ دوﻣﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ ،
ﻻﻣﻨﺎص ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﻷن ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﺎ أﺳﺎﺳﻴﺔ .ﻃﺎﳌﺎ أن ﻫﻨﺎك
ﻧﺴﺎء ﻣﻦ ﻃﻴﻨﺔ "ﺧﺎﻟﺪة ﻣﺴﻌﻮدي" وﻛﻞ اﳌﻜﺎﻓﺤﺎت ﻣﻌﻬﺎ ﻗﻠﻨﺎ اﳊﻖ ﻓﻲ
اﻷﻣﻞ .ﻧﺰل اﻷﻻف ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺮارا اﻟﻰ ﺷﻮارع اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
وأردن رﻓﻊ ﻋﻘﻴﺮﺗﻬﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻻ .ﻻ ﻟﻺرﻫﺎب ،ﻻ ﻟﻠﻌﻨﻒ ،ﻧﻌﻢ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ
.ﻫﻦ ،ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺣﻈﻨﺎ .إذا أﺳﺘﺴﻠﻤﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺘﻠﻚ ﻧﻬﺎﻳﺘﻨﺎ واﻟﺒﻠﺪ
ﺳﻴﺘﺮدى ﻓﻲ ﻣﻬﺎوي اﻹﻇﻼﻣﻴﺔ واﻟﻬﻤﺠﻴﺔ .أدﻋﻮ ،ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﺬﻳﻦ ،ﻧﺴﺎء
ورﺟﺎل ،ﻳﺤﺎرﺑﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ ،اﻟﻰ اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻷن اﳌﻄﻠﻮب ،ﻓﻌﻼ ،
اﻟﻴﻮم ﻫﻮ اﳌﻘﺎوﻣﺔ .ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻨﻔﻊ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻹﻳﻘﺎف اﻹرﻫﺎب .
81 80
ﻓﻲ اﻟﺒﺮوز وأﺿﺤﻰ ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺪﻳﻨﺔ
83 82
ﻣﻔﺨﺮة " :ﻟﻢ ﻳﻜﻦ رﺋﻴﺲ ﺑﻠﺪﻳﺔ ﻣﻴﺸﻠﻲ ﺑﺨﻴﻼ ﻋﻠﻲ ﺑﻌﺒﺎرات اﻹﻣﺘﻨﺎن اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﺸﻲ .ﻓﺈذا ﻓﺸﻠﺖ اﻟﺮﺻﺎﺻﺎت اﳋﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻨﻲ
واﳌﺪﻳﺢ .ﺣﻀﺮﻧﺎ ﺣﻔﻞ رﻓﻊ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮﺣﺔ وﻗﺪ ﻧﻘﺸﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬه ﺟﺴﺪﻳﺎ وﻧﻔﺴﻴﺎ ،ﻓﺈن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻌﻜﺎزﻳﻦ ﻟﻦ ﳝﻨﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﳌﺸﻲ ﻗﺪﻣﺎ وﻓﻲ
اﻟﻜﻠﻤﺎت " :ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻜﺎن ،أﺻﻴﺐ اﳌﻐﻨﻲ ﻣﻌﺘﻮب ﻟﻮﻧﺎس ،اﳌﻨﺎﺿﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال ،ﻇﻞ ﻧﻀﺎﻟﻲ ﻫﻮ أوﻟﻮﻳﺔ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻲ .
ﺳﺒﻴﻞ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ،ﺑﺠﺮوح ﺧﻄﻴﺮة " .
ﻣﻨﺬﺋﺬ واﻧﺎ أﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮاﺣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ أﻣﻼ
ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻠﻮﺣﺔ أﺛﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﳌﻜﺎن .ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪا .ﺧﻀﻌﺖ ﻷرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮاﺣﻴﺔ ﺧﻼل 18ﺷﻬﺮا .
ﻣﻦ وﺿﻌﻬﺎ أو ﺳﺮﻗﺖ .ل أدري ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻬﺎ وأﺟﻬﻞ ﻣﺎﻟﻬﺎ
ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻜﺎزﻳﻦ ،أﺳﺘﻌﻤﻠﺖ اﻟﻌﻜﺎزة ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا
ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻖ اﻷﺣﻮال ،أزرﺗﻨﻲ اﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﺼﻞ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ وﺣﺮﻳﺔ أﻛﺒﺮ .أرﻣﻖ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻨﻔﻖ .
ﺣﻘﻮﻗﻲ .ﺑﻌﺪ اﳊﻔﻞ ،ﺧﺎﻃﺒﺖ اﳉﻤﻬﻮر ﻗﺎﺋﻼ ":أﻣﺮ ﻣﻬﻢ أرﻳﺪ أن أﺧﺒﺮﻛﻢ
أﺟﻬﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻠﻤﺸﻲ رﻏﻢ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻷﻧﻨﻲ أﺗﻠﻬﻒ اﻟﻰ ﺗﺪارك
ﺑﻪ " وأﺟﺎﺑﻮا ﺑﺼﻮت واﺣﺪ ":أﻃﻠﺐ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ"! .
اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻀﺎﺋﻊ .ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﺑﲔ ﺟﺪران
أﺧﺒﺮﺗﻬﻢ ﲟﺸﺎﻛﻠﻲ اﻹدارﻳﺔ ﻣﻊ درك ﻣﻴﺸﻠﻲ ،وﻗﺎﻟﻮا ﺑﺼﻮت واﺣﺪ ": اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﺻﺮت ﻧﻬﻤﺎ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء .أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺄﻧﻨﻲ وﻟﺪت ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .
ﻟﻨﺬﻫﺐ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ !" .وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .اﳌﺴﻴﺮة ﺿﻤﺖ اﳌﺌﺎت
إﻧﺸﻐﺎﻟﻲ اﻵﺧﺮ ،وﻫﻮ أﺳﺎﺳﻲ ﺑﺪوره ،ﻫﻮ أن أدﻓﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻰ
وأﻋﺘﺼﻤﺖ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ أﻣﺎم ﻣﺪﺧﻞ ﺑﻨﺎﻳﺔ اﻟﺪرك .أﺻﺎب اﻟﻔﺰع رﺟﺎل اﻟﺪرك
اﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺎﳉﺮﳝﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺘﺮﻓﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻲ .ﺗﻮﻟﺖ ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ ،ﻣﻨﺬ
ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ وﺿﻌﻴﺔ ﺗﺘﺠﺎوزﻫﻢ ﻓﺒﺎدروا اﻟﻰ ﻃﻠﺐ
، 1988اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺈﺟﺮاءات إدارﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ،أﻃﺎﻟﺐ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺘﺴﻠﻴﻤﻲ
اﻹﻣﺪادات اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ أﺛﻨﺎء إﻋﺘﺼﺎم اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﺧﺎرج اﳌﺒﻨﻰ ،دﺧﻠﺖ اﻟﻰ
ﺗﻌﻮﻳﻀﺎت ﻋﻦ ﺿﺮر اﻹﻋﺎﻗﺔ اﳌﺰﻣﻨﺔ وﻫﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻓﺘﺢ ﻣﻠﻔﺎت .ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ
اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ وأﳊﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﻣﺤﻀﺮ ﺣﻮل اﻹﻋﺘﺪاء اﻟﻮﺣﺸﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﺮﺿﺖ
اﳊﺎل ،ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻨﻲ ،ﺑﺈﺳﺘﻤﺮار ،اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ .
ﻟﻪ .ﻓﻲ اﳋﺎرج ،ﺣﻨﺎﺟﺮ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ إﻃﻼق اﻟﻬﺘﺎﻓﺎت .أدرﻛﺖ
ﺧﻄﻮرة اﳌﻮﻗﻒ .ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻔﻲ إﺳﺘﻔﺰاز ﺑﺴﻴﻂ ﺑﻄﻠﻘﺔ ﺑﺮﺻﺎﺻﺔ ﻃﺎﺋﺸﺔ واﳊﺎل ،ﻻوﺟﻮد ﻟﻮﻗﺔ رﺳﻤﻴﺔ واﺣﺪة ﺗﺜﺒﺖ إﺻﺎﺑﺘﻲ ﺑﺠﺮوح ﺧﻄﻴﺮة
ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻠﺐ اﳌﻮﻗﻒ اﻟﻰ ﻣﺠﺰرة .ﻣﻮﻗﻦ ﺑﺄن اﻟﺪرك ﻟﻦ ﻳﺘﺮددوا ﻓﻲ إﻃﻼق ﺟﺮاء إﻋﺘﺪاء ﺑﺎﻟﺮﺻﺎص وﻻ ﶈﻀﺮ .ﻳﺬﻛﺮ درك "ﻣﻴﺸﻠﻲ" إﻃﻼق اﻟﺮﺻﺎص
اﻟﺮﺻﺎص ﻋﻠﻰ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ .أﻛﺪ ﻟﻲ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﳌﺴﺆول ﻋﻦ ﺳﺮﻳﺔ درك ﻣﻴﺸﻠﻲ ﻋﻠﻲ .
ﺑﺄن اﶈﻀﺮ ﺳﻴﺼﻠﻨﻲ ﻏﺪا .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﻲ واﺛﻖ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻜﺬب اﻻ أﻧﻨﻲ
ﺳﻨﺔ ، 1990دﻋﺘﻨﻲ ﺑﻠﺪﻳﺔ "ﻣﻴﺸﻠﻲ" ﻹﺣﻴﺎء ﺣﻔﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ
ﻟﻢ أﻛﻦ أرﻳﺪ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ اﳌﻮاﺟﻬﺔ ﺑﲔ اﻟﺪرك واﳉﻤﺎﻫﻴﺮ .ﻏﺎدرت اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ
ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ .وﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺣﻀﺮت ﺣﻔﻞ إزاﻟﺔ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺘﻲ
وﺣﺎوﻟﺖ إﻗﻨﺎع اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺗﻠﻘﻴﺖ ﺿﻤﺎﻧﺎت وﺗﻔﺮﻗﻮا وذﻫﺐ ﻛﻞ ﻋﻠﻰ
ﺳﺠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ وﻣﻜﺎن اﻹﻋﺘﺪاء .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻮﺣﺔ ،ﲟﻌﻰ ﻣﺎ ،ﺛﺄرا ﻟﻲ ﻣﻦ
ﺣﺎل ﺳﺒﻴﻠﻪ .ﻟﻢ ﲢﺪث ﻣﻨﺎوﺷﺎت وﻟﻢ أﺣﺼﻞ ،ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﳊﺎل ،اﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ
ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ وأزﻻﻣﺔ ﻣﻦ رﺟﺎل درك اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺮددوا ﻓﻲ إﻃﻼق اﻟﺮﺻﺎص
ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﶈﻀﺮ اﻟﺬي ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﻪ .
ﻋﻠﻲ .ﺣﻀﺮ اﳊﻔﻞ اﳌﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻮ ﻋﻦ 80.000ﺷﺨﺺ " .ﺷﺮف ،
85 84
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺗﻌﺎﻇﻤﺖ ،ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،أﻫﻤﻴﺔ ﻗﺮرت أن أرﻓﻊ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى أﻋﻠﻰ .ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻜﻞ
اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺳﻨﺔ 1980وﺗﺰاﻳﺪت ﺿﺤﺎﻳﺎ أﻛﺘﻮﺑﺮ 88وﻋﻮاﺋﻠﻬﻢ وﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ .ﻟﻴﺲ اﻟﻀﻤﺎن
ﻣﻌﻬﺎأﻫﻤﻴﺔ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ )ﺗﺎﻓﺴﻮت ﳝﺎزﻳﻐﻦ( .ﲟﻮازاة ﺗﺼﺎﻋﺪ اﳌﺪ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﺴﺪد ﻓﺎﺗﻮرة اﳌﻤﺎرﺳﺎت اﳌﺮوﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ
اﻹﺳﻼﻣﻮي ﺗﺴﺎرﻋﺖ وﺗﻴﺮة اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ وأﻣﺴﺖ ﲢﺘﻞ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ﺑﻨﺠﺪﻳﺪ وﺣﻜﻮﻣﺘﻪ .واﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻻزال ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ
ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ . ﺣﺒﺮا ﻋﻠﻰ ورق ،ﻻ أﺣﺪ ﺗﺴﻠﻢ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎت وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺪاﺧﻠﻨﻲ اﻟﻴﺄس .
ﻣﻨﺬ اﻹﺳﺘﻘﻼل ،ﺧﻄﻄﺖ اﳉﺰاﺋﺮ ﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻨﻤﻮي ﺷﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﺄواﺻﻞ اﻟﻜﻔﺎح وﺳﺄﻃﺎﻟﺐ ﺑﺤﻘﻮﻗﻨﺎ .ﻓﻲ إﻋﺘﻘﺎدي ،وﺑﺼﻔﺘﻲ
اﻷﺻﻌﺪة .ﻗﺎل ﺑﻮﻣﺪﻳﺎن ﺑﺄن ﺛﻮرة ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺳﺘﻌﻘﺐ اﻟﺜﻮرﺗﺎن اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻧﺎﻃﻘﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻛﻞ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻬﻮﻟﲔ ﻟﻨﻈﺎم ﻟﻢ ﻳﺘﻮرع ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻨﺎر اﻟﻰ
واﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻠﺘﺎن أﻧﺘﻬﺘﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ اﳉﻤﻴﻊ ،اﻟﻰ ﻓﺸﻞ ذرﻳﻊ .ﲟﻮازاة ذﻟﻚ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ ،ارى أن ﻫﺬه اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ،ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ،ﻣﺸﻜﻠﺔ
،ﺗﻮاﺟﻪ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺮﻫﻦ ﻋﻦ إﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﻼﻣﺒﺎﻻة ﺑﻠﻪ ﺿﻤﻴﺮ .
اﻟﺮﻓﺾ ؛ وﺑﺼﻴﻐﺔ أﺧﺮى ،ﻛﻤﺎ ﻧﺘﻮﻗﻊ أﺳﺘﺌﺼﺎﻻ ﻛﻠﻴﺎ ﻟﻠﺒﻌﺪ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ
ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ أﻗﺘﺮﺣﻮا ﻋﻠﻲ ﺷﺒﻪ ﺗﻌﻮﻳﺾ ،ﻇﻨﻮا ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺳﺄﻫﺪأ .إﻧﻬﻢ ﻻ
ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ .
ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻨﻲ ﺟﻴﺪا .أﻃﺎﻟﺐ وﺳﺄواﺻﻞ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻌﻮﻳﺾ ﻛﻞ ﺿﺤﺎﻳﺎ اﻛﺘﻮﺑﺮ
ﻏﺪاة اﻹﺳﺘﻘﻼل ،ﲡﺎﻫﻞ ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ إن ﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﻫﻀﻢ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ . 1988ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻧﺸﻄﺐ ﺑﺠﺮة ﻗﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ
اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﲢﺖ ذرﻳﻌﺔ اﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﳌﺮﺗﻜﺰة واﻟﻘﻤﻊ اﻟﺸﺮس واﻟﻘﺘﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﻋﻘﺒﻮﻫﺎ .
ﻋﻠﻰ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .
إﻧﻪ ﻧﻈﺎم ﻓﺎﺷﻲ أﻃﻠﻖ اﻟﺮﺻﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس .إذا ﻛﻨﺎ ،اﻟﻴﻮم ،
ﻓﻬﻤﺖ داﺋﻤﺎ ن اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ﻓﻬﻤﺎ ﺧﺎﻃﺌﺎ .ﻫﻜﺬا ﻣﺪﻋﻮون اﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻋﻨﻒ اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻸن اﳉﺒﻬﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
،وﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺘﻘﻼل ،ﻛﺮر اﻟﺮﺋﻴﺲ اﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻗﻮﻟﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ":ﻧﺤﻦ ﻟﻺﻧﻘﺎذ ﳒﺤﺖ ،ﲤﺎﻣﺎ ،ﻓﻲ إﺳﺘﻐﻼل اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﺘﻲ إﺳﺘﺤﻜﻤﺖ داﺧﻞ
ﻋﺮب ،ﻧﺤﻦ ﻋﺮب !" ﻗﺎﻃﻌﺎ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ أي ﺗﻌﺮﻳﻒ آﺧﺮ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ أﺣﺪاث أﻛﺘﻮﺑﺮ .ﻋﺮف اﳌﺘﻄﺮﻓﻮن ﻛﻴﻒ
اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ .اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،إﻋﻼن اﳊﺰب اﻟﻮﺣﻴﺪ ،اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻨﺠﺤﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﺴﺮب ﻣﻦ اﻟﺸﺮخ اﻟﺬي ﻓﺘﺤﻪ اﻟﻘﻤﻊ اﻷﻫﻮج ﺿﺪ
اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ،واﳊﺎل أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻠﻐﺔ اﻷم ﻷي ﺟﺰاﺋﺮي . اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ،إﻧﻬﻢ أﻗﺘﺮﺣﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻋﻮاﺋﻞ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ دﻋﻤﺎ ﻣﺎدﻳﺎ وﻣﻌﻨﻮﻳﺎ
ﰎ ﺗﺸﺪﻳﺪ اﳋﻨﺎق اذا ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺐ ﻋﺎﻧﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﻣﺰق ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺲ اﳊﺎﺟﺔ اﻟﻴﻪ .ﻗﺎﻣﻮا ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺎﺳﺘﻘﻄﺎﺑﺎت
ﺷﺮ ﲤﺰق ﺑﲔ ﻋﺎﺋﻠﺘﲔ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻃﺎﻫﺮ ﺟﺎﻋﻮط ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ":ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﻔﻘﻴﺮة واﳌﻬﻤﺸﺔ ﻣﻦ ﻟﺪن اﻟﻨﻈﺎم .ﻣﺎ ﻧﺤﺼﺪه
ﺗﺴﻴﺮ ﻗﺪﻣﺎ اﻟﻰ أﻣﺎم وأﺧﺮى ﺗﻨﺠﺮ اﻟﻰ ﺧﻠﻒ " . اﻟﻴﻮم زرﻋﻨﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﺬوره ﻓﻲ . 1988
ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺘﻌﺪدي ﻟﻠﺸﻌﺐ اﳉﺰاﺋﺮي وذاك ﺳﺒﺐ إﺿﺎﻓﻲ ﻳﺪﻓﻌﻨﻲ اﻟﻰ اﻹﺳﺘﻤﺮار وﻋﺪم اﻟﺘﺮاﺟﻊ .
ﺑﺪﻋﻮى اﳊﻴﻠﻮﻟﺔ دون اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ .وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ أن اﻟﻠﻐﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
87 86
ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﳌﺴﻴﺮة ،وﲢﺖ إﳊﺎح أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻋﺪت اﻟﻰ ﺑﺎرﻳﺲ ،اﻟﻰ ﻣﻘﺼﻴﺔ ﲤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ وﺗﺘﻔﺎدى ﻛﻞ اﻟﻨﺼﻮص
ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻮﺟﻮن ﻷﺧﻀﻊ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ إﺻﻼح اﻹﻣﺘﺪاد اﻟﻬﻀﻤﻲ ﺑﺈﻏﻼق اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،وﺑﺸﻜﻞ ﳑﻨﻬﺞ ،اﻹﺷﺎرة اﻟﻰ ﻋﺒﺎرة "أﻣﺎزﻳﻐﻲ" .
اﻟﺸﺮج اﻹﺻﻄﻨﺎﻋﻲ وﻧﺰع اﳌﺜﺒﺖ اﳋﺎرﺟﻲ اﳌﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻲ اﻟﻴﺴﺮى
أﺧﺘﺮت ﻣﻌﺴﻜﺮي " ،ﻃﺎﻫﺮ ﺟﺎﻋﻮط" ﺻﺮح ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ
ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﺑﺮﻳﻞ ،ﺷﻔﻴﺖ ﲤﺎﻣﺎ ﻟﻜﻦ ﻛﻨﺖ ،ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﳊﲔ ،ﺷﺪﻳﺪ
اﻷﻫﻤﻴﺔ وﻣﺜﻴﺮة ﻟﻺﻧﺘﺒﺎه وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ أﺳﺘﺤﻀﺮﻫﺎ ،ﻳﻘﻮل ،ﻣﺜﻼ ":اﻟﺼﻤﺖ
اﻟﺘﻮﺗﺮ
ﻣﺮادف ﻟﻠﻤﻮت ،وأﻧﺖ إذا ﺗﻜﻠﻤﺖ ﲤﻮت وإذا ﺳﻜﺘﺖ ﲤﻮت ،اذا ﺗﻜﻠﻢ وﻣﺖ "
ﻣﺂرﺑﻪ .ﻟﻢ أﺗﺒﲔ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ ﻷن ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﻲ ،ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ أرﻳﺪ أن أﺗﻜﻠﻢ وﻻ أرﻳﺪ أن أﻣﻮت .
،ﻫﻮ اﻟﻮﻗﻮف ﻓﻲ وﺟﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ وﻣﺎ ﻳﺘﻬﺪد ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ .أﺑﻌﺪ اﻹﺣﺘﻔﺎء ب 20
ﻋﻠﻰ إﻣﺘﺪاد اﻟﻜﻔﺎح اﻟﺬي ﻛﻨﺖ ،داﺋﻤﺎ ،أﺧﻮﺿﻪ وأﲢﻤﻞ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ
اﺑﺮﻳﻞ 1990ﺷﺒﺢ اﻟﻜﺎرﺛﺔ رﻏﻢ أن اﻹﺣﺘﻔﺎل اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻛﺎد
،اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻲ اﻷﻣﺮ اﻟﻰ أن أﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺪﻋﻮا اﻟﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪور أﺳﺎﺳﻲ
أن ﻳﻨﻘﻠﺐ اﻟﻰ ﻣﻴﺪان ﻟﻠﻤﻌﺎرك .ﺣﻀﺮ ﻫﺬا اﻹﺣﺘﻔﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 200.000
ﻓﻲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .ﻫﺬا اﻹﻋﺘﺮاف اﻟﺬي ﻛﺎن ﻧﺼﻴﺒﻲ ﺣﺘﻰ
ﺷﺨﺺ ،ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻗﺪم ﻣﻦ اﳌﻐﺮب وآﺧﺮون ﻣﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﺑﻠﺪان أﺧﺮى .ﻛﻨﺖ
ﻗﺒﻞ ، 1988أﺗﺖ رﺻﺎﺻﺎت اﻛﺘﻮﺑﺮ ﻟﺘﺪﻋﻤﻪ وﺗﻜﺮﺳﻪ .ﻣﻨﺬ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ
ﻻ أزال ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺟﺪا .ﻟﻢ أﻛﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﺮاﻋﺎت اﳋﻔﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ .
،أﺻﺒﺤﺖ أﻗﻮم ﺑﺪور ﺣﻴﻮي ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
ﻓﻬﻤﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻮم ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﺒﻌﺾ ،ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ
وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﻨﺬ 25ﻳﻨﺎﻳﺮ . 1990ﺷﻬﺪ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ إﺣﺪى أﻛﺒﺮ
إﻧﺤﻴﺎز ﺳﺎﻓﺮ ﻟﻄﺮف ﻣﻌﲔ .
اﳌﺴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﺒﻠﺪ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ .ﺗﻈﺎﻫﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن
ﻛﺎد ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺳﻮء اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ اﳊﺎﺿﺮﻳﻦ اﶈﺘﻔﲔ اﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﺷﻮارﻋﻬﺎ وﻫﻢ ﻳﺮددون ":ﲤﺎزﻳﻐﺖ :ﻟﻐﺔ وﻃﻨﻴﺔ ورﺳﻤﻴﺔ"
ﻋﺎﻣﺔ وﻛﻨﺎ ،ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﻗﺎب ﻗﻮﺳﲔ أو أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻷﺳﻮأ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺄن .ﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﳌﺴﻴﺮة أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ وﻇﻠﺖ ﻣﻮﺷﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ﺑﺈﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ
ﻳﻘﻮل ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ اﳌﻮﺿﻮع . إﺣﺪى أﻛﺒﺮ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .وﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،وﻗﻊ ﻋﻠﻲ اﻹﺧﺘﻴﺎر
ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺴﻠﻴﻢ رﺋﻴﺲ اﳉﻤﻌﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ )اﻟﺒﺮﳌﺎن( اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ
أﻣﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺲ واﻟﺘﺸﺠﻨﺎت ﻓﺘﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ
ﻟﻠﺤﻠﻘﺎت اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ
اﻧﺸﻘﺎﻗﺎت واﺳﻌﺔ داﺧﻞ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ أﺳﻔﺮت ﻋﻦ ﺗﻴﺎرﻳﻦ :
رأس ﳉﻨﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻘﻴﺖ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ وﻗﻠﺖ ﻟﻪ ":إﻗﺮأه إذا
" اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ " اﶈﺴﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﻮى اﻹﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ و"اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ
ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ ﻣﺘﺴﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ " .ﻟﻢ ﻳﺼﺪق ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻋﻴﻨﺎه إذ ﻟﻢ ﻳﺠﺮأ أﺣﺪ ،
اﻟﻮﻃﻨﻲ" اﳌﻮاﻟﻲ ﻟﻠﺘﺠﻤﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴﺔ .ﻟﺰﻣﺖ اﳊﻴﺎد
ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ وﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎزل ﻧﻈﺎم
ﺑﲔ اﻟﺘﻴﺎرﻳﻦ ﻹﻗﺘﻨﺎﻋﻲ ﺑﻀﺮورة ﺗﻨﺰﻳﻪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺣﺼﻞ ﺣﻮﻟﻬﺎ إﺟﻤﺎع ﻋﻦ
اﳊﻜﻢ .ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ أﻓﺮاد اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺮﻓﻘﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻮن اﻟﻰ ﺣﺰب
اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﳊﺰﺑﻴﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ .
ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﻮى اﻹﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ .وﻫﻨﺎ ،ﲡﺐ اﻹﺷﺎرة اﻟﻰ أن اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ
إن اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﺿﺮورﻳﺔ ﺟﺪا اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﰎ إﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ،ﻓﻘﻂ ﻟﻐﺎﻳﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ .
وﻻزاﻟﺖ ﻛﺬﻟﻚ وﺳﺘﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺿﺮورة ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻷﻧﻬﺎ ﻗﻮام وﺟﻮد
89 88
ﻣﺒﺎدراﺗﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﻠﻔﻬﻢ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺛﻤﻦ .ﻻ ﻳﻜﻔﻮن ﻋﻦ ﺗﺮدﻳﺪ أﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﻣﺸﺎرﺑﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .إﻧﻬﺎ رﻣﺰ ﻟﻬﻮﻳﺘﻨﺎ .
ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﳊﺮﻛﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ أم ﻻ وﺣﻮل ﻣﺪى ﺗﻐﻠﻐﻠﻬﺎ ﻓﻲ أوﺳﺎط
ﻣﻨﺬ 1980واﻟﺮﺑﻴﻊ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ وﻫﻲ رأس اﻟﺮﻣﺢ ﻓﻲ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ
اﻟﺴﻜﺎن وﳌﺎذا ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن ﻟﻘﺮاراﺗﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ …؟ ﻳﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ
إﺛﺒﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ وﻗﺪ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻟﻴﻮم ﺑﺄن
إﺳﺘﻤﺮاري ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة اﻟﻰ ﻫﺬه اﳊﺮﻛﺔ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﳉﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ
ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻓﻲ اﳋﻄﻮط اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ .
اﻟﺘﻲ أﺿﻄﻠﻌﺖ ﺑﻬﺎ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺬي ﻣﺎرﺳﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ
وازﻻﻣﻬﻢ اﶈﻠﻴﲔ ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻓﻲ إﻓﺮاﺟﻬﻢ ﻋﻨﻲ . إن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﳑﻦ ﺻﺎدف ﺗﺎرﻳﺦ وﻻدﺗﻬﻢ وﻻدة اﳊﺮﻛﺔ ﻳﺠﻌﻠﻮن ﻣﻨﻬﺎ
ﻣﺒﺮر وﺟﻮدﻫﻢ .ﻧﺎﺿﻠﺖ داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻻزﻟﺖ ﺳﻴﻤﺎ أن اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،اﻟﻴﻮم ،
ﻗﺮرت اﻹﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ إﻗﺘﺮاب اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎت
ﻣﻬﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ .أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﻲ واﳊﺮﻛﺔ ،وﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ
اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺳﻨﺔ ، 1991ﺑﺪأت أﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
اﳋﻼﻓﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻷﻣﺮ ،إﻻ ﺷﻴﺌﺎ واﺣﺪا .ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻞ
ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻌﺪي ﻣﺆﺳﺲ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﻌﺪ
اﻟﻴﻮم ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻘﻮى ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ ،واﻟﺴﻜﺎن ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ
إﻃﻼﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﲤﺤﻮرت ﺣﻮﻟﻬﺎ اﳊﻤﻼت اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ
واﻋﻮن ﲤﺎﻣﺎ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺬﻟﻚ وﻳﺘﺄﻛﺪون ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳌﻠﻤﻮس .إذا ﺻﺪﻣﺖ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ
ﳊﺰﺑﻪ .أﻋﺘﻘﺪ اﻟﻴﻮم أن ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻌﺪي ﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺮأة وﻧﺰاﻫﺔ
ﻓﻲ وﺟﻪ ﻛﻞ اﻟﻌﻮاﺻﻒ اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي ﺻﺎرت رﻣﺰا ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ،ﻓﺈن
ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻗﺮر ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻐﺎدرة اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻳﻌﻮد اﻟﻰ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .
واﻹﺳﺘﻘﺮار ﺑﺎﳋﺎرج ،أﺛﺮ ﺳﻌﺪي ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻜﻔﺎح داﺧﻞ اﳉﺰاﺋﺮ .ﻳﺮﻓﺾ
اﻹﻧﺴﺤﺎب وﺗﺮك اﳌﻴﺪان ،ﻓﺎرﻏﺎ ﻟﻠﻤﺘﻄﺮﻓﲔ .إﻧﻪ دﳝﻘﺮاﻃﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻﺣﻈﺖ ﺳﻨﺔ 1991اﳌﺪ اﻟﻜﺎﺳﺢ ﻟﻠﺠﺒﻬﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻟﻺﻧﻘﺎذ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻮﻃﻦ ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ إﻳﻘﺎﻓﻪ ﻓﻴﻬﺎ ،إﻛﺘﻔﻴﻨﺎ
اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺳﻨﺔ . 1991ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻐﻨﻲ أن واﻟﺪﺗﻪ ﻣﺎﺗﺖ
ﺑﺪق ﻧﺎﻗﻮس اﳋﻄﺮ وﻗﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ درﺋﻪ
ﻣﻮﺗﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ،ذﻫﺒﺖ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺪﱘ اﻟﺘﻌﺎزي اﻟﻴﻪ .اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﻲ ﻓﻲ
وإﻳﻘﺎﻓﻪ .إن اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ،اﳌﻌﻘﻞ اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻲ ﻗﺎﻣﺖ ،ﲟﺎ وﺳﻌﻬﺎ وأﻛﺜﺮ ،
ﻣﻜﺘﺒﻪ .ذﻫﻠﺖ ﳌﺎ رأﻳﺖ .ﺗﻮﻗﻌﺖ أن أﺟﺪ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ رﺟﻼ ﻗﺎﺳﻴﺎ ﻓﺈذا ﺑﻲ أﻣﺎم
ﺑﻬﺬا اﳋﺼﻮص .ﺷﺨﺼﻴﺎ ،ﻏﻨﻴﺖ وﻧﺪدت ﺑﺎﻟﻼﻣﻌﻘﻮل .وﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ
ﺷﺨﺺ ﻛﺮﱘ ﻓﻲ إﺻﻐﺎﺋﻪ ﻟﻲ واﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﺑﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ
،أدرﻛﺖ ﺑﺄن اﻟﺘﺤﺪث اﻟﻰ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ
اﻟﺸﻬﻮر اﻷﺧﻴﺮة رﻏﻢ اﳋﻄﺐ اﳉﻠﻞ اﻟﺬي ﳝﺮ ﻣﻨﻪ وﻛﻞ اﳌﺸﺎﻛﻞ اﶈﻴﻄﺔ
اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺮادف ،ﻋﻨﺪﻫﺎ ،ﻟﻺﳊﺎد .إن ﻋﻘﻮدا ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﳊﺰب اﻟﻮﺣﻴﺪ
ﺑﻪ .
ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﻓﺮزت ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،أﻗﺼﺪ ﺳﻮء أو ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ اﻟﺴﻜﺎن
ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﺗﻜﺮرت ﻟﻘﺎءاﺗﻨﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﳝﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻲ ،ﻳﺘﻌﻤﺪ اﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﲔ .
زﻳﺎرﺗﻲ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺖ .ﻳﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ واﻟﺪﺗﻲ وﺗﺒﺎدﻟﻪ
ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل ،ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ،اﻟﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻔﺎﻫﻢ
اﻟﻌﻄﻒ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺘﺤﺪﺛﺎن ،ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال ،ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﺔ .
وﺗﻮاﻓﻖ ؟ وﻫﺎﻫﻮ إﺧﺘﻄﺎﻓﻲ ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ .إن أﺧﻮف ﻣﺎ ﻳﺨﻴﻒ اﻟﺬﻳﻦ
اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻮاب .ذات ﻳﻮم ،زارﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻌﺪي إﺧﺘﻄﻔﻮﻧﻲ ﻫﻮ اﳊﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .ﻓﻬﻢ ﻳﺒﺘﻐﻮن ﺗﻄﻮﻳﻖ ﻛﻞ
91 90
ﻛﺎن ﻳﻌﺘﺰم ﺑﻨﺎء ﺳﻜﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ .أﺳﺘﻐﻞ اﳌﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ وﻓﺮح اﳉﻤﻴﻊ ﻟﺬﻟﻚ .أذﻛﺮ أﻧﻪ ﻳﺮﺗﺪي ﺑﺮﻧﻮﺳﺎ أﺑﻴﻀﺎ ﻧﺎﺻﻌﺎ
ﻃﺮﻳﺢ اﻟﻔﺮاش ﻓﺄرﺷﻰ ﺑﻌﺾ اﳌﺴﺆوﻟﲔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ واﻟﻮﻻﻳﺔ ﳊﻤﻠﻬﻢ وﻳﺮاﻓﻘﻪ اﳌﺴﺆول ﻋﻦ ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ وﻗﺪ دﻋﻮﺗﻬﻤﺎ اﻟﻲ ﺑﻜﻠﻤﺎت
ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻜﺎن ﻋﺒﻮر اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻳﺎﻫﺎ . ﻟﻦ أﻧﺴﺎﻫﺎ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ ":ﻟﻮﻧﺎس ،أرﺟﻮك ،ﻻﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎت
.أﻧﺖ وﺷﺨﺼﻴﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺮﻣﺰون اﻟﻰ ﺛﻮاﺑﺘﻨﺎ .ﻻ ﺗﺸﻌﻠﻮا اﻟﻨﺎر ﻓﻲ
أدرﻛﺖ اﳌﻨﺎورة ﻓﺘﻘﺪﻣﺖ ﺑﺸﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﳌﻮﺿﻮع .ﻗﺒﻞ أن ﻳﺸﺮع
ﻣﺮاﻛﺒﻨﺎ وﻫﻲ راﺳﻴﺔ وﺳﻂ اﻟﺒﺤﺮ .ﺷﻲء ﻣﻦ اﻹﻧﻜﻔﺎء .ﻟﻮﻧﺎس ،أﺗﻮﺳﻞ
ﺟﺎري ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء ،ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﶈﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﺿﺮب
اﻟﻴﻚ ،إﺑﻖ ﺧﺎرج ﻫﺬه اﳊﺮب ﺑﲔ اﻹﺧﻮة ".
ﺑﻄﻠﺒﻬﻢ ﻋﺮض اﳊﺎﺋﻂ وﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء .وﺟﻬﺖ إﻟﻴﻪ أرﺑﻊ إﻧﺬارات ﻟﻜﻨﻪ
رﻛﺐ رأﺳﻪ وواﺻﻞ اﻟﺒﻨﺎء ﻟﻴﻼ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎت أﻣﺎم اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ . ﻛﺎﻧﺖ اﳊﻤﻠﺔ اﻹﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ أوﺟﻬﺎ ،ﻋﺸﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺴﻪ ،زارﻧﻲ
اﳌﺴﺆول اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﻮى اﻹﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﺑﺎﳌﻨﻄﻘﺔ ﻟﻴﻮﺟﻪ اﻟﻰ
ذات ﺻﺒﻴﺤﺔ ،وﺑﺴﺒﺐ اﻹزﻋﺎج اﻟﺬي ﺳﺒﺒﻪ ﻟﻲ أزﻳﺰ اﳌﻄﺮﻗﺔ اﳊﺎﻓﺮة
ﺳﻴﻼ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﺮ داري ،وﻣﻦ أﺳﺌﻠﺘﻪ ":ﻣﺎذا ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪك
،وﺿﻌﺖ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺷﻜﺎﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة .راﻓﻘﺘﻨﻲ إﺛﻨﺎن ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺴﻜﻨﻰ
ﻫﻨﺎ ؟ ﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻚ ؟ إذا ﺳﺎﻧﺪﺗﻪ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﻨﺼﻔﺔ ".
واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ اﻟﻰ ﻋﲔ اﳌﻜﺎن .وﻓﻲ ﺣﻀﻮرﻫﻤﺎ ،ﺷﺮع اﳉﺎر ﻓﻲ ﺳﺒﻲ وﺷﺘﻤﻲ
أﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ،ﻓﻌﻼ ،ﳌﺜﻞ ﻫﺬا اﳋﻄﺎب اﻟﺼﺒﻴﺎﻧﻲ .ﻣﻨﺬ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،أﺧﺬت
وإذا ﺑﺸﻘﻴﻘﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﺒﻴﺖ واﳉﺎر ﻻﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ
ﻣﺴﺎﻓﺔ إزاء اﻟﺘﺸﻜﻴﻼت اﻹﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻳﺒﺘﻐﻮن إﺳﺘﻐﻼﻟﻲ وﻗﺮرت ﻟﺰوم
ﺷﺘﺎﺋﻤﻪ ،اﻟﺒﺬﻳﺌﺔ اﻟﻲ ﺷﺨﺼﻲ ﻓﻲ ﺣﻀﻮر ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ .ﺗﻮﺗﺮت أﻋﺼﺎﺑﻲ
اﳊﻴﺎد اﻟﻜﺎﻣﻞ .
وأﻣﺘﻄﻴﺖ ﺳﻴﺎرﺗﻲ وأﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺟﻨﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ إﲡﺎﻫﻪ .أﺧﺘﻔﻰ وراء
ﻋﻤﻮد أﺳﻤﻨﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﻋﺘﺮض ﺳﻴﺎرﺗﻲ 4x4ﺳﻴﺎج اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﺧﻠﺖ أن اﳊﻆ ﺻﺎر ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻲ .ﻫﺎ أﻧﺎ أﻏﺎدر اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮر
اﻟﺬي أﺣﺎط ﺑﻪ ورش ﺑﻨﺎﺋﻪ . وأﻋﺎﻧﻖ اﳊﻴﺎة ﻣﺠﺪدا ،أﻣﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻲ ﻣﺠﺪدا أﻋﺮج إﻻ أﻧﻨﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ
اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ دون ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻨﺎء .ﻫﺎ أﻧﺎ إذا أﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺑﻮس .
ﻗﺎم اﻟﺮﺟﻼن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﺎن ﺣﺘﻰ أﲤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻲ وﻧﺒﻬﺎﻧﻲ اﻟﻰ
أن اﳉﺎر ﻳﺮﻳﺪ أن أﻓﻘﺪ ﺻﻮاﺑﻲ .ﻣﺎ ﻓﺘﺌﻮا ﻳﻜﺮرون ":ﲤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻚ " .ﻛﻨﺖ إﻻ أن اﻷﻗﺪار ،ﺳﻨﺔ ، 1990رأي آﺧﺮ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺰاع ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻊ أﺣﺪ
ﻣﺘﻮﺗﺮا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻟﻢ أﻋﺪ أﺷﺎﻫﺪ أﻣﺎﻣﻲ اﻻ أﻟﻮاﻧﺎ ﺣﻤﺮاء .دﻧﺲ ﺷﺮﻓﻲ اﳉﻴﺮان ﻋﺎد ﻛﻞ ﺷﻲء اﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺼﻔﺮ .
ﺑﻬﺬه اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻔﻮه ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ .واﳊﺎل أن ﻫﺬا اﳉﺎر
ﺛﻤﺔ ﻣﺸﺮوع ﻃﺮﻳﻖ ﺳﺘﺮﺑﻂ اﻟﺒﻠﺪات اﳌﺘﺠﺎورة ﲟﻘﺮ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ اﳉﺪﻳﺪة
أﻗﻮى ﺑﻨﻴﺔ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻲ أﻧﺎ اﻟﺬي ﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﺘﻮ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﻓﺎﻗﺪا ﻟﻘﻮاي
اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻃﻮر اﻹﳒﺎز .ﻗﺒﻞ دﺧﻮﻟﻲ ﺳﻨﺔ ، 1988ﻗﺎم ﻣﺎﺳﺤﻮن
وﻣﻌﺎﻗﺎ .
ﻃﻮﺑﻮﻏﺮاﻓﻴﻮن ﺑﻀﺒﻂ اﳌﻤﺮ ﺑﻞ ودﻋﺘﻨﻲ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ اﻟﻰ إزاﻟﺔ ﺑﺮاﻛﺔ ﺗﺘﻮاﺟﺪ
دﺧﻠﺖ اﻟﻲ اﻟﺒﻴﺖ ،أﻣﺴﻜﺖ ﺑﻘﻨﻴﻨﺔ وﻳﺴﻜﻲ وﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﺮب ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻳﻘﻊ ﲢﺖ ﻣﻠﻜﻴﺘﻲ ﺑﺪﻋﻮى أن اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳉﺪﻳﺪة
ﺑﻨﻬﻢ وﺑﺴﺮﻋﺔ ﺛﻤﻠﺖ وزاد ﻏﻀﺒﻲ .أﺧﺬت ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﺻﻴﺪ ووﺿﻌﺖ ﻳﺪي ﺳﺘﻤﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﳌﻜﺎن .ﺳﻨﺔ ، 1990ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺮور ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ
ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻧﺎد وﺧﺮﺟﺖ أﻃﻠﻖ رﺻﺎﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء .ﻟﻢ أﻛﻦ أﻧﻮي ﻗﺘﻞ وﻻ ﻓﻘﺮرت اﻟﺴﻠﻄﺎت أن ﲤﺮ ﲟﺤﺎذاة ﺣﺎﺋﻂ ﺑﻴﺘﻲ ﳑﺎ أﻋﻄﻰ إﻣﺘﻴﺎزا ﳉﺎري اﻟﺬي
93 92
اﻟﻮﻓﻲ )ﻓﻮﺿﻴﻞ( إن اﻟﺬي ﻃﻌﻨﻨﻲ ﺑﺎﳋﻨﺠﺮ ﻣﺰق اﳌﻌﻲ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ .ﻛﻨﺖ ﺟﺮح أﺣﺪ .أردت ،ﻓﻘﻂ ،إﺳﻤﺎع ﺻﻮﺗﻲ .ﻣﺎ أن ﺳﻤﻊ ﺷﺒﺎب اﻟﺒﻠﺪة
ﻓﻲ أﺳﻮأ وﺿﻊ وﺑﻜﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻲ وﻣﺎﻟﻲ .ﻓﻤﺎ ﺣﺪث ﻟﻲ ﻳﺘﺠﺎوز ﻃﺎﻗﺔ ﻃﻠﻘﺎت اﻟﺮﺻﺎص ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺎﻃﺮوا اﻟﻰ ﻋﲔ اﳌﻜﺎن وﺳﻠﻤﺘﻬﻢ اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ
ﲢﻤﻞ ﻓﺮد واﺣﺪ . دون أدﻧﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ .
ﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ وﺟﺪﺗﻨﻲ أﺧﺘﻲ ﻣﻠﻴﻜﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺻﻞ رﺟﺎل اﻟﺪرك وﺗﺒﻌﻬﻢ وﺟﻬﺎء اﻟﺒﻠﺪة .ﻗﺎﻣﻮا
اﻟﻮﻫﻦ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﺤﻤﻠﺘﻨﻲ ﻫﻲ وﻓﻮﺿﻴﻞ اﻟﻰ اﳌﺮﻛﺰ اﻹﺳﺘﺸﻔﺎﺋﻲ اﳉﺎﻣﻌﻲ ﺑﺘﻬﺪﺋﺔ اﳉﻤﻴﻊ .وﲡﻨﺒﻨﺎ ﻻﻋﺘﻘﺎﻟﻲ أﻣﺎم اﻟﺸﻬﻮد ،أﺳﺘﺪﻋﺎﻧﻲ رﺋﻴﺲ
ﺑﺘﻴﺰي ﻛﻨﺖ أﻛﻬﺐ .أﻧﺘﻔﺦ ﺑﻄﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﺑﺤﻴﺚ ﻻﻳﻄﻴﻖ أدﻧﻰ ﳌﺲ ﺳﺮﻳﺔ اﻟﺪرك اﻟﻰ ﻣﻘﺮ اﻟﺪرك ﻗﺒﻞ اﳋﺎﻣﺴﺔ ﻣﺴﺎء .ﻣﺎ أن وﺻﻠﺖ اﻟﻰ
.أﺧﻀﻌﺖ ﻟﻔﺤﺺ رادﻳﻮﻟﻮﺟﻲ .ﺑﻌﺾ اﻷﻃﺒﺎء ﺷﺨﺼﻮا اﻟﺪودة اﻟﺰاﺋﺪة اﳌﻘﺮ ﺣﺘﻰ ﺷﺎﻫﺪت ﺟﺎري وأﺑﻮه وﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮوﻳﻮن وﺑﻌﺾ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪرك ،وﻣﺎ
واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻋﺎﻳﻨﻮا ﺗﻌﻔﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳉﺮاﺣﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ . أن وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎ اﳉﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺘﻰ أﻧﻬﺎل ﻋﻠﻲ ﺑﺸﺘﺎﺋﻢ أﺧﺮى ووﺟﻪ اﻟﻲ ﺿﺮﺑﺔ
ﺑﺮﺟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻨﻲ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺄﻟﻢ ﺣﺎد ﻓﻲ ﻇﻬﺮي .إﻟﺘﻔﺖ
أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﻮاﺛﻖ أن ﻻﺷﻲء ﻣﻦ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻛﺮرت ﻟﻠﻤﺮة اﻷﻟﻒ ﻓﻲ
ﻓﻮﺟﺪت أﺑﺎه ﳑﺴﻜﺎ ﺑﺨﻨﺠﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻌﺪ أن ﺳﺪد ﻟﻲ ﻃﻌﻨﺔ .ﻫﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ
وﺟﻮﻫﻬﻢ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻃﻌﻨﺖ ﺑﺴﻜﲔ وﺗﻮﺳﻠﺘﻬﻢ ﺑﺄن ﻳﻔﻬﻤﻮا ذﻟﻚ ! ﻛﺎن
اﻷرض ،ﺣﻤﻠﺖ اﻟﻰ ﻃﺒﻴﺐ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻧﻘﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎح اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻰ ﺗﻴﺰي
اﻟﺰﻣﻦ ﺻﻴﻔﺎ واﻟﻄﺒﻴﺐ اﳉﺮاح ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ ﺻﻴﻔﻲ .إﻧﺘﻈﺮﻧﺎه 23ﺳﺎﻋﺔ
ﻟﺘﺸﺨﻴﺺ اﳉﺮح .
ﺑﺪﻋﻮى أﻧﻪ ﻻﻣﺠﺎل ﻹزﻋﺎﺟﻪ ﻗﺒﻞ ﻣﻀﻲ ﻫﺬه اﳌﺪة .
ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﳌﺴﺘﻌﺠﻼت ،ﻧﻈﻒ اﳉﺮح ووﺿﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎدة وﻗﺮر
أﺧﻴﺮا ،ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮاﺣﻴﺔ ،وﺗﺒﲔ أﻧﻨﻲ ﻣﺼﺎب ﺑﺎﻟﺘﻬﺎب
اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻲ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب دون أن ﻳﻘﻮم ﻫﻮ ،ﺷﺨﺼﻴﺎ ،ﺑﻔﺤﺼﻲ .
اﻟﺼﻔﺎق وأﺧﺒﺮت ﺑﺄن ﻫﺬا اﻹﻟﺘﻬﺎب ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻲ ﻓﻮرا .ﻓﺘﺢ
اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻳﻘﻮل :ﻣﺠﺮد ﺟﺮح ﻃﻔﻴﻒ .
اﳉﺮاح ﻣﻮﺿﻊ اﳉﺮح وﻧﻈﻔﻪ ﺛﻢ ﺧﺎﻃﻪ دون أن ﻳﻔﺤﺺ اﳌﻌﻲ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ .
ﳌﺎ أﻗﺒﻞ اﻟﻠﻴﻞ ،ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ اﻟﻨﻮم ﺑﺴﺒﺐ آﻻم رﻫﻴﺒﺔ .أﺷﻌﺮ
إﺧﺘﻔﺖ اﻷﻻم ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻳﻮﻣﲔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ وﺷﻌﺮت ،ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺴﻦ
ﺑﺎﻟﻈﻤﺄ أﻟﺘﻬﻢ ﻛﻤﻴﺎت ﻣﻦ اﳌﺎء دوﳕﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﺛﻢ أﺗﻘﻴﺄ وأﻋﺎود اﻟﺸﺮب ،ذﻫﺐ
،وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﺣﺪﺛﺖ اﳌﺄﺳﺎة .اﺧﺘﻠﻂ ﺑﺪاﺧﻞ ﺑﻄﻨﻲ اﻟﺒﺮاز ﺑﺎﻟﻘﻴﺢ
ﺑﻲ أﺻﺪﻗﺎء ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺮﺗﺎن اﻟﻰ ﻃﺒﻴﺐ اﻟﻘﺮﻳﺔ .ﻓﻲ اﳌﺮة اﻷوﻟﻰ
وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﳉﺮاﺣﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺑﻜﻞ اﳌﻘﺎﻳﻴﺲ .
،ﻟﻢ ﳒﺪه ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ آﻻﻣﻲ اﳊﺎدة ،وﺟﺪﻧﺎه ﻓﻲ اﳌﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
إﻧﺘﺒﻪ ﻣﻮح ﺳﻌﻴﺪ وﻓﻮﺿﻴﻞ اﻟﻠﺬان ﻛﺎﻧﺎ ،ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ واﻟﺴﺎﻋﺔ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﻰ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻧﺼﻒ ﺻﺒﺎﺣﺎ .ﻧﺎوﻟﻨﻲ ﻣﺴﺤﻮﻗﺎ
ﻳﺘﻌﲔ اﻟﺘﺤﺮك ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻷن ﻧﺎﺳﻮرا ﻳﺴﻤﻤﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،ﻃﺎﻓﺎ ﻛﻞ ﻣﻌﺪﻳﺎ وﺣﻘﻨﻨﻲ ﺑﺴﺎﺋﻞ ﺿﻤﻮرﻳﺪي وﺳﻠﻤﻨﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﺘﺎﺋﻼ ﻷﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ
أرﺟﺎء اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﲟﻌﻴﺔ ﳑﺮض ﻣﺨﻠﺺ اﺳﻤﻪ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻲ .
اﻟﻄﺒﻴﺐ وذﻫﺐ ﺟﻬﺪﻫﻢ ﺳﺪى .ﻻ أﺣﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﲢﻤﻞ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ .ﻗﺮر
ﻣﺎ أن ﻋﺪت اﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﺣﺪة اﻷﻻم أﺳﺘﻌﻤﻠﺖ
ﻣﻮح وﻓﻮﺿﻴﻞ واﺳﻤﺎﻋﻴﻞ أﺧﺬ زﻣﺎم اﳌﺒﺎدرة ﻷن ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ
ﻓﺘﻴﻠﺔ ﻓﺈذا ﺑﻲ أﺣﺲ ﺑﺨﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﺪم ﻳﻨﺴﻞ ﺑﲔ ردﻓﻲ ،ﻫﺎﺗﻔﺖ ﺻﺪﻳﻘﻲ
95 94
ﻛﺒﻴﺮ .ﺑﻄﻨﻲ ﻣﻔﺘﻮح وأﻣﻌﺎﺋﻲ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ :ﻋﻠﻰ اﳉﺎﻧﺐ اﻷﳝﻦ أﺣﻤﻞ أﻧﺒﻮﺑﺎ .ﻗﺎﻣﻮا ،ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺘﻤﺰﻳﻖ اﻟﻐﺮز ،ﻓﺈذا ﺑﺴﺎﺋﻞ ﻟﺰج ،وﻫﻮ ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ دم
ﻟﺘﺼﺮﻳﻒ اﻟﺼﺪﻳﺪ ﰎ إﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﺑﺸﺮج إﺻﻄﻨﺎﻋﻲ . ،وﻗﻴﺢ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ اﳉﺮح .ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻟﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﻟﻜﻦ ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ
ﺑﺎﻟﺬات ﳒﻮت ﻣﻦ اﳌﻮت اﶈﻘﻖ .إﻧﻬﺎ اﳉﺰاﺋﺮ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﻓﻌﻼ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم
ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺳﺄﺳﺎﻓﺮ ﻓﻴﻪ ،ﺗﻌﺎوﻧﺖ اﳌﻤﺮﺿﺎت ﻟﺘﺮﻛﻴﺐ أﻧﺎﺑﻴﺐ
ﳑﺮض ﲟﺴﺎﻋﺪة ﺻﺪﻳﻘﲔ ﺑﺘﺪﺧﻞ ﺟﺮاﺣﻲ ﻟﺘﺪارك اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ أﻗﺘﺮﻓﺘﻬﺎ
اﳊﻘﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪي وﻟﻢ ﻳﻮﻓﻘﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،أوردﺗﻲ ﺗﺘﻤﺰق ﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﺗﻼﻣﺴﻬﺎ
ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﻣﻔﻠﺴﺔ .ﲢﻠﻘﻮا ﺣﻮل ﺳﺮﻳﺮي ﻫﻢ وأﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻓﻲ
اﻹﺑﺮة ﻛﺎن ذﻟﻚ ،ﻓﻲ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ ،ﻣﺆﳌﺎ وﻣﻐﻴﻈﺎ .ﻓﻲ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻷﺧﻴﺮة ،
ﻫﺬه اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻇﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ .وﺿﻌﻲ اﻟﺼﺤﻲ
ﺗﻘﺮر إﻟﺼﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﻟﺔ .ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻣﻦ ﺗﻴﺰي ﻓﻲ إﲡﺎه ﻣﻄﺎر اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
ﺧﻄﻴﺮ ﺟﺪا وﻗﻮاي اﻧﻬﺎرت ﲤﺎﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻓﻮﺿﻴﻞ ﳊﻴﺘﻪ وﻗﺪ أﻗﻠﻘﻨﻲ ذﻟﻚ ﻷن
،إﻧﻔﺠﺮت أﻧﺎﺑﻴﺐ اﳊﻘﻦ وﺣﻠﻘﻨﺎ ﻓﻲ إﲡﺎه ﺑﺎرﻳﺲ ﺑﻼ أﻣﺼﺎل وﻻ ﻋﻼﺟﺎت !
اﻟﺮﺟﺎل ﻻ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺈﻃﻼق ﳊﺎﻫﻢ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﺪاد .ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :
ﺑﺎﳌﻄﺎر ،أﺳﺘﻤﺮ اﻹﻧﺘﻈﺎر .رﻏﻢ ﻋﻄﺸﻲ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻲ
" ﻓﻮﺿﻴﻞ ،ﻣﺎذا ﻳﺠﺮي ؟ ﻟﻢ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻴﺔ ؟" وأﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﻬﺪوء ":
ﺑﺘﻨﺎول اﳌﺎء .ﻃﺮﻗﺖ ﺳﻌﺪﻳﺔ ﻛﻞ اﻷﺑﻮاب ﺣﺘﻰ أﲤﻜﻦ ﻣﻦ أﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻲ
ﻻﲢﺰن ،ﻻوﻗﺖ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺑﺤﻠﻖ ذﻗﻨﻲ ،أﻧﺎ ﻣﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﺘﻜﻔﻞ ﺑﻨﻘﻠﻚ ،
ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮة ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻮاﺋﺪ اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻓﺮﺿﺖ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ .
ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺴﺮﻋﺔ ،اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ".
ووﻗﻌﺖ ﺳﻌﺪﻳﺔ اﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﺑﺄﺳﻤﻬﺎ ﲡﻌﻠﻬﺎ اﳌﺴﺆوﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة
ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻟﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺴﻔﺮﻳﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﻗﻠﻘﺎ . ﻛﻨﺖ أﻋﺮف ،ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻜﻔﻞ ﺿﺮورﻳﺔ ﳌﺜﻞ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ
أﻧﺎ اﻟﺬي أﻋﺮﻓﻪ ﺟﻴﺪا ،ﻛﻨﺖ واﺛﻘﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺨﻔﻲ ﺣﺰﻧﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﺼﺪره إﻗﺘﻨﺎﻋﻪ
ﻟﻠﻤﺮة اﻷﻟﻒ ،ﻫﺎ أﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻮﺟﻮن .أﻗﺘﻀﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ رﺑﻂ
ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﳌﻮت .ﻣﺎ أن وﺻﻞ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺣﺘﻰ أدرك ﻣﺎ ﺣﺪث وأن
اﻷﻣﺼﺎل ﺑﺠﺴﺪي ﺗﺪﺧﻞ ﻃﺒﻴﺐ ﺟﺮاح ﻣﺘﺺ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﺪﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ
ﺗﺸﺨﻴﺼﻪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺧﺎﻃﻰء ﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎت ﺑﻌﺪ ﻓﻮات اﻷوان ،اﳊﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ
اﻟﺬي أﻣﺴﻚ ﻓﻴﻪ اﻷﻃﺒﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ إﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻲ ،ﻋﻦ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺄي
اذن ﻫﻮ ﻧﻘﻠﻲ ،ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ .
ﺷﻲء ﺣﻮل وﺿﻌﻲ اﻟﺼﺤﻲ .
ﻣﺎ أن ﻋﺒﺌﺖ أوراق ﻧﻘﻠﻲ ،ﺳﻠﻤﺖ اﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﳌﻜﻠﻒ ﲟﺮاﻓﻘﺘﻲ
ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﳌﻜﺜﻔﺔ ،واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳉﺮاﺣﻴﺔ ،أﺟﺪ
ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺌﻴﺲ ﻳﺼﺮف ﻟﻪ ﻛﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻦ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ
ﻧﻔﺴﻲ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﺑﺸﺮج اﺻﻄﻨﺎﻋﻲ .ﳊﺴﻦ اﳊﻆ أﻧﻪ ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﳌﺪة
اﻟﺼﻌﺒﺔ 200 :ﻓﺮﻧﻚ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺗﺴﻔﻴﺮي اﻟﻰ
ﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺑﺎت واﻷﻻم ﺑﻘﻲ ﻓﻮﺿﻴﻞ وﺳﻌﺪﻳﺔ ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ وﺷﺪا ﻣﻦ أزري .
ﺑﺎرﻳﺲ ﲟﺎ وﺳﻌﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﻼت .
ﺑﻌﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻓﻲ إﻧﺘﻈﺎر اﻟﺘﺌﺎم
ﺳﻌﺪﻳﺔ ،ﻣﻀﻴﻔﺔ ﻃﻴﺮان وﺻﺪﻳﻘﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ واﻟﺘﻲ
اﻷﻫﻞ وﺧﻮﻓﻲ ﻣﻦ أﻻ أراﻫﻢ أﺑﺪا ﻗﺮرت إذا اﻟﻌﻮدة اﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ ﺳﺘﺼﺒﺢ زوﺟﺘﻲ ﺑﻌﺪ 3ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﲟﺠﺮد ﻣﺎ وﺻﻠﺖ
وﺑﻄﻨﻲ ﻣﻔﺘﻮح واﻟﻜﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻠﻲ ﺟﻨﺒﻲ اﻷﳝﻦ وﻷﺗﺸﺒﺚ ﺑﺎﳊﻴﺎة . اﻟﻰ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻴﺚ ارﻗﺪ ،ﻓﻘﺪت ﺻﻮاﺑﻬﺎ ﳌﺎ رأﺗﻨﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ
ﻣﺎ وﺳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أﺳﺘﺤﻀﺮ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻠﺼﲔ وﺛﻮرﺗﻲ وأﻏﻨﻴﺎﺗﻲ وﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ وأﺟﻬﺸﺖ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء .ﻓﻲ أﻳﺎم ﻣﻌﺪودات ﺗﻀﺎءل ﺟﺴﻤﻲ ،وأﺻﺒﺖ ﺑﻬﺰال
97 96
ﺟﻨﻮﻧﻲ وﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﻛﺴﺮ زﺟﺎج اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ وﺻﺮت ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ . .أﻗﻀﻲ ﻣﻌﻈﻢ أوﻗﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﺤﲔ اﻟﻜﻠﻤﺎت وإﺳﺘﻌﺎدة ذﻛﺮﻳﺎت ﺷﺒﺎﺑﻲ
واﳊﺎل أﻧﻨﻲ أﻧﺎﻫﺰ اﻟﺜﻼﺛﲔ رﺑﻴﻌﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎد .
وﺻﻠﺖ اﻟﺸﺮﻃﺔ وأﻋﺘﻘﻠﺘﻨﻲ وﻧﻘﻠﺖ ﻋﻨﺪ ﻃﺒﻴﺐ اﶈﻜﻤﺔ اﶈﻠﻒ
وﻗﺪر ﺑﺄن ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ ﺑﺄن أﺑﻘﻰ رﻫﻦ اﻹﻋﺘﻘﺎل . ﻛﻨﺖ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﺄن ﻣﺒﺎراة ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺳﺘﺠﺮي
ﻗﺎم اﻟﻘﻀﺎة ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻬﻢ – وأﻏﻠﺒﻬﻢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﺎﺳﺪون – ﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﺑﲔ ﺷﺒﻴﺒﺔ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ واﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺰاﻣﺒﻲ )اﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ اﳊﻤﺮ( ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ .ﻗﺮرت
ﻣﺜﻮﻟﻲ أﻣﺎم اﻟﻘﻀﺎء ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون إﻧﺰال أﻗﺼﻰ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻋﻠﻲ واﻧﺘﻈﺮوا اﻟﺬﻫﺎب ﳊﻀﻮر اﳌﺒﺎراة اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺼﺮت ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻻﺷﻲء
ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ أن أﺳﺘﻌﻴﺪ ﻋﺎﻓﻴﺘﻲ .ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻲ ﺑﺴﻨﺔ ﺳﺠﻨﺎ ﻧﺎﻓﺬة ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﳌﻨﺼﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻔﺠﺮ اﻟﻜﻴﺲ اﻟﻄﺒﻲ اﻟﺬي أﺣﻤﻠﻪ
وأﺳﺘﺄﻧﻔﺖ اﳊﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﲔ اﺳﺘﻤﺮرت ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻼﺟﺎت .ﻃﺮت ﻣﺮة ﻓﺄﻧﺪﻟﻖ اﻟﺒﺮاز ﻣﻠﻄﺨﺎ ﻛﻞ ﻣﻼﺑﺴﻲ .ﺣﺎوﻟﺖ أن أﻟﺘﻒ ﻓﻲ ﺳﻠﻬﺎﻣﻲ ﳌﻨﻊ
أﺧﺮى ،اﻟﻰ ﺑﻮﺟﻮن ﻟﻠﻌﻼج . إﻧﺘﺸﺎر اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻜﺮﻳﻬﺔ .
ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ،وﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ أﻋﺪ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ،ﻟﻘﺪ ﻋﺬاب ﺣﻘﻴﻘﻲ !
ﺻﺮت ﻛﻬﻼ .ورﻏﻢ ذﻟﻚ ،واﺻﻠﺖ ﻛﻔﺎﺣﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ
ﻓﻲ اﳌﺴﺎء وأﻧﺎ وﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﺳﺘﻌﺮض ﺷﺮﻳﻂ ﺣﻴﺎﺗﻲ
اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺗﺘﻜﺮس أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ .ﻓﻲ 16ﻳﻨﺎﻳﺮ ، 1993دﻋﻴﺖ اﻟﻰ ﻣﻮﻧﺮﻳﺎل
ﻓﻠﻢ أﺟﺪ إﻻ اﳌﻌﺎﻧﺎة واﻟﺮﻋﺐ اﳌﺴﺘﺪﱘ .اﻷﻳﺎم ﺻﻌﺒﺔ واﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻣﻈﻠﻤﺔ
ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة .ﻓﻲ 20ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،أﺣﻴﻴﺖ ﺣﻔﻼ ﻏﻨﺎﺋﻴﺎ
.أﺗﻔﺎدى اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ وﻟﻢ أﻋﺪ أرﻏﺐ أن ﻳﻘﻊ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻋﺎﻳﺸﺘﻪ ﻓﻲ
ﲟﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك وﻓﻲ 13ﻣﺎرس ،ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺑﺎرﻛﻠﻲ ﺑﻜﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﺣﻴﺚ
اﳌﻠﻌﺐ .
ﺳﻠﻤﺖ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ﺗﻜﺎﻓﺌﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﻮات ﻛﻔﺎﺣﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻋﺘﺮاف
ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ .ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺎﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ " :ﺗﻌﺒﺮ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ أن أﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﺶ واﻟﻨﻈﺮ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﳉﻤﻌﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﺄﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﻦ ﻋﻈﻴﻢ إﻣﺘﻨﺎﻧﻬﺎ ﻟﺸﺨﺺ وﻟﺬﻟﻚ ،ﻗﺮرت اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻊ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ اﻟﻰ ﻟﻮﺳﺎﻛﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻣﻦ
ﻣﻌﺘﻮب ﻟﻮﻧﺎس ﳌﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻣﻦ إﺳﻬﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت 10ﺳﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﱳ اﻟﻄﺎﺋﺮة ﳊﻀﻮر ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻹﻳﺎب ﺿﺪ اﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ اﳊﻤﺮ
اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ " .أﺳﺎﺑﻴﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وأﻧﺎ أدرع اﳌﻤﺸﻰ اﻟﻄﻮﻳﻞ . .اﻧﺘﺼﺮت اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ وﻋﺪﻧﺎ ﻋﻮدة اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ رﺑﺤﻨﺎ ﻛﺄس إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻸﻧﺪﻳﺔ
ﻟﺴﺎﺣﻞ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ،ﻓﻜﺮت ﻓﻲ أن اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﺗﻌﻮزﻧﻲ رﻏﻢ ﲢﺴﻦ اﻟﺒﻄﻠﺔ .
ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﺼﺤﻴﺔ 20اﺑﺮﻳﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻮاب وﻫﻮ إﻧﺸﻮدة اﻷﺟﺮاس .إﻧﺪﻓﻌﺖ
ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ذﻟﻚ ،ﻃﻠﺐ ﻣﺤﺎﻣﻲ ﺟﺎري – ﻣﺴﺘﻐﻼ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺳﻔﺮي
ﻧﺤﻮ أول ﻃﺎﺋﺮة ﻣﺘﺠﻬﺔ اﻟﻰ ﺑﺎرﻳﺲ وأﺧﺬت ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻓﻴﻬﺎ .ﻳﻮﻣﺎن ﺑﻌﺪ
اﻟﻰ ﻟﻮﺳﺎﻛﺎ – ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﳌﺪﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﺘﻴﺰي وزو وأﻟﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮاج ﻋﻦ
ذﻟﻚ وﺻﻠﺖ اﻟﻰ أرض اﻟﻮﻃﻦ .وﺑﺘﺎرﻳﺦ 20اﺑﺮﻳﻞ ، 1993ﻛﻨﺖ ﺑﲔ آﻻف
ﻣﻮﻛﻠﻪ ﺑﺪﻋﻮى أن ﺳﻔﺮي اﻟﻰ ﻟﻮﺳﺎﻛﺎ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺟﺪا
اﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ وأﺣﻴﻴﺖ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ،ﺣﻔﻼت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻴﺰي وﺑﺠﺎﻳﺔ .دون
وأﻃﻠﻖ ﺳﺮاح اﳌﻌﺘﺪي .
ﺷﻚ ،ﺗﻘﻮى ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ ذاﻛﺮﺗﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻰ وﻗﻄﻊ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ
ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ أﺷﻮاﻃﺎ ﻛﺒﻴﺮة .ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻇﻠﻠﺖ أواﺟﻪ ﻣﺎ أن ﺑﻠﻐﻨﻲ ﻧﺒﺄ اﻹﻓﺮاج ﺣﺘﻰ أﲡﻬﺖ اﻟﻰ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﶈﻜﻤﺔ .ﺟﻦ
99 98
اﳌﺸﺎﻛﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﺗﺘﻮاﻟﻰ اﻷﻳﺎم وﺗﺮﺗﻔﻊ وﺗﻴﺮة اﻟﺘﻮﺗﺮ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ،ﻧﻌﺮف ﺑﺄن ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻏﻴﺮ
ﻋﺎد ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﳊﺪوث ﻟﻜﻦ ﳒﻬﻞ ﻣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،أﺛﻤﺎن اﳌﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ
اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ زﻳﺎدات ﺻﺎروﺧﻴﺔ واﻟﺴﻤﻴﺪة واﻟﺰﻳﺖ واﳋﺒﺰ أﺧﺬوا ﻓﻲ
اﻹﺧﺘﻔﺎء ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق ،إﻧﻬﺎ اﻷزﻣﺔ اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺧﻄﺮ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ
اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺄزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
وﻣﻨﻬﺎ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺷﺮارة اﻷﺣﺪاث .أﺣﻜﻲ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﻛﺘﻮﺑﺮ . 1988ﺑﺪأت
اﻷﺣﺪاث ﺑﺒﻀﻊ ﲡﻤﻌﺎت أﻏﻠﺒﻬﺎ ﻛﺎن ﻋﻔﻮﻳﺎ وﻳﺘﺰﻋﻤﻬﺎ ﺷﺒﺎن ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن
ﺑﺎﳋﺒﺰ ﻻ ﻏﻴﺮ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم ،أﺗﺴﻌﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺣﺘﺠﺎج وﲢﻮﻟﺖ
اﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻣﻊ ﻗﻮى اﻷﻣﻦ أﺳﻔﺮت ﻋﻦ ﻗﺘﻠﻰ ﺛﻢ ﻧﺰل آﻻف اﻷﺷﺨﺎص
اﻟﻰ اﻟﺸﻮارع .
100
اﳌﺸﺎﻛﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﺗﺘﻮاﻟﻰ اﻷﻳﺎم وﺗﺮﺗﻔﻊ وﺗﻴﺮة اﻟﺘﻮﺗﺮ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ ،ﻧﻌﺮف ﺑﺄن ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻏﻴﺮ
ﻋﺎد ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﳊﺪوث ﻟﻜﻦ ﳒﻬﻞ ﻣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،أﺛﻤﺎن اﳌﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ
اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺸﻬﺪ زﻳﺎدات ﺻﺎروﺧﻴﺔ واﻟﺴﻤﻴﺪة واﻟﺰﻳﺖ واﳋﺒﺰ أﺧﺬوا ﻓﻲ
اﻹﺧﺘﻔﺎء ﻣﻦ اﻷﺳﻮاق ،إﻧﻬﺎ اﻷزﻣﺔ اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺧﻄﺮ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ
اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﳉﺰاﺋﺮ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺄزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
وﻣﻨﻬﺎ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺷﺮارة اﻷﺣﺪاث .أﺣﻜﻲ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﻛﺘﻮﺑﺮ . 1988ﺑﺪأت
اﻷﺣﺪاث ﺑﺒﻀﻊ ﲡﻤﻌﺎت أﻏﻠﺒﻬﺎ ﻛﺎن ﻋﻔﻮﻳﺎ وﻳﺘﺰﻋﻤﻬﺎ ﺷﺒﺎن ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن
ﺑﺎﳋﺒﺰ ﻻ ﻏﻴﺮ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم ،أﺗﺴﻌﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺣﺘﺠﺎج وﲢﻮﻟﺖ
اﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻣﻊ ﻗﻮى اﻷﻣﻦ أﺳﻔﺮت ﻋﻦ ﻗﺘﻠﻰ ﺛﻢ ﻧﺰل آﻻف اﻷﺷﺨﺎص
اﻟﻰ اﻟﺸﻮارع .
100
أﺗﻮﺟﺲ ﻣﻦ اﻟﺪرك اﳋﺎﺿﻌﲔ ﻟﻮﺻﺎﻳﺔ اﳉﻴﺶ أي ﻟﻠﺪﻓﺎع اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺧﻼﻓﺎ 5أﻛﺘﻮﺑﺮ ، 88ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات أوﺟﻬﺎ واﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺗﻐﻠﻲ وﺗﻔﻮر .
ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أﺑﻨﺎء اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻓﺈن أﻏﻠﺐ رﺟﺎل اﻟﺪرك اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻴﻮن ،ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﻢ ،وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﻮدوا ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﻻ ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ اﳌﻨﻄﻘﺔ ،ﻋﻴﻨﻬﺎ .وﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻣﻌﻈﻢ رﺟﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻈﺮون ،ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ،اﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺸﺮارة اﳌﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ واﻟﺘﻲ
أﻣﻴﻞ اﻟﻰ اﳌﻐﺎﻻة واﻟﺸﻄﻂ ﻓﻲ إﺳﺘﻌﻤﺎل ﺳﻠﻄﺎﺗﻬﻢ . ﻟﻢ ﺗﻮﻗﺪﻫﺎ ﺳﻮى ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﺪﻣﺮ اﳌﻜﺒﻮﺗﺔ ،ﻃﻮﻳﻼ ،ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻨﺎس 9
اﻛﺘﻮﺑﺮ ،ﻗﺮرﻧﺎ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ أﻣﺎم ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻴﺰي وزو ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻰ اﻟﺘﺰام
ﻓﺠﺄة ،اﻟﺘﻘﻄﺖ أذﻧﺎي ﺻﺪى ﻃﻠﻘﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ورﻣﻘﺖ ﺑﺎﳌﺮآه
اﻟﻬﺪوء وﺷﻦ إﺿﺮاب ﳌﺪة 48ﺳﺎﻋﺔ ،ﺗﻀﺎﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺘﻈﺎﻫﺮي اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ .
اﻟﻌﺎﻛﺴﺔ أﺣﺪ راﻛﺒﻲ ﻻﻧﺪروﻓﺮ ﻳﺨﺮج رأﺳﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرة ،ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺑﺸﻜﻞ
ﻻ ﺧﻄﺮ ﻳﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ،ﺻﺤﻴﺢ أن رﺟﺎل اﻟﺪرك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺳﺘﻔﺎر إﻻ أﻧﻪ ﻻ
ﻓﺠﺎﺋﻲ وﻋﻨﻴﻒ وارﺗﻄﻤﺖ ﺳﻴﺎرة اﻟﺪرك ﺑﺎﻟﻮاﻗﻲ اﳋﻠﻔﻲ ﻟﺴﻴﺎرﺗﻲ .
ﻣﺠﺎل ﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺎﻳﻞ وﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،وﻷﻧﻪ
ﺧﺮج رﺟﺎل اﻟﺪرك ﻣﻦ ﺳﻴﺎراﺗﻬﻢ وﺑﺪأوا ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ اﻟﻲ وﻗﻴﺪوا
ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻹﻋﻼن ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارىء ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻓﺈن اﻹﻣﺪادات اﻷﻣﻨﻴﺔ
اﻟﻄﺎﻟﺒﲔ .ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄن ﻣﺼﻴﺮي ﺳﻴﻜﻮن ﻛﻤﺼﻴﺮ اﻟﻄﺎﻟﺒﲔ ﻟﻜﻦ
اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد إﺟﺮاء إﺣﺘﺮازي ووﻗﺎﺋﻲ .أﺧﺬت ﻣﻌﻲ ﺣﺰﻣﺔ
ﻫﻴﻬﺎت …!
ﻣﻦ اﳌﻨﺎﺷﻴﺮ ﻗﺼﺪ ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس وأﻣﺘﻄﻴﺖ ﺳﻴﺎرﺗﻲ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻃﺎﻟﺒﲔ
ﻓﺒﻌﺪ أن أﺷﺒﻌﻮﻧﻲ ﺳﺒﺎ وﺷﺘﻤﺎ ﺑﺪأو ﻓﻲ اﻟﺒﺼﻖ ﻋﻠﻲ .ﻧﻌﺘﻮﻧﻲ أﲡﻬﺖ ﺻﻮب ﻋﲔ اﳊﻤﺎم )ﻣﻴﺸﻠﻲ-ﺳﺎﻟﻔﺎ( وﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﻨﺎ
ﺑﺎﻟﻠﻘﻴﻂ وﻓﺠﺄة أﻃﻠﻖ أﺣﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺘﺮ ،رﺻﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪي ، ﻧﻮﻗﻒ اﻟﺴﻴﺎرات واﳊﺎﻓﻼت ﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻣﻨﺎﺷﻴﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ
ذﻫﻠﺖ ﳌﺎ ﻳﺤﺪث أﻣﺎﻣﻲ وﻟﻢ أﻛﻦ أﻓﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ ،وﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ ﺑﻀﻊ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ﻣﻦ ﻣﻴﺸﻠﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﺳﻴﺎرة ﻣﻦ ﻧﻮع ﻻﻧﺪروﻓﺮ ﻓﻲ اﻹﲡﺎه
،ﺗﻼﺣﻘﺖ اﻟﻄﻠﻘﺎت ﻓﻲ ﻛﻞ اﻹﲡﺎﻫﺎت وﻫﻲ ﺗﻠﻌﻠﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن اﳌﻌﺎﻛﺲ ﻹﲡﺎﻫﻨﺎ وأﻧﺪﻓﻌﺖ ﻧﺤﻮﻧﺎ .إﻧﻬﺎ ﺳﻴﺎرة ﻟﻠﺪرك .أﻓﺘﻀﺢ أﻣﺮﻧﺎ
،أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺄﻟﻢ ﻣﺒﺮح ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺴﺎر ﻣﻦ ﺑﻄﻨﻲ ،ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞ ﻫﺬا ؟ ،اﻟﺘﺼﻘﺖ ﲟﺆﺧﺮة ﺳﻴﺎرة روﻧﻮ 4ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺄﻛﺪ ﻟﻲ ﺑﺄن اﻟﺪرﻛﻴﲔ
أﺻﺎﺑﻨﻲ دوار ﻟﻢ أﻋﺪ أدرك ﻣﻜﺎﻧﻲ .ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻰ اﻟﻈﺮﻓﻴﺔ اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪون ﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ .وأﻧﺎ أﲡﺎوز اﻟﺴﻴﺎرة إﻳﺎﻫﺎ ،ﻗﺎم أﺣﺪ اﻟﻄﺎﻟﺒﲔ
ﲤﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﻼد ،ﻻ ﺗﺘﺮدد ﻗﻮى اﻷﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺑﺈﻧﺰال زﺟﺎج اﻟﻨﺎﻓﺬ ﻣﺨﺒﺮا ﺳﺎﺋﻖ روﻧﻮ 4ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻣﻄﺎردون وﻳﺠﺐ إﺧﻄﺎر
اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺮﺻﺎص .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻋﺰﻻ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺬﻟﻚ .ﺷﺎﻫﺪت ﻓﻲ اﳌﺮآه اﻟﻌﺎﻛﺴﺔ ﻻﻧﺪروﻓﺮ
وﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﺪرﻛﻴﲔ وﻫﻲ ﺗﻄﺎردﻧﺎ ﻣﻦ اﳋﻠﻒ ،اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺟﻨﻮﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻀﻴﻘﺔ واﳌﻠﺘﻮﻳﺔ ﻃﻤﻌﺎ ﻓﻲ رﺑﺢ اﻟﻮﻗﺖ .ﻫﺪﻓﻲ ﻫﻮ اﻟﻮﺻﻮل
إﺧﺘﺮﻗﺖ رﺻﺎﺻﺔ إﺣﺪى أﻣﻌﺎﺋﻲ وﻓﺠﺮت ﻋﻈﻢ اﻟﻔﺨﺬ .ﻟﻢ أﻋﺪ ،ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻞ اﻟﻰ ﻣﻴﺸﻠﻲ وﻫﻨﺎك ﺳﻴﺘﺮدد اﻟﺪرﻛﻴﻮن ﻓﻲ إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ
أﺣﺲ ﺑﺄﺣﺪ رﺟﻠﻲ وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﻧﻬﺮت ﲤﺎﻣﺎ .أذﻛﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻧﻨﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﺳﻂ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،أو ﻫﻜﺬا ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻛﺎن ﻳﺨﻴﻞ اﻟﻰ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ
اﻟﻰ داﺧﻞ ﻻﻧﺪروﻓﺮ دون أدﻧﻰ ﻣﺮاﻋﺎة ﳉﺮوﺣﻲ وﻟﻠﺪﻣﺎء اﻟﻐﺰﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰف ﻳﻌﺘﺒﺮ وﺻﻮﻟﻨﺎ اﻟﻰ "ﻣﻴﺸﻠﻲ" إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺨﻀﻊ ﳌﺮاﻗﺒﺔ
ﻣﻦ ﺟﺴﻤﻲ .ﺻﺎر ﺟﺴﺪي ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ أﻟﻢ ،وأﻋﺎﻧﻲ أﺷﺪ اﻟﻌﺬاب وﻻ أﻛﻒ رﺟﺎل اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﲡﻬﻞ ﺑﺄﻧﺎ ﻧﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻣﻨﺎﺷﻴﺮ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﺒﺮر
ﻋﻦ اﻟﺼﺮاخ .ﺧﺎرت ﻗﻮاي وﻋﺠﺰت ﲤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﺪى ﺧﻄﻮرة ﻣﺎ أﻟﻢ إﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﻟﻨﺎ .ﻋﻤﻠﻨﺎ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺪرك ،ﻛﻨﺖ داﺋﻤﺎ
103 102
أﻧﻔﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﻧﺘﻈﺎر أن ﻳﺴﻤﺤﻮا ﻟﻨﺎ ﺑﺎﳌﺮور . ﺑﻲ .ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻮء ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖ أﻧﻨﻲ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﲔ أو أدﻧﻰ ﻣﻦ
اﳌﻤﺎت أذﻛﺮ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﻓﺖ ﺟﺪا ،أن رﻓﻴﻘﻲ ﻳﺼﺮﺧﺎن وﻳﺒﻜﻴﺎن .ﺣﻤﻠﻨﻲ
دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﻮﺑﺔ ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻨﺎ اﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺗﻴﺰي وزو .ﳌﺎ
رﺟﺎل اﻟﺪرك اﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ "ﻣﻴﺸﻠﻲ" اﻟﻘﺮوي اﻟﻀﻌﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﻋﺎﻳﻨﻨﻲ اﻷﻃﺒﺎء – وﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻨﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎ – أﻛﺪوا اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺪت
ﲡﻬﻴﺰاﺗﻪ .ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻨﺎ اﻟﻰ ﻓﻨﺎء اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻠﻄﺎﻗﻢ
دﻣﺎء ﻛﺜﻴﺮة وﻳﺼﻌﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﳋﺴﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ اﳊﻘﺘﻬﺎ اﻟﺮﺻﺎﺻﺎت ﺑﺠﺴﺪي .
اﻟﻄﺒﻲ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ "ﺧﺬوه ،ﻫﺎﻫﻮ ﺧﺬوه إﺑﻦ اﻟﻜﻠﺐ" ﻟﻢ ﻛﻞ ﻫﺬا اﳊﻘﺪ
ﻣﻜﺜﺖ 3أﻳﺎم ﻓﻲ ﺗﻴﺰي ﻗﺒﻞ أن أﻧﻘﻞ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ .ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ
اﺎﻧﻲ ؟ أﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻲ اﻟﺮﺻﺎص وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻮﻗﻨﲔ ﺑﺄن ﻗﺘﻠﻲ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن
ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺮﺗﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻷﻧﻘﻞ اﻟﻰ اﳋﺎرج اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﻫﻮ ﻣﺎ
ﻟﻪ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﻪ ﳌﺎ ﺗﺮددوا ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬه .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺿﻌﻲ اﻟﺬي
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻓﻀﻪ اﻟﺴﻠﻄﺎت رﻓﻀﺎ ﻗﺎﻃﻌﺎ .
ﻻ أﺣﺴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮون ﻓﻲ ﺳﺒﻲ وﺷﺘﻤﻲ .ﺣﻤﻠﻨﻲ أﺣﺪﻫﻢ
ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻲ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ﰎ ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻋﻴﺎدة "اﻟﻠﻴﻤﻮن" ﲢﺖ اﻟﻰ اﳌﺴﺘﻌﺠﻼت وﻓﻬﻤﺖ اﻧﻪ وﻗﻊ ﺷﻨﺎن ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻟﻄﺒﻴﺐ .ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ
ﺣﺮاﺳﺔ ﺷﺎﺣﻨﺔ ﺗﻐﺺ ﻋﻦ آﺧﺮﻫﺎ ﺑﺪرﻛﻴﲔ ﻣﺪﺟﺠﲔ ﺑﺄﺳﻠﺤﺔ .أﺳﺘﻌﺪت آﻻﻣﻲ ووﻗﻌﺖ ﻣﻐﺸﻴﺎ ﻋﻠﻲ ،واﻟﺒﻘﻴﺔ ﺣﻜﻴﺖ ﻟﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .
وﻋﻴﻲ رﻏﻢ إﺳﺘﻤﺮار ﺣﺎﻟﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻫﻮر .ﻋﻢ ﺧﺒﺮ إﺻﺎﺑﺘﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،
ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻧﻘﻠﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ إذ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
رﻏﻢ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارىء اﳌﻌﻠﻨﺔ ،ﺗﺪﻓﻖ ﻣﺌﺎت اﻷﺷﺨﺎص ،ﻣﻨﺬ اﻷﻳﺎم اﻷوﻟﻰ
ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ "ﻣﻴﺸﻠﻲ" ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﻬﻴﺰات اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻛﻤﺎ أن اﳌﺴﺆول
ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ وﺗﻮﺻﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺮﺳﺎﺋﻞ وﺷﻬﺎدات اﳌﺴﺎﻧﺪة واﻟﺪﻋﻢ
اﶈﻠﻲ ﻳﺮﻓﺾ ﻋﻼﺟﻲ ﺑﺪﻋﻮى أن اﳉﺰاﺋﺮ ﺗﺨﻀﻊ – ﻣﺆﻗﺘﺎ – ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ
.وﺿﻌﻲ اﻟﺼﺤﻲ ﻣﺘﺪﻫﻮر ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳉﺮاﺣﻴﺔ اﳌﺘﻼﺣﻘﺔ
اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .
اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻬﺎ واﻧﻬﻜﺖ ﺟﺴﻤﻲ أﺷﺪ اﻹﻧﻬﺎك .
وﻫﺬا اﻟﻘﺮار ،اﻟﺬي ﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺪ
ﺑﺪأ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﻴﺎدﺗﻲ ﺑﻐﺮﻓﺘﻲ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ .ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻳﺎم
اﻟﻮاﻟﻲ ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻌﻮد اﻟﻰ رؤﺳﺎﺋﻪ ﻗﺼﺪ إﺧﺒﺎرﻫﻢ .ﻣﺎ أن ﻋﻠﻤﺖ أﻣﻲ
،ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ أﻋﺪاد اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ رﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎت اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ
وأﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﳌﻘﺮﺑﻮن ﺑﺎﳊﺪث ﺣﺘﻰ ﻫﺮوﻟﻮا ﻧﺤﻮ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ وﻣﺎ أن وﻗﻌﺖ
ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻹدﻻء ﺑﺒﻄﺎﺋﻖ ﻫﻮﻳﺔ وﺗﺴﺠﻴﻞ ﻋﻨﺎوﻳﻨﻬﻢ .اﻓﺘﺮﺿﺖ
ﻋﻴﻨﺎ أﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﺣﺘﻰ أﻧﻬﺎرت .
أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ إذﻻﻟﻬﻢ وﺗﺜﺒﻴﻄﻬﻢ ﻋﻦ زﻳﺎرﺗﻲ .وﻟﺌﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه
اﻟﺰﻳﺎرات ﺗﺮﻫﻘﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا اﻻ أن اﻟﺸﻬﺎدات اﻟﺘﻲ أﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أن اﻷﻣﺮ اﻗﺘﻀﻰ ﺿﻐﻮﻃﺎ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻐﺎدرﺗﻲ
ﺷﺪت ﻣﻦ ﻋﻀﺪي وآزرﺗﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮا .ﻛﻨﺖ ﺑﺄﻣﺲ اﳊﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﻫﺬه اﳌﺆازرة ﻟﻬﺬا اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﺛﻤﺔ ﺗﺨﻮﻓﺎت ﻣﻦ أﻻ ﺗﻨﺼﺐ ﺣﻮاﺟﺰ أﻣﺎم ﺳﻴﺎرة
اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻃﻴﻠﺔ ﺷﻬﺮ ،ﻣﻦ أول ﻳﻮم ﻟﺪﺧﻮﻟﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻰ ﻳﻮم ﻧﻘﻠﻲ اﻹﺳﻌﺎف اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻠﻨﻲ ﺳﻠﻜﻨﺎ ﻃﺮﻗﺎ ﺻﻐﻴﺮة وﻗﻄﻌﻨﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔ 50
ﺟﻮا اﻟﻰ اﻟﺪﻳﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻟﻢ ﳝﺮ ﻳﻮم واﺣﺪ دون أن أﺗﻠﻘﻰ زﻳﺎرات .ﻣﻦ ﻛﻠﻴﻮﻣﺘﺮا ﻓﻲ ﻇﺮوف ﺻﻌﺒﺔ ﺟﺪا واﺟﻬﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺒﺮ اﺎﻃﺮ أﺳﺘﻐﺮﻗﺖ
اﳉﻬﺎت اﻷرﺑﻊ ﻟﻠﺒﻠﺪ ﻳﺄﺗﻮن ،ﺳﻮاء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﻮاﺻﻼت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ أو ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎرة اﻹﺳﻌﺎف ﺳﺎﻋﺎت ﻟﺘﺼﻞ اﻟﻰ ﺗﻴﺰي وﻣﺎ ﻛﺎن أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺧﻴﺎر آﺧﺮ
ﻣﱳ ﺳﻴﺎراﺗﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺪر ﺑﺨﻠﺪي أﺑﺪا رد ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳊﺠﻢ .وذاك ﻻ ﻳﻌﻮد ﻟﺘﻔﺎدي اﳊﻮاﺟﺰ .وﻟﻮ ﺣﺪث أن وﻗﻔﻨﺎ رﺟﺎل اﻟﺪرك ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﻔﻈﺖ
105 104
ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﺟﺮﻋﺎت ﻣﻦ "دوﻟﻮﺳﺎل" وﻫﻮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﳌﻮرﻓﲔ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ،ﻓﻘﻂ اﻟﻰ ﺷﻌﺒﻴﺘﻲ .ﺻﺤﻴﺢ اﻧﻬﻢ ﻗﺎدﻣﻮن ﻟﺰﻳﺎرة ﻣﻌﺘﻮب اﳌﻄﺮب ،
أن ﻳﻬﺠﻢ ﻋﻠﻲ اﻷﻟﻢ ،أﺣﺴﺖ اﳌﻤﺮﺿﺎت ﺑﺨﻄﻮرة ﻫﺬا اﻹدﻣﺎن ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺎدﻣﻮن ﺑﺎﻷﺧﺺ ﳌﺆازرة ﺷﺨﺺ اﺻﺎﺑﺘﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺠﺮوح .ﻛﺎن
ﻳﻠﺠﺄن اﻟﻰ ﺣﻘﻨﻲ ﺑﺎﳌﺎء ،ﻣﺮارا ،ﺑﺪل ﻫﺬا اﺪر ﺣﺘﻰ أﺗﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ . اﳌﺸﻬﺪ ﺧﺎرﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎدة ،ﻋﺒﺮ ﻛﻠﻤﺎت رﻗﻴﻘﺔ ،ﻣﺆازرة وداﻓﺌﺔ ،ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ
اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ﳝﻨﺤﻨﻲ ﺟﺰءا ﻣﻦ ذاﺗﻪ ،وﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﻳﻮم ﺗﺰداد أﻋﺪادﻫﻢ .
ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،أدرﻛﺖ إﻋﺎﻗﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺌﻢ ﺑﻬﺎ
ﻋﻈﺎم ﻣﺆﺧﺮﺗﻲ .ﻟﻢ أﻗﻞ أﺑﺪا ﺷﻴﺌﺎ وﻟﻢ أوﻣﻰء ﺣﺘﻰ اﻟﻰ ﺣﻴﻠﺔ اﳌﻤﺮﺿﺎت ، ﻋﺎﻧﻴﺖ أﺷﺪ اﳌﻌﺎﻧﺎة ﻣﻦ اﻟﺮﺻﺎﺻﺎت اﳋﻤﺲ اﻟﺘﻲ أﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ
ﻟﻜﻦ ﻛﻨﺖ أﲢﲔ ﺑﲔ اﻟﻔﻴﻨﺔ واﻷﺧﺮى ،ﻣﻔﻌﻮل اﳊﻘﻨﺔ ﺑﻞ أﺗﻠﻬﻰ ﺑﺬﻟﻚ . اﻧﺴﺠﺘﻲ .رﻏﻢ ﻛﺎ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﻪ اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﻄﺒﻲ ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺗﺒﲔ ﻟﻲ ان
اﻟﻌﻴﺎدة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺸﻜﻮ ﻣﻦ ﺧﺼﺎص ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻬﻴﺰات وﻣﻦ ﺗﺮدى اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ
وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻛﻨﺖ أدرك ﺑﺄﻧﻨﻲ أﺷﻜﻮ ﻣﻦ إﻋﺎﻗﺔ ﺟﺴﺪﻳﺔ ﻣﻦ اﻵن
اﳌﻬﻤﻠﺔ .ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر ﻃﺎل اﻟﺘﺪﻫﻮر ﻛﻞ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ
ﻓﺼﺎﻋﺪا ،وﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﺗﺴﻠﻰ ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل .ﺻﺮت ﻋﻨﻴﻔﺎ ،اﻧﺘﺰع
اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ .ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺮاﻋﻰ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﺼﺤﻲ
أﻣﺼﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ وأﻛﺴﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺑﲔ ﻳﺪي .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻬﺪﺋﺘﻲ
اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻳﺸﺘﻐﻞ دون ﺣﻮاﻓﺰ ﺗﺬﻛﺮ .ﺗﻀﺮب اﻟﻔﻮﺿﻰ أﻛﻨﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ
،ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻌﻲ اﻷﻃﺒﺎء وﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا رﺟﺎﻻ راﺋﻌﲔ ﻓﻌﻼ .ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎء
ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي أﻗﺘﻨﻊ ﻓﻴﻪ اﳌﺮﺿﻰ ﺑﺎﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ
اﳌﺘﺄﻟﻘﲔ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻹﻧﻘﺎذي ﻣﻦ ﻣﻮت ﻣﺤﻘﻖ .
اﻷﻓﻀﻞ اﻻ ﳝﺮض اﳌﻮاﻃﻦ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ .
ﻧﻘﻠﺖ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ،اﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ "ﻣﺼﻄﻔﻰ" ،وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ
ﻛﻞ ﻫﺬه اﳌﻌﻄﻴﺎت ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ وﲢﻘﻘﺖ ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻬﺎ ،
اﻟﻰ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺗﻘﻮﱘ اﳌﺸﻲ ،ﻓﻘﺪ اﳊﻘﺖ ﺑﻲ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺘﺮﻗﺖ
ﻟﻸﺳﻒ ،ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ .ﻓﻘﺪ ﺳﺒﺒﺖ ﻟﻲ اﳉﺮوح واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﺘﻠﻔﺔ
ﻋﻈﻢ اﻟﻔﺨﺬ أﺿﺮارا ﺑﺎﻟﻐﺔ ،وﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن أﺧﻀﻊ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮاﺣﻴﺔ
اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻟﻲ إﻟﺘﻬﺎﺑﺎت ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ رﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﳋﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ
دﻗﻴﻘﺔ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ اﳉﺮاح اﻟﻰ اﻟﻄﻮل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﺴﺎﻗﻲ ﻓﻘﺎم
ﺧﺼﺼﺖ ﻟﻲ .وأﺷﺪ ﻫﺬه اﻷﻻم ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﲤﻨﻌﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم .وﺑﺴﺒﺐ
ﺑﻠﺤﻢ اﻟﻌﻀﻮ دون اﻹﻧﺘﺒﺎه اﻟﻰ اﻧﻨﻲ ﻓﻘﺪت ﺟﺰءا ﻣﻦ اﳌﺎدة اﻟﻌﻈﻤﻴﺔ
ﻫﺬا اﻷرق اﺳﺘﻔﺤﻞ وﺿﻌﻲ اﻟﺼﺤﻲ اﻟﻬﺶ ﺻﺮت ﻏﻀﻮﺑﺎ وﻣﺰاﺟﻴﺎ
اﻟﺘﻲ ﻣﺰﻗﻬﺎ اﻟﺮﺻﺎص .ﻓﻬﻞ ﻳﻌﻮد ﻫﺬا اﻟﻰ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ أم اﻟﻰ
وﻏﺮﻳﺐ اﻷﻃﻮار ،وﻋﺎﻳﺸﺖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎﺑﻮﺳﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ .
ﺗﺒﺨﻴﺴﻪ ﻟﻸﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻘﺪان ؟ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻛﺎن اﳉﻮاب
،ﻓﺄﻧﺎ اﻟﻴﻮم ،ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﳋﻄﺄ اﻟﻄﺒﻲ ،أﺣﺪ ﺳﺎﻗﺎي أﺻﻐﺮ ﺑﺨﻤﺲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪىء ﻣﻦ آﻻﻣﻲ واﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﻫﻲ
ﺳﻨﺘﻴﻤﺘﺮات وﺗﺴﺒﺐ ﻟﻲ ذﻟﻚ ﻓﻲ إﻋﺎﻗﺔ رﻫﻴﺒﺔ ،ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،ﺻﺮت ﻣﺎدة اﳌﻮرﻓﲔ .ﲢﻘﻨﻨﻲ اﳌﻤﺮﺿﺎت ﺑﺠﺮﻋﺎت ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺎدة
أﻋﺮج وﻫﻮ أﻣﺮ ﺻﺎدم . ﻷن اﻷﻻم ﻓﻲ ﺟﺴﺪي ﻻ ﺗﻄﺎق اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ :ﺗﺰاﻳﺪت ﺗﺒﻌﻴﺘﻲ ﻟﻬﺬا اﺪر
ﻏﺪوت ﻣﺪﻣﻨﺎ وﻟﻢ أﻋﺪ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﳌﻮرﻓﲔ ،ﻛﻠﻤﺎ أﳊﺤﺖ
أﺛﻨﺎء وﺟﻮدي ﲟﺴﺘﺸﻔﻰ "ﻣﺼﻄﻔﻰ" زارﺗﻨﻲ "إزاﺑﻴﻞ أدﺟﺎﻧﻲ " ﺳﺮرت
ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ ،ﺣﻘﻨﺖ ﺑﻪ ﻟﻢ أدرك ،ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ اﳌﻀﺎﻋﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻫﺬا
ﺳﺮورا ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻟﻬﺬه اﻹﻟﺘﻔﺎﺗﺔ وﳌﺸﺎﻋﺮ اﳌﻮدة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﻟﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎ ،أﻫﻞ
اﺪر ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﺑﺠﺴﻤﻲ وأﻧﻨﻲ ﺳﻘﻄﺖ ،ﻓﻌﻼ ﻓﻲ اﻹدﻣﺎن ﺻﺮت أﻟﺢ
ﺑﻠﺪﺗﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﺪون ﻋﻠﻲ ﺑﻜﺜﺮة ﻟﻢ أﻛﻦ أﺗﻮﻗﻊ زﻳﺎرة "اﻟﻨﺠﻤﺔ" وﻛﻨﺖ
107 106
إدﻣﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺪر اﳌﻮرﻓﲔ أﻋﺮف ﲤﺎﻣﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ وﺳﻌﻲ اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺲ اﳊﺎﺟﺔ اﻟﻲ ﻣﻦ ﻳﺸﺪ ﻋﻀﺪي وﻳﺆازرﻧﻲ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ .ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ
اﺣﺘﺎج ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳉﺰاﺋﺮ اﻻ أن اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻛﻮن ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ وﻗﺪ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﺴﺎﻋﺘﻲ وأن ﺗﺘﻮﺳﻂ ﻟﻲ ﻓﻲ رﺑﻂ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ
ﻫﺬا اﻹدﻣﺎن ﻣﺴﺘﻌﺪا ﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ رﻏﻢ اﻟﻀﺮورة اﻟﻘﺼﻮى .ﺗﻌﻬﺪت ﻟﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻣﻨﺴﻴﺘﻲ اﻧﺘﺮﻧﺎﺳﻴﻮﻧﺎل واﻟﻰ
ﻟﺬﻟﻚ ،ﻛﻨﺖ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﺎ ﻋﺪت ﻗﺎدرا ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﲢﻠﻴﻞ اﻷﻣﻮر ﺑﻌﻘﻼﻧﻴﺔ . ﺣﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻓﻬﺬه اﻟﺘﻌﻬﺪات ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻼم ﻟﻴﻞ ﻣﺤﺎه اﻟﻨﻬﺎر
ﻛﺎن ﻣﺨﺪر اﻟﺪوﻟﻮﺳﺎل ﻳﺤﺮرﻧﻲ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ ﻻﺗﻄﺎق ﺣﺘﻰ اﻧﻪ ،وﻓﻲ .راﻓﻖ أدﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ زﻳﺎرﺗﻬﺎ ﻣﺼﻮر ﻣﺠﻠﺔ "ﺑﺎري ﻣﺎﺗﺶ" اﻟﺬي أﺧﺬ ﻟﻲ ﺻﻮرة
ﺑﻌﺾ ﳊﻈﺎت اﻹﻧﺘﺸﺎء ﺑﺎﺪر ،أﺣﺲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻨﻲ ،ﻓﻌﻼ ﺷﻔﻴﺖ أو أﲤﺎﺛﻞ ﻇﻬﺮت ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت اﻠﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺮﻓﻘﺔ ﺑﺎﺳﻤﻲ اﻟﺬي
ﻟﻠﺸﻔﺎء ،وﻣﺎ أن أﻋﻮد ﻟﻮﻋﻴﻲ ﺣﺘﻰ أدرك أن اﻟﻮاﻗﻊ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،وأن وﺿﻌﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺤﺮﻓﺎ ﻗﺪﻣﺘﻨﻲ اﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﻨﻲ "ذﻟﻚ اﳌﻄﺮب اﻟﻘﺒﺎﻳﻠﻲ" اﻟﺬي
اﻟﺼﺤﻲ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻲء اﻟﻰ أﺳﻮأ ﺗﻔﺮض اﻟﺘﻌﻔﻨﺎت اﳌﺘﻜﺮرة ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻫﻮت ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮﺑﺎت ﻫﺮاوة اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأت اﳋﺒﺮ ،ﻛﺪت أﺟﻦ ﺗﺼﻮروا
ﺗﻨﻈﻴﻒ ﻣﺴﺘﺮﺳﻠﺔ ﳉﺮوﺣﻲ وﺷﺮوﺧﻲ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﺧﻀﺎﻋﻲ ﻟﺜﻼﺛﺔ أو أرﺑﻌﺔ ،ﺳﺪدت ﺧﻤﺲ رﺻﺎﺻﺎت ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪي ﻣﻦ رﺷﺎش اﻟﻜﻼﺷﻴﻨﻜﻮف واﻠﺔ
ﺗﺨﺪﻳﺮات ﻃﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺒﻮع . ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺮاوة اﻟﺸﺮﻃﺔ! أدرﻛﺖ ،ﻓﻮرا ﺑﺄن ﻗﻀﻴﺘﻲ ﰎ إﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻧﻮﻋﺎ
ﻣﺎ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺠﺪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮه ،أﺛﻨﺎء أﺣﺪاث اﻟﺸﻐﺐ
ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺮوﺣﻲ ﻏﺎﺋﺮة ﺟﺪا ﳑﺎ ﻳﻔﺮض ﺗﻐﻴﻴﺮا ﻣﺴﺘﻤﺮا
ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،وﻫﻮ ﳑﺪد ﻋﻠﻰ إﺣﺪى أﺳﺮة اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ،
ﻟﻠﻀﻤﺎدات اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﳉﻨﺎح اﳉﺮاﺣﻲ واﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﻧﺎم ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة
أو ذاك ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻗﺼﺪي .ﻓﻲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻲ ،ﻛﻨﺖ أﺣﺲ ﺑﺄﻧﻨﻲ
ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﺮﻫﺎ .دأﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﲤﺪﻳﺪ ﻓﺘﺮات اﻟﻨﻮم ﺣﺘﻰ اﻧﻨﻲ أﺧﺎل أﻻ
ﻣﺘﺮوك ﻟﻮﺣﺪي وﻛﻨﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﺳﻨﺪ .زارﺗﻨﻲ "ازاﺑﻴﻞ ادﺟﺎﻧﻲ" وﻣﺴﺆول
ﺧﺮوج ﻟﻲ ،ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ذﻟﻚ اﳉﻨﺎح .
ﻋﻦ "أﻃﺒﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ" وﳑﺜﻞ ﻋﻦ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﳊﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ﻟﻜﻦ ،ﻻ
إﺳﺘﻘﺮت ﺛﻼﺛﺔ رﺻﺎﺻﺎت ﻓﻲ إﺣﺪى ﺳﺎﻗﻲ واﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﻈﻢ آﺧﺮ أﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻗﺎم ﺑﺄدﻧﻰ ﺷﻲء ﻟﺼﺎﳊﻲ ،ﻟﻮﻻ أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻟﺜﻘﺎة ،
ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﻈﻬﺮ واﳋﺎﻣﺴﺔ ﻓﻲ ﻳﺪي أﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪي ﻣﺜﺒﺘﲔ ﺧﺎرﺟﻴﲔ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أدري ﻛﻴﻒ ﺳﺄﺟﺘﺎز ﻫﺬه اﶈﻨﺔ .
،أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﻲ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻮرك ﳌﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﳊﺮﻛﺔ
ﺑﻌﺪ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﳌﻜﺜﻔﺔ ،أﻳﻘﻦ اﻷﻃﺒﺎء ﺑﺄن ﻣﺎ ﲢﻘﻖ
.وﺣﺘﻰ أﻛﻮن ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻨﺪوب وﺿﻌﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاش ﻋﺎﺋﻢ ﻓﻲ
ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻏﻴﺮ ﻛﺎف وﻳﺘﻌﲔ أن أﺧﻀﻊ ﻟﻌﻼﺟﺎت أﻛﺜﺮ دﻗﺔ .إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ
ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ،ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﺗﺼﻮر ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ اﳋﺎرج ؟ ﺗﺘﻮاﻟﻰ اﻷﻳﺎم
ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ واردة اﻻ أن اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ رﻓﻀﺖ اﻟﺘﺮﺧﻴﺺ
وﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺗﺰداد ﺗﺪﻫﻮرا .ﺑﻌﺪ ﻣﻜﻮﺛﻲ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ
ﻟﺬﻟﻚ وأﻋﺘﻘﺪ أن ﺳﺒﺐ رﻓﻀﻬﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻫﻮ ﺗﺨﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ أن أﻓﺎﰌ
ﻣﺼﻄﻔﻰ ،ﻧﻘﻠﺖ اﻟﻰ ﻋﻴﺎدة اﻟﻠﻴﻤﻮن .أﺻﺒﺖ ﺑﺘﻌﻔﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ
وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﺑﺎﻟﺒﻼد .ﻋﻤﻞ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻪ ﻟﺘﺄﺧﻴﺮ
اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ .ﻫﺠﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﳉﺮﺛﻮﻣﺔ اﻟﻌﻨﺒﻴﺔ )اﳌﻜﻮرة اﻟﻌﻨﻘﻮدﻳﺔ( وﻫﻲ ﻧﻮع
ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﻌﻼﺟﺎت وﻗﺎم أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻣﻦ
ﻣﻦ اﳉﺮاﺛﻴﻢ اﻟﺬي ﻣﺎ أن ﻳﺴﺘﻘﺮ ﺑﺎﳉﺴﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻧﻬﺸﻪ ﻧﻬﺸﺎ
أﻃﺒﺎء وﻣﺴﺆوﻟﲔ ﺳﻴﺎﺳﻴﲔ ﻗﺒﺎﻳﻠﻴﲔ ﺑﺎﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻲ
.وﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻀﻤﻴﺪ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﺗﺸﺬﻳﺐ اﻟﻌﻈﻢ .ﻻ أﻛﻒ ﻋﻦ
ﺑﺎﳌﻐﺎدرة وﳉﺆوا اﻟﻰ ﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻀﻐﻂ اﳌﻤﻜﻨﺔ .ﻣﻊ ﺗﻮاﻟﻲ اﻷﻳﺎم ازداد
اﻟﺼﺮاخ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ،ﻻﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻲ أﺣﺪ ﻷن ﺻﺮاﺧﺎﺗﻲ ﻻ ﺗﻄﺎق .ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ
109 108
أﻃﺮاف اﳊﺪﻳﺚ ﺣﻮل ﻛﻞ ﺷﻲء ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال .ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ اﳌﻤﺮﺿﺎت ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﺒﻨﺎﻳﺔ ،ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ
واﻷﻏﻨﻴﺔ واﻷدب واﳊﻴﺎة .ﺑﺤﻮزﺗﻲ "وﻟﻜﻤﺎن" أﻋﻴﺮه ﻟﻬﺎ ،ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،وﺗﺪاوم اﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ 9اﻛﺘﻮﺑﺮ – 88وﻫﻮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻲ
ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻤﺎع ﻓﻴﻪ اﻟﻰ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺮت أﻣﺸﻲ ،ﻗﻠﻴﻼ ،ﻛﻨﺖ اﻟﻰ 29ﻣﺎرس 89وﻫﻮ ﺗﺎرﻳﺦ ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻋﺸﺖ ﺳﺘﺔ ﺷﻬﻮر ﻣﻦ
أﻧﺎ اﻟﺬي أﺑﺎدر اﻟﻰ ﻋﻴﺎدﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ وﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﻔﻠﻴﻬﺎ .أﺳﺮ ﻟﻲ اﳉﺤﻴﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ .ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﳌﺪة ﺑﻘﻴﺖ ﺟﺎﻣﺪا ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ وﻣﻠﺘﺼﻘﺎ
زوﺟﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻗﻪ اﺻﻄﺤﺎﺑﻬﺎ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ .ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺴﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﺸﺪﻧﻲ اﻟﻴﻪ ﻧﻈﺎم ﻣﻦ اﻹﺟﻬﺰة ﻣﻌﻘﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .
ﺣﻠﻤﻪ اﻟﺬي ﻻﻳﻜﻒ ﻋﻦ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ وﺣﻠﻤﻪ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻫﺪﻳﺘﻪ اﻷﺧﻴﺮة اﻟﻴﻬﺎ
ﺳﺘﺔ ﺷﻬﻮر ﻫﺬا ﻛﺜﻴﺮ .
ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻬﺎ .ﻃﺎوس ﻫﺬه ،أﺣﺒﺒﺘﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ،ﺻﺎرت ﻛﺸﻘﻴﻘﺔ .ﻋﻠﻰ ﻣﺪار
أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺗﻘﺎﺳﻤﻨﺎ اﻷﻻم واﻟﻌﺬاﺑﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ أﻣﺎ "ﻣﺤﻤﺪ" ﻓﻬﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ،ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪك ،ﻓﺼﻮرﺗﻚ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻧﺤﻴﻒ ﺟﺪا وﻳﺸﺒﻪ وﺟﻬﻪ ذﻟﻚ اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ .ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺳﻴﻤﺎ وأن أﻗﻮال
اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺪرﻛﻬﻢ اﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻗﺒﻞ اﻷوان وﻣﺎ ﻋﺎد ﻟﻬﻢ أﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة . اﻟﻨﺎس اﻟﺘﻲ ﻻﲢﺴﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ﲢﻴﻞ داﺋﻤﺎ اﻟﻰ "اﻹﺧﺘﻼف" اﳉﺴﺪي .ﺛﻤﺔ
ﻣﺼﺎب ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺪاء اﳋﺒﻴﺚ ﻓﻬﻞ ﻳﺪرك ﺧﻄﻮرة ﺣﺎﻟﺘﻪ ؟ ﻻ أﻋﺮف .ﻟﻜﻦ أﺷﻴﺎء ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﺪ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﻦ اﻟﻬﺸﺎﺷﺔ اﻟﻘﺼﻮى
،أﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﻣﺪرك ﻟﻬﺎ وﻧﺘﻔﺎدى ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ ،اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﺮض .أﺗﻔﻬﻢ ﻫﺬه اﻹرادة اﳉﺎﻣﺤﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻬﺬه اﳊﺎﻟﺔ وأﻗﺮ ﺑﺎﻧﻨﻲ ﻓﻜﺮت
ﻷﻧﻪ ﺟﺰء ﻣﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ .ﻣﺘﻨﻔﺴﻨﺎ اﻷوﺣﺪ ﻫﻮ ﻫﺬه اﳌﺬﻛﺮات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ . ﻣﺮارا ﻓﻲ ذﻟﻚ .
ذات ﺻﺒﻴﺤﺔ ،إﻧﺘﻘﻞ "ﻣﺤﻤﺪ " اﻟﻰ ﺟﻨﺎح اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﳉﺮاﺣﻴﺔ اﻟﺬي إذا ﳒﺤﺖ ﻓﻲ إﺟﺘﻴﺎز اﶈﻨﺔ ﻓﺒﻔﻀﻞ ﻗﻮﺗﲔ ﻣﺆازرﺗﲔ ﻫﻤﺎ :اﳌﺴﺎﻧﺪة
أﻏﻠﻘﺖ أﺑﻮاﺑﻪ ﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﻓﺘﺤﺖ .ﻣﺎ ﻋﺎد ﺛﻤﺔ أﻣﻞ أﻣﺎﻣﻪ .أﻟﺘﻘﻰ ﺑﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ .ﻣﻦ ﺗﻴﺰي وزو ،ﻗﺪم ﻣﺌﺎت اﻷﺷﺨﺎص ﻟﺰﻳﺎرﺗﻲ وازرﺗﻨﻲ اﻷﻟﻮف
إذا أﻗﻄﻦ ﺑﺎﻟﻐﺮﻓﺔ 77وﻫﻮ ﺑﺎﻟﻐﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ .أﻋﻴﺮه اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻻﺻﻤﺔ ﺑﻌﻴﺎدة اﻟﻠﻴﻤﻮن أو ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻣﺼﻄﻔﻰ .ﻓﻲ ﻛﻞ
اﻟﻜﺘﺐ وﻧﻨﺎﻗﺶ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ".ﻣﺤﻤﺪ" ﻣﺘﻌﻄﺶ ﻛﺜﻴﺮا ﻟﻠﻘﺮاءة ﻳﻮم ،ﻳﺒﺮﻫﻦ اﻟﻨﺎس ،ﺑﺎﳌﻠﻤﻮس ،ﻋﻦ ﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ ﻣﻌﻲ وﺗﺄﺛﺮﻫﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﲟﺎ
ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﺪارك ﻓﻲ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ وﺗﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻲ ﻻزﻟﺖ أذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن أﺑﻮه ﻳﻨﻮي ﺑﻴﻊ ﺑﻘﺮة ﳝﺘﻠﻜﻬﺎ
ﻛﺎن ﻳﺠﻬﻠﻪ ﻳﻜﺜﺮ أن ﺗﺄﺗﻲ واﻟﺪﺗﻪ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻲ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ وﺗﻀﻊ ﻳﺪاﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﳌﺎل وأﻋﺘﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ اﺑﻨﻪ
ﺑﻄﻨﻲ وﺗﺮﺗﻞ آﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن وﺗﻘﻮم ﺑﺼﻠﻮات ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺷﻔﺎﺋﻨﺎ أﻧﺎ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻲ ﻛﻞ ﺻﺒﺎح ﻗﻨﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﳊﻠﻴﺐ اﻟﻄﺮي ﻳﺤﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ
وﻓﻠﺬة ﻛﺒﺪﻫﺎ .اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﻄﺒﻲ ﻳﻌﻤﺪ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ب"ﻋﻨﺒﺮ اﳌﻮت" وﻫﻮ اﻟﺒﻘﺮة ،اﻋﺘﺮض ﻗﺎﺋﻼ :ﻃﺎﳌﺎ ﻛﻨﺖ ﻃﺮﻳﺢ اﻟﻔﺮاش ﻓﻤﻤﻨﻮع ﺑﻴﻊ اﻟﺒﻘﺮة وﻣﺎ
اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ .اﳌﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﲔ ﻟﻠﻌﻼج وأﻗﺮب ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻷب إﻻ أن اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻄﻠﺐ اﺑﻨﻪ .
اﻟﻰ اﳌﻮت ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻰ اﳊﻴﺎة .ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻫﺬه اﻷم اﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺟﺪا ﺑﺄن أﺑﻨﻬﺎ
أﻓﻜﺮ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺎﺑﺔ اﳌﺘﻬﺎﻟﻜﺔ وأﺧﺎل أﻧﻬﺎ ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﺴﺮﻃﺎن
ﺳﻴﻠﺘﺤﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺮﻓﻴﻖ اﻷﻋﻠﻰ .ﺧﺮج "ﻣﺤﻤﺪ" ﻣﻦ اﻟﻌﻴﺎدة
وﻗﺪ أﺳﻠﻤﺖ اﻟﺮوح أﺳﺎﺑﻴﻌﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻲ اﻟﻰ ﻋﻴﺎدة اﻟﻠﻴﻤﻮن واﺳﻤﻬﺎ
ﻳﻮم اﳋﻤﻴﺲ وﻣﺎت ﻳﻮم أﺣﺪ .أﻳﺎﻣﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ زارﺗﻨﻲ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮى
"ﻃﺎوس" ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﻮى اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ وﺗﺘﺮدد ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ وﻧﺘﺠﺎذب
111 110
أﺷﺪ اﻟﺮﺣﺎل اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،أﻻ أﺧﻮن ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس وﻫﻞ ﻳﺤﻖ ﻟﻲ أن أﻓﻌﻞ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻲ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻻزاﻟﺖ ﺗﺸﺪﻫﺎ اﻟﻰ اﺑﻨﻬﺎ اﳌﺘﻮﻓﻲ .
ذﻟﻚ ؟ . ﺗﺒﻜﻲ ﻛﺜﻴﺮا وﺗﻌﺬﺑﺖ ﻷﺟﻠﻬﺎ .
ورﻏﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،أﻗﻨﻌﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻷﻣﺮ ﲢﺖ ﺿﻐﻂ اﻟﻀﺮورة إذا ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف اﳌﻮت وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻣﺮﺿﻰ ﻫﻢ ﻓﻲ
اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻹﺳﺘﻌﺠﺎﻟﻴﺔ .ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎزل ﻧﻈﺎم اﳊﻜﻢ إﻻ ﲢﺖ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﺿﻊ ،ﻳﺮاودك إﺣﺴﺎس أن ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻚ دﻳﻦ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻚ إﺣﺘﺮام
ﺿﻐﻮﻃﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ .وﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﻧﻘﻠﻲ اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﺧﻮض اﳊﻴﺎة .إن اﳌﻌﺎﻧﺎة ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺜﻤﲔ أﻛﺒﺮ ﻟﻠﺴﻌﺎدة .ﻓﺠﺄة ،ﻧﺼﺒﺢ أﻗﻞ
إﺿﺮاب ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم وﲟﺠﺮد ﻣﺎ ﺷﺎع اﳋﺒﺮ ،ﲡﻤﻬﺮ ﻣﺌﺎت اﻟﻄﻠﺒﺔ أﻣﺎم ﺗﻄﻠﺒﺎ وأدﻋﺎء وﻧﺘﻌﻠﻢ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ واﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﳌﺼﻴﺮ .ﻟﻢ أﻋﺶ ،ﳌﺪة
اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﳌﺆازرﺗﻲ .ﻟﻢ ﻳﺮددوا ﺷﻌﺎرات وﻻ ﺻﺪرت ﻣﻨﻬﻢ ﻫﺘﺎﻓﺎت ﺑﻞ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﻊ ﻃﺎوس وﻣﺤﻤﺪ ﻟﻜﻦ ﻳﺮاودﻧﻲ إﺣﺴﺎس ﻛﻮﻧﻲ ﻻزﻟﺖ ﲟﻌﻴﺘﻬﻤﺎ
أﻋﺘﺼﻤﻮا ﺣﺎﻣﻠﲔ ﻻﻓﺘﺎت ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﻨﻘﻠﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻰ اﳋﺎرج ، ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا اﻹﺣﺴﺎس ﻏﺮﻳﺒﺎ وﻟﺮﲟﺎ ﻣﺨﻴﻔﺎ ﻟﻠﺒﻌﺾ
وأﺧﻴﺮا ،إﺿﻄﺮت اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻰ إﻋﻄﺎء اﻟﻀﻮء اﻷﺧﻀﺮ . إﻧﻪ ﻳﺰود ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻘﻮة ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻟﺘﺤﻤﻞ اﶈﻦ .
ﻻزﻟﺖ أذﻛﺮ أﻧﻨﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ أدراج ﺑﻨﺎﻳﺔ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ وأﻧﺎ أﺗﻜﻰء ﻋﻠﻰ ﳊﺴﻦ اﳊﻆ أﻧﻨﻲ ﺗﻌﺮﻓﺖ ،أﻳﻀﺎ ،ﻋﻠﻰ أﺷﺨﺎص راﺋﻌﲔ .ذات ﻳﻮم
ﻋﻜﺎزﻳﻦ ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ اﻟﻰ اﻟﺒﺎﺣﺔ .ﺗﻮﺟﻬﺖ اﻟﻰ اﳌﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻗﻠﺖ ،زارﺗﻨﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت اﳉﻤﻴﻼت ﻳﻔﻀﻦ ﻃﺮاوة وﻧﻀﺎرة وﻳﺮﺗﺪﻳﻦ
ﻓﻴﻬﺎ ":ﻟﻘﺪ ﳒﺤﺘﻢ ،ﳒﺤﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺳﺄﺗﻮﺟﻪ ﻏﺪا اﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ " ﻻزاﻟﺖ ﺗﺮن ﻓﺴﺎﺗﻴﻨﺎ أﺟﻤﻞ .ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ،ﻗﻤﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻦ ،ﲟﻌﺎﻧﻘﺘﻲ وﻃﻔﻘﺖ واﺣﺪة
ﻓﻲ أﺳﻤﺎﻋﻲ ﺻﻴﺤﺎت اﻟﻔﺮح اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻮﻫﺎ واﻟﺘﺼﻔﻴﻘﺎت اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺘﻬﺎ ﻣﻨﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﻮاﺣﺪة ﻣﻦ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ﺑﺼﻮت ﺻﺎف ذي ﻧﺒﺮة ﻣﻦ أروع ﻣﺎ
.وﻓﻲ ﺻﺒﻴﺤﺔ اﻟﻴﻮم اﳌﻮاﻟﻲ ،ﺣﻀﺮوا اﻟﻰ ﻋﲔ اﳌﻜﺎن ﻣﺠﺪدا ﻟﻴﺘﺄﻛﺪوا ﻣﻦ ﻳﻜﻮن واﻷﺧﺮﻳﺎت ﻳﺮددن ،ﺟﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻛﻮرال ،اﻟﻼزﻣﺔ .
ﺻﺤﺔ اﳋﺒﺮ وأن اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻟﻢ ﺗﺘﺮاﺟﻊ ،ﻓﻲ آﺧﺮ ﳊﻈﺔ ،ﻋﻦ وﻋﺪﻫﺎ .ﺳﺎر
ﻛﺎن اﳌﺸﻬﺪ راﺋﻌﺎ اﻟﻰ اﳊﺪ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻨﻲ اﻧﻔﺠﺮ ﺑﺎﻛﻴﺎ وﺗﺄﺛﺮت ﻟﻪ .
ﻃﻠﺒﺔ ﻛﺜﻴﺮون ﻓﻲ ﻣﻮﻛﺒﻲ ﺣﺘﻰ وﺻﻮﻟﻲ اﻟﻰ أرﺿﻴﺔ اﳌﻄﺎر .
ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻲ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ .ﻟﻘﺪ ﺗﺴﻠﻞ ﺷﻌﺎع ﻣﻦ ﻧﻮر اﻟﺸﻤﺲ
ﻫﺎ أﻧﺎ أﻏﺎدر ﺑﻠﺪي اﻟﺬي ﻛﺎدت روﺣﻲ ﺗﺰﻫﻖ ﻓﻴﻪ واﳌﻔﺮوض أن
اﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ وﻛﻨﺖ ﻓﻌﻼ ،ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻴﻪ .ﻧﺴﺎء أﺧﺮﻳﺎت ﻛﺜﻴﺮات ﻗﻄﻌﻦ
ﻳﻬﺪىء ﻫﺬا ﻣﻦ ﺧﺎﻃﺮي اﻻ ان اﳋﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ واﻟﻘﻠﻖ اﳊﺎد ﻫﻤﺎ اﻟﻠﺬان
ﻣﺌﺎت اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ،ﻓﻲ ﻇﺮوف ﺻﻌﺒﺔ ﺟﺪا ﻟﺴﻮء أﺣﻮال اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ،
اﻛﺘﺴﺤﺎﻧﻲ ﺛﻤﺔ راﺑﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺸﺪﻧﻲ اﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ وﺗﺄﻛﺪت ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻴﻠﺔ
وﻫﻦ ﻳﺤﻤﻠﻦ اﻟﻰ ﺣﻠﻮﻳﺎت وﺧﺒﺰا وأﺷﻴﺎء أﺧﺮى ﻻﺷﻚ أﻧﻬﻦ أﺣﻮج ﻣﺎﻳﻜﻦ
ﻣﺤﻨﺘﻲ ،اﳉﺰاﺋﺮ ﻫﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ .
اﻟﻴﻬﺎ .ﺳﺎﻋﺪﻧﻨﻲ ﻫﻦ وﻛﻞ زواري ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻤﻮد وأﻛﺪوا ﻟﻲ ،ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ،
ﻣﺎ أن وﻃﺌﺖ ﻗﺪﻣﺎي ﺑﺎرﻳﺲ ﺣﺘﻰ ﺣﻤﻠﺖ اﻟﻰ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ "ﺑﻮﺟﻮن" ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻰ ﻃﺮﺑﻲ وﻓﻨﻲ وأن ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ
ﺻﺤﺒﺔ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻋﻤﻮﻣﺘﻲ وﻫﻮ ﻃﺒﻴﺐ ﻣﺨﺘﺺ ﻓﻲ اﳉﻬﺎز اﻟﺘﻨﻔﺴﻲ وأﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن أﻧﻬﺾ ﻣﻦ وﻋﻜﺘﻲ واﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻲ ﻷواﺻﻞ اﳌﺸﻮار
.ﺗﻮﻗﻌﺖ اﻷﺳﻮأ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪث .ﻓﻄﺎﳌﺎ ﻳﻮﻓﺮ ﻟﻲ أﺑﻦ ﻋﻤﻲ ،ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم ﺣﻘﻦ .ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ أﻏﺮورﻗﺖ ﻋﻴﻨﺎي ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع وأﻧﺎ أﺳﺘﻤﻊ اﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺸﻬﺎدات
"دوﻟﻮﺳﺎل" وﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﻟﻲ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ اﳉﺰاﺋﺮ دزﻳﻨﺔ ،ﻓﺄﻧﺎ ﺑﺨﻴﺮ وﻫﺎدىء اﻻ أن اﳌﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﺛﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ .ﻓﻲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻲ ،ﻛﻨﺖ أﺗﺴﺎءل ﻋﻨﺪﻣﺎ
113 112
ﻗﻀﻴﺖ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﺴﺘﺔ ﻓﻲ "ﺑﻮﺟﻮن" وأﻧﺎ أﳊﻦ أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ .وﻟﺌﻦ ﻫﺬا اﻹﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻔﺬ ﺑﺴﺮﻋﺔ .
ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻲ ﻗﺴﻄﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺎدة إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻﲤﻨﻌﻨﻲ ﻣﻦ
ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ،ﻛﺎن اﻟﻮﺿﻊ أﺻﻌﺐ اذ ﻻﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﻬﺬه اﳊﻘﻦ
اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ إﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺣﻀﻮري ﻓﻲ اﻟﺬﻛﺮى اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﺮﺑﻴﻊ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ
ﺣﺘﻰ ﲢﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻛﺎن ﻻﺑﺪ إذا ﻣﻦ ﲢﺮﻳﺮي ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﳋﻄﻴﺮة
ﻳﻮم 20اﺑﺮﻳﻞ .ﺳﺘﻜﻮن ﻫﺬه ﻫﻲ اﳌﺮة اﻷوﻟﻰ واﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أﺗﻐﻴﺐ
ﻟﻠﺤﻘﻦ اﳌﻬﺪﺋﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻏﻄﺴﺖ ،ﻓﻌﻼ ﺣﺘﻰ أذﻧﻲ ﻓﻲ اﻹدﻣﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ .
اﻟﺸﺎرع واﻟﺘﺪﺧﻼت واﳋﻄﺐ اﳌﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻜﻞ ذﻟﻚ .ﻣﺎ ﻫﻲ ﻛﻨﺖ أﳉﺄ اﻟﻰ اﻟﺼﺮاخ وأﺳﺐ اﳉﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﳑﺮﺿﺎت وﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻬﻦ وﻟﻢ أﻛﻦ
اﻟﻜﻠﻤﺎت واﳉﻤﻞ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺮد ﻓﻴﻬﺎ ؟ ﺟﺴﺪي ﻓﻲ "ﺑﻮﺟﻮن" وروﺣﻲ ﻫﻨﺎك أﻓﻜﺮ اﻻ ﻓﻲ ﺷﻲء واﺣﺪ اﻟﻌﻮدة اﻟﻰ اﳉﺰاﺋﺮ .
ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ورﻓﺎﻗﻲ .إﻧﻪ ﻋﺰاء ﺑﺨﺲ .أﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ دواﻣﺔ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻧﺎة
ﻋﺰﻟﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻨﺠﺪة ﻻ ﺗﺘﺴﺮب ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺮﺧﺎﺗﻲ .ﺑﲔ ﻫﺬه
وﻓﺠﺄة ،وأﻧﺎ وﺳﻂ ﺷﺠﻮﻧﻲ إذا ﺑﻜﻠﻤﺎت ﺷﺎدﻳﺔ ﺗﺼﻠﻨﻲ وﻫﻲ ﲢﻜﻲ ﻋﻦ
اﳉﺪران اﻷرﺑﻌﺔ واﻟﻌﺎرﻳﺔ واﻟﺼﻤﺎء ﻣﺎ ﻋﺎد ﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﲔ .ﺑﲔ اﻟﻔﻴﻨﺔ
اﻟﻐﻴﺎب )اﳉﺒﺎل ﻫﻲ روﺣﻲ ،ﻫﺬه اﳉﺒﺎل اﻟﺘﻲ ﻧﺰل ﻣﻨﻬﺎ آﻻف اﻷﺷﺨﺎص ،
واﻷﺧﺮى ،ﺗﻌﻮدﻧﻲ ﳑﺮﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح وﺗﻘﺪم ﻟﻲ أﻗﺮاﺻﺎ ﻣﻨﻮﻣﺔ أو
أﻣﺎ أﻧﺖ ﻓﻐﺎﺋﺐ ( .ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،ﻛﻨﺖ أﺻﻒ ﻧﻔﺴﻲ وﺳﻂ اﳊﺸﻮد ﻣﻦ
ﲢﻘﻨﻨﻲ ﲟﺎدة ﻣﻬﺪﺋﺔ .ﺗﻄﻠﺐ اﻷﻣﺮ أﻳﺎﻣﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪا ﺣﺘﻰ أﺗﻜﻴﻒ ﻣﻊ
ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ،ﺗﻮﻟﺪت ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻇﺎﻫﺮة ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻓﻌﻼ ،إﻧﻬﺎ ﻧﻮع ﻣﻦ
وﺿﻌﻲ اﳉﺪﻳﺪ .
إﻧﺼﻬﺎر ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﲔ ﺷﺨﺼﻲ وﺳﺮﻳﺮي وﻏﺮﻓﺘﻲ ﺑﺎﳌﺴﺘﺸﻔﻰ واﻵﺧﺮون
ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺒﻌﺪ ﺑﺂﻻف اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮات .وﻳﺸﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ،ﻛﺎن ﻳﺠﺐ ﻣﺪاواة ﺟﺮوﺣﻲ ورﺟﻼي .وﻗﺪ ﻗﺎم
"ﻫﺆﻻء" ﻛﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﻬﻢ وأﻧﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ . اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﻄﺒﻲ ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،ﺑﺈﳒﺎزات ﻫﺎﺋﻠﺔ .دﺧﻠﺖ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ
"ﺑﻮﺟﻮن" ﻳﻮم 29ﻣﺎرس ،وﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺴﺘﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻛﻨﺖ أﻏﻨﻲ ﻓﻲ
"ﺳﺨﺮﻳﺎت اﻟﻘﺪر" ﻫﻮ ﻋﻨﻮان اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺬي وﺿﻌﺖ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ
ﻣﻠﻌﺐ ﺗﻴﺰي وزو أﻣﺎ ﺟﻤﻬﻮر ﻏﻔﻴﺮ .ﻫﺎ أﻧﺎ ذا ﺣﻴﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ
وﳊﻨﺘﻬﺎ ﺑﺎﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻳﻜﻮن اﻷﻟﻢ ﻫﻮ ﺧﻠﻔﻴﺔ اﻹﺑﺪاع .
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮدة ،ﳌﺮات أﺧﺮى ،اﻟﻰ "ﺑﻮﺟﻮن" .إذ ﻻزال اﳌﺜﺒﺘﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪي
ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻮارد أن ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻲ ﻫﺬه اﶈﻨﺔ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ إﻋﺘﺪاء وﺗﻨﺘﻈﺮﻧﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻏﺮز ﻋﻈﻴﻤﺔ .إﻻ أﻧﻨﻲ ﺟﺪدت اﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ أﻫﻠﻲ وذاك
وﺣﺸﻲ وﻣﺎ ﺣﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ،ﻟﻜﻦ ﺣﺪث أن ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﻗﻮة . ﻫﻮ اﻷﺳﺎس .
ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬه اﶈﻨﺔ ،أﺻﺒﺢ أﻫﻠﻲ واﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﻳﻨﻈﺮون اﻟﻲ أﻣﺪﻧﻲ ﻫﺬا اﳊﻔﻞ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺰاء وإﺣﺴﺎس ﺟﺎرف ﺑﺎﻹﻧﻌﺘﺎق .
ﻧﻈﺮة أﻓﻀﻞ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﻬﻮر اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ،ﻓﻬﻤﺖ ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪه اﻷﻃﺒﺎء ﻋﻨﺪ ﺗﺄﻛﻴﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ
،ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻬﻢ أﻛﺜﺮ وﺗﻔﻬﻤﻬﻢ .أﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳉﺎﻧﺐ اﳌﻌﻨﻮي ﻓﻲ اﻟﻌﻼج وأﻳﻘﻨﺖ ﺑﺄن اﻟﺮﺻﺎﺻﺎت اﳋﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺳﺪدت
ﻣﺼﺎﺣﺒﺘﻬﻢ ﻟﻲ ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﳌﻌﺎﻧﺎة وﻃﻠﺒﻬﻢ ﺑﻞ و"إﳊﺎﺣﻬﻢ" ﻋﻠﻰ أن اﻟﻰ ﺟﺴﻤﻲ ﻓﻲ "ﻣﻴﺸﻠﻲ" اﻧﺪﺣﺮت ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ .ﻫﻲ ،ﻓﻘﻂ ،ﺧﻤﺲ رﺻﺎﺻﺎت
أﺗﻌﺎﻓﻰ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺴﻬﻤﻮن ،ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﻲ إﺳﺘﻤﺮار اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﺳﻤﻬﻢ ﺑﻴﻨﻤﺎ ارى ﺑﺄم اﻟﻌﲔ آﻻف اﻟﻘﻠﻮب ﺗﺪق ﻣﻦ اﺟﻠﻲ .
ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة .
115 114
ﻣﺎ ﺗﻜﺒﺪﺗﻪ وﻛﺎﺑﺪﺗﻪ وﺣﻘﻘﺖ ﳒﺎﺣﺎت ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ اﻟﻨﻈﻴﺮ ﺮد ﻧﺰوﻟﻬﺎ اﻟﻰ وﻣﻦ ﺳﺨﺮﻳﺎت اﻟﻘﺪر أن ﺗﻜﻮن ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻏﺘﻴﺎﻟﻲ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﺮ
اﻷﺳﻮاق .ﻛﻞ ﻣﺎ وﺻﻔﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺟﺤﻴﻢ ﻳﻮﻣﻲ واﻗﻌﻲ وﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﺮى ﺣﻴﺎﺗﻲ .ﻳﺠﺐ إذا اﳋﺮوج ﻣﻦ ﻫﺬه اﶈﻨﺔ ﺑﺄﺳﺮع ﻣﺎ ﳝﻜﻦ
ﻟﻠﺤﻈﺎت ﻛﺪت أﻧﺰﻟﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻰ اﳋﻮاء واﺗﺨﻠﻰ ﻋﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﺼﺪده ﺣﺘﻰ ﻻ وأﺗﺼﻮر أن أﻏﻨﻴﺎﺗﻲ ﺳﺘﺴﺎﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ ذﻟﻚ .ﻫﺬه اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﲢﻜﻲ
أﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ إﻫﺪار ﻃﺎﻗﺘﻲ .ﻛﻨﺖ ﻣﻔﺮﻏﺎ ﲤﺎﻣﺎ وﻣﺎ ﻋﺎد ﻟﺸﻲء أﻫﻤﻴﺔ .ﻛﻞ ﻋﻦ ﻣﺤﻨﺘﻲ وﻣﻼﺑﺴﺎت إﻏﺘﻴﺎﻟﻲ وﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻘﻨﻮط اﻟﻘﺼﻮى
ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺸﺪﻧﻲ اﻟﻰ اﳊﻴﺎة ﻓﻲ أﺷﺪ اﻷوﻗﺎت إﺣﺒﺎط ﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﳉﻤﻬﻮر ﻟﻲ وﻣﺮﺿﻲ وﻛﻞ ﻣﺎ أﻋﺎﻧﻴﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﳊﻴﺎة .ﺳﺠﻠﺖ
وﺗﻌﺎﻃﻔﻪ ﻣﻌﻲ واﻟﻠﺬان ﻳﻼﺣﻘﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن . ﻫﺬا اﻟﺸﺮﻳﻂ ﻓﺨﺮوﺟﻲ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﺼﺼﺔ ﻟﻠﺰﻳﺎرات
ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة زواﻻ واﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﺴﺎوﻛﻨﺖ اﺗﻨﻘﻞ ﺑﻌﻜﺎزﻳﻦ واﳌﺜﺒﺖ
ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ أﻧﺪﻫﺸﺖ وأﻧﺎ أﻧﺎﺟﻲ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﺋﻨﺎ ﻣﻦ
اﳌﺮﻛﻮز ﻓﻲ ﺳﺎﻗﻲ واﻟﺸﺮج اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ ﲟﺆﺧﺮﺗﻲ وﻛﻴﺲ ﺧﺎرج ﻋﻠﻰ اﳉﻬﺔ
ﳊﻢ ودم وﻛﻨﺖ أﳉﺄ اﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ ﺿﺎﻏﻄﺔ .ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻐﺮﻓﺘﻲ
اﻟﻴﺴﺮى .
أرﻳﻜﺔ أﺛﻴﺮة أﻗﺘﻌﺪﻫﺎ اﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮال وأﻧﺎﻣﻠﻲ ﺗﺪاﻋﺐ ﻗﻴﺜﺎرﺗﻲ وأﳊﻦ .
ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﺪي اﳌﻤﺮﺿﺎت وﻗﺖ ﻓﺎرغ إﻻ وﲢﻠﻘﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﻟﺴﻤﺎع اﻷﻧﻐﺎم أﻣﺎ زوﺟﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﲤﺎﻟﻜﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻘﺪ أﻧﺘﻬﻰ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﺮ ،
.أﺣﺘﻔﻆ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎت ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﻌﺎﻣﻞ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ أﻣﺎم ﺷﺪة اﳌﺼﺎب ،اﻟﻰ اﻹﻧﻬﻴﺎر ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺟﺪا ﲢﻤﻞ ﻛﻞ
"ﺑﻮﺟﻮن" وأﺧﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻘﺎم ،ﳑﺮﺿﺔ اﺳﻤﻬﺎ "ﺳﻮازﻳﻚ" واﻟﺘﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻮاﺟﻊ .وأﺛﻖ اﻟﻴﻮم اﻧﻨﻲ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ دون أن أﻋﻄﻴﻬﺎ أي
ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ .ﻟﻦ أﻧﺴﺎﻫﺎ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻐﻠﺒﻨﻲ ﺷﻲء ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻓﺎت اﻵوان وﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﺪارك ﻣﺎ ﻓﺎت .
اﻟﺴﻬﺎد ،ﲢﻜﻲ ﻟﻲ اﻟﻨﻮادر وﺗﺪاﻋﺐ ﺟﺒﻴﻨﻲ اﻟﻰ أن أﺳﺘﺮﺧﻲ .أﻗﻮل ﻟﻬﺎ :
ﺻﻤﺪت اﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ وأﺧﻴﺮا ﺧﺎرت ﻗﻮاﻫﺎ وأﺳﺘﺴﻠﻤﺖ وﻟﻢ
ﺷﻜﺮا ﺳﻮازﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺒﺎﻗﺔ .وﻟﻮ ﻟﻢ أﻛﻦ ،داﺋﻤﺎ ﻣﺮﻳﻀﺎ ودﻳﻌﺎ ﻓﻘﺪ
ﻳﺘﺮاءى ﻓﻲ أﻓﻖ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ إﻻ اﻟﻄﻼق اﻟﺬي ﻟﻦ ﻳﺤﻞ اﳌﺸﻜﻠﺔ .
ﻋﻮﻣﻠﺖ ،ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺑﺄﻗﺼﻰ
ﻛﺎﻧﺖ زوﺟﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺻﻐﻴﺮة اﻟﺴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰوﺟﺘﻬﺎ وﻳﺘﻴﻤﺔ
،أﺑﻮﻫﺎ ﻫﻮ أﺣﺪ اﳌﺪاﻓﻌﲔ اﻟﻜﺒﺎر ﻋﻦ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ،زﻣﻦ
اﻷﻛﺎدﳝﻴﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ ،ﺷﺎرع أوزﻳﺲ ﺑﺒﺎرﻳﺲ .
117 116