You are on page 1of 103

‫‪http://www.shamela.

ws‬‬
‫مت إعداد هذا امللف آليا بواسطة املكتبة الشاملة‬

‫الكتاب ‪ :‬طوق احلمامة يف التداوي ابحلجامة‬


‫املؤلف ‪ :‬أمحد شحاته السكندرى‬
‫مالحظة‪[ :‬هذا الكتاب من كتب املستودع مبوقع املكتبة الشاملة]‬

‫طوق احلمامة‬
‫يف التداوي ابحلجامة‬
‫الشيخ أبو حممد أمحد شحاته السكندرى‬
‫اللهم وأتييدك ‪ ،‬وإرشادك َإيان وتسديدك‬
‫عونك َّ‬
‫ويسر‬
‫وسواه ‪ ،‬وهداه ملا فيه سعادته ىف دنياه وأخراه ‪َّ ،‬‬
‫احلمد هلل الذى خلق اإلنسان فأحسن خلقه َّ‬
‫له سبل السالمة من اهلالك والعطب ‪ ،‬وفطره على حمبة العافية فهى غاية املراد ومنتهى األرب ‪،‬‬
‫ِ‬
‫وجسده حتذيراً كبرياً‬ ‫وابتاله ابألدواء واألوجاع لتكون تكفرياً لذنوبه وتطهرياً ‪ ،‬وحذره من اتالف ِ‬
‫نفسه‬
‫‪ ،‬فقال سبحانه ومن أصد ُق من هللا قيالً ‪ (( ،‬إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئوالً‬
‫)) ‪.‬‬
‫وبعد ‪..‬‬
‫فاحلجامة من العالجات الطبية القدمية لدى الكثري من اجملتمعات البشرية ‪ ،‬من مصر القدمية غرابً ‪،‬‬
‫إىل الصني شرقاً ‪ ،‬فقد عرفها وألفها الصينيون والبابليون والفراعنة ‪ ،‬واهلنود والعرب ‪ ،‬وال يغينب عنك‬
‫أن احلجامة مع اإلبر الصينية من أهم ركائز طب الصني التقليدى ‪ .‬وقد كان احلجامون القدماء‬
‫يقطعون أطراف القرون اجملوفة لبعض احليواانت ‪ ،‬والفروع القوية ألشجار البامبو ‪ ،‬ويستعملوهنا‬
‫كمحاجم ‪ ،‬يضعوهنا على مواضع احلجامة من أبدان املرضى ‪ .‬ومع مرور الزمن ‪ ،‬وتطور األالت ‪،‬‬
‫استعملوا بدالء من الكئوس الزجاجية الىت تفرغ من اهلواء حبرق قطعة من القطن أو الورق داخلها ‪.‬‬
‫ولقد عرفها العرب قبل اإلسالم ‪ ،‬رمبا أتثراً ابجملتمعات اجملاورة ‪ ،‬بل واستعملوا ىف احلجامة طريقةً‬
‫لعلهم مل يسبقوا إليها ‪ ،‬كانت تعرف بـ (( حجامة دودة العلق ‪Blood-Sucking Leech‬‬
‫)) ‪ ،‬وهى دويدة محراء تكون ابملاء ‪ ،‬تعلَّق ابلبدن لتمص الدم احملتقن ىف أماكن الورم كاحللق ‪ ،‬فكانوا‬
‫جيمعون ذلك الدود ‪ ،‬وحيبسونه يوما أو يومني بال طعام ‪ ،‬ويستخرجون مجيع ما أبجسامها لتشتد‬
‫وجتوع ‪ ،‬مث يعلِقوهنا على مواضع الورم ‪ ،‬لتمصه مصاً قويً ‪.‬‬

‫(‪)1/1‬‬

‫أقر احلجامة ‪ ،‬بل وجعلها فرعاً من فروع الطب النبوى املتلقى ابلوحى عن هللا ‪،‬‬
‫وملا جاء اإلسالم َّ‬
‫فقد احتجم رسول هللا صلى هللا عليه وسلَّم وأعطى احلجام أجره ‪ ،‬وندب أمته إىل التداوى ابحلجامة‬
‫‪ ،‬وقال (( خري ما تداويتم به احلجامة )) ‪ ،‬وقال (( إن أمثل ما تداويتم احلجامة والقسط البحرى ))‬
‫‪ ،‬ىف طائفةً من األحاديث النبوية الىت تناهز املائة ‪ ،‬كما سيأتى بيانه ىف ابب ‪ :‬احلجامة ىف الطب‬
‫النبوى ‪.‬‬
‫ورمبا مثلت احلجامة اجلزء األكرب من الطرائق العالجية للعديد من بلدان العامل إىل وقت ليس ابلبعيد‬
‫‪ ،‬خاصةً ىف البالد احلارة ‪ ،‬واألمزجة احلارة ‪ ،‬الىت دم أصحاهبا ىف غاية النضج ‪ ،‬حيث متيل الطبائع‬
‫إىل هتيج الدم وميله إىل ظاهر البدن ‪ ،‬جلذب احلرارة اخلارجة له إىل سطح البدن ‪ ،‬واجتماعه ىف‬
‫نواحى اجللد ‪ .‬غري أنه ملا استشرى أمر الطب الغرىب ‪ ،‬وصار مهيمنا على معظم الطرق العالجية ‪،‬‬
‫وانتشرت شركات األدوية الالهثة وراء املال كالغول الكاسر ‪ ،‬الذى حيطم كل ما يعرتضه لتحقيق‬
‫مآربه وغايته ‪ ،‬وأيدته أنظمة ال دينية شاركته ىف الغاية واهلدف ‪ ،‬تقلصت هاتيك املمارسات التقليدية‬
‫وتولت إىل الظل ‪ ،‬اللهم إال بقاي ىف بعض البالد العربية ‪ ،‬كالسعودية وسوري ودول اخلليج العرىب ‪،‬‬
‫وبالد الصني وبعض بالد شرق أسيا ‪ ،‬وذلك كجزء من الرتاث الشعىب هلذه البلدان ‪ ،‬وخاصةً الصني‬
‫‪ ،‬فهى من أوثق الدول ارتباطاً برتاثها ومعارفها القدمية ‪.‬‬

‫(‪)2/1‬‬

‫ظل األمر كذلك ‪ ،‬حىت بدت ىف أفق الغرب األوروىب ‪ ،‬خاصةً أملانيا وفرنسا ‪ ،‬مظاهر االعرتاض على‬
‫التطبيقات الطبية احلديثة ‪ ،‬وتقلصت دائرة التقديس واحلفاوة هبا ‪ ،‬سيما وقد أبدت عجزها عن‬
‫عالج الكثري من األدواء املستحدثة ‪ ،‬مع تراكم اآلاثر اجلانبية والسلبية لألدوية املركبة ‪ ،‬فراحوا‬
‫يبحثون عن النظم البديلة واملكملة ‪ ،‬وعادت املمارسات التقليدية لتحتل جزءاً من تفكريهم‬
‫ٍ‬
‫استحياء تلك اجملتمعات ‪ ،‬وتربعت على عرش التطبيقات‬ ‫وتطبيقاهتم ‪ ،‬فدخلت احلجامة على‬
‫واملمارسات البديلة واملكملة ‪ ،‬بفضل جهود العلماء واألطباء العرب الغيورين على تطبيقات الطب‬
‫النبوى ‪.‬‬
‫أثرها ىف عالج الكثري من‬ ‫وشباهبا ‪ِ ُ ،‬‬ ‫فقد شاء اللطيف اخلبري أن ِ‬
‫وجيَلى للناس َ‬ ‫َ‬ ‫جيدد للحجامة حيويتَها‬
‫األمراض الدموية الىت عجز الطب احلديث عن عالجها ‪ ،‬ووقف حائراً آبالته وتقنياته املذهلة أمام‬
‫غاراهتا وضراوهتا ‪ ،‬وخاصة السرطان واهليموفيليا واللوكيميا وغريها من األمراض الفتاكة القاتلة ‪،‬‬
‫فقيَّض هلا الشيخ الدمشقى حممد أمني شيخو ‪ ،‬والذى محل على عاتقه مسئولية البحث والتنقيب‬
‫عن األسس العلمية الىت تنبىن عليها ‪ ،‬فأدَّاه اجتهاده وحبثه الدوؤب إىل كشف النقاب عن األصول‬
‫العلمية الدقيقة لتأثري احلجامة على الدم واجلهاز الدورى ‪ ،‬حيث تنقيه من الشوائب واألخالط‬
‫والنفايت ‪ ،‬وختلصه من املواد الرديئة ‪ ،‬واللزوجة الىت رمبا أحدثت سدداً جملراه ‪ ،‬وتستحثه على جتديد‬
‫ٍ‬
‫بتعاون‬ ‫وتعويض كمياته املستنزفة ‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من نشاط سائر أجهزة البدن ‪ ،‬والىت تعمل‬
‫وانسجام مع الدم ‪ :‬كالكبد والطحال والكلى والعظام ‪.‬‬

‫(‪)3/1‬‬

‫وجل هلذا الشيخ فريقاً من أكابر أطباء سوري املتخصصني ىف أدق فروع الطب‬
‫عز َّ‬
‫ولقد سخر هللا َّ‬
‫اإلنساىن ‪ ،‬والذين اقتنعوا بنظريته وأتصيالته الدقيقة ىف تطبيقات احلجامة بنوعيها ‪ :‬الوقائية‬
‫والعالجية ‪ ،‬فأمثر هذا التعاون اجلاد نتائج ابهرةً أدهشت عقول أكابر أطباء الدنيا املعاصرين ‪،‬‬
‫وجعلت الدوائر الطبية العاملية تتجه أبنظارها إىل سوري لإلطالع على نتائج هذه اجلهود الفذة ‪،‬‬
‫ونقلتها إىل بالدها وأوصت بتطبيقها ىف جماالت الطب البديل والتكميلى ‪.‬‬
‫وليس من العجيب اآلن أن نسمع عن تدريس طرائق احلجامة ىف اجلامعات األوروبية واألمريكية ‪ ،‬بل‬
‫وتعطى فيها أعلى الدرجات العلمية ‪ ،‬وأن يصري مصطلح ‪ Cupping Therapy‬متداوال ىف‬
‫األوساط األكادميية واإلكلينيكية ‪ .‬ومن شهود العيان هلذا الواقع الذى يعد مفخرةً يعتز هبا املمارسون‬
‫للحجامة خاصةً ‪ ،‬ولتطبيقات الطب النبوى عامةً ‪ ،‬أساتذة العالج الطبيعى ىف هذه اجلامعات ‪.‬‬
‫هذا ما أكده الدكتور أمري حممد صاحل ؛ األستاذ الزائر ىف جامعة شيكاغو ‪ ،‬واحلاصل على البورد‬
‫األمريكى ىف العالج الطبيعى ‪ ،‬وعضو اجلمعية األمريكية للطب البديل ‪ ،‬والذى يؤكد صراحةً أنه مل‬
‫يكن يعرف شيئاً كثرياً عن احلجامة قبل سفره إىل أمريكا ‪ ،‬قال ‪ (( :‬من خالل رحالتى العلمية الىت‬
‫امتدت لعدة سنوات ىف أمريكا وبعض الدول األوروبية ‪ ،‬وجدت أهنم يعرفون هذا النوع من العالج‬
‫كفرع مهم ىف اجلامعات ‪ ،‬ويسمى عندهم ‪ Cupping Therapy‬يعىن الشفط )) ‪.‬‬

‫(‪)4/1‬‬

‫ولقد تطورت طرائق احلجامة وأدواهتا تطوراً مذهالً ‪ ،‬وشاركت ىف ذلك أملانيا والصني ‪ ،‬وابدرت‬
‫الشركات املتخصصة ىف صناعة األجهزة التكنولوجية بتحديث آالت احلجامة ‪ ،‬حبيث صارت تلك‬
‫احلجام واحملجوم ‪،‬‬
‫األجهزة تقوم ابلشفط آلياً بدال من الطريقة التقليدية القدمية ‪ ،‬والىت طاملا أجهدت َّ‬
‫مع ما هلا من آاثر سلبية ىف تلويث اجلروح ونقل العدوى ‪ ،‬كما أجريت احلجامات على مراكز خطوط‬
‫الطاقة الىت تعمل عليها اإلبر الصينية ‪ ،‬فكانت النتائج مذهلة للغاية ‪ ،‬حىت قال أحد خرباء العالج‬
‫الطبيعى األملاىن ‪ (( :‬كانت نتائج احلجامة عشرة أضعاف اإلبر الصينية )) ‪.‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فهل ميكن لبالدان ‪ :‬دير اإلسالم ومحاة ذماره ‪ ،‬وهى صاحبة هذا الطب الباهر األثر ‪ ،‬أن‬
‫تشهد عوداً محيداً للحجامة ‪ ،‬فتمارس علناً أبيدى األطباء املتخصصني ؟ ‪ ،‬وتنشئ هلا عيادات‬
‫متخصصة ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يومئذ ونسأل هللا أن يكون قريباً ‪ ،‬نقول (( هذه بضاعتنا ردت إلينا )) ‪ ،‬فنحن أحق هبا ‪ ،‬وأوىل‬
‫الناس أبن جنىن قطوفها ‪.‬‬
‫احلجامة ىف أوثق وأصح (( كتب السنة ))(‪)1‬‬
‫( أوالً ) ىف (( صحيح البخارى ))‬
‫***‬
‫قال إمام احملدثني ىف (( كتاب الطب )) من (( اجلامع الصحيح )) ‪:‬‬
‫الش َفاء ِيف ثَ ٍ‬
‫الث‬ ‫ابب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ث َح َّدثَـنَا َم ْرَوا ُن بْ ُن ُش َج ٍاع‬ ‫الرح ِيم أَ ْخ َربَان سريْج بْن يونُس أَبو ا ْحلا ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪َ )5681‬ح َّدثَِِن ُحمَ َّم ُد بْ ُن َع ْب ِد َّ‬
‫َ َُ ُ ُ ُ َ ُ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫س َعن س ِع ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫َّب َ‬ ‫اس َع ِن النِ ِ‬ ‫يد بْ ِن ُجبَ ٍْري َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫َع ْن َس ٍامل األَفْطَ ِ ْ َ‬
‫س ٍل أ َْو َكيَّ ٍة بِنَا ٍر ‪َ ،‬وأ ََان أ َْهنَى أ َُّم ِِت َع ِن الْ َك ِي )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(( الش َفاءُ ِيف ثَالثَة ‪ِ :‬يف َش ْرطَة ْحم َج ٍم أ َْو َش ْربَة َع َ‬
‫َي س َ ٍ‬
‫وسى لَْيالً‬‫احتَ َج َم أَبُو ُم َ‬ ‫اعة َْحيتَ ِج ُم َو ْ‬ ‫َابب أ َّ َ‬

‫(‪)5/1‬‬
‫احتَ َج َم‬ ‫ال ‪ْ :‬‬ ‫اس قَ َ‬ ‫وب َع ْن ِع ْك ِرَمةَ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫(‪َ )5694‬ح َّدثَـنَا أَبُو َم ْع َم ٍر َح َّدثَـنَا َع ْب ُد ال َْوا ِرث َح َّدثَـنَا أَيُّ ُ‬
‫صائِ ٌم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َو ُه َو َ‬ ‫َّب َ‬ ‫النِ ُّ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َّب َ‬ ‫الس َف ِر َوا ِإل ْح َر ِام قَالَهُ ابْ ُن ُحبَْيـنَةَ َع ِن النِ ِ‬
‫َابب ا ْحلَ ْج ِم ِيف َّ‬
‫احتَ َج َم‬ ‫ال ‪ْ :‬‬ ‫اس قَ َ‬ ‫س َو َعطَ ٍاء َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫س َّد ٌد َح َّدثَـنَا ُس ْفيَا ُن َع ْن َع ْم ٍرو َع ْن طَ ُاو ٍ‬ ‫(‪َ )5695‬ح َّدثَـنَا ُم َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو ُه َو ُْحم ِرٌم ‪.‬‬ ‫َّب َ‬ ‫النِ ُّ‬
‫ابب ا ْحلِجام ِة ِمن الد ِ‬
‫َّاء‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫س ‪ :‬أَنَّهُ ُسئِ َل َع ْن أَ ْج ِر‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َع ْن أَنَ ٍ‬ ‫ربَان ُمحَْي ٌد الط ِو ُ‬ ‫(‪َ )5696‬ح َّدثَـنَا ُحمَ َّم ُد بْ ُن ُم َقات ٍل أَ ْخ ََ‬
‫ربَان َع ْب ُد هللا أَ ْخ ََ‬
‫ني ِم ْن‬ ‫اع ْ ِ‬
‫صَ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪َ ،‬ح َج َمهُ أَبُو طَْيـبَةَ ‪َ ،‬وأَ ْعطَاهُ َ‬
‫ال ‪ :‬احتجم رس ُ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ا ْحلَ َّج ِام ‪ ،‬فَـ َق َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫ي )) ‪،‬‬ ‫ط الْبَ ْح ِر ُّ‬ ‫ال ‪ (( :‬إِ َّن أ َْمثَ َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ا ْحلِ َج َامةُ َوالْ ُق ْس ُ‬ ‫طَ َع ٍام ‪َ ،‬وَكلَّ َم َم َوالِيَهُ ‪ ،‬فَ َخ َّف ُفوا َع ْنهُ ‪َ .‬وقَ َ‬
‫ص ْبـيَانَ ُك ْم ِابلْغَ ْم ِز ِم َن ال ُْع ْذ َرةِ ‪َ ،‬و َعلَْي ُك ْم ِابلْ ُق ْس ِط )) ‪.‬‬ ‫ال ‪ (( :‬ال تُـع ِذبوا ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َن َع ِ‬
‫اص َم‬ ‫ريا َح َّدثَهُ أ َّ‬ ‫ريهُ أ َّ‬
‫َن بُ َك ْ ً‬ ‫ربِِن َع ْم ٌرو َوغَ ْ ُ‬ ‫ال أَ ْخ ََ‬
‫ب قَ َ‬ ‫(‪َ )5697‬ح َّدثَـنَا َس ِعي ُد بْ ُن تَلِي ٍد َح َّدثَِِن ابْ ُن َو ْه ٍ‬
‫ِ‬
‫ح َح َّىت َحتْتَ ِج َم ‪ ،‬فَِإِِن‬ ‫ال ‪ :‬ال أَبْـ َر ُ‬ ‫َّع ‪ُ ،‬مثَّ قَ َ‬ ‫َن َجابَِر بْ َن َع ْب ِد هللا َع َ‬
‫اد ال ُْم َقن َ‬ ‫ادةَ َح َّدثَهُ أ َّ‬
‫ابْ َن عُ َم َر بْ ِن قَـتَ َ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ َّن فِ ِيه ِش َفاءً )) ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ََس ْع ُ َ ُ‬
‫ــــ‬

‫(‪)6/1‬‬

‫عرف ـ مبلغ‬
‫(‪ )1‬هذا البيان رد على من زعم أن أحاديث احلجامة مل تبلغ درجة الصحة ‪ ،‬وأنه ال يَ ُ‬
‫علمه ـ ىف جوازها أو منعها نصاً صحيحاً ‪ ،‬وأن احلكم الفصل فيها إمنا مرجعه إىل الطب واألطباء !!‬
‫‪.‬‬
‫س‬ ‫َابب ا ْحلِ َج َام ِة َعلَى َّ‬
‫الرأْ ِ‬
‫الر ْمح ِن األَ ْعرج أَنَّه ََِسع عب َد ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هللا ابْ َن‬ ‫َ َ ُ َ َْ‬ ‫يل َح َّدثَِِن ُسلَْي َما ُن َع ْن َع ْل َق َمةَ أَنَّهُ ََِس َع َع ْب َد َّ َ‬ ‫(‪َ )5699‬ح َّدثَـنَا إ َْسَاع ُ‬
‫احتَ َج َم بِلَ ْح ِي َمجَ ٍل ِم ْن طَ ِر ِيق َم َّكةَ ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرٌم ‪ِ ،‬يف‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬
‫َن رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ث ‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫ُحبَْيـنَةَ ُحيَ ِد ُ‬
‫ول ِ‬ ‫سا َن َح َّدثَـنَا ِع ْك ِرَمةُ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس ‪ :‬أ َّ‬ ‫ربَان ِه َ‬ ‫صا ِر ُّ‬ ‫َو َس ِط َرأْ ِس ِه ‪َ .‬وقَ َ‬
‫هللا‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫ام بْ ُن َح َّ‬ ‫شُ‬ ‫ي أَ ْخ ََ‬ ‫ال األَنْ َ‬
‫احتَ َج َم ِيف َرأْ ِس ِه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬ ‫َ‬
‫الص َد ِاع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشقي َقة َو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َابب ا ْحلِ َج َامة م َن َّ‬
‫اس قال ‪:‬‬ ‫ش ٍام َع ْن ِع ْك ِرَمةَ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫شا ٍر َح َّدثَـنَا ابْ ُن أَِِب َع ِد ٍي َع ْن ِه َ‬ ‫(‪َ )5701‬ح َّدثَِِن ُحمَ َّم ُد بْ ُن بَ َّ‬
‫ال لَهُ ُحلْ ُي َمجَ ٍل ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف َرأْ ِس ِه ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرٌم ‪ِ ،‬م ْن َو َج ٍع َكا َن بِ ِه ‪ِ ،‬مبَ ٍاء يُـ َق ُ‬ ‫َّب َ‬ ‫احتَ َج َم النِ ُّ‬
‫ْ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َن رس َ ِ‬ ‫ام َع ْن ِع ْك ِرَمةَ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ربَان ِه َ‬ ‫ٍ‬
‫ول هللا َ‬ ‫اس أ َّ َ ُ‬ ‫شٌ‬ ‫ال ُحمَ َّم ُد بْ ُن َس َواء أَ ْخ ََ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ت بِ ِه ‪.‬‬‫احتَ َج َم ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرٌم ِيف َرأْ ِس ِه ‪ِ ،‬م ْن َش ِقي َق ٍة َكانَ ْ‬ ‫ْ‬

‫(‪)7/1‬‬

‫اص ُم بْ ُن ُع َم َر َع ْن َجابِ ِر بْ ِن َع ْب ِد‬‫يل قَال ح َّدثَِِن َع ِ‬ ‫يل بْ ُن أ ََاب َن َح َّدثَـنَا ابْ ُن الْغَ ِس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫(‪َ )5702‬ح َّدثَـنَا إ َْسَاع ُ‬
‫ري ‪ ،‬فَِفي َش ْربَِة‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ال ‪ََِ :‬س ْع ُ‬ ‫ِ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْيء م ْن أَ ْد ِويَت ُك ْم َخ ٌْ‬ ‫ت النِ َّ‬
‫َّب َ‬ ‫هللا قَ َ‬
‫عس ٍل ‪ ،‬أَو َشرطَ ِة ِ ْحمج ٍم ‪ ،‬أَو لَ ْذع ٍة ِمن َان ٍر ‪ ،‬وما أ ِ‬
‫ي )) ‪.‬‬‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬
‫ُح ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ََ‬
‫( اثنياً ) ىف (( صحيح مسلم ))‬
‫***‬
‫قال اإلمام أبو احلسني مسلم النيسابورى ىف (( كتاب احلج )) من (( صحيحه ))(‪ .123/8‬نووى) ‪:‬‬
‫اآلخر ِ‬ ‫ب َوإِ ْس َح ُق بْ ُن إِبْـر ِاهيم ‪ ،‬قَ َ ِ‬ ‫َح َّدثَـنَا أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن أَِِب َش ْيـبَةَ َوُزَه ْري بْ ُن َح ْر ٍ‬
‫ان‬ ‫ال َ َ‬ ‫ربَان وقَ َ‬ ‫ال إ ْس َح ُق أَ ْخ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم‬ ‫اس ‪ :‬أ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َح َّدثَـنَا ُس ْفيَا ُن بْ ُن ُعيَـ ْيـنَةَ َع ْن َع ْم ٍرو َع ْن طَا ُو ٍ‬
‫َّب َ‬‫َن النِ َّ‬ ‫س َو َعطَاء َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫احتَ َج َم ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرٌم ‪.‬‬‫ْ‬
‫الل َع ْن َع ْل َق َمةَ بْ ِن أَِِب‬ ‫صوٍر َح َّدثَـنَا ُسلَْيما ُن بْن بِ ٍ‬ ‫وح َّدثَـنَا أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن أَِِب َش ْيـبَةَ َح َّدثَـنَا ال ُْم َعلَّى بْ ُن َم ْن ُ‬
‫َ‬
‫َ ُ‬
‫احتَ َج َم بِطَ ِر ِيق َم َّكةَ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َع ْل َق َمةَ َع ْن َع ْب ِد َّ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬ ‫َّب َ‬ ‫الر ْمحَ ِن األَ ْع َر ِج َع ِن ابْ ِن ُحبَْيـنَةَ ‪ :‬أ َّ‬
‫َن النِ َّ‬
‫ط َرأْ ِس ِه ‪.‬‬ ‫َو ُه َو ُْحم ِرٌم َو َس َ‬
‫وقال ىف (( كتاب املساقاة ))(‪ .232،243:241/10‬نووى ) ‪:‬‬
‫ب بْ َن يَ ِزي َد‬ ‫ت َّ ِ‬
‫السائ َ‬ ‫ال ََِس ْع ُ‬‫ف قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫امت َح َّدثَـنَا َْحي َي بْ ُن َسعيد الْ َقطَّا ُن َع ْن ُحمَ َّمد بْ ِن يُ ُ‬
‫وس َ‬ ‫َح َّدثَِِن ُحمَ َّم ُد بْ ُن َح ٍِ‬
‫ب ‪َ :‬م ْه ُر‬‫ول ‪َ (( :‬ش ُّر الْ َك ْس ِ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت النِ َّ‬
‫َّب َ‬ ‫ال ََِس ْع ُ‬ ‫يج قَ َ‬ ‫ث َع ْن َرافِ ِع بْ ِن َخ ِد ٍ‬ ‫ُحيَ ِد ُ‬
‫ب ا ْحلَ َّج ِام )) ‪.‬‬ ‫ْب ‪َ ،‬وَك ْس ُ‬ ‫الْبَ ِغ ِي ‪َ ،‬وَمثَ ُن الْ َكل ِ‬

‫(‪)8/1‬‬
‫يل ـ يَـ ْعنُو َن ابْ َن َج ْع َف ٍر ـ َع ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫وب َوقُـتَـ ْيـبَةُ بْ ُن َسعيد َو َعل ُّي بْ ُن ُح ْج ٍر قَالُوا َح َّدثَـنَا إ َْسَاع ُ‬ ‫َح َّدثَـنَا َْحي َي بْ ُن أَيُّ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ال ‪ :‬احتجم رس ُ ِ‬ ‫ال ‪ :‬سئِل أَنَس بْن مالِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ب ا ْحلَ َّج ِام ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫ك َع ْن َك ْس ِ‬ ‫ُمحَْيد قَ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫اج ِه ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ضعوا َع ْنهُ ِمن َخر ِ‬ ‫وسلَّم ‪ ،‬حجمه أَبو طَيـبةَ ‪ ،‬فَأَمر لَه بِصاع ِ ِ‬
‫ال‬ ‫ْ َ‬ ‫ني م ْن طَ َع ٍام ‪َ ،‬وَكلَّ َم أ َْهلَهُ ‪ ،‬فَـ َو َ ُ‬ ‫ََ ُ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ ُ َْ‬
‫ِ‬
‫ض َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ا ْحلِ َج َامةُ ‪ ،‬أ َْو ُه َو م ْن أ َْمثَ ِل َد َوائِ ُك ْم )) ‪.‬‬ ‫‪ (( :‬إِ َّن أَفْ َ‬
‫ب ا ْحلَ َّج ِام ؟‬ ‫س َع ْن َك ْس ِ‬ ‫ي ـ َعن ُمحَْي ٍد قَ َ ِ‬
‫ال ‪ُ :‬سئ َل أَنَ ٌ‬ ‫َح َّدثَـنَا ابْ ُن أَِِب ُع َم َر َح َّدثَـنَا َم ْرَوا ُن ـ يَـ ْع ِِن الْ َف َزا ِر َّ ْ‬
‫ي ‪ ،‬وال تُـع ِذبوا ِ‬ ‫ض َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ا ْحلِ َج َامةُ َوالْ ُق ْس ُ‬
‫ال ‪ (( :‬إِ َّن أَفْ َ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫ص ْبـيَانَ ُك ْم‬ ‫ط الْبَ ْح ِر ُّ َ َ ُ‬ ‫ري أَنَّهُ قَ َ‬
‫فَ َذ َك َر مبثْله غَ ْ َ‬
‫ِابلْغَ ْم ِز )) ‪.‬‬
‫ح َّدثَـنا أَبو ب ْك ِر بن أَِِب َشيـبةَ ح َّدثَـنا ع َّفا ُن بن مسلِ ٍم ح وح َّدثَـنا إِسحق بن إِبـر ِاهيم أَ ْخربَان الْم ْخز ِ‬
‫وم ُّي‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ََ َ ُ‬ ‫َْ َ َ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ُْ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َن رس َ ِ‬ ‫س َع ْن أَبِ ِيه َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫الُهَا َع ْن ُو َه ْي ٍ‬‫كِ ُ‬
‫ول هللا َ‬ ‫اس ‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫ب َح َّدثَـنَا ابْ ُن طَ ُاو ٍ‬
‫ط‪.‬‬
‫استَـ َع َ‬
‫َج َرهُ ‪َ ،‬و ْ‬ ‫احتَ َج َم ‪َ ،‬وأَ ْعطَى ا ْحلَ َّج َ‬
‫ام أ ْ‬ ‫ْ‬

‫(‪)9/1‬‬

‫ص ٍم‬‫َّاق أَ ْخ َربَان م ْعمر عَن َعا ِ‬ ‫الرز ِ‬ ‫ح َّدثَـنَا إِسح ُق بن إِبـر ِاهيم و َعب ُد بن ُمحَي ٍد واللَّ ْف ُ ِ ٍ‬
‫َ َ ٌَ ْ‬ ‫ظ ل َع ْبد قَاال أَ ْخ ََ‬
‫ربَان َع ْب ُد َّ‬ ‫ْ َ ْ ُ َْ َ َ ْ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫اضةَ ‪ ،‬فَأَ ْعطَاهُ النِ ُّ‬
‫َّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َع ْب ٌد لبَ ِِن بَـيَ َ‬ ‫ال ‪َ :‬ح َج َم النِ َّ‬ ‫الش ْعِ ِب َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫َع ِن َّ‬
‫َّب َ‬ ‫اس قَ َ‬
‫صلَّى‬
‫َّب َ‬ ‫ض ِريبَتِ ِه ‪َ ،‬ولَ ْو َكا َن ُس ْحتًا َملْ يُـ ْع ِط ِه النِ ُّ‬ ‫ف َع ْنهُ ِم ْن َ‬ ‫َج َرهُ ‪َ ،‬وَكلَّ َم َسيِ َدهُ فَ َخ َّف َ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم أ ْ‬ ‫َ‬
‫هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬
‫وقال ىف (( كتاب السالم )) من (( صحيحه )(‪ .194:191/14‬نووى ) ‪:‬‬
‫َن َع ِ‬ ‫ريا َح َّدثَهُ أ َّ‬ ‫ربِِن َع ْم ٌرو أ َّ‬ ‫اه ِر قَاال َح َّدثَـنَا ابْ ُن َو ْه ٍ‬ ‫وف وأَبو الطَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫اص َم‬ ‫َن بُ َك ْ ً‬ ‫ب أَ ْخ ََ‬ ‫ارو ُن بْ ُن َم ْع ُر َ ُ‬ ‫َح َّدثَـنَا َه ُ‬
‫ِ‬
‫ح َح َّىت َحتْتَ ِج َم ‪ ،‬فَِإِِن‬ ‫ال ‪ :‬ال أَبْـ َر ُ‬ ‫َّع ‪ُ ،‬مثَّ قَ َ‬ ‫َن َجابَِر بْ َن َع ْب ِد هللا َع َ‬
‫اد ال ُْم َقن َ‬ ‫ادةَ َح َّدثَهُ أ َّ‬
‫بْ َن ُع َم َر بْ ِن قَـتَ َ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ َّن فِ ِيه ِش َفاءً )) ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ََس ْع ُ َ ُ‬

‫(‪)10/1‬‬

‫الر ْمحَ ِن بْن سلَْيما َن َعن َع ِ‬


‫اص ِم بْ ِن ُع َم َر بْ ِن‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ص ُر بْ ُن َعلِ ٍي ا ْجلَْه َ‬
‫ض ِم ُّي َح َّدثَِِن أَِِب َح َّدثَـنَا َع ْب ُد َّ‬ ‫َح َّدثَِِن نَ ْ‬
‫ِ‬ ‫هللا ِيف أ َْهلِنَا ‪ ،‬ورجل ي ْشتَ ِكي ُخر ِ‬ ‫ال ‪ :‬جاء َان جابِر بن عب ِد ِ‬
‫ال ‪َ :‬ما‬ ‫احا ‪ ،‬فَـ َق َ‬‫اجا بِه ‪ ،‬أ َْو ج َر ً‬ ‫َ ً‬ ‫ََ ُ ٌ َ‬ ‫ادةَ قَ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ ْ‬ ‫قَـتَ َ‬
‫صنَ ُع ِاب ْحلَ َّج ِام‬
‫ال لَهُ ‪َ :‬ما تَ ْ‬ ‫الم ائْتِِِن ِحبَ َّج ٍام فَـ َق َ‬
‫ال ‪َ :‬ي غُ ُ‬ ‫اج ِِب قَ ْد َش َّق َعلَ َّي ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال ‪ُ :‬خ َر ٌ‬ ‫تَ ْشتَ ِكي ؟ ‪ ،‬قَ َ‬
‫صيبُِِن‬ ‫صيب ِِن ‪ ،‬أَو ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬و ِ‬
‫هللا إِ َّن ُّ‬ ‫ال ‪ :‬أُ ِري ُد أَ ْن أ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ي أَاب عب ِد َِّ‬
‫ْ ُ‬ ‫ب لَيُ ُ‬ ‫الذ َاب َ‬ ‫ُعل َق فيه ْحم َج ًما ‪ ،‬قَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اَّلل ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربَمهُ ِم ْن ذَلِ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فَـيُـ ْؤ ِذ ِيِن َويَ ُ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال ‪ :‬إِِِن ََس ْع ُ َ ُ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ش ُّق َعلَ َّي ‪ ،‬فَـلَ َّما َرأَى تَ َُّ‬ ‫الثـ َّْو ُ‬
‫س ٍل أَ ْو لَ ْذ َع ٍة‬ ‫ٍِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬
‫ول ‪ (( :‬إ ْن َكا َن ِيف َش ْيء م ْن أَ ْد ِويَت ُك ْم َخ ْريٌ ‪ ،‬فَفي َش ْرطَة حمْ َج ٍم أ َْو َش ْربَة م ْن َع َ‬
‫ال ‪ :‬فَ َجاءَ ِحبَ َّج ٍام‬ ‫هللا صلَّى هللا علَي ِه وسلَّم ‪ (( :‬وما أ ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫بِنَا ٍر )) ‪ ،‬قَ َ‬
‫ي )) ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬ ‫ُح ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ب َع ْنهُ َما َِجي ُد ‪.‬‬‫ش َرطَهُ ‪ ،‬فَ َذ َه َ‬ ‫فَ َ‬
‫الزبَ ِْري َع ْن َجابِ ٍر ‪:‬‬ ‫ث َع ْن أَِِب ُّ‬ ‫ربَان اللَّْي ُ‬ ‫ح َّدثَـنَا قُـتَـيـبةُ بن سعِ ٍ‬
‫وح َّدثَـنَا ُحمَ َّم ُد بْ ُن ُرْم ٍح أَ ْخ ََ‬
‫ثح َ‬ ‫يد َح َّدثَـنَا لَْي ٌ‬ ‫َْ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف ا ْحلِ َج َام ِة ‪ ،‬فَأ ََم َر النِ ُّ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫أ َّ‬
‫َّب َ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫استَأْذَنَ ْ َ ُ‬
‫َن أ َُّم َسلَ َمةَ ْ‬
‫أ ََاب طَْيـبَةَ أَ ْن َْحي ُج َم َها ‪.‬‬
‫الما َملْ َْحيتَلِ ْم ‪.‬‬ ‫ض َِ‬
‫اعة ‪ ،‬أَ ْو غُ ً‬ ‫اها ِم َن َّ‬
‫الر َ‬ ‫َخ َ‬
‫ال ‪َ :‬كا َن أ َ‬ ‫ال ‪َ :‬ح ِس ْب ُ‬
‫ت أَنَّهُ قَ َ‬ ‫قَ َ‬

‫(‪)11/1‬‬

‫يد ب ِن ص ْخ ٍر الدَّا ِرِم ُّي ح َّدثَـنا حبَّا ُن بن ِه َال ٍل ح َّدثَـنا وهيب ح َّدثَـنا عب ُد ِ‬
‫هللا بْ ُن‬ ‫ِِ‬ ‫َح َّدثَِِن أ ْ‬
‫َ َ ُ َ ْ ٌ َ َ َْ‬ ‫َ َ َ ُْ‬ ‫َمحَ ُد بْ ُن َسع ْ َ‬
‫ِ‬ ‫س َع ْن أَبِ ِيه َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َج َرهُ ‪،‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬
‫احتَ َج َم ‪َ ،‬وأَ ْعطَى ا ْحلَ َّج َ‬
‫ام أ ْ‬ ‫َّب َ‬ ‫اس ‪ :‬أ َّ‬
‫َن النِ َّ‬ ‫طَ ُاو ٍ‬
‫ط‪.‬‬ ‫استَـ َع َ‬‫َو ْ‬
‫ب َواللَّ ْف ُ‬
‫ال أَبُو ُك َريْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وح َّدثَـنَاه أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن أَِِب َش ْيـبَةَ َوأَبُو ُك َريْ ٍ‬
‫ظ لَهُ ‪،‬‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر َح َّدثَـنَا َوك ٌ‬
‫يع وقَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬
‫احتَ َج َم‬
‫ول ‪ْ :‬‬ ‫ك يَـ ُق ُ‬‫ت أَنَس بْن مالِ ٍ‬ ‫أَ ْخ َربَان وكِيع َعن ِمسع ٍر َعن َعم ِرو بْ ِن َع ِام ٍر األَنْصا ِر ِي قَ َ ِ‬
‫ال ََس ْع ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ ْ َْ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫َج َرهُ ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪َ ،‬وَكا َن ال يَظْل ُم أ َ‬
‫َح ًدا أ ْ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫( اثلثاً ) ىف (( املوطأ )) إلمام دار اهلجرة مالك بن أنس(‪)1‬‬
‫***‬
‫قال حيي بن حيي ىف (( موطأ مالك ))(‪: )278/1‬‬
‫ِ‬
‫الصائم‬ ‫اء ِيف ِح َج َام ِة‬
‫َابب َما َج َ‬
‫ال ‪ُ :‬مثَّ تَـ َر َك َذلِ َ‬‫صائِ ٌم ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك بَـ ْع ُد ‪،‬‬ ‫َع ْن َمالك َع ْن َانف ٍع َع ْن َع ْبد هللا بْ ِن ُع َم َر ‪ :‬أَنَّهُ َكا َن َْحيتَج ُم َو ُه َو َ‬
‫اص وعب َد ِ‬ ‫وع ْن َمالِك َع ِن ابْ ِن ِش َه ٍ‬ ‫ِ‬
‫هللا‬ ‫َن َس ْع َد بْ َن أَِِب َوقَّ ٍ َ َ ْ‬ ‫اب ‪ :‬أ َّ‬ ‫ام َملْ َْحيتَ ِج ْم َح َّىت يُـ ْفط َر ‪َ .‬‬
‫صَ‬ ‫فَ َكا َن إِذَا َ‬
‫وع ْن َمالِك َع ْن ِه َ‬
‫ش ِام بْ ِن ُع ْرَوةَ َع ْن أَبِ ِيه ‪ :‬أَنَّهُ َكا َن َْحيتَ ِج ُم‬ ‫ان ‪َ .‬‬ ‫ان ‪ ،‬و ُُهَا صائِم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بْ َن ُع َم َر َك َاان َْحيتَج َم َ َ َ‬
‫صائِ ٌم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫و ُهو ِ‬
‫ط ‪ ،‬إِال َو ُه َو َ‬ ‫احتَ َجم قَ ُّ‬
‫صائ ٌم ُمثَّ ال يُـ ْفط ُر ‪ ،‬قَا َل ‪َ :‬وَما َرأَيْـتُهُ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬

‫(‪)12/1‬‬
‫َن َر ُجالً‬‫ك َملْ تُك َْرْه ‪َ .‬ولَ ْو أ َّ‬‫ف ‪َ ،‬ولَ ْوال َذلِ َ‬ ‫ضعُ َ‬ ‫لصائِِم إِال َخ ْشيَةً ِم ْن أَ ْن يَ ْ‬ ‫ال َمالِك ‪ :‬ال تُك َْرهُ ا ْحلِ َج َامةُ لِ َّ‬ ‫قَ َ‬
‫ك الْيَـ ْوِم الَّ ِذي‬ ‫احتجم ِيف رمضا َن ‪ُ ،‬مثَّ سلِم ِمن أَ ْن يـ ْف ِطر ‪َ ،‬مل أَر علَي ِه َشيـئا ‪ ،‬وَمل آمره ِابلْ َق ِ‬
‫ضاء لِ َذلِ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ ًْ َ ْ ُُْ َ‬ ‫ْ َ َ َ ََ َ‬
‫احتَ َج َم َو َسلِ َم ِم ْن أَ ْن‬
‫لصيَ ِام ‪ .‬فَ َم ِن ْ‬ ‫ض ِع التَّـغْ ِري ِر ِاب ِ‬‫لصائِِم ‪ ،‬لِمو ِ‬
‫َْ‬ ‫َن ا ْحلِ َج َامةَ إِ َّمنَا تُك َْرهُ لِ َّ‬ ‫احتَ َج َم فِ ِيه ‪ ،‬أل َّ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك الْيَـ ْوم ‪.‬‬‫ضاءُ ذَل َ‬ ‫س َعلَْي ِه قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يُـ ْفط َر ‪َ ،‬ح َّىت ميُْس َي ‪ ،‬فَال أ ََرى َعلَْيه َش ْيـئًا ‪َ ،‬ولَْي َ‬
‫وقال (‪: )141/3‬‬
‫ُج َرةِ ا ْحلَ َّج ِام‬ ‫ِ‬
‫اء ِيف ا ْحلِ َج َامة َوأ ْ‬
‫َابب َما َج َ‬
‫صلَّى هللا‬ ‫اب ع ِن اب ِن ُحمَيِصةَ األَنْصا ِر ِي أَح ِد ب ِِن حا ِرثَةَ ‪ :‬أَنَّه استأْذَ َن رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ُ َْ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عن َمالك َع ِن ابْ ِن ش َه ٍ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ارةِ ا ْحلَ َّج ِام ‪ ،‬فَـنَـ َهاهُ َع ْنـ َها ‪ ،‬فَـلَ ْم يَـ َز ْل يَ ْسأَلُهُ َويَ ْستَأ ِْذنُهُ ‪َ ،‬ح َّىت قَ َ‬ ‫ِ‬
‫كـ‬ ‫َّاح َ‬
‫ال ‪ :‬ا ْعل ْفهُ نُض َ‬ ‫َعلَْيه َو َسلَّ َم ِيف إِ َج َ‬
‫كـ‪.‬‬ ‫يَـ ْع ِِن َرقِي َق َ‬
‫ـــ‬
‫(‪ )1‬اقتصرت ىف هذه العجالة على الثالثة املصنفات املشهورة واملتداولة أبيدى أهل العلم ‪ ،‬إبعتبارها‬
‫أمهات كتب احلديث والفقه ‪ ،‬وهى (( الصحيحني )) و (( املوطأ )) ‪ ،‬وسيأتى مزيد بيان لتخرجيات‬
‫صحاح أحاديث احلجامة ىف أبواهبا ‪.‬‬
‫احلجامة ‪ :‬مصادرها ومواردها ىف اللغة‬
‫الصب‬
‫ُّ‬ ‫املص ؛ يقال ‪َ :‬ح َج َم‬
‫ورد ىف (( لسان العرب ))(‪ )117/12‬للعالمة ابن منظور ‪ (( :‬احلَ ْج ُم ‪ُّ :‬‬
‫ي َْحمجوم ‪ :‬أَي َمَْصوص ‪.‬‬ ‫صه ‪َ .‬وثَ ْد ٌ‬
‫الصب ثدي أُمه ‪ :‬أي ما َم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ثَدي أُمه ‪ :‬إذا مصه ‪ .‬وما َح َج َم‬
‫المتِصاصه فم املِ ْح َج َمة ‪ ،‬وقد َح َج َم‬ ‫ام ؛ ْ‬ ‫صاص ‪ .‬قال األزهري ‪ :‬يقال للحاجم َح َّج ٌ‬ ‫ام ‪ :‬املَ َّ‬
‫واحلَ َّج ُ‬
‫وم ‪ْ ِ ،‬‬
‫وحم َج ٌم َرفي ٌق ‪.‬‬ ‫وحيجم ح ْجماً ‪ِ ،‬‬
‫وحاج ٌم َح ُج ٌ‬ ‫َْحيج ُم َْ ُ َ‬
‫ِ‬

‫(‪)13/1‬‬

‫ورتُهُ ‪ ،‬وتطرح اهلاء ‪ ،‬فيقال ‪ْ ِ :‬حم َجم ‪،‬‬


‫قار َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وامل ْح َج ُم وامل ْح َج َمةُ ‪ :‬ما ُْحي َجم به ‪ .‬قال األزهري ‪ :‬امل ْح َج َمةُ ُ‬
‫ِ‬
‫اج ِم ‪ .‬قال زهري ‪:‬‬ ‫ومجعه َحمَ ِ‬
‫ومل يُـ َهري ُقوا بينهم ِم ْل َء ِ ْحم َج ِم‬
‫ويف احلديث ‪ (( :‬أَ ْعلَ َق فيه ِحمْ َجماً )) ‪ .‬قال ابن األثري ‪ :‬املِ ْح َج ُم ـ ابلكسر ـ اآللة الِت جيمع فيها دم‬
‫احلِجامة عند املص ‪ .‬قال ‪ :‬واملِ ْح َج ُم أَيضاً ِم ْش َر ُ‬
‫ط احلَ َّجام ‪ .‬ومنه احلديث (( لَ ْع َقةُ َع ٍ‬
‫سل أو َش ْرطةُ‬
‫واحتَ َج َم ‪ :‬طلب احلِجامة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْحم َج ٍم )) ‪ .‬وحرفَـتُه وفعلُه احلجامةُ ‪ .‬واحلَ ْج ُم ‪ :‬فعل احلاجم وهو احلَ َّج ُ‬
‫ام ‪ْ .‬‬
‫جوم )) ‪ ،‬قال ابن‬ ‫احلاجم واملَ ْح ُ‬
‫ُ‬ ‫ت من الدم ‪ .‬ويف حديث الصوم (( أَفْطََر‬ ‫احتَ َج ْم ُ‬ ‫وم ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫وهو َْحم ُج ٌ‬
‫جوم ‪ ،‬فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه ‪ ،‬فرمبا‬ ‫األثري ‪ :‬معناه ‪ :‬أهنما تَـ َع َّرضا ل ِإلفْطار ‪ ،‬أَما املَ ْح ُ‬
‫فيبلعهُ أَو من طَ ْع ِمه ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أَعجزه عن الصوم ‪ ،‬وأَما احلاج ُم فال ََي َْم ُن أَن يصل إىل حلقه شيء من الدم َ‬
‫َج ُرُها ‪ ،‬فكأهنما صارا مفطرين ‪ ،‬كقوله (( من‬ ‫قال ‪ :‬وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أَي بطل أ ْ‬
‫َفطر )) ‪.‬‬
‫صام وال أ َ‬ ‫َّه َر فال َ‬‫صام الد ْ‬
‫ط‪،‬‬ ‫جمة ‪ .‬وأَصل احلَ ْجم املص ‪ ،‬وقوهلم ‪ :‬أَفْـ َرغُ من َح َّجام سااب َ‬ ‫واملَحجمة من العنق ‪ :‬موضع املِح ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ََ‬
‫ألنه كان متَُُّر به اجليوش فَـيَ ْح ُجمهم نَسيئةً من الكساد حىت يرجعوا فضربوا به املَثَل ‪.‬‬
‫قال ابن دريد ‪ :‬احلِجامةُ من احلَ ْج ِم الذي هو البَداءُ ألن اللحم يَـ ْنـتَِربُ أَي يرتفع )) اهـ‬
‫دل على معرفة أهل اجلاهلية من العرب ابحلجامة ؛ ورودها على ألسنة شعرائها ‪ .‬قال زهري بن‬ ‫وَما َّ‬
‫أىب سلمى ىف معلقته الشهرية ‪ ،‬ميدح هرم بن سنان واحلارث بن عوف ‪:‬‬
‫تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر ِ‬
‫منشم‬
‫القول ِ‬
‫نسلم‬ ‫ٍ‬
‫ومعروف من ِ‬ ‫وقد قلتما إن نُدرك السلم واسعاً ٍ‬
‫مبال‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫فأصبحتما منها على خري موط ِن بعيدين فيها من عقوق ِ‬
‫ومأمث‬

‫(‪)14/1‬‬

‫عظيمني ىف عليا ٍ‬
‫معد هديتما ومن يستبح كنزاً من اجملد ِ‬
‫يعظم‬
‫تعفى الكلوم ابملئني فأصبحت ينجمها فيها من ليس ِ‬
‫مبجرم‬
‫ينجمها قوم ٍ‬
‫لقوم غرامةً ومل يهريقوا بينهم ملءَ ِ‬
‫حمجم‬
‫ومن شعر احملدثني ‪ ،‬قول بشار بن برد يهجو قوماً ‪:‬‬
‫َّر‬
‫بلوت بِن زيد فما يف كبارهم حلوم وال يف األصغرين مطه ُ‬
‫توقر‬
‫فأبلغ بِن زيد وقل لسراهتم وإن مل يكن فيهم سراة ُ‬
‫صواعق منها منجد ِ‬
‫ومغوُر‬ ‫الويالت إن قصائدي‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ألمكم‬
‫ُ‬
‫تزهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل أبواب السموات ُ‬ ‫يريدون مسعايت ودون لقائها قناد ُ‬
‫حج ٍام غداً َّ‬
‫تتكس ُر‬ ‫معرب قوارير َّ‬
‫فقل يف بِن زيد كما قال ٌ‬
‫حجام ساابط ‪ :‬قالوا ‪ :‬كان حجاما مالزما‬
‫وىف (( مجهرة األمثال ))(‪ (( : )1346/107/2‬أفرغ من َّ‬
‫لساابط املدائن ‪ ،‬حيجم اجلندي نسيئةً بدانق واحد إىل وقت قفوهلم ‪ ،‬ورمبا متر به األيم ال يدنو منه‬
‫أحد فيها ‪ ،‬فتخرج ُّأمه فيحجمها ‪ ،‬لريى الناس أنه غري فارغ ‪ ،‬فما زال ذلك دأبه حىت أنزف دم َّأمه‬
‫‪ ،‬فماتت فجأة ‪ ،‬فسار مثال ‪ .‬قال شاعر حمدث ‪:‬‬
‫دار أِب القاسم مفروشةٌ ما شئت من بس ٍط ِ‬
‫وأمناط‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫بلخ من َُسيساطِ‬ ‫ِ‬
‫وبُـ ْع ُد ما َيتيك من خ ِريه كبُـ ْعد ٍ‬
‫ْ‬
‫قفر وطباخه أفرغ من حجام ساابط )) اهـ ‪.‬‬ ‫مطبخه ٌ‬
‫ُ‬
‫وقال كثري عزة ميدح عمر بن عبد العزيز األموى ‪:‬‬
‫وليت فلم تشتم عليا ومل ختف بري ومل تقبل إشارة ِ‬
‫جمرم‬ ‫ً‬
‫كل ِ‬
‫مسلم‬ ‫املقال مع الذي أتيت فأمسى راضيا ُّ‬
‫وصدقت ابلفعل َ‬
‫ِ‬
‫ومعصم‬ ‫وقد لبست تسعى إليك ثياهبا تراءى لك الدنيا ٍ‬
‫بكف‬
‫ني مريضة وتبسم عن مثل اجلمان ِ‬
‫املنظم‬ ‫وتومض أحياان بع ٍ‬
‫فأعرضت عنها مشمئزا َّ‬
‫كأهنا سقتك مدوفا من َسام وعلقم‬ ‫َ‬
‫وقد كنت من أجباهلا يف َمنع ومن حبرها يف مزبد املوج ِ‬
‫مفعم‬
‫وما زلت تواقا إىل كل غاية بلغت هبا أعلى البناء ِ‬
‫املقدم‬
‫فلما أاتك امللك عفوا ومل يكن لطالب دنيا بعده من ِ‬
‫تكلم‬
‫ِ‬
‫مصمم‬ ‫تركت الذي يفىن وإن كان مونقا وآثرت ما يبقى برأي‬
‫ِ‬
‫وأعجم‬ ‫فما بني شرق األرض والغرب كلها مناد ينادي من فصيح‬

‫(‪)15/1‬‬

‫يقول أمري املؤمنني ظلمتِن أبخذك ديناري وال أخذ ِ‬


‫درهم‬
‫كف المرئ غ ِري ِ‬
‫جمرم وال السفك منه ظاملا ملء ِ‬
‫حمجم‬ ‫وال بسط ٍ‬
‫لفعل ٍ‬
‫واحد ‪ ،‬هو مص الدم من البدن آبلة خاصة تعرف ابحملجم أو احملجمة ‪،‬‬ ‫فاحلجم واحلجامة اَسان ٍ‬
‫وهى قارورة من زجاج أو حنوه ذات فوهتني ؛ توضع إحداُها وهى الواسعة على موضع احلجامة من‬
‫البدن ‪ ،‬ويلتقم احلجام األخرى وهى الضيقة بفمه ويشفط اهلواء بقوة النفس ‪ ،‬بعد عمل خدوش‬
‫ِ‬
‫احملجم ‪.‬‬ ‫الدم ىف‬
‫فيتجمع ُ‬
‫ُ‬ ‫بسيطة على سطح اجللد مبشرط أو شفرة ‪،‬‬
‫فاحلجامة إذن ‪ ،‬هى تفريغ للدم املتجمع ىف نواحى اجللد من مسامه الدقيقة أو اخلدوش الىت أحدثها‬
‫مشرط احلجام ‪ .‬فإن قيل ‪ :‬وما ىف هذا من التداوى أو حفظ الصحة ؟ ‪ ،‬فنقول ‪ :‬قد روى اإلمام‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَ َد َعا َح َّج ًاما ‪ ،‬فَأ ََم َرهُ أَ ْن‬ ‫ت ِع ْن َد رس ِ ِ‬ ‫أمحد عن ََسُرةَ بْ ِن ُج ْن ُد ٍ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫ال ‪ُ :‬ك ْن ُ‬ ‫ب قَ َ‬ ‫َ‬
‫َّم ِيف إِ َان ٍء ِع ْن َدهُ ‪،‬‬
‫ب الد َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ش َرطَهُ بِطََرف َش ْف َرة ‪ ،‬فَ َ‬
‫ص َّ‬ ‫اجم لَهُ ِمن قُـر ٍ‬
‫ون فَأَل َْزَمهُ إِ َّيهُ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َْحي ُج َمهُ ‪ ،‬فَأَ ْخ َر َج َحمَ َ‬
‫ْد َك يَـ ْقطَ ُعهُ ؟ ‪،‬‬ ‫هللا عَالم متَُ ِكن ه َذا ِمن ِجل ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال ‪َ :‬ما َه َذا َي َر ُس َ‬ ‫فَ َد َخ َل َعلَْي ِه َر ُج ٌل ِم ْن بَِِن فَـ َز َارةَ فَـ َق َ‬
‫َ ُ َ ْ‬
‫ال ‪َ :‬وَما ا ْحلَ ْج ُم ؟ ‪ ،‬قَا َل ‪ُ (( :‬ه َو‬ ‫ول ‪َ (( :‬ه َذا ا ْحلَ ْج ُم )) ‪ ،‬قَ َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫َّب َ‬ ‫ت النِ َّ‬ ‫س ِم ْع ُ‬
‫فَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس ))(‪. )1‬‬ ‫م ْن َخ ِْري َما تَ َد َاوى به الن ُ‬

‫(‪)16/1‬‬

‫فللحجامة ىف ترويق الدم وتصفيته من الشوائب واألخالط والنفايت ‪ ،‬ما للنار ىف احلديد من تصفية‬
‫جوهره ‪ ،‬ونفى خبثه ‪ ،‬فهى أشبه األشياء ابلكري الذى ينفى خبث احلديد ‪ .‬وهى أنفع العالجات‬
‫للقلب وجهازه الدورى ‪ ،‬مبا ختلصه من املواد الرديئة والنفايت اللزجة الىت رمبا أحدثت سدداً جملراه ‪،‬‬
‫جتديد وتعويض لكمياته املستنزفة ‪ ،‬وهى مع هذا كله أشد أمناً من الفصد ‪ ،‬وخاصة‬ ‫ومبا تستحثه من ٍ‬
‫للعروق الىت ال ميكن فصدها ٍ‬
‫حبال ‪ ،‬ولفصد ٍ‬
‫كل منها فائدة خاصة ‪.‬‬
‫وبسط هذه املعاىن سريد ذكرها ىف ابب احلجامة ىف الطب احلديث ‪.‬‬
‫ومع تقدم وسائل املعرفة مبكوانت الدم ‪ ،‬ودورته ىف البدن ‪ ،‬ومحله للغذاء ونفايته ‪ ،‬وأتثريه احليوى ىف‬
‫حفظ طبيعة البدن ومزاجه ‪ ،‬اختلفت نظرتنا عن أسالفنا الذين رمبا عربوا عن فائدهتا تعبرياً غامضاً‬
‫خيفى تصور داللته على الكثريين ‪ ،‬ومن أعجب ذلك ما نقله املناوى ىف (( فيض القدير‬
‫))(‪ )403/3‬عن التوربشىت حيث قال ‪ (( :‬ووجه منفعة احلجامة األبدان ‪ :‬أن الدم مركب من القوى‬
‫النفسانية احلائلة بني العبد وبني الرتقي إىل ملكوت السموات ‪ ،‬والوصول إىل الكشوف الروحانية ‪،‬‬
‫وبغلبته يزداد مجاح النفس وصالبتها ‪ ،‬فإذا نزف الدم أورثها ذلك خضوعاً ومخوداً وليناً ورقةً ‪،‬‬
‫وبذلك تنقطع األدخنة الناشئة من النفس األمارة ‪ ،‬وتنحسم مادهتا فتزداد البصرية نورا إىل نورها )) ‪.‬‬
‫وهذا الذى قاله التوربشىت أشبه ابأللغاز واألحاجى منه ابملعرفة الواعية عن الدم ‪ :‬ذلك الكائن‬
‫احليوى الفعال الذى حيفظ على البدن حياته وحيويته وبقاءه !! ‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬
‫ولعلك إذا أتملت كالم أهل املعرفة ابلطب اإلنساىن ‪ ،‬والكيمياء احليوية ‪ ،‬وأنظمة إيصال األدوية إىل‬
‫أجهزة اجلسم اإلنساىن ؛ لوجدت بوانً شاسعاً بينه وبني ما ذكره التوربشىت ‪ .‬ولنكتفى من ذلك ‪ ،‬مبا‬
‫ذكره صاحب كتاب (( معجرة القرن العشرين ‪ :‬الدواء العجيب )) عن منفعة احلجامة ‪ (( :‬إن زيدة‬
‫الدم الفاسد واهلرم ىف جسم الرجل البالغ ‪ ،‬الذى ختطى سن العشرين ‪ ،‬إثر توقف النمو ‪ ،‬ينعكس‬
‫سلباً بتمركزه ىف أهدأ منطقة ىف اجلسم ‪ ،‬وهى الظهر ‪ ،‬فإذا ما ازدادت الكريت اهلرمة ـ ـ ـ ـ‬
‫(‪ )1‬سيأتى حتقيقه برقم (‪. )10‬‬
‫سببت عرقلة عامة لسرين الدم ىف اجلسم ‪ ،‬وأدى ذلك إىل شبه ٍ‬
‫شلل بعمل الكريت الفتية ‪ ،‬وابلتاىل‬
‫يصبح اجلسم بضعفه عرضةً ‪ ،‬وفريسةً سهلة لألمراض ‪.‬‬
‫فإذا احتجم املرء أعاد الدم إىل نصابه ‪ ،‬وأزال الفاسد منه ‪ ،‬وزال الضغط عن اجلسم ‪ ،‬فاندفع الدم‬
‫النقى العامل من الكريت احلمراء الفتية ‪ ،‬ليغذى اخلالي واألعضاء كلها ‪ ،‬ويزيل عنها الرواسب‬
‫الضارة والفضالت وغاز الفحم والبولينا ‪ ،‬وغريها ‪ ،‬فينشط اجلسم ‪ ،‬وتزول األمراض ‪ ،‬ويرفل املرء‬
‫ابلصحة والعافية )) اهـ ‪.‬‬
‫يقول األستاذ الدكتور أمحد غياث جبقجى ‪ ،‬اختصاصى اجلراحة العصبية اجملهرية والدماغ والنخاع‬
‫الشوكى ‪ ،‬وعضو مجعية جراحى األعصاب األوروبية ‪ (( :‬كان البد لتلك األجهزة املعقدة ‪ ،‬الىت‬
‫تعمل بتواتر إهلى معجز ‪ ،‬على مدار اليوم ‪ ،‬والعام ‪ ،‬وحىت هناية عمر اإلنسان ‪ ،‬كان البد هلا من‬
‫الصيانة ‪ ،‬وتنقية تلك املصاىف املوجودة ىف جسم اإلنسان بشكل دورى ‪ ،‬للمحافظة على تلك‬
‫األجهزة ‪ ،‬ومدها ابلقدرة اإلضافية لدوراهنا بشكل معطاء ومفيد ‪.‬‬

‫(‪)18/1‬‬

‫واحلجامة هلا دور فعال ىف تنقية الدم ‪ ،‬ومد اجلسم بقدرة إضافية كامنة ىف الدم ‪ ،‬وتلك القدرة البد‬
‫أن حترر عن طريق احلجامة كما أوصى الرسول الكرمي صلَّى هللا عليه وسلَّم ‪ ،‬فهى مدخل صريح‬
‫وواضح إىل الصحة والعافية التامة ‪ ،‬مبا متد اجلسم بقدرة وطاقة عظمى عن طريق فتح وتنظيف‬
‫األوعية الدموية الدقيقة ‪ ،‬الىت يركد داخلها الدم ‪ ،‬ويشكل ترسبات على جدراهنا ‪ ،‬وهذا من‬
‫األسباب املؤدية ألمراض الشقيقة والقلب والكبد وغريها من أمراض العصر ‪ ،‬ألنه واحلالة هذه‬
‫يسبب عبئاً على القلب ‪ ،‬فيضعف من تروية الدماغ ‪ ،‬واجلملة العصبية ‪ ،‬وابقى األجهزة بشكل جيد‬
‫‪.‬‬
‫ولكى يصل الدم مبكوانته الغذائية املختلفة إىل األجهزة كلها ‪ ،‬ولكى تعمل وتنمو وتؤدى وظائفها‬
‫بشكل صحيح ‪ ،‬ولكى تساعد اإلنسان على العيش الصحيح ‪َ ،‬يتى دور عملية احلجامة هاهنا )) ‪.‬‬
‫احلجامة يف الطب النبوي‬
‫ما ورد ىف األمر ابلتداوى وإتيان الطبيب للعالج‬
‫وأنه ال يناىف الرضا بقضاء هللا وقدره‬
‫َّب صلَّى هللا َعلَي ِه وسلَّم ‪ ،‬وأَصحابهُ َكأ ََّمنَا َعلَى رء ِ‬
‫وس ِه ُم‬ ‫(‪ )1‬عن أُسامةَ بْ ِن َش ِر ٍ‬
‫ُُ‬ ‫ْ ََ َ َ ْ ََ‬ ‫ت النِ َّ َ‬ ‫ال ‪ :‬أَتَـ ْي ُ‬ ‫يك قَ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ول ِ‬ ‫اب ِم ْن َها ُهنَا َو َها ُهنَا ‪ ،‬فَـ َقالُوا ‪َ :‬ي َر ُس َ‬ ‫سلَّ ْم ُ‬ ‫َّ‬
‫هللا أَنَـتَ َد َاوى ؟ ‪،‬‬ ‫اء األَ ْع َر ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فَ َج َ‬ ‫ت ُمثَّ قَـ َع ْد ُ‬ ‫ري ‪ ،‬فَ َ‬
‫الط ْ ُ‬
‫ضع لَه دواء ‪ ،‬غَري د ٍاء و ِ‬
‫اح ٍد ‪ :‬ا ْهلََرُم )) ‪.‬‬ ‫اء إِال َو َ َ ُ َ َ ً ْ َ َ َ‬ ‫ض ْع َد ً‬ ‫ال ‪ (( :‬تَ َد َاوْوا ‪ ،‬فَِإ َّن َّ‬
‫اَّللَ َع َّز َو َج َّل َملْ يَ َ‬ ‫فَـ َق َ‬

‫(‪)19/1‬‬

‫ج ِيف َك َذا ‪ ،‬أَ َعلَْيـنَا‬ ‫َعلَْيـنَا َح َر ٌ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ :‬أ َ‬‫َّب َ‬ ‫اب يَ ْسأَلُو َن النِ َّ‬ ‫ت األَ ْع َر َ‬ ‫وىف رواية ‪َ (( :‬ش ِه ْد ُ‬
‫َخ ِيه َش ْيـئًا ‪ ،‬فَ َذ َ‬ ‫ض أِ‬ ‫ض ِم ْن ِع ْر ِ‬ ‫ال َهلم ‪ِ (( :‬عباد ِ‬
‫اك‬ ‫ض َع هللاُ ا ْحلََر َج إِال َم ِن اقْ ََ‬
‫رت َ‬ ‫هللا َو َ‬ ‫ََ‬ ‫ج ِيف َك َذا فَـ َق َ ُ ْ‬ ‫َح َر ٌ‬
‫ال ‪ (( :‬تَ َداووا ِعباد ِ‬
‫هللا ‪،‬‬ ‫اح أَ ْن ال نَـتَ َد َاوى ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫اَّلل َه ْل َعلَْيـنَا ُجنَ ٌ‬ ‫ِج )) ‪ َ،‬قَالُوا ‪َ :‬ي َر ُس َ‬ ‫الذي َحر َ‬
‫اء إِال ا ْهلََرَم )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اء إِال َو َ‬ ‫فَِإ َّن هللاَ ُس ْب َحانَهُ َملْ يَ َ‬
‫ض َع َم َعهُ ش َف ً‬ ‫ض ْع َد ً‬
‫ضا ‪ ،‬وأ ََاتِِن رس ُ ِ‬
‫ني‬
‫ض َع يَ َدهُ بَ ْ َ‬ ‫ودِِن ‪ ،‬فَـ َو َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُع ُ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫ت َم َر ً‬‫ضُ‬ ‫ال ‪َ :‬م ِر ْ‬ ‫وعن َس ْع ٍد قَ َ‬ ‫(‪ْ )2‬‬
‫َخا‬‫ث بْ َن َكلَ َدةَ أ َ‬ ‫ت ا ْحلَا ِر َ‬ ‫ك رجل م ْفئُو ٌد ‪ ،‬ائْ ِ‬
‫ال ‪ (( :‬إِنَّ َ َ ُ ٌ َ‬ ‫ت بَـ ْر َد َها َعلَى فُـ َؤ ِادي ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ثَ ْديَ َّي َح َّىت َو َج ْد ُ‬
‫َّك هبِِ َّن ))‬ ‫اه َّن ُمثَّ لِيَـلُد َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ْخ ْذ سبع متََر ٍ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫ات م ْن َع ْج َوة ال َْمدينَة فَـلْيَ َجأ ُْه َّن بِنَـ َو ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فَـلْيَأ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ثَقيف ‪ ،‬فَإنَّهُ َر ُج ٌل يَـتَطَبَّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ .‬أخرجه الطيالسى (‪ ، )1232‬واحلميدى (‪ ، )824‬وابن أىب شيبة (‪)23417/13/5‬‬
‫‪ ،‬وأمحد (‪ ، )278/4‬وعلى بن اجلعد (( املسند ))(‪ ، )2586‬والبخارى (( األدب املفرد ))(‪)291‬‬
‫‪ ،‬والرتمذى (‪ ، )2038‬وأبو داود(‪ ، )3855‬والنسائى (( الكربى ))(‪، )7554،7553/368/4‬‬
‫وابن ماجه (‪ ، )3436‬وابن أىب عاصم (( اآلحاد واملثاىن ))(‪ ، )140/3‬والطحاوى (( شرح املعاىن‬
‫))(‪ ، )323/4‬وابن حبان (‪ ، )6062‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ )181:180/1‬و(( الصغري‬
‫))(‪ ، )559‬واحلاكم (‪ )220/4‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )343/9‬و(( شعب اإلميان‬
‫))(‪ ، )1528/200/2‬وابن عبد الرب(( التمهيد )) (‪ ، )282/5‬والضياء (( األحاديث املختارة‬
‫))(‪ )1385/170/4‬من طرق عن زيد بن عالقة عن أسامة بن شريك العامرى به ‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬

‫رواه عن زيد بن عالقة مجاعة من الرفعاء ‪ :‬شعبة ‪ ،‬والثورى ‪ ،‬ومسعر ‪ ،‬وابن عيينة ‪ ،‬وإسرائيل ‪،‬‬
‫وزائدة ابن قدامة ‪ ،‬وزهري بن معاوية ‪ ،‬وأبو عوانة ‪ ،‬وعثمان بن حكيم ‪ ،‬وعبد هللا بن األجلح ‪،‬‬
‫واملطلب بن زيد ‪.‬‬
‫قال أبو بكر بن أىب شيبة ‪ :‬قال سفيان بن عيينة ‪ (( :‬ما على وجه األرض اليوم إسناد أجود من هذا‬
‫)) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ )3875‬عن إسحاق بن إَساعيل الطالقاىن ‪ ،‬وابن سعد (( الطبقات‬
‫)) (‪ ، )146/3‬والضياء (( األحاديث املختارة )) (‪ )1050/243/3‬كالُها عن حممد بن أىب عمر‬
‫العدىن ‪ ،‬كالُها عن ابن عيينة عن ابن أِب جنيح عن جماهد عن سعد به ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوقَ ْد‬ ‫ْت ِابب ٍن ِِل علَى رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َ َُ‬ ‫(‪ )3‬وعن أم قيس بنت حمصن قالت ‪َ :‬د َخل ُ ْ‬
‫ود ا ْهلِْن ِد ِي‬‫الق ‪َ ،‬علَي ُك َّن ِهب َذا الْع ِ‬
‫ْ َ ُ‬
‫ال ‪َ (( :‬علَى ما تَ ْدغَر َن أَوال َد ُك َّن ِهب َذا ال ِْع ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َعلَْي ِه ِم َن ال ُْع ْذ َرةِ ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫أَ ْعلَ ْق ُ‬
‫ب )) ‪.‬‬ ‫ط ِمن الْع ْذرةِ ‪ ،‬ويـلَ ُّد ِمن ذَ ِ‬
‫ات ا ْجلَْن ِ‬ ‫‪ ،‬فَِإ َّن فِ ِيه َس ْبـ َعةَ أَ ْش ِفيَ ٍة ِم ْنـ َها ‪ :‬ذَ ُ‬
‫ات ا ْجلَْن ِ‬
‫ب يُ ْس َع ُ َ ُ َ َ ُ ْ‬
‫ني َكتِ َف ْي ِه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َكا َن َْحيتَ ِج ُم َعلَى َه َامتِه َوبَ ْ َ‬ ‫َّب َ‬ ‫شةَ األ َْمنَا ِر ِي ‪ :‬أ َّ‬
‫َن النِ َّ‬ ‫وع ْن أَِِب َك ْب َ‬
‫(‪َ )4‬‬
‫ش ْي ٍء )) ‪.‬‬‫ش ْي ٍء لِ َ‬ ‫ض ُّرهُ أَ ْن ال يَـتَ َد َاوى بِ َ‬
‫اء فَال يَ ُ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ول ‪َ (( :‬م ْن أ َْه َرا َق م ْنه َهذه الد َم َ‬ ‫َويَـ ُق ُ‬
‫آل َع ْم ِرو بْ ِن َح ْزٍم إِ َىل‬ ‫الرقَى ‪ ،‬فَ َجاءَ ُ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َع ِن ُّ‬ ‫ال ‪َ :‬هنَى رس ُ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫وع ْن َجابِ ٍر قَ َ‬ ‫(‪َ )5‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫ت ِع ْن َد َان ُرقـْيَةٌ نَـ ْرقِي ِهبَا ِم َن ال َْع ْقر ِ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا إِنَّهُ َكانَ ْ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَـ َقالُوا ‪َ :‬ي َر ُس َ‬ ‫رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫َ‬
‫ــــ‬

‫(‪)21/1‬‬

‫= وخالفهما يونس بن احلجاج الثقفى عن ابن عيينة ‪ ،‬فجعله (( عن سعد بن أىب رافع )) ‪ ،‬وقال ((‬
‫مخس مترات )) ‪ ،‬وهو وهم ‪ ،‬واحملفوظ (( عن سعد ابن أىب وقاص )) ‪.‬‬
‫أخرجه هكذا الطرباىن (( الكبري ))(‪ : )5479/50/6‬حدثنا حممد بن عبد هللا احلضرمي ثنا يونس‬
‫بن احلجاج به ‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ‪ .‬أخرجه احلميدى (‪ ، )344‬وعبد الرزاق (‪ ، )1485/380/1‬وابن أىب شيبة‬
‫(‪ ، )23436/33/5‬وأمحد (‪ ، )355/6‬وإسحاق بن راهويه (‪ ، )70/1‬والبخارى‬
‫(‪ ، ) 5718 ، 5713،5715‬ومسلم (‪ .201:199/14‬نووى ) ‪ ،‬وأبو داود (‪، )3877‬‬
‫والنسائى (( الكربى )) (‪ ، )7583/374/4‬وابن ماجه (‪ ، )3462‬وابن أىب عاصم (( اآلحاد‬
‫واملثاىن ))(‪ ، )3256/52/6‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )465/7‬من طرق عن الزهرى عن عبيد هللا‬
‫بن عبد هللا بن عتبة عن أم قيس به ‪.‬‬
‫(‪ )4‬حسن ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ ، )3859‬وابن ماجه (‪ ، )3484‬وابن أىب عاصم (( اآلحاد واملثاىن‬
‫)) (‪ ، )479/2‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ )858/343/22‬و(( مسند الشاميني ))(‪، )179‬‬
‫والبيهقى(‪ ، )340/9‬وابن عساكر (( اتريخ دمشق ))(‪ ، )21:20/7‬واملزى (( هتذيب الكمال‬
‫))(‪ )214/34‬من طرق عن الوليد ابن مسلم ثنا عبد الرمحن بن اثبت بن ثوابن عن أبيه عن أىب‬
‫كبشة األمنارى به ‪.‬‬
‫وأخرجه الطرباىن (( األوسط ))(‪ )936/287/1‬و(( الشاميني ))(‪ )211،179‬من طريق أىب معيد‬
‫حفص بن غيالن وغسان بن الربيع كالُها عن ابن ثوابن به مثله ‪.‬‬
‫وهذه أسانيد رجاهلا كلهم ثقات خال عبد الرمحن بن اثبت بن ثوابن الشامى ‪ ،‬فإنه صدوق خيطئ‬
‫ورمى ابلقدر ‪ ،‬ووثقه دحيم وأبو حامت الرازى ‪ ،‬فمثله حسن احلديث ‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23530/42/5‬وأمحد (‪ ، )315،302/3‬وعبد بن محيد‬
‫(‪ ، )1026‬ومسلم (‪ .186/14‬نووى ) ‪ ،‬وأبو يعلى (‪ ، )1914/424/3‬والطحاوى (( شرح‬
‫املعاىن )) (‪ ، )328/4‬وابن حبان (‪ ، )6091‬واحلاكم (‪ ، )460/4‬والبيهقى (( الكربى‬
‫))(‪ )349/9‬من طرق عن األعمش عن أىب سفيان عن جابر بن عبد هللا به ‪.‬‬

‫(‪)22/1‬‬

‫اع ِم ْن ُك ْم أَ ْن‬ ‫ْسا ‪َ ،‬م ِن ْ‬


‫استَطَ َ‬ ‫ال ‪َ (( :‬ما أ ََرى َأب ً‬ ‫وها َعلَْي ِه ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ض َ‬‫ال ‪ :‬فَـ َع َر ُ‬‫الرقَى ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت َع ِن ُّ‬ ‫َوإِنَّ َ‬
‫ك َهنَْي َ‬
‫َخاهُ فَـ ْليَـ ْنـ َف ْعهُ )) ‪.‬‬
‫يَـ ْنـ َف َع أ َ‬
‫ف تَـ َرى ِيف‬ ‫ول ِ‬
‫هللا َك ْي َ‬ ‫اهلِيَّ ِة ‪ ،‬فَـ ُقلْنَا ‪َ :‬ي َر ُس َ‬
‫ال ‪ُ :‬كنَّا نَـرِقي ِيف ا ْجل ِ‬‫ك األَ ْش َج ِع ِي قَ َ‬ ‫ف بْ ِن مالِ ٍ‬ ‫(‪ )6‬وعن عو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ْس ِاب ُّلرقَى َما َملْ يَ ُك ْن فِ ِيه ِش ْر ٌك )) ‪.‬‬
‫ضوا َعلَ َّي ُرقَا ُك ْم ‪ ،‬ال َأب َ‬ ‫ال ‪ (( :‬ا ْع ِر ُ‬ ‫ك ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬إِ َّن هللاَ َع َّز َو َج َّل َملْ يُـ ْن ِز ْل‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫(‪ )7‬وعن عب ِد ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬ ‫هللا بن مسعود قَ َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫اء ‪َ ،‬علِ َمهُ َم ْن َعلِ َمهُ ‪َ ،‬و َج ِهلَه َم ْن َج ِهلَه )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اء إال أَنْـ َز َل لَهُ ش َف ً‬
‫َد ً‬
‫ُصيب دواء الد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا َ َّ‬ ‫وع ْن َجابِ ٍر َع ْن ر ُس ِ‬
‫َّاء‬ ‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم قَا َل ‪ (( :‬ل ُك ِل َداء َد َواءٌ ‪ ،‬فَإذَا أ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ )8‬‬
‫بـرأَ إبِِ ْذ ِن ِ‬
‫هللا َع َّز َو َج َّل )) ‪.‬‬ ‫ََ‬
‫ــــ‬
‫(‪ )6‬صحيح ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ .187/14‬نووى ) ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )3886‬والبزار‬
‫(‪ ، )2744/178/7‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )328/4‬وابن حبان (‪ ، )6094‬والطرباىن ((‬
‫الكبري))(‪ )88/49/18‬و(( األوسط ))(‪ ، )3257/313/3‬واحلاكم (‪ ، )236/4‬والبيهقى((‬
‫الكربى )) (‪ ، )349/9‬وابن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ )272/2‬مجيعا من طريق معاوية بن صاحل عن‬
‫عبد الرمحن بن جبري ابن نفري عن أبيه عن عوف بن مالك األشجعى به ‪.‬‬
‫(‪ )7‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23419/31/5‬وأمحد (‪ ، )443،413/1‬وابن ماجه‬
‫(‪ ، )3438‬واهليثم بن كليب (‪ ، )752‬واحلاكم (‪ )441/4‬من طرق عن سفيان الثورى ثنا عطاء بن‬
‫السائب عن أِب عبد الرمحن السلمي عن عبد هللا بن مسعود به ‪.‬‬

‫(‪)23/1‬‬

‫ورواه عن عطاء بن السائب ‪ :‬سفيان بن عيينة ‪ ،‬وجرير ‪ ،‬وُهام ‪ ،‬وخالد بن عبد هللا ‪ ،‬وعبيدة بن‬
‫محيد ‪ ،‬وعلى بن عاصم ‪ .‬وإمنا اقتصرت على رواية سفيان الثورى ‪ ،‬ألن عطاء بن السائب أاب‬
‫السائب الكوىف وإن وثق لكنه اختلط ‪ ،‬وَساع الثورى منه قدمي قبل اختالطه ‪ .‬قال أمحد بن حنبل ‪:‬‬
‫عطاء بن السائب ثقة رجل صاحل ‪ ،‬من َسع منه قدمياً فسماعه صحيح ‪ ،‬ومن َسع منه حديثا‬
‫فسماعه ليس بشيء ‪ ،‬وشعبة وسفيان َمن َسع منه قدمياً ‪ .‬وقال أبو عمرو بن الصالح ‪ :‬عطاء بن‬
‫السائب اختلط يف آخر عمره ‪ ،‬فاحتج أهل العلم برواية األكابر عنه ؛ مثل ‪ :‬سفيان الثوري وشعبة ‪،‬‬
‫ألن َساعهم منه كان يف الصحة ‪ ،‬وتركوا االحتجاج برواية من َسع منه آبخرة ‪.‬‬
‫(‪ )8‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )335/3‬ومسلم (‪ .190/14‬نووى ) ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))‬
‫(‪ ، )7556/369/4‬وأبو يعلى (‪ ، )2036‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )323/4‬وابن حبان‬
‫(‪ )6063‬واحلاكم (‪ ، )445/4‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )343/9‬مجيعا من طريق عمرو بن احلارث‬
‫عن عبد ربه بن سعيد األنصاري عن أِب الزبري عن جابر بن عبد هللا ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَـ َق َ‬
‫ال ‪َ :‬ي‬ ‫(‪ )9‬وعن أِب خزامة أحد بِن احلارث عن أبيه أَنَّه أَتَى رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫ك ِمن قَ َد ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا َش ْيـئًا‬ ‫يها ‪َ ،‬ه ْل تَـ ُر ُّد ذَل َ ْ‬ ‫اء نَـتَ َد َاوى بِه ‪َ ،‬وُرقًى نَ ْس َ ْرتقي ِهبَا ‪َ ،‬وتُـ ًقى نَـتَّق َ‬
‫ت َد َو ً‬
‫هللا أ ََرأَيْ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ِ‬ ‫هللا صلَّى هللا علَي ِه وسلَّم ‪ (( :‬ذَلِ َ ِ‬ ‫ول ِ‬
‫ك م ْن قَ َد ِر هللا تَـبَ َ‬
‫ار َك َوتَـ َع َاىل )) ‪.‬‬ ‫َْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫؟ ‪ ،‬فَـ َق َ‬

‫(‪)24/1‬‬

‫وابجلملة ‪ ،‬فقد تضمنت هذه األحاديث الصحيحة إثبات األسباب ‪ ،‬وارتباطها مبسبباهتا ‪ ،‬وأهنما‬
‫قرينان ال يفرتقان عند ذوى العقول السليمة والفطر املستقيمة ‪ ،‬وأن مباشرة األسباب الىت خلقها هللا‬
‫حبكمته وتدبريه تُفضى ىف األغلب األعم إىل حتصيل مسبباهتا قدراً وشرعاً ‪ ،‬بل ال تتم حقيقة التوحيد‬
‫إال بذلك ‪ ،‬وتعطيلها يقدح ىف التوكل ‪ ،‬كما يقدح ىف األمر الشرعى واحلكمة الرابنية ‪ ،‬فكما ال‬
‫حيصل الشبع إال ابلغذاء ‪ ،‬والرى إال ابملاء ‪ ،‬والدفء إال ابلكساء ‪ ،‬فكذلك ال شفاء إال بدواء ‪.‬‬

‫(‪)25/1‬‬

‫وفيها رد على من أنكر التداوى ومباشرة أسبابه ‪ ،‬وزعم جهالً ‪ :‬أن األدواء إمنا حصلت بقدر هللا ‪،‬‬
‫وقدر هللا ال يُرد ‪ ،‬فإن ما قضاه وقدَّره البد من وقوعه وفق تقديره ومشيئته ‪ ،‬ولو كان الشفاء مقدراً‬
‫‪ ،‬فإن التداوى عبث ال ينفع ! ‪ ،‬وهذا بعض معىن السؤال الذى أورده األعراب ‪ ،‬فأجاهبم رسول هللا‬
‫قدر هللا‬
‫مبا فيه اهلدى والشفاء ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذه األدوية والرقى والتقى هى أيضاً من قدر هللا ‪ ،‬وإمنا يُرد ُ‬
‫بقدره ‪ ،‬وهذا شبيه مبا رد به عمر بن اخلطاب ‪ ،‬ملا خرج إىل الشام ‪ ،‬فأخربوه بوقوع الطاعون هبا ‪،‬‬
‫ال ُع َم ُر ‪(( :‬‬ ‫اَّلل ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال أَبو عبـي َد َة ‪ :‬أَفِرارا ِمن قَ َد ِر َِّ‬ ‫فنادى ىف الناس أن يرجعوا وال يدخلوها ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ًَ ْ‬ ‫َُ ْ‬
‫ت َو ِاد ًي‬ ‫ك إِبِ ٌل فَـ َهبَطَ ْ‬ ‫ت لَ ْو َكا َن لَ َ‬‫هللا ‪ ،‬أ ََرأَيْ َ‬‫هللا إِ َىل قَ َد ِر ِ‬
‫لَو غَري َك قَا َهلا ي أَاب عبـي َد َة ‪ ،‬نَـعم نَِف ُّر ِمن قَ َد ِر ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ْ ُ َ َ َ َُ ْ‬
‫صبةَ رعيـتـها بَِق َد ِر ِ‬ ‫لَهُ ُع ْدوَات ِن ‪ :‬إِ ْح َد ُ ِ‬
‫هللا ‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫اخلَ ِ َ َ َ ْ َ َ‬‫ت ْ‬ ‫س إِ ْن َر َع ْي َ‬ ‫اُهَا َخصبَةٌ ‪َ ،‬واألُ ْخ َرى َج ْدبَةٌ ‪ ،‬أَلَْي َ‬ ‫َ‬
‫اجتِ ِه ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ف ‪َ ،‬وَكا َن غَائِبًا ِيف بَـ ْع ِ‬ ‫الر ْمح ِن بن عو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ض َح َ‬ ‫اء َع ْب ُد َّ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ت ا ْجلَ ْدبَةَ َر َع ْيـتَـ َها ب َق َد ِر هللا )) ‪ ،‬فَ َج َ‬‫َر َع ْي َ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ َذا ََِس ْعتُ ْم بِ ِه ِأب َْر ٍ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ض فَال‬ ‫ول هللا َ‬ ‫‪ :‬إِ َّن ع ْندي م ْن َه َذا عل ًْما ‪ََ ،‬س ْع ُ َ ُ‬
‫ض َوأَنْـتُ ْم ِهبَا ‪ ،‬فَال َختْ ُر ُجوا فِ َر ًارا ِم ْنهُ )) ‪.‬‬ ‫تَـ ْق َد ُموا َعلَْي ِه ‪َ ،‬وإِ َذا َوقَ َع ِأب َْر ٍ‬
‫قال العالمة ابن القيم (( شفاء الغليل )) ‪ (( :‬وهذا موضع مزلة قدم ‪ ،‬من ثبتت قدمه فاز ابلنعيم‬
‫َّىب صلَّى هللا عليه وسلَّم أرشد أمته ىف القدر ـ ـ ـ ـ‬ ‫املقيم ‪ ،‬ومن زلت قدمه هوى إىل قرار اجلحيم ‪ ،‬فالن ُّ‬
‫(‪)26/1‬‬

‫(‪ )9‬صحيح ‪ .‬أخرجه الرتمذى (‪ )2065‬عن ابن أىب عمر العدىن ‪ ،‬وابن عبد الرب (( التمهيد‬
‫))(‪ )270/2‬عن على بن املديىن كالُها عن ابن عيينة عن الزهرى عن أىب خزامة عن أبيه ‪.‬‬
‫واتبعهما على هذا الوجه عن الزهرى ‪ :‬يونس بن يزيد ‪ ،‬وعمرو بن احلارث ‪.‬‬
‫فقد أخرجه أمحد (‪ ، )421/3‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )349/9‬و(( االعتقاد ))(ص‪ )141‬كالُها‬
‫عن عمرو بن احلارث ‪ ،‬والبيهقى (‪ )349/9‬عن يونس ‪ ،‬كالُها عن الزهرى أن أاب خزامة أحد بىن‬
‫احلارث بن سعد حدثه أن أابه أخربه أنه سأل رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم به ‪.‬‬
‫وجه آخر عن ابن أىب خزامة عن أبيه ‪ ،‬وقال أبو عيسى الرتمذى ‪ (( :‬واألول‬ ‫وقد رواه ابن عيينة من ٍ‬
‫أصح ))‪.‬‬
‫إىل أمرين ُها سبب السعادة ‪ :‬اإلميان ابألقدار ‪ ،‬فإنه نظام التوحيد ‪ ،‬واإلتيان ابألسباب الىت توصل‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم كان شديد‬
‫َّىب َ‬
‫إىل خريه وحتجز عن شره ‪ ،‬ومنهما معا ينتظم نظام الشرع ‪ .‬والن ُّ‬
‫لألمة ‪ ،‬وقد قال (( احرص على ما ينفعك ‪ ،‬واستعن ابهلل وال تعجز )) ‪،‬‬ ‫احلرص على مجع األمرين َّ‬
‫والعاجز من مل يتسع لألمرين )) اهـ ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم أبو زكري النووى (( شرح مسلم ))(‪ (( : )191/14‬والتداوى أيضا من قدر هللا‬
‫وهذا كاألمر ابلدعاء ‪ ،‬وكاألمر بقتال الكفار ‪ ،‬وابلتحصن وجمانبة اإللقاء ابليد اىل التهلكة ‪ ،‬مع أن‬
‫األجل ال يتغري واملقادير ال تتأخر ‪ ،‬وال تتقدم عن أوقاهتا ‪ ،‬والبد من وقوع املقدرات )) اهـ ‪.‬‬

‫(‪)27/1‬‬

‫وأما قوله (( لكل داء دواء )) فجائز أن يكون عاماً ىف كل ٍ‬


‫داء ‪ ،‬حىت األدواء القاتلة ‪ ،‬واألدواء الىت‬
‫يعجز أمهر األطباء عن عالجها ‪ ،‬فتكو ُن هلا أدويةٌ خلقها هللا لتداويها وتربئها ‪ ،‬ولكن طوى هللا‬
‫علمها عن اخللق ومل ييسر سبل العلم هبا ‪ ،‬ألنه ال علم للخلق إال ما علمهم هللا ‪ ،‬وصدق هللا العظيم‬
‫كثري من املرضى رمبا يداوون فال يربءون ! ‪،‬‬
‫علم عليم )) ‪ .‬وقد يقال ‪ٌ :‬‬ ‫إذ يقول (( وفوق كل ذى ٍ‬
‫فاجلواب عن هذه املعارضة ‪ :‬أن الشفاء ال حيدث إال أبمرين ‪ :‬أوهلما إذن هللا فيه وتقديره َّإيه ‪،‬‬
‫واثنيهما موافقة الدواء الداء ‪ ،‬فمىت ختلف واح ٌد منهما فال ‪ ،‬وهذا اجلواب ِ ٌ‬
‫بني ملن علمه ‪ ،‬وقدَّره‬
‫َّ‬
‫حق قدره ‪.‬‬
‫وجائز أن يكون قوله (( لكل داء دواء )) تقويةً لنفوس املرضى ملدافعة عجزهم ‪ ،‬ولألطباء لشد‬
‫أزرهم ‪ ،‬وحثهم على طلب الدواء والتنقيب عنه ‪ ،‬وىف ذلك فتح ألبواب األمل أمام املرضى ‪ ،‬فتقوى‬
‫نفوسهم ‪ ،‬وتنبعث حرارهتم الغريزية ‪ ،‬فتقوى أبداهنم وتدافع األدواء ‪ ،‬ورمبا أبطلت قواها ‪ ،‬وفيه فتح‬
‫ألبواب الرجاء ىف استكشاف مستحداثت األدوية ‪ ،‬وطرق العالج الىت مل تسبق ‪.‬‬
‫هللا )) ففيه بيان أن الشاىف حقيقةً هو هللا ‪ ،‬ال شاىف إال‬ ‫ِ‬
‫َّاء بـرأَ إبِِ ْذ ِن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب َد َواءُ الد َ َ‬ ‫وأما قوله (( فَإذَا أُص َ‬
‫س َحهُ بِيَ ِمينِ ِه ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا َ َّ‬
‫سا ٌن َم َ‬
‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم إذَا ا ْشتَ َكى منَّا إنْ َ‬ ‫هو ‪ ،‬وهلذا قالت عائشة ‪َ :‬كا َن َر ُس ُ‬
‫الش ِايف ‪ ،‬ال ِش َفاء إِال ِش َفا ُؤ َك ‪ِ ،‬ش َفاء ال يـغَ ِ‬
‫اد ُر‬ ‫ً ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َّ‬ ‫ف أَنْ َ‬‫َّاس ‪ ،‬وا ْش ِ‬
‫ب الن ِ َ‬ ‫اس َر َّ‬ ‫ال ‪ (( :‬أَ ْذ ِه ِ‬
‫ب الْبَ َ‬ ‫ُمثَّ قَ َ‬
‫َس َق ًما )) ‪ ،‬إذ الشفاء متوقف على اإلصابة إبذن هللا ‪ ،‬وذلك أن الدواء قد حيصل معه جماوزة احلد‬
‫داء آخر ‪.‬‬ ‫كماً أو كيفاً فال ينجح ‪ ،‬بل رمبا أحدث ً‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ابحلجامة‬ ‫ما ورد ىف تداوى رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬

‫(‪)28/1‬‬

‫ت ِع ْن َد رس ِ ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَ َد َعا َح َّج ًاما ‪ ،‬فَأ ََم َرهُ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫ال ‪ُ :‬ك ْن ُ‬ ‫ب قَ َ‬ ‫(‪ )10‬عن ََسُرَة بْ ِن ُج ْن ُد ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم ِيف إ َانء ع ْن َدهُ‬ ‫ب الد َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ش َرطَهُ بطََرف َش ْف َرة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫أَ ْن َْحي ُج َمهُ ‪ ،‬فَأَ ْخ َر َج َحمَاج َم لَهُ م ْن قُـ ُرون فَأَل َْزَمهُ إ َّيهُ ‪ ،‬فَ َ‬
‫ْد َك يَـ ْقطَ ُعهُ ؟ ‪،‬‬ ‫هللا َعالم متَُ ِكن ه َذا ِمن ِجل ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال ‪َ :‬ما َه َذا َي َر ُس َ‬ ‫‪ ،‬فَ َد َخ َل َعلَْي ِه َر ُج ٌل ِم ْن بَِِن فَـ َز َارةَ ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫َ ُ َ ْ‬
‫ال ‪ُ (( :‬ه َو‬ ‫ال ‪َ :‬وَما ا ْحلَ ْج ُم ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول ‪َ (( :‬ه َذا ا ْحلَ ْج ُم )) ‪ ،‬قَ َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫َّب َ‬ ‫ت النِ َّ‬‫س ِم ْع ُ‬
‫فَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس )) ‪.‬‬ ‫م ْن َخ ِْري َما تَ َد َاوى به الن ُ‬
‫احتَ َج َم بِلَ ْح ِي َمجَ ٍل ِم ْن طَ ِر ِيق‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬
‫َن رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال ‪ :‬أ َّ َ ُ‬
‫(‪ )11‬وع ِن عب ِد ِ‬
‫هللا بْ ِن ُحبَْيـنَةَ قَ َ‬ ‫َْ‬
‫َم َّكةَ ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرٌم ِيف َو َس ِط َرأْ ِس ِه ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف َرأْ ِس ِه ‪َ ،‬و ُه َو ُْحم ِرمٌ ِم ْن َو َج ٍع َكا َن بِ ِه ِمبَ ٍاء‬ ‫َّب َ‬‫احتَ َج َم النِ ُّ‬ ‫اس ‪ْ :‬‬ ‫وع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬‫(‪َ )12‬‬
‫ال لَهُ ُحلْ ُي َمجَ ٍل ‪.‬‬
‫يُـ َق ُ‬
‫ــــ‬
‫(‪ )10‬صحيح‪.‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23682/59/5‬وأمحد(‪ ، )19،15،9/5‬وابن سعد ((‬
‫الطبقات )) (‪ ، )444/1‬والرويىن (‪ ، )857/79/2‬والطرباىن (( الكبري‬
‫))(‪ ، )6787،6786،6785/186/7‬واحلاكم (‪ ، )232،231/4‬والبيهقى (( الكربى‬
‫))(‪ ، )339/9‬وابن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ ، )348/24‬وابن عساكر (( اتريخ دمشق‬
‫))(‪ ، )377/14‬واملزى (( هتذيب الكمال ))(‪ )535/6‬من طرق عن عبد امللك بن عمري حدثىن‬
‫حصني بن أىب احلر الفزارى عن َسرة بن جندب به ‪.‬‬

‫(‪)29/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا حديث صحيح من صحاح أحاديث عبد امللك بن عمري ‪ ،‬وهو اتبعى ثقة مشهور وصفه‬
‫ابن حبان والدارقطىن ابلتدليس ‪ ،‬وقد صرح ابلسماع ‪ .‬ورواه عنه مجاعة من األثبات الرفعاء ‪ :‬شعبة‬
‫‪ ،‬وزهري ابن معاوية ‪ ،‬وزائدة بن قدامة ‪ ،‬وجرير بن حازم ‪ ،‬وأبو عوانة ‪ ،‬وشيبان بن عبد الرمحن ‪،‬‬
‫وعبيدة بن محيد ‪.‬‬
‫(‪ )11‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23504/39/5‬وأمحد (‪ ، )345/5‬والدارمى (‪)1820‬‬
‫‪ ،‬والبخارى (‪ .5699،1836‬فتح ) ‪ ،‬ومسلم (‪ .123/8‬نووى ) ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))‬
‫(‪ )3833/377/2‬و(( اجملتىب ))(‪ ، )194/5‬وابن ماجه (‪ ، )3481‬وابن حبان (‪ ، )3953‬وأبو‬
‫نعيم (( املسند املستخرج ))(‪ ، )2711/294/3‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )65/5‬من طرق عن‬
‫سليمان بن بالل عن علقمة بن أىب علقمة عن األعرج عن ابن حبينة به ‪.‬‬
‫(‪ )12‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23507/39/5‬وأمحد (‪، )259،249،236/1‬‬
‫والبخارى (‪ .5701‬فتح ) ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )1836‬وابن حبان (‪ ، )3950‬والبيهقى (‪ )339/9‬من‬
‫طرق عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس ‪.‬‬
‫ت بِ ِه )) ‪.‬‬ ‫احتَ َج َم َو ُه َو ُْحم ِرٌم ِيف َرأْ ِس ِه ِم ْن َش ِقي َق ٍة َكانَ ْ‬
‫وىف رواية للبخارى تعليقاً (( ْ‬
‫ص ٍاع ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَأ ََم َر لَهُ بِ َ‬
‫ال ‪ :‬حجم أَبو طَيـبةَ رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫س بْ ِن َمالك قَ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫ٍِ‬ ‫وع ْن أَنَ ِ‬
‫(‪َ )13‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ال ‪َ (( :‬ح َج َم أَبُو طَْيـبَةَ النِ َّ‬ ‫اج ِه ‪ .‬وىف رواية عنه قَ َ‬ ‫متَْ ٍر ‪ ،‬وأَمر أ َْهلَهُ أَ ْن ُخيَِف ُفوا ِمن َخر ِ‬
‫َّب َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ض ِريبَتِ ِه )) ‪.‬‬ ‫ف َع ْن غَلَّتِ ِه أ َْو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني م ْن طَ َع ٍام ‪َ ،‬وَكلَّ َم َم َواليَهُ فَ َخ َّف َ‬ ‫اع ْ ِ‬
‫صَ‬ ‫َو َسلَّ َم فَأ ََم َر لَهُ بِ َ‬
‫ص ٍاع أ َْو َ‬
‫ني والْ َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪َ :‬كا َن رس ُ ِ‬
‫اه ِل ‪َ ،‬وَكا َن‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َْحيتَج ُم ِيف األَ ْخ َد َع ْ ِ َ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫س قَ َ‬‫وع ْن أَنَ ٍ‬
‫(‪َ )14‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س ْب َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وت ْس َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وإِ ْح َدى َوع ْش ِر َ‬
‫ين ‪.‬‬ ‫َْحيتَج ُم ل َ‬
‫ــــ‬

‫(‪)30/1‬‬
‫= وأما رواية (( من شقيقة كانت به )) ‪ ،‬فقد علقه البخارى (‪ )5701‬عن حممد بن سواء ان هشام‬
‫عن عكرمة عن ابن عباس ‪.‬‬
‫وصله ابن حجر (( تغليق التعليق ))(‪ )41/5‬من طريق اإلَساعيلى ان أبو يعلى ثنا حممد بن عبد هللا‬
‫األزدي ثنا حممد بن سواء به ‪.‬‬
‫(‪ )13‬صحيح ‪ .‬أخرجه مالك (( املوطأ ))(‪ .141/3‬تنوير احلوالك ) ‪ ،‬والشافعى (( املسند‬
‫))(ص‪ ، )191‬وأمحد (‪ ، )282،182،100/3‬والدارمى (‪ ، )2622‬والبخارى‬
‫(‪37،36،11/2‬و‪ ، )10/4‬ومسلم (‪ ، )242/10‬وأبو داود (‪ ، )3424‬والرتمذى (‪، )1278‬‬
‫والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )131/4‬وأبو يعلى (‪ ، )3758/403/6‬والبيهقى (‪ )337/9‬من‬
‫طرق عن محيد الطويل عن أنس به ‪.‬‬
‫ورواه عن محيد مجاعة من الرفعاء ‪ :‬مالك ‪ ،‬وشعبة ‪ ،‬وإَساعيل بن جعفر ‪ ،‬ويزيد بن زريع ‪ ،‬وعبد‬
‫الوهاب بن عبد اجمليد ‪ ،‬ومروان بن معاوية ‪ ،‬ويزيد بن هارون ‪ ،‬وحيي بن سعيد القطان ‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫بكر السهمى ‪.‬‬
‫(‪ )14‬صحيح ‪.‬أخرجه الطيالسى (‪ ، )1994‬وابن أىب شيبة (‪ ، )23502/39/5‬وأمحد‬
‫(‪ )119،192/3‬وابن سعد (( الطبقات ))(‪ ، )446/1‬وأبو داود (‪ ، )3860‬والرتمذى (‪)2051‬‬
‫واللفظ له ‪ ،‬وابن ماجه (‪ ، )3483‬وأبو يعلى (‪ ، )3048‬وابن حبان (‪ ، )6077‬واحلاكم‬
‫(‪ ، )234/4‬والبيهقى (‪ ، )340/9‬والضياء (( املختارة ))(‪ )13،14،15/7‬من طرق عن ُهام‬
‫وجرير بن حازم قاال ‪ :‬ثنا قتادة عن أنس بنحوه ‪.‬‬
‫قال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخني ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هو كما قال ‪ ،‬فقد أخرج البخارى هبذا اإلسناد أصوالً منها ‪ :‬ىف (( كتاب اللباس ))(‪5906‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫‪ .‬فتح ) قال ‪ :‬حدثنا مسلم حدثنا جرير عن قتادة عن أنس قال ‪َ :‬كا َن النِ ُّ‬
‫َّب َ‬
‫ط‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َرِجالً ال َج ْع َد َوال َسبِ َ‬ ‫ض ْخ َم الْيَ َديْ ِن ‪َ ،‬ملْ أ ََر بَـ ْع َدهُ ِمثْـلَهُ ‪َ ،‬وَكا َن َش َع ُر النِ ِ‬
‫َّب َ‬ ‫َ‬

‫(‪)31/1‬‬

‫وأخرجه مسلم ىف (( كتاب الفضائل ))(‪ .92/15‬نووى ) قال ‪ :‬حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ؟ ‪،‬‬ ‫ف َكا َن َشعر رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫بن حازم حدثنا قتادة قال قلت ألنس بن مالك ‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ني أُذُنَـ ْي ِه َو َعاتِِق ِه ‪.‬‬ ‫ال ‪َ :‬كا َن َشعرا رِجالً لَيس ِاب ْجلع ِد وال َّ ِ‬
‫الس ْبط بَ ْ َ‬ ‫َ ً َ ْ َ َْ َ‬ ‫قَ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم كان ميرض كسائر‬ ‫كاف ٍ‬‫ومجلة هذه األحاديث فيها بيا ٌن ٍ‬
‫رسول هللا َ‬ ‫شاف أن َ‬
‫اشتد عليه املرض حىت يقعده اللياىل واأليم ذوات العدد ‪ ،‬كما ىف (( الصحيحني ))‬ ‫البشر ‪ ،‬ولرمبا َّ‬
‫ْت‬
‫سويد عن عبد هللا بن مسعود قال ‪َ :‬د َخل ُ‬ ‫من حديث األعمش عن إبراهيم التيمى عن احلارث بن ٍ‬
‫ك َو ْع ًكا َش ِدي ًدا ‪،‬‬ ‫ول ِ‬ ‫علَى رس ِ ِ‬
‫وع ُ‬
‫ك لَتُ َ‬ ‫هللا إنَّ َ‬ ‫ْت ‪َ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬ ‫وع ُ‬‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو ُه َو يُ َ‬‫ول هللا َ‬ ‫َ َُ‬
‫َج ْل‬ ‫ال ‪ (( :‬أ َ‬ ‫َج َريْ ِن ‪ ،‬قَ َ‬ ‫كأْ‬ ‫َن لَ َ‬ ‫ْت ‪ :‬ذَلِ َ‬
‫ك أ َّ‬ ‫الن ِم ْن ُك ْم )) ‪ ،‬قُـل ُ‬ ‫ك رج ِ‬
‫وع ُ َ ُ‬ ‫ك َك َما يُ َ‬ ‫َج ْل إِِِن أ َ‬
‫ُوع ُ‬ ‫ال ‪ (( :‬أ َ‬ ‫قَ َ‬
‫َذى ؛ َش ْوَكةٌ فَ َما فَـ ْوقَـ َها ‪ ،‬إِال َك َّفر هللاُ ِهبَا َسيِئَاتِِه َك َما َحتُ ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َك َذلِ َ‬
‫ذَلِ َ‬
‫الش َج َرةُ‬ ‫ط َّ‬ ‫َ‬ ‫ك ‪َ ،‬ما م ْن ُم ْسل ٍم يُصيبُهُ أ ً‬
‫َح ًدا أَ َش َّد َعلَْي ِه‬
‫تأَ‬ ‫َوَرقَـ َها )) ‪ ،‬وفيهما من حديثه عن أىب وائل عن مسروق عن عائشة قالت ‪َ :‬ما َرأَيْ ُ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬ ‫الْوجع ِمن رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َ َ ُ ْ َُ‬

‫(‪)32/1‬‬

‫صلَّى‬ ‫َّب َ‬ ‫وىف (( الصحيحني )) من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال ‪َ :‬ملْ خيَُْر ِج النِ ُّ‬
‫صلَّى هللا عَلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ال نَِ ُّ ِ‬ ‫الاث ‪ ،‬فَأُقِيم ِ‬‫هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ثَ ً‬
‫ب هللا َ‬ ‫ب أَبُو بَ ْك ٍر يَـتَـ َقد ُ‬
‫َّم ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫الصالةُ فَ َذ َه َ‬
‫ت َّ‬ ‫َ‬
‫ب إِلَْيـنَا ِم ْن‬ ‫ِ َّ‬
‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم ؛ َما نَظَ ْرَان َم ْنظًَرا َكا َن أَ ْع َج َ‬
‫َّب َ َّ‬‫ض َح َو ْجهُ النِ ِ‬ ‫ِاب ْحلِ َج ِ‬
‫اب فَـ َرفَـ َعهُ ‪ ،‬فَـلَ َّما َو َ‬
‫يدهِ إِ َىل أَِِب بَ ْك ٍر أَ ْن‬‫َّب صلَّى هللا َعلَي ِه وسلَّم بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ْج ِه النِ ِ‬
‫ْ ََ َ‬ ‫ض َح لَنَا ‪ ،‬فَأ َْوَمأَ النِ ُّ َ‬ ‫ني َو َ‬‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ح َ‬ ‫َّب َ‬
‫ات ‪.‬‬‫اب فَـلَ ْم يُـ ْق َد ْر َعلَْي ِه َح َّىت َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ا ْحل َج َ‬‫َّب َ‬‫َّم ‪َ ،‬وأ َْر َخى النِ ُّ‬ ‫يَـتَـ َقد َ‬

‫(‪)33/1‬‬

‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم كان يدافع األوجاع واألمل ما استطاع ذلك ‪ ،‬وأكثر ذلك ابلرقى‬
‫وفيها أنه َ‬
‫والتعاويذ وخاصةً املعوذتني وفاحتة الكتاب ‪ ،‬كما ىف (( الصحيحني )) عن الزهرى عن عروة عن‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َكا َن إِذَا ا ْشتَ َكى نَـ َف َ‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫ث َعلَى نَـ ْفسه ابل ُْم َع ِوذَات ‪َ ،‬وَم َ‬
‫س َح‬ ‫ول هللا َ‬ ‫عائشة ‪ :‬أ َّ َ ُ‬
‫ات الَِِّت َكا َن يَـ ْن ِف ُ‬‫ث َعلَى نَـ ْف ِس ِه ِابلْمع ِو َذ ِ‬ ‫ت أَنْ ِف ُ‬ ‫يف فِ ِيه طَِف ْق ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫َع ْنهُ بيَده ‪ ،‬فَـلَ َّما ا ْشتَ َكى َو َج َعهُ الذي تُـ ُوِ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َع ْنهُ ‪ .‬وىف (( صحيح مسلم )) عن عبد العزيز بن صهيب عن‬ ‫س ُح بِيَ ِد النِ ِ‬
‫َّب َ‬ ‫َوأ َْم َ‬
‫ال ‪َ :‬ي ُحمَ َّم ُد‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَـ َق َ‬‫َّب َ‬ ‫يل أَتَى النِ َّ‬ ‫َن ِج ْ ِ‬
‫ربائ َ‬
‫ٍِ‬
‫أىب نضرة عن أَِِب َسعيد اخلدرى ‪ :‬أ َّ َ‬
‫يك ‪ِ ،‬م ْن َش ِر ُك ِل نَـ ْف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫س أ َْو َع ْ ٍ‬
‫ني‬ ‫يك ِم ْن ُك ِل َش ْيء يُـ ْؤ ِذ َ‬ ‫ال ‪ (( :‬بِس ِم ِ‬
‫هللا أ َْرقِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ‪ :‬نَـ َع ْم ‪ ،‬قَ َ‬
‫ت ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ا ْشتَ َك ْي َ‬
‫يك )) ‪ .‬وفيه عن حممد بن إبراهيم التيمى َع ْن أَِِب َسلَ َمةَ بْ ِن َع ْب ِد‬ ‫يك ‪ ،‬بِس ِم ِ‬
‫هللا أ َْرقِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫أ َْو َحاسد هللاُ يَ ْشف َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا َ َّ‬ ‫ت ‪َ :‬كا َن إِذَا ا ْشتَ َكى َر ُس ُ‬ ‫الر ْمحَ ِن َع ْن َعائِ َ‬
‫ال ‪(( :‬‬ ‫يل ‪ ،‬قَ َ‬ ‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم َرقَاهُ ج ِْرب ُ‬ ‫شةَ قَالَ ْ‬ ‫َّ‬
‫اس ٍد إِذَا َحس َد ‪َ ،‬و َش ِر ُك ِل ِذي َع ْ ٍ‬ ‫يك ‪ ،‬وِمن َش ِر ح ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫هللا ي ِرب َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِاب ْس ِم ُ ْ‬
‫ني )) ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يك ‪َ ،‬وم ْن ُك ِل َداء يَ ْشف َ َ ْ‬

‫(‪)34/1‬‬

‫س بْ ِن مالِ ٍ‬ ‫ْت أ ََان َوَاثبِ ٌ‬


‫ك‪،‬‬ ‫ت َعلَى أَنَ ِ َ‬ ‫ال ‪َ :‬د َخل ُ‬‫وىف (( صحيح البخارى )) عن عبد العزيز بن صهيب قَ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪،‬‬ ‫يك بِرقـْي ِة رس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َاثبِ ٌ‬
‫ول هللا َ‬ ‫س ‪ :‬أَال أ َْرق َ ُ َ َ ُ‬ ‫ال أَنَ ٌ‬
‫ت ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ت ‪َ :‬ي أ ََاب محَْ َزةَ ا ْشتَ َك ْي ُ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫ايف إِال أَنْ َ‬ ‫اس ‪ ،‬ا ْش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ (( :‬اللَّ ُه َّم َر َّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫الش ِايف ‪ ،‬ال َش ِ َ‬
‫ت َّ‬ ‫ف أَنْ َ‬ ‫ب الْبَ ِ‬ ‫ب الن ِ‬
‫َّاس ‪ُ ،‬م ْذه َ‬ ‫ال ‪ :‬بَـلَى ‪ ،‬قَ َ‬
‫قَ َ‬
‫اد ُر َس َق ًما )) ‪.‬‬ ‫ِش َفاء ال يـغَ ِ‬
‫ً ُ‬
‫ٍ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم رمبا ابدر إىل التداوى ابألدوية املادية دفعاً ملؤذ عارض ال يندفع إال هبا‬ ‫ِ‬
‫وفيها أنه َ‬
‫مسافر بني‬‫ٌ‬ ‫حمرم‬
‫‪ ،‬وأكثر ذلك كان ابحلجامة ‪ ،‬كما احتجم من الشقيقة الىت صدَّعت رأسه ‪ ،‬وهو ٌ‬
‫مكة واملدينة ‪ ،‬مبكان يقال له (( حلي مجل )) على سبعة أميال من السقيا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ابلقاحة(‪ )1‬قبل‬
‫السقيا بنحو ميل ‪ ،‬بوادى يقال له (( وادى العبابيد )) ‪.‬‬
‫ورمبا احتمى واحرتز لصحته وعافيته قبل اعتالهلا وتغريها ‪ ،‬فكان حيتجم ثالاثً ‪ :‬اثنتني ىف األخدعني‬
‫وواحدة على الكاهل ‪ ،‬وأكثر ذلك لسبع عشرة أو تسع عشرة أو أحدى وعشرين من الشهر‬
‫القمرى ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َّإيها َّأهنا على وجهني ‪:‬‬
‫ويؤخذ من فعله َ‬
‫( األوىل ) احلجامة االعتيادية على سبيل االحتياط ‪ ،‬والتحرز من األذى ‪ ،‬وحفظاً للصحة ‪ ،‬وحتفيزاً‬
‫للبدن على التخلص من املؤذيت الىت يضره احتقاهنا ‪ ،‬فإهنا رمبا أحدثت سدداً جملارى البدن الطبيعية‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هلذه احلجامة لسبع عشرة أو تسع عشرة أو أحدى‬
‫‪ ،‬وأوراماً رديئة ‪ .‬وىف فعله َ‬
‫معىن جيب التنبيه عليه ‪ ،‬لبيان عظيم فائدهتا ىف هذا الوقت ابلتحديد ‪.‬‬ ‫وعشرين من الشهر القمرى ً‬

‫(‪)35/1‬‬

‫قال العالمة ابن القيم (( الطب النبوى ))(ص‪ (( : )44‬وأفضل أوقاهتا ىف الربع الثالث من أرابع‬
‫الشهر ‪ ،‬ألن الدم ىف أول الشهر مل يكن بعد قد هاج وتبيغ ‪ ،‬وىف أخره يكون قد سكن ‪ ،‬وأما ىف‬
‫وسطه وبعيده ‪ ،‬فيكون ىف هناية التزيد ‪.‬‬
‫قال صاحب (( القانون )) ‪ :‬ويؤمر ابستعمال احلجامة ال ىف أول الشهر ‪ ،‬ألن األخالط ال تكون قد‬
‫حتركت وهاجت ‪ ،‬وال ىف آخره ‪ ،‬ألهنا تكون قد نقصت ‪ ،‬بل ىف وسط الشهر حني تكون األخالط‬
‫هائجة ابلغة ىف تزايدها لتزيد النور ىف جرم القمر )) اهـ ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫(‪ )1‬أخرج أمحد (‪ ، )344،244/1‬وابن اجلعد (( املسند ))(‪ ، )318‬وابن سعد (( الطبقات ))‬
‫(‪ ، )444/1‬وابن اجلارود (‪ ، )388‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪، )1105‬‬
‫اس ‪ :‬أ َّ‬
‫س ٍم َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َن‬ ‫والذهىب (( سري اإلعالم ))(‪ )210/5‬من طرق عن ُش ْعبَةُ َع ِن ا ْحلَ َك ِم َع ْن م ْق َ‬
‫صائِ ٌم ‪.‬‬ ‫ول ِ‬
‫هللا صلَّى هللا َعلَي ِه وسلَّم احتَجم ِابلْ َق ِ‬
‫احة َو ُه َو َ‬
‫َ‬ ‫ْ ََ َ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫قال أبو عبد هللا أمحد بن حنبل ‪ :‬قال حيي بن سعيد ‪ :‬قال شعبة ‪ :‬مل يسمع احلكم من مقسم يعِن‬
‫حديث احلجامة ‪.‬‬
‫وقال ابن أىب حامت (( اجلرح والتعديل ))(‪ (( : )130/1‬أخربان صاحل بن أمحد ان على بن املديِن قال‬
‫‪َ :‬سعت حيي بن سعيد قال ‪ :‬كان شعبة يقول ‪ :‬أحاديث احلكم عن مقسم كتاب إال مخسة أحاديث‬
‫‪ ،‬قلت ‪ :‬ليحي عدها شعبة ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ؛ حديث الوتر ‪ ،‬وحديث القنوت ‪ ،‬وحديث عزمة‬
‫الطالق ‪ ،‬وحديث جزاء مثل ما قتل من النعم ‪ ،‬والرجل يتى امرأته وهى حائض )) ‪ ،‬يعىن ‪ :‬وحديثه‬
‫ىف احلجامة ليس بصحيح ‪.‬‬
‫أثرها ىف حفظ صحته ‪ ،‬ووفور عافيته ‪ ،‬واعتدال طبيعته ومزاجه‬ ‫وكل من يعتاد هذه احلجامة ال خيفاه ُ‬
‫الج إذا طرأ عليه املرض ‪ ،‬وهلذا واظب على‬ ‫وقائى رمبا ال حيتاج معه إىل كثري ع ٍ‬ ‫‪ ،‬فهو يتخذها ٍ‬
‫كنظام ٍ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬
‫فعلها األخيار من اخللق ‪ ،‬ورأسهم رسول هللا َ‬

‫(‪)36/1‬‬

‫وال خيفاك أن أصول طب األبدان ثالثة ‪ :‬حفظ الصحة ‪ ،‬واحلمية عن املؤذيت ‪ ،‬واستفراغ النفايت‬
‫الفاسدة الضارة ‪ .‬وهذه األصول الثالثة مذكورة ىف القرآن الكرمي ذكراً يدهش العقول وحيمل األلباء‬
‫على اجلزم أبنَّه تنزيل رب العاملني ‪ ،‬الذى أرشد عباده إىل معاقد أصول الطب ‪ .‬فأما حفظ الصحة‬
‫يضا أ َْو َعلَى َس َف ٍر فَ ِع َّدةٌ ِم ْن أ ََّيٍم أ َ‬
‫ُخ َر )) ‪ ،‬حيث أابح الفطر‬ ‫ففى آية الصوم (( فَ َم ْن َكا َن ِم ْن ُك ْم َم ِر ً‬
‫للمريض لعذر املرض ‪ ،‬وللمسافر حلفظ صحته وقوته ‪ ،‬لئال يضعفها اجتماع عدم الغذاء وكثرة احلركة‬
‫وشدة حتليل مكوانت البدن ‪.‬‬
‫ص ِعي ًدا طَيِبًا )) ‪ ،‬حيث أابح ملن أتذى‬
‫اء فَـتَـيَ َّم ُموا َ‬ ‫ِ‬
‫وأما احلمية ففى آية التيمم (( فَـلَ ْم َجت ُدوا َم ً‬
‫ابستعمال املاء وخاف الضرر العدول إىل التيمم ابلرتاب الطيب ؛ محيةً جلسده عن املؤذى ‪.‬‬
‫يضا أَو بِ ِه أَذًى ِمن رأْ ِس ِه فَِف ْديةٌ ِمن ِ‬
‫صيَ ٍام أ َْو‬ ‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫وأما استفراغ املؤذى ففى آية احلج (( فَ َم ْن َكا َن م ْن ُك ْم َم ِر ً ْ‬
‫أذى من رأسه من قمل وحنوه ‪ ،‬حلق رأسه‬ ‫ص َدقَ ٍة أَو نُ ٍ‬
‫سك )) ‪ ،‬حيث أابح للمريض ‪ ،‬وملن به ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫حبس‬
‫الستفراغ األخبرة الرديئة احملتقنة حتت الشعر ‪ .‬وهذا واحد من االستفراغات العشر الىت ُحيدث ُ‬
‫داء ضاراً حبسب قوهتا ‪ :‬الدم ‪ ،‬واملىن ‪ ،‬والبول ‪ ،‬والغائط ‪ ،‬والريح ‪ ،‬والقئ ‪ ،‬والعطاس ‪،‬‬ ‫مادهتا ً‬
‫والعرق ‪ ،‬واجلوع ‪ ،‬والظمأ ‪.‬‬

‫(‪)37/1‬‬

‫( الثانية ) احلجامة االضطرارية استفراغاً ملادةٍ ٍ‬


‫مؤذية غليظة قد رسخت ىف عروق البدن ‪ ،‬وأحالته عن‬
‫طبيعته ومزاجه ‪ ،‬وذلك برفق وأمن بعيداً عن نكايت املركبات الدوائية ‪ .‬وهذه حيثما وجد االحتياج‬
‫صلَّى هللا‬‫إليها وجب استعماهلا ‪ ،‬دفعاً للعرض وإزالةً ألثره ‪ ،‬من غري حتديد لوقت معني ‪ ،‬كما احتجم َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم حمرماً صائماً مسافراً ‪ ،‬وكان ذلك هناراً ‪ .‬وأما ابن عباس وأبو موسى األشعرى فكاان‬
‫حيتجمان ابلليل إذا غابت الشمس ‪ ،‬فقد روى أبو رافع قال ‪ :‬دخلت على أِب موسى وهو حيتجم‬
‫ليالً ‪ ،‬فقلت ‪ :‬لوال كان هذا هناراً ‪ ،‬فقال ‪ :‬أأتمرِن أن أهريق دمي وأان صائم ‪ ،‬وقد َسعت رسول هللا‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يقول ‪ (( :‬أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ .‬وقد ذكر أبو بكر اخلالل أن أاب عبد هللا‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫أمحد بن حنبل كان حيتجم أى وقت هاج به الدم ‪ ،‬وأى ساعة كان ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬‫وهذه احلجامة ختتلف مواضعها من البدن ابختالف العلل واألعراض ‪ ،‬وأما احتجامه َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم على‬
‫َو َسلَّ َم ىف وسط رأسه فللشقيقة الىت صدَّعت رأسه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أنَّه احتجم َ‬
‫امتالء دموى ىف موضع األمل ‪ ،‬كما سيأتى بيانه‬ ‫ٍ‬ ‫وركه من وجع كان به ‪ .‬فهى انفعة لكل أٍمل انتج عن‬
‫ىف منافع احلجامة ومواضعها ‪.‬‬
‫بيان فضل احلجامة‬
‫اللهم وأتييدك ‪ ،‬وإرشادك َإيان وتسديدك‬
‫عونك َّ‬

‫(‪)38/1‬‬
‫احلمد هلل ابلعشى واإلشراق ‪ ،‬والصالة والسالم األمتان األكمالن على من وقع على حمبته اإلتفاق ‪،‬‬
‫وطلعت مشوس أنواره يف غاية اإلشراق ‪ ،‬وتفرد ىف ميدان الكمال حبسن اإلستباق ‪ ،‬الناصح األمني‬
‫الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله ‪ ،‬والقدوة املكني الذي اقتدي الفائزون حباله وقوله ‪ ،‬انشر‬
‫ألوية العلوم واملعارف ‪ ،‬ومسدي الفضل لألسالف واخلوالف ‪ ،‬الداعي على بصرية إىل دار السالم ‪،‬‬
‫ص ِدقيِه عن التهافت يف مداحض‬
‫والسراج املنري والبشري النذير علم األئمة األعالم ‪ ،‬اآلخذ حبُ ُج ِز ُم َ‬
‫األقدام ‪ ،‬والتتابع يف مزالت اجلرأة على العصيان واآلاثم ‪.‬‬
‫وبعد ‪..‬‬
‫فإن األحاديث الصحيحة املصرحة بفضل احلجامة ؛ تنبئك عن حرص هادى البشرية ‪ ،‬ورسول‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم على جناة الناس أبمجعهم ىف دينهم ودنياهم ‪ ،‬فهو آخذ حبُ ُجزهم عن‬ ‫اإلنسانية َ‬
‫ول ِم ْن أَنْـ ُف ِس ُك ْم َع ِز ٌيز َعلَْي ِه َما‬
‫موارد التلف ‪ ،‬ودركات اهلالك ‪ ،‬كما قال هللا تعاىل (( لََق ْد َجاءَ ُك ْم َر ُس ٌ‬
‫يم )) ‪.‬‬ ‫عنِتُّم ح ِريص علَي ُكم ِابلْم ْؤِمنِني رء ٌ ِ‬
‫وف َرح ٌ‬ ‫َ ْ َ ٌ َ ْ ْ ُ َ َُ‬

‫(‪)39/1‬‬

‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫وىف (( الصحيحني )) من حديث أىب الزاند عن األعرج عن أىب هريرة أن رسول هللا َ‬
‫اش‬
‫ت َما َح ْولَهُ ؛ َج َع َل الْ َف َر ُ‬ ‫اء ْ‬
‫َض َ‬
‫استَـ ْوقَ َد َان ًرا ‪ ،‬فَـلَ َّما أ َ‬ ‫َّاس َك َمثَ ِل َر ُج ٍل ْ‬ ‫َو َسلَّ َم قال ‪ (( :‬إِ َّمنَا َمثَلِي َوَمثَ ُل الن ِ‬
‫آخ ُذ‬‫يها ‪ ،‬فَ َج َع َل يَـ ْن ِز ُع ُه َّن َويَـغْلِ ْبـنَهُ ‪ ،‬فَـيَـ ْقتَ ِح ْم َن فِي َها ‪ ،‬فَأ ََان ُ‬ ‫ِ‬
‫اب الَِِّت تَـ َق ُع ِيف النَّا ِر يَـ َق ْع َن ف َ‬
‫َّو ُّ‬ ‫ِِ‬
‫َو َهذه الد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يها )) ‪ ،‬وفيهما من حديث بريد بن عبد هللا عن أىب بردة عن‬ ‫ِحبُ َج ِزُك ْم َع ِن النَّا ِر ‪َ ،‬وأَنْـتُ ْم تَـ ْقتَح ُمو َن ف َ‬
‫ال ‪ (( :‬إِ َّمنَا َمثَلِي َوَمثَ ُل َما بَـ َعثَِِن هللاُ بِ ِه َك َمثَ ِل َر ُج ٍل أَتَى‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫َّب َ‬ ‫أىب موسى َع ِن النِ ِ‬
‫اعهُ طَائَِفةٌ ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ‪ ،‬فَأَطَ َ‬ ‫ِن َوإِِِن أ ََان النَّذ ُير الْ ُع ْرَي ُن ‪ ،‬فَالن َ‬
‫َّج َ‬ ‫ش بِ َع ْي ََّ‬‫ت ا ْجلَْي َ‬ ‫ال ‪َ :‬ي قَـ ْوم إِِِن َرأَيْ ُ‬ ‫قَـ ْوًما ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ِ‬ ‫قَـ ْوِم ِه فَأَ ْد َجلُوا ‪ ،‬فَانْطَلَ ُقوا َعلَى َم َهلِ ِه ْم فَـنَ َج ْوا ‪َ ،‬وَك َّذبَ ْ‬
‫صبَّ َح ُه ُم‬
‫َصبَ ُحوا َم َك َاهنُ ْم ‪ ،‬فَ َ‬‫ت طَائَِفةٌ م ْنـ ُه ْم فَأ ْ‬
‫ب ِمبَا‬ ‫ص ِاِن َوَك َّذ َ‬ ‫ت بِه ‪َ ،‬وَمثَ ُل َم ْن َع َ‬
‫اع ِِن فَاتَّـبع ما ِج ْئ ُ ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ك َمثَ ُل َم ْن أَطَ َ‬ ‫اح ُه ْم ‪ ،‬فَ َذلِ َ‬ ‫اجتَ َ‬‫ش فَأ َْهلَ َك ُه ْم َو ْ‬‫ا ْجلَْي ُ‬
‫ت بِ ِه ِم َن ا ْحلَ ِق )) ‪.‬‬ ‫ِج ْئ ُ‬
‫وهاك طائفة من صحاح األحاديث املصرحة بفضل احلجامة ‪:‬‬
‫صلَّى هللا‬ ‫َّب َ‬ ‫ال النِ ُّ‬
‫وخ ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف الْيَافُ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫َن أ ََاب ِه ْن ٍد َح َج َم النَِّ َّ‬ ‫(‪َ )15‬ع ْن أَِِب ُه َريْـ َرةَ ‪ :‬أ َّ‬
‫ال ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْي ٍء َِمَّا‬
‫اضةَ أَنْ ِك ُحوا أ ََاب ِه ْن ٍد ‪َ ،‬وأَنْ ِك ُحوا إِلَْي ِه )) ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪َ (( :‬ي بَِِن بَـيَ َ‬
‫ري فَا ْحلِ َج َامةُ )) ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫تَ َد ُاوو َن به َخ ٌْ‬

‫(‪)40/1‬‬

‫صلَّى‬ ‫ال ‪ :‬احتجم رس ُ ِ‬ ‫ال ‪ :‬سئِل أَنَس بْن مالِ ٍ‬ ‫ٍ‬


‫ول هللا َ‬ ‫ب ا ْحلَ َّج ِام ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫ك َع ْن َك ْس ِ‬ ‫(‪َ )16‬عن ُمحَيْد قَ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ضعوا َع ْنهُ ِمن َخر ِ‬
‫اج ِه‬ ‫هللا علَي ِه وسلَّم ‪ ،‬حجمه أَبو طَيـبةَ ‪ ،‬فَأَمر لَه بِصاع ِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ني م ْن طَ َع ٍام ‪َ ،‬وَكلَّ َم أ َْهلَهُ ‪ ،‬فَـ َو َ ُ‬ ‫ََ ُ َ َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َْ‬
‫ض َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ا ْحلِ َج َامةُ أ َْو ُه َو ِم ْن أ َْمثَ ِل َد َوائِ ُك ْم )) ‪.‬‬
‫ال ‪ (( :‬إِ َّن أَفْ َ‬
‫‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ــــ‬
‫(‪ )15‬حسن ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ ، )3857،2102‬وابن ماجه (‪ ، )3476‬وأبو يعلى‬
‫(‪ ، )5911/318/10‬وابن حبان (‪ ، )4067‬وابن عدى (( الكامل ))(‪ ، )263/2‬والطرباىن ((‬
‫الكبري )) (‪ ، )808/321/22‬والدارقطىن (‪ ، )204/300/3‬واحلاكم (‪ ، )454/4‬والبيهقى ((‬
‫الكربى )) (‪ )339/9‬من طرق عن محاد بن سلمة عن حممد بن عمرو بن علقمة عن أىب سلمة عن‬
‫أىب هريرة به ‪.‬‬
‫قال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لكن يستغرب رفعه ‪ ،‬فإنه مل يرويه مرفوعا هكذا عن حممد بن عمرو غري محاد ‪ ،‬وخالفه عبد‬
‫العزيز ابن حممد الداروردى فرواه عن ابن عمرو عن أىب سلمة عن النىب صلَّى هللا عليه وسلَّم مرسالً‬
‫‪ .‬ولكن يشهد للمرفوع األحاديث الصحاح ىف فضل احلجامة ‪ ،‬وأمثلها حديث أنس التاىل ‪.‬‬
‫(‪ )16‬صحيح ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ ، )242/10‬والرتمذى (‪ )1278‬و(( الشمائل ))(‪، )361‬‬
‫والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )131/4‬وابن اجلوزى (( التحقيق ))(‪ )1587‬من طرق عن‬
‫إَساعيل بن جعفر عن محيد عن أنس به ‪.‬‬

‫(‪)41/1‬‬

‫واتبعه عن محيد ‪ :‬مالك بن أنس ‪ ،‬وشعبة ‪ ،‬والثورى ‪ ،‬وعبد العزيز بن أىب سلمة ‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫املبارك ‪ ،‬ومروان الفزارى ‪ ،‬وعبد الوهاب بن عبد اجمليد الثقفى ‪ ،‬ويزيد بن زريع ‪ ،‬ويزيد بن هارون ‪،‬‬
‫وحيي بن سعيد القطان ‪ ،‬وعبد هللا ابن بكر السهمى ‪ .‬مع اختالف يسري فيما أعطاه ‪ ،‬فأكثرهم‬
‫يقول (( صاعني من طعام )) كقول إَساعيل بن جعفر ‪ ،‬ومالك وحيي بن سعيد يقوالن (( فأمر له‬
‫ص ٍاع أ َْو‬ ‫ني )) ‪ ،‬وشعبة يقول (( َوأ ََم َر لَهُ بِ َ‬ ‫اع ْ ِ‬
‫صَ‬ ‫ص ٍاع أ َْو َ‬ ‫بصاع من طعام )) ‪ ،‬والثورى يقول (( فَأ ََم َر لَهُ بِ َ‬
‫ني أ َْو ُم ٍد أ َْو ُمدَّيْ ِن )) ‪.‬‬‫اع ْ ِ‬
‫صَ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الش َفاءُ ِيف ثَالثٍَة ‪ِ :‬يف َش ْرطَ ِة ْحم َج ٍم أ َْو‬
‫ال ‪ِ (( :‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫اس َع ِن النِ ِ‬ ‫(‪ )17‬وع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َّب َ‬
‫س ٍل ‪ ،‬أ َْو َكيَّ ٍة بِنَا ٍر ‪َ ،‬وأ ََان أ َْهنَى أ َُّم ِِت َع ِن الْ َك ِي )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َش ْربَة َع َ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْي ٍء ِم ْن‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫َّب َ‬
‫(‪ )18‬وعن جابِ ِر ب ِن عب ِد ِ‬
‫هللا ََِس ْع ُ‬
‫ت النِ َّ‬ ‫ْ َ ْ َْ‬
‫أَ ْد ِويتِ ُكم َخري ‪ ،‬فَِفي َشرب ِة عس ٍل ‪ ،‬أَو َشرطَ ِة ِحمْج ٍم ‪ ،‬أَو لَ ْذع ٍة ِمن َان ٍر وما أ ِ‬
‫ي )) ‪.‬‬ ‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬
‫ُح ُّ‬ ‫َ ْ َ ْ ََ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ْ ٌْ‬

‫(‪)42/1‬‬

‫ملسلم وأىب يعلى ‪ :‬عن عاصم بن عمر بن قتادة قال ‪ :‬جاء َان جابِر بن عب ِد ِ‬
‫هللا ِيف أ َْهلِنَا ‪،‬‬ ‫وىف رواية ٍ‬
‫َ َ َ ُ ْ ُ َْ‬
‫ال ‪َ :‬ي‬ ‫اج ِِب قَ ْد َش َّق َعلَ َّي ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال ‪ُ :‬خ َر ٌ‬ ‫ال ‪َ :‬ما تَ ْشتَ ِكي ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫احا ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ورجل ي ْشتَ ِكي ُخر ِ ِ‬
‫اجا بِه أ َْو ج َر ً‬ ‫َ ً‬ ‫ََُ ٌ َ‬
‫ال ‪ :‬و ِ‬
‫هللا إِ َّن‬ ‫ال ‪ :‬أُ ِري ُد أَ ْن أ ِ ِ ِ ِ‬ ‫صنَ ُع ِاب ْحلَ َّج ِام ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫الم ائْتِ ِِن ِحبَ َّج ٍام ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ُعل َق فيه ْحم َج ًما ‪ ،‬قَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال لَهُ ‪َ :‬ما تَ ْ‬ ‫غُ ُ‬
‫ال ‪ :‬إِِِن‬‫ك ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ربَمهُ ِم ْن ذَلِ َ‬
‫ش ُّق َعلَ َّي ‪ ،‬فَـلَ َّما َرأَى تَ َُّ‬‫ب فَـيُـ ْؤ ِذ ِيِن َويَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب لَيُصيبُِِن ‪ ،‬أ َْو يُصيبُِِن الثـ َّْو ُ‬ ‫ُّ‬
‫الذ َاب َ‬
‫ول ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْي ٍء ِم ْن أَ ْد ِويَتِ ُك ْم َخ ْريٌ ‪ ،‬فَِفي َش ْرطَ ِة‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ََس ْع ُ َ ُ‬
‫ِ‬
‫اء ِحبَ َّج ٍام فَ َ‬ ‫ِ ْحمج ٍم ‪ ،‬أَو َشرب ٍة ِمن عس ٍل ‪ ،‬أَو لَ ْذع ٍة بِنا ٍر ‪ ،‬وما أ ِ‬
‫ش َرطَهُ‬ ‫ال ‪ :‬فَ َج َ‬ ‫ي )) ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬ ‫ُح ُّ‬ ‫ْ َ َ ََ‬ ‫َ ْ َْ ْ َ َ‬
‫ب َع ْنهُ َما َِجي ُد ‪.‬‬ ‫فَ َذ َه َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْي ٍء ِش َفاءٌ ‪:‬‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬ ‫وعن ُم َعا ِويَةَ بْ ِن ُح َديْ ٍج قَ َ‬
‫(‪ْ )19‬‬
‫صيب أَلَما ‪ ،‬وما أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي )) ‪.‬‬ ‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬
‫ُح ُّ‬ ‫س ٍل ‪ ،‬أ َْو َكيَّة بِنَا ٍر تُ ُ ً َ َ‬ ‫فَفي َش ْرطَة م ْن ْحم َج ٍم ‪ ،‬أ َْو َش ْربَة م ْن َع َ‬
‫ــــ‬
‫(‪ )17‬صحيح ‪ .‬أخرجه البخارى (‪ .9/4‬سندى ) ‪ ،‬وابن ماجه (‪ ، )3491‬والبيهقى (( الكربى ))‬
‫(‪ ، )341/9‬وابن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ ، )349/24‬واخلطيب (( الكفاية ىف علم الرواية‬
‫))(ص‪ ، )415‬وابن عساكر (( اتريخ دمشق ))(‪ ، )300/57‬واملزى (( هتذيب الكمال‬
‫))(‪ ، )167/10‬والذهىب (( سري األعالم ))(‪ )465/15‬من طرق عن أمحد بن منيع وسريج بن‬
‫يونس قاال حدثنا مروان بن شجاع اجلزرى عن سامل األفطس عن سعيد بن جبري عن ابن عباس‬
‫مرفوعا به ‪.‬‬

‫(‪)43/1‬‬
‫قال احلافظ أبو احلجاج املزى ‪ (( :‬هذا حديث عزيز من أفراد الصحيح ‪ ،‬ال نعرفه إال من رواية‬
‫مروان بن شجاع اجلزري عن سامل األفطس ‪ ،‬وقد وقع لنا عاليا من رواية أمحد بن منيع عنه )) ‪.‬‬
‫(‪ )18‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )23685/59/5‬وأمحد (‪ ، )343/3‬والبخارى‬
‫(‪ .11،9/4‬سندى ) ‪ ،‬ومسلم (‪ ، )192،191/14‬وأبو يعلى (‪ ، )2100‬والطحاوى (( شرح‬
‫املعاىن ))(‪ ، )322/4‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ ، )341/9‬واخلطيب (( اتريخ بغداد ))(‪ )96/7‬من‬
‫طرق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جابر بن عبد هللا به‬
‫(‪ )19‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد واللفظ له (‪ ، )401/6‬والنسائى (( الكربى ))(‪، )7603/378/4‬‬
‫والطرباىن (( الكبري )) (‪ )1044/430/19‬و(( األوسط ))(‪ )9337‬مجيعا من طريق سعيد بن أِب‬
‫أيوب حدثِن يزيد بن أِب حبيب عن سويد بن قيس التجيب عن معاوية بن حديج به ‪.‬‬
‫أحاديث هذا الباب من بدائع وآيت الطب النبوى ‪ ،‬وفيها من روائع احلكمة ودقائق املعرفة ما‬
‫أعجز أمهر األطباء عن الوصول إليها ‪ ،‬ومل يسعهم إال التسليم لدالئلها والعمل بدالالهتا ‪ ،‬واإلذعان‬
‫أبن نسبة طبهم إليها كنسبة طب العجائز إىل طبهم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ري ‪:‬‬‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم قوله ‪ (( :‬إِ ْن َكا َن ِيف َش ْيء م ْن أَ ْد ِويَت ُك ْم َخ ٌْ‬ ‫وهل يؤثر عن أحد كما يؤثر عنه َ‬
‫ي )) ؟ ‪ ،‬فإنه من أروع‬ ‫س ٍل ‪ ،‬أ َْو َش ْرطَ ِة ِحمْ َج ٍم ‪ ،‬أ َْو لَ ْذ َع ٍة ِم ْن َان ٍر ‪َ ،‬وَما أ ُِح ُّ‬
‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬
‫ِ‬
‫فَفي َش ْربَة َع َ‬
‫ِ‬
‫التقاسيم وأحسنها للداللة على مجيع ضروب التداوى وطرق املعافاة ‪ ،‬ويشبهه ىف روعة التقسيم ‪،‬‬
‫اء َش ًّرا‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم (( َما َمأل ابْ ُن َ‬
‫آد َم ِو َع ً‬ ‫ولكن للداللة على احلمية والوقاية من األدواء قوله َ‬ ‫ْ‬
‫ث َشر ٍ‬ ‫صلْبَهُ ‪ ،‬فَِإ ْن َكا َن ال َحمَالَةَ ‪ ،‬فَـثُـلُ ُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ‪،‬‬ ‫ث طَ َعام ‪َ ،‬وثُـلُ ُ َ‬ ‫الت يُق ْم َن ُ‬ ‫آد َم أُ ُك ٌ‬ ‫ب ابْ ِن َ‬ ‫م ْن بَطْ ٍن ‪َ ،‬ح ْس ُ‬
‫ث لِنَـ ْف ِس ِه ))(‪. )1‬‬ ‫َوثُـلُ ٌ‬

‫(‪)44/1‬‬

‫قال شيخ اإلسالم أبو زكري النووى (( شرح مسلم ))(‪ (( : )194/14‬فهذا من بديع الطب عند‬
‫أهله ‪ ،‬ألن األمراض االمتالئية ‪ :‬دموية أو صفراوية أو سوداوية أو بلغمية ‪ ،‬فإن كانت دموية‬
‫فشفاؤها إخراج الدم ‪ ،‬وإن كانت من الثالثة الباقية ‪ ،‬فشفاؤها ابإلسهال ابملسهل الالئق لكل خلط‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ابلعسل على املسهالت وابحلجامة على إخراج الدم هبا ‪ .‬وذكر‬
‫منها ‪ ،‬فكأنه نبه َ‬
‫صلَّى هللا‬
‫الكى ألنه يستعمل عند عدم نفع األدوية املشروبة وحنوها ‪ ،‬فآخر الطب الكى ‪ .‬وقوله َ‬
‫علَي ِه وسلَّم (( وما أ ِ‬
‫ي )) إشارة اىل أتخري العالج ابلكى ‪ ،‬حىت يضطر إليه ‪ ،‬ملا فيه من‬ ‫ب أَ ْن أَ ْكتَ ِو َ‬
‫ُح ُّ‬ ‫َ ْ َ َ َ ََ‬
‫استعمال األمل الشديد ىف دفع أٍمل قد يكون أضعف من أمل الكى )) اهـ ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وطب األطباء أبسرهم ‪،‬‬
‫وهاهنا جتدر اإلشارة إىل الفرق البعيد املغزى بني طبه َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم متيقن قطعى إهلى ‪ ،‬مأخوذ من الوحى املتلقى عن هللا ‪ ،‬فإنه‬ ‫فإن طب الن ِ‬
‫َّىب َ‬
‫صلَّى هللا َعلَي ِه وسلَّم (( ال ينطق عن اهلوى إن هو إال وحى يوحى )) ‪ ،‬وهو مع هذا م ٍ‬
‫ؤد إىل اخللق‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬
‫سهل رقراق ‪ ،‬ال تعقيد فيه وال غموض ‪.‬‬ ‫كافة ىف أسلوب ٍ‬
‫ــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )132/4‬والطرباىن (( مسند الشاميني ))(‪، )1376،1375‬‬
‫والبيهقى (( شعب اإلميان ))(‪ )28/5‬ثالثتهم عن سليمان بن سليم الكالعى ‪ ،‬وابن املبارك (( الزهد‬
‫))(‪ ، )603‬والرتمذى (‪ ، )2380‬والقضاعى (( مسند الشهاب ))(‪ )1340‬ثالثتهم عن سليمان‬
‫بن سليم وحبيب بن صاحل ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))(‪ ، )6770/178/4‬وابن سعد (( الطبقات‬
‫))(‪ )409/1‬كالُها عن معاوية ابن صاحل ‪ ،‬ثالثتهم ـ سليمان وحبيب ومعاوية ـ عن حيي بن جابر‬
‫الطائى عن املقدام به ‪.‬‬
‫وقال أبو عيسى ‪ (( :‬هذا حديث حسن صحيح )) ‪.‬‬

‫(‪)45/1‬‬

‫حجاب قلبه ‪ ،‬وطمست بصريته ‪ ،‬عن‬ ‫ُ‬ ‫وال يُنكر انصراف كثري من جهال البشر ورعاعهم ‪َ ،‬من غلظ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم من طاعة هللا خالق‬
‫االنتفاع بطب النبوة ‪ ،‬فإنه إمنا ينتفع به من علم أن طاعته َ‬
‫الداء والدواء ‪ ،‬ومدبر النفوس ومنشئها ‪ ،‬فكما ال ينتفع املنافقون ابلقرآن ‪ ،‬بل يزيدهم رجساً على‬
‫رجسهم ‪ ،‬كما قال تعاىل (( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إمياان * فأما الذين‬
‫آمنوا فزادهتم إمياان وهم يستبشرون * وأما الذين يف قلوهبم مرض فزادهتم رجسا إىل رجسهم وماتوا‬
‫وهم كافرين )) ‪ ،‬وكما قال تعاىل (( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين ال يؤمنون يف آذاهنم وقر‬
‫وهو عليهم عمى )) ‪ ،‬وكما قال تعاىل (( وننزل من القرآن ما هو شفاء للمؤمنني وال يزيد الظاملني إال‬
‫خسارا )) ‪ ،‬فكذلك طب النبوة إمنا ينتفع به من تلقاه ابلقبول والتسليم ‪ ،‬واليقني والتفويض ‪،‬‬
‫وصحة االعتقاد حبصول الشفاء به ‪.‬‬
‫وإعراض أكثر الناس عن طب النبوة كإعراضهم عن االستشفاء ابلقرآن ‪ ،‬وليس ذلك إال من خبث‬
‫الطبائع ‪ ،‬وغلبة الفساد ‪ ،‬وضعف اليقني ‪ ،‬وصدق هللا العظيم إذ يقول (( إمنا يستجيب الذين‬
‫يسمعون )) ‪ ،‬وقال تعاىل (( ومن يهن هللا فما له من مكرم )) ‪ .‬وَما يذكر هاهنا من روائع اإلقتداء‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ابحلجامة وإعطائه احلجام أجره ‪ ،‬ما رواه أبو بكر‬
‫هبدى النبوة ‪ ،‬سيما ىف تطببه َ‬
‫أمحد بن حممد بن هارون اخلالل ان أبو بكر املروذي قال ‪ :‬قال ِل أمحد بن حنبل ‪ :‬ما كتبت حديثاً‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫احلديث (( َّ‬
‫أن النب َ‬ ‫ُ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إال وقد عملت به ‪ ،‬حىت َّ‬
‫مر ِب‬ ‫َّب َ‬
‫عن الن ِ‬
‫َو َسلَّ َم احتجم ‪ ،‬وأعطى أاب طيبة ديناراً )) ‪ ،‬فأعطيت احلجام ديناراً حني احتجمت ‪.‬‬

‫(‪)46/1‬‬

‫ومن احلقائق الثابتة الىت ال جيحدها إال ملحد أو مكابر ‪ ،‬أن ىف طب النبوة من األدوية القلبية‬
‫والروحانية ‪ ،‬كالتفويض واإلانبة ‪ ،‬والتوبة واالستغفار ‪ ،‬والتذلل واالنكسار ‪ ،‬والتواضع والرضا ‪،‬‬
‫والدعاء والتضرع ‪ ،‬من التأثري املعجز ىف الشفاء ‪ ،‬ما ال يدركه طب الطرائقني وأدويتهم ‪ ،‬فتبارك‬
‫القائل وهو أصدق القائلني (( سنريهم آيتنا ىف اآلفاق وىف أنفسهم حىت يتبني هلم أنه احلق أو مل‬
‫يكف بربك أنه على كل ش ٍئ شهيد )) ‪.‬‬
‫س ٍل ‪ ،‬أ َْو َكيَّ ٍة بِنَا ٍر )) فإن كان ظاهره‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وأما قوله (( الش َفاءُ ِيف ثَالثَة ‪ِ :‬يف َش ْرطَة ْحم َج ٍم ‪ ،‬أ َْو َش ْربَة َع َ‬
‫العموم ‪ ،‬فإنه غري مراد مطلقاً ‪ ،‬بل جاء كأصل ىف عالج األمراض املادية ‪ ،‬وكأنه أراد أن الشفاء هلذه‬
‫رديئة ىف هذه الثالثة ‪.‬‬ ‫األمراض املادية املتسببة عن مادة ٍ‬
‫قال العالمة ابن القيم (( الطب النبوى ))(ص‪ (( : )42‬قال بعض األطباء ‪ :‬األمراض املزاجية إما أن‬
‫تكون مبادة أو بغري مادة ‪ .‬واملادية منها ‪ :‬إما أن تكون حارة ‪ ،‬أو ابردة ‪ ،‬أو رطبة ‪ ،‬أو يبسة ‪ ،‬أو ما‬
‫تركب منها ‪ .‬وهذه الكيفيات األربع ‪ ،‬منها كيفيتان فاعلتان ‪ :‬وُها احلرارة والربودة ‪ ،‬وكيفيتان‬
‫منفعلتان ‪ :‬وُها الرطوبة واليبوسة ‪ .‬ويلزم من غلبة إحدى الكيفيتني الفاعلتني استصحاب كيفية‬
‫منفعلة معها ‪ .‬وكذلك لكل واحد من األخالط املوجودة ىف البدن ‪ ،‬وسائر املركبات كيفيتان ‪ :‬فاعلة‬
‫ومنفعلة ‪.‬‬

‫(‪)47/1‬‬
‫فحصل من ذلك أن أصل األمراض املزاجية هى التابعة ألقوى كيفيات األخالط الىت هى احلرارة‬
‫والربودة ‪ ،‬فجاء كالم النبوة ىف أصل معاجلة األمراض احلارة والباردة على سبيل التمثيل ‪ .‬فإن كان‬
‫املرض حاراً عاجلناه إبخراج الدم ‪ ،‬ابلفصد كان أو ابحلجامة ‪ ،‬ألن ىف ذلك استفراغاً للمادة وتربيداً‬
‫للمزاج ‪ .‬وإن كان ابرداً عاجلناه ابلتسخني ‪ ،‬وذلك موجود ىف العسل ‪ ،‬فإن كان حيتاج مع ذلك إىل‬
‫استفراغ املادة الباردة ‪ ،‬فالعسل أيضاً يفعل ذلك ‪ ،‬ملا فيه من قوة اإلنضاج ‪ ،‬والتقطيع ‪ ،‬والتلطيف ‪،‬‬
‫واجلالء ‪ ،‬والتليني ‪ ،‬فيحصل بذلك استفراغ للمادة برفق وأمن من نكاية املسهالت القوية ‪ .‬وأما‬
‫الكى ‪ :‬فألن كل واحد من األمراض املادية ‪ :‬إما أن يكون حاداً ‪ ،‬فيكون سريع اإلفضاء ألحد‬
‫الطرفني ‪ ،‬فال حيتاج إليه ‪ ،‬وإما أن يكون مزمناً ‪ ،‬وأفضل عالجه بعد استفراغ مادته الكى ‪ ،‬ألنه ال‬
‫يكون مزمناً إال عن مادة ابردة غليظة قد رسخت ىف العضو ‪ ،‬وأفسدت مزاجه ‪ ،‬وأحالت مجيع ما‬
‫يصل إليه إىل مشاهبة جوهرها ‪ ،‬فيشتعل ىف ذلك العضو ‪ ،‬فيستخرج ابلكى تلك املادة من ذلك‬
‫املكان الذى هو فيه إبفناء اجلزء النارى املوجود ابلكى لتلك املادة ‪.‬‬
‫فتعلمنا هبذا احلديث أصل معاجلة األمراض املادية مجيعها ‪ ،‬كما استنبطنا معاجلة األمراض الساذجة‬
‫وها ِابل َْم ِاء )) اهـ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬ ‫من قوله َ َّ‬
‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم (( إ َّن ش َّد َة ا ْحلُ َّمى م ْن فَـ ْي ِح َج َهن َ‬
‫َّم ‪ ،‬فَابْـ ُر ُد َ‬

‫(‪)48/1‬‬

‫وأما احلجامة ‪ ،‬وهى استفراغ للدم املتجمع ىف نواحى اجللد من مسامه الدقيقة أو اخلدوش البسيطة‬
‫مبشرط احلجام ‪ ،‬فلها ىف ترويق الدم وتصفيته من الشوائب واألخالط والنفايت ‪ ،‬ما للنار ىف احلديد‬
‫من تصفية جوهره ‪ ،‬ونفى خبثه ‪ ،‬فهى أشبه األشياء ابلكري الذى ينفى خبث احلديد ‪ .‬فهى أنفع‬
‫العالجات للقلب وجهازه الدورى ‪ ،‬مبا ختلصه من املواد الرديئة والنفايت اللزجة الىت رمبا أحدثت‬
‫جتديد وتعويض لكمياته املستنزفة ‪ ،‬بل ولكل أجهزة البدن كالكلى‬ ‫سدداً جملراه ‪ ،‬ومبا تستحثه من ٍ‬
‫والعظام واملناعة ‪ .‬وهى مع هذا كله أشد أمناً من الفصد ‪ ،‬وخاصة للعروق الىت ال ميكن فصدها ٍ‬
‫حبال‬
‫‪ ،‬وبسط هذه املعاىن سريد ذكرها ىف ابب احلجامة ىف الطب احلديث ‪.‬‬
‫إيضاح وبيان‬
‫تفاع ىف‬
‫ابحلجامة ميكن إعادة الدم إىل نصابه الطبيعى واألمثل ‪ ،‬وتنشط الدورة الدموية دون ار ٍ‬
‫الضغط ‪ ،‬وتستعيد أعضاء البدن كلها نشاطها وحيويتها ‪ ،‬فيما يعرف ىف الطب احلديث بتنشيط‬
‫وظائف األعضاء ‪ ،‬وينشط اجلسم كله ليقاوم األمراض ‪ ،‬وميد صاحبه ابلصحة وموفور العافية ‪.‬‬
‫ذكر صاحب كتاب (( احلجامة الدواء العجيب )) عن الشيخ حممد أمني شيخو قوله ‪ (( :‬إن زيدة‬
‫الدم الفاسد(‪ )1‬واهلرم ىف جسم الرجل البالغ ‪ ،‬الذى ختطى سن العشرين ‪ ،‬إثر توقف النمو ‪،‬‬
‫ينعكس سلباً يتمركزه ىف أهدأ منطقة ىف اجلسم ‪ ،‬وهى الظهر ـ ىف الكاهل ـ ‪ ،‬فإذا ما ازدادت‬
‫الكريت اهلرمة سببت عرقلة عامة لسرين الدم ىف اجلسم ‪ ،‬وأدى ذلك إىل شبه ٍ‬
‫شلل بعمل الكريت‬
‫الفتية ‪ ،‬وابلتاىل يصبح اجلسم بضعفه عرضةً وفريسةً سهلة لألمراض ‪.‬‬
‫فإذا احتجم املرء أعاد الدم إىل نصابه ‪ ،‬وأزال الفاسد منه ‪ ،‬وزال الضغط عن اجلسم ‪ ،‬فاندفع الدم‬
‫النقى العامل من الكريت احلمراء الفتية ‪ ،‬ليغذى اخلالي واألعضاء كلها ‪ ،‬ويزيل عنها الرواسب‬
‫الضارة والفضالت وغاز الفحم والبولينا ‪ ،‬وغريها ‪ ،‬فينشط اجلسم ‪ ،‬وتزول األمراض ‪ ،‬ويرفل املرء‬
‫ابلصحة والعافية )) اهـ ‪.‬‬

‫(‪)49/1‬‬

‫هبذا التقرير الواىف ‪ ،‬والبيان الشاىف ‪ُ ،‬كشف النقاب عن األصول العلمية الدقيقة لتأثري احلجامة على‬
‫ٍ‬
‫بتعاون‬ ‫الدم واجلهاز الدورى ‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من نشاط سائر أجهزة البدن ‪ ،‬والىت تعمل‬
‫وانسجام اتمني مع الدم ‪ :‬كالكبد والطحال والكلى والعظام ‪.‬‬
‫وجل هلذا الشيخ فريقاً من أكابر أطباء سوري املتخصصني ىف أدق فروع الطب‬
‫عز َّ‬
‫ولقد سخر هللا َّ‬
‫اإلنساىن ‪ ،‬والذين اقتنعوا بنظريته وأتصيالته الدقيقة ىف تطبيقات احلجامة بنوعيها ‪ :‬الوقائية‬
‫والعالجية ‪ ،‬فأمثر هذا التعاون اجلاد نتائج ابهرًة أدهشت عقول أكابر أطباء الدنيا املعاصرين ‪،‬‬
‫وجعلت الدوائر الطبية العاملية تتجه أبنظارها إىل سوري لإلطالع على نتائج هذه اجلهود املثمرة ‪،‬‬
‫ونقلتها إىل بالدها وأوصت بتطبيقها ىف جماالت الطب البديل والتكميلى ‪.‬‬
‫يقول األستاذ الدكتور سعد خملص يعقوب ؛ أستاذ أنظمة إيصال الدواء إىل اجلسم جبامعة عمان ‪(( :‬‬
‫ٍ‬
‫ووسيلة أثبتت َمارستها الصحيحة واجليدة بظروفها وشروطها لكل ما أيدته‬ ‫احلجامة كطر ٍ‬
‫يقة‬
‫األحاديث الصحيحة ‪ ،‬الىت عربت عن جناح هذه الوسيلة ىف معاجلة كثري من احلاالت املرضية ‪ ،‬أو‬
‫الوقاية منها ‪ ،‬بنتائج إجيابية ملموسة لتخليص الدم من بعض محولته من العناصر السمية النامجة عن‬
‫االضطراب واخللل الوظيفى لألعضاء ‪ ،‬أو االختالطات املرضية الىت يسببها وصول بعض السموم‬
‫الداخلية أو اخلارجية إىل األعضاء السليمة من اجلسم ‪ ،‬فتكون احلجامة إحدى التدابري الناجحة‬
‫لعالج بعض أمراض الدم واألمراض اإلنتانية ‪ ،‬ولتجديد نشاطه وفعاليته ليبعث ىف اجلسم‬
‫من جديد كوامن القدرة والطاقة ‪ ،‬فتقيه أو تشفيه من أمراض جهاز اهلضم والتغذية واالستقالب‬
‫وتغريات الضغط ‪ ،‬وأمراض األوعية والقلب والكبد ‪ ،‬واألمراض العصبية ‪ ،‬والشقيقة والصداع )) ‪.‬‬
‫ــــ‬

‫(‪)50/1‬‬

‫(‪ )1‬الدم الفاسد يراد به هذا الدم احملتوى على نسبة عالية من الكريت احلمر اهلرمة وأشباحها‬
‫وأشكاهلا الشاذة ‪ ،‬والىت تعوق الدم ىف جرينه ووظيفته احليوية ‪ ،‬حيث يصعب عليها مع ما يرتاكم‬
‫معها من الشوائب والسموم الغذائية ؛ متابعة الدوران الدقيق ‪ ،‬فتحط رحاهلا ىف املناطق األقل حركة‬
‫ونشاطاً ‪ ،‬خاصة مع هدوء الدورة الدموية أثناء النوم ‪ ،‬وهكذا حىت يرتكز غالبها ىف منطقة الكاهل‬
‫من الظهر ‪ ،‬ولعلك هبذا تعلم أُهية هذه املنطقة ىف التخلص من الدم الفاسد املرتاكم فيها بكثرة ‪.‬‬
‫فهذه إحدى شهادات األطباء املتخصصني ىف أدق أفرع الطب العالجى والصيدالنيات ‪ ،‬توافق ما‬
‫انطوت عليه األحاديث املصرحة بفضل احلجامة من معاىن ودالالت خفية ‪ ،‬آمن هبا املوقنون بصدق‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فيما أرشد إليه أمته ‪ ،‬بل والبشرية أبسرها ‪ ،‬من صالح أبداهنم‬
‫رسول اإلنسانية َ‬
‫‪ ،‬وعالج أمراضهم ‪ ،‬ووفور عافيتهم ‪ ،‬قبل تقدم املعارف الطبية والعالجية أبربعة عشر قرانً ‪ ،‬بل وىف‬
‫نواميس تشريعاته الطبية والوقائية ما مل يهتد إىل حكمته أكابر أساتذهتم وعمدائهم ‪ ،‬ومل تصل إليه‬
‫علومهم وجتارهبم وأقيستهم ‪ ،‬من أدوية القلوب واألرواح والنفوس ‪ ،‬والىت جرهبا املؤمنون املوقنون ‪،‬‬
‫فوجدوا هلا من التأثري ىف الشفاء ما أذهل عقول أعلم األطباء ‪.‬‬
‫بيان أوقات احلجامة‬
‫بيان أوقات احلجامة‬
‫س ْب َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وتِ ْس َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪َ (( :‬م ِن ْ‬
‫احتَ َج َم ل َ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬‫(‪َ )20‬ع ْن أَِِب ُه َريْـ َرةَ قَ َ‬
‫اء ِم ْن ُك ِل َد ٍاء )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وإِ ْح َدى َوع ْش ِر َ‬
‫ين َكا َن ش َف ً‬

‫(‪)51/1‬‬

‫هذا احلديث أصل ىف أمثل أوقات احلجامة االعتيادية ‪ ،‬وهو الربع الثالث من أرابع الشهر القمرى ‪،‬‬
‫وأفضله وتر أيمه وهن ‪ :‬سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين ‪ .‬وأفضلية الوتر ألن هللا تعاىل‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪،‬‬
‫وتر حيب الوتر ‪ ،‬واالختيار األمثل لعمل احلجامة فيها هو فعل رسول هللا َ‬
‫ني والْ َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذى رواه أنس بن مالك قال ‪َ :‬كا َن رس ُ ِ‬
‫اه ِل ‪،‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َْحيتَج ُم ِيف األَ ْخ َد َع ْ ِ َ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين ‪.‬‬‫س ْب َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وت ْس َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وإِ ْح َدى َوع ْش ِر َ‬
‫َوَكا َن َْحيتَج ُم ل َ‬
‫قال العالمة ابن القيم (( الطب النبوى ))(ص‪ (( : )44‬وأفضل أوقاهتا ىف الربع الثالث من أرابع‬
‫الشهر ‪ ،‬ألن الدم ىف أول الشهر مل يكن بعد قد هاج وتبيغ ‪ ،‬وىف أخره يكون قد سكن ‪ ،‬وأما ىف‬
‫وسطه وبعيده ‪ ،‬فيكون ىف هناية التزيد )) اهـ ‪.‬‬
‫وأما اختيار الفصل األمثل من فصول السنة للحجامة ‪ ،‬فمرجعه إىل اعتدال اجلو ودفئه ‪ ،‬وأوفق‬
‫ذلك وأحسنه ‪ :‬فصل الربيع ‪ ،‬حيث يكثر الدم ‪ ،‬وتقوى القوى الكامنة واحليوانية ‪ ،‬وتظهر آاثر‬
‫الشوائب واألخالط املتولدة بربودة الشتاء ‪ ،‬واملرتسبة ىف أماكن الركود والكمون من البدن ‪ ،‬وتكثر‬
‫مشاكل حتليل الدم ‪ ،‬فقد كان ابألمس القريب وثيق ٍ‬
‫عهد بفصل الشتاء البارد ‪ ،‬ومن كثرت أخالطه‬
‫ىف الشتاء لقلة حركته ‪ ،‬وكثرة هنمته ‪ ،‬كان أكثر تعرضاً لألمراض حيث تتحرك األخالط مع ميوعة‬
‫الدم ‪ ،‬وحتركه ىف الربيع ‪.‬‬
‫إقبال الربيع حلجامتك ‪ ،‬كما ترتقبه لنشاطك وحيويتك ‪،‬‬
‫فانتهز أيها الراغب ىف العالج والوقاية َ‬
‫ْ‬
‫وجدد بذلك دمك ومناعتك ‪ ،‬كما جددت إبعتداله مزاجك وطبيعتك ‪ .‬فقد علمت أن الربيع إذا‬ ‫ِ‬
‫احلر من حتت األرض ‪ ،‬وذهب الربد من اجلو ‪ ،‬وارتوت بذور األرض وعروق األشجار‬
‫أقبل هاج ُ‬
‫وانتعشت ‪ ،‬وانفطرت األرض واهتزت وربت ‪ ،‬وتوردت األشجار واخضَّرت ‪ ،‬وتفتَّحت األزهار‬
‫والريحني وازدهت ‪ ،‬وهاجت ريح كل شيء فطاب اهلواء ‪ ،‬واستنشق الناس نسائم الورود ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪)52/1‬‬

‫(‪ )20‬حسن ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ ، )3861‬واحلاكم (‪ ، )233/4‬والبيهقى (( الكربى ))(‪)340/9‬‬


‫مجيعاً من طريق سعيد بن عبد الرمحن اجلمحي عن سهيل بن أىب صاحل عن أبيه عن أِب هريرة ‪.‬‬
‫وقال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هو كما قال ‪ ،‬وسعيد بن عبد الرمحن اجلمحى صدوق ‪ ،‬وثقه ابن معني ‪ .‬وقال أمحد ‪ :‬ال‬
‫أبس به ‪ .‬وقال أبو حامت الرازى ‪ :‬صاحل ‪ .‬ولكنه له أوهام ىف روايته خاصة عن عبيد هللا بن عمر ‪.‬‬
‫ومرمةً ألعضائهم ‪ ،‬وذهبت عنهم زهومة‬
‫شفاء ألجسامهم ‪ ،‬وصالحاً لطبائعهم ‪َّ ،‬‬
‫والريحني ‪ ،‬فصارت ً‬
‫الشتاء ‪ ،‬وأدخنة األجواء ‪ .‬أمل َيتك قول القائل ‪:‬‬
‫أيت من الربيَّة خالدا‬
‫تصحب الدنيا كئيباً ُمكمدا من ذا ر َ‬
‫ْ‬ ‫ال‬
‫ام وأسعدا‬
‫طيب الربيع وحسنَه فلقد حباك به الغم ُ‬
‫فاغتنم َ‬
‫ْ‬ ‫قم‬
‫قيت دماً حىت ارتوى فتوردا‬
‫وفروعه ُس ْ‬
‫َ‬ ‫ورٌد كأن أصولَه‬
‫صقيل من قراب ُجردا‬
‫ٌ‬ ‫سيف‬
‫واملاءُ جيري يف الريض كأنه ٌ‬
‫تفاوت أن يُنال فيُوجدا‬
‫َ‬ ‫وقت إذا َّ‬
‫وىل‬ ‫فاشرب عليه فإنَّه ٌ‬
‫ْ‬
‫ذكر العالمة القلقشندى ىف (( صبح األعشى ىف صناعة اإلنشا )) ىف املهيع الثالث يف ذكر الفصول‬
‫األربعة وأزمنتها وطبائعها وما حصة كل فصل منها من الربوج واملنازل ‪ ،‬فقال ‪ (( :‬األول ‪ :‬فصل‬
‫الربيع ‪ ،‬وابتداؤه عند حلول الشمس برأس احلمل ‪ ،‬ومدته أحد وتسعون يوما ‪ ،‬وربع يوم ‪ ،‬ونصف‬
‫مثن يوم ‪ ،‬وأوله حلول الشمس رأس احلمل ‪ ،‬وآخره عند قطعها برج اجلوزاء ‪ ،‬وله من الكواكب ‪:‬‬
‫القمر والزهرة ‪ ،‬ومن املنازل ‪ :‬الشرطان والبطني والثري والدبران واهلقعة واهلنعة والذراع ‪ ،‬ومن‬
‫الساعات ‪ :‬األوىل والثانية والثالثة ‪ ،‬ومن الريح ‪ :‬اجلنوب )) ‪.‬‬

‫(‪)53/1‬‬

‫مث قال ‪ (( :‬وطبعه حار رطب ‪ ،‬وله من السن الطفولية واحلداثة ‪ ،‬ومن األخالط الدم ‪ ،‬ومن القوى‬
‫اهلاضمة ‪ ،‬وفيه تتحرك الطبائع ‪ ،‬وتظهر املواد املتولدة يف الشتاء ‪ ،‬فيطلع النبات وتزهر األشجار‬
‫وتورق ‪ ،‬ويهيج احليوان للسفاد ‪ ،‬وتذوب الثلوج ‪ ،‬وتنبع العيون ‪ ،‬وتسيل األودية ‪ ،‬وأخذت األرض‬
‫زخرفها وازينت ‪ ،‬فتصري كأهنا عروس تبدت خلطاهبا ويف مصبغات ثياهبا ‪ ،‬ويقال ‪ :‬إذا نزلت الشمس‬
‫رأس احلمل تصرم الشتاء وتنفس الربيع ‪ ،‬واختالت األرض يف وشيها البديع ‪ ،‬وتربجت للنظارة ‪ ،‬يف‬
‫معرض احلسن والنظارة ‪.‬‬
‫ومن كالم الوزير املغرِب ‪ :‬لو كان زمن الربيع شخصا لكان مقبال ‪ ،‬ولو َّ‬
‫أن األيم حيوان لكان هلا‬
‫حلياً وجملال ‪ ،‬ألن الشمس ختلص فيه من ظلمات حوت السماء ‪ ،‬خالص يونس من ظلمات حوت‬
‫وأعز أماكنها عليها ‪ .‬وكان عبدوس اخلزاعي‬
‫أحب األوطان إليها ‪َّ ،‬‬
‫املاء ‪ ،‬فإذا وردت احلمل وافت َّ‬
‫يقول ‪ :‬من مل يبتهج ابلربيع ومل يستمتع أبنواره ‪ ،‬وال اسرتوح بنسيم أزهاره ‪ ،‬فهو فاسد املزاج حمتاج‬
‫إىل العالج )) ‪.‬‬
‫مث قال ‪ (( :‬وقد أطنب الناس يف وصف هذا الفصل ومدحه ‪ ،‬وأتوا مبا يقصر عن شرحه ‪ ،‬وتغاىل‬
‫الشعراء فيه غاية التغاِل ‪ ،‬وفضلوا أيمه ولياليه على األيم واللياِل ‪ .‬وما أحلى قول أىب عبادة‬
‫البحرتي ‪:‬‬
‫الطلق خيتال ضاحكا من احلسن حىت كاد أن يتكلما‬ ‫ُ‬ ‫بيع‬
‫أاتك الر ُ‬
‫ورد ُكن ابألمس نُـ َّوما‬‫النريوز يف غسق الدجى أوائل ٍ‬
‫ُ‬ ‫وقد نبَّه‬
‫َ‬
‫برد الندى فكأمنا يبث حديثاً كان ِ‬
‫أمس مكتَّما‬ ‫يُفتِحها ُ‬
‫نشرت وشياً منمنما‬ ‫رداءه عليه كما َّ‬
‫بيع َ‬ ‫ومن شج ٍر َّ‬
‫رد الر ُ‬
‫قذى للعني إذ كان ُحمرما‬ ‫أحل فأبدى للعيون بشاشةً وكان ً‬ ‫َّ‬
‫نسيم الريح حىت كأمنا جييء أبنفاس األحبَّة نُـعَّما )) اهـ‬
‫ورق ُ‬ ‫َّ‬

‫(‪)54/1‬‬

‫وقد عقد الطبيب الرئيس ابن سينا ىف (( كتاب القانون )) فصالً لبيان كيفيات الطب املتعلقة بفصل‬
‫الربيع وأتثرياته على فسيولوجية اجلسم ‪ ،‬بعنوان (( األهوية ومقتضيات الفصول )) فقال ‪ (( :‬والربيع‬
‫أفضل فصول السنة ‪ ،‬وهو مناسب ملزاج الروح والدم ‪ ،‬وهو مع اعتداله مييل عن قرب إىل حرارةٍ‬
‫ٍ‬
‫ابعتدال ‪ ،‬ومل يبلغ أن حيلله حتليل‬ ‫ٍ‬
‫طبيعية ‪ ،‬وهو حيمر اللون ‪ ،‬ألنه جيذب الدم‬ ‫ٍ‬
‫ورطوبة‬ ‫لطيفة ٍ‬
‫َسائية ‪،‬‬
‫الصيف ‪ .‬وىف الربيع هتيج ماليخوليا أصحاب املاليخوليا ‪ ،‬ومن كثرت أخالطه ىف الشتاء لنهمه وقلة‬
‫َّ‬
‫استعد ىف الربيع لألمراض الىت هتيج من تلك املواد بتحليل الربيع هلا ‪ ،‬وإذا طال الربيع‬ ‫ريضته ؛‬
‫واعتداله قلَّت أمراض الصيف وأمراض الربيع ‪ ،‬واختالف الدم والرعاف وسائر اخلراجات ‪ .‬ويكثر‬
‫فيه انصداع العروق ‪ ،‬ونفث الدم والسعال ‪ .‬وال خيلِص من أمراض الربيع شئ كالفصد واالستفراغ‬
‫والتقليل من الطعام )) اهـ ‪.‬‬
‫وإذ أرست سفن كالم احلاذقني ابلطب ـ سيما رئيسهم ومقدمهم ـ عند هذا املرفأ اآلمن ‪ ،‬فلنستقل‬
‫منها زورقاً يوصلنا إىل ساحل الصحة واملعافاة ‪ ،‬ومرفأ التداوى والشفاء ‪ ،‬وال أراه إال الفصد‬
‫واالستفراغ ‪ ،‬كما قال رئيس القوم وعميدهم ‪ ،‬واحلجامة شاملة هلما معاً ‪.‬‬
‫صح من حديث‬ ‫وأما اختيار امليقات اليومى للحجامة املثلى ‪ ،‬ففى البكور بعد شروق الشمس ‪ ،‬ملا َّ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬اللَّ ُه َّم َاب ِر ْك أل َُّم ِِت ِيف ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬
‫صخر بن وداعة الغامدى(‪ )1‬قَ َ‬

‫(‪)55/1‬‬
‫(‪ )1‬صحيح لشواهده ‪ .‬أخرجه الطيالسى (‪ ، )1246‬وابن أىب شيبة (‪ ، )33619/534/6‬وسعيد‬
‫بن منصور (‪ ، )2382‬وأمحد (‪ 432،431،417،416/3‬و‪ ، )391،390،384/4‬والدارمى‬
‫(‪ ، )2435‬وابن اجلعد (( مسنده ))(‪ ، )2464،1696‬والبخارى (( التاريخ الكبري‬
‫))(‪ ، )2941/310/4‬وأبو داود (‪ ، )2606‬والرتمذى (‪ ، )1212‬والنسائى (( الكربى‬
‫))(‪ ، )8833/258/5‬وابن ماجه (‪ ، )2236‬وابن أىب عاصم (( اآلحاد واملثاىن ))(‪، )363/4‬‬
‫واحملاملى (( األماىل ))(‪ ، )331‬وابن حبان (‪ ، )4735،4734‬واإلَساعيلى (( معجم شيوخه‬
‫))(‪ ، )435/1‬واجلرجاىن (( اتريخ جرجان )) (ص‪ ، )414‬وابن قانع (( معجم الصحابة‬
‫))(‪ ، )212/2‬والطرباىن (( الكبري )) (‪ ، )7277،7276،7265/29،28/8‬والقضاعى ((‬
‫مسند الشهاب ))(‪ ، )1493‬والبيهقى (( الكربى )) (‪ )151/9‬و(( دالئل النبوة ))(‪، )222/6‬‬
‫ث‬‫ال ‪َ :‬وَكا َن إِذَا بَـ َع َ‬ ‫واخلطيب (( اتريخ بغداد ))(‪ 405/1‬و‪ 240/5‬و‪ )441/9‬من بُ ُكوِرَها )) ‪ ،‬قَ َ‬
‫َّها ِر‬ ‫شا بـعثَـهم أ ََّو َل النـَّها ِر ‪ ،‬وَكا َن ص ْخر رجالً َات ِجرا ‪ ،‬وَكا َن إِذَا بـع َ ِ‬
‫ارةً بَـ َعثَـ ُه ْم أ ََّو َل النـ َ‬
‫ث جتَ َ‬ ‫ََ‬ ‫ً َ‬ ‫َ ٌ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َس ِريَّةً أ َْو َج ْي ً َ َ ُ ْ‬
‫‪ ،‬فَأَثْـ َرى وكثُـ َر َمالُهُ ‪.‬‬
‫وجائز فعلها ىف أى أوقات اليوم ‪ ،‬ليالً أو هناراً ‪ ،‬بعد الراحة واسرتخاء البدن ‪ .‬وأما ما يستحبه‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬
‫بعضهم من فعلها على الريق ‪ ،‬فال يصح فيه ما يعتمدونه وينسبونه إىل رسول هللا َ‬
‫َو َسلَّ َم من قوله (( احلجامة على الريق أمثل )) ‪.‬‬
‫وسيأتى بيان بطالنه مبا ال مزيد عليه إن شاء هللا تعاىل ‪.‬‬
‫فإذا ابن لك ما قصدانه من أتثريات أوقات الفصول والشهور واأليم على أمزجة األبدان ‪ ،‬وما يتعلق‬
‫هبا من ظهور األعراض واألمراض أو خفائها ‪ ،‬فاعلم أن االختيار األمثل للحجامة االعتيادية يدور‬
‫على ثالثة اختيارات ‪:‬‬
‫( األول ) امليقات الفصلى ‪ ،‬وهو أشهر فصل الربيع ‪.‬‬

‫(‪)56/1‬‬

‫( الثاىن ) امليقات الشهرى ‪ ،‬وهو الربع الثالث من أرابع الشهر القمرى ‪ ،‬وأفضله وتر أيمه وهن ‪:‬‬
‫سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين ‪.‬‬
‫( الثالث ) امليقات اليومى ‪ ،‬وهو أول ساعات النهار ‪.‬‬
‫شئ ‪ ،‬وأكذب ٍ‬
‫شئ فيه وأوضعه ما رووا ىف‬ ‫وأما اختيار أيم األسبوع للحجامة فال يصح فيه كبري ٍ‬
‫استحباهبا (( احلجامة يوم الثالاثء لسبع عشرة من الشهر دواء لداء السنة )) ‪ ،‬وكذا ىف كراهتها ((‬
‫يـوم الث َ ِ‬
‫ُّالاثء يَـ ْو ُم الدَِّم ‪َ ،‬وفِ ِيه َس َ‬
‫اعةٌ ال يَـ ْرقَأ )) ‪ ،‬و(( من احتجم يوم األربعاء ويوم السبت ‪ ،‬فرأى‬ ‫َْ ُ‬
‫نفسه )) ‪ ،‬وإمنا تروى هذه األحاديث أبسانيد واهية ال جيوز االحتجاج هبا‬ ‫يلومن إال َ‬ ‫وضحاً ‪ ،‬فال َّ‬
‫حبال ‪ ،‬وال ذكرها إال تعجباً ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وهلذا قال اإلمام أبو حامت بن حبان عن األخري منها ‪ (( :‬ال حيل ذكر مثل هذا احلديث يف الكتب إال‬
‫على سبيل االعتبار ‪ ،‬ألنه موضوع ليس هذا من حديث رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم ‪ ،‬ومن روى‬
‫مثل هذا احلديث وجب جمانبة ما يروي من األحاديث ‪ ،‬وإن وافق الثقات يف بعض الروايت )) ‪.‬‬
‫وسيأتى مزيد ٍ‬
‫بيان هلذه األابطيل واملناكري واملوضوعات ىف ابب خاص هبا ‪.‬‬
‫ـــــ‬
‫= طرق عن يعلى بن عطاء َسعت عمارة بن حديد حيدث عن صخر بن وداعة الغامدى به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا إسناد رجاله ثقات كلهم غري عمارة بن حديد البجلى ‪ .‬قال أبو حامت ‪ :‬جمهول ‪ .‬وقال‬
‫أبو زرعة ‪ :‬ال يعرف ‪ .‬ولكن قال أمحد العجلى (( معرفة الثقات ))(‪ : )1324/162/2‬حجازى‬
‫اتبعى ثقة ‪ .‬وذكره ابن حبان ىف (( الثقات ))(‪. )4666/241/5‬وهذا املنت يروى عن مجاعة من‬
‫الصحابة يبلغوا به حد التواتر ‪ ،‬وهلذا أورده الشيخ أبو الفيض الكتاىن ىف (( نظم املتناثر من احلديث‬
‫املتواتر )) ‪ ،‬وذكره من حديث ثالثة وعشرين نفساً من الصحابة ‪.‬‬
‫طالب من الشعر املخلوق ‪ ،‬ما أنشدوا ‪:‬‬‫وَما نسبوه كذابً وافرتاءاً إىل على بن أىب ٍ‬
‫لصيد إن أردت بال امرت ِاء‬
‫فنعم اليوم يوم السبت حقاً ٍ‬
‫ُ َ‬

‫(‪)57/1‬‬

‫ِ‬
‫السماء‬ ‫ويف األحد البناءُ ألن فيه تبدى هللا يف خلق‬
‫ويف االثنني إن سافرت فيه سرتجع ابلنجاح وابلثر ِاء‬
‫ِ‬
‫الدماء‬ ‫ِ‬
‫الثالاثء ففي ساعاته هر ُق‬ ‫وإ ْن تر ْد احلجامةَ يف‬
‫وإن َش ِرب امرؤ يوماً دواء فنعم اليوم يوم األر ِ‬
‫بعاء‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ابلقضاء‬ ‫ويف يوم اخلميس قضاءُ حاج فإن هللا َيذن‬
‫ِ‬
‫النساء‬ ‫وعرس ولذات الرجال مع‬ ‫تزويج‬
‫ٌ‬ ‫ويف اجلمعات ٌ‬
‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫وصى‬
‫نىب أو ُ‬
‫العلم ال يدريه إال ٌ‬
‫وهذا ُ‬
‫وقوله ىف الثالاثء (( ىف ساعاته هرق الدماء )) قد تبني أنه ابطل ال حيل اعتقاده ! ‪.‬‬
‫وَما ينبغى التحذير منه اعتقاد صالحية فعل احلجامة ىف كل األوقات من غري مراعاة هلذه األصول‬
‫الىت أسلفنا بياهنا ىف اختيار أمثل األوقات لفعلها ‪ .‬فهذا االعتقاد ‪ ،‬وما ينبىن عليه من فعلها ىف كافة‬
‫فصول السنة األربعة ‪ ،‬ذو أث ٍر ٍ‬
‫سئ ‪ ،‬ورمبا أحدث ضرراً ابلغاً ‪.‬‬
‫ولتعليل املنع من فعلها ىف الصيف مع شدة احلر على سبيل املثال ‪ ،‬نقول ‪:‬‬

‫(‪)58/1‬‬

‫قد علمت أن للصيف أثراً فعاالً على الدم ‪ ،‬لعلك الحظته من خالل ظاهرة الرعاف الذى يصيب‬
‫الكثريين مع ارتفاع حرارة اجلو ‪ ،‬حيث تزداد ميوعة الدم ‪ ،‬وتقل لزوجته ‪ ،‬ويكثر اختالطه ‪ ،‬ويقوى‬
‫تدفقه ‪ ،‬فيتحرك بسرع ٍة ويس ٍر ىف الشرايني واألوردة والشعريات ‪ ،‬وجيرف ىف طريقه تلك الرسوابت‬
‫والشوائب ‪ ،‬وحيللها ‪ ،‬وذلك لنشاط هذين العضوين ‪ :‬الكبد والطحال ‪ ،‬وزيدة فعاليتهما ىف معاجلة‬
‫الكريت الدموية اهلرمة ‪ ،‬فيقل جتمع الكريت الكهلة والشوائب والنفايت ىف أماكن الركود والكمون‬
‫ابلبدن ‪ ،‬سيما الكاهل ومناطق الظهر ‪ .‬فإذا أجريت احلجامة واحلال كذلك ‪ ،‬تعرض اجلسم لفقد‬
‫دمه اجليد النشط احلاوى على الكريت الفتية ‪ ،‬فأورثه ذلك ضعفاً ووهناً ‪ ،‬إذ تكون احلجامة آنذاك‬
‫شئ بعملية التربع ابلدم ‪ ،‬مع شدة حاجة البدن إليه ‪ .‬أرأيت من تربع بدمه ‪ ،‬وما يعقب ذلك‬‫أشبه ٍ‬
‫وضعف وهز ٍال ‪ ،‬وما تتحمله أجهزته التعويضية من ٍ‬
‫جهد ومشقة إلعادة بناء الفاقد‬ ‫ٍ‬ ‫من فتوٍر‬
‫عرض أو أٍمل طارئ ‪،‬‬
‫كمرض أو ٍ‬‫ٍ‬ ‫وتعويضه !! ‪ .‬وأما احلجامة اإلضطرارية ‪ ،‬وهى الىت تفعل لضرورةٍ‬
‫فهذه حيثما وجد االحتياج إليها وجب استعماهلا ‪ ،‬دفعاً للعرض وإزالةً ألثره ‪ ،‬من غري حتديد لوقت‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هناراً حمرماً مسافراً ‪ .‬وعالمتها‬
‫معني وذلك لتوافر الدواعى لفعلها ‪ ،‬كما احتجم َ‬
‫مع املرض واألمل تبيغ الدم وهياجه ‪ ،‬ويوصى ابلراحة قبلها مبدة كافية ‪ ،‬أوبعملها ىف الساعات األوىل‬
‫من النهار‪ ،‬قبل نشاط اجلسم وحترك الدم ‪.‬‬
‫بيان األحكام املتعلقة ابحلجامة‬

‫(‪)59/1‬‬
‫احلمد هلل الذى جعل الدعائم لإلسالم أركاان ‪ ،‬وطاعة الرسول على اإلميان دليالً وبرهاان ‪ ،‬فأما الذين‬
‫هدى وعرفاان ‪ ،‬وأذاق من طغى وتكرب من العذاب صنوفاً وألواان ‪ ،‬وتوعده ىف اآلخرة‬
‫اهتدوا فزادهم ً‬
‫ذالً وخزيً وهواان ‪ .‬فلله كم ىف اإلميان ابهلل من زاكيات الث ََّم ْر ‪ ،‬وىف طاعة رسول الرمحن من زاهيات‬
‫وهنَْر ‪ ،‬والصالة والسالم األمتان على املبعوث‬ ‫الزَهر ‪ ،‬فأهله ىف الدنيا منَـعَّمون وىف اآلخرة ىف ٍ‬
‫جنات َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ‬
‫والقمر ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫للبشر ‪ ،‬ما تعاقب الليل والنهار ودار ىف فلكيهما الشمس‬ ‫ْ‬ ‫رمحةً وهدايةً‬
‫وبعد ‪..‬‬
‫ملا كان للحجامة من الشيوع واالستفاضة ىف أوساط املسلمني ؛ فقد وضح أثر ذلك غاية الوضوح ؛‬
‫ىف سؤال أهل العلم عن املسائل املتعلقة هبا ‪ ،‬للتعرف على أحكامها ‪ ،‬وأول من سئل عن أحكامها‬
‫جل وعال (( فال‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬الذى أابن فضلها َّ‬
‫وبني تفاصيلَها ‪ ،‬تصديقاً لقوله َّ‬ ‫رسول هللا َ‬
‫وربك ال يؤمنون حىت حيكموك فيما شجر بينهم مث ال جيدوا ىف أنفسهم حرجاً َما قضيت ويسلموا‬
‫تسليما )) ‪ ،‬وقوله تعاىل (( وما آاتكم الرسول فخذوه وما هناكم عنه فانتهوا )) ‪ .‬قال عبد هللا بن‬
‫حممد بن هارون الفريِب َسعت الشافعي يقول ‪ :‬سلوِن عما شئتم أخربكم من كتاب هللا تعاىل وسنة‬
‫نبيكم صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما تقول أصلحك هللا يف احملرم يقتل الزنبور ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬بسم‬
‫هللا الرمحن الرحيم قال هللا تعاىل (( وما آاتكم الرسول فخذوه وما هناكم عنه فانتهوا )) ‪ ،‬وحدثنا‬
‫سفيان بن عيينة عن عبد امللك بن عمري عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬اقتدوا ابللذين من بعدي أِب بكر وعمر )) ‪ .‬حدثنا سفيان بن عيينة‬
‫عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن اخلطاب ‪ :‬أنه أمر بقتل‬
‫الزنبور ‪.‬‬

‫(‪)60/1‬‬

‫قال علماؤان ‪ :‬وهذا جواب يف هناية احلسن ‪ ،‬فقد أفىت ـ طيب هللا ثراه ـ جبواز قتل الزنبور يف اإلحرام‬
‫وبني أنه يقتدى فيه بعمر ‪ ،‬وأن النب صلى هللا عليه وسلم أمر ابالقتداء به ‪ ،‬وأن هللا سبحانه أمر‬
‫‪َّ ،‬‬
‫بقبول ما يقوله النب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فجواز قتله مستنبط من الكتاب والسنة هبذا االعتبار ‪.‬‬
‫بيان حكم حجامة احملرم‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو ُه َو ُْحم ِرٌم ‪.‬‬ ‫احتَ َج َم النِ ُّ‬
‫َّب َ‬ ‫ال ‪ْ :‬‬ ‫(‪َ )21‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس قَ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وهو حمرم ‪ ،‬ففيه أربع مسائل ‪:‬‬ ‫وأما احتجامه َ‬
‫[ املسألة األوىل ] جواز احلجامة للمحرم ‪ ،‬وأن إخراج الدم ال يقدح ىف إحرامه ‪ ،‬وابألحرى سائر‬
‫أنواع التداوى عند احلاجة ‪.‬‬
‫قال أبو عيسى الرتمذى ‪ (( :‬وقد رخص قوم من أهل العلم يف احلجامة للمحرم ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ال حيلق‬
‫شعرا ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ال حيتجم احملرم إال من ضرورة ‪ .‬وقال سفيان الثوري والشافعي ‪ :‬ال أبس أن‬
‫حيتجم احملرم وال ينزع شعراً )) ‪.‬‬
‫وقال أبو سليمان اخلطاِب (( معامل السنن )) ‪ (( :‬مل يكن أكثر من كره من الفقهاء احلجامة للمحرم‬
‫إال من أجل قطع الشعر ‪ ،‬وإن احتجم يف موضع ال شعر عليه فال أبس به ‪ ،‬وإن قطع شعراً افتدى ‪.‬‬
‫وَمن رخص يف احلجامة للمحرم ‪ :‬سفيان الثوري ‪ ،‬وأبو حنيفة وأصحابه ‪ ،‬وهو قول الشافعي ‪،‬‬
‫وأمحد ‪ ،‬وإسحاق ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ال حيتجم احملرم إال من ضرورة ال بد منها ‪ .‬وكان احلسن يرى يف‬
‫احلجامة دماً يهريقه )) ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم افتدى من حجامته هذه ‪ ،‬مع توافر اهلمم‬ ‫َّىب َ‬
‫ومل ينقل أحد من الصحابة أن الن َّ‬
‫فدل ذلك على أن‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه و َسلَّم ‪َّ ،‬‬
‫والعزائم على نقل كل أفعاله وأقواله وهيئاته ىف حجته َ‬
‫َ َ‬
‫حجامته برأسه مل تقتضى قطع شعر ‪ .‬وأما قول بعضهم ‪ :‬احلجامة ابلرأس ال ختلو عادة عن ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪)61/1‬‬

‫(‪ )21‬صحيح ‪ .‬أخرجه الشافعى (( املسند ))(ص‪ ، )365‬واحلميدى (‪ ، )500‬وابن أىب شيبة‬
‫(‪ ، )14591/320/3‬وأمحد (‪ ، )221/1‬والدارمى (‪ ، )1821‬وعبد بن محيد (‪، )622‬‬
‫والبخارى (‪ .10/4‬سندى ) ‪ ،‬ومسلم (‪ .122/8‬نووى ) ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )1835‬والرتمذى‬
‫(‪ ، )839‬والنسائى (( الكربى ))(‪ ، )3203/231/2‬وابن حبان (‪ ، )3951‬والبيهقى (( الكربى‬
‫))(‪ )64/5‬من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس وعطاء عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو مشهور عن عمرو بن دينار من هذا الوجه ‪ ،‬رواه عنه مجاعة من أصحابه أوثقهم وأثبتهم‬
‫‪ :‬سفيان بن عيينة ‪.‬‬
‫حلق ‪ ،‬فاألوفق ابحلديث أن يقال جبواز حلق موضع احلجامة إذا كان هناك ضرورة ! ‪ ،‬ففيه خمالفة‬ ‫ٍ‬
‫صرحية لظاهر قوله تعاىل (( وال حتلقوا رؤوسكم حىت يبلغ اهلدي حمله فَ َم ْن َكا َن ِم ْن ُك ْم َم ِر ً‬
‫يضا أ َْو بِ ِه‬
‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫صي ٍام أَو ص َدقَ ٍة أَو نُس ٍ‬
‫ك )) ‪ ،‬وفيه بيان أن اجلواز لفعل احملظور كقطع‬ ‫ْ ُ‬ ‫أَ ًذى م ْن َرأْسه فَف ْديَةٌ م ْن َ ْ َ‬
‫الشعر وقلع الظفر ال خيلو من وجوب الفدية ‪ .‬وأصل ذلك ما أخرجاه ىف (( الصحيحني )) من‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫حديث جماهد عن عبد الرمحن بن أىب ليلى عن كعب بن عجرة ‪ :‬أ َّ َ ُ‬
‫احلِ ْق‬ ‫ال ‪ (( :‬فَ ْ‬ ‫ْت ‪ :‬نَـ َع ْم ‪ ،‬قَ َ‬
‫ك ؟ )) ‪ ،‬قُـل ُ‬ ‫ال ‪ (( :‬أَيُـ ْؤ ِذ َ‬
‫يك َه َو ُّام َ‬ ‫ت قَ ْمالً ‪ ،‬فَـ َق َ‬‫ف َعلَْي ِه َوَرأْ ُسهُ يَـتَـ َهافَ ُ‬‫َوقَ َ‬
‫يضا أ َْو بِ ِه أَذًى ِم ْن َرأْ ِس ِه فَِف ْديَةٌ ِم ْن‬
‫ت َه ِذهِ اآليَةُ (( فَ َم ْن َكا َن ِم ْن ُك ْم َم ِر ً‬ ‫ال ‪ :‬فَِف َّي نَـ َزلَ ْ‬
‫ك )) ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َرأْ َس َ‬
‫ِ‬ ‫ال ِِل رس ُ ِ‬ ‫صي ٍام أَو ص َدقَ ٍة أَو نُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّق‬
‫صد ْ‬ ‫ص ْم ثَالثَةَ أ ََّيٍم أ َْو تَ َ‬‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪ُ (( :‬‬ ‫ول هللا َ‬ ‫سك )) ‪ ،‬فَـ َق َ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫بَِفر ٍق ب ْني ِست َِّة م ِ‬
‫س َر ))‪.‬‬
‫ك َما تَـيَ َّ‬
‫سْ‬ ‫ني أَ ِو انْ ُ‬ ‫ساك َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ‬
‫صح أنه لو احتجم حمرم برأسه لضرورة أو بدوهنا ‪ ،‬فإن مل يقطع شعراً فال شئ عليه ‪ ،‬وإن قطع‬ ‫فقد َّ‬
‫ففيه الفدية ‪.‬‬

‫(‪)62/1‬‬

‫[ املسألة الثانية ] احلجامة بال قطع شعر وال فعل حمظور من املباحات للمحرم إبطالق عند أىب‬
‫حنيفة والشافعى خالفاً ملالك ‪ ،‬فهى كالغسل واالكتحال وسائر املباحات الىت يفعلها احملرم ‪.‬‬
‫ففى (( احلجة ))(‪ )256/2‬لإلمام حممد بن احلسن الشيباىن ‪ (( :‬ابب احلجامة للمحرم ‪ .‬قال حممد‬
‫عن أِب حنيفة ‪ :‬ال أبس ابحلجامة للمحرم اضطر أو مل يضطر ما مل حيلق شعراً ‪ .‬وقال أهل املدينة ‪ :‬ال‬
‫صلَّى‬
‫حيتجم احملرم اال من ضرورة ‪ .‬قال حممد ‪ :‬وكيف يقول هذا أهل املدينة ‪ ،‬وقد احتجم رسول هللا َ‬
‫هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وهو حمرم ‪ ،‬وما ذكر يف ذلك ضرورة ؟! )) ‪.‬‬
‫وىف (( األم ))(‪ )197/7‬لإلمام الشافعى ‪ (( :‬قال الربيع بن سليمان املرادى ‪ :‬سألت الشافعى عن‬
‫احلجامة ـ يعىن للمحرم ـ ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬حيتجم وال حيلق شعراً ‪ ،‬وحيتجم من غري ضرورة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬وما‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬
‫احلجة ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬أخربان مالك عن حيي بن سعيد عن سليمان بن يسار أن النب َ‬
‫َو َسلَّ َم احتجم وهو حمرم ‪ ،‬وهو يومئذ بلحى مجل ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬أخربان سفيان عن عمرو بن دينار‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم احتجم وهو حمرم ‪،‬‬
‫عن عطاء وطاوس أحدُها أو كالُها عن ابن عباس أن النب َ‬
‫فقلت للشافعي ‪ :‬فإان نقول ال حيتجم احملرم إال من ضرورة ‪ ،‬قال الشافعي ‪ :‬أخربان مالك عن انفع‬
‫عن ابن عمر أنه كان يقول ‪ :‬ال حيتجم احملرم إال أن يضطر إليه َما ال بد له منه ‪ ،‬وقال مالك مثل‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫(‪)63/1‬‬
‫صلَّى هللا‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم أنه مل يذكر يف حجامة النب َ‬‫قال الشافعي ‪ :‬الذى روى مالك عن النب َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هو وال غريه ضرورة أوىل بنا من الذي رواه عن ابن عمر ‪َّ ،‬‬
‫ولعل ابن عمر كره ذلك ومل‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬ولو َسعه ما خالفه إن‬‫حيرمه ‪ .‬ولعل ابن عمر أن ال يكون َسع هذا عن النب َ‬
‫شاء هللا ‪ .‬أفرأيتم إن كرهتم احلجامة إال من ضرورة ؛ أتعدو احلجامة من أن تكون مباحة له كما يباح‬
‫له االغتسال واألكل والشرب ‪ ،‬فال يباِل كيف احتجم إذا مل يقطع الشعر ‪ ،‬أو تكون حمظورة عليه‬
‫كحالق الشعر وغريه ‪ ،‬فالذي ال جيوز له إال لضرورة ‪ ،‬فهو إذا فعله حبلق الشعر أو فعل ذلك من‬
‫ضرورة افتدي ‪ ،‬فينبغي أن تقولوا إذا احتجم من ضرورة أن يفتدي ‪ ،‬وإال فأنتم ختالفون ما جاء عن‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬وتقولون يف احلجامة قوال متناقضاً )) ‪.‬‬
‫النب َ‬
‫قلت ‪ :‬وإمنا قال أبو حنيفة والشافعى ما قااله اعتماداً على هذا اإلطالق ىف حديث ابن عباس ‪،‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إىل ذلك ‪ ،‬وهو وجع كان‬
‫وإال ففى رواية عكرمة عن ابن عباس ذكر ما اضطره َ‬
‫برأسه ‪ ،‬ففى (( صحيح البخارى ))(‪ .5071‬فتح ) ‪ :‬حدثِن حممد بن بشار ثنا ابن أِب عدي عن‬
‫صلَّى هللا عَلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف َرأْ ِس ِه َو ُه َو ُْحم ِرٌم ‪ِ ،‬م ْن َو َج ٍع‬ ‫َّب َ‬ ‫احتَ َج َم النِ ُّ‬‫هشام عن عكرمة عن ابن عباس ‪ْ :‬‬
‫ال لَهُ ُحلْي َمجَ ٍل ‪ .‬وقال حممد بن سواء أخربان هشام عن عكرمة عن ابن عباس ‪ :‬أ َّ‬
‫َن‬ ‫ُ‬ ‫َكا َن بِ ِه ‪ِ ،‬مبَ ٍاء يُـ َق ُ‬
‫ت بِ ِه ‪.‬‬ ‫احتَ َج َم َو ُه َو ُْحم ِرٌم ِيف َرأْ ِس ِه ِم ْن َش ِقي َق ٍة َكانَ ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬
‫رس َ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫[ املسألة الثالثة ] هل للمحتجم إن احتاج حللق الشعر أن حيلق قفاه دون سائر الرأس ؟ ‪.‬‬

‫(‪)64/1‬‬

‫أكثر أهل العلم على كراهية حلق بعض الرأس وترك بعضه ‪ ،‬ويسمى القزع ‪ ،‬فهو مكروه مطلقا إال‬
‫لعذر ‪ ،‬سواء كان لرجل أو امرأة أو ٍ‬
‫صىب ‪ ،‬وسواء كان يف القفا أو الناصية أو وسط الرأس ‪ ،‬وذلك‬
‫ملا فيه من التشويه وتقبيح الصورة ‪ ،‬والتعليل بذلك كما قال القرطب أشبه منه أبنه تشبه أبهل‬
‫الشطارة والفساد ‪ ،‬وأبنه زي اليهود ‪ .‬ويستدل هلذه الكراهة مبا أخرجاه ىف (( الصحيحني )) ‪،‬‬
‫ول‬ ‫ربِِن ُع َمر بْ ُن انف ٍع َع ْن أَبِ ِيه َع ِن ابْ ِن ُع َم َر ‪ :‬أ َّ‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫ملسلم من حديث عبيد هللا بن عمر أَ ْخ ََ‬ ‫واللفظ ٍ‬
‫ال ‪ :‬قُـل ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬‫ض َرأْ ِ‬
‫ال ‪ُْ :‬حيلَ ُق بَـ ْع ُ‬
‫ع ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ْت لنَافِ ٍع ‪َ :‬وَما الْ َق َز ُ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َهنَى َع ِن الْ َق َز ِع ‪ ،‬قَ َ‬ ‫هللا َ‬
‫ض ‪ .‬ومبا أخرجه أمحد ومسلم وأبو داود من حديث أيوب عن انفع عن ابن عمر أ َّ‬
‫َن‬ ‫الصِ ِب َويُ ْ َ‬
‫رت ُك بَـ ْع ٌ‬ ‫َّ‬
‫ال‬
‫ك ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اه ْم َع ْن َذلِ َ‬ ‫ض َش ْع ِرهِ ‪َ ،‬وتُ ِر َك بَـ ْع ُ‬
‫ضهُ ‪ ،‬فَـنَـ َه ُ‬
‫ِ‬
‫صبِيًّا قَ ْد ُحل َق بَـ ْع ُ‬
‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َرأَى َ‬ ‫النِ َّ‬
‫َّب َ‬
‫احلِ ُقوهُ ُكلَّهُ أَ ِو اتْـ ُرُكوهُ ُكلَّهُ )) ‪.‬‬‫‪ْ (( :‬‬
‫قال شيخ اإلسالم أبو زكري النووى (( شرح مسلم )) ‪ (( :‬القزع ـ بفتح القاف والزاى ـ هو حلق‬
‫بعض الرأس مطلقا ‪ ،‬ومنهم من قال ‪ :‬هو حلق مواضع متفرقة منه ‪ ،‬والصحيح األول ألنه تفسري‬
‫الراوى خمالف للظاهر فوجب العمل به ‪ .‬وأمجع العلماء على كراهة القزع إال أن يكون ملداواة وحنوها‬
‫‪ ،‬وهى كراهة تنزيه ‪ ،‬وكرهه مالك ىف اجلارية والغالم مطلقا ‪ ،‬وقال بعض أصحابه ‪ :‬ال أبس به ىف‬
‫القصة والقفا للغالم ‪ .‬واحلكمة ىف كراهته ‪ :‬أنه تشويه للخلق ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ألنه زى الشرك والشطارة ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬ألنه زى اليهود )) ‪.‬‬

‫(‪)65/1‬‬

‫وأما الرخصة ىف القزع ـ حبلق القفا أو جزء من الرأس ـ للمداواة ابحلجامة ‪ ،‬فللضرورة ىف حق الرجل ‪،‬‬
‫إذ كمال احلجم منوط به فأبيح لذلك ‪ ،‬وأما ىف حق املرأة ‪ ،‬فألن حلقها رأسها ُمثلة ‪ ،‬ولإلمجاع على‬
‫حترمي ذلك عليها حىت عدَّه بعضهم من الكبائر ‪ ،‬وأما حديث على بن أىب ٍ‬
‫طالب ‪ :‬هنى رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أن حتلق املرأة رأسها ‪ ،‬فال داللة فيه لشدة ضعفه ‪.‬‬
‫فقد أخرجه الرتمذى (‪ ، )914‬والنسائى (( الكربى ))(‪ )9297/407/5‬و(( اجملتىب )) (‪)130/8‬‬
‫رسول هللا‬
‫كالُها عن أىب داود الطيالسي ثنا ُهام عن قتادة عن خالس بن عمرو عن علي قال ‪ :‬هنى ُ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أن حتلق املرأة رأسها ‪.‬‬
‫َ‬
‫وقال الرتمذى (‪ : )2/914‬حدثنا حممد بن بشار حدثنا أبو داود عن ُهام عن قتادة عن خالس‬
‫حنوه ومل يذكر فيه عن علي ‪.‬‬
‫قال أبو عيسى ‪ (( :‬حديث علي فيه اضطراب ‪ ،‬وروي هذا احلديث عن محاد بن سلمة عن قتادة‬
‫عن عائشة أن النب صلى هللا عليه وسلم هنى أن حتلق املرأة رأسها )) ‪.‬‬
‫وىف (( علل الدارقطىن ))(‪ (( : )356/195/3‬وسئل عن حديث خالس بن عمرو عن علي ‪ :‬أن‬
‫النب صلى هللا عليه وسلم هنى أن حتلق املرأة رأسها ‪ .‬فقال ‪ :‬رواه ُهام بن حيي عن قتادة عن خالس‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬وخالفه هشام الدستوائي ومحاد بن سلمة ‪ ،‬فرويه عن‬
‫عن علي عن النىب َ‬
‫قتادة عن النب صلى هللا عليه وسلم مرسال ‪ ،‬واملرسل أصح )) اهـ ‪.‬‬
‫قال األثرم ‪َ :‬سعت أاب عبد هللا أمحد بن حنبل يسئل ‪ :‬عن املرأة تعجز عن شعرها وعن معاجلته‬
‫أأتخذه على حديث ميمونة ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬ألي شيء أتخذه ؟ ‪ ،‬قيل له ‪ :‬ال تقدر على الدهن وما‬
‫يصلحه وتقع فيه الدواب ‪ ،‬قال ‪ :‬إذا كان لضرورة فأرجو أن ال يكون به أبس ‪.‬‬
‫وأما ما يروى عن عمر بن اخلطاب قال ‪ :‬هنى رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم عن حلق القفا إال‬
‫للحجامة ‪ ،‬فهو حديث منكر ال حيتج مبثله ‪.‬‬

‫(‪)66/1‬‬

‫أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )319/1‬والطرباىن (( األوسط ))(‪ )2969/220/3‬و((‬


‫الصغري ))(‪ ، )261‬وابن عدى (‪ )373/3‬مجيعا من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشري عن‬
‫قتادة عن أنس عن عمر به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإسناده واهٍ مبرة ‪ .‬سعيد بن بشري ‪ ،‬قال حيي بن معني ‪ :‬ليس بشيء ‪ .‬وقال عبد هللا بن منري‬
‫‪ :‬منكر احلديث ‪ ،‬وليس بشيء ‪ ،‬ليس بقوي ىف احلديث ‪ ،‬يروى عن قتادة املنكرات ‪ .‬وقال ابن‬
‫حبان ‪ :‬كان رديء احلفظ فاحش اخلطأ يروي عن قتادة ماال يتابع عليه ‪.‬‬
‫وأما الوليد بن مسلم ‪ ،‬فهو وإن كان ثقة ىف نفسه ولكنه فاحش التدليس ‪ ،‬يدلس تدليس التسوية ‪.‬‬
‫قال ابن أىب حامت (( علل احلديث ))( ‪ (( : )2462/316/2‬سألت أِب عن حديث رواه سليمان‬
‫بن شرحبيل عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشري عن قتادة عن أنس عن عمر أن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم هنى عن حلق القفا إال عند احلجامة ‪ .‬قال أِب ‪ :‬هذا حديث كذب هبذا االسناد ‪،‬‬
‫ميكن أن يكون دخل هلم حديث يف حديث ‪ .‬قال أِب ‪ :‬رأيت هذا احلديث يف كتاب سليمان بن‬
‫شرحبيل ‪ ،‬فلم أكتبه ‪ ،‬وكان سليمان عندى يف حيز لو أن رجال وضع له مل يفهم )) ‪.‬‬
‫وىف (( سؤاالت الربذعى ألىب زرعة ))(‪ (( : )549/1‬قلت ‪ :‬حديث يروى عن سليمان بن عبد‬
‫الرمحن عن الوليد عن سعيد بن بشري عن قتادة عن أنس عن عمر عن النب صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫أنه هنى عن حلق القفا إال يف احلجامة ‪ .‬فقال ‪ :‬ابطل ليس هذا من حديث الوليد )) ‪.‬‬
‫[ املسألة الرابعة ] إن احتجم احملرم فهل يغتسل أو يتوضأ ؟ ‪ .‬التحقيق ىف هذه املسألة قريب ٍ‬
‫شبه‬
‫ابلدم السائل من البدن كالرعاف والدمل وحنوُها أيتوضأ منه ؟ ‪ ،‬وإمنا ختتلف احلجامة أبن دم‬
‫احلجامة يستقر ىف قارورة احلجام ‪ ،‬ورمبا سال إن كان غزيراً ‪ ،‬وقد يصيب الثوب ‪ .‬وقد رخص أكثر‬
‫أهل العلم ىف ترك الوضوء من الدم السائل ‪ ،‬ومل يرو فيه شيئاً ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يغسل احملتجم حمامجه وال‬
‫يتوضأ ‪.‬‬

‫(‪)67/1‬‬
‫قال إمام احملدثني ىف (( كتاب الوضوء )) من (( اجلامع الصحيح ))(‪ .44/1‬سندى ) ‪:‬‬
‫َخ َذ ِم ْن َش َع ِرهِ َوأَظْ َفا ِرهِ أ َْو‬‫س ُن ‪ :‬إِ ْن أ َ‬ ‫وء إِال ِم َن ال َْم ْخ َر َج ْ ِ‬
‫ني الْ ُقبُ ِل َوالدُّبُ ِر ‪َ .‬وقَ َ‬
‫ال ا ْحلَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫َابب َم ْن َملْ يَـ َر ال ُْو ُ‬
‫َن النِ َّ‬
‫َّب‬ ‫ث ‪َ .‬ويُ ْذ َك ُر َع ْن َجابِ ٍر أ َّ‬ ‫ضوء إِال ِمن ح َد ٍ‬ ‫وء َعلَْي ِه ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َخلَ َع ُخ َّف ْي ِه فَال ُو ُ‬
‫ْ َ‬ ‫ال أَبُو ُه َريْـ َرةَ ‪ :‬ال ُو ُ َ‬ ‫ض َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه وسلَّم َكا َن ِيف غَ ْزوةِ ذَ ِ‬
‫س ْه ٍم ‪ ،‬فَـنَـ َزفَهُ الد ُ‬
‫َّم ‪ ،‬فَـ َرَك َع َو َس َج َد‬ ‫ات ِ‬
‫الرقَ ِاع ‪ ،‬فَـ ُرم َي َر ُج ٌل ب َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َو ُحمَ َّم ُد بْ ُن‬ ‫ال طَ ُاو ٌ‬ ‫احاهت ْم ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫صلُّو َن ِيف ج َر َ‬ ‫ال ال ُْم ْسل ُمو َن يُ َ‬ ‫س ُن ‪َ :‬ما َز َ‬ ‫ال ا ْحلَ َ‬
‫صالته ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ضى ِيف َ‬ ‫َوَم َ‬
‫ِ‬ ‫س ِيف الدَِّم ُو ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم ‪َ ،‬وَملْ‬ ‫ص َر ابْ ُن ُع َم َر بَـثْـ َرةً ‪ ،‬فَ َخ َر َج م ْنـ َها الد ُ‬‫ضوءٌ ‪َ .‬و َع َ‬ ‫َعل ٍي َو َعطَاءٌ َوأ َْه ُل ا ْحل َجاز ‪ :‬لَْي َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ال ابن ُعمر وا ْحل ِ‬ ‫ضى ِيف ِِ‬ ‫ضأْ ‪َ .‬وبَـ َز َق ابْ ُن أَِِب أ َْو َىف َد ًما ‪ ،‬فَ َم َ‬ ‫يَـتَـ َو َّ‬
‫يم ْن َْحيتَج ُم ‪ :‬لَْي َ‬ ‫س ُن ف َ‬ ‫صالته ‪َ .‬وقَ َ ْ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َعلَْي ِه إِال غَسل َحمَ ِِ‬
‫امج ِه ‪.‬‬ ‫ُْ‬
‫ٍ‬
‫فإذا علم صحة أكثر هذه اآلاثر عمن رويت عنه ‪ ،‬فهذا القدر كاف للداللة على املقصود ‪.‬‬
‫وخرج أبو بكر بن أىب شيبة أكثر هذه اآلاثر ‪ ،‬فيمن حيتجم يغسل أثر حمامجه ‪ ،‬ىف (( مصنفه ))‬
‫َّ‬
‫(‪ )475:468/47/1‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا ابن منري أخربان عبيد هللا عن انفع عن ابن عمر ‪ :‬أنه كان إذا احتجم غسل أثر حمامجه ‪ .‬حدثنا‬
‫أبو األحوص عن أِب إسحاق عن إبراهيم قال ‪ :‬كان علقمة واألسود ال يغتسالن من احلجامة‪ .‬حدثنا‬
‫أبو بكر بن عياش عن مغرية عن إبراهيم ‪ :‬أنه كان يغسل أثر احملاجم ‪0‬‬
‫حدثنا حفص عن أشعث عن احلسن وابن سريين أهنما كاان يقوالن ‪ :‬اغسل أثر احملاجم ‪0‬‬
‫حدثنا ابن إدريس عن هشام عن احلسن وحممد قال ‪ :‬كاان يقوالن يف الرجل حيتجم يتوضأ ويغسل أثر‬
‫احملاجم ‪0‬‬

‫(‪)68/1‬‬

‫حدثنا عبد األعلى عن يونس عن احلسن سئل ‪ :‬عن الرجل حيتجم ماذا عليه ؟ قال ‪ :‬يغسل أثر‬
‫حمامجه ‪0‬‬
‫حدثنا وكيع عن إَساعيل عن أِب عمر عن ابن احلنفية قال ‪ :‬يغسل أثر احملاجم ‪0‬‬
‫وال يصح ما روى عن أنس ‪ :‬احتجم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فصلى ومل يتوضأ ‪ ،‬ومل يزد‬
‫على غسل حمامجه ‪ .‬فقد أخرجه الدارقطىن (‪ ، )151/1‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )141/1‬كالُها‬
‫من طريق صاحل بن مقاتل ثنا أِب ثنا سليمان بن داود أبو أيوب عن محيد عن أنس ‪.‬‬
‫وهذا إسناد ضعيف جداً ال حيتج مبثله ‪ ،‬صاحل وأبوه وسليمان ثالثتهم ضعفاء ‪.‬‬
‫وأما ما أخرجه ابن عدى (( الكامل ))(‪ )450/6‬من طريق معمر بن حممد بن عبيد هللا بن أِب رافع‬
‫حدثِن أِب عن أبيه عبيد هللا عن أِب رافع قال ‪ :‬رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم احتجم ‪،‬‬
‫فغسل موضع حمامجه ‪ ،‬وصب على رأسه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا منكر اإلسناد واملنت ‪ .‬معمر بن حممد بن عبيد هللا بن أِب رافع ‪ ،‬ليس بثقة وال مأمون ‪،‬‬
‫قاله حيي بن معني ‪ .‬وقال البخارى ‪ :‬منكر احلديث ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬ينفرد عن أبيه بنسخة أكثرها‬
‫مقلوبة ‪ ،‬ال جيوز االحتجاج به ‪ ،‬وال الرواية عنه إال على جهة التعجب ‪.‬‬
‫وقال ابن عدى ‪ :‬مقدار ما يرويه ال يتابع عليه ‪.‬‬
‫وقد خلص أبو بكر بن املنذر أحكام هذا الباب تلخيصاً وافياً ‪ ،‬فقال ىف (( األوسط ))(‪: )178/1‬‬
‫(( ذكر ما جيب على احملتجم من الطهارة ‪ .‬قال أبو بكر ‪ :‬حكم احلجامة كحكم الرعاف والدم‬
‫اخلارج من مواضع احلدث ‪ ،‬وقد أوجب فيه الوضوء مالك وأهل املدينة ‪ ،‬وعند الشافعي وأصحابه ‪،‬‬
‫وأِب ثور وغريه ‪ :‬ال ينقض ذلك عندهم طهارة وال يوجب وضوءاً ‪ ،‬بل يكفى احملتجم أبن يغسل أثر‬
‫حمامجه مث يصلي ‪ .‬وقد روي عن ابن عمر ‪ :‬أنه كان إذا احتجم غسل أثر حمامجه ‪ .‬وروي ذلك عن‬
‫ابن عباس ‪ ،‬وبه قال احلسن البصري ‪ ،‬وإبراهيم النخعي ‪ ،‬وهو قول ربيعة ‪ ،‬وحيي بن سعيد‬
‫األنصاري ‪ ،‬ومالك والشافعي ‪ ،‬وأِب ثور )) اهـ ‪.‬‬

‫(‪)69/1‬‬

‫قلت ‪ :‬وَمن روى عنه الغسل من احلجامة ‪ :‬على بن أىب طالب ‪ ،‬وعبد هللا بن عمرو ‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫عباس ‪ ،‬وابن سريين ‪ ،‬وجماهد ‪.‬‬
‫وخرج عبد الرزاق أكثر هذه اآلاثر ‪ ،‬فيمن يغتسل من احلجامة ‪ ،‬ىف (( املصنف ))(‪: )180/1‬‬
‫َّ‬
‫عن إسرائيل بن يونس عن ثوير بن أِب فاختة عن أبيه ‪ :‬أن عليا كان يستحب أن يغتسل من احلجامة‬
‫‪.‬‬
‫عن الثوري عن األعمش عن جماهد عن عبد هللا بن عمرو قال ‪ :‬إِن ألحب أن أغتسل من مخس ‪:‬‬
‫من احلجامة ‪ ،‬واملوسى ‪ ،‬واحلمام ‪ ،‬واجلنابة ‪ ،‬ويوم اجلمعة ‪ .‬قال االعمش ‪ :‬فذكرت ذلك إلبراهيم‬
‫فقال ‪ :‬ما غسال واجبا إال غسل اجلنابة ‪ ،‬وكانوا يستحبون الغسل يوم اجلمعة ‪.‬‬
‫عن معمر عن ابن أِب جنيح عن جماهد ‪ :‬قال يغتسل الرجل إذا احتجم ‪.‬‬
‫فإن احتج له حمتج مبا أخرجه أمحد (‪ ، )152/6‬وأبو داود (‪ ، )348‬وابن خزمية (‪ ، )256‬وابن‬
‫املنذر (( األوسط ))(‪ )181/1‬من حديث مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزي عن عبد هللا‬
‫ابن الزبري عن عائشة أهنا حدثته ‪ :‬أن النب صلَّى هللا عليه وسلَّم كان يغتسل من أربع ‪ :‬من اجلنابة ‪،‬‬
‫ويوم اجلمعة ‪ ،‬ومن احلجامة ‪ ،‬ومن غسل امليت ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬هذا منكر اإلسناد واملنت ال حيتج مبثله ‪ ،‬مصعب بن شيبة ليس ابلقوى ‪ .‬وأنكره أمحد ابن‬
‫حنبل وقال ‪ :‬مصعب بن شيبة روى أحاديث مناكري ‪ .‬وقال أبو حامت ‪ :‬ال حيمدونه وليس بقوي ‪.‬‬
‫وقال الدراقطِن ‪ :‬ليس ابلقوي وال ابحلافظ ‪.‬‬
‫قال أبو بكر بن املنذر ‪ (( :‬فإذا مل يثبت حديث مصعب بن شيبة بطل االحتجاج به ‪ .‬وقد بلغِن عن‬
‫أمحد بن حنبل وعلي بن املديِن أهنما ضعفا احلديثني ‪ :‬حديث مصعب بن شيبة ‪ ،‬وحديث أىب هريرة‬
‫يف الغسل من غسل امليت )) ‪.‬‬
‫بيان حكم حجامة الصائم‬
‫ت ِم ْن‬ ‫هللا صلَّى هللا َعلَْي ِه وسلَّم ِابلْب ِقي ِع ِيف َمثَ ِ‬
‫ان َع ْش َرةَ لَْيـلَةً َخلَ ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول ِ‬ ‫(‪ )22‬عن ثوابن قال ‪َ :‬م َّر َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫ضا َن بَِر ُج ٍل َْحيتَ ِج ُم ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫وم )) ‪.‬‬ ‫ال ‪ (( :‬أَفْطََر ا ْحلَاج ُم َوال َْم ْح ُج ُ‬ ‫َرَم َ‬
‫ــــ‬

‫(‪)70/1‬‬

‫(‪ )22‬صحيح ‪.‬أخرجه الطيالسى (‪ ، )989‬وعبد الرزاق (‪، )7522‬‬


‫وأمحد(‪ )282،280،277،283/5‬والدارمى (‪ ، )1731‬وأبو داود (‪ ، )2367‬والنسائى ((‬
‫الكربى ))(‪ ، )3137/217/2‬وابن ماجه (‪ ، )1680‬وابن اجلارود (‪ ، )386‬وابن خزمية‬
‫(‪ ، )1963،1962‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ )98/2‬وابن حبان (‪ ، )3532‬وابن قانع ((‬
‫معجم الصحابة ))(‪ ، )119/1‬والطرباىن (( الكبري )) (‪ ، )1447/101/2‬واحلاكم (‪، )590/1‬‬
‫والبيهقى (( الكربى ))(‪ ، )265/4‬وابن بشكوال (( غوامض األَساء املبهمة ))(‪ ، )487/1‬وابن‬
‫عساكر (( التاريخ ))(‪ ، )412/94‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪ )1098‬من‬
‫طرق عن حيي بن أىب كثري عن أىب قالبة عن أىب أَساء الرحىب عن ثوابن به ‪.‬‬
‫ورواه عن ابن أىب كثري ‪ :‬األوزاعى ‪ ،‬وهشام الدستوائى ‪ ،‬وشيبان النحوى ‪ ،‬ومعمر ‪ .‬فأما األوزاعى ‪،‬‬
‫صرح بسماع رواته بعضهم من بعض ‪ ،‬كما عند ابن حبان واحلاكم‬
‫جود متنه ‪ ،‬وأقام إسناده ‪ ،‬إذ َّ‬
‫فقد َّ‬
‫والبيهقى ‪ ،‬فقال ‪ :‬حدثِن حيي بن أِب كثري حدثِن أبو قالبة اجلرمي حدثِن أبو أَساء الرحب حدثِن‬
‫ثوابن موىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬خرجت مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف مثان‬
‫عشرة ليلة خلت من رمضان فإذا رجل حيتجم ابلبقيع ‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪(( :‬‬
‫أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪.‬‬
‫قال أبو عيسى الرتمذى ‪ (( :‬وذكر عن علي بن عبد هللا املديىن قال ‪ :‬أصح شيء يف هذا الباب‬
‫حديث ثوابن وشداد بن أوس ‪ ،‬ألن حيي بن أِب كثري روى عن أِب قالبة احلديثني مجيعا حديث ثوابن‬
‫وشداد بن أوس )) ‪.‬‬
‫وبني َساع كل واحد من الرواة‬
‫قال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬قد أقام األوزاعي هذا اإلسناد فجوده ‪َّ ،‬‬
‫من صاحبه ‪ ،‬واتبعه على ذلك ‪ :‬شيبان بن عبد الرمحن النحوي ‪ ،‬وهشام بن أِب عبد هللا الدستوائي‬
‫‪ ،‬وكلهم ثقات فإذن احلديث صحيح على شرط الشيخني ‪ ،‬ومل خيرجاه )) ‪.‬‬

‫(‪)71/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هو كما قال إال قوله على شرطهما ‪ ،‬فإن البخارى مل ِ‬
‫خيرج شيئاً لثوابن ‪ ،‬وال ألىب أَساء الرحىب‬
‫!! ‪.‬‬
‫ومل يتفرد حيي بن أىب كثري عن أىب أَساء ‪ ،‬فقد اتبعه ‪ :‬راشد بن داود الصنعاىن ‪ ،‬والعالء بن احلارث‬
‫عن مكحول ‪ ،‬كالُها عن أىب أَساء الرحىب به ‪.‬‬
‫أخرجه النسائى (( الكربى ))(‪ ، )3136/216/2‬والطرباىن (( األوسط ))(‪، )8396/200/8‬‬
‫والبيهقى (‪ )265/4‬مجيعا عن راشد بن داود ‪ ،‬والنسائى (‪ ، )3135/216/2‬والطرباىن ((‬
‫الشاميني ))(‪ )1519‬كالُها عن العالء بن احلارث عن مكحول ‪ ،‬كالُها ـ راشد ومكحول ـ عن أىب‬
‫أَساء الرحىب عن ثوابن به ‪.‬‬
‫وللحديث طرق عن ثوابن ‪ ،‬وليس ذا موضع بسطها ‪ ،‬وإمنا اقتصران على أصحها ‪.‬‬
‫ض طُُر ِق‬‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف بَـ ْع ِ‬ ‫ال ‪ :‬بـيـنما أ ََان أَم ِشي مع رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ْ ََ َُ‬ ‫(‪ )23‬عن شداد بن أوس قَ َ َ ْ َ َ‬
‫ول ِ‬
‫هللا‬ ‫ضا َن ‪ ،‬وهو ِ‬
‫آخ ٌذ بِيَ ِدي ‪ ،‬فَ َم َّر َعلَى َر ُج ٍل َْحيتَ ِج ُم ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ت ِم ْن َرَم َ‬ ‫ض ْ‬‫ان َع ْش َرةَ َم َ‬‫الْم ِدينَ ِة لِثَم ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم )) ‪.‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬أَفْطََر ا ْحلَاج ُم َوال َْم ْح ُج ُ‬ ‫َ‬
‫ـــ‬
‫(‪ )23‬صحيح ‪ .‬وهو مروى عنه من وجوه ‪:‬‬
‫( األول ) أبو األشعث عن شداد ‪ .‬رواه هكذا أربعة من احلفاظ ‪ :‬أيوب ‪ ،‬ومنصور بن زاذان ‪،‬‬
‫وعاصم األحول ‪ ،‬وخالد احلذاء ‪ .‬ومل ُخيتلف على خالد ومنصور على روايتهما ‪ ،‬وإمنا وقع االختالف‬
‫على أيوب واألحول ‪ ،‬وهو عن اثنيهما أوسع ‪.‬‬

‫(‪)72/1‬‬

‫فقد أخرجه الشافعى (( املسند ))(ص‪ ، )169‬وابن حبان (‪ ، )3534‬والبيهقى (‪ )268/4‬ثالثتهم‬


‫عن عبد الوهاب بن عبد اجمليد ‪ ،‬وأمحد (‪ ، )122/4‬والطرباىن (‪ )7127/277/7‬كالُها عن‬
‫إَساعيل بن علية ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))(‪ ، )3153/221/2‬والطرباىن (( الكبري‬
‫))(‪ )7128/277/7‬كالُها عن يزيد بن زريع ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))(‪، )3138/217/2‬‬
‫والطرباىن (‪ )7129/277/7‬كالُها عن هشيم ‪ ،‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ ، )7124/276/7‬وابن‬
‫شاهني (( الناسخ واملنسوخ ))(‪ )406‬كالُها عن الثورى ‪ ،‬والنسائى (( الكربى‬
‫))(‪ )3152/220/2‬عن ابن أىب عدى ‪ ،‬ستتهم ـ الثورى وابن علية وابن زريع وابن أىب عدى وعبد‬
‫الوهاب الثقفى وهشيم ـ عن خالد احلذاء عن أىب قالبة عن أىب األشعث عن شداد قال ‪:‬كنا مع‬
‫النب صلى هللا عليه وسلم زمان الفتح ‪ ،‬فرأى رجال حيتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان ‪،‬‬
‫فقال وهو آخذ بيدي ‪ (( :‬أفطر احلاجم احملجوم )) ‪ .‬وىف رواية الثورى َسى الرجل (( معقل بن يسار‬
‫)) ‪.‬‬
‫وأخرجه النسائى (( الكربى ))(‪ ، )3138/217/2‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪، )99/2‬‬
‫والطرباىن (‪ ، )7129/277/7‬والبيهقى (‪ )267/4‬مجيعاً عن هشيم عن منصور وخالد عن أىب‬
‫قالبة عن أىب األشعث عن شداد بنحوه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد صرح هشيم ابلسماع من منصور واحلذاء عند النسائى ‪ ،‬فانتفت عنه هتمة التدليس ‪.‬‬
‫وهذا الوجهان ال اختالف على روايتهما ‪ ،‬فهما أرجح روايت هذا احلديث ‪ ،‬وهو اختيار اإلمامني ‪:‬‬
‫على بن املديىن ‪ ،‬والبخارى ‪.‬‬
‫قال احلافظ الزيلعى (( نصب الراية ))(‪ (( : )472/2‬قال الرتمذي يف (( علله الكربى )) ‪ :‬قال‬
‫البخاري ‪ :‬ليس يف هذا الباب أصح من حديث ثوابن وشداد بن أوس ‪ ،‬فذكرت له االضطراب ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬كالُها عندي صحيح ‪ ،‬فإن أاب قالبة روى احلديثني مجيعا ‪ ،‬رواه عن أِب أَساء عن ثوابن ‪،‬‬
‫ورواه عن أِب األشعث عن شداد ‪ .‬قال الرتمذي ‪ :‬وكذلك ذكروا عن ابن املديِن أنه قال ‪ :‬حديث‬
‫ثوابن وحديث شداد صحيحان )) ‪.‬‬

‫(‪)73/1‬‬

‫أما رواية أيوب ‪ .‬فقد أخرجها أمحد (‪ )124/4‬عن محاد بن زيد ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )2369‬واحلاكم‬
‫(‪ )593/1‬والبيهقى (‪ )265/4‬ثالثتهم عن وهيب ‪ ،‬كالُها عن أيوب عن أىب قالبة عن أىب‬
‫األشعث عن شداد به ‪.‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫‪.....................‬‬
‫ــــ‬
‫= وخالفهما معمر ‪ .‬فقد أخرجه عبد الرزاق (‪ ، )5719‬وأمحد (‪ ، )123/4‬والطرباىن (( الكبري ))‬
‫(‪ )7147/285/7‬ثالثتهم عن معمر عن أيوب عن أىب قالبة عن أىب األشعث عن أىب أَساء عن‬
‫شداد ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومعمر ىف البصريني ليس بذاك ‪ ،‬ومحاد ووهيب ىف حديث بلديهما أثبت وأحفظ ‪.‬‬
‫وأما رواية عاصم األحول ‪ ،‬ففيها خالف واسع ‪.‬‬
‫فقد أخرجها الطيالسى (‪ ، )1118‬وأمحد (‪ )124/4‬كالُها عن شعبة ‪ ،‬احلاكم (‪ )593/1‬عن‬
‫شعبة والثورى ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))(‪ )3151،3150،3149/220/2‬عن شعبة وهشام بن‬
‫حسان وسفيان ابن حبيب ‪ ،‬والطرباىن (‪ )7126،7124،7123/276/7‬عن شعبة والثورى‬
‫وهشام ‪ ،‬وعبد الرزاق (‪ ، )7520‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ )7125/276/7‬كالُها عن معمر ‪،‬‬
‫مخستهم عن عاصم عن أىب قالبة عن أىب األشعث عن شداد به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فهؤالء مخسة من احلفاظ الثقات ‪ :‬الثورى وشعبة وهشام وسفيان بن حبيب ومعمر ‪ ،‬يروونه‬
‫عن عاصم مبثل إسناد خالد احلذاء ومنصور بن زاذان ‪.‬‬
‫وخالفهم زائدة وابن أىب عروبة وابن املبارك وعبد الواحد بن زيد ويزيد بن هارون ‪ ،‬كما سيأتى بيانه ‪.‬‬
‫( الثاىن ) أبو األشعث عن أىب أَساء الرحىب عن شداد ‪.‬‬

‫(‪)74/1‬‬
‫فقد أخرجه أمحد (‪ )124،123/4‬عن ابن أىب عروبة ويزيد بن هارون ‪ ،‬والنسائى (( الكربى ))‬
‫(‪ )3148،3147/219/2‬عن زائدة ويزيد ‪ ،‬وابن أىب شيبة (‪ ، )9298/306/2‬والدارمى‬
‫(‪ )1667‬كالُها عن يزيد ‪ ،‬وابن حبان (‪ )3533‬عن ابن املبارك ‪ ،‬والطرباىن (( الكبري‬
‫))(‪ )7152/286/7‬عن عبد الواحد ‪ ،‬مخستهم ـ زائدة وابن أىب عروبة وابن املبارك وعبد الواحد‬
‫ويزيد ـ عن عاصم األحول عن أِب قالبة عن أِب األشعث عن أِب أَساء الرحب عن شداد به ‪.‬‬
‫وأخرجه أمحد (‪ ، )124/4‬والنسائى (( الكربى ))(‪ ، )3145/219/2‬والبزار (‪، )3474‬‬
‫والطرباىن (( الكبري ))(‪ )7150/286/7‬أربعتهم عن ابن فضيل عن داود بن أىب هند عن أىب قالبة‬
‫مبثله ‪.‬‬
‫قال أبو بكر البزار ‪ (( :‬واحلديث حديث خالد احلذاء ‪ .‬وأما حديث داود بن أِب هند عن أِب قالبة‬
‫‪ ،‬فال نعلم أحدا أسنده إال حممد بن فضيل ‪ ،‬وال نعلم أسند داود بن أِب هند عن أِب قالبة غري هذا‬
‫احلديث )) ‪.‬‬
‫وأخرجه أمحد (‪ )124/4‬قال ‪ :‬حدثنا حممد بن يزيد ثنا أبو العالء القصاب عن قتادة عن أِب قالبة‬
‫عن أِب األشعث عن أِب أَساء عن شداد بن أوس به ‪.‬‬
‫واختلف على قتادة ىف روايته على وجوه أخري ‪.‬‬
‫فقد أخرجه الطرباىن (‪ )7154/287/7‬عن يزيد بن هارون ثنا أبو العالء عن قتادة عن أىب أَساء‬
‫عن شداد ‪ ،‬فأسقط من اإلسناد أاب األشعث ‪ ،‬وأاب قالبة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫ال ‪ (( :‬أَفْطََر ا ْحلَاج ُم َوال َْم ْح ُج ُ‬
‫وم )) ‪.‬‬ ‫(‪ )24‬عن َرافِ ِع بْ ِن َخ ِد ٍ‬
‫يج َع ِن النِ ِ‬
‫َّب َ‬
‫ــــ‬
‫= وأخرجه (‪ )7131/277/7‬عن شيبان بن فروخ ثنا سويد أبو حامت عن قتادة عن أِب قالبة عن‬
‫أِب األشعث عن شداد ‪ ،‬فأسقط من اإلسناد أاب أَساء ‪.‬‬
‫وأخرجه (‪ )7153/286/7‬عن عمرو بن عاصم عن ُهام عن قتادة عن أِب قالبة عن أىب أَساء عن‬
‫شداد ‪ ،‬فأسقط من اإلسناد أاب األشعث ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا اضطراب ِبني ‪ ،‬انضاف إليه ضعف أىب العالء وأىب حامت سويد ‪ ،‬مع تدليس قتادة ‪.‬‬
‫( الثالث ) أبو قالبة عن شداد ‪.‬وهذا مرسل ‪.‬‬

‫(‪)75/1‬‬
‫فقد أخرجه أبو داود (‪ ، )2367‬وابن ماجه (‪ )1681‬كالُها عن شيبان عن حيي بن أىب كثري عن‬
‫أِب قالبة أخربه أن شداد بن أوس به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والراجح من هذه األوجه كلها األول ‪ ،‬كما سبق بيان ترجيحه عن ابن املديىن والبخارى‬
‫والبزار ‪.‬‬
‫(‪ )24‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )465/3‬والرتمذى (‪ ، )774‬وابن خزمية (‪ ، )1964‬وابن حبان‬
‫(‪ ، )3535‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ ، )4257/242/4‬واحلاكم (‪ ، )591/1‬والبيهقى (( الكربى‬
‫)) (‪ ، )265/4‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪ )1097‬مجيعاً عن عبد الرزاق عن‬
‫معمر عن حيي بن أِب كثري عن إبراهيم بن عبد هللا بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج‬
‫به ‪.‬‬
‫قال أبو عيسى ‪ (( :‬حديث حسن صحيح ‪ .‬وذكر عن أمحد بن حنبل أنه قال ‪ :‬أصح شيء يف هذا‬
‫الباب حديث رافع بن خديج ‪ ،‬وذكر عن علي بن عبد هللا أنه قال ‪ :‬أصح شيء يف هذا الباب‬
‫حديث ثوابن وشداد بن أوس ‪ ،‬ألن حيي بن أِب كثري روى عن أِب قالبة احلديثني مجيعا ‪ :‬حديث‬
‫ثوابن ‪ ،‬وحديث شداد بن أوس )) ‪.‬‬
‫وقال ابن أىب حامت (( علل احلديث ))(‪ (( : )732/249/1‬قال أىب ‪ :‬وإمنا يروى بذلك االسناد عن‬
‫النب صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬أنه هنى عن كسب احلجام ومهر البغي )) ‪ ،‬وهذا احلديث يف (( أفطر‬
‫احلاجم واحملجوم )) عندي ابطل )) ‪.‬‬
‫وىف (( علل الرتمذى ))(‪ )122/1‬للقاضى أىب طالب ‪ (( :‬قال أبو عيسى ‪ :‬وسألت إسحاق بن‬
‫منصور عنه ‪ ،‬فأىب أن حيدث به عن عبد الرزاق ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو غلط ‪ .‬وسألت حممدا عن هذا احلديث‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬حمفوظ )) ‪.‬‬

‫(‪)76/1‬‬

‫قلت ‪ :‬قد كان جيوز أن يكون احلديث غلطاً ‪ ،‬لو تفرد معمر عن حيي بن أىب كثري ‪ ،‬فإن ىف روايته‬
‫عنه غلط كثري وأوهام ‪ ،‬وهلذا قال حيي بن معني ‪ :‬إذا حدثك معمر عن العراقيني فخفه ‪ ،‬إال عن‬
‫الزهري وابن طاوس ‪ ،‬فإنه حديثه عنهما مستقيم ‪ ،‬فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فال ‪ .‬ولكن مل‬
‫يتفرد معمر عن ابن أىب كثري ‪ ،‬فقد اتبعه معاوية بن سالم ‪ ،‬فصح احلديث هبذا اإلسناد ‪ .‬أخرجه‬
‫احلاكم (‪ ، )592/1‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )265/4‬عن الربيع بن انفع ثنا معاوية بن سالم عن‬
‫حيي ابن أِب كثري إبسناده بنحوه ‪.‬‬
‫صائِ ٌم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َو ُه َو َ‬ ‫احتَ َج َم النِ ُّ‬
‫َّب َ‬ ‫ال ‪ْ :‬‬ ‫وع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس قَ َ‬ ‫(‪َ )25‬‬
‫(‪ )26‬وعن اثبت البناِن أنه سأل أنس بن مالك ‪ :‬أكنتم تكرهون احلجامة للصائم ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ‪ ،‬إال‬
‫من أجل الضعف ‪.‬‬
‫ـــــ‬
‫(‪ )25‬صحيح ‪ .‬أخرجه البخارى (‪ .332/1‬سندى ) ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )2372‬والنسائى (( الكربى‬
‫)) (‪ ، )3217،3218،3219/233/2‬والطحاوى(( شرح املعاىن ))(‪ ، )101/2‬وابن حبان‬
‫(‪ ، )3531‬والطرباىن (( الكبري )) (‪ ، )11859،11860/317/11‬واحلاكم (‪، )593/1‬‬
‫والبيهقى (( الكربى )) (‪ ، )263/4‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪ )1104‬من‬
‫طرق عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو مروى عن ابن عباس من غري ٍ‬
‫وجه ‪ ،‬يرويه عنه ‪ :‬عكرمة ‪ ،‬وسعيد بن جبري ‪ ،‬ومقسم ‪،‬‬
‫وعطاء ‪ ،‬وميمون بن مهران ‪ ،‬والشعىب ‪ .‬وهو مستفيض مشهور عن عكرمة ‪ ،‬رواه عنه مجاعة أجلهم‬
‫وأثبتهم ‪ :‬أيوب ‪.‬‬
‫(‪ )26‬صحيح ‪ .‬أخرجه ابن اجلعد (( املسند ))(‪ )1466‬عن أىب النضر ‪ ،‬والطحاوى (( شرح املعاىن‬
‫)) (‪ )100/2‬عن عبد الرمحن بن زيد ‪ ،‬كالُها عن شعبة عن محيد قال ‪ :‬سأل اثبت البناِن أنس بن‬
‫مالك هل كنتم تكرهون احلجامة للصائم قال ‪ :‬فذكره ‪.‬‬

‫(‪)77/1‬‬

‫وأخرجه البيهقى (( الكربى ))(‪ )263/4‬من طريق إبراهيم بن احلسني بن ديزيل ثنا آدم ثنا شعبة عن‬
‫محيد قال ‪َ :‬سعت اثبت البناِن وهو يسأل أنس بن مالك ‪ :‬أكنتم تكرهون احلجامة للصائم ؟ ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬فذكره ‪.‬‬
‫وهو ىف (( صحيح البخارى ))(‪ : )332/1‬حدثنا آدم ثنا شعبة قال ‪َ :‬سعت اثبتا البناِن يسأل أنس‬
‫بن مالك ‪ :‬أكنتم تكرهون احلجامة للصائم ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ‪ ،‬إال من أجل الضعف ‪ .‬وزاد شبابة ثنا‬
‫شعبة على عهد النب صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر (( تغليق التعليق ))(‪ (( : )182/3‬حديث آدم عند البخاري َما وقع فيه‬
‫اخللل َمن هو دونه ‪ ،‬فقد رواه أبو ذر عن مشاخيه على الصواب ‪ ،‬ولكن وقع يف كثري من الروايت‬
‫َسعت اثبتا البناِن يسأل أنس بن مالك ‪ ،‬وهو خطأ ‪ .‬وقد رواه إبراهيم بن احلسني بن ديزيل احلافظ‬
‫‪ ،‬وجعفر بن حممد القالنسي ‪ ،‬وأبو قرصافة حممد بن عبد الوهاب العسقالِن ‪ ،‬وغريهم عن آدم عن‬
‫شعبة عن محيد الطويل قال ‪َ :‬سعت اثبتا يسأل أنسا ‪ .‬وهذا هو الذي ال يتجه غريه ‪ ،‬فإن شعبة مل‬
‫يلحق أنسا ‪ ،‬ومل يسمع منه ‪ ،‬وإن كان بعضهم أثبت له رؤية )) ‪.‬‬
‫(‪ )27‬وعن أنس بن مالك قال ‪ :‬أول ما كرهت احلجامة للصائم ‪ ،‬أن جعفر بن أِب طالب احتجم‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم فقال ‪ :‬أفطر هذان ‪ ،‬مث رخص النب َ‬
‫وهو صائم ‪ ،‬فمر به النَّب َ‬
‫َو َسلَّ َم بعد يف احلجامة للصائم ‪ ،‬وكان أنس حيتجم وهو صائم ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫(‪ )27‬صحيح ‪ .‬أخرجه الدارقطىن (‪ )182/2‬قال ‪ :‬حدثنا أبو القاسم عبد هللا بن حممد بن عبد‬
‫العزيز ثنا عثمان بن أِب شيبة ثنا خالد بن خملد ان عبد هللا بن املثىن عن اثبت البناِن عن أنس بن‬
‫مالك قال ‪ :‬أول ما كرهت احلجامة للصائم أن جعفر بن أِب طالب احتجم وهو صائم ‪ ،‬فمر به النب‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ (( :‬أفطر هذان )) ‪ ،‬مث رخص النب صلى هللا عليه وسلم بعد يف‬
‫احلجامة للصائم ‪ ،‬وكان أنس حيتجم ‪ ،‬وهو صائم ‪.‬‬

‫(‪)78/1‬‬

‫وأخرجه البيهقى (( الكربى ))(‪ ، )268/4‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪)1106‬‬
‫‪ ،‬والضياء (( األحاديث املختارة ))(‪ ، )1748/126/5‬وابن بشكوال (( غوامض األَساء املبهمة‬
‫))(‪ )488/1‬مجيعاً إبسناد الدارقطىن ومتنه ‪.‬‬
‫قال أبو احلسن الدارقطىن ‪ (( :‬كلهم ثقات ‪ ،‬وال أعلم له علة )) ‪.‬‬
‫وقال احلافظ الزيلعى (( نصب الراية ))(‪ (( : )480/2‬قال (( صاحب التنقيح )) ‪ :‬هذا حديث‬
‫منكر ‪ ،‬ال يصح االحتجاج به ‪ ،‬ألنه شاذ اإلسناد واملنت ‪ .‬وكيف يكون هذا احلديث صحيحا ساملا‬
‫من الشذوذ والعلة ‪ ،‬ومل خيرجه أحد من أصحاب (( الكتب الستة )) ‪ ،‬وال هو يف املصنفات‬
‫املشهورة ‪ ،‬وال يف السنن املأثورة ‪ ،‬وال يف املسانيد املعروفة ‪ ،‬وهم حيتاجون إليه أشد احتياج ‪ ،‬وال‬
‫نعرف أحدا رواه يف الدنيا إال الدارقطِن ‪ .‬مث إن خالد بن خملد القطواِن ‪ ،‬وعبد هللا بن املثىن ‪ ،‬وإن‬
‫كاان من رجال الصحيح فقد تكلم فيهما غري واحد من األئمة ‪ .‬قال أمحد بن حنبل ‪ :‬خالد له‬
‫أحاديث مناكري ‪ .‬وقال ابن سعد ‪ :‬منكر احلديث مفرط التشيع ‪ .‬وقال السعدي ‪ :‬كان معلنا بسوء‬
‫مذهبه ‪ .‬ومشاه ابن عدي فقال ‪ :‬هو عندي إن شاء هللا ال أبس به ‪ .‬وأما ابن املثىن ‪ ،‬فقال أبو عبيد‬
‫اآلجري ‪ :‬سألت أاب داود عن عبد هللا بن املثىن األنصاري ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال أخرج حديثه ‪ .‬وقال النسائي‬
‫‪ :‬ليس ابلقوي ‪ .‬وذكره ابن حبان يف (( الثقات )) ‪ ،‬وقال ‪ :‬رمبا أخطأ ‪ .‬وقال الساجي ‪ :‬فيه ضعف‬
‫‪ ،‬مل يكن صاحب حديث ‪ .‬وقال املوصلي ‪ :‬روى مناكري ‪ .‬وأصحاب الصحيح إذا رووا ملن تكلم فيه‬
‫فإهنم يدعون من حديثه ما تفرد به ‪ ،‬وينتقون ما وافق فيه الثقات ‪ ،‬وقامت شواهده عندهم ‪.‬‬
‫وأيضا فقد خولف عبد هللا بن املثىن يف رواية هذا احلديث عن اثبت البناىن ‪ ،‬خالفه شعبة بن احلجاج‬
‫‪ ،‬كما هو يف صحيح البخاري )) اهـ ‪.‬‬

‫(‪)79/1‬‬

‫قلت ‪ :‬عجيب غريب هذا الدفع للحديث من احلافظ ابن عبد اهلادى الدمشقى ‪ ،‬فإن مل تكن ((‬
‫سنن الدارقطىن )) ‪ ،‬و(( السنن الكربى )) للبيهقى ‪ ،‬و(( األحاديث املختارة )) للضياء ‪ ،‬من‬
‫املصنفات املشهورة ‪ ،‬فما هى إذن ؟! ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم رخص يف احلجامة للصائم ‪.‬‬
‫(‪ )28‬عن أِب سعيد اخلدري ‪ :‬أن النَّب َ‬
‫وأما احلجامة للصائم وأحكامها ‪ ،‬ففيها ثالث مسائل ‪:‬‬
‫[ املسألة األوىل ] أحاديث حجامة الصائم على نوعني ‪:‬‬
‫َّب‬
‫( النوع األول ) أحاديث الفطر ابحلجامة للحاجم واحملجوم ‪ ،‬وهى متعددة الطرق رواها عن الن َّ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أربعة عشر نفساً ‪ :‬ثوابن ‪ ،‬وشداد بن أوس ‪ ،‬ورافع بن خديج ‪ ،‬وأبو هريرة ‪،‬‬
‫َ‬
‫وعائشة ‪ ،‬وبالل ‪ ،‬وأسامة بن زيد ‪ ،‬ومعقل بن سنان ‪ ،‬وعلي بن أِب طالب ‪ ،‬وسعد بن أِب وقاص‬
‫وأبو زيد األنصاري ‪ ،‬وأبو موسى األشعري ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وابن عمر ‪.‬‬
‫وأكثر هذه األحاديث ضعاف ‪ ،‬وإمنا اقتصران على الصحاح منها ‪ ،‬وحنن نتحنث من ذكر ابقيها ‪.‬‬
‫وقد حكى أبو عيسى الرتمذي عن علي بن املديِن أنه قال ‪ :‬أصح شيء يف هذا الباب حديث ثوابن‬
‫وحديث شداد بن أوس ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫= واجلواب على هذا من الواجب املتعني على احلافظ ‪ ،‬ما دامت صحة األحاديث منوطة بتخرجيها‬
‫فيها ‪ ،‬وهيهات أن حيدد هلا جواابً قاطعاً ‪ ،‬فليس مصنَّف َما سيذكره احلافظ إال وقد فاته من‬
‫الصحاح أضعاف ما أخرجه ‪ .‬فهذا إمام احملدثني يقول ‪ :‬صنفت (( اجلامع الصحيح )) من ستمائة‬
‫ألف حديث يف ست عشرة سنة ‪ ،‬وجعلته حجة فيما بيِن وبني هللا ‪ .‬فكم من صحاح األحاديث إذن‬
‫ىف اخلفاي !! ‪.‬‬

‫(‪)80/1‬‬

‫وأما عبد هللا بن املثىن ‪ ،‬وخالد بن خملد القطواىن ‪ ،‬فكالُها ثقتان ‪ ،‬احتج هبما الشيخان ىف ((‬
‫الصحيحني )) ‪ .‬والقطواىن ثقة صدوق على تشيع فيه ‪ ،‬وكان كثري احلديث ‪ ،‬وهو ىف عداد املكثرين‬
‫من حمدثى الكوفة ‪ .‬وقد أخرج له البخارى ىف (( صحيحه )) ثالثني حديثاً ‪ .‬وأما مناكريه ‪ ،‬فقد ساق‬
‫له ابن عدى ىف (( الكامل )) عشرة أحاديث ‪ ،‬وليس هذا احلديث منها ‪ ،‬وال يستنكر تفرده ‪ ،‬فله‬
‫شاهد بسند صحيح من حديث أىب سعيد اخلدرى ‪ ،‬وهو التاىل ‪.‬‬
‫وأما دعوى معارضة هذا احلديث لألخر عن اثبت أنه سأل أنس ‪ :‬أكنتم تكرهون احلجامة للصائم ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ال إال من أجل الضعف ‪ ،‬فال تعارض بينهما ‪ ،‬بل ُها متفقان على ثبوت الرخصة ىف حق‬
‫الصائم ‪ ،‬فإن اجلواب بال عمن سأل عن كراهتها للصائم يفيد أهنا غري مكروهة إبطالق ‪ ،‬وإمنا تكره‬
‫ملن خيشى اجلهد والضعف ‪ ،‬وهلذا وردت الرواية عن سليمان بن املغرية عن اثبت عن أنس قال ‪ :‬ما‬
‫كنا ندع احلجامة إال كراهة اجلهد ‪.‬‬
‫(‪ )28‬صحيح ‪ .‬أخرجه الطرباىن (( األوسط ))(‪ ، )2725/138/3‬والدارقطىن (‪، )15/183/2‬‬
‫والبيهقى (( الكربى ))(‪ )264/4‬من طريق معتمر بن سليمان عن محيد عن أِب املتوكل الناجى عن‬
‫أِب سعيد به ‪.‬‬
‫وأخرجه الدارقطىن (‪ ، )10،9/182/2‬والبيهقى (‪ )264/4‬كالُها من طريقى إسحاق األزرق‬
‫واألشجعى مفرقني عن الثورى عن خالد احلذاء عن أىب املتوكل عن أىب سعيد به حنوه ‪.‬‬
‫قال أبو عيسى الرتمذي ‪ (( :‬وسألت البخاري فقال ‪ :‬ليس يف هذا الباب شيء أصح من حديث‬
‫شداد بن أوس وثوابن ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬كيف وما فيه من االضطراب ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬كالُها عندي صحيح ‪،‬‬
‫ألن حيي بن أىب كثري روى عن أِب قالبة عن أِب أَساء عن ثوابن ‪ ،‬وعن أِب األشعث عن شداد بن‬
‫أوس احلديثني مجيعاً )) ‪.‬‬

‫(‪)81/1‬‬
‫وحكى أبو بكر البيهقى عن أمحد بن حنبل قوله ‪ :‬أحاديث أفطر احلاجم واحملجوم وال نكاح إال بوِل‬
‫أحاديث يشد بعضها بعضا وأان أذهب إليها ‪ .‬وعن إسحاق بن راهويه قوله ‪ :‬حديث شداد بن أوس‬
‫هذا إسناد صحيح تقوم به احلجة ‪ ،‬وبه نقول ‪.‬‬
‫وهبذه األحاديث قال بعض الصحابة ‪ :‬على بن أىب طالب ‪ ،‬وأبو موسى األشعرى ‪ ،‬وابن عمر آخر‬
‫أمره ‪ ،‬وكان يرى الرخصة أول أمره ‪ .‬وذهب إىل الفطر من التابعني ‪ :‬عطاء بن أِب رابح ‪ ،‬ومسروق ‪،‬‬
‫واحلسن ‪ ،‬وابن سريين ‪ .‬وبه قال ‪ :‬عبد الرمحن بن مهدي ‪ ،‬واألوزاعي ‪ ،‬وأمحد ‪ ،‬وإسحاق بن راهويه‬
‫‪ ،‬وأبو بكر بن املنذر ‪ ،‬وحممد بن إسحاق بن خزمية ‪ .‬واملشهور عن أمحد ابن حنبل التغليظ يف ذلك‬
‫‪ .‬قال أمحد ‪ :‬إن احتجم يف رمضان فقد أفطر يقضي يوما مكانه ‪ .‬وقال أبو بكر املروزي ‪ :‬احتجمت‬
‫يف صيام التطوع ‪ ،‬فقال ِل أمحد بن حنبل ‪ :‬قد أفطرت ‪0‬‬
‫( النوع الثاىن ) أحاديث إابحة احلجامة للصائم ‪ ،‬وتروى عن ابن عباس ‪ ،‬وأنس ‪ ،‬وأىب سعيد اخلدرى‬
‫‪ ،‬وكلها صحاح اثبتة ‪ .‬وَمن ذهب إىل الرخصة والقول أبن احلجامة ال تبطل الصوم ‪ :‬سعد بن أِب‬
‫وقاص ‪ ،‬وعبد هللا بن مسعود ‪ ،‬وعبد هللا بن عباس ‪ ،‬وعبد هللا بن عمر ‪ ،‬وأنس بن مالك ‪ ،‬وأبو‬
‫سعيد اخلدرى ‪ ،‬واحلسني بن علي ‪ ،‬وزيد بن أرقم ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬وأم سلمة ‪ .‬ومن التابعني ‪ :‬عروة بن‬
‫الزبري ‪ ،‬والقاسم بن حممد ‪ ،‬وسامل بن عبد هللا ‪ ،‬والشعىب ‪ ،‬وسعيد بن جبري ‪ ،‬وجماهد ‪ ،‬وطاوس ‪ .‬وهبا‬
‫قال مجهور العلماء ‪ :‬مالك ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬والشافعى ‪ ،‬وداود الظاهرى ‪.‬‬

‫(‪)82/1‬‬

‫[ املسألة الثانية ] قال حيي بن حيي (( املوطأ ))(‪ : )278/1‬ابب ما جاء يف حجامة الصائم ‪ .‬عن‬
‫مالك عن انفع عن عبد هللا بن عمر ‪ :‬أنه كان حيتجم وهو صائم ‪ ،‬قال ‪ :‬مث ترك ذلك بعد ‪ ،‬فكان‬
‫إذا صام مل حيتجم حىت يفطر ‪ .‬وعن مالك عن ابن شهاب ‪ :‬أن سعد بن أِب وقاص وعبد هللا بن عمر‬
‫كاان حيتجمان وُها صائمان ‪ .‬وعن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه ‪ :‬أنه كان حيتجم وهو صائم ‪،‬‬
‫مث ال يفطر ‪ .‬قال ‪ :‬وما رأيته احتجم قط إال وهو صائم ‪.‬‬
‫قال مالك ‪ :‬ال تكره احلجامة للصائم إال خشية من أن يضعف ‪ ،‬ولوال ذلك مل تكره ‪ .‬ولو أن رجال‬
‫احتجم يف رمضان ‪ ،‬مث سلم من أن يفطر ؛ مل أر عليه شيئا ومل آمره ابلقضاء لذلك اليوم الذي‬
‫احتجم فيه ‪ ،‬ألن احلجامة إمنا تكره للصائم ملوضع التغرير ابلصيام ‪ .‬فمن احتجم وسلم من أن يفطر‬
‫حىت ميسي ؛ فال أرى عليه شيئا ‪ ،‬وليس عليه قضاء ذلك اليوم ‪.‬‬
‫وىف (( األم ))(‪ )97/2‬لإلمام الشافعى ‪ (( :‬قال الربيع بن سليمان ‪ :‬قال الشافعي ‪ :‬قال بعض‬
‫أصحابنا ال أبس أن حيتجم الصائم ‪ ،‬وال يفطره ذلك ‪ .‬أخربان مالك عن انفع عن ابن عمر ‪ :‬أنه كان‬
‫حيتجم وهو صائم مث ترك ذلك ‪ .‬وأخربان مالك عن هشام بن عروة ‪ :‬أنه مل ير أابه قط احتجم إال‬
‫وهو صائم ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬وهذا فتيا كثري َمن لقيت من الفقهاء ‪ ،‬وقد روي عن النب صلَّى هللا‬
‫عليه وسلم أنه قال ‪ (( :‬أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ ،‬وروي عنه ‪ :‬أنه احتجم صائماً ‪.‬‬
‫قال الشافعي ‪ :‬وال أعلم واحدا منهما اثبتاً ‪ ،‬ولو ثبت واحد منهما عن النب صلَّى هللا عليه وسلم‬
‫إىل ‪ ،‬ولو احتجم‬
‫قلت به ‪ ،‬فكانت احلجة يف قوله ‪ ،‬ولو ترك رجل احلجامة صائما للتوقي كان أحب َّ‬
‫مل أره يفطره )) ‪.‬‬

‫(‪)83/1‬‬

‫وىف (( اختالف احلديث ))(‪ )197/1‬له ‪ (( :‬قال الربيع بن سليمان ‪ :‬قال الشافعي ‪ :‬أخربان عبد‬
‫الوهاب بن عبد اجمليد عن خالد احلذاء عن أِب قالبة عن أِب األشعث الصنعاِن عن شداد بن أوس‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم زمان الفتح ‪ ،‬فرأى رجال حيتجم لثمان عشرة خلت من‬ ‫قال ‪ :‬كنت مع النب َ‬
‫رمضان ‪ ،‬فقال وهو آخذ بيدي ‪ :‬أفطر احلاجم واحملجوم ‪ .‬أخربان سفيان عن يزيد بن أِب زيد عن‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم احتجم حمرما صائما‪.‬‬
‫مقسم عن ابن عباس ‪ :‬أن رسول هللا َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم عام الفتح ‪ ،‬ومل يكن يومئذ‬ ‫قال الشافعي ‪ :‬وَساع شداد بن أوس عن رسول هللا َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم عام‬
‫حمرما ‪ ،‬ومل يصحبه حمرم قبل حجة اإلسالم ‪ ،‬فذكر ابن عباس حجامة النب َ‬
‫حجة اإلسالم سنة عشر ‪ ،‬وحديث (( أفطر احلاجم واحملجوم )) يف الفتح سنة مثان قبل حجة‬
‫اإلسالم بسنتني ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬فإن كاان اثبتني ‪ ،‬فحديث ابن عباس انسخ ‪ ،‬وحديث إفطار ((‬
‫احلاجم واحملجوم )) منسوخ ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وإسناد احلديثني معا مشتبه ‪ ،‬وحديث ابن عباس أمثلهما إسناداً ‪ ،‬فإن توقى رجل احلجامة كان‬
‫إِل احتياطا ‪ ،‬ولئال يعرض صومه أن يضعف فيفطر ‪ ،‬وإن احتجم فال تفطره احلجامة إال أن‬
‫أحب َّ‬
‫حيدث بعدها ما يفطره ‪.‬‬
‫قال الشافعي ‪ :‬ومع حديث ابن عباس القياس ؛ أن ليس الفطر من شيء خيرج من جسده إال أن‬
‫خيرج الصائم من جوفه متقيأ ‪ ،‬وأن الرجل قد يقبل وهو متلذذ فال يبطل صومه ‪ ،‬ويعرق ويتوضأ‬
‫وخيرج منه اخلالء والريح والبول ويغتسل ويتنور فال يبطل صومه ‪ ،‬وإمنا يفطر من إدخال ٍ‬
‫شئ البدن ‪،‬‬
‫أو التلذذ ابجلماع أو التقييء ‪ ،‬فيكون على هذا إخراج شيء من جوفه كما عمد إدخاله فيه قال ‪:‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم والتابعني وعامة املدنيني أنه ‪ :‬ال‬
‫والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول هللا َ‬
‫يفطر أحد ابحلجامة )) ‪.‬‬

‫(‪)84/1‬‬

‫وقال أبو جعفر الطحاوى (( شرح معاىن اآلاثر ))(‪ (( : )101/2‬حدثنا ابن أىب داود ثنا أبو معمر‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬
‫ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬احتجم رسول هللا َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم على أن احلجامة ال تفطر الصائم ‪ ،‬ولو كانت َما‬
‫وهو صائم ‪ .‬فدل فعله هذا َ‬
‫يفطر الصائم إذن ملا احتجم وهو صائم ‪ .‬فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح اآلاثر ‪ ،‬وأما‬
‫وجهه من طريق النظر ‪ ،‬فإان رأينا خروج الدم أغلظ أحواله أن يكون حداثً ينتقض به الطهارة ‪ ،‬وقد‬
‫رأينا الغائط والبول خروجهما حدث ينتقض به الطهارة ‪ ،‬وال ينقض الصيام ‪ ،‬فالنظر على ذلك أن‬
‫يكون الدم كذلك ‪ ،‬وقد رأينا الصائم ال يفطره فصد العرق ‪ ،‬فاحلجامة يف النظر أيضا كذلك ‪ .‬وهو‬
‫قول أىب حنيفة وأىب يوسف وحممد رمحهم هللا تعاىل ‪ .‬وقد حدثنا حممد بن خزمية ثنا حجاج ثنا محاد‬
‫عن حيي بن سعيد ‪ :‬أن سامل بن عبد هللا والقاسم بن حممد كاان ال يرين ابحلجامة للصائم ‪ ،‬أرأيت لو‬
‫احتجم على ظهر كفه أكان ذلك يفطره ؟ )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬قالوا ‪ :‬ليس فيما رويتموه عن النب صلى هللا عليه وسلم من قوله (( أفطر احلاجم‬
‫واحملجوم )) ؛ ما يدل على أن ذلك الفطر كان من أجل احلجامة ‪ ،‬قد جيوز أن يكون النب صلى هللا‬
‫عليه وسلم أخرب أهنما أفطرا مبعىن آخر ‪ ،‬وصفهما مبا كاان يفعالنه حني أخرب عنهما بذلك ‪.‬‬

‫(‪)85/1‬‬

‫وقد روى عن أىب األشعث الصنعاِن وهو أحد من روى ذلك احلديث يف هذا املعىن ‪ ،‬ما حدثناه ابن‬
‫أىب داود قال ثنا الوحاظي ثنا يزيد بن ربيعة الدمشقي عن أىب األشعث الصنعاِن قال ‪ :‬إمنا قال النب‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ ،‬ألهنما كاان يغتاابن ‪ .‬وهذا املعىن معىن صحيح ‪،‬‬
‫وليس افطارُها ذلك كاإلفطار ابألكل والشرب واجلماع ‪ ،‬ولكنه حبط أجرُها ابغتياهبما ‪ ،‬فصارا‬
‫بذلك مفطرين ال أنه إفطار يوجب عليهما القضاء ‪ ،‬وهذا كما قيل ‪ :‬الكذب يفطر الصائم ‪ ،‬ليس‬
‫يراد به الفطر الذي يوجب القضاء ‪ ،‬إمنا هو على حبوط األجر بذلك ‪ ،‬كما حيبط ابألكل والشرب‬
‫)) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا الوجه الذى ذكره أبو جعفر الطحاوى من أن فطرُها كان ابلغيبة من أبعد الوجوه‬
‫وأعجبها ‪ ،‬وعليه مؤاخذات ‪:‬‬
‫( األوىل ) أن احلديث احملتج به حكم اإلمام على بن املديىن ‪ :‬أنه ابطل ‪ ،‬وفيه يزيد بن ربيعة أبو‬
‫كامل الرحب الدمشقي الصنعاِن ‪ .‬قال البخاري ‪ :‬أحاديثه مناكري ‪ .‬وقال السعدي ‪ :‬أحاديثه أابطيل‬
‫أخاف أن تكون موضوعة ‪ .‬وقال أبو حامت الرازي ‪ :‬ضعيف احلديث منكر احلديث واهي احلديث ‪،‬‬
‫وىف روايته عن أىب األشعث عن ثوابن ختليط كثري ‪ .‬وقال النسائي ‪ :‬مرتوك احلديث ‪.‬‬
‫وقال ابن حبان ‪ :‬كان صدوقا إال انه اختلط يف آخر عمره فكان يروي أبشياء مقلوبة ال جيوز‬
‫االحتجاج به إذا انفرد ‪.‬‬
‫( الثانية ) أن أحداً مل يقل أبن الغيبة تفطر الصائم حقيقةً ‪ ،‬وهلذا قال أبو بكر بن خزمية ‪ (( :‬جاء‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إمنا قال ‪ (( :‬أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ ،‬ألهنما كاان‬
‫بعضهم أبعجوبة ‪ ،‬فزعم أنه َ‬
‫يغتاابن ‪ .‬فإذا قيل له ‪ :‬فالغيبة تفطر الصائم ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ‪ ،‬فعلى هذا ال خيرج من خمالفة احلديث‬
‫حبجة !! )) ‪.‬‬

‫(‪)86/1‬‬

‫( الثالثة ) قوله (( أنه ال يراد به الفطر املوجب للقضاء ‪ ،‬وإمنا يراد به حبوط األجر )) ‪ ،‬القائل هبذا‬
‫كاملستجري من الرمضاء ابلنار ‪ ،‬أو كالبس ثوىب زور ال يسرتانه ‪ ،‬إذ كيف حيبط أجر من فعل مباحاً‬
‫مأذوانً ىف فعله ؟! ‪ ،‬وهل ُعرف من أحكام الشارع إذنه ىف ٍ‬
‫فعل ‪ ،‬مث معاقبة فاعله وأتثيمه ؟ ‪.‬‬
‫( الرابعة ) قال احلافظ ابن القيم ‪ (( :‬وأما اجلواب ‪ :‬أبن الفطر فيها مل يكن للحجامة ‪ ،‬وذكر احلاجم‬
‫للتعريف احملض كزيد وعمر ‪ ،‬ففي غاية البطالن من وجوه ‪:‬‬
‫( أحدها ) أن ذلك يتضمن اإلهبام والتلبيس ‪ ،‬أبن يذكر وصفا يرتب عليه احلكم ‪ ،‬وال يكون له فيه‬
‫أتثري البتة ‪.‬‬
‫( الثاِن ) أن هذا يبطل عامة أحكام الشرع الِت رتبها على األوصاف ‪ ،‬إذا تطرق إليها هذا اخليال‬
‫والوهم ‪ ،‬كقوله تعاىل (( الزانية والزاِن فاجلدوا كل واحد منهما )) و(( والسارق والسارقة فاقطعوا‬
‫أيديهما )) و(( والاليت َيتني الفاحشة )) ‪ ،‬ومعلوم أنه ليس أبيدينا إال أوصاف رتبت عليها األحكام‬
‫‪ .‬فإن جاز أن تكون تلك األوصاف للتعريف ال للتعليل بطلت األحكام ‪.‬‬
‫( الثالث ) أنه ال يفهم قط أحد ‪ ،‬ال من اخلاصة والعامة ‪ ،‬من قول القائل ‪ :‬القاتل ال يرث ‪ ،‬والعبد‬
‫ال يرث ‪ ،‬والكافر ال يرث ‪ ،‬والقاذف ال تقبل شهادته ‪ ،‬واحملدث ال تصح صالته ‪ ،‬وأمثال ذلك ‪ ،‬إال‬
‫تعلق األحكام بتلك األوصاف ‪ .‬وهلذا ال حيسن ذكر وصف ال أتثري له يف احلكم ‪ ،‬فكيف يضاف‬
‫ذلك إىل الشارع ‪ ،‬سبحانك هذا هبتان عظيم ‪.‬‬

‫(‪)87/1‬‬

‫( الرابع ) أن هذا قدح يف أفهام الصحابة ‪ ،‬الذين هم أعرف الناس ‪ ،‬وأفهم الناس مبراد نبيهم ‪،‬‬
‫ومبقصود كالمه ‪ .‬وقد قال أبو موسى لرجل قال له ‪ :‬أال حتتجم هنارا ! ‪ ،‬قال ‪ :‬أأتمرِن أن أهريق دمي‬
‫وأان صائم ‪ ،‬وقد َسعت رسول هللا يقول ‪ (( :‬أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ .‬والذين فطروا بذلك من‬
‫الصحابة ‪ :‬كعلي ‪ ،‬وأِب موسى وغريهم ‪ ،‬إمنا حيتجون ابحلديث ‪ .‬وكان مجاعة من الصحابة ال‬
‫حيتجمون يف الصيام إال ليال ‪ ،‬منهم ‪ :‬عبد هللا بن عمرو ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وأبو موسى ‪ ،‬وأنس ‪،‬‬
‫وحيتجون ابحلديث )) ‪.‬‬
‫وخالصة القول ‪ :‬أن حديث (( أفطر احلاجم واحملجوم )) صحيح ال ريب فيه ‪ ،‬وقد ثبت العمل به‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وبعد زمنه ‪ ،‬ولوال ورود الرخصة ىف احلجامة للصائم ‪،‬‬
‫زمناً على عهد رسول هللا َ‬
‫ابألحاديث املتيقن ثبوهتا وصحتها ‪ ،‬لقلنا مبوجب حديث (( أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪ ،‬أما وقد قال‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم (( إن هللا حيب أن تؤتى رخصه كما حيب أن تؤتى عزائمه )) ‪ ،‬فقد تعني قبول‬‫َ‬
‫الرخصة ‪ ،‬ألهنا متيقنة بعد النهي ‪ ،‬وهبذه الرخصة جازت احلجامة للصائم ‪.‬‬
‫[ املسألة الثالثة ] قد ابن َما نقلناه من أقوال املرخصني ىف احلجامة للصائم ‪ ،‬أهنم أجابوا عن‬
‫أحاديث الفطر أبجوبة ‪:‬‬
‫( األول ) أهنا معلولة وأن أحاديث الرخصة أمثل إسناداً ‪.‬‬
‫( الثاِن ) أهنا منسوخة أبحاديث الرخصة ‪.‬‬
‫( الثالث ) أن الفطر فيها مل يكن ألجل احلجامة بل ألجل الغيبة ‪ ،‬وذكر احلاجم واحملجوم للتعريف ال‬
‫للتعليل ‪.‬‬
‫( الرابع ) أن الفطر فيها ليس على احلقيقة ‪ ،‬ولكن على معىن التعرض ألن يفطر ‪ ،‬ملا يلحقه من‬
‫الضعف واجلهد ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هبما كان مساءاً يف وقت الفطر ‪،‬‬
‫( اخلامس ) أنه على احلقيقة ‪ ،‬وأن مرور النب َ‬
‫فأخرب أهنما قد افطرا ودخال يف وقت الفطر يعِن فليصنعا ما أحبا ‪.‬‬
‫( السادس ) أنه تغليظ ودعاء عليهما ‪ ،‬ال أنه خرب عن حكم شرعي بفطرُها ‪.‬‬

‫(‪)88/1‬‬

‫( السابع ) أن على التنزيه والتوقى عما يبطل ثواب صومهما ‪.‬‬


‫( الثامن ) أنه لو قدر تعارض األخبار مجلة لكان األخذ أبحاديث الرخصة أوىل ‪ ،‬لتأيدها ابلقياس‬
‫وشواهد أصول الشريعة هلا ‪ ،‬إذ الفطر إمنا قياسه أن يكون مبا يدخل اجلوف ال ابخلارج منه ‪.‬‬
‫وقد أجاب القائلون ابلفطر على أكثر هذه االستدالالت ودفعوها ‪ ،‬ومع ذا فقد بقيت احلجة قائمة‬
‫للرتخيص ىف احلجامة للصائم بطريقني صحيحني ال مطعن ىف ٍ‬
‫واحد منهما إال بنوع تعسف ‪:‬‬
‫صح عن أِب سعيد اخلدري ‪ :‬أن رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم أرخص يف احلجامة‬
‫( أوهلما ) ما َّ‬
‫للصائم ‪ .‬ولفظة أرخص ال تكون إال بعد هنى ‪ ،‬فهى قرينة تؤيد القول بنسخ حديث إفطار احملجوم ‪،‬‬
‫وإن كانت داللة حديث ابن عباس على النسخ غري انهضة ابحلجة ‪ ،‬لعدم اجلزم بتوقيت حجامته‬
‫صلَّى هللا عليه وسلَّم صائماً على وجه القطع والتعيني ‪.‬‬
‫( اثنيهما ) قوة احلجة ىف العمل ابلرخصة بتأيدها ابلقياس وشواهد أصول الشريعة ‪.‬‬
‫قال ابن اىب شيبة (‪ : )9319/308/2‬حدثنا وكيع عن األعمش عن أِب ظبيان عن ابن عباس ‪ :‬يف‬
‫احلجامة للصائم ‪ ،‬قال ‪ :‬الفطر َما دخل وليس َما خيرج ‪.‬‬
‫بيان حكم حجامة النساء‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف ا ْحلِ َج َام ِة ‪ ،‬فَأ ََم َر النِ ُّ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫(‪َ )29‬ع ْن َجابِ ٍر ‪ :‬أ َّ‬
‫َّب‬ ‫ول هللا َ‬ ‫استَأْذَنَ ْ َ ُ‬ ‫َن أ َُّم َسلَ َمةَ ْ‬
‫اع ِة ‪ ،‬أ َْو‬
‫ضَ‬ ‫اها ِم َن َّ‬
‫الر َ‬ ‫َخ َ‬ ‫ال ‪َ :‬كا َن أ َ‬ ‫ال ‪َ :‬ح ِس ْب ُ‬
‫ت أَنَّهُ قَ َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أ ََاب طَْيـبَةَ أَ ْن َْحي ُج َم َها ‪ .‬قَ َ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫الما َملْ َْحيتَل ْم ‪.‬‬
‫غُ ً‬
‫هذا احلديث غاية ىف الصحة ‪ ،‬وهلذا أودعه أبو احلسني مسلم بن احلجاج النيسابورى ىف (( صحيحه‬
‫)) ‪ ،‬وهو قائم مقام االحتجاج ىف جواز تطبب املرأة ‪ ،‬ومداواهتا بيد الرجل املوثوق أبمانته ودينته‬
‫وصيانته حلرمات النساء ‪ ،‬وهلذا َّبوب عليه اإلمام أبو حامت بن حبان ىف (( التقاسيم واألنواع )) ‪:‬‬

‫(‪)89/1‬‬
‫ذكر األمر للمرأة أن حيجمها الرجل عند الضرورة إذا كان الصالح فيها موجوداً‬
‫الما َملْ َْحيتَلِ ْم ‪ ،‬فمما‬ ‫ض َِ‬
‫اعة ‪ ،‬أ َْو غُ ً‬ ‫اها ِم َن ال َّر َ‬
‫َخ َ‬ ‫وأما قول الراوى ىف احلديث ‪َ :‬ح ِس ْب ُ‬
‫ت أَنَّهُ قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬كا َن أ َ‬
‫ال يلزمنا قبوله إبطالق ‪ ،‬فهو من إدراج أحد الرواة دون جابر بن عبد هللا ‪ ،‬وال ميكن القطع بتعيينه‬
‫وال يقدح ذلك ىف صحة احلديث ‪ ،‬وال تلقينا َّإيه ابلقبول ‪ ،‬ومن مقتضاه جواز حجم الرجل الورع‬
‫األمني الثقة للمرأة إذا اضطرت إىل احلجامة ‪ ،‬وكان الشفاء مظنوانً ‪ ،‬ومل تكن مثة نسوةُ ٌٌ حجامات‬
‫زوج ‪ ،‬أو أحد‬
‫ماهرات أبصول هذه الصنعة ‪ ،‬وذلك ىف وجود زوجها وإبذن منه إن كانت ذات ٍ‬
‫حمارمها إن مل تكنه ‪.‬‬
‫وما أحسن ما قاله العالمة ابن حزم (( احمللى ))(‪ (( : )33/10‬وأما قول الراوي ‪َ :‬ح ِس ْب ُ‬
‫ت أَنَّهُ َكا َن‬
‫الما َملْ َْحيتَلِ ْم ‪ ،‬فإمنا هو ظن من بعض رواة اخلرب َمن دون جابر ‪ ،‬مث هو‬ ‫ض َِ‬
‫اعة ‪ ،‬أ َْو غُ ً‬ ‫اها ِم َن َّ‬
‫الر َ‬ ‫َخ َ‬
‫أَ‬
‫أيضا خالف لواقع األمر ‪ ،‬ألن أم سلمة رضي هللا عنها ولدت مبكة ‪ ،‬وهبا ولدت أكثر أوالدها ‪،‬‬
‫وأبو طيبة غالم لبعض األنصار ابملدينة ‪ ،‬فمحال أن يكون أخاها من الرضاعة ‪ ،‬وكان عبداً مضرواب‬
‫عليه اخلراج ‪ ،‬كما روينا من طريق مالك عن محيد الطويل عن أنس قال ‪ :‬حجم رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم أبو طيبة ‪ ،‬فأمر له بصاع من متر ‪ ،‬وأمر أهله أن خيففوا من خراجه )) ‪ .‬مث قال ‪ (( :‬وال‬
‫ميكن أن حيجمها إال حىت يرى عنقها ‪ ،‬وأعلى ظهرها َما يوازى أعلى كتفيها )) ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫(‪ )29‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )350/3‬ومسلم (‪ ، )193/14‬وأبو داود (‪ ، )4105‬وابن ماجه‬
‫(‪ ، )3480‬وأبو يعلى (‪ ، )2267‬وابن حبان (‪ ، )5602‬واحلاكم (‪ ، )233/4‬والبيهقى ((‬
‫الكربى )) (‪ ، )96/7‬واخلطيب (( اتريخ بغداد )) (‪ )169/5‬من طريق الليث بن سعد عن أىب‬
‫الزبري عن جابر ‪.‬‬
‫وقال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح على شرط مسلم ومل خيرجاه )) ‪.‬‬

‫(‪)90/1‬‬

‫قلت ‪ :‬وهو كما قال ‪ ،‬ولكن فاته أن مسلماً أخرجه ىف (( صحيحه )) ! ‪.‬‬
‫وأما التحرز للحجام الذى يعاجل النساء بكونه ورعاً ثقةً أميناً ‪ ،‬فألنه يكشف من املرأة ما حيرم عليه‬
‫كشفه ىف غري هذه الضرورة ‪ ،‬فال حيجزه عن احملظورات املهلكات إال ورعه ‪ ،‬وألن عورات املرأة من‬
‫األماانت الىت جيب ويتأكد حفظها وصيانتها ‪ ،‬وال يصلح لذلك إال األمناء الثقات ‪ ،‬أمل تقل املرأة‬
‫املؤمنة (( إن خري من استأجرت القوى األمني )) ‪.‬‬
‫وال خيفى أن سرت عورات النساء من أوجب الواجبات ‪ ،‬وال جيوز المرأة أن تكشف عن ٍ‬
‫جزء ولو‬
‫ألجنىب عنها إال لضرورة ماسة كمداواةٍ وحنوها ‪ ،‬وضابط ذلك قول هللا جلَّ وعال ((‬
‫ٍ‬ ‫يس ٍري من عورهتا‬
‫وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن وحيفظن فروجهن وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن‬
‫خبمرهن على جيوهبن وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن أو أآبئهن أو أآبء بعولتهن أو أبنآئهن أو أبنآء‬
‫بعولتهن أو إخواهنن أو بِن إخواهنن أو بِن أخواهتن أو نسآئهن أو ما ملكت أمياهنن أو التابعني غري‬
‫أوِل اإلربة من الرجال أو الطفل الذين مل يظهروا على عورات النسآء وال يضربن أبرجلهن ليعلم ما‬
‫خيفني من زينتهن وتوبوا إىل هللا مجيعا أيها املؤمنون لعلكم تفلحون )) ‪.‬‬
‫قال سلطان العلماء اإلمام العز بن عبد السالم (( قواعد األحكام )) ‪ (( :‬سرت العورات واجب ‪،‬‬
‫وهو أفضل املروءات وأمجل العادات ‪ ،‬وال سيما ىف النساء األجنبيات ‪ .‬لكنه جيوز للضرورات‬
‫واحلاجات ‪ .‬أما احلاجات ‪ ،‬فكنظر كل واحد من الزوجني إىل صاحبه ‪ ،‬ونظر األطباء للمداواة )) ‪.‬‬
‫واحلجام وهو مضطر للنظر إىل حماجم املرأة احملرم عليه النظر إليها ىف غري هذا املوضع ‪ ،‬فهذا‬
‫االضطرار مقيد بشرطني ‪:‬‬

‫(‪)91/1‬‬

‫( األول ) أال جياوز موضع احلاجة ‪ ،‬إذ الضرورة تقدر بقدرها ‪ ،‬فقد قال تعاىل (( فمن اضطر غري‬
‫احلجام أال جياوز ما أبيح له من الكشف والنظر لئال َيمث بذلك ‪،‬‬ ‫ابغ وال ٍ‬
‫عاد فال إمث عليه )) ‪ .‬فعلى َّ‬ ‫ٍ‬
‫وليتحرى اإلسراع ابلفراغ من عمله ما أمكنه ؛ لئال حيرج املرأة وزوجها وحمارمها ‪.‬‬
‫صح من حديث‬
‫( الثاىن ) أال ميس شيئاً من جسد املرأة بيده مباشرة ‪ ،‬وذلك ابستعمال قفازين ‪ ،‬ملا َّ‬
‫مبخيط من ٍ‬
‫حديد خري له من أن‬ ‫ٍ‬ ‫معقل بن يسا ٍر أن رسول هللا قال ‪ (( :‬ألن يُطعن يف رأس أحدكم‬
‫ميس امرأ ًة ال حتل له ))(‪. )1‬‬
‫َّ‬
‫ـــ‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ .‬أخرجه الرويىن (( املسند ))(‪ ، )1283/323/2‬والطرباىن (( الكبري ))‬
‫(‪ )488،487/211/20‬من طرق عن شداد بن سعيد الراسب َسعت يزيد بن عبد هللا بن الشخري‬
‫يقول َسعت معقل بن يسار به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا إسناد متصل برجال كلهم ثقات ‪ ،‬خال شداد بن سعيد أاب طلحة الراسىب ‪ ،‬فقد اختلفوا‬
‫ىف توثيقه ‪ ،‬واألكثر على توثيقه ‪ .‬فقد وثقه ابن معني ‪ ،‬وأمحد بن حنبل ‪ ،‬والنسائى ‪ ،‬والبزار ‪ ،‬وابن‬
‫حبان ‪ .‬وكفى بتوثيق اإلمامني أمحد وابن معني ‪.‬‬
‫وأما وجود الزوج وإذنه لذوات األزواج ‪ ،‬أو احملارم لغريهن ‪ ،‬فلما ىف (( الصحيحني )) من حديث‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ت النِ َّ‬
‫َّب َ‬ ‫ول ‪ََِ :‬س ْع ُ‬ ‫ابن عيينة حدثنا عمرو بن دينار عن أِب معبد َسعت ابن عباس يَـ ُق ُ‬
‫سافِ ِر ال َْم ْرأَةُ إِال َم َع ِذي َْحم َرٍم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ول ‪ (( :‬ال خيَْلُ َو َّن َر ُج ٌل اب ْم َرأَة إال َوَم َع َها ذُو َْحم َرم ‪َ ،‬وال تُ َ‬ ‫ب يَـ ُق ُ‬ ‫َّ‬
‫َو َسل َم خيَْطُ ُ‬
‫ت ِيف غَ ْزَوةِ َك َذا َوَك َذا ؟ ‪،‬‬ ‫اجةً َوإِِِن ا ْكتُتِْب ُ‬ ‫ول َِّ‬
‫اَّلل إِ َّن ْام َرأَِيت َخ َر َج ْ‬
‫ت َح َّ‬ ‫ال ‪َ :‬ي َر ُس َ‬ ‫ام َر ُج ٌل ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫)) ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ك )) ‪.‬‬ ‫ال ‪ (( :‬انْطَلِ ْق فَ ُح َّج َم َع ْام َرأَتِ َ‬ ‫قَ َ‬
‫أن رسول هللا صلَّى هللا علَي ِه وسلَّم قال ‪ (( :‬أَال ال خيَْلُو َّن رجل ِابمرأَةٍ‬ ‫صح عن عمر بن اخلطاب َّ‬ ‫وقد َّ‬
‫َ َ ُ ٌ َْ‬ ‫َْ ََ َ‬ ‫َ‬
‫الش ْيطَا ُن ))(‪. )1‬‬ ‫إِال َكا َن َاثلِثَـ ُه َما َّ‬

‫(‪)92/1‬‬

‫ــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )18/1‬والرتمذى (‪ ، )2165‬والنسائى (( الكربى‬
‫))(‪ )9225/388/5‬ثالثتهم من طريق حممد بن سوقة عن عبد هللا بن دينار عن ابن عمر قال‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِينَا ‪،‬‬ ‫ت فِي ُكم َكم َق ِام رس ِ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َّاس إِِِن قُ ْم ُ ْ َ َ ُ‬ ‫خطبنا عمر ابجلابية فقال ‪َ :‬ي أَيُّـ َها الن ُ‬
‫ف‬‫ب َح َّىت َْحيلِ َ‬ ‫ِ‬
‫شو الْ َكذ ُ‬ ‫وهنُ ْم ‪ُ ،‬مثَّ يَـ ْف ُ‬
‫ين يَـلُ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫وهنُ ْم ‪ُ ،‬مثَّ الذ َ‬
‫ين يَـلُ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫َص َح ِاِب ‪ُ ،‬مثَّ الذ َ‬ ‫ُوصي ُك ْم ِأب ْ‬ ‫ال ‪ (( :‬أ ِ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫اه ُد َوال يُ ْستَ ْش َهد أَال ال خيَْلُ َو َّن َر ُج ٌل ِاب ْم َرأَةٍ إِال َكا َن َاثلِثَـ ُه َما‬
‫الش ِ‬
‫ف ‪َ ،‬ويَ ْش َه َد َّ‬ ‫الر ُج ُل َوال يُ ْستَ ْحلَ ُ‬ ‫َّ‬
‫ني أَبْـ َع ُد ‪َ .‬م ْن‬ ‫اح ِد َو ُه َو ِم َن ِاالثْـنَ ْ ِ‬ ‫الشيطَا ُن ‪ .‬علَي ُكم ِاب ْجلماع ِة ‪ ،‬وإِ َّي ُكم والْ ُفرقَةَ ‪ ،‬فَِإ َّن الشيطَا َن مع الْو ِ‬
‫ْ ََ َ‬ ‫َ ْ ْ ََ َ َ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫اءتْهُ َسيِئتُهُ ‪ ،‬فَ َذلِ ُك ُم ال ُْم ْؤِم ُن )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سنَـتُهُ َو َس َ‬
‫اعةَ ‪َ .‬م ْن َسرتهُ َح َ‬ ‫وحةَ ا ْجلَن َِّة فَـ ْليَـل َْزم ا ْجلَ َم َ‬
‫اد ُْحببُ َ‬
‫أ ََر َ‬
‫قال أبو عيسى ‪ (( :‬هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ‪ ،‬وقد رواه ابن املبارك عن‬
‫وجه عن عمر عن النب صلى هللا عليه وسلم )) ‪.‬‬ ‫حممد بن سوقة ‪ ،‬وقد روي هذا احلديث من غري ٍ‬
‫قلت ‪ :‬هو كما قال ‪ ،‬له عن عمر طرق يطول خترجيها ‪ ،‬وقد بسطتها ىف غري هذا املوضع ‪.‬‬
‫بيان حكم كسب احلجام‬
‫صلَّى‬ ‫ال ‪ :‬احتجم رس ُ ِ‬ ‫ال ‪ :‬سئِل أَنَس بْن مالِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ب ا ْحلَ َّج ِام ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫ك َع ْن َك ْس ِ‬ ‫(‪َ )30‬عن ُمحَْيد قَ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ضعوا َع ْنهُ ِمن َخر ِ‬
‫اج ِه‬ ‫هللا علَي ِه وسلَّم ‪ ،‬حجمه أَبو طَيـبةَ ‪ ،‬فَأَمر لَه بِصاع ِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ني م ْن طَ َع ٍام ‪َ ،‬وَكلَّ َم أ َْهلَهُ ‪ ،‬فَـ َو َ ُ‬
‫ََ ُ َ َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َْ‬
‫ض َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ا ْحلِ َج َامةُ أ َْو ُه َو ِم ْن أ َْمثَ ِل َد َوائِ ُك ْم )) ‪.‬‬
‫ال ‪ (( :‬إِ َّن أَفْ َ‬
‫‪َ ،‬وقَ َ‬

‫(‪)93/1‬‬

‫صلَّى‬‫َّب َ‬ ‫اضةَ ‪ ،‬فَأَ ْعطَاهُ النِ ُّ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َع ْب ٌد لِبَ ِِن بَـيَ َ‬
‫َّب َ‬ ‫ال ‪َ :‬ح َج َم النِ َّ‬ ‫(‪َ )31‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس قَ َ‬
‫صلَّى هللا‬ ‫َّب َ‬ ‫ض ِريبَتِ ِه ‪َ ،‬ولَ ْو َكا َن ُس ْحتًا َملْ يُـ ْع ِط ِه النِ ُّ‬ ‫ف َع ْنهُ ِم ْن َ‬ ‫َج َرهُ ‪َ ،‬وَكلَّ َم َسيِ َدهُ ‪ ،‬فَ َخ َّف َ‬ ‫ِ‬
‫هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم أ ْ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫َج َرهُ ‪َ ،‬ولَ ْو َكا َن‬‫ام أ ْ‬ ‫احتَ َج َم ‪َ ،‬وأَ ْعطَى ا ْحلَ َّج َ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ْ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫اس ‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫(‪َ )32‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َح َر ًاما َما أَ ْعطَاهُ ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫(‪ )30‬صحيح ‪ .‬أخرجه مسلم (‪ ، )242/10‬والرتمذى (‪ )1278‬و(( الشمائل ))(‪، )361‬‬
‫والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )131/4‬وابن اجلوزى (( التحقيق ))(‪ )1587‬من طرق عن‬
‫إَساعيل بن جعفر عن محيد عن أنس به ‪.‬‬
‫وأخرجه البخارى (‪ .10/4‬سندى ) قال ‪ :‬حدثنا حممد بن مقاتل أخربان عبد هللا يعىن ابن املبارك‬
‫أخربان محيد الطويل عن أنس مبثله ‪.‬‬
‫واتبعهما عن محيد ‪ :‬مالك بن أنس ‪ ،‬وشعبة ‪ ،‬والثورى ‪ ،‬وعبد العزيز بن أىب سلمة ‪ ،‬ومروان الفزارى‬
‫‪ ،‬وعبد الوهاب بن عبد اجمليد الثقفى ‪ ،‬ويزيد بن زريع ‪ ،‬ويزيد بن هارون ‪ ،‬وحيي بن سعيد القطان ‪،‬‬
‫وعبد هللا ابن بكر السهمى ‪.‬‬
‫وبسط طرقه يطول مع اختالف يسري ىف ألفاظه ‪ :‬مالك وحيي بن سعيد يقوالن (( فأمر له بصاع من‬
‫اع ْ ِ‬
‫ني‬ ‫صَ‬ ‫ني )) ‪ ،‬وشعبة يقول (( َوأ ََم َر لَهُ بِ َ‬
‫ص ٍاع أ َْو َ‬ ‫اع ْ ِ‬
‫صَ‬ ‫طعام )) ‪ ،‬والثورى يقول (( فَأ ََم َر لَهُ بِ َ‬
‫ص ٍاع أ َْو َ‬
‫أ َْو ُم ٍد أ َْو ُمدَّيْ ِن )) ‪ ،‬وسائرهم كقول إَساعيل بن جعفر القرشى ‪.‬‬
‫(‪ )31‬صحيح ‪ .‬أمحد (‪ ، )365/1‬ومسلم (‪ ، )242/10‬وأبو عوانة (‪، )5298/358/3‬‬
‫والطرباىن (( الكبري ))(‪ ، )12589/96/12‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ )338/9‬عن عبد الرزاق عن‬
‫معمر عن عاصم األحول عن الشعب عن ابن عباس ‪.‬‬

‫(‪)94/1‬‬
‫(‪ )32‬صحيح ‪ .‬أخرجه أمحد (‪ ، )351/1‬والبخارى (‪ .11/2‬سندى ) ‪ ،‬وأبو داود (‪، )3423‬‬
‫والبيهقى (( الكربى ))(‪ )338/9‬من طرق عن خالد احلذاء عن عكرمة عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫ارةِ ا ْحلَ َّج ِام ‪ ،‬فَـنَـ َهاهُ َع ْنـ َها‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ِيف إِ َج َ‬ ‫َّب َ‬ ‫استَأْذَ َن النِ َّ‬ ‫ِ‬
‫صةَ َع ْن أَبِيه ‪ :‬أَنَّهُ ْ‬ ‫(‪َ )33‬ع ِن ابْ ِن ُحمَيِ َ‬
‫ك )) ‪.‬‬ ‫ك ‪َ ،‬وأَط ِْع ْمهُ َرقِي َق َ‬‫ض َح َ‬ ‫ال ‪ (( :‬ا ْعلِ ْفهُ َان ِ‬ ‫‪ ،‬فَـلَ ْم يَـ َز ْل يَ ْسأَلُهُ َويَ ْستَأ ِْذنُهُ ‪َ ،‬ح َّىت قَ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ام‬
‫الم َح َّج ٌ‬ ‫صا ِر ِي ‪ :‬أَنَّهُ َكا َن لَهُ غُ ٌ‬ ‫صةَ بْ ِن َم ْس ُعود األَنْ َ‬ ‫وىف رواية َع ْن ُحمَ َّمد بْ ِن َس ْه ِل بْ ِن أَِِب َحثْ َمةَ َع ْن ُحمَيِ َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫اج ِه ؟ ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫هللا صلَّى هللا َعلَْي ِه وسلَّم يسأَلُهُ َعن َخر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال لَهُ ‪َ :‬انفِ ٌع أَبُو طَيِبَةَ ‪ ،‬فَانْطَلَ َق إِ َىل ر ُس ِ‬ ‫‪ ،‬يُـ َق ُ‬
‫ْ َ‬ ‫ََ ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اج َعلْهُ ِيف‬ ‫ف بِ ِه الن ِ‬ ‫ال ‪ (( :‬ا ْعلِ ْ‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال تَـ ْقربه ‪ ،‬فَـردَّه علَى رس ِ ِ‬
‫َّاض َح ‪َ ،‬و ْ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُْ َ ُ َ َ ُ‬
‫كِ ْر ِش ِه )) ‪.‬‬
‫ـــــ‬
‫= وأخرجه أمحد (‪ ، )258،292،293/1‬والبخارى (‪ ، )36،37/2‬ومسلم (‪ ، )242/10‬وابن‬
‫سعد (( الطبقات ))(‪ ، )445/1‬والطحاوى (( شرح املعاىن )) (‪ ، )129/4‬وابن حبان (‪، )5150‬‬
‫والطرباىن (( الكبري ))(‪ )10908/21/11‬و(( األوسط ))(‪ ، )8481/228/8‬واحلاكم (‪)449/4‬‬
‫‪ ،‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ ، )337/9‬وابن عساكر (( التاريخ ))(‪ )401/27‬من طرق عن وهيب‬
‫عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به ‪ ،‬إال أنه قال (( وأعطاه أجره واستعط )) ‪.‬‬
‫وله طرق ووجوه عن ابن عباس ‪ ،‬ليس ذا موضع بسطها ‪.‬‬
‫(‪ )33‬صحيح ‪ .‬وله طرق ‪:‬‬
‫( األوىل ) ابن حميصة عن أبيه ‪.‬‬

‫(‪)95/1‬‬

‫أخرجه الشافعى (( املسند ))(ص‪ ، )190‬وأمحد (‪ )435/5‬عن إسحاق بن عيسى ‪ ،‬وأبو داود‬
‫(‪ )3422‬عن القعنىب ‪ ،‬والرتمذى (‪ )1277‬عن قتيبة ‪ ،‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ )132/4‬عن‬
‫عبد هللا بن هب ‪ ،‬وابن قانع (( معجم الصحابة ))(‪ )116/3‬عن عبد العزيز األويسى ‪ ،‬والبيهقى ((‬
‫الكربى ))(‪ )337/9‬عن يونس بن بكري ‪ ،‬سبعتهم عن مالك عن ابن شهاب عن ابن حميصة عن أبيه‬
‫‪ :‬أنه استأذن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف إجارة احلجام فذكره ‪.‬‬
‫وأخرجه أمحد (‪ ، )436/5‬وابن اجلارود (‪ )583‬كالُها عن معمر ‪ ،‬وابن حبان (‪ )5154‬عن‬
‫الليث بن سعد ‪ ،‬وابن ماجه (‪ ، )2166‬والطحاوى (( شرح املعاىن ))(‪ ، )132/4‬والطرباىن ((‬
‫الكبري ))(‪ ، )5471/48/6‬وابن بشكوال (( غوامض األَساء املبهمة ))(‪ )446/1‬أربعتهم عن ابن‬
‫أىب ذئب ‪ ،‬ثالثتهم ـ معمر والليث وابن أىب ذئب ـ عن الزهرى عن ابن حميصة عن أبيه به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هكذا رواه عن الزهرى ‪ :‬مالك من رواية أكثر أصحابه عنه ‪ ،‬ومعمر ‪ ،‬والليث ‪ ،‬وابن أىب‬
‫ذئب ‪ .‬وخالف مجاعتهم ‪ :‬حيي بن حيي ‪ ،‬وابن القاسم ‪ ،‬فرويه عن الزهرى عن ابن حميصة أنه‬
‫استأذن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم به ‪ ،‬فأسقطا من إسناده (( أابه )) ‪.‬‬
‫أخرجه هكذا حيي بن حيي (( املوطأ ))(‪ )141/3‬عن مالك عن ابن شهاب عن ابن حميصة‬
‫األنصارى ‪.‬‬
‫‪............................................................................................‬‬
‫ـــــ‬
‫= قال أبو عمر بن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ (( : )77/11‬وذلك من الغلط الذي ال إشكال فيه‬
‫على أحد من أهل العلم ‪ ،‬وال خيتلفون أن الذي روى عنه الزهري هذا احلديث هو حرام بن سعد بن‬
‫حميصة بن مسعود ابن كعب ابن عامر األنصاري من بِن حارثة بن احلارث ‪ ،‬جلده حميصة بن مسعود‬
‫صحبة ورواية ‪ ،‬وليس لسعد بن حميصة صحبة ‪ ،‬فكيف البنه حرام ؟! ‪.‬واحلديث مع هذا كله مرسل‬
‫)) ‪.‬‬

‫(‪)96/1‬‬

‫قلت ‪ :‬ورجال هذا املرسل كلهم ثقات ‪ ،‬مالك ومن اتبعه ‪ ،‬ومن فوقه ‪ ،‬ومن دونه ‪ .‬وإمنا يتصل هذا‬
‫اإلسناد من الطريقني التاليتني ‪.‬‬
‫( الثانية ) ابن حميصة عن أبيه عن جده ‪.‬‬
‫أخرجه احلميدى (‪ : )878‬ثنا سفيان ثنا الزهري أخربِن حرام بن سعد ـ قال سفيان ‪ :‬هذا الذي ال‬
‫شك فيه وأراه قد ذكر ـ عن أبيه أن حميصة سأل النب صلى هللا عليه وسلم عن كسب حجام له‬
‫فنهاه عنه ‪ ،‬فلم يزل يكلمه ‪ ،‬حىت قال له ‪ :‬أعلفه انضحك أو أطعمه رقيقك ‪.‬‬
‫وأكثر أصحاب ابن عيينة ‪ :‬الشافعى ‪ ،‬وابن أىب شيبة ‪ ،‬وأمحد يروونه (( عن حرام بن سعد أن حميصة‬
‫)) ‪ ،‬هكذا مرسالً ‪ .‬ولكن اتبع احلميدى على الوجه األول موصوالً ‪ :‬حممد بن إسحاق ‪ ،‬وزمعة بن‬
‫صاحل ‪.‬‬
‫فقد أخرجه الشافعى (( املسند ))(ص‪ )190‬و(( اختالف احلديث ))(ص‪ ، )277‬وابن أىب شيبة‬
‫(‪ ، )354/4‬وأمحد (‪ )436/5‬ثالثتهم عن ابن عيينة عن الزهرى عن حرام بن سعد بن حميصة أن‬
‫حميصة به ‪.‬‬
‫وأخرجه أمحد (‪ ، )436/5‬وابن أىب عاصم (( اآلحاد واملثاىن ))(‪ )2119/138/4‬كالُها عن ابن‬
‫إسحاق ‪ ،‬وابن أىب عاصم (‪ ، )2120/138/4‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ )744/313/20‬كالُها‬
‫عن زمعة بن صاحل ‪ ،‬كالُها عن الزهرى عن حرام بن سعد بن حميصة عن أبيه عن جده ‪ :‬أنه استأذن‬
‫‪ ...‬بنحوه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وال يتصل هذا احلديث من رواية الزهرى إال من طريق ابن عيينة برواية احلميدى عنه ‪ ،‬وابن‬
‫إسحاق ‪ ،‬وزمعة بن صاحل ‪ .‬وسائر الرواة عن الزهرى يرسلونه كما سبق بيانه ‪.‬‬
‫( الثالثة ) أبو عفري األنصارى عن حممد بن سهل بن أىب حثمة عن حميصة ‪.‬‬

‫(‪)97/1‬‬

‫أخرجه أمحد (‪ ، )435/5‬والبخارى (( التاريخ الكبري ))(‪ ، )2125/53/8‬والطحاوى (( شرح‬


‫املعاىن )) (‪ ، )131/4‬والطرباىن (( الكبري ))(‪ ، )742/312/20‬وابن قانع (( معجم الصحابة‬
‫))(‪ ، )116/3‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ ، )337/9‬وابن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ ، )79/11‬وابن‬
‫بشكوال (( غوامض األَساء املبهمة ))(‪ ، )446/1‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف‬
‫))(‪ ، )1583‬وابن عساكر (( التاريخ ))(‪ )156/53‬من طرق عن الليث حدثِن يزيد بن أِب حبيب‬
‫عن أِب عفري األنصاري عن حممد بن سهل بن أِب حثمة عن حميصة بن مسعود األنصاري ‪ :‬أنه كان‬
‫له غالم حجام ‪ ..‬بنحوه ‪.‬‬
‫يث حسن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسى ‪َ (( :‬ح ِد ُ‬ ‫ِ‬
‫يح )) ‪.‬‬ ‫صح ٌ‬ ‫صةَ َحد ٌ َ َ ٌ َ‬ ‫يث ُحمَيِ َ‬ ‫ال أَبو ع َ‬ ‫قَ َ‬
‫ْب َخبِ ٌ‬
‫يث ‪َ ،‬وَم ْه ُر‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫ال ‪َ (( :‬مثَ ُن الْ َكل ِ‬ ‫يج َع ْن ر ُس ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )34‬عن َرافِ ُع بْ ُن َخ ِد ٍ‬
‫ب ا ْحلَ َّج ِام َخبِ ٌ‬
‫يث )) ‪.‬‬ ‫يث ‪َ ،‬وَك ْس ُ‬ ‫الْبَ ِغ ِي َخبِ ٌ‬
‫وأما أجر احلجام ‪ ،‬ففيه ثالث مسائل ‪:‬‬
‫[ املسألة األوىل ] األحاديث ىف كسب احلجام على ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫( األول ) حل األجرة مطلقاً ‪.‬‬
‫( الثاىن ) حل األجرة ىف إطعام الرقيق والناضح دونه ‪.‬‬
‫( الثالث ) خبث األجرة وكوهنا سحتاً ‪.‬‬

‫(‪)98/1‬‬

‫[ املسألة الثانية ] قال شيخ اإلسالم أبو زكري النووى (( شرح مسلم ))(‪ (( : )233/10‬وقد‬
‫اختلف العلماء يف كسب احلجام ‪ ،‬فقال األكثرون من السلف واخللف ‪ :‬ال حيرم كسب احلجام ‪ ،‬وال‬
‫حيرم أكله ال على احلر وال على العبد ‪ ،‬وهو املشهور من مذهب أمحد ‪ .‬وقال يف رواية عنه ‪ ،‬قال هبا‬
‫صلَّى هللا‬
‫فقهاء احملدثني ‪ :‬حيرم على احلر دون العبد ‪ .‬واحتج اجلمهور حبديث ابن عباس ‪ :‬أن النىب َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم احتجم وأعطى احلجام أجره ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ولو كان حراما مل يعطه ‪ .‬ومحلوا هذه األحاديث‬
‫الىت يف النهى على التنزيه ‪ ،‬واالرتفاع عن دنئ االكساب ‪ ،‬واحلث على مكارم االخالق ‪ ،‬ومعاىل‬
‫األمور ‪ ،‬ولو كان حراما مل يفرق فيه بني احلر والعبد ‪ ،‬فإنه ال جيوز للرجل أن يطعم عبده ماال حيل ))‬
‫‪.‬‬
‫لكن يبقى إشكال ‪ ،‬وهو ‪ :‬إن كان أجر احلجام حالالً كيف جاز إطالق لفظ اخلبث والسحت عليه‬
‫؟ ‪ .‬أجاب عنه القاضى بقوله ‪ (( :‬اخلبيث يف األصل ما يكره ‪ ،‬لرداءته وخسته ‪ ،‬ويستعمل للحرام‬
‫من حيث كرهه الشارع ‪ ،‬كما يستعمل الطيب للحالل قال تعاىل (( وال تتبدلوا اخلبيث ابلطيب‬
‫النساء )) ؛ أي احلرام ابحلالل ‪ ،‬وقال سبحانه وتعاىل (( وال تيمموا اخلبيث منه تنفقون )) ؛ أي‬
‫الدِنء من املال ‪ .‬وملا كان مهر الزانية ‪ ،‬وهو ما أتخذه عوضا عن الزان حرام ‪ ،‬كان اخلبيث املسند‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم احتجم وأعطى ـ ـ ـ ـ‬
‫إليه مبعىن احلرام ‪ ،‬وأما كسب احلجام ملا مل يكن حراما ‪ ،‬ألنه َ‬

‫(‪)99/1‬‬

‫(‪ )34‬صحيح ‪ .‬أخرجه الطيالسى (‪ ، )966‬وابن أىب شيبة (‪ ، )355/4‬وأمحد‬


‫(‪465،464/3‬و‪ )141/4‬والدارمى (‪ ، )2621‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )3421‬والرتمذى‬
‫(‪ ، )1275‬والنسائى (( الكربى )) (‪ ، )4686،4685/113/3‬والطحاوى (( شرح املعاىن‬
‫))(‪ ، )129،52/4‬وأبو عوانة (‪ ، )356/3‬وابن حبان (‪ ، )5153،5152‬والطرباىن (( الكبري‬
‫))(‪ ، )4260،4259،4258/243،242/4‬واحلاكم (‪ ، )48/2‬والبيهقى (‪ 6/6‬و‪، )336/9‬‬
‫وابن عبد الرب (( التمهيد ))(‪ ، )226/2‬وابن اجلوزى (( التحقيق ىف أحاديث اخلالف ))(‪)1581‬‬
‫من طرق عن حيي بن أىب كثري عن إبراهيم بن عبد هللا بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن‬
‫خديج به ‪.‬‬
‫احلجام أجره ‪ ،‬كان املراد من املسند إليه املعىن الثاِن ‪ ،‬يعىن الدنئ اخلسيس )) ‪.‬‬
‫كما أجاب عنه أبو سليمان اخلطاىب بقوله ‪ (( :‬إن معىن اخلبيث يف قوله (( كسب احلجام خبيث )) ‪:‬‬
‫الدنئ ‪ ،‬وأما قوله (( مثن الكلب خبيث ‪ ،‬ومهر البغي خبيث )) ‪ ،‬فمعناه احملرم ‪ .‬وقد جيمع الكالم‬
‫بني القرائن يف اللفظ ‪ ،‬ويفرق بينهما يف املعاِن ‪ ،‬وذلك على حسب األغراض واملقاصد فيها ‪ .‬وقد‬
‫يكون الكالم يف الفصل الواحد ‪ ،‬بعضه على الوجوب ‪ ،‬وبعضه على الندب ‪ ،‬وبعضه على احلقيقة ‪،‬‬
‫وبعضه على اجملاز ‪ ،‬وإمنا يعلم ذلك بدالئل األصول وابعتبار معانيها )) ‪.‬‬
‫وقال القاضى الشوكاىن ىف (( نيل األوطار ))(‪ (( : )22/5‬استدل من قال بتحرمي كسب احلجام ‪،‬‬
‫وهو بعض أصحاب احلديث ‪ ،‬أبحاديث النهى عن كسب احلجام ‪ ،‬ووصفه أبنه خبيث ‪ ،‬ألن النهي‬
‫حقيقة يف التحرمي ‪ ،‬واخلبيث حرام ‪ ،‬ويؤيد هذا تسمية ذلك سحتا كما يف حديث أِب هريرة ‪ .‬وذهب‬
‫اجلمهور من العرتة وغريهم إىل أنه حالل ‪ ،‬واحتجوا حبديث أنس ‪ ،‬وابن عباس ‪ .‬ومحلوا النهي على‬
‫التنزيه ‪ ،‬ألن يف كسب احلجام دانءة ‪ ،‬وهللا حيب معاِل األمور ‪ ،‬وألن احلجامة من األشياء الِت جتب‬
‫للمسلم على املسلم لإلعانة له عند االحتياج إليها ‪.‬‬

‫(‪)100/1‬‬

‫ويؤيد هذا إذنه صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ ،‬ملن سأله عن أجرة احلجامة أن يطعم منها انضحه ورقيقه‬
‫‪ ،‬ولو كانت حراما ملا جاز االنتفاع هبا حبال ‪ .‬ومن أهل هذا القول من زعم أن النهي منسوخ ‪ ،‬وجنح‬
‫إىل ذلك الطحاوي ‪ ،‬وقد عرفت أن صحة النسخ متوقفة على العلم بتأخر األخر ‪ ،‬وعدم إمكان‬
‫اجلمع بوجه َمكن ‪ .‬واجلمع َمكن ‪ ،‬حبمل النهي على كراهة التنزيه ؛ بقرينة إذنه صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم ابالنتفاع هبا يف بعض املنافع ‪ ،‬وإبعطائه صلى هللا عليه وآله وسلم األجر ملن حجمه ‪ ،‬ولو كان‬
‫حراما ملا مكنه منه ‪ .‬وميكن أن حيمل النهي عن كسب احلجام على ما يكتسبه من بيع الدم ‪ ،‬فقد‬
‫كانوا يف اجلاهلية َيكلونه ‪ ،‬وال يبعد أن يشرتوه لألكل ‪ ،‬فيكون مثنه حراما ‪ .‬ولكن اجلمع هبذا الوجه‬
‫بعيد ‪ ،‬فيتعني املصري إىل اجلمع ابلوجه األول ‪.‬‬
‫ويبقى اإلشكال يف صحة إطالق اسم اخلبث والسحت على املكروه تنزيها ! ‪ .‬قال يف القاموس ‪:‬‬
‫اخلبيث ضد الطيب ‪ ،‬والسحت ـ ابلضم وبضمتني ـ احلرام ‪ ،‬أو ما خبث من املكاسب ‪ ،‬فلزم عنه‬
‫العار انتهى ‪ .‬وهذا يدل على جواز إطالق اسم اخلبث والسحت على املكاسب الدنية ‪ ،‬وإن مل تكن‬
‫حراماً ‪ ،‬واحلجامة كذلك فيزول اإلشكال ‪.‬‬
‫وحكى صاحب (( الفتح )) عن أمحد ومجاعة الفرق بني احلر والعبد ‪ ،‬فكرهوا للحر االحرتاف‬
‫ابحلجامة ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬حيرم عليه اإلنفاق على نفسه منها ‪ ،‬وجيوز له اإلنفاق على الرقيق والدواب منها‬
‫‪ ،‬وأابحوها للعبد مطلقا ‪ ،‬وعمدهتم حديث حميصة ‪ ،‬ألنه أذن له صلى هللا عليه وآله وسلم أن يعلف‬
‫منه انضحه )) ‪.‬‬

‫(‪)101/1‬‬

‫وأتول أبو جعفر الطحاوى اإلابحة على حل كسبه ‪ ،‬إذ ال جيوز ألحد أن يطعم عبيده من املال احلرام‬
‫‪ .‬قال ىف (( شرح املعاىن ))(‪ (( : )132/4‬ويف إابحة النب صلى هللا عليه وسلم أن يطعمه الرقيق أو‬
‫الناضح دليل على أنه ليس حبرام ‪ ،‬أال ترى أن املال احلرام الذي ال حيل أكله ‪ ،‬ال حيل له أن يطعمه‬
‫رقيقه وال انضحه ‪ ،‬ألن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال يف الرقيق (( أطعموهم َما أتكلون )) ‪،‬‬
‫فلما ثبت إابحة النب صلى هللا عليه وسلم حمليصة أن يعلف ذلك انضحه ‪ ،‬ويطعم رقيقه من كسب‬
‫احلجامة ؛ دل ذلك على نسخ ما تقدم من هنيه عن ذلك ‪ ،‬وثبت حل ذلك له ولغريه ‪ ،‬وهذا قول‬
‫أِب حنيفة وأِب يوسف وحممد )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬وجتوز اإلجارة على احلجامة ‪ ،‬ألان قد رأينا الرجل يستأجر الرجل يفصد له عرقا أو يبزغ له‬
‫محارا فيكون ذلك جائزا ‪ ،‬فاحلجامة أيضا كذلك )) ‪.‬‬
‫[ املسألة الثالثة ] هل يضمن احلجام إذا تلف شئ بفعله ؟ ‪.‬‬
‫قال اإلمام الشافعى (( األم ))(‪ (( : )172/6‬مسألة احلجام واخلاتن والبيطار ‪ .‬قال ‪ :‬وإذا أمر‬
‫الرجل أن حيجمه أو خينت غالمه أو يبيطر دابته ‪ ،‬فتلفوا من فعله ‪ ،‬فإن كان فعل ما يفعل مثله َما فيه‬
‫الصالح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة ‪ ،‬فال ضمان عليه ‪ ،‬وإن كان فعل ما ال يفعل‬
‫مثله َمن أراد الصالح وكان عاملا به ‪ ،‬فهو ضامن ‪ ،‬وله أجر ما عمل يف احلالني ‪ ،‬يف السالمة‬
‫والعطب ‪.‬‬
‫قال الربيع بن سليمان ‪ :‬وفيه قول آخر للشافعى ‪ ،‬قال ‪ :‬إذا فعل ما ال يفعل فيه مثله ‪ ،‬فليس له‬
‫من األجر شيء ‪ ،‬ألنه متعد ‪ ،‬والعمل الذي عمله مل يؤمر به ‪ ،‬فهو ضامن ‪ ،‬وال أجر له وهذا أصح‬
‫القولني )) ‪.‬‬
‫ذكر أحاديث يف احلجامة ال جيوز ذكرها إال حتذيرا منها لشدة ضعفها مع بيان عللها‬
‫ذكر أحاديث ىف احلجامة ال جيوز ذكرها إال حتذيراً منها لشدة ضعفها مع بيان عللها لئال يُغرت بذكرها‬
‫على لسان بعض األماثل‬

‫(‪)102/1‬‬

‫احلمد هلل الذى رفع منار احلق وأوضحه ‪ ،‬وخفض الكذب والزور وفضحه ‪ ،‬وعصم شريعة اإلسالم‬
‫من التزييف والبهتان ‪ ،‬وجعل الذكر احلكيم مصوانً من التبديل والتحريف والزيدة والنقصان ‪ ،‬مبا‬
‫صلَّى هللا‬ ‫حفظه ىف أوعية العلم وصدور أهل احلفظ واإلتقان ‪ ،‬ومبا عظَّم من شأن الكذب على رسوله َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم املبعوث بواضحات الصدق والربهان ‪.‬‬
‫صلَّى هللا‬ ‫ففى حمكم التنزيل (( إان حنن نزلنا الذكر وإان له حلافظون )) ‪ ،‬وىف الصحيح املتواتر عنه َ‬
‫ب َعلَ َّي ُمتَـ َع ِم ًدا فَـ ْليَـتَـبَـ َّوأْ َم ْق َع َدهُ‬ ‫ب َعلَى أ ٍ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّم قال ‪ (( :‬إِ َّن َك ِذ ًاب َعلَ َّي لَْيس َك َك ِذ ٍ‬
‫َحد ‪َ ،‬م ْن َك َذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّار )) ‪،‬‬ ‫ب َعلَ َّي يَل ِج الن َ‬ ‫صلَّى هللا عَلَْيه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬ال تَكْذبُوا َعلَ َّي ‪ ،‬فَِإنَّهُ َم ْن يَ ْكذ ْ‬ ‫م َن النَّا ِر )) ‪ ،‬وقال َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم (( َم ْن يَـ ُق ْل َعلَ َّي َما َملْ أَقُ ْل فَـ ْليَـتَـبَـ َّوأْ َم ْق َع َدهُ ِم َن النَّا ِر )) ‪.‬‬
‫وقال َ‬
‫ومع ذا ‪ ،‬فكم وضع الوضاعون ‪ ،‬واآلفاكون ‪ ،‬والزاندقة ‪ ،‬وضعاف احلفظ ‪ ،‬واملغفلون من الزهاد‬
‫صلَّى هللا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫والعباد ‪ ،‬بقصد وتعمد ‪ ،‬أو بغفلة وسوء حفظ ‪ ،‬كم وضعوا من أحاديث على رسول هللا َ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ ،‬ىف الرتغيب والرتهيب ‪ ،‬والزهد والرقائق ‪ ،‬وفضائل األقوال واألعمال ‪ ،‬ومناقب‬
‫الصحابة واألخيار ‪ ،‬فكشف هللا على أيدى اجلهابذة من حفاظ اآلاثر ونقاد األخبار زيغَهم ‪ ،‬وفضح‬
‫كي َدهم ‪ ،‬إذ بيَّنوا أحوال رواهتا ‪ ،‬وحللوا أسانيدها ‪ ،‬وميزوا صحيحها وسقيمها ‪ ،‬فكشفوا عوار‬
‫الباطل واملوضوع ‪ ،‬وأوضحوا علل املنكر واملصنوع ‪ .‬وهلذا ملا سئل السيد اجلليل واإلمام القدوة‬
‫النحرير عبد هللا بن املبارك ‪ :‬ما هذه األحاديث املوضوعة ؟ ‪ ،‬أجاب قائالً ‪ :‬تعيش هلا اجلهابذة ‪.‬‬

‫(‪)103/1‬‬

‫وهلل در الشيخ العالمة حممد على آدم األثيوىب ‪ ،‬املدرس بدار احلديث اخلريية مبكة املكرمة ‪ ،‬حيث‬
‫يقول ىف منظومته (( تذكرة الطالبني ببيان الوضع وأصناف الوضاعني )) ‪:‬‬
‫ملَّا محى هللا الكتاب املنزال عن أن يزاد فيه أو يبدَّال‬
‫أخذ أقوام يزيدون على أخبار من أرسله ليفصال‬
‫الغث من َس ِ‬
‫ني‬ ‫فأنشأ هللا محاةَ الدي ِن َميزين َ‬
‫البالد واألمصارا‬
‫ونوروا َ‬‫قد أيَّد هللا هبم أعصارا َّ‬
‫ٍ‬
‫بفرسان جيولون احلِ َمى‬ ‫األرض كأمالك السما أكرم‬ ‫وحرسوا‬
‫َ‬
‫طاغ مر ْد‬
‫السماء عن ٍ‬
‫َ‬ ‫حرست‬
‫ْ‬ ‫وقال سفيا ُن املالئكة ق ْد‬
‫شرع يفرتى‬‫لكيد ٍ‬‫وحرس األرض رواة اخلَ ِرب عن كل من ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يعترب لكل دي ٍن جاء فرسان ْ‬
‫غرر‬ ‫وابن زري ٍع قال قوالً ْ‬ ‫ُ‬
‫السنَ ْد فاسلك سبيلهم فإنه الر َش ْد‬
‫أصحاب َّ‬
‫ُ‬ ‫فرسا ُن هذا الدين‬
‫يفتعل‬
‫عما له الوضَّاعُ كيداً ْ‬‫ئل َّ‬
‫اجلليل إذ س ْ‬
‫ُ‬ ‫وابن املبارك‬
‫ُ‬
‫قال ‪ :‬تعيش دهرها اجلهابذ ْة حاميةً تلك الغثاء انبذ ْة‬
‫وقد أوصل اإلمام احلجة أبو حامت بن حبان اجملروحني من رواة األحاديث الذين جيب جمانبة روايهتم ‪،‬‬
‫والتحذير منها إىل عشرين نوعاً ‪ ،‬وذلك ىف كتابه (( اجملروحني من احملدثني والضعفاء واملرتوكني )) ‪،‬‬
‫وحنن نلخص مقاصده ىف ذلك تلخيصاً وافياً بغرضنا من ذكرهم ‪.‬‬
‫[ النوع األول ] الزاندقة الذين كانوا يعتقدون الزندقة والكفر ‪ ،‬وال يؤمنون ابهلل واليوم اآلخر ‪ ،‬كانوا‬
‫يدخلون املدن ويتشبهون أبهل العلم ‪ ،‬ويضعون احلديث على العلماء ‪ ،‬ويروونه عنهم ليوقعوا الشك‬
‫والريب ىف قلوب العوام ‪ ،‬وقد َسعها منهم أقوام ثقات ‪ ،‬وأدوها إىل من بعدهم ‪ ،‬فوقعت ىف أيدى‬
‫الناس ‪ ،‬وتداولوها بينهم ‪.‬‬
‫[ النوع الثاىن ] من استفزه الشيطان حىت كان يضع احلديث على الثقات ىف احلث على اخلري وذكر‬
‫الفضائل ‪ ،‬والزجر عن املعاصى والتنفري عنها ‪ ،‬متوُهني أهنم يؤجرون على ذلك ‪ ،‬برتغيبهم الناس إىل‬
‫اخلري ‪ ،‬وتنفريهم عن اآلاثم واملعاصى ‪.‬‬

‫(‪)104/1‬‬

‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬


‫[ النوع الثالث ] من كان يضع احلديث على الثقات استحالالً وجرأةً على رسول هللا َ‬
‫َو َسلَّ َم ‪ ،‬حىت إن أحدهم يسهر عامة ليله ىف وضع احلديث واختالقه ‪.‬‬
‫[ النوع الرابع ] من كان يضع احلديث عند احلوادث والوقائع حتدث للملوك والسالطني ‪ ،‬من غري‬
‫أن جيعلوا ذلك صناعة هلم كالنوع السالف ‪.‬‬
‫[ النوع اخلامس ] من غلبه الصالح والعبادة ‪ ،‬وغفل عن احلفظ والتمييز ‪ ،‬فإذا حدَّث رفع املرسل ‪،‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬
‫وأسند املوقوف ‪ ،‬وقلب األسانيد ‪ ،‬وجعل كالم الوعاظ كاحلسن عن أنس عن النىب َ‬
‫َو َسلَّ َم ‪ ،‬حىت خرج عن حد االحتجاج به ‪.‬‬
‫[ النوع السادس ] مجاعة من الثقات اختلطوا ىف أواخر أعمارهم ‪ ،‬حىت مل يكونوا يعقلون ما ِ‬
‫حيدثون‬
‫‪ ،‬فأجابوا فيما سئلوا ‪ ،‬وحدَّثوا كيف شاءوا ‪ ،‬فاختلط حديثهم الصحيح حبديثهم السقيم ‪ ،‬فلم يتميز‬
‫‪ ،‬فاستحقوا الرتك ‪.‬‬
‫[ النوع السابع ] من كان ال يباىل ما ِ‬
‫حيدث ‪ ،‬ويتلقن ما يلقن ‪ ،‬فإذا قيل له ‪ :‬هذا من حديثك‬
‫حدَّمثن غري أن حيفظ ‪ ،‬فأمثال هذا ال حيتج هبم ‪ ،‬ألهنم يكذبون من حيث ال يعلمون ‪.‬‬
‫[ النوع الثامن ] من كان يكذب وال يتعمد الكذب ‪ ،‬ولكنه ال يعلم أنه يكذب ‪ ،‬إذ العلم مل يكن‬
‫قدمه ‪.‬‬
‫من صناعته ‪ ،‬وال أغرب فيه ُ‬
‫[ النوع التاسع ] من كان حيدث عمن مل يرهم ٍ‬
‫بكتب صحاح ‪ ،‬فالكتب وإن كانت صحيحة إال أن‬
‫َساعه عن أولئك الشيوخ غري حاصل ‪ ،‬ورمبا مل يرهم ‪ ،‬فاستحق الرتك ‪.‬‬
‫[ النوع العاشر ] من كان يقلب األحاديث ‪ ،‬ويسوى األسانيد ‪ ،‬فيحدث عن املشاهري ابملناكري ‪،‬‬
‫وما ليس من حديثهم ‪.‬‬
‫[ النوع احلادى عشر ] من رأى شيوخاً َسع منهم ‪ ،‬فلما ماتوا َسعوا عنهم أحاديث فحفظوها ‪ ،‬فلما‬
‫احتيج إليهم حدثوا هبا عن شيوخهم ‪ ،‬وهم ىف احلقيقة مل يسمعوها منهم ‪.‬‬
‫[ النوع الثاىن عشر ] من كتب احلديث ورحل فيه إال أن كتبه ذهبت ‪ ،‬فلما احتيج إليه حدَّث من‬
‫كتب الناس من غري أن حيفظها كلها ‪ ،‬أو يكون له َساع فيها ‪.‬‬

‫(‪)105/1‬‬

‫[ النوع الثالث عشر ] من كثر خطؤه وفحش ‪ ،‬حىت استحق الرتك ‪ ،‬وإن كان صدوقاً ىف نفسه ‪.‬‬
‫[ النوع الرابع عشر ] من ابتلى اببن سوء أو وراق سوء ‪ ،‬كانوا يضعون له احلديث ‪ ،‬وقد أمن‬
‫انصيتهم ‪ ،‬فكان حيدث مبا وضعوا له ‪ ،‬فاستحق الرتك ‪.‬‬
‫[ النوع اخلامس عشر ] من ُوضع له احلديث فحدَّث به وهو ال يدرى ‪ ،‬فلما تبني له مل يرجع آنفاً‬
‫من االعرتاف خبطئه ‪.‬‬
‫[ النوع السادس عشر ] من سبق لسانه فحدَّث ابخلطأ وهو ال يعلم ‪ ،‬مث تبني له وعلم فلم يرجع ‪،‬‬
‫ومتادى ىف روايته ‪ ،‬ومن كان هكذا كان كذاابً يستحق الرتك ‪.‬‬
‫[ النوع السابع عشر ] املعلن ابلفسق والسنة ‪ ،‬والفاسق ال يكون عدالً وإن كان صدوقاً ىف روايته‪.‬‬
‫[ النوع الثامن عشر ] املدلس عمن مل يره ومل يسمعه ‪.‬‬
‫[ النوع التاسع عشر ] املبتدع الداعى لبدعته ‪ ،‬حىت صار إماماً يقتدى به ويرجع إليه ‪.‬‬
‫القصاص والسؤَّال الذين كانوا يضعون احلديث على ألسنة الثقات ليحمل عنهم‬
‫[ النوع العشرون ] َّ‬
‫‪.‬‬
‫منتحل للسنن ‪ٍ ،‬‬
‫ابحث عنها ‪ ،‬أن يعرفهم وحياذر الرواية عنهم ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فهؤالء اجملروحون َمن جيب على كل‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وهو ال يدرى ‪.‬‬
‫لئال يقع ىف الكذب على رسول هللا َ‬
‫هذا ‪ ،‬وليحذر الذين خيالفون عن أمر هللا ‪ ،‬ويتساهلون ويكثرون ذكر األحاديث النبوية ‪ ،‬إعتماداً‬
‫على كتب املواعظ والرقائق ‪ ،‬والزهد وفضائل األعمال ‪ ،‬املشحونة ابملناكري واألابطيل واملوضوعات‬
‫قبل مطالعتها ىف مظاهنا ‪ ،‬وسؤال اجلهابذة النقاد عنها ‪ ،‬لالكتفاء ابلصحيح ونبذ السقيم ‪ .‬ويعظم‬
‫هذا التحذير ىف حق من يتصدى للفتوى والتعليم والتبيني ‪ ،‬لئال يقع ىف ما هنى عنه من القول على‬
‫هللا بال علم (( إن الذين يفرتون على هللا الكذب ال يفلحون )) ‪.‬‬

‫(‪)106/1‬‬

‫قال اإلمام أبو حامت بن حبان (( اجملروحني ))(‪ (( : )13/1‬فمن مل حيفظ سنن النىب صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ومل حيسن متييز صحيحها من سقيمها ‪ ،‬وال عرف الثقات من احملدثني وال الضعفاء واملرتوكني‬
‫‪ ،‬ومن جيب قبول إنفراد خربه َمن ال جيب قبول زيدة األلفاظ ىف روايته ‪ ،‬ومل يعرف معاىن األخبار ‪،‬‬
‫املفسر من اجململ وال عرف الناسخ من املنسوخ ‪ ،‬وال‬
‫واجلمع بني تضادها ىف الظواهر ‪ ،‬وال عرف ًّ‬
‫اللفظ اخلاص الذى يراد به العام ‪ ،‬وال اللفظ العام الذى يراد به اخلاص ‪ ،‬وال األمر الذى هو فريضة‬
‫‪ ،‬وال األمر الذى هو فضيلة وإرشاد ‪ ،‬وال النهى الذى هو حتم ال جيوز ارتكابه من النهى الذى هو‬
‫ندب يباح استعماله ‪ :‬كيف يستحل أن يفىت ‪ ،‬أو كيف يسوغ لنفسه حترمي احلالل أو حتليل احلرام ‪،‬‬
‫تقليداً منه ملن خيطئ ويصيب ‪ ،‬رافضاً قول من ال ينطق عن اهلوى )) اهـ ‪.‬‬
‫وقد ترخص مجاعة من العلماء ىف الرواية ‪ ،‬وفرقوا بني ما كان منها ىف األحكام فشددوا ‪ ،‬وما كان ىف‬
‫الرقائق وفضائل األعمال فتساهلوا ‪ ،‬واحتجوا لذلك مبا ُروى عن عبد الرمحن بن مهدى قال ‪(( :‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ىف احلالل واحلرام واألحكام شددان ىف األسانيد وانتقدان‬
‫إذا روينا عن النىب َ‬
‫الرجال ‪ ،‬وإذا روينا ىف فضائل األعمال والدعوات تساهلنا ىف األسانيد )) ‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬هذا مذهب ىف قبول األحاديث قد أخطئ الكثريون فهم داللته ‪ ،‬ووسعوا دائرة العمل‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم (( َم ْن يَـ ُق ْل َعلَ َّي َما َملْ أَقُ ْل فَـ ْليَـتَـبَـ َّوأْ َم ْق َع َدهُ‬
‫مبفهومه اخلاطئ ‪ ،‬حىت ضربوا بقوله َ‬
‫ِم َن النَّا ِر )) عرض احلائط ‪ ،‬فخرج أكثرهم عن حد التساهل إىل التغافل ‪ ،‬وعن قيد التثبت‬
‫ٍ‬
‫كسره ‪ ،‬وإسناد ضعفه أكيد‬ ‫واإلحتياط إىل التقصري واإلفراط ‪ ،‬ومل يفرقوا بني إسناد يس ٍري ضع ُفه جمبوٍر ُ‬
‫وكسره شديد ‪ ،‬فقبلوا روايت الكذابني والوضاعني ‪ ،‬وتوسعوا ىف رواية كل ما يلقى قبوالً ورواجاً لدى‬
‫عوام املسلمني ‪.‬‬

‫(‪)107/1‬‬

‫واحلق أن التساهل املذكور ال ينبغى أن يتطرق إىل األسانيد الواهية واملوضوعة والباطلة واملنكرة ‪،‬‬
‫وإال لتهدمت قواعد وشرائط أداء وحتمل الروايت ‪ ،‬وأُهها عدالة الرواة وضبطهم ‪ ،‬وهذا معلوم من‬
‫مذهب اإلمام ابن مهدى نفسه ‪ ،‬فقد كان شديد اإلنتقاد للرواة ‪ ،‬واسع املعرفة بدقائق علل‬
‫األحاديث ‪ .‬وعلى هذ العمل عند مجاهري أهل العلم ابحلديث ‪ :‬كالعز بن عبد السالم ‪ ،‬وأىب عمرو‬
‫بن الصالح ‪ ،‬وتقى الدين بن دقيق العيد ‪ ،‬وتقى الدين على بن عبد الكاىف السبكى ‪ ،‬وتقى الدين‬
‫أمحد بن تيميه ‪ ،‬ومشس الدين بن القيم ‪ ،‬وعماد الدين أىب الفداء بن كثري ‪ ،‬وزين الدين عبد الرحيم‬
‫بن احلسني العراقى ‪ ،‬ومشس الدين الذهىب ‪ ،‬وابن حجر ‪ ،‬والسخاوى ‪ ،‬والسيوطى ‪ ،‬ومجاعة ال‬
‫حيصون كثرة ‪ .‬وحترير القول ىف هذا املهيع الصعب ‪ ،‬ما نظمه احلافظ زين الدين العراقى ىف ((‬
‫التبصرة والتذكرة )) ‪:‬‬
‫ِ‬
‫املوصوف‬ ‫ِ‬
‫ابلضعيف فَـ ُقل إذا كا َن من‬ ‫تج‬
‫قل ُحي ُّ‬
‫فإن يُ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رب بكونه من غ ِري وجه يُ ُ‬
‫ذكر‬ ‫رواتُه بسوء حفظ ُجي ُ‬
‫ُّعف فلم ُجي ْرب َذا‬
‫ى الض ُ‬ ‫لكذب أو َّ‬
‫شذا أو قَ ِو َ‬ ‫ٍ‬ ‫يكن‬
‫وإن ْ‬
‫وهذا الذى حرره ـ رمحه هللا ـ هو حد احلديث احلسن عند اإلمام الرتمذى ‪ .‬فهذا النوع من احلديث ـ‬
‫يعىن احلسن عند الرتمذى ـ ‪ ،‬أو الضعيف املنجرب عند العراقى ‪ ،‬هو الذى عناه اإلمام عبد الرمحن بن‬
‫مهدى ‪ ،‬وأمحد بن حنبل ‪ ،‬والرتمذى ‪ ،‬والبيهقى ‪ ،‬والبغوى ‪ ،‬وغريهم َمن تساهلوا ىف أسانيد الرقائق‬
‫والزهد ‪ ،‬والدعوات وفضائل األعمال ‪ ،‬وقالوا جبواز العمل به ‪.‬‬
‫حرر احلافظ ابن حجر العسقالىن هذا املعىن حتريراً ابلغاً ‪ ،‬فيما ذكره عنه احلافظ السخاوى ىف ((‬
‫وقد َّ‬
‫القول البديع ))(ص‪َ (( : )258‬سعت شيخنا ـ يعىن ابن حجر ـ مراراً يقول ‪ ،‬وكتبه ىل خبطه ‪ :‬إن‬
‫شرائط العمل ابلضعيف ثالثة ‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن يكون الضعف غري شديد ‪ ،‬فيخرج هذا القيد َّ‬
‫الكذابني ‪ ،‬واملتهمني ابلكذب ‪ ،‬ومن فحش‬
‫غلطه ‪.‬‬

‫(‪)108/1‬‬

‫أصل أصالً ‪.‬‬


‫(‪ )2‬أن يكون مندرجاً حتت أصل عام ‪ ،‬فيخرج ما خيرتع ‪ ،‬حبيث ال يكون له ٌ‬
‫َّىب صلَّى هللا عليه وسلَّم ما مل يقله )) اهـ ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أال يعتقد عند العمل به بثبوته ‪ ،‬لئال ينسب إىل الن ِ‬
‫فإذا أتكد لديك هذا التأصيل الدقيق ىف وسيلته ‪ ،‬والسامى ىف غايته ‪ ،‬صيانةً ملصادر الشريعة الغراء‬
‫من أكاذيب الوضاعني ‪ ،‬ومناكري الضعفاء الواُهني ‪ ،‬وأوهام املغفلني ‪ ،‬وأخطاء املخلِطني ‪ ،‬فاعلم بعد‬
‫هذا التقرير أن احلجامة كمصدر من مصادر اهلدى النبوى ‪ ،‬قد تعرضت هى األخرى لغارات‬
‫الوضاعني والكذابني ‪َ ،‬من ركبوا هلا على أسانيد الثقات متوانً ابطلةً ومنكرةً وموضوعةً ‪ ،‬كالىت أسلفنا‬
‫عجب أهنا راجت حىت لدى األماثل من العلماء ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بياهنا ‪ ،‬وبينَّا عللَها ِ‬
‫وآفاهتا ‪ ،‬ومن‬
‫واضح بني الزائف الدخيل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تناقض‬ ‫ولعلك تدرك بش ٍئ من حسن التأمل ‪ ،‬ولطافة اإلدراك ‪ ،‬أن مثة‬
‫البني الصحة ‪ ،‬فما خرج من مشكاة النبوة فله نور أجلى من ضوء الشمس ىف وضح‬ ‫والصحيح ِ‬
‫ختصر له‬ ‫ِ َّ‬ ‫النهار ‪ ،‬وعليه رونق اهليبة واجلالل ‪ ،‬فلقد أوتى َ َّ‬
‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم جوامع الكلم ‪ ،‬واُ َ‬
‫الكالم اختصاراً ‪ ،‬إذ هو (( وحى يوحى علمه شديد القوى )) ‪ ،‬وإنَّه (( للحق من ربك فال تكونن‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وختليط ال يصدر مثله عن مشكاة‬ ‫وخترص وافرت ٍاء ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وافتعال ‪،‬‬ ‫من املمرتين )) ‪ ،‬وما كان عن ٍ‬
‫كذب‬
‫البيان والفصاحة ‪ (( ،‬الذى ال ينطق عن اهلوى )) ‪ ،‬فال خيفى على النقاد العارفني من أئمة هذا‬
‫الشأن وجهابذته ‪.‬‬
‫وأول ما يفجئك من ذلك فيما حنن بصدده من الزائف الدخيل على احلجامة ‪:‬‬
‫( أوالً ) أن ترى احلكم ونقيضه ىف الشئ الواحد ‪ ،‬كنحو (( احلجامة يوم الثالاثء لسبع عشرة من‬
‫الشهر دواء لداء السنة )) و (( ال حتتجموا يوم الثالاثء ‪ ،‬فإنَّه يَـ ْوُم الدَِّم ‪َ ،‬وفِ ِيه َس َ‬
‫اعةٌ ال يَـ ْرقَأ )) ‪،‬‬
‫كيف يلتقيان ‪ ،‬فهذا نقيض ذا ؟! ‪ ،‬وكالُها ابطل ال جيوز اعتقاد صحته وال العمل به ‪.‬‬

‫(‪)109/1‬‬
‫احلديث ويناقضه ‪ ،‬كنحو (( إن يف اجلمعة لساعة ال حيتجم فيها‬
‫َ‬ ‫والوجود‬
‫ُ‬ ‫الواقع‬ ‫( اثنياً ) أن ِ‬
‫يكذب‬
‫ُ‬
‫أحد إال مات )) و (( من احتجم يوم األربعاء ويوم السبت فرأى وضحا ‪ ،‬فال يلومن إال نفسه ))‬
‫أفضل أوقات احلجامة املنصوص‬ ‫َ‬ ‫األيم‬
‫فهذان َما ال يشك ىف بطالهنما عاقل ‪ ،‬إذ قد توافق هذه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‬ ‫س ْب َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وت ْس َع َع ْش َرةَ ‪َ ،‬وإِ ْح َدى َوع ْش ِر َ‬
‫ين َكا َن ش َف ً‬ ‫عليها ىف احلديث الصحيح (( َم ِن ْ‬
‫احتَ َج َم ل َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يوم االثنني سبع عشرة ‪ ،‬فيوافق األربعاء تسع عشرة ‪ ،‬بينما يوافق‬ ‫م ْن ُك ِل َداء )) ‪ ،‬وذلك كأن يكون ُ‬
‫اجلمعة أحدى وعشرين ‪.‬‬
‫( إيقاظ وتنبيه ) وإن تعجب فعجب قول املناوى ىف (( فيض القدير ))(‪ (( : )35/6‬وروى الديلمي‬
‫عن أِب جعفر النيسابوري قال ‪ :‬قلت يوماً هذا احلديث ـ يعىن النهى عن احلجامة يوم األربعاء ـ غري‬
‫صحيح ‪ ،‬فافتصدت يوم األربعاء ‪ ،‬فأصابِن برص ‪ ،‬فرأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف النوم ‪،‬‬
‫فشكوت إليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إيك واالستهانة حبديثي فذكره ‪ .‬وقد كره أمحد احلجامة يوم السبت واألربعاء‬
‫هلذا احلديث )) ؟!! ‪.‬‬
‫أقر أبن أحكام الشريعة ال تتلقى ابلرؤى واملنامات ‪ ،‬مث يزعم أن مضمون‬
‫وال ينقضى عجبك َمن َّ‬
‫احلكاية ينطوى على فوائد ‪ ،‬ومل ِ‬
‫يصرح بفائدة واحدة منها ؛ فضالً عن جمموعها ‪ ،‬فأى فائدة ىف‬
‫صرح أئمة العلم ابحلديث أبنه موضوع ؟ ‪.‬‬
‫العمل حبديث َّ‬
‫فإن نسيت ‪ ،‬فال تنسى قول اإلمام اجلهبذ أىب حامت بن حبان ‪ (( :‬ال حيل ذكر مثل هذا احلديث يف‬
‫الكتب إال على سبيل االعتبار ‪ ،‬ألنه موضوع ‪ ،‬ليس هذا من حديث رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم‬
‫‪ ،‬ومن روى مثل هذا احلديث وجب جمانبة ما يروي من األحاديث ‪ ،‬وإن وافق الثقات يف بعض‬
‫الروايت )) ‪.‬‬

‫(‪)110/1‬‬

‫( اثلثاً ) أن يكون منت احلديث أشبه بكالم أهل الصنعة من احلجامني واألطباء ‪ ،‬كنحو (( نِ ْع َم ال َْع ْب ُد‬
‫ص َر )) و (( احلجامة يف الرأس شفاء من سبع ‪:‬‬ ‫ْب ‪َ ،‬وَْجيلُو الْبَ َ‬
‫الصل َ‬
‫ف ُّ‬‫ب ِابلدَِّم ‪َ ،‬وُِخي ُّ‬
‫ام ‪ :‬يَ ْذ َه ُ‬
‫ا ْحلَ َّج ُ‬
‫اجلنون ‪ ،‬واجلذام ‪ ،‬والربص ‪ ،‬والنعاس ‪ ،‬ووجع الضرس ‪ ،‬والصداع ‪ ،‬وظلمة جيدها يف عينيه ))‬
‫فهذه ونظائرها ال خيرج مثلها عن مشكاة النبوة ‪ ،‬وإمنا هى جتارب أهل الصنعة ‪ ،‬ومعارف الطرائقيني‬
‫‪ ،‬وإعالن َمقوت ىف سوق احلجامة طمعاً ىف مث ٍن خبس ‪ :‬دارهم معدودة ‪ (( ،‬ولو أهنم رضوا ما آاتهم‬
‫هللا ورسوله وقالوا حسبنا هللا سيؤتينا هللا من فضله ورسوله إان إىل هللا راغبون )) وقارن مثل هذه‬
‫صح عن الصادق املصدوق من قوله (( إِ َّن أ َْمثَ َل َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه‬
‫املناكري والبواطيل إن شئت ؛ مبا َّ‬
‫ا ْحلِ َج َامةُ )) ‪ ،‬جتد بوانً شاسعاً ‪.‬‬
‫وهناك أمارات أخرى غري املذكورة آنفاً ‪ ،‬وضابطها مراجعة أهل املعرفة بنصوص احلديث النبوى ‪(( ،‬‬
‫َمن تضلع يف معرفة السنن الصحيحة ‪ ،‬واختلطت بدمه وحلمه ‪ ،‬وصار له فيها ملكة واختصاص‬
‫شديد مبعرفة السنن واآلاثر ‪ ،‬ومعرفة سرية رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهديه فيما َيمر به ‪،‬‬
‫وينهى عنه ‪ ،‬ويدعو إليه ‪ ،‬وحيبه ويكرهه ‪ ،‬ويشرعه لألمة ))(‪. )1‬‬
‫وهلل در الشيخ العالمة حممد على آدم األثيوىب ‪ ،‬حيث يقول ىف (( تذكرته )) ‪:‬‬
‫احلمد هلل الذى قد يسرا حلفظ دينه ُمحاةً ُكربا‬
‫غال قد بغى وأبطلوا انتحال ٍ‬
‫مبطل طغى‬ ‫فقد نفوا حتريف ٍ‬
‫ابلتمام‬
‫ْ‬ ‫السالم كما به جاء احلديث‬
‫ْ‬ ‫الرسل عليهم‬
‫ورثةُ ْ‬
‫دالئل اهلدى ٍ‬
‫كنجم ىف السما‬ ‫ُ‬ ‫فهم عن األرض يزيلون العمى‬
‫ــــ‬
‫(‪ )1‬راجع (( املنار املنيف ىف معرفة املوضوع والضعيف )) لإلمام العالمة ابن القيم‬
‫وهذا حني الشروع ىف بيان األحاديث الباطلة واملنكرة واملوضوعة ىف احلجامة ‪:‬‬

‫(‪)111/1‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬
‫استَطَ ْع َ‬ ‫اج َعلْهُ َرفي ًقا إِن ْ‬ ‫س ِِل َح َّج ًاما ‪َ ،‬و ْ‬‫َّم ‪ ،‬فَالْتَم ْ‬ ‫ال ‪َ :‬ي َانف ُع ! قَ ْد تَـبَـيَّ َغ ِ َِب الد ُ‬ ‫(‪َ )1‬ع ِن ابْ ِن ُع َم َر قَ َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬وال َجتْعلْهُ َشي ًخا َكبِريا ‪ ،‬وال صبِيًّا ِ‬
‫ول ‪(( :‬‬ ‫ول هللا َ‬ ‫ريا ‪ ،‬فَِإِِن ََس ْع ُ َ ُ‬ ‫صغ ً‬ ‫ً َ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫الر ِيق أَمثَل ‪ ،‬وفِ ِيه ِش َفاء وبـرَكةٌ ‪ ،‬وتَ ِزي ُد ِيف الْع ْق ِل وِيف ا ْحلِْف ِظ ‪ ،‬فَاحت ِجموا علَى بـرَك ِة ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا‬ ‫ْ َ ُ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ َََ َ‬ ‫ا ْحل َج َامةُ َعلَى ِ ْ ُ َ‬
‫احتَ ِج ُموا يَـ ْوَم‬
‫َحد َحتَ ِرًي ‪َ ،‬و ْ‬
‫ت ويـوم ْاأل ِ‬ ‫اجتَنِبوا ا ْحلِجامةَ يـوم األَربِع ِاء وا ْجلمع ِة و َّ ِ‬ ‫اخلَ ِم ِ‬
‫يَـ ْوَم ْ‬
‫الس ْب َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُُ َ َ‬ ‫يس ‪َ ،‬و ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّالاث ِء ‪ ،‬فَِإنَّهُ الْيـوم الَّ ِذي َع َ ِ ِ‬
‫ض َربَهُ ِابلْبَالء يَـ ْوَم األ َْربِ َعاء ‪ ،‬فَِإنَّهُ‬‫وب ِم َن الْبَالء ‪َ ،‬و َ‬ ‫اىف هللاُ فيه أَيُّ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ني َوالث َ‬ ‫االثْـنَ ْ ِ‬
‫ص إِال يَـ ْوَم ْاأل َْربِ َع ِاء ‪ ،‬أ َْو لَْيـلَةَ ْاأل َْربِ َع ِاء )) ‪.‬‬
‫ال يَـ ْب ُدو ُج َذ ٌام َوال بَـ َر ٌ‬
‫منكر ‪ .‬ال يصح رفعه ‪ ،‬وله طريقان ‪:‬‬
‫مستوف ‪ ،‬واإلَساعيلى (( معجم شيوخه ))‬ ‫ٍ‬ ‫[ الطريق األوىل ] انفع عنه ‪ :‬أخرجه احلاكم (‪)235/4‬‬
‫(‪ )676/2‬خمتصراً ‪ ،‬وعنه اخلطيب (( اتريخ بغداد ))(‪ )38/10‬ثالثتهم من طريق عثمان بن سعيد‬
‫الدارمى ثنا عبد هللا بن صاحل املصرى ثنا عطاف بن خالد عن انفع أن عبد هللا بن عمر قال له ‪ :‬ي‬
‫رسول هللا‬
‫انفع تبيغ ِب الدم ‪ ،‬فأتِن حبجام ‪ ،‬ال يكون شيخا كبريا ‪ ،‬وال غالما صغريا ‪ ،‬فإِن َسعت َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم يقول ‪ (( :‬احلجامة على الريق أمثل ‪ ،‬وفيها شفاء وبركة ‪ )) ...‬احلديث بنحوه ‪.‬‬

‫(‪)112/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا اإلسناد أمثل أسانيد هذا احلديث ‪ ،‬رجاله ثقات كلهم غري عطاف بن خالد املخزومى أاب‬
‫صفوان املدىن ‪ ،‬وثقه أمحد بن حنبل وحيي بن معني ‪ .‬وقال أبو زرعة ‪ :‬ليس به أبس ‪ .‬وقال أبو حامت‬
‫الرازى ‪ :‬صاحل ليس بذاك ‪ .‬وقال النسائى ‪ :‬ليس ابلقوى ‪ .‬غري أن مالك بن أنس إمام أئمة اجلرح‬
‫والتعديل كان شديد احلمل عليه ‪ ،‬وكان عبد الرمحن بن مهدى ال يرضى عطافاً ‪ ،‬فلقد كان ينفرد عن‬
‫انفع وزيد بن أسلم مبناكري ال يتابع عليها ‪.‬‬
‫قال مطرف بن عبد هللا املدِن ‪ :‬قال ِل مالك بن أنس ‪ :‬عطاف حيدث ؟ ‪ ،‬قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأعظم‬
‫ذلك إعظاما شديداً ‪ ،‬مث قال ‪ :‬لقد أدركت أانسا ثقات حيدثون ما يؤخذ عنهم ‪ ،‬قلت ‪ :‬كيف وهم‬
‫ثقات ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬خمافة الزلل ‪.‬وقال عبد هللا بن أمحد بن شبويه عن مطرف بن عبد هللا ‪َ :‬سعت مالك‬
‫بن أنس يقول ‪ :‬ويكتب عن مثل عطاف بن خالد ! ‪ ،‬لقد أدركت يف هذا املسجد سبعني شيخا كلهم‬
‫خري من عطاف ما كتبت عن أحد منهم ‪ ،‬وإمنا يكتب العلم عن قوم قد حوى فيهم العلم مثل عبيد‬
‫هللا بن عمر وأشباهه ‪.‬‬
‫وهلذا قال ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ (( : )193/2‬العطاف بن خالد بن عبد هللا القرشي ‪ ،‬أبو‬
‫صفوان املخزومي ‪ .‬يروي عن انفع وغريه من الثقات ماال يشبه حديثهم ‪ ،‬وأحسبه كان يؤيت ذلك من‬
‫سوء حفظه ‪ ،‬فال جيوز عندي االحتجاج بروايته إال فيما وافق الثقات ‪ .‬كان مالك بن أنس ال يرضاه‬
‫)) ‪.‬‬
‫وهذا احلديث من مناكريه وإن وثق ىف ذات أمره ‪ ،‬إذ ال تستغرب رواية الثقات للمناكري ‪ ،‬ومن عالمة‬
‫املنكر ىف حديث الصدوق خمالفته لألوثق منه ‪ ،‬وقد خالف عطافاً ‪ :‬أيوب بن أىب متيمة السختياىن ـ‬
‫وهو من أوثق الناس ىف انفع ـ ‪ ،‬فأوقفه على ابن عمر ومل يرفعه ‪ ،‬وهو الصواب ‪.‬‬
‫ومل يتابع عطافاً عن انفع غري مجاعة من اجملروحني َمن ال حيتج هبم ىف املتابعات ‪.‬‬

‫(‪)113/1‬‬
‫فقد أخرجه ابن ماجه (‪ ، )3487‬وابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )100/2‬وابن عدى (‪، )308/2‬‬
‫وابن اجلوزى(( العلل املتناهية ))(‪ )1464/874/2‬من طريق عثمان بن مطر الشيباىن عن احلسن‬
‫بن أىب جعفر عن حممد بن جحادة عن انفع به مثله ‪.‬‬
‫وأخرجه احلاكم (‪ ، )234/4‬وابن اجلوزى (( العلل املتناهية ))(‪ )1463/874/2‬من طريق زيد بن‬
‫حيي احلساِن ثنا غزال بن حممد عن حممد بن جحادة به مثله ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذان اإلسنادان واهيان مبرة ‪ .‬ففى األول ‪ :‬عثمان بن مطر الشيباِن أبو الفضل البصرى ‪،‬‬
‫قال أبو حامت بن حبان ‪ :‬كان َمن يروي املوضوعات عن األثبات ال حيل االحتجاج به ‪ .‬واحلسن بن‬
‫أىب جعفر البصرى ‪ ،‬قال حيي بن معني ‪ :‬ليس بشيء ‪ .‬وقال عمرو بن على الفالس والبخاري ‪:‬‬
‫منكر احلديث ‪ .‬وقال السعدي ‪ :‬واهي احلديث ‪ .‬وقال النسائي ‪ :‬مرتوك احلديث ‪ .‬وقال ابن حبان‬
‫‪ :‬كان من املتعبدين ‪ ،‬لكنه غفل عن صناعة احلديث وحفظه ‪ ،‬فإذا حدث وهم وقلب األسانيد وهو‬
‫ال يعلم ‪.‬‬
‫وىف الثاىن ‪ :‬غزال بن حممد ‪ ،‬من ذا ؟ ال ُيعلم !! ‪ .‬قال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬رواة هذا احلديث‬
‫كلهم ثقات إال غزال بن حممد فإنه جمهول ‪ ،‬ال أعرفه بعدالة وال جرح )) ‪ .‬وقال احلافظ الذهىب ((‬
‫امليزان ))(‪ (( : )401/5‬غزال بن حممد عن حممد بن جحادة ال يعرف ‪ ،‬وخربه منكر يف احلجامة ))‬
‫‪.‬‬
‫صمة عن س ِع ِ‬
‫يد بن م ْيم ٍ‬
‫ون عن انفع به حنوه ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫وأخرجه ابن ماجه (‪ )3488‬من طريق عبد هللا بن ع ْ‬
‫قال احلافظ ابن حجر (( هتذيب التهذيب )) ‪ (( :‬سعيد بن ميمون عن انفع يف احلجامة ‪ .‬وعنه عبد‬
‫هللا بن عصمة ‪ .‬قلت ‪ :‬هو جمهول ‪ ،‬وخربه منكر جداً يف احلجامة )) ‪.‬‬

‫(‪)114/1‬‬

‫[ الطريق الثانية ] أبو قالبة عنه ‪ :‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ )21/3‬من طريق املثىن بن‬
‫عمرو عن أِب سنان عن أِب قالبة قال ‪ :‬كنت عند ابن عمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬لقد تبيغ ِب الدم ي انفع ‪ ،‬ابغ‬
‫ِل حجاما ‪ ،‬وال جتعله شيخا ‪ ،‬وال شااب ‪ ،‬فإِن َسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ‪(( :‬‬
‫احلجامة على الريق أمثل ‪ ،‬فيها شفاء وبركة تزيد يف العقل واحلفظ ‪ )) ..‬فذكر حنوه ‪ .‬وقال ابن حبان‬
‫‪ (( :‬املثىن بن عمرو شيخ يروي عن أِب سنان ما ليس من حديث الثقات ال جيوز االحتجاج به )) ‪.‬‬
‫وقال ابن أىب حامت (( علل احلديث ))(‪ (( : )2477/320/2‬سألت أِب عن حديث رواه أبو عبد‬
‫الرمحن املقري عن إَساعيل بن ابراهيم حدثىن املثىن بن عمرو عن أِب سنان عن أِب قالبة قال ‪ :‬كنت‬
‫جالسا عند عبد هللا بن عمر بن اخلطاب إذ قال ‪ :‬لقد تيبع ىل الدم ي انفع ‪ ،‬فادع ىل حجاما ‪ ،‬وال‬
‫جتعله شيخا ‪ ،‬وال صبيا مث قال َسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ‪ (( :‬احلجامة على الريق‬
‫أمثل )) ‪ .‬قال أِب ‪ :‬ليس هذا احلديث بشىء ‪ ،‬ليس هو حديث أهل الصدق ‪ ،‬إَساعيل واملثىن‬
‫جمهوالن )) اهـ ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬إذا اشتد احلر فاستعينوا ابحلجامة ‪ ،‬ال‬
‫رسول هللا َ‬
‫(‪ )2‬عن أنس قال ‪ :‬قال ُ‬
‫يتبيغ دم أحدكم فيقتله )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )288/2‬واحلاكم (‪ )235/4‬كالُها من طريق حممد‬
‫بن القاسم األسدي ثنا الربيع بن صبيح عن احلسن عن أنس مرفوعاً به ‪.‬‬
‫قال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬بل هو موضوع ‪ .‬حممد بن القاسم األسدى ‪ ،‬كذبه أمحد بن حنبل وقال ‪ :‬أحاديثه موضوعة ‪.‬‬
‫وقال النسائى ‪ :‬ليس بثقة ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬كان َمن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ‪،‬‬
‫وَييت عن األثبات مبا مل حيدثوا ‪ ،‬ال جيوز االحتجاج به وال الرواية عنه حبال ‪ ،‬كان أمحد بن حنبل‬
‫يكذبه ‪.‬‬

‫(‪)115/1‬‬

‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬احلجامة يوم الثالاثء لسبع‬


‫رسول هللا َ‬
‫(‪ )3‬عن معقل بن يسار قال ‪ :‬قال ُ‬
‫عشرة من الشهر دواء لداء السنة )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن سعد (( الطبقات ))(‪ ، )448/1‬والطرباىن (( الكبري )) (‪، )499/215/20‬‬
‫وابن عدى (‪ ، )200/3‬والبيهقى (( الكربى ))(‪ ، )340/9‬واخلطيب (( موضح األوهام‬
‫))(‪ ، )146/2‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )214/3‬مجيعا من طريق سالم بن سليم التميمى‬
‫عن زيد ِ‬
‫العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعاً به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬سالم بن سليم وزيد بن احلوارى العمى عامة ما يروينه ال يتابعا عليه ‪ ،‬وال يُدرى البالء من‬
‫أيهما ؟ ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قال ‪ (( :‬من احتجم يوم الثالاثء لسبع عشرة خلت من‬ ‫(‪ )4‬عن أنس عن الن ِ‬
‫َّىب َ‬
‫الشهر ‪ ،‬أخرج هللا منه داء سنة )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه البيهقى (‪ ، )340/9‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )215/3‬من طريق زيد‬
‫ِ‬
‫العمي عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعاً ‪.‬‬
‫قال ابن حبان ‪ (( :‬زيد العمي هو زيد بن احلواري أبو احلواري ‪ .‬يروي عن أنس أشياء موضوعة ال‬
‫أصل هلا ‪ ،‬حىت سبق إىل القلب أنه املتعمد هلا ‪ ،‬وكان حيي ميرض القول فيه ‪ ،‬وهو عندي ال جيوز‬
‫االحتجاج خبربه ‪ ،‬وال كتابة حديثه إال لالعتبار )) ‪.‬‬
‫(‪ )5‬عن ابن عباس قال ‪ :‬دخلت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو حيتجم يوم الثالاثء ‪،‬‬
‫فقلت ‪ :‬هذا اليوم حتتجم ؟ ‪ ،‬قال ‪ (( :‬نعم ‪ ،‬ومن وافق منكم يوم الثالاثء ليلة سبع عشرة مضت من‬
‫الشهر ‪ ،‬فال جياوزه حىت حيتجم )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )58/3‬والطرباىن (( الكبري ))(‪)11366/162/11‬‬
‫‪ ،‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )214/3‬مجيعا من طريق انفع أبو هرمز عن عطاء عن ابن عباس‬
‫به ‪.‬‬

‫(‪)116/1‬‬

‫وقال ابن حبان ‪ (( :‬انفع أبو هرمز اجلمال موىل بِن سليمان ‪ .‬كان َمن يروي عن أنس ما ليس من‬
‫حديثه كأنه أنس آخر ‪ ،‬وال أعلم له َساعاً ‪ ،‬ال جيوز االحتجاج به وال كتابة حديثه إال على سبيل‬
‫االعتبار ‪ ،‬روى عن عطاء عن ابن عباس وعائشة نسخة موضوعة )) ‪.‬‬
‫ُّالاث ِء ‪َ ،‬ويَـ ْز ُع ُم َع ْن‬
‫َن أ ََاب َها َكا َن يَـ ْنـ َهى أَ ْهلَهُ َع ِن ا ْحلِ َج َام ِة يَـ ْوَم الث َ‬
‫(‪ )6‬عن كبشة بنت أىب بكرة الثقفى ‪ :‬أ َّ‬
‫َن يـوم الث َ ِ‬ ‫رس ِ ِ‬
‫اعةٌ ال يَـ ْرقَأ )) ‪.‬‬ ‫ُّالاثء يَـ ْوُم الدَِّم ‪َ ،‬وفِ ِيه َس َ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬أ َّ َ ْ َ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬
‫ضعيف ‪ .‬أخرجه أبو داود (‪ ، )3862‬والعقيلى (( الضعفاء الكبري ))(‪ ، )150/1‬والبيهقى‬
‫(‪ ، )340/9‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ ، )213/3‬واملزى (( هتذيب الكمال ))(‪)295/35‬‬
‫مجيعا من طريق بكار بن عبد العزيز بن أىب بكرة أخربتىن عمىت كبشة ـ ويقال كيِسة ـ بنت أىب بكرة‬
‫عن أبيها به ‪.‬‬
‫قال أبو بكر البيهقى ‪ (( :‬إسناده ليس ابلقوى )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬بكار بن عبد العزيز بن أىب بكرة ال يشبه أحاديثه أحاديث أهل الصدق ‪.‬‬
‫(‪ )7‬عن ابن عباس قال ‪ (( :‬يوم األحد يوم غرس وبناء ‪ ،‬ويوم االثنني يوم السفر ‪ ،‬ويوم الثالاثء يوم‬
‫الدم ‪ ،‬ويوم األربعاء يوم أخذ وال عطاء فيه ‪ ،‬ويوم اخلميس يوم دخول على السلطان ‪ ،‬ويوم اجلمعة‬
‫يوم تزويج وابءة )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه أبو يعلى (‪ : )2612‬حدثنا عمرو بن حصني ثنا حيي بن العالء ثنا عبد هللا بن عبد‬
‫الرمحن عن أِب صاحل عن ابن عباس قوله ‪.‬‬

‫(‪)117/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا منت موضوع وإسناد مظلم اتلف ‪ .‬حيي بن العالء الرازى ‪ ،‬قال أمحد ‪ :‬كذاب يضع‬
‫احلديث ‪ .‬وقال حيي ‪ :‬ليس بثقة ‪ .‬وقال عمرو بن على الفالس والنسائى والدارقطىن ‪ :‬مرتوك‬
‫احلديث ‪ .‬وعمرو بن احلصني العقيلى واهى احلديث ‪ ،‬ليس هو ىف موضع من حيدث عنه ‪ ،‬قاله أبو‬
‫زرعة ‪ .‬وقال أبو حامت ‪ :‬ذاهب احلديث وليس بشيء ‪ ،‬أخرج أول شيء أحاديث مشبهة حساان ‪ ،‬مث‬
‫أخرج بعد البن عالثة أحاديث موضوعة فأفسد علينا ما كتبنا عنه فرتكنا حديثه ‪.‬‬
‫وقال ابن عدى ‪ :‬حدث عن الثقات بغري حديث منكر ‪ ،‬وهو مظلم احلديث ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قال ‪ (( :‬من احتجم يوم األربعاء ويوم السبت‬
‫(‪ )8‬عن أِب هريرة أن رسول هللا َ‬
‫‪ ،‬فرأى وضحا ‪ ،‬فال يلومن إال نفسه )) ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه احلاكم (‪ ، )454/4‬والبيهقى (‪ )340/9‬كالُها عن محاد بن سلمة عن سليمان بن‬
‫أرقم عن الزهري عن سعيد بن املسيب عن أىب هريرة مرفوعاً به ‪.‬‬
‫وأخرجه ابن عدى (( الكامل ))(‪ ، )251/3‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )211/3‬كالُها عن‬
‫إَساعيل ابن عياش عن سليمان بن أرقم وابن َسعان عن الزهرى عن أىب سلمة عن سعيد بن املسيب‬
‫عن أىب هريرة مرفوعا مثله ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬واحلديث منكر هبذين اإلسنادين ‪ ،‬ال يرفعه عن الزهرى غري ابن أرقم وابن َسعان ‪ ،‬وال يتابعا‬
‫على رفعه ‪ .‬فأما سليمان بن أرقم فمرتوك ال حتل الرواية عنه ‪ ،‬يروى عن الزهرى مناكري ال تشبه‬
‫أحاديث الثقات ‪ .‬قال ابن حبان ‪ :‬كان َمن يقلب األخبار ويروى عن الثقات املوضوعات ‪ .‬وقال‬
‫أمحد وحيي ‪ :‬ليس بش ٍئ ‪ .‬وقال عمرو بن على الفالس ‪ :‬ليس بثقة روى أحاديث منكرة ‪ .‬وقال‬
‫البخارى ‪ :‬تركوه ‪ .‬وأما ابن َسعان ‪ ،‬واَسه عبد هللا بن زيد بن سليمان بن َسعان ‪ ،‬فقد كذبه مالك‬
‫وحممد بن إسحاق ‪ .‬وقال البخارى ‪ :‬سكتوا عنه ‪ .‬وقال أبو حامت ‪ :‬ضعيف احلديث ‪ ،‬سبيله سبيل‬
‫الرتك ‪ .‬وقال أبو داود ‪ :‬كان من الكذابني ‪ ،‬وىل قضاء املدينة ‪ .‬وقال النسائى والدارقطىن ‪ :‬مرتوك‬
‫احلديث ‪.‬‬

‫(‪)118/1‬‬

‫وللحديث شواهد عن أنس ‪ ،‬وابن عمر أبسانيد واهية ال جيوز االعتبار هبا حبال ‪ ،‬وال ذكرها إال‬
‫تعجباً ‪.‬‬
‫فقد أخرجه ابن عدى (‪ ، )371/2‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )212/3‬من طريق حسان بن‬
‫سياه عن اثبت عن أنس مرفوعاً مبثله ‪.‬‬
‫وأخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )33/2‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )212/3‬من طريق‬
‫عبد هللا بن زيد الفلسطيىن عن زرعة بن إبراهيم عن انفع عن ابن عمر مرفوعاً مبثله غري أنه قال ((‬
‫فأصابه وضح )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذان اإلسنادان واهيان اتلفان ‪ .‬ففى األول ‪ :‬حسان بن سياه أبو سهل البصرى ‪ .‬قال ابن‬
‫حبان ‪ :‬منكر احلديث جدا َييت عن الثقات مبا ال يشبه حديث األثبات ‪ .‬وقال ابن عدى ‪ :‬ينفرد‬
‫عن اثبت أبحاديث عامتها ال يتابعه غريه عليه ‪ ،‬والضعف ِبني على روايته وحديثه ‪ .‬وذكر له مثانية‬
‫عشر حديثاً منكراً منها (( من احتجم يوم السبت واألربعاء )) ‪ .‬وىف الثاىن ‪ :‬عبد هللا بن زيد‬
‫الفلسطيىن ‪ ،‬قال ابن حبان ‪ (( :‬شيخ يروي عن زرعة بن إبراهيم عن انفع عن ابن عمر عن النب‬
‫صلَّى هللا عليه وسلَّم قال ‪ (( :‬من احتجم يوم السبت ويوم األربعاء ‪ )) ..‬احلديث ‪ ،‬ال حيل ذكر مثل‬
‫هذا احلديث يف الكتب إال على سبيل االعتبار ‪ ،‬ألنه موضوع ليس هذا من حديث رسول هللا صلَّى‬
‫هللا عليه وسلَّم ‪ ،‬ومن روى مثل هذا احلديث وجب جمانبة ما يروي من األحاديث ‪ ،‬وإن وافق الثقات‬
‫يف بعض الروايت )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإمنا ثبت هذا احلديث عن الزهرى مرسالً ‪ .‬فقد أخرجه أبو داود (( املراسيل ))(‪ )451‬قال‬
‫‪ :‬حدثنا حممد بن حيي بن فارس ثنا عبد الرزاق أخربان معمر عن الزهري عن النب صلى هللا عليه‬
‫وسلَّم به ‪.‬‬

‫(‪)119/1‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ :‬عبد هللا بن عمر‬ ‫(‪ )9‬عن احلسن البصرى حدثىن سبعة من أصحاب الن ِ‬
‫َّىب َ‬
‫وعبد هللا بن عمرو وجابر ابن عبد هللا وأبو هريرة وعمران بن حصني ومعقل بن يسار وَسرة بن‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هنى عن احلجامة يوم السبت واألربعاء ‪ ،‬وقال ‪ (( :‬من‬
‫جندب ‪ :‬أن رسول هللا َ‬
‫فعل ذلك ‪ ،‬فأصابه بياض ‪ ،‬فال يلومن إال نفسه ))‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )163/2‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪)211/3‬‬
‫من طريق ضمرة بن ربيعة عن عباد بن راشد التميمى عن احلسن به ‪.‬‬
‫وقال ابن حبان ‪ (( :‬عباد بن راشد التميمي يروي عن احلسن وداود بن أِب هند ‪ .‬كان َمن َييت‬
‫ابملناكري عن أقوام مشاهري حىت يسبق إىل القلب أنه كان املتعمد هلا فبطل االحتجاج به ‪ .‬واحلسن‬
‫البصرى مل يشافه ابن عمر وال أاب هريرة وال َسرة بن جندب وال جابر بن عبد هللا ‪ ،‬وقد َسع من‬
‫معقل ابن يسار وعمران بن حصني ‪ .‬واحلسن ما رأى بدريً خال عثمان بن عفان ‪ ،‬وعثمان يعد من‬
‫البدريني ومل يشاهد بدراً )) ‪.‬‬
‫صلَّى هللا عَلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬عليكم ابحلجامة يوم اخلميس ‪ ،‬فإهنا‬
‫رسول هللا َ‬
‫(‪ )10‬عن أنس قال ‪ :‬قال ُ‬
‫تزيد يف األرب )) ‪ ،‬قيل ‪ :‬ي رسول هللا وما األرب ؟ ‪ ،‬قال ‪ (( :‬العقل )) ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه العقيلى (( الضعفاء الكبري ))(‪ ، )454/3‬وابن عدى (( الكامل ))(‪ ، )16/6‬وابن‬
‫اجلوزى (( العلل املتناهية ))(‪ )1468/877/2‬مجيعا من طريق الفضل بن سالم ثنا معاوية بن‬
‫حفص ثنا حممد بن اثبت عن أبيه عن أنس به ‪.‬‬
‫قال أبو جعفر ‪ (( :‬الفضل بن سالم منكر احلديث ‪ ،‬ومعاوية بن حفص جمهول وال يعرف إال به ‪.‬‬
‫وليس اثبت يف التوقيت يف احلجامة يوماً بعينه عن النب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وفيها أحاديث‬
‫أسانيدها كلها لينة )) ‪.‬‬
‫(‪ )11‬عن احلسني بن علي قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬إن يف اجلمعة لساعة ال‬
‫حيتجم فيها أحد إال مات )) ‪.‬‬

‫(‪)120/1‬‬

‫موضوع ‪ .‬أخرجه أبو يعلى (‪ )6779/150/12‬قال ‪:‬ثنا جبارة ثنا حيي بن العالء عن زيد بن أسلم‬
‫عن طلحة بن عبد هللا عن احلسني به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا إسناد واهٍ مبرةٍ ‪ .‬حيي بن العالء وجبارة بن املغلس مرتوكان ال حيل االحتجاج حبديث‬
‫ٍ‬
‫واحد منهما ‪ ،‬فكيف إذا اجتمعا ؟! ‪.‬‬
‫(‪ )12‬عن ابن عمر قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬إن يف اجلمعة ساعة ال حيتجم فيها‬
‫حمتجم إال عرض له داء ال يشفى منه )) ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه البيهقى (( الكربى ))(‪ )340/9‬من طريق عطاف بن خالد املخزومى عن انفع عن‬
‫ابن عمر به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا منكر ‪ ،‬عطاف بن خالد وإن وثق لكنه يروى عن انفع املناكري وال يتابع عليها ‪ ،‬وال‬
‫تشبه روايته عنه أحاديث الثقات ‪.‬‬
‫اد ا ْحلِ َج َامةَ فَـ ْليَـتَ َح َّر‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫َن رس َ ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ال ‪َ (( :‬م ْن أ ََر َ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫س بْ ِن َمالك أ َّ َ ُ‬
‫عن أَنَ ِ‬
‫(‪ْ )13‬‬
‫َّم فَـيَـ ْقتُـلَهُ )) ‪.‬‬ ‫شر ‪ ،‬أَو إِح َدى و ِع ْش ِرين ‪ ،‬وال يـتَـبـيَّ ْغ ِأب ِ‬ ‫ِ‬
‫َحد ُك ُم الد ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ش َر ‪ ،‬أ َْو ت ْس َعةَ َع َ َ ْ ْ َ‬ ‫َس ْبـ َعةَ َع َ‬
‫ضعيف جداً ‪ .‬أخرجه ابن ماجه (‪ )3486‬قال ‪ :‬حدثنا سويد بن سعيد ثنا عثمان بن مطر عن زكري‬
‫بن ميسرة عن النهاس بن قهم عن أنس بن مالك أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬فذكره ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا إسناد واهٍ مبرةٍ ‪ .‬النهاس بن قهم أبو اخلطاب البصري القاص ‪ .‬قال حيي ‪ :‬ليس بشيء‬
‫ضعيف ‪ ،‬يروي عن عطاء عن ابن عباس أشياء منكرة ‪ .‬وقال ابن عدي ‪ :‬ال يساوي شيئا ‪ .‬وقال‬
‫ابن حبان ‪ :‬كان يروي املناكري عن املشاهري ‪ ،‬وخيالف الثقات ال جيوز االحتجاج به ‪ .‬وقال الدراقطِن‬
‫‪ :‬النهاس مضطرب احلديث تركه حيي القطان ‪ .‬وأما عثمان بن مطر الشيباِن البصرى ‪ ،‬فقد قال ابن‬
‫حبان ‪ :‬يروي املوضوعات عن األثبات ال حيل االحتجاج به ‪ .‬وقال أبو حامت ‪ :‬ضعيف احلديث منكر‬
‫احلديث أشبه حديثه حبديث يوسف ابن عطية ‪.‬‬

‫(‪)121/1‬‬

‫(‪ )14‬عن عائشة قالت ‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يكتحل كل ليلة ‪ ،‬وحيتجم كل شهر ‪،‬‬
‫ويشرب الدواء كل سنة ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن عدى (‪ ، )434/3‬وابن اجلوزى (( املوضوعات ))(‪ )210/3‬من طريق سيف‬
‫بن حممد الثورى عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا من وضع سيف بن حممد الثورى ‪ .‬قال أمحد ‪ :‬هو كذاب يضع احلديث ليس بشيء ‪.‬‬
‫وقال حيي بن معني ‪ :‬كان كذااب خبيثا ‪ .‬وقال مرة ‪ :‬ليس بثقة ‪ .‬وقال أبو داود ‪ :‬كذاب ‪ .‬وقال زكري‬
‫الساجي ‪ :‬يضع احلديث ‪ .‬وقال النسائي ‪ :‬ليس بثقة وال مأمون مرتوك ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬كان‬
‫شيخا صاحلا متعبداً ‪ ،‬إال أنه َييت عن املشاهري ابملناكري ‪ ،‬إذا َسع املرء حديثه شهد عليه ابلوضع ‪.‬‬
‫(‪ )15‬عن أِب سعيد اخلدري أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال للحجمة الىت يف وسط الرأس ‪:‬‬
‫(( إهنا دواء من اجلنون واجلذام والربص والنعاس واألضراس )) ‪ ،‬وكان يسميها منقذة ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه الطرباىن (( األوسط ))(‪ )4623/42/5‬قال ‪ :‬حدثنا عبيد هللا بن حممد العمرى ثنا‬
‫إَساعيل بن أىب أويس حدثىن يزيد بن عبد امللك النوفلي عن أىب موسى عيسى بن أىب عيسى احلناط‬
‫عن حممد ابن كعب القرظى عن أىب سعيد به ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬ال يروى هذا احلديث عن أىب سعيد اخلدري اال هبذا االسناد ‪ ،‬وتفرد به ابن أِب أويس )) ‪.‬‬
‫وأخرجه احلاكم (‪ )234/4‬من طريق األويسى به حنوه وقال ‪ (( :‬صحيح اإلسناد ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬بل حديث موضوع ‪ ،‬وإسناد مظلم اتلف ال حيل االحتجاج مبثله ‪ .‬يزيد بن عبد امللك بن‬
‫املغرية بن نوفل أبو خالد اهلامشي النوفلي املدِن ‪ ،‬قال أمحد ‪ :‬عنده مناكري ‪ .‬وقال حيي والدارقطِن ‪:‬‬
‫ضعيف ‪ .‬وقال البخاري ‪ :‬أحاديثه شبه ال شيء وضعفه جدا ‪ .‬وقال أبو حامت الرازي ‪ :‬منكر احلديث‬
‫جدا ‪ .‬وقال النسائي ‪ :‬مرتوك احلديث ‪ .‬وأبو موسى عيسى بن أىب عيسى احلناط ‪ ،‬مرتوك ‪ .‬قال‬
‫أمحد وحيي ‪ :‬ليس بش ٍئ ‪.‬‬
‫وقال ابن حبان ‪ :‬كان سيء احلفظ والفهم فاستحق الرتك ‪.‬‬

‫(‪)122/1‬‬

‫(‪ )16‬عن ابن عباس قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬احلجامة يف الرأس شفاء من سبع ‪ ،‬إذا‬
‫ما نوى صاحبها ‪ ،‬من ‪ :‬اجلنون ‪ ،‬واجلذام ‪ ،‬والربص ‪ ،‬والنعاس ‪ ،‬ووجع الضرس ‪ ،‬والصداع ‪ ،‬وظلمة‬
‫جيدها يف عينيه )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه الطرباىن (( الكبري ))(‪ ، )10938/29/11‬وابن عدى (( الكامل ))(‪، )51/5‬‬
‫وابن اجلوزى (( العلل املتناهية )) مجيعا من طريق عمر بن رابح ثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس‬
‫به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا منكر هبذا اإلسناد ‪ .‬عمر بن رابح العبدى أبو حفص الضرير واهٍ مبرة ‪ .‬قال ابن عدى ‪:‬‬
‫يروي عن ابن طاوس ابلبواطيل ما ال يتابعه أحد عليه والضعف بني على حديثه ‪.‬‬
‫(‪ )17‬عن ابن عمر قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬احلجامة يف الرأس دواء من ‪:‬‬
‫اجلنون ‪ ،‬واجلذام ‪ ،‬والربص ‪ ،‬والنعاس ‪ ،‬والضرس )) ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه الطرباىن (( الكبري ))(‪ )13149/291/12‬و(( األوسط ))(‪: )4547/16/5‬‬
‫حدثنا عبدان ابن أمحد ثنا عبد هللا بن حممد العبادى البصري ثنا مسلمة بن سامل اجلهىن حدثىن عبيد‬
‫هللا بن عمر عن انفع عن سامل عن ابن عمر به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا منكر هبذا اإلسناد ‪ .‬مسلمة ـ ويقال مسلم ـ بن سامل اجلهىن املكى شيخ ال حيل‬
‫االحتجاج خبربه وال جيوز االعتماد على روايته ‪ ،‬قاله ابن عبد اهلادى ‪ .‬وقال أبو داود ‪ :‬ليس بثقة ‪.‬‬
‫(‪ )18‬عن صهيب بن سنان قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪(( :‬عليكم ابحلجامة يف جوزة‬
‫القمحدوة ‪ ،‬فإنه دواء من اثنني وسبعني داء ‪ ،‬ومخسة أدواء من ‪ :‬اجلنون ‪ ،‬واجلذام ‪ ،‬والربص ‪،‬‬
‫ووجع األضراس )) ‪.‬‬
‫ضعيف جداً ‪ .‬أخرجه الطرباىن (( الكبري ))(‪ )7306/36/8‬قال ‪ :‬حدثنا زكري بن حيي الساجي ثنا‬
‫حممد بن موسى احلرشي ثنا عيسى بن شعيب ثنا الدفاع أبو روح القيسي ثنا عبد احلميد بن صيفي‬
‫عن أبيه عن جده صهيب به ‪.‬‬

‫(‪)123/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا إسناد ليس ابلقائم ‪ .‬دفَّاع بن دغفل القيسي البصري ضعيف احلديث ‪ ،‬قاله أبو حامت ‪.‬‬
‫وعيسى بن شعيب البصرى ‪ .‬قال ابن حبان ‪ :‬كان َمن خيطىء حىت فحش خطؤه ‪ ،‬فاستحق الرتك ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قال ‪ (( :‬احلجامة يف نقرة الرأس تورث النسيان )) ‪.‬‬ ‫(‪ )19‬عن أنس أ َّ‬
‫َن النِ َّ‬
‫َّب َ‬
‫موضوع ‪ .‬قال العجلوىن (( كشف اخلفاء ))(‪ (( : )416/1‬قال يف (( املقاصد )) ‪ :‬رواه الديلمي‬
‫عن أنس مرفوعاً ‪ ،‬ويف سنده عمر بن واصل اهتمه اخلطيب ابلوضع )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ترمجه اخلطيب ىف (( التاريخ ))(‪ ، )221/11‬وذكر من موضوعاته ما رواه عن أِب هريرة أن‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم رأى إبليس حسن السحنة ‪ ،‬مث رآه بعد ذلك انحل اجلسم متغري اللون ‪،‬‬ ‫النِ َّ‬
‫َّب َ‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬ما الذي احنل جسمك وغري لونك من بعد ما رايتك أوال ))‬ ‫فقال له النِ ُّ‬
‫َّب َ‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬خصال يف أمتك ‪ ..‬وذكر حديثاً طويالً كله أابطيل وطامات ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم قالت ‪ (( :‬كنت عند رسول هللا َ‬ ‫(‪ )20‬عن سلمى موالة النِ ِ‬
‫َّب َ‬
‫َو َسلَّ َم يوماً جالسة ‪ ،‬إذ أتى إليه رجل ‪ ،‬فشكا إليه وجعا جيده يف رأسه ‪ ،‬فأمره ابحلجامة وسط رأسه ‪،‬‬
‫وشكا إليه ضرابان جيده يف قدميه ‪ ،‬فأمره أن خيضبها ابحلناء ‪ ،‬ويلقي يف احلناء شيئاً من ملح )) ‪ ،‬وىف‬
‫رواية (( شيئاً من حرمل )) ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه اخلطيب (( اتريخ بغداد ))(‪ ، )259/13‬وابن اجلوزى (( العلل املتناهية ))‬
‫(‪ )1470/878/2‬كالُها من طريق معمر بن حممد بن عبيد هللا بن أىب رافع أخربِن عمى معاوية بن‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم به ‪.‬‬ ‫عبيد هللا وأىب حممد كالُها عن عبيد هللا عن سلمى موالة النِ ِ‬
‫َّب َ‬

‫(‪)124/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا منكر اإلسناد واملنت ‪ .‬معمر بن حممد بن عبيد هللا بن أِب رافع ‪ ،‬ليس بثقة وال مأمون ‪،‬‬
‫قاله حيي بن معني ‪ .‬وقال البخارى ‪ :‬منكر احلديث ‪ .‬وقال أبو حامت الرازى ‪ :‬رأيته فلم اكتب عنه ‪،‬‬
‫كان يكذب ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬ينفرد عن أبيه بنسخة أكثرها مقلوبة ‪ ،‬ال جيوز االحتجاج به ‪ ،‬وال‬
‫الرواية عنه إال على جهة التعجب ‪ .‬وقال ابن عدى ‪ :‬مقدار ما يرويه ال يتابع عليه ‪.‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َكا َن يَـ ْغتَ ِس ُل ِم ْن أ َْربَ ٍع ‪ِ :‬م َن ا ْجلَنَابَِة ‪َ ،‬ويَـ ْوَم ا ْجلُ ُم َع ِة ‪،‬‬ ‫(‪َ )21‬ع ْن َعائِ َ‬
‫شةَ ‪ :‬أ َّ‬
‫َن النِ َّ‬
‫َّب َ‬
‫ت‪.‬‬‫وِمن ا ْحلِجام ِة ‪ ،‬وغُس ِل الْميِ ِ‬
‫َ َ ََ َ ْ َ‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه ابن أىب شيبة (‪ ، )4994/433/1‬وأمحد (‪ ، )152/6‬وإسحاق بن راهويه (‪)549‬‬
‫‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )348‬والدارقطىن (‪ ، )8/113/1‬والبيهقى (‪ )300،299/1‬مجيعا من طريق‬
‫مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد هللا بن الزبري عن عائشة به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أنكره أمحد بن حنبل وقال ‪ :‬مصعب بن شيبة روى أحاديث مناكري ‪ .‬وقال أبو حامت ‪ :‬ال‬
‫حيمدونه وليس بقوي ‪ .‬وقال الدراقطِن ‪ :‬ليس ابلقوي وال ابحلافظ ‪.‬‬
‫الث ال يُـ ْف ِط ْر َن َّ‬
‫الصائِ َم ‪:‬‬ ‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬ثَ ٌ‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫اخلُ ْد ِر ِي قَ َ‬
‫يد ْ‬‫(‪َ )22‬عن أَِِب س ِع ٍ‬
‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الم )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ا ْحلِ َج َامةُ ‪َ ،‬والْ َق ْيءُ ‪َ ،‬و ْ‬
‫االحت ُ‬
‫ضعيف جداً ‪ .‬أخرجه عبد بن محيد (‪ ، )959‬والرتمذى (‪ ، )719‬وابن حبان (( اجملروحني ))‬
‫(‪ ، )58/2‬وابن عدى (‪ ، )271/4‬وأبو نعيم (( احللية ))(‪ ، )357/8‬وابن شاهني (( الناسخ‬
‫واملنسوخ )) (‪ ، )401،400‬والبيهقى (‪ ، )264/4‬واخلطيب (( اتريخ بغداد ))(‪ )68/7‬مجيعا من‬
‫طريق عبد الرمحن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أىب سعيد اخلدرى ‪.‬‬

‫(‪)125/1‬‬
‫يسى ‪ (( :‬حديث أِب سعيد اخلدري حديث غري حمفوظ ‪ ،‬وقد روى عبد هللا بن زيد بن‬ ‫ِ‬
‫ال أَبو ع َ‬
‫قَ َ‬
‫أسلم وعبد العزيز بن حممد وغري واحد هذا احلديث عن زيد بن أسلم مرسالً ‪ ،‬ومل يذكروا فيه عن أِب‬
‫سعيد ‪ .‬وعبد الرمحن بن زيد بن أسلم يضعف يف احلديث )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قد أابن الرتمذى علته وأفصح عن حال عبد الرمحن ‪ ،‬وهو أضعف أبناء زيد بن أسلم ‪.‬‬
‫ضعفه أمحد وعلى بن املديىن والنسائى وأبو داود والدارقطىن ‪ .‬وقال ابن معني ‪ :‬ليس حديثه بشيء ‪.‬‬
‫وقال أبو حامت ‪ :‬ليس بقوي يف احلديث كان يف نفسه صاحلا ويف احلديث واهياً ‪ .‬وقال ابن حبان ‪:‬‬
‫كان َمن يقلب األخبار وهو ال يعلم حىت كثر ذلك يف روايته من رفع املراسيل وإسناد املوقوف‬
‫فاستحق الرتك ‪.‬‬
‫ب ِابلدَِّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم ‪ (( :‬ن ْع َم ال َْع ْب ُد ا ْحلَ َّج ُ‬
‫ام ‪ :‬يَ ْذ َه ُ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫ال قَ َ َ ُ‬‫اس قَ َ‬‫(‪َ )23‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ص َر )) ‪.‬‬
‫ْب ‪َ ،‬وَْجيلُو الْبَ َ‬
‫الصل َ‬‫ف ُّ‬ ‫َوُِخي ُّ‬
‫ضعيف ‪ .‬أخرجه الرتمذى (‪ ، )2053‬وابن ماجه (‪ ، )3478‬والطرباىن (( الكبري ))‬
‫(‪ ، )11893/326/11‬وابن عدى (‪ ، )339/4‬واحلاكم (‪ )235/4‬مجيعا عن عباد بن منصور‬
‫عن عكرمة عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إسناده ليس بذاك القوى ‪ .‬عباد بن منصور يدلس عن عكرمة ‪ ،‬وله عنه مناكري ‪ .‬قال عباس‬
‫الدورى ‪ ،‬و أبو بكر بن أىب خيثمة عن حيي بن معني ‪ :‬ليس بشىء ‪ .‬وزاد عباس عن حيي ‪ :‬وكان‬
‫يرمى ابلقدر ‪.‬‬

‫(‪)126/1‬‬

‫وقال أبو حامت الرازى ‪ :‬كان ضعيف احلديث ‪ ،‬يكتب حديثه ‪ ،‬و نرى أنه أخذ هذه األحاديث عن‬
‫ابن أىب حيي عن داود بن احلصني عن عكرمة عن ابن عباس ‪ .‬وأسند أبو جعفر العقيلى عن على بن‬
‫املديىن قال ‪َ :‬سعت حيي بن سعيد يقول ‪ :‬قلت لعباد بن منصور ‪َ :‬سعت (( ما مررت مبإل من‬
‫املالئكة )) و (( أن النىب صلى هللا عليه وسلم كان يكتحل ثالاث )) ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬حدثىن ابن أىب حيي‬
‫عن داود بن حصني عن عكرمة عن ابن عباس ‪ .‬و قال أبو داود ‪ :‬وىل قضاء البصرة مخس مرات ‪،‬‬
‫و ليس بذاك ‪ ،‬و عنده أحاديث فيها نكارة ‪ .‬وقال النسائى ‪ :‬ضعيف ‪ ،‬ليس حبجة ‪ .‬وقال ىف موضع‬
‫آخر ‪ :‬ليس ابلقوى ‪.‬‬
‫ول ِ‬
‫ري َما تَ َد َاويْـتُ ْم بِ ِه ‪ :‬اللَّ ُد ُ‬
‫ود ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫هللا َ َّ‬
‫صلى هللا َعلَْيه َو َسل َم ‪ (( :‬إ َّن َخ ْ َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال قَ َ‬ ‫(‪َ )24‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس قَ َ‬
‫ط ‪َ ،‬وا ْحلِ َج َامةُ ‪َ ،‬وال َْم ِش ُّي )) ‪.‬‬
‫الس ُعو ُ‬
‫َو َّ‬
‫ضعيف جداً ‪ .‬أخرجه الرتمذى (‪ ، )2048‬واحلاكم (‪ )233/4‬كالُها من طريق عباد بن منصور عن‬
‫عكرمة عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫وقال أبو عبد هللا احلاكم ‪ (( :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل خيرجاه )) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬كيف ذا ؟ ‪ ،‬وعباد بن منصور مدلس ذو مناكري ‪ .‬وقد سبق بيان حاله وشدة ضعفه ‪.‬‬
‫(‪ )25‬عن أم سعد قالت ‪َ :‬سعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َيمر بدفن الدم إذا احتجم ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه ابن سعد (( الطبقات الكربى ))(‪ ، )448/1‬والطرباىن (( األوسط ))‬
‫(‪ )882/271/1‬كالُها من طريق هياج بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرمحن بن سعيد بن العاص‬
‫عن حممد بن زاذان عن أم سعد به ‪.‬‬
‫وقال أبو القاسم ‪ (( :‬ال يروى هذا احلديث عن أم سعد إال هبذا اإلسناد تفرد به عنبسة )) ‪.‬‬

‫(‪)127/1‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا إسناد واهٍ مبرة ‪ .‬عنبسة بن عبد الرمحن بن عنبسة بن سعيد بن العاص القرشي ‪ .‬قال‬
‫حيي بن معني ‪ :‬ليس بشيء ‪ .‬وقال النسائي ‪ :‬مرتوك ‪ .‬وقال البخاري والعقيلي ‪ :‬تركوه ‪ .‬وقال أبو‬
‫حامت الرازي ‪ :‬كان يضع احلديث ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬هو صاحب أشياء موضوعة ‪ ،‬ال حيل االحتجاج‬
‫به ‪ .‬وقال الدارقطِن ‪ :‬ضعيف ‪ .‬وقال األزدي ‪ :‬كذاب ‪.‬‬
‫وهياج بن بسطام أبو بسطام اهلروي ‪ .‬قال أمحد ‪ :‬مرتوك احلديث ‪ .‬وقال حيي بن معني ‪ :‬ضعيف ‪.‬‬
‫وقال مرة ‪ :‬ليس بشيء ‪ .‬وقال أبو داود ‪ :‬تركوا حديثه ليس بشيء ‪ .‬وقال ابن حبان ‪ :‬يروي‬
‫املعضالت عن الثقات ‪.‬‬
‫(‪ )26‬عن عائشة ‪ :‬أن النب صلى هللا عليه وسلم كان َيمر بدفن سبعة أشياء من اإلنسان ‪ :‬الشعر‬
‫والظفر ‪ ،‬والدم واحليضة ‪ ،‬والسن ‪ ،‬واملشيمة ‪ ،‬والقلفة ‪.‬‬
‫منكر ‪ .‬أخرجه احلكيم الرتمذى (( نوادر األصول )) ‪ ،‬والرافعى (( التدوين ىف أخبار قزوين‬
‫))(‪ )455/1‬كالُها من طريق مالك بن سليمان اهلروي ثنا داود بن عبد الرمحن عن هشام بن عروة‬
‫عن أبيه ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إسناده ليس بذاك القوى ‪ .‬مالك بن سليمان اهلروى ‪ ،‬ىف عداد الضعفاء ‪ ،‬خيطئ ويدلس ‪،‬‬
‫وله مناكري ‪.‬‬
‫قال ابن حبان (( الثقات )) ‪ (( :‬مالك بن سليمان بن مرة النهشلي من أهل هراة ‪ .‬يروى عن ‪ :‬ابن‬
‫أىب ذئب ومالك ‪ .‬روى عنه أهل بلده ‪ .‬وكان مرجئا َمن مجع وصنف ‪ ،‬خيطىء كثريا ‪ ،‬وامتحن‬
‫أبصحاب سوء كانوا يقلبون عليه حديثه ‪ ،‬ويقرؤن عليه ‪ ،‬فإن اعترب املعترب حديثه الذي يرويه عن‬
‫الثقات ويروى عنه االثبات َما بني السماع فيه مل جيدها إال شبيه حديث الناس ؛ على أنه من مجلة‬
‫الضعفاء )) ‪.‬‬
‫وزاد ابن حجر (( لسان امليزان )) ‪ (( :‬وقال الساجي ‪ :‬بصري يروي مناكري ‪ .‬وضعفه الدارقطِن ))‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )27‬عن عمر بن اخلطاب قال ‪ :‬هنى رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم عن حلق القفا إال للحجامة ‪.‬‬

‫(‪)128/1‬‬

‫منكر ‪ .‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )319/1‬والطرباىن (( األوسط ))(‪)2969/220/3‬‬


‫و(( الصغري ))(‪ ، )261‬وابن عدى (‪ )373/3‬مجيعا من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشري‬
‫عن قتادة عن أنس عن عمر به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إسناده واهٍ مبرة ‪ .‬سعيد بن بشري ‪ ،‬قال حيي بن معني ‪ :‬ليس بشيء ‪ .‬وقال عبد هللا بن منري ‪:‬‬
‫منكر احلديث ‪ ،‬وليس بشيء ‪ ،‬ليس بقوي احلديث ‪ ،‬يروى عن قتادة املنكرات ‪ .‬وقال ابن حبان ‪:‬‬
‫كان رديء احلفظ فاحش اخلطأ يروي عن قتادة ماال يتابع عليه ‪.‬‬
‫وأما الوليد بن مسلم ‪ ،‬فهو وإن كان ثقة ىف نفسه ولكنه فاحش التدليس ‪ ،‬يدلس تدليس التسوية ‪.‬‬
‫قال ابن أىب حامت (( علل احلديث ))( ‪(( : )2462/316/2‬سألت أِب عن حديث رواه سليمان بن‬
‫شرحبيل عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشري عن قتادة عن أنس عن عمر أن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم هنى عن حلق القفا إال عند احلجامة ‪ .‬قال أِب ‪ :‬هذا حديث كذب هبذا االسناد ‪ ،‬ميكن‬
‫أن يكون دخل هلم حديث يف حديث ‪ .‬قال أِب ‪ :‬رأيت هذا احلديث يف كتاب سليمان بن شرحبيل ‪،‬‬
‫فلم أكتبه ‪ ،‬وكان سليمان عندى يف حيز لو أن رجال وضع له مل يفهم )) ‪.‬‬
‫وىف (( سؤاالت الربذعى ألىب زرعة ))(‪ (( : )549/1‬قلت ‪ :‬حديث يروى عن سليمان بن عبد‬
‫الرمحن عن الوليد عن سعيد بن بشري عن قتادة عن أنس عن عمر عن النب صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫أنه هنى عن حلق القفا إال يف احلجامة ‪ .‬فقال ‪ :‬ابطل ليس هذا من حديث الوليد )) ‪.‬‬

‫(‪)129/1‬‬
‫(‪ )28‬عن ابن عباس قال ‪ :‬حجم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم غالم لبعض قريش ‪ ،‬فلما فرغ من‬
‫حجامته ‪ ،‬أخذ الدم ‪ ،‬فذهب به من وراء احلائط ‪ ،‬فنظر ميينا ومشاال ‪ ،‬فلم ير أحدا ‪ ،‬حتسى دمه حىت‬
‫فرغ ‪ ،‬مث أقبل ‪ ،‬فنظر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف وجهه ‪ ،‬فقال ‪ :‬وحيك ما صنعت ابلدم ؟ ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬غيَّبته من وراء احلائط ‪ ،‬قال ‪ :‬أين غيَّبته ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬ي رسول هللا إِن نفست على دمك أن‬
‫أهريقه يف األرض ‪ ،‬فهو يف بطِن ‪ ،‬قال ‪ (( :‬اذهب فقد أحرزت نفسك من النار )) ‪.‬‬
‫موضوع ‪ .‬أخرجه ابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )59/3‬وابن اجلوزى (( العلل املتناهية‬
‫))(‪ )286/186/1‬من طريق شيبان بن فروخ ان انفع أبو هرمز عن عطاء عن ابن عباس به ‪.‬‬
‫وقال ابن حبان ‪ (( :‬انفع أبو هرمز اجلمال موىل بِن سليمان ‪ .‬كان َمن يروي عن أنس ما ليس من‬
‫حديثه كأنه أنس آخر ‪ ،‬وال أعلم له َساعاً ‪ ،‬ال جيوز االحتجاج به وال كتابة حديثه إال على سبيل‬
‫االعتبار ‪ ،‬روى عن عطاء عن ابن عباس وعائشة نسخة موضوعة )) ‪.‬‬
‫(‪ )29‬عن سفينة قال ‪ :‬احتجم النب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فأعطاِن دمه ‪ ،‬فقال ‪ :‬اذهب فواره ‪،‬‬
‫فذهبت فشربته ‪ ،‬فرجعت ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما صنعت به ؟ ‪ ،‬قلت ‪ :‬واريته ‪ ،‬أو قلت ‪ :‬شربته ‪ ،‬قال ‪(( :‬‬
‫احرتزت من النار )) ‪.‬‬
‫ضعيف ‪ .‬أخرجه البزار (‪ ، )3834/284/9‬وابن حبان (( اجملروحني ))(‪ ، )111/1‬وابن عدى‬
‫(‪ ، )62/2‬وابن اجلوزى (( العلل املتناهية ))(‪ )285/185/1‬مجيعاً من طريق إبراهيم بن عمر بن‬
‫سفينة عن أبيه عن جده به ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا اإلسناد ليس ابلقائم ‪ ،‬آفته إبراهيم بن عمر بن سفينة ولقبه برية ‪ ،‬وبه عرف ‪ .‬قال ابن‬
‫حبان ىف (( اجملروحني )) ‪ :‬ال حيل االحتجاج خبربه حبال ‪ .‬مث ذكره يف أفراد حرف الباء من (( الثقات‬
‫)) ‪ ،‬وقال ‪ :‬كان َمن خيطىء ‪ ،‬فكأنه ظنه اثنني ‪ .‬وقال ابن عدى ‪ :‬أحاديثه ال يتابعه عليها الثقات ‪،‬‬
‫وأرجو أنه ال أبس به ‪.‬‬
‫خامتة‬

‫(‪)130/1‬‬

‫بكل شر ‪ ،‬فأصبحنا منها وأمسينا ِ‬


‫بكل‬ ‫احلمد هلل الذي هداان ‪ ،‬وأطعمنا وسقاان ‪ ،‬اللهم ألفتنا نعمتك ِ‬
‫خ ٍري ‪ ،‬نسألك متامها وشكرها ‪ ،‬ال خري إال خريك ‪ ،‬وال إله غريك ‪ ،‬إله الصاحلني َّ‬
‫ورب العاملني ‪.‬‬
‫ْت ِم ْن‬‫ك ‪ .‬اللَّ ُه َّم َما قُـل ُ‬ ‫ك َوبِ َ‬
‫ك َوإِلَْي َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وِم ْن َ‬ ‫اخلَ ْريُ ِيف يَ َديْ َ‬
‫ك ‪َ ،‬و ْ‬ ‫ك َو َس ْع َديْ َ‬‫ك ‪ ،‬لَبَّـ ْي َ‬‫ك اللَّ ُه َّم لَبَّـ ْي َ‬‫ولَبَّـ ْي َ‬
‫ني يَ َديْ ِه ‪َ ،‬ما ِش ْئ َ‬ ‫ف ‪ ،‬فَ َم ِشيئَـتُ َ‬ ‫ت ِمن حلِ ٍ‬ ‫قَـو ٍل ‪ ،‬أَو نَ َذر ُ ِ‬
‫شأْ َملْ‬‫ت َكا َن َوَما َملْ تَ َ‬ ‫ك بَ ْ َ‬ ‫ت م ْن نَ ْذ ٍر ‪ ،‬أ َْو َحلَ ْف ُ ْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬
‫صالةٍ فَـ َعلَى َم ْن‬ ‫ك علَى ُك ِل َشي ٍء قَ ِدير ‪ .‬اللَّه َّم وما صلَّي ُ ِ‬ ‫يَ ُك ْن ‪َ ،‬وال َح ْو َل َوال قُـ َّوةَ إِال بِ َ‬
‫ت م ْن َ‬ ‫ُ ََ َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ك ‪ ،‬إِنَّ َ َ‬
‫الدنْـيا و ِ‬ ‫ك أَنْ ِ‬
‫اآلخ َرةِ ‪ ،‬تَـ َوفَِِّن ُم ْسلِ ًما‬ ‫ت َوليِي ِيف ُّ َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬إِنَّ َ َ‬ ‫ت ِم ْن لَ ْعنَ ٍة فَـ َعلَى َم ْن لَ َع ْن َ‬‫ت ‪َ ،‬وَما لَ َع ْن ُ‬ ‫صلَّْي َ‬ ‫َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫لصاحل َ‬ ‫ِ‬
‫َوأَ ْحل ْق ِِن ِاب َّ‬

‫(‪)131/1‬‬

‫ك ‪َ ،‬و َش ْوقًا إِ َىل‬ ‫ش بـ ْع َد الْمم ِ‬ ‫الرضا بـع َد الْ َق ِ‬


‫ات ‪َ ،‬ولَ َّذةَ النَظَ ٍر إِ َىل َو ْج ِه َ‬ ‫ضاء ‪َ ،‬وبَـ ْر َد ال َْع ْي ِ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ك اللَّ ُه َّم ِ َ َ ْ‬ ‫َسأَلُ َ‬
‫أْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضلَّ ٍة ‪ .‬أَعُوذُ بِ َ‬ ‫ض َّرةٍ ‪ ،‬وال فِ ْتـنَ ٍة م ِ‬ ‫ض َّراء م ِ‬ ‫لَِقائِ َ ِ‬
‫ي أ َْو‬ ‫ك اللَّ ُه َّم أَ ْن أَظْل َم أ َْو أُظْلَ َم ‪ ،‬أ َْو أَ ْعتَد َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ‪ ،‬م ْن غَ ِْري َ َ ُ‬
‫ات واألَر ِ ِ‬ ‫اطر َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ‪َ ،‬عاملَ‬ ‫الس َم َو َ ْ‬ ‫ب َخطيئَةً ُحمْبطَةً ‪ ،‬أ َْو َذنْـبًا ال يُـ ْغ َف ُر ‪ .‬الل ُه َّم فَ َ‬ ‫يُـ ْعتَ َدى َعلَ َّي ‪ ،‬أ َْو أَ ْكتَس َ‬
‫الدنْـيَا ‪َ ،‬وأُ ْش ِه ُد َك َوَك َفى بِ َ‬
‫ك‬ ‫ك ِيف َه ِذهِ ا ْحلَيَاةِ ُّ‬ ‫اإل ْك َر ِام ‪ ،‬فَِإِِن أَ ْع َه ُد إِلَْي َ‬
‫الل َو ِْ‬‫ادةِ ‪ ،‬ذَا ا ْجلَ ِ‬ ‫ب َو َّ‬
‫الش َه َ‬ ‫الْغَْي ِ‬
‫ت َعلَى‬ ‫ك ا ْحلَ ْم ُد ‪َ ،‬وأَنْ َ‬‫ْك َولَ َ‬‫ك ال ُْمل ُ‬ ‫ك ‪ ،‬لَ َ‬ ‫يك لَ َ‬ ‫ت ‪َ ،‬و ْح َد َك ال َش ِر َ‬ ‫َش ِهي ًدا ‪ ،‬أَِِن أَ ْش َه ُد أَ ْن ال إِلَهَ إِال أَنْ َ‬
‫اء َك َح ٌّق ‪َ ،‬وا ْجلَنَّةَ‬ ‫ِ‬
‫َن َو ْع َد َك َح ٌّق ‪َ ،‬ول َق َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد أ َّ‬ ‫َن ُحمَ َّم ًدا َع ْب ُد َك َوَر ُسولُ َ‬ ‫ُك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد أ َّ‬
‫ك إِ ْن تَكِل ِِْن إِ َىل نَـ ْف ِسي‬ ‫ث َم ْن ِيف الْ ُقبُوِر ‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد أَنَّ َ‬ ‫ت تَـ ْبـ َع ُ‬‫يها ‪َ ،‬وأَنْ َ‬ ‫بفَ‬
‫اعةَ آتِيةٌ ال ري ِ‬
‫الس َ َ َْ َ‬ ‫َح ٌّق ‪َ ،‬و َّ‬
‫ك ‪ ،‬فَا ْغ ِف ْر ِِل ذَنِْب ُكلَّهُ إِنَّهُ ال‬ ‫ب ‪َ ،‬و َخ ِطيئَ ٍة ‪َ ،‬وإِِِن ال أَثِ ُق إِال بَِر ْمحَتِ َ‬ ‫ض ْيـ َع ٍة ‪َ ،‬و َع ْوَرةٍ ‪َ ،‬وذَنْ ٍ‬
‫تَ ِكل ِِْن إِ َىل َ‬
‫يم ‪.‬‬ ‫َّواب َّ ِ‬ ‫ك أَنْ َ‬ ‫ب َعلَ َّي إِنَّ َ‬ ‫وب إِال أَنْ َ‬ ‫يَـغْ ِف ُر ُّ‬
‫الرح ُ‬ ‫ت التـ َّ ُ‬ ‫ت ‪َ ،‬وتُ ْ‬ ‫الذنُ َ‬
‫اللَّ ُه َّم واجعل قصدى ىف هذا الكتاب خالصاً لوجهك العظيم ‪ ،‬وخدمةً لسنَّة نبيك الكرمي ‪ ،‬ونصيحةً‬
‫لعبادك ‪ ،‬وذخراً ىل يوم لقائك ‪.‬‬

‫(‪)132/1‬‬

‫وعلى تبعاتُه ‪ ،‬فما وجدت فيه‬


‫غرمه ‪ ،‬لك حسناتُه ‪َّ ،‬‬ ‫وعلى ُ‬
‫غنمه ‪َّ ،‬‬‫ويأيها املنتاب هلذا اجلناب ‪ :‬لك ُ‬
‫حق فاقبله ‪ ،‬وال تنسىن من دعائك ‪ ،‬وما ظننت فيه من خطأ فاردده ‪ ،‬وال جتعلىن من خصمائك‬ ‫من ٍ‬
‫‪ ،‬إن أريد إال اإلصالح ما استطعت ‪ ،‬وما توفيقى إال ابهلل ‪ ،‬عليه توكلت ‪ ،‬وإليه أنيب ‪ ،‬وصلَّى هللا‬
‫وسلَّم وابرك على سيد املرسلني ‪ ،‬وقائد الغر احملجلني ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فهرس املوضوعات‬
‫فهرس املوضوعات‬
‫املقدمة ‪.................................................................‬‬
‫متهيد ‪..................................................................‬‬
‫احلجامة ىف أوثق وأصح (( كتب السنة )) ‪...............................‬‬
‫احلجامة ‪ :‬مصادرها ومواردها ىف اللغة ‪...................................‬‬
‫احلجامة وماهلا من التأثري ىف حفظ الصحة ‪................................‬‬
‫احلجامة ىف الطب النبوى ‪................................................‬‬
‫ما ورد ىف األمر ابلتداوى وأنه ال يناىف الرضا بقضاء هللا وقدره ‪............‬‬
‫ما ورد ىف تداوى رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم ابحلجامة ‪................‬‬
‫بيان أن احلجامة على وجهني ‪ :‬اعتيادية واضطرارية ‪.......................‬‬
‫بيان فضل احلجامة ‪......................................................‬‬
‫طائفة من صحاح األحاديث ىف فضل احلجامة ‪............................‬‬
‫إعراض أكثر الناس عن طب النبوة كإعراضهم عن االستشفاء ابلقرآن ‪.....‬‬
‫للحجامة ىف ترويق الدم ما للنار ىف احلديد من تصفية جوهره ‪..............‬‬
‫كشف النقاب عن األصول العلمية لتأثري احلجامة على اجلهاز الدورى ‪.....‬‬
‫شهادات األطباء املتخصصني ىف أدق أفرع الطب العالجى عن احلجامة ‪....‬‬
‫بيان أوقات احلجامة ‪....................................................‬‬
‫بيان أثر فصل الربيع ىف االنتفاع ابحلجامة ‪...............................‬‬

‫(‪)133/1‬‬

‫االختيارات املثلى ألوقات احلجامة االعتيادية ‪............................‬‬


‫التعليل ملنع عمل احلجامة ىف الصيف ‪ ....................................‬بيان األحكام الفقهية‬
‫للحجامة ‪...........................................‬‬
‫حكم حجامة احملرم ‪......................................................‬‬
‫املسألة األوىل ‪ :‬جواز احلجامة للمحرم ‪...................................‬‬
‫املسألة الثانية ‪ :‬احلجامة من املباحات إبطالق عند الشافعى وأىب حنيفة ‪.....‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ :‬هل للمحتجم أن حيلق قفاه دون سائر الرأس ؟ ‪............‬‬
‫ضعف حديث (( هنى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫أن حتلق املرأة رأسها )) ‪..................................................‬‬
‫حديث (( هنى رسول هللا صلَّى هللا عليه وسلَّم‬
‫عن حلق القفا إال للحجامة )) وبيان نكارته ‪..............................‬‬
‫املسألة الرابعة ‪ :‬إن احتجم احملرم فهل يغتسل أو يتوضأ ؟‪...................‬‬
‫ضعف حديث (( احتجم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فصلى ومل يتوضأ ‪ ،‬ومل يزد على غسل حمامجه )) ‪...........................‬‬
‫ضعف حديث (( أن النب صلَّى هللا عليه وسلَّم كان يغتسل من أربع ‪ :‬من اجلنابة ‪ ،‬ويوم اجلمعة ‪،‬‬
‫ومن احلجامة ‪ ،‬ومن غسل امليت )) ‪................‬‬
‫حكم حجامة الصائم ‪....................................................‬‬
‫حديث ثوابن وبيان طرقه وصحته ‪........................................‬‬
‫حديث شداد بن أوس وبيان طرقه وصحته ‪...............................‬‬
‫حديث رافع بن خديج وبيان طرقه وصحته ‪...............................‬‬
‫صائِ ٌم )) ‪......‬‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللا َعلَْيه َو َسلَّ َم َو ُه َو َ‬ ‫احتَ َج َم النِ ُّ‬
‫َّب َ‬ ‫حديث ابن عباس (( ْ‬
‫حديث أنس (( أكنتم تكرهون احلجامة للصائم ؟ قال ‪ :‬ال )) ‪.............‬‬
‫صلَّى هللا َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬
‫حديث أىب سعيد (( رخص رسول هللا َ‬

‫(‪)134/1‬‬

‫ىف احلجامة للصائم )) ‪...................................................‬‬


‫بيان من قال ابلفطر ابحلجامة من الصحابة والتابعني واألئمة ‪...............‬‬
‫بيان من قال أن احلجامة ال تفطر الصائم من الصحابة والتابعني واألئمة ‪....‬‬
‫بيان قول الشافعى أن حديث (( أفطر احلاجم واحملجوم )) منسوخ ‪.........‬‬
‫بيان خطأ الطحاوى ىف قوله إمنا قال (( أفطر احلاجم واحملجوم )) ألهنما كاان يغتاابن ال أهنما أفطرا‬
‫حقيقةً ‪.............................................‬‬
‫لوال ورود الرخصة ىف احلجامة للصائم ‪ ،‬ابألحاديث املتيقن ثبوهتا وصحتها ‪ ،‬لوجب العمل حبديث ((‬
‫أفطر احلاجم واحملجوم )) ‪........................‬‬
‫بيان ما أجاب به املرخصون ىف احلجامة للصائم عن أحاديث الفطر ‪........‬‬
‫حكم حجامة النساء ‪....................................................‬‬
‫ذكر شروط جواز حجامة الرجل للمرأة ‪.................................‬‬
‫حكم كسب احلجام ‪.....................................................‬‬
‫املسألة األوىل ‪ :‬األحاديث ىف كسب احلجام على ثالثة أنواع وبياهنا ‪........‬‬
‫املسألة الثانية ‪ :‬األكثر من السلف واخللف ال حيرمون كسب احلجام ‪.......‬‬
‫استدل من قال بتحرمي كسب احلجام أبحاديث النهى عن كسب احلجام ووصفه أبنه‬
‫خبيث‪.......................................................‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ :‬هل يضمن احلجام إذا تلف شئ بفعله ؟ ‪...................‬‬
‫ذكر أحاديث ىف احلجامة ال جيوز ذكرها إال حتذيراً منها لشدة ضعفها مع بيان عللها لئال يغرت بذكرها‬
‫على لسان بعض األماثل ‪.....................‬‬
‫احلجامة كمصدر من مصادر اهلدى النبوى قد تعرضت لغارات الوضاعني والكذابني ‪َ ،‬من ركبوا هلا‬
‫على أسانيد الثقات متوانً ابطلةً ومنكرةً وموضوعةً‬
‫بيان أمارات معرفة الزائف الدخيل على احلجامة ‪..........................‬‬

‫(‪)135/1‬‬

‫اخلامتة ‪..................................................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪5 ... ......................................................‬‬
‫??‬
‫??‬
‫??‬
‫??‬
‫ـ ‪ 11‬ـ‬

‫(‪)136/1‬‬

You might also like